الكتاب: بلاغات النساء
المؤلف: ابن طيفور
الجزء:
الوفاة: ٣٨٠
المجموعة: مصادر التاريخ
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: مكتبة بصيرتي . قم المقدسة
ردمك:
ملاحظات:

كتاب بلاغات النساء
تأليف
أبي الفضل بن أبي طاهر
المعروف بابن طيفور
المتوفى سنة 380 ه‍
منشورات
مكتبة بصيرتي
قم - شارع ارم
1

بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر: هذا كتاب بلاغات النساء وجواباتهن
وطرائف كلامهن وملح نوادرهن واخبار ذوات الرأي منهن على حسب
ما بلغته الطاقة واقتضته الرواية واقتصرت عليه النهاية مع ما جمعنا من
أشعارهن في كل فن مما وجدناه يجاوز كثيرا من بلاغات الرجال المحسنين
والشعراء المختارين وبالله ثقتنا وعليه توكلنا
(كلام عائشة أم المؤمنين رحمها الله)
حدثني عبد الله بن عمرو قال حدثني محمد بن أبي على البصري قال
حدثنا محمد عبيد الله السدوسي قال حدثنا أبو المنهال سويد على بن
سويد بن منجوف عن هشام بن عروة عن أبيه قال بلغ عائشة ان
ناسا نالوا من أبي بكر فبعثت إلى جماعة منهم فعذلت وقرعت ثم قالت
أبي ما أبيه لا تعطوه الأيدي ذاك والله حصن منيف وظل مديد انجح
إذ أكديتم وسبق إذ ونيتم سبق الجواد إذا استولى على الأمد فتى قريش
ناشئا وكهفها كهلا يريش مملقها ويفك عانيها ويرأب صدعها ويلم شعثها
حتى حلته قلوبها واستشرى في دينه فما برحت شكيمته في ذات الله عز وجل
حتى اتخذ بفنائه مسجدا يحيى فيه ما أمات المبطلون وكان غزير الدمعة
وقيذ الجوانح شجى النشيج فانصفقت عليه نسوان أهل مكة وولدانها
يسخرون منه ويستهزؤون به والله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون
وأكبرت ذلك رجالات قريش فحنت قسيها وفوقت إليه سهامها
فامتثلوه غرضا فما فلوا له صفاة ولا قصفوا له قناة ومر على سيسائه حتى
إذا ضرب الدين بجرانه وأرست أوتاده ودخل الناس فيه أفواجا من
3

كل فرقة أرسالا وأشتاتا اختار الله لنبيه صلى الله عليه وآله ما عنده فلما
قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضرب الشيطان برواقه وشد طنبه
ونصب حبائله واجلب بخيله ورجله والقى بركبه واضطرب حبل الدين
والاسلام ومرج عهده وماج أهله وعاد مبرمه انكاسا
وبغى الغوائل وظن رجال ان قد اكثبت أطماعهم نهزتها ولات حين الذي
يرجون وانى والصديق بين أظهرهم فقام حاسرا مشمرا قد رفع حاشيتيه
وجمع قطريه فرد نشر الدين على غره ولم شعثه بطيه وأقام أوده بثقافه
فابذ قر النفاق بوطأته وانتاش الدين فنعشه فلما أراح الحق على أهله وافر
الرؤوس على كواهلها وحقن الدماء في اهبها وحضرته منيته نضر الله وجهه
فسد ثلمته بشقيقه في المرحمة ونظيره في السيرة والمعدلة ذاك ابن الخطاب
لله در أم حفلت له ودرت عليه لقد أوحدت ففنخ الكفرة وديخها وشرد
الشرك شذر مذر وبعج الأرض وبخعها ففاءت اكلها ولفظت خبيئها ترأمه
ويصد عنها وتصدى له ويأباها ثم وزع فيئها فيها وتركها كما صحبها فأروني
ماذا ترتأون وأي يومي أبي تنقمون أيوم اقامته إذ عدل فيكم أو يوم ظعنه
إذ نظر لكم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم - وحدثني أبو محمد
قال حدثنا حبان بن موسى الكشمهاني قال أخبرنا عبد الله يعني ابن المبارك
قال أخبرنا معمر عن الزهري عن القاسم قال معاوية ما رأيت أحدا بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبلغ من عائشة - قال وحدثني إسماعيل بن إسحاق
الأنصاري قال حدثني على بن أعين عن أبيه قال بلغنا ان عائشة لما قبض
أبو بكر ودفن قامت على قبره فقالت نضر الله يا أبت وجهك وشكر لك صالح
سعيك فلقد كنت للدنيا مذلا بادبارك عنها وللآخرة معزا باقبالك عليها
4

ولئن كان أعظم المصائب بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رزؤك وأكبر
الاحداث بعده فقدك فإن كتاب الله عز وجل ليعدنا بالصبر عنك حسن
العوض منك وانا متنجزة من الله موعده فيك بالصبر عليك ومستعينته بكثرة
الاستغفار لك فسلام الله عليك توديع غير قالية لحياتك ولا زارية على القضاء
فيك وحدثنا هارون مسلم بن سعدان قال حدثنا العتبي عن أبيه عن أبيه قال
ذكرت عائشة أباها فاستغفرت ثم قالت إن أبي كان غمرا شاهده غمرا
غيبه غمرا صمته إلا عن مفروض ذلله عند الحق إذا نزل به يتمخج الامر
هويناه ويريع إلى قصيراه ان استغزز اسجح وان تعزز عليه طامن طيار
بفناء المعضلة بطئ عن مماراة الجليس منشئ لمحاسن قومه موقور السمع
عن الاذاة يا طول حزني وشجاي لم الع على مثكول بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
لوعي على أبي طامن المصائب رزؤه وكنت بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
لا زرء أحفله وعاء الوحي وكافل رضاء الرب وأمين رب
العالمين وشفيع من قال لا اله إلا الله ثم أنشأت تقول
ان ماء الجفون ينزحه الهم * وتبقى الهموم والأحزان
ليس يا سواجوي المرازئ ماء * سفحته الشؤون والأجفان
قال وحدثني أبو السكين زكريا بن يحيى قال حدثني عم أبي زحر
بن حصن عن جده حميد بن حارثة بن منهب بن خيبري بن جدعا قال
حججت في السنة التي قتل فيها عثمان فصادفت طلحة والزبير وعائشة
بمكة فلما ساروا إلى البصرة سرت معهم فلما وقفت عائشة بالبصرة قالت:
ان لي عليكم حرمة الأمومة وحق الموعظة لا يتهمني الا من عصى ربه
(قال أبو السكين أرادت يعظكم الله ان تعودوا لمثله ابدا) قبض رسول
5

الله صلى الله عليه وآله وسلم بين سحري ونحرى وانا إحدى نسائه في الجنة له
ادخرني ربي وحصنني من كل بضع وبي ميز مؤمنكم من منافقكم وبي
ارخص الله لكم في صعيد الأبواء (وفي نسخة) (ثم أبي ثاني اثنين الله
ثالثهما) وأبي رابع أربعة من المسلمين وأول من سمي صديقا قبض رسول
الله وهو عنه راض وقد طوقه وهف الإمامة ثم اضطرب حبل الدين فاخذ
أبي بطرفيه ورتق لكم أثناءه فوقد النفاق وأغاض نبع الردة وأطفأ ما تحش
يهود وأنتم يومئذ جحظ العيون تنظرون العدوة وتستمعون الصيحة فرأب
الثأي واوزم العطلة وامتاح المهواة واجتحى دفين الداء ثم انتظمت
طاعتكم بحبله فولى امركم رجلا شديدا في ذات الله عز وجل مذعنا إذا
ركن إليه بعيد ما بين اللابتين عركة للاذاة بجنبه فقبضه الله واطأ على هامة
النفاق مذكيا نار الحرب للمشركين يقظان الليل في نصرة الاسلام صفوحا
عن الجاهلين خشاش المراة والمخبرة فسلك مسلك السابقية تبرأت إلى الله
من خطب جمع شمل الفتنة ومزق ما جمع القرآن أنا نصب المسألة عن مسيري
هذا الأواني لم أجرد اثما أدرعه ولم أدلس فتنة أوطئكموها أقول قولي
هذا صادقا وعدلا واعتذارا وتعذيرا واسأل الله ان يصلي على محمد وآله
عبده ورسوله وان يخلفه في أمته بأفضل خلافة المرسلين واني أقبلت لدم
الامام المظلوم المركوبة منه الفقر الأربع حرمة الاسلام وحرمة الخلافة
وحرمة الصحبة وحرمة الشهر الحرام فمن ردنا
عن ذلك بحق قبلناه ومن
خالفنا قتلناه وربما ظهر الظالم على المظلوم والعاقبة للمتقين قال وحدثنا
عاصم علي بن عاصم عن الماجشون قال قالت عائشة قبض رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بابي لهاضها اشرأب
6

النفاق بالمدينة وارتدت العرب فوالله ما اختلف المسلمون في لفظة إلا طار
أبي بحظها وغنائها في الاسلام ومن رأى ابن الخطاب علم أنه خلق غناء
للاسلام كان والله أحوذيا نسيج وحده أعد للأمور أقرانها وقال
هارون بن مسلم بن سعدان عن القتيبي عن أبيه قال أتت أم سلمة رحمة الله
عليها عثمان بن عفان لما طعن الناس عليه فقالت يا بني ما لي أرى رعيتك
عنك مزورين وعن ناحيتك نافرين لا تعف سبيلا كان رسول صلى الله عليه وآله وسلم
لحبها ولا تقدح زندا كان أكباها توخ حيث توخى صاحباك فإنهما
ثكما الامر ثكما ولم يظلماه لست بغفل فتعتذر ولا بحلو فتعتزل ولا تقول
ولا يقال إلا لمظن ولا يختلف الا في ظنين فهذه وصيتي إياك وحق بنوتك
قضيتها إليك لله عليك حق الطاعة وللرعية حق الميثاق فقال لها
عثمان رحمه الله يا امنا قد قلت فوعيت وأوصيت فاستوصيت ان هؤلاء النفر رعاع
غثرة تطأطأت لهم تطاطؤ الماتح الدلاة وتلددتهم تلدد المضطر فأرانيهم الحق
إخوانا وأراهموني الباطل شيطانا أجررت المرسون منهم رسنه وأبلغت
الراتع مسقاته فانفرقوا علي فرقا ثلاثا فصامت صمته انفذ من صول غيره
وساع أطاعني شاهده ومنعني غائبه ومرخص له في مدة رينت له على قلبه
فانا منهم بين السنة حداد وقلوب شداد وسيوف حداد عزيري الله منهم
الا ينهى منهم حليم سفيها ولا عالم جاهلا والله حسبي وحسبهم يوم لا ينطقون
ويؤذن لهم فيعتذرون وقال هارون عن العتبي عن أبيه قال قالت أم سلمة
(في نسخة كتبت إليها أم سلمة) رحمة الله عليها لعائشة لما همت
بالخروج إلى الجمل يا عائشة انك سدة بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وبين أمته حجابك مضروب على حرمته وقد جمع القرآن ذيلك فلا
7

تندحيه وسكن الله من عقيراك فلا تصحريها من وراء هذه الأمة
قد علم رسول الله مكانك لو أراد ان يعهد فيك عهد بل قد نهاك عن
الفرطة في البلاد ما كنت قائلة لو أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عارضك
بأطراف الفلوات ناصة قعودا من منهل إلى منهل ان بعين الله
مثواك وعلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تعرضين ولو أمرت بدخول
الفردوس لا استحييت ان ألقى محمدا صلى الله عليه وآله وسلم هاتكة حجابا
جعله الله علي فاجعليه سترك وقاعة البيت قبرك حتى تلقيه وهو عنك راض
فقالت عائشة يا أم سلمة ما أقبلني لموعظتك وأعرفني بنصحك ليس
الامر كما تقولين ما انا بمعبرة بعد تعود ولنعم المطلع مطلعا أصلحت فيه
بين فئتين متناجزتين (وفي نسخة يروى بعد ذلك. فإن أقم ففي غير
جرح وان اخرج ففي اصلاح بين فئتين من المسلمين متناجزتين) والله
المستعان، زعم لي ابن أبي سعد انه صح عنده ان العتابي كلثوم بن عمر
صنع هذين الحديثين وقد كتبتهما على ما فيهما
الزبير بن بكار عن أبيه قال قيل لعائشة أم المؤمنين ان قوما يشتمون
محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فقالت قطع الله عنهم العمل فأحب ان لا يقطع
عنهم الاجر
وذكر الزبير عن مصعب بن عبد الله عن مصعب بن عثمان ان عائشة رأت
رجلا متماوتا فقالت ما هذا فقالوا زاهد قالت كان عمر بن الخطاب
زاهدا وكان إذا قال اسمع وإذا مشى أسرع وإذا ضرب في ذات الله أوجع
وقال الزبير عن أبيه ان عائشة لما احتضرت جزعت فقيل لها اتجزعين
يا أم المؤمنين وأنت زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأم المؤمنين وابنة (ويروى
8

وبنت) أبي بكر الصديق فقالت إن يوم الجمل معترض في حلقي ليتني مت
قبله أو كنت نسيا منسيا
أخبرنا أحمد بن الحارث عن المدائني عن مسلمة بن محارب عن داود
بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه قال بعثني وعمران بن
حصين عثمان بن حنيف إلى عائشة فقلنا يا أم المؤمنين أخبرينا عن مسيرك
هذا أعهد عهده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أم رأي رايته قالت بلى
رأي رايته حين قتل عثمان انا نقمنا عليه ضربة السوط وموقع المسحاة
المحماة وإمرة سعيد والوليد فعدوتم عليه فاستحللتم منه الحرم الثلاث حرمة
البلد وحرمة الخلافة وحرمة الشهر الحرام بعد أن مصناه كما يماص الاناء
فستبقيناه فركبتم منه هذه ظالمين وغضبنا لكم من سوط عثمان ولا نغضب
لعثمان من سيفكم قلت ما أنت وسيفنا وسوط عثمان وأنت حبيس رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم امرك ان تقري في بيتك فجئت تضربين الناس
بعضهم ببعض قالت وهل أحد يقاتلني أو يقول غير هذا قلت نعم قالت
ومن يفعل ذلك ازنيم بن عامر هل أنت مبلغ عني يا عمران قال لا لست
مبلغا عنك خيرا ولا شرا (أي أبو الأسود) لكني مبلغ عنك هات
ما شئت قالت اللهم اقتل مذمما قصاصا بعثمان وارم الأشتر بسهم من
سهامك لا يشوى وأدرك عمارا بخفرته في عثمان وروى أن عائشة كانت
تقول لله در التقوى ما تركت لذي غيظ شفاء وكانت تقول لا تطلبوا ما عند
الله من غير الله بما يسخط الله
حدثنا عبد الله بن عمرو قال حدثني أبو الصقر يحيى بن يزداز قال حدثني
أحمد بن زيد قال حدثني حماد بن خالد عن أفلح بن حميد عن القاسم بن
9

محمد عن عائشة انها دخلت على أبيها في مرضه مات فيه فقالت
يا أبت أعهد إلى حامتك وانفذ رأيك في سامتك وانقل من دار جهازك إلى دار
مقامك انك محضور متصل بقلبي لوعتك وارى تخاذل أطرافك وانتقاع لونك
والى الله تعزيتي عنك ولديه ثواب حزني عليك ارقأ فلا أرقى وابل فلا
أنقى قال فرفع رأسه إليها فقال يا أمة هذا يوم يجلى لي عن غطائي وأعاين
جزائي ان فرح فدائم وان ترح فمقيم اني أطعت بامامة هؤلاء القوم حين
كان النكوص إضاعة وكان الخطو تفريطا فشهيدي الله ما كان هبلي إياه
تبلغت بصحفتهم وتعللت بدرة لقحتهم وأقمت صلاي معهم في إدامتهم
لا مختالا أشرا ومكاثرا بطرا لم أعد سد الجوعة وورى العورة وقوامة
القوام حاضري الله من طوى ممعض تهفو منه الأحشاء وتجب له المعا
واضطررت إلى ذاك اضطرار البرض إلى المعتب الآحن فإذا انا مت
فردي إليهم صحفتهم ولقحتهم وعبدهم ورحاهم ووثارة ما فوقي اتقيت به
اذى البرد ووثارة ما تحتي اتقيت به نز الأرض كان حشوها قطع السعف
المشع قال ودخل عليه عمر بن الخطاب فقال يا خليفة رسول الله كلفت
القوم بعدك تعبا ووليتهم نصبا فهيهات من يشق غبارك فكيف باللحاق
بك وقال المدائني عن مسلمة بن محارب عن عبد الملك عمير قال قالت
عائشة يوم الحكمين رحمك الله يا أبتي فلئن أقاموا الدنيا لقد أقمت الدين
حين وهي شعبه وتفاقم صدعه ورجفت جوانبه انقبضت عما إليه أصغوا
وشمرت فيما عنه ونوا وأصغرت من دنياك ما أعظموا ورغبت بدينك عما
أغفلوا أطالوا عنان الامل واقتعدت مطي الحذر فلم تهتضم دينك ولم
تنس غدك ففاز عند المساهمة قدحك وخف مما استوزروا ظهرك (حدثنا)
10

عبد الله بن عمرو قال حدثني أحمد بن عثمان الوركاني قال حدثنا عبيد
الله بن محمد التيمي قال سمعت أبي يقول لما قتل عثمان أقبلت عائشة فقالت
اقتل أمير المؤمنين قالوا نعم قالت فرحمه الله وغفر له أما والله لقد كنتم
إلى تشييد (ويروى إلى تسديد) الحق وتأييده واعزاز الاسلام
وتأكيده أحوج منكم ما نهضتم إليه من طاعة من خالف عليه ولكن
كلما زادكم الله نعمة في دينكم ازددتم تثاقلا في نصرته طمعا في دنياكم أما
والله لهدم النعمة أيسر من بنائها وما الزيادة إليكم بالشكر أسرع من
زوال النعمة عنكم بالكفر وأيم الله لئن كان فنى اكله واخترمه اجله
لقد كان عند رسول كزراع البكرة الأزهر ولئن كانت الإبل اكلت
أوبارها انه لصهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولقد عهدت الناس
يرهبون في تشديد ثم قدح حب الدنيا في القلوب ونبذ العدل وراء الظهور
ولئن كان برك عليه الدهر بزوره وأناخ عليه بكلكله انها لنوائب تترى
تلعب باهلها وهي جادة وتجد بهم وهي لاعبة ولعمري لو أن أيديكم
- ويروى أيديهم - تقرع صفاته لوجدتموه عند تلظى الحرب متجردا
ولسيوف النصر متقلدا ولكنها فتنة قدحت فيها أيدي الظالمين أما والله
لقد حاط الاسلام وأكده وعضد الدين وأيده ولقد هدم الله به صياصي
الكفر وقطع به دابر المشركين ووقم به أركان الضلالة فلله المصيبة به
ما أفجعها والفجيعة به ما أوجعها صدع الله بمقتله صفاة الدين وثلمت مصيبته
ذروة الاسلام بعده وجعل لخير الأمة عهده قال وعلى (عليه السلام) جالس
في القوم فلما قضت كلامها قام وهو يقول ارسل الله على قتلته شهابا ثاقبا
وعذابا واصبا وروي ان عائشة كانت تقول مكارم الأخلاق عشر تكون
11

في العبد دون سيده وفي الخامل دون المذكور وفي المسود دون السيد صدق
الحديث وأداء الأمانة والصدق والصبر في البأس والتذمم للصاحب والتذمم
للجار والاعطاء في النائبة واطعام المسكين والرفق بالمملوك وبر الوالدين
(ويروى - مكارم الأخلاق عشرة صدق الحديث وصدق البأس
وأداء الأمانة وصلة الرحم والمكافئة بالصنيع وبذل المعروف والتذمم
للصاحب وقرى الضيف ورأسهن الحياء)
* (كلام فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم *
قال أبو الفضل ذكرت لأبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي
بن أبي طالب (ص) كلام فاطمة (عليها السلام) عند منع أبي
بكر إياها فدك وقلت له ان هؤلاء يزعمون أنه مصنوع وانه من كلام
أبي العيناء (الخبر منسوق البلاغة على الكلام) فقال لي رأيت مشايخ
آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه أبناءهم وقد حدثنيه أبي عن
جدي يبلغ به فاطمة على هذه الحكاية ورواه مشايخ الشيعة وتدارسوه
بينهم قبل ان يولد جد أبي العيناء وقد حدث به الحسن بن علوان عن
عطية العوفي انه سمع عبد الله بن الحسن يذكره عن أبيه ثم قال أبو
الحسين وكيف يذكر هذا من كلام فاطمة فينكرونه وهم يرون من كلام
عائشة عند موت أبيها ما هو أعجب من كلام فاطمة يتحققونه لولا عداوتهم
لنا أهل البيت ثم ذكر الحديث قال لما أجمع أبو بكر (ره) على منع فاطمة
بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدك وبلغ ذلك فاطمة (عليها السلام)
لاثت خمارها على رأسها وأقبلت في لمة من حفدتها تطأ ذيولها ما تخرم من
مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا حتى دخلت أبي بكر
12

وهو في حشد من المهاجرين والأنصار فنيطت دونها ملأة ثم أنت أنة
أجهش القوم لها بالبكاء وارتج المجلس فأمهلت حتى سكن نشيج القوم
وهدات فورتهم فافتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعاد القوم في بكائهم فلما أمسكوا عادت
في كلامها فقالت لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص
عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تعرفوه تجدوه أبي دون آبائكم وأخا ابن
عمي دون رجالكم فبلغ النذارة صادعا بالرسالة مائلا على مدرجة المشركين
ضاربا لثبجهم آخذا بكظمهم يهشم الأصنام وينكث الهام حتى هزم الجمع
وولوا الدبر وتغرى الليل عن صبحه واسفر الحق عن محضه ونطق زعيم
الدين وخرست شقاشق الشياطين وكنتم على شفا حفرة من النار مذقة
الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الاقدام تشربون الطرق
وتقتاتون الورق أذلة خاشعين تخافون ان يتخطفكم الناس من حولكم
فأنقذكم الله برسوله صلى الله عليه وآله وسلم بعد اللتيا والتي وبعد ما منى
بهم الرجال وذؤبان العرب (ومردة أهل الكتاب) كلما حشوا نارا
للحرب أطفاها ونجم قرن للضلال وفغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه
في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه ويخمد لهبها بحده مكدودا
في ذات الله قريبا من رسول الله سيدا في أولياء الله وأنتم في بلهنية
وادعون آمنون حتى إذا اختار الله لنبيه دار أنبيائه ظهرت خلة النفاق
وسمل جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين ونبغ خامل الآفلين وهدر فنيق
المبطلين فخطر في عرصاتكم واطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم
فوجدكم لدعائه مستجيبين وللغرة فيه ملاحظين فاستنهضكم فوجدكم
13

خفافا وأجمشكم فألفاكم غضابا فوسمتم غير إبلكم وأوردتموها غير شربكم
هذا والعهد قريب والكلم رحيب والجرح لما يندمل بدار (وفي نسخة إنما)
زعمتم خوف الفتنة الا في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين
فهيهات منكم وانى بكم وانى تؤفكون وهذا كتاب الله بين أظهركم
وزواجره بينة وشواهده لائحة وأوامره واضحة ا رغبة عنه تدبرون أم
بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلا ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل
منه وهو في الآخرة من الخاسرين ثم لم تريثوا إلا ريث ان تسكن نغرتها
تشربون حسوا وتسرون في ارتغاء ونصبر منكم على مثل حز المدى
وأنتم الان تزعمون أن لا ارث لنا أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن
من الله حكما لقوم يوقنون ويها معشر المهاجرين أأبتز ارث أبي أفي الكتاب
ان ترث أباك ولا ارث أبي لقد جئت شيئا فريا فدونكها مخطومة مرحولة
تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند
الساعة يخسر المبطلون ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون ثم انحرفت إلى
قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي تقول
قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
انا فقدناك فقد الأرض وإبلها * واختل قومك فأشهدهم ولا تغب
قال فما رأينا يوما كان أكثر باكيا ولا باكية من ذلك اليوم (حدثني)
جعفر بن محمد رجل من أهل ديار مصر لقيته بالرافقة قال حدثني أبي قال
أخبرنا موسى بن عيسى قال أخبرنا عبد الله بن يونس قال أخبرنا جعفر
الأحمر عن زيد بن علي رحمة الله عليه عن عمته زينب بنت الحسين
عليهما السلام قالت لما بلغ فاطمة (عليها السلام) اجماع أبي بكر على منعها
14

فدك لاثت خمارها وخرجت في حشدة نسائها ولمة من قومها تجر أذراعها
ما تخرم من مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا حتى وقفت على أبي
بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار فأنت أنة أجهش لها القوم
بالبكاء فلما سكنت فورتهم قالت ابدأ بحمد الله ثم أسبلت بينها وبينهم
سجفا ثم قالت الحمد لله على ما أنعم والشكر على ما الهم والثناء بما قدم
من عموم نعم ابتداها وسبوغ آلاء أسداها واحسان منن والاها جم
عن الاحصاء عددها وناءى عن المجازاة أمدها وتفاوت عن الادراك
آمالها واستثن الشكر بفضائلها واستحمد إلى الخلائق باجزالها وثنى
بالندب إلى أمثالها واشهد ان لا اله إلا الله كلمة جعل الاخلاص تأويلها
وضمن القلوب موصولها وأنى في الفكرة معقولها الممتنع من الابصار رؤيته
ومن الأوهام الإحاطة به ابتدع الأشياء لا من شئ قبله واحتذاها بلا
مثال لغير فائدة زادته إلا اظهارا لقدرته وتعبدا لبريته واعزازا لدعوته
ثم جعل الثواب على طاعته والعقاب على معصيته ذيادة لعباده عن نقمته
وجياشا لهم إلى جنته واشهد ان أبي محمدا عبده ورسوله اختاره قبل ان يجتبله واصطفاه قبل ان ابتعثه وسماه قبل ان استنجبه إذ الخلائق بالغيوب
مكنونة وبستر الأهاويل مصونة وبنهاية العدم مقرونة علما من الله عز وجل
بمايل الأمور وإحاطة بحوادث الدهور ومعرفة بمواضع المقدور ابتعثه الله
تعالى عز وجل اتماما لامره وعزيمة على امضاء حكمه فرأى صلى الله عليه وآله وسلم الأمم
فرقا في أديانها عكفا على نيرانها عابدة لأوثانها منكرة لله مع
عرفانها فأنار الله عز وجل بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ظلمها وفرج عن
القلوب بهمها وجلى عن الابصار غممها ثم قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم
15

قبض رأفة واختيار رغبة بابي عن هذه الدار موضوع
عنه العبء والأوزار محتف بالملائكة الأبرار ومجاورة الملك الجبار ورضوان
الرب الغفار صلى الله على محمد نبي الرحمة وأمينه على وحيه وصفيه من
الخلائق ورضيه صلى الله عليه وآله وسلم ورحمة الله وبركاته ثم أنتم عباد
الله (تريد أهل المجلس) نصب أمر الله ونهيه وحملة دينه ووحيه وامناء
الله على أنفسكم وبلغاؤه إلى الأمم زعمتم حقا لكم الله فيكم عهد قدمه
إليكم ونحن بقية استخلفنا عليكم ومعنا كتاب الله بينة بصائره وآي فينا
منكشفة سرائره وبرهان منجلية ظواهره مديم البرية اسماعه قائد إلى
الرضوان اتباعه مؤد إلى النجاة استماعه فيه بيان حجج الله المنورة وعزائمه
المفسرة ومحارمه المحذرة وتبيانه الجالية وجمله الكافية وفضائله المندوبة
ورخصه الموهوبة وشرائعه المكتوبة ففرض الله الايمان تطهيرا لكم من
الشرك والصلاة تنزيها عن الكبر والصيام تثبيتا للاخلاص والزكاة تزييدا
في الرزق والحج تسلية للدين والعدل تنسكا للقلوب وطاعتنا نظاما وإمامتنا
امنا من الفرقة وحبنا عزا للاسلام والصبر منجاة والقصاص حقنا للدماء
والوفاء بالنذر تعرضا للمغفرة وتوفية المكاييل والموازين تعبيرا للنحسة
والنهى شرب الخمر تنزيها عن الرجس وقذف المحصنات اجتنابا للعنة
وترك السرق ايجابا للعفة وحرم الله عز وجل الشرك اخلاصا له بالربوبية
فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون وأطيعوه فيما امركم به
ونهاكم عنه فإنه إنما يخشى الله من عباده العلماء ثم قالت أيها الناس انا
فاطمة وأبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أقولها عودا على بدء لقد جاءكم رسول من
أنفسكم ثم ساق الكلام على ما رواه زيد بن علي (عليه السلام) في رواية أبيه
16

ثم قالت في متصل كلامها أفعلى محمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء
ظهوركم إذ يقول الله تبارك وتعالى وورث سليمان داود وقال الله عز وجل
فيما قص من خبر يحيى بن زكريا رب هب لي من لدنك
وليا يرثني
ويرث من آل يعقوب وقال عز ذكره وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض
في كتاب الله وقال يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين
وقال إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين
وزعمتم ان لا حق ولا إرث لي من أبي ولا رحم بيننا أفخصكم الله بآية
أخرج نبيه صلى الله عليه وآله وسلم منها أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثون أو لست
انا وأبي من أهل ملة واحدة لعلكم اعلم بخصوص القرآن وعمومه من
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم
يوقنون أأغلب على إرثي جورا وظلما وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب
ينقلبون وذكر انها لما فرغت من كلام أبي بكر والمهاجرين عدلت إلى
مجلس الأنصار فقالت معشر البقية وأعضاد الملة وحصون الاسلام ما هذه
الغميرة في حقي والسنة عن ظلامتي اما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
المرء يحفظ في ولده سرعان ما أجدبتم فأكديتم وعجلان ذا إهانة تقولون
مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخطب جليل استوسع وهيه واستنهر فتقه
وبعد وقته واظلمت الأرض لغيبته واكثأبت خيرة الله لمصيبته وخشعت
الجبال واكدت الآمال وأضيع الحريم واذيلت الحرمة عند مماته صلى الله عليه وآله وسلم
وتلك نازل علينا بها كتاب الله في أفنيتكم ممساكم ومصبحكم
يهتف بها في أسماعكم وقبله حلت بأنبياء الله عز وجل ورسله وما محمد إلا
رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم
17

ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين أيها
بني قيلة أأهضم تراث أبيه وأنتم بمرأى ومسمع تلبسكم الدعوة
وتثملكم الحيرة وفيكم العدد والعدة ولكم الدار وعندكم الجنن وأنتم
الألى نخبة الله التي انتخب لدينه وأنصار رسوله وأهل الاسلام والخيرة
التي اختار لنا أهل البيت فباديتم العرب وناهضتم الأمم وكافحتم البهم
لا نبرح نأمركم وتأمرون حتى دارت لكم بنا رحا الاسلام ودر حلب
الأنام وخضعت نعرة الشرك وباخت نيران الحرب وهدات دعوة
الهرج واستوسق نظام الدين فانى حرتم بعد البيان ونكصتم بعد الاقدام
وأسررتم بعد الاعلان لقوم نكثوا ايمانهم أتخشونهم فالله أحق ان
تخشوه ان كنتم مؤمنين الا قد أرى ان قد أخلدتم إلى الخفض وركنتم
إلى الدعة فعجتم عن الدين وبحجتم الذي وعيتم ودسعتم الذي سوغتم
فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد الا وقد قلت
الذي قلته على معرفة مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستشعرته
قلوبكم ولكن قلته فيضة النفس ونفثة الغيظ وبثة الصدر ومعذرة الحجة
فدونكموها فاحتقبوها مدبرة الظهر ناكبة الحق باقية العار موسومة بشنار
الأبد موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع الأفئدة فبعين الله ما تفعلون
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون وانا ابنة نذير لكم بين يدي
عذاب شديد فاعملوا انا عاملون وانتظروا انا منتظرون قال أبو الفضل
وقد ذكر قوم ان أبا العيناء ادعى هذا الكلام وقد رواه قوم وصححوه
وكتبناه على ما فيه وحدثني عبد الله بن أحمد العبدي عن حسين بن
علوان عن عطية العوفة انه سمع أبا بكر رحمه الله يومئذ يقول لفاطمة (عليها السلام)
18

يا ابنة رسول الله لقد كان صلى الله عليه وآله وسلم بالمؤمنين رؤوفا رحيما
وعلى الكافرين عذابا أليما وإذا عزوناه كان أباك دون النساء وأخا ابن
عمك دون الرجال آثره على كل حميم وساعده الامر العظيم لا يحبكم
إلا العظيم السعادة ولا يبغضكم الا الردئ الولادة وأنتم عترة الله الطيبون
وخيرة الله المنتخبون على الآخرة أدلتنا وباب الجنة لسالكنا وأما منعك
ما سألت فلا ذلك لي وأما فدك وما جعل لك أبوك فإن منعتك فانا ظالم
وأما الميراث فقد تعلمين انه صلى الله عليه وآله وسلم قال لا نورث ما أبقيناه صدقة
قالت إن الله يقول عن نبي من أنبيائه يرثني ويرث من آل يعقوب وقال
وورث سليمان داود فهذان نبيان وقد علمت أن النبوة لا تورث وإنما
يورث ما دونها فما لي امنع ارث أبي أأنزل الله في الكتاب إلا فاطمة بنت
محمد فتدلني عليه فاقنع به فقال يا بنت رسول أنت عين الحجة ومنطق
الرسالة لا يدلي بجوابك ولا أدفعك عن صوابك ولكن هذا أبو الحسن
بيني وبينك هو الذي اخبرني بما تفقدت وأنبأني بما اخذت وتركت
قالت فإن يكن ذلك كذلك فصبرا لمر الحق والحمد لله اله الخلق (قال
أبو الفضل) وما وجدت هذا الحديث على التمام إلا عند أبي حفان
وحدثني هارون بن مسلم بن سعدان عن الحسن بن علوان عن عطية
العوفي قال لما مرضت فاطمة (عليها السلام) المرضة التي توفيت بها دخل
النساء عليها فقلن كيف أصبحت من علتك يا بنت رسول الله قالت أصبحت
والله عائفة لدنياكم قالية لرجالكم لفظتهم بعد أن عجمتهم وشنئتهم بعد أن
سبرتهم فقبحا لفلول الحد وخور القنا وخطل الرأي وبئسما قدمت لهم
أنفسهم ان سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون لا جرم لقد قلدتهم
19

ربقتها وشنت عليهم عارها فجدعا وعقرا وبعدا للقوم الظالمين ويحهم أنى
زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة ومهبط الروح الأمين الطبن
بأمور الدنيا والدين الا ذلك هو الخسران المبين وما الذي نقموا من
أبي الحسن نقموا والله منه نكير سيفه وشدة وطأته ونكال وقعته وتنمره
في ذات الله ويا لله لو تكافئوا على زمام نبذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لسار
بهم سيرا سجحا لا يكلم خشاشه ولا يتعتع راكبه ولأوردهم منهلا رويا
فضفاضا تطفح ضفتاه ولا صدرهم بطانا قد تحرى بهم الري غير متجل
منهم بطائل بعمله الباهر وردعه سورة الساغب ولفتحت عليهم بركات
من السماء وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون الا هلمن فاسمعن وما عشتن
أراكن الدهر عجبا إلى أي لجأ لجأوا وأسندوا وباي عروة تمسكوا ولبئس
المولى ولبئس العشير استبدلوا والله الذنابى بالقوادم والعجز بالكاهل فرغما
لمعاطس قوم (يحسبون انهم يحسنون صنعا الا انهم هم المفسدون ولكن
لا يشعرون) ويحهم أفمن يهدي الحق أحق ان يتبع امن لا يهدي إلا
ان يهدى فما لكم كيف تحكمون) أما لعمر الهكن لقد لقحت فنظرة ريثما
تنتج ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا وذعافا ممقرا هنالك يخسر المبطلون
ويعرف التالون غب ما أسس الأولون ثم أطيبوا عن أنفسكم نفسا وطامنوا
للفتنة جأشا وابشروا بسيف صارم وبقرح شامل واستبداد من الظالمين
يدع فيكم زهيدا وجمعكم حصيدا فيا حسرة لكم وانى بكم وقد عميت
عليكم انلزمكموها وأنتم لها كارهون ثم أمسكت (عليها السلام)
(كلام زينب بنت علي بن أبي طالب عليه وعليها السلام)
قال لما كان من أمر أبي عبد الله بن علي (عليه السلام) الذي
20

كان وانصرف عمر بن سعيد لعنه الله بالنسوة والبقية من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم
ووجههن إلى ابن زياد لعنه الله فوجههن هذا إلى يزيد لعنه الله
وغضب عليه فلما مثلوا بين يديه أمر براس الحسين (عليه السلام) فأبرز
في طست فجعل ينكث ثناياه بقضيب في يده وهو يقول
يا غراب البين أسمعت فقل * إنما تذكر شيئا قد فعل
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل
حين حكت بقباء بركها * واستحر القتل عبد الأشل
لأهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا يا يزيد ان لا تشل
فجزيناهم ببدر مثلها * وأقمنا ميل بدر فاعتدل
لست للشيخين ان لم أثأر * من بني أحمد ما كان فعل
فقالت زينب بنت على (عليها السلام) صدق الله ورسوله يا يزيد ثم كان
عاقبة الذين أساؤوا السوءى ان كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون
أظننت يا يزيد انه حين اخذ علينا بأطراف الأرض وأكناف السماء
فأصبحنا نساق كما يساق الأسارى ان بنا هوانا على الله وبك عليه كرامة
وان هذا لعظيم خطرك فشمخت بانفك ونظرت في عطفيك جذلان فرحا
حين رأيت الدنيا مستوسقة لك والأمور متسقة عليك وقد أمهلت
ونفست وهو قول الله تبارك وتعالى لا يحسبن الذين كفروا إن ما نملي
لهم خيرا لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين امن العدل
يا ابن الطلقاء تخديرك نساؤك واماؤك وسوقك بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قد هتكت ستورهن وأصلحت صوتهن مكتئبات تخدى بهن الأباعر
ويحدو بهن الأعادي من بلد إلى بلد لا يراقبن ولا يؤوين يتشوفهن
21

القريب والبعيد ليس معهن ولي من رجالهن وكيف يستبطأ في بغضتنا
من نظر إلينا بالشنق والشنآن والإحن والأضغان أتقول ليت أشياخي
ببدر شهدوا غير متأثم ولا مستعظم وأنت تنكث ثنايا أبي عبد الله بمخصرتك
ولم لا تكون كذلك وقد نكأت القرحة واستأصلت الشاقة بإهراقك دماء
ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونجوم الأرض من آل عبد المطلب
ولتردن على الله وشيكا موردهم ولتودن انك عميت وبكمت وانك لم
تقل فاستهلوا وأهلوا فرحا اللهم خذ بحقنا وانتقم لنا ممن ظلمنا والله
ما فريت إلا في جلدك ولا حززت إلا في لحمك وسترد على رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم برغمك وعترته ولحمته في حظيرة القدس يوم يجمع الله
شملهم ملمومين من الشعث وهو قول الله تبارك وتعالى ولا تحسبن الذين
قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون وسيعلم من بوأك
ومكنك من رقاب المؤمنين إذا كان الحكم الله والخصم محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وجوارحك شاهدة عليك فبئس للظالمين بدلا أيكم شر مكانا واضعف
جندا مع اني والله يا عدو الله وابن عدوه استصغر قدرك واستعظم تقريعك
غير أن العيون عبرى والصدور حرى وما يجزي ذلك أو يغني عنا وقد
قتل الحسين (عليه السلام) وحزب الشيطان يقربنا إلى حزب السفهاء ليعطوهم
أموال الله على انتهاك محارم الله فهذه الأيدي تنطف من دمائنا وهذه
الأفواه تتحلب من لحومنا وتلك الجثث الزواكي يعتامها عسلان الفلوات
فلئن اتخذتنا مغنما لتتخذن مغرما حين لا تجد إلا ما قدمت يداك تستصرخ
يا ابن مرجانة ويستصرخ بك وتتعاوى واتباعك عند الميزان وقد وجدت
أفضل زاد زودك معاوية قتلك ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم فوالله ما اتقيت
22

غير الله ولا شكواي إلا إلى الله فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك
فوالله لا يرحض عنك عار ما اتيت إلينا ابدا والحمد الذي ختم بالسعادة
والمغفرة لسادات شبان الجنان فأوجب لهم الجنة اسال الله ان يرفع
لهم الدرجات وان يوجب لهم المزيد من فضله فإنه ولي قدير
(كلام أم كلثوم عليها السلام)
عن سعيد بن الحميري أبو معاذ عن عبد الله بن عبد الرحمن رجل
من أهل الشام عن شعبة عن حذام الأسدي وقال مرة أخرى حذيم
قال قدمت الكوفة سنة إحدى وستين وهي السنة التي قتل فيها الحسين (عليه السلام)
فرأيت نساء أهل الكوفة يومئذ يلتدمن مهتكات الجيوب
ورأيت علي بن الحسين (عليه السلام) وهو يقول بصوت ضئيل وقد نحل
من المرض يا أهل الكوفة انكم تبكون علينا فمن قتلنا غيركم ثم ذكر الحديث
وهو على لفظ هارون بن مسلم وأخبر هارون بن مسلم بن سعدان
قال أخبرنا يحيى بن حماد البصري عن يحيى بن الحجاج عن جعفر بن
محمد عن آبائه (عليه السلام) قال لما ادخل بالنسوة من كربلاء إلى الكوفة
كان علي بن الحسين (عليه السلام) ضئيلا قد نهكته العلة ورأيت نساء
أهل الكوفة مشققات الجيوب على الحسين بن علي (عليه السلام) فرفع علي
بن الحسين بن علي (عليه السلام) رأسه فقال الا ان هؤلاء يبكين فمن
قتلنا ورأيت أم كلثوم (عليها السلام) ولم أر خفرة والله انطق منها كأنما
تنطق وتفرغ على لسان أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد أومأت إلى الناس
ان اسكتوا فلما سكنت الأنفاس وهدات الأجراس قالت ابدأ بحمد الله
والصلاة والسلام على نبيه أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختر والخذل ألا
23

فلا رقأت العبرة ولا هدأت الرنة إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من
بعد قوة انكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم إلا وهل فيكم الا الصلف
والشنف وملق الإماء وغمز الأعداء وهل أنتم كمرعى على دمنة وكفضة
على ملحودة إلا ساء ما قدمت أنفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب
أنتم خالدون أتبكون أي والله فابكوا وانكم والله أحرياء بالبكاء فابكوا
كثيرا واضحكوا قليلا فلقد فزتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل
بعدها ابدا وانى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد
شباب أهل الجنة ومنار محجتكم ومدره حجتكم ومفرخ نازلتكم فتعسا
ونكسا لقد خاب السعي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب الله وضربت
عليكم الذلة والمسكنة لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه
وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم
وأي كريمة له أبرزتم وأي دم له سفكتم لقد جئتم بها شوهاء خرقاء
شرها طلاع الأرض والسماء أفعجبتم ان قطرت السماء دما ولعذاب
الآخرة أخزى وهم لا ينظرون فلا يستخفنكم المهل فإنه لا تحفزه المبادرة
ولا يخاف عليه فوت الثار كلا ان ربك لنا ولهم لبالمرصاد ثم ولت
عنهم قال فرأيت الناس حيارى وقد ردوا أيديهم إلى أفواههم ورأيت
شيخا كبيرا من بني جعفى وقد اخضلت لحيته دموع عينيه وهو يقول
كهولهم خير الكهول ونسلهم * إذا عد نسل لا يبور ولا يخزى
وحدثنيه عبد الله بن عمرو قال حدثني إبراهيم بن عبد ربه بن القاسم
بن يحيى بن مقدم المقدمي قال اخبرني سعيد بن محمد أبو معاذ الحميري عن
عبد الله بن الرحمن رجل من أهل الشام عن حذام الأسدي قال
24

قدمت الكوفة سنة إحدى وستين وهي السنة التي قتل فيها الحسين بن علي
(عليه السلام) فرأيت نساء أهل الكوفة يومئذ قياما يلتدمن مهتكات
الجيوب ورأيت علي بن الحسين (عليه السلام) وهو يقول بصوت ضئيل
قد نحل المرض يا أهل الكوفة انكم تبكون علينا فمن قتلنا غيركم
وسمعت أم كلثوم بنت علي (عليها السلام) وهي تقول فلم أر خفرة والله
انطق منها كأنما تنزع عن لسان أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وأشارت
إلى الناس ان أمسكوا فسكنت الأنفاس وهدات فقالت الحمد رب
العالمين والصلاة على جدي سيد المرسلين أما بعد يا أهل الكوفة والحديث
على لفظ ابن سعدان
(كلام حفصة بنت عمر بن الخطاب)
وقال العتبي قالت حفصة بنت عمر بن الخطاب في مرض أبيها عمر يا أبتاه
ما يحزنك وفادتك على رب رحيم ولا تبعة لاحد عندك ومعي لك بشارة
لا أذيع السر مرتين ونعم الشفيع لك العدل لم تخف على الله عز وجل
خشنة عيشتك وعفاف نهمتك واخذك باكظام المشركين والمفسدين في
الأرض ثم أنشأت تقول
أكظم الغلة المخالطة القلب * وأعزى وفي القرآن عزائي
لم تكن بغتة وفاتك وحدا * ان ميعاد من ترى للفناء
ووجدت في بعض الكتب ان حفصة بنت عمر رحمه الله خطبت بعد
قتل أبيها: الحمد لله الذي لا نظير له والفرد الذي لا شريك وأما بعد
فكل العجب من قوم زين الشيطان أفعالهم وارعوى إلى صنيعهم ورب في
الفتنة لهم ونصب حبائله لختلهم حتى هم عدوا الله باحياء البدعة ونبش
25

الفتنة وتجديد الجور بعد دروسه واظهاره بعد دثوره وإراقة الدماء وإباحة
الحمى وانتهاك محارم الله عز وجل بعد تحصينها فأضرى وهاج وتوغر وثار
غضبا لله ونصرة لدين الله فأخسأ الشيطان ووقم كيده وكفف ارادته
وقدع محنته وأصعر خده لسبقه إلى مشايعة أولى الناس بخلافة رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم الماضي على سنته المقتدى بدينه المقتص لاثره فلم يزل سراجه
زاهرا وضوءه لامعا ونوره ساطعا له من الافعال الغرر ومن الآراء المصاص
ومن التقدم في طاعة الله اللباب إلى أن قبضه الله إليه قاليا لما خرج منه
شانيا لما ترك من امره شيقا لمن كان فيه صبا إلى ما صار إليه وائلا إلى
ما دعى إليه عاشقا لما هو فيه فلما صار إلى التي وصفت وعاين لما ذكرت
أومأ بها إلى أخيه في المعدلة ونظيره في السيرة وشقيقه في الديانة ولو كان
غير الله أراد لآمالها إلى ابنه ولصيرها في عقبه ولم يخرجها من ذريته
فأخذها بحقها وقام فيها بقسطها لم يؤده ثقلها ولم يبهظه حفظها مشردا
للكفر عن موطنه ونافرا له عن وكره ومثيرا له من مجثمه حتى فتح الله
عز وجل على يديه أقطار البلاد ونصر الله بقدمه وملائكته تكنفه وهو
بالله معتصم ومتوكل حتى تأكدت عرى الحق عليكم عقدا واضمحلت
عرى الباطل عنكم حلا نوره في الدجنات ساطع وضوءه في الظلمات
لامع قاليا للدنيا إذ عرفها لافظا لها إذ عجمها وشانيا لها إذ سبرها تخطبه
ويقلاها وتريده ويأباها لا تطلب سواه بعلا ولا تبغي سواه نحلا اخبرها
ان التي يخطب أرغد منها عيشا وانضر منها حبورا وأدوم منها سرورا
وأبقى منها خلودا وأطول أياما وأغدق منها أرضا وأنعت منها جمالا
وأتم منها بلهنية وأعذب منها رفهنية فبشعث نفسه بذلك لعادتها واقشعرت
26

منها لمخالفتها فعركها بالعزم الشديد حتى أجابت وبالرأي الجليد حتى
انقادت فأقام فيها دعائم الاسلام وقواعد السنة الجارية ورواسي الآثار
الماضية واعلام اخبار النبوة الطاهرة وظل خميصا من بهجتها قاليا لاثاثها
لا يرغب في زبرجها ولا تطمح نفسه إلى جدتها حتى دعي فأجاب ونودي
فأطاع على تلك من الحال فاحتذى في الناس بأخيه فاخرجها من نسله
وصيرها شورى اخوته فبأي أفعاله تتعلقون وباي مذاهبه تتمسكون
ابطرائقه القويمة في حياته أم بعدله فيكم عند وفاته ألهمنا الله وإياكم
طاعته وإذا شئتم ففي حفظ وكلاأته
(كلام أروى بنت الحارث ابن عبد المطلب رحمة الله عليها)
روى ابن عائشة عن حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن انس بن
مالك قال دخلت أروى بنت الحارث بن عبد المطلب على معاوية بن أبي
سفيان بالموسم وهي عجوز كبيرة فلما رآها قال مرحبا بك يا عمه قالت
كيف أنت يا ابن أخي لقد كفرت بعدي بالنعمة وأسأت لابن عمك
الصحبة وتسميت بغير اسمك واخذت غير حقك بغير بلاء كان منك ولا
من آبائك في الاسلام ولقد كفرتم بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم فأتعس
الله منكم الجدود وأصعر منكم الخدود حتى رد الله الحق إلى أهله وكانت
كلمة الله هي العليا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو المنصور على من ناواه ولو
كره المشركون فكنا أهل البيت أعظم الناس في الدين حظا ونصيبا
وقدرا حتى قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم مغفورا ذنبه مرفوعا درجته
شريفا عند الله مرضيا فصرنا أهل البيت منكم بمنزلة قوم موسى من آل
فرعون يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم وصار ابن عم سيد المرسلين
27

فيكم نبينا بمنزلة هارون من موسى حيث يقول يا ابن أم ان القوم
استضعفوني وكادوا يقتلونني ولم يجمع بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا
شمل ولم يسهل لنا وعر وغايتنا الجنة وغايتكم النار قال عمرو بن العاص
أيتها العجوز الضالة أقصري من قولك وغضي من طرفك قالت ومن
أنت لا أم لك قال: عمرو بن العاص قالت يا ابن اللخناء النابغة أتكلمني
أربع على ظلعك وأعن بشأن نفسك فوالله ما أنت من قريش في اللباب من
حسبها ولا كريم منصبها ولقد ادعاك ستة من قريش كله يزعم أنه أبوك
ولقد رأيت أمك أيام منى بمكة مع كل عبد عاهر (أي فاجر) فأتم بهم
فإنك بهم أشبه فقال مروان بن الحكم أيتها العجوز الضالة ساخ بصرك
مع ذهاب عقلك فلا يجوز شهادتك قالت يا بني أتتكلم فوالله لأنت إلى
سفيان بن الحارث بن كلدة أشبه منك بالحكم وانك لشبهه في زرقة
عينيك وحمرة شعرك مع قصر قامته وظاهر دمامته ولقد رأيت الحكم
ماد القامة ظاهر الأمة سبط الشعر وما بينكما قرابة إلا كقرابة الفرس
الضامر من الأتان المقرب فاسال أمك عما ذكرت لك فإنها تخبرك بشأن
أبيك ان صدقت ثم التفتت إلى معاوية فقالت والله عرضني لهؤلاء
غيرك وان أمك القائلة في يوم أحد في قتل حمزة رحمة الله عليه
نحن جزيناكم بيوم بدر * والحرب يوم الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من صبر * أبي وعمي وأخي وصهري
شفيت وحشي غليل صدري * شفيت نفسي وقضيت نذري
فشكر وحشي علي عمري * حتى تغيب أعظمي في قبري
(فأجبتها)
28

يا بنت رقاع عظيم الكفر * خزيت في بدر وغير بدر
صبحك الله قبيل الفجر * بالهاشميين الطوال الزهر
بكل قطاع حسام يفري * حمزة ليثي وعلي صقري
إذ رام شبيب وأبوك غدري * أعطيت وحشي ضمير الصدر
هتك وحشي حجاب الستر * ما للبغايا بعدها من فخر
فقال معاوية لمروان وعمرو ويلكما أنتما عرضتماني لها وأسمعتماني ما أكره
ثم قال لها يا عمة اقصدي قصد حاجتك ودعي عنك أساطير النساء قالت
تأمر لي بألفي دينار وألفي دينار وألفي دينار قال ما تصنعين يا عمة بألفي
دينار قالت اشتري بها عينا خرخارة في ارض خوارة تكون لولد الحارث
ابن المطلب قال نعم الموضع وضعتها فما تصنعين بألفي دينار قالت أزوج
بها فتيان عبد المطلب من أكفائهم قال نعم الموضع وضعتها فما تصنعين بألفي
دينار قالت استعين بها على عسر المدينة وزيارة بيت الله الحرام قال نعم
الموضع وضعتها هي لك نعم وكرامة ثم قال أما والله لو كان علي ما أمر لك
بها قالت صدقت إن عليا أدى الأمانة وعمل بأمر الله واخذ به وأنت
ضيعت أمانتك وخنت الله في ماله فأعطيت مال الله من لا يستحقه وقد
فرض الله في كتابه الحقوق لأهلها وبينها فلم تأخذ بها ودعانا (أي علي)
إلى اخذ حقنا الذي فرض الله لنا فشغل بحربك عن وضع الأمور مواضعها
وما سألتك من مالك شيئا فتمن به إنما سألتك من حقنا ولا نرى اخذ
شئ غير حقنا أتذكر عليا فض الله فاك واجهد بلاءك ثم علا بكاؤها
وقالت الا يا عين ويحك أسعدينا * الا وأبكى أمير المؤمنينا
رزينا خير من ركب المطايا * وفارسها ومن ركب السفينا
29

ومن لبس النعال أو احتذاها * ومن قرأ المثاني والمئينا
إذا استقبلت وجه أبي حسين * رأيت البدر راع الناظرينا
ولا والله لا انسى عليا * وحسن صلاته في الراكعينا
أفي الشهر الحرام فجمعتمونا * بخير الناس طرا أجمعينا
قال فأمر لها بستة آلاف دينار وقال لها يا عمة أنفقي هذه فيما تحبين فإذا
احتجت فاكتبي إلى ابن أخيك يحسن صفدك ومعونتك إن شاء الله
(كلام سودة بنت عمارة رحمها الله)
قال أبو موسى عيسى بن مهران حدثني محمد بن عبيد الله الخزاعي
يذكره عن الشعبي ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله قال
استأذنت سودة بنت عمارة بن الأسك الهمدانية على معاوية بن أبي
سفيان فاذن لها فلما دخلت عليه قال هيه يا بنت الأسك الست القائلة
يوم صفين
شمر كفعل أبيك يا ابن عمارة * يوم الطعان وملتقى الاقران
وانصر عليا والحسين ورهطه * واقصد لهند وابنها بهوان
ان الامام أخو النبي محمد * علم الهدى ومنارة الايمان
فقه الحتوف وسر أمام لواءه * قدما بأبيض صارم وسنان
قالت أي والله ما مثلي من رغب عن الحق أو اعتذر بالكذب قال لها فما
حملك على ذلك قالت حب علي (ع) واتباع الحق قال فوالله
ما أرى عليك من اثر علي شيئا قالت أنشدك الله يا أمير المؤمنين وإعادة
ما مضى وتذكار ما قد نسى قال هيهات ما مثل مقام أخيك ينسى وما
لقيت من أحد ما لقيت من قومك وأخيك قالت صدق فوك لم
30

يكن أخي ذميم المقام ولا خفي المكان كان والله كقول الخنساء
وان صخرا لتأتم الهداة به * كأنه علم في رأسه نار
قال صدقت لقد كان كذلك فقالت مات الرأس وبتر الذنب وبالله
اسال أمير المؤمنين اعفائي مما استعفيت منه قال قد فعلت فما حاجتك
قالت انك أصبحت للناس سيدا ولامرهم متقلدا والله سائلك من أمرنا
وما افترض عليك من حقنا ولا يزال يقدم علينا من ينوه بعزك ويبطش
بسلطانك فيحصدنا حصد السنبل ويدوسنا دوس البقر ويسومنا الخسيسة
ويسلبنا الجليلة هذا بسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك فقتل رجالي واخذ
مالي يقول لي فوهي بما استعصم الله منه وألجأ إليه فيه ولولا الطاعة لكان
فينا عز ومنعة فاما عزلته عنا فشكرناك وأما لا فعرفناك فقال معاوية
أتهدديني بقومك لقد هممت ان أحملك على قتب أشرس فأردك إليه
ينفذ فيك حكمه فأطرقت تبكي ثم تقول:
صلى الاله على جسم تضمنه * قبر فأصبح فيه العدل مدفونا
قد حالف الحق لا يبغي به بدلا * فصار بالحق والايمان مقرونا
قال لها ومن ذلك قالت علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال وما صنع
بك حتى صار عندك كذلك قالت قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا
قدم علينا من قبله فكان بيني وبينه ما بين الغث والسمين فاتيت عليا (ع)
لأشكو إليه ما صنع بنا فوجدته قائما يصلي فلما نظر إلي انفتل من
صلاته ثم قال لي برأفة وتعطف ألك حاجة فأخبرته الخبر فبكى ثم قال
اللهم انك أنت الشاهد علي وعليهم اني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك
حقك ثم اخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجواب فكتب فيها
31

بسم الله الرحمن الرحيم قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان
بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقية
الله خير لكم ان كنتم مؤمنين وما انا عليكم بحفيظ إذا قرأت كتابي فاحتفظ
بما في يديك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام فأخذته
منه والله ما ختمه بطين ولا خزمه بخزام فقراته فقال لها معاوية لقد لمظكم
ابن أبي طالب الجرأة على السلطان فبطيأ ما تفطمون ثم قال اكتبوا لها
برد مالها والعدل عليها قالت إلي خاص أم لقومي عام قال ما أنت
وقومك قالت هي والله اذن الفحشاء واللوم ان لم يكن عدلا شاملا وإلا
فانا كسائر قومي قال اكتبوا لها ولقومها
(كلام الزرقاء بنت عدى)
وقال عيسى بن مهران حدثني العباس بن بكار قال حدثني محمد بن
عبيد الله عن الشعبي قال وحدثني أبو كر الهذلي عن الزهري قال حدثني
جماعة من بني أمية ممن كان يسمر مع معاوية وذكر أبو إسحاق إبراهيم
ابن عبد الله بن عبد ربه بن القاسم بن يحيى مقدم قال اخبرني محمد
ابن فضل المكي الضبي قال أخبرنا محمد الشافعي صاحب الرأي عن أبيه
محمد بن إبراهيم عن خالد بن الوليد المخزومي عن سعد بن حذافة الجمحي
قال سمر معاوية ليلة فذكر الزرقاء بنت عدي بن غالب بن قيس امرأة
كانت من أهل الكوفة وكانت ممن يعين عليا (عليه السلام) يوم صفين فقال
لأصحابه أيكم يحفظ كلام الزرقاء فقال القوم كلنا نحفظه يا أمير المؤمنين
قال فما تشيرون علي فيها قالوا نشير عليك بقتلها قال بئس ما أشرتم علي به
أيحسن بمثلي ان يتحدث الناس أني قتلت امرأة بعد ما ملكت وصار
32

الامر لي ثم دعا كاتبه في الليل فكتب إلى عامله في الكوفة ان أوفد إلي
الزرقاء ابنة عدي مع ثقة من محرمها وعدة من فرسان قومها ومهدها وطاء
لينا واسترها بستر حصيف فلما ورد عليه الكتاب ركب إليها فاقرأها
الكتاب فقالت أما انا فغير زائغة عن طاعة وان كان أمير المؤمنين جعل
المشيئة إلي لم ارم بلدي هذا وان كان حكم الامر فالطاعة له أولى
بي فحملها في هودج وجعل غشاءه حبرا مبطنا بعصب اليمن ثم أحسن
صحبتها وفي حديث المقدمي فحملها في عمارية جعل غشاءها خزا أدكن
مبطنا بقوهى فلما قدمت على معاوية قال لها مرحبا وأهلا خير مقدم
قدمه وافد كيف حالك يا خالة وكيف رأيت مسيرك قالت خير مسير
كأني كنت ربيبة بيت أو طفلا ممهدا قال بذلك امرتهم فهل تعلمين لم
بعثت إليك قالت سبحان الله اني لي بعلم ما لم اعلم وهل يعلم ما في القلوب
الا الله قال بعثت إليك ان أسألك الست راكبة الجمل الأحمر يوم صفين
بين الصفين توقدين الحرب وتحضين على القتال فما حملك على ذلك قالت
يا أمير المؤمنين انه قد مات الرأس وبتر الذنب والدهر ذو غير ومن
تفكر أبصر والامر يحدث بعده الامر قال لها صدقت فهل تحفظين
كلامك يوم صفين قالت ما أحفظه قال ولكني والله أحفظه لله أبوك لقد
سمعتك تقولين أيها الناس انكم في فتنة غشتكم جلابيب الظلم وجارت بكم
عن قصد المحجة فيالها من فتنة عمياء صماء يسمع لقائلها ولا ينظار لسائقها
أيها الناس ان المصباح لا يضئ في الشمس وان الكوكب لا يقد في القمر
وان البغل لا يسبق الفرس وان الزف لا يوازن الحجر ولا يقطع الحديد الا
الحديد ألا من استرشدنا أرشدناه ومن استخبرنا أخبرناه ان الحق
33

كان يطلب ضالته فأصابها فصبرا يا معشر المهاجرين والأنصار فكان قد
اندمل شعب الشتات والتأمت كلمة العدل وغلب الحق باطله فلا يعجلن
أحد فيقول كيف وانى ليقضي الله أمرا كان مفعولا ألا ان خضاب النساء
الحناء وخضاب الرجال الدماء والصبر خير في الأمور عواقبا أيها إلى
الحرب قدما غير ناكصين فهذا يوم له ما بعده ثم قال معاوية والله يا زرقاء
لقد شركت عليا (عليه السلام) في كل دم سفكه فقالت أحسن الله
بشارتك يا أمير المؤمنين وادام سلامتك مثلك من بشر بخير وسر جليسه
قال لها وقد سرك ذلك قالت نعم والله لقد سرني قولك فانى بتصديق
الفعل فقال معاوية والله لوفاؤكم له بعد موته أحب من حبكم له في
حياته اذكري حاجتك قالت يا أمير المؤمنين اني قد آليت على نفسي ان
لا اسال أميرا أعنت عليه شيئا ابدا ومثلك اعطى عن غير مسالة وجاد
عن غير طلب قال صدقت فاقطعها ضيعة أغلتها في أول سنة عشرة آلاف
درهم وأحسن صفدها وردها والذين معها مكرمين
(كلام بكارة الهلالية)
* حدثني عبد الله بن عمرو قراءة من كتابه علي قال حدثنا إبراهيم بن
عبد الله بن محمد بن المفضل قال حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي عن محمد
بن إبراهيم عن خالد الوليد عمن سمعه من حذافة الجمحي قال دخلت
بكارة الهلالية على معاوية بن أبي سفيان بعد أن كبرت سنها ودق
عظمها ومعها خادمان لها وهي متكئة عليهما وبيدها عكاز فسلمت على
معاوية بالخلافة فأحسن عليها الرد واذن لها في الجلوس وكان عنده مروان
بن الحكم وعمرو بن العاص فابتدأ مروان فقال أتعرف هذه
34

يا أمير المؤمنين قال ومن هي قال هي التي كانت تعين علينا يوم صفين
وهي القائلة
يا زيد دونك فاستثر من دارنا * سيفا حساما في التراب دفينا
قد كان مذخورا لكل عظيمة * فاليوم أبرزه الزمان مصونا
فقال عمرو بن العاص وهي القائلة يا أمير المؤمنين
أترى ابن هند للخلافة مالكا * هيهات ذاك وما أراد بعيد
منتك نفسك في الخلاء ضلالة * أغراك عمرو للشقاء وسعيد
فارجع يا نكد طائر بنحوسها * لاقت عليا أسعد وسعود
فقال سعيد يا أمير المؤمنين وهي القائلة
قد كنت آمل ان أموت ولا أرى * فوق المنابر أمية خاطبا
فالله اخر مدتي فتطاولت * حتى رأيت من الزمان عجائبا
في كل يوم لا يزال خطيبهم * وسط الجموع لآل أحمد عائبا
ثم سكت القوم فقالت بكارة نبحتني كلابك يا أمير المؤمنين واعتورتني
فقصر محجني وكثر عجبي وعشى بصري وانا والله قائلة ما قالوا لا ادفع
ذلك بتكذيب فامض لشأنك فلا خير في العيش بعد أمير المؤمنين فقال
معاوية انه لا يضعك شئ فاذكري حاجتك تقضى فقضى حوائجها وردها
إلى بلدها (وحدثني) عيسى بن مروان قال حدثني محمد بن عبد الله
الخزاعي عن الشعبي قال استأذنت بكارة الهلالية على معاوية فاذن لها
فدخلت وكانت امرأة قد أسنت وعشي بصرها وضعفت قوتها فهي
ترعش بين خادمين لها فسلمت ثم جلست فقال معاوية كيف أنت يا خالة
قالت بخير يا أمير المؤمنين غيرك قال غيرك الدهر قالت كذلك هو ذو غير من
35

عاش كبر ومن مات قبر ثم ذكر الحديث على ما رواه سعد بن حذافة
في حديث عبد الله بن عمرو ومن قول عمرو وسعيد ومروان ورواية في
الحديث قالت إن عشى بصري وقصرت حجتي فانا قائلة ما قالوا وما
خفى عليك أكثر فضحك معاوية وقال ليس بما نعى من برك يا خالة غير
عدم مجيئك قالت أما الان فلا
كلام أم الخير بنت الحريش البارقية)
حدثني عبد الله بن سعد قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله المقدمي قال
أخبرنا محمد بن الفضل المكي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد الشافعي عن
خالد بن الوليد المخزومي عن سعد بن حذافة الجمحي وحدثونيه عن العباس
بن بكار عن عبيد الله بن عمر الغساني عن الشعبي قال كتب معاوية
إلى واليه بالكوفة ان أوفد علي أم الخير بنت الحريش بن سراقة
البارقية رحلة محمودة الصحبة غير مذمومة العاقبة واعلم انى مجازيك بقولها
فيك بالخير خيرا وبالشر شرا فلما ورد عليه الكتاب ركب إليها فاقرأها
إياه فقالت أم الخير أما انا فغير زائغة عن طاعة ولا معتلة بكذب ولقد
كنت أحب لقاء أمير المؤمنين لأمور تختلج في صدري تجري مجرى
النفس يغلى بها غلي المرجل بحب البلسن يوقد بجزل السمر فلما حملها
وأراد مفارقتها قال يا أم الخير ان معاوية قد ضمن لي عليه ان يقبل
بقولك في بالخير خيرا وبالشر شرا فانظري كيف تكونين قالت يا هذا
لا يطمعك والله برك بي في تزويقي الباطل ولا يؤنسنك معرفتك إياي
ان أقول فيك غير الحق فسارت خير مسير فلما قدمت على معاوية أنزلها
مع الحرم ثلاثا ثم اذن لها في اليوم الرابع وجمع لها الناس فدخلت عليه
36

فقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال وعليك السلام وبالرغم والله
منك دعوتني بهذا الاسم فقالت مه يا هذا فإن بديهة السلطان مدحضة
لما يحب علمه قال صدقت يا خالة وكيف رأيت مسيرك قالت لم أزل في
عافية وسلامة حتى أوفدت إلى ملك جزل وعطاء بذل فانا في عيش
أنيق عند ملك رفيق فقال معاوية بحسن نيتي ظفرت بكم وأعنت عليكم
قالت مه يا هذا لك والله من دحض المقال ما تردى عاقبته قال ليس لهذا
أردناك قالت إنما أجري في ميدانك إذا أجريت شيئا أجريته فاسأل
عما بدا لك قال كيف كان كلامك يوم قتل عمار بن ياسر قالت لم أكن
والله رويته قبل ولا زورته بعد وإنما كانت كلمات نفثهن لساني حين
الصدمة فإن شئت ان أحدث لك مقالا غير ذلك فعلت قال لا أشاء ذلك
ثم التفت إلى أصحابه فقال أيكم حفظ كلام أم الخير قال رجل من القوم
انا أحفظه يا أمير المؤمنين كحفظي سورة الحمد قال هاته قال نعم كأني بها
يا أمير المؤمنين وعليها برد زبيدي كثيف الحاشية وهي على جمل أرمك
وقد أحيط حولها حواء وبيدها سوط منتشر الضفر وهي كالفحل يهدر
في شقشقته تقول يا أيها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شئ عظيم ان
الله قد أوضح الحق وابان الدليل ونور السبيل ورفع العلم فلم يدعكم في
عمياء مبهمة ولا سوداء مدلهمة فإلى أين تريدون رحمكم الله أفرارا عن
أمير المؤمنين أم فرارا من الزحف أم رغبة عن الاسلام أم ارتدادا عن
الحق أما سمعتم الله عز وجل يقول ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم
والصابرين ونبلو أخباركم ثم رفعت رأسها إلى السماء وهي تقول اللهم
قد عيل الصبر وضعف اليقين وانتشر الرعب وبيدك يا رب أزمة القلوب فاجمع
37

إليه الكلمة على التقوى والف القلوب على الهدى واردد الحق إلى أهله
هلموا رحمكم الله إلى الإمام العادل والوصي الوفي والصديق الأكبر
انها إحن بدرية وأحقاد جاهلية وضغائن أحدية وثب بها معاوية حين
الغفلة ليدرك بها ثارات بني عبد شمس ثم قالت قاتلوا أئمة الكفر انهم لا ايمان
لهم لعلهم ينتهون صبرا معشر الأنصار والمهاجرين قاتلوا على بصيرة من
ربكم وثبات من دينكم وكأني بكم غدا لقد لقيتم أهل الشام كحمر
مستنفرة لا تدري أين يسلك بها من فجاج الأرض باعوا الآخرة بالدنيا
واشتروا الضلالة بالهدى وباعوا البصيرة بالعمى عما قليل ليصبحن نادمين
حتى تحل بهم الندامة فيطلبون الإقالة انه والله من ضل عن الحق وقع
في الباطل ومن لم يسكن الجنة نزل النار أيها الناس ان الأكياس استقصروا
عمر الدنيا فرفضوها واستبطأوا مدة الآخرة فسعوا لها والله أيها الناس
لولا أن تبطل الحقوق وتعطل الحدود ويظهر الظالمون وتقوى كلمة الشيطان
لما اخترنا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه فإلى أين تريدون رحمكم
الله عن ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وزوج ابنته وأبي ابنيه
خلق من طينته وتفرع من نبعته وخصه بسره وجعله باب مدينته وعلم
المسلمين وابان ببغضه المنافقين فلم يزل كذلك يؤيده عز وجل بمعونته
ويمضي على سنن استقامته لا يعرج لراحة الدأب ها هو مفلق الهام ومكسر
الأصنام إذ صلى والناس مشركون وأطاع والناس مرتابون فلم يزل
كذلك حتى قتل مبارزي بدر وافنى أهل أحد وفرق جمع هوازن فيا لها
من وقائع زرعت في قلوب قوم نفاقا وردة شقاقا قد اجتهدت في القول
وبالغت في النصيحة وبالله التوفيق وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
38

فقال معاوية والله يا أم الخير ما أردت بهذا الكلام إلا قتلي والله لو قتلتك
ما حرجت في ذلك قالت والله ما يسؤني يا ابن هند ان يجري الله ذلك
على يدي من يسعدني الله بشقائه قال هيهات يا كثيرة الفضول ما تقولين
في عثمان بن عفان قالت وما عسيت ان أقول فيه استخلفه الناس وهم
له كارهون وقتلوه وهم راضون فقال معاوية إيها يا أم الخير هذا والله
أصلك الذي تبنين عليه قالت لكن الله يشهد بما انزل إليك انزله بعلمه
والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا ما أردت لعثمان نقصا ولكن كان
سباقا إلى الخيرات وانه لرفيع الدرجة قال فما تقولين في طلحة بن عبيد
الله قالت وما عسى ان أقول في طلحة اغتيل من مأمنه وأوتي من حيث
لم يحذر وقد وعده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجنة قال فما تقولين في الزبير
قالت يا هذا لا تدعني كرجيع الصبيغ يعرك في المركن قال حقا لتقولن
ذلك وقد عزمت عليك قالت وما عسيت ان أقول في الزبير ابن عمة
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحواريه وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
الجنة ولقد كان سباقا إلى كل مكرمة في الاسلام واني أسألك
بحق الله يا معاوية فإن قريشا تحدث انك أحلمها فانا أسألك بان تسعني
بفضل حلمك وان تعفيني من هذه المسائل وامض لما شئت من غيرها
قال نعم وكرامة قد أعفيتك وردها مكرمة إلى بلدها
(كلام عجوز من ولد الحارث بن عبد المطلب)
وحدثني عبد الله بن عمرو قال حدثني محمد بن أبي على البصري قال
حدثنا أمية بن خالد قال حدثني عبد الرحمن بن مالك الأنصاري عن
أبيه أنه سمع شيخا لهم يقول قدم إبراهيم بن محمد المدينة فاتته عجوز من
39

ولد الحارث بن عبد المطلب فشكت إليه ضنك المعيشة قال ما يحضرني
الكثير ولا ارض لك بالقليل وانا على ظهر سفر فاقبلي ما حضر وتفضلي
بالعذر ثم دعا مولى له فقال ادفع إليها ما بقي من نفقتنا وخذي هذا العبد
والبعير فقالت بأبي أنت وأمي أجزل الله في الآخرة اجرك وأعلى في
كعبك ورفع فيهما ذكرك وغفر لك يوم الحساب ذنبك فأنت والله
كما قالت أم جميل بنت حرب بن أمية
زين العشيرة كلها * في البدو منها والحضر
ورئيسها في النائبات * وفي الرحال وفي السفر
ورث المكارم كلها * وعلا على كل البشر
ضخم الدسيعة ماجد * يعطي الجزيل بلا كدر
(كلام لنساء متفرقات)
(كلام الجمانة بنت المهاجر) حدثني عبد الله بن شبيب قال حدثني
الزبير بن أبي بكر عن محمد بن محمد عن عبد الرحمن بن الحسن عن عمه
ان الجمانة بنت المهاجر بن خالد بن الوليد نظرت إلى عبد الله بن الزبير
وهو يرقا المنبر يخطب بالناس في يوم جمعة فقالت حين رأته رقى المنبر
أيا نقار انقر يا نقار أما والله لو كان فوقه نجيب من بني أمية أو صقر من
بني مخزوم لقال المنبر طيق طيق قال فأنمى كلامها إلى عبد الله بن الزبير
فبعث إليها فاتي بها فقال لها ما الذي بلغني عنك يا لكاع قالت الحق أبلغت
يا أمير المؤمنين قال فما حملك على ذلك قالت لا تعدم الحسناء ذاما
والساخط ليس براض ومع ذلك فما عدوت فيما قلت لك ان نسبتك إلى
التواضع والدين وعدوك إلى الخيلاء والطمع ولئن ذاقوا وبال أمرهم
40

لتحمدن عاقبة شأنك وليس من قال فكذب كمن حدث فصدق وأنت
بالتجاوز جدير ونحن للعفو منك أهل فاستر على الحرمة تستتم النعمة
فوالله ما يرفعك القول ولا يضعك وان قريشا لتعلم انك عابدها وشجاعها
ولسانها حاط الله دنياك وعصم أخراك وألهمك شكر ما أولاك
حدثني أحمد بن جعفر بن سليمان الهاشمي قال كانت زينب بنت علي
تقول من أراد ان يكون الخلق شفعاءه إلى الله فليحمده ألم تسمع إلى
قولهم سمع لمن حمده فخف الله لقدرته عليك واستح منه لقربه منك
ذكر الرياشي عن الأصمعي عن أبان بن تغلب قال خرجت في طلب
الكلاء فانتهيت إلى ماء من مياه كلب وإذا اعرابي على ذلك الماء ومعه
كتاب منشور يقرؤه عليهم وجعل يتوعدهم فقالت له أمه وهي في خبائها
وكانت مقعدة كبرا ويلك دعني من أساطيرك لا تحمل عقوبتك على من
لم يحمل عليك ولا تتطاول على من لم يتطاول عليك فإنك لا تدري
ما تقربك إليه حوادث الدهور ولعل من صيرك إلى هذا اليوم ان يصير
غيرك إلى مثله غدا فينتقم منك أكثر مما انتقمت منه فاكفف عما اسمع
منك ألم تسمع إلى قول الأول
لا تعاد الفقير علك ان * تركع يوما والدهر قدر رفعه
قال ابان فقضيت العجب من كلامها وبلاغتها (وقال الرياشي) عن
الأصمعي عن أبان بن تغلب قال جلست إلى أعرابية كانت تعرف
بالبلاغة فمر بها رجل من قومها يسحب حلة عليه فقالت يا صاحب الحلة
ان الكرم واللؤم ليسا في بردتك هذه ولكنهما تحتها فليحسن فعلك يحسن
لباسك ولو لبست طمرا ما شأنك (حدثني) عبد الله بن أحمد بن حرب
41

عن أسعد بن المفضل بن مهزم بن خالد عن مهدي قال قلت لولادة العبدية
وكانت من أعقل النساء إني أريد الحج فأوصيني قالت أأوجز فأبلغ أم
أطيل فاحكم فقلت بما شئت فقال ابن أخ لها الحلة لباس فاخلعي عليه
فقالت جد تسد واصبر تفز قلت أيضا قالت يتعد غضبك حلمك ولا
هواك علمك وق دينك بدنياك ووفر عرضك بعرضك وتفضل تخدم
واحلم تقدم قلت فمن استعين قالت الله قلت من الناس قالت الجلد
النشيط والناصح الأمين قلت فمن استشير قالت المجرب الكيس أو الأديب
ولو الصغير قلت فمن استصحب قالت الصديق الملم أو المداجي المتكرم
ثم قالت يا ابناه انك تفد إلى ملك الملوك فانظر كيف يكون مقامك بين
يديه (عمر بن شبة) قال حدثني أحمد بن معاوية قال حدثني محمد بن
داوود بن علي وأبوه جعف اليمامي وأحمد بن الحارث عن محمد بن زياد
الأعرابي قالا وقفت امرأة من الاعراب من هوازن على عبد الرحمن
بن أبي بكرة فقالت أصلحك الله أقبلت من ارض شاسعة ترفعني رافعة
وتخفضني خافضة بملحات من البلاد وملمات من الدهور برين عظمي
واذهبن لحمي وتركنني والها وأنزلني إلى الحضيض وقد ضاق بي البلد
العريض لا عشيرة تحميني ولا حميم يكنفني فسالت في احياء العرب من
المرجو سيبه المأمون غيبه المكفي سائله الكريمة شمائله المأمول نائله فأرشدت
إليك وانا امرأة من هوازن مات الوافد وغاب الرافد ومثلك من سد
الخلة وفك الغلة فاصنع إحدى ثلاث أما ان تقيم من أودي أو تحسن
صفدي أو تردني إلى بلدي قال بل اجمعهن لك وحبا وقال العباس بن
الفرج الرياشي حدثنا محمد بن عباد المهلبي قال وقفت أعرابية فقالت
42

بعدت شقتي وظهرت محارمي وبلغ نسيسي والله سائلكم عن مقامي
(وحدثني) هارون بن مسلم عن العتبي قال سألت أعرابية فقالت
سائلتكم تسألكم القليل الذي يوجب لكم الكثير ورحم الله واحدا أعان
محقا (حماد) بن إسحاق عن أبيه قال حدثني النضر بن حديد عن العتبي
قال وقفت علينا أعرابية فقالت يا قوم تغير بنا الدهر إذ قل منا الشكر
ولزمنا الفقر فرحم الله من فهم بعقل وأعطى من فضل وآثر من كفاف
وأعان على عفاف
(قصة أم معبد ووصفها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبلاغتها في صفته)
حدثني عبد الله بن عمرو عن الحسن بن عثمان قال حدثني بشر بن محمد
بن أبان بن مسلم قال حدثني عبد الملك بن وهب المذحجي الكوفي عن
الحر بن التياح النخعي عن أبيه عن معبد الخزاعي ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
خرج ليلة هاجر من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر رحمه الله وعامر
بن فهيرة وفي رواية أخرى قال وحدثنا مكرم بن محرز المهدي بن
عبد الرحمن بن عمرو بن خويلد الخزاعي قال حدثني أبي محرز بن المهدي عن
حزام بن هشام وحبيش عن أبيه هشام عن جده حبيش بن خالد صاحب
النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه صلى الله عليه وآله وسلم حين اخرج منها مهاجرا إلى المدينة
هو وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن
أريقط فمروا على خيمة أم معبد الخزاعية وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي
بفناء الكعبة ثم تسقى وتطعم فسألوها لحما وثمرا ليشتروه منها فلم يصيبوا
عندها شيئا من ذلك وكان القوم مرملين مسنتين فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
إلى شاة في كسر الخيمة فقال ما هذه يا أم معبد قالت شاة خلفها الجهد
43

عن الغنم قال هل بها من لبن قالت هي اجهد من ذلك قال أتأذنين لي
ان أحلبها قالت بأبي وأمي أنت نعم ان رأيت بها من حلب فاحلبها فدعا
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالشاة فمسح ضرعها وسمى الله ودعا لها في شاتها
فتفاجت عليه ودرت واجترت ودعا بإناء يربص الرهط فحلب فيه ثجا
حتى غلبه الثمال ثم سقاها حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا ثم شرب
آخرهم وقال ساقي القوم آخرهم فشربوا جميعا عللا بعد نهل ثم أراضوا ثم
حلب فيه ثانيا عودا على بدء حتى ملا الاناء ثم غادره عندها وبايعها
وارتحلوا عنها فقل ما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا حيلا
عجافا هزالا مخهن قليل ولا نقى بهن فلما رأى أبو معبد اللبن عجب وقال
من أين هذا يا أم معبد والشاة عازبة حيال ولا حلوبة في البيت فقالت لا
والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت قال صفيه
لي يا أم معبد فقالت رأيت رجلا ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن
الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزر به صقلة وسيما قسيما في عينيه دعج وفي أشفاره
وطف وفي صوته صحل وفي عنقه سطع وفي لحيته كثاثة أحور أكحل أزج
اقرن ان صمت فعليه الوقار وان تكلم سما وعلاه البها فهو أجمل الناس
وأبهاه من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب حلو المنطق فصل لا نزر ولا
هذر منطقه خرزات نظم يتحدرن ربعة ولا تشنؤه من طول ولا
تقتحمه العين من قصر غصن بين غصنين فهو انظر الثلاثة منظرا وأحسنهم
قدا له رفقاء يحفون به ان قال انصتوا لقوله وان أمر تبادروا إلى امره
محفود محشود لا عابس ومفند صلى الله عليه وآله وسلم قال أبو معبد هو والله
صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره بمكة ما ذكر ولو كنت وافقته
44

لالتمست صحبته ولأفعلن ان وجدت إلى ذلك سبيلا قال وأصبح صوت
بمكة عاليا بين السماء والأرض يسمعون الصوت ولا يدرون من يقوله
وهو يقول
جزى الله رب الناس خير جزائه * رفيقين قالا خيمة أم معبد
هما نزلا بالبر وارتحلا به * ففاز الذي امسى رفيق محمد
فيا لقصي ما زوى الله عنكم
به من فعال لا يجارى وسؤدده
ليهن بني كعب مقام فتاتهم * ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا اختكم عن شاتها وإنائها * فإنكم ان تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت * له عن صريح ضرة الشاة مزبد
فغادرها رهنا لديها لحالب * يرددها في مصدر ثم مورد
قال فأصبح الناس قد فقدوا نبيهم (ص) واخذوا على خيمة أم
معبد حتى لحقوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاجابه حسان بن ثابت
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم * وقدس من يسري إليهم ويغتدي
ترحل عن قوم فضلت عقولهم * وحل على قوم بنور مجدد
هداهم به بعد الضلالة ربهم * وأرشدهم من يتبع الحق يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا * بهاد يقتدي به كل مهتدي
وقال ابن أبو سعد في روايته بكسا * عمى وهداه يقتدى كل مقتدى
(كذا ورد)
وقد نزلت منه على أهل يثرب * ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله * ويتلو كتاب الله في كل مشهد
فإن قال في يوم مقالة غائب * فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد
45

ليهن أبا بكر سعادة جده * بصحبته من يسعد الله يسعد
ويهن بني سعد مقام فتاتهم * ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سمعت محمد بن حبيب مولى بن هاشم يذكر عن أبي عبد الله محمد بن
زياد الأعرابي قال قيل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)
كيف لم يصف أحد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما وصفته أم معبد فقال لأن
النساء يصفن الرجال بأهوائهن فيجدن في صفاتهن
(قصة رؤيا رقيقة بنت نباتة وبلاغتها في قصصها)
حدثونا عن يعقوب بن محمد الزهري عن عبد العزيز بن ربيع وعن
أبي حويصة قال تحدث مخرمة بن نوفل ان أمه رقيقة بنت نباتة وكانت
لدة عبد المطلب قالت تتابعت على قريش سنون أقحلت الضرع وأرقت
العظم فبينا انا راقدة مهومة إذا بهاتف صيت بصوت صحل يقول معشر
قريش ان هذا النبي المبعوث منكم وهذا ابان نجومه فحي هل بالحيا
والخصب ألا فانظروا منكم رجلا طوالا عظاما ابيض بضا أوطف الأهداب
سهل الخدين له سنة تدعو إليه وفضل يدل عليه ألا فليدلف إليه من
كل بطن رجل ألا ثم ليسنوا من الماء وليلتمسوا الركن وليرتقوا أبا قبيس
ألا ليدع الرجل وليؤمن القوم ألا فافعلوا إذا ما شئتم قالت فأصبحت
ذلك على ذلك مفراة مذعورة قد قب جلدي ووله عقلي فقصصت رؤياي
فنمت في شعاب مكة فو الحرمة والحرم ان بقي بها أبطحي إلا قال هذا
شيبة الحمد فتتامت عنده قريش وانقض إليه من كل بطن رجل فتسنوا
والتمسوا الركن وارتقى أبا قبيس فطفق القوم يدفون حوله ما ان يستوسقهم
مهله حتى قر بذروته واستوكفوا جنابيه ومعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
46

وهو يومئذ غلام حين أيفع أو هم أو كرب فقام عبد المطلب فقال اللهم ساد
الخلة وكاشف الكربة أنت عالم غير معلم ومسؤول غير مبخل وهذه
عبداؤك واماؤك بعذرات حرمك يشكون إليك سنتهم التي اكلت الظلف
والخف اللهم وأمطرنا غيثا مريعا مغدقا قالت فما راموا والبيت حتى
انفجرت السماء بمائها وكظ الوادي فأسمعهم بثجيجه فسمعت شيخان
قريش وجلتها وهي تقول هنيئا لك أبا البطحاء هنيئا لك أي عاش بك
أهل البطحاء وفي ذلك تقول رقيقة
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا * وقد فقدنا الحياء واجلوذ المطر
فجاد بالماء جون له سيل * فانتعشت به الانعام والشجر
من من الله بالميمون طائره * وخير من بشرت يوما به مضر
مبارك الامر يستسقى الغمام به * ما في الأنام له شبه ولا خطر
(كلام امرأة أبي الأسود الدؤلي)
أبو صالح زكريا بن أبي صالح البلدي قال قال أبو محمد القشيري كان
أبو الأسود الدؤلي من أكبر الناس عند معاوية بن أبي سفيان وأقربهم
مجلسا وكان لا ينطق إلا بعقل ولا يتكلم إلا بعد فهم فبينا هو ذات
يوم جالسا وعنده وجوه قريش واشراف العرب إذ أقبلت امرأة أبي
الأسود الدؤلي حتى حاذت معاوية وقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين
ورحمة الله وبركاته ان الله جعلك خليفة في البلاد ورقيبا على العباد
يستسقى بك المطر ويستثبت بك الشجر وتؤلف بك الأهواء ويأمن
بك الخائف ويردع بك الجانف فأنت الخليفة المصطفى والامام المرتضى
فاسأل الله لك النعمة في غير تغيير والعافية من غير تعذير لقد ألجأني إليك
47

يا أمير المؤمنين أمر ضاق علي فيه المنهج وتفاقم علي فيه المخرج لأمر
كرهت عاره لما خشيت اظهاره فلينصفني أمير المؤمنين من الخصم فاني
أعوذ بعقوته من العار الوبيل والامر الجليل الذي يشتد على الحرائر
ذوات البعول الا جائر فقال لها معاوية ومن بعلك هذا الذي تصفين
من امره المنكر ومن فعله المشهر قال فقالت هو أبو الأسود الدؤلي قال
فالتفت إليه فقال يا أبا الأسود ما تقول هذه المرأة قال أبو الأسود
هي تقول من الحق بعضا ولن يستطيع أحد عليها نقضا أما ما ذكرت من
طلاقها فهو حق وأنا مخبر أمير المؤمنين عنه بالصدق والله يا أمير المؤمنين
ما طلقتها عن ريبة ظهرت ولا لأي هفوة حضرت ولكني كرهت شمائلها
فقطعت عنى حبائلها فقال معاوية وأي شمائلها يا أبا الأسود كرهت قال
يا أمير انك مهيجها علي بجواب عتيد ولسان شديد فقال له
معاوية لا بد لك من محاورتها فاردد عليها قولها عند مراجعتها فقال أبو
الأسود يا أمير المؤمنين انها كثيرة الصخب دائمة الذرب مهينة للأهل
مؤذية للبعل مسيئة إلى الجار مظهرة للعار ان رأت خيرا كتمته ورأت
شرا إذاعته قال فقالت والله لولا مكان أمير المؤمنين وحضور من
حضره من المسلمين لرددت عليك بوادر كلامك بنوافذ أقرع كل سهامك
وان كان لا يجمل بالمرأة الحرة ان تشتم بعلا ولا ان تظهر لاحد جهلا
فقال معاوية عزمت عليك لما أجبته قال فقالت يا أمير المؤمنين ما علمته
إلا سؤلا جهولا ملحا بخيلا ان قال فشر قائل وان سكت فذو دغائل
ليث حين يأمن وثعلب حين يخاف شحيح حين يضاف ان ذكر الجود
انقمع لما يعرف من قصر رشائه ولؤم ابائه ضيفه جائع وجاره ضائع
48

لا يحفظ جارا ولا يحمي ذمارا ولا يدرك ثارا أكرم الناس عليه من أهانه
وأهونهم عليه من أكرمه قال فقال معاوية سبحان الله لما تأتي به هذه
المرأة من السجع قال فقال أبو الأسود أصلح الله أمير المؤمنين انها مطلقة
ومن أكثر كلاما من مطلقة فقال لها معاوية إذا كان رواحا فتعالي أفصل
بينك وبينه بالقضاء قال فلما كان الرواح جاءت ومعها ابنها قد احتضنته
فلما رآها أبو الأسود قام إليها لينتزع ابنه منها فقال له معاوية يا أبا الأسود
لا تعجل المرأة ان تنطق بحجتها قال يا أمير المؤمنين انا أحق بحمل ابني
منها فقال له معاوية يا أبا الأسود دعها تقل فقال يا أمير المؤمنين حملته قبل
ان تحمله ووضعته قبل ان تضعه قال فقالت صدق والله يا أمير المؤمنين
حمله خفا وحملته ثقلا ووضعه بشهوة ووضعته كرها ان بطني لوعاؤه وان
ثديي لسقاؤه وان حجري لفناؤه قال فقال معاوية سبحان الله لما تأتين
به فقال أبو الأسود انها تقول الأبيات من الشعر فتجيدها قال فقال
معاوية انها قد غلبتك في الكلام فتكلف لها أبياتا لعلك تغلبها قال فأنشأ
أبو الأسود يقول
مرحبا بالتي تجور علينا * ثم سهلا بالحامل المحمول
أغلقت بابها علي وقالت * ان خير النساء ذات البعول
شغلت نفسها علي فراغا * هل سمعتم بالفارغ المشغول
قال فأجابته وهي تقول
ليس من قال بالصواب وبالحمق كمن جار عن منار السبيل
كان ثديي سقاءه حين يضحى * ثم حجري فناؤه بالأصيل
لست لست أبغي بواحدي يا بن حرب * بدلا ما علمته والخليل
49

قال فأجابها معاوية
ليس من غذاه حينا صغيرا * وسقاه من ثديه بخذول
هي أولى به وأقرب رحما * من أبيه بالوحي والتنزيل
أم ما حنت عليه وقامت * هي أولى بحمل هذا الضئيل
قال فقضى لها معاوية عليه واحتملت ابنها وانصرفت
(كلام صفية بنت هشام المنقرية)
حدثني أبو الحسن بن الأعرابي الكوفي قال حدثني أبو خالد يزيد بن
يحيى الخزاعي عن محمد بن مسلمة عن أبيه قال توفي الأحنف في دار عبد
الله بن أبي العصيفير بالكوفة وكان مصعب بن الزبير إذ ذاك أميرا على
الكوفة من قبل أخيه عبد الله بن الزبير قال فشيع مصعب بن الزبير
جنازة الأحنف فخرج متسلبا في قميص بغير رداء وكانت الامراء تفعل
ذلك بالسيد إذا مات قال فلما دفن الأحنف أقبلت صفية بنت هشام
المنقرية على نجيب لها متخصرة وكانت بنت عم الأحنف حتى وقفت
على قبره فقالت لله درك من مجن في جنن ومدرج في كفن انا لله وانا
إليه راجعون جعل الله سبيل الخير سبيلك ودليل الرشد دليلك أما والذي
أسأله ان يفسح لك في مدخلك وان يبارك لك في محشرك والذي
كنت من أجله في عدة ومن الكآبة في مدة ومن الأثرة إلى نهاية ومن
الضمار إلى غاية لقد كنت صحيح الأديم منيع الحريم عظيم السلم فاضل الحلم
واري الزناد رفيع العماد وان كنت لمسودا والى الملوك لموفدا وفي المحافل
شريفا وعلى الأرامل عطوفا وكانت الملوك لقولك مستمعين ولرأيك
متبعين ولقد عشت حميدا ودودا ومت شهيدا فقيدا أقبلت على الناس
50

بوجهها فقالت عباد الله ان أولياء الله في بلاده شهود على عباده وانا
لقائلون حقا ومثنون صدقا وهو أهل لطيب الثناء فعليه رحمة الله وبركاته
وما مثله في الناس إلا كما قال الشاعر في قيس بن عاصم
عليك سلام الله يا قيس بن عاصم * ورحمته ما شاء ان يترحما
فما كان قيس هلكه هلك واحد * ولكنه بنيان قوم تهدما
سلام امرئ أودعته منك نعمة * إذا زار عن شحط بلادك سالما
قال فتعجب الناس من كلامها وقال فصحاؤهم تالله ما رأينا كاليوم قط
ولا سمعنا أفصح ولا أبلغ من هذه قال فبعث إليها مصعب بن الزبير
فخطبها إلى نفسه فأبت عليه فما زال يتعاهدها ببره حتى قتل
(السجستاني) عن الأصمعي عن أبان بن تغلب قال أتيت المقابر فإذا انا
بصبية قد كادت تخفى بين قبرين لطافة وإذا هي تنظر بعين جؤذر
فبينا هي كذلك إذ بدت لها كفان كأنهما لسان طائر بأطراف كأنها
المداري وخضاب كأنه عنم ثم هبت الريح فرفعت عن برقعها فإذا بيضة
نعام تحت أم رئال ثم قالت اللهم انك لم تزل قبل كل شئ وأنت بعد
كل شئ وقد خلقت والدي قبلي وخلقتني بعدهما فآنستني بقربهما ما شئت
ثم أوحشتني منهما إذ شئت اللهم فكن لي منهما مؤنسا وكن لي بعدهما
حافظا قال فقلت يا صبية أعيدي لفظك فلم تسمع ومرت في كلامها ثم
أعدت عليها فنظرت ثم قالت يا شيخ والله ما انا لك بمحرم فتحادثني
محادثة أهلك أهلك أولى بك قال فاستخفيت بين القبور مستحييا مما
قالت لي ثم سألت عنها فإذا هي أيم فاتيت صديقا لي فقلت له هل لك في أن
يلم الله شعثك ويقر عينك قال وما ذاك قال فوصفت له الجارية وما
51

رأيت من عقلها وسمعت من كلامها فقلت له أبغض من مالك عشرة
آلاف درهم فاني أرجو ان تكون أحمد مالك عاقبة قال فقال قد فعلت
فخرجنا جميعا انا وهو حتى اتينا الخباء فإذا نحن بعمها فعرضنا عليه ذلك
فقال يا هؤلاء والله ما لنا في أمورنا ولا أنفسنا شئ معها فكيف فيها ولكن
أعرضوا عليها ما وصفتم ثم دخل الخباء فقال ها هي ذه قد خرجت تسمع
ما تقولون قال فجلست خلف سجف لها ثم قالت اللهم حي العصابة بالسلام
وأجزل لهم الثواب في دار المقام قل يا عم فاقبل عليها عمها فقال أي
مفداة هذا عمك ونظير أبيك وقد خطبك علي ابن عمك نظيرك وقد
بذل لك من الصداق عشرة آلاف درهم قال فأقبلت عليه فقالت يا عم
أضرت بك الحاجة حتى طمعت طمعا أخل بمروءتك اتزوجني غلاما
حضريا يغلبني بفطنته ويصول علي بمقدرته ويمنن علي بتفضله ويقول يا هنة
بنت الهنة كلا ان الله واسع كريم قال فرجعنا والله مدحوضي الحجة
مردودين الحاجة (وقال الأصمعي) عن أبان بن تغلب قال سمعت
امرأة توصي ابنا لها وأراد سفرا فقالت أي بني أوصيك بتقوى الله فإن قليله
أجدى عليك من كثير عقلك وإياك والنمائم فإنها تورث الضغائن وتفرق
بين المحبين ومثل لنفسك مثال ما تستحسن لغيرك ثم اتخذه إماما وما تستقبح
من غيرك فاجتنبه وإياك التعرض للعيوب فتصير نفسك غرضا وخليق
ان لا يلبث الغرض على كثرة السهام وإياك والبخل بمالك والجود بدينك
فقالت أعرابية معها أسألك إلا زدته يا فلانة في وصيتك قالت أي والله
والعذر أقبح ما يعامل به الاخوان وكفى بالوفاء جامعا لما تشتت من الاخاء
ومن جمع الحلم والسخاء فقد استجاد الحلة والفجور أقبح حلة وأبقى عارا
52

(وقال) الأصمعي عن أبان بن تغلب قال أضللت إبلا لي فخرجت في
بغائها فإذا انا بجارية اعشي اشراق وجهها بصري فقالت ما لك يا عبد الله
وما بغيتك قلت ضللت إبلا لي فانا في طلبها فقالت أدلك على من
علمها عنده قلت إذا تستوجبي الأجر وتكتسبي الحمد والشكر فقالت سل
الذي أعطاكهن فهو الذي أخذهن منك من طريق اليقين لا من طريق
الاختبار فإنه ان شاء فعل قال فأعجبني ما رأيت من عقلها وسمعت
من فصاحتها فقلت لها ألك بعل فقالت كان ونعم البعل كان فدعى إلى ماله
خلق فأجاب فقلت لها فهل لك في بعل لا تذم خلائقه ولا تخاف بوائقه
قال فأطرقت طويلا ثم قالت
كنا كغصنين في ساق غذاؤهما * ماء الجداول في روضات جنات
فاجتث خيرهما من أصل صاحبه * دهر يكر بفرحات وترحات
وكان عاهدني ان خانني زمن * ان لا يضاجع أنثى بعد مثواتي
وكنت عاهدته أيضا فعاجله * ريب المنون قريبا مذ سنيات
فاصرف عتابك عمن ليس يردعها
عن الوفاء خلاب بالتحيات
(كلام جمعة وهند بنتا الخس)
قال محمد بن زياد الأعرابي أبو عبد الله وافت جمعه وهند بنتا الخس
عكاظ في الجاهلية فاجتمعا عند القلمس الكناني فقال لهما اني سائلكما
لاعلم أيكما أبسط لسانا وأظهر بيانا وأحسن للصفة إتقانا قالتا سلنا عما
بدا لك فستجد عندنا عقولا ذكية والسنة قوية وصفة جلية قال القلمس أي
الإبل أحب إليك يا جمعة قالت أحب كل قراسية دوسر ملاحك الخلق
عشنزر ململم مثل ملمومة المرمر ذي شقشقة مفرفر مصعب الون مدلى
53

المشفر قال القلمس كيف تسمعين يا هند قالت نعم الجمل هذا في الشقة
البعيدة والمسافة الشديدة وفي السباسب الجديبة وغيره أحب إلي قال
فقولي فقالت أحب كل ذي كاهل رفيع ملزز الخلق جميع محتمل ضليع
يقل الرغاء ويعتسف البيداء وينهض بالاعباء قال القلمس كلتاكما محسنة
فأي ذكور الإبل أبغض إليك يا جمعة قالت أبغض القصير القامة الصغير
الهامة السريع السآمة الأجب الظهر كالنعامة قال القلمس كيف تسمعين
يا هند قالت وصفت جملا غير فحل ولا نجيب ولا شهم ولا صليب ولا
رايع ولا عجيب وغيره أبغض إلي منه قال فقولي قالت أبغض الضعيف
المضطرب الذي كل حمل عليه تعب قال القلمس كلتاكما محسنة فأي النوق
أحب إليك يا جمعة قالت أحب كل ناقة علكوم علنداة كتوم مثل الجمل
الحجوم العظيم العيهوم يخلط بين الشد والرسيم في تيه المهامه والديموم قال
القلمس كيف تسمعين يا هند قالت هذه صفه ناقة صاحبها خليق ان لا يهمه
سفر ولا يسبقه خبر ولا يهوله خطر ولا يفوته ظفر وغيرها أحب إلي منها
قال فقولي قالت أحبها ضخمة مثل الجوسق شدقها مثل شدق النقنق
مدمج خلقها موثق كثيرة الهباب ناجية الذهاب وشيكة الإياب قال
القلمس كلتاكما محسنة فأي ذكور الخيل أحب إليك يا جمعة قالت أحب
المنسوب جده الأسيل خده السريع شده الطويل مده الشديد هده الجميل
قده قال القلمس كيف تسمعين يا هند قالت هذا فرس خليق ان طلب لم
يلحق وان جورى لم يسبق وان بوهى لم يفق وغيره أحب إلي منه قال
فقولي قالت أحب الوثيق الخلق الكريم العرق الكثير السبق الشديد الذلق
يمر من البرق قال كلتاكما محسنة فأي إناث الخيل أحب إليك يا جمعة
54

قالت أحب كل حيية الفؤاد سبوح جواد سلسة القياد شديدة الاعتماد في
الدفع والاشتداد ذات هباب وثماد قال القلمس كيف تسمعين يا هند
قالت هذه فرس صاحبها خليق ان لا يفوته أمر ويهوله ذعر إذا شاء
كر وإذا هاب فر وغيرها أحب إلي منها قال فقولي قالت أحب الشديد
أسرها البعيد صبرها القليل فترها الجميل قدرها السريع مرها المخوف كرها
قال القلمس كلتاكما محسنة فأي ذكور الخيل أبغض إليك يا جمعة قالت
أبغض كل بليد وارم الوريد ذا وكال شديد لا ينجيك هاربا ولا تظفر
به طالبا ولا يسرك شاهدا ولا غائبا قال القلمس كيف تسمعين يا هند
قالت هذا فرس امساكه بلاء وعلاجه عناء وركوبه شقاء وغيره أبغض
إلي منه قال فقولي قالت أبغض السريع البهر البطئ الحصر السكيت
الطفر قال القلمس كلتاكما محسنة فأي المعزى أحب إليك يا جمعة قالت
أحب ذات الزنمتين المنفوخة الجنبين المذكرة القرنين الدقيقة الطبيين تروى
الولدين وتشبع أهل البيتين قال القلمس كيف تسمعين يا هند قالت هذه
عنز رجل خليق ان تمتلئ أوطابه ويدوم شرابه ويخصب أصحابه وغيرها
أحب إلي منها قال فقولي قالت أحب ذات الضرع العريض ثقيل في
الربيض مترع يفيض ليس بمنزوف ولا مغيض قال كلتاكما محسنة فأي
السحاب أحسن في عينك يا جمعة قالت أحب كل ركام ملتف أسحم
رجاف مسف يكاد يمسه من قام بالكف قال كيف تسمعين يا هند قالت
وصفت سحابا مسترخى العزالى كثير التهاطل غزير السجال وغيره أحب
إلي منه قال فقولي قالت أحب كل صبير دلاح مثعنجر نضاح متجاوب
النواحي كأن برقه ضوء مصباح قال القلمس كلتاكما محسنة فأي النساء
55

أحب إليك يا جمعة قالت أحب الغريرة العذراء الرعبوبة العيطاء الممكورة
اللفاء ذات الجمال والبهاء والستر والحياء البضة الرخصة كأنها فضة بيضاء
قال كيف تسمعين يا هند قالت وصفت جارية هي حاجة الفتى ونهية
الرضاء وغيرها أحب إلي منها قال فقولي قالت أحب كل مشبعة الخلخال
ذات شكل ودلال وظرف وبهاء وجمال قال القلمس كلتاكما محسنة فأي
النساء أبغض إليك جمعة قالت أبغض كل سلفع بذية جاهلة غبية حريصة
دنية غير كريمة ولا سرية ولا ستيرة ولا حيية قال كيف تسمعين يا هند
قالت وصفت امرأة صاحبها خليق ان لا تصلح له حال ولا ينعم له بال
ولا يثمر له مال وغيرها أبغض إلي منها قال فقولي قالت أبغض المتجرفة
الشوهاء المنفوحة الكبداء العنفص الوقصاء الحمشة الزلاء التي ان ولدت
لم تنجب وان زجرت لم تعتتب وان تركت طفقت تصخب القلمس
كلتاكما محسنة فأي الرجال أحب إليك جمعة قالت أحب الحر النجيب
السهل القريب السمح الحسيب الفطن الأريب المصقع الخطيب الشجاع
المهيب قال القلمس كيف تسمعين يا هند قالت وصفت رجلا سيدا جوادا
ينهض إلى الخير صاعدا ويسرك غائبا وشاهدا وغيره أحب إلي منه
قال فقولي قالت أحب الرحب الزراع الطويل الباع السخي النفاع المنيع
الدفاع والدهمثي المطاع البطل الشجاع الذي يحل باليفاع ويهين في الحمد
المتاع قال كلتاكما محسنة فأي الرجال أبغض إليك يا جمعة قالت أبغض
السأالة اللئيم البغيض الزنيم الأشوه الدميم الظاهر العصوم الضعيف الحيزوم
قال كيف تسمعين يا هند قالت ذكرت رجلا خطره صغير وخطبه يسير
وعيبه كثير وأنت ببغضه جدير وغيره أبغض إلي منه قال فقولي قالت
56

أبغض الضعيف النخاع القصير الباع الأحمق المضياع الذي لا يكرم ولا
يطاع قال القلمس كلتاكما محسنة فهل تقولان من الشعر شيئا قالتا نعم
قال فقولي يا جمعة فقالت
أشد وجوه القول عند ذوي الحجى * مقالة ذي لب يقول فيوجز
وأفضل غنم يستفاد ويبتغي * ذخيرة عقل يحتويها ويحرز
وخير خلال المرء صدق لسانه * وللصدق فضل يستبين ويبرز
وانجازك الموعود من سبب الغنى * فكن موفيا بالوعد تعطى وتنجز
ولا خير في حريريك بشاشة * ويطعن من خلف عليك ويلمز
إذا المرء لم يسطع سياسة نفسه * فان به عن غيرها هو أعجز
وكم من وقور يقمع الجهل حلمه * وآخر من طيش إلى الجهل يجمز
وكم من أصيل الرأي طلق لسانه * بصير بحسن القول حين يميز
وآخر مأفون يلوك لسانه * ويعجن بالكوعين نوكا ويخبز
وكم من أخي شر قد أوثق نفسه * وآخر ذخر الخير يحوي ويكنز
يفر الفتى والموت يطلب نفسه * سيدركه لا شك يوما فيجهز
قال القلمس قد أحسنت يا جمعة فقولي أنت يا هند فقالت
وجدت وخير القول في الحكم نافع * ذوي الطول مما قد يعم ويلبس
وليس الفتى عندي بشئ أعده * إذا كان ذا مال من العقل مفلس
وذو الجبن مما يسعر الحرب نفخه * يهيج منها نارها ثم يخنس
وكم من كثير المال يقبض كفه * وكم من قليل المال يعطي ويسلس
وكم من صغير تزدريه لعله * يهيج كبيرا شره متبجس
وكم من مراء ذي صلاح وعفة * يخاتل بالتقوى هوى الذئب الأملس
57

وآخر ذي طمرين صاحب نية * يجود باعمال التقى ثم ينفس
وكم من سفيه للجماعة مفسد * يدب لشر بينهم ويوسوس
وذو الظلم مذموم النثا ظاهر الخنا * غنى عن الحسنى وبالشر يعرس
قال القلمس قد أحسنتما فزيديني يا جمعة قالت
رأيت بني الدنيا كأحلام نائم * وكالفئ يدنو ظله ثم يقلص
وكل مقيم في الحياة وعيشها * بلا شك يوما انه سوف يشخص
يفر الفتى من خشية الموت والردى * وللموت حتف كل حي سيغفض
اتاه حمام الموت يسعى بحتفه * وقد كان مغرورا بدنيا تربص
كأنك في دار الحياة مخلد * وقد بان منها من مضى وتقنصوا
لقد أفسد الدنيا وعيش نعيمها * فجائع تترى تعترى وتنغص
ألا رب مرزوق بغير تكلف * وآخر محروم يجد ويحرص
فقالت هند
لقد أيقنت نفس غير باطل * وان عاش حينا انه سوف يهلك
ويشرب بالكأس الذعاف شرابها * ويركب حد الموت كرها ويسلك
وكم من اخى دنيا يثمر ماله * سيورث ذاك المال رغما ويترك
عليك بأفعال الكرام ولينهم * ولا تك مشكاسا تلج وتمحك
ولا تك مزاحا لدى القوم لعبة * تظل أخا هزء بنفسك يضحك
تخوض بجهل سادرا في فكاهة * وتدخل في غي الغواة وتشرك
ألا رب ذي حظ يبصر فعله * وآخر مصروف في الحظ يؤفك
فقال احسنتما واجملتما فبارك الله فيكما ووصلهما وحباهما
58

(كلام آمنة بنت الشريد)
قال حدثنا العباس بن بكار قال حدثنا أبو بكر الهذلي عن الزهري
وسهل بن أبي سهل التميمي عن أبيه قالا لما قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام)
بعث معاوية في طلب شيعته فكان في من طلب عمر بن الحمق
الخزاعي فراغ منه فأرسل إلى امرأته آمنة بنت الشريد فحبسها في سجن
دمشق سنتين ثم أن عبد الرحمن بن الحكم ظفر بعمر بن الحمق في بعض
الجزيرة فقتله وبعث برأسه إلى معاوية وهو أول رأس حمل في الاسلام
فلما اتى معاوية الرسول بالرأس بعث به إلى آمنة في السجن وقال للحرسي احفظ
ما تكلم به حتى تؤديه إلي واطرح الرأس في حجرها ففعل هذا فارتاعت
له ساعة ثم وضعت يدها رأسها وقالت وا حزنا لصغره في دار هوان
وضيق من ضيمه سلطان نفيتموه عني طويلا واهديتموه إلي قتيلا فاهلا
وسهلا بمن كنت له غير قالية وأنا له اليوم غير ناسية ارجع به أيها الرسول
إلى معاوية فقل له ولا تطوه دونه أيتم الله ولدك وأوحش منك أهلك
ولا غفر لك ذنبك فرجع الرسول إلى معاوية فأخبره بما قالت فأرسل
إليها فأتته وعنده نفر فيهم اياس حسل أخو مالك بن حسل وكان
في شدقيه نتوء عن فيه لعظم كان في لسانه وثقل إذا تكلم فقال لها
معاوية أأنت يا عدوة الله صاحبة الكلام الذي بلغني قالت نعم غير
نازعة ولا معتذرة منه ولا منكرة له فلعمري لقد اجتهدت في الدعاء
ان نفع الاجتهاد وان الحق لمن وراء العباد وما بلغت شيئا من جزائك
وان الله بالنقمة من ورائك فاعرض عنها معاوية فقال اياس اقتل هذه
يا أمير المؤمنين فوالله ما كان زوجها أحق بالقتل منها فالتفتت إليه فلما
59

رأته ناتئ الشدقين ثقيل اللسان قالت تبا لك ويلك بين لحيتيك كجثمان
الضفدع ثم أنت تدعوه إلى قتلي كما قتل زوجي بالأمس ان تريد إلا ان
تكون جبارا في الأرض وما تريد ان تكون من المصلحين فضحك معاوية
ثم قال لله درك اخرجي ثم لا اسمع بك شئ من الشام قالت وأبي
لأخرجن ثم لا تسمع لي في شئ من الشام فما الشام لي بحبيب ولا اعرج
فيها على حميم وما هي لي بوطن ولا أحن فيها إلى سكن ولقد عظم فيها
ديتي وما قرت فيها عيني وما أنا فيها إليك بعائدة ولا حيث كنت
بحامدة فأشار إليها ببنانه اخرجي فخرجت وهي تقول واعجبي لمعاوية يكف
عني لسانه ويشير إلى الخروج ببنانه أما والله ليعارضنه عمرو بكلام
مؤيد سديد أوجع من نوافذ الحديد أو ما أنا بابنة الشريد فخرجت وتلقاها
الأسود الهلالي وكان رجلا اسود أصلع اسلع اصعل فسمعها وهي تقول
ما تقول فقال لمن تعني هذه الأمير المؤمنين تعني عليها لعنة الله فالتفتت
إليه فلما رأته قالت خزيا لك وجدعا أتلعنني واللعنة بين جنبيك وما بين
قرنيك إلى قدميك اخسأ يا هامة الصعل ووجه الجعل فأذلل بك نصيرا
واقلل بك ظهيرا فبهت الأسلع ينظر إليها ثم سأل عنها فأخبر فاقبل إليها
معتذرا خوفا من لسانها فقالت قد قبلت عذرك وان تعد أعد ثم لا استقيل
ولا أراقب فيك فبلغ ذلك معاوية فقال زعمت يا اسلع انك لا تواقف
من يغلبك أما علمت أن حرارة المتبول ليست بمخالسة نوافذ الكلام عند
مواقف الخصام أفلا تركت كلامها قبل البصبصة منها والاعتذار إليها
قال أي والله يا أمير المؤمنين لم أكن أرى شيئا من النساء يبلغ من معاضيل
الكلام ما بلغت هذه المرأة حالستها فإذا هي تحمل قلبا شديدا ولسانا
60

حديدا وجوابا عتيدا وهالتني رعبا وأوسعتني سبا ثم التفت معاوية إلى
عبيد بن أوس فقال ابعث لها ما تقطع به عنا لسانها وتقضي به ما ذكرت
من دينها وتخف به إلى بلادها وقال اللهم اكفني شر لسانها فلما أتاها
الرسول بما أمر به معاوية قالت يا عجبي لمعاوية يقتل زوجي ويبعث إلي
بالجوائز فليت أبي كرب سد عني حره صله خذ من الرضعة ما عليها
فأخذت ذلك وخرجت تريد الجزيرة فمرت بحمص فقتلها الطاعون فبلغ
ذلك الأسلع فاقبل إلى معاوية كالمبشر له فقال له أفرخ روعك يا أمير
المؤمنين قد استجيبت دعوتك في ابنة الشريد وقد كفيت شر لسانها
قال وكيف ذلك قال مرت بحمص فقتلها الطاعون فقال له معاوية فنفسك
فبشر بما أحببت فإن موتها لم يكن على أحد أروح منه عليك ولعمري
انتصفت منها حين أفرغت عليك شؤبوبا وبيلا فقال الأسلع ما أصابني
من حرارة لسانها شئ إلا وقد أصابك مثله أو أشد منه
(كلام امرأة من بني ذكوان في مجلس معاوية)
قال حدثني عبد الله بن الضحاك الهدادي قال حدثنا هشام بن محمد
عن عوانه وحدثني محمد بن عبد الرحمن بن القاسم التميمي عن أبيه عن
خالد بن سعيد عن رجل من بني أمية قال حضرت معاوية يوما وقد
اذن للناس اذنا عاما فدخلوا عليه لمظالمهم وحوائجهم فدخلت امرأة كأنها
قلعة ومعها جاريتان لها فحدرت اللثام عن لون كأنما أشرب ماء الدر في
حمرة التفاح ثم قالت الحمد لله يا معاوية الذي خلق اللسان فجعل فيه البيان
ودل به على النعم واجري به القلم فيما أبرم وحتم ودرأ وبرأ وحكم وقضا
صرف الكلام باللغات المختلفة على المعاني المتفرقة ألفها بالتقديم والتأخير
61

والاشباه والمناكر والموافقة والتزايد فأدته الاذان القلوب وأدته
القلوب إلى الألسن بالبيان استدل به على العلم وعبد به الرب وأبارم به
الامر وعرفت به الاقدار وتمت به النعم فكان من قضاء الله وقدره ان
قربت زيادا وجعلت له بين آل سفيان نسبا ثم وليته احكام العباد يسفك
الدماء بغير حلها ولا حقها ويهتك الحرم بلا مراقبة الله فيها خؤون غشوم
كافر ظلوم يتخير من المعاصي أعظمها لا يرى لله وقارا ولا يظن أن
له معادا وغدا يعرض عمله في صحيفتك وتوقف على ما اجترم بين يدي
ربك ولك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسوة وبينك وبينه صهر فلا الماضين
من أئمة الهدى اتبعت ولا طريقتهم سلكت جعلت عبد ثقيف على رقاب
أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يدبر أمورهم ويسفك دماءهم فماذا تقول لربك
يا معاوية وقد مضى من اجلك أكثره وذهب خيره وبقي وزره إني امرأة
من بني ذكوان وثب زياد المدعى إلى أبي سفيان على ضيعتي ورثتها
عن أبي وأمي فغصبنيها وحال بيني وبينها وقتل من نازعه فيها من رجالي
فاتيتك مستصرخة فإن أنصفت وعدلت وإلا وكلتك وزياد إلى الله
عز وجل فلن تبطل ظلامتي عندك ولا عنده والمنصف لي منكما حكم عدل
فبهت معاوية ينظر إليها متعجبا من كلامها ثم قال ما لزياد لعن الله زيادا
فإنه لا يزال يبعث على مثالبه من ينشرها وعلى مساويه من يثيرها ثم أمر
كاتبه بالكتاب إلى زياد يأمره بالخروج إليها من حقها وإلا صرفه مذموما
مدحورا ثم أمر لها بعشرين ألف درهم وعجب معاوية وجميع من حضره
من مقالتها وبلوغها حاجتها
62

(كلام أم سنان بنت خيثمة بن خرشة)
قال حدثنا العباس بن بكار قال حدثني عبد الله بن سليمان المديني عن
أبيه عن سعيد بن حذافة قال حبس مروان بن الحكم غلاما من بني ليث
في جناية جناها بالمدينة فأتته جدة الغلام أم أبيه وهي أم سنان بنت
خيثمة بن خرشة المذحجية فكلمته في الغلام فاغلظ لها مروان فخرجت
إلى معاوية فدخلت عليه فانتسبت له فقال مرحبا بك يا بنت خيثمة
ما أقدمك أرضي وقد عهدتك تشنئين قربي وتحضين علي عدوي قالت
يا أمير المؤمنين ان لبني عبد مناف أخلاقا طاهرة واعلاما ظاهرة لا يجهلون
بعد علم ولا يسفهون بعد حلم ولا يتعقبون عفو فأولى الناس باتباع سنن
آبائه لأنت قال صدقت نحن كذلك فكيف قولك
عزب الرقاد فمقلتي ما ترقد * والليل يصدر بالهموم ويورد
يا آل مذحج لا مقام فشمروا * ان العدو لآل أحمد يقصد
هذا علي كالهلال يحفه * وسط السماء من الكواكب أسعد
خير الخلائق وابن عم محمد * وكفي بذاك لمن شناه تهدد
ما زال مذ عرف الحروب مظفرا * والنصر فوق لواءه ما يفقد
قالت كان ذلك يا أمير المؤمنين وانا لنطمع بك خلفا فقال رجل من
جلسائه كيف يا أمير المؤمنين وهي القائلة أيضا
اما هلكت أبا الحسين فلم تزل * بالحق تعرف هاديا مهديا
فاذهب عليك صلاة ربك ما دعت * فوق الغصون حمامة قمريا
قد كنت بعد محمد خلفا لنا * أوصى إليك بنا فكنت وفيا
فاليوم لا خلف نأمل بعده * هيهات نمدح بعده انسيا
63

قالت يا أمير المؤمنين لسان نطق وقول صدق ولئن تحقق فيك ظننا
فحظك أوفر والله ما أورثك الشناءة في قلوب المسلمين الا هؤلاء فادحض
مقالتهم وابعد منزلتهم فإنك ان فعلت ازددت بذلك من الله تبارك
وتعالى قربا ومن المؤمنين حبا قال وانك لتقولين ذلك قالت يا سبحان
الله والله ما مثلك من مدح بباطل ولا اعتذر إليك بكذب وانك لتعلم
ذلك من رأينا وضمير قلوبنا كان والله علي (عليه السلام) أحب إلينا من
غيره إذ كنت باقيا قال ممن قالت من مروان بن الحكم وسعيد بن
العاص قال وبم استحققت ذلك عليهم قالت بحسن حلمك وكريم عفوك
قال وانهما ليطمعان في قالت هما والله لك من الرأي على مثل ما كنت
عليه لعثمان رحمه الله قال والله لقد قاربت فما حاجتك قالت إن مروان
ابن الحكم تبنك بالمدينة تبنك من لا يريد البراح منها لا يحكم بعدل ولا
يقضي بسنة يتتبع عثرات المسلمين ويكشف عورات المؤمنين حبس ابن
ابني فأتيته فقال كيت وكيت فالقمته أخشن من الحجر والعفته
أمر من الصبر ثم رجعت إلى نفسي باللائمة فاتيتك يا أمير المؤمنين
لتكون من أمري ناظرا وعليه معديا قال صدقت لا أسألك عن ذنبه ولا
عن القيام بحجته اكتبوا لها باخراجه قالت يا أمير المؤمنين وأنى لي بالرجعة
وقد نفذ زادي وكلت راحتي فأمر لها براحلة موطأة وخمسة آلاف درهم
(كلام لنساء متفرقات)
إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال سمعت أعرابية تقول تيسروا للقاء الله
عز وجل فإن هذه الأيام تدرجنا ادراجا أحمد بن الحارث قال سمعت
أبا عبد الله بن الأعرابي يقول عن عثمان بن حفص الثقفي قال مر ذو
64

الإصبع العدواني بجوار يختلين في روضة من زهرتها فوقف ينظر إليهن
فقالت إحداهن امض لشأنك فوالله ما منك السوار قال وما ذاك قالت
رأيتك إذا جلست تهدمت وإذا قمت عجنت وإذا مشيت هدجت قال
أبو نصر النعامي سئلت بنت الخس عن المعزى فقالت طعم شهر وعناء
دهر قال وقيل لها اشترى أبوك ضأنا قالت هنيئا لأبي العناء وقرية
لا حمي لها قيل لها اشترى أبوك ابلا قالت هنيئا لأبي الجمال قيل اشترى
خيلا قالت هنيئا له العز بطونها كنز وظهورها عز قيل اشترى أبوك حمرا
قالت عازبة الليل خزي النهار
(كلام نائلة بنت الفرافصة)
وجدته في بعض الكتب ولم أروه عن أحد قال لما قتل عثمان بن عفان
مكث ثلاثا ثم دفن ليلا قال فغدت نائلة ابنة الفرافصة الكلبية زوجته
متسلبة في اطمار معها نسوة من قومها وغيرهم إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فاستقبلت القبلة بوجهها ووجهت إحدى نسوتها تستنهض الناس
لها قال فتقوضت الخلق نحوها وقد سدلت ثوبها على وجهها وألقت كمها
على رأسها حتى آذنوها باجتماع الناس قال فحمدت الله وأثنت عليه
وصلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قالت عثمان ذو النورين قتل
مظلوما بينكم بعد الاعتذار وان أعطاكم العتبى معاشر المؤمنة وأهل الملة
لا تستنكروا مقامي ولا تستكثروا كلامي فانى حرى عبرى رزئت جليلا
وتذوقت ثكلا من عثمان بن عفان ثالث الأركان من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم في الفضل عند تراجع الناس في الشورى يوم الارشاد فكان
الطبيب المرتضى المختار حتى لم يتقدمه متقدم ولم يشك في فضله متأثم
65

ألقوا إليه الأزمة وخلوه والأمة حين عرفوا له حقه وحمدوا مذاهبه
وصدقه فكان واحدهم غير مدافع وخيرتهم غير منازع لا ينكر له حسن
الغناء ولا عنه سماح النعماء إذ وصل أجنحة المسلمين حين نهضوا إلى رؤوس
أئمة الكفر حيث ركضوا فقلدوه الأمور إذ لم يكن فيهم له نظير فسلك
بهم سبيل الهدى وبالنبي وصاحبيه اقتدى مخسئا للشيطان إلى مداحره
مقصيا للعدوان إلى مزاحره تنقشع منه الطواغيت وتزايل عنه المصاليت
امتد له الدين واتصل به السبيل المستقيم ولحق الكفر بالاطراف قليل
الآلاف والاحلاف فتركه حين لا خير في الاسلام في افتتاح البلاد ولا
رأي لأهله في تجهيز البعوث فأقام يمدكم بالرأي ويمنعكم بالأدنى يصفح
عن مسيئكم في إساءته ويقبل محسنكم باحسانه ويكافيكم بماله ضعيف
الانتصار منكم قوي المعونة منكم فاستلنتم عريكته حين منحكم محبته وآجركم
آرسانكم آمنا جرأتكم وعدوانكم فأراهكموا الحق إخوانا وإراكموه الباطل
شيطانا في عقب سيرة من رأيتموه فظا وعددتموه غليظا قهركم منه بالقمع
وطاعتكم إياه على الجدع يعاملكم الحنة وتحولكم بالضرب وكان والله أعلم
بآدابكم ومصالحكم فلله هو قد نظر في ضمائركم وعرف إعلانكم
وسرائركم فحين فقدتم سطوته وأمنتم بطشته ورأيتم ان الطرق قد انشعبت
لكم والسبل قد اتصلت بكم ظننتم ان الله يصلح عمل المفسدين فعدوتم
عدوة الأعداء وشددتم شدة السفهاء على التقي النقي الخفيف بكتاب الله
عز وجل لسان الثقيل عند الله ميزانا فسفكتم دمه وانتهكتم حرمه واستحللتم منه
الحرم الأربع حرمة الاسلام وحرمة الخلافة وحرمة الشهر الحرام وحرمة البلد
الحرام فليعلمن الذين سعوا في امره ودبوا في قتله ومنعونا عن دفنه اللهم
66

ان بئس للظالمين بدلا وانهم شر مكانا واضعف جندا لتتعبدنكم الشبهات
ولتفرقن بكم الطرقات ولتذكرن بعدها عثمان ولا عثمان وكيف بسخط
الله من بعده وأين كنتم كعثمان ذي النورين منفس الكرب زوج ابنة
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصاحب البرمد ورومة هيهات والله ما مثله
بموجود ولا مثل فعله بمعدود يا هؤلاء انكم في فتنة عمياء صماء طباق
السماء ممتدة الحيران شوهاء العيان في لبس من الامر قد توزع كل ذي
حق حقه ويئس من كل خبر أهله فلهوات الشر فاغرة وآيات السوء
كاشرة وعيون الباطل خزر وأهله شزر ولئن نكرتم عثمان وبشعتم
الدعة لتنكرن غير ذلك من غيره حين لا ينفعكم عقاب ولا يسمع منكم
استعتاب ثم أقبلت بوجهها على قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت اللهم اشهد
أيا قبر النبي وصاحبيه * عذيري ان شكوت ضياع ثوبي
فاني لا سبيل فتنفعوني * ولا أيديكم في منع حوبي
ثم انصرفت باكية مسترجعة وتفرق الناس مع انصرافها
(كلام عائشة بنت عثمان ابن عفان)
قال كان علي بن أبي طالب (ع) في ماله بينبع فلما قتل عثمان
بن عفان خرج عنق من الناس يتساعون إلى علي (عليه السلام) تشتد بهم
دوابهم واستطاروا فرحا واستفزهم الجذل حتى قدموا به فبايعوه فلما بلغ
ذلك عائشة ابنة عثمان صاحت بأعلى صوتها يا ثارات عثمان انا لله وإنا
إليه راجعون أفيت نفسه وطل دمه في حرم رسول صلى الله عليه وآله وسلم ومنع
من دفنه اللهم ولو يشاء لامتنع ووجد من الله عز وجل حاكما ومن
المسلمين ناصرا ومن المهاجرين شاهدا حتى يفئ إلى الحق من صد عنه
67

أو تطيح هامات وتفرى غلاصم وتخاض دماء ولكن استوحش مما آنستم
به واستوخم ما استمرأتموه يا من استحل حرم الله ورسوله واستباح حماه
لقد نقمتم عليه أقل مما اتيتم إليه فراجع فلم تراجعوه واستقال فلم تقيلوه
رحمة الله عليك يا أبتاه احتسبت نفسك وصبرت لأمر ربك حتى لحقت
به وهؤلاء الان قد ظهر منهم تراوض الباطل واذكاء الشنآن وكوامن
الأحقاد وادراك الإحن والأوتار وبذلك وشيكا كان كيدهم وتبغيهم
وسعي بعضهم ببعض فما اقالوا عاثرا ولا استعتبوا مذنبا حتى اتخذوا ذلك
سببا في سفك الدماء وإباحة الحمى وجعلوا سبيلا إلى البأساء والعنت فهلا
علنت كلمتكم وظهرت حسكتكم إذ ابن الخطاب قائم على رؤوسكم ماثل
في عرصاتكم يرعد ويبرق بارعابكم يقمعكم غير حذر من
تراجعكم الأماني بينكم وهلا نقمتم عليه عودا وبدأ إذ ملك ويملك
عليكم من ليس منكم بالخلق اللين والجسم الفصيل يسعى عليكم
وينصب لكم لا تنكرون ذلك منه خوفا من سطوته وحذرا من شدته
ان يهتف بكم متقسورا أو يصرخ بكم متعذورا ان قال صدقتم قالته وان
سأل بذلتم سألته بحكم في رقابكم وأموالكم كأنكم عجائز صلع وإماء
قصع فبدأ معلنا لابن أبي قحافة بإرث نبيكم على بعد رحمه وضيق بلده
وقلة عدده فوقا الله شرها زعم لله دره ما اعرفه ما صنع أو لم يخصم الأنصار
بقيس ثم حكم بالطاعة لمولى أبي حذافة يتمايل بكم يمينا وشمالا قد خطب
عقولكم واستمهر وجلكم ممتحنا لكم ومعترفا اخطاركم وهل تسموا
هممكم إلى منازعته ولولا تيك لكان قسمه خسيسا وسعيه تعيسا لكن بدر
الرأي وثنى بالقضا وثلث بالشورى ثم غدا سامرا مسلطا درته على عاتقه
68

فتطأطأتم له تطأطأ الحقة ووليتموه ادباركم حتى علا اكتافكم فلم يزل
ينعق بكم في كل مرتع ويشد منكم على كل محنق لا ينبعث لكم هتاف ولا
يأتلف لكم شهاب يهجم عليكم بالسراء ويتورط بالحوباء عرفتم أو نكرتم
لا تألمون وتستنطقون حتى إذا عاد الامر فيكم ولكم وإليكم في مونقة
من العيش عرقها وشيج وفرعها عميم وظلها ظليل تتناولون من كثب ثمارها
أنى شئتم رغدا وحليت عليكم عشار الأرض دررا واستمرأتم أكلكم
من فوقكم ومن تحت أرجلكم في خصب غدق وامق شرق تنامون في
الخفض وتستلينون الدعة ومقتم زبرجة الدنيا وحرجتها واستحليتم
غضارتها ونضرتها وظننتم ان ذلك سيأتيكم من كثب عفوا ويتحلب
عليكم رسلا فانتضيتم سيوفكم وكسرتم جفونكم وقد أبى الله ان تشام
سيوف جردت بغيا وظلما ونسيتم قول الله عز وجل ان الانسان خلق هلوعا
إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا فلا يهنيكم الظفر ولا يستوطنن
بكم الحصر فإن الله بالمرصاد وإليه المعاد والله ما يقول الظليم إلا على
رجلين ولا ترن القوس إلا على سيتين فاثبتوا في الغرز أرجلكم فقد ضللتم
هداكم في المتيهة الحرقاء كما ضل أدحية الحسقل وسيعلم كيف تكون إذا
كان الناس عباديد وقد نازعتكم الرجال واعترضت عليكم الأمور
وساورتكم الحروب بالليوث وقارعتكم الأيام بالجيوش وحمى عليكم
الوطيس فيوما تدعون من لا يجيب ويوما تجيبون من لا يدعو وقد
بسط بأسطكم كلتا يديه يرى أنهما سبيل الله فيد مقبوضة وأخرى مقصورة
والرؤوس تنزو عن الطلى والكواهل كما ينقف التنوم فما أبعد نصر الله
من الظالمين واستغفر الله مع المستغفرين
69

(كلام فاطمة بنت عبد الملك)
أخبرنا محمد بن سعد قال أخبرنا السجستاني قال أخبرنا العتبي قال
حدثني حماد بن النضر عن محمد بن الليث عن عطا قال قلت لفاطمة
بنت عبد الملك أخبريني عن عمر بن عبد العزيز قالت افعل ولو كان
حيا ما فعلت ان عمر رحمه الله كان قد فرغ للمسلمين نفسه ولأمورهم ذهنه
فكان إذا أمسى مساء لم يفرغ فيه من حوائج يومه دعا بسراجه الذي
كان يسرج له من ماله ثم صلى ركعتين ثم أقعى واضعا رأسه على يديه
تسيل دموعه على خديه يشهق الشهقة يكاد ينصدع لها قلبه أو تخرج لها
نفسه حتى يرى الصبح وقد أصبح صائما فدنوت منه فقلت له يا أمير المؤمنين
الشئ منك ما كان قال اجل فعليك بشأنك وخلني بشأني فقلت
إني أرجو ان أيقظ قال اذن أخبرك انى نظرت فوجدتني قد وليت أمر
هذه الأمة أحمرها وأسودها ثم ذكرت الفقير الجائع والغريب الضائع
والأسير المقهور وذا المال القليل والعيال الكثير وأشياء من ذلك في أقاصي
البلاد وأطراف الأرض فعلمت ان الله عز وجل سائلي عنهم وان
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجيجي لا يقبل الله مني فيهم معذرة ولا
تقوم لي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجة فرحمت والله يا فاطمة
نفسي رحمة دمعت لها عيني ووجع لها قلبي فانا كلما ازددت ذكرا ازددت
خوفا فأيقظي أودعي
(كلام عكرشة بنت الأطش)
العباس بن بكار قال حدثنا أبو بكر الهذلي وعبد الله بن سليمان
عن عكرمة وقال حدثنا المقدمي باسناده عن الشافعي قالوا دخلت عكرشة
70

بنت الأطش على معاوية وبيدها عكاز في أسفله زج مسقى فسلمت عليه
بالخلافة وجلست فقال لها معاوية يا عكرشة الان صرت أمير المؤمنين
قالت نعم إذ لا علي حي قال ألست صاحبة الكور المسدول والوسيط
المشدود والمتقلدة بحمائل السيف وأنت واقفة بين الصفين يوم صفين تقولين
(يا أيها الناس عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ان الجنة
دار لا يرحل عنها من قطنها ولا يحزن من سكنها فابتاعوها بدار لا يدوم
نعيمها ولا تنصرم همومها كونوا قوما مستبصرين ان معاوية دلف إليكم
بعجم العرب غلف القلوب لا يفقهون الايمان ولا يدرون ما الحكمة دعاهم
بالدنيا فأجابوه واستدعاهم إلى الباطل فلبوه فالله الله عباد الله في دين الله
وإياكم والتواكل فإن في ذلك نقص عروة الاسلام واطفاء نور الايمان وذهاب
السنة واظهار الباطل هذه بدر الصغرى والعقبة الأخرى قاتلوا يا معشر
الأنصار والمهاجرين على بصيرة من دينكم واصبروا على عزيمتكم فكأني
بكم غدا قد لقيتم أهل الشام كالحمر النهاقة والبغال الشحاجة تضفع ضفع
البر وتروث روث العتاق. انتهت حكاية قولها ثم قال معاوية فوالله
لولا قدر الله وما أحب ان يجعل لنا هذا الامر لقد كان انكفأ على
العسكران فما حملك على ذلك قالت يا أمير المؤمنين ان اللبيب إذا كره
أمرا لم يحب اعادته قال صدقت اذكري حاجتك قالت أمير المؤمنين
ان الله قد رد صدقاتنا علينا ورد أموالنا فينا إلا بحقها وانا قد فقدنا ذلك
فما ينعش لنا فقير ولا يجبر لنا كسير فإن كان ذلك عن رأيك فما مثلك
من استعان بالخونة ولا استعمل الظالمين قال معاوية يا هذه انه تنوبنا أمور
هي أولى بنا منكم من بحور تنبثق وثغور تنفتق قالت يا سبحان الله ما فرض
71

الله لنا حقا جعل لنا فيه ضررا على غيرنا ما جعله لنا وهو علام الغيوب
قال معاوية هيهات يا أهل العراق فقهكم ابن أبي طالب فلن تطاقوا ثم أمر
لها برد صدقتها وانصافها وردها مكرمة
(كلام الدارمية الحجونية)
وقال المقدمي أبو إسحاق قال حج معاوية سنة من سنيه فسأل عن
امرأة يقال لها الدارمية الحجونية كانت امرأة سوداء كثيرة اللحم فأخبر
بسلامتها فبعث إليها فجئ بها فقال لها كيف حالك يا ابنة حام قالت
بخير ولست لحام إنما انا امرأة من قريش من بني كنانة ثمت من بني
أبيك قال صدقت هل تعلمين لم بعثت إليك قالت لا يا سبحان الله وانى
لي بعلم ما لم اعلم قال بعثت إليك ان أسألك علام أحببت عليا (عليه السلام)
وأبغضتيني وعلام واليتيه وعاديتيني قالت أو تعفيني من ذلك قال لا
أعفيك ولذلك دعوتك قالت فأما إذ أبيت فاني أحببت عليا (عليه السلام)
على عدله في الرعية وقسمه بالسوية وأبغضتك على قتالك من هو أولى
بالامر منك وطلبك ما ليس لك وواليت عليا (عليه السلام) على ما عقد له
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الولاية وحب المساكين واعظامه لأهل
الدين وعاديتك على سفكك الدماء وشقك العصا قال صدقت فلذلك
انتفخ بطنك وكبر ثديك وعظمت عجيزتك قالت يا هذا بهند (أم معاوية
(والله يضرب المثل لا انا قال معاوية يا هذه لا تغضبي فانا لم نقل إلا خيرا
انه ان انتفخ بطن المرأة تم خلق ولدها وإذا كبر ثديها حسن غذاء ولدها
وإذا عظمت عجيزتها رزن مجلسها فرجعت المرأة فقال لها هل رأيت عليا
قالت أي والله لقد رأيته قال كيف رأيته قالت لم ينفخه الملك ولم
72

تصقله النعمة قال فهل سمعت كلامه قالت نعم قال فكيف سمعته قالت
كان والله كلامه يجلو القلوب من العمى كما يجلو الزيت صداء الطست قال
صدقت هل لك من حاجة قالت وتفعل إذا سألت قال نعم قالت تعطيني
مئة ناقة حمراء فيها فحلها وراعيها قال ماذا تصنعين بها قالت اغذوا بألبانها
الصغار واستحنى بها الكبار واكتسب بها المكارم وأصلح بها بين عشائر
العرب قال فإن انا أعطيتك هذا أحل منك محل علي (عليه السلام) قالت
يا سبحان الله أو دونه أو دونه فقال معاوية
إذا لم أجد منكم عليكم * فمن ذا الذي بعدي يؤمل بالحلم
خذيها هنيئا واذكري فعل ماجد * حباك على حرب العداوة بالسلم
أما والله لو كان عليا ما أعطاك شيئا قالت أي والله ولا برة واحدة من
مال المسلمين يعطني ثم أمر لها بما سألت
(كلام جروة بنت مرة بن غالب)
أبو عبد الله محمد بن زكريا قال حدثنا العباس بن بكار قال حدثني
عبد الله بن سليمان المديني عن أبيه وسهيل التميمي عن أبيه عن عمته قالت
احتجم معاوية بمكة فلما امسى ارق ارقا شديدا فأرسل إلى جروة ابنة
غالب التميمية وكانت مجاورة بمكة وهي من بني أسيد بن عمرو بن تميم
فلما دخلت قال لها مرحبا يا جروة أرعناك قالت أي والله يا أمير المؤمنين
لقد طرقت في ساعة لا يطرق فيها الطير في وكره فأرعت قلبي وريع
صبياني وافزعت عشيرتي وتركت بعضهم يموج في بعض يراجعون القول
ويديرون الكلام خشية منك وشفقة علي فقال لها ليسكن روعك ولتطب
نفسك فإن الامر على خلاف ما ظننت إني احتجمت فاعقبني ذلك ارقا
73

فأرسلت إليك تخبريني عن قومك قالت عن أي قومي تسألني قال عن
بني تميم قالت يا أمير المؤمنين هم أكثر الناس عددا وأوسعه بلدا وابعده
أمدا هم الذهب الأحمر والحسب الأفخر قال صدقت فنزليهم لي قالت
يا أمير المؤمنين أما بنو عمرو بن تميم فأصحاب بأس ونجدة وتحاشد وشدة
لا يتخاذلون عند اللقاء ولا يطمع فيهم الأعداء سلمهم فيهم وسيفهم على
عدوهم قال صدقت ونعم القوم لأنفسهم قالت وأما بنو سعد بن زيد مناه
ففي العدد الأكثرون وفي النسب الأطيبون يضرون ان غضبوا ويدركون
ان طلبوا أصحاب سيوف وجحف ونزال وزلف على أن بأسهم فيهم
وسيفهم عليهم وأما حنظلة فالبيت الرفيع والحسب البديع والعز المنيع
المكرمون للجار والطالبون بالثار والناقضون للأوتار قال إن حنظلة شجرة
تفرع قالت صدقت يا أمير المؤمنين وأما البراجم فأصابع مجتمعة وكف
ممتنعة وأما طهية فقوم هوج وقرن لجوج واما بنو ربيعة فصخرة صماء
وحية رقشاء يغزون غيرهم ويفخرون بقومهم وأما بنو يربوع ففرسان
الرماح وأسود الصباح يعتنقون الاقران ويقتلون الفرسان واما بنو مالك
فجمع غير مفلول وعز غير مجهول ليوث هرارة وخيول كرارة وأما بنو
دارم فكرم لا يدانى وشرف يسامى وعز لا يوازى قال أنت اعلم الناس
بتميم فكيف علمك بقيس قالت كعلمي بنفسي قال فخبريني عنهم قالت
أما غطفان فأكثر سادة وامنع قادة واما فزاره فبيتها المشهور وحسبها
المذكور وأما ذبيان فخطباء شعراء أعزة أقوياء وأما عبس فجمرة لا تطفأ
وعقبة لا تعلى وحية لا ترقى وأما هوازن فحلم ظاهر وعز قاهر وأما سليم
ففرسان الملاحم وأسود ضراغم وأما نمير فشوكة مسمومة وهامة مذمومة
74

ورأية ملمومة وأما هلال فاسم فخم وعز قوم وأما بنو كلاب فعدد كثير
وفخر أثير قال لله أنت فما قولك في قريش قالت يا أمير المؤمنين هم ذروة
السنام وسادة الأنام والحسب القمقام قال فما قولك في علي (عليه السلام)
قالت جاز والله في الشرف حدا لا يوصف وغاية لا تعرف وبالله اسال
أمير المؤمنين اعفائي مما أتخوف قال قد فعلت وأمر لها بضيعة نفيسة غلتها
عشرة آلاف درهم
(كلام أم البراء بنت صفوان)
قال وحدثنا العباس قال حدثنا سهيل بن أبي سفيان التميمي عن أبيه
عن جعده بن هبيرة المخزومي قال استأذنت أم البراء بنت صفوان بن
هلال على معاوية فأذن لها فدخلت في ثلاثة دروع تسحبها قد كارت
على على رأسها كورا كهيئة المنسف فسلمت ثم جلست فقال كيف أنت يا بنت
صفوان قالت بخير يا أمير المؤمنين قال فكيف حالك قالت ضعفت بعد
جلد وكسلت بعد نشاط قال سيان بينك اليوم وحين تقولين
يا عمرو دونك صار ما ذا رونق * عضب المهزة ليس بالخوار
أسرج جوادك مسرعا ومشمرا * للحرب غير معرد لفرار
أجب الامام ودب تحت لواءه * وافر العدو بصارم بتار
يا ليتني أصبحت ليس بعورة * فأذب عنه عساكر الفجار
قالت قد كان ذاك يا أمير المؤمنين ومثلك عفا والله تعالى يقول عفا الله
عما سلف قال هيهات أما انه لو عاد لعدت ولكنه اخترم دونك فكيف
قولك حين قتل قالت نسيته يا أمير المؤمنين فقال بعض جلسائه هو والله
حين تقول يا أمير المؤمنين
75

يا للرجال لعظم هول مصيبة * فدحت فليس مصابها بالهازل
الشمس كاسفة لفقد امامنا * خير الخلائق والإمام العادل
يا خير من ركب المطي ومن مشى * فوق التراب لمحتف أو ناعل
حاشا النبي لقد هددت قواءنا * فالحق أصبح خاضعا للباطل
فقال معاوية قاتلك الله يا بنت صفوان ما تركت لقائل فقال مقالا اذكري
حاجتك قالت هيهات بعد هذا والله لا سألتك شيئا ثم قامت فعثرت
فقالت تعس شانئ علي فقال يا بنت صفوان زعمت إلا قالت هو ما علمت
فلما كان من الغد بعث إليها بكسوة فاخرة ودراهم كثيرة وقال إذا انا
ضيعت الحلم فمن يحفظه
(بلاغات النساء في منازعات الأزواج في المدح والذم)
(وصفاتهن لهم في منثور الكلام ومنظومه)
قال أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي حدثنا أبو معاوية الضرير
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ذات يوم انا لك كأبي زرع قلت يا رسول الله وما أبو زرع
فقال كان نسوة في الجاهلية إحدى عشر امرأة قعدن فتذاكرن أزواجهن
فذم خمس ومدح ست فأما أولى الذوام (فقالت) زوجي لحم جمل غث
بجبل وعر لا سهل فيرتقي ولا سمين فينتقي (تعنى) مهزولا على رأس جبل
تصف قلة خيره كالشئ الصعب لا ينال إلا بالمشقة تقول ليس له نقي أي
مخ يقال نقوت العظم ونقيته (يقول الشارح) شبهت قلة خيره بلحم الجمل
الهزيل وشبهت سوء خلقه بالجبل الصعب المرتقى ثم قالت فلا الجبل سهل
فيرتقى لاخذ اللحم ولو هزيلا لان الشئ المزهود فيه قد يؤخذ إذا وجد
76

بغير تعب ولا اللحم سمين فتتحمل المشقة لأجل تحصيله
وقالت الثانية زوجي عياياء طباقاء كل داء له داء شحك أو فلك
أو جمع كلالك تقول كل داء من الناس هو فيه ومن ادوائه العياياء العي
الذي لا يحسن شيئا ولا يحكم عملا طباقاء مثل عياياء به كل داء من
جهل وضعف وخرق والعياياء من الإبل الذي لا يضرب ولا يلقح
(يقول الشارح) شحك من الشحاك وهو عود يعرض في فم الجدي يمنعه
من الرضاع فلك المتفكك العظام والمعنى انها تصفه بالجهل وبان كل شئ
تفرق في الناس من المعائب موجود فيه وانه لا خير في معاشرته ولا رجاء
في رجوليته
وقالت الثالثة زوجي إذا أكل لف وإذا شرب اشتف وإذا رقد
التف ولا يدخل الكف حتى يعرف البث (يقال) لف في الاكل أكثر
مخلطا من صنوفه واشتف اخذ من الشفافة وهي البقية تبقى في الاناء من
الشراب فإذا شربها قيل اشتفها وتشافها تشافا قال وقولها لا يدخل
الكف انه كان بجسدها عيب أو داء تكتئب له لأن البث الحزن وكان
لا يدخل يده في ثوبها ليمس ذلك العيب فيشق عليها تصفه بالكرم (يقول
الشارح) في تفسير مؤلف الكتاب للجملة الأخيرة خطأ والصواب انها تصفه
بكثرة الأكل والشرب وقلة الجماع وكل ذلك مذموم عند العرب والعرب
تتمدح بقلة الأكل والشرب وكثرة الجماع لدلالتها على صحة الذكورية
والرجولية - والمراد باللف الاكثار من الاكل واستقصاؤه حتى لا يترك
شيئا منه والاشتفاف في الشرب استقصاؤه وقولها إذا رقد التف أي رقد
إلى ناحية وحده وانقبض عن زوجته اعراضا فهي حزينة لذلك وكذلك
77

قالت ولا يولج الكف حتى يعرف البث اي لا يمد يده ليعلم ما هي عليه
من الحزن فيزيله والمراد بالبث الحزن
وقالت الرابعة زوجي العشنق ان انطق أطلق وان اسكت اعلق
- العشنق المفرط الطول تقول ليس عنده غناء من طوله بلا نفع يقول الشارح
العشنق الطويل المذموم الطول ويروى انه الطويل النجيب الذي يملك
أمر نفسه ولا تحكم النساء فيه بل يحكم فيهن بما شاء فزوجته تهابه ان
تنطق بحضرته فهي تسكت على مضض - والمراد من قولها انها منه
على حذر فإن نطقت بعيوبه يبلغه كلامها فيطلقها وان سكتت عنها فإنها
عنده معلقة لا هي ذات زوج ولا هي أيم فكأنها قالت انا عنده لا ذات بعل
فانتفع به ولا مطلقة فاتفرغ لغيره فهي كالمعلقة بين العلو والسفل لا تستقر
بأحدهما
وقالت الخامسة زوجي لا انئ خبره أخاف ان لأذره فاظهر عجره
وبجره (العجر) ان يتعقد العصب أو العروق حتى تراها ناتئة من الجسد
والبجر نحوها إلا ان البجر في البطن خاصة وامرأة بجراء لفلان بجره
ورجل أبجر إذا كان عظيمها (يقول الشارح) قولها لا انئ خبره أي
لا أحكمه وقولها (ان لا أذره) أي لا اتركه وقولها (عجره وبجره) أمره
كله أو همومه واحزانه أو عيوبه الظاهرة والكامنة واصل معنى عجر وبجر
ما ذكره المصنف ثم استعملا فيما ذكرناه - والمراد انها أجملت حال زوجها
واكتفت بالإشارة إلى معائبه مخافة ان يطول الخطب بذكر جميعها
وقالت الأولى من اللواتي مدحن أزواجهن زوجي ليل تهامة لا حر
ولا قر (اي لا برد) ولا مخافة ولا سآمة سآمة تقول لا يسأمني فيمل
78

صحبتي تقول ليس عنده اذى ولا مكروه وهذا مثل لأن الحر والبرد
كلاهما فيه مكروه تقول ليس عنده غائلة ولا شرا أخافه (تصفه بجميل
العشرة واعتدال الحال)
وقالت الثانية زوجي المس مس أرنب والريح ريح زرنب اغلبه
والناس يغلب - ريح زرنب وهو ضرب من الطيب تصفه بحسن الخلق
ولين الجانب كمس الأرنب إذا وضعت يدك على ظهره (يقول الشارح)
وتصفه أيضا باستعماله الطيب تظرفا وبأنه مع شجاعته تغلبه هي لكرمه معها وهذا
معنى قولها اغلبه والناس يغلب ولو اقتصرت على قولها اغلبه لظن انه
جبان ضعيف فلما قالت والناس يغلب دل على أن غلبها إياه لكرم
سجاياه فتمت بهذه الكلمة المبالغة في حسن أوصافه
وقالت الثالثة زوجي رفيع العماد عظيم الرماد طويل النجاد قريب البيت
من الناد (رفيع العماد أي حسبه فوق أحساب قومه كما أن عماد بيوتهم
طوال فشبهته بها والنادي مجلس الحي حيث يجتمعون طويل النجاد تصفه
بامتداد القامة والنجاد حمائل السيف قريب البيت من النادي أي ينزل
بين ظهراني الناس ليعلموا مكانه (يقول الشارح) قولها (رفيع العماد)
وصفته بطول البيت وعلوه وهكذا يفعل اشراف العرب ليقصدهم الأضياف
والطارقون والوافدون وقولها (عظيم الرماد) تعني ان نار قراه للأضياف
لا تطفئ لتهتدي الضيفان إليها فيصير رماد النار كثيرا لذلك وقولها
(طويل النجاد) تعني انه طويل القامة يحتاج إلى طول حمالة سيفه وفي
ضمن كلامها انه صاحب سيف فأشارت إلى شجاعته وقولها (قريب
البيت من الناد) الناد (أي النادي) وقفت عليها بالسكون لمواخاة
79

السجع وبقية التفسير ذكره المصنف
وقالت الرابعة زوجي ان خرج أسد وان دخل فهد ولا يسأل عما عهد
(أسد تصفه بالشجاعة فهد تصفه بكثرة النوم والغفلة في المنزل على وجه
المدح) (يقول الشارح) تقول ان خرج على الناس فله شجاعة الأسد جرأة
واقداما وان دخل عليها هي كان كالفهد أما في لينه وغفلته لأنه يوصف
بالحياء وقلة الشر وأما في وثوبه فكأن زوجها يثب عليها في جماعه إياها
وثوب الفهد (ولا يسأل عما عهد) تعني انه كريم كثير التغاضي لا يسأل
عما ذهب من ماله
وقالت الخامسة زوجي أبو مالك وما أبو مالك ذوابل كثيرات المبارك
قريبات المسارح إذا سمعن صوت مزهر أيقن انهن هوالك (تقول
لا يوجههن ليسرحهن نهارا الا قليلا لكنهن يتركن بفنائه فإن نزل به ضيف
لم تكن الإبل غائبة عنه ولكنها بحضرته فيقريه من ألبانها ولحومها والمزهر
العود تقول قد عود إبله إذا نزل به الضيفان ان ينحر لهم ويسقيهم الشراب
ويأتيهم بالمعازف (يقول الشارح) المبارك ج مبرك وهو موضع نزول
الإبل والمسارح ج مسرح وهو الموضع الذي تطلق لترعى فيه والمزهر
آلة من آلات اللهو - تصفه بالثروة والاستعداد للكرم ويروى أيضا (وهو
امام القوم في المهالك) أي في الحروب أي انه يتقدم لثقته في شجاعته
وقالت السادسة زوجي أبو زرع وما أبو زرع وجدني في أهل غنيمة
بشق فنقلني إلى أهل جامل وصهيل واطيط ودايس ومنق ملأ من شحم
عضدي وأناس من حلي اذني وبجح نفسي فبجحت إليه فانا أنام فاتصبح
واشرب فاتقمح وأقول فلا أقبح (قولها (وجدني في أهل غنيمة تعني
80

ان أهلها أصحاب غنم ليس بأصحاب خيل قال والتقمح في الشراب
مأخوذ من الناقة القامح وهي التي ترد الحوض فلا تشرب قال أبو عبيد
فاتقمح أي أروى حتى ادع الشرب من شدة الري وكل رافع رأسه
فهو مقامح وجمعه وقامح فإن فعل ذلك بانسان فهو مقمح وقد روى فاتقنح
والمراد واحد وقولها جعلني في صهيل واطيط تعني انه ذهب بها إلى أهله
وهم أهل جمال وخيل وابل لأن الصهيل أصوات الخيل والأطيط أصوات
الإبل تقول نقلني إلى قوم ذوي خيل دايس يدوسون الطعام ومنق
ينق الطعام وأناس من حلي اذني أي حلاني قرطه تتنوس والنوس الحركة
(بجحها) سرها وفرحها باحسانه إليها (أنام فاتصبح أي لها من يكفيها
ويخدمها فهي لا تكلف بخدمة اتقنح تقول الماء لها ممكن فهي متى شاءت
شربت وقولها فأقول فلا أقبح تريد ان أقولي مقبول وخطئي مستور وقال
غير ابن الأعرابي أهل دايس منق أي دايس الغنم والمنق الدجاج قال
واتقنح اشرب شربة بعد شربة (يقول الشارح) أذكر هنا ما يزيل
الغموض الذي جاء في بعض شرح المصنف وأزيد أيضا ما فاته شرحه
قولها (بشق) انهم كانوا في شق جبل أي ناحيته ولقلتهم وسعهم
والأطيط أصله صوت أعواد المحامل والرحال على الجمال فأرادت انهم
أصحاب محامل تشير بذلك إلى رفاهتهم وقولها (ودايس ومنق) إما ان
يكون المراد من دايس ان الخيل تدوس الطعام أي الحب فكأنها أرادت
انهم أصحاب زراعة أو ان عندهم طعاما منتقى وهم في دياس شئ آخر
أي في بقيته فخيرهم متصل - وقولها ملأ من شحم عضدي - فالعضد
إذا سمنت سمن سائر الجسد وإنما خصت العضد بالذكر لأنه أقرب ما يلي
81

بصر الانسان من جسده وقولها - وأناس من حلي اذني، أنه ملا اذنيها
بالحلي كما جرت عادة النساء
والمراد من قولها كله انه نقلها من شظف عيش أهلها إلى الثروة الواسعة
من الخيل والإبل والزرع الخ
ابن أبي زرع وما ابن أبي زرع تكفيه ذراع الجفرة ومضجعه مثل
مسل الشطبة (الجفرة) العناق بنت أربعة أشهر أو خمسة أشهر والذكر
جفر والشطبة السعفة وقالوا الحربة تقول هو خفيف العظم واصل الشطبة
ما شطب من جريد النخل وهو بسعفة فأخبرت انه مهفهف ضرب اللحم
(يقول الشارح) الجفرة الأنثى من ولد الماعز إذا كانت بنت أربعة
أشهر وفصل عن أمه واخذ في الرعي والشطبة سيف سل من غمده
والمراد انها تصف ابن أبي زرع بقلة الاكل وخفة الجسم وهذان ممدوحان
بنت أبي زرع وما بنت أبي زرع ملأ فنائها وصفر ردائها ورضا أمها
وعبر جارتها تقول إذا جلست في فنائها ملأته من حسنها وكمالها رضا أمها
لا تعتب عليها في شئ عبر جارتها تقول إذا رأتها جارتها استعبرت من
جمالها وحسنها (يقول الشارح) صفر ردائها الرداء الثوب يلبس فوق
سائر اللباس أي ان ردائها كالخالي الفارغ إذ لا يمس من جسمها شيئا
لأن ردفها وكتفيها يمنعن مسه من خلفها شيئا من جسمها ونهدها يمنع
مسه شيئا من مقدمها أي ان امتلاء ردفها ومنكبيها وقيام نهديها يرفعان
الرداء عن جسمها قال الشاعر
أبت الروادف والنهود لقمصها * من أن تمس بطونها وظهورها
خادم أبي زرع وما خادم أبي زرع لا ينث حديثنا تنثيثا ولا تفرق ميرتنا
82

تنقيثا ولا تملأ بيتنا (تغشيشا) لا تنت لا تظهر (تنقيثا) تعني الطعام
لا تأخذه فتذهب به تصفها بالأمانة والتنقث الاسراع في السير قال الفراء
خرج فلان ينتقث إذا أسرع في سيره
أم أبي زرع وما أم أبي زرع عكومها رداح وبيتها فساح (العكوم)
الأحمال والأعدال التي فيها الأوعية من صنوف الأطعمة والمتاع واحدها
عكم ورداح عظام ومنه قيل للمرأة رداح إذا كانت عظيمة الكفل تعني
ان المرأة ذات كفل عظيم فإذا استقلت نتأ الكفل بها من الأرض حتى
يصير تحتها فحرة نحرى تحتها الرمان وبعضها يقول هو الثديان يقول
الشارح ان الجملة الموضوعة بين قوسين وردت في الأصل ولا يظهر لها
معنى في نفسها ولا وجه اتصالها بما قبلها ولا شك انه عبثت بها أيدي
النسخ ومحصل قول زوجة أبي زرع في أمه انها وصفتها بأنها كثيرة الأثاث
والمال واسعة البيت فهي في خير وفير وعيش رغد وأشارت بهذا الوصف
إلى أن زوجها أبا زرع كثير البر بأمه وانه ليس كبير السن لأن ذلك
هو الغالب في من يكون له والدة توصف بمثل ما وصف به هنا
خرج أبو زرع والأوطاب تمخض فابصر امرأة معها ولدان لها
يلعبان من تحت خصرها برمانتين فنكحها وطلقني فتزوجت بعده رجلا
سريا ركب شريا واخذ خطيا وأراح علي نعما ثريا وجعل لي في كل رائحة
زوجا وقال لي يا أم زرع كلي وميري أهلك قالت فوالله لو جمعت جميع
ما أعطاني ما بلغ أصغر آنية أبي زرع قالت عائشة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يا عائشة كنت لك كأبي زرع لام زرع - قولها خطيا رمح سمي خطيا
لأنه من قرية يقال لها الخط فنسبت الرماح إليها وإنما أصل الرماح من الهند
83

ولكنها تحمل إلى الخط في البحر ثم تفرق في البلاد قولها نعما ثريا تعني
الإبل والثرى الكثير من المال يقول الشارح الأوطاب ج وطب
وهو وعاء اللبن تمخض من المخض وهو اخراج الزبدة من اللبن بالكيفية
المعروفة بالمخض والمراد انه خرج في زمن الخصب والربيع والخيرات في
داره وفيرة - رجلا سريا أي من سراة الناس أي كبراؤهم في حسن
الصورة والهيئة - ركب شريا تعني فرسا خيارا فائقا - وأراح علي نعما
ثريا - أي جاء بها في الرواح وهو آخر النهار أشارت إلى أنه ربحها من
الغزو وذلك دليل شجاعته والنعم الإبل خاصة ويطلق على جميع المواشي
إذا كان فيها إبل وثريا أي كثيرة - رائحة الآتية وقت الرواح -
زوجا أي اثنين - ميري أهلك أي أطعميهم من الميرة وهي الطعام
هكذا بالغ في اكرامها ومع ذلك كانت أحواله عندها محتقرة بالنسبة لأبي
زرع لأن أبا زرع كان أول أزواجها فسكنت محبته في قلبها وما الحب
إلا للحبيب الأول
قال أبو الفضل وقد حدثناه الزبير بن أبي بكر بن عبد الله بن مصعب
قال حدثنا محمد بن الضحاك بن عثمان عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ان رسول الله (ص)
دخل عليها وعندها بعض نسائه فقال يا عائشة انا لك كأبي زرع لام زرع قالت
يا رسول الله وما حديث أبي زرع وأم زرع فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ان قرية من قرى اليمن كان بها بطن من بطون أهل اليمن فكان منهم
إحدى عشرة امرأة وانهن خرجن إلى مجلس لهن فقال بعضهن لبعض
تعالين فلنذكر بعولتنا بما فيهم ولا نكذب فتعاهدن على ذلك فقيل للأولى
84

تكلمي بنعت زوجك فقالت الليل ليل تهامة والغيث غيث غمامة ولا حر
ولا خامة أي ولا وخمة وقيل للثانية تكلمي وهي عمرة بنت عبد عمرو
فقالت المس مس أرنب وذكر الكلام وقيل للثالثة تكلمي وهي حبي بنت
كعب قالت مالك وما مالك وذكر الكلام وقيل للرابعة تكلمي وهي مهدر
بنت أبي هزومة فقالت زوجي لحم جمل وذكر قولها وقيل للخامسة
تكلمي وهي كبشة قالت زوجي رفيع العماد وذكر قولها وقيل للسادسة
تكلمي وهي هند فقالت زوجي كل داء له داء ان حدثته سبك وان
مازحته فلك (أي جرحك في رأسك وجسدك من توحشه في مزاحه)
وإلا جمع كلالك وقيل للسابعة تكلمي وهي ابنة أوس بن عبد فقالت زوجي
إذا اكل لف وذكر كلامها وقيل للثامنة تكلمي وهي حبي بنت علقمة
فقالت زوجي إذا دخل وذكر كلامها إلا أنه زاد ولا يرفع اليوم لغد -
أي انه حازم في أموره فلا يؤخر ما يجب عمله اليوم إلى غد أو انه كريم
لا يدخر ما حصل عنده اليوم من اجل الغد - وقيل للتاسعة تكلمي فقالت
زوجي من لا أذكره ولا أبث خبره أخاف ان لا أذره ان أذكره أذكر
عجره وبجره وقيل للعاشرة تكلمي وهي كبيشة بنت الأرقم قالت نكحت
العشنق ان سكت علق وان تكلمت طلق قيل لام زرع وهي أم زرع
بنت اكميمل بن ساعد تكلمي فقالت أبو زرع وما أبو زرع ثم ذكر
الحديث إلا أنه زاد في القول بنت أبي زرع وما بنت زرع ملء إزارها
وصفر ردائها وزين أمهاتها ونسائها وقالت خرج من عندي أبو زرع
والأوطاب تمخض فإذا هو بام غلامين كالفهدين (أي نجيبين) يرمي من
تحت خصرها بالرمانتين (تريد ثدييها) فتزوجها وطلقني فاستبدلت بعده
85

وكل بدل أعور فتزوجت شابا سريا ركب اعوجيا (أي فرسا اعوجيا
أي كريم الأصل) واخذ خطيا وأراح نعما ثريا وقال كلي أم زرع وميري
أهلك فجمعت أوعيته فما تعدل وعاء واحدا من أوعية أبي زرع قال فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة فكنت لك كأبي زرع لام زرع وحدثناه
عبد الله بن عمرو قال حدثنا أبو صالح العبدي المؤدب قال اخبرني عيسى
ابن يونس بن أبي إسحاق السبعي عن هشام بن عروة عن أخيه عن أبيه
عن عائشة أم المؤمنين قالت اجتمعت إحدى عشرة امرأة فتعاقدن
وتواثقن ان لا يكتمن شيئا من أخبار أزواجهن ثم ذكر الحديث فقدم وأخر
وكل بمعنى واحد ولفظ يزيد وينقص
أبو محلم قال مدحت امرأة زوجها بكرم الأخلاق وخصب الغنائم
فقالت لأمها يا أمه من نشر ثوب الثناء فقد أدى واجب الجزاء وفي كتمان
الشكر جحود لما أوجب منه ودخول في كفر النعم فقالت لها أمها أي
بنية طيبت الثناء وقمت بالجزاء ولم تدعي للذم موضعا ومن لم يذم ولا ثناء
إلا بعد اختبار قالت يا أمه ما مدحت حتى اختبرت ولا وصفت حتى شممت
قال الزوج ما وفيتك حقك ولا شكرت إلا بفضلك ولا أثنيت إلا بطيب
حسبك وكريم نسبك والله أسأل ان يمتعني بما وهب لي منك
أحمد بن معاوية بن بكر الباهلي قال حدثني محمد بن داود بن علي بن
عبد الله بن العباس ان رجلا من العرب استبي امرأة فولدت له سبعة بنين
ثم قالت له ازرني أهلي ليذهب عني اسم السباء ففعل ووقعت في نفس
رجل من أهلها يقال له هلباجة فقال لأصحابه انزعوا هذه المرأة من هذا
الرجل فإنه سبة عليكم ان تكون سبية وزوجونيها فأراد صاحبها ان يردها
86

فقالت قد أبى القوم إلا ان ينزعوني منك فقال لا أفارقك حتى تثني علي
بما تعلمين فقالت العشية إذا اجتمع القوم فاجتمعوا وحضرا فقال
نشدتك هل خبرتني أو علمتني * كريما إذا اسود الكراسيع ازهرا
قالت نعم فقال
نشدتك هل خبرتني أو علمتني * شجاعا إذا هاب الجبان وقصرا
قالت نعم فقال
نشدتك هل خبرتني أو علمتني * صبورا إذا ما الشئ ولى فأدبرا
قالت نعم وانصرف وزاد في قول هذه الأبيات
تبكي على ليلى بحق بلادها * وأنت عليها بالملا كنت اقدرا
تبغاني الأعداء اما ذوي دم * وأما أخا شغب العشيات مسعرا
إذا المرء لم يبغ المعاش لنفسه * شكا الفقر أو لام الصديق فأكثرا
وكان على الادنين كلا واوشكت * صلات ذوي القربى ان تنكرا
فتزوجها الهلباجة فولدت له بنين ثم تباغضا فسألته الطلاق فقال لا حتى تثني
علي فقالت لا اثني عليك فإنه خير لك فأبى فقالت فهو غدك إذا اجتمع القوم
فلما اجتمعوا قالت اعلمك إذا اكلت احتففت وإذا شربت اشتففت وإذا
اشتملت التففت واعلمك تشبع ليلة تضاف وتنام ليلة تخاف واعلم عينك نؤمة
واستك يقظة وعصاك خشبة ومشيك لبجة قولها احتففت اكلت بيديك جميعا
بشره واشتففت شربت جميع ما في الاناء من الماء (أحمد) بن الحارث عن
علي بن محمد السمري عن مسلمة بن محارب قال قال الأحنف بن قيس ذكرت
بلاغات النساء عند زياد بن أبيه فأخبرته ان قيس بن عاصم أسلم وعنده
امرأة من حنيفة فأبى أهلها وأبوها ان يسلموا وخافوا اسلامها فأقسموا لها
87

انها ان فعلت لم يكونوا معها في شئ ما بقيت ففارقها قيس فلما احتملت إلى
أهلها وحضرها بعضهم قال قيس ان كنت لسارة ولقد فارقتك غير عارة
ولا الصحبة منك مملولة ولا الخلائق منك مذمومة ولولا ما آثرت ما فرق
بيننا إلا الموت ولكن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأمرهما أحق
ان يطاع فقالت أثنيت بحسبك وفضلك وأنت والله ان كنت لدائم المحبة
كثير القفية قليل الالية معجب الخلوة بعيد النبوة ولأن تكون ايمتي في
حياتك أهون منها علي لمماتك ولتعلمن أني لا أريح إلى حضن زوج بعدك
قال فقال قيس ما فارقت نفسي شيئا تتبعته كما تتبعتها
وقال أحمد بن الحارث حدثني عبد الله بن علي عن أبي عمرو بن
العلا قال تزوج رجل في الجاهلية بامرأة من بني جعدة بن كعب بن
ربيعة بن عامر وكان الرجل من بني غدانة ففارقها فدخل عليه من فراقها
غم شديد فلما فارقته قال استمعي ويستمع من حضر أما لقد اعتمدتك
برغبة وعاشرتك بمحبة ولم أجد عليك زلة ولم تدخلني لك ملة وان كان
ظاهرك لسرورا وباطنك للهوى ولكن القدر غالب وليس له صارف
فقالت المرأة مجيبة أثنيت وانا مثنية فجزيت من صاحب ومصحوب خيرا
فما استرثت خيرك ولا شكوت خيرك وتمنت نفسي غيرك وما ازددت
إليك إلا شرها ولا أحسست في الرجال لك شبها قال ثم افترقا
حدثني عبد الله بن أبي سعد قال حدثني محمد بن عبد الله بن طمهان
قال حدثني محمد بن زياد الأعرابي قال قامت امرأة عروة بن الورد
العبسي بعد أن طلقها في النادي أما انك والله الضحوك مقبلا السكوت
مدبرا خفيف على ظهر الفرس ثقيل على متن العدو رفيع العماد كثير الرماد
88

ترضى الأهل والأجانب قال فتزوجها رجل بعده فقال اثنى علي كما
أثنيت عليه قالت لا تحوجني إلى ذلك فاني ان قلت قلت حقا فأبى فقالت إن
شملتك الالتفاف وان شربك الاشتفاف وانك لتنام ليلة تخاف وتشبع
ليلة تضاف
قال بندار بن عبد الله حدثني أبو موسى الطائي الأعرابي قال تذاكر
نسوة الأزواج فقالت إحداهن الزوج عز في الشدائد وفي الرخاء مساعد
ان رضيت عطف وان سخطت تعطف وقالت الأخرى الزوج لما عناني
كاف ولما شفني شاف رشفه كالشهد وعناقه كالخلد لا يمل عن قرب
ولا بعد وقالت الأخرى الزوج شعار حين أصرد يسكن حين ارقد
ومنى لذتي شف مفرد وما عاد إلا كان العود أحمد وقالت الأخرى
الزوج نعيم لا يوصف ولذة لا تنقطع وتخلف
وقال اسحق الموصلي عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال حدثني أبو
دينار بن الزغبل بن الكلب العنبري قال كنت عند صاحب فيد فجاء
طائي وطائية فاختلعت منه فتشاتما فقال لها ان كنت والله لطلعة قنعة
لما سئلت منعة فقالت وأنت والله قليل الخير كثير الشر خفيف العجز
ثقيل الصدر
وذكر لنا عن المدائني قال تزوج حصن بن خليد بنت الورد بن الحارث
ثم طلقها فجاء اخوتها ليحملوها فقالت مروا بي على المجلس بالحي أسلم
عليهم فنعم الأحماء كانوا فاقبل هو وهي في قبتها فقالت جزاكم الله خيرا
فما أكرم الجوار واكف الأذى قالوا ما الذي كان عن ملا منا ولا هوى
قالت اني أريد ان اشهد على شهادة فاني حامل فوثب حصن فقال كل
89

مملوك لي كل ان كنت كشفت لها كتفا قالت الله أكبر إنما أردت ان
أعلمكم اني أطلق من بغض ولا قلى فعليكم السلام
حدثنا هارون بن مسلم قال اخبرني حفص بن عمر قال حدثني مورج
عن سعيد بن جرير عن أبيه وقال حدثني أبو عبيدة معمر بن المثنى قال
تزوج فضالة بن عبد الله الغنوي امرأة بخراسان فابغضته فنافرته إلى
قتيبة بن مسلم قال له هل بينك وبينها قرابة قال لا قال ففيم تحتمل هذا
لها وقد جعل الله لك إلى الراحة منها سبيلا قال إني أحبها ولقد كنت
اهزؤ بالرجل تبغضه المرأة وهو يحبها فابتليت فقال قتيبة فلا تحبن من
لا يحبك فهي والله تنظر إليك بعين فارك ثم قال لها ما لك ويحك ولزوجك
قالت أبغضته لخصال اذكرها هو والله قليل الغيرة سريع الطيرة كثير
العتاب شديد الحساب قد اقبل بخره وادبر ذفره واسترخى ذكره وطمحت
عيناه واضطربت رجلاه يفيق سريعا وينطق رجيعا وهو أيضا يأكل
هرسا ويمشي خلسا ويصبح رجسا لا يغتسل من جنابة ولا يأمن من شره
أصحابه ان جاع جزع وان شبع خشع فقال له قتيبة اف لك ان قلت كما
تقول طلقها قبح الله رأيك فطلقها وقال الأصمعي حدثني عبد الرحمن
المدائني قال قلت لأبي جفنة الهذلي وطالت صحبته لامرأة وكانت تدعى
أم عقار ما تقول في أم عقار فقال إن كنت متزوجا فإياك وكل مجفرة
منكرة منتفخة الوريد كلامها وعيد وظهرها حديد سعفاء فوهاء قليلة
الارعواء دائمة الدعاء طويلة العرقوب عالية الظنبوب مقم سلفع لا تروى
ولا تشبع حديدة الركبة سريعة الوثبة قصيرة النقبة شرها يفيض وخيرها
يغيض لا ذات رحم قريبة ولا غريبة نجيبة امساكها مصيبة وطلاقها حريبة
90

بادية القتير عالية الهرير شثنة الكف غليظة الخف وحش غير ذلك سكن
تعين على بعلها الزمن وتدفن الحسن لا تعذر بقلة ولا تجاوز عن زلة تأكل
لما وتوسع ذما إذا ذهب هم أحدثت هما ذات ألوان وأطوار تؤذي الجار
وتفشي الاسرار قال فقلت لام عقار أما تسمعين ما يقول جفنة قالت
فلعن الله أبا جفنة فبئس والله ما علمت زوج المرأة المسلمة قضمة حطمة
احمر المأكمة محروم اللهزمة له جلدة هرمة وأذن هدباء ورقبة هلباء وشعرة
صهباء لئيم الأخلاق ظاهر النفاق أخو ظنن وصاحب هم وحزن وحقد
وإحن رهين الكاس دائم الافلاس من كل خير يرتجي عند الناس خيره
محبوس وشره ملبوس أشأم من البسوس يسأل الحافا وينفق اسرافا
لا ألوف يفيد ولا متلاف قصود (أي لا مقصود) شر اشنع وبطن أجمع
ورأس أصلع مجمع مضفدع في صورة كلب ويد انسان هو الشيطان بل
أم الصبيان قال فحكينا قولها لأبي جفنة فقال فما فمها ببارد ولا ثديها بناهد
ولا بطنها بوالد ولا شعرها بوارد ولا انا ان ماتت بواجد وذلك أن
الشر فيها ليس بواحد فحكينا قوله لها فقالت هو والله ما علمته قصير الشبر
ضيق الصدر لئيم النجر عظيم الكبر كثير الفخر
علي بن الصباح قال أخبرنا هشام بن محمد الكلبي عن أبيه قال بعث
النعمان بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن نضر إلى نسوة من العرب
منهن فاطمة بنت الخرشب وهي من بني أنمار بن بغيض وهي أم الربيع
ابن زياد وإخوته والى قيلة بنت الحسحاس الأسدية وهي أم خالد بن
صخر بن الشريد والى تماضر بنت الشريد وهي أم قيس بن زهير
وإخوته كلهم والى الرواع النمرية وهي أم يزيد بن الصعق فلما اجتمعن
91

عنده قال إني قد أخبرت بكن وأردت ان أنكح إليكن فأخبرنني عن
بناتكن فقالت فاطمة عندي الفتخاء العجزاء أصفى من الماء وأرق من الهواء
وأحسن من السماء وقالت تماضر عندي منتهى الوصاف دفية اللحاف
قليلة الخلاف وقالت الرواع عندي الحلوة الجهمة لم تلدها أمة وقالت
قيلة عندي ما يجمع صفاتهن وفي ابنتي ما ليس في بناتهن فتزوج إليهن جميعا
فلما أهدين إليه دخل على ابنة الأنمارية فقال ما أوصتك به أمك قالت
قالت لي عطري جلدك وأطيعي زوجك واجعلي الماء آخر طيبك ثم
دخل على ابنة السلمية فقال ما أوصتك به أمك قالت قالت لي لا تجلسي
بالفناء ولا تكثري من المراء واعلمي ان أطيب الطيب الماء ثم دخل على
ابنة النمرية فقال ما أوصتك به أمك قالت قالت لي لا تطاوعي زوجك
فتمليه ولا تعاصيه فتشكيه وأصدقيه الصفاء واجعلي آخر طيبك الماء ثم
دخل على ابنة الأسدية فقال ما أوصتك به أمك قالت قالت أدني سترك
واكرمي زوجك واجتنبي الاباء واستنظفي بالماء
قال وقال هشام بن محمد الكلبي عن أبيه قال كانت امرأة من
العرب عند رجل فولدت له أولادا أربعة رجالا ثم هلك عنها زوجها
فتزوجت بعده فنأى بها زوجها عن بنيها وتزوجوا بعدها ثم انها لقيتهم
فقالت يا بني اني سائلتكم عن نسائكم فاخبروني عنهن قالوا نفعل فقالت
لأحدهم اخبرني عن امرأتك فقال غل في وثاق وخلق لا يطاق حرمت
وفاقها ومنعت طلاقها وقالت للثاني كيف وجدت امرأتك فقال حسن
رايع وبيت ضايع وضيف جايع قالت للثالث كيف وجدت امرأتك
قال ذل لا يقلى ولذة لا تقضى وعجب لا يفنى وفرح مضل أصاب ضالته
92

وريح روضة أصابت ربابها (سقط الولد الرابع) قالت فهل أصف لكم
كيف وجدت زوجي قالوا بلى قالت جمل ظعينة وليث عرينة وكل
صخر وجوار بحر
قال وقال أبو المنذر هشام عن أبيه قال كانت ملكة سبأ لا تريد
الأزواج فقلن لها نسوة كن يكن معها الا تتزوجين أصلحك الله قالت
ويحكن وما التزويج قلن لها ان فيه من اللذة ما ليس في شئ من الأشياء
قالت فلتصف كل امرأة منكن زوجها فإن كان يدعو إلى اللذة
فبالحري ان افعل قلن نحن نصف لك أزواجنا قالت فصفن لي فقالت
الأولى هو عز في الشدائد وفي الرخاء مساعد وان رجعت الطف وان
غضبت تعطف قالت نعم الشئ هذا قالت الثانية هو عندي كاف ولما
شفني شاف رشفه كالشهد وعناقه كالخلد لا يمل لطول العهد قالت هذا
والله الذي لا عدل له قالت الثالثة هو شعاري حين أصرد وسكني
حين ارقد ومنى نفسي لشبق يتردد قالت سبحان الله هذا والله الذي
لا يعدله شئ وكلكن قد أحسن الصفة فإن كان كما زعمتن أكرمتكن
وأحسنت إليكن وإلا عذبتكن وأسأت إليكن فتزوجت بابن عم لها يقال
له شداد بن زرعة فاحتجبت عن الناس شهرا ثم خرجت فجلست في
مجلسها الذي كانت تجلس فيه فجئن النسوة إليها فسألنها عن خبرها فقالت نعيم
لا يوصف ولذة لا تنقطع
قال وأخبرنا هشام عن أبي مسكين قال جلس دريد بن الصمة بفناء
بيته وعنده أناس من أصحابه فأنشدهم
ارث جديد الحبل من أم معبد * بعاقبة وأخلفت كل موعد
93

وبانت ولم أحمد إليك جوارها * ولم ترج فينا درة اليوم أو غد
قالت فأخرجت رأسها من جانب الخباء فقالت بئس لعمر الله ما أثنيت
أبا قرة أما والله لقد أطعمتك مأدومي وحدثتك مكتومي وجئتك باهلا
غير ذات صرار فقال اللهم غفرا
حدثني عبد الله بن عمرو قال حدثني عبد الله بن سعيد قال سمعت
الأصمعي يقول طلق رجل امرأته فقالت لم طلقتني فقال لخبث خبرك
وسوء منظرك وكثرة سحبك ودوام ذربك وانك مبغضة في الأهل
مستأثرة على البعل ان سمعت خيرا دفنته وان كان شرا أذعته مؤذية
لجارك مستأثرة على عيالك ان شبعت بطرت وان استغنيت فجرت مشرفة
الاذنين جاحظة العينين قصيرة الأنامل ذات قصب متضائق جبهتك ناتئة
وعورتك بادية تعطين من كذبك وتحرمين من صدقك فقالت امرأته
وأنت والله ما علمت تغتنم الاكلة في غير جوع ملح بخيل إذا نطق
الأقوام اقصعت وإذا ذكر الجود أفحمت لما تعلم من قصر باعك ولؤم
ابائك مستضعف من تأمن ويغلبك من تخاف ضيفك جائع وجارك ضائع
أكرم الناس من أهانك وأهونهم عليك من أكرمك القليل عندك
كثير والكثير عندك حقير سود الله وجهك وبيض جسمك وقصر باعك
وطول ما بين رجليك حتى أن دخل انثنى أو ان رجع التوى
حدثني عمر بن شبة قال حدثني الوليد بن هشام القحذمي قال حدثني
إبراهيم بن حميد قال قال سحبان بن العجلان في بنته وهو يرقصها
وهبتها من قلق نطاقها * مشمر عرقوبها عن ساقها
يكثر في جيرانها احتراقها
94

قال فأخذتها منه وقالت
وهبتها من شيخ سوء انكد * لا حسن الوجه ولا مسود
يأتي الأمير بالدواهي الأبد * ولا يبالي جاره ان يبعد
فأخذها وقال
وهبتها من ذات خلق سلفع * تواجه القوم بوجه أجدع
من بعد بيضاء سواي أربع * يا لهفي من بدل لي موجع
فقالت لأنكحن خرقا من الفتيان * مثل أبي عزة في الأحيان
واجتنب مثل أبي العجلان * كأنه عير وقربتان
فقال يا عدوة ذكرت زوجك الأول قالت وأنت ذكرت امرأتك الأولى
أبو حفص عمر بن بدير عن الهيثم بن عدي قال حدثني رجل من
كندة من بني بدا قال رحل الحارث بن السليل الأسدي زائرا لعلقمة
ابن حفصة الطائي وكان حليفا له فنظر إلى ابنة له يقال لها الرباب وكانت
أجمل أهل زمانها فأعجب بها فقال جئتك خاطبا وقد ينكح الخاطب ويدرك
الطالب وينجح الراغب فقال علقمة أنت كفؤ كريم ثم انكفأ إلى أمها
فقال الحارث بن السليل سيد قومه حسبا ومنصبا وبيتا اتانا خاطبا فلا
ينصرفن من عندنا إلا بحاجته فاريدي ابنتك على نفسها في أمره فقالت
يا بنية أي الرجال أحب إليك الكهل الحجحاج الفاضل الهياج أم الفتى
الوضاح الذمول الطماح قالت الجارية الطماح قالت إن الفتى يغيرك وان
الشيخ يميرك وليس الكهل الفاضل الكثير النائل كالحدث السن الكثير المن
قالت يا أمه إن الفتاة تحب الفتى كحب الرعاة أنيق الكلأ قالت يا بنيه ان
الفتى شديد الحجاب كثير العتاب وان الكهل لين الجناح قليل الصياح
95

قالت يا أمه أخشى الشيخ ان يدنس ثيابي ويبلي شبابي ويشمت بي اترابي
فلم تزل بها أمها حتى غلبتها على رأيها فتزوجها الحارث بن السليل على
خمس ديات من الإبل وخادم والف درهم فابتنى بها ورحل إلى قومه فبينا
هو جالس ذات يوم بفناء مظلته وهي إلى جنبه إذ اقبل فتية من بني أسد
نشاط يعتلجون ويصطرعون فتنفست صعداء ثم أرخت عينيها بالدموع
فقال لها ثكلتك ما يبكيك قالت ما لي والشيوخ الناهضين كالفروخ قال
ثكلتك أمك تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها فذهبت مثلا وقال الحقي باهلك
فلا حاجة لي فيك فقالت أسر من الرفاء والبنين
قال أبو زيد عمر بن شبة كانت حميدة بنت النعمان بن بشير بن سعد تحت
روح بن زنباع فنظر إليها يوما تنظر إلى قومه جذام وقد اجتمعوا عنده
فلامها فقالت وهل أرى إلا جذاما فوالله ما أحب الحلال منهم فكيف
بالحرام وقالت تهجوه
بكى الخز من روح وأنكر جلده * وعجت عجيجا من جذام المطارف
وقال العبا قد كنت حينا لباسهم * وأكسية كردية وقطائف
(فقال روح يجيبها)
فإن تبك منا تبك ممن يهينها * وان تهوكم تهوى اللئام المقارف
وقال لها روح
اثني علي بما علمت فإنني * مثن عليك بئس حشو المنطق
فقالت اثني عليك بأن باعك ضيق * وبأن أصلك في جذام ملصق
فقال اثني علي بما علمت فإنني * مثن عليك بنتن ريح الجورب
فقالت فثناؤنا شر الثناء عليكم * أسوى وأنتن من سلاح الثعلب
96

وقالت فهل انا إلا مهرة عربية * سليلة افراس تحللها بغل
فإن نتجت مهرا كريما فبالحري * وان يك اقراف فمن قبل الفحل
فقال روح فما بال مهر رايع عرضت له * اتان فبالت عند جحفلة الفحل
إذا هو ولى جانبا ارتجت له * كما ارتجت قمراء في دمث سهل
(وقالت لأخيها أبان بن النعمان)
أطال الله شأنك من غلام * متى كانت مناكحنا جذام
أترضى بالفراسن والذنابي * وقد كنا يقر لنا السنام
(فقال ابن عم لروح يجيبها ويهجو قومها)
رضى الأشياخ بالقيطور نحلا * ونرغب بالحماقة عن جذام
يهودي له بضع العذارى * فقبحا للكهول وللغلام
تزف إليه قبل الزوج خود * كان شمس تدلت عن غمام
فأبقى ذاكم خزيا وعارا * بقاء الوحي في الصم السلام
يهود جمعوا من كل أوب * وليسوا بالغطاريف الكرام
وقالت سميت روحا وأنت الغم قد علموا لا روح الله عن روح بن زنباع
فقال لا روح الله عمن ليس يمنعها * مال رغيب وزوج غير ممتاع
لسلفع حوقه نحل خواصرها * رتابة شثنة الكفين جياع
وقالت له تكحل عينيك برد العشى * كأنك مومسة زانية
وأيه ذلك بعد الخفوق * تغلف رأسك بالغالية
وان بنيك لريب الزمان * أمست رقابهم حالية
فلو كان أوس لهم شاهدا * لقال لهم ان ذا مالية
قال وأوس رجل من جذام كان يقال انه استودع روحا مالا فلم يرده
97

عليه فقال روح
ان يكن الخلع من بالكم * فليس الخلاعة من بالية
وان كان من قد مضى مثلكم * فأف وتف على الماضية
فما أن برأ الله فاستيقنيه * من ذات بعل ولا جارية
شبيها بك اليوم فيمن بقى * ولا كان في الأعصر الخالية
فبعدا لمحياك ما حييت * وبعدا لأعظمك البالية
قال وكان روح قال لها في بعض ما يتنازعان فيه اللهم ان بقيت بعدي
فأبلها ببعل يلطم وجهها ويملأ حجرها قيأ فتزوجها بعده الفيض بن محمد بن
الحكم بن عقيل وكان شابا جميلا يصيب من الشراب فأحبته وكان ربما
أصاب من الشراب فسكر فيلطمها ويقئ في حجرها فتقول لقد رحم الله أبا
زرعة لقد أجيب في (أي أجيب دعاؤه) وتقول
سميت فيضا ولا شئ تفيض به * إلا بجعرك بين الباب والدار
فتلك دعوة روح الخير أعرفها * سقى الاله صداه الأوطف الساري
وقالت لفيض
إلا يا فيض كنت فيضا * فلا فيضا وجدت ولا فراتا
وقالت أيضا
وليس فيض بفياض العطاء لنا * لكن فيضا لنا بالسلح فياض
ليث الليوث علينا باسل شرس * وفي الحروب هيوب الصدر حياض
قال فولدت من الفيض بنتا فتزوجها الحجاج بن يوسف وكانت عند
الحجاج قبلها أم ابان بنت بشير فقالت حميدة للحجاج
إذا تذكرت نكاح الحجاج * من النهار أو من الليل الداج
98

فاضت له العين بدمع ثجاج * واشتعل القلب بوجد وهاج
لو كان النعمان قتيل الاعلاج * مستوى الشخص صحيح الأوداج
لكنت منها بمكان النساج * قد أرجوا بعض ما يرجوا الراج
ان تنكحيه فملكا ذا تاج
فقدمت حميدة على ابنتها زائرة فقال لها الحجاج يا حميدة اني قد كنت
احتمل مزاحك مرة فاما اليوم فلا وانا على أهل العراق وهم قوم سوء
فإياك فقالت سأكف حتى ارحل ويقال ان الحارث بن خالد بن العاص
ابن هشام بن المغيرة ويقال بل خالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد بن
المغيرة كان تزوج حميدة هذه قبل روح بن زنباع فقالت فيه
نكحت المدني إذ جاءني * فيا لك من نكحة غاوية
له دفر كصنان التيوس * أعيا على المسك والغالية
كهول دمشق وشبانها * أحب إلي من الجالية
(فقال زوجها مجيبا لها)
أسنا ضوء نار صخرة بالقفرة * أبصرت أم تنصب برق
أية ما يكن فقد هاج للقلب * اشتياقا وانه غير مبق
لسناء بين الحجون إلى الحرة * في مغمرات ليل وشرق
ساكنات العقيق أشهى * إلى القلب من ساكنات دور دمشق
يتضوعن إذ تمخضن بالمسك * صنانا كأنه ريح مرق
ثم طلقها فتزوجها روح قال المرق صوف الإهاب إذا انتف والجالية
هم الذين أجلاهم عبد الله بن الزبير من الحجاز من بني أمية وغيرهم من
أشياعهم إلى الشام
99

(وحدثنا أبو زيد) عمر بن شبة قال قال أبو العاج الكلبي لامرأته
عجوز ترجى أن تكون فتية * وقد لحب الجنبان واحدودب الظهر
تدس إلى العطار ميرة أهلها * ولن يصلح العطار ما أفسد الدهر
أقول وقد شدوا علي حجالها * ألا حبذا الأرواح والبلد القفر
فقالت
ألم تر ان الناب تحلب علبة * ويترك ثلب لا ضراب ولا ظهر
وقال فيها
قد زوجوني عجوزا متبعا رجلا * قد كنت قبلك حذرت المتابيعا
فقالت شنئت الشيوخ وأبغضتهم * وذلك من بعض أفعاليه
ترى زوجة الشيخ مغبرة * وتمسي لصحبته قاليه
فلا بارك الله في عرده * ولا في عظام استه الباليه
(قال أبو زيد) قالت بنت عبد الله بن عتاب من عنزة لزوجها رجاء بن
خيثمة بن عتاب
الحمد لله الذي أهانك وجعل الذريح من اخدانكا ببلدة تبلى بها اكفانكا
فقال يجيبها
قد جعلتني وذريحا ندين * وهي عجوز لا تساوي فلسين
محترقين من نحاس نحتين * كسلعة السوء تباع في الدين
فقالت تركتني ببلد طموس * ليس بها جن ولا أنيس
إلا بقايا الحبض والحليس * يا ليته في حفرة مرموس
(وقال) كانت تحت رجل من أزيم بن ثعلبة بن يربوع يقال له أبو مرحب
بنت عم له فقالت
100

يموت الرجال الصالحون ولا أرى * أبا مرحب إلا شديد الجوانح
أطعن فلا يعصين أمري فلا يروا * إذا رجعوا إلا ديار الجوامح
فاني ساهد يكن في كل سبسب * تهادى به أيدي القلاص الطلائح
(فقال أبو مرحب مجيبا لها)
لعمري لقد غاليتها فاشتريتها * وما كل مبتاع من الناس رابح
رأيت لها أنفا قبيحا يشينها * وعلباء سوء لم تزنه المسائح
وقالت هند بنت عصم السدوسية وكانت عند ربيعة بن غزالة الكندي
لامرأة أبيها يزيد بن ربيعة بن غزالة
أيزيد قد لاقيت منكرة * عجلت بأمك مدخل القبر
هوجاء جاهلة إذا نطقت * ليست كعابا بضة الخدر
سوداء ما تنفك متأقة * ملاى مضببة على غمر
ما كان جدك في النساء بذي * فرع عشية طيرها يجرى
ضنت عليك فنعم ذو * قدر الرحمن والمحمود للامر
وقالت أم الأسود الكلابية تهجو زوجها
سأنذر بعدي كل بيضاء حرة * منعمة خود كريم نجارها
قصير قبال النعل يضحى وهمه * قريب ويمسي حيث يعشيه نارها
إذا قال قد أشبعتني بات راضيا * له شملة بيضاء خاف حمارها
يرى الطيب عارا ان يمس ثيابه * أو المسك يوما ان علاه صوارها
ولكنه من رطب اخثاء صنانه * إذا امرعت بالكف منه ديارها
وطير بذيال يرى الليل متنه * لناقته حتى يحين اذكرارها
بعيد المدى يقضي الكرى فوق رحله * إذا القوم بالموماة حار شرارها
101

لعمر أبي ما خار لي ان يبيعني * بابعرة إذ قحمته عشارها
فوالله لولا النار أو أن يرى أبي * له قودا أو ينالني عارها
لقد نازعت كفي المهند ضربة * وكان عليه خبلها وشنارها
قال أبو زيد قالت حميدة لروح بن زنباع ان فيك لأربع خصال ما يسود
عليهن أحد وما هي لا أبا لك فوالله ان الخصلة الواحدة لتفسد الرجل
السيد قالت أما الواحدة فإنك من جذام وأما الثانية فإنك جبان وأما الثالثة
فإنك غيور وأما الرابعة فإنك بخيل قال روح أما قولك إني من جذام
فحسب المرء أن يكون من صالح من هو منه (أي من صالح قومه) وأما
قولك إني جبان فإن مالي نفس واحدة ولو كان لي نفسان جدت بأحديهما
وأما قولك إني غيور فوالله إني لجدير بالغيرة على الورهاء اللئيمة مثلك
وأما قولك إني بخيل فوالله ما في مالي فضل عن قومي ولكن اذهبي فأنت
طالق (أنشدني) محمد بن سعيد قال أنشد أبو غسان لامرأة تهجو امرأة أبيها
جاز بها وهي تبكي الأهلا * تكحلهما إلى التمام كحلا
من سهر مضي يذدن هملا * آماق أجفاق حذلن حذلا
يا رب رب الراقصات ذملا * يزحلن بالأرجل زحلا زحلا
يمطوون سيرا شركيا سهلا * ابعث عليها تيحانا صلا
شختا لطيفا كالقضيب علا * يحل منها بالإصبعين حلا
حل الفليجات سملن سملا
(قال) وقال أبو هلال بن مالك بن حسان بن قتادة بن حليلة بن
حسان بن حسان بن النعمان في ابنة عمه
يا رب شمطاء المفارق حربش * صماء ليس لقلبها أذنان
102

تلك التي لو أنني خيرتها * أو حية همازة الأسنان
لاخترتها بدلا بها وعزلتها * وصدرت ذا جذل مع الرعيان
فقالت يا رب شيخ قد تولى خيره * ذرب اللسان كأنه ظربان
يرجو الشباب وقد تحنى ظهره * وعفاه بعد منامه الذبان
ذاك الذي لو أنني خيرته * لم أرتضيه بكلبنا ذكوان
وقال المدائني طلق رجل امرأته فتزوجت محللا فلما صارت إليه أبى
ان يطلقها فقالت في الأول
قصارك منى النصح ما دمت حية * وود كماء المزن غير مشوب
وآخر شئ أنت في كل هجعة * وأول شئ أنت عند هبوبي
وقالت في الاخر
لمن بكرة مطروفة العين نازع * معذبة في حبل راع يهينها
(وانشد) إسحاق بن إبراهيم الموصلي لام ظبية في ابنة
عم لها يقال لها أم حجدر زوجت ابنة لها برجل قبيح المنظر
لقد دلس الخطاب يا أم حجدر * لكم في سواد الليل إحدى العظائم
ألم تنظري حبيت يا أم حجدر * إلى وجهه أو تحدره في القوائم
(قال) ونظرت إلى الرجل فقالت قبح الله الطلعة ثم قالت
وان أناسا زوجوك فتاتهم * لجد حراص يكون لها بعل
(المدائني) قال قال سليمان عبد الملك لجارية له ونظر في المرآة
فأعجبه حسنه كيف تريني فقالت
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى * غير أن لا بقاء للانسان
أنت خلو من العيوب ومما * يكره الناس غيرك انك فاني
103

(أبو الحسن) الباهلي عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال دخلت
ديباجة المدينية على امرأة تنظر إليها فقيل لها كيف رأيتها فقالت لعنها
الله كان بطنها قربة وكان ثديها دبة وكان استها رفعة وكان وجهها وجه
ديك قد نفش عفريته يقاتل ديكا (حدثني) سعيد بن حميد بن سعيد
ابن بحر الكاتب قال كنا عند نيران جارية بن الطبطي النحاس ومعنا أبو
هفان عبد الله بن أحمد فأخذنا في وصف أخلاقه وجميل مذهبه فقلت لها بالله
أيسرك ان أبا هفان مولاك على سنه وسماحته وجميل أخلاقه فقالت
عفو الله عز وجل أوسع من ذلك والله ما هو إلا كما قال في نفسه
فلو بك كان الله عذب خلقه * لتابوا ولكن رحمة الله أوسع
(المدائني) قال كانت عند سليمان بن هشام بن عبد الملك فاطمة بنت
القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) الكبرى وأمها أم كلثوم
بنت عبد الله بن جعفر وأمها زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الكبرى وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها سليمان
ابن هشام إنما أنت بغلة لا تلدين فقالت لا والله ولكن يأبى كرمي ان
يدنسه لؤمك (المدائني) قال تزوج المغيرة بن شعبة بامرأة ثم رحل عنها
فقيل لها كيف رأيته فقالت عسيلة طائفية في ظرف خبيث
(حدثنا) ابن أحمد الحارث قال سمعت أبا عبد الله بن الأعرابي يقول
وصفت امرأة رجلا فقالت لم يجدوا حجزته جافية ولا ضالته كافئة ولا
ثنته وافية وان طلبتموه وجدتموه سريعا وان ضفتموه وجدتموه مريعا
قال أبو عبد الله الضالة القوس تعمل من شجر الضال وهو جنس من السدر
وقولها كافئة أي مائلة والثنة شعر العانة (حدثنا) أبو محلم قال كان خضم
104

المنقري تزوج امرأة ففركته وعجز عنها فقالت كسره أم ولد برده بن
مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم وهي بنت دوشن مولى بني حيان الذي
راجز جرير بن الخطفي بكف خضم بكرة لو تلبست * بحبل غلام رابض لاستقرت
سقاها بماء آجن خيض قبلها * فقد نهلت منه قلى ثم علت
إذا قال قومي أغد في السير موهنا * وقد أيقنت ورد الشريعة حنت
دعوا البكرة الادماء لا تولعوا بها * فلم تلق في أوطانكم ما تمنت
كان شآبيب الدموع بخدها * شآبيب ماء المزن حين استهلت
(قال) أبو ملحم وكان دوشن أحد بني منفر أيضا تزوج امرأة فعجز
عنها فقالت كسره
ولو بحبالي لبست عرس دوشن * لما انقلبت مني صحيحا أديمها
تبيت المطايا وهي حائرة السرى * إذا لم تجد أعناقها من يقيمها
ولكنما عللتها إذا لقيتها * بعرف الرخامي ثم أنت تلومها
(الأصمعي) قال طلق اعرابي امرأته وكانت من بني عامر فقالت
له انك ما علمت لضيق الفناء صغير الاناء قبيح الثناء قال وأنت والله
ما علمت أن كنت لواهية العقد قليلة الرفد مجانبة للرشد قالت وأنت والله
ان كنت لصارع السيف في البلاء ضائع الضيف في الكلاء منتهجا للؤم
في الملاء قال وأنت والله لطويلة اللسان مؤذية للجيران عارية المكان قالت
وأنت والله ان كنت للئيم الصحوة فاحش العدوة بين الكبوة فاتر النزوة
قال مه لا تفحشي فافحش ولا تسفلي فاسفل قالت ما أبقينا أكثر من
هذا قال إذا اسكتي فلا أنطق
105

(حدثنا) أبو زيد قال حدثنا أحمد بن معاوية بن بكر قال قال
الأصمعي كتبت امرأة إلى أبيها وكان زوجها بغير اذنها
أيا أبتا عنيتني وابتليتني * وصيرت نفسي في يدي من يهينها
أيا أبتا لولا التحرج قد دعا * عليك مجابا دعوة يستدينها
(وقال) أبو زيد رأى عبد الملك بن مروان امرأة من قريش تحت
رجل لم يرضه لها فسألها عن ذلك فقالت إن القبور تنكح الأيامى النسوة
الأرامل اليتامى والمرء لا يبقى له سلامي (قال) أبو زيد تزوج حبيب بن
أثيم الرياحي أم غيلان بنت جرير بن الخطفي وكان لها ابن عم يدعى جعدا
قد خطبها فأبى جرير ان يزوجه فجعل جعد وابن عم له يكنى أبو الموزون
يقعان بزوجها ويزعمان انه عنين فقالت أم غيلان
أصبح جعد وأبو الموزون * يرمون قطاطن بالظنون
ما ساق خمسا قبله عنين * يسأل في المهر ويستدين
(قال) فسمع جرير الشعر فقال والله هذا شعر أعرفه (قال) أبو
زيد عمر بن شبة قالت أم ناشب الحارثية وزوجت شيخا منهم كبيرا
فهربت وقالت
لحا الله قوما جشموا أم ناشب * سرى الليل تغشاه بغير دليل
نظرت وثوبي قالص دون ركبتي * إلى علم صعب المرام طويل
(قال) كان رجل ممن قعد عن الخوارج يدعى مجاشعا من بكر بن واثل
له زوجة تدعى عميرة ترى رأيه ثم أفسدها رجل حتى رأت رأي الخوارج
فدعت زوجها إلى ذلك فأبى وأبت إلا ان تخرج فخرجت فكتب
إليها زوجها
106

وجدا يصاحبني لعل صبابة * منها ترد خليلة لخليل
فلئن قتلت ليقتلن قتيلكم * فتيقني أني قتيل قتيل
فقالت تجيبه
أبلغ مجاشع ان رجعت فإنني * بين الأسنة والسيوف مقيلي
أرجو السعادة لا أحدث ساعة * نفسي إذ أنا جبتها بقفول
ووهبت خدري والفراش لكاعب * في الحلي ذات دمالج وحجول
(المدائني) قال كانت حمزة امرأة عمران بن حطان الحروري جميلة
فائقة الجمال وكان دميما شديد الدمامة فقالت له يوما انا لعلى خير إن شاء الله
أعطيت مثلي فشكرت وابتليت بك فصبرت فقال عمران مثلي
ومثلك ما قال الأحوص
ان الحسام وان ورثت مضاربه * إذا ضربت به مكروهة فصلا
(أحمد) بن معاوية بن بكر عن الأصمعي قال قال أبو الجنيد الأعرابي
رأيت بطريق مكة أعرابية تبيع الحرض لم أر قط أجمل منها فوقفت انظر
إليها متعجبا من جمالها إذ اقبل شيخ قصير فاخذ باذنها فسارها فقلت من
هذا قالت زوجي قلت كيف رضي مثلك مثله قالت إن لي قصة ثم قالت
أيا عجبي للخود يجرى وشاحها * تزف إلى شيخ من القوم تنبال
دعاها إليه انه ذو قرابة * فويل الغواني من بني العم والخال
(وقالت) هند بنت عصم السدوسية وكانت عند ربيعة بن غزالة الكندي
وكان عنينا تشتاق بلادها
ألا لا أرى ماء الصبح شافيا * نفوسا إلى أمواه بقعاء نزعا
فمن جاء من ماء الشبال بشربة * فإن له من ماء لينة أربعا
107

وقد زادني وجدا ببقعاء اننا * رأينا مطايانا بلينة ظلعا
(قال) رجل يرقص ابنه ويعرض بزوجته
وهبته من ذات ضغن خبه * قصيرة الأعضاء مثل الضبة * تعيا كلام البعل الاسبه
فقالت وهبته من مرعش من الكبر * شر نفح وريده مثل الوتر * بئس الفتى في أهله وفي الحضر
(وقالت) امرأة رقصت ابنها وعرضت بزوجها
وهبته من ذي ثفال خب * يقلب عينا مثل عين الضب * ليس بمعشوق ولا محب
فقال زوجها
وهبته من سلفع أفوك * سرح إلى جارتها ضحوك
ومن هبل قد عسا حنيك * أشيب ذا رأس كرأس الديك
وقال قيس بن عاصم ينزى انباله وأمه منفوسة بنت زيد الخيل جالسة
تسمع أشبه أبا أمك أو أشبه عمل * وأرقا إلى الخير زناء في الحيل
ولا تكونن كهلوف وكل
فقالت منفوسة أشبه أخي أو أشبهن أباكا * أما أبي فلن تنال ذاكا * تقصر ان تناله يداكا
(أحمد) بن معاوية بن بكر عن الأصمعي قال اتهم اعرابي امرأته وجاءت
بولده ابيض وكان بنوه سودا فقال لتقعدن مقعد القصي من ذوي
القاذورة المقلى أو تحلفي بربك العلي أنى أبو ذيالك الصبي قد رابني ببصر
رخي ومقلة كمقلة الكركي قال فقامت تمشط رأسه فقال
لا تمشطي رأسي ولا تفليني * ما باله احمر كالهجين * ليس كألوان بني الجون
فردت عليه فقالت
108

ان له من قبلي أجدادا * بيض الوجوه سادة انجادا
ما ضرهم يوم لقوا عبادا * ان لا يكون لونهم سوادا
وقال اعرابي رقص ابنه وعرض بامرأته
وهبته من أمة سوداء * ليست بحسناء ولا جملاء * كأنها خلفة خنساء
فقالت امرأته
وهبته من اشمط المفارق * ليس بمعشوق ولا بعاشق * وليس ان فارقني بنافق
(قال) قالت امرأة ضربها زوجها فقيل لم ضربك فقالت طلب
عندي ما لم يحلفه فضربني حتى الثقني بالدم ولقد هجوته فقلت
فأنت الداء ليس له دواء * وأنت الفقر ليس له انجبار
ولو مصت النضار تمج مسكا * لخبث المسك بعدك والنضار
أنشدني حماد عن أبيه قال أنشدني إدريس بن أبي حفصة لجارية بدوية
يقال لها جمل تهجوه
يا جمل لو كنت عند الله مسلمة * لما ابتليت بشيخ مثل إدريس
لما ابتليت بشيخ لا حراك به * أبقى لك الدهر منه شر ملبوس
يلقاك منه الذي تهوين رؤيته * عند اللقاء بادبار وتنكيس
امسى وأصبح مما لا يبوح به * مما تحبين رأسا في المفاليس
قال إسحاق قال ربيعة بن رميح اخبرني شيخ أهل الحجاز انه حضر
رجلا من الاعراب وامرأته قد حكما بينهما حكمين بعد تطاول من الشر
فحكم بفرقتهما فقالت لزوجها فيما تقول أما والله ان كنت لبخيلا على ما
ملكت مقترا إذا أنفقت منانا إذا وهبت تفلا إذا باشرت فقال زوجها
وأنت والله ان كنت لظاهرة الكسل ميتاء العمل كريهة المقبل شختة
109

المخلخل (قال) إسحاق الموصلي أنشدني بعض الاعراب لامرأة تذم زوجها
إني ندمت على ما كان من عجبي * واقصر الدهر عني أي اقصاري
فليتني يوم قالوا أنت زوجته * أصابني ذو نيوب سمه ضاري
يا رب ان كان في الجنات مدخله * فاجعل أميمة رب الناس في النار
قال الأصمعي كان شيخ من بني سعد باليمامة ذا مال فجمع بين أربع نسوة
وكان تفلا مفركا ففركنه جمع وأصلح بينهن بغضة فرصدهن ذات ليلة
وهن يتحدثن ويذكرنه فقالت إحداهن
قلن جميعا في فنون عيبه * وغيبه لا مأثم في غيبه
قالت الثانية: اقمر عيني ببياض شيبه * وشف جسمي طول شم جيبه
وقالت الثالثة اللؤم والخيبة حشو ثوبه * فبي فحل الموت صبحا أو به
فقالت الرابعة يا ليت ما ينالني من سيبه * تطليقه تخرج من قليبه
فأصبح فطلقهن جميعا (قال) الجعدي نزل رجل على امرأة من بني ثعلبة
ابن يربوع فأحسنت قراه فلما غدا عنها هجاها وذكر انها سامته نفسها
ووالله ما ارضى الذي قد رضيته * لنفسي فكفي لا سقيت من القطر
فإني امرؤ أعطيت ربي إلية * أرى زانيا ما لاح لي وضح الفجر
فقالت الثعلبية وهي جهيرة وكانت جهيرة شاعرة
لحا الله قوما أنت فيهم فإنهم * لئام مساعيهم سراع إلى الغدر
فلو كنت حرا يا لعين وقلت لي * جميلا ضعفت عن الشكر
(المدائني) قال لما زفت ابنة عبد الله بن جعفر (وكانت هاشمية جليلة)
إلى الحجاج بن يوسف ونظر إليها في تلك الليلة وعبرتها تجول في خديها
فقال لها بأبي أنت وأمي مما تبكين قالت من شرف اتضع ومن ضعة شرفت
110

(وقال المدائني) قال الحجاج لابنة عبد الله ان أمير المؤمنين عبد الملك
كتب إلي بطلاقك فقالت هو والله أبر بي ممن زوجنيك (حدثنا) عبد
الله بن شبيب قال حدثني الزبير بن بكار قال حدثني أيوب بن سلمة قال
تزوجت عصيمة بنت زيد النهدية رجلا من قومها يكنى أبا السميدع
واسمه سعيد بن سالم فابغضته بغضا شديدا فتأذته فليمت في ذلك فقالت
يقولون لم تأخذ عصيمة مهرها * كان الذي عصيمة لاعب
ولو مارسوا ما كنت فيه لأحرجوا * ورائي ولم يطلب إلى المهر طالب
كأن رياحا من سعيد بن سالم * رياح طبة بالت عليها الثعالب
فإن انفلت منه فاني حبيسة * طوال الليالي ما دعا الله راغب
(أنشدنا) أبو ملحم الأعرابي لامرأة في زوجها تذمه
من عذيري من بعل سوء يراني وأراه بأعين البغضاء
تتهادى منا الضمائر وحيا * بقلى يسكن في الأحشاء
غاض مكنون ما عليه احتوينا * في قلوب إلى الفراق ظماء
نتنائي حديث اثر وعين * باددا أنسه عن الأهواء
فكلانا على أسى البغض مبد * كاذب الود من لسان رياء
رجل لو تخير اللؤم لؤما * كان أو زائدا ولي اللواء
ملئ عين من الفواحش كأسي * الوجه من سوءة سليب حياء
يا لقومي داء عياء فانى * لي بحمل داء عياء
ليت لي حية ببعلي صماء * وأحبب بالحية الصماء
ان بدت كان دونها لي حجاب * من حفيف الغراق أو من رقاء
أين أين الحمام أين لقد * أحرزه منه اليوم واقي القضاء
111

قال (إسحاق) إبراهيم الموصلي عن أبي عبيدة قال كانت أم شبيب بنت
قيس بن الهيثم السلمي عند جارية بن بدر الغدراني ثم حلف عليها بشر بن
شفاف فقالت
بدلت بشرا بلاء أو معاقبة * من فارس كان قدما غير غوار
فليتني قبل بشر كان ضاجعني * داع إلى الله أو داع إلى النار
قال قال أبو الجراح الأعرابي وقع بين امرأة يقال لها ميثاء (قال أبو الجراح
وقد رأيتها) وبين زوج لها يقال له خطام من بني مجاشع لجأ فقالت ميثاء
تدعو عليه
يا رب رب البيت والحجاج * رزقت ميثاء من الأزواج
هجاجة من أحمق الهجاج * عفنججا يضل في العجاج
لا يعرف الديك من الدجاج * أجرأ من ليث بليل داج
عند المناجاة وعند الحاج
(قال) استعدت امرأة هشام بن طلبة بن قيس بن عاصم واختلعت منه
عند إبراهيم بن هشام المخزومي ونسبته إلى العجز عنها فلحقها عنده فقال
من ذا الذي يمنع مني اقلقي * واني لم أعجز ولم أطلق
أحمل أيرا مثل اير الأبلق * ضخم الديني عظيم المفرق
يصك قرطاس العجان الأبرق * يترك ملساء الأديم الأخلق
واهية الخرق رحيب المفتق
قال فأجابته أمها
ان هشاما كاذب لم يصدق * زل هشام عن مزل مزلق
وضرطته طامح لم تعشق * ضرح الشموس عن فلو مرهق
112

يا بن هشام ذي الفروع السمق * والحسب المحض الذي يمذق
ان الخبيث كاذب لم يصدق
قال فسأل عن أمها وعن خبرها فذكر له انها ظالمة فردها إليه (الأصمعي)
قال اخبرني يزيد بن ضبة مولى ثقيف قال مرت أعرابية بنادي قوم من
بني عامر وفيهم غلام حديث السن ظريف فنكس القوم رؤوسهم وجعل
الغلام يرمقها فدنت منهم فمازحتهم وأقبلت على الغلام فقالت
شهدت وبيت الله انك طيب * الثنايا وان الخصر منك لطيف
وانك مشبوح الذراعين خلجم * وانك إذ تخلو بهن عنيف
وانك نعم الكمع في كل حالة * وانك في رمق النساء عفيف
نمتك إلى العليا عرانين عامر * وأعمامك الغر الكرام ثقيف
أناس إذا ما الكلب أنكر أهله * فعندهم حصن أشم منيف
لمن جاءهم يخشى الزمان وريبه * رحيق وزاد لا يصان وريف
فبيت بني غيلان في رأس يافع * وبيت ثقيف فوق ذاك منيف
وكان الذي يرمقها من بني معتب بن ثقيف وأمه إحدى بنات عامر بن
جعفر بن كلاب فقال لها زوجها من عنيت قالت إياك قال كذبت
وبيت الله ما أنا الذي عنيت ولا خصري بلطيف ولأقتلنك أو لتخبريني
قالت الصدق يضرني عندك فأخذت عليه موثقا أن لا يخبر به الناس
فأعطاها ذلك فخبرته فطلقها وأفشى خبرها فقالت
غدرت بنا بعد التصافي وخنتنا * وشر مصافي في خلة من يخونها
وبحت بسر كنت أنت أمينه * ولا يحفظ الاسرار إلا أمينها
قال أحمد بن معاوية بن بكر بن الباهلي حدثني داوود بن داوود قال
113

كان لذي الإصبع العدواني أربع بنات وكن يخطبن فلا يزوجهن وكانت
أمهن تأمره بتزويجهن وتقول انهن يردن الأزواج فيسألهن فيستحين
فيقلن لا نريد حتى خرج ليلة إلى متحدث لهن فاستمع عليهن وهن لا يعلمن
فقلن تعالين فلنتمن ولتصدق كل واحدة منا فقالت الكبرى
ألا ليت زوجي من أناس ذوي غنى * حديث الشباب طيب الريح والعطر
طبيب بادواء النساء كأنه خليفة جان لا ينام على هجر
فقلن لها أنت تحبين رجلا من قومك فقالت الثانية
ألا هل أراها مرة وضجيعها * اشم كنصل السيف غير مهند
لصوق بأكباد النساء وأصله * إذا ما انتمى من أهل سرى ومحتدي
فقلن لها أنت تحبين رجلا من قومك فقالت الثالثة
ألا ليته يملا الجفان نديه * لنا خفنة تشقى بها الناب والحزر
به حكمات الشيب من غير كبرة * تشين فلا الفاني ولا الضرع الغمر
فقيل لها أنت تحبين رجلا شريفا وقيل للرابعة وهي الصغرى تمني
قالت ما أريد شيئا قلن والله لا يبرحن حتى نعرف ما في نفسك قالت
زوج من عود خير من القعود فلما سمع أبوهن مقالتهن زوجهن أربعهن
فمكثن برهة ثم اجتمعن عنده فقال للكبرى يا بنية ما مالكم قالت الإبل
قال وكيف تجدونها قالت خير مال نأكل لحومها مزعا ونشرب ألبانها
جرعا وتحملنا وضعفتنا معا قال فكيف تجدين زوجك قالت خير زوج
يكرم الحليلة ويعطي الوسيلة قال مال عميم وزوج كريم وقال للثانية ما مالكم
قالت البقر قال وكيف تجدونها قالت خير مال تألت الفناء وتملأ الاناء
وتودك السقاء ونساء مع نساء قال كيف تجدين زوجك قالت زوج يكرم
114

أهله وينسى فضله قال حظيت ورضيت ثم قال للثالثة ما مالكم قالت المعزى
قال وكيف تجدونها قالت لا بأس بها نولدها فطما ونسلخها أدما قال
كيف تجدين زوجك قالت لا بأس ليس بالبخيل الحتر ولا بالسمح البذر
قال جدوى مغنية ثم قال للرابعة ما مالكم قالت الضان قال وكيف تجدونها
قالت شر مال حوف (أي جلود) لا يشبعن وغنم لا ينفعن وصم
لا يسمعن وأمر مغويتهن يتبعن قال فكيف تجدين زوجك قالت زوج
يكرم نفسه ويحترم عرسه قال أشبه امرأ بعش بزه
قال وأنشدني مروان بن أبي حفصة لامرأة من آل أبي حفصة
كانت أمة لهم تهجو زوجها
وما ظربان لبد القطر متنه * متى ما يشأ يلمم بصب فيصطد
بانتن من ريح الهجين وازع * إذا ما غدا في مدرع متبدد
له قدمان تحثوان على استه * إذا أحسن الفتيان مشى التأدد
قال الأصمعي حدثني عيسى بن عمر قال كنت بالبادية فتضيفت امرأة
فدخلت الخباء فجعلت تريغ زوجها عن قراي ويريغها فسمعتها تقول
انا ابنة الأخيل المعم المخول ان كنت تجهلني فعنى فاسأل قال فقال الزوج
انا ابن بلال صاحب العين والخال قال فاتتني بقرص مثل فرسن الحلة قال
فجعلت الملم منها مثل اثباج القطا الكدري قال الكلبي امرأة يقال لها أم الورد
تزوجت برجل فعجز عنها فتقدمت إلي والى اليمامة فقالت له والله
ما يمسكني بضم ولا بتقبيل ولا بشم ولا بزعزاع ليسلي همي يطيج منه
فتحي في كمي قال ففرق بينهما ثم تزوجت رجلا آخر فرضيت وحظيت
وزوجت أخاها أخت زوجها فعجز عنها فقالت تهجو أخاها
يا عمرو لو كنت فتى كريما * أو كنت ممن يمنع الحريما
115

أو كان رمح استك مستقيما * نكت به جارية هضيما
ناك أخوها أختك الغلميا * بذي خطوط يغلق المشيما
إذا أحفت نومها الأريما * واحتدرت من ظهره العتيما
سمعت من أصواتها نئيما
(الهيثم) قال مدح قتادة بن مغرب يزيد بن المهلب فأعطاه وملا يديه
وتزوج بنت يزيد الحنفي فلما بنى بها فركها من ليلتها فلما أصبح طلقها وقال
تجهزي للطلاق وارتحلي * ذاك دواء للرامح الشمس
لليلة حين بنت طالقة * الذي عندي من ليلة العرس
بت لديها بشر منزلة * لا انا في نعمة ولا فرسي
هذا على الخسف لا قضيم له * وبت ما ان يسوغ لي نفسي
قال فالحقها باهلها وبلغها قوله فشدت عليها ثيابها واتت باب يزيد بن
المهلب فاستأذنت عليه فدخلت وقتادة عنده فقالت
حلفت فلم اكذب وإلا فكل ما * ملكت لبيت الله أهديه حافية
لو أن المنايا أعرضت لاقتحمتها * مخافة فيه ان فيه لداهية
وكيف اصطباري يا قتادة بعد ما * شممت العدى من فيك أدمى سماخيه
فما جيفة الخنزير عند ابن مغرب * قتادة إلا ريح مسك وغالية
وقال العتبي حدثني أبو أحمد قال سئل اعرابي عن امرأته وكان حديث
عهد بتزويج قال فقال أفنان اثلة وجنى نحلة ومس رملة وكأنني آيب
في كل ساعة من غيبة قال وسئلت عنه فقالت أفنان الجنة وحسن الروضة
وطيب الحياة في نعمة مقيمة
العتبي قال حدثنا أبو سليمان قال سئلت امرأة عن زوجها فقالت كان
116

والله جمل ظعينة وليث عرينة وجار بحر وظل صخرة (وخطب) صالح
ابن محمد بن إسماعيل بن صالح بن علي الهاشمي أم جعفر بنت علي الهاشمية
من ولد أبيه فرد عنها فقال من شدة الغيظ وكانت قبله عند ابن عم لها
يا شوصة في فؤادي ويا قذى في جفوني * ياقية في سلاح يا فضلة المأفون
أتأمروني بتزويجها فأين أين يميني * وزوجها كان منها في غيضة من قرون
فقالت ارجع بغيظك عنا * فلست لي بقرين
ولست صاحب دنيا * ولست صاحب دين
يا صيحة يا (بياض في الأصل) * يا سلحة المبطون
مطيته العبد بعلا * بكل عود متين
تروم ملكي بعقل * واه وحمق حرون
(الأصمعي) قال قال اعرابي لامرأته انك لتخمطين العيش خمطا لأنك
إنما تطلين من اير ذي عجرا وطرموسة حمراء فقالت له قبح الله ما مننت
به علي اتمن علي بعصبة نصفها في استك أو طرموسة ثلثاها رماد كأنك
اشتريت سطية رومية أو ملأت يدي من حلية وانشد لامرأة تهجو
زوجها من نساء الحضر
يحب النكاح أبو صالح * وليس يطاوعه ايره
وقد أمسك البخل من كفه * فأصبح لا يرتجى خيره
فيا ليت ما في حري في أسته * وملكني رجل غيره
قال لقيط بن بكير قالت طارقة وهي مولاة لأهل بيت من امرئ
القيس بن زيد وكان تزوجها مولى لبني كلب يقال له ثابت وكنيته
أبو الفصيل فخطب مولاة أخرى من مواليات بني امرئ القيس وكانت
117

تتهم بالسحر وكان يقال لها نجود وبلغها ذلك فجعلت تقول
لا خار ربي لأبي الفصيل * ولا وقاه عثرة الذلول
بدل مني أخبث البدول * هوجاء مقاء كشبه الغول
تحمل رفغا واسع الفضول * مثل إهاب الميحة المبخول
يبيت فيه الذئب أو يقيل
وقالت: الما قرورا أهل ذا البقع كله * ولا تقربا سحارة البردان
تعول عيالا لست أنت ولدتهم * وأمهم في البيت غير حصان
(حدثني) محمد بن سعد عن العتبي قال حدثني محمد بن جعفر رجل أهل
الحديث قال بلغني ان امرأ القيس بن حجر كان رجلا مفركا تزوج
امرأة من طي فلما دخل بها سبق إلى قلبها منه ما كان يسبق إلى قلوب
النساء فأيقظته من نومه فقالت يا فتى الفتيان أصبحت فاغدة قال فقام فإذا
الليل معتكر فلما وضع جنبه عادت له فقالت يا فتى الفتيان أصبحت فاغدة
فقام فإذا الليل على حاله فعلم أن ذلك ضجر منها فجعل يقول أصبح ليل
فلما برق له الصبح قال لها يا هذه قد رأيت ما صنعت منذ الليلة فأنت الطلاق
فأخبريني ما كرهت مني قالت كرهت والله منك ثقل صدرك وخفة
عجزك وانك سريع الهراقة بطئ الإفاقة قال أفلا أخبرك عن نفسك
قالت بلى ولو استعفيتك ما أعفيتني قال أنت والله ناتئة الجبهة حديدة
الركبة واسعة الثقبة سريعة الوثبة قبيحة النقية قال فجعل يقول لها لعنك الله
وتقول له لعنك الله (وقال) أحمد بن الحارث عن أبي الحسن المدايني قال
كان يزيد بن هبيرة المحاربي أول أمير ولى اليمامة لعبد الملك بن مروان
فتزوج امرأة من ولد طلبة بن قيس بن عاصم المنقري فقالت
118

للبس عباءة وتقر عيني * أحب إلي من لبس الشفوف
وبكر يتبع الأظعان صب * أحب إلي من بغل زفوف
وبيت تخفق الأرواح فيه * أحب إلي من قصر منيف
(وقال) أبو الحسن تزوج رجل من بني جسر امرأة من ولد طلبة بن
قيس وكان الرجل دعيا فرفع إلى يزيد بن هبيرة ففرق بينهما وقالت
وهي عنده
لقد كنت عن حجر بعيدا فساقني * صروف النوى والسابقات إلى حجر
يقولون فرش من حرير وإنما * أرى فرشهم عندي كحامية الجمر
واني لأستحي تميما وغيرها * من انكاحهم إياي عبد بني جسر
قال أبو الحسن تهاجت امرأتان من العرب كانتا عند رجل سمينة
ومهزولة فقالت المهزولة تزحزحي عني يا مرونة ان البراذين إذا جرينه
من الجياد ساعة اعيينه قالت السمينة يا بنت مهراس قفي أقول لك ما أقبح
الوجه وما أذلك فلو ركبت جندبا أقلك ولو أردت ظله أظلك قال
أبو الحسن زوجت هند بنت بن عامر الأسلمي ابنتين لها واحدة في بني
قشير وأخرى في بني أبي بكر بن كلاب فقالت
لقد أرسلت ليلى أثر هند * فلم أدرك بذلك من نصيب
لعمرك ما ابنة السلمى ليلى * بفاحشة المحل ولا كذوب
ولا مشأة في يوم ريح * تحدث عن أحاديث المعيب
قال أبو محمد عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي قاضي فارس عن الشرقي
ابن القطامي قال تزوج رجل من همدان ابنة عم له وكان لها محبا فلم
يلبث ان ضرب عليه البعث إلى آذربيجان فأصاب بها خيرا واستفاد
119

جارية وفرسا فسمى الفرس الورد والجارية حبابة ثم قفل البعث ولم يقفل
هو فأتاه ابن عم له فقال ما يمنعك من القفول قال أخشى ابنة عمي ان
تحول بيني وبين هذه الجارية وقد هويتها فأنشأ يقول وكتب به إليها
ألا لا أبالي اليوم ما صنعت هند * إذا بقيت عندي حبابة والورد
شديد نياط المنكبين إذا جرى * وبيضاء مثل الريم زينها العقد
فهذا لأيام الهياج وهذه * لموضع حاجاتي إذا انصرف الجند
فكتبت إليه امرأته
لعمري لئن شطت بعثمان داره * وأضحى غنيا بالحبابة والورد
ألا فأقرأه مني السلام وقل له * غنيا بفتيان غطارفة مرد
إذا شاء منهم ناشئ مد كفه * إلى كفل ريان أو كعثب نهد
بحمد أمير المؤمنين أقرهم * شبابا وأغزاكم خوالف في الجند
فما كنتم تقضون حاجة أهلكم * قريبا فيقضوها على الناي والبعد
فأرسل إلينا بالسراح فإنه * منانا ولا ندعو لك الله بالرشد
إذا رجع الجند الذي أنت منهم * فزادك رب الناس بعدا على بعد
فلما وصلت أبياتها إليه باع الجارية واقبل مسرعا فوجدها معتكفة على
مسجدها وصلاتها فقال يا هند فعلت ما قلت قالت الله أجل في عيني وأعظم
ان اركب له مأثما ولكن كيف وجدت طعم الغيرة فإنك غظتني فغظتك
وقال المدائني عن أبان بن تغلب قال قالت أعرابية لابنتها أزوجك
فامتنعت عليها حينا ثم قالت يا أمه ان كنت لا بد فاعلة فجنبيني ذا السن
الكبير لا أتعجله فإن فيه قلة النشاط وعجزة الولد واجعلي عمود رغبتك في
ذي الخلق الحسن ولابس ثوب الشكر وان كان لا شئ خير من الكبير ذي
120

الحدة وإذا أرسلت فارسلي حكيما (قال) فليتني كنت عزبا ما فاتتني حتى
أتزوجها قال أبو الحسن نشزت أم الصريح بنت أوس وأختها أم اياس
وهم من كندة التي في بني كليب بن يربوع على أبي الصريح الكليبي فقالت
كأن الدار يوم تكون فيها * علينا حفرة ملئت دخانا
فليتك في سفين بني عباد * طريدا لا نراك ولا ترانا
وليتك غائب بالهند عنا * وليت لنا صديقا فاقتنانا
ولو أن النذور تكف منه * لقد أهديتها ماية هجانا
وقالت أم الصريح وكانت هي وأم اياس أختها عند أخوين من
بني كليب وكانت الحلال الكلبية ضرة لام اياس فكانت تفاخرها
فقالت أم الصريح غيرة لأختها أم اياس الا اربعي يا بنت أم قيس أتعدين
محصنا بأوس والخطفي بالأشعث بن قيس ما ذاك بالعدل ولا بالكيس
فردت عليها الحلال إذا كليب زخرت في الظم * ركبت في عرنينها الأشم
مالك من خال ولا ابن عم * غير هذين فاصبري للذم واعترفي بالرفقة الأصم
رفقة ذي شقاشق هلقم (وقال) تزوج العجاج دهنا بنت مسحل من
بني مالك بن سعد بن زيد مناة فنافرته إلى إبراهيم بن عربي والي اليمامة
وزعمت أنها بكر وأنه معها على فراشها امرأة لا تصل إلى النساء فقال
إبراهيم لعلك تعازين الشيخ وتمنعينه فقالت والله إني لأقيم له صلبي
وأرخي له بادي فقال العجاج والله إني لاخذها العقيلا الشغزبية فقال
إبراهيم الشغزبية التي أهلكتك انطلقا فقد أجلته سنة فقال العجاج
قد زعمت دهنا وظن مسحل * ان الأمير بالقضاء يعجل
عن كسلالي لي والحصان يكسل * عن الضراب وهو طرف هيكل
121

فقالت الدهنا: أقسم لا يمسكني بضم * ولا بتقبيل ولا بشم
ولا بغز يسلي غمي * يطير منه فتحي في كمي
فندم العجاج فقال إن
تكن الدهنا غدت في دارها * عامدة لفلج أستارها
فلم أكن مللت من جوارها * كان ضوء الشمس في حفارها
وعجز ترتج في اسمرارها
فقالت الدهنا: والله لولا كرمي وخيري * وخشيتي عقوبة الأمير
ورهبة الجلواذ والترتور * لجلت عن شيخ بني البعير
جول قلوص صعبة عسير * تضرب حنوى قتب مأسور
فمكث سنة ثم جاء بهن ضعيف وقال: وفالق الحب والنوى * لقد مددنا يدنا تحت الكرى
تحت رواق الليل والله يرى * لم أر كالله شهيدا يدرى
(وأنشدني) عبد الله بن شبيب قال قال مصعب الزبيري قالت امرأة
توصي ابنتها
لا تنكحي شيخا إذا بال ضرط * املأ اني تحت حصية تمشط
رخو الدلاة عاجزا إذا افترط * والتمسي أمرد يستاف الغلط
لمثله تتخذ الخود النقط * إذا تدانى ساعة ثم امعط
يجبذ جبذ البعير نفسه إذا انحط
قال فرد عليها الزوج
يا رب شيخ بفوديه الشمط * محتلج المتنين محبوك الوسط
يحمل جردانا كمحراش الخبط * إذا استدر عرقه ثم امعط
122

بفيشلة فيعا كالرأس العطط * لو زاحمت ركن جدار لسقط
إذا رآها الأمرد البرك ضرط * أو صادفت جارية ذات نقط
ظلت تفري جلدها من الفرط * ولم تسطع حفظ رحلها من الفلط
وقالت امرأة زوجت غلاما غرا فقالت
ويلك يا سلمى رأيت بعلي * شنظيرة انكحنيه أهلي
غشمشما يحسب رأسي رجلي * لم يدر نيك النساء قبلي
(قالت جارية) من الاعراب في زوجها وزوج أختها
أسيود مثل القرد لا خير عنده * وآخر مثل الهر لا حبذاهما
يشينان وجه الأرض ان يمشيا بها * وتخرى إذا ما قيل من فاهما
(يقول الشارح) وقد ورد في الأصل بعد الخبر السابق خمسة أبيات
لامرأتين تذمان زوجيهما وقد سبق ورودها قبل ذلك فاغفلناها الان تفاديا
من التكرار (ولبعض) المحدثات تذم زوجها
يا من يلذذ نفسه بعذابي * ويرى مقارنتي أشد عذاب
مهما يلاقي الصابرون فإنهم * يؤتون اجرهم بغير حساب
لو كنت من أهل الوفاء وفيت لي * ان الوفاء حلى اولي الألباب
ما زلت في استعطاف قلبك بالهوى * كالمرتجى مطرا بغير سحاب
يا رحمتي لي في يديك ورحمتي * لي منك يا شينا من الأصحاب
يا ليتني من قبل ملكك عصمتي * أمسيت ملكا في يد الاعراب
هل لي إليك إساءة جازيتها * الا لباسي حلة الآداب
(بلاغات النساء ومقاماتهن وأشعارهن)
(ومما تخيرناه في المنثور والمنظوم وبدأنا في هذا الجزء باخبار ذوات
123

الرأي منهن والجزالة وجواباتهن المسكتة وأحاديثهن الممتعة
(أي ويبدأ الان بمقاماتهن وأشعارهن) (قال) أبو عبيد الله
محمد بن زياد الأعرابي حدثنا خالد بن الحارث ومعاذ بن معاز وعفان
بن مسلم ويعقوب الحضرمي عن عبد الله بن حسان عن جدتيه دحية
وعليية عن جدتهما قيلة بنت مخرمة وأخبرنا حجاش العنبري عن أبيه
عن المنجاب عن قيلة وحدثنا أبو زيد عمر بن شبة والزبير بن بكار بمثل
هذا الاسناد عن قيلة وحدثني عبد الله بن شبيب قال حدثني إبراهيم
ابن محمد الحلبي قال حدثني محمد بن الضحاك العبدي عن أبيه قال حدثني
عبد الله بن سواد العنبري عن حفص بن عمر الحوضي النمري بعضهم
خالف بعضا في اليسير منه والمعنى واحد قالت
كنت ناكحة في بني جناب بن الحارث بن جهبة بن عدي بن جندب
ابن العنبر رجلا منهم يقال له الأزهر بن مالك وانه مات وترك بنات
فيهن واحدة فزيراء وهي صغراهن قد اخذتها الغرسة قالت خرجت
ابتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نأنأة الاسلام فبكت
الحديباء علي فرحمتها فحملتها معي على بعيري سرا من عمها أثوب بن
مالك فخرجنا نرتك جملنا إذا انتفجت الأرنب فقالت الحديباء الفصية
ورب الكعبة قالت وقالت في الثعلب قولا حين عن لنا وقالت الفزيراء
ورب الكعبة لا يزال كعبك عاليا على كعب أثوب فبينا الجمل يرتك إذ خلا
واخذته رعدة فقالت الحديباء أدركتك والأمانة أخذة أثوب فقلت
واضطررت إليها فما اصنع قالت تقلبين ثيابك ظهورها لبطونها وتقلبين
أحلاس جملك ظهورها لبطونها وتقلبين ظهرك لبطنك ثم قلبت مستحالها
124

من صوف فقلبت ظهرها لبطنها قالت ففعلت ما امرتني به فقام الجمل ففاج
وبال واعدت عليه أداته ثم خرجنا نرتكه فإذا أثوب يسعى على آثارها
بالسيف صلتا فوألنا منه إلى خباء ضخم فالقى الجمل ذلولا لدى روق
البيت الأوسط فاقتحمت داخله بالجارية وتناولني بسيفه فأصابت ظبته
طائفة من قرني وقال الق إلي ابنة أخي يا دفار فألقيتها إليه وكنت اعلم
به منهم وقد تحشحش (سيأتي تفسيره آخر الحكاية) له القوم ثم انطلقت
إلى أخت لي ناكح في بني شيبان ابتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فبينا انا عندها ذات ليلة تحسب اني نائمة إذ جاء زوجها من السامر
فقال وأبيك لقد أصبت لقيلة صاحب صدق قالت ومن هو قال هو حريث
ابن حسان غاديا ذا صباح وافد بكر بن وائل إلى رسول صلى الله عليه وآله وسلم
قالت يا ويلها لا تخبر بهذا أختي فتتبع أخا بكر بن وائل بين سمع الأرض
وبصرها ليس معها من قومها رجل قال لا تذكريه فاني غير ذاكره لها
فلما أصبحت وقد سمعت ما قالا شددت على جملي فانطلقت إلى حريث بن
حسان فسألت عنه فإذا به وركابه مناخة فسألته الصحابة إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم فقال نعم وكرامة فخرجت معه صاحب صدق حتى قدمنا
على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدخلنا المسجد حين شق الفجر وقد
أقيمت الصلاة فصلى والنجوم شابكة والرجال لا تكاد تعارف من ظلمة
الليل فصففت مع الرجال وكنت امرأة حديثة عهد بجاهلية فقال لي رجل
إلى جنبي: امرأة أنت أم رجل؟ قلت امرأة قال كدت تفتنيني عليك
بالنساء وراءك فإذا صف من النساء قد حدث عند الحجرات لم أكن
رأيته حين دخلت فصففت معهن فلما صلينا جعلت أرى ببصرى الرجل
125

ذا الروأو القثر لأرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى دنا فقال السلام
عليك يا رسول الله فإذا هو جالس القرفصاء ضام ركبتيه إلى صدره عليه
اسمال ملسين كانتا مصبوغتين بزعفران فنعصا وبيده عسيب مقشور
غير خوصتين من أعلاه فقال وعليك السلام ورحمة الله فلما رأيت رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم والتخشع في مجلسه أرعدت من الفرق فقال له جليسه
يا رسول الله أرعدت المسكينة فقال بيده يا مسكينة عليك السكينة فذهب
عني ما كنت أجد من الرعب قالت فتقدم صاحبي أول من تقدم فبايعه
على الاسلام وعلى قومه ثم قال يا رسول الله اكتب لنا بالدهناء لا يجاوزها
من تميم إلينا إلا مسافرا أو مجاور فقال يا غلام اكتب له بالدهناء قالت
فلما رأيت ذلك شخص بي وهي داري ووطني فقلت يا رسول الله انه لم
يسلك السوية من الامر هذه الدهناء عندك مقيد الجمل ومرعى الغنم ونساء
تميم وأبناؤها وراء ذلك قال صدقت أمسك يا غلام المسلم أخو المسلم يسعهم
الماء والشجر يتعاونان الفتان كذا قالت فلما رأى حريث وقد حيل
دون كتابه صفق بإحدى يديه على الأخرى ثم قال كنت انا وأنت كما
قال الأول حتفها حملت ضان بأضلافها قالت فقلت أما والله لقد كنت
دليلا في الليلة الظلماء جوادا لدى الرحل عفيفا عن الرقيقة صاحب صدق
حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علني أسأل حظي إذا سألت حظك
قال وما حظك من الدهناء لا أبا لك قالت قلت مقيد جملي سله لجمل
امرأتك قال أما اني أشهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اني لك أخ ما حييت
إذا ثنيت هذا علي عنده قالت قلت بدأتها فاني لا أضيعها قالت فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يمنع ابن هذه ان يفصل الخطة وينتصر من
126

وراء الحجرة قالت فبكيت وقلت يا رسول الله والله لقد ولدته حزاما
وقاتل معك يوم الربذة ثم انطلق إلى خيبر يميرني منها فاصابته حماها فمات
وترك علي النساء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لولا انك مسكينة لجررت
على وجهك أو لأمرت بك فجررت على وجهك اتغلب إحداكن أن
تصاحب صويحبها في الدنيا معروفا فإذا حال بينه وبينها من هو أولى به
منها قالت رب أثبني على ما أمضيت وأعني على ما أبقيت فوالذي نفس
محمد بيده اني أحيدكم لسبكي فيستعير إليه صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا
إخوانكم قالت ثم أمر فكتب لي في قطعة أديم احمر لقيلة والنسوة بنات
قيله لا يظلمن حقا ولا يكرهن على منكح وكل مؤمن مسلم لهن نصير أحسن
ولا يسئن قال أبو عبد الله ومما سمعته من غير عفان قال وأظنه من
حديث يعقوب قال ولست أحققه قال محاس عن أبيه عن المنجاب أدركت
إحدى بنات قيلة في زمن الحجاج قد خطبها من أهل الشام فأبت
فأرسل إليها الحجاج حتى أكرهها عليه فجعلت تتقي بكتابها وهو في يديها
وتقول ان في كتابنا ان لا نكره على منكح فلم يلتفت إلى كتابها ودفعها إلى
الشامي قال أبو عبد الله في قولها تحشحش له القوم ان المتحشحش أن
يهزل الرجل بعد يبس قال العقيلي قد تحشحشنا في آخر هذا الشهر يعني
شهر رمضان أي يبسنا وهزلنا وقحلنا من الصيام وهي تحسحسن بالسين
أصوب أي تحرك له القوم وتحسحست اللحمة في النار إذ انقبضت وسمعت
لها صوتا
(من أخبار ذوات الرأي والجزالة من النساء)
حدثنا أحمد بن عبيد البصيري قال حدثنا أبو عبد الرحمن العتبي عن أبيه
127

قال قدم الحجاج بن يوسف على الوليد بن عبد الملك فألفاه يدفن بنتا له
فمال إلى قبر عبد الملك فصلى عنده ركعتين ثم انصرف وقد ركب الوليد
فمشى بين يديه وعليه درع وقوس فقال اركب يا أبا محمد قال يا أمير المؤمنين
دعني استكثر من الجهاد فإن ابن الزبير وعبد الرحمن بن الأشعث شغلاني
عن الجهاد زمنا طويلا فعزم عليه الوليد فركب فلما دخل القصر ألقى الوليد
ثيابه وبقى في غلالة ثم اذن للحجاج فبينا هو يحدثه ويقول له أمير المؤمنين
إذ أقبلت جارية فسارت الوليد ثم انصرفت ثم عادت فقال الوليد يا أبا
محمد أتدري ما قالت هذه الجارية قال لا يا أمير المؤمنين قال أرسلت إلي
أم البنين بنت عبد الملك عبد العزيز بن مروان ما مجالستك هذا الأعرابي
وهو في سلاحه وأنت في غلالة لأن يخلو بك ملك الموت أحب إلي من أن
يخلو بك الحجاج وقد قتل الناس قال الحجاج يا أمير المؤمنين أمسك
عن تنزف النساء فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة لا تطلعهن على امرك
ولا تطمعهن في سرك ولا تدخلهن في مشورتك وتستعملهن بأكثر من
زينتهن يا أمير المؤمنين ولا تكن للنساء برؤوم ولا لمجالستهن بلزوم فإن
مجالستهن صغار ولؤم ثم نهض الحجاج فدخل الوليد على أم البنين فأخبرها
بمقالة الحجاج فقالت اني أحب ان تأمره أن يسلم علي غدا فلما أصبح
غدا الحجاج على الوليد فقال اعدل إلى أم البنين فقال اعفني يا أمير المؤمنين
قال لتفعلن قال ففعل فحجبته طويلا ثم أذنت له فأقرته قائما ثم قالت
يا حجاج أنت الممتن على أمير المؤمنين بقتل ابن الزبير وابن الأشعث لقد
كنت المولى (أي العبد) غير المستعلى أما والله لولا انك أهون خلقه عليه
(الضمير راجع إلى الله) ما ابتلاك برمي الكعبة ولا بقتل ابن ذات النطاقين
128

فاما ما ذكرت من قتل ابن الأشعث فلعمري لقد استفحل عليك ووالى
الهزائم حتى غوثت فلو لا ان أمير المؤمنين نادى في الشام وأنت في
أضيق من القرن فأظلتك رماحهم ونجاك كفاحهم لكنت ضيق الخناق
ومع هذا ان نساء أمير المؤمنين قد نفضن العطر من غدائرهن والحلي من
أيديهن وأرجلهن فبعثنه في أعطية أوليائه وأما ما نهيت عنه أمير المؤمنين
من قطع لذاته وبلوغ أوطاره من نسائه فإن كن ينفرجن على مثل أمير
المؤمنين فهو غير مجيبك إلى ذلك وان كن ينفرجن على مثل ما انفرجت
عنه أمك فما أحقه أن يقتدي بقولك قاتل الله الذي يقول إذ نظر إليك
وسنان غزالة الحرورية بين كتفيك
أسد علي وفي الحروب نعامة * ربذاء تفزع صفير الطائر
هلا برزت إلى غزالة في الوغى * بل كان قلبك في جناحي طائر
صدعت غزالة قلبه بفوارس * تركت مناظره كأس الدائر
ثم أمرت جارية لها فأخرجته فدخل على الوليد فقال ما كنت فيه يا حجاج
قال يا أمير المؤمنين ما سكتت حتى ظننت نفسي قد ذهبت وحتى كان
بطن أحب إلي من ظهرها وما ظننت ان امرأة تبلغ بلاغتها
وتحسن فصاحتها قال إنها بنت عبد العزيز (وقال) ابن الأعرابي عن
المفضل الضبي قال قالت الجمانة بنت قيس بن زهير العبسي لأبيها لما شرق
ما بينه وبين الربيع ابن زياد في الدرع دعني أناظر جدي فإن صلح الامر
بينكما وإلا كنت من وراء رأيك فاذن لها فأتت الربيع فقالت إذا كان
قيس أبي فإنك يا ربيع جدي وما يجب له من حق الأبوة علي إلا كالذي
يجب عليك من حق البنوة لي والرأي الصحيح تبعثه العناية وتجلى عن محضه
129

النصيحة انك قد ظلمت قيسا بأخذ درعه واجد مكافأته إياك سوء عزمه
والمعارض منتصر والبادي أظلم وليس قيس ممن يخوف بالوعيد ولا يردعه
التهديد فلا تركنن إلى منابذته فالحزم في متاركته والحرب متلفة للعباد
ذهابه بالطارف والتلاد والسلم أرخى للبال وأبقى لأنفس الرجال وبحق
أقول لقد صدعت بحكم وما يدفع قولي إلا غير ذي فهم ثم نشأت تقول
أبي لا يرى أن يترك الدهر درعه * وجدي يرى أن يأخذ الدرع من أبي
فرأى أبي رأي البخيل بماله * وشيمة جدي شيمة الخائف الابي
(أحمد) بن الحارث عن المدائني قال أجمع أهل ميسان للمسلمين
وعليهم الفليكان فلقيهم المغيرة بن شعبة بالمرغاب فقالت ازده بنت الحارث
ابن كندة للنساء ان رجالنا في نحر العدو ونحن خلوف ولا آمن ان يخالفوا
إلينا وليس عندنا من يمنعنا وأخرى أخاف أن يكثر العدو على المسلمين
فيهزمونهم فلو خرجنا لأمنا مما نخاف من مخالفة العدو إلينا ويظن المشركون
انا عدد ومدد اتى المسلمين فيكسرهم ذلك وهي مكيدة فأجبنها إلى ما رأت
فاعتقدت لواء من خمارها واتخذت النساء رايات من خمرهن وامضين
رأيهن ومضين وهي أمامهن وهي تقول يا ناصر الاسلام صفا بعد صف ان
تهزموا وتدبروا عنا نخف أو يغلبوكم يغمزوا فينا القلف قال فلما رأى العدو
الرايات قالوا هذا عدد ومدد اتى العرب فانهزموا منهم (إسماعيل) بن
مجمع أبو محمد قال قال المدائني عن مسلمة بن محارب قال حج معاوية بن
أبي سفيان فأتى الجحفة أو الأبواء هو وأبو سلمة الفهري فأتيا مياه بني كنانة
حتى صارا إلى خباء بفنائه امرأة عشمة فقالا من القوم فقالت من الذين
يقول لهم الشاعر
130

هم منعوا جيش الأحابيش عنوة * وهم نهنهوا عنها غواة بني بكر
قالا كوني ذهلية قالت ذهلية كنت قالا هل من قرى قالت أي ها الله خبز خمير
وحيس فطير ولبن يمير وماء نمير فنزلا بها فقدمت إليهما ما ذكرت فجعل
معاوية يأخذ الفلذة من الخبز بمثلها من الحلس فيغمرها في اللبن فلما فرغ
قال لها حاجتك فإني من أمير المؤمنين بمكان قالت كلأك يا أمير المؤمنين
قال وما يدريك اني أمير المؤمنين قالت بشمائلك حين لفتك الريح مقبلا
قال أما إذا عرفت فاسألي قالت حلقي دوني نساء الحي أفلا تعمهم قال
سلي في نفسك قالت صانك الله يا أمير المؤمنين ان تفحل واديا يرف أعلاه
ويقف أسفله قال نادي فيهم فنادت أمير المؤمنين بفنائكم فاتاه الاعراب
بها فقضى حوائجهم وفضلها عليهم (وحدثنا) عبد الله بن شبيب قال
حدثني عبد الرحمن بن عبد الله الزهري بن عبد العزيز بن عبد الرحمن
ابن عوف قال حدثني عيسى عبد الله العلوي قال لما نزل معاوية بن
أبي سفيان وادي الكرى قال لغلامه ارحل لي جمل الصحوت وارحل
معه من الإبل ما يماسطه ففعل فركبه ورحل من أصحابه معه فلما خرج من
القرية حاد عن الطريق فإذا بيوت من بيوت البادية فخش بينها فإذا امرأة
بين سجفين حسناء جملاء فلما نظرت إليه قالت أمير المؤمنين ورب الكعبة
قال لها أتعرفيني قالت نعم قال لها ممن أنت قالت من الذين قال شاعرهم
هم دفعوا حلف الأحابيش عنوة * وهم منعوا عنكم غواة بني بكر
قال أنت اذن من بني الحارث بن كنانة فما تقولين في بني بكر قالت
أبغض صغيرها وكبيرها ولا آمن من غدرها وفجورها قال فهل عندك من
قرى قالت نعم خبز فطير ولبن يمير وحيس خمير وماء هجير قال أخ أخ
131

أحضريني ما عندك فجاءت به فجعل يأكل من هذا مرة ومن هذا مرة
ويخلط بينهما مرة وقال لها اني أرى لك عقلا ورأيا وبيانا فهل لك ان
تتبعيني فتدخلي بيني وبين امرأة من قريش أحبها قالت كم لك يا أمير
المؤمنين أو كم اتى عليك قال ثلاث وستون سنة قالت أصبحت يا أمير
المؤمنين تنظر في سنك فتسؤها وتنظر في ذات يدك فيسرها فهل عندك
من شئ تريد الجماع قال نعم قالت لا حاجة بك إلى أحد يدخل بينك
وبينها فذلك يرضيها عنك فأعطاها فأحسن ورحل (وذكر) ابن
الأعرابي ان عمر بن الخطاب قال أيها الناس ما هذه الصداقات (جمع صداق
وهو مهر الزوجة) التي قد مددتم إليها أيديكم لا يبلغني أن أحدا جاوز
بصداقة صداق النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال فقامت امرأة برزة فقالت
ما جعل الله لك ذلك يا بن الخطاب وقد قال الله عز وجل وان اتيتم
إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا فقال عمر الا تعجبون أمير أخطأ
وامرأة أصابت ناضل أميركم فنضل (مصعب) الزبيري قال قدمت زينب بنت الزبير بن العوام مكة فخطبها رجل من بني أمية قد كانت
هي وأمه قبل ذلك عند رجل من قريش فأبت فقيل لها في ذلك فقالت
أكره ثلاث خلال لم أكن لأرجع في ارض هاجر منها آبائي ولم أكن
جئت على ظهر بعير لأتزوج وما كنت لأكون
كنة بعد أن كنت ضرة
(وقال) المدائني لما أهديت بنت عقيل بن غلفة إلى الوليد بن عبد الملك
بن مروان بعث مولاة له لتأتيه بخبرها قبل ان يدخل بها فأتتها فلم تأذن
لها أو كلمتها فاحفظتها فهشمت انفها فرجعت إليه فأخبرته فغضب من من ذلك
فلما دخل عليها قال ما أردت إلى عجوزنا هذه قالت أردت والله ان كان
132

خيرا ان تكون أول من لقي بهجته وان كان شرا ان تكون أول من ستره
(وذكر) هارون بن يزيد العبدي عن أبي زهير الرواسي قال لما قتل حول
المختار بن أبي عبيدة الثقفي من أهل بيته خمسون رجلا وانهزم الناس فمر
أبو محجن بأم المختار واسمها دومة فقال يا دومة ارتدي خلفي قالت والله
لأن يأخذني هؤلاء أحب إلي من أن ارتدي خلفك (وذكر) أبو عبد الله
بن الأعرابي عن المفضل الضبي قال كانت رقاش بنت عمرو بن صلب
بن وائل عند كعب بن مالك بن تيم بن ثعلبة فقال لها يوما اخلعي
درعك قالت خلع الدرع بيد الزوج قال اخلعيه لأنظر إليك قالت التجرد
لغير نكاح مثلة (المدائني) قال كان تميم الداري يبيع العطر في الجاهلية
وكان من لخم فخطب أسماء بنت أبي بكر في جاهليته فماكسهم في المهر
فلم يزوجوه فلما جاء الاسلام جاء بعطر يبيعه فساومته أسماء فماكسها فقالت
له طال ما ضرك مكاسك فلما عرفها استحيا وسامحها في بيعه (المدائني)
عن محمد بن علي قال كانت بنت سعيد بن العاص عند الوليد بن عبد الملك
فلما مات عبد الملك لم تبكه فقال لها الوليد ما يمنعك من البكاء على أمير
المؤمنين ولا مصيبة أجل من فقده قالت وما أقول له إلا اسأل الله ان
يحييه ويزيد في سلطانه حتى يقتل أخا لي آخر (قال) أي والله لقد
كسرنا ثناياه وقتلناه فقالت قد علمت من شقة استه بالسيف قال الحقي
باهلك قالت الذ من الرفاه والبنين (وقال) المدائني تزوج مروان
بن الحكم أم خالد بن يزيد بن معاوية فقال مروان ذات يوم وأراد ان
يقصر به في شئ جرى بينهما يا بن الرطبة فقال له خالد أمين مختبر واتى
خالد أمه فأخبرها الخبر وقال أنت صنعت بي هذا وأنشدها هجاء هجا بها فيها
133

اما رأيته خالدا يهمه * ان سلب الملك ونيكت أمه
فقالت له دعه فإنه لا يقولها بعد اليوم فدخل عليها مروان فقال أخبرك
خالد بشئ قالت يا أمير المؤمنين هو أشد لك تعظيما من أن يذكر شيئا
جرى بينك وبينه فلما أمسى وضعت على وجهه مرفقة وقعدت عليه هي
وجواريها حتى مات فأراد عبد الملك قتلها وبلغه رضخ من فعلها فقالت
له أما انه لشد عليك ان يعلم الناس جميعا ان أباك قتلته امرأة فكف
عنها وكانت أم خالد بنت أبي هاشم من ولد عتبة بن ربيعة (وقال) المدائني لما كبر يزيد ومروان ابنا عبد الملك من عاتكة بنت يزيد بن
معاوية قال لها عبد الملك ان ابنيك قد بلغا فلو أشهدت لهما بميراثك من أبيك
كانت لهما فضيلة على سائر إخوتهما فقالت أجمع لي شهودا من موالي
ومواليك قال فجمعهم وادخل معهم روح بن زنباع الجذامي وكانت بنو
أمية تدخله على نسائها مداخل مشائخها وأهلها وقال له رغبها فيما صنعت
وحسنه لها وأخبرها برضائي عنها فدخل عليها فتكلم ثم قال ما قاله عبد
الملك فقالت يا روح أتراني أخشى على ابني العيلة وهما ابنا أمير المؤمنين
أشهدتك إني تصدقت بمالي على فقراء آل بني سفيان قال فخرج القوم
واقبل روح يجر رجليه فلما نظر عبد الملك قال أما انا فاشهد انك قد
أقبلت بغير الوجه الذي أدبرت فيه قال يا أمير المؤمنين إني تركت معاوية
ابن أبي سفيان في الديوان جالسا (يريد ان عاتكة كجدها معاوية في
الدهاء) وأخبره الخبر قال فغضب عليها عبد الملك وتوعدها فقال له
روح مهلا يا أمير المؤمنين فوالله لهذا الفعل في ابنيها خير لك من مالها
قال فكف عنها (وقال) المدائني ارسل مسلمة بن عبد الملك إلى هند بنت
134

المهلب يخطبها على نفسه فقالت لرسوله والله لو أحيا من قتل من أهل
بيتي وموالي ما طابت نفسي بتزويجه بل كيف يأمنني على نفسه وانا
أذكر ما كان منه وثاري عنده لقد كان صاحبك يوصف بغير هذا في
رأيه (وقال) مصعب الزبيري خطب عبد الملك بن مروان رملة بنت
الزبير بن العوام فردته وقالت لرسوله اني لا آمن نفسي على من قتل
أخي وكانت أخت مصعب لامه كانت أمهما الكلبية (الأصمعي)
عن أبان بن تغلب قال مررت بأعرابي له امرأة حسنة الوجه وكان
دميم الخلقة وهو يعلوها ضربا فقلت له اتضرب مثل هذا الوجه الحسن
فقالت أصلحك الله ان له عذرا فدعه قلت وما هو قالت قدمت الله
سيئتين فعاقبني عليهما به وقدم إليه حسنة فجزاه بي (حدثنا) عبد الله
ابن شبيب قال حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثني عمر بن أبي بكر
العذري عن عبد الرحمن بن أبي الزناد وعن مخرمة بن سليمان الوالبي قال
دخل عبد الله بن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر في اليوم الذي قتل
فيه فقال يا أمه خذلني الناس حتى أهلي وولدي ولم يبق معي إلا اليسير
ومن لا دفع عنده أكثر من صبر ساعة من النهار وقد أعطاني القوم
ما أردت من الدنيا فما رأيك قالت إن كنت على حق تدعو إليه فامض
عليه فقد قتل عليه أصحابك ولا تمكن من رقبتك غلمان بني أمية فيتلعبوا
بك وان قلت اني كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت نيتي ليس
هذا فعل الأحرار ولا فعل من فيه خيركم خلودك في الدنيا القتل أحسن
ما يقع به يا ابن الزبير والله لضربة بالسيف في عز أحب إلي من ضربة
بسوط في ذل قال لها هذا والله رأيي والذي قمت به داعيا إلى الله والله
135

ما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله عز وجل ان تهتك محارمه ولكني
أحببت ان اطلع على رأيك فيزيدني قوة وبصيرة مع قوتي وبصيرتي والله
ما تعمدت اتيان منكر ولا عملا بفاحشة ولم أجز في حكم ولم أغدر في أمان
ولم يبلغني عن عمالي حيف فرضيت به بل أنكرت ذلك ولم يكن شئ
عندي آثر من رضاء ربي اللهم إني لا أقول ذلك تزكية لنفسي ولكن أقوله
تعزية لأمي لتسلو عني قالت له والله اني لأرجو ان يكون عزاي فيك
حسنا بعد أن تقدمتني أو تقدمتك فإن في نفسي منك حرجا انظر إلى
ما يصير امرك ثم قالت اللهم ارحم طول ذاك النجيب والظماء في هواجر
المدينة ومكة وبره بأمه اللهم إني قد سلمت فيه لأمرك ورضيت فيه
بقضائك فأثبني في عبد الله ثواب الشاكرين فرد عنها وقال يا أمه لا تدعي
الدعاء لي قبل قتلي ولا بعده قالت لن ادعه لك فمن قتل على باطل فقد
قتلت على حق فخرج وهو يقول
أبي لابن سلمى ان يعير خالدا * ملاقي المنايا أي صرف تميما
فلست بمبتاع الحياة بسبة * ولا مرتق من خشية الموت سلما
وقال لأصحابه احملوا على بركة الله وليشغل كل رجل منكم رجلا ولا يلهينكم
السؤال عني فإني في الرعيل الأول ثم حمل عليهم حتى بلغ بهم الحجون
وهو يقول
لا عهد لي بغارة مثل السيل * لا ينقضي غبارها حتى الليل
فرماه رجل من أهل الشام بحجر على وجهه فارتعش منها فدخل شعبا
من تلك الشعاب يستدمي فرأته مولاة له فقالت وا أمير المؤمنيناه قالوا أين
هو فأشارت إليه فدخلوا فقتلوه (فأما) أحمد بن الحارث فحدثنا عن
136

المدائني عن مسلمة بن محارب ان ابن الزبير دخل على أمه أسماء وهي عليلة
فقال يا أمه كيف تجديك قالت ما أجدني إلا شاكية فقال يا أمه ان الموت
لراحة فقالت يا بني لعلك تتمنى موتي فوالله ما أحب ان أموت نأتي
على أحد طرفيك فاما ان تظفر بعدوك فتقر عيني وأما ان تقتل فاحتسبك
قال فالتفت إلى أخيه عروة وضحك فلما كان في الليلة التي قتل في صبيحتها
دخل في السحر عليها فشاورها فقالت يا بني لا تجبنن عن خطة تخاف على
نفسك فيها القتل قال إنما أخاف يمثلوا بي قالت يا بني ان الشاة لا تألم
السلخ بعد الذبح
(أخبرنا) أحمد بن الحارث عن أبي الحسن المدائني قال أوتي هشام
بن عبد الملك بجارية تعرض عليه فأعجب بها فسام صاحبها بها فأبعد
عليه في السوم فقال له لأعطينك بها أعطية لم أبلغها بجارية قط لك بها
عشرة آلاف درهم فأبى وخرج بها قال وتبعتها نفس هشام وجعل
لا يطيب بالزيادة نفسا فأتى الأبرش الكلبي مولاها فلم يزل حتى اخذها منه
بثلاثين ألفا وأهداها إليه فسر بها ولم يلبث ان جاءه مال من ضياعه فيه
فضل فقسمه في أهله وولده وبقيت عشرون ومائة الف فدعا امرأتيه أم
حكيم بنت يحيى بن الحكم أبي العاص وعبدة بنت عبد الله بن يزيد بن
معاوية فبدأ بأم حكيم فقال من أحق الناس بهذا المال قالت إن ذاك لغير
بخيل زوجتك وبنت عمك قال قد اخذت حقها فابنك وولي عهد
المسلمين وسيد فتيان قومك قال قد اخذ حقه فاقبل على عبدة فقال هاتي
ما عندك فإنكم يا آل أبي سفيان تدعون فضيلة في الرأي قالت ما أبين ذاك
أحقهم به من جاد لك بما بخلت به على نفسك قال صدقت فبعث بالمال
137

إلى الأبرش فلما استقلت البدور على أعناق الرجال نظر إليها هشام فقال
هذه ثم أحسن منها هاهنا
(وقال) عبد الله بن شبيب عن الزبير قال حدثنا عثمان عبد الرحمن
قال كانت الزمعية بنت كثير بن عبد الله بن زمعة عند عبد الله بن مطيع
(ولم يذكر الخبر) (وقال) المدائني قال عبد الله بن عوف لامرأته أم
طلحة بنت مطيع بن الأسود ان نزلت من السرير فأنت طالق فقبضت
رجليها وقالت لأردن عليك سفهك ولأقطعن طمعك وقال الزبير فقال
سفهه والله لك فلان وفلان
(وحدثني) عبد الله بن شبيب قال حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد
العزيز عن أبيه قال كانت عند رجل من آل أبي طالب فأما المدائني فذكر
انه الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) امرأة من قريش
فضجرت عليه يوما فقال لها امرك في يدك فقالت أما والله لقد كان في
يدك عشرين سنة فحفظته وأحسنت صحبته فلم أضيعه إذ كان في يدي ساعة
من نهار وقد رددت عليك حمقك قال حمقة والله وأعجبه قولها فأحسن صحبتها
(حدثنا) عبد الله بن عمرو قال حدثني مسعود بن عمر قال حدثنا
عمارة بن عقيل قال كانت عندنا امرأة باليمامة يقال لها أم أثال وكانت
من أجمل النساء فآمت من زوجها فخطبها اشراف أهل اليمامة وكنت
فيمن خطبها فقالت وكان لها ابن يقال له أثال فردت كل خاطب من اجله
لعمري أثال لا أفدي بعينه * وان كان في بعض المعاش جفاء
إذا استجمعت أم الفتى غض طرفه * وشاعره دون الدثار بلاء
(قال) وخطب عمران بن موسى بن طلحة هندا بنت أسماء بن خارجة
138

الفزاري فردته وأرسلت إليه اني والله ما بي عنك رغبة ولكن لا أتزوج
إلا من لا يؤدي قتلاه ولا يرد قضائه وليس ذلك عندك
(حدثنا) عبد الله بن أبي سعد قال حدثني محمد بن أبي علي البصري
قال حدثنا نصر بن قديد الليثي قال حدثنا العلاء السعدي عن أبيه قال
حجت أم حبيب بنت عبد الله بن الأهتم أو بنت عمرو بن الأهتم (الشك
من ابن أبي علي) قال فبعث إليها الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)
فخطبها فقالت إني لم آت هذه البلد للتزويج وإنما جئت لزيارة هذا
البيت فإذا قدمت بلدي وكانت لك حاجة فشأنك قال فازداد فيها رغبة
فلما صارت إلى البصرة ارسل إليها فخطبها فقال إخوتها إنها امرأة لا يفتات
على مثلها برأي واتوها فأخبروها الخبر فقالت إن تزوجني على حكمي
أجبته فأدوا ذلك إليه فقال امرأة من تميم أتزوجها على حكمها ثم قال وما
عسى ان يبلغ حكمها لها قال فأعطاها ذلك فقالت قد حكمت صداق
أزواج النبي وبناته اثنا عشر أوقية فتزوجها على ذلك وأهدى لها مئة
ألف درهم فجاءت إليه فبنا بها في ليلة قائظة على سطح لا حظار عليه فلما
غلبته عينه اخذت خمارها فشدته في رجله وشدت الطرف الآخر في رجلها
فلما انتبه من نومه رأى الخمار في رجله فقال ما هذا قالت انا على سطح
ليس عليه حظار ومعي في الدار ضرائر ولم آمن عليك وسن النوم ففعلت
هذا لأنك إذا تحركت تحركت معك قال فازداد فيها رغبة وبها عجبا
ثم لم يلبث ان مات عنها فكلموها في الصلح عن ميراثه فقالت ما كنت
لآخذ له ميراثا ابدا وخرجت إلى البصرة فبعث إليها نفر يخطبونها منهم
يزيد بن معاوية وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن
139

عامر فأتاها إخوتها فقالوا لها هذا ابن أمير المؤمنين وهذا ابن عمة رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا ابن حواريه وهذا ابن عامر أمير البصرة
اختاري من شئت منهم قال فردتهم جميعا وقالت ما كنت لاتخذ حموا
بعد ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وقال المدائني أتى عبيد الله بن زياد بامرأة من الخوارج فقطع رجلها
وقال لها كيف ترين فقالت إن في الفكر في هول المطلع لشغلا عن
حديدتكم هذه ثم قطع رجلها الأخرى وجذبها فوضعت يدها على فرجها
فقال لتسترينه فقالت لكن سمية أمك لم تكن تستره
(قال المدائني) كانت رملة بنت طلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر
وأمها فاطمة بنت القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب وأمها أم كلثوم
بنت عبد الله بن جعفر وأمها زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الكبرى قال أبو الفضل هذا غلط وانا أحسبها زينب حفيدة رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند هشام بن عبد
الملك وكانت لا تلد فقال لها هشام يوما أنت بغلة لا تلدين فقالت بلى يأبى
كرمي ان يدنسه لؤمك
حدثني أبو صفوان البصري محمد بن أبي النعمان قال حدثني أبو محمد
العنبري قال خرج خالد بن الوليد حاجا فمر باهل بيت من العرب من
بني عامر بن صعصعة فنزل بماء لهم فرأى جارية منهم أعجبته فبعث إلى أبيها
فخطبها وزوجه على عشرة آلاف درهم ثم قال ادخلوها علي في اطمارها
التي رأيتها فيها فأدخلت فأعجبته واخذت بقلبه فأكرمها واخذ أطمارها
فصيرها في صندوق وقفل عليها وحملها إلى الشام فدخل على عبد الملك
140

فحدثه حديثها وما رأى من ظرفها فبعث عبد الملك إلى الأطمار لينظر إليها
فلما دخل الرسول يطلب الأطمار قالت الجارية اجلس فإن أمير المؤمنين
عزمني ثم كتبت إليه
يا بن الذوائب من أمية والذي * صارت إليه خلافة الجبار
فيم استفزك خالد بحديثه * حتى هممت بأن ترى أطماري
فلئن هزئت بسحق ثوب ناحل * إني لمن قوم ذو أخطار
لا يبطرون لدى اليسار ولا هم * دنس الثياب يرون في الأعصار
فارفض بطالة خالد وحديثه * واحفظ كريمة معشر أخيار
قال فلما قرأ شعرها وصلها بمائة ألف درهم وأوصى خالدا بها
(قال المدائني) قيل لابنة النعمان بن المنذر في أي شئ كانت لذة
أبيك قالت في الشراب ومحادثة ذوي الألباب قيل فصفي لنا ما كنتم فيه
قالت أطيل أم أوجز قيل أوجزي قالت أصبحنا والناس يغبطوننا فلم
نمسي حتى رحمنا عدونا
(حدثني) حماد بن إسحاق عن أبيه عن الفضل بن الربيع قال قال
المهدي للخيزران أم موسى وهارون ابنيه ان موسى ابنك يتيه ان
يسألني حوائجه قالت يا أمير المؤمنين ألم تكن في حياة المنصور لا تبتديه
بحوائجك وتحب ان يبتدئك هو فموسى ابنك كذلك يحب منك قال
لا ولكن التيه يمنعه قالت يا أمير المؤمنين فمن أي ناحية أتاه التيه أمن
قبلي أم من قبلك
(الأصمعي) عن أبان بن تغلب عن رجل سماه قال بينا انا ذات يوم
بالبادية فخرجت في بعض ليالي الظلم فإذا أنا بجارية كأنها علم فأردتها على
نفسها فقالت ويحك أما لك زاجر من عقل إذا لم يكن لك ناه من
141

دين قلت لها والله لا يرانا شئ إلا الكواكب قالت ويحك فأين مكوكبها
(أحمد) بن الحارث عن المدائني قال دخلت امرأة من بني مروان
على عبد الله بن علي بالشام فبكت فقال مم تبكين أجزعا لأهلك
على ما أصابهم قالت لا والله ولكنه ما كان يوم سرور إلا وهو رهن
بيوم مكروه
(وقال) غير المدائني قالت لا ولكني رأيت نعمتكم وتنقلها منا إليكم
وما امتلأت دار حبرة إلا امتلأت عبرة
(حدثني) أبو العيناء قال كتبت إلى قصرية أحبها وأواصلها وبلغني
انها قالت أبو العيناء ظريف ولكنه أعمى قبيح وقد ذكر لي غيره من
البصريين ان هذا الشعر لبعض السدوسيين وان الخبر له والشعر
وأنثها لما رأتني أقبلت * تعيب وقالت أعور ناحل الجسم
فإن يك في وجهي عيوب وان أكن * قبيحا فإني غير عي ولا فدم
لساني وأخلاقي تعفى على الذي * تعيبين مني فاسألي بي ذوي الحلم
قال فأرسلت إلي أو للخصوم عند القضاة (يراد الأحباب) يا عاض
ما يكره (مصعب) بن عبد الله بن الزبير عن أبيه مصعب بن عثمان قال
قالت هند بنت عتبة حين اتى نعي يزيد بن أبي سفيان وقال لها بعض
المعزين انا لنرجو ان يكون في معاوية خلف منه قالت أو مثل معاوية
يكون خلفا من أحد والله لو جمعت العرب من أقطارها ثم رمى به فيها
لخرج من أيها شاء
(وقيل) لها ان عاش معاوية ساد قومه فقالت ثكلت ان لم يسد الا قومه
(حدثوني) عن العتبي عن أبيه قال حدثني بعض الاعراب قال
142

مررت يوم عرفة ببيت بطنبه كبش مربوط قال فسمعت رجلا في البيت
يقول وا سوأتي من ضيفنا هذا اتانا وما عندنا ما نقربه إليه فقالت له امرأته
أبا فلان إياك ان تلقى الله كذابا بخيلا أو ليست هذه شاتك مربوطة
بفنائك قال هذه نسيكتي غدا قالت وأي نسيكة أعظم أجرا وأحسن
ذخرا من ذبحك إياها لضيفك
(وقال) الجاحظ لما مات رقية بن مصقلة أوصى إلى رجل ودفع إليه
شيئا وقال ادفعه إلى أختي فسأل الرجل عنها فخرجت إليه فقال لها
أحضريني شاهدين انك أخته فأرسلت الجارية إلى الامام والمؤذن ليشهدا
لها واستندت إلى الحائط فقالت الحمد لله الذي أبرز وجهي وأنطق عيي
وشهر بالفاقة اسمي فقال الرجل شهدت انك أخته حقا ودفع الدنانير إليها
ولم يحتج إلى شهادة من يشهد لها
(حدثنا) الزبير بن بكار قال حدثني عثمان بن عبد الرحمن قال عرضت
عاتكة بنت عبد الملك بن الحارث المخزومية أم إدريس وسليمان وعيسى
ابن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) لأبي جعفر
المنصور وقد وافى حاجا فصاحت يا أمير المؤمنين احمل عني كلك أو أعني
على حمله لك معي بنو عبد الله بن الحسن صبية صغار لا مال لهم وانا امرأة
لست بذات مال فأناشدك الله ان تفارق احتمال ما يلزمك احتماله منهم
عونا لهم إلى اطراحهم فإني خائفة عليهم ان فعلت أن يضيعوا فقال يا ربيع
من هذه فنسبها له فقال هكذا ينبغي يكون نساؤهم وأمر برد ضياع
أبيهم وأمر لها بألف دينار
143

(من أخبار ذوات الرأي والظرف منهن)
ما حدثنيه الزبير بن بكار قال حدثني سليمان بن عباس السعدي قال
كان كثير بن عبد الرحمن يلقى من يحج من قريش في كل سنة بهدية
فغفل سنة عنهم حتى أصبح ثم ركب من منزله بكلبه جملا ثقالا واستقبل
الشمس يوم صائف فلم يأت قديدا حتى احترق وضجر وجاء وقد
راح الناس فقال فتى من قريش وتخلفت ومعي راحلة لي لابرد ثم
الحق ثقلي فجاء كثير فجلس إلى جنبي ولم يسلم فجاءت امرأة جميلة وسيمة
فاستندت إلى خيمة من خيام قديد ثم قالت أنت كثير بن أبي جمعة
قال نعم قالت أنت الذي يقول
وكنت إذا صاحبت اجللن مجلسي * واعرض عني هيبة لا تجمها
قال نعم قالت أفعلى هذا الوجه هيبة ان كنت كاذبا فعليك لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين قال لها من أنت وحد عليها وهي ساكتة فقال
لو اعلم من أنت لقطعتك وقطعت قومك هجاء وسأل عنها المواليات بقديد
فلم يخبرنه من هي فلما سكن قالت أنت الذي يقول
متى تنشروا عني العمامة تبصروا * جميل المحيا أغفلته الدواهن
أنت جميل المحيا ان كنت كاذبا فعليك لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين فضجر وحد وسكتت عنه حتى سكن ثم قالت أنت الذي يقول
يروق العيون الناظرات كأنه * هرقلي وزن احمر التبر وازن
أهذا الوجه يروق العيون ان كنت كاذبا فعليك لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين فازداد ضجرا وحد وقال قد اعلم من أنت ولأقطعنك
وقومك هجاء وقام فالتفت فإذا هي قد ذهبت فقلت لمولاة من مواليات أهل
144

قديد لك الله على أن أخبرتني من هي ان أطوي لك ثوبي هذين إذا
قضيت احترامي وآتيك بهما فادفعهما إليك قالت والله لو أعطيتني وزنهما
ذهبا ما أخبرتك من هي هذا كثير وهو مولاي وقد أبيت ان اخبره
من هي قال القرشي فرحت وبي أشد مما بكثير
قال المدائني تزوج الوليد بن عبد الملك في خلافته تسع سنين ثلاثا
وستين امرأة يطلق ويتزوج حتى تزوج عاتكة بنت عبد الله بن
مطيع فلما دخل بها وأراد ان يقوم اخذت بثوبه فقال لها ما تريدين قالت
انا اشترطنا على الحمالين الرجعة فما رأيك قال تقيمين وامسكها أربعة
أشهر ثم طلقها
وقال المدائني عن ابن جعدية كان في قريش رجل في خلقه
سوء وفي يده سماح وكان ذا مال فكان لا يكاد يتزوج امرأة إلا
فارقها لسوء خلقه وقلة احتمالها فخطب امرأة من قريش جليلة القدر
وبلغها عنه سوء خلقه فلما انقطع ما بينهما من المهر قال لها يا هذه إن في سوء
خلق يعود إلى احتمال وتكرم فإن كان بك على صبر وإلا فلست أغرك
مني فقالت إن أسوء خلقا منك لمن يحوجك إلى سوء الخلق وتزوجته
فما جرى بينهما كلمة حتى فرق بينهما الموت
وقال الهيثم بن عدي عن بن عياش عن عبد الملك بن عمير ان
عثمان بن عفان لما تزوج نائلة بنت الفرافصة حملت إليه من الشام فلما
دخلت عليه قال لها لا تكرهين ما رأيت من شيبي فقالت إني من نسوة
أحب أزواجهن إليهن الكهل السيد قال إني قد جاوزت التكهيل فأنا
شيخ قالت أبليت عمرك في الاسلام ونصرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
145

في خير ما أفنيت فيه الأعمار قال أتقومين إلي أم أقوم إليك قالت
ما قطعت إليك عرض السماوة أكثر من عرض البيت بل أقوم إليك قال
اخلعي درعك قالت أنت وذاك قال ولما قتل عثمان كثر خطابها من
قريش وكانت حسنة الثغر وكان فيمن خطبها معاوية بن أبي سفيان
وهو خليفة فدقت ثناياها وقالت أذات ثغر تراني بعد أبي عمرو رحمه
الله فأيست من نفسها الخطاب
وقال المدائني عن مجالد عن الشعبي قال نشزت سكينة بنت الحسين
(عليها السلام) على عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حزام فدخلت أمه رملة
بنت الزبير على عبد الملك فأخبرته بنشوز سكينة على ابنها وقالت يا أمير
المؤمنين لولا أن نبتز أمورنا لم تكن لنا رغبة فيمن لا يرغب فينا قال
يا رملة انها سكينة قالت وان كانت سكينة فوالله لقد ولدنا خيرهم ونكحنا
خيرهم قال يا رملة غرني منك عروة قالت غرك ولكنه نصحك انك
قتلت أخي مصعبا فلم يأمني عليك قال وقيل لرملة بنت الزبير أو لزينب
بنت الزبير ما بالك أهزل ما تكونين إذ قدم عليك زوجك قالت إن
الحرة لا تضاجع زوجها بملء بطنها وقال خطب سعيد بن العاص
عائشة بنت عثمان بن عفان فقالت لا أتزوج به والله ابدا فقيل لها ولم ذاك
قالت لأنه أحمق له برذونان أشهبان فهو يتحمل مؤونة اثنين واللون
واحد وقال الزبير ذكر رجل من قريش سوء خلق امرأته بين
يدي جارية له كان يتحظاها فقالت له إنما حظوظ الإماء لسوء خلائق
النساء الحرائر
ابن الكلبي الكاتب عن سهل بن هارون بن رهبوبي قال عزى
146

المأمون أم الفضل بن سهل حين قتل وقال لها لا تجزعي عليه ففي خلف
لك منه ولن تفقدي معي إلا وجهه قالت يا أمير المؤمنين كيف لا أجزع
على ابن اكسبني ابنا مثلك وقال اشترى أمير المؤمنين كتاب
جارية المارقي بخمسة آلاف دينار فلما دخلت عليه قال لها غني يا جارية
فغنت وهي قائمة فقال لها لم غنيت قائمة وما منعك من الجلوس قالت
يا سيدي أمرتني أن أغني ولم تأمرني أن أجلس فغنيت بأمرك وكرهت
سوء الأدب في الجلوس بغير إذنك فاستحسن فعلها وأمر لها بمال
وأحظاها
حدثنا عمر بن شبة قال اخبرني عبد الله بن عبد الرحيم قال
لما طلق عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس زينب بنت محمد بن عبد
الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أمر ابنته
حمادة ان تركب معها من منزله حيث انتقلت إلى منزل نزلته فمرت بها
بين قصر عيسى بن موسى وقصر موسى بن عيسى بن موسى فقالت
زينب لمن هذان القصران فأخبرتها حمادة فقالت زينب إني لا جد رائحة
الدم أو رائحة دم أبي من هذين القصرين فقالت لها حمادة قد اخذت
دية أبيك مرات فكفي عن هذا الكلام قال فكانت الخلفاء تصل حمادة
على كلامها لزينب
وحدثني أبو زيد عمر بن شبة قال قال عبد الرحيم حدثني هاشم
بن محمد الهلالي قال اختلف الحجاج وهند بنت أسماء بن خارجة الفزاري
في بنات قين فبعث إلى مالك بن أسماء فأخرجه من الحبس وسأله عن
الحديث فحدثه ثم اقبل على هند فقال لها قومي إلى أخيك فقالت
147

لا أقوم إليه وأنت ساخط عليه فاقبل الحجاج على مالك فقال إنك والله
ما علمت للخائن لأمانته اللئيم حسبه الزاني فرجه فقالت هند ان اذن لي
الأمير تكلمت فقال تكلمي فقالت أما قول الأمير الزاني فرجه فوالله
لهو أحقر عند الله وأصغر في عين الأمير من أن يجب لله عليه حد فلا
تقيمه وأما قول اللئيم حسبه فوالله لو علم الأمير مكان رجل أشرف منه
لصاهر إليه وأما قول الخائن أمانته فوالله لقد ولاه الأمير فوفر فأخذه بما
أخذه به فباع ما وراء ظهره ولو ملك الدنيا بأسرها لافتدى بها من مثل
هذا الكلام وفي حديث غير عمر بن شعبة وما أقول هذا دفعا عنه ولا
ردا لقول الأمير فيه ولكن لما يجب له من موضع الحجة فأعجب ذلك الحجاج
من قولها قال فنهض الحجاج وقال لهند شأنك بأخيك قال ثم دخل
عليه وبين يديه (هذا على لفظ عمر بن شبة) قال مالك وكانت بين
يديه عهود فيها عهدي على أصبهان فقال خذ هذا العهد وامض إلى عملك
قال فأخذت عهدي ونهضت قال وهي ولايته التي عزله عنها وبلغ به فيها ما بلغ
حدثني محمد بن سعد السامي وأبو السكين زكريا بن يحيى بن عمر
ابن حصن بن حزين بن أوس بن حارثة بن لام قال محمد بن سعد حدثني
النوشنجاني قال حدثنا عبد الله بن صالح العجلي وقال أبو السكين وزاد في
الحديث ونقص ومعناهما واحد قالا جعل قوم جعلا لبشر بن أبي حازم
الأسدي وكان عبدا على أن يهجو أوس بن حارثة بن لام ففعل
بشر فأرسل أوس فاشتراه فدفعه إلى رسوله فقال الرسول غننا فكان
قد تغنى الناس بما يصنع بك أوس يتهدده بذلك قال فزجر الطير بشر
فرأى ما يحب فأنشأ يقول
148

أما ترى الطير إلى جنب النعم * والعير في عانة في وادي السلم * سلامة ونعمة من النعم
فقال الرسول
إنك يا بشر لذو وهم وهم * في زجرك الطير إلى جنب النعم
ابشر بوقع مثل شؤبوب الرهم * وقطع كفيك وثنى بالقدم
وباللسان بعده وبالأشم * ان ابن سعدى ذو عذاب ونقم
قال فلما أتى به قال هجوتني ظالما لي أنت بين قطع لسانك وحبسك في
سرب حتى تموت أو قطع يديك ورجليك وتخلية سبيلك قال ثم دخل على
أمه جعدى وقد سمعت كلامه فقالت له يا بني مات أبوك فرجوتك لقومك
عامة فأصبحت أرجوك لنفسك خاصة وزعمت انك قاطع رجلا هجاك فمن
يمحو ما قاله غيره قال فما اصنع به قالت تكسوه حلتك وتحمله على راحلتك
وتأمر له بمئة ناقة قال ففعل ما امرته به فقالت له انه الان يمدحك فيذهب
مدحك بهجائه وتحمد مغبة رأيي قال فمدحه بشر فأكثر وكان مما مدحه
به قوله حيث يقول
إلى أوس بن حارثة بن لام * ليقضي حاجتي ولقد قضاها
فما وطئ الحصى مثل ابن سعدي * ولا لبس النعال ولا احتذاها
قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي حدثني رستم العبدي قال خرجت
من مكة زائرا لقبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاني لبسوق الحجفة إذا
جويرية تسوق بعيرا وتترنم بصوت شبج حلو بهذا الشعر
فيا أيها البيت الذي حيل دونه * بنا أنت من بيت وأهلك من أهل
بنا أنت من بيت دخولك لذة * وظلك لو يسطاع بالبارد السهل
ثلاثة أبيات فبيت أحبه * وبيتان ليسا من هواي ولا شكلي
149

فقلت لمن هذا الشعر يا جويرية قالت اما ترى تلك الكوة التي عليها الحمراء
قلت أراها قالت من هناك نجم الشعر فقلت افحي قائله قالت هيهات لو أن
لميت ان يرجع لطول غيبته كان ذلك فأعجبني فصاحة لسانها ورقة ألفاظها
فقلت لك أبوان فقالت فقدت أكبرهما وأكثرهما وأجلهما ولي أم قلت
فأين أمك قالت منك بمرأى ومسمع قال وإذا امرأة تبيع الخرز على ظهر
الطريق بالحجفة ثم قالت يا أم شأنك فاستمعي من عمي ما يلقي إليك فقالت
حياك الله هيه هل من جائية بخير قلت هذه بنيتك قالت كذا كان أبوها
يقول قلت افتزوجينها قالت لعلة ما رغبت فيها فما هي فوالله ما لها جمال
ولا لها مال قلت لحلاوة لسانها وحسن عقلها قالت أينا أملك هي أم انا قلت
هي قالت فإياها فخاطب قلت تستحي ان تجيب في مثل هذا قالت ما هذا
عندها انا أخبر بها فقلت يا جارية أما تسمعين ما تقول أمك قالت اسمع قلت
فما عندك قالت بحسبك ان قلت تستحي في مثل هذا فإذا كنت استحي
من شئ فلم افعله أتريد ان تكون الاعلى وانا بساطك لا والله لا يشد على
رجل حواءه وانا أجد مذقة من لبن ابدا ولا يعد ابدا ان كان له بعد وقال
الزبير عن عبد الله بن محمد المدني قال ما رؤيت ابنة عبد الله بن جعفر
الطيار (عليه السلام) ضاحكة منذ تزوجها الحجاج فقيل لها لو تسليت فإنه أمر قد
وقع قالت كيف وبم فوالله لقد البست قومي عارا لا يغسل درنه بغسل
قال ولما مات عبد الله بن جعفر لم تبك عليه فقيل لها ألا تبكين على أبيك
قالت والله إن الحزن ليبعثني وان الغيظ ليصمتني وقال إسحاق الموصلي
قيل لحبي (المدنية) ما الجرح الذي لا يندمل قالت حاجة الكريم إلى اللئيم
ثم لا يجدي عليه قيل لها فما الشرف قالت اعتقاد المنن في أعناق الرجال
150

يبقى للأعقاب وقال حماد بن إسحاق عن أبيه عن المدائني عن ابن
جعدبة قال كانت لأمية بن عبد الله خالد بن أسيد مولاة جميلة ظريفة يقال
لها سكة فمرت بثمامة العوفي فقال تالله ما رأيت كاليوم قط لقد أقر الله
عيني من كنت ضجيعه وأحسن إلى من كنت قرينه قال وبعث ابن
أخيه في اثرها يخطبها إلى نفسها فقالت من أرسلك قال عمي قالت ومن
عمك ويحك فمثلي لا يخطب في الطريق ولا يخدع بالرسل قال رجل من
العرب يقال ثمامة قالت ما حرفته قال ارجع إليه فاسأله قالت شأنك فما
أعيا لسانك فرجع إليه ابن أخيه فاعلمه ما قالت فقال شعرا وبعث به إليها
وسائلة ما حرفتي قلت حرفتي * مقارعة الابطال في كل مازق
وضربي طلى الابطال بالسيف معلما * إذا زحف الصفان تحت الخوافق
إذا القوم نادوني نزال رأيتني * امام رعيل الخيل أحمي حقائقي
أصبر نفسي حين لا حر صابر * على ألم البيض الرقاق البوارق
قال فلما قرأت الشعر قالت للرسول قل له فديتك أنت أسد فاطلب
لنفسك لبؤة فإني ظبية احتاج إلى غزال حدثني حماد بن إسحاق عن
أبيه قال قال الفضل بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب لرقية بنت متعب
ابن عتبة بن أبي لهب التمسي لي امرأة ان قامت أضعفت وان مشت
رفرفت تروع من بعيد وتفتن من قريب تسر من عاشرت وتكرم من
جاورت وتبذ من فاخرت ودودا ولودا قعودا لا تعرف إلا أهلها ولا
تهوى إلا بعلها قالت يا بن عم اخطب هذه إلى ربك في الجنة بالعمل الصالح
فاما الدنيا فما أحسبك تجدها فيها ولو كانت لسبقت إليها وقال المدائني
اخذ زياد بن أبيه امرأة من الخوارج فقال أما والله لأحصدنكم حصدا
151

ولأفنينكم عدا قالت كلا ان القتل ليزرعنا قال فلما هم بقتلها تسترت بثوبها
قال أتسترين وقد هتك الله سترك وأهلك قومك قالت أي والله
أتستر ولكن الله أبدى عورة أمك على لسانك إذ أقررت بان أبا سفيان
زنى بها قال فأمر بقتلها فقتلت قال الأصمعي حدثني رجل أهل
البادية قال رأيت امرأة من قومي في وهدة من الأرض قد ضربت
عليها خباء من شعر وبين يدي الخباء بساتين لها صغير فيه زرع لها إذ
غيمت السماء فأرعدت وأبرقت ثم جاء برد فاحرق الزرع ثم سكنت بعد
قليل فأخرجت رأسها من الخباء فنظرت إلى الزرع قد احترق فقالت
ورفعت رأسها إلى السماء اصنع ما شئت فإن رزقي عليك قال أبو عدنان
أنشدت عجوز من اعراب بني كلاب يقال لها أم معروف بيتا أنشدنيه
إسماعيل بن الحكم عن أخيه عوانة بن الحكم ان عبد الملك بن مروان
مر بقبر عليه عوسجة قد نبتت منه فقال ما هذا فقيل قبر معاوية بن أبي
سفيان فقال متمثلا
هل الدهر والأيام إلا كما أرى * رزية مال أو فراق حبيب
وان امرأ قد جرب الدهر لم يخف * تقلب عصريه لغير لبيب
فلا تيأسن الدهر من ود كاشح * ولا تأمنن الدهر صرم حبيب
قال فعارضتني فأنشدتني
إذ جاء ما لا بد منه فمرحبا * به غير إثم أو فراق حبيب
فقلت لها من يقول هذا قالت وما يدريني ما يجئ به الشعراء إلا أنها رواية
أرويها إذا سمعتها قلت فأنا أخبرك من قال ما أنشدتك قالت أنت أروى
مني وأكرم وأشد تتبعا للاخبار والاشعار ولولا ذاك لم تكن معلم هذه
152

الأناشيد ولا هذه الأماثيل والأعاليل فأي شئ يكلفك هذا وليس فيه
إلا العناء فقط ولا يعنيك الله ولا يتعبك قلت انا منهوم بما ترين فقالت لو
كنت تصلي الفتر وتصوم العشر كان أقرب لذات الله عز وجل فاجعل
مكان هذه الروايات الصلوات الطيبات الزاكيات الطاهرات وقرآنا وذكرا
لربك ومسألة له خيرا من الدنيا مرارا فإنها متاع تعلة ودار غرور قال
أبو عدنان فسألتها عن الفتر فقالت يصلي الانسان العتمة ويتفتر ساعة
ثم يقوم فيصلي
حدثنا محمد بن حبب قال طلب قوم ابن هرمة الشاعر في منزله فلم
يجدوه فقالوا لبنيته أقرينا واذبحي لنا فإنا ضيوف قالت ما ذاك عندنا لكم
ولا تمكينا فيكم قالوا فأين قول أبيك (لا أمتع العوذ بالفصال ولا ابتاع
إلا قريبة الاجل) قالت فذاك الذي أفنى ماله ومنعكم القرى قال فتعجبوا
لقولها وحدثوا أباها حين لقوه فأعجبه جوابها فوهب لها بستانا له
قال المدائني قالت خالدة بنت هاشم بن عبد مناف لأخ لها وقد
سمعته تجهم صديقا له أي أخي تطلع من الكلام إلا ما قد روأت فيه قبل
ذلك ومزجته بالحلم وداويته بالرفق فإن ذلك أشبه بك فسمعها أبوها
هاشم فقام إليها فاعتنقها وقبلها وقال واها لك يا قبة الديباج فكانت
تلقب بذلك
حدثني محمد بن سعد عن السجستاني عن العتبي قال جاءت رملة
بنت معاوية وكانت عند عمرو عثمان بن عفان إلى أبيها قال يا بنية
مالك أطلقك زوجك قالت الكلب أضن بشحمته من ذاك قال فما جاء
بك قالت افتخر علي بكثرة قومه وعذبني في قومه فوددت والله انهما
153

في البحر الأخضر فقال معاوية يا بنية آل أبي سفيان اشجى بالرجال من أن
تكوني كنت رجلا
وذكر عن أبي الخطاب الأزدي انه لما قتل مروان بن محمد هجم
عامر بن إسماعيل على الكنيسة التي فيها بنات مروان ونساؤه وقد أغلقن
الأبواب دونهن فصحن وولولن فأخذ الخصي الموكل بهن فسئل عن
أمره فقال أمرني مروان ان اضرب رقاب بناته وجواريه إذا قتل فجئ
بابنتي مروان إلى عامر فسلمت عليه الكبرى منهن بالخلافة فقال لست
بالخليفة ولكن خاله وعامله فأمر عامر برأس مروان فوضع حجر ابنته
فقال أتعرفينه قالت نعم هذا رأس أبي عبد الملك فقال لها عامر معذرة
إلى الله والى المسلمين إنما فعلت هذا بك قصاصا كما فعلتم برأس زيد بن
علي (ع) إذ وضع في حجر والدته وكانت أمه ريطة بنت عبد الله
ابن محمد بن الحنفية فهذا ما فعلتم والبادي أظلم ثم وجه بهما وبجواري
مروان إلى صالح بن علي فلما دخلن عليه تكلمت بنت مروان الكبرى
فسلمت عليه بالخلافة فقال لست بالخليفة ولكني عمه فقالت يا عم أمير المؤمنين
حفظ الله لك من امرك ما تحب ان يحفظه وأسعدك في الأمور كلها
بخواص كرامته وعمك بالعافية المجللة في الدنيا والآخرة نحن بناتك وبنات
أخيك وابن عمك فليسعنا عدلك قال إذا لا يستبقى منكم أهل البيت أحدا
رجلا ولا امرأة ألم يقتل أبوك بالأمس ابن أخي الامام في محبس حران
ألم يقتل هشام بن عبد الملك زيد بن علي وصلبه وأمر بقتل امرأته فقتلها
يوسف بن عمرو صبرا ألم يقتل الوليد بن يزيد يحيى بن زيد بخراسان
واحرق خشبته وجثته فما الذي استبقيتم منا أهل البيت فقالت قد ظفرتم
154

فليسعنا عفوكم قال هذا فنعم قد عفونا عنكم وان أحببتما زوجت إحداكما
من الفضل بن صالح والأخرى من عبد الله بن صالح وان أحببتما ان ألحقكما
بحيث شئتما من الأرض فعلت فقالت أصلح الله الأمير وأي أوان
عرس هذا بل تلحقنا بحران فقال القاسم بن الوليد النخعي كاتب عامر أنا
توليت المجئ بهما إلى صالح وكنت قائما اسمع كلامهم إذ ارتج العسكر
فإذا جارية من جواري مروان قد بلغها وهي في رواق أبي عون ان
بنات مروان قد ادخلن على صالح بن علي فهتفت يا ناعي مروان قد كسف
القمر يا ناعي مروان قد كسفت شمس النهار فصحن جواري مروان بين
حجر صالح وأروقة القواد فأمر باطلاقهن
أخبرني أبو دعامة علي بن يزيد قال دخل أبو يوسف على الرشيد
وبين يديه جوهر لا يدري أهو أحسن أم وعاؤه فقال يا أمير المؤمنين ما صلح
هذا مع كماله إلا ان تخص به أم مع كمالها قال ويلك يا يعقوب هذا
جوهر الخلافة ولا يصلح ان يؤثر به غيرها قال وبلغ ذلك أم جعفر فما
شعر أبو يوسف ونحن عنده إذ جاء خادم أم جعفر فقال السيدة تقرأ
عليك السلام وتقول أحسن الله جزاءك عن ودنا وميلك إلينا وقد كافئناك
بالعاجل فادخل خدما يحملون التخوت والبدور والعطر في الصواني والجوهر
في الأواني فوضعت بين يديه فقال أطال الله بقاءهما ولا أعدمنا فضلهما
ثم قال إن السيدة أعزها الله لا تبعث إلى مثلنا بهدية تبعصنا برد الآنية
ولسنا نشك انها تكافئ رسلها عنا فانصرفوا عنه فلما صاروا إلى أم جعفر
خبروها بما قال قالت صدق أبو يوسف وسوعته الآنية كلها قال أبو دعامة
واقبل جلسائه فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال من أهديت
155

إليه هدية فجلساؤه شركاؤه فيها والهدايا يومئذ مأكول ومشروب لقحط
الناس فاما إذا صارت إلى ما ترون فهي للعقد وذخر للولد ارفع يا غلام
قال فما رؤي أكلم واعلم ولا الأم منه
إسحاق الموصلي عن رجل من أهل المدينة قال كنت في جنازة عبد
الله بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وإذا امرأة تقول وا حراه عليك
فسألت عنها فقالوا هذه أمه فدنوت منها فقلت يا أم عبد الله ان عبد الله
كان بعض البشر فقالت إن عبد الله كان ظهرا فانكسر وأصبح اجرا
ينتظر وان في ثواب الله لعزاء عن القليل وجزاء على الكثير وقال
إسحاق قال لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر لزوجته ماوية
بنت النعمان بن كعب أي بنيك أحب إليك قالت الذي لا يرد بسط يده
بخل ولا يلوي لسانه عجز ولا يغير طبيعته سفه وهو أحد ولدك بارك الله
لنا فيه كعب بن لؤي بن غالب قال المدائني قيل لرابعة المسمعية
ان التزويج فرض الله عز وجل فلم لا تتزوجين فقالت فرض قطعني
عن فرضه وقيل لها عملت عملا قط ترين انه يتقبل منك فقالت إن
كان شئ فمخافتي ان يرد علي قال ووهى منزلها فقيل لها لو كلمت
السلطان في اصلاحه فقالت والله ما أسأل الدنيا من يملكها فكيف أسألها
من لا يملكها قال العمرى عن الهيثم بن عدي عن ابن عياب قال قال
الحجاج لامرأة من الخوارج والله لأعذبنكم عدا ولأحصدنكم حصدا
فقالت أنت تحصد والله يزرع فانظر أين قدرة المخلوق من قدرة الخالق
حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني يحيى بن مقداد الرفعي عن عمه
موسى بن يعقوب قال دخل عبد الملك بن مروان على زوجته عاتكة
156

بنت يزيد بن معاوية فرأى عندها امرأة بدوية فأنكرها فقال من أنت
قالت انا الواله الحري ليلى الأخيلية قال أنت التي تقولين
أريقت جفان ابن الخليع فأصبحت * حياض الندى زالت بهن المراتب
فعفاؤها لهفي يطوفون حوله * كما انقض عرش البئر والورد عاصب
قالت انا الذي أقول ذلك قال فما أبقيت لنا قالت ما أبقى الله لنا نسبا
ونشبا وعيشا رخيا وإمرة مطاعة قالت أفردته بالكرم قالت أفردته بما
انفرد به فقالت عاتكة لعبد الملك قد جاءت تستعين بنا عليك لتسقيها
وتحمي لها ولست ليزيد ان شفعتها في شئ من حاجتها لتقديمها أعرابيا
جلفا جافيا على أمير المؤمنين قالت فوثبت ليلى فجلست على راحلتها وقالت
سيتحملني ورحلي ذات لوث * عليها بنت آباء كرام
إذا جعلت سواد الشام دوني * وأغلق دونها باب اللئام
فليس بعائد ابدا إليهم * ذووا الحاجات في غلس الظلام
أعاتك لو رأيت غداة بنا * سلو النفس عنكم واعتزامي
إذا لعلمت واستيقنت أني * مشيعة ولم ترعى ذمامي
أأجعل مثل توبة في نداه * أبا الذبان فوه الدهر دامي
معاذ الله ما وخدت برحلي * تفذ السير في البلد التهامي
أقلت خليفة فسواه احجي * بإمرته وأولى بالشامي
لنا والملك حين تعد كعب * ذووا الاخطار والخطط الجسام
قال فقيل لها أي الكعبين عنيت قالت ما خلت كعبا ككعبي وحدثني
محمد بن سعد قال حدثني ابن عائشة قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء
ابن السائب قال أوصى إلي رجل بتركته وزعم أنه مولى لآل علي بن
157

أبي طالب (عليه السلام) قال فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)
وإذا هو محموم وإذا جارية قد ألقت عليه ثوبا مبلولا فإذا جف
ألقته عنه وألقت عليه ثوبا آخر مبلولا قال فقلت يرحمك الله ان من قبلنا
من الأطباء يزعمون أن هذا يهيج الحمى قال فقال إنما التمس به بركة قول
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان الحمى فيح من الحميم أو قال من السعير
أو قال من النار فاطفؤها بالماء البارد ما حاجتك قال فقلت ان رجلا من
أهل الكوفة أوصى إلي بتركته وزعم أنه مولى لكم قال ما اعرفه وان لنا
شبابا فلا تدفعه إليهم قال ثم دلني على بنت لعلي قال فدخلت على عجوز
على سرير في بيت رث وإذا سقاء معلق قال فقالت أي بني ما يهديك فأنا
بخير ما حاجتك قال قلت إن رجلا من أهل الكوفة أوصى إلي بتركته
وزعم أنه مولى لكم قالت ما اعرفه وان مولى لنا يقال له هرمز أو كيسان
اخبرني ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يا هرمز أو يا كيسان ان آل
محمد صلى الله عليه وآله وسلم يأكلون الصدقة وان مولى القوم من أنفسهم
وأنت تأكلها قال قلت فما اصنع بتركته قالت ارجع إلى البلد الذي
كنت به فاقسمه بينهم وحدثني عن النضر بن عمرو قال قالت امرأة لكثير ما يدعوك إلى ما تقول في عزة وليست كما تصف فلو صرفت رآك
إلى غيرها مما هو أولى به منها أنا وأمثالي فقال
إذا ما أرادت خلة كي تزيلنا * أبينا وقلنا الحاجبية أول
سنوليك عرفا ان أردت وصالنا * ونحن لتلك الحاجبية أوصل
قالت والله لقد سميتني خلة وما انا لك بخلة وعرضت علي وصلك وانا
لا أريده فهلا قلت كما قال جميل
158

يا رب عارضة علينا وصلها * بالجد تخلطه بقول الهازل
فأجبتها في القول بعد تستر * حبي بثينة عن وصالك شاغل
لو كان في قلبي كقدر قلامة * فضل وصلتك أو أتتك رسائلي
هذا والله الحب لا تصنيعك وتزويقك وحدثني عن السجستاني
قال حدثنا العتبي قال عرض عتبة بن ربيعة أبا سفيان بن حرب وسهل
ابن عمرو على هند بنت عتبة وكان خطباها فقالت أما سهيل فلا حاجة
لي بالأهوج فإن امرأته ان أنجبت فمن حظ تنجب وان أخطأت وأحمقت
فبالحري قال ففي ذاك سهيل
وما هوجي يا هند إلا سجية * أجر بها دلى لإحدى الخلائق
وإني إذا ما خلة سأخلقها * صبرت عليها صبر آخر عاشق
قالت وأما أبو سفيان فلئن نبأني عن الصنيعة ولا يبيت له مال بمضيعة
فزوجنيه واحر بالسليل بيني وبينه ان يسود قريشا
حدثني محمد بن سعد قال حدثني السجستاني قال حدثنا العتبي
قال خرج الحارث بن عوف المري خاطبا إلى حارثة بن أوس بن لام
الطائي فقال لابنته يا بنية هذا سيد قومه قد أتاني خاطبا لك فقالت لا حاجة
لي فيه ان في خلقي ضيقا صبر عليه القرباء ولا يصبر عليه البعداء
قال فقال التي تليها قد سمعت ما قالت أختك قالت زوجنيه فإني
ان لم أصلح للبعداء لم أصلح للقرباء قال فزوجه وضرب عليه قبة ونحر له
الجزر فمد يده إليها فقالت ابنة أوس تمد إليها اليد بحضرته قال فتحمل
بها فلما كان بالطريق مد يده إليها فقالت ابنة أوس أردت ان تمتع
بها في سفرك كما تمتع بسفرتك فكف يده فلما حل في أهله وقد وقعت
159

الحرب بين بني عبس وذبيان فمد يده إليها فقالت لقد أخطأ الذي سماك
سعيدا تمد يدك إلى النساء والقوم يتناجزون قال فما وضع يده عليها حتى
أصلح بين قومه وتحمل دياتهم ثم دخل بها فحظيت عنده
وحدثني محمد بن سعد قال حدثني اياس بن عقبة المزني قال
حدثني أبو عبد الرحمن العتبي قال حدثنا خلف أبو معمر مولى آل
قحذم قال حدثني رجل قال حملت كتاب خالد بن عبد الله القسري
إلى أمه يدعوها إلى الاسلام والقرب منه ويزعم أنه أقوى على برها إذا
اقتربت قال فقدمت عليها بالكتاب فقالت أتقرأ قلت نعم قالت اقرأ
فقرأت الكتاب عليها فقالت لي تخط قلت نعم قالت اكتب للأمير خالد
ابن عبد الله من أم خالد أما بعد فقد جاءني كتابك وفهمت دعوتني
إليه من دينك الذي ارتضيته لنفسك ولعمري ما ليتني خيرا عند نفسك
وان لك دينا ولي دين وزعمت أنه أقوى لك على بري إذا قربت منك
ولعمري انك لقوي على بري أين كنت واعلم يا بني اني قرأت كتاب الله
انه من عمل بكبيرة اسود ثلث قلبه فإن عاد اسود ثلثاه فإن عاد اسود
قلبه كله ومن عمل السئ وهو يراه حسنا فقد خاس واعلم يا بني ان كل
ذنب مع الدم أمم قال فيئس منها واتخذ لها بيعة بالشام يقال لها بيعة أم
خالد قال خرج محمد بن واسع في يوم عيد ومعه رابعة المسمعية فقال
لها محمد كيف ترين هذه الهيئة فقالت ما أقول لكم خرجتم لاحياء سنة
وإماتة بدعة فأراكم قد تباهيتم بالنعمة وأدخلتم الفقير مضرة قال
وكانت هند بنت المهلب تقول إذا رأيتم النعم مستدرة فبادروا بالشكر
قبل الزوال قال ابن الأعرابي احترق بيت لامرأة من العرب فألقت
160

خمارها على وجهها وغطته به فقيل لها ما لك قالت أكره ان انظر إلى يوم
سوء وذكر إسحاق عن الأصمعي قال دعت امرأة من بني عامر على
رجل ظلمها فقالت اللهم اشفني به في الدنيا فإني عنه في الآخرة في شغل بنفسي
يعقوب بن محمد الزهري عن المغيرة عن عروة عن هشام بن عروة عن
أبيه وذكر المدائني عن محمد بن عبد الحميد الكناني عن فاطمة الخذاعية
قالت قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حين دخل عليها أين كنت
يا رسول الله قال كنت عند أم سلمة قالت اما تشبع فتبسم وقالت يا رسول
الله لو مررت بقدوتين إحداهما عافية لم يرعها أحد وأخرى قد رعاها
الناس أيهما كنت تنزل قال بالعافية التي لم يرعها الناس قالت فلست
كأحد من نسائك
قال قالت أم بزرجمهر يا بني ركوب الأهوال يأتي بالغنى وهو أوثق
أسباب الفناء وقال يسندونه ان عمر بن الخطاب نهى أبا سفيان بن
حرب عن رش باب منزله لئلا يمر الحاج فيزلقون فيه فلم ينته ومر عمر
فزلق ببابه فعلاه بالدرة وقال ألم آمرك ان لا تفعل هذا فوضع أبو سفيان
سبابته على فيه فقال عمر الحمد لله الذي أراني أبا سفيان ببطحاء مكة
اضربه فلا ينتصر وآمره فيأتمر فسمعته هند بنت عتبة فقالت احمده يا عمر
فإنك ان تحمده فقد أوتيت عظيما حدثنا أحمد بن إسماعيل بن المبارك
العدوي قال أخبرنا المدائني عن عوانة عن الحكم ان إسماعيل بن طلحة
خطب هندا بنت أسماء بن خارجة الفزاري فقالت والله انه لكريم ولكني
إنما أريد رجلا يصلح للعراقين البصرة والكوفة وما اختير صاحبكم في هذه
الفتنة ولا ارب إنما أبغي رجلا يؤدي قتيله ولا يفك أسيره فلما قدم عبد
161

الله البصرة خطبها إلى أبيها فزوجها فعاب ذلك عليه محمد بن الأشعث
ومحمد بن عمير وقال في ذلك عقيبة الأسدي وكان يتعشقها
جزاك الله يا أسماء خيرا * كما أرضيت فيشلة الأمير
بفرج قد يفوح المسك منه * تسل مثل كركرة البعير
كان الحمر فيه حين يفشي * لذيذ مسه مثل الحرير
وقال الأصمعي كان اعرابي عنده أربع نسوة كندية وغسانية
وشيبانية وغنوية والأعرابي غساني وكن متظاهرات على الغنوية فجمع
بينهن حتى تشاتمن ثم قال لهن لتقل واحدة منكن قولا تصف به نفسها
فقالت الكندية
كأني جنى النحل والزنجبيل * وصفوة المدامة والسلسبيل
يزين سنا الوجه لي مبسم * كمثل اللآلئ وعين كحيل
وقالت الغسانية
براني الهي اله السماء * نصفا قضيبا ونصفا كثيبا
والبسني ما يسوء الحسود * جمالا وملحا وحسنا عجيبا
وقالت الشيبانية
أفوق النساء إذا ما اجتمعن * كبدر السماء نجوم الدجى
ويقصر عني جميع الصفات * فمن نالني نال فوق المنى
وقالت الغنوية
تزود بعينك من بهجتي * فقد خلق الله مني الجمالا
إذا ما تفرست في رؤيتي * رأيت هلالا وأحوى غزالا
قال عزيت أعرابية عن ابنها فقالت ما أسرع انقطاع ما كان له مدة
162

وفناء ما كان له وقت وعدة وإنما يأتي أمر الله بغتة فإذا جاء فلا استعتاب
ولا رجعة ولا امتناع منه بجلد ولا قوة الجاحظ قال قالت امرأة
الحطيئة للحطيئة حين تحول عن بني رياح إلى بني كليب بئس ما استبدلت
من بني رياح بعر الكبش تريد بذلك انهم متفرقون لأن بعر الكبش يقع متفرقا
(اخبار مواجن النساء ونوادرهن وجواباتهن)
اخبرني عبد الله بن أحمد العبدي قال أخبرني أبو حبيب السامي قال
كان بالبادية غلام يقال له يزيد المقرط وكان يتعشق جارية يقال لها الذلفاء
وإنما سمي المقرط لأن أمه كانت نذرت ان لا تنزع القرط عنه إلا بمكة
وانه تراخى به الحج حتى انتهى والتحى والقرط عليه وانه واعد الذلفاء
ان يصير إليها في سواد الليل قالت فإذا جئت فمن وراء الخباء ثم حرك
النضد فإني اخرج إليك فجاء على راحلته حتى إذا صار من الحي بنجوة
أناخها ثم اتى الخباء فحركه فقالت له جئت قال نعم قالت ادخل فأدخلته
من وراء الخباء ودثرته بالنضد ثم صاحت صيحة منكرة فوثب أبوها وأخوها
فقالوا ما لك قالت شئ ضربني في يدي فاقبلوا يعوذونها ويرقونها وهي
تصيح وشيخ من ناحية الماء يسمع فلما طال ذلك بها اتاها الشيخ فرقا
لها في الماء ثم قال لهم اسقوها إياه فشربت فلم تهدأ انتها فقال لقد رقيتها
برقية العقرب ولا أظن الذي ضربها عقربانا فافترقوا عنها وقال لها
أخوها اصبري أخية صبرك الله فلما تفرقوا حركت النضد برجلها وقالت
اخرج وكانت بكر فلما قعد منها مقعد الرجل من المرأة ودفع صاحت فجعل
أخوها يقول اصبري أخية أجمل بك وأكرم لك فلم تزل على حالها وخرج
163

يزيد فركب راحلته فمضى غير بعيد ثم اقبل مع طلوع الشمس فلما رآه أهل
الحي قالوا هذا فلان بن فلان يزيد فلما دنا قال ما هذه الآنة قالوا الذلفاء
ضربها شئ في هذه الليلة فلم تنم فقال جيئوني بماء فأتوه به فتفل فيه ورقا
ثم قال اسقوها منه فلما شربته سكنت فقال أبوها واخوتها يا أبا خالد بم
رقيتها قال برقية العقربان فقال الشيخ ألم أقل لكم انه ذكر ثم إن يزيد
ركب راحلته فقالوا يا أبا خالد إلى أين قال أرتاد لكم السماء قالوا ما أنت
ببارح وقد شفى الله الذلفاء على يدك حتى تقيم عندنا يومك وليلتك فأقام
ورعدت السماء وبرقت فلما جنه الليل قال ويحك إني أشتهي ان انظر إلى
محاسنك وبدنك فقالت فكيف لك بذلك قال تخرجين فتكونين وراء
الخباء فإذا برقت بارقة رفعت ثوبك فنظرت إليك في وضوء البرق قالت
ذاك لك فخرجت من وراء الخباء وقام يزيد إليها فقال أبوها أين تريد
يا أبا خالد قال انظر إلى السماء أين قبلها ثم خرجت الذلفاء فأقبلت كلما
برقت بارقة ترفع ثوبها فينظر إليها وصاح أبوها أقدم الخباء يا أبا خالد كيف
ترى قبلها قال أراه قبلا حسنا يعدنا خيرا قال فمقبل علينا أم عليك قال
بل علي دونكم
قال ومر يزيد المقرط بثلاث أخوات من الاعراب وهو على
بكر له فأناخ إليهن فجعل يحادثهن وقال نشدتكن الله هل اشتهيتن
الرجال قط قلن أي والله قال فلتحدثني كل واحدة منكن بأشد شئ مر
بها ولها ثلث بعيري قالت إحداهن أما أنا فإن فتى جاء فأناخ هاهنا فلما
نظرت إليه وقع في قلبي فتركته حتى هدأت العيون فخرجت من الخباء
أريده ونظرت بي أمي فقالت فلانه ما لك قلت غمزا وجدته في بطني
164

قالت يا جارية قومي مع مولاتك فخرجت معي فدرت في الصحراء ساعة
اتلوم ثم رجعت فأخذت مضجعي فلما كان في السحر وهي ألذ نومة
وأطيبها وظننت ان أحدا لا يتحرك وثبت من مضجعي ونظرت بي أمي
فقالت ما لك يا بنية قلت لها بطني قد آذاني منذ الليلة قالت يا جارية قومي
مع مولاتك فخرجت الجارية معي فلما عدت إذا أمي قد أورت نارا ووضعت
عليها ثلاثة أحجار ملس فلما جئت وقد سخنت الحجارة ناولتني إحداها
وقالت يا ابنة أمسكيه معك فبللته ثم تركتني ساعة وناولتني الثاني فقالت
أمسكيه معك فأمسكته أكثر من ذلك فبللته باضعاف تينك الحجرين
فقالت يا بنية نامي هادئة مستورة قال لها قاتلك الله ما كان أشد غلمتك
خذي ثلث البكر لا بارك الله لك فيه ثم قالت الأخرى كنت أمخض
سقاء لنا وكلب ناحية رابض فلما أخرجت الزبدة وقع شئ منها على
ساقي فجاء فلحس موضعها فاستلذذت وقع لسانه فأقبلت ارفع له وأزيده
حتى وضعته على قبلي فاقبل يلحس وأقبلت أمده حتى فرغت قال لها
قاتلك الله ما كان أشد غلمتك خذي الثلث الثاني لا بارك الله لك فيه
ثم قال للثالثة هاتي قالت خرج أبي في النعم وأمي في الغنم وخلفت علي
أخ لي صغير فأقعدته على بطني كالملاعبة له فوقعت عقبه على فرجي
فاستلذذت لينها فأخذت ساقه بيدي ثم أقبلت أحك بها بين الشفرين
وهو يبكي ما افهم من بكائه شيئا لشدة ما بي فوالله ما زلت بذلك حتى
فرغت وقد انخلعت وركه قالت ثم صاحت يا أخي قم إلي فجاءني غليم
أعيرج فقالت ها هو ذا وهذا وركه هي والله منذ ذلك اليوم منخلعة فما
برأت قال أنت أشدهن غلمة خذي باقي البعير لا بارك الله لك فيه وانصرف
يزيد على رحله إلى رحله قد خسر وربحن
165

وقال الهيثم عن عطاء بن مصعب الملقب بالملط قال كان اعرابي
من بني تميم يزور الملأة بنت زرارة وكان أحد بني العنبر وكانت
تحسن إليه فأبطأ عنها ثم جاء وقد عفا شعر جسده وتفلت ريحه فقالت
أين كنت قال شغلني عنكن ما بلغني إنكن أحدثتنه قالت وما هو قال
استغنى بعضكن ببعض قالت أما رأيت العناق تنشز فتنزو على العناق
قال بلى قالت فإذا استحرمت الشاة لم يكن لها بد من التيس قال أظن والله
قال الهيثم عن جابر بن أبي جنيد البجلي قال اشتريت جارية
من اعرابي وكانت ضريرة مهزولة فألقيتها إلى أهلي وقلت أحسنوا إليها
قال فأطعمت الطيب وألبست اللين فسمنت وحسن حالها فقل ما جئت
إلا وجدتها بالباب باكية فقلت لها قد عرفت الحال التي اشتريتك عليها
والحال التي صرت إليها وأراك باكية قالت ومن أحق مني بالبكاء
قلت ولم ويحك قالت لأني كنت عند رجل يملا مادي ويفعم كعثبي
ويوجع بلعصتي قال قلت يا زانية إذا أمسيت وبلعصتك في داري فأنا
شر منك
وقال الهيثم قالت ابنة حبي لأمها يا أمه ان زوجي يطلب إلي
إذا جامعني ان انخر قالت يا بنية انخري فقد كانت أمك تنخر نخيرا
تقطع منه قطرات إبل عثمان بن عفان فلا تدرك إلا بذي المجاز
وقال الهيثم عن صالح بن حسان قال جلس فتية من قريش
معهم ابن لحبي وكانت حبي أول من علم أهل المدينة النخر والحركة
والغربلة وشدة الرهز قال صالح وإنما أخذت ذلك عن سعدى بنت
الحارث قال صالح فتذكروا أي حالات الرجال أحب إلى النساء ان
166

يأخذوهن عليه فقالوا لابن حبي ويحك علم هذا والله عند أمك قال إذا
آتيكم والله بعلمه قال فأتى أمه فقال يا أمة أي الحالات أعجب إلى النساء
من أخذ الرجال إياهن قالت أي بني أما إذا كانت مثلي (تعني مسنة)
فأبركها ثم خذها من خلفها فإنك تدرك بذلك ما تريد وتبلغ حاجتها
وقال الهيثم بن عدي عن صالح بن حسان قال جلست حبي ذات
يوم بين فتيات قريش قال فشهقت حتى كادت أضلاعها ان تتحطم
فقلن لها يا أمة ما لك قالت قتلت نفسا قال فتشاهقن جمع ثم قلن أي أمة
وكيف قتلت نفسا قالت خرجت يوما من الحمام فجلست في المسلخ أتوضأ
ومعي بني لابنة لي ومعه جروله فأتاني فدخل تحتي فلما رأى حمرة شفري
وحري لطعه بلسانه لطعة فاستلذذته فزاد فلم أزل أدنو منه وأمكنه حتى
أدركني ما يدرك بنات آدم فخررت عليه فما رفعت عنه إلا وهو ميت
فقلن يا أمة ما هذا عيب ما هذه إلا مكرمة وقال الهيثم عن صالح بن
حسان قال قالت حبي لبنات لها قد زوجتهن وبنتهن فجلسن معها ذات
يوم في خلاء فأقبلت على الكبرى فقالت أي بنية كيف أحب إليك ان
يأخذك زوجك قالت أمه يقدم من سفر فيدخل الحمام ثم يأتيه زواره
والمسلمون عليه ثم يتغدى وأغلق الباب وأرخى الستر فثم حينئذ أي أمة
قالت أسكتي أي بنية فما صنعت شيئا فقالت الوسطى بل يقدم من سفر
فيضع ثيابه ويأتيه جيرانه والمسلمون عليه فإذا جاء الليل تطيبت له وتهيأت
ثم أخذني على ذلك قالت ما صنعت شيئا فقالت الصغرى بل يكون
في سفر فإذا أقبل نحوي دخل الحمام قبل ان يقدم بثلاث فجاء فاضلا ثم
167

قدم وقد شوك فيدخل علي فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يوافيني فيدخل
أيره في حري ولسانه في فمي وإصبعه في استي فينيكني في ثلاث مواضع
قال تقول حبي اسكتي يا بنية اسكتي الساعة تبول أمك من الشهوة
حدثني الزبير بن بكار عن عمه مصعب بن عبد الله قال قال ابن
مياده وقع بيني وبين قومي من بني خميس بن عامر شر فهجوتهم فقلت
وتبدي الخميسيات في كل زينة * فروجا كأضلاف الصغار من البهم
قال وضرب الدهر ضربة ثم إن إبلي ندت فخرجت في بغائها فمررت
ببني خميس بن عامر فانتسبت في بني سليم وصرت إلى عجوز منهم تعرفني
فأتت بقرى ثم أبرزت بنية لها في أزار أحمر فلما وقفتها بين يدي أطلقت
عنها فقالت يا بن الزانية انظر هذا كما وصفت فنظرت إلى شئ لم أر مثله
فقلت يا سيدتي لم أقل كما بلغك إنما قلت
وتبدي الخميسيات في كل زينة * فروجا كآثار المعسية الدهم
قالت فانعت اليوم بعد المعاينة تنعت بحق حدثني حماد بن
إسحاق قال سمعت محمد ابن وهيب الشاعر يحدث أبي وقال له والله
لأحدثنك بحديث ما سمعه مني أحد قط وهو أمانة أن يسمعه منك أحد
ما دمت حيا فقال له أي ذاك لك فقال ابن وهيب ان الله يقول
(انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها
وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا) يا أبا محمد إنه حديث
ما طن في سمعك أعجب منه فقال له أي كم هذا التعقد الان لك ما سألت
قال حججت فبينا انا في سوق الليل بمكة بعد أيام الموسم إذا أنا بامرأة
من نساء مكة معها صبي وهي تسكته وهو يأبى ان يسكت فأسفرت فإذا
168

في فيها كسر درهم فدفعته إلى الصبي فسكت فإذا وجه رقيق وإذا شكل
ودل ولسان ذلق ونغمة رخيمة فلما رأتني انظر إليها قالت أمعن أنت
قلت لا قالت فما ذا قلت شاعر قالت اتبعني قلت شرطي الحلال من كل
شئ قالت ارجع في حرامك ومن أرادك على حرام فخجلت وغلبتني نفسي
على رأيي فتبعتها ودخلت زقاق العطارين ثم صعدت درجة وقالت اصعد
فصعدت فقالت اني مشغولة وزوجي رجل من بني مخزوم وأنا امرأة
من زهرة وعندي حر ضيق يعلوه وجه أحسن من العافية بحلق ابن
سريح وترنم معبد وتيه ابن عائشة وخنث طويس اجتمع كله لك بأصفر
سليم قلت وما أصفر سليم قالت دينار يومك وليلتك فإذا قمت جعلت
الدينار وظيفة تزويجا صحيحا قلت فداك أبي ان اجتمع لي ما ذكرت فليس
في الدنيا أنعم عيشا مني إلا من في الجنة قالت هذه شريطتك قلت وأين
هذه الصفة فمضت إلى جارية لها فدعتها فأجابتها قالت قولي لفلانة البسي
عليك وعجلي وبحياتي عليك لا تمسي غمرا ولا طيبا فتحبسينا بدلالك
وعطرك قال فإذا جارية قد أقبلت بوجه ما أحسب الشمس قد وقعت على
مثله قط كأنها صورة فسلمت وقعدت كالخجلة فقالت المرأة ان هذا
الذي ذكرتك له وهو في هذه الهيئة التي ترين قالت حياه الله وقرب داره
قالت قد بذل لك من الصداق دينارا قالت أي أم أخبرته بشريطتي
قالت لا والله يا بنية أنسيتها ثم نظرت إلي فغمزتني وقالت تدري ما شريطتها
قلت لا قالت أقول لك بحضرتها ما أخالها تكرهه إنها أفتك من عمرو بن
معدي كرب وأمنع من ربيعة بن مكدم ولست تصل إليها حتى تسكر
وتغلب على عقلها وإذا بلغت تلك الحال ففيها مطمع قلت ما أهون هذا
169

وأسهله قالت الجارية شيئا وتركت شيئا أيضا قالت نعم والله انك لن تنالها
إلا مجردا مقبلا ومدبرا قلت وهذا أيضا أفعله قالت هلم دينارك فأخرجت
دينارا فنبذته إليها فصفقت تصفيقة أخرى فأجابتها امرأة قالت قولي لأبي
وأبي الحسين هلما الساعة قلت في نفسي: أبو الحسن وأبو الحسين
هذا علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال فإذا شيخان خاضبان نبيلان قد أقبلا
فصعدا فقصت عليهما المرأة القصة فخطب أحدهما وأجاب الاخر وأقررت
بالتزويج وأقرت المرأة ودعوا لنا بالبركة قال ثم نهضا فاستحييت ان
احمل الجارية مؤونة من الدينار ودفعت إليها آخر وقلت هذا لطيبك
قالت بأبي أنت اني لست ممن تمس طيبا لرجل إنما أتطيب لنفسي إذا خلوت
قلت فاجعلي هذا لغذائنا اليوم قالت أما هذا فنعم فنهضت الجارية وأمرت
باصلاح ما يحتاج إليه ثم عادت وتغذينا وجاءت بأداة وقضيب وقعدت
تجاهي ودعت بنبيذ قد أعدته ثم اندفعت تغني بصوت لم اسمع قط مثله
فإني آلف بيوت القيان وغيرها منذ ثلاثين سنة وقد سمعت مهدية جارية
ابن الساحر وغيرها من الجيدات فما سمعت بمثل ترنمها لاحد فكدت
ان أطير سرورا وطربا وجعلت أربع ان تدنو مني فتأبى إلى أن تغنت
بشعر لم اعرفه وهو: راحوا يصيدون الظباء وانني * لارى تصيدها علي حراما
أعزز علي بأن أروع شبيهها * أو ان يذقن على يدي حماما
فقلت جعلت فداك من تعني بهذا الشعر قالت جماعة اشتركوا فيه معبد
وابن سريح وابن عائشة قال إسحاق الناس يغلطون في هذا غلطا فاحشا
وأكثر المغنيين يضيفون الغناء إلى أول من غناه وربما تغنى به الثاني فيزيد
170

على الأول فلا يضاف إلى الثاني وهذا خطأ قال ابن وهب فلما قوى على
النبيذ وجاءت المغرب تغنت شيئا لم اعرف معناه للشقاء الذي كنت فيه
ولما كتب على رأسي والهوان الذي أعد لي فغنت
كأني بالمجرد قد علته * نعال القوم أو خشب السواري
قلت جعلت فداءك لم افهم هذا الشعر ولا أحسبه مما يغنى به قالت أنا أول
من تغنى به وإنما هو بيت عائر لا يدري قائله لا أخاله قالت ومعه
بيت آخر قلت سريني بأن تغنيه لعلي أفهم قالت ليس هذا وقته وهو
آخر ما أتغنى به قال وجعلت لا أنازعها شيئا إجلالا لها واعظاما فلما
أمسينا وصليت المغرب وجاءت العشاء الأخيرة وضعت القضيب فقمت
فصليت العشاء وما أدري كم صليت عجلة وتشوقا فلما سلمت قلت تأذنين
لي جعلت فداءك في الدنو منك قالت تجرد وذهبت كأنها تريد ان
تخلع ثيابها فكدت ان أشق ثيابي من العجلة للخروج منها فتجردت
وقمت بين يديها مكفرا لها (أي خاضعا متطأطأ) قالت انته إلى
زاوية البيت واقبل إلي حتى أراك مقبلا ومدبرا قال وإذا حصير في الغرفة
عليه طريقي إلى الزاوية فاحضر عليه وإذا تحته خرق إلى السوق فإذا أنا
في السوق مجردا وإذا الشيخان الشاهدان قد كمنا ناحية واعدا نعالهما
فلما هبطت عليهما بادراني فقطعا نعالهما على قفاي ودعوا علي أهل السوق
وضربت والله يا أبا محمد حتى أنسيت اسمي فبينا أنا أخبط بنعال مخصوفة
وأيد ثقال وخشب دقاق وإذا صوت من فوق البيت يغني به
كأني بالمجرد قد علته * نعال القوم أو خشب السواري
ولو علم المجرد ما أردنا * لبادرنا المجرد في الصحاري
171

فقلت هذا والله وقت غناء البيت وهو آخر ما قالت انها تغناه فلما
كادت نفسي تطفأ جاءني واحد بخلق ازار فألقاه علي وقال بادر ثكلتك
أمك رحلك قبل ان يدركك السلطان فتنفضح قال وكان آخر العهد
بها وكنت انا المجرد وانا لا أدري فانصرفت إلى رحلي مطحونا مرضوضا
فلما خرجت من مكة جعلت زقاق العطارين طريقا فدنوت من بائع وأنا
متنكر ووجهي مرضوض فقلت لمن هذه الدار قال لصفية جارية من
آل أبي لهب
قال العتبي أجمع نسوة فوصفن شهواتهن فقالت إحداهن أشتهيه
كذراع الحوار يغص فيه السوار على مثه كالمرار وقالت الثانية اشتهيه
عظيم الحوق رحيب الفوق وقالت الثالثة أشتهيه عريض الحين صاحبه
مغرم بالطعن كأنما يطلبني بطعن وقالت الرابعة
يا ليت عندي نعتكن أجمع * حتى أقضي حاجتي وأشبع
حدثني العمري حفص بن عمر قال حدثنا الهيثم بن عدي قال حدثنا
عطاء بن مصعب الملط القرشي قال قعد الخليل بن أحمد العروضي وأبو
المعلى مولى لبني قشير عند قصر أوس بالبصرة فمرت بهما أم عثمان بنت
المعارك من ولد المهلب بن أبي صفرة معها بنيات لها فجلست قريبا منهم تستريح
وتروح فقال أبو المعلى للخليل يا أبا عبد الرحمن ألا أكلم هذه فقال له الخليل
لا تفعل فإنهن أعد شئ جوابا والقول إلى مثلك سريع وكان أصلع شديد
الصلع له شعرات في قفاه قد خضبها بالحمرة فقال يا هذه هل لك من زوج
قالت لا رحمك الله وأحمد الله ولا لواحدة من بناتي قال فهل لك ان
أتزوجك ويتزوج صاحبي هذا إحدى بناتك قالت الحمد لله تخطبني وقد
172

ابتلاك الله بدائين قال وما هما قالت أما واحد فإنه فوق رأسك مسحا
وأما الاخر فبلغ من نوكك وحمقك أنك لم تغيرها بسواد وواريتها
بحمرة فصارت كأنها نخامة في قفاك ويحك أما تروي بيت الأعشى قال وأي بيوته قالت
بيته وأنكرتني وما كان الذي نكرت * من الحوادث إلا الشيب والصلعا
فما بقي الشيب والصلع إلا ان تلعق الزبد أو تموت هزالا ثم التفتت
إلى الخليل فقالت ما أنت يا عبد الله فقال لها أذكرك الله فإني قد نهيته
عن كلامك فأبى فقالت أما يعلم هذا الأحمق ان أحب الرجال إلى
النساء المسحلاني المنظراني الغليظ القصرة العظيم الكمرة الذي إذا طعن
قشر وإذا أدخله حفر وإذا أخرجه عقر ثم قامت تضحك وقمن بنياتها
يتهادين فقال اليشكري متمثلا بقول عمر بن ربيعة المخزومي
فتهادين وانصرفن * ثقال الحقائب
فقالت بالله ممن أنت قال رجل من بني يشكر قالت فأنت تخطبني وقد قال
فيك الشاعر ما قال قال وما قال الشاعر قالت
إذا يشكرى مس ثوبك ثوبه * فلا تذكرن الله حتى تطهرا
فكيف بالمباضعة والمجامعة أي ما ينقى منها ثم قالت قسم بالله لو أن
لي وبنياتي أو لكل واحدة بنا من الاحراج بقدر الأيور التي أهداها مالك
ابن خياط العكلي إلى عمرة بنت عبد الله بن الحارث النميري ما رآني الله
ولا بنياتي ان ندفع إليك منها حرا واحدا فقال الخليل أنشدك الله ما
هذه الهدية فقالت قلة حذق بالتحميش وقلة رواية لا يجتمعان على مسلم
قال أنشدك الله قالت انا سمعته يقول
173

هديتي أخت بني نمير * لحرك يا عمرة ألف عير
في كل عير ألف إير * في كل إير ألف ألف سير
في كل سير ألف كسر إير
فقال الخليل ما وضع شيئا فقالت وكيف ذاك يا متداهي قال ترك
استاهن فوارغ قالت من هاهنا اتيت أنا سمعت جرير بن الحطفي بن الخطفي
وهو يهجو الراعي النميري حيث يقول:
ولو وضعت فقاح بني نمير * على خبث الحديد إذا لذابا
انه كره أن يفسد هديته وان يحرقها فمن ثم تركها فوارغ ثم نهضت فقال
الخليل لأبي المعلى واسمه محمد
نصحتك يا محمد ان نصحي * رخيص يا محمد الصديق
فلم تقبل فخنث أبا المعلى * كخيبة طالب الطرف العتيق
حدثني الزبير بن بكار قال أخبرنا عمران بن فليج وكان كاتبا
للمأمون عن عمة سلمة بن فليج كنا عند المهدي نسمر ليلة معه فقال
لي أمعك أهل قلت لا قال فجارية قلت لا ولا جارية قال فحدثته ثم انصرفت
إلى منزلي وقت الانصراف وإذا بشمع يزهر في بيتي وإذا الخدم والجوار
والفرش وإذا جارية كأنها صورة فقامت إلي فأخذت ثيابي ثم جلست
فدعت بسفط فيه طيب فطيبتني ولبست إزارا مطيبا وألبستني مثله ثم
صرت إلى فراشي فقامت لي واجتهدت لي فلم أتحرك فلما أعييتها بعد أن
تجردت واجتهدت صاحت يا جارية علي بالتخت (هو ما توضع فيه
الثياب) فجاءتها به فأخذت خرقة بيضاء ثم ذرت فيها من مسك في السفط
ثم أهوت لتكفنه وقامت لتكبر وتصلي عليه وقالت مات رحمه الله الله
174

أكبر قال فلما أصبحت غدوت على المهدي فقال أي شئ كنت فيه البارحة
فحدثته الحديث فضحك قال ثم انصرفت إلى بيتي فإذا الجارية قد ردت
وليس فيه شئ مما كان فيه وإذا خادم معه عشرة آلاف دينار فدفعها إلي
وقال يقول لك أمير المؤمنين هذه أنفع لك منها قال إسحاق الموصلي
أتت امرأة فيها عجمة حبى المدنية تسألها المهراس وزوجها يجامعها فقالت
أعيرونا المهراس فقالت اطلبيه من ابني فإن مهراسنا في الهاون مشغول
قال إسحاق الموصلي سئلت أعرابية عن الأير ما هو فقالت عصبة
نفخ فيها الشيطان فلا يرد أمرها
(ومن جواب ظراف النساء)
قال الزبير بن بكار قال رجل لجارية اعترضها وكان دميما فكرهته
فأعرضت عنه قال إنما أريدك لنفسي قالت فمن نفسك أفر (وحدثني زيد
ابن علي بن حسين بن زيد العلوي قال مرت بي امرأة وأنا أصلي في
مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاتقيتها بيدي فوقعت على فرجها
فقالت يا فتى ما أتيت أشد مما اتقيت وقالت امرأة اللهم اجعل الموت
خير غائب انتظره وقالت ابنتها ان غيابك يا أمه لغياب سوء
قال إسحاق الموصلي قلت لقريبة أعرابية ورأت عندي ابن سيابة
أتعرفين هذا يا أم البهلول قالت وكيف لا اعرفه قبح الله هذا فلو كان
داء ما برئت منه قال قلت لها أين منزلك يا أم البهلول قالت فأما على
كسلان فساعة وأما على ذي حاجة فقريب وقال إسحاق أخبرني
الأصمعي قال قالت امرأة من بني نمير عند الموت من الذي يقول
175

لعمرك ما رماح بني نمير * بطائشة الصدور ولا قصار
قالوا زياد الأعجم قالت فاشهدوا إن ثلث مالي له قال فحمل ثلث مالها
بعد موتها إلى زياد قال الجاحظ قال أبو عبيدة معمر بن المثنى عن أبي
عمرو بن العلاء قال قالت امرأة من بني تغلب للحجاف بن حكيم في
وقعة البشر التي يقول فيها الأخطل
لقد أوقع الحجاف بالبشر وقعة * إلى الله فيها المشتكى والمعول
فض الله عمادك واكبا زنادك وأطال سهادك وأقل زادك فوالله ان
قتلت النساء أسافلهن دمي وأعاليهن ثدي وكان قتل النساء والذرية
فقال لمن حوله لولا أن تلد مثلها لاستبقيتها وأمر بقتلها فبلغ ذلك الحسن
ابن أبي الحسن فقال إنما الحجاف جذوة من نار جهنم قال ابن الأعرابي
عن السهمي قال قالت أم عمير الليثية للعوفي في مجلس الحكم عظم رأسك
فبعد فهمك وطالت لحيتك فغمرت قلبك وإذا طالت اللحية انشمر العقل
وما رأيت ميتا يقضي على الاحياء قبلك وحدثني أحمد بن الحسين
قال حدثني من شهد مجلس سوار بن عبد الله القاضي وقد أتته امرأة
فقالت له تعدني في النهار ان تقطع أمري وتنفذ القضاء فإذا جاء الليل اشتمل
عليك فلان وفلان فعددت رجالا من أصحاب سوار كانوا يغلبون عليه
فلفتوك عن امرك وغلبوك على حكمك ما لك أيتم الله أولادك وابتلاهم
بحاكم مثلك قال فما رد عليها جوابا ولا قال لها شيئا أخبرنا الزبير بن
بكار قال أخبرنا مسلم بن جندب الهذلي قال خرجت يوما أنا وزياد نتمشى
إلى العقيق فلقينا نسوة فيهن جارية وضيئة حسانة العينين فقال لي زياد
شأنك بها يا بن الكرام فسلامة جاريتي حرة ان لم يكن دم أبيك في ثيابها
176

فلا تطلب أثرا بعد عين قال ثم أنشدني قول أبي
ألا يا عباد الله هذا أخوكم * قتيل فهلا فيكم اليوم ثائر
خذوا بدمي ان مت خريدة * مريضة جفن العين والطرف ساحر
فأقبلت علي امرأة معها حسناء فقالت أنت ابن جندب قلت نعم قالت أما
علمت أن قتيلنا لا يودى وأسيرنا لا يفك ولا يفدى اغتنم نفسك واحتسب
أباك وحدثني محمد بن سعد عن النضر بن عمرو قال سمعت ابن
راحة يذكر عن امرأة من أهله قالت رأيت عيثمة بنت الفضل الضمرية
تريد ان تعطس فتضع إصبعها على أنفها كأنها تريد ترد عطاسها وتقول
لعن الله كثيرا فإني ما أردت العطاس ذكرت قوله
إذا ضمرية عطست فنكها * فإن عطاسها حب السفاد
قال وقال أبو عمرو سمعت عمرو أبا حفص الشامي قال دخلت عزة
كثير على عبد الملك فقال لها أنت عزة كثير قالت أنا عزة بنت حمل قال
تروين قول كثير
وقد زعمت أني تغيرت بعدها * ومن ذا الذي يا عز لا يتغير
تغير جسمي والخليقة كالذي * عهدت ولم يخبر بسرك مخبر
قالت لا ولكني أروي وأعرف قوله
كأني أنادي صخرة حين أعرضت * من الصم لو تمشي بها العصم زلت
صفوحا فما تلقاك إلا بحيلة * فمن مل منها ذلك الوصل ملت
قال فأمرها تدخل على عاتكة فقالت أخبريني عن قول كثير
قضى كل ذي دين فوفى غريمه * وعزة ممطول معنى غريمها
ما هذا الدين الذي كنت وعدته قالت كنت وعدته قبلة فلم أف له بها
177

قالت أنجزيها له وعلي إثمها حدثنا عبد الله بن شبيب قال حدثنا زبير
قال قال بلال بن عقيل بن جرير سمعتني أعرابية وانا أتمثل شعرا قلته
وكم ليلة قد بتها غير آثم * بمهضومة الكشحين ريانة القلب
فقالت لي هلا أثمت حربك الله قال المدائني نظرت سكينة بنت الحسين
(عليها السلام) إلى العرجي وهو يطوف بالبيت فبعثت إليه جارية لها تقول
له أنشدني مما قلت في الطواف حول البيت فقال أقرأيها السلام وقولي
لها قد قلت
يقعدن في التطواف آونة * ويطفن أحيانا على فتر
ثم أسلمن الركن في أنف * من ليلهن يطلن في أزر
فنزعن عن سبع وقد جهدت * احشاؤهن موائل الخمر
فقالت سكينة للجارية قولي له ويحك لو طاف الفيل بهذا البيت لجهدت أحشاؤه
قال المدائني قال رجل من كلب لامرأته لما دخل بها ما أهزلك قالت
هزالي أولجني بيتك (المدائني) عن عجلان مولى عباد قال كنت عند عبد
الملك بن مروان فأتاه حاجبه فقال يا أمير المؤمنين هذه بثينة بالباب قال بثينة
جميل قال نعم قال أدخلها فدخلت فإذا امرأة طويلة فعلم أنها قد كانت
جميلة فقال عبد الملك ويحك يا بثينة ما رجا فيك جميل حين قال فيك ما قال
قالت الذي رجت منك الأمة حين ولتك أمورها قال فما رد عليها عبد
الملك كلمة قال المدائني كانت بنت هرم بن سنان عند عائشة أم المؤمنين
فدخلت عليها صبية تسأل فقالت مالي لا أرى عليك آي السؤال قالت
لها إني بنت زهير بن أبي سلمى فقالت لها بنت هرم لوما أعطى أبي أباك
ما أغناه قالت إن أباك اعطى أبي ما فنى وان أبي اعطى أباك ما بقى المدائني
178

قال شتم ابن للأحنف بن قيس زبراء جارية الأحنف فقال لها يا زانية
فقالت والله لو كنت زانية لاتيت أباك بابن مثلك وقال مرت امرأة
منخرقة الخف برجل فأراد ان يمازحها فقال يا امرأة خفك يضحك فقالت
إذا رأى كشخانا مثلك لم يملك نفسه ضحكا حدثني عبد الله بن أحمد
البصري قال حدثني أبي عن المعدل بن غيلان ان امرأة من بني تميم
مرت ومعها ديك لها فاتبعوها أبصارهم فقالت لا نظر الله إليكم برحمة
فوالله ما أطعتم الله فيما امركم به من غض الابصار إذ يقول الله عز وجل قل
للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ولا أطعتم جريرا حيث يقول لكم
فغض الطرف إنك من نمير * فلا كعبا بلغت ولا كلابا
فقال لها رجل منهم ما هذا الديك الذي معك فقالت
هو البازي المطل على نمير * أتيح من السماء لها انصبابا
إذا علقت مخالبه بقرن * أصاب القلب أو هتك الحجابا
قال ثم مرت مسرعة فصاح بها رجل منهم من خلفها عظيم البطن
ما أنت كما قال الشاعر
كأن مشيتها من بيت جارتها * مر السحائب لا ريث ولا عجل
قالت وأنت والله يا عظيم البطن ما أنت كما قال الشاعر
مهفهف ضامر الكشحين منخرق * عنه القميص لسير الليل محتقر
تكفيه حزة فلذ إن ألم بها * من الشواء ويروى شربه الخمر
قال المدائني أشرفت امرأة لروح بن زنباع يوما تنظر إلى وفد من
جذام قدموا على روح فزجرها روح فقالت له والله إني لأبغض الحلال
من جذام فما حاجتي إلى الحرام فيهم قال المدائني مر الفرزدق راكبا
179

على بغلة حتى وقف على دار قوم وإذا امرأة مشرفة عليه فنظر إليها
الفرزدق وهي تضحك وقد ضرطت بغلته تحته فقال ما أضحكك فوالله
ما حملتني أنثى قط إلا وضرطت قالت يا أبا فراس فلأمك الهبل إذا
والخزي فإنها حملتك تسعة أشهر فكانت في ضراط إلى أن وضعتك قال
فأفحمته قال هشام بن الكلبي عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة
عن أبيه عن الشعبي قال أمر عمرو بن معدي كرب امرأته أم ثروان
ان تطبخ له كبشا فجعلت تطبخ وتأخذ عضوا عضوا حتى أتت على
الكبش واطلعت في القدر فإذا ليس فيها إلا المرق فأمرت بكبش فذبح
وطبخته ثم أقبل عمرو فثردت له في الجفنة التي تعجن فيها ثم كفأت القدر
فدعاها إلى الغذاء فقالت قد تغذيت فتغذ ثم اضطجع فدعاها إلى الفراش
فلم يصل إليها فأنكر ذلك فقالت يا أبا ثور بيني وبينك كبشان
وقال مصعب الزبيري جاءت حبى المدنية إلى شيخ يبيع اللبن
ففتحت وطبا (هو سقاء اللبن) فذاقته ودفعته إليه وقالت له لا تعجل
بشدة ثم فتحت آخر فذاقته ثم دفعته إليه فلما شغلت يديه جميعا كشفت
ثوبه من خلفه وجعلت تصفق بظاهر قدمها استه وهي تقول يا ثارات
ذي النحيين دونكم الشيخ والشيخ يصيح وهي تصفق استه قالوا فما
خلص منها إلا بعد كد
قال المدائني تزوج عبد الملك بن مروان أم البهاء بنت عبد الله
ابن جعفر فقالت له يوما لو استكت قال امامتك فاستاك فطلقها فتزوجت
علي بن عبد الله بن عباس وكان أقرع فكانت القلنسوة لا تفارقه فوجه
عبد الملك جارية وقال لها اكشفي رأسه يديها ففعلت الجارية ذلك
180

فقالت قولي له هاشمي أصلع أحب إلي من أموي أبخر فأبلغته فقال
ويلي عليها لو علمت لم أطلقها
قال النعامي كانت جارية من الاعراب راعية وكان مولاها
معجبا بها وبأمانتها وعفافها فخاطره (راهنه) رجل من قومه فقال
له لادينك خلاف ما تحكي عنها وهؤلاء يشهدون بيننا فخاطره على خطر
عظيم وهو يرى أنه الرابح فقال للقوم أشرفوا على رأس هذا الأبرق
(هو مرتفع من حجارة وطين مجتمعة) ومولاها معهم قال فلما أصبحوا
خرجت في غنمها مبكرة وليس طريقها إلا في واد وإذا هي أفضت منه
وقعت في مكان واسع فجاء الرجل أسفل الوادي الذي ليس لها طريق
إلا عليه فحفر لنفسه مثل القبر إلا ان فيه موضعا يتجافى عن نفسه
قال ثم سفا عليه التراب حتى توارى كله غير إيره قال ومرت في غنمها
فنظرت إليه فقالت ما أدري أي شئ هذا أطرثوث فلا عضاة له اذنون
لا رمثة له أير لا رجل له ما أدري أضع خرجي أم لا ثم أدركت التي عليها
الكراز فوضعت الخرجين ثم أكبت على الأير تحفره حتى خرج إلى
أصله ثم جلست عليه تهزه وتقول لغنمها أي الله يرعاك ويرعى راعيك
ومولاها والناس الذين معه يرونها ويستمعون كل شئ تتكلم به ودارت
الغنم مرارا بها قال والغنم تدور بالراعي تأنس به فدارت فوقع فيها
القرمان والذيبان إذا اجتمع راعيا القرمان من الغنم عنزا أخذ
إحداهما بضرعها والاخر بحلقها (كذا ورد) وهي على حالها تهزه
وتقول قد أرى خلية يلاعبها غزيلها تعني الشاة وانحدر مولاها من
الأبرق وقد قمر (أي غلب في المراهنة)
181

(هذه اشعار النساء في كل فن)
(من الجاهليات والاسلاميات والمحدثات من الإماء وغيرهن)
حدثنا أبو زيد عمر بن شبة وقرئ عليه وأنا حاضر وقرأت عليه بعض
ذلك قال كانوا يقولون أجود اشعار النساء أشعار الموتورات الحاضات على
الطلب والدخول والمعيرات في ذلك بالتقصير والثاكلات المؤبنات واشعر
النساء في الجاهلية والاسلام خنساء وهي تماضر بنت عمرو بن الشريد
السلمية ولها أشعار مشهورة واخبار مذكورة فمما قالت في التحريض
وعيرت فيه بالتقصير في قولها لما قتلت بنو مرة بن سعد بن ذبيان أخاها
معاوية بن عمرو تحرض أخاها صخرا على الطلب بدمه
لا تقتلن بني فزارة إنما * قتلى فزارة والكلاب سواء
ودع الثعالب غثها وسمينها * ما في الثعالب من أخيك وفاء
وعليك مرة ان قتلت وإنما * قتلاك مرة ان قتلت شفاء
قال أبو زيد ويقال إن معاوية بن عمرو بن الشريد ودريد
بن الصمة تقاولا أشعارا تهادياها بينهما ثم انهما التقيا بعكاظ فقال معاوية
لدريد أبا قرة إني آليت لأنادمن اليوم خير من ورد عكاظ فانطلق بنا
فانطلق معه فسارا حتى عمل الشراب فيهما فتعاقدا لئن قتل أحدهما
دون صاحبه ليطلبن بدمه فقتلت بنو مرة معاوية قتله هاشم بن حرملة
فطلبه دريد حتى قتله فقالت الخنساء
فدى للفارس الجشمي نفسي * وأفديه بمن لي من حميم
أفديه بجل بني سليم * بظاعنهم وبالأنس المقيم
182

كما من هاشم أقررت عيني * وكانت لا تنام لدي المنيم
وانشد أبو زيد مع المنيم وقال هذه الأبيات مقولة والأصح عندنا في
الخبر ان صخرا قتل قاتل أخيه وأدرك بثأره في بني مرة قال وقال أبو
عبيدة إنما عنت بقولها للفارس الجشمي قيس بن عيلان الجشمي وكان
رأى هاشم بن حرملة قد تبرز لحاجته فاغتره فرماه بسهم فقتله (وكانت)
خنساء تحت مرداس بن أبي عامر فقالت لما هلك ترثيه
ولما رأيت البدر أظلم كاسفا * ارن سرا بطنه وسوائله
رنينا وما يغني الرنين وما قد أتى * بموتك من نحو القرية حامله
قد اختار مرداسا على العين قائله * ولو عاده كناته وحلائله
كناته ج كنة وهي امرأة الابن أو الأخ
وفضل مرداسا على الناس حلمه * وان كل هم همه فهو فاعله
وواد مخوف يكره الناس هبطه * هبطت وماء منهل إنك ناهله
وسبي كأمثال الظباء تركته * خلال البيوت مستكينا عواطله
فعدت عليهم بعد بؤسي بأنعم * فكلهم يجزى به وتواصله
متى ما يوازى ماجدا يعتدل به * كما عدل الميزان بالكف حامله
ولها في مرثية صخر وهي من خيار شعرها
وان صخرا لمولانا وسيدنا * وان صخرا إذا نشتو لنحار
وان صخرا لتأتم الهداة به * كأنه علم في رأسه نار
لم تره جارة يمشي بساحتها * لريبة حين يخلى بيته الجار
ولها ترثي أخاه معاوية
أبعد ابن عمرو من آل الشريد حلت به * الأرض أثقالها
183

حلت من الحلي تقول زينت به الأرض الموتى
سأحمل نفسي على آلة * فأما عليها وأما لها
قولها على آلة أي على حالة فاصلة فإما ظفرت وإما هلكت
وخيل تكدس بالدار عين * نازلت بالسيف ابطالها
تكدس يكب بعضها على بعض
يهين النفوس وهون النفوس * يوم الكريهة أبقى لها
فإن تك مرة أودت به * فقد كان يكثر تقتالها
فزال الكواكب من فقده * وجللت الشمس اجلالها
ويروى فخر الشوامخ من فقده زلزلت الأرض زلزالها - والشوامخ الجبال
وداهية جرها جارم * ثقيل الحواضن أحبالها
كفاها ابن عمرو ولم يستعن * ولو كان غيرك أدناها
وكانت خنساء أنشدت النابغة الذبياني فقال لها لولا أن أبا بصير يعني
الأعشى وحسان بن ثابت أنشدني آنفا لقلت إني لم أسمع مثل شعرك
ولكن والله ما رأيت ذا مثانة قط أشعر منك فقالت له لا والله ولا ذا
خصيتين وحدثنا أبو زيد قال حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق
عن أصحابه ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بقتل النضر بن الحارث
ابن كلده أحد بني عبد الدار وكان أمر عليا ان يضرب
عنقه بالأثيل فقالت أخته قتيلة بنت الحارث ترثيه
أيا راكبا ان الأثيل مظنة * من بطن خامسة وأنت موفق
يقول الشارح - لم يرد في الأصل الذي طبعنا عنه هذا الكتاب إلا هذا
البيت وتمام الشعر هو
184

أبلغ به ميتا فإن تحية * ما ان تزال بها الركائب تخفق
مني إليه وعبرة مسفوحة * جادت لماتحها وأخرى تخنق
فليسمعن النضر ان ناديته * ان كان يسمع ميت أو ينطق
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه * لله أرحام هناك تشقق
أمحمد ولانت صنو نجيبة * في قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرك مننت وربما * من الفتى وهو الغيظ المخنق
فالنضر أقرب من تركت قرابة * وأحقهم ان كان عتق يعتق
قال فبلغنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لو سمعت هذا
الشعر قبل ان اقتله ما قتلته ويقال ان شعرها أكرم شعر موتور وأحسنه
(ومن النساء المشهورات في الشعر)
ليلى بنت الأخيل بن ذي الرحالة بن شداد بن عبادة بن عقيل وكانت
ليلى هاجت النابغة فقال لها
ألا حييا ليلى وقولا لها هلا * فقد ركبت أمرا أغر محجلا
هلا زجر للفرس الأنثى عند النزو عليها لتسكن
فهجته وبلغها ان بني جعدة استعدوا عليها وقالوا قذفتنا فقالت
أحقا بما أنبأت ان عشيرتي * بشوران يزجون المطي المذللا
يروح ويغدو وفدهم بصحيفة * ليستجلدوا لي ساء ذلك معملا
أنابغ لم تنبغ ولم تك أولا * وكنت صنيا بين صنيين مجهلا
أنابغ لم تنبغ بلومك لا تجد * للومك إلا وسط جعدة مجعلا
تسابق سوار إلى المجد والعلا * وأقسم حقا ان فعلت ليفعلا
185

بمجد إذا المجد اللئيم اراده * هوى دونه في مهبل ثم عصلا
لنا تامك دون السماء وأصله * مقيم طوال الدهر يتحلحلا
وما كان مجد في أناس علمته * من الناس إلا مجدنا كان أولا
وعيرتني داء بأمك مثله * وأي جواد لا يقال له هلا
قال أبو زيد عمر بن شبة كانت ليلى تهوى توبة بن الحمير العقيلي أحد
بني خفاجة ويهواها وكان صاحب غارات يتناول بها بني الحارث بن
كعب وهمدان ومهرة فغزاهم مرة فأخفق فمر بجيران لبني عوف بن
عقيل بن خثعم ومعه اخوه عبيد الله وابن عم له يدعى قابضا فأغار عليهم
واطرد إبلا وقتل رجلا من بني عوف يدعى ثور بن سمعان فطلبته بنو
عوف سراعا وأدركوه وقد سقط بلاد قومه بني خفاجة فأمن في نفسه
ونزل عن فرسه ونام فطلع رجل من بني عوف فرآه قابض فأيقظ توبة
فلم يحفل بذاك وعاد لنومه حتى غشيه القوم وأحال قابض على فرسه
فهرب وقاتل عبيد الله فضربه رجل على رجله فعرج وصاح توبة بفرسه
الحفصاء فأقبلت إليه فأراد ركوبها فامتنعت فألجمها فولت ولحقه يزيد بن
رويبة بن سالم بن كعب بن عوف فعانقه وقال اقتلونا معا فطعنه عبد الله
ابن رويبة فاتقاه بجيدة فقتله وأجلا القوم عنه قتيلا وعن أخيه جريحا
وردوا إلى جيرانهم وخلفوا عند عبيد الله إداوة ماء لأن لا يموت عطشا
وتحامل عبيد الله حتى أتى بني خفاجة فأخبرهم الخبر فقالوا خذلت أخاك
ولو كان مكانك ما خذلك فقال
يلوم على القتال بني عقيل * وكيف قتال أعرج لا يقوم
ومر قابض سنته فوقع بأرض بني بكر بن كلاب فرآه عبد العزيز
186

ابن زرارة بن جرير فقال ويلك ما فعل توبة أقتل قال لا أدري تركت
السيوف تعتوره فركب في نفر من قومه معهم المزاد (ج مزادة وهي
ركية الماء) فيها الماء فغسله وكفنه ودفنه وبلغ خبره ليلى فقالت
ليبك العذارى من خفاجة كلها * شتاء وصيفا دائبات ومربعا
على ناشئ نال المكارم كلها * فما انفك حتى أحرز المجد أجمعا
وقالت تلوم أخاه عبيد الله
دعا قابضا والمرهفات ينشنه * فقبحت مدعوا ولبيك داعيا
فليت عبيد الله كان مكانه * صريعا ولم اسمع لتوبة
ناعيا
وقالت لقابض
فإنك لو كررت خلاك ذم * وفارقك ابن عمك غير قالي
ألم تعلم جزاك الله شرا * بأن الموت منهاة الرجال
وقالت ترثيه في شعر طويل
فإن تكن القتلى بواء فإنكم * فتى ما قتلتم بني عوف بن عامر
وان لا يكن فيها بواء فإنكم * ستلقون يوما ورده غير صادر
فتالله تبنى بيتها أم عاصم * على مثله أخرى الليالي الغوابر
فتى كان للمولى سناء ورفعة * وللطارق الساري قرى غير غامر
فتى لا تخطاه الرفاق ولا يرى * لقدر عيالا دون جار مجاور
فنعم الفتى ان كان توبة فاجرا * وفوق الفتى ان كان ليس بفاجر
فتى هو أحيا من فتاة حيية * وأشجع من ليث بخفان خادر
وقالت
أقسمت أبكي بعد توبة هالكا * وأحفل من دارت عليه الدوائر
187

لعمرك ما بالقتل عار على الفتى * إذا لم تصبه في الحياة المعاور
وما الحي مما أحدث الدهر معتبا * ولا الميت ان لم يصبر الحي ناشر
وقالت مارة بنت الديان إحدى بني الحارث بن كعب وقتلت
باهلة مرة بنت عاهان الحارثية تحرض قومها
قل للفوارس لا تئل أعيانهم * من شر ما حذروا وما لم يحذر
التاركين أبا الحصين وراءهم * والمسلمين صلاءة بن العنبر
لما رأيت الخيل قد طافت به * شبخت شحالك في عنان الأشقر
ولقد بكيت على شبابك حقبة * حتى كبرت وليت ان لم تكبر
يا معشر الأبناء ان فزتم بها * فوز الزبيرة جمعنا لم يثأر
فأبوكم قرم سرى بهلانكم * وعمودكم صلب كريم المكسر
وقالت بنت مرة بن عاهان ترثيه
أنا وباهلة بن عفصة بيننا * داء الضرائر بغضة وتناف
من يتلقفوا منا فليس بآيب * ابدا وقتل بني قتيبة شاف
ذهبت قتيبة في اللقاء بفارس * لا طائش رعش ولا وقاف
وقالت جنوب أخت عمرو الكلب أحد بني كاهل وعمرو
يغزو فيهما فيصيب منهم فوضعوا له رصدا على الماء فأخذوه فقتلوه ثم
مروا بأخته فقالوا انا طلبنا عمرا أخاك فقالت لئن طلبتموه لتجدنه منيعا
ولئن ضفتموه لتجدنه مريعا ولئن دعيتموه لتجدنه سريعا قالوا قد
اخذناه وقتلناه وهذا سلبه قالت لئن سلبتموه لا تجدون ثبتة وافية ولا
حجزته جافية ولا ضالته كافئة ولرب ثدي منكم قد افترشه ونهب قد
افترسه وضب قد احترشه ثم قالت
188

سألت بعمرو أخي صحبه * فأفزعني حين ردوا السؤالا
وقالوا تركناه في غارة * بأية ما قد وثنا النبالا
أتيح له أنمرا أحبل فنم * الا لعمرك منه ونالا
وأقسم يا عمرو لو نبهاك * أذانبها منك أمرا عضالا
إذا نبها ليث عرينة * مفيدا مغيثا نفوسا ومالا
هزبرا فروسا لأعدائه * هصورا إذا لقي القرن صالا
هما بتصرف ريب المنون * ركنا ثبيتا صليبا أزالا
هما يوم حم له يومه * وقالا أخوفهم بطلا وقالا
فهلا إذ اقبل ريب المنون * قد كان رجلا وكنتم رجالا
وقد علمت فهم عند اللقاء * بأنهم كانوا لك نفالا
نفالا ج نفل وهي الغنيمة
كأنهم لم يحسوا به * فيحلوا النساء له والحجالا
يريد انهم يحسوا به فيهربوا فيسبي نساءهم حلالا له
ولم ينزلوا بمحول السنين * به فيكونوا عليه عيالا
وقد علم الضيف والمرملون * إذا اغبر أفق وهبت شمالا
المرملون ج مرمل وهو الذي فنى زاده
وخلت عن أولادها المرضعات * ولم تر عين بمزن بلالا
ذلك كناية عن الأمور الشديدة والأحوال العصيبة
بأنك الربيع وغيث مريع * وقدما هناك تكون الثمالا
الثمال الغياث الذي يقوم بأمر قومه
وخرق تجاوزت مجهول * بوجناء حرف تشكى الكلالا
189

الخرق القفز والوجناء الناقة الشديدة والحرف الناقة الضامر الصلبة
فكنت النهار به شمسه * وكنت دجى الليل فيه الهلالا
وخيل سمت لك فرسانها * فولوا ولم يستقلوا قبالا
وحيا أبحت وحيا منحت * وحيا صبحت منايا عجالا
وكل قبيل وان لم تكن * أردتهم منك يأتوا وجالا
قال أبو زيد قتل كرز بن عامر بن عبادة بن عقيل بن حصن بن
بدر فقالت أخته هند بنت حذيفة ترثيه وتهز قومها على الطلب بدمه
تطاول ليلي للهموم الحواضر * وشيب رأسي يوم وقعة حاجر
لعمري وما عمري علي بهين * ولا حالف بر كآخر فاجر
لقد نال كرز يوم حاجر وقعة * كفت قومه أخرى الليالي الغوابر
فلله عينا من رأى مثله فتى * تناوله بالرمح كرز بن عامر
فيا لبني ذبيان بكوا عميدكم * بكل رقيق الحد ابيض باتر
وكل رديني اصم كعوبه * ينوء بنصل كالعقيقة زاهر
وكل أسيل الخد طاو كأنه * ظليم وجرداء النسالة ضامر
فإذا أنتم لم تطيؤ الهام غارة * يحدث عنها وارد بعد صادر
وترموا عقيلا بالتي ليس بعدها * بقاء فكونوا كالاماء العواهر
قال أبو زيد يقال انه سبي من بني كلاب سبي يوم النسار وان بني
كلاب سألوا ان يتجافى لهم عن شطر السبي ويسلموا الشطر فقالت الفارعة
بنت معاوية القشيرية تعير بني كلاب بما فعلوا
منا فوارس قاتلوا عن سبيهم * يوم النسار وليس منا أشطر
ولبئس ما نصروا العشيرة ذو لحى * وحفيف نافحة بليل مسهر
190

ضبعا هراش يعقران استيهما * فرأتهما أخرى فقالت تعقر
حاشا لبني المجنون ان أباهم * صاب إذا سطع الغبار الأكدر
لولا بنو بيت الحريش تقسمت * سبي القبائل مازن والعنبر
زعمت بزوخ بني كلاب انهم * هزوا الجميع وان كعبا أدبروا
كذبت بزوخ بني كلاب انها * تأتي الضراء وبظرها يتعطر
وقالت سلمى بنت المحلق إحدى نساء بني كلاب وكانت سبيت يوم
النسار تعير جوابا أخا بني بكر بن كلاب
أعطى الاله أبا ليلى بفرته * يوم النسار وقيت العير جوابا
كيف الفخار وقد كانت بمعترك * يوم النسار بنو ذبيان أربابا
لم تمنعوا القوم إذا شلوا سوامكم * ولا القضاء وكان القوم أضرابا
وقالت امرأة من حنيفة تحشد قومها على كناز
أبلغ حنيفة أعلاها وأسفلها * ان اشتروا الخيل أو دينوا الكناز
إذ لا يزال على جرد يصككم * كما يصك حمام الأيكة البازي
يسعى بثار كعبا من دمائكم * كالليث في معشر وليسوا بأعجاز
حدثنا أبو زيد قال حدثنا سعد بن هريم قال أنشدني نصر بن
مزروغ لسبرة بنت الحارث النميرية تقوله يوم مرح راهط
قريش هم الثار المنير فإن سل * قتلك دماء شافيات لداميا
فإن تكن الأخرى فإن دماءكم * قضاعة لا تشفى امرءا كان صاديا
ألا إنما يشفى المريض دواؤه * وكانت قريش لو أصيبت دوائيا
ويوم عماس يمطر الموت حاله * صبرنا له كيما نموت سواسيا
وقالت جمل الضبابية من بني كلاب
191

أميمة لو رأيت غداة جئنا * بحزم كراء ضاحية نسوق
مشينا شطرهم ومشوا إلينا * كمشي معاجل فيه زهوق
كأن النبل وسطهم جراد * تكفئه ضحى ريح خريق
فألقينا القسي وكان قتلا * وضرب الهام كلاما يذوق
وأما المشرفي فكان حتفا * وأما المازني فلا يليق
بكل قرارة غادرن خرقا * من الفتيان مختلق رقيق
وقد كلح المشافر فاستقلت * فويق لثاتهم فالقوم روق
فأشبعنا الضباع وأشبعونا * فأضحت كلها بشم تفوق
وأبكينا نساءهم وابكوا نساء * ما يسوغ لهن روق
يعاوين الكلاب بكل فجر * وقد صحلت من النوح الحلوق
وقالت الجهينية
أمن الحوادث والمنون أروع * وأبيت ليلي كله ما أهجع
وأبيت مجلبة أبكي أسفدا * ولمثله تبكي العيون وتدفع
ان تأته بعد الهدوء لحاجة * تدعو يجبك لها نجيب أروع
متحلب الكفين أميت بارع * انف طوال الساعدين سميدع
ويكبر القدح العنود ويعتلي * بأولى الصحاب إذا أصاب الزعزع
سباق هادية وهاد سربه * ومقاتل بطل وداع مسمع
ويل أمه جلا بليد لطهره * أبلاد سال أروع
يرد المياه حضيرة ونغيصة * ورد القطاة إذا سمأل النبع
وبه إلى أخرى الصحاب تلفت * وبه إلى المكروب حرى زعزع
غدرت به بهز فأصبح جدها * يعلو وأصبح جد قوم يخشع
192

غادرته يوم اللقاء مجدلا * خبرا لعمرك يوم ذلك أشنع
ويروى يوم الرصاف
ووددت لو قبلت بأسعد فدية * مما يضن به المصاب الموجع
قال حدثني أبو غسان في اسناد له ان خالد بن الوليد وأصحابه لما بعثه
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كسرود حاربه بنو عبد ود من بني عذرة
فقتل منهم رجلا يدعى فطن بن سريح فأقبلت أمه وهو مقتول فقالت
ألا تلك المسرة لا تدوم * ولا يبقى على الدهر النعيم
ولا يبقى على الحدثان عقر * لشاهقة له أم رؤوم
فقالت يا جامعا جامع الأحشاء والكبد * يا ليت أمك لم تولد ولم تلد
ثم كبت عليه فشهقت شهقة وماتت وقالت امرأة من بني الحارث بن
كعب في نفر من قومها قتلهم الهنباب من بني كلاب
ان الضباب أبادوا قتل إخوتهم * سادات نجران من حضر ومن بادي
عمرو وعمرو وعبد الله بينهما * وابنا حرام ووفي الحارث السادي
يا فتية ما أرى العياب مدركهم * للجار والضيف وابن العم والجادي
حدثني الهيثم بن خارجة قال حدثنا العطاف بن خالد عن زيد بن
أسلم ان عمر بن الخطاب خرج ليلة يحرس فمر بامرأة في بيتها وهي تقول
تطاول هذا الليل واسود جانبه * وليس إلى جنبي خليل ألاعبه
وتالله لولا خشية الله وحده * لزعزع من هذا السرير جوانبه
فذهب عنها حتى أصبح فسأل عنها فأخبر ان زوجها غائب فأجرى على
المرأة نفقة وكتب ان يقفلوا زوجها وانشد لعرفجة الخزاعية في أخيها
ورقة وقتلته جهينة
193

ودعنا فارس بشكته * في ملتقى الخيل خاليا ورقه
بطعنة نواعرها * عند مجال الخيول متفقه
تمج من صابك على بشر * كأنما ثوبه به علقه
لما رأى عامرا واخوتها * على عتاق لوقعها صلقه
يزجون خوص العيون شازبة * كأنها بالحبيك منبفقه
جرد خماص البطون لاحقة * سيوفهم في أكفهم انقه
ساقوا إلينا الكماة معلمة * يقودها في عياقها العرقه
جهين لا تقطعي مودتنا * وحلفنا والخيول منطلقه
واسجحي إذ ملكت في مهل * وارعي جوارا حباله علقه
أفلح من جاره خزاعة في الجذب * وبيض الصفاح مؤتلقه
وأنشدني المراني قال أنشدني أبو سعد الحنفي قال أنشدني أبو مجيب لام
قيس الضبية ترثي ابنها
من للخصوم إذا طال الضجاج بهم * بعد ابن سعد ومن للضمر القود
وموقف قد كفيت الغائبين به * في مجمع نواصي الناس مشهود
فرجته بلسان غير ملتبس * عند الحفاظ وقلب مبلود
إذا قناة امرئي ازري بها خور * هز ابن سعد قناة صلبه العود
وقالت أم عمرو بنت المكدم ترثي أخاها ربيعة بن مكدم
ما بال عينك منها الدمع مهراق * سجلا فلا عازب منها ولا راق
أبكي على هالك أودى وأورثني * بعد التفرق حرا حزنه باقي
لو كان يرجع ميتا وجد مشفقة * أبقى أخي سالما وجدي واشفاقي
أو كان يفدي فكان الأهل كلهم * وما أثمر من قال له واقي
194

لكن سهام المنايا من نصبن له * لم ينجه طب ذي طب وراق
فاذهب فلا يبعدنك الله من رجل * لاقي الذي كل حي مثله لاقي
فسوف أبكيت ما ناحت مطوقة * وما سرت الساري على ساقي
تبكي لذكرته عين مفجعة * ما ان يجف لها من ذكره ماقي
وقالت ضباعة بنت عامر بن قرط بن سلمة الخير بن القشير ترثي زوجها
هشام بن المغيرة وكانت قد أسلمت وولدت لهشام سلمة
انك وألت إلى هشام * أمنت وكنت في حرم مقيم
كريم الخيم خفاف حشاه * ثمال لليتيمة واليتيم
ربيع الناس أروع هبرزي * أبي الضيم ليس بذي وصوم
أصيل الرأي ليس بحيدري * ولا نكد العطاء ولا زميم
ولا خذالة ان كان كون * دعيم في الأمور ولا مليم
ولا منتزع بالسوء فيهم * ولا قذع المقال ولا غشوم
فأصبح ثاويا بقرار رمس * كذاك الدهر يفجع بالكريم
وقالت حين هاجر ابنها سلمة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم
اللهم رب الكعبة المحرمة * انصر على كل عدو سلمة
له يدان في الأمور المبهمة * كف بها يعطي وكف منعمة
أجرأ من ضرغامة في أجمة * يحمي غداة الروع عند الملحمة
بسيفه عورة سرب المسلمة
وقالت لسلمة شعر
نمى به إلى الذرى هشام
قدما وآباء له كرام * جحاجح خضارم عظام
195

من آل مخزوم وهو النظام * والرأس والهامة والسنام
وانشد للجوزاء بنت عروة أخت عبد الله بن عروة البصري وكان
يزيد بن المهلب اخذه مع عدي بن أرطاة فحملهم واسط فلما قتل يزيد
عدا عليهم ابنه معاوية فقتلهم وهم اسرى في يده فقالت الجوزاء ترثي
أخاها وتهجو يزيد
أيزيد حاربت الملوك ولم يكن * تلقى المحارب للملوك رشيدا
هذا وجدت عصابة أوردتهم * حوضا سيورث ورده التفنيدا
فالبيت ذا الحرمات لست بنائل * والأكرمين أبوة وجدودا
رهط النبي بني الاله عليهم * سقف الهدى ومن القران عمودا
قوم هم منوا عليك وأنعموا * حتى لبست من الطراز برودا
فكفرت نعمتهم عليك وإنما * بلد العبيد المقرفون عبيدا
ما زال في حمقاته متهوكا * حتى رأى غلس الظلام جنودا
فكفوا رياضته وذلل صعبه * ومضى بهامته الرسول بريدا
طلب الخلافة في هجار فلم يجد * بهجار من شجر الخلافة عودا
وقالت الفارعة بنت معاوية القشيرية في يوم النسار
شفى الله نفسي من معشر * أضاعوا قدامة يوم النسار
أضاعوا فتى غير جثامة * طويل النجاد بعيد المغار
ينبي الفوارس عن رمحه * بطعن كأفواه كعب المهار
وفرت كلاب على وجهها * خلا جعفر قبل وجه النهار
وقالت عمرة بنت دريد بن الصمة في مقتل أبيها يوم حنين
لعمرك ما خشيت على دريد * ببطن سميرة حيش العناق
196

جزى عنا الاله بني سليم * بما فعلوا وعقتهم عقاق
وأسقانا إذ قدنا إليهم * دماء خيارهم عند التلاقي
فرب كريمة أعتقت منهم * وأخرى قد فككت من الوثاق
ورب منوه بك من سليم * دعاك فقد أجبت بلا رماق
ورب عظيمة دافعت عنهم * وقد بلغت نفوسهم التراقي
فكان جزاؤنا منهم عقوقا * وهما ماع منه مخ ساقي
قال أبو زيد عمر بن شبة قال أبو الحسن المدائني ولى نجدة خراقا
(أو حذاقا) الحنفي الشراة وتبالة والطائف فلما اختلفت النجدية على
نجدة رصد القوم حذاقا ومر يريد نجدة فلما صار بين الجبال رموه بالحجارة
من رؤوسها فجعل يقول ويلكم تقتلوني قتل المرجومة فلم يقلعوا عنه حتى
قتلوه فرثته ابنته فقالت
أعيني جودا بالدمع على الصدر * على الفارس المقتول في الجبل الوعر
فإن يقتلوا حذاقا وابني مطرف * فإن لدينا حوشيا وأبا الجسر
تبصرت فتيان اليمامة هل أرى * حذاقا وعيني كالحجارة من القطر
فمن لعم العا والضبيج ومصمتا * وقبل حذاق لم تزل عالي الذكر
تعاوره أسياف قوم تعودوا * قراع الكماة لا خنوس ولا ضجر
فيا لهفتي ان لا تكون لقيتهم * بصحراء لا ضيق المكر ولا وعر
فلو كان لي ملك اليمامة سومت * فوارس يسبون العذارى من شكر
ولو كان لي ملك اليمامة قد غزت * قبائل دوس كله فسله شقر
فإن لا أنل من دوس ثأري بفتية * مصاليت لم يكسرهم حدث الدهر
إن قريشا كان مقتل حاذق * بأيديهم فاطلب به قاطن الحجر
197

ففي قتلهم مثل الذي نال من حظي * بقتل حذاق في العلاء وفي الذكر
قال أبو زيد حدثني علي بن الصباح قال حدثنا هشام بن محمد الكلبي عن
محمد بن سهل بن حزن بن نباتة الأسدي ان عقبة بن هبيرة الأسدي قتل
ابن عمه تميم بن الأخثم فحبس لقتله فبذل لولي تميم الدية فأذعن إلى ذلك
وهم بقبولها فقالت بنت تميم
ان يقتل عقيبة يا لقوم * يسر معاشرا ويسل داء
وان يسلم عقيبة يا لقوم * يكن خدما لعقبة أو إماء
لحا الله التي يحتاج منا * وعقبة سالم منا رداء
وقالت أعقيبة لا ظفرت يداك ألم يكن * درك لحقك دون قتل تميم
أعقيب لو نبهته لوجدته * كالسيف أهون وقعة التصميم
فليلحقنك في العشيرة لامه * ولتقتلن به وأنت ذميم
وقالت سارة بنت معاذ بن عفراء في قتلى الأنصار يوم الحرة
صبرت بنو النجار أنفسها * حتى استقر بقاعها الضرب
قتلتهم افناء ذي يمن * والمعجمون والبت كلب
وبنو أمية تحت رايتهم * وبنو فزارة منهم ركب
آليت أنسى معشري أبد * حتى يزول باهله الهضب
وقالت سلمى بنت حريث بن الحارث بن عروة النضرية ترثي زفر
أصبحت نهبا لريب الدهر صابرة * للذل أكثر تحنانا إلى زفر
إلى امرئ ماجد الاباء كان لنا * حصنا حصينا من اللأواء والغير
فالله أحمد إذ لاقى منيته * أبو الهزيل كريم الخيم والحبر
كان العماد لنا كل حادثة * تأتي بها نائبات الدهر والقدر
وكان غيثا لأيتام وأرملة * وعصمة الناس في الاقتار واليسر
198

سمح الخلائق محمود له شيم * يرجو منافعها الهلاك من مضر
حمال ألوية تخشى بوادره * يوم الهياج إذا صاروا البتر
كم قد حبرت حريبا بعد عيلته * وكم تركت حريبا طامح البصر
يمشي العرضنة مختالا بما ملكت * كفاه من منفس الأموال والغرر
صيرته عائلا من بعد ثروته * نصبا لأعدائه الباغية كالبعر
ومضلع يرهب الابطال غرته * كفيت فينا بلا من ولا كدر
قال أبو زيد قال رجل خرجت في بغاء بعير لي أضللته فسقطت على امرأة
في فناء ظلها لم أر لها شبها فقالت ما أوطأك رحلنا يا عبد الله قلت بعير لي
أضللته فأنا في التماسه قالت أفلا أدلك على من هو أجدى عليك في بعيرك
منا قلت بلى قالت الله فادعه دعاء واثق لا مختبر قال فشغلتني بقولها عن
وجهها فقلت يا هذه أذات بعل أنت قالت كان فمات يرحمه الله فقلت هل
لك في بعل لا يعصيك فأكبت على الأرض طويلا ثم رفعت رأسها فقالت
كنا كغصنين في ارض غذاؤهما * ماء الجداول في روضات جنات
فاجتث خيرهما من أصل صاحبه * دهر يكر بأحزان وترحات
وكان عاهدني ان خانني زمن * لا يواصل أنثى بعد مثواتي
وكنت عاهدته أيضا فشط به * ريب المنون لمقدار وميقات
فاصرف عنانك عمن ليس يصرفه * عن الوفاء خلابات التحيات
يقول شارح الكتاب قد سبق ورود هذا الشعر وما قبله من خبره وقد
أعاده المؤلف هنا ببعض تغيير هذا الشعر لفظي محافظة على الأصل
قال وقالت زينب بنت فروة بن سنان بن عنمه إحدى بني تميم بن
مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان وأنا أقول ان هذه الأبيات تروى لليلى الأخيلية
199

وذي حاجة ما باح قلبا وقد بدت * شواكل منها ما إليك سبيل
لنا صاحب لا ينبغي ان نخونه * وأنت لأخرى فارغ ذاك خليل
تخالك تهوى غيرها فكأنما * لها من تطنيها عليك دليل
وقالت تفخر بأمها وكانت أم ولد
ان ابنة الدهقان كسرى تنولت * بطعن الكماة واختلاس المعابل
ولم يحتطب أمي على غير ثله * ولم يحتطب إلا بطعن المقاتل
لي الموردات الموت والمصدراته * أولات المنون كالقنى الذوابل
فطارت لواري الزند واهي القوى * ولا برم نكس كثير الغوائل
من اللابسات الريط زهراء لم تبت * تحش مع آلامي وقود المراجل
ولم ير في افناء مرة مثلها * ولا عند قيس غنيمة قافل
وقالت
وقائلة يا ليت ابنتي شهدتم * اجل لا ولكن في العديد المؤخر
ولو شهدت يوم الكنيسة بذها * جمال رجال الكنيسة حضر
كان جلابيبا عليهن قنعت * شماريخ عر في سحاب كنهور
وكل قطوف المشي رود شبابها * إذا ما مشت مرتجة المتأزر
خراعيب يمؤد كان شبابها * سدائف شحم أو أنابيب عنقر
وقالت أم خلف الكلابية
أمير جزيت خيرا * ألم يبلغك خيرة ما لقينا
أناخت حائل جذباء نابي * فلم تترك لطلحتنا فنونا
تكنفها فتأكل ما يليها * ونكنفها فتأكل ما يلينا
وصار المال في أيدي رجال * إذا ملكوا أذاقوا الناس هونا
200

بكل رقاق مهلكة هذيل * إذا ما قيل قم ركب الحنينا
إذا رام القيام أبت يداه * ورجلاه القيام فلا تعينا
وقالت هند بنت بياضة بن رياح الأيادية لجموع وجههم كسرى إلى اياد
دعينا لأضياف وقد نزلوا بنا * رفيدة والقين بن حبس وعامر
وقد نزلت بهراء خلف بيوتنا * كما نزلت تبغي قرانا الأساور
فما ان لبثنا ساعة بقراهم * وقد يحمد الرفض السريع المبادر
وقالت امرأة من كنانة لعبد الله بن يحيى الكندي ودعا إلى نفسه
أي بالخلافة وكان رئيس الأباضية في أيام مروان بن محمد
أتملكنا وأنت بحضرموت * طلبت الملك من بلد بعيد
أكندة لا أبا لك أم قريش * بمكة علموا سنن الحدود
حدثنا أبو زيد قال حدثني محمد بن يحيى قال حدثني عبد العزيز بن
عمران عن محمد بن عبد العزيز عن مصعب بن عبد الله أبي أمية بن المغيرة
قال تزوج حنطب بن عبد الله المخزومي حفصة بنت المغيرة قالت
ولا تأمنن الدهر بعدي حرة * وقد نكح البيض الحرائر حنطب
لئيم لسوداء الجواعر جعدة * على أهلها مما تصر وتحلب
تطاوحها الأنساب تردها * إلى نسب في آل دمة مطنب
ويروى لأسماء بنت بنت أبي بكر في قتل أبيها عبد الله بن الزبير
ليس لله محرم بعد قوم * قتلوا بين زمزم والمقام
قتلتهم جفاة عك ولخم * وصداء وحمير وجذام
وقالت أم الفضل بنت الحارث وهي ترقص ابنها عبد الله بن عباس
ثكلت نفسي وثكلت بكري * ان لم يسد فهرا وغير فهر * بالحسب الوافي وبذل الوفر
201

وقالت أم حكيم بنت قارظ امرأة عبيد الله عباس حين قتل
بسر بن أرطاة ابنيها
يا من أحس بابني اللذين هما * كالدرتين تشظى عنهما الصدف
يا من أحس بابني اللذين هما * مخ العظام فمخي اليوم مزدهف
نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا * من قولهم ومن الإفك الذي اقترفوا
انحى على ودجي ابني مرهفة * مشحوذة وكذاك الاثم يقترف
من دل والهة حرى مسلبة * على صبيين إذ أرادهما التلف
يقول الشارح وقد جاء في الأصل الذي طبعنا عنه هذا الكتاب
خبران بعد الشعر السابق مضى ورودهما قبل فحذفناهما هنا تفاديا من التكرار
وقالت موافية بنت أوس إحدى بني ضبة
على جوف ذي قار إذا الريح قلصت * بنا نحو نجد لعنة لا تزايله
عوامد لليسراة أو عن شمالها * قواصد للجد العذاب مناهله
وقالت الحولاء بنت أسعد الكلبية
لبئس غبوق أم الحي وهنا * رحا حنانه فوق الثفال
أدير بها وقد قطعت فؤادي * أرواح باليمين وبالشمال
وقال أبو زيد كان عطاء نساء الاشراف بالكوفة مائتين
فلما ولي سعيد بن العاص لعثمان حط عطاءهن فقالت امرأة منهن
ليت أبا إسحاق كان أميرنا * وليت سعيدا كان أول هالك
يحطط أشراف النساء ويتقي * بأنيابهن مرهفات النيازك
وقالت امرأة من حمير ترثي إخوتها
إخوتي من صعقة همدوا * همدوا لما انقضى الأمد
202

ما أمر العيش بعدهم * كل عيش بعدهم نكد
أين عبد الحجر والصمد * ويزيد الفارس النجد
ابن ملطاط أبو حجل * وأبو الخرباء معتمد
وردوا والله ما كرهوا * وعلى آثارهم نرد
قال وقال أبو بكر الباهلي قال الأصمعي حدثنا شيخ كان يجالس أبا عمر
ابن العلاء قال ضرب امرأة من بني المخاض فاجتمع النساء إليها فلما ولدت
سكتن فارتابت بسكوتهن
قالت كأنني من قولهن الهمس * وقلة التكبير عند اللمس
مع الأشاكي سليم باس * ما بك من جارية من باس
قال وحدثني أبو بكر قال قال الأصمعي كتبت امرأة إلى أبيها وكان
زوجها بغير إذنها
أيا أبتي عنيتني وابتليتني * وصيرت نفسي في يدي من يهينها
أيا أبتي لولا التحرج قد دعا * عليك مجابا دعوة تستدينها
وقالت دختنوس
عثر الأعز بخير خندف كهلها وشبابها * وأضرها لعدوها وإفكها لرقابها
وبقرعها ونجيبها عند الوغى وشهابها * ورئيسها عند الملوك وزين يوم خطابها
فرع عمود للعشيرة عامد لنصابها * ويقوتها ويحوطها ويذب عن أحسابها
ويطأ مواطئ للعدو وكان لا يمشي بها * كالكوكب الدري في الظلماء لا يخفى بها
عثر الأعز به وكل منية لكتابها * فرت بنو أسد خرؤ الطير عن أربابها
لم يحفظوا حسبا ولم يأووا الغي عقابها * عن خيرها نسبا إذا نصت إلى أنسابها
وهو اذن أصحابه * والثار في أذنابها
203

وقالت عمرة بنت رواحة أم النعمان بن بشير في أمر بدر
بكت عيني من يبك لبدر وأهله * وعلت بمثليها لؤي وغالب
وليت الذين حلفوا في ديارهم * به والذين في أصول الأخاشب
ليعلم حقا عن يقين ويبصروا * مجرهم فوق اللحى والشوارب
وقالت جنوب أخت عمرو ذي الكلب الهذلي
يا ليت يا ليت عمرا وما ليت بنافعة * لم يغمز فهما ولم يهبط بواديها
شبت هذيل وفهم بيننا أراه * ما ان تبوخ ولا يرتد صاليها
وليلة يصطلي بالفرث جارذها * يختص بالنفر المثرين راعيها
أطعمت فيها على جوع ومسبغة * شحم العشار إذا ما قام ناعيها
وقالت خالدة بنت هاشم بن عبد مناف ترثي أباها
عين جودي بعبرة وسجوم * واسفحي الدمع للجواد الكريم
عين واستعبري وسحي * أو جمي لأبيك المسود المقلوم
هاشم الخير ذي الجلال والحمد * وذي الباع والندى والصميم
وربيع للمجتدين وحرز * ولزاز لكل أمر جسيم
سمرى نماه للعز صقر * شامخ البيت من سراة الأديم
شيظمى مهذب ذي فضول * أبطحي مثل القناة وسيم
صادق الباس في المواطن شهم * ماجد الجد غير نكس ذميم
غالبي مشمر أحوذي * باسق المجد مصرخي حليم
وقالت بكت عيني وحق لها بكاها * وعاودها إذا تمسى قذاها
أبكي خير من ركب المطايا * ومن لبس النعال ومن حذاها
أبكي هاشما وبني أبيه * فعيل الصبر إذ منعت كراها
204

وكنت غداة أذكرهم أراها * شديدا سقمها باد جواها
فلو كانت نفوس القوم تفدى * فديتهم وحق لها فداها
وقالت أم حكيم بنت عبد المطلب ترثي أخاها الحارث
مالك ديار قد أفحمت * من ربها ميت الحلال
ميت الرزية والمصيبة * والفضيلة والفعال
فلئن هلكت لتورثن * من خير ميراث الرجال
المال والجد التليد * فضول صون وابتذال
العز والزاد الكثير * وانساكها الرحال
التارك الكثير الخبيث * وباذل الكسب الحلال
وقالت أروى بنت الحارث بن عبد المطلب ترثي أباها
عيني جودا بدمع غير ممنون * ان انهما لا بدمع العين يشفيني
إني نسيت أبا أروى وذكرته * عن غير ما بغضة ولا هون
ما زال ابيض مكراما لأسرته * رحب المحاسن في خصب وفي لين
من آل عبد مناف ان مهلكه * ولو لقيت رغوب الدهر يعصيني
من الذين متى ما تغش ناديهم * تلق الخضارمة الشم العرانين
وقالت درة بنت أبي لهب
لاقوا غداة الروع ضموزة * فيها السنور من بني فهر
ملومة خرساء يحسبها * من رامها موجا من البحر
ذعاف الموت أبرده * يقلى بهم وأحره يجري
قومي لوان الصخر ظالمهم * صبروا وفل عرمس الصخر
وقالت سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف ترثي عمها المطلب عبد
205

مناف وهي جدة المغيرة بن شعبة وكانت تحت مسعود بن المغيث
أعيني جودا على المطلب * بوبل وماء له منسكب
أعيني واسحفنر أو اندبا * حليف الندى وقريع العرب
أخا الجود والمجد والمعضلات * إذا انقطع الدر بعد الحلب
وأكدى المساميح والمنعمون * من أهل الفعال وأهل الحسب
وقالت هند بنت عتبة
قامت يهود بأسيافها * قصار الجدود لئام الحسب
عبيد أبي كرب وتبع * عبيد قصار دقاق النسب
أنشد ابن الأعرابي لدختنوس بنت لقيط
فر ابن قهوس الدعي * كأنه رمح متل
يعدو به خاظي البضيمع * كأنه سمع أذل
انك من قيس فدع * غطفان ان نزلوا أو حلوا
لا عزهم منك ولا آباؤك * ان هلكوا وذلوا
فخر البغي بحدج ربتها * إذ الناس استقلوا
لا رحلها حملت ولا لرعاك * فيها مستظل
ولقد رأيت أباك * وسط القوم بريق أو يحل
في جيده ربق الغرار * كأنه في الجيد غل
قال ابن راب غزا جيش لأهل البصرة فيهم أبو المختار بن يزيد بن الصعق
الكلابي مكران فخرج في غارة وخرج معه رهط فيهم رجل من بني
نهد ورجل من باهلة معه أناس من باهلة فخرج عليهم العدو فقاتل أبو
المختار فقتل ودخل ابن الباهلي وأصحابه في غيضة فقالت بنت أبي المختار
206

لله در عصابة نبئتهم * تركوا وراءهم أبا المختار
وتعلق النهدي ضل ضلالة * بعناء منتخب الفؤاد مطار
فكأنما ربض الأراك بمهرة * حواءه نبتت بصحن قوار
والباهلي وعصبة من قومه * دخلوا غلال الغاب كالأثوار
أنشدني الكراني قال أنشدني دماذ لامرأة من عكل
لأن ألفت عيني البكاء وأوحشت * من النوم إذا أودي أخي والندى معا
لقد كان كهفا للصديق فخلجت به * نكبات الدهر عني فودعا
وانشد لامرأة مجهولة
لحا الله دهرا نابنا بصروفه * تقضى فلم يحسن إلينا التقاضيا
فتى لم يكن يطوى على الكشح نفسه * إذا ما أنتجت نفساه الامر خاليا
وقالت امرأة من بني ضبة ترثي ابنا لها
يا سيف ضبة لا يعصك بعده * ابدا فتى بجماجم الاقران
جاء الفوارس جانبين جواده * وأقام فارسه فتى الفتيان
قال إسحاق أنشدتني امرأة ترثي أخاها وزوجها وابنها
أفردني ممن أحب الدهر * من سادة بهم يتم الامر
ثلاثة مثل النجوم زهر * فإن جزعت انه لعذر
وان صبرت لا يخيب الصبر
قال لما ركب محمد بن عبيد الله معمر الذي هرب إلى دمشق
فمات على ثمانية أميال من دمشق وكان موته بحضرة عبد الملك بن مروان
فقالت امرأة على قبره
ألا هلك الجود والنائل * ومن كان يعتمد السائل * ومن كان يطمع في سيبه
207

غنى العشيرة والعائل فمن قال خيرا وأثنى به * عليك فقد صدق القائل
ثم قالت سيد العرب فزجرت وقيل تقولين هذا بحضرة أمير المؤمنين
فقال عبد الملك دعوها فقد صدقت وقالت صفية بنت الخرع التيمية
قد غاب عنه فلم يشهد فوارسه * ولم يكونوا غداة الروع يحزونه
نطاقه هند وان وجنته * فضفاضة كأضاة النهي موضونة
فقد قتلنا شقاء النفس لو قنعت * وما قتلنا به إلا امرءا دونه
قال الأصمعي دخلت المقابر فإذا انا بامرأة تنوح على زوجها وهي سافرة
فلما رأتني غطت وجهها ثم كشفته فقالت
لا صنت وجها كنت صائنه * أبدا ووجهك في الثرى يبلى
يا عصمتي في النائبات ويا ركني * القوى ويا يدي اليمنى
وقالت ابنة عيينة ترثي أباها
تروحنا من اللعاب قصرا * فأعجلنا الاله ان تؤوبا * على مثل ابن مية فأنعياه
يشق نواعم البشر الجيوبا * وكان أبو عيينة شمريا * ولا تلقاه يدخر النصيبا
ضروبا باليدين إذا شمعلت * عوان الحرب لا ورعا هبوبا
أنشدنا ثعلبي لامرأة من طي
دعا دعوة عند الشرا آل مالك * ومن لا يجب عند الحفيظة يكلم
الشرا: موضع والحفيظة: الغضب ويكلم: يجرح وهو هنا كناية عن الغلب والقتل
فيا ضيعة الفتيان إذ يقتلونه * ببطن الشرا مثل الفنيق المسدم
الفنيق: الفحل المنعم، والمسدم: المشدود الفم
أما في بني حصن من ابن كريمة * من القوم طلاب التراث غشمشم
التراب: الدم والغشمشم: الذي لا يهاب الاقدام
208

فيقبل جيرا بامرئ لم يكن به * بواء ولكن لا تكايل بالدم
أي لا يجوز الا بقتل ثارك إذ لم يكن لك غيره (بنو حصن) من بني
نبهان قالت دخلت عمرة بنت الحمارس على مسلمة بنت عبد الملك فأنشدته
بيني وبينك أطاط له حبك * كمنخر الثور آذته الزنابير
رابي المحيسة أعلاه وأسفله * ضيق إذا دارك الدهر الجياذير
كان في جوفه نار مؤججة * كأنما الهبت فيه التنانير
قال فعرض لها مسلمة بالتزويج فقالت يا ابن التي تعلم وانك لهناك تعني
إن أمه أمة قال جاءت امرأة من أهل البادية فتزوجت بالمدينة وهي
مراسل فانكشف قناعها وبرزت للرجال فأتاها معبد فغناها بأبيات
مدحت بها وهي
كأنك مزنة برقت بليل * لحران يضئ لها سناها
طويل الطمئ مرمي بسهم * يرى اللحم والماء رب فانتحاها
أما تجزينني يا جزل ودي * فإن أخا المودة من جزاها
فاهتزت لذلك وقالت أيا عبد بني فطر انا والله يومئذ أحسن من النار
الموقدة وقال إسحاق الموصلي نظر الحارث بن خالد بن العاص إلى
عائشة بنت طلحة في الطواف فقال فيها
ويقفن في التطواف آونة * ويطفن أحيانا على بهر
ففزعن من سبع وقد جهدت * أحشاؤهن موائل الخمر
فبلغها ذلك فقالت قبحه الله لو طافت الجمال سبعا لجهدت أحشاؤهن
وقالت أعرابية
ان حري لزردان مقعد * ململم مستحصف معربد
209

نيرانه من شبق توقد * إذا أتاه الأحرد المستأسد
العميان اليتحان الأقود * ادبر عنها هاربا يعرد
قال أقامت امرأة من الخوارج في عسكر الضحاك سنين ثم أعلمت
فانصرفت تقول
تركت رمحا لينا مسه * وجئت رمحا مسه قاتل * سيان هذا بدم سائل
وذاك منه عسل سائل * مطعون ذا كم منه في لذة * وأم مطعون ندا ثاكل
مروا بنا نرجع إلى ديننا * فكل دين غيره باطل * وملة الضحاك متروكة
لا يحييها أحد عاقل
وأنشد لامرأة من بني عامر
وحرب يضج القلب من نفبانها * ضجيج الجمال الجلة الدابرات
سيتركها قوم ويصلي بحرها * بنو نسوة للثكل مضطرات
فإن يك ظني صادقا وهو صادقي * بكم وبأحلام لكم صفرات
تعد فيكم جزر الجزور ماحنا * ويمكن بالأكباد منكسرات
وقالت عاتكة بنت المطلب ويقال صفية
سائل بنا في قومنا * وكفاك من شر سماعه
أي قبحه وعيبه
قيسا وما جمعوا لنا * في مجمع باق شناعه
فيه السنور والقنا * واد كبش مجتمع قناعه
بعكاظ يعشي الناظرين * إذا هم لمحوا شناعه
فيه قتلنا مالكا * قسرا وأسلمه رعاعه
ومجدلا غادرنه * بالقاع تنهشه ضباعه
210

وقالت عارية بنت قزعة الدينارية في ابنها روس
أشبه روس نفرا كراما كانوا الذرى والأنف والسناما * كانوا لمن خالطهم اداما
كالسمن لما خالط الطعاما * لو ريشا لكنت من قداما * أو طائرا كنت إذا غناما
صقرا إذا لاقى الحمام اعتاما * رأى قطا غدوة أو سمانا * فانقض واحتم لها احتماما
وأنشد الزبير لامرأة
فلو أن ما القي وما بي من الهوى * بارعن ركناه صفا وحديد
تقطر من وجد وذاب حديده * وأمسى تراه العين وهو عميد
ثلاثون يوما كل يوم وليلة * أموت وأحيا ان ذا لشديد
مسافة ارض الشام ويحك قربي * إلينا ابن جواب يزيد أريد
فليت ابن جواب من الناس حظنا * وان لنا في الناس يعد خلود
وقالت الدحداحة امرأة من بني فقيم تهجو الفرزدق حين هجا فقيما
فيشلة هدلاء ذات شعشق * مشرفة اليانوخ والمحوق
قهبلس ذات خفاف أخلق * محبوكة ذات شبا مدلق
نيطت بحقوي فطم عشنق * شراب ألبان خلايا محنق
إذا انتحى للاسكتين احزق * مصمم إذا سطا مطبق
يساكين الحرما لم يفتق * (أولجته في فقحة الفرزدق)
قال فهرب منها فقالت
إن دعى غالب هماما * أنكرت منه شعرا تواما * قين لقين يرفع البراما
من معشر وجدتهم لئاما * ليسوا إذا ما نسبوا كراما * سود الوجوه عذلا ابراما
لو ترك القطا إذا لناما * هذا مقامي فاتخذ مقاما * إذ كره الفرزدق الرحاما
لما رآني أسرع انهزاما
211

وقالت الدحداحة
حججت على أم الفرزدق حجة * فبت أواري ظهر جعثن أدبرا
فرد عليها
قتلت قتيلا لم ير الناس مثله * أقلبه ذا تومتين مسورا
حملت عليه حملة فطعنته * وغادرته فوق الحشايا مكورا
ترى جرحه من بعد ما قد طعنته * يفوح يلنجوجا ومسكا وعنبرا
فلا هو يوم الزحف بارز قرنه * ولا وهو ولى حين لاقى فأدبرا
بني دارم ما تأمرون بشاعر * برود الثنايا لا يزال مزعفرا
إذا ما هو استلقى رأيت جهازه * كمقطع عنق الناب ويدا وأحمرا
فهل يغلبني شاعر رمحه استه * أعد ليوم الروع درجا ومجمرا
(ومن اشعار النساء في النسيب والغزل وغير ذلك)
أنشدنا أبو زيد عمر بن شبة قال أنشدني إسحاق بن إبراهيم الموصلي
لبثينة ترثي جميلا حين بلغها موته
وان سلوى عن جميل لساعة * من الدهر ما جاءت ولا حان حينها
سواء علينا يا جميل ابن معمر * إذا مت بأسأ الحياة ولينها
وأنشد لعفراء بنت مالك ترثي عروة بن حزام
ألا أيها الركب المخبون ويحكم * بحق نعيم عروة بن حزام
فلا يهنأ الفتيان بعدك لذة * ولا رجعوا من غيبة بسلام
وبات الحبالى لا يرجين غائبا * ولا فرحات بعده بغلام
قال أبو زيد نظرت امرأة إلى رجل نظيف دفيف مهفهف خميص
البطن فأعجبها ومعها زوجها أجبن عظيم البطن مهيج فقالت للرجل رأته
212

شهدت على نفسي بأنك بارد اللثات * وان الخصر منك لطيف
وانك مشبوح الذراعين خلجم * وانك إذ تخلو بهن عنيف
فسمعها زوجها فقال من تعنين قالت إياك أعني قال كذبت ما انا كما
وصفت فأصدقيني قالت وتكتم علي قال نعم فأخبرته فطلقها وأخبر بما
قالت فقالت
غدرت بنا بعد التصافي وخنتنا * وشر خلال الرجال خؤونها
وضيعت سرا كنت أنت أمينه * ولا يحفظ الاسرار إلا أمينها
قال حدثني أحمد بن معاوية قال حدثنا محمد بن كناسة قال
جاورت امرأة تدعى أم الربيع الملأة بنت الفرات بن معاوية هكذا
قال وإنما هي امرأة الفرات قال فواصلتها ثم انتقلت فقطعتها ثم رجعت
فواصلتها فقالت الملأة
سقيا لدار بني حبيش * انها ردت على وصال أم ربيع
فقدت بها لطف الصديق فراجعت * وصالي وما كادت إلي تريع
وقالت أعرابية
أيا رب لا تجعل شبابي وبهجتي * لشيخ يعنيني ولا لغلام
فخبرت ان الشيخ يكره ريحه * وفي بعض أخلاق الغلام عرام
ولكن لعباس نتا لحم زوره * فروح لأوراك النساء حام
وأنشد للخنساء بنت التيحان تشوق إلى حجوش الخفاجي
امتنذر قتلي ان العين آنست * سنا بارق بالغور غور تهام
فلا زال منهل من الغيث رائح * يقاد إلى أهل القضا بزمام
ليشرب منه حجوش ويشمه * بعيني فطامي أغر شأمي
213

بنفسي وأهلي حجوش وكلد * وأنيابه اللاتي جلا ببشام
ألا ان وجدي بالخفاجي حجوش * بري الجسم مني فهو نضو سقام
يرى الناس أني قد وجدت بحجوش * إذا جاء والمستأذنون نيام
فإن كنت من أهل الحجاز فلا تلج * وان كنت نجديا فلج بسلام
فأهل الحجاز معشر قد نفيتهم * وأهل الفضا قوم علي كرام
وقالت
إن لنا بالشام لو نستطيعه * خليلا لنا باتيحان مصافيا
نعد له الأيام من حب ذكره * ونحصي له ياتيحان اللياليا
فليت المطايا قد رفعنك مصعدا * تجوب بأيديها الحزون الفيافيا
وقالت امرأة من كلب وجاورت بني رواحة العبسيين في حرم
من قومها منتجعين ثم ظعنوا عنها فتشوقت إلى محمد بن العلاء بن فرقد بن
بسطام أحد بني رواحة
سقى الله المنازل بين شرح * وبين نواطر ديما رهاما
وأوساطا لشقيق شقيق عبس * سقى ربي أجارعه الغماما
فلو كنا نطاع إذا أمرنا * أطلنا في ديارهم المقاما
وليتني قبل بين الحي منهم * دفنت بها ولاقيت الحماما
فإني لا إني ما عشت أهدى * لها ولمن يحل بها السلاما
وما يغني السلام إذا نزلنا * لوي لام إلا لله لاما
وأعرض دونهم رمل وقف * مرداة مخارمة القتاما
فقال يتشوق إليها
أسوق لحسان أوسه بعدما * طربت ولم لعيني مدمعا
214

أتجزع ان بانت بعمارة النوى * وللبين ما كنت الذليل الموقعا
إذا خلت الأرواض واحتل أهلها * نواظر أمسى حبلها قد تقطعا
وحالفت من غير القلى طول هجرها * ولما ترى في قربه الدار مطمعا
قالت زينب امرأة من غطفان
إذا حنت الشقراء هاجت لي الهوى * وذكرتي للحرتين حنينها
شكوت إليها نأي قومي وهجرهم * وتشكو إلي ان أصيب جنينها
وقالت امرأة من بني سعد بن بكر
أيا إخوتي الملزمي ملامة * أعيذ كما بالله من مثل ما بيا
سألتكما بالله جعلتما * مكان الآوي أو تأويا ليا
أيا أمنا حب الهلالي قاتلي * شطون النوى نحتل عرضا يمانيا
أشم كغصن ألبان بعد مرجل * شففت به لو كان شئ مدانيا
فإن لم أوسد ساعدي بعد هجعة * غلاما هلاليا فشل ساعديا
ثكلت أبي ان كنت ذقت كريقة * لشئ ولا ماء الغمامة غاديا
وقالت امرأة من بني عامر
ألا ليت حصنا كان يعلم * خلأ وانا في المزار قريب
أرى رقص بعران فاعلم أنها * لحصن فأدنو دنوة فأخيب
قال خطب حماس بن ثامل الأسدي ظعينة إحدى بني منقذ فلم يزوج
فحرمت الرجال بعده فأخذ في إبل استاقها فرجع إلى المدينة فقالت ظعينة
تظن ظنونا في رجال كثيرة * فيا ليت شعري عن حماس بن ثامل
وظني به بين السماطين انه * سينجو بحق أو سينجو بباطل
وقالت أعرابية من بني نمير أفنى الطاعون أهلها
215

أفردني ممن أحب الدهر * من سادة بهم يقوم الامر * ثلاثة مثل النجوم زهر
لئن جزعت أنه لعذر * وان صبرت لا يخيب الصبر
(هجا أوس) بن حجر عوانة بنت جعيدة فقالت له وفيشة من احمر جعد العدر
تنشط للورد وتأبى للصدر * لها اطار مثل بنيان المدر * سد بها فقحة أوس بن حجر
خطبت امرأة من بعد زوجها فقالت
فإن تسألاني عن هواي فإنه * باعلا قريد ادين يا فتيان
وإني لأستحييه والترب بيننا * كما كنت أستحييه حين يراني
قالت خولة بنت ثابت في عمارة بن الوليد بن المغيرة
يا خليلي اآبني سهدي * لم أنم ليلي ولم أكد
غير أني لا أشبع ولا * أشتكي ما بي إلى أحد
كيف تلحاني على رجل * فت من تذكاره كبدي
مثل ضوء الشمس صورته * ليس بالزميلة النكد
قالت أعرابية تزوجت فحدرت إلى الحضر
عدمت جدارا يمنع البرق ان يري * مع البرق علويا تطير عقايقه
وسقيا لذاك البرق لو نستطيعه * ولكن عدتنا نية لا توافقه
وقالت أم موسى بنت سدرة الكلابية وتزوجت فنقلت إلى حجر
قد كنت أكره حجرا ان أموت بها * وان أعيش بأرض ذات حيطان
يا حبذا الفرق إلا على وساكنه * وما تضمن من ماء وعيدان
أبيت أرقب نجم الليل قاعدة * حتى الصباح وعند الباب عجلان
لولا مخافة ربي ان يعاقبني * لقد دعوت على الشيخ بن حيان
وقالت
لقد ير أم البو الصحور وقد ترى * إذا نظرت في شخصه ما يريبها
216

وقد يشرب الماء العيوف على القذى * وفي الصدر منه غلة ما تصيبها
وقالت امرأة غاب زوجها في بعث فقالت
فوالله لولا الله والعار قبله * لأمكنت من حجلي من لا أناسبه
ليعلم من في القبر وان مقامه * أشد عليه من عدو يحاربه
يقول الشارح وقد أورد المصنف بعد الشعر السابق خبرا سبق وروده
وأغفلته منعا للتكرار أنشد الزبير بن بكار لخيرة بنت أبي ضغيم البلوية
قال وكانت من أظراف النساء
فما نطفة من ماء نهش عذبه * تمنع من أيد الرواة أرومها
بأطيب من فيه لو أنك ذقته * إذا ليلة أسحت وغاب نجومها
وأنشد لها
فهل ليلة البطحاء عائدة لنا * فدتها الليالي خيرها وذميمها
فإن هي عادت مثلها فألية * علي وأيام الحرور أصومها
وأنشد لها
وبتنا خلاف الحي لا نحن منهم * ولا نحن بالأعداء مختلطان
نذود بذكر الله عنا من الصبي * إذا كان قلبا نابيا بردان
ويصدر عن ري العفاف وربما * نقعنا غليل النفس بالرشفان
قال وأنشدتني خليية الحضرية في هوى لها
لهجرك لما ان هجرتك أصبحت * بنا شمتا تلك العيون الكواشح
فلا يفرح الواشون بالهجر وربما * أطال المحب الهجر والجيب ناصح
وتعدوا النوى بين المحبين والهوى * مع القلب مطوي عليه الجوانح
وأنشد ثعلب عن أبي مسحل
217

ألا لا أبالي العيش ما دمت جاريا * وما دمت أسعى لا أبالي أزاريا
وما دمت أسعى بين أم عزيزة * وبين أب بر يحب جماليا
إذا عصبوا بردي بشقة بردهم * وقيل أقعدن في البيت يخلط ذاليا
ومر جوار الحي من كل وجهة * لألعب ان اللعب كان شفائيا
أنشدني أبو على الكراني قال أنشدني زمار لامرأة من الاعراب
يهيج على الشوق موقف خلة * وحطان قبل الموت قدام داريا
ومربط أفراس عتاق لفتية * غدوا بعدما شدوا لهن الأواخيا
فما أحسن الدنيا وفي الدار خالد * وأقبحها لما تجهز غاديا
وقالت امرأة من بني عقيل
خليلي من سكان مران هاجني * هبوب الجنوب مرة وابتسامها
فإن تسألاني ما دوائي فإنني * بمنزلة أعيا الطبيب سقامها
وقالت امرأة من بني الأسد في الخمر
جاء بها المحروم من حرمها * تفوح كالمسك (وتورى كالقبس)
حرمها الله على عباده * يبلو بها أخيارهم لا للنجس
ليست كما يشرب من حلالنا * لكل كأس سعدات من قلس
وقالت ضاحية الهلالية
ألا لا أرى للرائحين بشاشة * إذا لم يكن في الرائحين حبيب
وقالت
ألم كثير لمة ثم شمرت * به جلة يطلبن برقا معاليا
ألا ليتنا والنفس تسكن للمنى * بما نوت ان أمسى حبيب يمانيا
وقالت
218

وإني لأنوي القصد ثم يردني * عن القصد ميلات الهوى فأميل
وما وجدت مسجون بصنعاء موثق * بساقيه من حبس الأمير كبول
وما ليل مولى مسلم بجريرة * له بعد ما نام العيون عويل
بأكثر مني لوعة يوم راعني * فراق حبيب ما إليه سبيل
وقالت بنت حباب في يحيى بن حمزة
أأضرب في يحيى وبيني وبينه * تنايف لو تسري بها الريح كلت
ألا ليت يحيى يوم عبهل زارنا * وان نهلت منا السياط وعلت
وقالت
أقول لعمر والسياط تلفني * لهن على متني شر دليل
فاشهد يا غيران أني أحبه * بسوطك لا أقلع وأنت ذليل
وقالت برة العدوية أنشده ابن الأعرابي
وما نطفة من ماء بهمين عذبة * تمتع في أيدي السقاة أرومها
بأطيب منه كلما جاء طارقا * إذا ليلة أغطت وغابت نجومها
وقالت
خليلي ان أصعدتما أو هبطتما * بلادا هوى نفسي بها فاذكرانيا
ولا تدعا ان لامني ثم لائم * على سخط الواشين ان تعذرانيا
فقد شف قلبي بعد طول تجلد * أحاديث من يحيى تشيب النواصيا
سأرعى ليحيى الود ما هبت الصبا * وان قطعوا في ذاك عمدا لسانيا
وقالت أم خيرة الطماحية
أعد للركب النهشليين ليلهم * ولولا هواه ما عددت اللياليا
فأخبر ان كلمته أو لقيته * فقولي لها قولا شفاء لما بيا
219

وقالت امرأة من بني أسد
كان بريقة الكعبي شهدا * مخالطه رضاب الزنجبيل
فما مأمن الأشراط صاف * بأشفى من كلامك للعليل
فإن يك مسلما يرجع علينا * كلامك أو يعدمنا قتيل
حدثني أحمد بن يحيى قال حدثنا عبد الله بن شبيب قال حدثنا حفص بن
الأروع الطائي قال كنت أسيرا في بلاد طي فإذا بجارية تسوق أعنزا لها
فقلت يا جارية أي البلاد أحب إليك فقالت
أحب بلاد الله ما بين منعجع * إلي وسلمى ان تصوب سحابها
بلاد بها حل الشياب تمائمي * وأول ارض مس جلدي ترابها
وانشد لأعرابية اغتربت
ألا أيها الركب اليمانون عرجوا * علينا فقد أضحى هوانا يمانيا
نسائلكم هل سال نعمان بعدنا * وحب إلينا بطن نعمان واديا
فإن به ظلا ظليلا ومشربا * به نقع القلب الذي كان صاديا
وأنشد لزلفى بنت ربيعة
كأني وعبد الله لم يجر بيننا * أحاديث سالف الدهر لينها
ولم نتلاحق بالعروض عشية * وقد لفيت حمر القلاص وجونها
ظعائن من عليا هلال بن عامر * مصححة الأبدان مرضى عيونها
وقالت أعرابية
دعاني فقد جربت غمز ذوي اللحى * وغمز الذي لم يعد ان طر شاربه
وقالت أعرابية مرضت بغير بلدها
خليلي ان حانت بحربة ميتتي * وأزمعتما ان تجعلا لي قبرا
220

ألا فاقرأ مني السلام على قنا * وحرة ليلى لا قليلا ولا نزرا
سلام الذي قد ظن أن ليس رائيا * رماصا ولا من حرتيه ذرى خصرا
قالت امرأة من بني نهشل
لقد ترأم البو الرخوم وقد ترى * إذا نظرت في شخصه يريبها
وقد يشرب الماء العيوف على الصدى * وفي النفس منها علة ما تصيبها
وقالت الشيبانية امرأة عبد الله ابن عمر بن الخطاب
وقلت له لا تطلبن لقائهم * فإنك ان لاقيتهم غير آئل
فما الناس إلا من قتيل وقاتل * وآخر مأكول دليل لآكل
وقالت أم خالد
ألا من لعين دمها يتحدر * وقلب معنى بالصبابة مسعر
ونفس بها غل بعيد شفاؤه * ولست عليه آخر العهد أقدر
يرى حقا وان لم أفه به * إلى الناس يوما ذكره حين يذكر
أقول ودمع العين يستن بالقذى * كما استن جاري جدول يتفجر
الا ليتني للحاجي وليدة * ويا ليتني ظل له حين يظهر
ويا ليتني برد له حين يتقى به * شفيف الصبا أو نعله حين يحصر
وقالت فاطمة بنت مر الخثعمية حين عرضت نفسها على عبد
الله بن عبد المطلب أبي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يجبها وتزوج
آمنة بنت وهب
إني رأيت مخيلة نشأت * فتلألأت بخاتم القطر
فلما بهى نور يضئ له * ما حوله كإضاءة الفجر
ورأيتها شرفا أبوء به * ما كل قادح زنده توري
221

لله ما زهرية سلبت * ثوبيك ما استلبت وما تدر
وقالت أيضا
بني هاشم قد غادرت من أخيكم * أمينه ادللباه يهتلجان
كما غادر المصباح خبوه * فتايل قد ميلت له بدهان
وما كل ما يحتوي الفتى من تلاده * لحزم ولا ما فاته لتوان
فأجمل إذا طالبت أمرا فإنه * سيكفيكه جدان يصطرعان
سيكفيكه أما يد مقفعلة * وأما يد مبسوطة تبنان
ولما حوت منه أمينة ما حوت * حوت منه فخرا ما لذلك ثان
قال العتبي حدثني أبو سليمان مولى لقريش قال كانت السبقة عند
بني أمية مئة ناقة حمراء لا يمنعون أحدا قاد إليهم فرسا فأرسل الوليد بن
عبد الملك في الحلبة العظمى فلما مدت الحبال في صدور الخيل جاءت
عجوز من بني نمير تقود فرسا لها وعليها غرارة تحتها وهي تقول
فتاتنا المنسوبة الكريمة * ميمونة الطلعة لا مشؤومة
ثم قالت يا أمير المؤمنين أدخل فرسي قال أدخلوها ما هذه الغرارة على
عنقك قالت فيها عقل السبقة قال إنك لواثقة بفرسك قالت ثقتي بهذه
صيرتني تحت هذه فجاءت فرسها سابقة فأخذت المائة قال فالنسل من
خيلها معروف يقال خيل العجوز أنشد العتبي لحمدة بنت ضرار
ترثي أخاها
ما بات من ليلة قد شد مئزره * قبيصة بن ضرار وهو موتور
لا تقرب الكلم العوران مجلسه * ولا يذوق طعاما وهو مستور
قالت امرأة من خثعم
222

فإن تسألونني من أحب فإنني * أحب وبيت الله كعب بن طارق
أحب الفتى الجعد السلولي طارقا * على الناس معتاد الضرب المفارق
وقالت أخرى
لوان فتى ما لامني ذو قرابة * ولا ذمني حتى الممات رفيق
ولا برحت عندي جوار معدة ولا زال بردي ما يقيت رقيق
قالت امرأة من بني هزان يقال لها أم ثواب في ابنها وعقها
ربيته وهو مثل الفرخ أعظمه * أم الطعام ترى في جلده زغبا
حتى إذا آض كالفحال شذ به * أباره ونفى عن متنه الكربا
امسى يمزق أثوابي يؤدبني * أبعد شيبي عندي يبتغي الأدبا
إني لأبصر في ترجيل لمته * وخط لحيته في خده عجبا
قالت عرسه يوما لتسمعني * مهلا فإن لنا في أمنا أربا
ولو رأتني في نار مسعرة * ثم استطاعت لزادت فوقها حطبا
وقالت أم الضحاك المحاربية في عطية واستخونته
لم أنتبه حتى وقفت بغية * من الغي ثم انجاب عني غطائيا
فأقصرت عما تعلمين ولا أرى * أخا غية عنها انتهى كانتهائيا
وقالت
لا يأمنن بعدي عطية حرة * من الناس أو جار كريم يجاوره
وكنت وإياه كذي كلب لم يزل * يسمنه حتى اسمدر يساوره
فلما أبى ان الحماقة لم أجد * له مثل ما يكون فينضج ناظره
وقالت
أرى الحب لا يفنى ويفنه الألى * أحبوا وقد كانوا على سالف الدهر
223

وكلهم قد خاله في فؤاده * بأجمعه يحكون ذلك في الشعر
وما الحب الا سمع عين ونظرة * وحنة قلب عن حديث وعن ذكر
ولو كان شئ غيره فنى الهوى * وبلاه من يهوى ولو كان من صخر
وأنشد لزينب بنت فروة
أمن رسم دار بالخريق تبادرت * دموعك ذكرى سالف قد تجرما
وقد مر حبل الحي إلا معذرا * علينا شجاه شجونا فتلوما
يضئ خصاص البيت والستر دونه * لنا غرب نابليه إذا ما تبسما
وقالت أسدية في أيام ابن الزبير
تروح ركاض ولم يقض ذمة * وابن ركاض إذا ما تيمنا
الا ليت ركاضا ألم فباعنا * زيارته ان كان عنا بها ضنا
ويا ليت ركاضا ألم فزارنا * على ساعة قد غاب فيها العدى عنا
وقالت امرأة من الحرقة ترثي الحصين بن الحمام المري
ألا ذهب الحلو الحلال الحلاحل * ومن مجده حزم وعزم ونائل
وقالت رابطة البهرية ترثي أخاها وقتله هذيل
إن ابن عاصية البهزي مصرعه خلى * عليك فجاجا كان يحميها
المانع الأرض ذات العرض خشيته * حتى تمنع من مرعى مجانيها
وليلة تصطلي بالفرث جازره * حيرى جمادية قد بت تسريها
لا ينبح الكلب فيها غير واحدة * من القريس ولا تسرى أفاعيها
كانت هذيل تمنى قتله سلما * فقد أجيبت فلا تعجب أمانيها
حلو ومر جميع الامر مجتمع * مأوى أرامل لم تتعص عفاريها
(تم طبع الكتاب في 25 ربيع الأول سنة 1361 هجرية) *
224