الكتاب: أخبار القضاة
المؤلف: محمد بن خلف بن حيان
الجزء: ١
الوفاة: ٣٠٦
المجموعة: الأنساب ومعاجم مختلفة
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: بيروت - عالم الكتب
الناشر: عالم الكتب
ردمك:
ملاحظات:

((بسم الله الرحمن الرحيم))
((ذكر ما جاء في التشديد فيمن ولي القضاء بين الناس))
((وأن من وليه فقد ذبح بغير سكين))
حدثنا الحسن بن يحيى بن أبي الربيع الجرجاني قال: أخبرنا أبو عامر العقدي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي عن عثمان بن محمد الأخنسي عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام قال: من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين.
حدثنا عيسى بن جعفر الوراق؛ قال: حدثنا منصور بن سلم أبو سلمة الخزاعي؛ قال حدثنا عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن الأعرج والمقبرى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين.
7

حدثنا العباس بن محمد بن حاتم الدوري؛ قال: حدثنا هشام بن عبيد الله الرازي؛ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور ابن مخرمة عن عثمان بن محمد عن الأعرج والمقبرى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين.
حدثنا إسحاق بن الحسن عن هشام الرازي؛ فخلط في إسناده؛ قال: حدثنا هشام بن عبيد الله بن بلال الرازي؛ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي عن محمد بن إبراهيم قال (أحسبه): عن المقبري والأعرج عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام مثله.
قوله: محمد بن إبراهيم غلط والقول ما قاله الدوري.
حدثنا عبد الله بن جعفر بن مصعب بن عبد الله الزبيري قال: حدثني جدي قال: حدثني المغيرة بن عبد الرحمن عن عبد الله يعنى (ابن سعيد ابن أبي هند) عن عثمان بن محمد الأخنسي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة
8

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين.
حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي؛ قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي؛ قال: حدثنا حميد بن الأسود وصفوان بن عيسى عن عبد الله بن سعيد ابن أبي هند عن عثمان بن محمد الأخنسى عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين.
حدثنا إسماعيل بن إسحاق؛ قال: حدثنا محمد بن أبي بكر؛ قال: حدثنا بشار بن عيسى؛ قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن عثمان الأخنسى عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين.
حدثناه أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن نافع الصيرفي رحمه الله؛ قال: حدثنا معن بن عيسى عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن محمد الأخنسى عن سعيد بن المسيب كذا؛ قال: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم قال: من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين.
حدثنا عباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد الحميد وحدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي؛ قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قالا: حدثنا ابن أبي ذئب قال الحنفي: حدثني عثمان بن محمد الأخنسى عن سعيد عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من جعل على القضاء فقد ذبح بغير سكين.
9

وقال الدوري: ذبح بالسكين ها هنا.
هكذا عن سعيد ولم ينسبه؛ فأظنه فر من أن يقول: ابن المسيب لأنه غلط.
حدثنا عبد الله بن أيوب؛ قال: حدثنا روح قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن عثمان بن محمد الأخنسى عن ابن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين.
حدثني أبو بكر جعفر بن محمد حدثنا قتيبة بن سعيد؛ قال: حدثنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن محمد الأخنسى عن سعيد ابن المسيب قال: إذا جعل الرجل قاضيا فقد ذبح بغير سكين قال: أبو بكر لم يجاوز به سعيدا ولم يرفعه.
وحدثناه أحمد بن إسماعيل بن محمد بن نبيه أبو حذافة السهمي قديما من كتاب؛ قال: حدثني أبو ضمرة أيسر بن عياض عن عثمان وهو ابن الضحاك عن ابن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين.
كذا قال لنا أبو حذافة عن ابن المسيب فحدثنيه محمد بن المطلب الخزاعي قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي وحدثني جعفر بن الحسن قالا: حدثنا دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم قالا: حدثنا أبو ضمرة قال: حدثني عثمان بن الضحاك عن عثمان بن محمد الأخنسى عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله؛ اتفق المخرمي وعبد الله بن سعيد بن أبي هند ورواية بشار بن عيسى عن
10

ابن أبي ذئب عن عثمان بن محمد الأخنسى عن المقبري وروى معن عن ابن أبي ذؤيب وأبو ضمرة عن عثمان بن الضحاك عن الأخنسى وقالوا: عن ابن المسيب وفر من فر أن يقول ابن فلان فقال: عن سعيد عن أبي هريرة؛ وهو القعنبي عن أبي ذئب ومن روى عن أبي ضمرة عن الخزاعي ودحيم وقال: ابن نافع عن ابن أبي ذئب عن الأخنسى عن سعيد بن المسيب قال: من جعل قاضيا لم يرفعه ولم يجاوز به قال: روح عن ابن أبي ذئب عن الأخنسى عن ابن المسيب أن النبي قال: فلعل الأخنسى سمعه من المقبري عن أبي هريرة وسمعه من سعيد بن المسيب من قوله فاختلط على بعض من حمله عنه. على أن روح بن عبادة قال: عن ابن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم فهذا يدل على أن ابن أبي ذئب أوهم في قوله: ابن المسيب إن كان على ما قال روح بن عبادة.
ولا أعلم أن أحدا روى هذا الكلام عن سعيد بن المسيب. وله عن المقبري أصل من غير رواية الأخنسى؛ فالقول قول من قال: عن المقبري عن أبي هريرة.
حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال: حدثنا بكر بن بكار قال: حدثنا سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن سعيد وأبى سعيد عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام قال: من جعل قاضيا ذبح بغير سكين.
هكذا قال لنا الزعفراني: عن سعيد أو أبي سعيد فشك فيه فحدثناه
11

صرد بن خمار بن سالم أبو سهل الجهبذ من أصل كتابه قال: حدثنا بكر بن بكار قال: حدثنا سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من جعل قاضيا ذبح بغير سكين.
وأخبرني الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا عبد العزيز بن أبان قال: حدثنا سفيان الثوري عن ابن غزية عن سعيد المقبري عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين. قال أبو بكر: وهذا خطأ من عبد العزيز بن أبان: الحديث حديث بكر بن بكار.
وحدثنا إبراهيم بن إسماعيل البزار قال: حدثنا عبد الله بن معاوية الزبيري وحدثنا يوسف بن يعقوب بن إسماعيل قال: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا الفضل بن سليمان عن عمرو بن أبي عمرو عن المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ولى القضاء فقد ذبح بغير سكين.
حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل؛ قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال: حدثنا داود بن خالد العطار عن سعيد بن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
فهذه شواهد لمن قال في رواية الأخنسى عن المقبري.
12

حدثنا القاسم بن هاشم بن سعيد السمسار؛ قال حدثنا يحيى بن نصر ابن حاجب قال حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين.
قال أبو بكر: لا أعلم أحدا روى هذا الحديث هكذا غير يحيى بن نصر ابن حاجب؛ ويحيى بن نصر في حديثه لين وقد روى هذا الحديث عبد الله عن سعيد بن أبي هند عن عثمان بن محمد الأخنسى عن المقبري عن أبي هريرة فلعله أراد ذلك فغلط والقاسم بن هاشم السمسار ثقة.
حدثنا محمود بن محمد بن أبي المضاء الحلبي؛ قال حدثنا العباس بن الفرج المصيصي قال: حدثنا داود بن الزبرقان عن عطاء بن السائب عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم: من استقضى ذبح بغير سكين.
((التشديد في القضاء))
((ما روى في أن القضاة ثلاثة فقاضيان في النار وقاض في الجنة))
حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد؛ قال: حدثنا عمى يعقوب ابن إبراهيم بن سعد؛ قال: حدثنا شريك وحدثنا العباس بن محمد بن حاتم وعبد الملك بن محمد الرقشى؛ قالا: حدثنا الحسن بن بشر قال: حدثنا
13

شريك بن عبد الله عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: القضاة ثلاثة فقاضيان في النار وقاض في الجنة فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به وأما اللذان في النار فرجل عرف الحق فجار في الحكم ورجل قضى على جهل؛ فهما في النار.
حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي؛ قال: حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم الرماني عن عبد الله بن بريدة
14

عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القضاة ثلاثة فذكر نحوه.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن لؤلؤ قال أخبرنا داود ابن عبد الحميد قال: حدثنا يونس بن خباب أبو حمزة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القضاة ثلاثة فرجل علم فقضى على علم فجار فيه واعتدى؛ فذاك في النار ورجل جهل فقضى على الناس فأتلف حقوقهم وأهلكها بجهله فذاك في النار ورجل علم فقضى بما علم فوافق ذلك الحق فهو في الجنة.
وحدثني أبو جعفر محمد بن صالح قال: حدثنا جبارة قال: حدثنا عبد الله بن بكير قال: حدثني حكيم بن جبير قال حدثني عبد الله بن بريدة قال: أراد يزيد بن المهلب أن يستعملني على قضاء خراسان؛ فألح علي فقلت: لا والله: قد حدثني أبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القضاة ثلاثة؛ اثنان في النار وواحد في الجنة؛ قاض علم فقضى به فهو من أهل الجنة وقاض علم الحق فجار متعمدا فهو من أهل النار وقاض قضى بغير علم واستحيا أن يقول: لا أعلم فهو من أهل النار.
حدثني الفضل بن يوسف الجعفي قال حدثنا إبراهيم بن الحكم بن ظهير قال: حدثنا محمد بن فرات الجرمي عن محارب عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القضاة ثلاثة؛ قاضيان في النار وقاض في الجنة قاض قضى بغير ما أنزل الله فهو النار وقاض قضى بالهوى فهو في النار وقاض قضى بما أنزل الله فهو في الجنة.
15

حدثني الفضل بن يوسف قال: حدثني إبراهيم بن الحكم بن ظهير قال: حدثنا أبي عن السدى عن عبد خير عن علي عليه السلام قال: القضاة ثلاثة فذكر نحوه
حدثني محمد بن بشر بن مطر؛ قال حدثنا إسماعيل بن بهرام؛ قال: حدثنا الأشجعي عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن كعب؛ قال القضاة ثلاثة فذكر نحوه.
حدثنا عبد الله بن محمد بن أيوب بن صبح؛ قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا الأخضر بن عجلان التيمي؛ قال: حدثنا عبد الرحمن بن عتبة ابن عبد الله بن مسعود عن أبيه عن كعب قال: بعث عمر إلى كعب إني جاعلك قاضيا قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين. قال: لم يا كعب؟ قال: إن القضاة ثلاثة؛ فقاضيان في النار وقاض في الجنة؛ قاض علم وترك علمه فقضى بجور وقاض لم يعلم فقضى بجهالة فهو معه في النار وقاض قضى بعلمه ومضى عليه فهو من أهل الجنة. فقال: يا كعب فإنك قد علمت؛ تقضى بعلم وتمضى عليه؛ قال: يا أمير المؤمنين أختار لنفسي أحب إلي من أن أخاطر بها.
حدثني عبد الله بن زكريا بن يحيى قال: حدثني ابن وكيع؛ قال: حدثنا ابن فضيل عن أبيه عن محارب بن دثار عن ابن عمر وفي كتاب آخر لم يذكر ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القضاة
16

ثلاثة؛ قاضيان في النار وقاض في الجنة؛ قاض قضى بالحق فهو في الجنة وقاض قضى بالهوى فهو في النار وقاض قضى بغير علم فهو في النار.
حدثنا عبد الملك بن محمد بن عبد الملك الرقاشي؛ قال: حدثني أبي قال: حدثنا المعتمر بن سليمان عن عبد الملك بن أبي جميلة عن عبد الله بن موهب؛ قال: قال عثمان بن عفان لابن عمر: اذهب فاقض بين الناس؛
17

فقال: أو تعافيني يا أمير المؤمنين؟ قال: عزمت عليك؛ قال: فقال ابن عمر: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من استعاذ بالله فأعيذوه؟ وأنا أعوذ بالله أن أكون على القضاء؛ فقال عثمان: ما يمنعك أن تكون على القضاء وقد كان أبوك يقضى؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان قاضيا فقضى بالجور فهو في النار ومن قضى فأخطأ فهو في النار ومن قضى فأصاب الحق فبالحري أن ينجو فما راحتي إلى ذلك؟
حدثنا عبد الله بن محمد بن أيوب؛ قال: حدثنا روح بن عبادة؛ قال: حدثنا شعبة؛ قال: سمعت قتادة قال: سمعت رفيعا أبا العالية الرياحي قال: قال علي عليه السلام: القضاة ثلاثة: فقاضيان في النار وقاض في الجنة؛ وأما اللذان في النار فرجل عرف الحق فجار فهو في النار وقاض قضى فأخطأ فهو في النار وقاض قضى فأصاب فهو في الجنة؛ قلت لأبى العالية: كيف يكون في النار وقد اجتهد رأيه؟ قال: قوله: إذا لم يحسن ألا يقعد قاضيا.
حدثناه أبو قلابة؛ قال: حدثنا أبو عاصم؛ قال: حدثنا همام عن قتادة عن أبي العالية؛ قال: قال علي: القضاة ثلاثة. فذكر مثله ولم يذكر كلام أبى العالية.
18

أخبرني علي بن العباس الخمرى؛ قال: حدثنا محمد بن مروان القطان؛ قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم بن ظهير عن أبيه عن السدى عن عبد خير عن علي عليه السلام؛ قال: القضاة ثلاثة فذكر نحوه.
((باب في التشديد))
حدثنا عبد الله بن عمر بن بشر الوراق؛ قال: حدثنا أحمد بن عمر أن الأخنسي قال: سألت يحيى بن سعيد القطان فحدثني وحدثنا يوسف بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي؛ قال: حدثنا يحيى بن سعيد: قال: حدثنا مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: محمد بن أبي بكر ربما ذكر النبي فصلى عليه؛ قال: ما من حكم يحكم بين الناس إلا أتي به يوم القيامة وملك آخذ بقفاه فيوثقه على شاطئ جهنم ثم يرفع رأسه؛ فإن قيل له ألقه ألقاه في مهواه يهوي فيها أربعين خريفا.
حدثني أبو بكر جعفر بن الحسن؛ قال: حدثنا إسحاق بن راهويه؛ قال: أخبرنا بقية بن الوليد؛ قال: حدثنا صفوان بن عمرو؛ قال: حدثني شريح ابن عبيد وفلان بن مسروق عن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
19

؛ قال: القاضي ليزل في مزلقة أبعد من عدن في جهنم.
حدثني عبد الله بن شبيب؛ قال: حدثني إسماعيل بن أبي أويس؛ قال: حدثني يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي عن أبيه عن صفوان بن سليم عن الأعرج عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس أحد من خلق الله يحكم بين ثلاثة إلا جيء به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه فكه العدل أو سلمه.
حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي؛ قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث وحدثنا جعفر بن مكرم؛ قال: حدثنا أبو الوليد وأبو سلمة؛ قالوا: حدثنا عمر بن العلاء وهو حوز أبو العلاء؛ قال حدثني صالح بن سرح عن
20

عمران بن حطان عن عائشة؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجاء بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين
((نصيحة لرسول عليه السلام لأبي ذر))
حدثنا عبد الرحمن بن الأزهر؛ قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر القرشي عن سالم بن أبي سالم الجيشاني عن أبيه عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر إني لأراك ضعيفا وأني لأحب لك ما أحب لنفسي: لا تأمرن على اثنين ولا تتولين مال يتيم.
((رأى على في القضاء))
حدثنا الحسن بن علي بن الوليد؛ قال: حدثني خلف بن عبد الحميد السرخسي؛ قال: حدثني أبو الصباح عبد الغفور بن سعيد عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن علي بن أبي طالب عليه السلام؛ قال: لو يعلم الناس ما في القضاء ما قضوا في ثمن بعرة! ولكن لا بد للناس من القضاء ومن إمرة برة أو فاجرة.
21

((أول من يدعى يوم القيامة للحساب القضاة))
حدثنا عبد الله بن محمد بن أيوب؛ قال: حدثنا روح بن عبادة؛ قال: حدثنا حماد بن زيد وحدثني أحمد بن زياد؛ قال: حدثني أسود بن سالم قال: حدثنا حماد الأبح عن محمد بن واسع قال بلغني أن أول من يدعى يوم القيامة إلى الحساب القضاة.
((ما أخذ على القضاة من عهد))
حدثنا عبد الله بن محمد بن أيوب قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير؛ قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن يونس عن الحسن؛ قال: أخذ على القضاة ثلاث؛ ألا يشتروا به ثمنا ولا يتبعوا به هوى ولا يخشوا فيه أحدا.
((قول ابن عتبة وقد دعى للقضاء))
حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال: حدثنا سليمان بن حرب؛ قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد؛ قال: كنت عند عبد الله بن عتبة وبين يديه كانون فيه نار؛ فجاء رجل فجلس معه على فراشه فساره بشيء ما ندري ما هو؛ فقال له ابن عتبة ضع لي إصبعك في هذه النار؛ فقال الرجل: سبحان الله! تأمرني أن أضع لك إصبعي في النار! فقال له: أتبخل علي بإصبع من أصابعك في نار الدنيا وتسألني أن أضع جسدي كله في نار جهنم! فظننا أنه دعاه إلى القضاء
((رأى جابر بن زيد في تولية القضاء))
حدثنا عبد الله بن محمد بن أيوب؛ قال: حدثنا روح بن عبادة؛ قال: حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد؛ قال: كتب الحكم بن أيوب نفرا على القضاء فكتبنى فيهم؛ فلو ابتليت بذلك لركبت
22

حماري - أو قال: راحلتي - ثم ذهبت في الأرض قال: وقال لي جابر بن زيد: وما أملك إلا حمارا.
((أعلم الناس بالقضاء أشدهم كراهة له))
حدثنا إسماعيل ابن إسحاق؛ قال: حدثنا سليمان بن أيوب صاحب البصري؛ قال: حدثنا حماد بن زيد؛ قال: سمعت أيوب يقول: رأيت أعلم الناس بالقضاء أشدهم له كراهة وما رأيت أحدا كان أعلم بالقضاء من أبى قلابة وما أدري ما محمد لو أكره عليه.
((قول أبي قلابة عندما دعى للقضاء))
((رأي رجاء بن حيوة في ولاية القضاء))
فأخبرني علي بن عبد العزيز الوراق؛ قال: حدثنا معلى بن مهدي؛ قال: حدثنا حاتم بن وردان؛ قال: حدثنا أيوب؛ قال: طلب أبو قلابة للقضاء فلحق بالشام؛ فأقام رمانا ثم قدم؛ قال: فقلت: لو وليت قضاء المسلمين فعدلت بينهم كان لك بذلك أجر قال: يا أيوب السابح إذا وقع في البحر كم عسى أن يسبح؟. أخبرني محمد بن أحمد اللحياني قال: حدثنا محمد بن سماعة الرملي؛ قال: حدثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة عن المعلى بن روبة؛ قال: قال لي رجاء بن حيوة: ولى الأمير اليوم عبد الله بن موهب القضاء ولو اخترت بين أن أحمل إلى حفرتي وبين ما ولى ابن موهب لاخترت أن أحمل إلى حفرتي؛ فقلت له: فإن الناس يتحدثون أنك أنت أشرت به؛ قال:
23

صدقوا لأني نظرت للعامة ولم أنظر له.
حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم؛ قال: حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن مكحول؛ قال: لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن إلى القضاء.
((رأي مكحول))
حدثنا أبو الوليد محمد بن أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي؛ قال: حدثنا محمد بن عيسى؛ قال: حدثنا عبيد بن الوليد الدمشقي؛ قال: أخبرني أبي: قال: أخذ بيدي مكحول فقال: ما أحرصك يا ابن أبي مالك على القضاء! لو خيرت بين القضاء وبين ضرب عنقي لاخترت ضرب عنقي.
((رأي المسيب))
أخبرني أبو بكر جعفر بن محمد؛ قال: حدثنا قتيبة بن سعيد؛ قال: حدثنا معن بن عيسى عن إسحاق بن يحيى عن المسيب عن رافع أن عمر بن هبيرة دعاه ليوليه القضاء؛ فقال: ما يسرني أني وليت القضاء وأن سواري مسجدكم هذا لي ذهبا.
((نصيحة الفضيل ابن عياض لمن ولى القضاء))
حدثني عبد الله بن المفضل قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو علي التاجر؛ قال: قال الفضيل بن عياض: إذا ولى الرجل القضاء فليجعل للقضاء يوما وللبكاء يوما.
((نصيحة ابن شبرمة))
حدثني أبو بكر بن حبش؛ قال: حدثنا عثمان بن محمد؛ قال: حدثنا جرير عن ابن شبرمة قال: لا تجترئ على القضاء حتى تجرى على السيف.
((حيلة رجل للتخلص من القضاء))
حدثنا عبد الله بن الهيثم العبدي؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا
24

سوار. ورواه شجاع بن الوليد عن حريش بن أبي الحريش: قال: طلب رجل للقضاء؛ فتجان وتحامق وركب قصبة واتبعه الصبيان. قال: وكان رجل حلف ألا يتزوج حتى يستشير أول من يلقاه فلقيه فاستشاره؛ فقال: البكر لك ولا عليك والثيب لك وعليك وذات الجلاوز عليك ولا لك؛ خل سبيل الجواد؛ فقال له: ما قصتك؟ قال: إن هؤلاء أرادوني على ذهاب ديني فاخترت ذهاب عقلي امض لسبيلك.
((امتناع ابن حبيب السهمي عن قضاء الأبلة))
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان عن سليمان بن منصور قال: حدثنا أبو عمر الخطابي؛ قال: عرض سوار بن عبد الله علي عبد الله بن بكر ابن حبيب السهمي أن يوليه قضاء الأبلة؛ فأبى؛ فقال له سوار: أترفع نفسك عن قضاء الأبلة؟ قال: لا ولكن أرفع علمي عن القضاء.
أخبرني الحسن محمد بن مصعب البجلي؛ قال: حدثنا عبد الله بن سعيد؛
25

قال: حدثنا عباد بن كثير الأسدي؛ قال: أخبرني حماد أخي؛ قال: رأيت القاسم بن الوليد الهمداني - وأرسل إليه يوسف بن عمر يوليه القضاء - فرأيته يكحل عينيه بالزيت ويجز لحيته؛ فلما دخل على يوسف قال: هذا مجنون! أخرجوه.
((امتناع أبي حنيفة عن تولي القضاء))
أخبرني أبو الأحوص؛ قال: حدثني سعيد بن عفير؛ قال: حدثني علي ابن معبد عن أبي يوسف أن ابن هبيرة ضرب أبا حنيفة نحوا من مائة سوط مفرقة على أن يلي قضاء الكوفة فأبى؛ فحلف ابن هبيرة ألا يتركه حتى يلي فكلمه رجال أهل الكوفة؛ فلم يزالوا به حتى قال أبو حنيفة: أنا إلى له عدد ما يدخل الكوفة من أحمال التين والعنب؛ ففعل وخلى عنه.
((إباء خالد بن أبي عمران عن ولاية القضاء))
أخبرنا سهل بن أحمد التمار؛ قال: سمعت عمرو بن علي يحدث عن
26

أبي عاصم؛ قال: جيء بخالد بن أبي عمران إلى أبي جعفر ليوليه القضاء؛ فامتنع عليه؛ فتهدده وأشمعه؛ وقال: أنت عاص؛ فقال له خالد إن الله يقول: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها) فلم يسمهن عصاة حيث أبين حمل الأمانة وقال: (وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا)؛ فقال: اخرج فلا ترى منى خيرا؛ فلما أصحر إذا هو برجل حسن الوجه والثوب. طيب الريح؛ فقال له خالد: ساءك ما خاطبك به هذا؟ قال: نعم؛ قال: أما علمت أن العبد إذا لم يكن لله فيه حاجة نبذه إليهم.
((دعوة الرشيد ثلاثة من العلماء ليوليهم القضاء))
سمعت حميد بن الربيع يقول لنا: جيء بعبد الله بن إدريس وحفص ابن غياث ووكيع بن الجراح إلى هارون الرشيد؛ دخلوا ليوليهم القضاء؛ فأما ابن إدريس فقال:
السلام عليكم وطرح نفسه كأنه مفلوج؛ فقال هارون: خذوا بيد الشيخ: لا فضل في هذا وأما وكيع فقال: والله يا أمير المؤمنين ما أبصرت بها منذ سنة ووضع إصبعه على عينه وعني إصبعه: فأعفاه هارون؛ وأما حفص فقال: لولا غلبة الدين والعيال ما وليت.
((قصة رجل سجن في الشطارة ثم سجن لامتناعه عن القضاء))
وزعم عمر بن محمد بن عبد الملك عن أبي السكين؛ قال: حدثني موسى بن سعيد بن سالم؛ قال: لقد رأيت في سجننا هذا يعني سجن
27

البصرة رجلا محبوسا في أمرين متفاوتين؛ رأيته محبوسا في الشطارة ثم رأيته محبوسا في أن أبى أن يلي القضاء
((جلد ابن الدراوردي لامتناعه عن القضاء))
أخبرني عبد الله بن جعفر بن مصعب الزبيري عن جده؛ قال: جلد إسحاق بن سليمان (وهو والي المدينة) ابن الدراوردي خمسة وثمانين سوطا وذلك أنه دعاه أن يلي له فأبى.
((قصة قاضي من بني إسرائيل))
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: حدثنا سعيد بن كثير بن عفير؛ قال: حدثنا يحيى بن أيوب عن سهل بن بلال؛ قال: سمعت عطاء الخراساني يقول: استقضى رجل من بني إسرائيل أربعين سنة؛ فلما حضرته الوفاة قال: إني أراني هالكا في مرضى هذا فإن هلكت فاحبسوني عندكم أربعة أيام أو خمسة فإن رابكم مني شيء فلينادني رجل منكم فلما قضى جعل في تابوت فلما كان ثلاثة أيام إذا هم بريحه فناداه رجل منهم؛ ما هذه الريح؟ فأذن الله فتكلم؛ فقال: وليت القضاء فيكم أربعين سنة فما رابني إلا أن رجلين أتيانى فكان لي في أحدهما هوى؛ فكنت أسمع منه بأذني التي تليه أكثر مما أسمع بالأخرى فهذا الريح؛ وضرب الله على أذنه فمات.
28

((رأي ابن عباس في قوله تعالى وألقينا على كرسيه جسدا))
أخبرني جعفر بن الحسن؛ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف؛ قال: حدثنا أبي عن سفيان عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: وألقينا على كرسيه جسدا؛ قال: هو الشيطان الذي كان على كرسيه يقضي بين الناس أربعين يوما:
((قصة امرأة سليمان عليه السلام))
وكانت لسليمان امرأة يقال لها جرادة؛ فكان بين بعض أهلها وبين قوم خصومة؛ فقضى بينهم بالحق إلا أنه ود أن الحق كان لأهلها؛ فأوحى الله إليه أنه سيصيبك بلاء؛ فكان لا يدري يأتيه من الأرض أو من السماء.
((قصة قاض من بني إسرائيل))
حدثني أبو بكر بن الحسن؛ قال: حدثنا وهب بن بقية؛ قال: أخبرنا خالد عن بيان عن طلحة النامي قال: كان قاض في بني إسرائيل؛
29

فقال: يا رب أرني عملي؛ فقضى سنة ثم أرى في المنام سوادا قد صعد في رجليه؛ ثم قضى سنة أخرى؛ فقال: اللهم أرني عملي قال: فرأى في المنام السواد وقد زاد وصعد في رجليه فلما رأى ذلك ترك القضاء وذهب؛ وقال: لأذهبن قبل أن يغمرني هذا السواد.
((قصة داود لما أمر بالقضاء))
أخبرني عبد الله بن محمد بن أيوب؛ قال: حدثنا يحيى بن أبي بكر؛ قال: حدثنا إسرائيل عن أبي حصين عن سعيد بن جبير؛ قال: لما أمر داود بالقضاء فقطع به فقيل لهم سلهم يعني الشهود وحل بينهم.
((كلمة عمر في تخويف القضاة))
حدثنيه جعفر بن محمد عن منجاب بن الحارث عن علي بن مسهر عن مسعر عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمى بمثله سواء حدثني خطاب بن إسماعيل قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر عن عبد الرحمن بن عثمان الأشعري؛ قال: قال عمر: ويل لديان أهل
30

الأرض من ديان أهل السماء يوم يلقونه إلا من أمر بالعدل وقضى بالحق ولم يقض بهوى ولا لقرابة ولا لرغبة ولا لرهبة وجعل كتاب (الله) مرآة بين عينيه.
((التسوية بن الخصوم))
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان عن عمر بن محمد بن الحسن عن أبيه عن عنبسة بن سعيد عن عبد الواحد عن مولاه لأم سلمة عن أم سلمة؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ابتلي أحدكم بالقضاء فلا يجلس أحد الخصمين مجلسا لا يجلسه صاحبه وإذا ابتلي أحدكم بقضاء فليتق الله في مجلسه وفي لحظه وفي إشارته.
حدثني محمد بن يحيى بن خالد المروزي قال: حدثنا إسحاق بن راهويه؛ قال: حدثنا بقية بن الوليد؛ قال: حدثني أبو محمد المخزومي عن أبي بكر مولى بني تميم عن عطاء بن يسار عن أم سلمة؛ قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ابتلي أحدكم بالقضاء بين المسلمين فليسو بينهم في النظر والمجلس والإشارة ولا يرفع صوته على أحد الخصمين أكثر من الآخر.
((جزاء من يكون في قضائه خلاف))
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان قال: حدثنا عيسى - بن هلال السليحى -
31

قاضي حمص؛ قال: حدثنا محمد بن حمير؛ قال: حدثني مسلمة بن علي؛ عن عثمان بن عطاء عن أبيه؛ قال: إذا هلك الحكم عرض عليه في قبره كل قضية قضى بها؛ فإن كان في شيء منها خلاف ضرب بمرزبة من حديد ضربة يسعل منها قبره.
((تفسير ابن عباس لقوله تعالى كونوا قوامين بالقسط))
حدثنا خطاب بن إسماعيل؛ قال: حدثنا أبو بكر؛ قال: حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس في قوله: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط؛ قال: الرجلان يجلسان عند القاضي فيكون لي القاضي وإعراضه لأحدهما دون الآخر.
((حكمة لعلي رضي الله عنه في القاضي الظلوم الجهول))
أخبرني عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري؛ قال: حدثنا إسماعيل ابن إسحاق الأنصاري عن عبد الله بن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة؛ قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: ذمتي رهينة وأنا زعيم لمن صرحت له العين ألا يهيج على التقوى زرع قوم ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل ألا وإن أبغض خلق الله إلى الله رجل قمش علما غارا يأغباش الفتنة عميا عما في عيب الهدية سماه أشباهه من الناس
32

عالما ولم يغن في العلم يوما سالما بكر فاستكثر ما قل منه فهو خير مما كثر حتى إذا ارتوى من آجن وأكثر من غير طائل قعد بين الناس قاضيا لتلخيص ما التبس على غيره إن نزلت به إحدى الشبهات هيأ حشوا رثا من رأيه فهو من قطع الشبهات في مثل غزل العنكبوت؛ لا يعلم إذا أخطأ لأنه لا يعلم أأخطأ أم أصاب خباط عشوات ركاب جهالات لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم ولا يعض في العلم بضرس قاطع يذرو الرواية ذرو الريح الهشيم تبكي منه الدماء وتصرخ منه المواريث ويستحل بقضائه الفرج الحرام لا ملئ والله بإصدار ما ورد عليه ولا أهل لما قرظ به.
((كلمة معاذ بن جبل في القاضي الجاهل))
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان؛ قال: حدثني عيسى بن هلال السليحي؛ قال: أخبرنا محمد بن حمير؛ قال: حدثنا غنيم بن عمر الضبي عن طلحة عن برد بن سنان عن ناشرة بن سلم عن معاذ بن جبل؛ قال: إن من أبغض عباد الله إلى الله عبدا لهج برواية القضاء حتى سماه جهال الناس عالما فإذا أكثر من غير طائل أجلس قاضيا بين الناس ضامنا لتلخيص ما التبس على غيره فمثله كمثل غزل العنكبوت إن أخطئ به لا يعلم لا يعتذر مما لا يعلم فيعذر ولا يقول لما لا يعلم: لا أعلم تبكي منه المواريث وتضرج
33

منه الدماء وتستحل بقضائه الفروج الحرام. فمن يعد في هذا البصر وصفه كان محقوقا بدر البكاء وطول النياحة على نفسه.
((كلمة عمر في الواجب في القاضي))
ذكر أحمد بن الحارث الخراز عن أبي الحسن المدائني عن أبي معشر عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله؛ قال: قال عمر بن الخطاب: والله لا أدع حقا لشأن يظهر ولا لضد يحتمل ولا محاباة لبشر؛ وذلك أن الله قدم إلى؛ فآيسنى من أن يقبل مني إلا الحق وأمنني إلا من نفسه فليس بي حاجة إلى أحد ولا على أحد مني وكف.
أخبرنا حماد بن إسحاق الموصلي عن أبيه؛ قال: قال رجل لعبد الله ابن المبارك: أيدخل الرجل في القضاء حسبة؟ قال: نعم إذا كان أنوك.
((ما جاء في القاضي يحكم بالهوى))
((القاضي يحكم بالجور))
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي وعبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي؛ قالا: حدثنا عمرو بن عاصم الكلابي؛ قال: حدثنا عمران القطان عن الشيباني عن أبي أوفى؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تبرأ الله منه ولزمه الشيطان؛ قال الرمادي: ما لم يخن.
34

حدثني عمرو بن عاصم عن عمران القطان عن الشيباني؛ وأدخل محمد بن بلال بين عمران القطان وبين الشيباني رجلا يقال له حسين أخبرني بذلك جعفر بن محمد؛ عن أحمد بن شيبان: عن محمد بن بلال عن عمران القطان عن الحسين؛ عن الشيباني.
حدثني محمود بن محمد المروزي؛ قال: حدثنا علي بن حجر؛ قال: حدثنا داود بن الزبرقان عن نصر بن أبي نصر عن فراس عن الشعبي عن عبد الله بن أبي أوفى أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله مع القاضي ما لم يجر فإذا جار وكله الله إلى نفسه.
حدثني محمد بن حرب الضبي؛ قال: حدثنا الوليد بن صالح وحدثني محمود بن أبي المضاء؛ قال: حدثنا عامر بن سيار وحدثني محمد بن حفص؛ قال: حدثنا محمد بن عبيد بن ثعلبة؛ قال: حدثنا أبي؛ قالوا: حدثنا حفص ابن سليمان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد الله
35

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله مع القاضي ما لم يحف أو يجر عمدا.
حدثني أحمد بن أبي خيثمة؛ قال: حدثنا العلاء بن عمر الحنفي؛ قال: حدثنا أبو عمران الأشعري عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جلس القاضي في مكانه هبط عليه ملكان يسددانه ويوفقانه ويرشدانه ما لم يجر؛ فإذا جار عرجا وتركاه.
حدثني محمد بن عبد الرحمن بن يونس السراج؛ قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن؛ قال: حدثنا إسماعيل بن عياش؛ قال: حدثنا يحيى بن يزيد الرهاوي عن زيد بن أبي أنيسة عن نفيع بن الحارث عن معقل بن يسار
36

المزنى؛ قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقضي بين قوم؛ فقلت يا رسول الله: ما أحسن أقضى؛ قال رسول الله: الله مع القاضي ما لم يحف عمدا ثلاث مرات
حدثنا إبراهيم بن إسحاق السراج قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم؛ قال: حدثنا حمزة بن عميرة؛ قال: حدثنا أيوب بن إبراهيم أبو يحيى المعلم عن إبراهيم الصائغ عن أبي خالد محمد بن خالد عن أبي داود عن معقل بن يسار عن النبي عليه السلام بمثله.
((أخذ حق الضعيف من القوي))
أخبرني جعفر بن حسن؛ قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم؛ قال: حدثنا الوليد بن سليمان؛ قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن معاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن عمرو أنهما سمعا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا قدست أمة لا يقضى فيها بالحق
37

حدثنا الحسن بن مكرم؛ قال حدثنا عثمان بن عمر؛ قال: أخبرنا شعبة عن داود بن محمد عن ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله الناس ومن أسخط الله برضى الناس وكله الله إليهم.
حدثنا سعدان بن علي والعباس بن محمد وغيرهما؛ قالا: حدثنا قطبة ابن العلاء بن المنهال الغنوي؛ قال: حدثنا أبي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من التمس محامد الناس بمعاصي الله رجع حامده ذاما.
حدثنا السري بن عاصم؛ قال: حدثنا ابن إدريس عن زكريا عن العباس بن ذريح عن الشعبي؛ قال: كتبت عائشة إلى معاوية؛ أما بعد فإنه من التمس محامد الناس بمعاصى الله رجع حامده من الناس ذاما والسلام.
((الحكم بغير ما أنزل الله))
حدثنا سعدان بن نصر بن منصور؛ قال: حدثنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب؛ قال: نزلت
38

* (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) * في اليهود * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) * * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) * في الأديان كلها.
حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي؛ قال: حدثنا سعيد بن داود؛ قال: حدثنا وكيع وحدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني؛ قال: أخبرنا عبد الرزاق. جميعا عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي البختري عن حذيفة وحدثنا جعفر بن الحسن؛ قال: حدثنا عثمان بن محمد وحدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث عن حذيفة؛ قال: ذكروا * (ومن لم يحكم بما
39

أنزل الله فأولئك هم الكافرون) *؛ قال رجل من القوم: هذا في بني إسرائيل؛ فقال حذيفة: نعم الإخوة لكم إن كان لكم الحلو والمر لهم؛ كلا والذي نفسي بيده حتى حذو السية بالسية.
أحمد بن الربيع؛ قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عمار عن حذيفة وعن إبراهيم عن همام عن حذيفة بنحوه؛ وزاد وحذو القذة بالقذة.
وحدثني إسحاق بن الحسن؛ قال: حدثنا أبو حذيفة؛ قال: حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن الطفيل؛ قال: قيل لحذيفة في هذه الآيات؛ فقال: نعم الإخوة لكم بنو إسرائيل إن كان لهم مره ولكم حلوه لتسلكن طريقهم قد الشراك.
أخبرنا حميد بن الربيع؛ قال: حدثنا يحيى بن آدم عن عمار الدهني عن سالم عن مسروق أنه سأل ابن مسعود عن الجور في الحكم؛ قال: ذاك الكفر؛ ثم تلا: * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) *.
40

حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني؛ قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه؛ قال: سئل ابن عباس عن قوله: * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) *؛ قال: كفى به كفره.
أخبرني جعفر بن الحسن؛ قال: حدثنا وهب بن بقية؛ قال: حدثنا خالد عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس؛ قال: نعم القوم أنتم؛ إن كان ما كان من حلو فهو لكم وما كان من مر فهو لأهل الكتاب؛ كأنه يرى أن ذلك في المسلمين؛ الآيات الثلاث؛ الكافرون الظالمون الفاسقون.
حدثنا محمد بن إشكاب؛ قال: حدثنا أبو داود الحفرى عن ابن أبي زائدة عن داود عن الشعبي عن ابن عباس؛ قال: ما حكم قوم قط بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم القتل.
أخبرني علي بن العباس الحضري؛ قال: حدثنا محمد بن مروان القطان؛ قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم بن ظهير عن أبيه عن السدى؛ قال: قال ابن عباس: من جار في الحكم وهو يعلم ومن حكم بغير علمه ومن أخذ الرشوة في الحكم فهو من الكافرين.
وهذا في أهل التوحيد؛ حدثنا أحمد بن عبد الجبار أبو عمر الدارمي؛
41

قال: حدثنا محمد بن فضيل عن ابن شبرمة عن الشعبي؛ قال: آيتان في أهل الكتاب وآية فينا؛ * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) * فينا والآيتان بعدها في أهل الكتاب.
أخبرنا حميد بن الربيع؛ قال: حدثنا ابن يمان عن سفيان عن جابر عن الشعبي؛ قال: الأولى لأهل الإسلام والثانية لليهود والثالثة للنصارى.
حدثنا إسحاق بن المحسن؛ قال: حدثنا أبو حذيفة عن سفيان مثله.
حدثنا الحسن بن أبي الربيع؛ قال: أخبرنا عبد الرزاق عن الثوري عن زكريا عن الشعبي؛ قال: الأولى للمسلمين.
حدثنا أبو صالح زاج؛ قال: أخبرنا النضر بن شميل؛ قال: حدثنا شعبه عن ابن أبي السفر عن الشعبي: * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) * في المسلمين.
حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني؛ قال: حدثنا عبد الرزاق؛
42

قال: أخبرنا الثوري عن منصور عن إبراهيم؛ قال: نزلت هذه الآيات في أهل الكتاب ورضى هذه الأمة بها.
أخبرنا الجرجاني؛ قال: أخبرنا عبد الرزاق؛ قال: حدثنا الثوري عن رجل عن طاوس؛ قال: كفر لا ينقل عن ملة. وقال عطاء: كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق.
أخبرنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه؛ قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء؛ قال: كفر دون كفر وفسق دون فسق وظلم دون ظلم.
أخبرنا حميد؛ قال: حدثنا حجاج عن حماد عن أيوب بن أبي شهلة عن عطاء مثله.
أخبرني إسحاق بن الحسن؛ قال: حدثنا حسن بن محمد؛ قال: أخبرنا سنان عن قتادة في هذه الآية؛ قال: لما أنبأكم الله بصنيع أهل الكتاب قبلكم بأعمالهم أعمال السوء وبحكمهم بغير ما أنزل الله وعد الله نبيه عليه السلام والمؤمنين موعظة بليغة شافية؛ فليعلم من ولى شيئا من هذا الحكم أنه ليس شيء بين العباد وبين الله يعطيهم به خيرا ولا يدفع عنهم به سوءا إلا بطاعته والعمل بما يرضاه؛ فلما بين الله للنبي صلى الله عليه
43

وسلم وللمؤمنين صنع أهل الكتاب وجورهم قال: * (إنا أنزلنا عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه) * يقول: الكتب التي قد خلت قبله؛ ومهيمنا عليه؛ وقال: شاهدا على الكتب التي قد خلت قبله.
أخبرنا إسماعيل بن إسحاق عن عبد الله بن إسماعيل العثماني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في تفسير زيد بن أسلم في قوله: وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون؛ قال: بهذا حكم لكتابه فمن ترك الحكم بكتاب الله فقد كفر.
حدثني الحسن بن أبي الفضل؛ قال: حدثنا سهل بن عثمان؛ قال: حدثنا عبد المطلب بن زياد عن ثابت الثمالي؛ قال: قلت لأبي جعفر: إن المرجئة يخاصموننا في هذه الآيات؛ فقلت: إنهم يزعمون أنها في بني إسرائيل؛ فقال: نعم الإخوة نحن لبني إسرائيل إن كان حلو القرآن لنا ومره لهم؛ نزلت فيهم ثم جرت فينا.
حدثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه؛ قال: حدثنا أبو الأسود النضر ابن عبد الجبار؛ قال: أخبرنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد؛ قال: قال ابن حجيرة الأكبر: أخبرت أن القاضي إذا قضى بالهوى احتجز الله منه
44

حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ قال: حدثنا خلف بن هشام؛ قال: حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه؛ قال: اختصم إلى عمر يهودي ومسلم؛ فرأى الحق لليهودي فقضى له عليه؛ فقال اليهودي: والله إن الملكين؛ جبريل وميكائيل لمعك؛ أحدهما عن يمينك والآخر عن شمالك وإنهما ليتكلمان بلسانك فعلاه بالدرة؛ قال: ما يدربك؟ لا أم لك! قال: لأنهما مع كل قاض يقضى بالحق فإذا ترك الحق عرجا ووكلاه إلى شيطان الإنس والجن؛ فقال عمر: أني لأحسبه كما قال.
حدثنا علي بن هشام؛ قال: حدثنا علي بن عاصم عن يحيى بن سعيد الأنصاري؛ قال: حدثني محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: اختصم يهودي ومسلم إلى عمر؛ فرأى عمر الحق لليهودي فقضى على المسلم؛ فقال اليهودي: والله إن الملكين جبريل وميكائيل لينطقان على لسانه.
((ما جاء في الرشوة في الحكم))
حدثنا الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب الزبيري؛ قال: حدثني يحيى بن مقداد عن عمه موسى بن يعقوب عن قريبة بنت عبد الله عن أبيها عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ قالت: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم.
أخبرني محمد بن عبد الله بن موسى العامري؛ قال: أنبأنا محمد بن خالد
45

ابن عتبة؛ قال: أنبأنا إسحاق بن يحيى بن طلحة؛ قال: حدثني أبو بكر ابن عمر بن حزم عن عمر عن عائشة؛ قالت: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم.
أخبرني أبو بكر بن الحسن؛ قال: حدثنا دحيم؛ قال: حدثنا مروان بن معاوية؛ قال: حدثنا إسحاق بن يحيى بإسناده بمثله؛ ولم يقل في الحكم.
((جزاء الراشي والمرتشي))
أخبرنا أحمد بن منصور بن سيار الرمادي؛ قال: حدثنا أبو داود الطيالسي؛ قال: حدثنا ابن أبي ذئب وحدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري عن ابن أبي ذئب؛ قال: أخبرني الحرث ابن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمر: قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.
حدثني أبي رحمه الله؛ قال: حدثنا أحمد بن المقدام؛ قال: حدثنا يزيد بن زريع؛ قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن ابن أبي ذئب عن خاله الحارث عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
46

أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا أبو داود الطيالسي؛ قال: أخبرنا علي بن سهل بن المغيرة؛ قال: حدثنا عفان بن مسلم؛ قال: حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة؛ قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم.
أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا أبو داود الطيالسي؛ قال: حدثنا حفصر المدني؛ قال: حدثنا الحسن بن عطاء عن أبي سلمة؛ قال: حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الراشي والمرتشي في النار.
حدثنيه الحسن بن علي بن بشر الصوفي؛ قال: حدثنا سعيد بن محمد الجرمي؛ قال: حدثنا أبو عبيدة الحداد؛ قال: حدثنا عمر أبو حفص المدني؛ قال: حدثني الحسين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي سلمة؛ قال: سمعت أن عبد الرحمن بن عوف يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الراشي والمرتشي في النار.
قال أبو بكر: الذي قاله أبو عبيدة الحداد هو الصواب وأبو داود الطيالسي خلط فيه ولم يقمه.
كتب إلي أبو بكر بن سهل الدمياطي أن سعيد بن يحيى التجيبى حدثه؛
47

قال: حدثنا يحيى بن أيوب عن أبي حزرة يعقوب بن مجاهد عن الحسن ابن أخي أبي سلمة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن؛ قال: سمعت أبي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الآكل والمطعم الرشوة.
وأخبرنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم؛ قال حدثنا ابن أبي مريم؛ قال: أخبرنا عبد الجبار بن عمر عن أبي حزرة بمثله. قال أبو بكر: قوله: الحسن ابن أخي أبي سلمة شاهد لما رواه أبو عبيدة الحداد؛ لأنه قال: الحسن ابن عثمان بن عبد الرحمن بن عوف؛ وهو ابن أخي أبي سلمة.
وقول أبي داود: الحسين بن عطاء سهو؛ لأن حسين بن عطاء بن يسار ليس بينه وبين أبي سلمة بن عبد الرحمن نسب.
وقول أبي سلمة: سمعت أبي غلط؛ لأن الحفاظ وأصحاب الحديث ذكروا أن أبا سلمة لم يسمع من أبيه وأن عبد الرحمن مات وأبو سلمة ذو أربع سنين.
وقد اضطرب على أبى سلمة في هذا الحديث؛ فقال ابن أبي ذئب: عن خاله عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو؛ وهو أشبه الأقاويل بالصواب
48

وقال أبو عوانة: عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة فجاء به على الطريق الذي نعرفه.
ومن قال: عن عبد الله بن عمر فقد ضبط وقول من قال: عن أبي سلمة عن أبيه فيه ما أخبرتك؛ أنه لم يسمع عن أبيه.
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا إسحاق بن منصور السلولي؛ قال: حدثنا هريم؛ وهو ابن سفيان عن ليث عن أبي الخطاب عن إدريس عن ثوبان؛ قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. كذا قاله هريم؛ عن أبي الخطاب عن إدريس.
فحدثناه الرمادي؛ قال: حدثنا ابن الأصفهاني وأبو بكر بن أبي شيبة؛ قالا: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن ليث عن أبي الخطاب عن ابن أبي زرعة عن أبي إدريس عن ثوبان؛ قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما.
حدثنا أحمد بن علي المصري؛ قال: حدثنا شعيب بن سلمة الأنصاري؛
49

حدثنا عصمة بن محمد بن فضالة عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر؛ قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والماشي في الرشوة.
قال لي أبو عبد الرحمن الزرقي: هو فضالة بن محمد بن شريك بن جميع ابن مسعود؛ وجميع صحابي من بنى عوف بن الخزرج.
((ما يصيب الناس عند ظهور الرشوة))
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا بن أبي مريم؛ قال: أخبرنا ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان؛ أن محمد بن راشد المرادي حدثه أن رجلا حدثه أنه سمع عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قوم ظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب
((بابان من السحت يأكلهما الناس))
أخبرنا محمد بن عبد الملك الدقيقي؛ قال: حدثنا يزيد بن هارون؛ قال: أخبرنا شريك عن الأعمش عن عبد الله بن أبي الجعد عن عمرو بن شرحبيل؛ قال: قال عمر وعبد الله: بابان من السحت يأكلهما الناس: الرشا ومهر الزانية.
أخبرنا محمد بن إسماعيل الحساني؛ قال: حدثنا وكيع؛ قال: حدثنا
50

سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله أكالون للسحت؛ قال: رشوة.
أخبرني إسحاق بن حسن؛ قال: حدثنا أبو حذيفة؛ قال: حدثنا سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله؛ السحت الرشا في الدين.
أخبرنا محمد بن إسماعيل؛ قال: حدثنا وكيع قال حدثنا حريث ابن إبراهيم عن الشعبي عن مسروق؛ قال: قلنا لعبد الله: ما كنا نرى السحت إلا الرشوة في الحكم؛ قال: ذاك الكفر.
((السحت هو الرشوة في الحكم))
حدثنا حميد بن الربيع؛ قال: حدثني يحيى بن آدم عن شعبة عن عمار الدهني عن سالم عن مسروق أنه سأل ابن مسعود عن السحت؛ قال: الرجل يهدى إلى الرجل إذا قضى له حاجة؛ وسأله عن الجور في الحكم؛ قال: ذاك الكفر.
51

أخبرنا حميد بن الربيع؛ قال: حدثنا يحيى بن آدم عن فطر بن خليفة عن سالم بن أبي الجعد عن مسروق؛ قال: قال رجل لابن مسعود: يا أبا عبد الرحمن ما السحت؟ قال: الرشا؛ قال: في الحكم؟ قال: ذاك الكفر.
أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا أبو داود الطيالسي؛ قال: حدثنا حماد بن يحيى عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله: الهدية على الحكم الكفر وهي فيما بينكم سحت.
أخبرني حميد بن الربيع؛ قال: حدثنا عاصم بن علي؛ قال: حدثنا شعبة عن منصور عن سالم عن مسروق عن عبد الله مثله.
52

وأخبرني حميد؛ قال: وحدثنا عبد الله بن موسى؛ قال: أخبرنا أبو إسرائيل عن السدى عن عبد خير؛ قال: سئل ابن مسعود عن السحت؛ قال: الرشا؛ قلنا: في الحكم؟ قال: ذاك الكفر.
أخبرني أبو بكر بن الحسن؛ قال: حدثنا موسى بن مروان؛ قال: حدثنا يحيى بن سعيد العطار عن ابن لهيعة عن بكير بن الأشج عن بشر بن سعيد أنه سأل زيد بن ثابت عن السحت؛ فقال: هي الرشوة.
أخبرني علي بن داود الأزرق؛ قال: حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وأكلهم السحت؛ قال: يعنى الرشوة في الحكم.
حدثني محمد بن سعد العوفي؛ قال: حدثني أبي؛ قال: حدثني عمى الحسين بن الحسن عن أبيه عن عطية عن ابن عباس؛ سماعون للكذب أكالون للسحت وذلك إن أخذوا الرشوة في الحكم وقضوا بالكذب.
أخبرني جعفر بن محمد؛ قال: حدثنا قتيبة بن سعيد؛ قال: حدثنا خلف بن خليفة عن منصور بن زاذان عن الحكم عن أبي وائل؛ قال: قال مسروق: القاضي إذا أكل الهدية أكل السحت وإذا قبل الرشوة بلغ به الكفر.
أخبرني أبو بكر بن الحسن؛ قال: حدثنا محمد بن المثنى؛ قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن قرة عن الحسن أكالون للسحت؛ قال: الرشا.
أخبرنا حميد بن الربيع؛ قال: حدثنا محمد بن يزيد عن جويبر عن الضحاك أكالون للسحت؛ قال: الرشا.
53

حدثنا محمد بن الجهم النحرى؛ قال: حدثنا جعفر بن عون عن يحيى ابن سعيد الأنصاري عن عبد الله بن هبيرة شيخ من أهل اليمن؛ وأكلهم السحت؛ قال: الرشوة في الحكم.
أخبرنا إسماعيل بن إسحاق عن عبد الله بن إسماعيل عن عبد الرحمن ابن زيد؛ ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا؛ قال ابن يزيد: لا يأكل السحت على كتابي.
حدثنا أحمد بن محمد البرتي؛ قال: حدثنا أبو حذيفة عن شبل عن أبي نجيح عن مجاهد أكالون للسحت: الرشوة في الحكم.
كتب إلينا عبد العزيز بن الحسن بن بكر بن الشرود اليماني عن أبيه عن جده عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه أكالون للسحت؛ يقول: الرشوة في الحكم.
أخبرني محمد بن موسى الخياط الرازي؛ قال محمد بن علي المروزي؛ قال: أخبرنا محمد بن مزاحم؛ قال: حدثنا بكير بن معروف عن مقاتل بن حسان؛ أكالون للسحت قال: كعب بن الأشرف كان يتحاكم إليه فيرتشى.
((طريق أخذ الرشوة في بني إسرائيل))
حدثنا محمد بن إبراهيم بن حماد؛ قال: حدثنا مسلم؛ قال: حدثنا مبارك عن الحسن؛ أن بني إسرائيل كان إذا أتى اثنان منهم إلى
54

الحاكم فكان مع أحدهما رشوة في كمه يفتح صاحب الرشوة كمه فإما يسمع كلامه ويقضى له فأنزل الله عز وجل سماعون للكذب أكالون للسحت.
((أخذ الرشوة يطمس البصر))
أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا عمر بن عاصم الكلابي؛ قال: حدثنا عبد الملك بن معن النهشلي عن نصر بن حسان؛ جد معاذ عن حصين العنبري؛ جد عبيد الله بن الحسن؛ قال: رأيت عامر بن عبد قيس في المسجد في الشام وكعب إلى جنبه وبينهما سفر من أسفار التوراة وكعب يقرؤه فإذا أتى على شيء يعجبه فسره؛ فأتى على شيء كهيئة الرأي أو الرأي؛ فقال: يا عبد الله تدرى ما هذا؟ قال: لا يا أبا إسحاق؛ قال: هذه الرشوة أخذها يطمس البصر ويطبع القلب.
حدثني محمد بن عبد النور المصري؛ قال: حدثنا ابن الأصفهاني؛ قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير عن يونس ابن أبي إسحاق عن أبيه؛ قال: مكتوب في الحكمة الرشوة تعور عين الحكيم.
((عمر ومن كان يهدي إليه))
حدثنا علي بن حرب الموصلي؛ قال: حدثنا إسماعيل بن ريان الطائي
55

عن أبي زياد الفقيمي عن أبي حريز عن الشعبي أن رجلا كان يهدى إلى عمر بن الخطاب كل عام رجل جزور خاصم إليه يوما؛ فقال: يا أمير المؤمنين اقض بيننا قضاء فصلا كما يفصل الرجل من سائر الجزور؛ فقضى عمر عليه وكتب إلى عماله؛ ألا إن الهدايا هي الرشا فلا تقبلن من أحد هدية.
حدثنا عبد الله بن محمد بن أيوب المخرمي؛ قال: حدثنا داود بن المحبر؛ قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري عن الحسن قال: إذا دخلت الهدية من باب خرجت الأمانة
من الروزنة.
حدثني أحمد بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات الكاتب؛ قال: حدثني أبو زيد أن عبد الملك بن مروان كتب إليه في قاض ارتشى؛ فكتب إليه عبد الملك:
((بيتان كتب بهما عبد الملك في قاض ارتشى))
* إذا رشوة حلت ببيت تولجت
* لتدخل فيه والأمانة فيه
*
* سعت هربا منها وولت كأنها
* تولى حكيم عن جواب سفيه
*
56

أخبرنا الجرجاني؛ قال: أخبرنا عبد الرزاق؛ قال: أخبرنا الثوري عن أبي حصين عن شريح؛ قال: لعن الله الراشي والمرتشي.
((قصة ابن اللتبية))
((خطبة الرسول عليه السلام))
حدثنا أحمد بن منصور؛ قال: حدثنا عبد الرزاق؛ قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن أبي حميد الساعدي؛ قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم ابن اللتبية رجلا من الأزد على الصدقة؛ فجاء بالمال فدفعه إلى النبي عليه السلام؛ فقال: هذا ما لكم وهذه هدية أهديت إلي؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فتنظر أيهدى إليك أم لا؟ ثم قام النبي عليه السلام خطيبا؛ فقال: ما بال أقوام نستعملهم على الصدقة فيقولون: هذا لكم وهذه هدية إلى أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا؟.
57

حدثنا إبراهيم بن هانئ؛ قال: حدثنا الحارث بن منصور؛ قال: حدثنا سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي حميد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
أخبرني مفضل بن محمد؛ قال: حدثنا محمد بن يوسف عن أبي قرة: قال: ذكر ابن جريج عن هشام عن أبي حميد عن النبي صلى الله عليه وسلم ونحوه.
أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان؛ قال: حدثنا أسباط ابن محمد عن الشيباني عن عبد الله بن ذكوان عن عروة عن أبي حميد عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه.
حدثني محمد بن عثمان؛ قال: حدثنا سفيان بن بشر؛ قال: حدثنا عمرو ابن ثابت عن حبيب عن عروة عن أبي حميد عن النبي عليه السلام بمعناه.
حدثنا عباس بن محمد؛ قال: حدثنا خالد بن مخلد؛ قال: حدثنا عبد الله ابن عمر؛ قال: سمعت يزيد بن رومان يحدث عن عروة عن أبي حميد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه.
حدثنا محمد بن الحسن الأصبهاني؛ قال: حدثنا بكر بن بكار؛ قال: حدثنا عبد الله بن عمر نحوه.
58

((هدايا العمال غلول))
حدثنا الرمادي؛ قال: حدثنا محمد بن بكار وحدثني أبو خيثمة العباس ابن الفضل؛ قال: حدثنا بشر بن آدم؛ قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن عروة عن أبي حميد عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: هدايا العمال غلول.
حدثني أحمد بن عبيد الله بن إدريس؛ قال: حدثنا أحمد بن معاوية بن بكر؛ قال: حدثنا النضر بن شميل؛ قال: حدثنا ابن عون عن محمد عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام؛ قال: هدايا الأمراء غلول.
حدثنا الزعفراني؛ قال: حدثنا أبو نعيم؛ قال: حدثنا سعيد بن عبيد الطائي عن علي بن ربيعة؛ أن عليا استعمل رجلا من بني أسد يقال له ضبيعة ابن زهير؛ فلما قضى عمله أتى عليا بجراب فيه مال؛ فقال: يا أمير المؤمنين إن قوما كانوا يهدون لي حتى اجتمع منه مال فها هو ذا فإن كان لي حلالا أكلته وإن كان غير ذاك فقد أتيتك به؛ فقال على: لو أمسكته
59

لكان غلولا؛ فقبضه منه وجعله في بيت المال.
حدثنا عبد الله بن محمد بن أيوب؛ قال: حدثنا أيوب بن سويد الرملي قال: حدثنا ابن شوذب عن عامر بن عبد الواحد؛ قال: كنت قاعدا في مجلس عطاء بن أبي رباح؛ فأتاه شيخ هو أكبر منه فرحب به عطاء؛ فأنشأ الشيخ يحدث؛ قال: حدثتني بنت الصديق؛ أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما عامل ازداد في عمله فوق رزقه الذي قدر له فهو غلول.
حدثني العباس بن الفضل أبو خيثمة؛ قال: حدثنا أبو نعيم؛ قال: حدثنا حفص بن غياث عن ليث بن سليم عن عطاء عن جابر عن النبي عليه السلام؛ قال: هدايا الأمراء غلول.
حدثني أبو خيثمة الزعفراني؛ قال: حدثنا بشر بن آدم؛ حدثنا حفص عن ليث عن عطاء عن جابر؛ قال: هدايا الأمراء غلول.
حدثنا أبو يعلى المسمعي؛ قال: حدثنا أبو عاصم عن سفيان عن أبان البصري عن أبي نضرة عن جابر؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هدايا الأمراء غلول.
60

((باب القضاء والأعمال يستعان عليها بالشفاعات))
((سؤال القضاة والشفاعة عليه))
حدثنا يعقوب بن إسحاق أبو يوسف القلوسى؛ قال: حدثنا يحيى بن غيلان قال: حدثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن بلال بن مرداس
61

عن خيثمة عن أنس أن النبي عليه السلام قال: من سأل القضاء وابتغى عليه الشفاعة وكل إلى نفسه ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكا يسدده.
حدثناه عباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا يحيى بن حماد؛ قال: حدثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى الثعلبي عن بلال بن مرداس الفزاري عن خيثمة عن أنس عن النبي عليه السلام نحوه.
حدثنا الحسن بن الحسن بن مسلم الحيري وأحمد بن ملاعب بن حسان؛ قال: حدثنا أبو غسان وحدثني محمد بن عبد الله بن الحارث؛ قال: حدثنا الحارث بن منصور؛ قالا: حدثنا إسرائيل عن عبد الأعلى عن بلال.
قال الحيري: بلال بن أبي بردة عن أنس وقال ابن ملاعب: بلال رأى موسى عن أنس وقال الحارث بن منصور: بلال قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه ومن لم يطلب ولم يستعن عليه أنزل عليه ملك يسدده.
62

حدثنيه خطاب بن إسماعيل؛ قال: حدثنا أبو بكر؛ قال: حدثنا وكيع؛ قال: حدثنا إسرائيل عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي عن بلال بن أبي بردة عن أنس بن مالك؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سأل القضاء وكل إلى نفسه ومن جبر عليه نزل عليه ملك فسدده.
حدثني أحمد بن يوسف الثعلبي؛ قال: حدثنا سعيد بن داود بن أبي زنبر؛ قال: حدثنا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الشأن حتى يقع فيه.
حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد؛ قال: حدثنا عمى؛ قال: حدثنا عبد المطلب؛ قال: حدثنا عبد الله بن شبرمة الكوفي عن إسماعيل
63

ابن أبي خالد عن الحسن؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة: يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها.
حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني؛ قال: حدثنا علي بن بكر بن بكار؛ قال: حدثنا أبو حرة عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
حدثنا علي بن حرب وعبد الله بن محمد بن شاكر؛ قال: حدثنا أبو داود الحفرى عن مسعر عن علي بن زيد عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة وحدثناه مربع؛ قال: حدثنا مصعب بن عبد الله؛ قال: حدثنا الدراوردي عن عبد الله بن عمر عن يونس بن عبيد؛ قال: حدثنا بقية عن يونس ابن عبيد عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة.
وحدثنا مربع؛ قال: حدثنا عبد الله بن عمر؛ قال: حدثنا أبو يحيى التيمي عن الأعمش عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة؛ وحدثنا العلاء بن سالم الحذاء؛ قال:
64

حدثنا يزيد بن هارون عن شريك عن سماك عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة وحدثنا إسماعيل؛ قال: حدثنا محمد بن عبيد؛ قال: حدثنا حماد بن زيد؛ قال: حدثنا يونس بن عبيد وسماك بن عطية وهشام عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة وحدثنا الحسن بن منيب الباوردي؛ قال: حدثنا عبدان بن عثمان؛ قال: حدثنا ابن المبارك عن حميد عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة وحدثني إبراهيم بن راشد الآدمي؛ قال: حدثنا أبو ربيعة؛ قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت وعلي بن زيد وحبيب بن الشهيد وحميد عن الحسن عن عبد الرحمن ابن سمرة. وحدثنا أحمد بن الحارث الخراز؛ قال: حدثنا أزهر السمان عن ابن عون عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: لعبد الرحمن ابن سمرة. وحدثني ربيعة بن ماهان؛ قال: حدثنا سليمان بن حرب؛ قال: حدثنا جرير بن حازم عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة. ورواه غير هؤلاء وإنما كتبت ما حفظت؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل الحديث الأول.
حدثنا جعفر بن محمد بن ربال أبو عبد الله الربالى؛ قال: حدثنا يحيى ابن سعيد القطان؛ قال: حدثنا قرة بن خالد السدوسي عن حميد بن هلال عن أبي بردة عن أبي موسى؛ قال: دخلت على النبي صلى الله
65

عليه وسلم؛ أنا ورجلان من الأشعريين؛ أحدهما عن يميني والآخر عن يساري ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك؛ فكلاهما سأل العمل؛ فقال: لا ولن نستعمل على عملنا من يطلبه.
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا حجاج بن نصير؛ قال: حدثنا شداد بن سعيد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه؛ قال: رحت أو غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فصحبنى رجلان لا أعرفهما؛ قال؛ فدفعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد يستاك؛ فسلمنا على رسول الله؛ فقال الرجلان: يا رسول الله: استعملنا على بعض أعمالك فإن عندنا خيرا وأمانة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا نستعمل على عملنا هذا من طلبه أو أراده.
وحدثني عبد الله بن الحسن؛ قال: حدثنا وهب؛ قال: حدثنا خالد عن إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه عن بشر بن قرة الكلبي عن أبي بردة عن أبي موسى؛ قال: انطلقت مع رجلين إلى النبي عليه السلام فتشهد أحدهما ثم قال: جئنا لتستعين بنا على عملك؛ وقال الآخر مثل قول صاحبه؛ فقال: إن أخونكم عندنا من طلبه. فاعتذر أبو موسى إلى النبي عليه السلام وقال: لم أعلم بما جاءا له فلم يستعن بهما على شيء حتى مات.
حدثنا الرمادي؛ قال: حدثنا عبد الرزاق؛ قال: أخبرنا الثوري
66

عن إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي عليه السلام بمثله
قال أبو بكر: لم يدخل بينهما بشر بن قرة
حدثنا حسين بن جعفر البرجمي؛ قال: حدثنا عبيد بن يعيش؛ قال: حدثنا حسن بن عطية عن قيس عن ابن خالد عن بشر بن قرة عن أبي بردة عن أبي موسى؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخونكم عندنا أحرصكم على عملنا
حدثنا الدقيقي؛ قال: حدثنا يزيد؛ قال: أخبرنا قيس عن عبد الملك ابن عمير عن أبي بردة عن أبيه قال: دخلت على النبي أنا ورجل من قومي؛ فسأل رسول الله أن يستعمله؛ فقال: يا عبد الله بن قيس وأنت تقول ذلك!؟ قلت: لا يا رسول الله ما علمت أنه يريد هذا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نستعمل على عملنا من يحرص عليه
حدثنا علي بن الحسن الخراز؛ قال: حدثنا سليمان بن حرب عن عمر بن علي بن مقدم عن ابن عميس عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا لا نستعين في عملنا من سألناه
حدثنا عبد الله بن محمد بن شاكر؛ قال: حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى؛ دخلت على النبي أنا ورجلان من بني عمي؛ فقال أحدهما: يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله؛ فقال الآخر مثل هذا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي والله لا أولى أحدا سأله ولا حرص عليه.
67

((ما جاء فيمن استعمل رجلا وفي الناس من هو أعلم منه أو استعمل رجلا فاجرا))
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا عمرو بن خالد الحراني؛ قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن جيش بن قيس الرحبي عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ولى أحدا من المسلمين وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه فقد خان الله ورسوله.
68

أخبرني عبد الله بن محمد بن الحسن؛ قال: حدثنا إسحاق بن راهويه. قال: حدثنا عيسى بن يونس؛ قال: حدثنا حريز بن عثمان عن النضر بن شفى عن عمران بن سليم؛ قال: قال عمر: من استعمل فاجرا وهو يعلم أنه فاجر فهو فاجر مثله.
أخبرني أبو بكر بن الحسن؛ قال: حدثنا عمرو بن عثمان؛ قال: حدثنا بقية؛ قال: حدثنا صفوان بن عمرو؛ قال: حدثني أبو اليمان الهوزني؛ أن أبا سعد الخير قال: قال عمر: لا يستعمل الفاجر إلا فاجر.
أخبرني أبو بكر؛ قال: حدثنا عمر بن عثمان؛ قال: حدثنا أبي عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن زياد بن نعيم عن ابن عمر قال: لا يولى الخائن إلا خائن.
أخبرني عبد الله بن محمد بن حسن؛ قال: حدثنا إسحاق بن راهويه؛ قال: حدثنا روح بن عبادة عن السري بن يحيى؛ قال: حدثنا مالك بن دينار؛ قال: سأل رجل وهب بن منبه عن رجل استعمل على عمل ففرض له رزق فلم يعد الذي فرض له؛ قال وهب: إني سأضرب لك مثلا؛ أخبرني عن رجل تلصص زمانا حتى إذا كبر وجلس في بيته أتاه شاب؛ فقال: إنك قد جربت اللصوصية
69

فعلمني فما أصبت من شيء فبيني وبينك؛ فقال له الشيخ: إني أخاف أن أعلمك فتصيب فلا تقسم لي: فجعلا بينهما أمينا ما أصاب من شيء بين الشيخ واللص والأمين أي هؤلاء شر؟ قال: كلهم سواء.
((صفة القضاة ومن ينبغي أن يستعمل على القضاء))
((وما ينبغي للقاضي أن يعمل إذا تقلد القضاء))
((ما ينبغي أن يكون في القاضي من خصال))
حدثنا أحمد بن عمر بن بكير بن ماهان؛ قال: حدثنا أبي؛ قال: حدثنا الهيثم بن عدي عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر؛ قال: قال عمر بن الخطاب: ينبغي أن يكون في القاضي خصال ثلاث؛ لا يضائع ولا يضارع ولا يتبع المطامع.
((كتاب عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري))
حدثني علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب؛ قال: حدثنا إبراهيم ابن بشار؛ قال: حدثنا سفيان؛ قال: حدثنا إدريس أبو عبد الله بن إدريس؛ قال: أتيت سعيد بن أبي بردة فسألته عن رسائل عمر بن الخطاب التي كان يكتب بها إلى أبي موسى الأشعري وكان أبو موسى قد أوصى إلى أبي بردة وأخرج إلي كتابا؛ فرأيت في كتاب منها: أما بعد؛
70

فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدلى إليك؛ فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له واس بين الاثنين في مجلسك ووجهك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا يأيس وضيع (وربما قال ضعيف) من عدلك: الفهم الفهم فيما يتلجلج في صدرك (وربما قال في نفسك) ويشكل عليك؛ ما لم ينزل في الكتاب ولم تجر به سنة وآعرف الأشباه والأمثال ثم قس الأمور بعضها ببعض فانظر أقر بها إلى الله وأشبهها بالحق فاتبعه واعمد إليه لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت
71

فيه نفسك وهديت فيه لرشدك فإن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا حدا أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا في
ولاء قرابة واجعل لمن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهي إليه أو بينة عادلة؛ فإنه أثبت للحجة وأبلغ في العذر فإن أحضر بينة إلى ذلك الأجل أخذ بحقه وإلا وجهت عليه القضاء. البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. إن الله تبارك وتعالى تولى منكم السرائر ودرأ عنكم الشبهات وإياك والغلق والضجر والتأذي بالناس والتنكر للخصم في مجالس القضاء التي يوجب الله فيها الأجر
72

ويحسن فيها الذخر. من حسنت نيته وخلصت فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس والصلح جائز فيما بين الناس إلا ما أحل حراما أو حرم حلالا؛ ومن تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك شانه الله فما ظنك بثواب غير الله في عاجل دنيا وآجل آخرة والسلام.
73

((كتاب عمر لمعاوية))
حدثنا إبراهيم بن محسن بن معدان المروزي؛ قال: أخبرنا عبيدة بن حميد؛ قال: حدثنا حفص بن صالح أبو عمر الأسدي عن الشعبي؛ قال: كتب عمر بن الخطاب إلى معاوية وهو أمير بالشام: أما بعد فإني
74

كتبت إليك في القضاء بكتاب لم آلك فيه ونفسي خيرا فالزم خصالا يسلم دينك وتأخذ بأفضل حظك عليك؛ إذا حضر الخصمان فالبينة العدول والايمان القاطعة؛ أدن الضعيف حتى يجترى قلبه وينبسط لسانه وتعاهد الغريب فإنه إن طال حبسه ترك حقه وانطلق إلى أهله وإنما أبطل حقه من لم يرفع به رأسا واحرص على الصلح بين الناس ما لم يستبن لك القضاء
((لا يصلح بين الخصوم إذا تبين له القضاء))
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عطاء؛ قال: لا ينبغي للقاضي إذا تبين له القضاء أن يصلح بينهم.
((من أغلق بابه دون ذوى الحاجة))
حدثنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي وغيره عن مسلم بن إبراهيم عن سعد بن زيد عن علي بن الحكم عن أبي الحسن الجزري عن عمرو بن مرة الجهني (وكانت له صحبة)؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما وال أغلق بابه دون ذوى الخلة والحاجة أغلق الله رحمته عنه عند خلته وحاجته.
75

((وجوب القضاء بما في كتاب الله))
حدثنا علي بن شعيب السمسار؛ قال: حدثنا عبد الله بن نمير؛ قال: حدثنا الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه؛ قال: قال عبد الله: من كان منكم قاضيا فليقض بما في كتاب الله فإن جاءه ما ليس في كتاب الله فليقض بما قال رسول الله فإن جاءه ما لم يقل رسول الله فليجتهد فإن لم يفعل فليفر ولا يستحي.
((لا يستقضى إلا ذو المال والحسب))
حدثنا الحارث بن محمد؛ قال: حدثني خالي عمر بن الصلت؛ قال: حدثنا الحسن بن قتيبة عن القطان بن سفيان عن أبيه؛ قال: قرأت كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى: لا تستقضين إلا ذا مال وذا حسب؛
76

فإن ذا المال لا يرغب في أموال الناس وإن ذا الحسب لا يخشى العواقب بين الناس.
أخبرني الحسن بن أبي فضل المقرى؛ قال: حدثنا محمد بن حميد؛ قال: حدثنا الحكم بن بشير بن سليمان عن عمر بن قيس؛ قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة؛ أما بعد؛ فإن رأس القضاء أتباع ما في كتاب الله ثم القضاء بسنة رسول الله ثم حكم الأئمة الهداة ثم استشارة ذوي الرأي والعلم وألا تؤثر أحدا على أحد وأن تحكم بين الناس وأنت تعلم ما تحكم به ولا تقس؛ فإن القايس في الحكم بغير العلم كالأعمى الذي يعشو في الطريق ولا يبصر؛ فإن أصاب الطريق أصاب بغير علم وإن أخطأه فقد نزل بمنزله ذاك حين أتى بما لا علم له فهلك وأهلك من معه فما أتاك من أمر تحكم فيه بين الناس لا علم لك به فسل عنه من تعلم؛ فإن السائل عما لا يعلم من يعلم أحد العالمين.
حدثنا محمد بن إسماعيل السلمى؛ قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسى؛ قال: حدثنا مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن؛ أن عمر ابن عبد العزيز قال: لا يصلح القاضي إلا أن تكون فيه خمس خصال؛ يكون صليبا نزها عفيفا حليما عليما بما كان قبله من القضاء والسنن.
77

حدثني عبد الله بن مسلم بن قتيبة؛ قال: حدثنا إسحاق بن راهويه؛ قال: حدثنا بشر بن المفضل؛ قال: حدثنا المغيرة بن محمد بن عبد العزيز؛ قال: لا ينبغي أن يكون الرجل قاضيا حتى تكون فيه خمس خصال؛ يكون عالما قبل أن يستعمل مستشيرا لأهل العلم ملقيا المرثع منصفا للخصم محتملا للأئمة.
قال ابن قتيبة: الرثع الدناءة وتطرف النفس إلى الدون من العطية
وقال الكسائي: الراثع الذي يرضى بالقليل من العطاء ويخادن أخدان السوء.
حدثني أبو قلابة الرقاشي؛ قال: حدثني أبي؛ قال: حدثنا عباد بن عباد عن مزاحم بن زفر؛ قال: قدمنا على عمر بن عبد العزيز؛ فسألنا عن بلدنا وعن أميرنا وعن قاضينا وقال: إن القاضي يحتاج أن يكون فيه أربع خصال فإن أخطأته واحدة كانت وصما: أن يكون ورعا وأن يكون عالما وأن يكون فهما وأن يكون سؤولا عما لا يعلم.
حدثنا أحمد بن عمر بن بكير؛ قال: حدثنا أبي؛ قال: حدثنا الهيثم
78

ابن علي عن أبي جناب عن الوليد بن سريع؛ قال: وجهني عبد الحميد ابن عبد الرحمن إلى عمر بن عبد العزيز بتقدير ديوان الكوفة؛ فقال لي: من قاضيكم؟ قلت: عامر الشعبي؛ قال: صاحب عبد العزيز بن مروان؟ قلت: نعم؛ قال: إن القاضي ينبغي أن يكون فيه خمس خصال فإن نقصت واحدة كانت وصمة العلم بما قبله والحكم عند الخصم والنزاهة عند المطمع والاحتمال للأئمة ومشاورة ذي العلم.
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال حدثنا علي بن عبد الله؛ قال: حدثنا سفيان عن ابن شبرمة؛ قال: كتب ابن هبيرة ناسا فكنت فيهم؛ منصور بن حيان الأسدي وطلحة بن مصرف؛ ولم يحضر طلحة؛ فقال: أين طلحة؟ فقال رجل منهم: لم يحضر؛ قال: فقوموا؛ فإنه لا يصلح لهذا الأمر إلا الفقيه العالم الورع الصارم.
حدثني عبد الله بن أبي الدنيا؛ قال: حدثنا محمد بن أبي عمر قال: حدثنا سفيان عن ابن شبرمة عن أبي هريرة: قال لا ينبغي للقاضي إلا أن يكون عالما فهما صارما.
حدثني عبد الله بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن إدريس؛ قال:
79

حدثنا هشام عن يحيى بن حمزة عن ابن أبي غيلان عن الزهري قال: ثلاث إذا كن في القاضي فليس بقاض؛ إذا كره للوائم وأحب الحمد وكره العزل.
وقال ابن أبي غيلان عن ابن موهب؛ قال: ثلاث إذا لم تكن في القاضي فليس بقاض؛ يشاور إن كان عالما ولا يسمع شكية من أحد ليس معه خصم ويقضي إذا فهم.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن حبش؛ قال: حدثنا أبو الأصبع ضمرة بن ربيعة عن رجاء بن أبي سلمة عن يزيد بن عبد الله بن موهب؛ قال: من أحب المال والشرف وخاف الدوائر لم يعدل.
قال رجاء: وكانوا إذا خوفوا يزيد بن عبد الله بن موهب بالعزل (وكان على قضاء فلسطين) يقول لهم: أليس في زيتا (قرية لهم) خبز وزيت؟ سأرجع إليه!
حدثني محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: حدثنا أحمد بن عيسى؛ قال: حدثنا ابن أبي وهب عن مالك أنه سمع ابن هرمز يقول: لا ينبغي للرجل أن يكون قاضيا حتى يأتي إلى من ينويه فيقول: إني قد دعيت إلى القضاء؛ أفأهل لذلك أنا؟.
80

حدثني عبد الله بن المفضل؛ قال: حدثني أبي؛ قال: قال النعمان بن ثابت؛ لا ينبغي أن يستقضى إلا رجل صدق تجرز شهادته. فقال محمد بن الحسن: لا يجوز حكم قاض إلا عدل جائز الشهادة.
((عزل عمر لقاض لم يحكم بين الخصمين))
حدثني جعفر بن محمد؛ قال: حدثنا قتيبة بن سعيد؛ قال: حدثنا معن ابن عيسى عن جرير بن حازم عن أنس بن سيرين؛ أن عمر استعمل قاضيا فاختصم إليه رجلان في دينار فحل القاضي دينارا فأعطاه المدعي؛ فقال عمر: اعتزل قضاءنا.
حدثنا الفضل بن موسى بن قيس؛ قال: حدثنا عون بن كهمس؛ قال: حدثني أبي عن عبد الله بن بريدة؛ قال: شتم رجل ابن عباس؛ فقال: أيشتمني وإني لأسمع بالحكم
من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به ولعلي الا أقاضي إليه أبدا؟
((ما جاء في ألا يقضي القاضي وهو غضبان))
((لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان))
أخبرني علي بن حرب؛ قال: سمعت ابن عيينة يقول: عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: لا ينبغي للقاضي أن يقضي بين اثنين وهو غضبان.
وحدثنا العباس بن محمد بن حاتم؛ قال محمد بن بشر العبدي: حدثنا
81

أبو بكر الرمادي؛ قال: حدثنا يزيد بن أبي حكيم موسى بن صالح العطار؛ قال: حدثنا أبو عاصم النبيل. وحدثني أحمد بن عبد الله الحداد؛ قال: حدثنا محمد بن كثير. كلهم عن سفيان بن سعيد الثوري عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقضي الحكم بين اثنين وهو غضبان.
حدثنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي؛ قال: حدثنا أبو الوليد؛ قال: حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير؛ قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي بكرة: أن أبا بكرة كتب إلى ابنه بسجستان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقضي الرجل بين اثنين وهو غضبان.
حدثني محمد بن علي المروزي؛ قال: أخبرني سهل بن عمار؛ قال: حدثنا عمر بن عبد الله عن سفيان بن حسين عن أبي بشر عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة عن أبيه: أنه كتب إلى سجستان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان.
حدثنا أبو صالح مقاتل بن صالح المطرز؛ قال: حدثنا أحمد بن عبد الله ابن يونس؛ قال: حدثنا زهير عن عباد بن كثير عن أبي عبد الله عن عطاء بن يسار عن أبي سلمة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فلا يقضي بين اثنين وهو غضبان.
82

((لا يقضي القاضي إلا وهو ريان شعبان))
حدثنا أبو قلابة؛ قال: حدثنا أبي؛ قال: حدثنا القاسم بن عبد الله بن عمر؛ قال: حدثنا أبو طوالة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقضي القاضي إلا وهو ريان شبعان.
حدثني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد؛ قال: حدثتني عمة أبي أم أبيها بنت موسى عن أبيها موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عليه السلام؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقضي أحد وهو غضبان.
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا عبد الرزاق؛ قال: أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين؛ أن عمر قال لابن مسعود: إنه بلغني أنك تقضي ولست بأمين؛ قال: بلى؛ قال: فول حارها من تولى قارها.
83

((ذكر قضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم))
((علي بن أبي طالب صلوات الله عليه))
((بعث علي رضي الله عنه إلى اليمن))
حدثنا الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي؛ قال: حدثنا عمر بن عبد الرحمن أبو حفص الآبار عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي بن أبي طالب عليه السلام؛ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم
84

إلى اليمن؛ فقلت: يا رسول الله إنك تبعثني وأنا حديث السن لا علم لي بالقضاء؛ قال: انطلق فإن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك؛ قال: فما شكيت في قضاء بين اثنين.
حدثنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي؛ قال: حدثنا بشر بن عمر الزهراني؛ قال: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري؛ قال: حدثني من سمع عليا؛ فذكر نحوه.
أخبرني جعفر بن محمد بن سعيد البجلي في كتابه أن حسن بن حسين العرني حدثهم؛ قال: حدثنا عمرو بن ثابت عن عبدان بن جامع عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي؛ قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فذكر نحوه.
حدثنا زهير بن محمد بن قمير؛ قال أخبرنا خالد بن الوليد؛ قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي عليه السلام؛ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن؛ فقلت: إنك تبعثني إلى قوم هم أشد مني أقضي فيهم؛ قال: اذهب فإن الله سيثبت لسانك ويهدي قلبك.
حدثنا أحمد بن موسى بن إسحاق الحرامي؛ قال: حدثنا عمر بن طلحة القيار؛ قال: حدثنا أسباط بن نصر عن سماك عن حنش عن علي؛
85

قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن؛ فقلت: إنك تبعثني وأنا حديث السن لا علم لي بكثير من القضاء فضرب صدري وقال: اذهب فإن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك؛ قال: فما أعيا على قضاء.
حدثني داود بن يحيى الدهقان؛ قال: حدثنا عباد؛ قال: حدثنا عاصم ابن حميد النخعي عن سماك عن حنش عن علي مثله.
حدثني الحسين بن محمد البجلي؛ قال: حدثنا عباد بن يعقوب؛ قال: حدثنا علي بن هاشم عن سليمان بن قرم عن سماك عن حنش عن علي عن النبي عليه السلام بنحوه.
حدثنا عبد الملك بن عبد الله الرقاشي؛ قال: حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل وحدثنا الفضل بن محمد؛ قال: حدثنا قريش بن إسماعيل؛ قالا؛ حدثنا شريك عن سماك عن حنش عن علي؛ قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم قاصدا إلى اليمن فبعثني إلى قوم ذوي أسنان وأنا حدث فقال: إذا جلس إليك الخصمان فاسمع من هذا كما تسمع من هذا؛ قال: أبو غسان: فلا تقض للأول حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول؛ فما زلت قاضيا بعده.
أخبرني جعفر بن محمد بن مروان الغزال في كتابه؛ أن أباه حدثه؛ قال: حدثنا مخلد بن شداد عن يحيى بن عبد الرحمن الأزرق عن أبان بن تغلب عن سماك بن حرب عن حنش بن المعتمر عن علي؛ قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال لي: يا علي إذا أتاك الخصمان فلا تقض لأحدهما حتى تسمع كلام الآخر؛ فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء؛ قال علي: فما زلت قاضيا.
86

أخبرني سهل؛ قال: حدثنا مؤمل بن إسماعيل عن سفيان عن علي بن الأقمر عن أبي جحيفة عن علي؛ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن؛ فقلت: إنك تبعثني إلى قوم يسألونني ولا علم لي؛ قال: فوضع يده على صدري وقال: إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا قعد بين يديك الخصمان فلا تقض حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبين لك؛ قال علي: فما زلت قاضيا وما شككني في قضاء بعد.
حدثنا العباس بن محمد بن حاتم؛ قال: حدثنا عبد الصمد بن النعمان؛ قال: حدثنا ورقاء (وهو ابن عمر) عن مسلم (وهو الأعور) عن مجاهد عن ابن عباس؛ قال: بعث النبي عليه السلام عليا إلى اليمن؛ فقال: علمهم الشرائع واقض بينهم؛ قال: لا علم لي بالقضاء؛ قال: فنخس في صدري وقال: اللهم اهده للقضاء.
أخبرني محمد بن علي بن الحسن الحسنى؛ قال: حدثنا محمد بن مروان قال: حدثنا عبيد بن خنيس؛ قال: حدثنا صباح المزنى عن مسلم عن مجاهد عن بريدة بن حصيب؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى اليمن يعلمهم الشرائع ويقضى بينهم؛ فقال علي: ليس لي علم بالقضاء؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادنه فدنا فوضع يده بين
87

ثدييه وقال: اللهم اهده للقضاء.
أخبرني الحسين بن محمد البجلي؛ قال: حدثنا عباد بن يعقوب؛ قال: حدثنا علي بن هاشم عن محمد بن عبد الله عن عون بن عبيد الله عن أبيه عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعث عليا إلى اليمن عاملا عليها أقطعه القضاء فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدره وقال: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه وأعطه فهم ما يخاصم إليه فيه.
أخبرني محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي؛ قال: حدثنا محمد بن يحيى ابن فياض؛ قال: حدثنا محمد بن الحارث عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه
عن ابن عمر؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقضي أمتي علي.
((علي أقضى الأمة))
حدثنا السرى بن عاصم أبو سهل؛ قال: حدثنا بشر بن زاذان أبو أيوب؛ قال: حدثنا عمر بن الصبح عن بريد بن عبد الله عن مكحول عن شداد بن أوس؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقضى أمتي علي.
حدثنا محمد بن إشكاب؛ قال: حدثنا وهب بن جرير؛ قال: حدثنا شعبة عن حبيب بن الشهيد عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال: قال عمر: أقضانا علي
حدثنا أحمد بن زهير؛ قال: حدثنا خلف بن الوليد؛ قال: حدثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: قال عمر: علي أقضانا.
حدثنا أحمد بن موسى الحرامى قال حدثنا عمر بن طلحة؛ قال: حدثنا
88

أسباط عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: قال عمر: على أقضانا.
حدثني القاسم بن محمد بن حماد القرشي عن عمر بن طلحة القيار عن عبيد الله بن المهلب عن المنذر بن زياد عن ثابت عن أنس؛ قال: قال عمر لرجل: اجعل بيني وبينك من كنا أمرنا - إذا اختلفنا في شيء - أن نحكمه؛ يعني عليا.
أخبرنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا خالد بن مخلد؛ قال: حدثنا يزيد بن عبد الملك عن علي بن محمد بن ربيعة عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة؛ قال: قال عمر: على أقضانا.
حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان؛ قال: حدثنا ابن آدم؛ قال: حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة؛ قال: قال عبد الله بن مسعود: اقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب.
حدثنا أبو سعيد؛ قال: حدثنا يحيى بن آدم؛ قال: حدثنا مندل العنزي عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن عبيد الله؛ قال: ما تقولون؟ إن أعلم أهل المدينة علي.
حدثنا أبو سعيد؛ قال: حدثنا يحيى بن آدم؛ قال: حدثنا أبو زبيد عن مطرف عن أبي إسحاق مثله عن سعيد عن عبد الله مثله.
89

أخبرني داود بن يحيى الدهقان؛ قال: حدثنا أزهر بن جميل؛ قال: حدثنا أبو بحر ميمون بن أبي حمزة عن إبراهيم عن خيثمة؛ قال: قال أبو هريرة اقضى أهل المدينة علي.
حدثنا أحمد بن ملاعب بن حسان وأحمد بن موسى الحرامى؛ قالا: حدثنا عمر بن طلحة القيار؛ قال: حدثنا أسباط بن نصر عن سماك
90

عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: إذا بلغنا شيء تكلم به على قضاء أو فتيا لم نجاوزه إلى غيره.
حدثنا علي بن حرب الموصلي؛ قال: حدثنا ابن فضيل؛ قال: سمعت ابن شبرمة يقول: إذا ثبت لنا الحديث عن علي أخذناه وتركنا ما سواه
((ذكر قضايا علي بن أبي طالب عليه السلام باليمن))
((على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم))
((طريق قضاء على في نسب ولد))
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني وعلي بن سهل بن المغيرة؛ قالا: حدثنا محاضر بن المورع؛ قال: حدثنا أجلح عن الشعبي عن عبد الله الحضرمي عن زيد بن أرقم؛ قال: بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من أهل اليمن وعلى يومئذ بها فجعل يحدث النبي صلى الله عليه وسلم: أتي بامرأة وطئها ثلاثة في طهر واحد فسأل اثنين أن يقرا بهذا الولد فلم يقرا ثم سأل اثنين اثنين أن يقرا بهذا الولد فلم يقرا حتى فرغ يسأل اثنين اثنين غير واحد فلم يقروا. فأقرع بينهم؛ فألزم الولد الذي خرجت عليه القرعة وجعل عليه ثلثي الدية فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه.
91

هكذا قال محاضر عن أجلح عن الشعبي عن عبد الله بن علي الحضرمي وخالفه غيره.
حدثنا الحسن بن يحيى بن أبي الربيع الجرجاني؛ قال: أخبرنا عبد الرزاق؛
92

قال: أخبرنا سفيان الثوري عن أجلح عن الشعبي عن عبد خير الحضرمي عن زيد بن أرقم عن النبي عليه السلام وعلي ابن أبي طالب بمثله. وهذا أيضا خالف الناس ولم يقل عبد خير غير عبد الرزاق عن الثوري.
فحدثناه أحمد بن علي المقرى؛ قال: حدثنا علي بن شبرمة الجاري؛ قال: حدثنا شريك عن جابر عن عامر؛ وأجلح عن عامر عن أبي الخليل عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلي بمثل ذلك.
وحدثني محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي؛ قال: حدثنا جبارة الحماني؛ قال: حدثنا قيس عن جابر وأجلح عن الشعبي عن عبد الله بن الخليل عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلي بذلك.
قال أبو بكر: أقول ما قال شريك وقيس عن جابر وأجلح عن عبد الله بن الخليل وهو أبو الخليل الخليل؛ ووافقهما على هذه الرواية أبو إسحاق الشيباني وهو ثبت ووافقهما أيضا أبو بكر بن عياش.
حدثنا أحمد بن إسحاق أبو بكر الرقى صاحب السلعة والفضل بن يعقوب الرخامى؛ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الرقى قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن الشيباني عن الشعبي عن أبي الخليل عن زيد بن أرقم؛ قال: قدم رجل من اليمن فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره؛ ثم ذكر القصة وقال فيه: فقال علي: أنتم شركاء متشاكسون ثم اقرع بينهم.
حدثني أبو قلابة عن يحيى بن عبد الحميد عن أبي بكر بن عياش عن أجلح عن الشعبي عن عبد الله بن الخليل عن زيد بن أرقم عن النبي عليه السلام وعلي بذلك وقال: القضاء ما قضى. والذي قال الصغاني؛
93

عن عاصم عن عبد الله الحضرمي (ولم ينسبه إلى أبيه) صحيح.
وقال علي بن سهل: عبد الله بن علي؛ فهو وهم. وقد خلط في هذا الإسناد عن الشعبي جماعة من رواه عنه.
حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي؛ قال: حدثنا يزيد بن هارون؛ قال: أخبرنا محمد بن سالم عن الشعبي عن علي بن ذرى الحضرمي عن زيد ابن أرقم؛ قال: كنت عند النبي عليه السلام إذ أتاه كتاب من علي باليمن؛ فذكر أن ثلاثة نفر يختصمون في غلام وذكر نحوا من القصة وقال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال: لا أعلم فيها إلا ما قضى علي.
قال أبو بكر: محمد بن سالم في حديثه لين شديد؛ وقد قال داود الأودي غير هذا كله.
حدثنا أحمد بن علي الوراق؛ قال: حدثنا عبيد الله بن موسى؛ قال: أخبرا داود بن يزيد الأودي عن الشعبي عن أبي جحيفة؛ قال: سئل علي وهو باليمن في ثلاثة اختلفوا في غلام فأقرع بينهم فجعل الولد للقارع وجعل عليه ثلثي الدية فبلغ ذلك النبي عليه السلام فضحك حتى بدت نواجذه.
قال أبو بكر: هذا الحديث قالوا فيه عن الشعبي: أقاويل؛ فقال علي ابن سهل: عن محاضر عن أجلح عن الشعبي عن عبد الله بن علي الحضرمي وقال عبد الرزاق: عن الثوري عن أجلح عن الشعبي عن عبد خير الحضرمي وقال قيس وأبو بكر بن عياش: عن أجلح عن الشعبي عن عبد الله
94

ابن الخليل قال شريك: عن أجلح عن الشعبي عن أبي الخليل وقال شريك: عن جابر عن الشعبي عن أبي الخليل وقال قيس: عن جابر عن الشعبي عن عبد الله بن الخليل وقال الشيباني: عن الشعبي عن أبي الخليل؛ فالصواب من قال: عبد الله بن الخليل ومن قال: ابن الخليل لأن هذا قد دل على أن كنية عبد الله بن الخليل أبو الخليل؛ لاتفاق جماعة على ذلك. فأما ما قال داود الأودي: عن الشعبي عن أبي جحيفة فهو غلط والله أعلم؛ لأن الجماعة قالت غير ذلك وفي حديث داود ضعف وما قاله محمد بن سالم عن الشعبي عن علي بن ذرى الحضرمي فغلط أيضا.
حدثني إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس القاضي؛ قال: حدثنا بكر ابن عبد الرحمن عن قيس عن سماك بن حرب عن حنش عن علي عليه السلام؛ قال بعثني النبي صلى
الله عليه وسلم إلى اليمن فأزبى قبائل الناس
95

زبية الأسد فأصبحوا ينظرون إليه وقد وقع فيها فتدافعوا حول الزبية فخر فيها رجل فتعلق بالذي يليه وتعلق آخر بآخر حتى خر فيها أربعة فجرحهم الأسد فتناوله رجل برمح فطعنه وأخرج القوم منها فمنهم من مات فيها ومنهم من جرح وهو حي؛ فماتوا كلهم؛ فقالت قبائل الثلاثة لقبيلة الأول: هاتوا دية الثلاثة فإنه لولا صاحبكم لم يسقطوا في البئر؛ فقالوا: إنما تعلق صاحبنا بواحد فنحن نؤدي دية واحد فاختلفوا حتى أرادوا القتال بينهم فسرح رجل منهم إلى وهم غير بعيد مني فأتيتهم؛ فقلت: تريدون أن تقتلوا أنفسكم ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي وأنا إلى جنبكم؛ إني قاض بينكم بقضاء فإن رضيتموه فهو نافذ بينكم وإن لم ترضوه فهو حاجز بينكم فمن جاوزه فلا حق له حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو أعلم بالقضاء مني فرضوا بذلك فأمر بهم أن يجمعوا دية تامة من الذين شهدوا البئر ونصف دية وثلث دية وربع دية؛ فقضيت أن يعطى الأسفل ربع الدية من أجل أنه هلك فوق ثلاثة ويعطى الذي يليه الثلث من أجل أنه هلك فوقه اثنان ويعطى الذي يليه النصف من أجل أنه هلك فوقه واحد ويعطى
96

الأعلى؛ الذي لم يهلك فوقه أحد الدية فمنهم من رضى ومنهم من كره؛ فقلت: تمسكوا بقضائي حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقضى بينكم. فوافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموسم؛ فلما قضى الصلاة جلس عند مقام إبراهيم فساروا إليه فحدثوه بحديثهم فاحتبى ببرد عليه وقال: إني أقضي بينكم إن شاء الله؛ فقال رجل من أقصى القوم: إن علي بن أبي طالب قد قضى بيننا بقضاء باليمن؛ فقال: وما هو؟ فقصوا عليه القصة فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم القضاء كما قضيت بينهم.
أخبرني جعفر بن محمد بن مروان - في كتابه - أن أباه حدثه؛ قال: حدثنا مخلد بن شداد عن يحيى بن عبد الرحمن عن حبيب بن زيد الأنصاري عن سماك عن حنش بن المعتمر عن علي بمثله.
((وقد قضى معاذ بن جبل في عهد رسول الله))
((صلى الله عليه وسلم))
((بعث معاذ بن جبل إلى اليمن))
حدثنا عبد الله بن محمد بن أيوب؛ قال: حدثنا روح بن عبادة وحدثنا
97

يوسف بن يعقوب؛ قال: حدثنا عمرو بن مرزوق. وحدثني محمد بن يحيى؛ قال: حدثنا عاصم بن علي. وحدثنا أصحابنا عن علي بن الجعد بن شعبة عن أبي عون الثقفي عن الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة عن أصحاب معاذ من أهل حمص عن معاذ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فقال له: كيف تقضي إن عرض لك القضاء؟ قال: أقضي بما في كتاب الله؛ قال: فإن لم يكن ذلك في كتاب الله؟ قال: أقضي بسنة رسول الله؛ قال: فإن لم يكن ذلك في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو؛ قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره بيده وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثني أحمد بن عبيد بن إسحاق الشيباني عن ابن عون عن رجل من ثقيف؛ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن؛ فقال له: كيف تقضي؟ قال: أقضي بما في كتاب الله ثم ذكر معناه.
((قضاء معاذ في يهودي مات وترك أخا مسلما))
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا روح بن عبادة؛ قال: شعبة قال: سمعت عمرو بن أبي حكيم أبا سعيد قال: سمعت ابن بردة
98

يحدث عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديل: أن معاذا كان باليمن؛ فاختصموا إليه في يهودي مات وترك أخا مسلما فقال معاذ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الإسلام يزيد فورثه.
((قضاء معاذ في ميراث))
محمد بن عبد الله المخرمي قال: حدثنا أبو داود عن شعبة؛ أخبرنيه الأعمش؛ سمع إبراهيم عن الأسود بن يزيد؛ قال: قضى معاذ باليمن ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي في رجل ترك أخته وابنته فأعطى البنت النصف وأعطى الأخت ما بقي.
حدثنا عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن أبي حسان عن الأسود بن يزيد؛ قال: قضى معاذ ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي.
وحدثنا إسحاق بن إسماعيل عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح؛ قال: قضى معاذ باليمن.
99

((بعث أبي موسى الأشعري على اليمن))
حدثنا عباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا سليمان بن حرب؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب؛ قال: مات معاذ بن جبل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة.
ثم وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري: عبد الله بن قيس إلى اليمن فقيل أميرا وقيل قاضيا.
((رأي معاذ في مرتد))
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا أبو يحيى الحماني؛ قال: حدثنا يزيد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى وطلحة بن يحيى ابن طلحة عن أبي بردة عن أبي موسى؛ أن معاذا قدم عليه أبو موسى باليمن فإذا رجل ارتد عن الإسلام؛ فقال معاذ: لا أنزل عن دابتي حتى يقتل.
وقال أحدهما: كان قد استتيب قبل ذلك.
((بعث أبي موسى على نصف اليمن ومعاذ على النصف الآخر))
أخبرني أبو جعفر محمد بن حفص الأنمارى؛ قال: حدثنا علي بن سعيد؛ قال: حدثنا خالد بن نافع عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى؛
100

أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على نصف اليمن ومعاذ بن جبل على نصف اليمن.
((معاذ بن جبل يكتب لعمر في شأن امرأة غير متزوجة وجدها حبلى))
حدثنا إسماعيل بن إسحاق؛ قال: حدثنا علي بن عبد الله؛ قال: حدثنا أبو إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي موسى؛ قال: أتيت باليمن (وأنا على اليمن) بامرأة فسألتها؛ فقالت: ما تسأل عن امرأة ثيب حبلى من غير بعل والله ما خاللت خليلا ولا خادنت حدثا منذ أسلمت ولكني بينما أنا نائمة بفناء بيتي فوالله ما أيقظني إلا الرجل حين رقصني وألقى في بطني مثل الشهاب ثم نظرت إليه مقنعا ما أدري أي خلق الله هو؛ قال: فكتبت إلى عمر فيها: فكتب إلى: أن واف بها
101

وناس من قومها المواسم فوافيت بها وبقومها: فقال لي كالغضبان: ما فعلت المرأة؟ لعلك سبقتني بشيء من أمرها؛ فقلت: ما كنت لأفعل؛ قال: فسألها فأخبرته بمثل الذي حدثتني وأثنى عليها قومها؛ فقال عمر: شأن بها منه تنومت وفما كان ذاك يفعل فمارها وكساها وأرضى قومها بها.
هذا الحديث يدل على أن أبا موسى بقي إلى أيام عمر على القضاء.
((ذكر القضاة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمصار وما تأدى إلينا من أخبارهم))
((وطرف من قضايا من كان مشهورا بالقضايا منهم))
((عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه))
((قضاء أبي بكر في الأذن المقطوعة))
حدثنا علي بن حرب الموصلي؛ قال: حدثنا أبو شهاب؛ عن محمد بن إسحاق عن الزهري كذا قال عن ابن ماجدة السهمي؛ قال: قاتلت رجلا فقطعت بعض أذنه فقدم أبو بكر حاجا فرفع شأننا إليه؛ فقال لعمر: انظر هل بلغ أن يقتص منه قال: نعم علي بالحجام؛ فلما ذكر الحجام قال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: أني وهبت لخالتي غلاما أرجو أن يبارك لها فيه واني نهيتها أن نجعله حجاما أو قصابا أو صانعا.
102

هكذا حدثنا به علي بن حرب فقال: عن محمد بن إسحاق عن الزهري وأسنده عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه محمد بن يزيد الواسطي وغيره عن محمد بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن ابن ماجدة السهمي ورفعه بعضهم عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا الزعفراني؛ قال: حدثنا عفان؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن ابن ماجدة هكذا؛ قال: قطعت من أذن غلام أو قطع من أذن فقدم علينا أبو بكر حاجا فاختصمنا اليه فسأل عمر فقال عمر: أن هذا قد بلغ القصاص ادع لي حجاما فليقتص منه فلما قال: الحجام قال: سمعت رسول الله يقول: وهبت لخالتي غلاما ونهيتها أن نجعله حجاما ولا نصابا ولا صائغا.
حدثناه القاسم بن الفضل بن ربيع؛ قال: أخبرنا يونس بن محمد؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ابن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن ابن ماجدة بمثله وقال فيه: فقال عمر: سمعت النبي عليه السلام يقول: وهبت لخالتي.
103

((عمال أبي بكر عندما استخلف))
أخبرنا محمد بن أحمد بن الجنيد؛ قال: حدثنا أبو أحمد الزهري عن مسعر عن محارب بن دثار؛ قال: لما استخلف أبو بكر استعمل عمر على القضاء وأبا عبيدة على بيت المال فمكث عمر سنة لا يتقدم إليه أحد.
أخبرنيه عبد الله بن محمد بن الحسن؛ قال: حدثنا ابن إدريس؛ قال: سمعت مسعرا عن أزهر عن محارب بن دثار مثله.
وهكذا رواه محمد بن عبد الوهاب القيار عن مسعر عن أزهر عن محارب؛ كتب به إلينا هارون بن إسحاق عنه.
أخبرني أبو بكر بن حسن؛ قال: حدثنا وهب بن بقية؛ قال: حدثنا خالد بن عبد الله عن عطاء بن السائب عن محارب بن دثار؛ قال: حدثني فلان؛ قال: لما استخلف أبو بكر قال لعمر ولأبي عبيدة ابن الجراح: إنه لا بد لي من أعوان؛ فقال له عمر: أنا أكفيك القضاء؛ وقال أبو عبيدة أنا أكفيك بيت المال.
حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا؛ قال: حدثنا أبو كريب؛ قال: حدثني ابن أبي زائدة عن مجالد عن الشعبي؛ قال: القضاة أربعة: عمر وعلي وابن مسعود وأبو موسى.
104

((قضاة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم))
أخبرنا الرمادي؛ قال: حدثنا عبد الرزاق؛ قال: أخبرنا معمر عن قتادة؛ قال: كان قضاة أصحاب محمد ستة: عمر وعلي وأبي بن كعب وابن مسعود وأبو موسى وذكر زيد بن ثابت. وفي هذا خلاف؛ فأخبرني أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب الزبيري عن مالك بن أنس عن الزهري؛ أن أبا بكر وعمر لم يكن لهما قاض حتى كانت الفتنة فاستقضى معاوية.
((قضاة عمر بن الخطاب))
((هل اتخذ رسول الله والخلفاء من بعده قضاة))
وحدثني أحمد بن زهير بن حرب؛ قال: حدثنا مالك بن إسماعيل؛ قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري؛ قال: ما اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضيا ولا أبو بكر ولا عمر حتى قال عمر ليزيد بن أخت النمر: اكفني بعض الأمور يعني صغارها.
105

((السائب بن يزيد يقضي في عهد عمر))
وأخبرني الحارث بن محمد عن محمد بن سعد عن محمد بن عمر عن عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب عن الزهري عن السائب ابن يزيد عن أبيه؛ أن عمر قال له: اكفني صغار الأمور فكان يقضي في الدرهم ونحوه - قال أبو بكر: وهو يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود بن عبد الله بن الحارث الولادة واليمنى: حضرمي. ويزيد بن سعيد أبو السائب ابن يزيد حليف بني عبد شمس أسلم يزيد بعد سعيد في الفتح وقد روى عن النبي عليه الصلاة والسلام.
((لا يأخذ أحد مال صاحبه لاعبا ولا جادا))
حدثنا محمد الصاغاني؛ قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم جميعا عن ابن أبي ذئب عن عبد الله بن السائب بن يزيد عن أبيه عن جده؛ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبا جادا أو (لاعبا ولا جادا ولم يشك يزيد؛ قال: ولا عنه الجد) وإذا أخذ أحدكم عصا صاحبه (وقال يزيد: عصا أخيه) فليؤدها إليه. وابنه السائب ابن يزيد روى عن النبي عليه السلام ومسح النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه.
وحدثني أبو بكر بن حسن؛ قال: قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة عن حفص بن
106

هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن السائب بن يزيد عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا مسح بيديه وجهه.
حدثني محمد بن إسحاق؛ قال: حدثنا نعيم؛ قال: حدثنا ابن المبارك؛ قال: أخبرنا يونس عن الزهري؛ قال: حدثني السائب بن يزيد: أن أباه كان يقوم خيله فيدفع صدقتها من أثمانها إلى عمر بن الخطاب.
((وزيد بن ثابت أبو سعيد من جلة أصحاب رسول الله))
((وفقهائهم وعلمائهم بالفرائض وسائر العلم يعظمه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم))
((خبرة زيد بن ثابت بالقضاء))
أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثني الليث بن سعد أن سعد بن أبي وقاص قال في شيء من القضاء: ما عرفناه حتى علمناه زيد ابن ثابت.
107

((القضاء في الأنصار))
حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني؛ قال: حدثنا زيد بن الحباب؛ قال: حدثنا معاوية بن صالح؛ قال: حدثني أبو مريم أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القضاء في الأنصار.
((كان عمر إذا خرج استخلف زيدا))
فأخبرني محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: حدثنا الهيثم بن خارجة؛ قال: حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد؛ قال: كان عمر بن الخطاب كثيرا ما يستخلف زيد بن ثابت إذا خرج إلى شيء من الأسفار وقلما رجع من سفر إلا أقطع زيد بن ثابت حديقة من نخل.
((عمر يفرض لزيد رزقا))
حدثني محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: حدثنا عفان؛ قال: حدثنا عبد الواحد ابن زياد عن حجاج عن نافع؛ أن عمر استعمل زيد بن ثابت على القضاء وفرض له رزقا.
((الخصومة بين عمر وأبي))
فأخبرنا عبد الله بن محمد بن أيوب؛ قال: حدثنا يحيى ابن أبي بكير؛ قال: حدثنا شعبة عن سنان؛ قال: سمعت الشعبي يقول: كان بين عمر وأبي خصومة فجعلا بينهما زيد بن ثابت فأتياه وقال له عمر: في بيته يؤتى الحكم.
حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ أن أباه حدثه؛ قال: حدثنا هشيم عن سيار عن الشعبي؛ أن أبيا ادعى على عمر دعوى فلم يعرفها فجعلا بينهما زيد ابن ثابت فأتياه في منزله فلما دخلا عليه قال له عمر: جئناك لتقضى بيننا وفي بيته يؤتى الحكم؛ قال: فتنحى له زيد عن صدر فراشه؛ فقال ها هنا
108

يا أمير المؤمنين؛ فقال: جرت يا زيد في أول قضائك ولكن أجلسني مع خصمي فجلسا بين يديه فادعى أبي وأنكر عمر؛ فقال زيد لأبي: أعف أمير المؤمنين من اليمين وما كنت لأسألها لأحد غيره: قال: فحلف عمر ثم حلف عمر لا يدرك زيد القضاء حتى يكون عمرو رجل من عرض المسلمين عنده سواء.
حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ قال: حدثني أبي؛ قال: حدثنا ابن أبي خالد عن عامر؛ قال: كان بين أبي وبين عمر خصومة في حائط وذكر معناه؛ إلا أنه قال: أخرج زيد لعمر وسادة فألقاها له فقال: هذا أول جورك وقال: فقال عمر: تقضي باليمين ثم لا أحلف؟.
أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا يونس بن محمد؛ قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد؛ قال: حدثنا مجالد بن سعيد؛ قال: حدثنا الشعبي عن مسروق؛ قال: قال أبي بن كعب لعمر: يا أمير المؤمنين أنصفني من نفسك؛ اجعل بيني وبينك حكما؛ فقال: بيني وبينك زيد بن ثابت فانطلقا إلى زيد بن ثابت؛ فقال عمر: في بيته يؤتى الحكم؛ فقال زيد: ها هنا يا أمير المؤمنين؛ قال: بدأت بالجور؛ إني جئت مخاصما؛ قال: فها هنا؛ فقعدا بين يديه؛ فقال لأبي بن كعب: شاهدان ذوي عدل؛ قال: ليست لي بينة؛ قال: فيمينك يا أمير المؤمنين ثم أقبل على أبي فقال: أعف أمير المؤمنين؛ فقال عمر: أهكذا يقضى بين الناس كلهم؛ قال: لا؛ قال: فاقض بيننا كما تقضي بين الناس؛ قال: احلف يا أمير المؤمنين
109

فقال عمر: لأتحرج من أكل شيء أتحرج أن أحلف عليه؛ قال: ثم قال: والله الذي لا إله إلا هو ما لأبي في أرضي هذه حق.
((ذكر القضاة على عهد عثمان بن عفان))
حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني؛ قال: حدثنا زيد بن الحباب العكلي؛ قال: حدثني عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد؛ قال: أخبرني جدي قال: رأيت عثمان بن عفان في المسجد إذا جاءه الخصمان قال لهذا: اذهب فادع عليا وللآخر: فادع طلحة بن عبيد الله والزبير وعبد الرحمن فجاءوا فجلسوا فقال لهما: تكلما ثم يقبل عليهم فيقول: أشيروا علي؛ فإن قالوا: ما يوافق رأيه أمضاه عليهما وإلا نظر فيقومون مسلمين ولا يعلم أن عثمان بن عفان استعمل قاضيا بالمدينة إلى أن قتل في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين رحمة الله عليه.
أخبرنا أحمد بن إسماعيل أبو حذافة؛ قال: قال مالك بن أنس:
110

أول من اتخذ قاضيا معاوية بن أبي سفيان؛ كان الخلفاء قبل ذلك يباشرون كل شيء من أمور الناس بأنفسهم.
((ذكر قضاة بني أمية بالمدينة))
((أبو هريرة))
((قضاء أبي هريرة في قذف))
حدثنا عبد الله بن أيوب؛ قال حدثنا روح بن عبادة. وحدثنا عبد الملك ابن محمد الرقاشي؛ قال: حدثنا عمرو بن مرزوق؛ قال: أخبرنا شعبة عن أبي ميمون وهو سلمة بن المجنون؛ قال: عقلت بعيري ودخلت المسجد فجاء رجل فأطلقه فجئت إليه؛ فقلت: يا فاعلا بأمه! فرفعني إلى أبي هريرة فضربني ثمانين فركبت بعيري وأنا أقول:
* لعمرك إني يوم أضرب قائما
* ثمانين سوطا إنني لصبور
*
111

((قضاء أبي هريرة في دين))
حدثنا الرمادي؛ قال: حدثنا عارم؛ قال: حدثنا أبو هلال عن غالب القطان عن أبي المهزم؛ قال: كنت عند أبي هريرة فأتاه رجل بغريم له؛ فقال: إن لي عليه مالا؛ قال: ما تقول؟ قال: صدق؛ قال: اقضه؛ قال: ليس عندي إني معسر؛ قال للآخر: ما تقول؟ قال: أريد أن تحبسه؛ قال: هل تعلم أن له عين مال فأخذ منه فنعطيك؟ قال: لا؛ قال: فما تعلم أن له أصل مال فيبيعه ويقضيك؟ قال: لا؛ قال: فما تريد منه؟ قال أريد أن تحبسه قال: لا أحبسه لك ولكن أدعه يطلب لك ولنفسه ولعياله.
حدثنا الرمادي؛ قال: حدثنا حسن الأشيب؛ قال: حدثنا أبو هلال نحوه وزاد فيه: قال أبو هلال: ثم شهدت الحسن حين ولي القضاء فعل مثل ذلك.
((تسوية أبي هريرة بين الخصوم))
حدثني الحارث بن أبي أسامة؛ قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي؛ قال: حدثنا محمد بن نعيم عن أبيه؛ قال: شهدت أبا هريرة يقضي فجاء الحارث بن الحكم فجلس على وسادته التي يتكئ عليها؛ فظن أبو هريرة أنه لحاجة غير الحكم فجاءه رجل فجلس بين يدي أبي هريرة؛ فقال له
112

مالك؟ قال: استأدنى على الحارث؛ فقال أبو هريرة: قم فاجلس مع خصمك فإنها سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم.
((عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب))
((ويقال عبد الله بن نوفل بن الحارث))
((أول قاض بالمدينة))
فحدثني محمد بن سعد بن محمد الحدار؛ قال: حدثنا محمد بن عمر بن واقد؛ قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مالك عن أبيه؛ قال: شهدت عبد الله ابن الحارث بن نوفل - وكان أول قاض في المدينة لمروان بن الحكم - يقضي باليمين مع الشاهد وقال زبير بن بكار: حدثني عمي؛ قال: أول من استقضى بالمدينة عبد الله بن الحارث بن نوفل؛ استقضاه مروان بن الحكم؛ وأهله ينكرون ذلك. قال مصعب فيما أخبرني عبد الله بن جعفر عنه: حدثني محمد بن الضحاك بن عثمان عن أبيه؛ قال: أول من استقضى بالمدينة عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب؛ استقضاه مروان وكان أول ما قضى حقا على آل مروان فزاده ذلك عند مروان خيرا؛ فقال أبو هريرة: هذا أول قاض رأيته. وكان مرضيا صحيحا في الحكم ورضيه
113

أهل المدينة حتى عزل عنهم.
هذا الحديث يدل على أن أبا هريرة استقضى بعده؛ لقوله: هذا أول قاض رأيته. ولم يذكر لنا أيهما كان قبل صاحبه.
وهكذا نسبة عبد الله بن نوفل بن الحارث؛ كذا أخبرني أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب؛ إن القاضي عبد الله بن نوفل بن الحارث وهو أول قاض بالمدينة وكذا نسبه الواقدي في حديثه عن عبد الله ابن الحارث بن فضيل عن أبيه؛ قال: ولى مروان بن الحكم عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف قضاء المدينة.
قال محمد بن عمر: وهو أول من استقضى بالمدينة؛ فأنفذ القضاء على عبد الله بن حنطب وكان على فاطمة بنت الحكم؛ أخت مروان بن الحكم فأرسل إليه مروان: عجلت عليه في القضاء؛ قال: فأرسل إليه عبد الله ابن نوفل: أقضى الله عليه قضاءه قبل قضائي عليه؛ فأعجب ذلك مروان من قوله وفعله.
وقال زبير بن بكار فيما حدثني هارون بن محمد عنه وعبد الله بن نوفل: قضى على المدينة في خلافة معاوية لمروان بن الحكم وهو أول من أقضاها وكان نسبه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
114

((إعتاق ولد الزنية في الكفارة))
توفي سنة أربع وثمانين وقال بعض أهله: توفي زمن معاوية وأخبرني محمود بن محمد بن عبد العزيز بن المروزي؛ قال: أخبرنا حيان ابن موسى المروزي؛ قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك؛ قال: أخبرنا معمر عن الزهري؛ قال: أخبرني أبو حفص مولى عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وكان من أهل العلم: أنه سمع امرأة الحارث بن نوفل تستفتيه في ولد زنية غلام لها تعتقه في رقبة عليها؛ فقال: سمعت عمر ابن الخطاب يقول: لأن أحمل على نعلين في سبيل الله أحب إلى من أعتق ولد زنية. وكان من صلحاء المسلمين وفقهائهم وكان مروان جعله على القضاء.
كذا قال: إنه سمع امرأة الحارث بن نوفل.
والذي جعله مروان على القضاء عبد الله بن الحارث بن نوفل.
أخبرني أحمد بن محمد بن نصر عن إبراهيم عن المنذر الحزامي؛
115

قال مات عبد الله بن نوفل بن الحارث بالأبواء؛ قتلة السموم وهو مع سليمان بن عبد الملك فصلى عليه سليمان ودفنه سنة تسع وسبعين. كذا قال: سنة تسع وسبعين؛
وقال زبير: توفي سنة أربع وثمانين وقال بعضهم: توفي زمن معاوية وهذا تفاوت شديد.
((ثم أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف))
((استقضاء أبي سلمة ابن عبد الرحمن ابن عوف))
عزل معاوية مروان بن الحكم عن المدينة سنة تسع وأربعين في شهر ربيع الأول واستعمل معاوية سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص في شهر ربيع الأول فعزل سعيد عبد الله بن نوفل واستقضى أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
ولأبي سلمة حديث كثير وفقه وفتوى وهو من متقدمي التابعين.
أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ قال: حدثني أبي؛ قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار وقال: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: أنا أفقه من بال؛ فقال ابن عباس: في المباول.
((أبو سلمة يزعم أنه أفقه الناس))
أخبرني الحارث بن محمد عن محمد بن عمر عن ابن عيينة وقيس عن مجالد عن الشعبي؛ قال: قدم علينا أبو سلمة بن عبد الرحمن يعنى الكوفة ومشى بيني وبين أبي بردة؛ فقلنا: من أفقه من خلفت ببلادك؟ قال: رجل بينكما.
116

أم أبي سلمة تماضر بنت الأصبغ؛ أخبرني الحارث بن محمد عن محمد بن سعد عن محمد بن عمر؛ قال: توفي أبو سلمة بالمدينة سنة أربع وتسعين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة؛ قال: وهو أثبت من قول من قال: توفي سنة أربع ومائة.
((أبو سلمة وابن عمر في عصريهما))
أخبرني أحمد بن أبي خيثمة؛ قال: حدثنا مثنى بن معاذ بن معاذ؛ قال: حدثنا أبي؛ قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق؛ قال: أبو سلمة في زمانه خير من ابن عمر في زمانه.
أخبرني أحمد بن أبي خيثمة؛ قال: سمعت مصعب بن عبد الله يقول: اسم أبي سلمة بن عبد الرحمن: عبد الله.
قال أبو بكر: وأم أبي سلمة فيما أخبرني عبد الله بن جعفر بن مصعب عن جده: تماضر بنت الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم بن عدي بن كلب وهي أول كلبية تزوجها قرشي؛ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الرحمن بن عوف إلى كلب وأمره أن يتزوج ابنة سيدهم.
((أم كلثوم بنت أبي بكر أرضعت أبا سلمة))
وقال مصعب فيما أخبرني ابن أبي خيثمة عنه: يقال: أنه أرضعته أم كلثوم بنت أبي بكر فكان يتولج على عائشة.
117

حدثني محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: حدثنا الأسود النضر بن عبد الجبار؛ قال: أخبرنا ابن لهيعة عن بكير؛ أنه سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن يستحلف صاحب الحق مع الشاهد الواحد قال بكير: ولم يزل ذلك يقضي به عندنا.
((ثم مصعب بن عبد الرحمن بن عوف))
((عزل سعيد بن العاص مصعب بن عبد الرحمن على القضاء والشرط شدة مصعب وصلابته))
عزل معاوية سعيد بن العاص عن المدينة سنة ثلاث وخمسين؛ ويقال: سنة أربع في شهر ربيع الأول وأعاد مروان؛ فعزل مروان أبا سلمة واستقضى أخاه مصعب بن عوف وضم إليه الشرط مع القضاء وكان شديدا صليبا في ولايته؛ ولما ولى الشرط أخذ الناس بالشدة وكانوا قبل ذلك يقتل بعضهم بعضا فشكوه إلى مروان فكاد يعزله فشاور المسور بن مخرمة فقال المسور:
118

* ليس بهذا من سياق عتب
* تمشي القطوف وينام الركب
*
وأقره حتى مات معاوية. وقتل مع ابن الزبير في الحصار وقبره دخل في المسجد الحرام لما زيد في المسجد.
قال الواقدي فيما أخبرني الحارث بن سعد عن محمد بن عمر عن
119

محمد بن عمران: مصعب بن عبد الرحمن يكنى أبا زرارة.
توفي بمكة سنة أربع وستين.
((ثم عمرو بن عبد بن زمعة بن الأسود))
((من بني عامر بن لؤي))
((عزل مروان عن المدينة))
((قصة ابن وليدة زمعة))
عزل معاوية مروان عن المدينة في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين واستعمل الوليد بن عتبة بن أبي سفيان فعزل الوليد مصعب بن عبد الرحمن واستعمل عمرو بن عبد بن زمعة من بني عامر بن لؤي وهو ابن أخي سودة بنت زمعة وأبوه عبد بن زمعة الذي اختصم هو وسعد بن أبي وقاص في ابن وليدة زمعة.
ثم هلك معاوية بن أبي سفيان واستخلف يزيد بن معاوية؛ فاستعمل على المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان.
((ثم طلحة بن عبد الله بن عوف))
استعمل عثمان بن محمد على القضاء طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري
120

وهو ابن أخي عبد الرحمن بن عوف وهو أحد الأجواد؛ يقال له: طلحة الجواد وقد حدث عنه الزهري وغيره. وقد كانت لمصعب ابن عبد الرحمن قصة.
((قتل ابن هبار القرشي))
((رأي معاوية في القسامة))
((معاوية أول من رد الإيمان))
أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد؛ قال: حدثنا عمي: قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق؛ قال: حدثني محمد بن مسلم الزهري؛ أن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن عبيد الله التيمي وأبو جعفويه ابن شعوب الليثي اتهموا بقتل ابن هبار أخبي بني أسد؛ وكانوا أصابوه في الفتنة في زمان عثمان؛ فلما اجتمع الناس على معاوية ركب إليه عبد الله ابن الزبير في دم ابن هبار وركب عبد الرحمن بن أزهر في مصعب بن عبد الرحمن؛ فاجتمعا عند معاوية بالشام فدخل ابن الزبير على معاوية؛ فقام ابن أزهر فرج باب معاوية رجا شديدا. وقال: واعجبا يا معاوية! أتخلو بابن الزبير في دمائنا؟ فأذن له معاوية؛ فدخل فقال: إني والله ما خلوت بابن الزبير في دمائكم ولكن خلوت به أسأله عن أموال أهل الحجاز؛ فقال: ثم تكلما في دم ابن هبار؛ قال معاوية لابن الزبير: تسمون قاتل صاحبكم ثم تحلفون خمسين يمينا ثم نسلمه إليكم فقال ابن الزبير: لا لعمر الله لا نحلف عليه إلا أنه قد عرف أنه كان معهم وأنه قد وجد قتيلا في مكانهم الذي اجتمعوا فيه؛ فقال معاوية لابن أزهر: فتحلفون خمسين يمينا بالله؛ أن ما ادعوا على صاحبكم من قبل هذا الرجل لباطل ثم
121

تبرءون؛ فقال: لا والله ما كنا لنحلف عليه وما لنا بذلك من علم؛ فقال معاوية: فوالله ما أدري ما أصنع؛ أما أنت يا ابن الزبير فلا تحلف على هؤلاء النفر الذين اتهمتهم فستحق دمك؛ وأما أنت يا ابن أزهر فلا تحلف على براءة صاحبك فتبرئه فوالله ما أجد إلا أن أرد هذه الايمان الخمسين على هؤلاء الثلاثة الذين اتهمتهم ثم يدونه؛ قال: فردها عليهم أثلاثا؛ فكان معاوية أول من رد الإيمان ولم يكن قبل ذلك؛ كان إذا نقص من
122

الخمسين رجل واحد كرت على الآخرين؛ فإن نقص رجل واحد وضع الدية وعقل القتيل.
((ثم عمرو بن عبيد))
((اخراج بني أمية من المدينة))
((من ضرب ابن المسيب))
((الحجاج والي المدينة))
ثم كانت الفتنة ووثب أهل المدينة على عثمان بن محمد فأخرجوه وبني أمية من المدينة فكانت ولاية عثمان بن محمد إلى أن خرج ثمانية أشهر وقدم مسلم بن عقبة؛ فكانت الحرة يوم الأربعاء لليلتين بقيتا في ذي الحجة واستخلف مسلم على المدينة عمرو بن محمد الأشجعي ويقال: حصين بن نمير السكوني ويقال: روح بن زنباع الجذامي ومات يزيد بن معاوية فوثب أهل المدينة على من بها من أهل الشام فأخرجوهم وبويع ابن الزبير في رجب سنة أربع وستين فولى أخاه عبيدة بن الزبير ثم استعمل
123

عبد الله بن أبي ثور ثم عزله واستعمل الحارث بن خاطب الجمحي ثم عزله في سنة ثمان وستين واستعمل جابر بن الأسود بن عوف الزهري؛ وهو الذي ضرب سعيد بن المسيب في بيعة ابن الزبير ثم عزله سنة إحدى وسبعين واستعمل طلحة بن عبد الله بن عوف وهو آخر وال لابن الزبير؛ ولا نعلمهم استقضوا أحدا إلى هذه الغاية ثم قدم طارق ابن عمرو مولى عثمان بن عفان سنة إحدى وسبعين فهرب طلحة بن عبد الله بن عوف وأقام طارق بالمدينة ثم خرج مع الحجاج لحصار ابن الزبير ثم قتل ابن الزبير يوم الثلاثاء صبيحة سبع عشرة ليلة من جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين. وبايع أهل مكة الحجاج لعبد الملك في جمادى الآخرة وأتت طارق بن عمرو مولى عثمان ولايته المدينة فوليها خمسة أشهر فلما أقام الحجاج الحج للناس سنة ثلاث وسبعين استعمله عبد الملك على المدينة وعزل طارق بن عمرو فقدمها الحجاج في صفر سنة أربع وسبعين.
((ثم عبد الله بن قيس بن مخرمة))
((ابن عبد المطلب بن عبد مناف))
استقضاه الحجاج سنة أربع وسبعين على المدينة ثم عزل الحجاج سنة خمس وسبعين. واستعمل على العراق في جمادى الأولى واستخلف قاضيه عبد الله بن قيس بن مخرمة على القضاء وقد روي عنه الحديث وعن أبيه.
124

((تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم))
حدثنا أحمد بن عبد الجبار بن محمد؛ قال: حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن عبد المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن جده قيس بن مخرمة؛ قال: ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل.
أخبرني محمد بن أحمد بن الجنيد؛ قال: حدثنا عبد الله بن نافع بن ثابت؛ حدثنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن قيس عن زيد بن خالد الجهني؛ أنه قال: لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال زيد: فتوسدت عتبته أو فسطاطه؛ فقام النبي عليه السلام من الليل فتوضأ وصلى ركعتين طويلتين ثم صلى ركعتين دونهما حتى ذكر اثنتي عشرة ركعة ثم أوتر.
((ثم نوفل بن مساحق))
عزل عبد الملك نجى بن الحكم عن المدينة وولى أبان بن عثمان بن عفان في سنة ست وسبعين فاستقضى نوفل بن مساحق بن عمر بن خداش من بني عامر بن لؤي ونوفل بن مساحق من التابعين قد روى عنه الحديث.
((صلة الرحم))
حدثني حميد بن الربيع قال: حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع؛ قال: أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن عبد الله بن أبي حسين عن نوفل بن مساحق
125

عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يؤدي مسلم دم كافر.
وبهذا الإسناد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرحم شجنة من الرحمن من قطعها حرم الله عليه.
((أربى الربا))
حدثنا الصغاني وحميد بن الربيع؛ قالا: حدثنا أبو اليمان؛ قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن عبد الله بن أبي حسين؛ قال حدثني نوفل بن مساحق عن سعيد بن زيد؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربى الربا استطالة المرء في عرض المسلم بغير حق.
((عزم الرسول على إخراج اليهود من المدينة))
حدثنا حميد؛ قال: حدثنا أبو اليمان؛ قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة؛ قال: حدثنا عبد الله بن أبي حسين؛ قال: حدثنا نوفل بن مساحق عن سعيد بن زيد؛ قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم إخراج اليهود من المدينة أتاهم في مجالسهم؛ فقال: اخرجوا يا إخوان القردة أخرجوا يا كفرة أهل الكتاب؛ قالوا: مهلا رحمك الله يا أبا القاسم فما علمناك فاحشا ولا جاهلا
((قصة لنوفل بن مروان))
أخبرنا أحمد بن زهير عن أبيه عن موسى بن عقبة؛ قال: ولى
126

مروان نوفل بن مساحق العامري قضاء المدينة فأتاه رجل من آل عبد الله ابن سراقة يستادى على مروان أو على بعض ولد مروان في حصة له في دار له بالسوق فأرسل إليه أن أخرج إلى الرجل من حقه أو يحضر معه خصمه؛ فأرسل إليه مروان: أن انظر أنت في ذلك فإن ثبت له حق فأنفذ الحكم فسلم إليه حقه؛ فأرسل إليه احضر أنت أو خصمه ليكون الحكم لك أو عليك؛ قال: عوض المدعى من دعواه حتى رضى ولم يحضر معه خصمه.
((نوفل يقيد بعض العبيد من بعض))
وروى ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن؛ قال: رأيت نوفل بن مساحق يقيد العبيد بعضهم من بعض وكان قاضيا بالمدينة.
((ندم حزين الديلي على رثاء نوفل ابن مساحق))
أخبرني أحمد ابن أبي خيثمة عن مصعب؛ قال: كان سعد بن نوفل ابن مساحق سأل الحزين الديلي أن يرثي أباه عند موته ففعل فلم يثبه فقال:
* أقول وما بالي وسعد بن نوفل
* وشان تبكي نوفل بن مساحق
*
* ألا إنها كانت سوابق عبرة
* على نوفل من كاذب غير صادق
*
* فهلا على قبر الوليد وبقعة
* وقبر سليمان الذي عند دابق
*
127

* وقبر أبي حفص أخي وأخيهما
* بكيت لحزن في الجوانح لاصق
*
قال مصعب: فأتى الحزين سعد بن نوفل وكان له قدر وكان يسعى على المساعي وكان قاضيا بالمدينة فانتثل سعد كنانته فإذا فيها ثلاثون درهما فدفعها إليه وقال: مالي مال غيرها فأبى أن يأخذها.
((نوفل بن مساحق ومجنون بني عامر))
حدثني محمد بن يزيد المبرد النحوي؛ قال: حدثنا عبد الصمد بن المعذل؛ قال: حدثني أبي؛ قال: قال نوفل بن مساحق: كنت أشتهي أن أرى مجنون بني عامر فقيل لي: إن أردته فأنشده من شعر قيس بن
128

ذريح؛ فأتيته وهو يختل للظباء فدفعت نفسي خلف أراكة وأنشدت لقيس بن ذريح:
* أتبكي على لبنى ونفسك باعدت
* مزارك من لبنى وشعباكما معا
*
قال: فوالله ما أنسى حسن صوته وقد اندفع ينشد في وزن ما أنشدته:
* وما حسن أن تأنى الأمر طائعا
* وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا
*
* وأذكر أيام الحمى ثم أنثنى
* على كبدي من خشية أن تقطعا
*
* بكت عيني اليسرى فلما زجرتها
* عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا
*
* فليست عشيات الحمى برواجع
* إليك ولكن خل عينيك تدمعا
*
وقد ذكر أن أبان بن عثمان كان ينظر في القضاء في ولايته.
((أبان بن عثمان يقضي في ولايته))
((أبان بن عثمان يتمثل بشعر أبن أبي الحقيق))
حدثني أحمد بن أبي خيثمة وعبد الله بن شبيب؛ قالا: حدثنا إبراهيم ابن منذر؛ قال: حدثني سعيد بن عمرو الزبيري عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه؛ قال: كنت أسمع أبان بن عثمان بن عفان إذا جلس للقضاء كثيرا ما يتمثل بأبيات ابن أبي الحقيق اليهودي:
129

* سئمت وأصبحت رهن الفرا
* ش من جرم قومي ومن مغرم
*
* ومن سفه الرأي بعد النهى
* وعيب الرشاد فلم يفهم
*
* لو أن قومي أطاعوا الحليم
* لم يتعد ولم يظلم
*
* ولكن قومي أطاعوا ألغوا
* ة حتى تغيظ أهل الدم
*
* فأودى السفيه برأي الحليم
* وانتشر الأمر لم يبرم
*
حدثني محمد بن العباس الكابلي؛ قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسى؛ قال: حدثني مالك بن أنس: أنه بلغه: أن أبان بن عثمان كتب إلى عبد الملك بن مروان؛ أن أبا عبد الله ابن الزبير قضى بين الناس بأقضية فما يرى أمير المؤمنين فيها؟ أمضيها أم أردها؟ فكتب عبد الملك إلى أبان بن عثمان؛ أنا والله ما عبنا على ابن الزبير أقضيته ولكن عبنا عليه ما تناول من الأمر؛ فإذا أتاك كتابي هذا فأنفذ أقضيته فإن ترداد الأقضية عندنا يتعسر.
((ثم عمر بن خلدة الزرقي))
عزل أبان بن عثمان في سنة اثنتين وثمانين في ثلاث عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة ثم ولى هشام بن إسماعيل المخزومي؛ فعزل ابن مساحق واستقضى عمر بن خلدة الزرقي؛ وقد روى عنه الحديث.
130

((صاحب المتاع أحق بمتاعة إن - - - -))
حدثنا الزبير بن بكار؛ قال: حدثني أبو غزية عن ابن أبي ذئب عن ابن المعتمر عن عمر بن خلدة؛ قال: جئنا أبا هريرة في صاحب لنا أفلس؛ فقال: هذا الذي قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه إلا أن يترك وفاء.
((بعث علي بن أبي طالب أيام منى))
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا زيد بن الحباب عن موسى ابن عبيد؛ قال: حدثني منذر بن جهم الأسلمي عن عمر بن خلدة الأنصاري عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب أيام منى ينادى: إنها أيام أكل وشرب وبعال.
131

((ما يجب على القاضي أن يفعله إذا خوصم إليه))
أخبرنا القاسم بن منصور القاضي؛ قال: حدثني أبو مسهر؛ قال: حدثني مالك بن أنس؛ قال: قل لي ربيعة: قال لي ابن خلدة (وكان نعم القاضي): يا ربيعة إني أراك مفتي الناس وتقضي بينهم فإذا جلس إليك الرجلان فليكن همك أن تتخلص منهما؛ فإنه أحرى أن تخلص ما بينهما.
((رأي مالك في ابن خلدة))
حدثنيه أبو إبراهيم الزهري أحمد بن سعد؛ قال: حدثنا عبيد بن جناد: قال: سمعت أبا مسهر يذكر عن مالك بن أنس: قال: كان علينا قاض لا بأس به؛ يقال له ابن خلدة فقال لي ربيعة؛ ثم ذكر نحوه.
((رأي ابن خلدة في تغيير الناس))
أخبرنا أبو إبراهيم الزهري؛ قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير؛ قال: حدثني الليث بن سعد؛ عن عبيد الله بن أبي جعفر؛ قال: قال عمر ابن خلدة الزرقي: أدركت الناس يعملون ولا يقولون وهم اليوم يقولون ولا يعملون.
((نزاهة ابن خلدة))
حدثني الأحوص بن مفضل بن غسان البصري؛ قال: حدثني سليمان بن داود؛ قال: قيل لعمر بن خلدة: ما استفدت من القضاء؟ قال: دارا لي كنت أمون فيها عيالي بعتها فوفيت بها عرضي.
((رجل يذهب السجن من غير حرس))
أخبرني الحارث بن محمد بن سعد عن محمد بن عمر عن ابن أبي ذئب؛ قال: حضرت عمر بن خلدة وكان على القضاء بالمدينة يقول لرجل رفع
132

إليه: اذهب يا خبيث فاسجن نفسك فذهب الرجل وليس معه حرسي وتبعناه ونحن صبيان حتى أتى السجان فسجن نفسه.
قال محمد بن عمر: كان عمر بن خلدة مهيبا صارما عفيفا لم يرتزق على القضاء؛ فلما عزل قيل له: يا أبا حفص كيف رأيت ما كنت فيه؟ قال: كان لنا إخوان فقطعناهم وكانت لنا أريضة نعيش منها فبعناها وأنفقنا ثمنها.
((ثم عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة الأنصاري))
((عمر بن عبد العزيز والي المدينة))
توفي عبد الملك بن مروان وقام الوليد بن عبد الملك؛ فعزل هشام ابن إسماعيل عن المدينة يوم الأحد لتسع خلون من شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وولى عمر بن عبد العزيز فقدمها في شهر ربيع الأول وهو ابن خمس وعشرين سنة فاستقضى عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة الأنصاري أياما يسيرة ثم عزله عزلا جميلا.
وعبد الرحمن بن يزيد بن حارثة الأنصاري ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى الزهري عن رجل عنه.
((قتل عيسى بن مريم الدجال))
حدثني الحسين بن منصور الشطوى أبو علوية الصوفي؛ قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة عن عبد الرحمن ابن يزيد بن حارثة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقتل ابن مريم الدجال بباب لد.
133

حدثني جعفر بن أبي عثمان؛ قال: حدثنا محمد بن الصلت أبو يعلى التوزى قال: حدثنا الوليد بن مسلمة عن ابن نمر عن الزهري عن عبيد الله بن ثعلبة كذا قال عن عبد الرحمن بن يزيد ابن حارثة عن عمه مجمع بن جارية؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مواقيت الصلاة فقدم وأخر ثم قال: بينهما وقت.
((عمر بن عبد العزيز يعزل قاضيا يصلح بين الخصمين من ماله))
وكان سبب عزل عمر بن عبد العزيز عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة ما حدثني محمد بن العباس الكابلي؛ قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسى؛ قال: حدثني مالك بن أنس؛ أنه بلغه: أن عمر بن عبد العزيز استعمل رجلا من الأنصار على القضاء وأن ذلك الرجل كان إذا اختصم إليه الخصمان في الشيء التافه في السنين أخرجه القاضي من ماله فأصلح به أمرهما وأنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز فذكر ذلك للأنصاري القاضي فقال له: لا أستطيع غير ذلك؛ قال: فعزله عمر بن عبد العزيز واستعمل غيره.
((عمر يجري على قاض رزقا)
وحدثنا أبو قلابة الرقاشي؛ قال: حدثنا بشر بن عمر؛ قال: حدثني مالك بن أنس قال لما قدم عمر بن عبد العزيز المدينة أمر رجلا يقضي بين الناس فأجرى له في الشهر دينارين.
134

أخبرني الحارث بن محمد عن محمد بن سعيد عن محمد بن عمر قال: ولد عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومات بالمدينة سنة ثلاث وتسعين؛ ويكنى أبا محمد.
((ثم أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري))
((أبو بكر بن حزم يلي المدينة))
ولما عزل عمر بن عبد العزيز عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة استعمل أبا بكر بن عمرو بن حزم ثم عزل عمر بن عبد العزيز سنة أربع وتسعين وولى عثمان بن حيان المرى لليلتين بقيتا من شوال؛ فأقر أبا بكر بن عمرو بن حزم على القضاء وقد ولى أبو بكر الإمارة بعد عثمان بن حيان؛ وله قضايا كثيرة وأخبار في إمارته.
حدثنا علي بن حرب؛ قال: حدثني إسماعيل بن ريان الطائي عن ابن إدريس؛ قال: سمعت داود الطائي ينشد هذا الشعر لعبيد الله بن عبد الله بن عقبة.
((قصة عراك بن مالك وابن حزم وابن عتبة))
وحدثنا إسماعيل بن إسحاق؛ قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله؛ قال: أخبرنا أبو إدريس؛ قال: أنشدني قاسم بن معن وعبد الرحمن بن أبي الزناد هذه الأبيات لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة؛ وأحدهما يزيد على الآخر؛ قال علي بن حرب في حديثه: كان عراك بن مالك وأبو بكر ابن حزم وعبيد الله بن عبد الله يتجالسون بالمدينة زمانا؛ ثم إن ابن حزم ولى أمرها وولى عراك القضاء؛ فكانا يمران بعبيد الله فلا يسلمان
135

عليه ولا يقفان وكان ضريرا فأخبر بذلك فأنشأ يقول:
* ألا أبلغا عني عراك بن مالك
* ولا تدعا أن تثنيا بأبي بكر
*
* فقد جعلت تبدو شواكل منكما
* كأنكما بي موقران من الصخر
*
* وطاوعتما بي داعكا ذا معاكة
* لعمري لقد أورى وما مثله يورى
*
* فلولا اتقاء الله بقياي فيكما
* للمتكما لوما أحر من الجمر
*
* فمسا تراب الأرض منها خلقتما
* وفيها المصير والمعاد إلى الحشر
*
* ولا تأنفا أن تسألا وتسلما
* فما حشى الإنسان شرا من الكبر
*
* ولو شئت أدلى فيكما غير واحد
* علانية أو قال عندي في السر
*
* فإن أنا لم آمر ولم أنه عنكما
* تضاحكت حتى يستلج ويستشرى
*
136

((عجب شاهر من ولاية ابن حزم))
أنشدني حماد بن إسحاق الموصلي عن أبيه؛ لحكيم بن عكرمة الدئلى في أبي بكر بن عمرو بن حزم:
* وعجبت أن ركب ابن حزم بغلة
* فركوبه فوق المنابر أعجب
*
* وعجبت أن جعل ابن حزم حاجبا
* سبحان من جعل ابن حزم يحجب
*
((الأحوص وأيمن أخو أم جعفر))
وكان سبب هجاء الأحوص بن محمد الأنصاري ابن حزم فيما أخبرنا حماد عن أبيه أن أخا أم جعفر التي يشبب بها الأحوص ويقال له: أيمن استعدى أبا بكر بن حزم على الأحوص وكان ابن حزم يبغض الأحوص؛ فأحضره وقال له: شهرت أخت الرجل؛ قال: ما فعلت؛ فقال: قد أشكل على أمركما وأعطاهما صوتين ثم قال: اجتلدا بين يدي وكان الأحوص قصيرا دميما وكان أيمن طويلا فضربه حتى صرعه وأثخنه.
ويزعمون: أن الأحوص أحدث؛ وقال أيمن في ذلك:
* لقد منع المعروف من أم جعفر
* أشم طوال الساعدين غيور
*
* علاك بفرع السوط حتى اتقيته
* بأصفر من ماء الصفاق يفور
137

((الوليد يعزل ابن حزم ويولي عثمان المرى))
فقال الأحوص:
* إذا أنا لم أغفر لأيمن ذنبه
* فمن ذا الذي يغفر له ذنبه بعدي
*
* أريد انتقام الذنب ثم يردني
* يد لأدانيه مباركة عندي
*
ولما رأى تحامل ابن حزم عليه امتدح الوليد ثم شخص إلى الشام يمدحه؛ فدخل عليه فأنشده؛ فلما بلغ إلى هذين البيتين:
* لا ترثين لحزمي رأيت به
* ضرا ولو ألقى الحزمى في النار
*
* الناخسين بمروان بذي خشب
* والداخلين على عثمان بالدار
*
فقال الوليد: صدقت؛ والله لقد أغفلنا ابن حزم؛ ثم دعا كاتبه وقال: اكتب عهد عثمان بن حيان المرى على المدينة واعزل ابن حزم واكتب إليه أن يستصفى أموال ابن حزم وأن يسقطوا من الديوان. ولابن حزم قضايا كثيرة.
((ابن حزم يجلد في القذف ثمانين))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن عبد الوهاب الثقفي
138

عن يحيى بن سعيد؛ قال: جلد أبو بكر بن حزم إذ كان قاضيا على المدينة عبدا قذف حرة أو حرا ثمانين فبلغني أن عبد الله بن عامر بن ربيعة حين بلغه ذلك قال: أدركت الناس من زمان عمر إلى اليوم فما رأيت أحدا جلد فيه إلا أربعين (قبل أبي بكر).
((قتل مسلم بذمي))
قال: وحدثنا القعنبي؛ قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم أنه بلغه أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قتل مسلما بذمي قتله غيلة.
((التوكيل مع حضور صاحب الحق))
حدثني الأحوص بن المفضل بن غسان؛ قال: حدثني أبي؛ قال: حدثني محمد بن عمر؛ قال: أخبرني عبد الرحمن بن يزيد بن غفيلة وابن أبي سبرة وعبد الله بن جعفر: أنهم حضروا أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يقل الوكالة من الخصم وهو حاضر المصر لا علة به.
أخبرني محمد بن سعد الحدار قال: حدثنا محمد بن عمر؛ قال: حدثني
139

قدامة بن موسى؛ سمع رجلا يقول لسالم بن عبد الله: إن أبا بكر بن حزم قضى باليمين مع الشاهد؛ فقال: أصاب أبو بكر.
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن أبي سلمة أيوب بن عمر عن عبد الله بن عمر أن ابن أبي فروة قال: رأيت الأحوص حين وقفه أبو بكر بن حزم على البلس وإنه ليصبح:
* ما من مصيبة نكبة أعيابها
* إلا تعظمنى وترفع شانى
*
* وتزول حين تزول عن متخمط
* تخشى بوادره على الأقران
*
140

* إني إذا خفي اللئام رأيتني
* كالبدر لا يخفى بكل مكان
*
((ولاة البلدان يولون القضاة))
أخبرني الحارث بن محمد عن محمد بن سعد عن محمد بن عمر الواقدي عن عبد الله بن جعفر عن عبد الواحد بن أبي عون؛ قال: لما ولى الوليد بن عبد الملك استعمل عمر بن عبد العزيز على المدينة ثم عزله واستعمل عثمان بن حيان المرى فاستقضى أبا بكر بن محمد بن حزم وكانت ولاة البلدان إليهم القضاء يولون من أرادوا وكان لا يركب القاضي مركبا ولا يذهب في حاجة إلا استأذن أمير البلد لأن يطيب له الرزق فأتى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عثمان بن حيان صبيحة ثلاث وعشرين من شهر رمضان وعنده أيوب بن سلمة المخزومي؛ وكان بينهما شيء؛ فقال له: أصلح الله الأمير؛ إني أريد أن أحيي هذه الليلة فإن رأيت أن تأذن لي في التصبح غدا فعلت؛ فقال: افعل راشدا فلما قام أبو بكر قال أيوب بن سلمة لعثمان: إنه والله ما به إحياء ليلته وما أراد إلا أن يرائيك؛ فقال: دعه والله لئن لم يبكر بالناس لأضربنه مئة سوط؛ قال أيوب: فانصرفت وقد نلت من أبي بكر حاجتي؛ قال: وكان له عدوا: فبكرت قبل طلوع الفجر إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا السمع في دار مروان؛ فقلت لنفسي: أترى المرى باكر أبا بكر بالضرب؟ فدخلت الدار؛ فإذا أبو بكر بن محمد في مجلس المرى والمرى بين يديه والحداد يضرب القيود في رجل المرى وإذا الوليد بن عبد الملك قد مات وصار الأمر إلى سليمان بن عبد الملك فكتب إلى أبي بكر بن محمد بولايته على المدينة وبأمره يشد عثمان في الحديد فلما رآني قال: يا بن سلمة
141

* ولوا على أدبارهم كشفا
* والأمر يحدث بعده الأمر
*
فلما أصبح دعا بقوارير فيها شراب من بيت ابن حيان؛ فقال لقوم عنده: ما هذا؟ قالوا: الخمر؛ قال: كنت تشرب من هذا؟ قال: نعم؛ فضربه الحد؛ وجاء عبد الله بن عمرو بن عثمان بالبينة؛ أنه قال له: يا لوطى؛ فضربه حدا آخر.
((عبد الرحمن بن الضحاك يلي المدينة))
((عثمان بن حيان يطلب من يزيد أن يقيده من ابن حزم))
قال: وولى يزيد بن عبد الملك على المدينة عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس وخرج عثمان بن حيان مع مسلمة بن عبد الملك حين قتل ابن المهلب وحمل رأسه إلى يزيد؛ فقال: ما تحب أن أفعل بك؟ قال: تقيدني من ابن حزم؛ قال: لا أقدر على ذلك ولكني أوليك المدينة؛ قال: إذا يقال: ضربه في سلطانه ولكن اكتب إلى عبد الرحمن بن الضحاك:
((ابن الضحاك يضرب ابن حزم))
((ابن حزم يعين ابن الضحاك))
أما بعد فإذا جاءك كتابي فانظر فيما ضرب ابن حزم عثمان بن حيان؛ فإن كان ضربه في أمر بين فلا تلتفت إليه وإن كان في أمر مشكل يخلف فيه فأمض الحد أيضا وإن كان لا يختلف فيه فأقده منه؛ فقدم بالكتاب على عبد الرحمن فرمى به؛ قال: وأي شيء حمل ما لا ينفعك؟ ما ضربك إلا في أحد هذين؛ فقال له عثمان: إنك إن أردت أن تحسن أحسنت؛ قال: الآن أصبت المطلب؛ فأرسل إلى أبي بكر فلم يسأله عن شيء وضربه حدين وانصرف أبو المغراء عثمان بن حيان يقول: لا والله ما قربت النساء منذ يوم ضربني ابن حزم إلى يومي هذا؛ ثم عزل ابن الضحاك وأغرم أربعين ألف دينار فأتى به إلى دار ابن حزم فنهى ابن حزم حاميه أن يعرضوا له بحرف يكرهه وأمر له بها وغير ذلك مما يحتاج إليه.
142

((حكيم بن عكرمة يهجو ابن حزم))
وكان ابن الضحاك بعد ذكر ما صنع بابن حزم وما صنع به ابن حزم يتعجب.
وأنشدت لحكيم بن عكرمة الدئلى في أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم:
* رأيت ابن حزم بين برد ومطرف
* وذلك من مستظرفات العجائب
*
* يرول ويمرى الطرف وهو كأنه
* لعمرو بن سعد أو حضير الكتائب
*
أخبرني الحارث بن محمد عن محمد بن سعد؛ قال: أبو بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم أمه كبشة بنت عبد الرحمن بن زرارة وخالته عمرة بنت عمر: توفي أبو بكر بالمدينة سنة عشرين ومائة وهو ابن أربع وثمانين سنة.
((إجماع أهل المدينة))
أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا حرملة بن يحيى؛ قال: حدثنا ابن وهب؛ قال: حدثني مالك بن أنس؛ قال: كان أبو بكر بن حزم على قضاء المدينة؛ قال: وولى المدينة أميرا فقال له قائل: ما أدري كيف أصنع بالاختلاف؛ فقال أبو بكر: يا ابن أخي إذا وجدت أهل المدينة
143

على أمر مستجمعين عليه فلا تشك أنه الحق.
((شهادة الولد لأمه))
أخبرني عبد الله بن محمد بن حسن؛ قال: حدثنا تميم بن المنتصر؛ قال: حدثنا يزيد بن هارون؛ قال: أخبرنا ابن أبي ذئب عن سليمان ابن أبي سليمان؛ قال شهدت لأمي عند أبي بكر بن محمد فأجاز شهادتي لها.
أخبرني أحمد ابن علي؛ قال: حدثنا أبو الطاهر السرحى؛ قال: حدثنا ابن وهب عن الليث بن سعد؛ أنه بلغه عن القاسم بن محمد؛ أنه أتى إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وهو وال في شهادة عنده لرجل فسأله عنها أبو بكر بن حزم ولم يذكرها القاسم عنده فلما كان بعد ذلك ذكر شهادته فأتى إلى أبي بكر بن حزم فأخبره أنه قد ذكرها ثم أخبره بها؛ فأجاز أبو بكر شهادته وقال: إنما أنت فنستجيز شهادتك وإن كان غير القاسم ما أجزنا شهادته لرضاهم به.
144

أخبرني أحمد بن علي؛ قال: حدثنا أبو الطاهر؛ قال: سمعت ابن وهب يحدث عن ابن أبي ذئب؛ قال. كان أبو بكر بن حزم يؤم الناس بالمدينة فكان إذا مر بآية رحمة
أو آية فيها ذكر النار سمع لمن خلفه جلبة؛ فصلى ذات يوم فلما سمعها أخذ بعضادتي المقصورة ثم قال: شاهت الوجوه! ألم تستمع إلى قول الله تبارك وتعالى: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون؟ قال ابن أبي ذئب: فقلت له لقد أفلحت أمة يكون إمامهم فقيها.
((ابن حزم يقضي في المسجد وحوله حرس بسياط))
أخبرني أبو إبراهيم الزهري؛ قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي؛ قال: حدثني ابن وهب؛ قال: حدثني مالك بن أنس عن ربيعة؛ قال: رأيت أبا بكر بن حزم وهو قاض يقضي في المسجد. وهو على رأسه حرس معهم سياط؛ فقلت لمالك: وما شأن السياط؟ قال: يذبون الناس بها.
وقال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي بكر؛ قال: أخبرنا ابن وهب؛ قال: قال مالك: قال ربيعة: رأيت أبا بكر بن حزم إذ كان قاضيا يستند إلى عمود وعنده حرس معهم سياط وما عنده أحد من الناس يقضي بينهم.
((وفاة ابن حزم))
حدثني أحمد بن أبي خيثمة؛ قال سمعت يحيى بن معين يقول: مات أبو بكر
145

ابن عمرو بن حزم سنة عشرين ومائة.
وأخبرني ابن أبي خيثمة؛ قال: سمعت مصعبا يقول: كان مالك يرى محمد ابن عمرو بن حزم مقنعا.
((ابن حزم يجيز شهادة قاذف))
حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني؛ قال: حدثنا الحجاج بن محمد عن ابن جريج؛ قال: أخبرني عمران بن موسى عن أبي بكر بن حزم: أجاز شهادة قاذف.
أخبرنا محمد بن عبد الله المخرمي؛ قال: حدثنا حسين بن محمد؛ قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن سليمان؛ أنه شهد لأمه عند أبي بكر بن محمد فقبل شهادته. فحدثنا عبد الملك بن زنجويه؛ قال: حدثنا عبد الرزاق؛ قال معمر: عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه؛ أنه كان يقول: ما بقي من أهل الدعوة غيري؛ يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم اغفر للأنصار وأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار.
146

((ثم أبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن))
((ابن معمر بن حزم الأنصاري))
ولما ولى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم إمرة المدينة استقضى أبا طوالة عبد الله بن عبد الرحمن؛ وكان عزل عثمان بن حيان عن المدينة وولاية أبي بكر إمرتها لسبع بقين من شهر رمضان وأبو طوالة ممن حمل عنه العلم وله روايات كثيرة سمع من أنس بن مالك.
((رجل يقول لرسول الله إني أحبك فيقول له استعد للفاقة))
حدثنا أحمد بن إسماعيل بن محمد بن نبيه السهمي؛ قال: حدثني كثير ابن جعفر بن أبي بكير أخو إسماعيل بن جعفر عن أبي طوالة عن أنس بن مالك؛ قال: قال رجل: يا رسول الله إني أحبك قال استعد للفاقة.
وحدثني كثير؛ أخبرني عبد الله بن شبيب؛ قال: حدثني كثير بن جعفر قال: كنت أحضر أبا طوالة وكان محمد بن عمران يرسل إليه فيسأله عن شيء من أمر القضاء؛ فيقول له: إذا أردت هذا فعليك بالغدوات فإن للقلب جماما بالغدوات.
((ابن حزم يمدح أخلاق السلف في الجاهلية))
حدثني محمد بن أبي على العبسي؛ قال: حدثني محمد بن صالح العذرى؛ قال: حدثني شيخ من آل حزم؛ قال: قال أبو طوالة: ليت لنا أخلاق آبائنا في الجاهلية مع إسلامنا.
أخبرني الحارث عن ابن سعد عن محمد بن عمر؛ قال: أبو طوالة اسمه عبد الرحمن وقال عبد الله بن محمد بن عمارة: اسم أبي طوالة الطفيل.
((وفاة أبي طوالة))
توفي أبو طوالة قديما في آخر سلطان بني أمية.
147

حدثنا أبو بكر الرمادي؛ قال: حدثنا علي بن عبد الله؛ قال: حدثنا عبيد بن أبي قرة؛ قال: سمعت عبد الله بن عبد العزيز العمرى قال: لما حضرت أبا طوالة الوفاة جمع بنيه فقال: يا بني اتقوا الله فإن لم تتقوه فوالله ما أبالي ما صنع بكم.
((ثم سلمة بن عبد الله بن سلمة بن عمر بن أبي سلمة المخزومي))
وتوفي سليمان بن عبد الملك واستخلف عمر بن عبد العزيز؛ فأقر أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم على المدينة وأقر أبو بكر أبا طوالة على القضاء ثم توفي عمر بن عبد العزيز واستخلف يزيد بن عبد الملك فاستعمل على المدينة عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري فاستقضى سلمة بن عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي.
((شهادة الصبي حتى تجوز))
حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي؛ قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس؛ قال: حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن عبد الله بن عمر عن داود ابن الحصين؛ أنه نصر سلمة بن عبد الله المخزومي وهو قاضي المدينة أتى بغلام فشهد فتصاغره؛ فسأل القاسم وسالما عن إجازته شهادته؛ فكلاهما قال: إن كان أنبت الشعر فأجز شهادته.
148

أخبرنا سعدان بن قمر؛ قال: حدثنا أبو معاوية الضرير؛ قال: حدثنا عبد الله بن عمر عن داود بن الحصين؛ قال: شهد علام عند قاض من قضاة المدينة يقال له: سلمة بن عبد الرحمن فأرسل إلى القاسم وسالم فسألهما عن شهادته؛ فقالا: إن كان أنبت فأجز شهادته.
((حديث أم سلمة مع الرسول بخصوص هجرة النساء))
حدثني أنيس أبو عمر الدلال؛ قال حدثني عبد الله بن إسحاق الأدرمى؛ قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سلمة بن عمر بن أبي سلمة نسبه إلى جده؛ قالت أم سلمة: يا رسول الله لن يسمع الله ذكر النساء في الهجرة؛ فأنزل الله عز وجل فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى.
149

حدثني أحمد بن علي؛ قال حدثنا أبو الطاهر؛ قال: حدثنا ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن عبد الله بن عمر؛ قال: حدثني من حضر سلمة بن عبد الله المخزومي؛ فذكر مثل حديث ابن أبي أويس.
أخبرني الحارث بن أبي أسامة؛ قال: حدثنا الحكم بن موسى؛ قال: حدثنا عباد بن عباد عن محمد بن عمرو عن سلمة بن عبد الله بن سلمة؛ قال: والله لدرة عمر كانت أهيب في صدور المسلمين من سيوفكم هذه.
((ثم سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري))
((أمه أم كلثوم بنت سعد بن أبي وقاص))
(فيما أخبرني ابن أبي خيثمة عن مصعب))
((ولاية عبد الواحد ابن عبد الله المدينة ومكة))
وعزل يزيد بن عبد الملك عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس وكتب إلى عبد الواحد بن عبد الله بن قنيع البصري وهو بالطائف بولاية المدينة ومكة والطائف فقدم البصري للنصف من شوال سنة.....؛
150

فاستقضى سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
وقال محمد بن يحيى بن عبد الحميد: استقضى سعيد بن سليمان بن زيد ابن ثابت وقال غيره: سعيد بن سليمان بعد سعد بن إبراهيم.
قال أبو بكر: وسعد بن إبراهيم ممن حمل عنه العلم الكثير وكان يكتب عمن هو أصغر منه.
حدثني عبد الرحمن بن محمد الجاري؛ قال: حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة؛ قال: كتب بن إبراهيم وما ترك من حديثي شيئا إلا كتبه.
قال أبو بكر: وكان سيفا صليبا في الحكم شريفا يهاب ويتقى.
((قصة أبي الزناد مع سعد بن إبراهيم))
أخبرني أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب بن عبيد الله الزبيري؛ قال: ولى بعض ولاة المدينة أبا الزناد أمره؛ فقال له: اكتب إلى من أوليه أعمالي هذه فكتب له قوما؛ فقال: لا أراك كتبت سعد بن إبراهيم! قال: لا يلي؛ قال أبو الزناد؛ فخرجت من عنده فلقيني سعد بن إبراهيم؛ فقال: ألا ذكرتني لصاحبك هذا؟ قلت: وتلي؟ قال: نعم؛ فأعلمت الوالي فولاه؛ فلما كان من قابل لقيته؛ فقلت له: قد كتبتك على الوضع الذي كنت فيه؛ فقال: هيهات؛ كان ذا وعلى دين فخفت أن أتبع الأصل؛ فأما الآن وأنا مستغن لو خرج صاحبك عن جميع عمله ما وليته.
وأخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن ابن أحمد الزهري
151

عن خالد بن إلياس قال؛ سمعت القاسم بن محمد يقول لسعد بن إبراهيم؛ بئسما ظننت أنك تنال من الحق حتى يقول لك الناس عشمت.
((قصة صدقة على أبي طالب والخصاء فيها بين يدي سعد ابن إبراهيم))
حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي؛ قال: حدثنا علي بن عبد الله؛ قال: حدثنا وهب بن جرير؛ قال: حدثني جويرية؛ قال: شهدت سعد ابن إبراهيم وتقدم إليه عبد الله بن الحسن ومعه وكيل إلى معاوية وكان عبد الله قد رفع في عنصر عين له بنسع فحال بينه وبين ذلك
152

وكيل إلى معاوية وادعى أن الوادي كله له فضرب له سعد أو قاض كان قبله أجلا على أن يأتي بالبينة على ما ادعى فلم يأت بالبينة حتى انقضى الأجل فقال سعد لعبد الله: أترضى أن نخلى بينك وبين عملك فإن كنت عملت في حقك كما عملت وإن كنت عملت في غير حقك عقد عليك؛ قال: نعم؛ قال: فقد خلينا بينك وبين العقل؛ قال: فنادى وكيل معاوية: يا معشر المسلمين أشهد الله وأشهدكم إني لست بوكيل ولا خصم إنما خصمه أمير المؤمنين يعني الوليد بن يزيد؛ قال له سعد: قد أقمت عندي البينة أنك جرى وأنك وكيل فلما رأيت الحق توجه عليك قلت: لست بوكيل ولا خصم؛ أما والله لو نقضي بعلمنا في النعينعة لقضينا بغير ما ترى؛ قلت لبعض من أرى: إنه يعلم ذلك؟ ما هذا العلم؟ قال: إن النعينعة صدقة علي بن أبي طالب وإن معاوية كان خطب أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر وهي بنت زينب بنت علي: لفاطمة بنت محمد علي ابنه يزيد فأراد ان ينكحه فبعث إلى حسين في ذلك؛ فذكر حديثا طويلا فيه: أن النعينعة لم تزل في يد حسين حتى هلك ثم وثب عليها يزيد بن معاوية فكانت في يده ثم كانت في يد ابن الزبير فكانت إذا كانت المدينة
153

في يد ابن الزبير وثب عليها آل علي؛ وإذا كانت في يد يزيد بن معاوية فالنعينعة في يده ثم دفعها عبد الملك إلى آل معاوية حتى قام عمر بن عبد العزيز فردها إلى آل علي فلما ملك يزيد بن عبد الملك ردها إلى آل معاوية.
((سعد بن إبراهيم يحاسب ناظر وقف متهم بالتقتير على مستحق))
أخبرني عبد الله بن يوسف الأزدي؛ قال: حدثنا المفضل بن عبد الرحمن أبو غسان المهلبي قال: حدثنا وهب بن جرير؛ قال: حدثنا جويرية بن أسماء؛ قال: شهدت سعد بن إبراهيم الزهري وقدم إسماعيل بن عبد الله بن مطيع رجل من أهله؛ فقال سعد وهو يومئذ قاض: أصلحك الله! إن في بيتي كذا وكذا من أثمان فذكر عنده وذكر حاجته وإن هذا لم يعطني في عامي من صدقة عبد الله بن مطيع إلا كذا وكذا من دينار؛ فأقبل عليه سعد بن إبراهيم؛ فقال: إن كنت لجديرا في شرفك وسنك وموضعك ونعمة الله عليك ألا يشتد عليك (مثل ما أرى) من أهل بيتك قال: أصلحك الله هم الناس هم الناس! فقال له سعد: أما رأيت لهذا حقا في صدقة عبد الله على ما يذكر من عدة عياله إلا كذا وكذا دينارا؟ قال: ما ألوت أصلحك الله؛ قال: فارفع إلى حسابك ما قبضت الغلة
154

وحيث وضعتها فمهما كان من ذلك من حق أمضيته لك وما كان من غير حق ألزمناكه في صلب مالك؛ فقال: أصلحك الله! أمر كفاك الله مئونته وحمله غيرك فلا عليك أن لا تدخل فيه؛ فقال: إني والله لما كف الله عني من أموركم أحب إلي مما نشر على منها ولو سكت هذا وأصحابه ما دخلت عليك ولا على أصحابك في شيء مما في أيديكم ولكنه إذا جاء مثل هذا يذكر مثل ما نسمع لم أجد بدا من النظر فيه فارفع إلى حسابك؛ قال: أما أنا لا أفعل؛ قال: افعل؛ قال: لا أفعل ثلاث مرات؛ قال: فضرب بين كتفيه وعلى رأسه وهو قاعد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عد ثلاثا وثلاثين أو أربعا وثلاثين وهو مستسلط يقول: اضرب حتى قال: أفعل؛ قال: كف؛ قال: وقام ابن له وهو يضرب قد زاد على الستين - فيما أحسب - فقال: يا معشر المسلمين إسماعيل بن عبد الله يضرب في مسجد رسول الله! فقال سعد: السجن السجن فانطلقوا بأبيه إلى السجن وكان إسماعيل يومئذ سيد قريش.
((سعد بن إبراهيم وفند مولى عائشة بنت سعد))
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان؛ قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ؛ قال: استعدى رجل سعد بن إبراهيم على فند مولى عائشة بنت سعد
155

وكان ظنينا وأعطاه خاتما فلما أراه أخذه وابتلعه فجاء إلى سعد فأخبره؛ فقال: علي بابن السوداء؛ فلما أتاه قال: ابتلع خاتمي؛ قال: يا سيدي ابتلعته من الفرق. وما جئتك حتى أسهلني ثلاثين من الفرق.
((سعد يرد شهادة من يبول قائما))
أخبرني الأحوص بن المفضل بن غسان؛ قال: حدثني أبي؛ قال: حدثنا أبو بكر بن مسعر عن ابن عيينة أن سعد بن إبراهيم كان لا يجيز شهادة من يبول قائما.
((سعد يضرب شاعر لسماجته))
حدثني عبد الرحمن بن محمد بن منصور أبو السعيد الحارثي؛ قال: سعيد ابن عامر قال: حدثنا جويرية بن أسماء؛ قال: تقدم رجلان إلى سعد بن إبراهيم فأمر بأحدهما أن يضرب؛ فقال لأي شيء ضربتني؟ فقال: لسماجتك وكان المضروب يسمى ابن سلم؛ فقال الشاعر:
* ضرب الحاكم سعد
* ابن سلم في السماجة
*
* فقضى الله لسعد
* من أمير كل حاجة
*
أخبرني عبد الله بن شبيب؛ قال: حدثني يعقوب بن حميد؛ قال: حدثني عبد الملك بن عبد العزيز عن يوسف بن أبي سلمة الماجشون؛ قال: قال لي أبي (لما عزل سعد بن إبراهيم عن القضاء): يا بني تعجل بنا عسى
156

أن نروح مع سعد بن إبراهيم؛ فإن القاضي إذا عزل لم يزل الناس ينالون منه؛ فخرجنا حتى إذا جئنا دار سعد بن إبراهيم بالقبليه؛ فإذا صوت عال؛ فقال لي أبي: يا بني إني أرى قد عجل علي أبي إسحاق؛ فدخلنا؛ فإذا داود ابن سلم يقول: أطال الله بقاءك يا أبا إسحاق وفعل بك وفعل وكان سعد قد جلد داود بن سلم أربعين سوطا فأقبل علي أبي؛ فقال: لم نر مثل أربعين سوطا في ظهر لئيم.
وهو الذي يقول فيه الشاعر:
* جلد العادل سعد
* ابن سلم في السماجة
*
* فقضى الله لسعد
* من إمام كل حاجة
* وكان ابن سلم هذا سن على العمال والولاة إذا عزلوا؛ فلما ولى سعد أمر به فضرب.
وزعم ابن أبي خيثمة عن أبي هشام الرفاعي أن هذين البيتين لابن رهيمة.
((سعد بن إبراهيم ومن كان يتحرش به))
فأخبرني هارون بن محمد بن عبد الملك عن زبير بن أبي بكر عن عبد الله بن محد بن أبي سلمة العمرى؛ قال: كان سعد بن إبراهيم قد حكم على إنسان بالمدينة إذ كان قاضيا فلما عزل عن القضاء جاء ذلك الإنسان
157

فوضع يده على ثفر دابته وجعل يحرك الثفر؛ فقال له سعد: ما تريد؟ قال: ألجمها فسكت عنه ثم استقضى بعد ذلك؛ فدعا بذلك الإنسان فجلده عشرين سوطا ثم عزل سعد؛ فاستقضى ابن حزم؛ فجاء ذلك الإنسان إلى منزل سعد يدق عليه الباب قبل أن يعلم سعد أن ابن حزم قد استقضى؛ فقال له سعد: من هذا؟ قال ساعي ابن حزم؛ ثم استقضى سعد بعد ذلك فجلده عشرين سوطا؛ ثم عزل سعد بعد ذلك؛ فلقى ذلك الإنسان؛ فلم يكلمه الرجل؛ فقال له سعد: مالك لا تصنع بعض ما كنت تصنع؟ قال: هيهات: درست التوراة بعدك فوجدت بين كل سطرين منها سعد ابن إبراهيم قاض.
((سعد بن إبراهيم مع اثنين فخرا أمامه))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن ابن سلمة الغفاري عن الهيثم بن حميد بن حفص بن دينار؛ قال: كان سعد بن إبراهيم عند ابن هشام يوما واختصم عنده ابن لمحمد بن مسلمة وآخر من بني حارثة فقال ابن محمد أنا ابن قاتل كعب بن الأشرف؛ فقال: والله ما قتل إلا غدرا فانتظر سعد أن يغيرها ابن هشام فلم يفعل حتى قام؛ فلما استقضى سعد قال لمولاه شعبة وكان يحرسه أعطى الله عهدا يا شعبة: لئن أفلتك الحارثي لأرجعنك ضربا؛ قال شعبة: فصليت معه الصبح ثم جئت سعدا
158

فلما نظر إليه سعد قال: شق القميص ثم قال: أنت القائل: إنما قتل الأشرف غدرا؟ ثم ضرب خمسين ومائة وحلق رأسه ولحيته ثم قال: والله لا أفرتنك الضرب ما كان لي سلطان.
((قصة سعد بن إبراهيم مع مروان ابن أبان بن عثمان وقد رد شهادته))
أخبرني عبد الله بن يوسف الأزدي؛ قال: حدثنا المفضل بن عبد الرحمن أبو غسان المهلبي قال: حدثنا وهب بن جرير؛ قال: حدثنا جويرية؛ قال: حدثني الصباح بن ناجية وكان قد كتب لسعد بن إبراهيم أن رجلا جاء يطلب حقا معه شاهد ورجل فشهد على شهادة مروان ابن أبان بن عثمان؛ قال له سعد: من شهودك؟ قال: هذا وهذا يشهد على شهادة مروان بن أبان؛ قال: هل لك شاهد غير مروان؟ قال: لا؛ قال: قد والله أرى أبطل الله ما تطلب فرجع إلى مروان فأخبره فبعث إليه ابنا له يقال له: عبد الملك؛ حتى انتهى إلى سعد في مجلسه؛ فقال: إن أبي أرسلني يقول: لم ترد شهادتي؟ فوالله لأنا خير منك وأبي خير من أبيك وجدي خير من جدك؛ فرفع رأسه؛ وقال: من هذا؟ (وهو أعرف به) فقلنا: هذا ابن مروان بن أبان؛ فقال: يا بني قل لأبيك: يرحم الله أباك وجدك فأما أنت فلست بخير من أحد وأما مسألتك إياي: لم رددت
159

شهادته فإن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك كتب إلينا أن نرد شهادة الحمقى وإن أباك من الحمقى.
((أولاد إبراهيم أوتاد المسجد))
أخبرني أبو إبراهيم أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم؛ قال: حدثني سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت الزهري؛ قال: كان ولد إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف أربعة عبادا؛ يسمون أوتاد المسجد يصلى كل رجل منهم في زاوية فكان إبراهيم يقول:
* أنت وهبت صالحا ومسورا
* والأقنفين والغلام الأزهرا
* يريد بالأقنف المنقلب الأذن.
أبو إبراهيم الزهري عن يحيى بن معين عن سعيد بن عامر عن شعبة؛ قال كان سعد بن إبراهيم يصوم الدهر ويختم على كل ثلاثة أيام أو كل يوم وليلة.
((تقوى سعد بن إبراهيم وورعه))
حدثني أبو إبراهيم الزهري قال: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري؛ قال: حدثنا سفيان بن عيينة؛ قال: حدثني إبراهيم بن سعيد؛ قال: إن كان أبي سعد بن إبراهيم يتجنى فلا يطلق حقوقه حتى يختم القرآن.
160

قال: حدثني أحمد بن أبي خيثمة؛ قال: حدثنا يعقوب؛ قال: حدثني أبي؛ قال: سرد سعد الصوم قبل أن يموت بأربعين سنة.
حدثنا عباس الدوري؛ قال: حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة؛ قال: كان سعد بن إبراهيم يقرأ القرآن في كل ثلاث.
((الوليد بن يزيد ينصب قبة على الكعبة))
فأخبرني أبو الأحوص القاضي محمد بن الهيثم؛ قال: حدثنا أصبغ بن الفرج عن ابن عيينة ورواه يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه وحديث يعقوب أتم: أن الوليد بن يزيد كان أمر بقبة من حديد أن نعمل وتركب على ظهر الكعبة وأركانها ونخرج لها أجنحة لتظله إذا حج وطاف هو ومن أحب من أهله وفتياته ويطوف الناس من وراء القبة فحملها على الإبل من الشام ووجه معها قائدا من قواد أهل الشام في ألف فارس وأرسل معه مالا يقسمه في أهل المدينة فقدم بها فنصبت في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزع أهل المدينة وقالوا: إلى من نفزع؟ فقالوا: إلى سعد بن إبراهيم فأتوه وأخبروه الخبر وكان على قضاء المدينة؛ فأمرهم أن يضربوها بالنار؛ فقالوا: لا نطيق ذلك؛ معها قائد في ألف فارس فدعا مولى له؛ فقال: هات الجراب فأتاه بجراب فيه درع عبد الرحمن التي شهد فيها بدرا فصبها عليه وقال: هلم بغلتي فركبها فما تخلف يومئذ قرشي ولا أنصارى حتى أتاها وقال: على بالنار فأضرمها بالنار ثم قال: ليس الا هذا؛ لا الله إذا حتى نصنع بها كما صنع
161

بالعجل لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا؛ فغضب القائد؛ فقيل له: هذا قائد أمير المؤمنين والناس معه لا طاقه لك به فانصرف إلى الشام؛ قال سعد ابن إبراهيم: وشبع عبيد أهل المدينة من الناطف من حديدها؛ قال إبراهيم: فكتب الوليد إلى سعد: أن استخلف عبيد الله بن عمر على القضاء واقدم علينا فولى عبيد الله وركب إلى الشام وأقام بباب الخليفة أياما لا يؤذن له حتى أضر به طول المقام فبينما هو ذات عشيه إذا هو بفتى في صفراء سكران؛ فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا خال؟ أمير المؤمنين سكران يطوف في المسجد فقال لمولى له: هلم السوط فأتاه به وقال: علي به فأتى به فضربه في المسجد ثمانين سوطا وركب بغلته ومضى راجعا إلى المدينة وأدخل الفتى علي الوليد مجلودا؛ فقال: من فعل هذا به؟ قالوا: مدنى كان في المسجد؛ فقال علي به فلحق على مرحلة فرد فدخل عليه سعد؛ فقال له: يا أبا إسحاق ماذا فعلت بابن أخيك؟ فقال: يا أمير المؤمنين انك وليتنا أمرا من أمورك واني رايت حقا لله ضائعا؛ سكران يطوف في المسجد وفيه الوفود ووجوه الناس فكرهت أن يرجع الناس عنك بتعطيل الحدود فأقمت عليه الحد؛ قال: جزاك الله خيرا وأمر له بمال وصرفه إلى المدينة ولم يذاكره شيئا من أمر القبة.
162

هذا اقتصاص حديث يعقوب عن أبيه.
((موسى شهوات يهجو سعد بن إبراهيم))
وأنشدنا أحمد بن أبي خيثمة لموسى شهوات يهجو سعد بن إبراهيم:
* قل لسعد وجه العجوز لقد كن
* ت لما قد أتيت سعد مخيلا
*
* ان تكن ظالما جهولا فقد كا
* ن أبوك الأدنى ظلوما جهولا
*
وقال موسى يهجوه:
* لعن الله والعباد ثطيط الوجه لا يرتجى قبيح الجوار
*
* يتقي النسا فحشه وأذاه
* مثل ما يتقون بول الحمار
*
* لا يغرنك سجدة بين عينيه
* حذارا منها ومنها حذارى
*
* إنها سجدة بها يخدع النا
* س عليها من سجدة بالدبار
*
وقال موسى أيضا يهجوه؛ أنشدنيها عبد الله بن الحسن عن النميري:
* هلال بن يحيى غرة لا خفا بها
* على الناس في عسر الزمان وفي اليسر
*
* وسعد بن إبراهيم ظفر موسخ
* متى يستريح الناس من وسخ الظفر
*
وأنشدني هذين البيتين أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب للحزين الدئلى.
163

((وفاة سعد))
أخبرني الحارث بن محمد بن سعد؛ قال: أخبرني سعد ويعقوب ابنا إبراهيم بن سعد؛ قالا: توفي سعد بن إبراهيم بالمدينة سنة سبع وعشرين ومائة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. وسعد من التابعين.
حدثني أحمد بن علي؛ قال: حدثنا علي بن خشرم؛ قال: حدثنا عيسى ابن يونس؛ عن شعبة عن سعد بن إبراهيم؛ قال: رأيت ابن عمر قد جمع بين قدميه في الصلاة قائما يصلي.
وعزل عبد الواحد بن عبد الله النضري سعد بن إبراهيم عن القضاء وولى سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت.
((سعد بن إبراهيم يرد شهادة لضعف عقل الشاهد))
حدثني أحمد بن علي؛ قال: حدثنا أبو الطاهر السرحى؛ قال: حدثنا ابن وهب عن أسامة بن زيد الليثي؛ قال: حدثني جليس لسعد بن إبراهيم ابن عوف أن رجلا شهد عنده بشهادة لم يتهمه سعد في الكذب ولكنه اتهمه في ضعف عقله؛ قال سعد: لولا أني سمعت أنه كان يقال: يدخل الجنة كذا وكذا من هذه الأمة قلوبهم في الضعف على مثل قلوب الطير
164

لعاقبتك ولكني أظنك منهم.
((سعد يضرب قندا في الشراب))
أخبرنا هارون بن محمد؛ قال: حدثني الزبير؛ قال: حدثني عبد الرحمن ابن عبد الله الزهري؛ قال: قال سعد بن إبراهيم لعبد المجيب أي قند: إني أعرف سفهك والله لئن رأيتك على شيء مما أعرفك به لأقيمن فيك الحق؛ قال: فسمعه يوما يغنى؛ فنظر فإذا هو شارب فأمر به فضرب فقال له قند: أسألك بحق عبد الرحمن بن عوف وأسألك بحق سعد ابن أبي وقاص فأبى إلا أن يضربه فلما رأى إباءه وعزم على ضربه قال له: أسألك بحق الصبية الذين لهم النار وأنت أحدهم فوالله إنك لبغيض مبغض متغاض يا زنابى العقرب.
قال: وكان أم إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف بنت عقبة بن أبي معيط وقوله: يا زنابى العقرب؛ يريد شاربي سعد بن إبراهيم وكانا وافرين.
((قصة سعد بن إبراهيم مع جعفر في شراب))
أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي عن أبيه عن سعيد ابن عامر؛ قال: حدثنا جويرية؛ قال: حدثنا جعفر؛ قال: كنت مع سعد ابن إبراهيم في أرضه بالقبلية فإذا حمارة عليها شكوة فيها شراب
165

معلقة؛ فلما كان عند الإفطار دعا بشربة منه فنظرت فقال: اسقه ثم قال: أتدري لم سقيتك يا جعفر؟ قلت: نعم ظننت أني اشتهيته؛ فقال: لا ولكني رأيتك تنظر إليه فأحببت أن تعلم ما هو؛ إني آمر الجواري فيعمدن إلى الزبيب فينقينه من أقماعه وحبه قم آمر به فيدق في المهراس ثم يصب عليه الماء ثم أصفيه فآخذه؛ يعصمني ويقطع عني البلغم والعطش وكان يديم الصوم.
((كان سعد بن إبراهيم مهيبا))
حدثني أحمد بن أبي خيثمة؛ قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر؛ قال: حدثنا ابن عيينة؛ قال: دخلت أنا وابن جريج على ابن شهاب ومع ابن جريج صحيفة؛ فقال: أريد أن أعرضها عليك؛ قال: إن سعدا كلمني في ابنه؛ وإن سعدا سعد؛ قال: فخرجت أنا وابن جريج وهو يقول: فرق والله من سعد.
((خبرة سعد بأهل المدينة))
حدثني أبو عوف البزورى عبد الرحمن بن مرزوق؛ قال: حدثنا زكريا
166

ابن عدي؛ قال: حدثنا ابن إدريس عن شعبة قال: ما رأيت رجلا أوقع في رجال أهل المدينة من سعد بن إبراهيم ما كنت لأرفع له رجلا إلا كذبه.
((ثم سعيد بن زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري))
وولى القضاء بعد سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
((سعيد بن سليمان يلي قضاء المدينة فيكره ولايته))
أخبرني عبد الله بن عبد الصمد بن إبراهيم عن سعيد بن داود الزبيري عن أبيه داود بن سعيد عن مالك بن أنس؛ قال: لما ولى سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت كره ولايته وسأل أمير المدينة أن يعفيه من القضاء؛ فجمع الوالي شيوخ أهل المدينة وكان سعيد من المصلين المشمرين؛ فقال له سعد بن إبراهيم وأبو سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن مصعب بن بيتي حنبل ومحمد بن صفوان: لقضاء يوم لحق أفضل عندنا من صلاتك عمرك؛ فولى القضاء.
((قوة سعيد في الحق))
وكان الوالي غضب قوما مالا لهم بملل فكان أول قضاء قضى به سعيد بن سليمان على والي المدينة فأخرج من يديه ذلك المال تصدق به
167

ابن لرفاعة بن رافع العجلاني على فقراء العجلان وانتعش منه خلق كثير من فقرائهم بالمدينة؛ فقال محمد بن مصعب بن بيني حنبل: يا سعيد متى يدرك المضلون فضل
هذه القضية فأراد الوالي عزله فما استطاع وعزل الوالي من أجله.
أنشدني أحمد بن أبي خيثمة لموسى شهوات يمدح سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت الأنصاري:
* من سره الحكم صرفا لا مزاج له
* من القضاة وعدل غير مغموز
*
* فليأت دار بنى زيد فإن بها
* أمضى على الحكم من سيف ابن جرموز
*
((ثم محمد بن صفوان الجمحي))
((محمد بن صفوان الجمحي يلي قضاء المدينة))
ولما ولى هشام بن عبد الملك استخلف على المدينة خاله إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة في سنة ست ومائة فقدمها يوم الجمعة في سبع عشرة ليلة مضت من جمادى فاستقضى محمد بن صفوان الجمحي.
حدثني جعفر بن محمد بن حسن؛ قال: حدثنا قتيبة بن سعيد؛ قال: حدثنا معن بن عيسى عن أخي الزهري قال حضرت محمد بن
168

صفوان الجمحي وجاءه ابن شهاب في خصومة له وجاء بأخيه أي يشهد له؛ فقال خصمه: إن شاهده أخوه فأمر به فوجئ في عنقه وأجاز شهادته لأخيه.
((ثم الصلت بن زبيد بن الصلت الكندي))
((الصلت بن زبيد يلي قضاء المدينة))
عزل إبراهيم بن هشام محمد بن صفوان؛ وولى الصلت بن زبيد ابن أخي كثير بن الصلت وهو حليف بني جمح.
روى عنه مالك بن أنس.
حدثني محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: حدثنا عبد الله بن يوسف؛ قال: أخبرنا مالك عن الصلت بن زبيد عن واحد من أهله: أن عمر وجد
169

ريح طيب وهو بالشجرة وإلى جنبه كثير بن الصلت فقال: ممن ريح هذا الطيب؟ قال كثير: منى لبدت رأسي وأردت أن أحلق؛ فقال عمر: فاذهب إلى شربة فادلك منها رأسك حتى تنقيه ففعل كثير بن الصلت.
كان مرار الأسدي خاصم إلى الصلت بن زبيد واستعان بمسكين ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن الخطاب وكان يحسن إليه إذا عمل عليه في الصدقة فأخذه السمهرى العكلي وكان للسمهرى دماء في قريش فقال:
* أظن قريشا لن تضيع دماءنا
* كما لم يضع ثار ابن جعدة طالبه
*
* فنحن رددنا السمهرى عليكم
* نعاطى القرين مرة ونجاذبه
*
* بسحل دم منكم حرام أصابه
* وقد كان خطافا بعيدا مذاهبه
*
* ولما رأيت الصلت بين جوره
* وخصما على كل يوم أكالبه
*
170

((ثم أبو بكر بن عبد الرحمن بن أبي سفيان))
((ابن حويطب بن عبد العزى العامري))
((خالد بن عبد الملك يلي المدينة ويولي أبا بكر بن عبد الرحمن للقضاء))
عزل إبراهيم بن هشام وولى خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم ابن أبي العاص سنة أربع عشرة فاستقضى أبا بكر بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب بن عبد العزى.
((موسى شهوات يهجو أبا بكر ابن عبد الرحمن))
أنشدني أحمد بن أبي خيثمة؛ لموسى شهوات في أبي بكر بن عبد الرحمن ابن أبي سفيان وقضى عليه بقضية:
* يقلب كف الضب كفا كأنها
* كفيفة ضب بين حليا ومثعر
*
171

* وجدتك فها في القضاء مخلطا
* فقدتك من قاض ومن متأمر
*
* فدع عنك يا سيد به ذات رجة
* أذى الناس لا تحشرهم ثم تحشر
*
((أبو بكر يفسخ زواج فاطمة بنت الحسن بأيوب ابن سلمة))
((عرض قصة زواج فاطمة على هشام))
ثم عزل أبو بكر بن عبد الرحمن ورد محمد بن صفوان الجمحي وقيل محمد بن سليمان الجمحي وقيل عبيد الله بن صفوان الجمحي؛ فأخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن ابن أيوب بن عمر بن أبي عمرو قال: أخبرني موسى بن عبد العزيز؛ قال: تزوج أيوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة المخزومي فاطمة بنت الحسن بن الحسين ابن علي بغير علم إخوتها؛ عبد الله والحسين وإبراهيم وداود وجعفر ابن حسن بن حسين زوجها إياه ابنها الحسن بن معاوية بن عبد الله بن جعفر عند مسجد الفليج خارجا من المدينة وعلى المدينة يومئذ خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم وقاضيه عبيد الله بن صفوان
172

الجمحي؛ في خلافة هشام فخاصم عبد الله بن الحسن أيوب بن سلمة إلى خالد بن عبد الملك ليرد نكاحه فرفعهما إلى قاضيه عبيد الله بن صفوان الجمعي فانكى يوما على
أيوب يريد أن يوجب القضاء عليه وأيوب خال هشام بن عبد الملك؛ فقال أيوب: أتقضي علي يا ابن أبي بجراء وأنت أنت؟ فاتقى عبيد الله أن يبطش به. لخؤولته لهشام؛ فأرسل إليه خالد: أن اضربه عليك لعنة الله؛ فقال صفوان: أعيدوهما علي فأعيدا عليه فقال احتجا فاحتجا؛ فقال: اشهدوا أني قد فسخت نكاحهما وقال لعبد الله: أن أحتملهما؛ فقال أيوب: أما والله يا ابن أبي بجراء لأردن نكاحك فقال ابن صفوان لحرسى على رأسه امزق ثياب ابن سلافة ثم برزه فضرب به سبعين سوطا؛ قال يونس بن عبد العزيز: فأخبرني إسماعيل بن أيوب؛ قال: كتب أبي إلى هشام وأرسلني إليه وأمرني أن أنزل على عنبسة ابن سعيد وألا اقطع أمرا دونه فقدمت على هشام ونزلت على عنبسة ودفعت كتابي إلى هشام؛ فقال لي عنبسة: أيهما أحب إلى أبيك؟ يقيده أمير المؤمنين من ابن صفوان أو يجيز نكاحه من فاطمة؟ فقلت: لا بل يخلى بينه وبين فاطمة أحب إليه؛ قال: فإن شتمك وشتم أباك فهو مجيز نكاحه وإن كف عنكما فهو ضارب ابن صفوان؛ قال: فلما أذن لي هشام فدخلت عليه؛ قال: لا أنعم الله بك عينا ولا بأبيك أبوك الموهن لسلطاني الشاتم لعاملي أما والله لولا ما لا يحتسب أبوك وما رعيت من خؤولته لضربته أكثر من ضرب ابن صفوان حتى لا يوهن سلطانا أبدا؛ قال: قلت: جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين؛ أن أبى أحد
173

طرفيك وأحد أبويك قال: لا والله ما لأبيك ولا لمن هو أوجب حقا من أبيك هوادة في إذلال سلطان ثم أمر بي فأخرجت؛ قال: ثم أخرج إلي كتابين إلى خالد بن عبد الملك لا أدرى ما فيهما فطلب عنبسة عليهما فما قدر عليه وطلبت ذلك فلم أقدر عليه فكتبت قصة إلى أم حكم امرأة هشام فأخرجت إلى نسخهما؛ فإذا في أحدهما: أما بعد يا ابن الأعرابية البوالة فقد علمت أن ابن أبي بجراء لم يجتر على ضرب خال أمير المؤمنين إلا بك ووالله لولا ما راقب أمير المؤمنين منك لبعث إليك من ينزلك عن فراشك ثم يضربك ويمثل بك وفي الآخر: أما بعد: فادع عشرة من خيار أهل المدينة فاقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين ثم ابعثهم إلى فاطمة بنت الحسن فإن اختارت أيوب بن سلمة فخل بينها وبينه فقد أجاز أمير المؤمنين نكاحهما وإن كرهته فاصرف أيوب عنها وخل بينه وبينها؛ قال: فبعث خالد إلى عشرة فيهم يزيد بن خصيفة وربيعة ابن أبي عبد الرحمن؛ فقال: ادخلوا بكتاب أمير المؤمنين إلى فاطمة فاقرءوه عليها؛ فخرج القوم حتى دخلوا عليها وبرزت لهم؛ فقالوا: هذا كتاب أمير المؤمنين قالت: اقرءه على بركة الله فقرءوه عليها؛ فقالت: والله لو كان الناس في شق وأيوب في شق كنت في شقه؛ فإني أختار أيوب؛ فخلوا بينهما فدعا ببغلة واحتملها فلم تزل عنده حتى ماتت ولم يولد لها.
((ثم مصعب بن محمد بن شرحبيل العبدري))
((ابن حزم يلي المدينة بعد خالد ثم يعزل بمحمد بن هشام))
عزل خالد بن عبد الله سنة ثمان عشرة يوم الخميس لثلاث بقين من رجب وأتت أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ولايته على المدينة
174

فصلى بالناس ستة أيام ثم قدمها محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومي من مكة واليا عليها فعزل أبا بكر واستقضى مصعب بن محمد بن شرحبيل العبدري وقد روى عنه الحديث.
((ثم محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم))
((محمد بن أبي بكر يلي قضاء المدينة))
عزل محمد بن هشام مصعب بن محمد واستقضى محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم؛ وقد روى عنه الحديث.
((إقالة ذوي الهيئات زلاتهم))
حدثنا علي بن شعيب؛ قال: حدثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم بن قطن بن كعب القطعي؛ قال: حدثنا أبو بكر بن نافع؛ قال: قال محمد يعنى ابن أبي بكر: قالت عمرة: قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقيلوا ذوى الهيئات زلاتهم.
175

بلغني عن مالك بن أنس أنه قال: كان محمد بن أبي بكر أيضا قاضيا وكان زكنا.
أخبرني الحارث بن محمد عن محمد بن سعد عن محمد بن عمر؛ قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد؛ قال: أدركني أبو بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم وأنا واقف على باب دار زيد بن ثابت؛ فقال لي: يا بني أو يا عبد الرحمن ولد لك؟ قلت: نعم؛ قال: بارك الله لك؛ ابن كم أنت؟ قلت: ابن سبع عشرة سنة؛ قال: هكذا بيني وبين محمد يعنى ابنه.
وكان محمد يكنى أبا عبد الملك.
توفي وهو ابن اثنتين وسبعين سنة وتوفي في سنة اثنتين وثلاثين ومائة
((محمد بن أبي بكر وإجماع أهل المدينة))
أخبرني الحارث عن محمد بن سعد؛ قال: أخبرنا مطرف عن مالك؛ قال: كان محمد بن أبي بكر على القضاء بالمدينة فكان إذا قضى بالقضاء مخالفا للحديث يقول له أخوه عبد الله وكان رجلا صالحا: أي أخي أين أنت عن الحديث أن تقضى به؟ فيقول أيهات فأين العمل؟ يعنى ما اجتمع عليه بالمدينة.
176

((قضاء محمد بن أبي بكر في قسامة))
أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن منصور؛ قال: حدثني إسحاق بن موسى؛ قال: حدثنا أبو ضمرة؛ قال: خرجنا نتنزه بالعقيق ونحن غلمان فعمد غلام من الأشجعيين إلى فوق القصر فرماه غلام بحجر فسقط فوقع ميتا فأحلف محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أولياءه قسامة خمسين رجلا؛ لقد صعد فيه حيا ورمى حيا وبه سقط ومن سقوطه مات فألزمهم الدية؛ قال أبو ضمرة: فرجعنا وما أكلنا طعامنا الذي عملناه.
وقد روى شعبة عنه.
((عمل الرسول في الاستقساء))
حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي؛ قال: حدثنا وهب بن جرير؛ قال: أخبرنا شعبة عن محمد بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فقلب رداءه.
((عائشة والاعتكاف))
فحدثنا المخرمي؛ قال: حدثنا وهب قال: شعبة عن محمد بن أبي بكر عن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة؛ أنها كانت تعتكف فتخرج
177

لحاجة فتمر بالمريض فلا تدخل عليه.
((سعد بن إبراهيم يلي قضاء المدينة))
ثم توفي هشام بن عبد الملك وقام الوليد بن يزيد فعزل محمد بن هشام المخزومي لاثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى تلك السنة وولى خاله يوسف بن محمد بن يوسف بن الحكم الثقفي المدينة ومكة والطائف فقدم المدينة يوسف يوم السبت لاثنتي عشرة بقيت من شعبان فاستقضى سعد بن إبراهيم الزهري.
((ثم يحيى بن سعيد الأنصاري))
((يحيى بن سعيد يلي قضاء المدينة))
ثم عزل يوسف بن محمد سعد بن إبراهيم واستقضى يحيى بن سعيد الأنصاري.
ويحيى من التابعين؛ سمع من أنس بن مالك ويحمل عنه الفقه والآثار وهو من جملة الناس وخيارهم.
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان عن سليمان بن أبي شيخ؛ قال: يحيى ابن سعيد بن عمرو بن سهل بن ثعلبة بن الحارث بن زيد بن ثعلبة بن غنم ابن مالك بن النجار.
((قضاؤه لأبي جعفر بالهاشمية))
وأخبرني محمد بن أحمد بن نصر عن الحزامي؛ قال: هو يحيى بن
178

سعيد بن قيس يكنى أبا سعيد توفي سنة ثلاث وأربعين ومائة وقد قضى لأبي جعفر المنصور بالعراق ولم يبلغنا أنه قضى على المدينة إلا من جهة واحدة فكتبنا أخباره في
قضاة العراق.
حدثنا إسماعيل بن إسحاق؛ قال: حدثنا محمد بن عبيد؛ قال: حماد بن زيد قال: نسب لنا يحيى بن سعيد نفسه فقال: أنا يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل إلا أن الحارث بن محمد أخبرني عن محمد بن سعد عن محمد بن عمر؛ قال: لما استخلف الوليد بن يزيد استعمل على المدينة يوسف بن محمد فاستقضى سعد بن إبراهيم؛ ثم عزله واستقضى يحيى بن سعيد؛ قال محمد: وقدم يحيى على أبي جعفر بالكوفة فاستقضاه على الهاشمية وما تبعها في سنة ثلاث وأربعين ومائة.
179

((عثمان بن عمر بن موسى التيمي))
((عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك والي المدينة))
ولما قتل الوليد بن يزيد وبويع يزيد بن الوليد بن عبد الملك استعمل على المدينة عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان فاستقضى عثمان ابن عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر التيمي وتوفي يزيد بن الوليد بن يزيد وبويع لمروان بن محمد بن مروان ابن الحكم فاستعمل عبد الواحد ابن سليمان بن عبد الملك على المدينة فأقر عثمان بن عمر بن موسى على القضاء. وكان عثمان بن عمر من رفعاء الناس وجلتهم روى عن الزهري.
(())
حدثنا الزبير بن بكار؛ قال: حدثنا إبراهيم بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وابن أخيه يحيى بن محمد بن طلحة عن عثمان بن عمر بن موسى المعمري عن الزهري؛ قال: دخل عروة
180

ابن الزبير وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة على عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة فقال عروة لشيء حدث من ذكر عائشة. وابن الزبير: سمعت عائشة تقول: ما أحببت أحدا حبي عبد الله بن الزبير: لا أعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبوى وذكر حديثا طويلا.
وكان عثمان بن عمر على قضاء المدينة في زمن مروان بن محمد ثم ولاه أمير المؤمنين المنصور قضاءه فكان مع المنصور حتى مات بالحيرة قبل أن تبنى مدينة السلام.
وكذا أخبرني عبيد الله بن جعفر بن مصعب عن جده.
((ثم محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد))
((ابن طلحة بن عبيد الله))
((قاضي الخوارج بالمدينة))
((محمد بن عمران آخر قضاة بني أمية بالمدينة))
((أبو بكر أول خطيب دعا إلى الله ورسوله))
هرب عبد الواحد بن سليمان من الحرورية حين دخلوا المدينة واستقضوا رجلا منهم. ثم استعمل مروان بن محمد على المدينة الوليد بن عروة بن محمد بن عطية السعدي فاستعمل عليها أخاه يوسف بن عروة
181

فاستقضى محمد بن عمران التيمي وهو آخر قضاة بني أمية وكان ابن عمران من رفعاء الناس وذوي أقدارهم وله فقه وعلم وأدب وروى عنه شيء من الحديث وهو صاحب الحديث الذي حدثنا به الأحوص القاضي وغيره؛ قالوا: حدثنا عبد الله بن عبيد الله بن إسحاق بن محمد بن عمران؛ قال: حدثني أبي عن أبيه عن محمد بن عمران عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة؛ قالت: لما اجتمع أصحاب رسول الله وكانوا ثمانية وثلاثين رجلا ألح أبو بكر على رسول الله في الظهور؛ فقال: يا أبا بكر إنا قليل فلم يزل أبو بكر يلح عليه وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته وقام أبو بكر خطيبا في الناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وكان أول خطيب دعا إلى الله ورسوله؛ في حديث طويل.
حدثني أحمد بن أبي خيثمة؛ قال: حدثنا مصعب؛ قال: حدثني أبو عبد الله بن مصعب؛ قال: ذكر المهدى محمد بن عمران فبجله وقال: بلغني أنه يعد الخبز على امرأته؛ فقال له: أنى! والله يا أمير المؤمنين لو رأيته لقلت هذا جبل نفخ فيه الروح.
182

((المروءة))
حدثني محمد بن أبي علي العبسي؛ قال: حدثني محمد بن صبح العذرى؛ قال: حدثني أبي عن الرجال بن موسى عن أبيه؛ قال: قال محمد بن عمران: ما شيء أشد من حمل المروءة؛ قيل له: أي شيء المروءة؟ قال: لا أعمل شيئا في السر أستحي منه في العلانية.
((أبو جعفر ومحمد ابن عمران))
وأخبرنا حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي عن أبيه؛ قال: دخل محمد بن عمران علي أبي جعفر فلما كلمه أعجبه فقال: إن أهل بلدك ليثنون عليك ثناء جميلا؛ على أنهم يزعمون أن فيك إمساكا وبخلا؛ قال: يا أمير المؤمنين: إني وإياك لا نحب أن نضيع.
((اعتزاز محمد بنفسه))
قال إسحاق: ووقف محمد بن عمران على باب أبي جعفر وقد أذن له إذنا عاما فقال له الحاجب: ما اسمك؟ قال: ما مثلي يحتاج أن يخبر عن نفسه؛ سل تخبر ودفع في صدر الحاجب ودخل.
((القاضي لا يترك الحق لغضب الناس))
قال: ولما دخل أبو جعفر المدينة يريد الحج لقيه الناس يتظلمون من محمد بن عمران وهو يسايره؛ فقال: ما هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين ما لم تر أكثر؛ نصف أهل المدينة ممن قضيت عليهم غضبان ولا والله ما يجوز للقاضي أن يترك الحق لغضب الناس.
183

((الأمراء يولون القضاء دون الخلفاء))
أخبرني أحمد بن أبي خيثمة وعبد الله بن جعفر بن مصعب؛ قالا: أخبرنا مصعب: قال: كان محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله قاضيا لزياد بن عبيد الله الحارثي على المدينة أيام المنصور وكانت الأمراء هم الذين يولون القضاة وكان محمد بن عمران من أمل المروءة والصلابة في القضاء لا يطمع فيه فقدم أبو أيوب الموريانى المدينة حاجا فاستعدى عليه أقرباؤه محمد بن عمران فأرسل إليه فلم يحضر فلقيه عند زياد؛ فقال: أرسلت إليك فلم توكل ولم تحضر فرد عليه أبو أيوب ردا عنيفا فمد محمد إليه يده ليبطش به وكان أيدا فحال دونه الأمير والشرط فقيل له: إن خرجت عرض لك موالى أبي أيوب؛ فتقلد السيف وخرج حتى أتى المسجد فهابوه فلم يقدموا عليه.
وكان رجلا مصلحا لماله فبسب إلى البخل فبلغه ما يقول الناس فقال: إني والله ما أجمد في الحق ولا أذوب في الباطل.
((محمد بن عمران شعرا شعر أحيحة بن الجلاح))
أخبرني محمد بن سعد الكرانى؛ قال: حدثنا سهل بن محمد؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا مولى لآل الخطاب؛ قال: قال لي ابن عمران
184

قاضي المدينة: أنشدني شعر أحيحة بن الجلاح فأنشدته:
* أطعت العرس في الشهوات حتى
* أعادتني عسيفا عبد عبد
*
* إذا ما جئتها قد بعت عذقا
* تعانق أو تقبل أو تفدى
*
قال: إيه زدني؛ فأنشدته:
* فمن وجد الغنى فليصطنعه
* صنيعته ويجهد كل جهد
* فقال إيه؛ وكأنه أعجبه.
((محمد بن عمران يكتب شعر أحيحة على الصك ليتعظ به بنوه))
حدثنا حماد بن إسحاق؛ قال: حدثني مصعب بن عبد الله؛ قال: أحضر محمد بن عمران الطلحي شهودا يشهدون على عهد له؛ فأنشد بعضهم:
* إذا ما جئتها قد بعت عذقا
* تقبل أو تعانق أو تفدى
* الأبيات فلما فرغ القوم من شهادتهم قال محمد بن عمران لكاتب: اكتب هذه الأبيات في أسفل الصك؛ قال: وما يدعوك إلى هذا؟ قال: لعل متعظا من بني يقرأها فيتعظ بها.
((محمد بن عمران وجماعة جاءوه يطلبون عونا لتاجر أفلس))
وأخبرني حماد؛ قال: حدثني مصعب أو عبد الله بن إبراهيم الجمحي قال: أتى محمد بن عمران جماعة من أهل المدينة؛ فقالوا: رجل منا أفلس فأحببنا أن تجعل له رأس مال؛ فقال: إنا والله ما نتدفق في الباطل ولا نجمد عند الحق وما علينا كلما أفلس تاجر من تجار المدينة أن نجعل له رأس مال ثم تمثل بقول كثير.
185

* إذا المال لم يوجب عليك عطاؤه
* صنيعة تقوى أو صديق تخالقه
*
* منعت وبعض المنع حزم وقوة
* ولم يقتلنك المال إلا حقائقه
* انصرفوا راشدين.
حدثنيه طلحة بن عبيد الله الطلحي؛ قال: حدثني عافية بن شبيب عن العتبى نحوه.
((محمد بن عمران وصوت لمعبد))
أخبرني أبو حمزة أنس بن خالد الأنصاري؛ قال: حدثني قبيصة بن عمر المهلبي؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: كنت مع محمد بن عمران الطلحي قاعدا وهو على قضاء المدينة؛ فلما خلا المجلس قال: يا أبا سعيد من يغنى بهذا الصوت؟
* ظعن الأمير بأحسن الخلق
* وغدوا بلبك مطلع الشرق
*
* برزت على قرب يقاد بها
* بغل أمام برازق زرق
*
186

قلت: لا أدري قال معبد.
حدثني عبد الله بن أبي الدنيا؛ قال: حدثني يحيى بن عبد الله الخثعمي عن الأصمعي؛ قال: أنشدت محمد بن عمران قاضي المدينة وكان من أعقل من رأيت من القرشيين:
* يا أيها السائل عن منزلي
* نزلت في الخان على نفسي
*
* يغدو علي الخبز من خابز
* لا يقبل الرهن ولا ينسى
*
* آكل من كيسي ومن كسوتي
* حتى لقد أوجعني ضرسي
* فقال: اكتبها لي؛ فقلت: أصلحك الله إنما يروى هذه الأحداث؛ قال: ويحك! الأشراف همتهم الملاحة.
((شباب النساء))
حدثني عبد الله بن علي بن الحسن الهاشمي؛ قال: حدثنا نصر بن علي؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا ابن عمران الطلحي عن أبيه قال:
187

شباب النساء ما بين خمس عشرة إلى الثلاثين.
((أبو مسلم ومحمد بن عمران والحكم بين المطلب))
حدثني أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن الأعرابي؛ قال: لما قدم أبو مسلم المدينة دخل عليه الحكم بن المطلب المخزومي ومحمد بن عمران التيمي وأهل المدينة فأحجم الناس ما يتكلم أحد هيبة لأبي مسلم؛ فقال الحكم بن المطلب ليبسط أبا مسلم: أيها الأمير أي البلدين أبرد أبلدنا أم أم بلدكم؟ فقال أبو مسلم: خذ بأرجلهما فاسجنهما حتى نخرجهما فأخذ الحاجب برجل الحكم بن المطلب ومحمد بن عمران فسجنهما فلما صارا في بعض الأبواب اصطك رأساهما؛ فقال محمد بن عمران للحكم: يا بن أم ما عليك أي البلدين أبرد؟
((محمد بن عمران يؤدب على التعريض))
أخبرنا حماد بن إسحاق الموصلي؛ قال: حدثني عبد الله بن إبراهيم الجمحي؛ قال: تقدم إلى محمد بن عمران المخنث مع خصم له؛ فقال الخصم: لدنيه تكلمني بهذا الكلام مع ما بعينيك من الاسترخاء؟ فقال دنية: أصلح الله القاضي قد عرض بي فأدبه أصلحك الله فقال ابن عمران للجلواز: اخفقه بالدرة فخفقه خفقة. أو خفقتين ثم قال: حسبك فقال دنية: أصلحك الله! هذا فقط على التعريض فقال: والله لقد ضربناه وإن في عينيك لبعض ما قال.
((محمد بن عمران وأبو حجر المجنون))
وأخبرنا حماد بن إسحاق؛ قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن قدامة الجمحي؛ قال: كان محمد بن عمران من الطيبين وكان بالمدينة مجنون
188

يكنى أبا حجر فمر ابن عمران يوما وهو يشتم الناس؛ فقال: يا أبا حجر كف عن شتم الناس؛ فقال: والله لأشتمنهم ولأشتمنك معهم إن أتيت فضربه ابن عمران بسوطه فلما وجد حر الضرب جعل يخبله ويقول: اشهد أنك قاض أحمق أنا أقول له: لا أشتم الناس وهو يقول لي: بلى والله لتشتمنهم.
((محمد بن عمران يأبى أن يدفع أجر دابة كما طلب منه))
قال عبد الله بن إبراهيم: وزعموا أنه أراد الخروج إلى ضيعة له يعنى ابن عمران وأراد أن يخرج بعجوز لهم فأمر أن يستأجر لها دابة فأبوا أن ينقصوا من ثمانية عشرة بها في مسيرة يوم وبعض آخر فقال: أعلم أن في بغلى فضلا فجعل عليه محملا وركب معادلا لها ومر على مجالس المدينة يسلم عليهم ولم يغرم ثمانية عشرة درهما.
أنشدني أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة لأبي الشدائد الفزاري يهجو محمد بن عمران التيمي:
* عند ابن عمران زهو غير ذي رطب
* وعنده رطب في النخل ممنوع
*
((شاعر يهجو ابن عمران بالبخل))
وأنشدني أيضا لأبي الشدائد:
* إني لاستحى لتيم من الذي
* أطلق ابن عمران الطويل من البخل
*
* يرى خدبا شحما طويلا وإنما
* عصا خروع بين العمامة والنعل
*
189

ورواها الهيثم بن عدي لحشرج أبي زياد الأشجعي والذي قبله.
وأخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن يعقوب بن القاسم الطلحي؛ قال عبد الله بن مصعب لمحمد بن عمران:
* يمشي العرضنة سامتا متصاعرا
*....... نخوة المتصاعر
*
* وإذا سمعت بهمتي ورأيتني
* فكأن قلبك في جناحي طائر
*
وأخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن محمد بن يحيى عن يعقوب بن محمد؛ قال: قال محمد بن عمران لرجل من قريش أبانى أثط لا لحية يرهب قوله: هجاجا هجاجا أتصابني؟ فأنا والله أصب منك.
((ما كان يفعله ابن عمران عند فراغه من أمر الرجل))
قال وكان محمد بن عمران إذا فرغ من أمر الرجل قال لمولى له يقوم على رأسه: يا حنين المقه بفارغ ثم اسلكه شرقا أو غربا.
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان عن سليمان بن أبي شيخ؛ قال: كان محمد بن عمران الطلحي على قضاء المدينة؛ فتقدم إليه رجل فتكلم بشيء؛ فقال لقيمه أقمه عند رجلي البغلة؛ قال: وبغلته مربوطة بحياله. فقال له
190

الرجل: أصلحك الله كيف حلها؟ فقال له ابن عمران أتتماجن علي؟ اذهب به يا فلان إلى السجن.
(())
قال: وقال محمد بن عمران لسالم بن أبي الغفار؛ مولى هذيل - وكان ماجنا - ويحك يا سالم؛ لك هيئة وسمت أفلا تقصر عما أنت فيه؟ فقال: والله إني لأهم بذاك؛ فإذا رأيت دار ابن عمك طلحة بن فلان لم يخسف بها علمت أن في الأمر مهلة؛ وكان طلحة بن بلال مع موسى بن عيسى بالكوفة شيخا ما جنا أخبث الناس.
((محمد بن عمران وخصم ادعى عليه أنه لا يحسن الوضوء))
أخبرني عبد الله بن شبيب؛ قال: حدثني يعقوب بن محمد الزهري عن عبد العزيز بن عمران (إن شاء الله) عن محمد بن عبد الله بن عمرو ابن عثمان؛ قال: شهدت محمد بن عمران القاضي واختصم إليه رجلان من بلى؛ فقال أحدهما: والله أصلح الله القاضي إنه ليخاصمني ولا والله ما يحسن يتوضأ: فقال: إن كنت لا أحسن استرشدتك فأرشدت؛ والله لكأنما قال: تقرى الضيف.
((محمد بن عمران وأبو المفلاح))
أخبرني محمد بن هارون الوراق ورواه المدائني؛ قال: كان محمد بن عمران الطلحي على قضاء المدينة وصلاتها وكان بها رجل من البزازين يقال له: أبو المفلاح أفسد ماله حتى أفلس وكان ابن عمران إذا أراد
191

أن يستحلف إنسانا قبل: إن كنت كاذبا صيرك الله مثل أبي المفلاح؛ قال: فجاء يوما إلى أبي المفلاح يطلبه إلى ابن جندب الهذلي الشاعر؛ فقال له: بيني وبينك الوالي؛ قال: لم؟ بيني وبينك خصومة؟ قال: ستعلم إذا صرنا إليه؛ فلما صارا إلى ابن عمران قال أبو المفلاح: أصلحك الله! أما آن لك أن تكف عني وتعينني؟ قال: من ماذا؟ قال: من قولك صيرك الله مثل أبي المفلاح أنا رجل كنت تاجرا فذهب مالي وهذا ابن جندب؛ كان صالحا ففسق وكان مستورا فتهتك؛ وكان إمام المسجد فصار يقول الشعر ويغني فيه فأينا أهلك وأسوأ حالا في الدنيا والآخرة أنا أو هو؟ قال: بل هو؛ قال: فقال: أصلحك الله؛ لم لا تدعو عليه: صيرك الله مثل ابن جندب أو أعفني؛ قال: صدقت وأنا فاعل فلما خرجا من عند ابن عمران قال ابن جندب لأبي المفلاح: إنما جئت لهذا؛ أما والله لأفضحنك اليوم وتعير به غدا.
((ذوق ابن عمران في الشعر))
أخبرنا أحمد بن أبي خيثمة؛ قال: حدثنا إبراهيم عن إسحاق التيمي؛ قال: أخبرتني أم سعيد بنت إبراهيم بن عمر بن أبان بن عثمان وهي جدة أبي عن زوجها عبد الرحمن بن طلحة قالت: كتب إلى:
* هبيني امرءا أذنبت ذنبا جهلته
* ولم آته عمدا وذو الحلم يجهل
*
* فقد تبت من ذنبي وأعتبت فاقبلى
* فمثلك من مثلي إذا تاب يقبل
*
* عفا الله عما قد مضى لست عائدا
* فهأنذا من سخطكم أتنصل
*
* فعودي بحلم واصفحى عن إساتنا
* وإن شيت قلنا إن حكمك مرسل
*
192

فبلغ القاضي فركب إليه ابن عمران؛ فقال: لو قلت: إن شئت إن حكمك مرسل؛ فقال: لو قلت لها قالت: هي الطلاق.
((محمد بن عمران وقضية للمنصور مع الحمالين))
((تخلص ابن عمران مما أخذه عليه المنصور))
أخبرنا أبو ظاهر الدمشقي أحمد بن بشر بن عبد الوهاب؛ قال: حدثني أبو عبيد الله؛ قال: حدثني أبو يعقوب؛ قال: حدثني نمير الشيباني؛ قال: كنت كاتبا لمحمد بن عمران وهو على قضاء المدينة فحج أبو جعفر فأراد أن يمضي بالحمالين إلى الشام فاستعدوا عليه (إلى) ابن عمران وكان قاضيه على المدينة؛ فقال لنمير: اكتب عليه عدوى؛ فقلت: إنه يعرف خطي؛ قال: والله لا يكون الرسول غيرك قال: فمشيت إلى الربيع فأوصلت إليه العدوي؛ فقال: إن أمير المؤمنين مدعو إلى الحكم فلا تقم له أحدا إذا خرج؛ فقال: والله يا ربيع لئن دخلت المسجد فقام إلى ابن عمران هيبة والله لا يلي لي عملا أبدا فدخل المسجد وكان ابن عمران محتبيا فلما رآه حل حبوته واتكى فقال له الذي على رأسه: بأي شيء أنادى أبالخلافة أو باسمه؟ قال: باسمه فناداه فتقدم إليه فقضى عليه فلما أن أراد أن يقوم قال: يا أمير المؤمنين: بنو فلان يتظلمون منك فإما أن تحضر معهم أو توكل وكيلا يقوم مقامك؛ قال: هذا الربيع يوكله أبو جعفر فلما قام قال أبو جعفر: إذا فرغ قابلني به فلما دخل عليه قال: ما حملك على ما بلغني عنك؟ قال: ما هي؟ قال: لا تسلم على الناس تيها؛ قال: وماذا؟ قال: ولك مكيال ناقص؛ قال: وماذا؟ قال لا تشهد الصلاة في
193

جماعة؛ قال: أما تركي السلام على الناس؛ فإن القاضي إذا سلم على الناس ذهبت هيبته؛ أخرجت منها؟ قال: نعم؛ وأما مكيالي الناقص؛ فإني لا أبيع به ولا أشتري؛ أنما أقرت به عيالي؛ أخرجت منها؟ قال: نعم؛ وأما تركي الصلاة في جماعة فإني رجل مثقل البدن؛ فإذا صليت في جماعة لم يتم لي؛ أخرجت منها؟ قال: نعم؛ وأمر له بمال هو في أيدي ورثته إلى اليوم.
((محمد بن عمران ونما الخياط))
أخبرني الأحوص بن المفضل بن غسان؛ قال: حدثنا أبي عن فلان ابن الجراح؛ قال: جاء محمد بن عمران إلى الجمعة يتخطى رقاب الناس فقام إليه رجل؛ فقال: أصلحك الله إنك قاض من قضاة المسلمين وإمام من أئمتهم؛ فإذا رآك الجاهل قال: هذه سنة؛ قال: من أنت؟ قال: أنا نما قال: ومن نما؟ قال: نما الخياط؛ قال نعم يا نما؛ وزادني أبو خالد المهلبي عن أحمد بن المعذل؛ فقال ابن عمران له: وأما والله لو كنت من قريش لسمعت الجواب؛ قال: وكان نما بعد ذلك إذا أتاه قال له: أزائرا أم شاهدا؟ فإن قال: شاهدا قبل شهادته وإن كان معه رجل سأل عنه فإن زكاه قبله.
(())
وذكر الزبير بن بكار؛ قال: أخبرني موسى بن زهير؛ قال: نزل محمد بن عمران الطلحي وهو ساع على بني فزارة فنزل جنفاء الجباب مجمعا من مجامعهم فجاء ابن ميادة على ذلك الماء فامتدحه فقال له ما تشاء يا بن ميادة؟ واحتكم؛ قال: ما كانت تعودني آل سفيان قبلك على هذا الماء؛ قال: وما كانت نعودك؟ قال: يحبونني عشر فرائض؛ قال: ذلك لك.
194

وجاءه جماعة من أخواله بني فزارة يسلمون عليه ومعهم جار له من بني جعفر بن كلاب وكان جميلا وسيما فسلم عليه معهم ثم قام قبلهم فأقبل عليه ابن عمران؛ فقال: لقد كنت أحب أن أرى في أخوالي مثل هذا؛ قال ابن ميادة: إنما هذا خرب من الخربان لا فؤاد له؛ فسمعها الجعفري بكر فأقبل على ابن ميادة؛ فقال: أتقع في عند الأمير وأنت لا تقرى ضيفك؟ قال: فأهون شأنه! إني إن لم أقر قرى ابن عمي إلى جنبي وأنت لا تقرى أنت ولا ابن عمك.
((ابن عمران وحادية ابن قتيلة))
وأخبرني عبد الله بن شبيب عن زهير وابن مصعب بن عثمان؛ قال: ما رأيت بريق صلع الأشراف في سوق الرقيق أكثر منها حيث بيعت القتيلية وبلغت خمسمائة دينار؛ فقال المغيرة بن عبد الرحمن لابن أبي قتيلة: ويحك أعتقها تقوم عليك وتزوجها: ففعل؛ فرفع ذلك إلى ابن عمران الطلحي؛ فقال: أخطأ الذي أشار عليه بهذا؛ أما نحن فقد علمنا أن قد بلغت خمسمائة دينار فاذهبوا فقوموها فإن بلغت أكثر من خمسمائة دينار فخذوا منه الأكثر وإلا فخذوا منه خمسمائة دينار فاستحسن الناس هذا الرأي من ابن عمران؛ وليس ذلك مما عليه الناس قبلنا.
195

وأخبرني عبد الرحمن بن إبراهيم عن العباس بن ميمون عن الأصمعي؛ قال: حدثنا ابن عمران قاضي أهل المدينة؛ قال: بلغني أن طلحة بن عبيد الله فدا عشرة من أهل بدر ثم جاء يمشي معهم أو بينهم.
((محمد بن عمران وفتنة محمد بن الحسن))
أخبرني عبد الله بن شبيب؛ قال حدثني زبير عن عبد الحميد بن عبد العزيز ابن عبد الله بن عبد الله بن عمر؛ قال: كان محمد بن عمران بن إبراهيم الطلحي فيمن تخلف عن الخروج مع محمد بن عبد الله بن حسن فلما ظهر عليه المنصور أمر بأصحابه يلتقطون في كل وجه فكان محمد بن عمران يقول: اللهم حوالينا ولا علينا؛ قال عبد الحميد: فبلغ أخي عبد الله بن
196

عبد العزيز العمري؛ فقال: هل رأيتم أجهل بالله من هذا الشيخ يدعو على المسلمين؟ وكان عبد الله بن عبد العزيز قد ظهر هو وبنوه عبد الله وإسحاق ومحمد؛ كانوا ظهروا مع محمد بن عبد الله.
((ابن عمران وابن هرمة))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن محمد بن يحيى؛ قال: مرت إبل لمحمد بن عمران تحمل قتا من ضيعته؛ فقيل لابن هرمة؛ لو سألته منها حبلا ما أعطاك فبعث إليه: إن لي حمارا أفأعلفه من قت أرضك؟ فصرف الإبل كلها إليه.
((شاعر يهجو ابن عمران))
وقال فيه شاعر:
* يا قفل جود ضل مفتاحه
* فلم يرى يوما بمفتوح
*
* لا غرني الدهر جمال له
* مدح وفعل غير ممدوح
*
* ما أرتجى من صنم قائم
* ليس بذي نفع ولا روح
*
* كمرقة البقال يبدو لها
* ريح وليس الطعم كالريح
*
((ابن عمران والحذاء))
قيل: ومر عقبة الحذاء بابن عمران يوما؛ فقال: إلى أين يا عقبة؟ أفي بعض أباطيلك؟ فقال: ابن عمك هارون بن إبراهيم اشترى منه كلبين عنده؛ قال: اللهم أجره؛
ما يحسن إلا الباطل؛ قال: تسألني عن ما بين المن والسلوى إلى الكراث؛ قال: ويلك كيف الحذاء؟ قال: عن أيها تسأل؟ قال: كيف نعل درهم؛ قال: لو اغتفرت اللون والجلد ما كان بها بأس؛ قال: فهل بقي إلا الشراك.
((أبو جعفر وابن عمران))
وذكر رجاء بن سهل الصغاني عن ابن مسهر؛ قال: حدثنا سعيد
197

يعني ابن عبد العزيز؛ قال: لما قدم أبو جعفر المدينة في الحج تلقاه الناس فنزلوا يمشون بين يديه ولم ينزل ابن عمران القاضي؛ فوقف على بغلته وقال: بارك الله لأمير المؤمنين في مقدمه وأراه السرور والعافية في أمره فقال أبو جعفر: من هذا الأهوج؟ قالوا: قاضيك على المدينة محمد بن عمران؛ قال: اضربوا وجه بغلته فجعلوا يضربون البغلة؛ فجعل الشيخ اللهم غفرا؛ البغلة نفور والشيخ كبير وهذه سنة لا نعرفها فضحك أبو جعفر وقال: دعوا الشيخ. وأنشد ابن الزبير لأبي الدهى إبراهيم بن زياد بن عبد الله بن قرة في محمد بن عمران:
((شاعر يمدح ابن عمران))
* ما سرنا مذ شب أن قبيلة
* من الناس جاءوا بابن أخت يعادله
*
* أشم طوال الساعدين كأنما
* يناط إلى جذع طويل حمائله
*
أخبرني الحارث بن محمد عن محمد بن سعد؛ قال: محمد بن عمران يكنى أبا سليمان أمه بنت سلمة بن عمر بن أبي سلمة.
((شاعر يهجو محمد بن عمران))
أخبرني عبد الله بن شبيب؛ قال: حدثني إسماعيل بن يعقوب الزهري قال: أنشدني حكيم بن طلحة الفزاري؛ قال: أنشدني محمد بن عميلة الفزاري يهجو محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة:
* لما رأيت ابن إبراهيم أبخلنا
* وكنت من نفر ليسوا بسؤال
*
* قربت ناجية حرفا مقتلة
* تهوى بمنخرق السربال ذيال
*
198

* يرى الشليل عليها حين ترفعه
* كدرع صوف على خرقاء شملال
*
* لئن بخلت علينا يا ابن عمتنا
* لنأتين ابن أخت غير بخال
*
أخبرني ابن شبيب؛ قال: حدثني حكيم بن طلحة الفزاري؛ قال: نزل جماعة من بني منصور على محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله وفيهم محمد بن عميلة فحملهم محمد بن عمران على أباعر لم يرضوا بها فقال محمد بن عميله:
* بنو حسن كانوا محل رجائنا
* قديما وما كنا ابن عمران نتبع
*
* أقمنا زمانا ثم رحنا عشية
* على قاطبات النكارى توضع
*
* ولو كان عبد الله ألقى رحالنا
* على كل فتلاء الذراعين جرشع
*
أخبرني عبد الله بن جعفر بن مصعب الزبيري عن جده قال: أم محمد ابن عمران أسماء بنت سلمة بن عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد وأخوه لأمه عبيد الله بن عروة بن الزبير.
199

((ذكر قضاة بني العباس بالمدينة))
((هرب أهل الشام من المدينة))
لما بويع أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وجه يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس إلى المدينة وفيها يوسف بن عروة السعدي فهرب يوسف ومن معه من أهل الشام. ولا يعلم أن يحيى استقضى أحدا.
((أبو بكر بن أبي سيرة يقضي في المدينة))
ثم ولى أبو العباس داود بن علي بن عبد الله بن علي بن العباس مكة والمدينة والطائف واليمن واليمامة. فقدم المدينة في أول سنة ثلاث وثلاثين ومائة فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات بالمدينة في شهر ربيع الأول ولا يعلم أنه استقضى أحدا واستخلف ابنه موسى بن داود ثم ولى أبو العباس زياد بن عبيد الله الحارثي فقدمها في جمادى الأولى فاستقضى أبا بكر بن أبي سبرة العامري ثم هلك أبو العباس فأقر أبو جعفر زياد بن عبيد الله على عمله فأقر زياد بن أبي سبرة على القضاء.
200

قال أبو بكر وهو أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي سبرة بن إبراهيم بن عبد العزيز بن أبي قيس من بني عامر بن لؤي من أهل العلم بالسيرة وأيام الناس واسع العلم كثير الحديث حدث عنه الناس في حديثه ضعف.
أخبروني هارون بن محمد بن عبد الملك عن زبير عن سعيد بن عمرو: أن أبا بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ممن أعان محمد بن عبد الله بن حسن بمال وأخذ وحبس فلما وثب السودان بعبد الله بن الربيع المدانى
201

أخرج القرشيون أبا بكر فحملوه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى عن معصية أمير المؤمنين وحث على طاعته فقيل له: صل بالناس؛ فقال: إن الأسير لا يؤمن ورجع إلى مجلسه فلما ولى المنصور جعفر بن سليمان المدينة أوصاه بإطلاقه والإحسان إليه فأطلقه وكتب إلى معن ابن زائدة فوصله بخمسة آلاف دينار وله حديث
طويل مع الراتجى.
قال الزبير: القاضي بالمدينة هو محمد بن عبد الله وأخوه أبو بكر ولى قضاء بغداد وهو أشبه.
((ثم عبد العزيز بن المطلب))
((عبد العزيز بن المطلب يقضى في المدينة))
عزل أبو جعفر زياد بن عبيد الله الحارثي سنة إحدى وأربعين ومائة واستعمل على المدينة محمد بن خالد بن عبد الله القسري واستقضى عبد العزيز ابن المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي؛ قال أبو بكر: وكان عبد العزيز ابن المطلب من جلة قريش وذوى أقدارهم.
((حديث مالك عن عبد العزيز في العمامة))
حدثني أبو إسماعيل محمد إسماعيل بن يوسف السلمى؛ قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسى؛ قال: قال مالك بن أنس: لا ينبغي أن تترك العمائم؛ لقد اعتممت وما في وجهي شعرة ولقد رأيت في مجلس ربيعة بن عبد الرحمن بضعة وثلاثين رجلا معتما؛ قال مالك: ولقد أخبرني عبد العزيز بن المطلب: أنه دخل المسجد ذات يوم بغير عمامة فسبني أبي سبابا
202

قبيحا؛ وقال: أتدخل المسجد متحسرا ليس عليك عمامة؟
قال أبو بكر: أردت أن مالك بن أنس وهو أسن منه حكى عنه لمقداره.
وقد حدث عنه الناس أبو مالك العقدي وخالد بن محمد ويعقوب بن إبراهيم بن سعد وابن أبي أويس وغيرهم وحديثه مقبول.
قال الزبير بن بكار وولى القضاء بمكة.
((عبد العزيز بن المطلب وأحد أولاد الحارث ابن عبد المطلب))
أخبرني عبد الله بن جعفر بن مصعب بن عبد الله بن مصعب الريرى؛
قال: حدثني جدي؛ قال: تقدم محمد بن لوط بن المغيرة بن نوفل ابن الحارث بن عبد المطلب إلى عبد العزيز بن المطلب في خصومة؛ فقضى عليه عبد العزيز وكان محمد بن لوط بن المغيرة بن نوفل بن الحارث شديد الغضب فقال له: لعنك الله ولعن من استعملك فقال عبد العزيز: سب وربك الله الحميد؛ أمير المؤمنين برز برز؛ فأخذه الحرس يبرزونه ليضربوه؛ فقال له محمد: أنت تضربني؟ والله لئن جلدتني سوطا لأجلدنك سوطين فأقبل عبد العزيز بن المطلب على جلسائه؛ فقال: اسمعوا يجرئني على نفسه حتى أجلد فتقول قريش: جلاد قومه؛ ثم أقبل على محمد بن لوط؛ فقال: والله لا أجلدك ولا حبا ولا كرامة أرسلوه فقال محمد بن لوط: جزاك الله من ذي رحم خديرا فقد أحسنت وعفوت ولو ضرت لكنت قد أجرمت ذلك منك وما كان لي عليك سبيل ولا أزال أشكرها لك وأيم الله ما سمعت؛ ولا حبا ولا كرامة في موضع قط أحسن منها في هذا الموضع
203

وانصرف محمد بن لوط راضيا شاكرا.
((عبد العزيز بن المطلب وحسين ابن زيد بن علي))
حدثني هارون بن محمد بن عبد الملك؛ قال: حدثني الزبير؛ قال: حدثني عبد الملك بن عبد العزيز قال: حضرت عبد العزيز بن المطلب وبين يديه حسين بن زيد بن علي يخاصم فقضى على حسين؛ فقال له حسين: هذا والله قضاه يرد على استه فحك عبد العزيز لحيته؛ وكذلك كان يفعل إذا غضب وقال لبعض جلسائه: وربك الله الحميد لقد أغاظ لي وما أرادني ما أراد إلا أمير المؤمنين؛ أنا قاضيه وقضائي قضاؤه وقال: جرد ودعا بالسوط وقد كان قال للحرس: إنما أنا بشر يغضب كما يغضب البشر؛ فإذا أنا دعوت بالسوط فلا تعجلوا به حتى يسكن غضبى فجرد حسين فما أنسى حسن غضبه وعليه ملحفة مروانية وقال عبد العزيز لحسين: وربك الله الحميد لأضربنك حتى يسيل دمك ولأحبسنك حتى يكون أمير المؤمنين هو الذي يرسلك فقال له حسين أو غير هذا أصلحك الله أحسن منه؟ قال: وما ذاك؟ قال: تصل رحمي وتعفو عني؛ فقال عبد العزيز: أو غير هذا أحسن؟ أصل رحمك وأعفو عنك ياجلواز أردد عليه ثيابه وخل سبيله فخلاه.
((عبد العزيز بن المطلب وابن رهمة))
قال زبير: أرسل ابن هرمة في كتاب إلى عبد العزيز بن المطلب يشكو إليه بعض حاله فبعث إليه بخمسة عشر دينارا فمكث شهرا ثم بعث إليه يطلب منه شيئا؛ فقال: لا والله ما نقوى على ما كان يقوى عليه الحكم ابن المطلب.
204

وكان عبد العزيز قد خطب امرأة من آل عمر بن الخطاب فردته وخطب إلى بني عامر بن لؤي فزوجوه فقال ابن هرمة:
* خطبت إلى كعب فردوك صاغرا
* فحولت من كعب إلى جذم عامر
*
* وفي عامر عز قديم وإنما
* أجارك فيهم هلك أهل المقابر
*
((عبد العزيز يأمر مالكا بأن يحدث رجلا من خراسان))
وقال:
* أبالبخل تطلب ما قدمت
* عرانين جادت بأموالها
*
* فهيهات خالفت فعل الكرام
* خلاف الجمال بأبوالها
* الزبير أخبرني شيخ من قريش؛ قال: كان عبد العزيز بن المطلب لا يستشير أحدا فأرسل يوما إلى مالك بن أنس؛ فقال: زعم الأعرابي أنه لا يستشير فلما خرج مالك سألوه؛ استشارك؟ قال: لا بل استعداه على رجل من أهل خراسان وقال: سرت أشهرا لا ينزعنى إلا مالك فأبى أن يحدثني ونحن لا نرضى بالعرض فقضى على أن أحدثه قلنا لمالك وذاك الحق عندك؟ قال نعم.
((ابن المطلب ومولى أبي رافع الشاعر))
قال زبير: جاء عبادل مولى أبي رافع يشهد عند ابن المطلب بمكة وهو قاض فقال: ألست تقول؟
* لقد طفت سبعا قلت لما قضيتها
* ألا ليت هذا لا على ولا ليا
*
205

((ابن المطلب وابن عمر بن عمران الصديقي))
فقال: وأنا الذي أقول أيضا:
* من الحنطبيين الذين وجوههم
* مصابيح سقاها السليط الهياكل
*
فقال دباب والله حول البيت بالليل اكتب شهادته؛ فلما قام قال: امح شهادته أعطانا رمحا أعطيناه رمحا. وأخبرني هارون بن محمد عن زبير عن حارث بن محمد العوفي قال: خاصم ابن عمر بن عمران بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق إلى عبد العزيز بن المطلب فاشخص لعبد العزيز فأمر به إلى السجن فبلغ ذلك أبا عمر بن عمران فغضب وكان شديد الغضب فذهب إلى عبد العزيز بن المطلب فاستأذن عليه فأرسل إليه عبد العزيز: أنت غضبان وأنا غضبان ولا أحب أن نلتقى على هذه الحال وقد عرفت ما جئت له وقد أمرت بإطلاق ابنك.
((شيء من شعر عبد العزيز))
قال أبو بكر: وعبد العزيز ابن المطلب الذي يقول: انشدنيها هارون عن زبير.
206

* ذهبت وجوه عشيرتي فتخرموا
* وبقيت بعدهم بشر زمان
*
* أبغى الأنيس فما أرى من مؤنس
* يأوى إلى سكن من الاسكان
*
((شاعر يمدح ابن المطلب))
وفيه يقول الأصبغ بن عبد العزيز مولى خزاعة يمدحه؛ أنشدنيها هارون بن محمد:
* إذا قيل من للعدل والحق والنهى
* أشارت إلى عبد العزيز الأصابع
*
* أشارت إلى حر المحاتد لم يكن
* ليدفعه عن غاية المجد دافع
*
((ابن المطلب يخطب تيمية فيردونه))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن محمد بن يحيى الكناني عن عبد العزيز بن عمران قال: خطب عبد العزيز بن المطلب مريم بنت صالح بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله فأجابه أبوها وامتنع محمد ابن عمران؛ فبلغ ذلك عبد العزيز فأغرى به من استعدى عليه وعبد العزيز يومئذ قاض؛ فخرج ابن عمران إلى عمر فخطب عبد العزيز بنتا لعمرو بن عمرو بن عبد الرحمن بن عمر بن سهيل بن عمرو فتزوجها فقال محرز بن جعفر مولى أبي هريرة:
* ولما أبت تيم الكرام ابن حنطب
* تحول عن تيم إلى حل عامر
*
* وفي عامر فضل عليك وإنما
* أجارك فيهم هلك أهل المقابر
*
* وخوف لحكم إن ألمت ملمة
* إليك بهم يوما عن الحق جابر
*
* فتيم بطاحيون بيض وجوههم
* وحنطب نفس حل أعلى الظواهر
*
207

((ابن المطلب والمجنون))
أخبرني أحمد بن أبي خيثمة؛ قال: أخبرنا مصعب بن عبد الله؛ قال: حدثني مصعب بن عثمان؛ قال: كانت عندنا مجنونة تتلقف الكلام القبيح فتضرب به على الكبر فمر بها عبد العزيز بن المطلب وكان قاضيا رديء العينين كثيرا ما يطرف بهما فقالت لما رأته.
* أرق عيني ضراط القاضي
*
فلماس معها قال: أتراها تعنى فلانا لإنسان آخر فقالت:
* قد رمدت عيناه من الإغماض
* كمثل لمع البرق للتوماض
*
فقال: اعزبى ومضى.
أخبرني عبد الله بن شبيب؛ قال: حدثني محمد بن يزيد الهذلي؛ قال: حدثني ابن جندب الهذلي؛ قال: كنت أرمي مع أبي السائب المخزومي في عرض الرماد فرمينا فطربت فأنشدت:
* إن الذين غدوا بلبك غادروا
* وشلا بعينك ما يزال معينا
*
* غيضن من عبراتهن وقلن لي
* ماذا لقيت من الهوى ولقينا
*
((ابن المطلب وأبو السائب المخزومي))
فقال أبو السائب: امرأته الطلاق إن كلم أحدا حتى يمسى إلا بهذين البيتين فانطلقا؛ حتى إذا كنا ثنية الوداع إذا نحن بعبد العزيز بن المطلب قد أقبل من مجلس القضاء
فسلم على أبي السائب فقال أبو السائب
208

إن الذين غدوا بلبك؛ فقال عبد العزيز: ما الخبر يا أبا جندب؟ فقلت: لا والله إلا أنا كنا في عرض الرماد وهو عرض مختصر فأخاف أن يكون قد عرض للشيخ منى؛ قال: اللهم؛ فلما أمسينا جائني أبو السائب؛ قال اذهب بنا نعتذر إلى القاضي؛ فأتيناه فقال: أصلح الله القاضي إن هذا الفاسق معسول اللسان وأنا رقيق اللسان والقلب وإنني حلفت أن لا أكلم أحدا حتى أمسى إلا بهذين البيتين.
((ابن المطلب يخطب فزارية لعيسى بن موسى))
أخبرني هارون بن محمد عن زبير بن عبد الملك بن الماجشون؛ قال: كتب عيسى بن موسى وهو ولى عهد إلى عبد العزيز بن المطلب؛ أن اركب إلى فلان الفزاري فاخطب على ابنته فلانة فركب عبد العزيز إلى الفزاري فذكر له ما كتب إليه به ولى العهد؛ ورغبه في مصاهرته فقال الفزاري: والله لا أزوج الصغرى قبل الكبرى؛ قال فجهد به فأبى فخطب عبد العزيز فحمد الله وأثنى عليه ثم خطب الكبيرة على نفسه فكلم الفزاري فزوجها إياه ثم أعاد الخطبة فخطب الصغيرة على
209

عيسى بن موسى فتكلم الفزاري فزوجه إياها وكتب إلى عيسى قد زوجتك فلانة وتزوجت أختها الكبرى وما كانت لي بها حاجة غير أنه كان من الخبر كيت وكيت.
أخبرني يحيى بن حسن بن جعفر الطالبي؛ قال: حدثني بكر بن عبد الوهاب قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي؛ عن محمد بن صالح وعبد الله بن جعفر؛ قالا: كان آخر الأسارى رجلا من بني مخزوم وكان في حائط أبي أيوب الأنصاري يعمل عملا في الأرض فلم يفد إلا بعد ثلاثة أشهر من فداء أصحابه فدى بعد ذلك بتبيين أعفر وهو جد عبد العزيز ابن المطلب.
((ابن المطلب وعمران بن سعيد ابن المسيب))
قال الواقدي واستعدى على عمران بن محمد بن سعيد بن المسيب عند عبد العزيز بن المطلب وهو يومئذ على القضاء في زمان أبي جعفر المنصور فأغلظ له عمران فأمر به عبد العزيز بن المطلب إلى الحبس؛ فقال له عمران: أين يحبسني؟ في أرض أبي أيوب فأعمل فيها عملا؟ فقال عبد العزيز ردوه فقد عرفنا ما ذهبت إليه. قال أبو حسان الزبادى: عزل زياد بن عبيد الله عبد العزيز بن المطلب فاستقضى محمد بن عمران التيمي وخالفه محمد بن يحيى الكناني؛ فزعم أن الذي ولى عبد العزيز بن المطلب محمد بن خالد القسري.
((ثم أبو بكر بن عمر بن حفص العمرى))
قال أبو بكر: وأقر أبو جعفر محمد بن خالد بن عبد الله القسري على
210

المدينة فاستقضى بعد عبد العزيز بن المطلب أبا بكر بن عمر بن حفص العمري ثم عزله.
وهذا: أبو بكر بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب؛ أخو عبيد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر الفقيهين.
روى عنه مالك بن أنس.
((الوقر على الراحلة))
حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي؛ قال حدثنا وكيع؛ قال: حدثنا مالك بن أنس عن أبي بكر بن عمر عن سعيد بن بشار؛ قال: قال ابن عمر: أما لك برسول الله أسوة. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر على بعيره.
أخبرني عبد الله بن جعفر بن مصعب عن جده؛ قال: أمه وأم أخوته عبيد الله وعبد الله وزيد ومحمد وعبد الرحمن وعاصم بني عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب.
وقال زبير بن بكار: كان بنو عمر بن حفص كلهم لهم هيئة وخلق جميلة وسيماء حسنة وطلب للعلم ورواية وكان يقال لهم الشراجع من
211

طول أجسامهم وكانوا يصطفون في الروضة فنظر إليهم رجل من شيعة آل أبي طالب فقال: من هؤلاء؟ قيل: بنو عمر بن حفص بن عاصم ابن عمر بن الخطاب؛ فقال: لا والله لا قامت للشيعة راية ما دام هؤلاء شيعة.
وروى عن أبي بكر بن عمر هذا حماد بن سلمة.
((وصية عمر بن الخطاب لمولى له على نعم الصدقة))
حدثني إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعى؛ قال: حدثنا أبي؛ قال: حدثنا أبي؛ قال: مؤمل بن إسماعيل قال: حدثنا حماد بن سلمة؛ قال: حدثنا أبو بكر بن عمر بن حفص عن زيد بن أسلم عن أبيه؛ قال: أرسل عمر إلى غلام له أو مولى له يقال له هنى على نعم الصدقة؛ فقال له هنى: اخفض جناحك عن ذي الصريمة وعن ذي الغنيمة وإياي ونعم ابن عوف فوالله لولا نعم الصدقة لما حميت عليهم شبرا من الأرض.
212

((ثم محمد بن عبد العزيز الزهري))
((الحسن بن زيد يضرب الزهري))
قال محمد بن يحيى الكناني: عزل القسري أبا بكر بن عمر واستقضى محمد ابن عبد العزيز الزهري وهو محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف.
وقال الحسن بن عثمان الزيادي: عزل محمد بن خالد القسري عن المدينة في سنة ثلاث وأربعين ومائة وولى مكانه رياح بن عثمان المرى واستقضى محمد بن عبد العزيز الزهري وكان له شرف ومقدار وعاداه أهل المدينة وحرضهم الحسن بن زيد عليه لشيء كان بينه وبينه فأخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن عمر بن محمد بن أقيصر؛ قال: شهد جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر أنه خرج محمد ابن عبد العزيز الزهري إلى أرضه بالجرف فبال وصلى ولم يتوضأ وشهد خالد بن إلياس أنه لم يزل يخاف محمد بن عبد العزيز أن يطلبه وشهد آخر أنه سمعه وهو قاض ينشد:
* إذا أنت لم تنفع بودك أهله
* ولم تبك بالبؤسى عدوك فابعد
*
وكان الشهود عليه نحوا من ستين فضربه الحسن بن زيد وحبسه وذلك في ولاية الحسن.
((قريشيان يختصمان للزهري))
وحدثني الزبير؛ قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله قال: اختصم إلى محمد بن عبد العزيز وهو على القضاء بالمدينة رجلان من قريش
213

فأمر حرسيا فدخل بينهما فلم يردعهما ذلك؛ فقال للحرسى: دعهما فالغالب منهما شرهما فكفا فلم يتنازعا.
((محمد بن عبد العزيز ودعوى نسب))
حدثني عبد الله بن الحسن عن النميري عن محمد بن يحيى عن محمد ابن فضالة عن عيسى بن عبد الله بن وائل السمعي قال: أتانا أتاوى لا يدرى ممن هو (فكان يقبل الأجراء فيقول ما أجود أجرا أجراء يونان) وهو أبو الحكم؛ فلما مات كنت ممن غسله فوجدناه أغلف ثم ادعوا في آل زهرة؛ فقالوا: نحن بنو الفطيون ثم شهد له ناس من الأنصار منهم سعد بن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي: أنهم من بني عمرو ابن عامر وارثون مورثون فأثبت لهم ذلك محمد بن عبد العزيز إذ كان على القضاء.
((محمد بن عبد العزيز وداود بن سلم))
حدثني هارون بن محمد بن عبد الملك؛ قال: حدثنا زهير؛ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز الزهري؛ قال: حدثني أخي إبراهيم أن أباه محمد ابن عبد العزيز لما عزل عن قضاء المدينة وقف عليه داود بن سلم؛ فقال:
214

* أمين كنت تحكم حين كنتا
* تريد الله جهدك ما استطعتا
*
* فإن تعزل فليس بشر شؤم
* أتاك اليوم منه ما أردنا
*
فقال محمد بن عبد العزيز لكاتبه محرز بن جعفر مولى أبي هريرة: يا محرز أعطه خمسين دينارا فإنه والله علمي فيه إذا مدح نصح؛ وإذا ذم شرح فقال داود بن سلم: والله لقول محمد في شعري كان أعظم قدرا عندي من عطيته.
((حلاوة حديث الزهري))
وأخبرني عبد الله بن جعفر بن مصعب عن جده؛ قال: أخبرني معاوية ابن بكر الباهلي؛ قال: سرت بين محمد بن عبد العزيز الزهري وعيسى بن يزيد بن دأب بالعسكر ومحمد بن عبد العزيز يحدثنا بلسان كأنه روح لا لحم فيه لرقته؛ قال: مصعب فقلت لمعاوية بن بكر: فهل حدثكم ابن دأب شيئا؟ قال: معاذ الله! وهل كان يقدر أن يتحدث مع محمد بن عبد العزيز.
((جود الزهري))
وأخبرني عبد الله بن الحسن؛ عن النميري عن محمد بن يحيى؛ قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز قال: خرجت لأبي جائزة فأمرني أن أكتب خاصته وأهل بيته؛ فقال لي: تذكر هل بقي أحد أغفلناه؟ قلت: لا؛ قال: بلى؛ رجل لقيني فسلم على سلاما جميلا صفته كذا وكذا؛ اكتب له عشرة دنانير.
215

أخبرني هارون بن محمد عن زبير؛ قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز الزهري؛ قال: ورد المدينة رجل من بني كلاب يستعين في حمالة فأتى رجلا له نسب؛ فدعا له بشربة سويق وأتى محمد ابن عبد العزيز الزهري فأعطاه ثلاثين دينارا وحمله وكساه؛ فقال في ذلك:
* فديت ابن عبد العزيز الردى
* وإن كنت أبيض ضخما سمينا
*
* يمسح بطنا له حياة
* بطيب ويدهن رأسا دهينا
*
* فليت ابن عبد العزيز أتينا
* وكنت ابن قوم سقوا آخرينا
*
* أمين الرسول نبي الهدى
* على الناس فضله أجمعينا
*
((امرأة تستعدى الزهري على زوجها))
وأخبرني محمد بن هارون عن زبير؛ قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله ابن عبد العزيز الزهري؛ قال: تزوج جعثمة بن خالد البكرئى امرأة من بني ضمرة فساء الذي بينه وبينها فأراد أن يخرج بها إلى البادية فاستعدت عليه محمد بن عبد العزيز الزهري وهو إذ ذاك قاض على المدينة؛ فقالت: أنا امرأة قروية ولا يوافقني طعام البادية ولا عيشها؛ وإنما يخرج بي يضارنى ويخرج إلى بلد ليس به سلطان؛ فقال جعثمة: إنما أخرج إلى مروان وإنما عيشهم وقوتهم حنطة الشام وبها سلطان إن أرادت تستعديه؛ فقال محمد بن عبد العزيز: ما أرى إلا أن يخرج بك؛ قد
216

تزوجتيه وأنت تعرفين داره؛ فقال جعثمة:
* أجررتها حبلى زمانا وحبلها
* بأوطانها ثم استدارت بي العقب
*
* فلا ترهبى جورى ولا سوء عشرتي
* ثكلت ولا يأخذك من خلوتي رعب
*
* فإني فتى لم تبد مني وخامة
* إلى صاحب نائى بدار ولا قرب
*
((وصف البادية))
فقال محمد بن عبد العزيز قومي مع زوجك؛ فقال جعثمة: إني أنشدك أبياتا قلتها فأنشده:
* دونكها يا ابن الأمين فإنها
* مجاجة للظلم باد حطاطها
*
* أطاعت غواة الناس حتى تنوطت
* بأسباب غى غير سهل مناطها
*
* تحاجز سيرا نحو أرضى ولم تزل
* يدور البلاط حيث دار بلاطها
*
* سأسكنها من بطن نجد روابيا
* تغنى بها ورقاء سال علاطها
*
* بأرض عداه الشرب نزه عن القرى
* قليل بها إلا الوحوش خلاطها
*
* وتذهل عن خز العراق ونسجه
* وتبدل نسجا يغمرنها رياطها
*
* وتمسى على البيداء بيداء يصفر
* إذا ما زهتها الشمس ملقى بساطها
*
* ولا أنا حابيها بأصوع حنطة
* من السوق مشدودا عليها رباطها
*
217

* وظيفة قوت كل شهر فإن أرغ
* يكن ريغة أخطا السبيل ضراطها
*
* ولكن سأسقيها حليبا تجمه
* لها ركوة حمرها وسباطها
*
* مخلفة الأعضاد أو ذات حلية
* يلوح على الأفخاذ منها حياطها
*
* مواطن ما بين الجزير إلى القفا
* قفا حضن حيث استدامت رهاطها
*
* وأنحاء سمن لا تزال تصيبها
* وقد غاب عنها مدها وبطاطها
*
* وأعضاء لحم لم ترطل بقرية
* ولم يثن يوما للقديد مقاطها
*
* هنالك ما عاشت تعيش بغبطة
* فإن هي ماتت فالبقول حناطها
*
فقال له محمد بن عبد العزيز: لا تخرج بها والله يا جعثمة؛ أخبرتني أنك تسكنها أرضا لا سلطان فيها يمنعها ولا صديق ينصرها فهل بقي شيء مما احتجب إلا قلته انطلقي إلى بيتك؛ قال زبير: حدثني ذلك عيسى بن عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب؛ قال: كنت حاضرا المجلس مع محمد ابن عبد العزيز؛ وسمعت ذلك كله.
218

(())
وقال إبراهيم بن هرمة في محمد بن عبد العزيز الزهري وهو آخر شعر قاله:
* إني ذكرتك إذ مرضت وشفنى
* وجع يضعضعنى شديد المشتكى
*
* والمرء يذكر عند ذاك صديقه
* فذكرت منك مودة فيما مضى
*
* فخذ الغنيمة واغتنمنى إنني
* عز لمثلك والمكارم تشترى
*
* لا ترمين بحاجتي وقضائها
* صوح الحجاز كما رمى بي من رمى
*
* فلقد حقنت صبيب عكة بيتنا
* ذوبا ومزت بصفوها عند القذى
*
* هذا وأردية الأمير ببابه
* فالبس ثياب مبارك عف الثنا
*
* وبنى له عبد العزيز مكارما
* وحياض مكرمة مملاة الدلا
*
((رجل يستأذن المهدى في الزواج من قريش))
أخبرني هارون بن محمد عن زهير عن يحيى بن يحيى عن عمه
219

إبراهيم عن محمد عن أبيه محمد بن عبد العزيز؛ قال: قال لي ابن علاثة العقيلي استأذنت أمير المؤمنين المهدى في التزوج في قريش فأذن لي: وقال: تجنب بني عبد مناف ولكن عليك ببني زهرة؛ فإن لهم ولادة كولادة بني هاشم وأت محمد بن عبد العزيز فاستعنه على ذلك؛ قال: فقال يحيى؛ فقلت: والله لا سوية وقال كمقالته لابن الربيع الحارثي ولكني أدلك فيمن تزوج تزوج إلى من يسرع إليك وله نسب في ابن عبد مناف واسط في آل حجير بن رباب فأمهم بنت عبد المطلب وأم جدهم حجير بن رباب بنت حرب بن أمية وانطلق وكانت مقالة ابن عبد العزيز لابن الربيع الحارثي أن يحيى بن محمد ذكر عن عمه إبراهيم بن محمد عن أبيه؛ قال: قال لي عبد الله بن الربيع الحارثي ثم المدانى: كتبت إلى أمير المؤمنين أستأذنه في أن أتزوج في قريش فما ترى يا أبا عبد الله؟ قال: إني تكرهت ذلك وقلت: ما حاجتك أن تكون سبا والله لا تصاهر إلى رجل من قريش فيساب ابن عمه إلا سبه بك فما حاجتك إلى أن تكون سبا؟
وقال الجعد بن عبد الله البكائي يمدح محمد بن عبد العزيز أنشدنيها هارون بن محمد عن زبير عن إبراهيم بن عثمان بن سعيد بن مهران:
* تخلل الحق فيما بين باطلهم
* كما تخلل في الظلماء بالشعل
*
وقال محرز أبو جعفر مولى أبي هريرة في خيفى محمد بن عبد العزيز يتبدد من الحاضرة.
220

* ألا هل إلى كل الحواضر بالضحى
* سبيل ومشى بين خيفى محمد
*
* حننت إلى أهلي فلما أتيتهم
* طربت إلى ظل وما يتبدد
*
قال أبو بكر: ومحمد بن عبد العزيز ممن حمل الحديث وروى عن الزهري وغيره.
حدثنا زبير بن بكار؛ قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري عن أبيه عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة؛ قالت: دثر مكان البيت فلم يحجه هود ولا صالح حتى بوأه الله لإبراهيم. قال عروة؛ قلت: يا عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: عن رسول الله عليه السلام.
وحدثنا زبير بن بكار؛ قال حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهري عن أبيه عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وجد أحدكم لأخيه نصحا في نفسه فليذكره له.
221

وقد روى غير هذا من الحديث.
((عبد الله بن زياد بن سمعان))
((لم يل قضاء المدينة مولى غير ابن سمعان))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن محمد بن يحيى بن عبد الحميد؛ قال: ولى ابن القسري عبد الله بن زياد بن سمعان قضاء المدينة ولم يله مولى غيره أربعين ليلة.
فقال كثير بن عبد الله المزنى.
* حكم كحكم ابن سمعان الذي عرفت
* فضل المكارم في الدنيا له العجم
*
* لم يعدم الناس منه سنة علمت
* حتى الممات وحتى تنثر الرمم
*
((محمد الزهري يلي مرة أخرى))
ثم عزله وولى محمد بن عبد العزيز الزهري.
وعبد الله بن زياد بن سمعان ممن حمل عنه الحديث؛ وروى عنه غير واحد؛ منهم عبد الله بن وهب البصري؛ وفي حديثه ضعف كبير شديد.
222

((منزلة ابن سمعان من رواة الحديث))
حدثني محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: سمعت إبراهيم بن سعد يقول ابن سمعان والله يكذب.
بلغني عن عبد الله بن شعيب الزبيري عن أبي بكر بن أبي الأسود قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن عبد الله بن سمعان بحديث النعل عن أبي هريرة فبلغ يحيى بن سعيد القطان فأنكر عليه الرواية عن ابن سمعان فأخبرت إسماعيل بذلك؛ فقال: صدق غير أن هذا الحديث حدثناه أيوب عنه وكنا نرى أنه قد حفظه.
((عبد العزيز بن المطلب يلي قضاء المدينة))
ثم عزل القسري وولى المدينة رياح بن عثمان بن حيان فأقر محمد بن عبد العزيز على القضاء فلم يزل على القضاء حتى خرج محمد بن عبد الله بن حسن فقتل رياح بن عثمان واستقضى عبد العزيز بن عبد المطلب ويقال:
223

إنه استقضى أبا بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ثم قدم عيسى بن موسى فقتل محمد بن عبد الله واستخلف كثير بن حصين واستقضى محمد بن عبد العزيز الزهري. ثم ولى المدينة عبد الله بن ربيع الحارثي فأقر محمد بن عبد العزيز. ثم ولى جعفر بن سليمان فأقر محمد بن عبد العزيز على القضاء.
((ثم عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم))
((ابن محمد بن أبي بكر الصديق رحمه الله))
((الحسن بن زيد يلي المدينة))
أخبرني عبد الله بن الحسن المؤدب عن النميري عن محمد بن يحيى الكناني؛ قال: ولى الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب المدينة بعد جعفر بن سليمان وقام بولايته زيد بن حسن لسبع ليال خلون من شهر رمضان سنة خمسين ومائة ثم قدم حسن بن زيد بعد أبيه بليلة فاستقضى عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ثم توفى عبد الله بن عبد الرحمن فاستقضى محمد بن عمران وقال أبو حسان الزيادي: استقضى حسن بن زيد بعد موت عبد الله بن عبد الرحمن عمر ابن طلحة الليثي ثم عزله واستقضى مكانه محمد بن عمران التيمي قال: ثم عزله واستقضى محمد بن عبد الله بن كثير بن الصلت الكندي.
وقال هارون بن جعفر الجعفري: القاضي من قبل الحسن بن زيد عبد الله ابن عبد الرحمن بن القاسم.
224

فحدثني هارون بن جعفر بن إبراهيم أبو الحسين الجعفري؛ قال: حدثني فروة بن عبد الله الزرقي؛ قال: حدثني إسماعيل بن يعقوب العزيزي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه؛ قال: استعملني الحسن بن زيد على القضاء وأنا ابن أقل من ثلاثين سنة وكنت أهابه ولا أتأمل وجهه إذا جلس في مجلسي فقال لي يوما: كانت الجرشية؛ يعني أم ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الناس جما ثم؛ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمزة وجعفر وعلي والعباس ثم سكت حتى أظلم ما بيني وبينه ثم قال: وكان أبو بكر أيضا؛ يعنى أنها ولدت ميمونة بنت الحارث؛ تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وولدت زينب بنت عميس؛ تزوجها
حمزة بن عبد الله وولدت أسماء بنت عميس تزوجها جعفر بن أبي طالب واسمها هند بنت عون بن زهير بن الحارث بن حماطة بن جرش.
225

((إسحاق بن طلحة يلي قضاء المدينة وقصة ذلك))
واستقضى حسن بن زيد إسحاق بن طلحة بن إبراهيم بن عمر بن عبيد الله بن معمر.
أخبرني هارون بن محمد عن زبير عن مصعب بن عثمان؛ قال: دعا حسن بن زيد إسحاق بن إبراهيم بن طلحة إلى ولاية القضاء فأبى عليه فسجنه فدعا مشرقين يشرقون له مغتسلا في السجن والشارق الصاروج وجاء بنو طلحة فأسجنوا معه فبلغ ذلك حسن بن زيد فأرسل إليه فأتى به؛ فقال: إنك تلاححت علي وقد حلفت ألا أرسلك حتى تعمل فأبر يميني ففعل فأرسل حسن معه جندا حتى جلس مجلس القضاء والجند على رأسه فوقف عليه داود بن سلم فقال:
* طلبوا الفقه والمروءة والفض
* ل وقد اجتمعن في إسحاق
*
فقال: ادفعوه فدفع وقام من مجلسه وعزله حسن وبعث إلى داود بن سلم بخمسين دينارا وقال: لا تعد أن تمدحنى بما أكره.
((عبد الرحمن بن محمد يلي قضاء المدينة))
ثم عزله؛ واستقضى عبد الرحمن بن محمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي.
226

((محمد بن الصلت يلي قضاء المدينة))
ثم عزله واستقضى محمد بن عبد الله بن كثير بن الصلت؛ فعزل الحسن ابن زيد وأمره بالصلاة بالناس.
ثم قدم عبد الصمد بن علي.
(())
وأخبرني عبد الله بن الحسن؛ عن النميري عن أبي سلمة الغفاري قال ابن حويص؛ مولى أشجع يهجو محمد بن عبد الله بن كثير ويخاطب بالشعر عبد الصمد بن علي:
* وصى المصطفى يا ذا لمعالى
* جزاك الله خيرا من أمير
*
* أتؤمننى وأنت إمام عدل
* ويوعدنى ابن قاطعة البظور
*
* بأي جدوده يعتد مجدا
* بصلت أو وليعة أو كثير
*
* أولئك يضعفون عن المعالي
* وهم في اللؤم أفران الظهور
*
* وضعت على جواعرهم رسوما
* تلوح كأنها رقم الحمير
*
* تكون لحيهم عارا شنارا
* وموتاها التي تحت القبور
*
* ويفرح إن سعى بحلات سوط
* يمت بسوطه خلف الأمير
*
((الأسود بن عمارة يهجو ابن الصلت))
وقال محمد بن يحيى: كان محمد بن عبد الله بن كثير لا يزال يلي شرط المدينة ثم ولاه المهدى قضاءها ثم ولاه المدينة وعزل عنها عبد الصمد بن
227

على فقال الأسود بن عمارة من ولد عبد المطلب بن عبد مناف يهجوه:
* نقمناك شرطيا فأصبحت قاضيا
* وصرت أميرا (أبشرى) قحطان
*
* أرى نزوات بينهن تفاوت
* وللدهر أحداث وذا حدثان
*
* أرى حدثا مبطان منقلع به
* ومنقلع من بعده ورقان
*
حدثنا بذلك ابن أبي خيثمة عن مصعب.
((عبيد الله العمرى يلي قضاء المدينة))
وقدم عبد الصمد واليا على المدينة لعشر خلون من ذي القعدة سنة خمس وخمسين فلم يزل واليا عليها حتى هلك أبو جعفر فاستقضى عبيد الله بن أبي سلمة بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وهو أخو عبد العزيز بن أبي سلمة العمرى المحدث؛ وهو أسن من عبد العزيز.
ثم ولى محمد بن عبد الله بن كثير بن الصلت أيام المهدى؛ فاستقضى عبد العزيز بن المطلب.
ثم عزل محمد بن عبد الله وولى عبيد الله بن محمد بن صفوان الجمحي؛ فأقر عبد العزيز بن المطلب.
((عثمان بن طلحة قاضي المدينة))
((عثمان لا يأخذ رزقا على القضاء))
ثم عزل المهدى عبيد الله بن محمد بن صفوان؛ وولى زفر بن عاصم بن يزيد الهلالي في ذي الحجة سنة تسع وخمسين ومائة فكتب إليه بإثبات عبد العزيز بن المطلب على القضاء؛ فلم يزل قاضيا حتى ولى جعفر بن
228

سليمان ولايته الثانية؛ فعزله واستقضى عثمان بن طلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي. وقدم المهدي معتمرا: فاستعفاه عثمان فأعفاه واستقضى عبد الله بن محمد بن عمران التيمي؛ أخبرني عبد الله بن جعفر بن مصعب عن جده؛ قال: كان عثمان بن طلحة من أهل الهيئة والفقه وكان لا يأخذ على القضاء رزقا.
((ولايات عبد الله ابن محمد بن عمران))
قال زبير بن بكار؛ فيما أخبرني هارون بن محمد عنه أن أمير المؤمنين المهدى ولى عبد الله بن محمد بن عمران قضاء المدينة ثم صرف وولاه الرشيد قضاء المدينة ثم صرفه عن القضاء وولاه مكة ثم صرفه عن مكة ورده إلى قضاء المدينة ثم صرفه عن قضاء المدينة وكان معه حتى هلك بطوس مخرج أمير المؤمنين الرشيد إلى خراسان الذي هلك فيه الرشيد وقال ابن سعيد عن محمد بن عمر: بل توفى والدي سنة تسع وثمانين ومائة يكنى أبا محمد.
((شعر لعبد الله بن محمد بن عمران))
حدثني أحمد بن أبي خيثمة؛ قال: حدثنا مصعب قال حدثني عبد الله ابن نافع بن ثابت؛ قال: سمعت عبد الله بن محمد بن عمران التيمي يتمثل:
* ومداهن لي لو أشاء أهنته
* باد مقاتله لئيم المطعن
*
* دانيته ليقل منى نفرة
* فأصول صوله حازم مستمكن
*
229

قال: وكان يقال: اصفح واذبح.
((الأصمعي يسأل ابن عمران عن شعر))
وأخبرني محمد بن الحسن الزرقي؛ قال: حدثني عمر بن عثمان عن الأصمعي؛ قال: سايرت عبد الله بن محمد بن عمران الطلحي وكان لا يضحك مع المروءة والتريث؛ فقلت له: من الذي يقول:
* ليس لها حسن ولا بهجة
* من المهازيل الطوال السمالج
*
* صهباء في قصتها صهبة
* كأن ثدييها ضروع النعاج
*
* أقذرت الأرض بتطوافها
* مقبلة مدبرة في الفجاج
*
* شعثاء ما في بيتها مزعة
* استغفر الله تسيب الدجاج
*
قال: فضحك وقال: يا أبا سعيد ما يروى الملح إلا عاقل.
((ابن عمران والرشيد))
أخبرني أبو طاهر الدمشقي أحمد بن بشير؛ قال: حدثني أحمد بن سعيد الفهري؛ قال: حدثنا هارون بن عبد الله الزهري؛ قال: قال الرشيد لعبد الله بن محمد بن عمران الطلحي: يحيى بن عبد الله يشرب؟ قال: لا يا أمير المؤمنين قال: كذبت؛ قال لو كذبت ما كان يرضى أمير المؤمنين.
((ابن عمران ورجل من آل سعد بن أبي وقاص))
((ابن عمران ومحمد ابن جعفر بن الزبير))
وذكر زبير بن بكار عن بعض آل سعد بن أبي وقاص؛ قال:
قلت لعبد الله بن محمد بن عمران الطلحي وقضى على إنما تقضي لأن ابن عمي محمد بن عبد العزيز جلد أباك فقال ابن عمران: فيم تلمسك الرحال
230

وجدت راحلة ورحلا. ثم قال: يا جلواز؛ السياط وأمر به فجرد فوجد في ظهره آثار السياط فقال مكدح موقح في النجدات فجلده ستين سوطا وقال زبير: حدثني عمي؛ قال: خاصم محمد بن جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير إلى عبد الله بن محمد بن عمران الطلحي فضجر عليه ابن عمران في خصومة فقال: بئس ما أدبك أويس؛ فقال له جعفر: وما لأويس؟ أويس ابن عمك وشريكك في نسبك وغريم أبيك وكان يرسلك إليه في ثوبين ممصرين وتدخل عليه المكتب فيضع عليه خمسمائة دينار من ذلك.
(())
وزعم عبد الله بن شعيب الزبيري قال: أنشدني إبراهيم بن المنذر الحزامي لإسماعيل بن يعقوب التيمي؛ يمدح أبا بكر بن عبد الله بن مصعب ويذم عبد الله بن محمد بن عمران.
* قد كنت أرمى من ورائك جاهدا
* وأريش نبلك حيث لا تدرى
*
* حتى إذا حضرت أمور تتقى
* آثرت ما يبقى من الأمر
*
* أما الأمير فأهل ما يرجى له
* قد نال أفضل غاية الذكر
* فإذا تضايقت البلاد على امرئ
* نادى لحاجته أبا بكر
*
* أمست نجوم بني الزبير مضيئة
* ورمى بنجم أبيك في البحر
*
231

((ابن عمران وابن الماجشون))
أخبرني عبد الله بن شبيب عن زبير؛ قال: حدثني عبد الملك الماجشون قال: كان بين عبد الله بن عمران وبين بكار شيء فعزل ابن عمران عن القضاء؛ فقال لي: ما ترى في المقام بالمدينة؟ إن كنت تعطى السلطان ما يعطى مثله من التوقير والهيبة فأقم وإلا فلا حاجة لك في جوار بكار بالمدينة فأنشأ يقول:
* حلفت لها برب منى إذا ما
* تغيب في عجاجته ثبير
*
* لقد كلفتنا يا أم عمرو
* هوى قدما تضيق به الصدور
*
ثم خرج وأقام ببادية له.
أخبرنا أبو سعيد بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عمران؛ قال: قال عبد الملك بن مروان: إني لأريد الأمر بأهل المدينة فيه هلاكهم أو فيه ما يكرهونه فأذكر أن بها إبراهيم بن محمد بن طلحة وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فأستحي منهما.
((ثم سعيد بن سليمان المساحقى))
((أول قاض استقضاء المهدي))
قال أبو حسان: أول قاض استقضى المهدى على المدينة سعيد بن سليمان ابن نوفل بن مساحق ثم عزله واستقضى عبد الله بن محمد بن عمران ثم عزله واستقضى عمرو بن عبد الرحمن بن سهل العامري فتوفي قاضيا
232

فاستقضى عبد الله بن محمد بن عمران ويقال المطلب بن كثير العبسي.
وقال محمد بن يحيى الكناني: واستخلف موسى بن المهدى فاستقضى على المدينة سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحق ثم استخلف الرشيد فأقر سعيد بن سليمان على القضاء صدرا من خلافته ثم عزله.
((قصيدة لسعيد المساحقى في المعاشرة))
أخبرني عبد الله بن شبيب؛ قال: أنشدني عبد الجبار بن سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحق لأبيه؛ يقولها لعمرو بن عبد الرحمن بن عمرو ابن سهل العامري:
* بلوت إخاء الناس يا عمرو كلهم
* وجربت حتى أحكمتنى تجاربي
*
* فلم أر ود الناس إلا رضاهم
* فمن يزر أو يعتب فليس بصاحب
*
* فخذ عفو ما أحببت لا تنزرنه
* فعند بلوغ الكد رنق المشارب
*
وزاد عبد الله بن سعيد عن المسيبى:
* فهونك في حب وبغض فربما
* بدا جانب من صاحب بعد جانب
*
((شعر لسعيد بن سليمان في مجلس للعباس ابن محمد))
وأنشدني عبد الله بن شبيب لسعيد بن سليمان في مجلس للعباس بن محمد:
* إن لنا مجلسا نسر به
* عند احتضار الهموم والحزن
*
* ما فيه من خلة يعاب بها
* إلا حنين الفؤاد للوطن
*
((شعر لسعيد في عبد الله الجمحي))
قال: وأنشدني الزبير لسعيد بن سليمان في عبد الله بن عبد الأعلى بن صفوان الجمحي.
233

* ألا قل لعبد الله إما لقيته
* وقل لابن صفوان على النأي والبعد
*
* ألم تعلما أن المصلى مكانه
* وأن العقيق ذا الظلال وذا البرد
*
* وأنه لو تعلمان أصائلا
* وليلا رقيق مثل حاشية البرد
*
* وأن رياض العرصتين تخيلت
* بنوارها والآس والأشكل الفرد
*
* وأن طريق المسجدين مكانه
* وأن طريق اللابتين على العهد
*
* وما العيش إلا ما يلذ به الفتى
* إذا لم يجز يوما سبيل ذوى القصد
*
((كتاب صفوان إلى سعيد))
فكتب إليه صفوان:
* أتاني كتاب من سعيد فشفنى
* وزاد إليه القلب وجدا إلى وجد
*
* وأجرى دموع العين حتى كأنها
* بها رمد منه المراود لا تجدى
*
* فإن رياض العرصتين تزينت
* وإن طريق اللابتين على العهد
*
* فكدت لما أضمرت من لاعج الهوى
* ووجد بما قد قال أقضى من الجهد
*
* لعل الذي حم التفرق بيننا
* بمقدوره منه يقرب من بعد
*
* قضا العيش إلا قربكم وحديثكم
* إذا كان تقوى الله منا على عمد
*
234

((شعر سعيد للعباس ابن محمد بن علي))
وأنشد هارون بن محمد لسعيد بن سليمان يقولها للعباس بن محمد بن علي:
* ألا قل لعباس على نأى داره
* عليك السلام من أخ لك حامد
*
* أتاني إذا لم ينس ما كان بيننا
* على النأى في صرف الهوى المتباعد
*
* هنيئا مريئا أن قدحك فائز
* إذا حركت يوما قداح المشاهد
*
* رأيتك تجزى بالمودة أهلها
* وتمنح صفحا مستقيل الأباعد
*
* قطعت من الباغين سعيك أن دعا
* إذا اجتهدوا يوما مناط القلائد
*
* وإني لم أعلم من الناس واحدا
* على غائب منهم حلفت وشاهد
*
* أقل بفضل العز منك تطولا
* وأرغب في مستودعات المحامد
*
* وأوزع للنفس اللجوج عن الهوى
* إذا وردت يوما حرون الموارد
*
((شعر سعيد حين غضي عليه العباس ابن محمد))
وقال سعيد بن سليمان في العباس بن محمد حين غضب عليه:
* أبلغ أبا الفضل يوما إن عرضت له
* من دائم العهد لم يخش الذي صنعا
*
* ما بال ذي حرمة صافي الإخاء لكم
* أمسى بحسرته من ودكم فجعا
*
* من غير ماترة إلا الوفاء لكم
* ما مثل حبلك من ذي حرمة قطعا
*
* ماتم ما كنت أرجو من مودتكم
* حتى تباين شعب الود فانصدعا
*
* أما ورب مني والعائذات له
* الدافعين بجمع يوضعون معا
*
* لو كان غيرك يطوى حبل خلته
* دونى ويلبس ثوب الهجر ما اتبعا
*
* فارع الذمام ولا تقطع وسائله
* وارجع فإن أخا الإحسان من رجعا
*
* أشبه أخاك وأخلاقا نسبن بها
* في المجتدين له لم يجده الطبعا
*
* حفظ الذمام وإتيان الصديق إذا
* ضاع الإخاء وتفريق الذي جمعا
*
235

((وصف سعيد لنار موقدة))
أخبرني هارون بن محمد عن زبير عن عبد الجبار بن سعيد بن سليمان؛ حدثنا أبي؛ قال: سمرنا ليلة عند جعفر بن سليمان بالعرصة أنا وعبد الله بن مصعب وعبد الأعلى بن عبد الله بن صفوان الجمحي فأوقد لنا نارا فقلت في ذلك:
* لم تر عيناي مثل ليلتنا
* والدهر فيه طرائف العجب
*
* إذ أوقدت موهنا تشب لنا
* نار فباتت تحس بالحطب
*
* يحشها بالضرام محترم
* مطاوع للرفيق ذو أدب
*
* لفعها بالضرام فانتصبت
* ثم سمت للسماء باللهب
*
* حمراء زهراء لا نحاس لها
* كأن فيها صفائح الذهب
*
* تزهر في مجلس لدى ملك
* قرم نجيب من سادة نجب
*
* عذب السجيات لا يرى أبدا
* يفيض وجه الجليس من غضب
*
* يمنعه البر والوفاء ونف س بدني الأمور لم تشب
*
* حنت له هاشم فوسطها
* حوب الرحا بالحديد للقطب
*
((سعيد بن سليمان وكاتب العباس ابن محمد
*
وأنشدني أبو يحيى الزهري لسعيد بن سليمان في هارون بن زكريا؛ كاتب العباس بن محمد:
* أزورك رفها كل يوم وليلة
* ودرك مخزون على قصير
*
* لأي زمان أرتجيك وخلة
* إذا أنت لم تنفع وأنت وزير
*
* فإن الفتى ذا اللب يطلب ماله
* وفي وجهه للطالبين بشير
*
236

((سعيد بن سليمان والربيع المدانى))
وله في الربيع بن عبد الله المدانى وكان ولى اليمن:
* ألا من مبلغ عني خليلي
* أريد أخا بني عبد المدان
*
* رأيتك إذ حييت صددت عني
* كأنك حين تنظر لا تراني
*
* فإن سلمت أو أديت حقا
* رددت سلام منقبض الجنان
*
* سأعدل عنك في سعة ورحب
* فأبشر من صديقك بالأمان
*
((بعض الشعراء يهجو سعيد))
ولبعض الشعراء فيه:
* قل للإمام جزاك الله صالحة
* هل أنت مبدلنا بالجاهل الجافي
*
* قاض يكاد إذا لاذ الخصوم به
* يطير من حدة فيه وإسفاف
*
* لا والذي هو أهدى العدل منك لنا
* لا يطمع الخصم إن أدلى بإنصاف
*
* كأنه حين يحزوزى لمجلسه
* بختية بعثت من بيت علاف
*
((شعر لسعيد بن سليمان في معاملته لأصداقئه))
أنشدنا عبد الله بن شبيب؛ قال: أنشدني عبد الجبار بن سعيد المساحقى لأبيه:
* وذى أحنة قد قلت أهلا ومرحبا
* له حين يلقاني فحيا ورحبا
*
* فأعطيته من ظاهري مسحة الرضا
* وأدنيته حتى دنا فتعرقبا
*
* فصلت به مستمكن الكعب صولة
* شفيت بها أضغان من كان مغضبا
*
حدثني محمد بن الحسن الزرقي؛ قال: حدثني موسى بن عبد الله بن موسى ابن عبد الله؛ قال: حدثني عبد الجبار بن سعيد؛ قال: حضر أبي سعيد بن سليمان وعبد الله بن مصعب وابن دأب عند العباس بن محمد ففخر ابن دأب على قريش ببني بكر وذكر أيامها بذات نكيف ونكيف؛ قال:
237

فدخل جدك موسى بن عبد الله علي العباس بن محمد وأنشد ابن دأب شعرا لقريش فيه ألفاظ غليظة؛ فقال ابن دأب: يا بن عبد الله بن حسن أنا أعوذ بحقوى أبيك أن تقول فينا شيئا لا أقدر على رده؛ قال: فقطع؛ فقال أبو سعيد بن سليمان في ذلك شعرا:
* لا نعدمنك يا موسى إذا رميت
* فهر ولم يرم عن أحسابها أحد
*
* ونوه الجد يبغى من يصول به
* أم من يعين إذا ما كانت الرفد
*
* بقذف أعدائها عنها ويمنعها
* كما ينازل عن أشباله الأسد
*
* ما إن يبالي لؤي حين ينصبه
* للجد ما برق الأعداء أو رعدوا
*
((حديث بين سعيد وعمرو العامري حين جاءه كتاب استقضائه))
أخبرنا أحمد بن أبي خيثمة؛ قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق التيمي؛ قال: أخبرنا أبو بكر بن جعدية قال: كان الذي بين سعيد بن سليمان المساحقي وعمرو بن عبد الرحمن العامري أسوأ ما بين اثنين وكانا يتناضلان يقعقع كل واحد منهما بصاحبه ويتوذف له بذنبه توذف الفحل العظيم؛ يتحاذفان بمثل ما يوافد الغيظ الذي لا يرفع فلما أن ورد القضاء على عمرو ابن عبد الرحمن قال لأمير المدينة ولصاحب بريدها: أمهلاني قليلا أستخر وأعد إليكما وأخذ الكتاب في كمه ثم دق على سعيد بن سليمان الباب؛ فقال لجاريته: أعلمي أبا عبد الجبار أن عمرا بالباب فدخلت فأعلمته؛ فقال: وما يريد؟ ائذني له؛ فدخل عليه فجلس بين يديه؛ فقال: إنه قد حدث حادث؛ قال: وما ذاك؟ قال: ورد على كتاب القضاء من أمير المؤمنين وكل مملوك له حر وكل مال يملكه صدقة لئن أمرتني برده لأردنه ولا نالك مني مكروه أبدا ولا ألم بناحيتك مني شعث وإنما كنت أنا وأنت
238

نتناهض من كل (بيننا) بعز نفسه فأصبحت الآن؛ إن ظهرت عليك فبيد السلطان فمرني الآن بأمرك على شريطة؛ قال: وما هي؟ قال: تكون لي عونا ترقع ما وهنت وتصلح ما أفسدت وإلا فلا حاجة لي بهذا؛ قال: فإني لك على ذلك. فقضى عمرو بن عبد الرحمن؛ فكتب إليه يشكو بعض من كانا يعلمان أنه كان يقدح بينهما وكان إلى عمرو أميل فكتب إليه سعيد:
* بلوت إخاء الناس يا عمرو كلهم
* وجربت حتى أحكمتني تجاربي
*
* فهونك في حب وبغض فربما
* بدا جانب من صاحب بعد جانب
*
* فخذ صفو ما أحببت لا تنزرنه
* فعند بلوغ الكد رنق المشارب
*
ثم عزل عمرو عن القضاء ووليه سعيد؛ فقال له سعيد: إنك كأنك لم تعزل فكان القاضي عمرا وكان سعيد كأنه تابع له.
((سعيد بن سليمان والحسن بن زيد))
حدثني أحمد بن زهير عن زبير بن أبي بكر؛ قال: حدثني موسى بن طلحة عن عمه عثمان بن طلحة عن سعيد بن سليمان؛ قال: قال لي يوما الحسن بن زيد وأنا معه على شرطه قولا كان جوابه على خلاف ما اخترته: والله لهممت أن أفارقك فراقا لا رجعة بعدها؛ فقلت: أيها الأمير إذا أقول لك حينئذ.
* وفارقت حتى ما أحن من الهوى
* وإن بان جيران على كرام
*
* فقد جعلت نفسي على النأي تنطوى
* وعيني على هجر الصديق تنام
*
قال: فسكت عنى فما رآني بدءا حتى فارقني.
239

((شعر العباس بن محمد يجيزه سعيد))
وقال زبير: حدثني عمي؛ قال: قال العباس بن محمد لسعيد بن سليمان وكان ينقلب إلى الحجاز وإلى ماله بالجفر:
* وليس إلى نجد وبرد مياهه
* إلى الحول إن حم الإياب سبيل
*
وبعث بهذا البيت إلى أبي؛ وقال: زد معه بيتا آخر؛ فقال أبي:
* وإن مقام الحول في طلب الغنى
* بباب أمير المؤمنين قليل
*
((سعيد بن سليمان وعبد الله بن عمران))
وقال زبير: حدثني عبد الملك بن الماجشون؛ قال: شهد سعيد بن سليمان عند عبد الله بن محمد بن عمران وهو على القضاء فرد شهادته فلما ولى سعيد بن سليمان جاءه عبد الله في شهادة فنظر فيها وفكر طويلا ثم قال لكاتبه أجز شهادته يا بن دينار؛ فإن أمير المؤمنين لا يشفى غيظه.
وعزل موسى بن المهدى سعيد بن سليمان المساحقى عن القضاء واستقضى مكانه عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر حفص العمرى.
((عبد الرحمن بن عبد الله العمرى يلي القضاء))
وعبد الرحمن بن عبد الله حدث وروى عنه وفي حديثه لين.
حدثنا الحسن بن عرفة؛ قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله العمرى عن أبيه عن نافع عن ابن عمر؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
240

أتيت في المقام بعس مملوء لبنا فشربت منه حتى امتلأت فرأيته يجري في عروقي ففضلت فضلة؛ فأخذها عمر بن الخطاب فشربها أولوا؛ قالوا: هذا علم أتاكه الله تبارك وتعالى حتى إذا إمتلأت منه فضلت فضلة فأخذها عمر بن الخطاب؛ قال: أصبتم.
قال: وحدثنا عبد الرحمن بن عبد الله العمري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: كلم الله هذا البحر وذكر حديثا طويلا.
وحدث عنه علي بن مسلم الطوسي أيضا بأحاديث مناكير وغيرهما حدث عنه.
ثم عبد الله بن محمد بن عمران ثانية ثم هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي ثم عزل عبد الرحمن بن عبد الله واستقضى عبد الله بن محمد
241

ابن عمران التيمي ثم عزل واستقضى مكانه هشام بن عبد الله بن عكرمة ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي.
حدثني أحمد بن أبي خيثمة وجعفر بن مكرم وغيرهما؛ قالوا: حدثنا مصعب بن عبد الله؛ قال: حدثني هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوا الرزق في خبايا الأرض.
((عمر بن القاسم وابن أبي نمير))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن محمد بن يحيى؛ قال: كان ابن أبي نمير مولى آل عمر ينزل حضير وكان عمر بن القاسم بن عبد الله بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب ينزل النقيع فحصد ابن أبي نمير شعيرا له فأرسل إليه عمر بن القاسم: أن أرسل إلي بشعير وتبن للدابة ففعل؛ ثم أعاد عليه فألح عليه فامتنع؛ وقال: * أجزية تأخذ من قوم عرب *
242

* الموت خير لك من بعض الحرب
* وأن تبيت مقعيا على قتب
*
* تمتار من عليه أو (جز عن حلب
* لصبية بين حضير وكلب
*
قال: وهما ماءان؛ فكان الذي هاج عبد الله بن عمر بن القاسم عليهم فخاصمهم إلى هشام بن عبد الله بن عكرمة.
((ابن الخياط يهجو هشام بن عكرمة قاضي المدينة))
أخبرني محمد بن الحسن الزرقي؛ قال: سمعت عمر بن عثمان بن أبي قباحة الزهري يحدث عن إبراهيم بن هبار؛ قال: لما عزل ابن عمران عن القضاء واستعمل هشام بن عبد الله بن عكرمة جزع من ذلك ابن عمران فقال له بعض أصحابه تقول لابن الخياط يهجوه؛ فقال: نعم؛ فقال ابن الخياط.
* كم تعنى لي هشام
* ذلك الجلف الطويل
*
* بعد وهن وهو في المجل
* س سكران يميل
*
* هل إلى بان بسلع
* آخر الليل سبيل
*
* قلت للندمان لما
* دارت الراح الشمول
*
* بأبي مال هشام
* فكما مال فميلوا
*
فقلت لابن الخياط: كذبت يا عدو الله! كان والله أسرى من ذلك.
((ثم أبو البختري وهب بن وهب))
((أبو البختري يلي قضاء المدينة))
فلم يزل هشام بن عبد الله بن عكرمة قاضيا إلى أن قدم أبو البختري
243

وهب بن وهب واليا وقاضيا يوم الاثنين لسبع بقين من شعبان سنة اثنتين وتسعين ومائة.
((شاعر يمدح أبا البختري))
قال أبو بكر: وهو أبو البختري وهب بن وهب بن كثير بن عبد الله ابن ربيعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي؛ ضعيف الحديث جدا لا يكتب حديثه ولكنه كان جوادا؛ قال فيه بعض الشعراء:
* هلا فعلت هداك الإل
* ه فينا كفعل أبي البختري
*
* تذكر إخوانه في البلاد
* فأغنى المقل عن المكثر
*
((شاعر يمدح أبا البختري))
وأخبرني أحمد بن زهير عن زبير بن أبي بكر؛ قال: حدثني عثمان ابن عبد الرحمن؛ قال: أخبرني القوقل محمد بن نافع؛ قال: دخل الحدثى الشاعر على أبي البختري فأنشده:
244

* إذا افتر وهب خلته برق عارض
* تبعق في الأرضين أسعده السكب
*
* وما ضر وهبا ذم من خالف الملا
* كما لا يضر البدر ينبحه الكلب
*
* لكل إناس من أبيهم ذخيرة
* وذخر بني وهب عقيد الندى وهب
*
((جود أبي البختري
*
فاستهل أبو البختري ضاحكا وسر سرورا كبيرا ودعا عونا له فأسر إليه فأتاه بصرة فيها خمسمائة دينار فدفعها إليه.
قال عثمان: لا والله ما حضرت أبا البختري ولا خبرني من حضره غيرى يعطى شيئا إلا أتبع عطاءه عذرا إلى صاحبه وتهلل عند طلب الحاجة إليه حتى لو يرى حاله غيرعارف به لقال هو الذي قضيت حاجته.
((أبو البختري شاعر من ولد عبد الرحمن بن هبار))
أخبرني أبو طاهر الزبير بن محمد بن عبد الله بن عثمان بن عروة بن الزبير ابن أخي مصعب بن عثمان وقال لي: رأيت عمي مصعب بن عثمان وعمتي أم كلثوم بنت عثمان بن مصعب؛ قال أبو طاهر: وقف رجل من ولد عبد الرحمن بن هبار على أبي البختري وهب بن وهب فقال:
* أوخر وهبا للحساب لعله
* إذا كان يوم الحشر يغفر لي ذنبي
*
* وأملته تأميل راج مكذب
* وهل يغفر الذنب العظيم سوى ربي
*
قال أبو البختري: اقعد وأمر له بمائتي دينار وخلعة؛ فلما قام قال أبو البختري: إنه ابن الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (شر الناس
245

من اتقى لشره) يعنى عبد الرحمن بن هبار.
((أبو البختري وراغب في الزواج))
وحدثني محمد بن جعفر بن سلم القاضي قال حدثني حبيش بن مبشر قال تقدم رجل إلى أبي البختري؛ فقال:
* ما ترى أصلحك الل
* ه وأثرى لك مالا
*
* في فتى أعوزه اله
* ن حراما وحلالا
*
* ويرى الناس يهب
* ون يمينا وشمالا
*
قال: فأعطاه مائتي دينار وقال: اذهب فافعل بها حلالا وإياك والحرام
246

((هارون الرشيد يقصر طويلة أبي البختري))
أخبرني أبو مالك ألإيادى؛ قال: سمعت عبد الصمد بن موسى بن محمد ابن إبراهيم الإمام ويحدث عن أبيه؛ قال: كنت واقفا على باب الرشيد وإلى جانبي أبو البختري القاضي فخرج خادم للرشيد؛ فقال: أبا البختري فأجابه؛ فقال: يقول لك أمير المؤمنين: هات طويلتك فأخذها فأدخلها ثم أخرجها وقد قطع منها أربعة أصابع؛ قال: يقول لك أمير المؤمنين لا تعتد في زيك.
حدثني محمد بن علي بن حمزة العلوي؛ قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ؛ قال: حدثنا عبد الملك بن الماجشون أبو مروان؛ قال: قال أبو البختري وهو على الصلاة والقضاء بالمدينة: أجمعوا إلى المشيرين فأدخلوا عليه سبعة وعشرين رجلا فيهم عبد العزيز بن أبي ثابت؛ فقال له عبد العزيز: أنت أصلحك الله كما قال ابن الرقاع العاملي:
((أبو البختري ومشيروه))
* وعلمت حتى ما أسائل عالما
* عن حرف واحدة لكي أزدادها
*
فضحك أبو البختري فلما كان من الغد قال أبو البختري: لا يدخل على إلا سبعة فأدخلوا سبعة ليس فيهم ابن أبي ثابت؛ فقال ابن الماجشون: فلقيني؛ فقال: كيف صنعتم؟ فقلت كنا سبعة وثامنهم كلبهم؛ أبو البختري:
((قصة أبي البختري مع الرشيد ووضعه له حديثا))
أخبرني محمد بن الحسن بن مسعود الزرقي؛ قال: حدثنا محمد بن عثمان
247

ابن أبي قباحة الزهري؛ قال: حدثني أبو سعيد العقيلي وكان من ظرفاء الناس وشعرائهم؛ قال: لما قدم الرشيد المدينة أعظم أن يرقى منبر النبي صلى الله عليه وسلم في قباء أسود ومنطقة؛ فقال له أبو البختري: حدثني جعفر بن محمد عن أبيه؛ قال: نزل جبريل على النبي عليه السلام عليه قباء ومنطقة محتجزا فيها بخنجر؛ فقال المعافى التيمي.
* ويل وعول لأبي البختري
* إذا توافى الناس في المحشر
*
* من قوله الزور وإعلانه
* بالكذب في الناس على جعفر
*
* والله ما جالسه ساعة
* للفقه في بدو ولا محضر
*
* ولا رآه الناس في دهره
* يمر بين القبر والمنبر
*
* يا قاتل الله ابن وهب لقد
* أعلن بالزور وبالمنكر
*
* يزعم أن المصطفى أحمدا
* أتاه جبريل التقى السرى
*
* عليه خف وقباء أسود
* محتجزا في الحقو بالخنجر
*
((حوار بين الرشيد وبعض القضاة حول أمان يحيى بن عبد الله بن حسن))
أخبرنا أبو سعيد الحارئى عبد الرحمن بن محمد بن منصور؛ قال: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى العذرى؛ قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله العمرى الذي كان قاضي المدينة؛ قال: أرسل إلى هارون أمير المؤمنين
248

وإلى يحيى بن عبد الله بن حسن فجاء به مسرور وقد دعا هارون بأمانه وأنا حاضر وعبد الله بن محمد بن عمران الطلحي ومحمد بن الحسن الكوفي وقاضى الجزيرة عبد الرحمن بن صخر ويحيى بن خالد قائم عن يمين هارون؛ قال: يا هؤلاء هذا يحيى بن عبد الله بن حسن وهذا أمانة الذي كتب له إلا أنه قد أحدث ما نقضه؛ زعم أن يحيى بن خالد هذا (أنه) قد دس رجالا ببغداد فأخبروه أن عامة أهل بغداد قد بايعوا يحيى بن عبد الله على خلافي وجاءني بصحائف له وجدها مع رجل قد توجه بها إلى بلخ يدعو أهل خراسان إلى خلافي؛ فرجل قد حفر تحت رجلي والتمس أن يزيلني عن مكاني أليس قد نقض ما كان بيني وبينه؟ قال: فقال يحيى بن خالد: نعم يا أمير المؤمنين؛ فنبذ هارون الأمان بقصبته إلى أبي البختري فتناوله؛ فأقبل على يحيى بن عبد الله؛ فقال: أصدق أمير المؤمنين وسله العفو؛ فقال له يحيى: لعنك الله؛ ومن أنت؛ لا أم لك حيث تقول لي: أصدق أمير المؤمنين؟ والله ما علم مني كذبا منذ حلفني؛ فقال هارون: خرق أمانة؛ قال: فوضع السكين فيه فولى يحيى بن عبد الله منصرفا وهو يقول والله ما جعل الله لكم أمانا ولا وفاء. أخبرني
249

أبو العيناء محمد بن القاسم؛ قال: حدثني ابن أبي البختري عن أبيه؛ قال: كنا مع الرشيد في سفر له إلى الروم وقد تقدمت حمولة الثلج فاستسقى فبعثت الخيل في طلب الثلج فجعلت الخيل تحصف الجبل وقد اشتد عطشه فقال: اسقني من ماء الرحل فلما أقره في فيه مجه؛ فقال له أبو البختري: يا أمير المؤمنين قد كنت ألتمس موضعا لوعظك فلا أجد وقد أمكنني الآن أفتأذن؟ قال: نعم قال: فقلت: يا أمير المؤمنين لو شربت الحار والقار ولبست اللين والخشن وأكلت الطيب والخبيث فإنك لا تدرى ما يكون من تصرف الدهر؛ فانتفخ في ثوبه حتى ظننته سينماز عنه ثم انحمص وعاد لونه وقال: يا أبا البختري إنا نلبس هذه النعمة ما أعطتنا فإذا وأعوذ بالله فارقتنا رجعنا إلى عود غير خوار.
((أبو البختري وغلام يتيم))
وذكر أبو زيد عن أبي غسان؛ قال: كلمت أبا البختري في يتيم عندي يثيبه فوعدني مرارا فشكوت ذلك إلى كاتب له فقال: أنت لا تحسن أن تسأل أبا البختري؛ إذا صلى فمر اليتيم فليصح به من وراء المقصورة: يا أبا البختري؛ قال: قلت: أفعل فجئت باليتيم فأقمته من وراء المقصورة فلما صلى قال: يا أبا البختري؛ قال: لبيك وأقبل عليه وقال: مالك؟ قال: أنا غلام يتيم قال: در إلى الباب فأتيته.
250

((الفضل بن الربيع يكتب لأبي البختري في موضع قبر إلى الرسول))
أخبرني محمد بن سعيد بن الحسن السامي؛ قال: حدثنا سهل بن محمد؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: قال لي الفضل بن الربيع: أين قبر أبي النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بالمدينة في دار النابغة؛ فقال: يا غلام اكتب إلي أبي البختري فاسأله؛ فقال أبو البختري: سبحان الله! بمكة فقلت للفضل: لا تسأل عن هذا العلماء ابعث الساعة إلى ابن بشير وابن أشعث وابن فروح وابن فم الحوت وابن دحيم المغنين فسلهم فسئلوا؛ فقالوا: بالمدينة في دار النابغة في بني مالك بن النجار.
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو البختري القاضي كذاب.
((رأي العلماء في أبي البختري وحديثه))
حدث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وعن ثور عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل أن النبي عليه السلام سئل عن الخبز والخمير يقرض الجيران فيردون أكثر أو أقل؛ قال: لا بأس بذلك؛
251

قال عباس الدوري: قلت ليحيى: رحم الله أبا البختري؛ قال: رحم الله أبا البختري.
((أبو البختري وأهل العراق))
أخبرنا أبو علي القوهستانى؛ قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي؛ قال: سمعت أبا البختري بالمدينة قدم علينا فأتيناه فسألناه عن أهل العراق فقال: إني رفعت أهل العراق هكذا؛ فوضعوني هكذا.
أخبرني أحمد بن علي؛ حدثنا علي بن منصور العطار أبو خليد؛ قال: قال مالك بن أنس: ما بال أقوام إذا خرجوا من المدينة يقولون: حدثنا جعفر بن محمد؛ حدثنا جعفر بن محمد فإذا قدموا المدينة انجحروا في البيوت يريد بذلك أبا البختري
((اسم جد أبي البختري))
أخبرني أحمد بن أبي خيثمة؛ قال: أخبرني مصعب؛ قال: حدثنا أبو البختري؛ قال: كنت آتي جدك مصعب بن ثابت؛ فقال لي: من أنت؟ قلت وهب بن وهب بن عبد كثير؛ فقال لي: أنت وهب بن وهب بن كثير؛ تدرى من سماه كثيرا؟ أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
((أبو البختري وسعيد بن عمر الزبيري))
أخبرني هارون بن محمد عن زبير؛ قال: أكره أبو البختري سعيد بن عمر الزبيري على أن يعمل له؛ فأبى؛ فقال:
* أظن وهب بن وهب أن أكون له
* لما تغطرس في سلطانه تبعا
*
((حديث رواه أبو البختري في حضرة الرشيد))
حدثني أبو بكر بن أبي الدنيا؛ قال: حدثني إبراهيم الأصبهاني عن نصر بن علي عن محمد بن عباد عن عبد الله بن مالك؛ قال: كنت عند هارون
252

ودخل أبو البختري فقال: يا أمير المؤمنين حدثني جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه رفعه؛ قال: إذا كان يوم القيامة يؤخذ للناس القصاص إلا من بني هاشم فلما خرج قال هارون: لولا أن هذا قد كفانا بعض ما يهمنا من أمر المدينة لم أكن أقبله يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسي.
حدثني ابن أبي الدنيا؛ قال: حدثني علي بن أبي مريم قال: قيل لأبي البختري: ألا تتخذ ترسا؟ قال: ترسى الصنائع.
((قصة أبي البحتري مع سعيد بن عمرو الزبيري حين أكرهه على أن يتولى سعيد شرط المدينة))
وزعم النميري عن أبي يحيى الزهري قال: أراد أبو البختري تولية سعيد بن عمرو الزبيري شرطه فأبى عليه فأكرهه فامتنع فقال: قد وليت شرط عبد الله بن محمد بن إبراهيم؛ فإن قلت: إنه عباسي فإن لي قرابتي وسني فلان له فألبسه السواد في مقعده وقلده سيفا وقال: صل بالناس العتمة ففعل فانصرف إلى أهله فندم وأراد أبو البختري أن يؤكد عليه فأرسل إليه: أن صل بالناس الصبح فإني عليل فأبى أن يفعل وغدا حين أصبح إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس به وأرسل إلى مطرف بن عبد الله اليسارى وعبد الملك بن الماجشون
253

ولأبى غزية الأنصاري؛ وعبد الله بن نافع الصائغ؛ فقال لمطرف:
قد وليتك السجن وقال لأبى غزية: قد وليتك السور وقال لابن رافع: قد وليتك كذا وقال لعبد الملك: قد وليتك كتابتي فأبوأ عليه فقال إن كان لأبي البختري أن يكرهني فلى أن أكرهكم فبلغ أبا البختري فقال: ترسل إلى أعلام الناس ورؤسائهم تريد أن تشاكل بهم الناس؛ اخلع سوادنا واردد ما أعطيناك فانتزع سيفه وأخذ مائة دينار كان وهبها له وأمر به فجعل يدفع في قفاه وهو يكبر وقال في ذلك:
* أراد وهب بن وهب أن أكون له
* لما تغطرس في سلطانه تبعا
*
* فلولا مخافة هارون وصولته
* إذا قمعت اللئيم العبد فانقمعا
*
* قد قلت حين هذى هذا به عنه
* أم ذا به طمع بل جاوز الطمعا
*
* بل قلت عبد تمنى عقد بيعته
* والعبد يبطر أحيانا إذا شبعا
*
* لما تغطرس وهب في عمايته
* وازداد أبهة واحتال وابتدعا
*
* خرجت منها خروج القدح لا وكلا
* وجلل العبد فيها اللؤم والطمعا
*
* يروى أحاديث من إفك مجمعة
* أف لوهب وما روى وما جمعا
*
((ثم موسى بن محمد))
((موسى بن محمد يقضي على المدينة ثم يعزل))
عزل محمد بن هارون الأمين أبا البختري عن المدينة واستقضى موسى
254

ابن محمد بن طلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي فلم يزل قاضيا حتى وثب أهل المدينة على إسماعيل بن العباس بن محمد فنحوه وبايعوا للمأمون واجتمعوا على جعفر بن حسن؛ فنحى موسى عن القضاء.
قال مصعب فيما أخبرني عبد الله بن جعفر عنه: أم موسى بن محمد: عائشة بنت موسى بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.
((محمد البكري يلي قضاء المدينة))
ثم ولى بعد ذلك جعفر بن حسن بكتاب من المأمون؛ فاستقضى عبد الرحمن بن عبد الله عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فكان قاضيا أياما يسيرة ثم استقضى محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
((قصة البكري وما كتبه على قصر العقيق))
أخبرني هارون بن محمد عن زبير؛ قال: حدثني محمد بن معاوية بن أبي عثمان؛ قال: كنت بالعقيق في قصر ابن بكير أنا ومحمد بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن القاسم البكري الذي كان قاضيا على البصرة فأخذ محمد بن عبد الله فحمة فكتب بها في جدار القصر.
* أين أهل العقيق أين قريش
* أين عبد العزيز ابن بكير
*
* ولو أن الزمان أخلد حيا
*.....
*
وكتب تحته: من أتم البيت فله سبق؛ فدخل بعد ذلك عمر بن عبد الله بن نافع بن ثابت فقرأ الكتاب وكتب تحته: * كان فيه مخلد بن الزبير *
255

فصدر بعد ذلك محمد بن عبد الله إلى العقيق فقرأ النصف؛ فقال: من كتب هذا؟ قال ابن معاوية: فأخبرته؛ فقال: لو كنت أكلمه لأعطيته السبق وكان له هاجرا يعنى عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان.
((داود بن عيسى يلي المدينة))
((قاضي المبيضة بالمدينة))
((العمرى قاضي المدينة وواليها))
ثم عزل جعفر بن حسن عن المدينة فاعتزل محمد بن عبد الله عن القضاء وولى داود بن عيسى المدينة فكتب إليه طاهر يقره على القضاء فلم يزل قاضيا حتى قام محمد بن سليمان بن داود بن الحسن مبيضا فغلب على المدينة فاستقضى محمد بن زيد بن إسحاق بن عبد الرحمن بن زيد بن حارثة الأنصاري فلم يزل قاضيا حتى قدمت المسودة المدينة فأعاد الجلودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز العمرى على القضاء في شهر ربيع الآخر سنة مائتين فلم يزل عبد الرحمن قاضيا ثم ولاه الحسن بن سهل المدينة فكان قاضيا وواليا حتى ورد كتاب موسى بن يحيى بن خالد بن برمك على عبد الجبار بن سعيد المساحقى: يقبض العمل من عبد الرحمن ابن عبد الله فقبضه وحبس عبد الرحمن حتى أعطاه مالا فخلى سبيله وعزله عن القضاء وذلك في سنة اثنين ومائتين.
((عبد الجبار المساحقى يعزل العمرى ويلي المدينة))
حدثنا عن عبد الجبار بن سعيد المساحقى إسماعيل بن إسحاق وغيره وهو من أصحاب مالك بن أنس وابن أبي الزناد ومن أهل الأدب.
((حسن السمت جزء من النبوة))
أخبرني عبد الله بن شبيب؛ قال: حدثني عبد الجبار بن سعيد المساحقى؛ قال: سمعت مالك بن أنس يقول: حسن السمت وحسن الزي جزء من كذا كذا جزءا من النبوة
.
256

((شعر للمساحقى))
أخبرني عبد الله بن شبيب؛ قال: أنشدني عبد الجبار بن سعيد المساحقى لنفسه.
* وعوراء قد أسمعتها فصرفتها
* وأوطأتها من غير عي بها نعلى
*
* فلم ينثها ناث وكانت كما مضى
* وجر عليها العاصفات من الرمل
*
أخبرني عبد الله بن الحسن عن الزبيري عن هارون بن عبد الله الزهري؛ قال: قال عبد الجبار بن سعيد:
* أمر الغوانى واحد
* حذو المثال على المثال
*
* أصبرن قبلك بالمنى
* قطعن أعناق الرجال
*
((المدينة عندهم مكة والمدينة واليمن) صلى الله عليه وسلم
وولى المدينة وهي مكة والمدينة واليمن فكتب إلى عبد الجبار بن سعيد بولايته المدينة في شهر ربيع الآخر سنة اثنين ومائتين فلم يزل عبد الجبار واليا وقاضيا.
((محمد البكري يلي قضاء المدينة ثم يعده أبو زيد الأنصاري))
((أبو غزية الأنصاري يقضي بالمدينة))
وأخبرني عبد الله بن جعفر بن مصعب الزبيري عن جده؛ قال: ولى المأمون محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن أبي بكر الصديق قضاء المدينة وقال أبو حسان الزيادي: ثم ولى المأمون عبد الله بن الحسن العلوي مكة والمدينة فاستعمل على قضاء المدينة أبا زيد الأنصاري محمد بن يزيد بن إسحاق بن يزيد بن عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة ثم عزل عبيد الله ابن الحسن أبا زيد الأنصاري وولى أبا غزية محمد بن موسى بن مسكين الأنصاري من بني النجار فلم يزل قاضيا حتى مات وكان أبو غزية محمد بن موسى من أهل العلم.
257

((وصف الماجشون لأبي غزية الأنصاري))
حدثنا عبد الله بن شبيب؛ قال: حدثنا الحسن بن موسى بن رباح؛ قال: ذكرت لعبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون أبا غزية؛ فقال: هو والله كما قال العجير السلولي.
* إذا جد حين الجد أرضاك جده
* وذو باطل إن شئت ألهاك باطله
*
* يسرك مظلوما ويرضيك ظالما
* وكل الذي حملته فهو حامله
*
وقد حدثنا عنه الزبير بن بكار بغير حديث وحدثنا عنه غير الزبير وحديثه مستقيم.
((لا صبر عن الصديق))
أخبرني عبد الله بن شبيب؛ قال: حدثني الحسن بن موسى بن رباح؛ قال: قال أبو غزية: يستحسن الصبر عن كل شيء إلا عن الصديق.
((أبو مصعب الزهري يلي قضاء المدينة))
ولما مات أبو غزية استقضى أبو مصعب أحمد بن أبي بكر بن الحارث ابن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري وكان قبل ذلك على شرط عبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب فلم يزل على القضاء حتى عزل عبيد الله بن الحسن عن المدينة سنة عشر ومائتين.
وولى قثم بن جعفر بن سليمان فعزل أبا مصعب. وهو فقيه أهل المدينة غير مدافع روى الموطأ عن مالك بن أنس واختصر قول مالك وهو مختصر يدور في أهل المدينة يأتمون به ومن أهل الثقة في الحديث حدث عن الدراوردي وابن أبي خازم وشيوخ المدينة.
258

((أبو زيد الأنصاري يقضي بالمدينة من قبل المأمون))
((أحمد بن يعقوب يلي قضاء المدينة))
ولما عزل قثم بن جعفر أبا مصعب استقضى أبا زيد الأنصاري محمد ابن يزيد بن إسحاق ثم عزل قثم بن جعفر وولى جعفر بن القاسم بن جعفر بن سليمان فولى المأمون أبا زيد الأنصاري من قبله ثم استقضى المأمون أحمد بن يعقوب الطفرى وكان من ولد قيس بن الخطيم فلم يزل قاضيا عليها حتى توفي في ذي القعدة سنة ست عشرة ومائتين وكان يكنى أبا يعقوب؛ فيما أخبرني أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب؛ قال: حدثني أبو يعقوب الذي كان على قضاء المدينة الأنصاري؛ قال: قال لي أسد صاحب أبي حنيفة وكان من أمثلهم: كنت عند أبي حنيفة وأتاه رجل في مسألة طلاق فأجابه ثم استوى فقال: أكان هذا بعد؟ قالوا: نعم؟ قال: فليأتي هذا منه حتى أفتيه.
((قصة لا يدخل المدينة مذهب أبي حنيفة))
((عمرو بن عثمان الأنصاري يقضي بالمدينة))
وقال زبير بن بكار فيما أخبرني ابن أبي العلاء عنه؛ قال أبو يحيى الزهري: ذكرنا ما جاء في الحديث: من أن المدينة لا يدخلها الدجال ولا الطاعون فقال محمد بن عبيد بن ميمون: ولا رأي أبي حنيفة
259

قال: فحدثت بذلك يحيى بن أكثم فأطرفه المأمون فلما ولى القضاء أحمد ابن يعقوب الأنصاري وكان يقول بقول أبي حنيفة؛ قال لي المأمون: قد دخل المدينة قول أبي حنيفة. ثم كانت الفترة في القضاء إلى أيام المتوكل على الله فاستقضى على المدينة عمرو بن عثمان الأنصاري سنة ست وثلاثين ومائتين ثم عزله سنة أربعين ومائتين وولى يعقوب بن إسماعيل بن حماد ابن زيد وعزله. ويعقوب بن إسماعيل من حملة العلم؛ يحدث عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهما.
((قاضي المدينة يعقوب ابن إسماعيل))
أخبرنا يزيد بن محمد أبو خالد المهلبي؛ قال: كان يعقوب بن إسماعيل في صحابة المعتصم فدعا المعتصم ليلة بالعشاء فأتى بهريسة؛ فقال: ليست بطيبة؛ فقال يعقوب: أنا آكلها؛ فأتى عليها فقال له المعتصم: أنت آكل الناس لهريسة رديئة.
((أبو هاشم المكي يقضي بالمدينة وبعده محمد المقدمي))
حدثني يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد؛ قال: حدثني أبي قال: حدثنا وهب بن وهب بن حرب؛ قال: سمعت أبي يقول: أهل البيت في الشتاء إذا لم يأكلوا أو يصطلوا فكأنهم غضاب.
ثم ولى قضاء المدينة ومكة أبو هاشم ابن أخي ابن أبي مسرة المكي في أيام المعتمد ثم عزل وولى محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي قضاء مكة والمدينة سنة ثمانين ومائتين ثم شخص إلى بغداد واستخلف على القضاء ثم رجع إلى مكة في سنة أربع وثمانين فلم يزل قاضيا إلى سنة اثنين وتسعين ومائتين.
((قاض الحرمين ابن أبي الشوارب))
وولى قضاء المدينة ومكة محمد بن عبد بن أبي الشوارب ثم صرف
260

سنة إحدى وثلاثمائة وتولى قضاء المدينة ومكة محمد بن موسى الرازي رئاسة وكان يخلف ابن أبي الشوارب على قضاء مكة.
((مكة والطائف))
((قضاء مكة))
لم ينته إلينا أخبار قضاة مكة على التأليف؛ فأخرجت ما انتهى إلى من أخبار من ولى القضاء بها متفرقا.
((ابن أبي مليكة))
((ابن أبي مليكة يسأل أيوب فيما أشكل عليه))
أخبرنا إسماعيل بن إسحاق؛ قال: سليمان بن حرب قال: حدثنا سليمان ابن يزيد عن أيوب عن ابن أبي مليكة؛ قال: بعثني ابن الزبير على قضاء الطائف وإنه لا غنى لي عنك أن أسألك؛ قال: نعم اكتب إلي فيما بدا لك؛ أو قال: سل عما بدا لك؛ قال: فرفع إلى امرأتان كانتا في بيت تحوزان فادعت إحداهما أنها طعنتها في يدها وقوس في بيت آخر سمعوا حيث
261

نادت فوجدوهما جميعا في بيت فكتبت إلى ابن عباس أسأله عن ذلك فقال: فكتب: إنه لا يقضى في مثل هذا إلا بالرؤية ولكن ادع بالتي ادعى عليها فاقرأ عليها: إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا الآية. ثم استحلفها؛ فقرأت عليها الآية؛ ثم ذهبت أستحلفها فأبت أن تحلف فأقرت.
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا هاشم بن قاسم؛ قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن أيوب عن ابن أبي مليكة وكان قاضيا بمكة.
حدثنا الرمادي؛ قال: حدثني أبو عثمان عن علي بن عبد الله عن عبد الوهاب الثقفي؛ قال: عبد الله بن أبي مليكة واسم أبي مليكة: زهير.
((شهادة الصبيان))
حدثني أحمد بن علي؛ قال: حدثني أبو الطاهر السرحى؛ قال: حدثنا ابن وهب؛ قال: حدثنا ابن جريج؛ قال: حدثنا ابن أبي مليكة: أنه أرسل إلى عبد الله بن عباس وهو قاضي ابن الزبير يسأله عن شهادة الصبيان فقال: لا أرى أن تجوز شهادتهم؛ أمر الله بمن يرضى وأن الصبي ليس يرضى.
((عبيد بن حنين))
أخبرني أحمد بن أبي خيثمة عن أبي الحسن المدائني؛ قال: عبيد بن حنين: مولى لبابة بنت أبي لبابة؛ ولى قضاء مكة.
262

وعبيد من التابعين؛ حمل عنه العلم فروى عنه الناس.
((مصعب بن الزبير يهدم دار عبيد ابن حنين بالكوفة))
وأخبرني عبد الله بن جعفر بن مصعب الزبيري عن جده قال: عبيد ابن حنين مولى لبابة بنت أبي لبابة بن عبد المنذر بن عبد الرحمن بن زيد فجر ولاءه وهو عم أبي فليح بن أبي المغيرة بن حنين من سبى عين التمر انتسبوا في العرب وكان عبيد بن حنين يسكن الكوفة وتزوج بها امرأة من بني بغيض بن عامر فأنكر ذلك عليه مصعب بن الزبير وهو أمير العراق فطلبه فتغيب فهدم داره فلحق بعبد الله بن الزبير وقال:
* هذا مقام مطرد
* هدمت مساكنه ودوره
*
* فرقت عليه وشاته
* ظلما فعاقبه أميره
*
* ولقد قطعت الجرف بعد الجرف معتسفا أسيره
*
* حتى أتيت خليفة الر
* حمن ممهودا سريره
*
* حييته بتحية
* في مجلس حصرت صقوره
*
* والخصم عند قناته
* من غيظه تغلى قدوره
*
فكتب له عبد الله إلى مصعب: أن يبنى داره ويخلى بينه وبين أهله.
وتوفي بالمدينة سنة خمس ومائة.
((ولاة الأقاليم في عهد عمر بن عبد العزيز))
وذكر أبو عمرو الباهلي عن أبي مسهر؛ قال: كان على قضاء مكة في
263

أيام عمر بن عبد العزيز داود بن عبد الله الحضرمي وعلى المدينة أبو بكر ابن عمرو بن حزم وعلى إفريقية إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر وعلى مصر أيوب بن شرحبيل وعلى فلسطين النضر بن مريم الحميري وعلى الأردن عبادة بن نسي الكندي وعلى الصلاة وعلى بعلبك العباس بن نعيم الأوزاعي وعلى قنسرين الوليد بن هشام المعيطى وعلى أرمينية الحارث بن عمرو الأسدي وعلى الجزيرة عدى بن عدي وعلى الموصل يحيى بن يحيى الغساني وعلى خراسان الجراح بن عبد الله الحكمي.
((محمد بن عبد الرحمن الأوقص المخزومي))
(())
كتب إلى عبد الملك البسرى الدمشقي؛ حدثنا عمرو بن حفص؛ قال: حدثني سفيان الثوري؛ قال: كان الأوقص إلينا منقطعا فلما ولى القضاء أراد أن نكون له على ما كنا فتركناه.
((الأوقص القاضي وحديثه مع الدارمي))
أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة؛ قال: أخبرنا مصعب بن عبد الله؛ قال: أتى الدارمي الشاعر الأوقص قاضي مكة في شيء فأبطأ عليه فبينما الأوقص يوما في المسجد يدعو ويقول في دعائه: يا رب أعتق رقبتي من النار قال له يقول الدارمي: ولك عتق رقبة؟ لا والله ما جعل الله لك وله الحمد رقبة تعتق؛ فقال الأوقص: ويلك! من أنت؟ قال: أنا الدارمي؛ قتلتني وحبستنى قال: لا تقل ذاك؛ إنني أقضى لك.
264

((الأوقص في مرضه))
حدثني هارون بن محمد بن عبد الملك؛ قال: حدثني علي بن عبد الله بن حمزة ابن عتبة اللهبى؛ قال: حدثني أبي؛ قال: دخلت علي محمد بن عبد الرحمن المخزومي أعوده؛ فقلت له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت كما قال الشاعر:
* إذا ما وردت الماء في بعض أهله
* قدور تعرض بي كأنك مازح
*
* فإن سألت عني قدور فقل لها
* به غبر من دائه وهو صالح
*
ثم دخلت عليه؛ فقلت: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت كما قال الشاعر:
* إن الليالي أسرعت في نقضي
* أخذن بعضي وتركن بعضي
*
* أقعدنني بعد طول نهض
*
((الأوقص وصاحب قضية عبث به))
فأخبرني أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب؛ قال: حدثني أبي؛ قال: خرجت أنا وعبد الله بن سعد بن ثابت بن عمر القاضي بكتاب إلى قاضي مكة الأوقص في حاجة فلما دخلنا مكة إذا نحن برجل رأسه على كتفيه وله أذنان طويلتان نصف في رأسه ونصف على كتفيه وإذا هو ينظر كأنه مجنون فجعلت أنظر إليه وأعبث به وأكلمه وهو ساكت فلما كان من غد حملت الكتاب أريد به القاضي فإذا القاضي صاحبي بالأمس؛ فقلت: ماذا صنعت؟ وماذا أتيت؟ فدفعت إليه الكتاب فقضى لي وأمر لي بالكتاب فلما فرغ من حاجتنا وتنحينا عنه قال لي: يا بن مصعب بئس الصاحب كنت لي بالأمس.
((الأوقص يقضي على المهدي في دار ابن جدعان))
وأخبرني أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب قال جاء أبو عزارة من
265

آل أبي مليكة يخاصم في دار عبد الله بن جدعان إلى الأوقص وكان المهدى أخذها وكانت في يده فبعث الربيع بن يونس يخاصمه فاختصما إلى الأوقص فلما جلسا بين يديه قال: ما جاء بكما؟ قال: يقول: أبو عزارة جاءني يخاصمني في دار عبد الله بن جدعان وهي وقف؛ فقال الأوقص: نعم هي وقف كما قلت؛ قال: يقول الربيع: قضيت على قبل أن أتكلم قال: وما تتكلم؟ انما أجلستموني هنا للعبث والله لو كلفتنى أن أعد كل حجر فيها؛ أو ميزاب لفعلت لم أزل أعرفها منذ أنا صبي إلى اليوم؛ قال: فأرسل اليه المهدى: لم قضيت على؟ فقال: أنا أقضى أنت تقضى؛ فإن شئت تركت وان شئت أخذت فردها المهدى عليهم ثم اشتراها منهم بعد. وقال زبير عن عمه؛ قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن المنذر بن عبد الله بن الزبير؛ قال: خاصمت إلى الأوقص ضيعتي بالسر سراء فهم ونازعني شيخ من الفهميين فقال: أرضنا ومسلمنا؛ فقلت: ان الأموال قد تنتقل وأنشدك الله من الذي يقول؟
* أقول وروس السدر فوق رؤوسها
* لهن حفيف مثل حس الأبارد
*
* كلى أكله إن الزبير بن عاصم
* إذا جاء يوما لم يرخص لعاضد
*
فسكت؛ فقال محمد بن عبد الرحمن: أخبرته فقد أنشدك؛ فقال:
266

((الدارمي والأوقص))
رجل منا يقال له محمد بن عبد الرحمن: قم قضيت عليك.
وقال الدارمي للأوقص:
* أبا خالد أشكو غريبا مشوها
* ببابي لا يحيا ولا يتوجه
*
* له مقلتا كلب ومنخر ثعلب
* والبضبع إن شبهته فهو أشبه
*
* إذا قلت أقبل زادك الله بغضة
* ثنى وجهه لا بل غريمى أشوه
*
* فلو كنت إذ ماطلته مل وانثنى
* ولكنه يمرى على ويسفه
*
قال زبير: مات الأوقص في أيام موسى.
((المخزومي وأحد حجبة الكعبة))
أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي؛ قال: حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري؛ قال: بلغني أن رجلا من الحجبة أخذ شيئا من مال الكعبة؛ صرفه فأراد محمد بن عبد الرحمن المخزومي وكان قاضيها أن يقطعه فاجتمعت قريش؛ فقالوا: ليس ذلك لك لأن الله ولاهم الحجابة فليس لأحد أن يعزلهم لأنه لم يولهم إلا الله وليس
فوقهم فيها إلا الله هو يحاسبهم عليه.
((بعض قضاء مكة في خلافة بني هاشم))
قال: وكانت جدة المخزومي قطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو الحسن المدائني: ولى قضاء مكة في خلافة بني هاشم هشام بن حبيب المخزومي؛ ولست أعرف ذلك.
ثم زياد بن إسماعيل وهذا رجل معروف وروى عنه ابن جريج.
حدثنا عبد الله بن محمد بن أيوب؛ قال: حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: أخبرني زياد بن إسماعيل فرعة مولى لعبد القيس أخبره. قال المدائني
267

ثم ابن معاذ السنى ولا أعرفه.
وقال: وقضى للمنصور أبو بكر بن أبي سعد السهمي ولا أعرفه.
ثم أبو سلمة المخزومي ثم محمد بن عبد الرحمن المخزومي الأوقص وقد تقدم ذكره.
ثم عمرو بن حسن بن وهب الجمحي ثم عبد العزيز بن المطلب المخزومي؛ وقد ذكرناه في قضاة المدينة.
ثم محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي سلمة في أيام موسى وهارون ولم يذكر المدائني غير هؤلاء.
وأخبرني محمد بن أحمد بن نصر عن إبراهيم بن المنذر وبعضه عن محمد ابن عبد الوهاب الأزهري عن إبراهيم عن عمر بن أبي بكر المؤملى أنه كان على قضاء مكة في أيام المأمون محمد بن عبد الرحمن المخزومي ثم بعده عمرو ابن عمر بن صفوان بن سعد السهمي ثم يوسف بن يعقوب الشافعي سنة عشر ومائتين ثم سليمان بن حرب الواشجى ولى قضاء مكة استقضاه عبد الله بن عبد الله بن العباس بن محمد سنة ثلاث عشرة ومائتين.
((سليمان بن حرب يقضي بالشاهد واليمين))
((قاضي مكة يجبر الناس على القول بخلق القرآن))
فأخبرني حماد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد قال: قال لي سليمان ابن حرب قضيت بمكة بشاهد ويمين قال الموصلي: ثم ولى عبد الرحمن بن زيد بن محمد بن حنظلة بن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي وكان خبيث الرأي يمتحن الناس ويخيفهم ويقيم كل جمعة أسود ينادى حول المسجد الحرام: القرآن مخلوق وكلاما غيره وكان قليل العلم شديد العصبية وعزل
268

المخزومي وقدم عمار بن أبي مالك الخشني على القضاء وولي عمار بن أبي مالك الخشني سنة ثمان وثلاثين ومائتين وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائتين ثم ولى الزبير بن بكار قضاء مكة وتوفي سنة ست وخمسين ومائتين وهو آدب الناس وأعلمهم في زمانه. ثم ولى العثماني وولى أبو هاشم بن أبي مسرة المكي قضاء مكة وولى أحمد بن يعقوب بن أبي الربيع قضاء مكة فلم يخرج إليها واستخلف عليها غير واحد. ثم ولى محمد بن عبد الله بن علي قضاء مكة واستخلف محمد بن موسى الرازي عليها. ثم ولى محمد بن موسى الرازي عليها ثم ولى محمد بن موسى الرازي قضاء مكة رياسة.
((ذكر قضاة البصرة وأخبارهم))
((خبر أبي مريم الحنفي))
((أول من قضى بالبصرة))
حدثنا أبو يعلى زكريا بن يحيى بن خلاد المنقري عن الأصمعي؛ قال: سمعت ابن عون يحدث عن ابن سيرين؛ قال: أول من قضى بالبصرة إياس بن صبيح أبو مريم الحنفي.
قال الأصمعي: وهو إياس بن صبيح بن محرش بن عبد عمرو بن أبي عبيد بن مالك بن عبد الله بن الدول بن حنيفة بن لجيم وأمه ريطه بنت ربيعة بن أسلم من بني عامر بن حنيفة بن لجيم.
حدثنا أبو يعلى المنقري؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: سمعت ابن عون يحدث عن ابن سيرين؛ قال: كان الأمير على البصرة أيام عمر عتبة بن غزوان في سنة أربع عشرة فولى أبا مريم القضاء فلم يزل قاضيا حتى
269

مات عتبة بن غزوان في سنة عشرة بطريق مكة وولى المغيرة بن شعبة فأقر أبا مريم على القضاء.
((عمر يعزل أبا مريم))
حدثنا أبو يعلى؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا نافع بن أبي نعيم؛ عن نافع عن ابن عمر؛ قال: شكى ضعف أبي مريم الحنفي إلى عمر فأمر بعزله.
حدثنا أبو يعلى؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا حماد بن زيد؛ عن أيوب عن محمد؛ قال عمر: لأستعملن على القضاء رجلا إذا رآه الفاجر فرقه.
حدثنا أحمد المنصور الرمادي؛ قال: حدثنا سليمان بن حرب حماد بن زيد عن أيوب عن محمد؛ قال: قال عمر: لأنزعن فلانا عن القضاء ولأستعملن رجلا إذا رآه فاجر فرقه.
حدثنا أبو يعلى المنقري؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا حماد بن زيد عن حبيب بن الشهيد عن ابن سيرين: أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري: أن ينظر في قضايا أبي مريم فكتب إليه: إني لا أتهم أبا مريم
((عمر يكتب لأبي موسى في شأن إلى مريم))
حدثني بشر بن موسى الأسدي؛ قال: حدثنا سفيان عن أيوب عن محمد أن عمر خرج من الخلاء؛ فقال له أبو مريم الحنفي: ألا توضأ يا أمير المؤمنين؟ فقال أو مسيلمة قال ذاك؟
((عمرو أبو مريم))
وأخبرني عبد الله بن الحسن المؤدب عن النميري عن الضحاك بن
270

مخلد عن ابن عون عن محمد؛ قال: خرج عمر من الخلاء وهو يذاكر شيئا من القرآن فقال له رجل: إنك خرجت من الخلاء؛ فقال: أمر فينا مسيلمة؟
((شدة عمر على أبي مريم))
هذا وكانوا يقولون: في عمر عليه شدة وكانوا يقولون: قتل زيد ابن الخطاب يوم اليمامة فلما كان بعد كان يقول إن الله أكرم زيدا بيدي ولم يهنى بيده.
وقال: أخبرنا محمد بن الفضل عن أبي هلال عن ابن بريدة؛ أن الذي قتل زيد بن الخطاب: سلمة بن صبيح أخو أبي مريم وكان خالد أوفد عشرة إلى أبي بكر؛ فيهم أبو مريم فحسن إسلامه بعد ذلك ويقال إن عمر قال له: أقتلت زيدا؟ لا أحبك حتى تحب الأرض الدم؛ قال: أو يمنعني ذاك حقي عندك؛ قال لا: قال فلا ضير إذا.
وأخبرنا إبراهيم بن إسحاق الحربي؛ قال: حدثنا يوسف بن بهلول عن ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن الكوثر ابن زفر؛ قال: قال أبو المختار وهو جدى أبو أمي لعمر في عمال السواد
271

في الشعر الذي وشى بهم إليه.
((وشيل هناك المال وابن محرش
وذاك الذي في السوق مولى بني بدر))
قال المدائني: ابن محرش هو: إياس بن صبيح بن محرش بن أبي مريم الحنفي وكان على رامهرمز وسرق وقال الفرزدق في أبيه أبي شمر بن إياس.
* أبا شمر ما من فتى أنت فاخر
* على قومه إلا تعيت مصادره
*
* بمال إياس والمحرش وابنه
* صبيح إلى عال علا الناس قاهره
*
وقال:
* فإن الإياسين اللذين كلاهما
* أبوك الذي يجري إذا المجد قصرا
*
* فدى لهما حيا لجيم كلاهما
* إذا الموت بالموت ارتدى وتأزرا
*
((عمر والقاضي الذي أصلح بين الخصمين بماله))
قال المدائني عن أبي حربي نصر بن طريف؛ قال: سارع إلى أبي مريم رجلان في دينار ادعاه أحدهما على الآخر؛ فأصلح بينهما وغرم الدينار؛
272

فكتب إليه عمر: إني لم أوجهك لتحكم بين الناس بمالك؛ إنما وجهتك لتحكم بينهم بالحق وعزله.
((خطط أبي مريم بالبصرة))
ولأبي مريم أربع خطط بالبصرة؛ إحداهن في قبلة المسجد الجامع وهي تجاه حمام دار الإمارة وتشرع على الطريق الذي في ظهرها وأخرى في بنى عبد الله بن الدول تحاذى دار أخيه مسلمة بن صبيح؛ وخطتان بحضرة مسجد الأحامرة.
وزعم المدائني عن مسلمة بن محارب؛ أن أبا مريم قضى على البصرة قبل كعب بن سور.
((عمر يمر بأبي مريم وهو ينزع خفيه ليغسل رجليه))
حدثنا الفضل بن موسى بن عيسى مولى بني هاشم؛ قال: حدثنا عون ابن كهمس بن الحسن؛ قال: حدثني أبي عن عبد الله بن بريده؛ قال: مر عمر بن الخطاب على أبي مريم الحنفي وهو في سكة من سكك المدينة وقد خلع خفيه يتوضأ؛ قال: يا أبا مريم وضرب ظهره وقال: فطرة النبي محمد؛ ليس فطرة ابن عمك المسح على الخفين؛ قال أبو مريم: ما ألوت عن الخير.
273

وذكروا أن عمر بن الخطاب رحمه الله عزل أبا مريم عن القضاء وكتب إلى المغيرة بن شعبة: أن يقضى بين الناس.
((نصيحة عمر للمغيرة حين ولاء القضاء))
كذلك حدثنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا عمرو بن عاصم الكلابي؛ قال: حدثنا أبو العوام؛ قال: حدثنا قتادة عن أنس بن الحسن؛ أن عمر بن الخطاب كتب إلى المغيرة بن شعبة: أن يقضى بين الناس وقال: إن أمير العامة أجدر أن يهاب.
وقال: إذا رأيت من الخصم تكديا فأوجع رأسه ويقال: إن عمر فعل هذا حين اشتكى ضعف أبي مريم فقال: لأعزلنه ولأستعملن رجلا إذا رآه الفاجر فرقه.
((كعب سور الأزدي))
حدثنا أبو يعلى المنقري؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا حسن بن فرقد عن الحسن؛ قال: استعمل عمر بن الخطاب على قضاء البصرة بعد أبي مريم الحنفي؛ كعب بن سور الأزدي.
وقال الأصمعي: هو كعب بن سور بن بكر بن عبد الله بن ثعلبة بن سليم ابن ذمل بن لقيط.
فلم يزل قاضيا حتى قتل عمر سنة ثلاث وعشرين.
فحدثنا أبو يعلى؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا سلمة بن بلال عمن حدثه عن ابن سيرين؛ قال: لما استخلف عثمان أقر أبا موسى على البصرة على صلاتها وأحداثها وعزل أبا موسى عن البصرة وولى
274

عبد الله بن عامر بن كريز فولى عبد الله بن عامر كعب بن سور القضاء؛ فلم يزل قاضيا حتى قتل يوم الجمل.
((قضاء كعب بن سور))
حدثني قاسم بن زاهر بن حرب؛ قال: حدثنا خداش؛ قال: حدثنا حماد ابن زيد عن أيوب عن محمد؛ قال: كان قضاء كعب بن سور لا يختلف فيه.
حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي؛ قال: حدثني يحيى بن الحارث الطائي البكري سنة ست ومائتين قال: سمعت مزعجة اللقيطة تحدث نساء الحي: أن أباها حدثها: أن كعب بن سور كان يقضى في داره وخيلنا ترعى العكرش ما بيننا وبين المسجد الجامع.
((أول قاض على البصرة))
أخبرني جعفر بن الحسن؛ قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة؛ قال: حدثنا وكيع عن زكريا عن الشعبي؛ أن عمر استقضى كعب بن سور على البصرة فكان أول قاض على البصرة كعب بن سور فقتل يوم الجمل بين الصفين.
((امرأة تشكو إلى عمر انصراف زوجها للعبادة))
قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم؛ قال: حدثنا منصور بن عبد الرحمن قال: حدثنا الشعبي؛ أن كعب بن سور كان جالسا عند عمر بن الخطاب
275

فجاءت امرأة؛ فقالت: يا أمير المؤمنين: ما رأيت رجلا قط أفضل من زوجي إنه ليبيت ليله قائما ويظل نهاره صائما في اليوم الحار ما يفطر فاستغفر لها وأثنى عليها وقال: مثلك أثنى الخير وقاله واستحيت المرأة فقامت راجعة فقال كعب: يا أمير المؤمنين هلا أعديت المرأة على زوجها إذ جاءتك تستعديك؟ قال: أو ذاك أرادت؟ قال: نعم فردت؛ فقال: لا بأس بالحق أن تقوليه؛ إن هذا زعم أنك جئت تشتكين زوجك: أنه يجتنب فراشك؛ قالت: أجل إني امرأة شابة وإني أتتبع ما يتتبع النساء فأرسل إلى زوجها فجاءه؛ فقال لكعب: اقض بينهما فأنك فهمت من أمرهما ما لم أفهمه؛ فقال كعب: أمير المؤمنين أحق أن يقضى بينهما؛ فقال عزمت عليك لتقضين بينهما؛ قال: فاني أرى كأنها امرأة عليها ثلاث نسوة؛ هي رابعتهن فأقضى له بثلاثة أيام ولياليهن يتعبد فيهن ولها يوم وليلة؛ فقال عمر: والله ما رأيك الآول بأعجب من الآخر اذهب فأنت قاض على أهل البصرة.
قال منصور: فقتل يوم الجمل مع عائشة.
أخبرني مضر بن محمد الآسدى؛ قال: حدثنا إبراهيم بن عثمان المصيصي؛ قال: حدثنا مخلد بن حسين عن هشام عن ابن سيرين وأخبرني عبد الله ابن الحسن عن النميري عن عمر بن عمران السدوسي عن الحسن بن أبي جعفر وأخبرني محمد بن أبي علي القيسي عن محمد بن صلح العدوي؛ يزيد بعضهم على بعض أن المرأة التي أتت عمر بن الخطاب نثنى على زوجها؛ فقال له كعب بن سور: إنها تشكوه. فقال عمر اقض بينهما تكلمت فقالت:
276

* يا أيها القاضي الحكيم رشده
* ألهى خليلي عن فراشي مسجده
*
* زهده في مضجعى تعبده
* نهاره وليله ما يرقده
*
* ولست في أمر النساء أحمده
* فاقض القضاء يا كعب لا تردده
*
فقال الزوج:
* إني امرءا أذهلني ما قد نزل
* في سورة النور وفي السبع الطول
*
* زهدنى في فرشها وفي الحجل
* وفي كتاب الله تخويف جلل
*
* فحثها في ذا على حسن العمل
*
فقال كعب:
* إن أحق القاضيين من عقل
* ثم قضى بالحق جهدا وفصل
*
* إن لها حقا عليك يا بعل
* نصيبها من أربع لمن عدل
*
* فأعطها ذاك ودع عنك العلل
*
فبعثه عمر على البصرة.
ورواه المدائني عن الحسن بن أبي جعفر عن ليث عن مجاهد.
((كعب يراجع عمر في قضائه في عين ماء))
وذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى أن صاحب عين هجر أتى عمر وعنده كعب بن سور؛ فقال: يا أمير المؤمنين إن لي عينا فاجعل لي خراج
277

ما تسقى؛ فقال: هو لك؛ فقال كعب: يا أمير المؤمنين ليس ذاك له؛ قال: ولم؟ قال: لأنه لا يفيض ماؤه عن أرضه فيسقى أرض الناس ولو حبس ماءه في أرضه لغرقت فلم ينتفع بمائه ولا بأرضه فمره فليحبس ماءه عن أرض الناس إن كان صادقا فقال له عمر: أتستطيع أن تحبس ماءك؟ قال: لا؛ قال: هذه لكعب مع الأولى.
حدثنا جعفر بن محمد الصائغ؛ قال: حدثنا قبيصة؛ قال: حدثنا سفيان عن أيوب وابن عون عن محمد بن سيرين؛ أن كعب بن سور كان يأتي به المذبح ويضع على رأسه الإنجيل ويستحلفه بالله.
((طريقة كعب في تحليف أهل الذمة))
أخبرنا حميد بن الربيع؛ قال: حدثنا هشيم؛ قال: أخبرنا يونس وابن عون عن ابن سيرين عن كعب بن سور؛ أنه استحلف رجلا من أهل الكتاب فقال: اذهبوا به إلى البيعة واجمعوا التوراة في حجره والإنجيل على رأسه واستحلفوه بالله.
أخبرنا عبد الله بن الحسن عن النميري؛ قال: حدثنا موسى بن إسماعيل؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن ابن سيرين وحبيب عن ابن سيرين عن كعب بن سور أنه استحلف يهوديا؛ فقال: أدخلوه الكنيسة وضعوا التوراة على رأسه واستحلفوه بالله الذي أنزل التوراة على موسى.
((حكم الأصحية بالجذع))
أخبرنا محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: حدثنا عثمان بن مسلم؛ قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا سعيد الجريري عن أبي العلاء بن الشخير أن كعب بن سور سئل عن الجذع؛ قال الله أحق بالوفا والغنا.
278

حدثنا أبو قلابة؛ قال: حدثني أبي؛ قال: حدثنا المعتمر بن سليمان؛ قال: سمعت أبي يحدث عن أبي العلاء؛ قال: سألت كعب بن سور أأضحى بالجذعة؟ قال: فيه الوفاء والغناء.
((كعب بن سور يفتي في جارية رباها رجل))
حدثنا إسماعيل بن إسحاق؛ قال: حدثنا سليمان بن حرب؛ قال:
حدثنا حماد بن زياد عن الزبير بن الحارث عن أبي لبيد؛ قال: جاء كعب بن سور إلى مسجدنا فسأله رجل من الحي؛ قال: إني ربيت جارية يتيمة وأنها تدعوني يا أبته وأنا أقول لها: يا ابنته؛ أفترى لي أن أتزوجها؟ قال: هي لك حلال وأحب إلي ألا تتزوجها.
(())
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن أحمد بن إبراهيم عن حفص عن حجاج عن قتادة؛ قال التقى: رجل على حمار ورجل على جمل أو قال: حمار ففزع الحمار فصرعه فكسر فاختصما إلى كعب ابن سور فلم يضمنه.
((كعب يفتي في أرض معيبة))
وحديث عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن أبي عصام الأزدي؛ قال: اشترى رجل من رجل أرضا فوجدها صخرة فاختصما إلى كعب بن سور؛ فقال كعب: أرأيت لو وجدتها ذهبا أكنت تردها؟ قال: لا؛ قال: فهي لك.
279

((كعب يفتي في حادثة نسب بالقيافة))
وقال النميري: حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي؛ قال: حدثنا خالد بن ابن الحارث عن ابن عون عن محمد: أن امرأتين رقدتا ومع كل واحدة ولدها؛ فانقلبت إحداهما على أحد الصبيين فقتلته وأصبحتا وكل واحدة منهما تدعى الباقية فاختلفتا إلى كعب بن سور؛ لا أدرى كم قال فبعث إلى القافة فأوطوا المرأتين والصبي فألحق الشبه بإحدى المرأتين فقال كعب: إني لست بسليمان بن داود ولم أجد شيئا أفضل من أربعة من المسلمين شهدوا.
((كعب يفتي في حادثة بيع ورق))
وقال: معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن يزيد بن الشخير؛ قال: اختصم إلى كعب رجلان؛ باع أحدهما صاحبه ورقا على أن يقطع برضاه فجعل يأتيه بالأديم فيقول له: اقطع لي من وسطه ورقة ودع باقيه فقال كعب: إما أن تقطعه كله أو لا تفسده عليه وإلا فخذ دراهمك.
((أبو موسى الأشعري أمير البصرة))
قال أبو بكر: ولم يزل كعب على قضاء البصرة حتى قتل عمر في سنة ثلاث وعشرين.
ثم ولى عثمان أبا موسى وعزل كعب وكان أبو موسى هو الأمير
280

والقاضي حتى عزله عثمان في آخر سنة ثمان وعشرين أو أول سنة تسع وولى عبد الله بن عامر فأعاد ابن عامر كعبا على القضاء فلم يزل حتى قتل يوم الجمل
((كعب بن سور ينشر المصحف يوم الجمل))
حدثنا محمد بن العباس؛ قال: حدثنا هلال بن يحيى؛ قال: حدثنا حصين ابن نمير عن حصين عن عمرو بن جاوان؛ قال: لما التقوا يوم الجمل قام كعب بن سور ومعه المصحف ناشره بين الفريقين يناشدهم الله والإسلام في دمائهم فلم يزل بذلك التبرك حتى قتل وإنه هناك قال عمرو: رأيته ومعه المصحف يناشدهم.
((عائشة تطلب إلى كعب أن يخرج في صفها بعد ما حث الناس على اعتزال الحرب))
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي؛ قال: حدثنا وهب بن جرير؛ قال: حدثنا أبي؛ قال: حدثنا الجلد بن أيوب عن أبيه عن جده؛ قال: قال لي كعب بن سور: اركب معي حتى أطوف في الأزد فجعل يأتي مساجدهم ويقول: ويلكم أطيعوني؛ اقطعوا هذه النطفة وكونوا من ورائها وخلوا بين هذين الغاويين فوالله لا يظهر طائفة منهم إلا احتاجوا إليكم فجعلوا يشتمونه ويقولون: نصراني صاحب عصا فلما أعيوه رجع إلى منزله في دار عمرو بن عوف فأمر بزاده ليخرج من البصرة فبلغ عائشة الخبر فجاءت على بعيرها فلم تزل حتى خرجته فخرج وراية الأزد معه يومئذ وراية بني ضبة مع ابن يثربى.
أخبرنا الحارث بن محمد عن المدائني عن مسلمة بن محارب عن عمارة عن حوير! قال: اجتمعت الأسد في مسجد الجدار؛ فقال كعب بن سور:
281

يا معشر الأسد: أطيعونى واعبروا هذه النطفة وخلوا بين هذين الغاويين تنجلى عنكم الفتنة وأنتم أوفر العرب اجعلوها بي وخلوا بنى نزار يقتل بعضهم بعضا فأي أميري قريش غلب احتاج إليكم فشتمه سبرة بن شيمان الحداني وكان مفحما وقال: سنان بن عائد: شتمه الجلد بن سابور الجرموزى وقال: اسكت إنما أنت نصراني صاحب نافوس وصليب وعصا.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الحارثي؛ قال: حدثنا وهب بن جرير؛ قال: حدثنا أبي عن الزبير بن الحارث عن أبي حبيش الجرموزي؛ قال: رأيت كعب بن سور يومئذ آخذا بخطام الجمل فقال لي: يا أبا حبيش: أنا والله كما قالت القائلة؛ فأنا بنى لا نفر ولا نقاتل؛ فقتل يومئذ.
((كلمة على وقد مر على كعب بن سور وهو مقتول))
أخبرنا محمد بن عمر العطار؛ قال: شيرويه؛ قال: حدثنا سليمان بن صالح؛ قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن جرير بن حازم؛ قال: فحدثني الزبير ابن الحريث؛ قال مر به على وهو قتيل فقام عليه؛ فقال: والله ما علمت: إن كنت لصلبا في الحق قاضيا بالعدل وكنت وكنت؛ فأثنى عليه.
((كلمة رجل من الأزد في كعب بن سور))
فزعم المدائني عن ابن محنف؛ قال: قال رجل من الأزد:
* فإن تقتلوا كعب بن سور فإننا
* قتلنا بني علياء بكر بن وائل
*
((كلمة أم كعب بن سور في بنيها وقد وجدتهم قتلى))
وزعم ابن أخي الأصمعي عن عمه؛ أن كعب بن سور أصيب ذلك اليوم ومعه ثلاثة إخوة أو أربعة فجاءت أمهم فوجدتهم في القتلى فقالت:
* أيا عين جودي بدمع سرب
* على فتية من خيار العرب
*
282

* فما ضرهم غير جبن النفوس
* أي أميري قريش غلب
*
((كعب بن سور وطعام أهدى لهم))
((كلمة عمر لكعب))
وذكر المدائني عن الصلت بن أبي عثمان؛ قال: حدثتني عمتي؛ قال: قالت بنت كعب بن سور: ألطفنا بعض الحي بلطف فدخل أبي فرآه فأدنيناه إليه فأكل ثم قال: من أين هذا لكم؟ قلنا له: أهداه لنا فلان فتقياه قال المدائني: وذكر ابن أبي عدى عن حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزنى؛ قال عمر لكعب بن سور: نعم القاضي أنت.
((أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس))
((أبو موسى يلي قضاء البصرة))
حدثنا أبو يعلى زكريا بن يحيى بن خلاد المنقري؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا سلمة بن بلال عمن حدثه عن ابن سيرين؛ قال: لما استخلف عثمان أقر أبا موسى الأشعري على صلاة البصرة وأحداثها وعزل كعب ابن سور عن القضاء وولى أبا موسى القضاء.
((كتاب لأبي موسى الأشعري))
وقد ذكر أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى فولاه القضاء وكتب إليه كتبا منها: ما حدثني علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب؛ قال: حدثنا إبراهيم بن بشار؛ قال: حدثنا سفيان؛ قال: حدثنا إدريس أبو عبد الله بن إدريس؛ قال: أتيت سعيد بن أبي بردة فسألته عن رسائل عمر التي كان يكتب بها إلى أبي موسى وكان أبو موسى قد أوصى إلى أبي بردة فأخرج لي كتابا فرأيت في كتاب منها: أما بعد فإن القضاء فريضة
283

محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدلى إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له وآس بين الاثنين في مجلسك ووجهك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا يأيس وضيع وربما قال: ضعيف من عدلك؛ الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك وربما قال: في نفسك؛ ويشكل عليك ما لم ينزل في الكتاب ولم تجر به سنة واعرف الأشباه والأمثال ثم قس الأمور بعضها ببعض فانظر أقربها إلى الله وأشبهها بالحق فاتبعه واعمد إليه؛ لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك فإن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل؛ المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء قرابة اجعل لمن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهى إليه أو بينة عادلة فإنه أثبت للحجة وأبلغ في العذر فإن أحضر بينته إلى ذلك الأجل أخذ حقه وإلا وجهت عليه البينة على من ادعى واليمين على من أنكر إن الله عز وجل تولى منكم السرائر ودرأ عنكم بالشبهات وإياك والغلق والضجر والتأذي بالناس والتنكر للخصم في مجالس القضاء التي يوجب الله فيها الأجر ويحسن فيها الذخر؛ من حسنت نيته وخلصت فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس؛ والصلح جائز بين الناس إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا ومن تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك شأنه الله فما ظنك بثواب عند الله في عاجل دنيا وآجر آخرة والسلام.
((رأي عمر في تميم وبكر بن وائل))
حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحارثي؛ قال: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى العدوي؛ قال: حدثني محمد بن سعيد بن أبان عن عبد الملك بن عمير؛
284

قال: دعا عمر بن الخطاب أبا موسى الأشعري حين وجهه إلى البصرة؛ فقال له: أبعثك إلى أخبث حيين نصب لهما إبليس لواءه ورفع لهما عسكره؛ إلى بنى تميم أفظه
وأغلظه وأبخله وأكذبه؛ وإلى بكر بن وائل أروعه وأخفه وأطيشه فلا تستعين بأحد منهما في شيء من أمر المسلمين.
((وصية عمر لأبي موسى يا كرام وجوه الناس))
حدثنا محمد بن عبد الرحمن الصيرفي؛ قال: حدثنا شبابة بن سوار عن شعبة عن قتادة عن أبي عمران الجوني؛ قال: كتب عمر إلى أبي موسى: إنه لم يزل للناس وجوه يرفعون حوائج الناس فأكرموا وجوه الناس فإنه بحسب المسلم الضعيف أن ينتصف في الحكم والقسمة؛ قال شعبة: ثم لقيت أبا عمران فحدثني به.
حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا؛ قال: حدثنا علي بن الجعد عن شعبة عن أبي عمران الجوني عبد الملك بن حبيب؛ قال: كتب عمر إلى أبي موسى فذكر نحوه.
((كلمة عمر الحكمة ليست عن كبر السن))
حدثني عبد الله بن أبي الدنيا؛ قال: حدثني أحمد بن جميل الدوري؛ قال: حدثنا عبد الله بن المبارك؛ قال: أخبرني سفيان؛ قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى: إن الحكمة ليست عن كبر السن ولكنه إعطاء الله يعطيه من يشاء فإياك ودناءة الأمور ومدانى الأخلاق.
((وصية عمر في السياسة))
حدثني محمد بن سعيد الكوراني؛ قال: حدثنا سهل بن محمد بن عثمان قال: حدثنا العتبى؛ قال: قال أبو إبراهيم؛ قال عمر لأبي موسى حين وجهه إلى البصرة: يا أبا موسى إياك والسوط والعصا اجتنبهما حتى يقال لين في غير ضعف (نكروا هنا) واستعملهما حتى يقال: شديد في غير عنف.
285

((عمر يأمر أبا موسى بتأديب كاتبه الذي لحن))
حدثنا أحمد بن عمر بن بكير؛ قال: حدثنا أبي عن الهيثم بن عدي بن جرير بن حازم عن أبي عمران الجرنى: أن عمر كتب إلى أبي موسى: إن كاتبك الذي كتب إلى لحن فاضربه سوطا.
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا أبو غسان؛ قال: حدثنا عبد السلام عن شيخ من أهل البصرة؛ يقال له: أبو يزيد؛ قال: كتب أبو موسى إلى عمر: من أبو موسى إلى عمر فكتب إليه عمر أن أجلد كاتبك سوطا.
((نصيحة عمر لأبي موسى في الأذن للناس وتفضيل الخاصة))
حدثنا أحمد بن عمر بن بكير؛ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الهيثم عن أبي بكر الهذلي عن الحسن؛ قال: كتب عمر إلى أبي موسى وهو بالبصرة: بلغني أنك تأذن للناس جما غفيرا فإذا جاءك كتابي هذا فأذن لأهل الشرف وأهل القرآن والتقوى والدين؛ فإذا أخذوا مجالسهم فأذن للعامة.
حدثنا علي بن إسماعيل بن الحكم وإبراهيم بن محمد العتيق؛ قال: حدثنا يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي؛ قال: حدثنا أبي عن قبدان بن جامع عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي؛ قال: شهد رجلان من أهل دقوقا نصرانيان على وصية رجل مسلم مات عندهم فارتاب أهل الوصية فأتوا بهما أبا موسى الأشعري فاستحلفهما بعد صلاة العصر:
286

بالله ما اشترينا به ثمنا ولا كتمنا شهادة إنا إذا لمن الآثمين؛ قال عامر: ثم قال أبو موسى: والله إن هذه لقضية ما قضى بها منذ مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل اليوم.
حدثنا أبو قلابة؛ قال: حدثنا علي بن الجعد؛ قال: حدثنا قيس عن زكريا عن الشعبي؛ قال: مات رجل من خثعم بدقوقا ولم نجد رجلين مسلمين نشهدهما على وصيته فأشهد رجلين نصرانيين فاستحلفهما أبو موسى بعد العصر: ما بدلا ولا غيرا وإنها لوصية فلان فأجاز شهادتهما وقال: هذا قضاء لم يكن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخبرني جعفر بن الحسن؛ قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة؛ قال: وحدثنا وكيع عن زكريا عن الشعبي؛ قال: يقال: إنه كان بعده؛ يعنى بعد كعب بن سور على قضاء البصرة: أبو زيد الأنصاري.
((عبد الرحمن بن يزيد الحداني))
((قضاة علي على البصرة))
قال أبو بكر: ولما خرج علي بن أبي طالب عليه السلام إلى البصرة
287

استخلف عبد الله بن عباس فاختلف في ولاه القضاء فحدثني أبو علي زكريا بن يحيى بن خلاد المنقري؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا أبو عثمان الشحام عن أبي رجاء؛ قال: لما استخلف علي بن أبي طالب عليه السلام ولى عبد الله بن عباس البصرة فولى عبد الله بن عباس على القضاء عبد الرحمن بن يزيد الحداني وكان أخا المهلب بن أبي صفرة لأمه فلم يزل عبد الرحمن قاضيا عليها أيام علي بن أبي طالب وطائفة من عمل معاوية حتى قدم زياد فعزله واستقضى عمران بن حصين وقيل استقضى ابن عباس أبا الأسود الدولى وهو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن معمر بن نفاثة بن عدي بن الدول بن كريم عزله واستقضى الضحاك بن عبد الله الهلالي.
((ابن عباس على قضاء البصرة وفتواها))
((القاضي كان يدعى المفتى))
وقال المدائني يزعم بنو ليث: أنه استقضى عبد الله بن فضالة الليثي؛ وقال أبو عبيدة: كان ابن عباس يفتى الناس ويحكم بينهم وإنه خرج إلى علي ومعه أبو الأسود الدولى وغيره من أهل البصرة فاستقضى الحارث ابن عبد عوف بن أصرم بن عمرو الهلالي ثم قدم ابن عباس فأقر الحارث وابن عباس يتولى عامة الأحكام بالبصرة ثم كان بعد ذلك كلما شخص عن البصرة استخلف أبا الأسود فكان هو المفتي والقاضي يومئذ يدعى المفتى فلم يزل كذلك حتى قتل علي عليه السلام في سنة أربعين.
((شعر أبي الأسود في خصمين تقدما إليه))
وزعم المدائني أن أبا الأسود الدولى ولى أيام علي بن أبي طالب عليه السلام فاختصم إليه رجلان؛ فكان أحدهما نحيف الجسم وكان جدلا
288

فهما والآخر ضخما جهيرا فدما فاستعلاه النحيف؛ فقال أبو الأسود:
* ترى المرء النحيف فتزدريه
* وفي أثوابه رجل مرير
*
* ويعجبك الطرير فتختبره
* فيخلف ظنك الرجل الطرير
*
* وما عظم الرجال لهم بزين
* ولكن زينها مجد وخير
*
((شعر أبي الأسود وقد بلغه أن مقضيا عليه شكاه))
قال: وقضى أبو الأسود على رجل فشكاه فبلغه؛ فقال:
* إذا كنت مظلوما فلا تلف راضيا
* عن القوم حتى تأخذ النصف واغضب
*
* وإن كنت أنت الطالب القوم فاطرح
* مقالتهم واشعب بهم كل مشعب
*
* وقارب بذى عقل وباعد بجاهل
* جلوب عليك الشر من كل مجلب
*
* ولا ترمني بالجور واصبر على التي
* بها كنت أقضى للبعيد على الآب
*
* فإني امرؤ أخشى إلهي وأتقى
* عقابي وقد جربت ما لم تجرب
*
ثم استخلف ابن عباس زيادا على الخراج وأبا الآسود على الصلاة فوقع بينهما نفار.
((أين كان ابن عباس يوم قتل علي))
وقال أبو عبيدة: لم ينزح ابن عباس من البصرة حتى قتل علي عليه السلام فشخص إلى الحسن بن علي وشهد الصلح بينه وبين معاوية ثم رجع إلى البصرة وثقله بها فحمله ومالا من مالها وقال: هي أرزاقي اجتمعت.
وأنكر المدائني ذلك؛ وزعم أن عليا عليه السلام قتل وابن عباس بمكة وأن الذي شهد الصلح عبيد الله بن العباس.
وزعم ابن عائشة أن ابن عباس ولى قضاء البصرة ابن أصرم الهلالي وأنكر ذلك المدائني.
289

((عميرة بن يثربى))
((من قضى لمعاوية))
واستعمل معاوية على البصرة عبد الله بن عامر بن كريز فاستقضى عميرة بن يثربي الضبي.
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري: قال: حدثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون عن ابن سيرين؛ أن رجلا استعار من قوم متاعا فرهنه فأتوا عميرة بن يثربي فأمرهم أن يفتكوا متاعهم.
((عميرة يحكم بضان عارية))
وروى حماد بن سلمة عن ابن سيرين؛ قال: فقدت أو أعرت قدرا لي فوجدتها عند صناع قد اشتراها بعشرة دراهم فخاصمته إلى عميرة بن يثربي؛ فقال عميرة: أمينك خانك؛ أعطه الذي اشتراها به.
((تقديم بدل الكتابة على الدين))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن محمد بن سليمان الثمامي عن موسى بن الفضل الربعي عن أيوب بن عتبة؛ قال: كان عميرة بن يثربى وكان قاضيا يقول في المكاتب - إذا هلك وترك مالا وعليه دين وعليه بقية من مكاتبته - يبدأ بالمكاتبة قبل الدين.
((فتوى عميرة ابن يثربي في الغسل))
حدثني موسى بن موسى؛ قال: حدثنا محمد بن بشار؛ قال: حدثنا سهل ابن يوسف؛ قال: حدثنا شعبة عن سيف بن وهب عن أبي حرب بن أبي الأسود عن عميرة بن يثربى عن ابن كعب؛ قال: إذا التقى ملتقاهما من وراء الختان وجب الغسل.
((رأي علي وعمر في شهادة الغلمان))
أخبرني عبد الله بن محمد بن حسن؛ قال: حدثنا محمد بن المثنى؛ قال: حدثنا بهز بن أسد؛ قال: حدثنا همام عن قتادة؛ أن عليا عليه السلام
290

وعميرة بن أثدى هكذا قال بهز؛ كانا يستثبتان الغلمان يعنى الشهادة.
قال أبو عبيدة: ولم يزل عميرة بن يثربى على القضاء حتى عزل ابن عامر سنة خمس وأربعين وولى الحارث بن عمر الأزدي فأقر عميرة ثم عزل الحارث وولى زياد في بقية سنة خمس وأربعين فعزل عميرة عن القضاء وولاه عمران بن حصين يسيرا ثم استعفى فأعفاه.
((استعفاء عمران ابن حصن زيادا من القضاء))
حدثني عبد الله بن أبي الدنيا؛ قال: حدثنا الوليدى سفيان العطار؛ قال: حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن معاوية بن قرة؛ أن رجلا قال لعمران بن حصين: والله لقد قضيت على بغير الحق؛ قال: الله فأتى زيادا فاستعفاه.
حدثني يحيى بن إسحاق بن سافرى؛ قال: حدثنا عمرو بن عون الواسطي؛ قال: حدثنا هشيم عن منصور بن زاذان عن الحسن؛ قال: استعمل زياد عمران بن حصين على القضاء فقضى على رجل بقضية فاستقبله وهو خارج من المقصورة فقال: والله لقد قضيت على بالجور ولم تأل عن الحق قال: الله: فرجع إلى زياد فاستعفاه وقال: ما أنا بالذي أقضى بين اثنين بعد يومى هذا.
ورواه يزيد بن هارون عن إبراهيم بن عطاء مولى آل عمران بن حصين عن أبيه؛ أن عمران بن حصين مر وهو راكب فقام إليه رجل فقال: يا أبا نجيد والله لقد قضيت على بجور وما ألوت؛ قال: وكيف ذاك؟ قال: شهد على بزور؛ فقال له عمران: ما قضيت به عليك فهو في مالي ووالله لا جلست هذا المجلس أبدا؛ قال: فركب إلى زياد فاستعفاه.
291

((عمران بن حصين وأبوه صحابيان))
قال أبو بكر: وهو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف بن عبد نهم بن سالم بن غاضرة بن سلول بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة ابن خزاعة هو وأبوه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورويا جميعهما عن النبي عليه السلام فأما عمران فواسع الرواية وله أخبار كثيرة؛ لم نكتبها ههنا داره بالبصرة في سكة اصطفابوس.
((من عمل خيرا في الجاهلية))
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا قيس بن حفص الدارمي؛ قال: حدثنا مسلمة بن علقمة؛ قال: حدثنا داود بن أبي هند عن العباس ابن عبد الرحمن؛ عن عمران بن حصين؛ أن أباه حصين بن عبيد قال: قلت: يا رسول الله أرأيت رجلا كان يقرى الضيف ويصل الرحم ويفك العاني ويفعل ويفعل فهلك في الجاهلية؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو في النار؛ قال: فما أتت على عبيد ثلاثة أيام حتى مات مشركا.
قال المدائني: لما أعفى زياد عمران بن حصين ولى عبد الله بن فضالة الليثي ثم أخاه عاصم بن فضالة ثم زرارة بن أوفى.
وقال حسان: بل أعاد عميرة بن يثربى بعد عمران ثم مات فولى زرارة بن أوفى.
وقال أبو عبيدة: ولى بعد عمران بن حصين زرارة بن أوفى الجرشى وكانت أخته لبابة بنت أوفى تحت زياد.
((زرارة بن أوفى الجرشى))
أخبرنا العباس بن يزيد البحراني؛ قال حدثنا عن عميرة بن السويد؛ قال: حدثنا أيوب بن طهمان؛ قال: خاصمت جدتي أم أبي في وفي أختي وأخي
292

وهما أصغر مني إلى زرارة بن أوفى فقضى بأخي وأختي لجدتي وخيروني فاخترت والدي.
((زرارة يقبل شهادة الواحد))
حدثنا فضل بن سهل الأعرج؛ قال: حدثنا يزيد بن هارون؛ قال: أخبرنا عمران بن حدير عن أبي مخلد؛ قال: شهدت عند زرارة فأجاز شهادتي وحدي؛ وبئس ما صنع.
حدثنا الرمادي؛ قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء؛ وحدثنا أبو قلابة الرقاشي؛ قال حدثنا قريش بن أنس؛ قال: حدثنا عمران بن حدير؛ قال: قال لي أبو مخلد: شهدت عند زرارة بن أوفى وحدي فأجاز شهادتي وحدي؛ وبئس ما صنع.
((زرارة يوقف عتق غلام حتى يشب))
((شرط الأخذ في النيروز والمهرجان))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن أبي داود عن المستمر ابن الريان؛ قال: حضرت زرارة بن أوفى وهو يومئذ على القضاء وعنده جابر بن يزيد؛ فقال لجابر: إنه رفع إلى غلام أعتق فرأيت ألا أجيز ذلك حتى يشب الغلام ويحب المال فإن شاء أعتق وإن شاء أمضى وإن شاء ترك؛ فقال جابر: نعم ما قضيت وقال: حدثنا موسى بن إسماعيل؛ قال: حدثنا أبو هلال عن قتادة عن زرارة بن أوفى؛ قال: لا يبلغني
293

عن رجل يأخذ في النيروز والمهرجان شيئا إلا أبطلت شرطه الذي كان شارط عليه الغلمان.
((زرارة يبيع حرا في دين))
وقال: حدثنا عبد الصمد؛ قال: حدثنا أبو خلدة؛ قال رأيت زرارة ابن أوفى باع حرا في دين.
((الحجاج وحجام))
حدثني محمد بن إسماعيل بن يعقوب؛ قال: حدثنا محمد بن سلام عن أبان بن عثمان؛ قال: دعا الحجاج حجاما فحجمه؛ فقال: لمن أنت يا غلام؟ قال: لسيد قيس؛ قال: ومن هو؟ قال: زرارة بن أوفى؛ قال: وكيف يكون سيدها ومعه في داره التي هو فيها سكان.
((زرارة يصلى بالناس))
* أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن عبد الواحد بن أبي جناب القصاب؛ قال: رأيت زرارة بن أوفى وهو قاضي المسلمين خرج وعليه ثوبان أصفران إزار ورداء وكان يصلى بالحي.
قال أبو جناب: ورأيته يخضب بالحناء.
((خوف زرارة وورعه))
أخبرنا يحيى بن محمد بن أعين أبو عبد الرحمن المروزي؛ قال: حدثنا عتاب بن المثنى القشيري؛ قال: حدثنا بهز بن حكيم قال صلى بنا زرارة ابن أوفى في يوم عيد فقرأ: يا أيها المدثر فلما قرأ: فإذا نقر في الناقور صعق فرفعناه ميتا.
294

حدثنا أحمد بن عبد الله الحداد؛ قال: حدثنا هدية بن خالد؛ قال: حدثنا أبو جناب القصاب عون بن ذكوان؛ قال: صليت خلف زرارة بن أوفى؛ فذكر مثله.
((زرارة محدث))
قال أبو بكر: وقد أسند زرارة بن أوفى عن أبي هريرة وسعد بن هشام وغيرهما حديثا صالحا؛ وله أخبار في غير هذا الفن لم أكتبها ههنا.
حدثني أحمد بن زهير؛ قال: حدثنا خالد بن خداش؛ قال: سمعت أبا جناب القصاب؛ قال: قلت لزرارة بن أوفى: يا أبا حاجب.
(())
حدثني أحمد بن زهير؛ قال: حدثنا أبو سلمة؛ قال: حدثنا أبو جناب القصاب؛ قال: رأيت خضاب زرارة بن أوفى بالحناء؛ وزاد خالد بن خداش عن أبي جناب؛ قال: كانت لحيته هروية لا يحمرها.
حدثني أحمد بن زهير؛ قال: سمعت يحيى بن معين يقول: مات زرارة ابن أوفى الجرشى سنة ثمان ومائة ويقال سنة ست ومائة.
((متى يجب المهر والعدة))
أخبرني محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: حدثنا سعيد بن عامر عن عوف عن زرارة بن أوفى؛ قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون: أنه من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب المهر ووجبت العدة.
أخبرني عبد الله بن محمد بن حسن؛ قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد؛ قال:
295

حدثنا عبد الرحمن عن المثنى بن سعيد؛ قال: رأيت زرارة بن أوفى يقضي في الرحبة خارجا من المسجد.
((عبد الله بن فضالة الليثي وعاصم بن فضالة))
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: فلم يزل زرارة بن أوفى قاضيا حتى مات زياد في سنة ثلاث وخمسين واستخلف على البصرة سمرة بن جندب فأقر زرارة حتى عزل سمرة في سنة خمس وخمسين.
واستعمل عبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي فأقر زرارة على القضاء فلم يزل زرارة حتى عزل عبد الله بن عمرو وولى عبد الله بن زياد فعزل زرارة بن أوفى وولى القضاء عبد الله بن فضالة الليثي؛ ثم عزله فولى أخاه عاصم بن فضالة فلم يزل قاضيا حتى مات يزيد بن معاوية في سنة أربع وستين وهرب ابن زياد واصطلح علي عبد الله بن الحارث بن نوفل فأعاد زرارة على القضاء.
قال المدائني: ولى عبد الله بن فضالة الليثي قضاء البصرة وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة.
حدثنا الفضل بن سهل الأعرج؛ قال: حدثنا عثمان بن عامر أبو عاصم الليثي؛ قال: سمعت أبا عامر موسى بن عامر الليثي؛ قال: سمعت عاصم بن الحدثان قال: سمعت عبد الله بن فضالة قال: ولدت في الجاهلية فعق عني أبي فرسا يقال لها بدوة.
((ابن أذينة يقضي على البصرة))
حدثنا أبو يعلى المنقري؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: كان فيمن قضى
296

على البصرة رجل يقال له: شيبان بن زهير بن شقيق بن ثور بن عفير بن زهير بن كعب بن عمرو بن سدوس؛ يكنى أبا العوام. روى عنه قتادة بن دعامة؛ وقال أبو عبيدة: كان زياد لا يزال يقدم بشريح البصرة فيقضي بها وزرارة على حاله؛ ويقال: إن زرارة لم يزل على القضاء حتى هلك في آخر ولاية الحجاج ويقال: إن زيادا استقضى على البصرة عبد الله وعاصما ابني فضالة وعبد الرحمن بن أذينة وزرارة بن أوفى وإن زيادا مات وابن أذينة قاضيه ثم قضى لابنه عبيد الله بن زياد حتى وقعت الفتنة وهو من عبد القيس.
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ قال: حدثنا محمد بن عباد؛ قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار؛ قال: قال لي أبو الشعثاء: أتانا زياد بشريح فقضى فينا قضاء فما بعده ولا قبله مثله.
((شريح يقضي في جارية اشتريت ثم وهبت فوجد بها حبلا))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد؛ أن شريحا قضى في البصرة في رجل اشترى أمة فوهبها ثم وجد بها حبلا فاختصموا إلى شريح؛ فقال: أتحب أن أقول: إنك زنيت قال: ثم تبينت؛ اختصم إليه فيها أو في مثلها بعد ذلك فردها ومعها عقرها.
((قضية لشريح في خطة دار))
قال: حدثنا يزيد بن هارون؛ قال: أخبرنا هشام عن محمد: أن رجلا اختط دارا في بني عدي حيث اختط الناس فنزلها رجل فجاء صاحبها الذي اختطها فخاصمه فجعل شريح يقول: يا مستعير القدر ردها وجعل زياد يقول: يا مستعير القدر لا تردها.
297

وقضايا شريح وفتواه وأخباره في كتاب قضاة الكوفة.
قال أبو عبيدة: ثم ولى ابن الزبير عمر بن عبد الله بن معمر في سنة أربع وستين ثم عزله وولى الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي. وهو القباع في تلك السنة فولى القضاء هشام بن هبيرة بن فضالة الليثي.
((هشام بن هبيرة))
((هشام بن هبيرة يسأل شريحا عن قضايا عرضت له))
حدثنا مربع بن محمد بن إبراهيم؛ قال: حدثنا معاوية بن عبد الله بن معاوية بن عاصم بن المنذر بن الزبير؛ قال: حدثنا سلام أبو المنذر الفارقي؛ قال: حدثنا مطر الوراق عن قتادة عن عبد الواحد البناني. عن خلاس بن عمرو؛ قال كتب هشام بن هبيرة إلى شريح: إني استعملت على حداثة سنى وقلة علمي وإني لا بد لي إذا أشكل علي أمر أن أسألك فأسألك عن رجل طلق امرأة ثلاثا في صحة أو سقم وعن امرأة تركت ابني عمها أحدهما زوجها وعن مكاتب مات وترك دينا وبقية من مكاتبته وترك مالا وعن رجل شرب خمرا لم يعلم منه بعد ذلك ألا خير وهل تقبل شهادته؛ قال: فقال شريح: كتبت إلى تسألني عن رجل طلق امرأته ثلاثا في صحة أو سقم فإن كان طلقها في صحة منه فقد بانت منه ولا ميراث بينهما وإن كان طلقها في مرضه فرارا من كتاب الله فإنها ترثه ما دامت في العدة وكتبت إلى تسألني عن مكاتب مات ترك مالا وترك دينا وبقية من مكاتبته فقال شريح: إن كان ترك وفاء فلكل وفاء وإن لم يكن ترك
298

وفاء فإن سيده غريم من الغرماء ويأخذ بحصته وكتبت إلى تسألني عن رجل شرب خمرا لم يعلم منه بعد ذلك إلا خير إن الله تعالى يقول: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) وكتبت إلى تسألني عن الأصابع؛ هل يفضل بعضها على بعض فإني لم أسمع أحدا من أهل الحجا والرأي يفضل بعضها على بعض وكتبت إلى تسألني عن رجل فقأ عين جارية وإن فلان بن فلان الهاشمي؛ يعنى عليا حدثني أن عمر بن الخطاب قضى فيها بربع ثمنها.
((الخصال الخمس التي جاء بها عروة البارقي من عند عمر بن الخطاب))
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: حدثنا عفان؛ قال: حدثنا أبو عوانة عن مغيرة عن إبراهيم؛ أن هاشم بن هبيرة كذا قال؛ كتب إلى شريح في خصلة واحدة من الخمس التي جاء بهن عروة البارقي من عند عمر بن الخطاب؛ فكتب إليه شريح: إنها في الخمس التي جاء بهن عروة البارقي من عند عمر؛ أن في عين الدابة ربع ثمنها والأصابع سواء ويستوي جراحات الرجال والنساء في الموضحة والسن وما دون ذلك وأحق أخبار الرجل أن يصدق باعترافه ولده عند موته وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا في مرضه ورثته ما كانت في العدة.
أخبرني عبد الله بن محمد بن حسن؛ قال: حدثنا وهب بن بقية؛ قال: أخبرنا خالد عن داود بن أبي هند عن عامر؛ قال: كتب هشام بن هبيرة إلى شريح؛ إني استعملت على القضاء على حداثة سنى وقلة علم منى به ولا غناء بي عن مؤامرة مثلك فيه.
((مال المكاتبة والدين))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن هشام بن عبد الملك عن
299

قتادة؛ قال: قلت لسعيد بن المسيب: إن هشام بن هبيرة كتب إلى شريح في مكاتب ترك دينا وترك بقية من مكاتبته ولم يدع وفاء: فكتب إليه: إنه بالحصص؛ فقال سعيد: أخطأ شريح وكان قاضيا: قضاء زيد بن ثابت أن الدين أحق من المكاتبة.
((قضية لشريح))
وقال: حدثنا هشام؛ قال: حدثنا شريك عن سالم بن ثوبان؛ قال: جلبت بغالا إلى البصرة فعرف رجل بغلا أو بغلة فخاصمنى إلى هشام فقضى له علي وكتب إلى شريح فقدمت صاحبي إليه؛ فقال: بعته هذا البغل أو البغلة؟ قال: نعم؛ قال: فقضى لي عليه.
((هيبة الولاء))
وقال: حدثنا موسى بن إسماعيل؛ قال: حدثنا حماد عن قتادة أن امرأة وهبت ولاء مولى لها لزوجها؛ فقال هشام بن هبيرة: أما أنا فاجعله له ما عاش؛ إذا مات الزوج رجع الولاء إلى عصبته.
((هشام بن هبيرة يعاقب من يخلط الدقيق))
قال: وحدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي؛ قال: حدثنا حماد بن يزيد عن أبيه؛ قال: رفع إلى هشام بن هبيرة قوم يخلطون دقيق الشعير ودقيق البر فحلق أنصاف رؤوسهم وأنصاف لحاهم؛ قال حماد: وأنا أراه قال: أنا رأيتهم.
((هشام لا يقضي بالشرط في الدار))
أخبرنا الصغاني؛ قال: حدثنا عفان؛ قال: حدثنا محمد بن راشد؛ قال:
300

حدثنا عبد الكريم أبو أمية؛ أن هشام بن هبيرة كان لا يقضى بالشرط في الدار.
((قضاء هشام في أخت أوصى لها بنصيبي بنت أو ولد))
وقال: حدثنا روح وهوذة؛ قالا: حدثنا عوف؛ قال: قضى هشام ابن هبيرة في رجل مات وأوصى لأخته بمثلى نصيب أحد بنتيه أو أحد ولده وترك بنين وبنات فأرادت الموصى لها أن تجعل نفسها بمنزلة الذكر وأراد الورثة أن يجعلوها بمنزلة الأنثى فلما تقدموا إليه قال: هي بمنزلتها إن لم تكن تبين.
((ميراث ولد الزنا))
قال: وحدثنا ابن أبي بكير؛ قال: حدثنا أبو الأشهب؛ قال: حدثنا الشعبي؛ قال: كتب هشام بن هبيرة إلى شريح في ولد الزنا؛ لمن يجعل ميراثه؛ قال: ادفعه إلى السلطان فله حزونته وسهولته.
قال أبو عبيدة: استعمل ابن الزبير أخاه مصعب بن الزبير سنة خمس ويقال سنة ست وستين فأقام يسيرا ثم خرج إلى المختار واستخلف عبد الله بن عبيد الله بن معمر فكان يقضى في الخنثى.
سمعت إسماعيل بن إسحاق يقول: هو أبو عبيد الله بن عبد الله بن عبيد الله بن معمر؛ ثلاثة؛ وهو جد التميمي القاضي.
301

((قضاة العراق في عهد ابن الزبير))
ثم عزل مصعب بن الزبير وولى حمزة بن عبد الله بن الزبير فأعاد هشام بن هبيرة على القضاء؛ ثم عزل حمزة وأعاد مصعب فأقر هشام بن هبيرة حتى قتل مصعب. وبويع لعبد الملك بن مروان فولى خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد فولى عبيد الله بن أبي بكرة القضاء ثم عزل خالد وولى بشر بن مروان العراق فأقر عبيد الله بن أبي بكرة وكان أميرا قاضيا وعبيد الله جواد ممدح وقد روى أحاديث مسندة عن أبيه.
وزعم المدائني أن عبيد الله ابن أبي بكرة قضى لقوم من بني ضبة من آل أسفع وكتب لهم كتابا وقضى لآل بكر بن حبيب التاجي وكتب لهم كتابا قال خلاد بن عبيدة رأيت الكتاب عندهم.
((كلمة ابن أبي بكرة حين ولى القضاء))
قال: وقال عبيد الله بن أبي بكرة حين ولى القضاء: ما خير في الرجل إذا لم يقطع لأخيه قطعة من دينه.
قال: وخاصم إليه رجل من آل تميم بن نحذاو الثقفي في أرضه الشارعة على نهر معقل ستين جريبا؛ فقال عبد الله بن أبي بكرة التميمي تركت أن تخاصمه فيما مضى حتى إذا وليت خاصمته؛ فضربه مائة فلم يخاصم إليه.
وقال: قبح الله ولاية لا ينفع الرجل فيها صديقا ويضر عدوا.
((عبيد الله يقضي بالخلوة))
حدثني الصغاني؛ قال: حدثنا عفان؛ قال: حدثنا همام عن قتادة عن خلاس عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر؛ أنه قضى بالخلوة.
302

((رأي ابن أبي بكرة فيمن أوصى من ماله بشيء حيث أمر الله أو سمعي))
أخبرني الصغاني؛ قال: حدثنا روح بن عبادة؛ قال: حدثنا أشعث وهشام عن محمد عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر؛ أنه قال في وصيته من مالي كذا وكذا: حيث أمر الله جعلناها في قرابته ومن سمى شيئا فحيث سمى.
أخبرني الصغاني قال: حدثنا إشكاب؛ قال حدثنا يزيد بن ربيع عن ربيع عن يونس عن ابن سيرين عن عبيد الله بن معمر؛ قال: من قال: اجعلوا مالي حيث أمر الله جعلناه في الأقرب ثم الأقرب ممن لا يرث ومن جعله في شيء أمضيناه فيما جعل.
حدثنا أحمد بن يوسف؛ قال: حدثنا ابن عبيد؛ قال: حدثنا إسماعيل عن أيوب عن ابن سيرين؛ قال: قال عبد الله بن عبيد الله بن معمر في الوصية: من سمى جعلناها حيث سمى ومن قال: حيث أمر الله جعلناها في قرابته.
((هشام بن هبيرة قاضي البصرة))
قال عبيدة: وولى الحجاج بن يوسف العراق فقدم الكوفة في رجب سنة أربع وسبعين ووجه البصرة الحكم بن أيوب عاملا عليها فاستقضى هشام بن هبيرة فلم ينشب هشام حتى مات قاضيا في أول سلطان الحجاج.
((النضر بن أنس وأخوه موسى قضاة البصرة))
وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: استقضى الحكم بن أيوب النضر بن أنس ثم عزله فاستقضى أخاه موسى بن أنس بن مالك ولهما روايات كبيرة وقدر ولا يعلم لهما قضايا.
((عبد الرحمن بن أذينة قاضي البصرة))
قال أبو عبيدة: ثم وقعت فتنة ابن الأشعث وموسى بن أنس قاض
303

فلزم بيته فاستقضى الحجاج بعد الفتنة في سنة ثلاث وثمانين عبد الرحمن بن أذينة بن سلمة من عبد القيس فلم يزل قاضيا حتى مات الحجاج.
((قصة بربرة وولاؤها))
وروى الحارث بن محمد؛ قال: حدثنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا عباد بن العوام عن يحيى بن إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن أذينة يحدث عن عائشة أرادت أن تشترى بريرة فأبى مواليها إلا أن يكون الولاء لهم فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذاك؛ فقال: اشتريها فأعتقيها فالولاء لمن أعتق؛ قال: وخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها؛ قال يحيى: ونسيت الثالثة فاشترتها فأعتقتها.
((من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها))
حدثنا أبو قلابة الرقاشي قال: حدثني أبو نعيم وأبو الوليد؛ قالا: حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن أذينة عن أبيه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه.
((عبد الرحمن بن أذينة يستشير شريحا في تهاثرت بيناتها))
حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر؛ قال: حدثنا داود؛ قال: حدثنا الشعبي؛ قال: كتب عبد الرحمن بن أذينة إلى شريح في أناس من الأزد ادعوا دابة قبل ناس من بني أسد وادعى الأسديون قبل الأزد سنتين فإذا غدا هؤلاء ببينة راح أولئك بأكثر منهم فإذا راح أولئك ببينة غدا هؤلاء بأكثر منهم فكتب إليه شريح إني لست من التهاتر والتكاثر في شيء؛ الدابة لمن هي في أيديهم إذا أقاموا البينة أنهم أنتجوها ولم تفارقهم؛ والآخرون أولى بالشبهة.
304

((قصة ميراث يستفتي الحجاج فيها عبد الملك بن مروان))
أخبرني الصغاني؛ قال: حدثنا عبد الله بن عمر؛ قال: حدثنا معاذ بن تمام عن أبي قتادة عن خلاس بن أذينة؛ قالا: الكفن من الثلث. أخبرني عبد الله بن الحكم عن النمري عن عمرو بن عاصم عن حماد ابن سلمة عن خالد بن ذكوان أبي الحسين؛ أن رجلا يقال له: نوبخت من أهل أصبهان توفي وله أخ فشهد أبو زينب وشهدت امرأة من أهل أصبهان أنه أخوه من الأصل وشهدت امرأة من بني تميم أنها سمعته يقول: هو أخي فخاصم سفيان الثقفي وكان مولاه فكتب فيه الحجاج إلى عبد الملك بن مروان (أن) يسأله عن ذاك فكتب إليه عبد الملك: إن شهد ذو عدل أنه أخوه فورثه فإني لا أجد في كتاب الله أحدا أحق من ميراثه من أخيه فأمر ابن أذينة أن ينظر في أمورهم؛ فشهد أبو زينب وامرأة من أصبهان أنه أخوه وشهدت امرأة من بني تميم: أنها سمعته يقول: إنه أخي فورثه.
((قضية قصاص))
قال: وحدثنا معاذ بن معاذ؛ قال: حدثنا عوف؛ قال: اقتص عبد الرحمن ابن أذينة لرجل من رجل حارصتين في رأسه ثم جلس المقتص له حتى ينظر ما يصنع المقتص منه.
((كفارة الظهار))
قال: وحدثنا يزيد بن هارون؛ قال: أخبرنا سليمان التيمي عن عبد الرحمن بن أذينة أنه قال في رجل ظاهر من امرأته فوطئ قبل أن يكفر عن يمينه: إنما عليه كفارة واحدة ويستغفر الله.
305

قال: وحدثنا حماد بن مسعد عن ابن عون عن محمد؛ قال: قلت لابن أذينة في عبد باعه كان محمد ولى شيئا من أمره: ألا تبينون ما لهذا العبد؟ قالا: ماله مدينه.
((إقرار الوارث بدين عند الموت))
أخبرنا الصغاني؛ قال: حدثنا حجاج؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة؛ أن ابن أذينة وشريحا كانا لا يجيزان إقرار الوارث بدين عند الموت
أخبرنا علي بن عبد العزيز بن الوراق؛ قال: حدثنا معلى بن مهدي؛ قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب؛ قال: طلب أبو قلابة للقضاء فلحق بالشام.
((الحجاج وابن أذينة))
قال ابن علية: وذاك بعد ما مات عبد الرحمن بن أذينة.
قال المدائني: قال الحجاج لعبد الرحمن بن أذينة: أنت أكثر كلاما من الخصم؛ قال لأني أكلم الخصم والشاهدين.
((رأي على في كمال العمرة))
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي؛ قال: حدثنا محمد بن طريف؛ قال: حدثنا سفيان؛ قال: حدثنا عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أذينة عن أبيه؛ قال: رأيت عمر فسألته عن كمال العمرة؛ قال: فأت عليا فاسأله فلم آته وأتيت عمر فسألته فقال: إيت عليا ثم الثالثة فأتيت عليا فقلت: ركبت الجبل والسفر حتى أتيتك فمن أين تمام العمرة؟ فقال: من حيث ابتدأت فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال: صدق.
قال الحضرمي: هكذا في كتاب عبد الملك بن عمير وهو ابن أعين.
أخبرنا الصغاني؛ قال: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس؛ قال: حدثنا
306

شريح عن إبراهيم بن مهاجر عن ابن أذينة؛ قال: أتيت عمر فقلت: من أين أهل؟ فقال: أيت عليا فسله فسألته فقال: من دويرة أهلك.
((العنبر ليس ركازا))
قال أبو بكر: وقد روى عمرو بن دينار عن أذينة؛ حدثنا محمد بن عبد الرحمن الصيرفي وعلي بن عمر الأنصاري؛ قالا: حدثنا سفيان عن عمرو بن أذينة عن ابن
عباس؛ قال: ليس العنبر ركازا وإنما هو شيء دسره البحر.
فأخبرني الحارث بن أبي أسامة؛ قال: حدثنا عبد العزيز بن أبان؛ قال: حدثنا سفيان الثوري عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن أذينة عن ابن عباس: أنه سئل عن العنبر فقال: هو شيء: دسره البحر ليس عليه ركاز.
حدثنا أبو سعيد الحارثي؛ قال: حدثنا سالم بن نوح؛ قال: حدثنا عمر بن عامر عن قتادة عن الحسين وسعيد بن المسيب وحميد بن عبد الرحمن وابن أذينة؛ قالوا في الرجل يظاهر من امرأته ثم وقع عليها قبل أن يكفر عن يمينه؛ قالوا: يمسك حتى يكفر عن يمينه.
أخبرنا الصغاني؛ قال: حدثنا محمد بن راشد؛ حدثنا عبد الكريم أبو أمية؛ أن ابن أذينة كان لا يقضي بالسرط في الدار.
قال أبو بكر: وبلغني أن موت عبد الرحمن بن أذينة وزرارة بن أوفى وهشام بن هبيرة متقارب في سنة خمس وتسعين أو قبلها قليلا.
((بعض قضاة البصرة أيام ابن الأشعث))
وقد ذكر أن ابن الأشعث ولى الحسن بن أبي الحسن القضاء في عسكره؛ وقيل: أن علي بن أرطأة ولاه القضاء قبل إياس بن معاوية عشرين يوما ثم استعفاه الحسن فأعفاه وقيل: أن يزيد بن المهلب ولاه بعد خروجه
307

من البصرة لقتال مسلمة فقبل ولايته فلما خرج يزيد لزم الحسن بيته.
وقد أنكر بعض أهل العلم هذا كله ولم يصححه.
حدثني أبو قلابة؛ قال: حدثني بشر بن عمر؛ قال: حدثنا شعبة قال: سمعت الحسن على سطح وهو يقول: كلما نعق بهم ناعق أخذوا سيوفهم وخرجوا يقاتلون معه؛ كفعل هذا الفاسق يعني ابن المهلب.
قال أبو بكر: فأما النضر بن أنس وموسى بن أنس فوليا وولى منهم ثمامة بن عبد الله بن أنس فذكر محمد بن عبد الله الأنصاري أن الحجاج ولى النضر وموسى بني أنس وقال غيره: ولى عبد الملك بن بشر بن مروان موسى بن أنس وقيل ولاه يزيد بن المهلب.
وذكر محمد بن عبد الله الأنصاري؛ قال: قال لي أبي: يا بني أراك تطلب العلم والقضاء وقد ولى غير واحد من أبائك فوالله ما حمدوا.
وذكر بعض رواة الأخبار: أن رجلا قدم على النضر بن أنس من المدينة فكان يجلس إليه في وقت جلوسه للحكم فلا يزال يتكلم بجميل وتفهم النضر الشيء فذهب فهمه عنه حتى تقدم إليه يوما نسوة يتنازعن في بعض الأمور وبهن جمال بارع فقال المديني
* ألا يا من رأى وحشا
* إلى أنس يحاكمنه
*
* أنا أبصرت عند القص
* ر غزلانا بها غنة
*
* فحار النضر في الحكم
* سريعا في هواهنه
*
* فآب الوحش بالحكم
* على من كن حاكمنه
*
وبلغ شعره النضر؛ فنحاه عن نفسه فلم يقربه.
308

وقتلته الخوارج.
((النضر وقضية إقرار))
وروى حماد بن سلمة عن أبي الحسن حماد الثمار؛ قال: سمعت رجلا يقر لرجل بألفي درهم وصحبه رجل في طريق فسمعته يقول: لفلان على ألفا درهم فشهدنا عليه عند النضر بن أنس فقبل شهادتنا عليه.
((استحلاف في دعوى))
وحدثني عبد الله بن الحسن عن النميري عن موسى بن إسماعيل عن أبي هلال الراسبي؛ قال: قدمت إلى موسى بن أنس قصارا دفعت إليه كرابيس فجحدني فاستحلفه.
وقال المدائني عن زياد بن عبيد الله وعامر بن حفص: أن آل القاسم ابن سليم وخالد بن صفوان اختصموا فارتضوا الحسن أن يحكم بينهم فقضى بينهم فأبى الذي حكم عليه أن يرضى فكتب موسى بن أنس إلى عمر بن يزيد بن عمير وهو على الشرط وذلك سنة اثنتين ومائة: من موسى ابن أنس إلى عمر بن يزيد؛ إما بعد فإن آل القاسم بن سليمان وخالد بن صفوان رضوا بالحسن في خصومتهم فحكم بينهم فأبوا أن يرضوا فأنفذ ما قضى به الحسن عليهم وخذهم به حتى يرضوا هذا آخر.
309

((الجزء الثاني))
((من كتاب أخبار القضاة من الأصل وفيه:))
((تمام قضاة البصرة وهم:))
إياس بن معاوية المزنى الحسن بن عبد الله العنبري الحسن بن أبي الحسن البصري أحمد بن رياح عبد الملك بن يعلى إبراهيم بن محمد التيمي ثمامة بن عبد الله الأنصاري العباس بن محمد بن أبي الشوارب عباد بن منصور الساجي أحمد بن وزير معاوية بن عمرو بن غلاب أحمد بن محمد بن سهل الرازي الحجاج بن أرطأة عبد الرحمن بن محمد بن زرح عمر بن عامر السلمى محمد بن حماد بن إسحاق عبيد الله بن الحسن العنبري يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن خالد بن طليق الحارثي حماد بن زيد عمر بن عثمان التيمي
((خلفاؤه بالبصرة))
عبد الرحمن بن محمد المخزومي أبو أمية الأحوص بن المفضل عمر بن حبيب العدوي محمد بن جعفر بن أحمد معاذ بن معاذ الثانية إبراهيم بن المنذر الجارودى محمد بن عبد الله الأنصاري محمد بن عبد الله بن علي بن أبي الشوارب يحيى بن أكثم أبو خليفة الفضل بن الحباب إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة أحمد بن عبد الله بن نصر عيسى بن أبان بن صدقة محمد بن عبد الله الحطمى
310

((وأول قضاة الكوفة وهم:))
سليمان بن ربيعة الباهلي وروايته عن عمر رحمه الله عروة البارقي نسب شريح وسنه أبو قرة الكندي ما روى عن شريح من المسند عبد الله بن مسعود أخبار شريح ونوادره وشعره شريح بن الحارث الكندي ذكر قضايا شريح وفقه أول أخباره في هذا الجزء ما رواه عامر الشعبي من قضايا شريح طلحة بن إياس العدوي وفقه سوار بن عبد الله العنبري بعض ذلك في هذا الجزء وتمامه في كتب عمر بن الخطاب إليه الجزء الثالث أخباره مع علي بن أبي طالب عليه السلام تمام أخبار شريح في الجزء الثالث
311

((ذكر ولاية إياس بن معاوية بن قرة المزنى))
((أبى وائلة البصري وأخباره وقضاياه وفطنه))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن عمر بن عبيدة عن علي بن محمد وعن الحسن بن عثمان عن أبي عبيدة؛ أن عمر بن عبد العزيز لما ولى عدي بن أرطأة البصرة ولى عدي إياس بن معاوية بن قرة القضاء
((عمر بن عبد العزيز يفتش عن إياس والقاسم ليولى أحدهما القضاء))
وقد روى أن عمر بن عبد العزيز وجه رجلا إلى البصرة فأمره بالمسألة عن إياس بن معاوية والقاسم بن ربيعة الجوشى ويفتشهما عن أنفسهما ليولى أولاهما بذلك؛ فجمع بينهما؛ فقال إياس للرجل: سل عني وعنه فقيهى المصر الحسن وابن سيرين فمن أشارا عليك بتوليته وليته وكان القاسم يجالسهما وكان إياس لا يفعل؛ فعلم القاسم أنه إن سألهما أشارا به فقال للرجل: أيها الرجل ليس بك حاجة إلى أن تسأل عني وعنه اسمع ما أقول لك وأحلف عليه؛ والله الذي لا إله إلا هو ما أنا بصاحب ما تريدني عليه ولإياس أعلم به وأقوى عليه فإن كنت عندك صادقا فما ينبغي أن تتركه وتوليني وإن كنت عندك كاذبا فما ينبغي أن
312

تولى كذابا فوقف الرجل ودخله شك وهم بتولية إياس؛ فقال: إنك وقفته بين الجنة والنار فخاف على نفسه ففداها بيمين حانثة يتوب منها ويستغفر ربه وينجو بها من هول ما أردته عليه؛ فقال الرجل: أما إذ فطنت لهذا فأنت أفهم منه وعزم على توليته.
((حديث إياس مع الحسن البصري وقد ولى إياس للقضاء))
فحدثني عبد الله بن أبي الدنيا؛ قال: حدثنا بسام بن يزيد؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة؛ قال: حدثنا حميد؛ أن إياس بن معاوية لما استقضى أتاه الحسن فبكى إياس؛ فقال له الحسن: ما يبكيك؛ قال: يا أبا سعيد بلغني أن القضاة ثلاثة؛ رجل اجتهد فأصاب فهو في الجنة قال الحسن: إن فيما قص الله مربيا داود وسليمان صلى الله عليهما ما يرد قول هؤلاء؛ يقول الله عز من قائل: (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث) إلى قوله: (وكلا آتينا حكما وعلما) فأثنى الله على سليمان ولم يذم داود؛ ثم قال الحسن: إن الله عز وجل أخذ على العلماء ثلاثا؛ لا يشترون به ثمنا قليلا ولا يتبعون فيه الهوى ولا يخشون فيه أحدا؛ وقرأ هذه الآية: (وكيف يحكمونك وعندهم التوراة) إلى قوله: (ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا).
((سبب هرب إياس من القضاء))
فأخبرنا حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي عن أبيه؛ قال: كان سبب هرب إياس بن معاوية من القضاء أن أم القاسم بن عبد الرحمن الهلالي هي فاطمة بنت أبي صفرة فتزوج المهلب بن القاسم بن عبد الرحمن
313

أم شعيب بنت محمد بن الهرماس البطائحي وأمها عكناء بنت أبي صفرة وكان المهلب بن القاسم ماجنا فشرب يوما. وامرأته بين يديه فناولها القدح فأبت أن تشربه ووضعته بين يديها؛ فقال لها: أنت طالق ثلاثا إن لم تشربيه فقام إليها نسوة؛ فقلن اشربيه وفي الدار طير داجن فعدا فمر بالقدح فكسره فقامت المرأة فجحد المهلب ذاك وقال: لم أطلقك ولم يكن لها شهود إلا نساء فأرسلت إلى أهلها فحولوها فاستعدى القاسم بن عبد الرحمن عدى بن أرطأة؛ وقال: غلبوا ابني علي امرأته فغضب له عدى فردها إليه فخاصمته إلى إياس بن معاوية وهو قاض لعمر بن عبد العزيز وشهد لها نساء؛ فقال إياس: لئن قربتها لأرجمنك فغضب عدى على إياس؛ فقال له عمر بن يزيد الأسدي وكان عدوا لإياس؛ لأن إياسا قضى على أبيه بأرحاء كانت في يديه لقوم فقال عدى لعمر: انظر قوما يشهدون على يزيد أنه قذف المهلب بن القاسم فيحده فتقصمه؛ ويعزل قال: فأنظر من يشهد عليه فأتاه بيزيد الرشك وابن أبي رباط مولى بني ضبيعة ليلا؛ فأجمعوا على أن يرسل عدى إذا أصح إلى إياس؛ ويشهدوا عليه والقاسم بن ربيعة الجوشني حاضر فقال عثمان
314

بن يزيد لعدى إن القاسم سيأتي إياسا فيحذره؛ فاستحلفه على ألا يعلمه وحلف القاسم وخرج فمر بباب إياس فدقه فقالوا: من هذا؟ قال: القاسم بن ربيعة كنت عند الأمير فأحببت ألا أصل إلى أهلي حتى أمر بك ومضى؛ فقال إياس: ما جاءني هذه الساعة إلا لأمر قد علمه قد خاف علي منه فتوارى إياس وخرج إلى واسط واغتم عدى فقال له يوسف بن عبد الله بن عثمان بن أبي العاص الثقفي: خذ بالوثيقة فاستقض الحسن فولى عدى الحسن القضاء وكتب إلى عمر بن عبد العزيز يعيب إياسا وذكر أن قوما ثقات شهدوا أنهم رأو إياسا وخالد بن الصلت ينكله إلا تنطق به الألسن فكتب إليه عمر: ما رأيت أحدا كان أحسن قولا في إياس من أبيك ولا رأيت أحدا في زماننا الثناء عليه أحسن عليه وقد أصبت حيث وليت الحسن وولى عمر الحسن.
((قضية لاياس مع عدى))
وزعم أبو عبيدة معمر بن المثنى عن إبراهيم بن شقيق عن مسلم بن زياد مولى عمرو بن الأشرف؛ قال: تزوج رجل من بني كرام كانت أخته تحت عدى بن أرطأة امرأة من الحدان كانت عقيلة قومها وكان يشرب فيطلقها ثم يجحد فأتت إياسا فذكرت ذلك له وجاءت بشاهد فسأل إياس عنه فعدل ولم يأت بغيره فأحلف إياس الكرامى فحلف فقالت المرأة: أن لي مملوكا يشهد فهل تجوز شهادته؟ قالت: فإن أعتقته
315

قال: إن كان عبدك فأعتقيه فسأل إياس عنه فعدل وانتزعها إياس من الكرامى فوضعها على يد عبد الرحمن بن البكير السلمى فانتزعها عدى فردها على الباهلي وكان عدى ناصحا أخته أم عباد بنت عمار بن عطية فجاء إياس يوما يريد الدخول على عدى وعنده وكيع بن أبي سود وقد ائتمرا به وشجع وكيع عديا على الإقدام عليه فلقيه داود بن أبي هند خارجا من عند عدى؛ فقال: إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج إني لك من الناصحين فخرج إلى عمر بن عبد العزيز فكتب عدى إلى عمر بن عبد العزيز: ان اياسا هرب إليك من أمر لزمه وإني وليت الحسن بن أبي الحسن القضاء فكتب إليه عمر: الحسن أهل لما وليته ولكن ما أنت والقضاء فرق ما بينهما فرق الله بين أعضائك.
((ما قيل لاياس في خصال ثلاث فيه وجوابه فيها))
أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا نعيم بن حماد؛ قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب أو غيره؛ قال: قيل لاياس بن معاوية لولا ثلاث خصال فيك ما كان في الدنيا مثلك؛ قال: وما هن؟ قيل له: تسرع في القضاء بين الخصمين إذا أدليا إليك؛ قال: وماذا؟ قيل: وتجالس الدون من الناس؛ قال: وماذا؟ قيل: وتلبس الدون من الثياب؛ قال: أما قولكم: تسرع في القضاء بين الخصمين؛ فخمسة أكثر أو ستة؟ قالوا:
316

ستة؛ قال: لقد أسرعتم في الجواب؛ قالوا: ومن يشك في خمسة وستة؟ قال: فأنا لا أشك في ذلك الدقيق كما تشكون أنتم في هذا الجليل؛ فمالي أدفعه عن حقه؟ وأما قولكم: أجالس الدون من الناس فلان أجالس من يرى إلى أحب إلى من أن أجالس من لا أرى له وأما قولكم: ألبس الدون من الثياب فلأن ألبس ثوبا يقيني أحب إلي من أن ألبس ثوبا أقيه بنفسي.
((إياس وخالد الحذاء))
وأخبرني محمد بن إسماعيل بن يعقوب؛ قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي؛ قال: حدثني عمر بن علي بن عطاء بن مقدم؛ قال: لما استقضى اياس بن معاوية أرسل إلى خالد الحذاء فتلكأ عليه؛ فقال: والله إن مما شجعني على قبول القضاء مكانك فلم يزل به حتى صار وزيرا ومشيرا.
((الحيلة على اياس ليلى القضاء))
حدثنا أبو يعلى زكريا بن يحيى بن خلاد المنقري؛ قال: حدثنا الأصمعي قال: حدثنا عبد الله بن عمر القيسي؛ قال: قيل لإياس بن معاوية يا أبا وائلة اختر لنا قاضيا نوليه القضاء؛ قال: ما أتقلد ذلك فقيل له: لو وجدت رجلا ترضاه أكنت تشير علينا به؟ قال: نعم؛ قيل له: أترى أن تلي القضاء؛ قال: نعم فقيل له أنك حليف رضا فولى القضاء وهو كاره.
((رأي أيوب في اياس))
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا نعيم بن حماد؛ قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب؛ قال: ما رأينا قاضيا يشبه إياس ابن معاوية.
((سرعة اياس في القضاء))
وروى سهل بن يوسف عن خالد الحذاء؛ قال: قال إياس بن
317

معاوية: إن هذا الرجل قد أبى على إلا أن يوليني القضاء فمضيت معه حتى دخل على عدى وأقمت حتى خرج ومعه شرطي فجاء حتى صلى ركعتين ثم جلس فقال للحرسى: قدم؛ فما قام حتى قضى بسبعين قضية.
أخبرني عبيد الله بن محمد بن حسن؛ قال: حدثنا عثمان؛ قال: حدثنا جرير عن مغيرة؛ قال: ولى عدى إياسا قضاء البصرة فأبى وقال: بكير المرى خير مني فأمر بكيرا بذلك؛ فقال: إياس خير مني؛ قالوا: إنه قد قال: إنك خير منه؛ فقال: لو لم تعلموا من فضله إلا تفضيله إياي عليه كان ينبغي لكم أن تعلموا أنه أفضل مني.
((ما رواه إياس بن معاوية عمن فوقه))
((رواية إياس عمن فوقه))
حدثني محمد بن إبراهيم مرتع؛ قال: حدثنا محمد بن مصفى؛ قال: حدثنا بقية بن الوليد؛ قال: حدثنا شعبة عن إياس عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام؛ قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع ما ليس عندي.
((حديث الحياء يرويه إياس لعمر بن عبد العزيز))
حدثني أبو الأحوص محمد بن الهيثم ومحمد بن إسماعيل بن يوسف ومحمد بن الحارث بن عقبة وغيرهم؛ قالوا: حدثنا محمد بن أبي الثرى؛ قالوا: قال: حدثنا بكر بن بشر السلمى؛ قال: حدثنا عبد الحميد بن سوار عن إياس بن معاوية بن قرة قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز فذكر عنده الحياء؛ فقالوا: الحياء من الدين قال عمر الحياء الدين كله؛ فقال إياس
318

ابن معاوية: حدثني أبي عن جدي؛ قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحياء؛ فقالوا: يا رسول الله الحياء من الدين؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل هو الدين كله ثم قال: إن الحياء والعفاف والعى - عي اللسان لا عي القلب - من الإيمان فإنهن يزدن في الآخرة أكثر مما ينقص في الدنيا فإن الفحش والبذاء من النفاق وإنهن يزدن في الدنيا وينقصن من الآخرة وما ينقص من الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا قال إياس: فأمرني عمر بن عبد العزيز فأمليته عليه وكتبها بخطه ثم صلى بنا الظهر والعصر وإنها لفى كفه ما يضعها.
((رؤية النبي عليه السلام في المنام))
حدثني عبد الله بن قريش بن إسحاق؛ أنه وجد في سماع الفرج بن اليمان حدثنا عمر بن يزيد عن اياس بن معاوية عن أنس بن مالك؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فسيرانى في اليقظة إن الشيطان لا يتمثل بي.
أخبرنا أحمد بن منصور؛ قال: حدثنا سعيد بن سليمان؛ قال: حدثنا عباس بن العوام عن سفيان بن حسين؛ قال: حدثنا اياس بن معاوية عن أنس بن مالك؛ قال: رأيت رؤيا فقصصتها على أصحاب النبي عليه السلام
319

فقالوا: إن صدقت رؤياك بقيت حتى لا تعرف إلا أمرين؛ هذه الشهادة وهذه الصلاة وقد أدخلوا فيها ما أدخلوا.
((سعيد بن المسيب واياس))
حدثني أبو قلابة؛ قال: حدثنا عبد الله بن معمر؛ قال: حدثنا محمد بن جعفر؛ قال: حدثنا شعبة عن اياس بن معاوية؛ قال: قال لي سعيد بن المسيب: ممن أنت؟ قلت: من مزينة؛ قال: إني لأذكر يوم نفى عمر ابن الخطاب النعمان بن مقرن على البيتين وجعل يبكى.
حدثنا حفص بن عمر الربالى؛ قال: حدثنا عمر بن علي المقدمي؛ قال: سمعت سفيان بن حسين يذكر عن اياس بن معاوية؛ قال: كنت قاعدا فجاء رجل إلى سعيد بن المسيب؛ فقال: يا أبا محمد أحدنا تقام الصلاة ويده في الضيعة فيؤثر الدنيا فكره سعيد كلمته (يؤثر الدنيا)؛ قال: إذا خفت يده من الضيعة يصلى تلك الصلاة؟ قال: نعم؛ قال: أفرأيت إن أعطى عليها عطاء أكان يتركها؟ قال: لا؛ قال: فلأراه آثر الدنيا على الآخرة.
((قصة اياس وجارية المغيرة بن شعبة))
حدثنا عباس بن محمد الدوري؛ قال حدثنا عبد الله بن بكر؛ قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن اياس بن معاوية عن نافع أن جارية لامرأة المغيرة بن شعبة كان المغيرة يغشاها وكانت مولاتها لا تدعوها إلا يا زانية فأرسل إليها فإن كنت للمغيرة فانهها عن قولها وإن كنت لها
320

فإنه المغيرة عن غشيائى فأرسل إلى المغيرة؛ فقال: ألك فلانة؟ قال: نعم؛ قال: من أين كانت لك؟ قال: وهبتها لي أهلي فلانة؛ قال: تغشاها؟ قال: نعم؛ قال: هل لك على ذلك بينة؟ قال: لا؛ قال: والله لئن أنكرت ذلك لا ترجع إلى أهلك إلا وأنت مرجوم؛ فأرسل إليها رجلين رفيقين؛ فحدثاها بقول عمر؛ فقالت: يا ويلها! أترجم بعلي؟ لا والله لقد وهبتها له فرجعا إلى عمر فأخبراه فخلى عنه.
((رأي نافع في فعل ابن عمر))
حدثني أبو إبراهيم الزهري أحمد بن سعيد بن إبراهيم بن سعد؛ قال: حدثنا ابن عائشة عن حماد بن سلمة عن نافع؛ قال: ما كل ما كان يصنع ابن عمر يؤخذ به؛ كان يقبل الصبي فيتوضأ وكان إذا قرأ المصحف يتوضأ.
حدثنا أحمد بن سعيد الحمال؛ قال: حدثنا قبيصة بن عقبة؛ قال: حدثنا سفيان عن محمد بن عجلان عن اياس بن معاوية؛ قال: سأل رجل ابن عمر؛ فقال: إني موسع فأخبرني ما قدرى؛ قال: تنفق كذا؛ تنفق كذا؛ قال: فقدر ذلك ثلاثين درهما.
((قصة الموسع والمختر))
حدثناه محمد بن شاذان؛ قال: أخبرنا المعلى بن منصور؛ قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل؛ قال: حدثنا ابن عجلان عن اياس بن معاوية؛ قال: أخبرني رجل منا عالم يقال له: لا حق؛ قال: سألت ابن عمر؛ قلت: أخبرني عن المتعة وأخبرني على قدرى فإني موسع؛ قال: أكثير كذا وكذا؟ فحسبت ذلك فإذا قيمته ثلاثون درهما.
321

((الدعوى التي يكذبها الظاهر))
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة عن اياس بن معاوية عن القاسم بن محمد؛ قال: إذا ادعى الرجل الفاجر على الرجل الصالح الشيء الذي يرى الناس إنه كاذب أنه لم يك بينهما معاملة لم يستحلف له.
((عدالة أحد الشاهدين مع عدالة المدعى كافية))
أخبرنا علي بن سهل بن المغيرة قال: حدثنا عفان؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة؛ قال: حدثنا اياس بن معاوية عن القاسم بن محمد؛ قال: إذا كان الطالب عدلا وأحد الشاهدين عدلا والآخر فيه شيء فإن العدل يحمل شهادة الآخر.
وقال القاسم: إذا ادعى الرجل الفاجر على رجل صالح دعوى يعلم إنه فاجر وأنه لم يكن بينهما أخذ ولا عطاء لم نستحلفه.
حدثناه عباس الدوري؛ قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير عن حماد ابن سلمة عن اياس بن معاوية عن القاسم بن محمد بنحو الآخر.
((الخلاف بين الراهن والمرتهن))
حدثنا أبو الوليد محمد بن أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي؛ قال: حدثنا محمد بن عيسى الطباع؛ قال: حدثنا عبد الرحمن بن عثمان أبو يحيى عن إسماعيل بن مسلم عن اياس بن معاوية عن القاسم بن محمد؛ قال: القول قول المرتهن يعني إذا اختلف الراهن والمرتهن.
((القول فيمن طلق ولم يأت بفعل الشرط))
قرأت في كتاب حسين بن حيان دفعه إلى علي ابنه عن يحيى بن معين؛ قال: حدثنا عرعرة بن البرند بن النعمان بن علجة؛ قال: حدثنا
322

أشعث عن عبد الواحد بن صبرة؛ أن القاسم وسالما واياسا كانوا قعودا إذ جاءهم رجل فسألهم عن رجل قال: امرأته طالق إن وسكت عند إن؛ فقالا لاياس: قل يا أبا واثلة؛ فقال: هذا رجل أراد أن يحلف فلم يحلف.
قال يحيى: وحدثنا عرعرة عن أشعث أن عثمان البتي قال فيها مثل قول إياس.
حدثناه إسماعيل بن إسحاق القاضي؛ قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا الأشعث؛ قال: حدثني عبد الواحدة بن صبرة فذكر نحوه.
((زفر يخطئ اياسا في راية في التحليق السابق))
وزاد: قال الأشعث: فحدثت به عثمان البتي فأعجبه؛ قال الأشعث: وأنا أراه قال الأنصاري: فذكرت ذلك لزفر؛ فقال: أخطأ اياس هذا رجل حلف بطلاق فأراد أن يستثنى فلم يستثن.
((الاستثناء عند ابن عباس))
قال إسماعيل القاضي: وقول مالك بن أنس على قول اياس حدثنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا أبو النضر؛ قال: حدثنا شعبة؛ قال: حدثني اياس بن معاوية بن قرة؛ قال: وأخبرني من سمع ابن عباس يقول نزلت بعد سنة إلا من تاب؛ قلت: من أخبرك؟ قال شهر بن حوشب.
حدثني الفضل بن محمد الحاسب؛ قال: وجدت في كتابي عن أحمد ابن يونس عن إسرائيل عن ابن يحيى عن اياس بن معاوية عن أبيه قال: كان أفضلهم يعنى الماضين أسلمهم صدرا وأقلهم غيبة.
323

حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا أبو سلمة؛ قال: حدثنا سعيد بن زيد عن عبد الله بن المختار عن اياس بن معاوية عن سعيد بن المسيب؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الدواء ثلاث: الحجامة والقسط وهذه الحبة السوداء.
((اياس بن معاوية يروي حديثا في البلاد))
أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي؛ قال: حدثني أبي؛ قال: حدثنا عون بن موسى؛ قال: سمعت اياس بن معاوية يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تكفل لي بالشام وأهلها وإن إبليس أتى العراق فباض فيها وفرخ وأتى مصر فبسط فيها عبقريه واتكى ثم قطع اياس الحديث فقال: جبل الشام جبل الأنبياء.
((لا خير في ولاية النساء))
أخبرنا أبو سعيد؛ قال: حدثنا أبي؛ قال: حدثنا عون بن موسى؛ قال: سمعت اياس بن معاوية يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا خير في قوم يلي أمرهم امرأة.
((عمر يقيم الحد على من وطئ جارية امرأته))
وحدثنا عباس الدوري؛ قال: حدثنا عبد الله بن بكير؛ قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن اياس بن معاوية عن القاسم بن محمد أن رجلا جرح فأعطته امرأة جارية لها تخدمه؛ فقال له ناس من أصحابه؛ أتبيعها؟
324

فقال: إني لا أملكها؛ إنها لامرأتي فقالوا: إنك جائز الأمر فيها فأقامها فزاد على ما أعطى رجل من القوم وأشهد لامرأته بثمن في ماله فوقع عليها فرفعته المرأة إلى عمر بن الخطاب فقال الرجل: يا أمير المؤمنين قال أصحابي: أتبيعها؟ قلت: إنها لامرأتي فقالوا: إنك جائز الأمر فيها فأقمتها فزدت على ما أعطى رجل منهم فأشهدت لها في مالي فقال: اذهب فاستشار أصحابه فلم يقل له يومه شيء فركب عمر ذات يوم فرأى ذلك الرجل فجلده مائة جلده فكان الرجل إذا رأى عمر نكس رأسه وأعرض عنه فرأى عمر ذات يوم ذلك منه فقال: يا فلان إنا لم نألك وأنفسنا خيرا.
((فضل صلاة الليل))
حدثنا فضل بن سهل الأعرج؛ قال: حدثنا يزيد بن هارون؛ قال: أخبرنا محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث عن اياس بن معاوية المزنى؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا بد من صلاة الليل ولو حلب شاة وما كان بعد صلاة عشاء الآخرة فهو من الليل.
((جابر بن يزيد مفتي البصرة))
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا عارم قال حدثنا جرير بن حازم؛ قال: قال: سمعت اياس بن معاوية يقول: لقد أدركت أو أدرك البصرة وما لهم مفت إلا جابر بن يزيد.
325

((ليس عند الحسن أحد))
أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثنا زيد بن الحباب عن حماد يعنى ابن سلمة عن اياس بن معاوية؛ قال: رأيت الحسن وما عنده أحد.
((اياس يعلم أباه))
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل قال: حدثنا شعيب صاحب الطيالسة؛ قال: سمعت معاوية بن قرة يقول: علمت اياسا تسع سنين ثم لم يزل يعلمني بعد.
((ما حفظناه من قضايا اياس بن معاوية وفقهه))
((إياس يكتب لعمر بن عبد العزيز في قضية))
أخبرنا شعيب بن أيوب الصريفينى؛ قال: حدثنا أبو أسامة عن محمد بن عمرو؛ قال حدثنا إياس بن معاوية؛ قال: كنت قاضيا لأهل البصرة في زمن عمر بن عبد العزيز فأتيت بجارية كان على صدرها صبي في عنقه طوق فجاء انسان فأخذ الطوق من عنق الصبي ثم جذبه إليه فصاحت الجارية فأخذ فكتبت فيه إلى عمر فكتب إلى عمر: إن هذه عارية الظهر فعاقبه بقدر ذنبه ثم خل سبيله.
((إياس يسأل ابن شبرمة عن حادثة))
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الجيلى؛ قال: حدثنا موسى بن أيوب؛ قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن ابن شبرمة؛ قال: سألني إياس بن معاوية عن رجل أقر لرجل بوديعة ثم قال: قد دفعتها إليك فقلت: إذا كان الأصل مضمونا فالفرع مضمون؛ قال: أحسنت أو أصبت.
326

((عدي بن أرطأة يسأل الحسن وإياسا عن قضية))
حدثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه؛ قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن أيوب؛ قال: أخبرني إياس بن معاوية أن عدى ابن أرطأة أرسل إليه وإلى الحسن فسألهما عن رجل كاتب عبده؛ واشترط عليه أن لي سهما من مالك إذا مت؛ قال: فقلت: جائز وقال الحسن ليس بشيء؛ قال معمر: قال أيوب: وأقرأني إياس الكتاب حين جاء.
حدثنا محمد بن عبد الرحمن الصيرفي؛ قال حدثنا يزيد بن هارون؛ قال: أخبرنا بازام؛ قال ولى إياس بن معاوية سد نتق شيرين فكان يستقرض القصب وزنا ويرده وزنا.
((إياس يرد الجارية المبيعة لحمقها))
حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار؛ قال: حدثنا أبو محكم عن بقية ابن الوليد عن سلام بياع الرقيق؛ قال: اشتريت جارية فوجدتها حمقاء فخاصمت فيها إلى إياس بن معاوية وهو على قضاء البصرة؛ فقال: ما علمت أنه يرد من حق؛ فقلت: إنه حمق أشد من جنون فدعاها فقال: أي رجليك أطول؟ فمدت اليسرى فقالت: هذه؛ فقال: أتذكرين ليلة ولدت؛ فقالت: نعم؛ قال: فردها أما هذه فترد.
فحدثني إسماعيل بن إسحاق القاضي؛ قال: حدثنا سلمة بن حيان؛ قال: حدثنا المعتمر بن سليمان؛ قال: حدثنا زيد بن أبي ليلى أبو المعلى؛ قال: شهدت أياس بن معاوية وأتاه رجلان يختصمان في جارية حمقاء فقال إياس: لا أرى الحمق عيبا يرد منه فقال رجل: إنه حمق كالجنون؛
327

قال: فدعا إياس الجارية فقال: يا جارية تذكرين ليلة ولدت؟ قالت: نعم؛ قال: فأي رجليك أطول؟ قالت: هذه ومدت إحدى رجليها وكل ذلك يكلمها بالفارسية فردها.
((فراسة إياس))
أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا نعيم بن حماد؛ قال: أخبرنا إبراهيم بن مرزوق البصري؛ قال: كنا عند إياس بن معاوية قبل أن يستقضى وكنا نكتب عنه الفراسة كما نكتب عن صاحب الحديث إذا جاء رجل فجلس على دكان مرتفع بالمربد فجعل يترصد الطريق فبينا هو كذلك إذ نزل فاستقبل رجلا فنظر في وجهه ثم رجع إلى موضعه قال: فقال إياس بن معاوية: قولوا في هذا الرجل قالوا: ما تقول فيه؟ رجل طالب حاجة قال: معلم صبيان قد أبق له غلام أعور فإن أردتم أن تستفهموه فقوموا فسلوه فقام إليه بعضنا فسأله؛ فقال: كان لي غلام نساج وقد زاغ منذ اليوم فقالوا صف لنا غلامك وصف لنا موضعك فقال: أما أنا فأعلم الصبيان بالكلأ وأما غلامي فغلام من صفته كذا وكذا إحدى عينيه ذاهبه فرجعنا إليه فقلنا: هو كما قلت ولكن كيف علمت أنه معلم؟ قال: رأيته جاء فجعل يطلب موضعا يجلس فيه فقلت: إنه يطلب عادته في الجلوس فنظر إلى أرفع شيء يقدر عليه فجلس عليه فنظرت في قدره فإذا ليس قدره قدر المملوك فنظرت فيمن اعتاد في جلوسه جلوس الملوك فلم أجدهم إلا المعلمين فعلمت أنه معلم؛ فقلنا له: كيف علمت أنه أبق له غلام أعور؛ قال رأيته يترصد الطريق والمارة فبينما هو كذلك إذ نزل فاستقبل رجلا مقبلا فعلمت أنه شبهه بغلامه فنظر في وجهه
328

فلو كان غلامه أعمى لعرفه في ترجحه في مشيته فعلمت أنه نظر في وجهه إلى عينه فعلمت أن غلامه أعور قد ذهبت إحدى عينيه.
قرأت في كتابي عن أبي عبد الله عمر بن أبي سعد عن حسين بن قداس؛ عن صالح بن محمد؛ قال: قال إياس بن معاوية: إني لأعلم يوم ولدت قيل له: وكيف علمت؟ قال: خرجت من ظلمة فلم ألبث إلا يسيرا حتى عدت إلى ظلمة فذكرت ذلك لأمي فقالت: يا بني إني لما ولدتك أردت أن أقوم لحاجة فاكفأت عليك الجفنة مخافة أن يأكلك الذئب؛ قال: كانوا في البرية.
((قضاء إياس في غلام لم يحتلم قد سرق))
وأخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن موسى بن الفضل عن مطر بن حمران؛ قال: شهدت إياسا وجئ بغلام قد سرق أكسية الجمالين فقامت عليه بينة؛ فقال: اكشفوا عنه فكشفوا فلم يكن احتلم فقال: لو كان احتلم لقطعته اذهبوا به حيث سرق فسودوا وجهه وعلقوا في عنقه العظام واضربوه حتى يدمى ظهره وطوفوا به. فجاء رجل يسعى؛ فقال: أصلحك الله أنه مملوك لي فإن فعلت ذاك به كسرت ثمنه؛ فقال إياس: يعمد أحدكم إلى الغلام لم يحتلم فيكلفه الضريبة ولا يحسن عملا يعمله فإنما يأمره أن يسرق ويطعمه ويعمد أحدكم إلى الجارية فيقول لها: اذهبي فأدي الضريبة فإنما يقول لها: اذهبي فازني وأطعميني.
((إياس لا يجيز شهادة الغلمان))
قال: حدثنا أبو نعيم؛ قال حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت؛
329

قال: سئل عامر عن شهادة الغلمان؛ فقال: هو ذا إياس بن معاوية؛ لا يجيز شهادة الغلمان.
((ذكاة ما يخاف فوته))
حدثنا علي بن حرب الموصلي؛ قال: حدثنا غنام بن علي عن حريث ابن أبي مطر عن الحكم وحماد وإياس بن معاوية؛ قالوا في الشيء يخاف أن يفوتك بنفسه: أينما ضربت منه فهو ذكاته.
((موت المؤجر لا يفتسخ الإجازة))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن عارم عن حماد بن سلمة عن إياس بن معاوية في الرجل يؤجر داره إلى أجل وثم يموت؛ قال: تمضى الإجارة والعارية إلى ذلك الأجل.
قال: حدثنا موسى بن إسماعيل؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة؛ قال: سألت إياسا عن رجل ترك ابنه وجده ومولى له؛ قال: إذا كان صاحب قرب منه فليس له من الولاء شيء إنما الولاء لمن له لما بقي.
((شهادة النساء في الطلاق))
حدثنا العباس الدوري؛ قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم؛ قال: حدثنا همام؛ قال: حدثنا قتادة أن إياس بن معاوية أجاز شهادة رجل وامرأتين في طلاق؛ قال قتادة: فسألت الحسن؛ فقال: لا تجوز شهادة النساء في الطلاق وقال: وكتب عدي بن أرطأة إلى عمر بن عبد العزيز بقول الحسن وبقضاء إياس فكتب عمر إلى عدي بن أرطأة: أصاب الحسن وأخطأ إياس.
((من يحل الأجل))
أخبرنا محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: أخبرنا عفان وحجاج قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة وإياس أنهما قالا: لا يحل الأجل حتى يطلقها أو يخرجها من مصرها أو يتزوج عليها فإذا فعل ذلك حل.
330

((شهادة الواحد من كان عدلا))
حدثنا الصغاني قال: حدثنا عبيد الله بن عمر؛ قال: حدثنا حماد بن زيد عن خالد الحذاء أن إياس بن معاوية أجاز شهادة عاصم الجحدري وحده وأخذ يمين الطالب فقال الشهود: يجيز على شهادة رجل فقال: إنه عاصم: إنه عاصم.
((حيلة إياس في تجويد بيع))
حدثنا الصغاني؛ قال: حدثنا أبو بكر؛ قال: حدثنا ابن علية عن أيوب؛ أن امرأة باعت لزوجها دارا وهو غائب فلما قدم أبي أن يجيز البيعة فخاصمته فيها إلى إياس بن معاوية فجعل المشترى يقول: أصلحك الله أنفقت فيها ألفي درهم؛ فقال: ألفاك على فقضى الرجل بداره وأمر بامرأته إلى السجن فلما رأي ذلك جوز البيع.
((كيف نوجه اليمين عند إنكار الوديعة))
حدثنا الصغاني؛ قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن إياس بن معاوية أنه تخاصم إليه رجلان استودع أحدهما وديعة فقال صاحب الوديعة: استحلفه بالله ما استودعته كذا وكذا فقال إياس: لا بل يحلف بالله مالك عنده وديعة ولا غيرها.
((إياس ويزيد الخياط))
حدثنا الصغاني؛ قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير؛ قال حدثنا حماد بن سلمة قال سأل يزيد الخياط إياس بن معاوية؛ قال: استأجر طيلسانا بدرهمين ثم أقطعه ثم أؤاجره بواف فقال: أليس أنت تقطعه؟ قلت: بلى قال لا بأس
((قبض المرأة ال))
أخبرنا أحمد بن يوسف والصغاني؛ قال: حدثنا أبو عبيد؛ قال: حدثنا أزهر عن ابن عون عن إياس بن معاوية؛ قال: إذا دخل بها فلا عدوى لها في العاجل.
((لا يقض الشرط في الدار))
أخبرنا الصغاني؛ قال: حدثنا عفان؛ قال حدثنا محمد بن راشد؛ قال
331

حدثنا عبد الكريم أبو أمية؛ أن ابن أذينة والحسن وهشام بن هبيرة؛ وإياسا كانوا لا يقضون بالشرط في الدار.
((شفعة الجوار))
الصغاني قال: حدثنا عبد الله بن أبي شيبة؛ قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد؛ عن إياس بن معاوية أنه كان يقضى بالجوار يعني في الشفعة حتى جاءه كتاب من عمر بن عبد العزيز: لا يقضى به إلا ما كان من شريكين مختلطين أو دار يغلق عليها باب واحد.
((الدين المؤجل))
وقال: أخبرنا معلى؛ قال: حدثنا معتمر؛ قال: سمعت حميدا يقول: كان إياس بن معاوية يقضى في الحق يكون على الرجل الراحل فيموت قال على الورثة إلى الأجل
.
((حيلة إياس في القضاء بحق))
أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا نعيم بن حماد؛ قال: حدثني عرعرة بن البرند عن شيخ له سماه؛ قال: كنت عند إياس بن معاوية إذ أتته امرأتان تختصمان في كبة غزل ليس معهما بينة فبعد واحدة وقرب الأخرى فقال لها: على أي شيء كببت غزلك؟ قالت: على كسرة خبز؛ فنحاها وقرب الأخرى فقال: على أي شيء كببت غزلك؟ قالت: على خرقة فأمر بالكبة فنقضت فإذا هي على كسرة خبز؛ قال: فأتيت محمد بن سيرين فأخبرته فقال: ويحا له ما أفهمه ويحا له ما أفهمه!
حدثني محمد بن جعفر؛ قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة عن إياس بن معاوية أن امرأتين ادعتا كبة غزل: فقال إياس لأحدهما: على أي شيء كببت غزلك؟ قالت على كسرة خبز وقالت الأخرى: على جوزة فدفنها إلى التي أصابت.
332

((الوصية للوالدين))
حدثني الصغاني؛ قال: حدثنا عفان؛ قال: حدثنا حماد عن إياس بن معاوية إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين؛ قال: رشح الوالدين وفرض لهما وترك القرابة.
الصغاني قال: حدثنا حجاج؛ قال: حدثنا حماد؛ قال: قال إياس بن معاوية: هي القرابة
((لا قصاص بين العبيد))
أخبرنا الرمادي؛ قال حدثنا الحسن الأشيب؛ قال: حدثنا حماد عن حميد عن إياس بن معاوية؛ قال: ليس بين العبيد قصاص.
((صفة الزوجة))
حدثني أحمد بن مرداس الصوفي؛ قال: حدثنا سعيد بن الأشعث وعبد الله بن عبد الوهاب عن عنبسة بن سعيد عن إياس بن معاوية؛ قال: لا تزوج المرأة إذا كانت تكلم فتسمع ولا تمشي فتسرع ولا تزوج صغيرة الرأس فإن عقلها في رأسها.
حدثني عبد الله بن محمد بن حسن؛ قال: حدثنا محمد بن يسار؛ قال: حدثنا سهل بن يوسف؛ قال: حدثنا خالد الحذاء؛ قال: رأيت إياس بن معاوية يقضى وبين يديه امرأة فرفع رأسه ينظر إلى رجل؛ فقال: تعال خاصم عن أخيك.
((إياس يقضى في الطريق))
((إياس والفرزدق))
حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ قال: حدثنا محمد بن عمرو بن جبلة ابن أبي رواد؛ قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق؛ قال: رأيت إياس بن معاوية يقضي في الطريق. أخبرني محمد بن أزهر بن عيسى؛ قال: حدثنا أبو عبد الله بن الأعرابي قال: تقدم الفرزدق إلى إياس بن معاوية ليشهد هو وآخر فقال إياس: أما أبو فراس فقد عرفناه ولكن زدنا شهودا
333

فقال الفرزدق: ما أحسن ما سللت عمك منها.
((الانفاق للاصلاح))
حدثنا أبو سعيد الحارثي قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا أبي؛ قال: رأيت في بيت ثابت البنان رجلا أحمر طويل الذراعين غليظ البنان يلوث عمامته لوثا ورأيته قد غلب على الكلام فلا يتكلم معه أحد فأردت أن أسأل عنه حتى قال قائل: يا أبا وائلة فعرفت أنه إياس؛ فقال: إن الرجل ليكون عليه ألف فينفق ألفا فيصلح وتصلح الغلة ويكون عليه ألفان فينفق ألفين فيصلح وتصلح الغلة ويكون عليه ألفان فينفق ثلاثة فيوشك أن يبيع العقار في فضل النفقة.
قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: حدثنا الخليل؛ قال: قال إياس بن معاوية: أنك لو قست عودا وذكر الحديث.
((رؤيا في شأن إياس))
أخبرني عبد الله بن مسلم بن قتيبة؛ قال: حدثنا إسحاق ابن راهويه؛ قال: حدثنا سفيان بن عبد الملك عن ابن المبارك قال: جاء رجل إلى محمد بن سيرين؛ فقال: إني رأيت في النوم كأن إياس بن معاوية يضرب باليمين في الحر فقال: إيت إياسا فقل له: اقض بالأثر ولا تقض بالرأي.
((وصية الصبي))
أخبرنا الصغاني؛ قال: حدثنا حجاج بن المنهال؛ قال: حدثنا حماد؛ قال: قال إياس بن معاوية: إذا وافقت وصية الصبي والمجنون الحق أجزنا وصيته.
334

((ولاء المعتق))
وأخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن موسى عن حماد! قال: وقال إياس في رجل أعتق رجلا وآخر أعتق ابنه؛ قال: ولاء الأب لمن اعتقه وولاء الابن لمن أعتقه.
قال: وسمعت إياسا يقول: الولاء لا يباع ولا يوهب ولا يورث.
وسئل إياس عن دية العبد فقال: ثمنه ما بلغ؛ وقال؛ في رجل قطع يد عبد قال: هو له وعليه لمولاه مثله.
وقال؛ في عبد شج حرا موضحة فقال: إن شاء مولى العبد دفعوا العبد برمته وإن شاءوا أعطوا الدية؛ وقال: كل شيء يقتل به فإنه يقاد به مثل الحجر العظيم والخشبة العظيمة التي تقتل.
روى عبد الواحد عن حماد عن حميد أن إياس بن معاوية اختصم إليه رجلان استودع أحدهما صاحبه وديعة؛ فقال صاحب الوديعة: استحلفه بالله مالي عنده وديعة؛ فقال إياس: بل أستحلفه بالله مالك عنده وديعة ولا غيرها.
((إياس أب على ابنه))
وأخبرنا أبو قلابة؛ قال: حدثني محمد بن إبراهيم المرى؛ قال: حدثنا بكر بن كلثوم عن حبيب بن الشهيد أن إياس بن معاوية واعده إلى دار خالد بن زيد فوافيته فقام إليه شيخ فقال: أصلح الله القاضي إن هذا ابني وليس ينفق علي؛ فقال: ما صنعتك؟ فقال: حائك فحكم عليه بخمسة دراهم.
((إياس يقضي بالشفعة لذمي))
حدثنا عبد الله بن محمد بن أيوب المخرمي؛ قال: حدثنا علي بن عاصم؛
335

قال: أخبرني خالد الحذاء قال: رأيت إياس بن معاوية قضى لذمي على مسلم بشفعة.
((اختلاف الزوجين في متاع المرأة))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه؛ قال: حدثني سكين أبو قبيصة كاتب إياس بن معاوية قال: كان إياس يقول في الرجل يطلق المرأة وقد أحدثت في بيتها أشياء ما كان من متاع المرأة فهو لها إلا أن يقيم الرجل البينة أنه له.
((معجل المهر))
وكان إياس يقول في المهر الآجل والعاجل إن دخل بها فزعمت أنه لم يدفع إليها العاجل تأخذه لها والآجل ليس لها أن تأخذه به إلا أن يفرق موت أو طلاق.
حدثنا الجرجاني قال: أخبرنا عبد الرازق عن معمر عن أيوب قال: اختصم رجلان إلى إياس بن معاوية فقال أحدهما: إن هذا ابرأني من القرن؛ فقال آخر لم أدر ما القرن: فقال إياس أكنت تظنه قرنا بائنا في رأسها فأفهمه فأجاز عليه.
((تصرفات المريض بالفالج))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري؛ قال: حدثنا عفان؛ قال: حدثنا حماد قال: سمعت إياس بن معاوية يقول في الذي به الفالج والجذام والبرص ويذهب ويشتري
ويبيع قال: يجوز طلاقه وشراه وبيعه.
((تزويج الغائب وضمان المهر))
قال: وسمعت إياسا يقول: من زوج غائبا فهو ضامن حتى يقدم وإذا زوج رجل رجلا فقال: أنا برئ من الصداق فهو ضامن وإن اشترط رضى غائب فله شرطه.
336

((حكم الخلوة))
((معاوية بن قرة يأخذ جارية ابنه إياس))
قال: وحدثنا مسلم؛ قال: حدثنا أبو شعيب عبد الله بن أبي عبيد الله؛ قال: سمعت إياس بن معاوية يقضي بالخلوة فلقيت الحسن فأخبرته فقال: رياء وسمعة ولا يقضي به إلا مراء وأتيت ابن سيرين فسألته؛ فقال: ليفعل ما قال فأتيت قتادة فسألته؛ فقال: باطل وخديعة لأنها ضغطة. حدثني أبو قلابة؛ قال: حدثني أبو عمر الضرير؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة؛ قال: أخبرنا حميد الطويل؛ أن معاوية بن قرة أخذ جارية لابنه إياس؛ فقال له إياس: تأخذ جاريتي؟ فحكما الحسن؛ فقال الحسن لمعاوية: خذها؛ أنت ومالك لأبيك؛ فقال للحسن إياس: أنت شيخ قد خرفت؛ يأخذ جاريتي؟
((عدالة الشاهد))
وأخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن موسى عن أبي هلال عن أشعث؛ قال: وجاء رجل إلى الحسن؛ فقال: يا أبا سعيد؛ إن إياسا شهادتي فانطلق الحسن معه فلقى إياسا؛ فقال: ما حملك على أن رددت شهادة هذا؟ أما بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من استقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم له ذمة الله وذمة رسوله فقال له الآخر: أيها الشيخ إن الله يقول: ممن ترضون من الشهداء وإن صاحبك ليس ممن يرضى من الشهداء.
((قضية لاياس))
وروى عبد الواحد عن حماد عن إياس؛ قال: إذا قيل للمضارب: لا تذهب إلى واسط فذهب فهو ضامن والربح بينهما على ما اشترطا.
337

وقال في رجل استعار قدرا على أن يطبخ فيها تمرا وطبخ فيها سكرا فاحترقت القدر؛ قال: هو ضامن؛ إذا خالف فهو ضامن.
الجرجاني؛ قال: أخبرنا عبد الرزاق؛ قال أخبرنا معمر؛ عن أيوب أن إياس بن معاوية قضى بينهما نصفين يعنى ميراث عبد بين اثنين؛ أعتق أحدهما فأمسك الآخر. وأخبرنا الجرجاني؛ قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب أن إياس بن معاوية قضى بالميراث بينهم أثلاثا في عبد بين ثلاثة كاتب أحدهم وأعتق أحدهم وأمسك أحدهم.
((إياس وقضية ميراث الولاء))
وروى الصلت بن مسعود الجحدري؛ قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الله ابن قيس البكري؛ قال: حدثنا حصين بن كرار للمالكي؛ قال: كنت عند إياس بن معاوية فجاءت امرأتان؛ فقالت إحداهما: ألا تعجبون؟ أختي لأبي وأمي تزعم إنها أحق بميراث أبي مني؟ قال إياس: ما أراها إلا صادقة؛ فقالت الأخرى: إني اشتريت أبي وأعتقته فقال إياس الثلثان بينكما بالميراث ولهذه الثلث بالولاء فأتيت الحسن فأخبرته؛ فقال: لا حق الوالد أعظم من أن يكون ولاء فأتيت إياسا فأخبرته بقول الحسن فقال: إذا جاء الحسن فقل له: يلزم سارية من السواري فنحن أعلم بالحكم منك.
((حيلة إياس في قضية))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن محمد بن حاتم عن إبراهيم بن مرزوق؛ قال: جاء رجلان إلى إياس بن معاوية يختصمان في قطيفتين وهو قاض إحداهما حمراء والأخرى خضراء؛ فقال أحدهما:
338

دخلت الحوض لاغتسل ووضعب قطيفتي وجاء هذا فوضع قطيفته بجنب قطيفتي ثم دخل فاغتسل فخرج قبل فأخذ قطيفتي فمضى بها ثم خرجت فاتبعته فزعم أنها قطيفته فقال: لك بينة؟ فقال: لا فقال: إيتونى بمشط فأتي بمشط فسرح رأس هذا ورأس هذا فخرج من رأس أحدهما صوف أحمر وخرج من رأس الأخر صوف أخضر فقضى بالحمراء للذي خرج من رأسه صوف أحمر وبالخضراء للذي خرج من رأسه صوف أخضر.
((وضوء إياس))
قال: وحدثنا موسى؛ قال: حدثنا حماد عن حبيب بن الشهيد؛ قال: توضأ إياس فرأى على عقبة مكانا لم يصبه الماء فقيل له يا أبا واثلة: عقبك لم يصبه الماء فوضع عقبه بين إصبعيه الإبهام والتي تليها فمسح ببلل الماء.
((قضية شجاج ضد إياس))
أخبرنا سعدان بن يزيد؛ قال: حدثنا الهيثم بن جميل؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة عن إياس بن معاوية في عبد قاتل حرا فشج العبد الحر فشهد رجلان أن العبد شج الحر وشهد رجلان أن الشاهدين قاتلا العبد مع الحر فقال إياس: إن كانا ذوي عدل جازت شهادتهما يعني الأولين.
((إياس يقضي في السوق))
حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي؛ قال: حدثنا سليمان بن أيوب صاحب البصري؛ قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب أن إياس بن معاوية كان يقضي في سوق البصرة هي مثل مسجد الجامع من سبق إلى مكان فهو أحق به ما جلس عليه فإذا قام آخر فجلس عليه فهو أحق به.
((شهادة رجل لابنه))
حدثنا إسماعيل بن إسحاق؛ قال: حدثنا محمد بن عبيد وعارم واللفظ
339

لمحمد؛ قال: حدثنا حماد عن خالد أن إياس بن معاوية أجاز شهادة رجل لابنه وأخذ يمين الطالب ولم يذكر عارم: وأخذ يمين الطالب.
((شهادة الواحد))
حدثنا إسماعيل؛ قال: حدثنا محمد وعارم واللفظ لمحمد؛ قال: حدثنا حماد؛ قال: حدثنا خالد: إن إياس بن معاوية أجاز شهادة عاصم الجحدري وأخذ يمين الطالب.
((شهادة الأعمى))
حدثنا علي بن مسلم؛ قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي عن أيوب أبي العلاء أن إياس بن معاوية أجاز شهادة قتادة وهو أعمى؛ وقال: لولا معرفتك به ما أجزت شهادتك ولا تعد.
حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر؛ قال: حدثنا قبيصة بن عقبة؛ قال: حدثنا سفيان عن خالد الحذاء وجرير بن حازم أن إياس بن معاوية رد شهادة قتادة.
((بعد نظر إياس في صفقة))
حدثنا عبد الله بن خلف؛ قال: حدثنا محمد بن الفرج؛ قال: حدثنا حجاج عن جرير بن حازم قال شهد قتادة عند إياس بن معاوية فرد شهادته وقال: أما أنا لم نرد شهادتك إلا أن تكون عدلا ولكنك أعمى لا تبصر. وروى سفيان بن عيينة عن هشام بن حجر؛ عن إياس بن معاوية أن رجلا كان يساومه بشيء فجاء آخر يريد أن يساوم به فغمزه الرجل فرأى أنها شركة.
وأخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن عبد الواحد عن حماد بن سلمة؛ قال: قال إياس: إذا شارك المسلم النصراني أو اليهودي؛ وكانت الدراهم مع المسلم هو الذي يتصرف بها بالشراء والبيع فلا بأس
340

ولا يدفعها إلى اليهودي أو النصراني يعملان بها لأنهما يربيان.
قال: حدثنا مسلم؛ قال: حدثنا جميل بن عبيد الطائي؛ قال: سبقنا يوم جمعة بالصلاة صلاة الجمعة ومعنا إياس بن معاوية وهو يومئذ قاض فدخلنا المسجد فاصطففنا ونحن نفر فتقدم إياس فصلى بنا أربعا.
((القضاء ما يستحسن للناس))
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا علي بن قادم؛ قال: سمعت سفيان الثوري يقول: قال إياس بن معاوية: ما وجدت القضاء إلا ما يستحسن الناس
((كيف القضاء عند فساد الناس))
بلغني عن جويرة بن محمد عن ريحان بن سعيد عن عيسى بن معمر؛ قال: قال إياس بن معاوية قيسوا القضاء ما صلح الناس فإذا فسدوا فاستحسنوا.
حدثنا أبو قلابة؛ قال: حدثني محمد بن إبراهيم المرى؛ حدثني بكر بن كلثوم السلمى عن حبيب بن الشهيد؛ أن إياس بن معاوية قضى في الطريق.
((شيء من فقه إياس))
حدثنا العباس الدوري؛ قال: حدثنا أبو سلمة قال: حدثنا علي ولم ينسبه أبو سلمة؛ قال سألت إياس بن معاوية عن الرجل يغشى أهله ثم يقوم ليغتسل ثم يبدو له أن يجامعها قبل أن يغتسل؛ قال: لا بأس.
وسألت إياسا: ما تحقيق الوتر؟ قال: تصلى ما بدا لك ركعتين ركعتين فإذا بدا لك فأوتر بركعة.
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن موسى عن أبي هلال
341

عن أيوب؛ قال: قال إياس: إنه لتأتيني القضية لها وجهان فأيهما أخذت عرفت أن قد أصبت الحق.
((حيلة لاياس في استرداد وديعة) 4
وقال المدائني: تنازع إلى إياس رجلان؛ ادعى أحدهما أنه أودع صاحبه مالا وجحده الآخر؛ فقال إياس: أين أودعته هذا المال؟ قال: في موضع كذا وكذا؛ قال: وما كان في ذلك الموضع؟ قال: شجرة؛ قال: فانطلق فالتمس مالك عند الشجرة فلعلك إذا أتيتها تذكر أين وضعت مالك؛ فانطلق الرجل وقال إياس للمطلوب: اجلس إلى أن يجئ صاحبك فجلس فلبث إياس مليا يحكم بين الناس ثم قال للجالس عنده: أترى صاحبك بلغ الموضع الذي أودعك فيه؟ قال: لا؛ قال: يا عدو الله إنك لخائن فأقر عنده فحبسه حتى جاء صاحبه ثم أمره بدفع الوديعة.
((حيلة أخرى لاياس))
قال المدائني وأودع رجل رجلا كيسا فيه دنانير فغاب خمس عشرة سنة ثم رجع وقد فتق المودع الكيس من أسفله فأخذ ما فيه وجعل مكانه دراهم: والخاتم على حاله فنازعه فقال إياس: منذ كم أودعته؟ قال من خمس عشرة سنة؟ فقال المودع صدق فأخرج الدراهم فوجد فيها ما ضرب منذ عشر سنين وخمس سنين فقال للمودع: أقررت أنه أودعك منذ خمس عشرة سنة وهذا ضرب أحدث مما ذكرت فأقر له بوديعته ودفعها إليه.
((رزق إياس))
وقال النميري عن ابن عاصم؛ قال: كان رزق إياس بن معاوية مائة درهم.
((شهادة ابن سيرين لاياس))
أخبرني علي بن عبد العزيز الوراق؛ قال: حدثنا عارم؛ قال: حدثنا حماد بن زيد عن ابن عون؛ قال: ذكروا إياس بن معاوية عند محمد بن
342

سيرين؛ فقال: إنه لفهم.
((إياس يرد شهادة وكيع جابي سود))
وذكر حماد بن إسحاق عن أبيه؛ قال: أتى وكيع بن أبي سود إياسا ليشهد؛ فقال له: ما حاجتك؟ قال: جئت لأشهد قال: مالك وللشهادة؟ إنما يشهد الموالى والتجار والسفلة؛ قال: صدقت وانصرف فقالوا لوكيع: خدعك؛ إنه لا يقبل شهادتك وردك؛ قال: لو علمت لعلوته بالقضيب.
((إياس وشهادة في دين))
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي؛ قال: حدثنا أبو سلمة؛ قال: حدثنا أبان بن خالد؛ قال: شهدت إياس بن معاوية وجاءه رجل بغريم له: فقال الغريم لإياس: سل الشاهد ولا تره الصك؛ والله ما يدرى كم هي؛ ولا ما هي؛ فقال إياس للشاهد أرني الصك فأراه إياه وقال: أشهد على ما فيه فأجاز شهادته.
حدثنا عباس الدوري؛ قال: حدثنا أبو معمر؛ قال: حدثنا عبد الوارث قال: حدثنا سكين أبو قبيصة عن إياس بن معاوية؛ أنه كان يقول: إذا تزوجها على عاجل وآجل: يدخل بها فقد بطل العاجل وأما الآجل فليس لها أن تأخذه إلا بموت أو طلاق.
((ما حفظنا من أخبار إياس بن معاوية))
((وكلامه وفطنته وإذكائه))
((أبو إياس بن معاوية))
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا قبيصة بن عقبة؛ قال:
343

حدثنا سفيان عن خالد الحذاء؛ قيل لمعاوية بن قرة: كيف ابنك لك؟ قال نعم الابن كفاني أمر دنياي وفرغني لأمر آخرني
((أم إياس بن معاوية))
حدثني أبو إبراهيم الزهري أحمد بن سعد إبراهيم؛ قال: حدثنا شجاع ابن مخلد؛ قال: حدثنا سعيد بن عامر؛ قال: حدثنا عمر بن علي بن مقدم عن سفيان بن حسين؛ قال: قال لي إياس بن معاوية: إن أمي كانت امرأة أعجمية فكانت تقول ونرود ونرود وإني لم آمن أن يكون لا يحصى ذلك فكفرت عنها ألف يمين.
((إياس بن معاوية يترضى أمه))
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان عن سليمان بن أبي شيخ؛ قال: حدثنا أبو المطرف المغيرة بن المطرف المخزومي عن سفيان بن حسين؛ قال: أردت التعريف بواسط يوم عرفة فقلت: أمر بإياس بن معاوية؛ فأتيته فخرج معي إلى المسجد فلما دخل المسجد قال لي: إن أمي خرجت وهي على غضبي وأنا أكره أن أصير إلى التعريف والدعاء وهي غضبى فقم لي حتى أسترضيها؛ فدنا من ظلة أنسنا وخرجت إليه أمه فجلس بين يديها واضعا يديه على خديه منكسا رأسه طويلا ثم قام فقال لي: اذهب بنا فقد رضيت.
((قول إياس وقد ماتت أمه))
حدثني عبد الله بن الحسن عن النميري عن موسى عن حماد قال: لما ماتت أم إياس بكى؛ فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: كان لي بابان؛ فأغلق أحدهما.
344

((إياس بن معاوية والأساورة))
حدثني محمد بن حرب الضبي؛ قال: حدثنا سليمان بن حرب؛ قال: حدثنا أبو هلال عن داود بن أبي هند؛ قال: قال لي إياس بن معاوية: أنا أكلم الناس بنصف عقل فإذا اختصم إلى الأساورة جمعت عقلي كله.
((إياس بن معاوية والقدرية))
حدثنا عباس الدوري؛ قال: حدثنا عفان وحدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي؛ قال: حدثنا محمد بن عبيد؛ قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن حبيب ابن الشهيد عن إياس بن معاوية؛ إنه قال: ما كلمت أحدا من أهلي إلا هوى بعقلي كله إلا القدرية فإني قلت لهم: ما الكلام في كلام العرب؟ قالوا: أن يأخذ الرجل ما ليس له؛ قال: قلت: فأن لله كل شيء.
حدثنا عباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا عفان؛ قال: حدثنا حماد ابن سلمة عن إياس بن معاوية؛ قال: أقول في القدر ما تقول السقايات هرش بايد بود وهو بالفارسية تفسيره؛ كل شيء قدر يكون.
((لا خير فيمن لا يعرف عيب نفسه))
حدثني موسى بن صالح العطار؛ قال: حدثنا أبو محمد؛ قال: حدثنا ابن علية عن داود بن أبي هند؛ قال: قال إياس بن معاوية: لا خير
345

فيمن لا يعرف عيب نفسه قيل له: فما عيب؟ قال: كثرة الكلام.
أخبرني الحارث بن محمد التيمي؛ قال: قال رواد بن الجراح عن خليد بن دعلج؛ قال: سمعت إياس بن معاوية يقول: عقل مصرى مثل عقل يمانيين.
((عقل الحجاج وإياس))
أخبرنا إبراهيم بن أبي عثمان عن سليمان بن أبي شيخ؛ قال: قال صالح بن سليمان: قال عتبة بن عمر: ما رأيت عقول الناس إلا قريبا بعضها إلى بعض إلا الحجاج وإياس بن معاوية؛ فإن عقولهما كانت ترجح على عقول الناس.
((إعجاب إياس برأيه))
حدثني عمر بن محمد بن عبد الحكم؛ قال: حدثنا حامد بن يحيى؛ قال: حدثنا سفيان عن ابن شبرمة؛ قال: قالوا لإياس بن معاوية: إنك معجب برأيك؛ قال: لو لم أكن معجبا برأيي ما قضيت به.
((عيب إياس كثرة حديثه))
قال ابن شبرمة: وقال إياس بن معاوية: إني لأعرف عيبي: ما عيبي إلا كثرة الكلام.
حدثني عمر بن محمد؛ قال: حدثنا حماد؛ قال: سفيان عن الأعمش؛ قال: جاء إياس بن معاوية فأتيناه؛ فإذا ما يفرغ من حديث إلا أخذ بذنب آخر.
حدثني محمد بن إسماعيل بن يعقوب؛ قال: حدثنا محمد بن سلام؛ قال: حدثني عبد القاهر يعنى ابن السرى؛ قال: قال إياس بن معاوية ما من رجل
346

عاقل إلا وهو يعرف عيب نفسه؛ قيل له: فما عيبك يا أبا واثلة؟ قال: الإكثار ثم قال: أما والله مع ذاك ما تدبر رجل عاقل قولي إلا وجد فيه بعض ما ينفعه.
قال: وقعد إياس بن معاوية وخالد بن صفوان مقعدا؛ فقال إياس: يا أبا صفوان أنا وأنت ينبغي أن نجتمع؛ قال: أنت لا تريد أن تسكت وأنا لا أريد أن أسمع.
حدثنا الرمادي؛ قال: حدثنا محمد بن سلام؛ قال: حدثني أصحابنا قال: اجتمع أياس وخالد فذكر مثله.
((رد إياس على من رماه بالإعجاب بنفسه))
فحدثنا محمد بن إسماعيل قال: قال رجل لإياس بن معاوية إنك معجب فسكت عنه إياس قليلا؛ ثم قال له: نشدتك الله: أيعجبك ما تسمع مني؟ قال: اللهم نعم؛ قال: فكيف تلومني أعجب بنفسي؟
((هل يقطع المختلس))
حدثنا مربع محمد بن إبراهيم؛ قال: حدثنا ربيع بن يحيى؛ قال: اختلس رجل شيئا فسئل الحسن؛ فقال: لا يقطع وسئل إياس بن معاوية: فقال: يقطع.
347

((جود إياس))
حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي؛ قال: حدثنا نصر بن علي؛ قال: حدثنا الأصمعي عن صالح بن الصقر عن صواف كان في السوق أن إياس ابن معاوية باع أرضا له بعشرة ألف فكان يأخذ كل يوم مني أربعمائة يقسمها في الأعراب في حطمة كانت.
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان عن ابن أبي شيخ عن صالح بن سليمان؛ قال: ذكروا يوما عند معاوية بن قرة ابنه إياسا فعابوه: فقال معاوية: ما أدرى ما تقولون أما هو فيتصدق بألف درهم أسهل عليه من شيء يسير علي.
حدثنا عبد الله بن الهيثم بن عثمان العبدي؛ قال: حدثنا قريش بن أنس؛ قال: حدثنا حبيب بن الشهيد؛ قال: قال لي إياس بن معاوية: لست بخب والخب لا يخدعني ولا يخدع ابن سيرين ويخدع الحسن ويخدع أبي معاوية ابن قرة ويخدع عمر بن عبد العزيز.
((إياس والغناء))
حدثني بشر بن موسى؛ قال: حدثنا الحميدي؛ قال: حدثنا سفيان؛ قال: حدثنا هشام بن حجر عن إياس بن معاوية أنه ذكر الغناء فقال: إنما هو بمنزلة الريح؛ يدخل في هذه ويخرج من هذه قال سفيان: كأنه يذهب إلى أنه لا بأس به.
أخبرنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني والرمادى؛ قالا: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب؛ قال: سئل إياس عن البربط؛ فقال:
348

لو أمرت أن أميز عمل أهل الجنة من عمل أهل النار لم أجعل البربط من عمل أهل الجنة.
((تعليل إياس لحرمة السكر))
حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي؛ قال: حدثنا سلمة بن حيان العتكي؛ قال: حدثنا حشرج المزنى؛ من ولد عائذ بن عمرو وحدثنا عبد الله بن أبي الدنيا؛ قال: حدثنا هاشم بن الوليد الهروي؛ قال: حدثنا عبد الله بن حشرج البصري؛ قالا جميعا: حدثنا المستنير بن أخضر عن إياس بن معاوية؛ قال: إسماعيل عن عمه إياس؛ قال: شهدت دهقانا أتاه فقال: يا أبا واثلة ما تقول في المسكر؟ قال: حرام؛ قال: وما حرمه؟ وإنما هو تمر وماء وكشوت؛ قال: فرغت يا دهقان؟ قال: نعم؛ قال: أرأيت لو أخذت كفا من ماء فضربتك به كان يوجعك؟ قال: لا قال: أفرأيت لو أخذت كفا من تراب فضربتك به أكان يوجعك؟ قال: لا؛ قال: فأخذت كف تبن فضربتك به أكان يوجعك؟ قال: لا؛ قال: فأخذت التراب ثم طرحت عليه التبن وصببت عليه الماء ثم كمزته كمزا وجعلته في الشمس ثم ضربتك به أكان يوجعك؟ قال: نعم ويقتلني؛ قال: فكذاك هذا؛ حين جمعت أخلاطه وخمر حرم.
((رأي إياس في بعض العلماء))
حدثني عبد الله بن الهيثم بن عثمان العبدي؛ قال: حدثنا قريش بن أنس؛ قال: حدثنا حبيب بن الشهيد قال؛ قال لي إياس بن معاوية:
349

إن أردت الفقه فعليك بمعلمي ومعلم أبى الحسن بن أبي الحسن فإن أردت ألفتيا فعليك بعبد الملك بن يعلى وإن أردت القضاء فعليك بعباد بن منصور وإن أردت الصلاح فعليك بحميد الطويل وإن أردت الشغب فعليك بصالح السدوس وتدري ما يقول حميد؟ دع بعض حقك وأخر بعضه وخذ بعضه وتدري ما يقول صالح السدوسي؟ أجحد ما عليك وادع ما ليس لك وادع بينه غيبا.
((رأي إياس في الفريقبن العمل والرأي))
حدثني يزيد بن الهيثم أبو خالد البادا حدثنا صبح بن دينار؛ قال: حدثنا المعافي بن عمران عن حماد بن سلمة عن إياس بن معاوية؛ قال: لا تنظر إلى ما يعمل الفقيه فإنه يصنع الأشياء يكرهها؛ ولكن سله يخبرك بالحق.
((الفقيه التاجر أفضل من فقيه ليس بتاجر))
حدثني مضر بن محمد الأسدي؛ قال: حدثنا عبد الواحد بن غياث؛ قال: حدثنا عبد الله بن الحسن القاضي؛ قال: قال إياس بن معاوية: الفقيه التاجر أفضل من الفقيه الذي ليس بتاجر؛ قال: فكأنا أنكرنا ذلك لما سمعناه فلما نظرنا في الأمور بعد نظرنا فإذا الأمر كما قال الشيخ.
حدثني عبد الله بن عمرو بن أبي سعد؛ قال: حدثني عاصم بن عمر بن علي المقدمي؛ قال: حدثنا أبي عن سفيان بن حسين السلمى؛ قال: إياس ابن معاوية يقول: إنه إن يك في فعال الرجل فضل عن قوله أجمل من أن يكون في قوله فضل عن فعاله.
350

((نصيحة إياس بن معاوية للتجار))
أخبرني محمد بن موسى القيسي؛ قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ؛ قال: حدثنا صالح بن سليمان؛ قال: خرج قوم من أهل واسط من التجار إلى عبدسي؛ فقالوا: نأتى إياس بن معاوية فنسلم عليه فأتوه؛ فقال لهم: يا معاشر التجار احفظوا عني خصالا ثلاثا تنتفعون في تجارتكم: لا يشترى الرجل بأكثر من ماله فإن كانت وضيعة أتت على رأس ماله كله ولا يشارك إلا شريكا واحد؛ فإن أكثر فاثنين؛ فإن الشركاء إذا كثروا تواكلوا ولا يشترى من رجل له بضاعة ليس له غيرها فإن التوى أمر أو أصابته نكبة لم يعذره وألح عليه وحرق به؛ اشتروا من أهل للسعة واليسار فإنهم يؤخرون ويحتملون.
((خبرة إياس بالمساحة))
حدثني أبو سعيد الخدري؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ وحدثني سليمان بن أيوب المديني؛ قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله عن عمه؛ قال: قال الخليل بن أحمد: قال إياس بن معاوية: لو أخذت عودا فقسته بعود حتى يصير ليس بينهما شي ثم قست الثاني إلى ثالث والثالث إلى رابع إلى العاشر ثم قست العاشر إلى الأول لوجدت بينهما شيئا بينا.
((إياس بن معاوية وابن هبيرة حين أراد توليته القضاء))
أخبرنا حماد بن إسحاق الموصلي عن الأصمعي عن عامر بن صالح عن إياس بن معاوية؛ قال: ارسل إلي ابن هبيرة فساكتنى وساكته حتى فهمت ثم أعادني من القابلة ففعل مثلا؛ ثم قال: إيه؛ قلت: سل عما شئت؛ قال: أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم؛ قال: أتعرف من الشعر شيئا:
351

قلت: نعم؛ قال: هل تعلم من أيام العجم شيئا؟ قلت أنا بذاك أعلم؛ قال: إني أريد أن أستعين بك؛ قال: قلت: في ثلاث لا أصلح معهن لولاية أنا دميم وأنا عي وأنا سئ الخلق قال: أما دميم فإني لا أحاسن بك الناس وأما عي فإنك تعبر عن نفسك وأما سئ الخلق فالسوط يقومك وأمر لي بألفي درهم فهو أول مال تأثلته.
((ابن هبيرة وإياس))
حدثنا أبو حمزة أنس بن خالد الأنصاري؛ قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري؛ قال: حدثنا عون؛ قال: لما بعث إلى ابن سيرين والحسن وأولئك قدموا على ابن هبيرة قال: فقال محمد لما دخل عليه السلام عليكم وكان ابن هبيرة متكئا فجلس وكان معه أبو الزناد فقال له كيف من تركت؟ قال: تركت الظلم فيهم فاشيا فهم به فجعل أبو الزناد يقول له: إنه شيخ إنه إنه قال: فجاء لإياس بن معاوية بجائزة فقال لا حاجة لي فيها؛ فقال: أترد جائزة الأمير؟ قال: ولم يعطيني؟ أيتصدق علي؟ فقد أغناني الله أو يعطيني على علمي أجرا فلا آخذ عليه أجرا؛ قال الأنصاري وكانت جائزته عشرة آلاف.
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان عن سليمان بن أبي شيخ عن صالح بن بن سليمان عن حفص بن عمر بن حفص بن عبد الله بن الحارث بن هشام قال: كنت غائبا عن واسط أيام يوسف بن عمر؛ فقدمت فقال لي: إني أتيت إياس بن معاوية؛ قلت: وما له؟ قال ضربه الأمير يوسف؛ أراده على أن يتولى له السوق؛ فأبى فضربه فأتيته فوجدت عنده جماعة جماعة فقال إلي إلي يا أبا عمر ها هنا فأجلسني إلى جنبه ثم قال: لقد ضربني
352

الأمير ستة وخمسين سوطا فنظرت في ضربي مملوكى فإذا هو ينقص على ضرب يوسف إياي سوطين فقلت: أرجو أن يكون قصاصا وأن يكون لي فوات السوطين ثم اقتص ضربه مملوكيه لما ضربهم عليه فحفظت قصة غلام منهم؛ قال: جئت في يوم بارد فوضعت قلنسوتى وعمامتي عن رأسي ودعوت بالوضوء فجاء بماء بارد؛ فقال بالفارسية: أصب على رأسك؟ فقلت متعجبا منه: نعم فصب على رأسي ماءا باردا في يوم بارد فضربته سوطين.
((إياس يأبي ولاية سوق واسط))
قال: فحدثني أبو سفيان الحميدي: أن جده مهدي بن عبد الرحمن ولى لعمر بن هبيرة سوق واسط ثم وليها بعده إياس بن معاوية فلما كان أيام يوسف بن عمر أراد إياسا على ولاية السوق فأبى عليه؛ فضربه ستة وخمسين سوطا.
((إياس والمروءة))
أخبرني أبو زيد مشرف بن سعيد الواسطي؛ قال: حدثنا إسحاق بن محمد الناقد؛ قال: سمعت سفيان بن الحسين يقول: قلت لإياس بن معاوية: ما المروءة؟ قال: أما في بلدك وحيث تعرف فالتقوى وأما حيث لا تعرف فاللباس.
((أحب الناس لاياس))
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان؛ قال: حدثني عبد الرحمن بن المثنى العنبري؛ قال: حدثنا معبد بن هارون وإبراهيم بن مرزوق؛ قالا: شهدنا جارية إياس تذبح له وإياس بالباب لا ينكر ذاك.
(())
وأخبرني إبراهيم بن سعيد عن سليمان بن أبي شيخ عن صالح بن سليمان؛ قال الحجاج لإياس بن معاوية: يا أبا إياس من أحب الناس إليك؟
353

قال: الذي يعطيني؛ قال: ثم من؟ قال الذي ينفق عليه.
وقال صالح بن سليمان: كان إياس يستقرض على عطائه ويتصدق حتى يخرج عطاؤه.
((عمر بن هبيرة ورتبيل))
قال: وكان عمر بن هبيرة وجه إلى رتبيل هذا يسأله الذي كان يؤدى إلى الحجاج فكان فيهم معاوية بن قرة؛ فقال لهم رتبيل: نحن أعلم بولاتكم منكم؛ كان الحجاج لا يبالي ما أخرج من بيت المال إذا بلغ حاجته وإن صاحبكم عمر بن هبيرة ينظر في ألف درهم يخرجها من بيت المال.
((إياس بن معاوية وأبان بن الوليد))
وقال صالح بن سليمان: اشتكى أبان بن الوليد البجلي إلى إياس كثرة نفقته؛ فقال له إياس: أرأيت بيتا له بابان؛ قال: فكذلك أنت إنما تنفق بقدر ما يدخل عليك.
((مثل الانفاق))
فأخبرني الحارث بن محمد؛ قال: حدثني أبو الحسن المدائني؛ قال: دخل رجل على إياس بن معاوية فشكا إليه شدة المئونة وكثرة الإنفاق؛ فقال له إياس: إن النفقة داعية الرزق وهو جالس بين بابين؛ فقال للرجل: أغلق هذا الباب فأغلقه فقال: هل يدخل الريح البيت؟ قال:: لا؛ قال: فافتحه ففتحه فجعلت الريح تخرق البيت؛ فقال: هكذا الرزق أغلقت فلم يدخل الريح وكذلك إذا أمسكت لم يأتك شيء.
أخبرني محمد بن زكريا بن دنيا؛ قال: حدثنا ابن عائشة؛ قال: حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن إياس بن معاوية؛ قال: ما فقه رجل قط
354

إلا ساء ظنه بالناس؛ أخبرني الحارث بن أبي أسامة؛ قال: حدثني إبراهيم بن أحمد عن عبد الكبير المعافى بن عمران عن أبيه؛ قال: قال إياس بن معاوية: وما خير رجل له قميصان؟
((بعد عهد الناس بالنبوة))
ذكر الحسن بن عبد العزيز الجروى أن ضمرة بن ربيعة كتب إليه يذكر عن ابن شوذب؛ قال: سمعت إياس بن معاوية يقول: ما بعد عهد قوم بنبيهم إلا كان أحسن لقولهم وأسوأ لفعلهم.
((كيف يصلح حال الرجل في ماله))
حدثنا إسماعيل بن إسحاق؛ قال: حدثنا نصر بن علي؛ قال: أخبرنا عثمان؛ قال: حدثنا أبي؛ قال: سمعت إياس بن معاوية ورأيته رجلا أحمر غليظ الثوب يلوث عمامته لوثا وقد غلبهم على الحديث؛ فقال: فسمعته يقول؛ يكون على الرجل ألف فينفق ألفه فيصلح وتصلح الغلة ويكون على الرجل ألفان فينفق ألفين فيصلح وتصلح الغلة ويكون على الرجل ألف فينفق ألفين فيوشك أن يبيع العقار وتذهب النفقة.
حدثنا أبو قلابة؛ قال: حدثني أبي في آخرين قالوا: حدثنا حماد بن سلمة عن إياس بن معاوية قال: مثلت الدنيا على مثال طائر فالبصرة ومصر الجناحان والشام الرأس والجزيرة الجؤجؤ واليمن الصلب.
حدثني أبو قلابة؛ قال: حدثني محمد بن خلف؛ قال: حدثنا أبو عمر الضرير عن حماد بن سلمة؛ قال: دخلت على إياس بن معاوية وبين يديه رطب سكر وهو يأكل فقال: إذن فكل فإنه يزيد في العقل.
((لابد للناس من ثلاثة أشياء))
حدثني أحمد بن أبي خيثمة؛ قال: حدثنا غسان بن المفضل الطائي؛ قال: حدثنا عمر بن علي بن سفيان بن حسين؛ قال: قال إياس بن معاوية:
355

لا بد للناس من ثلاثة أشياء؛ لا بد لهم من أن تأمن سبلهم ويختار لحكمهم حتى يعتدل الحكم بينهم وأن يقام لهم بأمر البعوث التي بينهم وبين عدوهم؛ فإن هذه الأشياء إذا
قام بها السلطان احتملوا الناس ما سوى ذلك من أثرة وكثيرا مما يكرهون.
(())
حدثني أبو إبراهيم الزهري أحمد بن سعد؛ قال: حدثنا يحيى بن عبد الله ابن بكير المصري قال: حدثني ابن وهب عن مالك بن أنس عن ربيع ابن أبي عبد الرحمن؛ قال لي أبو واثلة يعني إياس بن معاوية يا ربيعة نقول لك شيئا؛ كل بنيان بني على أساس أعوج لم يستقم بنيانه.
((صفة المرأة التي لا ينبغي الزواج منها))
أخبرني أحمد بن مرداس؛ قال: حدثنا سعيد بن الأشعث وعبد الله ابن عبد الوهاب عن عنبسة عن إياس بن معاوية؛ قال: لا تزوج المرأة إذا كانت تكلم فتسمع فتمشى فتسرع ولا تزوج صغيرة الرأس فإن عقلها في رأسها.
((إياس لا يقتني دابة))
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان عن عبد الله بن المثنى العنبري عن سعيد بن هارون؛ قال: قلت لإياس بن معاوية: يا أبا واثلة مالك لا تشترى دابة؟ أراك تستعير من الناس؛ قال: يا بني وما أصنع بمال يأكل المال.
((الولد أبر أم الوالد))
بلغني عن أحمد بن معاوية الباهلي عن عبد الله بن بكر السهمي؛ أن إياس بن معاوية كان في حلقة وذكروا: الولد أبر أم الوالد؟ فأجمع رأيهم على أن الولد أبر واشتغل إياس في شيء فلما فرغ أقبل عليهم فأخبروه فقال: إني أخالفكم إني أزعم أنهما إذا كانا برين جميعا فالولد أبر؛ قالوا: وكيف؟ قال لأن بر الوالد لولده طباع يطبعه الله عليه لا يستطيع إلا ذاك
356

وبر الولد لوالده تشدد منه لما افترض الله عليه من حقه.
((الثناء من الجزاء))
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن يزيد بن هارون عن العوام بن حوشب قال: التقيت أنا وإياس بن معاوية بذات عرق فذكرت إبراهيم يعني التيمي؛ فقال: لولا كرامته على لأثنيت عليه؛ فقلت: أتعرفه؟ قال: نعم؛ قلت: فلم تكره أن تثنى عليه؛ قال: إنه كان يقال إن الثناء من الجزاء.
((تصرف إياس في المال))
وبلغني أن إياسا كان على سوق واسط وكلمه أبان بن الوليد في درهم يحطه عن رجل من كراء حانوته فقال: أنظر إليه فإن كان يمكنني أن أحط عنه حططت فنظر إلى الحانوت فرآه في باب البصرة؛ فقال: هذا في ديباجة الحرم ليس إلى الحط منه سبيل ثم كلم إياس في كلام أبان ابن الوليد في حط مائة ألف من خراج رجل؛ فقال: رددت رجلا في درهم فأكلمه في مائة ألف؟ ثم اعتزم فكلمه فقال له أبان: إني والله ما أعجب منك ولكني أعجب ممن تجرمك رددتني عن درهم؛ ويكلمني في مائة ألف؛ فقال له إياس: فلا تعجب من ذاك فإني كنت رادا عن الدرهم من هو فوقك وكنت مشفعا في المائة ألف ممن هو دونى ثم جرى الكلام بينهما حتى قال له أبان: يا مفلس؛ قال: أنت أفلس مني قال: وكيف؟ وأنا استغل كذا؟ قال: نعم نفقتك أكثر من غلتك وغلتي أكثر من نفقتي.
((امرأة تسب زوجها أما إياس))
وقال محمد بن سلام عن سلمة بن محارب قال تقدم إلى إياس رجل من عنزة أعمش تخاصمه امرأة كالقلعة ومعهم نفر فيهم فتى شاب له منظر
357

ورواء فأقبلت المرأة تكلم الناس بلسان سليط؛ فقال لها إياس: أجملى في منازعة بعلك؛ فقالت: لو كان لذلك أهلا فعلت ولكنه هلباجة نئوم لكل معروف عدوم؛ فقال بعلها: أما إذا أبيت فوالله لا أكتمك خبرها وأنشده.
* نبت عينها عيني وراق فؤادها
* فتى من بني دحلان رخو المكاسر
*
* فتى لو أجاريه إلى المجد فته
* وقصر عن إدراك حر المآثر
*
* رأته جميلا ذا رواء فأذعنت
* إليه ورامتنى بإحدى القناطر
*
* ودون الذي رامت من الموت عارض
* على رأسها حم كثير الزماجر
* فرفع إياس رأسه فنظر في وجوه القوم؛ فقال للفتى: ما اسمك؟ قال روق بن عمرو؛ قال أجلاني أنت؟ قال: نعم؛ قال: ادن فدنا منه فأخذ أذنه وقال: والله لئن بلغني أنك دخلت بينهما لأطيلن حبسك؛ فقال البعل له: أما إذا أظهرت ما كنت أخفى فهي طالق ثلاثا؛ فقال له إياس إنك لكريم؛ فقال للمرأة انهضي فغير فقيدة ولا حميدة قبحك الله وما تاقت إليه نفسك.
((إياس بن معاوية وابن شبرمة))
وروى سليمان بن حرب عن عمر بن علي عن أبي العباس الهلالي قال: قدم إياس واسطا؛ فقال الناس: قدم البصري؛ فقال ابن شبرمة: انطلقوا إلى البصري؛ نسأله فجاء وسلم وجلس فقال: أتأذن أصلحك الله أن أسألك؟ فقال: أربيت بك حتى أستأذنني؟ فإن كانت مسألة لا تؤذى
358

الجليس ولا تشق المسؤول فسأله عن اثنين وسبعين مسأله كلها يختلفان فيها فيرده إياس إلى قوله إلا مسألتين فأنهما كانا على الاختلاف فيها.
((نصيحة لاياس))
وحدثت عن عبد الله بن سعيد عن ابن إدريس؛ قال: سمعت أبي يذكر؛ قال: عن أبي شبرمة؛ قال إياس بن معاوية: إياك وما يستبشع الناس الكلام وعليك ما يعرف من القضاء.
((إياس لا يجيز شهادة التجار وراكبي البحار والأشراف في العراق))
حدثني أحمد بن علي؛ قال: حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح قال: حدثنا ابن وهب عن عبد الله بن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن القرشي؛ قال: قلت لإياس بن معاوية؛ أخبرت أنك كنت لا تجيز شهادة الأشراف بالعراق ولا التجار ولا الذين يركبون البحر؛ فقال: أجل أما الذين يركبون البحر فإنهم يركبون إلى الهند حتى يغرر بدينهم ويمكنوا عدوهم منهم من أجل طمع الدنيا فعرفت أن هؤلاء إن أعطى أحدهم درهمين في شهادتهم لم يتحرج بعد تغريره بدينه وأما الذين يتجرون في قرى فارس فإن المجوس يطعمونهم الربا وهم يعلمون؛ فأبيت أجيز شهاتهم لأجل الربا؛ وأما الأشراف فإن الشريف بالعراق إذا نابت أحدا منهم نائبة أتى سيد قومه شهد له وشفع فقد كنت أرسلت عبد الأهلي بن عبد الله بن عامر ألا يأتيني بشهادة.
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: حدثنا حجاج بن منهال؛ قال: حدثنا حماد عن حميد؛ قال: لما أخذ الحجاج بن يوسف إياس بن معاوية فسجنه؛ قال: سل الحسن؛ هل لي أن أعطى من مالي شيئا؟ قال حميد:
359

فسألت الحسن فقال: ليس له من ماله إلا الثلث فأخبرته بذلك؛ فقال: رحم الله أبا سعيد ما فقه رجل قط إلا ساء ظنه بالناس.
((فتوى لاياس في ميراث))
حدثنا درسب بن زياد؛ قال: حدثنا زكريا بن ميسرة؛ قال: حدثنا العلاء صاحب البصري أن إياس بن معاوية جاءته امرأة بصرية فقالت: فلان مولاك مات وترك صرة؛ قال: ما أنت منه؟ قالت: خالته قال: خذيها فكليها وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض.
((مفتي البصرة جابر بن يزيد))
حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني؛ قال: حدثنا الحسن بن موسى الأشيب قال: حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إبراهيم بن حناذ قال: حدثنا مسلم؛ قال: حدثنا جرير بن حازم؛ قال: سمعت إياس بن معاوية يقول: لقد أدركت البصرة وما لهم مفت إلا جابر بن يزيد.
قال: حدثنا الدوري؛ قال: حدثنا أبو سلمة؛ قال: حدثنا شعيب صاحب الطيالسة؛ قال: سمعت معاوية بن قرة يقول: علمت إياسا سبع سنين ثم لم يزل يعلمني.
360

((ما بلغنا من فطنة إياس بن معاوية وإذكائه))
((أم إياس وأخواله))
أخبرنا حماد بن إسحاق الموصلي عن أبيه؛ أن أم إياس كانت جارية بنانية فقال: أتاني هذه القيافة من قبل أمي؛ كانت تخبرني أن إخوتها يزكنون ويتفرسون وفلقيتهم بمكة فزكنتهم وزكنوني.
((ذكائه إياس))
قال: ورأى إياس بن معاوية بعض شهوده؛ فقال: خلقت نصف لحيتك؟ قال: نعم؛ أصابني داء فخلقتها له؛ فقال: عرفت ذاك باختلاف الشعرتين؛ ورأى رجلا؛ فقال: هذا يبيع الرمان؛ فقيل: من أين علمت؟ قال: رأيت ظفر إبهامه أطول من سائره ورأسها أخضر فعلمت أنه يمتحن بها الرمان.
ورأى معلفا؛ فقال: معلف بعير أعور؛ قالوا: بم علمت؟ فقال: رأيت اعتماده في إحدى جنبيه.
((رأي إياس في الشبوط))
وقال إياس: الشبوط ليس له بيض وهو بين البنى والسيم بمنزلة البغل بين الفرس والحمار وليس له نسل.
361

ومر إياس تحت ساباط للمغيرة بن المخادش؛ فسمع صوت امرأة؛ فقال: هذه حامل بغلام؛ قالوا: كيف علمت؟ قال: سمعت صوتا مجلجلا صافيا وهذه علامة حمل الغلام.
وكان إياس يقول: شرقي كل بلد أكثر أهلا من غربيه ومن قرب من النهر كان أقل آنية ممن بعد من النهر.
((حيلة لاياس لمعرفة موضع مال ابن هبيرة))
وقال: طلب خالد بن عبد الله القمرى أموال ابن هبيرة وقيل له: إن له ودائع عند قوم فلم يجدوا له شيئا ولا أحدا يدلهم على ودائعه فأخذوا مولاة له فسألوها فلم يكن عندها علم ورأوا زنفيلجة في بيتها فأخذوها فوجدوا فيها شراكا فيه أثار كتاب فدعا إياس بقصب فجعل يدرج الشراك عليها حتى أدرجه على القصب فنبش الكتاب فإذا فيه ذكر أموال ابن هبيرة وودائعه عند أقوام سماهم فأخذوها.
((لون الشعر))
أخبرنا عبد الله بن عمرو عن محمد بن سلام؛ قال: قال إياس ابن معاوية: لون الشعر الذي هو لونه البياض وإنما السواد قبل إدراكه كالثمرة قبل إدراكها.
وقال عبد الله بن عمرو: حدثني حسين بن فراس عن صالح بن محمد؛ قال: دخل رجلان الحمام؛ أحدهما عليه مطرف خز والآخر عليه بث فخرج صاحب البت فلبس المطرف فتعلق به صاحبه فسارا إلى إياس فقال إياس لصاحب البت: ادنه فدنا فنظر إلى شعر رأسه فإذا هو قائم
362

ونظر إلى شعر الآخر فإذا هو ساكن؛ فقال لصاحب البت: ادفع المطرف إليه وخذ البت.
وقال الموصلي: مر إياس بقوم يسقون من بئر طوله ثمانون فأمرهم فقطعوا الرشا نصفين فصيروا النصف الذي في الدلو في أربعين من البئر إلى الماء وصيروا في النصف الأعلى بكرة وعلقوا فيه النصف الأسفل الذي فيه الدلو في البكرة فلما جذبوا النصف الأعلى صارت الدلو عندهم بالماء فصار الأسفل من أربعين ذراعا.
((من كان يدعو لأصدقائه وهو ساجد))
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا أبو غسان؛ قال: حدثنا أبو بكر النهشلي عن سويد بن صالح عن إياس بن معاوية؛ أن أبا الدرداء قال: إني لأدعو وأنا ساجد لسبعين من أصحابي بأسمائهم وأسماء أبائهم.
قال: وقال ابن الزبير: إني لأدعو وأنا ساجد للزبير بن العوام وأسماء بنت أبي بكر.
أخبرني الحارث بن أسامة قال: حدثنا خالد بن القاسم المدائني؛ قال: حدثنا ابن وهب؛ قال: حدثنا أسامة بن زيد عن إياس بن معاوية عن سعيد بن جبير؛ قال: حدثني من رأى ابن عبد الرحمن بن عوف أبيض الرأس واللحية حسن الشيب.
((نصيحة إياس لابن شبرمة))
أخبرني عبد الله بن محمد بن حسن؛ قال: حدثني أبو سعيد الكندي؛ قال: حدثنا أبو إدريس؛ قال: سمعت أبي يذكر عن ابن شبرمة؛ قال: قال لي إياس بن معاوية: إياك وما يتتبع الناس من الكلام وعليك بما تعرفه من القضاء.
363

((نادرة من ذكائة إياس))
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان؛ قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ؛ قال: حدثنا الحارث بن مرة الحنفي؛ قال: كان خالد بن عبد الله يستثقل إياس ابن معاوية ويمقت إذكانه فلما بنى قصره الذي أسفل واسط على دجلة؛ خرج إليه ومعه الناس وقد فرغ منه وفرش صحنه بالآجر فرأى في الفرش آجرة ناتئة عن الفرش وعليها شبه الدسم؛ فقال: لو كان إياس حاضرا لقال في هذه الآجرة؛ قالوا: فإنه حاضر؛ قال: فعلى به؛ فجاء؛ فقال له: ما بال هذه الآجرة هكذا؟ قال: ينبغي أن يكون تحتها حية؛ قال: وكيف؟ قال: لأنه لم يكن يعمل لك مثل هذه وهذا حادث فيها وليس في الهوام ما يكون تحتها فيرفعها أقوى من الحية وهذا الدسم نفخها فدعا خالد بفأس وأعجلهم به ورجا أن لا يكون كما قال وفقلعها؛ فإذا تحتها حية مطوقة.
أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان عن سليمان عن الحارث بن مرة الحنفي؛ قال: تقدم إلى إياس بن معاوية رجلان وهو على القضاء وكان معهما غلام؛ فقال له: إني أتأمل هذا الغلام منذ قعدتما؛ فأقول أحيانا: إنه من أهل الأهواز وأحيانا أقول: من أهل إصطخر؛ فقال: إنه ولد بهذه ونشأ بهذه.
((قصة لإياس في مبيع لم يره المشتري))
قال الحارث بن مرة الحنفي؛ قال إياس بن معاوية: مررت بالكلأ؛ فرأيت رجلين يتنازعان؛ فقال أحدهما لصاحبه: أترضى بصاحب الحمار؟ فقال أحدهم: اشتريت من هذا زوا من جذوع فلما انتقيت منها الذي
364

رأيت تغيرت الجذوع علي؛ فقلت لصاحبه: وهو كما قال؟ قال: نعم؛ قلت: فهو فيما لم ير بالخيار؛ فقال لي بالفارسية: اذهب إلى عملك ثم وليت القضاء بعد أيام فكان هو وصاحبه أول من تقدم إلى فجعل صاحبه يقص قصته وجعل صاحبه يتأملني؛ فقال لصاحبه: أما إذا كان هذا فقد عرفت قضاءه قم بنا؛ قال إياس: فهو لم يرض بالقضاء إلا وهو عاقل.
((ذكائة إياس مع مدع))
أخبرنا حماد بن إسحاق عن أبيه؛ قال: أتاه دهقان ينازع فتكلم؛ فقال إياس: اسكت أخبرك ما تريد أن تقول؛ فسكت؛ فقال إياس: تريد أن تقول: كذا وكذا؛ فقال الدهقان: لا تتكلم وبدا الدهقان؛ فتكلم؛ فقال إياس: أخبرك ما تريد أن تقول؛ تريد أن تقول: كذا وكذا فلما كانت الثالثة قال له الدهقان بالفارسية: أخبرني عنك أقاض أنت أم عراف؟
((بعض خواص الديكة))
قال: مر إياس بيدك ينقر الحب ولا يقرقر فقال ينبغي أن يكون هذا هرما؛ فإن الهرم إذا ألقى له الحب لم يقرقر ليجتمع إليه الدجاج والشاب إذا ألقى إليه الحب قرقر واجتمعت إليه الدجاج.
((نادرة في الذكائة))
قال: ونظر إياس يوما إلى رجل متأبط شيئا فقال: معه سكر وقد ولد له غلام فاتبعه رجل فسأله فوجده كما قال؛ قيل له: ومن أين علمت؟ قال: رأيت الذباب قد أطاف به فقلت معه سكر ورأيته نشيطا مرحا فقلت ولد له غلام.
قال: ورأى جارية في المسجد على يديها طبق مغطى بمنديل فقال: في طبقها جراد فكان كما قيل: فسئل فقال: رأيته خفيفا على يديها.
ونظر إلى جنازة رجل؛ فقال: صاحبكم حي فوضعوا الجنازة فعض
365

الرجل فإذا هو حي فردوه فسئل عن ذلك فقال: رأيت أصابع قدميه منتصبة والميت لا تنتصب أصابع قدميه.
وقال إياس يوما في زقاق محارب لغلامه أطلب لنا ماء من دار محارب فجاءه بماء في كوز فتوضأ وقال: هذا الماء قاطر فسألهم؛ فقالوا له: نعم كان تحت الحب؛ قالوا: كيف علمت؟ قال بصفائه.
قال: واستقبل إياس رجلا بواسط؛ فقال: خذوه فإنه لص سرق الساعة يأتيكم من يطلبه فأخذ فلم يجاوز حتى جاء قوم يطلبونه فأخذوه فسئل عن ذاك فقال: رأيته ينظر مدلها.
أخبرني محمد بن سعد الكراني؛ قال: حدثنا سهل بن محمد؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: نظر إياس بن معاوية إلى رجل في المسجد الجامع؛ فقال: ينبغي أن يكون خياطا وهو يخيط القلانس فكان كما قال فقيل له: كيف عرفت؟ قال رأيته يحرك رأسه كما يفعل الخياط ورأيته ينظر إلى رؤوس الرجال.
أخبرني الكراني؛ قال: حدثنا أبو حاتم والرياشى؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: قال إياس بن معاوية: النخل إنما يطول في كل أرض بطنها عذب فأما الأرض الملح؛ فإذا وصل العرق إلى الملح كف.
أخبرني عبد الرحمن بن محمد الحارثي؛ قال: حدثنا الأصمعي؛ قال: تقدم إلى إياس بن معاوية نفر ليشهدوا؛ فقال لبعضهم: تقدم يا سماك؛ فقال: لست بسماك أصلحك الله؛ قال: فما أنت؟ قال أنا أباب أبيع الماء في السماكين.
366

حدثني إبراهيم بن أبي عثمان عن بعض الكوفيين؛ قال: شكا رجل إلى قوم؛ فقال: إني كنت ببلد بعيد فتركت به حملا فولد لي غلام وصار رجلا وبلغني أنه قد قدم وليس يعرفني ولا أعرفه فلست أدرى كيف أطلبه فقالوا له: إن كان لك عند أحد فرج فعند إياس بن معاوية فأتاه فأخبره قصته؛ فقال له: الزمنا ههنا فلزمه أياما فقعد في حلقته في المسجد الجامع بالبصرة فلما كان ذات يوم التفت إياس فقال: الرجل ههنا؟ قيل: نعم؛ قال: قم إلى هذا الذي دخل من باب المسجد فإنه ابنك فقام فالتقيا في بعض المسجد فتواقفا يتساءلان ثم اعتنقا وأقبلا إلى الحلقة فجلسا؛ فقال إياس: هو ابنك؟ فقال: نعم؛ فقال القوم: يا أبا واثلة: إنا لنتأمله فلا نرى فيه شبهه؛ قال: أجل ما أبعد شبهه قالوا: فكيف علمت أنه ابنه؟ قال هو أشبه الناس به طلعة حين طلع ظننته هو حتى رأيته في الحلقة فعلمت أنه شبهه بطلعته.
أخبرني عبد الله بن الحسن عن النميري عن خلاد بن يزيد وغيره أن إياس بن معاوية أتى المدينة فصلى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثم لبث في مقعده فنظر إليه أهل الحلقة فزكنوه حتى صاروا فرقتين فرقة تزعم أنه مسلم وفرقة تزعم أنه قاض فوجهوا إليه رجلا فجلس إليه يحادثه شيئا ثم أخبره خبر القوم وما صاروا إليه من الظن به؛ فقال قد أصاب الذين ذكروا أنني قاض ورويدا أخبرك عن القوم أما الذي من صفته كذا فهو كذا وأما الذي يليه فهو كذا قلم يخطئ في واحد
367

منهم إلا شيخ فإن قال: وأما ذلك الشيخ فإنه نجار قالوا: فقال له الرجل: في كلهم والله أصبت إلا في هذا الشيخ فإنه شيخ من قريش فقال إياس: وإن كان من قريش فإنه نجار فقام الرجل إلى أصحابه فقال: جئتكم والله من عند أعجب الناس لا والله إن منكم واحد إلا أخبرني عن صناعته فأصاب إلا فيك يا أبا فلان فإنه زعم أنك نجار فأخبرته أنك من قريش فقال: وإن كان من قريش فإنه نجار؛ قال: صدق والله أني أعمل عند ارجوازى؛ قال النميري: فحدثت به عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله ابن أبي سلمة الماجشون؛ فقال: أخلق بهذا الحديث أن يكون كان بمكة لأنهم أهل قيافة فأما أهل المدينة فلا أعلم ولكن يوسف بن الماجشون خالي حدثني: أن إياسا قدم المدينة فعمل عبد الرحمن بن القاسم بن محمد طعاما ونزههم بالعقيق ودعا إياسا وكان للماجشون لونان يعملان في منزله فيجاد صنعتهما فعملا ووجه بهما إلى العقيق فقدما أصناف طعام عبد الرحمن والماجشون لا يعلم ولا عبد الرحمن بن القاسم؛ فقال إياس: ينغي لهذين اللونين ألا يكونا عملا ههنا وينبغي أن يكونا عملا في منزل الماجشون فقال عبد الرحمن: لا علم لي وقال الماجشون: لا علم لي قال يوسف فسألني أبي فقلت: صدق؛ في منزلنا عملا فقيل لإياس: ومن أين علمت؟ قال: جيء بهما على غير مقادير سائر الطعام في حره وبرده ورأيت الماجشون نظر إلى وجه ابنه حين وضع اللونان.
((قيافة إياس))
قال: وحدثني خلاد بن يزيد؛ قال: كان لإياس صديق قد وطئ أمة له
368

فخرج في بعض حوائجه فولدت غلاما فشك فيه الرجل فلم يدعه ولم ينكره وكان على باب الرجل كتاب وكان الغلام يختلف إلى ذلك الكتاب فجاء إياس يريد صديقه ذلك فتصفح وجوه الغلمان ثم أقبل على ذلك الغلام فقال له: يا ابن فلان قم إلى أبيك فأعلمه أني بالباب؛ فقال معلم الكتاب لإياس: ومن أين علمت يا أبا واثلة أنه ابنه؟ فقال: شبهه فيه؛ فقام المعلم إلى الرجل فأخبره خبر إياس والرجل فخرج الرجل بنفسه فرحا بما أخبره المعلم؛ فقال: يا أبا واثلة أحق ما قال لي المعلم؟ قال: نعم شبهه فيك وشبهك فيه أبين من ذلك فادعى الرجل الغلام ونسبه إلى نفسه.
((نادرة في ذكاء إياس))
وذكر الواسطيون أن سفيان بن حسين قال: كان إياس جالسا فنظر إلى رجل دخل المسجد؛ فقال: هذا الرجل من أهل البصرة من ثقيف قد أرسل حماما له فذهب ولم يرجع إليه فقام رجل فسأل ذلك الرجل؛ فأخبر عن نفسه بما قال إياس فسئل إياس فقال: أما معرفة البصري فلا أحمد عليه وأما قولي ثقفى فإن لثقيف هيئة لا تخفى وأما قولي فقد حماما له فإني رأيته يتصفح الحمام لا يرى ناهضا ولا طائرا ولا ساقطا إلا نظر إليه فقلت: قد فقد حماما لنفسه.
وقال محمد بن جميل عن جرير عن صالح بن مسلم عن إياس بن معاوية؛ قال: لو جلست على باب واسط لم يمر بي أحد إلا أخبرتكم بعمله وصناعته.
((أخرى))
وقال المدائني: عن عبد الله بن مصعب أن معاوية بن قرة شهد عند ابنه إياس بن معاوية مع رجال عدهم على رجل بأربعة ألف درهم فقال
369

المشهود عليه: يا أبا واثلة تثبت في أمري فوالله ما أشهدتهم إلا بألفين فسأل إياس أباه والشهود؛ أكان في الصحيفة التي شهدوا فيها فضل؟ قالوا: نعم كان الكتاب في أولها والطينة في وسطها وباقي الصحيفة أبيض قال: أفكان هذا المشهود له يلقاكم أحيانا فيذكركم شهادتكم بأربعة ألف؟ قالوا: نعم كان لا يزال يلقانا فيقول: اذكروا شهادتكم على فلان بأربعة ألف درهم فصرفهم ثم دعا المشهود له فقال: يا عدو الله تغفلت أقواما صالحين مغفلين فأشهدتهم على صحيفة جعلت طينتها في وسطها وتركت فيها بياضا في أسفلها فلما ختموا الطينة قطعت الكتاب الذي جعل فيه ألفان وكتبت في البياض أربعة آلاف فأقر بذلك. وسأله الستر عليه فحكم له بألفين وستر عليه.
وقال إسحاق بن سويد العدوي لإياس: أخبرني عن رجلين؛ قال إياس: اسكت فأني أعلم ما تريد أن تسألني عنه قال: قل؛ قال: تريد أن تقول أخبرني عن رجلين بالمصر مسلمين صالحين خيرين فاضلين لا يتزاوران ولا يتلاطفان ولا يلتقيان الحسن وابن سيرين؛ قال ما أردت غيرهما.
((رأي إياس في الدنيا))
وتذاكروا عند إياس الدنيا؛ فقال: ما تعجبون من الدنيا وإنما هي خمس نبات وخمس حيوان ثم يعود إلى ثلاث فالحيوان ذو رجلين وذو أربع وخرشة وسمكة والنبات شجرة ذات ساق وغير ذات ساق وبقلة وزرع وحشيشة وتعود إلى ثلاثة ولاد وبيضة ونبات.
370

((فراسة لاياس))
وقال المدائني: نظر إياس إلى ثلاث نسوة فزعن من شيء؛ فقال: هذه حامل وهذه مرضع وهذه بكر فقام إليهن رجل فسألهن فوجدهن كما قال؛ فقال: من أين علمت؟ فقال: لما فزعن وضعت كل واحدة منهن يدها على أهل المواضع بها المرضع على ثديها والحامل على بطنها والبكر أسفل من ذلك.
((وصية لاياس))
حدثنا عباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي؛ قال: حدثنا ابن المبارك عن سفيان بن حسين؛ قال: قال لي إياس بن معاوية: أراك تطلب الأحاديث والتفسير فإياك والشفاعة فإن لها ذلا.
((أعلم أهل مكة))
حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ قال: حدثنا أبو معمر؛ قال: حدثنا سفيان؛ قال: قيل لإياس بن معاوية: من أعلم أهل مكة؟ قال: أسوأهم خلقا عمرو بن دينار.
((حيلة لاياس في استخلاص مال وديعة))
قال الموصلي: استودع رجل رجلا ميراثا اتأمن مالا فجحده فأتى إياسا فأخبره فقال له إياس: أعلم أنك تأتيني؟ قال: لا؛ قال: أفنازعه أحد؟ قال: لا لم يعلم أحد بهذا؛ قال: فانصرف ثم اغد إلي بعد يوم أو يومين ودعا إياس أمينه فقال: قد اجتمع عندي مال كثير أريد أن أودعكه أفحصين منزلك؟ قال نعم؛ قال: عد إلى يوم كذا وأعد موضعا للمال أو قوما يحملونه ففعل فعاد الرجل إلى إياس فقال له: انطلق إلى صاحبك فاطلب مالك وإن جحدك فقل له: إني أخبر القاضي فأتاه فدفع إليه ماله فرجع إلى إياس فقال
371

قد أعطاني المال وجاء الأمين إلى إياس لموعده فزجره وأشهره وقال: لا تقربني يا خائن.
((صفة إياس))
قال حماد: ودخل إياس على عدي بن أرطأة: قال له عدي: إنك لسريع المشية؛ قال: ذلك أبعد من الكبر وأقضى للحاجة.
حدثني محمد بن إبراهيم الرقاشي؛ قال: حدثنا أبو كريب؛ قال: حدثنا ابن إدريس؛ قال أخبرنا عبد الرحمن بن إسحاق القرشي أبو شيبة؛ قال كانت لاياس بن معاوية جارية تقوم على طعامه وتذبح له.
((صفة إياس))
أخبرني محمد بن إسحاق الصغاني قال: أخبرنا عبد الله القواريري؛ قال: حدثنا هشيم؛ قال: رأيت إياس بن معاوية وكان أبيض الرأس واللحية لا يخضب.
حدثنا العباس بن محمد الدوري؛ قال: حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني قال: حدثنا المعتمد بن سليمان؛ قال: حدثني أبي؛ قال: كان إياس بن معاوية يرى البورق والبورق أن يحتاج الرجل إلى مائة درهم فيجئ إلى السوق فيشترى متاعا بعشرين ومائة فيبيعه بمائة درهم فينصرف إلى أهله وليس معه إلا المائة؛ قال: إني أول ما فرقت من العينة إني سمعت أعرابيا يقول: انظركم تجدها ربا على هذا الشهر؟ قلت لأبي: وقد قال الفرزدق فيه؛ قال: وما قال؟ قلت: قال:
* فكيف بعامل يسعى علينا
* يكلفنا الدراهم في البدور
*
* إذا عرض الفرائض لم يردها
* وصد عن الشويهة والبعير
*
372

* وقد وضع السياط لنا نهارا
* أخذنا بالربا سوق الجزير
*
* فأولجنا جهنم ما أخذنا
* من الأرباء من دون الظهور
* قال: يا بني وهذا ما يكرهه إلى.
((ما أثر عن إياس وهو صبي))
أخبرني محمد بن سعيد الكرانى؛ قال: حدثني يحيى بن عبد العزيز الأموي؛ قال: حدثني العتبى؛ قال: حدثني أبان بن نميلة عن خالد الحذاء؛ قال: قال إياس بن معاوية: إن أول شيء حكى عني أني كنت في مكتب رجل من أهل الذمة فاجتمع إليه أصحابه فقال: ألا تعجبون من أهل الإسلام أنهم يأكلون في الجنة ولا يتغوطون فقلت يا معلم: أليس الدنيا ضرة الآخرة؟ قال: بلى؛ قال كل ما يؤكل في الدنيا يخرج غائطا؛ قال: لا؛ قلت: فأين يذهب قال: يذهب بعضه غذاء قلت فما تنكر إذا كان بعضه يذهب في الدنيا غذاء أن يكون كله في الجنة يذهب غذاء؛ قال: فألوى بيده وقال: قاتلك الله من صبي.
أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ قال: حدثني عثمان بن شيبة؛ قال: حدثنا أبو أسامة؛ قال: حدثني سفيان الثوري عن أبي النضر؛ قال: قيل لإياس بن معاوية: ما دينك؟ قال: ديني دين امرأتي وبنتي.
((رؤيا لاياس))
أخبرنا حماد عن أبيه؛ قال: رأي إياس في المنام أنه لا يدرك الشجر فخرج إلى ضيعته بعبدسى فمات سنة اثنين وعشرين ومائة ومات معاوية بن قرة بن إياس وهو ابن ست وسبعين سنة وقال في العام
373

الذي مات فيه: رأيت كانى وأبي على فرسين فجريا جميعا ولم أسبقه ولم يسبقني فعاشا ستا وسبعين سنة وأنا فيها فزوج إياس ابنه؛ فقال: أتدرون أية ليلة هذه؟ هذه ليلة استكملت فيها عمر أبي ونام فأصبح ميتا.
((نسب إياس))
وهو إياس بن معاوية بن قرة بن إياس بن هلال بن رباب بن عبيد ابن دريد بن أويس بن سوأة بن عمرو بن سارية بن ثعلبة بن ذبيان بن سليم بن أوس بن عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر ومزينة بنت كلب بن وبرة بن عثمان وأوس ابني عمرو.
وأخبرني عبد الله بن أبي مسلم عن عمر بن عبيدة عن الأصمعي قال: أتى إياسا رجل؛ فقال: يا يمامى؛ قال: لست بيمامى؛ قال: يا أضاخى؛ قال: لست بأضاخى؛ فقال يا ضروى؛ فجاء فسأله عن نفسه؛ فقال: ولدت باليمامة ونشأت باضاخ ثم تحولت إلى ضرية؛ قال ابن الكلبي في كتاب مزينة: إياس بن معاوية بن قرة بن إياس بن هلال بن ريان بن عبيد بن سوأة بن سارية بن ذبيان بن ثعلبة بن سليم بن أوس بن مزينة
374