الكتاب: ذيل طبقات الحفاظ
المؤلف: جلال الدين السيوطي
الجزء:
الوفاة: ٩١١
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند السنة
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: عورضت بنسخة الخزانة التيمورية العامرة

ذيل
طبقات الحفاظ للذهبي
* (تأليف) *
الحافظ جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن
ابن أبي بكر السيوطي
المتوفى سنة 911 ه‍.
عورضت بنسخة الخزانة التيمورية العامرة
حقوق الطبع محفوظة
345

اشتمل هذا الذيل على سبعة وأربعين ترجمة وهي موافقة لما في
ذيل حافظ الشام الحسيني رحمه الله تعالى، وللذيل عليها للحافظ تقي الدين
أبي الفضل محمد بن فهد الهاشمي تغمده الله برحمته، وزاد على الذيلين
المذكورين تراجم خمسة أنفس استدركها عليهما في الطبقة الثانية
والعشرين وهم: الشهاب الهكاري، وابن حبيب، والسراج القزويني،
وأمين الدين الواني، وابن المرابط، ومن الطبقة الرابعة والعشرين واحد
وهو: عمر بن مسلم، ومن الطبقة الخامسة والعشرين اثنان هما: ابن
الجزري، والشهاب البوصيري (1).
وعلمت على المستدرك (ك) وعلى موافقة السيد الحسيني (س) وعلى
موافقة الحافظ ابن فهد (ف).

(1) مجموع ما في هذا الذيل من التراجم (47) ترجمة منها (16) ترجمة موافقة
لذيل الحسيني و (23) موافقة لذيل ابن فهد و (8) تراجم مستدركة عليهما.
346

* (بسم الله الرحمن الرحيم) *
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.
قال شيخنا الامام الحافظ مفتي المسلمين أوحد المجتهدين أبو الفضل
عبد الرحمن جلال الدين ابن العلامة قاضي المسلمين كمال الدين أبي بكر
ابن محمد السيوطي ثم القاهري الشافعي رحمة الله عليه: الله أحمد على
آلائه وأشكره على نعمائه وأصلي وأسلم على خاتم أنبيائه محمد وأصحابه
وأحبائه. وبعد فاني لخصت طبقات الحفاظ تصنيف الامام الحافظ
الكبير أبي عبد الله محمد الذهبي رحمه الله تعالى وذيلت عليه من بعده
وابتدأت بترجمته فقلت ما نصه:
* (الطبقة الثانية والعشرون، عدتها 15) *
* (الذهبي) * س
الامام الحافظ محدث العصر وخاتمة الحفاظ ومؤرخ الاسلام وفرد
الدهر والقائم بأعباء هذه الصناعة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد
347

ابن عثمان بن قايماز التركماني ثم الدمشقي المقرئ ولد سنة ثلاث وسبعين
وستمائة وطلب الحديث وله ثماني عشرة سنة فسمع الكثير ورحل وعني
بهذا الشأن وتعب فيه وخدمه إلى أن رسخت فيه قدمه وتلا بالسبع
وأذعن له الناس، حكي عن شيخ الاسلام أبي الفضل بن حجر انه قال:
شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ، ولي تدريس
الحديث بتربة أم الصالح وغيرها، وله من التصانيف: (تاريخ الاسلام)
التاريخ الأوسط والصغير و (سير النبلاء) و (طبقات الحفاظ) التي
لخصناها في هذا الكتاب وذيلنا عليها (1) و (طبقات القراء) و (مختصر
تهذيب الكمال) و (الكاشف) مختصر ذلك و (المجرد) في أسماء رجال
الكتب الستة و (التجريد) في أسماء الصحابة و (الميزان) في الضعفاء
و (المغني) في الضعفاء وهو مختصر نفيس وقد ذيلت عليه بذيل
و (مشتبه النسبة) و (مختصر الأطراف) لشيخه المزي و (تلخيص
المستدرك) مع تعقب عليه و (مختصر سنن البيهقي) و (مختصر
المحلى) وغير ذلك (2) وله معجم كبير وصغير ومختص بالمحدثين، والذي
أقوله ان المحدثين عيال الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على
أربعة: المزي والذهبي والعراقي وابن حجر، توفي الذهبي ليلة الاثنين

(1) يعني طبقات الحفاظ للسيوطي مع التذييل على الذهبي بما في هذا الذيل.
(2) ككتاب (العلو) ولو لم يؤلفه لكان أحسن له في دينه وسمعته لان فيه مآخذ
كثيرة، وقد شهر عن الذهبي أنه كان شافعي الفروع حنبلي المعتقد (على مصطلحهم).
348

ثالث ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بدمشق وأضر قبل موته
بيسير ورثاه التاج بن السبكي بقصيدة أولها:
من للحديث وللسارين في الطلب * من بعد موت الامام الحافظ الذهبي
من للرواية والاخبار ينشرها * بين البرية من عجم ومن عرب
من للدراية والآثار يحفظها * بالنقد من وضع أهل الغي والكذب
من للصناعة يدري حل معضلها * حتى يريك جلاء الشك والريب
ومنها:
هو الامام الذي روت روايته * وطبق الأرض من طلابه النجب
ثبت صدوق خبير حافظ يقظ * في النقل أصدق أبناء من الكتب
الله أكبر ما أقرا وأحفظه * من زاهد ورع في الله مرتقب
* (القطب الحلبي) * س
الامام العالم المقرئ الحافظ المحدث مفيد الديار المصرية وشيخها
قطب الدين أبو علي عبد الكريم بن عبد النور بن منير بن عبد الكريم
ابن علي بن عبد الحق بن عبد الصمد بن عبد النور الحلبي ثم المصري
أحد من جرد العناية بالرواية ولد في رجب سنة أربع وستين وستمائة
وسمع من العز الحراني وغازي الحلاوي والفخر وآخرين وخرج لنفسه
التساعيات والبلدانيات والمتباينات وبلغ شيوخه الألف وتلا بالسبع
على أبي الطاهر المليجي وغيره، وكان خيرا متواضعا حسن السمت
غزيز المعرفة متقنا اختصر الالمام فحرره وشرح سيرة عبد الغني وشرع
349

في شرح البخاري مطولا بيض منه النصف وجمع لمصر تاريخا حافلا
لو تم بلغ عشرين مجلدا، وأعاد ودرس في الحديث بأماكن، أجاز للتاج
السبكي ومات في رجب سنة خمس وثلاثين وسبعمائة.
* (فتح الدين بن سيد الناس) * س
الامام العلامة المحدث الحافظ الأديب البارع أبو الفتح محمد بن
محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد بن أبي
القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن سيد الناس بن أبي الوليد
ابن منذر بن عبد الجبار بن سليمان اليعمري الأندلسي الأصل المصري
ولد في ذي القعدة سنة إحدى وسبعين وستمائة وسمع من غازي والعز
وخلائق نحو الألف ولازم ابن دقيق العيد وتخرج عليه وأعاد عنده
عليه وكان يحبه ويثني عليه وأخذ العربية عن البهاء بن النحاس وكتب
الخط المغربي والمصري فأتقنهما وكان أحد الاعلام الحفاظ إماما في
الحديث ناقدا في الفن خبيرا بالرجال والعلل والأسانيد عالما بالصحيح
والسقيم له حظ من العربية حسن التصنيف صحيح العقيدة أديبا
شاعرا بارعا متفننا في البلاغة ناظما ناثرا مترسلا، ولي درس الحديث
بالظاهرية وغيرها، وصنف السيرة الكبرى والصغرى (وشرح الترمذي)
لم يكمله فأتمه الحافظ أبو الفضل العراقي (1) مات في شعبان سنة

(1) بل لم يتمه هو أيضا كما تقدم فيما علقناه على ترجمته في ذيل الحسيني.
350

أربع وثلاثين وسبعمائة ولم يخلف في مجموعه مثله.
* (ابن عبد الهادي) * س
الامام الأوحد المحدث الحافظ الحاذق الفقيه البارع المقرئ
النحوي اللغوي ذو الفنون شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي
ابن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسي
الحنبلي أحد الأذكياء ولد في رجب سنة خمس أو ست وسبعمائة وسمع
من ابن عبد الدائم والطبقة وتفقه بابن مسلم وتردد إلى ابن تيمية ومهر
في الحديث والفقه والأصول والعربية، قال الصفدي: لو عاش لكان
آية كنت إذا لقيته سألته عن مسائل أدبية وفوائد عربية فينحدر
كالسيل وكنت أراه يوافق المزي في أسماء الرجال ويرد عليه فيقبل
منه، وقال ابن كثير كان حافظا علامة ناقدا حصل من العلوم ما لا
يبلغه الشيوخ ولا الأكابر وبرع في الفنون وكان جبلا في العلل والطرق
والرجال حسن الفهم جدا صحيح الذهن، قال المزي: ما لقيته الا
واستفدت منه وكذا قال الذهبي أيضا، ودرس بالصدرية والغياثية
وصنف شرحا على التسهيل والاحكام في الفقه والرد على السبكي في
مسألة الزيارة سماه (الصارم المنكي (1) و (المحرر في اختصار الالمام)

(1) وقد تهور فيه لابن تيمية في شذوذه فوقع في أغلاط من حيث
الكلام على الأحاديث والاستنباط منها، ولم تدخل الهوى شيئا الا أفسدته.
351

و (الكلام على أحاديث مختصر ابن الحاجب) و (العلل) على ترتيب
كتب الفقه و (التفسير المسند) لم يتمه واختصر التعليق لابن الجوزي
وزاد عليه (1) ومات في جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وسبعمائة.
* (السبكي) * س
الامام الفقيه المحدث الحافظ المفسر الأصولي المتكلم النحوي
اللغوي الأديب المجتهد تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن علي
ابن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام بن حامد بن يحيى بن عمر بن عثمان
ابن علي بن مسوار بن سوار بن سليم شيخ الاسلام امام العصر ولد في
صفر سنة ثلاث وثمانين وستمائة، وأخذ الفقه عن ابن الرفعة والحديث
عن الشرف الدمياطي والقراءات عن التقي الصائغ والأصلين والمعقول
عن العلاء الباجي والخلاف والمنطق عن السيف البغدادي والنحو
عن أبي حيان والتصوف عن التاج بن عطاء وسمع من ابن الصواف
وعدة وأقبل على التصنيف والفتيا وصنف أكثر من مائة وخمسين
مصنفا وتصانيفه تدل على تبحره في الحديث وغيره وسعة باعه في العلوم

(2) وسماه تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق وهو مفيد جدا لمن يعنى بأحاديث
الاحكام محص به الأصل واختصره وأبدى ما لابن الجوزي من الأوهام في كتابه
(التحقيق في أحاديث التعليق) الذي اشترط فيه على نفسه ان يخرج ما ذكره فقهاء
المذاهب تعليقا من الأحاديث ويتكلم عليها من غير تعصب لمذهب على مذهب.
352

وتخرج به فضلاء العصر وولي قضاء الشام بوفاة الجلال القزويني وخرج
له الحافظ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أيبك الدمياطي، ولما توفي
المزي عينت مشيخة دار الحديث الأشرفية للذهبي فقيل ان شرط
واقفها ان يكون الشيخ أشعري العقيدة والذهبي متكلم فيه فوليها
السبكي قال ولده: والذي نراه انه ما دخلها أعلم منه ولا أحفظ من
المزي ولا أورع من النووي (1) وابن الصلاح قال وليس بعد المزي
والذهبي أحفظ منه، ونقل لنا انه نظم في دار الحديث المذكور قوله:
وفي دار الحديث لطيف معنى * أحن إلى جوانحها وآوي
لعلي ان أمس بحر وجهي * محلا مسه قدم النواوي
توفي بمصر سنة ست وخمسين وسبعمائة.
* (البرزالي) * س
الامام الحافظ مفيد الآفاق مؤرخ العصر علم الدين أبو محمد القاسم
ابن البهاء محمد بن يوسف ابن الحافظ زكي الدين محمد بن يوسف الدمشقي
ولد في جمادى الأولى سنة خمس وستين وستمائة وسمع كثيرا ورحل
وأمعن في طلب الحديث مع الاتقان والفضيلة وخرج لنفسه معجما في

(1) شارح مسلم نسبة إلى (نوى) بأرض الشام، واما النووي المذكور في
ص 118 فمنسوب إلى (نوى من اعمال القليوبية ذكره ابن قاضي شهبة على ما
أفاده مسند العصر الأستاذ السيد احمد رافع الطهطاوي حفظه الله.
353

سبع مجلدات عن أكثر من ثلاثة آلاف شيخ، وفيه يقول الذهبي:
ان رمت تفتيش الخزائن كلها * وظهور أجزاء بدت وعوالي
ونعوت أشياخ الوجود وما رووا * طالع أو اسمع معجم البرزالي
ولي تدريس الحديث بالنورية وغيرها، وله تاريخ ذيل به علي أبي شامة
وكان قوي المذاكرة عارفا بالرجال لا سيما شيوخ زمانه وأهل عصره
ولم يخلف في معناه مثله، مات بمكة في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين
وسبعمائة رحمه الله وإيانا.
* (ابن مظفر) * س
الامام المحدث المسند الحافظ المحرر شهاب الدين أبو العباس احمد
ابن مظفر بن أبي محمد بن مظفر بن بدر بن حسن بن مفرح بن بكار
النابلسي سبط الحافظ زين الدين خالد النابلسي ولد سنة خمس وسبعين
وستمائة وسمع من الفخر وخلائق نحو السبعمائة، قال الذهبي في المعجم
الكبير: وله معرفة وحفظ وقال في المختص: الحافظ المحرر، وقال
البرزالي: محدث فاضل على ذهنه فضيلة وفوائد كثيرة تتعلق بهذا
الشأن، وقال الحسيني: كان من أئمة هذا الشأن رحل وحصل وألف
وخرج وله تاريخ (1) مات في ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وسبعمائة.

(1) قال ابن ناصر الدين: وله مصنف في ذكر أبي هريرة رضي الله عنه
354

* (أحمد بن أيبك) * س
ابن عبد الله الحسامي الدمياطي الحافظ المخرج المفيد محدث مصر
شهاب الدين أبو الحسين ولد سنة سبع وسبعمائة وسمع من حسن الكردي
وخلائق وخرج وانتقى وأفاد وله مجاميع وذيل في الوفيات على الحسيني
وشرع في تخريج أحاديث الرافعي سمع عليه أبو الخير بن العلائي ومات
سنة تسع وأربعين وسبعمائة في رمضان بالطاعون رحمه الله تعالى.
* (ابن رشيد) * (1) ف
الامام المحدث ذو الفنون محب الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن
محمد بن عمر بن محمد بن إدريس بن سعيد بن مسعود بن حسن بن محمد
ابن عمر بن رشيد الفهري السبتي، قال لسان الدين بن الخطيب في تاريخ
غرناطة: كان إماما مضطلعا بالعربية واللغة والعروض فريد دهره عدالة
وجلالة وحفظا وأدبا عالي الاسناد صحيح النقل تام العناية بصناعة الحديث
قيما عليها بصيرا بها محققا فيها ذاكرا للرجال فقيها ذاكرا للتفسير ريان

ومصنف في ترجمة الحافظ أبي القاسم بن عساكر وكتب كثيرا وعلق وألف وخرج
وطبق اه‍.
(1) بالياء المثناة التحتية بعد الشين المعجمة كما وقع في الدرر الكامنة بخط البرهان
البقاعي والديباج المذهب لابن فرحون، وقد سبق في ذيل ابن فهد ص 97 ضبط
الراء بالضم.
355

من الأدب حافظا للاخبار والتواريخ مشاركا في الأصلين عارفا بالقراءات
حسن الخلق كثير التواضع قرأ على ابن أبي الربيع وحازم القرطاجني
ورحل فأخذ بمصر والشام والحجاز عن الدمياطي والقطب القسطلاني
وخلائق ضمنهم رحلته التي سماها (ملء العيبة) (1) وهي ست مجلدات
قلت وقفت عليها بمكة وعلقت منها فوائد واستفدت منها الحديث
المسلسل بالنحاة، وعاد إلى غرناطة فنشر بها العلم، وقال ابن حجر طلب
الحديث فمهر فيه وألف (ايضاح المذاهب فيمن يطلق عليه اسم الصاحب)
و (ترجمان التراجم على أبواب البخاري) أطال فيه النفس ولم يكمل
مولده سنة سبع وخمسين وستمائة بسبتة ومات بفاس في محرم سنة إحدى
وعشرين وسبعمائة.
* (نجم الدين الدهلي) * س
أبو الخير سعيد بن عبد الله الحريري الجلالي قال الصلاح الصفدي في
تاريخه: الحافظ الامام العالم نشأ ببغداد وارتحل إلى مصر وأقام بدمشق
وعمل في الحديث عملا جيدا ليس اليوم في الشام مثله في الفرائض (2)

(1) وهي رحلته المشرقية الكبرى التي سماها (ملء العيبة فيما جمع بطول
الصحبة في الوجهتين الكريمتين مكة وطيبة) قال ابن حجر في الدرر الكامنة
صنف كتاب (الرحلة المشرقية) في ست مجلدات فيه من الفوائد شئ كثير
وقفت عليه وانتخبت منه اه‍.
(2) في النسخة التيمورية (في التراجم) وهو الأظهر.
356

وأسماء الرجال وهو حافظ الشام بعد الذهبي، وله تآليف منها (تفتت
الأكباد في واقعة بغداد) وقال الذهبي سمع المزي من السروجي عنه،
ولد سنة اثنتي عشرة وسبعمائة ومات في خامس عشري ذي القعدة سنة
تسع وأربعين وسبعمائة بالطاعون.
* (الشهاب الهكاري) * ك
أحمد بن أحمد بن أحمد بن الحسين بن موسى بن موسك الكردي
الأصل الهكاري الشيخ شهاب الدين أبو سعيد بن الشهاب أبي الحسن
سمع من ابن الصواف ووزيرة وعني بطلب الحديث، قال الحافظ أبو
الفضل بن حجر: وكان عارفا بالرجال - جمع كتابا في رجال الصحيحين -
موصوفا بالدين والخير متواضعا وأعاد بالجامع الحاكمي، مات في ثامن
جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وسبعمائة (1).
* (ابن حبيب) * ك
المحدث الحافظ أبو القاسم عمر بن حسن بن عمر بن حبيب الدمشقي
الحلبي ولد سنة ثلاث وستين وستمائة وسمع من الفخر وعدة وعني
بالرواية وعمل لنفسه فهرسا حافلا وخرج له الذهبي معجما وكان خبيرا
بالحديث والأسانيد والمتون وغيره أتقن منه، درس الحديث بحلب وولي

(1) وقال ابن حجر: ووهم من أرخه سنة اثنتين.
357

الحسبة بها ومات سنة ست وعشرين وسبعمائة.
* (السراج القزويني) * ك
الحافظ الكبير محدث العراق سراج الدين عمر بن علي بن عمر ولد
سنة ثلاث وثمانين وستمائة وعني بالحديث وسمع من الرشيد أبي سعد
ابن أبي القاسم ومحمد بن عبد المحسن الدواليبي وخلائق وصنف التصانيف
وعمل الفهرست أجاد فيه ومات سنة خمس وسبعين (1) وسبعمائة، وروى
عنه المجد الشيرازي صاحب القاموس.
* (امين الدين الواني) * ك
محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد الدمشقي الحنفي أبو عبد الله ولد
سنة أربع وثمانين وستمائة وطلب الحديث فسمع من ابن عساكر وغيره
وتعب وحصل، قال الذهبي: كان من أنبه الطلبة وأجودهم خرج
وأفاد ورحل مرات وقال ابن رافع طبق الدنيا بالسماع وصار عالما حافظا
وقال البرزالي: كان يعرف العوالي ويفيدها الرجال (2) مات في ربيع
الأول سنة خمس وثلاثين وسبعمائة.

(1) هكذا في الأصل، قال الحافظ علي بن عبد المحسن الدواليبي حفيد شيخ
القزويني نقلا عن والده تلميذ صاحب الترجمة انه توفي سنة ثمان وأربعين وسبعمائة
كما رأيته بخطه في ثبته في المكتبة الظاهرية بدمشق وهو الصواب.
(2) وقال القرشي: تفقه يسيرا وبرع في الحديث.
358

* (ابن المرابط) * ك
الحافظ أبو عمرو محمد بن عثمان بن يحيى بن أحمد بن عبد الرحمن بن
ظافر الغرناطي ولد في رجب سنة ثمانين وستمائة وسمع من ابن الزبير سنن
النسائي الكبرى وتلا عليه بالسبع وقدم مصر فسمع من الدمياطي
وغيره وسكن دمشق وسمع منه المزي والحفاظ وأثنى عليه الحسيني
وخرج لشيخه ابن رشيد أربعين تساعيات فيها تخليط فكأنه ليس
بالمتقن (1). مات في سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة.
* * *
* (الطبقة الثالثة والعشرون، عدتهم 11) *
* (البهاء بن خليل) * س
عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن خليل بن إبراهيم بن
يحيى بن أبي عبد الله بن فارس بن أبي عبد الله بن يحيى ابن إبراهيم العثماني

(1) قال ابن حجر: رأيت جزءا له حط فيه على الذهبي وترجمه ترجمة أفرط
في ذمه فيها وتعقبها البرهان بن جماعة على الهامش فالله يرحم الجميع اه‍ وقد عاب
ابن المرابط في جزئه هذا الذهبي بثلبه الناس وذكره لمساويهم وقال إن ذلك
غيبة لا تجوز وان الجرح قد انقطعت فائدته من رأس الأربعمائة وقسم تاريخ الذهبي
لأربعة أقسام قسم منها محض غيبة... إلى آخر ما يذكره.
359

المكي الشافعي نزيل القاهرة الامام الفقيه المحدث الحافظ الزاهد
القدوة أبو محمد ولد سنة أربع وتسعين وستماية وسمع من الرضي وبيبرس
العديمي وخلق وقرأ الفقه والقراءات وعني بالحديث ورحل، قال الذهبي
في معجمه: قرأ الكثير وكان جيد المعرفة أخذ عنه العراقي والهيثمي
ومات بالقاهرة ليلة ثالث جمادي الأولى سنة سبع وسبعين وسبعماية.
* (العلائي) * س
الشيخ الامام العلامة الحافظ الفقيه ذو الفنون صلاح الدين أبو
سعيد خليل بن كيكلدي الشافعي عالم بيت المقدس ولد في ربيع الأول
سنة أربع وتسعين وستمائة وسمع التقي سليمان وطبقته ولازم البرهان
الفزاري والكمال الزملكاني وتخرج به وبرع في الفنون وكان إماما محدثا
حافظا متقنا جليلا فقيها أصوليا نحويا، قال الذهبي في المختص: حافظ
يستحضر الرجال والعلل وتقدم في هذا الشأن مع صحة الذهن وسرعة
الفهم، وقال الحسيني كان إماما في الفقه والأصول والنحو مفننا في علوم
الحديث وفنونه علامة فيه عارفا بالرجال علامة في المتون والأسانيد
ولم يخلف بعده مثله، وقال الأسنوي كان حافظ زمانه إماما في الفقه
وغيره ذكيا نظارا، سئل السبكي من تخلف بعدك فقال العلائي، الف
في الحديث وغيره مصنفات منها (الوشي المعلم فيمن روى عن أبيه
عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم) و (الأربعين في اعمال
المتقين) و (القواعد المشهورة) و (علوم آيات الفرائض) وأشياء
360

كثيرة محررة متقنة نافعة، وخرج ودرس بأماكن منها الناصرية
والأسدية والصلاحية بالقدس والتنكزية وغير ذلك، اخذ عنه العراقي
وقال مات حافظ المشرق والمغرب صلاح الدين العلائي في ثالث المحرم
سنة إحدى وستين وسبعمائة.
* (ابن كثير) * س
الامام المحدث الحافظ ذو الفضائل عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن
عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القيسي البصروي ولد سنة سبعمائة (1)
وسمع الحجار والطبقة وأجاز له الواني والختني وتخرج بالمزي ولازمه
وبرع، له التفسير الذي لم يؤلف على نمطه مثله والتاريخ و (أدلة التنبيه) (2)
و (تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب) وشرع في كتاب كبير في
الاحكام لم يتمه ورتب مسند أحمد على الحروف وضم إليه زوائد
الطبراني وأبي يعلى وله (مسند الشيخين) و (علوم الحديث) و (طبقات
الشافعية) وغير ذلك، مات في شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة وقال
الذهبي في المختص: الامام المفتي المحدث البارع ثقة متفنن محدث متقن
وقال ابن حجر: كان كثر الاستحضار وسارت تصانيفه في البلاد في

(1) أو بعدها بيسير كما ذكره ابن حجر.
(2) كذا في الأصل وصوابه (تخريج أدلة التنبيه).
361

حياته وانتفع به الناس بعد وفاته ولم يكن على طريق المحدثين في
تحصيل العوالي وتمييز العالي من النازل ونحو ذلك من فنونهم وانما هو
من محدثي الفقهاء. قلت العمدة في علم الحديث معرفة صحيح الحديث
وسقيمه وعلله واختلاف طرقه ورجاله جرحا وتعديلا واما العالي
والنازل ونحو ذلك فهو من الفضلات لا من الأصول المهمة.
* (العفيف المطري) * ف
الحافظ عفيف الدين أبو جعفر وأبو محمد عبد الله بن الجمال محمد بن
أحمد بن خليف (1) بن عيسى بن عساس بن يوسف بن بدر بن علي بن
عثمان الخزرجي العبادي المدني ولد سنة ثمان وتسعين وستمائة وعني
بالحديث ورحل فسمع من الرضي الطبي والواني والحجار وعدة وحصل
الفوائد، قال الذهبي قدم علينا طالب حديث وله فهم وذكاء ورحلة
ولقاء فأفادنا أشياء حسنة، وقال ابن رجب كان حافظا وقته عني بالطلب
والتواريخ، ألف (تاريخ المدينة) ومات فيها في ربيع الأول سنة
خمس وستين وسبعمائة.
* (الزيلعي) * ف
الإمام الفاضل المحدث المفيد جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف

(1) بالياء على ما وجد بخطه ذكره ابن حجر.
362

ابن محمد الحنفي اشتغل كثيرا وسمع من أصحاب النجيب وأخذ عن
الفخر الزيلعي شارح الكنز والقاضي علاء الدين بن التركماني وابن عقيل
وغير واحد ولازم مطالعة كتب الحديث إلى أن خرج أحاديث الهداية
وأحاديث الكشاف واستوعب ذلك استيعابا بالغا، قال شيخ الاسلام
ابن حجر ذكر لي شيخنا العراقي انه كان يرافقه في مطالعة الكتب
الحديثية لتخريج الكتب التي كانا قد اعتنيا بتخريجها فالعراقي لتخريج
أحاديث الاحياء والأحاديث التي يشير إليها الترمذي في الأبواب
والزيلعي لتخريج الكتابين المذكورين فكان كل منهما يعين الآخر
مات الزيلعي في محرم سنة اثنتين وستين وسبعمائة، ومحله في الطبقة الآتية
الا انه تقدمت وفاته فقدمته.
* (العز بن جماعة) * س
الحافظ الامام قاضي القضاة عز الدين أبو عمر عبد العزيز ابن قاضي القضاة
بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الأصل الدمشقي
المولد ثم المصري الشافعي ولد في تاسع عشر المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة
فأحضر على عمر القواس وأبي الفضل بن عساكر وسمع من الدمياطي
والأبرقوهي وأجاز له ابن وريدة وأبو جعفر بن الزبير وأكثر السماع
فبلغ شيوخه ألفا وثلاثمائة نفس وتفقه على والده وأخذ عن الجمال
الوجيزي والعلاء الباجي وعني بهذا الشأن وصنف (تخريج أحاديث
الرافعي) (والمناسك الكبرى) على المذاهب الأربعة والصغرى على
363

مذهب الشافعي، وولي قضاء الديار المصرية وتدريس الخشابية، اثنى
عليه الأسنوي في الطبقات وكان قصير الباع في الفقه وهو في الحديث
أمثل منه فيه، اخذ عنه العراقي ووصفه بالحفظ وجاور بمكة ومات
فيها في جمادى الأولى سنة سبع وستين وسبعمائة ودفن بالمعلاة.
* (السروجي) * س
محمد بن علي بن أيبك السروجي أبو عبد الله الحافظ ولد سنة أربع
عشرة وسبعمائة وعني بالرواية فسمع الكثير من أصحاب النجيب ومن
الدبوسي وابن المصري (1) ولازم ابن سيد الناس وغيره إلى أن بلغ
الغاية في الحفظ ووصفه المزي بالحفظ وكذلك البرزالي والذهبي وغيرهم
قال الصفدي: ما رأيت بعد ابن سيد الناس مثله ما سألته عن شئ من
تراجم الناس ووفياتهم وأعصارهم وتصانيفهم الا وجدته فيه حفظة لا
يغيب عنه شئ، قال ابن حجر وفي الجملة هو معدود في زمرة الحفاظ
ولو علت سنه لكان أعجوبة الزمان، شرع في جمع (الثقات) لو تم لكان
عشرين مجلدة وخرج لنفسه مائة حديث متباينة الاسناد، مات بحلب
في ربيع الأول سنة أربع وأربعين وسبعمائة.
* (الحسيني) * ف
الحافظ شمس الدين أبو المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة بن

(1) يحيى بن يوسف المتوفى سنة 737 عن أكثر من تسعين سنة.
364

محمد الدمشقي الشريف الحسيني ولد سنة خمس عشرة وسبعمائة وسمع
من ابن عبد الدائم والمزي وخلائق وطلب بنفسه فأكثر ورحل وخرج لنفسه
معجما وجمع رجال المسند وألف (التذكرة في رجال العشرة) الكتب
الستة والموطأ والمسند ومسند الشافعي وأبي حنيفة وذيل على العبر
وعلى طبقات الحفاظ للذهبي ورتب الأطراف على الألفاظ وله تعليق
على الميزان وشرع في شرح سنن النسائي وغير ذلك، مات كهلا في
شعبان سنة خمس وستين وسبعمائة، سئل الحافظ أبو الفضل العراقي
عن أربعة تعاصروا أيهم أحفظ مغلطاي وابن كثير وابن رافع والحسيني
فأجاب ومن خطه نقلت: ان أوسعهم اطلاعا وأعلمهم بالأنساب مغلطاي
على أغلاط تقع منه في تصانيفه ولعله من سوء الفهم وأحفظهم للمتون
والتواريخ ابن كثير وأقعدهم لطلب الحديث وأعلمهم بالمؤتلف والمختلف
ابن رافع وأعرفهم بالشيوخ المعاصرين وبالتخريج الحسيني وهو أدونهم
في الحفظ انتهى.
* (مغلطاي) * ف
مغلطاي بن قليج بن عبد الله الحنفي الامام الحافظ علاء الدين ولد
سنة تسع وثمانين وستمائة وسمع من الدبوسي والختني وخلائق وولي
تدريس الحديث بالظاهرية بعد ابن سيد الناس وغيرها وله مآخذ على
المحدثين وأهل اللغة، قال العراقي: كان عارفا بالأنساب معرفة جيدة
واما غيرها من متعلقات الحديث فله بها خبرة متوسطة وتصانيفه أكثر
365

من مائة منها (شرح البخاري) و (شرح ابن ماجة) لم يكمل وقد
شرعت في اتمامه و (شرح أبي داود) ولم يتم وجمع (أوهام التهذيب)
و (أوهام الأطراف) وذيل على التهذيب وذيل على المؤتلف والمختلف
لابن نقطة و (الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم) ورتب المبهمات على
الأبواب ورتب بيان الوهم لابن القطان وخرج زوائد ابن حبان على
الصحيحين، مات في رابع عشري شعبان سنة اثنتين وستين وسبعمائة.
* (ابن رافع) * س
الحافظ المحدث المشهور تقي الدين أبو المعالي محمد بن رافع بن هجرس
ابن محمد بن شافع بن محمد السلامي ولد في ذي القعدة سنة أربع وسبعمائة
وسمع من التقي سليمان وغيره وأجاز له الدمياطي وغيره وحبب إليه
هذا الشأن فأكثر جدا عن شيوخ مصر والشام وجمع معجمه في أربع
مجلدات وهو في غاية الضبط والاتقان مشحون بالفوائد وله (ذيل على
تاريخ بغداد) لابن النجار، مات في ثامن عشر جمادى الأولى سنة أربع
وسبعين وسبعمائة.
* (أبو بكر بن المحب) * س
الحافظ شمس الدين أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله
ابن أحمد بن محمد بن إبراهيم المقدسي الحنبلي ويعرف بالصامت لطول
366

سكوته ولد سنة اثنتي عشرة (1) وسبعمائة وحضر على التقي سليمان
وغيره وسمع القاسم بن عساكر وخلقا وكان مكثرا شيوخا وسماعا
وقرأ الكثير وأجاد وخرج وأفاد وكان عالما متقنا فقيها أفتى ودرس
ومات خامس شوال سنة تسع وثمانين وسبعمائة رحمه الله تعالى.
* * *
* (الطبقة الرابعة والعشرون، عدتها 9) *
* (ابن رجب) * ف
هو الامام الحافظ الفقيه والواعظ زين الدين عبد الرحمن بن
أحمد بن رجب بن الحسن بن محمد بن مسعود السلامي البغدادي ثم
الدمشقي الحنبلي ولد في بغداد في ربيع الأول سنة ست (2) وسبعمائة
وسمع من أبي الفتح الميدومي وعدة وأكثر الاشتغال حتى مهر
وصنف (شرح الترمذي) و (شرح علل الترمذي) (3) و (شرح قطعة

(1) وفي النسخة التيمورية ثلاث عشرة.
(2) هكذا في الأصل والصواب (سنة ست وثلاثين) كما رأيته بخط ابن حجر
في أنباء الغمر وقد سبق.
(3) وهو كتاب في غاية الإجادة. وقد أكثرنا من النقل عنه فيما علقناه على
(شروط الأئمة الخمسة) للحازمي.
367

من البخاري) (1) و (طبقات الحنابلة) (2) وغيرها، مات في رجب
سنة خمس وتسعين وسبعمائة.
* (ابن مسلم) * ك
عمر بن مسلم - بتشديد اللام - بن سعيد بن عمر بن بدر الدمشقي الشيخ
زين الدين القرشي كان بارعا في التفسير يحفظ المتون ويعرف أسماء
الرجال وشارك في العربية كثير الاقبال على الاشتغال والمطالعة لا يني
مشهورا بقوة الحفظ وعدم النسيان والقيام بالامر بالمعروف والنهي
عن المنكر وكانت له سمعة وصيت، ولد في شعبان سنة أربع وعشرين
وسبعمائة وتفقه وتعاني عمل المواعيد وتصدر للتدريس والافتاء، مات
في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة رحمه الله تعالى. (3)
* (ابن سند) * ف
الحافظ شمس الدين أبو العباس محمد بن موسى بن محمد بن سند بن
تميم اللخمي المصري الأصل الشامي ولد في ربيع الآخر سنة تسع

(1) إلى الجنائز وسماه (فتح الباري) وأخذ منه ابن حجر اسم شرحه على
البخاري.
(2) وهي ذيل الطبقات (ابن أبي يعلى) لا (أبي يعلى) وان وقع في خط ابن حجر.
(3) ونقموا عليه انه كان ممن بالغ في القيام على تاج الدين السبكي لما امتحن
مع أنه هو الذي أدخله في الفقهاء. الدرر الكامنة.
368

وعشرين وسبعمائة وتفقه قليلا وأخذ عن الأسنوي والتاج السبكي
ولازمه وولاه عدة وظائفه والتاج المراكشي وأجازه بالعربية، وأجازه
بالافتاء العلائي وابن كثير وطلب الحديث بعد أربعين سنة فسمع من
جماعة ورافق العراقي في السماع وولي مشيخة الحديث بأماكن وذكره
الذهبي في المعجم المختص وهو آخر المذكورين فيه وفاة وذيل على العبر
بعد ذيل الحسيني وخرج الأربعين المتباينة وغير ذلك، مات في صفر
سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة.
* (ابن الملقن) * ف
الامام الفقيه الحافظ ذو التصانيف الكثيرة سراج الدين أبو حفص
عمر ابن الإمام النحوي نور الدين أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد
الأنصاري الشافعي أحد شيوخ الشافعية وأئمة الحديث ولد سنة ثلاث
وعشرين وسبعمائة وسمع من الميدومي وعدة وتخرج في الحديث بالزين
الرحبي ومغلطاي وبرع في الفقه والحديث وصنف فيهما الكثير كشرح
البخاري) و (شرح العمدة) وألف في المصطلح (المقنع) حدثنا عنه
غير واحد، مات في ليلة الجمعة سادس عشر ربيع الأول سنة أربع وثمانمائة.
* (البلقيني) * ف
هو الامام العلامة شيخ الاسلام الحافظ الفقيه البارع ذو الفنون
المجتهد سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن شهاب
369

ابن عبد الخالق بن محمد بن مسافر الكناني الشافعي ولد في ثاني شعبان
سنة أربع وعشرين وسبعمائة وسمع من ابن القماح وابن عبد الهادي
وابن شاهد الجيش وآخرين وأجاز له المزي والذهبي وخلق لا يحصون
وأخذ الفقه عن ابن عدلان والتقي السبكي والنحو عن أبي حيان
وانتهت إليه رياسة المذهب والافتاء وولي قضاء الشام سنة تسع وستين
عوضا عن تاج الدين السبكي فباشره دون السنة وولي تدريس الخشابية
والتفسير بجامع ابن طولون والظاهرية وغير ذلك وألف في علم الحديث
(محاسن الاصطلاح وتضمين ابن الصلاح) وله (شرح على البخاري) (1)
والترمذي وأشياء اخر، مات في عاشر ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة.
* (العراقي) * ف
الحافظ الامام الكبير الشهير أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن
الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم العراقي حافظ العصر
ولد في جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وسبعمائة بمنشأة المهزاني بين
مصر والقاهرة وكان أصل أبيه من بلدة يقال لها رازيان من عمل إربل
وقدم القاهرة وهو صغير فنشأ في خدمة الصالحين ومن جملتهم الشيخ
تقي الدين القنائي ويقال انه بشره بالشيخ وقال سمه عبد الرحيم يعني
باسم جده الأعلى الشيخ عبد الرحيم القنائي أحد المعتقدين بصعيد

(1) على عشرين حديثا منه فقط.
370

مصر فكان كذلك، وأول ما اسمع الحديث على سنجر الجاولي والتقي
الأخنائي ثم أسمع على ابن شاهد الجيش وابن عبد الهادي والتقي
السبكي واشتغل بالعلوم وأحب الحديث فأكثر من السماع وتقدم في
فن الحديث بحيث كان شيوخ عصره يبالغون في الثناء عليه بالمعرفة
كالسبكي والعلائي والعز بن جماعة والعماد بن كثير وغيره ونقل عنه
الشيخ جمال الدين الأسنوي في المهمات ووصفه بحافظ العصر وكذلك
وصفه في الطبقات في ترجمة ابن سيد الناس فقال وشرح يعني ابن سيد
الناس قطعة من الترمذي نحو مجلدين وشرع في اكماله حافظ الوقت
زين الدين العراقي اكمالا مناسبا لأصله انتهى، وله من المؤلفات في
في الفن (الألفية) التي اشتهرت في الآفاق وشرحها و (نكت ابن
الصلاح) و (المراسيل) و (نظم الاقتراح) و (تخريج أحاديث الاحياء)
في خمس مجلدات ومختصره سماه (المغني) في مجلدة وبيض من (تكملة
شرح الترمذي) كثيرا وكان أكمله في المسودة أو كاد و (نظم منهاج
البيضاوي) في الأصول و (نظم غريب القرآن) و (نظم السيرة النبوية)
في الف بيت، وولى قضاء المدينة الشريفة، قال الحافظ ابن حجر وشرع
في إملاء الحديث من سنة ست وتسعين فأحيا الله به سنة الاملاء
بعد أن كانت دائرة فأملى أكثر من أربعمائة مجلس، قال الحافظ وكانت
أماليه يمليها من حفظه متقنة مهذبة محررة كثيرة الفوائد الحديثية، قال
وكان الشيخ منور الشيبة جميل الصورة كثير الوقار نزر الكلام طارحا
للتكلف لطيف المزاح سليم الصدر كثير الحياء قل ان يواجه أحدا
371

بما يكرهه ولو آذاه متواضعا حسن النادرة والفكاهة وكان لا يترك
قيام الليل بل صار له كالمألوف وكان كثير التلاوة إذا ركب وكان
عيشه ضيقا، قال رفيقه الشيخ نور الدين الهيثمي: رأيت النبي صلى
الله عليه وسلم في النوم وعيسى عليه السلام عن يمينه والشيخ زين الدين
العراقي عن يساره، مات ثامن شعبان سنة ست وثمانمائة رحمه الله تعالى.
* (الهيثمي) * ف
الحافظ نور الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان بن عمر بن
صالح رفيق الحافظ أبي الفضل العراقي ولد سنة خمس وثلاثين وسبعمائة
ورافق العراقي في السماع فسمع جميع ما سمعه وكان ملازما له مبالغا
في خدمته وكان يحفظ كثيرا من متون الأحاديث فكان إذا سئل
العراقي عن حديث بادر إلى ايراده فيظن من لا خبرة له انه احفظ
منه وليس كذلك وانما الحفظ المعرفة (1) وكان العراقي يحبه كثيرا
ويرشده إلى التصنيف ويؤلف له الخطب للكتب، جمع زوائد مسند أحمد
على الكتب الستة ثم مسند البزار ثم أبي يعلى ثم معجم الطبراني
الكبير ثم الأوسط والصغير ثم جمع هذه الستة في كتاب محذوفة

(1) والانصاف ان الهيثمي كان أكثر استحضارا للمتون من العراقي وان كان
الثاني أتقن في فنون الحديث منه.
372

الأسانيد وتكلم على كل حديث عقبه (1) وله (زوائد الحلية) و (زوائد
صحيح ابن حبان على الصحيحين) وغير ذلك، قال الحافظ ابن حجر
كان خيرا ساكنا صينا سليم الفطرة شديد الانكار للمنكر لا يترك
قيام الليل، مات في تاسع عشري رمضان سنة سبع وثمانمائة.
* (ابن عشائر) * ف
الحافظ ناصر الدين أبو المعالي محمد بن علي بن محمد بن محمد بن هاشم
ابن عبد الواحد بن أبي حامد بن أبي المكارم عبد المنعم بن عشائر
السلمي الحلبي الخطيب ولد سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة في ربيع الأول
واخذ عن التاج السبكي وابن قاضي الجبل والأعمى والبصير وسمع من
الصلاح الصفدي وابن المهندس وأصحاب الفخر وأعني بالحديث وأخذ
العلم عن جمع وكان فاضلا عالما مشاركا في العلوم سريع الحفظ جدا، له
تعاليق ومجاميع مفيدة، مات بمصر في ربيع الثاني (2) سنة تسع
وثمانين وسبعمائة.

(1) وسماه (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد) وهو من أهم كتب السنن بعد
الأصول الستة، ومن يطلع عليه يخضع لجلالة قدر مؤلفه في الحديث، وقد نقل
منه كثيرا صاحبنا ناشر هذه الذيول في كتاب (انتقاد المغني) المطبوع.
(2) قال ابن حجر: مات في شهر ربيع الأول، وبخط القاضي علاء الدين في
26 ربيع الآخر اه‍.
373

* (الحسباني) * ف
الحافظ شهاب الدين أحمد بن العماد إسماعيل بن خليفة الدمشقي ولد
سنة تسع وأربعين وسبعمائة واشتغل وعني بالفن ومهر فيه واعتنى
بضبط الأسماء وتحرير المشتبه وسمع الكثير وبرع في الفقه والفرائض
والعربية والأصول وولي دار الحديث الأشرفية وغيرها ثم قضاء الشام
قال ابن حجر: وكان الشيخ سراج الدين البلقيني يعظمه ويشهد له انه
احفظ أهل دمشق للحديث، مات سنة خمس عشرة وثمانمائة (1).
* * *
* (الطبقة الخامسة والعشرون، عدتها 11) *
* (الشرايحي) * ف
الحافظ جمال الدين عبد الله بن إبراهيم بن خليل بن عبد الله البعلي
ولد سنة ثمان وأربعين وسبعمائة وسمع من إسماعيل بن السيف وابن
أميلة وابن أبي عمر وجماعة وولي درس الحديث بالمدرسة الأشرفية
بدمشق ومات سنة إحدى وعشرين وثمانمائة.

(1) يقول السخاوي: مات في يوم الأربعاء عاشر ربيع الآخر سنة
خمس عشرة وثمانمائة بمنزله بالصالحية اه‍.
374

* (الأقفهسي) * ف
صلاح الدين أبو الصفاء خليل بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن المصري
ثم المكي ولد سنة ثلاث وستين وسبعمائة وعني بالفن وسمع الكثير
وخرج وصنف ومات سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. (1)
* (ابن ظهيرة) * ف
أبو حامد بن ظهيرة الجمال محمد بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عبد الله
ابن عطية بن ظهيرة بن مرزوق القرشي المخزومي المكي الشافعي ولد سنة
إحدى وخمسين وسبعمائة وعني بالفن ورحل ولازم العراقي في الحديث
والبلقيني في الفقه والأصول وأخذ أيضا عن البهاء السبكي والشهاب
الأذرعي وصنف في الفنون، مات سنة سبع عشرة وثمانمائة.
* (ولي الدين العراقي) * ف
هو الحافظ الامام الفقيه الأصولي المفنن أبو زرعة احمد ابن الحافظ
الكبير أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين ولد في ذي الحجة سنة اثنتين
وستين وسبعمائة واعتنى به والده فأسمعه الكثير من أصحاب الفخر

(1) قال الفاسي: في ذي الحجة سنة 820 بيزد من بلاد العجم ووصل خبر
وفاته إلى الحجاز في التي تليها. الضوء اللامع.
375

وغيرهم واستملى على أبيه ولازم البلقيني في الفقه وغيره وتخرج به
وأخذ عن البرهان الا بناسي وابن الملقن والضياء القزويني وغيرهم
وبرع في الفنون وكان إماما محدثا حافظا فقيها محققا أصوليا صالحا
صنف التصانيف الكثيرة الشهيرة النافعة كشرح سنن أبي داود)
ولم يتم و (شرح البهجة) في الفقه و (مختصر المهذب) والنكت
على الحاوي والتنبيه والمنهاج و (شرح جمع الجوامع) في الأصول
و (شرح نظم البيضاوي لوالده) و (شرح نظم الاقتراح) لأبيه
و (النكت على منهاج البيضاوي) و (شرح تقريب الأسانيد) لوالده
و (حاشية على الكشاف) و (نكت الأطراف) و (المهمات) وأشياء
في الحديث وأملى أكثر من ستمائة مجلس، وولي قضاء الديار المصرية
بعد الجلال البلقيني، مات في سابع عشري شعبان سنة ست وعشرين
وثمانمائة (1).
* (ابن الجزري) * ك
الحافظ المقرئ شيخ الأقراء في زمانه شمس الدين أبو الخير محمد
ابن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الدمشقي الشافعي ولد سنة إحدى
وخمسين وسبعمائة وسمع من أصحاب الفخر بن البخاري وبرع في

(1) آخر يوم الخميس 27 شعبان ودفن إلى جانب والده بتربة طشتمر. الضوء.
376

القراءات ودخل الروم (1) فاتصل بملكها أبى يزيد بن عثمان فأكرمه
وانتفع به أهل الروم فلما دخل تيمورلنك إلى الروم وقتل ملكها اتصل
ابن الجزري بتيمور ودخل معه بلاد العجم وولي قضاء شيراز وانتفع به
أهلها في القراءات والحديث، وكان إماما في القراءات لا نظير له في عصره
في الدنيا حافظا للحديث وغيره أتقن منه ولم يكن له في الفقه معرفة
ألف (النشر في القراءات العشر) لم يصنف مثله وله أشياء اخر (2)
وتخاريج في الحديث وعمل جيد، وصفه ابن حجر بالحفظ في مواضع
عديدة من الدرر الكامنة، مات سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة.
* (الفاسي) * ف
الحافظ تقي الدين محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن

(1) لما طلب منه الأمير الكبير ايتمش رفع حساب أوقافه التي كان جعلها تحت
نظره أيام قضائه بالشام هرب إلى الروم، ولم يكن في قضائه محمود السيرة كما
ذكره السخاوي وغيره ولما عاد من بلاد العجم أيام المؤيد أكرمه ورحب به.
(2) ككتابه (منجد المقرئين) وفيه يرد كثيرا على (المرشد الوجيز في علوم
القرآن العزيز) للحافظ أبي شامة، وفي باب منه يسرد رواة العشر - اثباتا لتواترها -
طبقة بعد طبقة إلى عصره بحيث يتبين للناظر تواترها بجلاء من كثرة القائمين
بروايتها في جميع الطبقات، وقد تمسك الشوكاني ثم القنوجي بقول ينقل عن ابن
الجزري نقلا مبتورا من غير اطلاع منهما على كتابه فأخذا يسعيان في توهين السبع
فضلا عن العشر.
377

المكي الحسيني المالكي الشريف أبو الطيب ولد سنة خمس وسبعين
وسبعمائة وأجاز له أبو بكر بن المحب وإبراهيم بن السلار ورحل وبرع
وخرج وأذن له الحافظ زين الدين العراقي بإقراء الحديث ودرس وأفتى
وصنف كتبا منها تواريخ مكة عدة (كالعقد الثمين) و (شفاء الغرام)
ومختصرا لهما نحو السبعة وغيرها، وكان أول قضاة المالكية بها وليها
في سنة سبع وثمانمائة من الناصر فرج بن برقوق وعزل منها مرارا
ومات في ثاني شوال سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة، قال ابن حجر ولم
يخلف بالحجاز بعده مثله.
* (ابن ناصر الدين) * ف
الحافظ شمس الدين محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن محمد الدمشقي
ولد سنة سبع وسبعين وسبعمائة وطلب الحديث وجود الخط على طريقة
الذهبي بحيث صار يحاكي خطه غالبا وصنف تصانيف حسنة وتخرج
به صاحبنا نجم الدين عمر بن فهد المكي وصار محدث البلاد الدمشقية
مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة.
* (ابن الغرابيلي) * ف
الحافظ تاج الدين محمد بن ناصر الدين محمد بن محمد الكركي ولد سنة
ست وتسعين وسبعمائة بالقاهرة واشتغل ومهر في الفنون الا الشعر ثم
378

أقبل على الحديث بكليته وعرف العالي والنازل وقيد الوفيات وغيرها
من الفنون وشرع في شرح على الالمام، مات سنة خمس وثلاثين وثمانمائة.
* (البرهان الحلبي) * ف
الحافظ أبو الوفاء إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي الأصل
الشافعي سبط ابن العجمي ويعرف بابن القوف (1) ولد سنة ثلاث
وخمسين وثمانمائة وسمع جماعة من أصحاب الفخر وغيرهم وتخرج في
الفن بالحافظ أبي الفضل العراقي وصار شيخ البلاد الحلبية بلا مدافع
وخرج له صاحبنا الحافظ أبو القاسم عمر بن فهد المكي معجما، وله
تصانيف منها (شرح البخاري) و (شرح الشفاء) لعياض، مات سنة
إحدى وأربعين وثمانمائة رحمه الله تعالى.
* (الشهاب البوصيري) * ك
أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن سليم - مكبر - بن قايماز بن عثمان بن
عمر الكناني المحدث شهاب الدين ولد في المحرم سنة اثنتين وستين
وسبعمائة وسمع الكثير من البرهان التنوخي والبلقيني والعراقي
والهيثمي والطبقة وحدث وخرج، وألف تصانيف حسنة منها (زوائد
سنن ابن ماجة على الكتب الخمسة) و (زوائد سنن البيهقي الكبرى

(1) وكان ينزعج من هذه الكنية.
379

على الكتب الستة) و (زوائد المسانيد العشرة على الكتب الستة)
وهي مسند الطيالسي ومسدد والحميدي والعدني وابن راهويه وابن جميع
وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي أسامة وأبي يعلى، ولم يزل مكبا
على كتب الحديث وتخريجه إلى أن مات في المحرم سنة أربعين وثمانمائة
رحمه الله تعالى.
* (ابن الخياط) * ف
جمال الدين محمد ابن الإمام أبي بكر رضي الدين بن محمد الحافظ
الجليل المفتي حافظ البلاد اليمنية اخذ عن النفيس العلوي والمجد صاحب
القاموس وانتهت إليه رياسة العلم بالحديث هناك، مات بالطاعون في سنة
تسع وثلاثين وثمانمائة رحمه الله تعالى.
* (ابن حجر) * ف
شيخ الاسلام وامام الحفاظ في زمانه وحافظ الديار المصرية بل
حافظ الدنيا مطلقا قاضي القضاة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن
محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن أحمد بن الكناني العسقلاني
ثم المصري الشافعي ولد سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة وعاني أولا الأدب
ونظم الشعر فبلغ فيه الغاية ثم طلب الحديث من سنة أربع وتسعين
وسبعمائة فسمع الكثير، ورحل ولازم شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي
380

وبرع في الحديث وتقدم في جميع فنونه، حكي انه شرب ماء زمزم
ليصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ فبلغها وزاد عليها، ولما حضرت العراقي
الوفاة قيل له من تخلف بعدك؟ قال ابن حجر ثم ابني أبو زرعة ثم
الهيثمي، وصنف التصانيف التي عم النفع بها كشرح البخاري)
الذي لم يصنف أحد في الأولين ولا في الآخرين مثله و (تعليق التعليق)
و (التشويق إلى وصل التعليق) و (التوفيق) فيه أيضا و (تهذيب
التهذيب) و (تقريب التهذيب) و (لسان الميزان) و (الإصابة في
الصحابة) و (نكت ابن الصلاح) و (أسباب النزول) و (تعجيل
المنفعة برجال الأربعة) و (المدرج) و (المقترب في المضطرب) وأشياء
كثيرة جدا تزيد على المائة وأملى أكثر من الف مجلس، وولي القضاء
بالديار المصرية والتدريس بعدة أماكن وخرج أحاديث الرافعي والهداية
والكشاف والفردوس وعمل (أطراف الكتب العشرة) و (المسند
الحنبلي) و (زوائد المسانيد الثمانية) وله تعاليق وتخاريج ما الحفاظ
والمحدثون لها الا محاويج، توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين
وثمانمائة، ولي منه اجازة عامة (1) ولا أستبعد ان يكون لي منه اجازة
خاصة فان والدي كان يتردد إليه وينوب في الحكم عنه وان يكن

(1) وكان السيوطي ابن ثلاث سنين عند وفاة ابن حجر وابن ست عند وفاة
البدر العيني وتراه يروي عنهما في كتبه تعويلا على الإجازة العامة منهما لأهل
عصرهما وما أوهن التعويل على هذه الإجازة المفروضة.
381

فاتني حضور مجالسه والفوز بسماع كلامه والاخذ عنه فقد انتفعت في
الفن بتصانيفه واستفدت منها الكثير وقد غلق بعده الباب وختم به
هذا الشأن، وأخبرني الشهاب المنصوري انه شهد جنازته فلما وصل
إلى المصلى أمطرت السماء على نعشه فأنشد في ذلك الوقت:
قد بكت السحب على * قاضي القضاة بالمطر
وانهدم الركن الذي * كان مشيدا من حجر
هذا آخر ما وجد من ذيل طبقات الحفاظ للذهبي لشيخنا خاتمة الحافظ
الجلال السيوطي رحمة الله تعالى عليه وعلى مؤلف أصلها، وقد اقتصر
شيخنا في تراجم أهلها وترك جماعة ممن انتظم فيها وبين ذلك شيخه جد
والدي الحافظ الرحلة تقي الدين محمد بن فهد الهاشمي المكي في ذيله على
طبقات السيد شمس الدين محمد بن علي الحسيني المسماة (لحظ الألحاظ
بذيل طبقات الحفاظ)، وقد ذيلت عليه بحمد الله تعالى بمؤلف سميته
(تحفة الايقاظ بتتمة ذيل طبقات الحفاظ) وانتهت كتابة هذا الذيل
في مجلسين آخرهما في يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الثاني عام أربع وأربعين
وتسعمائة بتربة المعلاة علو مكة المشرفة على يد كاتبه وراقم حروفه
الفقير إلى لطف الله تعالى محمد المدعو جار الله بن عبد العزيز بن عمر بن
تقي الدين محمد بن فهد الهاشمي العلوي المكي الشافعي خادم الحديث
الشريف بحرم الله المطهر المنيف لطف الله به والمسلمين أجمعين والحمد لله
رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.
382

* (ترجمة ناسخ الأصول التي عنها طبعنا هذه الذيول) *
هو الشيخ المحدث المخرج المؤرخ أبو الفضل محب الدين محمد جار الله ابن
الحافظ عز الدين عبد العزيز ابن الحافظ نجم الدين عمر ابن الحافظ تقي الدين
أبي الفضل محمد بن فهد المكي الهاشمي المعروف بجار الله بن فهد سبط عم أبيه أبي
بكر بن محمد بن فهد، أمه كمالية.
ولد في ليلة السبت العشرين من شهر رجب سنة إحدى وتسعين وثمانمائة
بمكة ونشأ بها في كنف أبويه وأحضر على السخاوي وهو في الرابعة في مجاورته
الرابعة فسمع من لفظه وبقراءة أبيه وغيره أشياء ثم سمع عليه بعد ذلك أشياء أيضا
وأحضر على المحب الطبري الامام في ختم مسلم وثلاثيات البخاري والربع الأول
من تساعيات العز بن جماعة كل ذلك بعد المسلسل وأجاز له جماعة كعبد الغني بن
البساطي وغيره ممن أجازت له عائشة بنت عبد الهادي، والشمس محمد بن الشهاب
البوصيري وغيره ممن سمع على ابن الكويك وأخذ عن والده وابن أجا والسيوطي
وآخرين، ورحل إلى الديار المصرية والشامية ودخل حلب حين دخلها السلطان
الغوري سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة.
جمع تاريخا يفيد في معرفة وفيات المترجمين في الضوء اللامع من الاحياء
والشيخ عبد القادر العيدروس كثير الاستمداد منه في كتابه (النور السافر
بأخبار القرن العاشر) وكذا الجمال الشلي اليماني في (السنا الباهر بتكميل النور
السافر). وكان بين صاحب الترجمة وبين الشمس بن طولون مراسلات يكتب
هذا إليه وفيات الشام كل عام وذاك يفعل مثله في وفيات الحجاز، وتواريخ ابن
طولون طافحة بالنقل عنه، وله مؤلفات غير التاريخ المذكور منها (التحفة اللطيفة
في بناء المسجد الحرام والكعبة الشريفة) و (تحقيق الرجا لعلو المقر ابن أجا) يخرج
فيه أربعين حديثا عن أربعين شيخا من مشايخ المسند أبي الثناء محمود بن محمد
383

الحلبي الحنفي المعروف بابن أجا - آخر من ولي كتابة الاسرار الشريفة بمصر
في الدولة الجركسية - المتوفى 925 عن إحدى وسبعين سنة ومنها (تحفة الايقاظ
بتتمة ذيل طبقات الحفاظ) ذيل بها على ذيل جده ومنها (معجم الشيوخ) يذكر
فيه أسماء شيوخه والشعراء الذين سمع منهم الشعر، وقال الرضي بن الحنبلي الحنفي
في (در الحبب) سمعت من لفظه بمكة المشرفة سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة وأجازني
ان أروي عنه جميع ما يجوز له روايته عنه قال وأنشدنا لبعض مشايخه:
أكابرنا شيوخ العلم حازوا * علوم الدين فاغتنموا وفازوا
أجازوا لي رواية ما رووه * فها انا ذا أجزت كما أجازوا
ويقع فيما ينسخه كثير من التصحيف مع عدم جريه على قواعد الخط المتبعة
وذلك مما يتعب الناقل من كتبه الا إذا استرسل في مسايرته فلعله كان ممن
انصرف إلى الرواية قبل أوانها، وكانت وفاته سنة أربع وخمسين وتسعمائة رحمه
الله وأكرم مثواه.
تم التعليق على الذيول وتصحيح مواضع الاشتباه من الأصول في قرية
مضايا قرب نبع بردى بالشام على يد الفقير إليه سبحانه محمد زاهد بن الشيخ
حسن بن علي الكوثري عفي عنهم وذلك سلخ ربيع الأول من سنة 1347.
والحمد لله أولا وآخرا
وصلى الله على سيدنا
محمد وآله وصحبه
وسلم
384