الكتاب: نزهة المشتاق في اختراق الآفاق
المؤلف: الشريف الادريسي
الجزء: ٢
الوفاة: ٥٦٠
المجموعة: مصادر التاريخ
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٠٩ / ١٩٨٩م
المطبعة: بيروت - عالم الكتب
الناشر: عالم الكتب
ردمك:
ملاحظات:

2
1

الإقليم الرابع
523

الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وعلى آله رب يسر برحمتك
إن هذا الجزء الأول من الإقليم الرابع مبدؤه من المغرب الأقصى حيث البحر المظلم ومنه يخرج خليج البحر الشامي مارا إلى المشرق وفي هذا الجزء المرسوم بلاد الأندلس المسماة باليونانية اشبانيا وسميت جزيرة الأندلس بجزيرة لأنها شكل مثلث وتضيق من ناحية المشرق حتى تكون بين البحر الشامي والبحر المظلم المحيط بجزيرة الأندلس خمسة أيام ورأسها العريض نحو من سبعة عشر يوما وهذا الرأس هو في أقصى المغرب في نهاية انتهاء المعمور من الأرض محصور في البحر المظلم ولا يعلم أحد ما خلف هذا البحر المظلم ولا وقف بشر منه على خبر صحيح لصعوبة عبوره وظلام أنواره وتعاظم موجه وكثرة أهواله وتسلط دوابه وهيجان رياحه وبه جزائر كثيرة ومنها معمورة ومغمورة وليس أحد من الربانيين يركبه عرضا ولا ملججا وإنما يمر منه بطول الساحل لا يفارقه وأمواج هذا البحر تندفع منغلقة كالجبال لا ينكسر ماؤها وإلا فلو تكسر موجه لما قدر أحد على سلوكه
525

والبحر الشامي فيما يحكى أنه كان بركة منحازة مثل ما هو عليه الآن بحر طبرستان لا يتصل ماؤه بشيء من مياه البحور وكان أهل المغرب الأقصى من الأمم السالفة يغيرون على أهل الأندلس فيضرون بهم كل الإضرار وأهل الأندلس أيضا يكابدونهم ويحاربونهم جهد الطاقة إلى أن كان زمان الإسكندر ووصل إلى أهل الأندلس فأعلموه بما هم عليه من التناكر مع أهل السوس فأحضر الفعلة والمهندسين وقصد مكان الزقاق وكان أرضا جافة فأمر المهندسين بوزن الأرض ووزن سطوح ماء البحرين ففعلوا ذلك فوجدوا البحر الكبير يشف علوه على البحر الشامي بشيء يسير فرفعوا البلاد التي على الساحل من بحر الشام ونقلها من أخفض إلى أرفع ثم أمر أن تحفر الأرض التي بين بلاد طنجة وبلاد الأندلس فحفرت حتى وصل الحفر إلى الجبال التي في أسفل الأرض وبنى عليها رصيفا بالحجر والجيار إفراغا وكان طول البناء اثني عشر ميلا وهو الذي كان بين البحرين من المسافة والبعد وبنى رصيفا آخر يقابله مما يلي أرض طنجة وكان بين الرصيفين سعة ستة أميال فقط فلما أكمل الرصيفين حفر للماء من جهة البحر الأعظم فمر ماؤه بسيله وقوته بين الرصيفين ودخل البحر الشامي ففاض ماؤه عليه وهلكت بذلك مدن كثيرة كانت على الشطين معا وغرق أهلها وطغا الماء على الرصيفين نحو إحدى عشرة قامة
فأما الرصيف الذي يلي بلاد الأندلس فإنه يظهر في أوقات صفاء البحر
526

ب في جهة الموضع المسمى بالصفيحة ظهورا بينا طوله على خط مستقيم والربيع قد ذرعه وقد رأيناه عيانا وجرينا على طوله بطول الزقاق مع هذا البناء وأهل الجزيرتين يسمونه القنطرة ووسط هذا البناء يوافق الموضع الذي فيه حجر الأيل على البحر وأما الرصيف الآخر الذي بناه الإسكندر في جهة بلاد طنجة فإن الماء حمله في صدره واحتفر ما خلفه من الأرض وما استقر ذلك منه حتى وصل إلى الجبال من كلتا الناحيتين
وطول هذا المجاز المسمى بالزقاق اثنا عشر ميلا وعلى طرفه من جهة المشرق المدينة المسماة بالجزيرة الخضراء وعلى طرفه من ناحية المغرب المدينة المسماة بجزيرة طريف ويقابل جزيرة طريف في الضفة الثانية من البحر مرسى القصر المنسوب لمصمودة ويقابل الجزيرة الخضراء في تلك العدوة مدينة سبتة وعرض البحر بين سبتة والجزيرة الخضراء ثمانية عشر ميلا وعرض البحر بين جزيرة طريف وقصر مصمودة اثنا عشر ميلا وهذا البحر في كل يوم وليلة يجزر مرتين ويمتلئ مرتين فعلا دائما ذلك تقدير العزيز الحكيم
فأما ما على ضفة البحر الكبير من المدن الواقعة في هذا الجزء المرسوم فهي طنجة وسبتة ونكور وبادس والمزمة ومليلة وهنين وبنو وزار ووهران ومستغانم
527

فأما مدينة سبتة فهي تقابل الجزيرة الخضراء وهي سبعة جبال صغار متصلة بعضها ببعض معمورة طولها من المغرب إلى المشرق نحو ميل ويتصل بها من جهة المغرب وعلى ميلين منها جبل موسى وهذا الجبل منسوب لموسى ابن نصير وهو الذي كان على يديه افتتاح الأندلس في صدر الإسلام وتجاوره جنات وبساتين وأشجار وفواكه كثيرة وقصب سكر وأترج يتجهز به إلى من البلاد لكثرة الفواكه بها ويسمى هذا المكان الذي جمع هذا كله بليونش وبهذا الموضع مياه جارية وعيون مطردة وخصب زائد
ويلي المدينة من جهة المشرق جبل عال يسمى جبل المينة وأعلاه بسيط وعلى أعلاه سور بناه محمد بن أبي عامر عندما جاز إليها من الأندلس وأراد أن ينقل المدينة إلى أعلى هذا الجبل فمات عند فراغه من بنيان أسوارها وعجز أهل سبتة عن الانتقال إلى هذه المدينة المسماة بالمينة فمكثوا في مدينتهم وبقيت المينة خالية وأسوارها قائمة وقد نبت حطب الشعراء فيها وفي وسط المدينة بأعلى الجبل عين ماء لطيفة لكنها لا تجف البتة وهذه الأسوار التي تحيط بمدينة المينة تظهر من عدوة الأندلس لشدة بياضها ومدينة سبتة سميت بهذا الاسم لأنها جزيرة منقطعة والبحر يطيف بها من جميع جهاتها إلا من ناحية المغرب فإن البحر يكاد يلتقي بعضه ببعض هناك ولا يبقى بينهما إلا أقل من رمية سهم واسم البحر الذي يليها شمالا يسمى بحر الزقاق والبحر الآخر الذي يليها في جهة الجنوب يقال له بحر بسول وهو مرسى حسن
528

يرسى به فيكن من كل ريح
وبمدينة سبتة مصايد للحوت ولا يعدلها بلد في إصابة الحوت وجلبه ويصاد بها من السمك نحو من مائة نوع ويصاد بها السمك المسمى التن الكبير الكثير وصيدهم له يكون زرقا بالرماح وهذه الرماح لها في أسنتها أجنحة بارزة تنشب في الحوت ولا تخرج وفي أطراف عصيها شرائط القنب الطوال ولهم في ذلك دربة وحكمة سبقوا فيها جميع الصيادين لذلك
ويصاد بمدينة سبتة شجر المرجان الذي لا يعدله صنف من صنوف المرجان المستخرج بجميع أقطار البحار وبمدينة سبتة سوق لتفصيله وحكه وصنعه خرزا وثقبه وتنظيمه ومنها يتجهز به إلى سائر البلاد وأكثر ما يحمل إلى غانة وجميع بلاد السودان لأنه في تلك البلاد يستعمل كثيرا
ومن مدينة سبتة إلى قصر مصمودة في الغرب اثنا عشر ميلا وهو حصن كبير على ضفة البحر تنشأ به المراكب والحراريق التي يسافر فيها إلى بلاد الأندلس وهي على رأس المجاز الأقرب إلى ديار الأندلس ومن قصر مصمودة إلى مدينة طنجة غربا عشرون ميلا
ومدينة طنجة قديمة أزلية وأرضها منسوبة إليها وهي على جبل مطل على البحر وسكنى أهلها منه في مسند الجبل إلى ضفة البحر وهي مدينة حسنة لها أسواق وصناع وفعلة وبها إنشاء المراكب وبها إقلاع وحط وهي على أرض متصلة بالبر فيها مزارع وغلات وسكانها برابر ينسبون إلى صنهاجة
529

ومن مدينة طنجة ينعطف البحر المحيط الأعظم آخذا في جهة الجنوب إلى أرض تشمس وتشمس كانت مدينة كبيرة ذات سور من حجارة تشرف على نهر سفدد وبينها وبين البحر نحو ميل ولها قرى عامرة بأصناف من البربر وقد أفنتهم الفتنة وأبادتهم الحروب المتوالية عليهم
ومن تشمس إلى قصر عبد الكريم وهو على مقربة من البحر وبينه وبين طنجة يومان وقصر عبد الكريم مدينة صغيرة على ضفة نهر لكس وبها أسواق على قدرها يباع بها ويشترى والأرزاق بها كثيرة والرخاء بها شامل
ومن مدينة طنجة إلى مدينة أزيلا مرحلة خفيفة جدا وهي مدينة صغيرة وما بقي منها الآن إلا نزر يسير وفي أرضها أسواق قريبة وأزيلا هذه ويقال أصيلا عليها سور وهي متعلقة على رأس الخليج المسمى بالزقاق وشرب أهلها من مياه الآبار
وعلى مقربة منها في طريق القصر مصب نهر سفدد وهو نهر كبير عذب تدخله المراكب ومنه يشرب أهل تشمس التي تقدم ذكرها وهذا الوادي أصله من مائين يخرج أحدهما من بلد دنهاجة من جبلي البصرة والماء الثاني من بلد كتامة ثم يلتقيان فيكون منهما نهر كبير وفي هذا النهر يركب أهل البصرة في مراكبهم بأمتعتهم حتى يصلوا البحر فيسيروا فيه حيث شاؤوا
وبين تشمس والبصرة دون المرحلة على الظهر والبصرة كانت مدينة
530

مقتصدة عليها سور ليس بالحصين ولها قرى وعمارات وغلات وأكثر غلاتها القطن والقمح وسائر الحبوب بها كثيرة وهي عامرة الجهات وهواؤها معتدل وأهلها أعفاء ولهم جمال وحسن أدب
وعلى نحو ثمانية عشر ميلا منها مدينة باباقلام وهي من بناء عبد الله بن إدريس بين جبال وشعار متصلة والمدخل إليها من مكان واحد وبالجملة إنها خصيبة كثيرة المياه والفواكه
وعلى مقربة منها مدينة قرت وهي على سفح جبل منيع لا سور عليها ولها مياه كثيرة وعمارات متصلة وأكثر زراعاتهم القمح والشعير وأصناف الحبوب وكل هذه البلاد منسوبة إلا بلاد طنجة ومحسوبة منها
وفي جنوب البصرة على نهر سبو الآتي من ناحية فاس قرية كبيرة كالمدينة الصغيرة يقال لها ماسنة وكانت قبل هذا مدينة لها سور وأسواق وهي الآن خراب
وعلى مقربة منها مدينة الحجر وكانت مدينة محدثة لآل إدريس وهي على جبل شامخ الذرى حصينة منيعة لا يصل أحد إليها إلا من طريق واحد والطريق صعب المجاز يسلكه الرجل بعد الرجل وهي خصيبة رفهة كثيرة الخيرات وماؤها فيها ولها بساتين وعمارات
ومن مدينة سبتة السابق ذكرها بين جنوب وشرق إلى حصن تطاون مرحلة صغيرة وهو حصن في بسيط الأرض وبينه وبين البحر الشامي خمسة أميال وتسكنه قبيلة من البربر تسمى مجكسة
531

ومنه إلى انزلان وهو مرسى فيه عمارة نحو خمسة عشر ميلا وانزلان مرسى عامر وهو أول بلاد غمارة وبلاد غمارة جبال متصلة بعضها ببعض كثيرة الشجر والغياض وطولها نحو من ثلاثة أيام ويتصل بها من ناحية الجنوب جبال الكواكب وهي أيضا جبال عامرة كثيرة الخصب وتمتد في البرية مسير أربعة أيام حتى تنتهي قرب مدينة فاس وكان يسكنها غمارة إلى أن طهر الله منهم الأرض وأفنى جمعهم وخرب ديارهم لكثرة ذنوبهم وضعف إسلامهم وكثرة جرأتهم وإصرارهم على الزناء المباح والمواربة الدائمة وقتل النفس التي حرم الله بغير الحق وذلك من الله جزاء الظالمين
وبين سبتة وفاس على طريق زجان ثمانية أيام وأيضا إلى مرسى انزلان
وعلى مقربة من انزلان حصن تيقساس على البحر وبينهما نصف يوم وهو حصن معمور في غمارة لاكن أهله بينهم وبين غمارة حرب دائمة
ومن تيقساس إلى قصر تازكا خمسة عشر ميلا وله مرسى ومنه إلى حصن مسطاسة نصف يوم وهو لغمارة ومن مسطاسة إلى حصن كركال خمسة عشر ميلا وهو أيضا لغمارة
ومن حصن كركال إلى مدينة بادس مقدار نصف يوم وبادس مدينة متحضرة فيها أسواق وصناعات قلائل وغمارة يلجؤون إليها في حوائجهم
532

وهي آخر بلاد غمارة ويتصل بها هناك طرف الجبل وينتهي طرفه الآخر في جهة الجنوب إلى أن يكون بينه وبين مدينة تاودا أربعة أميال وكان بهذا الجبل قوم من أهل مزكلدة أهل جرأة وسفاهة وتجاسر على من جاورهم فأبادهم سيف الفتنة وأراح الله منهم
ومن مدينة بادس إلى مرسى بوذكور عشرون ميلا وكانت مدينة فيما سلف لاكنها خربت ولم يبق لها رسم وتسمى في كتب التواريخ نكور وبين بوذكور ومدينة بادس جبل
متصل يعرف بالأجراف ليس فيه مرسى
ومن بوذكور إلى المزمة عشرون ميلا وكانت به قرية عامرة ومرسى توسق المراكب منه ومن المزمة إلى واد بقربها ومنه إلى طرف ثغلال اثنا عشر ميلا وهذا الطرف يدخل في البحر كثيرا ومنه إلى مرسى كرط عشرون ميلا وبشرقي كرط واد يأتي من جهة صاع ومن كرط إلى طرف جون داخل في البحر عشرون ميلا
ومن كرط إلى مدينة مليلة في البحر اثنا عشر ميلا وفي البر عشرون ميلا ومدينة مليلة مدينة حسنة متوسطة ذات سور منيع وحال حسنة على البحر وكان لها قبل هذا عمارات متصلة وزراعات كثيرة ولها بئر فيها عين أزلية كثيرة الماء ومنها شربهم ويحيط بها من قبائل البربر بطون بطوية
533

ومن مليلة إلى مصب الوادي الذي يأتي من اقرسيف عشرون ميلا وأمام مصب هذا النهر جزيرة صغيرة ويقابل هذا الموضع من البرية مدينة جراوة
ومن مصب وادي اقرسيف إلى مرسى تافركنيت على البحر وعليه حصن منيع صغير أربعون ميلا
ومن تافركنيت إلى حصن تابحريت ثمانية أميال وهو حصن حصين حسن عامر آهل وله مرسى مقصود ومن تابحريت إلى هنين على البحر أحد عشر ميلا ومنها إلى تلمسان في البر أربعون ميلا وفيما بينهما مدينة ندرومة وهي مدينة كبيرة عامرة آهلة ذات سور وسوق موضعها في سند ولها مزارع كثيرة ولها واد يجري في شرقيها وعليه بساتين وجنات وعمارة وسقي كثير
وهنين مدينة حسنة صغيرة في نحو البحر وهي عامرة عليها سور متقن وأسواق وبيع وشراء وخارجها زراعات كثيرة وعمارات متصلة وكذلك من هنين إلى تلمسان في البر أيضا أربعون ميلا
ومن هنين على الساحل إلى مرسى الوردانية ستة أميال ومنها إلى جزيرة القشقار ثمانية أميال
ومنها إلى جزيرة ارشقول ويروى ارجكون وكانت فيما سلف حصنا عامرا له مرسى وبادية وسعة في الماشية والأموال السائمة ومرساها في جزيرة فيها مياه ومواجل كثيرة للمراكب وهي جزيرة مسكونة ويصب بحذائها نهر
534

ملوية ومن مصب الوادي إلى حصن اسلان ستة أميال على البحر ومنه إلى طرف خارج في البحر عشرون ميلا
ويقابل الطرف في البحر جزيرة الغنم وبين جزائر الغنم واسلان اثنا عشر ميلا ومن جزائر الغنم إلى بني وزار سبعة عشر ميلا وبنو وزار حصن منيع حسن في جبل على البحر ومنه إلى الدفالى وهو طرف خارج في البحر اثنا عشر ميلا
ومن طرف الدفالى إلى طرف الحرشا اثنا عشر ميلا ومنه إلى وهران اثنا عشر ميلا وقد ذكرنا وهران وأحوالها فيما صدر من ذكر الإقليم الثالث والله المستعان
ولنرجع الآن إلى ذكر الأندلس ووصف بلادها ونذكر طرقاتها وموضوع جهاتها ومقتضى حالاتها ومبادي أوديتها ومواقعها من البحر ومشهور جبالها وعجائب بقعها ونأتي من ذلك بما يجب بعون الله تعالى
فنقول أما الأندلس في ذاتها فشكل مثلث يحيط بها البحر من جهاتها الثلاث فجنوبها يحيط به البحر الشامي وغربها يحيط به البحر المظلم وشمالها يحيط به بحر الانقليشين من الروم والأندلس طولها من كنيسة الغراب التي على البحر المظلم إلى الجبل المسمى بهيكل الزهرة ألف ميل ومائة ميل وعرضها من كنيسة شنت ياقوب التي على أنف بحر الانقليشين إلى مدينة المرية التي على بحر الشام ست مائة ميل
535

وجزيرة الأندلس مقسومة من وسطها في الطول بجبل طويل يسمى الشارات وفي جنوب هذا الجبل تأتي مدينة طليطلة ومدينة طليطلة مركز لجميع بلاد الأندلس وذلك أن منها إلى مدينة قرطبة بين غرب وجنوب تسع مراحل ومنها إلى لشبونة غربا تسع مراحل ومن طليطلة إلى شنت ياقوب على بحر الانقليشين تسع مراحل ومنها إلى جاقا شرقا تسع مراحل ومنها إلى مدينة بلنسية بين شرق وجنوب تسع مراحل ومنها أيضا إلى مدينة المرية على البحر الشامي تسع مراحل
ومدينة طليطلة كانت في أيام الروم مدينة الملك ومدارا لولاتها وبها وجدت مائدة سليمان بن داؤود عليه السلام مع جملة ذخائر يطول ذكرها وما خلف الجبل المسمى بالشارات في جهة الجنوب يسمى اشبانية وما خلف الجبل في جهة الشمال يسمى قشتالة ومدينة طليطلة في وقتنا هذا يسكنها سلطان الروم القستاليين
والأندلس المسماة اشبانية أقاليم عدة ورساتيق جملة وفي كل إقليم منها عدة مدن نريد أن نأتي بذكرها مدينة مدينة بحول الله تعالى ولنبدأ الآن منها بإقليم البحيرة وهو إقليم مبدؤه من البحر المظلم ويمر مع البحر الشامي وفيه من البلاد جزيرة طريف والجزيرة الخضراء وجزيرة قادس وحصن اركش وبكة وشريش وطشانة ومدينة ابن السليم وحصون كثيرة كالمدن عامرة سنأتي بها في موضعها
536

ويتلوه إقليم شذونة وهو من إقليم البحيرة شمالا وفيه من المدن مدينة إشبيلية ومدينة قرمونة وغلسانة وحصون كثيرة
إقليم الشرف وهو ما بين إشبيلية ولبلة والبحر المظلم وفيه من المعاقل حصن القصر ومدينة لبلة وولبة وجزيرة شلطيش وجبل العيون
ثم يليه إقليم الكنبانية وفيه من المدن قرطبة والزهراء واستجة وبيانة وقبرة واليشانة وبه جملة حصون كبار سنذكرها بعد هذا
ويلي إقليم الكنبانية إقليم اشونة وفيه حصون عامرة كالمدن منها لورة واشونة وهو إقليم صغير
ويليه مع الجنوب إقليم رية وفيه من المدن مدينة مالقة وارشذونة ومربلة وببشتر وحصن وبشكصار وغير هذه من الحصون
ويتلو هذا الإقليم إقليم البشارات وفيه من المدن جيان وجملة حصون وقرى كثيرة تشف على ست مائة قرية يتخذ بها الحرير
ثم إقليم بجانة وفيه من المدن المرية وبرجة وحصون كثيرة منها مرشانة وبرشانة وطوجالة وبالش
ويتلوه في جهة الجنوب إقليم البيرة وفيه من المدن اغرناطة ووادي آش والمنكب وحصون وقرى كثيرة ومنها إقليم فريرة وهو يتصل بإقليم البشارات وفيه مدينة بسطة وحصن طشكر الموصوف بالمنعة وفيه حصون كثيرة وسنأتي بها بعد
537

ثم كورة تدمير وفيها من المدن مرسية واوريولة وقرطاجنة ولورقة ومولة وجنجالة ويتصل بكورة كونكة وفيها اوريولة والش ولقنت وكونكة وشقورة ويليه إقليم ارغيرة وفيه من البلاد شاطبة وشقر ودانية وفيه حصون كثيرة
ويليه إقليم مرباطر وفيه من البلاد بلنسية ومرباطر وبريانة وحصون كثيرة ويليه مع الجوف إقليم القواطم وفيه من البلاد الفنت وشنت مارية المنسوبة لابن رزين ويتصل به إقليم الولجة وفيه من البلاد سرتة وفتة وقلعة رباح ويلي هذا الإقليم إقليم البلالطة وفيه حصون كثيرة منها ومن أكبرها بطروش وغافق وحصن ابن هارون وغيرها دونها في الكبر
ويلي هذا الإقليم غربا إقليم الفقر وفيه من البلاد شنت مارية ومارتلة وشلب وحصون كثيرة وقرى ويلي هذا الإقليم إقليم القصر وفيه القصر المنسوب لأبي دانس وفيه يابورة وبطليوس وشريشة وماردة وقنطرة السيف وقورية ويليه إقليم البلاط وفيه مدينة البلاط ومدلين ويلي هذا الإقليم إقليم بلاطة وفيه شنترين ولشبونة وشنترة
ويليه إقليم الشارات وفيه طلبيرة وطليطلة ومجريط والفهمين ووادي الحجارة واقليش ووبذة ويليه أيضا إقليم ارنيط وفيه من البلاد قلعة أيوب وقلعة دروقة ومدينة سرقسطة ووشقة وتطيلة ثم يليه إقليم الزيتون وفيه جاقة ولاردة ومكانسة وافراغة
ويليه إقليم البرتات وفيه طرطوشة وطركونة وبرشلونة ويلي هذا الإقليم
538

غربا إقليم مرمرية وفيه حصون خالية ومما يلي البحر حصن طشكر وكشطالي وكتندة فهذه كلها أقاليم اشبانية المسمى جملتها الأندلس
فأما جزيرة طريف فهي على البحر الشامي في آخر المجاز المسمى بالزقاق ويتصل غربيها ببحر الظلمة وهي مدينة صغيرة عليها سور تراب ويشقها نهر صغير وبها أسواق وفنادق وحمامات وأمامها جزيرتان صغيرتان تسمى إحداهما القنتير وهما على مقربة من البر ومن جزيرة طريف إلى الجزيرة الخضراء ثمانية عشر ميلا تخرج من الجزيرة إلى وادي النساء وهو نهر جار ومنه إلى الجزيرة الخضراء
وهي مدينة متحضرة لها سور حجارة مفرغ بالجيار ولها ثلاثة أبواب ودار صناعة داخل المدينة ويشقها نهر يسمى نهر العسل وهو حلو عذب ومنه شرب أهل المدينة ولهم على هذا النهر بساتين وجنات بكلتي ضفتيه معا وبالجزيرة الخضراء إنشاء وإقلاع وحط وبينها وبين مدينة سبتة مجاز البحر وعرضه هنالك ثمانية عشر ميلا وأمام المدينة جزيرة تعرف بجزيرة أم حكيم وبها أمر عجيب وهو أن فيها بئرا عميقة كثيرة الماء حلوة والجزيرة في ذاتها صغيرة مستوية السطح يكاد البحر يركبها
والجزيرة الخضراء أول مدينة افتتحت من الأندلس في صدر الإسلام وذلك في سنة تسعين من الهجرة وافتتحها موسى بن نصير من قبل المروانيين ومعه طارق بن عبد الله بن ونموا الزناتي ومعه قبائل البربر فكانت هذه الجزيرة أول مدينة افتتحت في ذلك الوقت وبها على باب البحر مسجد يسمى
539

بمسجد الرايات ويقال إن هناك اجتمعت رايات القوم للرأي وكان وصولهم إليها من جبل طارق وإنما سمي بجبل طارق لأن طارق بن عبد الله بن ونموا الزناتي لما جاز بمن معه من البرابر وتحصنوا بهذا الجبل أحس في نفسه أن العرب لا تثق به فأراد أن يزيح ذلك عنه فأمر بإحراق المراكب التي جاز فيها فتبرأ بذلك عما اتهم به
وبين هذا الجبل والجزيرة الخضراء ستة أميال وهو جبل منقطع عن الجبال مستدير في أسفله من ناحية البحر كهوف وفيها مياه قاطرة جارية وبمقربة منه مرسى يعرف بمرسى الشجرة ومن الجزيرة الخضراء إلى مدينة إشبيلية خمسة أيام وكذلك من الجزيرة الخضراء إلى مدينة مالقة خمس مراحل خفاف وهي مائة ميل وكذلك من الجزيرة الخضراء إلى مدينة إشبيلية طريقان طريق في الماء وطريق في البر
فأما طريق الماء فمن الجزيرة الخضراء إلى الرمال في البحر إلى موقع نهر برباط ثمانية وعشرون ميلا ثم إلى موقع نهر بكة ستة أميال ثم إلى الحلق المسمى شنت بيطر اثنا عشر ميلا ثم إلى القناطر وهي تقابل جزيرة قادس اثنا عشر ميلا وبينهما مجاز سعته ستة أميال ومن القناطر تصعد في النهر إلى رابطة روطة ثمانية أميال ثم إلى المساجد ستة أميال ثم إلى مرسى طربشانة إلى العطوف إلى قبتور إلى قبطال وقبطال وقبتور قريتان في وسط النهر ثم إلى جزيرة ينشتالة ثم إلى الحصن الزاهر إلى مدينة إشبيلية فذلك من إشبيلية إلى البحر ستون ميلا
وأما طريق البر فالطريق من الجزيرة إلى الرتبة ثم إلى نهر برباط إلى قرية
540

فيسانة وبها المنزل وهي قرية كبيرة ذات سوق عامرة وخلق كثير ومنها إلى مدينة ابن السليم إلى جبل منت ثم إلى قرية عسلوكة وبها المنزل ثم منها إلى المدائن إلى ذيرد الحبالة وبها المنزل ثم إلى إشبيلية مرحلة
ومدينة إشبيلية مدينة كبيرة عامرة ذات أسوار حصينة وأسواق كثيرة وبيع وشراء وأهلها مياسير وجل تجاراتهم بالزيت يتجهز به منها إلى أقصى المشارق والمغارب برا وبحرا وهذا الزيت عندهم يجتمع من الشرف وهذا الشرف هو مسافة أربعين ميلا وهذه الأربعون ميلا كلها تمشي في ظل شجر الزيتون والتين أوله بإشبيلية وآخره بمدينة لبلة وكله شجر الزيتون وسعته اثنا عشر ميلا وأكثر وفيه فيما يذكر ثمانية آلاف قرية عامرة آهلة بالحمامات والديار الحسنة وبين الشرف واشبيلية ثلاثة أميال والشرف سمي بذلك لأنه مشرف من ناحية إشبيلية ممتد من الجنوب إلى الشمال وهو تل تراب أحمر وشجر الزيتون مغروسة به من هذا المكان إلى قنطرة لبلة واشبيلية على النهر الكبير وهو نهر قرطبة
ومدينة لبلة مدينة حسنة أزلية متوسطة القدر ولها سور منيع وبشرقيها نهر يأتيها من ناحية الجبل ويجاز عليه في قنطرة إلى مدينة لبلة وبها أسواق وتجارات ومنافع جمة
وشرب أهلها من عيون في مرج من ناحية غربيها وبين مدينة لبلة والبحر المحيط ستة أميال وهناك على ذراع من البحر تطل مدينة ولبة وهي مدينة صغيرة متحضرة عليها سور من حجارة وبها أسواق وصناعات
541

وهي مطلة على جزيرة شلطيش وجزيرة شلطيش يحيط بها البحر من كل ناحية ولها من ناحية الغرب اتصال بأحد طرفيها إلى مقربة من البر وذلك يكون مقدار نصف رمية حجر ومن هنالك يجوزون لاستقاء الماء لشربهم وهي جزيرة طولها نحو من ميل وزائد والمدينة منها في جهة الجنوب وهناك ذراع من البحر يتصل به موقع نهر لبلة ويتسع حتى يكون أزيد من ميل ثم لا يزال الصعود فيه في المراكب إلى أن يضيق ذلك الذراع حتى يكون سعة النهر وحده مقدار نصف رمية حجر ويخرج النهر من أسفل جبل عليه مدينة ولبة ومن هناك تتصل الطريق إلى لبلة
ومدينة شلطيش ليس لها سور ولا حظيرة وإنما هي بنيان يتصل بعضه ببعض ولها سوق وبها صناعة الحديد الذي يعجز عن صنعه أهل البلاد لجفائه وهي صنعة المراسي التي ترسى بها السفن والمراكب الحمالة الجافية وقد تغلب عليها المجوس مرات وأهلها إذا سمعوا بالمجوس يخطرون عليهم فروا عنها وأخلوها ومن مدينة شلطيش إلى جزيرة قادس مائة ميل ومن جزيرة قادس المتقدم ذكرها إلى جزيرة طريف ثلاثة وستون ميلا
ومن جزيرة شلطيش مع البحر مارا في جهة الشمال إلى حصن قسطلة على البحر ثمانية عشر ميلا وبينهما موقع نهر يانة وهو نهر ماردة وبطليوس وعليه حصن مارتلة المشهور بالمنعة والحصانة وحصن قسطلة على نحر البحر وهو عامر آهل وله بساتين وغلات شجر التين كثيرا ومنه إلى قرية طبيرة
542

على مقربة من البحر أربعة عشر ميلا ومن القرية إلى مدينة شنت مارية الغرب اثنا عشر ميلا
ومدينة شنت مارية على معظم البحر الأعظم والسور منها يصعد ماء البحر فيه إذا كان المد وهي مدينة متوسطة القدر حسنة الترتيب لها مسجد جامع ومنبر وجماعة وبها المراكب واردة وصادرة وهي كثيرة الأعناب والتين ومن مدينة شنت مارية إلى مدينة شلب ثمانية وعشرون ميلا
ومدينة شلب حسنة في بسيط من الأرض وعليها سور حصين ولها غلات وجنات وشرب أهلها من واديها الجاري بجنوبها وعليه أرحاء البلد والبحر منها غربا على ثلاثة أميال ولها مرسى في الوادي وبها الإنشاء والعود بجبالها كثير يحمل منها إلى كل الجهات والمدينة في ذاتها حسنة الهيئة بديعة المباني مرتبة الأسواق وأهلها وسكان قراها عرب من اليمن وغيرها وهم يتكلمون بالكلام العربي الصريح ويقولون بالشعر وهم فصحاء نبلاء خاصتهم وعامتهم وأهل بوادي هذا البلاد في غاية من الكرم لا يجاريهم فيه أحد ومدينة شلب على إقليم الشنشين وهو إقليم به غلات التين الذي يحمل منها إلى أقطار الغرب كلها وهو تين طيب علك لذيذ شهي
ومن مدينة شلب إلى بطليوس ثلاث مراحل وكذلك من شلب إلى حصن مارتلة أربعة أيام ومن مارتلة إلى حصن ولبة مرحلتان خفيفتان ومن مدينة شلب إلى حلق الزاوية عشرون ميلا وهو مرسى وقرية ومنه إلى قرية شقرش على مقربة من البحر ثمانية عشر ميلا ومنه إلى طرف الغرب وهو طرف خارج
543

في البحر الأعظم اثنا عشر ميلا ومنه إلى كنيسة الغراب سبعة أميال
وهذه الكنيسة من عهد الروم إلى اليوم لم تتغير عن حالها ولها أموال يتصدق بها عليها وكرامات يحملها الروم الواردون عليها وهي في قرطيل خارج في البحر وعلى رأس الكنيسة عشرة أغربة لا يعرف أحد فقدها ولا عهد زوالها وقسيسو الكنيسة يخبرون عن تلك الأغربة بغرائب يتهم المخبر بها ولا سبيل لأحد من المجتازين بها أن يخرج منها حتى يأكل من ضيافة الكنيسة ضريبة لازمة وسيرة دائمة لا ينتقلون عنها ولا يتحولون منها ورثها الخلف عن السلف وهو متعارف دائم والكنيسة في ذاتها كنيسة عامرة بالقسيسين والرهبان وبها أموال مدخرة وأحوال واسعة وأكثر هذه الأموال محبسة عليها في أقطار الغرب وبلاده وينفق منها على الكنيسة وخدامها وجميع من يلوذ بها مع ما يكرم به الأضياف الواردون على الكنيسة المذكورة قلوا أم كثروا
ومن كنيسة الغراب إلى القصر مرحلتان وكذلك من شلب إلى القصر أربع مراحل والقصر مدينة حسنة متوسطة على ضفة النهر المسمى شطوبر وهو نهر كبير تصعد فيه السفن والمراكب السفرية كثيرا وفيما استدار بها من الأرض كلها أشجار الصنوبر وبها الإنشاء الكثير وهي في ذاتها رطبة العيش خصيبة كثيرة الألبان والسمن والعسل واللحوم وبين القصر والبحر عشرون ميلا ومن القصر إلى يبورة مرحلتان
ويبورة مدينة كبيرة عامرة بالناس ولها سور وقصبة ومسجد جامع وبها الخصيب الكثير الذي لا يوجد بغيرها من كثرة الحنطة واللحم وسائر البقول
544

والفواكه وهي أحسن البلاد بقعة وأكثرها فائدا والتجارات إليها داخلة وخارجة ومن مدينة يبورة إلى مدينة بطليوس مرحلتان في شرق
ومدينة بطليوس مدينة جليلة في بسيط الأرض وعليها سور منيع وكان لها ربض كبير أكبر من المدينة في شرقيها فخلا بالفتن وهي على ضفة نهر يانة وهو نهر كبير ويسمى النهر الغؤور لأنه يكون في موضع يحمل السفن ثم يغور تحت الأرض حتى لا يوجد منه قطرة فسمي الغؤور لذلك وينتهي جريه إلى حصن مارتلة ويصب في قريب من جزيرة شلطيش ومن مدينة بطليوس إلى مدينة إشبيلية ستة أيام على طريق حجر ابن أبي خالد إلى جبل العيون إلى إشبيلية ومن مدينة بطليوس إلى مدينة قرطبة على الجادة ستة مراحل ومن بطليوس إلى مدينة ماردة على نهر يانة شرقا ثلاثون ميلا وبينهما حصن على يمين المار إلى ماردة
ومدينة ماردة كانت دار مملكة لماردة بنت هرسوس الملك وبها من البناء آثار ظاهرة تنطق عن ملك وقدرة وتعرب عن نخوة وعزة وتفصح عن عظة وعبرة فمن هذه البنأات إن في غربي المدينة قنطرة كبيرة ذات قسي عالية الذروة كثيرة العدد عريضة المجاز وقد بني على ظهر القسي أقباء تتصل من داخل المدينة إلى آخر القنطرة ولا يرى الماشي بها وفي داخل هذا الداموس قناة ماء تصل المدينة ومشي الدواب والناس على أعلى تلك الدواميس وهي متقنة البناء وثيقة التأليف حسنة الصنعة والمدينة عليها سور حجارة منجورة من أحسن صنعة وأوثق بناء ولها في قصبتها قصور خربة وفيها دار يقال لها دار الطبيخ وذلك أنها في ظهر مجلس القصر وكان الماء يأتي دار
الطبيخ في
545

ساقية هي الآن بها باقية الأثر لا ماء بها فتوضع صحاف الذهب والفضة بأنواع الطعام في تلك الساقية على الماء حتى تخرج بين يدي الملكة فترفع على الموائد ثم إذا فرغ عن أكل ما فيها وضعت في الساقية فتستدير إلى أن تصل إلى يد الطباخ بدار الطبخ فيرفعها بعد غسلها ثم يمر بقية ذلك الماء في سروب القصر ومن أغرب الغريب جلب الماء الذي كان يأتي إلى القصر على عمد مبنية تسمى الأرجالات وهي أعداد كثيرة باقية إلى الآن قائمة على قوام لم تخل بها الأزمان ولا غيرتها الدهور ومنها قصار ومنها طوال بحسب الأماكن التي وجب فيها البناء وأطولها يكون غلوة سهم وهي على خط مستقيم وكان الماء يأتي عليها في قني مصنوعة خربت وفنيت وبقيت تلك الأرجالات قائمة يخيل إلى الناظر إليها أنها من حجر واحد لحكمة إتقانها وتجويد صنعتها وفي وسط هذه المدينة أحناء قوس يدخل عليه الفارس بيده علم قائم عدد أحجاره أحد عشر حجرا فقط في كل عضادة منها ثلاثة أحجار وفي القوس أربعة أحجار حنيات وواحد قفل فكانت الجملة أحد عشر حجرا وفي الجنوب من سور المدينة قصر آخر صغير وفي برج منه كان مكان مرآة كانت الملكة ماردة تنظر إلى وجهها فيه ومحيط دوره عشرون شبرا وكان يدور على حرفه وكان دورانه قائما ومكانه إلى الآن باق ويقال إنما صنعته ماردة لتحاكى به مرآة ذي القرنين التي صنعها في منار الإسكندرية
ومن مدينة ماردة إلى قنطرة السيف يومان وقنطرة السيف من عجائب الأرض وهو حصن منيع على نفس القنطرة وأهلها متحصنون فيه ولا يقدر
546

لهم أحد على شيء والقنطرة لا يأخذها القتال إلا من بابها فقط ومن مدينة قنطرة السيف إلى مدينة قورية مرحلتان خفيفتان وقورية الآن مدينة في ملك الروم ولها سور منيع وهي في ذاتها أزلية البناء واسعة الفناء من أحصن المعاقل وأحسن المنازل ولها بواد شريفة خصيبة وضياع طيبة عجيبة وأصناف من الفواكه كثيرة وأكثرها الكروم وشجر التين
ومن قورية إلى قلمرية أربعة أيام ومدينة قلمرية مدينة على جبل مستدير وعليها سور حصين ولها ثلاثة أبواب وهي في نهاية من الحصانة وهي على نهر منديق وجريه بغربيها ويتصل جري هذا النهر إلى البحر وعلى مصبه هناك حصن منت ميور ولها على النهر أرحاء وعليه كروم كثيرة وجنات ولها حروث كثيرة متصلة بالغربي منها إلى ناحية البحر ولها أغنام ومواش وأهلها أهل شوكة في الروم
ومن القصر المتقدم ذكره إلى مدينة لشبونة مرحلتان ومدينة لشبونة على شمال النهر المسمى تاجه وهو نهر طليطلة وسعته أمامها ستة أميال ويدخله المد والجزر كثيرا وهي مدينة حسنة ممتدة مع النهر ولها سور وقصبة منيعة وفي وسط المدينة حمات حارة في الشتاء والصيف ولشبونة على نحر البحر المظلم وعلى ضفة النهر من جنوبه قبالة مدينة لشبونة حصن المعدن وسمي بذلك لأنه عند هيجان البحر يقذف هناك بالذهب والتبر فإذا كان زمن الشتاء قصد إلى هذا الحصن أهل تلك البلاد فيخدمون المعدن الذي به إلى انقضاء الشتاء وهو من عجائب الأرض وقد رأيناه عيانا
547

ومن مدينة لشبونة كان خروج المغررين في ركوب بحر الظلمات ليعرفوا ما فيه وإلى أين انتهاؤه كما تقدم ذكرهم ولهم بمدينة لشبونة بموضع بمقربة الحمة درب منسوب إليهم يعرف بدرب المغررين إلى آخر الأبد وذلك أنهم اجتمعوا ثمانية رجال كلهم أبناء عم فأنشؤوا مركبا حمالا وأدخلوا فيه من الماء والزاد ما يكفيهم لأشهر ثم دخلوا البحر في أول طاروس الريح الشرقية فجروا بها نحوا من أحد عشر يوما فوصلوا إلى بحر غليظ الموج كدر الروائح كثير التروش قليل الضوء فأيقنوا بالتلف فردوا قلاعهم في اليد الأخرى وجروا مع البحر في ناحية الجنوب اثني عشر يوما فخرجوا إلى جزيرة الغنم وفيها من الغنم ما لا يأخذه عد ولا تحصيل وهي سارحة لا راعي لها ولا ناظر إليها فقصدوا الجزيرة فنزلوا بها فوجدوا بها عين ماء جارية وشجرة تين برى عليها فأخذوا من تلك الغنم فذبحوها فوجدوا لحومها مرة لا يقدر أحد على أكلها فأخذوا من جلودها وساروا مع الجنوب اثني عشر يوما إلى أن لاحت لهم جزيرة فنظروا فيها إلى عمارة وحرث فقصدوا إليها ليروا ما فيها فما كان غير بعيد حتى أحيط بهم في زوارق هناك فأخذوا وحملوا في مركبهم إلى مدينة على ضفة البحر فأنزلوا بها فرأوا فيها رجالا شقرا زعرا شعور رؤوسهم سبطة وهم طوال القدود ولنسائهم جمال عجيب فاعتقلوا منها في بيت ثلاثة أيام ثم دخل عليهم في اليوم الرابع رجل يتكلم باللسان العربي فسألهم عن حالهم وفيما جاؤوا وأين بلدهم فأخبروه بكل خبرهم فوعدهم خيرا وأعلمهم أنه ترجمان الملك فلما كان في اليوم الثاني من ذلك اليوم
548

أحضروا بين يدي الملك فسألهم عما سألهم الترجمان عنه فأخبروا بما أخبروا به الترجمان بالأمس من أنهم اقتحموا البحر ليروا ما به من الأخبار والعجائب ويقفوا على نهايته فلما علم الملك ذلك ضحك وقال للترجمان خبر القوم أن أبي أمر قوما من عبيده بركوب هذا البحر وأنهم جروا في عرضه شهرا إلى أن انقطع عنهم الضوء وانصرفوا من غير حاجة ولا فائدة تجدي ثم أمر الملك الترجمان أن يعد القوم خيرا وأن يحسن ظنهم بالملك ففعل ثم انصرفوا إلى موضع حبسهم إلى أن بدأ جري الريح الغربية فعمر بهم زورق وعصبت أعينهم وجرى بهم في البحر برهة من الدهر قال القوم قدرنا أنه جرى بنا ثلاثة أيام بلياليها حتى جيء بنا إلى البحر فأخرجنا وكتفنا إلى خلف وتركنا بالساحل إلى أن تضاحى النهار وطلعت الشمس ونحن في ضنك وسوء حال من شدة الكتاف حتى سمعنا ضوضاء وأصوات ناس فصحنا بجملتنا فأقبل القوم إلينا فوجدونا بتلك الحال السيئة فحلونا من وثاقنا وسألونا فأخبرناهم بخبرنا وكانوا برابر فقال لنا أحدهم أتعلمون كم بينكم وبين بلدكم فقلنا لا فقال إن بينكم وبين بلدكم مسيرة شهرين فقال زعيم القوم وا أسفي فسمي المكان إلى اليوم آسفي وهو المرسى الذي في أقصى المغرب وقد ذكرناه قبل هذا
ومن مدينة لشبونة مع النهر إلى مدينة شنترين شرقا ثمانون ميلا والطريق بينهما لمن شاء في النهر أو في البر وبينهما فحص بلاطة ويخبر أهل لشبونة وأكثر أهل الغرب أن الحنطة تزرع في هذا الفحص فتقيم في الأرض أربعين
549

يوما فتحصد وأن الكيل الواحد منها يعطي مائة كيل وربما زاد ونقص ومدينة شنترين على جبل عال كثير العلو جدا ولها من جهة القبلة حافة عظيمة ولا سور لها وبأسفلها
ربض على طول النهر وشرب أهلها من مياه عيون ومن ماء النهر أيضا ولها بساتين كثيرة وفواكه عامة ومباقل وخير شامل ومن مدينة شنترين إلى مدينة بطليوس أربع مراحل وعلى يمين طريقها مدينة يلبش وهي في سفح جبل ولها سور منيع ورقعة فرجة وبها عمارة وأسواق وديار كثيرة ولنسائها جمال فائق ومنها إلى بطليوس اثنا عشر ميلا ومن ماردة إلى حصن كركوى ثلاث مراحل ومن كركوى إلى مدينة قلعة رباح على ضفة نهر يانة وهذا النهر يأتي من مروج فوقها فيمر بقرية يانة إلى قلعة رباح ثم يصير منها إلى حصن ارندة ومنه إلى ماردة ثم يمر ببطليوس فيصير منها إلى مقربة من شريشة ثم يصير إلى حصن مارتلة فيصب في البحر المظلم ومن قلعة رباح إلى قلعة ارلية يومان وهو حصن منيع ومنه إلى طليطلة مرحلة ومن قلعة رباح في جهة الشمال إلى حصن البلاط مرحلتان ومن حصن البلاط إلى مدينة طلبيرة يومان وكذلك من مدينة قنطرة السيف إلى المخاضة أربعة أيام ومن المخاضة إلى طلبيرة يومان وكذلك من مدينة ماردة إلى حصن مدلين مرحلتان خفيفتان وهو حصن عامر آهل وفيه خيول ورجال لهم سرايا وطرقات في بلاد الروم ومن حصن مدلين إلى ترجالة مرحلتان خفيفتان
ومدينة ترجالة كبيرة كالحصن المنيع ولها أسوار منيعة وبها أسواق عامرة
550

وخيل ورجل يقطعون أعمارهم في الغارات على بلاد الروم والأغلب عليهم اللصوصية والخدع ومنها إلى حصن قاصرش مرحلتان خفيفتان وهو حصن منيع ومحرس رفيع فيه خيل ورجل يغاورون في بلاد الروم ومن مكناسة إلى مخاضة البلاط يومان ومن البلاط إلى طلبيرة يومان
ومدينة طلبيرة على ضفة نهر تاجه وهي مدينة كبيرة وقلعتها أرفع القلاع حصنا ومدينتها أشرف البلاد حسنا وهو بلد واسع المساحة شريف المنافع وبه أسواق جميلة الترتيب وديار حسنة التركيب ولها على نهر تاجه أرحاء كثيرة ولها عمل واسع المجال وإقليم شريف الحال ومزارعها زاكية وجهاتها حسنة مرضية أزلية العمارة قديمة الآثار وهي من مدينة طليطلة على سبعين ميلا
ومدينة طليطلة من طلبيرة شرقا وهي مدينة عظيمة القطر كثيرة البشر حصينة الذات لها أسوار حسنة ولها قصبة فيها حصانة ومنعة وهي أزلية من بناء العمالقة وقليلا ما رؤي مثلها إتقانا وشماخة بنيان وهي عالية الذرى حسنة البقعة زاهية الرقعة وهي على ضفة النهر الكبير المسمى تاجه ولها قنطرة من عجيب البنيان وهي قوس واحدة والنهر يدخل تحت تلك القوس كله بعنف وشدة جري ومع آخر القنطرة ناعورة ارتفاعها في الجو تسعون ذراعا وهي تصعد الماء إلى أعلى القنطرة والماء يجري على ظهرها فيدخل المدينة ومدينة طليطلة كانت في أيام الروم دار مملكتهم وموضع قصدهم ووجد أهل الإسلام فيها عند افتتاح الأندلس ذخائر تكاد تفوت الوصف كثرة فمنها أنه وجد بها مائة وسبعون تاجا من الذهب مرصعة بالدر وأصناف
551

الحجارة الثمينة ووجد بها ألف سيف مجوهر ملكي ووجد بها من الدر والياقوت أكيال وأوساق ووجد بها من أنواع آنية الذهب والفضة ما لا يحيط به تحصيل ووجد بها مائدة سليمان بن داؤود وكانت فيما يذكر من زمردة وهذه المائدة اليوم في مدينة رومة ولمدينة طليطلة بساتين محدقة بها وأنهار مخترقة ودواليب دائرة وجنات يانعة وفواكه عديمة المثال لا يحيط بها تكييف ولا تحصيل ولها من جميع جهاتها أقاليم رفيعة وقلاع منيعة وتكتنفها
وعلى بعد منها في الجهة الشمالية الجبل العظيم المتصل المعروف بالشارات وهو يأخذ من ظهر مدينة سالم إلى أن يأتي قرب مدينة قلمرية في آخر المغرب وفي هذا الجبل من الغنم والبقر الشيء الكثير الذي يتجهز به الجلابون إلى سائر البلاد ولا يوجد شيء من أغنامه وأبقاره مهزولا بل هي في نهاية من السمن ويضرب بها في ذلك المثال في جميع أقطار الأندلس وعلى مقربة من مدينة طليطلة قرية تسمى بمغام وجبالها وترابها الطين المأكول الذي ليس على قرارة الأرض مثله يتجهز به منها إلى أرض مصر وجميع بلاد الشام والعراقات وبلاد الترك وهو نهاية في لذاذة الأكل وفي نظافة غسل الشعر ولطليطلة في جبالها معادن الحديد والنحاس ولها من المنابر في سفح هذا الجبل مجريط وهي مدينة صغيرة وقلعة منيعة معمورة وكان لها في زمن الإسلام مسجد جامع وخطبة قائمة ولها أيضا مدينة الفهمين وكانت مدينة متحضرة
552

حسنة الأسواق والمباني وبها مسجد جامع ومنبر وهي اليوم كلها مع طليطلة في أيدي الروم وملكها من القشتاليين وينتسب إلى الاذفونش الملك
وفي الشرق من مدينة طليطلة إلى مدينة وادي الحجارة خمسون ميلا وهي مرحلتان ومدينة وادي الحجارة حصينة حسنة كثيرة الأرزاق والخيرات جامعة لأسباب المنافع والغلات وهي مدينة ذات أسوار حصينة ومياه معينة ويجرى منها بجهة غربيها نهر صغير لها عليه بساتين وجنات وكروم وزراعات وبها من غلات الزعفران الشيء الكثير يتجهز به منها ويحمل إلى سائر العمالات والجهات وهذا النهر يجري إلى جهة الجنوب فيقع في نهر تاجه الأكبر فيمده ونهر تاجه المذكور يخرج من ناحية الجبال المتصلة بالقلعة والفنت فينزل مارا مع المغرب إلى مدينة طليطلة ثم إلى طلبيرة ثم إلى المخاضة ثم إلى القنطرة ثم إلى قنيطرة محمود ثم إلى مدينة شنترين ثم إلى لشبونة فيصب هناك في البحر
ومن مدينة وادي الحجارة إلى مدينة سالم شرقا خمسون ميلا ومدينة سالم هذه مدينة جليلة في وطاء من الأرض كبيرة القطر والعمارات والبساتين والجنات ومنها إلى مدينة شنت مارية ابن رزين ثلاث مراحل خفاف ومنها إلى الفنت أربع مراحل وبين شنت مارية والفنت مرحلتان وشنت مارية والفنت بلدان جليلان عامران بهما أسواق قائمة وعمارات متصلة دائمة وفواكه عامة وكانا في الإسلام منازل القواطم ومن مدينة سالم إلى مدينة قلعة أيوب خمسون ميلا شرقا وهي مدينة رائقة البقعة حصينة شديدة المنعة بهية
553

الأقطار كثيرة الأشجار والثمار عيونها مخترقة وينابيعها مغدودقة كثيرة الخصب رخيصة الأسعار وبها يصنع الغضار المذهب ويتجهز به إلى كل الجهات
ومن مدينة قلعة أيوب في جهة الجنوب إلى قلعة دروقة ثمانية عشر ميلا ودروقة مدينة صغيرة متحضرة كثيرة المياه غزيرة البساتين والكروم وكل شيء بها كثير رخيص ومن دروقة إلى مدينة سرقسطة خمسون ميلا وكذلك أيضا من مدينة قلعة أيوب إلى مدينة سرقسطة خمسون ميلا ومدينة سرقسطة قاعدة من قواعد مدن الأندلس كبيرة
القطر آهلة ممتدة الأطناب واسعة الشوارع والرحاب حسنة الديار والمساكن متصلة الجنات والبساتين ولها سور مبني من الحجارة حصين وهي على ضفة النهر الكبير المسمى ابره وهو نهر كبير يأتي بعضه من بلاد الروم وبعضه من جهة جبال قلعة أيوب وبعضه من نواحي قلهرة فتجتمع مواد هذه الأنهار كلها فوف مدينة تطيلة ثم تنصب إلى مدينة سرقسطة إلى أن تنتهي إلى حصن جبرة إلى موقع نهر الزيتون ثم إلى طرطوشة فيجتاز بغربيها إلى البحر ومدينة سرقسطة هي المدينة البيضاء وسميت بذلك لكثرة جصها وجيارها ومن خواصها أنها لا تدخلها حية البتة وإن جلبت إليها وأدخلت المدينة ماتت وحيا بلا تأخير ولمدينة سرقسطة جسر عظيم يجاز عليه إلى المدينة ولها أسوار منيعة ومبان رفيعة
ومن مدينة سرقسطة إلى وشقة أربعون ميلا ومن وشقة إلى لاردة سبعون ميلا ومن سرقسطة إلى تطيلة خمسون ميلا ومدينة لاردة مدينة صغيرة متحضرة ولها أسوار منيعة وهي على نهر كبير
554

ومن مكناسة إلى طرطوشة مرحلتان وهما خمسون ميلا ومدينة طرطوشة مدينة حصينة على سفح جبل ولها سور حصين وبها أسواق وعمارات وصناع وفعلة وإنشاء المراكب الكبار من خشب جبالها وبجبالها يكون خشب الصنوبر الذي لا يوجد له نظير في الطول والغلظ ومنه تتخذ الصواري والقرى وهذا الخشب الصنوبر الذي بجبال هذه المدينة أحمر صافي البشرة دسم لا يتغير سريعا ولا يفعل فيه السوس ما يفعله في غيره وهو خشب معروف منسوب ومن طرطوشة إلى موقع النهر في البحر اثنا عشر ميلا
ومن مدينة طرطوشة إلى طركونة خمسون ميلا ومدينة طركونة على البحر وهي مدينة اليهود ولها سور رخام وبها أبنية حصينة وأبراج منيعة ويسكنها قوم قلائل من الروم وهي حصينة منيعة ومنها إلى برشلونة في الشرق ستون ميلا
ومن مدينة طركونة غربا إلى موقع نهر ابره أربعون ميلا وهذا الوادي هاهنا يتسع سعة كثيرة ومن موقع النهر إلى رابطة كشطالي غربا على البحر ستة عشر ميلا وهي رابطة حصينة منيعة على نحر البحر الشامي يمسكها قوم أخيار وبالقرب منها قرية كبيرة ويتصل بها عمارات ومزارع ومن رابطة كشطالي غربا إلى قرية يانة قرب البحر ستة أميال ومنها إلى حصن بنشكلة ستة أميال وهو حصن منيع على ضفة البحر وهو عامر آهل وله قرى وعمارات ومياه كثيرة ومن حصن بنشكلة إلى عقبة ابيشة سبعة أميال وهو جبل معترض عال على البحر والطريق عليه ولا بد من السلوك على رأسه وهو صعب جدا ومنه إلى مدينة بريانة غربا خمسة وعشرون ميلا ومدينة بريانة مدينة جليلة عامرة
555

كثيرة الخصب والأشجار والكروم وهي في مستو من الأرض وبينها وبين البحر نحو من ثلاثة أميال ومن بريانة إلى مرباطر وهي قرى عامرة وأشجار ومستغلات ومياه متدفقة عشرون ميلا وكل هذه الضياع والأشجار على مقربة من البحر ومنها إلى بلنسية اثنا عشر ميلا غربا
ومدينة بلنسية قاعدة من قواعد الأندلس في مستو من الأرض عامرة القطر كثيرة التجار والعمار وبها أسواق وتجارات وحط وإقلاع وبينها وبين البحر ثلاثة أميال مع النهر وهي على نهر جار ينتفع به ويسقي المزارع وعليه بساتين وجنات وعمارات متصلة ومن مدينة بلنسية إلى سرقسطة تسع مراحل على كتندة وبين بلنسية وكتندة ثلاثة أيام ومن كتندة إلى حصن الرياحين مرحلتان وهو حصن حسن كثير الخلق عامر بذاته ومن حصن الرياحين إلى الفنت يومان ومن مدينة بلنسية إلى جزيرة شقر ثمانية عشر ميلا وهي على نهر شقر ومدينة شقر المذكورة حسنة البقاع كثيرة الأشجار والثمار والأنهار وبها ناس وجلة وهي على قارعة الطريق الشارع إلى مرسية ومن جزيرة شقر إلى مدينة شاطبة اثنا عشر ميلا ومدينة شاطبة مدينة حسنة ولها قصاب يضرب بها المثل في الحسن والمنعة ويعمل بها من الكاغذ ما لا يوجد له نظير بمعمور الأرض ويعم المشارق والمغارب ومن شاطبة إلى دانية خمسة وعشرون ميلا وكذلك من شاطبة إلى بلنسية اثنان وثلاثون ميلا وكذلك من بلنسية إلى مدينة دانية على البحر مع الجون خمسة وستون ميلا ومن بلنسية إلى حصن قلييرة خمسة وعشرون ميلا ومن قلييرة إلى دانية أربعون ميلا وحصن قلييرة قد أحدق البحر به وهو حصن منيع على موقع نهر شقر
556

ومنه إلى مدينة دانية أربعون ميلا ومدينة دانية على البحر عامرة حسنة لها ربض عامر وعليها سور حصين وسورها من ناحية المشرق في داخل البحر قد بني بهندسة وحكمة ولها قصبة منيعة جدا وهي على عمارة متصلة وشجرات تين كثيرة وكروم وهي مدينة تسافر إليها السفن وبها ينشأ أكثرها لأنها دار إنشاء السفن ومنها يخرج الأسطول للغزو ومنها تخرج السفن إلى أقصى المشرق وفي الجنوب منها جبل عظيم مستدير يظهر من أعلاه جبال يابسة في البحر ويسمى هذا الجبل جبل قاعون ومن مدينة شاطبة إلى بكيران غربا أربعون ميلا وحصن بكيران حصن منيع عامر كالمدينة وله سوق مشهودة وحوله عمارات متصلة وتصنع به ثياب بيض تباع بالأثمان الغالية ويعمر الثوب منها سنين كثيرة وهي من أبدع الثياب عتاقة ورقة حتى لا يفرق بينها وبين الكاغذ في الرقة والبياض ومن بكيران إلى دانية أربعون ميلا ومن حصن بكيران إلى مدينة الش أربعون ميلا
وهي مدينة في مستو من الأرض ويشقها خليج يأتي إليها من نهرها يدخل المدينة من تحت السور فيتصرفون فيه ويجري في حمامها ويشق أسواقها وطرقاتها وهو نهر ملح سبخي وشرب أهل هذه المدينة من الخوابي يجلب إليها من خارجها ومياهها المشروبة من مياه السماء ومن مدينة الش إلى مدينة اوريولة ثمانية وعشرون ميلا ومدينة اوريولة على ضفة النهر الأبيض والنهر الأبيض هو نهرها ونهر مرسية وسورها من الناحية الغربية على جرية النهر ولها قنطرة
557

تدخل إليها على مراكب ولها قصبة في نهاية من الامتناع على قنة جبل ولها بساتين وجنات ورياضات دانية وبها من الفواكه ما لا تحصيل له وفيها رخاء شامل وبها أسواق وضياع وبين اوريولة والبحر عشرين ميلا وبين اوريولة ومدينة مرسية اثنا عشر ميلا ومن مدينة اوريولة إلى قرطاجنة خمسة وأربعون ميلا ومن مدينة دانية
المتقدم ذكرها على الساحل إلى مدينة لقنت غربا على البحر سبعون ميلا
ولقنت مدينة صغيرة عامرة وبها سوق ومسجد جامع ومنبر ويتجهز منها بالحلفاء إلى جميع بلاد البحر وبها فواكه وبقل كثير وتين وأعناب ولها قصبة منيعة عالية جدا في أعلى جبل يصعد إليه بمشقة وتعب وهي أيضا مع صغرها تنشأ بها المراكب السفرية والحراريق وبالقرب من هذه المدينة وبالغرب منها جزيرة تسمى ابلناصة وهي على ميل من البر وهي مرسى حسن وهي مكمن لمراكب العدو وهي تقابل طرف الناظور ومن طرف الناظور إلى مدينة لقنت عشرة أميال ومن مدينة لقنت في البر إلى مدينة الش مرحلة خفيفة ومن مدينة لقنت إلى حلوق بالش سبعة وخمسون ميلا وبالش مراسي أفواه أودية تدخلها المراكب ومن بالش إلى جزيرة الفيران ميل وبين هذه الجزيرة والبر ميل ونصف ومنها إلى طرف القبطال اثنا عشر ميلا ومنه إلى برتمان الكبير وهو مرسى ثلاثون ميلا ومنه إلى مدينة قرطاجنة اثنا عشر ميلا ومدينة قرطاجنة هي فرضة مدينة مرسية وهي مدينة قديمة أزلية لها ميناء ترسى بها المراكب
558

الكبار والصغار وهي كثيرة الخصب والرخاء المتتابع ولها إقليم يسمى الفندون وقليلا ما يوجد مثاله في طيب الأرض وجودة نمو الزرع فيه ويحكى أن الزرع فيه يثمر بسقي مطرة واحدة وإليه المنتهى في الجودة
ومن مدينة قرطاجنة مع الساحل إلى شجانة أربعة وعشرون ميلا وهو مرسى حسن وعليه بقربه قرية ومنه إلى حصن آقلة اثنا عشر ميلا وهو حصن صغير على البحر وهو فرضة لورقة وبينهما في البر خمسة وعشرون ميلا ومن حصن آقلة إلى وادي بيرة في قعر الجون اثنان وأربعون ميلا وعلى مصب النهر جبل كبير وعليه حصن بيرة مطل على البحر ومن الوادي إلى جزيرة قربنيرة اثنا عشر ميلا ثم إلى الرصيف ستة أميال ثم إلى الشامة البيضاء ثمانية أميال ثم إلى طرف قابطة ابن أسود ستة أميال ومن طرف القابطة إلى المرية اثنا عشر ميلا ومن مدينة قرطاجنة إلى مرسية في البر أربعون ميلا ومدينة مرسية قاعدة أرض تدمير وهي في مستو من الأرض على النهر الأبيض ولها ربض عامر آهل وعليها وعلى ربضها أسوار حصينة وحظائر متقنة والماء يشق ربضها وهي على ضفة النهر المعروف ويجاز إليها على قنطرة مصنوعة من المراكب ولها أرحاء طاحنة في المراكب مثل طواحن سرقسطة التي هي تركب في مراكب تنتقل من موضع إلى موضع وبها من البساتين والأشجار والعمارات ما لا يؤخذ بتحصيل ولها كروم وبها شجر التين كثير ولها حصون وقلاع وقواعد وأقاليم معدومة المثال ومن مرسية إلى مدينة بلنسية خمس مراحل ومن مرسية إلى المرية على الساحل خمس مراحل ومن
559

مرسية إلى قرطبة عشر مراحل ومن مرسية إلى حصن شقورة أربع مراحل ومن مرسية إلى جنجالة خمسون ميلا
ومدينة جنجالة مدينة متوسطة القدر حصينة القلعة منيعة الرقعة ولها بساتين وأشجار وعليها حصن حسن ويعمل بها من وطاء الصوف ما ليس يمكن صنعه في غيرها باتفاق الهواء والماء ولنسائها جمال وحصافة ومن جنجالة إلى قونكة يومان وهي مدينة أزلية صغيرة على منقع ماء مصنوع قصدا ولها سور وليس لها ربض ويصنع بها من الأوطية المتخذة من الصوف كل غريبة ومن قونكة إلى قلصة ثلاث مراحل شرقا وقلصة حصن منيع تتصل به أجبل كثيرة بها شجر الصنوبر الكثير ويقطع بها الخشب ويلقى في الماء ويحمل إلى دانية وإلى بلنسية في البحر وذلك أنها تسير في النهر من قلصة إلى جزيرة شقر ومن جزيرة شقر إلى حصن قلييرة وتفرغ هناك على البحر فتملأ منها المراكب وتحمل إلى دانية فتنشأ منها السفن الكبار والمراكب الصغار ويحمل إلى بلنسية منه ما كان عريضا فيصرف في الأبنية والديار ومن قلصة إلى شنت مارية ثلاث مراحل وكذلك من قلصة إلى الفنت أيضا مثل ذلك ومن قونكة إلى وبذى ثلاث مراحل ووبذى واقليش مدينتان متوسطان ولهما أقاليم ومزارع عامرة وبين وبذى واقليش ثمانية عشر ميلا
ومن اقليش إلى شقورة ثلاث مراحل وحصن شقورة كالمدينة عامر بأهله وهو في رأس جبل عظيم متصل منيع الجهة حسن البنية ويخرج من أسفله
560

نهران أحدهما نهر قرطبة المسمى بالنهر الكبير والثاني هو النهر الأبيض الذي يمر بمرسية وذلك أن النهر الذي يمر بقرطبة يخرج من هذا الجبل من مجتمع مياه كالغدير ظاهر في نفس الجبل ثم يغوص تحت الجبل ويخرج من مكان في أسفل الجبل فيتصل جريه غربا إلى جبل نجدة إلى غادرة إلى قرب مدينة ابدة إلى أسفل مدينة بياسة إلى حصن اندوجر إلى القصير إلى قنطرة اشتشان إلى قرطبة إلى حصن المدور إلى حصن الجرف إلى حصن لورة إلى حصن القليعة إلى حصن قطناينة إلى الزرادة إلى إشبيلية إلى قبطال إلى قبتور إلى طربشانة إلى المساجد إلى قادس ثم إلى بحر الظلمات وأما النهر الأبيض الذي هو نهر مرسية فإنه يخرج من أصل الجبل ويحكى أن أصلها واحد أعني نهر قرطبة ونهر مرسية ثم يمر نهر مرسية في عين الجنوب إلى حصن افرد ثم إلى حصن مولة ثم إلى مدينة مرسية ثم إلى اوريولة إلى المدور إلى البحر ومن شقورة إلى مدينة سرتة مرحلتان كبيرتان وهي مدينة متوسطة القدر حسنة البقعة كثيرة الخصب وبمقربة منها حصن فتة ومن حصن فتة إلى طليطلة مرحلتان
ومن أراد من مرسية إلى المرية سار من مرسية إلى قنطرة اشكابة إلى حصن لبرالة إلى حصن الحمة إلى مدينة لورقة وهي مدينة غراء حصينة على ظهر جبل ولها أسواق وربض في أسفل المدينة وعلى الربض سور وفي الربض السوق والرهادرة وسوق العطر وبها معادن تربة صفراء ومعادن مغرة تحمل
561

إلى كثير من الأقطار ومن حصن لورقة إلى مرسية أربعون ميلا ثم من لورقة إلى آبار الرتبة إلى حصن بيرة مرحلة وهذا الحصن حصن منيع على حافة مطلة على البحر ومن هذا الحصن إلى عقبة شقر وهي عقبة صعبة المرقى لا يقدر أحد على جوازها راكبا وإنما يأخذها الركبان رجالة ومن العقبة إلى الرابطة مرحلة وليس هناك حصن ولا قرية وإنما بها قصر فيه قوم حراس للطريق ومن هذه الرابطة إلى المرية مرحلة خفيفة
ومدينة المرية كانت في أيام الملثم مدينة الإسلام وكان بها من كل الصناعات كل غريبة وذلك أنه كان بها من طرز الحرير ثماني مائة طراز يعمل بها الحلل والديباج والسقلاطون والإصبهاني والجرجاني والستور المكللة والثياب المعينة والخمر والعتابي والمعاجر وصنوف أنواع الحرير وكانت المرية قبل الآن يصنع بها من صنوف
آلات النحاس والحديد إلى سائر الصناعات ما لا يحد ولا يكيف وكان بها من فواكه واديها الشيء الكثير الرخيص وهذا الوادي المنسوب إلى بجانة بينه وبين المرية أربعة أميال وحوله جنات وبساتين وأرحاء وجميع نعمها وفواكهها تجلب إلى المرية وكانت المرية إليها تقصد مراكب الطريق من الإسكندرية والشام كله ولم يكن بالأندلس كلها أيسر من أهلها مالا ولا أتجر منهم في جميع أنواع التجارات تصريفا وادخارا والمرية في ذاتها جبلان وبينهما خندق معمور وعلى الجبل الواحد قصبتها المشهورة بالحصانة والجبل الثاني منها فيه ربضها ويسمى جبل لاهم والسور يحيط بالمدينة وبالربض
562

ولها أبواب عدة ولها من الجانب الغربي ربض كبير عامر يسمى ربض الحوض وهو ربض له سور عامر بالأسواق والديار والفنادق والحمامات والمدينة في ذاتها مدينة كبيرة كثيرة التجارات والمسافرون إليها كثيرون وكان أهلها مياسير ولم يكن في بلاد أهل الأندلس أحضر من أهلها نقدا ولا أوسع منهم أحوالا وعدد فنادقها التي أخذها عد الديوان في التعنيب ألف فندق إلا ثلاثين فندقا وكان بها من الطرز أعداد كثيرة قدمنا ذكرها وموضع المرية من كل جهة استدارت به صخور مكدسة وأحجار صلبة مضرسة لا تراب بها كإنما غربلت أرضها من التراب وقصد موضعها بالحجر والمرية في هذا الوقت الذي ألفنا كتابنا هذا فيه صارت ملكا بأيدي الروم وقد غيروا محاسنها وسبوا أهلها وخربوا ديارها وهدموا مشيد بنيانها ولم يبقوا على شيء منها
وللمرية منابر منها مدينة برجة ودلاية وبين المرية وبرجة مرحلة كبيرة وبين برجة ودلاية نحو من ثمانية أميال وبرجة أكبر من دلاية وبها أسواق وصناعات وحروث ومزارع ومن المرية لمن أراد مالقة طريقان طريق في البر وهو تحليق وهو سبعة أيام والطريق الآخر في البحر وهو مائة وثمانون ميلا وذلك أنك تخرج من المرية إلى قرية البجانس على البحر ستة أميال ومن قرية البجانس يمر الطريق في البر إلى برجة ودلاية ومن قرية البجانس إلى آخر الجون وعليه برج مبني بالحجارة مصنوع لوقيد النار فيه عند ظهور العدو في البحر ستة أميال ومن هذا الطرف إلى مرسى النبيرة اثنان وعشرون
563

ميلا ومنها إلى قرية عذرة على البحر اثنا عشر ميلا وقرية عذرة مدينة صغيرة لا سور لها وبها الحمام والفندق وبها بشر كثير وبغربيها ينزل نهر كبير منبعه من جبل شلير ويجتمع بمياه برجة وغيرها فيصب عند عذرة في البحر ومن عذرة إلى قرية بليسانة عشرون ميلا وهي قرية آهلة على شاطئ البحر ومنها إلى مرسى الفروح اثنا عشر ميلا وهو مرسى كالحوض صغير ومنه إلى قرية بطرنة ستة أميال وبها معدن التوتيا التي فاقت جميع معادن التوتيا طيبا ومنها إلى قرية شلوبنية اثنا عشر ميلا ومن شلوبنية إلى مدينة المنكب في البحر ثمانية أميال
والمنكب مدينة حسنة متوسطة كثيرة مصايد السمك وبها فواكه جمة وفي وسطها بناء مربع قائم كالصنم أسفله واسع وأعلاه ضيق وبه حفيران من جانبيه متصلان من أسفله إلى أعلاه وبإزائه من الناحية الواحدة في الأرض حوض كبير يأتي إليه الماء من نحو ميل على ظهر قناطر كثيرة معقودة من الحجر الصلد فيصب ماؤها في ذلك الحوض ويذكر أهل المعرفة من أهل المنكب أن ذلك الماء كان يصعد إلى أعلى المنار وينزل من الناحية الأخرى فيجري هناك إلى رحى صغيرة كانت وبقي موضعه الآن على جبل مطل على البحر ولا يدرى المراد بذلك ما كان ومن مدينة المنكب في البر إلى اغرناطة أربعون ميلا ومن المنكب على البحر إلى قرية شاط اثنا عشر ميلا وبقرية شاط زبيب حسن الصفة كبير المقدار أحمر اللون يصحب طعمه
564

مزازة ويتجهز به إلى كل البلاد الأندلسية وهو منسوب إلى هذه القرية ومن قرية شاط إلى قرية طرش على ضفة البحر اثنا عشر ميلا ومنهاؤ إلي قصبة مرية بلش اثنا عشر ميلا وهو حصن على ضفة البحر صغير المقدار ويصب بمقربة منه في جهة المغرب نهر الملاحة وهو نهر يأتي من ناحية الشمال فيمر بالحمة ويتصل بأحواز حصن صالحة فيقع فيه هناك جميع مياه صالحة وتنزل إلى قرية الفشاط وتصب هناك في غربي حصن مرية بلش في البحر ومن مرية بلش إلى قرية الصيرة ولها طرف يدخل في البحر سبعة أميال ومن طرف قرية الصيرة إلى قرية بزليانة سبعة أميال وهي قرية كالمدينة في مستو من الأرض وأرضها رمل وبها الحمام والفنادق وشباط يصاد بها الحوت الكثير ويحمل منها إلى تلك الجهات المجاورة لها
ومن بزليانة إلى مدينة مالقة ثمانية أميال ومدينة مالقة مدينة حسنة عامرة آهلة كثيرة الديار متسعة الأقطار بهية كاملة سنية أسواقها عامرة ومتاجرها دائرة ونعمها كثيرة ولها فيما استدار بها من جميع جهاتها شجر التين المنسوب إلى رية وتينها يحمل إلى بلاد مصر والشام والعراق وربما وصل إلى الهند وهو من أحسن التين طيبا وعذوبة ولمدينة مالقة ربضان كبيران ربض فنتنالة وربض التبانين وشرب أهلها من مياه الآبار وماؤها قريب الغور كثير عذب ولها واد يجري في أيام الشتاء والربيع وليس بدائم الجري وسنذكرها بعد هذا بحول الله
565

ولنرجع الآن إلى ذكر مدينة المرية فنقول إن الطريق من مدينة المرية إلى اغرناطة البيرة فمن أراد ذلك خرج من المرية إلى مدينة بجانة ستة أميال ومدينة بجانة كانت المدينة المشهورة قبل المرية فانتقل أهلها إلى المرية فعمرت وخربت بجانة فلم يبق منها الآن إلا آثار بنيانها ومسجد جامعها قائم بذاته وحول بجانة جنات وبساتين ومتنزهات وكروم وأموال كثيرة لأهل المرية وعلى يمين بجانة وعلى ستة أميال منها حصن الحمة والحمة في رأس جبل ويذكر المتجولون في أقطار الأرض أن ما مثل هذه الحمة في المعمور من الأرض ولا أتقن منها بناء ولا أسخن منها ماء والمرضى والمعلون يقصدون إليها من كل الجهات فيلزمون المقام بها إلى أن تستقل عللهم ويشفوا من أمراضهم وكان أهل المرية في أيام الربيع يرحلون إليها مع نسائهم وأولادهم باحتفال في المطاعم والمشارب والتوسع في الإنفاق وربما بلغ المسكن بها في الشهر ثلاثة دنانير مرابطية وأكثر وأقل وجبال هذه الحمة كلها جص يحتفر ويحرق وتنقل جملته إلى مدينة المرية وبه جميع عقد بنيانهم وتجصيصهم وهو بها وعندهم كثير رخيص لكثرته
ومن مدينة بجانة إلى قرية بني عبدوس ستة أميال ومنها إلى حصن مندوجر ستة أميال وبه المنزل لمن خرج من المرية وهي مرحلة خفيفة وحصن مندوجر على جبل
تراب أحمر والجبل على ضفة نهر والمنزل في القرية منها ويباع بها للمسافرين الخبز والسمك وجميع الفواكه كل شيء منها في إبانه ثم إلى
566

حمة غششر ثم إلى الحمة المنسوبة إلى وشتن ومنها إلى حصن مرشانة وهو على مجتمع النهرين وهو من أمنع الحصون مكانا وأوثقها بنيانا وأكثرها عمارة ومنها إلى قرية بلذوذ ثم إلى حصن القصير وهو حصن منيع جدا على فم مضيق في الوادي وليس لأحد جواز إلا بأسفل هذا الحصن ومنه إلى خندق فبير ثم إلى الرتبة ثم إلى قرية عبلة وبها المنزل ومن قرية عبلة إلى حصن فنيانة ثم إلى قرية صنصل ثم إلى أول فحص عبلة وطول هذا الفحص اثنا عشر ميلا وليس به عوج ولا أمت وعن شمال المار جبل شلير الثلج في حضيض هذا الجبل حصون كثيرة منها حصن فريرة ينسب إليها الجوز وذلك أن بها من الجوز شيئا ينفرك من غير رض ولا يعدله في طعمه جوز غيرها من البلاد ومن حصون هذا الجبل حصن ذلر وبه من الكمثرى كل عجيبة وذلك أن الكمثرى به يكون منها في وزن الحبة الواحدة رطل أندلسي وأما الأعم منها فكمثراتان في رطل واحد ولها مذاق عجيب
ومن آخر فحص عبلة إلى خندق آش ثم إلى مدينة وادي آش وهي مدينة متوسطة المقدار لها أسوار محدقة ومكاسب مؤنقة ومياه متدفقة ولها نهر صغير دائم الجري ومنها إلى قرية دشمة وبها المنزل ومنها إلى الرتبة ثم إلى قرية افرافريدة ثم إلى قرية ود وهي قرى متصلة ومنها إلى مدينة اغرناطة ثمانية أميال ومدينة وادي آش رصيف يجتمع به طرق كثيرة فمن أراد منها
567

مدينة بسطة خرج من وادي آش إلى جبل عاصم ثم إلى قرية يورا إلى مدينة بسطة وبينهما ثلاثون ميلا ومدينة بسطة مدينة متوسطة المقدار حسنة الموضع عامرة آهلة لها أسوار حصينة وسوق نظيفة وديار حسنة البناء رائقة المغنى وبها تجارات وفعلة لضروب من الصناعات وعلى مقربة منها حصن طشكر الذي فاق جميع حصون الأندلس منعة وعلوا ورفعة وطيب تربة وهواء وليس لأحد موضع يصعد منه إلى هذا الحصن إلا موضعان وبين الموضع والموضع اثنا عشر ميلا على طرق مثل شراك النعل ومدارج النمل وبأعلاه الزرع والحصاد والمياه وإليه الانتهاء في الخصب وجودة الحصانة
وكذلك من وادي آش إلى مدينة جيان مرحلتان كبيرتان ومن مدينة بسطة إلى جيان ثلاث مراحل خفاف ومدينة جيان مدينة حسنة كثيرة الخصب رخيصة الأسعار كثيرة اللحوم والعسل ولها زائد على ثلاثة آلاف قرية كلها يربى بها دود الحرير وهي مدينة كثيرة العيون الجارية تحت سورها ولها قصبة من أمنع القصاب وأحصنها يرتقى إليها على طريق مثل مدرج النمل ويتصل بها جبل كور وبمدينة جيان بساتين وجنات ومزارع وغلات القمح والشعير والباقلاء وسائر الحبوب وعلى ميل منها نهر بلون وهو نهر كبير وعليه أرحاء كثيرة جدا وبها مسجد جامع وجلة وعلماء
ومن مدينة جيان إلى مدينة بياسة عشرون ميلا وبياسة تظهر من جيان وجيان تظهر من بياسة وبياسة على كدية تراب مطلة على النهر الكبير المنحدر
568

إلى قرطبة وهي مدينة ذات أسوار وأسواق ومتاجر وحولها زراعات ومستغلات الزعفران بها كثيرة ومنها إلى مدينة ابدة في جهة الشرق سبعة أميال وهي مدينة صغيرة وعلى مقربة من النهر الكبير ولها مزارع وغلات قمح وشعير كثيرة جدا وفيما بين مدينة جيان وبسطة ووادي آش حصون كثيرة عامرة ممدنة آهلة لها خصب وغلل نافعة كثيرة فمن ذلك أن بشرقي جيان وقبالة بياسة حصنا عظيما يسمى شوذر وإليه ينسب الخلاط الشوذري ومنه في الشرق إلى حصن طوية اثنا عشر ميلا ومنه إلى حصن قيشاطة وهو حصن كالمدينة له أسواق وربض عامر وحمام وفنادق وعليه جبل يقطع به من الخشب الذي تخرط منه القصاع والمخابيء والأطباق وغير ذلك ما يعم بلاد الأندلس وأكثر بلاد المغرب أيضا وهذا الجبل يتصل ببسطة وبين جيان وهذا الحصن مرحلتان ومنه إلى وادي آش مرحلتان ومنه إلى اغرناطة مرحلتان ومن وادي آش المتقدم ذكرها إلى اغرناطة أربعون ميلا
ومدينة اغرناطة محدثة من أيام الثوار بالأندلس وإنما كانت المدينة المقصودة البيرة فخلت وانتقل أهلها منها إلى اغرناطة ومدنها وحصن أسوارها وبنى قصبتها حبوس الصنهاجي ثم خلفه ابنه باديس بن حبوس فكملت في أيامه وعمرت إلى الآن وهي مدينة يشقها نهر يسمى حدروا وعلى جنوبها نهر الثلج المسمى شنيل ومبدؤه من جبل شلير وهو جبل الثلج وذلك أن هذا الجبل طوله يومان وعلوه في غاية الارتفاع والثلج به دائما في الشتاء والصيف
569

ووادي آش واغرناطة في شمال الجبل ووجه الجبل الجنوبي مطل على البحر يرى من البحر على مجرى ونحوه وفي أسفله من ناحية البحر برجة ودلاية وقد ذكرناهما فيما سبق ومن اغرناطة إلى مدينة المنكب على البحر أربعون ميلا ومن اغرناطة إلى مدينة لوشة مع جرية النهر خمسة وعشرون ميلا ومن المنكب إلى مدينة المرية مائة ميل في البحر ومن المنكب إلى مدينة مالقة ثمانون ميلا
ومدينة مالقة مدينة حسنة حصينة ويعلوها جبل يسمى جبل فاره ولها قصبة منيعة وربضان لا أسوار لهما وبهما فنادق وحمامات وبها من شجر التين ما ليس بأرض وهو التين المنسوب إلى رية ومالقة قاعدة رية ومن مالقة إلى قرطبة في جهة الشمال أربعة أيام ومن مالقة أيضا إلى اغرناطة ثمانون ميلا ومن مالقة إلى الجزيرة الخضراء مائة ميل ومن مالقة إلى إشبيلية خمس مراحل ومن مالقة إلى مربلة في طريق الجزيرة أربعون ميلا ومربلة مدينة صغيره متحضرة ولها عمارات وأشجار تين كثيرة وفي الشمال منها قلعة ببشتر وهي قلعة في نهاية الامتناع والتحصين والصعود إليها على طريق صعب وأما ما بين مالقة وقرطبة من الحصون العامرة التي هي حواضر في تلك النواحي فمنها مدينة ارشذونة وانتقيرة وبينهما وبين مالقة خمسة وثلاثون ميلا وكانت ارشذونة هذه وانتقيرة مدينتين أخلتهما فتن الثوار بالأندلس بعد دولة ابن أبي عامر القائم بدولة بني أمية ومن ارشذونة إلى حصن أشر عشرون
570

ميلا وهو حصن حسن حصين كثير العمارة آهل وله سوق مشهودة
ومنه إلى مدينة باغه ثمانية عشر ميلا وباغه مدينة صغيرة القدر لكنها في غاية الحسن لكثرة مياهها والماء يشق بلدها وعليه الأرحاء داخل المدينة ولها من الكروم
والأشجار ما لا مزيد عليه وهي في نهاية الخصب والرخاء ويليها في جهة المشرق الحصن المسمى بالقبذاق وبينهما مرحلة خفيفة ومن القبذاق إلى جيان مرحلة خفيفة وحصن القبذاق كبير عامر وهو في سفح جبل ينظر إلى جهة الغرب وبه سوق مشهودة ومنه إلى حصن بيانة مرحلة صغيرة وبيانة حصن كبير في أعلى كدية تراب قد حفت بها أشجار الزيتون الكثيرة ولها مزارع الحنطة والشعير ومن حصن بيانة إلى قبرة مرحلة خفيفة وحصن قبرة كبير كالمدينة حصين المكان وثيق البنيان وهو على متصل أرض وطيئة وعمارات ومزارع ومنه إلى مدينة قرطبة أربعون ميلا
ويتصل به بين جنوب وغرب مدينة اليسانة وهي مدينة اليهود ولها ربض يسكنه المسلمون وبعض اليهود وبه المسجد الجامع وليس على الربض سور والمدينة مدينة متحصنة بسور حصين ويطوف بها من كل ناحية حفير عميق القعر والسروب وفائض مياهها قد ملأ ذلك الحفير واليهود يسكنون بجوف المدينة ولا يداخلهم فيها مسلم البتة وأهلها أغنياء مياسير أكثر غنى من اليهود الذين ببلاد المسلمين ولليهود بها حذر وتحصن ممن قصدهم ومن اليسانة إلى
571

مدينة قرطبة أربعون ميلا ويلي هذه الحصون حصن بلاي وحصن منترك وهي حصون يسكنها البربر من أيام الأمويين ومن حصن بلاي إلى مدينة قرطبة عشرون ميلا وبالقرب من بلاي حصن شنت ياله وهو حصن على مدرة والماء بعيد ومنه إلى استجة في الغرب خمسة عشر ميلا ومن حصن شنت ياله إلى قرطبة ثلاثة وعشرون ميلا ومدينة استجة على نهر اغرناطة المسمى شنيل وهي مدينة حسنة ولها قنطرة عجيبة البناء من الصخر المنجور وبها أسواق عامرة ومتاجر قائمة ولها بساتين وجنات ملتفة وحدائق زاهية ومن استجة إلى قرطبة خمسة وثلاثون ميلا
ومن استجة في جهة الجنوب إلى حصن اشونة نصف يوم وحصن اشونة حصن ممدن كثير الساكن ومنه إلى بلشانة عشرون ميلا ومدينة بلشانة حصن كبير عامر له حصانة ووثاقة وهو حصن يحيط به شجر الزيتون ومن استجة إلى مدينة قرمونة خمسة وأربعون ميلا وهي مدينة كبيرة يضاهي سورها سور إشبيلية وكانت فيما سلف بأيدي البرابر ولم يزل أهلها أبدا أهل نفاق وهي حصينة وعلى رأس جبل حصين منيع وهي على فحص ممتد جيد الزراعات كثير الإصابة في الحنطة والشعير ومنه في الغرب إلى إشبيلية ثمانية عشر ميلا وقد ذكرنا إشبيلية فيما سبق ومن مدينة قرمونة إلى شريش من كورة شذونة ثلاث مراحل وكذلك من مدينة إشبيلية إلى شريش مرحلتان كبيرتان جدا ومدينة شريش مدينة متوسطة حصينة مسورة الجنبات حسنة الجهات وقد
572

أطافت بها الكروم الكثيرة وشجر الزيتون والتين والحنطة بها ممكنة وأسعارها موافقة ومن شريش إلى جزيرة قادس اثنا عشر ميلا فمن شريش إلى القناطر ستة أميال ومن القناطر إلى جزيرة قادس ستة أميال
ومن إشبيلية المتقدم ذكرها إلى قرطبة ثلاث مراحل ولها ثلاث طرق طريق الزنبجار وطريق لورة وطريق الوادي فأما طريق الزنبجار فقد ذكرناها وهي من إشبيلية إلى مدينة قرمونة مرحلة ومن قرمونة إلى مدينة استجة مرحلة ومن استجة إلى قرطبة مرحلة وأما طريق لورة فمن إشبيلية إلى منزل ابان ثم إلى مرلش ثم إلى حصن القليعة وبه المنزل وعند مسيرك من مرلش إلى القليعة تبصر حصن قطنيانة على الشمال والمنزل القليعة وهو على ضفة النهر الكبير يجاز إليها في المركب ومن حصن القليعة إلى الغيران إلى حصن لورة وهو يبعد عن الطريق نحو رمية سهم وعلى يمين المار حصن كبير عامر على ضفة النهر الكبير ومن لورة إلى قرية صدف ويقابلها على يسار السالك على جبل عال حصن منيع وقلعة متحصنة تسمى شنت فيلة وهي معقل للبربر من قديم الزمان ومن صدف إلى قلعة ملبال وهي على نهر ملبال وهو نهر مدينة فرنجولش ومن هذه القنطرة إلى مدينة فرنجولش اثنا عشر ميلا ومن القنطرة إلى قرية شوشبيل وهي قرية كبيرة على نهر قرطبة المسمى بالنهر الكبير ومنها إلى حصن مراد وبه المنزل ومن حصن مراد إلى الخنادق إلى
573

حصن المدور ثم إلى السواني ثم إلى قرطبة وهي المنزل وبين إشبيلية وقرطبة ثمانون ميلا على الطريق ومن حصن المدور الذي ذكرناه إلى فرنجولش اثنا عشر ميلا وهي مدينة حصينة منيعة كثيرة الكروم والأشجار ولها على مقربة منها معادن الفضة في موضع يعرف بالمرج ومنها إلى حصن قسطنطينة الحديد ستة عشر ميلا وهذا الحصن حصن جليل عامر آهل وبجباله معادن الحديد الطيب المتفق على طيبه وكثرته ومنه يتجهز به إلى جميع أقطار الأندلس وبقرب منه حصن فريش وبه مقطع للرخام الرفيع الجليل الخطير المنسوب اليه والرخام الفريشي أجل الرخام بياضا وأحسنه ديباجا وأشده صلابة ومن هذا الحصن إلى جبل العيون ثلاث مراحل خفاف ومن شاء المسير إلى قرطبة أيضا من إشبيلية ركب المراكب وسار صاعدا في النهر إلى أرحاء الزرادة إلى عطف منزل ابان إلى قطنيانة إلى القليعة إلى لورة إلى حصن الجوف إلى شوشبيل إلى موقع نهر ملبال إلى حصن المدور إلى وادي الرمان إلى أرحاء ناصح إلى قرطبة
ومدينة قرطبة قاعدة بلاد الأندلس وأم مدنها ودار الخلافة الإسلامية وفضائل أهل قرطبة أشهر من أن تذكر ومناقبها أظهر من أن تستر وإليهم الانتهاء في السناء والبهاء بل هم أعلام البلاد وأعيان العباد ذكروا بصحة
574

المذهب وطيب المكسب وحسن الزي في الملابس والمراكب وعلو الهمة في المجالس والمراتب وجميل التخصيص في المطاعم والمشارب مع جميل الخلائق وحميد الطرائق ولم تخل قرطبة قط من أعلام العلماء وسادات الفضلاء وتجارها مياسير لهم أموال كثيرة وأحوال واسعة ولهم مراكب سنية وهمم علية وهي في ذاتها مدن خمسة يتلو بعضها بعضا بين المدينة والمدينة سور حاجز وفي كل مدينة ما يكفيها من الأسواق والفنادق والحمامات وسائر الصناعات وطولها من غربيها إلى شرقيها ثلاثة أميال وكذلك عرضها من باب القنطرة إلى باب اليهود بشمالها ميل واحد وهي في سفل جبل مطل عليها يسمى جبل العروس ومدينتها الوسطى هي التي فيها باب القنطرة وفيها المسجد الجامع الذي ليس بمساجد المسلمين مثله بنية وتنميقا وطولا وعرضا
وطول هذا الجامع مائة باع مرسلة وعرضه ثمانون باعا ونصفه مسقف ونصفه صحن للهواء وعدد قسي مسقفه تسع عشرة قوسا وفيه من السواري أعني سواري مسقفه
بين أعمدته وسواري قبلته صغارا وكبارا مع سواري القبة الكبيرة وما فيها ألف سارية وفيه مائة وثلاث عشرة ثريا للوقيد أكبر واحدة منها تحمل ألف مصباح وأقلها تحمل اثني عشر مصباحا وسقفه كله سماوات خشب مسمرة في جوائز سقفه وجميع خشب هذا المسجد الجامع من عيدان الصنوبر الطرطوشي ارتفاع خد الجائزة منه شبر وافر في عرض شبر إلا ثلاثة أصابع في طول كل جائزة منها سبعة وثلاثون شبرا وبين الجائزة
575

والجائزة غلظ جائزة والسماوات التي ذكرناها هي كلها مسطحة فيها ضروب الصنع المنشاة من الضروب المسدسة والموربي وهي صنع الفص وصنع الدوائر والمداهن لا يشبه بعضها بعضا بل كل سماء منها مكتف بما فيه من صنائع قد أحكم ترتيبها وأبدع تلوينها بألوان الحمرة الزنجفرية والبياض الاسفيذاجي والزرقة اللازوردية والزرقون الباروقي والخضرة الزنجارية والتكحيل النقسي تروق العيون وتستميل النفوس باتقان ترسيمها ومختلفات ألوانها وتقسيمها وسعة كل بلاط من بلاطات مسقفه ثلاثة وثلاثون شبرا وبين العمود والعمود خمسة عشر شبرا ولكل عمود منها رأس رخام وقاعدة رخام وقد عقد بين العمود والعمود على أعلى الرأس قسي غريبة فوقها قسي آخر على عمد من الحجر المنجور متقنة وقد جصص الكل منها بالجص والجيار وزينت عليها بحور مستديرة ناتية بينها ضروب صناعات الفص بالمغرة وتحت كل سماء منها إزار خشب فيه مكتوب آيات القرآن
ولهذا المسجد الجامع قبلة تعجز الواصفين أوصافها وفيها اتقان يبهر العقول تنميقها وكل ذلك من الفصفص المذهب والملون مما بعث به صاحب القسطنطينة العظمى إلى عبد الرحمن المعروف بالناصر لدين الله الأموي وعلى هذا الوجه أعني وجه المحراب سبع قسي قائمة على عمد وطول كل قوس منها أشف من قامة وكل هذه القسي مزججة صنعة القرط قد أعيت الروم والمسلمين بغريب أعمالها ودقيق تكوينها ووضعها وعلى أعلى الكل كتابان مسجونان بين
576

بحرين من الفص المذهب في أرض الزجاج اللازوردي وكذلك تحت هذه القسي التي ذكرناها كتابان مثل الأولين مسجونان بالفص المذهب في أرض اللازورد من الفص الملون وعلى وجه المحراب أنواع كثيرة من التزيين والنقش وفي عضادتي المحراب أربعة أعمدة اثنان أخضران واثنان زرزوريان لا تقوم بمال وعلى رأس المحراب خصة رخام قطعة واحدة مشوكة محفورة منمقة بأبدع التنميق من الذهب واللازورد وسائر الألوان وعلى المحراب مما استدار به حظيرة خشب بها من أنواع النقش كل غريبة
ومع يمين المحراب المنبر الذي ليس بمعمور الأرض مثله صنعة خشبه أبنوس وبقس وعود المجمر ويحكى في كتب تواريخ بني أمية أنه صنع في نجارته ونقشه سبعة سنين وكان عدد صناعه ستة رجال غير من يخدمهم تصرفا ولكل صانع منهم في اليوم نصف مثقال محمدي وعن شمال المحراب بيت فيه عدد وطسوت ذهب وفضة وحسك وكلها لوقيد الشمع في كل ليلة سبعة وعشرين من رمضان المعظم ومع ذلك ففي هذا المخزن مصحف يرفعه رجلان لثقله فيه أربعة أوراق من مصحف عثمان بن عفان وهو المصحف الذي خطه بيمينه وفيه نقط من دمه وهذا المصحف يخرج في صبيحة كل يوم ويتولى إخراجه رجلان من قومة المسجد وأمامهم رجل ثالث بشمعة وللمصحف غشاء بديع الصنعة منقوش بأغرب ما يكون من النقش وأدقه وأعجبه وله بموضع المصلى كرسي يوضع عليه ويتولى الإمام قراءة نصف
577

حزب منه ثم يرد إلى موضعه
وعن يمين المحراب والمنبر باب يفضى منه إلى القصر بين حائطي الجامع في ساباط متصل وفي هذا الساباط ثمانية أبواب منها أربعة تنغلق من جهة القصر وأربعة تنغلق من جهة الجامع ولهذا الجامع عشرون بابا مصفحة بصفائع النحاس وكواكب النحاس وفي كل باب منها حلقتان في نهاية من الاتقان وعلى وجه كل باب منها في الحائط ضروب من الفصفص المتخذ من الأجر الأحمر المحكوك أنواع شتى وأجناس مختلفة من الصناعات والترييش وصدور البزاة وفيما استدار بالجامع في أعلاه لتمدد الضوء ودخوله إلى المسقف متكآت رخام طول كل متكأ منها قدر قامة في سعة أربعة أشبار في غلظ أربعة أصابع وكلها صنع مسدسة ومثمنة مخرمة منفوذة لا يشبه بعضها بعضا
وللجامع في الجهة الشمالية الصومعة الغريبة الصنعة الجليلة الأعمال الرائقة الأشكال التي ارتفاعها في الهواء مائة ذراع بالذراع الرشاشي منها ثمانون ذراعا إلى الموضع الذي يقف عليه المؤذن بقدميه ومن هناك إلى أعلاها عشرون ذراعا ويصعد إلى أعلى هذه المنارة بدرجين أحدهما من الجانب الغربي والثاني من الجانب الشرقي إذا افترق الصاعدان أسفل الصومعة لم يجتمعا إلا إذا وصلا الأعلى منها ووجه هذه الصومعة كله مبطن بالكذان اللكي منقوش من وجه الأرض إلى أعلى الصومعة صنع مقسمة تحتوي على أنواع من الصنع والتزويق والكتابة والملون وبالأوجه الأربعة الدائرة من الصومعة صفان من قسي دائرة على عمد الرخام الحسن والذي في الصومعة من العمد بين داخلها
578

وخارجها ثلاث مائة عمود بين صغير وكبير وفي أعلى الصومعة بيت له أربعة أبواب مغلقة يبيت فيه كل ليلة مؤذنان وللصومعة ستة عشر موذنا يؤذنون فيها بالدولة لكل يوم مؤذنان على توال وفي أعلى الصومعة على القبة التي على البيت ثلاث تفاحات ذهب واثنتان من فضة وأوراق سوسنية تسع الكبيرة من هذه التفاحات ستون رطلا زيتا ويخدم الجامع كله ستون رجلا وعليهم قائم ينظر في أمورهم وهذا الجامع متى سها إمامه لا يسجد لسهوه قبل السلام بل يسجد بعد السلام
ومدينة قرطبة في حين تأليفنا لهذا الكتاب طحنتها رحي الفتنة وغيرها حلول المصائب والأحداث مع اتصال الشدائد على أهلها فلم يبق بها منهم الآن إلا الخلق اليسير ولا بلد أكبر اسما منها في بلاد الأندلس
ولقرطبة القنطرة التي علت القناطر فخرا في بنائها واتقانها وعدد قسيها سبع عشرة قوسا بين القوس والقوس خمسون شبرا وسعة القوس مثل ذلك خمسون شبرا وسعة ظهرها المعبور عليه ثلاثون شبرا ولها ستائر من كل جهة تستر القامة وارتفاع القنطرة من موضع المشي إلى وجه الماء في أيام جفوف الماء وقلته ثلاثون ذراعا وإذا
كان السيل بلغ الماء منها إلى نحو حلوقها وتحت القنطرة يعترض الوادي رصيف سد مصنوع من الأحجار القبطية والعمد الخاشنة من الرخام وعلى هذا السد ثلاث بيوت أرحاء في كل بيت منها أربع مطاحن ومحاسن هذه المدينة وشماختها أكثر من أن يحاط بها خبرا
ومن مدينة قرطبة إلى مدينة الزهراء خمسة أميال وهي قائمة الذات بأسوارها ورسوم قصورها وفيها قوم سكان بأهليهم وذراريهم وهم قليلون وهي في
579

ذاتها مدينة عظيمة مدرجة البنية مدينة فوق مدينة سطح الثلث الأعلى يوازي علي الجزء الأوسط وسطح الثلث الأوسط يوازي علي الثلث الأسفل وكل ثلث منها له سور فكان الجزء الأعلى منها قصورا يقصر الوصف عن صفاتها والجزء الأوسط بساتين وروضات والجزء الثالث فيه الديار والجامع وهي الآن خراب في حال الذهاب
ومن مدينة قرطبة إلى المرية ثمانية أيام ومن قرطبة إلى إشبيلية ثمانون ميلا ومن قرطبة إلى مالقة مائة ميل ومن قرطبة إلى طليطلة تسع مراحل فمن أرادها سار من قرطبة في جهة الشمال إلى عقبة ارلش أحد عشر ميلا ومنها إلى دار البقر ستة أميال ثم إلى بطروش أربعون ميلا وحصن بطروش حسن كثير العمارة شامخ الحصانة لأهله جلادة وحزم على مكافحة أعدائهم ويحيط بجبالهم وسهولهم شجر البلوط الذي فاق طعمه طعم كل بلوط على وجه الأرض وذلك أن أهل هذا الحصن لهم اهتمام بحفظه وخدمته لأنه لهم غلة وغياث في سني الشدة والمجاعة
ومن حصن بطروش إلى حصن غافق سبعة أميال وحصن غافق حصن حصين ومعقل جليل وفي أهله نجدة وعزم وجلادة وحزم وكثيرا ما تسرى إليهم سرايا الروم فيكتفون بهم في إخراجهم عن أرضهم وإنقاذ غنائمهم منهم والروم يعلمون بأسهم وبسالتهم فينافرون أرضهم ويتحامون عنهم ومن قلعة غافق إلى جبل عافور مرحلة ثم إلى دار البقر مرحلة ثم إلى قلعة رباح وهي مدينة حسنة وقد سبق ذكرها وكذلك الطريق من قرطبة إلى بطليوس
580

من قرطبة إلى دار البقر التي تقدم ذكرها مرحلة ومنها إلى حصن بيندر مرحلة ثم إلى زواغة مرحلة وزواغة حصن عليه سور تراب وهو على كدية تراب ومنه إلى نهر اثنة مرحلة ومنه إلى حصن الحنش مرحلة وحصن الحنش منيع شامخ الذروة مطل العلوة شاهق البنية حامي الأفنية ومنه إلى مدينة ماردة مرحلة لطيفة ثم إلى بطليوس مرحلة خفيفة فذلك من قرطبة إلى بطليوس سبع مراحل
وبشمال مدينة قرطبة إلى حصن ابال مرحلة وهو الحصن الذي به معدن الزيبق ومنه يتجهز بالزيبق والزنجفر إلى جميع أقطار الأرض وذلك أن هذا المعدن يخدمه أزيد من ألف رجل فقوم للنزول فيه وقطع الحجر وقوم لنقل الحطب لحرق المعدن وقوم لعمل أواني سبك الزيبق وتصعيده وقوم لشان الأفران والحرق قال المؤلف وقد رأيت هذا المعدن فأخبرت أن من وجه الأرض إلى أسفله أكثر من مائتي قامة وخمسين ومن قرطبة إلى اغرناطة أربعة مراحل وهي مائة ميل وبين اغرناطة وجيان خمسون ميلا وهي مرحلتان
وأما بحر الشام الذي عليه جنوب بلاد الأندلس فمبدؤه من المغرب وآخره حيث أنطاكية ومسافة ما بينهما إجراء في البحر ستة وثلاثون مجرى فأما عروضه فمختلفة وذلك أن مدينة مالقة يقابلها من الضفة الأخرى المزمة وبادس وبينهما عرض البحر مجرى يوم بالريح الطيبة المعتدلة وكذلك المرية
581

يوازيها في الضفة الأخرى هنين وعرض البحر بينهما مجريان وكذلك أيضا مدينة دانية يقابلها من العدوة الأخرى مدينة تنس وبينهما ثلاث مجار وكذلك مدينة برشلونة تقابلها من عدوة الغرب الأوسط بجاية وبينهما أربعة مجار في عرض البحر والمجرى مائة ميل وأما جزيرة يابسة فإنها جزيرة حسنة كثيرة الكروم والأعناب وبها مدينة حسنة صغيرة متحضرة وأقرب الأندلس إليها مدينة دانية وبينهما مجرى وفي شرقي جزيرة يابسة جزيرة ميورقة وبينهما مجرى وبها مدينة كبيرة لها مالك وحارس ذو رجال وعدد وأسلحة وأموال وبالشرق منها أيضا جزيرة منورقة تقابل مدينة برشلونة وبينهما مجرى ومن منورقة إلى جزيرة سردانية أربعة مجار فذلك ما أردنا ذكره والحمد لله
نجز الجزء الأول من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء الثاني منه إن شاء الله
582

الجزء الثاني
إن هذا الجزء الثاني من الإقليم الرابع تضمن قطعة من البحر الشامي وفيه جمل جزائر معمورة ومغمورة ومغفولة ومشهورة وشئ من بلاد الروم البرية مما نأتي بذكره بعد هذا بعون الله
فنقول إن في هذا الجزء من الجزائر الكبار جزيرة سردانية وجزيرة قرشقة وجزيرة صقلية
وفيها من الجزائر الصغار مثل جزيرة البة وبانوسة وجزيرة استرنجلوا وجبل البركان ثم جزيرة البركان وجزيرة ليبر وجزيرة دندمة وجزيرة أم الحمار وجزيرة الطرفانية وجزيرة انكوذة وجزيرة اشتقة وجزيرة اليالية وجزيرة الراهب وجزيرة قوصرة وجزيرة الكتاب وجزيرة نموشة وجزيرة كمونة وجزيرة مالطة وجزيرة مليطمة
وأما البلاد الساحلية المتصلة بالبر فمنها برشلونة وجرندة وانبوريش واربونة
583

وقرقسونة وكل هذه من بلاد غشكونية ومن شرقي هذا الجزء من بلاد قلورية ريو والماصة وتوجش وأتربة وشنت فيمي وها نحن ذاكروها بحول الله
فنقول إن من جزيرة منورقة إلى ساحل برشلونة مجرى وكذلك منها إلى جزيرة سردانية أربعة مجار شرقا
وجزيرة سردانية كبيرة القطر كثيرة الجبال قليلة المياه وطولها مائتان وثمانون ميلا وعرضها من المغرب إلى المشرق مائة وثمانون ميلا وطولها مار من الجنوب إلى الشمال مع قليل تشريق وفيها ثلاثة بلاد منها القيطنة وهي مما يلي جنوبها وهي مدينة عامرة ممدنة ومنها مدينة قالمرة وهي رأس المجاز إلى جزيرة قرشقة ومدينتها الثالثة تسمى قشيلية وأهل جزيرة سردانية في الأصل روم أفارقة متبربرون ومتوحشون من أجناس الروم وهم أهل نجدة وحزم لا يفارقون السلاح وفي جزيرة سردانية معادن
الفضة الجيدة ومنها تخرج الفضة إلى كثير من بلاد الروم وبين جزيرة سردانية وجزيرة قرشقة مجاز طوله عشرون ميلا
وجزيرة قرشقة حولها أركان وهي أجوان شرقيها البحر الذي يسمى بالعجمية طرانه وبها مدينة حسنة متوسطة عامرة وهي منها في الغربي وطولها مائة وخمسون ميلا وعرضها سبعة وعشرون ميلا وجزيره قرشقة جزيرة خصيبة كثيرة العمارات وأهلها يتجولون في أرض الروم وهم أكثر الروم سفرا
ومن الجزائر التي تجاور أرض الروم جزيرة البة وبينها وبين قرشقة
584

مجرى ومحيط دورها على ما هي عليه من الشكل مائة ميل وهي من أعمال بيش
ومن البة إلى جزيرة بانوسة من جهة الشمال والمشرق خمسة وعشرون ميلا وجزيرة بانوسة دورها ثلاثون ميلا وهي خالية
ومن بانوسة إلى جزيرة قبريرة ثلاثة عشر ميلا ومن قبريرة إلى وادي بيش أربعة وثلاثون ميلا ومن قبريرة إلى جزيرة قبرة شرقا
وقبرة هذه جزيرة معمورة وسكانها قوم من أهل ملف بالمواشي ولها مدينة متوسطة وفي وسط المدينة فوارة ماء وبين هذه الجزيرة ومدينة سرنت من أرض قلورية اثنا عشر ميلا وبهذه الجزيرة مرسى صغير في شرقيها وبينها وبين نابل ثلاثون ميلا
وبين هذه الجزيرة وشكلة ستون ميلا وهي جزيرة خصيبة ليست بالكبيرة وهي تقرب من مدينة نابل الساحلية وفي هذه الجزيرة قوم من الروم يسكنونها بنسائهم وذرياتهم في مدينة حسنة تسمى ميور ويقال للجزيرة شكلة ميور وبينها وبين نابل ثلاثون ميلا ومن جزيرة شكلة ميور إلى جزيرة بنت برة خمسون ميلا وفيها مدينة محفورة ودار صناعة للإنشاء مقطوعة في الحجر وميناء محفورة في الحجر أمام هذه الدار والماء يدخل إليها على مجرى محفور في الصخر
ومن بنت برة إلى مدينة غيطة عشرون ميلا وعلى ثلاثين ميلا من بنت برة
585

بين غرب وجنوب جزيرتان اسم إحداهما مونسة والأخرى بونسة وهما عامرتان
ومن جزيرة قبرة إلى جزيرة استرنجلو بين شرق وجنوب مما يلي صقلية وليس بين ملف وهذه الجزيرة جزيرة أخرى غير قبرة فقط واسترنجلو جزيرة بين الشرق والشمال من جزيرة البركان وهي جزيرة فيها عيون ماء وليس بها مرسى وأقرب بر إلى هذه الجزيرة من براري أرض قلورية بر منتية وبينهما أربعون ميلا وبين استرنجلو وجزيرة البركان ثلاثون ميلا
وأما جزيرة البركان فجزيرة ليست بالكبيرة وفيها جبل كبير تتقد فيه في بعض الأحايين نار عظيمة وقليلا ما تفتر وإذا هاجت هذه النار قذفت بالحجارة موقدة ويسمع لها دوي يرتاع له ودويها يسمع من بعيد كإنما هو رعد قاصف وفي هذه الجزيرة معز برية وبينها وبين أقرب بر من صقلية وهي دندارة خمسة عشر ميلا
ومنها في جهة المغرب مع ميل إلى الشمال جزيرة ليبر وهي جزيرة تعمر في بعض الأحايين وبها حصن وبين هذه الجزيرة وجزيرة البركان أربعة أميال وبها ماء وحطب ومرسى صغير
ومن جزيرة ليبر إلى جزيرة دندمة ثلاثة أميال في الشمال وهي جزيرة صغيرة ولا مرسى بها
ومن جزيرة ليبر إلى جزيرة فيكوذة عشرة أميال في دبور القبلة وهي غير عامرة وليس بها مرسى
586

ومن جزيرة فيكوذة إلى أركوذة عشرة أميال وفيكوذة من أركوذة بين الجنوب والشرق شلوقا وهي جزيرة صغيرة مستغاث ومرساها حرج ومن أركوذة إلى جزيرة أشتقة أربعون ميلا
وبها مياه ومستراح للشواني وهي تقابل بلقرين من مدينة بلرم صقلية وبينهما أربعون ميلا
وفي الجنوب من جزيرة أشتقة جزيرة الراهب وفيها من جهة جنوبها وشرقها مراس ترسى بها المراكب وفيها مستراح وفيها آبار ماء وهي فوق اطرابنش وبينهما خمسة عشر ميلا وبالشمال من جزيرة الراهب جزيرة صغيرة تسمى اليابسة وليس بها ماء ولا مرسى
وأقرب بر منها من جزيرة صقلية مدينة طرابنش وبينهما عشرة أميال ومن جزيرة الراهب في جهة الغرب جزيرة مليطمة وهي توازي تونس قرطاجنة ومنها إلى جزيرة الراهب ثلاثون ميلا وليس فيها مرسى وفيها من الحيوان والمعز والظباء
وفي شرقي مليطمة جزيرة قوصرة وهي أيضا من جزيرة الراهب بين جنوب وشرق وهي توازي نابل من أرض إفريقية وتوازي بين الشاقة ومازر وبينهما مجرى وكذلك من قوصرة إلى بر إفريقية مجرى
وجزيرة قوصرة صغيرة حصينة فيها آبار وسواحل وأشجار زيتون وفيها معز كثيرة برية متوحشة عن الأنيس ولها من جهة الجنوب مرسى مأمون يكن من رياح كثيرة ومنها في عين الشرق جزيرة غودش وبينهما مائة ميل وفيها مرسى مأمون ومن غودش إلى جزيرة صغيرة تسمى كمونة
587

ومنها في شرقيها جزيرة مالطة وهي جزيرة كبيرة وفيها مرسى مأمون يفتح إلى الشرق وفيها مدينة وهي كثيرة المرعى والغنم والثمار والعسل الكثير وبينها وبين أقرب بر من صقلية إلى موضع يقال له أكرنتة ثمانون ميلا وليس بعد مالطة هذه إلى ناحية الشرق والغرب إلا جزيرة إقريطش
وأما جزيرة لنبذوشة فبينها وبين أقرب بر من إفريقية حيث قبودية مجريان وبها مرسى مأمون يكن من كل ريح ويحمل الأساطيل الكثيرة وهذا المرسى منها في اللباج وليس في جزيرة لنبذوشة شيء من الثمار ولا من الحيوان
ومنها في جهة الشمال جزيرة لطيفة تسمى جزيرة الكتاب وبينهما خمسة أميال وهذه الجزيرة لطيفة جدا وهي من لنبذوشة مائلة إلى المغرب يسيرا
ومن جزيرة الكتاب إلى نموشة في الشرق مع الشمال يسيرا ثلاثون ميلا وليس بجزيرة نموشة مرسى ولا شعراء وفيها حرث والإرساء بها يكون مخاطرة
وجزيرة غودش من جزيرة نموشة في الشرق وبينهما مجريان
وقد ذكرنا هذه الجزائر بما يحتاج أن يذكر فيها من غير تطويل والحمد لله كثيرا
وبقي علينا بعد هذا أن نذكر جزيرة صقلية العليا ونذكر أقطارها تبيانا ونصف بلادها مكانا مكانا ونعد مفاخرها وننشر فضائلها بالوجيز من القول مع استقصاء المعاني بحول الله تعالى
فنقول إن صقلية فريدة الزمان فضلا ومحاسن ووحيدة البلدان طيبا ومساكن وقديما دخل إليها المتجولون من سائر الأقطار والمترددون بين المدن والأمصار وكلهم أجمعوا على تفضيلها وشرف مقدارها وأعجبوا بزاهر حسنها ونطقوا
588

بفضائل ما بها وما جمعته من مفترق المحاسن وضمته من خيرات سائر المواطن ودول ملوكها أشرف الدول وصولتهم على من ناوأهم أشد الصول فملوكها أعظم الملوك قدرا وأكبرهم خطرا وأرفعهم همة وأشمخهم قدرا ورتبة
ولما كان في سنة أربع مائة وثلاث وخمسين سنة من سني الهجرة افتتح غرر بلادها وقهر بمن معه طغاة ولاتها وأجنادها الملك الأجل والهمام الأفضل المعظم القدر السامي الفخر رجار بن تنقرين خيرة ملوك الإفرنجيين ولم يزل يفرق جموع ولاتها ويقهر طغاة حماتها ويشن عليهم الغارات في الليل والنهار ويرميهم بصنوف من الحتوف والبوار ويعمل فيهم ماضي الشفار وعوامل القنا الخطار إلى أن استولى على جميعها غلبة وقهرا وفتحها قطرا فقطرا وملكها ثغرا فثغرا وذلك في مدة ثلاثين عاما ولما صار أمرها إليه واستقر بها سرير ملكه نشر سيرة العدل في أهلها وأقرهم على أديانهم وشرائعهم وأمنهم في أموالهم وأنفسهم وأهليهم وذراريهم
ثم أقام على ذلك مدة أيام حياته إلى أن وافاه أجله المحتوم وتقضاه يومه المعلوم فتوفي في سنة أربع وتسعين وأربع مائة وهو ببعض بلاد قلورية بقلعة مليطو فدفن بها
ثم ورث الملك بعده ابنه الملك المعظم المسمى باسمه المقتفي أثر سننه رجار الثاني فأقام الدولة وزين المملكة وشرف السلطنة وأعطى الأمور أقساطها من النظر الجلي والفعل المرضي مع نشور العدل وإقامة الأمان والفضل حتى انقادت الملوك إلى طاعته وأعلموا بشعار مشايعته ومتابعته وسلموا مقاليد بلادهم
589

إليه وتواردوا من كل الجهات عليه رغبة في التفيؤ بأفياء مملكته والسكنى تحت ظلال أمنه ورحمته وملكه لا يزيد على الأيام إلا رفعة وعلوا وشماخة وسموا إلى حين تأليفنا لكتابنا هذا
فأما جزيرة صقلية المتقدم ذكرها فأقدارها خطيرة وأعمالها كبيرة وبلادها كثيرة ومحاسنها جمة ومناقبها ضخمة فإن نحن حاولنا إحصاء فضائلها عددا وذكرنا أحوالها بلدا بلدا عز في ذلك المطلب وضاق فيه المسلك لكنا نورد منه جملا يستدل بها ويحصل على الغرض المقصود فيها فنقول
إن في هذه الجزيرة عند تأريخ هذا الكتاب لسلطانها الملك المعظم رجار مائة بلد وثلاثون بلدا بين مدينة وقلعة غير ما بها من الضياع والمنازل والبقاع ونحن نريد أن نذكر بلدان الجزيرة البحرية منها خاصة ونقتصر عليها ونكتفي بها عما سواها إلى أن نرجع من حيث بدأنا ثم نأخذ بعد ذلك في ذكر ما في حشو الجزيرة من البلاد والحصون والعمل الواسع المسكون مكانا مكانا وموضعا موضعا بحول الله تعالى
فأول ذلك مدينة بلرم وهي المدينة السنية العظمى والمحلة البهية الكبرى والمنبر الأعظم الأعلى على بلاد الدنيا وإليها في المفاخر النهاية القصوى ذات المحاسن الشرائف ودار الملك في الزمن المؤتنف والسالف ومنها كانت الأساطيل والجيوش تغدو للغزو وتروح كما هي الآن عليه من ذلك وهي على ساحل البحر منها في شرقيها والجبال الشواهق العظام محدقة بها وساحلها بهيج مشرق فرج ولها حسن المباني التي سارت الركبان بنشر محاسنها في بناءاتها ودقائق صناعاتها وبدائع مخترعاتها
590

وهي على قسمين قصر وربض فالقصر هو القصر القديم المشهور فخره في كل بلد وإقليم وهو في ذاته على ثلاثة أسمطة فالسماط الأوسط يشتمل على قصور منيعة ومنازل شامخة شريفة وكثير من المساجد والفنادق والحمامات وحوانيت التجار الكبار والسماطان الباقيان فيهما أيضا قصور سامية ومبان فاخرة عالية وبهما من الحمامات والفنادق كثير وبها الجامع الأعظم الذي كان في الزمن الأقدم وأعيد في هذه المدة على حالته كما كان في سالف الأزمان وصفته الآن تغرب عن الأذهان لبديع ما فيه من الصنعة والغرائب المفتعلة المنتخبة المخترعة من أصناف التصوير وأجناس التزاويق والكتابات
وأما الربض فمدينة أخرى تحدق بالمدينة من جميع جهاتها وبه المدينة القديمة المسماة بالخالصة التي بها كان سكنى السلطان والخاصة في أيام المسلمين وباب البحر ودار الصناعة التي هي للإنشاء
والمياه بجميع جهات مدينة صقلية مخترقة وعيونها جارية متدفقة وفواكهها كثيرة ومبانيها ومتنزهاتها حسنة تعجز الواصفين وتبهر عقول العارفين وهي بالجملة فتنة للناظرين
والقصر المذكور من أكثر الحصون منعة وأعلاها رفعة لا ينال بقتال ولا يطاق على حال وبأعلاه حصن محدث للملك المعظم رجار مبني بالفصوص الجافية والصخور المنحوتة الضخمة وقد أحكم نسقه وأعليت رققه وأوثقت منائره ومحاريسه وأتقنت قصوره ومجالسه وشيدت بنيانا ونمقت بأعجب المغتربات وأودعت بدائع الصفات فشهد لها بالفضل المسافرون وغلا في وصفها المتجولون وقطعوا قطعا ألا مباني أعجب من مباني المدينة ولا مكان أشرف من مغانيها وأن قصورها مشارف القصور وأن ديارها منازه الدور
591

والربض المحدق بالقصر القديم المتقدم ذكره هو في ذاته كبير القطر كثير الديار والفنادق والحمامات والحوانيت والأسواق وله سور يحيط به وخندق وفصيل وبه في
داخله بساتين كثيرة ومتنزهات عجيبة وسقايات ماء عذبة جارية مجلوبة إليها من الجبال المحدقة ببقعتها وبخارج الربض من الجهة الجنوبية منها نهر عباس وهو نهر جار عليه جمل من الأرحاء الطاحنة ما لا يحتاج معها إلى غيرها
وبالشرق من المدينة وعلى مرحلة منها قلعة ثرمة وهي على أكمة مطلة على البحر وهي قلعة من أجل القلاع وبقعة من أكبر البقاع وعليها سور يطيف بها ولها آثار أولية وأبنية أزلية منها ملعب غريب الصنعة يدل على قدرة بانيه وبها حصن محدث وبها حمتان متقاربتان من أجل الحمات وعليها بنيان قديم الزمان
وبجانبها الغربي محل يعرف بالتربيعة وهو من المنازه البديعة وبه مياه جارية وعليه كثير من الأرحاء ولها بادية ورباع واسعة ويصنع بها من الأطرية ما يتجهز به إلى كل الآفاق من جميع بلاد قلورية وغيرها من بلاد المسلمين وبلاد النصارى ويحمل منها الأوساق الكثيرة
وبها وادي السلة ونهر السلة نهر كبير كثير الماء غزير يصاد به السمك المعروف بالري في زمن الربيع ويصاد بمرساها السمك الكبير المعروف بالتن
ومنها على اثني عشر ميلا حصن بورقاد وهو حصن شاهق به عمارات كثيرة وسوق ومرافق ومياه غزيرة وأرحاء كثيرة وبساتين وجنات وضياع متسعات ومزارع طيبات والبحر منه على ميلين
592

ومن حصن بورقاد إلى صخرة الحديد اثنا عشر ميلا وهو منزل صغير وحصن في أعلى الصخرة المذكورة والصخرة داخلة في نحر البحر وعرة الجنبات ولها من جهة البر رملة وطية ورباع طيبة ومزارع زكية
ومن هذه الصخرة إلى جفلودي مرحلة خفيفة وحصن جفلودي على ساحل البحر ممدن به أسواق وحمام ورحى في داخل المدينة على ماء عين يندفق هنالك ومن هذا الماء يشرب أهل الحصن وهو عذب بارد وحصن جفلودي على تروش متصلة بضفة البحر وله مرسى حسن يسافر إليه من كل قطر وهو بلد معمور وبه قلعة مطلة على الحصن في رأس جبل منيع لا يكاد يرتقى إليه لصعوبة مطلعه
ومنه إلى حصن طزعة مرحلة خفيفة وهو حصن أزلي البناء منيع الفناء يتصل به ربع عامر وهو وربضه في ذروة جبل منحاز لا يتوصل إليه إلا على طرق وعرة ومسالك نكرة وتطيف به أرض تربة خصيبة طيبة واسعة البقاع زكية المزارع والانتفاع وهي من البحر على ميلين أو نحوها
ومن طزعة إلى حصن قلعة القوارب اثنا عشر ميلا وقلعة القوارب قلعة عالية قديمة البناء أزلية ولها ربض عامر يحيط بها في الدائر ومزارعها زكية وغلاتها كثيرة ومياهها غزيرة ولها مرسى مقصود يوسق منه وترسى السفن به وبينه وبين الحصن نحو ميل ونصف
ومن قلعة القوارب إلى القارونية اثنا عشر ميلا والقارونية أول إقليم دمنش وهي قلعة قديمة أزلية وبها حصن محدث ولها جنات وأنهار وكروم وأشجار
593

ومرسى علي البحر وبها شبكة يصاد بها التن الكثير وبين القلعة والبحر نحو ميل
ومنها إلى شنت ماركو عشرة أميال وهي قلعة عظيمة ذات آثار قديمة وعماراتها كثيرة وبها أسواق وحمام وجمل من الفواكه والثمار ولها بادية ومزارع واسعة ومياه ناشعة وجهات واسعة وينبت بها من جميع جهاتها البنفسج الزكي الرائحة العطر الفائحة وبها من الحرير كثير وساحلها حسن وتنشأ بها المراكب من خشب جبالها
ومن ماركو إلى حصن ناصو عشرة أميال وهو حصن مرتفع وبلد متسع ذو عمارة كثيرة وأنهار غزيرة وجنات وأودية عليها مزارع وأرحاء وساحلها بهج وحصنها فرج وبيه وبينه البحر ميلان
ومنه إلى بقطش اثنا عشر ميلا وبقطش حصن منيع وبلد متسع ذو مزارع نامية ومنازل طيبة زكية ومياه جارية وجنات كثيرة وبلد جليل وهو مطل على البحر وعلى ميل منه
ومنه إلى لبيري ثلاثة أميال وهو منزل جليل وحصن كبير جليل على ساحل البحر وبه سوق وحمام وسكان ومزارع كرام ومياه جارية عليها مزارع وأرحاء وله مرسى حسن ويصاد به التن كثيرا
ومنه إلى حصن ميلاص اثنا عشر ميلا وهو حصن كبير القطر على جنب طرف طاعن في البحر مليح الهيئة وثيق البنية بلدة رفيعة وقلعة منيعة من أ البلاد وأجملها وأسناها وأفضلها وأشبه شيء بأكابر الحواضر في العمارات
594

والتصرف والأسواق وما بها من المواد والأرفاق وهي على ساحل البحر والبحر محدق بجميع جهاتها إلا جهة واحدة بشمالها يدخل منها إليها ويسافر إليها برا وبحرا ويتجهز منها بالكتان الكثير الطيب ولها مزارع طيبة زاكية وبها مياه غزيرة جارية ومصائد لصيد التن الكثير ومن ميلاص إلى مدينة مسينى مرحلة خفيفة
ومدينة مسينى هذه مدينة في ركن من الجزيرة بشرقيها والجبال من الناحية الغربية محدقة بها ساحلها بهج وأرضها طيبة المنابت وبها جنات وبساتين ذات ثمار كثيرة ولها أنهار غزيرة عليها أرحاء كثيرة وهي من أجل البلاد وأكثرها عمارة والسفر منها وإليها قصدا وهي دار الإنشاء وبها الحط والإرساء من جميع بلاد الروم الساحلية وبها تجتمع السفن الكبار والمسافرون والتجار من البلاد الرومية والإسلامية القاصدون إليها من جميع الأقطار وأسواقها رائقة وسلعها نافقة وقاصدها كثير وفي جبلها معدن الحديد الذي يتجهز به منه إلى البلاد المجاورة لها ومرساها العجب العجيب المتحدث به في كل البلاد وذلك أن أكبر ما يكون من السفن العظام يرسى من الشاطئ بحيث يتناول ما فيها من البر بالأيدي وبها المجاز الذي يعبر منه إلى بلد قلورية وبحره صعب المجاز لا سيما إذا خالف الريح الماء وإذا التقت المياه الداخلة والخارجة في وقت واحد فإنه لا يكاد يسلم من نشب بينهما إلا إن يشاء الله تعالى ومسافة الواسع من هذا المجاز عشرة أميال وسعة الضيق منه ثلاثة أميال
ومن مدينة مسينى مع الساحل إلى طبرمين مرحلة وطبرمين حصن منيع وبلد شامخ رفيع من عيون الحصون الأزلية وأشراف البلاد الأولية وهو على
595

جبل مطل على البحر وله مرسى حسن والسفر إليه من كل الجهات ويحمل منه كثير من الغلات وبه منازل وأسواق وهو مجتمع القوافل والرفاق الواصلة إلى مسينى وبها ضياع صالحة ومزارع طيبة زاكية وبها معدن الذهب وبها الجبل المشهور المسمى بالطور الموصوف بالآيات المعروف بالعبادات وبها أنهار غزيرة عليها أرحاء كثيرة وبها جنات قلائل ولها واد عليه قنطرة عجيبة وبناؤها يدل على قوة بانيها وقدرة سلطانه وكذلك بها ملعب من ملاعب الروم القديمة تدل رسومه أيضا على شرف ملك وشماخة قدر وبها معدن الذهب ومنها إلى لياج مرحلة
ولياج بلدة على البحر وهي من البلدان القديمة العمران ذات سوق وبادية ومزارع طيبة زاكية حارة المزاج يحصد بها الزرع قبل غيرها من بلاد الجزيرة ويحمل منها الزفت والقطران والخشب وأشياء كثيرة
وفي الغرب منها الجبل المعروف بجبل النار أيضا
ومن لياج إلى مدينة قطانية ستة أميال وهي البلد الجميل المعروف ببلد الفيل الشامخة القدر العالية الذكر وهي على ساحل البحر وبها الأسواق العامرة والديار الزاهرة والمساجد والجوامع والحمامات والمنازل والخانات وبها مرسى حسن ويسافر إليها من جميع الآفاق ويحمل منها كل البضائع والأوساق وجناتها كثيرة ومياهها من أنهارها وعيونها غزيرة وبها نهر في أمره عجب عجيب وشأن مستطرف غريب وذلك أنه في بعض السنين يفيض فيضا كثيرا فتنصب عليه الأرحاء وتمتلئ منه الأودية وفي بعضها ينضب فلا يوجد فيه ما يشرب وعمارتها واسعة وباديتها ومزارعها طيبة نافعة وأسوارها
596

منيعة وأقطارها واسعة والفيل الذي اشتهرت به هو طلسم من حجر على صورة فيل كان منصوبا على بناء شاهق في سالف الزمان ثم نقل الآن فنصب داخل المدينة بكنيسة الرهبان وبغربي قطانية وادي موسى النهر العظيم وهو يصب ببحرها وبه من السمك كل نهاية في العظم وحسن الذوق ومدينة طبرمين ولياج وقطانية بسفح جبل النار المتقدم ذكره من الناحية الشرقية منه
ومن مدينة قطانية إلى حصن لنتيني مرحلة وهي قلعة حصينة متحضرة الأسواق كالمدينة وهي من البحر على ستة أميال وموضعها على ضفة النهر المنسوب إليها وتصعد فيه المراكب بأوساقها حتى تحط بين يديها من شرقيها وبغربيها أرض واسعة جدا فسيحة الأرجاء ممتدة الفضاء ولها بواديها أنواع من السمك الجليل المعدوم المثيل ما يحمل منه إلى جميع جهاتها وفي لنتيني أسواق عامرة وفنادق وبشر كثير ومنها إلى سرقوسة مرحلة كبيرة
ومدينة سرقوسة من مشاهير المدن وأعيان البلاد تشد إليها المطي من كل حاضر وباد ويقصد إليها قصاد التجار من سائر جميع الأقطار وهي على ساحل البحر وهو محدق بها دائر بجميع جهاتها والدخول إليها والخروج عنها على باب واحد وهو بشمالها وشهرتها تغني عن التكثير من وصفها إذ هي منبر مشهور ومعقل مذكور وبها مرسيان ليس مثلهما في جميع البلدان أحدهما أكبر من الآخر وهو بجنوبها والآخر أشهر وهو بشمالها وفيها فوراة النبودي تنبع من جرف على حاشية البحر وهي عجيبة الأمر وبها ما بأكبر المدن من الأسواق ذوات السماطات والخانات والديار والحمامات والمباني الرائقة والأفنية الواسعة ولها إقليم كبير طائل وضياع ومنازل وهو خصيب المواضع زكي المزارع وتوسق منه السفن بالطعام وغيره من الأوساق إلى سائر البلاد والآفاق وبهذه
597

المدينة من الجنات والثمار ما يتجاوز الحد والمقدار ومن سرقوسة إلى نوطس مرحلة
ونوطس من أرفع القلاع حصنا وأشرف المدن حسنا قطرها واسع المساحة شريف المنافع والرجاحة وبه أسواق جميلة الترتيب وديار متقنة التركيب أنهارها جارية بمياه غزيرة وعليها أرحاء كثيرة وهي من البحر على ثمانية أميال ولها عمل واسع المجال وإقليم شريف الحال مزارعها أزكى المزارع ومواضعها أخصب المواضع وهي أزلية العمارة قديمة الآثار ومن نوطس إلى البحر ثمانية أميال
وبينهما رحل قسباري وهو رحل حسن الموضع متسع المزرع
ومن نوطس إلى طرف الجزيرة من هذا الوجه الشرقي مرحلة وهو كله خلا ويسمى هذا الطرف بمرسى البوالص
ومن نوطس على البحر إلى شكلة مرحلة وهي قلعة في أعلى جبل قلعتها أجل القلاع وبقعتها أفضل البقاع وهي من البحر عل نحو من ثلاثة أميال وحالها في ذاتها أشرف حال آهلة عامرة وهي بادية حاضرة وبها أسواق تجلب إليها البضائع من سائر الأعمال وهي كثيرة الخيرات واسعة الأحوال بها جنات تحمل بكل الثمرات ويسافر إليها في البحر من كل قطر من بلاد قلورية وإفريقية ومالطة وغيرها ورباعها أطيب الرباع ومزارعها أنفس المزراع وباديتها طيبة واسعة وأمورها صالحة وبها أنهار غزيرة عليها أرحاء كثيرة
وبها العين المعروفة بعين الأوقات ومن غريب أمرها أنها تجري في أوقات الصلوات وتجف في غير ذلك
ومن شكلة إلى رغوص ثلاثة عشر ميلا وهي قلعة منيعة وبلدة شريفة
598

قديمة العمران أزلية المكان محدقة بها الأودية والأنهار كثيرة الأرحاء والمطاحن حسنة الأبنية واسعة الأفنية ولها بادية خصيبة ومزارع زكية رحيبة وبينها وبين البحر سبعة أميال ونهرها المنسوب إليها يجري منها بجهتها الشرقية وبهذا الوادي عند مصبه في البحر مرسى حسن والمراكب تدخله وبه توسق وتفرغ ولها أسواق يتصرف إليها من جميع النواحي والآفاق ومنها إلى بثيرة مرحلتان خفيفتان وهما من الأميال خمسة وأربعون ميلا
وبثيرة قلعة منيعة الحصن رفيعة القدر سنية الذكر أحسن البلاد بادية وحاضرة وأشبه شيء بالمدن الكبيرة العامرة حسنة البنيان مشيدة الأركان ديارها رائقة عجيبة وأسواقها مرتبة رحيبة وبها مساجد للجماعات وحمام وخانات ويدور بها واد من أعظم الأودية محدقة به الجنات من جميع الجهات ولها فواكه طيبة وخيرات كثيرة معجبة
وبينها وبين البحر نحو من سبعة أميال ومن بثيرة إلى لنبياذة مرحلة وهي من الأميال خمسة وعشرون ميلا
ولنبياذة حصن في أعلى حجر محدق به البحر والنهر ولا يدخل إليها إلا من باب واحد بشمالها وبها مرسى تسافر المراكب إليه وتحمل الأوساق منه وبها عمارة وسوق ولها عمل واسع وأرضها زكية المزارع ونهرها المنصب ببحرها يسمى الوادي الملح وبه سمك طيب الطعم كثير شحم لذيذ المأكل ومن لنبياذة إلى كركنت مرحلة وهي خمسة وعشرون ميلا
وكركنت مدينة متحضرة من أشرف الحواضر عامرة بالوارد والصادر قلعتها حصينة سامية ومدينتها حسنة زاهية قديمة العمران مشهورة في جميع البلدان بل هي من أعظم الحصون منعة وأجل البلاد رقعة يسعى إليها من سائر
599

الآفاق ويجتمع بها السفن والرفاق ديارها سامية في الديار ومحلاتها تفتن النظار وبها أسواق جامعة لأصناف الصنائع وضروب المتاجر والمبائع وبها حدائق وجنات رائقات وأصناف كثيرة من الثمرات أزلية أولية تدل آثارها على سلطنة علية وتحمل كل ما وصل إليها من عظام السفن ما يتجاوز أوساقها في الأيام القلائل لاتساع ما بها من مواد الطوائل وبها جنات وغلات مشهورات وهي على ثلاثة أميال من البحر ومن كركنت إلى الشاقة مرحلة على البحر وهي خمسة وعشرون ميلا
والشاقة بلدة على ساحل البحر مشرفة فرجة وبها عمارة وأسواق وديار كثيرة وهي في هذا الزمان أم الأقاليم التي تليها والأعمال التي حولها ومرساها أبدا معمور والسفر إليها من إفريقية واطرابلس أبدا كثير وعملها هو عمل قلعة البلوط
وقلعة البلوط حصن منيع ومعقل شامخ عالي الذرى صعب الارتقاء ذو بواد شريفة خصيبة وضياع طيبة عجيبة وأصناف من الثمار غريبة وبها عيون وأودية عليها كثير من الأرحاء وكان بها خلق كثير تنقلوا في هذا الوقت إلى الشاقة ولم يبق بالحصن إلا رجال قلائل وهم يحرسونه عمن يريده ومن هذه القلعة إلى البحر اثنا عشر ميلا ومنه إلى الشاقة تسعة أميال وكذلك من قلعة كركنت إلى قلعة البلوط مرحلة كبيرة ومن الشاقة إلى مازر مرحلتان خفيفتان وبينهما رحل كبير يعرف بالأصنام على البحر
ومازر مدينة فاضلة شامخة كاملة لا شبه لها ولا مثال في شرف المحل والحال إليها الانتهاء في جمال الهيئة والبناء وما اجتمع فيها من المحاسن التي لم تجتمع في غيرها من المواطن وهي ذات أسوار حصينة شاهقة وديار حسينة
600

فائقة بها أزقة واسعة وشوارع وأسواق عامرة بالتجارات والصنائع وحمامات فاضلات وخانات واسعات وبساتين وجنات طيبات المزدرعات يسافر إليها من جميع الآفاق ويتجهز منها بوافرات الأوساق وإقليمها كثير الاتساع يشتمل على منازل جليلة وضياع وبأصل سورها الوادي المعروف بوادي المجنون توسق منه المراكب وتشتو فيه القوارب ومن مازر إلى مرسى علي ثمانية عشر ميلا
مرسى علي كان مدينة قديمة أزلية من أشرف بلاد صقلية وكانت قد خربت ودثرت فعمرها القومس رجار الأول وسور عليها سورا فحصلت ذات عمارة وأسواق وجباية ولها إقليم واسع وعمل شاسع وسفر أهل بلاد إفريقية إليها كثير وشرب أهلها من آبار عذبة في ديارها مع مياه من العيون التي حولها ولها فنادق وحمامات وبساتين ومزارع طيبات ومنها إلى طرابنش مرحلة وهي ثلاثة وعشرون ميلا
وطرابنش مدينة أزلية قديمة المحل على ساحل البحر والبحر يحدق بها من جميع جهاتها وإنما يسلك إليها على قنطرة على باب شرقيها ومرساها بالجانب الجنوبي منها وهو مرسى ساكن غير متحرك يشتى به أكثر السفن في الشتاء آمنة من جميع الأنواء هاد موجه عند هيجان البحار ويصاد به من السمك ما يفوق المقدار ويصاد بها السمك الكبير أيضا المعروف بالتن بشباك كبار ويصاد ببحرها المرجان السني وعلى بابها سباخ الملح البحري ولها إقليم واسع الأجناب ممتد الأطناب أرضها من أكرم الأرضين في الزراعات كثيرة الفوائد والغلات وطرابنش في ذاتها ذات أسواق رحيبة ومعائش خصيبة
وبقربها جزيرة الراهب وجزيرة اليابسة وجزيرة مليطمة ولكل واحدة من
601

هذه الجزائر مرسى وآبار ومحتطب وطرابنش يسافر إليها ومنها في أيام الشتاء لجودة مرساها واعتدال بحرها وهوائها
ومن طرابنش إلى جبل حامد نحو من عشرة أميال وهو جبل عظيم شامخ الذروة عالي القمة حصين منيع من الارتقاء إليه وفي أعلاه أرض سهلة للزراعة ومياهه كثيرة وله حصن غير محروس ولا منظور إليه ومنه إلى الحمة عشرون ميلا
والحمة قلعة حصينة شامخة مذكورة من أحسن القلاع والبحر بشمالها على ثلاثة أميال أو نحوها ولها مرسى بني عليه حصن يعرف بالمدارج والمراكب مارة به وراجعة إليه ويصاد به التن بالشباك وإنما سميت هذه القلعة بالحمة لأن فيها حمة حامية يخرج ماؤها من جرف قريب منها ويستحم الناس فيها وماؤها معتدل السخونة عذب رطب وبقربها أنهار وأودية عليها أرحاء وبها بساتين وجنات وأبنية ومتنزهات وكثير من الثمرات ولها عمل واسع ورباع طيبة المزارع وهي من طرابنش على مرحلة خفيفة
ومن قلعة الحمة إلى قلعة اوبي عشرة أميال وهو حصن منيع وبلد فسيح له عمل واسع طيب المزارع كثير المنافع وبينه وبين البحر نحو أربعة أميال وله مرسى يسافر إليه ليوسق الطعام الكثير منه وكذلك يوسق منه سائر الحبوب وبه معدن تقطع منه أحجار الأرحاء المائية والفارسية وهذه القلعة من الحمة على عشرة أميال ومن قلعة اوبي إلى برطنيق اثنا عشر ميلا
وبرطنيق بلدة جميلة وطيبة حسنة المنظر بهية وبها رباع زكية يعمل بها القطن الكثير والحناء وغير ذلك من أصناف القطاني وبها مياه غزيرة وعليها
602

أرحاء كثيرة والحصن المنسوب إليها بمكان يعرف بجبان يطل عليها ولها مرسى يعرف بالركن وفي شمالها على نحو ميلين
ومن برطنيق إلى شنس وهو منزل واسع بأكناف جبل مطل عليه وتليه أرض متسعة طيبة المنابت حسنة المراعي كثيرة الفوكه والبحر منها على شمالها على أربعة أميال
أو نحوها
ومن شنس إلى قرينش ثمانية أميال وهي بلدة طيبة جميلة حصينة وبها أصناف من الفواكه كثيرة وبها سوق كبيرة وأكثر ما بالحواضر من الأسواق والحمامات والديار الواسعات ومنها يحمل كثير من اللوز والتين الناشف والخرنوب وتوسق به المراكب والقوارب ويتجهز به إلى كثير من البلاد ومياهها غزيرة متدفقة في كل ناحية حتى أن أكثرها بداخل الجنات وبها حصن محدث على ربوة مطلة على البلد والبحر منها بشمالها على نحو ميل منها ومنها إلى المدينة العظمى المسماة بلرم اثنا عشر ميلا
فهذه خمسة وثلاثون بلدا على البحر خاصة وأما ما سوى ذلك من البلدان البرية فهي كثيرة بين حصون وقلاع ومحال وأصقاع وها نحن لها ذاكرون قلعة قلعة وحصنا حصنا إن شاء الله
وأول ذلك نبدأ بالخروج من المدينة إلى قصرياني في وسط الجزيرة
وذلك أن من المدينة إلى منزل الأمير مع الشرق ستة أميال وهو معقل جليل وحصن حصين وله مياه وأرضون ومزارع كثيرة ومنه إلى الخزان ستة أميال وهو حصن في أعلى جبل من أجمل القلاع وأفضل البقاع وحالها
603

أشرف حال وله عمارة وأرحال ومنه يخرج النهر المسمى وادي الأمير وأصله من الخزان فينزل مع الخنادق وتجتمع به مياه قجانة وتبقى قجانة شمالا وبين قجانة وجفلة تسعة أميال وتجتمع المياه تحت مرناو ويبقى مرناو على اليمين وبينها وبين قجانة ميل ونصف ويتصل إلى تحت منزل الأمير ويبقى منزل الأمير شمالا وبينها وبين الوادي ميل وبين مرناو ومنزل الأمير ستة أميال ومنه إلى البحر ميل كبير ومن الخزان إلى جفلة نصف مرحلة وهو نحو من عشرة أميال وكذلك من منزل الأمير إلى جفلة مثل ذلك من الأميال وهي مرحلة
وجفلة بلد مليح وإقليم فسيح وعمل كبير وضياع ومنازل مياهها متدفقة وغدرانها مغدودقة ومزارعها واسعة وجهاتها شاسعة ومن الخزان إلى بيقوا خمسة عشر ميلا
وبيقوا حصن عال ومعقل مغلق الإقفال له مياه جارية وحروث زاكية وبينه وبين وادي السلة النازل إلى ثرمة ميل وله مزارع متصلة وخيرات مشتملة وحروث كثيرة ونعم وافرة ومن بيقوا إلى بثرانة تسعة أميال
وبثرانة حصن مانع وقفل رائع ممتنع الهجات له مزارع وغلات وأرض تتصل عمارتها ببيقوا المتقدم ذكرها
ومن الخزان إلى جاطوا نحو من خمسة عشر ميلا وحصن جاطوا عالي المكانة زائد الحصانة وإليه الانتهاء في صحة المزارع وسعة الأرجاء وبه سجن مطبق يودع فيه من سخط الملك عليه وليس بهذا الحصن مياه جارية ولا حوله أنهار متدانية
604

ومن جاطوا إلى طرزي تسعة أميال وهو حصن علم ومعقل أزلي القدم وثيق جدا وله مزارع وأرضه تتصل من جهة الشمال بأرض جاطوا وتتصل أرضه من جهة الجنوب بحصن قرليون وبينهما نحو من ثمانية أميال وبين قرليون وقلعة الطريق شمالا تسعة أميال عربية وهي ثلاثة إفرنجية
وقرليون حصن حصين منيع ومعقل مشيد رفيع وله عمارات متصلة ويتصل به نهره المنسوب إليه ومن قرليون إلى راية ثمانية أميال عربية وكذلك بين قرليون وجاطوا خمسة أميال إفرنجية ومن قرليون إلى برزوا شرقا عشرة أميال
وبرزوا حصن حسن البقعة شديد المنعة ذو ربض مسكون ومياه جارية وعيون ومزارع ممتدة الأطناب وخيرات متوفرة الاكتساب ومنه إلى قصر نوبو نحو من اثنتي عشر ميلا وكذلك من قصر نوبر إلى قرليون عشرون ميلا
وقصر نوبو محل حسن الجهات شامل المنافع والخيرات وله مزارع وغلات ومياه جاريات ومن قصر نوبو غربا إلى راية نحو عشرة أميال وكذلك من برزوا إلى راية عشرة أميال وكذلك من قرليون أيضا إلى راية ثمانية أميال فبرزوا شمالا وقصر بونو شرقا وقرليون غربا وراية جنوبا
وراية هذه رحل شريف ومرتبع حسن منيف ذو مزارع زاكية وأرضين مباركة طيبة
ونهر السلة وهو نهر ثرمة يخرج من أصل هذا الجبل المسمى راية غربا
605

ومن جبله المكتنف له ويمر جاريا مع الشمال إلى أن يجتاز بمياه برزوا يمينا مع الشرق وبين برزوا والوادي ثلاثة أميال ويتمادى إلى رحل مرغنة وتبقى مرغنة شمالا وبينها وبين الوادي ميل وبين قلعة برزوا ومرغنة أربعة أميال ثم يمر هذا النهر إلى تحت بيقوا وتبقى بيقوا يمينا وبينها وبين الوادي ميل واحد وبين مرغنة وبيقوا ثلاثة أميال
وهناك يلتقي معه وادي ريغنو وأصله من جبل زرارة من مكان يسمى الغدران وينضاف إليه ماء منزل يوسف ويبقى منزل يوسف يمينا ويجتمعان في الوادي الذي تحت بيقوا ثم يتمادى إلى بثرانة فيبقى بثرانة يمينا وبينها وبين الوادي ثلاثة أميال وبين بيقوا وبترانة تسعة أميال ويمر من هناك إلى الأبرجا فتبقى الأبرجا يمينا وبينها وبين الوادي ثلاثة أميال وبين الأبرجا وبثرانة ميلان ومن هناك يمر إلى تحت ققبش وتبقى ققبش يمينا وبينها وبين الوادي ميلان وبين الأبرجا وققبش ميل واحد ثم يتصل جريه إلى ثرمة وتبقى ثرمة يمينا وبين ققبش وثرمة عشرة أميال وهناك يصب في البحر وبين جفلة المتقدم ذكرها وخاصوا ميلان إفرنجية وكذلك بين خاصوا وبيقوا ميلان إفرنجية
وخاصوا رحل كثير الزراعات جامع لأصناف الخيرات والحبوب والغلات
وكذلك من قرليون إلى بطلاري جنوبا أربعة أميال إفرنجية
وبطلاري حصن أزلي قديم البنية حصين المنعة محدقة به الجبال كثير المياه
606

ومن بطلاري إلى قلعة البلوط السابق ذكرها عشرة أميال ومن هذه القلعة إلى الشاقة أربعة أميال إفرنجية وهي اثنا عشر ميلا
وكذلك من طرزي إلى رحل المرأة ثمانية عشر ميلا عربية وهو رحل عامر كثير المزارع والخصب والألبان والسمن ومن هذا الرحل إلى برطنيق مرحلة خفيفة وهي نحو من ثمانية عشر ميلا ومن هذا الرحل غربا إلى الصنم في طريق مازر تسعة أميال عربية
والصنم رحل كبير يحتوي على بشر كثير وعليه حصن مطل ومعقل سامي المحل أشجاره مصطفة وبساتينه ملتفة ومياهه متدفقة وخيراته محدقة ومن الصنم إلى مازر سبعة أميال إفرنجية وقد تقدم ذكر مازر إذ هي مدينة كبيرة ومن مازر إلى الأصنام وقد ذكرناها قبل ثلاثة أميال إفرنجية
ونرجع إلى قصر نوبو المتقدم ذكره فنقول إنه يخرج منه نهر ابلاطنو وهو غزير فيمر إلى قمراطة ثم يتصل إلى ابلاطنو ثم إلى البحر ومن قصر نوبو إلى قمراطة عشرة أميال ومن قمراطة إلى ابلاطنو ثلاثون ميلا وهي مرحلة
وقمراطة رحل كبير ممتد الجانبات كثير الزراعات وبه حصن مرتفع الذروة حصين المنعة وله بساتين وجنات وفواكه ونعم
وكذلك حصن ابلاطنو محل شامخ عليه قلعة سامية وذروة نامية وبين ابلاطنو والبحر نحو من ستة أميال أو نحوها
ونرجع فنقول إن من حصن جاطوا المتقدم ذكره إلى قلعة اوبي خمسة أميال إفرنجية وقد ذكرناها ومن قلعة اوبي إلى علقمة ميل ونصف عربي
607

وعلقمة منزل رحب وبه مزارع وخصب وبه سوق قائمة وفعلة وصناعات وبين علقمة وميرجا ميل واحد شمالا
وميرجا حصن حصين صغير وله ربض ومساكن وأرض خصبة الأماكن ومنه إلى حصن الحمة ميل إفرنجي وقد ذكرنا الحمة فيما تقدم وسلف ومن حصن الحمة إلى المدارج ميلان إفرنجيان
وحصن المدارج أمنع الحصون بنيانا وأحصنها مكانا وحوله خندق دائر به مقطوع في الجبل والوصول إليه على قنطرة خشب تزال وترد متى أريد ذلك ولها بساتين وكروم وبها فواكه ولها مرسى حرج ومن حصن المدارج إلى قلعة اوبي ثلاثة أميال إفرنجية وقد ذكرناها فيما سلف ومن قلعة اوبي إلى برطنيق ثلاثة أميال إفرنجية وقد تقدم ذكر برطنيق فيما تقدم ومن برطنيق إلى حصن جاطوا ثمانية عشر ميلا وقد ذكرناها قبل هذا
ونرجع الآن فنقول إن من حصن الحمة إلى قلعة فيمي نحو من ثمانية أميال
وقلعة فيمي حصن أزلي قديم ومعقل غير ذميم له ربض عامر وحروث ومشاجر ومياهه قليلة فيما استدار به ومن حصن فيمي إلى قلعة الصنم اثنا عشر ميلا وقد ذكرناه ومن حصن الصنم إلى رحل القائد عشرة أميال وكذلك من رحل القائد إلى الأصنام التي على البحر عشرة أميال ومن جبل حجر الصنم يخرج نهر طوط ويجتاز بالصنم ويبقي الصنم غربا ويتصل جريه بالبحر فيصب بمقربة من مازر
608

ونرجع أيضا فنقول إن من مازر إلى قصر ابن منكود بين شمال وشرق خمسة عشر ميلا ومن قصر ابن منكود إلى بلجة أربعة أميال بين شرق وشمال ومن بلجة إلى منزل سندي بين شرق وشمال خمسة عشر ميلا ومن منزل سندي إلى قصر ابن منكود ستة أميال ومن منزل سندي إلى رحل الأرمل تسعة أميال بين شمال وغرب ومن منزل سندي إلى قلعة مورو تسعة أميال ومن قلعة مورو إلى بطلاري ستة أميال شرقا
فأما قصر ابن منكود فرحل واسع وإقليم متباعد الجهات شاسع قد حفت به الجنات والمزارع وبه رقة تحوطه
وكذلك بلجة حصن حصين ومعقل شامخ مصون وقد أحدقت الجبال به من جميع جهاته وحصنت رقته بحماته وحوله أشجار ومزارع قلائل
ويقرب منه نهر القارب ومبدأ هذا النهر من شمال قلعة قرليون من جبلها المحيط بشمالها فيمر بشرقيها ثم ينعطف غربا فيجتاز بغربي منزل سندي ثم يمر بين الجبال في جهة الجنوب إلى شرقي بلجة ثم يمر في عين الجنوب فيقع في البحر على مقربة من الأصنام ومقدار جرية هذا الوادي من منبعه إلى موقعه في البحر خمسون ميلا ومن موقع هذا النهر إلى نهر سلمون خمسة أميال وهو نهر يأتي من جبل قليل الطول ومن نهر سلمون إلى الشاقة اثنا عشر ميلا وكذلك من الشاقة إلى ابلاطنو سبعة عشر ميلا
وابلاطنو محل شريف ومعقل منيف وله مزارع وغلات وخيرات واسعات
609

كثير البساتين والأشجار آهل بالقصاد والعمار ووادي ابلاطنو يمر به في جهة شرقية
ومن ابلاطنو إلى غرذوطة شرقا وهو منزل حفيل ومحل آهل له بساتين وأشجار كثيرة ومزارع معمورة
ومن غرذوطة إلى سطير شمالا والجبال محدقة به من جميع جهاته آهل عامر مقصد لطريق الوارد والصادر وبينهما تسعة أميال ومن منزل سطير إلى حصن قمراطة السابق ذكره قبل هذا ثمانية عشر ميلا شمالا
وكذلك من كركنت إلى المنشار بين شرق وشمال ثمانية عشر ميلا وهو حصن على رأس جبل وعر آهل بأهله عامر وله مزارع كثيرة وخصب زائد ومن حصن المنشار إلى القطاع جنوبا عشرة أميال
والقطاع محل مطل ومكانه على جبل وله غلات وزراعات كثيرة وخصب زائد وجمل من المنافع والفوائد ومن القطاع إلى كركنت اثنا عشر ميلا غربا ومن القطاع إلى ابلاطنو عشرون ميلا شمالا
ومن كركنت إلى ناروا اثنا عشر ميلا وهي منها شرقا وناروا رحل جليل ومنزل حفيل ذو أسواق عامرة وصنائع متحركة وله سوق في يوم مشهود وله مزارع متصلة
وعمارات محتفلة ومن ناروا إلى القطاع شمالا عشرة أميال وكذلك من ناروا إلى السابوقة شرقا اثنا عشر ميلا ومن القطاع إليها مثل ذلك في جهة الشرق وكذلك من المنشار أيضا إلى السابوقة أحد
610

عشر ميلا بين جنوب وشرق
والسابوقة حصن عال عامر آهل كثير الزراعات محتفل الغلات مشتمل البركات متصل العمارات ومن السابوقة إلى قلعة النساء اثنا عشر ميلا في طريق كركنت ومن ناروا إلى قلعة النساء بين شرق وشمال أحد وعشرون ميلا
وقلعة النساء قلعة حسنة البناء مطلة على عمارات متصلة ومنافع جمة وغلات وأشجار وفواكه وفي الشرق منها وعلى مقربة منها يجري النهر الملح
ومن قلعة النساء إلى قصر ياني ثمانية عشر ميلا وهي مدينة في أعلى جبل ذات حصن حصين ومعقل متين قطرها واسع وبناؤها شاسع ولها أسواق جميلة الترتيب وديار متقنة التركيب وصنائع وبضائع وصناع ومتاجر وأمتاع ولها عمل واسع المجال وأقاليم واسعة الحال مزارعها زكية وغلاتها مرضية وهواؤها بارد ومرافقها تشفي الصادر والوارد وبالجملة فهي أمنع بلاد الله مكانا وأوثقها بنيانا ولها مع حصانتها في جبلها مزارع ومياه جارية لا تحتاج إلى البسيط وبها رقة رائقة ورقعة شاهقة لا تغلب في حال ولا يمكن فيها القتال
ومن قصرياني شمالا إلى محكان ثمانية عشر ميلا ومن محكان إلى قصر خمسة عشر ميلا بين جنوب وشرق ومن محكان إلى سطير غربا خمسة عشر ميلا وكذلك من سطير إلى كركنت ستة وثلاثون ميلا وهي مرحلة كبيرة تسير من سطير إلى غرذوطة المتقدم ذكرها ثم إلى المنشار ثم إلى القطاع ثم
611

إلى كركنت ومن سطير إلى قصر نوبو شمالا أربعة وعشرون ميلا وقد ذكرنا هذه القلاع والمعاقل فيما صدر من الكتاب
ومن كركنت إلى قرقوذي شرقا مائة ميل وثمانية عشر ميلا ومن قرقوذي إلى ناروا أربعة وعشرون ميلا ومن ناروا إلى كركنت اثنا عشر ميلا وكذلك من ناروا إلى قلعة النساء أحد وعشرون ميلا ومن قلعة النساء إلى قرقوذي جنوبا خمسة عشر ميلا
وقرقوذي بلد حسن في رأس جبل من أمنع قلل الجبال وله أرض طيبة زاكية وزراعات فاخرة نامية
وبين أرضها والوادي الملح قريب وهو في الشرق منها وهذا النهر الملح أصله ومنبعه يخرج من شعراء نزار التي فوق جفلة وبينهما وبين جفلة ميل ونصف وينزل جنوبا أمام جفلة وبينها وبين الوادي ميل ويتصل بالحمة ويتصل من هناك بالرحل المسمى حراقة ويبقى الرحل عن يمين وبينه وبين الوادي رمية حجر وبين هذا الرحل والحمة ستة أميال وفي كل هذا هو حلو ثم يمر حتى يصل إلى أرض محكان ويبقى محكان يمينا ومن قبل هذا يجري الوادي على سباخ فيملح ماؤه ويعود ملحا ثم يتصل بغربي أرض قصرياني ويمر في شرقي قلعة النساء على بعد خمسة أميال إلى أرض الحجر المثقوب وبعدها منه ميلان وهي في شرقيه ثم يمر إلى شرقي قرقوذي كما قدمنا ذكره وبينهما نحو من تسعة أميال ثم ينعطف مارا في عين المغرب فإذا قارب لنبياذة مر جنوبا فيصب في البحر ثم في لنبياذة وبينهما مقدار يسير
612

ومن قرقوذي إلى بثيرة جنوبا اثنا عشر ميلا على الجبل وعلى غير الجبل أربعة وعشرون ميلا وقد مر ذكرها ومن بثيرة إلى لنبياذة تسعة عشر ميلا وقد سبق ذكر لنبياذة في ذكر المدن البحرية وبين بثيرة وشلياطة اثنا عشر ميلا شرقا مع الشمال
وشلياطة منزل في مستو من الأرض أنهارها جارية وزراعاتها نامية وخيراتها متدانية وغلاتها كثيرة ويتصل جري نهر العسل بغربي أرضها وبين شلياطة وابلاطسة شمالا عشرة أميال ومنها يخرج نهر العسل المذكور
وابلاطسة معقل حصين ذو أراض ممتدة ومزارع مباركة وله سوق مشهورة وفيها غلات كثيرة وأشجار وفواكه ومنها إلى قرقوذي غربا نحو من خمسة عشر ميلا ومن ابلاطسة أيضا إلى الحجر المثقوب مثل ذلك والحجر المثقوب حصن حصين ومعقل مكين أطنابه ممتدة وأقاليمه معمورة ومياهه كثيرة
ومن الحجر المثقوب إلى قصر ياني نحو من اثني عشر ميلا وكذلك أيضا من الحجر المثقوب إلى شلياطة خمسة وعشرون ميلا وبين الحجر المثقوب وقلعة النساء غربا مع شمال سبعة أميال
وكذلك بين شلياطة وحصن الجنوب ويسمى قلعة الخنزارية عشرة أميال وهو حصن منيف على شرف جبل منيع أرضه صالحة الزراعة شاسعة الذراعة وبها العسل كثير وبين الخنزارية ورغوص خمسة وعشرون ميلا
ورغوص منزل حسن وثيق البنيان سامي العلو حصين منيع على نهر يعرف بها وبينها وبين البحر اثنا عشر ميلا وبين رغوص المذكورة وشكلة اثنا عشر ميلا شرقا وبين شكلة وموذقة ثمانية أميال ومن رغوص إلى موذقة خمسة
613

أميال وهي منها شمالا
وموذقة بين جبال منيعة وبها خيرات وفوائد وغلات وبين موذقة وقلعة أبي شامة شمالا ستة عشر ميلا وبين أبي شامة ورغوص خمسة عشر ميلا جنوبا وبين قلعة أبي شامة ولنتيني أربعة وعشرون ميلا
وقلعة أبي شامة معقل يركن إليه ويعول عليه والشعراء متصلة به ويتفجر من جباله نهر الاروا ونهر بنتارغة ونهر بنتارغة يصب في مينا سرقوسة ونهر الاروا يصب في البحر مع ركن الجزيرة في جهة الجنوب وبين لنتيني وبزيني خمسة وعشرون ميلا في جهة الغرب مع الجنوب وكذلك من رغوص إلى بزيني عشرون ميلا وبين شلياطة أيضا وبزيني خمسة وعشرون ميلا
وبزيني في سفح جبل ولها مزارع وأرض حسنة وينفجر من جبلها واديان فينصبان ثم يجتمعان على بعد منها ثم يشقان الجبال ويمران في أصل الشعراء إلى البحر ويسمى هذا الوادي وادي اكريلوا وبين بزيني أيضا وأبي شامة خمسة عشر ميلا وبين أبي شامة ونوطس ثلاثون ميلا وبين نوطس والبحر من جهة مالطة عشرون ميلا وكذلك بين نوطس وبنتارغة تسعة عشر ميلا
وبنتارغة قد أحدقت بها جبال سرقوسة ونهرها المسمى بها يخرج من قلعة أبي شامة كما قدمنا ذكره وبين بنتارغة وسرقوسة شرقا تسعة عشر ميلا وبين بنتارغة ولنتيني اثنا عشر ميلا مع تغريب وبين لنتيني وقلعة ميناو غربا
614

مع جنوب أربعة وعشرون ميلا
وميناو قلعة حسنة بين جبال بزيني دارة الينابيع كثيرة المزارع كثيرة الفواكه والألبان وأرضها طيبة التربة وبين ميناو وبزيني أربعة عشر ميلا جنوبا ومن ميناو إلى قلعة الخنزارية عشرة أميال غربا ومن ميناو إلى قلعة الفار ثلاثة أميال شمالا وبين ميناو ومنزل ملجأ خليل تسعة أميال
ومنزل ملجأ خليل منزل كثير العمارة متصل الزراعة والجبل منها في جهة الجنوب ونهرها يخرج منه ويسمى وادي بوكريط وبين منزل أبي خليل وقلعة الخنزارية تسعة أميال جنوبا وبين منزل خليل وقصرياني أربعة وعشرون ميلا ومن ميناو في جهة الشرق محققا إلى بكير ثمانية عشر ميلا على طريق الجبل
وبكير منزل في مستو من الأرض عامر المحلة جليل الغلة سامي الوصف كثير الفواكه ويتصل بالصنوبر المعروف بالبنيط من جهة الغرب ومن بكير إلى لنتيني شمالا عشرون ميلا ومن بكير إلى أبي شامة جنوبا سبعة أميال وأرضها مختلطة متصلة
ومن قصرياني إلى ابلاطسة جنوبا عشرون ميلا وابلاطسة حصن بين قلعة الخنزارية وقلعة الحجر المثقوب وبين ابلاطسة والحجر المثقوب أربعة عشر ميلا وكذلك بين ابلاطسة والشلياطة جنوبا اثنا عشر ميلا وبين منزل خليل وباترنو عشرون ميلا وبين أبي شامة وبلنسول ميلان ومن بلنسول إلى قيري اثنان وعشرون ميلا ومن ابلاطسة إلى أيذوني تسعة أميال شمالا
615

ويخرج من أيذوني وادي رنبلو فيمر مشرقا ويجتمع مع وادي بوكريط المتقدم ذكره فيمران معا فيجتمعان مع وادي الطين على ثمانية أميال من مجتمع الواديين ويمر الكل حتى يصل قرب البحر فيجتمع مع وادي موسى فتصير هذه الأودية شيئا واحدا فتصب في البحر
وبين أيذوني وقصرياني خمسة عشر ميلا بين غرب وشمال وكذلك من أيذوني إلى ملجأ خليل نحو من عشرة أميال ومن قصرياني مع الشمال إلى طابس عشرة أميال
وطابس حصن جليل ومعقل عال ذو مزارع ومياه وماء وادي الطين يخرج من أرضها ويمر شرقا إلى أن يقع في وادي موسى بمقربة من البحر
وكذلك من طابس إلى جوذقة اثنا عشر ميلا شرقا ومن أيذوني إلى جوذقة أيضا اثنا عشر ميلا شمالا
وجوذقة منزل كبير وبه بشر كثير مزارعه ممتدة وغلاته كثيرة مفيدة ومن جوذقة إلى ملجأ خليل جنوبا ثلاثة عشر ميلا ومن طابس مع الشمال إلى شنت فيلب أحد عشر ميلا ومن شنت فيلب إلى شنتورب خمسة عشر ميلا
وشنتورب محل حسن كثير الفوائد والغلات ممتد الأرجاء والجهات عامرة أرضه شاسع طوله وعرضه وهو من شنت فيلب في عين الشرق
وشنت فيلب موضعها من أحسن المواضع وأشرفها بقعة وأكثرها غلة
616

ومنفعة وبين شنتورب وأذرنو ثلاثة عشر ميلا شمالا وفوق أذرنو مجتمع نهر طرجينس ونهر جرامي ونهر القيسي وغيرها
وأذرنو منزل حسن كالمدينة الصغيرة في شرف حجري وبه سوق وحمام ورقة حسنة ومياهها كثيرة وهي في ذيل جبل النار من جهة الجنوب
ومن أذرنو على سفح الجبل إلى بطرنو ستة أميال
وبطرنو معقل مانع وحصن كثير المنافع مزارعه كثيرة وبه فواكه وكروم وجنات وهو حصن حسن مطل على أرضين ومنه إلى نسطاسية سبعة أميال بين شرق وجنوب
وبين نسطاسية والبحر اثنا عشر ميلا وبين نسطاسية ولنتيني جنوبا تسعة عشر ميلا وبين نسطاسية ووادي موسى ميلان ونصف
ونهر موسى يجتمع من مياه أربعة أحدها وادي جرامي وهو يخرج من جبال القيسي والأصل الثاني من جبالها أيضا ومن جناتها فامأ وادي جرامي فإنه يمر من الجبلين ميلين ونصفا فيلتقي مع صاحبه فيمران معا إلى أن يوافي جرامي وبين مجتمع الواديين وجرامي نحو من ستة أميال ويتجاوز إلى تحت جرامي حيث المطاحن وتبقى جرامي منهما في الشرق وبين جرامي والوادي المذكور ميل واحد وبين ملتقى العنصرين وحجر سارلو ثمانية أميال فيقع فيه هناك نهر النيقشين وبين النيقشين ونهر جرامي ميل كبير ومن هناك ينزل الوادي بجملته إلى ما بين شنت فيلب وغليانة فتبقى غليانة في شرقي الوادي
617

بينها وبينه ميل ونصف وتبقى شنت فيلب في الغربي من الوادي بينها وبينه نصف ميل وينزل الوادي المذكور إلى انتر نستيري بين أذرنو وشنتورب وتبقى أذرنو في الشرق من الوادي بينها وبينه ميل وتبقى شنتورب في الغربي منه بينهما ميل ونصف وتجتمع في المكان المذكور مع وادي موسى ومع الوادي النازل من طرجينس ووادي يلية ووادي انبلة
ومن طرجينس إلى ملتقى الأنهار المذكورة ثمانية أميال ومن يلية إلى ملتقى الأنهار أربعة أميال ومن أنبلة إلى المكان أيضا حيث ملتقى الأودية خمسة أميال ويصير جميع الأودية كلها واحدا ثم ينزل إلى الجرطة وتبقى بطرنو وشنت نسطاسية في الشرق وبين بطرنو والوادي نصف ميل ويبقى بين شنت نسطاسية ووادي موسى ميلان ويجتمع نهر موسى ونهر وادي الطين ووادي رنبلو ووادي كريط على مقربة من البحر فيصب في البحر
ولنرجع الآن فنقول إن من بيقوا إلى بثرانة تسعة أميال ومن بثرانة إلى سقلافية خمسة أميال ومن سقلافية إلى قلعة أبي ثور شرقا ستة أميال
وقلعة أبي ثور حصن مانع عامر ذو مزارع صادقة وغلات قائمة
ومنه إلى بولس جنوبا خمسة أميال وهو حصن في ذروة مطلة أجمل محلة وله مزارع وأرضون طيبة ومن بولس إلى بطرلية شرقا ستة أميال
وبطرلية حصن شريف ومعقل منيف مزارعه متصلة الأطناب كثيرة
618

الخيرات وبه سوق وقلعة كسائر أسواق المدن الكبار ومن بطرلية إلى مقارة ثمانية أميال وهو حصن عامر الديار كثير المزارع كثير المنافع
ومنه إلى حصن اسبرلنكة عشرة أميال جنوبا وهو منزل كبير شامل لكل خير ذو أرض وزروع وعمارات واسعة التذريع ومن اسبرلنكة إلى قمراطة ثلاثة وعشرون ميلا وقد ذكرنا قمراطة فيما صدر من الذكر ومن اسبرلنكة إلى النيقشين شرقا اثنا عشر ميلا
والنيقشين حصن حصين من أحسن الحصون له ربض مسكون وعمارات كثيرة متصلة ومزارع غير منفصلة ومن النيقشين إلى حصن طرجينس اثنا عشر ميلا بين شمال وشرق وأيضا إن طرجينس حصن ممدن وموطن مستوطن ومعقل مشرف على الجهات متصل المزارع والعمارات
ومن طرجينس في جهة الغرب إلى جرامي ثمانية أميال وجرامي منزل ذو رقة مطلة عامر آهل المحلة زراعاته خصيبة ومياهه كثيرة عذبة ومن جرامي إلى قيسي تسعة أميال شمالا
وقيسي حصن كثير العمارة حصين القرارة ذو كروم كثيرة ونعم مشتملة غزيرة ومن قيسي إلى جاراس خمسة عشر ميلا غربا
وجاراس كثير الفواكه عامر المزارع ربضه رحب وعماراته منتشرة وهو بين جبال شاهقة وأطراف متلاحقة وبين جاراس وبطرلية نحو من عشرة أميال ومن جاراس أيضا إلى رقة باسيلي شمالا تسعة أميال وهي رقة حسنة أرزاقها ممكنة وخيراتها شاملة وزراعاتها طيبة نامية
619

ومن رقة باسيلي إلى الحمار منزل في رأس جبل عشرة أميال غربا وكذلك من جاراس إلى الحمار ثلاثة عشر ميلا ومن الحمار إلى بولس ستة أميال بين غرب وجنوب
ومن الحمار إلى قلعة الصراط تسعة أميال غربا وهي قلعة على تل منيع ونشز رفيع كثيرة المياه والمزارع عليها جبل مطل منيف وبها كان الحصن أولا وكان في نهاية من الحصانة وغاية من الحماية وبه أغنام وأبقار فهدمه الملك المعظم رجار ونقله إلى المكان الذي به القلعة الآن
ومن قلعة الصراط إلى جفلوذي على البحر ثمانية أميال وبينهما حصن قرطيرش وهو حصن صغير وبه خير كثير ومن قلعة الصراط إلى ثرمة الساحلية خمسة عشر ميلا غربا مع ميل إلى الشمال وكذلك من رقة باسيلي إلى طزعة السابق ذكرها عشرة أميال شمالا
ونرجع بالقول فنقول إن من طرجينس المقدم ذكرها إلى منياج عشرون ميلا وهي تسمى غيران الدقيق وهي قرية عامرة في مستو من الأرض لها سوق وتجار وبها خصب كثير وخير شامل
ومنياج في الركن الشمالي من الجبل المسمى بجبل النار وبينهما نحو من خمسة أميال وهي على نهر يأتي إليها من نحو ثلاثة أميال وعليه أرحاء عامرة ومن منياج إلى أذرنو والطريق مع وادي موسى عشرون ميلا وقد ذكرنا أذرنو فيما مضى ومن منياج شرقا إلى الرنداج عشرة أميال
والرنداج في حضيض الجبل المذكور وهي قرية كالمدينة الصغيرة عامرة
620

السوق بالتجار والصناع وبها من الخشب كثير ومنها يحمل إلى كثير من الجهات ومن الرنداج إلى قسطلون عشرون ميلا وبينهما حصن كالمنزل صغير يسمي المد
وحصن قسطلون عالي الرقعة كثير المنعة عامر آهل ذو أسواق وبيع وشراء ومنه إلى قرية مصقلة في الركن البحري من الجبال وهي قرية عامرة بأهلها في ربوة جبل عال والمياه تخترق وسطها ومنها إلى الطبرمين على الساحل ستة أميال وبينهما النهر البارد ومخرجه من جبال شامخة في غربي منياج فيمر مشرقا لا ينثني إلى أن يرد البحر وطول جريته من أوله إلى آخره ثمانون ميلا
ومن الرنداج إلى منت البان عشرون ميلا وهي قلعة بين جبال شامخة صعبة النزول منها والارتقاء إليها وما مثلها مواشي وعسولا وخيرا كثيرا
ومن منت البان إلى منجبة ومن منجبة إلى غلاط غربا عشرة أميال وهو معقل منيع بين جبال شامخة وهو آهل عامر وله مزارع ومواش ويزرعون على السقي الكتان الكثير
ومنه إلى كنيسة شنت ماركو سبعة أميال بين غرب وشمال ومن شنت ماركو إلى فيلادنت خمسة أميال ومن فيلادنت إلى القارونية أربعة عشر ميلا
والقارونية حصن على شرف جبل مطل على البحر وبهذا الحصن مصائد للحوت المسمى التن وله كروم وعمارات ومنه إلى قلعة القوارب تسعة أميال وبين القلعة والبحر ميلان ومن قلعة القوارب إلى مرسى طزعة سبعة أميال ومن طزعة إلى جفلوذى اثنا عشر ميلا
621

ونرجع فنقول إن من مسينى إلى قلعة رمطة تسعة أميال ومن قلعة رمطة إلى من دفرت أربعة أميال جنوبا ومن منت دفرت إلى ميلاص خمسة عشر ميلا شمالا ومن منت دفرت إلى ميقش جنوبا خمسة عشر ميلا وميقش موضعها بين مسينى وطبرمين وطريقها طريق صعب
وكذلك من لوغاري إلى بربلس خمسة عشر ميلا بين غرب وشمال ومن منت دفرت إلى بربلس عشرون ميلا غربا
وبربلس قلعة حسنة البناء واسعة الأفناء لأهلها كسب وسعة حال ومن بربلس إلى المد جنوبا خمسة أميال ومن بربلس إلى منت البان اثنا عشر ميلا وكذلك من منت البان إلى المد عشرة أميال
وهاهنا تم ذكر صقلية وليس يدرى على قرار الأرض جزيرة في بحر بأكثر منها بلادا ولا أعمر منها قطرا وبقي لنا أن نصف مراسيها مرسى مرسى وأميالها ومراحلها بحول الله تعالى فنقول
إن من المدينة المسماة بلرم إلى برقة على التقوير خمسة أميال ومن برقة إلى مرسى الطين خمسة أميال ومن مرسى الطين إلى غالة ميلان ومنه إلى الجزيرة أربعة أميال إلى مرسى قرينش ستة أميال ومنه إلى القرطيل الذي تحت جنش ثلاثة أميال ومنه إلى ساقية جنش ثلاثة أميال ومنها إلى القرطيل الذي بينها وبين برطنيق ثلاثة أميال ومنه إلى الشط الذي تحت برطنيق ميل ونصف ومنه إلى وادي قلعة اوبي خمسة أميال ومنه إلى وادي المدارج ربع
622

ميل ومن المدارج إلى جبل شنت بيطو اثنا عشر ميلا
ومنه إلى طرابنش خمسة وعشرون ميلا ومن طرابنش إلى مرسى علي خمسة وعشرون ميلا ومن مرسى علي إلى الرأس الذي بينه وبين مازر اثنا عشر ميلا ومن مازر إلى رأس البلاط ستة أميال ومن رأس البلاط إلى عيون عباس ستة أميال ومن عيون عباس إلى الأصنام أربعة أميال ومن الأصنام إلى ترسة أبي ثور ستة أميال ومنها إلى وادي القارب ستة أميال ومن وادي القارب إلى أنف النسر ستة أميال
ومن أنف النسر إلى الشاقة ستة أميال ومن الشاقة إلى وادي البو ثمانية أميال ومن وادي البو إلى أنف النهر نهر ابلاطنو تسعة أميال ومن أنف النهر إلى ترسة عباد ستة أميال ومن ترسة عباد إلى الأختين تسعة أميال ومن الأختين إلى كركنت تسعة أميال ومن كركنت إلى وادي الزكوجي ثلاثة أميال ومن وادي الزكوجي إلى حجر ابن الفتى تسعة أميال ومن حجر ابن الفتى إلى بسوارية ثمانية عشر ميلا ومن بسوارية إلى الملاحة ثلاثة أميال ومن الملاحة إلى الانبياذة ثلاثة أميال
ومن الانبياذة إلى الوادي الملح ميل ومن الوادي الملح إلى مرسى الشلوق ثمانية أميال ومنه إلى مرسى بثيرة ثمانية أميال ومنه إلى وادي السواري اثنا عشر ميلا ومن وادي السواري إلى وادي إغريقو اثنا عشر ميلا ومنه إلى جزيرة الحمام اثنا عشر ميلا ومنها إلى كرني سبعة أميال ومنها إلى وادي
623

رغوص اثنا عشر ميلا ومن وادي رغوص إلى جرف الطفل أربعة أميال ومن جرف الطفل إلى مرسى شكلة أربعة أميال ومنه إلى غدير الشرشور ميلان ومن غدير الشرشور إلى مرسى الدرامن أربعة أميال ومنه إلى مرسى الشجرة ميل
ومن مرسى الشجرة إلى جزيرة الكراث ثلاثة أميال ومنه إلى مرسى البوالص ثلاثة أميال ومنه إلى جزيرة الجرمان ثمانية أميل ومن جزيرة الجرمان إلى كرم الرنبوح ثلاثة أميال ثم إلى قرطيل باشنو ثلاثة أميال ومن قرطيل باشنو إلى دخلة القصاع ستة أميال ومن دخلة القصاع إلى مرسى الحمام ستة أميال ومن مرسى الحمام إلى دخلة ابن دكني ستة أميال ومنه إلى القاطة ستة أميال
ومنه إلى وادي قسباري اثنا عشر ميلا إلى مرسى الحذاق ستة أميال إلى الأنكنة ستة أميال إلى أنف الخنزير ثمانية أميال إلى سرقوسة ستة أميال ثم إلى خندق الغريق ستة أميال ثم إلى جزيرة مسمار أربعة أميال ثم إلى أكسيفوا أربعة أميال إلى رأس الصليبة ستة أميال إلى وادي زيدون ستة أميال إلى الركن ستة أميال إلى وادي لنتيني ثلاثة أميال إلى وادي موسى ثلاثة أميال إلى قطانية ستة أميال إلى الأنكنة ثلاثة أميال إلى جزائر لياج ثلاثة أميال إلى وادي لياج ثلاثة أميال إلى شنت شقلى ستة أميال إلى عين القصب ثلاثة أميال إلى قرطيل مسقلة ثلاثة أميال إلى الوادي البارد تسعة أميال إلى القصوص
624

ثلاثة أميال إلى الأنباصي خمسة أميال إلى الدرجة عشرة أميال إلى شنت بالمي خمسة أميال إلى الأجاصة ستة أميال إلى الدرجة الوسطى ستة أميال إلى عين السلطان ميلان إلى الدرجة الصغيرة ميلان إلى حجر أبي خليفة ثلاثة أميال إلى شنت اصطيفن ثلاثة أميال ومن شنت اصطيفن إلى الثلاث كنائس سبعة أميال إلى مسينى ستة أميال
ومن مسينى إلى الفارو اثنا عشر ميلا إلى وادي عبود اثنا عشر ميلا إلى ميلاص اثنا عشر ميلا إلى الرأس ستة أميال ومن الرأس مع تقوير الجون إلى لبيري خمسة وعشرون ميلا إلى رأس دنداري ثلاثة أميال إلى بقطس مع تقوير الجون أربعة أميال إلى رأس خلي ميلان إلى مرسى دالية أربعة أميال إلى جفلوذي الصغرى ثلاثة أميال إلى صعفه إلى علقمارة ستة وعشرون ميلا إلى قارونية اثنا عشر ميلا إلى قلعة القوارب ستة أميال إلى طزعة ستة أميال إلى أنف الكلب أربعة أميال ومع تقوير الجون إلى جلفوذى ثمانية أميال إلى حجر عمار ميلان إلى الأنف الآخر أربعة أميال إلى الصخرة ستة أميال إلى وادي السواري ثلاثة أميال إلى وادي أبي رقاد ثلاثة أميال إلى ثرمة ستة أميال إلى التربيعة ثلاثة أميال إلى الشبكة ثلاثة أميال إلى قرية الصبر ستة أميال إلى وادي الأمير على التقوير ميلان إلى المدينة ستة أميال
625

فقد تكلمنا في هذا الجزء بما وجب وجزيرة صقلية مثلثة الشكل فالجهة الشرقية منها من مدينة مسينى إلى جزيرة الأرنب مائتا ميل ومن جزيرة الأرنب إلى اطرابنش أربع مائة ميل وخمسون ميلا وهو الوجه الجنوبي والوجه الثالث من طرابنش إلى الحراش إلى الفارو مائتان وخمسون ميلا وإلى هنا انتهى بنا القول
نجز الجزء الثاني من الإقليم الرابع والحمد لله على ذلك ويتلوه الجزء الثالث منه إن شاء الله
626

الجزء الثالث
إن هذا الجزء الثالث من الإقليم الرابع تضمن في حصته قطعة من البحر الشامي وفيه من الجزائر البحرية قرفس ولقاطة وثنو وجفلونية وجزيرة جاجنت وفي هذا الجزء أيضا من البلاد الساحلية والبرية شنت فيمي وأتربية والماصة وتوجش وجراجي ونارطس وقليبلي وقشطرة وأذرنت وابرندس ولج ولبلونة وبذرنت وجمارة وفاسكيو وبندسة وأذرنوبلي وياننة
وقد وجب لنا الآن أن نتكلم في وصف ما ذكرنا بلدا بلدا وقطرا قطرا بحول الله فنقول إن هذا البحر المرسوم في هذا الجزء من الجانب الغربي عرضه ستة مجار كبار وذلك من ريو إلى قابس روسية
وريو هذه مدينة من بلاد قلورية على ضفة المجاز إلى صقلية وبين ريو ومدينة مسينى من جزيرة صقلية سبعة أميال وذلك سعة المجاز بين المدينتين وريو مدينة صغيرة بها فواكه كثيرة وبقول وهي متحضرة ولها أسواق عامرة وحمامات وسورها من حجر وهو على نحر البحر في الضفة الشرقية من المجاز
627

ومن مدينة ريو مع الساحل إلى رأس فلامة ستة أميال
ومن ريو إلى برصانة جون كله يسمى جون برصانة وهو على رأس المجاز ومن فلامة إلى بثرة ثلاثة أميال ومنه إلى بنتد قطله في البر ثلاثة أميال ومن بثرة إلى وادي العسل ستة أميال ومن وادي العسل إلى طابلة وهي قرية ستة أميال
ومن طابلة إلى رأس جفيرة اثنا عشر ميلا ومن رأس جفيرة إلى بطرقوقة وهو واد جار ثلاثة أميال
ومنه إلى برصانة ستة أميال وبرصانة منزل على جبل وله عمالة وأقاليم خصيبة ولأهلها مكاسب غنم وبقر وحروث متصلة وجبايات قائمة
ومن برصانة إلى وادي جراجي اثنا عشر ميلا وعلى هذا الوادي مدينة جراجي وهي مدينة حسنة كبيرة ذات عمارات وزروع وكروم
ومن وادي جراجي إلى وادي الأنة وهو واد يجري من استيلو أربعة وعشرون ميلا ومن الأنة إلى بحلاية وهو واد عليه الأرحاء اثنا عشر ميلا ومنه إلى اسجلاسة وهو واد تدخله المراكب ستة عشر ميلا ومنه إلى وادي
628

طاجنو اثنا عشر ميلا ومنه إلى وادي سلميرة اثنا عشر ميلا
ومن سلميرة إلى أوسلة ستة أميال وهي جزيرة لطيفة ومنها إلى قرط مارية وهو مرسى كبير فيه إسقالات نابتة في البحر ستة أميال
ومن قرط مارية إلى افلومية السواري وهي من البنيان الأول ستة أميال ومنها إلى مدينة قطرونة وهو مرسي ومدينة أولية قديمة البناء حسنة القطر عامرة آهلة عشرة أميال
ومن قطرونة إلى مرسى وادي شبيرينة اثنا عشر ميلا وهو مرسى يكن من الرياح الثلاث ومنه إلى رأس اليجة أربعة وعشرون ميلا
ومن اليجة إلى الكنيسة التي على رأس أبراقنة اثنا عشر ميلا ومنها إلى رسيانة عشرون ميلا ومن رسيانة إلى الوادي الكبير اثنا عشر ميلا ومن الوادي الكبير إلى شنت روشيت اثنا عشر ميلا ومنها إلى صخرة سكن
629

اثنا عشر ميلا وهذه الصخرة كانت الحد بين الإفرنجيين والأنكبرذين
ومن الصخرة إلى وادي سكتة ستة أميال وهو نهر تدخله المراكب جيد للإرساء ومن هذا الوادي إلى وادي ابراطنة أربعة وعشرون ميلا وعلى هذا الوادي والجبال المحيطة به ينبت الصنوبر الكثير ويعمل هناك منه القطران والزفت ويحمل إلى كثير من الآفاق
ومن وادي ابراطنة إلى وادي اكرة ستة أميال ومنه إلى نهر الموجن ثمانية عشر ميلا إلى وادي ابراغنة ثلاثة أميال ومنه إلى وادي لاطس خمسة عشر ميلا ومنه إلى وادي لمنة ثلاثة أميال ومنه إلى الوادي المعوج ستة أميال ومنه إلى وادي مطاحن طارنت ثلاثة أميال ومنه إلى طارنت ستة أميال
ومدينة طارنت مدينة كبيرة قديمة أزلية حسنة البناء المباني والديار كثيرة التجار والسفار توسق منها السفن وتقصدها الرفاق وهي ذات متاجر وأموال طائلة وبهذه المدينة مرسى في غربي المدينة فيه بحر حي وفي شرقي هذه المدينة مع شمالها بحيرة تدويرها من القنطرة إلى أن تعود إلى باب المدينة اثنا عشر ميلا وهذه القنطرة بين البحر الحي والبحيرة وطول هذه القنطرة من باب
630

طارنت مما يلي دبور القبلة إلى البر ثلاث مائة ذراع وعرضها خمسة عشر ذراعا وفي هذه القنطرة منافس تفرغ من البحر إلى البحيرة ومن البحيرة إلى البحر في الليل مرتين وفي النهار مرتين وتفرغ في هذه البحيرة ثلاثة أودية وعمق هذه البحيرة من ثلاثين قامة إلى خمس عشرة قامة إلى عشر قيم وهذه المدينة يحيط بها البحر الحي والبحيرة من كل الجهات خلا الوجه الواحد مما يلي الشمال
ومن مدينة طارنت مشرقا إلى اصطورة وهو واد ترسى فيه المراكب اثنا عشر ميلا ومنه إلى وادي أقلوية ثلاثة أميال ومنه إلى مرسى قيطولقة وفيه عين اثنا عشر ميلا ومنها إلى مرسى مجلود وهو مرسى كبير يكن من كل ريح وحوله أحساء وآبار اثنا عشر ميلا ومنه إلى مرسى نوذرس ويروي نارطس وهو مرسى صغير ثلاثة أميال
وبين نوذرس هذه والبحر أربعة أميال ومنه إلى طراجة وهو مرسى حسن فيه ماء طيب كثير اثنا عشر ميلا ومن الطراجة إلى مدينة قليبلي ستة أميال
ومدينة قليبلي مدينة كبيرة قديمة عامرة وهي في بقعة من الأرض والبحر
631

يحيط بتلك البقعة كأنها جزيرة ومنها إلى أنبانة وهو مرسى فيه عين ماء عذبة خمسة عشر ميلا ومنه إلى ليغة خمسة عشر ميلا وليغة قرطيل داخل في البحر
وفي هذا المرسى عينا ماء عذب ومنه إلى قاشطرة عشرة أميال وهي مدينة صغيرة على نحر البحر ومنها إلى مدينة روث مرت عادلا في البرية اثنا عشر ميلا ومنها إلى سليت ثلاثة أميال ومنه إلى مدينة لج ستة وعشرون ميلا ومنها إلى مدينة اذرنتو عشرون ميلا
ومدينة اذرنتو مدينة قديمة الآثار كثيرة السكان والعمار فيها أسواق عامرة وتجارات دائرة والبحر قد أحاط بسورها من جميع جهاتها الثلاث وتتصل من جهة الشمال بالبر ولها واد يأتي من الشمال فيجتاز على بابها ويمر مع جون البنادقة إلى مدينة ابرنطس وتروى ابرندس وبينهما أربعون ميلا فيصب بها وأهل ابرندس أنكبرذيون وكانت من عمالة صاحب القسطنطينية
ومدينة اذرنتو هي على رأس المجاز بين بحر الشام وبحر البنادقين من جهة المغرب ومنها في البحر إلى مدينة ادراست سبعون ميلا
632

وادراست مدينة كبيرة عامرة كثيرة الخيرات ذات أسواق كثيرة وتجارات وأحوال واسعة وهي على ضفة البحر من المجاز في الجهة الشرقية ومن أدراست إلى مدينة لبلونة وهي على بحر البنادقة مائة ميل وخمسة وعشرون ميلا مع تقوير الجون
ومن لبلونة إلى جمارة مائة ميل مع دور القرطيل واسم جمارة بالرومية بدنتو ومنها إلى بترنتو أربعون ميلا وبترنتو مدينة صغيرة متحضرة ذات أسواق وعمارة
وجمارة مدينة كبيرة عامرة ومن جمارة أيضا مع الساحل إلى مدينة فاسكيو ستون ميلا وفاسكيو مدينة متوسطة ولها من الجانب الشرقي خليج صغير كالذراع تدخله المراكب على فم ضيق
ومن فاسكيو إلى مدينة بندسة ثلاثون ميلا وعلى التخلية عشرون ميلا وبندسة مدينة متوسطة عامرة ذات سور وسوق وبيع وشراء ومنها إلى نبغتو مائة ميل وخمسون ميلا ويلي جمارة في البحر جزيرة ثنو وبينهما ثلاثون ميلا وهي جزيرة حسنة فيها مرسى ومحتطب
ويلي هذه الجزيرة مع الغرب ومحرف جنوب قرفس وهي جزيرة كبيرة
633

طولها مائة ميل وبها مدينة عامرة خصيبة حصينة على قنة منيعة ولأهلها عدة وامتناع ممن ناواهم
وبين جزيرة قرفس وجزيرة ثنو ثلاثون ميلا وبين قرفس ومدينة اذرنتو السابق ذكرها تسعون ميلا وهو مجرى وكذلك من قرفس إلى لبلونة مجرى
ومن الجزائر التي في هذه الجهة جفلونية وهي من قرفس شرقا ودور جفلونية مائتا ميل وهي عامرة وبها مدينة ومن جفلونية إلى جزيرة جاجنت خمسون ميلا وهي جزيرة عامرة دورها ثمانون ميلا
ومن جفلونية مع الشمال إلى جزيرة لقاطة أربعون ميلا وهي جزيرة مثلثة الشكل في طول كل وجه منها عشرون ميلا وقد أكملنا ذكر هذا الجزء بما فيه والحمد لله على ذلك
نجز الجزء الثالث من الإقليم الرابع والحمد لله يتلوه الجزء الرابع منه إن شاء الله
634

الجزء الرابع
إن الذي تضمن هذا الجزء الرابع من الإقليم الرابع قطعة من البحر الشامي فيه أعداد جزائر من جزائر الرمانية وجزيرة بلبونس العظمى
وهي جزيرة يحيط بها البحر ألف ميل وليس لها منفذ إلى البر إلا فم ضيق مقداره ستة أميال وقد كان أحد القياصرة من الروم بنى عليه سورا طوله هذه المسافة وهي ستة أميال وفي هذه الجزيرة ثلاثة عشر مدينة قواعد مشهورة مذكورة ومن القلاع الحصينة عدد كثير وقرى وعمارات
وفي هذا الجزء من البحر جزيرة اقريطش وهي من أكبر الجزائر البحرية في البحر الشامي وفيه من الجزائر الصغار ثمانية وعشرون جريرة بين عامرة وغامرة بل أكثرها عامر وها نحن واصفون لها حالا حالا وفصلا فصلا والعون بالله
فنقول إن من مدينة بندسة إلى مدينة نبغطو مائة وخمسون ميلا وأما على الساحل فمن مدينة فسكيو المتقدم ذكرها إلى الوادي الملح ستة أميال وعلى هذا الوادي مدينة بندسة المتقدم ذكرها وبينها وبين البحر ثلاثة أميال ومن موقع النهر الملح إلى النهر الحلو وهو مرسى كبير عليه عيون عذبة أربعة
635

وعشرون ميلا
ومن النهر الحلو إلى مرسى الشجر وهو مرسى كبير مكن من الرياح الثلاثة أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى مرسى اللقاطة اثنا عشر ميلا وهو مرسى كبير وفيه مياه عذبة ومنه إلى الميرة وهو برج على فم مرسى ضيق يسمى فم الصباغين والمرسى بينهما داخل ثلاثة أميال
وداخل هذا المرسى طويل متسع وعليه قرى ومدن منها نبغطو وهذا الذراع ينتهي إلى فم جزيرة بلبونس ومن طرفه إلى طرف آخر يقابله من الناحية الثانية ومسافة ما بينهما ستة أميال كما وصفناه وهذه ستة الأميال هي فم جزيرة بلبونس التي نأتي بذكرها بعد هذا بحول الله تعالى
ومن الميرة التي سبق ذكرها مساحلا مطيفا بالجزيرة الكبيرة المسماة بلبونس إلى قرطيل جزيرة لقاطة التي رسمناها في الجزء الذي قبل هذا وبينهما ثلاثون ميلا
ومدينة نبغطو على ساحل هذا الذراع من جهة الشمال وهي مدينة في سند جبل ويقابلها من داخل جزيرة بلبونس مدينة قورنت مع الشرق قليلا وبينهما قطع رؤسية خمسة وثلاثون ميلا ومع نبغطو في الساحل في البر الكبير على قرب الذراع مدينة استيبه وبينهما خمسة وسبعون ميلا وتروى استيبس واستيفس أيضا
636

ومن استيبس إلى مدينة قورنت من أرض جزيرة بلبونس مع تدوير الجون تسعون ميلا واستيبس بلد مرتفع عن البحر قدر ستة أميال
وأما مدينة قورنت فمدينة كبيرة عامرة وهي على نحر البحر تقارب المضيق بينها وبينه ثلاثون ميلا وجزيرة بلبونس كما قدمنا دورها ألف ميل وهي تتصل بالبر وسعة فم المضيق الذي هو مدخل الجزيرة ستة أميال
وأما البلاد التي في ساحل الجزيرة من داخلها فأولها مدينة قورنت وقد ذكرناها ومن مدينة قورنت إلى برأس خمسة وعشرون ميلا ومن برأس إلى حطبناس ثمانية عشر ميلا ومنه إلى باصنة وهذا مرسى كبير وقلعة كبيرة أربعون ميلا ومنه إلى مرية وهو قرطيل عليه كنيسة ثلاثة عشر ميلا
ومنها إلى اربة حبلانه وهي مدينة متحضرة على مسقط واد اثنا عشر ميلا ومنها إلى مدينة بند فمالص ستة أميال وهنا رأس استلارة
637

ومنها إلى قرنة وهي مدينة صغيرة لها قلعة مطلة على البحر ثمانية عشر ميلا ومنها إلى مرسى ابروذه ستون ميلا وهو مرسى كبير مكن
ومنها إلى مثونية اثنا عشر ميلا ومثونية قلعة كبيرة على البحر ولها ربض عامر ومنها إلى اكرونية وهي أيضا مدينة على البحر أربعون ميلا
ومن اكرونية إلى مانية عشرون ميلا وهي قرية على البحر عامرة بها سوق عامرة وصنائع قائمة ومنها إلى ميلية أربعة وعشرون ميلا وميلية قلعة كبيرة على البحر وعليها سور منيع وبها تجارات وسوق عامرة
ومنها إلى لكذمونه وهي مدينة ستة وخمسون ميلا ومنها إلى سبعون ميلا
ومنها إلى منياصة عشرون ميلا ومنياصة هذه مدينة حصينة مطلة على جبل بساحل البحر يرى منها في مدة الصفاء جبال جزيرة اقريطش وبينهما مجرى صغير
638

ومن منياصة إلى مرسى بتولية ثلاثون ميلا ومنه إلى أنت جريص ثلاثون ميلا ومن أنت جريص إلى افصميله ستون ميلا ومن افصميله إلى قورنت مائة ميل ومنها إلى الرأس مائة ميل
ومن الرأس إلى الرأس ستة أميال كما وصفناه ودور هذه الجزيرة ألف ميل وبها ثلاثة عشر مدينة عامرة كلها وكلها قواعد ذوات أسواق عامرة دائمة
وأما قلاعها وقراها فكثيرة جدا ولهم مراكب حمالة وليس لهم في البر منفذ إلا هذه الستة الأميال التي تجر فيها المراكب فمن أراد الجواز باختصار إلى القسطنطينة جر مركبه هذه الستة الأميال التي تجر فيها المراكب فمن أراد الجواز دار ألف ميل في البحر وذلك عشرة مجار مائة ميل في كل مجرى ومن جزيرة بلبونس إلى جزيرة اقريطش ثمانون ميلا وجزيرة اقريطش جزيرة عامرة كبيرة كثيرة الخصب وبها مدن عامرة
وهي جزيرة طويلة عريضة طولها من المشرق إلى المغرب من رأس السيف إلى رأسها الآخر المقارن للمشرق ثلاث مائة ميل وخمسون ميلا ومن الوجه
639

الآخر مثل ذلك ثلاث مائة ميل وخمسون ميلا وعرض رأس السيف مائة ميل والرأس الآخر عرضه مثل ذلك
وكذلك من رأس السيف إلى رأس تينى ثلاثة مجار ويقال هي مجريان ونصف وهذا الخلاف بين القولين إنما يكون بحسب جري المراكب وسلس قطعها وقوة الريح أو ضعفها
وجزيرة اقريطش جزيرة كبيرة كما قلناه وفيها من المدن مدينة الخندق وربض الجبن وبها معدن ذهب وأشجار وفواكه ويعمل بها جيد الجبن الذي يتجهز به إلى جميع النواحي ولا يعدله شيء من نوعه
وفي أجبلها الوعول الكثيرة وطولها من المغرب إلى المشرق اثنا عشر يوما في ستة أيام وبين آخر جزيرة اقريطش في الشرق إلى جزيرة قبرس أربعة مجار
وأيضا إن جزائر الرمانية التي تضمنها هذا الجزء منها جزيرة برنبله وهي جزيرة خالية بينها وبين رأس ملاصة من أرض بلبونس خمسون ميلا وبينها أيضا وبين جزيرة ميلو خمسة وعشرون ميلا
وجزيرة بلبونس منها غربا وجزيرة ميلو منها شرقا ومن جزيرة ميلو إلى جزيرة بوليو شرقا وهي عامرة أربعة أميال ومن بوليو إلى جزيرة بلقنتر شرقا ستة أميال وهي عامرة ومن جزيرة بلقنتر إلى نيو عشرة أميال
ونيو جزيرة عامرة خصبة وبها مرسيان وبالقرب منها في جهة الشرق جزيرة
640

استبلاية وبينها عشرون ميلا ودور استبلاية اثنا عشر ميلا وهي عامرة آهلة وفيها مكاسب أغنام وأبقار
ومن استبلاية إلى شنت ريني أربعة وعشرون ميلا وهي عامرة ومنها إلى رأس اقريطش الشمالي خمسون ميلا وأيضا من جزيرة بلبونس من رأس اسكليا مارا بين جنوب وشرق إلى جزيرة اشكيلو مائة ميل
وهي جزيرة عامرة وبها مدينة عامرة وهي مدينة حسنة ومن اشكيرو إلى جزيرة ابصره وهي خالية خمسون ميلا شرقا ومن ابصره إلى جزيرة خيو خمسة وتسعون ميلا وهي جزيرة كبيرة كثيرة العمارة وفيها مدينة حسنة ومن جزيرة خيو إلى جزيرة صامو خمسة وثلاثون ميلا وصامو جزيرة كبيرة كثيرة أشجار عامرة بالأغنام والأبقار وبها مدينة حسنة
وبهذه الجزيرة يجمع علك المصطكي كثيرا ويحمل منها إلى سائر الآفاق المتجاورة والمتباعدة وبها لحوم الصيد كثيرة جدا ومن جزيرة صامو إلى جزيرة لارو في جهة الشمال ثلاثون ميلا
وأيضا فإن من رأس جزيرة بلبونس المسمى اسكليا إلى جزيرة اندره شرقا اثنا عشر ميلا وهي جزيرة عامرة آهلة
ومنها بالمقابلة لرأس جزيرة اندره شرقا جزيرة تسمى تينو وهي عامرة وبينها وبين أندره أربعة أميال ومنها إلى جزيرة ميكلا ثلاثة أميال
641

وجزيرة ميكلا أكبر قطرا من جزيرة تينو وهي جبل عظيم عريض وطيء الأعلى عامر آهل وبه مدينة حسنة ومنها شرقا إلى جزيرة ذيلو اثنا عشر ميلا
وذيلوا جزيرة مدورة خالية لا عامر بها وبها مرسى ومنها إلى جزيرة نقسية أيضا جنوبا ثلاثون ميلا ونقسية جزيرة عامرة كبيرة وفيها روم يعمرونها بأغنامهم وأبقارهم ومنها إلى جزيرة نمرغو ثلاثون ميلا وهي جزيرة عامرة كبيرة كثيرة البشر وفيها كسب كثير
ومنها شرقا إلى جزيرة لارو أربعة أميال وجزيرة لارو عامرة كبيرة فيها قلعة ومنها إلى جزيرة قالمو أربعة أميال وهي جزيرة عامرة حسنة ولها مرسى حسن
ومنها غربا إلى جزيرة كوي عشرون ميلا وهي جزيرة عامرة وبها إرساء وحط ومنها في الشرق جزيرة نيسلى وهي عامرة حسنة ولها مرسى مكن من جميع الرياح أربعة وعشرون ميلا
وبين جزيرة نيسلى وجزيرة رودس مائة ميل ورودس تقابل في البر جون المقري ومن رودس إلى قبرس ثلاثة مجار وهي ثلاث مائة ميل وسنأتي بعد هذا بذكر قبرس
وغيرها بعد هذا إن شاء الله تعالى
نجز الجزء الرابع من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء الخامس إن شاء الله
642

الجزء الخامس
إن هذا الجزء الخامس من الإقليم الرابع تضمن قطعة خامسة من البحر الشامي وفيه من الجزائر جزيرة رودس وجزيرة قبرس وبعض بلاد على الساحل الشمالي من بلاد الروم والمسلمين وفيه حيث انتهى صدر البحر الشامي وعليه من البلاد الشامية انطرسوس واللاذقية وأنطاكية والمصيصة وآذنة وعين زربة وطرسوس وقرقوس وحمرتاش وأنطالية المحرقة وأنطالية المحدثة والباطرة والميرة وجون المقري وحصن استروبلي وفيه من البلاد الشامية البرية فامية وحصن سلمية وقنسرين والقسطل وحلب والرصافة والرقة والرافقة وباجروان والجسر ومنبج ومرعش وسروج وحران والرها والحدث وسميساط وملطية وحصن منصور وزبطرة وجرسون واللين والبذنذور وقوة وطولب وكل هذه البلاد يجب علينا أن نوضح أخبارها ونأتي بصفاتها وطرقاتها حسب ما تقدم لنا من القول فيما صدر بعون الله تعالى
فنقول إن جزيرة قبرس جزيرة كبيرة القطر مقدارها ستة عشر يوما وبها قرى ومزارع وجبال وأشجار وزروع ومواش وبها معادن الزاج
643

المنسوب إليها ومنها يتجهز به إلى سائر الأقطار المتنائية والمتقاربة وبها من المدن ثلاث منها النميسون وهي بجنوب الجزيرة وهي مدينة حسنة بها الأسواق والعمارات الكثيرة ومنها مدينة لفقسية وهي متوسطة الوضع في الجزيرة ومنها مدينة كرينية وكلتاهما مدينتان حسنتان ذواتا أسواق وقصب وبهما معايش وصنائع وأرزاق واسعة والعسل بهما كثير موجود
ومن جزيرة قبرس إلى مدينة اطرابلس الشام مجريان وكذلك من قبرس إلى جبلة مجرى ونصف وجزيرة قبرس على قدم الأيام رخاؤها شامل وخيرها كامل ومن شمال الجزيرة إلى أقرب بر منها حصن قرقوس ومنه تظهر جبال قبرس وهي أقرب برا إليها وبينهما نحو من سبعين ميلا وبالشرق من هذه الجزيرة صدر البحر الشامي وحيث انتهاؤه في أرض الشام وعليه هناك بلاد تقدم ذكرها
فمنها انطرسوس وهي على ضفة البحر صغيرة القدر بها أسواق عامرة وتجارات دائرة ومنها إلى حصن المرقب وهو على جبل منحاز من كل ناحية وبين حصن المرقب وانطرسوس ثمانية أميال ومن حصن المرقب إلى مدينة بلنياس ثمانية أميال وبين بلنياس والبحر أربعة أميال وبلنياس مدينة صغيرة متحضرة بها من الفواكه والحبوب كل حسن كثير موجود ومن بلنياس إلى مدينة جبلة على البحر عشرة أميال وهي مدينة صغيرة حسنة عامرة كثيرة الخير وهي على واد جار
644

ومنها إلى اللاذقية عشرة أميال واللاذقية مدينة عامرة آهلة كثيرة الخصب والخيرات وهي على نحر البحر ولها ميناء حسنة ترسى بها المراكب والقوارب القاصدة إليها ومن اللاذقية إلى حصن الهربادة ثمانية عشر ميلا والهربادة حصن عامر كبير كثير الأهل كثير الخصب فيه صنائع وعمارات ومن حصن الهربادة إلى حصن السويدية خمسة عشر ميلا والسويدية على البحر وهي فرضة أنطاكية وبين أنطاكية والبحر اثنا عشر ميلا وبالسويدية يقع نهر أنطاكية المسمى بالعاصي
وأما أنطاكية فبلدة حسنة الموضع كريمة البقعة ليس بعد دمشق أنزه منها داخلا وخارجا كثيرة المياه منخرقة في أسواقها وطرقها وقصورها وسككها ولها سور دائر بها وبساتينها اثنا عشر ميلا وعليها سور عجيب حصين منيع من حجر يحيط بها وبجبل مشرف عليها وفي داخل السور أرحاء وبساتين وجنات البقول وسائر المرافق وبها أسواق عامرة ومبان زاهرة وصناعات نافقة ومعاملات مرفقة وخير كثير وبركات ظاهرة ويعمل بها من الثياب المصمتة الجياد والعتابي والتستري والإصبهاني وما شاكلها
وهي على نهرها المقلوب المسمى بالأرنط ومخرجه من أرض دمشق مما يلي الطريق طريق البريد فيمر بحمص ثم يتصل بمدينتي حماة وشيزر ويأتي أنطاكية من جنوبها ثم ينعطف مع الجنوب فيمر وهو يجري مع الجنوب فيصب بجنوب السويدية في البحر الرومي
645

ومن السويدية إلى جبل رأس الخنزير عشرون ميلا وعلى هذا الجبل دير كبير وهو أول بلاد الأرمن وآخر بلاد الشام ومن هذا الحصن إلى حصن روسوس على نهر وهي تحت رأس الخنزير سواء عشرة أميال ومن حصن روسوس إلى حصن التينات خمسة عشر ميلا وهو حصن منيع على شرف البحر فيه مقطع خشب الصنوبر الذي يحمل إلى سائر الأقطار الشامية ومنه إلى حصن المثقب ثمانية أميال وهو حصن حسن البقعة ومنه إلى جزيرة البصى وهي جزيرة تختلط بالبر عشرة أميال ومنها إلى حصن الملون خمسة عشر ميلا ومنها إلى قرقوس خمسة وعشرون ميلا وقرقوس حصن منيع على البحر ومنه إلى قرقوس ثلاثة عشر ميلا ومن هذا الحصن تظهر مقطعات جزيرة قبرس
ونرجع فنقول إن من مدينة أنطاكية إلى آذنة شمالا ثلاث مراحل ومن أنطاكية أيضا إلى إسكندرونة خمسة وأربعون ميلا وهو حصن على ساحل البحر وبه نخيل وزروع كثيرة وغلات وخصب ومن إسكندرونة إلى بياس مرحلة خفيفة ومن بياس إلى المصيصة مرحلة فذلك من إسكندرونة إلى المصيصة أربعون ميلا واسم المصيصة بالرومية مامسترا والمصيصة مدينتان على ضفتي نهر جيحان وبينهما قنطرة من حجارة واسم المدينة الواحدة المصيصة والأخرى كفربيا ولهما بساتين وزروع متصلة ونهرها جيحان يخرج من بلاد الروم حتى يصل المصيصة ثم رستاق حصن الملون فيقع في بحر الروم وبين المصيصة والبحر اثنا عشر ميلا وبين المصيصة ومدينة عين زربة مرحلة وعين زربة
646

بلد يشبه بلد الغور له ثمار كثيرة حسنة الجملة وافرة الخيرات
وآذنة مدينة جليلة عامرة ذات أسواق وصناعات وصادر ووارد وهي على نهر سيحان وبغربيه ونهر سيحان في قدره دون نهر جيحان وعليه قنطرة عجيبة البنيان طويلة جدا ومخرج هذا النهر من بلاد الروم ومن آذنة إلى المصيصة مرحلة ومن المصيصة إلى عين زربة مرحلة ومن عين زربة إلى أنطاكية مرحلتان ومن آذنة في جهة
الشمال إلى طرسوس مرحلة وطرسوس مدينة كبيرة لها سوران من حجارة وهي كثيرة المتاجر والعمارة والخصب الزائد وبينها وبين حد الروم جبال متشعبة من اللكام كالحاجز بين العملين وبين طرسوس والبحر اثنا عشر ميلا وهناك حصن اولاش وهو فرضتها
ومن اولاش إلى سلوقية يومان ومن سلوقية إلى أنطالية المحرقة أربعة أميال وهي مدينة قليلة العامر وكانت قبل مدينة عامرة آهلة كبيرة فخربت وعمرت أنطالية الجديدة وبين المدينتين يومان وهي على جبل عال ومنها إلى مرسى ميناء المعطى وهو على ميناء حسنة ثمانية عشر ميلا ومنه إلى جزيرتي الشذونيات يوم في البحر وهي ثلاثة وخمسون ميلا وهما جزيرتان بينهما وبين البر عشرة أميال ومن جزائر الشذونيات إلى جون الفيلقة وطوله عشرون ميلا وفي آخره يصب نهر عظيم وعليه حصن ضرسوا ومن آخر جون الفيلقة إلى الميرة ثلاثون
647

ميلا ومن هناك تدخل المراكب بين جبلين يسميان القيقب وطولهما عشرون ميلا ومنها إلى مدينة الباطرة عشرون ميلا وهي مدينة على البر ومنها إلى جون المقري وهو يقابل جزيرة رودس على التقوير مائتا ميل وقطعه روسية سبعون ميلا ومن آخر جون المقري إلى مدينة استروبلي خمسون ميلا على البحر وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى رقة شنسيون مائة وعشرون ميلا وهي على ذروة جبل عال مطل على البحر ومنها إلى شام خمسون ميلا ومن شام إلى دير شورنت خمسون ميلا وهو دير كبير وفيه عمار قسيسون ورهبان ومنه إلى مرسى بست اثنا عشر ميلا ومنه إلى ماطلى مائة وعشرون ميلا وماطلى حصن حصين في أعلى رأس جبل ترابي وبينه وبين البحر خمسة أميال والجون يعرف به ومن هذا الحصن إلى فم ابذه مائة ميل وهو المضيق ومنه إلى القسطنطينة مجريان
ونرجع فنقول إن مدينة أنطاكية مدينة جليلة كما قدمنا ذكرها والطريق من أنطاكية إلى الرقة على حلب من أنطاكية إلى قنسرين أربعون ميلا وقنسرين مدينة تنسب أعمالها إليها وقنسرين المدينة نفسها وكان عليها سور حصين فهدم في أيام قتل الحسين بن علي عن أمر يزيد بن معاوية وبقي الآن بها آثار من سورها ولها حصن منيع وبها أسواق وفعلة وهي على نهر قويق وقويق هو نهر حلب يصل في جريته إلى قنسرين ثم يغوص في الأجمة ومن قنسرين إلى حلب عشرون ميلا وحلب هي دار الإمارة بقنسرين وهو بلد كثير الخلق على رصيف الطريق إلى العراق وبلاد فارس وخراسانات وعليها
648

سور حجارة بيض ونهر قويق يجري على بابها وهو نهر صغير ليس بالكثير الماء ويدخل منه إلى البلد في قناة تجري في الشوارع والأسواق والديار ومنه يشرب أهل المدينة وبه يتصرفون ونهر قويق يخرج من قرية تدعى سيناب على ستة أميال من دابق ثم يصير إلى حلب ثمانية عشر ميلا ثم يمر إلى مدينة قنسرين عشرين ميلا ثم يمر إلى مرج الأحمر اثني عشر ميلا ثم يغيض في الأجمة فمن مخرجه إلى مغيضه اثنان وأربعون ميلا ولمدينة حلب في قصبتها عين ماء حسنة
ومن حلب إلى الرقة طريقان أحدهما من حلب إلى الناعورة ثم إلى خساف ثم إلى بالس ثم إلى دوسر ومن الدوسر إلى الرقة والرقة واسطة ديار مضر ومقصد الوارد والصادر ومعقل التجارات وهي مدينة حسنة في شرقي الفرات وبها أسواق ومتاجر وصنائع وأهلها مياسير وهي قاعدة ديار مضر كما قدمناه وتسمى بالرومية بالانيقوس ومن مدنها باجروان وحران والرها وسروج وسميساط ورأس عين وكفرتوثا وتل موزن والزاوى ونصيبين وأذرمة والرصافة
والطريق من الرقة إلى حمص من الرقة إلى الرصافة أربعة وعشرون ميلا والرصافة قصور بناها خلفاء بني أمية وحولها مساكن وقرى عامرة وبها أسواق فيها بيع وشراء وأخذ وإعطاء ومن الرصافة إلى المراغة أربعة وعشرون ميلا والمراغة في طرف البادية وهو حصن عامر والعرب تسرح في أرضه ومن المراغة إلى القسطل ستة وثلاثون ميلا ثم إلى سلمية ثلاثون ميلا وسلمية
649

على طرف البادية وهو حصن كالمدينة صغير عامر آهل ومن سلمية إلى حمص مرحلة وهي أربعة وعشرون ميلا وقد ذكرنا حمص فيما سبق
ونقول أيضا إن في هذا الجزء المرسوم معظم الفرات وهو النهر المشهور المحسوب في الأنهار الستة الكبار التي هي النيل والدجلة والفرات ومهران السند وجنجس الهند وبغنون الصين وجيحون خراسان ومخرج نهر الفرات من داخل بلاد الروم ومن حومة قزالة من جبال متصلة بقالى قلا ثم يمر في بلاد الروم ويمتد إلى كمخ ثم يسير منها إلى ملطية حتى يكون منها على ميلين ثم يمتد إلى سميساط فيحمل من هناك السفن والأطواف إلى بغداد ثم يمتد إلى سميساط مارا في جهة الجنوب مائلا مع الشرق إلى ساحل جريان ثم إلى جسر سنجة ثم إلى الرافقة ويجتاز بالرقة وهي منه في الضفة الشرقية ويتصل بالمحمدية من غربها إلى الخانوقة إلى قرقيسيا وهناك مصب نهر الخابور إلى رحبة مالك إلى الدالية إلى عانة إلى هيت إلى الأنبار ومن هناك ينزل إلى نهر عيسى إلى بغداد وبغداد على ضفتي دجلة وباقي نهر الفرات يمتد من الرحبة مع ظهر البادية فيصل منه خليج إلى صرصر وخليج آخر إلى القصر وخليج ثالث إلى سورا وخليج رابع إلى الكوفة وتغوص هذه الخلجان وتتفرق في البطائح
فأما مدينة ملطية فهي مدينة محصنة وكانت فيما سلف كبيرة غير أن
650

الروم تغلبوا عليها مرات فغيروا محاسنها وسلبوا نعمها ومنها إلى سميساط أحد وخمسون ميلا
ومدينة سميساط على الفرات ولها قلعة حصينة وهي في شرقي اللكام مطلة على الفرات ويحتف بها جبال كثيرة فيها الجوز والكروم وسائر الثمار الشتوية والصيفية مباحة لا مالك لها
وبين سميساط وملطية مدينة صغيرة تسمى حصن منصور وهي حسنة مشهورة ولها رساتيق وقرى وبها خصب كثير وإصابة غلة وبينها وبين سميساط مرحلة وهي من الأميال أحد وعشرون ميلا ومن حصن منصور إلى ملطية ثلاثون ميلا ثم إلى زبطرة خمسة عشر ميلا
ومن منبج إلى ملطية خمسة أيام ومن منبج إلى سميساط يومان وقيل ثلاثة ومدينة منبج كبيرة وبينها وبين الفرات مرحلة كبيرة وعليها سوران وهي من بناء الروم الأول وفيها أسواق عامرة وتجارات دائرة وأموال متصرفة وغلات قائمة وأرزاق واسعة وبقربها مدينة سنجة وهي مدينة صغيرة متحضرة بقربها قنطرة مبنية بالحجر المنجور
وثيقة العقد حسنة الصنعة تعرف بقنطرة سنجة وهي من أعجب شيء أبصر من عظام القناطر وذلك أنها أخذت عرض الفرات كله وتسمى هذه القنطرة جسر منبج
ومن منبج إلى مرعش ثلاثة أيام تسير من منبج إلى الحدث يومين ومن الحدث إلى مرعش يوم وكذلك من منبج إلى حلب ثلاث مراحل تسير من منبج إلى قورس مرحلتين ومن قورس إلى حلب يوما وقورس حصن على
651

جبل متصل بجبل اللكام ومن منبج أيضا إلى ملطية خمس مراحل ومن منبج إلى سميساط ثلاثة أيام وقيل يومان ومن سميساط إلى حصن منصور مرحلة كبيرة ومن حصن منصور إلى الحدث يوم كبير ومن حلب أيضا إلى حمص خمسة أيام وكذلك من حلب إلى المعرة أيضا التي هي من حيز قنسرين يوم كبير وتسمى معرة النعمان وهي في ذاتها كبيرة عامرة كثيرة المباني والأسواق وليس بأرضها ولا في شيء من نواحيها ماء جار ولا عين والغالب على أرضها الرمال وشرب أهلها من ماء السماء وهي كثيرة الخير والشجر من الزيتون والكروم والتين والفستق والجوز ونحو ذلك وأما الحدث ومرعش فمدينتان متقاربتان في الكبر ولهما أسوار حصينة وبهما أسواق ويقصد إليهما بالتجارات والمنافع
ومن أنطاكية السابق ذكرها إلى الإسكندرونة أربعون ميلا وكذلك من أنطاكية إلى حصن بغراس اثنا عشر ميلا في شمالها وبه منبر وبشر كثير وهو على طريق الثغور وكذلك حصن اولاش حصن منيع على ساحل البحر وبين حصن بغراس والإسكندرونة تسعة أميال وهذه الحصون في الساحل تتلو السويدية ثم إلى الإسكندرونة ثم إلى بياس ثم إلى التينات ثم إلى المثقب ثم إلى نهر المصيصة ثم إلى نهر آذنة ثم إلى طرسوس وهذه كلها على توال في الساحل من الإسكندرونة إلى بياس مرحلة خفيفة ومن بياس في البر إلى الهارونية خمسة عشر ميلا ومن الهارونية إلى مرعش من ثغور الجزيرة مرحلة
652

كبيرة ومن بياس إلى المصيصة مرحلة كبيرة ومن المصيصة إلى عين زربة مرحلة ومن المصيصة إلى آذنة مرحلة ومن آذنة إلى طرسوس مرحلة ومن طرسوس إلى الجوزات مرحلتان وأما الهارونية فحصن صغير على شعب من شعوب اللكام بناه هارون الرشيد وسنذكر مدينة بغداد في الجزء السادس وبقية أرض الجزيرة بعون الله تعالى
نجز الجزء الخامس من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء السادس منه إن شاء الله تعالى
653

الجزء السادس
إن الذي تحصل في هذا الجزء السادس من الأرضين أكثر أرض الجزيرة وبعض أرض أرمينية وبعض أرض آذربيجان وبلاد البهلويين وهي بلاد الجبل والجزيرة ما بين دجلة والفرات ومدن الجزيرة هي الرقة والرافقة والخانوقة وباجروان وعربان وسكير العباس وطابان وتنينير والمحمدية وقرقيسيا والرحبة والدالية وعانة وهيت والرب والأنبار وصرصر والقطر وسورا والكوفة وماكسين وسنجار والحضر والموصل وبلد وجزيرة ابن عمر وبرقعيد وأذرمة ونصيبين ورأس العين وماردين والرها وحران وسروج وجريان وجرنيص وطنزى وحيني وآمد ونينوا وفيسابور وقردى وبازبدا ومعلثايا وسوق الأحد والحديثة والسن وبارما وكل هذه من بلاد الجزيرة
654

وفيه من بلاد العراق الثرثار والدور وسر من رأى والعلث والجويث وعكبرا وبغداد وحبتون والروحاء والنهروان وجرجرايا ودجيل وكل هذه من بلاد العراق وبلاد الجبل الدسكرة وخانقين وقصر شيرين والسيروان والصيمرة وقرماسين والدينور والزوزان والكرج ودنباوند وأما بلاد البهلويين فمنها الري وإصبهان وهمذان ونهاوند ومهرجانقذق وماسبذان وقزوين ومدينة المبارك وبها من بلاد الديلم قزوين وأبهر وزنجان والببر والطيلسان والديلم وآمل وسارية ومامطير وطميسة وفيه من البلاد الأرمينية مرند وبرذعة وجنزة وسلماس وخوي وكل هذه بلاد عامرة وأقطار ممدنة ويجب علينا أن نتكلم عليها كما سبق لنا فيما سلف من الكتاب بعون الله تعالى ونصفها بلدا بلدا وقطرا قطرا
فنقول إن الجزيرة هي ما بين دجلة والفرات وتشتمل على ديار ربيعة ومضر ومخرج الفرات من داخل بلاد الروم على ما قدمنا وصفه وعليه من البلاد أيضا ما قد سبق لنا القول فيه ونذكر الآن ما بقي منها فمن ذلك الطريق من بغداد إلى الرقة وهو طريق المغرب من بغداد إلى السيلحين اثنا
655

عشر ميلا ثم إلى الأنبار أربعة وعشرون ميلا والأنبار مدينة صغيرة متحضرة لها سوق وبها فعلة ولها فواكه كثيرة وهي على رأس نهر عيسى وذلك أنه قد كان فيما سلف من الزمان قبل الإسلام لا تصل مياه الفرات إلى دجلة بوجه وإنما كان مفيضها في البطائح دون أن يتصل شيء منها بدجلة فلما جاء الإسلام احتفر نهر عيسى حتى وصل به إلى بغداد وهو الآن نهر كبير تجري فيه السفن إلى بغداد
ومن الأنبار إلى الرب أحد وعشرون ميلا وهي مدينة عامرة ذات قرى وبساتين وعمارة ممتدة ومن الرب إلى هيت ستة وثلاثون ميلا وهيت مدينة من غربي الفرات عليها حصن وهي من أعمر المدن وتحاذي تكريت من حد المشرق وتكريت في شمال العراق وهي في غربي دجلة ومن هيت إلى الناووسة أحد وعشرون ميلا والناووسة مدينة صغيرة متحضرة لها بساتين وفواكه كثيرة وخيرات وهي في جزيرة يحيط بها الفرات ومنها إلى ألوسة أحد وعشرون ميلا وألوسة متنحية عن الفرات وعلى بعد منه
ومن ألوسة إلى عانات أحد وعشرون ميلا وعانات مدينة صغيرة في وسط الفرات يطيف بها خليج من الفرات وفيها سوق وأعمال ومن عانات إلى الدالية أحد وعشرون ميلا والدالية مدينة صغيرة على شاطئ الفرات الغربي ومن الدالية إلى رحبة مالك بن طوق على الفرات أيضا من شرقيه ثلاثون ميلا ورحبة مالك مدينة خصيبة عامرة عليها سور تراب ولها أسواق
656

وعمارات وكثير من الثمرات ومنها مع الفرات إلى الخابور مرحلتان والخابور مدينة لطيفة على شاطئ الفرات ولها بساتين وحدائق وكثير فواكه ومنها إلى قرقيسيا مرحلتان وقرقيسيا مدينة بالجانب الشرقي من الفرات ويصب أسفلها نهر الهرماس المسمى بالخابور ولها ثمار كثيرة
ومن قرقيسيا إلى الخانوقة وتروى الخالوقة يومان والخانوقة مدينة صغيرة عامرة آهلة لها سوق معمورة وتجارات على قدر ومن الخانوقة إلى الرقة مرحلتان وقد ذكرنا الرقة ووصفناها ووصفنا حالها في ذاتها مجملة والطريق من بغداد إلى الرقة خمس عشرة مرحلة
وطريق آخر من بغداد إلى الرقة ويؤخذ في عشر مراحل أو نحوها وذلك أنك إذا خرجت من بغداد وجئت الناووسة فارقت الفرات وسرت في شرقيه متيامنا في البرية من الناووسة إلى ألوسة أحد وعشرون ميلا ومن ألوسة إلى العجينة ثمانية عشر ميلا ثم إلى التهنية ستة وثلاثون ميلا في البرية ثم إلى الدراقي ثمانية عشر ميلا ثم إلى الفرضة ثمانية عشر ميلا ثم إلى وادي السباع خمسة عشر ميلا ثم إلى خليج بني جفح خمسة عشر ميلا ثم إلى جبال قرقيسيا أحد وعشرون ميلا ثم إلى نهر سعيد أربعة وعشرون ميلا ثم إلى الجرذان اثنان وأربعون ميلا ثم إلى المبرك ثلاثة وثلاثون ميلا ثم إلى الرقة أربعة وعشرون ميلا فجملة هذا الطريق ثلاثمائة ميل واثنان وسبعون ميلا
ومن بغداد أيضا إلى الرقة طريق آخر على الموصل وهو أن تسير من
657

بغداد إلى الثرثار الجائي من مدينة الحضر التي من أعمال تكريت ومن الثرثار إلى عكبرا خمسة عشر ميلا وعكبرا مدينة صغيرة على شرقي دجلة ومن عكبرا إلى باحمشا تسعة أميال ثم إلى القادسية أحد وعشرون ميلا وبالقادسية يصنع الزجاج العراقي دائما ورسمه للمملكة ومنها إلى سر من رأى تسعة أميال وسر من رأى بناها المعتصم من بني العباس فخربت وبقي الآن منها قصور وضياع وأموال وفيها بعض أسواق لبيع الفاكهة وتجديد الأزودة
ومن سر من رأى إلى الكرخ ستة أميال والكرخ مدينة صغيرة عامرة بشرقي دجلة ثم إلى جبلتا ثمانية عشر ميلا وهي قرية كبيرة ومنها إلى السن خمسة عشر ميلا والسن مدينة ذات سور حصين وبها سوق وبها يصب نهر الزاب الأصغر وبين السن وتكريت أربعون ميلا وكذلك من السن إلى مدينة البوازج اثنا عشر ميلا وهي مدينة على الزاب الأصغر من غربيه وعلى مصب نهر الزاب الأصغر وعلى غلوة منه هي مدينة السن وهي منسوبة إلى عمل الجزيرة وديار مضر
ومن مدينة السن إلى الحديثة ستة وثلاثون ميلا والحديثة مدينة عامرة ولها غلات واسعة وخير وخصب وهي بشرقي دجلة وبها مصب نهر الزاب الأكبر وعلى عشرة أميال جبل بارما وعلى الزاب مما يلي الجبل حبتون وهي مدينة حسنة لطيفة متحصنة وعلى الزاب من نواحي أرمينية مدينة الروحاء
658

والزابان نهران عظيمان إذا اجتمعا كانا كنصف دجلة وأكبر
ومن مدينة الحديثة إلى بني ظبيان أحد وعشرون ميلا ثم إلى مدينة تكريت أحد وعشرون ميلا وتكريت من مدن الموصل وهي في غربي دجلة وبإزائها في البرية مدينة الحضر وهي مدينة حسنة لطيفة على نهر الثرثار وأهل تكريت الغالب عليهم أنهم نصارى وأبنيتهم بالجص والآجر ومن تكريت يشق نهر دجيل الآخذ من دجلة فيشق ربضها ويمر إلى سواد سر من رأى فيغمره إلى قريب من بغداد ومن تكريت يسير السائر إلى مدينة الرقة في البرية على ديار ربيعة تسع مراحل
ومن شاء سار مع دجلة إلى مدينة الموصل مرحلتين خفيفتين والموصل مدينة كبيرة علي غربي دجلة صحيحة التربة معتدلة الهواء وشرب أهلها من ماء دجلة وفيها نهر يقطعها في وسطها وبين مائه ووجه الأرض نحو من ستين ذراعا وبساتينها قليلة وضياعها ومزارعها ممتدة وأبنيتها بالجص والحجارة ولها رساتيق عظيمة وكور كثيرة منها رستاق نينوا وهي مدينة قديمة أزلية بها آثار بينة وهي البلدة التي بعث إليها يونس بن متا كما ذكر في الكتب وهي من شرقي دجلة تجاه الموصل
ويحاذي هذا الرستاق رستاق المرج وهو أيضا كبير فيه مدينة تعرف بسوق الأحد فيها سوق مشهودة تحضرها الأكراد لمواعيد معروفة وهي مدينة حصينة تحاذي الجبل وعلى القرب منها مدينة كفر عزى يسكنها نصارى
659

ومسلمون ويعرف النصارى الذين بها بالشهارجة وبين كفر عزى وسوق الأحد رستاق الزاب الكبير ورستاق حزة أيضا وهما إقليمان لهما إصابة الحنطة الكثيرة وأما باقردا وبازبدا فهما أيضا رستقان عظيمان متجاوران بشرقي دجلة وفيهما صنائع خطيرة ولهما دخل واسع وكذلك أيضا رستاق الخابور فيه مدن كثيرة وأعمال واسعة وهو يجاور رستاق سنجار ويوافي الجبال وأما رستاق معلثايا وفيسابور فهما رستقان خطيران
وفوق الموصل على شاطئ دجلة مدينة بلد وبينهما أحد وعشرون ميلا وبلد هذه من غربي دجلة كالموصل وهي كثيرة الزرع والأموال وليس لها ماء جار غير دجلة فمنه شرب أهلها ومنه يتصرفون ومنها إلى مدينة سنجار سبعة وعشرون ميلا وسنجار من مدينة بلد في البرية غربا وهي في سند جبل بها مياه وضياع وعليها سور من حجر حصين وبها ثمار كثيرة ويقرب منها الحوالي وهو واد من أودية ديار ربيعة يسكنه قوم من العرب لهم أموال ومواش وضياع وكروم وبالقرب من الحوالي مدينة برقعيد وبينهما نحو من ثمانية عشر ميلا وبين بلد وبرقعيد ستة وثلاثون ميلا ومن برقعيد إلى نصيبين سبعة وأربعون ميلا
فمن أراد الطريق من الموصل إلى نصيبين خرج من الموصل إلى بلد أحدا وعشرين ميلا ومنها إلى باعيناثا ثمانية عشر ميلا ثم إلى برقعيد ثمانية
660

عشر ميلا ثم إلى أذرمة ثمانية عشر ميلا ثم إلى تل فراشة خمسة عشر ميلا ثم إلى نصيبين اثنا عشر ميلا ومدينة برقعيد مدينة حسنة كبيرة كثيرة الخير والخصب ويسكنها قوم من تغلب وكذلك مدينة أذرمة صالحة القدر كثيرة العمارة والخصب جليلة الغلال والمزارع ومدينة كفرتوثا لها زروع وخصب كثير وحالات حسنة ورأس العين مدينة كبيرة وفيها مياه كثيرة نحو من ثلاثمائة عين عليها شباك حديد يحفظ ما يسقط فيها ومن هذه المياه ينشأ معظم نهر الخابور الذي يصب بقرقيسيا في الفرات وعليه لأهل رأس عين مدن كثيرة منها عربان وهي مدينة حسنة ومنها إلى قرقيسيا أربع مراحل وبين عربان والخانوقة مدن حسنة تقرب من ضفة الخابور فمنها مما يلي عربان طابان والجحشية وتنينير والعبيدية وهذه البلاد كلها قد غلبت عليها البادية وهي مدن عليها أسوار لا تصونهم وقد لجؤوا معها إلى الحفائر
ونرجع إلى نصيبين فنقول إن نصيبين مدينة ديار ربيعة وهي مدينة كبيرة في مستو من الأرض ذات سور حصين وأسواق عامرة ومقاصد تجارات وبها فعلة وصناع
وطرز لصنع جيد الثياب ولها مياه كثيرة وجل مياهها خارجة من شعب جبل يقرب من شمالها يسمى بالوسا وهو أنزه مكان يعرف بها وتنتشر تلك المياه إلى بساتينها ومزارعها وتدخل إلى كثير من قصورها
661

ودورها ولها فيما بعد عنها واستدار بها أقاليم وضياع حسنة عظيمة السائمة والكراع دارة الغلات والنتاج وبأرض نصيبين عقارب قتالة
وبالقرب منها جبل ماردين من قرار الأرض إلى ذروته نحو ستة أميال وعليه قلعة بناها حمدان بن الحسن وتسمى هذه القلعة بالبازي الأشهب لا يستطاع فتحها بوجه البتة لحصانتها ومنعة موضعها وفي هذا الجبل المسمى ماردين جوهر الزجاج الجيد ومنه يحمل إلى سائر بلدان الجزيرة وبجبل ماردين حيات قتالة وهي به كثيرة جدا
وكور ديار ربيعة منها نصيبين وأرزن وآمد ورأس عين وميافارقين وماردين وباعربايا وبلد وسنجار وقردى وبازبدا وطور عبدين
فالطريق من نصيبين إلى الرقة من نصيبين إلى دارا خمسة عشر ميلا ودارا مدينة صغيرة حسنة لها غلات ومزارع متصلة ومنها إلى كفرتوثا أحد وعشرون ميلا ثم إلى الخابور خمسة عشر ميلا ثم إلى حصن مسلمة ثمانية عشر ميلا ثم إلى باجروان أحد وعشرون ميلا وباجروان مدينة صغيرة عامرة بها سوق وبيع وشراء ثم إلى الرقة تسعة أميال وحصن مسلمة حصن منيع بناه مسلمة ابن عبد الملك بن مروان وهو على تل بني سيار وشرب أهله من ماء المطر وتل بني سيار مدينة صغيرة عليها سور من حجر وهي على مرحلة من رأس عين
662

والطريق من نصيبين إلى آمد من نصيبين إلى دارا خمسة عشر ميلا إلى قصر ابن بارع تسعة وثلاثون ميلا إلى تل نزعة ثمانية عشر ميلا إلى آمد أحد وعشرون ميلا وآمد مدينة حسنة خصيبة على جبل من غربي دجلة مطل عليها نحو مائة قامة وعليها سور من حجارة الأرحاء أسود اللون وهي كثيرة الشجر ولها بداخل سورها مياه جارية ومطاحن على عيون مطردة وأشجار وبساتين
ثم يجاز نهر دجلة إلى ميافارقين مرحلتين وميافارقين من أرض أرمينية وقوم يعدونها من أعمال الجزيرة وهي من شرقي دجلة على مرحلتين منها وهي مدينة كبيرة حسنة خصيبة في حضيض جبل ويعمل بها من التكك كل حسنة تضاهي التكك التي تصنع بسلماس وربما كانت تفوقها في الجودة وتصنع بها المناديل العراض والسبنيات
والطريق من آمد إلى الرقة ذات اليمين من آمد إلى شمشاط سبعة وسبعون ميلا ومن شمشاط إلى تل موزن خمسة عشر ميلا ثم إلى جريان ثمانية عشر ميلا وجريان مدينة صغيرة حسنة ثم إلى بامعدا خمسة عشر ميلا ثم إلى حصن جلاب أحد وعشرون ميلا ثم إلى الرها اثنا عشر ميلا والرها مدينة في بقعة تتصل بحران والرها وسطة من المدن والغالب على أهلها النصارى وبها أكثر من مائتي بيعة ودير ومواضع بها رهبانهم وبها بيعة ليس للنصارى أعظم منها وبها مياه وزروع وكان بها منديل للسيد المسيح فأخذه ملك الروم منهم
663

وهادنهم مهادنة مؤبدة ومن الرها إلى حران اثنا عشر ميلا وحران مدينة الصابئين ولهم بها تل عليه مصلاهم وهم يعظمونه وينسبونه إلى إبراهيم عليه السلام وهي من غرر البلاد لكنها قليلة الماء والشجر ولها رساتيق وعمارات وموضعها في مستو من الأرض يحيط بها جبل شامخ مسافته يومان ومن حران إلى باجدا اثنا عشر ميلا ثم إلى باجروان أحد وعشرون ميلا ثم إلى الرقة تسعة أميال
والطريق من الموصل إلى آمد من الموصل إلى مدينة بلد أحد وعشرون ميلا إن شئت في البر وإن شئت في دجلة ومن بلد إلى جزيرة ابن عمر تسعة وستون ميلا وجزيرة ابن عمر مدينة صغيرة ذات أشجار وأنهار وسوق وهي فرضة أرمينية وبلاد الأرمن ونواحي ميافارقين وأرزن وتصل المراكب مشحونة منها بالتجارات إلى الموصل وهي متصلة بجبل ثمانين وباسورين وفيسابور وجميعها في الجبل الذي منه جبل الجودي المتصل بآمد من جهة الثغور وجبل ثمانين هو الجودي الذي استقرت عليه سفينة نوح عليه السلام ومن الجزيرة إلى مسقط نهر سربط وهما نهران يأتيان من جبال بارما فيجتمعان بمقربة من دجلة فيصبان معا في دجلة وعلى ضفتيهما مدينة التل ومن مسقط الواديين إلى مسقط نهر بارما وهو نهر كبير يخرج من بلاد أرمينية ويصب في دجلة من شرقيها ومن هذا النهر إلى طنزى وهي مدينة
664

صغيرة في الضفة الغربية من دجلة ومنها إلى آمد فذلك من آمد إلى جزيرة ابن عمر ثلاث مراحل
والطريق من مدينة بلد إلى الرقة من بلد إلى تل أعفر خمسة عشر ميلا غربا ثم إلى سنجار أحد وعشرون ميلا ثم إلى عين الحيال خمسة عشر ميلا ثم إلى سكير العباس على الخابور أحد وعشرون ميلا ثم إلى النهرين على الخابور خمسة عشر ميلا ثم إلى ماكسين على الخابور ثمانية عشر ميلا ثم إلى قرقيسيا وهي على الفرات والخابور أحد وعشرون ميلا وبين قرقيسيا والرقة أربع مراحل والرقة والرافقة مدينتان كالمتلاصقتين وكل واحدة متباينة عن الأخرى بأذرع كثيرة وفي كل واحدة منهما مسجد جامع ولهما عمارات وقرى ومياه كثيرة
وكذلك من آمد إلى سميساط ثلاث مراحل ومن سميساط إلى نصيبين تسعون ميلا ومن نصيبين إلي رأس العين ثلاث مراحل ومن رأس العين إلى الرقة أربع مراحل ومن رأس العين إلى حران ثلاث مراحل ومن حران إلى الرقة ثلاثة أيام ومن حران إلى جسر منبج يومان ومن الرها إلى سميساط ثلاث مراحل وسروج مدينة ديار مضر كثيرة الفواكه وهي عن شمال طريق حران من جسر منبج وهي من حران على يوم فهذه جملة ما تضمنته الجزيرة من البلاد المذكورة والقواعد المشهورة وبالله التأييد
665

وأما العراق فإنه في الطول من حد تكريت إلى حد عبادان على فم بحر فارس وعرضه من القادسية على الكوفة وبغداد إلى حلوان لله أيضا من نواحي واسط إلى قرب الطيب وقرقوب ونواحي البصرة إلى جبى
ومسافاته تكون من حد تكريت إلى البحر مما يلي المشرق مقوسا نحو شهر ومن البحر راجعا في حد المغرب مقوسا إلى تكريت مثل ذلك ومن بغداد إلى سر من رأى ثلاث مراحل ومن سر من رأى إلى تكريت مرحلتان ومن بغداد إلى الكوفة خمس مراحل ومن الكوفة إلى القادسية ثلاث مراحل ومن بغداد إلى واسط ثماني مراحل ومن
واسط إلى البصرة سبع مراحل ومن بغداد إلى حلوان ست مراحل وكذلك من بغداد إلى السيروان والصيمرة ست مراحل ومن الكوفة إلى واسط على طريق البطائح ست مراحل ومن البصرة إلى البحر مرحلتان وعرض العراق على سمت بغداد من حلوان إلى القادسية إحدى عشرة مرحلة وعرض العراق من سر من رأى إلى حدود شهرزور من أرض آذربيجان خمس مراحل والعامر منه أقل من مرحلة والعرض بواسط من الكوفة إلى نواحي خوزستان نحو أربع مراحل وبنواحي البصرة من البصرة إلى جبى مرحلة
ولنبدأ من مدنها بذكر بغداد فبغداد مدينة كبيرة ابتناها المنصور في الجانب الغربي من دجلة وجعل جوانبها قطائع اقتطعها لمواليه وأتباعه فلما وليها المهدي
666

جعل عسكره في الجانب الشرقي فسمي بعسكر المهدي وبنى الناس أقطاعهم فعمرت بهم واتصلت المباني من الكرخ أسفل بغداد إلى الجويث وقصر المهدي متوسط منها يقابل قصر المنصور من الضفة الأخرى الغربية وتتصل عمارة بغداد شرقا إلى كلواذا وكلواذا مدينة بها مسجد جامع وبين المدينتين من بغداد جسران مربوطان بالسفن يجتاز عليهما من أراد الجواز والتصرف من البلدة الغربية إلى البلدة الشرقية وبالضد
والجانب الشرقي بساتينه وأشجاره تسقى بماء النهروان وتامرا وهما نهران عظيمان وماؤهما يرتفع منه الكفاية سقيا وشربا وليس يرتفع به من ماء دجلة شيء إلا القليل الذي لا يكفي ولا يرضي والجانب الغربي يجري إليه نهر عيسى من الفرات كما قدمنا ذكره وعلى فوهته قنطرة دمما ويتشعب منه نهر صغير يسمى الصراة فيصب ماؤه في الجانب الغربي من بغداد فيسقي بساتينهم وضياعهم ويدخل المدينة فينتفع به ويشرب منه ونهر عيسى تجري فيه السفن من الفرات إلى بغداد وليس به سد ولا حاجز وأما نهر الصراة فلا تقدر السفن على ركوبه لكثرة أسداد الأرحاء المتخذة عليه وعلى نهر عيسى مدينة بادوريا ولها ديوان مفرد من أجل الدواوين وتنفجر فيها أنهار كثيرة تشق أسواقها ومحلاتها وعليها المباني والدور والبساتين والضياع
وبين بغداد والكوفة سواد متصل وأعمال غير متميزة تخترق إليها أنهار
667

من الفرات أولها مما يلي بغداد نهر صرصر وعليه مدينة صرصر تجري فيه السفن وبين مدينة صرصر وبغداد تسعة أميال وهي مدينة عامرة كثيرة التجار والأسواق وبها فواكه وخير وافر ولا سور لها ولها جسر من مراكب يعبر الناس عليه ومن هذا النهر إلى نهر آخر وبينهما ستة أميال وهو نهر كبير ماؤه غزير ويسمى نهر الملك وعليه مدينة حسنة عامرة آهلة كثيرة النخيل والأشجار ولها جسر من مراكب يعبر عليه ومن هذا النهر إلى قصر ابن هبيرة وهي مدينة كبيرة عامرة ذات أسواق وعمارات وهي أعمر البلاد التي في نواحي السواد وأوفرها أموالا وأكثرها نفعا وهي على غلوة من الفرات ومنها إلى بغداد ثلاث مراحل خفاف
ثم تمر من قصر ابن هبيرة إلى مدينة سورا وهي بناحية الفرات وهي في ذاتها مدينة حسنة متوسطة القدر ذات سور وأسواق وبها عمارة كافية ونخيل وأشجار وبساتين وفواكه جمة وزراعات واسعة ومنها ينصب الفرات إلى سائر سواد الكوفة ويقع الفاضل منه في البطائح وكذلك أيضا كربلاء موضعها من غربي الفرات فيما يحاذي قصر ابن هبيرة وبها قبر الحسين بن علي وله مشهد عظيم في أوقات من السنة وسائر المياه تنصب في البطائح فيتكون عنها بطيحات كثيرة ومناقع مياه عليها قرى وأعمال
ومن مدينة بغداد إلى النهروان في الجهة الشرقية اثنا عشر ميلا وهي مدينة صغيرة يشقها نهر النهروان في وسطها ويفضي فضله إلى سواد بغداد
668

إلى اسكاف بني جنيد وجرجراي وبين جرجراي والنهروان مرحلتان وللنهروان بساتين وجنات وقرى عامرة وغلات نافعة وخيرات وافرة فإذا جزت النهروان إلى الدسكرة إلى حدود حلوان على حد طريق خراسان جفت المياه وقلت الثمرات ومن النهروان إلى بعقوبا على النهر وبينهما أربعة وعشرون ميلا
والطريق من بغداد إلى حلوان من بغداد إلى النهروان اثنا عشر ميلا ومنها إلى دير بارما اثنا عشر ميلا ومن بارما إلى الدسكرة أربعة وعشرون ميلا والدسكرة مدينة صغيرة بها نخيل وزروع وهي عامرة وبخارجها حصن من طين داخله فارغ وهو مزرعة يقال إن الملك كان يقيم به في بعض فصول السنة فسمي بذلك دسكرة الملك ومن الدسكرة إلى جلولاء أحد وعشرون ميلا وجلولاء مدينة صغيرة ومنها إلى خانقين سبعة وعشرون ميلا وخانقين مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى قصر شيرين ثمانية عشر ميلا
ومن قصر شيرين يفترق طريقان طريق ذات اليسار إلى شهرزور وطريق آخر يأخذ مشرقا إلى حلوان فمن أراد شهرزور سار من قصر شيرين إلى ديزكرارن ستة أميال ومن ديزكران إلى شهرزور أربعة وخمسون ميلا ومدينتها نيم راه أي نصف الطريق إلى المدائن من بيت نار الشيز ومن أراد مدينة
669

حلوان سار من قصر شيرين إلى حلوان خمسة عشر ميلا فذلك من بغداد إلى حلوان ست مراحل وهي من الأميال مائة ميل وأربعة عشر ميلا ومدينة حلوان مدينة كبيرة في سفح الجبل المطل على العراق وقدرها نحو نصف قدر الدينور وبينها وبين الجبل ستة أميال ولها نخيل كثير وليس بالعراق بعد البصرة والكوفة وواسط أعمر منها ولا أكبر ولا أخصب وجل ثمارها شجر التين وليس بالعراق مدينة تقرب من الجبل غيرها وربما سقط الثلج بها وأما جبلها فالثلج يسقط به دائما
والطريق من مدينة بغداد إلى البصرة من بغداد إلى المدائن خمسة عشر ميلا والمدائن على غربي دجلة وهي مدينة صغيرة جاهلية كسروية بها آثار هائلة وبقايا من شامخ البناء عظيمة على أن أكثر صخر مبانيها انتقل وينتقل إلى بغداد وهي منها على مرحلة وكانت في القديم مسكن الأكاسرة وبها إيوان كسرى الكبير المضروب به المثل في شماخته ووثاقته وهو مبني من آجر وجص ولم يسبق للأكاسرة بنيان مثله ويعرف إقليمها بأرض بابل وقرية بابل هذه قرية صغيرة وكانت قبل مدينة كبيرة وهي أقدم أبنية العراق في زمن الكنعانيين وسكنوها وتداول ملوكهم عمارتها وبها بقايا بنيان وآثار قائمة تخبر أنها كانت فيما مر من الأزمان مصرا عظيما ويروى في بعض التواريخ أن الضحاك أول من بناها وسكنها التبابعة ودخلها إبراهيم عليه السلام
670

وإلى جانبها شرقا مدينة كوثاربا وهي مدينة صغيرة يقال إنه بها طرح إبراهيم عليه السلام في النار وكوثاربا مدينتان إحداهما تعرف بكوثا الطريق والأخرى كوثاربا
وبكوثاربا تلال من رماد عالية قد لزق بعضه ببعض ويقال إنه رماد نار النمرود بن كنعان التي طرح فيها إبراهيم عليه السلام وبقرب المدائن على الفرات مدينتا الجامعان وهما صغيرتان على الفرات ولهما رستاق عظيم عامر خصيب
ومن المدائن مع دجلة إلى جرجرايا أربعون ميلا ومدنية جرجرايا مدينة صغيرة ومنها إلى جبل خمسة وعشرون ميلا وجبل أيضا مدينة صغيرة المقدار وبها يصب نهر النهروان ومنها مع دجلة إلى واسط أربعون ميلا ومن واسط إلى نهر أبان إلى الفاروث إلى دير العمال إلى الحوانيت إلى القطر ثم في نهر أبي الأسد ثم في دجلة العوراء ثم في نهر معقل ثم في فيض البصرة إلى البصرة ومن واسط إلى حد الأهواز مائة ميل
وفي الجانب الغربي والشرقي من دجلة من المدن العامرة مدينة واسط ومدنية المذار والمفتح وبيان وسليمانان والابلة وموضعها تحت بيان وسليمانان وقد تقدم لنا ذكر هذه البلاد كلها حسب ما وجب
وبقي لنا الآن أن نذكر بلاد الجبال فنقول إن الجبال تشتمل على مدن مشهورة ومعاقل مذكورة وأعظمها همذان والدينور وإصبهان وقم وبها جمل
671

بلاد أصغر من هذه مثل قاشان ونهاوند واللور والكرج والبرج وأبهر وزنجان وقزوين وإن كان بعض الناس يرى أنها من بلاد الديلم
ونبدأ من ذلك بذكر همذان فنقول إن همذان مدينة كبيرة القطر كثيرة العامر ولها أسواق وتجارات دائرة وأهلها أهل نبالة وأدب وفضل ومروة وأسعارها مع الأيام مرفقة وبها كثير الأغنام واللحمان السمان والألبان والأجبان
والطريق من همذان إلى حلوان من همذان إلى أسداباذ خمسة وأربعون ميلا وفي كتاب ابن خرداذبه أربعة وعشرون ميلا ومدينة أسداباذ مدينة صالحة كثيرة الأسواق والتجارات ولها رساتيق كثيرة ومزارع متصلة ومن أسداباذ إلى قصر اللصوص أحد وعشرون ميلا وهي مدينة لطيفة حسنة بهية المنظر رصيف لمن ورد وصدر ومن قصر اللصوص إلى ماذران أحد وعشرون ميلا وهي مدينة صغيرة وفيها عمار وصناع ومنها إلى قنطرة النعمان خمسة عشر ميلا وهو واد صغير ومنها إلى قنطرة أبي أيوب اثنا عشر ميلا ومنها إلى بهستون وهو جبل عال عليه قرية تدعى سايسانان وفي هذا الجبل كهف منقور مصور فيه كسرى على فرس ويعرف بشبداز ومن بهستون إلى قرماشين وتروى قرمازين بالزاي أربعة وعشرون ميلا وهي مدينة لطيفة بها أسواق وتجارات وديار حسنة وأموال مصرفة وسائمة وعيون متدفقة ومياه
672

جارية ومن قرماشين إلى الزبيدية أربعة وعشرون ميلا وهو منزل حسن ومن الزبيدية إلى مرج القلعة سبعة وعشرون ميلا وهي مدينة ذات سور تراب لطيف لكنها حسنة المنازل والمتنزهات كثيرة المرافق والخيرات ولها مياه جارية وأغنام كثيرة ومن المرج إلى حلوان ثلاثون ميلا وقد سبق ذكر حلوان
والطريق من همذان إلى الدينور من همذان إلى أسداباذ على نص ما قد سبق أربعة وأربعون ميلا ومنها إلى صحنة سبعة وعشرون ميلا ومن صحنة إلى الدينور أربعة وعشرون ميلا والدينور مدينة كثيرة الثمار والزروع خصيبة وأهلها أرق طبعا من أهل همذان وفيها مياه كثيرة وبساتين جمة
والطريق من همذان إلى الري من همذان إلى ساوه تسعون ميلا وساوه مدينة على ظهر طريق العراق صالحة الحال كثيرة الجمالين وأكثر الحجاج إلى مكة يحجون على جمالهم ومن ساوه إلى الري خمسون ميلا
والري مدينة كبيرة وكان طولها في أول الزمان أربعة أميال ونصفا في مثلها ولها سور من تراب وبناؤها بالطين والجيار والجص والآجر ولها أبواب كثيرة وأسواق عامرة وتجارات دائرة ولها حصن وفيه مسجد جامع وأكثر المدينة خراب ولها ربض عامر ومياهها كثيرة وإنما شربهم من الآبار والقنى المجلوبة إليهم ولها واديان أحدهما يشق المدينة ويمر بسوق الروذه واسم هذا الوادي سوريني والوادي الآخر يسمى الجيلاني ويجري على حاشية المدينة وهو نظيف ومنه شربهم
673

والطريق من حلوان إلى الري قصدا من المغرب إلى المشرق من حلوان إلى قرية ماذرواستان اثنا عشر ميلا ثم إلى قصر يزيد اثنا عشر ميلا ثم إلى الزبيدية ثمانية عشر ميلا ثم إلى خشكاريش تسعة أميال ثم إلى قصر عمرو اثنا عشر ميلا ثم إلى قرماشين تسعة أميال وماسبندان منها على تسعة أميال يسرة وأنت تريد طريق خراسان ثم إلى الدكان أحد وعشرون ميلا فمن أراد نهاوند وإصبهان أخذ من الدكان على اليمين إلى ماذران المتقدم ذكرها ثم إلى نهاوند وهي إحدى كور الجبل
وكور الجبل همذان والروذراور وبروجرد والكرج وفراونده وقصر اللصوص وصحنة وأسداباذ والمرج وطزر وحومة سهرورد وشهرزور وزنجان وأبهر وسمنان وقم وقاشان وروذه وبوسته والكرج والبرج وإصبهان وخان لنجان وبارما ومدينة الصيمرة وماسبذان ومهرجان قذق وماه الكوفة وهي الدينور وماه البصرة وهي نهاوند وهمذان وقم
ومن الدكان إلى قصر اللصوص أحد وعشرون ميلا ثم إلى أسداباذ أحد وعشرون ميلا ثم إلى قرية العسل تسعة أميال ثم إلى وظيفة همذان سبعة فراسخ ثم إلى همذان خمسة عشر ميلا ومن همذان إلى قرية اذرنو خمسة
674

عشر ميلا ثم إلى زرة اثنا عشر ميلا ثم إلى طزرة اثنا عشر ميلا وهي قرية ثم إلى الأساورة اثنا عشر ميلا والأساورة قرية كبيرة كالمدينة ذات سوق ثم إلى داوداباذ اثنا عشر ميلا ثم إلى قرية سوسنقين تسعة أميال ثم إلى ساوه خمسة عشر ميلا وساوه مدينة وقد سبق ذكرها ومن ساوه إلى مشكويه سبعة وعشرون ميلا ثم إلى الري أحد وعشرون ميلا
والطريق من همذان إلى إصبهان من همذان إلى رامن أحد وعشرون ميلا ورامن مدينة صالحة الحال ومن رامن إلى بروجرد ثلاثة وثلاثون ميلا وبروجرد أيضا مدينة أكبر من رامن وأحسن حالا في جميع الوجوه وفواكهها كثيرة وتحمل منها إلى الكرج وغيرها حتى إلى همذان وإلى الري ومن بروجرد إلى الكرج ثلاثون ميلا والكرج منازل أبي دلف وهي أيضا مدينة كبيرة أكبر من بروجرد وأكثر عمارة منها وأغزر أمواه وأكثر تصرفا في الصناعات والتجارات ومن الكرج إلى البرج ستة وثلاثون ميلا
والبرج أيضا مدينة حسنة الحال ومن البرج إلى قرية خونيجان ثلاثون ميلا ومن خونيجان إلى إصبهان تسعون ميلا لا مدينة فيها
والطريق من همذان إلى خوزستان فمن همذان إلى الروذراور سبعة وعشرون ميلا والروذراور إقليم حسن وناحية شريفة ينبت بها الزعفران الذي
675

ليس على قرار الأرض مثله ومدينته مدينة كرج الروذراور وهي مدينة صغيرة ومن الروذراور إلى نهاوند أحد وعشرون ميلا
ونهاوند مدينة جليلة على جبل ذات سور من طين وبناؤها طين ولها بساتين وجنات وفواكه ومتنزهات ومياهها كثيرة وهي كثيرة التجارات والرساتيق والعمارة
ومن نهاوند إلى لاشتر ثلاثون ميلا ومن لاشتر إلى الشابرخاست إلى اللور تسعون ميلا لا مدينة فيها ولا قرية ومن اللور إلى قنطرة اندامس إلى جندي سابور ستة أيام ومن همذان إلى ساوه تسعون ميلا ومن ساوه إلى قم ستة وثلاثون ميلا تقطع في يومين
وقم مدينة حسنة كبيرة وكذلك قاشان مدينة جليلة وكلاهما ذواتا أسواق وتجارات والغالب على أهل قم التشيع وعلى أهل قاشان الحشوية
والطريق من همذان إلى قزوين من همذان إلى بارسيان ثلاثون ميلا ومن بارسيان إلى أود أربعة وعشرون ميلا ومن أود إلى قزوين يومان وليس بين قزوين وهمذان مدينة وليس لقزوين أيضا قرين في كثير من البلاد وبها أسواق وتجارات وعمارات متصلة وأهلها لهم مروءات وآداب ونفوذ في العلوم
ومن همذان إلى الدينور نيف وستون ميلا ومن الدينور إلى شهرزور أربع مراحل وكذلك من حلوان إلى شهرزور أربع مراحل ومن الدينور إلى
676

الصيمرة خمس مراحل ومن الدينور إلى السيروان أربعة مراحل ومن السيروان إلى الصيمرة يوم ومن اللور إلى الكرج ست مراحل ومن إصبهان إلى قاشان ثلاث مراحل ومن قم إلى قاشان مرحلتان ومن قم إلى ساوه يومان
وإصبهان مدينتان إحداهما تعرف باليهودية والأخرى شهرستان وبينهما مقدار ميلين وفي كل مدينة منهما منبر واليهودية أكبر من شهرستان مرتين وبناؤهما من طين وهما أخصب مدن الجبال وأوسعها وأكثرها أهلا وأموالا وهي فرضة لفارس والجبال وخراسان وخوزستان وهي كثيرة الجمال وجمالاتهم صالحة للحمولات والسفر وبمدينة إصبهان طرز تصنع بها الثياب العتابية والوشي وسائر ثياب الحرير وثياب القطن والتجار يقصدونها لاستخراج ذلك منها ويتجهزون به إلى كل الجهات وبها من الزعفران كل شيء حسن وليس بعد الري أكبر من إصبهان
ومن حلوان إلى السيروان مرحلتان كبيرتان ومن السيروان إلى الصيمرة مرحلتان ومن السيروان إلى اللور مرحلتان وتؤخذ في مرحلة كبيرة وهي في سفح الجبل ومنها إلى مدينة بغداد تسع مراحل
والسيروان والصيمرة مدينتان صغيرتان غير أن الغالب على بنائهما الجص والحجر يشبه بناء الموصل وفيهما فواكه كثيرة كالتمر والجوز وجميع ثمار الصرود وبهما مياه كثيرة تجري في أسواقهما وأكثر ديارهما وهما في نهاية النزه وحسن البقع
677

وأما قزوين فهي مدينة حسنة وهي ثغر لبلاد الجبل وبينها وبين الري تسعون ميلا ومنها إلى مستقر ملك الديلم ستة وثلاثون ميلا والطالقان أقرب إلى الديلم منها وليس لقزوين ماء جار إلا مقدار شربهم وماؤهم يجري في قناة إلى الجامع وهو ماء ليس بصادق الحلاوة
وأما مدينتا أبهر وزنجان فصغيرتان حصينتان كثيرتا المياه والأشجار والزروع وزنجان أكبر من أبهر وأهل أبهر أحذق وأنبل طباعا وأهل زنجان تدركهم غفلة وجهل وبين زنجان والدينور تسعون ميلا
وتتصل بأرض البهلويين وهي أرض الجبال كورة طبرستان وطبرستان بلاد كثيرة عامرة كثيرة المياه والثمار والأشجار والغياض بها كثيرة وأبنيتها الخشب والقصب والمطر عندهم في أكثر الأوقات ومن مدن طبرستان آمل وناتل وكلار وميلة ومامطير وسارية وطميسة وأستاراباذ وجرجان ودهستان وآبسكون وشالوس وموقان والطالقان وويمه وخوار وسمنان والدامغان وبسطام ورويان وترنجي وجبال الديلم والمدخل إلى طبرستان من الري على شالوس وشالوس مدينة على نحر البحر الملح وهذا البحر يسمى بحر الخزر ويعرف أيضا ببحر طبرستان وسنذكره في موضعه إذا بلغ بنا القول إليه بحول الله تعالى
والطريق من الري إلى آمل من الري إلى برزيان مرحلة خفيفة ومن
678

برزيان إلى نامهند مرحلة وهي مدينة كبيرة ومنها إلى أشك مرحلة ومن أشك إلى بلور مرحلة ومن بلور إلى آمل مرحلة
ومن آمل إلى عين ألهم على البحر مرحلة وبقرب هذه العين يصب نهر آمل في البحر
والطريق من الري إلى ناحية الجبال من الري إلى قسطانة مرحلة ومن قسطانة إلى مشكويه مرحلة ومن مشكويه إلى ساوه سبعة وعشرون ميلا
والطريق من الدينور إلى المراغة ثم إلى أردبيل من الدينور إلى الخبارجان سبعة وعشرون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى تل وان ثمانية عشر ميلا ومنه إلى سيسر أحد وعشرون ميلا ثم إلى أندراب اثنا عشر ميلا وأندراب مدينة ومنها إلى البيلقان خمسة عشر ميلا وهي مدينة طيبة ذات أشجار وبساتين وثمار على أنهار وعلى هذه الأنهار أرحاء طاحنة فمن أخذ مشرقا إلى برذعة سار أربعة وعشرين ميلا ومدينة برذعة كبيرة طولها ثلاثة أميال في عرض دونها وهي نزيهة خصيبة ذات أشجار وأنهار ومياه جارية وهي أم بلاد الران كلها ومن قصد أردبيل سار من البيلقان إلى برزه ثمانية عشر ميلا وبرزه من أرض أرمينية ومن برزه إلى سابرخست وهي قرية أربعة وعشرون ميلا ثم إلى المراغة أحد وعشرون ميلا
والمراغة مدينة حسنة كثيرة الخصب والفواكه نزيهة الأقطار لها بساتين
679

وجنات وزراعات وغلات وخيرات رساتيقها ممتدة وخيراتها شاملة ويجلب إليها من بعض قراها بطيخ يعرف بالأردهري مستطيل أحمر الداخل أخضر الخارج طعمه يزيد
على العسل في حلاوته
ومن المراغة إلى داخرقان ثلاثة وثلاثون ميلا ثم إلى تبريز سبعة وعشرون ميلا ثم إلى مرند ثلاثون ميلا ثم إلى الخان اثنا عشر ميلا ثم إلى خوي ثمانية عشر ميلا ثم إلى كولسره ثلاثون ميلا ثم إلى النير خمسة عشر ميلا ثم إلى أردبيل
ومدينة أردبيل مدينة حسنة كبيرة وهي دار الإمارة وبها الأجناد والمعسكر وتكون أعمالها تسعين ميلا في مثله ا وأبنيتها من الطين والآجر وأسعارها أبدا موافقة وتجاراتها نافقة ولها رساتيق كثيرة ويليها في الكبر المراغة وقد قدمنا ذكرها
والطريق أيضا من مدينة أردبيل إلى زنجان من أردبيل إلى قنطرة سبيذروذ مرحلة ومن سبيذروذ إلى سراه يوم ومن سراه إلى توى يوم ومن توى إلى زنجان مرحلتان
وسراه قصر كبير كالمدينة له سوق ومشهد شبيه بالموقف من الحج بل هو أحفل وحكى عنه الحوقلي كثيرا حتى إنه أخرجه عن حد الوصف
وسراه في طريق المراغة لمن جاء من أردبيل ومن شاء سار من أردبيل
680

إلى الميانج ستين ميلا والميانج مدينة صالحة في ذاتها رفيهة نزيهة مرفقة رخيصة الأسعار كثيرة البساتين والأشجار والمياه الغدقة ومن الميانج إلى الخونج مرحلة وهي أيضا مدينة حسنة ذات بيع وشراء وصناعات وأموال متصرفة وفيها مرصد على ما يخرج من أذربيجان إلى نواحي الري من الرقيق والدواب وضروب التجارات والأغنام والأبقار
ومن الخونج إلى أذربيجان مرحلة كبيرة وكذلك من الميانج إلى زنجان على غير الخونج مرحلتان ومن أردبيل إلى موقان على نحر البحر يومان
والطريق من شهرزور إلى المراغة من شهرزور إلى حدران وهي قرية للأكراد في حضيض الجبل مرحلة في طريق صعب ومن حدران إلى فوق وهو حصن قليل العمارة في ملك الأكراد مرحلة ثم إلى نريز مرحلة ثم إلى المراغة مرحلتان
والطريق من جزيرة ابن عمر إلى بلاد أرمينية من جزيرة ابن عمر إلى التل مرحلة والتل قرية كالمدينة عامرة وهي على نهر سريط ومن التل إلى جبل جوغان على نهر سريط مرحلة وهناك معدن حديد جيد يستخرج منه الكثير ويحتمل إلى كثير من الآفاق ومن جبل جوغان إلى الجبل مرحلة والمنزل في أعلاه وهناك عيون مندفقة ومياه جارية وزراعات للأكراد والثلوج تنزل هناك شتاء وصيفا لا تفتر في حال ومن الجبل ينحدر السالك إلى مذلان
681

وهي مدينة خراب وكانت كبيرة غير أن الأكراد تغلبت عليها وأتت على أهلها فغيرت نعمهم وفر منها ساكنوها فهي الآن خراب ومن مذلان إلى مرصان مرحلة ثم إلى سلماس من أرمينية مرحلة
وسلماس مدينة على بعد من بحيرة كبوذان وهي بحيرة ملحة الماء ليس فيها دابة ولا سمك وفيها مراكب كثيرة تختلف من أرمية والمراغة وأعمال تبريز وداخرقان وحواليها من جميع جهاتها قرى عامرة ورساتيق متصلة وبين هذه البحيرة والمراغة من شرقيها خمسة عشر ميلا وبينها وبين أرمية من غربيها ستة أميال وبين داخرقان وهذه البحيرة اثنا عشر ميلا وطول هذه البحيرة أربع مراحل بين الشمال والجنوب وعرضها بين المراغة وأرمية نحو ستين ميلا وتكون فيها أمواج عظام في الشتاء تذهب فيها المراكب وفي وسط هذه البحيرة أجبال مسكونة لكنها منيعة يسكنها أصحاب المراكب بعيالاتهم ومياههم رديئة قليلة وقد ذكرنا من أخبار البلاد المضمنة في هذا الجزء ما فيه كفاية والله المستعان
نجز الجزء السادس من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء السابع إن شاء الله تعالى
682

الجزء السابع
إن هذا الجزء السابع من الإقليم الرابع تضمن بقايا من أرض الجبال وبلاد آذربيجان وبلاد قوهستان المجاورة للمفازة الكبيرة وبعضا من بلاد خراسان ونحن نريد أن نصفها بلدا بلدا على توال ونسق كما قد جرت به عادتنا من قبل في الكلام على البلاد الواقعة في الأقاليم السالفة بحول الله
فنقول إن جبل لاشان المتصل من إصبهان إلى الري فيه من البلاد قم وقاشان والطريق عليهما من أراد المسير من الري إلى إصبهان يخرج من الري إلى مدينة دزه مرحلة ودزه مدينة صغيرة عامرة وبها منبر وجماعة ولها ماء جار في نهير وليس من الري إلى هذه المدينة عمارة إلا مقدار ستة أميال في وسط الطريق ومن دزه إلى دير الجص مرحلة في مفازة لا عامر بها وهو حصن حصين له سور مبني من جص وآجر يسكنه قوم متأهلون وهم حراس للطريق وهو منزل للمجتازين وليس به زرع ولا شجر وشرب أهله من بئر زعاق وأكثر شربهم من مياه الأمطار تجتمع عندهم في حوضين خارجين عن الدير والمفازة تحيط به من كلا الجانبين ومن دير الجص إلى قرية كاج مفازة
683

وكاج قليلة العمارة وبها المنزل وشرب أهلها من مياه الأمطار في حياض هناك تغير طعم الماء إلى الملوحة ومن قرية كاج إلى مدينة قم مرحلة والطريق بينهما مفازة لا عمارة فيها حتى إلى قرب المدينة وعلى ستة أميال منها وقم مدينة كبيرة عامرة عليها سور تراب حصين ومياههم من الآبار ومياه بساتينهم تستخرج من الأرض بالسواني وعليها زراعاتهم وبها فواكه وأشجار الفستق والبندق وليس يوجد الفستق والبندق فيما جاورها من البلاد لكنه في قم كثير حتى إنه يحمل لكثرته إلى كثير من البلاد والآفاق والغالب على أهلها التشيع ومن مدينة قم إلى قرية المجوس مرحلة وهي طريق عامرة وفي هذه القرية قوم مجوس ومن هذه القرية إلى مدينة قاشان مرحلة ومدينة قاشان صغيرة القطر عامرة بالناس وبها متاجر وصناعات وبناؤها بالطين وسائر هذه البلاد المذكورة صغار
والطريق من الري إلى نيسابور فمن الري إلى مفضلاباذ اثنا عشر ميلا ثم إلى افريدين أربعة وعشرون ميلا وهي قرية عامرة ومن افريدين إلى كهده أحد وعشرون ميلا
وكهده منزل حسن وفيه مياه وزراعات ومنه إلى خوار ثمانية عشر ميلا وخوار مدينة صغيرة عامرة وفيها ناس وخواص يرجعون إلى مروءات وآداب ولهم ماء يخرج من ناحية دنباوند ولها ضياع ومزارع ودنباوند جبل عظيم يحكى أن ظله في وقت العصر يطول اثني عشر ميلا وعلى رأسه دخان لا يفتر الدهر كله ثم إلى قصر الملح ثمانية عشر ميلا ومنه إلى رأس الكلب أحد وعشرون ميلا ثم إلى سمنان أربعة وعشرون ميلا
684

وسمنان مدينة حسنة متوسطة بها أسواق وصناعات وهي أول بلاد قومس ومن بلاد قومس الدامغان وبسطام وبسطام أصغر من سمنان وسمنان أصغر من خوار الري ومن سمنان إلى آخرين سبعة وعشرون ميلا ثم إلى قومس الدامغان أربعة وعشرون ميلا فمن الري إليها مائة ميل وتسعة وثمانون ميلا ثم إلى الحدادة أحد وعشرون ميلا وهي مرحلة ومن الحدادة إلى بذش مرحلة وهي أحد وعشرون ميلا ومن بذش إلى مورجان مرحلة ثم إلى هفدر مرحلة وهي ستة وثلاثون ميلا ثم إلى هشكيد أحد وعشرون ميلا ثم إلى بهمن اباذ ثمانية عشر ميلا ثم إلى النون ثمانية عشر ميلا ثم إلى خسروجرد ثمانية عشر ميلا ثم إلى حسين اباذ اثنا عشر ميلا ثم إلى نهناباذ خمسة عشر ميلا ومن نهناباذ إلى بهشكند ثمانية عشر ميلا ومن بهشكند إلى نيسابور خمسة عشر ميلا وآخرين المتقدم ذكرها في هذه الطريق هي مدينة صغيرة لها عمارة وزراعات وكذلك الحدادة قرية كبيرة عامرة في سند جبل وبذش قلعة حصينة وأما مورجان فقرية كبيرة القطر عامرة فرجة الأرجاء وهفدر مدينة صغيرة ونهناباذ مدينة صغيرة وهي أول عمل نيسابور وأما خسروجرد فمدينة صغيرة ومنها إلى سبزوار غربا ستة أميال وسبزوار مدينة متحضرة حسنة
والطريق من طبرستان إلى جرجان من آمل إلى ميلة وهو حصن كبير بل
685

مدينة متوسطة المقدار حسنة ستة أميال ومن ميلة إلى ترنجي تسعة أميال وهي قرية ومن ترنجي إلى سارية مرحلة وسارية مدينة متحضرة صغيرة ومن سارية إلى بارست مرحلة ثم إلى اباذان مرحلة ومنها إلى طميسة مرحلة وهي قرية كبيرة كالحصن الآهل ومنها إلى أستاراباذ وهي مدينة متوسطة متحضرة ومنها إلى رباط حفص مرحلة ومن رباط حفص إلى جرجان مرحلة ورباط حفص حصن كبير عامر به سوق عامرة وأهله مياسير ومن شاء قصد من ميلة إلى مامطير إلى درش مرحلة ثم إلى عين رامس مرحلة إلى نجران مرحلة ثم إلى أستارباذا مرحلة والطريق الأولى أقصد لأن فيها منبرين
والطريق من آمل إلى جبال الديلم فمن شاء خرج من آمل إلى ناتل وهي مدينة صغيرة مرحلة ومنها إلى شالوس مرحلة وشالوس مدينة متحضرة عليها سور حصين وبها سوق عامرة ومنها إلى كلار مرحلة وكلار مدينة حاضرة عامرة ومنها إلى الديلم مرحلة
والديلم متحصنون في جبال لهم منيعة والمكان الذي فيه الملك يسمى الطرم وبه مقام آل حسان ورياسة الديلم فيهم ويقال إن الديلم قبيلة تنتمى إلى ضبة وجبالهم ونواحيهم كثيرة الشجر والغياض وأكثر ذلك في وجه الجبل الذي يقابل البحر وطبرستان وهم أهل زرع وسوائم وليس عندهم من الدواب ما يستقلون بها ولسانهم منفرد عن الألسن الفارسية والرانية والأرمينية والغالب
686

عليهم النحافة وقلة الشعر والطيش وقلة الثبات في الأمور ولا يكترثون بشيء ولا يبالون بمصاب إذا دهمهم وكان الديلم كفارا إلى مدة الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب فتوسطتهم العلوية وأسلم أكثرهم
وجبال الديلم ثلاثة أحدها باذوسبان والروينج وقارن وهي جبال منيعة لكل جبل منها رئيس وهي في نهاية من الخصب والرفاهة وأما جبل قارن وشعابه فهي قرى وعمارات وليس به مدينة إلا مدينة شهمار وهي على مرحلة من سارية ومستقر رئيس قارن ببريم وهو موضع تحصنهم وذخائرهم ومقر ملكهم والملك مدار بهم منذ أيام الأكاسرة وأما جبل باذوسبان وشعابه ففيها قوم رئيسهم يسكن قرية ارم وليس بجبال باذوسبان منبر وبين قرية ارم وسارية مرحلة وكذلك جبل روينج فيه رئيس وهو في حصن له عمارات وموضعه بين طبرستان والري والمدخل إلى الري من طبرستان على شالوس وهي على نحر البحر ولها منعة ومن هذه الجبال من حد الديلم إلى أستاراباذ وإلى البحر أكثر من يوم وقد يتصل طرف الجبل بالبحر وبين الجبال التي تقدم ذكرها وبين البحر يومان وأكثر
وتتصل بغربيها مدن ابهر وزنجان والطالقان ويتصل بالري الخوار وشلنبه
687

وويمه ويقع في قومس سمنان والدامغان وبسطام ويقع في طبرستان آمل وناتل وشالوس وكلار والرويان وميلة وترنجي وعين ألهم ومامطير وسارية وطميسة ويقع في عمل جرجان جرجان وأستاراباذ وآبسكون ودهستان
والغالب على أعمال جرجان الجبال والقلاع وربما بلغت قلاعها سبع مائة قلعة وجرجان وطبرستان مدينتان بين عمل خراسان والري وجرجان أعمالها مصاقبة لطبرستان وهي مدينة كبيرة جدا ليس لها نظير في نواحيها وبناؤها بالطين وأمطارها دائمة وهي مدينتان والنهر يشق بينهما ونهرها كثير الماء وعليه قنطرة معقودة وجرجان اسم المدينة الشرقية من النهر واسم المدينة الغربية بكراباذ وهي أصغر من جرجان ولها ضياع وبساتين وزراعات وعمارات متصلة وبها كثير من الكرم والتمر الكثير والتين والزيتون وسائر الفواكه وفي أهلها مروءة ظاهرة وفيهم علماء وطلاب للأدب ونقودهم ونقود أهل طبرستان الدنانير والدراهم ولجرجان فرضة على البحر تسمى آبسكون وهي مدينة حسنة صالحة ويركب من آبسكون إلى بلاد الخزر وباب الأبواب والجيل والديلم وسنذكر آبسكون مع ذكر البحر فيما يأتي بعد من الإقليم الخامس بعون الله تعالى
والطريق من الري إلى شلنبه وويمه فمن الري إلى جبل دنباوند مرحلة
688

وجبل دنباوند في نهاية من العلو وكثيرة المنعة وقليل ما يصل أحد إلى أعلاه وتنحدر منه مياه كثيرة وفي جانبه حصن دنباوند وهي قلعة حصينة وحول هذه القلعة قرى منها قرية ديبران ودرمنه ونامل وربقة وسدهار وبوأ ولا يعلم في تلك النواحي جبل أعلى منه ومن دنباوند إلى ويمه وشلنبه مرحلة ومكانهما بين دنباوند والديلم وهما
مدينتان صغيرتان أصغر من الخوار وويمه أكبر من شلنبه ولهما زروع ومياه وبساتين وكروم وأعناب ومدينة خوار من هاتين المدينتين في ناحية الجنوب وهي شديدة البرد جدا وهي تجاور المفازة الكبيرة المتصلة بأرض خراسان وأرض سجستان وفارس وكرمان
والطريق من جرجان إلى قومس من جرجان إلى جهينة مرحلة وجهينة قرية حسنة على واد ومن جهينة إلى ذهل ثمانية عشر ميلا ومن ذهل إلى بسطام مرحلة وبسطام مدينة حسنة عليها سور تراب وبها أسواق عامرة وجبايات قائمة ومن بسطام إلى وسطاريا وهو حصن من قومس ومن وسطاريا إلى الدامغان مرحلة والدامغان مدينة أكبر من خوار الري وهي أحضر مدينة بقومس
والطريق أيضا من جرجان إلى نيسابور خراسان من جرجان إلى جرحا مرحلة وهي قرية عامرة ومنها إلى دينارزاري مرحلة وهي مدينة صغيرة
689

عامرة ومنها إلى املواتلوا وهي قرية حسنة على نهر صغير ومنها إلى اجغ مرحلة وهو منزل كبير آهل وبه حصن وسوق ومن اجغ إلى سنداسب مرحلة وسنداسب مدينة صغيرة عامرة ومنها إلى اسفرايين مرحلة واسفرايين مدينة متوسطة المقدار متحضرة الأهل وبها متاجر وأرزاق ومن اسفرايين وهو آخر عمل نيسابور إلى نيسابور خمس مراحل
ونيسابور مدينة جليلة في مستو من الأرض وأبنيتها من طين وهي قديمة البناء ومقدارها ثلاثة أميال في مثلها ولها ربض كبير عامر دائر بها ومسجد جامعها في ربضها ولها قصبة منيعة ولها أربعة أبواب أحدها باب رأس القنطرة والثاني باب سكة معقل والثالث باب القصبة والرابع باب قنطرة درميكين ولها نهر يشربون منه ويسقون رساتيقهم
ولنيسابور حدود واسعة ورساتيق عامرة وفيها مدن كثيرة معروفة مثل البوزجان ومالن وخايمند وسلومك وسنكان وزوزن وكندر وترشيز وخان روان وازاذوار وخسروكرد وبهمن اباذ واسفرايين وخوجان وريوند ونوقان وتروغوذ
ومدينة نيسابور قطب لما حولها من البلاد والأقطار وذلك من نيسابور
690

إلى آخر حدها مما يلي قومس وهي أسداباذ سبعة منازل ومن نيسابور إلى سرخس ست مراحل ومن سرخس إلى مرو الروذ خمس مراحل ومن مرو إلى آمل على شط جيحون ست مراحل
فمن أول عمل نيسابور مما يلي قومس إلى وادي جيحون على السمت ثلاث وعشرون مرحلة
ومن نيسابور إلى بوزجان أربع مراحل جنوبا ومن بوزجان إلى بوشنج أربع مراحل ومن بوشنج إلى هراة مرحلة ومن هراة إلى اسفزار ثلاث مراحل ومن اسفزار إلى دزق وهو آخر عمل هراة مرحلتان ومن دزق إلى سجستان سبع مراحل فالجميع من آخر عمل نيسابور إلى سجستان على دزق تسع عشرة مرحلة
ومن نيسابور إلى طوس أربع مراحل بين شرق وشمال وكذلك من طوس إلى نسا ست مراحل ومن نسا إلى فراوه أربع مراحل
وكذلك من نيسابور إلى قاين قصبة قوهستان نحو تسع مراحل بين غرب وجنوب ومن قاين إلى هراة ثماني مراحل
ومن نيسابور إلى بهمناباذ غربا خمس مراحل
وبين نيسابور وخسروجرد مرحلتان ويلي خسروجرد سبزوار وبينهما فرسخان
691

ومن نيسابور إلى ترشيز أربع مراحل
ومن نيسابور إلى خان روان مرحلة شمالا ومن خان روان إلى مهرجان مرحلة ومن مهرجان إلى ازاذوار يوم ومن ازاذوار إلى ديواره يوم ومن ديواره إلى مهرجان يومان
وأما مدينة طوس فإنها مدينة كبيرة حسنة المباني كثيرة الأسواق شاملة الأرزاق عامرة الأمكنة رائقة الجهات ولها مدن بها منابر منها الرايكان وطبران وتروغوز والرايكان مدينة صغيرة متحضرة بها سوق عامرة وسلع نافقة وكذلك مدينة خان روان مدينة حاضرة آهلة نافقة الأمتاع حسنة المباني فسيحة المسالك متقنة الأشكال
وأما مهرجان فإنها مدينة عامرة الديار والأسواق كثيرة الخيرات والأرزاق جليلة لها سور تراب وربض عامر وشرب أهلها من ماء يأتي إليها جلبا ومن مهرجان إلى ديواره مرحلتان وديواره مدينة عامرة لها سور وربض وبنياتها بالطين والتراب والجيار وشرب أهلها من الآبار وماؤها عذب
ومدينة نوقان أيضا مدينة من غرر البلاد المذكورة ولها سوق وسور حصين من تراب وبها مياسير وتجار وصناع وفعلة ولها حصن منيع وبها قبر علي بن موسى الرضا وبجبل نوقان معدن الأحجار التي يقطع منها البرام لسائر بلاد خراسان وفي جبلها أيضا معادن الفضة والنحاس والحديد ويوجد
692

به من أحجار الفيروزج والخماهن والدهنج والبلور وكانت نوقان دار الإمارة بخراسان إلى أيام الطاهرية فانتقل الملك منها إلى نيسابور فخرب أكثرها وتغيرت محاسنها
ومدينة سرخس هي بين نيسابور ومرو وهي في أرض سهلة وقد قدمنا من ذكرها ما فيه كفاية
وكذلك مدينة نسا مدينة خصيبة كثيرة المياه والبساتين وهي في القدر نحو سرخس ومياههم كثيرة تجري في ديارهم وسككهم وهي في غاية النزهة والحسن ولها رساتيق خصيبة والجبال تكنفها من شمالها
وأيضا فإن مدينة فراوه مدينة متحضرة لكنها قليلة التجارات والصنائع بها قدر الكفاية وهي رباط لخراسان في نحر المفازة التي تلي الغزية اثنتا عشرة مرحلة في مفاوز لا أنيس بها ولا تتصل بها عمارة ولا قرية لأهلها وشربهم من ماء عين في جوف البلد وجميع مباقلهم هو على فاضل هذا الماء وليست بكثيرة
ومن مدينة فراوه غربا إلى تستيح أربع مراحل وهي مدينة صغيرة ذات سور حصين وأسواق مقدرة وشرب أهلها من الآبار وهي أيضا على شفير المفازة التي بين جرجان وفراوه ولها رباط وكذلك من مدينة نسا إلى مدينة اسفرايين التي من عمالة نيسابور غربا أربع مراحل وبينهما قرى وعمارات ومن اسفرايين إلى طوس ست مراحل وبينهما مدينة راوينج وبين راوينج
693

وفراوه أربع مراحل ومن راوينج جنوبا إلى مهرجان مرحلتان ومن مهرجان إلى نيسابور مرحلتان وكذلك من اسفرايين إلى مهرجان خمس مراحل خفاف وأيضا إن من مدينة خان روان إلى مهرجان مرحلة ومن خان روان إلى نيسابور مرحلة وكذلك من ازاذوار إلى ديواره مرحلة وبين ديواره ومهرجان مرحلتان وكل هذه البلاد تتقارب في الصفات وتشترك في الهيئات وتشتبه في مقاديرها ومتصرفات أمورها
والطريق من نيسابور إلى النهر من نيسابور إلى بغنش خمسة عشر ميلا ومن بغنش إلى الحمراء ثمانية عشر ميلا ثم إلى النوقان ثمانية عشر ميلا إلى مرو الشاهجان اثنا عشر فرسخا ثم إلى النكتة وهي قرية أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى مدينة سرخس ثمانية عشر ميلا ومن سرخس إلى مرو الروذ مائة ميل وخمسة وثلاثون ميلا بين شرق وشمال ومن سرخس أيضا إلى آمل قصدا ثماني مراحل وسنأتي بذكر ذلك موضحا بعون الله تعالى
نجز الجزء السابع من الإقليم الرابعوالحمد لله ويتلوه الثامن منه إن شاء الله تعالى
694

الجزء الثامن
إن هذا الجزء الثامن من الإقليم الرابع تضمن جزءا من بلاد خراسان والنهر وما خلفه من بلاد فرغانة واشروسنة وبلاد الشاش وايلاق وبلاد فاراب وبلاد الأغزاز وفي كل واحد من هذه الأكوار جمل بلاد معمورة وقواعد مدن مشهورة
فأما بقية بلاد مرو وهي كشميهن وهرمزفره وباشان فقد ذكرناها فيما مضى من ذكر الإقليم الثالث لكن نقول إن كشميهن من مرو الروذ على مرحلة وهي على رأس المفازة لها منبر ونهر كبير وفواكه وأشجار وسويقة صالحة وفنادق وحمامات وبقربها في جهة الشمال على ثلاثة أميال مدينة هرمزفره وعلى طريق مفازة سيفايه التي على غربي النهر المؤدي إلى الجرجانية من أرض خوارزم وهذه المفازة كبيرة متصلة وليس بها أنيس لكن المياه بها كثيرة
وأما ما جاور النهر فمن أعلاه مدينة زم وأسفله بحيرة خوارزم المشهورة ومدينة زم ومدينة آمل قد ذكرناهما في الإقليم الثالث بأكمل صفاتهما
695

يغني عن إعادة ذلك وآمل بينها وبين النهر ثلاثة أميال ومن آمل إلى مدينة الجرجانية من بلاد خوارزم اثنتا عشرة مرحلة ومن الجرجانية إلى بحيرتها ست مراحل
والطريق من آمل إلى خوارزم من آمل إلى مدينة ويزه مرحلة وهي مدينة صغيرة متحضرة لها سوق وحولها عمارات تتصل بالنهر ومن ويزه إلى مردوس مرحلة ومردوس قرية كبيرة عامرة آهلة ولها مزارع كريمة وخيرات جسيمة تتصل عماراتها إلى ضفة النهر ومن مردوس إلى اسباس مرحلة واسباس حويضرة حسنة لها سور ولا ربض لها وبها سوق وهي على قرب النهر الكبير ومن اسباس إلى سيفايه مرحلتان خفيفتان وهي أول عمالة بلاد خوارزم ومن سيفايه إلى الطاهرية من خوارزم مرحلة والطاهرية مدينة ظاهرة الحسن لها دخل وخرج ومزارع وبركات وفواكهها عامة تقوت أهلها وتفضل عنهم ومن مدينة الطاهرية إلى راشت مرحلتان وراشت على مقربة من النهر وهو حصن عامر آهل به زراعات وبساتين وغلات وفوائد ومن راشت إلى خيوه من الجرجانية مرحلتان وخيوه مدينة عامرة ظاهرة الحسن كاملة الفوائد ولها سور حصين وجهات واسعة ومزارع وفواكه ومنها إلى الجرجانية مرحلة
وهي المدينة الكبرى والقاعدة العظمى من خوارزم وهي مدينتان على ضفتي النهر ويجاز بينهما بالمراكب واسم المدينة الشرقية منهما درغاش والمدينة الغربية تسمى الجرجانية وهي مدينة كبيرة عامرة ذات أسواق وربض وسور
696

محيط بالربض والمدينة طولها نحو من تسعة أميال في مثلها وهي متجر الغزية ومنها تخرج الرفاق إلى أرض جرجان وكانت تخرج إلى الخزر على مر الأيام وإلى سائر بلاد خراسان
وخوارزم اسم الإقليم وهو منقطع عن أرض خراسان وبعيد عما وراء النهر وتحيط به المفاوز من كل جانب وهي ناحية عريضة وأعمال واسعة ومدن كثيرة فمن مدنها درغاش وتروى درغاز وهزارسب وخيوه واردخشميثن وسافردز ونزوار وكردران خواش وكردر وقرية قراتكين ومزداخقان وكاث
وأول عمالة خوارزم الطاهرية من غربي النهر والعمارات ممتدة بطول الجانب الغربي من نهر جيحون وليس في شرقيه عمارة وكذلك العمارة أيضا من مدينة الطاهرية إلى هزارسب وليست بكبيرة العرض وتكون العمارة على نهر جيحون مما يقابل مدينة خوارزم مقدار تسعة أميال إلى أن تنتهي قرية كيث ولا زائد عليها وقرية كيث على أسفل جبل وبها مياه مطردة وعيون ناشعة جارية ووراء هذا الجبل المفازة
ومن هزارسب إلى سائر ما على غربي جيحون أنهار منها نهر هزارسب يأخذ من جيحون مما يلي آمل وهو كبير يحمل المراكب وهزارسب على ضفته ثم على ستة أميال من هزارسب إلى نهر يعرف بكردران خواش وهو
697

أكبر من هزارسب ومدينة خواش عليه وهي مدينة صغيرة متحضرة عامرة ذات مزارع وبساتين وعمارات وبعده نهر خيوه وهو مثل نهر كردران خواش وتجري فيه السفن إلى خيوه وبعده على ميلين نهر مذرى وهو نهر كبير يأخذ من جيحون تجري فيه السفن إلى مذرى ومذرى مدينة حسنة عامرة ذات سور وسوق وبعد نهر مذرى نهر آخر يفضي إلى مدينة الجرجانية ويسمى وذاك والسفن تجري فيه ويصب أسفل مدينة الجرجانية وعلى ستة أميال منها وبعد نهر وذاك يخرج نهر بوه من جبل على شفير المفازة فيقع أسفل على مقربة من درغاش
وعلى ستة وثلاثين ميلا من المدينة وأسفل من خوارزم بحذاء كيث في الجانب الشمالي المدينة المعروفة بمذمينيه وهي من جيحون على اثني عشر ميلا غير أنها من الجرجانية وليس على شط النهر بعد مذمينيه عمارة
وبين كردر وجيحون رستاق مزداخقان ومدينة مزداخقان صغيرة المقدار كثيرة العمار وربما وصل إليها الأغزاز عند الهدنة وبين مدينة مزداخقان وجيحون ستة أميال وهي تحاذي الخرلخية ثم تنقطع منها العمارة إلى أن تصل البحيرة المنسوبة إلى خوارزم وهناك قوم صيادون ليس لهم قرية ولا بناء ويعرف موضع النهر في البحيرة بخليجان وعلى شط هذه البحيرة من مقابل
698

أرض الغزية قوم رحالون فإذا كان الصلح جاؤوا إلى قرية قراتكين ومن الجانب الآخر إلى الجرجانية ومن موقع النهر إلى الموضع حيث يصب نهر الشاش نحو من عشرة أميال
ودور هذه البحيرة فيما بلغنا نحو ثلاث مائة ميل وماءها ملح وليس لها مفيض ظاهر وتقع فيها أنهار كثيرة مثل جيحون ونهر الشاش ونهر برك ونهر ايلاق والأنهار السابق ذكرها فلا يعذب ماؤها ولا تزيد فيها على صغرها ويذكر والله أعلم أن قعر هذه البحيرة يتصل من تحت الأرض بحر الخزر وبين البحيرة والبحر نحو ثماني عشرة مرحلة على السمت ويوشك أن يكون هذا حقا
وأهل خوارزم مياسير وأهل مروة ظاهرة وهم أكثر الناس أسفارا وأوسعهم أموالا وترتفع منها ثياب القطن والصوف وسائر الأمتعة الكثيرة تحمل إلى سائر الجهات ولسان أهل خوارزم لسان منفرد بذاته وهم أهل غلظة ونجدة والأغزاز يهابون سطواتهم ويحذرون من مصادرتهم وتقع إليهم من بلاد الغزية والخزر المواشي والدواب والرقيق والأوبار مثل الفنك والسمور والثعالب والأرانب وغير ذلك من أصناف الوبر
وهذه مسافات بلادها مجملة فمن خوارزم أعني قصبتها وهي كاث إلى مدينة خيوه مرحلة ومن خيوه إلى هزارسب مرحلة ومن كاث إلى الجرجانية ثلاث مراحل إحداها من كاث إلى اردخشميثن مرحلة ومنها إلى نوزوار
699

مرحلة ومنها إلى الجرجانية مرحلة ومن خيوه إلى سافردز خمسة عشر ميلا ومن سافردز إلى المذمينيه تسعة أميال ومن المذمينية إلى كردر تمشي إلى درخاس مرحلتين ومن درخاس إلى كردر مرحلة ومن كردر إلى مدينة مذمينه يومان ومذمينيه وقرية قراتكين متقاربتان في القدر وأقربهما إلى جيحون مذمينيه وبين مذمينيه وجيحون اثنا عشر ميلا
وأما ما خلف النهر من بلاد خراسان فمن آمل إلى النهر إلى مدينة فربر وهي مدينة حسنة على مقربة من النهر ومضمومة بجملتها إلى بخارا وذلك أن من فربر إلى بيكند مرحلتان خفيفتان وذلك أن تخرج من فربر إلى حصن أم جعفر ثمانية عشر ميلا ومن حصن أم جعفر إلى بيكند ثمانية عشر ميلا وبيكند مدينة جميلة الأسواق حسنة الشوارع والطرق ومن بيكند إلى بخارا أحد وعشرون ميلا
والطريق من سمرقند إلى زامين ثم إلى فرغانة أو الشاش فمن سمرقند إلى اباركث اثنا عشر ميلا وذلك نصف مرحلة ومنها إلى رباط سعد خمسة عشر ميلا وهي مرحلة ومنها إلى مدينة زامين مرحلة وهي مدينة حاضرة بجميع ما يحتاج إليه من المتاجر والصناعات وبها مفرق الطريقين فطريق لمن
700

أراد فرغانة والطريق لمن أراد الشاش
فمن أراد المسير إلى فرغانة سار من زامين إلى ساباط مرحلة وساباط مدينة صغيرة متحضرة متحركة الأسواق فيها صنائع ومنها إلى اركند مرحلة وهي مدينة ومن اركند إلى شاوكث مرحلة ومن شاوكث إلى خجندة مرحلة ومن خجندة إلى قرية كند مرحلة ومن كند إلى سوخ مرحلة ومن سوخ إلى باخسان مرحلة وهي ثمانية عشر ميلا وأيضا فإن من خجندة إلى باخسان خمسة عشر ميلا وباخسان وسط بلاد فرغانة فالجملة ما بين سمرقند وباخسان مائة وستون ميلا ومن باخسان إلى مدينة قبا المتقدم ذكرها مرحلة وهي مدينة من أجل البلاد مساكن وأكثرها نعما وأوفرها خيرا وأوسعها مزارع وتقارب مدينة أخسيكث في القدر ولها قصبة وجامع حسن وربض في خارجها عليه سور يحيط به وبساتين كثيرة ومياه جارية عذبة ويقال إن كسرى أنوشروان بناها ونقل إليها من أهل كل بلد بيتا وعمرها بهم وسماها ازهوخانه أي من أهل كل بيت ومن خجندة إلى قبا ثمانية وأربعون ميلا وبين قبا وخجندة مدينة باخسان وبين باخسان وقبا ثلاثون ميلا وبين باخسان وخجندة سبعة وعشرون ميلا ومن قبا إلى اوش عشرة فراسخ وهي مدينة كبيرة وقد ذكرناها ومنها إلى اوزكند وهي آخر بلاد فرغانة مما يلي التبت وقد ذكرنا صفات هذه البلاد في الجزء الثامن من الإقليم الثالث على استقصاء كاف بعون الله تعالى
701

ثم نرجع فنقول إن مدينة بونجكث قاعدة اشروسنة ولها مدن منها فغكث وبينهما تسعة أميال وعلى طريق خجندة وهي مدينة صغيرة ذات أسواق ومتاجر وعمارات وزراعات ومدينة غزق صغيرة متحضرة بسوق عامرة وحصن قائم وبينها وبين فغكث ستة أميال ومن غزق إلى خجندة ثمانية عشر ميلا وفغكث وغزق كلاهما من اشروسنة وهما على طريق خجندة من بونجكث وأما خرقانة فإنها من بلاد اشروسنة وهي مدينة رائقة المنظر كبيرة القطر عامرة ومنها إلى زامين سبعة وعشرون ميلا وكذلك من خرقانة إلى ديزك خمسة عشر ميلا شمالا وديزك مدينة عامرة حسنة في وطاء من الأرض ولها رستاق يعرف بفكنان وهي في شمال اشروسنة وبها يرابط أهل سمرقند وبها مياه جارية سائبة وبساتين وعمارات ومن زامين على طريق خاوس إلى كركث تسعة وثلاثون ميلا عن يسار الذاهب إلى فرغانة وبين مدينة اشروسنة وساباط تسعة أميال مما يلي الجنوب والمشرق وبين نوجكث وخرقانة ستة أميال ممايلى الجنوب والمشرق من خرقانة وأما ارسيانيكث فهي على حدود فرغانة وهي من شرقي مدينة اشروسنة على سبعة وعشرين ميلا فهذه جملة بلاد اشروسنة على التفصيل
وأما الشاش وايلاق فمقدار عرضها مسيرة يومين في ثلاثة أيام وليس
702

فيما وراء النهر إقليم على هيئتها أكثر منابر وقرى عامرة وسعة وبسطا في العمارة وحدها من نهر الشاش وحدها الآخر يتصل بباب الحديد حيث البرية المعروفة بالقلاص المجاورة لاسبيجاب والشاش في أرض مستوية سهلة لا جبل فيها ولا أرض مرتفعة وبساتينها وخضرتها ومتنزهاتها كثيرة وهي من الثغور التي في نحر الترك ولأهلها شوكة ومنعة ومن أخصب بلادها وأمنعها بنكث ودنفغانكث وجينانجكث ونجاكث وفناكث وخرشكث واستبيغوا واردلانكث وخذينكث وكنكراك وكلشجك وغركنده وغناج وجبوزن ووردوك وكبرنه وغدرانك ونوجكث وغزك وابرذكث وبغنكث وبركوش وخاتونكث وجبغوكث وفرنكث وكذاك وتكالك فهذه مدن الشاش
فأما مدينة بنكث فمدينة جليلة المقدار كثيرة الساكن والعمار والتجارات الواسعة والأرزاق الدارة والخيرات الوافرة وعليها سور حصين ولها مياه جارية ومتنزهات عالية ولها ربض خارج المدينة عليه سور وأكثر الأسواق العامرة في الربض وللشاش نهر آخر يقع في نهرها يعرف بنهر برك يخرج بعضه
703

من بسكام وبعضه من جدغل وأصل منبعهما من بلاد الترك الخرلخية فيقع في نهر الشاش بحذاء نجاكث ويلي بنكث في الكبر خرشكث وهي مدينة عامرة حسنة الصفة كثير النزاهات عامرة الأفنية والدور ويلي خرشكث في الكبر مدينة استوركث وهي مدينة حصينة خصيبة كثيرة المياه والعمارات وباقي مدن الشاش أصغر من هذه وأضيق نفعا وأقل جباية وعمارة
وأما مدن ايلاق فهي مجاورة للشاش من جهة الجنوب وقصبتها تعرف بتونكث ولها من المدن سكاكث وبانجخاش ونوكث وبالايان وتكث واربلخ ونموذلغ وخمرك ونوجكث وكهسيم ودخكث وخرخانكث
فأما تونكث فهي قصبة ايلاق وهي مدينة كبيرة لها ربض عامر وعليها سوران حصينان وفي سورها عدة أبواب وأسواقها عامرة وجباياتها وافرة والمياه تخترق أزقتها وتسقي رساتيقها وتقوم بعمارتها وايلاق قصبتها هي تونكث وهي أقل من نصف بنكث ولها قصبة حصينة والمدينة وأسواقها مع ربضها على ضفة نهر برك والأرض منها تتصل بنواحي اسبيجاب وهي مدينة عامرة ومكانها في مستو من الأرض ولها من البلاد بذخكث وسبانيكث
704

والطراز واطلخ وشلجي وكدر وستكند وشاوغر وصبران ووسيج
فأما سبانيكث فإنها قصبة كورة كنجدة وأما كدر فإنها قصبة باراب ووسيج أيضا من بلاد باراب وصبران هي مدينة تجتمع بها الغزية للصلح والهدنة والتجارات إذا انعقد الصلح بينهم وباراب اسم الناحية ومقدارها في الطول والعرض أقل من يوم ولها منعة وبأس وهي ناحية متخية ذات غياض ومزارع
وستكند بها منبر وهي مجتمع للأتراك وهي على ضفة الوادي ويصب نهر برك بمقربة منها وهي في الجانب الغربي من الوادي وبين باراب وكنجدة مزارع ومراع خصيبة وحولها أمم من الأتراك الغزية قد أسلموا منذ عهد قديم وهم مقيمون بهذه الناحية ينتجعون هذه المراعي وكذلك مدينة الطراز فهي متجر للمسلمين وبين الأتراك وبينهم حصون منسوبة إليهم ويليهم من شمالها الترك الخرلخية وبينهم في أكثر الأوقات حروب وغارات وإذا كانت الهدنة كانت بينهم تجارات ومعاملات بالأمتعة والسائمة والأوبار وغير ذلك
وأما خجندة فإنها متاخمة لفرغانة وهي في جملتها منفردة في الأعمال وهي في غربي نهر الشاش وطولها أكثر من عرضها ومدينة كند من خجندة على ثلاثة أميال وهي حسنة جليلة وكلها كروم وبساتين وليس في عملها مدينة غير كند وهي بساتين ودور متقربة ومدينة وقصبة وجامعها في المدينة ودار
705

الإمارة في الميدان بالربض وينحدر النهر إليها وهو نهر الشاش ومخرجه من أنهار تجتمع إليه من بلاد الترك في حدود اوزكنذ وتنصب إليه أنهار أخر فيجتمع الكل منها ويمر فيمتد إلى اخسيكث ثم يمر على خجندة ثم على بناكث ثم على ستكند ويجري إلى باراب وإذا جاوز حد صبران جرى في برية تكون في حاشية الأتراك الغزية فيمتد إلى القرية الحديثة على ثلاثة أميال منها ثم يقع في بحيرة خوارزم على مرحلتين من الحديثة والقرية الحديثة فيها مسلمون غير أنها دار مملكة الغزية ويقيم بها في الشتاء ملك الغزية وبقربها جند وخوارة فيها مسلمون والسلطان فيها للغزية ومن خوارزم إليها عشر مراحل والقرية هي أيضا من باراب على عشرين مرحلة
وفرغانة اسم الإقليم وهو عريض موضوع على سعة مدنها وقراها وقصبتها اخسيكث واخسيكث مدينة جليلة على شاطئ نهر الشاش على أرض مستوية بينها وبين الجبل ميل ونصف وهي على شمال النهر ولها ربض عامر وأسواقها في مدينتها وربضها وأكثر أسواقها في مدينتها وبها مياه تخترق أزقتها جارية وحياض كثيرة وأمامها إذا عبرت منها نهر الشاش مروج ومراع كثيرة ورمال مقدار مرحلة
ومن اخسيكث إلى قبا ثلاث مراحل وبين اخسيكث واوزكند أربع
706

مراحل وجملة ما بين نهر جيحون من مدينة فربر إلى اوزكند ثلاث وعشرون مرحلة واوزكند مدينة قد سبق ذكرها وهي متاجر على باب الأتراك ولها بساتين وحدائق وجنات ملتفة ومياه مخترقة
ومن كورة فرغانة نسيا العليا ونسيا السفلى المتصلتان بروذان وكذلك روذان هذه وجدغل واورست
فأما مدن نسيا العليا فهي أول كورة من فرغانة إذا دخلت إليها من ناحية خجندة ومن مدنها وانكث وسوخ وخواكند ورشتان
ونسيا السفلى تتصل بها ومن مدنها مرغينان وزندرامش ونجرنك واستيقان واندكان وهلى
وهاتان الكورتان من فرغانة سهول ومروج وليس في أصقاعها جبال
واسبره مدينة سهلية جبلية ومن مدنها طماخش وبامكاخش
وسوخ مدينة على حدة من الجبال ولها ستون قرية وهي مدينة جليلة على حدة وأوال اسم المدينة ولها قرى وهي كورة على حدة ونقاد مدينة جبلية وهي اسم الكورة ومدينتها مسكان وليس لها مدينة غيرها واوش اسم
707

المدينة وقبا اسم المدينة ولها قرى كثيرة وليس في حد قبا مدينة غيرها وفي حد اوش مدينة أخرى تسمى مدوا وبينهما ستة أميال واوزكند اسم المدينة ولها قرى وليس في عمالتها مدينة أخرى غيرها وكاسان اسم المدينة واسم الناحية أيضا ولها قرى كثيرة وجدغل اسم الكورة ومدينتها اردلانكث وليس في عملها مدينة غيرها وميان روذان اسم الكورة ولها قرى كثيرة ومدينتها خيلام وكروان اسم المدينة ولها قرى ونجم اسم قرى كثيرة واورست لها قرى كثيرة واستياكند وشلات لهما قرى كثيرة وهما بابان للترك ويفضى إليهما من ميان روذان كما أن اوزكند باب للترك
والطريق من سمرقند إلى الشاش من سمرقند إلى اباركث مرحلة ومن اباركث إلى رباط سعد مرحلة ومن رباط سعد إلى فورنمذ مرحلة ومن فورنمذ إلى زامين مرحلة ومن زامين إلى ساباط مرحلة ثم إلى قطوان دزه مرحلة وإن شئت نزلت خرقانة ومنها إلى ديزاك مرحلة ومنها إلى بئر الحسين مرحلة ثم بئر حميد مرحلة ثم إلى وينكرد مرحلة إلى استوركث مرحلة ثم إلى بنكث مرحلة ثم إلى رباط بالقلاص مرحلة ويدعى انفرن ثم إلى غركرد وهي قرية مرحلة ثم إلى اسبيجاب مرحلة ثم إلى بذخكث مرحلة ومن بذخكث
708

إلى الطراز يومان لا رباط بينهما ولا عمارة هناك ومن أراد طريق بناكث فإنه ينزل من اباركث إلى رباط سعد ومنه إلى زامين إلى خاوس إلى بناكث ثم إلى استوركث والجميع من وادي جيحون إلى الطراز ثلاث وعشرون مرحلة
ومدن الشاش وايلاق واسبيجاب فكلها تتقارب أعمالها وتتداخل أكوارها
وأما اخسيكث فإن منها إلي شكث سبعة وعشرون ميلا وهي أول مدن ميان روذان ومن اخسيكث إلى سلات آخر ميان روذان نحو من خمس مراحل ومن اخسيكث إلى كروان سبعة وعشرون ميلا وتتصل بلاد اخسيكث ببلاد ايلاق كما قدمناه وبين كند ونهر الشاش ثلاثة أميال وكذلك بين وانكث والوادي زيادة على ثلاثة أميال ولقبا رستاق بينه وبين نهر الشاش مرحلة ومن قبا إلى استيقان تسعة أميال ومن استيقان إلى الوادي أحد وعشرون ميلا وكذلك استيقان وكلشجك واردلانكث وبسكث وسامسيرك كلها في مقدار مرحلة في نحوها وأيضا إن المدن التي ما بين بناكث وتونكث ونهر الشاش ونهر إيلاق فإنها غرجند وخاش ودخكث وتكث وكه سيم كلها في مقدار
709

يومين طولا وفي أقل من يوم عرضا وأما ما بين نهر ايلاق ونهر الشاش من غربي من تونكث فإنها اربلخ ونموذلغ في مقدار خمسة عشر ميلا وجينانجكث على طريق وينكرد إلى بنكث وبينها وبين نهر الشاش ستة أميال ونجاكث على نهر الشاش ويجتمع الواديان عندها أعني نهر برك بنهر الشاش وبينها وبين نهر بناكث تسعة أميال وخاتونكث على نهر برك بقرب خذينكث على سمتها ومنها إلى خذينكث اثنا عشر ميلا على سمت المشرق وسنذكر بقية بلاد الشاش فيما بعد بحول الله تعالى
نجز الجزء الثامن من الإقليم الرابع والحمد لله يتلوه الجزء التاسع منه إن شاء الله تعالى
710

الجزء التاسع
إن الذي تضمن هذا الجزء التاسع من الإقليم الرابع قطعة من بلاد خاقان خرلخ والأتراك الخرلخية وهي روذان وبلاد يالان وبلاد برسخان السفلى وأرض الخلجية ومدنها وأنهارها وقلاعها وبعض بلاد الكيماكية ونحن نريد أن نذكر ذلك على نص حقيقة ما مر عليه كما سبق لنا قبل هذا بحول الله تعالى
فنقول إن الطريق من اخسيكث إلى قرنطية من بلاد التغزغز فمن اخسيكث إلى كشوكث مرحلة ثم إلى انشت مرحلة إلى كنشكاث مرحلة ثم إلى بوكند مرحلة ثم إلى كركث مرحلة ثم إلى الجبل مرحلة ومن الجبل إلى حولك ثلاث مراحل ومن قرية حولك إلى مدينة خاقان خرلخ ثلاثة وثلاثون ميلا وهي مدينة خاقان الخرلخية وهي مدينة كثيرة العمارة والحصانة والرجال والعدد ثم إلى اطراقانا وهي مدينة كبيرة من مدن الخرلخية ست مراحل
711

ومدينة اطراقانا لها حصن حصين وماؤها من عيون ناشعة وفيها رجال أنجاد من تحت ملك الخرلخية ومن مدينة اطراقانا إلى مدينة قرنطية عشر مراحل في مفازة فيها قوم من الترك رحالة ولهم سوائم وجمال وحالات حسنة ومدينة قرنطية أول مدينة من مدن الكيماكية وهي كبيرة طولها تسعة أميال في عرض ثلاثة أميال وهي على بحيرة كبيرة تسمى بحيرة غاغان وطولها فيما يحكى ستة أيام في عرض يوم ونصف وملك قرنطية ذو بأس وجلادة ورجال وعدد كثيرة وخيول ورماة قسي بل كلهم يرمون بالقسي ومنها إلى مدينة ملك الكيماكية أربع وعشرون مرحلة وهذا الطريق كله من الغرب إلى المشرق
ومن مدينة قرنطية إلى باخوان سبعة أيام ومن اطراقانا إلى باخوان ثلاث مراحل جنوبا
وهذه البحيرة المنسوبة إلى غاغان عليها من جهة المغرب مدينة غاغان وبينها وبين قرنطية ست مراحل وغاغان مدينة حسنة كثيرة الخيرات دارة البركات وبها طرز لعمل ثياب الحرير ويتخذ بها من ثياب الوبر كل غريبة وتجار الترك يتجهزون بها منها بالكثير إلى سائر بلاد الأتراك
ومن مدينة غاغان إلى دموريا غربا أربعة أيام ومدينة دموريا مدينة من بلاد الكيماكية عامرة القطر كثيرة البشر ومن دموريا إلى مدينة سراوس بين شمال وشرق مرحلتان في عمارة وقرى للترك الكيماكية وسراوس مدينة
712

كبيرة لها سور حصين وخيول وفرسان وأنجاد من الترك ومنها إلى غاغان جنوبا ثلاثة أيام
ودموريا وسراوس على نهر شريا وهو نهر كثير الماء لين الجرية والسفن فيه مختلفة صاعدة ونازلة ونهر شريا منبعه من عينين إحداهما عين في أصل جبل اشلوب والثانية من أرض دموريا ثم يجري ماؤهما شرقا إلى مدينة سراوس ثم يمر حتى يصب في بحيرة غاغان في أسفلها من جهة الشمال وذلك أن جرية هذا النهر من أوله إلى
مصبه في البحر خمسة وسبعون فرسخا وهي من الأميال مائتا ميل وخمسة وعشرون ميلا
وكذلك من مدينة سراوس إلى مدينة بنجار شرقا والطريق بينهما مفاوز وأرض جدبة والطريق في حضيض جبل غرعز عشرة أيام غير أن هذه الطريق آمنة جدا ومدينة بنجار كبيرة القطر عامرة بأصناف الترك الكيماكية وفيها أجناد وعدد وأموال يتصرف أهلها فيها وفي جبالها معادن فضة ويصاد فيها أنواع من النمور والنبر والببر واليلغش وعدة من الحيوانات ذات الأوبار والتجار يخرجونها إلى سائر البلاد
ومن أراد السفر أيضا في الماء إلى غاغان أو إلى قرنطية أو إلى سراوس أو إلى دموريا سار من بنجار إلى قرية دهراة وبها المراكب الحمالة وهي على ضفة البحيرة وبينهما يوم ونضف يوم تخرج من بنجار إلى رأس العقبة وبها المنزل ثم تنزل من العقبة إلى قرية دهراة فتركب في المراكب فمن شاء
713

المسير إلى قرنطية سار في طول البحيرة ست مراحل بالمدافع والمشي فيها مساحلا وإن قطع روسية بالقلاع قطعها في ثلاثة مجار وكذلك إن أراد مدينة غاغان قطع إليها عرضا في يوم وليلة بالريح الطيبة ومن شاء مدينة سراوس أو مدينة دموريا ركب البحر من قرية دهراة إلى مصب نهر سراوس ومر بطول النهر إلى مدينة سراوس أو إلى مدينة دموريا أيهما شاء إن شاء جذفا أو جريا بالقلاع
ومن دموريا إلى مدينة خاقان خرلخ اثنا عشر يوما مفاوز لا عامر بها وهو طريق مخوف وقلما يسلكه أحد إلا في العسكر الكبير وهذه المفازة حجز بين بلاد خرلخ وبلاد الكيماكية
والطريق من الطراز إلى برسخان السفلى تسعة وثلاثون ميلا وهي قرى وعمارات ثم إلى كصراباس ستة أميال وهي جرمية يشتو في مراعيها الترك الخرلخية وبقربها مع الجبل مشتى الخلجية وهم صنف من الأتراك مهادنون ومنها إلى كول شوب اثنا عشر ميلا ثم إلى جبل شوب وهي قرية عامرة للأتراك اثنا عشر ميلا ثم إلى كولان قرية غناء خمسة عشر ميلا ومن قرية كولان إلى قرية برك خمسة عشر ميلا ونهر برك يخرج من جبلها وإليها ينسب فيمر ببلاد ايلاق ويصب في نهر الشاش ومنها إلى اشبره خمسة عشر ميلا ثم
714

إلى قرية غناء بوركث أربعة وعشرون ميلا ثم إلى قرية جول اثنا عشر ميلا وهي قرية عظيمة ثم إلى سارغ وهي قرية عظيمة أحد وعشرون ميلا ثم إلى مدينة خاقان اثنا عشر ميلا ثم إلى نواكث اثنا عشر ميلا ثم إلى كبال ستة وثلاثون ميلا ثم إلى برسخان العليا نحو عشر مراحل بسير القوافل في مراع خصبة ومياه جارية فأما لبريد الترك فخمسة أيام
والطريق من الطراز إلى بنجار من بلاد الكيماك وهي ستة وثلاثون مرحلة من الطراز إلى كصرا خمسة وأربعون ميلا ثم يتجاوز الجبل ويمر إلى دمرناخ أربع مراحل ودمرناخ مدينة صغيرة على أصل جبل وفيها رجال أنجاد وعدد وأسلحة ومنها في مفاوز وأرض غير عامرة كثيرة الخصب وبها قوم من الخلجية طواعن لهم بيوت شعر يأوون إليها مثل العرب إلى قلعة خيخم عشرون مرحلة شرقا وهي قلعة للأتراك الخلجية وبها ملكهم وله عدة واستعداد وعساكر وأجناد وبلاد خصبة وهذه القلعة منقورة في رأس جبل والماء قد عم ذلك الحفر المستدير بجمل الحصن فصار كالبحيرة المستديرة به وفي هذا الماء حوت كثير وسمك غزير ويصاد به منه الشيء الكثير ومن حصن خيخم إلى قلعة ذهلان شرقا سبع مراحل وقلعة ذهلان أيضا حصن منيع ومعقل رفيع وبه عدة وزجال وهو من عمالة كيماك وهو أول نظره وأسفل هذا الحصن أيضا بركة ماء كبيرة عظيمة عذبة في نفس الجبل ومنها يشرب أهل
715

الحصن ومن قلعة ذهلان إلى بنجار أربع مراحل في عمارة متصلة ومزارع حنطة وشعير وأرز
ومن قلعة ذهلان إلى خناوش ستة أيام شمالا ومدينة خناوش عامرة للكيماكية وهي على نهر يخرج من الجبل الذي عليه قلعة ذهلان وهذا النهر أيضا يقع فيه نهر آخر يخرج من جبل لالان
ومن خناوش إلى مدينة لالان ست مراحل غربا ومدينة لالان في أسفل جبل عال وعلى أعلى الجبل صنم عظيم مبني على أعلاه صورة رخام وأهل تلك الناحية يتعبدون إليه ويصدقون عليه ويأتونه من كل فج عميق
والطريق من مدينة دمرناخ إلى مدينة لالان طريقان فالطريق الأعلى من مدينة دمرناخ إلى مدينة شالونيا شرقا أربع مراحل ثم إلى مدينة بغراز ست مراحل شرقا وهي قلعة حصينة ومنه إلى لالان سبع مراحل
ومن مدينة شالونيا إلى جينقو أربع مراحل شمالا ومن جينقو إلى نغران ست مراحل ونغران مدينة حسنة في سفح جبل ولها قلعة حسنة لا تنال إلا بعد جهد ولها عمارات وزراعات متصلة وشرب أهلها من الآبار المنقورة في الصخر ومنها إلى مدينة لالان شرقا ست مراحل
ومدينة لالان مدينة كبيرة القطر كثيرة العمارة وهي في سفح جبل يكتنفها من جنوبها وهذا الجبل يعرف بجبل لالان وعلى مسير يومين من غربيها ينفجر نهر كبير يمر في جهة الغرب فيقع في بحيرة كبيرة كثيرة
716

الماء والحوت يصاد بها كثيرا
ومن شاء سار من دمرناخ المتقدم ذكرها إلى بنخدخ خمس مراحل شمالا وهي مدينة حسنة ومن بنخدخ إلى جينقو خمس مراحل وجينقو مدينة كبيرة عامرة ومنها إلى نغران ست مراحل وكذلك من نغران إلى لالان ست مراحل وقد ذكرنا ذلك
نجز الجزء التاسع من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء العاشر إن شاء الله تعالى
717

الجزء العاشر
إن هذا الجزء العاشر من الإقليم الرابع تضمن قطعة من بلاد ما خلف النهر من بلاد الكيماكية فيها عدة من بلادها وأملاكها ولها أنهار كثيرة ومراع وجهات وبتمام هذا الجزء يتم ذكر الإقليم الرابع ثم نذكر الإقليم الخامس على تواليه ونريد أن نذكر ما في هذا الجزء على التقصي مثل ما سبق لنا في سائر الأجزاء السالفة من هذا الكتاب
فنقول إن ملك الكيماكية من أعظم الملوك قدرا وأجلهم خطرا والكيماكية بشر كثير وجمع غزير وهم مجوس يعبدون النار وفيهم زنادقة وسكناهم في غياض وأشجار ملتفة يتبعون الكلأ وبين الطراز وموضع مدينة الملك التي بها ملكه أحد وثمانون يوما في مفاوز بلاد الأتراك الخلجية وبلادهم أوسع البلاد أقطارا وأكثرها خصبا وغمارا
وكيماك في جنوبها التغزغز ومع غربيها وجنوبها الخرلخية مما يلي ناحية التبت وفي غربيها الخلجية وفي شرقيها بحر الظلمة أيضا وفي هذا البحر جزائر عامرة والتجار يسافرون إليها في الماء خوضا على ظهور الدواب ويبيتون في كل ليلة على الشجر ودوابهم مربوطة في الماء إلى أصول تلك الشجر
718

ومدائن ملوك الكيماكية ست عشرة مدينة فمنها مدينة أسطور ونجعة وبوراغ وسيسيان ومنان ومستناح ومدينة الملك المسمى خاقانا وبنجار وذهلان وخناوش
والطريق من بنجار إلى مدينة خاقان يخرج من بنجار مارا في عين الشرق إلى مدينة أسطور ست مراحل في مفاوز وأرضين غير عامرة
ومدينة أسطور مدينة عامرة بالأتراك ممتدة الزراعات ومياهها كثيرة وغلاتهم الحنطة والأرز وبها معادن الحديد ويصنع منه الصناع كل مليحة ويصوغون منه كل عجيبة وهي على نهر غماش وأهلها أنجاد لهم عزم وحذر من ذلك أنهم لا يمشون إلا وهم حذرون شاكون في سلاحهم وأهلها بالجملة عن الهواء والماء أشجع الأتراك نفوسا وأنفذهم عزما وأحماهم جانبا وأنجحهم طالبا ولهم عند ملوكهم حظوة وإعزاز ولهم أموال واسعة وأحوال وادعة
ومن مدينة اسطور إلى سيسيان اثنا عشر يوما شرقا في البر وفي النهر أقل من ذلك
ومدينة خاقان الملك مدينة عظيمة لها أسوار محدقة متحصنة وأبواب حديد وللملك بها أجناد كثيرة وعساكر واستعداد وملوك الأتراك تهاب سلطانه وتخاف نقمته وتحذر سطوته وتتوقى غاراته لما علموا له من ذلك وما تقدم فيهم من فعله وهو ملك عظيم ولا يتولى الملك فيهم إلا من هو من أهل الملك مع القدم
719

وملك الكيماكية يلبس حلة الذهب وقلنسوة الذهب المكللة ويظهر لأهل مملكته في أربعة أوقات من السنة وله حاجب ووزراء ودولة عادلة مأمونة وأهل دولته يحبونه لإحسانه إليهم ونظره في أمورهم وحمايته لهم من أعدائهم ولهذا الملك قصور ومبان شامخة ومتنزهات رائقة وله مع ذلك همة عالية وكرم طبع
وأهل مدينته لا يقولون بالهموم ولا تجدها قلوبهم ولا يعولون على فائت ولا يكترثون بالمصائب وهم أخصب أهل البلاد أندية وأطيبهم معايش وأكثرهم إنفاقا وأعلاهم همما ولباسهم الحرير الأحمر والأصفر ولا يلبس هذا النوع من الثياب إلا الخاصة والمياه تخترق أزقتهم وأسواقهم وبيعهم وسائر ديارهم وهم يدينون بدين الصابئين ويعبدون الشمس والملائكة
ومن مدينة خاقان الملك إلى مدينة مستناح أربعة أيام في البر شمالا ومع النهر انحدارا أقل من ذلك ومستناح مدينة كانت فيما يذكر دار الملك قبل هذا وانتقلت المملكة عنها إلى المدينة التي هي الآن قاعدة دار الملك ومن هذه المدينة إلى البحر المحيط مسير ستة أيام
وجملة هذه المدن التي ذكرناها وأكملنا أوصافها على نهر غماش وهو نهر كبير يخرج من جبال بنجار فيذهب في ناحية المشرق إلى مدينة أسطور وهي في الجنوب وينحدر إلى أن يأتي مدينة سيسيان وهي منه في الشمال ومنها يتحدر حتى يأتي مدينة الملك وهي منه في الجنوب ومنها ينعطف النهر مارا في جهة الشمال إلى مدينة مستناح وهي منه في الضفة الغربية ومن هذه
720

المدينة ينحرف إلى جهة الشرق إلى أن ينصب في البحر
وبه سمك كثير وحيتان عظيمة وفيما حكى صاحب كتاب العجائب إن به سمكة صنجة وهي التي يستعمل منها أطباء الهند والصين السم القاتل من ساعة وليس فيما يدرى من السموم شيء أفعل ولا أوحى قتلا منه والسم منها في مرارتها وهو لا يتغير ولا يبطل له فعل أربعين سنة
ويقع في هذا النهر أنهار كثيرة تمده وتفخم جريته وعلى ضفتيه غياض ملتفة وأشجار مصطفة وأكثر أشجاره الكركهار الذي ذكره أبو بكر بن وحشية في كتابه ويحكي أن عروق أصوله شفاء من سم ساعة
ومن مدينة خاقان الملك إلى مدينة بوراغ أربع مراحل بين جنوب وغرب ومن مدينة اسطور إلى مدينة نجعة وهي مدينة صغيرة على جبل منيع وليس لأحد صعود إلى رأس هذا الجبل بوجه ولا بسبب وبه للملك أموال وعدد وذخائر وعليها حراس وحفاظ من ناحية الملك
وجميع ساحل بحر الكيماكية يوجد به التبر عند هيجان البحر وتعاظم أمواجه والأتراك المجاورون لهذا الساحل يقصدون منه مواضع معلومة بأعيانها فيستخرجون بها التبر على ما جرت العادة به من الجمع والغسل بالماء تصويلا ثم يجمعون دقيقه بالزيبق فيسكبونه في أرواث البقر فيجتمع منه الشيء الكثير فيأخذ الملك منهم واجبه ثم يشتري أكثره وما فضل من ذلك تصرفت التجار به في تلك البلاد
وفي هذه البلاد من دواب المسك الشيء الكثير لكن المسك التبتي أفضل
721

من سائر المسك الهندي والصيني وسائر هذه الأرضين وفيها نقائع مياه تجتمع إليها سيول الأمطار وبها مزارع وخصب زائد وبوادي الأتراك تسرح بها وتنتقل من موضع إلى آخر حسب ما تأتيه الظواعن من العرب وبوادي البربر ولهم اهتمام بنتاج الجمال والخيل والترك كلهم يأكلون لحوم الخيل ويفضلونها على سائر اللحوم المأكولة من لحوم البقر والغنم وأكلهم الأرز واللحوم والسمك وعندهم الخمور قليلة
ولنسائهم جمال وحسن فائق ونساؤهم أجلد من رجالهم وأكثر تصرفا فيما يحتاجون إليه لحدة أنفسهن وعزة أطباعهن وعندهم الدهن من الزيت وإنما يسرجون مصابيحهم بالشحم واللبن والسمن والعسل عندهم كثير والسموك عندهم أيضا كذلك ودراهمهم نحاس ولباسهم التشمير وأطول أيامهم أربع عشر ساعة والأمطار عندهم كثيرة والأنواء متوالية والثلوج في جبالها دائمة شتاء وصيفا وقد جئنا بتمام الكلام في هذا الإقليم حسب الطاقة ومبلغ الجهد والاستطاعة والحمد لله على ذلك كثيرا
نجز الجزء العاشر من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء الأول من الإقليم الخامس إن شاء الله
722

الإقليم الخامس
723

الجزء الأول
إن هذا الجزء الأول من الإقليم الخامس تضمن قطعة من شمال الأندلس فيها بلاد جليقية وبعض قشتالة وبلاد بيطو وبعض بلاد غشكونية من أرض الإفرنج
فأما بلاد برتقال فمنها مدينة قلمرية ومنت ميور ونجاو وسرتان وشلمنقة وسمورة وآبلة
وفيه من بلاد جليقية شقوبية وليون وشورية وبرغش وناجرة ولكروي وقسطيلة وبنت لرينة وبنبلونة وشنت مارية ودبلية وشنت جليانة وشنت بيطر وشنت أردم وشنت شلبطور ذولبيدة وبيونة
وفيه من بلاد هيكل سولى وتطيلة ووشقة وجاقة وقلهرة وفيه من بلاد غشكونية قرقشونة وقمنجة وشنت جوان وبيونة وآش وبرذال
وفيه من بلاد بيطو بذارس وبلفير وشنت جوان ورجالة وأنجيرش
725

وفيه من بلاد قاورش أنقلازمة وإبلافية
ونريد أن نتكلم على هذه البلاد التي سميناها وأحاط بها هذا الجزء المرسوم ونصف أحوالها وما هي عليه من الصفات وجميل الهيئات
فأول ذلك البحر الغربي من هذا الجزء الأول هو بحر الظلمات الذي قدمنا ذكره والظلمة لا تفارقه في طرفي النهار البتة ويجاور شنترة ولشبونة
من بلاد إشبانية مدينة قلمرية وهي مدينة صغيرة متحضرة عامرة كثيرة الكروم والفواكه من التفاح والجراسيا والعيون ومكانها في رأس جبل تراب منيع لا يمكن قتالها وهي على نهر يسمى نهر منديق وهو يجري منها في شرقيها وعليه أرحاء طاحنة
وبين قلمرية وشنترين في جهة الجنوب ثلاث مراحل وبين قلمرية والبحر في جهة الغرب اثنا عشر ميلا وهناك يصب نهرها المسمى منديق
وعلى مصب النهر في البحر حصن منيع جدا يسمى منت ميور وهو في نحر البحر ولها زراعات وفوائد
والطريق من قلمرية إلى شنت ياقوب وذلك إن شئته في البحر سرت من حصن منت ميور إلى موقع نهر بوغو سبعين ميلا وهو أول ارض برتقال وهو مجرى إلا شيئا وبرتقال أرض معمورة بالقرى والحصون والعمارات المتصلة وبها خيل ورجال حرابة يغيرون على من جاورهم ولا يستضاء بنارهم
ونهر بوغو نهر كبير تدخله المراكب والشواني وماؤه يدخله المد والجزر
726

أميالا كثيرة ومنه إلى موقع نهر دويره خمسة عشر ميلا وهذا النهر نهر كبير خرار كثير الماء شديد الجرية عميق القعر وعلى ضفته مدينة سمورة وبين سمورة والبحر ستون ميلا
ومن هذا النهر إلى موقع وادي مينو ستون ميلا وهو نهر كبير عظيم واسع كثير العمق والمد والجزر يدخله كثيرا والمراكب تدخله إرساء وسفرا لما على ضفتيه من القرى والحصون وفي وسط هذا الوادي وعلى ستة أميال من البحر حصن في جزيرة متوسطة النهر وهو في نهاية من الحصانة والمنع لأنه على قنة جبل وعر ليس بكثير العلو ويسمى هذا الحصن أبراقة
ومن نهر مينو إلى موقع نهر طرون ستون ميلا وهو أيضا نهر كبير يدخله المد والجزر أميالا كثيرة وعلى مقربة من البحر في وسطه جزيرة وفيها حصن كبير والنهر يضرب سوريه من كلتي الناحيتين وهو عامر كثير العمارات وله أقاليم وعمارات متصلة
ومنه إلى موقع نهر الاذر ستة أميال وهو نهر صغير لكنه يحمل المراكب الكبيرة إرساء ومن هذا النهر إلى مصب نهر وادي مرار ستة أميال وهو أيضا نهر كبير والمد والجزر يدخله وترسى به كبار المراكب وهو نهر جريه من قريب وعلى موقع هذا النهر في البحر جزيرة صغيرة غير معمورة فيها مرسى وماء وحطب
ومن موقع هذا النهر إلى موقع نهر شنت ياقوب ستة أميال ويسمى هذا النهر نهر أناشت وهو نهر كبير كثير الماء رحب الفناء يدخله المد والجزر
727

وتطلع فيه المراكب الكبار نحوا من عشرين ميلا وهناك قنطرة عظيمة عدد قسيها خمس قسي كبار جدا وارتفاعها بمقدار ما يدخله المركب الكبير بقلاعه وعلى طرف القنطرة حصن عظيم يسمى أناشت
ومنه إلى كنيسة شنت ياقوب نحو من ستة أميال وهذه الكنيسة مشهورة مقصود نحوها محجوج إليها والروم يأتونها من جميع الأقطار يحجون إليها وليس بعد كنيسة بيت المقدس كنيسة أعظم منها وهي تضاهي كنيسة قمامة في حسن البناء وسعة الفناء وكثرة الأموال والصدقات وفيها من صلبان الذهب والفضة المرصعة بأنواع أحجار الياقوت الملونة والزبرجد وسائر ذلك ما يشف عدده على ثلاث مائة صليب مصوغ بين كبير وصغير وفيها من الإقونات المصوغة من الذهب والفضة نحو مائتي إقونة ويخدمها مائة قسيس غير ما لهم من الأتباع والخدام وهذه الكنيسة مبنية بالحجر والجيار إفراغا وقد أحاطت بها ديار يسكنها القسيسون والرهبان والدياقينون والشمامسة والداوديون وبها أسواق وبيع وشراء ويحيط بها قريبا منها وبعيدا قرى كبار كالمدن فيها البيع والشراء وفيها من الخلق أعداد لا تحصى
ومن كنيسة شنت ياقوب العظمى يخرج من البحر المظلم ذراع يمر من المغرب إلى المشرق وينعطف قليلا إلى جهة الجنوب حتى يصل مدينة بيونة والطريق من شنت ياقوب إلى مدينة بيونة مساحلا تأخذ من شنت ياقوب إلى وادي تامركة وهو نهر كبير ترسى به المراكب ومنه إلى رأس الطرف وهو يخرج في البحر كثيرا ومنه إلى الماء الأحمر وهو نهر كبير وعليه
728

كنيسة عظيمة وبمقربة من برت طامة وعلى هذا الوادي أقاليم كثيرة وقرى وعمارات ومن شنت ياقوب إليه اثنان وأربعون ميلا
ومن الماء الأحمر إلى أرمدة ستة أميال وهو حصن كبير على مقربة من البحر وله عمارات وقرى متصلة ومنه إلى حصن الفارو وهو حصن كبير جدا وبه أثر كنيسة عظيمة ومن الفارو إلى وادي أرتقيرة وهو نهر يدخله المد والجزر وعليه حصن يسمى منتويه ذبليه ستون ميلا وله زراعات وحراثات متصلة
ومنه إلى وادي قلنبيرة وهو نهر كبير المصب والبحر يدخله وعليه نظر كبير وبقرب منه كنيسة جليانة ستون ميلا ومن وادي قلنبيرة إلى وادي سندرية وهو نهر صغير لكنه عريض الفم والمراكب ترسى فيه وعليه كنيسة شنت بيطر ثلاثون ميلا
ومنه إلى وادي رجينة وعليه كنيسة شنت أردم خمسة وأربعون ميلا وهذا الوادي كبير والبحر يدخل فيه وفيه مرسى حسن وفي وسط هذا الوادي جزائر كثيرة معمورة وعليه أقاليم ومن هذا الوادي إلى وادي شلبطور ذولبيدة خمسون ميلا وهو واد كبير ينتفع بمائه ويزرع عليه وعلى حوافيه وبقرب منه قرى كثيرة وعمارات متصلة ومنه إلى طرف بشكير الذي عليه مدينة بيونة ثلاثون ميلا
وهذه المسافات المقسمة يأخذها المسافرون في ثلاثة عشر يوما وأقل وأكثر وبيونة على أخر طرف هذا الخليج ومن بيونة ينعطف البحر راجعا إلى جهة
729

المغرب ومن حصن الفارو المتقدم ذكره قبل هذا يبتدئ جبل شيه فيمر مع مجرى البحر إلى أن يصل بيونة فمرة يبعد عن البحر حتى يكون بينهما يوم ومرة يقرب حتى يكون بينه وبين البحر خمسة عشر ميلا ويتمادى متصلا غير منفصل إلى مدينة بيونة
ويتصل هناك بجبل هيكل الزهرة ويكون طوله مسير تسع مراحل والمرحلة ثلاثون ميلا ويمر هيكل الزهرة في آخر جزيرة الأندلس معرضا فيسد ما بين البحر المظلم وهو بحر الإنقليشين إلى بحر الشام ويكون امتداد هذا الجبل من مدينة بيونة إلى أرض برشلونة وهو جبل عظيم ويسمى جبل البرتات وهو حجز ما بين بلاد الأندلس وبلاد الإفرنجيين وطول هذا الجبل من الشمال إلى جهة الجنوب مع يسير تقويس سبعة أيام وهو جبل عال جدا صعب الصعود فيه
وفيه أربعة أبواب فيها مضايق يدخلها الفارس بعد الفارس وهذه الأبواب عراض لها مسافات وهي مخوفة الطرق وأحد هذه الأبواب الباب الذي في ناحية برشلونة ويسمى برت جاقة والباب الثاني الذي يليه يسمى برت أشبرة والباب الثالث منها يسمى برت شيزروا وطوله في عرض الجبل خمسة وثلاثون ميلا والباب الرابع منها يسمى برت بيونة ويتصل بكل برت منها مدن في الجهتين فمما يلي برت شيزروا مدينة بنبلونة والباب المسمى باب جاقة عليه مدينة جاقة وسنذكر ما خلف هذا الجبل وما اتصل به من بلاد الروم بعد
730

هذا بحول الله
ولنرجع الآن إلى ذكر ما كنا بدأنا به أولا فنقول الطريق من قلمرية إلى شنت ياقوب على البر من قلمرية إلى قرية آبه مرحلة ومن قرية آبه إلى قرية وطيره مرحلة ومنها إلى أول بلاد برتقال مرحلة ويقطع الطريق عرض أرض برتقال في يوم وهناك قرية بونة قار وهي على ضفة نهر دويره وهو نهر سمورة ويعبر هناك في مراكب متخذة للجواز بها ومن القرية إلى نهر مينو إلى حصن أبراقة ستون ميلا وهو مرحلتان ومن حصن أبراقة إلى مدينة طوية مرحلتان وهي مدينة صغيرة حسنة خصيبة ومن طوية إلى شنت ياقوب مرحلة وقد وصفنا شنت ياقوب بما يكفي ويغنى عن تكراره
وكذلك من مدينة قلمرية إلى مدينة شلمنقة ثلاث مراحل بين شرق وشمال ومن شلمنقة إلى سمورة مرحلة ومدينة سمورة مدينة جليلة قاعدة من قواعد الروم ومكانها على شمال نهر دويره وعليها سور حجارة حصين ولها خصب كثير وكروم ولأهلها أموال وتجارات
ومن سمورة إلى مدينة ليون أربعة أيام وهي مائة ميل ومدينة ليون قاعدة مدن قشتالة وهي عامرة وبها رجال محاربون ولهم معاملات وتجارات بالمكاسب والنتاج ولأهلها همة ونفاسة
ومن مدينة ليون إلى مدينة أشترقة مرحلة وهي صغيرة متحضرة ومنها إلى
731

الجبل المسمى منت راد اثنا عشر ميلا ثم إلى جبل منت فبرير اثنا عشر ميلا ثم إلى شنت ياقوب ثلاثة أيام في قرى وعمارات متصلات وبين ليون والفارو التي على البحر الإنقلشي ثلاثة أيام
وكذلك الطريق من مدينة ليون إلى مدينة بنبلونة شرقا من مدينة ليون إلى مدينة سنفقون مرحلة وهو حصن عامر آهل حسن الجهات عامر المحلات ومنه إلى مدينة قريون يوم وهي مدينة متحضرة متوسطة المقدار كثيرة الخصب والمزارع ومنها إلى مدينة برغش مرحلتان ومدينة برغش مدينة كبيرة يفصلها نهر ولكل جزء منها سور والأغلب على الجزء الواحد منها اليهود وهي حصينة منيعة ذات أسواق وتجار وعدد وأموال وهي رصيف للقاصد والمتجول وهي كثيرة الكروم ولها رساتيق وأقاليم معمورة
ومن مدينة برغش إلى مدينة ناجرة يوم وهي مدينة عامرة ومنها إلى قسطيلة يوم وقسطيلة حصن كبير عامر آهل جيد ولأهله جلادة وحزم ومن حصن قسطيلة إلى حصن بنت لرينة يوم وهو حصن حصين وله كروم كثيرة وأعمال واسعة ومنه إلى مدينة بنبلونة يوم ومن مدينة بنبلونة إلى مدينة بيونة على ساحل البحر يومان والدخول إلى بنبلونة على البرت المنسوب إلى بيونة كما ذكرناه آنفا
ومن مدينة ليون السابق ذكرها إلى مدينة طليطلة سبعة أيام وكذلك من مدينة برغش أيضا إلى مدينة طليطلة سبعة أيام ومن شنت ياقوب إلى طليطلة على الطريق القصد تسع مراحل ومن مدينة شلمنقة إلى مدينة آبلة خمسون
732

ميلا وهي قرى مجتمعة وأهلها يركبون الخيل وهم أهل نجدة ومنها إلى شقوبية خمسون ميلا شرقا وشقوبية ليست بمدينة ولكنها قرى كثيرة متجاورة متقاربة متداخلة العمارات وفيها بشر كثير وجم غفير وكلهم خيل الملك صاحب طليطلة وهم أصحاب نتاج وسوائم وهم مشهورون بالحروب والصبر عليها أنجاد أجلاد
ومن شقوبية إلى تطيلة مائة ميل بين جنوب وشرق ومن تطيلة إلى سرقسطة خمسون ميلا فذلك جملة هذا الطريق من شلمنقة إلى سرقسطة عشر مراحل وقد ذكرنا سرقسطة وما جاورها من البلاد في موضعها من الإقليم الرابع قبل هذا حسب ما يجب من ذلك وكذلك من تطيلة المتقدم ذكرها إلى مدينة سالم يوم وبعض يوم
ومن سرقسطة إلى وشقة خسمون ميلا ومن وشقة إلى لاردة سبعون ميلا ومن وشقة إلى مكناسة سبعون ميلا وبين لاردة ومكناسة خمسون ميلا فأما مدينة وشقة فإنها مدينة حسنة متحضرة ذات متاجر وأسواق عامرة وصنائع قائمة متصرفة
وأيضا إن مدينة مكناسة صغيرة شبيهة بالحصن وهي من ثغور الأندلس وكذلك مدينة لاردة مدينة متوسطة القدر كثيرة المنافع على نهر الزيتون وهو نهر يأتي من جبل البرتاب فيجتاز بجاقة من شرقيها إلى لاردة ويجتاز أيضا بسورها الشرقي فيصل مكناسة فيصب بها في نهر إبره ومكناسة بين النهرين
ومن لاردة إلى إفراغة وهو حصن ممدن له أسواق وصناعات وأهله أنجاد أجلاد وبينهما خمسون ميلا
733

ومن إفراغة إلى مدينة طرطوشة خمسون ميلا ومدينة طرطوشة مدينة حسنة على نهر إبره وبينها وبين البحر الشامي عشرون ميلا ولها قلعة حصينة وينبت بجبالها من خشب الصنوبر ما ليس بمعمور الأرض مثله صفة في حسن ديباجته وعظمه وطوله ويحمل منها إلى أقطار الأرض المتباعدة والمتقاربة ويتخذ منه الأنقاض للملوك والخزائن وتعمل منه الصواري للمراكب السفرية والقرى وأنواع الآلات الحربية مثل الأبراج والنهيسات والسلالم ونحوها
ومن مدينة طرطوشة إلى مدينة طركونة اليهود خمسة وأربعون ميلا وطركونة مدينة على نحر البحر لها سور من رخام أسود وأبيض وقليلا ما يوجد مثله صفة وهذه المدينة في وقتنا هذا معمورة وكانت في قديم الزمان خالية لأنها كانت فيما بين حد المسلمين والروم وهي مدينة حسنة والأحناش بها مؤذية كثيرة ولها مرسى حسن ومياهها موجودة
ومنها إلى برشلونة خمسون ميلا ومدينة برشلونة على نحر البحر ومرساها ترش لا تدخله المراكب إلا عن معرفة وترؤس على ركوب البحر وهي مدينة لها ربض وعليها سور منيع والدخول إليها والخروج عنها إلى الأندلس على باب في الجبل المسمى هيكل الزهرة وبالرومية البرينيو وبرشلونة يسكنها ملك إفرنجة وهي دار ملكهم وله مراكب تسافر وتغزو وللإفرنج شوكة لا ترد وحملة لا تصد ويذكر أنهم من أبناء جفنة وبلاد برشلونة كثيرة الحنطة والحبوب والعسول
ومن برشلونة إلى قرقشونة أربعة أيام شمالا ومدينة قرقشونة مدينة حسنة
734

في سفح الجبل ولها كروم ومياه كثيرة ومن قرقشونة إلى قمنجة شمالا مع الجبل ثمانون ميلا وقمنجة مدينة حسنة متوسطة لها مكاسب وفوائد ولها سور حجارة وشرب أهلها من مياه عيون جارية ومن قمنجة إلى طلوشة يومان بين شرق وجنوب ومن قرقشونة أيضا إلى طلوشة شرقا ستون ميلا وكذلك من مدينة قمنجة إلى مرلانش ثمانون ميلا
ومن قمنجة إلى شنت جوان مع الجبل ستون ميلا وهي مدينة حسنة في سفح الجبل ولها كنيسة جليلة مقصودة ومن شنت جوان إلى مدينة مرلانش خمسة وستون ميلا ومن مدينة شنت جوان أيضا إلى مدينة بيونة مرحلتان شمالا ومن مدينة شنت جوان التي مع الجبل إلى أوش سبعون ميلا في جهة الشرق ومن مدينة بيونة إلى أوش تسعون ميلا في جهة الشرق ومن مدينة بيونة مع الشمال إلى مدينة برذال سبعون ميلا وكذلك من مدينة آش إلى برذال ثمانون ميلا
وكل هذه البلاد التي ذكرناها هي بلاد غشكونية المجاورة لجبل البرتات ومن مدنها جرندة وقمنجة وطلوشة وقرقشونة وأوش ومرلانش وشنت جوان وبرذال وبين برذال والبحر نحو اثني عشر ميلا ويتصل بإقليم غشكونية إقليم بربنصة وإقليم قاورش وإقليم برغش وإقليم بيطو وجميع هذه الأقاليم متصلة من جهة الشمال بإقليم غشكونية
فأما إقليم برغش فإنه يتصل بغشكونية موازيا لبيونة وفي جنوبه إقليم
735

قاورش وفي شماله إقليم بيطو وأما إقليم برغش فقواعد بلاده مدينة آش ومدينة برغش ومدينة أنقلازمة ومدينة آجن من بلاد قاورش ونقول إن مدينة برغش مدينة مسورة وأقاليمها منسوبة إليها وهي عامرة كثيرة الخصب ماؤها كثير ومزارعها متصلة وبين مدينة برغش ومدينة آش ستون ميلا وكذلك من مدينة برغش إلى مدينة آجن من إقليم قاورش خمسون ميلا ومن مدينة آجن إلى مدينة قاورش ستون ميلا شمالا
وكذلك من مدينة برغش إلى مدينة أنقلازمة مائة ميل ومنها إلى مدينة برذال من أرض غشكونية مائة ميل ومدينة أنقلازمة مدينة كبيرة عامرة ذات سور حصين ومزارع وخصب ومنها إلى مدينة إبلافية من أرض بيطو تسعون ميلا وإبلافية مدينة صغيرة حسنة عامرة وهي على نهر وشرب أهلها منه ومن إبلافية إلى برذال أربعون ميلا وبرذال مدينة كاملة شاملة لضروب النعم كثيرة الفواكه ومن برذال إلى البحر اثنا عشر ميلا وكذلك بين البحر وبين مدينة إبلافية خمسة عشر ميلا
وأيضا فإن من مدينة أنقلازمة إلى مدينة شنت جوان من أرض بيطو مغربا أربعون ميلا ومن إبلافية إلى رجالة يوم ورجالة من أرض بيطو وهي صغيرة وعلى مقربة من البحر ومن رجالة إلى بلفير يوم على البحر ومدينة بلفير على ضفة البحر المظلم وبها يقع نهر أرليانش ومن رجالة أيضا إلى
736

شنت جوان من أرض بيطو خمسون ميلا وكذلك بين شنت جوان وبلفير مثل ذلك
وأيضا فإن مدينة بتارش إقليمها منسوب إليها وهي تتاخم أرض بيطو وهي مدينة حسنة كبيرة وبلادها منسوبة إليها وهي قاعدة مشهورة في عداد قواعد بلاد الروم مذكورة ومن مدنها أنجيرش وسنصف بعد هذا سائر البلاد التي ذكرناها جملا ونأتي بأوصافها حسب ما يقتضيه التصنيف ويكمل به التأليف إن شاء الله تعالى
نجز الجزء الأول من الإقليم الخامس يتلوه الجزء الثاني منه إن شاء الله تعالى وله الحمد كثيرا
737

الجزء الثاني
تضمن هذا الجزء الثاني من الإقليم الخامس بلادا من قواعد الروم في أقاليم شتى فمنها قطعة من إقليم قاورش وإقليم بربنصة كله وفيه من البلاد أربونة ومنت بشلير وسنجيلي وبزارش وأفينون وبيلنسية وبيانة وليون وفيه من بلاد غشكونية طلوشة وأوش ومرلانش ويجاور هذه إقليم قاورش وفيه من البلاد آجن وقاورش لا غير
ويلي هذا الإقليم في جهة المشرق إقليم بوي وإكلرمنت ويتصل بهذه في الشرق إقليم برغونية الإفرنجيين وفيه من بلادها بسنيس ونيفارش ومشكون وبجانب هذا الإقليم إقليم برغونية اللمانيين وفيه من القواعد جنبرة ولزنة وأغشت
وفيه أيضا قطعة من إقليم صوابة وفيه من أمهات البلاد إشكنجة وإكريزا وألمة وإلى جانبه إقليم قرنطارة وما يتصل به من سواحل بحر البنادقة وأرض أكيلاية وهناك بيصرة وقصطلو وربنة وقمالقة وكراديس وإسطاجانكو
738

وفي هذا الجزء أيضا بلاد كثيرة من ساحل بحر الروم فيها أربونة ومنت بشلير وسنجيلي وإيرش وبنقلة وسفونة وجنوة وبيشة ولكة ولونة وفيه جمل من بلاد دسقانية وما جاورها من أطراف بلاد أنكبردة وما اتصل بها من أرض البنادقة والإفرنجيين وما يتلو ذلك في جهة الغرب من بلاد أنبردية مثل طرون وساوسة وإيبورية وغامنديو ومديلان وبابية ومنتو وفرارة وبلونية وفيه بعض بلاد قلورية وما اتصل بها من ملف وسرنتة وبنبنت وسنثنجلو
وكل هذه البلاد والأقاليم التي ذكرناها يجب علينا أن نرسم حدودها ونصف معالمها وطرقاتها ومجهول جهاتها وجملا من أوصافها ومحاسنها حسب ما سبق لنا من ذلك
فنقول إن مدينة طلوشة التي في إقليم بربنصة هي مدينة حسنة نبيلة لها قرى ومزارع وأقاليم جملة ومن طلوشة إلى مدينة أربونة الساحلية سبعون ميلا ومن طلوشة أيضا إلى قرقشونة مع الجبل الحاجز المسمى جبل البرتات ستون ميلا ومن طلوشة إلى مدينة بزارش شرقا مع شمال ثمانون ميلا ومدينة بزارش مدينة حسنة ذات سور حصين وزراعات كثيرة وقرى وهي من إقليم بربنصة
وكذلك من طلوشة إلى بوي مائتا ميل وثلاثون ميلا وبوي مدينة صالحة المقدار كثيرة الديار عامرة الأقطار كثيرة المزارع والغلات وهي من إقليم
739

إكلرمنت وهذا الإقليم يحيط به من جهة الشرق إقليم بربنصة ومن جهة الغرب إقليم قاورش ومن جهة الشمال إقليم بري
ومن طلوشة أيضا إلى مرلانش مائة وعشرون ميلا وبينهما مدينة أوش متوسطة ومدينة مرلانش مدينة كبيرة عامرة الجهات كثيرة العمارات متصلة الخيرات وهي من عمالة غشكونية وكذلك من مرلانش إلى مدينة شنت جوان التي في سفح الجبل ثمانون ميلا ومن مرلانش أيضا إلى آجن شرقا مع شمال خمسون ميلا وكذلك من مرلانش إلى آش ثمانون ميلا وكذلك من آش إلى آجن ستون ميلا
ومدينة آجن مدينة صغيرة متحضرة كثيرة الحنطة وافرة الزراعات حسنة الجهات وهي من إقليم قاورش وقاورش مدينة من قواعد بلاد الروم ذات عمارات كثيرة ومياه غزيرة وكروم وفواكه ومنها إلى مدينة آجن المتقدم ذكرها ستون ميلا ومن قاورش إلى برغش ثمانون ميلا وبرغش مدينة كبيرة جدا وقد سبق ذكرها
ومن مدينة بوي المتقدم ذكرها إلى مدينة بيانة التي على نهر رودنو ثمانون ميلا وكذلك من مدينة بوي أيضا إلى مدينة ليون على نهر رودنو سبعون ميلا ومدينة بيانة في شرقي الوادي ومدينة ليون في غربيه وكلاهما مدينة صغيرة لكنهما حواضر ذوات أسواق وبيع وشراء ويتصل بينهما عمارات في جهة الشرق إلى جبل منت جون وقرى ومزارع ومياه ناشغة غزيرة
740

ومن بوي إلى إكلرمنت ستون ميلا وإكلرمنت مدينة جليلة عامرة كثيرة الخصب ومن مدينة بيانة إلى ليون ثلاثون ميلا ومن مدينة ليون إلى نيفارص مائة ميل وثلاثون ميلا وكذلك من ليون إلى مدينة بسنيس ثمانون ميلا وكذلك من مدينة إكلرمنت إلى قاورش ستون ميلا ومن إكلرمنت أيضا إلى مدينة نيفارش ثمانون ميلا ومن إكلرمنت أيضا إلى منت لشون شمالا ستون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة فرجة الجهات كاملة الخيرات وهي من إقليم بري
وكذلك من مدينة منت لشون إلى مدينة ليموجش غربا ستون ميلا ومدينة ليموجش قاعدة إقليم أنجو وتنسب أعمالها وقراها إليها وهو إقليم منفرد بذاته جنوبه أرض إكلرمنت وشماله أرض نيفارش وشرقيه بري وغربيه أرض برغش وليموجش مدينة حسنة حصينة ذات خيرات وافرة وقرى عامرة وزراعات طائلة وكروم كثيرة متصلة ومن نيفارش إلى ليموجش ستون ميلا وكذلك من منت لشون إلى برجش بري ثلاثون ميلا في الجنوب ومن منت لشون إلى نيفارص شرقا ثلاثون ميلا
ومدينة برجش قاعدة أرض بري وإقليمها يسمى بري وليس بإقليم بري إلا مدينة برجش ومدينة منت لشون ولبري قرى عامرة وخيرات وافرة وحروث
741

وكروم وخير وخصب زائد وبرجش من أكبر بلاد الإفرنجيين وإقليم بري منفرد بذاته يحيط به من جنوبه أرض إكلرمنت وبشماله إقليم طرش ومن غربيه أرض بيتارش وبشرقيه أرض برغونية الإفرنجيين ومن مدينة برجش إلى نيفارص ثمانون ميلا
ونيفارص مدينة جليلة نبيلة فيها رجال أنجاد وهي من غرر البلاد ذات قرى عامرة وجبايات وافرة ومنها إلى دجون شرقا ثلاثون ميلا وكذلك من نيفارص أيضا إلى لنكة ستون ميلا ومن نيفارص إلى إطرويش ستون ميلا ومن دجون إلى لنكة سبعون ميلا ومن مشكون إلى ليون تسعون ميلا ومشكون مدينة حسنة عامرة القطر كثيرة الخير متصلة الزراعات والكروم والجنات
ومنها إلى مدينة بسنيس خمسة وأربعون ميلا وبسنيس مدينة متحضرة على طرف الباب القاطع في الجبل المسمى منت جون وهو باب عظيم طوله بين الجبلين ثمانون ميلا وقيل مائة ميل وعلى فم هذا الباب من جهة بلاد أنبردية مدينة إيبورية وهذا الجبل جبل عظيم حاجز بين بلاد بربنصة وبرغونية الإفرنجيين وبرغونية اللمانيين وصوابة وقرنطارة وكل هذه الأقاليم من الجبل في الجهة الغربية وبين ما خلفه من جهة الشرق من بلاد أنبرضية وبلاد جنوة وبيش ورومة وما اتصل بها من بلاد أنكبردة وفيه من الأبواب أربعة أبواب يدخل منها ويخرج عليها إلى بلاد الروم من كلتا الناحيتين وهو جبل عظيم جدا
742

صعب الارتقاء إلى ذروته عريض الجرم وتخرج منه أودية كثيرة وسنذكرها بعد فراغنا من سائر البلاد التي في غربي الجبل على التوالي إن شاء الله
فنقول إن إقليم برغونية الإفرنجيين يحيط به من جهة جنوبه جبل منت جون ومن شرقيه برغونية اللمانيين ومن غربيه بري وبعض إقليم بربنصة ومن شماله إقليم إفرنسية وفي برغونية الإفرنجيين من قواعد البلاد بسنيس ومشكون ودجون ونيفارش وأشتيون وإطرويش ولنكة
فأما مدينة بسنيس فقد سبق ذكرها ومنها شرقا إلى مدينة مشكون خمسة وأربعون ميلا ومدينة مشكون رحبة الفناء واسعة الأرجاء ولها أسواق محدقة ومعايش مرفقة وأسواقها متحركة ومزارعها وعماراتها مشتبكة ومن مشكون إلى جنبرة أربعون ميلا وجنبرة مدينة على نهر رودنو وفي شرقيه وهي تتاخم بلاد برغونية اللمانيين ولها قرى عامرة وعمارات متكاثرة وكذلك من مشكون إلى مدينة دجون ستون ميلا ومدينة دجون في وسط براح من الأرض حسنة الرقعة مباركة البقعة ذات معايش وأرزاق كثيرة ومن مدينة دجون إلى مدينة لنكة سبعون ميلا
ومدينة لنكة مدينة رفيعة أقطارها واسعة ولها زراعات وكروم ومياه جارية وخيرات طائلة ومن مدينة لنكة إلى مدينة إطرويش ستون ميلا وإطرويش مدينة قائمة الذات فرجة الجهات جامعة لضروب من الخيرات وصنوف من البركات ومن مدينة إطرويش إلى أرليانش من بلاد إفرنسية ستون ميلا ومن
743

إطرويش أيضا إلى نيفارش المتقدم ذكرها ستون ميلا ومن نيفارش إلى لنكة ستون ميلا وكذلك من لنكة إلى بسنيس ثمانون ميلا ومن نيفارش إلى مدينة دجون خمسة وثلاثون ميلا وكذلك من مدينة مشكون إلى مدينة ليون من أرض بربنصة خمسة وثلاثون ميلا ومن نيفارش أيضا إلى أشتيون أربعون ميلا وكذلك من أشتيون إلى طرويش مثلها ومن أشتيون إلى أرض بري وقاعدتها برجش أربعون ميلا
وأرض برغونية الإفرنجيين أرض كثيرة القرى والمنافع متصلة الكروم والمزارع وأهلها رجال حروب وأرباب همم وقلوب وأهلها صميم الإفرنج وسلاطينها أكبر السلاطين
ويتصل بإقليم برغونية الإفرنجيين برغونية اللمانيين ومن بلادها أغشت وجنبرة ولزنة وبزنشون وبردون وهي من أخصب البلاد أرضا وأوسعها خيرا وأكثرها عامرا وملك اللمانيين يقيم بها ويتردد في بلادها ويحيط بها من جنوبها جبل منت جون ومن شرقيها بلاد اللمانيين ومن غربيها بلاد برغونية الإفرنجيين ومن شمالها إقليم لهرنكة
فأما مدينة أغشت فهي مدينة في سفح الجبل المسمى منت جون وهي مطلة على أرضها بهجة بقعها كثيرة مرافقها ونفعها وبها مياه ناشغة وعمارات متسعة ومنها إلى جنبرة خمسة وأربعون ميلا ومدينة جنبرة مدينة عامرة الديار
744

واسعة الأقطار متحصنة على ضفة نهر رودنو وبشرقيه ومن مدينة جنبرة إلى مدينة ليون مائة ميل وقد سبق ذكرها ومن جنبرة أيضا إلى مدينة لزنة شرقا خمسة وثلاثون ميلا
ولزنة على بركة عظيمة تجتمع بها مياه نابعة من جبل منت جون فيكون منها وادي رودنو المتقدم ذكره وحولها مزارع منتشرة وكروم عظيمة وأرض منجبة كريمة ومنها إلى بزنشون ستون ميلا شمالا مع تشريق يسير ومن بزنشون إلى مدينة لنكة المتقدم ذكرها من برغونية الإفرنجيين ستون ميلا وسنذكر باقي برغونية اللمانيين فيما يأتي بعد في الإقليم السادس بحول الله تعالى
ويتصل ببرغونية اللمانيين طرف أرض ضيقة من أرض اللمانيين وبها بزلة ومدينة بزلة على غربي نهر رين وهي مدينة حسنة ذات سور تراب كثيرة القرى والمزارع رحبة الأفنية جمة المنافع وسنذكرها مع جملة بلاد اللمانيين بحول الله تعالى
ويتصل بأعلى أرض اللمانيين أرض صوابة ويحيط بجنوبها الجبل ومن شرقيها أرض ببير وبغربيها أرض اللمانيين ومن بلاد صوابة أسكنجة واكريزا وألمة وأوزبرك فأما أسكنجة فإنها مدينة في سفح الجبل ويخرج من جبلها
745

ومنها مبدأ نهر ذنو وبين مخرج نهر ذنو وأسكنجة اثنا عشر ميلا ومن أسكنجة نازلا مع النهر شرقا وشمالا إلى مدينة ألمة ستون ميلا
وهي مدينة فرجة ذات سور حصين ولها قرى وعمارات وكروم وفواكه وبها خصب كثير وكذلك من مدينة ألمة إلى مدينة بزلة من أرض برغونية مائة ميل وسبعون ميلا ومن مدينة ألمة إلى مدينة أوزبرك ثلاثون ميلا
وأوزبرك مدينة متوسطة المقدار كثيرة العمارات غاصة بأهلها وتجارها مياسير وهم يتجولون في تلك الجهات بضروب من التجارات وهي على ضفة نهر ذنو وسنذكر باقي بلادها فيما يأتي إن شاء الله
ويتلو هذا الإقليم إقليم قرنطارة ومن بلاد قرنطارة إكريزا ويتصل أيضا ببلاد إيكلاية وما على بحر البنادقة من المدن
فأما مدينة إكريزا فمدينة صغيرة في سند الجبل ولها أقاليم معمورة وقرى كثيرة ومياه جارية عذبة وكروم وفواكه وحبوب وحنطة وهي فرجة البقعة
والطريق من مدينة أنقونة إلى طرف الخليج من أنقونة إلى وادي أزموم أحد عشر ميلا وهو واد متوسط ومنه إلى وادي شنغالية خمسة عشر ميلا ومنه إلى واد يسمى
ميتيو وهو واد كبير أربعة أميال
ومنه إلى مدينة فانو وهي لملك البنادقة أحد عشر ميلا ومن مدينة فانو
746

إلى بيسرة ستة أميال وهي على نهر كبير اسمه فولية وهي مدينة حسنة جليلة ذات سور حصين ولها قرى وعمارات وحصون
ومن بيصرة إلى ارينمينس خمسة وعشرون ميلا وهي على نهر كبير يسمى ماركلة وهذا النهر يضيق عند المدينة وكلما صعد كان أوسع وأصله بركة ماء كبيرة في أصل جبل ومن اريمني وتروى اريمنيس إلى مدينة قاصنة وهي مدينة بعيدة عن البحر حسنة الموضع فرجة النواحي كثيرة المزارع والقرى العامرة اثنا عشر ميلا
ومنها إلى مدينة سرفية خمسة عشر ميلا وسرفية مدينة كبيرة عامرة بالأسواق والفعلة والتجار المياسير والأحوال الطائلة وهي بعيدة عن البحر نحو ستة أميال
ومنها إلى مدينة ربنة وهي متوسطة بلاد البنادقة خمسة وعشرون ميلا وهي دار مملكة البنادقيين ولهم مائة مركب وأهلها أهل صرامة وغزو في البحر
ومن ربنة إلى مدينة قمالقة وهي مدينة كبيرة خصيبة على نحر البحر خمسون ميلا ومنها إلى فانرو أربعة وأربعون ميلا وهي دار مملكة البنادقيين
747

وملكهم يسكنها وهو صاحب أجناد وأسطول وهذه المدينة يحيط بها البحر من كل جهة
ومنها إلى اطربلة ثلاثة وعشرون ميلا واطربلة مدينة كبيرة عامرة جدا ولهم مراكب غزوانية كثيرة ولها قرى ومزارع ونهر صغير ومنه شربهم ومن اطربلة إلى مدينة بونص ثمانية عشر ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة بها بيع وشراء وديوان وجبايات ولهم مراكب كثيرة يسافر فيها
ومنها إلى كرادس ثمانية وثلاثون ميلا وهي مدينة كبيرة بها بشر كثير وجمع غزير ولهم مراكب كثيرة واردة وصادرة
ومن كرادس إلى إصطاجانكو خمسة أميال وهي مدينة متحضرة كبيرة القطر عامرة بالأجناد والعمال والرجال والتجار والصناع وهي حصينة على نهر كبير يأتي إليها من مسافة قريبة لكنه كبير ومنه شربهم وهذه المدينة على آخر طرف جون البنادقة وآخر بلاد البنادقيين وفرضة بلاد إيكلاية وفيها أسطول يغزي
فهذه جملة ما في أسفل هذا الجزء ونبتدئ الآن بذكر البلاد الساحلية التي على ساحل بحر الشام ونصفها بلدا بلدا وقطرا قطرا بعون الله تعالى وقوته
فنقول إن من مدينة أربونة إلى مدينة منت بشلير ثمانية وثلاثون ميلا ومدينة
748

منت بشلير بعيدة عن البحر على ثمانية عشر ميلا منه وهي عامرة كثيرة العمارة مقصد للوارد والصادر ومنها إلى أرلش على البحر عند موقع نهر رودنو يوم وكذلك أيضا من منت بشلير إلى شنت جيلي يوم وكذلك من شنت جيلي إلى أرلش ستة أميال
وأرلش وشنت جيلي هما على نهر رودنو ومدينة شنت جيلي على اثني عشر ميلا من البحر وهي في الضفة الشرقية من النهر وهي مدينة عامرة الجفن رائقة الحسن كثيرة المياه والأشجار غزيرة الفواكه والثمار ومن شنت جيلي إلى مشيلية على البحر خمسة وعشرون ميلا ومشيلية مدينة صغيرة متحضرة ولها كروم ولها زراعات وهي في سند تراب مطل على البحر ومن مشيلية إلى إيرش أربعون ميلا ومدينة إيرش على قرب من البحر وهي مدينة ذات سور حصين وموضع حسن كثير الشجر بادية الحضر كثيرة الخيرات
ومن إيرش إلى البنقلة خمسة وثلاثون ميلا وهو حصن منيع ومعقل رفيع وهو مطل على مزارع متصلة وخيرات مجملة ومنه إلى مدينة شغونة خمسة وثلاثون ميلا وهي مدينة حسنة رائقة المكان كثيرة الخصب والأشجار ومن شغونة إلى جنوة خمسة وعشرون ميلا
ومدينة جنوة قديمة أزلية البناء حسنة الجهات والأفناء بنيانها شاهق السمو وهي وافرة الثمر كثيرة المزارع والقرى والعمارات وهي على قرب نهر
749

صغير وأهلها تجار أملئاء مياسير يسافرون برا وبحرا ويقتحمون سهلا ووعرا ولهم أسطول مخيف ولهم معرفة بالحيل الحربية والآلات السلطانية ولهم بين الروم عزة أنفس
ومن مدينة جنوة إلى فنرة سبعون ميلا وحصن فنرة حصن عظيم كبير عامر مشيد ومنه إلى لونة اثنا عشر ميلا وهي مدينة على البحر ولها مزارع وقرى ومنها إلى بيش أربعون ميلا
ومدينة بيش من قواعد بلاد الروم مشهورة الذكر كبيرة القطر عامرة الأسواق والديار بعيدة الأفناء والأقطار كثيرة البساتين والجنات متصلة الزراعات أمورها شامخة وأخبارها هائلة ومعاقلها شاهقة وأرضها خصيبة ومياهها مغدودقة وآثارها عجيبة ولأهلها مراكب وخيل واستعداد لركوب البحر وقصد البلاد وهي على نهر يأتي إليها من جبل بناحية أنكبردة وهو نهر كبير عليه الأرحاء والبساتين
ومن مدينة بيش إلى مرسى الخنزيرية ستون ميلا وعليه حصن منيع ومن المرسى إلى جبت بكة خمسون ميلا ومن حصن جبت بكة إلى موقع وادي مدينة رومة المسمى طنابري خمسون ميلا
ومن أخذ طريق البر من بيش سار من بيش إلى مدينة لونة أربعين ميلا وهي على البحر ومنها في البرية إلى بستركن ثم إلى مدينة سنقليلية إلى جبل أنواط ثم إلى رومة لأن البحر يتجون بين جنوة وبيش ثم ينعطف إلى حصن أرجنتار إلى جبت بكة إلى رومة وبين رومة والبحر اثنا عشر ميلا
750

ومدينة رومة ركن من أركان النصارى وذلك أنها كرسي من كراسيهم وبأنطاكية كرسي وبالإسكندرية أيضا كرسي وببيت المقدس كرسي لكنه محدث لم يكن في أيام الحواريين فاتخذ بعدهم لتعظيم بيت المقدس
ومدينة رومة مدينة عظيمة الدور يذكر أن محيطها تسعة أميال ولها سوران من حجر وعرض السور الداخل اثنا عشر ذراعا وسمكه اثنان وسبعون ذراعا وعرض السور
الخارج ثمانية أذرع وسمكه اثنان وأربعون ذراعا وفيما بين السورين نهر مغطى ببلاطات نحاس طول البلاطة منها ستة وأربعون ذراعا
وسوقها معترض ما بين الباب الشرقي إلى الباب الغربي وهناك أسطوانات حجر في نهاية من الغلظ طول كل عمود منها ثلاثون ذراعا ومما يلي جانبي العمود الأوسط منها عمودان من نحاس أصفر رومي وقصبة العمود وقاعدته ورأسه مفرغ منه وعليها حوانيت تجار
وفي مقدم هذه الأسطوانات والحوانيت نهر يشقها من المشرق إلى المغرب قاعه كله مفروش بصفائح النحاس لا يستقر به شيء يرسى فيه وبهذا النهر تؤرخ الروم فيقولون من تأريخ عام الصفر والمراكب تدخل مدينة رومة على هذا النهر بأوساقها فتأتي المراكب بما فيها حتى تقف على حوانيت التجار
وفي داخل المدينة كنيسة عظمية بنيت على اسم بطرس وبولس الحواريين وهما فيها في قبرين وطول هذه الكنيسة ثلاث مائة ذراع وعرضها مائتا ذراع وارتفاع سمكها مائة ذراع وأركانها من نحاس مفرغ وسمكها كذلك مغطى بالنحاس الأصفر وبرومة ألف ومائتا كنيسة وأسواقها وشوارعها مفروشة
751

بالرخام الأبيض والأزرق وفيها ألف حمام وفيها كنيسة جليلة البناء بنيت على صفة كنيسة بيت المقدس طولا وعرضا وفيها مذبح تقرب عليه القربان طوله عشرة أذرع وظهره كله مرصع بالزمرد الأخضر ويحمل هذا المذبح اثني عشر تمثالا من ذهب إبريز طول التمثال منها ذراعان ونصف وأعينها يواقيت حمر ولهذه الكنيسة أبواب مصفحة بالذهب الإبرير غير ما لها من الأبواب الخارجة المصفحة بصفائح النحاس وأبواب الخشب المنقوش
وفي مدينة رومة قصر الملك المسمى البابة وليس فوق البابة فوق في القدر والملوك دونه ويقيمونه مقام البارئ جل وعز يحكم بالحق ويتحرى المظالم ويرفق بالضعفاء والمساكين وينفي الضيم عن المهتضمين وحكمه نافذ ماض على جميع ملوك الروم ولا يقدر أحد منهم يرد عليه
ومدينة رومة أكبر من أن توصف أو يحاط بأوصاف محاسنها كثرة وحسنا
ولمدينة رومة بلاد كثيرة وقواعد مشهورة فمنها أورط ومال مليار ووستو ومنت يأني وقشتال
فالطريق من مدينة رومة إلى مدينة أنكونة التي على البحر البنادقي من رومة إلى أورط يومان وهي مدينة على غربي نهر رومة وهي متوسطة فيها أسواق ولها سور تراب
وبأورط وفوقها يجتمع نهر توذر بنهر رومة فيصير نهر رومة إلى مدينة توذر وهي في غربي نهرها ويقابلها في الضفة الشرقية اماقة وهي مدينة نبيلة
752

ومنها مع النهر إلى مدينة ناراوم وهي في الضفة الشرقية من نهر توذر وعلى قرب منها في ضفة النهر الغربية مدينة رأت وهي مدينة متحضرة حسنة
ومنها إلى قمرين وهي مدينة حسنة جليلة ومنها إلى أزموم وهي مدينة كثيرة الخيرات عامرة
ومنها إلى أنكونة وهي مدينة كبيرة من قواعد بلاد الروم وبقربها نهر أزموم وهو واد متوسط ومنبعه من قريب مدينة أزموم ومدينة آسيا في غربي هذا النهر وبينها وبين البحر تسعة أميال
والطريق من جنوة إلى بلاد أنبرضية فمن أراد ذلك سار من مدينة جنوة إلى حصن برجة يومين ومن الحصن إلى نهر ناظمة يومان ومن نهر ناظمة إلى مدينة طرونة يومان
ومدينة طرونة مدينة حسنة عامرة وقاعدة متحضرة وفيها تجارات وأهلها مياسير وبها صناع وفعلة ومن مدينة طرونة إلى غامنديوا يومان
ومدينة غامنديوا عامرة كبيرة ذات قرى وزراعات وهي على نهر تسين ولها سور وأسواق نافقة وأهلها أملئاء ولها تجارات ودخل وخرج ومن غامنديوا إلى مدينة بابية يومان وبابية مدينة كبيرة من قواعد بلاد أنبرضية فرجة الديار عامرة الأقطار أسواقها قائمة ومرابحها دائمة وصناعاتها متصرفة ومعايشها مرفقة
وهي على نهر تسين وهناك يجتمع نهر تسين بنهر بادي وهذان النهران مخرجهما من شرقي جبل منت جون فيمران بين مغرب وجنوب إلى أن يصل
753

نهر تسين على مقربة من ناظمة فيلتوي إلى جانب الشرق مع الشمال فيمر حتى يجتمع مع نهر بادي فيمران معا ويصيران نهرا واحدا ثم ينقسمان قسمين فيمر أحدهما من بابية إلى مدينة منتوا وهي في الضفة الشرقية منه وهي مدينة كبيرة ومنها ينحدر إلى مدينة فرارة وهي في الضفة الغربية ثم ينقسم أسفلها قسمين فينحدر أحدهما إلى خليج البنادقة
والقسم الثاني يخرج من أسفل بابية مغربا ثم ينقسم قسمين فيمر الواحد مشرقا إلى مدينة برونة وهي في غربي النهر ثم يصب في البحر والقسم الثاني يمر غير بعيد إلى مدينة اكرمونة وهي في الغربي من هذا القسم إلى مدينة باذوة ثم يمر حتى يصب في البحر
وبين فرارة وبرونة مرحلة كبيرة وبين باذوة والبحر ثلاثة أميال
فالطريق من جنوة إلى رومة على البر من جنوة إلى لكة يومان وهي مدينة قديمة أزلية عجيبة البناء قائمة الأشكال عامرة الأسواق نافقة المصنوعات
ومن مدينة لكة إلى مدينة افلورنسة سبعون ميلا وهي مدينة عامرة الأسواق على ضفة الجبل وعلى مقربة من نهر بيش ومنها إلى سنقليلية يومان وهي مدينة متحضرة ذات أسواق وصناع وأموال
ومن سنقليلة إلى جبل أنواط خمسة عشر ميلا ومنه إلى رومة خمسة عشر ميلا
والطريق أيضا من مدينة جنوة إلى أنقونة التي على بحر البنادقيين من مدينة
754

جنوة إلى لونة على البحر أربعون ميلا ومن لونة إلى لكة خمسون ميلا ولكة كما وصفناها مدينة قديمة أزلية عامرة بأسواق وصناعات
ومن لكة إلى مدينة افلورنسة سبعون ميلا ومن شاء سار من لكة إلى بستركم شرقا خمسة وعشرين ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ذات أسوار وسوق عامرة وبيع وشراء وموضعها على باب من الجبل تدخل منه إلى أرض أنبرضية
ومن مدينة بستركم إلى افلورنسة خمسون ميلا ومنها إلى سنقليلية ستون ميلا وسنقليلية مدينة كبيرة عامرة في مستو من الأرض ومنها إلى مدينة ستريان سبعون ميلا بين شرق وشمال وهي مدينة كبيرة ومنها إلى منت تين سبعون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة وفي شرقيها مدينة كلوسي ومنها إلى أرتشين خمسون ميلا
وأرتشين مدينة في مستو من الأرض عامرة القطر حصينة خصيبة وعلى أميال منها في غربيها نهر بيش وهو يسقي أكثر أرضها ومن أرتشين إلى مدينة شنت ياني خمسة وعشرون ميلا ومنها إلى مدينة ببنوا أربعون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى مدينة قشطالي خمسة وعشرون ميلا ومنها إلى آسية على نهر خمسة وعشرون ميلا
وآسية مدينة حسنة ومنها إلى مدينة أزموم خمسة وعشرون ميلا ومن أزموم وهي على النهر منها إلى أنقونة أحد عشر ميلا وأنقونة على البحر البنادقي
755

ومن أراد ربنة الساحلية خرج من مدينة بيش أو من مدينة جنوة وسار على الطريق الذي وصفناه الآن إلى مدينة قشطالي ثم يتوغل جبل بردون مع الشمال إلى مدينة سمنجلوا خمسة وعشرين ميلا
ومن سمنجلوا إلى مدينة شنت لو خمسة عشر ميلا وهي مدينة في سفح الجبل ومنها إلى ربنة خمسة وأربعون ميلا
وربنة متوسطة بلاد البنادقيين كما قدمنا وصفها وأيضا فإن من مدينة جنوة الساحلية على الطريق القصد إلى ربنة الساحلية مائتان وثمانون ميلا
وصفة الطريق من رومة مساحلا إلى مدينة ريو التي على مجاز جزيرة صقلية
فمن رومة إلى أسطونة ثلاثون ميلا ومن أسطونة إلى أنجة عشرة أميال وأنجة مرسى مستراح كثير الماء ومنه إلى جبل جرنجوا ويروى جرجير ويقال له قيطنة العرب وهو نهر كبير ثلاثون ميلا ومنه إلى مدينة طرجينة ستة أميال
فمن وادي رومة إلى طرجينة ستة وسبعون ميلا وطرجينة مدينة حسنة خصيبة عامرة آهلة ومرساها حرج لا خير فيه ومن طرجينة إلى مدينة غيطة أربعة وعشرون ميلا
ومدينة غيطة مدينة كبيرة القطر كثيرة الأهل وموضعها قرطيل منقطع عن البر ولها مرسى حسن مأمون مشتى وهو يوجد في البر والبحر وتتحصن فيه العساكر وبه إنشاء المراكب الكبار والصغار
ومن مدينة غيطة إلى غرليان وهو موقع ساسة خمسة عشر ميلا وهو
756

نهر جار كبير تدخله المراكب وعلى الوادي هناك برجان ومنه إلى حلق وادي جلاج اثنا عشر ميلا وهو على إبلاية مكشوف ولا يحمل المراكب الكبيرة ومنه إلى موقع نهر قبوة ستة أميال وهو إبلاية أيضا لا ستر فيه
ومن وادي قبوة إلى بطرية اثنا عشر ميلا وهي قرية ومرسى لا يستر ومنها إلى مدينة كومة ستة أميال وكومة مدينة صغيرة تبعد عن البحر يسيرا ومنه إلى مرسى مسينة اثنا عشر ميلا وهو مرسى مأمون قليل الماء وتتحصن فيه العساكر والرجال أعني عساكر البر والبحر
ومن مسينة إلى قشتلي وهو حصن عامر كالمدينة الصغيرة وهو في طرف جون ثمانية أميال ومن قشتلي مارا إلى مدينة نابل الكتان اثنا عشر ميلا
ونابل الكتان مدينة حسنة أزلية عامرة ذات أسواق نافقة السلع وافرة البضائع والأمتعة ومنها إلى مرسى اسطابة ثلاثون ميلا وهو جيد الإرساء وفيه الماء الكثير وهو حلق واد جار عذب على آخر جون ومن قصد منه ملف سار في البر ماشيا إلى ملف خمسة عشر ميلا
وبين اسطابة ونابل جبل النار وهو موضع لا يتوصل إلى بركانه لأنه دائم الدهر يرمى بالنار والصخر ومن أراد الساحل سار من اسطابة مساحلا إلى مدينة سرنت ثلاثين ميلا
ومدينة سرنت في قرطيل خارج في البحر وهي مدينة عامرة حسنة الديار كثيرة الخيرات والأشجار عليها خندق وعر لا ترسى به المراكب تشتية بل تجر فيه وبها إنشاء للمراكب
757

ومن مدينة سرنت إلى رأس منتيرة اثنا عشر ميلا ومنها إلى بسطانة خمسة عشر ميلا وهو مرسى صغير ومنه إلى مدينة ملف الساحلية ثمانية عشر ميلا وهي مدينة عامرة يرسى بها متحصنة من جهة البر سهلة من جهة البحر إذا حوربت أخذت وهي قديمة أزلية ذات سور جيد وأهلها بشر كثير مياسير
ومن مدينة ملف إلى موقع وادي باذروا عشرة أميال وهو مستراح للأساطيل حسن وعلى أعلى هذا الوادي مستراح يسمى باذروا وبه يسمى الوادي وهو موضع حصين لا يتوصل إليه إلا من بابين وفيه الماء والحطب ومن هذا الوادي إلى سلرنو ميلان
ومدينة سلرنو مدينة جليلة ذات أسواق عامرة ومرافق عامة وحنطة وحبوب ومنه إلى وادي سيلسة وهو مرسى ضيق ستة أميال ومنه إلى وادي اسيلو اثنا عشر ميلا وهو واد كثير الماء تدخله المراكب وفي ضفتيه شعار وسباخ لا يتوصل إليه ترسى بداخله المراكب والأساطيل في أمن ومنه إلى جون غروبلي إلى جزيرة بغوضة بقرب البر عشرون ميلا ولا مرسى بها
ومن جزيرة بغوضة إلى جون الواديين عشرون ميلا ومنه إلى قشتال دمار عشرة أميال ومن قشتال دمار إلى مولبة ثلاثة عشر ميلا ويأتيها وادي شنت سيمري فيصب بها ومنه إلى بلي قشطرو أربعة وعشرون ميلا وهو حصن كبير عامر وإلى جانبه مع الشمال نهر ومنه إلى اطربس المعروف بمرسى رأس بلي قشطرو ستة أميال
758

ومن هذا الرأس إلى قسطر كلي ثلاثة عشر ميلا ومن قسطر كلي إلى دسقالية اثنا عشر ميلا ودسقالية حصن كبير ومنه إلى رأس جرلة تسعة أميال ورأس جرلة أيضا نهر تدخله المراكب المخفة
ومن رأس جرلة إلى المنتية ثمانية وثلاثون ميلا والمنتية مدينة حسنة متحضرة في جون أولبة ومن مدينة المنتية إلى شنت فيمي أربعة عشر ميلا إلى موقع نهر قزليت إلى وادي مخاطة ميلان
ومن وادي مخاطة إلى أنجيطلوا وهو حصن كبير معمور ثلاثة عشر ميلا ومن أنجيطلو إلى بيبوني اثنا عشر ميلا ومنه إلى اتربية اثنا عشر ميلا ومن اتربية إلى باتقانو ويروى قامو بالميم ستة أميال
فذلك من مدينة منتية إلى رأس باتقانوا خمسة وستون ميلا
ومن رأس باتقانو إلى ريو ستون ميلا ومن رأس باتقانو إلى باتقانو ستة أميال ومن الرأس إلى اتربية ستة أميال وهي مدينة حسنة مشهورة من قواعد بلاد الروم ومن اتربية إلى نقوطرة اثنا عشر ميلا ومن الفارو إلى ريو اثنا عشر ميلا
وسنذكر هذه البلاد وما جاورها من بلاد البرية في المصورة الثالثة
وبقي لنا أن نذكر بلادا تحصلت في هذا الجزء مما يلي مدينة سلرنو فمنها مدينة بنبنت وأبلينه فمن مدينة سلرنو إلى مدينة أبلينه أربعة وعشرون ميلا في جهة الشمال ومن مدينة بنبنت إلى سلرنو ستون ميلا ومن أبلينه إلى
759

جيبطيرة عشرون ميلا ومن جيبطيرة إلى سلرنو ثلاثون ميلا
ومدينة بنبنت مدينة قديمة أزلية عامرة وأبلينه مدينة صغيرة كالحصن ومن بنبنت في جهة الغرب إلى مدينة سرح ثمانية عشر ميلا ومن منت سرح إلى أرجنت اثنان وثلاثون ميلا
وأرجنت مدينة حسنة ذات عمارة وحالة صالحة ومن أرجنت إلى قبوة ثلاثون ميلا وقبوة على نهر كبير يأتي إليها من جبال في ناحية بنبنت ومن مدينة قبوة إلى أجرسة ثمانية أميال ومن أجرسة إلى نابل اثنا عشر ميلا وقد أكملنا ما تضمنه هذا الجزء والحمد لله
نجز الجزء الثاني من الإقليم الخامس ويتلوه الثالث منه إن شاء الله
760

الجزء الثالث
إن الذي تضمنه هذا الجزء الثالث من الإقليم الخامس قطعة فيها بلاد قلورية وبلاد أنكبردة وأكثر خليج البنادقيين وما عليه من البلاد المشهورة
فمن هذه البلاد في الضفة الشرقية مدينة ريغنو ومدينة بولة ودرونة وآسيا ومصقلة وأرنس وصنطو ونولنص وجاذرة وصبناجي ورغوص واسبالطو وترغورن وقاترة وأنتبرية ودلجينة ودراست وبترلة وياننا وفاميو وكيرة
ومن البلاد التي على الضفة الغربية من خليج البنادقيين ابرندس واسلمونة ومنوبلي وقنبرصان وملفنت وبشالية واطرانة وبرلت وقاني وسيبنت ويقال باستية وروذانة ولاشنة ويقال لازنة وقنب مارين وكل هذه من بلاد أنكبردة على الساحل الغربي من الخليج
761

ومن بلاد البحر أيضا ترملس وترانة وموقة وأنكونة وفيه من بلاد البحر الشامي طاجنة وقطرونة ورشانة وروسيت وطارنت
وفيه من بلاد قلورية قطنسان ومرطران وبجنال وقطروبلي وبنبنت وملف البرية وقنص وبنوصة وشنت غاثي وكلرمنت وسينس وبسنيان وسيمري واسترنجلي وترغارقو وجرسنة وكل هذه البلاد بلاد قلورية
ومن بلاد أنكبردية متيرة وغرنيلية وموطلى وقروى ماتلى وماطلى وتروى مأتي وغرابينة وقنوصة وأطرونة وعزقلة وتروى عسقلة بالسين وشنت لورين وشنت بجوش وجبطاط وشنت صبير وشنت أنجلي ولشنة وقنب مارين وترملس
ونحن نذكرها الآن بلدا بلدا ونأتي بأوصافها وطرقاتها كما سبق منا في سائر الأقاليم السالفة بحول الله تعالى فنقول أولا صفة الطريق من مدينة ريو باستدارة على ساحل بحر الشام ثم على ساحل بحر البنادقيين إلى مدينة أنكونة
فمن أذرنت إلى قرطيل شوذة اثنا عشر ميلا ومنه إلى شنت جوان مرتوبلى اثنا عشر ميلا وهي قرية ممدنة حسنة ومنها إلى قرطيل كنكا ستة أميال
762

ومن كنكا إلى قرطيل شنت جنار اثنا عشر ميلا ومنها إلى قرطيل ناورة اثنا عشر ميلا ومنه إلى مدينة ابرندس أربعة أميال فيكون من أذرنت إلى ابرندس بتقوير الأجوان ثمانية وخمسون ميلا ويكون على التخلية ثمانية وأربعون ميلا
وابرندس مدينة جليلة يحيط بها البحر من جهاتها الثلاث شبيهة بالقسطنطينة العظمى وهي في ذاتها حسنة البناء فسيحة الفناء كثيرة النعم خصيبة كثيرة المرافق ومن ابرندس إلى غوشيت اثنا عشر ميلا وغوشيت ثلاث جزائر لطاف بينها وبين البر نصف ميل
ومن غوشيت إلى مرسى شنت نقولة بترول اثنا عشر ميلا وهو مرسى لطيف مستراح وبه الماء ومنه إلى مدينة منوبلي أربعة وعشرون ميلا ومنوبلي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى حصن بلنيان ستة أميال وبقربها بلد يسمى قنبرصان ويبعد عن البحر تسعة أميال
ومن بلنيان إلى شنت بيطو وهو مرسى ميلان ومنه إلى مدينة باري اثنان وعشرون ميلا ومدينة باري مدينة كبيرة عامرة في قعر جون وهي قاعدة بلاد الأنكبردين وبها
إنشاء مراكب وهي من قواعد بلاد الروم المشهورة
ومن مدينة باري إلى برج اجيلوا ويروى اشيلوا ويقابله في البر مدينة بطنت وبينها وبين البحر ستة أميال ومنه إلى جبناس ستة أميال ثم إلى ملبنت
763

أربعة أميال ويروى ملفنت بالفاء ويقابلها في البر روبة وروبة مدينة متوسطة حسنة وبينها وبين البحر ستة أميال ومن ملفنت إلى بشتالية ويقابلها في البر قورات وبينها وبين البحر تسعة أميال
وقورات مدينة حسنة متحضرة نبيلة فرجة كثيرة الفواكه خصيبة المعايش ومن قورات إلى طرانة على الساحل ثمانية أميال وكذلك من بشتالية المذكورة إلى اطرانة أيضا ستة أميال
واطرانة مدينة متوسطة لها سور وبها سوق مشهودة ومنها إلى برلت ستة أميال على الساحل ويقابل مدينة برلت في البرية مدينة تسمى أندرة وهي مدينة كبيرة عامرة ومنها إلى البحر تسعة أميال
ومن برلت على الساحل إلى وادي لوذرة ستة أميال وعلى هذا الوادي دير كبير يسمى دير شنت مارية ومنه إلى مدينة قاني وهي مرتفعة عن البحر أربعة أميال ومدينة قاني مدينة صغيرة متحضرة كثيرة التجارات والأموال وأهلها مياسير
ومن شنت مارية إلى شنت نقولة ببترة اثنا عشر ميلا وهي على البحر في قرطيل ويقابلها مدينة صلبي على ستة أميال من البحر ومن شنت نقولة إلى وادي ريغلو ويروى نيقلو اثنا عشر ميلا واسم الوادي نفسه نهر قنالار
ومن نهر نيقلو إلى نهر كاطة أحد عشر ميلا ومنه إلى مدينة سيبنت ميلان وسيبنت على قرب من البحر ومنها إلى ماتناطة اثنا عشر ميلا وهي على قرب
764

من البحر ومنها إلى شنت أنجلو وهي مرتفعة عن البحر ثمانية أميال
وأيضا فإن من ماتناطة إلى مرسى شنت فليجي اثنا عشر ميلا وهي قرية وكنيسة عظيمة ومنها إلى بستية في قعر الجون في قرطيل يدخل في البحر اثنا عشر ميلا وبين البلد ورأس القرطيل مقدار رمية قوس الرجل وعرض القرطيل في الرأس قدر نصف ميل وعرض وسط القرطيل أربعة أميال
ومن بستية إلى بسكيش اثنا عشر ميلا ومن بسكيش إلى روذنة ثمانية أميال ومن روذنة إلى قينان اثنا عشر ميلا ومن قينان إلى دابية أحد عشر ميلا ومن دابية إلى لشنة ثمانية أميال ومن البحر إلى اقربيل أربعة أميال ولشنة أيضا على قرب من البحر ويروى لازنة
ومن لاشنة إلى قنب مارين اثنا عشر ميلا ومن قنب مارين إلى ترملة عشرون ميلا ويروى ترملس ومن لازنة إلى ترملس إبلاية بتدوير ومن ترملة إلى مصب نهر بشكار تسعة وخمسون ميلا جنوبا وكذلك من وادي بشكار إلى وادي طرنت ويروى ترنت ستة وثلاثون ميلا ووادي طرنت نهر كبير وعليه على بعد من البحر مدينة ترنت
وهي مدينة كبيرة كثيرة الخصب والخيرات ومن مصب نهر ترنت إلى مدينة قامة على البحر ثمانية وخمسون ميلا وقامة مدينة كبيرة القطر كثيرة الجنات والكروم ومنها إلى مدينة أنكونة ستة أميال
765

وأنكونة مدينة قديمة أزلية مشهورة من قواعد بلاد الروم الساكنين على بحر البنادقيين وقد ذكرناها فيما سبق قبل
ومن مدينة أنقونة إلى قنب مارين خلاء وبرار وفيه اثنا عشرة مرحلة وهي من الأميال ثلاث مائة ميل وفي هذا الخلاء من الأرض قوم يأوون إلى غياض ومواضع يتصيدون فيها ويطلبون العسول في تلك البراري ومن أنقونة إلى طرف الخليج وقد ذكرناه في الجزء السابق لهذا الجزء
ومنه ينعطف الخليج في جهة الشرق وهنا أرض ايكلاية ومن بلاد إيكلاية البرية برونة وتروى برانة وبوبلة وطامطرس ومدينة برونة مدينة كبيرة وبينها وبين مدينة طامطرس مرحلة خقيفة وأيضا فإن من مدينة طامطرس إلى مدينة بوبلة تسعة أميال وهي مدينة كبيرة عامرة ومنها إلى أنملة وتروى انجلة وأهلها من الإفرنج ثلاثة أميال ومن أنملة إلى قنديلة الإفرنجيين ثلاثة أميال ومنها إلى برونة وتروى برانة ميلان وقد سبق ذكرها
وهذه كلها بلاد إيكلاية البرية فأما بلادها الساحلية فمنها دستريس وبينها
766

وبين طامطرس وهي مدينة ايكلاية ثلاثة وعشرون ميلا ومنها إلى مدينة موغاو وتروى أوماغو تسعة أميال وكذلك أيضا من مدينة برانة البرية إلى مدينة أوماغو ثمانية عشر ميلا وأهلها إفرنجيون وهي على الساحل ومنها إلى مدينة جبطنوبة وهي البلد الجديد للإفرنجيين وهما مدينتان إحداهما في وطاء والأخرى على جبل مطل على البحر ثمانية أميال
ومن جبطنوبة إلى برنجوا وتروى برنزوا اثنا عشر ميلا وهي مدينة عامرة كثيرة العمارة ولها أسطول ومراكب كثيرة ومنها إلى ريغنو وهي للإفرنجيين خمسة عشر ميلا وريغنو مدينة حسنة كبيرة القطر كثيرة العمارة ومنها إلى مدينة بولة اثنا عشر ميلا وهي مدينة حسنة كبيرة القطر كثيرة العمارة والأسطول بها أبدا معد ومنها إلى موذولينة ستة عشر ميلا وهي مدينة عامرة ومنها إلى ألبونة أربعون ميلا ومنها إلى فلامونة ستة أميال وكلتا هاتين المدينتين عامرتان وأقطارهما متجاورة وأخبارهما متشابهة
ومن فلامونة إلى الأورنة أربعة أميال ومدينة الأورنة كثيرة عامرة وبها أحوال صالحة ومراكب مهيأة وإنشاء دائم وهي آخر بلاد إيكلاية الساحلية ويجاور هذه البلاد من جهة المشرق جبال متصلة وبرار منقطعة عن العمارة ويتلو هذه المدن التي ذكرناها من بلاد ايكلاية بلاد جرواسية التي تسمى دلماسية وهي على البحر وأول بلاد جرواسية مدينة تسمى بقري ومنها إلى
767

الاورنة المتقدم ذكرها عشرة أميال وهي مدينة حسنة متحضرة ومنها إلى مدينة لوبارة ستة عشر ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة في سند جبل
ومن لوبارة إلى مدينة سينة ثلاثون ميلا وهي مدينة حسنة كثيرة العمارة وأهلها صقالبة ولهم مراكب كثيرة ومنها إلى قسطيلصقة خمسة عشر ميلا وأهلها صقالبة وهي مدينة صغيرة ومراكبها قليلة ومنها إلى مدينة مصقلة عشرون ميلا وهي لدلمطيين ومنها إلى أرنص خمسة عشر ميلا وهي مدينة متوسطة لدلمطيين ولها مراكب عدة ومنها إلى مدينة صاطو ثلاثون ميلا
وصاطو لدلمطيين أيضا ولهم مراكب تغزو وكذلك من صاطو إلى مدينة نونة وتروى نينص عشرون ميلا ونونة مدينة كبيرة حسنة جليلة حصينة الموضع ومنها إلى جاذرة وهي مدينة كبيرة القطر متصلة العمارات والكروم فرجة وهي على ضفة البحر وأهلها دلمطيون والبحر يضرب سورها
ومن جاذرة إلى دغواطة ثلاثون ميلا وهي مدينة أهلها دلمطيون وصقالبة وهي من قواعد الروم وأهلها أنجاد ومنها إلى سبناجي عشرون ميلا ومدينة سبناجي مدينة حسنة كثيرة العمارات ومنها يتجهز وإليها يقصد بالتجارات برا وبحرا
ومنها إلى مدينة واوغوري خمسون ميلا ومدينة واوغوري وتروى لوغارو
768

مدينة جليلة من أحسن القواعد وأحصنها وأهلها ذلمطيون وهم أهل سفر وتجول ولهم مراكب غزو
ومنها إلى مدينة طرغورس وتروى ترغوري ستة أميال وأهلها دلمطيون وهم أهل إنشاء وغزو وإسفار
ومن مدينة ترغوري إلى مدينة اسبالطو اثنا عشر ميلا وأهل اسبالطو دلمطيون وهي مدينة عامرة كبيرة القطر كثيرة العمارة والتجارة وكلها مفروشة الأزقة بالبلاط ولهم مراكب غزو
ومن اسبالطو إلى مدينة شثغنو خمسة وعشرون ميلا وأهلها صقالب ولهم أعمال واسعة وعمارات متصلة وهم أهل مراكب كثيرة
ومنها إلى رغوص وتروى رغوصة ثلاثون ميلا وأهلها دلمطيون ولهم مراكب غزوانية وهم أنجاد جلاد وهي آخر بلاد جرواسية
ومن رغوصة إلى مدينة قاطروا وتروى قاذروا عشرون ميلا وهي مدينة حسنة عامرة آهلة وأهلها دلمطيون وهم أهل غزو وسفر ولهم عدة مراكب
ومنها إلى أنتابروا وهم صقالب ثلاثون ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة وقاعدة مشهورة ومنها إلى ذلوجية وأهلها لاذقيون سبعون ميلا وهي مدينة من قواعد إسقلونية
ومنها إلى مدينة دراست للإفرنجيين ثمانون ميلا وهي أقرب البر إلى مدينة أذرنت حيث المجاز وبينهما سبعون ميلا مجازا
769

ومن ادراست هذه طالعا مع الحائط إلى مدينة جمارة مائتا ميل وخمسة وعشرون ميلا واسم جمارة في القديم برنتو فهذا جميع الخليج البنادقي بما عليه من البلاد والمعاقل وفيما جئنا به كفاية لذوي البحث والعناية والشكر لله على ذلك
وأما ما في هذا البحر من الجزائر فنريد أن نذكرها على التوالي حتى نأتي بالغرض الذي قصدناه كما وصفناه وذلك أن في هذا البحر البنادقي جزيرة أوسر وهي قريبة من البر بينهما ثمانية أميال من الرأس الواحد وباقيها داخل في البحر وهي في جون استرية وطولها عشرون ميلا وعرضها اثنا عشر ميلا وهي عامرة
ومنها إلى الجزيرة المسماة جرسة خمسة أميال وبينها وبين البر ستة أميال وهي كبيرة كثيرة العامر وطولها أكثر من عرضها ويكون طولها على التقريب ستون ميلا وعرضها خمسة وعشرون ميلا وفيها قومس وأسقف
ومنها إلى جزيرة أربا ستة أميال وهي قدام جبال جرواسية وبينها وبين البر اثنا عشر ميلا وطولها بالتقريب ثلاثون ميلا وعرضها ثمانية عشر ميلا وفيها قومس وأسقف
ومنها إلى جزيرة باغا أربعة أميال وهي قدام نونة وبينها وبين البر أربعة أميال وطولها بالتقريب عشرون ميلا وعرضها عشرة أميال
فهذه الجزائر المذكورة جملتها عامرة وهي من إقليم جرواسية وأما جزائر البنادقة فهي ست ثلاث في صف وثلاث في صف يتلوها وجملتها معمورة
770

وهي متوسطة بلاد البنادقيين وبها عرفت البلاد والبحر
وفي المجاز المتقدم ذكره جزيرة غير معمورة وهي إلى لبلونة أقرب وكذلك على ابرندس ثلاث جزائر تسمى غوشيت وهي تقرب من البر وهي صغار جدا وليست بمسكونة فهذه جملة ما في هذا البحر من الجزائر المعمورة والخالية
ولنرجع الآن إلى ذكر البلاد البرية وهيآتها وطرقها ومسافاتها وأحوال سكانها ومواضع جدرانها بلدا بلدا وقطرا قطرا
فنقلو الطريق من طارن المتقدم ذكرها إلى نابل من طارنت إلى متيرة ستون ميلا ومن متيرة إلى اغربينة ستون ميلا ومن اغربينة إلى قنوصة مائة وعشرون ميلا ومن قنوصة إلى أندرة ثمانية عشرة ميلا ثم إلى اطرانة ثمانية عشر ميلا ثم إلى بإبرة خمسة عشر ميلا إلى فراجنطو ستة وعشرون ميلا ثم إلى جبيطيرة ثمانية عشر ميلا ومنها إلى نابل على البحر ثلاثون ميلا
وكل هذه المدن المذكورة والمعاقل المشهورة معاقل لا تنال متقاربة الأحوال وحواضر مقصودة بأصناف التجارات معمورة خصبها زائد وأمنها راكد وأكثرها لا بل كلها من بلاد قلورية وبلاد بولية
وبولية وقلورية أسماء الأرضيين والأقاليم وتحوي على بلاد كثيرة وأولها
771

ريو وهي مدينة على مجاز صقلية صغيرة متحضرة فيها أسواق وعمارات ومجتمع لوراد وقصاد
ومنها إلى توجس مرحلة ومن توجس إلى جراجي مرحلة ومن جراجي إلى الماص وهي مدينة صغيرة بها سوق وفواكه ستة وسبعون ميلا ومن الماص إلى قشتال ثلاثون ميلا وهي مدينة صغيرة
ومن قشتال إلى قطروني على التخلية في البحر ثلاثة عشر ميلا وعلى التقوير ثمانية عشر ميلا ومن قطروني لمن قطع عرض البحر مجرى وثلاثون ميلا وقد ذكرنا صفات هذه البلاد فيما تقدم
وأيضا فإن من مدينة جراجي إلى اسطيلو أربعة وعشرون ميلا ومدينة اسطيلو صغيرة معمورة كثيرة النعم ومنها إلى قطنصار اثنا عشر ميلا وهي قلعة حسنة ومنها مع الغرب إلى شنت فيمة اثنا عشر ميلا على البحر وشنت فيمة قد سبق ذكرها فيما مضى وكل هذه البلاد من أرض قلورية
ومن قطرونة الساحلية إلى طاجنة على البحر ثلاثة أميال إفرنجية وهي تسعة أميال
ومن قطروني أيضا إلى جنقو قسطروا ثلاثة أميال إفرنجية وكذلك من طاجنة أيضا إلى جنقو قسطروا ومن جنقو قسطروا إلى سيمري خمسة عشر ميلا وبين سيمري والبحر ثلاثة أميال وهذه البلاد كلها صغار متحضرة بها
772

أسواق وبيع وشراء وهي مما تتقارب صفاتها وأحوالها وكذلك من سيمري إلى قطنصار خمسة عشر ميلا وأيضا من سيمري إلى طبرنة ثمانية عشر ميلا وكذلك من سيمري إلى اسطرنجلي أحد وعشرون ميلا
ومن اسطرنجلي إلى قطروني أربعة وعشرون ميلا وبين اسطرنجلي والبحر ستة أميال وأيضا فإن من اسطرنجلي إلى ابرياتقو أحد عشر ميلا ومن ابرياتقو إلى باتربول سبعة وعشرون ميلا
ومن باتربول إلى إبسخروا ثلاثة وثلاثون ميلا وبين إبسخروا ورسيانو الساحلية خمسة عشر ميلا ومن رسيانو إلى شنت موروا خمسة أميال وبين شنت موروا والبحر ستة أميال ومن شنت موروا إلى أرمنت ثلاثة أميال ومن أرمنت إلى شنت أركنجل ستة أميال
وأيضا فإن من شنت موروا إلى بسنيان تسعة أميال ومن بسنيان إلى أكراك اثنا عشر ميلا ومن أكراك إلى شنت أركنجل اثنا عشر ميلا ومن شنت أركنجل إلى رقة فيلب ستة أميال ومن شنت أركنجل إلى قلبراط اثنا عشر ميلا ومن أركنجل على اليمين إلى سنيس اثنا عشر ميلا ومن أركنجل إلى غنانو ذات اليسار اثنا عشر ميلا
ووادي أكري يشق بينهما ومن أركنجل إلى قشتال ستة أميال وهو حصن حصين ومن قشتال مشتال إلى قابلي ميلان ومن أركنجل إلى بنس ادرات في جهة الغرب ستة أميال ومن بنس ادرات إلى قشتال لورنت ستة أميال ومنه
773

إلى مدينة شنت مرتين ثلاثة أميال
ومن شنت مرتين إلى منت مور ستة أميال ومن منت مور إلى بجنال ستة أميال ومن بجنال إلى مرسقة القديمة ستة أميال ومن مرسقة القديمة إلى صبونارة اثنا عشر ميلا ومنها إلى سرقونة ثلاثة أميال ومن سنيس أيضا إلى ترسة اثنا عشر ميلا
ومن ترسة إلى شنت أركنجل اثنا عشر ميلا ومن شنت أركنجل إلى حصن أكلون ستة أميال ومن أكلون إلى صنغرة اثنا عشر ميلا ومن صنغرة إلى طارنت ثمانية وأربعون ميلا
ونرجع فنقول إن من سنيس إلى ترسة اثنا عشر ميلا ومن ترسة إلى أكلون ستة أميال ومن أكلون إلى حصن أركنجل ثمانية عشر ميلا وقد قدمنا ذلك
ومن شنت أركنجل إلى قربون ثمانية عشر ميلا ومن قربون إلى حصن قلبراط أربعة وعشرون ميلا وحصن قلبراط يحاذي قربون إلى حصن قلبراط يحاذي قربون أيضا من خلف الجبل ويحاذي أيضا قربون من خلف الجبل مدينة قلبرية وبينهما ستة أميال وكذلك يحاذيها بلد اسمه قسطرنوب بينه وبين قلبرية ثلاثة أميال
ومن قسطرنوب إلى مدينة بتبران ثلاثة أميال وبين بتبران وسنيس ستة أميال وهذه البلاد الأربع من وراء الجبل ومن شنت أركنجل إلى رقة فيلب ستة أميال
774

ونرجع فنقول إن من مدينة طارنت في الجنوب إلى مدينة قليبلي على البحر ستون ميلا ومن قليبلي إلى أذرنت في المشرق ثلاثة مائة ميل وثلاثون ميلا ومن اذرنت إلى لج وهي مدينة في البر اثنان وسبعون ميلا ومن مدينة لج إلى ابرندس المتقدم ذكرها على بحر البنادقيين اثنان وسبعون ميلا
ومن طارنت أيضا إلى بنة انكي ثمانية عشر ميلا ومن بنة إلى فركة ثمانية عشر ميلا ومن فركة إلى قشتال نوبة أربعة وعشرون ميلا ومن حصن بنة انكي إلى حصن جبيطة لبرال أربعة وعشرون ميلا ومن جبيطة لبرال إلى حصن منت افرند على التأريب خمسة عشر ميلا
ومن حصن منت افرند إلى صنالة أربعة وعشرون ميلا ومن حصن صنالة إلى مدينة صنغرة سبعة وعشرون ميلا وكذلك من حصن جبيطة لبرال إلى صنالة أربعة وعشرون ميلا
ونقول إن من حصن بنة انكي إلى لامة أحد وعشرون ميلا ومن حصن لامة إلى قرجرة سبعة وعشرون ميلا ومنها إلى مدينة صنغرة خمسة عشر ميلا وكذلك من حصن لامة أيضا إلى حصن جبيطة لبرال خمسة عشر ميلا ومن حصن لامة إلى مدينة طارنت ستة أميال ومن طارنت إلى حصن باجنرة ثمانية عشر ميلا
ومن باجنرة إلى حصن فركة اثنا عشر ميلا ومن فركة إلى قرجرة اثنا
775

عشر ميلا ومن حصن قرجرة إلى مدينة صنغرة اثنا عشر ميلا ومن حصن باجنرة أيضا إلى بليان وهو حصن حسن ثمانية عشر ميلا ومن حصن بليان إلى حصن بالسقورة خمسة عشر ميلا ومن باستو إلى مدينة صنغرة اثنا عشر ميلا وأيضا فإن من بالسقورة إلى حصن باشلة ثمانية عشر ميلا غربا
وأيضا فإن من حصن باستو وهي الرقة المتقدم ذكرها إلى قشتال نوبة ستة أميال ومنها إلى بشكة سارلة ثمانية أميال إفرنجية وهي قرية ممدنة وذلك أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى حصن شنت دناط أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى رقة رالبنو ثمانية عشر ميلا
ومن رالبنو إلى جروا وهو حصن حصين خمسة عشر ميلا وأيضا فإن من حصن رالبنو إلى مدينة صنغرة ثمانية عشر ميلا ومن حصن قاسطروا أيضا إلى حصن براي أربعة وعشرون ميلا ومن براي إلى صنغرة ثمانية عشر ميلا وأيضا فإن من شنت دناط إلى رقة شنج ثمانية عشر ميلا ومن رقة شنج إلى ألفدينة ثلاثة أميال
ومن ألفدينة أيضا إلى مدينة صنغرة اثنا عشر ميلا ومن رقة ديبلوا إلى ألفدينة ثمانية عشر ميلا ومن جروا إلى أتينة اثنا عشر ميلا ومنه إلى صنغرة ثمانية عشر ميلا
ونرجع فنقول إن من صنغرة إلى حصن أكلون ستة وثلاثون ميلا ومن أكلون إلى مكشتر يناطة على اليمين تسعة أميال وفي الشمال باترة أندنت
776

خمسة عشر ميلا ومن حصن بلانة وأنت مار إلى صنغرة قرجرة في الشمال وبعض تأريب وفي اليمين حصن بجنبرو وبينهما ثمانية عشر ميلا ومن بلانة إلى صنغرة ستة وثلاثون ميلا
ومن حصن جروا السابق ذكره إلى الفلفال أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى شنت دناط ثمانية عشر ميلا ومنه إلى أسقنو أربعة وعشرون ميلا ومنه إلى بالسقورة أحد وعشرون ميلا ومن بالسقورة إلى منت دجون ثمانية عشر ميلا ومن منت دجون إلى لامة أربعة وعشرون ميلا ومن لامة إلى مدينة طارنت ستة أميال
وأيضا فإن من لامة إلى بنة انكي ثمانية عشر ميلا ومن حصن بنة انكي إلى أرقلان أربعة وعشرون ميلا ومن أرقلان إلى حصن قارنقل أربعة وعشرون ميلا وأيضا فإن من أرقلان إلى حصن منت بال ثمانية عشر ميلا ومن حصن منت بال إلى لامة على التأريب أربعة وعشرون ميلا
وأيضا فإن من الفلفال إلى حصن منت دمروا ثمانية وعشرون ميلا ومن باطرة إلى قشطة جرزد خمسة عشر ميلا ثم إلى منت دمروا خمسة عشر ميلا ومن قلقاس إلى حصن قستلنس ثمانية عشر ميلا ومن قستلنس إلى قشطة جرزد تسعة أميال
777

وأيضا فإن من حصن قارنقل إلى قشطلون ومن قشطلون إلى مكشتر يناطة أربعة وعشرون ميلا ومن مكشتر يناطة إلى صنغرة أربعة وعشرون ميلا وكذلك أيضا فإن من منت فرند إلى حصن قشطلون ثمانية عشر ميلا ومن قشطلون إلى فلفال أربعة وعشرون ميلا
ومدينة فلفال هي عند أصل جبل قرسلون فمن فلفال إلى بلد لشيوش اثنا عشر ميلا وهي عند أصل جبل أولاد برال ومنها إلى حصن جروا السابق ذكره خمسة عشر ميلا وهو في أصل الجبل المذكور ومن منت مللو إلى حصن أنقلون ثمانية عشر ميلا وهو في أصل الجبل المذكور ومن غردية إلى حصن قرنقلة ثمانية عشر ميلا وهو في آخر الجبل المذكور
ومن حصن قرنقلة إلى حصن جبيطة لبرال ثلاثة وثلاثون ميلا وهو حصن آهل ممدن في خندق بين جبل برال وجبل مايال وبين جبيطة لبرال وبنة انكي وهو حصن أربعة وعشرون ميلا وبين بنة انكي وحصن لامة وقد تقدم ذكره خمسة عشر ميلا ومن حصن لامة إلى طارنت ستة أميال
ونرجع فنقول إن من حصن جبيطة لبرال إلى حصن برأت ثمانية عشر ميلا ومن حصن برأت إلى حصن براتور ثمانية عشر ميلا وهو حصن حسن في أصل جبل مايال المذكور ومن براتور إلى حصن بالانة ستة وثلاثون ميلا
778

وهو أيضا في أصل جبل مايال المذكور ومنه إلى رقة قورالي أربعة وعشرون ميلا وهي في رجل الجبل المذكور ومن هذه الرقة إلى مدينة نوبلو أحد وعشرون ميلا ثم إلى حصن فارة خمسة عشر ميلا وهي في رجل الجبل المذكور
ومن فارة على التأريب إلى حصن طن اثنا عشر ميلا وهو في أصل الجبل المذكور ومنه إلى فارة بشكارة تسعة أميال ومن فارة إلى أترانة الساحلية وتروى أطرانة بالطاء ثمانية عشر ميلا
ونرجع فنقول إن من قرشتلون إلى حصن أنقلون السابق ذكره خمسة عشر ميلا ومن أنقلون إلى رقة بتسي ثمانية عشر ميلا ومنها إلى جبيطة لبرال ثلاثة وثلاثون ميلا
وحصن جبيطة هو أول عمل بلاد الرومانيين ومن جبيطة لبرال إلى حصن طن أربعة وعشرون ميلا وطن هو في أصل الجبل المذكور ومنه إلى حصن نوبلو اثنا عشر ميلا وهو في أصل الجبل المذكور ومنه إلى أنكزمة أربعة وعشرون ميلا ومنه إن أطرانة وهي أترانة الساحلية ستة وثلاثون ميلا على ما فسرناه قبل
وأيضا فإن من قرشتلون إلى فلفاسق خمسة أيام وكذلك من قنب مارين إلى غاردية ارط اثنا عشر ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى قرشتلون أربعة وعشرون ميلا
779

ومن بالملة أيضا إلى فلفاسق ثمانية عشر ميلا ومن حصن فلفاسق إلى حصن أرقلان اثنا عشر ميلا وكذلك من حصن بنة دبونسي إلى حصن جنس ثمانية عشر ميلا ومن حصن جنس إلى بالملة خمسة عشر ميلا ومن حصن جنس إلى قارنقل اثنا عشر ميلا ومن حصن قارنقل إلى بنة تاتلي ويروى توتلي خمسة عشر ميلا
وأيضا فإن من صنغرة إلى بليان أربعة أميال ومن أرقلان إلى حصن بنة توتلي تسعة أميال وأيضا فإن من حصن أرقلان إلى منت بال ثمانية عشر ميلا ومن منت بال إلى حصن لامة على التأريب ستة أميال ومن لامة إلى طارنت ستة أميال
وأيضا فإن من مدينة أطرونة إلى حصن لنتشك ستة أميال ومن حصن لنتشك إلى بنة توتلي خمسة عشر ميلا ومن بنة توتلي إلى رقة منت بلان اثنا عشر ميلا ومن لنتشك أيضا إلى فونصة تسعة أميال ومن فونصة إلى بنة انكي خمسة عشر ميلا
ومن بنة انكي إلى طارنت سبعة وعشرون ميلا ومن بنة انكي إلى طن تسعة أميال وأيضا فإن من حصن لنتشك إلى بنة توتلي خمسة عشر ميلا ومن حصن بنة توتلي إلى رقة منت بلان اثنا عشر ميلا وأيضا فإن من أرطونة السابق ذكرها إلى فونصة أربعة وعشرون ميلا وأيضا فمن فونصة إلى بنة انكي خمسة عشر ميلا
780

ومن أرطونة إلى ربينة تسعة أميال ومن ربينة إلى فونصة تسعة أميال ومن رتينة إلى رقة منت بلان اثنا عشر ميلا ومن منت بلان إلى توتلي تسعة أميال ومن مدينة أترانة
التي على البحر إلى بكلان اثنا عشر ميلا ومن بكلان إلى ربينة اثنا عشر ميلا
ومن بكلان إلى تأت اثنا عشر ميلا ومن أترانة إلى تأت خمسة عشر ميلا وهي بعيدة عن الوادي بستة أميال ومن تأت إلى أنكزمة اثنا عشر ميلا ومن أنكزمة إلى بكلان تسعة أميال وأيضا فإن من أنكزمة إلى أترانة على البحر ستة وثلاثون ميلا
ثم نرجع فنقول إن من مدينة طارنت إلى متيرة مائة ميل وثمانون ميلا شمالا مع تغريب وهي مدينة حسنة كبيرة القطر كثيرة العمارة ومنها إلى باري شرقا مائة وثمانون ميلا ومن مدينة متيرة إلى مدينة اغربينة ستون ميلا بين شمال وتغريب وهي مدينة متحضرة صغيرة القطر خصيبة حسنة ومن اغربينة إلى فنوصة مائة وثمانون ميلا
وفنوصة مدينة مشهورة من بلاد الأنكبردين ومنها إلى باري خمسة وستون ميلا شرقا ومن فنوصة إلى أندرة أربعة وخمسون ميلا شرقا ومن أندرة إلى أطرانة الساحلية السابق ذكرها خمسة وأربعون ميلا شرقا ومن مدينة فنوصة أيضا إلى منت فنجوس سبعون ميلا
ومن منت فنجوس إلى ألت جوان ستة أميال ومن ألت جوان إلى متيرة
781

اثنا عشر ميلا ومنت فنجوس مدينة حسنة كثيرة الكروم والأشجار خصيبة ومن مدينة منت فنجوس إلى أغرطلو ثمانية عشر ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى ألت جوان ستة أميال ومنها إلى اتريغارقو وتروى اتريكركو ثمانية عشر ميلا
ومن ألت جوان إلى فنجوس ستة أميال ومن اتريغارقو إلى اسلان سبعة وعشرون ميلا ومن اسلان إلى أنكلون أربعة وعشرون ميلا ومن مدينة فنجوس إلى اتريغارقو ثلاثة وستون ميلا غربا ومن اتريغارقو إلى مدينة جرسنة اثنان وسبعون ميلا ومن مدينة جرسنة إلى مدينة لبوتراي ثمانية عشر ميلا
ومن جرسنة إلى بتانسة ستون ميلا وهي مدينة جليلة المقدار كبيرة القطر عامرة بالناس كثيرة الكروم والعمارات ومن بتانسة إلى منت قلوي مائة وخمسون ميلا غربا
وأيضا فإن من بتانسة إلى مدينة ملف البرية أربعة وخمسون ميلا غربا ومن ملف البرية إلى قنس مائة ميل وثمانية أميال ومن قنس إلى قنبانية ستون ميلا ومن قنبانية إلى ابلة سبعة وعشرون ميلا غربا ومنها إلى مدينة سلرنو اثنان وسبعون ميلا
وأيضا فإن من مدينة قنبانية وهو حصن كبير معمور إلى حصن بلقس اثنان
782

وسبعون ميلا ومن حصن بلقس إلى حصن ديانة اثنان وسبعون ميلا ومن ديانة إلى قبواح اثنان وسبعون ميلا ومن قبواح إلى سلرنو ستة وثلاثون ميلا
ونرجع فنقول الطريق من مدينة ملف البرية إلى مدينة لشنة التي على ساحل بحر البنادقيين من مدينة ملف البرية إلى رقة شنت غاثي غربا مع شمال أربعة وخمسون ميلا ومن رقة شنت غاثي إلى حصن أصقلة ستة وثلاثون ميلا ويروى عزقلة وعسقلة أيضا
ومن أصقلة إلى أطرونة أربعة وخمسون ميلا ومنها إلى شنت لورنس أربعة وخمسون ميلا ومنها إلى فوج سبعة وعشرون ميلا ومنه إلى قشتال نوب ثلاثة وستون ميلا ومن قشتال نوب إلى شنت اكلركو ستة وثلاثون ميلا ومنه إلى شنت صبير أربعة وخمسون ميلا ومن شنت صبير إلى مدينة لشنة ثلاثة وستون ميلا
ومدينة لشنة بقرب البحر البنادقي والطريق من أطرونة إلى سلرنو على مدينة بنبنت من مدينة أطرونة إلى أرنانة وهي مدينة ستة عشر ميلا ومن أرنانة إلى أبيج ثمانية عشر ميلا وهي مدينة ومنها إلى مدينة بنبنت سبعة وعشرون ميلا وهي مدينة كبيرة ومنها إلى أبلينه اثنان وسبعون ميلا
ثم منها إلى سلرنو اثنان وسبعون ميلا وأيضا من بنبنت إلى جنقالة سبعة وعشرون ميلا ومنها إلى نابل ستة وثلاثون ميلا ومن بنبنت أيضا إلى منت
783

سرح أربعة وخمسون ميلا ومنها إلى أبرولة أربعة وخمسون ميلا ومنها إلى أرجنت اثنان وأربعون ميلا ومن أرجنت إلى جنقالة أحد وعشرون ميلا ومنها إلى بالمة اثنا عشر ميلا ومن بالمة إلى سرنة ستة وثلاثون ميلا ومنها إلى سلرنو اثنان وسبعون ميلا
والطريق من أطرونة إلى أنقونة من أطرونة إلى نهر لوقدو خمسة وسبعون ميلا ومنه إلى حصن انزقة عشرون ميلا ومنه إلى نهر بشكار تسعون ميلا ومنه إلى بطلان تسعون ميلا ومنه إلى ترانية تسعة وستون ميلا ومنها إلى مدينة أقاما مائة ميل وأربعة وسبعون ميلا ومنها إلى مدينة أنكونة ثمانية عشر ميلا
وقد ذكرنا من بلاد هذا الجزء ومسالكها ما فيه كفاية ولنذكر الآن أنهارها الكبار الجارية في هذه البلاد حسب الطاقة وبلوغ الجهد وأول ما نبتدئ منها بذكر نهر سنيس
فنقول إن نهر سنيس يخرج من جبال قربون ويجري بين قلورية وقسطر نوب ثم يمر قدام سنيس فلا يمر غير بعيد حتى يجتمع هو ووادي سكنة فيجوز قدام فياض فيمر إلى أمام شنت بارد كميرة ومن هنالك إلى البحر
وأما نهر سكنة فإنه يخرج من جبل سرين فيجري إلى أن يجتمع بوادي سنيس فيمران إلى فياض ثم إلى شنت بارد كميرة ثم إلى البحر وجبل سرين هو قدام بجنال وبين أكلرمنت وبين بجنال وبين هذا الجبل المذكور وأكلرمنت
784

اثنا عشر ميلا وبين الجبل أيضا وبجنال خمسة عشر ميلا
وأما وادي أكري أيضا فإنه يخرج من جبل سرين من غربيه فيمر إلى سرقون ويجتاز على شنت مرتين فيمتد إلى حصن أليان ويمر بعد بأكلون إلى حصن بلقوري ومن هناك إلى البحر
وأما نهر بتنسية المسمى برنتال فإنه يخرج من جبل بقرب بتنسة فيمر بجانب مدينة تسمى اتريغارقو ملاصقا لها ثم ينزل إلى بلد يسمى اكرت فيمر بشرقيها ثم ينزل إلى بلد يسمى مليون فيمر بشرقيها وبينه وبين البلد نحو أربعة أميال ونصف ميل ثم ينزل على كنيسة شنت توذر ثم يمر على بلد يسمى ترتغرير على يمينها محاذيا لها ثم ينزل في البحر
وأما نهر ابرادنو ويروى ابراطنو فهو نهر يجري على حدته لا يختلط بوادي برنتال لأنه يخرج في الأول واديان صغيران بين بلدتين إحداهما تسمى لقبارة والثانية تسمى بتنسية فيمران بجريهما إلى رقة فنجلان فيجتمعان هناك فيسميان عند ذلك بوادي ابرادنو ويمر كذلك بين العمارات إلى البحر وعلى حوافي هذا النهر شجر الصنوبر كثيرا تقطع وترسل في النهر إلى البحر وقد يستخرج منه الزفت والقطران ويتجهز بها إلى سائر البلاد
وأما نهر فرطول فإنه يخرج من جبل قترشال وينزل إلى ريبة وتبقى ريبة على اليمين وبينهما ثلاثة أميال ثم يجوز فيمر على قشتال مان ويبقى البلد على اليمين
785

وبينهما رمية حجر ويجتاز بطفارة ويبقى البلد على الشمال وبينه وبين البلد ثلاثة أميال ثم يجتاز على مدينة جرسنة وتبقى جرسنة يمينا منه وبينهما ثلاثة أميال ثم يمر إلى ماقلة وبينهما وبينه ميل فيجوز على شنت جوان ميور وبينهما ثلاثة أميال ثم يجوز على يمين لورنت وبينهما نحو ثلاثة أميال ثم يجوز على يمين أذرغونالة مماسا لسورها فيمر على يمين جبطات وبينهما وبينه نحو رمية سهم ثم يجتاز على يمين ربالد وبينهما رمية حجر ومنهما إلى البحر فيصب بمقربة من لازنة وتروى لاشنة كما قدمنا ذكر ذلك قبل هذا وتبقى لازنة في جهة الشرق وبين مصب هذا النهر ومدينة لازنة ثلاثة أميال
وعند مصب هذا النهر وفي غربيه مدينة صغيرة تسمى قنب مارين وبين هذه المدينة والنهر ثمانية عشر ميلا وبين البلاد والبحر تسعة أميال
وأما نهر نيطو فإنه ينزل من الصيلا عن يمين جرنتية فيستقبل المشرق ويخرج نهر آخر عن يسار البلاد المذكور فيلتقيان بمكان يعرف بالملاحة وبينهما وبين جرنتية المذكورة تسعة أميال وتسمى جرنسية ثم يتمادى الوادي حتى يجوز تحت شنت سميرى وبينه وبين هذا البلد ميل ونصف ثم يتمادى الوادي المذكور حتى يجوز بين قطروني واسترنجلي فيفرغ في البحر
وأما وادي أكري فليس يجري بين شنت أركنجل وبين ترسة وإنما يجري محاذيا لهما وبين الوادي وبين ترسة ميل ونصف وبين الوادي أيضا وأركنجل قريب جدا وبين ترسة ومنت ميور اثنا عشر ميلا
786

والوادي المذكور يجري ملاصقا لها وخروج نهر أكري من جبل مرسقو وبينهما ثمانية عشر ميلا ومنها يصل إلى ترسة ومدينة أركنجل كما قدمنا ذكرها
وأما وادي شابطو فإنه يخرج بين حجرين من جبل قدام سرين عن الشمال وبينهما نحو ميل ونصف ثم يتمادى جريه فيجوز عن يمين حصن منت ابوو ثم يجتاز على شنت برباط وبينهما وبين الوادي ميل ونصف ثم يجتاز من تحت افرنتيو عن الشمال وبينهما ميل ونصف ميل ثم يجوز من تحت جبل ابراطنة فيمر على يمين حصن طوفو ويروى طف وبينهما رمية سهم فيمر من تحت رقة بلتة ثم يسير من تحت حصن جبرون وبينهما ميل ونصف ويبقى حصن منت فسق وحوزها عن يمين الوداي
والوادي المذكور يجوز بين إقليم منت فسق وجبرون فينتهي إلى ربض بنبنت عن يمين الوادي
وأما وادي قلور فعنصره من الجبل المسمى منتال ويجوز على طرش وبينهما وبين الوادي جبال وخنادق ويجوز على رحل قنطانة وبينها وبين الوادي ميل ونصف ثم يجوز من تحت منت فسق عن الشمال وبينهما وبينه ستة أميال
وهذا الوادي يجوز بين حصن اقترندة وفسق وتبقى حصن منت فسق عن اليمين وبينهما وبين الوادي مقدار ميل ونصف ثم يجتاز عن يمين أبج وبينها وبين الوادي مقدار رمية ججر ويجوز أيضا من تحت بذولة وتبقى بذولة عن يمين الوادي وبين الوادي والجبل ميل ونصف وبين الجبل وبذولة أيضا نصف
787

ميل ويجوز من تحت قنطرة بالنتين وبين هذه القنطرة وبين بنبنت ثلاثة أميال ثم تجتمع مع نهر شابطو في شنت فيلس
وأما وادي لاينة وخروجه فإنه ينزل من قدام مركوري إلى البلد الذي قدام دسقالية إلى البحر وأما وادي الربل فإنه يخرج من تل إلى قشطر قفلو ومراثيا ومن هناك ينزل إلى البحر وبين الدسقالية والوادي المذكور ستة أميال وبين الوادي ومراثيا ميل واحد
وأما وادي بلقسطروا فإنه ينزل من قدام شنت صيتري إلى بلقسطروا ومن هناك إلى البحر وأما وادي مولبة فإنه ينزل من جبل قستلنس إلى قدام قمراطة ثم ينزل إلى قدام مولبة إلى البحر
وأما وادي أبروقة فإنه ينزل من منت فرت ومن هناك إلى قدام قربلة ثم إلى قدام ترجل ومن هناك إلى أبروقة إلى البحر
وأما وادي أديانة فأول خروجه من منت صان ثم ينزل بقرب بذولة فيجوز ما بين أديانة وبين الصالة ثم يخرج إلى أبلة ويجوز قدام أولات وبقرب منت طري فيجتمع بالسيلو
وأما وادي قزلو ويروى بالهاء قزله فإنه ينزل من دير أكران فيجور على قزله ويفرغ في وادي بلقسطروا وأما وادي اكلريوزة فينزل أيضا من الجبال إلى قدام رفران ثم إلى اكلريوزة ثم إلى قمراطة فيفرغ في البحر
788

نجز الجزء الثالث من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الجزء الرابع منه إن شاء الله
789

الجزء الرابع
إن هذا الجزء الرابع من الإقليم الخامس تضمن بلاد رغوسة وبلاد إسقلونية وبلاد رمانية وخليج القسطنطينة وما عليه من البلاد المشهورة وبعض ما خلف الخليج المذكور من العمارات والبلاد ويجب أن نتكلم عليها كلاما مجملا ومفسرا قدر الطاقة وحسب المعرفة بحول الله تعالى
فنقول إن بلاد البنادقة والصقالبة وما اكتنف بحر البنادقيين من البلاد يحوطها ويكتنفها من جهة شرقيها جبل ممتد من قرب أذرنوبلي عن ثلاثين ميلا منها ويسمى لسو وفوقه بلد لسو فيمر شمالا حتى ينتهي إلى قستورية فتنفصل منه هناك شعبة بمقابلة دراس فيها الطريق إلى دراس وغيرها ويسمى هناك جبل التمورة ويخرج منه هناك ثلاثة
أودية تجري إلى ناحية لبلونة ودراس فتفرغ في البحر واسم النهر الذي يخرج إلى لبلونة بييوصة والنهر الثاني منه يسمى دابلي والنهر الثالث منه يسمى إسترينة ثم يمتد بقية الجبل المذكور من طريق دراس إلى أن يصل بالقرب من جاذرة على قدر أربعين ميلا وأما طرفه الذي يقرب من أذرنوبلي وتقرب منه مدينة ياننة فإنه تنفصل
790

منه شعبة تمتد إلى ناحية جون بحر بلبونس حتى تنتهي إلى قرب إستيفس عن ثمانين ميلا منها ونبقتو في سفح هذه الشعبة المذكورة على البحر
وأيضا فإن جبل لسو المذكور بينه وبين مدينة دراس خمسة عشر ميلا وبين مدينة لسو ومدينة دلجينة المذكورة التي على بحر البنادقة ثلاثون ميلا وبين دلجينة المذكورة والجبل المذكور اثنا عشر ميلا
ويمتد الجبل إلى أن يوازي أنتبرة ومدينة أنتبرة بينهما وبين البحر ثلاثة أميال وهي مدينة حسنة في ذيل الجبل ويمتد الجبل إلى أن يصل إلى مدينة قاطرة وبينهما ثلاثة أميال وهي في ذيل شعبة ومنه ويمتد أيضا إلى أن يصل إلى مدينة رغوسة وهي في ذيل الجبل
ويقابل مدينة قاطرة المتقدم ذكرها خلف الجبل مدينة قاميو وبينهما خمسة عشر ميلا ومدينة قاميو تتصل بها شعبة من الجبل وتستدير حولها كالكاف وهي مدينة عامرة لا يتوصل إليها إلا من جهة واحدة
ويمتد الجبل إلى مدينة إستغنو فيتصل بها من هذا الجبل شعبة كبيرة عالية وإستغنو في سفحها ثم يمر متصلا إلى مدينة أسبالطو وبين أسبالطو والجبل ستة أميال وخلف الجبل مدينتان إحداهما نجاو والثانية كيترة وبين أسبالطو ونجاو اثنا عشر ميلا وبين نجاو وكيترة يوم وكلتاهما يحيط بهما جبال وعرة والطرق إليهما صعبة ثم يمتد الجبل حتى يصل إلى قرب مدينة ترغوري ثم إلى مدينة سبناجي وهي على شعبة جبل متصل بالجبل المذكور ثم يمر إلى أن
791

يحاذي جاذرة على يوم منها وجاذرة في وطاء من الأرض ويتصل بمقربة من نونة وعلى اثني عشر ميلا منها ونونة على البحر فيمر إلى سينة وهي في ذيل الجبل ثم يستقيم إلى أن يصل لوبارا ولوبارا فوق جبل لطيف يتصل بالجبل الكبير ويمر على قدام إلى أن يقارب أرض إيكلاية وهذا الجبل لهذه المدن المذكورة حائط مانع لأنه جبل صعب المرتقى شامخ العلو
وأيضا فإن بين بحر البنادقة والخليج القسطنطيني أعداد بلاد وجمل مدن وقواعد مشهورة ونبدأ الآن بذكرها على النسق والتوالي بعون الله فنقول الطريق من دراس إلى أخرسوبلي تخرج من دراس التي على البحر البنادقي في طريق البرية إلى جهة القسطنطينة وذلك على بترلة وبينهما يومان ومدينة بترلة بلد فوق جبل بينه وبين أخريذة أربعة أيام
وأخريذة مدينة جليلة كثيرة العمارة واسعة التجارة وموضعها فوق جبل لطيف وبقربها بحيرة كبيرة يصاد فيها السمك بالقوارب وهذه البحيرة منها في جهة الجنوب ودور البحيرة ثلاثة أيام وبعض البلد على البحيرة
وبين أخريذة المذكورة ومدينة بولغو يومان ومدينة بولغو حسنة فوق جبل كبير وبينها وبين أسقوفية يوم بين شرق وشمال وأسقوفية بلد كبير متصل العمارات وافر الكروم والغلات ومنه إلى مدينة قورطس يوم بين شرق وشمال وبينهما نهر فرداري وهو نهر كبير وقورطس مدينة عامرة
792

الديار كثيرة العمار متصلة الغراسات والكروم ومنها إلى مدينة أسترنيسة يوم شرقا وموضعها فوق جبل وعمارتها وافرة وكرومها وبساتينها كثيرة
ومن مدينة أسترنيسة إلى مدينة زاغورية يوم بين شرق وشمال وزاغورية مدينة كبيرة مشهورة من أقدم بلاد الروم تأسيسا ولها عمارات وقرى ومزارع وتطرد منها ومن جهة شمالها أنهار أربعة تمر شمالا حتى تصل إلى نهر فرداري ومن مدينة زاغورية إلى مدينة سرس يوم ومدينة سرس مدينة حسنة على جبل صغير وهي حسنة الجهات كثيرة العمارات وافرة الخيرات ومنها إلى مدينة زخنة يوم شرقا وهي مدينة حسنة وافرة القطر كثيرة العامر ولها كروم وأشجار وعمارات وزراعات ومنها إلى مدينة أخرسوبلي يوم ومدينة أخرسوبلي مدينة كبيرة على نحر الخليج القسطنطيني
وأيضا فالطريق من مدينة دراس إلى مدينة صلونيك على ساحل الخليج من مدينة دراس التي تقدم ذكرها إلى بترلة يومان وقد سبق ذكرها ومن بترلة إلى مدينة أخريذة أربعة أيام حسب ما تقدم ومن أخريذة إلى بوتلي يومان شرقا وبوتلي مدينة حسنة جليلة لطيفة ومن بوتلي إلى أخرلين نصف يوم ومكانها فوق جبل لطيف وجهاتها عامرة وأعدادها متكاثرة وأرضها متصلة الزراعات كثيرة الكروم وبين أخرلين وبين أستروبو يوم ونصف
793

وهو بلد تدور به بحيرة كبيرة دورها يوم ونصف يصاد فيها السمك كثيرا وبين أستروبو المذكورة وبين بوذيانة على الطريق المشهور يوم وبوذيانة بلد فوق جبل بينه وبين صلونيك بقرب الخليج القسطنطيني يومان
والطريق من مدينة دراس إلى مدينة بلغردون التي على نهر دنو من مدينة دراس إلى بترلة يومان ثم إلى أخريذة أربعة أيام ثم إلى مدينة بولغو يومان ثم إلى مدينة أسقوفية يوم وقد تقدم لنا أوصاف هذه البلاد فيما سلف من الذكر ومن أسقوفية أيضا إلى مدينة قورطس يوم ومن قورطس تترك طريق أخرسوبلي على اليمين وتنزل مع الشمال إلى مدينة فورمزدس يومان وهي مدينة عامرة على ذروة جبل ولها كروم وعمارات متصلة ومنها إلى مالسووة يوم ونصف وهي على سفح جبل مطل كثيرة الأشجار بعيدة الأقطار بهية البساتين كثيرة الزراعات ومنها إلى مدينة جرمانية ثلاثة أيام وهي مدينة جليلة في وطاء من الأرض كثيرة الكروم والغراسات شاملة لكثير من الخيرات ومن جرمانية أيضا إلى مدينة إستوبوني يوم وإستوبوني بلد بينه وبين أترالسة يوم وأترالسة مدينة في وطاء من الأرض عامرة الأقطار كثيرة العمار متصلة العمارات والأشجار ومنها إلى مدينة أتروبي يوم وهو بلد فوق جبل يجري منه نهر إلى مورافا وبين البلد المذكور وبين نيسو يوم ونيسو بلد يجري
794

بالقرب منه نهر يسمى مورافا وهو نهر يخرج من جبال سربية وبين نيسو المذكور ومدينة ربنة يوم ومدينة ربنة بينها وبين أفرنيسفا يوم ونصف ومدينة أفرنيسفا مدينة
عامرة فوق جبل مطل على نهر دنو ومن أفرنيسفا إلى بلغردون على نهر دنو ثلاثة أيام
والطريق أيضا من مدينة لبلونة التي على ساحل بحر البنادقة إلى مدينة أرميرون التي على ساحل بحر القسطنطينة فذلك تخرج من مدينة لبلونة إلى مدينة أذرنوبلي في البر يومين وأذرنوبلي بلد بينه وبين مدينة ياننة إذا رغت عن الطريق يوم ومدينة ياننة فوق جبل وهي عامرة كثيرة المياه والأشجار ومنها إلى قستورية يومان لأن من أذرنوبلي إلى قستورية يوم ونصف وهي مدينة حسنة عامرة كثيرة الأموال والقرى والعمارات وموضعها على جبل تدور به بحيرة كبيرة يصاد فيها السمك بالقوارب ومنها إلى طاروفينقة ثلاثة أيام وهي مدينة في وطاء لها كروم كثيرة وبها مزارع وغلات وحبوب وفواكه ومنها إلى لارسة مائة وعشرون ميلا ولارسة مدينة كبيرة كثيرة شجر التين والكروم والحبوب ومنها إلى مدينة أرميرون يومان كبيران وأرميرون على البحر القسطنطيني وسنذكرها عند ذكر البلاد الساحلية بعون الله
والطريق من شنت جرجي الساحلية إلى البلاد البرية من مدينة شنت جرجي
795

إلى مدينة روسيو يومان وروسيو مدينة في ذيل جبل عال ويوازيها على الساحل مدينة قانوس وبينهما يوم ومن مدينة روسيو إلى مدينة كمسيلة شمالا اثنا عشر ميلا ويقابل مدينة كمسيلة على الساحل مدينة روذستو وبينهما اثنا عشر ميلا ويشق بالقرب من كمسيلة نهر يسمى مارسو وهو نهر كبير يعدى بالقوارب ومن روسيو أيضا إلى مدينة أبرس يوم وأبرس مدينة عامرة برية كثيرة العمارة والكروم ومنها إلى مدينة نيقلو يوم ومن نيقلو إلى سرولة يوم بعد تعدية نهر ومدينة سرولة في البرية في وطاء من الأرض أسفل جبل بينها وبين بانذس الساحلية بالمقابلة خمسون ميلا ومن مدينة سرولة إلى مدينة أركاذيوبلي يوم ونصف وهي أربعون ميلا ومن أركاذيوبلي إلى أذرنوبلي خمسون ميلا وبينهما يعبر نهر أخيلون وأذرنوبلي مدينة عامرة حسنة في برية كثيرة الزراعات ومن أذرنوبلي إلى مدينة ثميانس ستون ميلا وبينهما يعبر نهر أخيلون أيضا ومن ثميانس إلى مدينة فاروي يوم وفاروي مدينة في سفح جبل مطل عليها ومن مدينة فاروي شرقا إلى مدينة القسطنطينة مائة ميل وستون ميلا
ومن مدينة فاروي إلى ليغلغو غربا يوم وليغلغو مدينة كبيرة عامرة في أعلى جبل بينه وبين مدينة فاروي المذكورة إلى مدينة قسطنطينة في البرية بين غرب وجنوب أربعون ميلا وبين فاروي والجبل الذي يليها من جهة الشمال عشرون ميلا
796

ومدينة قسطنطينة مدينة كبيرة آهلة لها زراعات وكثير عمارات ومنها إلى مدينة فيلبوبلس أربعون ميلا وبينهما نهر يعبر ومن فيلبوبلس إلى مدينة أذرنوبلي المتقدم ذكرها شرقا خمسون ميلا وأذرنوبلي مدينة برية بينها وبين أركاذيوبلي خمسون ميلا وقد ذكرنا أذرنوبلي وأركاذيوبلي فيما سبق لنا
وكذلك بين أركاذيوبلي ة أربعون ميلا وقد ذكرنا سرولة أيضا ونهر أخيلون يجتاز على مقربة من هاتين المدينتين
ومن سرولة إلى زاغورية مائة ميل وستون ميلا وزاغورية مدينة في سفح جبل مطل عليها وبين هذه المدينة المسماة زاغورية ومدينة صلونيك الساحلية مائة ميل وأربعون ميلا وجبل زاغورية بها وبين زاغورية ولارسة السابق ذكرها مائتان وعشرون ميلا
ومن لارسة إلى تعدية جزيرة أغربس ثمانون ميلا ونهر ليقستومي المذكور يجري بقربها وبين لارسة وطاروفينقة مائة وعشرون ميلا وبين لارسة وبلد على البحر يسمى خارست ثلاثون ميلا
وكذلك طاروفينقة مدينة في البر بقرب نهر ليقستومي ومصبه بين البلد البحري المسمى خارست وبين أثينية التي على البحر بقرب مضيق جزيرة بلبونس ويمر بين لارسة وأثينية وبين مصب هذا النهر وبين مصب نهر فرداري المتقدم ذكره خمسون ميلا
797

وأما جبل المقدونية فهو الجبل الممتد منها من جهة الجنوب إلى الشمال وبينه وبين القسطنطينة مائة ميل وخمسة وعشرون ميلا وبينه وبين مدينة فاروي أربعون ميلا وبينه وبين الجبل الذي بقربها ثلاثون ميلا وهذا الجبل المذكور امتدت منه شعبة من جهة المغرب إلى جهة المشرق وتصلبت عليه شعبة أخرى متصلة به ممتدة من جهة الشمال كثيرا ومع الجنوب قليلا وبين هذا الجبل وبين فاروي عشرون ميلا وكل هذه الجبال تسمى جبال المقدونية ويشق بين هذين الجبلين نهر أخيلون وهو نهر كبير مشهور يأتي من جهة الشمال فيبقى بينه وبين القسطنطينة مائة ميل وعشرة أميال وبين هذا النهر أيضا ومدينة فيلبس اثنا عشر ميلا وهذه البلاد المذكورة تقع منه في جهة المغرب ثم يلتوى على أذرنوبلي مغربا بقرب سورها ويجتاز بقرب سرولة مجاورا لسورها ويمتد بقرب سور أركاذيوبلي فيمر مرا مستقيما حتى يفرغ بحذاء أخرسوبلي الساحلية ويسمى هناك وادي مرمارى
والطريق من مدينة دراس إلى القسطنطينة مساحلا فمن مدينة دراس إلى مدينة لبلونة مائة ميل وخمسة وعشرون ميلا ومدينة لبلونة على الساحل وعلى طرف الجون
ومن فم مضيق الجزيرة إلى بندسة ستة وأربعون ميلا وبندسة على البحر
798

مدينة متحضرة الأسواق عامرة وبينها وبين مدينة أثينية خمسون ميلا وأثينية مدينة عامرة آهلة ذات بساتين ومزارع وبينها وبين مدينة خارست على البحر ستون ميلا وخارست هذه مدينة كثيرة البشر متصلة المزارع والشجر ومنها إلى فم جزيرة أغربس إلى مدينة أرميرون ثمانية وأربعون ميلا
وجزيرة أغربس جزيرة كبيرة محيط دورها مائتا ميل وفيها مدينتان مدينة مما يلي خارست تسمى أغيس وبالشرق من هذه الجزيرة حيث الرأس المسمى أسكلفاو مدينة قاسي منت وهذه الجزيرة حسنة الهواء طيبة الثرى كثيرة الخصب والزراعات وبلادها عامرة كثيرة الفواكه والثمار
ومدينة أرميرون على رأس خليج في البحر وهي كبيرة القطر عامرة بالناس والتجار وبها يحل التجار من الروم بأمتعتهم
ومن مدينة أرميرون إلى مدينة دمترياذة ثلاثون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى أفلاطمونة مائة ميل وعشرة أميال وبين دمترياذة وأفلاطمونة يصب نهر ليقستومي وأفلاطمونة مدينة عامرة ذات ديار سرية ومساكن شاهقة بهية وخيرات كثيرة وبها إرساء وحط
ومنها إلى مدينة كترس مائة ميل وعشرون ميلا وكترس مدينة كبيرة عامرة ذات أسواق وحصانة وخصب
ومنها إلى مدينة صلونيك قطعا على التخلية عشرون ميلا لأن البحر يخرج
799

منه هنا خليج صغير وعلى طرفه مدينة صلونيك وهي مدينة حسنة جليلة كثيرة العمارة برا وبحرا
ومنها إلى رنذينة خمسة وعشرون ميلا وهي أيضا مدينة كبيرة ذات سور وأسواق معمورة ومنها إلى مدينة أخرسوبلي على البحر خمسة وعشرون ميلا وهي أيضا مدينة جليلة نبيلة الأسواق كثيرة التجارات موفورة العمارات وبقرب سور أخرسوبلي واد يسمى مرمارى ومن أخرسوبلي إلى أخرستوبلس خمسة وعشرون ميلا
ويقال أخرستوبلس جبل في سنده بلد يسمى فيلبس وهو من أخرستوبلس قريب وهو في ذاته بلد متحضر كثير الصنائع والمتاجر حسن المداخل والمخارج كثير الكروم والغراسات وهو في سفح جبل وبينه وبين البحر ثمانية أميال ويقرب منه نهر صغير وهو ما بين فيلبس وأخرستوبلس وفي فيلبس هذه ولد الإسكندر ويسمى هذا النهر مفروبطامي وبينه وبين أخرستوبلس اثنا عشر ميلا
ومن فيلبس إلى مدينة كلة خمسة وعشرون ميلا وكلة مدينة حسنة حصينة في نحر البحر ومنها إلى مدينة شنت جرجي خمسة وعشرون ميلا ومدينة شنت جرجي مدينة عظيمة حفيلة الأسواق واسعة الشوارع حسنة الديار كثيرة الناس والتجار وأهلها مياسير
ومنها إلى مدينة قليبلي مائة ميل وقليبلي بلد جميل وقطر حفيل ومنه إلى مدينة بانذس خمسة وستون ميلا وهي مدينة كثيرة الديار ذات أسواق
800

وشوارع فساح ومغان نبيلة ويقابلها في البرية مدينة روسيو وبينهما ثلاثون ميلا وقد ذكرناها قبل هذا
ومن مدينة بانذس إلى مدينة روذستو عشرون ميلا وروذستو مدينة حسنة الديار شاسعة الأقطار متصلة العمارات موضعها فرج وكرومها كثيرة ومن روذستو إلى أرقلية وتروى هرقلية وتروى أركليس خمسة وعشرون ميلا وهي مدينة كثيرة العمارة وافرة التجارة وبها الأسطول والأجناد
ومنها إلى مدينة سلمبرية خمسة وعشرون ميلا وهي مدينة حصينة وقاعدة مشهورة ومنها إلى مدينة ناثورة عشرون ميلا وهي مدينة كبيرة رحبة الأقطار حسنة الديار متصلة الكروم والزراعات والأشجار ومن مدينة ناثورة إلى مدينة ريو عشرون ميلا وهو بلد وافر العمارات كثير الأسواق والتجارات أحواله حسنة ومرافقه ممكنة ومنه إلى القسطنطينة خمسة وعشرون ميلا
ومدينة القسطنطينة مدينة مثلثة الشكل جانبان منها في البحر والجانب الثالث منها مما يلي البر وفيه باب الذهب والمدينة طولها تسعة أميال وعليها سور حصين ارتفاعه أحد وعشرون ذراعا ويحيط به فصيل دائر ارتفاع سمكه مما يلي البر عشرة أذرع وارتفاع سمك الفصيل مما يلي البحر أيضا عشرة أذرع فبينها وبين البحر فرجة نحو خمسين ذراعا بالذراع الرشاشي ولها من الأبواب نحو مائة باب وأكبرها باب الذهب وهو باب مصمت من الحديد المموه بالذهب وليس يدرى مثلها في الكبر قطرا إلا قطر رومة وبها القصر الشائع
801

ذكره شماخة بناء واتساع قطر وحسن ترتيب وفيه الإينوذرون الذي يتوصل منه إلى القصر وهو من عجائب الدنيا المفتعلة وذلك أنه ملعب وزقاق يمشى منه بين سطرين من صور مفرغة من النحاس البديع الصناعات منها على صور الأدميين وصور الخيل والسباع إلى سوى ذلك مما يقر له الصانعون بالعجز وهي أشكال أكبر من الأشكال المخلوقة وبالقصر ربما دار به ضروب عجائب من المصنوعات
ودون الخليج من جهة بلاد الأرمن أحد عشر عملا أحدها عمل الأفلاجونية وفيه خمسة حصون مما يلي بحر الشام
وعمل الأفطي ماطي وتفسيره الأذن والعين وفيه حصون ثلاثة ومدينة نقموذية وهي الآن خراب والبحر منها على ثمانية أميال
وعمل الأبسيق وفيه مدينة نيقية وعشرة حصون ونيقية مدينة كبيرة ولها بحيرة عذبة طولها اثنا عشر ميلا
وعمل الأفسين وفيه أربعة حصون ومدينة أفسين في رستاق الأواسي ويقال إن أفسين هي مدينة أصحاب الكهف وأما أصحاب الكهف فهم في كهف برستاق بين عمورية ونيقية وهذا الكهف هو في جبل علوه أقل من ألف ذراع وله سرب من وجه الأرض كالمدارج ينفذ إلى الموضع الذي فيه أصحاب الكهف وفي أعلى الجبل كهف شبيه بالبئر ينزل فيها إلى باب السرب ويمشى فيه مقدار ثلاثة مائة خطوة ثم يفضى منه إلى ضوء وهناك رواق على أساطين منقورة وفيه عدة أبيات منها بيت مرتفع العتبة مقدار قامة عليه باب
802

حجارة منقور وفيه الموتى وهم أصحاب الرقيم وعددهم سبعة وهم نيام على جنوبهم وعددهم سبعة فانية جسومهم وهي مطلية بالصبر والمر والكافور وعند أرجلهم كلب راقد في استدراة رأسه عند ذنبه ولم يبق منه إلا القحف وأكثر أعظمه باقية حتى لا يخفى منه شيء
ووهم أهل الأندلس في أصحاب الرقيم حين زعموا أن أصحاب الكهف هم الشهداء الذين هم في مدينة لوشة قال المؤلف رأيت القوم في هذا الكهف عام عشرة وخمس مائة فنزلنا إليهم على فم بئر عميقة نحوا من قامة وزائد ثم مشينا فيه في سرب فيه ظلمة خطوات قلائل ثم اتسع الغار فألفينا هناك الموتى وهم رقود على جنوبهم وعددهم سبعة وعند أرجلهم كلب ملتو وقد ذهب لحمه وجلده وبقيت عظامه في فقاراته كما هي في الحياة ولا يعلم أحد في أي زمن دخلوا هذا الكهف أو أدخلوا إليه وأول رجل يلفى منهم له خلق عظيم وله رأس كبير وأهل الأندلس يقولون إن هؤلاء القوم الذين في هذا الكهف موتى هم أصحاب الكهف والصحيح إن أصحاب الكهف هم الذين قدمنا ذكرهم
ومن جملة الأعمال التي قدمنا ذكرها آنفا عمل الناطلوس وفيه عدة حصون منها العلمين ومرج الشحم وبرغوث والمسكنين وفيه مدينة عمورية وهي مدينة حسنة وعدد
بروجها أربعون برجا
وعمل خرسيون وهو مما يلي درب ملطية وفيه من المدن خرشنة وأربعون حصنا
803

ومنها عمل البقلار وفيه مدينة أنقرة وصمله وقصارية وستة عشر حصنا
وعمل الأرمنياق وفيه من المدن قونية وخرلاصة وستة عشر حصنا
وعمل خلدية وحده أرمينية وفيه ستة حصون
وعمل سلوقية من ناحية بحر الشام ويتولاها عامل الدروب وفيه من المدن سلفكية وهي سلوقية وعشرة حصون
وعمل القباذق وحده جبال طرسوس وأذنة والمصيصة وفيه من الحصون قرة وأنطيغو والأجوف وذو الكلاع وأربعة عشر حصنا صغارا وسنذكر هذه البلاد في موضعها إذا وصلنا إليها بحول الله
وخلف الخليج الذي يصل القسطنطينة من بحر الشام وعرض المجاز عند القسطنطينة أربعة أميال وهذا الخليج له فوهتان إحداهما تتصل بحر الشام في جهة الجنوب عند مدينة أبذس وسعته هناك تكون غلوة سهم وعليه هناك برجان وحراس وطول هذا القسم من الخليج مائتان وخمسون ميلا والفوهة الثانية من هذا الخليج الذي هو من القسطنطينة تتصل ببحر بنطس وطوله ستون ميلا فذلك طول الخليج من بحر بنطس إلى مصبه في بحر الشام ثلاث مائة ميل وعشرون ميلا وعند خروجه من بحر بنطس عليه مدينة مسناة وعرض فوهته هناك ستة أميال
فأما مدينة أبذس فهي على فم المضيق من البحر الشامي وأسفلها مما يلي المشرق على البحر مدينة أزة وتروى أزلة وبينهما ثلاثة أيام وهي مدينة صغيرة متحضرة فيها صناع وفعلة ومنها إلى مدينة دمالة أربعة أيام ومنها إلى
804

مدينة العبرا مائة ميل والعبرا بمقربة من مدينة نيقية وبينهما ثلاثة أميال والعبرا بشرقيها وهي حصن عامر كبير حصين ومن العبرا إلى مجاز الخليج أربعة وعشرون ميلا ومن مدينة نيقية يحمل البقل إلى مدينة القسطنطينة وبينهما ثلاثون ميلا وبين نيقية والبحر ثلاثة أميال
ومدينة نيقية مدينة أزلية قديمة لا يعرف بانيها وهي على بحيرة عذبة الماء طويلة عريضة يكون طولها اثني عشر ميلا في عرض سبعة أميال وفي البحيرة ثلاثة أجبل ومن المدينة إلى البحيرة باب صغير فإذا دهمهم خوف أو فاجأهم أمر أخرجوا الذراري من الحصن إلى الروارق ثم ساروا في الزوارق إلى تلك الجبال معتصمين بها وهي مدينة جليلة كبيرة
ومن مدينة نيقية إلى مدينة نقموذية أربعة أيام وهي مدينة قديمة أزلية مشهورة وكانت في القدم دار مملكة الروم قبل أن تبنى مدينة القسطنطينة فلما بنيت مدينة القسطنطينة انتقل الملك إليها عن نقموذية وبين نقموذية والقسطنطينة مائة وستون ميلا
ومن نيقية إلى مدينة ذملية أربعة مراحل وذملية مدينة صغيرة متحضرة قائمة بجميع منافعها ومرافقها ومنها إلى مدينة أزلة وهي مدينة صغيرة على ضفة البحر أربعة أيام ومن أزلة إلى مدينة أبذس ثلاثة أيام
ومدينة أبذس على ساحل البحر وحيث يضيق الخليج إلى أن تكون سعته غلوة سهم وهي في الساحل الشرقي من الخليج
805

ومن مدينة أبذس شرقا إلى حصن أترميتو ثلاثة أيام وبقربها واد يسمى فومار وهو حصن حصين ومعقل أمين
ومن مدينة أبذس على الساحل إلى مدينة بفخيا مرحلتان خفيفتان وهي مدينة في سفح جبل بينها وبينه وبين فم أبذس أربعون ميلا ويشق بين سطالية وباطرة نهر كبير يسمى فنيقة يأتي من جبل في ناحية بفخيا المذكورة من ثلاثة عناصر
ومن مدينة بفخيا إلى مدينة أفسين وهي مدينة أصحاب الكهف ثلاثة أيام شرقا وهي مدينة أكثرها خلاء في سفح جبل ومنها إلى حصن أمطلين يوما جنوبا وحصن أمطلين ويروى ماطلي حصن عالي الذروة حصين الغلوة أهله أنجاد
ومن حصن أمطلين إلى حصن جونديو غربا مما يلي البحر أربعون ميلا ومنه إلى جبل زرمي الكبير المتصل بالبحر الشامي مرحلة وفي هذا الجبل معادن حديد وفيه صيد كثير ووعول وفيه من أنواع الحشائش العطرية شيء كثير
ومن أمطلين إلى حصن سوزنت أربع مراحل وقد قدمنا ذكره فيما سبق قبل هذا في الإقليم الرابع
ومن مدينة نيقية المذكورة في هذا الجزء إلى مدينة قيذرس وتروى كيذرس مفازة سبعة أيام ومن مدينة كيذرس إلى مدينة عمورية يوم خفيف ومدينة
806

كيذرس مدينة صغيرة متحضرة حصينة في سفح جبل مطل عليها
وفي بحيرة نيقية حوت صغير طوله فتر لونه مائل إلى الخضرة دقيق الشوك إذا طبخ بالفوذنج وأكله صاحب الحمى برئ منها من ساعته وبتلك البحيرة سرطانات صغار إذا طبخت مع النخالة واعتصرت وشربت عصارتها نفعت من السعال المزمن من مرة واحدة ويوجد بها وعلى ضفتها أحجار خاوية خفاف صغار إذا علق الحجر منها على فخذ المرأة التي تريد الولادة أسرعت ولادتها بلا تأخير وقد جرب ذلك فصح وهذا الحجر يعرف بنيقية وبالحجر النيقي وقد ذكرته الحكماء في كتبها وشرحت خواصه
كمل الجزء الرابع من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الخامس منه إن شاء الله
807

الجزء الخامس
إن الذي تضمنه هذا الجزء الخامس من الإقليم الخامس فيه بلاد ناطلوس وتفسيره المشرق وفيه مدينة عمورية وحصن العلمين ومرج الشحم وحصن برغوث والمسكنين وفيه بلاد البقلار وفيه مدينة أنقرة وصلمه وتخاط وخرلاصة وعمل الأرمنياق وفيه قونية ولاذقية وذرقيو وفلومي وبلوطن وجملة حصون وعمل القباذق وحده طرسوس إلى اللين وفيه بلاد كثيرة وقد ذكرنا أكثرها في الإقليم الرابع وعمل الأبسيق وفيه مدينة نيقية وبلاد كثيرة وجمل حصون مثل اليهودي وغروبلي والأغراذ ومدينة لباذية ونريد أن نتكلم الآن في صفاتها وأصقاعها ومواضعها ونحد ما بين البلد والبلد من الأميال والمراحل كما جرت به عادتنا فيما سلف وتقدم لنا شرحه في الأجزاء الأول من الكتاب
فنقول إن من مدينة نيقية إلى عمورية ثمانية أيام تخرج من نيقية إلى نهر مسترة مرحلة ثم إلى أبروسية وهي قرية عامرة مرحلة إلى مدينة لباذية مرحلة وهي مدينة عظيمة مختلفة العمارة كثيرة الأسواق وهي على نهر كبير
808

والمراكب الكبار تصعد فيه من الخليج وتصل إلى لباذية ولها كروم كثيرة وبساتين وعمارات متصلة ومن مدينة لباذية إلى قرية مسيسة مرحلة إلى قستورة مرحلة إلى نهر مادرى مرحلة إلى كيذرس مرحلة ومدينة كيذرس مدينة صغيرة متحضرة ذات أسواق وعمائر ومنها إلى مدينة عمورية مرحلة
وطريق آخر من مدينة عمورية إلى الخليج تخرج من عمورية إلى قرية الحوات خمسة عشر ميلا إلى ضفة نهر عمورية الغربية ميلان ثم إلى الفخ اثنا عشر ميلا ثم إلى قلامي الغابة خمسة عشر ميلا إلى حصن اليهود اثنا عشر ميلا إلى سندابيري ثمانية عشر ميلا إلى مرج حمر الملك بدرولية ثلاثون ميلا ثم إلى حصن غروبلي خمسة أميال ثم إلى كنائس الملك ثلاثة أميال ثم إلى الملون خمسة وعشرون ميلا ثم إلى الأغراذ خمسة عشر ميلا ثم إلى ملاجنة خمسة عشر ميلا إلى إصطبل الملك خمسة أميال إلى حصن العبرا ثلاثون ميلا ثم إلى الخليج أربعة وعشرون ميلا
ومدينة عمورية مدينة كبيرة مشهورة في بلاد الروم وبلاد المسلمين لأنها أزلية القدم مشهورة في البلاد غير أن الفتوحات تتوالى عليها من جيوش المسلمين والروم ولها سور حصين وهي على نهر كبير ونهرها يمر جنوبا إلى أن يصب في نهر الفرات ويسمى نهر قباقب ومدينة عمورية رصيف إلى سائر البلاد المجاورة لها والمتباعدة عنها ومن ذلك صفة الطريق إلى مدينة طرسوس الساحلية من عمورية إلى وادي الحور اثنا عشر ميلا ثم إلى أندوسيانة اثنا عشر ميلا وهو حصن حصين ومنه إلى الملجيس عشرون ميلا
809

ومنه إلى ربض قونية خمسة عشر ميلا ومنه إلى نهر الأحسا ثمانية عشر ميلا ثم إلى عيون برغوث ستة عشر ميلا ومن عيون برغوث إلى حصن المسكنين اثنا عشر ميلا ثم إلى رأس الغابة ستة عشر ميلا ثم إلى مدينة اللين خمسة عشر ميلا ومن مدينة اللين إلى البهسني ثلاثة أيام ومنه إلى وادي الطرفاء عشرون ميلا ومن وادي الطرفاء إلى المعسكر اثنا عشر ميلا ومن المعسكر إلى الدرب عشرة أميال وهو الدرب الذي ذكره امرؤ القيس في شعره وهو جبل حاجز بين بلاد أنطالية وبلاد خرسيون منتصبا من المغرب إلى المشرق وفيه أبواب عليها حصون وحراس ترتقب الداخل والخارج ومن الدرب إلى البذنذون وهو حصن اثنا عشر ميلا ومنه إلى حردقوب وهو حصن اثنا عشر ميلا ومنه إلى الجوزات سبعة أميال ومنه إلى الزهرة اثنا عشر ميلا ومنها إلى العليق اثنا عشر ميلا ومن العليق إلى طرسوس اثنا عشر ميلا
وصفة طريق آخر من طرسوس إلى أبذوس على فم خليج القسطنطينة من طرسوس إلى العليق اثنا عشر ميلا إلى الزهرة اثنا عشر ميلا ثم إلى الجوزات وهو حصن اثنا عشر ميلا ثم إلى الحردقوب سبعة أميال ثم إلى البذنذون اثنا عشر ميلا ثم إلى الكروم يسرة اثنا عشر ميلا ثم إلى البرية تسعة عشر ميلا ثم إلى الكنائس عشرون ميلا إلى طولب عشرون ميلا إلى رندة خمسة عشر ميلا إلى بلقسة خمسة عشر ميلا إلى مرج الأسقف تسعة أميال ثم إلى فلوغري وهو حصن اثنا عشر ميلا إلى قرية الأصنام عشرون ميلا ثم إلى وادي الريح سبعة عشر ميلا
810

ثم إلى بلوطن خمسة عشر ميلا ثم إلى الصنيمة أربع وعشرون ميلا ثم إلى عاموا تسعة عشر ميلا ثم إلى موذونوس عشرون ميلا ثم إلى مخاضة ثمانية عشر ميلا إلى قرية الجوز ستة عشر ميلا إلى الغطاسين اثنان وعشرون ميلا إلى قرية البطريق عشرون ميلا ثم إلى مرج ناقولية خمسة عشر ميلا ثم إلى دنوش عشرون ميلا ثم إلى حصن بلومين تسعة أميال ثم إلى حصن قوطية اثنا عشر ميلا ثم إلى الرنذاق ميلان ثم إلى أبذوس على فم المضيق ثلاثة عشر ميلا
والطريق من كمخ إلى عمورية ثم إلى القسطنطينة مائة وستة وثمانون بريدا والبريد ثلاثة أميال وكذلك من كمخ إلى أنقرة وهي مدينة خراب إلى حصن أمطلين إلى أبذوس مائة وثمانية وعشرون بريدا
ومن أراد المسير من كمخ إلى الخليج خرج من كمخ إلى باذلو مرحلة ثم إلى مدينة صادخة يومان ومن صادخة إلى نشمو وهو نهر عليه جسر مرحلة ومنه إلى مدينة خرشنة مرحلة ومنها إلى قشترطة وهي مدينة صغيرة متحضرة ثلاث مراحل والطريق في مروج وخصب عام ومنها إلى قرطيسة ثلاثة أيام ثم إلى نهر اللين مرحلتان ثم إلى بحيرة بوسرندة مرحلتان ثم إلى بلوطن نصف نهار ثم إلى عمورية نصف نهار ومن عمورية إلى الخليج مائة وخمسة وتسعون ميلا
والطريق من عمورية إلى أنطالية التي على ساحل البحر الشامي من عمورية
811

إلى بلوطن نصف نهار ومن بلوطن إلى بحيرة بوسرندة نصف نهار وهي بحيرة كبيرة فيها سمك كثير مختلفة الصفات ومن البحيرة إلى مدينة فلومي يوم وهي مدينة صغيرة متحضرة ومن فلومي إلى مدينة لاذقية يومان ومن مدينة اللاذقية إلى مدينة قونية يوم وقونية مدينة حسنة وبها مفترق الطرق فمن شاء أنطالية البحرية خرج في جهة الجنوب إلى أمروني مرحلة ثم إلى نهر قوشة مرحلة إلى خذوشطة مرحلة إلى فج عمروس ثلاث مراحل إلى كوثرة مرحلة إلى أنطالية مرحلة
والطريق من قونية إلى ملدني ثلاث مراحل وأيضا من قونية إلى مدينة خرلاصة شرقا أربعة أيام ومن خرلاصة إلى مدينة صمله يومان ومن صمله إلى قصارية ثلاثة أيام شرقا ومن قصارية إلى مدينة صيندو ثلاثة أيام ومن مدينة صيندو إلى مدينة أبلسطة ثلاثة أيام ومنها إلى مدينة ملدني ثلاثة أيام ومدينة ملدني مدينة متوسطة على نهر يجري إلى جهة الشمال ويصب في بحر بنطس وهي رصيف يجتمع بها القوافل وتفترق طرقها
فالطريق من ملدني إلى مدينة كمخ من ملدني إلى مدينة تخاط أربعة أيام ومن تخاط إلى مدينة أماسية يومان ومن أماسية إلى مدينة كمخ ستة أيام وبين كمخ وأرتكان وهي على شاطئ الفرات نصف يوم وكمخ كما وصفنا
812

مدينة حصينة حسنة المطلع نافقة المتاجر والصنع
والطريق من قونية إلى أنطاكية فمن شاء ذلك سار من مدينة قونية إلى أنقرة وتروى أنكرى خمس مراحل وهي مدينة حسنة زهية عجيبة بهية كثيرة الفرح وسيعة النهج ومنها إلى مدينة لارندة أربعة أيام ومن لارندة إلى مدينة سنطي خمسة أيام ومن مدينة سنطي إلى مدينة منقري ستة أيام إلى مدينة خندكة خمسة أيام إلى حصن منصور ثلاثة أيام ومنه إلى مدينة أنطاكية سبعة أيام
ومن أخذ من قونية شرقا سار من قونية إلى أنقرى خمسة أيام وهي مدينة حسنة وكانت في زمن الفتنة خاوية ومن أنقرى إلى مدينة أماسية يوم ومن أماسية إلى مدينة غنغرة خمسة أيام ومنها إلى مدينة قسطامني يوم ومن مدينة قسطامني إلى مدينة قونية خمس مراحل ومن قونية أيضا إلى مدينة عمورية خمسة أيام
والطريق من نيقية إلى أنطالية المحدثة من نيقية إلى مدينة أبروسية يومان وأبروسية قرية جليلة متحضرة ذات أسواق وعمارة ومنها إلى مدينة لباذية يوم ولباذية مدينة كبيرة حصينة وهي على نهر كبير تصعد المراكب فيه وتنزل ومنه إلى مدينة بارية أربعة أيام إلى نهر جلمطسة يومان إلى حصن الزهرق وهو خراب في أسفل جبل على شعبة منه ثم إلى أنطالية خمسة أيام
والطريق من مدينة ملدني إلى مدينة تفليس من أرمينية من مدينة ملدني إلى مدينة خرطبرت وهي مدينة صغيرة متحضرة يومان ومنها إلى حصن
813

جمشقا يومان إلى مازقيط يومان إلى مدينة بالوا وهي مدينة صغيرة يومان ومن بالوا إلى حصن جنجكو ثلاثة أيام ثم إلى حصن أموش وهو على الجبل الكبير ثلاثة أيام ومن حصن أموش إلى تفليس ثلاثة أيام وتفليس مدينة كبيرة جليلة في ديار أرمينية
وطريق آخر من مدينة ملدني إلى أنطاكية من ملدني إلى بهسني أربعة أيام إلى حصن كيسوم يومان ومن حصن كيسوم إلى حصن منصور أربعة أيام ومن حصن منصور إلى حصن الحدث يوم بل هي مدينة في جميع حالاتها ومنها إلى الهارونية مرحلة ومن الهارونية إلى الكنيسة السوداء يوم خفيف ثم إلى طرسوس مرحلة ثم إلى أذنة مرحلة إلى اللمصيصة مرحلة إلى أنطاكية يومان
والطريق أيضا من ملدني إلى المصيصة من ملدني إلى حصن مراش ثلاثة أيام إلى أماسية يومان إلى مدينة كمخ خمسة أيام ومن مدينة كمخ إلى مدينة خزومي إلى تل حمدون خمسة أيام إلى مدينة ناضية خمسة أيام إلى المصيصة ثلاثة أيام
والطريق من خرلاصة إلى أنطاكية من خرلاصة إلى حصن إيرنة ثلاثة أيام إلى جبل نموش يومان إلى حصن نيطنو يومان إلى الكنيسة السوداء يومان إلى طرسوس يوم إلى مدينة أذنة مرحلة إلى المصيصة مرحلة
والطريق من ملدني إلى ميافارقين وميافارقين مدينة من مدن أرمينية الصغرى فمن ملدني إلى حصن ياني في جبل نموش مرحلتان ومنه إلى حصن شهيد مرحلة ومن حصن شهيد إلى حصن الرمانة وهي قرية كبيرة وعليها حصن حصين ثلاثون
814

ميلا ومن حصن الرمانة إلى وادي البقر وبه ضيعة عامرة ثمانية عشر ميلا ومن وادي البقر إلى مدينة عرقا ثمانية عشر ميلا وعرقا مدينة صغيرة محضرة كثيرة الخير والخصب ومن مدينة عرقا إلى نهر قباقب وهو النهر الجائي من جبال بضحام وهو مادة الفرات ومن النهر إلى قرية الحمام اثنا عشر ميلا ويوازي هذه القرية في جهة الجنوب حصن ملطية وبينهما اثنا عشر ميلا ومن هذه القرية إلى تل بطريق اثنا عشر ميلا ومنها إلى تل أرسناس اثنا عشر ميلا وأرسناس على نهر كبير يمد الفرات ويأتي من الجبال ويصب أسفل شمشاط ومن تل أرسناس إلى حصن زياد الكبير تسعة أميال ومن حصن زياد إلى مدينة هيات اثنا عشر ميلا ومن مدينة هيات إلى ضيعة القس خمسة عشر ميلا ومن ضيعة القس إلى مدينة الأرديس اثنا عشر ميلا وهي مدينة حسنة متوسطة القدر كثيرة البساتين والأشجار ومنها إلى حصن ذي القرنين وهو حصن منيع ثمانية عشر ميلا ومنه إلى حصن الهتاج ثمانية عشر ميلا وهو حصن حسن ومنه إلى ميافارقين ثمانية عشر ميلا ومدينة ميافارقين مدينة حسنة حصينة وسنذكرها إذا وصلنا إلى موضع ذكرها بحول الله وقوته
والطريق من آمد إلى مدينة قامرون التي على نهر صبابة شمالا من آمد إلى حصن ندارم مرحلة ومنه إلى نهر شيط مرحلة ثم إلى أرجونة مرحلة وهو حصن خراب ومنه إلى مدينة الأرديس السابق ذكرها ثم إلى غيغني وهي قرية عامرة كبيرة مرحلة ومن غيغني إلى شيتة مرحلة إلى قرية دامية مرحلة إلى
815

مدينة أموش السابق ذكرها مرحلة ومنها إلى بيطة مرحلة إلى قلشانة مرحلة إلى غتانت وهي قرية حسنة مرحلة ثم إلى حصن مطغوري مرحلة ومنه إلى حصن شيذى مرحلة ثم إلى غشتة مرحلة إلى قماية مرحلة إلى تبانستو مرحلة إلى مدينة قامرون مرحلة وقامرون مدينة على نهر كبير يسمى صبابة وهذا النهر تصعد فيه المراكب الحربية وغيرها من أنواع المراكب وهو نهر كثير الماء معتدل الجرية عريض السعة وفيه كثير من أنواع السمك ويصب في بحر بنطس بين مدينة أطرابزندة ومدينة أشكيسية وجميع هذه البلاد التي ذكرناها الآن تتقارب مقاديرها وتتشابه عماراتها وبنيانها وليست كبلاد المسلمين في حسن الاتقان وجودة الترتيب
والطريق من مدينة لباذية إلى مدينة قامرون في جهة الشرق من مدينة لباذية شرقا إلى حصن اليهود ثلاث مراحل ومن حصن اليهود إلى نيطة مرحلة إلى كردجة وهي قرية مرحلة إلى قرية جون مرحلة إلى مدينة نجة مرحلة وهي مدينة حصينة منيعة ومنها إلى قرية ذروتة مرحلة إلى قرية بينش مرحلة إلى خشطش مرحلة إلى قرية قبنلبش مرحلة إلى مدينة ذونية وهي مدينة حسنة خصيبة عامرة على نهر روى الكبير وبين مدينة ذونية ومبدأ هذا النهر مرحلة ويخرج من جبل في غربيها من عينين فيلتمان ويصيران جسدا واحدا فمن أراد النزول إلى قامرون في النهر سار من مدينة ذونية في المركب إلى مدينة ناموني يوما ونصفا ومن ناموني إلى مدينة قامرون يومان ونصف ومن أراد
816

المسير في البر سار من ذونية إلى قامرون بين جبال وشعار وأوهدة صعبة اثني عشر يوما والعمارات بها قليلة
والطريق من ناموني بين شرق وجنوب إلى تفليس تسير من مدينة ناموني إلى مدينة بندابو ثلاث مراحل جنوبا في كلأ وعشب ومياه وأرض وطيئة وبها وحوش كثيرة وصيد كثير ومدينة بندابو على نهر صبابة وفي شماله فيعبر النهر إلى حصن ماقري مرحلتان وحصن ماقري فوق جبل عال لا يمكن الصعود إليه إلا من جهة واحدة وطريقه صعب والماء ينبع من وسطه فيكون منه واد يجري عليه أرحاء ومن حصن ماقري إلى حصن مطغوري مرحلتان والطريق بين دهاس ونقوع مياه صعبة وجبال حرش ومن حصن مطغوري إلى مدينة تفليس ثلاث مراحل وسنذكر صفة تفليس في موضع يجيء فيه ذكرها بحول الله تعالى
والطريق من عمورية إلى تفليس شرقا على مرج فلن تخرج من عمورية إلى مدينة قباقب على النهر مرحلتين ومن قباقب إلى ششوي خمس مراحل والطريق في عشب وكلأ وخصب ومرابع حسنة وصيود ممكنة ومياه ناشعة وأرض لا جبل بها ومدينة ششوي مدينة عامرة حسنة ومنها إلى مدينة أفرانتة ثلاث مراحل والماء يتزود به في هذه المراحل الثلاث من مرحلة إلى مرحلة ومن مدينة أفرانتة إلى مدينة بذلان ثلاث مراحل وبذلان حسنة الرفعة حصينة المنعة موضعها في أنف خارج من الجبل والصعود إليها صعب ومنها إلى تفليس طريقان فمن أخذ ذات اليمين سار مشرقا إلى حصن فهد أربع مراحل في
817

طريق وعر وصخور وصعود وهبوط ومن حصن فهد إلى حصن أموش أربع مراحل ومن حصن أموش إلى مدينة تفليس ثلاث مراحل ومن أخذ من بذلان ذات اليسار سار إلى مدينة فلوجة مرحلتين وفلوجة مدينة صغيرة كالبادية ومن فلوجة إلى مدينة بندابو المتقدم ذكرها أربع مراحل محققا ومن شاء سار من مدينة فلوجة إلى حصن ماقري ست مراحل ومن حصن ماقري إلى حصن مطغوري مرحلتان ثم إلى تفليس ثلاث مراحل
والطريق من مدينة ذونية المتقدم ذكرها إلى مدينة ملدني في جهة الجنوب تخرج من مدينة ذونية إلى جبل أقورنت جنوبا مرحلتين فتصعده وتصير إلى مدينة ششوي جنوبا مرحلتين كبيرتين وششوي في شرق مرج فلن ومن مدينة ششوي إلى مدينة قسطامني جنوبا أربع مراحل وقد سبق ذكر قسطامني ومن قسطامني جنوبا إلى خرطبرت يومان وهي مدينة صغيرة حسنة ومن خرطبرت إلى ملدني يومان جنوبا ومن شاء سار من مدينة ششوي ذات اليمين إلى مدينة صيندو أربع مراحل وهي مدينة صغيرة على جنوب مرج فلن ثم يعر نهر قباقب إلى مدينة أبلاسطة ثلاث أيام جنوبا ومن مدينة أبلاسطة إلى مدينة ملدني جنوبا ثلاث مراحل وفي شمال مرج فلن فيما يحكيه الأرمينيون بركة ماء كبيرة يظهر ماؤها عاما ويكون فيها من السمك الشيء الكثير وترف عليها الطيور في جميع جوانبها ثم تجف فتقيم جافة سبعة أعوام لا يكون للماء فيها
818

أثر فإذا كان العام الثامن عادت بإذن الله تعالى فتمتلئ بالماء ويكثر سمكها فيعم أكثر تلك الجهات وموضع هذه البركة متوسط بين مدينة نجة ومدينة ششوي وعلى شمالها وعلى مرحلة ونصف مرحلة منها جبل غرغوي وفي هذا الجبل المسمى بغرغوي كهف منه على عشرين باعا فيه بئر بعيدة القعر إذا رمي فيها بحجر سمع أسفل البئر دوي كدوي الرعد القاصف ثم يسكن فإن رمي فيها أحجار سمع لكل حجر منها صيحة ودوي كما قدمنا وصفه وفي هذا الجبل معدن حديد مسموم إن صنعت منه سكين أو شيء من الأسلحة وجرح به حيوان هلك وحيا وعلى شمال مدينة نجة وعلى مرحلتين منها مدينة ابرثوري وهي صغيرة جدا لكنها خصيبة ولها سوق يوم مشهود وقد أكملنا القول في هذا الجزء حسب الطاقة والله المحمود على معونته ومنه نستمد التسديد والتوفيق إنه ولي الطول وله القوة والحول
نجز الجزء الخامس من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الجزء السادس منه إن شاء الله
819

الجزء السادس
إن الذي تضمنه هذا الجزء السادس من الإقليم الخامس أكثر مدن أرمينية وبعض بلاد آذربيجان وجملة بلاد أران وجبل القبق والذي فيه من بلاد أرمينية ميافارقين وباجنيس ومنازجرد وبدليس وخلاط وأرجيش ووسطان والزوزان ونشوى وقالي قلا ودبيل وسراج وبركري وخوي وسلماس وأرمية وفيه من بلاد أران برذعة والبيلقان وبرديج والشماخية وشروان واللايجان والشابران وقبلة وشكي وجنزة وشمكور وتفليس وأهر وورزقان وفيه من بلاد آذربيجان كورسره وأردبيل والبذ وبرزند وورثان وموقان وكل هذه البلاد قواعد مشهورة وبلاد مذكورة ويجب علينا أن نتكلم عليها حسب ما سبق لنا من الكلام في أوصاف غيرها من الكور والبلاد
ونبدأ من ذلك بذكر مدينة برذعة لأنها أم بلاد أران وعين ما جاورها
820

من الأمصار وهي مدينة كبيرة جدا تكون نحو ثلاثة أميال طولا في دونها عرضا وهي من أنزه البلاد بقعة وأوفرها نعمة وبها خصب زائد ولها كروم وبساتين وأشجار وثمار عامة ومنها على ثلاثة أميال موضع يسمى الأندراب وهو مسير يوم في مثله وجميعه بساتين مشتبكة وعمارات متصلة وفواكه دائمة وجبايات كثيرة ومتاجر عظيمة وبها من البندق والشاه بلوط ما يربي على ما بالشام من ذلك كثرة وكبرا وطيب مطعم وبها الروقال وهو نوع من الغبيراء ليس يوجد في أقطار الأرض مثله ولا رؤي مثل صفته وهو إذا أدرك حلو وقبل أن يدرك فيه مزازة ومدينة برذعة من نهر الكر على نحو تسعة أميال ولمدينة برذعة باب يعرف بباب الأكراد على ظاهره سوق تسمى سوق الكركي مقدارها ثلاثة أميال وهي سوق عظيمة يجتمع إليها الناس في كل يوم أحد ويقصدون إليها من كل جهة ويبادرون إليها من كل ناحية ويباع بها من الأمتعة
وصنوف المصنوعات الشيء الكثير
والطريق من مدينة برذعة إلى باب الأبواب بين شمال وشرق من مدينة برذعة إلى مدينة برديج أربعة وخمسون ميلا ومن برديج إلى مدينة الشماخية اثنان وأربعون ميلا ومن الشماخية إلى مدينة شروان ثلاثة أيام ومن شروان إلى مدينة اللايجان يومان ومن اللايجان إلى مدينة جسر سمور ستة وثلاثون ميلا ومن جسر سمور إلى الباب ستون ميلا الجملة ثلاث مائة ميل
ومدينة باب الأبواب مدينة عظيمة على بحر الخزر وفي وسطها مرسى
821

للسفن وعلى فم هذا المرسى الخارج إليها بنا آن كالسدين من جانبيه وهناك سلسلة تمنع الداخل والخارج إلا بأمر صاحب البحر وهذان السدان من الصخر المحكم أفرغ بينه الرصاص وهي مدينة كبيرة بساتينها يسيرة وفواكهها قليلة وأكثر ذلك يجلب إليها من غيرها وعليها سور حجارة وآجر وطين وهو في نهاية من المنعة وهي فرضة بحر الخزر والسرير وسائر بلاد طبرستان وجرجان وتصنع بها ثياب الكتان كثيرا وأهلها يلبسونها دون أهل بلاد أران وبلاد أرمينية وآذربيجان
وأما مدينة برديج والشماخية وشروان واللايجان وجسر سمور فكلها بلاد تتقارب في أقطارها وتتشابه في عمارها ولأهلها أسواق عامرة وصناعات متكاثرة وأشجارهم ناضرة كثيرة وفواكههم عامة رخيصة جدا وساكنها رائح ومسافرها رابح
والطريق من برذعة إلى أردبيل بين جنوب وشرق من مدينة برذعة إلى مويان أحد وعشرون ميلا وهي مدينة طيبة ذات مياه جارية وأشجار ملتفة وبساتين وفواكه وبناآت ومنازه ولهم أنهار مجاورة عليها طواحينهم وكذلك منها إلى مدينة ورثان أحد وعشرون ميلا وهي مدينة أكبر من البيلقان وأفسح قطرا وأكثر عمارة وبشرا وأسواقا ومتاجر ولها سور وربض ومن ورثان إلى البيلقان ستة وثلاثون ميلا ومنها إلى مدينة بلخاب أحد وعشرون ميلا وهي قرية آهلة وبها رباطات وفنادق والسابلة تنزلها ومن بلخاب إلى مدينة برزند
822

أحد وعشرون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ذات بساتين وأرحية وعمارات ومن مدينة برزند إلى أردبيل خمسة وأربعون ميلا الجملة مائة وخمسة وستون ميلا والطريق في قرى عامرة وأشجار وبساتين ذات اليمين وذات الشمال وأردبيل قاعدة مدن آذربيجان
والطريق من برذعة إلى تفليس تخرج من برذعة إلى جنزة وهي مدينة حسنة لها سور وربض عامر وكروم وشجر ومزارع وغلات سبعة وعشرون ميلا ومن جنزة إلى مدينة شمكور ثلاثون ميلا وهي مدينة تشبه جنزة في جميع أحوالها وكرماتها وبساتينها وثمارها ومن شمكور إلى مدينة خنان ثلاثة وستون ميلا وهي ذات أسواق وسور حصين وربض معمور ومن مدينة خنان إلى مدينة القلعة ثلاثون ميلا وهذه القلعة تنسب إلى ابن كندمان وهي صغيرة متحصنة ومن القلعة إلى مدينة تفليس ستة وثلاثون ميلا الجميع مائة ميل وستة وثمانون ميلا
والطريق من مدينة برذعة إلى دبيل من برذعة إلى مدينة قلقاطوس سبعة وعشرون ميلا وهي مدينة صغيرة عامرة ذات سور وسوق عامرة ومنها إلى مدينة متزيس تسعة وثلاثون ميلا وهي مدينة متحضرة صغيرة القدر ومنها إلى كيلكوين وهي قرية عامرة كبيرة كالمدينة ومنها إلى سيسجان ثمانية وأربعون ميلا وسيسجان مدينة طيبة الهواء حسنة الثرى فرجة الأقطار كثيرة الفواكه والأشجار ومنها إلى دبيل ثمانية وأربعون ميلا الجميع من ذلك مائة واثنان وستون ميلا
823

والطريق من برزند المتقدم ذكرها في طريق أردبيل من برذعة إلى دبيل من برزند إلى مدينة ميمذ ثلاث مراحل وهي مدينة صغيرة عامرة ومنها إلى مدينة أهر ثلاث مراحل ومنها إلى مدينة ورزقان أربع مراحل وهي مدينة عامرة حسنة البقعة فرجة الرفعة لها سور حصين وسوق عامرة ومنها إلى مدينة دبيل مرحلتان الجملة ثلاث مائة ميل ومدينة دبيل أكبر قطرا من مدينة أردبيل وهي أجل بلدة بأرض أرمينية الداخلة وهي قصبتها وبها دار الإمارة دون بلاد جميع أرمينية كما أن دار الإمارة بأران مدينة برذعة ودار الإمارة بأرض آذربيجان في أردبيل وعلى مدينة دبيل سور يحيط بها عالي السمك ثقيف وتصنع بها المراعز وبسط الصوف والوسائد والتكك والمقاعد وغير ذلك من أصناف المصنوعات من الصوف الأرميني وبها البزيون كثيرا وهو أجل كل بزيون يتخذ ببلاد الروم ومصنوعاتهم معدومة المثيل في جميع الأرض
وأرمينية أرمينيتان إحداهما أرمينية الداخلة والثانية أرمينية الخارجة فالداخلة منها دبيل ونشوى وقالي قلا وأهر وورزقاق وما والاها والخارجة منها هي مثل بركري وخلاط وأرجيش ووسطان والزوزان وما بين ذلك من القلاع والنواحي والأعمال
ومدينة قالي قالا مدينة مداخلة لبلاد الروم وهي ثغر لأهل آذربيجان وأرمينية وهي مدينة حسنة جليلة عامرة وقد تغلبت الروم عليها وعلى ما
824

جاورها مرات واستنقذها المسلمون من أيديهم وهي الآن عامرة بأيدي المسلمين وبين مدينة قالي قلا وميافارقين ثلاث مراحل وبين مدينة قالي قلا وتفليس أربع مراحل
ومدينة تفليس على نهر الكر ولها سوران من طين وهي في غاية من الرفه والخصب وأهلها أهل مروءات وبها حمامات مثل حمامات طبرية مياهها حامية من غير أن يوقد عليها بنار وأسعارها رخيصة والعسل بها كثير والسمن أيضا رخيص جدا كثير وكذلك بين تفليس ومدينة أطرابزندة ثمانية أيام وبين مدينة قالي قلا وتفليس أربع مراحل وبين قالي قلا وأطرابزندة اثنتا عشرة مرحلة وأطرابزندة مدينة كبيرة على نحر بحر بنطس ومنها يسافر إلى جميع بلاد الروم وسنستقصي وصفها وأحوالها بعد إن شاء الله
وأما ميافارقين فإنها بين حدود الجزيرة وحدود أرمينية وبعض الناس يرى أنها من أرمينية وآخرون يعدونها من بلاد الجزيرة وهي من شرقي دجلة على مرحلتين منها فلذلك تجعل في بلاد أرمينية وأيضا فإن مدينة ميافارقين وقالي قلا وأرزن وسراوج ومنازجرد وبدليس ونشوى وبركري بالجملة بلاد تتقارب في الأقطار وتتساوى في العمار وليس بينها كثير تفاوت وهي بجملتها خصبة عامرة كثيرة الخير ويصيبها في بعض الأحايين تغيير مثل ما يصيب سائر البلاد وفي هذه البلاد وفي أصقاعها الشيء الكثير من التجارات والمجالب وأنواع من الابتغاآت والمطالب من الدواب والأغنام والثياب المجلوبة إلى جميع النواحي والأقطار وغيرها كالتكك الأرمينية التي تصنع
بمدينة سلماس وتعمل بمرند
825

وتبريز ودبيل وقد يصنع بها مقاعد وأنخاخ أرمينية عديمة المثال وكذلك السبنيات والمقارم والمناديل المعمولة بميافارقين لا نظير لها ولا يعدلها في مثلها صنعة
والطريق من أردبيل إلى المراغة من أردبيل إلى كورسره ستة وثلاثون ميلا وهو قصر عظيم وحصن منيع وله إقليم ورستاق جليل جسيم وفيه أسواق في أوقات من السنة وقد قدمنا من ذكرها ما يغنى عن إعادة ذلك وبين هذا القصر ومدينة أردبيل المدينة المسماة سراه وهي على أحد وعشرين ميلا من أردبيل ومدينة سراه مدينة طيبة الهواء كثيرة الخير والبساتين والمياه والمزارع والفواكه والطواحين ولها أسواق حسنة وفنادق نظيفة ومن كورسره إلى مدينة المراغة أربعة وثمانون ميلا بين أكوار لطاف وقرى عامرة وأشجار وزراعات متصلة غير منفصلة
والطريق من أردبيل إلى آمد من أرض الجزيرة وأعمال الثغور فمن أردبيل إلى المراغة نحو مائة ميل وعشرين ميلا ومن المراغة إلى شابرخاست أربعة وعشرون ميلا ثم إلى برزة أربعة وعشرون ميلا إلى مرند اثنا عشر ميلا ومن شاء سار في البحيرة من المراغة إلى أرمية اثنين وسبعين ميلا ومن أرمية إلى مدينة سلماس خمسة وأربعون ميلا وهي مرحلتان ومن مدينة سلماس إلى مدينة خوي سبعة وعشرون ميلا ومن مدينة خوي إلى بركري تسعون ميلا ومنها أيضا إلى مدينة أرجيش خمسة وأربعون ميلا وهي مرحلتان ومن أرجيش إلى
826

مدينة خلاط ثلاثة أيام وهي خمسة وسبعون ميلا ومن خلاط إلى مدينة بدليس خمسة وسبعون ميلا ومن بدليس إلى أرزن سبعة وعشرون ميلا ومن أرزن إلى ميافارقين أربعة أيام وهي مائة ميل واثنا عشر ميلا ومن ميافارقين إلى آمد من أرض الجزيرة مرحلتان
وفي جنوب خلاط وأرجيش بحيرة ملحة آخذة من المشرق إلى المغرب يكون طولها سبعة وخمسين ميلا في سعة سبعة وعشرين ميلا ويستخرج من هذه البحيرة سمك صغار يعرف بالطريخ يحمل بعد أن يملح إلى الجزيرة والموصل والرقة والعراق وحران وفي أطراف هذه البحيرة البورق المحمول إلى العراق وغيره للخبازين وبالقرب منها مقاطع وحفائر يستخرج منها الزرنيخ الأحمر والأصفر ومنه يتجهز به إلى جميع أقطار الأرض وأيضا فإن بحيرة كبوذان المتقدم ذكرها في أرض أرمينية فإنه يحمل من حوافيها تراب تتخذ منه البواذق فتحمل إلى العراق والشام ومصر فتشترى بها بالأثمان النفيسة وتوجد فيها الأرباح الكثيرة
ومن ميافارقين إلى الأرديس خمسون ميلا ومدينة الأرديس تتاخم ثغور بلاد الروم وبينها وبين حصن زياد شجرة لا يعرف أحد ما هي ولا ما اسمها ولها حمل شبيه باللوز يؤكل بقشره وهو أحلى من الشهد
827

والطريق أيضا من المراغة إلى دبيل على أرمية وخوي من المراغة إلى خوي مائة ميل وتسعة وخمسون ميلا ومن خوي إلى نشوى خمسة أيام ومن نشوى إلى دبيل أربع مراحل الجميع من ذلك ثلاث مائة ميل وخمسة أميال وهذه الطريق أيضا من شاء سار من المراغة إلى جنزة ثمانية عشر ميلا ثم إلى موسى اباذ خمسة عشر ميلا ثم إلى برزة خمسة عشر ميلا ثم إلى أرمية اثنان وأربعون ميلا وهذه الطريق هي في شمال الطريق المذكور أولا
وكذلك يقال أيضا إن كور أران وجرزان والسيسجان كانت في مملكة الخزر وكانت كورة دبيل والنشوى وسراج وخلاط وأرجيش وباجنيس في مملكة الروم فافتتحتها الفرس إلى أن وصلت فتوحها شروان التي فيها صخرة موسى والتي يقال إن فيها عين الحيوان مستورة فبنى الملك قباذ مدينة البيلقان وبنى مدينة برذعة ومدينة قبلة وسد اللبن وبنى الملك أنوشروان مدينة الشابران مما يلي بحر الخزر ومدينة كركرة ومدينة الباب والأبواب وسور قصورا كثيرة على أبواب الجبل المسمى جبل القبق وهي نيف وثلاث مائة وستون قصرا وبنى خارج باب الأبواب مما يلي أرض الخزر بلنجر وسمندر والبيضاء وبنى بأرض جرزان مدينة صغدبيل ومدينة فيروزقباذ
828

ومن أرمينية القصوى أيضا خوي وصنارية وألباق وكسال واللايجان وقلعة الجردمان وخيزان وشكي ومدينة الباب
فأما الأبواب فهي أفواه شعاب في جبل القبق فيها حصون منها باب صول وباب اللان وباب الشابران وباب لاذقة وباب بارقة وباب سمسخي وباب صاحب السرير وباب فيلان شاه وباب كارونان وباب طبرسرانشاه وباب ليران شاه وباب لبان شاه
وجبل القبق جبل عظيم موصوف بالشماخة والعلو زعم أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي أن فيه ثلاث مائة قرية لكل قرية منها لسان مفرد يتكلم به أهلها قال الحوقلي في كتابه كنت أنكر هذا واستبشعه حتى اجتزت ببعض قرى هذا الجبل فوجدت لأهل كل قرية منها لسانا يتكلمون به ليس من ألسن الأذرية ولا الفارسية
ويتصل بجبل القبق مما يلي أرض الخزر جبل سياه كوه وهو يمتد فيمر خلف بلاد الخزر مارا في بلاد الغزية راجعا إلى المشرق من وراء بحيرة خوارزم ويتصل إلى أرض فرغانة إلى أن يلحق بجبال الصين
والزوزان أيضا ناحية وقلاع الغالب عليها الجبال وهي تتصل من جهة الحارث والحويرث بجبال أهر وورزقان ويتصل بتفليس في الشمال
وفي جميع بلاد أران من حد باب الأبواب إلى تفليس ينبت في أرضها
829

الفوة ويجمع منها الشيء الكثير وتدخل في بحر الخزر إلى جرجان ويقصد بها إلى بلاد الهند على الظهر وهي فوة تفوق كل نوع منها على الأرض
وبأرض أرمينية النهران المذكوران أعني نهر الرس ونهر الكر وممرهما من المغرب إلى المشرق فأما نهر الكر فنهر كبير تجري فيه السفن وهو يخرج من ناحية الجبل فيمر بتفليس ثم يمتد على حدود جنزة وشمكور ويجتمع مع نهر الرس ويصب في بحر الخزر وكذلك نهر الرس كبير جدا يخرج من نواحي أرمينية الداخلة من قالي قلا فيمر بأران فيصب فيه نهر أران فيمر في شمالها إلى أن يأتي ورثان ثم يجتمع بنهر الكر وبينهما مدينة البيلقان ويصبان إذ ذاك في بحر الخزر
نجز الجزء السادس من الإقليم الخامس ويتلوه الجزء السابع منه إن شاء الله
830

الجزء السابع
إن الذي تضمنه هذا الجزء السابع من الإقليم الخامس هو معظم البحر الطبرستاني المسمى ببحر الخزر وما حوله من أقطار الخزر والغزية ونريد أن نتكلم عليه بما قل ووجب ليكمل تمامنا على ما بدأنا به بحول الله تعالى
فنقول إن بحر طبرستان بحر منقطع غير متصل بشيء من البحار طوله من المغرب إلى المشرق مع تحريف يسير إلى الشمال ثمان مائة ميل وعرضه ست مائة ميل وفيه أربع جزائر وحكى الحوقلي في كتابه أن هذا البحر أيضا منفصل غير متصل بشيء من البحار التي على وجه الأرض على سبيل المادة والاختلاط الممد للبحور إلا ما يدخل إليه من نهر الروس المعروف باثل فإن هذا النهر يخرج من أرض الترك ويمر جاريا من جهة المشرق إلى أن يصل بلغار فينقسم قسمين فيمر القسم الأول إلى بحر الباب والأبواب الذي قد ذكرناه فيما تقدم ويمر القسم الثاني منه مغربا حتى يصل بحر بنطس الخارج من أرض القسطنطينة المتصل بالبحر المحيط من جهة الزقاق حتى لو أن رجلا طاف بهذا البحر حتى يرجع إلى مكانه الذي ابتدأ منه لا يمنعه مانع ولا
831

يقطعه قاطع إلا ما وصفناه من نهر اثل أو غيره من الأنهار الواقعة فيه وهو بحر ملح لا مد له ولا جزر وهو مظلم القعر بخلاف بحر القلزم وغيره لأن تراب قعره طين حمئي وحكى صاحب كتاب العجائب أن هذا البحر متصل ببحر بنطس من تحت الأرض وبينهما نحو من ست مائة ميل بر متصل ولا يرتفع من هذا البحر شيء سوى السموك ويركب فيه التجار بأمتعتهم من أرض المسلمين إلى أرض الخزر وهو فيما بين الران والجيل وطبرستان وجرجان وقد يسافر فيه أهل اثل إلى جرجان وغيرها من البلاد الساحلية ثم يرجعون إلى اثل ويركبون في مراكب خفاف في نهر اثل ويصعدون فيه إلى أن يتصلوا بالبلغارية ثم ينحدرون في الشعبة المنصبة حتى يصلوا بحر بنطس
وفي هذا البحر أربع جزائر غير معمورة لكن منها جزيرتان فيهما مياه وأشجار لكنهما غير مسكونتين فالواحدة منهما تسمى سياه كوه وتقابل آبسكون وهي غير مسكونة وهي الكبيرة وبها عيون وأشجار وغياض ودواب ووحش وتليها جزيرة حذو الكر وهي جزيرة كبيرة فيها غياض وأشجار ومياه ترتفع منها الفوة ويخرج إليها من نواحي مدينة برذعة منتجعة الفوة وطالبوها وتحمل إليها الدواب من نواحي هذه البلاد القريبة إليها فتسرح فيها للسمن وليس فيما يليها أو يقرب منها جزيرة ومع الشمال من هذه الجزيرة جزيرة سهيلان وهي جزيرة كبيرة رملية لا نبات بها ولا خصب ويأوي
832

إليها طير كثير أسود على لون الغراب إلا أنه أصفى من الغراب ولا يوجد هذا الصنف من الطير إلا في هذه الجزيرة فقط
وليس من الضفة الشرقية من هذا البحر مدينة ولا قرية إلا دهستان وهي من آبسكون على مائة ميل وخمسين ميلا وهي مدينة كالقرية فيها قوم قلة وفي مائهم غور وهي في دخلة من البحر تستر فيها السفن في هيجان البحر ويقصد إليها قوم كثير فيقيمون بها للصيد وبها سمك كثير جدا ذو ألوان وصفات مختلفة طيبة الطعم حسنة
وبالشرقي من هذا البحر بلدان صغيران كالقرى على الساحل يسمى أحدهما جوثوه والآخر تيتيرى وهما على نحر البحر ويكنفهما من ظهورهما في ناحية المشرق الجبل الكبير المتصل بالبحر وهو جبل صعب المسالك فلا يتوصل إلى هذين البلدين إلى بعد جهد ومشقة وأهلهما يصيدون السمك ويدخرونه ومنه يأكلون وجبلهم المتصل بهم تنبت به الحلفاء الكثيرة فهم يجمعونها ويسافرون بها إلى نواحي جرجان وغيرها من البلاد فيبيعونها هناك ومنها يتقوتون ويكتسبون
وأما جزيرة سياه كوه فإنها في هذا الوقت معمورة بقوم من الأتراك وقع بينهم وبين قومهم شنآن فانقطعوا عنهم واتخذوها دارا ومأوى وفيها مراع ومياه كثيرة كما قدمناه
ومن آبسكون عن شمالها إلى الخزر عمارة متصلة إلا شيء يسير في ناحية
833

باب الأبواب والخزر وذلك أنك إذا سرت من آبسكون على حدود جرجان وطبرستان والديلم والجيل تدخل في حدود الران إذا جزت موقان إلى ناحية باب الأبواب على مسيرة يومين وبعض من بلاد شروان شاه ومن باب الأبواب إلى مدينة سمندر أربعة أيام عمارة وكذلك من مدينة سمندر إلى مدينة اثل سبعة أيام
واثل مدينة الخزر وقصبتها وهما مدينتان عامرتان من ضفتي النهر المسمى بها والملك يسكن المدينة التي في الضفة الغربية من النهر والتجار والسوقة وعامة الناس يسكنون المدينة التي في الضفة الشرقية وطول مدينتي اثل نحو ثلاثة أميال ويحيط بهما سور منيع وأكثر أبنيتها خركاهات لبود وهي قباب يتخذها الأتراك من ذلك وجلتهم يبنون بالتراب والطين وقصر ملكها مبني بالآجر ولا يتعدى أحد هناك على أن يبني بالآجر خوفا من الملك والخزر نصارى ومسلمون وفيهم عبادة أوثان ولا يعير أحد على أحد شيئا من أمر دينه وزراعات اثل على ما جاور النهر من الأرضين فإذا زرعوا وحان أوان حصاده خرجوا إليه بأجمعهم كان قريبا أو بعيدا فحصدوه ثم ينقلونه بالعجل إلى ضفة النهر ثم يحتملونه بالمراكب في النهر وأكثر طعامهم الأرز والسمك
ونهر اثل جانبه الشرقي من ناحية بسجرت فيجري ما بين البجناكية وبلغارية وهو الحد بينهما وجريته غربا حتى يصل ظهر بلغار فيعود راجعا إلى ما يلي المشرق حتى يجوز على الروس ثم على بلغار ثم على برطاس ثم على الخزر
834

حتى يقع في بحر الخزر ويقال إنه يتشعب منه نيف وسبعون نهرا ويبقى عمود النهر يجري إلى بحر الخزر ويقال إن هذه المياه المفترقة إذ هي مجتمعة في أعلى النهر تزيد على مياه جيحون ونهر بلخ كبرا وغزر مياه وسعة على وجه الأرض ويصل من هذا النهر شعبة تمر في جهة الغرب حتى تصب في بحر بنطس وقد قدمنا ذكرها
وأما مدينة سمندر فإنها كانت فيما سلف مدينة كبيرة عامرة وهي من بناء أنوشروان وكان بها من الأشجار والكروم ما لا يحصى عددها فأتت قبيلة الروس عليها فأهلكتها فغيرت حالاتها
ومن مدينة سمندر إلى آخر عمالتها ثلاثون ميلا ومن آخر حدودها إلى أول حدود أعمال صاحب السرير أحد وخمسون ميلا وصاحب السرير وأهل مدينته نصارى وسميت
المدينة بالسرير لأن ملكا من ملوك الفرس اتخذ بها لنفسه سرير ذهب يقصر الوصف عنه صنع في سنين فهلك وتغلبت الروم على ملكه فأبقوا السرير على حاله وملوكهم يسمون به
والذي من آبسكون إلى بحر الخزر نحو تسع مائة ميل وهو طول البحر ومن آبسكون إلى دهستان ست مراحل ومن اثل إلى سمندر ثمانية أيام ومن سمندر إلى باب الأبواب أربعة أيام ومن اثل إلى أول حدود برطاس عشرون يوما ويقطع هذا البحر إذا طابت الريح عرضا من طبرستان إلى باب الأبواب في سبعة أيام ويقطع طوله بالريح الطيبة في تسعة أيام ورياح هذا البحر
835

طواريس طويلة إذا بدأت الريح دامت نحو الثلاثين ثم تتحول إلى ريح غيرها فتدوم أيضا نحو ذلك وهذا كله تدبير الحكيم العليم
نجز الجزء السابع من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الجزء الثامن منه إن شاء الله
836

الجزء الثامن
إن الذي تضمنه هذا الجزء الثامن من الإقليم الخامس قطعة من بلاد الغزية فيها من بلاد الأغزاز أدرماه ونوجة وبادغة وجاجان ومرقاشان ودرقو ودزندة وغربيان وغرغون وأنهار وجبال ونريد أن نأتي بذكر هيئاتها وطرقها وأخبارها حسب ما سبق لنا فيما سلف من الأخبار عن سائر الأجزاء السابقة وبالله الإرشاد
فنقول إن بحيرة خوارزم حكى الحاكون عنها وأخبر به الناقلون عن المسافرين إليها من ملوك الأغزاز أن محيطها في الدائر ثلاث مائة ميل وماؤها ملح وليس لها مفيض ظاهر ويقع فيها نهر جيحون ونهر الشاش ونهر برك ونهر روذا ونهر مارغا وأنهار صغار كثيرة فلا يعذب ماؤها ولا يزيد ولا ينقص وبين البحيرة وبين موقع نهر الشاش في نهر جيحون عشرة أميال ونهر جيحون ربما جمد في الشتاء بقرب هذه البحيرة حتى تجوزه الأبقار والأغنام والرجال وهذه البحيرة بينها وبين بحر طبرستان نحو من عشرين مرحلة وعلى
837

شطها جبل يسمى نفراغن يجمد فيه الماء ثلجا ويبقى سائر أيام الصيف وفي هذه البحيرة حوت يظهر في الغب يكون على صورة الإنسان يطير فوق الماء فيراه الصائدون للسمك ويتكلم بكلام مقفول ثلاث كلمات أو أربعا ثم يغوص في الماء ومتى ظهر هذا الحوت على هذه الصفة دل على موت ملك من ملوك الأغزاز الجلة
وبلاد الأغزاز بلاد كثيرة متصلة في جهتي الشمال والشرق ولهم جبال منيعة ولهم عليها حصون حصينة يتحصن بها ملوكهم ويختزنون بها أقواتهم وبها رجال من جهات الملوك يحرسون تلك الأرض والأغزاز صنف من الناس يشبهون البربر في ائتلافهم وسكناهم البراري وحيث المراعي الخصيبة ولهم بيوت من الشعر يأوون إليها ويسكنون بها
وفي الشرق من هذه البحيرة أرض حندغة وهم قبيل من الأغزاز رحالة ظواعن وبلدهم بلد خصب ومراع كثيرة ومياه منخرقة وبرد زائد ومدينتهم التي يأوون إليها ويلجؤون إليها بحوائجهم تسمى حيام وهي قلعة منيعة على رأس جبل صعب المرتقى وهي في نهاية من المنعة والحصانة وهذا الحبل على ضفة نهر كبير يأتي من داخل بلاد الغزية من ناحية المشرق من جبل يسمى أصغرون ويسمى هذا النهر نهر روذا وهو نهر كبير يعبر بالقوارب ويسافر فيه من البحيرة إلى مدينة حيام ثم إلى مدينة جاجان وبين حيام وجاجان سبعة أيام ومدينة حيام بشماله وجاجان في جنوب النهر وهما مدينتان
838

صغيرتان في نهاية من الحصانة وحالهما في ذاتهما صنف واحد
ويقع أسفل مدينة حيام من جهة الشمال نهر عظيم يأتي من ناحية الشمال من الجبل الكبير الحاجز بين بلاد الغزية وبلاد البشجرتية ويسمى جبل مرغار وهو جبل عظيم عال لا يرتقي أحد إلى قنته للثلج الذي به والجمد المتوالي عليه ويسمى هذا النهر بنهر مارغا ويوجد فيه إذا حمل التبر الكثير ويستخرج من قعره حجر اللازورد ويحمل منه الكثير إلى بلاد خراسان وفي غياض هذا النهر الحيوان المسمى الببر وهو حيوان له جلدة حسنة منسوبة في جيد الوبر ويساوي من القيمة الثمن الكثير ويصاد منه الحيوان الكثير ويخرج إلى جميع بلاد الروم والأرمن وفي غياض هذا النهر توجد ثعالب صفر ألوانها على لون الذهب وهي قليلة وملوك أهل تلك الناحية يلبسونها في ثيابهم ولا يتركون أحدا يخرج منها بشيء استحسانا منهم لها وتنافسا فيها حتى لا يوجد منها شيء عند أحد من الملوك إلا عندهم
وعلى ضفة هذا النهر جبل عالي القمة يتفجر منه أزيد من ألف ينبوع ماء تصل بأسرها إلى نهر مارغا وعلى أعلاه مدينتان كالحصنين اسم الواحدة منهما نوجة واسم الثانية بادغة وبينهما مسير يوم وفيما بينهما يخرج نهر كبير يمر إلى جهة المغرب فيقع هناك في منقع كبير دوره نحو من خمسين ميلا لكنه لا يستر ماؤه وماؤه حلو وحوله خصب كثير ومزارع والترك يصيفون حوله ويربعون عليه وبين هذه النقعة وبحيرة خوارزم ست مراحل وهي منها
839

شمالا وفي شمال هذا المنقع يتصل طرف من جبل مرغار السابق ذكره وبينهما خمس مراحل وفي هذه المراحل مسارح للأتراك
وعلى أذيال الجبل المذكور مدينتان اسم إحداهما درندة والثانية تسمى درقو ودرندة غرب درقو وبينهما مسافة ثلاثة أيام وهما مدينتان صغيرتان فيهما أسواق وصناعات ومتاجر كاسدة وهما في نهاية من المنعة والتحصين والثلج عندهم أبد الدهور وأهل هذه البلاد يحصدون زروعهم غضة ويجففونها بالدخان وفي الظلال كل ذلك لشدة البرد عندهم وتوالي الأمطار عليهم وقلة الجفوف عندهم ويوجد في هذا الجبل وفي مجاري مياهه أحجار البلخش والفيروزج وسائر أنواع الحجارة
وبين مدينة درقو شرقا ومنبع نهر مارغا أربع مراحل ومن مدينة درقو إلى مدينة جاجان السابق ذكرها عشر مراحل
وأما نهر روذا الخارج من جبل أصغرون المذكور قبل هذا فإنه جبل عظيم معترض من جهة الجنوب إلى الشمال بتشريق وهو جبل عظيم جدا والثلج لا يفارق ذروته شتاء ولا صيفا وهو جبل في أذياله الشعارى المتصلة وفيها الصيد الكثير الموجود وينبع مع طرفه الشمالي نحو من عشرين عينا فتمر غربا إلى بحيرة غرغون وهي بحيرة
كبيرة جدا يكون محيط دورها أربع مائة ميل وماؤها حلو وفيها سمك كثير ومنه أكثر قوت القوم وينفجر من جبال مرغار نحو من خمسين عينا وتقع بجملتها في هذه البحيرة وعليها مرابع
840

وخصب كثير للجنغاكشين وهم صنف من الأتراك الأغزاز لا يفارقون حمل السلاح ولهم حذر زائد وصولة على من جاورهم من أصناف الأتراك
وعلى هذه البحيرة من جهة الجنوب جبل من الصخر الصلد لا ينبت شيئا من النبات وعليه حصن كبير يسمى غرغون وبهذا الحصن عرفت البحيرة ونسبت إليه
ومن غرغون إلى مدينة جاجان بين غرب وجنوب ست مراحل وفي الجنوب من مدينة جاجان مع قليل تشريق مدينة ذهلان وبينهما نحو من ثماني مراحل في مفاوز غير عامرة
وذهلان مدينة كالحصن فيه رئيس له عدة وإعداد وهو في بعض الأيام يغزو أرض الطراز التي من بلاد الشاش
وبين ذهلان ونوجكث من أرض الشاش أربعة أيام وهم في أكثر الأوقات متهادنون غير متفاتنين والدخول من ذهلان إلى مدينة نوجكث وسائر بلاد الشاش ممتنع لكثرة الدساس والجبال المتصلة والطرق الوعرة
ومن ذهلان في جهة المغرب إلى مدينة حيام اثنتا عشرة مرحلة ومن حيام إلى مدينة الغزية القديمة أربع مراحل بين جنوب وغرب ومن مدينة حيام إلى مدينة ناجية ثماني مراحل وبين روذان وذهلان أربع مراحل
وكذلك من مدينة ذهلان إلى مدينة غربيان خمس مراحل بين شرق وشمال
841

وعلى ثلاثة أميال من مدينة غربيان معادن فضة لها إصداق جم وربحها كثير ويذكر أن رطل ترابها يعطي ربعة فضة غير مخلصة ويستخرج من هذه المعادن الشيء الكثير وتجار الشاش يتجهزون إليهم بالأموال الطائلة فيشترون منها الجمل الكثيرة بالأموال الكثيرة ويخرجونها بضائع إلى كل الجهات
وبلاد الأغزاز بلاد خصب وأهلها مياسير ولهم نفوس عائثة وأكباد غلاظ مع الجهل والقساوة والزناء فيهم مشاع لا يرون به بأسا ولا يرجعون عن شيء منه
نجز الجزء الثامن من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الجزء التاسع منه إن شاء الله
842

الجزء التاسع
قد تحصل في هذا الجزء التاسع من الإقليم الخامس شمال بلاد الكيماكية وجملة بلاد أذكش ومدنهم وقلاعهم وأنهارهم وها نحن لها واصفون على عادتنا فيما سلف من الكتاب حسب الطاقة وبالله العون
فنقول إن بلاد الأذكش غربيها بلاد الأغزاز وأجناسها وشرقيها يجاور الجبل المحيط ببلاد يأجوج ومأجوج وهذه البلاد التي هي مجال الأذكش وبها معاقلهم ومواطنهم هي أرض خصبة كثيرة الخيرات والمواشي وبها من السمن والعسل ما لا يوجد مثله في كثير من سائر الأقطار المجاورة لهم والمتباعدة عنهم وذلك أن الأغنام بها والأبقار لا يعبأ بها لكثرتها وليس للحومها عندهم قيمة وأن الرجل منهم ليذبح الشاة والشاتين فيأخذ جلودها ولا يجد لمن يعطى لحومها وجل أكلهم من اللحوم لحوم الخيل فإنها أجل لحم عندهم
وفي جنوب هذه الأرض بحيرة تسمى بحيرة تهامة وهي بحيرة يكون محيط دورها مائتين وخمسين ميلا وماؤها أخضر شديد الخضرة إلا أن نشره ذكي
843

وطعمه عذب جدا ويوجد فيه سمك عريض مرقش بكل لون تذكر الأتراك أنه أجل علاج يستعمل للباه وأنه أقوى من السقنقور وهو عندهم مشهور والصيادون يعرفونه في هذه البحيرة وذلك أن الصائد منهم إذا أرسل شبكته وأخذ هذا السمك وجد ذكره قائما ولا يزال بتلك الحال ما دامت السمكة في شبكته وفي يده فإذا أرسلها عن يده سكن ما يجده من الإنعاظ
وفي وسط هذه البحيرة أرض كالجزيرة وطيئة ثرية جيدة التربة كثيرة العشب في كل الأحايين والترك يجوزون مواشيهم إلى هذه الجزيرة فيقيمون بها أيام الربيع كله وفي وسط هذه الجزيرة التي في وسط هذه البحيرة بئر محفورة لا يوجد لها قعر وليس بها شيء من الماء البتة ويقال إن بهذه الجزيرة نباتا تقوم أوراقه مثل أوراق السعد شارعة القوام مخضرة اللون ولها في أصولها حبوب صغار حلوة طيبة الطعم وهي عندهم من أنجع شيء في علاج العين وفي علاج الذين لا يقدرون على الجماع
ويسقط إلى هذه البحيرة أربعة أنهار كبار وأحدها نهر تهامة وهو نهر كثير الماء قليل الانحدار عميق القعر وبين منبع هذا النهر والبحيرة مسير ستة أيام وخروجه من ثلاث عيون دفاعة وبين هذه الأعين الثلاث نحو من مسير يومين فتمر العين الواحدة منها في غرب المدينة وتمر العين الثانية في شرقي المدينة ثم تجتمعان معا تحت المدينة فتصيران نهرا واحدا كبيرا فتصبان في البحيرة المتقدم ذكرها وهذا النهر يقصده أهل بلاد أذكش بأولادهم يطهرونهم فيه قبل بلوغ الحلم فلا يسقمون ولا تجرب أجسامهم ولا يوجد في بلادهم أجذم البتة وأمر هذا الوادي عندهم صحيح التجربة في ذلك جدا ويقال إن
844

ماءه إذا سقي منه العليل من أية علة كانت سبعة أيام فإنه يبرأ وقد صح ذلك عندهم بتجربتهم إياه ويقال إن ماءه إذا غسل الإنسان به رأسه لم يتصدع تلك السنة وهذا عندهم مشهور وقد تكلموا في أمر هذا النهر وأكثروا القول في أمره حتى أنهم قالوا فيه أشياء يجب السكوت عنها
ويقع في هذه البحيرة المذكورة نهر آخر صغير يأتي من جبل جنف وهو نهر شديد الجرية وقعره صخر كثير الملاسة وليس في شيء منه حيوان لا سمك ولا ضفادع ولا أحناش ولا غير ذلك من حيوانات الماء وماؤه عذب صادق البرد ويقال إن مرقونس الحكيم وصل إلى هذا النهر فطلسمه وعقده حتى لا يتكون فيه حيوان وهذا قول يسمع على الإطلاق
ويأتي إلى هذه البحيرة نهر ثالث منبعه من ظهر جبل أصغرون فيمر في جريته مشرقا إلى أن يصل مدينة رشاقة فيجتاز بجنوب سورها مماسا له ثم يمر مشرقا إلى أن يصل مدينة بغنون فيجتاز بشمالها ومن هذه المدينة ينعطف إلى جهة الجنوب فيمر إلى طرف جبال راس ويستقيم جرية حتى يسقط في نهر جنف ثم يصب في البحيرة
ويصب فيها نهر يأتيها من الجنوب وهذا هو النهر الرابع
وفي شمال هذه البحيرة جبل تراب أحمر كله مثقب من جميع جهاته فإذا جن الليل خرجت من جميع هذه الكوى جرذان سود تسرح بطول الليل ثم ترجع سحرا فلا تزال تفعل ذلك في كل ليلة دائما وعلى رأس هذا الجبل مدينة تسمى شندران وأهلها يتصيدون هذه الجرذان بحيل عندهم فيذبحونها
845

ويأكلون لحومها ويلبسون جلودها ويصنعون منها فراء لا يعدلها شيء في جمالها ودفئها
وفي شرقي هذه البحيرة وعلى أربعة أيام منها جبل خردا وهو جبل عال مرتفع في الجو وليس لهذا الجبل موضع يرتقى منه إليه وإنما هو من كل جهة كالحائط أملس لا يمكن الصعود عليه وقد حفر في أسفل هذا الجبل باب كبير ونقب منه متصل في جوف الجبل فيه طريق مدرج ذو تعاريج صاعد إلى أعلى الجبل حيث المدينة وهذه المدينة في نهاية من الحصانة والثقافة بحيث لا يتوصل إليها ما دام فيها رجل واحد فقط وفي وسط هذه المدينة عين نابعة ماؤها عذب كثير يشرب منه ويتصرف به ومغيض ما فاض منه مما يلي السور في حفر لا يعلم أين يصل مستقره ولا يوجد لذلك الماء أثر
ومن قلعة خردا إلى مدينة شندران في جهة الغرب ست مراحل وكذلك من قلعة خردا إلى مدينة تهامة في جهة الجنوب أربع مراحل ومن مدينة خردا إلى الجبل المسمى قوفايا سبعة أيام
وهو الجبل الذي يحيط ببلاد يأجوج ومأجوج وهو جبل قائم الجنبات لا يصعد إلى شيء منه البتة وإن صعد لم يتوصل إلى قنته لكثرة الثلج المنعقد به وإنه لا يتحلل منه أبدا وإن أعلى هذا الجبل عليه شبه الضباب أبدا الدهر كله لا ينجلي عنه ولا يزول منه وخلف هذا الجبل من بلاد يأجوج ومأجوج مدن كثيرة وفي هذا الجبل أفاع وحيات عظام تأوي إلى مهاو كائنة فيه
846

وجميعها مؤذ يمنع أذاها من الترقي والصعود إلى أعلى الجبل ولو رام أحد الصعود إلى أعلاه ما أمكنه ذلك في يومين بل يمكن في أكثر من ذلك وربما تعلق بهذا الجبل النادر من الناس فيرقى ليرى ما في أعلاه ومن خلفه فلا يرجع ولا يمكن رجوعه إما لعدوان الحيوان عليه أو لقبض الأمم التي خلف الجبل على من طرأ عليهم من سائر الأمم وربما رجع بالخبر الشاذ منهم فيخبر أنه رأى بالليل في تلك الأرض التي خلف الجبل نيرانا كثيرة وأما بالنهار فلا يرى شيئا إلا ضبابا وسرابا مختلطا متصلا
وهذا الصنف من الترك المسمى أذكش يقال إنهم عراض الوجوه كبار الرؤوس شعورهم كثيرة وأعينهم براقة وكلامهم كلام منفرد بذاته وعبادتهم النيران وسائر الأنوار
وبالشمال من أرضهم جبل كبير يسمى جبل فرغان وهو آخذ في الطول من المغرب إلى المشرق نحو ثماني عشرة مرحلة وفي وسط هذا الجبل موضع عال كالقبة مستدير وفي وسطها بركة ماء لا يعرف أحد عمقها فلا يسقط فيها شيء إلا ابتلعته فلا يرى ولا يقدر أحد من الناس على العوم فيها ولا شيء من سائر الحيوان وكذلك إن وضع العود فيها ابتلعته وهذا عجب عجيب وفي أسفل هذا الجبل مما يلي الجنوب ويقابل أسفل تلك البركة مغارة يسمع فيها دوي كثير هائل يعلو صوته مرة ويقل في وقت آخر ولا يعلم ما سبب ذلك الصوت وإن تقدم إلى فم هذه المغارة المذكورة حيوان من إنسان أو بهيمة من قبالته فلا يرى ويذكر أنه تخرج من تلك المغارة ريح تجتذب
847

المتعرض لذلك وهذا أمر عظيم وخبر هذه المغارة مشهور في تلك الأرض يتحدث به في سائر أرض الترك وقد تداولت الكتب أخبار ذلك لاشتهاره عند مؤلفيها وقد حكى صاحب كتاب العجائب عن هذه المغارة أشياء يحسن السكوت عنها لبشاعتها وقلة قبول العقول لها والله أعلم بذلك وحقيقته فهو الخلاق العليم
نجز الجزء التاسع من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الجزء العاشر منه إن شاء الله
848

الجزء العاشر
إن في هذا الجزء العاشر من الإقليم الخامس بلاد يأجوج العليا وهي بلاد كثيرة عامرة وهم عدد كثير وجمع غزير وأمم لا يحصون كثرة وبلادهم بلاد خصب ومياه جارية وسهول ومسول تربة ومواش كثيرة وهم من ولد سام بن نوح وهم المفسدون في الأرض وخلقهم خلق صغار جدا وهم فيما يحكى إن طول الرجل منهم أعني من آل يأجوج مثل طول أحدنا ونساءهم مثل ذلك ولا يعرف ما ديانتهم ولا أي شيء معتقدهم
وأما آل ماجوج فأرضهم أسفل هذه الأرض وهم كلهم قصار جدا في نهاية القصر حتى إن طول الرجل منهم لا يتجاوز ثلاثة أشبار ونساءهم مثل ذلك وأوجههم مستديرة في غاية الاستدارة وعليهم شبه الزغب كثير جدا وآذانهم كبار مستديرة مسترخية حتى أن أذن الرجل منهم إذا هي تعلقت تلحق طرف منكبه وكلامهم شبيه بالصفير والشرة عليهم بادية وهم خفاف الوثوب وفيهم زناء فاحش وبلادهم بلاد ثلج وشتاء عام والبرد عندهم لازم في كل الأحايين ويقال إن يأجوج ومأجوج أخوان أمهما واحدة وأبوهما واحد والغالب على ألوانهم البياض والحمرة ونكاحاتهم كثيرة ونتاجهم فاش
849

وكانوا قبل أن يصل إليهم الإسكندر ويبني السد عليهم في باب جبلهم الذي كانوا يدخلون منه ويخرجون عليه يغيرون على من جاورهم ويتحاشدون على من قصدهم وكانت لهم شنات وغارات مذكورة حتى أنهم أخلوا كثيرا من البلاد والمدن المجاورة لهم من غربي الجبل وحيث سد ذي القرنين المبني عليهم وأكثر تلك البلاد خاوية على عروشها لا قاطن بها ولا ساكن يعول عليها لكثرة حياتها وغور مياهها ووحشة أرضها
وسنذكر هذه الأرض وما جاورها من بلاد تركش وهي قبيلة من الأتراك بل هم الأتراك على الحقيقة وذلك أن في الأخبار المنقولة أن يأجوج ومأجوج لما طغوا وغلبوا وأكثروا الفساد في الأرض وشكي أمرهم إلى الإسكندر فلما قصد أرضهم اختبر أمرهم فوجد منهم أمما عم خيرهم وكثر نسكهم وقل ضررهم وذلك أنهم هاجروا إلى
الإسكندر قبل أن يلحق أرضهم واعترفوا بين يديه أنهم براء من إخوانهم يأجوج ومأجوج وشهد كثير من القبائل لهم بذلك وأنهم لم يزالوا أبد الدهر يطلبون السلامة والسلم حريصين على ذلك
فتركهم الإسكندر خارج السد وأقطعهم تلك الأرض فسمتهم العرب تركا لأنهم ممن ترك الإسكندر من آل يأجوج ومأجوج وأسكنهم خارج السد فقروا في تلك الأرضين فكثر نسلهم واتصل خيرهم فجميع الترك أعني الخرلخية والتبتية والخرخيزية والتغزغزية والكيماكية والمخامانية والأذكش والتركش والخفشاخ والخلج والغز والبلغارية هؤلاء كلهم أمم تركهم الإسكندر خلف الردم
850

فانتشروا في الأرض وعمروها وكثرت أنسالهم وفشت أحوالهم واتصلت خيراتهم وعمت بركاتهم وأكثرهم مجوس وعباد نيران والغالب على طباعهم الجفاء وغلظ النفوس وقلة الانقياد للغلبة وهم بالجملة طائعون لأولي الأمر منهم وفيهم صرامة لازمة وقيام وحمية في طلب الثأر وجبايات الأقطار والحمد لله على ما حكيناه مما ورد علينا وصححه الخبر لدينا والحول والقوة لله تعالى
نجز الجزء العاشر من الإقليم الخامس بتمام الإقليم ويتلوه الجزء الأول من الإقليم السادس إن شاء الله
851

الإقليم السادس
853

الجزء الول
إن هذا الجزء الأول من الإقليم السادس تضمن في حصته أرض برطانية بأسرها وبعض أرض صايص وبلاد بيطو والذي وقع فيه من أسماء البلاد البرطانية منها نانطس ورينش وشنت مجيال ودول ودنام وشنت مهلو وشنت مثاو ولنيونش وكرنتين وكنبلرين وفينش وردون وباتس وفيه من بلاد بيطو مدينة صايس وشنت جوان وبلفير ونريد أن نتكلم في أوصافها بما أمكن من ذلك ونأتي بصفاتها وهيئاتها حسب ما سبق لنا فيما سلف من الكتاب بعون الله تعالى
فنقول إن بلفير مدينة متحضرة على البحر الملح ذات سور وأسواق ممكنة وفيها مصايد للحوت ومعايش وأقوات كافية وهي في قعر الجون ومراكبها تسافر إلى شنت ياقوب وغيرها وإلى سائر البلاد المجاورة لها ومن بلفير إلى مدينة شنت جوان سبعون ميلا شرقا وكذلك من شنت جوان إلى أنقلازمة أربعون ميلا وشنت جوان وأنقلازمة هما من أرض بيطو
855

ومن بتارش إلى مدينة قشتال أربعون ميلا وكذلك من قشتال إلى طرش سبعون ميلا وترش أرض صغيرة غربيها أنجيرش وشمالها أرض صايص وجنوبها أرض بري وقشتال مدينة صغيرة جدا وفيها أسواق عامرة وتجارات قليلة وهي بلد حرث وزرع وماشية
ومن مدينة بلفير على البحر إلى مدينة نانطس سبعون ميلا ونانطس مدينة على نحر البحر في قعر جون خارج من البحر وهي أول بلاد برطانية ونانطس مدينة كبيرة عامرة آهلة ذات حروث وأسفار ومراكب وداخل وخارج وهي مدينة حصينة رائقة ومنها يتجون البحر إلى جهة الشمال
ومن نانطس إلى مدينة شنت مجيال التي هي آخر بلاد برطانية مائة ميل وعشرة أميال في البر ومن مدينة نانطس إلى مدينة شنت مجيال في البحر ثماني مائة ميل وثلاثون ميلا وذلك أن البحر يتجون هناك كثيرا ويتقعر وينضم من أعلى أرض برطانية حتى يعود البر كالكيس فمه ضيق ووسطه واسع
فمن أخذ من نانطس إلى مدينة شنت مجيال على البر سار إلى مدينة رينش ثمانين ميلا ورينش مدينة كبيرة أقطارها عامرة وخيراتها وافرة ولها سور حصين وبها أسواق نافقة وصناعات دائمة قائمة
ومن مدينة زينش في البر إلى شنت مجيال أربعون ميلا وشنت مجيال مدينة متحضرة على البحر الملح وهي حسنة القطر وافرة العمارة كثيرة
856

الخيرات متصلة الحراثات
ومن أراد السفر في البحر سار من مدينة نانطس إلى مدينة باتس خمسين ميلا مع تقعير الجون وباتس مدينة جليلة عامرة بها إنشاء وإقلاع وحط وبها أسواق كثيرة وبيع وشراء
ومن مدينة باتس إلى ردون وهي على طرف الجون ستون ميلا وردون مدينة متحضرة صغيرة القطر خصبة رفيهة المعايش حسنة المباني عامرة بالناس
ومنها إلى مدينة فينش وتروى بينش وهي على طرف داخل في البحر خمسون ميلا وموضعها مطل على البحر وهي في ذاتها حسنة بهية كثيرة العامر وبها إنشاء وسفر
ومنها إلى مدينة كنبلرين وهي في وسط جون مائة ميل وعشرون ميلا ومدينة كنبلرين مدينة صغيرة عامرة لها أسواق وبيع وشراء وصناعات كثيرة
ومن مدينة كنبلرين إلى مدينة شنت كرنتين خمسون ميلا وهي على طرف داخل في البحر وهي كثيرة العامر جامعة للصادر والوارد وبها معايش ومتصرفات وبيع وشراء
ومنها إلى مدينة لنيونش مائة ميل وخمسة وعشرون ميلا وهي مدينة حسنة متحضرة ذات ديار حسنة وأرزاق ممكنة ومعايش كثيرة وخير عام
ومنها إلى مدينة شنت مثاو مائة وخمسون ميلا وهي مدينة متوسطة في
857

قرطيل خارج في البحر وهناك يتصل بقعر أرض برطانية وبها إرساء وإقلاع وحط وأهلها مياسير وتجاراتها كثيرة
ومن مدينة شنت مثاو إلى مدينة شنت مهلو على البحر مائة ميل وهي مدينة كثيرة الخيرات وافرة العمارات بها تجار مياسير وصناعات قائمة نافقة ولها زراعات وعمارات متصلة
ومنها إلى مدينة دنام خمسون ميلا ودنام مدينة متحضرة لها سور حجارة وبها أسواق وعمارات وافرة وإرساء وإقلاع وسفر دائم إلى جميع الجهات
ومن دنام إلى مدينة دول خمسون ميلا وهي مدينة جليلة في وسط جون وبها أسواق عامرة وأحوال صالحة ومتاجر نافقة وخيرات دائرة وحبوب كثيرة وشربهم من الآبار ولهم عيون مياه وكروم وغراسات
ومن مدينة دول إلى مدينة شنت مجيال خمسون ميلا ومدينة شنت مجيال مشهورة متحضرة متوسطة المقدار لها كروم وأشجار وبها كنيسة مقصودة ولها أموال وأحباس كثيرة
ومن مدينة شنت مجيال في البر جنوبا إلى مدينة صايس تسعون ميلا وهي من أرض إفرنسية وهي مدينة كبيرة عامرة خصبة رفيهة كثيرة الخيرات شاملة لأنواع البركات عامرة الجهات كثيرة الشجر والغراسات ولها كروم متصلة وهي من قواعد مدن إفرنسية
ومن مدينة صايس إلى مدينة مانس ثلاثون ميلا وسنذكرها فيما بعد
858

وكذلك من مدينة صايس إلى مدينة جارطرش ثمانون ميلا بين شرق وجنوب ومن مدينة صايس إلى رينش المتقدم ذكرها في أرض برطانية شمالا سبعون ميلا وكذلك من رينش إلى مدينة بينش التي على البحر السابق ذكرها غربا تسعون ميلا
وهذه البلاد التي ذكرناها بلاد تتقارب صفاتها وتتشابه حالاتها وتتصل عماراتها وجهاتها وتشتبك أقاليمها وغلاتها وتتفاضل موجوباتها وخيراتها والجهالات على أهلها غالبة وغلط الطبع فيهم موجود ظاهر وهي بالجملة بلاد خصب ورفاهية وقلة مبالاة بالأمور ويكنفهم من جهة المغرب البحر المظلم وتأتيهم منه أنواء وأمطار متصلة وضبابات عامة ولسيما البلاد التي تلي الساحل منه
وهذا البحر بحر غليظ المياه كدر اللون هائل الموج عميق القعر متصل الظلمات صعب المركب عاصف الرياح لا يعرف انتهاؤه في جهة المغرب وبه جزائر كثيرة غير عامرة وقليل ما يسلك هذا البحر إلا نادرا والقوم الذين يسلكونه لهم به معرفة وجسر على ركوبه وأيضا فإنهم يسيرون فيه مساحلة لا يفارقون البر منه وأيام سفرهم فيه أيام قلائل وهي مدة شهر اسطريون وشهر أوسو وأكثر ما يركبه القوم المسمون بالإنكليسيين وأهل جزيرة إنكرطارة وهي جزيرة كبيرة عامرة بها مدن كثيرة وعمارات وحروث وأنهار جارية وسنأتي بذكرها ونستقصي صفاتها في موضعها بحول الله تعالى
859

وهذا البحر وهو على ما وصفناه من هوله وغلظه به سمك كثير سمين ومصايده في أماكن معلومة منه وبه كثير من الدواب العظام الخلق البحرية ما يربي على الوصف حتى إن أهل تلك الجزائر الداخلة يتخذون من أعظمها وفقر ظهورها خشبا لبيوتهم وينحتون منها دبابيس وأسنان رماح وخناجر ويصرفون خرز هذه الدواب فيتخذونها منابر للصعود والقعود ويتصرفون في أعظم هذه الدواب كما يتصرف أهل سائر البلاد في الخشب وهنا انتهى بنا القول في هذا الجزء والحمد لله على ذلك كثيرا حمدا مباركا دائما
نجز الجزء الأول من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء الثاني منه إن شاء الله
860

الجزء الثاني
إن الذي تضمن هذا الجزء الثاني من الإقليم السادس هو بلاد إفرنسية وبلاد نرمندية وبلاد إفلاندرش وبلاد هينو وبلاد لهرنكة وبلاد بري وبعض بلاد برغونية الإفرنجيين وبعض بلاد برغونية اللمانيين وبلاد اللمانية وبلاد بافير وبعض بلاد قرنطارة وبلاد لوبانية وبلاد إفريزية وبعض بلاد شصونية وفيه بعض بلاد جزيرة إنكلتارة ونحن نتكلم فيها بما صح عندنا ونأتي بكل ذلك نسقا كما سبق لنا القول فيما سلف وانقضى وكل ذلك بمعونة الله وتأييده
فنقول إن مدينة أنجيرش من إقليم طرونية هي مدينة حسنة كبيرة فيها بشر كثير ولها عمل كبير وكروم وحروث وأهلها مياسير ومنها إلى مدينة صايص ستون ميلا وكذلك أيضا من أنجيرش إلى مدينة بيتارش ستون ميلا ومن أنجيرش إلى شنت ميجال التي على البحر ثمانون ميلا ومن صايص إلى شنت ميجال سبعون ميلا
وفي الشرق من مدينة أنجيرش إقليم أنجو وهو إقليم صغير وبه جملة قرى
861

عامرة ومزارع كثيرة متصلة وبه من المدن مدينة طرش وتروى بالتاء ترش وهي مدينة حسنة عامرة ذات كروم كثيرة وزراعات متصلة وغلات وجبايات وافرة ومن مدينة ترش إلى بيتارش غربا مائة ميل ومن قشتال أيضا إلى طرش سبعون ميلا ومن طرش إلى أليانش ستون ميلا وهي من إقليم إفرنسية وتروى أرليانش وأليانش مدينة عامرة متحضرة ذات أسواق عامرة وصناعات دائمة ومزارع وغلات
ومن مدن إفرنسية مدينة جالوش وهي من أليانش شرقا وبينهما ستون ميلا ومن أليانش إلى أشتيون التي من إقليم برغونية الإفرنجيين ستون ميلا وهي من أليانش جنوبا ومن أليانش إلى جارترش سبعون ميلا ومن أرليانش إلى بنطيز مائة ميل ومن جارطرش إلى بنطيز ثمانون ميلا وجارترش من أليانش شمالا وهي مدينة جليلة حصينة خصيبة كثيرة الخيرات غزيرة الحروثات مياهها جارية وحروثها متصلة وأسواقها عامرة وهي من إقليم إفرنسية أيضا
ومن مدن إفرنسية أيضا مدينة مالص وتروى بالزاي ومن جارترش إليها شرقا ستون ميلا ومالص مدينة مشتملة على خيرات محتوية على بركات مياهها كثيرة وكرومها غزيرة ومزارعها متصلة وهي في نهاية من الخصب وهي وسطة أرض إفرنسية وأيضا فإنه من مدينة مالص إلى مدينة برناي
862

شمالا ستون ميلا وهي من بلاد إفرنسية وهي مدينة صغيرة متحضرة خيراتها وافرة وأقطارها عامرة وأشجارها ملتفة وزراعاتها متصلة وخصبها كثير وكذلك من برناي إلى جارطرش السابق ذكرها غربا سبعون ميلا ومن جارطرش إلى أليانش ستون ميلا
وبالشرق من مدينة جالوش مدينة رانوش وبينهما ثمانون ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة على نهر كثيرة الكروم والأشجار والزراعات والحبوب والمواشي وهي من قواعد
البلاد تتاخم من شرقيها أرض هينو وأرض هينو صغيرة وأيضا فإن من مدينة جارطرش المذكورة قبل هذا إلى مدينة صايص ثمانون ميلا وهي من أرض إفرنسية ويتصل بها من جهة المغرب المانش وهي من أرض طرونية وبينهما ثلاثون ميلا
ويلي أرض إفرنسية في جهة الجنوب من أرض برغونية الإفرنجيين وبلادها مدينة مشكون ونيفارش ودجون ولكنة وإطرويش وأشتيون فأما مشكون فقد ذكرناها فيما سلف من الإقليم الخامس ومنها شمالا إلى مدينة نيفارش سبعون ميلا ونيفارش مدينة جليلة مشهورة الذكر كبيرة القطر كثيرة العامر مقصد للوارد والصادر ومن نيفارش إلى ليون من أرض بربنصة بين الجنوب والغرب مائة وثلاثون ميلا ومن بسنيس التي على طرف الجبل إلى مدينة ليون ثمانون ميلا ومن مشكون إلى دجون وهي مدينة صغيرة متحضرة ستون
863

ميلا ومن دجون شمالا إلى مدينة لنكة سبعون ميلا ومدينة لكنة مدينة نبيلة عامرها كثير وتجائرها عامة ومصالحها ومرافقها ممكنة
ومن مشكون أيضا إلى جنبرة شرقا خمسون ميلا ومن لكنة أيضا إلى بزنشون من أرض برغونية اللمانيين ستون ميلا ومن نيفارش أيضا شرقا إلى دجون خمسة وثلاثون ميلا ودجون مدينة صغيرة متحضرة ومن دجون إلى مشكون ستون ميلا ومن مدينة لنكة إلى مدينة أشتيون غربا ثمانون ميلا ومن مدينة لنكة إلى مدينة إطرويش ستون ميلا وإطرويش قاعدة من قواعد بلاد الروم رخيصة الأسعار كثيرة الكروم والأشجار عامرها كثير وقطرها كبير ومن إطرويش في جهة الغرب إلى مدينة أشتيون ثلاثون ميلا وأشتيون مدينة جليلة ذات أسوار وحصانة زائدة وخيراتها عامة ومن مدينة إطرويش إلى أرليانش التي تقدم ذكرها من بلاد إفرنسية ستون ميلا
ويلي أرض إفرنسية في جهة الشمال إلى ساحل البحر أرض نمندية وبها من قواعد البلاد بياوش وإبراوش وبنطيز ورطوماغش وديابة وقام وقسطنس وبها قرى كثيرة وعمارات متصلة
فأما مدينة بياوش فهي مدينة جليلة حسنة عامرة كثيرة الخصب والخير ومنها في الشرق إلى مدينة إبراوش خمسة عشر ميلا وإبراوش مدينة حسنة
864

حصينة خصيبة وافرة الخيرات عامرة الجهات ومنها إلى رطوماغش ثلاثون ميلا ورطوماغش على النهر في شرقيه وهي مدينة كبيرة مشهورة ومنها إلى ديابة على البحر عشرون ميلا وبين رطوماغش ولزاوش أربعون ميلا وبها يصب نهر رطوماغش في البحر ولزاوش على البحر ومن لزاوش إلى مدينة هنفلات على البحر يوم في جهة الشرق وهو خمسة وعشرون ميلا ومنها شرقا إلى مدينة ديابة أربعون ميلا ومدينة ديابة مدينة عامرة على البحر وبها إرساء وإقلاع وإنشاء مراكب للسفر ومن مدينة هنفلات في جهة المغرب إلى مدينة طوقة على البحر ثلاثون ميلا
ومن طوقة إلى وادي أشترهام غربا ستون ميلا ووادي أشترهام نهر تدخله المراكب ومنبعه يجري من نحو أربعين ميلا ويجتاز على شرقي بياوش ويصب في البحر وبين بياوش والبحر اثنا عشر ميلا ومن بياوش إلى مدينة قسطنس أربعون ميلا ومن بياوش إلى شنت ميجال غربا ستون ميلا ومن إبراوش في جهة الشرق إلى مدينة رطوماغش خمسة وأربعون ميلا وأيضا فإن من مدينة بياوش إلى مدينة مالص من أرض إفرنسية ستون ميلا ومن قسطانس أيضا في البر إلى أبرنجش ثلاثون ميلا ومن أبرنجش إلى شنت ميجال عشرة أميال شمالا ومن أبرنجش جنوبا إلى مدينة صايص من أرض طرونية أربعون
865

ميلا ومن أبرنجش أيضا إلى مدينة المانش ثلاثون ميلا والمانش من أرض طرونية ومن إبراوش أيضا إلى مدينة جارطرش من أرض إفرنسية خمسون ميلا وكذلك من صايص إلى أنجيرش المتقدم ذكرها سبعون ميلا
وكذلك من مدينة المالز وهي مالص أيضا إلى مدينة إبراوش خمسة وسبعون ميلا وعلى يمين السالك من مدينة إبراوش إلى المالص مدينة برناي ومدينة برناي ومدينة مالص معا من مدن إفرنسية وقد ذكرناهما فيما سلف من الذكر ومن رطوماغش المتقدم ذكرها أيضا إلى مدينة بنطيز ثلاثون ميلا وهي آخر أعمال نرمندية في جهة الجنوب وهي مدينة على النهر آهلة عامرة حسنة الديار كبيرة الأقطار وافرة العمار
وتتاخم أرض برغونية الأفرنجيين في جهة الشرق أرض برغونية اللمانيين ومن مدنها ومشهور قواعدها أغشت وجنبرة ولزنة وبشنسون وبزلة وإشبيرة وبردون
فأما مدينة أغشت فقد سبق ذكرها وهي متاخمة لجبل منت جون ومنها إلى مشكون السابق ذكرها خمسون ميلا ومن أغشت إلى مدينة جنبرة وهي مدينة على نهر رودنو وقد سبق ذكرها خمسون ميلا ومن جنبرة إلى مدينة لزنة شرقا ثلاثون ميلا ولزنة مدينة متحضرة وافرة الخيرات جامعة لأنواع
866

التجارات قاصدها كثير وعامرها حفيل ومنها في جهة الشمال إلى مدينة بزنشون خمسون ميلا وبزنشون مدينة متوسطة المقدار حسنة المباني والديار مياهها كثيرة وأقاليمها معمورة وبها صناعات قائمة وأسواق مربحة دائمة ومنها إلى مدينة بردون شمالا ستون ميلا وبردون مدينة كثيرة العمارة لها صنائع دائمة وتجارات ولها كروم كثيرة وأشجار مثمرة وحروث جمة
ومن بزنشون إلى مدينة بزلة شرقا خمسون ميلا وبزلة يزعم قوم أنها من أرض اللمانيين وقوم يقولون إنها من أرض برغونية وهي قصر كبير وبلد عامر كثير ومن بزنشون إلى مدينة ماص ثمانون ميلا ومن بزلة إلى بردون سبعون ميلا بين شمال وغرب ومن بزلة إلى إشبيرة خمسون ميلا ومدينة إشبيرة على نهر رين وهي كبيرة عامرة وكذلك بزلة على غربي هذا النهر أيضا وبين إشبيرة وبردون غربا أربعون ميلا وبرغونية اللمانيين ولاتها وعمالها تحت طاعة اللماني وهو جابيها وحاميها
ويلي برغونية اللمانيين في جهة الشمال أرض لهرنكة وهي أرض صغيرة لكنها عامرة بالقرى والحروث المتصلة والمواشي والخيرات ومن مدنها ماص ولياج وقمراي
فأما مدينة ماص فإنها مدينة حسنة كبيرة منخرقة سكانها أهلوها وفيها صناعات وآلات يتصرفون فيها وبين مدينة ماصة ومدينة بردون ثلاثون ميلا
867

ومن مدينة ماص أيضا إلى لياجة مائة ميل ومدينة لياجة مدينة حسنة في جزيرة من النهر والنهر قد أحاط بها من كل ناحية وبها أسواق وصناعات كافية ومن مدينة لياجة
بين شمال وغرب إلى مدينة قمراي سبعون ميلا ومدينة قمراي على غربي نهر أرين وهي كبيرة القطر فسيحة العمارة ومن مدينة لياجة إلى مدينة رايص في جهة الغرب مائة ميل ومن مدينة رايص شمالا إلى مدينة ميوش وتروى بالزاي ميوز وبالصاد ميوص معا ستون ميلا
وتتصل بأرض لهرنكة أرض إفلاندريش وهي تتصل بالبحر من جهة شمالها ومن مدنها بوبش وإبريز وبنطيز وجيجيرش والرايز ووادي شنت وولرين وروة وبرت إطريز
فأما مدينة رايش فمدينة جليلة عامرة بالناس والتجار والصناع والفعلة ولها أقاليم وأعمال كثيرة متصلة وهي في غربي مدينة لياجة ومن رايص إلى ميوص شمالا ستون ميلا ومن ميوص إلى مدينة بوبش ستون ميلا وبوبش مدينة من مدن الروم القديمة المذكورة وقاعدة من قواعدها المشهورة وهي كثيرة الكروم والبساتين والعمارات والمياه ومنها إلى إبريز سبعون ميلا وإبريز مدينة متوسطة المقدار كثيرة الكروم والأشجار وهي في جزيرة من نهر صينو والنهر يطيف بها من كل جهة وهي كاملة الحسن منيعة الحصن ومن
868

إبريز إلى مالص جنوبا أربعون ميلا ومن مدينة إبريز وتروى بالشين إبريش إلى مدينة بوبش في جهة الغرب مائلا إلى الجنوب تسعون ميلا ومن مدينة إبريش إلى مدينة بنطيز على النهر ثلاثون ميلا أو نحوها
وبنطيز مدينة صغيرة لكنها متحضرة بتجارات متحركة وصناعات مفتعلة وغلات متصلة وهي على شرقي نهر صينو المتقدم ذكره ومن بنطيز إلى بوبش شرقا خمسون ميلا ومن مدينة بنطيز مع النهر إلى مدينة جيجيرش خمسة وعشرون ميلا وهي مدينة حسنة صغيرة كاملة المعاني ومن جيجيرش إلى الرايز شرقا ثمانون ميلا ومن جيجيرش إلى مدينة رطوماغش غربا ثلاثون ميلا ورطوماغش من بلاد نرمندية والرايز مدينة كبيرة عامرة الديار منفسحة الأقطار
ومنها إلى مدينة وادي شنت ثمانون ميلا وهي مدينة صغيرة جدا على ضفة البحر ومن هذه المدينة تركب المراكب الداخلة إلى جزيرة إنقلطارة وبينها وبين الساحل مجاز طوله خمسة وعشرون ميلا وهي الجزيرة العظمى التي في بحر الظلمات وسنذكرها ونذكر جميع بلادها وعماراتها عند ذكر الإقليم السابع بحول الله تعالى ومن بوبش إلى قمراي وهي مدينة في أرض إفلاندرش من جهة المشرق ستون ميلا
ونرجع فنقول ومن شاء سار من وادي شنت إلى وادي روة ستين ميلا
869

على البحر ومن وادي روة إلى حصن ولرين على البحر ثلاثون ميلا غربا ومن ولرين إلى برت إطريز وهي مدينة على البحر غربا خمسة وعشرون ميلا ومن برت إطريز إلى مدينة ديابة المتقدم ذكرها في بلاد نرمندية خمسة وعشرون ميلا وجملة ما ذكرناه من هذه البلاد هي في طاعة ملك إفرنسية
ويلي أرض إفلاندرش في جهة المشرق أرض لبان وهي مما يلي الساحل ومن مدنها طرناي وقنط وقمراي وإبرجس وشنت مير وهي أرض خصيبة مباركة وبها قرى وعمارات ترجع منافعها إذا هذه البلاد المذكورة ويتصل بهذه الأرض من جهة شرقيها أرض إفريزية وتتصل من جهة جنوبها بأرض لهرنكة
وأعظم قواعد مدنها المذكورة مدينة قنط وهي مدينة جليلة على غربي نهر أرين وهي كثيرة الديار وافرة العمارة فرجة الأمكنة ذات كروم وأشجار وغلات قائمة ومن هذه المدينة إلى البحر في جهة الشمال خمسة وثلاثون ميلا ومن قنط إلى مدينة صقلة ثمانون ميلا في جهة الشرق ومدينة صقلة وتروى شكلة أيضا من بلاد إفريزية وسنذكرها بعد هذا بحول الله تعالى ومن مدينة قنط إلى مدينة طرناي بين غرب وجنوب ثلاثون ميلا وهي مدينة متحضرة حسنة وعليها أقاليم وقرى وعمارات ومن مدينة طرناي إلى مدينة أتريغوس في جهة الشرق أربعون ميلا وهي مدينة أسفل لياجة على النهر وفوق مدينة
870

قنط وهي على ضفة نهر أرين ومن قنط إلى أتريغوس المذكورة خمسون ميلا جنوبا ومن مدينة أتريغوس إلى أستريك وهي مدينة من مدن اللمانية في جهة الشرق والشمال مائة ميل ومن أتريغوس إلى مدينة قمراي أربعون ميلا ومن مدينة قمراي إلى مدينة أستريك أيضا مائة ميل وخمسة وعشرون ميلا بين شرق وشمال ومن مدينة قمراي أيضا إلى مدينة لؤونس غربا ستون ميلا ولؤونس تقدم ذكرها في أرض إفلاندرش
ومن مدينة قنط إلى مدينة إبرجس غربا خمسة عشر ميلا وهي مدينة متوسطة متحضرة كثيرة المرافق رخيصة الأسعار متصلة الكروم والحروث والخيرات ومن إبرجس إلى صنقلة على البحر شمالا ثلاثون ميلا وصنقلة قرية عامرة على ضفة نهر في قعر جون يعرف بجون صنقلة ومن وادي صنقلة إلى وادي شنت المتقدم ذكره غربا ستون ميلا ومن وادي شنت في البر جنوبا إلى مدينة الرائز ثلاثون ميلا ومن الرائز إلى إبرجس مائة وستون ميلا وإبرجس من الرائز شرقا ومن إبرجش إلى شنت مير وهي مدينة صغيرة خمسة وعشرون ميلا ومن مدينة شنت مير إلى مدينة طرناي السابق ذكرها خمسة عشر ميلا
ويلي أرض لبان في جهة الجنوب أرض اللمانيين ويحيط بها من جهة المغرب
871

أرض لهرنكة وأرض برغونية اللمانيين ويليها في جنوبها أرض صوابة وأرض بابير ويليهما من جهة المشرق أرض شصونية وبعض بلاد إفريزية ومن مشهور بلادها بزلة وإشبيرة وفرميزة وميانصة وإبرنكبرده وقاسلة وقلونية وأستريك وهربرد وبنسة
فأما مدينة بزلة فقد ذكرناها وقلنا إنها من برغونية اللمانيين ويقال أيضا إنها من بلاد اللمانيين وهي قطر كبير حسن ومنها إلى مدينة إشبيرة ستون ميلا وإشبيرة على نهر رين وبغربيه ومن مدينة بزلة إلى مدينة ألمة مائة ميل وستون ميلا شرقا وألمة من بلاد صوابة وسنذكرها في موضعها بحول الله ومن ألمة إلى أوزبرك من إقليم صوابة ثلاثون ميلا ومن إشبيرة إلى مدينة فرميزة ثلاثون ميلا ومدينة فرميزة مدينة حسنة على ضفة النهر المسمى رين جليلة الديار فسيحة الأقطار كثيرة العمارات قائمة الجبايات
ومن قواعد بلاد اللمانية مدينة ميانصة وهي مدينة جليلة عامرة كثيرة الزراعات وافرة الغلات ومنها إلى مدينة فرميزة ثلاثون ميلا جنوبا وبها يقع نهر مورين في نهر رين
ومن مدينة ميانصة إلى مدينة قلونية ستون ميلا بين شمال وشرق ومدينة
872

قلونية مدينة على غربي نهر رين كبيرة القطر عامرة الجوانب متصلة الزراعات قائمة الغلات
ومن مدينة قلونية إلى مدينة أستريك مائة ميل شمالا وأستريك على نهر رين وفي الضفة الغربية منه وهي مدينة حسنة ظاهرة العمارة وافرة التجارة حسنة الأبنية واسعة الأفنية كثيرة الكروم والشجر والمواشي والخيل والعدة وفي أهلها عزة أنفس وجلادة وحزم وأستريك متاخمة لأرض إفريزية
ومن مدينة ميانصة إلى قاصلة سبعون ميلا شرقا وقاصلة متوسطة أرض اللمانية ومن مدينة قلونية إلى قاصلة سبعون ميلا وكذلك من مدينة ميانصة إلى برنقبرذة أربعون ميلا شرقا ومن قلونية إلى برنقبرذة جنوبا ستون ميلا وكذلك من مدينة برنقبرذة إلى مدينة قاصلة ثلاثون ميلا شرقا
ومن مدينة قاصلة إلى مدينة هربرد سبعون ميلا شرقا ومدينة هربرد مدينة تتاخم أرض شصونية وهي مدينة عظيمة عامرها كثير ومالها غزير وزراعاتها متصلة غير منفصلة
وكذلك من مدينة هربرد إلى مدينة بنصة جنوبا مغربا ستون ميلا ومن هربرد إلى مدينة قاصلة سبعون ميلا ومن مدينة قاصلة إلى مدينة بنصة خمسة وأربعون
873

ميلا وكذلك من مدينة فرميزة المتقدم ذكرها إلى مدينة بنصة سبعون ميلا شرقا ومدينة بنصة مدينة كبيرة عامرة خصيبة حصينة كثيرة الزرع والضرع وأهلها أنجاد في الحروب ولهم عدة واستعداد وهي دار مملكة اللمانيين
وأرض شصونية وأرض بلونية وأرض بوانية وأرض قلنطارية وأرض أكلاية وأرض إبرنصية وإقليم دسقانة وأرض إفريزية وأرض بابير وأرض صوابة وأرض لهرنكة ولوبانية وأرض بربان وأرض هينو وأرض برغونية اللمانيين جميعها تحت طاعة ملك اللمانية وهي خمسة عشر أرضا وأيضا فإن أرض إفلندريش وأرض إفرنسية وأرض برغونية الإفرنجيين وأرض نرمندية وأرض برطانية وأرض ماينة وأرض أنجو وأرض طرونية وأرض بري وأرض البرنية وأرض بيطو وغشكونية وبربنصة كل هذه الثلاث عشرة أرضا هي تحت طاعة ملك الإفرنج وبلاد الإفرنج أخصب من بلاد اللمانيين وأنفع غلات وأحسن حالات وأغزر ثمارات
فأما أرض قرنطارة فهي أرض صغيرة ومن بلادها المشهورة وقواعدها المذكورة إكريزا فأما مدينة إكريزا فهي تتاخم جبل منت جون وهي خلف نهر دروة وهي مدينة متوسطة متحضرة لها أسواق وفيها تجارات وبها خيرات وكروم ولها أغنام ومواش كثيرة وأرزاق وغلات ومنها في جهة الشمال إلى مدينة ألمة خمسون ميلا وألمة مدينة كبيرة متحضرة لها أسواق وفيها
874

تجارات وبها خيرات وافرة
ومن مدينة إكريزا إلى مدينة أسكنجة خمسة وثلاثون ميلا بين شمال وغرب ومدينة أسكنجة مدينة كبيرة تتاخم طرف جبل منت جون ويخرج نهر دنو بمقربة منها وعلى اثني عشر ميلا وذلك ما بين أسكنجة والجبل ومدينة أسكنجة على ضفة النهر من الناحية الشرقية وهي حسنة البقعة فسيحة الرقعة عامرة الديار نزهة البساتين كثيرة العيون والأنهار وهي من أرض قرنطارة وتجاور أرض صوابة
فأما أرض صوابة فمن مدنها ألمة وأوزبرك وبزلة وإشبيرة وهي أرض صغيرة الطول والعرض لكنها أرض عامرة كثيرة الخصب ومن أسكنجة إلى مدينة بزلة المتقدم ذكرها مائة ميل وبزلة يقال إنها من بلاد اللمانية كما بيناه قبل هذا ومن مدينة ألمة إلى مدينة أوزبرك ثلاثون ميلا وهي مدينة عامرة القطر كثيرة الخيرات متصلة الزراعات وهي على نهر دنو ومنها إلى مدينة بتزوة وتروى بتصوة بالصاد ثمانون ميلا ومدينة بتصوة مدينة كبيرة كثيرة العمارات فرجة الديارات ذات أسواق وصناعات ومياه جاريات وغلات دائمة وتجارات قائمة ومن مدينة بتصوة إلى مدينة بنصة التي من بلاد اللمانية مائة ميل وقد ذكرنا بنصة فيما صدر من الكلام وكذلك من مدينة
875

أوزبرك إلى مدينة بنصة أيضا مائة ميل ومن مدينة أوزبرك إلى مدينة إفرنقبرذ على نهر موين التي من أرض اللمانية سبعون ميلا وقد قدمنا ذكرها
وكذلك من أوزبرك إلى مدينة رنج برك ستون ميلا ورنج برك مدينة من مدن أرض بابير وتروى بافير كثيرة الدور عامرة القطر متصلة الغراسات والكروم وموضع هذه المدينة بجنوب نهر دنو وأرض بابير أرض كبيرة لها قرى وعمارات وقلاع كثيرة ومن مشهور بلادها رنج برك ويقال رينش برك ومدينة بتصوة ومدينة أنززقرطة وغرمايشة وهذه الأرض يحيط بها من شرقيها أرض بوامية وبغربها صوابة وبجنوبها قرنطارة وبشمالها اللمانية وهي أرض جليلة كثيرة الخيرات مشهورة البركات ومن مدينة رنج برك إلى مدينة بتصوة سبعون ميلا شرقا ومن بتصوة إلى أنززقرطة ستون ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة كثيرة الدخل والخرج متصلة العمارة كثيرة المياه والأنهار والبساتين والكروم والأشجار ومن مدينة غرمايشة إلى مدينة بنصة بين شمال وغرب سبعون ميلا ومدينة بنصة من أرض اللمانية وقد تقدم ذكرها فيما مضى من الذكر
ومن مدينة غرمايشة إلى ويانة شرقا ستون ميلا وهي من أرض بوامية وتروى بوابية بالباء وأرض بوابية هذه أرض طويلة عريضة عماراتها متصلة
876

وبلادها كثيرة وخيراتها واسعة فمن مدنها وقواعد بلادها جيك لبوكة وشبرونة وويانة وماصو وتروى باصو وماشلة واقراقطة ومدينة أستركونة وهذه البلاد كلها من عمالة اللماني وتحت طاعته وهو القائم بجبايتها وحمايتها والأمر في ملوكها بما شاء من شائع أوامره يولي ويعزل ويفعل ما يختار من غير مضاد لأمره ولا معاند لحكمه
وأشهر مدن بوامية مدينة أستركونة وهي قاعدة بلاد بوامية وأعظمها قطرا وأوسعها عمارة وأكثرها بشرا وأعمها خيرا وهي دار المملكة ومدار الرياسة لملوك بامية ومن مدينة أستركونة وتروى أسترغونة بالغين إلى مدينة جيك لبوكة غربا مع شمال ثمانون ميلا ومدينة جيك لبوكة مدينة حسنة قائما بجميع منافعها وبها أسواق للتجارات وأقاليم متصلة العمارات ومياهها وفواكهها عامة وخصبها دائم وكرومها وأشجارها كثيرة ومن مدينة جيك لبوكة إلى مدينة شبرونة ستون ميلا شرقا وكذلك من مدينة شبرونة إلى مدينة أستركونة جنوبا ثمانون ميلا ومدينة شبرونة مدينة جليلة كبيرة كثيرة المياه والمزارع عامرة الأسواق والشوارع ديارها عالية ومتنزهاتها سامية وهي في مستو من
الأرض خصيبة وبينها وبين النهر عشرون ميلا ومن مدينة شبرونة إلى مدينة ويانة جنوبا أربعون ميلا وكذلك من ويانة إلى مدينة غرميشة السابق ذكرها أربعون ميلا غربا ومن ويانة إلى مدينة أستركونة خمسون ميلا جنوبا وويانة
877

في شرقي نهر دنو وأستركونة في شرقي النهر ومن أستركونة شرقا إلى باصو أربعون ميلا وباصو مدينة كبيرة وسنذكرها في موضعها ومن باصو إلى شبرونة ثمانون ميلا بين شرق وجنوب ومن شبرونة إلى أستركونة ثمانون ميلا
ومن أسترغونة إلى مدينة بلغرابة ثلاثون ميلا في جهة الجنوب ومدينة بلغرابة من مدن أرض قرنطارة وأرض قرنطارة مجاورة لأرض أنكلاية من جهة المغرب ويحيط بها من جهة جنوبها بلاد البنادقة ومن جهة الشرق أرض أنكرية ومن وجهة الشمال أرض بوامية المتقدم ذكرها وأرض قرنطارة هي بين نهر دنو ووادي ذروة ومن بلادها وقواعد مدنها بزوارة وبوزانة ونيطرم وبلغرابة وسيق لاو وبوزة وكل هذه بلاد تجاور بلاد البنادقة وربما كانت بينهم حروب شديدة لا ينفكون عنها ومن البلاد التي تجاور البنادقة من أرض قرنطارة مدينة بيلو وهي على نهر ذروة في الضفة الجنوبية ومدينة بوزة وهما مدينتان متقاربتان في القدر والكبر وكثرة العمارة ولهما حروث وزروع وغلات وبين بيلو وبوزة خمسة أيام في جهة الشرق وكذلك من بوزة إلى مدينة سيق لاو ثلاثة أيام ومدينة سيق لاو على ضفة النهر في الجانب الجنوبي وهي مدينة كبيرة حسنة ذات عمارة وأسواق وخير شامل وبجبالها معادن الحديد الجيد المعدوم المثال الذي لا يبلغ جودته حديد غيره في القطع
878

والرطوبة ومن مدينة بوزة إلى مدينة شبرونة شمالا ثلاثة أيام وكذلك من مدينة بوزة إلى مدينة جيك لبوكة ثلاثة أيام شمالا مع غرب وكذلك من جيك لبوكة إلى شبرونة ستون ميلا وكذلك من مدينة شبرونة إلى مدينة أستركونة ثمانون ميلا
ويلي أرض اللمانية من جهة شمالها أرض إفريزية ومن جهة المغرب أرض لوبان ومن جهة المشرق أرض شصونية ومن شمالها البحر المظلم ومن مدن أرض إفريزية سيكلة وشوزاص وأكروننجة وبرنة وهي بلاد تتقارب مقاديرها وتتساوى عماراتها وهي بلاد حسنة
فأما مدينة صيكلة فإنها مدينة كبيرة في وطاء من الأرض حسنة الجهات متصلة العمارات كبيرة الأسواق والتجارات وهي متوسطة أرض إفريزية ومنها إلى مدينة أستريك غربا ثمانون ميلا وكذلك من مدينة سيكلة إلى مدينة شوزاص ثمانون ميلا ومدينة شوزاص مدينة كبيرة عامرة أسواقها حسنة وديارها عامرة وكرومها وأشجارها كثيرة وأيضا فإن من مدينة سيكلة إلى أكرننجة سبعون ميلا ومن أقرننجة إلى برنة على البحر سبعة أميال ومدينة برنة على البحر وهي مدينة عامرة كثيرة الديار والكروم والحروث ومن مدينة برنة إلى موقع نهر رين في جهة الغرب ثمانون ميلا وبين هذا الذراع
879

والذراع الثاني ثمانون ميلا غربا ومن مدينة أكروننجة إلى مدينة قلونية مائة ميلا ومن مدينة برنة في جهة المشرق إلى مدينة وزرة مائة ميل ووزرة من أرض شصونية وسنذكر أرض شصونية في موضعها بعد هذا بحول الله تعالى ومن مدينة شوزاص إلى مدينة ذولبرلة ستون ميلا جنوبا وذولبرلة مدينة حسنة في سفح جبل وبها مياه جارية ومزارع وغلات ومن مدينة ذولبرلة إلى مدينة سيكلة سبعون ميلا وسنذكر بلاد شصونية بعد هذا الجزء بعون الله تعالى
ونقول أيضا إن جزيرة إنقلطارة التي في البحر الكبير المظلم يجتاز إليها ويدخل من جون صنقلة المتقدم ذكره وهي جزيرة كبيرة جدا بها بلاد عامرة وحصون وقلاع وقرى ومزارع وأودية وأنهار وجبال ووهاد وأرض غير مسكونة
وقد أحاط هذا الجزء الذي نحن فيه وتكلمنا عليه ووصفنا أراضيه وقواعد البلاد منه بجزء من هذا الجزيرة المسماة إنقلطارة وما على ساحلها من قواعد بلادها المسكونة في الجانب الجنوبي منها وهي مدينة سهستار وغرهم وهنتونة وشرهام وهستينكش ودبرس وجرنموده ونرغيق وأغريمس ولوندرس وغركة فرت وعونسترة وبلاد أخر غير هذه مما لم تقع مواضعها في هذا
880

الجزء وسنذكر الكل من هذه الجزيرة بمدنها وجميع أرضها وجبالها وأنهارها في موضعها من الإقليم السابع حيث يأتي موضع الجزيرة إن شاء الله تعالى وبه التسديد والتوفيق
نجز الجزء الثاني من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء الثالث منه إن شاء الله
881

الجزء الثالث
إن الذي تضمن هذا الجزء الثالث من الإقليم السادس بقية من أرض بؤامية وإقليم أنكرية وإقليم بلونية وإقليم شصونية وإقليم رمانية
فأما إقليم بؤامية ففيه من البلاد المشهورة باصو وأقراه وأبية وبطش
وفيه من بلاد قرنطارة سيق لاوش وبذوارة وبلغراتة وأستركونة وشبرونة وغرماسية وتيتلوس ونيطرم وإفرنك بيلة وأرينية
وفيه من بلاد أنكرية هنقبر وشنت وبقصين وجرنغراتة وقاون وار وبلغردون وأفرنيسفا وتنيسبر ووالبة
وفيه من بلاد شصونية هربرد ووذنبركة ونيون برك وهالة ومشلة
وفيه من بلاد بلونية زامتق وإقراقو وجنازنة وبرتيصلابة ورمسلي
882

وها نحن أواصفون خبارها مثل ما سبق لنا فبل بحول الله فنقول إن مدينة بلاح من أرض قرنطارة على نهر دروة وهي مدينة حسنة كثيرة الأقاليم والأقطار غزيرة المياه والأنهار وقد تقدم لنا ذكرها بما هي عليه قبل هذا
ومنها إلى مدينة بلغراتة في جهة الشمال سبعون ميلا ومدينة بلغراتة على بعد من النهر المذكور وهي في ذاتها حسنة جليلة عامرة ذات سور حصين وأسواق عامرة
وصناعات قائمة وتجارات متصرفة ومرافق كثيرة ومزارعها طيبة كثيرة الحبوب والقطاني
ومن مدينة بلغراتة إلى مدينة بوزانة على نهر دنو خمسة وثلاثون ميلا وهي مدينة متوسطة عامرة متحضرة بها أشياء ممكنة ومرافق قائمة وعمارات متصلة
ومن مدينة بوزانة إلى مدينة بذوارة ستون ميلا وبذوارة على نهر دنو وبين بوزانة وبذوارة يقع نهر دروة في نهر دنو وبوزانة آخر بلاد قرنطارة
وكذلك أيضا من مدينة بلغراتة إلى مدينة أستركونة ثلاثون ميلا ومن مدينة بذوارة المتقدم ذكرها إلى مدينة نيطرم في جهة الشمال سبعون ميلا
وكذلك أيضا من مدينة بوصانة إلى نيطرم سبعون ميلا في جهة الشرق مع الشمال وذلك أن نهر دنو يمر من مدينة بوصانة في جهة الجنوب ثم يستقيم جريه شرقا إلى مدينة بذوارة فيجتاز بشمالها ونيطرم مدينة عامرة
883

متحظرة كبيرة القطر في مستو من الأرض ولها مياه جارية ومزارع نامية وأحوال سامية وخيرات كاملة ولها كروم وعمارات
ومن مدينة نيطرم إلى مدينة أقرة في جهة الشمال أربعون ميلا ومدينة أقرة من أرض بؤامية
ويخرج من أرض بؤامية نهران يمران في جهة المغرب ويسيران بتأريب إلى الجنوب فيصبان في نهر دنو بمقربة من بوزانة ويخرج هذان النهران من جبل يسمى ببلواك وهو جبل حاجز بين بلاد بؤامية وبلاد بلونية فيمر النهران مفترقين ثم يجتمعان فيسيران واحدا ثم يصب في نهر دنو كما وصفنا
وعلى هذين النهرين مدينتا أقرة وبطش وبطش مدينة صغيرة لكنها عامرة ولها أقاليم ورساتيق كثيرة
ومن أقرة إلى مدينة بطش أربعون ميلا بين شرق وشمال ومن أقرة في جهة الشرق إلى مدينة أرينية ثمانون ميلا وهي مدينة صغيرة عامرة
ومن أرينية إلى مدينة بقصين على نهر دنو في جهة الجنوب ستون ميلا وبقصين مدينة مشهورة وفي عديد القواعد القديمة مذكورة وبها أسواق ومتاجر وصناع وعلماء إغريقيون ولهم مزارع وجهات عامرة وسعرها أبدا محطوط لكثرة الحنطة عندهم
وأيضا فإن من مدينة بقصين إلى مدينة قاون ستون ميلا في جهة الشرق
884

ومدينة قاون مدينة كبيرة عامرة على نهر دنو وبها أسواق وصناعات وكذلك من مدينة أقرة المتقدم ذكرها إلى مدينة قاون مائة ميل وستون ميلا
وأيضا فإن من مدينة أقرة إلى مدينة باصو المذكورة في جهة المغرب مع جنوب ثمانون ميلا ومدينة باصو من أرض بؤامية
ومن باصو إلى مدينة مشسلة وتروى مشلة مائة ميل وخمسون ميلا وهي مدينة حسنة كثيرة المزارع والثمرات واسعة الأقاليم والجهات متصلة العمارات ذات أسوار حصينة وأسواق عامرة
وأيضا فإن من مدينة سيق لاوش السابق ذكرها في جهة المشرق إلى مدينة إفرنك بيلة ثمانون ميلا وإفرنك بيلة مدينة كبيرة حسنة برية شرب أهلها من العيون والآبار وبها خيرات كثيرة ونعم شاملة وافرة والغالب على أهلها البداوة
ومن مدينة إفرنك بيلة بين شرق وشمال إلى مدينة أبرندس خمسون ميلا وأبرندس مدينة متحضرة لها أسواق وعمارات كثيرة وهي في أسفل جبل وموضعها في وطاء من الأرض ومنها إلى مدينة قاون التي على نهر دنو سبعون ميلا
وكذلك من مدينة أبرندس إلى مدينة بقصين مثل ذلك سبعون ميلا ومدينة بقصين من مدينة قاون في ناحية الغرب وقاون وبقصين مدينتان جليلتان عامرتان كثيرتا الداخل والخارج وهما حاضرتا بلاد أنكرية وأكثرها عمارة وأوفرها أموالا وضياعا
885

ثم نرجع أيضا فنقول إن من مدينة بذوارة السابق ذكرها إلى مدينة تيتلوس على النهر في جهة المشرق خمسة وسبعون ميلا ومن مدينة تيتلوس إلى مدينة بقصين خمسة وسبعون ميلا ومدينة تيتلوس في الضفة الشمالية من النهر وهي عامرة كثيرة الخلق وأهلها أهل أموال جسام ونعم وأنعام
وأهل هذه الناحية كلها أعني أهل بلاد أنكرية أهل حرث وكسب وقدرة على العمارة ولها أقاليم وقرى عامرة وهي تتاخم أرض إسقلونية
وأكثر بلاد إسقلونية في وقتنا هذا تغلبت البنادقة عليها وملكت أمرها وكان أكثرها قبل هذا في طاعة ملك أنكرية فاغتصب فيها
وأيضا فإنا نقول إن من مدينة تيتلوس في جهة الجنوب إلى مدينة إفرنك بيلة ميلا ومن إفرنك بيلة إلى مدينة قاون مائة ميل ومن مدينة إفرنك بيلة أيضا في جهة الغرب مع الجنوب إلى مدينة أقولية من أرض إسقلونية سبعون ميلا ويقال إن أقولية تتاخم أرض إسقلونية
وكذلك من أقولية إلى مدينة سيق لاوش أيضا سبعون ميلا وأقولية من أرض إسقلونية ذات أقاليم واسعة وخيرات مجتمعة وهي في حضيص جبل متحصنة من غارات البنادقة
ومن أقولية إلى مدينة بلاح تسعون ميلا ومن مدينة بلاح إلى مدينة بلغرانة
886

ستون ميلا وكذلك من مدينة بلاح إلى إفريزاك خمسون ميلا غربا ومن إفريزاك إلى مدينة رنج برك التي من أرض بابير مائة ميل وإفريزاك وبلاح وأقولية تتاخم أرض قرنطارة
ومن مدينة إفرنك بيلة إلى أبرندس خمسون ميلا ومن أبرندس إلى مدينة بانية التي على نهر لينة خمسة وسبعون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة متحصنة على النهر ونهرها يصب بين مدينة قاون ومدينة بلغردون
ومن مدينة بانية أيضا إلى مدينة أبلانة تسعون ميلا وهي مدينة عامرة ومن أبلانة إلى مدينة ربنة مائة ميل وعشرون ميلا وربنة مدينة كبيرة عامرة
ومن أبلانة أيضا في جهة الجنوب إلى مدينة غانل أربعة أيام وهي مدينة تغلبت البنادقة على أرضها فأخربتها وهي على نهر كبير يمر منها حتى يجتاز على مدينة نيسو وبينهما في البر أربعة أيام وفي النهر يومان
ومن نيسو إلى مدينة ربنة خمسون ميلا ومن مدينة بانية إلى مدينة بلغردون في جهة الشمال خمس مراحل ومن مدينة بانية إلى مدينة قاون مائة ميل
وكذلك من قاون إلى مدينة بلغردون سبعون ميلا وهي في البر مرحلتان كبيرتان جدا وفي النهر أقل من ذلك ومدينة بلغردون مدينة عامرة بها بشر كثير وكنائس معظمة
887

ومنها إلى مدينة أفرنيسفا خمسة وسبعون ميلا وفي النهر يومان وأفرنيسفا مدينة عامرة كبيرة
وأيضا فإن من مدينة بلغردون إلى مدينة ربنة مائة وخمسون ميلا في البرية ومن ربنة إلى مدينة أفرنيسفا مرحلتان كبيرتان ويقال إنها مائة ميل وهي مدينة في مستو من الأرض عامرة القطر كثيرة الداخل والخارج رخيصة الأسعار دائمة الغلات مياهها جارية وأقاليمها واسعة وتجاراتها دائمة وخيراتها مشتملة وهي من مدن مقذونية
ومنها إلى مدينة نيسو خمسون ميلا ونيسو من مدن مقذونية أيضا وسنصف باقي أرض مقذونية فيما يأتي بعد هذا بحول الله وقوته فنقول
إن الطريق من مدينة قاون إلى أرض أنكرية يؤخذ مع الشمال وأكثر بلاد أنكرية إنما هي على نهر شنت ونهر تيسيا وهذان النهران يخرجان معا من جبل كركو وهو الحاجز بين بلاد أنكرية وبلونية وأرض المجوس فيجريان معا إلى ناحية المغرب ثم يجتمعان على مسير ثمانية أيام من منابعهما ويصيران نهرا واحدا ثم يمر إلى جهة الجنوب مقدار ثمانية أيام فيصب في نهر دنو ما بين مدينة بقصين ومدينة قاون
ومن مدينة قاون إلى شنت أربعة أيام وهي في غربي النهر وهي مدينة عامرة حسنة متحضرة
888

ومنها مع النهر إلى مدينة جرنغراتة ثلاث مراحل وهي مدينة كبيرة عامرة بها أسواق وخيرات شاملة
ومنها أيضا مع النهر إلى مدينة تنيسبر أربع مراحل وهي مائة وعشرون ميلا وتنيسبر مدينة حسنة كثيرة الخيرات على جنوب نهر تيسيا
ومن أراد سار من مدينة جرنغراتة إلى مدينة والبة خمس مراحل يخرج من المدينة إلى مصب نهر تيسيا مرحلة كبيرة ويصعد مع نهر شنت أربع مراحل إلى مدينة والبة وهي مدينة قائمة الذات عامرة على نهر شنت من شماله
ومن مدينة والبة إلى مدينة تنيسبر في جهة الجنوب أربع مراحل كبار في عمارات ومزارع وخصب وهذه المراحل بين النهرين معا
ومن مدينة والبة إلى مدينة هنقبر في ناحية الغرب خمس مراحل ومدينة هنقبر كبيرة عامرة تتاخم أرض بلونية
وأرض بلونية بلاد العلماء وطلاب العلم بها كثير من الروم القاصدين إليها من سائر الآفاق وبلادها عامرة كثيرة البشر
ومن مدنها مدينة إقراقو وهي مدينة حسنة كثيرة الديار والعمار والأسواق
889

والكروم والجنات ومنها غربا مع جنوب إلى مدينة مشلة مائة وثلاثون ميلا ومدينة مشلة مدينة حسنة متحضرة ومنها أيضا إلى مدينة بطس خمسة أيام جنوبا
ومن مدينة إقراقو إلى مدينة جنازنة مائة ميل وهي من إقراقو شرقا وهي مدينة عامرة حسنة ومن مدينة جنازنة إلى مدينة رتصلابة ستون ميلا ومن مدينة رتصلابة إلى رمسلي من أرض سدمارة مائة ميل
ومن مدينة إقراقو أيضا إلى مدينة هالة في جهة الغرب مائة ميل وهي من أرض شصونية وهالة مدينة كبيرة جامعة عامرة
وكذلك من مدينة إقراقو إلى نيون برك مائة ميل ونيون برك من أرض شصونية أيضا وبين هالة ونيون برك أربعون ميلا ومن نيون برك إلى مدينة وزنبركة غربا ستون ميلا وهي مدينة جليلة
ومن مدينة نيون برك في جهة الجنوب إلى مدينة قزلارة مائة ميل وهي أربع مراحل ومن مدينة قزلارة في جهة الغرب إلى مدينة هربرد من أرض اللمانية ستون ميلا ومن مدينة قزلارة إلى مدينة مشلة في جهة الشرق مائة ميل
890

ومن هالة أيضا إلى مدينة مشلة ثمانون ميلا
ومن نيون برك إلى مدينة وزرة على النهر خمسة وعشرون ميلا ومن وزرة إلى بحر الظلمات خمسة وعشرون ميلا وهنا انقضى القول في هذا الجزء والحمد لله كثيرا
نجز الجزء الثالث من الإقليم السادس ويتلوه الجزء الرابع منه إن شاء الله
891

الجزء الرابع
إن الذي تضمن هذا الجزء الرابع من الإقليم السادس إقليم رمانية وأرض مقذونية وبعض بلاد الروسية القصوى
فأما أرض مقذونية ففيها من بلادها نيسو وأتروبي ونوقسترو وبيدني وبنوي ولفيسة وأفرنيسفا وأغريزينوس ومسيونس
وفيه من بلاد رمانية فاروي وليغلغو وأقرنوس وإستينوس ودنبلي وفرامنياك وألماس وكرنبي وميغالي ثرمة وغولوي وبسترنس وأفلي وألكسيوبلي وديسينة وطمطانة وبرنس وأخيلو وأيمن وبرفنتو ومليسية وبرسكلافسة وميغالي برسكلافة وأغرميني وفربسيوس وماذينوس وقليمالايا وبوليا بسيمسقوس وبيزوي والقسطنطينة وإدرستر وأيلوغيس وأيميديا وأغاتوبلس وباسليكو وسزوبلي وأخيلو
892

وكل هذه البلاد قواعد مذكورة ومدن مشهورة ويجب علينا أن نصف أحوالها وحدود طرقاتها كما سبق لنا في سائر الأقاليم المتقدمة ومن الله نستمد المعونة ونقول
إن من بلاد مقذونية نيسو وهو بلد جليل وقطر نبيل كثير اللحم والسمك والعسل واللبن وأسعارها أبدا رخيصة وهي كثيرة الفواكه على ضفة نهر مورافا الخارج من جبال
سربية ولها على النهر قنطرة كبيرة حسنة يجاز علها دخولا وخروجا
ومن مدينة نيسو إلى مدينة أتروبي شرقا أربعون ميلا وأتروبي على نهر صغير يأتي من جبال سربية فيمر بمدينة أتروبي من جهة شرقيها ويمر إلى أن يصب في نهر مورافا فيسيران واحدا ثم يمر هذا النهر إلى أن يصب في نهر دنو على مقربة من بلد أفرنيسفا وعلى هذا النهر أرحاء طاحنة وجنات وكروم
ومن مدينة أتروبي إلى مدينة أتراليسة السالف ذكرها في الإقليم الخامس أربعون ميلا وأتراليسة كما قدمنا ذكرها في الإقليم الخامس مدينة جليلة
ومن أتراليسة إلى مدينة إستوبوني يوم وهي في ذاتها مدينة جليلة
ومن مدينة إستوبوني إلى مدينة أقرنوس ست مراحل وأقرنوس مدينة جليلة على ظهر جبل مرتفع
893

ومن أقرنوس إلى فاروي أربعون ميلا وفاروي مدينة على نهر أخيلو ومنها في جهة الشرق إلى مدينة سلوني خمسون ميلا وهي مدينة في وطاء من الأرض ومنها إلى مدينة روذستو ستون ميلا وروذستو مدينة حسنة ومنها في الشرق مدينة القسطنطينة العظمى على اثني عشر ميلا
ومن مدينة سلوني أيضا إلى مدينة ليغلغو غربا خمسون ميلا ومدينة ليغلغو كبيرة القطر عامرة النواحي وهي على جبل مطل على نهر أخيلو وهو النهر الذي قدمنا ذكره فيما سبق ويتصل هذا النهر من ليغلغو إلى مدينة فاروي وبينهما خمسة وثلاثون ميلا جنوبا ويتصل من مدينة فاروي إلى مدينة فيلبوبلس ثم إلى أدرنوبلي ثم إلى سرولة إلى أركاديوبلي إلى أن يصب في الخليج الذي عليه فم أبذس بمقربة من أخرسوبلي الساحلية ويسمى هناك وادي مرماري ونرجع فنقول
إن من مدينة نيسو إلى مدينة ربنة خمسون ميلا وربنة منها شمالا محققا ومن مدينة ربنة إلى مدينة أفرنيسفا ستون ميلا وأفرنيسفا على نهر دنو الكبير
ومن مدينة أتروبي أيضا إلى مدينة بنوي في جهة الشرق مع قليل تأريب إلى الشمال تسعون ميلا وهي مدينة عامرة صغيرة القطر على ظهر جبل عال
ومن بنوي أيضا إلى مدينة لفيسة ست مراحل وهي من بنوي بين شرق
894

وشمال ويوازيها في جهة الجنوب مدينة أقرنوس وبينهما أربع مراحل ومدينة لفيسة على ظهر جبل
ومن مدينة لفيسة في جهة الشمال مع الشرق إلى مدينة مسيونس خمس مراحل وهي مدينة كبيرة عامرة قديمة التأسيس
ومن مدينة لفيسة أيضا إلى مدينة بيدني خمس مراحل وهي مدينة كبيرة وهي من لفيسة بين غرب وشمال على نهر دنو المذكور
وكذلك أيضا من مدينة فاروي المتقدم ذكرها إلى مدينة بوليا بسمسقوس أربع مراحل والطريق بينهما في مزارع متصلة وعمارات غير منفصلة وقرى كبار وكروم وفواكه كثيرة وأغنام وأبقار ونعم وافرة
ومن مدينة بوليا بسمسقوس إلى مدينة بيزوي سبعون ميلا وهي ثلاث مراحل في أوطية وأرض طيبة وبيزوي مدينة كبيرة عامرة كثيرة الأسواق وأهلها أهل صناعات ولها مزارع وأقاليم متصلة وعمالات جمة
ومن مدينة بيزوي إلى مدينة أيلوغيس في جهة الشرق خمسون ميلا وأيلوغيس مدينة على جبل بينها وبين الخليج البنطسي اثنا عشر ميلا
وكذلك أيضا من مدينة بيزوي إلى مدينة قاليمالايا خمسة وخمسون ميلا ومن مدينة بيزوي أيضا إلى مدينة فاروي المتقدم ذكرها في جهة الغرب تسعون ميلا وبينهما مسارح وخصب وربيع دائم ومياه عذبة جارية وأفرجة ممكنة
895

ومن مدينة بيزوي إلى مدينة القسطنطينة ثلاثون ميلا وقد وصفنا القسطنطينة قبل هذا بما أمكننا وصفه بحول الله تعالى
وصفة الطريق من مدينة القسطنطينة على الساحل إلى مصب نهر دنو حيث مدينة مريس فمن شاء ذلك خرج من القسطنطينة إلى مدينة أيلوغيس خمسة وعشرون ميلا وهي مدينة على جبل مرتفع على البحر اثنا عشر ميلا والملك يتنزه بها في كل سنة مرة ويقيم فيها لصيد الحمر الوحشية أياما كثيرة
ومن أيلوغيس إلى مدينة أيميديا خمسة وعشرون ميلا وهي مدينة حسنة عامرة بقرب البحر ومنها إلى مدينة أغاثوبلس خمسة وعشرون ميلا ومنها إلى باسليكو على ساحل البحر خمسة وعشرون ميلا ومن باسليكو إلى مدينة سزوبلي على البحر خمسة وعشرون ميلا
وكذلك منها إلى مدينة أخيلو خمسة وعشرون ميلا وبينهما جون من البحر عرضه اثنا عشر ميلا وطول هذا الجون عشرون ميلا
ومن أخيلو إلى مدينة أيمن على البحر خمسة وعشرون ميلا ومن أيمن إلى برنس خمسون ميلا وبرنس على قرب البحر كما قدمناه ومن برنس إلى مدينة أرموقسترو خمسة وعشرون ميلا ونرجع الآن فنقول
إن من مدينة أفرنيسفا نازلا مع نهر دنو إلى مدينة نوقسترو يومين ونصف
896

يوم ونوقسترو هذه بضفة نهر دنو يأتيها من جهة الجنوب ويقرب منها مصب نهر مورافا وهي مدينة حسنة رخيصة الأسعار عامرة الديار كثيرة الكروم والأشجار
ومنها منحدرا مع النهر إلى مدينة بيدني وهو بلد بقرب النهر المذكور يوم ونصف كبير وكذلك من مدينة بيدني إلى مدينة سبست قسترو شرقا يوم ونصف وهي مدينة حسنة متحضرة عامرة على النهر
ومنها إلى مدينة دريسترة شرقا يوم ونصف وهي مدينة فسيحة الآفاق عامرة الأسواق كثيرة الأرزاق جليلة المباني كاملة المغاني
ومن دريسترة في البرية إلى مدينة برسكلافسة أربعة أيام شرقا وهي مدينة على نهر قريب الخوض
ومن برسكلافسة إلى مدينة دسينة شرقا أربعة أيام ومدينة دسينة مدينة متحضرة واسعة الأقاليم كثيرة الزراعات والعمارة حبوبها ممكنة وأسعارها رخيصة
ومنها إلى مدينة أرموقسترو جنوبا يومان ومدينة أرموقسترو مدينة أزلية عالية الأبنية رحيبة الأقنية جليلة المقدار رخيصة الأسعار وهي في سفح جبل لطيف مطل على البحر ومن أرموقسترو إلى مدينة برنس التي قدمنا ذكرها على البحر يوم
والطريق من مدينة برنس إلى القسطنطينة على البر من برنس إلى مدينة
897

بترني في البر غربا ثلاثون ميلا وهي مدينة متحضرة متوسطة القدر حسنة
ومنها إلى مدينة برفنتو في جهة الغرب ثلاثون ميلا وهي يوم وهذه المدينة في سفح جبل لطيف وبين بترني وبرفنتو نهر يجري من برسكلافة ويمر جنوبا حتى يصب في البحر
ومن مدينة برفنتو إلى مدينة ميغالي برسكلافة يوم وهي مدينة عامرة متوسطة القدر ويجري بقربها نهر متوسط
ومن ميغالي برسكلافة إلى مدينة فربسيوس يوم وفربسيوس مدينة قديمة البناء مشهورة في البلاد عامرة كثيرة الخيرات
ومنها إلى مدينة أغرميني غربا نصف يوم وهي مدينة متحضرة قديمة أيضا وكانت خرابا فبناها هرقل الثاني وعمرها واستمرت عمارتها إلى الآن ولها حروث وزراعات
ومن أغرميني إلى إستينوس غربا يوم وإستينوس مدينة حسنة عامرة كثيرة الديار جليلة المقدار
ومن إستينوس إلى مدينة بوليا بسيسقوس جنوبا ثلاثة أيام وهي مدينة بقرب جبل ويخرج منه نهر يمر بالمدينة وينتهي حتى يجتمع بنهر مسيونس ويصبان في نهر دنو ما بين سبست قاسترو ودرسترة
ومن مدينة بوليا بسيسقوس في جهة الشرق إلى مدينة قاليمالايا يوم
898

ومدينة قاليمالايا مدينة عامرة كبيرة كثيرة الزرع ولحوم الصيد وبها يتصيد صاحب القسطنطينة وهي فوق جبل عال كثير الصيد وفيه شعراء متصلة
ومن مدينة قاليمالايا إلى مدينة ماذينوس اثنا عشر ميلا وهي مدينة عامرة حسنة في جهة الشرق وكذلك من مدينة قاليمالايا أيضا إلى مدينة بيزوي خمسون ميلا في الجهة الجنوبية ومن بيزوي إلى القسطنطينة ثمانية وعشرون ميلا ومن مدينة ماذينوس إلى مدينة مليسية ستة أميال شرقا ومن مدينة مليسية إلى البحر حيث مدينة أيمن جنوبا ستة أميال ومدينة أيمن على ساحل بحر بنطس ونرجع فنقول
إن مدينة سبست قسترو منها إلى مدينة أغريزينوس سبعون ميلا وهي أيضا يومان
ومن مدينة أغريزينوس في جهة الشرق إلى مدينة مسيونس أربعون ميلا وهو يوم ومسيونس مدينة عامرة وفيها مصلحة للروسية وهي متحضرة لها أسواق عامرة وخيرات وافرة وموضعها فوق جبل بينه وبين دنبلي يوم ومدينة دنبلي مدينة صغيرة عامرة في وطاء من الأرض ولها كروم وعمارة صالحة
ومن دنبلي إلى مدينة فرامنياك شرقا نصف يوم وهو بلد في وطاء من الأرض بقرب جبل صغير كثير الأشجار والغراسات متصل الزروع والعمارات
899

ومن فرامنياك إلى مدينة ألماس شرقا نصف يوم وهي مدينة صغيرة متحضرة كثيرة الفواكه والنعم متسعة العمارات واسعة الأقاليم
ومنها إلى مدينة كرنبي نصف يوم وهو بلد في قرب جبل ومنه إلى مدينة بسترنس شرقا نصف يوم وهي مدينة حسنة كثيرة المياه عامرة الأفنية صالحة المقدار
ومنها إلى مدينة روسو قسترو شرقا نصف يوم وهي مدينة صالحة القدر عامرة الكور كثيرة النعم رخيصة الأسعار وموضعها في مستو من الأرض
ومن روسو قسترو إلى مدينة ميغالي ثرمة نصف يوم وميغالي ثرمة مدينة صغيرة حسنة الديار واسعة الأقطار كثيرة الغراسات والبقول ولها أسوار وأسواق وبها نعم وأرزاق
ومنها إلى مدينة أيتوقسترو في جهة الشرق نصف يوم وهي مدينة حسنة البقعة حصينة المنعة بها أسواق ومتاجر وهي محلة للوارد والصادر وبها كروم وغلات
ومنها إلى مدينة غولوي شرقا نصف يوم وهو بلد حسن وقطر متحضر والمسافرون يقصدونه ويجلبون إليه البضائع والتجارات به مستديرة دائمة
ومن مدينة غولوي إلى مدينة باسقة نصف يوم وهي مدينة صغيرة حارة الأسواق عامرة آهلة
900

ومنها إلى مدينة أفلي نصف يوم ومدينة أفلي في بسيط أرض حسنة مباركة البقعة فرجة الأمكنة متصلة العمارات كثيرة الأقاليم والجهات وبها مياه جارية ولها من جهة شمالها جبال عالية ونهر دنو يجري خلفها وبهذه المدينة صناعات وحذق وتمهر لأربابها ويصنع بها من الحديد كل غريبة
ومن مدينة أفلي إلى مدينة إستليفنوس يوم ومدينة إستليفنوس مدينة كبيرة وكانت قبل هذا أعظم مما هي عليه الآن وأرضها حسنة البقعة وسنذكر الطريق منها إلى ما يليها من البلاد بعد هذا إن شاء الله
ونرجع فنقول بالقول الوجيز إن أرض شصونية يحيط بها من غربيها أرض إفريسية وهي إفريزية أيضا بالزاي ومن شرقيها أرض إزوادة ومن جنوبها أرض شصونية وهي إقليم متصل العمارة كثير القرى بلاده عامرة وخيراته متكاثرة متصلة ومن مدنه مدينة قزلارة ومشلة وهالة ونيون برك ووزرة وهي على بحر الظلمات
فأما مدينة قزلارة فمدينة كبيرة عامرة كثيرة الدخل والخرج وأهلها أنجاد شداد يمنعون جانبهم ويحمون أرضهم ويهابهم من جاورهم لاجتماع كلمة أهلها وعقد شكيمتهم وفيها خيرات مجتمعة وحبوب وتجارات ومنها إلى مدينة هربرد التي من أرض اللمانية في جهة الغرب أربعون ميلا
ومن مدينة قزلارة إلى هالة خمسون ميلا شرقا وهالة مدينة متوسطة مياهها كثيرة وأرضها عامرة وبها أسواق وعمارات وخصب ومعايش
901

كثيرة ومنها في جهة الشمال إلى نيون برك ثلاثون ميلا
وكذلك من مدينة قزلارة إلى مدينة نيون برك ثمانون ميلا وهي قاعدة كبيرة مشهورة وبلدة مذكورة ذات أسواق عامرة وتجارات دائرة وخيرات وافرة وفوائد متكاثرة ومياه وخصب ومواش وأنعام ومن نيون برك إلى البحر أربعون ميلا وهناك مسقط نهر وزرة في البحر المظلم
ومن مدينة قزلارة إلى مدينة مشلة سبعون ميلا ومن مدينة هالة إلى مدينة مشلة ستون ميلا
ومن مدينة نيون برك إلى مدينة وزرة على غربي النهر خمسة وعشرون ميلا ومن مدينة وزرة إلى البحر خمسة عشر ميلا ومن مدينة وزرة إلى نرتة المذكورة في جهة الغرب مائة ميل على البحر وكذلك من مدينة نيون برك إلى مدينة صوزاس وقد تقدم ذكرها غربا ستون ميلا
ومن مدينة هالة أيضا إلى مدينة وزنبركة السابق ذكرها سبعون ميلا وأيضا فإن من مدينة هالة إلى مدينة إقراقو وهي من أرض بلونية مائة ميل وأيضا فإن من مدينة قزلارة إلى مدينة ويانة مائة وخمسة وعشرون ميلا
وأما أرض بلونية التي هي بلاد العلم والعلماء من الروم فأرض حسنة كثيرة الأنهار متصلة الأقاليم والأمصار عامرة القرى والديار ولها كروم
902

وزيتون وأشجار كثيرة بأنواع الفواكه ومن مدنها إقراقو وجنازنة ورتصلابة وسرادية ونغرادة وشتنو
وكل هذه البلاد قواعد مشهورة وأمصار موطدة جمعت بين خيرات البلاد المفترقة وحسبت مع ذلك بأن فيها علماء متفننون في العلوم والديانات الرومية ولصناعها حذق ومعرفة بصنائعها
وأما مدينة إقراقو ومدينة جنازنة وسائر بلادها المذكورة فمدن مشتركة العمارات متصلة الخيرات تتقارب مقاديرها وتتساوى صفاتها ومباينها وكذلك تتقارب أيضا في كثير من مصنوعاتها ويحيط بها من جميع جهاتها جبال متصلات حاجزة بينها وبين بلاد شصونية وبلاد بوامية وبلاد الروسية
ومسافات بلاد بلونية من إقراقو إلى مدينة مشلة مائة وثلاثون ميلا ومن إقراقو إلى جنازنة ثمانون ميلا ومن جنازنة إلى رتصلابة ستون ميلا ومن رتصلابة إلى رمسلي مائة ميل ومن رمسلي إلى زاقة اثنتا عشرة مرحلة ومن زاقة إلى تروبي مائة وثمانون ميلا ومن تروبي إلى غليسية مائتا ميل وتروبي وغليسية من بلاد الروسية
ومن أنهار بلونية نهر شنت ونهر تيسية وهما يخرجان من جبل حاجز بين بلاد بلونية وبلاد الروسية معرضا بين الشمال والجنوب فيخرج منه هذان
903

النهران فيمران غربا ويجتمعان على أيام فيصيران نهرا واحدا فيمر إلى أن يصب في نهر دنو من غربي مدينة قاون
وأما أرض الروسية فهي أرض كبيرة وبلاد قليلة وعمارات منقطعة وبين البلد والبلد مسافات متباعدة وأقطار منفردة ولهم مع جنسهم ومن قاربهم من بلادهم حروب ومهارشة دائمة ومن مدنها الواقعة في هذا الجزء رمسلي وزاقة وتروبية وغليسية
فأما مدينة رمسلي فهي على نهر دنست وفي شماله وهذا النهر يمر شرقا إلى أن يصل مدينة زاقة وبينهما اثنتا عشرة مرحلة ومن مدينة زاقة وهي على النهر المذكور إلى مدينة تروبي تسع مراحل ومن تروبي إلى غليسية مائتا ميل وسنذكر بلاد الروسية على استقصاء وتوال بعد هذا في الجزء التالي لهذا الجزء بحول الله وقوته
نجز الجزء الرابع من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء الخامس منه إن شاء الله
904

الجزء الخامس
إن الذي تضمن هذا الجزء الخامس من الإقليم السادس قطعة من البحر النطسي بل أكثره وما على ساحليه معا من البلاد الممدنة والمعاقل المشهورة والمراسي الممكنة والجزائر العامرة والغامرة وتضمن أيضا قطعة من أرض برجان ومثلها من أرض الروسية وكثيرا من أرض القمانية وبلادها وطرف بلاد مقذونية ونحن نريد تبيان ذلك كله بإيضاح من القول وإيجاز معنى فنقول
إن هذا البحر البنطسي هو بحر خليجي كبير طوله من المغرب إلى المشرق ثلاثة عشر مجرى وأما عرضه فمختلف وأعرض موضع يكون فيه ستة مجار
وعلى ضفة هذا البحر الجنوبية مما يلي المغرب بلاد هرقلية ثم بلاد القلات وبلاد البنطيم وبلاد الخزرية وبلاد القمانية والروسية وأرض برجان
ومبدؤه من جنب القسطنطينة من الخليج الواصل إليها من البحر الشامي المتصل بالبحر المظلم وذلك أن فوهته عند مدينة القسطنطينة تكون سعته ستة أميال وطوله من القسطنطينة إلى أول اتصاله بالخليج البنطسي ستون ميلا
905

وعند أول خروجه من بحر بنطس عليه مدينة تسمى مسناة
ويخرج هنالك منه جون في جهة المشرق وينعطف انعطاف النون وعليه هناك مدينة نقموذية ومدينة خلجدونية ويتصل فم الخليج المذكور وطوله كما قلمنا ستون ميلا إلى بحر بنطس
والطريق من مدينة القسطنطينة مساحلا إلى مدينة أطرابزندة الساحلية المجاورة لأرض أرمينية من القسطنطينة إلى مدينة مسناة التي على فوهة الخليج ومن هناك يسير مشرقا مع الضفة الجنوبية إلى جزيرة دفنيسية مائة ميل وهي جزيرة صغيرة غير عامرة وبينها وبين البر ميل واحد
ومن هذه الجزيرة إلى موقع نهر زغرة وهو نهر يأتي من بلاد القلات كبير يحمل المراكب الكبار وفوهته عند مصبه في البحر عريضة جدا
ومن مصب هذه النهر إلى مدينة هرقلية ستون ميلا فذلك من مدينة مسناة في البر إلى هرقلية ثمانية أيام والساحل كله أجوان وتروش وجبال حرش
ومن هرقلية إلى مصب نهر برتانو خمسة وثمانون ميلا ومنه إلى سامسطرو خمسة عشر ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة والبداوة عليها أغلب ولها سور حصين وهي مطلة على الساحل ويقابلها في جهة الجنوب مدينة برثوني التي على نهر برثانو ويسمى هذا النهر برثانو وبين المدينتين خمسون ميلا
906

ومن مدينة سامسطرو إلى مدينة شيكثري مائة وخمسون ميلا وهي مدينة صغيرة على ضفة البحر الملح في سند جبل
ومنها إلى مدينة سنوبلي مائة ميل وهي على البحر مدينة صغيرة متحضرة ومنها في البر إلى مدينة تاموني جنوبا أربع مراحل وأيضا فمن مدينة سنوبلي إلى مصب نهر آلي مائة ميل وهو نهر كبير تدخله المراكب
ومنه إلى مدينة الأنيو مائة وخمسون ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة وإليها تنسب الناحية وتعرف أرضها بأرض اللان وهم قبيل من الروم نسطورية وهذه المدينة بها مراكب وشواني غزوانية وإنشاء قائم
ومنها إلى مدينة فاتيسة أربعون ميلا وهي على ضفة البحر الملح ومنها إلى مدينة بونة على الساحل خمسون ميلا وهي مدينة متوسطة القدر جامعة الوفر كثيرة العامر ولها إقليم كبير وعمارات متصلة
ومنها مع الساحل إلى مدينة خرسندة خمسون ميلا وخرسندة مدينة حسنة كبيرة عامرة جامعة بها أسواق وتجارات وسفار
ومنها إلى مدينة أطرابزوني مائة ميل وثلاثون ميلا واسمها أيضا في الدفاتر أطرابزندة وهي على ضفة البحر الملح مدينة حسنة وكانت في أيام الخلائف وبعدها متجرا للروم والإسلام ومقصدا وأهلها تجار مياسير ومسافة ما بينها وبين القسطنطينة تسعة مجار ونصف مجرى
907

وكذلك منها إلى موقع نهر دنو قطع البحر بتأريب تسعة مجار ومن أطرابزندة قطع البحر رؤسية خمسة مجار ومن أطرابزندة إلى تفليس من أرض أرمينية مسير ثمانية أيام
ومن شاء أيضا سار من مدينة أطرابزندة إلى القسطنطينة على البر فمن أراد ذلك سار من أطرابزندة إلى خرسندة يومين ومنها إلى كندية خمسة أيام وهي مدينة صغيرة ومنها إلى مدينة آنية ثلاثة أيام وهي مدينة صغيرة جدا ومنها إلى مدينة سنوبلي يومان ثم إلى سامسطرو الساحلية خمسة أيام ثم إلى أركلاوس وهي هرقلية ثلاث مراحل ثم إلى القسطنطينة ثمانية أيام
وكذلك أيضا الطريق من القسطنطينة إلى مدينة مطرخا من الضفة الشمالية تخرج أيضا من مدينة القسطنطينة إلى أيلوغيس خمسة وعشرين ميلا ومن أيلوغيس إلى مدينة أيميديا خمسة وعشرون ميلا ومن أيميديا إلى أغاثوبلس خمسة وعشرون ميلا ومن أغاثوبلس إلى مدينة باسليكو خمسة وعشرون ميلا ومن باسليكو إلى مدينة سزوبلي خمسة وعشرون ميلا ومن سزوبلي إلى أخيلو خمسة وعشرون ميلا وبينهما جون عرضه ثلاثة عشر ميلا وطوله في البر عشرون ميلا
ومن مدينة أخيلو إلى أيمن خمسة وعشرون ميلا ومن أيمن إلى مدينة برنس خمسون ميلا وبرنس بلد بينه وبين أرموقسترو خمسة وعشرون ميلا ومن
908

أرموقسترو إلى نهر دنو ثلاثة أميال ومن النهر إلى أقلية مجرى ومنها إلى مصب نهر دنست مجرى
ومن نهر دنست إلى قولة خمسون ميلا ثم إلى مولسة خمسون ميلا ومولسة على مصب نهر دنابرس ومن المصب إلى ألسكي ميل ثم إلى كرسونة مجرى إلا شيئا وذلك ثمانون ميلا
ومن كرسونة إلى جاليطة ثلاثون ميلا وهي من بلاد القمانين ومن جاليطة إلى مدينة غرزوبي اثنا عشر ميلا وهي مدينة عامرة على ضفة البحر ومنها إلى مدينة برتانيطي عشرة أميال وهي مدينة صغيرة متحضرة وبها إنشاء
ومنها إلى مدينة لباضة ثمانية أميال وهي مدينة حسنة ومنها إلى شالوسطة عشرة أميال وهي مدينة حسنة كبيرة على البحر ومنها إلى مدينة سلطاطية على البحر عشرون ميلا ومن مدينة سلطاطية إلى بوتر عشرون ميلا ومن بوتر إلى موقع نهر روسية عشرون ميلا
ومن موقع نهر روسية إلى مطرخا عشرون ميلا ومدينة مطرخا مدينة أزلية قديمة العهد لا يعرف بانيها ولها كروم ومزارع وملوكها أولو بأس شديد ومنعة وحزم وعزم يهابون لجرأتهم وتسلطهم على من جاورهم وهي مدينة كبيرة كثيرة البشر عامرة الأقطار وبها أسواق واجتماعات مواعد يأتونها من أقاصي البلاد المتجاورة والأقطار المصاقبة
909

ونهر الروسية المذكور تقع فيه ستة أنهار كبار ينابيعها من جبل قوقايا وهو الجبل الكبير المار من بحر الظلمات على آخر المعمور من عرض الأرض ويتصل هذا الجبل إلى أن يأتي بلاد يأجوج ومأجوج في أقصى المشرق ويجوزهم مارا في جهة الجنوب إلى أن يصل البحر المظلم الأسود المعروف بالزفتي وهو جبل كبير جدا لا يستطيع أحد يصعد إليه لشدة البرد وكثرة الثلج ودوامه بأعلاه وعلى هذه الأودية قوم يعرفون بالسبارينة ولهم ست مدن متحصنة بين مجاري هذه الأودية التي قلنا إنها تنحدر من جبل قوقايا ولا يقدر أحد على التغلب عليهم ومن عادتهم وسيرتهم أنهم لا يفارقون السلاح طرفة عين وهم من الحذر والحزم في غاية وسنذكر هذه البلاد على استقصاء صفاتها في موضعها من الإقليم السابع بحول الله وعونه
وفي هذا البحر الذي تضمنه هذا الجزء الخامس من الجزائر المعمورة جزيرة أنديسيرة وهي جزيرة عامرة كثيرة الأغنام والدواب وطولها من المغرب إلى المشرق وتقابل من الساحل مدينة شيوشة وبينهما في البحر نصف مجرى
ومن هذه الجزيرة في جهة الشرق إلى جزيرة سرنبة مجريان ويقابلها من البلاد الساحلية كرسونة وبينهما في البحر نصف مجرى ومن جزيرة سرنبة إلى مدينة مطرخا الساحلية مجرى وبعض مجرى وهي جزيرة كثيرة الخصب والكروم وفيها أرحال ومواش كثيرة
910

ومن جزيرة سرنبة أيضا في جهة الجنوب جزيرة غردية وبينهما أربعون ميلا قطعا في البحر ومن جزيرة غردية إلى مدينة أطرابزندة الساحلية ثلاثة مجار وهذه الجزيرة
جزيرة كبيرة عامرة
ومنها في جهة الشرق إلى جزيرة أزلة عشرون ميلا وهي جزيرة عامرة متوسطة بين أطرابزندة ومدينة مطرخا وعليها المجاز لمن قطع البحر مارا أو راجعا
ولنرجع الآن إلى ذكر مدن برجان فنقول إن من مدينة ركنوى البرية السابق ذكرها قبل هذا في الجزء الرابع إلى مدينة بسترنس يوم ومن مدينة بسترنس إلى مدينة روسوقسترو خمسة عشر ميلا ومنها إلى مدينة ميغالي ثرمة خمسة عشر ميلا وقد ذكرناهما ومن مدينة ميغالي ثرمة إلى مدينة أيتوقسترو نصف يوم ومنها إلى مدينة غولوي نصف يوم ومن غولوي إلى مدينة باسقة نصف يوم ومن مدينة باسقة إلى مدينة أقلي نصف يوم ومن مدينة أقلي إلى إستليفنوس يوم وهو بلد بينه وبين الكسيوبلي يوم شرقا وبين مدينة الكسيوبلي وأغاثوبلي شرقا يوم وكذلك من مدينة أغاثوبلي إلى مدينة ثرمسية يوم ومن ثرمسية إلى دسينة يوم شرقا وبين مدينة دسينة والبحر أربعون ميلا ودسينة
911

يقرب من شرقيها نهر دنو وهذه البلاد كلها تتقارب في أقدارها وعمارتها وتصرف أخبارها وقد ذكرنا أكثر هذه البلاد فيما صدر من القول
وأما بلاد الروسية ففي هذا الجزء من بلادها لوبشة وزاقة وسكلاهي وغليسية وسنوبلي وتروبي وأرمن وبراسانسة ولوجغة وساسكة وأوسية وكاو وبرزولة وبرزلاو وقنو والسكي ومولسة فأما مدينة تروبي فموضعها على نهر دنابرس وهي مدينة حسنة ومنها إلى مدينة سنوبلي ستة أيام وهي مدينة كبيرة عامرة على نهر دنابرس في جهة الغرب وكذلك من مدينة تروبي إلى مدينة كاو على نهر دنابرس نازلا مع النهر ستة أيام ومنها إلى مدينة برزولة في شمال الوادي خمسون ميلا ومنها إلى أوسية في البر يومان وهي مدينة صغيرة متحضرة ومن مدينة أوسية إلى مدينة براسانسة يومان وهي مدينة عامرة حسنة برية ومنها إلى مدينة لوجغة يومان في جهة الشمال ومن مدينة لوجغة إلى مدينة أرمن ثلاث مراحل خفاف في جهة الغرب وكذلك من مدينة أرمن في جهة الشرق إلى مدينة براسانسة أربع مراحل ومن براسانسة إلى مدينة مولسة على مصب نهر دنابرس خمس مراحل والسكي مدينة على
912

مصب نهر دنابرس من الجهة الشرقية ومن مدينة السكي إلى مدينة قنو ثلاث مراحل ومن مدينة برزولة المتقدم ذكرها نازلا مع النهر إلى مدينة برزلاو يوم ومن مدينة برزلاو نازلا مع النهر إلى قنو السابق ذكرها يوم ونصف ومن مدينة كاو إلى مدينة ناي من أرض قمانية ست مراحل وسنذكر ما في بلاد قمانية بعد هذا إن شاء الله عز وجل
نجز الجزء الخامس من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء السادس منه إن شاء الله
913

الجزء السادس
إن الذي تضمنه هذا الجزء السادس من البحر البنطسي فهو طرف البحر بما عليه من البلاد وتضمن أيضا قطعة من أرض القمانية وبلاد الروسية الخارجة وبعض بلاد البلغارية وبعض بلاد بسجرت وبلاد اللان وأرض الخزر وبلادها وأنهارها ونحن نصرف ذكرها ونأتي بأوصافها حسب ما قدمناه ونحوا مما وصفناه ومن الله نستمد المعونة فنقول
إن البحر البنطسي عليه من هذه البلاد بلد أطرابزندة المتقدم ذكرها إذ هي قاعدة من قواعد الروم المعروفة بالقدم المتداولة لأملاك الأمم ومنها على ضفة البحر في جهة الشرق إلى موقع نهر روشيو خمسة وسبعون ميلا وهذا النهر نهر كبير يخرج من ظهر جبل القبق فيمر شمالا فيشق أرض اللانية ولا مدينة مشهورة عليه بل بضفتيه قرى عامرة ومزارع متكاثرة ثم يمر هذا النهر في جهة المغرب إلى أن يصب في هذا الموضع وتسافر فيه مراكب صغار يتصرف بها في نقل ما خف من الأمتعة والأطعمة المحتملة من مكان إلى مكان
914

ومن موقع هذا النهر إلى مدينة اشكشية مائة وخمسون ميلا وهي مدينة حسنة من بلاد اللانية وثغر من ثغورها
ومن مدينة اشكشية إلى مدينة اشكالة من أرض اللانية عشرون ميلا وبين مدينة اشكالة والبحر نحو ستة أميال وهي صغيرة متحضرة شاملة لأهلها قائمة بمعايشها
ومنها مع الساحل إلى مدينة استبرية عشرون ميلا وهي على نحر البحر مدينة متحضرة عامرة أسوقها فسيحة طرقاتها متقنة بنآتها وأكثر أهلها تجار وأموالهم واسعة
ومن مدينة استبرية إلى مدينة اللانية أربعة وعشرون ميلا وبهذه المدينة سميت أممها اللانيين وهي مدينة قديمة البناء لا يعرف بانيها
ومن مدينة اللانية إلى مدينة خزرية التي ينسب إليها الخزر خمسة وأربعون ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة فسيحة كثيرة المياه وهي على نهر
ومن مدينة الخزرية إلى مدينة كيرة خمسة وعشرون ميلا ومنها إلى قمانية التي ينسب إليها القمانيون وتسمى هذه المدينة قمانية السود خمسة وعشرون ميلا وبين القمانية وكيرة جبل كبير صعب المجاز طويل السمت وسميت هذه المدينة بقمانية السود لأن بها نهرا يتصل بأرضها ثم يغوص تحت بعض شعاب هذا الجبل ثم يخرج في البحر وماؤه أسود كالدخان وهذا مشهور غير منكور
915

ومن مدينة القمانية السود إلى مدينة مطلوقة وتسمى قمانية البيض خمسون ميلا وقمانية البيض مدينة كبيرة عامرة
ومنها إلى مدينة ماتريقا وتروى مطرخا مجرى مائة ميل ومدينة مطرخا مدينة كبيرة عامرة كثيرة الأقاليم واسعة الأرض ممدنة القرى متصلة الزراعات وهي على نهر كبير يسمى سقيو وهو شعبة يصل إليها من نهر اثل المار معظمه إلى مدينة اثل التي على بحر طبرستان
ومن مدينة مطرخا إلى مدينة روشية سبعة وعشرون ميلا وبين أهل مطرخا وأهل روشية حرب لاقحة أبدا ومدينة الروشية على نهر كبير يصل إليها من جبل قوقايا ومن مدينة الروشية إلى مدينة بوتر عشرون ميلا وقد ذكرنا الروشية وبوتر قبل هذا فيما سبق ونقول أيضا
إن من بلاد قمانية المنسوبة إلى القمانيين مدينة فيرة ومدينة ناروس ومدينة نوشى ومدينة قينيو فأما مدينة نوشى فهي في شمال قمانية البيض بينهما خمسون ميلا وهي مدينة متحضرة متوسطة القدر ولها زروع وغلات وهي على نهر يسقي أكثر مزارعها
ومن مدينة نوشى إلى مدينة قينيو بين شمال وشرق مائة ميل وهي أربع مراحل ومدينة قينيو مدينة كبيرة في حضيض جبل عال وهي كبيرة القطر كثيرة العمارة
916

وكذلك من مدينة نوشى أيضا إلى مدينة ناروس مائة ميل بين شمال وغرب وهي مدينة صغيرة متحضرة ذات أسواق وبيع وشراء
ومن مدينة ناروس في جهة الشرق إلى مدينة صلاو مائة ميل وخمسة وثلاثون ميلا ومن مدينة ناروس إلى مدينة فيرة غربا خمسون ميلا ومن فيرة إلى مدينة نابى غربا خمسة وعشرون ميلا
ومن مدينة صلاو إلى مدينة كويابة من أرض بلغار ثماني مراحل وكويابة مدينة الترك المسمين روسا
والروس ثلاثة أصناف أحدها قبيل منهم يسمى براوس وملكهم يسكن مدينة كويابة وقبيل آخر منهم يسمى الصلاوية ويسكن ملكهم مدينة صلاوة وهي مدينة في رأس جبل وقبيل ثالث يسمى الأرثانية وملكهم منهم مقيم بمدينة أرثا
ومدينة أرثا مدينة حسنة على جبل حصين وموضعها بين صلاوة وكويابة ومن كويابة إلى أرثا أربع مراحل ومن أرثا إلى صلاوة أربعة أيام ويبلغ تجار المسلمين من أرمينية إلى كويابة
وأما أرثا يكحي الشيخ الحوقلي أنه لا يدخلها أحد من الغرباء لأنهم يقتلون كل غريب يصل إليهم البتة ولا يتجرأ أحد أن يدخل أرضهم وتخرج
917

من عندهم جلود الأنمار السود والثعالب السود والرصاص ويخرجها من عندهم تجار كويابة
والروس يحرقون موتاهم ولا يتدافنون وبعض الروس يحلقون لحاهم وبعضهم يفتلها مثل أعراف الدواب ويضفرها ولباسهم القراطق الصغار ولباس الخزر والبلغارية والبجناك القراطق التامة من الحرير والقطن والكتان والصوف
وبلغار أمم وبشر كثير وتتصل عمارتهم إلى قرب من عمارة الروم
ولسان الروس غير لسان الخزر وبرطاس
والبلغار اسم المدينة وفيهم نصارى ومسلمون وبها مسجد جامع للمسلمين وبقربها مدينة سوار وأبنيتها خشب يأوي إليها أهلها في الشتاء وفي الصيف يأوون إلى الخركاهات
والنهار عند الروس والبلغارية يبلغ قصره في الشتاء أن يكون ثلاث ساعات ونصفا قال الحوقلي وقد شاهدت ذلك عندهم في الشتاء وكان النهار بمقدار ما صليت الأربع صلوات كل صلاة في عقب الأخرى مع ركعات قلائل بين الأذان والإقامة
والخزر بلاد كثيرة بين البحرين معا والخزر مسلمون ونصارى وفيهم عباد الأوثان ولهم بلاد ومدن منها سمندر وهي خارج الباب والأبواب وبلنجر والبيضاء وخمليج وكل هذه البلاد بناها أنوشروان كسرى وهي إلى الآن عامرة قائمة الذات
918

فمن باب الأبواب إلى سمندر أربعة أيام وبين الباب والأبواب ومملكة السرير ثمانية أيام ومن اثل إلى سمندر ثمانية أيام
ومن اثل إلى أول حد من برطاس عشرون يوما وبرطاس أرض من أولها إلى آخرها نحو خمسة عشر يوما
ومن برطاس إلى بجناك عشرة أيام ومن اثل إلى بجناك مسيرة شهر
ومن اثل إلى بلغار على طريق المفازة نحو شهر وفي الماء شهرين وهي صعود والحدور في النهر نحو عشرين يوما
ومن بلغار إلى أول حدود الروس عشر مراحل ومن بلغار إلى كويابة نحو من عشرين مرحلة ومن بجناك إلى بسجرت الداخلة عشرة أيام ومن بسجرت الداخلة إلى بلغار خمسة وعشرون يوما
والخزر اسم للإقليم وقصبته اثل واثل اسم النهر الذي يجري إليها من الروس وبلغار ويغيض في بحر الخزر ومنبع هذا النهر من جهة المشرق من ناحية البلاد الخراب فيمر على الأرض المنتنة مغربا حتى يجوز على ظهر بلغار ويعود راجعا إلى ما يلي المشرق حتى يجوز على الروس ثم على بلغار ثم على برطاس حتى يقع في أرض الخزر فيصب في البحر ويقال إنه يتشعب
919

منه نيف وسبعون نهرا ويبقى عمود النهر يجري إلى الخزر
وأيضا إن برطاس أمم متاخمون للخزر وليس بينهم وبين الخزر أمة أخرى وهم أصحاب بيوت خشب وخركاهات لبود أيضا ولهم مدينتا برطاس وسوار ولبرطاس لسان يتكلمون به غير لسان الخزر وكذلك لسان الروسية
والروسية صنفان فصنف منهم وهم هؤلاء الذين تكلمنا عليهم في هذا الموضع وصنف منهم آخر يجاورون بلاد أنكرية ومقذونية وهم الآن في حين تأليفنا لهذا الكتاب قد تغلبوا على برطاس وبلغار والخزر وقد استخرجوا البلاد من أيديهم ولم يبق لغيرهم من الأمم إلا الاسم في الأرض فقط
وفي أرض الخزر جبل باترة وهو جبل معترض من الشمال إلى الجنوب وفيه معادن فضة ومعادن رصاص جيد ويستخرج منه الكثير فيتجهز به إلى جميع الجهات والنواحي
وأيضا فإننا نقول إن في بحر بنطس الواقع رسمه في هذا الجزء جزيرتين إحداهما انبلة والثانية نونشكة وهما عامرتان ويقابل جزيرة انبلة من مدن الساحل مطرخا وبينهما
مجريان وبين جزيرة انبلة وجزيرة نونشكة ويقابل جزيرة نونشكة من بلاد الساحل قمانية البيض وبينهما مقدار ثلث مجرى في البحر
وبجزيرة نونشكة يصاد الحوت المسمى شهريا وهو نوع من السقنقور يصاد عند هيجان البحر في مرسى بغربي الجزيرة يفعل مثل ما يفعله السقنقور
920

في الباه بل هو أفضل منه وذلك أن الصائد إذا أرسى شبكته في البحر وتعلق بها هذا السمك المعروف أنعظ إنعاظا شديدا خارجا من العادة فيعلم به الصائد من قبل أن يراه وهو قليل الوجود ومقدار هذا الحوت يكون جرمه من ذراع إلى شبر خاصة ولا زائد عليه يملح بعد التشريح بالملح والزنجيل ويلف في أوراق الأترج ويهدى إلى الملوك الساكنين بتلك الأرضين فيجيزون عليه ومقدار ما يمسك منه الآخذ تحت لسانه وزن قيراط لا غير وهذا صحيح معلوم حكاه جملة من المخبرين الذين سلكوا هذا البحر وعلموا عوائده وعجائبه
وجملة البحر المسمى بنطس يتصل من جنوبه ببلاد لازقة إلى أن يتصل بقسطنطينة وطوله ألف ميل وثلاث مائة ميل وعرضه ثلاث مائة ميل وأعرض موضع فيه يكون أربع مائة ميل وبشماله يصب نهر دنابرس ويأتي من ظهر بحيرة طرمى وهي بحيرة كبيرة طولها من المشرق إلى المغرب ثلاث مائة ميل وعرضها مائة ميل وسنذكرها ونرسمها على ما هي عليه في موضعها بحول الله وقوته أعني من الإقليم السابع
نجز الجزء السادس من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء السابع منه إن شاء الله
921

الجزء السابع
إن الذي تضمنه هذا الجزء السابع من الإقليم السادس قطعة من البحر الخزري ومتصل بلاد بسجرت الداخلة وبسجرت الخارجة مع ما يليها في جهة الشمال من بلاد اسقوتية ونريد أن نذكرها على هيئتها ومواضع سموتها حسب ما سبق لنا من القول في سائر الأقاليم والله المعين فنقول إن أكثر هذه الأرضين التي سميناها صحار متصلة وقفار غير عامرة وبلادها قلائل متباعدة ومنافعها قليلة والسلوك فيها صعب لاختلاف أممها وتعذر طرقها
فأما بلاد بسجرت الداخلة فقد قدمنا ذكرها ورسمنا حدودها في الإقليم الخامس وأما بلاد بسجرب الخارجة فمنها قاروقيا ونمجان وغرخان وهذه البلاد عامرة بأهلها مكتفية بذاتها وفيها من التجارات والصناعات حسب ما يكفيهم وبعضهم يداخل أرض بعض ويقتضون حوائجهم من البلاد المتجاورة وهي بلاد خصيبة كثيرة العشب والسوائم
وبسجرت قبيلتان يسكنان في آخر بلاد الغز على ظهر بلغار ومبلغهم في
922

العدد نحو ألفي رجل يمتنعون في مشاجر لا يقدر أحد ممن جاورهم عليهم وهم في طاعة بلغار ولهم حزم وشدة وأهل بسجرت آخرهم متاخم لبجناك وبسجرت وبجناك أتراك يتاخمون الروم وبينهم مهادنة في أكثر الأوقات وربما أغار بعضهم على بعض فتجري بينهم حروب ومن بلغار إلى أول حد الروس عشر مراحل
ويتصل بأرض بسجرت البلاد المنتنة وسنذكرها باستقصاء بعد هذا في الجزء الثامن بحول الله وقوته وكذلك أيضا يجاور أرض بسجرت الخارجة من جهة المشرق بعض البلاد المنتنة
ومن بسجرت الخارجة أيضا إلى مدينة نمجان في جهة المشرق ثماني مراحل ومدينة نمجان مدينة صغيرة متحضرة يملكها رجل من الأتراك والولاية في ولده وولد ولده لا يتحول عنهم لحسن سيرهم ورفقهم بعامتهم وهذه المدينة على ضفة نهر يسمى سوقان وبالمشرق من هذه المدينة جبل ارجيقا فيه معادن نحاس يخدمها أزيد من ألف رجل ويستخرج منه الكثير ويتجهز به إلى أرض خوارزم وإلى سائر بلاد الشاش وإلى ما جاورهم من بلاد الأغزاز ومن هذه المدينة أيضا تخرج جلود الثعالب وجلود الحيوان المسمى الببر في النهر إلى بحر الخزر فيبيعونها في بحر الخزر والديلم بالأثمان العالية ويصنع بهذه المدينة من الفخار والبرام ما تحسن صفته ويطول مكثه ويوجد بسواحل هذا النهر أصناف
923

من الحجارة الملونة الثمينة ويوجد به أيضا كثير من الحجر اللازورد وفي هذا النهر من ضروب السمك وأنواع الحيتان ما يجل عن الوصف ويتجاوز حد الذكر حتى أن أهل مدينة نمجان يصيدونه بأيسر حيلة وأخف مؤونة فيأخذون منه الشيء الكثير فيتأدمون به وينعشون منه ويملحون أكثره ويجلبونه في مراكهم إلى أن يأتوا البحر الخزري فيقطعوا فيه مساحلة إلى مدينة اثل وغيرها فيبيعونه هناك ويتصرفون به
ومن مدينة نمجان إلى مدينة غرخان ثماني مراحل وهي مدينة من أرض اسقوتيا الترك وهي كبيرة عامرة بأهلها على شمال نهر اثل الواصل إلى بحر طبرستان وهي مدينة لها رساتيق وعمارات متصلة وربما وصل إليها التجار والمسافرون في النهر المذكور وبها يسكن ملك اسقوتيا الترك وهو ملك له رجال وعدد وأسلحة وحصون كثيرة والعمارات عنه متباعدة وفي هذا البلد من الصناعات والمصنوعات ما يشف على الاحتياج ويصنع بها من السروج والأسلحة ما لا يصنع ببلدة من بلاد الأتراك مثلها جودة وإتقانا
ومن مدينة غرخان إلى مدينة قاروقيا في النهر انحدارا ثمانية أيام وفي البرية ست عشرة مرحلة غربا وقاروقيا مدينة حسنة مبانيها من خشب وخركاهات لبود وأهل بلغار يغزونهم في كل حين وبينهم ست عشرة مرحلة وحروبهم أبدا مع الدهر قائمة
ومن مدينة قاروقيا في جهة الشمال إلى بسجرت الخارجة عشر مراحل
924

بين جبال وعرة وطرق صعبة السلوك ضيقة المسالك وبين قاروقيا وبسجرت الداخلة اثنتا عشرة مرحلة بين جبال وعرة ومسالك صعبة وبلاد بسجرت بلاد كثيرة متباعد بعضها من بعض وبين وسط بسجرت الداخلة ووسط بسجرت الخارجة إحدى عشرة مرحلة وزي أهل بسجرت وزي الترك البلغارية واحد ولباسهم القراطق الكبار وفيما ذكرناه من ذلك كفاية
نجز الجزء السابع من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء الثامن إن شاء الله
925

الجزء الثامن
تضمن هذا الجزء الثامن من الإقليم السادس الأرض المنتنة وأرض سمريقي وهي أرض الترك الخرلخ وأرض سيسيان والبلاد الخراب التي أتت على فسادها يأجوج ومأجوج وهي بلاد وحشة متباعدة الأقطار بعيدة الأسفار قليلا ما يدخل إليها التجار والمتجولون وإنما يتصرف فيها أهلها لوحشة أرضها وكثرة رباها وتوالي الأمطار فيها فأما أرض سمريقي فبلادها مرصان وغوران ودادمي وسقراه وخيماخيث ونجرغ وارصاه وخرمان ودنبهة ولخمان وأرض سيسيان بلاد أكثرها صحار وليس بها من البلاد كثير ومن مشهور بلادها سقماقية وطغورا وتتصل بها البلاد الخراب وليس منها الآن شيء معمور إلا مدينة رقوان ويجب علينا أن نصف طرقات هذه البلاد ومتصرفاتها وبعض أحوالها وصفاتها بحول الله فنقول
926

إن أرض سمريقي بلاد تكنفتها من جنوبها جبال متراقية وشواهق شامخة يصعب الصعود إليها ولا تسلك إلا على طرق قليلة وهي وحشة صعبة وكذلك يحيط بها من جهة الشرق أيضا جبال وأما غوران ومرصان وسقراه ودادمي فإن هذه الأربع بلاد يحيط بها جبل مستدير عليها مثل استدارة النون ولا يدخل إليها إلا على فم ضيق يمنعه القليل من الرجال وعلى هذا الفم عقد من الجبل إلى الجبل جسور من الصخر متصلة والمرتبة على أعلى هذه الجسور ويشق على هذا الفم الذي يدخل منه إلى البلد نهر كبير يأتي من داخل الجبل ويخرج على فم هذا المضيق ويتصل جريه إلى بركة عظيمة خارج الجبل وعلى هذه البركة قوم ظواعن يربعون عليها وينتقلون عنها حسبما يفعله الظواعن في كل أرض من الترك ويخرج من هذه البركة نهر يأخذ في جهة الجنوب فيصب في نهر درندة
ومدينة غوران مدينة صغيرة وبها يسكن ملك هذا الصنف من الأتراك المسماة الخرلخ وله جنود وقواد وعمال وذلك أن لهذا الملك حزما واجتهادا وجلادة واحتراسا ممن جاوره وأنس إليه وبلاده مثقفة محصنة ومن مدينة غوران إلى مدينة دندرة أربع مراحل على جبال شاهقة وطرق صعبة
ومن مدينة غوران إلى مدينة مرصان ثلاث مراحل في جهة الشرق ومدينة مرصان على أعلى جبل صعب الارتقاء وهي مدينة حصينة حسنة لها أسواق وصناعات وبها عيون مياه جارية في أعلى الجبل
927

ومن مدينة مرصان إلى مدينة سقراه أربع مراحل شرقا وهي مدينة في سفح الجبل المحيط بهذه المدن المذكورة وقطرها كبير وماؤها غزير وبها أسواق على قدرها وصناعات وفعال
وكذلك من مدينة مرصان أيضا إلى مدينة دادمي أربع مراحل وكذلك من مدينة دادمي إلى مدينة سقراه أربع مراحل ومدينة دادمي في سند الجبل المذكور وهي متحضرة صغيرة القدر كثيرة العامر ويزرع بها كتان كثير يعم أكثر تلك البلاد وهي على منبع نهر دائم الجري ولهم أرحاء وغلات وبساتين وجنات ومن مدينة دادمي إلى مدينة غوران انحدارا في النهر ثلاث مراحل وفي البر ست مراحل
وبين مدينة دادمي ومدينة شهذروج في جهة الشمال خمسة أيام والطريق على الجبال وعرة وطرق متعذرة فمن أراد ذلك خرج من مدينة دادمي فيقطع الجبل صعودا ونزولا مرحلة ومنها إلى جانب نهر شوران مرحلة ومن النهر إلى منزل الصحراء ومنه إلى بركة شهذروج ومدينة شهذروج في وسط جزيرة شهذروج وهي جزيرة كبيرة يحيط بها نقعة ماء أكثرها أقاصير وهي مدينة جليلة عامرة وبها أسواق وصناعات قائمة وغلات دائمة ومتصرفات جمة ومدينة شهذروج أيضا منيعة وهي على شفير الأرض المنتنة من جهة شرقها ونهرها أيضا منبعه من جبل اسقاسقا وهو جبل معترض
928

من الشمال إلى ناحية الجنوب مشرقا قليلا
ويخرج من هذا الجبل خمسة أنهار أحدها نهر شهذروج ونهر آخر أسفل هذا النهر وعلى بعد يومين منه يخرج نهر كبير ويتفرع بعد خروجه وجريه يوما فرعين فيصبان في نهر شوران في جهة الجنوب وهذه الأنهار في شرقي الأرض المنتنة وأما الأنهار الثلاثة الباقية فإنها ينابيع نهر اثل تخرج من هذا الجبل المسمى اسقاسقا فيمر الكل منها في جهة الغرب وبعد جريها أياما يجتمع جميعها ويصير جسدا واحدا ثم يمر إلى أن يصل أرض بلغار فيعود راجعا إلى ما يلي المشرق حتى يجوز على قرب أرض الروسية وينقسم هناك فيمر القسم الواحد منه إلى مدينة مطرخا فيصب في البحر بينها وبين مدينة الروسية وأما القسم الثاني منه فإنه ينزل من أرض بلغار ويلتوي في جهة الجنوب والشرق حتى يصل أرض الخزر فيصب في اثل في بحر الخزر
وأما الأرض المنتنة فهي أرض ممتدة حرشاء الأطناب سوداء طولها عشرة أيام جرداء من النبات لا يوجد في شيء من ترابها ولا في جبالها نبات البتة وهي بالجملة وحشة الأكناف بعيدة الأطراف ماؤها غائر ودليلها حائر وسالكها كرب وروائحها منتنة كريهة وليس بها مأوى لعامر ولا مسلك لقاصد يأنس إليه الخاطر وفي آخر هذه الأرض مما يلي شمالها مدينة سقماقية وهي مدينة كبيرة عامرة لا ملك لها ولا رئيس بها وإنما يتولى أحكامها
929

ويتصرف في أمورها شيوخها ورؤوسها وهي مدينة في رأس جبل منيع ومعقل رفيع ولأهلها مزارع ومرافق في حضيض جبلها ويسمى جبلها طغورا وعلى ست مراحل من مدينة سقماقية مدينة طغورا وبهذه المدينة سمي الجبل جبل طغورا وهي مدينة متوسطة المقدار بها عمارة وافرة وأحوال نامية وهاتان المدينتان هما في شرقي الأرض المنتنة وفي غربي أرض سيسيان
ومدائن أرض سيسيان كلها خراب من قبل أيام الإسكندر وبنيانه السد وما عمر من بلادها شيء إلا مدينة رقوان كما قد ذكرناه ومدينة رقوان متوسطة البلاد الخربة من أرض سيسيان وطول هذه الأرض إلى متصل الخراب بها سبعة وعشرون يوما وسنذكر الأرض المنتنة والأرض الخراب بعد هذا إن شاء الله عز وجل
ثم نرجع إلى ذكر ما بقي من أرض سمريقي فنقول إن صفة الطريق من مدينة دادمي المتقدم ذكرها إلى مدينة لخمان في أقصى الشرق من دادمي إلى العقبة صعودا ونزولا عنها مرحلة ومن أسفل الجبل يمر من شاء في النهر صاعدا إلى مدينة خيماخيث خمسة أيام وكذلك في البر
وخيماخيث مدينتان على نهر شوران والمدينة الجنوبية منها مدينة كثيرة الزراعات والأشجار وعندهم خشب كثير يجلب إليها من جبال نجرغ ومن
930

هذه المدينة يخرج إلى كثير من البلاد وهي مدينة عامرة وبها صناعات كثيرة وتدبغ بها جلود النمور والشنزاب وأما المدينة الشمالية من خيماخيث فهي بين وادي شوران ويصب بأسفلها نهر حيثان وهي مدينة كبيرة جدا ولها أرحاء ودواليب ومصايد للحوت ونهر حيثان منبعه من جبل طغورا
ومن مدينة خيماخيث مع النهر في جهة الشرق وتأريب مع الجنوب إلى مدينة ارصاه أربع مراحل وهي مدينة عامرة كثيرة الديار فسيحة الأقطار كثيرة المياه غزيرة الأنهار ولها كروم ومزارع وهي على ضفة نهر يخرج من جبل رشنان وهو جبل عظيم والثلج لا يفارق أعلاه أبد الدهر في شتاء وصيف ويخرج منه نهران هما ينبوعا نهر شوران المتقدم ذكره قبل هذا
وعلى حضيض هذا الجبل من جهة الجنوب مدينة نجرغ وهي مدينة كبيرة عامرة فيها بشر كثير وهي من بلاد سمريقي وفيها أجناد ورجال وأولو نجدة وحدة وبين نجرغ ومدينة ارصاه مرحلتان ونصف وبينهما عرض الجبل ومدينة ارصاه في شماله على منبع النهر ونجرغ على جنوب هذا الجبل
ومن شاء سار من مدينة ارصاه مع شرق وجنوب إلى مدينة خرمان وهي على نهر ينسب إليها وهو نهر عظيم يخرج من جبل مرغار وهو الجبل العظيم
931

الذي طوله أزيد من ثماني مائة ميل وقد رسمناه قبل هذا وخلف هذا الجبل من جهة الجنوب قبيل من الترك الغزية يسمون خنغاكث ظواعن وربما طرقوا بلاد سمريقي في أيام قلائل وأرهجوها وانصرفوا إلى بلادهم وجبل مرغار حاجر بين أرض خنغاكث وأرض سمريقي وهذا النهر الذي عليه مدينة خرمان نهر كبير يخرج من جبل مرغار ويجري في جهة الشمال إلى بحيرة عظيمة مستقرها بين جبال غامرة وبلاد قفرة وهذا النهر قعره كله أحجار كبار ملس لا يقدر أحد على جوازه راكبا وإنما يجاز في أعمق مواضعه في المراكب وماؤه صادق البرد أبدا ويقال إنه متى عجن بمائه العجين أغناه عن الخمير
ومن أراد السفر من مدينة ارصاه إلى مدينة دنبهة سار سبعة أيام في عين الشرق في سهول وأوطية وربائع وخصب زائد ومدينة دنبهة مدينة حسنة على ضفة نهر لخمان وفي غربيه ولخمان مدينة يخرج هذا النهر من أسفل جبلها فينسب إليها هذا النهر ومدينة دنبهة مدينة عامرة كثيرة الساكن بها أسواق وأهلها دهاقن ولهم أغنام وسوائم كثيرة وهذا النهر يصل إلى البركة التي يصب فيها نهر خرمان التقدم ذكره قبل هذا وهذا النهر كثير الماء ساكن الجري والمراكب تسافر فيه من دنبهة إلى البركة ثم إلى مدينة خرمان صعودا في النهر
ومن مدن سمريقي الخرلخ مدينة لخمان وهي مدينة كبيرة على جبل
932

شونيا وهذا الجبل حاجز بين بلاد سمريقي وبلاد سيسيان التي بها البلاد الخراب التي كان تولى إخراجها يأجوج ومأجوج أيام كان السد مفتوحا فلما كان أيام الإسكندر ردع يأجوج ومأجوج من تلك البلاد وبنى الردم وبقيت خرابا وأخبر خورين برخان مند التركي في حين تأليفنا لهذا الكتاب أن تلك البلاد كلها في هذا الوقت عامرة وأن أرض سيسيان كلها عامرة
فأما مدينة لخمان فهي مدينة حسنة جليلة عامرة وفيها صنائع ومعايش وبين أهلها وبين الأغزاز حرب لاقحة وقد يتهادون في بعض الأوقات ويصلحون ذات بينهم ويصطلحون وقد لا يتفقون على صلح البتة وهم أهل شدة واعتزاز على من جاورهم ويحيط بأرض سمريقي في جهة الشرق أرض التركش المجاورة للسد وسنذكرها بعد هذا بعون الله
نجز الجزء الثامن من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء التاسع منه إن شاء الله
933

الجزء التاسع
إن الذي تضمنه هذا الجزء التاسع من الإقليم السادس قطعة من أرض خفشاخ وأرض التركش وسد يأجوج ومأجوج فأما بلاد التركش فهي بلاد تتاخم الردم وهي بلاد باردة كثيرة الثلوج والأمطار وكذلك أرض خفشاخ مثلها
وأما ردم يأجوج ومأجوج فشئ قد نطقت الكتب به وتوالى الأخبار عنه ومن ذلك ما حكاه سلام الترجمان أخبر عنه بذلك عبيد الله بن خرداذبة في كتابه وكذلك أخبر به أيضا أبو نصر الجيهاني فقالا إن الواثق بالله لما رأى في المنام كان السد الذي بناه ذو القرنين بيننا وبين يأجوج ومأجوج مفتوحا أحضر سلاما الترجمان وقال له اذهب وانظر إلى هذا السد وجئني بخبره وحاله وما هو عليه ثم أمر له بأصحاب يسيرون معه عددهم خمسون رجلا ووصله عند ذلك بخمسة آلاف دينار وأعطاه ديته عشرة آلاف درهم وأمر أيضا أن يعطى لكل واحد من أصحابه خمسين ألف درهم ورزق سنة وأمر لهم بمائة بغل تحمل الماء والزاد
قال سلام الترجمان فشخصنا من سر من رأى بكتاب الواثق إلى إسحاق بن
934

إسماعيل صاحب أرمينية بالنظر في تنفيذنا من هناك فوجدناه بتفليس فلما اجتمعنا به كتب لنا كتابا إلى ملك السرير وأنفذنا إليه فلما وردنا عليه أشخصنا إلى ملك اللان وأصحبنا إليه مكاتبة فلما وصلنا إليه أشخصنا أيضا إلى صاحب فيلان شاه فلما وردنا عليه أقمنا عنده أياما فاختار لنا خمسة أدلاء يدلون على الطريق التي نحن صائرون إليها
فسرنا من عنده سبعة وعشرين يوما في تخوم بلاد بسجرت إلى أن وصلنا إلى أرض سوداء طويلة ممتدة كريهة الرائحة فشققناها في عشرة أيام وكنا قد تزودنا لقطعها
بأشياء نشتمها خوفا من أذى روائحها الكريهة ثم انفصلنا عنها فسرنا مدة شهر في بلاد خراب قد درست أبنيتها ولم يبق منها إلا رسوم يستدل بها عليها فسألنا من معنا عن تلك المدن فأخبرونا أنها المدن التي كان يأجوج ومأجوج يغزونها ويخربونها ثم سرنا إلى حصون بالغرب من الجبل الذي في شعبه السد وذلك في ستة أيام وفي تلك الحصون قوم يتكلمون بالعربية والفارسية وهناك مدينة يدعى ملكها خاقان أذكش وأهلها مسلمون لهم مساجد ومكاتب فسألونا من أين أقبلنا فأخبرناهم أننا رسل أمير المؤمنين الواثق فعجبوا منا ومن قولنا أمير المؤمنين ثم سألونا عن أمير المؤمنين أشيخ هو أم شاب فقلنا شاب فعجبوا أيضا ثم قالوا وأين يكون فقلنا هو بالعراق في مدينة تسمى سر من رأى فعجبوا من ذلك وقالوا ما سمعنا بهذا قط فسألناهم نحن عن إسلامهم من أين وصلهم والقرآن من علمه لهم فقالوا إنه
935

وصل إلينا منذ أعوام كثيرة رجل راكب على دابة طويلة العنق طويلة اليدين والرجلين لها في موضع صلبها حدبة فعلمنا أنهم يصفون الجمل قالوا فنزل بنا وكلمنا بكلام فهمناه ثم علمنا شرائع الإسلام وتوابعها فقبلناها وعلمنا أيضا القرآن ومعانيه فتعلمناه وحفظناه عنه
قال سلام ثم خرجنا بعد هذا إلى السد لنبصره فسرنا عن المدينة نحوا من فرسخين فوصلنا السد فإذا جبل مقطوع بواد عرضه مائة وخمسون ذراعا وله في وسط هذا القباء باب حديد طوله خمسون ذراعا قد اكتنفه عضادتان عرض كل عضادة منهما خمسة وعشرون ذراعا فالظاهر من تحتهما عشرة أذرع خارج الباب وكله مبنى بلبن الحديد مغيب في النحاس وارتفاع العضادتين خمسون ذراعا وعلى أعلى العضادتين دروند حديد طوله مائة وعشرون ذراعا والدروند العتبة العليا وقد ركب منها على كل واحدة من العضادتين مقدار عشرة أذرع ومن فوق الدروند بنيان متصل بلبن الحديد المغيب في النحاس إلى رأس الجبل وارتفاعه مدى البصر وفوق ذلك شرف حديد في طرف كل شرفة قرنان مثنيا الأطراف بعضهما إلى بعض
وللباب مصراعان معلقان عرض كل مصراع خمسون ذراعا في ثخن خمسة أذرع وقائمتاهما في دوارة على قدر الدروند وعلى الباب قفل طوله سبعة أذرع في غلظ ذراع في الاستدارة وارتفاع القفل من الأرض خمسة وعشرون ذراعا وفوق القفل بخمسة أذرع غلق طوله أكثر من طول القفل وعلى الغلق مفتاح طوله ذراع ونصف ذراع وله اثنتا عشرة دندانجة كل دندانجة
936

منها كأغلظ ما يكون من دساتج الهواوين معلق كل واحد منها أيضا في سلسلة طولها ثمانية أذرع في استدارة أربعة أشبار والحلقة التي فيها السلسلة على قدر حلقة المنجنيق وعتبة الباب السفلى عشرة أذرع بسط مائة ذراع سوى ما تحت العضادتين والظاهر منها خمسة أذرع وكلها مكتالة بالذراع السوداوي
ورئيس تلك الحصون يركب في كل جمعة في عشرة فوارس مع كل فارس إرزبة حديد في كل إرزبة خمسة أمناء فيضرب القفل بتلك الإرزبات في كل يوم ثلاث مرات ليسمع من خلف الباب فيعلمون أن هناك حفظة ويعلم هؤلاء أن يأجوج ومأجوج لم يحدثوا في الباب حدثا وإذا ضرب أصحاب الإرزبات القفل وضعوا آذانهم مستمعين لما وراء الباب فيسمعون لمن داخل الباب دويا يدل على أن خلفه بشرا
وبالقرب من هذا الموضع حصن كبير يكون عشرة فراسخ في عشرة وتكسيره ثلاث مائة ميل ومع هذا الباب حصنان يكون كل واحد منهما مائتي ذراع في مائتي ذراع وبين هذين الحصنين عين ماء عذبة وفي أحد الحصنين آلة البناء التي بني بها السد من القدور الحديد ومغارف الحديد وهذه القدور فوق ديكدانات على كل ديكدان أربع قدور مثل قدور الصابون وهناك أيضا بقايا من اللبن الحديد التي بني بها السد وقد التصق بعضها ببعض من الصدا وطول اللبنة ذراع ونيف في ذراع ونيف في ارتفاع شبر
937

قال سلام الترجمان وقد سألنا من خاطبناه من أهل ذلك المكان هل رأوا أحدا من يأجوج ومأجوج قط فأخبرونا أنهم رأوا منهم عدة فوق شرف الردم فهبت عليهم ريح عاصفة فرمت منهم ثلاثة إلى ناحيتهم وكان مقدار الرجل منهم شبرين ونصف شبر
قال سلام الترجمان فكتبت هذه الصفات كلها وأخذتها معي ثم انصرفنا مع أدلاء من أهل تلك الحصون فأخذوا بنا على ناحية خراسان فسرنا من تلك الحصون إلى مدينة لخمان إلى مدينة غريان إلى مدينة برساخان إلى الطراز إلى سمرقند فوصلنا إلى عبد الله بن طاهر فأقمنا عنده أياما فوصلني بمائة ألف درهم ووصل كل رجل معي بخمسة ألاف درهم وأجرى أيضا للفارس من أصحابي خمسة دراهم وللراجل ثلاثة دراهم في كل يوم ثم سرنا إلى الري ثم رجعنا إلى سر من رأى بعد خروجنا عنها وإقامتنا في السفر ثمانية وعشرين شهرا فهذا جميع ما حدث به سلام الترجمان من الأخبار عند السد والأرضين التي قطعها إليه والأمم التي اجتمع بها في طريقه وما وقع بينه وبين من لقيه منها من الخطاب وبتمام هذا الخبر تم الجزء التاسع من الإقليم السادس والحمد لله على ذلك حمدا دائما وله الشكر واصبا
نجز الجزء التاسع من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء العاشر منه إن شاء الله
938

الجزء العاشر
إن الذي تضمنه هذا الجزء العاشر من الإقليم السادس قطعة من بلاد يأجوج ومأجوج وما لنا شيء نتكلم به في هذا الجزء إلا ما وصفه بطلميوس في كتاب الجغرافيا فإنه ذكر هاتين المدينتين ولم يسمهما وإنما ألحقهما بالطول والعرض فقط فجئنا بهما على هيئة ما ذكرهما وأثبتهما في كتابه ووصفهما وبتمام هذا الجزء العاشر انقضى الإقليم السادس والحمد لله على ذلك كثيرا حمدا مباركا جزيلا وحسبنا الله ونعم الوكيل
نجز الجزء العاشر من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء الأول من الإقليم السابع إن شاء الله
939

الإقليم السابع
941

الجزء الأول
إن هذا الجزء الأول من الإقليم السابع كله بحر مظلم وجزائره بأسرها مغمورة غير معمورة
943

الجزء الثاني
إن في هذا الجزء الثاني من الإقليم السابع مضمنا قطعة من البحر المظلم فيها جزيرة إنقلطارة وهي جزيرة كبيرة تشبه رأس النعامة وبها مدائن عامرة وجبال شاهقة وأودية جارية وأرض سهلة وفيها خصب زائد ولأهلها جلادة وعزم وحزم والشتاء بها دائم وأقرب بر إليها وادي شنت من أرض إفلاندرش وبين هذه الجزيرة والبر الكبير مجاز سعته اثنا عشر ميلا
فمن مدنها التي في أقصى المغرب من هذه الجزيرة وعلى طرف من أضيق مكان فيها مدينة سهستار وبينها وبين البحر اثنا عشر ميلا وهي مدينة حسنة عامرة على نهر كبير يأتيها من جهة الشمال فيصب في البحر بشرقيها
ومن هذه المدينة إلى مدينة غرهم على الساحل ستون ميلا
وكذلك من مدينة سهستار إلى الطرف الغربي من الجزيرة ثلاث مائة ميل وثمانون ميلا
ومنها أيضا إلى مرسى درته موده ثمانون ميلا ثم إلى طرف الجزيرة المسمى قرنوالية ثلاث مائة ميل وهذا الطرف الرقيق منها شبيه بمنقار طائر
944

ومن مدينة سهستار أيضا إلى مدينة سلابرس في البر من جهة الشمال ستون ميلا وهي مدينة جليلة على شرقي النهر الذي يصب في مدينة سهستار
ومن مدينة غرهم أيضا إلى طرف هنتونة وهو قرطيل يدخل في البحر خمسة وعشرون ميلا وعلى طرفه من ناحية المشرق مدينة هنتونة وهي مدينة عامرة ويصب بها من ناحية شرقيها نهر عونسترة
وعونسترة مدينة برية وبين هنتونة وعونسترة ثمانون ميلا ومن عونسترة إلى سلابرس أربعون ميلا في جهة الغرب ونهر عونسترة يخرج من جبل معترض في وسط الجزيرة
ومن هنتونة إلى مدينة شرهام ستون ميلا وهي على نحر البحر وهي مدينة جليلة متحضرة فيها إنشاء وعمارة
ومنها مع الساحل إلى مدينة هستينكش خمسون ميلا وهي مدينة مقدرة الكبر كثيرة البشر عامرة جليلة ذات أسواق وفعلة وتجار مياسير
ومنها مع الساحل شرقا إلى مدينة دبرس سبعون ميلا وهي أيضا مدينة كبيرة وهي على رأس المجاز الذي يجاز منه إلى البر المتصل بالأرض الكبيرة
ومن مدينة دبرس إلى مدينة لوندرس في البر أربعون ميلا وهي على نهر كبير يصب في البحر بين مدينة دبرس وبين مدينة جرنموده
945

ومدينة جرنموده مدينة حسنة على ضفة البحر
فمن مدينة دبرس إلى موقع نهر لوندرس في البحر عشرون ميلا ومن موقع هذا النهر إلى مدينة جرنموده المذكورة أربعون ميلا فذلك من مدينة دبرس إلى جرنموده على البحر ستون ميلا
ونهر لوندرس اسمه رطانزة وهذا النهر كثير الجري كثير الماء وجريه من وسط الجزيرة فيصل إلى مدينة غركة فرت على مقدار خمسين ميلا ويجتاز بجنوب مدينة غركة فرت فيمر منها إلى مدينة لوندرس المذكورة أربعين ميلا ثم يمر من لوندرس فيصب في البحر كما ذكرناه
ومن مدينة جرنموده إلى مدينة نرغيق تسعون ميلا ومدينة نرغيق مرتفعة عن البحر مقدار عشرة أميال
ومن مدينة نرغيق إلى مدينة أغريمس على البحر ثمانون ميلا فذلك من مدينة جرنموده إلى أغريمس على البحر مائة ميل وخمسون ميلا ومن مدينة جرنموده المذكورة ينعطف البحر آخذا في جهة الشمال على استدارة ومن مدينة أغريمس المذكورة إلى مدينة أفرويك ثمانون ميلا وهي على بعد من البحر المظلم وعلى طرف جزيرة سقوسية المتصلة بجزيرة إنقلطارة وهي جزيرة ذات طول آخذة في شمال الجزيرة الكبيرة وليس بها عمارة ولا مدينة
946

ولا قرية وطولها مائة وخمسون ميلا
ومن مدينة أفرويك إلى موقع نهر بشكه مائة وأربعون ميلا وبشكه حصن على هذا النهر مرتفع عن البحر اثنا عشر ميلا
ومن مدينة أغريمس المذكورة قبل إلى مدينة نقولس في البر مائة ميل والنهر يشق وسطها وينصب منها إلى مدينة أغريمس فيصب بجنوبها في البحر كما ذكرناه
ومن نقولس البرية إلى مدينة أفرويك أيضا تسعون ميلا ثم إلى مدينة دونالمه ثمانون ميلا شمالا على بعد من البحر
ومن طرف جزيرة سقوسية الخالية إلى طرف جزيرة إرلاندة مجريان في جهة الغرب
وجزيرة إرلاندة كبيرة جدا بين طرفها الأعلى وبرطانية ثلاثة مجار ونصف وحكى صاحب كتاب العجائب أن بها ثلاث مدائن وبها قوم يسكنونها وكانت المراكب تجتاز بها وتحط عليها وتشتري منها العنبر والحجارة الملونة فوقعت بين أهلها شرور وطلب بعضهم أن يملك عليهم وحاربهم
947

بأهله فحاربوه فوقعت العداوة لذلك بينهم فتفانوا وانتقل بعضهم إلى عدوة البحر من الأرض الكبيرة فخربت مدائنهم ولم يبق أحد منهم
ومن طرف جزيرة إنقلطرة إلى جزيرة دنس مجرى
ومن طرف إسقوسية في جهة الشمال إلى جزيرة رسلاندة ثلثا مجرى وبين طرف جزيرة رسلاندة وطرف جزيرة إرلاندة الكبيرة مجرى وكذلك من طرف جزيرة رسلاندة في جهة الشرق إلى جزيرة نرباغة اثنا عشر ميلا وطول جزيرة رسلاندة أربع مائة ميل وعرضها مائة وخمسون ميلا وسنذكر هذه الجزائر فيما بعد بعون الله تعالى
وحسن توفيقه
نجز الجزء الثاني من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء الثالث منه إن شاء الله
948

الجزء الثالث
إن في هذا الجزء الثالث من الإقليم السابع ساحل أرض بلونية وأرض زوادة وبلاد فيمارك وجزيرة درامرشة وجزيرة نرفاغة ونحن نذكر هذه السواحل والجزائر حسب ما سبق لنا قبل هذا بحول الله تعالى
فمن ذلك أن مدينة وزرة على نهرها وبينها وبين البحر خمسة عشر ميلا وكذلك من مدينة وزرة إلى مدينة نيوبرك خمسة وعشرون ميلا ومن وزرة إلى موقع نهر ألبة مائة ميل ومن نهر ألبة إلى فم الجزيرة المسماة دارمرشة ستون ميلا
وجزيرة دارمرشة في ذاتها مستديرة الشكل رملة وفيها من المدن أربع قواعد وقرى كثيرة ومراس مستورة معمورة فأول ذلك من فم الجزيرة إلى مدينة السيلة على يسار الداخل خمسة وعشرون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة بها أسواق قائمة وعمارات دائمة وهي على ساحل البحر ومنها مع الساحل إلى مرسى طرذيرة خمسون ميلا وهو مرسى مكن من كل ريح
949

وعليه عمارة ومن هذا المرسى إلى مرسى خور مائة ميل وهو مرسى مكن من كل ريح وعليه آبار ماء حلوة ومن هذا المرسى إلى مرسى وندلسقاذة مائتا ميل وهو مرسى عامر ومن هذا المرسى يدخل إلى جزيرة نرفاغة وبينهما مجاز طوله نصف مجرى ومن هذا المرسى إلى مدينة هرش هنت مائتا ميل وهي مدينة حسنة صغيرة ومنها إلى حصن لندوينة ثمانون ميلا ومن هذا الحصن إلى مدينة سيسبولي مائة ميل ومنها إلى فم الجزيرة اثنا عشر ميلا فدور محيط هذه الجزيرة سبع مائة ميل وخمسون ميلا
ومن فم هذه الجزيرة مع الساحل إلى مدينة جرتة مائة ميل وهي مدينة صغيرة متحضرة ذات أسواق وعمارات ومنها إلى مدينة لند شوذن مائتا ميل وهي مدينة كبيرة عامرة ومن هذه المدينة إلى موقع نهر قطلو وعليه هناك مدينة تسمى سقطون مائة وتسعون ميلا وهي مدينة حسنة ومنها إلى مدينة قلمار مائتا ميل وسنذكر انتهاء هذا الساحل على استقصاء بعون الله وتوفيقه
ولنرجع الآن فنقول إن من مدينة جرتة الساحلية إلى مدينة زوادة شرقا مائة ميل ومدينة زوادة جامعة كبيرة وبها عرفت أرضها وهي أرض قليلة العمارة كثيرة البرد والجمد وبين زوادة ومدينة ألبة مائة ميل وهي منها
950

في جهة الشرق ومنها في جهة الشرق أيضا إلى مدينة فيمية مائة ميل وبين فيمية والبحر مائة ميل ويقابلها في جهة الشمال على بحر الظلمات مدينة لند شوذن
ومن مدينة لند شوذن إلى موقع نهر قطلو ويروى قطرلو وعليه مدينة سقطون مائة ميل وتسعون ميلا ومن موقع نهر قطرلو أيضا إلى مدينة قلمار مائتا ميل وسنأتي على ما يليه من السواحل بعد هذا وسمي نهر قطرلو بمدينة هي عليه وهو نهر عظيم يمر من جهة المغرب مشرقا ثم يصب في البحر المظلم وبين مصب الذراع الواحد والذراع الثاني من هذا النهر ثلاث مائة ميل
وأما جزيرة نرفاغة الكبيرة فأكثرها خلاء وهي أرض كبيرة لها طرفان أحدهما يتصل من جهة المغرب بجزيرة دارمرشة ويقابل مرساها المسمى وندلسقاذة وبينهما مجاز صغير نحو من نصف مجرى والطرف الآخر يتصل بالساحل الكبير من أرض فيمارك وفي هذه الجزيرة ثلاث مدن عامرة فمدينتان منها مما يلي أرض فيمارك ومدينة ثالثة مما يلي جزيرة دارمرشة وكلها مدن تتقارب صفاتها والداخل إليها قليل ومعايشها ضيقة بكثرة الأمطار والأنواء الدائمة وهم يزرعون ويحصدون زروعهم خضرا ثم يجففونها في بيوت يوقدون فيها النار لقلة شعاع الشمس عندهم وفي هذه الجزيرة من
951

الشجر الكبير الجرم الذي لا يوجد في غيرها من الأمكنة كثير ويقال إن في هذه الجزيرة قوما مستوحشين يسكنون البراري رؤوسهم لاصقة بأكتافهم لا أعناق لهم البتة وهم يأوون إلى الشجر فيتخذون في أجوافها بيوتا ويسكنون فيها وأكلهم ثمر البلوط والشاهبلوط وفي هذه الجزيرة الحيوان الذي يقال له الببر وبها منه كثير جدا لكنه أصغر من ببر فم الروسية وقد ذكرنا ذلك فيما قبل
نجز الجزء الثالث من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء الرابع إن شاء الله تعالى
952

الجزء الرابع
إن في هذا الجزء الرابع من الإقليم السابع أكثر بلاد الروسية وبلاد فنمارك وأرض طبست وأرض أستلاندة وأرض المجوس وهذه الأرضون أكثرها خلاء وبرار وقرى عامرة وثلوج دائمة وبلادها قليلة
فأما أرض فنمارك فأرض كثيرة القرى والعمارات والأغنام وليس بها بلاد عمارة إلا مدينة أبورة ومدينة قلمار وهما مدينتان كبيرتان لكن البداوة عليها بادية والشقوة على أهلهما غالبة وبهما من الأقوات المقدرة أقل مما يكفيهم والأمطار عليهما قائمة دائبة
ومن مدينة قلمار غربا إلى مدينة سقطون مائتا ميل
وملك فنمارك له بلاد وعمارات في جزيرة نرباغة السابق ذكرها
ومن مدينة قلمار إلى موقع الذراع الثاني من نهر قطولو ثمانون ميلا
ومن نهر قطولو إلى مدينة رغولدة مائة ميل ورغولدة مدينة كبيرة عامرة على نهر البحر وهي مدينة تنسب إلى أرض طبست
953

وهذه الأرض كثيرة القرى والعمارات غير أن بلادها قلائل وهذه الأرض أشد بردا من أرض فنمارك والجمد والمطر لا يكاد يفارقهم طرفة عين
ومن مدينة انهو إلى مدينة رغولدة مائتا ميل وانهو مدينة حسنة جليلة عامرة وهي من بلاد أستلاندة
ومن مدن أستلاندة مدينة قلوري وهي مدينة صغيرة كالحصن الكبير وأهلها فلاحون وإصاباتهم قليلة غير أن أغنامهم كثيرة
ومن مدينة انهو إليها جنوبا مع الشرق ست مراحل
وكذلك أيضا من مدينة انهو لمن سلك طريق الساحل إلى موقع نهر برنو خمسون ميلا
ومنه إلى حصن فلموس على بعد من الساحل مائة ميل وهو حصن خراب في زمن الشتاء وأهله يفرون عنه إلى كهوف بعيدة عن البحر فيأوون إليها ويوقدون فيها النيران مدة أيام الشتاء وزمن البرد ولا يفترون عن وقود النيران فإذا كان زمن الصيف وانجلى القتام عن الساحل وارتفعت الأمطار عادوا إلى حصنهم
ومن هذا الحصن إلى مدينة مدسونة ثلاث مائة ميل ومدينة مدسونة مدينة كبيرة جامعة عامرة كثيرة البشر وأهلها مجوس يعبدون النيران
ومنها إلى مدينة صونو من أرض المجوس على الساحل سبعون ميلا
954

ومن بلاد المجوس المتباعدة عن البحر مدينة قابي وبينها وبين البحر ست مراحل
ومن مدينة قابي أيضا إلى مدينة قلوري أربعة أيام
ومن مدينة قلوري في جهة الغربي إلى مدينة جنتيار سبعة أيام وهي مدينة كبيرة عامرة في أعلى جبل لا يمكن الصعود إليه وأهلها متحصنون فيها من طراق الروسية وليست هذه المدينة في طاعة أحد من الملوك
وفي بلاد الروسية مدينة مرتوري وهي مدينة على مخرج نهر دنست
ومن مدينة مرتوري إلى مدينة رمسلي أربعة أيام في جهة الجنوب وتسمى رمسلي بلسان الرومية طويه ورمسلي ومرتوري من بلاد الروسية وبلاد الروسية بلاد كثيرة في الطول والعرض
وفي البحر المظلم جزائر كثيرة غير عامرة وبها من الجزائر العامرة جزيرتان تسميان جزيرتي أمزنيوس المجوس والجزيرة الغربية منها يعمرها الرجال فقط وليس بها امرأة والجزيرة الثانية فيها النساء ولا رجل معهن وهم في كل عام يقطعون مجازا بينهم في زوارق لهم وذلك في زمن الربيع فيقصد كل رجل منهم امرأته فيواقعها ويبقى معها أياما نحوا من شهر ثم يرتحل الرجال إلى جزيرتهم فيقيمون بها إلى العام المقبل إلى ذلك الوقت فيقصدون الجزيرة التي فيها نساؤهم فيفعلون معهن كما فعلوا في العام الماضي
955

من أن الرجل يواقع زوجته ويقيم عندها شهرا كاملا ثم يعود إلى الجزيرة التي كان بها وكذلك يفعل جميعهم وهذه عادة معلومة عندهم وسيرة قائمة بينهم
والدخول إليهم أقرب ما يكون من مدينة انهو وبينهم ثلاثة مجار وقد يدخل إليهم من مدينة قلمار ومن مدينة رغولدة وهذه الجزائر لا يكاد يصيبها أحد من الداخلين إليها لكثرة غمام هذا البحر وشدة ظلمة وعدم الضياء به
نجز الجزء الرابع من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء الخامس منه إن شاء الله تعالى
956

الجزء الخامس
إن هذا الجزء الخامس من الإقليم السابع فيه شمال أرض الروسية وشمال أرض القمانية فأما بلاد الروسية التي يحيط بها هذا الجزء ففيه بلاد قليلة بين جبال محيطة بها ولم يصل إلينا أحد بصحة أسمائها وتخرج من هذه الجبال أعين كثيرة فتقع كلها في بحيرة طرمي وهي بحيرة كبيرة جدا وفي وسطها جبل عال فيه وعول مشهورة وفيه الحيوان المسمى الببر وأكثر هذه البحيرة من جهة المشرق في بلاد قمانية ومن قبالة ظهرها يخرج نهر دنابرس من مروج وشعراء ويسمى هناك بلتس وعليه من البلاد سنوبلي ومدينة مونيشقة وهما بلدان عامران من بلاد القمانية
فأما البحر المظلم الغربي فيقف آخره مع شمال الروسية ويلوي في جهة الشمال ثم ينعطف إلى جهة الغرب وينعطف هناك إذ هو مكان لا يسلك فتبارك الله أحسن الخالقين
نجز الجزء الخامس من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء السادس منه إن شاء الله تعالى
957

الجزء السادس
إن هذا الجزء السادس تضمن بلاد القمانية الداخلة وبعض بلاد بلغارية
وفي بلاد القمانية الداخلة مدينة طرويا ومدينة اقليبه وهما مدينتان عامرتان تتقارب حالاتهما وتتوازى صفاتهما
وبين طرويا ومدينة صلاو في جهة الجنوب مائة ميل مفاوز قليلة العمارة
ومن طرويا إلى مدينة اقليبه ثمانية أيام وهي آخر عمالة القمانيين في وقتنا هذا
وفي شمال بلاد القمانية بحيرة غنون وهي أبد الدهر وجه مائها جامد لا ينحل إلا في أيام قلائل في زمن الصيف
ويصب إلى هذه البحيرة ثمانية أنهار أحدها نهر شروى وهو نهر لا يقدر أحد على جوازه في غير أيام الصيف لأنه يقرض الأطراف بشدة برده
وفي هذه البحيرة يتولد السمك الذي يتخذ منه الغراء الكثير وفي غياضها الحيوان المسمى الببر
958

وأما بلاد بلغار فهي مدينة ثابون وهي مدينة حصينة في رأس جبل وبها عمارة وخصب كثير وبشمال هذه البلاد جبل قوقايا وليس خلفه عمارة ولا حيوان لشدة البرد والله أعلم بخفي الأمور وهو على كل شيء قدير
نجز الجزء السادس من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء السابع منه إن شاء الله
959

الجزء السابع
تضمن هذا الجزء السابع من الإقليم السابع بقية بلاد بسجرت وشمال أرض المنتنة وأكثر بلاد بجناك ومن مدن بسجرت الداخلة ماسترة وقاسترة وهما مدينتان صغيرتان وقليلا ما يدخل إليهم التجار ولا يصل أحد إليهم لأنهم يقتلون من وطئ أرضهم وبلادهم من غيرهم وهاتان المدينتان على نهر يمد نهر اثل
وأما بلاد بجناك فقليلة ولم يتصل بنا أن لهم مدينة أكثر من مدينة ياقاموني وهم أمم كثيرة أتراك يحاربون الروسية وما جاورهم من بلاد الروم وهم ممتنعون في الجبال والمشاجر لا يقدر عليهم فيها وأهل بجناك مثل الروسية في ذاتهم يحرقون موتاهم وبعضهم يحلقون لحاهم وبعضهم يضفرونها ولباسهم القراطق الصغار ولسانهم غير لسان الروسية وغير لسان البسجرتية فسبحان خالق الخلق وباسط الرزق لا إله إلا هو العلي الكبير
نجز الجزء السابع من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الثامن إن شاء الله
960

الجزء الثامن
تضمن هذا الجزء الثامن من الأرضين بلادا قفراء وبها الأرض المحفورة وهي من عجائب الدنيا وذلك أنه حكى الجيهاني في كتابه أن هذه الأرض مروا بها بعد خروجهم من الأرض المنتنة فرأوها ومشوا مع طولها يوما وهي بقعة من الأرض لا يقدر أحد على النزول إليها من جميع جوانبها لبعد قعرتها وصعوبة جنباتها وهي معمورة وعلموا ذلك بأن رأوا الدخان منها في النهار في مواضع كثيرة ورأوا النيران بالليل كهيئة النجوم تتقد مرة وتخفى أخرى وأغرب ما فيها أن بها نهرا يظهر فيها خيالا يشق أرضها من الجنوب إلى الشمال وعليه العمارة ولا يقدر أحد ينزل إليها البتة ولا يصعد منها إذ ذلك ممتنع جدا فسبحان الذي أنشأهم فيها وقدر أقواتهم بها فهو الخلاق العليم لا إله إلا هو الرحمان الرحيم
نجز الجزء الثامن من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء التاسع إن شاء الله تعالى
961

الجزء التاسع
تضمن هذا الجزء التاسع قطعة من أرض يأجوج ومأجوج الداخلة وقطعة من البحر الزفتي وهو آخر البحر الشرقي وهو أيضا مظلم وحكى صاحب كتاب العجائب أن في داخل بلاد يأجوج ومأجوج نهرا يسمى المشهر لا يعرف له قعر فإذا تقاتلوا وأسر بعضهم بعضا طرحوا الأسارى في ذلك الوادي فيرون عند ذلك طيورا عظاما تخرج إلى من يطرح منهم من كهوف في جنبتي الوادي فتختطفهم قبل أن يصلوا إلى آخره فترتفع بهم إلى تلك الكهوف فتأكل جسومهم ويقال إن في أسفل هذا الوادي نارا تتاجح مع الأزمان والله أعلم بحقيقة هذا كله لا إله سواه
هذا آخر الجزء التاسع من الإقليم السابع والحمد لله وحده
962

الجزء العاشر
إن هذا الجزء العاشر من الإقليم السابع كله مظلم لا عمارة فيه البتة ولا يعلم ما خلفه فهذا جميع ما اتصل إلينا من أوصاف الأرضين من معمور وغير معمور فتبارك الله رب العالمين وهو على كل شيء قدير والله تعالى حسبنا ونعم الوكيل
وهنا انقضى الكتاب المعروف بنزهة المشتاق في اختراق الآفاق والحمد لله رب العالمين
963