(فكيف مع قلة الجاري وخسته
* والبعد عن كل ذي فضل وذي أدب)
(فعد إلى جنة الدنيا فقد برزت
* لمجتلي الحسن في أثوابها القشب)
(ولا تقم بسواها مع حصول غنى
* فالعمر فيما سواها غير محتسب)
(واقطع زمانك طيبا في محاسنها
* وعد إلى اللهو واللذات والطرب)
(وبادر العمر قبل الفوت مغتنما
* ما دمت حيا فإن الموت في الطلب)
(وخذ عيانا إذا ما أمكنت فرص
* ولا تبع طيب موجود بمرتقب)
(فالعمر منصرم والوقت مغتنم
* والدهر ذو غير فأنعم به تصب)
(فاعمل بقولي ولا تجنح إلى أحد
* ممن يفند من عمري وذي رغب)
(يرى السعادة في نيل الحطام ولو
* حواه مع نصب من سوء مكتسب)
(فاستدرك الفائت المقضي في عمر
* فليس بالنأي عن مثواك من كثب)
(ولا تعش عيش ذي نقص وكن أبدا
* ممن سمت همة منه على الشهب)
(واغنم حياة أب ما زال ذا حزن
* مذ غبت عنه لبعد منك مكتئب)
(فلست تعدم مع رؤياه مكتسبا
* يسد بالقنع من عري ومن سغب)
(فالرأي ما قلته فاعمل به عجلا
* ولا تصخ نحو فدم غير ذي حدب)
(فغفلة المرء مع علم ومعرفة
* عن واضح بين من أعجب العجب) البسيط
فقلت في جوابه وكتب بها إليه
(مولاي يا شرف الدين الذي بلغت
* أدنى مساعيه أعلى رتبة بالأدب)
(ومن سمت في سماء المجد همته
* فأدركت في المعالي أرفع الرتب)
(قد فاق بقراط في علم وفي حكم
* وفاق سحبان في شعر وفي خطب)
(له التصانيف في كل العلوم ولا
* شيء يماثلها من سائر الكتب)
(أقدارها قد علت في الناس وارتفعت
* عن كل شبه كمثل السبعة الشهب)
(فيها المعاني التي كالدر قد نظمت
* في سلك خط وخير اللفظ منتخب)
(ولا عجيب لدر كان مورده
* من بحر علم لمولى في العلى دئب)
(قد نال راحة تحصيل العلوم وما
* من راحة حصلت إلا عن التعب)
(ورام مسعاه أقوام وما بلغوا
* البعض منه وكل جد في الطلب)
(وكل علم وجود فهو منه إلى
* من يجتديه كغيث دائم الصيب)
(لله كم من أياد منه قد وصلت
* إلي في سالف الأيام والحقب)
(إني لأشكرها ما دمت مجتهدا
* وشكر نعماه طول الدهر أجدر بي)
(عندي من البين أشواق إليك كما
* للناس في الجدب أشواق إلى السحب)
(تهمي دموعي إذا ما غن ذكركم
* على فؤاد بنار الشوق ملتهب)
680