الكتاب: تاريخ المدينة
المؤلف: ابن شبة النميري
الجزء: ٤
الوفاة: ٢٦٢
المجموعة: مصادر التاريخ
تحقيق: فهيم محمد شلتوت
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤١٠ - ١٣٦٨ ش
المطبعة: القدس - قم
الناشر: دار الفكر - قم - إيران
ردمك:
ملاحظات: كتاب تاريخ المدينة المنورة ( أخبار المدينة النبوية)

كتاب
تاريخ المدينة المنورة
(أخبار المدينة النبوية)
لابن شبة
أبو زيد عمر بن شبة النميري البصري
173 ه‍ - 262 ه‍ -
الجزء الرابع
حققه
فهيم محمد شلتوت
الطبعة الثانية
المطبعة قدس - قم
تاريخ الطبع 1410 ه‍.
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا هو الجزء الرابع - والأخير - من تاريخ
المدينة المنورة لابن شبة - رحمه الله - وينتهي في
الصفحة 1315.
والفهارس العامة تبدأ في الصفحة 1317، إن شاء الله.
1148

(رجوع أهل مصر بعد شخوصهم)
* حدثنا سليمان بن أيوب قال، حدثنا أبو عوانة، عن
المغيرة بن زياد الموصلي، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي
الله عنهما قال: انصرف المصريون فلما أتوا على ذي المروة إذا هم
بمولى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه باسط سفرته عليها طعام، فدعا
القوم إليها، فنزل بعض وسار بعض، وكان المولى من صوافي أهل
المدينة، فإذا على السفرة شنة (1) بالية فيها رأس طومار فنظروا
إلى الطومار فقالوا: ما في هذا الكتاب؟ فحلف بالله ما أدري ما فيه،
فنظروا فيه فإذا هم بكتاب من عثمان رضي الله عنه - إلى عامله
على مصر: إذا أتاك القوم فافعل وافعل. فأخذوا الطومار وقالوا:
الحمد لله الذي أظهر نيته وأظهر منه ما كان يخفي، ارجعوا أيها
القوم، فرجعوا فأحاطوا بالدار وائتمروا بقتله، وذكروا الكتاب.
فقال شيعة علي رضي الله عنه: هو عمل عثمان، وقال شيعة عثمان
رضي الله عنه: هو عمل علي وأصحابه. قال: فأرسل علي رضي الله
عنه إليه: إن معي خمسمائة دارع فأذن لي فأمنعك من القوم، فإنك
لم تحدث شيئا بعد التوبة يستحل به (2) دمك. فقال: جزيت خيرا،
ما أحب أن يهراق دم بسببي. قال: وأرسل إليه الزبير بن العوام
رضي الله عنه بمثلها. فقال: ما أحب أن يهراق دم في سببي.
* حدثنا عثمان بن عبد الوهاب قال، حدثنا معمر بن سليمان،
عن أبيه، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مولى ابن أسيد قال: رجع

(1) الشنة: القربة الخلق الصغيرة يكون الماء فيها أبرد من غيرها (لسان العرب).
(2) في الأصل " يستحل بها ".
1149

المصريون راضين، فبينما هم بالطريق إذا هم براكب يتعرض لهم
ثم يفارقهم ويسبقهم. فقالوا له: مالك إن لك لأمرا، ما شأنك؟
فقال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر. ففتشوه فإذا هم
بالكتاب على لسان عثمان رضي الله عنه، عليه خاتمه، إلى عامله
أن يقتلهم، أو يصلبهم، أو يقطع أيديهم وأرجلهم. فأقبلوا حتى
أتوا المدينة، فأتوا عليا رضي الله عنه فقالوا له: ألم تر إلى عدو الله!!
إنه كتب فينا بكذا وكذا، وإن الله قد أحل دمه، قم معنا إليه.
قال: لا والله ما أقوم معكم. قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قال: لا والله
ما كتبت إليكم بكتاب قط. قال: فنظر بعضهم إلى بعض. ثم قال
بعضهم لبعض: ألهذا تقاتلون أم لهذا تغضبون؟! قال: فانطلق
فخرج من المدينة إلى قرية، وانطلقوا حتى دخلوا على عثمان رضي الله
عنه فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا؟ قال: إنما هما اثنتان، أن
تقيموا علي رجلين من المسلمين، أو يميني بالله الذي لا إله إلا هو
ما كتبت ولا أمليت ولا علمت، وقال: قد تعلمون أن الكتاب يكتب
على لسان الرجل، وقد ينقش الختام على الخاتم. فقالوا: قد والله
أحل الله دمك، ونقض العهد والميثاق (1).
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي مخنف، عن محمد بن
يوسف، عن عبد الرحمن بن جندب قال: رجعوا راضين، فلما
كانوا بأيلة (2) لحقهم غلام لعثمان رضي الله عنه يقال له يحنة،

(1) تاريخ الطبري 4: 355 (ط المعارف) - والرياض النضرة 2: 122 -
والعواصم من القواصم ص 110، 125، 129 - وتاريخ الخميس 2: 259.
(2) أيلة: مدينة في رأس خليج العقبة وتسمى حاليا إيلات.
1150

فقالوا: من أنت؟ قال: غلام لعثمان. قالوا أين تريد؟ قال: مصر.
فاستنزلوه فلم يجدوا معه شيئا في متاعه، فقال كنانة بن بشر:
انظروا في إداوته. فنظروا في الإداوة فإذا فيها قارورة قد شد رأسها
بأدم فيها كتاب عليه خاتم من رصاص، فقرأوا الكتاب فإذا هو:
من عثمان إلى ابن أبي سرح، إذا قدم عليك أهل مصر فاقتل عبد الرحمن
ابن عديس واصلبه، واقطع يد عروة بن شييم، وأبي عمرو بن
بديل بن ورقاء، وكنانة بن بشر. فأخذوا الكتاب ورجعوا إلى المدينة
ومعهم غلام عثمان، فأتوا عليا فقالوا: إنك ضمنت لنا ضمانا
وكتبت بيننا وبين هذا الرجل كتابا، ثم تعقبنا بما ترى!! وانطلق
علي رضي الله عنه بالكتاب إلى عثمان، فقال عثمان: والله ما كتبته،
ولا أمرت به، ولا علمته، ولا سرحت رسولي. قال: فمن تتهم؟
قال: ما أبرئ أحدا، وإن للناس تحيلا. فقالت بنو أمية لعلي رضي
الله عنه: أنت قد صنعت هذا بنا، وألبت الناس علينا. قال: والله
ما فعلت، قد ترون من يصنعه (1).
* حدثنا إسحاق بن إدريس قال، حدثنا حماد بن زيد،
عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن سعيد مولى ابن أسيد قال:
رجع القوم راضين حتى إذا كنا بذي الحليفة إذا رجل على راحلة
لعثمان رضي الله عنه، فقالوا: ما جاء بهذا إلا أمر، ففتشوه فإذا
كتاب إلى عامله أن يضرب أعناقهم. فرجعوا فشتموه وأخرجوا الكتاب،
وقالوا هذا كتاب كاتبك. فقال: كاتبي يكتب ما شاء. قالوا:

(1) نهاية الإرب 19: 509 - والغدير 9: 178 - والعواصم من القواصم ص 127
وتاريخ الخميس 2: 261.
1151

فهذا خاتمك. قال: خاتمي في يد كاتبي. قالوا: هذه راحلتك.
قال راحلتي يركبها من شاء. قالوا: فهذا غلامك. قال: غلامي
يذهب حيث شاء. ثم قال: أي قوم، ارجعوا فوالله ما كتبتها
ولا أمليتها. فقال الأشتر: أي قوم، والله إني لاسمع حلف رجل
قد مكر به فيكم، فقال له رجل: انتفخ سحرك (يا أشتر -
أو يا مالك (1) قال: فأقاموا حتى قتلوه (2).
* حدثنا علي بن محمد، عن بشير بن عاصم، عن ابن أبي ليلى
قال: قدم أهل مصر على عثمان رضي الله عنه وقد نقموا عليه أشياء
فأعتبهم، فرجعوا راضين، فلحقهم غلام لعثمان في الطريق معه
كتاب إلى ابن أبي سرح يأمره فيه بقتلهم، فأخذوه ثم رجعوا
إلى المدينة، وبلغ أهل مصر فأخرجوا ابن أبي سرح من مصر فألحقوه
بفلسطين، وبلغ أهل الكوفة رجوع أهل مصر الثانية، فخرج
الأشتر في مائتين من أهل الكوفة، وبلغ أهل البصرة فخرج حكيم
ابن جبلة في مائة، فتوافوا بالمدينة فحصروا عثمان رضي الله عنه (3).
حدثنا على بن محمد، عن أبي أيوب، عن عبد الرحمن بن يزيد
ابن جابر، عن مكحول قال: أصاب المصريون غلاما لعثمان رضي الله
عنه يقال له وريس على جمل لعثمان، فأخذوه ومعه كتاب إلى ابن
أبي سرح، فاحتبسوا الغلام وكتبوا إلى أهل مصر يخبرونهم أنهم

(1) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات والمثبت عن أنساب الأشراف 5: 96.
(2) المرجع السابق - والعواصم من القواصم ص 129.
(3) وانظر في ذلك تاريخ الطبري 5: 103، 104 (حوادث سنة 35) - والتمهيد
والبيان لوحة 98، 99.
1152

يريدون الرجعة إلى المدينة، ويأمرونهم بإخراج ابن أبي سرح،
فأخرجوه إلى فلسطين. وسار الآخرون إلى المدينة فأتوا عثمان رضي الله
عنه بالكتاب، فحلف بالله ما كتبه ولا أمر به، فلم يصدقوه،
وحصروه أربعين يوما.
* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، أنبأنا عبد الله بن وهب قال،
أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب قال: كان عبد الله بن
سعد القرشي أمره عثمان رضي الله عنه على مصر، فخرج إلى عثمان
رضي الله عنه وافدا حين تكلم الناس في عثمان رضي الله عنه،
فقام الخارجة الذين خرجوا على عثمان رضي الله عنه من أهل مصر
- وابن سعد عنده - فكان ابن أبي حذيفة قد انتزى بمصر بعد ابن
سعد فخلع حليفه ابن سعد، واستولى على مصر، فبعث عثمان رضي
الله عنه عبد الله بن سعد إلى مصر وقال: أرضهم فإنهم جندك. فلما
بلغ جسر القلزم وجد بها خيلا لابن أبي حذيفة فمنعوه أن يدخل،
فقال: ويحكم، دعوني أدخل على جندي فأعلمهم ما جئتهم به،
فإني قد جئتهم بخير، فأبوا أن يدعوه، فقال: والله لوددت أني
دخلت عليهم فأعلمتهم ما جئت به ثم مت، فانصرف إلى عسقلان،
وكره أن يرجع إلى عثمان رضي الله عنه، وقتل عثمان رضي الله عنه
وهو بعسقلان. ونزا معاوية رضي الله عنه لأهل الشام، فكره ابن سعد
أن يبايع معاوية وقال: ما كنت لأبايع رجلا أعرف أنه يهوى قتل
عثمان رضي الله عنه. قال: فمرض ابن سعد عند ذلك فلما كانت
الليلة التي توفي فيها جعل يقول لابن عمه عند الصبح: يا هشام بن
كنانة، قم فانظر هل أصبحنا بعد؟ فخرج هشام فنظر ثم رجع
1153

إليه فقال: لم نصبح. فجعل ابن سعد يقول: اللهم اجعل خاتمة
عملي صلاة الصبح. يا هشام قم فانظر هل أصبحت. فخرج فنظر
فقال له: كأني أرى الصبح. فصلى الصبح ثم مال فمات. قال يزيد:
كان ابن أبي حذيفة ربما كتب الكتاب على لسان أمهات المؤمنين من
التحريض على عثمان، ويبعث به مع الرجل، فيأتي ذلك الرجل
بعد أيام وعليه هيئة السفر، فيأخذ ابن أبي حذيفة منه الكتاب
فيقرأه على الناس، فكان يحرض بذلك على عثمان رضي الله عنه.
* حدثنا عفان بن مسلم قال، حدثنا حصين بن نمير أبو
محصن قال، حدثنا حصين بن عبد الرحمن قال، حدثني جهيم
قال: بينا هم في بعض الطريق إذ مر بهم راكب فاتهموه ففتشوه
فوجدوا معه كتابا في إداوة إلى عامله: أن خذ فلانا وفلانا فاضرب
أعناقهم. فرجعوا فبدأوا بعلي رضي الله عنه فسألوه، فجاء معهم
إلى عثمان رضي الله عنه، فقالوا: هذا كتابك، وهذا خاتمك؟
قال: والله ما كتبت، ولا أمرت، ولا علمت، قالوا: فمن يكن؟
- قال أبو محصن: تتهم - قال: أظن كاتبي غدر، أو أظنك به
يا علي. قال علي: فلم تظنني؟ قال: لأنك مطاع في القوم فلم
تردهم عني، قال: فأتى القوم وألحوا عليه حتى حصروه.
* حدثنا عمرو بن الحباب قال، حدثنا عبد الملك بن هارون
ابن عنترة، عن أبيه، عن جده قال: لما كان من أمر عثمان رضي
الله عنه ما كان، قدم قوم من مصر معهم صحيفة صغيرة الطي،
فأتوا عليا رضي الله عنه فقالوا: إن هذا الرجل قد غير وبدل،
ولم يسر مسيرة صاحبيه، وكتب هذا الكتاب إلى عامله بمصر:
1154

أن خذ مال فلان، واقتل فلانا، وسير فلانا، فأخذ علي الصحيفة
فأدخلها على عثمان فقال: أتعرف هذا الكتاب؟ فقال: إني لأعرف
الخاتم، فقال: اكسرها فكسرها. فلما قرأها قال: لعن الله
من كتبه ومن أملاه. فقال له علي رضي الله عنه: أتتهم أحدا
من أهل بيتك؟ قال: نعم. قال: من تتهم؟ قال: أنت أول من
أتهم، قال: فغضب علي رضي الله عنه فقام وقال: والله لا أعينك
ولا أعين عليك حتى التقي أنا وأنت عند رب العالمين.
* حدثنا علي بن محمد، عن الوقاص، عن إبراهيم بن محمد
ابن سعد، عن أبيه قال: رجع أهل مصر إلى المدينة قبل أن يصلوا
إلى بلادهم، فنزلوا ذا المروة في آخر شوال، وبعثوا إلى علي رضي الله
عنه: إن عثمان رضي الله عنه كان أعتبنا، ثم كتب يأمر بقتلنا،
وبعثوا بالكتاب إلى علي رضي الله عنه، فدخل علي رضي الله عنه على
عثمان رضي الله عنه بالكتاب فقال: ما هذا يا عثمان؟ فقال: الخط
خط كاتبي، والخاتم خاتمي، ولا والله ما أمرت ولا علمت. قال:
فمن تتهم؟ قال: أتهمك وكاتبي. فغضب علي رضي الله عنه وقال:
والله لا أرد عنك أحدا أبدا.
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى، عن
أبي لهيعة قال، حدثنا يزيد بن أبي حبيب قال: كان الركب الذين
ساروا إلى عثمان رضي اله عنه فقتلوه من أهل مصر ستمائة رجل،
وكان عليهم عبد الرحمن بن عديس البلوي، وكان ممن بايع
رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة (1).

(1) العواصم من القواصم ص 123.
1155

* حدثنا إبراهيم بن (المنذر (1) قال حدثنا... (2) عبد الله
ابن وهب قال، حدثني ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافري،
أنه سمع أبا ثور التميمي قال: قدمت على عثمان بن عفان رضي الله
عنه فبينما أنا عنده خرجت فإذا أنا بوفد أهل مصر، فرجعت إلى
عثمان بن عفان رضي الله عنه فقلت: أرى وفد أهل مصر قد رجعوا،
خمسين عليهم ابن عديس، قال: وكيف رأيتهم؟ قلت: رأيت
قوما في وجوههم الشر. قال: فطلع ابن عديس منبر رسول الله صلى
الله عليه وسلم فخطب الناس وصلى لأهل المدينة الجمعة، وقال في
خطبته: ألا إن ابن مسعود حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: إن عثمان بن عفان كذا وكذا، وتكلم بكلمة أكره
ذكرها، فدخلت على عثمان رضي الله عنه وهو محصور فحدثته
أن ابن عديس صلى بهم. فسألني ماذا قال لهم (3)؟ فأخبرته، فقال:
كذب والله ابن عديس ما سمعها من ابن مسعود، ولا سمعها ابن
مسعود من رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، ولقد اختبأت عند
ربي عشرا، فلولا ما ذكر ما ذكرت، إني لرابع أربعة في الاسلام،
(وجهزت جيش العسرة (4)، ولقد ائتمني رسول الله صلى الله عليه
وسلم على ابنته، ثم توفيت فأنكحني الأخرى، والله ما زنيت،
ولا سرقت في جاهلية ولا إسلام، ولا تعنيت، ولا تمنيت، ولا

(1) بياض في الأصل بمقدار كلمة والمثبت عن سند مماثل مر.
(2) بياض في الأصل بمقدار كلمتين ولكن السند متصل.
(3) في الأصل " ماذا قام لهم " ولعل الصواب ما أثبته.
(4) سقط في الأصل والإضافة عن الرياض النضرة 2: 103 - وبها تكمل العشر.
1156

مسست بيميني فرجي مذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولقد جمعت القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا
مرت بي جمعة إلا وأنا أعتق رقبة مذ أسلمت، إلا أن لا أجد في تلك
الجمعة، ثم أعتق لتلك الجمعة بعد (1).
* حدثنا محمد بن سليمان وأحمد بن منصور الرمادي قالا،
حدثنا هشام بن عمار قال، حدثنا محمد بن عيسى بن سميع القرشي،
عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن الزهري قال: قلت
لسعيد بن المسيب: هل أنت مخبري كيف كان قتل عثمان رضي الله
عنه؟ وما كان شأن الناس وشأنه؟ ولم خذله أصحاب محمد
(صلى الله عليه وسلم (2))؟ قال: قتل عثمان رضي الله عنه مظلوما،
ومن قتله كان ظالما، ومن خذله كان معذورا. قال قلت: وكيف
كان ذلك؟ قال: إن عثمان رضي الله عنه لما ولي كره ولايته نفر
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لان عثمان رضي الله عنه
كان يحب قومه، فولي الناس اثنتي عشرة حجة، وكان كثيرا
مما يولي بني أمية ممن لم يكن (1) له مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
صحبة، فكان يجئ من أمرائه ما يكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فكان يستعتب منهم فلا يعزلهم، فلما كان في الست حجج
الأواخر استأثر بني عمه فولاهم، وأشرك معهم، وأمرهم بتقوى الله،
ولى عبد الله بن أبي سرح مصر، فمكث عليها سنين، فجاء أهل

(1) انظر المرجع السابق.
(2) إضافة على الأصل.
(3) كذا في الأصل ولعل العبارة " كثيرا ما يولى من بني أمية من لم يكن ".
1157

مصر يشكونه ويتظلمون منه. وقد كان قبل ذلك من عثمان رضي الله
عنه هنات إلى عبد الله بن مسعود، وأبي ذر، وعمار بن ياسر،
فكانت (1) هذيل وبنو زهرة في قلوبهم ما فيها لمكان عبد الله بن مسعود،
وكانت (بنو غفار (2)! وأحلافها ومن غضب لأبي ذر في قلوبهم
ما فيها، وكانت بنو مخزوم قد حنقت على عثمان رضي الله عنه لمكان
عمار بن ياسر. وجاء أهل مصر يشكون ابن أبي سرح، فكتب إليه
عثمان رضي الله عنه كتابا يتهدده فيه، فأبى أن يقبل ما نهاه عنه
عثمان رضي الله عنه وضرب بعض من أتاه من قبل عثمان من أهل
مصر يتظلم منه (3) فقتله، فخرج من أهل مصر سبعمائة إلى المدينة
فنزلوا المسجد، وشكوا إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في
مواقيت الصلاة ما صنع ابن سرح بهم، فقام طلحة بن عبيد الله
فكلم عثمان رضي الله عنه بكلام شديد، وأرسلت إليه عائشة
فقالت: قد تقدم إليك أصحاب محمد وسألوك عزل هذا الرجل،
فأبيت إلا واحدة، فهذا قد قتل منهم رجلا فاقضهم من عاملك.
ودخل عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه - وكان متكلم القوم -
فقال: إنما سألوك رجلا مكان رجل، وقد ادعوا قبله دما، فاعزله
عنهم واقض بينهم، وإن وجب عليه حق فأنصفهم منه. فقال لهم:
اختاروا رجلا أوليه عليكم مكانه. فأشار الناس عليهم بمحمد بن
أبي بكر، فقالوا: استعمل علينا محمد بن أبي بكر. فكتب عهده

(1) في الأصل " فقالت " والمثبت عن الرياض النضرة 2: 124.
(2) إضافة عن المرجع السابق.
(3) كذا بالأصل، وفي الرياض النضرة 2: 124 - وتاريخ الخميس 2: 161
" ممن كان أتى عثمان ".
1158

وولاه، وخرج معه عدة من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بين
أهل مصر وبين ابن أبي سرح، فخرج محمد ومن كان معه، فلما
كانوا على مسيرة ثلاث ليال من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير
يخبط خبطا كأنه رجل يطلب أو يطلب، فقال له أصحاب محمد:
ما قصتك وما شأنك، كأنك هارب أو طالب؟ فقال: أنا غلام أمير
المؤمنين، وجهني إلى عامل مصر. قال له رجل: هذا عامل مصر
معنا. قال: ليس هذا أريد. وأخبروا بأمره محمد بن أبي بكر،
فبعث في طلبه رجالا، فأخذوه فجاءوا به إليه، فقال له: يا غلام
من أنت؟ فأقبل مرة يقول غلام أمير المؤمنين، ومرة يقول غلام
مروان، حتى عرفه رجل أنه لعثمان، فقال له محمد: إلى من أرسلت؟
قال: إلى عامل مصر. قال: بماذا؟ قال: برسالة. قال: أمعك كتاب؟
قال: لا، ففتشوه فلم يجدوا معه كتابا، وكانت معه إداوة قد يبست،
فيها شئ يتقلقل، فحركوه ليخرج فلم يخرج، فشقوا الإداوة
فإذا فيها كتاب من عثمان إلى ابن أبي سرح، فجمع محمد من كان
معه من المهاجرين والأنصار وغيرهم، ثم فك الكتاب بمحضر منهم
فإذا فيه: إذا أتاك محمد بن أبي بكر وفلان وفلان فاحتل لقتلهم،
وأبطل كتابه، وقر على عملك حتى يأتيك رأي في ذلك، واحبس
من يجئ إلي يتظلم منك، ليأتيك رأي في ذلك إن شاء الله تعالى.
قال: فلما قرأوا الكتاب فزعوا ورجعوا إلى المدينة، وختم محمد
الكتاب بخواتيم نفر كانوا معه، ودفع الكتاب إلى رجل منهم،
فقدم المدينة، فجمعوا طلحة والزبير وعليا وسعدا ومن كان من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فكوا الكتاب بمحضر
1159

منهم، وأخبروهم بقصة الغلام، وأقرأوهم الكتاب، فلم يبق أحد
من أهل المدينة إلا حنق على عثمان، وزاد ذلك من كان غضب لابن
مسعود وأبي ذر وعمار حنقا وغيظا، وقام أصحاب محمد فلحقوا
بمنازلهم، وحاصر الناس عثمان، وأجلب عليه محمد بن أبي بكر
ببني تميم وغيرهم، وأعانه على ذلك طلحة بن عبيد الله، وكانت
عائشة رضي الله عنها تقبحه كثيرا. فلما رأى ذلك علي بعث إلى
طلحة والزبير وسعد وعمار ونفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
كلهم بدري، ثم دخل على عثمان رضي الله عنه ومعه الكتاب والبعير
والغلام، فقال له علي: هذا الغلام غلامك؟ قال: نعم. قال: فالبعير
بعيرك؟ قال: نعم. قال: وأنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: لا،
وحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب ولا أمرت به. قال له علي رضي
الله عنه: فالخاتم خاتمك؟! قال: نعم. فقال له علي رضي الله عنه:
كيف يخرج غلامك على بعيرك بكتاب عليه خاتمك لا تعلمه؟!
فحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب، ولا أمرت به، ولا وجهت هذا
الغلام إلى مصر.
فأما الخط فعرفوا أنه خط مروان، وشكوا في أمر عثمان رضي
الله عنه، وسألوه أن يدفع إليهم مروان فأبى - وكان مروان عنده
في الدار - فخرج أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) من عنده
غضابا، وشكوا في أمره، وعلموا أنه لا يحلف بباطل إلا أن قوما
قالوا: لا يبرأ عثمان من قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان حتى نثخنه،
ونعرف حال الكتاب، فكيف يؤمر بقتل رجل من أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم بغير حق؟! فإن يكن عثمان كتبه عزلناه،
1160

وإن يكن مروان كتبه على لسان عثمان نظرنا ما يكون منا في أمر
مروان، ولزموا بيوتهم، وأبى عثمان أن يخرج إليهم مروان،
وخشي عليه القتل، وحاصر الناس عثمان ومنعوه الماء (1).
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن
أبي بكر بن عياش، عن المغيرة قال: لما رجع أهل مصر عن عثمان
رضي الله عنه رأوا راكبا يعارض الطريق فارتابوا، فأخذوه ففتشوه
فلم يجدوا شيئا، فقال رجل منهم: لعل حاجتكم في الشنة، فنظروا
فإذا كتاب إلى ابن أبي سرح فيه: إذا قدم عليك فلان وفلان فاضرب
أعناقهم. فرجعوا فقالوا: هذا خاتمك على هذا الكتاب، أفهذا من
التوبة؟! قال: ما كتبته ولا أمرت به، وحلف. قالوا: خاتمك
عليه!! قال: خاتمي مع فلان - مروان أو حمران - قالوا: فإنا
نتهمك فاخرج عن الولاية حتى نولي غيرك. قال: أما المال فولوه
من شئتم، وأما الصلاة فما كنت لأخلع سربالا ألبسنيه الله. قالوا:
لا يستقيم أن يكون رجل على الصلاة وآخر على المال، فحصروه حتى
قتلوه.
* حدثنا معاذ بن شيبة بن عبيدة قال: حدثني أبي، عن أبيه،
عن جده، قال: كتب عثمان رضي الله عنه في الأمصار حين أرادوا
قتله يذكرهم الله ويخبرهم أنه عرض عليهم كتاب الله، وسنة نبيه،
وأنهم ردوا ذلك عليه، فقال: طال عليهم أجلي فاستعجلوا القدر.
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى قال،

(1) انظر المراجع السابقة وشرح نهج البلاغة 1: 229 - والغدير 9: 180 -
والإمامة والسياسة 1: 60.
1161

أنبأنا جامع بن صبيح أبو سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن علي
ابن حسين قال: لما حصر عثمان رضي الله عنه في داره، وتحوفوا
عليه كتب إلى الناس بكتاب يعتذر فيه بعذره:
بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عثمان أمير المؤمنين والمسلمين
سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما (بعد فإني
أذكركم (1)) الله الذي أنعم عليكم، وعلمكم الاسلام، وهداكم
من الضلالة وأنقذكم من الكفر، وأراكم البينات، ووسع عليكم
من الرزق، ونصركم على العدو، وأسبغ عليكم نعمه فإن الله يقول،
وقوله الحق: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن
إلا وأنتم مسلمون (2) " إلى قوله: " وأولئك لهم عذاب عظيم (2) "
وقال: " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي
واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا (3) " وقال: " يا أيها الذين آمنوا
إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة " إلى قوله:
" فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم (4) " وقال: إن الذين يشترون
بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا
يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب
أليم (5) " وقال: " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق
أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه

(1) سقط في الأصل والمثبت عن التمهيد والبيان لوحة 96.
(2) سورة آل عمران، الآيات 102 - 105.
(3) سورة المائدة، آية 7.
(4) سورة الحجرات، الآيات 6 - 8.
(5) سورة آل عمران، آية 77.
1162

الله فسيؤتيه أجرا عظيما (1) " أما بعد، فإن الله رضي لكم السمع
والطاعة، وجنبكم الفرقة والمعصية والاختلاف، ونبأكم أن قد
فعله الذين من قبلكم، وتقدم إليكم فيه ليكون له الحجة عليكم
إن عصيتموه، فاقبلوا، نصيحة الله، واحذروا عذابه، فإنكم لن
تجدوا أمة هلكت إلا من بعد أن تختلف، لا يكون لها رأس يجمعها،
ومتى تفعلوا ذلك لا تقم الصلاة جميعا، ويسلط عليكم عدوكم،
ويستحل بعضكم حرم بعض، ومن يفعل ذلك لا يقم دينه وتكونوا
شيعا، وقد قال الله لرسوله، وقوله الحق: " إن الذين فرقوا دينهم
وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما
كانوا يفعلون (2) " إني أوصيكم بما أوصاكم الله، أحذركم عذابه،
فإن شعيبا قال لقومه " يا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل
ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم
ببعيد. واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود (3) ".
(وكتب كتابا آخر: بسم الله الرحمن الرحيم (4))
أما بعد: فإن أقواما ممن كان يقول في هذا الحديث: أظهروا
للناس إنما تدعون إلى كتاب الله والحق، ولا تريدون الدنيا ولا
منازعة فيها، فلما عرض عليهم الحق إذا الناس في ذلك شتى، منهم
آخذ للحق ونازع عنه حين يعطاه، ومنهم تارك للحق رغبة في الامر

(1) سورة الفتح، آية 10.
(2) سورة الأنعام، آية 159.
(3) سورة هود، الآيتان 89، 90.
(4) ما بين الحاصرتين عن التمهيد والبيان لوحة 98.
1163

يريد أن ينتزوه بغير حق، وطال عليهم عمري، وراث عليهم أملهم
في، فاستعجلوا القدر (1)، وقد كانوا كتبوا إليكم أنهم قد رضوا
بالذي أعطيتهم، ولا أعلم أني تركت من الذي عاهدت لهم عليه
شيئا، وكانوا زعموا يطلبون الحدود، فقلت: أقيموا علي من علمتم
من قريب أو بعيد. وقالوا: كتاب الله يتلى، فقلت: ليتله من تلاه
غير غال فيه. وقالوا: المحروم يرزق، والمال يوفر، وتستن السنة
الحسنة، ولا تتعد إلى الخمس والصدقة، ويؤمر ذوو القوة والأمانة،
وترد مظالم الناس إلى أهلها، فرضيت بذلك، فقلت: فما تأمرون؟
قالوا: تؤمر عمرو بن العاص، و عبد الله بن قيس ويقر جنده
الراضون (2)، وأمره فليصلح أرضه فكل ذلك فعلت، وإنه لم يرضهم
ذلك (3)) فمنعوني الصلاة، وحالوا بيني وبين المسجد، وانتزوا
ما قدروا عليه بالمدينة، وهم يخيرونني بين إحدى ثلاث: إما أن
يقيدوني بكل رجل أصيب خطأ أو عمدا، أخذت به غير متروك لي
منه شئ، وإما أن أفتدي بالامر فأعتزل ويؤمروا آخر، وإما أن
يرسلوا إلى من أطاعهم من أهل الجنود وأهل المدينة فيتبرأون من
الذي جعل الله عليهم من السمع والطاعة. فقلت لهم: أما إقادة
نفسي فقد كان قبلي خلفاء، ومن يتول السلطان يخطئ ويصيب
فلم يستقد من أحد منهم، وقد علمت أنهم يريدون بذلك نفسي،
وأما أن أتبرأ من الامر فإن يصلبوني أحب إلي من أن أتبرأ من جند

(1) من أول الخبر إلى هنا في التمهيد والبيان لوحة 96، 97، 98.
(2) كذا في الأصل ولعلها " الرابضون ".
(3) بياض في الأصل بمقدار كلمتين والمثبت يقتضيه السياق.
1164

الله وخلافته. وأما قولهم: أن يرسلوا إلى أمراء الأجناد وأهل المدينة
فيتبرأون من طاعتي فلست عليهم بوكيل، ولم أكن استكرهتهم
من قبل على السمع والطاعة، ولكن أتوها طائعين يبتغون مرضاة الله
وصلاح الأمة، ومن يكن منهم يبتغ الدنيا فليس ينال منها إلا
ما كتب الله، ومن يكن إنما يريد وجه الله والدار الآخرة وصلاح
الأمة وابتغاء السنة الحسنة التي استن رسول الله صلى الله عليه وسلم
والخليفتان من بعده فإنما يجزي بذلك الله، فاتقوا الله فمن يرضى
بالنكث منكم فإني لا أرضى لكم أن تنكثوا عهدا، وأما الذي
تخيروني فإنما هو النزع والتأمير فملكت نفسي ومن معي فنظرت
حكم الله وتغيير النعمة من الله، وكرهت ألسنة السوء، وشاق الأمة
وسفك الدماء، وإني أنشدكم الله والاسلام ألا تأخذوا إلا الحق وتعاطوه
مني، ويرد الفئ على أهله، فخذوا ما بيننا بالعدل كما أمركم الله،
فإني أنشدكم بالله الذي عقد عليكم من العهد والمؤازرة في أمر الله،
فإن الله يقول وقوله الحق: " وأوفوا بالعهد إن العهد كان
مسؤولا (1) " وإن هذه معذرة إلى الله وإليكم لعلكم تتفكرون، أما بعد:
فإني لا أبرئ نفسي إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي
غفور رحم، فإن عاقبت أقواما - وما أبتغي بذلك إلا الخير - فإني
أتوب إلى الله من كل عمل عملته، وأستغفره إنه لا يغفر الذنوب
إلا الله، وإن رحمة ربي وسعت كل شئ، إنه لا يقنط من رحمة
الله إلا القوم الكافرون، وإنه يقبل التوبة من عباده ويعفو عن
السيئات، ويعلم ما تفعلون، وإني أسأل الله أن يغفر لي ولكم،

(1) سورة الإسراء، آية 34.
1165

وأن يؤلف هذه الأمة على الخير، ويكره إليها الشر، والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته أيها المؤمنون والمسلمون (1).
* حدثنا علي بن محمد، عن عيسى بن يزيد، عن صالح بن
كيسان قال: كتب عثمان مع نافع بن ظريب (2) إلى أهل مكة،
فلما كان يوم عرفة - وابن عباس واقف - قام نافع فقرأ الكتاب:
أما بعد فإني كتبت إليكم كتابي هذا وأنا محصور لا آكل من الطعام
إلا ما يقيمني مخافة أن تفنى ذخيرتي، لا أدعى إلى توبة ولا تسمع مني
حجة، فأنشد الله رجلا سمع كتابي إلا قدم علي فأخذني بالحق ومنعني
من الباطل، ثم جلس، فما عرض ابن (عباس (3) بشئ من أمره.
ما روي من الاختلاف فيمن أعان عثمان رضي الله عنه أو أعان عليه من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه رضي الله عنه عنهم وغيرهم
* حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا عبد الله بن المبارك قال،
قال، حدثنا معمر، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن قيس بن
عباد قال: كنا مع علي رضي الله عنه فكان إذا شهد مشهدا، أو
أشرف على أكمة، أو هبط واديا قال: صدق الله ورسوله. فقلت
لرجل من بني يشكر: انطلق بنا إلى أمير المؤمنين نسأله عن قوله

(1) تاريخ الطبري 5: 141، 142 (قبيل ذكر الخلاف عن الموقع الذي دفن
فيه عثمان).
(2) هو نافع بن ظريب بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي
أسلم يوم الفتح وصحب الرسول صلى الله عليه وسلم وكتب المصاحف لعمر بن الخطاب -
وانظر أسد الغابة 5: 10.
(3) بياض في الأصل بمقدار كلمة والمثبت عن الغدير 9: 192، 193.
1166

صدق الله ورسوله، فانطلقنا إليه فقلنا: يا أمير المؤمنين، رأيناك
إذا شهدت مشهدا أو أشرفت على أكمة قلت صدق الله ورسوله،
فهل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا؟ فأعرض
عنا؟ فألححنا عليه فقال: والله ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه
وسلم في ذلك عهدا إلا شيئا أخذه على الناس، ولكن الناس وثبوا على
عثمان رضي الله عنه فقتلوه فكان غيري فيه أسوأ حالا مني وأسوأ
فعلا مني، ثم رأيت أني أحقهم بها فوثبت عليها، فالله أعلم (1)
أخطأنا أم أصبنا.
* حدثنا علي بن محمد، عن جناب بن موسى، عن مجالد،
عن الشعبي قال: لما قدم أهل مصر المرة الثانية صعد عثمان رضي الله عنه
المنبر فحصبوه، وجاء علي رضي الله عنه فدخل المسجد، فقال عثمان
رضي الله عنه: يا علي قد نصبت القدر على أثاف (2). قال: ما جئت
إلا وأنا أريد أن أصلح أمر الناس، فأما إذا اتهمتني فسأرجع إلى بيتي.
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا يوسف بن المجاشون
قال، حدثني أبي: أن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي
عنها حين حصر عثمان رضي الله عنه حملت حتى وضعت بين يدي
علي رضي الله عنه في خدرها وهو على المنبر فقالت: أجر لي من في
الدار. قال: نعم إلا نعثلا وشقيا، قالت: فوالله ما حاجتي إلا عثمان
وسعيد بن العاص. قال: ما إليهما سبيل. قالت: ملكت يا ابن أبي
طالب فأسجح قال: أما والله ما أمرك الله بهذا ولا رسوله.

(1) في الأصل " أعظم ".
(2) أثاف جمع أثفية، والأثفية حجر من ثلاثة توضع عليها القدر.
1167

* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا جرير، عن المغيرة،
عن إبراهيم قال: قال عثمان رضي الله عنه لابن مسعود رضي الله عنه:
والله الذي لا إله إلا هو ما وجدنا عليك ولا على صاحبك وقد صحبتما
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إبطاء كما عن هذا الامر - يعني
تخلفهما عن علي رضي الله عنه - قال وصاحبه أبو موسى. قال:
وذكروا قتل عثمان فقال ابن مسعود: ونحن والله الذي لا إله إلا هو
ما وجدنا عليك وعلى صاحبك مذ صحبتما رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلا تسرعكما في هذا الامر يعني قتل عثمان رضي الله عنه.
* حدثنا الحزامي قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال، حدثني
سعيد بن أبي أيوب، عن أبي صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن
أبي الصهباء المكبري قال: تذاكرنا قتل عثمان رضي الله عنه فقال
بعضنا: ما أرى عليا قتله إلا أنه كان يراه كافرا. فقلت ألا تسأله
عن ذلك؟ فسألته، فقال: والله ما كان عثمان بشرنا، ولكن ولي
فاستأثر، وجزعنا فأسأنا الجزع، وسنرد إلى حكم فيقضي بينا.
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي مخنف، عن عبد الملك بن
نوفل بن مساحق، عن أبيه قال: دخل علي رضي الله عنه على عثمان
رضي الله عنه بالذي وجده أهل مصر مع غلامه، فحلف عثمان رضي
الله عنه ما كتبه، فقال له علي رضي الله عنه: فمن تتهم؟ قال:
أتهمك وكاتبي. فغضب علي رضي الله عنه وخرج وقال: والله لئن
لم يكن كتبه أو كتب على لسانه ما له عذر في تضييع أمر الأمة،
ولئن كان كتبه لقد أحل نفسه ولا أرد عنه وقد اتهمني، فاعتزل
واعتزل ناس كثير.
1168

* حدثنا محمد بن منصور قال، حدثنا جعفر بن سليمان
الضبعي، عن عوف قال: كان أشد الصحابة على عثمان طلحة بن
عبيد الله، وإنما أفسد عثمان رضي الله عنه بطانة استبطنها من
الطلقاء.
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم قال،
حدثني سفيان بن عيينة، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن حكيم
ابن جابر قال: سمعت طلحة بن عبيد الله يقول يوم الجمل: إنا قد
كنا ادهنا في أمر عثمان فلا بد من المبالغة (1).
* قال سفيان، وحدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم بن
جابر قال: كلم علي طلحة - وعثمان في الدار محصور - فقال:
إنهم قد حيل بينهم وبين الماء. فقال طلحة: أما حتى تعطي بنو أمية
الحق من أنفسها فلا (2).
* حدثنا إسحاق بن إدريس قال، حدثنا هشيم، عن إسماعيل
عن قيس قال، قال طلحة يوم الجمل: اللهم أعط عثمان مني اليوم
حتى ترضى (1).
* قال إسحاق، وأخبرنا هشيم قال، أنبأنا العوام بن حوشب
قال: قال طلحة: اللهم هل يجزئ دمي كله بقطرة من دم عثمان؟!
* حدثنا إبراهيم قال، سمعت جعفر بن زياد، وأبا بكر بن

(1) وانظر فيه طبقات ابن سعد 113: 158.
(2) كذا في الأصل وفي كامل ابن الأثير 3: 77 " لا والله حتى تعطيني بنو أمية
الحق من أنفسها ".
(3) طبقات ابن سعد 3 / 1: 159 - والرياض النضرة 2: 259.
1169

عياش يحدثان، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي
ليلى قال: رأيت طلحة يوم الدار يراميهم وعليه قباء فكشفت الريح
عنه. فرأيت بياض الدرع من تحت القباء.
* حدثنا عبد الله بن عمرو قال، حدثنا عمرو بن ثابت،
عن أبي فزارة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال، قال لي عبد الملك
ابن مروان: أشهدت الدار؟ قلت: نعم فليسل أمير المؤمنين عما
أحب. قال: أين كان علي؟ قلت: في داره. قال: فأين كان الزبير؟
قلت: عند أحجار الزيت. قال: فأين كان طلحة؟ قلت نظرت فإذا
مثل الحرة السوداء فقلت ما هذا؟ قالوا: طلحة واقف، فإن حال
حائل دون عثمان قاتله. فقال: لولا أن أبي أخبرني يوم مرج راهط،
أنه قتل طلحة ما تركت على وجه الأرض من بني تميم أحدا
إلا قتلته.
* قال عبد الله بن عمرو، وأخبرني محمد بن حمران، عن
قرة بن خالد قال، قال نافع: رمى مروان يوم الجمل طلحة بسهم
فأثبته في ثغرة نحره، فقال له طلحة: قد رأيت ما صنعت؟ فقال:
أتزعم أني أخطأت؟ قال: ما زلت تخطي بعم لك منذ اليوم (1).
* حدثنا زهير بن حرب قال، حدثنا وهب بن جرير قال،
حدثنا جويرية بن إسماعيل، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثني
عم - أو عم لي - قال: بينما نحن متواقفون إذ رمى مروان بن الحكم
بسهم طلحة بن عبيد الله، فشكل ساقه بجنب فرسه، فقمص به الفرس

(1) وانظر في ذلك الطبري 5: 203 - وطبقات ابن سعد 113: 159 والعواصم
من القواصم ص 157.
1170

موليا، والتفت إلى أبان بن عثمان وهو إلى جنبه فقال: قد كفيتك
أحد قتلة أبيك (1).
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي مخنف، عن بكر بن حنيف،
عن عبد الرحمن (بن أبي ليلى: لما حاصر) المصريون (عثمان (2))
استولى طلحة بن عبيد الله على أمرهم وكان محمد بن أبي بكر يأتيهم
فإذا أمسى خلص هو وعلي وعمار يحتازون (3) الناس يقولون: أهل
مصر يعملون بأمر علي رضي الله عنه.
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا عبد الوهاب بن
عكرمة من بني قيس بن ثعلبة عن أمه قالت (4): كنت عند عائشة
رضي الله عنها فدخل عليها أبو البختري بن درهم فقال: يا أم المؤمنين
ما تقولين في عثمان؟ فقالت: " وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ
إليهم على سواء (5) ".
* حدثنا موسى قال، حدثنا جويرية بن أسماء، عن يحيى
ابن سعيد، عن عمه: فجاءها مروان فقال (6) أرسلني أمير المؤمنين
يقرأ عليك السلام ورحمة الله وقال: ردي عني الناس، فأعرضت

(1) وانظر في ذلك أنساب الأشراف 5: 135 - ومستدرك الحاكم 3: 370 -
ومروج الذهب 2: 110 - والرياض النضرة 2: 259 والغدير 9: 97.
(2) بياض في الأصل بمقدار ثلث سطر تظهر فيه كلمة " المصريون " والمثبت يكمل
السياق.
(3) يحتازون: أي يخالطون.
(4) في الأصل " قال ".
(5) سورة الأنفال، آية 58.
(6) في الأصل " فقالت ".
1171

عنه مرة أو مرتين، فقام وهو يتمثل ببيت شعر لم يحفظه أبو سلمة،
فقالت: ارجع والله لوددت أنك وصاحبك الذي جئت من عنده في
وعائنا وكيت (1) عليكما ثم نبذتكما.
* حدثنا زهير بن حرب قال، حدثنا وهب بن جرير قال،
حدثنا جويرية قال، حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال، حدثني
عمي - أو عم لي - قال: بينما أنا عند عائشة رضي الله عنها وعثمان
رضي الله عنه محصور، والناس مجهزون للحج إذ جاء مروان فقال:
يا أم المؤمنين، إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ورحمة الله ويقول:
ردي عني الناس فإني فاعل وفاعل، فلم تجبه، فانصرف وهو
يتمثل ببيت الربيع بن زياد العبسي.
وحرق قيس علي البلا * د حتى إذا اشتعلت أجذما (2)
فقالت: ردوا علي هذا المتمثل، فرددناه، فقالت - وفي يدها
غرارة لها تعالجها: والله لوددت أن صاحبك الذي جئت من عنده
في غرارتي هذه فأوكيت عليها فألقيتها في البحر (3).
* حدثنا علي بن محمد، عن سعيد بن عبد الله الأنصاري،
عن أبيه، عن سعيد بن عبد الرحمن بن حسان، عن النعمان بن
بشير رضي الله عنه قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها وعندها
قوم من المهاجرين يذكرون عثمان رضي الله عنه أول ما حصر فقالت:

(1) وكيت: أغلقت عليكما. والوكاء هو ما يربط به فم القربة أو أي وعاء.
كالغرارة ونحوها.
(2) وانظر الشعر بروايتين في الغدير 9: 78.
(3) أنساب الأشراف 5: 75.
1172

أنا أمكم، تريدون أمرا إن عمل به رأيتم ما تكرهون، فنظرت
إلي عائشة فقالت: نعمان؟ قلت: نعم. قالت: تعلمني بك أي عدو
الله، والله لوددت أن قريشا ردتك (1) تكرها - اضربوه. قال:
فضربوني. فقلت: لا جرم، والله لا آتي هذا المكان أبدا.
* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عمر بن عثمان،
عن أبيه، عن ابن شهاب قال، حدثني أبو إدريس الخولاني: أن
أبا مسلم الخولاني قال لأهل الشام - وهم ينالون من عائشة رضي الله
عنها في شأن عثمان رضي الله عنه: يا أهل الشام، أضرب لكم
مثلكم ومثل أمكم هذه، مثلكم ومثلها كمثل العين في الرأس
تؤذي صاحبها ولا تستطيع أن تعاقبها إلا بالذي هو خير لها.
* حدثنا زهير بن حرب قال، حدثنا وهب بن جرير قال،
حدثنا أبي قال، سمعت قتادة يحدث: أن عبد الله بن أذينة العبدي
لما بلغه قدوم طلحة والزبير ركب فرسه فتلقاهما قبل أن يدخلا
البصرة، فإذا محمد بن طلحة بن عبيد الله (وكان (2)) يقال له
الساجد من عبادته... (3) فقال له: من أنت؟ قال: أنا محمد بن
طلحة. قال: والله إن كنت لأحب أن ألفاك. قال له محمد: من
أنت؟ قال: عبد الله بن أذينة، فأخبرني عن قتل عثمان رضي الله
عنه. قال: أخبرك أن دم عثمان رضي الله عنه ثلاثة أثلاث، ثلث
على صاحبة الخدر - يعني عائشة رضي الله عنها - فلما سمعته يقول

(1) في الأصل " ردت ".
(2) بياض في الأصل بمقدار كلمة، والمثبت يقتضيه السياق.
(3) بياض في الأصل بمقدار كلمة ولكن الكلام متصل.
1173

ذلك شتمته وأساءت له القول، فقال: يغفر الله لك يا أمتاه،
وثلث على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وثلث على صاحب الجمل
الأحمر ميمنة القوم - يعني أباه طلحة - فلما سمعه أبوه أقبل إليه
سريعا وقال: ويحك هل ثاب رجل بأفضل من نفسه (1).
* قال ابن دأب، قال الحارث بن خليف، سألت سعدا عن
قتل عثمان رضي الله عنه فقال: قتل بسيف سلته عائشة رضي الله
عنها: وشحذه طلحة رضي الله عنه، وسمه ابن أبي طالب رضي الله
عنه قلت: فالزبير؟ قال: فسكت وأشار بيده وأمسكنا، ولو شئنا
لرفعنا ولكن عثمان رضي الله عنه تغير وتغير، أساء وأحسن، ولم
يجد متقدما، فإن كنا أحسنا فقد أحسنا وإن كنا أسأنا فنستغفر
الله. وقال وكان الزبير لي صديقا فأتيته، فقال ما أقدمك؟ فقلت:
جئت لأقتدي بك. قال: فارجع. قلت: فأنت؟ قال تالله إني لمغلوب
مطلوب، يغلبني أهلي، وأطلب بذنبي. قلت: فصاحبكم؟ قال:
لو لم يجد إلا أن يشق بطنه من حب الامارة لشقة (2).
* حدثنا سليمان بن رجاء قال، حدثني أبي قال، حدثني

(1) وانظر في معناه تاريخ الطبري 5: 176 - وفيه " وقال - السائل - في ذلك
شعرا:
سألت ابن طلحة عن هالك * بجوف المدينة لم يقبر
فقال ثلاثة رهط هم * أماتوا ابن عفان واستعبر
فثلت على تلك في خدرها * وثلث على راكب الأحمر
وثلث على ابن أبي طالب * ونحن بدوية قرقر
فقلت صدقت على الأولين * وأخطأت في الثالث الأزهر
(2) مع اختلاف يسير في العقد الفريد 4: 259.
1174

عبد الله بن ميسرة، عن غياث البكري قال: سألت أبا سعيد الخدري
رضي الله عنه عن قتل عثمان، هل شهده أحد من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، لقد شهده ثمانمائة (1).
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا يوسف بن الماجشون
قال، أخبرني أبي: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما واقف
المسور بن مخرمة رضي الله عنه بالسوق، فقال المسور: والله
لنقتلنه، فقال عبد الله: إنما تريدون أن تجعلوها هرقلية، كلما
غضبتم على ملك قتلتموه - يريد عثمان رضي الله عنه.
ما روي عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه في النهي
عن قتل عثمان رضي الله عنه
* حدثنا ابن أبي عدي، عن الحجاج الصواف قال، أنبأنا
النضر بن معبد، عن رجل من أهل المدينة قال، دخل ابن سلام على
عثمان رضي الله عنه وهو محصور فقال: ما جاء بك؟ قال: جئت
لأقاتل معك، قال: فاخرج إلى الناس فأخبرهم. فخرج فقال:
إن الله أختار الاسلام دينا، واختار محمدا رسولا، واختار المدينة فحفها
بالملائكة، وأغمد عنها السيف، فلا تقتلوا هذا فلا يغمد عنكم
السيف إلى يوم القيامة، والذي نفسي بيده لا يقتله رجل إلا لقي
الله يوم القيامة أجذم (2).
* حدثنا سويد بن سعيد قال، حدثنا ضمام بن إسماعيل

(1) شرح نهج البلاغة 1: 231.
(2) أسد الغابة 3: 176 - والرياض النضرة 2: 130 - والتمهيد والبيان لوحة
131، 168 - والإمامة والسياسة ص 68.
1175

قال: سمعت أبا قبيل يقول: لما حصر عثمان رضي الله عنه دخل
عليه عبد الله بن سلام رضي الله عنه مسجد رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال: أيها الناس كفوا عن هذا الرجل، لا تقتلوه فإنما بقي
من أجله اليسير، فأقسم بالله لئن قتلتموه ليسلن سيفه ثم لا يغمده
إلى يوم القيامة (1).
* حدثنا عمرو بن عاصم قال، حدثنا إسماعيل بن المغيرة،
عن حميد بن هلال قال، حدثنا........ (2) قال:
لما هاج الناس بعثمان قال عبد الله بن سلام: يا أيها الناس لا تقتلوا
عثمان واستعتبوه، فوالذي نفسي بيده ما قتلت أمة نبيها فأصلح
الله الذي بينهم حتى يهرقوا دماء سبعين ألفا، وما قتلت أمة قط
خليفتها فيصلح الله الذي بينهم حتى يهريقوا دماء أربعين ألفا،
وما هلكت أمة قط حتى يرفعوا القرآن على السلطان، ألم تر (3) إلى
أهل هذه الأهواء كيف يتأولون القرآن على السلطان؟ فلم ينظروا
فيما قال، وقتلوه.
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا أبو هلال، عن
حميد بن هلال، عن عبد الله بن معقل قال، قال عبد الله بن سلام
رضي الله عنه: أعلم أنه لم تقتل أمة نبيها إلا قتل به سبعون ألفا،
ولم تقتل خليفتها إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا (4).

(1) التمهيد والبيان لوحة 168 - وأسد الغابة 3: 177.
(2) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات.
(3) كذا في الأصل - ولعلها " ألم تروا ".
(4) الرياض النضرة 2: 130 - وجاء في التمهيد والبيان لوحة 168 " ولعمري
لقد قتل بسبب عثمان رضي الله عنه في وقعة الجمل وصفين أكثر من خمسة وثلاثين ألفا،
ولا اجتمعت كلمتهم أبدا، ولا اقتسموا شيئا، ولا غزوا عدوا جميعا، ولقد احتلبوا
بعده الدم لا اللبن ".
1176

* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال،
حدثنا ابن لهيعة، عن سعيد بن أبي هلال قال، حدثني خالد
ابن أبي عمران، عن أبيه قال: كنت مع عبد الله بن سلام يوما حين
قتل عثمان رضي الله عنه، وقد خطب علي بن أبي طالب رضي الله عنه
الناس، فمر علينا رجل من أصحاب علي رضي الله عنه فقال له
ابن سلام: ماذا قام به صاحبكم آنفا؟ قال: قام قبيل فقال: من
يبرأ من قتل عثمان فإني لا أتبرأ منه، والذي نفسي بيده لا ينتطح
فيه عنزان، ولا ينتقر فيه ديكان. فقال ابن سلام: والذي نفسي
بيده ليهراقن بدم عثمان رضي الله عنه دم رجال في الأصلاب،
وليقتلن الله به خمسة وثلاثين ألفا، في كتاب الله المنزل: إنه
ليس من قوم يقتلون خليفتهم إلا قتل الله به خمسة وثلاثين ألفا،
ولا قوم يقتلون نبيهم إلا قتل الله به سبعين ألفا، والذي نفسي
بيده لا ترجع الخلافة إلى أرض الحجاز أبدا، ولا يجاوز خاتم
النبوة فيها إلا حاجا أو معتمرا (1).
* حدثنا ابن وهب قال، حدثني ابن لهيعة، عن عبيد الله
ابن أبي المغيرة، عن أبي النضر، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص،
أنه أخبره، أنه سمع عبد الله بن سلام ينشد في قتل عثمان رضي الله
ويخبر أنه إن تركوه أربعين يوما إنه يموت، فحصبه الناس حتى
أدموا وجهه، فدخل على عثمان رضي الله عنه فقال له عثمان:

(1) الإمامة والسياسة 69 - والتمهيد والبيان لوحة 217، 218.
1177

يا أبا يوسف؟ ما شأنك؟ فأخبره ما فعل به الناس، ثم قال لعثمان،
إنك لفي كتاب الله الخليفة المظلوم المقتول. قال عامر: فقلت
لأبي من هذا؟ فقال: هذا الرجل الذي سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: إنه من أهل الجنة، وذلك أني كنت مع النبي صلى
الله عليه وسلم في مكان فقال: ليطلعن من هذا المنقب رجل من أهل
الجنة. فطلع عبد الله بن سلام، فقلت: هنيا مريا (1).
* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا ابن وهب قال،
حدثنا ابن لهيعة، عن سعيد بن أبي هلال، عن خالد بن أبي عثمان،
عن أبيه قال: كنت مع ابن سلام في المسجد حين حصر عثمان رضي
الله عنه، فخرج كثير بن الصلت من الدار - وكان مع عثمان -
فقال له ابن سلام: ماذا قال عثمان آنفا؟ قال فقال: اللهم إنهم
خذلوني واستخفوا بحقي، فاجمعهم على كلمة الحق. فقال ابن سلام:
والذي نفسي بيده لو دعا عليهم بالفرقة لم يجتمعوا أبدا.
* حدثنا أبو داود، عن همام، عن قتادة، عن أبي المليح،
عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: ما قتلت أمة قط نبيها
فيصل الله أمرها حتى يقتل سبعون ألفا (1)، ولا قتلت أمة خليفتها
فيصل الله أمرها حتى يقتل خمسة وثلاثون ألفا (2).
* حدثنا هوذة بن خليفة قال، حدثنا عوف، عن محمد،
عن كثير بن أفلح قال: لما حصر عثمان رضي الله عنه جاء عبد الله
ابن سلام وجئت معه، فجعل يأتي الجمع من تلك الجموع فيقوم

(1) منتخب كنز العمال 5: 228.
(2) الرياض النضرة 2: 130 - والتمهيد والبيان لوحة 168.
1178

عليهم فيقول: اتقوا الله ولا تقتلوا أمير المؤمنين، فإنه لا يحل
لكم قتله. فيقولون: والله لا نقتله، وما نريد قتله. فإذا جاوزهم
قال: والله لتقتلنه. ثم يقوم على الجمع الآخر فيقول لهم مثل
ذلك، فيقولون له مثله، فإذا جاوزهم قال: والله لتقتلنه. فما زال
يقوم عليهم ويقول لهم مثل ذلك حتى وجدت عليه في نفسي، فلما
كان يوم قتل بعث رسولا فقال: اذهب وانظر ما فعل عثمان، فوالله
ما ينبغي أن يكون حيا ساعته هذه، قال فذهب فوجده قد قتل.
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا حماد بن سلمة قال،
حدثنا هشام، عن محمد، عن كثير بن أفلح: أنه كان مع عبد الله بن
سلام وهو يمر بالخلق ويقول: اتقوا الله ولا تقتلوا عثمان، فإن حقه
عليكم كحق الوالد على الولد. قالوا: نحن نقتله!! لا والله لا نقتله.
قال: والله لتقتلنه، فما زال يخالفهم حتى وجدت عليه.
* حدثنا هوذة بن خليفة قال، أنبأنا عوف، عن محمد
قال: لما - كان حين - حصر عثمان رضي الله عنه بعث عبد الرحمن
ابن عتاب، وسليط بن سليط إلى عبد الله بن سلام وقال: أخبراه
أنكما (أتاويان - أو أتويان (1) - جئنا لنسألك. فقال: إنكما
لستما أتاويين ولكنك عبد الرحمن بن عتاب، وهذا سليط بن سليط،
وأرسلكما عثمان بن عفان لتسألا عن شأنه، فاقرئاه السلام وأخبراه
أن حقه على كل مسلم كحق الوالد على ولده، وأنه ميت - أو مقتول -
لا محالة، وأنه أعظم لحجتك عند الله أن تكف يدك. قال: فلما

(1) الأتاويان: الأتاوي منسوب إلى الآتي وهو الغريب، والأصل أتوى مثل
عدى وعدوى. (الفائق للزمخشري 1: 21 والخبر فيه ".
1179

كان يوم قتل من بين الأيام أرسل رسولا فقال: اذهب فانظر ما فعل
عثمان، فوالله ما ينبغي له (أن (1)) يكون حيا ساعته هذه. قال:
فذهب فوجده قد قتل.
* حدثنا حيان بن بشر، عن يحيى بن آدم قال، حدثنا
أبو معاوية، عن الأعمش، عن ابن صالح، عن عبد الله بن سلام
رضي الله عنه: أنه قال حين كان من أمر عثمان رضي الله عنه الذي
كان: لا تهريقوا (نبيكم (2)) محجما من دم إلا ازددتم من الله
بعدا (3).
* حدثنا حبان بن هلال قال، حدثنا سلام بن مسكين قال،
حدثني مالك بن دينار قال، حدثني من رأى عبد الله بن سلام يبكي
يوم قتل عثمان رضي الله عنه وقال اليوم هلكت العرب (4).
* حدثنا عفان قال، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن
ليث بن أبي سليم، عن طاوس قال، قال عبد الله بن سلام رضي
الله عنه: إن عثمان رضي الله عنه ليحكم يوم القيامة في القاتل
والخاذل (5).
* حدثنا (إبراهيم بن المنذر (6)) قال، حدثنا عبد الله بن وهب

(1) إضافة يقتضيها السياق.
(2) كذا في الأصل ولعلها " بينكم ".
(3) طبقات ابن سعد 3 / 1: 57 مع اختلاف يسير.
(4) طبقات ابن سعد 3 / 1: 57.
(5) البداية والنهاية 7: 194.
(6) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات والمثبت عن لوحة 346 الحديث الرابع.
1180

قال، حدثنا ابن لهيعة، عن سعيد بن أبي هلال عن خالد بن أبي عمران،
عن أبيه: أنه كان عند عبد الله بن سلام رضي الله عنه حين حضرته
الوفاة فأرسل إليه مروان يسأل كيف هو، فقال: إن نفسي لتخبرني
أن هذا آخر يوم من الدنيا، ولولا أني في آخر سورة البقرة ما حدثتكم
بشئ، ولكني سمعت الله يقول " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من
البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في كتاب (1) " إلى آخر الآية،
والذي نفسي بيده ليبعثن عثمان رضي الله عنه يوم القيامة
إماما مقسطا. فيقال له: دونك من قتلك ومن خذلك، والذي نفسي
بيده لينزلن بكم في شأن عثمان رضي الله عنه ثلاث، لا تكون طاعة
إلا فرقا، ولا حيلة إلا مكافأة، وليقتلن بدم عثمان الذين قتلوه،
والذين في أصلابهم، والذين في أصلاب أصلابهم (2).
* حدثنا هارون بن عبد الله أبو يحيى الزهري، عن المغيرة
ابن عبد الرحمن، عن يحيى بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد:
أن ابن سلام قال لما حصر عثمان رضي الله عنه: أتعلمون أني الذي
عند الله " وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله (3) " قالوا: اللهم
نعم، قال فنشدتكم الله ألستم تعلمون أني الذي عند الله

(1) سورة البقرة، آية 159.
(2) وفي البداية والنهاية 7: 194 " سمع عبد الله بن سلام رجلا يقول لآخر: قتل
عثمان بن عفان فلم ينتطح فيه عنزان. فقال ابن سلام: أجل إن البقر والمعز لا تنتطح
في قتل الخليفة ولكن ينتطح فيه الرجال بالسلاح، والله لتقتلن به أقوام إنهم لفي
أصلاب آبائهم ما ولدوا بعد.
(3) سورة الأحقاف، آية 10.
1181

" ومن عنده علم الكتاب (1) " قالوا: اللهم نعم (2).
* حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن رجل، عن مجاهد
قال: الذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام.
* حدثنا أبو داود قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح،
عن مجاهد " ومن عنده علم الكتاب " هو عبد الله بن سلام.
* حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا سفيان، عن ليث، عن
مجاهد قال: هو عبد الله بن سلام.
* حدثنا فليح بن محمد اليمامي قال، حدثنا مروان بن معاوية،
عن جويبر، عن الضحاك قال: هو عبد الله بن سلام.
* حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن جويبر،
عن الضحاك " وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله (3) " قال هو
عبد الله بن سلام.
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا شعيب بن صفوان قال،
حدثنا عبد الملك بن عمير: أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام
استأذن على الحجاج بن يوسف فأنكره البوابون فلم يأذنوا له،
وجاء عنبسة بن سعيد فاستأذن له الحجاج فأذن له، فجاء فسلم،
وأمر الحجاج رجلين مما يلي السرير أن يوسعا له، فجلس. فقال
له الحجاج: لله أبوك، أتعلم حديثا حدثه أبوك أمير المؤمنين

(1) سورة الرعد، آية 43.
(2) أسد الغابة 3: 176.
(3) سورة الأحقاف، آية 10.
1182

عبد الملك بن مروان عن جدك عبد الله بن سلام؟ قال: أي حديث
يرحمك الله فرب حديث؟ قال: حديث المصريين حين حصروا
عثمان. قال: قد علمت ذلك الحديث: أقبل عبد الله بن سلام وعثمان
محصور فانطلق فدخل عليه فوسعوا له حتى دخل. فقال: السلام
عليك يا أمير المؤمنين. قال: وعليك السلام. ما جاء بك يا عبد الله
ابن سلام؟ قال: وقد عزم عثمان على الناس - فخرجوا عنه - فقال:
يا أمير المؤمنين، جئت حتى تستشهد أو يفتح الله لك، ولا أرى
هؤلاء إلا قاتليك، فإن يقتلوك فذاك خير لك وشر لهم قال:
يا عبد الله بن سلام أسألك بالذي لي عليك من الحق لما خرجت إليهم
(فإذا كان (1)) خيرا يسوقه الله بك أو شرا يدفعه الله بك. فسمع
وأطاع، فخرج إليهم. فلما رأوه اجتمعوا له وظنوا أنه فد جائهم
ببعض ما يسرهم، فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد فإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا يبشر
بالجنة من أطاعه، وينذر بالنار من عصاه، وأظهر من اتبعه على
الدين كله ولو كره المشركون، ثم اختار له المساكن فاختار له المدينة
فجعلها دار الهجرة ودار الايمان، فوالله ما زالت الملائكة حافين بهذه
المدينة مذ قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، وما زال
سيف الله مغمدا عنكم مذ قدمها النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم،
ثم قال: إن الله بعث محمدا بالحق فمن اهتدى فإنما يهتدي بهدي
الله، ومن ضل فإنما يضل بعد البيان والحجة، وإنه لم يقتل نبي
فيما مضى إلا قتل به [سبعون ألف مقاتل كلهم يقتل به،

(1) إضافة يقتضيها السياق.
1183

ولا قتل خليفة إلا قتل به (1)] خمسة وثلاثون ألفا كلهم يقتل
به فلا تعجلوا على هذا الشيخ بقتل اليوم، فوالله لا قتله منكم رجل
إلا لقي الله يوم القيامة مقطوعة يده مشلة، واعلموا أنه ليس لوالد
على ولد حق إلا ولهذا الشيخ عليكم مثله. قال: فقاموا وقالوا:
كذب اليهودي كذب اليهود، فقال: كذبتم والله وأثمتم، ما أنا
بيهودي، إني لاحد المؤمنين، يعلم الله ذلك ورسوله والمؤمنون، وقد
أنزل الله في القرآن، وتلا هذه الآية " قل كفى بالله شهيدا بيني
وبينكم ومن عنده علم الكتاب (2) " وتلا الآية الأخرى " قل أرأيتم
إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على
مثله فآمن واستكبرتم (3) " قال: فقاموا فدخلوا على عثمان فذبحوه
كما تذبح الحلان. قال شعيب: فقلت لعبد الملك: ما الحلان؟
فقال: الحمل. قال: وخرج عبد الله بن سلام إلى القوم قبل أن
يتفرقوا وهم في المسجد فقام على رجليه فقال: يا أهل مصر، يا قتلة
عثمان، قتلتم أمير المؤمنين، أما والله لا يزال بعده عهد منكوث،
ودم مسفوح، ومال مقسوم ما بقيتم (4).
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن (موسى
ابن إبراهيم (5)) قال، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد،

(1) ما بين الحاصرتين إضافة عن مجمع الزوائد 9: 93.
(2) سورة الرعد، آية 43.
(3) سورة الأحقاف، آية 10.
(4) مجمع الزوائد 9: 92، 93 - والتمهيد والبيان لوحة 167.
(5) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات والمثبت عن الخلاصة للخزرجي ص 31.
1184

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف....... (1) وناشدهم
في عثمان: لا تقتلوه، فإنكم إن قتلتموه فمثلكم في كتاب الله
كمثل فرعون في البحر مرة ما استقام، ومرة لا يستقيم، فإن قتلتموه
لا يستقيم إلى يوم القيامة.
* حدثنا هارون قال، وحدثنا أسد بن موسى قال، حدثنا
عبد الرحمن بن زياد، عن الليث بن سعد قال، حدثنا عبد الله
ابن أبي المغيرة، وعبد الكريم، عمن حدثهما، عن عبد الله بن سلام:
أنه قام في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم - وعثمان محصور -
فحمد الله وأثنى عليه وقال: إنه قد كان لله علي حق ولأمير المؤمنين
المؤمنين علي حق ولكم علي حق، فرأيت أن أؤدي حق الله وحق
أمير المؤمنين وحقكم، وإنه - والذي نفسي بيده - في كتاب الله
المنزل: الأب لكم - مرتين بالعربية - خليفكم، والذي نفسي بيده
بيده لئن قتلتموه لا تردوا بعده - إلى (2)) طاعة إلا عن مخافة،
ولا توصل رحم إلا عن مكافة، وليقتلن به الرجال ومن في أصلابهم.
قالوا: يا يهودي، أشبع الله بطنك، لا ينتطح فيه شاتان ولا يتناقر
فيه ديكان. قال: أما الشاتان والديكان فقد صدقتم، ولكن التيسان
الأكبر ان، والذي نفسي بيده ليقتلن به الرجال ومن في أصلابهم
وأصلاب أصلابهم، فحصبوه حتى شجوه، فدخل على عثمان وهو
يدمى، فقال: ما شأنك يا أبا يوسف؟ قال: كان لله علي حق،

(1) بياض في الأصل بمقدار ثلث سطر ولعل ما كان يسده " قال: طاف عبد الله
ابن سلام على الحلق في المسجد " وبه يستقيم السياق.
(2) الإضافة يقتضيها السياق.
1185

ولك علي حق، ولهم علي حق، فأردت أن أؤدي الذي يحق الله
علي، ولك ولهم، فزعموا أني يهودي، وأنت أشبعت بطني
يا أمير المؤمنين، فوالذي نفسي بيده إنك لفي كتاب الله المنزل
الخليفة المقتول المظلوم.
* قال هارون، وحدثنا أسد قال، حدثنا الليث بن سعد،
عن عبيد الله بن أبي المغيرة، عن عبد الله بن سلام: أنهم سألوا
الذين حضروا عثمان وهو يتخبط في دمه عن قوله عند ذلك فقالوا:
سمعناه يقول: اللهم أجمع أمة محمد - ثلاث مرات - فقال عبد الله
ابن سلام: أما والذي نفسي بيده لو دعا الله في تلك الحال ألا يجتمعوا
ما اجتمعوا.
كلام عثمان رضي الله عنه وهو محصور واحتجاجه على الفسقة
* حدثنا سليمان بن حرب قال، حدثنا حماد بن زيد قال،
حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي أمامة بن سهل قال: كنا مع عثمان
رضي الله عنه وهو محصور في الدار، وكان مدخل في الدار من دخله
سمع كلام من على البلاط، فدخله عثمان رضي الله عنه فخرج وهو
متغير لونه وقال: إنهم ليتوعدونني بالقتال آنفا. قلنا: يكفيكهم الله
يا أمير المؤمنين. قال: لم يقتلونني؟! سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، رجل
رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسا بغير
حق (فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام، ولا تمنيت (1)) بدلا

(1) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر، والمثبت عن التمهيد والبيان لوحة:
115، 116.
1186

مذ هداني الله به، ولا قتلت نفسا، فبم يقتلونني (1)؟!
* حدثنا حسين بن عبد الأول قال، حدثنا أبو يحيى إسحاق
ابن سليمان قال، حدثنا مغيرة بن مسلم السراج، عن مطر الوراق،
عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عثمان رضي الله عنه
أشرف على أصحابه فقال: علام تقتلونني، وقد سمعت رسول الله
صلى الله وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث،
رجل زنى بعد إحصانه فيرجم، ورجل ارتد بعد إسلامه فعليه القتل،
ورجل قتل متعمدا فعليه القود، والله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام،
ولا قتلت متعمدا، ولا ارتددت مذ أسلمت، إني أشهد أن لا إله
إلا الله وأن محمد رسول الله (2).
* حدثني موسى بن إسماعيل قال، حدثنا سلام بن مسكين،
عن عمران بن عبد الله بن طلحة قال: أشرف عثمان رضي الله عنه
وهو محصور فقال: يا أيها الناس، لا يحل لكم دمي إلا بإحدى
ثلاث، إن كنتم علمتموني كفرت بعد إسلامي فقد حل لكم دمي،
وأن كنتم علمتموني أتيت فاحشة بعد إحصاني فقد حل لكم دمي،
وإن كنتم علمتموني قتلت نفسا واحدة فقد حل لكم دمي.
* حدثنا ابن أبي رجاء قال، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن
صالح بن كيسان، عن الزهري قال: قال عثمان رضي الله عنه حين

(1) مسند أحمد 1: 61، 65. وطبقات ابن سعد 3، 1: 46 - والبداية والنهاية
7: 181، 210 - والرياض النضرة 2: 126 - والتمهيد والبيان لوحة 154، 165،
166.
(2) مسند أحمد 1: 63 - والبداية والنهاية 7: 179.
1187

حصر: إن هؤلاء توعدوني بالقتل، فلا أعلم القتل يجب على مسلم
إلا بإحدى هذه الخلال: كفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو قتل
نفس بغير نفس فيقاد به، أو فساد بالأرض فيقتل بالفساد. *
حدثنا عفان قال، حدثنا محصن قال، حدثنا حصين بن
عبد الرحمن قال، حدثني جهم قال: أقبل عليهم عثمان رضي الله
عنه فقال: أتستحلون دمي؟! فوالله ما حل دم امرئ مسلم إلا
بإحدى ثلاث، مرتد عن الاسلام، أو ثيب زان، أو قاتل نفس.
فوالله ما عملت شيئا منها مذ أسلمت (1).
* حدثنا عمر بن عمران السدوسي، عن عبد الملك بن أبي
سليمان، عمن سمع (2) عثمان رضي الله عنه وهو محصور: أشرف
عليهم فقال: يا أيها الناس لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل
ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح (3) " يا أيها الناس
إنكم إن قتلتموني اشتبكتم هكذا - وشبك أبو جهم بين
أصابعه (4).
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا سعيد بن محمد الوراق،
عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي ليلى الكندي قال: شهدت

(1) طبقات ابن سعد 3: 48 - وكامل ابن الأثير 3: 66 - ومنتخب كنز العمال
5: 24.
(2) لعله أبو جهم المشار إليه في آخر الحديث.
(3) سورة هود، آية 89.
(4) تاريخ الطبري 4: 387 بتحقيق أبي الفضل - والإمامة والسياسة ص 66 -
التمهيد والبيان لوحة 121.
1188

الدار يوم قتل عثمان رضي الله عنه فأشرف علينا من أعلى الدار
بمثله (1).
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا أبو أسامة قال، حدثنا
عبد الملك بن أبي سليمان قال، سمعت أبا ليلى الكندي قال: رأيت
عثمان رضي الله عنه أشرف على الناس وهو محصور فقال: يا أيها
الناس لا تقتلوني واستعتبوني، فوالله لئن قتلتموني لا تصلون جميعا
أبدا، ولتختلفن حتى تصيروا هكذا - وشبك بين أصابعه " ويا قوم
لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود
أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد (2) " قال: وأرسل إلى
عبد الله بن سلام رضي الله عنه فسأله (ما ترى (3)؟) فقال: الكف
الكف، فهو أبلغ لك في الحجة. قال: فدخلوا عليه فقتلوه وهو
صائم (4).
* حدثنا أبو داود قال، حدثنا سهل - يعني ابن أبي الصلت -
عن الحسن قال: قال عثمان رضي الله عنه: لا تقتلوني، فوالله لئن
قتلتموني لا تقتسمون فيئا جميعا أبدا، ولا تصلون جميعا أبدا.
قال قال الحسن: والله لئن صلى القوم جميعا إن قلوبهم
مختلفة (5).

(1) المرجع السابقة.
(2) سورة هود آية 89.
(3) الإضافة عن طبقات ابن سعد 3: 49 - ومنتخب كنز العمال 5: 24.
(4) المراجع السابقة - والتمهيد والبيان لوحة 110، 122.
(5) منتخب كنز العمال 5: 24 - التمهيد والبيان لوحة 116.
1189

* حدثنا معاذ بن شيبة بن عبيدة قال، حدثني أبي، عن أبيه،
عن الحسن قال: لما أرادوا قتله قال: لئن قتلتموني لا تصلون جميعا
أبدا، وليكونن بأسكم بينكم ولتحدثن فيكم سنة فارس والروم.
وقال الحسن: فهم والله الآن يصلون جميعا وقلوبهم مختلفة، ويقاتلون
عدوهم وقلوبهم مختلفة، ولقد صار بأسهم بينهم، فهم يقتل
بعضهم بعضا، ولقد أحدثوا بينهم سنة فارس والروم.
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي عمرو، عن الزهري قال:
اطلع عثمان رضي الله عنه يوما إلى الناس وهو محصور فقال: أنشدكم
الله، هل سمع أحد منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذ رجف
بهم حراء - أو بعض جبال مكة: أسكن، فإنه ليس فوقك إلا نبي
أو صديق أو شهيد، وعليه يومئذ رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأبو بكر وعمر، وأنا، وعلي، وعبد الرحمن، وطلحة، والزبير،
وسعيد، وسعد. فقال أكثر الناس: اللهم نعم. قال: أنشدكم
الله هل سمع أحد منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. أو بلغه. أنه
قال: من يشتري رومة ببئر رواء في الجنة؟ فاشتريتها من مالي فجعلت
الناس فيها سواء؟ قالوا: اللهم نعم. قال: فأنا أستسقيكم منها
فتأبون علي!! اللهم اشهد عليهم، ثم قال: أنشدكم الله أتعلمون
أنكم دعوتم الله عند مصاب عمر رضي الله عنه أن يخير (1) لكم،
وأن يولي أمركم خياركم، فما ظنكم بالله!! أتقولون هنتم عليه
فلم يستجب لكم. وأنتم يومئذ أهل حقه من خلقه؟ أم تقولون
إن دين الله هان عليه فلم يبال من ولاه، وبالدين يعبد الله!! أم

(1) كذا في الأصل وفي شرح نهج البلاغة 6: 166 " يختار لكم ".
1190

تقولون لم يكن أمركم شورى، وإنما أميركم رجل كابركم عليه
مكابر فوكل الله الأمة أن تستشيروا في الإمامة ولم تجتهدوا في
موضع كرامته!! أم تقولون لم يعلم الله ما عاقبة أمري يوم ولاني
وسربلني بسربال كرامته!! مهلا مهلا فإني أخ وإمام، ولئن فعلتم
لتفرقن أهواءكم ولتختلفن في ذات بينكم فلا تكون لكم صلاة
جامعة، ولا تقتسموا فيئا، ولا يرفع عنكم الاختلاف، وأنا وال
فإن أصبت فاقبلوا، وإن أخطأت في خطأ أو تعمدت فأنا أتوب إلى
الله وأستغفره (1).
* حدثنا عثمان بن عبد الوهاب قال، حدثنا معتمر بن سليمان
عن أبيه، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مولى ابن أسيد قال: أشرف
عليهم عثمان رضي الله عنه ذات يوم فقال: السلام عليكم. فما
سمعنا أحدا من الناس رد عليه السلام إلا (أن يرد) رجل في نفسه.
فقال: أفيكم أبو محمد طلحة؟ قالوا: نعم. قال: ما كنت أحسب
أني أسلم على قوم أنت فيهم لا ترد علي السلام!! قال: رددت
عليك في نفسي. قال: كان ينبغي أن تسمعني كما أسمعتك،
أنشدكم الله هل تعلمون أني اشتريت بئر رومة من مالي فجعلت رشائي
فيها كرشاء رجل من المسلمين؟ قيل: نعم. قال: لم تمنعوني أن
أشرب منها (حتى (2) أفطر على ماء البحر؟! ثم قال: أنشدكم الله،

(1) تاريخ الطبري 5: 133 - مسند أحمد 1: 70 - طبقات ابن سعد 3 / 1: 46 -
الرياض النضرة 3: 93 - شرح نهج البلاغة 2: 166 - منتخب كنز العمال 5: 13 -
التمهيد والبيان لوحة 116، 149.
(2) الإضافة عن التمهيد والبيان لوحة 125.
1191

هل تعلمون أني اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في المسجد؟
قيل: نعم. قال: فهل علمتم أحدا من الناس منع أن يصلى فيه قبلي؟!
ثم قال: فأنشدكم الله، هل سمعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم
يذكر كذا وكذا - أشياء في شأنه - قال: وذكر أشياء كانت الفيصل
قال: ففشا النهي، فجعل الناس يقولون: مهلا عن أمير المؤمنين،
وفشا النهي، وقام الأشتر فقال: لا أدري أيومئذ أم يوما آخر،
فلعله قد مكر به وبكم. قال: فوطئه الناس حتى لقي كذا وكذا.
قال: ثم إنه أشرف عليهم مرة أخرى فوعظهم وذكرهم، فلم تأخذ
فيهم الموعظة، (وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة (1)) أول ما يسمعونها
فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم - أو كما قال (2).
* حدثنا علي بن محمد، عن عيسى بن يزيد، عن مولى سهل
ابن يسار، عن أبيه قال: أشرف عليهم عثمان رضي الله عنه يوما
فقال: ما تريدون؟ قالوا: نقتلك أو نعزلك. قال: أفلا نبعث إلى
الآفاق فنأخذ من كل بلد نفرا من خيارهم فنحكمهم فيما بيني
وبينكم، فإن كنت منعتكم حقا أعطيتكموه، ثم قال: أفيكم
جبلة بن عمرو الساعدي؟ قال: نعم. قال: ما مظلمتك التي تطلبني
بها؟ قال: ضربتني أربعين سوطا. قال: أفلم آتك في بيتك
فعرضت عليك أن تستقيد فأبيت ذلك؟ قال: بلى. قال: فأنت

(1) الإضافة عن تاريخ الطبري 5: 125.
(2) مسند أحمد 1: 59، 70 - وتاريخ الطبري 5: 125 - وأنساب الأشراف
5: 4 - وصحيح الترمذي 4: 319 - والرياض النضرة 2: 122 - وشرح نهج البلاغة
1: 167 - ومنتخب كنز العمال 5: 13، 26 - والعواصم من القواصم ص 131 -
والتمهيد والبيان لوحة 118، 125 - ونهاية الإرب 19: 493.
1192

الآن تريد أعظم منها، تطلب دمي. قال: فهاب الناس وأمسكوا
حتى رمى يزيد أو أبو حفصة غلام مروان (1) رجلا (2) من أسلم
بسهم فقتله، فاستأذنوا على عثمان رضي الله عنه فأذن لهم. فأدخلوا
الأسلمي مقتولا فقالوا: زعمت أنك لا تقاتل وهذا صاحبنا مقتولا
قتله رجل من أصحابك، فأقدنا. قال: ما لكم قود قبله، رجل
دفع عن نفسه أن تقتلوه، ولم آمره بقتال. وقال: زعمتم (أنه
ليس (3)) عليكم طاعة، ولا أنا لكم بإمام فيما تقولون، وإنما القود
إلى الامام.
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس قال:
جاء الزبير إلى عثمان رضي الله عنهما فقال: إن في مسجد النبي صلى الله
عليه وسلم كتيبة يمنعونك من الظلم ويأخذونك بالحق، فاخرج فخاصم
الناس إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (4). قال: فخطب حين
خرج فقال: ما أري ها هنا أحدا يأخذ بحق ولا يمنع من ظلم.
ورجع إلى منزله فكتب كتابا مع عبد الله بن الزبير، فقرأه على الناس
أما بعد فإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، وأؤمر عليكم من

(1) هو أبو حفصة اليماني، قال كنت لرجل من أهل بادية العرب فأعجبت مروان
فاشتراني واشترى امرأتي وولدي وأعتقنا جميعا. تاريخ الطبري 4: 379 بتحقيق
أبي الفضل.
(2) هو نيار الأسلمي قتله أبو حفصة، تاريخ الطبري 4: 380 بتحقيق أبي الفضل.
(3) إضافة يقتضيها السياق.
(4) إلى هنا متفق مع ما جاء في الغدير 9: 102، 103 - وأنساب الأشراف
5: 76.
1193

أحببتم، وهذه مفاتيح بيت مالكم فادفعوها إلى من شئتم فأنتم معتبون
من..... (1) بالله، فإن أبيتم فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون،
إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين. قالوا:
لا نقبل. فرجع ابن الزبير.
* حدثنا محمد بن موسى الهذلي قال، حدثنا عمرو بن أزهر
الواسطي قال، حدثنا عاصم الأحول، أبي قلابة قال: لما كانوا بباب
عثمان رضي الله عنه وأرادوا قتله أشرف عليهم فقال: أسمعوا مني،
فما كان من حق صدقتموني، وما كان غير ذلك رددتموه علي. فقال
بعضهم لبعض: اسمعوا منه فعسى أن يعطيكم الذي تطلبون. فذكر
مناقبه ثم قال: إنكم نقمتم بعض أمري واستعتبتموني فتبت،
فذهبتم وأنتم راضون، ثم رجعتم فزعمتم أنه سقط إليكم كتاب
تستحلون به دمي، أرأيتم لو أن أفضلكم رجلا ادعى على بعضكم
دعوى هل كان يصدق دون أن يأتي ببينة أو يستحلف المدعى عليه
بالله؟ فقال بعضهم: والله لقد قال قولا. وقال بعضهم إن سمعتم هذا
منه جاء بمثل هذا. ودنوا من الباب فانتضى أبو هريرة سيفه وقال:
الآن طاب أم ضراب. فقال عثمان: أما علمت أن لي عليك حقا؟
قال: بلى يا أمير المؤمنين. فقال: فأقسمت عليك بحقي لما أغمدت
سيفك وكففت يدك (2).

(1) بياض في الأصل بمقدار ثلثي سطر - وفي أنساب الأشراف 5: 66 " هذه
مفاتيح بيت مالكم فادفعوها إلى من شئتم فقالوا قد اتهمناك بالكتاب فاعتزلنا.
(2) طبقات ابن سعد 13: 48 - تاريخ الطبري 5: 129 - والرياض النضرة
2: 128 - ومنتخب كنز العمال 5: 25 وتاريخ الخميس 2: 263 - والتمهيد والبيان
لوحة 122، 128.
1194

* حدثنا عمرو بن مرزوق قال، حدثنا شعبة، عن سعد بن
إبراهيم، عن أبيه قال: سمعت عثمان رضي الله عنه وهو محصور
يقول: إن وجدتم في كتاب الله أن تضعوا رجلي في قيد فضعوهما (1).
* حدثنا عمرو بن قسط قال، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن
زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال:
لما حصر عثمان رضي الله عنه أشرف عليهم فقال: أذكركم الله
هل تعلمون أن حراء حين انتفض قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: أثبت حراء فليس عليك إلا نبي وشهيد وشهيد؟ قالوا: نعم.
قال: أذكركم الله هل تعلمون أن رومة لم يكن يشرب منها أحد
إلا بثمن فابتعتها، ثم جعلتها للغني والفقير وابن السبيل؟ قالوا:
نعم. قال: أذكركم الله هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال في جيش العسرة: من ينفق نفقة متقبلة؟ والناس يومئذ،
مجهودون معسرون - فجهزت ذلك الجيش؟ قالوا: نعم - في أشياء
عددها (2).
ما روي من الاختلاف في معونة علي وسعد وغيرهم
على عثمان رضي الله عنه
* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال،
حدثنا الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب قال،
جاء رجل إلى عثمان رضي الله عنه قبل أن يكون من أمرهم ما كان

(1) مسند أحمد 1: 72 - وأنساب الأشراف 5: 76، 77.
(2) التمهيد والبيان لوحة 149، 153، 158 - وصحيح الترمذي 13: 151،
153 - وأسد الغابة 3: 378 - والبداية والنهاية 7: 178.
1195

فقال: أتاني البارحة في منامي آت فقال: احفظ ما أقول لك وما
أنا بشاعر ولا راوية شعر.
لعمر أبيك فلا تعجلن * لقد ذهب الخير إلا قليلا
وقد سفه الناس في دينهم * وخلى ابن عفان شرا طويلا
فقال له عثمان رضي الله عنه: أكتم هذا عني. فمكث حتى إذا
كان على رأس الحول... (1)
لعمري لقد بغضتمونا معيشة * تقم بها عين التقي المهاجر (2)
فياليت أني أشتري العيش قبله * وأن فلانا غيبته المقابر
ثم جاءه فقال: اكتم هذا عني حتى إذا كان من شأنه الذي كان.
والبيتان الأولان عندنا لكثير بن الفريرة أحد بني صخر بن
نهشل (3)، ولهما أول وآخر. أولهما:
نأتك أمامة نأيا جميلا * وبدلت بالقرب بعدا طويلا
وإن الشباب له لذة * ولا بد لذته أن تزولا
لعمر أبيك فلا تكذبن * لقد ذهب الخير إلا قليلا

(1) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر، ويقتضي السياق: أنه أتاه آت مرة
أخرى فقال أحفظ ما أقول لك وما أنا بشاعر ولا راوية شعر.
(2) هكذا ورد في الأصل.
(3) وفي أنساب الأشراف 5: 104 " قال علي بن الغدير بن المضرس الغنوي،
ويقال إهاب بن همام بن صعصعة بن ناجية بن عقال المجاشعي، ويقال ابن الغريرة
النهشلي:
لعمر أبيك فلا تكذبي * لقد ذهب الخير إلا قليلا
لقد فتن الناس في دينهم * وخلى ابن عفان شرا طويلا
1196

وقد فتن الناس في دينهم * وخلى ابن عفان شرا طويلا
وجال أبو حسن دونها * فما يستطيع إليها سبيلا
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا الحزامي قال، حدثنا
عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، عن هشام بن عروة قال:
التقى علي والزبير رضي الله عنهما ببني غنم، ومع الزبير ابنه
عبد الله - وعثمان محصور - فقال علي: يا أبا عبد الله، ما رأيك
فيما نحن فيه؟ فقال عبد الله: رأيي أن تطيع إمامك. قال وكأن
ابن الزبير أغلظ له فضربه الزبير حتى سقط وقال: أتقول هذا
لخالك؟!
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي عمرو الزهري، عن محمد
ابن كعب القرظي، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: كنت
مع أبي فتلقانا علي في بني غنم فقال لأبي: إني أستشيرك في أمرنا هذا؟
فقلت له: أنا أشير عليك، أن تطيع إمامك. فقال أبي: بني خل
عن خالك يقض حاجته، ودعني وجوابه. فقال علي رضي الله عنه:
إن ابن الحضرمية قد قبض المفاتيح واستولى على الامر. فقال أبي:
دع ابن الحضرمية فإنه لو قد فرغ من الامر لم تكن منه بسبيل،
الزم بيتك. قال: قد قبلت. وانصرف وأتى أبي منزله، فلم ألبث
أن جاءني رسوله فأتيته، فإذا وسادة ملقاة، فقال: أتدري من كان
على الوسادة؟ قلت: لا. قال: علي أتاني فقال: قد بدا لك أني
لا أدع ابن الحضرمية وما يريد.
فلما كان يوم العيد صلى علي رضي الله عنه بالناس، فمال الناس
إليه وتركوا طلحة، فجاء طلحة إلى عثمان رضي الله عنه يعتذر،
1197

فقال عثمان: الآن يا ابن الحضرمية!! ألبت الناس علي حتى إذا
غلبك علي على الامر، وفاتك ما أردت جئت تعتذر، لا قبل الله
منك.
* حدثنا صلت بن مسعود قال، حدثنا أحمد بن شبويه،
عن سليمان بن صالح قال، حدثني عبد الله بن المبارك، عن جرير
ابن حازم قال، حدثني هشام بن أبي هشام مولى عثمان بن عفان،
عن شيخ من الكوفة حدثه عن شيخ آخر قال: حصر عثمان رضي
الله عنه وعلي رضي الله عنه بخيبر، فلما قدم أرسل إليه عثمان رضي
الله عنه يدعوه، فانطلق، فقلت لانطلقن معه (ولأسمعن (1))
مقالتهما، فلما دخل عليه كلمه عثمان رضي الله عنه: فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال (أما بعد فإن لي عليك حقوقا، حق الاسلام (2))
وحق الإخاء. قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين آخى
بين أصحابه آخى بيني وبينك، وحق القرابة والصهر، وما جعلت
لي في عنقك من العهد والميثاق، فوالله لئن لم يكن من هذا شئ،
أو كنا إنما نحن في جاهلية لكان مبطأ على بني عبد مناف أن يبتزهم
أخو بني تميم ملكهم. فتكلم علي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد فكل ما ذكرت من حقك علي على ما ذكرت، وأما قولك
لو كنا في جاهلية لكان مبطأ على بني عبد مناف أن يبتزهم أخو بني
تميم ملكهم فصدقت، وسيأتيك الخبر. ثم خرج فدخل المسجد فرأى
أسامة جالسا فدعاه، فاعتمد على يده فخرج يمشي إلى طلحة، وتبعته

(1) بياض في الأصل بمقدار كلمة، والمثبت عن تاريخ الطبري 5: 154.
(2) بياض في الأصل بمقدار ثلث سطر، والمثبت عن شرح نهج البلاغة 2: 165.
1198

فدخلنا دار طلحة بن عبيد الله - وهي رحاس (1) من الناس - فقام
عليه فقال: يا طلحة، ما هذا الامر الذي وقعت فيه؟ قال: يا أبا
حسن بعد ما مس الحزام الطبيين!! فانصرف علي ولم يحر إليه
شيئا حتى أتى بيت المال فقال: افتحوا هذا الباب، فلم يقدر على
المفاتيح، فقال: اكسروه، فكسر، فقال أخرجوا المال، فجعل
يعطي الناس فجعلوا يتسللون إليه حتى ترك طلحة وحده.
وبلغ الخبر عثمان رضي الله عنه، فسر بذلك، ثم أقبل طلحة
(يمشي (2) عائدا إلى دار عثمان رضي الله عنه، فقلت والله لأعلمن
ما يقول هذا، فتبعته، فاستأذن على عثمان رضي الله عنه، فلما
دخل عليه قال: يا أمير المؤمنين أستغفر الله وأتوب إليه، أردت
أمرا فحال الله بيني وبينه، قال عثمان: إنك والله ما جئت تائبا،
ولكن جئت مغلوبا، الله حسيبك يا طلحة (3).
* حدثنا الحزامي قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال، أخبرني
يونس، عن أبي شهاب قال: أرسل عثمان رضي الله عنه إلى علي
رضي الله عنه وهو محصور: إن كنت مأكولا فكن خير آكل.
ولا تخل بينها وبين ابن فلانة - يريد طلحة (4).
* حدثنا علي بن محمد، عن شيخ من بني ليث، عن عبد الملك
ابن حذيفة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أرسل إلي عثمان

(1) رحاس بالناس: أي مزدحمة بالناس.
(2) الإضافة يقتضيها السياق.
(3) تاريخ الطبري 5: 154 - وشرح نهج البلاغة 2: 164، 165.
(4) أنساب الأشراف 5: 90 - والشعر والشعراء لابن قتيبة ص 89.
1199

رضي الله عنه حين حصر فوجدته يقرأ في المصحف، فقلت: أتقرأ
في المصحف وأنت أقرأ الناس ظاهرا؟! قال: يا ابن عباس ألا أحدثك
حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أوعك له، ثم أنا
وما دعوتك له؟ قلت: بلى. فحدثني فرب حديث حسن قد حدثتنيه.
قال: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما ماتت ابنته
الأخرى فنظر إلى فراشي من أدم فدمعت عينه، فقلت: والذي بعثك
بالحق ما اضطجعت عليه أنثى بعد ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: إنه لم يك منك ما رأيت، لهذا قد علمت أن الميراث للوارث،
والميت للتراب، ولو أن عندي عشرا زوجتكهن، وإني عنك لراض.
قلت: صدقت، لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه عنك
لراض، فما الذي دعوتني له؟ قال: تكفيني نفسك وابن عمك،
فلا أتهمكما ولا يتهمكما من بعدي. قلت: أما أنا فسأكفيك نفسي،
وأما ابن عمي فمرني بما شئت أبلغه. قال: تأمره أن يلحق بما له
بينبع. قلت: نعم، فلقيت عليا فأبلغته، فخرج إلى ينبع:
واغتنم طلحة غيبته ورحل.... (1).
يقولان: والله لنقتلنه. فرجع إلى أصحابه فقال: ما كنت أرى
الناس بلغ أمرهم في هذا، وكتب إلى علي رضي الله عنه: أما بعد فقد
بلغ السيل الزبى، وجاوز الحزام الكتفين، وارتفع أمر الناس في
أمري فوق قدره، وطمع في من لم يدفع عن نفسه،
وإنك لم يفخر عليك كفاخر * ضعيف ولم يغلبك مثل مغلب (2)

(1) بياض في الأصل بمقدار ثلثي سطر.
(2) والبيت لامرئ القيس من قصيدة مطلعها:
خليلي مرا بي على أم جندب * لنقضي حاجات الفؤاد المعذب
العقد الثمين ص 116، 117 ط أوربا - والعقد الفريد 4: 310 - الإمامة،
والسياسة ص 56.
1200

فأقدم علي أو لي:
فإن كنت مأكولا فكن خير آكل * وإلا فأدركني ولما أمزق
قال والشعر للممزق الفيدي (1).
* حدثنا ابن أبي الوزير قال، حدثنا سفيان، عن عمرو
ابن دينار، عن محمد بن جبير قال: أرسل عثمان إلى علي: إن
ابن عمك مقتول، وإنك مسلوب.
* حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان الثوري، عن أبيه،
عن أبي يعلى، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه قال: لو سيرني
عثمان رضي الله عنه إلى صرار (2) لسمعته وأطعت الامر.
* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا محمد بن معن الغفاري
قال، حدثني محمد بن عبد الله بن جبير مولى علي، عن أبيه،

(1) الممزق الفيدي هو شأس بن نهار بن أسود بن جزيل بن حيي بن عساس بن
حيي بن عوف بن أسود بن عذرة بن منبه بن عبد القيس وسمي الممزق لقوله هذا البيت
ولقد قاله لعمرو بن هند والخبر في العقد الفريد 4: 380 والإمامة والسياسة 56 وجمهرة
أنساب العرب لابن حزم 299 والشعر والشعراء 89 ومنتخب كنز العمال 5: 25 وصبح
الأعشى 6: 389.
(2) صرار: موضع على ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق وقيل ماء قرب
المدينة محتفر جاهلي على سمت العراق وقيل: أطم لبني عبد الأشهل له ذكر كثير في أيام
العرب وأشعارها وقيل بئر قديمة على ثلاثة أميال من المدينة. (ياقوت معجم البلدان).
(3) الشملة: الشقة من الثياب ذات خمل يتوشح بها أو يتلفع. (وسيط المجمع
اللغوي).
1201

عن جده قال: بينا علي رضي الله عنه على شملة (3) له من دحى (1)
يدقها إذ أتاه كتاب عثمان رضي الله عنه وهو محصور: أما بعد إذا
أتاك كتابي هذا فلا تضعه من يدك حتى تقبل. قال: فأخذ الكتاب
وقال يا جبير الحقني بكذا وكذا. فلحقته وهو قائم يصلي الظهر
والكتاب في يده.
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى قال،
حدثنا جامع بن صبيح، عن الكلبي قال: أرسل عثمان إلى علي
رضي الله عنهما يقرئه السلام ويقول: إن فلانا - يعني طلحة - قد
قتلني بالعطش، والقتل بالسلاح أجمل من القتل بالعطش. فخرج
علي رضي الله عنه يتوكأ على يد المسور بن مخرمة حتى دخل على
ذلك الرجل وهو يترامى بالنبل، عليه قميص هروي، فلما رآه
تنحى عن صدر الفراش ورحب به فقال له علي رضي الله عنه: إن
عثمان أرسل إلي أنكم قد قتلتموه بالعطش، وإن ذلك ليس يحسن،
وأنا أحب أن تدخل عليه الماء. فقال: لا والله ولا نعمة عين،
لا نتركه يأكل ويشرب. فقال علي رضي الله عنه: ما كنت أرى
أني أكلم أحدا من قريش في شئ فلا يفعل!! فقال: والله لا أفعل،
وما أنت من ذلك في شئ يا علي. فقام علي رضي الله عنه غضبان
وقال: لتعلمن بعد قليل أكون من ذلك في شئ أم لا.
* حدثنا علي بن محمد، عن الشرفي بن قطامي، عن عمه
ابن السائب بمثله إلا أنه قال علي ستعلم يا ابن الحضرمية أكون
في ذلك من شئ أم لا، وخرج علي رضي الله عنه متوكئا على المسور

(1) الدحى: الوشي. (أقرب الموارد).
1202

فلما انتهى إلى منزله التفت إلى المسور فقال: أما والله ليصلين
حرها، وليكونن بردها وحرها لغيره، ولتتركن يداه منها صفرا.
وبعث...... (1) ابنه إلى عثمان براوية من ماء.
* حدثنا إبراهيم بن (المنذر عن عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة (2)
عن سعيد بن أبي هلال قال: ذكر لنا أن عثمان رضي الله عنه لما
حصر في الدار أرسل إلى طلحة بن عبيد الله فقال: يا أخي إنه قد
حصرنا، ومنعنا الماء، ومنا الذي لم يصل - وهو طاهر منذ أيام -
فأغثنا. فأمهل حتى أتت روايا الناس ثم خرج بسيفه حتى يصرفها
إليه، ثم إنهم عطفوا الثانية فقام طلحة ليصرفها إليه، فأبى
عمار بن ياسر وقال: والذي نفسي بيده لا تصل إليه حتى تقتلني
أو أقتلك. فقال طلحة: ما أحب أن تقتلني ولا أقتلك، فتركها.
ثم إنهم خلصوا إلى عثمان في الدار فناداهم: يا أيها الناس بم
تستحلون دمي؟ قالوا: بما آثرت واستأثرت فقال: فهذا المال
أخلي بينكم وبينه فلا أصيب منه شيئا إلا كما تصيبون أو يصيب
أحدكم، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن
أناسا من المنافقين سيريدونك على أن تنزع قميصا كساكه الله
فلا تفعل (3).
* حدثنا حيان بن بشر، عن يحيى بن آدم قال، حدثنا

(1) بياض في الأصل بمقدار كلمة ولعلها " الحسن ".
(2) بياض في الأصل بمقدار ثلث سطر والمثبت عن لوحة رقم 346 الحديث الرابع،
356 الحديث الخامس.
(3) وحديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه بروايات عدة عن عائشة رضي
الله عنها، وانظر البداية والنهاية 7: 208.
1203

محمد بن يعقوب الطلحي، عن ابن الماجشون، عن نافع بن أبي أنس،
عن أبيه قال: سمعت طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يقول:
إنا قد تحدثنا من حديث ليلة (1) وإن هذا الامر - يعني أمر عثمان -
فأقام فيه قوم كانوا عند رجل من خيار الناس دينا ورأيا وحلما،
فسألوا أمير المؤمنين عثمان أمرا فأعطاهم ما سألوا، فلم ينتظروا
بصداقه حتى حقبة (2) الامر وغلب سفهاء الناس حلماءهم، فلم
يستطيعوا الرحمة.
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي جعدية، عن عبد الله
ابن أبي بكر، عن عروة بن الزبير، عن حويطب بن عبد العزى
قال: أرسل إلي عثمان وإلى أسامة بن زيد ورجال من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم فقال: آمنكم عندي وخيركم في نفسي من كف
عني، وقد رأيت قوما وطئوا الدار معي وبذلوا أنفسهم، وقد
تحرجت من دمائهم، فأتوا عليا رضي الله عنه فقولوا له: عليك
بأمر الناس فاصنع فيه ما يحق لله عليك. فقالوا: جزاك الله خيرا،
فقد أنصفت. ثم قال: ائتوا طلحة والزبير فأعلموهم ما أمرتكم
به. قال: فخرجنا إلى علي رضي الله عنه - وعلى بابه ناس كثير وقد
أغلق بابه - فأتى أسامة الباب فكلم إنسانا دون الباب كأنه عرفه
حتى سمعت أسامة يقول له: والله لو خلصت إليك لعضضت بأنفك،
وانصرفنا ولم نقدر على علي رضي الله عنه. وأتينا الزبير رضي الله عنه
فأعلمناه، فقال: قد أنصف فما بعد هذا من أمير المؤمنين!!

(1) كذا بالأصل.
(2) حقبه الامر: تعذر عليه واحتبس عليه (القاموس).
1204

فأتينا طلحة فأعلمناه، فبكى - وعنده ناس - فقال الأشتر: كتبتم
إلينا، هلم إلى (من (1)) خالف الكتاب، فأقبلنا فجلس هذا في
داره وهذا في داره، وأنت تقصر عينيك!! لا تبرح العرصة حتى
يسفك دمه.
* حدثنا علي بن محمد، عن شيح من بني حنظلة: عن
قيس بن رافع قال، قال زيد بن ثابت: رأيت عليا رضي الله عنه
مضطجعا في المسجد فقلت: يا أبا الحسن، إنهم يزعمون أنك
لو شئت رددت عن عثمان رضي الله عنه. فجلس وقال: والله ما أمرت
بشئ ولا دخلت في شئ من شأنهم، قال فأتيت عثمان رضي الله عنه
فأخبرته فقال:..... مزمل (2).
* حدثنا علي، عن أبي جعدية، عن عبد الله بن أبي بكر
ابن محمد بن عمرو بن حزم قال: رجع أهل مصر فنزلوا بذي خشب
ليلة الأربعاء في هلال ذي القعدة فأتوا عليا رضي الله عنه فقالوا:
كلمتنا فرجعنا نريد بلادنا، فبينا نحن نسير إذ جاء رجلان منا
غير الطريق. فلحقا راكبا فاستنكراه لجوره عن الطريق، فأتيانا به،

(1) إضافة يقتضيها السياق والمقصود في حديث الأشتر هو عثمان رضي الله عنه.
والكتاب الذي أرسل إلى الأشتر كما جاء في الإمامة والسياسة ص 57، 58 " بسم الله
الرحمن الرحيم. من المهاجرين الأولين وبقية الشورى إلى من بصر من الصحابة والتابعين
أما بعد أن تعالوا إلينا وتداركوا خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلبها
أهلها، فإن كتاب الله قد بدل، وسنة رسوله قد غيرت، وأحكام الخليفتين قد بدلت
... فننشد الله من قرأ كتابنا من بقية أصحاب رسول الله والتابعين بإحسان إلا أقبل
إلينا وأخذ الحق لنا وأعطاناه، فأقبلوا إلينا إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ".
(2) ثم بياض في الأصل بمقدار سطر ونصف ثم كلمة " مزمل " ولعل عثمان رضي
الله عنه قد استشهد ببيت امرئ القيس في معلقته:
كأن أبانا في أفانين ودقه * كبير أناس في بجاد مزمل
1205

فعرفه بعضنا وقالوا: هذا أريس غلام عثمان، وهذا جمل عثمان
البختري، فسألناه فخلط، ففتشنا إداوته فإذا فيه قصبة صفر
في منحر فوة الإداوة فيها صحيفة، فإذا كتاب إلى ابن أبي سرح:
إذا قدم عليك أهل مصر فاقتل فلانا وفلانا - لتسعة منا - فدخل علي
على عثمان رضي الله عنه فقال: رددتهم عنك ثم أتبعتهم بهذا
الكتاب!! فقال: ما كتبت ولا علمت، ولا أنت عندي ببرئ
من هذا الامر. فخرج علي رضي الله عنه فقال: قد اتهمني، فأنتم
وهو أعلم. فحاصروه فأدخل معه جرار الماء والطعام إلى داره ومعه
فتيان من فتيان قريش فيهم الحسن بن علي، وعبد الله بن الزبير،
وعبد الله بن زمعة، وولي سعيد بن أبي البختري، ومروان، والحارث،
وعبد الرحمن بنو الحكم وعبد الله بن دأد بن أسيد، وعتبة بن
أبي سفيان، ومعهم في الدار بشر كثير وأرسل عثمان إلى سعد
أن الق عليا فذكره رحمي وسني، وأنشده الله في أمري. قال سعد
فلقيته فكلمته فلم يجبني، فقلت: مالك لا تجيبني، إن ابن عمك
مقتول!! قال: ما أنا من هذا في شئ (1).
* حدثنا الأصمعي قال، سمعت الجحاش يقول: سمع عثمان
رضي الله عنه يقول: ولإن يليها ابن أبي طالب أحب إلي من أن
يليها غيره.
كراهة عثمان رضي الله عنه القتال ونهيه أصحابه عنه
* حدثنا عبد الواحد بن زياد قال، حدثنا سليمان الأعمش،
عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت مع عثمان

(1) والنظر العواصم من القواصم 125 وما بعدها - والرياض النضرة 2: 122.
1206

رضي الله عنه يوم الدار فقلت: يا أمير المؤمنين، طاب أم ضرب؟
- قال: يعني طاب القتال - فقال: يا أبا هريرة (أيسرك (1)) أن
قتلت الناس كلهم وأنا معهم؟ فقال: لا. فقال: إنك إن قتلت
إنسانا واحدا فكأنما قتلت الناس جميعا (2).
* حدثنا هارون بن معروف قال، حدثنا جرير، عن الأعمش،
عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه بمثل معناه سواء.
* حدثنا الحجاج بن نصير قال، حدثنا قرة بن خالد عن
محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال لنا عثمان رضي الله
عنه: أقسمت عليكم لما ألقيتم السلاح. فألقيت سيفي فما تقلدته
بعد (3).
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم قال،
حدثنا ابن إدريس، عن أبي معشر المدني، عن المقبري، عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال: كنت مع عثمان رضي الله عنه في الدار فجاء
سهم عائر فأصاب إنسانا فقتله، فقلت: طاب أم ضراب. فقال:
أعزم عليك فإنما يراد نفسي وسأقي المؤمنين بنفسي (4).
* حدثنا محمد بن موسى الهذلي قال، حدثنا عمرو بن أزهر

(1) الإضافة عن التمهيد والبيان لوحة 122.
(2) وانظر طبقات ابن سعد 3 / 1: 48 - وتاريخ الطبري 5: 129 - والكامل
لابن الأثير 3: 68 - وأنساب الأشراف 5: 73 - ومنتخب كنز العمال 5: 24 -
وتاريخ الخميس 2: 263.
(3) الرياض النضرة 2: 122.
(4) الغدير 9: 239 - وزاد، " اليوم " قال أبو هريرة: فرميت سفي فلا أدري
أين هو حتى الساعة ".
1207

الواسطي، عن عاصم الأحول، عن أبي قلابة قال: انتضي أبو هريرة
سيفه فقال: الآن طاب أم ضراب. فقال عثمان رضي الله عنه:
أما علمت أن لي عليك حقا؟ قال: (بلى. قال: فأقسمت عليك
بحقي لما أغمدت (1)) سيفك وكففت يدك؟ قال: فقام الحسن
ابن علي رضي الله عنهما فقال: يا أمير المؤمنين علام تمنع الناس
من قتالهم؟ فقال: أقسمت عليك يا ابن أخي لما كففت يديك،
ولحقت بأهلك، فلا حاجة لي في هراقة الدماء. فقام مروان بن الحكم
فقال: يا أمير المؤمنين علام تمنع الناس من قتالهم، فقد والله حل
قتالهم. ولو لم يكن معك في الدار إلا من معك من ولد أبيك
- يعني بني أمية - لامتنعت بهم. قال: أقسمت عليك لما كففت
يدك.
* حدثنا عفان بن سليمان بن حرب قال، حدثنا حماد بن
زيد قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثني عبد الله بن عامر
ابن ربيعة قال: كنت مع عثمان رضي الله عنه وهو محصور في الدار
فقال: أعزم على من كان لنا عليه سمع وطاعة لما كف يده وسلاحه،
فإن أعظمكم عندي غناء اليوم من كف يده وسلاحه (2).
* حدثنا سعيد بن عامر، عن صخر بن جويرية، عن أيوب،
عن ابن أبي مليكة، عن ابن الزبير قال: دخلت على أمير المؤمنين
عثمان رضي الله عنه فقلت: يا أمير المؤمنين، إن بالباب عصابة

(1) بياض في الأصل والمثبت عن الروايات المختلفة في هذا الصدد، وانظر،
الاستيعاب 2: 391 - ونهاية الإرب 19: 469.
(2) طبقات ابن سعد 113: 48 - والعواصم من القواصم ص 141.
1208

مستبصرة قد ينصر الله بأقل منهم. فقال: أنشد الله رجلا يرى
لله عليه حقا، ويرى لي عليه حقا أن يهريق دمي، أو يهريق
لي دما (1).
* قال سعيد، وحدثني صخر، عنم سعيد بن أبي عروبة قال:
جاءت الأنصار فقالوا: يا أمير المؤمنين دعنا نكن أنصار الله مرتين.
فأمرهم أن يرجعوا (2).
* حدثنا عفان قال، حدثنا أبو محصن قال، حدثنا حصين
ابن عبد الرحمن قال، حدثني جهيم قال، ناشد عثمان رضي الله
عنه الناس ألا يهريق أحد محجما من دم. قال فلقد رأيت ابن الزبير
يخرج في كتيبة حتى يهزمهم، لو شاءوا أن يقتلوا فيهم لقتلوا،
ورأيت سعيد بن البختري فإنه ليضرب رجلا بعرض سيفه لو شاء
أن يقتله، ولكن عثمان عزم على الناس.
* حدثنا قريش بن أنس قال، حدثنا هشام، عن محمد
قال: دخل زيد بن ثابت على عثمان رضي الله عنه فقال: هؤلاء
الأنصار يقولون دعنا نكن أنصار الله مرتين. قال: عزمت عليكم
لما رجعتم. قال فرجعوا (3).
* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب،
قال أنبأنا يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن

(1) طبقات ابن سعد 3 / 1: 49 - والعواصم من القواصم 140 - والرياض النضرة
2: 128 - والغدير 9: 238.
(2) طبقات ابن سعد 3 / 1: 48.
(3) أنساب الأشراف 5: 73 - والعواصم من القواصم 133.
1209

عبد الرحمن قال: بلغني أن أبا قتادة ورجلا آخر معه دخلا على عثمان
رضي الله عنه وهو محصور فاستأذناه في الحج فأذن لهما، ثم قالا:
مع من نكون إن ظهر هؤلاء القوم؟ قال: عليكما بالجماعة. قالا:
أرأيت إن أصابك هؤلاء القوم وكانت الجماعة فيهم؟ قال: الزما
الجماعة حيث كانت. قال فخرجا من عنده فلما بلغا باب الدار
لقيا حسن بن علي داخلا فرجعا لينظرا ما يريد، فلما دخل عليه
حسن قال: يا أمير المؤمنين، أنا طوع يدك، فمرني بما شئت.
قال له عثمان: ابن أخي ارجع فاجلس في بيتك حتى يأتيك الله
بأمره، فلا حاجة لي في هراق الدماء (1).
* حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا أبو زهير عبد الرحمن
ابن مغراء، عن رجل، عن الشعبي قال: ما سمعت من مراثي عثمان
رضي الله عنه شيئا أحسن من قول كعب بن مالك:
(وكف يديه ثم أغلق بابه * وأيقن أن الله (2)) ليس بغافل
وقال لأهل الدار لا تقتلوهم * عفا الله عن كل امرئ لم يقاتل
فكيف رأيت الله ألقى عليهم العداوة والبغضاء بعد التواصل
وكيف رأيت الخير أدبر بعده * عن الناس إدبار النعام الجوافل
وهذه الأبيات للوليد بن عقبة.
* حدثنا علي بن محمد، عن الشرفي بن قطامي، عن أبي جنادة

(1) الرياض النضرة 2: 138.
(2) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل والمثبت عن الاستيعاب 2: 390 - وأنساب الأشراف
5: 72 - والبداية والنهاية 7: 196 - ونهاية الإرب 19: 512 - والتمهيد
والبيان لوحة 201، 202 والشعر فيه للمغيرة بن الأخنس.
1210

الكلبي قال: قالت ريطة مولاة أسامة بن زيد: بعثني أسامة إلى عثمان
رضي الله عنه فقال قولي: لو أن عندي أدلاء من قومي لكانت كراما،
فإن أحببت نقبنا لك الدار وخرجت حتى تلحق؟ مأمنك حتى يقاتل
من أطاعك من عصاك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل
ذلك حين آذاه أهل مكة، خرج عنهم حتى فتح الله له. فقال:
ما كنت لأدع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجواره وقبره.
فرجعت فأخبرت أسامة رضي الله عنه، فمكثت أياما ثم قال:
ارجعي إلى أمير المؤمنين برسالتي فإني لا أظن القوم إلا قاتليه.
قالت: فجئت فدخلت الدار فدخلوا عليه يضرب بعضهم بطنه
برجله، ولقد رأيتهم انتهبوا متاعه حتى إنهم ليأخذون المرآة ونحوها.
فبكى سعد القرظ (1) رضي الله عنه.
* حدثنا علي بن مسلمة بن محارب، عن عوف الأعرابي
قال: لقي أسامة بن زيد عليا رضي الله عنه فقال: يا أبا الحسن
إنك لمن أحب خلق الله إلي، فأطعني واخرج إلى مالك بينبع،
فإنك إن تخرج ويقتل عثمان لا يعدل الناس بك أحدا، وإن قتل
وأنت شاهد لم يتهم الناس كافة غيرك، أو الحق بمكة. فأبى،
ودخل أسامة على عثمان فقال: يا أمير المؤمنين، إن عندي ظهرا
ظهيرا ورجالا جلدا من قومي من هذا الحي من كلب، فاخرج معي حتى

(1) هو سعد بن عائذ المؤذن مولى عمار بن ياسر وقيل مولى الأنصار، ويقال اسم
أبيه عبد الرحمن كان يتجر في القرظ فقيل له سعد القرظ، روى عن النبي صلى الله عليه
وسلم وأذن في حياته بمسجد قباء، ثم نقله أبو بكر من قباء إلى المسجد النبوي أذن فيه بعد
بلال لأبي بكر وعمر وعثمان، وعاش إلى زمن الحجاج (الإصابة 2: 27) وانظر
الطبري 5: 149.
1211

أقدم بك الشام على أنصارك، فيضرب المقبل المدبر. فقال:
يا أسامة إني لن أفارق مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضع
قبره ومنازل أزواجه.
* حدثنا الحكم بن موسى قال، حدثنا هقل بن زياد، عن
الأوزاعي قال، حدثني محمد بن عبد الملك: أن المغيرة بن شعبة
دخل على عثمان رضي الله عنه وهو محصور فقال: قد نزل بك ما ترى
وإنا مخيروك بين خصال ثلاث، إن شئت خرقنا لك بابا في الدار
سوى الباب الذي هم عليه فتقعد على رواحلك فتلحق بمكة فإنهم
لن يستحلوك وأنت بها، أو تلحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم
معاوية، أو تخرج بمن معك (فتقاتلهم (1)) فإن معك عددا وقوة،
وأنت على حق، وهم على باطل. فقال عثمان رضي الله عنه:
أما قولك نخرق لك بابا سوى الباب الذي هم عليه فأقعد على رواحلي
وألحق بمكة، فإنهم لن يستحلوني وأنا بها، فإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد رجل من قريش بمكة عليه نصف
عذاب العالم. فلن أكون إياه، وأما قولك الحق بالشام فإنهم أهل
الشام وفيهم معاوية، فلن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله
عليه وسلم فيها، وأما قولك أخرج بمن معي عددا وقوة وأنا على
حق وهم (على باطل، فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله
عليه وسلم في أمته (2)) بإهراق دم مسلم بغير حق.

(1) الإضافة عن مسند أحمد 1: 67.
(2) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر والمثبت عن الإمامة والسياسة ص 64 -
والغدير 9: 241.
1212

* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا الوليد بن مسلم - إن
شاء الله - قال، حدثنا الأوزاعي، عن محمد بن عبد الملك بمثله
سواء، إلا أنه قال: (فلن أكون أول من (1)) خلف النبي صلى الله
عليه وسلم في أمته بإهراق محجمة من دم.
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى قال،
حدثنا عبد الرحمن بن زياد، عن إسماعيل بن عياش، عن عطاء
ابن عجلان، عن عاصم بن سليمان: أن الحسن بن علي رضي الله عنه
قال: رحت إلى الدار وغدوت إليها شهرا، وعثمان رضي الله عنه
محصور، كل ذلك بعين علي رضي الله عنه ما نهاني يوما قط، قال:
فقام إليه يوم زحف إليه فقال: يا أمير المؤمنين علام تكف الناس؟
والله لقد حل لك قتالهم، والناس جادون فاذن للناس في قتالهم.
فقال: يا ابن أخي أعزم عليك بحقي عليك إلا لحقت بأهلك.
* حدثنا محمد بن سلام، عن أبيه، عن محمد بن زياد قال:
قال علي رضي الله عنه للحسن: ايت الرجل. قال: قد فعلت، فأقسم
علي إلا رجعت.
* حدثنا قريش بن أنس، عن ابن عون، عن محمد قال،
قال رجل لابن عفان: لو ركبت في كتيبتك؟ قال: فركب فرأى
رجلا قد تسبل (2) لرجل من أصحابه فقتله، فقال عثمان رضي الله عنه:
أفي نزعي وتأميري، أفي نزعي وتأميري؟! فدخل فما صنعوا شيئا
حتى قتلوه.

(1) الإضافة عن المراجع السابقة.
(2) تسبل لرجل: أي تربص له في السابلة وهي الطريق. (القاموس).
1213

* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا يوسف بن الماجشون
قال، أخبرني أبي قال: لما أحيط بدار عثمان رضي الله عنه ورموا
من ببابي الدار ففتحا، ولبس أداته ثم خرج حتى إذا كان على عتبة
الدار لقيه رجل شهر عثمان عليه السيف، فلما رأى الرجل أنه ضاربه
قال: الله الله يا عثمان، فقال عثمان رضي الله عنه: الله، والله لا،
والله لا يهراق في اليوم محجمة من دم طائعا، ثم انصرف وقال لأهل
الدار: من كان منكم إنما يقيم للذي لي في عنقه فهو منه في حل،
ثم جلس على المصحف (1).
* حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي قال، حدثنا إسماعيل بن
إبراهيم قال، حدثنا أيوب، عن نافع قال: دخلوا على عثمان رضي الله
عنه من باب، فسدد الحربة لرجل فولى، وقال: الله الله يا عثمان.
فقال: الله الله يا عثمان، ثم أمسك حتى قتل.
* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال،
حدثني سعيد بن أبي أيوب، عن أبي قبيصة، عن ابن شهاب، أن
أم حبيبة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم نادت عليا رضي الله عنه
من حجرتها من خلال الجريد: يا علي ألا تبصرون عثمان؟ فقال علي
رضي الله عنه: لو استنصرنا نصرنا، ولكنه عزم علينا ألا نفعل.
* حدثنا الحزامي قال، حدثنا ابن وهب قال، حدثنا الليث
ابن سعد، عن عبيد الله بن أبي المغيرة قال: رموا دار عثمان رضي الله
عنه بالنبل فقتلوا رجلا من المسلمين فقال عثمان: يا أبا هريرة دله
إليهم حتى يعلموا أن قد قتلوا نفسا مؤمنة. فسبوا أبا هريرة رضي الله

(1) وبمعناه في الطبري 5: 128.
1214

عنه، فنزل فقال: يا أمير المؤمنين، طاب الضراب فاذن لنا؟ قال:
يا أبا هريرة، إنما نفسي تراد فعلام تقتل الناس؟ أحتسب بنفسي
على الناس.
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي عمرو، عن إبراهيم بن
محمد بن سعد، عن أبيه قال: أقتحم عثمان رضي الله عنه يوم
جمعة عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد ومعاذ بن عفراء وأبو اليسر،
ودخل الحسن بن علي (رضي الله عنه حتى قام عليه وقال: مرنا (1))
بأمرك، فإني أتحرج (2) من الصلاة خلف غيرك إلا بأمرك. قال عثمان:
وصلتك رحم يا ابن أخي، إنك ذرية طيبة، أما الصلاة فهي أفضل
أعمال المسلمين، فإذا أطاعوا الله فأطعهم، وإذا عصوا الله فلا تعصه،
وحاجتي أن تأتي أباك فتأمره أن يرد هؤلاء. قال: إني أريد القتال
معك. قال: إني أعزم عليك لن تقاتل، فخرج، وعزم على أسامة
فخرج، وجاء بنو عدي فاحتملوا عبد الله بن عمر (3).
من صلى بالناس وعثمان رضي الله عنه محصور
* حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا معمر، عن الزهري،
عن عروة، عن عبد الله بن عدي بن الخيار قال: دخلت على عثمان
رضي الله عنه وهو محصور وعلي رضي الله عنه يصلي بالناس، فقلت:
يا أمير المؤمنين إني أتحرج من الصلاة مع هؤلاء، وأنت الامام،
فقال: إن الصلاة أحسن ما عمل الناس، فإذا رأيت الناس أحسنوا

(1) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر والمثبت عن التمهيد والبيان لوحة 126.
(2) في الأصل " أحرج " والمثبت عن الحديث التالي.
(3) وانظره مختصرا في شرح نهج البلاغة 1: 167.
1215

فأحسن معهم، وإذا رأيتهم أساؤوا فاجتنب إساءتهم.
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم قال،
حدثنا أبي إدريس وعبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن
الزهري، عن أبي عبيد سعد بن عبيد مولى ابن أزهر قال: صليت
العيد مع علي رضي الله عنه - وعثمان رضي الله عنه محصور - فصلى
ثم فخطب بعد الصلاة.
* حدثنا محمد بن مصعب قال، حدثنا الأوزاعي، عن
الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبيد الله بن عدي قال:
أتيت عثمان رضي الله عنه وهو محصور فقلت: يا أمير المؤمنين إنك
الامام وإن هؤلاء على ضلالة، أفأصلي معهم؟ قال: إن الصلاة من
أحسن ما عمل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم، وإذا أساؤوا
فاجتنب إساءتهم (1).
* حدثنا عارم قال، قال حدثنا عبد الله بن المبارك قال،
حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن حبيب بن عبد الرحمن بن عوف،
عن عبيد الله بن عدي بن الخيار: أنه دخل على عثمان رضي الله عنه
فقال: إنه يصلي بالناس إمام فتنة، وأنا أتحرج من الصلاة معه.
فقال: إن الصلاة أحسن ما صنع الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم،
وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم (2).
* قال وقال معمر، عن الزهري، عن رجل، عن عبيد الله:
اجتنب سيئهم.

(1) منتخب كنز العمال 5: 25.
(2) التمهيد والبيان لوحة 113.
1216

* حدثنا سعيد بن سليمان قال، حدثنا مبشر بن إسماعيل
الحلبي قال، حدثنا الأوزاعي، عن الزهري بإسناده بمثله.
* حدثنا أبو داود قال، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه،
عن عبيد الله بن عدي بن الخيار - أو قال قال عبيد الله بن عدي بن
الخيار: قلت لعثمان: ما تقول في الصلاة خلف هؤلاء الذين أحدثوا
في الاسلام ما أحدثوا، وحالوا بيننا وبين الصلاة؟ وعثمان رضي الله
الله عنه يومئذ محصور - فقال عثمان رضي الله عنه: فصل معهم
فإنك لم تخالفهم في الصلاة.
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا أبو أسامة، عن عبد الله
ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة قال: دخل
أبو قتادة الأنصاري ورجل آخر معه على عثمان رضي الله عنه - وهو
محصور - فقال: يا أمير المؤمنين، أنت إمام العامة، وقد يصلي
بنا إمام فتنة. قال: صل خلفه.
* حدثنا حيان بن بشر، عن يحيى بن آدم قال، سمعت
بعض أصحابنا يحدث، عن أبي مسعد المدني: أن أبا أمامة بن سهل
ابن حنيف كان يصلي بالناس وعثمان رضي الله عنه محصور - قال
يحيى: ولعله قد صلى بهم رجل بعد رجل.
* حدثنا علي بن محمد (بن عبيد، عن (1)) محمد بن المنكدر
قال: صلى أبو أمامة أو سهل بن حنيف وعثمان رضي الله عنه
محصور.

(1) بياض في الأصل بمقدار كلمات، والمثبت عن الخلاصة للخزرجي
ص 277، 350.
1217

* حدثنا....... (1) فصلى بالناس وعثمان محصور.
* حدثنا علي بن محمد بن الفضل، عن أبي حازم، عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال: حضرت الصلاة فجاء المؤذن يؤذن عثمان
رضي الله عنه وهو محصور. فقال: اذهب إلى أبي أمامة أو إلى سهل
ابن حنيف فقل له يصلي بالناس.
* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال،
حدثني ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافري، أنه سمع أبا ثور
الفهمي: أنه رأى ابن عديس صلى لأهل المدينة الجمعة، فطلع
منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب.
* حدثنا علي بن محمد، عن عبد الله بن مصعب، عن هشام
ابن عروة، عن أبيه قال: صلى بالناس يوم الجمعة سهل بن حنيف.
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا يوسف بن الماجشون
قال، أخبرني عقبة بن مسلم المديني: أن آخر خرجة خرجها عثمان
رضي الله عنه يوم جمعة وعليه حلة حبرة مصفرا رأسه ولحيته بورس
قال: فما تخلص إلى المنبر حتى ظن أنه لن يجلس، فلما استوى
عليه حصبه الناس، وقام رجل من بني غفار، يقال له الجهجاه فقال:

(1) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر. ويمكن الرجوع إلى تاريخ الطبري
5: 149 - والرياض النضرة 2: 123، والكامل لابن الأثير 3: 73، ونهاية
الإرب 19: 488، والتمهيد والبيان لوحة 112، 113 لمعرفة من صلى بالناس
وعثمان رضي الله عنه محصور، فقد ورد أنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وطلحة
ابن عبد الله، وأبو أيوب خالد بن زيد، وأبو أمامة، وسهل بن حنيف، وكنانة
ابن بشر من البغاة وغيره.
1218

والله لنغربنك إلى جبل الدخان، فلما نزل حيل بينه وبين الصلاة،
وصلى بالناس أبو أمامة بن سهل بن حنيف (1).
استعانة عثمان رضي الله عنه بعلي وسعد رضي الله عنهما وغيرهما (*)
* حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قال، حدثنا مطهر،
عن منذر الثوري، عن محمد بن علي قال: لما جاء القوم من مصر
إلى عثمان رضي الله عنه ليقتلوه أرسل إلى علي رضي الله عنه أن رد
هؤلاء عني.... (2) وأنا معه غلام حينئذ، فلما انتهى إلى الدار
لم يستطع أن يدخل والتحم القتال، فنزع عمامة له سوداء كانت
على رأسه فألقاها في الدار وقال: اللهم اشهد أني لم أقتله ولم
أمالئ (3).
* حدثنا سعيد بن سليمان قال، حدثنا أبو شهاب، عن
الحسن بن عمرو، عن فضيل، عن إبراهيم: أن عثمان رضي الله عنه
لما حصر بعث إلى علي رضي الله عنه يرد عنه الناس، فأقبل نحوه
فلحقه محمد بن علي فأخذ بوسطه وقال: والله لا أدعك، إنما يبغون
أن يتخذوك رهينة، فنزع عمامة له سوداء، فبعث بها إليه فقال:
اللهم لم آمر ولم أرض (4).
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى قال،

(1) شرح نهج البلاغة 1: 165 - والتمهيد والبيان لوحة 219 - ونهاية الإرب
19: 466 - وتاريخ الخميس 2: 260 - وتاريخ الطبري 4: 366.
* وانظر في هذا الإمامة والسياسة ص 57.
(2) بياض في الأصل بمقدار كلمتين ولعلهما " فانطلق إليه " وبهما يستقيم السياق.
(3) وبمعناه في الرياض النضرة 2: 135.
(4) شرح نهج البلاغة 1: 166.
1219

حدثنا الوليد بن مسلم، عن الوليد بن سليمان بن أبي السائب، عن
بشير بن عبيد الله الحضرمي قال، حدثني أبو إدريس الخولاني قال:
لما كان في اليوم الذي قتل فيه عثمان أرسل إلى سعد بن أبي وقاص
فكلمه فقال: أرسل إلى علي فكلمه بمثل هذا. فقال: أنت رسولي
إليه. فأتاه سعد فخرج معه متوكئا على يده، فلما كانوا منه (1)
قام إليه الأشتر وأصحابه فأجلسوه كرها، ودخل عليه أهل مصر
فقتلوه - قال الوليد: فأما الأوزاعي فإنه ذكره عن عبيدة بن أبي
لبابة (2): أن الذي منعه من السير إليه محمد بن الحنفية ابنه، اعتنقه
وقال: إني أخاف أن تقتل دونه.
* حدثنا عبد الله بن رجاء قال، أنبأنا محمد بن طلحة،
عن زبيد: أن عليا رضي الله عنه دفع عن عثمان رضي الله عنه مرتين،
فلما حصر بما حصره أرسل إلى علي رضي الله عنه.... (3) رهينة
فاحتبسه.
حدثنا عمرو بن قسط قال، حدثنا عبيد الله بن عمرو عن إسحاق
ابن راشد، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: لما ألح على عثمان

(1) كذا في الأصل، ولعل المعنى: فلما كانوا منه بحيث يقدرون عليه.
(2) هو عبيدة بن أبي لبابة الأسدي الفاخري مولاهم. أبو القاسم البزاز الكوفي الفقيه
نزيل دمشق، روى عن عمر رضي الله عنه مرسلا، وابن عمر وعبد الله بن عمرو
وعنه حبيب بن ثابت والأعمش والسفيانان، وثقة أبو حاتم وقال الأوزاعي: لم يقدم
علينا أفضل منه (الخلاصة 249).
(3) بياض في الأصل بمقدار ثلثي سطر. ويوضحه موقف محمد بن الحنفية
رضي الله عنه ومنعه له بقوله: والله لا أدعك، إنما يبغون أن يتخذوك رهينة " وما ورد
في طبقات ابن سعد 3 / 1: 47 - والتمهيد والبيان لوحة 117، 118 " فقام بعض
آل علي وقال: لا أدعك إنما يبغون أن يتخذوك رهينة ".
1220

بالرمي أتيت عليا رضي الله عنه فقلت: يا عم أهلكتنا الحجارة.
فقال: انطلق يا ابن أخي فخرجت وخرج معي فلم يزل يرمي معه
حتى فتر منكباه، ثم قال: يا ابن أخي أجمع إليك حشمك ومن كان
منك بسبيل ثم ليكن هذا شأنكم.
* حدثنا كثير بن هشام قال، حدثنا جعفر بن برقان قال،
حدثنا راشد بن كيسان أبو فزارة (1) العبسي: أن عثمان رضي الله
عنه بعث إلى علي رضي الله عنه وهو محصور في الدار: أن ائتني،
فقال علي رضي الله عنه: نأتيه، فقام بعض أهل علي حتى حبسه وقال:
ألا ترى ما بين يديك من الكتائب، لا تخلص إليه - وعلى علي
رضي الله عنه عمامة سوداء فنفضها عن رأسه فرمى بها إلى رسول
عثمان رضي الله عنه وقال: أخبره بالذي رأيت. وخرج علي رضي الله
عنه من المسجد حتى انتهى إلى أحجار الزيت في سوق المدينة، فأتاه
قتل عثمان رضي الله عنه، فقال: اللهم إني أبرأ إليك من دمه أن
أكون قتلت أو مالأت على قتله (2).
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا جرير، عن مغيرة قال:
أرسل عثمان رضي الله عنه يستغيث، فقام علي رضي الله عنه ليغيثه،
فتعلق به ابن الحنفية واستعان عليه بالنساء، وقال: والله لئن دخل
الدار ليقتلنه بنو أمية. فحبسوه حتى قتل عثمان رضي الله عنه،
فقيل لعلي فقال: تبا لكم سائر اليوم.

(1) في الأصل " ابن فزارة " والمثبت عن الخلاصة ص 113 وطبقات ابن سعد
3 / 1: 47. وهو راشد بن كيسان أبو فهدة العبسي الكوفي. وثقه ابن معين.
(2) طبقات ابن سعد 3 / 1: 47 - والتمهيد والبيان لوحة 117 - والبداية
والنهاية 7: 193.
1221

* حدثنا يزيد بن هارون قال، أنبأنا العوام بن حوشب قال،
حدثني حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي قال: لما كان يوم
الدار أرسل عثمان رضي الله عنه إلى علي رضي الله عنه، فأراد أن
يأتيه، فتعلقوا به ومنعوه، فألقى عمامة له سوداء على رأسه وقال:
اللهم إني لا أرضى قتله ولا آمر به (1).
* حدثنا عبيد بن جناد قال، حدثنا عطاء بن مسلم قال:
رمى علي رضي الله عنه إلى عثمان بعمامته وقال: ذلك لتعلم أني لم
أخنك بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين (2).
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا يوسف بن الماجشون
قال، أخبرني إسماعيل بن محمد بن أبي وقاص: أن سعدا رضي الله
عنه أقام في موضع الجنائز بالمدينة، وعثمان رضي الله عنه محصور
فقام: أيها الناس هذه يدي بما طلب عند عثمان وإن ضربت بسوط،
فجعل الناس يردون ذلك عليه، وجعل يفرجهم عن نفسه بيديه
- وكان رجلا أيدا (3) - حتى إذا غلب دخل المسجد فوجد عليا جالسا
بين يدي المنبر عارضا على فخذيه سيفا له عليه أديم عربي. فقال
له: يا علي أو يا أبا حسن - إنك لقاتل عثمان، فقال: يا أبا إسحاق
مزايلة (4) جميلة خير من ملابسة فيها دخن (5). فقال له سعد:
فعليك السلام، وانصرف فاعتزل في أرضه حتى انقضى أمر الناس.

(1) الرياض النضرة 2: 135 - شرح نهج البلاغة 2: 62.
(2) منتخب كنزل العمال 5: 25 مع اختلاف يسير.
(3) الأيد: القوي الشديد (القاموس المحيط).
(4) المزايلة: المفارقة (القاموس المحيط).
(5) الدخن: محركة: الحقد والغش وسوء الخلق (اللسان).
1222

* حدثنا علي بن محمد، عن الوقاصي، عن محمد بن المنكدر،
عن هاشم بن عتبة قال، قال سعد: أرسل إلي عثمان رضي الله عنه
وهو محصور يشكو إلي ما هو فيه، فأخرج فأجد عليا رضي الله عنه
قاعدا في المسجد في حجره سيف في غمد أحمر، فجلست إليه ووضعت
ركبتي على ركبته وجعلت أذكره الله وأقول: إن ابن عمك مقتول،
فقال: ما أنا من هذا في شئ. فلما كثرت عليه وضع يده على أرنبتي
فعركها، وقال:...... (1)
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق
عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن سليمان بن كهيل، عن سالم
ابن أبي الجعد، عن محمد بن الحنفية قال: كنت عند علي رضي
الله عنه إذ أتاه رجل فقال: إن أمير المؤمنين مقتول، ثم أتاه آخر
فقال: إن أمير المؤمنين مقتول الساعة. فقام وقمت فأخذت بوسطه
خوفا عليه. فقال: خل لا أم لك. فمضى حتى أتى الدار - وقد قتل
الرجل - فجاء فدخل داره فأغلق بابه.
(مشاورة عثمان ابن عمر رضي الله عنهم وما روى عن
عائشة رضي الله عنها في أمر عثمان رضي الله عنه)
* حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا أبي قال، سمعت يعلى
ابن حكيم يحدث، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
استشارني عثمان رضي الله عنه وهو محصور فقال: ما ترى فيما يقول
المغيرة بن الأخنس؟ قلت: وما يقول؟ قال: يقول إن هؤلاء القوم

(1) بياض في الأصل بمقدار ثلثي سطر.
1223

إنما يريدون أن تخلع هذا الامر وتخلي بينهم وبينه، قلت: أرأيت
إن أنت فعلت أمخلد أنت في الدنيا؟ قال: لا. قلت: أفرأيت
إن لم تفعل، هل يزيدون على أن يقتلوك؟ قال: لا. قلت: فهل
يملكون الجنة والنار؟ قال: لا. قلت: فإني لا أرى أن تسن هذه السنة في
الاسلام، كلما سخطوا أميرا خلعوه، ولا أن تخلع قميصا ألبسكه الله (1).
* حدثنا هشام بن عبد الملك قال، حدثنا عثمان بن موسى
ابن بقطر قال، سمعت نافعا يقول: إن عثمان رضي الله عنه استشار
ابن عمر رضي الله عنهما فقال: إن الناس قد كرهوني ولا أظنني
إلا خالعها - أو خارج عنها - فقال ابن عمر رضي الله عنهما: لا تفعل
فإنما هو قميص - أو سراويل - قمصك الله - شك عثمان - قال:
فلما كان يوم قتل عثمان رضي الله عنه جاء ابن عمر رضي الله عنه
سالا سيفه فقال: لنقاتلن عن عثمان رضي الله عنه، فأتاه آت
فقال: إن صاحبك قد قتل، فاغمد سيفك. قال: فأغمد سيفه
ورجع إلى أهله، وهو سيف عمر بن الخطاب - قال: فقلت لنافع.
ما كانت حليته؟ قال: فضة.
(أمر عائشة رضي الله عنها) (*)
* حدثنا أبو داود قال، حدثنا الجراح بن فليح قال، حدثنا
قيس بن مسلم الجدلي، عن أم الحجاج العوفية قالت: كنت عند

(1) طبقات ابن سعد 3 / 1: 45 - والتمهيد والبيان لوحة 114.
* انظر حديث عائشة رضي الله عنها في قتل عثمان رضي الله عنه بروايات
مختلفة في الغدير 9: 77 وما بعدها - وشرح نهج البلاغة 2: 77 - 80 - وأنساب الأشراف
5: 70، 75، 91 - والإمامة والسياسة 1: 43، 46، 57 - وتاريخ
الطبري 5: 140، 166، 172، 176.
1224

عائشة رضي الله عنها فدخل عليها الأشتر - وعثمان رضي الله عنه
محصور - فقال: يا أم المؤمنين، ما تقولين في قتل هذا الرجل؟
قالت: فتكلمت امرأة بينة اللسان صيتة فقالت: معاذ الله أن آمر
بسفك دماء المسلمين وقتل إمامهم واستحلال حرمتهم. فقال الأشتر:
كتبتن إلينا حتى إذا قامت الحرب على ساق انسللتن منها! قال
أبو وكيع: فسمعت الأعمش يزيد في هذا الحديث: أن عائشة رضي
الله عنها حلفت يومئذ بيمين ما حلف بها أحد قبلها ولا بعدها قالت:
والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليكم سوداء
في بيضاء حتى قعدت مقعدي هذا.
* حدثنا حيان بن بشر، عن يحيى بن آدم، عن الأعمش،
عن خيثمة، عن مسروق قال: قالت عائشة رضي الله عنها حين قتل
عثمان رضي الله عنه: أتركتموه كالثوب النقي من الدنس، ثم
قربتموه فذبحتموه كما يذبح الكبش (1)؟! ألا كان هذا قبل هذا؟
قال: فقلت لها: هذا عملك، كتبت (إلى الناس تأمرينهم بالخروج
إليه، قال فقالت عائشة: لا، والذي آمن به المؤمنون وكفر به
الكافرون (2) ما كتبت إليهم بسوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي
هذا. قال الأعمش: كانوا يرون أنه كتب على لسانها (3).
* حدثنا محمد بن أبي أسامة قال، حدثنا عبد القدوس بن
الحجاج قال، حدثنا صفوان بن عمرو قال، حدثني عبد الرحمن

(1) البداية والنهاية 7: 195.
(2) بياض في الأصل بمقدار سطر والمثبت عن طبقات ابن سعد 3 / 1: 57.
(3) البداية والنهاية 7: 195.
1225

ابن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان القوم يختلفون إلي في عيب عثمان رضي الله عنه، ولا أراه
إلا أنها معاتبة. فأما دمه فأعوذ بالله من دمه، والله لوددت أني عشت
برصاء في الدنيا سائما وأني لم أذكر عثمان بكلمة قط.
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى قال،
حدثنا عبد الرحمن بن زياد، عن عاصم بن محمد العمري قال،
سمعت أبي قال: دخل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما على عثمان
رضي الله عنه فقال له: ما ترى فيما يسألني هؤلاء القوم؟ قال:
أرى أن تعطيهم ما وراء عتبة بابك، ولا تخلع لهم سربال الله الذي
سربلك من هذه الخلافة (1).
(ذكر رؤيا عثمان بن عفان رضي الله عنه) (*)
* حدثنا مسلم بن إبراهيم، وعفان بن مسلم، وإسحاق
ابن إدريس قالوا، حدثنا وهيب قال، حدثني موسى بن عقبة قال،
حدثني أبو علقمة مولى عبد الرحمن بن عوف قال، حدثني كثير
ابن الصلت الكندي قال: أغفى عثمان بن عفان رضي الله عنه في
اليوم الذي قتل فيه فلما استيقظ قال: لولا يقول الناس تمنى عثمان
ابن عفان أمنية لحدثتكم! قلنا: فحدثنا فلسنا على ما يقول الناس.
فقال: إني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي هذا فقال:
إنك شاهد معنا الجمعة (2).

(1) وبمعناه في منتخب كنز العمال 5: 21.
* ورد هذا العنوان في الأصل بعد الحديث التالي فناسب نقله إلى هنا.
(2) البداية والنهاية 7: 182.
1226

* حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعيب بن صفوان، عن
عبد الملك بن عمير، عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام قال:
قال عثمان رضي الله عنه لكثير بن الصلت: يا كثير، أنا والله
مقتول غدا. قال: بل يعلي الله كعبك، ويكبت عدوك. قال:
ثم عاد فقال له مثل ذلك، فقال: عم تقول ذاك يا أمير المؤمنين؟
فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر
رضي الله عنهما فقال لي: يا عثمان، إنك عندنا غدا أو إنك
مقتول غدا - فأنا والله يا كثير مقتول (1).
* حدثنا عفان قال، حدثنا وهيب قال، حدثنا داود، عن
زيادة بن عبد الله، عن أم هلال بنت وكيع، عن (نائلة بنت (2)
الفرافصة امرأة عثمان قالت: أغفى عثمان رضي الله عنه فلما استيقظ
قال: إن القوم يقتلونني. قلت: كلا يا أمير المؤمنين. فقال إني
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما فقالوا:
أفطر عندنا الليلة - أو إنك تفطر عندنا الليلة (3).
* حدثنا محمد بن موسى الهذلي قال، حدثنا عمرو بن أزهر،
عن عاصم الأحول، عن أبي قلابة قال: قال عثمان رضي الله عنه:
إني هويت آنفا فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي
الله عنهما فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: أفطر عندنا الليلة.
فعلمت أنه اليوم الذي أقتل فيه. قال: فدخلوا فقتلوه (4).

(1) البداية والنهاية 7: 182.
(2) في الأصل " عن الفرافصة " والإضافة للتوضيح.
(3) البداية والنهاية 7: 183.
(4) أسد الغابة 3: 382 - وتاريخ الخميس 2: 264.
1227

* حدثنا عبد الله بن يحيى قال، حدثنا عبد الواحد بن زياد
قال، حدثنا جده علي بن غراب قال، حدثتنا أم المهاجر (1) قالت:
أراد عثمان أن [يديم (2)] الخلافة ورأى ذلك أهله، فرأى في المنام
..... (3) تصلي عندنا.
* حدثنا عبد الله بن وهب قال، حدثنا أبو لهيعة، عن
خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال: أن عثمان رضي الله عنه
أمسى صائما ليلة الجمعة فلم يفطر فقال: إني رأيت أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أتاني فقال: لا تفطر حتى تفطر عندي القابلة.
فواصل حتى قتل ليلة الجمعة.
(أمر علي رضي الله عنه يوم قتل عثمان رضي الله عنه)
* حدثنا محمد بن جميل قال، حدثنا إبراهيم بن المختار،
عن شعبة، عن أبي سلمة، عن أبي نضرة: أن عليا رضي الله عنه نهى
عن قتل عثمان رضي الله عنه، فجاء رجل فأخذ بلحيته وقال:
وما أنت وذاك؟ والله لا نؤمرك علينا. فسكت.
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي زكريا العجلاني، عن
محمد بن ثابت الأنصاري قال، حدثني بعض آل معاذ بن عفراء:
أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أتي عثمان رضي الله عنه فقال:
افتح الباب أدخل عليك. فقال: مكانك أحب إلي. فأتي عليا رضي

(1) هي أم المهاجر الرومية روت عنها جدة علي بن غراب وقد سماها أبو داود
غفيلة (الخلاصة ص 500).
(2) لعله يريد (يدع) = (المدقق).
(3) بياض في الأصل بمقدار ربع سطر يوضحه ما ورد في حديث سابق برواية
مسلم بن إبراهيم بسنده إلى كثير بن الصلت الهندي.
1228

الله عنه وهو جالس في المسجد فقال: يا أبا الحسن هل لك في أمر تجمع
به أمر الدنيا والآخرة؟ إن ابن عمك، وابن عمتك، وختن رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وسلفك، وأمير المؤمنين، بيعته في عنقك
تنهض إليه فتنهى عنه الناس، فإن غلبوك جاهدتهم. فنهض معه فقام
إليه محمد بن أبي بكر ورجل آخر فساراه وأجلساه، فجلس وقال:
لست من هذا في شئ.
* حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا الأعمش، عن ثابت بن عبيد،
عن أبي جعفر الأنصاري قال: لما دخل على عثمان رضي الله عنه يوم
الدار خرجت فمررت بالمسجد فإذا رجل جالس في ظلة النساء عليه
عمامة سوداء وحوله نحو من عشرة، وإذا هو علي رضي الله عنه
فقال: ما صنع الرجل؟ قلت: قتل. قال: تبا لهم آخر الدهر (1).
* حدثنا يوسف بن موسى القطان قال، حدثنا حكام بن سلم،
عن عبد الله بن جابر، عن الحسن قال: إني لفي حلقة علي بن أبي طالب
رضي الله عنه إذ جاءت الصيحة من دار عثمان بن عفان رضي الله عنه،
فرأيته رافعا يديه إلى السماء يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان (2).
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا أبو المليح الرقي عن بعض
البصريين، عن الحسن قال: كنت في المسجد وعلي رضي الله عنه
محتب (3) بحمائل سيفه والناس يمرون عليه ويسألهم: ما فعل الرجل؟
قلنا: قتل. قال تبا لكم سائر اليوم.

(1) البداية والنهاية 7: 193.
(2) المرجع السابق 7: 193.
(3) في الأصل " محتبي ".
1229

(إحراق باب عثمان رضي الله عنه ودخول
محمد بن أبي بكر والمصريين) (*)
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا أبو هلال قال،
حدثنا الحسن قال: عمل عثمان رضي الله عنه ثنتي عشرة سنة
لا ينكرون من عمله شيئا، حتى جاء فسقة فحلوا بين ظهرانيه قال
فادهى (1) - والله - أهل المدينة في شأنه، فقام رجل فقال: يا عثمان
أعطنا كتاب الله. قال الحسن: ألا تتواله (2) يا فاسق، ما يدريك
ما كتاب الله!! فقال: اجلس لك كتاب الله. فقام رجل منهم
ورجل من أصحاب عثمان رضي الله عنه فتراموا بحصى المسجد حتى
لا يرى أديم السماء من الغبار، وبعثت إحدى أمهات المؤمنين أن
النبي صلى الله عليه وسلم قد برئ ممن فرق دينه وكان شيعا فلم
يلتفتوا وحصبوه (وأقاموا على حصاره تسعة وأربعين يوما حتى
قتل (3) يوم جمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة عند العصر،
فقتله أسودان بن حمران (4) وهو من تجيب، وعداده في مراد (5)

* - انظر في هذا شرح نهج البلاغة 1: 167، 2: 398 - وتاريخ الطبري
5: 122 - والموفقيات ص 313 - وكامل ابن الأثير 3: 62 - والبداية والنهاية
7: 185 - والتمهيد والبيان لوحة 126، 127.
(1) أدهى أهل المدينة: أصيبوا بداهية شديدة حيرتهم فأنكروا ما حولهم.
(2) كذا في الأصل ولعلها " لا تتواله " بمعنى تصرف من ذهب عقله.
(3) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر والمثبت عن المراجع السابقة.
(4) ويقال سودان بن رومان المرادي، وأسود بن حمران، وسودان بن حمران
المرادي. (البداية والنهاية 7: 185).
(5) هي مراد اليمانية النازلة في مصر، وقد روى الطبري في تاريخه 4: 86:
أن عمر رضي الله عنه لما استعرض الجيوش للجهاد سنة 14 ه‍. ظهرت أمامه قبائل السكون
اليمانية يتقدمهم حصن بن نمير ومعاوية بن حديج وقع نظره على سودان بن حمدان
وخالد بن ملجم فتشاءم منهما وكرههما.
1230

- أو من مراد وعداده في تجيب - وانتهبوا متاعه وقالوا: يحل
دمه ولا يحل ماله (1)؟!
* حدثنا صلت بن مسعود قال، حدثنا أحمد بن شبويه،
عن سليمان بن صالح قال، حدثني عبد الله بن المبارك قال، حدثني
سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مولى ابن أسيد قال:
لما قتلوا عثمان رضي الله عنه قاموا إلى تابوت جوز وعسل فجعلوا
يأكلون منه. قال عبد الله قال جرير بن حازم، قال حميد بن هلال
فناحت عليه امرأته، فقال بعضهم: ما أعظم عجيزتها (2).
* حدثنا أحمد بن معاوية قال، حدثنا عبد الله بن المبارك،
عن حرملة بن عمران، عن يزيد بن أبي حبيب قال: ولي قتل عثمان
رضي الله عن هذان - أو رومان بن هذان - الأصبحي (3).
* حدثنا صلت بن مسعود قال، حدثنا أحمد بن شبويه قال،
حدثنا سليمان بن صالح قال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن حرملة
ابن عمران، عن يزيد بن أبي حبيب قال: ولي قتل عثمان هذان
ابن رومان بن هذان الأصبحي.
* حدثنا عبد الله بن محمد بن حكيم، عن خالد بن سعيد

(1) تاريخ الطبري 5: 123، 130 - والبداية والنهاية 7: 185 - 189 -
والعواصم من القواصم 113، 114.
(2) تاريخ الطبري 5: 130 - وشرح نهج البلاغة 1: 167 - والتهميد
للباقلاني ص 217 - والرياض النضرة 2: 161.
(3) ويقال رومان بن سرحان، رجل أزرق قصير من أصبح (الرياض النضرة
2: 172) ويقال فهران الأصبحي - تاريخ الطبري 5: 132.
1231

ابن عمرو بن سعيد، عن أبيه قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه
قالت نائلة بنت الفرافصة:
ألا إن خير الناس بعد ثلاثة * قتيل التجيبي الذي جاء من مصر
وما لي لا أبكي وتبكي قرابتي * وقد غيبت عنا فضول أبي عمرو (1)
والتجيبي كنانة بن بشر بن عوف بن حارثة بن قتيرة (2)،
وهم من السكون.
* حدثنا أبو عاصم، عن أبي خلدة، عن المسيب بن دارم:
أن الذي قتل عثمان رضي الله عنه وقف في سبعة عشر مكانا يريد
أن يقتل، فيقتل من حوله ولا يقتل هو حتى مات على فراشه.
* حدثنا الأشعث بن سالم بن الأشعث العدوي قال: حدثني
أبي، عن عروة بنت قيس قالت: ما مات من قتل عثمان رضي الله
عنه إلا عطشا أو يؤخذ أسرا فيضرب عنقه صبرا.
* حدثنا علي، عن عيسى بن يزيد، عن صالح بن كيسان
قال: دخل عليه محمد بن أبي بكر بشريان (3) كان معه فضربه
في حشائه حتى وقعت في أوداجه فخر، وضرب كنانة بن بشر جبهته
بعمود، وضربه أسودان بن حمران بالسيف، وقعد عمرو بن الحمق

(1) والبيت الأول للوليد بن عقبة (تاريخ الطبري 5: 151 - والتمهيد والبيان
لوحة 197).
(2) وفي الطبري 6: 59، 60 هو كنانة بن بشر بن عتاب التجيبي كما في رواية
الواقدي. والبداية والنهاية 66: 189.
(3) الشريان بفتح الشين وكسرها: هو شجر من عضاه الجبال تعمل منه القسي،
وقوسه جيدة سوداء مشربة بحمرة.
1232

على صدره فطعنه تسع طعنات. وقال (1) علمت أنه مات في الثالثة
فطعنته ستا لما كان في قلبي عليه (2).
(ما روي عن علي وعائشة وغيرها رضي الله عنهم
في قتل عثمان رضي الله عنه من التنديد)
* حدثنا خلف بن الوليد قال، حدثنا عباد بن عباد، عن
مجالد بن سعيد، عن عمير بن روزي قال: سمعت عليا رضي الله عنه
يقول: هل تدرون ما مثلي ومثلكم ومثل عثمان؟ كمثل ثلاثة
أثوار كن في أجمة، ثور أسود، وثور أحمر، وثور أبيض، معهن
فيها أسد (وكان الأسد لا يقدر منهن على شئ لاجتماعهن عليه،
فقال للثور الأسود وللثور الأحمر: لا يدل علينا في أجمتنا هذه
إلا هذا الثور الأبيض فإنه مشهور اللون، فلو تركتماني (3)) فأكلته
صفت لي ولكما الأجمة. فقالا: دونك فاكله، ثم مكث غير
بعيد فقال للثور الأحمر: إنه لا يدل علينا في أجمتنا هذه إلا هذا
الثور الأسود، فإن لونه مشهور، وإن لوني ولونك لا يشتهران،
فلو تركتني فأكلته صفت لي ولك الأجمة وعشنا فيها. قال: دونك
فاكله. ثم مكث غير كثير ثم قال للأحمر إني لآكلك. قال:
فدعني حتى أنادي ثلاثة أصوات. قال: ناد. قال: ألا إني إنما
أكلت يوم أكل الأبيض، ألا إني إنما أكلت يوم أكل الأبيض،

(1) في الأصل " وقد " والمثبت يستقيم به السياق.
(2) تاريخ الطبري 5: 132 مع اختلاف يسير - وشرح نهج البلاغة 1: 168.
(3) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل بمقدار سطر والمثبت عن منتخب كنز
العمال 5: 26.
1233

ألا إنما أكلت يوم أكل الأبيض (قال علي (1)): ألا وإني إنما وهنت
يوم قتل عثمان رضي الله عنه.
* حدثنا علي بن محمد، عن شيخ من بني ليث، عن أبيه
قال: كتب معاوية رضي الله عنه إلى خالد بن الغمر كتابا فدفع
الكتاب إلى علي رضي الله عنه قبل أن يدفع إلى خالد، فقال علي
رضي الله عنه لابنه الحسن: يا بني، ما ترى؟ قال: أرى أن بكر
ابن وائل يدك وأنصارك، وخالد فيهم مطاع، فإن عرضت له
قالت: بكر ما ذنب خالد أن كان معاوية كتب إليه؟ لو كان خالد
هو الذي كتب إلى معاوية، أو وصل الكتاب إليه فكتمه حتى علمته
لكان مذنبا، فإن باينتهم كسرت أحد جناحيك، وإن أمسكت
بعد أن يمنعوه كان وهنا. فأبى علي رضي الله عنه وأرسل إلى خالد،
فقالت بكر بن وائل مقالة الحسن. فقال علي رضي الله عنه للحسن:
يا بني الرأي كان رأيك في خالد، وكان الرأي يوم قال الحادي:
إن الأمير بعده علي * وفي الزبير خلف رضي
والناس لا ينكرون أن يخلى الناس وعثمان، ولكنا تركنا
ابن عمنا وابن عمتنا حتى قتل، ثم صرنا أضيافا على الناس يحكم
فينا دوان (2) العرب، كان الرأي ألا يقتل عثمان رضي الله عنه.
* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب
قال، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال، أخبرني
عروة بن الزبير: أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: يا ليتني

(1) الإضافة عن المرجع السابق، وانظر البداية والنهاية 7: 194.
(2) الدوان: الدون الحقير. (تاج العروس).
1234

كنت نسيا منسيا قبل الذي كان من شأن عثمان رضي الله عنه،
والله ما أحببت أن ينتهك من عثمان رضي الله عنه شئ قط إلا
انتهك مني مثله، حتى لو أحببت أن يقتل لقتلت، يا عبيد الله
ابن عدي لا يغرنك أحد بعد الذي تعلمه، فوالله ما احتقرت أعمال
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يختم القرآن القراء
الذين طعنوا على عثمان رضي الله عنه، فقالوا قولا لا يحسن مثله،
وقرأوا قراءة لا يقرأ مثلها، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها، فلما
تذكرت الصنيع إذا والله ما يقاربون عمل أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل اعملوا فسيرى
الله عملكم ورسوله والمؤمنون، ولا يستجلبك أحد.
* حدثنا عفان قال، حدثنا حماد بن زيد قال، حدثنا معمر،
عن الزهري قال: قالت عائشة لعبيد الله بن عدي بن الخيار
بمثل معناه.
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا جويرية، أنه
سمع نافعا يقول: قالت عائشة رضي الله عنها: ما تمنيت لعثمان
رضي الله عنه شيئا إلا وقد نزل بي، ولو تمنيت أن يقتل لقتلت (1).
* حدثنا إسحاق بن إدريس قال، حدثنا حماد بن زيد قال،
حدثنا...... (2) حميد الساعدي قال....... (2)
عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه قال: أتي مسروقا ناس
من أصحاب علي رضي الله عنه فقالوا له قولا غليظا، وقالوا له:

(1) وانظره بمعناه في العقد الفريد 4: 296.
(2) في الأصل بياض بمقدار ثلاث كلمات في كل من الموضعين.
1235

كأنك غضبان على الله أن فعل وقتل عثمان، وقالوا: لولا أنك قريب
من البيت لضربنا عنقك. قال: قد قتلتم من هو أعظم مني حرمة
وحقا. قال فخلف بأعقابهم الأشتر فقال: يا أبا عائشة ما رأيت
في الشر كشئ فعلناه أمس ولا يوم عجل بني إسرائيل (1).
* حدثنا معمر بن بكار بن معمر قال، حدثنا إبراهيم بن سعد،
عن صالح بن كيسان قال: جاءت امرأة الأشتر إلى علي رضي الله عنه
فقالت: يا أمير المؤمنين سمعت من عدو الله مقالة ما وسعني القيام
معه عليها. قال: وماذا سمعت؟ قالت: سمعته يقول قتلنا بالأمس
خير خلق الله، واستعملنا شر خلق الله، يعنيك يا أمير المؤمنين.
قال: فلم يزل في نفسي عليه حتى هاج هيج مصر، فقال علي
رضي الله عنه: من لها؟ واستشار ابن عباس رضي الله عنه فقال:
الأشتر كيف به مع ما قد كان. قال: احمل العبد على الفرس فإن
هلك هلك، وإن ملك ملك. قال: فبعثه على ذلك، فلما أتاه
مصابه قال: بالأنف لا بالفم (2).
* حدثنا يزيد بن هارون قال، أنبأنا العوام بن حوشب،
عن أبي معشر قال: أخبرني في الحي الذين توفي فيهم زيد بن صوحان
قال، قلنا: أبشر أبا عائشة قال: يقولون قادرين أتيناهم في ديارهم

(1) وفي العقد الفريد 4: 295 " ولقي الأشتر مسروقا فقال له: يا أبا عائشة
مالي أراك غضبان على ربك من يوم قتل عثمان بن عفان؟ لو رأيتنا يوم الدار ونحن
كأصحاب عجل بني إسرائيل " وانظر أيضا العقد الفريد 4: 295.
(2) وانظر في سبب تولية الأشتر وكيفية موته تاريخ الطبري 5: 194، 6: 54،
55 - وشرح نهج البلاغة 3: 416 والكامل لابن الأثير 3: 141 - والعواصم من
من القواصم ص 116 - 119.
1236

فقتلنا أميرهم عثمان على الطريق، فليتنا إذ ابتلينا صبرنا..
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا سلام بن مسكين
قال، حدثنا أبو سليمان البصري، عن يزيد بن صوحان: أنه
يوم قتل عثمان رضي الله عنه: اليوم نقرت القلوب مناقرها، والذي
نفسي بيده لا تتآلف حتى تقوم الساعة (1).
* حدثنا أحمد بن معاوية قال، حدثنا عبد الله بن المبارك،
عن حرملة بن عمران، عن يزيد بن أبي حبيب قال: قاتل المغيرة
ابن الأخنس عبد الله بن عتاب التجيبي، وضارب النعمان بن مخرمة
المذحجي - قال يزيد: فدخلت على عبد الله بن عتاب وهو يجود
بنفسه. قال القوم: رحمك الله أبا الهزم، فوالله ما علمنا إلا خيرا
إلا ما كان من ذلك. قال: أمسيري إلى عثمان؟ قالوا: نعم قال:
ما استغفرت الله منه قط، وإني لأرجو أن يكون من صالح أعمالي.
* حدثنا صلت بن مسعود قال، حدثنا أحمد بن شبويه قال،
حدثنا سليمان بن صالح قال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن حرملة
ابن عمران، عن يزيد بن أبي حبيب قال: كان قاتل عبد الله بن ميسرة
- وهو رجل من بني عبد الدار - عكرمة بن يشكر التابعي من حمير،
وكان ضارب النعمان بن عكرمة بن النعمان المذحجي.
* حدثنا عبد الله بن يحيى قال، حدثنا عبد الواحد بن زياد
قال، حدثتني جدة علي بن غراب قال، حدثتنا أم المهاجر قالت:
كان عثمان رضي الله عنه طلق أم البنين فحاضت ثلاث حيضات،

(1) البداية والنهاية 7: 195.
1237

فلما طهرت من الثالثة وذهبت تعلق الغسيل أتاها آت فقال: إن
عثمان رضي الله عنه (... (1)) ألف درهم سوى
... (2)... (3) لما وقعت بين الصفين
يوم الجمل قال:
[فإن تكن الحوادث أقصدتني * وأخطأهن سهمي حين أرمي (4)
فقد ضيعت حين تبعت سهما (5)] * ندامة ما ندمت وضل حلمي
ندمت ندامة الكسعي لما * شريت رضا بني سهم برغمي
[أطعتهم بعرقة آل لأي * فألقوا للسباع دمي ولحمي (6)]
اللهم خذ لعثمان مني اليوم حتى يرضى (7).

(1) بياض في الأصل بمقدار ثلث سطر والسياق يقتضي (قد قتل، فورثت منه).
(2) بياض في الأصل لا يدري قدره حيث أنه متصل بحديث مبتور الأول ولعل
بعد كلمة " سوى " (الضياع أو البيوت).
(3) بياض يسبق هذه البداية والخبر يختص بطلحة بن عبد الله رضي الله عنه
وموقفه يوم الجمل وقد ورد في الرياض النضرة 2: 347 أن عليا رضي الله عنه دعاه
فذكره أشياء من سوابقه وفضله فخرج طلحة عن قتاله واعتزل في بعض الصفوف
فجاءه سهم غرب فقطع من رجله عرق النساء فلم يزل دمه ينزف حتى مات ويقال
إن السهم أصاب ثغرة نحره فقال بسم الله وكان أمر الله قدرا مقدورا.
وعن يحيى بن سعيد قال قال طلحة يوم الجمل:
ندمت ندامة الكسعى لما * شريت رضى بني حزم برغمي
اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى، فرماه مروان بن الحكم بسهم في ركبته
فجعل الدم يسيل، فإذا أمسكوا فم الجرح انتفخت ركبته فقال: دعوه فإنما هو سهم
أرسله الله.
(4) هذا البيت من تاريخ الطبري 5: 203 - وكامل ابن الأثير 3: 104.
(5) هذا السطر عن المرجعين السابقين.
(6) هذا البيت من المرجعين السابقين.
(7) وانظر الغدير 9: 97.
1238

قال أبو عبيدة: قتل عثمان رضي الله عنه يوم النحر (1) وأنشد
قول الفرزدق:
عثمان إذ ظلموه انتهكوا * دمه صبيحة ليلة النحر (2)
وقال الأصمعي أنشدنا أبو مهدية:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به * يقطع الليل تسبيحا وقرآنا (3)
وقال الأصمعي قتل أيام التشريق (4).
وقال أبو الحسن المدائني، وأبو غسان محمد بن يحيى، قتل
يوم الجمعة لاثنتي عشرة بقيت من ذي الحجة (5).
* حدثنا علي بن محمد، عن رجل، عن الزهري قال: جاءت
أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها فوقفت بباب المسجد فقالت:
لتخلن بيني وبين دفن هذا الرجل أو لأكشفن ستر رسول الله صلى الله
عليه وسلم فخلوها، فلما أمسوا جاء جبير بن مطعم، وحكيم بن حزام،
وعبد الله والمنذر ابنا الزبير، وأبو الجهم بن حذيفة، وعبد الله

(1) وانظر البداية والنهاية 7: 190.
(2) والبيت من قصيدة يمدح فيها الفرزدق سليمان بن عبد الملك (ديوان الفرزدق).
وفي العقد الفريد 4: 286 " ثم تقدموا إليه وهو يقرأ يوم الجمعة صبيحة النحر
وأرادوا أن يقطعوا رأسه ويذهبوا به.. الخ ".
(3) والبيت وارد في قصيدة حسان بن ثابت التي أولها:
من سره الموت صرفا لا مزاج له * فليأت مأسدة في دار عثمانا
التمهيد والبيان لوحة 195، 196.
(4) البداية والنهاية 7: 190.
(5) المرجع السابق - وتاريخ الطبري 5: 151 - وكامل ابن الأثير 3: 93 -
ونهاية الإرب 19: 511 - والرياض النضرة 2: 173.
1239

ابن حسل رضي الله عنهم فحملوه فانتهوا به إلى البقيع فمنعهم
من دفنه ابن بجرة - ويقال ابن نحرة الساعدي - فانطلقوا به إلى
حش كوكب فصلى عليه جبير بن مطعم رضي الله عنه، ثم دفنوه
وانصرفوا.
* وقال علي، عن ابن وهب، عن شرحبيل بن سعد، عن
بعض أهل المدينة قال، قال عبد الرحمن بن أزهر: لم أدخل في
شئ من أمره فإني لفي بيتي إذ أتاني المنذر بن الزبير فقال: عبد الله
يدعوك، فأتيته وهو قاعد إلى جنب غراره حنطة فقال: هل لك
إلى دفن عثمان رضي الله عنه؟ فقلت: ما دخلت في شئ من أمره،
وما أريد ذلك. فاحتملوه ومعهم معبد بن معمر، فانتهوا به إلى البقيع
فمنعهم من دفنه جبلة بن عمرو الساعدي، فانطلقوا إلى حش كوكب،
ومعهم عائشة بنت عثمان معها مصباح في حق، فصلى عليه مسور بن
مخرمة الزهري، ثم حفروا له، فلما دلوه صاحت بنته عائشة (1)،
فلم يضعوا على لحده لبنا، وهالوا عليه التراب.
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي دينار أحد بني دينار
ابن النجار، عن محمد بن خفاف، عن عروة بن الزبير قال:
منعهم من دفنه بالبقيع أسلم بن أوس بن بحرة الساعدي، فانطلقوا
به إلى حش كوكب في البقيع (2).
* حدثنا محمد بن سعيد الدمشقي قال، حدثنا سعيد
ابن عبد العزير: أن جبير بن مطعم دفن عثمان رضي الله عنه ليلا

(1) الرياض النضرة 2: 174 - والبداية والنهاية 7: 191.
(2) وانظر في هذا العقد الفريد 4: 286، 287.
1240

في ثمانية رهط: منهم حكيم بن حزام، والحسن بن علي، وأبو الجهم
ابن حذيفة، وعبد الله بن عمر، وامرأتاه نائلة بنت الفرافصة،
وأم البنين بنت عيينة بن بدر (1).
* حدثنا محمد بن يحيى قال، أخبرني عبد العزير بن عمران،
عن أبيه، عن عثمان بن محمد الأخنس، عن أمه دكيمة قالت:
كنت (مع الأربعة الذين دفنوا عثمان بن عفان: جبير بن مطعم (2))
وحكيم بن حزام (وأبو جهم بن حذيفة ونيار بن مكرم الأسلمي،
وحملوه على باب أسمع قرع رأسه عليه كأنه دباة، ويقول دب دب
حتى جاؤوا به حش كوكب، فدفن به (3)) ثم هدم عليه الجدار، وصلى
عليه هنالك. قال: وحش كوكب موضع في أصل الحائط الذي في
شرقي البقيع الذي يقال له: خضراء أبان، هو أبان ابن عثمان (4).
(ما روي من استعظام الناس لقتله رضي الله عنه وما أعقبهم
من الفتنة والتغالب على الملك وسل السيف عليهم)
* حدثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل (بن أبي خالد (5)) قال،
أخبرني قيس (بن أبي حازم) قال، سمعت سعيد بن زيد يقول:

(1) الرياض النضرة 2: 173 - وفي البداية والنهاية 7: 190. أم البنين بنت
عبد الله بن حصين.
(2) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر والمثبت عن وفاء الوفا 3: 913 تحقيق
محيي الدين.
(3) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر والمثبت عن المرجع السابق.
(4) وانظر أنساب الأشراف 5: 86 - ومجمع الزوائد 9: 95 - وتاريخ
الخميس 2: 265.
(5) الإضافة عن البداية والنهاية 7: 194 والخبر بتمامه هناك.
1241

لقد رأيتني موثقي عمر رضي الله عنه على الاسلام أنا وأخته وما أسلم،
والله لو أن أحدا انقض فيما فعلتم في ابن عفان كان محقوقا أن
ينقض.
* حدثنا موسى بن مروان الرقي قال، أنبأنا المعافى بن
عمران قال، حدثنا ابن لهيعة، عن يسار بن عبد الرحمن قال:
سألني بكير بن عبد الله: ما فعل خالك؟ قلت: لزم البيت. قال:
ما مات ناس من أهل بدر حتى لزموا البيوت بعد قتل عثمان رضي الله
عنه فما خرجوا من بيوتهم إلا إلى قبورهم.
* حدثنا القعنبي قال، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن يزيد
ابن أبي عبيد قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه خرج سلمة بن
الأكوع من المدينة قبل الربذة فلم يزل بها حتى كان قبيل أن يموت.
* حدثنا أبو عاصم، عن عمران بن زائدة، عن أبيه، عن
أبي خالد قال: قالت عائشة رضي الله عنها: يا أبا خالد، استتابوه
حتى تركوه كالثوب الرحيض ثم قتلوه (1).
* حدثنا هارون بن معروف قال، حدثنا رضوان بن معاوية
قال، حدثنا عبد الله بن سيار قال، حدثتنا عائشة بنت طلحة،
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في شأن عثمان رضي الله عنه
قالت: عمدتم إليه فاستعتبتموه حتى إذا تركتموه كالثوب الرحيض
قدمتوه فذبحتموه ذبح الشاة، هلا كان هذا قبل هذا (2).

(1) البداية والنهاية 7: 195 - وانظر ما مضى تحت عنوان " أمر عائشة رضي
الله عنها ".
(2) انظر التعليق السابق.
1242

* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن
أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود قال: قالت عائشة
رضي الله عنها: نقمتم على عثمان رضي الله عنه ثلاثا: بدعة العصا،
وتأمير الفتى، والغمامة المحماة، ثم مصيتموه كما يمص الثوب
الصابون، حتى إذا أنقيتموه كما ينقى الثوب من الدنس استحللتم
منه الفقر الثلاث: حرمة الخلافة، وحرمة الشهر، وحرمة البلد
فقتلتموه (1).
* حدثنا الأشعث بن سالم بن الأشعث العدوي قال، حدثني
أبي عن عمرة بنت قيس قالت: قالت عائشة رضي الله عنها: والله
لئن كان قتل عثمان رضي الله عنه رضا ليحتلبن به لبنا، ولئن كان
لله سخطا ليحتلبن به دما.
* حدثنا.... (2) ابن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى قال،
حدثنا ابن سلمة عن ابن.... (3) عثمان رضي الله عنه فاستجلست

(1) نهاية الإرب 19: 505.
(2) بياض بمقدار كلمة ويلاحظ أن " ابن عمر " قد كتبت بخط مغاير. وسيرد
ص 660 أن هارون بن عمر يروي عن أسد بن موسى فلعل الساقط كلمة هارون.
(3) بياض بمقدار ثلثي سطر، وقد جاء في نهاية الإرب 19: 505 عن موسى
ابن طلحة قال: أتينا عائشة لنسألها عن عثمان فقالت اجلسوا أحدثكم عما جئتم إليه:
إنا عتبنا على عثمان في ثلاث وساقت معنى ما ورد في هذا الحديث.
وفي العقد الفريد 4: 318 - والبيان والتبيين للجاحظ 2: 209 من حديث علي
ابن محمد بسنده عن أبي الأسود عن أثيثه قال خرجت مع عمران بن حصين وعثمان
ابن حنيف إلى عائشة فقلنا يا أم المؤمنين أخبرينا عن مسيرك: هذا عهد إليك رسول
الله صلى الله عليه وسلم أم رأي رأيته؟ قالت: بل رأي رأيته حين قتل عثمان رضي
الله عنه وساق الحديث.
1243

الناس فحمدت الله وأثنت عليه ثم قالت: يا أيها الناس، إنما
نقمنا على عثمان خصالا ثلاثا: ضربه السوط، وموقع الغمامة المحماة،
وإمرة الفتى حتى إذا أعتبنا منها وماصوه موص الثوب بالصابون.
عدوا عليه الفقر الثلاث، حرمة الخلافة، وحرمة الشهر الحرام،
وحرمة البلد الحرام، والله لعثمان رضي الله عنه كان أتقاكم للرب،
وأوصلكم للرحم، وأحصنكم فرجا (1).
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا حزم بن أبي حزم،
عن مسلم بن مخراق، عن طلق بن خشاف قال: قلت لعائشة رضي
الله عنها: فيم قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه؟ قالت: قتل
مظلوما، لعن الله قتلته، أقاد الله ابن أبي بكر به (2) وأهرق دم ابني
بديل (3) على ضلالة، ورمى الأشتر بسهم من سهامه، وساق إلى
أعين (4) بني تميم هوانا في بيته، قال: فما منهم أحد إلا أصابته
دعوتها.
* حدثنا خالد بن عبد العزيز الثقفي قال، حدثني حزم بن
مهران قال، حدثنا أبو سوادة، عن طلق بن خشاف - رجل من
بني قيس بن ثعلبة - قال: خرجت في وفد من أهل البصرة نسأل
فيم قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، فلما قدمنا المدينة

(1) وفي معناه - الكامل لابن الأثير 3: 87، 89.
(2) في العقد الفريد 4: 295 - والبيان والتبيين 2: 210 " قتل الله مذمما تريد
أخاها محمد بن أبي بكر ".
(3) هما عبد الله وعبد الرحمن ابنا بديل بن ورقاء، وقد قتلا في موقعة صفين
وكانا مع علي بن أبي طالب (العواصم من القواصم ص 114 وحواشيها).
(4) هو أعين بن أصيبعة المجاشعي من بني تميم. (العقد الفريد 4: 295).
1244

تفرقنا، فانطلق بعض القوم إلى علي رضي الله عنه، وأتى بعضهم
الحسن بن علي رضي الله عنهما، وأتى بعضهم أمهات المؤمنين،
فكنت فيمن أتى عائشة رضي الله عنها فسلمت عليها فردت السلام
وقالت: من الرجل؟ فقلت: من أهل العراق، فقالت: من أي أهل
العراق؟ قلت: من أهل البصرة، قالت: من أي أهل البصرة؟
قلت: من بكر بن وائل، قالت: من أي بكر بن وائل؟ قلت:
من بني قيس بن ثعلبة، قالت: أمن قوم فلان المقنعذ، ما أهلك
الناس إلا مثل فلان. قلت: يا أم المؤمنين فيم قتل أمير المؤمنين
عثمان رضي الله عنه؟ فقالت: مثل ما في الحديث الأول.
* حدثنا أبو عامر قال، حدثنا سوادة بن أبي الأسود قال،
حدثني أبي، عن طلق بن خشاف قال: انطلقنا إلى المدينة ومعنا قرط
ابن خيثمة، فلقينا الحسن بن علي رضي الله عنه فقال له قرط:
فيم قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه؟ قال: قتل مظلوما.
فقال قرط: فوالله لا نجتمع على قتلته. فقال الحسن: إن تجتمعوا
خير من أن تفرقوا. قال: فأتينا عليا رضي الله عنه فدخلنا عليه
فقال: أبايعتم؟ قلنا: لا. قال: فبايعوا. فقال قرط: نبايعك على
سنة محمد ما استقمت. قال: فبايعناه.
* حدثنا ابن أبي الوزير قال، حدثنا سفيان، عن عمرو،
عن طاوس قال: قال أبو موسى حين قتل عثمان رضي الله عنه:
هذه حيضة من حيضات الفتن، وبقيت الرداح المطبقة التي من
ماج بها ماجت به، ومن أشرف بها أشرفت له.
* حدثنا أحمد بن إبراهيم قال، حدثنا إسماعيل بن علية،
1245

عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قال، قال أبو موسى الأشعري
رضي الله عنه: إن قتل عثمان رضي الله عنه لو كان هدى احتلبت
به الأمة لبنا، ولكنه كان ضلالا فاحلبت به دما.
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا علي بن ثابت، عن
أبي محرز، عن قتادة قال: وقع رجل في قتل عثمان رضي الله عنه
فقال أبو موسى الأشعري... (1).
*..... (2) قال علي بن ثابت، وأخبرني غالب، عن أبي
مريم قال: رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يوم قتل عثمان رضي الله
عنه وله ضفيرتان، وهو ممسك بهما ها اضربوا عنقي، قتل والله
عثمان على غير وجه الحق.
(قول حذيفة رضي الله عنه)
* حدثنا القعنبي قال: حدثنا عبد العزير بن محمد، عن
عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، عن
حذيفة رضي الله عنه قال: لا تقوم الساعة حتى تقتلوا إمامكم،
وتجتلدوا بأسيافكم، يرث دنياكم شراركم.
* حدثنا عبد الله بن رجاء قال، حدثنا محمد بن طلحة،
عن زبيد، عن منذر الثوري - وعن رجل عن منذر - عن حذيفة
رضي الله عنه: أنه ذكر عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال: ما أدري
أي الامرين أردتم، أردتم تناول سلطان قوم ليس لكم، أم

(1) أبو موسى الأشعري، بخط مغاير للأصل، وبعده بياض بمقدار سطر.
(2) بياض في الأصل بمقدار ثلث سطر.
1246

أردتم رد هذه الفتنة حين أطلعت خطمها فاستوت، فإنها مرسلة
من الله ترعى في الأرض حتى تطأ خطامها، ليس أحد رادها ولا
مانعها، وليس أحد متروكا أن يقول: الله الله إلا قتل، فإذا فعل ذلك
ابتعث الله قوما فزعا كفزع الجريف.
* حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا أبو إسرائيل، عن الحكم،
عن زيد بن وهب قال: كنا عند حذيفة رضي الله عنه فقال: ما تعدون
قتل عثمان رضي الله عنه فيكم، أتعدونه فتنة؟ قلنا: نعم. قال:
وهي والله أول الفتن، وآخرها الدجال (1).
* حدثنا حسين بن عبد الأول قال، حدثنا يحيى بن آدم،
عن عباد بن زريق، عن الأعمش، عن زيد بن وهب قال، قال لنا
حذيفة رضي الله عنه: أي الفتن تعدون أول؟ فسكتنا، فقال: أول
الفتن الدار، وآخرها الدجال (2).
* حدثنا أبو داود قال، حدثنا خالد بن عبد الله، عن حصين
ابن عبد الرحمن، عن أبي وائل، عن خالد بن الربيع العبسي قال،
سمعت حذيفة رضي الله عنه عند موته - وبلغه قتل عثمان رضي الله
عنه - فقال: اللهم لم آمر، لم أرض، ولم أشهد (3).
* حدثنا محمد بن حاتم قال، أنبأنا هشيم قال، أنبأنا
حصين، عن أبي وائل قال، لما ثقل حذيفة رضي الله عنه أتاه ناس
من بني عبس فيهم خالد بن الربيع قال: فأتيناه وهو بالمدائن نعوده،

(1) الرياض النضرة 2: 180 مع اختلاف في السياق.
(2) وانظر التعليق السياق.
(3) التاريخ الكبير لابن عساكر 4: 102.
1247

فذكر عثمان رضي الله عنه وقتله، فقال: اللهم لم أشهد، ولم
آمر، ولم أرض (1).
* حدثنا هوذة بن خليفة قال، حدثنا عوف، عن محمد قال:
بلغني أن حذيفة رضي الله عنه لما أتاه قتل عثمان رضي الله عنه قال:
اللهم أنت تعلم إن كان قتل عثمان خيرا فإنه ليس لي منه نصيب،
وإن كان شرا فإني منه برئ (2).
* حدثنا حكيم بن سيف قال، حدثنا عبيد الله بن عمرو،
عن زيد بن أبي أنيسة، عن (طلحة بن مصرف عن (3)) خيثمة بن
عبد الرحمن، عن ربعي بن خراش قال: لما كانت الليلة التي قبض
فيها حذيفة جعل يقول: أي الليل هذا؟ ثم استوى جالسا فقال:
اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، ما شهدت، ولا (قتلت ولا
مالأت (4)) على قتله. *
حدثنا سويد بن سعيد، وهارون بن عمر... (5) الأنصاري
فقال لي: تنح فقد طالت ليلتك حتى أعقبك، فأسنده أبو مسعود
إليه، فأفاق حذيفة رضي الله عنه قال: أي ساعة هذه؟ قلنا: سحر.

(1) حلية الأولياء 1: 282.
(2) الرياض النضرة 2: 179 مع اختلاف يسير.
(3) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات والمثبت يكمل سند حكيم بن سيف
إلى خيثمة بن عبد الرحمن حيث يروي زيد بن أبي أنيسة عن طلحة بن مصرف (الخلاصة
ص 127) وخيثمة بن عبد الرحمن يروي عن طلحة بن مصرف (الخلاصة ص
106، 107).
(4) بياض بمقدار ثلاث كلمات والمثبت عن التاريخ الكبير لابن عساكر 4: 102.
(5) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر.
1248

قال: اللهم إني أعوذ بك من صباح إلى النار ومن مسائها (1)، اللهم
إني أبرأ إليك من قتل عثمان رضي الله عنه، اللهم لم أشهد ولم آمر
ولم أمالئ ثم أضجعناه فقضى (2).
* حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة، عن قيس بن مسلم
قال: سمعت طارق بن شهاب يقول: قال حذيفة رضي الله عنه:
لن تستخلفوا بعده إلا أصغر أو أبتر، والآخر فالآخر شر.
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا علي بن ثابت، عن
أبي محرز، عن قتادة قال: بلغ حذيفة قتل عثمان رضي الله عنه
وهو في الموت فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، طارت القلوب مطايرها
أما والله لا يستبدلون به خيرا منه، الآخر فالآخر شر.
* حدثنا قرة بن حبيب الغنوي قال، حدثنا الحكم بن عطية،
عن قتادة قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه قال حذيفة: يطلب
كل شجاع أمة، أما إنكم لا تصيبون بعده إلا كل أصغر أبتر،
ولا يكون الآخر إلا شر الشر.
* حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سعيد بن أويس، عن بلال
ابن يحيى (العبسي (3)) قال: بلغني أنه لما قتل عثمان رضي الله عنه أتي
حذيفة وهو بالموت فقالوا له: يا أبا عبد الله، ما تأمرنا، فإن هذا الرجل
قد قتل؟ قال فقال: أما إذا أبيتم فأجلسوني، وأسند إلى صدر رجل،

(1) كذا في الأصل.
(2) التاريخ الكبير لابن عساكر 4: 102 مع زيادة - في حلية الأولياء 1: 282
مع اختصار.
(3) الإضافة عن طبقات ابن سعد 3: 563 (ط بيروت).
1249

فقال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبو اليقظان
على الفطرة ولا يدعها حتى يموت أو ينسيه الهرم - وقد روي هذا
في عمار رضي الله عنه بغير هذا الاسناد أيضا، فإن كان ما روي عن
عمار رحمة الله عليه من قتله عثمان رضي الله عنه وإصراره على أنه
كان كافرا حقا فهو من قبل الهرم الذي استثناه رسول الله صلى الله
عليه وسلم (1).
* حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال، حدثنا إسرائيل،
عن ابن يعقوب، عن مسلم بن سعيد قال: ما سمعت ابن مسعود
رضي الله عنه قائلا في عثمان رضي الله عنه سواقط، ولقد سمعته
يقول: لئن قتلتموه لا تستخلفون (2).
* حدثنا نائل بن نجيح قال، حدثنا مسعر، عن عمران بن
عمير، عن كلثوم بن عامر، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
ما سرني أني رميت عثمان رضي الله عنه بسهم أصاب أم أخطأ وأن
لي مثل أحد ذهبا (3).
* حدثنا أبو داود وأبو عامر وموسى بن إسماعيل قالوا، حدثنا
سوادة بن أبي الأسود، عن أبيه أنه سمع أبا بكرة (4) رضي الله عنه
يقول: لان أقع - وقال أبو داود: أخر - من هذه السحابة - زاد أبو

(1) طبقات ابن سعد 3: 263 - وسير أعلام النبلاء 1: 298 مع اختصار فيه.
(2) الرياض النضرة 2: 195 وفيها " مهلا فإنكم إن قتلتموه لا تصيبون مثله ".
(3) مجمع الفوائد 9: 93.
(4) هو نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن عبد الغزي بن غرة
ابن عوف بن قيس بن ثقيف الثقفي أبو بكرة مات سنة إحدى وخمسين وقد اعتزل
الجمل وصفين (الخلاصة ص 404).
1250

عامر وأبو سلمة: فأتقطع أحب إلى من أن أكون شركت في دم عثمان
رضي الله عنه.
* حدثنا أيوب بن محمد الرقي، ومحمد بن مسلم مولى محمد
ابن إبراهيم قالا، حدثنا مروان بن معاوية، عن عابد بن ناجية
الأسدي، عن نعيم بن أبي هند، عن حازم بن خارجة الأشجعي قال:
لما قتل عثمان رضي الله عنه أشكلت علي الفتنة.... (1) بثغر
فقلت: أنتم الشهداء قالوا: لا، ولكنا الملائكة، فاصعد الدرجات
العلى، قال: فصعدت درجة لم أر بحسنها، ثم صعدت الثانية فإذا
إبراهيم خليل الله وإذا محمد صلى الله عليهما يقول استغفر لامتي،
فيقول إبراهيم: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم قتلوا إمامهم،
وهرقوا دماءهم، أفلا فعلوا كما فعل خليلي سعد: قال: فاستيقظت
فقلت: لقد رأيت رؤيا لعل الله ينفعني بها، لآتين سعدا فلأنظرن
مع أي الفريقين هو فلأكونن معه، قال: فأتيت سعدا فقصصت
رؤياي عليه فما أكبر لها فرحا غير أنه قال: قد خاب من لم يكن
إبراهيم له خليلا. فقلت: مع أي الفرقتين أنت؟ قال: مع غير
واحدة منهما. قلت: فما تأمرني؟ قال: هل لك من غنم؟ قلت (لا (2))
قال: فاشترها فكن فيها.
* حدثنا قشير بن عمرو قال، حدثنا هشام بن أبي عبد الله
عن محمد بن جحادة، عن نعيم بن أبي هند، عن أبي حازم، عن

(1) بياض في الأصل بمقدار سطر وقد أكملت لفظة " أشكلت " وأثبت
كلمتا " على الفتنة " من صدر الحديث التالي الذي يوضح هذا البياض.
(2) إضافة عن يقتضيها السياق.
1251

حسين بن خارجة قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه أشكلت علي الفتنة
فقلت: اللهم أرني الحق أتمسك به، فرأيت فيما يرى النائم محمدا
وإبراهيم صلى الله عليهما عنده شيخ، وإذا محمد يقول: استغفر
لامتي، قال: إنك لا تدري ما أحدثوه بعدك، إنهم هرقوا دماءهم،
وقتلوا إمامهم، ألا فعلوا كما فعل خليلي سعد؟ فقلت: قد أراني
الله رؤيا لعل الله ينفعني بها، أذهب فأنظر؟ من كان سعد (معه (1))
فأكون معه، فأتيت سعدا فقصصتها عليه فما أكبرتها فرحا،
وقال: قد خاب من لم يكن له إبراهيم خليلا. فقلت مع أي الطائفتين
أنت؟ قال: ما أنا مع واحدة منهما. فقلت: فما تأمرني؟ قال:
هل لك غنم؟ قلت: لا. قال: فاشترها فكن فيها.
* حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن الحسين الفرقساني قال، حدثنا
مؤمل بن إسماعيل قال، حدثنا المبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن
يقول: ما علمت أحدا أشرك في دم عثمان رضي الله عنه ولا أعان عليه
إلا قتل (2).
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا جرير، عن المغيرة قال،
قلت لإبراهيم أن كان قتل عثمان فقال: مه. فقلت: والله إن أردت
أن أقول إلا أنه كان عظيما، قال: أجل.
* حدثنا حيان، وأحمد بن معاوية قالا، حدثنا أبو المليح
الرقي قال، حدثنا يزيد بن يزيد قال، قال أبو مسلم الخولاني لوفد

(1) إضافة يقتضيها السياق.
(2) وانظر التمهيد والبيان في ذكر الاخذ بثأر عثمان رضي الله عنه ممن باشر
قتله أو أعان عليه لوحة 204 وما بعدها.
1252

أهل المدينة: هؤلاء شر من ثمود، فدخلوا على معاوية رضي الله عنه
فشكوه، فقال معاوية: يا أبا مسلم، ما قلت لهم؟ قال: قلت
هؤلاء من ثمود، (ثمود (1)) عقروا الناقة، وهؤلاء قتلوا الخليفة (2).
* حدثنا أبو بكر الباهلي، عن علي بن محمد، عن إسحاق
ابن القرشي قال: قال معاوية لحصين: إن بك رأيا وعقلا، فما
مرق بين هذه الأمة حتى سقطت دماؤها وشتت ملأها؟ قال: قتل
عثمان. قال: صدقت.
* حدثنا سعدويه قال، حدثنا الربيع بن بدر قال، حدثني
أبي [كذا (3)] عن أبيه... (4) مجالس يجلسون فيها إلا مساجدهم
وأسواقهم.
* حدثنا.... (5) بن المغيرة قال، حميد بن هلال قال،
حدثني رجل من الحي قال، رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه
بعد ما أصيب في القوم فما رأيته في نوم ولا يقظة أحسن منه هيئة
حتى رأيته فقلت: يا أمير المؤمنين، أي الناس خير؟ قال: المحرمون،

(1) إضافة يقتضيها السياق.
(2) وبمعناه في البداية والنهاية 7: 195 - 196.
(3) بياض في الأصل بمقدار كلمتين. فوقه كلمة " كذا " والريع بن بدر يحدث
عنه أبيه بدر بن عمرو بن جراد (الخلاصة 114).
(4) بياض في الأصل بمقدار ثلث سطر. وبدر بن عمرو يحدث عن أبيه عمرو
ابن جراد وعمرو يروي عن أبي موسى الأشعري (الخلاصة 46، 114، 286).
ولعل الخبر هكذا: حدثنا سعدويه قال، حدثنا الربيع بن بدر قال، حدثني
أبي عن أبيه عن أبي موسى قال: لم يكن لأهل المدينة مجالس الخ.
(5) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات.
1253

المحرمون، المحرمون. قلت: من هم؟ (قال (1)) الدين القيم ليس
فيه (2) سفك دم، الدين القيم ليس فيه سفك دم، الدين القيم
ليس فيه سفك دم. قال ثلاثا ثلاثا.
* حدثنا هارون بن معروف قال، حدثنا سفيان بن عبيد،
عن إسماعيل، عن قيس قال، سمعت شداد بن الأزمع قال، أتيت
عمرو بن العاص فوجدته راكبا، فقلت: يا أبا عبد الله أتيتك
أريد أن أسألك عن أمر وأراك راكبا. قال: ما كنت سائلي عنه وأنا
جالس إلا كنت مجيبا به وأنا راكب. قلت: جئت أسألك عن
علي وعثمان رضي الله عنهما. فقال: أما إني سأجمعهما لك في غرزة
واحدة، اقتتلت الأثرة والسخطة فغلبت السخطة إلى يوم القيامة.
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا علي بن ثابت قال،
أخبرني سعيد بن أبي عروبة قال: رأى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وأبو بكر رضي الله عنه عن يمينه،
وعمر رضي الله عنه عن يساره، قال: وأتي بعلي وعثمان رضي الله
عنهما فأدخلا في بيت فخرج عثمان رضي الله عنه وهو يقول: قضي لي
ورب الكعبة. وخرج علي رضي الله عنه وهو يقول غفر لي ورب
الكعبة.
* حدثنا محمد بن عباد بن عباد قال، حدثنا بعض أصحابنا
عن سعيد بين أبي عروبة، عن قتادة: أن ابن عباس رضي الله عنهما
خطب بالبصرة فذكر عثمان بن عفان رضي الله عنه، فعظم أمره

(1) إضافة يقتضيها اليساق.
(2) في الأصل " فيك " الصواب ما أثبته.
1254

وقال: لو أن الناس لم يطلبوا بدمه لأمطر الله عليهم حجارة من
السماء (1).
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا الصعق بن حزن قال،
سمعت قتادة يقول، حدثنا زهدم الجرمي قال، قال ابن عباس رضي
الله عنهما: لأحدثنكم حديثا ما هو بسر ولا علانية، أما أنا فلا
أسره دونكم وأما أنتم فلا أحب أن تعلنوه، لما قتل عثمان رضي الله
عنه قلت لعلي رضي الله عنه: اعتزل هذا الامر، قال: ألاقي استقداما
فيه، وأيم الله ليظهرن عليه معاوية تصديق قول الله: " ومن قتل
مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا (2) " وأيم الله لتحملنكم قريش على
فارس والروم، فإن تكونوا قوما تكفرون وإلا هلكوا وتكونوا كقرن
من القرون هلك (3).
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا حماد بن زيد، عن
أبي التياح، عن غالب، عن زهدم قال: قال ابن عباس رضي الله
عنهما: لأحدثنكم حديثا ما أدري أحديث سر هو أم حديث علانية،
إني قلت لعلي رضي الله عنه لما قتل عثمان رضي الله عنه: اركب
رواحلك فالحق بمكة، فإن الناس سيتبعونك ولا يجدون منك بدا.
فعصاني، وأيم الله ليظهرن عليه معاوية، لان الله قضى من قتل
مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا، ثم لتملكنكم قريش ولتركبن بكم

(1) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 163 - وأنساب الأشراف 5: 101 - والرياض
النضرة 2: 135.
(2) سورة الإسراء، آية 33.
(3) وانظره مختصرا في العقد الفريد 4: 299.
1255

دبه (1) فارس والروم، فمن أخذ بما يعرف نجا، ومن ترك - وأنتم
تاركون - كان كقرن من القرون هلك. قال فقلت لابن عباس
رضي الله عنهما.... (2)
فقال (3) إني أحدثكم بحديث ليس بسر ولا علانية إنه لما كان
من أمر هذا الرجل، وكان يعني عثمان رضي الله عنه، قلت لعلي رضي الله
عنه: اعتزل، فلو كنت في جحر لطلبت حتى تستخرج، وأيم
الله ليؤمرن عليكم معاوية لان الله يقول: " ومن قتل مظلوما فقد
جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا (4) "
* حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال، حدثنا أبو عاصم
محمد بن أيوب، عن قيس بن مسلم، أنه سمع طارق بن شهاب
يقول: خرجت ليالي جاءنا قتل عثمان رضي الله عنه فأنا أتعرض
للدنيا وأنا رجل شاب أظن عندي قتالا فأخرج قلت: أحضر الناس
وأنباءهم، فخرجت حتى آتي الربذة فإذا علي يؤم العثمة في صلاة
العصر، فصلى، وأسند ظهره إلى القبلة واستقبل القوم فقام الحسن
ابن علي رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين إني لا أستطيع أن
أكلمك وبكى. فقال علي رضي الله عنه: لا تبك وتكلم ولا تحن
حنين الجارية. قال: إن الناس حصروا عثمان رضي الله عنه يطلبونه
بما يطلبون إما ظالمين وإما مظلومين، فأمرتك أن تعتزل الناس وتلحق

(1) بياض في الأصل بمقدار كلمة.
(2) بياض بعد ذلك لا يدري مقداره. ويبدو أن البياض نتيجة عبث أضاع بقية
الخبر وصدر الخبر التالي.
(3) يلاحظ أن سند الخبر غير موجود نتيجة لما أشرت إليه في التعليق السابق.
(4) سورة الإسراء، آية 33.
1256

بمكة حتى تؤوب إلى العرب غير آذن لكلامها، فأبيت، ثم حصروه
فقتلوه، فأمرتك أن تعتزل الناس، فوالله لو كنت في جحر ضب
لضربت العرب إليك آباط الإبل حتى تستخرج منه، فغلبتني،
وأنا آمرك اليوم أن لا تقدم العراق، وأذكرك الله أن تقتل بمضيعة.
فقال علي رضي الله عنه: أما قولك تأتي مكة، فوالله ما كنت لأكون
الرجل تستحل به مكة، وأما قولك حصر الناس عثمان، فما ذنبي
إن كان بين الناس وبين عثمان ما كان. وأما قولك اعتزل العراق،
فوالله ما كنت لأكون مثل الضبع تستمع للدم (1).
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم قال،
حدثنا جعفر بن زياد، عن أم الصيرفي، عن صفوان بن قبيصة،
عن طارق بن شهاب قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه قلت: ما ينتهي
بالعراق وإنما الجماعة بالمدينة عند المهاجرين والأنصار، فخرجت
فأخبرت أن الناس قد بايعوا عليا رضي الله عنه، فانتهت إلى الربذة
وإذا علي رضي الله عنه يقرأ، فرضع له رحل فقعد عليه فكان كقيام
الرحل، فتكلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن طلحة والزبير
بايعا طائعين غير مكرهين، ثم أرادا أن يفسدا الامر ويشقا عصا
المسلمين، وحرض على قتالهم، فقام الحسن بن علي رضي الله عنه
فقال: ألم أقل لك إن العرب ستكون لها جولة عند قتل هذا الرجل،
فلو أقمت بدارك التي أنت بها - يعني المدينة - فإني أخاف عليك أن

(1) وانظر في هذا تاريخ الطبري 5: 170، 171 - والإمامة والسياسة 79 -
ومنتخب كنز العمال 5: 450 - والبداية والنهاية 7: 234 - واللدم: صوت الحجر
أو الشئ يقع على الأرض. (الوسيط للمجمع اللغوي).
1257

تقتل بحال مضيعة لا ناصر لك. فقال علي رضي الله عنه: اجلس
فإنما تحن كما تحن الجارية، فوالله لا أجلس في المدينة كالضبع
يستمتع اللدم، لقد ضربت هذا الامر ظهره وبطنه ورأسه وعينيه
فما وجدت إلا السيف أو الكفر (1).
(ما روي عن علي رضي الله عنه في البراءة من قتل عثمان
رضي الله عنه بألفاظ شتى تدل على أنه كان بريئا)
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا عن عمر بن سعيد
ابن أبي حسين قال، حدثني عبد الكريم أبو أمية قال، سمعت
جابر بن أبا الشعثاء يقول، حدثني من سمع عليا رضي الله عنه
يقول: والله ما أحببت قتل عثمان رضي الله عنه، ولا أمرت به،
ولكني بني عمي لاموني وزعموا أني صاحب ذلك، فاعتذرت إليهم
فأبوا أن يقبلوا عذري، ثم اعتذرت فأبوا أن يقبلوا فعندت فصمت،
قال: فسألته، فقال: يقول: أتضرع إليهم ولا يقبلون فصمت.
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا خلاد بن أبي عمر
والأعمى قال، سمعت محمد بن سيرين يقول: إن أناسا من أصحاب
علي رضي الله عنه قالوا له: إنك تبرأ من قتل عثمان ونحن نقاتل،
فقام فيهم قائما فقال: إنكم تزعمون أني أبرأ من قتل عثمان،
وإن الله قتل عثمان وأنا معه. فقال محمد بإصبعه هكذا: على
الوجهين.
* حدثنا عارم قال، حدثنا ثابت بن يزيد أبو زيد قال،

(1) وانظر التعليق على الخبر السابق - والمستدرك للحاكم 3: 215.
1258

حدثنا هلال بن حباب، عن خالد أبي حفص، عن أبيه قال:
قال علي رضي الله عنه في بعض خطبه: قتل الله عثمان وأنا معه،
فأتاه محمد فقال: يا أمير المؤمنين، ما تقول؟ إن الناس يرون
أنك شركت في دم عثمان، قال: " الله يتوفى الأنفس حين موتها (1) "
ما شركت في دمه، ولا مالأت. قال: يعني قتل شهيدا وأقتل
أنا شهيدا.
* حدثنا أبو عاصم، عن مسلمة بن النعمان قال، حدثني
معبد مولى علي، والحدثان بن عطية الليثيان قالا، حدثنا بشر
ابن عاصم، وعبد الله بن فضالة: أن عليا رضي الله عنه لما قدم البصرة
دخلوا عليه فجعل الناس قريش وغيرهم (الكلام (2)) إلى عبيد
الله بن فضالة. فتكلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر، ثم قال:
أما بعد فإن (3) قريشا والناس ترجع إليك إمرة الناس، وأبرأ من
قتل عثمان. ثم سكت. فقال علي رضي الله عنه: هل فيكم من
متكلم؟ قالوا: لا. قال: أبا الحقين المعذرة أبا الحقين المعذرة،
الله قتله وأنا معه.
* حدثنا موسى بن مروان الرقي قال، حدثنا عمر بن أيوب،
عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم قال: خرج معاوية رضي الله
عنه في موكب ممن يطلب للعقد حاجا، فذكر ابن عباس رضي الله
عنهما عثمان رضي الله عنه فقال: أعان عليه علي. قال يزيد فقلت:

(1) سورة الزمر، آية 42.
(2) إضافة يقتضيها السياق.
(3) كلمة لا تقرأ في الأصل ولعل الصواب ما ذكرت.
1259

أليس كان علي يقول: الله قتله وأنا معه. قال فانتهرني ابن عباس
رضي الله عنهما فقال: ما يدريك ما كان يعني قوله.
* حدثنا عبد الله بن رجاء قال، أنبأنا إسرائيل، عن ليث،
عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت عليا
رضي الله عنه يقول: والله ما قتلت ولا أمرت ولكن غلبت (1).
* حدثنا أحمد بن يونس قال، حدثنا زائدة قال، حدثنا
ليث، عن طاوس - أو مجاهد - قال زائدة: هو عن أحدهما -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال علي رضي الله عنه: والله
ما أمرت، ووالله ما قتلت ولكن غلبت (2).
* حدثنا (عمرو بن محمد، عن إسحاق بن يونس الأزرق،
عن مسعر بن كدام، عن عبد الكريم، عن طاوس، عن ابن عباس
قال: أشهد على علي أنه قال في قتل عثمان: لقد نهيت عنه (3)) ولقد
كنت له كارها ولكن غلبت.
* حدثنا أبو داود قال، حدثنا زمعة، عن ابن طاوس، عن
طاوس، عن عباس رضي الله عنهما قال: قال علي رضي الله عنه
في عثمان ثلاثا نهيتهم عن قتله، وكنت كارها لقتله ولكن
غلبت عليه.
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم قال،

(1) البداية والنهاية 7: 193.
(2) انظر المرجع السابق - والرياض النضرة 2: 135 - وطبقات ابن سعد
3 / 1: 57.
(3) بياض في الأصل بمقدار سطر وربع والمثبت عن أنساب الأشراف 5: 101.
1260

حدثنا أبو معاوية، عن أبي مالك الأشجعي قال: قلت لسالم بن أبي الجعد
ما ردك عن رأيك في عثمان؟ فقال: كنا مع محمد بن علي في الشعب
وابن عباس فذكرنا عثمان فنلنا منه فقال: كفوا عن هذا الرجل،
ثم نلنا منه، فقال ألم أنهكم، ثم أقبل على ابن عباس رضي الله
عنهما فقال له: أتذكر عشية الجمل وأنا عن يمين علي رضي الله
عنه وفي يدي الراية، وأنت عن يساره فسمع هدة في المربد فأرسل
فلانا فجاء فقال: هذه عائشة رضي الله عنها تلعن قتلة عثمان رضي
الله عنه، فرفع علي رضي الله عنه يديه حتى سترتا وجهه ثم
قال: وأنا ألعن قتلة عثمان رضي الله عنه، لعنهم الله في السهل
والجبل - مرتين أو ثلاثا - قال: فصدفوا ابن عباس رضي الله
عنهما فأقبل علينا فقال: أما في وفي هذا لكم شاهد عدل (1)؟!
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى
قال، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن معتمر بن أبي هند،
عن سالم بن أبي الجعد قال: كنا مع محمد بن علي في الشعب فسمع
رجلا ينتقص عثمان رضي الله عنه وعنده ابن عباس رضي الله عنهما،
فقال محمد: يا ابن عباس (2) هل شهدت أمير المؤمنين حين سمع
الصيحة من قبل المربد؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: نعم
عشية بعث فلان بن فلان، فقال: اذهب فانظر ما هذا؟ فجاء فقال:
هذه عائشة رضي الله عنها تلعن قتلة عثمان رضي الله عنه. قال:
وأنا ألعن قتلة عثمان، اللهم العن قتلة عثمان في السهل والجبل،

(1) وانظر الرياض النضرة 2: 135 - وتاريخ الطبري 5: 207 -
(2) في الأصل " يا أبا عباس " سهو.
1261

قال: ثم أقبل علينا محمد فقال: أما في وفي ابن عباس لكم شاهدا
عدل؟ قلنا: بلى. قال: فانتهوا (1).
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا علي بن ثابت، عن
عمر بن سعيد بن أبي حسين قال، حدثني محمد بن عبد الله بن عياض،
عن يزيد بن طلحة قال، سمعت محمد بن علي بن الحنفية يقول:
صرخ صارخ يوم صفين قال: يا ثارات (2) عثمان. فقال علي رضي
الله عنه: اللهم اكبب اليوم قتلة عثمان لمناخرهم (3).
* حدثنا خلاد بن يزيد قال، حدثنا هشام بن الغازي (4)، عن
مكحول قال: كان علي رضي الله عنه يلعن قتلة عثمان رضي الله عنه.
* حدثنا يزيد بن هارون قال، أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد،
عن حصين بن الحارث، عن سرية بنت زيد بن أرقم قالت:
دخل علي على زيد بن أرقم يعوده، فخاضوا في الحديث، فقال
علي رضي الله عنه: سلوني عما شئتم، فلا تسألون عن شئ إلا أنبأتكم
به، فقال له زيد بن أرقم: نشدتك بالله، أنت قتلت عثمان؟
فنكس رأسه ثم رفعه فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة
ما قتلت عثمان ولا (أمرت بقتله (5)).

(1) الرياض النضرة 2: 135.
(2) في الصل قال " ثارات عثمان " ولعل الصواب ما ذكرت.
(3) الرياض النضرة 2: 135.
(4) في الأصل " هشام بن الغاز " والتصويب عن الخلاصة 410 وهو هشام
ابن الغازي بن ربيعة الجرشي أبو عبد الله الدمشقي يروي عن مكحول ونافع وثقه
ابن معين ومات ستة ست وخمسين ومائة.
(5) بياض في الأصل والمثبت عن المستدرك للحاكم 3: 106.
1262

* حدثنا....... (1) بكار قال، حدثنا أبو معشر
......... (2) ولا نهيت ولا كرهت.
* حدثنا أبو عاصم وحبان بن هلال قالا، حدثنا جويرية بن بشير
قال، حدثنا أبو خلدة - زاد حبان حنظلة، قال: سمعت عليا رضي
الله عنه يخطب الناس فعرض بذكر عثمان رضي الله عنه في خطبته
- قالا جميعا في حديثهما - قال: إن الناس يزعمون أني قتلت عثمان،
فلا والذي لا إله إلا هو ما قتلته، ولا مالأت على قتله ولا ساءني (3).
* حدثنا سلم بن إبراهيم قال، حدثنا جميل بن عبيد الطائي
قال: سمعت أبا خلدة الحنفي يقول: سمعت عليا رضي الله عنه
وهو على المنبر يقول: ما أمرت ولا نهيت ولا سرني ولا ساءني قتل
عثمان رضي الله عنه (4).
* حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا هارون بن المثنى قال،
حدثنا الجراح، عن عبد الله بن عيسى، عن جده عبد الرحمن
ابن أبي ليلى قال: رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى قال، رأيت
عليا رضي الله عنه خرج من منزل رجل من الأنصار وهو يقول:
اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان (5).

(1) بياض بمقدار كلمة.
(2) بياض بمقدار ثلثي سطر وفي أنساب الأشراف 5: 101 والغدير 9: 70
عن عمار بن ياسر قال رأيت عليا على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قتل
عثمان وهو يقول ما أحببت قتله ولا كرهته ولا أمرت به ولا نهيت عنه.
(3) أنساب الأشراف 5: 98 - والغدير 9: 69.
(4) الإمامة والسياسة ص 77.
(5) البداية والنهاية 7: 193 من حديث أبي ليلى.
1263

* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم قال،
حدثنا شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
قال: رأيت عليا رضي الله عنه رفع يديه - أو قال إصبعيه - وقال:
اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان (1).
* حدثنا محمد بن الصباح قال، حدثنا إسماعيل بن زكريا،
عن عاصم الأحول، عن أبي عبد الله العنزي، وعن أبي زرارة الشيباني
قالا: نشهد بالله على علي شهادة يسألنا عنها، فقد شهدنا شاهدة،
لقد سمعناه يقول: والله ما قتلت عثمان، ولا أمرت، ولا شركت
ولا رضيت (2).
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم قال،
حدثنا أبو شهاب قال، حدثنا عاصم الأحول قال، حدثنا شيخان
سنة ست وثمانين أحدهما يكنى أبا عبد الله، والآخر يكنى أبا زرارة
قالا: نشهد على علي رضي الله عنه أنه قال: اللهم لم أقتل، ولم
آمر، ولم أشرك، ولم أرض في قتل عثمان.
* حدثنا عبد الله بن رجاء قال، أنبأنا محمد بن طلحة،
عن أبيه طلحة، عن نميرة قال: كنا جلوسا مع علي رضي الله عنه
على شط الفرات فبدت سفينة فقال " وله الجوار المنشآت في البحر
كالاعلام (3) " ثم أخذ عودا فنكث به ساعة ثم نكس رأسه،

(1) المرجع السابق.
(2) الرياض النضرة 2: 135.
(3) سورة الرحمن، آية 24.
1264

ثم رفع رأسه قال: والله ما قتلت عثمان، ولا مالأت على قتله،
والله ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله (1).
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا شجاع بن الوراق،
عرار بن عبد الله، عن عميرة بن سعد اليامي قال: كنت مع علي
رضي الله عنه عند شط الفرات فأقبلت سفن فقال " وله الجوار
المنشآت في البحر كالاعلام (2) " والله ما قتلت عثمان ولا مالأت
على قتله.
حدثنا حيان بن بشر....... (3) كنا نمشي
مع علي رضي الله عنه على شاطئ الفرات فانقطع شسع نعله فأخذ
خوصة ثم قعد يصلح نعله، فنظر إلى السفن في الفرات فقال:
" وله الجوار المنشآت في البحر كالاعلام (2) " ووالله ما قتلت
ولا مالأت على قتله. قال: وما ذكر له أحد عثمان رضي الله عنه.
* قال يحيى: وحدثنا عبد الرحمن المسعودي، عن طلحة
ابن مصرف، عن سعد بن عبيدة بمثله. قال يحيى: وليس هو عن
سعد بن عبيدة إنما هو عن عميرة بن سعد اليامي.
* حدثنا محمد بن مسلم مولى محمد بن إبراهيم قال، حدثنا
مروان بن معاوية قال، حدثنا عمرو بن أبي العوام، عن أبيه،
عن أسماء بن خارجة قال، رأيت عليا رضي الله عنه ينفض جيبه
ويقول: اللهم إني أبرأ إليك من قتل عثمان. قال مروان: سمعنا

(1) وبمعناه في العقد الفريد 4: 302 - والتمهيد للباقلاني 235، 236.
(2) سورة الرحمن، آية 24.
(3) بياض في الأصل بمقدار ثلثي سطر.
1265

هذا منه قديما لم يغير، ولولا أنه هكذا ينبغي أن يكون ما روينا عنه.
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا أبو هلال، عن
قتادة، عن الحسن قال: قتل عثمان رضي الله عنه وعلي رضي الله
عنه في أرض له فقال: اللهم لم أرض ولم أمالئ (1).
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا ضمرة، عن أبي شوذب،
عن الحسن قال: لما بلغ عليا رضي الله عنه قتل عثمان استقبل القبلة
ثم قال: اللهم لم أرض ولم أمالئ.
* حدثنا عمرو بن قسط قال، حدثنا عبيد الله بن عمرو،
عن زيد بن أبي أمية، عن محمد بن عبيد الله الأنصاري، عن
أبيه قال: سمعت عليا رضي الله عنه مرارا يقول: اللهم إني أبرأ
إليك من قتلة عثمان، وسمعته يقول: إني لأرجو أن تصيبني وعثمان
هذه الآية " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (2) "
قال: فرأيت عليا رضي الله عنه في داره يوم أصيب عثمان رضي الله
عنه فقال: ما وراءك؟ فقلت: قتل أمير المؤمنين. قال: إنا لله وإنا
إليه راجعون، ثم قال: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون
بغيضك يوما ما. وابغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك
يوما ما (3).
* حدثنا هارون بن عبد الله قال، حدثنا عبد الرزاق، عن

(1) البداية والنهاية 7: 193.
(2) سورة الحجر، آية 47.
(3) الإمامة والسياسة 125 - مجمع القوائد 9: 97 - المستدرك للحاكم 3: 105 -
منتخب كنز العمال 5: 444 - والرياض النضرة 2: 113.
1266

معمر، عن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
سمعت عليا رضي الله عنه يقول: والله ما أمرت، ولا قتلت،
ولكن غلبت (1).
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا مروان بن معاوية قال،
حدثنا الربيع بن النعمان البصري، عن نعيم بن أبي هند، عن
سالم بن أبي الجعد، أنه سمع محمد بن الحنفية يقول، سمعت
أبي ورفع يديه حتى يرى بياض إبطيه، وقال: اللهم العن قتلة
عثمان في البر والبحر والسهل والجبل - ثلاثا يرددها (2).
* حدثنا أبو خيثمة قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا
جويرية...... (3) تواقفنا يوم الجمل حتى..
..... (4) وقال: اللهم كب اليوم قتلة عثمان لوجوههم.
قال، يقول شيخنا: ففعل الله (ذلك (5)).
* حدثنا محمد بن سنان، ومحمد بن عبد الله بن الزبير
قالا، حدثنا شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن ابن أبي ليلى،
قال، ابن سنان عن جده عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: رأيت عليا

(1) البداية والنهاية 7: 193 - وانظر ما سبق ص 572.
(2) الرياض النضرة 2: 135 - والعقد الفريد 4: 305.
(3) بياض في الأصل بمقدار ثلث سطر.
(4) بياض في الأصل بمقدار سطر وفي الرياض النضرة 2: 178 " تواقعنا على
ذلك حتى أتانا حر الحديد ثم إن القوم نادوا بأجمعهم يا ثارات عثمان وابن الحنفية
أمامنا معه اللواء فناداه: على ما يقولون؟ قال: يا أمير المؤمنين يقولون يا ثارات عثمان.
قال فرفع علي يديه وقال اللهم أكب قتلة عثمان اليوم لوجوههم.
(5) بياض في الأصل بمقدار كلمة ولعل الصواب ما أثبت وانظر في ذلك البداية
والنهاية 7: 234.
1267

رضي الله عنه عند أحجار الزيت رافعا يديه مادا إصبعيه وهو يقول:
اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان (1). قال فذكرت ذلك لعبد الملك
ابن مروان فقال: ما أرى له ذنبا.
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم قال،
حدثنا إبراهيم بن حميد الرواس قال، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد،
عن الضحاك قال، قال علي رضي الله عنه يوم الجمل: اللهم جلل
قتلة عثمان اليوم خزيا.
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم قال،
حدثنا حماد بن زيد، عن مجالد بن سعيد، عن عمير بن روزي
قال: سمعت عليا رضي الله عنه وهو يخطب يقول: والله لئن لم
يدخل الجنة إلا من قتل عثمان لا أدخلها. ولئن لم يدخل النار
إلا من قتل عثمان لا أدخلها. فلما نزل قيل له: فرقت بين أصحابك
وفعلت كذا. فلما كانت الجمعة الأخرى قال: أيها الناس، إنكم قد
أكثرتم في قتل عثمان، ألا وإن الله قتله وأنا معه. قال: يقول وأنا معه
سيقتلني. قال حماد وكان ابن سيرين يقول: هي كلمة عربية.
* حدثنا عمرو بن قسط قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال،
حدثنا الأوزاعي قال، سمعت ميمون بن مهران يقول: قال علي
رضي الله عنه: ما يسرني أني من آخر سبعين من قتلة عثمان وأن
لي الدنيا وما فيها.
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة،
عن الأوزاعي بمثله.

(1) التمهيد والبيان لوحة 166.
1268

* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم قال،
حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي الجنود، عن أبي صالح
قال: قال علي رضي الله عنه: والله لئن شاءت بنو أمية لأباهلنهم
عند الكعبة ما نديت (1) دم عثمان رضي الله عنه بشئ (2).
* حدثنا يحيى، وحدثنا ابن إدريس، عن محمد بن قيس
الأسدي، عن علي بن ربيعة الوالبي قال: قال علي رضي الله عنه:
لو أعلم بني أمية يقبلون مني لنفلتهم خمسين يمينا قسامة من بني هاشم
ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله (3).
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا موسى بن داود قال،
حدثنا نافع بن عمر، عن عمرو بن دينار قال: كلم الناس ابن عباس
رضي الله عنهما أن يحج بهم وعثمان رضي الله عنه محصور،
فدخل عليه فاستأذن أن يحج بهم، فحج بهم، فرجع وقد قتل
عثمان رضي الله عنه. فقال لعلي رضي الله عنه: الآن إن قمت بهذا
الامر ألزمك الناس دم عثمان إلى يوم القيامة.
* حدثنا حيان بن بشر قال، قال حدثنا يحيى بن آدم قال،
حدثنا حماد بن زيد عن هشام (بن حسان (4)) عن أبي مخنف،
عن مصعب بن قيس الحارثي، عن رجل من ولد جبير بن مطعم،
عن أبيه قال: قال زيد بن ثابت: يا معشر الأنصار كونوا أنصار

(1) يقال ندى من دمه بشئ أي رجع به أو أصاب منه.
(2) العقد الفريد 4: 302.
(3) وبمعناه في أنساب الأشراف 5: 801 - ومنتخب كنز العمال 5: 27 -
والتمهيد للباقلاني ص 209.
(4) الإضافة عن أنساب الأشراف 5: 73.
1269

الله مرتين. فقال أبو حسن - أو أبو حسين - بن عبد الله بن عمرو
أحد بني مازن بن النجار: لا نطيعك ولا نكون كمن قال: " ربنا
إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل (1) ".
* حدثنا محمد بن صالح، عن الأعمش، عن أبي صالح
قال: زيد: يا معشر الأنصار كونوا أنصار الله مرتين، قال
فقال له أبو حسين المازني الأنصاري: والله لا نطيعك ولا نقول
كما قال الخاطئون " ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل (2) "
وقال سهل بن حنيف: أشبعك من عيدان العجوة. قال: ويقال
قال ذلك له النعمان الزرقي (3).
* حدثنا عفان قال، حدثنا سليم بن أخضر، عن ابن عون،
عن نافع قال: لبس ابن عمر رضي الله عنهما الدرع يومئذ مرتين،
قال سليم: يعني يوم الدار يوم قتل عثمان رضي الله عنه.
* حدثنا هارون بن معروف قال، حدثنا غياث بن بشير
قال، حدثنا حصين، عن ابن أبي عمرة الأنصاري قال: قتل عثمان
رضي الله عنه يوم قتل، وليس بالمدينة إلا قاتل أو خاذل.
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا أبو هلال، عن محمد،
قال: قال ما هو أفضلنا فاستعملوه، ثم قالوا هو شرنا فقتلوه.
* حدثنا أبو عاصم قال، أنبأنا سهل بن أبي الصلت، عن
الحسن قال: مكر به المنافقون، ولو شاءوا ردوهم بأطراف الأردية.

(1) سورة الأحزاب، آية 67.
(2) سورة الأحزاب، آية 67.
(3) وبمعناه في الغدير 9: 217.
1270

* حدثنا هارون بن معروف قال، حدثنا ضمرة بن ربيعة،
عن أبي شوذب قال: قيل للحسن يا أبا سعيد، أكانوا يستطيعون
أن يمنعوا عثمان؟ قال: نعم، لو شاءوا أن يمنعوه بأرديتهم لمنعوه.
قال: وكنت يوم قتل ابن أربع عشرة سنة (1).
* حدثنا سعيد بن عامر قال، حدثنا هشام، عن محمد قال:
وقعت الفتنة وبالمدينة عشرة آلاف، أو قال أكثر من عشرة آلاف
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما دخل الفتنة منهم
كلهم (إلا (2)) ثلاثين.
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا ابن علية، عن أيوب،
عن محمد قال: هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
عشرة آلاف فما خف فيها منهم مائة. (قيل (3)) لا يبلغون ثلاثين.
* حدثنا ابن أبي خداش الموصلي قال، حدثنا عيسى بن يونس،
عن هشام، عن ابن سيرين قال: لقد قتل عثمان رضي الله عنه
وإن في الأرض عشرة آلاف من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم
من رآه فيمن لم يكن له صحبة.
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا أبو هلال، عن
محمد، قال: قالوا هو أفضلنا فاستعملوه، ثم قالوا هو شرنا فقتلوه.
* حدثنا هوذة بن خليفة قال، حدثنا عوف، عن محمد
قال: اختلف الناس في الأهلة بعد قتل عثمان رضي الله عنه.
* حدثنا خالد بن خداش قال، حدثنا حماد بن زيد، عن

(1) الغدير 9: 246 من حديث الحسن البصري.
(2) إضافة للسياق.
(3) إضافة للسياق.
1271

ابن عون، عن محمد قال: لم تفقد الخيل البلق في السرايا حتى
قتل عثمان رضي الله عنه، ولم تختلف الناس في الأهلة حتى
قتل (عثمان (1)).
........... (2) فإنه كان يحيي الليل بركعة يجمع
فيها القرآن.
* حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا قرة، عن محمد قال:
لما دخلوا على عثمان رضي الله عنه قالت امرأته: إن تقتلوه أو تتركوه
فقد كان يجمع القرآن في ركعة (3).
* حدثنا عارم قال، حدثنا أبو هلال، عن محمد بمثله.
* حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال، حدثنا سلام بن
مسكين قال، سمعت محمد بن سيرين قال: لما أطافوا بعثمان رضي
الله عنه يريدون قتله قالت امرأته: إن تقتلوه أو تتركوه فقد كان
يحيي الليل كله بركعة يختم فيها القرآن (4).
* حدثنا خلف بن الوليد قال، حدثنا الأشجعي، عن مسعر
قال: بلغني أن امرأة عثمان رضي الله عنه قالت: إن تقتلوه أو تدعوه
فإنه كان يختم القرآن في ليلة في ركعة.

(1) بياض في الأصل والمثبت للتوضيح.
(2) سقط في الأصل ولعله نتيجة للبياض السابق الإشارة إليه ويوضحه ما يأتي
في الحديث التالي، وفي طبقات ابن سعد 3 / 1: 53 - والاستيعاب 2: 490 من حديث
محمد بن سيرين قال: لما أحاطوا بعثمان ودخلوا عليه ليقتلوه قالت امرأته: إن تقتلوه
أو تدعوه فإنه كان يحيي الليل بركعة يجمع فيها القرآن.
(3) حلية الأولياء 1: 57.
(4) طبقات ابن سعد 3 / 1: 53.
1272

* حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي قال، حدثنا عبد الرحمن
ابن حماد، عن عيسى بن عمر القارئ قال، رأيت طلحة - يعني
ابن مصرف - فبكى وقد ذكر عثمان رضي الله عنه فقال حصروه
وعطشوه.
* حدثنا حيان بن بشر، عن يحيى بن آدم قال، حدثنا
أبو معاوية، عن الأعمش قال: كان أبو صالح إذا ذكر قتل عثمان
رضي الله عنه بكى.
* حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد قال، حدثنا أيوب،
عن أبي قلابة: أن رجلا من قريش يقال له ثمامة كان على صنعاء
فلما جاء قتل عثمان رضي الله عنه خطب الناس فبكي بكاء شديدا،
ثم قال لما استفاق وأفاق انتزعت خلافة النبوة من أمة محمد وصار
ملكا وجبرية، من غلب على شئ أكله (1).
* حدثنا عفان قال، حدثنا وهيب قال، حدثنا أيوب، عن
أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني: أن رجلا من قريش كان على
صنعاء كان يقال له ثمامة، لما جاء قتل عثمان رضي الله عنه بكي
وأطال بكاه. ثم قال: اليوم نزعت خلافة النبوة من أمة محمد
وصار ملكا وجبرية، من غلب على شئ أكله (2).
* حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا هشام بن أبي عبد الله،
عن قتادة: أن غلاما لعثمان بن عفان رضي الله عنه كان يقال له

(1) مجمع الزوائد 9: 99.
(2) طبقات ابن سعد 3 / 1: 57 - والعقد الفريد 4: 300 - ومنتخب كنز العمال
5: 27.
1273

ثمامة لما بلغه قتل عثمان رضي الله عنه قال: اليوم رفعت خلافة
النبوة، وصارت الخلافة بالسيف، من غلب على شئ أكله.
فقال له رجل: ما قوام هذا الامر؟ قال: المعروف من الناس. وإمام
إذا حكم عدل، وإذا قدر عفا، وإذا غضب غفر.
* حدثنا القعنبي قال، حدثنا سليمان بن بلال، عن يحيى
ابن سعيد قال، سمعت سعيد بن المسيب يقول: وقعت الفتنة الأولى
- يعني فتنة عثمان - فلم يبق من أصحاب بدر أحد، ثم وقعت
الفتنة الثانية - يعني فتنة الحيرة - فلم يبق من أصحاب الحديبية
أحد، وأنى وقعت الثالثة لم ترتفع وبالناس طباخ (1).
* حدثنا زهير بن حرب قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن
يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: وقعت فتنة الدار بمثله.
* حدثنا علي بن محمد، عن ابن عمر، وعن إبراهيم بن
محمد بن سعد، عن أبيه قال، جاء سعد فقرع الباب وأرسل إلى
عثمان رضي الله عنه إن الجهاد معك حق. فأرسل إليه عثمان إنما
أنت عندي..... (2) واحد بالصعيد تغني عنا قيام الناس، فاخرج
إلى الناس فأعطهم علي الحق، وخذ لي منهم الحق فخرج.... (3)
وحوله الناس.... (4) فجعلوا يقرعونه بالرماح حتى سقط لجنبه
وجعل يقول: هلم فاقتلوني، فلقد أصابت أمي اسمي إذا، إذ

(1) الطباخ: القوة والاحكام. (اللسان)
(2) بياض في الأصل بمقدار كلمة.
(3) بياض في الأصل بمقدار ثلث سطر.
(4) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر.
1274

سمتني سعدا. وأقبل الأشتر فنهاهم، وقال: يا عباد الله اتخذتم
أصحاب محمد بدنا، وخرج سعد يبكي ويقوم: اللهم إني فررت
بديني من مكة إلى المدينة، وأنا أفر به من المدينة إلى مكة.
* حدثنا محمد بن حميد قال، حدثنا ابن المبارك قال،
حدثنا الفضل بن لاحق، عن أبي بكر بن حفص، عن سليمان بن
عبد الملك قال، حدثني رجل من تدمر، وهي قبيلة من اليمن قال:
بينما أنا أسير بين مكة والمدينة إذا أنا بركب يسيرون، بين أيديهم
راكب، فدنوت فسلمت عليهم فقلت: من هذا؟ قالوا: سعد بن
مالك. فنهرت دابتي فدنوت منه فسلمت عليه وقلت: ماذا صنعتم؟
قال: العجب، كنت رجلا من أهل مكة بها مولدي وداري ومالي،
فلم أزل بها حتى بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم فاتبعته وآمنت به
فمكثت بها ما شاء الله أن أمكث، ثم خرجت منها فرارا بديني إلى
المدينة فلم أزل بها حتى جمع الله لي بها أهلا ومالا، وأنا اليوم فار
بديني من المدينة إلى مكة كما فررت بديني من مكة إلى المدينة (1).
* حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا سعدان بن بشر قال، حدثنا
أبو محمد الأنصاري قال: شهدت عثمان رضي الله عنه وهو يقتل
بالدار والحسن بن علي رضي الله عنهما يضارب عنه حتى جرح فرفعه
فيمن رفعه جريحا (2).
* حدثنا علي بن الجعد، والأصمعي قالا، حدثنا زهير بن

(1) وفي قول سعد بن أبي وقاص إني فررت بديني من مكة إلى المدينة وأنا أفر به
من المدينة إلى مكة، انظر تاريخ الطبري 4: 392 ط المعارف، والغدير 9: 234.
(2) أنساب الأشراف 5: 95.
1275

معاوية قال، حدثنا كنانة مولى صفية قال: كنت فيمن يحمل
الحسن بن علي رضي الله عنهما جريحا من دار عثمان رضي
الله عنه (1).
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى قال،
حدثنا عبد الرحمن بن زياد، عن إسماعيل بن عياش، عن عطاء
ابن عجلان، عن عاصم بن سليمان قال: قام الحسن بن علي رضي
الله عنهما بعد ما قتل عثمان رضي الله عنه فقال لهم - يعني لقتلة
عثمان رضي الله عنه - لا مرحبا بالوجوه ولا أهلا مشائم هذه الأمة
من فتق فيها المفتق العظيم، أما والله لولا عزمة أمير المؤمنين علينا
لكان الرأي فيكم نابلا (2).
* حدثني محمد بن يحيى قال، حدثني بعض أصحابنا قال:
جاء قوم يطلبون عليا بعد قتل عثمان رضي الله عنه فلم يجدوه،
فسألوا الحسن بن علي رضي الله عنهما: أين أمير المؤمنين؟ قال:
في حش كوكب، رحمة الله عليه - يعني عثمان رضي الله عنه.
* حدثنا خلف بن الوليد قال، حدثنا الهذيل بن بلال،
عن أبي الجحاف، عن عبد الله بن الرزاز: أن رجلا حدثه أنه كان
مع الحسن بن علي رضي الله عنهما في الحمام ورجلين آخرين،
وعلى الحسن رضي الله عنه النورة (3) وقد وضع يده على الحائط يتنفس
فقال: لعن الله قتلة عثمان. فقال رجل: أما إنهم يزعمون أن عليا

(1) الغدير 9: 236.
(2) الرأي النابل هو الحاذق. (أقرب الموارد).
(1) النورة - بالضم: الهناء إذا طلي به الجسم وهو من الحجر يحرق ويسوى منه
الكلس. (تاج العروس).
1276

قتله. فقال: قتله من قتله، لعن الله قتلة عثمان، ثم قال، قال
علي: أنا وعثمان وطلحة والزبير كما قال الله: " ونزعنا ما في صدورهم
من غل إخوانا على سرر متقابلين (1) ".
* حدثنا محمد بن يحيى قال، حدثنا عبد العزير بن عمران،
عن يحيى بن عمرو، عن أبيه قال:.... (2) عثمان ثم انصرف.
فوجدت علي بن أبي طالب رضي الله عنه واقفا على باب داره فقيل
..... (3)
* حدثنا... (4) حدثنا علي بن محمد، عن عامر بن حفص،
عن أشياخ من أهل البصرة: أنهم خرجوا إلى عثمان رضي الله عنه
وعليهم حكيم بن جبلة، وفيهم سدوس بن عبس ورجل من بني
ضبيعة فقال له: ويلك، فكان حكيم بن مالك ممن دخل عليه فأصاب
ثوب مالك نضح من دمه، فكان يقول: لا أغسله أبدا، وشق
سدوس إداوة فيها ماء - جاءوا به إلى عثمان رضي الله عنه - بالرمح.
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا عقبة بن زياد قال،
سمعت قتادة يقول: شق رجل من عبس لعثمان رضي الله عنه مطهرة
فيها ماء، فقال: اللهم أظمئه. قال: فركب الرجل البحر مع أصحاب

(1) سورة الحجر، آية 47 - وانظر في الخبر: الإمامة والسياسة ص 125 - ومنتخب
كنز العمال 5: 444 - والرياض النضرة 2: 113 - والكامل لابن الأثير 3: 73 -
والعواصم من القواصم 159.
(2) بياض بمقدار كلمتين في الأصل.
(3) بياض بمقدار نصف سطر.
(4) بياض في الأصل بمقدار كلمتين - ولكن يلاحظ أن ابن شبة يحدث عن علي
ابن محمد مباشرة.
1277

له، وكان ثقيلا فنفذ ماؤهم، فانتهوا إلى ساحل اليمن فخرجوا
وخرج معهم، وكانوا أخف منه فأدركهم العطش فمات عطشا.
* حدثنا علي بن محمد، عن خالد بن عطية، عن فرافصة
العبدي قال: كان منا رجل ممن خرج إلى عثمان رضي الله عنه
ينكر عليه سيرته، فشق إداوة من ماء - أتى بها عثمان رضي الله عنه
برمحه، وقال: لا تذوق البارد أبدا. فقال عثمان رضي الله عنه:
اللهم اقتله عطشا. فخرج غازيا مع رجال منا فأصابهم عطش وبينهم
وبين الماء عقد. فقالوا له:: إن شئت فتقدم إلى الماء، وإن شئت
فأقم حتى نأتيك به، قال: فإني لن أمشي، فمضى أصحابه،
فاستقوا، وجاء رجل بإداوة يركض بها إليه، فما وصل إليه حتى
مات وأكلت النسور بعضه
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي معشر، عن نافع قال: لما
كان يوم الجمعة لتسع عشرة أو لثمان عشرة من ذي الحجة فتح
ابن عمرو بن حزم خوخة من داره إلى جنب دار عثمان من دبرها
فدخل الناس منها فقتلوه.
* حدثنا علي، عن أبي مخنف، عن عبد الملك بن نوفل بن
مساحق قال: شددوا على عثمان رضي الله عنه ووضعوا خشبة بين
دار جبلة بن عمرو ودار عثمان رضي الله عنه، فلما سلكوا عليها
لقيهم عليها ابن الزبير فضرب رجلا فصرعه بالبلاط، ثم لقية آخر
فضربه فصرعه على البلاط. قال فتنادوا: ارفعوا الخشبة فرفعوها.
* قال أبو مخنف، قال أسودان بن حمران لما قتل عثمان
رضي الله عنه:
1278

خذها إليك واعلمن أبا حسن * أنا نمر الامر إمرار الرسن (1)
قال: أبو الحسن يتهدد بها عليا.
* حدثنا علي بن محمد، عن سعيد بن خالد، عمن حدثه،
عن سهل بن سعد قال: أحرق باب عثمان رفاعة بن عمرو الأنصاري،
ودخلوا على عثمان من دار عمرو بن حزم قال: فقال الأحوص بعد
ذلك:
لا ترثين لحزمي رأيت به * ضرا وإن سقط الحزمي في النار
الناخسين بمروان بذي خشب * والمقحمين على عثمان في الدار
والزاعمين بأن لستم أئمتهم * بمؤمنين وأن ليسوا بكفار
حدثنا........................ (2)
حدثنا علي بن محمد، عن مسلمة بن محارب، عن ابن جريج،
عن ابن أبي مليكة قال: كان مع عثمان رضي الله عنه قوم أرادوا أن
يمنعوه فمنعهم، وأتاه ستمائة ليمنعوه فأبى عليهم فانصرفوا، فقال

(1) وهذا الشعر قاله السبأية تهديدا لعلي رضي الله عنه بعد خطبة ذكر فيها حرمة
دم المسلم على المسلم. وبعد هذا البيت:
صولة أقوام كأسداء السفن * بمشرفيات كغدران اللبن
وقطعن الملك بلين كالشطن * حتى يمرن على غير عنن
فرد علي رضي الله عنه قال:
إني عجزت عجزة لا أعتذر * سوف أكيس بعدها وأستمر
أرفع عن ذيلي ما كنت أجر * وأجمع الامر الشتيت المنتشر
إن لم يشاغبني العجول المنتقر * أو يتركون والسلاح يبتدر
تاريخ الطبري 5: 108 - وكامل ابن الأثير 3: 82 - والبداية والنهاية 7: 228.
(2) بياض في الأصل بمقدار ثلث صفحة.
1279

مروان: لكني أعزم على نفسي أن أقاتل. فقاتل معه ناس فقتل ابنا
زمعة وعبد الله بن ميسرة وابن أبي هبيرة بن عوف من بني السياق،
والمغيرة بن الأخنس بن شريق، وعبيد الله - أو عبد الله - بن
عبد الرحمن بن العوام، ومولى لعثمان، وجرح مروان وابن الزبير
وسعيد بن العاص فذكر ذلك ابن هرمة بعد (1):
إذا اقتربوا لباب الدار يسعى * لهم مروان يضرب أو سعيد
إذا مدح الكريم يزيد خيرا * وإن مدح اللئيم فلا يزيد
* حدثنا علي، عن أبي زكرياء العجلان، عن محمد بن المنكدر
قال: كان مع عثمان رضي الله عنه عبد الله بن (وهب بن (2)) زمعة بن
الأسود وأمه بنت شبية بن ربيعة، وعبد الرحمن بن العوام،
وعبد الله بن (عوف (3)) الدهين من بني السياق ابن عبد الدار،
وعبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة، والمغيرة بن الأخنس،
وأبو أسيد بن ربيعة الساعدي وأهل دارين من الأوس، بنو عمرو
ابن عوف، وبنو حارثة، فقال سلكان بن سلامة بن وقش أحد بني
عبد الأشهل:
دار أرى أوس أعلاها وأسفلها * هم الجهاضمة الأزدون في الدين

(1) هو إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة الكناني القرشي، أبو إسحاق،
شاعر غزل، من سكان المدينة، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، رحل إلى دمشق
فمدح الوليد بن يزيد ثم المنصور، وانقطع إلى الطالبيين، كان آخر الشعراء الذين يحتج
بشعرهم. (خزانة الأدب للبغدادي 1: 204 - والأغاني 4: 202 ط بولاق - والنجوم
الزاهرة 2: 84).
(2) الإضافة عن الغدير 9: 198، وانظر ترجمته في أسد الغابة 3: 273.
(3) الإضافة عن الغدير 9: 198، وانظره في الاستيعاب 2: 3.
1280

وكان أسامة بن زيد، وابن عمر رضي الله عنهما ينهيان عن
قتل عثمان رضي الله عنه، وكانت خزاعة وأسلم على عثمان رضي
الله عنه.
* حدثنا علي بن محمد، عن إبراهيم بن اليقظان اليمامي،
عن يحيى بن أبي حفصة، عن أبيه قال: اشتراني مروان بن الحكم
وامرأتي وولدي فأعتقنا، وكنت معه في الدار، ورميت رجلا من
فوق البيت فقتلته، ونشب القتال، فنزلت وقد ضرب مروان حتى
سقط، ثم خرج من الدار. فقال ابن عديس لعروة بن شييم الليثي:
قم إليه. فقام إليه وقد ضربه مروان على ساقه فصدع، ووثب عبيد
ابن رفاعة بن رافع الزرقي إلى مروان ليقتله، فقالت فاطمة جدة إبراهيم
ابن عدي - أو أمه - وهي أم مروان من الرضاعة: ما تريد إلى لحمه
تبضعه!! إن كنت تريد قتله فقد قتل، فاستحى فمضى وتركه.
فاستعمل عبد الملك بن مروان ابنها على اليمامة (1).
* حدثنا علي، عن سعيد بن خالد قال: بلغني أن الذي جرح
مروان الحجاج بن غزية الأنصاري، قال علي: كان اسم أبي حفصة
يزيد، فلما صرع مروان يوم الدار أغمي عليه، فنقر أبو حفصة
أنثييه فانتبه، فقال: لم فعلت هذا؟ قال: خفت أن تكون قد
مت، وقد سمعت أن الرجل إذا فعل هذا به (وفيه (2)) حياة انتبه.
فأعتقه مروان، وحمله يزيد حتى أدخله على امرأة من بني زهرة..

(1) تاريخ الطبري 4: 379 - 381 ط المعارف - وأنساب الأشراف 5: 79 -
وكامل ابن الأثير 3: 69 - والغدير 9: 198.
(2) بياض في الأصل بمقدار كلمة والمثبت يقتضيه السياق.
1281

......... (1) منها بنت تدعى حفصة (2).
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا جويرية قال، سمعت
نافعا يقول: ضرب مروان يوم الدار ضربة حذت أذنيه، فجاء رجل
يريد أن يجهز عليه، فقالت أمه: أتمثل بجسد ميت؟ فتركه.
* حدثنا عبد الله بن محمد بن حكيم قال، حدثنا خالد بن
سعيد، عن عمرو بن سعيد، عن أبيه قال: كان يقال لمروان بن
الحكم خيط باطل، وكان ضرب يوم الدار على قفاه فقال أخوه
عبد الرحمن بن الحكم وكان يذكر نساءه، وكان عنده أم أبان
بنت عثمان بن عفان وقطية بنت بشير الكلابية، وليلى بنت زيان
ابن الأصبغ الكلبية:
فوالله ما أدري وإني لسائل * حليلة مضروب القفا كيف تصنع
لحا الله قوما أمروا خيط باطل * على الناس يعطي ما يشاء ويمنع (3)
وقال لنسائه:
قطية كالدينار أحسن نقشه * وأم أبان كالشراب المبرد
وليلى وهل في الناس أنثى كمثلها * إذا ما اسبكرت بين درع ومجسد (4)
* حدثنا يعقوب بن القاسم الطلحي، عن هشام بن محمد،
عن الشرفي بن قطامي قال: تمثل مروان يوم الدار:

(1) بياض في الأصل بمقدار ثلث سطر والسياق يقتضي " فتزوجها مروان فكان
له منها ".
(2) كتبت هذه العبارة بخط يغاير خط الأصل.
(3) سمي خيط باطل قيل لأنه كان طويلا مضطربا (شرح نهج البلاغة 6: 151).
(4) شرح نهج البلاغة 6 / 151 - وأنساب الأشراف 5: 126.
1282

إني أرى فتنا قد حم أولها * والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا (1)
* حدثنا محمد بن منصور قال، حدثنا جعفر بن سليمان
الضبعي، عن عوف قال: إنما أفسد عثمان رضي الله عنه بطانة
استبطنها من الطلقاء، وحصره المصريون ومعهم رجال من أهل الكوفة
قلت: تعرف كم كانوا؟ قال: زهاء سبعمائة.
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا عطاء بن مسلم قال،
سمعت شيخا يقال له شبيب بن أبي شبيب بالرقة قال، سمعت وابصة
أو ابن وابصة يقول: حصر عثمان رضي الله عنه المنافقون وقتله
الكفار.
* حدثنا محمد بن موسى الهذلي قال، حدثنا عمرو بن أزهر،
عن عاصم الأحول، عن أبي قلابة قال: دخلوا عليه فقالت نائلة:
يا أمير المؤمنين، ألا ألقي خماري عني لعلهم ينتهون عن بعض
ما يريدون؟ قال: الذي يطلبون أعظم حرمة مما تذكرين.
* حدثنا أيوب بن محمد الرقي قال، حدثنا عمر بن أيوب
الموصلي، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن صهيب الذي يقال
عنه الفقير، عن طلق البكاء قال: جاور أصحاب لنا، وكان فيمن
يخرج يعاتب عثمان عروة بن أذنة، ومرداس بن أذنة. قال:
فبينما نحن بمكة قد أهمنا أمر الناس إذ طلع علينا عروة فقلنا:
ما وراءك؟ قال: خير رضينا وأرضينا، قال: فما تفرقنا حتى قتل
عثمان رضي الله عنه.

(1) اسبكرت - الجارية: اضطجعت وامتدت (معجم الوسيط)، وانظر في
الشعر: أنساب الأشراف 5: 131 - والغدير 8: 261.
1283

* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال،
أخبرني يونس بن يزيد، عن أبي شهاب قال: بلغني أن.... (1)
وضوء قلت: نعم. قال: وأصابتني جراحة فكنت أنزف منها الدم،
وأفيق مرة فأخذ الوضوء فتوضأ، وأخذ المصحف فقرأ ليتجرأ به
من الفسقة، فجاء فتى كأنه ذئب فاطلع إطلاعة ثم رجع، فقلنا
عسى أن يكون قد نهنههم شئ، عسى أن يكون قد ردهم شئ،
فإذا هم مضطرون إلى جر الباب هل سكن بعد أم لا. قال: فجاءوا
فدفعوا الباب، وجاء محمد بن أبي بكر - وسبه الحسن - حتى جثم
على ركبتي عثمان، ثم أخذ بلحيته - وكان طويل اللحية حسن اللمة،
فهزها حتى سمعت صوت أضراسه، وقال: ما أغنى عنك معاوية؟
وما أغنى عنك ابن أبي سرح؟ وما أغنى عنك ابن عامر؟ قال: يا ابن
أخي مهلا والله لو كان أبوك ما جلس هذا المجلس مني، قال: فغمز
بعضهم فأشعروه بسهم وتعاوروا عليه فقتلوه. قال: فما أفلت منهم

(1) بياض في الأصل بمقدار نصف صفحة تقريبا والخبر خاص برواية وثاب
أو رئاب - وكان فيمن أدركه عتق عمر، وكان بين يدي عثمان رضي الله عنه أنه بعثه
إلى الأشتر فدعاه له فجاء فسأله ما يريد الناس؟ قال: ثلاث ليس من إحداهن بد. قال
ما هن؟ قال: يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم فتقول هذا أمركم فاختاروا من شئتم
وبين أن تقص من نفسك، فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك. قال: أما من إحداهن بد؟
قال: لا. ما من إحداهن بد. قال: أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت لأخلع سربالا سربلنيه
الله أو قال: والله لئن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أخلع أمة محمد بعضها على
بعض - قالوا: هذا أشبه بكلام عثمان - وأما أن أقص من نفسي فوالله لقد علمت أن
صاحبي بين يدي كانا يعاقبان وما يقوم بد من القصاص وأما أن تقتلوني فوالله لئن قتلتموني
لا تحابون بعدي أبدا ولا تصلون بعدي جميعا أبدا ولا تقاتلون بعدي عدوا جميعا أبدا،
ثم قام. (طبقات ابن سعد 3: 72، 73 ط بيروت) ثم دعا بوضعها - وفي المرجع السابق
فجاء رويجل كأنه فاطلع من الباب.
1284

مجتر (1) فأتى (2) مصر فأخذه عامل مصر فقدمه ليقتله فقالوا: ابن
أبي بكر وأخو عائشة. فقال: والله لا أناظر فيه أحدا بعد قتل عثمان،
فقتله. قال الحسن أو قتادة أو كلاهما فأدخلوه في جوف حمار،
فأحرقوه.
* حدثنا عثمان بن عبد الوهاب قال، حدثنا معتمر بن سليمان
عن أبيه قال له إن عثمان رضي الله عنه فتح الباب وأخذ المصحف
فوضعه بين يديه. قال معتمر: قال أبي: فحدثنا الحسن: أن محمد
ابن أبي بكر دخل عليه فأخذ بلحيته. فقال عثمان رضي الله عنه:
لقد أخذت مني مأخذا - أو قعدت مني مقعدا - ما كان أبو بكر
ليقعده - أو قال ليأخذه - قال: فخرج وتركه. قال أبي في حديث
أبي سعيد قال: ودخل عليه فقال بيني وبينك كتاب الله. قال:
فخرج وتركه. ودخل عليه رجل يقال له: الموت الأسود، فخنقه
وخنقه، ثم خرج فقال: والله ما رأيت شيئا قط هو ألين من حلقه،
والله لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل نفس الجان يتردد في جسده،
قال: ثم دخل عليه آخر فقال: بيني وبينك كتاب الله. قال:
والمصحف بين يديه، فيهوى له بالسيف فأقصاه بيده فقطعها،
فلا أدري أبانها أم قطعها ولم يبنها، فقال: (أما (3) والله إنها
لأول كف خطت المفصل. وقال في غير حديث أبي سعيد: فدخل

(1) كذا في الأصل ولعلها تسهيل " مجترئ " بحذف الآخر.
(2) يبدو أن هنا سقطا يتعلق بخبر رجوع محمد بن أبي بكر إلى مصر ثم هزيمته أمام
جيوش عمرو بن العاص ونهايته المشار إليها في هذا الحديث. وانظر مقتل محمد بن أبي بكر
في التمهيد والبيان لوحة 206 - وتاريخ الطبري 6: 53.
(3) إضافة عن تاريخ الطبري 4: 384 ط المعارف.
1285

عليه التجيبي فأشعره مشقصا فانتضح الدم على هذه الآية: " فسيكفيكهم
الله وهو السميع العليم (1) " فإنها لفي المصحف ما حكت. قال:
وأخذت بنت الفرافصة حليها في جريب فوضعته في حجرها - وذلك
قبل أن يقتل - فلما أشعر - أو قال قتل - تفاجت عليه، فقال
بعضهم: قاتلها الله ما أعظم عجيزتها!! قالت: فعرفت أن أعداء الله
لم يريدوا إلا الدنيا (2).
* حدثنا أحمد بن معاوية قال، حدثنا إسماعيل بن مجالد،
عن الشعبي: أن عثمان رضي الله عنه لما حصر أياما طلبوا إليه أن
يخلع نفسه فأبى، وقال: لا أخلع سربالا سربلنيه الله، ولا أخلع
قميصا كسانيه الله. فقالوا: إن الله سربلك أمة محمد جميعا تسلط
على أموالهم وتستعمل إخوتك وأقربتك عليك التوبة من هذا القول،
لان هذا ليس بميراث عن أبيك، ولا عهد من رسول الله صلى الله
عليه وسلم.... (3) المثوبة منهم، فجاءه طلحة بن عبيد الله، فقال:
ما يبالي عثمان أن يقعدوا على بابه.... (4) أن يدخل علي قال:
نعم قال: أما تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جهز جيش
العسرة فبقي من جهازهم شئ فقال: من تمم جهازهم وجبت له
الجنة. فتممت جهازهم من مالي؟ قال: بلى، ولكنك بدلت. قال:

(1) سورة البقرة، آية 137.
(2) وانظر طبقات ابن سعد 3: 72، 73، 74 - وتاريخ الطبري 5: 125،
126، 131، 132 - والبداية والنهاية 7: 184 - 189. والتمهيد والبيان لوحة
132 - 135، 235 - وتاريخ الخميس 5: 560 - والرياض النضرة 2: 122.
(3) بياض في الأصل بمقدار كلمة ولعلها " فطلب ".
(4) بياض في الأصل بمقدار سطر تقريبا.
1286

أما تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اشترى موضع
هذا البيت فأدخله المسجد بني له بيت في الجنة، فاشتريته من مالي؟
قال: بلى، ولكنك بدلت، فكان لا يعتد بشئ إلا قال طلحة:
بلى ولكنك بدلت.
قال إسماعيل عن نيار عن قيس قال: أخبرني من دخل على طلحة
وعثمان محصور وطلحة مستلق على سرير فقال: ألا تخرج فتنهى
عن قتل هذا الرجل؟ فقال: لا والله حتى تعطي بنو أمية الحق من
أنفسها (1).
قال: وكتب عثمان رضي الله عنه إلى أهل الشام يستمدهم،
فضرب معاوية رضي الله عنه بعثا على أهل الشام أربعة آلاف قائدهم
يزيد بن أسد (بن كرز البجلي (2)) جد خالد القسري. فلما بلغ
الذين حصروه أنه قد استغاث أهل الشام، وقد أقبل إليه أربعة
آلاف خافوا أن يكون بينهم وبين أهل الشام فقال، فعاجلوه،
فأحرقوا الباب، باب عثمان. فلما وفع الباب ألقوا عليه التراب
والحجارة، كان في الدار معه قريب من مائتي رجل، فيهم الحسن
ابن علي، عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم، فاستعمل عثمان
رضي الله عنه على أهل الدار عبد الله بن الزبير، وولى مالك بن
الأخنس الثقفي على الميمنة، ومروان بن الحكم على الميسرة، وهم
بالقتال. فلما رأى الباب قد أحرق خرج إليهم فقال: جزاكم الله
خيرا، قد وفيتم البيعة، وقد بدا لي ألا أقاتل ولا يراق في محجمة

(1) وانظر قول طلحة في تاريخ الطبري 5: 139 من حديث حكيم بن خالد.
(2) الإضافة عن العقد الفريد 4: 298.
1287

من دم، ففتح له سدة في داره فخرجوا منها، وغضب مروان فاختبأ
في بعض بيوت الدار، روجع عثمان رضي الله عنه ففتح المصحف
فقرأ، ودخلت جماعة ليس فيهم أحد من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم، ولا من أبنائهم. فلما وصلوا إليه قاموا خلفه وعليهم
السلاح فقالوا: بدلت كتاب الله وغيرته. فقال: كتاب الله بيني
وبينكم، فضرب رجل بأسهم على منكبه فبدر منه الدم على المصحف
وضربه آخر بقائمة سيفه، وضربه آخر برجله. فلما كثر الضرب
غشي عليه، ونساؤه مختلطات مع الرجال، فصيح النساء حين غشي
عليه، وجئن بماء فمسحن على وجهه فأفاق. فدخل محمد بن أبي بكر
بعد ذلك وهو يرى أنه قد قتل. فلما رآه قاعدا قال: ألا أراكم
قياما حول نعثل!! وأخذ بلحيته فجره من البيت إلى باب الدار
وهو يقول: بدلت كتاب الله وغيرته يا نعثل. فقال عثمان رضي الله
عنه: لست بنعثل ولكني أمير المؤمنين، وما كان أبوك ليأخذ بلحيتي
فقال محمد لا يقبل منا يوم القيامة أن نقول: " ربنا أطعنا سادتنا
وكبراءنا فأضلونا السبيل (1) " ودخل رجل من كندة تجوبي من
أهل مصر مخترطا السيف فقال: اخرجوا اخرجوا، فأخرج الناس
فطعن في بطنه فجاءته امرأته بنت الفرافصة الكلبية تمسك السيف
فقطع أصابعها (2).
* حدثنا محمد بن منصور قال، حدثنا جعفر بن سليمان
الضبعي قال، حدثنا جويرية قال: أرسل عثمان رضي الله عنه إلى

(1) سورة الأحزاب، آية 67.
(2) الكامل لابن الأثير 3: 66 - والبداية والنهاية 7: 184، 185.
1288

معاوية رضي الله عنه يستمده، فبعث معاوية رضي الله عنه يزيد
ابن أسد جد خالد القسري (1)، وقال له: إذا أتيت ذا خشب
فأقم بها (ولا تتجاوزها، ولا تقل الشاهد يرى ما (2)) لا يرى
الغائب قال: أنا الشاهد وأنت الغائب. فأقام بذي خشب حتى قتل
عثمان رضي الله عنه. فقلت لجويرية: لم صنع هذا؟ قال: صنعه
عمدا ليقتل عثمان رضي الله عنه فيدعو إلى نفسه.
* حدثنا محمد بن يحيى قال، حدثني غسان بن عبد الحميد
قال، قدم المسور بن مخرمة على معاوية رضي الله عنه، فدخل
عليه وعنده أهل الشام فقال معاوية رضي الله عنه: يا أهل الشام
هذا من قتلة عثمان، فقال المسور: إني والله ما قتلت عثمان،
ولكن قتله سيرة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وكتب يستمدك
بالجند فحبستهم عنه حتى قتل وهم بالزرقاء (3).
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي مخنف، عن نمير بن وعلة،
عن الشعبي، ومسلمة بن محارب، عن حرب بن خالد بن يزيد
ابن معاوية: أن معاوية رضي الله عنه وجه حبيب بن مسلمة الفهري
في أربعة آلاف إلى عثمان رضي الله عنه، فقدم يزيد بن أسد
ابن جرير في ألف، فلقيه الخبر بقتل عثمان رضي الله عنه بوادي
القرى، أو بذي خشب، فانصرف (4).

(1) هو خالد بن عبد الله بن يزيد القسري أمير العراق. الغدير 9: 150.
(2) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات والمثبت عن المرجع السابق.
(3) الزرقاء: موضع بالشام بناحية معان. (ياقوت).
(4) الكامل لابن الأثير 3: 66.
1289

* وحدثت عن عائشة: أن معاوية رضي الله عنه وجه جيشا
يغيث عثمان رضي الله عنه حين حوصر فقال: شريح القاضي يمدحه
ويحثه:
ألا كل من يدعى حبيبا ولو بدت *
مروته يفدي حبيب بني فهر
همام يقود الخيل حتى كأنما *
يطأن يرضراض الحصى جاحم الجمر (1)
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسيد بن موسى، عن
أبي سلمة، عن يحيى بن سعيد قال، أخبرني بعض أهل العلم:
أن معاوية كتب إلى عثمان رضي الله عنه حين رأى من الناس
ما رأى: هل لك أن أحمل إليك عشرة آلاف من أهل الشام، فمن
أنكرته كانوا أعوانا لك عليه. ويدا معك؟ فقال: لا.
(خبر المغيرة بن الأخنس بن شريق) (*)
* حدثنا سعيد بن عامر قال، أنبأنا أسماء بن عبيد قال،
أتي رجل من الذين حصروا عثمان رضي الله عنه في منامه فقيل له:
بشر قاتل المغيرة بن الأخنس بالنار. فكف يده، فجعل رجل يخرج
من الدار فيحمل على أصحابه، فغاظه فحمل عليه فقتله، فنادى
إنسان: وا مغيرتاه. فقال إنا لله وإنا إليه راجعون، ألا لا أراني
إلا صاحب الرؤيا.

(1) أنساب الأشراف 5: 87 مع اختلاف يسير.
* وانظر في هذا تاريخ الطبري 5: 128 - والغدير 9: 201.
1290

* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا يوسف بن الماجشون
قال، حدثني أبي وغيره: أن رجلا من أهل مصر ضرب المغيرة
ابن الأخنس عند دار عثمان رضي الله عنه بالسيف فقتله، فقال
قائل: تعس المغيرة، فقال الذي ضرب: بل تعس قاتل المغيرة،
إني رأيت مقيلنا أمس نارا توقد فقلت لمن هذه النار؟ فيقال لي:
لقاتل المغيرة، رأيت ذلك ليالي.
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا مسعدة بن اليسع قال،
حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: أن رجلا من أهل مصر جاء
جادا في أمر عثمان بن عفان رضي الله عنه، فرأى في منامه ثلاث
ليال أن قاتل المغيرة بن الأخنس في النار، فسأل عن المغيرة بن الأخنس،
فقالوا: مع عثمان بن عفان، فقال: لأعتزلن هذا الامر، فحصروا
عثمان، فخرج عليهم رجل فهزمهم، ثم عاد فهزمهم - وهو يعين
(والرجل ينظر إليه وقد قتل ثلاثة، فلما قتلهم، عمد الرجل
إلى سيفه (1)) فأخذه ثم حمل فضربه ضربة على رجله. وتصايحت
النساء: يا مغيرتاه!! فقال: من المغيرة؟ فقالوا: ابن الأخنس.
يا ويله، هو الذي قدم إليه فقيل إن قاتله في النار، فما زال بشر
حتى مات.
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى قال،
حدثنا جامع بن صبيح، عن قتادة بن دعامة قال: لما أقبل أهل مصر
رأى رجل منهم في المنام كأن قائلا يقول بشر قاتل المغيرة بن الأخنس

(1) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر والمثبت عن الاستيعاب 1: 258 -
ونهاية الإرب 19: 495.
1291

بالنار - وهو لا يعرف المغيرة - فلم يزل يرى ذلك ثلاث ليال،
فجعل يحدث بذلك أصحابه، فلما كان يوم الدار خرج المغيرة
يقاتل - والرجل ينظر إليه - فخرج إليه رجل فقتله، حتى قتل
ثلاثة، وجعل الرجل يقول: ما رأيت كاليوم، أما لهذا أحد!!
فلما قتل ثلاثة وثب إليه الرجل فحذفه بسيفه فأصاب رجله ثم
ضربه حتى قتله، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن الأخنس.
قال: ألا أراني بصاحب الرؤيا المبشر بالنار!! فلم يزل بشر حتى
مات (1).
* حدثنا على بن محمد، عن علي بن مجاهد، عن إسماعيل
ومجالد، عن الشعبي بنحو من الأحاديث الأول، قال: وجعل المغيرة
يحمل عليهم ويتمثل:
قد علمت جارية عطبول * لها وشاح ولها حجول
أني بنصل السيف حنشليل (2) * لأمنعن منهم خليلي
بصارم ليس بذي فلول
* قال علي، عن أبي يوسف - شيخ من أهل المدينة - قال:
نزف المغيرة حتى صار كأنه جرادة صفراء، وما يقوم إليه أحد
حتى مات.
* حدثنا علي، عن ابن عمرو، عن إبراهيم بن محمد بن سعد،

(1) الاستيعاب 1: 258 - وأسد الغابة 4: 406 - وتاريخ الطبري 5: 129.
(2) حنشليل: أي عمول به. والرجز في لسان العرب 13: 236 - وتاريخ الطبري
5: 128 - والاستيعاب 1: 258 - وكامل بن الأثير 3: 68 - ونهاية الإرب 19: 258
والغدير 9: 199.
1292

عن أبيه قال: قال المغيرة لعثمان رضي الله عنه حين أحرقوا بابه:
ما يقول الله إذا خذلناك؟! وخرج بسيفه وقال:
لما تهدمت الأبواب واحترقت * يممت منهن بابا غير محترق
حقا أقول لعبد الله آمره * إن لم تقاتل لدى عثمان فانطلق
والله أتركه ما دام بي رمق * حتى يزايل بين الرأس والعنق
هو الامام فلست اليوم خاذله * إن الفرار علي اليوم كالسرق (1)
وحمل على الناس، فضربه رجل على ساقه فقطعها، ثم قتله،
فقال رجل من بني زهرة لطلحة بن عبيد الله: قتل المغيرة بن الأخنس.
قال: قتل سيد حلفاء قريش. واحتمل إلى داره فدفن بها.
* حدثنا علي بن محمد، عن علي بن مجاهد، عن فطر
ابن خليفة قال: بلغني أن الذي قتل المغيرة تقطع جذاما بالمدينة (2).
* حدثنا علي، بن أبي زكرياء العجلان، عن محمد بن المنكدر
قال: أم المغيرة خالدة بنت أبي العاص بن أمية، قال رجل من ولده،
فخال رسول الله خالي وجده أبو أمه جدي. فطاب الأواصر.
وقال الوليد بن عقبة:
وآليت جهدا لا أبايع بعده * إماما ولا أرعى لما قال قائل
ولا أبرح البابين ما هبت الصبا * بذي رونق قد أخلفته الصياقل
حسام شديد المتن ليس بعائد * إلى الجفن ما هبت رياح شمائل (3)

(1) والشعر في التمهيد والبيان لوحة 185، 186 - ونهاية الإرب 19: 495 -
والاستيعاب 1: 258.
(2) الاستيعاب 1: 258 - ونهاية الإرب 29: 495 - وأسد الغابة 4: 406.
(3) في الأصل: " إلى الجفن ما هبت رياح الشمائل " ويلزمه الاقواء ولعل الصواب
ما أثبت - والابيات في التمهيد والبيان لوحة 201 مع اختلاف يسير منسوبة لعبد الله
ابن وهب بن زمعة بن الأسود في رثاء عثمان.
1293

أقاتل من دون ابن عفان إنه * إمام وقد جاشت عليه القبائل (1)
* حدثنا عفان قال، حدثنا سليم بن أخضر، عن ابن عون
عن إبراهيم قال: لما نزلت " إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم
يوم القيامة عند ربكم تختصمون (1) " قالوا: منا خصومة ما بيننا
ونحن إخوان؟ فلما قتل ابن عفان قالوا: هذه خصومة ما بيننا.
* حدثنا أبو الربيع قال، حدثنا حماد بن زيد، عن ابن عون،
عن إبراهيم بمثله.
* حدثنا أبو الربيع الزهراني قال، حدثنا يعقوب القمي،
عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر رضي الله عنهما
قال: نزلت علينا الآية " ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون (2) "
وما ندري ما نفسرها حتى وقعت الفتنة، فقلنا هذا الذي وعدنا
أن نختصم فيه.
* حدثنا حيان بن بشر عن يحيى بن آدم قال، حدثنا حفص،
عن الأعمش، عن أبي طالح قال: أظنه عن عطاء بن يسار قال:
خرج عثمان رضي الله عنه والمسجد يبنى، فجعل يطوف فيه وكعب
جالس، فقال كعب: والله لوددت أنه لا يبنى منه برج إلا سقط
البرج الذي يليه. فقيل له: أتقول هذا لمسجد رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وأنت تقول إن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في غيره؟!

(1) سورة الزمر، الآيتان 30، 31.
(2) سورة الزمر، آية 31.
1294

قال: وأنا أقول ذاك، ولكن قد حضرت فتنة ليس بينها وبين أن
تقع (على (1)) الأرض إلا شبر، ولو قد فرغ من بناء هذا المسجد
قتل هذا الشيخ - لعثمان رضي الله عنه - ثم وقعت الفتنة حتى يحل
القتل ما بين عدن أبين (2) إلى أبواب الروم.
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا نعيم بن حماد قال،
حدثنا ابن المبارك قال، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح قال:
قال كعب ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم يبنى! والله لوددت أنه
لا يفرغ من برج إلا سقط برج، فقيل له يا أبا إسحاق أما كنت
تحدثنا أن صلاة فيه أفضل من ألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام؟
قال: بلى، وأنا أقول ذلك الآن، ولعن الله فتنة نزلت من السماء
ليس بينها وبين أن تقع إلا شبر، ولو قد فرغ من بناء هذا المسجد
وقعت، وذلك عند قتل هذا الشيخ عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فقال رجل: وهل قاتله إلا كقاتل عمر رضي الله عنه؟ قال: بل مائة
ألف أو يزيدون، ثم يحل القتال ما بين عدن أبين إلى دروب الروم (3).
* حدثنا محمد بن بكار قال، حدثنا أبو معشر، عن محمد
ابن قيس قال: قال رجل لما قتل (عثمان: لا تنتطح فيه عنزان فقال
كعب (4)): والذي نفسي بيده ليقتلن به رجال في أصلاب آبائهم.

(1) إضافة على الأصل.
(2) عدن أبين.
(3) التمهيد والبيان لوحة 169.
(4) هذه العبارة في الأصل بخط مغاير وقد وضع فوق كلمة عثمان (ولا ننطح)
وكلمة كعب حرف " ط " دلالة على الشك والظن، هذا القول لعبد الله بن سلام في البداية
والنهاية 7: 194.
1295

* حدثنا أحمد بن معاوية، عن أبي عبد الرحمن - شيخ
من أهل الكوفة - قال، أنبأنا إسماعيل، ومجالد، عن قيس
ابن أبي حازم قال: نزل بي أعرابي من الحي من أحمس فانصرفت
به إلى المنزل فلم آله تكرمة. فقال: أكل الحي يجد ما أرى؟
فقلت: إن أخسهم عيشا لن يشبع من الخبز والتمر. قال: أقسم
بالله لئن كنت صادقا ليوشكن أن تقتتلوا، فإن العرب - والله -
ما زالت إذا شبعت اقتتلت. قال قيس: فما لبثت إلا أربعة أشهر
حتى قتل عثمان رضي الله عنه ونزي بين علي ومعاوية رضي الله عنهما
فاقتتل الناس يوم الجمل (1) وصفين (2) ونهروان (3).
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا يونس بن الماحشون
قال: حدثني أبي وغيره: أن الذي دخل على عثمان رضي الله عنه
محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة، وأن محمد بن أبي بكر
أخذ بلحيته فقال عثمان رضي الله عنه: أرسلها يا ابن أخي فوالله
لو كان أبوك ما أخذ بها (4).
* حدثنا عمرو بن الحباب قال، حدثنا عبد الملك بن هارون
ابن عبيدة، عن أبيه، عن جده قال: دخل عليه محمد بن أبي بكر

(1) وانظر في يوم الجمل تاريخ الطبري 5: 202 - 223 - والكامل لابن الأثير
3: 86 - 93.
(2) وانظر فيها تاريخ الطبري 5: 236 - 6: 36 - والكامل لابن الأثير،
3: 118 - 140.
(3) وانظر تاريخ الطبري 6: 40 - 52 - والكامل لابن الأثير 3: 144 - 152.
(4) طبقات ابن سعد 3 / 1: 51 - تاريخ الطبري 5: 132 - تاريخ الخميس
2: 263 - ونهاية الإرب 19: 499. والتمهيد للباقلاني ص 217.
1296

فشتمه، فقال له عثمان رضي الله عنه: ابن أخي لو كان أبوك
ما قام هذا المقام اتئد أخبرك، ثم افعل ما أراك الله، أنشدك الله
هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني ابنتيه إحداهما
بعد الأخرى ثم قال: ألا أبو أيم أو أخو أيم يزوج عثمان،
فلو كان عندنا شئ لزوجناه (1)؟ قال: نعم. قال: فأنشدك الله
هل تعلم أن المسلمين ظمئوا ظمأ شديدا فاحتفرت بئرا فأعطيت
عليها النفقة ثم جعلتها صدقة على المسلمين القوي فيها والضعيف
سواء؟ (2) قال: نعم قال فأنشدك الله هل تعلم أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: من يشتري هذا النخل فيقيم به قبلة المسلمين - وكان
نخلا لبني النجار - فاشتريته بمال عظيم فأقمت به قبلة المسجد،
وضمن لي رسول الله صلى الله عليه سلم نخلا في الجنة؟ قال: نعم.
قال فأنشدك الله هل تعلم أني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
على جبل حراء فرجف فضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدمه
وقال: أثبت حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد،
وعلى الجبل يومئذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر
وعثمان وعلي وطلحة والزبير (3)؟ قال: نعم. قال فأنشدك الله هل
تعلم أن الميرة انقطعت عن المدينة حتى جاع الناس فخرجت إلى
بقيع الغرقد فوجدت خمس (4) عشرة راحلة عليها طعام فاشتريتها

(1) منتخب كنز العمال 5: 5.
(2) منتخب كنز العمال 5: 11 باختلاف يسير.
(3) الاستيعاب 2: 588 - ومنتخب كنز العمال 5: 27 - والبداية والنهاية،
7: 201.
(4) في الأصل " خمسة عشر " - وانظر الرياض النضرة 2: 99.
1297

فحبست منها ثلاثا وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم باثنتي عشرة،
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله لك فيما أمسكت
وبارك الله لك فيما أعطيت؟ قال: نعم. قال فأنشدك الله هل تعلم
أني جئت بالدراهم فصببتها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت: استعن بها. فقال لي: ما يضر عثمان ما عمل بعد اليوم (1)؟
قال نعم. قال: فكيف تقتلني؟! قال: لا والله لا ألقى الله بدمك
أبدا. قال فدخل عليه آخر، فقال له مثل ذلك، فقال له: لا والله
لا ألقى الله بدمك أبدا. قال فقالوا: لا يقتله إلا من لا يناظره
الكلام، فدخل عليه رجل من تجيب من أهل مصر فقال له:
اتئد فأخبرك. قال: لا أسمع كلامك، ومعه قوس له عربية فضرب
بها رأس عثمان رضي الله عنه، قال فوقع فتلقاه بمشاقصه فنحره -
وتحت عثمان يومئذ بنت (2) شيبة بن ربيعة، فشقت جيبها وصاحت،
فخرج غلام لعثمان رضي الله عنه حبشي فلما رأى مولاه قتيلا أخذ
السيق ثم تبعه فلم يخرج من الدار حتى قتله. قال أبي: فأتى على
الناس زمان إذا كان بين رجلين منازعة قال: أنا إذا أشر من قاتل
عثمان.
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى قال،
حدثنا محمد بن طلحة قال، حدثني كنانة مولى صفية (بنت حيي
ابن أخطب (3) قال: شهدت مقتل عثمان رضي الله عنه، فأخرج

(1) الرياض النضرة 2 - 99 - والبداية والنهاية 7: 201.
(2) هي رملة بنت شيبة بن ربيعة - تاريخ الطبري 5: 148.
(3) إضافة للتوضيح عن الاستيعاب 2: 498. والخبر هناك سندا ومتنا.
1298

من الدار أربعة من شباب قريش مدرجين محمولين كانوا يدرؤون
عن عثمان رضي الله عنه، فذكر الحسن بن علي، وعبد الله بن الزبير،
(ومحمد بن (1)) حاطب، ومروان بن الحكم رضي الله عنهم (2)،
فقلت له: هل ندي (3) محمد بن أبي بكر بشئ من دمه؟ فقال:
معاذ الله، دخل عليه فقال له عثمان رضي الله عنه: لست بصاحبي،
وكلمه بكلام فخرج ولم يند بشئ من دمه. فقلت لكنانة:
من قتله؟ قال رجل من أهل مصر يقال له جبلة بن الأيهم (4)،
ثم طاف بالمدينة ثلاثا يقول: أنا قاتل نعثل: فأين كان علي رضي الله
عنه؟ قال: في داره. فهذان الحديثان يبرئان محمد بن أبي بكر من
أن يكون نوى قتل عثمان رضي الله عنه، وسائر الأحاديث جاءت
بخلافهما.
* حدثنا عفان قال، حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى
ابن سعيد، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: كنت مع عثمان
رضي الله عنه وهو محصور في الدار، فقال: يا ابن عمر قم فاحرس
الدار. فقام ابن عمر وقام معه ابن سراقة وابن مطيع وابن نعيم في
رهط من بني عدي، فأتى ابن عمر رضي الله عنهما الدار ففتح
فذكرهم، فأخذوا بتلبيب ابن عمر رضي الله عنهما. ثم دخلوا

(1) إضافة للتوضيح عن الرياض النضرة 2: 171.
(2) في الأصل عنه.
(3) ندى الشئ من دمه. أي رجع به أو أصاب منه شيئا (المعجم الوسيط)،
وفي الرياض النضرة 2: 171 " هل تدمى محمد بن أبي بكر بشئ من دمه؟ ".
(4) وانظر طبقات ابن سعد 3: 84 - والرياض النضرة 2: 172.
1299

فقتل (عثمان (1)) وما شعر. قال عبد الله: فدخلت فإذا هو
رجل قاعد مسند ظهره إلى سرير عثمان في عنقه السيف، وإذا خلفه
امرأة عثمان بنت شيبة بن ربيعة فسمعتها تقول: يا ابن فلان
- تعني ابن أبي بكر - امنعنا اليوم. فقال: في القسم أنتن
الآل.
* حدثنا سليمان بن حرب قال، حدثنا حماد بن زيد قال،
حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا عبد الله بن عامر بن ربيعة بمثله،
إلا أنه لم يقل يعني ابن أبي بكر. وهذا الاسناد قوي لا يشبه إسنادي
الحديثين الأولين.
* حدثنا علي بن محمد، عن عيسى بن يزيد، عن عبد الواحد
ابن عمير، عن ابن الجراح مولى أم حبيبة قال: كنت مع عثمان
رضي الله عنه في الدار. فما شعرت وقد خرج محمد بن أبي بكر
ونحن نقول هم في الصلح، إذا بالناس قد دخلوا من الخوخة وتدلوا
بأمراس الحبال من سور الدار ومعهم السيوف، فرميت بسيفي
وجلست عليه، وسمعت صياحهم، فإني لأنظر إلى مصحف في يد
عثمان رضي الله عنه: إلى حمرة أديمه، ونشرت نائلة بنت الفرافصة
شعرها، فقال لها عثمان رضي الله عنه: خذي خمارك فلعمري
لدخولهم علي أعظم من حرمة شعرك، وأهوى الرجل لعثمان بالسيف،
فاتقاه بيده، فقطع إصبعين من أصابعها، ثم قتلوه وخرجوا يكبرون،
ومر بي محمد بن أبي بكر فقال: مالك يا عبد أم حبيبة، ومضى
فخرجت.

(1) إضافة يقتضيها السياق.
1300

* حدثنا على (بن محمد (1))، عن أبي زكريا (العجلان (1))
عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنت مع عثمان
رضي الله عنه في داره يوم قتل، ولو أذن......... (2)
يا عبد الله قم فأعطهم ما أرادوا، فأشرفت عليهم فقلت: أنا عبد الله
ابن عمر، وأنا صائر لكل ما تريدون. فلم يسمعوا مني، ودخلوا،
ودخل محمد بن أبي بكر معه مشاقص، فقال له عثمان رضي الله عنه:
ابن أخي ما كان أبوك ليدخل علي. فقال: أما الآن فأنا ابن أخيك،
وقبل فأنا ابن شر بيت في قريش!! وضربه بمشاقص في أوداجه،
وجاء أسودان بن حمران فنفحه (3) بحربة في يده.
* أخبرنا علي بن محمد، عن المبارك، عن الحسن، عن
وثاب مولى عثمان قال: رأيت رجلا جذب بلحيته، فقال: إنك
لتجذب لحية كان يعز على أبيك أن يجذبها.
* حدثنا علي بن أبي المقدام، عن الحسن قال، حدثني بواب
عثمان: أن محمد بن أبي بكر، وجأ عثمان رضي الله عنه بمشاقص
في أوداجه.
* حدثنا علي، عن أبي مخنف، عن عبد الملك بن نوفل
ابن مساحق قال: كان المحمدون الذين سمعوا على عثمان: محمد

(1) إضافة للتوضيح عن السند الخاص بخبر نيار الخير ونيار الشر.
(2) بياض في الأصل بمقدار ثلث سطر والسياق يقتضي " ولو أذن لمن في الدار
لقاتلوهم وهزموهم ولكن عثمان عزم على من معه ألا يقاتلوا وطلب من عبد الله بن عمر
رضي الله عنهما أن يكلم الناس وأن يعطيهم ما أرادوا ".
(3) نفحه بحربة أو بالسيف: ضربه.
1301

ابن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أبي سبرة
ابن أبي وهم. وكان أبو أيوب ممن أعان على عثمان رضي الله عنه،
فكتب إلى معاوية رضي الله عنه ما جئتك مالا (1) تنسى، إن المرأة
لا تنسى أبا عذرتها ولا قاتل بكرها.
* حدثنا علي بن محمد، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن
محمد بن شهاب قال: لما انتصف النهار من يوم الجمعة لم يبق
في دار عثمان رضي الله عنه إلا نفر يسير - وقيل ذلك - فأقبل
المغيرة بن الأخنس بن شريق. ودعا عثمان بمصحفه فهو يتلوه إذ
دخل عليه داخل وقد أحرق باب الدار. فقال عثمان: ما أدخلك
علي، لست بصاحبي. قال: ولم؟ قال: لأنك سألت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يوم قسم مال البحرين فلم يعطك شيئا، فقلت:
يا رسول الله استغفر لي إذ لم تعطني. فقال: غفر الله لك. فوليت
منطلقا وأنت تقول: هذا أحب إلي من المال، فأنى تسلط على دمي
بعد استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لك؟! فولى الرجل ترعد
يداه (2). وانتدب له ابن أبي بكر، فلما دخل على عثمان رضي الله عنه
قال له: أنت خليق، كان الرجل من أصاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا ولد له ولد عق عنه اليوم السابع وحلق رأسه ثم
حمله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدعو له ويحنكه، وإن
أبا بكر حملك ليأتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فملأت

(1) كذا في الأصل ولعلها " ما جئتك لما لا تنساه " وقد كتبت كلمة " تنسى " بالألف
" تنسا ".
(2) تاريخ الطبري 5: 130 - وكامل ابن الأثير 43: 68.
1302

خرقك فاستحى أبو بكر رضي الله عنه أن يقربك إليه صلى الله عليه
وسلم على ذلك الحال، فردك كما أتى بك. فأنت صاحبي. فتناول
لحيته وقال: يا نعثل. فقال: بئس الوضع وضعت يدك، ولو كان
أبوك مكانك لأكرمني أن يضع يده مكان يدك. فأهوى بمشاقص
كانت معه إلى وجهه، وهو يريد بها عينيه، فنزلت فأصابت
أوداجه - وهو يتلو القرآن ومصحف في حجره - فجعل
يتكفف (1) الدم فإذا راحته منه نفحه وقال: اللهم ليس لهذا طالب
......... (2) في شراسيف (3) عثمان حتى خالط
جوفه، ودخل عمرو بن الحمق، وكنانة بن بشر، وابن رومان،
وعبد الرحمن بن عديس فمالوا عليه بأسيافهم حتى قتلوه. وخرج
خارج إلى المسجد فأخبره بقتله، فقال قائل: ما أظنكم فعلتم،
فعودوا. فعادوا - وقد حسرت نائلة بنت القرافصة عن رأسها
لتكفهم - فاقتحموا، فقالت: يا أعداء الله، وكيف لا تدخلون
علي وقد ركبتم الذنب العظيم!! وتناولت سيف أحدهم فاجتذبه
فقطع إصبعين من أصابعها (4).
* حدثنا محمد بن يوسف بن سليمان، وأحمد بن منصور
الرمادي قالا: حدثنا هشام بن عمار بن نصير السلمي قال، حدثنا
محمد بن عيسى (بن القاسم (5)) بن سميع القرشي قال، حدثني

(1) يتكفف الدم: أي يأخذه ويتلقاه بكفه.
(2) بياض في الأصل بمقدار سطر وثلث.
(3) شراسيف وشراسف جمع شرسوف وهو الطرف اللين من عظم البطن.
(4) وبمعناه في الاستيعاب 2: 490 - والبداية والنهاية 7: 184، 185.
(5) الإضافة عن الخلاصة 293.
1303

ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: أشرف عثمان
رضي الله عنه على الناس وهو محصور فقال: أفيكم علي؟ قالوا: لا.
قال: أفيكم سعد؟ قالوا: لا. فسكت ثم قال: ألا أحد يبلغ فيسقينا
ماء؟ فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة،
فما كادت تصل إليه حتى جرح في سببها عدة من موالي بني هاشم
وموالي بني أمية حتى وصلت إليه، وبلغ عليا رضي الله عنه أن عثمان
يراد قتله فقال: إنما أردنا منه مروان، فأما قتله فلا، وقال للحسن
والحسين: اذهبا بنفسيكما حتى تقوما على باب دار عثمان، فلا
تدعا واحدا يصل إليه. وبعث الزبير ابنه وبعث طلحة ابنه على كره
منه، وبعث عدة من أصحاب محمد أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا
على عثمان، ويسألونه إخراج مروان، فلما رأى ذلك محمد بن
أبي بكر ورمى الناس فيهم بالسهم حتى خضب الحسن بالدماء على
بابه، وأصاب مروان سهم وهو في الدار، وخضب محمد بن طلحة
وشج قنبر، وخشي محمد بن أبي بكر أن يغضب بنو هاشم لحال
الحسن والحسين فأخذ بيد رجلين وقال لهما: إن جاءت بنو هاشم
فرأوا الدماء على وجه الحسن كشفوا الناس عن عثمان، وبطل
ما تريدان، ولكن مرا بنا حتى نتسور عليه الدار فنقتله من غير أن
يعلم بنا أحد. فتسور محمد بن أبي بكر وصاحباه من دار رجل من
الأنصار حتى دخلوا على عثمان رضي الله عنه، وما يعلم أحد ممن
كان معه، لان كل من كان معه كان فوق البيوت، فلم يكن معه
إلا امرأته. فقال لهما محمد بن أبي بكر: مكانكما حتى أبدأ بالدخول،
فإذا أنا خبطته فادخلا فتوجئاه حتى تقتلاه. فدخل محمد فأخذ
1304

بلحيته، فقال له عثمان رضي الله عنه: أما والله لو رآك أبوك لساءه
مكانك مني. فتراخت يده، وحمل الرجلان عليه فوجآه حتى قتلاه،
وخرجوا هاربين من حيث دخلوا، وصرخت امرأته فلم يسمع صراخها
لما في الدار من الجلبة، فصعدت امرأته إلى الناس فقالت: إن أمير
المؤمنين قد قتل. فدخل الحسن والحسين ومن كان معهما فوجدوا
عثمان رضي الله عنه مذبوحا (فانكبوا (1)) عليه يبكون، وخرجوا،
ودخل الناس فوجدوه مقتولا، وبلغ عليا الخبر وطلحة والزبير وسعدا
ومن كان بالمدينة، فخرجوا، وقد ذهبت عقولهم للخبر الذي أتاهم،
حتى دخلوا عليه فوجدوه مذبوحا، فاسترجعوا. وقال علي رضي الله عنه
لابنيه: كيف قتل وأنتما على الباب؟ ولطم الحسن وضرب الحسين،
وشتم محمد بن طلحة، ولعن عبد الله بن الزبير، وخرج وهو
غضبان يرى أن طلحة أعان على ما كان من أمر عثمان، فلقيه طلحة
فقال: ما لك يا أبا الحسن ضربت الحسن والحسين؟ فقال عليك
لعنة الله (أبيت (2)) إلا أن يسوءني ذاك، يقتل أمير المؤمنين، رجل
من أصحاب محمد، بدري لم تقم عليه بينة ولا حجة!! فقال طلحة:
لو دفع إلينا مروان لم يقتل. فقال علي رضي الله عنه: لو أخرج
إليكم مروان لقتل قبل أن تثبت عليه حكومة. ودخل منزله (3).

(1) بياض بمقدار كلمة والمسند عن الرياض النضرة 2: 166.
(2) في الأصل " عليك لعنة الله ألا يسوءني ذلك " ولعل الإضافة يستقيم بها السياق -
وفي المرجع السابق " عليك كذا وكذا، رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
بدري لم تقم عليه بينة ولا حجة " وانظر أنساب الأشراف 5: 69، 70 - والإمامة
والسياسة ص 71 - وتاريخ الخميس 2: 263 - وتاريخ الخلفاء ص 159.
(3) والحديث في الرياض النضرة 2: 165، 166.
1305

وهذا حديث كثير التخليط، منكر الاسناد، لا يعرف صاحبه
الذي رواه عن ابن أبي ذئب، وأما ابن أبي ذئب ومن فوقه فأقوياء.
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى، عن
أبي سلمة جامع بن صبيح، عن يحيى بن سعيد قال، أخبرني يعقوب
ابن عبد الله بن إسحاق، عن عبد الله بن فروح قال: كنت مع
طلحة بمكان من المدينة يقال له حش طلحة، فقل لي ولابن أخيه
عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الله: انطلقا فانظرا ما فعل الرجل،
فانطلقنا حتى دفعنا إلى علي وهو القاعد بمكان من المدينة جالس معتجر
ببرد أحمر، محتب (1) بسيفه، فمضينا فإذا أم حبيبة، فقال الناس:
أم حبيبة، فأرادت الدخول على عثمان رضي الله عنه فمنعت،
فرجعنا معها حتى انتهت إلى علي فرحب بها، فقالت: يا علي أجر
أهل الدار. قال: قد أجرتهم، فانصرفت، فإذا المغيرة بن الأخنس
مقتول وإذا غلامه الأسود صاحب الباب قتيل، فدخلنا فإذا المصرية
تجول في الدار، وإذا هو مسجى بثوب أبيض، وإذا امرأته الكلبية
بنت الفرافصة عاصبة يدها قد جرحت تندبه، فقلنا ما ننظر؟!
فرجعنا إلى طلحة فأخبرناه، فقال: قوموا إلى صاحبكم فواروه.
فانطلقنا فجمعنا عليه ثيابه كما يصنع بالشهيد، ثم أخرجناه نصلي
عليه، فقالت المصرية: والله لا يصلى عليه. فقال أبو الجهم بن
حذيفة: والله إن عليكم ألا تصلوا عليه، قد - والله - صلى الله عليه (2)

(1) في الأصل " محتبى ".
(2) في الرياض النضرة 2: 173 " فقال أبو جهم بن حذيفة: دعوه فقد صلى عليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
1306

فنهزوه ساعة بنعال سيوفهم حتى ظننت أن قد قتلوه.
ثم أرادوا دفنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكان قد
استوهب عائشة رضي الله عنها موضع قبره فوهبته - فأبوا وقالوا:
ما سار سيرتهم فيدفن معهم. فدفن في مقبرة كان اشتراها، فزادها
في المقبرة، فكان أول من قبر فيها. قال أسد: فأخبرني أبو سعد
سعيد بن المرزبان: أن عمرو بن عثمان صلى عليه يومئذ (1).
* حدثنا إبراهيم (بن المنذر (2)) قال، حدثنا عبد الله بن
وهب (عن) الليث بن سعد قال: كان أشد الناس على (عثمان)
المحمدون، محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة، ومحمد
ابن عمرو بن حزم.
قال ابن وهب، وحدثني ابن لهيعة: أن محمد بن أبي بكر
الذي طعن عثمان بالمشقص، ورومان بن سودان الذي قتله (3).
* حدثنا سليمان بن أيوب صاحب الكراء قال، حدثنا أبو
عوانة، عن المغيرة بن زياد الموصلي، عن أبي الزبير، عن جابر بن
عبد الله رضي الله عنهما قال: أتاه القوم فاجتمعوا حوله، فأتاه حبشي
منهم فوجأ بين ثديه الأيمن بمشقص أو بمشاقص في يده، وفي حجره
المصحف، وكان شيخا كبيرا فمال فقتل.
* حدثنا عفان قال، حدثنا أبو محصن قال، حدثنا حصين
ابن عبد الرحمن قال، حدثني جهيم قال: أنا شاهد، دخل عليه

(1) الرياض النضرة 2: 173.
(2) إضافة عن الخلاصة ص 22، 218.
(3) مجمع الزوائد 9: 94 - والغدير 9: 206.
1307

عمرو بن بديل الخزاعي والتجيبي يطعنه أحدهما بمشقص في أوداجه،
وعلاه الآخر بالسيف فقتلوه.
* حدثنا عبد الملك بن الصباح، عن عمران - يعني ابن جرير -
عن عبد الله بن شقيق قال: أول من أشعر عثمان رضي الله عنه رومان
اليمامي (1)، ضربه بصولجان.
* حدثنا عاصم بن علي قال، حدثنا أبو خيثمة، عن كنانة
قال: رأيت قاتل عثمان رضي الله عنه في الدار رجلا من أهل مصر
باسطا يده - أو رافعا يده - يقول أنا قاتل نعثل، اسمه جبلة (2).
* حدثنا علي بن محمد، عن عوانة، عمن حدثه، عن الشعبي
قال: أول من رمى عثمان رضي الله عنه نيار بن عياض الأسلمي،
وجأه بمشاقص كانت تعتلي وجهه (3).
* حدثنا علي بن محمد، عن أبي زكريا العجلاني بمثله. قال:
وكان بالمدينة نياران نيار الخير ونيار الشر،، فكان الناس يقولون
أيهما دهاه، أنيار الخير أم نيار الشر (4)؟
* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال،
أخبرني ابن لهيعة أن أبا الأسود حدثه قال: سمعت شداد بن قيس
يقول: إن رومان من أهل الشام، وإنه كان يأخذ العطاء في نمرة بالسوق.

(1) في الأصل " اليماني " وانظر الاستيعاب 2: 390.
(2) المستدرك 3: 106 - وطبقات ابن سعد 3: 84.
(3) الرياض النضرة 2: 162 مع اختلاف يسير.
(4) وفي أنساب الأشراف 5: 83 " وهما نيار بن عياض الأسلمي، ونيار بن
عبد الله الأسلمي - وانظر تاريخ الطبري 5: 130.
1308

* قال وهب، وحدثني ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافري
قال، حدثني رجل منا قال: كان الذي قتل عثمان رضي الله عنه
..... (1) فقال تبيع: إن ذراعي هذا يأتيان يوم القيامة،
مشتعلين نارا.
* حدثنا قريش بن أنس، عن التميمي، عن أبي نضرة،
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: لما قدم المصريون دخلوا على عثمان
رضي الله عنه فضرب ضربة على يده بالسيف، فقطر من دم يده
على المصحف وهو بين يديه يقرأ فيه، على " فسيكفيكهم الله (2) "
قال: وشد يده وقال: إنها لأول يد خطمت المفصل (3).
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا يوسف بن الماجشون
قال، حدثني أبي قال: جلس (عثمان يقرأ في (4)) المصحف،
فكان مما وقع عليه الدم من المصحف: " فسيكفيكهم الله وهو السميع
العليم (5) ".
* حدثنا.... (6) قال، حدثنا عمرو بن قسط الرقي قال،
حدثنا الوليد بن مسلم قال، حدثنا عبد الملك بن محمد قال، حدثنا
ثابت بن العجلان قال، حدثني سليم أبو عامر قال: كنت حاضرا

(1) كلام غير واضح بمقدار كلمتين.
(2) سورة البقرة، آية 137.
(3) تاريخ الطبري 5: 136 - والعقد الفريد 4: 292 - والرياض النضرة،
2: 161.
(4) إضافة يقتضيها السياق.
(5) سورة البقرة، آية 137 - وانظر نهاية الإرب 19: 497.
(6) بياض بمقدار كلمة - وعمر بن شبة يحدث عن عمرو بن قسط عن الوليد بن
مسلم، وعن عمرو بن قسط عن عبيد الله بن عمرو - وانظر ص 586 وص 505.
1309

حين حصر عثمان، فأخذ المصحف يقرأ فيه، فدخل عليه، فضرب
فقطرت قطرة من دمه على: " فسيكفيكهم الله (1) ".
* حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة الشعيري، عن سالم بن
الأشعث العدوي،، عن عمرو، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
أول قطرة من دم عثمان رضي الله عنه على " فسيكفيكهم
الله ".
* حدثنا الأشعث بن سالم بن الأشعث العدوي قال، حدثني
أبي، عن عمرة بنت قيس قالت: رأيت على مصحف عثمان رضي
الله عنه " فسيكفيكهم الله " قطرة من دم (2).
* حدثنا الحسن بن عثمان قال، حدثنا عمر بن أبي خليفة
قال، حدثتنا أم يوسف بنت ناهك، عن أمها قالت: دخلت على
عثمان رضي الله عنه الدار وهو محصور في حجره المصحف، وهم
يقولون اعتزلنا، وهو يقول: لا أخلع سربالا سربلنيه الله (3).
* حدثنا عبد الملك بن الصباح، عن عمران - يعني ابن
حديراء - عن عبد الله بن شقيق قال، أول قطرة قطرت من دم
عثمان رضي الله عنه على " فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم (4) ".

(1) أنساب الأشراف 5: 83 - والآية رقم 137 - سورة البقرة.
(2) الكامل لابن الأثير 3: 69.
(3) طبقات ابن سعد 3: 50 - والبداية والنهاية 7: 184 - والعقد الفريد،
4: 293.
(4) سورة البقرة، آية 137 - وانظر الاستيعاب 2: 490 - والبداية والنهاية
7: 186.
1310

* حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا سعدان بن بشر قال، حدثنا
أبو محمد الأنصاري قال: شهدت عثمان رضي الله عنه وهو يقتل،
فجاء رجل من كندة فضربه بمشقص على أوداجه فرأيت الدم ينبعث
على المصحف (1).
* حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا سعدان بن بشر قال، حدثنا
أبو محمد الأنصاري قال: جاءت صفية وعثمان رضي الله عنه محصور
فقالت: ما نقمتم على أمير المؤمنين فأنا له ضامنة. فجاء الأشتر
فقال: من هذه؟ قال: صفية فجعل يضرب وجه بغلتها بالسوط
حتى رجعت. فقال أبو عاصم حين حدثنا بهذا الحديث: لوددت
أن تدعو (عليه (2)) والله كانت قطعته حين يستخف بحرمة رسول
الله صلى الله عليه وسلم.
* حدثنا علي بن الجعد قال، حدثنا زهير بن معاوية قال،
حدثنا كنانة مولى صفية قال: كنت أقود بصفية بنت حيي لترد
عن عثمان رضي الله عنه، فلقيها الأشتر فضرب وجه بغلتها حتى
مالت وحتى قالت: ردوني لا يفضحني هذا الكلب، فوضعت خشبا
بين منزلها ومنزل عثمان رضي الله عنه تنقل إليه الطعام والشراب.
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى قال،
حدثنا محمد بن طلحة قال، حدثني كنانة مولى صفية بنت حيي
ابن أخطب قال: شهدت مقتل عثمان رضي الله عنه، فأنا يومئذ
ابن أربع عشرة سنة، فأمرتنا صفيه رضي الله عنها أن نرحل لها

(1) البداية والنهاية 7: 185.
(2) إضافة على الأصل.
1311

بغلة بهودج، فرحلنا لها، فكنا حولها حتى أتينا باب عثمان رضي
الله عنه فوجدنا الأشتر وأناسا معه فقال لها الأشتر: ارجعي إلى بيتك
فأبت.... (1) فلما رأت ذلك قالت: ردوني ردوني.
* حدثنا علي بن محمد، عن شيخ من الأزد، عن عبد الملك
ابن نوفل بن مساحق، عن أبيه قال: جاءت أم حبيبة زوج النبي
صلى الله عليه وسلم على رحالة مستورة معها إداوة فيها ماء فقالت:
دعوني أدخل على عثمان. قالوا: لا. قالت: إنه كان صاحب وصايا
بني أمية وفي حجره كان يحتوي أيتامهم، وقد حصرتموه - فدعوني
أسأله فأذنوا لها فسقته (2).
* حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى، عن
أبي هلال، عن حميد بن هلال: أن أم حبيبة أم المؤمنين دخلت
على عثمان رضي الله عنه - وهي في خدرها، وهو محصور - فاطلع
رجل منهم في خدرها فنعتها للناس، فقالت: ماله قطع الله يده
وهتك عورته!! قال فخرج في بعض تلك الهزاهز (3) فقطعت يده،

(1) بياض في الأصل بمقدار ثلث سطر ويوضحه الخبر السابق.
(2) وفي تاريخ الطبري 5: 127 - والتمهيد والبيان لوحة 119 أنهم ضربوا وجه
بغلتها، فقالت إن وصايا بني أمية إلى هذا الرجل، فأحببت أن ألقاه فأسأله عن ذلك كي
لا تهلك أموال أيتام وأرامل. قالوا كاذبة. وأهووا لها وقطعوا حبل البغلة بالسيف فندت
بأم حبيبة فتلقاها الناس وقد مالت رحالتها فتعلقوا بها وأخذوها - وقد كادت تقتل -
فذهبوا بها إلى بيتها.
والخبر كما هنا في أنساب الأشراف 5: 77 - وتاريخ ابن خلدون 3: 393 -
والغدير 9: 205.
(3) الهزاهز: الفتن مفردها هزهزة وهي الفتنة يهتز الناس فيها ويقبلون.
1312

وذهب على وجهه يشتد وعليه إزار فوقع من (1) عنقه فبقي عريانا
يشتد، وأصابه ما دعت عليه.
* حدثنا حيان بن بشر، عن يحيى بن آدم قال، حدثنا
أبو بكر بن عياش، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة قال:
قلت للأشتر: لقد كنت كارها ليوم الدار، فكيف رجعت عن رأيك؟
فقال: أجل والله لقد كنت كارها ليوم الدار، ولقد جئت أم حبيبة
بنت أبي سفيان وأنا أريد أن أخرج عثمان في هودجها، فأبوا أن
يدعوني لادخل الدار، وقالوا: ما لنا ومالك يا أشتر.
* حدثنا إبراهيم بن بكر الشيباني قال، حدثنا عقبة بن أبي
الصهباء، عن الحسن قال: رأيت كف امرأة من نساء رسول الله صلى
الله عليه وسلم وذراعها قد خرجت من بين الحائط والستر وهي تقول:
إن الله ورسوله قد برئا من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا. وذلك
يوم قتل عثمان رضي الله عنه.
* حدثنا عمرو بن قسط قال، حدثنا عبيد الله بن عمرو،
عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن زيد بن سعيد، وسعيد
ابن قيس الهمذاني قالا: دخلنا على صفية أم المؤمنين فسلمنا عليها
قلنا: السلام على رسول الله وأهل بيته. فقالت: من هذا معك
يا زيد؟ قلت: سعيد بن قيس سيد نجران - أو اليمن - قالت:
لعلكما ممن جاء يقتل عثمان أمير المؤمنين؟ قلنا: لا والله ما جئنا
لنقتله. قالت: أما والله لقد قتلتموه....... (2).

(1) في الأصل " في عنقه ".
(2) كلمتان لا تقرآن.
1313

* حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا.... (1) حدثنا
عبد الرحمن بن شريح أنه سمع عبد الله
" وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا
من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف
بما كانوا يصنعون (3) ".
* حدثنا محمد بن حاتم قال، حدثنا الحزامي، عن إسماعيل
ابن داود بن مهران، عن أبي مودود، عن رجل، عن الحسن قال:
رأيت أم المؤمنين أم حبيبة، أو صفية - شك إسماعيل حين قتل
عثمان رضي الله عنه خارجة أصبعها من الحجاب تقول: برئ الله
ورسوله من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا.
* حدثنا علي بن محمد، عن عبد الاعلى، عن محمد بن
عبد الرحمن، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
قال: جاء طلحة... رأيت... في المسجد فأرسلت إليه أم حبيبة
بنت أبي سفيان أن... أهل الدار. فقالوا... بذلك. فقال: اذهبا
لعمار بن ياسر رضي الله عنه قد....... و... فقالت عليهم
.... وقاتل أهل الدار، فقتل نفر وقتل عثمان، قتله...
* حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا عطاء بن مسلم عن عمرو
ابن قيس قال: جاء رجل إلى أم سلمة رضي الله عنها يسألها، فسمعها

(1) بياض في الأصل بمقدار أربع كلمات.
(2) ثلاثة سطور بها كلمات مغموسة لا يمكن قراءتها من المصورة.
يلاحظ أن بقية اللوحة لا يمكن قراءتها بسبب طمس الكلمات وما نقل عنها هو
غاية الجهد من القراءة.
1314

تقول من وراء الحجاب: والله لأنزلت هذه الآية في أصحاب الأهواء
" الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ".
* حدثنا علي بن محمد، عن ابن معاوية، عن ابن المنكدر،
عن عروة بن الزبير قال: قدم المصريون فاستأذنوا على عثمان رضي
الله عنه، فلم يأذن لهم، فهموا بإحراق بابه ودعوا بالنار، فخرج
إليهم وحذيفة بين يديه فولوا عنه، ولحق رجلا منهم فقال: الله
الله يا عثمان قال: وهل تعرفون الله؟! ورجع إلى داره فأوى إليه
نفر كثير يريدون القتال معه. فعزم عليهم أن يكفوا أيديهم وقال:
لو كنتم... لتجاوزوكم إلي في... ولو جاوزوني إليكم لم ألاق
لهم... قال: ما فعلت ولا أمرت ولا اطلعت (عليه) بيني وبينكم
عهد الله، أقوم بين الركن والمقام فأباهل... وتؤمنون إن كنت
فعلت أو شاركت... فقالوا: لا نصدقك قال: فتريدون مني ماذا؟
قالوا: تخلع نفسك وإلا قتلناك، قال: ما كنت خالعا قميصا كسانيه
الله، وقد قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أرادك المنافقون على
خلعه فلا تخلعه. فحاصروه خمسين يوما، فقال حسان بن ثابت:
إن تمس دار بني عفان اليوم خاوية * باب صديع وباب محرق خرب
فقد يصادف باغي الخير حاجته * منها ويأوي إليها الجود والحسب (1)
* حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا سلام بن مسكين،
عن عمران بن (*)

(1) وانظر الشعر في تاريخ الطبري 5: 150 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ
وكذلك التمهيد والبيان لوحة 196 - والعقد الفريد 4: 302.
* - إلى هنا انتهى الكلام من الأصل، علما بأن الحديث متصل، ولم يتم المعنى.
1315

ملحوظة:
في المخطوطة الأصلية عدة ورقات لا تقرأ. وقد ضربنا
صفحا عنها.. لعدم الإفادة منها.
انتهى الكتاب
بعون الله تعالى
1316