الكتاب: سير أعلام النبلاء
المؤلف: الذهبي
الجزء: ١٨
الوفاة: ٧٤٨
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند السنة
تحقيق: تحقيق وتخريج وتعليق : شعيب الأرنؤوط ، محمد نعيم العرقسوسي
الطبعة: التاسعة
سنة الطبع: ١٤١٣ - ١٩٩٣ م
المطبعة:
الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

سير أعلام النبلاء
1

سير أعلام النبلاء
تصنيف
الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي
المتوفى
748 ه‍ 1374 م‍
الجزء الثامن عشر
حققه وخرج أحاديثه وعلوه عليه
شعيب الأرنؤوط محمد نعيم العرقسوسي
مؤسسة الرسالة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
4

الطبقة الرابعة والعشرون
1 - السعدي *
الامام البارع، القاضي، أبو الفضل، محمد بن أحمد بن عيسى بن
عبد الله السعدي البغدادي، الفقيه الشافعي، نزيل مصر، وراوي " معجم
الصحابة " للبغوي (1)، عن ابن بطة العكبري (2).
وسمع أبا الفضل الزهري، وموسى بن محمد بن جعفر السمسار، وأبا
بكر بن شاذان، وأبا طاهر المخلص، وابن زنبور، وسمع أبا عبد الله
الجعفي الهرواني وغيره بالكوفة، وأبا الحسين بن جميع بصيدا، وحامد بن
إدريس بالموصل، وأبا مسلم الكاتب بمصر.
وأملى مجالس، وأشغل، وهو من تلامذة أبي حامد الأسفراييني (3).
حدث عنه، سهل بن بشر الأسفراييني، وعلي بن مكي الأزدي، وأبو

العبر 3 / 197، الوافي بالوفيات 2 / 65، طبقات السبكي 4 / 103، حسن المحاضرة
1 / 403، شذرات الذهب 3 / 267.
(1) هو أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان البغوي، المتوفى سنة 317 ه‍.
وقد مرت ترجمته في الجزء الرابع عشر من هذا الكتاب برقم (247).
(2) هو الإمام أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن حمدان العكبري، الفقيه الحنبلي، المتوفى
سنة 387 ه‍. مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (389).
(3) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (111).
5

نصر الطريثيثي، ومحمد بن أحمد أبو عبد الله الرازي، وآخرون. وقد كتب
عنه شيخه الحافظ عبد الغني (1)، ومات قبله بدهر.
مات أبو الفضل السعدي في شعبان، وقيل: في شوال سنة إحدى
وأربعين وأربع مئة، في عشر الثمانين.
2 - النوقاني *
الإمام أبو منصور، محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر، راوي
" سنن " الدارقطني عنه، سمعه من بفوت قليل معين في النسخة: الفضل
ابن محمد الأبيوردي العطار بنيسابور، في سنة أربعين وأربع مئة، والفوت
جزآن، فسمعهما من أبي عثمان الصابوني (2) بإجازته من الدارقطني.
قال أبو سعد السمعاني: كان ثقة، فاضلا مكثرا. مات سنة ثمان
وأربعين وأربع مئة.
3 - ابن المأموني * *
القاسم بن محمد بن هشام الرعيني (3)، السبتي (4)، المالكي،

(1) هو أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري، صاحب كتاب " مشتبه النسبة "،
المتوفى سنة 409 ه‍ مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (164).
* التقييد: الورقة 189 / ب، المشتبه 2 / 650، توضيح المشتبه 3 / ورقة 81 ب، تبصير
المنتبه 1 / 143، تاج العروس 9 / 356 مادة (نقنه). والنوقاني: بفتح النون كما ضبطها السمعاني
وبضمها عند ياقوت وسكون الواو وفتح القاف وبعد الألف نون، نسبة إلى نوقان إحدى مدينتي طوس،
والاخرى طابران. انظر " اللباب " 3 / 332، و " معجم البلدان " 5 / 311.
(2) سترد ترجمته برقم (17) في هذا الجزء.
(* *) ترتيب المدارك 4 / 784، الصلة 2 / 470.
(3) بضم الراء وفتح العين المهملة وسكون الياء وفي آخرها النون، نسبة إلى ذي رعين، وهو من
أقيال اليمن. " الأنساب " 6 / 139.
(4) نسبة إلى سبتة: مدينة في المغرب على مضيق جبل طارق.
6

الفقيه، عرف بابن المأموني.
أخذ عن: عبد الرحيم بن العجوز، وأبي عبد الله بن الشيخ، وأبي
محمد الباجي، وحج، وسمع بمصر من الحافظ عبد الغني، وعبد الوهاب
ابن منير.
تصدر بالمرية (1) للاقراء والفقه.
روى عنه: أبو المطرف الشعبي، وأبو بكر بن صاحب الأحباس
القاضي، وغانم المالقي، وولده حجاج.
توفي سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
ولده:
4 - حجاج بن القاسم *
الحافظ، المحدث، أبو محمد.
سمع من أبي ذر الهروي، وأبي بكر المطوعي (2).
وحدث " بصحيح " البخاري.
وكان رأس العلماء بالمرية، ثم تحول إلى سبتة.
روى عنه: القاضي أبو محمد بن منصور، وأبو علي بن طريف، وأبو
القاسم بن العجوز.

(1) بالفتح ثم الكسر وتشديد الياء، وهي مدينة كبيرة من كورة إلبيرة من أعمال الأندلس.
" معجم البلدان " 5 / 119.
* الصلة 1 / 152، بغية الملتمس: 280. وسيعيد المؤلف ترجمته في الصفحة 526.
(2) نسب إلى المطوعة، وهم جماعة فرغوا أنفسهم للغزو ومرابطة الثغور. " اللباب "
3 / 226.
7

توفي سنة إحدى وثمانين وأربع مئة. ذكرته تبعا للأب.
5 - منصور بن عمر *
ابن علي (1)، العلامة أبو القاسم، البغدادي، الكرخي، الشافعي.
ذكره أبو إسحاق في " طبقات الفقهاء " فقال: ومنهم شيخنا أبو القاسم
الكرخي، تفقه على أبي حامد الأسفراييني، وله عنه تعليقة، وصنف في
المذهب كتاب " الغنية " (2)، ودرس ببغداد.
قلت: وحدث عن أبي طاهر المخلص، وأبي القاسم الصيدلاني.
روى عنه الخطيب، وقال (3): هو من أهل كرخ جدان (4)، توفي في
جمادى الآخرة، سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
6 - الخوارزمي * *
العلامة أبو سعيد، أحمد بن محمد بن علي بن نمير الخوارزمي

* تاريخ بغداد 13 / 87، طبقات الفقهاء للشيرازي: 129، 130، الأنساب 10 / 393
(الكرخي)، الكامل 9 / 616، الوافي بالوفيات خ 26 / 94، طبقات السبكي 5 / 334،
طبقات الأسنوي 2 / 341، 342.
(1) في " الكامل ": منصور بن حمزة بن إبراهيم. وفي الهامش أنه ورد في نسخة أخرى كما هو
هنا.
(2) أورده صاحب " كشف الظنون " 2 / 1212 باسم " الغنية في فروع الشافعية ".
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 87.
(4) ضبطت في الأصل بكسر الجيم، وضبطها ياقوت بالضم، قال: وسمعت بعضهم يفتحها
والضم أشهر، والدال مشددة، وآخره نون: وهي بليدة في آخر ولاية العراق، وهو الحد بين ولاية
شهر زور والعراق. " معجم البلدان ": 4 / 449.
(* *) تاريخ بغداد: 5 / 71، طبقات الفقهاء للشيرازي: 131، طبقات الشافعية لابن
الصلاح: الورقة 38 ب، الوافي بالوفيات: 8 / 63 - 64، نكت الهميان: 115، طبقات
السبكي: 4 / 83 - 84، طبقات الأسنوي: 2 / 150 - 151.
8

الشافعي، الضرير، أحد أئمة المذهب ببغداد، وتلميذ الشيخ أبي حامد.
قال الخطيب (1): درس وأفتى، ولم يكن بعد القاضي أبي الطيب (2)
أحد أفقه منه. روى عن: عبيد الله بن أحمد الصيدلاني. كتبت عنه،
وتوفي في صفر سنة ثمان وأربعين وأربع مئة، وكان يقدم على منصور
الكرخي، وأبي نصر النابتي.
7 - ابن مأمون *
الشيخ العالم، الأديب، الصادق، أبو غانم، حميد بن المأمون بن
حميد بن رافع القيسي، الهمذاني، النحوي، راوي كتاب " الألقاب " (3)
عن مؤلفه أبي بكر الشيرازي.
وروى أيضا عن أبي بكر بن لآل، وأحمد بن تركان، وعلي بن أحمد
البيع، وأبي عمر بن مهدي، وأحمد بن محمد البصير الرازي، وأبي
الحسن بن جهضم، وعدة.
قال شيرويه: ما أدركته، وحدثنا عنه أبو الفضل القومساني، وابن
ممان، وأحمد بن عمر البيع، وعامة مشايخي، وسمع منه كهولنا، وهو
صدوق، مات في ذي القعدة، سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
قلت: وأجاز لعبد المنعم بن القشيري.

(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 71.
(2) هو الطبري، وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (459).
* لم نعثر له على ترجمة في المصادر المتيسرة لنا.
(3) هو كتاب " ألقاب الرواة " ومؤلفه أبو بكر، تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم
(149).
9

8 - ابن مسرور *
الشيخ الامام، الصالح القدوة، الزاهد، مسند خراسان، أبو
حفص، عمر بن أحمد بن عمر بن محمد بن مسرور النيسابوري.
سمع أبا عمرو إسماعيل بن نجيد، وبشر بن أحمد الأسفراييني، وأبا
سهل الصعلوكي، وحسين بن علي التميمي، وأبا عمرو بن حمدان،
والحافظ أبا أحمد الحاكم، وأحمد بن محمد البالوي (1)، ومحمد بن حسين
السمسار، ومحمد بن أحمد المحمودي، وأبا نصر بن أبي مروان الضبي،
ومحمد بن عبيد الله بن إبراهيم بن بالويه، وأبا بكر بن مهران المقرئ،
وأحمد بن محمد البحيري، وأحمد بن إبراهيم العبدوي، ومحمد بن
الفضل [بن] (2) محمد بن خزيمة، وأبا منصور محمد بن محمد بن
سمعان، وعدة.
حدث عنه: عبيد الله بن أبي القاسم القشيري، وأحمد بن علي بن
سلمويه، وسهل بن إبراهيم المسجدي (3)، وأبو عبد الله محمد بن الفضل
الفراوي، وإسماعيل بن أبي بكر القارئ، وتميم بن أبي سعيد الجرجاني،
وهبة الله بن سهل السيدي، وآخرون.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: هو أبو حفص الماوردي، الفامي،

* السياق: الورقة 58 أ، العبر: 3 / 216 - 217، شذرات الذهب: 3 / 278.
(1) بفتح الباء واللام، هذه النسبة إلى بالويه، وهو اسم لبعض أجداده " اللباب ".
(2) سقطت من الأصل، ولابد منها، ومحمد بن الفضل هذا مترجم في الجزء السادس عشر من
هذا الكتاب برقم (360).
(3) قيل له ذلك، لأنه كان خادم مسجد المطرز، ويعرف أيضا بالسبعي، وسترد ترجمته في الجزء
التاسع عشر برقم (304).
10

الزاهد، الفقيه، كان كثير العبادة، والمجاهدة، وكان المشايخ يتبركون
بدعائه.
عاش تسعين سنة، وتوفي في ذي القعدة، سنة ثمان وأربعين وأربع
مئة، رحمه الله.
9 - القادسي *
الشيخ المعمر، أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب
القادسي، ثم البغدادي البزاز.
أملى مجالس بجامع المنصور عن: أبي بكر القطيعي، وأبي بكر
الوراق، وأبي بكر بن شاذان.
وعنه: أبو الغنائم النرسي، وقال: كان يسمع لنفسه، وله سماع
صحيح، منه جزء الكديمي (1)، وجزء من حديث القعنبي (2)، وأجزاء من
مسند الإمام أحمد، سمعنا منه.
قلت: وقع لنا جزء الكديمي من طريق أبي عنه.
وقال الخطيب (3): حضرته يوما، وطالبته بأصوله، فدفع إلي عن ابن
شاذان وغيره أصولا صحيحة، فقلت: أرني أصلك عن القطيعي، فقال:

* تاريخ بغداد: 8 / 16 - 17، الاكمال: 7 / 80، الأنساب: 10 / 10، العبر:
3 / 212، ميزان الاعتدال: 1 / 529 - 530، المغني في الضعفاء 1 / 170، لسان الميزان
2 / 264، شذرات الذهب 3 / 275.
(1) هو أبو العباس محمد بن يونس بن موسى القرشي السامي البصري الكديمي المتوفى سنة
(286) ه‍.
(2) هو الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي المتوفى سنة (221) ه‍،
مرت ترجمته في الجزء العاشر برقم (68).
(3) تاريخ بغداد 8 / 17 - 18.
11

أنا لا يشك في سماعي من القطيعي، سمعنا منه خالي هبة الله المفسر
" المسند " كله. فقلت: لا ترو (1) ها هنا شيئا إلا بعد أن تحضر أصولك.
فانقطع، ومضى إلى مسجد براثا (2)، فأملى فيه، وكانت الرافضة تجتمع
هناك، فقال لهم: منعتني النواصب أن أروي في جامع المنصور فضائل أهل
البيت. ثم اجتمع عليه في مسجد الشرقية الروافض، ولهم إذ ذاك قوة،
وحميتهم ظاهرة، فأملى عليهم العجائب من الموضوعات في الطعن على
السلف.
قلت: مات في ذي القعدة سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
ومات في العام قبله.
10 - [أحمد بن محمد بن عبدوس الزعفراني] *
أبو الحسن، أحمد بن محمد بن أحمد بن عبدوس الزعفراني
المؤدب ببغداد.
روى عن: القطيعي (3)، وابن ماسي (4).
قال الخطيب (5): كتبت عنه من سماعه الصحيح، وعاش تسعا
وثمانين سنة.

(1) في الأصل: " تروي " والجادة ما أثبتنا.
(2) قال ياقوت: بالثاء المثلثة والقصر، محلة كانت في طرف بغداد في قبلة الكرخ، وجنوبي
باب محول. انظر " معجم البلدان " 1 / 362 - 364.
* تاريخ بغداد 4 / 380.
(3) هو أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان البغدادي القطيعي المتوفى سنة (368) ه‍. وقد مرت
ترجمته في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب برقم (143).
(4) هو أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي البغدادي البزاز المتوفى سنة (369) ه‍.
وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (176).
(5) " تاريخ بغداد " 4 / 380.
12

11 - الأهوازي *
قد ذكرته في " التاريخ "، وفي " طبقات القراء "، وفي " ميزان
الاعتدال " (1) مستوفى، فلنذكره ملخصا.
كان رأسا في القراءات، معمرا، بعيد الصيت، صاحب حديث ورحلة
وإكثار، وليس بالمتقن له، ولا المجود، بل هو حاطب ليل، ومع إمامته في
القراءات فقد تكلم فيه وفي دعاويه تلك الأسانيد العالية.
وهو الشيخ الامام، العلامة، مقرئ الآفاق، أبو علي، الحسن بن
علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز الأهوازي، نزيل دمشق.
ولد سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.
وزعم أنه تلا على علي بن الحسين الغضائري (2) - مجهول لا يوثق
به، ادعى أنه قرأ على الأشناني (3)، والقاسم المطرز (4) - وذكر أنه تلا

* تبيين كذب المفتري: 364 - 420، معجم الأدباء 9 / 34 - 39، ميزان الاعتدال
1 / 512، 513، معرفة القراء الكبار 1 / 322 - 325، العبر 3 / 210 - 211، مرآة الجنان
3 / 63، غاية النهاية 1 / 220 - 221، لسان الميزان 2 / 237، 240، النجوم الزاهرة 5 / 65،
كشف الظنون 1 / 140، 211، و 2 / 1303، شذرات الذهب 3 / 274، تهذيب تاريخ ابن عساكر
4 / 197 - 198.
(1) انظر مصادر الترجمة.
(2) ترجم له الذهبي في " معرفة القراء الكبار " 1 / 271، وذكر أنه بقي إلى قريب الثمانين
وثلاث مئة.
(3) بضم الألف وسكون الشين نسبة إلى بيع الأشنان وشرائه، وهو أبو العباس أحمد بن سهل
المقرئ المتوفى سنة (307) ه‍، ترجم له المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 200، 201،
وابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 59، 60.
(4) هو أبو بكر القاسم بن زكريا بن عيسى البغدادي المطرز، المتوفى سنة (305) ه‍، ترجمه
المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 195، وابن الجزري في " غاية النهاية " 2 / 17.
13

لقالون (1) في سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة بالأهواز على محمد بن محمد بن
فيروز، عن الحسن بن الحباب، وأنه قرأ على شيخ، عن أبي بكر بن
سيف، وعلى الشنبوذي (2)، وأبي حفص الكتاني، وجماعة، قبل التسعين
وثلاث مئة.
وسمع من نصر بن أحمد المرجي، صاحب أبي يعلى، ومن المعافى
الجريري، والكتاني، وعدة. ولحق بدمشق عبد الوهاب الكلابي، وأنه
سمع بمصر من أبي مسلم الكاتب، ويروي العالي والنازل، وخطه ردئ
الوضع، جمع سيرة لمعاوية، و " مسندا " في بضعة عشر جزءا، حشاه
بالأباطيل السمجة.
تلا عليه الهذلي (3)، وغلام الهراس (4)، وأحمد بن أبي الأشعث
السمرقندي، وأبو الحسن المصيني، وعتيق الردائي (5)، وأبو الوحش سبيع
ابن قيراط، وخلق.

(1) هو مقرئ المدينة الإمام أبو موسى عيسى بن مينا الملقب بقالون، المتوفى سنة (220) ه‍
وقد مرت ترجمته في الجزء العاشر من هذا الكتاب برقم (79).
(2) قال ابن الأثير: الشنبوذي: بفتح الشين المعجمة والنون وضم الباء الموحدة وسكون الواو
وفي آخرها ذال معجمة، هذه النسبة إلى شنبوذ - جد المنتسب إليه - والمذكور هو أبو الفرج محمد بن
أحمد بن إبراهيم الشنبوذي البغدادي المتوفي سنة (388) ه‍، مترجم في " معرفة القراء " رقم
(252) طبع مؤسسة الرسالة.
(3) هو أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي، المتوفى سنة (465) ه‍، له ترجمة وافية في
" معرفة القراء الكبار " 1 / 346 - 349، و " غاية النهاية " 2 / 397 - 401.
(4) هو أبو علي الحسن بن القاسم بن علي الواسطي المتوفى سنة (468) ه‍. انظر ترجمته في
" معرفة القراء الكبار " 1 / 344، 346، و " غاية النهاية " 1 / 228، 229.
(5) هو عتيق بن محمد أبو بكر الردائي شيخ الأقراء بقلعة حماد من أرض المغرب، دخل دمشق
فقرأ على الأهوازي، مترجم في " غاية النهاية " 1 / 500، 501، وقد تصحف فيها 1 / 222 إلى
" الرذاني " بالذال المعجمة والنون.
14

وحدث عنه: الخطيب، والكتاني، والفقيه نصر المقدسي، وأبو
طاهر الحنائي، وأبو القاسم النسيب ووثقه، وبالإجازة أبو سعد بن
الطيوري (1).
وألف كتابا طويلا في الصفات (2)، فيه كذب، ومما فيه حديث عرق
الخيل (3)، وتلك الفضائح، فسبه علماء الكلام وغيرهم. وكان ينال من
ابن أبي بشر (4)، وعلق في ثلبه، والله يغفر لهما.
قال ابن عساكر (5): كان على مذهب السالمية (6)، يقول بالظاهر،
ويتمسك بالأحاديث الضعيفة التي تقوي رأيه. وسمعت أبا الحسن بن قبيس،
عن أبيه، قال: لما ظهر من أبي علي الاكثار من الروايات في القراءات
أتهم، فسار رشأ بن نظيف (7)، وابن الفرات، وقرؤوا ببغداد على الذين
روى عنهم الأهوازي، وجاؤوا، فمضى إليهم أبو علي، وسألهم أن يروه

(1) واسمه أحمد بن عبد الجبار الصيرفي، المتوفى سنة 517 ه‍. ستأتي ترجمته في الجزء
التاسع عشر من هذا الكتاب برقم (270).
(2) ذكره ابن عساكر باسم " البيان في شرح عقود أهل الايمان " انظر " تبيين كذب المفتري "
369.
(3) انظر اللآلي المصنوعة 1 / 3 و " تنزيه الشريعة " 1 / 134.
(4) يعني أبا الحسن الأشعري، له فيه كتاب " مثالب ابن أبي بشر الأشعري " وقد رد عليه ابن
عساكر ردا وافيا في كتابه " تبيين كذب المفتري ": 364 - 420.
(5) انظر " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 4 / 197.
(6) قال العلامة الكوثري في تعليقه على " تبيين كذب المفتري " 369: السالمية فرقة من
المشبهة، يقولون: إن الله تعالى يرى في صورة آدمي، وإنه تعالى يقرأ على لسان كل قارئ، وإنهم إذا
سمعوا القرآن من قارئ يرون أنهم إنما يسمعونه من الله تعالى، ويعتقدون أن الميت يأكل في القبر
ويشرب وينكح إلى غير ذلك. وهذه النحلة معروفة بالبصرة وسوادها بالسالمية نسبة إلى مقالة الحسن بن
محمد بن أحمد بن سالم السالمي البصري وابنه أبي عبد الله المتصوف.
(7) هو المقرئ أبو الحسن رشأ بن نظيف بن ما شاء الله، الدمشقي، المتوفي سنة 444 ه‍،
مترجم في " معرفة القراء الكبار " 1 / 321، 322، و " غاية النهاية " 1 / 284.
15

الإجازات، فأخذها، وغير أسماء من سمى ليستر دعواه، فعادت عليه بركة
القرآن، فلم يفتضح، وعوتب رجل في القراءة عليه، فقال: أقرأ عليه
للعلم، ولا أصدقه في حرف (1).
قال عبد العزيز الكتاني: اجتمعت بهبة الله اللالكائي، فسألني: من
بدمشق؟ فذكرت منهم الأهوازي، فقال: لو سلم من الروايات في
القراءات (2).
ثم قال الكتاني: وكان مكثرا من الحديث، وصنف الكثير في القراءات
وفي أسانيدها، له غرائب يذكر أنه أخذها رواية وتلاوة. وممن وهاه ابن
خيرون.
وقال الداني: أخذ القراءات عرضا وسماعا من أصحاب ابن شنبود،
وابن مجاهد. قال: وكان واسع الرواية، حافظا ضابطا، أقرأ دهرا
بدمشق.
قلت: في نفسي أمور من علوه في القراءات.
وقال ابن عساكر عقيب حديث كذب: الأهوازي متهم.
قلت: الحديث أنبأني به ابن أبي الخير، عن ابن بوش، عن أحمد
ابن عبد الجبار، عن الأهوازي، حدثنا أحمد بن علي الأطرابلسي، عن
عبد الله بن الحسن القاضي، عن البغوي، عن هدبة، عن حماد بن
سلمة، عن وكيع بن عدس، عن أبي رزين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رأيت

(1) " تبيين كذب المفتري ": 415، 416، و " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 4 / 198.
(2) " تبيين كذب المفتري ": 368.
16

ربي بمنى على جمل أورق، عليه جبة " (1).
وقال ابن عساكر في " تبيين كذب المفتري " (2): لا يستبعدن جاهل
كذب الأهوازي فيما أورده من تلك الحكايات، فقد كان من أكذب الناس
فيما يدعي من الروايات في القراءات.
وقال محمد بن طاهر الملحي: كنت عند رشإ بن نظيف في داره على
باب الجامع، فاطلع منها، وقال: قد عبر رجل كذاب. فاطلعت، فوجدته
الأهوازي (3).
وقال عبد الله بن أحمد بن السمرقندي: قال لنا أبو بكر الخطيب: أبو

(1) هو في تهذيب تاريخه 4 / 197، وقال: هذا الحديث منكر، وفي إسناده غير واحد من
المجهولين، وللأهوازي أمثاله في كتاب جمعه في الصفات سماه كتاب " البيان في عقود أهل الايمان "
أودعه أحاديث منكرة، كحديث: " إن الله لما أراد أن يخلق نفسه خلق الخيل، فأجراها حتى
عرقت، ثم خلق نفسه من ذلك العرق " مما لا يجوز أن يروى، ولا يحل أن يعتقد، وكان مذهبه مذهب
السالمية يقول بالظاهر، ويتمسك بالأحاديث الضعيفة التي تقوي له رأيه، وحديث إجراء الخيل
موضوع وضعه بعض الزنادقة، ليشنع على أصحاب الحديث في روايتهم لينتحل فيقبله بعض من لا عقل
له، وهو مما يقطع ببطلانه شرعا وعقلا.
وقد علق الشيخ عبد القادر بدران رحمه الله على كلام الحافظ ابن عساكر هذا، فقال: إن بعض
ضعفاء العقول ممن ينتسب إلى العلم في زمننا هذا يسلكون مسالك السالمية على غير معرفة بمذهبهم،
فيتمسكون بكل ما قيل: إنه حديث، فيأخذون بالموضوع والمفترى، وإذا قيل لهم: إن هذا حديث
موضوع، قالوا: أوليس وقد قيل بأنه حديث، ويزعمون أن فعلهم هذا محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونسوا
الحديث المجمع على تواتره - وهو قوله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار، فتراهم
يسردون الأحاديث المكذوبة في دروسهم ليغشوا بها العامة، وليوهموا الاغراب على السامع، ويكون
كلامهم بدرجة أن كل غافل يأبى سماعه، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم لا تحصل بالكذب عليه، وهو صلى الله عليه وسلم لم يتكلم
بما يناقضه العقل الصحيح والكتاب المبين، فليربأ العاقل بنفسه عن نسبة شئ إلى الرسول تكون
الزنادقة قد دسته، لافساد شرعه الطاهر بزعمهم، ومن فعل ذلك كان ظهيرا للزنادقة غاشا للمسلمين.
وانظر الكلام على هذا الخبر في " اللآلي المصنوعة " 1 / 27 - 28، وتنزيه الشريعة 1 / 138 -
139، و " الفوائد المجموعة " ص 447، و " ميزان الاعتدال " 1 / 513.
(2) ص: 415.
(3) " تبيين كذب المفتري ": 416.
17

علي الأهوازي كذاب في القراءات والحديث جميعا (1).
قلت: يريد تركيب الاسناد، وادعاء اللقاء، أما وضع حروف أو متون
فحاشا وكلا، ما أجوز ذلك عليه، وهو بحر في القراءات، تلقى المقرئون
تواليفه ونقله للفن بالقبول، ولم ينتقدوا عليه انتقاد أصحاب الحديث، كما
أحسنوا الظن بالنقاش (2)، وبالسامري (3)، وطائفة راجوا عليهم.
توفي أبو علي - سامحه الله - في رابع ذي الحجة سنة ست وأربعين
وأربع مئة.
12 - الازجي *
الشيخ الامام، المحدث المفيد، أبو القاسم، عبد العزيز بن علي
ابن أحمد بن الفضل بن شكر البغدادي الازجي.
سمع الكثير من: ابن كيسان، وأبي عبد الله العسكري، وأبي
الحسن ابن لؤلؤ، وأبي سعيد الحرفي (4)، وعبد العزيز الخرقي، ومحمد

(1) المصدر السابق.
(2) هو المقرئ أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد النقاش الموصلي البغدادي المتوفى سنة
(351) ه‍. انظر ترجمته في " معرفة القراء الكبار ": 1 / 236 - 240، و " غاية النهاية " 2 / 119 -
121.
(3) هو المقرئ أبو أحمد عبد الله بن الحسين بن حسنون السامري البغدادي المتوفى سنة
(386) ه‍، وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب برقم (379).
* تاريخ بغداد 10 / 468، الأنساب 1 / 197، اللباب 1 / 46، العبر 3 / 206، شذرات
الذهب 3 / 271.
قال السمعاني: الازجي، بفتح الألف والزاي وفي آخرها الجيم: هذه النسبة إلى باب الأزج،
وهي محلة كبيرة ببغداد قيل: كان بها أربعة آلاف طاحونة، وكان منها جماعة كثيرة من العلماء والزهاد
والصالحين، وكلهم إلا ما شاء الله على مذهب أحمد بن حنبل رضي الله عنه.
(4) بضم الحاء وسكون الراء وكسر الفاء، هذه النسبة للبقال ببغداد ومن يبيع الأشياء التي تتعلق
بالبزور والبقالين، وقد تصحفت في المطبوع من " تاريخ بغداد " 10 / 468 إلى " الخزفي ". وأبو
سعيد هذا هو الحسن بن جعفر بن محمد البغدادي الحربي الحرفي المتوفى سنة (376) ه‍، وقد مرت
ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (265).
18

ابن أحمد الجرجرائي المفيد، وابن المظفر، والدارقطني، وخلق. وعني
بالحديث.
روى عنه: الخطيب، والقاضي أبو يعلى، وعبد الله بن سبعون
القيرواني، والحسين بن علي الكاشغري (1)، وحمد بن إسماعيل
الهمذاني، والمبارك بن الطيوري، وخلق.
له مصنف في الصفات لم يهذبه.
قال الخطيب (2): كتبنا عنه، وكان صدوقا كثير الكتاب. مولده في
سنة ست وخمسين وثلاث مئة. وتوفي في شعبان سنة أربع وأربعين وأربع
مئة.
13 - عبد الغافر بن محمد *
ابن عبد الغافر بن أحمد بن محمد بن سعيد، الشيخ، الامام،
الثقة، المعمر، الصالح، أبو الحسين الفارسي ثم النيسابوري.
ولد سنة نيف وخمسين وثلاث مئة.
وحدث عنه: أبي أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي ب‍
" صحيح " مسلم، سمعه منه سنة خمس وستين وثلاث مئة. وحدث عن

(1) ضبطه السمعاني: بفتح الكاف وسكون الشين المعجمة وفتح الغين وفي آخرها الراء،
وقال: هذه النسبة إلى بلدة من بلاد المشرق يقال لها: كاشغر.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 468.
* التقييد: الورقة 143 / أ، العبر 3 / 216، شذرات الذهب 3 / 277، 278.
19

الامام أبي سليمان الخطابي ب‍ " غريب الحديث " له، وحدث عن بشر بن
أحمد الأسفراييني، وإسماعيل بن عبد الله بن ميكال، وكان يمكنه السماع
من أبي عمرو بن نجيد، وأبي عمرو بن مطر، وطائفة.
حدث عنه: نصر بن الحسن التنكتي (1)، وأبو عبد الله الحسين بن
علي الطبري، وعبيد الله بن أبي القاسم القشيري، وعبد الرحمن بن أبي
عثمان الصابوني، ومحمد بن الفضل الصاعدي الفراوي، وإسماعيل بن
أبي بكر القاري، وفاطمة بنت زعبل العالمة، وآخرون.
قال حفيده الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر: هو الشيخ
الجد، الثقة، الأمين، الصالح، الصين، الدين، المحظوظ من الدنيا
والدين، الملحوظ من الحق تعالى بكل نعمى، كان يذكر أيام أبي سهل
الصعلوكي، ويذكره، وما سمع منه شيئا، وسمع من الخطابي بسبب نزوله
عندهم حين قدم نيسابور، ولم تكن مسموعاته إلا ملء كمين من الصحيح
والغريب، وأعداد قليلة من المتفرقات من الاجزاء، ولكنه كان محظوظا
مجدودا في الرواية، حدث قريبا من خمسين سنة منفردا عن أقرانه،
مذكورا، مشهورا في الدنيا، مقصودا من الآفاق، سمع منه الأئمة
والصدور، وقد قرأ عليه الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ " صحيح
مسلم " نيفا وثلاثين مرة، وقرأه عليه أبو سعد البحيري نيفا وعشرين مرة،
هذا سوى ما قرأه عليه المشاهير من الأئمة. استكمل خمسا وتسعين سنة،
وطعن في السادسة والتسعين، وألحق الأحفاد بالأجداد، وعاش في النعمة

(1) بضم التاء، وسكون النون، وفتح الكاف عند السمعاني وابن الأثير وضمها عند ياقوت وابن
حجر، وفي آخرها تاء أخرى، نسبة إلى تنكت، وهي مدينة من الشاش من وراء نهر جيحون وسيحون.
وفي الأصل: البنكتي بباء موحدة بدل التاء الأولى وهو تصحيف.
20

عزيزا مكرما في مروءة وحشمة إلى أن توفي - رحمه الله تعالى - في خامس
شوال سنة ثمان وأربعين وأربع مئة بنيسابور.
وفيها مات شيخ الشافعية مع القاضي أبي الطيب، أبو سعيد أحمد بن
محمد بن نمير الخوارزمي الضرير (1)، والفقيه عبد الله بن الوليد الأندلسي (2)
بمصر، والزاهد أبو حفص بن مسرور (3)، وعلي بن إبراهيم الباقلاني (4)،
وأبو الحسن بن الطفال (5)، والزاهد محمد بن الحسين ابن الترجمان (6)
بغزة، وأبو بكر محمد بن عبد الملك بن بشران (7)، والمفتي أبو الفرج محمد
ابن عبد الواحد الدارمي الشافعي (8).
14 - الخولاني *
الامام المحدث، الثبت، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن عبد
الرحمن بن عثمان بن سعيد بن غلبون الخولاني، القرطبي، والد المسند
أبي عبد الله أحمد بن محمد.
كان أحد علماء الأثر بقرطبة.
حدث عن: أبيه، وعمه أبي بكر، وأبي محمد بن أسد، وأحمد بن

(1) تقدمت ترجمته برقم (6).
(2) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (447).
(3) تقدمت ترجمته برقم (8).
(4) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (454).
(5) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (456).
(6) سترد ترجمته برقم (22).
(7) سترد ترجمته برقم (27).
(8) سترد ترجمته برقم (24).
* الصلة 2 / 535 - 536.
21

القاسم التاهرتي، وأبي عمر بن الجسور، وأبي عمر أحمد بن عبد الله
الباجي، وأبي عبد الله بن أبي زمنين، وأبي المطرف بن فطيس، وخلق.
وكان معنيا بالحديث وجمعه، ثقة ثبتا، صينا، خيرا. عاش ستا
وسبعين سنة (1). روى عنه ولده وجماعة.
توفي سنة ثمان وأربعين (2).
15 - ابن الصباغ *
مفتي الشافعية، أبو طاهر، محمد بن عبد الواحد بن محمد
البغدادي، البيع، ابن الصباغ.
سمع أبا حفص بن شاهين، والمعافى بن طرارا (3)، وابن حبابة (4)،
وعدة.
وتفقه بالشيخ أبي حامد.
وتفقه عليه ولده أبو نصر (5)، صاحب " الشامل ".
قال الخطيب (6): كتبنا عنه، وكان ثقة، له حلقة للفتوى، مات في

(1) " الصلة " 2 / 536.
(2) أي: وأربع مئة.
* تاريخ بغداد 2 / 362 - 363، الأنساب 2 / 372، اللباب 1 / 199، الوافي بالوفيات
4 / 63، طبقات السبكي 4 / 188 - 189، طبقات الأسنوي 2 / 131 - 132. وسيعيد المؤلف
ترجمته في الصفحة (466) عند ذكر ولده.
(3) هو القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني الجريري، ويعرف بابن طرارا، المتوفى
سنة (390) ه‍، وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر رقم (398).
(4) هو أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن إسحاق البغدادي المتوثي المعروف بابن حبابة،
المتوفى سنة (389) ه‍، وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر رقم (400).
(5) سترد ترجمته برقم (238) فانظرها ثم.
(6) " تاريخ بغداد " 2 / 362.
22

ذي القعدة، سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
قلت: وروى عنه أبي النرسي.
16 - أبو العلاء *
هو الشيخ العلامة، شيخ الآداب، أبو العلاء، أحمد بن عبد الله بن
سليمان (1) بن محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان بن داود بن مطهر بن زياد
ابن ربيعة بن الحارث (2) بن ربيعة بن أنور (3) بن أرقم (4) بن أسحم بن

* تتمة اليتيمة 1 / 9، تاريخ بغداد 4 / 240 - 241، دمية القصر 1 / 157 - 165،
الأنساب 3 / 90 - 93 (التنوخي) و (المعري)، فهرست ابن خير: 343، نزهة الألباب: 353 -
354، المنتظم 8 / 184 - 188، معجم البلدان 5 / 156، معجم الأدباء 3 / 107 - 218، الكامل
في التاريخ: 9 / 636 - 637، اللباب 1 / 225 (التنوخي) و 3 / 234 (المعري)، إنباه الرواة
1 / 46 - 83، الانصاف والتحري لابن العديم، وفيات الأعيان 1 / 113 - 116، المختصر في أخبار
البشر 2 / 176 - 177، تاريخ الاسلام م 11 / قسم 3 / 461 - 470، العبر 3 / 218، دول الاسلام
1 / 264، ميزان الاعتدال 1 / 112، تتمة المختصر 1 / 539 - 547، مسالك الابصار م 10 / 2 /
282 - 319، الوافي بالوفيات 7 / 94 - 111، نكت الهميان: 101 - 110، مرآة الزمان حوادث
سنة 449، مرآة الجنان 3 / 66 - 69، البداية والنهاية 12 / 72 - 76، روض الناظر لابن الشحنة
8 / 161، طبقات النحويين واللغويين لابن قاضي شهبة: 169 - 181، لسان الميزان 1 / 203 -
208، عقد الجمان للعيني 1 / 20 / 140 - 148، النجوم الزاهرة 5 / 61 - 62، بغية الوعاة
1 / 315 - 317، مفتاح السعادة 1 / 237 - 238، معاهد التنصيص 1 / 136 - 145، شذرات
الذهب 3 / 280 - 282، كشف الظنون 1 / 46 و 85 وغيرها، نزهة الجليس 1 / 278 - 284،
روضات الجنات: 33 - 75، إيضاح المكنون 2 / 427، هدية العارفين 1 / 77، أعلام النبلاء
4 / 77 و 180 و 378. وانظر " تعريف القدماء بأبي العلاء " الذي نشرته وزارة الثقافة المصرية بتحقيق
عدد من الأساتذة.
(1) من هنا إلى لفظ " سليمان " الثالث سقط من " معجم الأدباء "، وفي " تتمة المختصر " سقط
من لفظة " سليمان " الثانية إلى الثالثة.
(2) قوله: " ابن الحارث " سقط من " النجوم الزاهرة ".
(3) في " تاريخ بغداد " أيوب بدل " أنور ".
(4) في " معجم الأدباء ": أرقم بن أنور.
23

النعمان - ويلقب بالساطع لجماله - ابن عدي بن عبد غطفان (1) بن عمرو
ابن (2) بريح (3) بن جذيمة (4) بن تيم [الله] (5)، الذي هو مجتمع
تنوخ (6) بن أسد بن وبرة بن تغلب (7) بن حلوان بن عمران بن الحاف (8)
ابن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ بن
يشجب بن يعرب بن قحطان بن عامر، وهو هود عليه السلام، القحطاني،
ثم التنوخي المعري الأعمى، اللغوي، الشاعر، صاحب التصانيف
السائرة، والمتهم في نحلته.
ولد في سنة [ثلاث] (9) وستين وثلاث مئة.
وأضر بالجدري وله أربع سنين وشهر، سالت واحدة، وابيضت
اليمنى، فكان لا يذكر من الألوان إلا الأحمر، لثوب أحمر ألبسوه [إياه] (10)

(1) في " إنباه الرواة ": بن غطفان، بدون " عبد ".
(2) في الأصل تكرار كلمة (ابن) وهو خطأ.
(3) في الأصل: سريج، وهو خطأ، وفي " معجم الأدباء ": يربح، وفي " تتمة
المختصر ": شريح، وكلاهما خطأ أيضا.
(4) في " معجم الأدباء " و " الوافي بالوفيات " و " البداية والنهاية " و " النجوم الزاهرة ":
خزيمة، وهو خطأ. انظر " الصحاح " و " تاج العروس " 8 / 223 مادة " جذم ".
(5) ما بين معقوفتين مستدرك من بقية المصادر.
(6) تحرفت في " الوافي بالوفيات " إلى: " يجتمع بنوح ".
(7) في الأصل: ثعلب، ومثله في " تاريخ بغداد " و " الوافي بالوفيات " وهو خطأ،
والتصويب من " جمهرة أنساب العرب " ص: 453.
(8) قال أبو ذر الخشني في " شرح السيرة " لابن هشام 1 / 5: الحاف، منهم من يكسر همزته
ويقطعها، كأنه سمي بمصدر ألحف في المسألة: إذا بالغ فيها... ومنهم من يجعل الألف واللام فيه
للتعريف بمنزلة اسم الفاعل فهو من حفي يحفى. وعلى الوجه الأخير حذفت ياؤه اجتزاء بالكسرة، كما
تقول في العاصي: العاص. " أمالي ابن الشجري " 2 / 73.
(9) ساقطة من الأصل، واستدركت من مصادر ترجمته.
(10) زيادة يقتضيها السياق.
24

وقد جدر، وبقي خمسا وأربعين سنة لا يأكل اللحم تزهدا فلسفيا (1).
وكان قنوعا متعففا، له وقف يقوم بأمره، ولا يقبل من أحد شيئا، ولو
تكسب بالمديح، لحصل مالا ودنيا، فإن نظمه في الذروة، يعد مع المتنبي
والبحتري.
سمع جزءا من يحيى بن مسعر، رواه عن أبي عروبة الحراني.
وأخذ الأدب عن بني كوثر، وأصحاب ابن خالويه (2)، وكان يتوقد
ذكاء.
ومن أردإ تواليفه " رسالة الغفران " في مجلد (3)، قد احتوت على
مزدكة وفراغ، و " رسالة الملائكة " (4)، ورسالة " الطير " على ذلك
الأنموذج، وديوانه " سقط الزند " (5) مشهور، وله " لزوم ما لا يلزم " (6) من
نظمه، وكان إليه المنتهى في حفظ اللغات.

(1) انظر الخبر بأطول مما هنا في " إنباه الرواة " 1 / 49، وانظر " المنتظم " 8 / 184، و
" معجم الأدباء " 3 / 125.
(2) هو الأستاذ أبو عبيد الله الحسين بن أحمد الهمذاني النحوي اللغوي، المتوفى سنة
(370) ه‍. مترجم في " إنباه الرواة " 1 / 324، و " بغية الوعاة " 1 / 529، و " وفيات الأعيان "
2 / 178 - 179، " الفهرست " 84، " يتيمة الدهر " 1 / 107 - 108، " معجم الأدباء " 9 / 200
205، " نزهة الالبا ": 311 - 312، " أعلام النبلاء " 4 / 54 - 56، " طبقات ابن قاضي شهبة "
1 / 317 - 319، " مرآة الجنان " 2 / 394، " البداية والنهاية " 11 / 297، " النجوم الزاهرة "
4 / 139، " تلخيص ابن مكتوم " 62.
(3) كتبها إلى الشيخ علي بن منصور الحلبي المعروف بابن القارح جوابا عن رسالة بعث بها إليه.
(4) طبعت بتحقيق وشرح العلامة محمد سليم الجندي، عضو المجمع العلمي العربي
بدمشق.
(5) وهو ديوان شعر تزيد أبياته على ثلاثة آلاف بيت، وهو مطبوع مع شروح عدة لائمة اللغة
والأدب، بعناية وزارة الثقافة والارشاد القومي في مصر عام 1945 وبتحقيق لجنة من الأساتذة.
(6) ويعرف أيضا باللزوميات، وقد بين في مقدمته القوافي ولوازمها، ومعنى لزوم ما لا
يلزم، وهو مطبوع متداول.
25

ارتحل في حدود الأربع مئة إلى طرابلس وبها كتب كثيرة، واجتاز
باللاذقية، فنزل ديرا به راهب متفلسف، فدخل كلامه في مسامع أبي
العلاء، وحصلت له شكوك لم يكن له نور يدفعها، فحصل له نوع انحلال
دل عليه ما ينظمه ويلهج به. ويقال: تاب من ذلك وارعوى (1).
وقد سارت الفضلاء إلى بابه، وأخذوا عنه.
وكان أخذ اللغة عن أبيه، وبحلب عن محمد بن عبد الله بن سعد
النحوي.
وكانت غلته في العام نحو ثلاثين دينارا، أفرز منها نصفها لمن
يخدمه.
وكان غذاؤه العدس ونحوه، وحلواه التين، وثيابه القطن، وفراشه
لباد وحصير بردي (2)، وفيه قوة نفس، وترك للمنن، عورض في وقفه،
فسافر إلى بغداد يتظلم في سنة تسع وتسعين، وحدث بها بسقط الزند (3).
يقال: كان يحفظ كل ما مر بسمعه، ويلازم بيته، وسمى نفسه رهن
المحبسين، للزومه منزله وللعمى، وقال الشعر في حداثته، وكان يملي
تصانيفه على الطلبة من صدره (4).
خرج صالح بن مرداس ملك حلب (5)، فنازل المعرة يحاصرها،

(1) الخبر بنحوه في " إنباه الرواة " 1 / 49. وانظر ما كتبه الأستاذ العلامة محمود شاكر في كتابه
العظيم " أباطيل وأسمار " في نقد هذا الخبر وابطاله ص 32 - 80.
(2) البردي: نبات تصنع منه الحصر، واحدته بردية، ويعرف في بلاد الشام " معجم متن
اللغة ".
(3) انظر " إنباه الرواة " 1 / 49 - 50.
(4) " معجم الأدباء " 3 / 124.
(5) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (236).
26

ورماها بالمجانيق، فخرج إليه أبو العلاء يتشفع، فأكرمه، وقال: ألك
حاجة؟ قال: الأمير - أطال الله بقاءه - كالسيف القاطع، لان مسه، وخشن
حده، وكالنهار الماتع (1) قاظ (2) وسطه، وطاب أبرداه (3) * (خذ العفو وأمر
بالعرف وأعرض عن الجاهلين) * [الأعراف: 199] فقال: قد وهبتك
المعرة، فأنشدنا من شعرك. فأنشده على البديه أبياتا، وترحل صالح (4).
كان لأبي العلاء خلوة يدخلها للاكل، ويقول، الأعمى عورة،
والواجب استتاره. فأكل مرة دبسا، فنقط على صدره منه، فلما خرج
للإفادة، قيل له: أكلتم دبسا؟ فأسرع بيده إلى صدره، فمسحه وقال:
نعم، لعن الله النهم. فعجبوا من ذكائه، وكان يعتذر إلى من يرحل إليه،
ويتأوه لعدم صلته (5).
قال الباخرزي (6): أبو العلاء ضرير ماله ضريب (7)، ومكفوف في
قميص الفضل ملفوف، ومحجوب خصمه الألد محجوج، قد طال في
ظل (8) الاسلام آناؤه، ورشح (9) بالالحاد إناؤه، وعندنا [خبر بصره، والله
العالم ببصيرته والمطلع على سريرته، وإنما تحدثت الألسن] (10) بإساءته

(1) الماتع: المرتفع، قال في " القاموس ": متع النهار: ارتفع قبل الزوال. وفي الأصل
" المانع " وهو خطأ.
(2) قاظ من القيظ، وهو شدة الحر.
(3) أبرداه: أي طرفاه، وهما الغداة والعشي. وفي الأصل " إبراده ".
(4) الخبر في " إنباه الرواة " 1 / 53 - 54، وانظر " معجم الأدباء " 3 / 216 - 217.
(5) " إنباه الرواة " 1 / 55.
(6) " دمية القصر " 1 / 175.
(7) في " الدمية ": ما له في أنواع الأدب ضريب.
(8) في الدمية: ظلال.
(9) في " دمية القصر ": ولكن ربما رشح.
(10) ما بين معقوفتين زيادة من " الدمية ".
27

بكتابه (1) الذي عارض به القرآن، وعنونه ب‍ " الفصول والغايات في محاذاة
السور (2) والآيات ".
وقال غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسن (3): له شعر كثير،
وأدب غزير، ويرمى بالالحاد، وأشعاره دالة على ما يزن (4) به، ولم يأكل
لحما ولا بيضا ولا لبنا، بل يقتصر على النبات، ويحرم إيلام الحيوان،
ويظهر الصوم دائما. قال: ونحن نذكر مما رمي به فمنه (5):
قران المشتري زحلا يرجى * لايقاظ النواظر من كراها
تقضى الناس جيلا بعد جيل * وخلفت النجوم كما تراها
تقدم صاحب التوراة موسى * وأوقع بالخسار من اقتراها
فقال رجاله (6): وحي أتاه * وقال الآخرون: بل افتراها
وما حجي (7) إلى أحجار بيت * كؤوس الخمر تشرب في ذراها
إذا رجع الحكيم (8) إلى حجاه * تهاون بالمذاهب وازدراها

(1) عند الباخرزي: لكتابه الذي زعموا أنه عارض به...
(2) في إحدى نسخ " الدمية ": ومحاذاة السور، وفي غيرها: محاذاة للسور، وفي
أخرى: في معارضة السور. وحول تسمية الكتاب بهذا الاسم والخلاف حوله انظر مقدمة الكتاب
نفسه، حيث سماه المحقق: الفصول والغايات في تمجيد الله والمواعظ. طبعة دار الآفاق
الجديدة. تحقيق محمود حسن زناتي.
(3) هو أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابئ، الملقب بغرس
النعمة المتوفى سنة (480) ه‍، ذيل على " تاريخ " والده الذي ذيله على " تاريخ " ثابت بن
سنان، و " تاريخ " ثابت هو ذيل على " تاريخ " ابن جرير
(4) أي: يتهم.
(5) الأبيات في " اللزوم " 2 / 622 - 623 بتقديم وتأخير.
(6) في " اللزوم ": وقال.
(7) في " اللزوم ": وما سيري.
(8) في " اللزوم ": الحصيف.
28

وله (1):
صرف الزمان مفرق الألفين * فاحكم إلهي بين ذاك وبيني
أنهيت عن قتل النفوس تعمدا * وبعثت أنت لقبضها ملكين
وزعمت أن لها معادا ثانيا * ما كان أغناها عن الحالين
وله (2):
عقول تستخف بها سطور (3) * ولا يدري الفتى لمن الثبور
كتاب محمد وكتاب موسى * وإنجيل ابن مريم والزبور
ومنه (4):
هفت الحنيفة والنصارى ما اهتدت * ويهود حارت والمجوس مضلله
رجلان أهل الأرض: هذا عاقل * لا دين فيه ودين لا عقل له
ومنه (5):
قلتم لنا خالق قديم * صدقتم هكذا (6) نقول
زعمتموه بلا زمان * ولا مكان ألا فقولوا
هذا كلام له خبئ * معناه ليست لكم عقول

(1) الأبيات مما لم يرو في الديوانين.
(2) " اللزوم " 1 / 443.
(3) في " اللزوم ": أمور تستخف بها حلوم.
(4) " اللزوم " 2 / 301، وقد ورد البيت الثاني فيه هكذا:
اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا * دين، وآخر دين لا عقل له
(5) " اللزوم " 2 / 270.
(6) في " اللزوم ": كذا بدل هكذا.
29

ومنه (1):
دين وكفر وأنباء تقال وفر * قان ينص وتوراة وإنجيل
في كل جيل أباطيل يدان بها * فهل تفرد يوما بالهدى جيل
فأجبته:
نعم أبو القاسم الهادي وأمته * فزادك الله ذلا يا دجيجيل
ومنه (2) لعن:
فلا تحسب مقال الرسل حقا * ولكن قول زور سطروه
وكان الناس في عيش رغيد * فجاؤوا بالمحال فكدروه
ومنه (3):
وإنما حمل التوراة قارئها * كسب الفوائد لا حب التلاوات
وهل أبيحت نساء الروم (4) عن عرض (5) * للعرب إلا بأحكام النبوات
أنشدتنا فاطمة بنت علي كتابة، أخبرنا فرقد الكناني، سنة ثمان وست
مئة، أنشدنا السلفي، سمعت أبا زكريا التبريزي (6) يقول: لما قرأت على
أبي العلاء بالمعرة قوله (7):

(1) " اللزوم " 2 / 268، وفيه: وأنباء تقص، بدل " تقال ".
(2) الأبيات مما لم يرو في الديوانين.
(3) " اللزوم " 1 / 228.
(4) في " اللزوم ": " القوم " بدل " الروم ".
(5) في " القاموس ": ويضربون الناس عن عرض: لا يبالون من ضربوا. وفي الأصل:
غرض بالغين المعجمة.
(6) في الأصل: أبا بكر الهريري وهو تحريف، والمثبت من ترجمة أبي العلاء في " تاريخ
الاسلام " للمؤلف، المطبوعة في " تعريف القدماء بأبي العلاء ".
(7) " اللزوم " 1 / 386.
30

تناقض ما لنا إلا السكوت له * وأن نعوذ بمولانا من النار
يد بخمس مئ (1) من عسجد وديت * ما بالها قطعت في ربع دينار؟
سألته، فقال: هذا كقول الفقهاء: عبادة لا يعقل معناها.
قال كاتبه: لو أراد ذلك، لقال: تعبد. ولما قال: تناقض. ولما
أردفه ببيت آخر يعترض على ربه.
وبإسنادي قال السلفي: إن كان قاله معتقدا معناه، فالنار مأواه، وليس
له في الاسلام نصيب. هذا إلى ما يحكى عنه في كتاب " الفصول والغايات "
فقيل له: أين هذا من القرآن؟ فقال: لم تصقله المحاريب أربع مئة سنة.
وبه قال: وأخبرنا الخليل بن عبد الجبار بقزوين وكان ثقة، حدثنا أبو
العلاء بالمعرة، حدثنا أبو الفتح محمد بن الحسين، حدثنا خيثمة، فذكر
حديثا.
ثم قال السلفي: ومن عجيب رأي أبي العلاء تركه أكل ما لا ينبت حتى
نسب إلى التبرهم، وأنه يرى رأي البراهمة (2) في إثبات الصانع وإنكار
الرسل، وتحريم إيذاء الحيوانات، حتى العقارب والحيات، وفي شعره ما
يدل عليه وإن كان لا يستقر به قرار، فأنشدني أبو المكارم الأسدي، أنشدنا
أبو العلاء لنفسه (3):
أقروا بالإله وأثبتوه * وقالوا: لا نبي ولا كتاب

(1) في " اللزوم " 1 / 544: بخمس مئين عسجد. ومئ بميم مكسورة وهمزة منونة: من
جموع المئة.
(2) قال الجوهري: البراهمة قوم لا يجوزون على الله بعثة الرسل. " الصحاح ":
(برهم).
(3) " اللزوم " 1 / 99.
31

ووطئ بناتنا حل (1) مباح * رويدكم فقد طال (2) العتاب
تمادوا في الضلال فلم (3) يتوبوا * ولو سمعوا صليل السيف تابوا
قال: وأنشدنا أبو تمام غالب بن عيسى بمكة، أنشدنا أبو العلاء
المعري لنفسه (4):
أتتني من الايمان ستون حجة * وما أمسكت كفي بثني عنان
ولا كان لي دار ولا ربع منزل * وما مسني من ذاك روع جنان
تذكرت أني هالك وابن هالك * فهانت علي الأرض والثقلان
وبه: قال السلفي: ومما يدل على صحة عقيدته ما سمعت الخطيب
حامد بن بختيار، سمعت أبا المهدي (5) بن عبد المنعم بن أحمد
السروجي، سمعت أخي أبا الفتح القاضي يقول: دخلت على أبي العلاء
التنوخي بالمعرة بغتة، فسمعته ينشد (6):
كم غودرت (7) غادة كعاب * وعمرت أمها العجوز
أحرزها الوالدان خوفا * والقبر حرز لها حريز
يجوز أن تخطئ (8) المنايا * والخلد في الدهر لا يجوز
ثم تأوه مرات، وتلا قوله تعالى: * (إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب

(1) في الأصل: " كل " والمثبت من " اللزوم ".
(2) في " اللزوم ": بطل.
(3) في " اللزوم ": تمادوا في العتاب ولم...
(4) الأبيات مما لم يرو في الديوانين.
(5) في " تعريف القدماء " 199 نقلا عن نص " تاريخ الاسلام ": أبا المهذب.
(6) هذه الأبيات من شعره في " ملقى السبيل ".
(7) في " ملقى السبيل ": هلكت، وقد أثبت محققو " تعريف القدماء " 199: بودرت.
(8) في ترجمته من " تاريخ الاسلام " المنشورة في " تعريف القدماء " 199: تبطئ.
32

الآخرة) * إلى قوله: * (فمنهم شقي وسعيد) * [هود: 103 - 105]. ثم
صاح وبكى، وطرح وجهه على الأرض زمانا، ثم مسح وجهه، وقال:
سبحان من تكلم بهذا في القدم! سبحان من هذا كلامه! فصبرت ساعة، ثم
سلمت، ثم قلت: أرى في وجهك أثر غيظ؟ قال: لا، بل أنشدت شيئا من
كلام المخلوق، وتلوت شيئا من كلام الخالق، فلحقني ما ترى. فتحققت
صحة دينه.
وبه: قال السلفي: سمعت أبا زكريا التبريزي يقول: أفضل من قرأت
عليه أبو العلاء (1). وسمعت أبا المكارم (2) بأبهر - وكان من أفراد الزمان -
يقول: لما توفي أبو العلاء اجتمع على قبره ثمانون شاعرا (3)، وختم في
أسبوع واحد مئتا ختمة. إلى أن قال السلفي: وفي الجملة فكان من أهل
الفضل الوافر، والأدب الباهر، والمعرفة بالنسب وأيام العرب، قرأ القرآن
بروايات، وسمع الحديث على ثقات، وله في التوحيد وإثبات النبوات، وما
يحض على الزهد، وإحياء طرق الفتوة والمروءة شعر كثير، والمشكل منه،
فله على زعمه تفسير.
قال غرس النعمة: حدثنا الوزير أبو نصر بن جهير، حدثنا المنازي
الشاعر (4) قال: اجتمعت بأبي العلاء، فقلت: ما هذا الذي يروى عنك؟ قال:

(1) في ترجمته من " تاريخ الاسلام " المنشورة في " تعريف القدماء " 200: أفضل من
رأيته ممن قرأت عليه أبو العلاء.
(2) هو عبد الوارث بن عبد المنعم الأبهري، أحد الأدباء الفضلاء تلميذ لأبي العلاء
المعري، وقرأ عليه الأدب، والأبهري نسبة إلى أبهر، وهي موضعان: أحدهما بلدة بالقرب من
زنجان والمذكور منسوب إليها، والثانية قرية من قرى أصبهان. انظر " الأنساب " 1 / 126.
(3) الخبر إلى هنا في " المنتظم " 8 / 188.
(4) هو أبو نصر أحمد بن يوسف الكاتب الوزير، المتوفى سنة (437) ه‍. وقد مرت
ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (389).
33

حسدوني، وكذبوا علي. فقلت: على ماذا حسدوك، وقد تركت لهم الدنيا
والآخرة؟ فقال: والآخرة؟! قلت: إي والله.
ثم قال غرس النعمة: وأذكر عند ورود الخبر بموته وقد تذاكرنا
إلحاده، ومعنا غلام يعرف بأبي غالب بن نبهان من أهل الخير والفقه، فلما
كان من الغد، حكى لنا قال: رأيت البارحة شيخا ضريرا على عاتقه أفعيان
متدليان إلى فخذيه، وكل منهما يرفع فمه إلى وجهه، فيقطع منه لحما،
ويزدرده، وهو يستغيث، فهالني، وقلت: من هذا؟ فقيل لي: هذا أبو
العلاء المعري الملحد (1).
ولأبي العلاء (2).
لا تجلسن حرة موفقة * مع ابن زوج لها ولا ختن
فذاك خير لها وأسلم * للإنسان إن الفتى من الفتن (3)
أنشدنا أبو الحسين الحافظ ببعلبك، أنشدنا جعفر بن علي، أنشدنا
السلفي، أنشدنا أبو المكارم عبد الوارث بن محمد الأسدي، أنشدنا أبو
العلاء بن سليمان لنفسه (4):
رغبت إلى الدنيا زمانا فلم تجد * بغير عناء والحياة بلاغ
وألقى (5) ابنه اليأس الكريم وبنته * لدي فعندي راحة وفراغ

(1) الخبر بأطول مما هنا في " إنباه الرواة " 1 / 80 - 81، والجزء الأخير منه في
" المنتظم " 8 / 188.
(2) " اللزوم " 2 / 575.
(3) في " اللزوم ": مع.
(4) الأبيات الآتية مما لم يرو في الديوانين.
(5) في الأصل: ألفى.
34

وزاد فساد الناس في كل بلدة * أحاديث مين (1) تفتري وتصاغ
ومن شر ما أسرجت في الصبح والدجى * كميت (2) لها بالشاربين مراغ
وبه (3):
أوحى المليك إلى من في بسيطته * من البرية جوسوا الأرض أو حوسوا (4)
فأنتم قوم سوء لا صلاح لكم * مسعودكم عند أهل الرأي منحوس
أنشدنا موسى بن محمد ببعلبك، أنشدنا الشرف الأربلي، أنشدنا
أحمد بن مدرك القاضي، أنشدني أبو جعفر محمد بن مؤيد بن أحمد بن
حواري، أنشدنا جدي أبو اليقظان أحمد، أنشدنا أبو العلاء بن سليمان
لنفسه:
يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر (5) * لعل بالجزع (6) أعوانا على السهر
وإن بخلت على الاحياء كلهم * فاسق المواطر (7) حيا من بني مطر
ويا أسيرة حجليها (8) أرى سفها * حمل الحلي لمن أعيى عن النظر
ما سرت إلا وطيف منك يطرحني (9) * يسري (10) أمامي وتأويبا (11) على أثري

(1) المين: الكذب.
(2) الكميت من أسماء الخمر التي فيها حمرة وسواد.
(3) " اللزوم " 2 / 26.
(4) الحوس: مرادف للجوس، وهو طلب القوم وتخلل ديارهم.
(5) السمر: ضرب من العضاه يعظم ويطول، وليس في العضاه شئ أجود خشبا منه.
(6) الجزع: منعطف الوادي، وقيل: منقطعه.
(7) المواطر: السحب التي فيها المطر.
(8) الحجل: الخلخال.
(9) في " سقط الزند " يصحبني.
(10) في السقط: سرى.
(11) التأويب: سير النهار كله إلى الليل، ثم جعلوا قدوم الغائب إيابا.
35

لو حط رحلي فوق النجم رافعه * ألفيت ثم خيالا منك منتظري
يود أن ظلام الليل دام له * وزيد فيه سواد القلب والبصر
لو اختصرتم من (1) الاحسان زرتكم * والعذب يهجر للافراط في الخصر (2)
وهي طويلة بديعة نيف وسبعون بيتا (3)، وشعره من هذا النمط.
قيل: إنه أوصى أن يكتب على قبره:
هذا جناه أبي علي * وما جنيت على أحد
قلت: الفلاسفة يعدون اتخاذ الولد (4) وإخراجه إلى الدنيا جناية
عليه، ويظهر لي من حال هذا المخذول أنه متحير لم يجزم بنحلة. اللهم
فاحفظ علينا إيماننا.
ونقل القفطي (5) أن أبا العلاء قال: لزمت مسكني منذ سنة أربع مئة،
واجتهدت أن أتوفر على الحمد والتسبيح، إلا أن أضطر إلى غير ذلك،
فأمليت أشياء تولى نسخها أبو الحسن ابن أبي هاشم (6) في الزهد والعظات
والتمجيد، فمن ذلك " الفصول والغايات " مئة كراسة، ومؤلف في غريب
ذلك عشرون كراسة (7)، و " إقليد الغايات في اللغة " عشر كراريس،
وكتاب " الأيك والغصون " ألف ومئتا كراسة، وكتاب " مختلف

(1) في الأصل: في. وما أثبتناه من ديوانه " سقط الزند ".
(2) الخصر، بفتحتين: البرد، وقد حصر الرجل إذا آلمه البرد في أطرافه، وماء
خصر: بارد.
(3) انظر " شروح سقط الزند " 1 / 114 وما بعدها.
(4) في الأصل: الوالد. وهو خطأ.
(5) في " إنباه الرواة " 1 / 56.
(6) في " الانباه ": علي بن عبد الله بن أبي هاشم.
(7) في " الانباه ": وهو كتاب مختصر لقبه " السادن ".
36

الفصول " (1) نحو أربع مئة كراس، و " تاج الحرة في وعظ النساء " نحو أربع
مئة كراسة، و " الخطب " (2) مجلد، وكتاب في الخيل (3) عشر كراريس،
وكتاب " خطبة الفصيح " خمس عشرة كراسة، و " ترسيل الرموز " (4) مجلد،
و " لزوم ما لا يلزم " نحو مئة وعشرين كراسة، و " زجر النابح " (5) مجلد،
وكتاب " نجر الزجر " (6) مقداره، وكتاب " شرح لزوم ما لا يلزم " (7)
ثلاث مجلدات، وكتاب " ملقى السبيل " (8) جزء، و " مواعظ " (9)

(1) سماه في " الانباه ": الفصول، وعبارة ياقوت 3 / 148: والكتاب المعروف بتضمين
الآي، وهو مختلف الفصول.
(2) في " الانباه ": " سيف الخطب "، وعند ياقوت: " سيف الخطبة "، وفي " كشف
الظنون ": " سيف الخطيب ".
(3) في " الانباه ": خطب الخيل وكذلك عند ابن العديم وقال: يتكلم فيه على ألسنة
الخيل، ويذكر على لسان كل فرس خطبة يحمد الله تعالى فيها ويعظمه.
(4) في " تاريخ " الذهبي و " الانباه ": وسيل الراموز، وفي ياقوت: رسل الراموز.
والراموز: البحر، ورسيله: ماؤه العذب.
(5) ذكره ياقوت في " معجم الأدباء " 3 / 153 بقوله: كتاب زجر النابح يتعلق بلزوم ما لا
يلزم، وذلك أن بعض الجهال تكلم على أبيات من لزوم ما لا يلزم، يريد بها التشرد والأذية، فألزم
أبا العلاء أصدقاؤه أن ينشئ هذا، فأنشأ هذا الكتاب وهو كاره، وقد نشر مجمع اللغة العربية
بدمشق مقتطفات منه، جمعها وحققها الدكتور أمجد الطرابلسي وذلك عام 1965 م، ثم أعيد
طبعه عام 1982 م.
(6) في الأصل: بحر الرجز، وهو خطأ، والنجر، بفتح النون وسكون الجيم:
الأصل، كما نص على ذلك ابن العديم، وقيد به اسم الكتاب كما هو مثبت، وهو كذلك في
" تاريخ " الذهبي و " الانباه "، وتصحف في " معجم الأدباء " إلى: " بحر ".
(7) عبارة القفطي: وكتاب يعرف براحة اللزوم، يشرح فيه ما في كتاب لزوم ما لا يلزم من
الغريب.
(8) وهي رسالة فلسفية نشرتها مجلة المقتبس بدمشق سنة 1912 م، وطبعت على حدة
في 18 صفحة وعلق عليها حسن حسني عبد الوهاب... وطبعت أيضا في كتاب " رسائل
البلغاء ". معجم سركيس: 329.
(9) في " الانباه ": مواعظ الست، وعند ياقوت وابن العديم: المواعظ الست، ومعنى
هذا اللقب أن الفصل الأول منه في خطاب رجل، والثاني في خطاب اثنين، والثالث في خطاب
جماعة، والرابع في خطاب امرأة، والخامس في خطاب امرأتين، والسادس في خطاب نسوة
" الانباه " 1 / 60.
37

في مجلد، و " خماسية الراح (1) في ذم الخمر " عشر كراريس - قلت: أظنه
يعني بالكراسة ثلاث ورقات - وكتاب " سقط الزند "، وكتاب " القوافي والأوزان
" (2) ستون كراسة، وسرد أشياء كثيرة أدبيات، وكتابه في الزهد،
يعرف بكتاب " استغفر واستغفري " منظوم نحو عشرة آلاف بيت، المجموع
خمسة وخمسون مصنفا (3). قال: في نحو أربعة آلاف ومئة [وعشرين] (4)
كراسة.
قلت: قد قدرت لك الكراسة.
قال القفطي (5): أكثر كتبه عدمت، وسلم منها ما خرج عن المعرة قبل
استباحة الكفار لها.
قلت: قبره داخل المعرة في مكان داثر، وقد حدث عنه أبو طاهر بن
أبي الصقر الأنباري، وطائفة، وقد طال المقال، وما على الرجل أنس زاهد

(1) في الأصل: حماسة الراح، والصواب ما أثبتناه. قال القفطي: ومعنى هذا الوسم
أنه بني على حروف المعجم، نذكر لكل حرف يمكن حركته خمس سجعات مضمومات وخمسا
مفتوحات، وخمسا مكسورات، وخمسا موقوفات.
(2) ذكره القفطي باسم: جامع الأوزان الخمسة التي ذكرها الخليل بجميع ضروبها،
ويذكر فيه قوافي كل ضرب، وفي " معجم ياقوت " و " كشف الظنون ": جامع الأوزان، وقد
ذكره القفطي مرة أخرى بهذه التسمية عندما عرض للكتب التي رآها لأبي العلاء.
(3) لم يذكر المصنف جميع المصنفات التي ذكرها القفطي، انظر " الانباه " 1 / 56 وما
بعدها، و " معجم الأدباء " 3 / 145 وما بعدها. ومن مؤلفاته غير المذكورة في الترجمة والتي
طبعت كتاب " عبث الوليد " في الكلام على شعر أبي عبادة الوليد بن عبيد البختري، وقد نشرته
الشركة المتحدة في بيروت بتحقيق ناديا علي الدولة و " رسالة الهناء " نشرها المكتب التجاري
ببيروت بشرح وتحقيق كامل كيلاني.
(4) ما بين معقوفتين من " الانباه ".
(5) " الانباه " 1 / 66.
38

المؤمنين، والله أعلم بما ختم له. ومن خبيث قوله (1):
أتى عيسى فبطل شرع موسى (2) * وجاء محمد بصلاة خمس
وقالوا: لا نبي بعد هذا * فضل القوم بين غد وأمس (3)
ومهما عشت من دنياك هذي (4) * فما تخليك من قمر وشمس
إذا قلت المحال رفعت صوتي * وان قلت الصحيح (5) أطلت همسي
وممن رثاه تلميذه أبو الحسن علي، فقال (6):
إن كنت لم ترق الدماء زهادة * فلقد أرقت اليوم من جفني دما
سيرت ذكرك (7) في البلاد كأنه * مسك فسامعة (8) يضمخ أو فما
وأرى (9) الحجيج إذا أرادوا ليلة * ذكراك أخرج (10) فدية من أحرما
وممن روى عنه أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، ومات قبله،
وغالب بن عيسى الأنصاري.
وكانت علته ثلاثة أيام، ومات في أوائل شهر ربيع الأول من سنة تسع
وأربعين وأربع مئة، وعاش ستا وثمانين سنة.

(1) " اللزوم " 2 / 55 - 56.
(2) في " اللزوم ": دعا موسى فزال وقام عيسى.
(3) في " اللزوم ":
وقيل يجئ دين غير هذا * وأودى الناس بين غد وأمس
وفي الأصل: غدا، وهو خطأ.
(4) في " اللزوم ": ومهما كان في دنياك أمر.
(5) في " اللزوم ": اليقين.
(6) الأبيات في " معجم الأدباء " 3 / 126 - 127، و " وفيات الأعيان " 1 / 115.
(7) في " معجم الأدباء ": ذكرا.
(8) في " معجم ياقوت ": مسامعها.
(9) في " معجم الأدباء ": وترى.
(10) في " معجم ياقوت ": أوجب.
39

17 - الصابوني *
الامام العلامة، القدوة، المفسر، المذكر، المحدث، شيخ
الاسلام، أبو عثمان، إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن
إبراهيم بن عابد (1) بن عامر، النيسابوري، الصابوني.
ولد سنة ثلاث وسبعين وثلاث مئة.
وأول مجلس عقده للوعظ إثر قتل أبيه في سنة ثنتين وثمانين وهو ابن
تسع سنين.
حدث عن: أبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وأبي بكر
ابن مهران، وأبي محمد المخلدي، وأبي طاهر بن خزيمة، وأبي الحسين
الخفاف، وعبد الرحمن بن أبي شريح، وزاهر بن أحمد الفقيه، وطبقتهم،
ومن بعدهم.
حدث عنه: الكتاني، وعلي بن الحسين بن صصري، ونجا بن
أحمد، وأبو القاسم بن أبي العلاء، والبيهقي، وابنه عبد الرحمن بن
إسماعيل، وخلق آخرهم أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي.

* تتمة اليتيمة 2 / 115، الأنساب 8 / 5 - 6، تاريخ دمشق خ 428 / 2 - 431 / 2،
معجم الأدباء: 7 / 16 - 19، المنتخب: ورقة 38 / أ، الكامل 9 / 638، اللباب 2 / 228 -
229، المختصر 2 / 177، دول الاسلام 1 / 264، العبر 3 / 219، الوافي بالوفيات 9 / 143 -
144، تتمة المختصر 1 / 547، طبقات السبكي 4 / 271 - 292، البداية والنهاية 12 / 76،
طبقات ابن قاضي شهبة: ورقة 223 أ، النجوم الزاهرة 5 / 62، طبقات المفسرين للسيوطي:
7، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 107 - 108، شذرات الذهب: 3 / 282 - 283،
الرسالة المستطرفة: 103، تهذيب تاريخ ابن عساكر 3 / 30 - 36.
(1) بالباء الموحدة والدال المهملة كما في " تبصير المنتبه " 3 / 887، وقد تصحف في
" تهذيب " ابن عساكر، و " طبقات " السبكي إلى " عائذ " بالهمزة والذال المعجمة.
40

قال أبو بكر البيهقي: حدثنا إمام المسلمين حقا، وشيخ الاسلام
صدقا، أبو عثمان الصابوني. ثم ذكر حكاية (1).
وقال أبو عبد الله المالكي: أبو عثمان ممن شهدت له أعيان الرجال
بالكمال في الحفظ والتفسير (2).
وقال عبد الغافر في " السياق " (3): الأستاذ أبو عثمان إسماعيل
الصابوني شيخ الاسلام، المفسر المحدث، الواعظ، أوحد وقته في طريقه،
وعظ المسلمين سبعين سنة، وخطب وصلى في الجامع نحوا من عشرين
سنة، وكان حافظا، كثير السماع والتصانيف، حريصا على العلم، سمع
بنيسابور وهراة وسرخس والحجاز والشام والجبال، وحدث بخراسان والهند
وجرجان والشام والثغور والحجاز والقدس، ورزق العز والجاه في الدين
والدنيا، وكان جمالا للبلد، مقبولا عند الموافق والمخالف، مجمع على أنه
عديم النظير، وسيف السنة، ودامغ البدعة، وكان أبوه الإمام أبو نصر من
كبار الواعظين بنيسابور، ففتك به لأجل المذهب، وقتل، فأقعد ابنه هذا
ابن تسع (4) سنين، فأقعد بمجلس الوعظ، وحضره أئمة الوقت، وأخذ

(1) وهي كما في " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 3 / 31 - 32، قال أبو الحسين البغدادي:
كان الشيخ الإمام أبو الطيب إذا حضر محفلا من محافل التهنئة أو التعزية أو سائر ما لم يكن يقصد
إلا بحضوره، فكان المفتتح والمختتم الرئيس باجماع المخالف والموالف المقدم أمرا بالقاء
مسألة، وكان المتفقهة لا يسألون غيره في مجلس حضره، فإذا تكلم عليها، ووفى حق الكلام
فيها، وانتهى إلى آخرها أمر أبا عثمان (الصابوني) فترقل الكرسي (أي صعد إليه بسرعة) وتكلم
للناس على طريق التفسير والحقائق ثم يدعو ويقوم أبو الطيب فيتفرق الناس وهو يومئذ في أوائل
سنه.
(2) المصدر السابق 3 / 33.
(3) وانظر " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 3 / 33 - 34، " معجم الأدباء " 7 / 17 - 18.
(4) تحرفت في " تهذيب تاريخ دمشق " إلى: " سبع " بدل " تسع ".
41

الإمام أبو الطيب الصعلوكي (1) في ترتيبه وتهيئة شأنه، وكان يحضر مجلسه
هو والأستاذ أبو إسحاق الأسفراييني، والأستاذ أبو بكر بن فورك، ويعجبون
من كمال ذكائه، وحسن إيراده، حتى صار إلى ما صار إليه، وكان مشتغلا
بكثرة العبادات والطاعات، حتى كان يضرب به المثل.
قال الحسين بن محمد الكتبي في " تاريخه ": في المحرم توفي أبو
عثمان سنة تسع وأربعين وأربع مئة.
وقال السلفي في " معجم السفر ": سمعت الحسن بن أبي الحر
بسلماس (2) يقول: قدم أبو عثمان الصابوني بعد حجه ومعه أخوه أبو يعلى في
أتباع ودواب، فنزل على جدي أحمد بن يوسف الهلالي، فقام بجميع
مؤنه، وكان يعقد المجلس كل يوم، وافتتن الناس به، وكان أخوه فيه
دعابة، فسمعت أبا عثمان يقول وقت أن ودع الناس (3): يا أهل سلماس!
لي عندكم أشهر أعظ وأنا في تفسير آية وما يتعلق بها، ولو بقيت عندكم تمام
سنة لما تعرضت لغيرها، والحمد لله.
قال عبد الغافر في " تاريخه " (4): حكى الثقات أن أبا عثمان كان
يعظ، فدفع إليه كتاب ورد من بخارى، مشتمل على ذكر وباء عظيم بها،
ليدعو لهم، ووصف في الكتاب أن رجلا أعطى خبازا درهما، فكان يزن،
والصانع يخبز، والمشتري واقف، فمات ثلاثتهم في ساعة.

(1) هو الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان العجلي الصعلوكي المتوفى سنة
(404) ه‍، وقد تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (121).
(2) قال ياقوت: بفتح أوله وثانيه: وآخره سين أخرى: مدينة مشهورة بآذربيجان، بينها
وبين أرمية يومان، وبينها وبين تبريز ثلاثة أيام. وهي بينهما.
(3) في الأصل تكرار فعل " يقول " بعد لفظ " الناس "، ولا داعي له.
(4) انظر " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 3 / 34، 35.
42

فلما قرأ الكتاب هاله ذلك، واستقرأ من القارئ * (أفأمن الذين مكروا
السيئات) * [النحل: 45]... الآيات، ونظائرها، وبالغ في التخويف
والتحذير، وأثر ذلك فيه وتغير، وغلبه وجع البطن، وأنزل من المنبر يصيح
من الوجع، فحمل إلى حمام، فبقي إلى قريب المغرب يتقلب ظهرا
لبطن، وبقي أسبوعا لا ينفعه علاج، فأوصى، وودع أولاده، ومات،
وصلي عليه عقيب عصر الجمعة رابع المحرم، وصلى عليه ابنه أبو بكر، ثم
أخوه أبو يعلى.
وأطنب عبد الغافر في وصفه، وأسهب، إلى أن قال: وقرأت في
كتاب كتبه زين الاسلام من طوس في التعزية لشيخ الاسلام: أليس لم يجسر
مفتر أن يكذب على رسول الله في وقته؟ أليست السنة كانت بمكانه منصورة،
والبدعة لفرط حشمته مقهورة؟ أليس كان داعيا إلى الله، هاديا عباد الله،
شابا لا صبوة له، كهلا لا كبوة له، شيخا لا هفوة له؟ يا أصحاب المحابر،
وطؤوا رحالكم، قد غيب من كان عليه إلمامكم، ويا أرباب المنابر، أعظم
الله أجوركم، فقد مضى سيدكم وإمامكم.
قال الكتاني: ما رأيت شيخا في معنى أبي عثمان زهدا وعلما، كان
يحفظ من كل فن لا يقعد به شئ، وكان يحفظ التفسير من كتب كثيرة، وكان
من حفاظ الحديث.
قلت: ولقد كان من أئمة الأثر، له مصنف في السنة واعتقاد السلف،
ما رآه منصف إلا واعترف له (1).
قال معمر بن الفاخر: سمعت عبد الرشيد بن ناصر الواعظ بمكة،

(1) وهي مطبوعة في مجموعة الرسائل المنيرية 1 / 105 - 135، باسم عقيدة السلف
وأصحاب الحديث، ثم نشرتها مفردة الدار السلفية في الكويت: 1977 م.
43

سمعت إسماعيل بن عبد الغافر، سمعت الامام أبا المعالي الجويني يقول:
كنت بمكة أتردد في المذاهب، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: عليك باعتقاد
ابن الصابوني.
قال عبد الغافر: ومما قيل في أبي عثمان قول الإمام أبي الحسن، عبد
الرحمن بن محمد الداوودي:
أودى الامام الحبر إسماعيل * لهفي عليه ليس منه بديل
بكت السما والأرض يوم وفاته * وبكى عليه الوحي والتنزيل
والشمس والقمر المنير تناوحا * حزنا عليه وللنجوم عويل
والأرض خاشعة تبكي شجوها * ويلي تولول أين إسماعيل؟
أين الامام الفرد في آدابه * ما إن له في العالمين عديل
لا تخدعنك منى الحياة فإنها * تلهي وتنسي والمنى تضليل
وتأهبن للموت قبل نزوله * فالموت حتم والبقاء قليل (1)
18 - الخبازي *
شيخ القراء، أبو عبد الله، محمد بن علي بن محمد النيسابوري،
الخبازي.
حدث ب‍ " صحيح " البخاري عن الكشميهني (2)، رواه عنه

(1) الأبيات في " تهذيب " ابن عساكر 3 / 35 - 36.
* تبيين كذب المفتري: 263 - 264، الاستدراك 1 / ورقة 154 أ، اللباب 1 / 417،
معرفة القراء الكبار: 332، العبر 3 / 219 - 220، الوافي بالوفيات 4 / 130، غاية النهاية
2 / 207، شذرات الذهب 3 / 283.
(2) هو أبو الهيثم محمد بن مكي بن محمد المروزي الكشميهني - نسبة إلى كشيمهن،
قرية من قرى مرو - المتوفى سنة (389) ه‍، وقد تقدمت ترجمته في الجزء السادس عشر
رقم (361).
44

الفراوي (1)، وكان ارتحل إلى الكشميهني.
قال ابن نقطة (2): قال عبد الغافر: شيخ نبيل، مشاور في فهم
الأمور، مبجل في المحافل، عارف بالقراءات، توفي في رمضان سنة تسع
وأربعين وأربع مئة.
قلت: وولد سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة.
وتلا على والده أبي الحسين الخبازي، وعلى أبي بكر الطرازي،
صاحب ابن مجاهد (3).
وسمع من: أبي أحمد الحاكم، وجماعة. وكان ذا تعبد وتهجد.
روى عنه: مسعود الركاب، وتلا عليه الهذلي (4) وغيره. ومات أبوه
نحو سنة أربع مئة.
19 - عميد الرؤساء *
الوزير الكبير، أبو طالب، محمد بن الوزير أبي الفضل، أيوب بن
سليمان المراتبي.

(1) هو الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي - نسبة إلى فراوة، بليدة
متطرفة من جهة خوارزم بناها ابن طاهر، وقد اختلف في ضم الفاء وفتحها، قال ابن نقطة: الفتح
أكثر وأشهر - وسترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (362). وقد تحرف في معرفة القراء
الكبار " و " غاية النهاية " إلى: العزاوي.
(2) " الاستدراك " 1 / ورقة 154 أ.
(3) هو شيخ القراء أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي البغدادي
المتوفى سنة (324) ه‍.
(4) تقدم التعريف به في الصفحة (14) ت (3).
* المنتظم 8 / 175، ديوان مهيار 1 / 256 و 276 و 309، الوافي بالوفيات 2 / 234 -
235.
45

كان أبوه كاتب القادر.
ووزر هذا للقائم أيام ولاية عهده، ثم وزر للقادر بعد ابن حاجب
النعمان، ثم وزر للقائم بضع عشرة سنة.
وكان بليغا مترسلا، صاحب فنون، صنف كتابا في الخراج، وروى
" ديوان " البحتري، عن الحسين بن محمد الخالع، عن أبي سهل
القطان، عن أبي الغوث بن البحتري. وروى عن أبي نصر بن نباتة (1)
شعره، روى عنه أبو الجوائز هبة الله بن حمزة، وغيره.
ولد سنة سبعين وثلاث مئة.
ومات في المحرم سنة ثمان وأربعين (2).
وهو القائل: الكتاب سبعة: الكامل الذي ينشئ ويملي ويكتب،
والاعزل: وهو المنشئ ولا خط له (3)، والثالث: المبهم: وهو صاحب
الخط ولا إنشاء له، الرابع: الرقاعي: وهو من يجيد رقعة ولاحظ له في
طول نفس (4)، الخامس: المخبل: وهو ذو الحفظ والرواية، ولا عبارة له،
فيجئ منه نديم (5)، السادس: المخلط، وهو الآتي بدره مع بعره (6)،

(1) هو أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن محمد بن أحمد بن نباتة التميمي السعدي أحد شعراء
العصر ببغداد، المتوفى سنة (405) ه‍. وقد تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم
(139).
(2) أي وأربع مئة.
(3) أي الذي ينشئ ويملي، ولا يكتب خطا رائقا، كما في " الوافي بالوفيات ".
(4) زاد الصفدي: وتنوع معان.
(5) في " الوافي ": فإذا كان عاقلا صلح أن يكون نديما للملوك.
(6) عند الصفدي: هو الذي يأتي فيما ينشئه بدرة وبعرة يقرن بينهما، فيذهب رونق ما ينشئه.
46

السابع: السكيت، وهو الذي يجهد نفسه حتى يأتي بما يستحسن (1).
20 - ابن بطال *
شارح " صحيح " البخاري، العلامة أبو الحسن، علي بن خلف بن
بطال البكري، القرطبي، ثم البلنسي، ويعرف بابن اللجام (2).
أخذ عن: أبي عمر الطلمنكي (3)، وابن عفيف، وأبي المطرف
القنازعي، ويونس بن مغيث.
قال ابن بشكوال (4): كان من أهل العلم والمعرفة، عني بالحديث
العناية التامة، شرح " الصحيح " في عدة أسفار، رواه الناس عنه (5)،
واستقضي (6) بحصن لورقة.
توفي في صفر سنة تسع (7) وأربعين وأربع مئة.

(1) في " الوافي ": السكيت: يشبه بالمتأخر في الحلبة، وربما جهد نفسه، فأتى بعد
اللتيا والتي بمعنى يفهم.
* ترتيب المدارك 4 / 827، الصلة 2 / 414، العبر 3 / 219، الوافي بالوفيات
م 12 / 56، الديباج المذهب 2 / 105 - 106، شذرات الذهب 3 / 283، شجرة النور الزكية
1 / 115.
(2) تصحف في " الصلة ": إلى: ابن اللحام، بالمهملة، وتحرف في " ترتيب
المدارك " إلى، ابن النجام. وفي " شجرة النور ": وعرف باللجام، بدون (ابن). واللجام:
نسبة إلى عمل اللجم.
(3) نسبة إلى طلمنكة: مدينة بالأندلس، اختطها محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن
هشام الأموي " معجم ياقوت ".
(4) في " الصلة " 2 / 414.
(5) وله أيضا " الاعتصام " في الحديث. وكتاب في الزهد والرقائق.
(6) تصحفت في " الصلة " إلى: واستقصى. ولورقة، بالضم ثم السكون، وفتح الراء
والقاف، ويقال: لرقة، بسكون الراء من غير واو: مدينة بالأندلس من أعمال تدمير... " معجم
البلدان ".
(7) في حاشية الأصل: في نسخة: أربع. وفي " ترتيب المدارك " سنة (474).
47

قلت: كان من كبار المالكية. ذكره القاضي عياض (1).
21 - العشاري *
الشيخ الجليل، الأمين، أبو طالب، محمد بن علي بن الفتح
الحربي، العشاري.
سمع أبا الحسن الدارقطني، وأبا الفتح القواس، وأبا حفص بن
شاهين، وأبا عبد الله بن بطة، ومحمد بن يوسف العلاف، والكتاني،
والمخلص، وأبا بكر بن شاذان، وعيسى بن الوزير، والمعافى (2).
قال الخطيب (3): كتبت عنه، وكان ثقة صالحا، ولد في أول سنة
ست وستين وثلاث مئة. وقال لي: كان جدي طوالا فقيل له:
العشاري (4).
قلت: قد كان أبو طالب فقيها، عالما، زاهدا، خيرا، مكثرا،
صحب أبا عبد الله بن بطة، وأبا عبد الله بن حامد، وتفقه لأحمد.
حدث عنه، أبو الحسين ابن الطيوري، وأبو علي البراداني،
وشجاع الذهلي، وأبو العز بن كادش (5)، وأحمد بن قريش، وأبو بكر

(1) انظر مصادر الترجمة.
* تاريخ بغداد: 3 / 107، طبقات الحنابلة 2 / 191 - 192، الأنساب 8 / 459،
المنتظم 8 / 214، اللباب 2 / 341، الكامل 10 / 9، ميزان الاعتدال 3 / 656، العبر
3 / 226، الوافي بالوفيات 4 / 130، البداية والنهاية 12 / 85، شذرات الذهب 3 / 289.
(2) تقدم التعريف به ص: 22 ت (3).
(3) " تاريخ بغداد ": 3 / 107.
(4) تحرفت كلمة " جد " في " المنتظم " و " البداية " و " الشذرات " إلى: " جسد ".
(5) هو أبو العز أحمد بن عبيد الله بن محمد العكبري المعروف بابن كادش، المتوفى سنة
(526) ه‍. وسترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (324).
48

محمد بن عبدا لباقي القاضي، وآخرون. وقد أدخل في سماعه ما لم
يتفطن له.
قال ابن الطيوري (1): لما قدم عسكر طغرلبك (2) لقي بعضهم ابن
العشاري، فقال: يا شيخ! أيش معك؟ قال: ما معي شئ. ثم ذكر أن
في جيبه نفقة، فناداه، وأخرج ما معه، وقال: هذا معي. فهابه
الرجل، وعظمه، ولم يأخذ النفقة.
قال ابن الطيوري (3): قال لي بعض أهل البادية: نحن إذا قحطنا،
استسقينا بابن العشاري، فنسقى.
وقيل: إن رجلا قرأ على العشاري كتاب " الرؤيا " للدارقطني،
فلما وصل إلى خبر أم الطفيل، قال: وذكر الحديث (4)، فقال للقارئ:

(1) انظر " طبقات الحنابلة " 2 / 192.
(2) هو السلطان ركن الدولة محمد بن ميكائيل السلجوقي، سترد ترجمته برقم (52) في
هذا الجزء.
(3) انظر " طبقات الحنابلة " 2 / 192.
(4) أخرجه الخطيب في " تاريخه " 13 / 311 من طريق نعيم بن حماد، حدثنا ابن وهب،
حدثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن مروان بن عثمان، عن عمارة بن عامر، عن
أم الطفيل امرأة أبي أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه تعالى في المنام في أحسن صورة شابا
موقرا رجلاه في خضرة له نعلان من ذهب على وجهه فراش من ذهب " وأورده ابن الجوزي في
" الموضوعات " وقال: موضوع، نعيم وثقه قوم، وقال ابن عدي: يضع، وصفه ابن عدي
بسبب هذا الحديث، ومروان كذاب، وعمارة مجهول، وسئل أحمد عن هذا الحديث، فقال:
منكر. وفي " الميزان " 4 / 92: مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المعلى الزرقي: ضعفه أبو
حاتم، وقال أبو بكر محمد بن أحمد الحداد الفقيه: سمعت النسائي يقول: ومن مروان بن عثمان
حتى يصدق على الله؟! قاله في حديث أم الطفيل. وأورده في " الميزان " 4 / 229 في ترجمة
نعيم بن حماد في جملة الأحاديث التي أنكرت عليه.
وقال الحافظ في " الإصابة " 4 / 470 في ترجمة أم الطفيل بعد أن أورده عن الدارقطني من
طريق مروان بن عثمان...: ومروان متروك، قال ابن معين: ومن مروان حتى يصدق.
فقول العشاري: فهو مثل السارية (يريد أنه ثابت ثبوت السارية) قول متهافت في غاية
السقوط ينبئ عن جهله بعلم الجرح والتعديل الذي يتيح له غربلة الاخبار، وتمييز صحيحها من
سقيمها. " طبقات الحنابلة " 2 / 192 وفيه: فلما بلغ القارئ إلى حديث أم الطفيل وحديث ابن
عباس، قال القارئ: وذكر الحديث، فقال له ابن العشاري: اقرأ الحديث على وجهه، فلهذين
الحديثين رجال مثل هذه السواري.
49

اقرأ الحديث على وجهه، فهو مثل السارية.
توفي سنة إحدى وخمسين وأربع مئة.
22 - ابن الترجمان *
الامام الصالح، شيخ الصوفية، أبو الحسين (1)، محمد بن
الحسين (2) بن علي بن الترجمان العزي.
حدث عن، أبي بكر محمد بن أحمد الحندري (3) المقرئ، وبكير
ابن محمد الطرسوسي، وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي، والحسن بن
إسماعيل الضراب (4)، وأبي سعد الماليني (5)، وعلي بن أحمد

* الأنساب 3 / 38 - 39، اللباب 1 / 211، العبر 3 / 217، الوافي بالوفيات 3 / 10،
حسن المحاضرة 1 / 515، شذرات الذهب 3 / 278.
وسمي بابن الترجمان نسبة إلى جده، وقيل له ذلك لأنه كان ترجمان سيف الدولة.
" الأنساب ".
(1) في " الأنساب " و " اللباب ": أبو الحسن.
(2) تحرف في " اللباب " إلى: الحسن.
(3) قال السمعاني: بضم الحاء والدال المهملتين بينهما النون الساكنة، وفي آخرها
الراء، هذه النسبة إلى حندر، وظني أنها من قرى عسقلان بالشام. وجزم ياقوت بذلك وسماها:
حندرة بزيادة تاء. وأبو بكر هذا هو أخو علي الآتي ذكره.
(4) نسبة إلى ضرب الدراهم والدنانير.
(5) قال ابن الأثير: هذه النسبة إلى مالين، وأهل هراة يقولون: مالان، وأبو سعد هذا هو
أحمد بن محمد بن أحمد الأنصاري الماليني الصوفي، المتوفى سنة (412) ه‍، وقد تقدمت
ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (183).
50

الحندري (1)، وعدة.
حدث عنه: القاضي أبو عبد الله القضاعي، ومحمد بن عمر بن
عقيل الكرجي، وأحمد بن أسد، وعبد الباقي بن جامع، وسهل بن بشر
الأسفراييني، ومحمد بن أحمد الرازي، وبالإجازة أبو الحسن ابن
الموازيني.
وكان شيخ المشايخ بمصر في زمانه. عاش خمسا وتسعين سنة.
مات في جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وأربع مئة، وقبره عند ذي
النون المصري، رحمهما الله.
23 - الحمال *
العلامة، المفتي، الزاهد، أبو الحسن، رافع بن نصر البغدادي،
الشافعي، الحمال.
روى عن: أبي عمر بن مهدي، وأخذ عن أبي بكر الباقلاني،
وغيره.
وكان يدري الأصول، وله نظم جيد (2).

(1) انظر ضبط نسبته في التعليق رقم (3) من الصفحة السابقة. وقد تصحف في " العبر "
إلى الجندري، وتصحف في " الشذرات " إلى: الحيدري.
* الأنساب 4 / 205 - 206، طبقات السبكي 4 / 377 - 378، طبقات الأسنوي
1 / 426 - 427، العقد الثمين 4 / 381 - 382.
(2) أورد السبكي في " طبقاته " هذين البيتين من شعره:
اقطع الآمال عن فضل * بني آدم طرا
أنت ما استغنيت عن مثلك * أعلا الناس قدرا
51

قال هياج بن عبيد: كان لرافع قدم (1) في الزهد، وإنما تفقه الشيخ
أبو إسحاق (2)، وأبو يعلى بن الفراء بمعاونة رافع لهما، لأنه كان يحمل
وينفق عليهما (3)، وتفقه بالشيخ أبي حامد. جاور، وتوفي بمكة، وله قدم
راسخ في التقوى.
روى عنه: سهل بن بشر الأسفراييني، وجعفر السراج.
توفي سنة سبع وأربعين وأربع مئة وقد شاخ.
24 - أبو الفرج الدارمي *
الامام العلامة، شيخ الشافعية، أبو الفرج، محمد بن عبد الواحد
ابن محمد بن عمر بن ميمون الدارمي، البغدادي، الشافعي، نزيل
دمشق.
سمع أبا الحسين محمد بن المظفر، وأبا عمر بن حيويه، وأبا
الحسن الدارقطني، وأبا بكر بن شاذان، وجماعة.
وسمع من: أبي محمد بن ماسي، وضاع سماعه منه.

(1) أي سابقة وتقدم، قال الله تعالى: * (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) *
وأخطأ محقق " العقد الثمين " فضبطها بكسر القاف.
(2) هو الشيرازي كما في " الأنساب ".
(3) " الأنساب " 4 / 205.
* تاريخ بغداد 2 / 361 - 362، طبقات الفقهاء للشيرازي: 128، الأنساب:
5 / 251، الكامل: 9 / 632، طبقات ابن الصلاح: الورقة / 18 أ، الوافي بالوفيات 4 / 63،
طبقات السبكي 4 / 182 - 188، طبقات الأسنوي 1 / 510 - 511، كشف الظنون 1 / 78،
هدية العارفين 2 / 70 - 71.
والدارمي: بفتح الدال المهملة وكسر الراء، هذه النسبة إلى بني دارم، وهو دارم بن مالك
ابن حنظلة بن زيد مناة بن تميم " الأنساب ".
52

حدث عنه: الخطيب، وأبو علي الأهوازي، والكتاني، وأبو طاهر
الحنائي، والفقيه نصر المقدسي، وآخرون.
قال الخطيب (1): هو أحد الفقهاء، موصوف بالذكاء، وحسن الفقه
والحساب، والكلام في دقائق المسائل، وله شعر حسن، كتبت عنه
بدمشق، وقال لي: كتبت عن ابن ماسي، وأبي بكر الوراق، وولدت في
سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة. سكن الرحبة (2) مدة، وحدثني أنه سمع أبا
عمر بن حيويه يقول: سمعت أبا العباس بن سريج (3) يقول - وقد سئل عن
القرد - فقال: هو طاهر، هو طاهر.
وقال الشيخ أبو إسحاق في " الطبقات " (4): كان فقيها حاسبا،
شاعرا متصرفا، ما رأيت أفصح منه لهجة، قال لي: مرضت، فعادني
الشيخ أبو حامد، فقلت:
مرضت فارتحت إلى عائد * فعادني العالم في واحد
ذاك الإمام ابن أبي طاهر * أحمد ذو الفضل أبو حامد
وروى عنه من شعره أبو الحسين ابن النقور، والحسن بن أبي
الحديد. وله كتاب " الاستذكار " في المذهب، كبير (5).

(1) " تارخ بغداد " 2 / 361 - 362.
(2) هي مدينة على شاطئ الفرات، وتسمى رحبة مالك بن طوق، انظر " معجم البلدان "
3 / 34.
(3) بالسين المهملة والجيم، وقد تصحف في " تاريخ بغداد " إلى: شريح، بالشين
المعجمة والحاء المهملة.
(4) ص 128.
(5) قال السبكي: وهذا الكتاب عندي منه أصل صحيح على خطه، وهو كما قال ابن
الصلاح: نفيس كثير الفوائد، ذو نوادر وغرائب، لا تصلح مطالعته إلا لعارف بالمذهب. انظر
" طبقات " السبكي 4 / 184.
53

مات في أول ذي القعدة سنة ثمان (1) وأربعين وأربع مئة وله تسعون
عاما، ودفن بباب الفراديس (2)، وشيعه خلق عظيم، رحمه الله.
25 - الفالي *
بفاء، الامام النحوي أبو الحسن، علي بن أحمد بن علي بن
سلك (3) الفالي، الخوزستاني، الشاعر.
سمع من: أبي عمر الهاشمي، وابن خربان النهاوندي، وأبي
الحسن بن النجار (4)، وعدة. وسكن بغداد.
روى عنه: الخطيب في " تاريخه " (5)، وأبو الحسين بن الطيوري، وطائفة.

(1) كما قال ابن الصلاح: وفي " طبقات " الأسنوي 1 / 511 نقلا عن أبي إسحاق أنه توفي
سنة تسع.
(2) هو أحد أبواب دمشق، ويقع شمال المسجد الأموي، وقريب منه المقبرة، وتسمى
مقبرة الدحداح، ولا يزال يدفن فيها إلى يومنا هذا.
* تاريخ بغداد 11 / 334، الأنساب 9 / 233، المنتظم 8 / 174 - 175، معجم
البلدان 4 / 232، معجم الأدباء 12 / 226 - 230، الكامل 9 / 632، اللباب 2 / 409، العبر
3 / 216، البداية والنهاية 12 / 69، القاموس المحيط (فيل)، تبصير المنتبه 2 / 787، النجوم
الزاهرة 5 / 60، كشف الظنون 2 / 1389، شذرات الذهب 3 / 278، تاج العروس 8 / 69
(فيل)، إيضاح المكنون 2 / 266، هدية العارفين 1 / 688.
والفالي: نسبة إلى فالة، بلدة قريبة من أيذج من بلاد خوزستان كما في " معجم " ياقوت،
وقد وهم ابن كثير في " البداية " فوصفه بأنه صاحب " الأمالي " وليس كذلك، فذاك هو أبو علي
إسماعيل بن القاسم القالي (بالقاف) المتوفى سنة (356) ه‍، وقد صحفه صاحب " الشذرات "
3 / 278 إلى: القالي (بالقاف) ونسبه خطأ إلى قالي قلا من ديار بكر.
(3) ضبط في الأصل بفتح السين، وتشديد اللام وفتحها، وكذلك ضبطه ابن خلكان في
الوفيات 3 / 316، وقال: هكذا وجدته مقيدا، ورأيته في موضع آخر بكسر السين وسكون اللام.
وضبطه الحافظ في " التبصير " بفتح السين وإسكان اللام، وضبطت في " الأنساب " ضبط قلم،
سلك: بكسر ففتح. وقد تحرف في " كشف الظنون " و " إيضاح المكنون " و " هدية
العارفين ". إلى " سليمان " بدل " سلك " و " أبو الحسن " إلى " أبو الحسين ".
(4) في " تاريخ بغداد " و " الأنساب " النجاد " بالدال ".
(5) 11 / 334.
54

وله نظم جيد وفضائل، وقد اشترى منه الشريف المرتضى كتاب
" الجمهرة " (1) بستين دينارا، فإذا عليها للفالي (2):
أنست بها عشرين حولا وبعتها * لقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني أنني سأبيعها * ولو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لضعف وافتقار وصبية * صغار عليهم تستهل شؤوني (3)
وقد (4) تخرج الحاجات يا أم مالك * كرائم من رب بهن ضنين (5)
توفي الفالي في ذي القعدة، سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
26 - السمان *
الامام الحافظ، العلامة البارع، المتقن، أبو

(1) هو كتاب " الجمهرة في اللغة " لابن دريد، وقد تحرف في الأصل إلى " الحميرة ".
(2) الأبيات في " المنتظم " 8 / 174 - 175، و " معجم الأدباء " 12 / 228 - 229،
و " وفيات الأعيان " 3 / 316.
(3) تستهل: تبكي. وشؤوني: جمع شأن، وهو مجرى الدمع إلى العين. وفي
" المنتظم ": جفوني بدل: شؤوني. وقد أورد ابن الجوزي وياقوت بعد هذا البيت بيتا آخر هو:
فقلت ولم أملك سوابق عبرتي * مقالة مكوي الفؤاد حزين
(4) في " المنتظم ": لقد.
(5) رواية هذا الشطر في " المنتظم ".
ذخائر من رزء بهن ضنين.
وهذا البيت تضمين قاله أعرابي فيما ذكره الزبير بن بكار عن يوسف بن عياش، قال: ابتاع
حمزة بن عبد الله بن الزبير جملا من أعرابي بخمسين دينارا، ثم نقده ثمنه، فجعل الأعرابي ينظر
إلى الجمل ويقول:
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك * كرائم من رب بهن ضنين
فقال له حمزة: خذ جملك والدنانير لك، فانصرف بجمله وبالدنانير.
* الأنساب 7 / 130 - 131، دول الاسلام 10 / 262، العبر 3 / 209، ميزان الاعتدال
1 / 239، تذكرة الحفاظ 3 / 1121 - 1123، مرآة الجنان 3 / 62 - 63، البداية والنهاية
12 / 65، الجواهر المضية 1 / 424 - 427، لسان الميزان 1 / 421 - 422، النجوم الزاهرة
5 / 51، طبقات الحفاظ: 430، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 109، الطبقات السنية: رقم
514، منتهى المقال: 57، كشف الظنون 2 / 1890، شذرات الذهب 3 / 273، إيضاح
المكنون 1 / 181، 602 و 2 / 18، هدية العارفين 1 / 210، الرسالة المستطرفة: 59، تهذيب
تاريخ دمشق 3 / 38، أعيان الشيعة 12 / 61 - 62.
55

سعد (1)، إسماعيل بن علي بن الحسين. وقيل في جده: الحسين بن
محمد بن زنجويه الرازي (2)، السمان.
ولد سنة نيف وسبعين وثلاث مئة.
ولحق السماع من: أبي طاهر المخلص ببغداد، وسمع بالري عبد
الرحمن بن محمد بن فضالة، وبمكة أحمد بن إبراهيم بن فراس،
وبدمشق عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، وسمع من أبي محمد عبد
الرحمن بن عمر ابن النحاس بمكة. وما أظنه دخل مصر.
قال ابن عساكر (3): قدم دمشق طالب علم، وكان من المكثرين
الجوالين، سمع من نحو أربعة آلاف (4) شيخ.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، و عبد العزيز الكتاني، وجماعة من
أهل الري منهم: ابن أخيه طاهر بن الحسين.
قلت: وروى عنه أبو علي الحداد.

(1) تحرف في " ميزان الاعتدال " و " البداية " و " كشف الظنون " إلى: سعيد.
(2) وهم محقق " النجوم الزاهرة "، فقال عند هذه النسبة: وفي " تاريخ بغداد ":
الاستراباذي وهذا خطأ، إذ ليس له ترجمة في " تاريخ بغداد " إنما ذاك أبو سعد آخر.
(3) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 3 / 38.
(4) في " تهذيب " ابن عساكر: سمع الحديث من نحو من أربع مئة شيخ.
56

أنبئت عن القاسم بن علي: أخبرنا أبي (1)، سمعت معمر بن
الفاخر، سمعت أحمد بن محمد بن الفضل، وعبد الرحيم بن علي
الحاجي يقولان: سمعنا محمد بن طاهر الحافظ، سمعت المرتضى أبا
الحسن المطهر بن علي العلوي بالري يقول: سمعت أبا سعد السمان
إمام المعتزلة، يقول: من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الاسلام (2).
وبه: قال علي: سألت أبا منصور عبد الرحيم بن مظفر بالري عن وفاة
أبي سعد السمان الرازي، فقال، في سنة ثلاث وأربعين (3). قال: وكان
عدلي المذهب - يعني معتزليا (4) - وكان له ثلاثة آلاف وست مئة شيخ (5)،
وصنف كتبا كثيرة، ولم يتأهل قط.
وقال الحافظ عبد العزيز الكتاني: كان أبو سعد من الحفاظ الكبار،
زاهدا ورعا، وكان يذهب إلى الاعتزال (6).
أنبأونا عن القاسم بن علي: حدثنا أبو محمد عمر بن محمد الكلبي
قال: وجدت على ظهر جزء: مات الزاهد أبو سعد إسماعيل بن علي
السمان في شعبان سنة خمس وأربعين وأربع مئة، شيخ العدلية

(1) هو الإمام أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي، المعروف بابن عساكر،
المتوفى سنة (571) ه‍ سترد ترجمته.
(2) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 3 / 38.
(3) في " تهذيب " ابن عساكر: وكانت وفاته سنة ثلاث، وقيل سبع، وقيل خمس
وأربعين، وقد أورده ابن تغري بردي في وفيات سنة ثلاث وأربعين، وأورده ابن كثير في وفيات
خمس وأربعين.
(4) لانهم يسمون أنفسهم " أهل العدل ".
(5) عقب الذهبي على هذا القول في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1122 بقوله: قلت: هذا
العدد لشيوخه لا أعتقد وجوده ولا يمكن.
(6) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 3 / 38 - 39.
57

وعالمهم، وفقيههم ومحدثهم، وكان إماما بلا مدافعة في القراءات،
والحديث والرجال، والفرائض والشروط، عالما بفقه أبي حنيفة،
وبالخلاف بين أبي حنيفة والشافعي وفقه الزيدية.
قال: وكان يذهب مذهب الحسن البصري (1)، ومذهب الشيخ أبي
هاشم (2)، ودخل الشام والحجاز والمغرب، وقرأ على ثلاثة آلاف شيخ،
وقصد أصبهان في آخر عمره لطلب الحديث (3).
قال: وكان يقال في مدحه: إنه ما شاهد مثل نفسه، كان تاريخ
الزمان وشيخ الاسلام (4).
قلت: وذكر أشياء في وصفه، وأنى يوصف من قد اعتزل وابتدع،
وبالكتاب والسنة فقل ما انتفع؟ فهذا عبرة، والتوفيق فمن الله وحده.
هتف الذكاء وقال لست بنافع * إلا بتوفيق من الوهاب
وأما قول القائل: كان يذهب مذهب الحسن، فمردود، قد كانت هفوة
في ذلك من الحسن، وثبت أنه رجع عنها (5) ولله الحمد.

(1) في " الجواهر المضية ": وكان يذهب مذهب أبي الحسين البصري، وأشار محققه
إلى أنه ورد في " الطبقات السنية ": أبو الحسن، ثم قال: ولعل الصواب: " أبو عبد الله
الحسين بن علي المتوفى سنة (369) ه‍. وهو ممن أخذ الكلام عن الجبائي " وكل ذلك خطأ.
والصواب ما هنا، وسيبين المؤلف ذلك في تعليقه على هذا الخبر.
(2) هو شيخ المعتزلة أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب البصري الجبائي،
المتوفى سنة (321) ه‍، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (32).
(3) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 3 / 38، 39.
(4) المصدر السابق.
(5) المقصود بذلك كلامه في القدر الذي ابتدعه المعتزلة، انظر ترجمة الحسن البصري في
الجزء الرابع من هذا الكتاب برقم (223).
58

وأما أبو هاشم الجبائي، وأبوه أبو علي فمن رؤوس المعتزلة، ومن
الجهلة بآثار النبوة، برعوا في الفلسفة والكلام، وما شموا رائحة الاسلام،
ولو تغرغر أبو سعد بحلاوة الاسلام، لانتفع بالحديث. فنسأل الله تعالى أن
يحفظ علينا إيماننا وتوحيدنا.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أحمد بن
محمد الحافظ، أخبرنا علي بن الحسين بن مردك بالري، أخبرنا إسماعيل
ابن علي الحافظ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بمكة، أخبرنا إسماعيل بن
العباس الوراق، حدثنا علي بن حرب، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق،
عن عبد خير، عن علي - رضي الله عنه - قال: خير هذه الأمة بعد نبيها
أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما (1).
قرأت على عيسى بن عبد الرزاق، وسليمان بن قدامة، وأبي (2)
علي بن الخلال: أخبركم جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر السلفي،
أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو سعد الحافظ، أخبرنا كوهي ابن
الحسن، حدثنا محمد بن هارون الحضرمي، حدثنا محمد بن سهل بن
عسكر، حدثنا عبد الرزاق قال: ما رأيت أحسن صلاة من ابن جريج،
أخذ عن عطاء، وأخذ عطاء عن ابن الزبير، وأخذ ابن الزبير عن أبي بكر

(1) رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 1 / 112 و 113 و 114 و 115 و 126 و 128 من طرق
عن عبد خير، عن علي، وأخرجه أحمد وابنه عبد الله 1 / 106 و 110 و 127 من طرق عن أبي
جحيفة وهب بن عبد الله السوائي، عن علي، وأخرجه البخاري (3671) في فضائل الصحابة،
وأبو داود (4729) كلاهما من طريق محمد بن كثير، حدثنا سفيان، حدثنا جامع بن أبي راشد،
حدثنا أبو يعلى، عن محمد بن الحنفية، قال: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: عمر، وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال:
ما أنا إلا رجل من المسلمين.
(2) في الأصل: أبو.
59

الصديق، وأخذها أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذها عن جبريل، عن الله عز
وجل (1).
27 - ابن بشران *
الشيخ العالم، الصدوق، أبو بكر، محمد بن الواعظ الامام أبي
القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الأموي، مولاهم
البغدادي، راوي " سنن " الدارقطني عن المصنف.
وسمع عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، وأبا عمر بن حيويه،
ومحمد بن المظفر، وأبا بكر بن شاذان، وطبقتهم.
وكان من المكثرين الثقات.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الغنائم النرسي، وأبو طالب بن
يوسف، وابن عمه عبد الرحمن بن أحمد راوي " السنن "، وأبو علي
البرداني، وعدة.
قال السلفي: سألت شجاعا الذهلي عنه، فقال: كان شيخا جيد
السماع، حسن الأصول، صدوقا فيما يروي من الحديث، قد سمعت منه.
وقال أبو بكر الخطيب (2): مولده في جمادى الآخرة سنة ثلاث
وسبعين وثلاث مئة، وتوفي في جمادى الأولى سنه ثمان وأربعين وأربع
مئة.

(1) انظر مسند أبي بكر لأبي بكر المروزي رقم (137) بتحقيقنا.
* تاريخ بغداد 2 / 348 - 349، المنتظم 8 / 176، العبر 3 / 217، شذرات الذهب
3 / 278.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 349.
60

وفيها مات كبير الشافعية - بعد أبي الطيب (1) الامام - أبو سعيد أحمد
ابن محمد بن علي بن نمير الخوارزمي الضرير (2)، والأديب أبو غانم حميد
ابن المأمون الهمذاني (3)، وأبو محمد عبد الله بن الوليد المالكي (4)،
راوي " السيرة " عن ابن أبي زيد (5)، وأبو الحسين عبد الغافر بن محمد
الفارسي ثم النيسابوري (6)، وأبو الحسن علي بن أحمد بن علي الفالي
المؤدب (7)، بصري، وأبو الحسن علي بن إبراهيم الباقلاني (8)، وأبو
حفص عمر بن أحمد بن عمر بن مسرور الزاهد (9)، وأبو الحسن محمد
ابن الحسين ابن الطفال (10) بمصر، ومحمد بن الحسين بن الترجمان
الغزي (11)، شيخ الصوفية، والعلامة أبو طاهر محمد بن عبد الواحد
الصباغ (12) الشافعي، والد العلامة أبي نصر (13) الشافعي، وأبو الفرج محمد
ابن عبد الواحد الدارمي (14)، الشافعي، مفتي دمشق.

(1) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (459).
(2) تقدمت ترجمته برقم (6).
(3) تقدمت ترجمته برقم (7).
(4) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (447).
(5) وهو أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي، مرت ترجمته في الجزء السابع
عشر برقم (4)، وقد حدث عنه عبد الله بن الوليد بالسيرة النبوية تهذيب ابن هشام.
(6) تقدمت ترجمته برقم (13).
(7) تقدمت ترجمته برقم (25).
(8) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (454).
(9) تقدمت ترجمته برقم (8).
(10) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (456).
(11) تقدمت ترجمته برقم (22).
(12) تقدمت ترجمته برقم (15).
(13) سترد ترجمته برقم (238).
(14) تقدمت ترجمته برقم (24).
61

28 - أبو مسعود البجلي *
الامام الحافظ، المحدث، المسند، بقية المشايخ، أبو مسعود،
أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان (1) البجلي، الرازي
ثم النيسابوري.
مولده سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.
وبكر به أبوه المحدث الزاهد محمد بن عبد الله، فأسمعه من: أبي
سعيد بن عبد الوهاب الرازي، وأبي عمرو بن حمدان، وحسينك بن علي
التميمي، وأبي طاهر بن خزيمة.
وطلب هذا الشأن، وبرز فيه على الاقران.
وروى أيضا عن أبي النضر محمد بن أحمد الشر مغولي (2)، وأبي
بكر الطرازي، وأبي الحسين القنطري، وأبي محمد المخلدي، وشافع
الأسفراييني، وأبي بكر بن لآل، وأحمد بن فراس المكي، وأبي الحسن
ابن جهضم، وابن فارس اللغوي، وخلق.

* تاريخ جرجان: 85 - 86، الأنساب 2 / 86، المنتخب: الورقة 26 ب - 27 أ،
العبر 3 / 218 - 219، تذكرة الحفاظ 3 / 1125 - 1127، الوافي بالوفيات 8 / 28، طبقات
الحفاظ: 431، شذرات الذهب 3 / 282.
والبجلي: بفتح الباء الموحدة والجيم، هذه النسبة إلى قبيلة بجيلة، وهو ابن أنمار بن أراش بن
عمرو بن الغوث أخي الأسد بن الغوث، وقيل: إن بجيلة اسم أمهم، وهي من سعد العشيرة،
وأختها باهلة ولدتا قبيلتين عظيمتين نزلت بالكوفة. " الأنساب " 2 / 85.
(1) في " تاريخ جرجان ": 85: ابن أبي بكر بن شاذان، وفي " الأنساب " 2 / 86: ابن
أبي عمر بن شاذان.
(2) بفتح الشين وسكون الراء وفتح الميم وسكون الواو وفي آخرها لام، هذه النسبة إلى
شر مغول، وهي قرية فيها قلعة حصينة بن سالم، يقال لها بالعجمية: جمغول " الأنساب " 7 / 322.
62

وكان يسافر في التجارة كثيرا، كثير الأصول، عارفا بالحديث، جيد
الفهم، وثقه جماعة.
حدث عنه: يحيى بن شراعة، وعبد الواحد بن أحمد الهمداني
الخطيب، وأبو الحسن علي بن محمد الجرجاني، وظريف النيسابوري،
وعبد الرحمن بن محمد التاجر، والحافظ إسماعيل بن عبد الغافر،
وآخرون.
اتفق موته ببخارى في المحرم سنة تسع وأربعين وأربع مئة.
قال يحيى بن مندة: كان ثقة، تاجرا، كثير الكتب، عارفا
بالحديث.
وفيها مات أبو العلاء بن سليمان التنوخي المعري (1) صاحب
التواليف، وأبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن النعمان
الأصبهاني الصائغ، وشيخ الاسلام أبو عثمان الصابوني (2)، وشارح
" الصحيح " أبو الحسن علي بن خلف بن بطال القرطبي (3)، والمقرئ أبو
عبد الله محمد بن علي الخبازي النيسابوري (4)، وشيخ الامامية أبو الفتح
الكراجكي الرافضي (5).

(1) تقدمت ترجمته برقم (16).
(2) تقدمت ترجمته برقم (17).
(3) تقدمت ترجمته برقم (20).
(4) تقدمت ترجمته برقم (18).
(5) سترد ترجمته برقم (61).
63

29 - الماوردي *
الامام العلامة، أقضى القضاة، أبو الحسن (1)، علي بن محمد بن
حبيب البصري، الماوردي، الشافعي، صاحب التصانيف.
حدث عن: الحسن بن علي الجبلي (1)، صاحب أبي خليفة
الجمحي، وعن محمد بن عدي المنقري، ومحمد بن معلى، وجعفر بن
محمد بن الفضل.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، ووثقه، وقال (3): مات في ربيع
الأول سنة خمسين وأربع مئة، وقد بلغ ستا وثمانين سنة، وولي القضاء
ببلدان شتى، ثم سكن بغداد.

* تاريخ بغداد 12 / 102 - 103، طبقات الفقهاء للشيرازي: 131، الأنساب: ورقة
504 أ، المنتظم 8 / 199 - 200، معجم الأدباء 15 - 52 - 55، الكامل لابن الأثير 9 / 651،
اللباب / 156، مختصر تاريخ دولة آل سلجوق: 24، طبقات ابن الصلاح: الورقة 70 ب،
وفيات الأعيان 3 / 282 - 284، المختصر في أخبار البشر، دول الاسلام 1 / 265، العبر
3 / 223، ميزان الاعتدال 3 / 155، تتمة المختصر 1 / 549، مرآة الجنان 3 / 72 - 73،
طبقات السبكي 5 / 267 - 285، طبقات الأسنوي 2 / 387 - 388، البداية والنهاية 12 / 80،
طبقات ابن قاضي شهبة: ورقة / 23 / أ، لسان الميزان 4 / 260 - 261، النجوم الزاهرة
5 / 64، طبقات المفسرين للسيوطي: 25، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 423 - 425،
مفتاح السعادة 1 / 322، طبقات ابن هداية الله: 151 - 152، كشف الظنون 1 / 19، 45،
140، 168، 408، 628 و 2 / 1101، 1315، 1978، شذرات الذهب 3 / 285 -
287، روضات الجنات: 483، هدية العارفين 1 / 689.
(1) في " كامل " ابن الأثير، و " مختصر " أبي الفداء، وتتمته لابن الوردي: أبو
الحسين.
(2) من بلاد الجبل كما نص عليه الحافظ في " التبصير " 1 / 294، وقد تحرفت في
" العبر " و " الشذرات " إلى: الجيلي بالياء المثناة التحتية، وفي " لسان الميزان " إلى:
الخليلي، وفي " طبقات السبكي " إلى: الحيلي، بالحاء المهملة والمثناة التحتية.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 102، 103.
64

قال أبو إسحاق في " الطبقات " (1): ومنهم أقضى القضاة
الماوردي، تفقه على أبي القاسم الصيمري بالبصرة، وارتحل إلى الشيخ
أبي حامد الأسفراييني، ودرس بالبصرة وبغداد سنين، وله مصنفات كثيرة
في الفقه والتفسير، وأصول الفقه والأدب، وكان حافظا للمذهب. مات
ببغداد.
وقال القاضي شمس الدين في " وفيات الأعيان " (2): من طالع
كتاب " الحاوي " (3) له يشهد له بالتبحر ومعرفة المذهب، ولي قضاء بلاد
كثيرة، وله تفسير القرآن سماه: " النكت " (4)، و " أدب الدنيا
والدين " (5)، و " الأحكام السلطانية (6)، و " قانون الوزارة وسياسة

(1) ص 131.
(2) 3 / 382.
(3) ويسمى " الحاوي الكبير ". وقد نقل ابن الجوزي في " المنتظم " 8 / 199 عن
الماوردي قوله: بسطت الفقه في أربعة آلاف ورقة، واختصرته في أربعين، يريد بالمبسوط:
" الحاوي "، وبالمختصر: " الاقناع ".
وقد ألفه في شرح " مختصر " المزني. وأجزاؤه المخطوطة مفرقة في مكتبات العالم. وقد
طبع منه أربعة أجزاء منتزعة في " أدب القاضي " بتحقيق الأستاذ يحيى هلال السرحان - بغداد -
ديوان الأوقاف 1971 - 1978. وقد نقل السبكي في " طبقاته " عدة مسائل منه أثناء ترجمة
المؤلف.
(4) ويسمى " النكت والعيون " وتوجد منه أجزاء مخطوطة. (انظر مقدمة: " أدب الدنيا
والدين " لمصطفى السقا).
(5) ويسمى أيضا: " البغية العليا في أدب الدين والدنيا " وموضوعه الأخلاق والفضائل
الدينية من الناحية العلمية الخالصة، وبعضه في الآداب الاجتماعية، وهي التي سماها المؤلف
" آداب المواضعة "، وقد جعله على خمسة أبواب، وقد طبع أول مرة في مطبعة الجوائب سنة
1299، ثم طبع بعد ذلك عدة مرات منها طبعة البابي الحلبي التي حققها الأستاذ مصطفى السقا.
(6) ويسمى: " الأحكام السلطانية في السياسة المدنية الشرعية "، و " الأحكام السلطانية
والولايات الدينية "، ويعد هذا الكتاب هو وكتاب " غياث الأمم " لإمام الحرمين أبي المعالي
الجويني مثلا عاليا للفقه السياسي الاسلامي، وقد جعله مؤلفه على عشرين بابا، وهو أشبه
بدستور عام للدولة، وللأسس التي تقوم عليها، وقد نشر في بون عام 1853، وترجم إلى
الفرنسية، ونشر في الجزائر عام 1915. وقد طبع بعد ذلك عدة طبعات بالعربية غير محققة.
65

الملك " (1)، و " الاقناع "، مختصر في المذهب (2).
وقيل: إنه لم يظهر شيئا من تصانيفه في حياته، وجمعها في
موضع، فلما دنت وفاته، قال لمن يثق به: الكتب التي في المكان
الفلاني كلها تصنيفي، وإنما لم أظهرها لاني لم أجد نية خالصة، فإذا
عاينت الموت، ووقعت في النزع، فاجعل يدك في يدي، فإن قبضت
عليها وعصرتها، فاعلم أنه لم يقبل مني شئ منها، فاعمد إلى الكتب،
وألقها في دجلة (3)، وإن بسطت يدي، فاعلم أنها قبلت.
قال الرجل: فلما احتضر، وضعت يدي في يده، فبسطها.

(1) وهو كتاب واحد، وقد ذكره حاجي خليفة في موضعين في " كشف الظنون " 2 / 1011
و 1315، وقد شرح فيه مؤلفه حال الوزير ومزاياه ووظيفته، بحيث يعد مرجعا في بابه، وقد
نشرته مكتبة الخانجي بمصر عام 1929، ثم أعادت نشره دار الطليعة في بيروت عام 1979
بتحقيق ودراسة الدكتور رضوان السيد.
(2) وقد ألفه بطلب من الخليفة القادر بالله، فقال له بعد ما عرض عليه: حفظ الله عليك
دينك كما حفظت علينا ديننا. انظر " معجم الأدباء " 15 / 54 - 55.
ومن مؤلفاته الأخرى المطبوعة، كتاب " أعلام النبوة " وهو مختصر اشتمل على أمرين:
أحدهما فيما اختص بأعلام النبوة، والثاني فيما يختلف من أقسامها وأحكامها، ويقع في أحد
وعشرين بابا، وقد طبع في مطبعة مصطفى محمد عام 1319 ه‍.
وله من المؤلفات غير المطبوعة: " أمثال القرآن "، أو " الأمثال والحكم "، و " تسهيل النظر
وتعجيل الظفر " في السياسة وأنواع الحكومات. انظر مقدمة " أدب الدين والدنيا " بتحقيق
مصطفى السقا.
ومن الأبيات المنسوبة له:
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله * فأجسادهم دون القبور قبور
وإن امرءا لم يحي بالعلم صدره * فليس له حتى النشور نشور
انظر " معجم الأدباء " 15 / 53.
(3) زاد ابن خلكان: ليلا.
66

فأظهرت كتبه (1).
قلت: آخر من روى عنه أبو العز بن كادش.
قال أبو الفضل بن خيرون: كان رجلا عظيم القدر، متقدما عند
السلطان، أحد الأئمة، له التصانيف الحسان في كل فن، بينه وبين
القاضي أبي الطيب في الوفاة أحد عشر يوما (2).
وقال أبو عمرو بن الصلاح: هو متهم بالاعتزال (3)، وكنت أتأول
له، وأعتذر عنه، حتى وجدته يختار في بعض الأوقات أقوالهم، قال في
تفسيره: لا يشاء عبادة الأوثان. وقال في: * (جعلنا لكل نبي عدوا) *
[الانعام: 112]: معناه: حكمنا بأنهم أعداء، أو تركناهم على
العداوة، فلم نمنعهم منها. فتفسيره عظيم الضرر، وكان لا يتظاهر
بالانتساب إلى المعتزلة، بل يتكتم، ولكنه لا يوافقهم في خلق القرآن،
ويوافقهم في القدر (4)، قال في قوله: * (إنا كل شئ خلقناه بقدر) *
[القمر: 49]: أي بحكم سابق. وكان لا يرى صحة الرواية بالإجازة.
وروى خطيب الموصل، عن ابن بدران الحلواني، عن
الماوردي.

(1) " وفيات الأعيان " 3 / 282 - 283، و " طبقات السبكي " 5 / 268، وفيه عقب هذه
القصة: لعل هذا بالنسبة إلى " الحاوي "، وإلا فقد رأيت من مصنفاته غيره كثيرا وعليه خطه،
ومنه ما أكملت قراءته عليه في حياته.
(2) " طبقات السبكي " 5 / 268.
(3) قال المؤلف في " ميزان الاعتدال " 3 / 155: صدوق في نفسه لكنه معتزلي، فتعقبه
ابن حجر في " اللسان " 4 / 260 بقول: ولا ينبغي أن يطلق عليه اسم الاعتزال.
(4) الخبر بنحوه إلى هنا في " طبقات السبكي " 5 / 270.
67

وفيها مات القاضي أبو الطيب الطبري (1)، وأبو عبد الله الحسين بن
محمد الوني (2)، والمحدث علي بن بقاء الوراق، وأبو القاسم عمر بن
الحسين الخفاف (3)، ورئيس الرؤساء علي بن المسلمة (4) الوزير، وأبو
الفتح منصور بن الحسين التأني (5).
30 - الجوهري *
الشيخ، الامام، المحدث الصدوق، مسند الآفاق، أبو محمد،
الحسن بن علي بن محمد بن الحسن الشيرازي ثم البغدادي،
الجوهري، المقنعي.
قال: ولدت في شعبان سنة ثلاث وستين وثلاث مئة.
سمع من: أبي بكر القطيعي في سنة ثمان وستين، وأبي عبد الله
العسكري، وعلي بن لؤلؤ الوراق، وعلي بن محمد بن كيسان، ومحمد
ابن إبراهيم العاقولي، [وأبي] (6) علي محمد بن أحمد العطشي، وعلي
ابن إبراهيم بن أبي عزة، وعلي بن محمد بن أبي العصب، وأبي حفص
الزيات، والحسين بن محمد بن عبيد الدقاق، وعبد العزيز بن الحسن

(1) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (459).
(2) سترد ترجمته برقم (46).
(3) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (448).
(4) سترد ترجمته برقم (104).
(5) سترد ترجمته برقم (84).
* تاريخ بغداد: 7 / 393، الأنساب 3 / 379، المنتظم 8 / 227 - 228، الكامل
10 / 24، اللباب 1 / 313 (الجوهري) و 3 / 248 (المقنعي)، دول الاسلام 1 / 267،
العبر 3 / 231، البداية والنهاية 12 / 88، كشف الظنون 1 / 164، شذرات الذهب 3 / 292.
(6) ما بين معقوفتين سقط من الأصل، واستدرك من " المنتظم " 8 / 227.
68

الصيرفي، والحسن بن جعفر السمسار، وعبيد الله بن أحمد بن يعقوب،
وعمر بن شاهين، ومحمد بن إسحاق القطيعي، ومحمد بن زيد بن
مروان، ومحمد بن أحمد بن كيسان، ومحمد بن المظفر، وعبد العزيز بن
جعفر الخرقي، وأبي عمر بن حيويه، وأبي بكر بن شاذان، وأبي الحسن
الدارقطني، وعدد كثير.
وكان من بحور الرواية. روى الكثير، وأملى مجالس عدة.
وحدث عن القطيعي بمسند العشرة، ومسند أهل البيت من
" المسند "، وبالاجزاء القطيعيات الخمسة، وغير ذلك. وكان آخر من
روى في الدنيا عنه بالسماع والاذن.
قال الخطيب (1): كان ثقة أمينا، كتبنا عنه. مات في سابع ذي
القعدة سنة أربع وخمسين وأربع مئة.
قلت: عاش نيفا وتسعين سنة، وقيل له: المقنعي، لأنه كان
يتطيلس ويتحنك (2) كالمصريين.
حدث عنه: أبو نصر بن ماكولا، وأبو علي البرداني، وأبي
النرسي، وأحمد بن بدران الحلواني، والحسن بن أحمد السقلاطوني،
وأبو نصر محمد بن هبة الله بن المأمون، ومحمد بن عبدا لباقي الدوري،
ومحمد بن علي بن طالب الخرقي، ومبارك بن عمار الوتار، والمعمر بن
محمد الأنماطي، وأبو الخطاب محفوظ بن أحمد الحنبلي، ومظفر بن

(1) " تاريخ بغداد " 7 / 393.
(2) يتطيلس: أي يلبس الطيلسان، وهو نوع من الأكسية الأعجمية، وأطلقه أحمد تيمور
على ما يسمى الشال: انظر " معجم من اللغة " 3 / 620 - 621. وتحنك: أدار العمامة من تحت
حنكه، " القاموس ".
69

علي المالحاني، وأبو الوفاء علي بن عقيل، وهبة الله بن محمد الفرضي،
وهبة الله بن علي الدينوري، ويحيى بن حمزة الحداد، ومحمد بن علي
ابن عياش الدباس، وأبو طالب بن يوسف، وقراتكين بن أسعد، وأحمد
ابن محمد بن ملوك، وهبة الله بن الحصين الكاتب، وأبو غالب ابن
البناء، وقاضي المرستان أبو بكر الأنصاري، خاتمة من سمع منه. وروى
عن بالإجازة زاهر بن طاهر الشحامي، وأبو منصور محمد بن عبد الملك
ابن خيرون المقرئ.
ومات معه في سنة أربع أبو سعد أحمد بن إبراهيم بن أبي شمس
النيسابوري المقرئ (1)، والعلامة أبو نصر زهير بن الحسن السرخسي (2)،
تلميذ أبي حامد الأسفراييني، يروي عن زاهر (3) بن أحمد. كبير النحاة
أبو الحسين طاهر بن بابشاذ المصري الجوهري (4)، والامام أبو الفضل
عبد الرحمن بن أحمد بن بندار الرازي المقرئ (5)، وأبو القاسم عبد
الرحمن بن المظفر المصري الكحال، ومسند سمرقند أبو حفص عمر بن
أحمد بن شاهين الفارسي (6)، والحافظ أبو حفص عمر بن عبيد الله
الزهراوي القرطبي (7)، يروي عن أبي محمد بن أسد. وقاضي مصر أبو

(1) سترد ترجمته برقم (62).
(2) سترد ترجمته برقم (72).
(3) هو زاهر بن أحمد بن محمد بن عيسى، أبو علي السرخسي، المتوفي سنة 389،
مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (352).
(4) سترد ترجمته برقم (225) وفيها: أبو الحسن بدلا من: أبي الحسين، وفيها أيضا أنه
توفي سنة (469) ه‍ وهو الصواب.
(5) سترد ترجمته برقم (73).
(6) سترد ترجمته برقم (65).
(7) سترد ترجمته برقم (105).
70

عبد الله بن سلامة القضاعي (1)، مؤلف " الشهاب "، وصاحب المغرب
المعز بن باديس الحميري شرف الدولة (2). وطالت أيامه.
31 - السميساطي *
الشيخ العالم، الرئيس النبيل، أبو القاسم (3)، علي بن محمد بن
يحيى بن محمد السلمي، الحبشي (4)، الدمشقي، المعروف
بالسميساطي، واقف الخانقاه (5) التي كانت دار أمير المؤمنين عمر بن
عبد العزيز.
حدث عن: أبيه، وعبد الوهاب الكلابي.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وإبراهيم بن يونس المقدسي،

(1) سترد ترجمته برقم (41).
(2) سترد ترجمته برقم (75).
* الاكمال 5 / 141 - 142، الأنساب 7 / 153، معجم البلدان 3 / 258، وفيه أن ابن
عساكر أورده في ترجمة عبد العزيز بن مروان، الكامل 10 / 19، دول الاسلام 1 / 267، العبر
3 / 229، 230، القاموس المحيط (سميساط)، تبصير المنتبه 2 / 751، النجوم الزاهرة
5 / 70، شذرات الذهب 3 / 291، الدارس 2 / 151، مختصر تنبيه الطالب: 144 - 145.
والسميساطي: بضم السين وفتح الميم وسكون الياء المثناة من تحتها، وفتح السين
الثانية، وبعد الألف طاء مهملة، هذه النسبة إلى سميساط، وهي مدينة على شاطئ الفرات من
الغرب في طرف بلاد الروم. وقد تحرفت في " الكامل " إلى: الشمشاطي، وأشار في هامشه إلى
أنه في نسخة أخرى: السميساطي.
(3) في " النجوم الزاهرة ": أبو محمد وأبو القاسم.
(4) قال السيوطي في " لب اللباب " 75: الحبشي، بفتحتين إلى الحبشة، وحبش بطن
من حمير، وجد، وبالضم والسكون لغة فيهما. وفي " معجم البلدان " 3 / 258: المعروف
بالجميش، نقل ذلك عن ابن الأكفاني، ونقل عن ابن عساكر: الحبيش.
(5) كلمة فارسية، معرب: خانكاه، ويطلق على رباط الصوفية.
71

وأبو القاسم النسيب، وأبو الحسن علي بن قبيس المالكي، وأبو الحسن
ابن سعيد، وآخرون.
قال ابن عساكر: كان متقدما في علم الهندسة والهيئة (1).
وقال الكتاني: مات في ربيع الآخر، سنة ثلاث وخمسين وأربع
مئة، وقد أشرف على الثمانين، ودفن بداره التي وقفها على الصوفية،
ووقف علوها على الجامع، ووقف أكثر نعمته، وكان يذكر أنه ولد في
رمضان سنة أربع (2) وسبعين وثلاث مئة. سمع " الموطأ " وجزء ابن
خريم من الكلابي (3).
قلت: قبره بالخانقاه يزار.
32 - الجيلي *
العلامة أبو إسحاق، إبراهيم بن العباس الجيلي، الشافعي، من
علماء جرجان وأذكيائهم.
روى عن: أبي طاهر بن محمش، وأبي عبد الرحمن السلمي.
قال علي بن محمد الجرجاني في " تاريخه ": لم يبق بنيسابور من
يقاربه ولا من يقارنه. صار إليه التدريس والفتوى، وتوفي في رجب سنة
إحدى وخمسين وأربع مئة.

(1) انظر " الاكمال " 5 / 142.
(2) في " معجم البلدان ": سنة (77).
(3) انظر " معجم البلدان " 3 / 258.
* لم نعثر على ترجمة في المصادر التي وقعت لنا.
والجيلي: بكسر الجيم وسكون الياء، هذه النسبة إلى بلاد متفرقة وراء طبرستان، ويقال
لها: كيل وكيلان، فعرب ونسب إليها، وقيل: جيلي وجيلاني. " الأنساب ".
72

33 - سبط بحرويه *
الشيخ الصالح، الثقة، المعمر، أبو القاسم، إبراهيم بن منصور
ابن إبراهيم بن محمد السلمي، الكراني (1)، الأصبهاني، ويعرف بسبط
بحرويه. وكران: محلة من أصبهان.
ولد سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.
وسمع " مسند " أبي يعلى الموصلي من أبي بكر بن المقرئ،
وكتاب " التفسير " لعبد الرزاق.
حدث عنه يحيى بن مندة، وقال: كان رحمه الله صالحا عفيفا، ثقيل
السمع، مات في ربيع الأول، سنة خمس وخمسين وأربع مئة (2).
قلت: وحدث عنه أيضا: سعيد بن أبي الرجاء، والحسين بن
عبد الملك الخلال، وفاطمة العلوية أم المجتبى. وآخرون.
34 - ابن عمروس * *
الامام العلامة، شيخ المالكية، أبو الفضل، محمد بن

* الأنساب 10 / 378 (الكراني)، التقييد: الورقة / 50 / أ، العبر 3 / 235، شذرات
الذهب 3 / 296.
(1) تحرفت في " الشذرات " إلى: الكيراني.
(2) انظر " الأنساب " 10 / 378.
(* *) تاريخ بغداد 2 / 339 - 340، طبقات الشيرازي: 169، ترتيب المدارك 4 / 762 -
763، الأنساب 9 / 54 - 55 (العمروسي)، تبيين كذب المفتري: 264 - 265، المنتظم
8 / 218، الكامل لابن الأثير 10 / 13، العبر 3 / 228، البداية والنهاية 12 / 86، الديباج
المذهب 2 / 238، القاموس المحيط مادة (العمرس)، شذرات الذهب 3 / 290، تاج العروس
4 / 196 مادة (العمرس).
وعمروس: ضبطه السمعاني بفتح العين، وضبطه الفيروز ابادي بضمها، ثم قال: وفتحه
من لحن المحدثين.
73

عبيد (1) الله بن أحمد بن محمد بن عمروس (2) البغدادي، المالكي.
مولده سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة.
سمع أبا حفص بن شاهين، وأبا القاسم بن حبابة (3)، وأبا طاهر
المخلص، وغيرهم.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وقال (4): انتهت إليه الفتوى ببغداد.
قلت: وكان من كبار المقرئين.
قال أبو إسحاق في " طبقات الفقهاء " (5): كان فقيها أصوليا
صالحا.
وقال أبو الغنائم النرسي: كان رجلا صالحا، ممن انتهى إليه
معرفة مذهب مالك ببغداد.
وذكر ابن عساكر في " تبيين كذب المفتري " (6) أنه توفي في أول سنة
اثنتين وخمسين وأربع مئة (7).
قلت: وفيها مات أمير مصر بعد دمشق، الموصوف بالشجاعة،

(1) تحرف في " العبر " إلى: عبد الله. وفي " الكامل " " عبيد " بدون إضافة.
(2) تحرف في " المنتظم " إلى " عمرو بن " وفي " الكامل " إلى " أبو عمرو بن ".
(3) تصحف في " ترتيب المدارك " إلى: جباية، وفي " البداية " إلى: حبانة.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 339.
(5) ص 169.
(6) ص: 265.
(7) وهم صاحب " الديباج المذهب " فذكر أنه توفي سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة، وليس
كذلك، بل هذا تاريخ ولادته كما قاله المصنف وغيره، وقد وهم محقق الكتاب أيضا، فذكر في
التعليق على ذلك أن مولده سنة (137) وهو خطأ أيضا. وقد أورد الزبيدي في " تاج العروس "
وفاته سنة (453).
74

ناصر الدولة الحسين بن الحسن بن الحسين بن صاحب الموصل الحسن
ابن عبد الله بن حمدان التغلبي (1). وشيخ همذان أبو الحسن علي بن
حميد الذهلي العابد (2)، ومقرئ مصر أبو عبد الله محمد بن أحمد بن
أبي سعد القزويني.
35 - أبو يعلى الصابوني *
الشيخ المسند، العالم، أبو يعلى، إسحاق بن عبد الرحمن بن
أحمد النيسابوري، الصابوني، أخو شيخ الاسلام أبي عثمان
المذكور (3).
سمع كأخيه من: أبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب
الرازي، وأبي طاهر بن خزيمة، والحسن بن أحمد المخلدي، وأحمد
ابن محمد القنطري الخفاف، وأبي معاذ الشاه، وأبي طاهر المخلص،
وعبد الرحمن بن أبي شريح الهروي، وعدة.
وخرجت له عشرة أجزاء سمعناها. وكان ينوب في الوعظ عن
أخيه.
قال أبو القاسم بن عساكر: حدثنا عنه زاهر بن طاهر، وأبو عبد الله
الفراوي، وهبة الله السيدي، وعبيد الله بن محمد البيهقي.

(1) سترد ترجمته برقم (165)، وفيها أنه توفي سنة (465) وهو الصواب.
(2) سترد ترجمته برقم (47).
* الأنساب 8 / 6، المنتخب: الورقة 46 ب، المختار من ذيل السمعاني:
الورقة / 148، العبر 3 / 235، الوافي بالوفيات 8 / 417، تبصير المنتبه 3 / 887، شذرات
الذهب 3 / 296، تهذيب تاريخ ابن عساكر 2 / 448 - 449.
(3) تقدمت ترجمته برقم (17).
75

وقال عبد الغافر الفارسي: هو شيخ ظريف ثقة على طريقة
الصوفية، سمع بنيسابور وهراة وبغداد، ولد في سنة خمس وسبعين
وثلاث مئة، ومات في ربيع الآخر (1).
وقال غيره: توفي في تاسع ربيع الأول سنة خمس (2) وخمسين
وأربع مئة.
قال السلفي: سمعت الحسن بن سعادة بسلماس يقول: قدم علينا
أبو عثمان الصابوني وأخوه، فنزل على جدي، فسمعنا منهما، وكان أبو
يعلى في دعابة، فكان بين يدي أخيه صحن حلاوة، فأكله، فأخذ جدي
صحنا من جهة أبي يعلى، فقربه إلى أبي عثمان، فقال أبو يعلى: أخي
ما يكفيه ما هو فيه من الأموال والحشمة حتى زاحمني هذه الحلاوة.
أخبرنا أحمد بن أبي الحسين، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا
زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو يعلى الصابوني، أخبرنا أبو سعيد محمد بن
الحسين السمسار، حدثنا ابن خزيمة، حدثنا عبد الرحمن بن بشر،
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا ابن جريج ومالك، عن ابن شهاب، عن
سالم، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا
واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم " (3).

(1) " تهذيب " ابن عساكر.
(2) في " تهذيب " ابن عساكر: وقيل: ست.
(3) إسناده صحيح، وهو في " مصنف عبد الرزاق " (1885) و (1886)،
وأخرج مالك في " الموطأ " برواية أبي مصعب كما في " شرح السنة " 2 / 299 بتحقيقنا، ومن
طريقه البخاري (617) في الاذان: باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره، والبيهقي
10 / 426، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1 / 137 وأخرجه من طرق عن ابن شهاب بهذا
الاسناد البخاري (2656) ومسلم (1092) (36) و (37) والترمذي (203) والنسائي
2 / 10، وابن خزيمة (401) والدارمي 1 / 269 وأحمد 2 / 9 و 123، والطيالسي 1 / 186
وأخرجه من طريق عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر البخاري (622) و (1918) ومسلم
(1092) (38) وابن خزيمة (1931) والدارمي: 1 / 270، وأحمد: 2 / 57، والبيهقي:
4 / 218، وابن الجارود في " المنتقى " (163). وأخرجه البخاري أيضا (7248) من طريق موسى
ابن إسماعيل، عن عبد العزيز بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، وأخرجه مالك 1 /
74 من طريق عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، ومن طريقه البخاري (620) والنسائي:
2 / 10، والطحاوي: 1 / 138.
76

36 - أبو عمرو الداني *
الامام الحافظ، المجود المقرئ، الحاذق، عالم الأندلس، أبو
عمرو، عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي، مولاهم
الأندلسي، القرطبي ثم الداني، ويعرف قديما بابن الصيرفي، مصنف
" التيسير " و " جامع البيان "، وغير ذلك.
ذكر أن والده أخبره أن مولدي في سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة،
فابتدأت بطلب العلم في أول سنة ست وثمانين، ورحلت إلى المشرق
سنة سبع وتسعين، فمكثت بالقيروان أربعة أشهر، ثم توجهت إلى
مصر، فدخلتها في شوال من السنة، فمكثت بها سنة، وحججت.

* جذوة المقتبس: 305، الصلة 2 / 405 - 407، بغية الملتمس: 411 - 412،
معجم البلدان 2 / 434، معجم الأدباء 12 / 124 - 128، الاستدراك 1 / الورقة 213 ب، إنباه
الرواة 2 / 341 - 342، صفة جزيرة الأندلس: 76، معرفة القراء الكبار 1 / 325 - 328، العبر
3 / 207، تذكرة الحفاظ 3 / 1120 - 1121، دول الاسلام 1 / 262، تلخيص ابن مكتوم:
166 - 167، مرآة الجنان 2 / 62، الديباج المذهب 2 / 84 - 85، غاية النهاية 1 / 503 -
505، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2 / 127، تبصير المنتبه 2 / 621، طبقات المفسرين
للسيوطي: 159، النجوم الزاهرة 5 / 54، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 373 - 376، مفتاح
السعادة 2 / 47 - 48، نفح الطيب 2 / 135 - 136، كشف الظنون 1 / 135، 355، 520،
شذرات الذهب 3 / 272، روضات الجنات: 467، هدية العارفين 1 / 653، الرسالة
المستطرفة: 139، شجرة النور الزكية 1 / 115.
والداني: نسبة إلى دانية، مدينة بالأندلس من أعمال بلنسية على ضفة البحر شرقا، لها
مرسى يسمى السمان. " معجم " ياقوت.
77

قال: ورجعت إلى الأندلس في ذي القعدة سنة تسع، وخرجت
إلى الثغر في سنة ثلاث وأربع مئة، فسكنت سرقسطة سبعة أعوام، ثم
رجعت إلى قرطبة. قال: وقدمت دانية سنة سبع عشرة وأربع مئة (1).
قلت: فسكنها حتى مات.
سمع أبا مسلم محمد بن أحمد الكاتب، صاحب البغوي، وهو
أكبر شيخ له، وأحمد بن فراس المكي، وعبد الرحمن بن عثمان
القشيري الزاهد، وعبد العزيز بن جعفر بن خواستى (2) الفارسي، نزيل
الأندلس، وخلف بن إبراهيم بن خاقان المصري، وتلا عليهما، وحاتم
ابن عبد الله البزاز، وأحمد بن فتح بن الرسان، ومحمد بن خليفة بن
عبد الجبار، وأحمد بن عمر بن محفوظ الجيزي، وسلمة بن سعيد
الامام، وسلمون بن داود القروي (3)، وأبا محمد بن النحاس المصري،
وعلي بن محمد بن بشير الربعي، وعبد الوهاب بن أحمد بن منير،
ومحمد بن عبد الله بن عيسى الأندلسي، وأبا عبد الله بن أبي زمنين،
وأبا الحسن علي بن محمد القابسي، وعدة.
وتلا أيضا على أبي الحسن طاهر بن غلبون، وأبي الفتح فارس
ابن أحمد الضرير، وسمع سبعة ابن مجاهد (4) من أبي مسلم الكاتب

(1) انظر " الصلة " 2 / 407، و " معجم الأدباء " 12 / 125 - 127، و " إنباه الرواة "
2 / 342.
(2) في " معرفة القراء الكبار ": خواست. وهي كلمة فارسية. وفي الفارسية إذا وقعت
الواو بين الخاء والألف، فإنها لا تلفظ، وتضم الخاء، فتقول: خاستى.
(3) نسبة إلى مدينة القيروان.
(4) في " معرفة القراء الكبار ": وسمع كتاب ابن مجاهد في اختلاف السبع. وابن
مجاهد: هو أبو بكر أحمد بن موسى بن مجاهد المتوفى سنة 324، وهو أول من اختار سبعة من
أئمة القراء الكثيرين، فألف كتابه هذا في قراءاتهم، وقد طبع بتحقيق الدكتور شوقي ضيف.
78

بسماعه منه، وصنف التصانيف المتقنة السائرة.
حدث عنه وقرأ عليه عدد كثير، منهم: ولده أبو العباس، وأبو
داود سليمان بن أبي القاسم نجاح، وأبو الحسن علي بن عبد الرحمن
ابن الدش، وأبو الحسين يحيى بن أبي زيد ابن البياز، وأبو الذواد (1)
مفرج الاقبالي، وأبو بكر محمد بن المفرج البطليوسي، وأبو بكر بن
الفصيح، وأبو عبد الله محمد بن مزاحم، وأبو علي الحسين بن محمد
ابن مبشر، وأبو القاسم خلف بن إبراهيم الطليطلي، وأبو عبد الله
محمد بن فرج المغامي (2)، وأبو إسحاق إبراهيم بن علي، نزيل
الإسكندرية، وأبو القاسم ابن العربي، وأبو عبد الله محمد بن عيسى بن
الفرج التجيبي المغامي، وأبو تمام غالب بن عبيد الله القيسي، ومحمد
ابن أحمد بن سعود الداني، وخلف بن محمد المريي ابن العريبي،
وخلق كثير.
وروى عنه بالإجازة: أحمد بن محمد الخولاني، وأبو العباس
أحمد بن عبد الملك بن أبي حمزة المرسي، خاتمة من روى عنه في الدنيا،
وعاش بعده سبعا وثمانين سنة، وهذا نادر ولا سيما في المغرب.
قال المغامي: كان أبو عمرو مجاب الدعوة، مالكي المذهب (3).
وقال الحميدي (4): هو محدث مكثر، ومقرئ متقدم، سمع
بالأندلس والمشرق.

(1) تحرف في " تذكرة الحفاظ " إلى الدؤاد.
(2) نسبة إلى مغامة، مدينة بالأندلس، وقد تحرفت في الأصل إلى المقامي (بالقاف).
(3) " الصلة " 2 / 406.
(4) في " جذوة المقتبس ": 305.
79

قلت: المشرق في عرف المغاربة مصر وما بعدها من الشام
والعراق، وغير ذلك، كما أن المغرب في عرف العجم وأهل العراق
أيضا مصر، وما تغرب عنها.
قال أبو القاسم بن بشكوال (1): كان أبو عمرو أحد الأئمة في علم
القرآن رواياته وتفسيره ومعانيه، وطرقه وإعرابه، وجمع في ذلك كله
تواليف حسانا مفيدة، وله معرفة بالحديث وطرقه، وأسماء رجاله ونقلته،
وكان حسن الخط، جيد الضبط، من أهل الذكاء والحفظ، والتفنن في
العلم، دينا فاضلا، ورعا سنيا.
وفي فهرس ابن عبيد الله الحجري قال: والحافظ أبو عمرو
الداني، قال بعض الشيوخ: لم يكن في عصره ولا بعد عصره أحد
يضاهيه في حفظه وتحقيقه، وكان يقول: ما رأيت شيئا قط إلا كتبته،
ولا كتبته إلا وحفظته، ولا حفظته فنسيته. وكان يسأل عن المسألة مما
يتعلق بالآثار وكلام السلف، فيوردها بجميع ما فيها مسندة من شيوخه
إلى قائلها.
قلت: إلى أبي عمرو المنتهى في تحرير علم القراءات، وعلم
المصاحف، مع البراعة في علم الحديث والتفسير والنحو، وغير ذلك.
ألف كتاب " جامع البيان في السبع " ثلاثة أسفار في مشهورها
وغريبها، وكتاب " التيسير " (2)، وكتاب " الاقتصاد " في السبع،

(1) في " الصلة " 2 / 406.
(2) وقد طبع في الهند.
80

و " ايجاز البيان " في قراءة ورش، و " التلخيص " في قراءة ورش أيضا،
و " المقنع " في الرسم، وكتاب " المحتوى في القراءات الشواذ "، فأدخل
فيها قراءة يعقوب وأبي جعفر، وكتاب " طبقات القراء " في مجلدات،
و " الأرجوزة في أصول الديانة "، وكتاب " الوقف والابتداء "، وكتاب
" العدد، وكتاب " التمهيد في حرف نافع " مجلدان، وكتاب " اللامات
والراءات " لورش، وكتاب " الفتن الكائنة "، مجلد يدل على تبحره في
الحديث، وكتاب " الهمزتين " مجلد، وكتاب " الياءات " مجلد،
وكتاب " الإمالة " لابن العلاء مجلد. وله تواليف كثيرة صغار في جزء
وجزئين (1).
وقد كان بين أبي عمرو، وبين أبي محمد بن حزم وحشة ومنافرة
شديدة، أفضت بهما إلى التهاجي، وهذا مذموم من الاقران، موفور
الوجود. نسأل الله الصفح. وأبو عمر أقوم قيلا، وأتبع للسنة، ولكن أبا
محمد أوسع دائرة في العلوم، بلغت تواليف أبي عمرو مئة وعشرين
كتابا.
وهو القائل في أرجوزته السائرة:
تدري أخي أين طريق الجنة * طريقها القرآن ثم السنة
كلاهما ببلد الرسول * وموطن الأصحاب خير جيل
فاتبعن جماعة المدينة * فالعلم عن نبيهم يروونه

(1) ومن كتبه المطبوعة: " المقنع في القراءات والتجويد "، وطبع باسم: " المقنع في
معرفة رسوم مصاحف أهل الأمصار " بتحقيق محمد أحمد دهمان - مطبعة الترقي بدمشق 1960.
وانظر حول كتبه المخطوطة: معجم الدراسات القرآنية المطبوعة والمخطوطة، للدكتورة
ابتسام مرهون الصفار، القسم الثالث. المنشور في مجلة المورد البغدادية. المجلد العاشر،
العدد 3 - 4، 1981 ص: 391 - 416.
81

وهم فحجة على سواهم * في النقل والقول وفي فتواهم
واعتمدن على الامام مالك * إذ قد حوى على جميع ذلك
في الفقه والفتوى إليه المنتهى * وصحة النقل وعلم من مضى
منها:
وحك ما تجد للقياس * داود في دفتر أو قرطاس
من قوله إذ خرق الاجماعا * وفارق الأصحاب والأتباعا
واطرح الأهواء والمراء * وكل قول ولد الآراء
منها:
ومن عقود السنة الايمان * بكل ما جاء به القرآن
وبالحديث المسند المروي * عن الأئمة عن النبي
وأن ربنا قديم لم يزل * وهو دائم إلى غير أجل
منها:
كلم موسى عبده تكليما * ولم يزل مدبرا حكيما
كلامه وقوله قديم * وهو فوق عرشه العظيم
والقول في كتابه المفصل * بأنه كلامه المنزل
على رسوله النبي الصادق * ليس بمخلوق ولا بخالق
من قال في: إنه مخلوق * أو محدث فقوله مروق
والوقف فيه بدعة مضله * ومثل ذاك اللفظ عند الجله
كلا الفريقين من الجهمية * الواقفون فيه واللفظية
أهون بقول جهم الخسيس * وواصل وبشر المريسي
ذي السخف والجهل وذي العناد * معمر وابن أبي دواد
وابن عبيد شيخ الاعتزال * وشارع البدعة والضلال
82

والجاحظ القادح في الاسلام * وجبت هذي الأمة النظام
والفاسق المعروف بالجبائي * ونجله السفيه ذي الخناء
واللاحقي وأبي هذيل * مؤيدي الكفر بكل ويل
وذي العمى ضرار المرتاب * وشبههم من أهل الارتياب
وبعد فالايمان قول وعمل * ونية عن ذاك ليس ينفصل
فتارة يزيد بالتشمير * وتارة ينقص بالتقصير
وحب أصحاب النبي فرض * ومدحهم تزلف وفرض
وأفضل الصحابة الصديق * وبعده المهذب الفاروق
منها:
ومن صحيح ما أتى به الخبر * وشاع في الناس قديما وانتشر
نزول ربنا بلا امتراء * في كل ليلة إلى السماء
من غير ما حد ولا تكييف * سبحانه من قادر لطيف
ورؤية المهيمن الجبار * وأننا نراه بالابصار
يوم القيامة بلا ازدحام * كرؤية البدر بلا غمام
وضغطة القبر على المقبور * وفتنة المنكر والنكير
فالحمد لله الذي هدانا * لواضح السنة واجتبانا
وهي أرجوزة طويلة جدا.
مات أبو عمرو يوم نصف شوال سنة أربع وأربعين وأربع مئة، ودفن
ليومه بعد العصر بمقبرة دانية، ومشى سلطان البلد أمام نعشه، وشيعه خلق
عظيم، رحمه الله تعالى (1).

(1) انظر " الصلة " 2 / 407.
83

37 - النرسي *
الشيخ العالم، المقرئ، المسند، أبو الحسين، محمد بن الشيخ
أبي نصر أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون، ابن النرسي البغدادي،
صاحب تلك المشيخة.
سمع أبا بكر محمد بن إسماعيل الوراق، وعلي بن عمر الحربي، وابن
أخي ميمي، والمعافى الجريري، وطبقتهم ببغداد. وعبد الوهاب ابن
الحسن الكلابي، وغيره بدمشق.
حدث عنه أبو بكر الخطيب، وقال (1): كان ثقة من أهل القرآن، ولد
سنة سبع وستين وثلاث مئة، وتوفي في صفر سنة ست وخمسين وأربع مئة.
قلت: وروى عنه أبو العز بن كادش، وأبو غالب بن البناء، والقاضي أبو
بكر بن عبدا لباقي، وآخرون.
سمعنا " مشيخته " من أبي حفص القواس: أنبأنا الكندي، أخبرنا أبو
بكر الأنصاري، أخبرنا أبو الحسين رحمه الله.
ومات معه أبو الوليد الدربندي (2)، وقاضي قرطبة سراج بن عبد الله
الأموي (3)، وشمس الأئمة عبد العزيز بن أحمد الحلوائي (4)، والمحدث عبد

* تاريخ بغداد 1 / 356، العبر 3 / 240، شذرات الذهب 3 / 301.
والنرسي: نسبة إلى نرس، وهو نهر حفره نرس بن بهرام بن بهرام بن بهرام بنواحي
الكوفة، مأخذه من الفرات، عليه عدة قرى، وإليه تنسب الثياب النرسية. " معجم البلدان ".
(1) " تاريخ بغداد " 1 / 356.
(2) سترد ترجمته برقم (138).
(3) سترد ترجمته برقم (95).
(4) سترد ترجمته برقم (94).
84

العزيز النخشبي (1)، وأبو القاسم بن برهان النحوي المتكلم (2)، وأبو محمد
ابن حزم (3)، وأبو سعيد محمد بن علي بن محمد الخشاب (4)، والوزير عميد
الملك الكندري (5).
38 - ابن الآبنوسي *
الشيخ الثقة، أبو الحسين، محمد بن أحمد بن محمد بن علي، ابن
الآبنوسي البغدادي.
سمع أبا القاسم بن حبابة، والدارقطني، وابن شاهين، وابن أخي
ميمي، وعبد الله بن محمد بن محارب الإصطخري (6)، وأبا حفص
الكتاني.
قال الخطيب (7): كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا (8)، مات في سنة
سبع وخمسين وأربع مئة.
قلت: وله " مشيخة " في جزئين، رواها عنه أبو غالب أحمد بن
البناء.

(1) سترد ترجمته برقم (135).
(2) سترد ترجمته برقم (64).
(3) سترد ترجمته برقم (99).
(4) سترد ترجمته برقم (83).
(5) سترد ترجمته برقم (55).
* تاريخ بغداد 1 / 356، الأنساب 1 / 93، المنتظم 8 / 238، الكامل لابن الأثير
10 / 49، اللباب 1 / 18.
(6) بكسر الألف وسكون الصاد وفتح الطاء المهملتين وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى
إصطخر، وهي من بلاد فارس.
(7) " تاريخ بغداد " 1 / 356.
(8) زاد الخطيب: وكان يسكن التوثة، وسألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وثمانين
وثلاث مئة، وفي " المنتظم ": ولد ستة ست وسبعين وثلاث مئة.
85

ومات فيها أبو إبراهيم أحمد بن القاسم بن ميمون الحسيني، وسعيد بن
أبي سعيد العيار، والموحد بن علي بن البري الدمشقي.
39 - العيار *
الشيخ العالم الزاهد، المعمر، أبو عثمان، سعيد (1) بن أبي سعيد،
أحمد بن محمد بن نعيم بن إشكاب النيسابوري، الصوفي، المعروف بالعيار.
ارتحل في سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة، فسمع " صحيح " البخاري
بمرو من محمد بن عمر الشبوي (2)، وسمع بنيسابور من أبي محمد
المخلدي، وأبي طاهر بن خزيمة، وأبي الفضل عبيد الله بن محمد الفامي،
وأبي الحسين الخفاف، وطائفة.
انتقى عليه أبو بكر البيهقي.
حدث عنه: محمد بن الفضل الفراوي، وزاهر الشحامي، وأبو
المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي، وعدة، ومن أصبهان غانم بن أحمد
الجلودي، وفاطمة بنت محمد البغدادي، وحسين بن طلحة الصالحاني.

* الاكمال 6 / 287، اللباب 1 / 66 (الإشكابي)، التقييد: الورقة 107 أ - ب،
العبر 3 / 241، الوافي بالوفيات 15 / 197 - 198، لسان الميزان 3 / 30 - 31، شذرات الذهب
3 / 304، تهذيب تاريخ ابن عساكر 6 / 118 - 119.
(1) سقط في " الشذرات " لفظ " سعيد " اسم المترجم، وذكر اسم أبيه مباشرة، ولم يذكر
أيضا نسبته " العيار ".
(2) نسبة إلى شبويه، وهو اسم لبعض أجداد المذكور، كما في " العبر "، وقد تحرف
شبويه هذا في " الشذرات " إلى (شبه). ويقال أيضا في نسبته الشبوبي (بياءين)، وقد تحرفت
في " الوافي " إلى الشبوني (بالنون). وانظر الكلام عن هذه النسبة في " الاكمال " 5 / 107
تعليق رقم (5) للعلامة اليماني رحمه الله.
86

وعتيق بن الحسين الرويدشتي (1)، وآخرون.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: سمع " الصحيح " بمرو.
قلت: وسمع بهراة من عبد الرحمن بن أبي شريح.
قال السلفي: سمعت أبا بكر السمعاني يقول: سمعت صالح بن أبي
صالح المؤذن يقول: كان أبي سئ الرأي في سعيد العيار، ويطعن فيما روى
عن بشر بن أحمد الأسفراييني خاصة.
قلت: لهذا ما خرج له البيهقي عن بشر شيئا، وسماعه منه ممكن، فقد
ذكر الحافظ ابن نقطة أن مولد العيار في سنة خمس وأربعين وثلاث مئة، وخرج
له البيهقي، عن زاهر بن أحمد.
قال فضل الله بن محمد الطبسي: كان العيار شيخا بهيا ظريفا، من أبناء
مئة واثنتي عشرة سنة. وذكر أنه كان لا يحدث بشئ، فرأى بدمشق رؤيا
حملته على أن روى. قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، فتلقاني أبو بكر برسالة منه
يقول: " كيف لا تروي أخباري وتنشرها؟ ". قال: فأنا منذ ذلك أطوف في
البلدان، وأروي مسموعاتي (2).
قال غيث الأرمنازي: سألت جماعة: لم سمي العيار؟ قالوا: لأنه كان
في ابتدائه يسلك مسالك العيارين (3).

(1) بضم الراء وفتح الواو وسكون الياء وفتح الدال المهملة وسكون الشين المعجمة وفي
آخرها تاء مثناة، هذه النسبة إلى رويدشت، قرية من قرى أصبهان. انظر " الأنساب ".
(2) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 6 / 119.
(3) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 6 / 119.
87

قال ابن طاهر في كتاب " الضعفاء " (1): يتكلمون فيه لروايته كتاب
" اللمع "، عن أبي نصر السراج، وكان يزعم أنه سمع الأربعين لمحمد بن
أسلم من زاهر السرخسي.
قال محمد بن عبد الواحد الدقاق: روى العيار عن بشر بن أحمد،
وبئس ما فعل، أفسد سماعاته الصحيح بروايته عنه.
قال عبد الغافر: مات العيار بغزنة في ربيع الأول، سنة سبع وخمسين
وأربع مئة.
أخبرنا محمد بن عبد السلام، وأبو الفضل بن عساكر، عن عبد المعز
ابن محمد، أخبرنا الفضيلي محمد بن إسماعيل، أخبرنا سعيد بن محمد
العيار، أخبرنا عبيد الله بن محمد الصيرفي، أخبرنا محمد بن إسحاق،
حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة
قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة: عبد أو
أمة، ثم إن المرأة التي قضى عليها توفيت، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ميراثها
لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصبتها ".
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن قتيبة (2).

(1) الخبر في " تهذيب ابن عساكر " وفيه: في كتابه " تكملة الكامل في ضعفاء
المحدثين ". و " لسان الميزان " 3 / 30 - 31.
(2) هو في صحيح البخاري (5758) في الطب: باب الكهانة، و (6740) في
الفرائض: باب ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره، و (6909) و (6910) في الديات: باب
جنين المرأة، ومسلم (1681) (35) في القسامة: باب دية الجنين، وسنن أبي داود (4576) و
(4577) والترمذي (2111) والنسائي 8 / 47 و 48 و 49 في القسامة: باب دية جنين المرأة،
وأخرج أحمد 2 / 236 و 274 و 438 و 498 و 535 و 539 والشافعي (1458) و 1459،
والدارمي 2 / 197، والطحاوي 3 / 205، والطيالسي 1 / 295، وابن الجارود (776)،
والبيهقي 8 / 70 و 105 و 112 و 114.
88

وفيها توفي أبو إبراهيم أحمد بن القاسم بن ميمون الحسيني بمصر،
والموحد بن علي بن البري بدمشق، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن
الآبنوسي (1)، وعالي بن النحوي عثمان بن جني.
40 - القاضي أبو يعلى *
الامام العلامة، شيخ الحنابلة، القاضي أبو يعلى، محمد بن الحسين
ابن محمد بن خلف بن أحمد البغدادي، الحنبلي، ابن الفراء، صاحب
التعليقة الكبرى، والتصانيف المفيدة في المذهب.
ولد في أول سنة ثمانين وثلاث مئة.
وسمع علي بن عمر الحربي، وإسماعيل بن سويد، وأبا القاسم بن
حبابة، وعيسى بن الوزير، وابن أخي ميمي، وأم الفتح بنت أحمد بن
كامل، وأبا طاهر المخلص، وأبا الطيب بن منتاب، وابن معروف القاضي،
وطائفة. وأملى عدة مجالس.
حدث عنه: الخطيب، وأبو الخطاب الكلوذاني، وأبو الوفاء بن
عقيل، وأبو غالب بن البناء، وأخوه يحيى بن البناء، وأبو العز بن كادش،
وأبو بكر محمد بن عبدا لباقي، وابنه القاضي أبو الحسين محمد بن محمد

(1) تقدمت ترجمته قبل هذه الترجمة مباشرة.
* تاريخ بغداد 2 / 256، طبقات الحنابلة 2 / 193 - 230، الأنساب 9 / 246
(الفراء)، مناقب الإمام أحمد: 520 - 521، المنتظم 8 / 243 - 244، الكامل لابن الأثير
10 / 52، اللباب 2 / 413 - 414 (الفراء)، المختصر في أخبار البشر 2 / 186، دول الاسلام
1 / 269، العبر 3 / 243 - 244، تتمة المختصر 1 / 560، الوافي بالوفيات 3 / 7 - 8، البداية
والنهاية 12 / 94، 95، مختصر طبقات الحنابلة للنابلسي: 377، كشف الظنون 1 / 3 و
2 / 1732، شذرات الذهب 3 / 306 - 307، هدية العارفين 2 / 72.
89

ابن الفراء، وأبو سعد أحمد بن محمد الزوزني. وحدث عنه من القدماء
المقرئ أبو علي الأهوازي.
أفتى ودرس، وتخرج بن الأصحاب، وانتهت إليه الإمامة في الفقه،
وكان عالم العراق في زمانه، مع معرفة بعلوم القرآن وتفسيره، والنظر
والأصول، وكان أبوه من أعيان الحنفية، ومن شهود الحضرة، فمات ولأبي
يعلى عشرة أعوام، فلقنه مقرئه العبادات من " مختصر " الخرقي، فلذ له
الفقه، وتحول إلى حلقة أبي عبد الله بن حامد (1)، شيخ الحنابلة، فصحبه
أعواما، وبرع في الفقه عنده، وتصدر بأمره للإفادة سنة اثنتين وأربع مئة،
وأول سماعه من علي بن معروف في سنة 385. وقد سمع بمكة ودمشق من عبد
الرحمن بن أبي نصر، وبحلب، وجمع كتاب " إبطال تأويل الصفات "،
فقاموا عليه لما فيه من الواهي والموضوع، فخرج إلى العلماء من القادر بالله
المعتقد الذي جمعه، وحمل إلى القادر كتاب " إبطال التأويل "، فأعجبه،
وجرت أمور وفتن - نسأل الله العافية - ثم أصلح بين الفريقين الوزير علي بن
المسلمة، وقال في الملا: القرآن كلام الله، وأخبار الصفات تمر كما
جاءت (2).
ثم ولي أبو يعلى القضاء بدار الخلافة والحريم، مع قضاء حران (3)
وحلوان (4)، وقد تلا بالقراءات العشر، وكان ذا عبادة وتهجد، وملازمة

(1) هو أبو عبد الله الحسن بن حامد البغدادي الوراق الحنبلي، المتوفى سنة (403) ه‍.
وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر من هذا الكتاب برقم (116).
(2) انظر " طبقات الحنابلة " 2 / 197 - 198.
(3) هي قصبة ديار مضر، بينها وبين الرها يوم، وبين الرقة يومان، وهي على طريق
الموصل والشام والروم " معجم البلدان ".
(4) هي حلوان العراق، وهي في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد " معجم "
ياقوت. وانظر الخبر بأطول مما هنا في " طبقات الحنابلة " 2 / 199.
90

للتصنيف، مع الجلالة والمهابة، ولم تكن له يد طولى في معرفة الحديث،
فربما احتج بالواهي.
تفقه عليه أبو الحسن البغدادي، وأبو جعفر الهاشمي، وأبو الغنائم بن
الغباري، وأبو علي بن البناء، وأبو الوفاء بن القواس، وأبو الحسن النهري،
وابن عقيل، وأبو الخطاب، وأبو الحسن بن جدا، وأبو يعلى الكيال، وأبو
الفرج الشيرازي.
ألف كتاب " أحكام القرآن "، و " مسائل الايمان "، و " المعتمد "،
ومختصره، و " المقتبس "، و " عيون المسائل "، و " الرد على الكرامية "،
و " الرد على السالمية والمجسمة "، و " الرد على الجهمية "، و " الكلام في
الاستواء "، و " العدة " في أصول الفقه (1)، ومختصرها، و " فضائل
أحمد "، وكتاب " الطب "، وتواليف كثيرة سقتها في " تاريخ الاسلام " (2).
وكان متعففا، نزه النفس، كبير القدر، ثخين الورع.
توفي سنة ثمان وخمسين وأربع مئة.
ومات فيها البيهقي (3)، وقاضي سارية أبو إسحاق إبراهيم بن محمد
السروي (4)، وأبو علي الحسن بن غالب المقرئ، وأبو الطيب عبد الرزاق بن
شمة (5)، وأبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيدة (6)، صاحب

(1) وقد طبع في ثلاثة أجزاء بتحقيق الدكتور أحمد علي المباركي.
(2) وأوردها أيضا ابنه أبو الحسين في " طبقات الحنابلة " 2 / 205 - 206.
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (86).
(4) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (80).
(5) ضبطت في الأصل بتشديد الميم، وانظر ضبطها في ترجمته الواردة برقم (82).
(6) سترد ترجمته برقم (78).
91

" المحكم "، والقاضي أبو عاصم محمد بن أحمد بن محمد العبادي
بهراة (1).
41 - القضاعي *
الفقيه العلامة، القاضي أبو عبد الله، محمد بن سلامة بن جعفر بن
علي القضاعي، المصري، الشافعي، قاضي مصر، ومؤلف كتاب
" الشهاب " (2) مجردا ومسندا.
سمع أبا مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وأحمد بن ثرثال (3)، وأبا
الحسن بن جهضم، وأحمد بن عمر الجيزي، وأبا محمد بن النحاس
المالكي، وعدة.
حدث عنه: أبو نصر بن ماكولا، وأبو عبد الله الحميدي، وأبو سعد عبد

(1) سترد ترجمته برقم (97).
* الاكمال 7 / 147، الأنساب 10 / 180 - 181، اللباب 3 / 43، وفيات الأعيان
4 / 212، 213، المختصر في أخبار البشر 2 / 181، دول الاسلام 1 / 267، العبر 3 / 233،
مرآة الجنان 3 / 75، الوافي بالوفيات 3 / 116 - 117، طبقات السبكي 4 / 150 - 151،
طبقات الأسنوي 2 / 312 - 313، حسن المحاضرة 1 / 403، 404، كشف الظنون 1 / 165،
172، 293 و 2 / 1067، شذرات الذهب 3 / 293، إيضاح المكنون 1 / 462، هدية العارفين
2 / 71، الرسالة المستطرفة: 76.
(2) واسمه: " شهاب الاخبار في الحكم والامثال والآداب، من الأحاديث النبوية ". قال
في أوله:
" جمعت كتابي هذا مما سمعته من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف كلمة من الحكمة في الوصايا
والآداب والمواعظ والامثال، وجعلتها مسرودة يتلو بعضها بعضا، محذوفة الأسانيد مبوبة أبوابا
على حسب تقارب الألفاظ، ثم زدت مئتي كلمة، وختمت الكتاب بأدعية مروية عنه عليه الصلاة
والسلام، وأفردت الأسانيد جميعها كتابا يرجع في معرفتها إليه " وله " مسند الشهاب " جمع فيه
أسانيد ما تضمنه كتاب الشهاب، وقد قام بتحقيقه، وتخريج أحاديثه الشيخ الفاضل حمدي عبد
المجيد السلفي، وتتولى نشره مؤسسة الرسالة، ويقع في ثلاثة مجلدات.
(3) تصحف في " طبقات " السبكي إلى: " بربال ".
92

الجليل الساوي (1)، وسهل بن بشر الأسفراييني، وأبو القاسم النسيب، وأبو
عبد الله محمد بن أحمد بن الرازي، وآخرون من المغاربة والرحالة.
قال ابن ماكولا (2): كان متفننا في عدة علوم، لم أر بمصر من يجري
مجراه.
قال غيث الأرمنازي: كان ينوب في القضاء بمصر، وله تصانيف،
منها: تاريخ مختصر، من مبتدأ الخلق إلى زمانه في مجيليد (3)، وكتاب
" أخبار الشافعي ".
وقال غيره: له " معجم " لشيوخه، وكتاب " دستور الحكم "، كتب
عنه الحفاظ كأبي بكر الخطيب، وأبي نصر بن ماكولا.
وقال الفقيه نصر بن إبراهيم: قدم علينا القضاعي صور رسولا من
المصريين إلى بلد الروم، فذهب ولم أسمع منه، ثم رويت عنه بالإجازة.
وقال السلفي: كان من الثقات الاثبات، شافعي المذهب والاعتقاد،
مرضي الجملة (4).
قال الحبال: مات بمصر في ذي الحجة سنة أربع وخمسين وأربع مئة.

(1) بفتح السين المهملة وبعد الألف واو. هذه النسبة إلى ساوة، وهي مدينة بين الري
وهمذان.
(2) في " الاكمال " 7 / 147.
(3) واسمه: " عيون المعارف وفنون أخبار الخلائف "، جمع فيه مؤلفه جملا من أنباء
الأنبياء، وتاريخ الخلفاء، وولايات الملوك والامراء، ورتبه على السنين الهجرية، ووصل فيه
إلى سنة 422، اي إلى الدولة العبيدية. ويوجد منه عدة نسخ منها نسخة بدار الكتب المصرية
1779 تاريخ. انظر " فهرس المخطوطات المصورة " الجزء الثاني رقم (347) و (747) و
(1146).
(4) انظر " الوافي بالوفيات " 3 / 116، و " طبقات السبكي " 4 / 151.
93

42 - المغربي *
الشيخ الجليل، الأمين، أبو بكر، أحمد بن منصور بن خلف بن حمود
المغربي الأصل، النيسابوري.
حدث عن: أبي طاهر بن خزيمة، وأبي محمد عبد الله بن أحمد
الصيرفي، والحافظ أبي بكر الجوزقي، وأبي محمد المخلدي، وعبيد الله بن
محمد الفامي، وأحمد بن محمد الخفاف، وأبي عمرو أحمد بن أبي
الفراتي، وطائفة.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: أما شيخنا أبو بكر المغربي البزاز، أخو
خلف، فشيخ نظيف، طاف به وبأخيه أبوهما الشيخ منصور على مشايخ
عصره، فسمعا الكثير، وجمع لأبي بكر الفوائد. سمع منه الأئمة الكبار،
ورزق الرواية سنين، وعاش عيشا نقيا. توفي سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
كذا قال.
وقال غيره: توفي سنة ستين.
وقال أبو القاسم بن عساكر: توفي في رمضان سنة تسع (1) وخمسين
وأربع مئة.
قلت: حدث عنه: عبد الغافر الفارسي، وأبو عبد الله الفراوي، وأبو
القاسم الشحامي، وعبد الرحمن بن عبد الله البحيري، وآخرون.
وله أربعون حديثا سمعناها.
أخبرنا أحمد بن هبة الله غير مرة، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا تميم

* التقييد: الورقة 46 أ - ب، العبر 3 / 245، شذرات الذهب 3 / 307.
(1) أورده الذهبي في " العبر " في وفيات هذه السنة.
94

ابن أبي سعيد المعلم، أخبرنا أحمد بن منصور، أخبرنا الحسن بن أحمد،
أخبرنا أبو العباس السراج، حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، حدثنا عقيل، عن
الزهري، عن سالم، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " المسلم أخو
المسلم، لا يظلمه ولا يشتمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته،
ومن فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن
ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ".
[أخرجه] (1) البخاري، عن ابن بكير، ومسلم عن قتيبة معا عن
الليث (2).
وفيها (3) مات أبو نصر أحمد بن عبدا لباقي بن طوق (4) بالموصل، وأبو
القاسم الحنائي (5) بدمشق، ومسند واسط القاضي أبو تمام علي بن محمد بن
الحسن المعتزلي (6)، وأبو مسلم بن مهربزدا (7)، وشيخ المالكية عبد الجليل
ابن مخلوف المصري، وقد شاخ.
43 - كله *
الشيخ الجليل، الأمين، أبو أحمد، عبد الواحد بن أحمد بن محمد

(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) هو في البخاري (2442) في المظالم: باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه،
ومسلم (2580) في البر والصلة: باب تحريم الظلم، وأخرجه الترمذي (1426) وأبو داود
(4893) كلاهما من طريق قتيبة عن الليث بهذا الاسناد.
(3) أي في سنة (459).
(4) الموصلي صاحب أبي يعلى، وهو مترجم في " العبر " 3 / 245، و " شذرات
الذهب " 3 / 307.
(5) سترد ترجمته برقم (68).
(6) سترد ترجمته برقم (100).
(7) سترد ترجمته برقم (79) وفيها: ابن مهربزد، بدون ألف في آخره.
* العبر 3 / 229، شذرات الذهب 3 / 291.
95

ابن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يحيى بن مندة العبدي، الأصبهاني،
المؤدب، البقال (1). ويلقب بكله، وهو من أقارب الحافظ أبي عبد الله بن
مندة.
حدث عن: عبيد الله بن جميل ب‍ " مسند " أحمد بن منيع، وحدث عن
أبي بكر محمد بن أحمد بن جشنس، ومحمد بن أحمد بن شهريار،
وعبد الله بن عمر بن الهيثم، وأبي عبد الله بن مندة، وطائفة.
حدث عنه: أبو علي الحداد، وسعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وسمع
منه الصيرفي هذا في سنة خمسين وأربع مئة وبعدها " مسند " ابن منيع.
توفي في صفر سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة.
44 - ابن غزو *
الشيخ العالم، الثقة، أبو مسلم، عبد الرحمن بن غزو بن محمد
ابن يحيى النهاوندي، العطار.
له جزء سمعناه من طريق السلفي.
حدث عن: أحمد بن زنبيل النهاوندي، وأحمد بن فراس المكي،
وأبي الحسن الرفاء، ومحمد بن بكران الرازي، وأبي أحمد الفرضي،
وحمزة بن العباس الطبري، وخلق سواهم.
وعنه: أبو طاهر المطهر ولده، وأبو الفتح المظفر بن شجاع
الهمذاني، وأبو بكر الاخباري.

(1) في " العبر " و " الشذرات ": المعلم.
* لم نعثر على مصادر ترجمته.
96

قال شيرويه: كان ثقة صدوقا، سمع منه الكبار.
وقال السلفي: سمعت ولده أبا طاهر يقول: توفي أبي في سنة أربع
وخمسين وأربع مئة.
قلت: حدث في سنة ثلاث وخمسين.
نعم، وفيها (1) مات العلامة أبو الحسن علي بن رضوان المصري
الفيلسوف، صاحب التصانيف في الطب والرياضي (2)، سنة ثلاث.
وشيخ المقرئين بمصر أبو العباس أحمد بن نفيس (3)، عن نيف وتسعين
سنة. وصاحب ماردين وميافارقين وتلك الديار نصر الدولة أحمد بن مروان
الكردي (4)، وكانت أيامه إحدى وخمسين سنة، وأبو أحمد عبد الواحد بن
أحمد البقال الأصبهاني (5)، وقد ذكر، والفقيه علي بن الحسين بن جابر
التنيسي، راوي نسخة فليح، وواقف الخانقاه دار عمر بن عبد العزيز
الشيخ أبو القاسم علي بن محمد السلم السميساطي (6)، وأبو طاهر عمر
ابن محمد بن زاده الخرقي الدلال، من أصحاب أبي بكر بن المقرئ (7)،
والأستاذ أبو بكر محمد بن الحسن بن علي الطبري، صاحب الخبازي المقرئ (8)،

(1) أي في سنة (453).
(2) سترد ترجمته برقم (50).
(3) هو أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس المصري كما في " العبر " 3 / 228.
(4) سترد ترجمته برقم (58).
(5) تقدمت ترجمته قبل هذه الترجمة مباشرة.
(6) تقدمت ترجمته برقم (31).
(7) هو أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني المقرئ، المتوفي سنة (381) ه‍،
وقد تقدمت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (288).
(8) هو أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن الخبازي المقرئ، المتوفى سنة
(398) ه‍.
97

وأبو سعد الكنجروذي (1)، وصاحب الموصل أبو المعالي قريش بن بدران
ابن مقلد العقيلي (2).
45 - ابن حمدون *
الشيخ أبو بكر، محمد بن محمد بن حمدون السلمي،
النيسابوري.
حدث عن: أبي عمرو بن حمدان، وأبي القاسم بن ياسين
القاضي، وأبي عمرو أحمد بن أبي الفراتي.
روى عنه: إسماعيل بن عبد الغافر، وزاهر بن طاهر، وتميم بن
أبي سعيد الجرجاني، وآخرون.
وألحق الصغار بالكبار. وكان مقيما بقرية بقرب نيسابور.
وثقه عبد الغافر، وقال: توفي في المحرم سنة خمس وخمسين
وأربع مئة.
وقع لي من عواليه.

(1) سترد ترجمته برقم (48).
(2) انظر شيئا من ترجمته في ترجمة ابنه مسلم الواردة برقم (246).
* العبر 3 / 236، شذرات الذهب 3 / 296.
98

46 - الوني *
إمام الفرضيين، العلامة، أبو عبد الله، الحسين (1) بن محمد (2)
ابن عبد الواحد، ابن الوني البغدادي، الضرير، الحاسب، صاحب
التصانيف.
سمع من: أبي الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، وأبي الحسن
ابن رزقويه، وجماعة.
حدث عنه: أبو علي بن البناء، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو
زكريا التبريزي اللغوي.
وكان ذا اختصاص بالقائم بأمر الله، يكثر الحضور عنده، فروى ابن
النجار قال: أخبرنا الفخر الفارسي، أخبرنا السلفي، أنشدنا عبيد الله بن
عبد العزيز الرسولي، سمعت أبا عبد الله الوني الفرضي يقول: سمعت
القائم بأمر الله ينشد لنفسه:
القلب من خمر التصابي منتشي * هل لي غدير من شراب معطش

* الاكمال 7 / 401، الأنساب: الورقة 586 ب، المنتظم 8 / 197 - 198، معجم
البلدان 5 / 385، اللباب 3 / 375، الكامل لابن الأثير 9 / 651، وفيات الأعيان 2 / 138، دول
الاسلام 1 / 265، العبر 3 / 222، نكت الهميان: 145، طبقات السبكي 4 / 374، طبقات
الأسنوي 2 / 543، البداية والنهاية 12 / 85، القاموس المحيط مادة (الون)، شذرات الذهب
3 / 283 - 284 وفيه نقص بحيث تداخلت ترجمته مع الترجمة التي تليها، تاج العروس 9 / 363 -
364 مادة (الون)، هدية العارفين 1 / 310.
والوني: بفتح الواو وفي آخرها نون مشددة، هذه النسبة إلى ون، وهي قرية من قرى
قوهستان. " معجم " ياقوت. وقد تحرفت في " المنتظم " إلى " الولي ".
(1) في " المنتظم ": الحسن.
(2) في " الكامل " بدل محمد: علي، وفي " طبقات " الأسنوي: عبد الله، وفي " هدية
العارفين " سقط لفظ " ابن " قبله.
99

والنفس من برح الهوى مقتولة * ولكم قتيل في الهوى لم ينعش
جمعت علي من الغرام عجائب * خلفن قلبي في إسار موحش
خل يصد وعاذل متنصح * ومنازع يغري ونمام يشي (1)
قال ابن ماكولا (2): كان الوني متقدما في الفرائض، له فيه تصانيف
جيدة (3)، وكانت له يد في علوم، كان حسن الذكاء، سمعت أبا بكر
الخطيب يقول: حضرنا مجلس محدث ومعنا الوني، فأملى أحاديث،
وقمنا وقد حفظ الوني منها بضعة عشر حديثا.
سمع منه أبو حكيم الخبري (4)، وغير.
وقال ابن خيرون: مات الوني في رابع ذي الحجة سنة خمسين (5)
وأربع مئة، وكان عند الخليفة، فاتفق أن كسبت دار الخليفة، وخرج
الخليفة، وقتل جماعة في الدار، وضرب الوني بدبوس في رأسه، وجرح
في وجهه، ومات منها شهيدا، وكان أحد أئمة المسلمين، سمعت منه.
قلت: قتل في كائنة البساسيري (6).
47 - الذهلي *
إمام جامع همذان، وركن السنة، أبو الحسن، علي بن حميد بن

(1) البيتان الأخيران في " فوات الوفيات " 2 / 158، وقد وردت فيه الشطرة الثانية من البيت
الأخير هكذا: ومعارض يؤذي ونمام يشي
(2) " الاكمال " 7 / 401.
(3) ذكر الأسنوي في " طبقاته ": أن له كتاب " الكافي " في الفرائض.
(4) سيأتي تعريف هذه النسبة في الترجمة رقم (287).
(5) في " وفيات الأعيان " و " البداية " وفاته سنة (451).
(6) سنرد ترجمته برقم (70) في هذا الجزء.
* العبر 3 / 227 - 228، شذرات الذهب 3 / 289.
100

علي الذهلي، الهمذاني.
روى عن: أبي بكر بن لآل، وابن تركان، وأحمد بن محمد
البصير، وأبي عمر بن مهدي، وطبقتهم.
روى عنه: يوسف بن محمد الخطيب، وغيره.
وكان ورعا، تقيا، محتشما، يتبرك بقبره.
مات سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة وقد قارب الثمانين.
وفيها مات المقرئ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي القزويني
بمصر، وشيخ المالكية أبو الفضل محمد بن عبيد الله بن عمروس (1)
ببغداد، لقي ابن شاهين.
48 - الكنجروذي *
الشيخ الفقيه، الامام الأديب، النحوي، الطبيب، مسند
خراسان، أبو سعد (2)، محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن
محمد بن جعفر النيسابوري، الكنجروذي والجنزروذي. وجنزروذ:
محلة (3).

(1) تقدمت ترجمته برقم (34).
* الأنساب 10 / 479، معجم البلدان 2 / 171، المنتخب: الورقة 9 ب - 10 أ، إنباه
الرواة 3 / 165 - 166، اللباب 3 / 113، العبر 3 / 230، تلخيص ابن مكتوم: 218، الوافي
بالوفيات 3 / 231، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 78، بغية الوعاة 1 / 157 - 158، شذرات
الذهب 3 / 291.
(2) في " اللباب " و " الوافي " و " بغية الوعاة ": أبو سعيد.
(3) قال ياقوت: هي قرية من قرى نيسابور: وأضاف أنه ذكر المترجم في كتابه الأدباء.
ولم نجده في المطبوع من " معجمه ".
101

ولد بعد الستين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبي عمرو بن حمدان، وأبى سعيد عبد الله بن محمد
الرازي، وحسينك بن علي التميمي، وأبي الحسين بن دهثم، وأبي
الحسين أحمد بن محمد البحيري، ومحمد بن بشر البصري، وشافع
ابن محمد الأسفراييني، وأبي بكر بن مهران المقرئ، والحافظ أبي
أحمد الحاكم، وأبي بكر محمد بن محمد الطرازي، وأحمد بن محمد
البالوي، وأحمد بن الحسين المرواني، وطبقتهم.
وعنه (1) البيهقي، والسكري، وروى الكثير، وانتهى إليه علو
الاسناد.
حدث عنه: إسماعيل بن عبد الغافر، وأبو عبد الله الفراوي، وهبة
الله بن سهل السيدي، وتميم بن أبي سعيد الجرجاني، وزاهر الشحامي،
وعبد المنعم بن القشيري، وخلق سواهم.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: له قدم في الطب والفروسية، وأدب
السلاح. كان بارع وقته لاستجماعه فنون العلم، أدرك الأسانيد العالية في
الحديث والأدب، وأدرك ببغداد أئمة النحو، وسمع منه الخلق... إلى أن
قال: وختم بموته أكثر هذه الروايات، وله شعر حسن، أجاز لي جميع
مسموعاته، وخطه عندي (2).
قلت: توفي في صفر سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة. سمعنا كثيرا من
حديثه بالإجازة العالية.

(1) في الأصل: عليه.
(2) انظر " بغية الوعاة " 1 / 157.
102

49 - البحيري *
الشيخ الجليل الثقة، أبو عثمان، سعيد بن محمد بن أبي الحسين
أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن بحير البحيري، النيسابوري.
سمع من: جده أبي الحسين، وزاهر بن أحمد السرخسي، وأبي
عمرو بن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وأبي علي الحسن بن أحمد
الحيري، والد أبي بكر، وأبي الهيثم الكشميهني، وأبي حفص الكتاني،
وابن أخي ميمي، ومحمد بن عمر بن بهتة، والحافظ أبي بكر محمد بن
أحمد بن عبد الوهاب الأسفراييني بها، وأبي سعد بن الإسماعيلي
بجرجان، ومحمد بن عبد الله الجوزقي، وأبي القاسم بن حبابة، والحسن
ابن أحمد المخلدي، والحسن بن علي بن إبراهيم، صاحب ابن خزيمة،
وأبي الحسين الخفاف، وأمة السلام بنت أحمد بن كامل، وأبي أحمد بن
جامع الدهان، ومن أحمد بن عبد الله بن رزيق (1) البغدادي بمكة،
وطائفة.
حدث عنه: هبة الله بن سهل، وزاهر بن طاهر، ومحمد بن الفضل
الفراوي، وطائفة. وقع لي من عواليه.

* السياق: الورقة 22 ب، الأنساب 2 / 98 - 99، المنتخب: الورقة 67 أ - ب،
الاستدراك: 1 / ورقة 49 ب، العبر 3 / 226، شذرات الذهب 3 / 288.
والبحيري: بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء المهملة بعدها ياء وفي آخرها الراء، هذه النسبة
إلى بحير وهو اسم لبعض أجداده، وقد تحرفت في " العبر " و " الشذرات " إلى " النجيرمي ".
(1) ضبط في الأصل بتقديم الزاي على الراء، وضبطه المؤلف في " المشتبه " وابن ماكولا
وابن حجر بتقديم الراء على الزاي. انظر " الاكمال " 4 / 54، و " تبصير المنتبه " 2 / 600، وهو
مترجم في " تاريخ بغداد " 4 / 236.
103

قال علي بن محمد الجرجاني الحافظ: ورد أبو عثمان جرجان مع
أبيه، فسمع بها، وحدث زمانا على السداد، وخرج له الفوائد، وحج ثلاث
مرات، وغزا الهند والروم، غزا مع السلطان محمود (1)، وعقد مجلس
الاملاء بعد موت أخيه عبد الرحمن.
وقال عبد الغافر في " سياقه ": شيخ كبير، ثقة في الحديث، سمع
الكثير بخراسان والعراق، وخرج له. ثم سمى شيوخه (2).
وقال: توفي في شهر ربيع الآخر، سنة إحدى وخمسين وأربع مئة.
وفيها قتل البساسيري (3)، والمقرئ أبو علي الحسن بن أبي الفضل
الشرمقاني (4)، والمقرئ أبو المظفر عبد الله بن شبيب، وأبو طالب
العشاري (5)، والسلطان جغريبك السلجوقي (6) بسرخس، وأخوه الملك
إبراهيم ينال (7)، خنقه أخوه طغرلبك (8)، وأبو الحسن علي بن محمود
الزوزني (9)، وذو الفنون قاسم بن الفتح الأندلسي (10).

(1) ابن سبكتكين، وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (319).
(2) انظر " الاستدراك " 1 / 49 ب.
(3) سترد ترجمته برقم (70).
(4) قال السمعاني: بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء، وفتح الميم والقاف، وفي
آخرها النون، هذه النسبة إلى شرمقان، وهي بلدة قريبه من إسفراين بنواحي نيسابور يقال لها
جرمغان.
(5) تقدمت ترجمته برقم (21).
(6) سترد ترجمته برقم (51).
(7) سترد ترجمته برقم (53).
(8) سترد ترجمته برقم (52).
(9) نسبة إلى زوزن، وهي بلدة كبيرة بين هراة ونيسابور.
(10) سترد ترجمته برقم (56).
104

50 ابن رضوان *
الفيلسوف الباهر، أبو الحسن، علي بن رضوان بن علي بن جعفر
المصري، صاحب التصانيف، وله دار كبيرة بمصر قد تهدمت.
كان صبيا فقيرا، يتكسب بالتنجيم، واشتغل في الطب، ففاق فيه،
وأحكم الفلسفة ومذهب الأوائل وضلالهم، فقال: أجهدت نفسي في
التعليم، فلما بلغت، أخذت في الطب والفلسفة، وكنت فقيرا، ثم
اشتهرت بالطب، وحصلت منه أملاكا، وأنا الآن في الستين.
قلت: كان أبوه خبازا، ولما تميز، خدم الحاكم (1) بالطب، فصيره،
رئيس الأطباء، وعاش إلى القحط الكائن في الخمسين وأربع مئة، فسرقت
[يتيمة رباها] (2) عنده نفائس، وهربت، فتعثر، واضطرب، وكان ذا سفه
في بحثه (3)، ولم يكن له شيخ، بل اشتغل بالأخذ عن الكتب، وصنف كتابا
في تحصيل الصناعة من الكتب، وأنها أوفق من المعلمين. وهذا غلط،
وكان مسلما موحدا ومن قوله: أفضل الطاعات النظر في الملكوت، وتمجيد
المالك لها. وشرح عدة تواليف لجالينوس، وله مقالة في دفع المضار بمصر
عن الأبدان، ورسالة في علاج داء الفيل، ورسالة في الفالج، ورسالة في

* تاريخ الحكماء: 443، 444، عيون الانباء: 561 - 567، العبر 3 / 229، تاريخ
مختصر الدول: 331 - 334، النجوم الزاهرة 5 / 69، عقود الجواهر: 161 - 166، شذرات
الذهب 3 / 291، هدية العارفين 1 / 689 - 690، إيضاح المكنون 1 / 474، الفهرس
التمهيدي: 529 - 533.
(1) هو الحاكم بأمر الله، الذي تقدمت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (70).
(2) في الأصل: تربيه، والمثبت من " عيون الانباء ": 563.
(3) في " النجوم الزاهرة ": وكان فيه سعة خلق عند بحثه، وهو مخالف لما قاله المؤلف
وابن أبي أصيبعة في " طبقاته ".
105

بقاء النفس بعد الموت، مقالة في نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم (1)، مقالة في حدث العالم،
مقالة في الرد على محمد بن زكريا الرازي في العلم الإلهي وإثبات الرسل،
مقالة في حيل المنجمين، وقد سرد له ابن أبي أصيبعة عدة تصانيف (2).
ثم قال (3): مات سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة.
51 - جغريبك *
هو السلطان داود بن الأمير ميكائيل بن سلجوق بن دقاق التركماني،
السلجوقي، صاحب خراسان، ووالد السلطان ألب آرسلان، وأخو صاحب
العراق والعجم، طغرلبك، وهما أول الملوك السلجوقية، استولوا على
الممالك، وأبادوا الدولة البويهية.
وكان جغريبك ينكر على أخيه الظلم، وفيه ديانة وعدل.
عاش سبعين سنة وامتدت أيامه إلى أن توفي بسرخس، في رجب سنة
إحدى. وقيل: في صفر سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة (4). فنقل ودفن
بمرو. (*)

(1) سماها صاحب " عيون الانباء ": مقالة في بعث نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة والفلسفة.
(2) انظر " عيون الانباء ": 566 - 567، ومن تصانيفه الأخرى رسالة: " كلام علي بن
رضوان في القوى الطبيعية "، وقد نشرتها مجلة المورد العراقية في المجلد التاسع. العدد
الثالث - 1980، ص 159 - 166، بتحقيق الدكتور عادل البكري.
وينسب له أيضا: كتاب الكفاية في الطب، أو كفاية الطبيب، فيما صح لدي من
التجارب، وقد حققه الدكتور سلمان قطاية، ونشرته دار الرشيد في العراق عام 1981 م.
(3) " عيون الانباء ": 564.
* المنتظم 8 / 198، الكامل لابن الأثير 10 / 5 - 7، دول الاسلام 1 / 266، العبر
3 / 225، تتمة المختصر 1 / 549 - 550، البداية والنهاية 12 / 79، تاريخ الخلفاء: 419 -
420، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة: 80.
(4) أورده ابن الجوزي في وفيات سنة (450) وتابعه على ذلك ابن كثير.
106

وأول ظهورهم كان في سنة اثنتين وثلاثين، بل قبلها، وكان جدهم
دقاق من الامراء، وكذا ولده سلجوق، فقدمه الخان بيغو، وكثر جنده، وصار
يغزو كفرة الترك، وعمر دهرا، وجاز المئة، وقام ابنه ميكائيل مدة، ثم
استشهد في الغزو، وجرى لولديه حروب في حدود الأربع مئة حتى توطد
ملكهم (1).
تملك بعد جغريبك ابنه ألب آرسلان (2).
52 - طغرلبك *
محمد بن ميكائيل، السلطان الكبير، ركن الدين، أبو طالب.
أصل السلجوقية، من بر بخارى، لهم عدد وقوة وإقدام، وشجاعة
وشهامة وزعارة، فلا يدخلون تحت طاعة، وإذا قصدهم ملك، دخلوا البرية

(1) انظر " الكامل " 9 / 473 وما بعدها، وانظر " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 7 -
11.
(2) سترد ترجمته برقم (210)
* المنتظم 8 / 190، 201، 231 - 234، الكامل 9 / 473 - 477 و 496، 497،
504 - 511، 536، 556، 562، 594، 598، 605، 609، 611، 626، 633،
و 10 / 12 و 20 و 25 - 28، مختصر دولة آل سلجوق: 12 - 29، وفيات الأعيان 5 / 63 -
68، العبر 3 / 220، 234، 235 - 236، دول الاسلام 1 / 267، تتمة المختصر
1 / 547، 548 - 549، 553، 556، الوافي بالوفيات 5 / 102 - 104، البداية والنهاية
12 / 79، 81 - 83، 85، 86، 87 - 90، النجوم الزاهرة 5 / 73، تاريخ الخلفاء: 418 -
420، شذرات الذهب 3 / 294 - 296، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة، 12، 73،
322، 333.
قال ابن خلكان: طغرلبك، بضم الطاء المهملة وسكون الغين المعجمة، وضم الراء،
وسكون اللام، وفتح الباء الموحدة، وبعدها كاف، وهو اسم علم تركي، مركب من طغرل وهو
اسم علم بلغة الترك لطائر معروف عندهم، وبه سمي الرجل، وبك معناه الأمير، وضبطه ابن
تغري بردي بكسر الراء.
107

على قاعدة الاعراب، ولما عبر السلطان محمود بن سبكتكين إلى بلاد ما وراء
النهر وجد رأس السلجوقية قوي الشوكة، فاستماله، وخدعه، حتى جاء
إليه، فقبض عليه، واستشار الامراء، فأشار بعضهم بتغريق كبارهم، وأشار
آخرون بقطع إبهاماتهم ليبطل رميهم، ثم اتفق الرأي على تفريقهم في
النواحي، ووضع الخراج عليهم، فتهذبوا، وذلوا، فانفصل منهم ألفا
خركاه (1)، ومضوا إلى كرمان (2)، وملكها يومئذ ابن (3) بهاء الدولة بن عضد
الدولة بن بويه، فأحسن إليهم، ولم يلبث أن مات بعد الأربع مئة (4)،
فقصدوا أصبهان، ونزلوا بظاهرها، وكان صاحبها علاء الدولة (5) بن
كاكويه، فرغب في استخدامهم، فكتب إليه السلطان محمود يأمره
بحربهم، فوقع بينهم مصاف (6)، ثم ترحلوا إلى أذربيجان، وانحاز إخوانهم
الذين بخراسان إلى خوارزم وجبالها، فجهز السلطان جيشا ضايقوهم نحو
سنتين، ثم قصدهم محمود بنفسه، ومزقهم، وشتتهم، فمات وتسلطن ابنه
مسعود (7)، فتألف الذين نزلوا بآذربيجان، فأتاه ألف فارس، فاستخدمهم،
ثم لاطف الآخرين، فأجابوا إلى طاعته، ثم اشتغل بحرب الهند، فإنهم

(1) كلمة فارسية معناها الخيمة الكبيرة. وفي " وفيات الأعيان ": فانفصل منهم ألفا بيت.
(2) قال ياقوت: بفتح فسكون، وربما كسرت، والفتح أشهر بالصحة، وهي ولاية مشهورة
ذات بلاد وقرى ومدن واسعة بين فارس ومكران وسجستان وخراسان... إلى أن قال: وكرمان
أيضا: مدينة بين غزنة وبلاد الهند، وهي من أعمال غزنة.
(3) في الأصل: ابنه وهو خطأ، والمقصود أبو الفوارس بن بهاء الدولة كما في " وفيات
الأعيان " 5 / 64. وانظر ترجمته في " الكامل " 9 / 293 و 320 و 337 - 339 و 346 و 360،
368 وأبوه بهاء الدولة مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (106).
(4) مات سنة تسع عشره وأربع مئة كما في " الكامل " 9 / 368.
(5) هو أبو جعفر بن دشمنزيار المتوفى سنة (433)، انظر أخباره في " الكامل " 9 / 207
و 381 - 383 و 424 - 428 و 495 وغيرها.
(6) انظر " الكامل " 9 / 377، 378 و 473 - 476.
(7) تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (320).
108

خرجوا عليه، فخلت البلاد للسلجوقية، فهاجوا وأفسدوا (1).
هذا كله، والاخوان طغرلبك وجغريبك في أرضهم بأطراف بخارى،
ثم جرت ملحمة بين السلجوقية وبين متولي بخارى، قتل فيها خلق من
الفئتين، ثم نفذوا رسولا إلى السلطان، فحبسه، وجهز جيشه لحربهم،
فالتقوا، فانكسر آل سلجوق، وذلوا، وبذلوا الطاعة لمسعود، وضمنوا له
أخذ خوارزم، فطيب قلوبهم، وانخدع لهم، ثم حشد الاخوان وعبروا إلى
خراسان، وانضم الآخرون إليهم وكثروا، وجرت لهم أمور يطول شرحها إلى
أن استولوا على الممالك، فأخذوا الري في سنة تسع وعشرين وأربع مئة،
وأخذوا نيسابور في سنة ثلاثين، وأخذوا بلخ وغير ذلك (2)، وضعف عنهم
مسعود، وتحيز إلى غزنة، وبقوا في أوائل الامر يخطبون له حتى تمكنوا،
فراسلهم القائم بأمر الله بقاضي القضاة أبي الحسن الماوردي، ثم إن طغرلبك
المذكور عظم سلطانه، وطوى الممالك، واستولى على العراق في سنة سبع
وأربعين (3)، وتحبب إلى الرعية بعدل مشوب بجور، وكان في نفسه ينطوي
على حلم وكرم، وقيل: كان يحافظ على الجماعة، ويصوم الخميس
والاثنين (4)، ويبني المساجد، ويتصدق، وقد جهز رسوله ناصر بن
إسماعيل العلوي إلى ملكة النصارى، فاستأذنها ناصر في الصلاة بجامع
قسطنطينية جماعة يوم جمعة، فأذنت له، فخطب للخليفة القائم، وكان
هناك رسول خليفة مصر المستنصر، فأنكر ذلك (5).

(1) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 63 - 65، و " الكامل ": 9 / 477 - 479.
(2) انظر " الكامل ": 9 / 479 - 484.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 65 - 66، و " الكامل " 9 / 609 - 610.
(4) انظر " الكامل " 10 / 28.
(5) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 66.
109

وذكر المؤيد في " تاريخه " (1) أن في سنة إحدى وأربعين بعث ملك
الروم إلى طغرلبك هدايا وتحفا، والتمس الهدنة، فأجابه، وعمر مسجد
القسطنطينية (2)، وأقام فيها الخطبة لطغرلبك، وتمكن ملكه.
وحاصر بأصبهان صاحبها ابن كاكويه أحد عشر شهرا، ثم أخذها
بالأمان، وأعجبته، ونقل خزائنه من الري إليها (3).
ولما تمهدت البلاد لطغرلبك خطب بنت الخليفة القائم، فتألم
القائم، واستعفى فلم يعف، فزوجه بها (4)، ثم قدم طغرلبك بغداد
للعرس.
وكانت له يد عظيمة على القائم في إعادة الخلافة إليه، وقطع خطبة
المصريين التي أقامها البساسيري (5).
ثم نفذ طغرلبك مئة ألف دينار برسم نقل الجهاز، فعمل العرس في
صفر سنة خمس وخمسين، وأجلست على سرير مذهب، ودخل السلطان
إلى بين يديها، فقبل الأرض، ولم يكشف المنديل عن وجهها، وقدم تحفا
سنية، وخدم وانصرف، ثم بعث إليها عقدين مجوهرين، وقطعة ياقوت
عظيمة، ثم دخل من الغد، فقبل الأرض، وجلس على سرير إلى جانبها

(1) " المختصر " 2 / 169.
(2) في " الكامل ": وعمر ملك الروم الجامع الذي بناه مسلمة بن عبد الملك
بالقسطنطينية...
(3) انظر " الكامل " 9 / 534 و 562 - 563، و " المختصر " 2 / 170، وابن كاكويه هنا
هو أبو منصور بن علاء الدولة بن كاكويه.
(4) انظر " الكامل " 10 / 20 - 21.
(5) انظر تفصيل ذلك في " الكامل " 9 / 640 - 650، و " المختصر " 2 / 177 - 179.
110

ساعة، وخرج، وبعث لها فرجية (1) نسيج مكللة بالجوهر ومخنقة أي قلادة
مثمنة، وسر بها (2). هذا والخليفة في ألم وحزن وكظم، فأما غيره من
الخلفاء الضعفاء فوده لو زوج بنته بأمير من عتقاء السلطان، ثم إن طغرلبك
خلا بها، ولم يمتع بنعيم الدنيا، بل مات في رمضان من السنة بالري سنة
خمس وخمسين، وحمل إلى مرو، فدفن عند أخيه، وقيل: بل دفن
بالري (3)، وعاشت الزوجة الخليفتية إلى سنة ست وتسعين وأربع مئة،
وصار ملكه من بعده إلى ابن أخيه السلطان ألب آرسلان (4).
ولم يرزق طغرلبك ولدا، وعاش سبعين عاما، وكان بيده خوارزم
ونيسابور وبغداد والري وأصبهان، وكان أخوه إبراهيم ينال قد حاربه، وجرت
أمور، وحصل في يده ملك كبير للروم، فبذل في نفسه أموالا عظيمة، فأبى
عليه، فبعث نصر الدولة (5) صاحب الجزيرة وميافارقين يشفع في فكاكه،
فبعثه طغرلبك إلى نصر الدولة بلا فداء، فانتخى ملك الروم، وأهدى إلى
طغرلبك مئتي ألف دينار، وخمس مئة أسير، وألفا وخمس مئة ثوب، ومئة
لبنة فضة، وألف عنز أبيض، وثلاث مئة شهري (6)، وبعث إلى نصر الدولة
تحفا ومسكا كثيرا (7).

(1) الفرجية: ثوب مفرج من أمام، وربما فرج من خلف. معجم " متن اللغة ".
(2) انظر " المنتظم " 8 / 229 - 230، و " الكامل " 10 / 25، و " وفيات الأعيان "
5 / 66 - 67، و " المختصر " 2 / 183.
(3) انظر " وفيات الأعيان ": 5 / 67، والكامل: 9 / 26 - 27، والمختصر: 2 / 183.
(4) وانظر هذه الأخبار في " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 20 - 23 و 26 - 27.
(5) سترد ترجمته برقم (58).
(6) قال في " الأساس ": والبرذون الشهري: بين الرمكة والفرس العتيق.
(7) انظر " الكامل " 10 / 28.
111

53 - ينال *
الملك إبراهيم بن ميكائيل (1) السلجوقي، أحد الابطال المذكورين.
حارب أخلاه طغرلبك، وقهره، وجرت له فصول، ثم انفل جيشه،
وأخذه أخوه أسيرا، وخنقه بوتر مع إخوته سنة إحدى (2) وخمسين وأربع مئة
بنواحي الري.
54 - قتلمش * *
ابن إسرائيل بن سلجوق بن دقاق، الملك شهاب الدولة التركماني
السلجوقي، والد صاحب الروم سليمان (3) بن قتلمش، وما زالت مملكة
إقليم الروم في يد ذريته إلى أن أخذها منهم هولاكو.
كانت لقتلمش قلاع بعراق العجم، عصى على ابن عمه ألب
آرسلان، ثم عملا المصاف بنواحي الري في سنة ست وخمسين، فانحلت
المعركة، فوجد قتلمش ميتا. فيقال: مات خورا ورعبا - فالله أعلم - فلما رآه
ألب آرسلان حزن، وبكى عليه، وجلس للعزاء، فعزاه وزيره نظام الملك (4).

* المنتظم 8 / 202، الكامل لابن الأثير 9 / 639، 640، 645، تتمة المختصر
1 / 548، الوافي بالوفيات 6 / 152، وتحرف اسم " ينال " فيه إلى " نيال " بتقديم النون، البداية
والنهاية 12 / 76، 79، 81، تاريخ الخلفاء: 418.
(1) تحرف في " الوافي بالوفيات " إلى: إبراهيم بن نيال بن سلجق.
(2) أورده ابن الوردي في وفيات سنة (450).
(* *) الكامل لابن الأثير 10 / 36 - 37، مختصر تاريخ دولة آل سلجوق: 30، وفيات
الأعيان 5 / 71، العبر 3 / 240، تتمة المختصر 1 / 558، وفيه (قطلومش)، البداية والنهاية
12 / 90، النجوم الزاهرة 5 / 73، شذرات الذهب 3 / 301.
(3) وسترد ترجمته برقم (232).
(4) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 71، و " الكامل ": 10 / 37، و " مختصر تاريخ دولة آل
سلجوق ": 30.
112

وكان قتلمش يتعانى التنجيم والهذيان.
55 - الكندري *
الوزير الكبير، عميد الملك، أبو نصر، محمد بن منصور بن محمد
الكندري، وزير السلطان طغرلبك.
كان أحد رجال الدهر سؤددا وجودا وشهامة وكتابة (1)، وقد سماه
محمد بن الصابئ في " تاريخه "، وعلي بن الحسن الباخرزي (2) في
" الدمية " (3): منصور بن محمد. وسماه محمد بن عبد الملك الهمذاني:
أبا نصر محمد بن محمد بن منصور.
وكندر: من قرى نيسابور. ولد بها سنة خمس عشرة وأربع مئة.
تفقه وتأدب، وكان كاتبا لرئيس، ثم ارتقى وولي خوارزم، وعظم،
ثم عصى على السلطان، وتزوج بامرأة ملك خوارزم، فتحيل السلطان حتى
ظفر به، وخصاه لتزوجه (4) بها، ثم رق له وتداوى وعوفي، ووزر له (5)،

* دمية القصر 2 / 796 - 813، الأنساب المتفقة: 132، الأنساب: 1 / 483 -
484، المنتظم 8 / 234، 235، اللباب 3 / 114، الكامل لابن الأثير 10 / 31 - 34 وانظر
الفهرس، مختصر تاريخ دولة آل سلجوق: 30 - 31، وفيات الأعيان 5 / 138 - 143، العبر
3 / 240 - 241، تتمة المختصر 1 / 557 - 558، الوافي بالوفيات 5 / 71 - 74، البداية والنهاية
12 / 90، النجوم الزاهرة 5 / 76، شذرات الذهب 3 / 301 - 304، معجم الأنساب والأسرات
الحاكمة: 338.
(1) " الأنساب " 10 / 483.
(2) تصحف في الأصل إلى: التاخرزي بالتاء.
(3) 2 / 796.
(4) في الأصل: لتزويجه.
(5) انظر " الكامل " 10 / 32، وفيه: وقيل: بل أعداؤه أشاعوا عنه أنه تزوجها، فخصى
نفسه ليخلص من سياسة السلطنة، وكذا ذكر ابن خلكان في " وفيات الأعيان " 5 / 141، وانظر
" مختصر تاريخ دولة آل سلجوق " 31.
113

وقدم بغداد، ولقبه القائم سيد الوزراء، وكان معتزليا، له النظم والنثر (1)،
فلما مات طغرلبك، وزر لألب آرسلان قليلا ونكب.
يقال: غنته بنت الأعرابي في جوقها (2)، فطرب، وأمر لها بألفي
دينار، ووهب أشياء، ثم أصبح، وقال: كفارة المجلس أن أتصدق بمثل ما
بذلت البارحة.
وقيل: إنه أنشد عند قتله (3):
إن كان بالناس ضيق عن منافستي (4) * فالموت قد وسع الدنيا على الناس
مضيت والشامت المغبون يتبعني * كل بكأس (5) المنايا شارب حاسي
ما أسعدني بدولة بني سلجوق! أعطاني طغرلبك الدنيا، وأعطاني
ألب آرسلان الآخرة.
ووزر تسع سنين، وأخذوا أمواله، منها ثلاث مئة مملوك. وقتل
صبرا، وطيف برأسه، وما بلغنا عنه كبير إساءة، لكن ما على غضب الملك
عيار. قتل بمرو الروذ في ذي الحجة سنة ست وخمسين وأربع مئة، وله
اثنتان وأربعون سنة (6).
قيل: كان يؤذي الشافعية، ويبالغ في الانتصار لمذهب أبي حنيفة (7).

(1) أورد الباخرزي في " الدمية " 2 / 808 وما بعدها شيئا من نظمه ونثره.
(2) الجوق: الجماعة من الناس. (القاموس).
(3) البيتان في " الكامل " 10 / 32.
(4) في " الكامل " مناقشتي.
(5) في " الكامل ": لكأس.
(6) انظر " الكامل " 10 / 31، و " وفيات الأعيان " 5 / 142، وقد أورده صاحب " النجوم
الزاهرة " في وفيات سنة (457).
(7) ونقل ابن خلكان عن السمعاني في " الذيل " أنه صحب أبا المعالي الجويني إمام
114

ووزر بعده نظام الملك (1).
56 - الريولي *
العلامة ذو الفنون، أبو محمد، القاسم (2) بن الفتح بن محمد بن
يوسف الأندلسي، الفرجي، المالكي. عرف بابن الريولي، من أهالي
مدينة الفرج (3).
روى عن: أبيه، وأبي عمر الطلمنكي، وأبي محمد الشنتجالي (4)،

الحرمين. وهو خلاف ما قاله ابن الأثير. " وفيات الأعيان " 5 / 138. وقال ابن الأثير: وقيل إنه
تاب من الوقيعة في الشافعي. " الكامل " 10 / 33، وفي " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ":
31 أنه فارق التعصب وجمع بين العصابتين.
(1) " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 32، و " وفيات الأعيان " 5 / 142، وسترد
ترجمة نظام الملك في الجزء التاسع عشر برقم (93).
* جذوة المقتبس: 390، الصلة 2 / 470 - 472، بغية الملتمس: 515 - 516،
طبقات المفسرين للسيوطي: 27 - 28، طبقات المفسرين للأدنه وي: ورقة 33 ب، طبقات
المفسرين للداوودي 2 / 37 - 39، نفح الطيب 3 / 423 و 4 / 335.
ونسبته " الريولي " لم ترد هكذا في كتب الأنساب، ووردت في " الجذوة ": الأوريوالي،
وهي نسبة إلى " أوريوالة " ضبطها ابن خلكان بفتح الهمزة وسكون الواو وكسر الراء وضم الياء
المثناة من تحتها وفتح الواو وبعد الألف لام مفتوحة بعدها هاء " وفيات الأعيان " 3 / 107.
ووردت في " معجم البلدان " و " الروض المعطار ": أوريولة، وهي من أعمال مرسية تقع
على بعد 23 كيلو مترا إلى الشمال الشرقي منها، وذكر الحميدي نسبة أخرى وهي " الحجاري ".
أنظرت التعليق الآتي.
(2) أورده الحميدي في " الجذوة " في باب من ذكر بالكنية ولم أتحقق اسمه. وقال:
ويغلب على ظني أن اسمه إسماعيل بن أحمد الحجاري، لأنه موصوف بمثل هذه الصفة، وقد
أدركت زمانه، وذكرناه في بابه. وكذا ذكره الضبي في " البغية " متابعة للحميدي، وزاد: ورأيت
بعضهم قد ذكر أن اسمه القاسم بن الفتح.
(3) هي مدينة بالأندلس بين الجوف والشرق من قرطبة وتعرف بوادي الحجارة " معجم
البلدان " 4 / 247، ولذا وردت نسبته في " الجذوة " و " البغية "، و " نفح الطيب ": الحجاري.
(4) نسبة إلى شنتجالة، ويقال لها أيضا جنجالة: حصن بالأندلس في شمالي مرسية انظر
" معجم البلدان " 3 / 367، و " الروض المعطار ": 347 وورد في " الصلة ": الشنتجيالي.
115

وحج، وأخذ عن أبي عمران الفاسي.
وكان من أوعية العلم، عالما بالحديث، بصيرا بالاختلاف والتفسير
والقراءات، لم يكن يرى التقليد، وله تواليف كثيرة ونظم وبلاغة، وكان
ينطوي على دين وورع، وعفة وتقلل (1).
قال أبو محمد بن صاعد القاضي: كان القاسم بن فتح واحد الناس في
وقته في العلم والعمل، سالكا سبيل السلف في الصدق والورع، متقدما في
علم اللسان وفي القرآن، وأصول الفقه وفروعه، ذا حظ من البلاغة، عديم
النظير (2).
وقال الحميدي (3): هو فقيه مشهور، عالم زاهد، يتفقه بالحديث،
وله أشعار في الزهد.
قلت: مولده في سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
ومات في صفر سنة إحدى وخمسين وأربع مئة، وقد أثنى عليه غير
واحد.
وله:
أيام عمرك تذهب * وجميع سعيك يكتب
ثم الشهيد عليك منك * فأين أين المهرب (4)

(1) انظر " الصلة " 2 / 470 - 471.
(2) المصدر السابق.
(3) في " جذوة المقتبس ": 390.
(4) البيتان في " الصلة " 2 / 472، و " طبقات " الداوودي 2 / 38، وسقط فيهما لفظ
" أين " الثانية فاختل الوزن.
116

57 - الإسكاف *
العلامة الأستاذ، أبو القاسم، عبد الجبار بن علي بن محمد بن
حسكان الأسفراييني، الأصم، المتكلم. عرف بالإسكاف.
أخذ عن: الأستاذ أبي إسحاق الأسفراييني، وغيره، وسمع من
عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وطائفة.
روى عنه: أبو سعيد بن أبي ناصر، وغيره. وقرأ عليه إمام الحرمين
فن الأصول.
وكان ورعا، قانتا، عابدا، زاهدا، مفتيا متبحرا، مبرزا في رأي أبي
الحسن الأشعري (1).
توفي في الثامن والعشرين من صفر سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة.
ذكره ابن عساكر في " طبقات العلماء الأشعرية " (2).
58 - نصر الدولة * *
صاحب ديار بكر وميافارقين، الملك نصر الدولة (3)، أحمد بن مروان

* تبيين كذب المفتري: 265، السياق الورقة 99، طبقات الشافعية لابن الصلاح:
55 / ب، طبقات السبكي 5 / 99 - 100، طبقات الأسنوي 1 / 91، هدية العارفين 1 / 499.
والاسكاف، بالكسر: نسبة لمن يعمل الخفاف. وذكر الأسنوي 1 / 91 أن إسكاف بلدة من
نواحي النهروان. فعلى هذا ينبغي أن تكون نسبته الإسكافي.
(1) انظر " تبيين كذب المفتري ": 265.
(2) انظر مصادر الترجمة.
(* *) المنتظم 8 / 222 - 223، الكامل لابن الأثير 10 / 17 - 18، وفيات الأعيان
1 / 177 - 178، العبر 3 / 299، دول الاسلام 1 / 266، تتمة المختصر 1 / 553، الوافي
بالوفيات 8 / 176 - 177، البداية والنهاية 12 / 87، تاريخ ابن خلدون 316 - 320،
شذرات الذهب 3 / 290 - 291.
(3) في " دول الاسلام " و " تاريخ " ابن خلدون: نصير الدولة.
117

ابن دوستك (1) الكردي.
قتل أخاه منصورا بقلعة الهتاخ (2)، وتمكن، وكانت دولته إحدى
وخمسين سنة.
وكان رئيسا حازما عادلا، مكبا على اللهو، ومع ذا فلم تفته صلاة
الصبح فيما قيل، وكان له ثلاث مئة وستون سرية، يخلو كل ليلة بواحدة،
خلف عدة أولاد، مدحته الشعراء، ووزر له الوزير أبو القاسم ابن المغربي (3) -
صاحب الأدب - مرتين، ثم وزر له فخر الدولة بن جهير، وكان محتشما،
كثير الأموال، نفذ إلى السلطان طغرلبك تقدمة سنية، وتحفا من جملتها
الجبل (4) الياقوت، الذي كان لبني بويه، أخذه بالثمن من ابن جلال
الدولة، وكان من كرمه يبذر القمح من الأهراء للطيور (5).
توفي في شوال سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة، وعاش نحو الثمانين
وتملك بعده ابنه نظام الدولة نصر (6).
فمن أخبار نصر الدولة - والحديث شجون - أن مملكة الموصل ذهبت
من أولاد ناصر الدولة (7) ابن حمدان سنوات، وانضم ولداه إبراهيم وحسين
إلى شرف الدولة (8) ابن عضد الدولة، فكانا من أمرائه، فلما تملك أخوه بهاء

(1) دوست: كلمة فارسية معناها صاحب أو صديق، والكاف علامة التصغير.
(2) قال ياقوت: هي قلعة حصينة في ديار بكر قرب ميافارقين.
(3) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (257).
(4) كذا في الأصل بالجيم، ومثله في " الكامل "، وفي " البداية " و " الوافي ": حبل بالحاء.
(5) انظر " المنتظم " 8 / 222 - 223، و " الكامل " 10 / 17 - 18، و " وفيات الأعيان "
1 / 177. والأهراء، جمع هري بالضم: وهو بيت كبير يجمع فيه طعام السلطان.
(6) " الكامل " 10 / 18، و " وفيات الأعيان " 1 / 178.
(7) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (131).
(8) مرت ترجمة شرف الدولة في الجزء السابع عشر برقم (268) وفيها: مشرف الدولة.
118

الدولة (1)، استأذناه في المسير لاخذ الموصل، فأذن لهما، فقاتلهما
عاملها، فمالت المواصلة إلى الأخوين، فهرب العالم وجنده، ودخل
الاخوان الموصل، فطمع فيهما الأمير باد، صاحب ديار بكر، فالتقاهما،
فقيل: فبادر ابن أخته الأمير أبو علي بن مروان الكردي في سنة ثمانين وثلاث
مئة إلى حصن كيفا (2)، وهناك زوجة باد، فقال لها: قتل خالي، وأنا
أتزوجك، فملكته الحصن وغيره، واستولى على بلاد خاله، وحارب ولدي
ناصر الدولة مرات، وسار إلى مصر، وتقلد من العزيز حلب وأماكن،
ورجع، فوثب عليه شطار آمد (3) بالسكاكين، فقتلوه، وتملك بآمد ابن
دمنة، وقام ممهد الدولة أخو أبي علي، فتملك ميافارقين، فعمل الأمير
شروة له دعوة قتله فيها، واستولى على ممالك بني مروان سنة اثنتين وأربع
مئة، وحبس ممهد الدولة أخاه، وهو أحمد بن مروان صاحب الترجمة لأجل
رؤيا، فإنه رأى الشمس في حجره، وقد أخذها منه أحمد، فأخرجه شروة
من السجن، وأعطاه أرزن (4). هذا كله وأبوهم مروان باق أعمى، مقيم
بأرزن، فتمكن أحمد، وخرجت البلاد عن طاعة شروه، واستولى أحمد
على مدائن ديار بكر، وامتدت أيامه، وأما الموصل فقصدها الأمير أبو الذواد
محمد بن المسيب العقيلي، وحارب، وظفر بصاحبها أبي الطاهر إبراهيم بن
ناصر الدولة، وبأولاده وبجماعة من قواده، فقتلهم، وتملك زمانا (5).

(1) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (106).
(2) قال الفيروزآبادي: وحصن كيفى، كضيزي: بين آمد وجزيرة ابن عمر.
(3) قال ياقوت: هي أعظم مدن ديار بكر وأجلها قدرا وأشهرها ذكرا.
(4) قال ياقوت: هي مدينة مشهورة قرب خلاط، ولها قلعة حصينة، وكانت من أعمر
نواحي أرمينية. وأرزن الروم: بلدة أخرى من بلاد أرمينية أيضا، وأهلها أرمن، وأرزن أيضا:
موضع بأرض فارس قرب شيراز.
(5) انظر هذه الأخبار في " الكامل " 9 / 66، 67، 70 - 74.
119

طالت إمرة ابنه نصر، وتوفي سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة، وتملك
بعده ابنه منصور.
59 - الملك الرحيم *
الملك أبو نصر، خسرو ابن الملك أبي كاليجار ابن الملك سلطان
الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة ابن ركن الدولة ابن بويه.
كان خاتمة ملوك بني بويه الديلم.
انتزع منه السلطان طغرلبك الملك، وأخذه، وسجنه مدة بقلعة الري
بعد [أن] (1) أتى برجليه إليه مستأمنا، فغدر به في سنة سبع وأربعين (2).
وتوفي محبوسا في سنة خمسين وأربع مئة، وكان ضعيف الدولة (3).
60 - الراغب * *
العلامة الماهر، المحقق الباهر، أبو القاسم، الحسين (4) بن محمد

* المنتظم 8 / 164، الكامل لابن الأثير 9 / 573 - 575، و 609 - 613، و 650،
المختصر 2 / 173، 174 و 179، دول الاسلام 1 / 265، العبر 3 / 224، تتمة المختصر
1 / 536، 549، تاريخ ابن خلدون 3 / 459 - 460، شذرات الذهب 3 / 287، معجم
الأنساب والأسرات الحاكمة: 12، 66، 326.
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) انظر " المنتظم " 8 / 164، و " الكامل " 9 / 612، و " المختصر " 2 / 173.
(3) " الكامل " 9 / 650، و " المختصر " 2 / 179.
(* *) تاريخ حكماء الاسلام: 112 - 113، بغية الوعاة 2 / 297، كشف الظنون 1 / 36،
131، 377 وغيرها، روضات الجنات: 249 - 256، هدية العارفين 1 / 311، الذريعة
5 / 45، سفينة البحار 1 / 528، أعيان الشيعة 27 / 220 - 228، الاعلام: 2 / 255.
(4) انفرد السيوطي في " بغية الوعاة " بتسميته: المفضل بن محمد الأصبهاني، وورد في
فهرس الخزانة التيمورية: الحسين بن المفضل بن محمد. وسماه صاحب " كشف الظنون "
بتسمية المؤلف إلا في ص: 881 فسماه الحسين بن علي.
120

ابن المفضل الأصبهاني، الملقب بالراغب، صاحب التصانيف (1).
كان من أذكياء المتكلمين، لم أظفر له بوفاة ولا بترجمة (2).
وكان إن شاء الله في هذا الوقت حيا، يسأل عنه، لعله في " الألقاب "
لابن الفوطي.
61 - الكراجكي *
شيخ الرافضة وعالمهم، أبو الفتح، محمد بن علي، صاحب التصانيف (3).

(1) وقد طبع من تصانيفه كتاب " الذريعة إلى مكارم الشريعة " وهو كتاب جليل كان الامام
الغزالي يحمله معه دائما في رحلاته، وكتاب " المفردات في غريب القرآن " تتبع فيه دوران كل
لفظ في الآيات القرآنية، وأتى بالشواهد عليه من الحديث والشعر، وأورد ما أخذ منه من مجاز
وتشبيه، ورتبه على الألفباء، طبع بتحقيق وضبط محمد سيد كيلاني، وكتاب " تفصيل النشأتين
وتحصيل السعادتين " بمطبعة ثمرات الفنون بيروت 1319، وكتاب " محاضرات الأدباء
ومحاورات الشعراء البلغاء " في جزأين، بضم مختارات من الاخبار والأقوال والاشعار بجمعية
المعارف في القاهرة 1305 ه‍، وطبعت أيضا مقدمة كتابه " جامع التفاسير " الذي لم يكمله،
واستفاد منه الامام البيضاوي في تفسيره. وله من الكتب التي لم تطبع كتاب " الأخلاق " أو
" أخلاق الراغب "، وكتاب " حل متشابهات القرآن "، وكتاب " تحقيق البيان في تأويل القرآن "
و " أفانين البلاغة "، و " أدب الشطرنج "، وكتاب في الاعتقاد.
(2) ذكر السيوطي أنه كان في أوائل المئة الخامسة، وذكر صاحب " كشف الظنون "
1 / 36، أنه توفي سنة نيف وخمس مئة وهو الذي في " سفينة البحار " 1 / 528، وذكر ص:
881 و 1773 أنه توفي سنة (502) ه‍ وهو الذي في " روضات الجنات ": 249، ولم يذكر
البيهقي في " تاريخ حكماء الاسلام " له تاريخ وفاة، وإنما ذكر على هامشه أن وفاته كانت سنة
(402) في أصح الروايات، وفي " فهرس الخزانة التيمورية " 3 / 108 أن وفاته سنة 503 كما
حققه بعض المستشرقين، أما مجلة المجمع العلمي العربي 24 / 275، ففيها أن وفاته كانت سنة
452 ه‍، وهو مقارب لا يراد الذهبي له في هذه الطبقة.
* العبر 3 / 220، مرآة الجنان 3 / 69 - 70، لسان الميزان 5 / 300، شذرات الذهب
3 / 283، الذريعة 4 / 429، روضات الجنات: 579 - 580، هدية العارفين 2 / 70، إيضاح
المكنون 1 / 70، 71، 102، 205، 320، أعيان الشيعة 46 / 160.
(3) في " العبر " 3 / 220: وهو مؤلف كتاب " تلقين أولاد المؤمنين ". وله تصانيف
أخرى، انظرها في " هدية العارفين " 2 / 70.
121

مات بمدينة صور سنة تسع وأربعين وأربع مئة.
62 - ابن أبي شمس *
الشيخ الامام، الفقيه، الرئيس، شيخ القراء، أبو سعد، أحمد بن
إبراهيم بن موسى بن أحمد بن منصور النيسابوري، الشاماتي (1)،
المقرئ. عرف بابن أبي شمس، صاحب تيك الأربعين حديثا.
حدث عن أبي محمد المخلدي، وأبي طاهر بن خزيمة، وأبي بكر
الجوزقي، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن، وأبي القاسم بن حبيب
المفسر، والقاضي أبي منصور الأزدي، لقيه بهراة. وسمع كتاب " الغاية
في القراءات " من أبي بكر بن مهران المؤلف (2).
حدث عنه: أحمد بن محمد بن صاعد القاضي، وزاهر بن طاهر،
وأبو المظفر عبد المنعم بن القشيري، وطائفة.
قال عبد الغافر في " السياق ": شيخ فاضل ثقة، عالم بالقراءات،
متصرف في الأمور، اختاره المشايخ لنيابة الرئاسة بنيسابور مدة، لحسن
كفاءته وفضله بالتوسط بين الخصوم، عقد مجلس الاملاء، وأملى سنين،
ومات في شعبان سنة أربع وخمسين وأربع مئة، وله نحو من ثمانين سنة،
رحمه الله.

* العبر 3 / 231، غاية النهاية 1 / 36، شذرات الذهب 3 / 292.
(1) قال السمعاني: هذه النسبة إلى الشامات، وهو اسم لموضعين، أحدهما اسم لاحد
أرباع نيسابور وهو من الجامع إلى حدود بست طولا، والثاني قرية بالسيرجان من نواحي كرمان.
(2) هو المقرئ أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني النيسابوري، المتوفى سنة
(381) ه‍ وقد تقدمت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (294).
122

62 - أبو طاهر الثقفي *
الشيخ العالم، الثقة، المحدث، مسند أصبهان، أبو طاهر، أحمد
ابن محمود بن أحمد بن محمود الثقفي، الأصبهاني، المؤدب، جد ليحيى بن
محمود الثقفي المتأخر.
ولد سنة ستين وثلاث مئة.
سمع من أبي الشيخ (1)، وحدث عن أبي بكر بن المقرئ، وأبي
أحمد بن جميل، وأبي مسلم عبد الرحمن بن شهدل، وأحمد بن علي
الخلقاني، والحافظ أبي عبد الله بن منده، وطائفة كبيرة.
وعني بهذا الشأن، وارتحل إلى الري، وسمع من جعفر بن فناكي
" مسند " ابن هارون الروياني (2).
قال يحيى بن مندة: سمع كتاب " العظمة " من أبي الشيخ بن
حيان، وكان يقول: سمعت من أبي الشيخ، فلم يظهر سماعه إلا بعد
موته. قال: وهو شيخ صالح ثقة، واسع الرواية، صاحب أصول، حسن
الخط، مقبول، متعصب لأهل السنة، ظهر سماعه ل‍ " مسند " الروياني بعد
موته، وظهر سماعه لكتاب " العظمة " بعد موته بقليل.
قلت: حدث عنه: يحيى بن منده، وسعيد بن أبي الرجاء، ومحمد

* العبر 3 / 234 - 235، الوافي بالوفيات 8 / 165، شذرات الذهب 3 / 296.
(1) هو الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري الأصبهاني المعروف
بأبي الشيخ، توفي سنة (369) ه‍ وهو صاحب كتاب " العظمة " الذي سيرد ذكره بعد قليل، وقد
مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (196).
(2) هو الحافظ أبو بكر محمد بن هارون الروياني المتوفي سنة (307) ه‍، مرت ترجمته
في الجزء الرابع عشر برقم (284).
123

ابن محمد القطان، وسهل بن ناصر الكاتب، والحسين بن عبد الملك
الخلال، وحمد بن الفضل الخواص الحافظ، وخلق.
مات في ربيع الأول سنة خمس وخمسين وأربع مئة.
64 - ابن برهان *
العلامة، شيخ العربية، ذو الفنون، أبو القاسم، عبد الواحد بن
علي بن برهان العكبري (1).
سمع الكثير من: أبي عبد الله بن بطة، ولم يرو عنه.
وذكره الخطيب في " تاريخه " فقال (2): كان مضطلعا بعلوم كثيرة

* تاريخ بغداد 11 / 17، دمية القصر 3 / 1512 - 1514، الاكمال 1 / 246، 247،
نزهة الالبا: 356 - 357، المنتظم 8 / 236 - 237، الكامل لابن الأثير 10 / 42 - 43، إنباه
الرواة 2 / 213، المختصر في أخبار البشر 2 / 185، دول الاسلام 1 / 268، ميزان الاعتدال
2 / 675، العبر 3 / 237 - 238، تلخيص ابن مكتوم: 121 - 122، تتمة المختصر
1 / 559، فوات الوفيات 2 / 414 - 416، مرآة الجنان 3 / 78، البداية والنهاية 12 / 92،
الجواهر المضية 2 / 481 - 482، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 113 - 114، لسان الميزان
4 / 82، النجوم الزاهرة 5 / 75، بغية الوعاة 2 / 120 - 121، طبقات الفقهاء لطاش كبري
زاده: 91، كتائب أعلام الأخيار: رقم 283، الطبقات السنية: رقم 1348، كشف الظنون
1 / 114، شذرات الذهب 3 / 297، الفلاكة والمفلوكين: 117 - 118، الفوائد البهية:
113، هدية العارفين 1 / 634. وبرهان ضبطه ابن ماكولا بفتح الباء كما هو في الأصل.
(1) نسبة إلى عكبرا، بضم العين وفتح الباء الموحدة، وقيل بضمها أيضا. انظر
" الأنساب " 9 / 27، و " معجم البلدان " 4 / 142، و " تبصير المنتبه " 3 / 1017، و " وفيات
الأعيان " 3 / 101.
وهي بلدة على الدجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ من الجانب الشرقي، والنسبة إليها عكبري
وعكبراوي، وقد ورد في " الكامل " و " المختصر " وتتمته و " فوات الوفيات ". الأسدي، نسبة
إلى أسد أحد أجداده.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 17.
124

منها: النحو، والأنساب، واللغة، وأيام العرب والمتقدمين، وله أنس
شديد بعلم الحديث.
وقال ابن ماكولا: هو من أصحاب ابن بطة. وأخبرني أبو محمد بن
التميمي أن أصل ابن بطة ب‍ " معجم " البغوي وقع عنده، وفيه سماع ابن
برهان، وأنه قرأ عليه لولديه.
ثم قال ابن ماكولا: ذهب بموته علم العربية من بغداد، وكان أحد (1)
من يعرف الأنساب، ولم أر مثله، وكان حنفيا، تفقه، وأخذ الكلام عن أبي
الحسين البصري وتقدم فيه، وصار له اختيار في الفقه (2).
وكان يمشي في الأسواق مكشوف الرأس، ولم يقبل من أحد شيئا (3).
مات في جمادى الآخرة سنة ست (4) وخمسين وأربع مئة وقد جاوز
الثمانين.
وكان يميل إلى مذهب مرجئة المعتزلة، ويعتقد أن الكفار لا يخلدون
في النار (5).
وذكره ياقوت في " الأدباء " (6)، فقال: نقلت من خط عبد الرحيم بن
وهبان قال: نقلت من خط أبي بكر بن السمعاني، سمعت المبارك بن

(1) في " الاكمال " وكان آخر.
(2) " الاكمال " 1 / 246، 247.
(3) انظر " المنتظم " 8 / 237، و " الكامل " 10 / 43، و " إنباه الرواة " 2 / 215،
و " المختصر " 2 / 185.
(4) ذكر صاحب " الفوائد البهية " أنه توفي سنة (450) ه‍، وهو مخالف لجميع مصادر
ترجمته.
(5) " المنتظم " 8 / 237، و " الكامل " 10 / 43، و " المختصر " 2 / 185.
(6) لم نجده في المطبوع من " معجم الأدباء ".
125

الطيوري، سمعت أبا القاسم بن برهان يقول: دخلت على الشريف
المرتضى في مرضه وقد حول وجهه إلى الحائط، وهو يقول: أبو بكر وعمر
وليا فعدلا، واسترحما فرحما، أفأنا أقول: ارتدا بعد أن أسلما؟ قال:
فقمنا وخرجت، فما (1) بلغت عتبة الباب حتى سمعت الزعقة عليه.
قلت: حجته في خروج الكفار هو مفهوم العدد من قوله: * (لابثين
فيها أحقابا) * [النبأ: 23] ولا ينفعه ذلك لعموم قوله: * (وما هم بخارجين من
النار) * [البقرة: 167] ولقوله: * (خالدين فيها أبدا) * [النساء: 169] إلى
غير ذلك، وفي المسألة بحث عندي أفردتها في جزء.
ومات معه في سنة ست شمس الأمة الحلوائي (2)، والمحدث أبو
الوليد الدربندي (3)، وقاضي الأندلس أبو القاسم سراج بن عبد الله (4)،
والحافظ عبد العزيز النخشبي (5)، وأبو شاكر القبري ثم القرطبي (6)، وأبو
محمد بن حزم الفقيه (7)، والملك شهاب الدولة قتلمش (8) بن إسرائيل بن
سلجوق صاحب الروم، هو جد ملوك الروم، وأبو الحسين بن
النرسي (9)، وأبو سعيد محمد بن علي النيسابوري الخشاب (10)، والوزير

(1) في الأصل: فلما.
(2) سترد ترجمته برقم (94).
(3) سترد ترجمته برقم (138).
(4) سترد ترجمته برقم (95).
(5) سترد ترجمته برقم (135).
(6) سترد ترجمته برقم (96).
(7) سترد ترجمته برقم (99).
(8) تقدمت ترجمته برقم (54).
(9) تقدمت ترجمته برقم (37).
(10) سترد ترجمته برقم (83).
126

عميد الملك أبو نصر محمد بن منصور الكندري (1)، وزير طغرلبك.
65 - ابن شاهين *
الشيخ المسند، الكبير، أبو حفص، عمر بن أحمد بن محمد بن
حسن بن شاهين الفارسي، الشاهيني، السمرقندي.
سمع في سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة من: أبي بكر محمد بن جعفر
ابن جابر بسماعه من محمد بن الفضل البلخي الواعظ، صاحب قتيبة بن
سعيد. وسمع من أبي علي إسماعيل بن حاجب، صاحب الفربري (2)،
ومن الحافظ أبي سعد الإدريسي، وطائفة.
ذكره أبو سعد السمعاني، فقال (3): روى عنه أهل سمرقند، وله
أوقاف كثيرة، ومعروف. وتوفي في ذي القعدة سنة أربع وخمسين وأربع
مئة.
قلت: عاش نيفا وتسعين سنة.
حدث عنه: علي بن أحمد الصيرفي، وجماعة كانوا أحياء بعد
الخمس مئة، لا أكاد أعرفهم.

(1) تقدمت ترجمته برقم (55).
* الأنساب 7 / 272 (الشاهيني)، اللباب: 2 / 181.
(2) وهو أبو عبد الله محمد بن يوسف راوية " صحيح " البخاري، توفي سنة 320، مرت
ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (5).
(3) " الأنساب ": 7 / 272.
127

66 - أبو حاتم القزويني *
العلامة الأوحد، أبو حاتم، محمود بن حسن (1) الطبري،
القزويني، الشافعي، الفقيه، الأصولي، الفرضي، صاحب التصانيف
الغزيرة في الخلاف والأصول والمذهب (2).
أخذ الأصول عن أبي بكر بن الباقلاني، والفرائض عن ابن اللبان،
والفقه عن الشيخ أبي حامد وجماعة من مشايخ آمل.
قال الشيخ أبو إسحاق (3): لم أنتفع بأحد في الرحلة ما انتفعت به
وبالقاضي أبي الطيب.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، حدثنا أبو
الفرج محمد بن أبي حاتم القزويني إملاء، أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن
أحمد الناتلي (4)، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، حدثنا يونس بن عبد
الاعلى. فذكر حديثا (5).

* طبقات الفقهاء للشيرازي: 130، تبيين كذب المفتري: 260، طبقات الشافعية
لابن الصلاح: الورقة / 75 / أ، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 207، طبقات السبكي 5 / 312 -
314، طبقات الأسنوي 2 / 300 - 301، طبقات ابن هداية الله: 145 - 146، هدية العارفين
2 / 402.
(1) في " طبقات " ابن هداية الله: " الحسين " بدل " الحسن ".
(2) ذكر السبكي من مصنفاته: كتاب " تجريد التجريد " الذي ألفه رفيقه المحاملي. وذكر
صاحب " هدية العارفين " له كتابا آخر وهو " الحيل ".
(3) في " طبقات الفقهاء ": 130.
(4) بنون ومثناة فوقية كما ذكره ابن حجر في " تبصير المنتبه " 1 / 116، وانظر " اللباب "
3 / 286 - 287.
(5) أغفل المؤلف ذكر وفاته، وأغفلها أيضا الشيرازي ولم نجد في " طبقاته " ما نقله عنها
محققا " طبقات " السبكي 5 / 313 أن وفاته سنة 414 أو 415، وأغفلها النووي والسبكي، ونقل
الأسنوي عن المؤلف الذهبي وفاته في حدود سنة 460 ه‍، ونقل عن السمعاني وفاته سنة
440 ه‍ وهو ما ذكره ابن هداية الله.
128

67 - ابن شق الليل *
الشيخ الامام، الحافظ، المجود، الرحال، أبو عبد الله، محمد بن
إبراهيم بن موسى بن عبد السلام الأنصاري، الأندلسي، الطليطلي،
المعروف بابن شق الليل.
حج، ولقي بمكة أحمد بن فراس العبقسي، وعبيد الله السقطي،
وأبا الحسن بن جهضم. وبمصر أبا محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ،
وأبا محمد بن النحاس، وأحمد بن ثرثال، وابن منير الخشاب، وعدة،
وبالأندلس الصاحبين (1) أبا إسحاق بن شنظير، وأبا جعفر بن ميمون، فأكثر
عنهما، وهو أعلى إسنادا منهما، وروى أيضا عن المنذر بن المنذر، وأبي
الحسن بن مصلح.
قال ابن بشكوال (2) وغيره: كان ابن شق الليل فقيها، إماما،
متكلما، عارفا بمذهب مالك، حافظا متقنا، بصيرا بالرجال والعلل، مليح
الخط، جيد المشاركة في الفنون، نحويا، شاعرا مجيدا، لغويا، دينا،
فاضلا، كثير التصانيف (3)، حلو العبارة (4). ولد في حدود سنة ثمانين
وثلاث مئة، وتوفي بمدينة طلبيرة (5) في نصف شعبان سنة خمس

* الصلة 2 / 539 - 540، بغية الملتمس: 57، الوافي بالوفيات 1 / 343، الديباج
المذهب 2 / 263 - 264، بغية الوعاة 1 / 15، نفخ الطيب 2 / 53 - 54، كشف الظنون:
2 / 1452، هدية العارفين 2 / 70.
(1) مرت ترجمتهما في الجزء السابع عشر، الأول برقم (93) والثاني برقم (92).
(2) في " الصلة " 2 / 540.
(3) أورد حاجي خليفة من تصانيفه كتاب " الكرامات وبراهين الصالحين ".
(4) في " الصلة " زيادة: وكانت له عناية بأصول الديانات وإظهار الكرامات.
(5) ضبطت في الأصل بفتح الطاء وسكون اللام، وضبطها ياقوت بفتحهما، وكسر الباء
الموحدة ثم ياء ساكنة وراء مهملة، وهي مدينة كبيرة بالأندلس من أعمال طليطلة.
129

وخمسين (1) وأربع مئة، وله بضع وسبعون سنة.
68 - الحنائي *
الشيخ العالم، العدل، أبو القاسم (2)، الحسين بن محمد بن
إبراهيم بن الحسين الدمشقي، الحنائي، صاحب الاجزاء الحنائيات
العشرة، التي انتقاها له الحافظ عبد العزيز النخشبي.
حدث عن: عبد الوهاب الكلابي، والحسن بن درستويه، وعبد الله
ابن محمد الحنائي، وتمام بن محمد الرازي، وأبي بكر بن أبي الحديد،
ومحمد بن عبد الرحمن القطان، وأبي الحسن بن جهضم، وعدة.
حدث عنه: أبو سعد السمان، وأبو بكر الخطيب، ومكي الرملي،
وأبو نصر بن ماكولا، وسهل بن بشر، وعبد المنعم بن علي الكلابي، وأبو
القاسم النسيب، وأبو طاهر محمد، وأبو الحسين عبد الرحمن، ولداه.
وأبو الحسن بن الموازيني، وطاهر بن سهل الأسفراييني، وعبد الكريم بن
حمزة، وهبة الله بن الأكفاني، وأبو الحسن بن سعيد، وثعلب بن جعفر
السراج، وآخرون.
وكان محدث البلد في وقته.
قال النسيب (3): سألت الشيخ الثقة، الدين الفاضل، أبا القاسم

(1) في " كشف الظنون " و " هدية العارفين " أنه توفي سنة (445) وهو خطأ.
* الاكمال 3 / 60، الأنساب 4 / 244 - 245، العبر 3 / 245، شذرات الذهب
3 / 307، تهذيب تاريخ ابن عساكر 4 / 358.
(2) تحرف في " الأنساب ": إلى أبي عبد الله.
(3) هو أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني الدمشقي صاحب الاجزاء العشرين
التي خرجها له الخطيب، توفي سنة (508) ه‍، وسترد ترجمته في الجزء التاسع عشر.
130

الحنائي المحدث عن مولده، فقال: في سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة (1).
وقال ابن ماكولا (2): كتبت عنه، وكان ثقة، وهو منسوب إلى بيع
الحناء.
قال الكتاني: توفي في جمادى الأولى سنة تسع (3) وخمسين وأربع
مئة. قال: وهو آخر أصحاب ابن درستويه، ودفن على أخيه علي بمقبرة
باب كيسان (4)، وكانت له جنازة عظيمة، ما رأينا مثلها من مدة (5).
69 - صاحب اليمن *
كان من بقايا ملوك اليمن، طفل من آل ابن زياد، الذي استولى
على اليمن بعد المئتين، فدام الامر بيد أولاده أزيد من مئتين وستين سنة (6)،
ودبر الأمور موالي الصبي، كالخادم مرجان، ونجاح الحبشي، ونفيس،
وثلاثتهم من عبيد الوزير حسين النوبي (7)، الذي مر بعد الأربع مئة، وجرت
أمور إلى أن دفن الصبي (8) وعمته السيدة حيين (9). وكانت هذه الدولة
الزيادية في طاعة بني العباس، ويهادونهم، ثم عسكر نجاح، وحارب نفيسا

(1) انظر " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 4 / 358.
(2) " الاكمال " 3 / 60.
(3) في " الأنساب " أنه توفي في حدود سنة خمسين وأربع مئة.
(4) باب كيسان، هو المعروف الآن بباب كنيسة القديس بولص، ويقع في الجنوب
الشرقي لمدينة دمشق، وهو مسدود اليوم.
(5) انظر " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 4 / 358.
* تاريخ ابن خلدون 4 / 214 - 218.
(6) انظر أخبار هذه الدولة في " تاريخ " ابن خلدون 4 / 213 وما بعدها.
(7) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (102).
(8) قيل إن اسمه إبراهيم كما في " العبر " لابن خلدون.
(9) انظر " تاريخ " ابن خلدون 4 / 214.
131

مرات، وتمكن هذا، ودعاة بني عبيد يأتون من مصر، ووراءهم خلائق من
أتباعهم، وزاد الهرج إلى أن ظهر الصليحي (1). وكان الملك نجاح (2) حازما
سائسا، وله عدة أولاد نبلاء. امتدت أيام نجاح الحبشي نحوا من أربعين عاما
فقيل: إن الصليحي أهدى إليه سرية، فسمته في سنة اثنتين وخمسين (3)،
وتملك بعده ابنه سعيد الأحول ثلاث سنين، وغلب الصليحي، فهرب
الأحول إلى الحبشة، ثم أقبل بعد زمان، فقتل الصليحي في سنة ثلاث
وسبعين وأربع مئة، وجرت أمور وعجائب.
70 - البساسيري *
أبو الحارث الملقب بالمظفر، ملك الامراء آرسلان التركي،
البساسيري، نسبة إلى تاجر باعه من أهل فسا. والصواب: فسوي،
فقيلت على غير قياس كعادة العجم.
ترقت به الأحوال إلى أن نابذ الخليفة (4)، وخرج عليه (5)، وكاتب

(1) واسمه أبو الحسن علي بن محمد بن علي الصليحي. سترد ترجمته في هذا الجزء برقم
(173).
(2) انظر ترجمته في " الاعلام " للزركلي 8 / 9.
(3) الخبر في " وفيات الأعيان " 3 / 412 في ترجمة الصليحي.
* المنتظم 8 / 190 - 196 و 201 - 212، الكامل لابن الأثير 9 / 555 - 560،
588، 589، 596، 601 - 602، 607 - 608، 625، 645، 648 - 650، مختصر
تاريخ دولة آل سلجوق: 17، و 18 و 20، وفيات الأعيان: 1 / 192 - 193، المختصر
2 / 177، 179، 180، دول الاسلام 1 / 263، 264 - 266، العبر 3 / 220 - 221،
225 - 226، الوافي بالوفيات 8 / 340، تتمة المختصر 1 / 547 - 549، البداية والنهاية
12 / 83 - 84، شذرات الذهب 3 / 287 - 288، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة:
4 / 66، 205.
(4) القائم بأمر الله، وسترد ترجمته في هذا الجزء برقم (146).
(5) ذكر ابن خلكان في " وفياته " 1 / 192: يقال إنه كان مملوكا من مماليك بهاء الدولة بن
عضد الدولة بن بويه، وأن الخليفة القائم بأمر الله قد قدمه على جميع الأتراك، وقلده الأمور
بأسرها.
132

صاحب مصر المستنصر (1)، فأمده بأموال وسلاح، فأقبل في عسكر قليل،
وتوثب على بغداد، ففر منه القائم، وتذمم بأمير العرب مهارش (2)، وعاث
جمع البساسيري، وأقام الدعوة بالعراق للمستنصر سنة، وقتل الوزير (3)،
وفعل القبائح (4)، حتى أقبل طغرلبك، ونصر الخليفة، ونزح البساسيري،
فاتبعه عسكر، فقاتل حتى قتل - فلله الحمد - قيل: سنة إحدى وخمسين في
ذي الحجة (5).
71 - صاحب غزنة *
السلطان فرخزاد بن السلطان مسعود بن السلطان الكبير محمود بن
سبكتكين.
كان ملكا سائسا، مهيبا شجاعا، متسع الممالك، هجم عليه مماليكه
الحمام، فكان عنده سيفه، فشد عليهم، وسلم، وأدركة الحرس، وقتلوا
أولئك، ثم صار بعد يكثر من ذكر الموت، ويزهد في الدنيا، فأخذه قولنج (6)

(1) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (72).
(2) هو أمير العرب أبو الحارث مهارش بن المجلي العقيلي صاحب الحديثة، المتوفى سنة
(499) ه‍، ستأتي ترجمته برقم (104).
(3) هو رئيس الرؤساء أبو القاسم علي بن الحسن بن المسلمة، سترد ترجمته برقم
(104).
(4) انظر " المنتظم " 8 / 192 وما بعدها، و " المختصر " 2 / 177 - 179، و " الكامل "
9 / 640 وما بعدها.
(5) " المنتظم " 8 / 212، و " الكامل " 9 / 648 - 650، و " مختصر تاريخ دولة آل
سلجوق ": 20، و " وفيات الأعيان " 1 / 192.
* الكامل 10 / 5، تتمة المختصر 1 / 549، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة: 418.
(6) هو مرض معوي مؤلم، يعسر معه خروج الثفل والريح.
133

في سنة إحدى وخمسين وأربع مئة، فمات. وتملك أخوه إبراهيم،
فجاهد، ونشر العدل، وفتح قلاعا من الهند (1).
72 - زهير بن حسن *
ابن علي (2)، العلامة، شيخ الشافعية، أبو نصر السرخسي (3).
ولد بعد السبعين وثلاث مئة.
وسمع من: زاهر بن أحمد السرخسي، وببغداد من أبي طاهر
المخلص، وبالبصرة " السنن " (4) من القاضي أبي عمر الهاشمي.
وتفقه بالشيخ أبي حامد الأسفراييني.
قال أبو سعد السمعاني: لقيت من أصحابه أبا نصر محمد بن أبي
عبد الله بسرخس.
وقد قال بعض الشافعية: ما رأيت تعليقة أحسن من تعليقة زهير عن أبي
حامد الأسفراييني، لازمه ست سنين، توفي في شوال سنة أربع وخمسين

(1) " الكامل " 10 / 5.
* " الأنساب 5 / 56 (الخدامي)، المنتظم 8 / 232، وسقط منه " زهير " اسم
المترجم، اللباب 1 / 425، العبر 3 / 232، مرآة الجنان 3 / 74، طبقات السبكي 4 / 379 -
380، طبقات الأسنوي 2 / 42، البداية والنهاية 12 / 90، كشف الظنون 1 / 171، 293،
شذرات الذهب 3 / 292 - 293، هدية العارفين 1 / 375.
(2) ورد اسمه في " البداية ": زهير بن علي بن الحسن.
(3) وله نسبة أخرى أورده فيها صاحب " الأنساب ". وهي " الخدامي " بكسر الخاء المعجمة
وبالدال المهملة نسبة إلى جده خدام، وقد تصحف في " المنتظم " و " البداية " إلى: حزام،
وتصحفت النسبة في " المنتظم " و " هدية العارفين " إلى: الجذامي، بالجيم والذال المعجمة،
وفي " البداية " إلى " الحزامي " بالحاء المهملة والزاي.
(4) أي " سنن أبي داود ".
134

وأربع مئة وهو في عشر التسعين. وقيل: بل توفي سنة خمس وخمسين
وأربع مئة.
وكان رئيس المحدثين بسرخس.
وفيها (1) مات أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي (2)، وإبراهيم (3) بن
منصور سبط بحرويه، وأبو يعلى الصابوني (4)، ومصنف " العنوان " أبو
الطاهر إسماعيل بن خلف (5) بمصر، والسلطان طغرلبك السلجوقي (6)،
ومحمد بن محمد بن حمدون السلمي (7)، وأبو الخطاب العلاء بن عبد
الوهاب بن حزم الرحال نسيب أبي محمد الفقيه شابا.
73 - ابن بندار *
الامام القدوة، شيخ الاسلام، أبو الفضل، عبد الرحمن بن المحدث
أحمد بن الحسن بن بندار العجلي، الرازي، المكي المولد، المقرئ.
تلا على أبي عبد الله المجاهدي، تلميذ ابن مجاهد، وتلا بحرف ابن

(1) أي في سنة (455).
(2) تقدمت ترجمته برقم (63).
(3) تقدمت ترجمته برقم (33).
(4) تقدمت ترجمته برقم (35).
(5) الأنصاري الأندلسي السرقسطي، وكتابه " العنوان " في القراءات، مترجم في:
" الصلة " 1 / 105، و " معجم الأدباء " 6 / 165 - 167، و " وفيات الأعيان " 1 / 233،
و " معرفة القراء " 1 / 341، و " الوافي بالوفيات " 9 / 116، و " غاية النهاية " 1 / 164.
(6) تقدمت ترجمته برقم (52).
(7) تقدمت ترجمته برقم (45).
* التقييد: الورقة: 50 أ، العبر 3 / 232، تذكرة الحفاظ 3 / 1128، معرفة القراء
الكبار 1 / 335 - 338، غاية النهاية 1 / 361 - 363، النجوم الزاهرة 5 / 71، بغية الوعاة
2 / 75، شذرات الذهب 3 / 293.
135

عامر على مقرئ دمشق علي بن داود الداراني، وتلا ببغداد على أبي
الحسن الحمامي، وجماعة.
وسمع بمكة من أحمد بن فراس، وعلي بن جعفر السيرواني
الزاهد، ووالده أبي العباس بن بندار، وبالري من جعفر بن فناكي.
وببغداد من أبي الحسن الرفاء، وعدة، وبدمشق من عبد الوهاب الكلابي،
وبأصبهان من أبي عبد الله بن مندة، وبالبصرة، والكوفة، وحران، وتستر،
والرها، وفسا، وحمص، ومصر، والرملة، ونيسابور، ونسا، وجرجان،
وجال في الآفاق عامة عمره، وكان من أفراد الدهر علما وعملا.
أخذ عنه: المستغفري (1) أحد شيوخه، وأبو بكر الخطيب، وأبو
صالح المؤذن، ونصر بن محمد الشيرازي، شيخ للسلفي، وأبو علي
الحداد، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق، والحسين بن عبد الملك
الخلال، وأبو سهل بن سعدويه، وفاطمة بنت البغدادي، وخلق. ولحق
بمصر أبا مسلم الكاتب (2).
قال عبد الغافر بن إسماعيل: كان ثقة، جوالا، إماما في القراءات،
أوحد في طريقه، كان الشيوخ يعظمونه، وكان لا يسكن الخوانق، بل
يأوي إلى مسجد خراب، فإذا عرف مكانه نزح، وكان لا يأخذ من أحد
شيئا، فإذا فتح عليه بشئ آثر به (3).
وقال يحيى بن منده: قرأ عليه القرآن جماعة، وخرج من عندنا إلى

(1) هو أبو العباس جعفر بن محمد المستغفري النسفي، المتوفى سنة (342) ه‍. وقد
مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (372).
(2) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (411).
(3) انظر " معرفة القراء الكبار " 1 / 336.
136

كرمان، فحدث بها، وتوفي في بلد أوشير في جمادى الأولى سنة أربع
وخمسين وأربع مئة.
قال: ولد سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة، وهو ثقة، ورع،
متدين، عارف بالقراءات، عالم بالأدب والنحو، هو أكبر من أن يدل عليه
مثلي، وأشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون من العلم، وكان
مهيبا منظورا، فصيحا، حسن الطريقة، كبير الوزن (1).
قال السلفي: سمعت عبد السلام بن سلمة بمرند (2) يقول: اقتدى أبو
الفضل الرازي بالسيرواني شيخ الحرم، وصحب السيرواني أبا محمد
المرتعش (3) صاحب الجنيد.
وقال الخلال: خرج أبو الفضل الامام نحو كرمان، فشيعه الناس،
فصرفهم، وقصد الطريق وحده، وهو يقول:
إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا * كف لمطايانا بذكراك حاديا (4)
قال الخلال: وأنشدني لنفسه:
يا موت ما أجفاك من زائر * تنزل بالمرء على رغمه
وتأخذ العذراء من خدرها * وتأخذ الواحد من أمه
قال السمعاني في " الذيل ": كان مقرئا فاضلا، كثير التصانيف،

(1) انظر " معرفة القراء الكبار " 1 / 337.
(2) قال ياقوت: بفتح أوله وثانيه ونون ساكنة ودال: من مشاهير مدن أذربيجان، بينها وبين
تبريز يومان...
(3) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (87).
(4) البيت مع الخبر في " معرفة القراء الكبار " 1 / 337.
137

حسن السيرة، زاهدا، متعبدا، خشن العيش، منفردا، قانعا، يقرئ
ويسمع في أكثر أوقاته، وكان يسافر وحده، ويدخل البراري (1).
قرأت على إسحاق الأسدي: أخبرنا ابن خليل، أخبرنا خليل بن
بدر، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الدقاق قال: ورد علينا الامام الأوحد أبو
الفضل الرازي - لقاه الله رضوانه، وأسكنه جنانه - وكان إماما من الأئمة
الثقات في الحديث والروايات والسنة والآيات، ذكره يملا الفم، ويذرف
العين، قدم أصبهان مرارا، سمعت منه قطعة صالحة، وكان رجلا مهيبا،
مديد القامة، وليا من أولياء الله، صاحب كرامات، طوف الدنيا مفيدا
ومستفيدا (2).
وقال الخلال: كان أبو الفضل في طريق، ومعه خبز وفانيذ (3)، فأراد
قطاع الطريق أخذه منه، فدفعهم بعصاه، فقيل له في ذلك، فقال: لأنه كان
حلالا، وربما كنت لا أجد مثله (4). ودخل كرمان في هيئة رثة وعليه أخلاق
وأسمال، فحمل إلى الملك، وقالوا: جاسوس. فقال الملك: ما الخبر؟
قال: تسألني عن خبر الأرض أو خبر السماء؟ فإن كنت تسألني عن خبر
السماء ف‍ (كل يوم هو في شأن) [الرحمن: 29]، وإن كنت تسألني عن
خبر الأرض ف‍ (كل من عليها فان) [الرحمن: 26]، فتعجب الملك من
كلامه، وأكرمه، وعرض عليه مالا، فلم يقبله (5).

(1) انظر " معرفة القراء الكبار " 1 / 336.
(2) " معرفة القراء الكبار " 1 / 337.
(3) نوع من الحلواء يعمل بالنشاء معرب بانيذ، وقد تصحفت في " معرفة القراء الكبار "
إلى: القانيد.
(4) " معرفة القراء الكبار " 1 / 337.
(5) " معرفة القراء الكبار " 1 / 338.
138

74 - الحصري *
الأديب، شاعر المغرب، أبو إسحاق، إبراهيم بن علي بن تميم
القيرواني.
وشعره سائر مدون (1). وله كتاب " زهر الآداب " (2)، وكتاب
" المصون في الهوى " (3).
مدح الكبراء.
وتوفي سنة ثلاث وخمسين (4).
وهو ابن خالة الشاعر الشهير أبي الحسن الحصري (5).

* ديوان ابن رشيق: 174 - 175، الذخيرة ق 4 / م 2 / 584 - 597، معجم الأدباء
2 / 94 - 97، وفيات الأعيان 1 / 54 - 55، مسالك الابصار 11 / 309، الوافي بالوفيات
6 / 61، عنوان الأريب 1 / 43، كشف الظنون 1 / 785 و 2 / 957، هدية العارفين 1 / 8،
مقدمة زهر الآداب لمحيي الدين عبد الحميد وأبي الفضل إبراهيم.
والحصري: بضم الحاء وسكون الصاد المهملتين، هذه النسبة إلى عمل الحصر وبيعها.
(1) انظر بعض نظمه في " معجم الأدباء " 2 / 95 - 96، و " الذخيرة " ق 4 / م 2 / 593 -
597، ومنه:
وحبك مالك لحظي ولفظي * وإظهاري وإضماري وحسي
فإن أنطق ففيك جميع نطقي * وإن أسكت ففيك حديث نفسي
(2) واسمه الكامل: " زهر الآداب وثمار الألباب " وقد طبع عدة مرات.
(3) وسماه ابن بسام: " المصون من الدواوين " وسماه ياقوت: " المصون والدرر
المكنون " وسماه ابن خلكان: " المصون في سر الهوى المكنون "، ومنه نسخة بمكتبة شيخ
الاسلام عارف حكمت بالمدينة المنورة وله كتب أخرى أوردتها مصادر ترجمته.
(4) كما قال ابن بسام في " الذخيرة "، وذكر ياقوت أنه توفي سنة 413، وصحح ابن
خلكان القول الأول، فنقل قول القاضي الرشيد بن الزبير أن الحصري المذكور ألف كتاب " زهر
الآداب " في سنة (450) ه‍، وهذا يدل على صحة ما قاله ابن بسام والله أعلم. " وفيات
الأعيان " 1 / 55.
(5) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (16).
139

75 - ابن باديس *
صاحب إفريقية، المعز بن باديس بن منصور بن بلكين (1) بن زيري
ابن مناد الحميري، الصنهاجي، المغربي، شرف الدولة ابن أمير
المغرب.
نفذ إليه الحاكم من مصر التقليد والخلع في سنة سبع وأربع مئة،
وعلا شأنه (2).
وكان ملكا مهيبا، سريا شجاعا، عالي الهمة، محبا للعلم، كثير
البذل، مدحته الشعراء. وكان مذهب الامام أبي حنيفة قد كثر بإفريقية،
فحمل أهل بلاده على مذهب مالك حسما لمادة الخلاف (3)، وكان يرجع
إلى إسلام، فخلع طاعة العبيدية، وخطب للقائم بأمر الله العباسي، فبعث
إليه المستنصر يتهدده، فلم يخفه، فجهز لمحاربته من مصر العرب،
فخربوا حصون برقة وإفريقية، وأخذوا أماكن، واستوطنوا تلك الديار من هذا
الزمان، ولم يخطب لبني عبيد بعدها بالقيروان (4).
قيل: كان مولد المعز في سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة.

* الكامل لابن الأثير 9 / 355، 450، 492، 521، 617، و 10 / 15 - 16،
الحلة السيراء 2 / 21 في سياق ترجمة ابنه تميم، وفيات الأعيان 5 / 233 - 235، البيان المغرب
1 / 267، رحلة التجاني: 17 وما بعدها و 29 وانظر الفهرس، المختصر 2 / 170، 180،
العبر 3 / 233، تتمة المختصر 1 / 513، 552، الوافي خ 26 / 22، تاريخ ابن خلدون
6 / 158 - 159، شذرات الذهب 3 / 294، الخلاصة النقية: 47، إيضاح المكنون 2 / 666،
هدية العارفين 2 / 465.
(1) ضبطت في الأصل بضم الباء وتشديد اللام، وما أثبتناه عن ابن خلكان 1 / 287.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 233.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 233 - 234.
(4) انظر " الكامل " 9 / 521 - 522، و " وفيات الأعيان " 5 / 234.
140

ومات في شعبان سنة أربع (1) وخمسين وأربع مئة، ومرض بالبرص،
ورثاه شاعره الحسن بن رشيق القيرواني (2)، وكان موته بالمهدية (3).
وقام بعده ولده تميم (4) بن المعز.
76 - الجعفري *
عالم الامامية، الشريف أبو يعلى، حمزة بن محمد الهاشمي،
الجعفري. من دعاة الشيعة.
لازم الشيخ المفيد (5)، وبرع في فقههم، وأصولهم، وعلم الكلام،
وزوجه المفيد ببنته، وخصة بكتبه. وأخذ أيضا عن الشريف المرتضى،
وصنف التصانيف، وكان يحتج على حدث القرآن بدخول الناسخ فيه
والمنسوخ، وكان بصيرا بالقراءات.
قال ابن أبي طي في " تاريخ الشيعة ": كان من صالحي طائفته

(1) وفي " الكامل " 10 / 15، و " المختصر " 2 / 180، و " تتمته " 1 / 552 أنه توفي
سنة ثلاث.
(2) سترد ترجمته برقم (148) وانظر مرثيته في مجموع " ديوانه " 137 - 139،
ومطلعها:
لكل حي وإن طال المدى هلك * لا عز مملكة يبقى ولا ملك
(3) انظر " الكامل " 10 / 15، 16، و " وفيات الأعيان " 5 / 234، والمهدية هي مدينة
المسيلة بالمغرب، ويقال لها المحمدية، لأنه اختطها أبو القاسم محمد بن المهدي سنة 315.
انظر " معجم البلدان " 5 / 64 و 130.
(4) ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (164).
* الوافي بالوفيات: خ 11 / 143.
(5) هو الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي الشيعي عالم الشيعة
وصاحب التصانيف الكثيرة. المتوفى سنة (413) ه‍. وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر
برقم (213).
141

وعبادهم وأعيانهم، شيع جنازته خلق عظيم، توفي سنة خمس وستين
وأربع مئة ببغداد.
فأما ما زعمه من حدث القرآن، فإن عنى به خلق القرآن، فهو معتزلي
جهمي، وإن عنى بحدوثه إنزاله إلى الأمة على لسان نبيها صلى الله عليه وسلم، واعترف بأنه
كلام الله ليس بمخلوق، فلا بأس بقوله، ومنه قوله تعالى: * (ما يأتيهم من
ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون) * [الأنبياء: 2]. أي محدث
الانزال إليهم.
77 - البسطامي *
شيخ الشافعية ومحتشمهم، أبو سهل، محمد بن الإمام جمال
الاسلام الموفق هبة الله ابن العلامة المصنف أبي عمر محمد بن الحسين
البسطامي، ثم النيسابوري، زين أهل الحديث.
انتهت إليه زعامة الشافعية بعد أبيه، وكان مدرسا رئيسا، ذكيا،
وقورا، قليل الكلام، مات شابا عن ثلاث وثلاثين سنة.
سمع من النصرويي، وأبي حسان المزكي.
وكانت داره مجمع العلماء، واحتف به الفقهاء رعاية لأبوته، وظهر له
القبول، وشد منه القشيري (1)، وظهر له خصوم وحساد، وحرفوا عنه

* منتخب السياق: 19، طبقات السبكي 4 / 208 - 210 و 3 / 390 - 393، طبقات
الأسنوي 1 / 226، والبسطامي: بفتح الباء كما في الأصل و " الأنساب " نسبة إلى بسطام: بلدة
بقومس. وأما البسطامي، بكسر الباء فهي نسبة إلى الجد بسطام كما في " الأنساب "
و " المشتبة " وجزم ابن الأثير بأن الصواب الكسر مطلقا سواء أكان نسبة إلى البلد أم إلى الجد.
انظر " اللباب " 1 / 152 - 153.
(1) هو أبو القاسم القشيري، وسترد ترجمته برقم (109).
142

السلطان، ونيل من الأشعرية، ومنعوا من الوعظ، وعزلوا من خطابة
نيسابور، وقويت المعتزلة والشيعة، وآل الامر إلى توظيف اللعن في
الجمع، ثم تعدى اللعن إلى طوائف، وهاجت فتنة بخراسان حتى سجن
القشيري، والرئيس الفراتي، وإمام الحرمين، وأبو سهل هذا، وأمر
بنفيهم، فاختفى الجويني، وفر إلى الحجاز من طريق كرمان، فتهيأ أبو
سهل، وجمع أعوانا ومقاتلة، والتقى في البلد هو وأمير البلد، فانتصر أبو
سهل، وجرح الأمير، وعظمت المحنة، وبادر أبو سهل إلى السلطان،
فأخذ، وحبس أشهرا، وصودر، وأخذت ضياعه، ثم أطلق، فحج، ثم
عظم بعد عند ألب آرسلان (1)، وهم بأن يستوزره، فقصد واغتيل إلى رحمة
الله في سنة ست وخمسين، وأظهر عليه أهل نيسابور من الجزع ما لا يعبر
عنه، وندبته النوائح مدة، وأنشدت مراثيه في الأسواق (2).
وقيل: بل بعثه السلطان رسولا إلى بغداد، فمات في الطريق،
وخلف دنيا واسعة.

(1) سترد ترجمته برقم (210) في هذا الجزء.
(2) انظر خبر هذه الفتنة في " طبقات " السبكي 3 / 389 - 393 و 4 / 209 - 210.
143

78 - ابن سيده *
إمام اللغة، أبو الحسن، علي بن إسماعيل (1) المرسي (2)،
الضرير، صاحب كتاب " المحكم " (3) في لسان العرب، وأحد من يضرب
بذكائه المثل.
قال أبو عمر الطلمنكي: دخلت مرسية، فتشبث بي أهلها ليسمعوا
علي " غريب المصنف " (4)، فقلت: انظروا من يقرأ لكم، وأمسك أنا
كتابي، فأتوني بإنسان أعمى يعرف بابن سيده، فقرأه علي كله، فعجبت من
حفظه. قال: وكان أعمى ابن أعمى (5).

* طبقات الأمم الصاعد: 119، جذوة المقتبس: 311 - 312، مطمح الأنفس، القسم
الثاني المنشور في مجلة المورد البغدادي. المجلد العاشر - العدد 3 - 4 - 1981 م بتحقيق هدى
شوكة بهنام من ص: 364 - 366، فهرسة ابن خير: 423، الصلة 2 / 417 - 418، بغية
الملتمس: 418 - 419، معجم الأدباء 12 / 231 - 235، إنباه الرواة 2 / 225 - 227، المغرب في
حلى المغرب 2 / 259، وفيات الأعيان 3 / 330 - 331، المختصر في أخبار البشر 2 / 186، العبر
3 / 243، دول الاسلام 1 / 269، تلخيص ابن مكتوم: 125، تتمة المختصر 1 / 560، مسالك الابصار
ج 4 م 2 / 259 - 260، نكت الهميان: 204 - 205، مرآة الجنان 3 / 83، البداية 12 / 95،
الديباج المذهب 2 / 106 - 107، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 132 - 140، لسان الميزان
4 / 205 - 206، بغية الوعاة 2 / 143، مفتاح السعادة 1 / 114 - 115، نفح الطيب 4 / 27 -
28، كشف الظنون 1 / 691، و 2 / 1616، 1617، شذرات الذهب 3 / 305 - 306، هدية
العارفين 1 / 691.
(1) في بعض المصادر " أحمد " بدل " إسماعيل " وفي بعضها " محمد ".
(2) نسبة إلى مرسية، وهي مدينة في شرق الأندلس.
(3) واسمه الكامل: " المحكم والمحيط الأعظم "، وهو كتاب كبير مشتمل على أنواع
اللغة، وقد رتبه على حروف المعجم. وذكر ياقوت أنه اثنا عشر مجلدا، وقد طبع منه أربعة
مجلدات.
(4) هو لأبي عبيد القاسم بن سلام، المتوفى سنة (224) ه‍. وقد تقدمت ترجمته في
الجزء العاشر برقم (164).
(5) انظر " الصلة " 2 / 417 - 418، و " معجم الأدباء " 12 / 233، و " إنباه الرواة "
2 / 226 - 227، و " وفيات الأعيان " 3 / 330.
144

قلت: وكان أبوه أيضا لغويا، فأخذ عن أبيه، وعن صاعد بن
الحسن.
قال الحميدي (1): هو إمام في اللغة والعربية، حافظ لهما، على أنه
كان ضريرا، وقد جمع في ذلك جموعا، وله مع ذلك حظ في الشعر
وتصرف.
وأرخ صاعد بن أحمد القاضي موته في سنة ثمان وخمسين وأربع مئة،
وقال: بلغ الستين أو نحوها (2).
قال اليسع بن حزم: كان شعوبيا يفضل العجم على العرب (3).
وحط عليه أبو زيد السهيلي في " الروض " (4) فقال: تعثر في
" المحكم " وغيره عثرات يدمى منها الاظل (5)، ويدحض دحضات تخرجه
إلى سبيل من ضل، حتى إنه قال في الجمار: هي التي ترمى بعرفة (6).

(1) " جذوة المقتبس ": 311.
(2) " الصلة " 2 / 418، و " إنباه الرواة " 2 / 227، وقد ذكر قولا آخر في وفاته وهو سنة
(448)، وما ذكره المؤلف هو الصواب، وانظر " وفيات الأعيان " 3 / 330 - 331.
(3) انظر " لسان الميزان " 4 / 206.
(4) هو كتاب " الروض الأنف " في تفسير " السيرة النبوية " لابن هشام، وأبو زيد
السهيلي - ويقال أبو القاسم وأبو الحسن: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الأندلسي النحوي
صاحب التصانيف المتوفى 581 ه‍. انظر " العبر " 4 / 244، و " شذرات الذهب " 4 / 271 -
272.
(5) الاظل: بطن الإصبع.
(6) انظر " الروض الأنف " 2 / 128. وقد اعتذر ابن حجر عن كلامه هذا في " لسان
الميزان " 4 / 205 - 206، فقال بعد أن أورد قول السهيلي، قلت: والغالط في هذا يعذر لكونه
لم يكن فقيها ولم يحج، ولا يلزم من ذلك أن يكون غلط في اللغة التي هي فنه الذي يحقق به من
هذا القبيل.
145

وقال أبو عمرو بن الصلاح: أضرت به ضرارته (1).
قلت: هو حجة في نقل اللغة، وله كتاب " العالم في اللغة "، نحو
مئة سفر، بدأ بالفلك، وختم بالذرة (2). وله " شواذ اللغة "، خمسة
أسفار (3).
وكان منقطعا إلى الأمير مجاهد العامري (4).
79 - ابن مهربزد *
الشيخ العلامة، النحوي، المفسر، المعتزلي، أبو مسلم، محمد
ابن علي بن محمد بن الحسين بن مهربزد الأصبهاني، صاحب " التفسير
الكبير "، الذي هو في عشرين سفرا.
كان آخر من حدث بأصبهان عن أبي بكر بن المقرئ.
قال الحافظ يحيى بن مندة: كان عارفا بالنحو، غاليا في مذهب
الاعتزال.

(1) انظر " لسان الميزان " 4 / 206.
(2) الذرة: النملة الصغيرة.
(3) وله أيضا كتاب " المخصص " وهو كتاب عظيم في اللغة يعد مرجعا في بابه. وقد طبع
في سبعة عشر جزءا في المطبعة الأميرية ببولاق بين عامي 1316 و 1321 ه‍. وله كتب أخرى
انظرها في " معجم الأدباء " 12 / 232 - 233، و " هدية العارفين " 1 / 691.
(4) انظر " جذوة المفتبس ": 311.
* إنباه الرواة 3 / 194 - 195، المغني في الضعفاء 2 / 618، العبر 3 / 245، ميزان
الاعتدال 3 / 655، دول الاسلام 1 / 269، تلخيص ابن مكتوم: 226، مرآة الجنان 3 / 83،
الوافي بالوفيات 4 / 130 - 131، لسان الميزان 5 / 298 - 299، طبقات المفسرين للسيوطي:
32، بغية الوعاة 1 / 188، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 211، شذرات الذهب 3 / 307.
ومهربزد، هكذا رسمت في الأصل بكسر الميم وسكون الهاء وفتح الراء وسكون الباء وضم
الزاي وبعدها دال في " إنباه الرواة " و " بغية الوعاة " و " طبقات المفسرين ": مهرايزد.
146

قال محمد بن عبد الواحد الدقاق: سألته عن مولده، فقال: في سنة
ست وستين وثلاث مئة.
قلت: آخر من حدث عنه المعمر إسماعيل بن علي الحمامي، يروي
عنه نسخة مأمون. وروى عنه ناضر - بضاد معجمة - ابن محمد بن محمد
المديني، وعدد من مشيخة السلفي الصغار.
مات في جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وأربع مئة (1). وتفسيره
كان بمصر للامام الشرف المرسي (2). عاش ثلاثا وتسعين سنة.
وممن يروي عنه: سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، والحسين
الخلال، ومحمد بن حمد الكبريتي.
80 - السروي *
الامام الكبير، شيخ الشافعية، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن
موسى السروي الشافعي، ويقال له: المطهري: نسبة إلى قرية مطهر:
بفتح الهاء الثقيلة (3).
ولد في حدود الستين وثلاث مئة ببلد سارية.

(1) " إنباه الرواة " 3 / 194.
(2) انظر قصة هذا التفسير في " إنباه الرواة " 3 / 194 - 195.
* الأنساب في / 534 / ب (المطهري)، معجم البلدان 5 / 151، اللباب
3 / 226، طبقات الشافعية لابن الصلاح: الورقة 31، الوافي 6 / 122، طبقات السبكي
4 / 263، طبقات الأسنوي 2 / 43.
والسروي: بفتح السين المهملة والراء، وقبل بسكون الراء أيضا هذه النسبة إلى سارية:
مدينة بمازندران (وهي طبرستان)، وربما نسب إليها، فقيل: الساري.
(3) وهي قرية من أعمال سارية بطبرستان، وقد ضبطت الهاء في المطبوع من " معجم
البلدان " بالكسر ضبط قلم.
147

وقدم بغداد وهو من أبناء الثلاثين، فسمع من: أبي حفص الكتاني،
وأبي طاهر المخلص.
وتفقه بالشيخ أبي حامد، وأخذ الفرائض عن ابن اللبان (1).
وروى عنه: مالك بن سنان، وغيره.
وله تصانيف في الأصول والفروع، وولي قضاء سارية، وصار إمام
تلك الناحية.
توفي في صفر سنة ثمان وخمسين وأربع مئة عن مئة عام.
81 - عمر بن منصور *
ابن أحمد بن محمد بن منصور، الامام الحافظ، العالم، محدث ما
وراء النهر، أبو حفص البخاري، البزاز.
سمع أبا علي إسماعيل بن حاجب الكشاني، وأبا نصر أحمد بن محمد
الملاحمي (2)، وأبا الفضل أحمد بن علي السليماني، وأبا نصر أحمد بن
محمد بن حسين الكلاباذي، وإبراهيم بن محمد بن يزداد الرازي،
وطبقتهم.
حدث عنه: الحافظ عبد العزيز النخشبي، ومحمد بن علي بن سعيد

(1) هو أبو الحسين محمد بن عبد الله البصري. المتوفى سنة (402) ه‍. وقد تقدمت
ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (127).
* الأنساب 5 / 188 - 189 (الخنبي)، اللباب 1 / 464 - 465، تذكرة الحفاظ
3 / 1158.
(2) نسبة إلى الملاحم، وقد تصحف في " الأنساب " 5 / 188 إلى الملاجمي بالجيم.
148

المطهري، ومحمد بن عبد الله السرخكتي (1)، وآخرون.
قال الحافظ النخشبي: هو مكثر صحيح السماع، فيه هزل.
قلت: هذا هو سبط المحدث محمد بن أحمد بن خنب (2).
ذكر الحافظ أبو سعد السمعاني أنه توفي بعد سنة ستين وأربع مئة (3).
آخر من حدث عن ركن الاسلام إبراهيم بن إسماعيل بن أبي نصر
الصفاري، شيخ قاضي خان (4).
82 - ابن شمة *
الشيخ الجليل، أبو الطيب، عبد الرزاق بن عمر بن موسى بن شمة -
بالفتح والتخفيف (5) - الأصبهاني، التاجر، راوي كتاب " السنن " لأبي قرة
الزبيدي اليماني عن أبي بكر بن المقرئ.

(1) في الأصل: السرخكي، وهو خطأ، والصواب ما أثبت، نسبة إلى سرخكت، بزيادة
مثناة بعد الكاف، وهي بليدة بغرجستان سمرقند كما في " الأنساب " 7 / 70، و " اللباب "
2 / 112 - 113، و " تبصير المنتبه " 2 / 732. وأما السرخكي فهي نسبة إلى سرخك: قرية
بنيسابور.
(2) ولذا أورده السمعاني عند نسبة " الخنبي " نسبة إلى جده خنب هذا.
(3) " الأنساب " 5 / 189، وقد أورده الذهبي في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1158 في وفيات
سنة (461) ه‍.
(4) هو القاضي أبو بكر محمد بن عبدا لباقي بن محمد الأنصاري البغدادي الحنبلي البزاز،
المتوفى سنة (535) ه‍، وسترد ترجمته في الجزء العشرين برقم (12).
* التقييد: الورقة / 145 / 2، الاستدراك 2 / ورقة / 62، تذكرة الحفاظ 3 / 1135،
العبر 3 / 242، تبصير المنتبه 2 / 789، شذرات الذهب 3 / 305.
(5) وقد ضبطت في الأصل بفتح الشين وكسرها، وكتب فوقها: معا. وقد وردت في
" تبصير المنتبه " 2 / 789: شمة " هكذا " بالكسر، وقيل بالفتح، والميم مفتوحة، وقد
تصحفت في " العبر " إلى سمه بالسين المهملة، وتحرفت في " الشذرات " إلى " شماسة ".
149

حدث عنه: سعيد بن أبي الرجاء، وغانم بن خالد التاجر، والحسين
ابن عبد الملك، وآخرون.
مات في سنة ثمان وخمسين وأربع مئة، وقد قيده بعضهم شمة
بالكسر كسمة. وكذا وجد بخط أبي العلاء العطار.
83 - الصفار الخشاب *
الامام المحدث، المفيد، الثقة، أبو سعيد، محمد بن علي بن
محمد بن أحمد بن حبيب النيسابوري، الخشاب، الصفار.
ولد سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
وسمع من: أبي محمد المخلدي، وأبي الحسين الخفاف،
والحاكم، وأبي عبد الرحمن (1)، وابن محمش (2)، وخلق سواهم. وعني
بهذا الشأن.
قال عبد الغافر في " سياق نيسابور ": كان محدثا مفيدا، من
خواص خدم أبي عبد الرحمن السلمي، وكان صاحب كتب، صار بندار (3)
كتب الحديث بنيسابور، وأكثر أقرانه سماعا وأصولا، رزقه الله الاسناد

* الأنساب 5 / 120 (الخشاب)، العبر 3 / 240، تذكرة الحفاظ 4 / 1154، الوافي
4 / 136، شذرات الذهب 3 / 301.
والصفار، بفتح الصاد وتشديد الفاء، وفي آخرها الراء، هذه اللفظة تقال لمن يبيع الأواني
الصفرية (أي النحاسية).
(1) هو الإمام أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، المتوفى سنة (412) ه‍. وقد
تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (152).
(2) هو العلامة أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، المتوفى سنة (414) ه‍.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (169).
(3) أي: الجامع لكتب الحديث بنيسابور.
150

العالي، وجمع الأبواب، وأسمع الصبيان، وهو من بيت حديث وصلاح.
حدثني ثقة أن أبا سعيد أظهر سماعه من أبي طاهر بن خزيمة بعد وفاة أبي
عثمان الصابوني، فتكلم أصحاب الحديث فيه، وما رضوا ذلك منه - والله
أعلم بحاله - وأما سماعه من غيره، فصحيح، وقد أجاز لي مروياته، وأخبرنا
عنه جماعة منهم الوالد، وأبو صالح المؤذن، وأبو سعد بن رامش.
قلت: آخر من حدث عنه زاهر الشحامي.
توفي في ذي القعدة سنة ست وخمسين وأربع مئة.
وفيها مات قاضي الجماعة سراج بن عبد الله (1)، وأبو الوليد الحسن
ابن محمد الدربندي (2)، وعبد العزيز بن محمد النخشبي (3)، والعلامة أبو
القاسم عبد الواحد بن برهان (4)، وأبو شاكر عبد الواحد بن محمد
القبري (5)، وأبو محمد بن حزم الظاهري (6)، وأبو الحسين محمد بن أحمد
ابن النرسي (7)، وعميد الملك الكندري الوزير (8).
أخبرنا ابن عساكر، عن أبي روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا محمد بن
علي الخشاب، أخبرنا الحسن بن أحمد، حدثنا أبو العباس السراج، حدثنا
قتيبة، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة

(1) سترد ترجمته برقم (95).
(2) سترد ترجمته برقم (138).
(3) سترد ترجمته برقم (135).
(4) تقدمت ترجمته برقم (64).
(5) سترد ترجمته برقم (96).
(6) سترد ترجمته برقم (99).
(7) تقدمت ترجمته برقم (37).
(8) تقدمت ترجمت برقم (55).
151

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا كل ليلة،
فيقول: أنا الملك، أنا الملك... " وذكر الحديث (1).
84 - التأني *
الشيخ المحدث المأمون، أبو الفتح، منصور بن الحسين بن علي
ابن القاسم بن محمد بن رواد الأصبهاني، التأني، صاحب أبي بكر بن
المقرئ (2).
قال يحيى بن منده في " تاريخه ": كان صاحب أصول، كتب
الحديث، وكان من أروى الناس عن ابن المقرئ (3).

(1) وتمامة " من ذا الذي يدعوني، فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني، فأعطيه؟ من ذا
الذي يستغفرني فأغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يضئ الفجر " وأخرجه مسلم (758) (169) في
صلاة المسافرين: باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والاجابة فيه من طريق قتيبة بهذا
الاسناد. وأخرجه مالك 1 / 214، ومن طريقه البخاري (1145) و (6321) و (7494) ومسلم
(758) وأبو داود (1315) والترمذي (3498) وأحمد 8 / 487، والبيهقي في الأسماء والصفات
ص 316 وفي السنن 3 / 2، وابن أبي عاصم عن ابن شهاب الزهري، عن أبي عبد الله الأغر وأبي
سلمة (492)، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء
الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من
يستغفرني فأغفر له " وأخرجه أحمد 2 / 264 و 267، والدارمي 1 / 347 وابن ماجة (1366) من
طرق عن ابن شهاب به، وله طرق أخرى عن أبي هريرة عند أحمد 1 / 120 و 258 و 282 و 419 و
433 و 509 و 521، والترمذي (446) والبيهقي في الأسماء والصفات ص 316، 317،
والدارمي 1 / 348، والطيالسي (2516) وابن أبي عاصم (498) وفي الباب عن غير واحد من
الصحابة.
* الاستدراك 1 / ورقة 48 أ، العبر 3 / 224، تبصير المنتبه 1 / 115، شذرات الذهب
3 / 287.
والتأني: بالتاء المثناة الفوقية وبعدها ألف ثم نون، هذه النسبة إلى " التناية " وهي
الدهقنة، ويقال لصاحب الضياع والعقار: التأني. وانظر تعليق العلامة اليماني رحمه الله على
" الأنساب " 3 / 13، و " الاكمال " 1 / 576 - 578.
(2) تقدم التعريف به في الصفحة 97 ت 7.
(3) " الاستدراك " 1 / ورقة / 48 / 1.
152

وقال ابن نقطة: روى " معجم " ابن المقرئ، و " مسند " أبي
حنيفة جمع ابن المقرئ، روى عنه هذين الكتابين سعيد بن أبي الرجاء
الصيرفي.
قلت: وروى عنه كتاب " تهذيب الآثار " لأبي جعفر الطحاوي (1)،
إسماعيل بن الإخشيذ السراج، بسماعه من ابن المقرئ، وقد روى السلفي
عن جماعة من أصحاب التأني.
مات في ذي الحجة سنة خمسين وأربع مئة.
85 - ابن عبد البر *
الامام العلامة، حافظ المغرب، شيخ الاسلام، أبو عمر، يوسف بن
عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري (2)، الأندلسي، القرطبي،
المالكي، صاحب التصانيف الفائقة.

(1) هو الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، المتوفى سنة (321) ه‍،
وقد تقدمت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (15).
* جمهرة أنساب العرب: 302، جذوة المقتبس: 367 - 369، مطمح الأنفس:
القسم الثاني المنشور في مجلة المورد البغدادية - المجلد العاشر - العدد 3 - 4، 1981 بتحقيق
هدى شوكة بهنام ص: 367 - 369، ترتيب المدارك 4 / 808 - 810، فهرسة ابن خير:
214، الصلة 2 / 677 - 679، وفيات الأعيان 7 / 66 - 72، المختصر في أخبار البشر
2 / 187 - 188، العبر 3 / 255، دول الاسلام 1 / 273، المشتبه 1 / 117، تذكرة الحفاظ
3 / 1128 - 1132، تتمة المختصر 1 / 564، مرآة الجنان 3 / 89، البداية 12 / 104، الديباج
المذهب 2 / 367 - 370، القاموس المحيط مادة (نمر)، طبقات الحفاظ: 432 - 433،
كشف الظنون 1 / 12، 43، 78، 81، 142، شذرات الذهب 3 / 314 - 316، تاج
العروس 3 / 586 مادة (نمر)، روضات الجنات 4 / 239 - 240، إيضاح المكنون 2 / 266،
هدية العارفين 2 / 550 - 551، الرسالة المستطرفة: 15، شجرة النور 1 / 119.
(2) قال ابن خلكان: النمري، بفتح النون والميم وبعدها راء، هذه النسبة إلى النمر بن
قاسط، بفتح النون وكسر الميم، وإنما تفتح الميم في النسبة خاصة، وهي قبيلة كبيرة مشهورة.
153

مولده في سنة ثمان وستين وثلاث مئة في شهر ربيع الآخر. وقيل: في
جمادى الأولى. فاختلفت الروايات في الشهر عنه.
وطلب العلم بعد التسعين وثلاث مئة، وأدرك الكبار، وطال عمره،
وعلا سنده، وتكاثر عليه الطلبة، وجمع وصنف، ووثق وضعف، وسارت
بتصانيفه الركبان، وخضع لعلمه علماء الزمان، وفاته السماع من أبيه الامام
أبي محمد (1)، فإنه مات قديما في سنة ثمانين وثلاث مئة، فكان فقيها عابدا
متهجدا، عاش خمسين سنة، وكان قد تفقه على التجيبي (2)، وسمع من
أحمد بن مطرف، وأبي عمر بن حزم المؤرخ.
نعم وابنه صاحب الترجمة أبو عمر. سمع من: أبي محمد عبد الله
ابن محمد بن عبد المؤمن " سنن " أبي داود، بروايته عن ابن داسة (3)،
وحدثه أيضا عن إسماعيل بن محمد الصفار، وحدثه ب‍ " الناسخ
والمنسوخ " لأبي داود، عن أبي بكر النجاد، وناوله (4) " مسند " أحمد بن
حنبل بروايته عن القطيعي، نعم، وسمع من المعمر محمد بن عبد الملك
ابن ضيفون (5) أحاديث الزعفراني بسماعه من ابن الأعرابي عنه، وقرأ عليه
" تفسير " محمد بن سنجر في مجلدات، وقرأ على أبي القاسم عبد الوارث

(1) انظر ترجمة أبي محمد والد صاحب الترجمة في " جذوة المقتبس " 256 - 257،
" ترتيب المدارك " 4 / 556، " الصلة " 1 / 242 - 243، " بغية الملتمس ": 336.
(2) في الأصل: أفتجيبي وهو إسحاق بن إبراهيم بن مسرة أبو إبراهيم التجيبي، المتوفى
سنة 354 ه‍، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (61).
(3) هو أبو بكر محمد بن بكر بن محمد البصري التمار المعروف بابن داسه، المتوفى سنة
(346) ه‍ وقد مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (317).
(4) تقدم تعريف المناولة في الجزء العاشر ص: 213 - 214، وانظر " شرح ألفية
الحديث " للسخاوي 2 / 101، و " شرح ألفية السيوطي ": 133 - 135.
(5) تصحفت في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1128 إلى: صيفون (بالصاد المهملة).
154

ابن سفيان " موطأ " ابن وهب بروايته عن قاسم بن أصبغ، عن ابن وضاح،
عن سحنون، وغيره، عنه. وسمع من سعيد بن نصر - مولى الناصر لدين
الله - " الموطأ " وأحاديث وكيع، يرويها عن قاسم بن أصبغ، عن القصار،
عنه. وسمع منه في سنة تسعين وثلاث مئة كتاب " المشكل " (1) لابن قتيبة،
وقرأ عليه " مسند " الحميدي وأشياء. وسمع من أبي عمر أحمد بن محمد بن
أحمد بن الجسور " المدونة ". وسمع من خلف بن القاسم بن سهل الحافظ
تصنيف عبد الله بن عبد الحكم، وسمع من الحسين بن يعقوب البجاني.
وقرأ على عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الوهراني " موطأ " ابن القاسم،
وقرأ على أبي عمر الطلمنكي أشياء، وقرأ على الحافظ أبي الوليد بن الفرضي
" مسند " مالك، وسمع من يحيى بن عبد الرحمن بن وجه الجنة، ومحمد
ابن رشيق المكتب (2)، وأبي المطرف عبد الرحمن بن مروان القنازعي،
وأحمد بن فتح بن الرسان، وأبي عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن
الباجي، وأبي عمر أحمد بن عبد الملك بن المكوي، وأحمد بن القاسم
التاهرتي، وعبد الله بن محمد بن أسد الجهني، وأبي حفص عمر بن
حسين بن نابل، ومحمد بن خليفة الامام، وعدة.
حدث عنه: أبو محمد بن حزم، وأبو العباس بن دلهاث الدلائي،
وأبو محمد بن أبي قحافة، وأبو الحسن بن مفوز، والحافظ أبو علي
الغساني، والحافظ أبو عبد الله الحميدي، وأبو بحر سفيان بن العاص،
ومحمد بن فتوح الأنصاري، وأبو داود سليمان بن أبي القاسم نجاح، وأبو

(1) هو كتاب " تأويل مشكل القرآن " المعروف.
(2) المكتب، بضم الميم وسكون الكاف وكسر التاء، يقال لمن يعلم الصبيان الخط
والأدب. " اللباب ".
155

عمران موسى بن أبي تليد، وطائفة سواهم. وقد أجاز له من ديار مصر أبو
الفتح بن سيبخت (1)، صاحب البغوي، وعبد الغني بن سعيد الحافظ،
وأجاز له من الحرم أبو الفتح عبيد الله السقطي، وآخر من روى عنه بالإجازة
علي بن عبد الله بن موهب الجذامي.
قال الحميدي (2): أبو عمر فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات
وبالخلاف، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، يميل في الفقه إلى
أقوال الشافعي.
وقال أبو علي الغساني: لم يكن أحد ببلدنا في الحديث مثل قاسم بن
محمد، وأحمد بن خالد الجباب. ثم قال أبو علي: ولم يكن ابن عبد البر
بدونهما، ولا متخلفا عنهما، وكان من النمر بن قاسط، طلب وتقدم، ولزم
أبا عمر أحمد بن عبد الملك الفقيه، ولزم أبا الوليد بن الفرضي، ودأب في
طلب الحديث، وافتن به، وبرع براعة فاق بها من تقدمه من رجال
الأندلس، وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه والمعاني له بسطة كبيرة
في علم النسب والاخبار، جلا عن وطنه، فكان في الغرب مدة، ثم تحول
إلى شرق الأندلس، فسكن دانية، وبلنسية، وشاطبة (3)، وبها توفي (4).
وذكر غير واحد أن أبا عمر ولي قضاء أشبونة مدة (5).

(1) ضبطت في الأصل بفتح السين، وضبطها الحافظ ابن حجر بكسر السين، انظر
" تبصير المنتبه " 2 / 696.
(2) " جذوة المقتبس ": 367.
(3) قال ياقوت: هي مدينة في شرقي الأندلس، وشرقي قرطبة، وهي مدينة كبيرة قديمة،
يجوز أن يقال إن اشتقاقها من الشطبة وهي السعفة الخضراء الرطبة.
(4) انظر " الصلة " 2 / 678، و " وفيات الأعيان " 7 / 66 - 67.
(5) وممن ذكر ذلك ابن خلكان 7 / 67. وأشبونة، ويقال لشبونة: هي عاصمة البرتغال
اليوم.
156

قلت: كان إماما دينا، ثقة، متقنا، علامة، متبرحا، صاحب سنة
واتباع، وكان أولا أثريا ظاهريا فيما قيل، ثم تحول مالكيا مع ميل بين إلى
فقه الشافعي في مسائل، ولا ينكر له ذلك، فإنه ممن بلغ رتبة الأئمة
المجتهدين، ومن نظر في مصنفاته، بان له منزلته من سعة العلم، وقوة
الفهم، وسيلان الذهن، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولكن إذا أخطأ إمام في اجتهاده، لا ينبغي لنا أن ننسى محاسنه، ونغطي
معارفه، بل نستغفر له، ونعتذر عنه.
قال أبو القاسم بن بشكوال (1): ابن عبد البر إمام عصره، وواحد
دهره، يكنى أبا عمر، روى بقرطبة عن خلف بن القاسم، وعبد الوارث بن
سفيان، وسعيد بن نصر، وأبي محمد بن عبد المؤمن، وأبي محمد بن
أسد، وجماعة يطول ذكرهم. وكتب إليه من المشرق السقطي، والحافظ
عبد الغني، وابن سيبخت، وأحمد بن نصر الداوودي، وأبو ذر الهروي،
وأبو محمد بن النحاس.
قال أبو علي بن سكرة: سمعت أبا الوليد الباجي يقول: لم يكن
بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد البر في الحديث، وهو أحفظ أهل
المغرب (2).
وقال أبو علي الغساني: ألف أبو عمر في " الموطأ " كتبا مفيدة
منها: كتاب " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " فرتبه على
أسماء شيوخ مالك، على حروف المعجم، وهو كتاب لم يتقدمه أحد

(1) " الصلة " 2 / 677.
(2) " الصلة " 2 / 677، 678، و " وفيات الأعيان " 7 / 66.
157

إلى مثله، وهو سبعون جزءا (1).
قلت: هي أجزاء ضخمة جدا.
قال ابن حزم: لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله فكيف أحسن
منه (2)؟.
ثم صنع كتاب " الاستذكار لمذهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ
من معاني الرأي والآثار " (3)، شرح فيه " الموطأ " على وجهه، وجمع كتابا
جليلا مفيدا وهو " الاستيعاب في أسماء الصحابة " (4)، وله كتاب " جامع
بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله " (5)، وغير ذلك من تواليفه.
وكان موفقا في التأليف، معانا عيه، ونفع الله بتواليفه، وكان مع
تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه ومعاني الحديث له بسطة كبيرة في علم
النسب والخبر (6).
وذكر جماعة أن أبا عمر ولي قضاء الاشبونة وشنترين (7) في مدة المظفر
ابن الأفطس (8).

(1) " الصلة " 2 / 678، و " وفيات الأعيان " 7 / 67. وهذا الكتاب يطبع منذ سنوات عدة
في المغرب، وقد صدر منه عشرة أجزاء.
(2) " الصلة " 2 / 678، و " بغية الملتمس ": 490.
(3) وقد طبع منه الجزء الأول في القاهرة عام 1971 م.
(4) وقد طبع على هامش كتاب " الإصابة "، ونشر أيضا مستقلا.
(5) وقد نشر في القاهرة عدة مرات.
(6) انظر " الصلة " 2 / 678 - 679.
(7) شنترين مركبة من شنت ورين، وهي مدينة غربي الأندلس بينها وبين قرطبة خمسة عشر
يوما. انظر " معجم البلدان ".
(8) انظر " وفيات الأعيان ": 7 / 67، وسترد ترجمة المظفر المشار إليه برقم (314).
158

ولأبي عمر كتاب " الكافي في مذهب مالك " (1). خمسة عشر
مجلدا، وكتاب " الاكتفاء في قراءة نافع وأبي عمرو "، وكتاب " التقصي في
اختصار الموطأ "، وكتاب " الانباه عن قبائل الرواة "، وكتاب " الانتقاء
لمذاهب الثلاثة العلماء مالك وأبي حنيفة والشافعي "، وكتاب " البيان في
تلاوة القرآن "، وكتاب " الأجوبة الموعبة "، وكتاب " الكنى "، وكتاب
" المغازي "، وكتاب " القصد والأمم في نسب العرب والعجم "،
وكتاب " الشواهد في إثبات خبر الواحد "، وكتاب " الانصاف في أسماء
الله "، وكتاب " الفرائض "، وكتاب " أشعار أبي العتاهية " (2)، وعاش
خمسة وتسعين عاما.
قال أبو داود المقرئ: مات أبو عمر ليلة الجمعة سلخ ربيع الآخر،
سنة ثلاث وستين وأربع مئة، واستكمل خمسا وتسعين سنة وخمسة أيام،
رحمه الله.
قلت: كان حافظ المغرب في زمانه.
وفيها مات حافظ المشرق أبو بكر الخطيب (3)، ومسند نيسابور أبو

(1) وقد طبع في جزأين، بتحقيق وتقديم الدكتور محمد محمد أحيد ولد ماديك
الموريتاني، ونشرته مكتبة الرياض الحديثة باسم " كتاب الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ".
(2) طبع من هذه الكتب: " التقصي لحديث الموطأ أو تجريد التمهيد "، " الانباه عن
قبائل الرواة "، رسالة طبعت مع كتاب " القصد والأمم "، " الانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء "،
وديوان أبي العتاهية بروايته.
وطبع له أيضا مما لم يذكره المؤلف كتاب " الانصاف فيما في بسم الله من الخلاف ".
وكتاب " بهجة المجالس وأنس المجالس " في ثلاثة أجزاء، وقد جمع فيه من الأمثال السائرة،
والأبيات النادرة، والحكم البالغة، والحكايات الممتعة في فنون كثيرة وأنواع جمة مما انتهى إليه
حفظه، وضمته روايته و " التمهيد لما في الموطأ من الأسانيد " وهو أجود كتبه، وأوعبها طبعت منه
عشرة مجلدات وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية بالمملكة المغربية.
(3) سترد ترجمته برقم (137).
159

حامد أحمد بن الحسن الأزهري الشروطي (1)، عن تسع وثمانين سنة،
وشاعر الأندلس الوزير أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن
زيدون المخزومي القرطبي (2)، ورئيس خراسان أبو علي حسان بن سعيد
المخزومي المنيعي (3) واقف الجامع المنيعي بنيسابور، وشاعر القيروان أبو
علي الحسن بن رشيق الأزدي (4)، ومسند هراة أبو عمر عبد الواحد بن أحمد
المليحي (5)، ومسند بغداد أبو الغنائم محمد بن علي بن علي بن الدجاجي
المحتسب (6)، ومسند مرو أبو بكر محمد بن أبي الهيثم عبد الصمد
الترابي (7)، وله ست وتسعون سنة، والمسند أبو علي محمد بن وشاح
الزينبي مولاهم البغدادي.
وقيل: إن أبا عمر كان ينبسط إلى أبي محمد بن حزم، ويؤانسه، وعنه
أخذ ابن حزم فن الحديث.
قال شيخنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، كان أبو عمر أعلم من بالأندلس
في السنن والآثار واختلاف علماء الأمصار.
قال: وكان في أول زمانه ظاهري المذهب مدة طويلة، ثم رجع إلى
القول بالقياس من غير تقليد أحد، إلا أنه كان كثيرا ما يميل إلى مذهب
الشافعي. كذا قال. وإنما المعروف أنه مالكي.

(1) سترد ترجمته برقم (127).
(2) سترد ترجمته برقم (116).
(3) سترد ترجمته برقم (134).
(4) سترد ترجمته برقم (148).
(5) سترد ترجمته برقم (128).
(6) سترد ترجمته برقم (132).
(7) سترد ترجمته برقم (124).
160

وقال الحميدي (1): أبو عمر فقيه حافظ، مكثر، عالم بالقراءات
وبالخلاف وعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، لم يخرج من
الأندلس، وكان يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي.
قلت: وكان في أصول الديانة على مذهب السلف، لم يدخل في علم
الكلام، بل قفا آثار مشايخه رحمهم الله.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الحافظ، أخبرنا علي بن هبة الله
الخطيب، أخبرنا أبو القاسم الرعيني، أخبرنا أبو الحسن بن هذيل، أخبرنا
أبو داود بن نجاح قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، أخبرنا سعيد بن نصر،
حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا محمد بن وضاح، حدثنا يحيى بن يحيى،
حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة،
عن أبيه، عن جده قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في اليسر
والعسر، والمنشط والمكره، وأن لا ننازع الامر أهله، وأن نقول أو نقوم
بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم.
وأخبرناه عاليا بدرجات إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا عبد الله بن
أحمد، أخبرنا أبو الفضل المبارك بن المبارك السمسار بقراءتي سنة 561،
أخبرنا أبو عبد الله بن طلحة، أخبرنا عبد الواحد بن محمد، حدثنا الحسين
ابن إسماعيل، حدثنا أحمد بن إسماعيل المدني، حدثنا مالك. فذكره.
أخرجه البخاري (2)، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك.

(1) " جذوة المقتبس ": 367، وقد سبق للمؤلف أن أورد هذا القول في أول الترجمة.
(2) رقم (7055) و (7199) في الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: سترون بعدي أمورا
تنكرونها، وباب كيف يبايع الامام الناس، وهو في " الموطأ " 2 / 445، 446 في الجهاد: باب
الترغيب في الجهاد، وأخرجه من طرق عن عبادة مسلم (1079) (41) (43) (44) في الحدود:
باب الحدود كفارات لأهلها، والنسائي 7 / 137 و 138 و 139 في أول البيعة، وابن ماجة
(2866)، وأحمد 3 / 444 و 5 / 314 و 316 و 319، والطيالسي 2 / 167، وابن أبي عاصم
(1029) و (1030) و (1031) (1032) و (1034) و (1035) والخطيب في " تاريخه "
1 / 376، 377، والبيهقي 8 / 145.
161

كتب إلي القاضي أبو المجد عبد الرحمن بن عمر العقيلي، أخبرنا
عمر بن علي بن قشام الحنفي بحلب، أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن
محمد الأشيري (1)، أخبرنا أبو الحسن بن موهب، أخبرنا يوسف بن
عبد الله الحافظ، أخبرنا خلف بن القاسم، حدثنا الحسن بن رشيق،
حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس، حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا
سلمة بن رجاء، عن الوليد بن جميل، عن القاسم، عن أبي أمامة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله وملائكته، وأهل السماوات والأرض، حتى
النملة في جحرها، وحتى الحوت في البحر، ليصلون على معلم الخير ".
تفرد به الوليد، وليس بمعتمد (2).
أنبأنا عدة، عن أمثالهم، عن أبي الفتح بن البطي، عن محمد بن
أبي نصر الحافظ، عن ابن عبد البر، حدثنا محمد بن عبد الملك، حدثنا
أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا إبراهيم العبسي، عن وكيع، عن الأعمش
قال: حدثنا أبو خالد الوالبي قال: كنا نجالس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،

(1) قال ابن الأثير: بفتح الهمزة وكسر الشين المعجمة وسكون الياء، وبعدها راء، هذه
النسبة إلى أشير: حصن بالمغرب.
(2) قال الحافظ في " التقريب ": صدوق يخطئ، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي
(2685) في العلم، والطبراني (7911) و (7912) وابن عبد البر في جامع بيان العلم ص 38،
كلهم من طريق الولد بن جميل بهذا الاسناد، وأورده الضياء المقدسي في " المختارة " وله شاهد
يتقوى به من حديث أبي الدرداء عند أحمد 5 / 196، وأبى داود (3641) والترمذي (2684)
والدارمي 1 / 98 وابن ماجة (223) وابن حبان (88) وآخر من حديث جابر عند الطبراني في
" الأوسط " كما في " المجمع " 1 / 124.
162

فيتناشدون الاشعار، ويتذاكرون أيام الجاهلية (1).
قال ابن الأبار (2) في " الأربعين " له: وفي " التمهيد " يقول مؤلفه:
سمير فؤادي مذ ثلاثون حجة * وصيقل ذهني والمفرج عن همي
بسطت لكم فيه كلام نبيكم * بما في معانيه من الفقه والعلم
وفيه من الآثار ما يقتدى به * إلى البر والتقوى وينهى عن الظلم
86 - البيهقي *
هو الحافظ العلامة، الثبت، الفقيه، شيخ الاسلام، أبو بكر، أحمد

(1) إبراهيم العبسي: هو ابن عثمان أبو شيبة الكوفي قاضي واسط متروك الحديث كما في
" التقريب " وأخرج أحمد 5 / 91، ومسلم (670) في المساجد: باب فضل الجلوس في مصلاه
بعد صلاة الصبح من طريقين عن سماك بن حرب قال: سألت جابر بن سمرة: أكنت تجالس
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كثيرا، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى
تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس، قام، فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويبتسم،
وكانوا يتحدثون. وهو في سنن النسائي 3 / 80، 81، وفي رواية لأحمد، شهدت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر
من مئة مرة في المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، فربما تبسم
معهم، ولابن أبي شيبة بسند حسن فيما قاله الحافظ في " الفتح " 10 / 540 عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن، قال: لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منحرفين ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الاشعار
في مجالسهم، ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحدهم على شئ دارت حماليق عينيه، ومن
طريق عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: كنت أجالس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي في المسجد،
فيتناشدون الاشعار، ويذكرون حديث الجاهلية.
(2) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي، المعروف بابن الأبار،
المتوفى سنة (658) ه‍ صاحب كتاب " الحلة السيراء ".
* الأنساب 2 / 381، تبيين كذب المفتري: 265 - 267، المنتظم 8 / 242، معجم
البلدان 1 / 538، و 2 / 370، منتخب السياق، 30، الكامل لابن الأثير 10 / 52، اللباب
1 / 202، طبقات الشافعية لابن الصلاح: الورقة 32 ب، المبهمات للنووي ورقة 35 أ، أسماء
الرجال للطيبي ورقة 47 أ، وفيات الأعيان 1 / 75، 76، المختصر في أخبار البشر 2 / 185،
186، تذكرة الحفاظ 2 / 1132 - 1135، العبر 3 / 242، دول الاسلام 1 / 269، تتمة
المختصر 1 / 559، 560، الوافي بالوفيات 6 / 354، طبقات السبكي 4 / 8 - 16، طبقات
الأسنوي 1 / 198 - 200، البداية 12 / 94، النجوم الزاهرة 5 / 77، 78، طبقات الحفاظ:
433، 434، مفتاح السعادة 2 / 143، طبقات ابن هداية الله: 159، 160، كشف الظنون
1 / 9، 53، 175، 261، شذرات الذهب 3 / 304، 305، روضات الجنات: 69،
70، هدية العارفين 1 / 78، الرسالة المستطرفة: 33.
163

ابن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي (1)، الخراساني. وبيهق:
عدة قرى من أعمال نيسابور على يومين منها.
ولد في سنة أربع وثمانين وثلاث مئة في شعبان.
وسمع وهو ابن خمس عشرة سنة من: أبي الحسن محمد بن الحسين
العلوي، صاحب أبي حامد بن الشرقي، وهو أقدم شيخ عنده، وفاته
السماع من أبي نعيم الأسفراييني، صاحب أبي عوانة، وروى عنه بالإجازة
في البيوع، وسمع من الحاكم أبي عبد الله الحافظ، فأكثر جدا، وتخرج
به، ومن أبي طاهر بن محمش الفقيه، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني،
وأبي علي الروذباري، وأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي بكر بن فورك
المتكلم، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي، والقاضي أبي بكر الحيري،
ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبي سعيد الصيرفي، وعلي بن محمد بن
السقا، وظفر بن محمد العلوي، وعلي بن أحمد بن عبدان، وأبي
سعد أحمد بن محمد الماليني الصوفي، والحسن بن علي المؤملي،
وأبي عمر محمد بن الحسين البسطامي، ومحمد بن يعقوب الفقيه،
بالطابران (2)، وخلق سواهم. ومن أبي بكر محمد بن أحمد بن منصور،
بنوقان. وأبي نصر محمد بن علي الشيرازي، ومحمد بن محمد بن أحمد

(1) بضم الخاء المعجمة وسكون السين المهملة وفتح الراء (وضمها ياقوت) وسكون الواو
وكسر الجيم وفي آخرها دال مهملة، هذه النسبة إلى خسروجرد، وهي قرية من ناحية بيهق،
وكانت قصبتها. " الأنساب " 5 / 116.
(2) هي إحدى مدينتي طوس وأكبرهما، والاخرى نوقان. انظر " معجم البلدان " 3 / 4.
164

ابن رجاء الأديب، وأحمد بن محمد الشاذياخي، وأحمد بن محمد بن
مزاحم الصفار، وأبي نصر أحمد بن علي بن أحمد الفامي، وإبراهيم بن
محمد الطوسي الفقيه، وإبراهيم بن محمد بن معاوية العطار، وإسحاق بن
محمد بن يوسف السوسي، والحسن بن محمد بن حبيب المفسر، وسعيد
ابن محمد بن محمد بن عبدان، وأبي الطيب الصعلوكي، وعبد الله بن
محمد المهرجاني (1)، وعبد الرحمن بن أبي حامد المقرئ، وعبد الرحمن
ابن محمد بن بالويه، وعبيد بن محمد بن مهدي، وعلي بن محمد بن
علي الأسفراييني، وعلي بن محمد السبعي، وعلي بن حسن الطهماني،
ومنصور بن الحسين المقرئ، ومسعود بن محمد الجرجاني، وهؤلاء
العشرون من أصحاب الأصم (2). وسمع ببغداد من هلال بن محمد بن
جعفر الحفار، وعلي بن يعقوب الأيادي، وأبي الحسين بن بشران،
وطبقتهم. وبمكة من الحسن بن أحمد بن فراس، وغيره. وبالكوفة من
جناح بن نذير القاضي، وطائفة.
وبورك له في علمه، وصنف التصانيف النافعة، ولم يكن عنده " سنن
النسائي "، ولا " سنن ابن ماجة "، ولا " جامع أبي عيسى "، بلى عنده عن
الحاكم وقر بعير أو نحو ذلك، وعنده " سنن أبي داود " عاليا، وتفقه على
ناصر العمري، وغيره.
وانقطع بقريته مقبلا على الجمع والتأليف، فعمل " السنن الكبير " في

(1) بكسر الميم، وقد ذكر ابن الأثير في " اللباب " 3 / 274 أن هذه النسبة إلى شيئين،
أحدهما مدينة إسفراين، لقبها والد كسرى أنو شروان بالمهرجان لحسنها وخضرتها وصحة
هوائها. والثاني: نسبة إلى الجد.
(2) هو مسند العصر أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف الأموي مولاهم النيسابوري،
المتوفي سنة 346 ه‍. مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (258).
165

عشر مجلدات (1)، ليس لأحد مثله، وألف كتاب " السنن والآثار " في أربع
مجلدات (2)، وكتاب " الأسماء والصفات " في مجلدتين (3)، وكتاب
" المعتقد " مجلد، وكتاب " البعث " مجلد، وكتاب " الترغيب والترهيب "
مجلد، وكتاب " الدعوات " مجلد، وكتاب " الزهد " مجلد، وكتاب
" الخلافيات " ثلاث مجلدات، وكتاب " نصوص الشافعي " مجلدان،
وكتاب " دلائل النبوة " أربع مجلدات (4)، وكتاب " السنن الصغير " مجلد
صخم، وكتاب " شعب الايمان " مجلدان (5)، وكتاب " المدخل إلى
السنن " مجلد، وكتاب " الآداب " مجلد، وكتاب " فضائل الأوقات "
مجيليد، وكتاب " الأربعين الكبرى " مجيليد، وكتاب " الأربعين
الصغرى "، وكتاب " الرؤية " جزء، وكتاب " الاسراء " (6) وكتاب " مناقب
الشافعي " مجلد (7)، وكتاب " مناقب أحمد " مجلد، وكتاب " فضائل

(1) وقد طبع في الهند بمطبعة دائرة المعارف النظامية في حيدر أباد سنة 1344 - 1355 ه‍
في عشر مجلدات، وفي ذيله " الجوهر النقي " للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني
الشهير بابن التركماني، المتوفي سنة 745 ه‍.
(2) ويسمى أيضا " معرفة السنن والآثار " وقد طبع الجزء الأول منه بتحقيق السيد أحمد صقر
في مصر نشر المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية، لجنة إحياء أمهات كتب السنة.
(3) طبع في حيدر آباد بالهند عام 1333 ه‍ في مجلد واحد، ثم أعيد طبعه في القاهرة في
مطبعة السعادة عام 1358 ه‍ بتعليق العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثري.
(4) توجد منه عدة أجزاء في دار الكتب المصرية، انظر فهرس المخطوطات المصورة،
الجزء الثاني، القسم الأول ص 133، 134.
(5) توجد نسخة منه في ثلاث مجلدات في مكتبة أحمد الثالث برقم 499 حديث وعندنا منه
نسخة مصورة. وقد اختصره عدة علماء، منهم الإمام أبو القاسم عمر بن عبد الرحمن القزويني
الشافعي المتوفى سنة 699 ه‍، وهو مختصر لطيف جدا اقتصر فيه على ذكر الشعب، مع إيراد
دليل من الكتاب والسنة على كل شعبة وهو مطبوع.
(6) ورد اسمه في " طبقات " السبكي: الاسرى، وفي " هدية العارفين ": الاسرار.
(7) نشرته مكتبة دار التراث بالقاهرة عام 1971 م في مجلدين بتحقيق السيد أحمد صقر.
166

الصحابة " مجلد، وأشياء لا يحضرني ذكرها (1).
قال الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل في " تاريخه ": كان البيهقي على
سيرة العلماء، قانعا باليسير، متجملا في زهده وورعه (2).
وقال أيضا، هو أبو بكر الفقيه، الحافظ الأصولي، الدين الورع،
واحد زمانه في الحفظ، وفرد أقرانه في الاتقان والضبط، من كبار أصحاب
الحاكم، ويزيد على الحاكم بأنواع من العلوم، كتب الحديث، وحفظه من
صباه، وتفقه وبرع، وأخذ فن الأصول، وارتحل إلى العراق والجبال
والحجاز، ثم صنف، وتواليفه تقارب ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد،
جمع بين علم الحديث والفقه، وبيان علل الحديث، ووجه الجمع بين
الأحاديث، طلب منه الأئمة الانتقال من بيهق إلى نيسابور، لسماع الكتب،
فأتى في سنة إحدى وأربعين وأربع مئة، وعقدوا له المجلس لسماع كتاب
" المعرفة " (3) وحضره الأئمة (4).
قال شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن البيهقي، حدثنا أبي قال: حين
ابتدأت بتصنيف هذا الكتاب - يعني كتاب المعرفة في السنن والآثار " -
وفرغت من تهذيب أجزاء منه، سمعت الفقيه محمد بن أحمد (5) - وهو من
صالحي أصحابي وأكثرهم تلاوة وأصدقهم لهجة - يقول: رأيت الشافعي -

(1) منها " المبسوط في فروع الشافعية " قال في " كشف الظنون " 2 / 1582: وهو من
أعظم كتبه قدرا، وأبسطها علما، يكون في عشرين مجلدا - ا ه‍. وله رسالة مطبوعة في دلهي
بالهند باسم: " القراءة خلف الإمام ".
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 266، 267.
(3) أي " معرفة السنن والآثار ".
(4) انظر " تبيين كذب المفتري ": 266.
(5) في " تبيين كذب المفتري ": سمعت الفقيه أبا محمد أحمد بن أبي علي...
167

رحمه الله - في النوم، وبيده أجزاء من هذا الكتاب، وهو يقول: قد كتبت
اليوم من كتاب الفقيه أحمد سبعة أجزاء - أو قال: قرأتها -. ورآه يعتد
بذلك. قال: وفي صباح ذلك اليوم رأى فقيه آخر من إخواني الشافعي قاعدا
في الجامع على سرير وهو يقول: قد استفدت اليوم من كتاب الفقيه حديث
كذا وكذا (1).
وأخبرنا أبي قال: سمعت الفقيه أبا محمد الحسن بن أحمد
السمرقندي الحافظ يقول: سمعت الفقيه محمد بن عبد العزيز المروزي
يقول: رأيت في المنام كأن تابوتا علا في السماء يعلوه نور، فقلت: ما
هذا؟ قال: هذه تصنيفات أحمد البيهقي. ثم قال شيخ القضاة: سمعت
الحكايات الثلاثة من الثلاثة المذكورين (2).
قلت، هذه رؤيا حق، فتصانيف البيهقي عظيمة القدر، غزيرة
الفوائد، قل من جود تواليفه مثل الامام أبي بكر، فينبغي للعالم أن يعتني
بهؤلاء سيما " سننه الكبير "، وقد قدم قبل موته بسنة أو أكثر إلى نيسابور،
وتكاثر عليه الطلبة، وسمعوا منه كتبه، وجلبت إلى العراق والشام
والنواحي، واعتنى بها الحافظ أبو القاسم الدمشقي، وسمعها من أصحاب
البيهقي، ونقلها إلى دمشق هو وأبو الحسن المرادي.
وبلغنا عن إمام الحرمين أبي المعالي الجويني قال: ما من فقيه شافعي
إلا وللشافعي عليه منة إلا أبا بكر البيهقي، فإن المنة له على الشافعي
لتصانيفه في نصرة مذهبه (3).

(1) " تبيين كذب المفتري ": 267.
(2) المصدر السابق.
(3) " تبيين كذب المفتري " 266، و " وفيات الأعيان " 1 / 76، و " المختصر في أخبار
البشر " 2 / 186.
168

قلت: أصاب أبو المعالي، هكذا هو، ولو شاء البيهقي أن يعمل
لنفسه مذهبا يجتهد فيه، لكان قادرا على ذلك، لسعة علومه، ومعرفته
بالاختلاف، ولهذا تراه يلوح بنصر مسائل مما صح فيها الحديث. ولما
سمعوا منه ما أحبوا في قدمته الأخيرة، مرض، وحضرت المنية، فتوفي في
عاشر شهر جمادى الأولى، سنة ثمان وخمسين (1) وأربع مئة، فغسل
وكفن، وعمل له تابوت، فنقل ودفن ببيهق، وهي ناحية قصبتها خسروجرد،
هي محتده، وهي على يومين من نيسابور، وعاش أربعا وسبعين سنة.
ومن الرواة عنه شيخ الاسلام أبو إسماعيل الأنصاري، بالإجازة،
وولده إسماعيل بن أحمد، وحفيده أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن
أحمد، وأبو زكريا يحيى بن مندة الحافظ، وأبو عبد الله محمد بن الفضل
الفراوي، وزاهر بن طاهر الشحامي، وأبو المعالي محمد بن إسماعيل
الفارسي، وعبد الجبار بن عبد الوهاب الدهان، وعبد الجبار بن محمد
الخواري (2)، وأخوه عبد الحميد بن محمد الخواري، وأبو بكر عبد
الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن البحيري النيسابوري، المتوفى سنة
أربعين وخمس مئة، وطائفة سواهم.
ومات معه أبو الطيب عبد الرزاق بن عمر بن شمة الأصبهاني (3)،
صاحب ابن المقرئ، وإمام اللغة أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيدة (4)،
وشيخ الحنابلة القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء البغدادي (5).

(1) تفرد ياقوت بذكر وفاته سنة أربع وخمسين. انظر " معجم البلدان " 1 / 538.
(2) نسبة إلى خوار: قرية من أعمال بيهق من نواحي نيسابور " معجم البلدان " 3 / 394.
(3) تقدمت ترجمته برقم (82).
(4) تقدمت ترجمته برقم (78).
(5) تقدمت ترجمته برقم (40).
169

أخبرنا الشيخ أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد سماعا، عن
زينب بنت عبد الرحمن، أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي، أخبرنا أبو
بكر البيهقي، أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد،
أخبرنا أبو بكر بن حجة، حدثنا أبو الوليد، حدثنا عمرو بن العلاء
اليشكري، عن صالح بن سرج (1)، عن عمران بن حطان، عن عائشة
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة، فيلقى من
شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط " (2). غريب جدا.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا زين الامناء الحسن بن محمد،
ومحمد بن عبد الوهاب بن الشيرجي، وابن غسان قالوا: أخبرنا علي بن
الحسن الحافظ، أخبرنا أبو القاسم المستملي، أخبرنا أحمد بن الحسين
البيهقي، أخبرنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا ابن الأعرابي، حدثنا ابن أبي
الدنيا، حدثني أبو علي المدائني، حدثنا فطر بن حماد بن واقد، حدثنا
أبي: سمعت مالك بن دينار يقول: يقولون: مالك زاهد! أي زهد عند
مالك وله جبة وكساء؟ إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز، أتته الدنيا فاغرة
فاها، فأعرض عنها.
87 - حيدرة *
ابن الحسين، الأمير المؤيد، نائب دمشق للمستنصر، من كبار الدولة.

(1) في الأصل " شريح " وهو خطأ، والتصويب من " الجرح والتعديل " 4 / 405، وانظر
" الاكمال " 4 / 289، و " تبصير المنتبه " 2 / 679.
(2) صالح بن سرج لم يوثقه غير ابن حبان على عادته في توثيق المجاهيل، وهو في
" المسند " 6 / 75، وصحيح ابن حبان (1563) من طريقين عن عمرو بن العلاء بهذا الاسناد.
* تاريخ ابن القلانسي: 85، تهذيب تاريخ دمشق 5 / 24، معجم الأنساب والأسرات
الحاكمة: 45.
170

ولي سنة إحدى وأربعين وأربع مئة، ودام تسع سنين ثم صرف، ثم
ولي سنة ثلاث وخمسين، ثم عزل بعد عامين ببدر الجمالي (1) - ذكره ابن
عساكر مختصرا - ثم فر بدر من البلد بعد سنة، فوليه حيدرة (2) بن منزو (3)
الكتامي، عرف بحصن الدولة، فقدم في رمضان سنة ست، ثم عزل بعد
شهرين (4)، وولي دري المستنصري.
88 - الكازروني *
الامام الأوحد، شيخ الشافعية، أبو عبد الله، محمد بن بيان (5) بن
محمد الكازروني، المقرئ، فقيه أهل آمد.
حدث عن: أحمد بن الحسين بن الصياح البلدي، والقاضي أبي
عمر الهاشمي، وابن رزقويه (6)، وابن أبي الفوارس (7). وقرأ القرآن على
الحمامي (8)، أو غيره.

(1) ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (294).
(2) سترد ترجمة ولده معلى بن حيدرة برقم (263).
(3) كذا ذكره هنا، وذكره في ترجمة معلى: " منزه " بالهاء بدل الواو.
(4) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 5 / 25.
* طبقات السبكي 4 / 122، 123، طبقات الأسنوي 2 / 347، كشف الظنون 1 / 1
هدية العارفين 2 / 71. والكازروني نسبة إلى كازرون بتقديم الزاي وآخره نون: مدينة بفارس بين
البحر وشيراز.
(5) بالموحدة والياء المثناة التحتية، وقد تصحف في " طبقات " الأسنوي و " كشف الظنون "
إلى " بنان " بالنون بدل الياء المثناة التحتية وقال في " هدية العارفين ": بالنون وقيل بالياء المثناة.
(6) هو الإمام أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزق البغدادي المتوفى سنة 412 ه‍. مرت
ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (155).
(7) هو أبو الفتح محمد بن أحمد بن محمد بن فارس البغدادي المتوفى سنة 412 ه‍.
مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (133).
(8) هو مقرئ العراق أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر البغدادي المتوفى سنة 417 ه‍،
مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (265).
171

ارتحل إليه الفقيه نصر المقدسي، وتفقه عليه. وقرأ عليه القرآن أبو
علي الفارقي الفقيه.
وحدث عنه: أبو غانم عبد الرزاق المعري (1)، وعبد الله بن الحسن
النحاس، وإبراهيم بن فارس، وآخرون.
وحدث بدمشق، قدمها للحج.
قال ابن عساكر: حدثني ضبة بن أحمد أنه لقيه، وسمع منه.
قال ابن النجار: توفي سنة خمس وخمسين وأربع مئة (2).
89 - الخضري *
الامام العلامة، أبو عبد الله، محمد بن أحمد الخضري (3) - منسوب
إلى بعض أجداده - المروزي، الشافعي، صاحب القفال المروزي (4).

(1) تصحفت في " طبقات " السبكي إلى " العدي ".
(2) وله كتاب " الإبانة " في فقه الشافعي، كما في " كشف الظنون "، و " طبقات " الأسنوي
و " هدية العارفين ".
* طبقات العبادي 96، الاكمال 3 / 252، الأنساب 5 / 141، اللباب 1 / 451،
تهذيب الأسماء واللغات 2 / 276، وفيات الأعيان 4 / 215، 216، الوافي بالوفيات 2 / 72،
73، طبقات السبكي 3 / 100 - 101، طبقات الأسنوي 1 / 469، تبصير المنتبه 2 / 504،
طبقات ابن هداية الله: 109، شذرات الذهب 3 / 82.
(3) بكسر الخاء وسكون الضاد المعجمتين كما في الأصل، و " الاكمال "، و
" التبصير "، قال السمعاني: والصحيح في هذه النسبة الخضري بفتح الخاء وكسر الضاد، ولكن
لما ثقل عليهم قالوا: الخضري. وجعلها ابن خلكان نسبة إلى الخضر في إحدى اللغتين، قال:
وأما من يقول: الخضر [ككبد]، فقياسه أن يقال: الخضري بفتح الضاد، كما قالوا في النسبة
إلى نمرة: نمري، وهو باب مطرد لا يخرج عنه شئ.
(4) وكذا ذكر ابن خلكان، فقال: وكان [أي الخضري] من أعيان تلامذة أبي بكر القفال
الشاشي ا ه‍. أما السبكي، فقال: وما أرى القفال إلا من المتفقهة عليه [أي على الخضري] وطالما
قال القفال: سألت أبا زيد، وسألت الخضري. انظر " الطبقات " 3 / 100.
172

كان من أساطين المذهب، يضرب بذكائه وقوة حفظه المثل، وإذا
حفظ شيئا لا يكاد ينساه، وهو صاحب وجه في المذهب، له وجوه غريبة
نقلها الخراسانيون، وقد نقل أن الشافعي صحح دلالة الصبي على
القبلة (1).
وكان موثقا في نقله، وله خبرة بالحديث.
عاش نيفا وسبعين سنة، وكان حيا في حدود الخمسين إلى الستين
وأربع مئة (2).
90 - ابن أبي الطيب *
الامام العلامة، المفسر الأوحد، أبو الحسن، علي بن أبي الطيب،
عبد الله بن أحمد النيسابوري.
له تفسير في ثلاثين مجلدا، وآخر في عشرة، وضعه في ثلاث
مجلدات. وكان يملي ذلك من حفظه، وما خلف من الكتب سوى أربع
مجلدات، إلا أنه كان آية في الحفظ، مع الورع والعبادة والتأله.
قيل: إنه حمل إلى السلطان محمود بن سبكتكين ليسمع وعظه، فلما

(1) قال الخضري: معناه أن يدل على قبلة تشاهد في الجامع، فأما في موضع الاجتهاد فلا
يقبل. انظر " وفيات الأعيان " 4 / 215، و " طبقات " السبكي 3 / 100، 101.
(2) اضطربت المصادر التي ترجمت له في تحديد تاريخ وفاته، ففي " الأنساب " و " اللباب " أنه
توفي في حدود الأربع مئة، وفي " وفيات الأعيان " و " طبقات " الأسنوي أنه توفي في عشر الثمانين
وثلاث مئة، وأورده السبكي في الطبقة الثالثة فيمن توفي بين الثلاث مئة وأربع مئة، ولم يذكر سنة
وفاته، وفي " الوافي " أنه توفي في عشر الستين وأربع مئة، قال محققه: الصواب: وثلاث مئة. وفي
" الشذرات " يقول ابن العماد: وفيها (أي سنة 373)، أو في التي قبلها كما جزم ابن الأهدل، أو فيما
بعدها أبو عبد الله الخضري محمد بن أحمد.
* معجم الأدباء 13 / 273 - 276، الوافي خ: 12 / 91، طبقات المفسرين للسيوطي:
23، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 405.
173

دخل جلس بلا إذن، وأخذ في رواية حديث بلا أمر، فتنمر له السلطان،
وأمر غلاما، فلكمه لكمة أطرشته، فعرفه بعض الحاضرين منزلته في الدين
والعلم، فاعتذر إليه، وأمر له بمال، فامتنع، فقال: يا شيخ: إن للملك
صولة، وهو محتاج إلى السياسة، ورأيت أنك تعديت الواجب، فاجعلني
في حل. قال: الله بيننا بالمرصاد، وإنما أحضرتني للوعظ، وسماع أحاديث
الرسول صلى الله عليه وسلم، وللخشوع لا لإقامة قوانين الرئاسة، فخجل الملك، واعتنقه (1).
ذكره ياقوت في " تاريخ الأدباء "، وقال (2): توفي في شوال سنة ثمان
وخمسين وأربع مئة بسانزوار (3).
قلت: رتبة محمود رفيعة في الجهاد وفتح الهند وأشياء مليحة، وله
هنات، هذه منها، وقد ندم واعتذر، فنعوذ بالله من كل متكبر جبار. وقد
رأينا الجبارين المتمردين الذين أماتوا الجهاد، وطغوا في البلاد، فوا حسرة
على العباد.
91 - اللوزنكي *
مفتي طليطلة، الإمام أبو جعفر، أحمد بن سعيد الأندلسي،
اللوزنكي المالكي.
امتحنه ملك طليطلة المأمون (4)، هو وابن مغيث، وابن أسد،

(1) انظر " معجم الأدباء " 13 / 274 - 275.
(2) " معجم الأدباء " 13 / 273.
(3) لم نعثر على ترجمة هذه البلدة في معاجم البلدان.
* ترتيب المدارك 4 / 819 - 821، الصلة 1 / 64 - 65. واللوزنكي: ضبطت في الأصل
بفتح اللام وسكون الواو وفتح الزاي وسكون النون، ولم نعثر على هذه النسبة في كتب الأنساب، وفي
" ترتيب المدارك " و " الصلة ": يعرف بابن اللورانكي.
(4) هو يحيى بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذي النون، سترد ترجمته برقم (106).
174

وجماعة، اتهمهم على سلطانه، فأحضرهم مع قاضيهم أبي زيد (1) القرطبي،
وقيدهم، فهاجت العامة، ونفروا إلى السلاح، فقتل طائفة، فكفوا،
واستبيحت دور المذكورين في سنة ستين وأربع مئة وسجنوا، وسجن الوزير
ابن غصن الأديب (2)، فصنف كتاب " الممتحنين " من لدن آدم عليه السلام
إلى زمانه، اتهم بالنم على المذكورين ابن الحديدي كبير طليطلة، ثم مات
المأمون، وقام بعده حفيده القادر (3)، والعقد والحل بالبلد لابن
الحديدي (4)، فخوطب فيه القادر، فأخرج أضداده من السجن، فقتلوا ابن
الحديدي (5)، وطيف برأسه، وأضر ابن اللوزنكي في الحبس (6).

(1) في الأصل: ابن زيدون، وهو خطأ، والصواب ما أثبت. وهو: أبو زيد عبد الرحمن بن
عيسى بن محمد المعروف بابن الحشاء القاضي، استقضاه المأمون يحيى بن ذي النون بطليطلة في
الخمسين وأربع مئة، وحمده أهلها في أحكامه وحسن سيرته، ثم صرف عنها إلى طرطوشة، ثم إلى
دانية، فتوفي بها سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة. مترجم في: " ترتيب المدارك " 4 / 817،
و " الصلة " 2 / 340 - 341.
(2) انظر ترجمته في: " جذوة المقتبس " 402 - 403، و " بغية الملتمس " 529 -
530، و " الذخيرة " القسم الثالث / المجلد الأول: 331 - 336، و " نفح الطيب " 3 / 363 -
364، و " المغرب " 2 / 33، و " الخريدة " 2 / 12، و " المسالك " 11 / 447، و " التكملة "
رقم 1610 وهو الأديب أبو مروان: عبد الملك بن غصن الحجاري من أهل وادي الحجارة.
(3) هو يحيى بن إسماعيل بن المأمون بن ذي النون، الملقب بالقادر، عهد إليه جده المأمون أن
يخلفه في الملك انظر ترجمته في: " الذخيرة " القسم الثالث / المجلد الأول: 92 - 93، والقسم
الرابع / المجلد الأول: 149 - 169، و " المغرب في حلي المغرب " 2 / 13، و " أعمال
الاعلام ": 207، و " تاريخ ابن خلدون " 4 / 161، وفي " ترتيب المدارك " 4 / 820: " ولده "
بدل " حفيده " وهو غلط إلا إن قصد به الحفيد.
(4) هو يحيى بن سعيد بن أحمد بن يحيى الحديدي من أهل طليطلة، يكنى أبا بكر، كانت له
مكانة عند المأمون يحيى بن ذي النون، فلا يقطع في أمر إلا عن مشورته، قتله القادر حفيد المأمون سنة
468 ه‍. انظر ترجمته في " الصلة " 2 / 669 - 670.
(5) انظر خبر مقتله مفصلا في " الذخيرة " القسم الرابع / المجلد الأول: 152 - 155.
(6) وانظر " ترتيب المدارك " 4 / 819 - 821.
175

92 - ثابت بن أسلم *
العلامة أبو الحسن الحلبي، فقيه الشيعة، ونحوي حلب، ومن كبار
تلامذة الشيخ أبي الصلاح.
تصدر للإفادة، وله مصنف في كشف عوار الإسماعيلية وبدء
دعوتهم، وأنها على المخاريق، فأخذه داعي القوم، وحمل إلى مصر،
فصلبه المستنصر (1)، فلا رضي الله عمن قتله، وأحرقت لذلك خزانة
الكتب بحلب، وكان فيها عشرة آلاف مجلدة، فرحم الله هذا المبتدع الذي
ذب عن الملة، والامر لله.
93 - الحمادي * *
شيخ الحنفية والشافعية، العلامة أبو علي، حسن بن علي بن مكي
ابن إسرافيل بن حماد الحمادي النسفي، أحد الاعلام.
كان حنفيا، ثم تحول شافعيا.
سمع من: أبي نعيم عبد الملك الأسفراييني، وإسماعيل بن حاجب
الكشاني. وعمر دهرا.
حدث عنه: حسين بن الخليل، شيخ أبي سعد السمعاني.

* الوافي بالوفيات 10 / 470، بغية الوعاة 1 / 480، روضات الجنات: 142، هدية
العارفين: 1 / 248، أعيان الشيعة 15 / 12.
(1) في حدود الستين والأربع مئة كما في " الوافي " و " بغية الوعاة " وقال في " هدية
العارفين ": في حدود (420)، وذكر الصفدي أنه صنف كتابا في تعليل قراءة عاصم وأنها قراءة
قريش.
(* *) الأنساب 4 / 201 - 202، اللباب 1 / 383، الوافي بالوفيات 12 / 164، طبقات
الأسنوي 2 / 491.
176

توفي سنة ستين وأربع مئة.
94 - الحلوائي *
الشيخ العلامة، رئيس الحنفية، شمس الأئمة الأكبر، أبو
محمد (1)، عبد العزيز بن أحمد بن نصر بن صالح البخاري، الحلوائي -
بفتح الحاء وبالمد (2) - إمام أهل الرأي بتلك الديار.
تفقه بالقاضي أبي علي الحسين بن الخضر النسفي.
وحدث عن: عبد الرحمن بن حسين الكاتب، وأبي سهل أحمد بن
محمد بن مكي الأنماطي، ومحمد بن أحمد غنجار الحافظ، وصالح بن
محمد، وجماعة.
وصنف التصانيف، وتخرج به الاعلام.
أخذ عنه: شمس الأئمة محمد بن أبي سهل السرخسي، وفخر
الاسلام علي بن محمد بن الحسين البزدوي، وأخوه صدر الاسلام أبو اليسر
محمد بن محمد، والقاضي جمال الدين أبو نصر أحمد بن عبد الرحمن،
وشمس الأئمة أبو بكر محمد بن علي الزرنجري (3)، وآخرون سماهم أبو

* الاكمال 3 / 111، و 303، الأنساب 4 / 194، اللباب 1 / 380 - 381،
المشتبه: 244، الجواهر المضية 2 / 429 - 430، القاموس المحيط مادة " حلو " تبصير المنتبه
2 / 511، تاج التراجم: 35، طبقات الفقهاء لطاش كبري: 70، كتائب أعلام الأخيار رقم:
241، الطبقات السنية رقم 253 كشف الظنون 1 / 46 و 568، و 2 / 1224، 1580، تاج العروس
مادة " حلو " 10 / 96، الفوائد البهية: 95 - 97، تراجم الأعاجم: لوحة 151 / 2.
(1) في " الاكمال " 3 / 111: أبو أحمد.
(2) نسبة إلى عمل الحلوى وبيعها، ويقال له: الحلواني بالنون بدل الهمزة كما في " القاموس "
مادة " حلو " و " الحلاوي " كما في " الاكمال " 3 / 303.
(3) بفتح الزاي والراء وسكون النون وفتح الجيم بعدها راء نسبة إلى زرنجرى: قرية من قرى
بخارى، وربما قيل لها: زرنكرى. " معجم البلدان " 3 / 138.
177

العلاء الفرضي، ثم قال: ومات ببخارى في شعبان سنة ست وخمسين
وأربع مئة، ودفن بمقبرة الصدور.
وأما السمعاني فقال في " الأنساب " (1): توفي بكس، وحمل إلى
بخارى سنة ثمان أو تسع وأربعين.
وقال عبد العزيز النخشبي في " معجمه ": هو شيخ عالم بأنواع
العلوم، معظم للحديث، غير أنه متساهل في الرواية، توفي في شعبان سنة
اثنتين وخمسين وأربع مئة (2).
وفيها (3) مات علي بن حميد الذهلي (4)، خطيب همذان وشيخها،
وأبو عبد الله محمد بن أحمد القزويني، مقرئ مصر، وشيخ المالكية أبو
الفضل محمد بن عبيد الله بن عمروس البغدادي (5).
95 - ابن سراج *
الامام العلامة، قاضي الجماعة، أبو القاسم، سراج بن عبد الله بن
محمد (6) بن سراج الأموي مولاهم (7)، الأندلسي، القرطبي، المالكي،
قاضي قرطبة.

(1) 4 / 194، وتابعه ابن الأثير في " اللباب " 1 / 381، وابن أبي الوفاء القرشي في " الجواهر
المضية " 2 / 430.
(2) الخبر بنحوه في " الأنساب " 4 / 194.
(3) أي في سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة، كما هو في تراجم المذكورين.
(4) تقدمت ترجمته برقم (47).
(5) تقدمت ترجمته برقم (34).
* الصلة: 1 / 226، 227، بغية الملتمس: 304، المغرب في حلي المغرب 1 / 161 -
162، شجرة النور الزكية 1 / 118.
(6) سقط لفظ: " بن محمد " من " البغية " و " المغرب ".
(7) في " البغية " و " المغرب ": أن جده سراج كان مولى الأمير عبد الرحمن الداخل.
178

سمع " صحيح " البخاري من أبي محمد الأصيلي، بفوت يسير،
وسمع من أبي عبد الله محمد بن برطال، وأبي محمد بن مسلمة، وأبي
المطرف عبد الرحمن بن فطيس.
وولي القضاء بضع عشرة سنة، فحمد إلى الغاية، ولا حفظت عليه
سقطة.
كان فقيها صالحا، خيرا حليما، على منهاج السلف، حمل عنه
جماعة جلة، وعاش ستا وثمانين سنة (1).
مات في شوال سنة ست وخمسين وأربع مئة.
وهو والد عبد الملك بن سراج، إمام اللغة (2).
96 - القبري *
الامام العلامة، أبو شاكر، عبد الواحد بن محمد بن موهب التجيبي،
الأندلسي، القبري - نسبة إلى مدينة قبرة (3) - المالكي.
ولد سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
وتفرد في وقته بالإجازة من الفقيه أبي محمد بن أبي زيد (4).

(1) انظر " الصلة " 1 / 226 - 227.
(2) ستأتي ترجمة ولده عبد الملك في الجزء التاسع عشر برقم (70).
* جذوة المقتبس: 290 - 291، الصلة 2 / 384 - 385، العبر 3 / 238، شذرات
الذهب 3 / 298 - 299 وتحرفت فيه " القبري " إلى " القنبري ".
(3) قال ياقوت: قبرة بلفظ تأنيث القبر، أظنها عجمية رومية، وهي: كورة من أعمال الأندلس
تتصل بأعمال قرطبة من قبليها.
(4) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (4).
179

وسمع من: أبي محمد الأصيلي، وأبي حفص بن نابل، وأبي عمر
ابن أبي الحباب، وطائفة.
وله أيضا إجازة من أبي الحسن القابسي (1). وولي القضاء والخطابة
ببلنسية.
ذكره الحميدي (2)، فقال فيه: محدث أديب، خطيب شاعر.
توفي في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وأربع مئة (3).
قلت: أخذ عنه أبو علي الغساني، وغيره. وهو خال أبي الوليد
الباجي، وكان والده قد رحل، وتفقه على ابن أبي زيد، والقابسي،
فاستجاز منهما لولده، وسكن أبو شاكر شاطبة مدة. وله شعر رائق (4).
97 - العبادي *
الامام، شيخ الشافعية، القاضي، أبو عاصم، محمد بن أحمد بن
محمد بن محمد بن عبد الله بن عباد، العبادي، الهروي، الشافعي.
حدث عن: أحمد بن محمد بن سهل القراب، وغيره.

(1) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (99).
(2) في " الجذوة ": 290.
(3) كما في " الصلة " 2 / 384، ولم يذكر الحميدي تاريخ وفاته.
(4) من ذلك ما أورده الحميدي في " الجذوة ": 291، وابن بشكوال في " الصلة " 2 / 384:
يا روضتي ورياض الناس مجدبة * وكوكبي وظلام الليل قد ركدا
إن كان صرف الليالي عنك أبعدني * فإن شوقي وحزني عنك ما بعدا
* الأنساب 8 / 336 - 337، اللباب 2 / 309، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 249، وفيات
الأعيان 4 / 214، العبر 3 / 243، الوافي بالوفيات 2 / 82 - 83، مرآة الجنان 3 / 82، طبقات
السبكي: 4 / 104 - 112، طبقات الأسنوي 2 / 190 - 191، طبقات ابن هداية الله: 161 -
162، كشف الظنون: 47 - 964، 1100، 1581، 2026، شذرات الذهب 3 / 306، إيضاح
المكنون 2 / 269، هدية العارفين 2 / 71 - 72.
180

وتفقه على القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزدي بهراة، وعلى
أبي عمر البسطامي بنيسابور.
تفقه به القاضي أبو سعد الهروي، وغيره.
وحدث عنه: إسماعيل بن أبي صالح المؤذن.
وكان إماما محققا مدققا، صنف كتاب " المبسوط "، وكتاب
" الهادي "، وكتاب " أدب القاضي "، وكتاب " طبقات الفقهاء " (1)، وغير
ذلك (2).
وتنقل في النواحي واشتهر اسمه. عاش ثلاثا وثمانين سنة، توفي في
شوال سنة ثمان وخمسين وأربع مئة.
وفيها توفي الإمام أبو بكر البيهقي (3)، صاحب التصانيف، وقاضي
سارية أبو إسحاق إبراهيم بن محمد السروي الشافعي (4)، والمعمر أبو علي
الحسن بن غالب بن المبارك المقرئ ببغداد، وعبد الرزاق بن شمة
الأصبهاني (5)، وصاحب: " المحكم " أبو الحسن علي بن إسماعيل المرسي
اللغوي الضرير (6)، والعارف الزنجاني فرج الزاهد، الملقب بأخي فرج،
وشيخ الحنابلة القاضي أبو يعلى بن الفراء (7).

(1) وقد طبع في ليدن عام 1964 بعناية المستشرق Gosta Vitestam، ثم أعيد طبعه بالأوفست
في مكتبه المثنى ببغداد.
(2) انظر مصنفاته في " هدية العارفين " 2 / 71 - 72.
(3) تقدمت ترجمته برقم (86).
(4) تقدمت ترجمته برقم (80).
(5) تقدمت ترجمته برقم (82).
(6) تقدمت ترجمته برقم (78).
(7) تقدمت ترجمته برقم (40).
181

98 - الباطرقاني *
الامام الكبير، شيخ القراء، أبو بكر، أحمد بن الفضل بن محمد بن
أحمد بن محمد بن جعفر الأصبهاني، الباطرقاني.
حمل الكثير عن: أبي عبد الله بن مندة، وإبراهيم بن خرشيذ
قوله (1)، وأبي مسلم بن شهدل، وأحمد بن يوسف الثقفي، وأبي جعفر
الأبهري، وعبد الله بن جعفر، والحسن بن يوه، وعدة.
وتلا بالروايات على الكبار، وصنف كتاب " طبقات القراء "، وكتاب
" الشواذ ".
حدث عنه: أبو علي الحداد، وتلا عليه بالروايات، وسعيد بن أبي
الرجاء، والحسين بن عبد الملك الأديب، ومحمد بن عبد الواحد
الدقاق، وأحمد بن الفضل المهاد، وشبيب بن محمد بن جوره (2)، وعبد
السلام بن محمد الحسناباذي (3)، وآخرون.
وحدث عنه من القدماء الحافظان عبد العزيز النخشبي، وأبو علي
الوخشي.

* الأنساب 2 / 41، معجم الأدباء 4 / 100 - 102، العبر 3 / 246، معرفة القراء الكبار
1 / 342 - 343، الوافي 7 / 288، طبقات القراء 1 / 96 - 97، شذرات الذهب 3 / 308، إيضاح
المكنون 2 / 79، هدية العارفين 1 / 73. والباطرقاني: ضبطت في الأصل بفتح الطاء، وضبطها
السمعاني وياقوت وابن الأثير بكسرها وهي نسبة إلى باطرقان: قرية من قرى أصبهان.
(1) مرت ترجمة إبراهيم بن خرشيذ قوله في الجزء السابع عشر برقم (37)، وضبط المؤلف
لفظ " خرشيد قوله " هناك فراجعه.
(2) بالجيم كما في الأصل، وفي " الأنساب " 2 / 41 " خورة " بالخاء.
(3) ضبطت في الأصل بفتح الحاء والسين وكذا ضبطها ياقوت، وضبطها السمعاني وابن الأثير
بفتح الحاء وسكون السين، وهي نسبة إلى حسناباذ: قرية من قرى أصبهان.
182

وتلا عليه: أبو القاسم الهذلي. وأم بجامع أصبهان بعد أبي المظفر بن
شبيب (1)
قال يحيى بن منده: هو كثير السماع، واسع الرواية، دقيق الخط،
قرأ على جماعة، وقال لي: إنه ولد سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة. وذكره
عمي يوما والحافظ عبد العزيز النخشبي - وجماعة حاضرون - فقال عبد
العزيز: صنف " مسندا " مخرجا على " صحيح " البخاري، إلا أنه كتب
أكثره من الأصل، ثم ألحقه الاسناد، وهذا ليس من شرط أصحاب
الحديث.
ثم قال يحيى: وتكلم في مسائل لا يسع الموضع ذكرها، لو اقتصر
على التحديث والأقراء كان خيرا له (2).
وقال الدقاق: لم أر بأصبهان شيخا جمع بين علم القرآن والقراءات
والحديث والروايات، وكثرة الكتابة والسماعات أفضل من أبي بكر
الباطرقاني، وكان حسن الخلق والهيئة والقراءة والدراية، ثقة في
الحديث (3).
قال ابن منده: توفي في صفر سنة ستين وأربع مئة (4).

(1) انظر " الأنساب " 2 / 41.
(2) انظر " معجم الأدباء " 4 / 102، و " معرفة القراء " 1 / 343.
(3) انظر " معرفة القراء " 1 / 342.
(4) في " إيضاح المكنون " 2 / 79، و " هدية العارفين " 1 / 73 أن وفاته سنة (421) وهو
خطأ.
183

99 - ابن حزم *
الامام (1) الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف، أبو محمد، علي
ابن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان (2) بن
سفيان بن يزيد الفارسي الأصل، ثم الأندلسي القرطبي اليزيدي مولى الأمير
يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي - رضي الله عنه - المعروف بيزيد
الخير، نائب أمير المؤمنين أبي حفص عمر على دمشق، الفقيه الحافظ،
المتكلم، الأديب، الوزير الظاهري، صاحب التصانيف، فكان جده يزيد

* جذوة المقتبس: 308 - 311، مطمح الأنفس، القسم الثاني المنشور في مجلة المورد
العراقية، المجلد العاشر، العدد، 3 - 4 / 1981 بتحقيق هدى شوكة بهنام ص: 354 - 357،
الذخيرة المجلد الأول، القسم الأول: 167 - 175، تاريخ الحكماء، 232 - 233 الصلة 2 / 415 -
417، بغية الملتمس: 415 - 418، معجم الأدباء 12 / 235، المطرب: 92،
المعجب: 32 - 35، المغرب 1 / 354 - 357، وفيات الأعيان، 3 / 325 - 330،
تذكرة الحفاظ 3 / 1146 - 1155، العبر 3 / 239، دول الاسلام: 1 / 268، مسالك
الابصار: انظر الجزء الثامن، الوافي بالوفيات: المجلد الثاني من الجزء الأول الورقة: 374،
مرآة الجنان 3 / 79 - 81، البداية والنهاية 12 / 91 - 92، الإحاطة 4 / 111 - 116، لسان
الميزان 4 / 198 - 202، النجوم الزاهرة 5 / 75، طبقات الحفاظ: 436 - 437، طبقات
الأمم لصاعد: 86، الاعلام بتاريخ الاسلام: حوادث عام 456، أخبار العلماء: 156، نفح
الطيب 2 / 77 - 84، كشف الظنون: 21، 118، 466، شذرات الذهب 3 / 299 - 300،
هدية العارفين 1 / 690 - 691، إيضاح المكنون 1 / 319، دائرة المعارف الاسلامية 1 / 136 -
144، ابن حزم فقهه وآراؤه لمحمد أبو زهرة، مقدمة جمهرة أنساب العرب: 5 - 12، ابن حزم
الأندلسي: بقلم الدكتور زكريا إبراهيم سلسلة أعلام العرب " 56 "، وانظر الدراسة القيمة التي كتبها
الدكتور عبد الحليم عويس: " ابن حزم الأندلسي وجهوده في البحث التاريخي والحضاري " نشر دار
الاعتصام بالقاهرة. وقد أفردت ترجمة ابن حزم بالطبع سنة 1941 م في مجلة المجمع العلمي العربي
بدمشق بتحقيق الأستاذ الفاضل سعيد الأفغاني، وقد ذكر أن هذه الترجمة أرسلها إليه الشيخ محمد
نصيف منقولة من نسخة لسير أعلام النبلاء بصنعاء في خزانة الامام يحيى حميد الدين صاحب اليمن،
وقد قمنا بمقابلة طبعة المجمع هذه على الأصل الذي عندنا وأثبتنا الفروق بينهما.
(1) لفظ " الامام " ليس في طبعة مجلة المجمع.
(2) سقط " ابن معدان " من " معجم الأدباء " 12 / 235.
184

مولى للأمير يزيد أخي معاوية. وكان جده خلف بن معدان هو أول من دخل
الأندلس في صحابة (1) ملك الأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام،
المعروف بالداخل.
ولد أبو محمد بقرطبة في سنة أربع وثمانين وثلاث مئة.
وسمع في سنة أربع مئة وبعدها من طائفة منهم، يحيى بن مسعود بن
وجه الجنة، صاحب قاسم بن أصبغ، فهو أعلى شيخ عنده، ومن أبي عمر
أحمد بن محمد بن (2) الجسور، ويونس بن عبد الله بن مغيث القاضي،
وحمام (3) بن أحمد القاضي، ومحمد بن سعيد بن نبات، وعبد الله بن ربيع
التميمي، وعبد الرحمن بن عبد الله بن خالد، وعبد الله بن محمد بن
عثمان، وأبي عمر أحمد بن محمد الطلمنكي، وعبد الله بن يوسف بن
نامي، وأحمد (4) بن قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ. وينزل إلى أن
يروي عن أبي عمر بن عبد البر، وأحمد بن عمر بن أنس العذري. وأجود ما
عنده من الكتب " سنن " النسائي، يحمله (5) عن ابن ربيع، عن ابن
الأحمر، عنه. وأنزل ما عنده " صحيح " مسلم، بينه وبينه خمسة رجال،
وأعلى ما رأيت له حديث بينه وبين وكيع فيه ثلاثة أنفس.
حدث عنه: ابنه أبو رافع الفضل، وأبو عبد الله الحميدي، ووالد (6)

(1) في طبعة المجمع " زمن " بدل " صحابة " وليس فيها عبارة " ملك الأندلس ".
(2) لفظ " بن " ليس في طبعة المجمع.
(3) بضم الحاء المهملة كما في " الاكمال " 2 / 528، و " تبصير المنتبه " 1 / 452، وحمام
بن أحمد هذا مترجم في " الصلة " لابن بشكوال 1 / 155 - 156.
(4) في طبعة المجمع: وأحمد بن قاسم بن أصبغ.
(5) في طبعة المجمع: مجمله، وهو خطأ.
(6) في طبعة المجمع: " وولد " وهو خطأ.
185

القاضي أبي بكر بن العربي، وطائفة. وآخر من روى عنه مروياته بالإجازة أبو
الحسن شريح (1) بن محمد.
نشأ في تنعم ورفاهية، ورزق ذكاء مفرطا، وذهنا سيالا، وكتبا نفيسة
كثيرة، وكان والده من كبراء أهل قرطبة، عمل الوزارة في الدولة العامرية،
وكذلك وزر أبو محمد في شبيبته، وكان (2) قد مهر أولا في الأدب والاخبار
والشعر، وفي المنطق وأجزاء الفلسفة، فأثرت فيه (3) تأثيرا ليته سلم من
ذلك، ولقد وقفت له على تأليف يحض فيه على الاعتناء بالمنطق،
ويقدمه (4) على العلوم، فتألمت له، فإنه رأس في علوم الاسلام، متبحر في
النقل، عديم النظير على يبس فيه، وفرط ظاهرية في الفروع لا الأصول.
قيل: إنه تفقه أولا للشافعي، ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس
كله جليه وخفيه، والاخذ بظاهر النص وعموم الكتاب والحديث، والقول
بالبراءة الأصلية، واستصحاب الحال، وصنف في ذلك كتبا كثيرة، وناظر
عليه، وبسط لسانه وقلمه، ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب، بل فجج (5)
العبارة، وسب وجدع (6)، فكان جزاؤه من جنس فعله، بحيث إنه أعرض

(1) في الأصل " سريج " بالسين المهملة والجيم، وهو غلط، والصواب ما أثبت، وهو أبو
الحسن شريح بن محمد بن شريح الرعيني الإشبيلي، خطيب إشبيلية ومقرؤها ومسندها، متوفي سنة
539 ه‍. وستأتي ترجمته في الجزء العشرين برقم (85).
(2) لفظ " كان " ليس في طبعة المجمع.
(3) طبعة المجمع: " به ".
(4) طبعة المجمع: " وتقدمه ".
(5) طبعة المجمع: " فحج " بالحاء المهملة قبل الجيم، وشرحها المحقق بقوله: " تكبر ".
وقال: لعل " في " ساقطة قبل كلمة " العبارة ". وفي الأصل عندنا " فجج " بجيمين، والمعنى أن
ساق العبارة فجة قاسية.
(6) الجدع في الأصل: القطع، وهو هنا كناية عن الذم والشتم.
186

عن تصانيفه جماعة من الأئمة، وهجروها، ونفروا منها، وأحرقت في
وقت، واعتنى بها آخرون من العلماء، وفتشوها انتقادا واستفادة، وأخذا
ومؤاخذة، ورأوا فيها الدر الثمين ممزوجا في الرصف بالخرز المهين، فتارة
يطربون، ومرة يعجبون، ومن تفرده يهزؤون. وفي الجملة فالكمال عزيز،
وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان ينهض بعلوم جمة، ويجيد النقل، ويحسن النظم والنثر. وفيه
دين وخير، ومقاصده جميلة، ومصنفاته مفيدة، وقد زهد في الرئاسة، ولزم
منزله مكبا على العلم، فلا نغلوا فيه، ولا نجفوا عنه، وقد أثنى عليه قبلنا
الكبار:
قال أبو حامد الغزالي (1): وجدت في أسماء الله تعالى كتابا ألفه أبو
محمد بن حزم الأندلسي يدل على عظم حفظه وسيلان ذهنه.
وقال الإمام أبو القاسم صاعد بن أحمد: كان ابن حزم أجمع أهل
الأندلس قاطبة لعلوم الاسلام، وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان،
ووفور حظه من البلاغة والشعر، والمعرفة بالسير والاخبار، أخبرني ابنه
الفضل أنه اجتمع عنده بخط أبيه أبي محمد من تواليفه أربع مئة مجلد،
تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة (2).
قال أبو عبد الله الحميدي (3): كان ابن حزم حافظا للحديث وفقهه،

(1) في " شرح الأسماء الحسنى " كما ذكر ابن حجر في " لسان الميزان " 4 / 201، وانظر
" العبر " 3 / 239: و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1117، و " نفخ الطيب " 2 / 78.
(2) " الصلة " 2 / 416، و " وفيات الأعيان " 3 / 326، و " معجم الأدباء " 12 / 238 -
239، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1147، و " لسان الميزان " 4 / 199، و " نفح الطيب " 2 / 78.
(3) في " جذوة المقتبس ": 308 - 309.
187

مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة، متفننا في علوم جمة، عاملا بعلمه،
ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء، وسرعة الحفظ، وكرم النفس
والتدين، وكان له في الأدب والشعر نفس واسع، وباع طويل، وما رأيت من
يقول الشعر على البديه أسرع منه، وشعره كثير جمعته على حروف
المعجم.
وقال أبو القاسم صاعد: كان أبوه أبو عمر من وزراء المنصور محمد بن
أبي عامر، مدبر دولة المؤيد بالله بن المستنصر المرواني، ثم وزر للمظفر،
ووزر أبو محمد للمستظهر عبد الرحمن بن هشام، ثم نبذ هذه الطريقة،
وأقبل على العلوم الشرعية، وعني بعلم المنطق وبرع فيه، ثم أعرض
عنه. - قلت: ما أعرض عنه حتى زرع في باطنه أمورا وانحرافا عن السنة -
قال: وأقبل على علوم الاسلام حتى نال من ذلك ما لم ينله أحد بالأندلس
قبله (1).
وقد حط أبو بكر بن العربي على أبي محمد في كتاب " القواصم
والعواصم " (2)، وعلى الظاهرية، فقال: هي أمة سخيفة، تسورت على مرتبة
ليست لها، وتكلمت بكلام لم نفهمه (3)، تلقوه (4) من إخوانهم الخوارج حين
حكم علي - رضي الله عنه - يوم صفين، فقالت، لا حكم إلا لله. وكان أول

(1) انظر " معجم الأدباء " 12 / 237 - 238، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1148، و " لسان
الميزان " 4 / 199.
(2) اسمه " العواصم من القواصم "، وهو مطبوع بتحقيق المرحوم العلامة محب الدين
الخطيب، ولابن الوزير المتوفى سنة 840 ه‍ العواصم والقواصم وهو كتاب حافل لا نظير له في
بابه، ويقع في عشرة مجلدات وتتولى نشره مؤسسة الرسالة بتحقيق شعيب الإرناؤوط وسيصدر
الجزء الأول منه قريبا إن شاء الله.
(3) طبعة المجمع: " تفهمه " بالتاء
(4) طبعة المجمع: تلقفوه.
188

بدعة لقيت في رحلتي القول بالباطن، فلما عدت، وجدت القول بالظاهر قد
ملا به المغرب سخيف كان من بادية إشبيلية يعرف بابن حزم، نشأ وتعلق
بمذهب الشافعي، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكل، واستقل بنفسه،
وزعم أنه إمام الأمة يضع ويرفع، ويحكم ويشرع، ينسب إلى دين الله ما
ليس فيه، ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرا للقلوب منهم، وخرج عن
طريق المشبهة في ذات الله وصفاته، فجاء فيه بطوام، واتفق كونه بين (1)
قوم لا بصر لهم إلا بالمسائل، فإذا طالبهم بالدليل كاعوا (2)، فيتضاحك مع
أصحابه منهم، وعضدته الرئاسة بما كان عنده من أدب، وبشبه كان يوردها
على الملوك، فكانوا يحملونه، ويحمونه، بما كان يلقي إليهم من شبه
البدع والشرك، وفي حين عودي من الرحلة ألفيت حضرتي منهم طافحة،
ونار ضلالهم لافحة، فقاسيتهم مع غير أقران، وفي عدم أنصار إلى حساد
يطؤون عقبي، تارة تذهب لهم نفسي، وأخرى ينكشر (3) لهم ضرسي، وأنا
ما بين إعراض عنهم أو تشغيب بهم، وقد جاءني رجل بجزء لابن حزم سماه
" نكت الاسلام "، فيه دواهي، فجردت عليه نواهي، وجاءني آخر برسالة
في الاعتقاد، فنقضتها برسالة " الغرة " (4)، والامر أفحش من أن ينقض.
يقولون، لا قول إلا ما قال الله، ولا نتبع إلا رسول الله، فإن الله لم يأمر
بالاقتداء بأحد، ولا بالاهتداء بهدي بشر. فيجب أن يتحققوا أنهم ليس لهم
دليل، وإنما هي سخافة في تهويل، فأوصيكم بوصيتين: أن لا تستدلوا
عليهم، وأن تطالبوهم بالدليل، فإن المبتدع إذا استدللت عليه شغب

(1) في الأصل: " من " والمثبت من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1149.
(2) أي: " جبنوا ".
(3) في " تذكرة الحفاظ ": تنكسر.
(4) في طبعة المجمع: " العزة " بالعين المهملة والزاي.
189

عليك، وإذا طالبته بالدليل لم يجد إليه سبيلا. فأما قولهم: لا قول إلا ما قال
الله، فحق، ولكن أرني ما قال. وأما قولهم: لا حكم إلا لله. فغير مسلم
على الاطلاق، بل من حكم الله أن يجعل الحكم لغيره فيما قاله وأخبر به.
صح (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " وإذا حاصرت أهل حصن فلا تنزلهم على
حكم الله، فإنك (2) لا تدري ما حكم الله، ولكن أنزلهم على
حكمك (3) ". وصح أنه قال: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء... "
الحديث (4).
قلت: لم ينصف القاضي أبو بكر - رحمه الله - شيخ أبيه في العلم،
ولا تكلم فيه بالقسط، وبالغ في الاستخفاف به، وأبو بكر فعلى عظمته في
العلم لا يبلغ رتبة أبي محمد، ولا يكاد، فرحمهما الله وغفر لهما.
قال اليسع ابن حزم الغافقي وذكر أبا محمد فقال: أما محفوظه فبحر
عجاج، وماء ثجاج، يخرج من بحره مرجان الحكم، وينبت بثجاجه ألفاف
النعم في رياض الهمم، لقد حفظ علوم المسلمين، وأربى على كل أهل
دين، وألف " الملل والنحل "، وكان في صباه يلبس الحرير، ولا يرضى من
المكانة إلا بالسرير (5). أنشد المعتمد، فأجاد، وقصد بلنسية وبها المظفر

(1) طبعة المجمع: " مع ".
(2) طبعة المجمع: " لأنك ".
(3) أخرجه مسلم (1731)، وأبو داود (2612) من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي.
(4) أخرجه من حديث العرباض بن سارية أحمد 4 / 126، 127، وأبو داود (4607)
والترمذي (2687) وابن ماجة (43) والدارمي 1 / 44، وابن أبي عاصم (26) و (27) و (29)
و (30) و (31) و (32) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه ابن حبان (102)
والحاكم 1 / 95، ووافقه الذهبي.
(5) طبعة المجمع: " السرير " بحذف الباء.
190

أحد الأطواد. وحدثني عنه (1) عمر بن واجب قال: بينما نحن عند أبي ببلنسية
وهو يدرس المذهب، إذا بأبي محمد بن حزم يسمعنا، ويتعجب، ثم سأل
الحاضرين مسألة من الفقه، جووب فيها، فاعترض في ذلك، فقال له بعض
الحضار: هذا العلم ليس من منتحلاتك، فقام وقعد، ودخل منزله فعكف،
ووكف (2) منه وابل فما كف، وما كان بعد أشهر قريبة حتى قصدنا إلى ذلك
الموضع، فناظر أحسن مناظرة، وقال فيها: أنا أتبع الحق، وأجتهد، ولا
أتقيد بمذهب (3).
قلت: نعم، من بلغ رتبة الاجتهاد، وشهد له بذلك عدة (4) من الأئمة،
لم يسغ له أن يقلد، كما أن الفقيه المبتدئ والعامي الذي يحفظ القرآن أو كثيرا
منه لا يسوغ له الاجتهاد أبدا، فكيف يجتهد، وما الذي يقول؟ وعلام يبني؟
وكيف يطير ولما يريش؟ والقسم الثالث: الفقيه المنتهي اليقظ الفهم
المحدث، الذي قد حفظ مختصرا في الفروع، وكتابا في قواعد الأصول،
وقرأ النحو، وشارك في الفضائل مع حفظه لكتاب الله وتشاغله بتفسيره وقوة
مناظرته، فهذه رتبة من بلغ الاجتهاد المقيد، وتأهل للنظر في دلائل الأئمة،
فمتى وضح له الحق في مسألة، وثبت فيها النص، وعمل بها أحد الأئمة
الاعلام كأبي حنيفة مثلا، أو كمالك، أو الثوري، أو الأوزاعي، أو
الشافعي، وأبي عبيد، وأحمد، وإسحاق، فليتبع فيها الحق ولا يسلك
الرخص، وليتورع، ولا يسعه فيها بعد قيام الحجة عليه تقليد، فإن خاف ممن

(1) لفظ " عنه " ليس في طبعة المجمع.
(2) وكف: فطر.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1148، و " لسان الميزان " 4 / 199.
(4) طبعة المجمع: عدد.
191

يشغب (1) عليه من الفقهاء فليتكتم بها ولا يتراءى بفعلها، فربما أعجبته نفسه،
وأحب الظهور، فيعاقب. ويدخل عليه الداخل من نفسه، فكم من رجل نطق
بالحق، وأمر بالمعروف، فيسلط الله عليه من يؤذيه لسوء قصده، وحبه
للرئاسة الدينية، فهذا داء خفي سار في نفوس الفقهاء، كما أنه داء سار في
نفوس المنفقين من الأغنياء وأرباب الوقوف والترب المزخرفة، وهو داء خفي
يسري في نفوس الجند والامراء والمجاهدين، فتراهم يلتقون العدو،
ويصطدم الجمعان وفي نفوس المجاهدين مخبآت (2) وكمائن من الاختيال
وإظهار الشجاعة ليقال، والعجب (3)، ولبس القراقل (4) المذهبة، والخوذ
المزخرفة، والعدد المحلاة على نفوس متكبرة، وفرسان متجبرة، وينضاف
إلى ذلك إخلال بالصلاة، وظلم للرعية (5)، وشرب للمسكر، فأنى
ينصرون؟ وكيف لا يخذلون؟ اللهم: فانصر دينك، ووفق عبادك. فمن
طلب العلم للعمل كسره (6) العلم، وبكى على نفسه، ومن طلب العلم
للمدارس والافتاء والفخر والرياء، تحامق، واختال، وازدرى بالناس،
وأهلكه العجب، ومقتته الأنفس * (قد أفلح من زكاها، وقد خاب من
دساها) * [الشمس: 9 و 10] أي: دسسها بالفجور والمعصية.

(1) طبعة المجمع: من تشغب.
(2) طبعة المجمع: مخبأة.
(3) لفظ " العجب " ليس في طبعة المجمع.
(4) أثبت محقق طبعة المجمع هنا كلمة " العراقي " وقال في الحاشية: " العرقية ما يلبس تحت
العمامة والقلنسوة، مولدة. " التاج " وفي الأصل: العراقل، وهي تصحيف " ا ه‍. وأما عندنا في
الأصل: " القراقل " وفي " اللسان ": القرقل: ضرب من الثياب، وقيل: هو ثوب بغير كمين،
وقال أبو تراب: القرقل قميص من قمص النساء بلا لبنة، وجمعه قراقل.
(5) طبعة المجمع: الرعية، وشرب المسكر.
(6) طبعة المجمع: " كره " وهو تحريف.
192

قلبت فيه السين ألفا (1).
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام - وكان أحد المجتهدين -: ما
رأيت في كتب الاسلام في (2) العلم مثل " المحلى " (3) لابن حزم، وكتاب
" المغني " للشيخ موفق الدين (4).
قلت: لقد صدق الشيخ عز الدين. وثالثهما: " السنن الكبير " للبيهقي.
ورابعها (5): " التمهيد " لابن عبد البر. فمن حصل هذه الدواوين،
وكان من أذكياء المفتين (6)، وأدمن المطالعة فيها (7)، فهو العالم حقا.
ولابن حزم مصنفات جليلة أكبرها كتاب " الايصال إلى فهم كتاب
الخصال " خمسة عشر ألف ورقة (8)، وكتاب " الخصال (9) الحافظ لجمل

(1) في الأصل مطبعة المجمع: " قلبت فيه الألف سينا " وهو غلط، قال ابن قتيبة في " تأويل
مشكل القرآن " 267: ودساها من دسست، فقلبت إحدى السينات ياء، كما يقال: لبيت،
والأصل: لببت، وقصيت أظفاري، وأصله: قصصت ومثله كثير أ ه‍. وانظر " معاني القرآن "
للفراء 3 / 267.
(2) في طبعة المجمع " من " بدل " في ".
(3) تصحف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1150 إلى " المجلى " بالجيم.
(4) هو الامام موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الدمشقي،
أحد الاعلام في مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، المتوفي سنة 620 ه‍، وكتابه " المغني "
الذي شرح به " مختصر " الخرقي يعد من أعظم الكتب الفقهية الجامعة لمذاهب الأئمة الفقهاء، مع
عناية خاصة بإيراد أقوال الأئمة الذين انقرضت مذاهبهم والترجيح فيما بينها. وهو كتاب مطبوع
متداول، يسر الله لنا تحقيقه وإيفاء حقه من العناية وحسن الاخراج.
(5) في الأصل: ورابعهم.
(6) في الأصل: المفتيين.
(7) في الأصل: فيهم.
(8) قال الذهبي في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1147: أورد فيه أقوال الصحابة فمن بعدهم والحجة
لكل قول أ ه‍. وهذا الكتاب هو شرح لكتابه " الخصال الجامعة لجمل شرائع الاسلام والحلال
والحرام والسنة والاجماع " الذي سيذكره المؤلف هنا. وقد اختصر بعض هذا الكتاب ابنه أبو رافع
ليكمل بعض أجزاء " المحلى ". انظر فهرس دار الكتب المصرية 1 / 555.
(9) في الأصل وطبعة المجمع: " الايصال " بدل " الخصال " وهو غلط، و " الايصال " كما
تقدم هو شرح لكتاب " الخ‍؟؟؟؟ هذا، وسماه حاجي خليفة: " الخصال الجامعة لمحصل شرائع
الاسلام في الواجب والحلال والحرام " وذكر أنه مجلد. " كشف الظنون " 1 / 704.
193

شرائع الاسلام " مجلدان وكتاب " المجلى (1) " في الفقه مجلد، وكتاب
" المحلى في شرح المجلى بالحجج والآثار " ثماني مجلدات (2)، كتاب
" حجة الوداع " (3) مئة وعشرون ورقة، كتاب " قسمة الخمس في الرد على
إسماعيل القاضي: مجلد، كتاب " الآثار التي ظاهرها التعارض ونفي
التناقض عنها " يكون عشرة آلاف ورقة، لكن لم يتمه، كتاب " الجامع في
صحيح الحديث " بلا أسانيد، كتاب " التلخيص والتخليص في المسائل
النظرية " (4)، كتاب " ما انفرد به مالك وأبو حنيفة والشافعي " (5)، " مختصر
الموضح " لأبي الحسن بن (6) المغلس الظاهري، مجلد، كتاب " اختلاف
الفقهاء الخمسة مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وداود "، كتاب
" التصفح في الفقه " مجلد، كتاب " التبيين في هل علم المصطفى أعيان
المنافقين " ثلاثة كراريس، كتاب " الاملاء في شرح الموطأ " ألف ورقة،

(1) سقط اسم هذا الكتاب من طبعة المجمع، وهو المتن الذي عمل عليه شرحا سماه بالمحلى
وهو التالي.
(2) طبع بتحقيق العلامة الشيخ أحمد شاكر، ثم طبعه محمد منير الدمشقي في أحد عشر جزءا
طبعة مقابلة على نسخة الشيخ أحمد شاكر.
(3) طبع في دار اليقظة العربية بدمشق سنة 1959 بتحقيق الأستاذ ممدوح حقي.
(4) ذكره ياقوت، وزاد في اسمه: وفروعها التي لا نص عليها في الكتاب ولا الحديث. وقد نشر
الدكتور إحسان عباس رسالة له بعنوان " التلخيص لوجوه التخليص " في الجزء الثالث من " رسائل ابن
حزم الأندلسي " وهي عبارة عن أجوبة على أسئلة وردت إليه مثل: ما أفضل ما يعمله المرء ليحصل على
عفو ربه، وهل تتفاضل الكبائر، وما القدر الذي يطلبه المرء من العلوم.. الخ.
(5) في الأصل: " أو أبو حنيفة أو الشافعي " والمثبت من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1152، ومن
كتاب " المحلى " لابن حزم في كتاب الفرائض 9 / 273 حيث ذكر كتابه هذا، فقال: وقد أفردنا
أجز؟؟؟ خمة فيما خالف فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي جمهور العلماء، وفيما قاله كل واحد منهم، مما
لا يعرف أحد قال به قبله، وقطعة فيما خالف فيه كل واحد منهم الاجماع المتيقن؟ مقطوع به.
(6) لفظ " بن " ليس في طبعة المجمع، وهو غلط.
194

كتاب " الاملاء في قواعد الفقه " ألف ورقة أيضا، كتاب " در القواعد في فقه
الظاهرية " ألف ورقة أيضا (1)، كتاب " الاجماع " (2) مجيليد، كتاب
" الفرائض " مجلد، كتاب " الرسالة البلقاء في الرد على عبد الحق بن محمد
الصقلي " مجيليد، كتاب " الاحكام لأصول الاحكام " (3) مجلدان، كتاب
" الفصل في الملل والنحل " (4) مجلدان كبيران، كتاب " الرد على من اعترض
على الفصل " له، مجلد، كتاب " اليقين في نقض تمويه المعتذرين عن
إبليس وسائر المشركين " مجلد كبير، كتاب " الرد على ابن زكريا الرازي " مئة
ورقة، كتاب " الترشيد في الرد على كتاب " الفريد " لابن الراوندي في
اعتراضه على النبوات مجلد، كتاب " الرد على من كفر المتأولين من
المسلمين " مجلد، كتاب " مختصر في علل الحديث " مجلد، كتاب
" التقريب لحد المنطق بالألفاظ العامية " مجلد، كتاب " الاستجلاب "
مجلد، كتاب " نسب البربر " مجلد، كتاب " نقط العروس " (5) مجيليد،
وغير ذلك.
ومما له في جزء أو كراس: " مراقبة أحوال الامام "، " من ترك الصلاة

(1) سقط اسم هذا الكتاب من طبعة المجمع.
(2) في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1152: " منتقى الاجماع "، وزاد ياقوت في اسمه: " وبيانه
من جملة ما لا يعرف فيه اختلاف ". انظر " معجم الأدباء " 12 / 252، و " نفح الطيب " 2 / 79.
(3) نشر بتحقيق العلامة أحمد شاكر سنة 1345 - 1348 في ثمانية أجزاء، ثم صورته دار
الآفاق الجديدة سنة 1980 م بتقديم الدكتور إحسان عباس.
(4) طبع لأول مرة في المطبعة الأدبية سنة 1317 ه‍ في خمسة أجزاء وبهامشه " الملل والنحل "
للشهرستاني، وأعيد طبعه بعد ذلك، والفصل بكسر ففتح: جمع فصلة، وهي النخلة المنقولة من
محلها إلى محل آخر لتثمر.
(5) في توا؟؟ الخلفاء، وسماه ابن حيان في " المقتبس " 5 / 37 " نقط العروس في نوادر
الاخبار " نشره المستشرق زيبولد في مجلة مركز الدراسات التاريخية بغرناطة سنة 1911، وأعاد نشره
الدكتور شوقي ضيف بمجلة كلية الآداب العدد: 13، سنة 1951، ونشره الدكتور إحسان عباس
ضمن مجموع " رسائل ابن حزم الأندلسي " في الجزء الثاني.
195

عمدا "، " رسالة المعارضة "، " قصر الصلاة "، " رسالة التأكيد "، " ما
وقع بين الظاهرية وأصحاب القياس "، " فضائل الأندلس " (1)، " العتاب
على أبي مروان الخولاني "، " رسالة في معنى الفقه والزهد "، " مراتب
العلماء وتواليفهم "، " التلخيص في أعمال العباد "، " الاظهار لما شنع به
على الظاهرية "، " زجر الغاوي " جزآن، " النبذ الكافية "، " النكت
الموجزة في نفي الرأي والقياس والتعليل والتقليد " مجلد صغير (2)
" الرسالة اللازمة لاولي الامر "، " مختصر الملل والنحل " مجلد، " الدرة في
ما يلزم المسلم " جزآن، " مسألة في الروح " (3)، " الرد على إسماعيل
اليهودي (4)، الذي ألف في تناقض آيات "، " النصائح المنجية " (5)،
" الرسالة الصمادحية في الوعد والوعيد "، " مسألة الايمان "، " مراتب
العلوم "، " بيان غلط عثمان بن سعيد الأعور في المسند والمرسل "، " ترتيب

(1) سماها ابن خير في " الفهرسة " 226: " رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها " وقد أثبت
نصها المقري في " نفح الطيب " 3 / 158 - 179، ونشرها الدكتور إحسان عباس في الجزء الثاني من
مجموع " رسائل ابن حزم الأندلسي ".
(2) نشر هذا الملخص بتحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني بمطبعة جامعة دمشق سنة 1379 ه‍.
(3) وهي " رسالة في حكم من قال: إن أرواح أهل الشقاء معذبة إلى يوم الدين " وهي مطبوعة في
الجزء الثالث من مجموع " رسائل ابن حزم الأندلسي " تحقيق الدكتور إحسان عباس.
(4) وهو ابن النغريلة - على اختلاف بين المصادر في رسم اسمه - استوزره باديس بن حيوس ملك
غرناطة بعد أن كان كاتبا له. انظر ترجمته في " المغرب " 2 / 114، و " البيان المغرب " 3 / 264،
و " الذخيرة " 1 / 2 / 761 وما بعدها، و " تاريخ ابن خلدون " 4 / 160 - 161، ويرى الدكتور
إحسان عباس أن رد ابن حزم هذا إنما هو على يوسف بن إسماعيل الذي خلف أباه إسماعيل في الوزارة،
ويستدل لذلك في المقدمة التي كتبها لرسالة ابن حزم في الرد على ابن النغريلة في الجزء الثالث من
مجموع " رسائل ابن حزم الأندلسي ".
(5) وهذه الرسالة ضمن كتابه " الفصل " 4 / 178 - 227، بعنوان: ذكر العظائم المخرجة إلى
الكفر أو إلى المحال من أقوال أهل البدع: المعتزلة والخوارج والمرجئة والشيع. وفي طبعة المجمع
وردت كلمة النصائح بعد كلمة آيات مباشرة دون فصل بينهما، مما يوهم أنها تتمة عنوان الكتاب
السابق.
196

سؤالات عثمان الدارمي لابن معين "، " عدد ما لكل صاحب في مسند
بقي "، " تسمية شيوخ مالك "، " السير والأخلاق " جزآن، " بيان الفصاحة
والبلاغة "، رسالة في ذلك إلى ابن (1) حفصون، " مسألة هل السواد لون أو
لا "، " الحد والرسم "، " تسمية الشعراء الوافدين على ابن أبي عامر "،
" شئ في العروض "، " مؤلف في الظاء والضاد "، " التعقب على
الأفليلي (2) في شرحه لديوان المتنبي "، " غزوات المنصور بن أبي عامر "،
" تأليف في الرد على أناجيل النصارى ".
ولابن حزم " رسالة في الطب النبوي "، وذكر فيها أسماء كتب له في
الطب منها: " مقالة العادة " (3)، و " مقالة في شفاء الضد بالضد "، و " شرح
فصول بقراط "، وكتاب " بلغة الحكيم "، وكتاب " حد الطب " وكتاب
" اختصار كلام جالينوس في الأمراض الحادة "، وكتاب في " الأدوية
المفردة "، و " مقالة في المحاكمة بين التمر والزبيب "، و " مقالة في
النخل " (4)، وأشياء سوى ذلك (5).

(1) في طبعة المجمع: " لابن " بدل " إلى ابن " وهو خطأ.
(2) بفتح الهمزة كما ذكر ياقوت، وضبطها ابن خلكان بالكسر، نسبة إلى إفليلاء: قرية من قرى
الشام، وهو أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن زكريا بن مفرج المعروف بابن الأفليلي، كان من أئمة النحو
واللغة، وله معرفة تامة بالكلام على معاني الشعر، وشرح " ديوان المتنبي " شرحا جيدا، متوفي سنة
441.
انظر ترجمته في " الصلة " 1 / 93 - 94، " وفيات الأعيان " 1 / 51، " الذخيرة "
1 / 1 / 241، " إنباه الرواة " 1 / 183، " العبر " 3 / 195 " بغية الملتمس " 213، " معجم
الأدباء " 2 / 4 - 9، " معجم البلدان " 1 / 232، " بغية الوعاة " 1 / 426، شذرات الذهب
3 / 266.
(3) في طبعة المجمع ومقدمة الدكتور إحسان عباس لرسائل ابن حزم: " السعادة ".
(4) في طبعة المجمع ومقدمة الدكتور إحسان عباس لرسائل ابن حزم: " النحل " بالحاء
المهملة.
(5) منها كتاب " جمهرة أنساب العرب " نشرته دار المعارف بتحقيق الأستاذ عبد السلام هارون،
وكتاب " جوامع السيرة " ويسميه الذهبي " السيرة النبوية " طبع أيضا بدار المعارف بتحقيق
الدكتورين: إحسان عباس وناصر الدين الأسد، ومراجعة العلامة أحمد محمد شاكر وبذيله خمس
رسائل لابن حزم وهي:
1 - رسالة في القراءات المشهورة في الأمصار الآتية مجئ التواتر، 2 - رسالة في أسماء الصحابة
رواة الحديث وما لكل واحد من العدد. 3 - رسالة في تسمية من روي عنهم الفتيا من الصحابة ومن
بعدهم على مراتبهم في كثرة الفتيا. 4 - جمل فتوح الاسلام. 5 - أسماء الخلفاء المهديين والأئمة
أمراء المؤمنين.
ونشر الدكتور إحسان عباس ثلاثة أجزاء من " رسائل ابن حزم " منها: " طوق الحمامة في الألفة
والآلاف "، و " رسالة في مداواة النفوس "، و " رسالة في الغناء الملهي " و " فصل في معرفة النفس
بغيرها "... الخ
ونشر القدسي سنة 1957 كتاب " مراتب الاجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات " ومعه
" نقد مراتب الاجماع " لابن تيمية، وانظر مقدمة الجزء الأول لرسائل ابن حزم الأندلسي للدكتور
إحسان عباس ومقدمة " جمهرة أنساب العرب " للأستاذ عبد السلام هارون، و " معجم المطبوعات "
لسركيس: 85 - 86.
197

وقد امتحن لتطويل لسانه في العلماء، وشرد عن وطنه، فنزل بقرية له،
وجرت له أمور، وقام عليه جماعة من المالكية، وجرت بينه وبين أبي الوليد
الباجي مناظرات ومنافرات، ونفروا منه ملوك الناحية، فأقصته الدولة،
وأحرقت مجلدات من كتبه، وتحول إلى بادية لبلة (1) في قرية (2).
قال أبو الخطاب ابن دحية: كان ابن حزم قد برص من أكل اللبان (3)،
وأصابه زمانة، وعاش ثنتين وسبعين سنة غير شهر (4).
قلت: وكذلك كان الشافعي - رحمه الله - يستعمل اللبان لقوة الحفظ،

(1) بفتح اللامين وبينهما باء موحدة ساكنة: قصبة كورة بالأندلس كبيرة يتصل عملها بعمل
أكشونية إلى الشرق منها، والغرب من قرطبة. انظر " معجم البلدان " 5 / 10.
(2) طبعة المجمع " في قريته ".
(3) هو نبات من الفصيلة البخورية يفرز صمغا، ويسمى الكندر. انظر فوائده في " المعتمد في
الأدوية المفردة ": 434 - 435.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1150.
198

فولد له رمي الدم (1).
قال أبو العباس ابن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج
شقيقين (2).
وقال أبو بكر محمد بن طرخان التركي: قال لي الإمام أبو محمد عبد الله
ابن محمد - يعني والد أبي بكر بن العربي -: أخبرني أبو محمد بن حزم أن
سبب تعلمه الفقه أنه شهد جنازة، فدخل المسجد، فجلس، ولم يركع،
فقال له رجل: قم فصل تحية المسجد.
وكان قد بلغ ستا وعشرين سنة. قال: فقمت وركعت، فلما رجعنا رمن
الصلاة على الجنازة، دخلت المسجد، فبادرت بالركوع، فقيل لي: اجلس
اجلس، ليس ذا وقت صلاة - وكان بعد العصر - قال: فانصرفت وقد
حزنت (3)، وقلت للأستاذ الذي رباني: دلني على دار الفقيه أبي عبد الله بن
دحون. قال: فقصدته، وأعلمته بما جرى، فدلني على " موطأ " مالك،
فبدأت به عليه، وتتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحوا من ثلاثة أعوام، وبدأت
بالمناظرة. ثم قال ابن العربي (4): صحبت ابن حزم سبعه أعوام، وسمعت
منه جميع مصنفاته سوى المجلد الأخير من كتاب " الفصل "، وهو ست
مجلدات، وقرأنا عليه من كتاب " الايصال " أربع مجلدات في سنة ست
وخمسين وأربع مئة، وهو أربعة وعشرون مجلدا، ولي منه إجازة غير مرة (5).

(1) انظر ال‍؟؟؟؟؟؟؟؟ من " السير " صفحة: 15.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 30 / 1154، و " وفيات الأعيان " 3 / 328، وزاد فيه: وإنما قال
ذلك لكثرة وقوعه في الأئمة، وانظر ترجمة أبي العباس بن العريف في " الو؟ يأت " 1 / 168 - 170.
(3) في طبعة المجمع: " خريت ".
(4) في طبعة المجمع: " قال أبو بكر: ثم قال لي ابن العربي ".
(5) انظر " معجم الأدباء " 12 / 240 - 243، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1150 - 1151،
و " لسان الميزان " 4 / 199.
199

قال أبو مروان بن حيان: كان ابن حزم - رحمه الله - حامل فنون من
حديث وفقه وجدل ونسب، وما يتعلق بأذيال الأدب، مع المشاركة في أنواع
التعاليم القديمة من المنطق والفلسفة، وله كتب كثيرة لم يخل فيها من غلط
لجراءته في التسور على الفنون لا سيما المنطق، فإنهم زعموا أنه زل هنالك،
وضل في سلوك المسالك، وخالف أرسطاطاليس واضع الفن مخالفة من لم
يفهم غرضه، ولا ارتاض، ومال أولا إلى النظر على رأي الشافعي، وناضل
عن مذهبه حتى وسم به، فاستهدف بذلك لكثير من الفقهاء، وعيب
بالشذوذ، ثم عدل (1) إلى قول أصحاب الظاهر، فنقحه، وجادل عنه، وثبت
عليه إلى أن مات، وكان يحمل علمه هذا، ويجادل عنه من خالفه، على
استرسال في طباعه، ومذل (2) بأسراره، واستناد إلى العهد الذي أخذه الله
على العلماء: * (ليبيننه للناس ولا يكتمونه) * (3)، فلم يك يلطف صدعه بما
عنده بتعريض ولا بتدريج (4)، بل يصك به من عارضه صك الجندل (5)،
وينشقه إنشاق (6) الخردل، فتنفر عنه القلوب، وتوقع به (7) الندوب، حتى
استهدف لفقهاء وقته، فتمالؤوا عليه، وأجمعوا على تضليله، وشنعوا عليه،
وحذروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامهم عن الدنو منه، فطفق الملوك

(1) في طبعة المجمع: " ثم عاد " وهو خطأ.
(2) مذل بسره، كنصر وعلم وكرم: أفشاه ومذلت نفسه بالشئ مذلا: طابت وسمحت وفي
طبعة المجمع: بذل بالباء بدل الميم.
(3) في قوله تعالى: * (وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه، فنبذوه
وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون) * [آل عمران: 187] وقوله تعالى: * (لتبيننه
للناس ولا تكتمونه) * قرأ ابن كثير وأبو عمرو بياء الغيب فيهما، والباقون بتاء الخطاب.
(4) في " الذخيرة ": ولا يزفه بتدريج، وفي " معجم الأدباء ": ولا يرقه بتدريج.
(5) الجندل: ما يقله الرجل من الحجارة. " القاموس ".
(6) في " الذخيرة ": وينشقه متلقيه إنشاق... وفي " معجم الأدباء ": وينشقه متلقعة.
(7) في " الذخيرة ": ويوقع بها وفي " تذكرة الحفاظ ": ويقع به.
200

يقصونه عن قربهم، ويسيرونه عن بلادهم إلى أن انتهوا به منقطع أثره: بلدة (1)
من بادية لبلة، وهو في ذلك غير مرتدع ولا راجع، يبث علمه فيمن ينتابه من
بادية بلده، من عامة المقتبسين من أصاغر الطلبة، الذين لا يخشون فيه
الملامة، يحدثهم، ويفقههم، ويدارسهم، حتى كمل (2) مصنفاته وقر
بعير، لم يعد أكثرها باديته لزهد الفقهاء فيها، حتى لأحرق بعضها بإشبيلية،
ومزقت علانية، وأكثر معايبه (3) - زعموا عند المنصف - جهله بسياسة العلم
التي هي أعوص... (4)، وتخلفه عن ذلك على قوة سبحه في غماره (5)،
وعلى ذلك فلم يكن بالسليم من اضطراب رأيه، ومغيب شاهد علمه عنه عند
لقائه، إلى أن يحرك بالسؤال، فيتفجر منه بحر علم لا تكدره الدلاء، وكان
مما يزيد في شنآنه (6) تشيعه لأمراء بني أمية ماضيهم وباقيهم، واعتقاده لصحة
إمامتهم، حتى لنسب إلى النصب (7).
قلت: ومن تواليفه: كتاب " تبديل اليهود والنصارى للتوراة
والإنجيل " (8)، وقد أخذ المنطق - أبعده الله من علم - عن: محمد بن
الحسن المذحجي، وأمعن فيه، فزلزله في أشياء، ولي أناميل إلى أبي محمد

(1) في " الذخيرة " و " معجم الأدباء ": بترية بلده. وفي " تذكرة الحفاظ ": وهي بلدة.
(2) في الأصل: كل بدل كمل، وهو خطأ، والتصويب من " الذخيرة " 1 / 1 / 169،
و " معجم الأدباء " 12 / 249.
(3) تحرفت في الأصل إلى معاتبه.
(4) كذا في الأصل غير واضحة، وفي " الذخيرة ": أعرض من إيعابه. وفي " معجم
الأدباء ": أعوص من إتقانه، وفي " تذكرة الحفاظ ": أعوص إيعابه.
(5) تحرفت في " معجم الأدباء " 12 / 249 إلى: شيخه عمارة.
(6) في الأصل: " شأنه " والمثبت من " تذكرة الحفاظ " و " الذخيرة " و " معجم الأدباء ".
(7) انظر " الذخيرة " 1 / 1 / 168 - 169، و " معجم الأدباء " 12 / 247 - 249، و " تذكرة
الحفاظ " 3 / 1151 - 1152. والنصب هو: بغض علي رضي الله عنه، وموالاة معاوية.
(8) هو ضمن كتابه " الفصل " 1 / 116 و 2 / 91.
201

لمحبته في الحديث الصحيح، ومعرفته به، وإن كنت لا أوافقه في كثير مما
يقوله في الرجال والعلل، والمسائل البشعة في الأصول والفروع، وأقطع
بخطئه في غير ما مسألة، ولكن لا أكفره، ولا أضلله، وأرجو له العفو
والمسامحة وللمسلمين. وأخضع لفرط ذكائه وسعة علومه، ورأيته قد ذكر قول
من يقول: أجل المصنفات " الموطأ ". فقال: بل أولى الكتب بالتعظيم
" صحيحا " البخاري ومسلم، و " صحيح " ابن السكن، و " منتقى " ابن
الجارود، و " المنتقى " لقاسم بن أصبغ، ثم بعدها كتاب أبي داود، وكتاب
النسائي، و " المصنف " لقاسم بن أصبغ (1)، " مصنف " أبي جعفر
الطحاوي.
قلت: ما ذكر " سنن " ابن ماجة، ولا " جامع " أبي عيسى، فإنه ما
رآهما، ولا أدخلا إلى الأندلس إلا بعد موته.
ثم قال: و " مسند " البزار، و " مسند " ابني (2) أبي شيبة،
و " مسند " أحمد بن حنبل، و " مسند " إسحاق، و " مسند " الطيالسي،
و " مسند " الحسن بن سفيان، و " مسند " ابن سنجر، و " مسند " عبد الله
ابن محمد المسندي، و " مسند " يعقوب بن شيبة، و " مسند " علي بن
المديني، و " مسند " ابن أبي غرزة (3)، وما جرى مجرى هذه الكتب التي
أفردت لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم صرفا، ثم الكتب التي فيها كلامه وكلام غيره

(1) من قوله: " ثم بعدها كتاب أبي داود... " إلى هنا سقط من طبعة المجمع.
(2) في " تذكرة الحفاظ " وطبعة المجمع: " مسند ابن " بالافراد فيهما، وهو خطأ. وابنا أبي
شيبة هما أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة وأبو الحسن عثمان بن محمد بن أبي شيبة، وقد مرت
ترجمتهما في الجزء الحادي عشر من " السير ". الأول برقم (44) والثاني برقم (58).
(3) هو الحافظ أبو عمرو أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري محدث الكوفة المتوفى سنة
(276).
202

مثل " مصنف " عبد الرزاق، و " مصنف " أبي بكر بن أبي شيبة،
و " مصنف " بقي بن مخلد، وكتاب محمد بن نصر المروزي، وكتاب ابن
المنذر الأكبر والأصغر، ثم " مصنف " حماد بن سلمة، و " موطأ " مالك بن
أنس، و " موطأ " ابن أبي ذئب، و " موطأ " ابن وهب، و " مصنف
وكيع، و " مصنف " محمد بن يوسف الفريابي، و " مصنف " سعيد بن
منصور، و " مسائل " أحمد بن حنبل، وفقه أبي عبيد، وفقه أبي ثور.
قلت: ما أنصف ابن حزم، بل رتبة " الموطأ " أن يذكر تلو
" الصحيحين " مع " سنن " أبي داود والنسائي، لكنه تأدب، وقدم
المسندات النبوية الصرف، وإن للموطأ لوقعا (1) في النفوس، ومهابة في
القلوب لا يوازنها شئ.
كتب إلينا المعمر العالم أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون (2) من
مدينة تونس عام سبع مئة، عن أبي القاسم أحمد بن يزيد القاضي، عن
شريح بن محمد الرعيني، أن أبا محمد بن حزم كتب إليه قال: أخبرنا
يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود، أخبرنا قاسم بن أصبغ، حدثنا إبراهيم

(1) طبعة المجمع: لموقعا.
(2) ترجمه الذهبي في " مشيخته " الورقة 69، فقال: عبد الله بن محمد بن هارون بن محمد بن
عبد العزيز العلامة المعمر أبو محمد الطائي القرطبي المالكي الكاتب البليغ. ولد بقرطبة سنة ثلاث
وست مئة، وسمع " الموطأ " كله من القاضي أبي القاسم بن بقي في سنة عشرين وست مئة، وسمع
الموطأ، وقرأ كامل المبرد على ابن بقي وتلا بالسبع على أبي العلى إدريس بن محمد الأنصاري صاحب
أبي جعفر أحمد بن خلصة. روى عنه أبو حيان النحوي، وأبو عبد الله الوادي آشي، وأبو العباس
الخشاب، وأبو مروان، وكتب إلينا بمروياته في سنة سبع مئة، وتوفي في ذي القعدة سنة اثنتين
وسبع مئة، وعلى هذا فقد تغير قبل موته تغير الهرم. وقال الوادي آشي في " برنامجه " ص 51: قرأت
عليه وسمعت، وأجازني إجازة عامة، وكتب خطه بها، وعمر حتى ألحق الأصاغر بالأكابر، واختلط
عليه في آخر عمره..
203

ابن عبد الله، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصوم جنة ".
أخرجه مسلم (1)، عن أبي سعيد الأشج، عن وكيع.
وبه: قال ابن حزم: حدثنا أحمد بن محمد الجسوري (2)، حدثنا
محمد بن عبد الله بن أبي دليم، حدثنا محمد بن وضاح، حدثنا أبو بكر بن
أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حميد، عن بكر بن عبد الله
المزني، عن ابن عمر قال: إنما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، وأهللنا به
معه، فلما قدم قال: " من لم يكن معه هدي فليحلل ". فأحل الناس إلا من
كان مه هدي، وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هدي، ولم يحل (3).
وبه: قال ابن حزم: حدثني أحمد بن عمر العذري، حدثنا عبد الله
ابن الحسين بن عقال (4)، حدثنا عبيد الله بن محمد السقطي، حدثنا أحمد
ابن جعفر بن سلم، حدثنا عمر بن محمد الجوهري، حدثنا أحمد بن محمد
الأثرم، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا هشيم، أخبرنا حميد، حدثنا بكر بن
عبد الله، سمعت أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج

(1) رقم (1151) (164) في الصيام: باب فضل الصيام، وأخرجه مالك 1 / 310، ومن
طريقه البخاري (1894) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري (1904)
ومسلم (1151) (163) والنسائي 4 / 163، وأحمد 2 / 273 من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن
أبي صالح، عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري (7492) والدارمي 2 / 25 من طريق أبي نعيم عن
الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
(2) طبعة المجمع: " الجسور ".
(3) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 28 بمعناه من طريقين عن حماد بن سلمة، عن حميد
بهذا الاسناد، وأورده الهيثمي في " المجمع " 3 / 233، ونسبه لأحمد، وقال: رجاله رجال
الصحيح.
(4) طبعة المجمع: " عقاب ".
204

والعمرة جميعا. قال بكر: فحدثت بذلك ابن عمر، فقال: لبى بالحج
وحده (1).
وقع لنا هذا في " مسند " أحمد، فأنا وابن حزم فيه سواء.
وبه: إلى (2) ابن حزم فيما أحرق له المعتضد بن عباد (3) من الكتب
يقول:
فإن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي * تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي * وينزل إن أنزل ويدفن في قبري
دعوني من إحراق رق وكاغد * وقولوا بعلم كي يرى الناس من يدري
وإلا فعودوا في المكاتب بدأة * فكم دون ما تبغون لله من ستر
كذاك النصارى يحرقون إذا علت * أكفهم القرآن في مدن الثغر (4)
وبه (5) لابن حزم:
أشهد الله والملائك أني * لا أرى الرأي والمقاييس دينا

(1) هو في " المسند " 3 / 99، 100، وأخرجه مسلم (1232) من طريق سريج بن يونس،
والنسائي 5 / 150 من طريق يعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن هشيم بهذا الاسناد، وأخرجه النسائي
5 / 150، وأحمد 3 / 99 من طريق هشيم، عن يحيى بن أبي إسحاق، وعبد العزيز بن صهيب،
وحميد الطويل، ثلاثتهم عن أنس. وهو في " المسند " 3 / 111 من طريق سفيان، عن حميد، عن
أنس و 3 / 164 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس و 3 / 182 عن
يحيى، عن حميد، عن أنس، و 3 / 183 عن وكيع، عن ابن أبي ليلى، عن ثابت، عن أنس.
(2) طبعة المجمع: " قال " بدل " إلى ".
(3) سترد ترجمته برقم (129).
(4) الأبيات ما عدا الأخير منها في " الذخيرة " 1 / 1 / 171 و " معجم الأدباء " 12 / 252 -
253. والأبيات الثلاثة الأولى منها - على اختلاف في ترتيبها عن هنا - في " نفح الطيب " 2 / 82،
والبيت الأول منها في " لسان الميزان " 4 / 200.
(5) طبعة المجمع: " ولابن " بدون لفظ: " به ".
205

حاش لله أن أقول سوى ما * جاء في النص والهدى مستبينا
كيف يخفى على البصائر هذا * وهو كالشمس شهرة ويقينا
فقلت مجيبا له:
لو سلمتم من العموم الذي * نعلم قطعا تخصيصه ويقينا
وترطبتم فكم قد يبستم (1) * لرأينا لكم شفوفا مبينا
ولابن حزم:
مناي (2) من الدنيا علوم أبثها * وأنشرها في كل باد وحاضر
دعاء إلى القرآن والسنن التي * تناسى رجال ذكرها في المحاضر (3)
وألزم أطراف الثغور مجاهدا * إذا هيعة ثارت فأول نافر
لألقى حمامي مقبلا غير مدبر * بسمر العوالي والرقاق البواتر
كفاحا مع الكفار في حومة الوغى * وأكرم موت للفتى قتل كافر
فيا رب لا تجعل (4) حمامي بغيرها * ولا تجعلني من قطين المقابر
ومن شعره (5):
هل الدهر إلا ما عرفنا (6) وأدركنا * فجائعه تبقى ولذاته تفنى
إذا أمكنت فيه مسرة ساعة * تولت كمر الطرف واستخلفت حزنا

(1) طبعة المجمع: فكنتم يبتسم. وأشار المحقق إلى أنها غير مستقيمة.
(2) تحرفت في " الجذوة ": 310 إلى منابي.
(3) البيتان في " الجذوة ": 310، و " الصلة " 2 / 417، و " البغية ": 417.
(4) طبعة المجمع: " تعجل " ورجح محققه أن تكون الصواب: " تجعل " كما هنا.
(5) والأبيات في " جذوة المقتبس ": 309، و " مطمح الأنفس ": القسم الثاني / 356
نشرة مجلة المورد و " الذخيرة 1 / 1 / 172 - 173، و " الصلة " 2 / 416 - 417، و " البغية ":
416، و " معجم الأدباء " 12 / 244 - 245.
(6) في " الذخيرة ": " رأينا " بدل " عرفنا ".
206

إلى تبعات في المعاد وموقف * نود لديه أننا لم نكن كنا
حنين لما ولى وشغل بما أتى * وهم لما نخشى (1) فعيشك لا يهنا
حصلنا على هم وإثم وحسرة * وفات الذي كنا نلذ به عنا (2)
كأن الذي كنا نسر بكونه * إذا حققته النفس لفظ بلا معنى
وله على سبيل الدعابة - وهو يماشي أبا عمر بن عبد البر - وقد رأى شابا
مليحا، فأعجب ابن حزم، فقال أبو عمر: لعل ما تحت الثياب ليس هناك،
فقال:
وذي عذل فيمن سباني حسنه (3) * يطيل ملامي في الهوى ويقول
أمن (4) حسن وجه لاح لم تر غيره (5) * ولم تدر كيف الجسم أنت قتيل؟ (6)
فقلت له: أسرفت في اللوم فاتئد (7) * فعندي رد (8) لو أشاء طويل (9)
ألم تر أني ظاهري وأنني * على ما بدا حتى يقوم دليل

(1) في " الذخيرة " و " الجذوة " و " معجم الأدباء " و " الصلة " و " البغية ": وغم لما
يرجى. وقد ورد هذا البيت في هذه المصادر قبل البيت الأخير.
(2) في " الصلة ": عينا، وفي " معجم الأدباء ": منا.
(3) في الأصل " حبه " وفي جميع المصادر: " حسنه ".
(4) في " الذخيرة " و " وفيات الأعيان ": " أفي " بدل " أمن "، وفي " نفح الطيب "
و " المغرب ": أمن أجل.
(5) في " الذخيرة ": غيبه.
(6) في " المغرب " و " نفح الطيب ": أنت عليل.
(7) في " الذخيرة " و " وفيات الأعيان ": " ظالما " بدل " فاتئد "، والشطر الثاني من البيت
فيهما:
وعندي رد لو أردت طويل
(8) تحرف في " مطمح الأنفس " إلى " ود ".
(9) الأبيات في " مطمح الأنفس ": القسم الثاني / 355 - 356 " نشرة مجلة المورد "،
و " الذخيرة " 1 / 1 / 175، و " معجم الأدباء " 12 / 243 - 244، و " المغرب في حلي المغرب "
1 / 356، و " وفيات الأعيان " 3 / 327، و " نفح الطيب " 2 / 82.
207

أنشدنا أبو الفهم بن أحمد السلمي، أنشدنا ابن قدامة، أنشدنا ابن البطي،
أنشدنا أبو عبد الله الحميدي، أنشدنا أبو محمد علي بن أحمد لنفسه (1):
لا تشمتن (2) حاسدي إن نكبة عرضت * فالدهر ليس على حال بمترك
ذو الفضل كالتبر طورا تحت ميفعة (3) * وتارة في ذرى تاج على ملك (4)
وشعره فحل كما ترى، وكان ينظم على البديه، ومن شعره:
أنا الشمس في جو العلوم (5) منيرة * ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
ولو أنني من جانب الشرق طالع * لجد على ما ضاع من ذكري النهب (6)
ولي نحو أكناف (7) العراق صبابة * ولا غرو أن يستوحش الكلف الصب
فإن ينزل الرحمن رحلي بينهم * فحينئذ يبدو التأسف والكرب (8)

(1) البيتان في " جذوة المقتبس ": 310، و " مطمح الأنفس ": القسم الثاني / 357
(نشرة مجلة المورد)، و " الذخيرة " 1 / 1 / 174، و " معجم الأدباء " 12 / 245، و " نفح
الطيب " 2 / 82.
(2) في " المطمح " و " الذخيرة " و " نفح الطيب ": لا يشمتن.
(3) الميفعة: الشرف من الأرض، وقد ضبط في الأصل: بكسر الميم، وهو خطأ، وقد
تصحفت في " الجذوة " و " الذخيرة " إلى م‍؟ قعة، وفي " المطمح " إلى " مبقعة ".
(4) رواية هذا البيت في المطمح:
ذو الفضل طورا تراه تحت مبقعة * وتارة قد يرى تاجا على ملك
وورد الشطر الثاني من البيت في " معجم الأدباء " موافقا لرواية " المطمح " أما في " نفح الطيب "
فورد البيت هكذا:
ذو الفضل كالتبر يلقى تحت متربة * طورا، وطورا يرى تاجا على ملك
(5) في " معجم الأدباء " 12 / 254: " السماء " بدل " العلوم ".
(6) في " المغرب ": أجد على ما ضاع من علمي النهب.
(7) في " نفح الطيب ": آفاق، وتصحفت " أكناف " في " الجذوة " إلى " أكتاف ".
(8) بعد هذا البيت في " الجذوة " و " الذخيرة " و " البغية " و " نفح الطيب " و " معجم
الأدباء " 12 / 255:
فكم قائل أغفلته وهو حاضر * وأطلب ما عنه تجئ به الكتب
208

هنالك يدرى (1) أن للبعد قصة (2) * وأن كساد العلم آفته القرب (3)
وله:
أنائم أنت عن كتب الحديث وما * أتى عن المصطفى فيها من الدين
كمسلم والبخاري اللذين هما * شدا عرى الدين في نقل وتبيين
أولى بأجر وتعظيم ومحمدة * من كل قول أتى من رأي سحنون
يا من هدى بهما اجعلني كمثلهما * في نصر دينك محضا غير مفتون
قال ابن حزم في تراجم أبواب " صحيح " البخاري: منها ما هو
مقصور على آية، إذ لا يصح في الباب شئ غيرها، ومنها ما ينبه بتبويبه على
أن في الباب حديثا يجب الوقوف عليه، لكنه ليس من شرط ما ألف عليه
كتابه، ومنها ما يبوب عليه، ويذكر نبذة من حديث قد سطره في موضع
آخر، ومنها أبواب تقع بلفظ حديث ليس من شرطه، ويذكر في الباب ما هو
في معناه.
وقال في أول " الاحكام " (4): أما بعد... فإن الله ركب في النفس
الانسانية قوى مختلفة، فمنها عدل يزين لها الانصاف، ويحبب إليها موافقة
الحق، قال تعالى: * (إن الله يأمر بالعدل) * [النحل: 90]. وقال:

(1) في " الذخيرة " و " نفح الطيب ": يدري، وفي " معجم الأدباء ": تدري.
(2) في " معجم الأدباء " 12 / 255: غصة.
(3) الأبيات في " الجذوة ": 310، و " البغية ": 417، و " الذخيرة " 1 / 1 / 173،
و " معجم الأدباء " 12 / 254 - 255، و " نفح الطيب " 2 / 81، والأولان منها في " المغرب "
1 / 356، والثلاثة الأخيرة منها في: " معجم الأدباء " 12 / 245، و " مطمح الأنفس ": القسم
الثاني / 356 (نشرة مجلة المورد).
(4) " الاحكام في أصول الاحكام " 1 / 4 - 5.
209

* (كونوا قوامين بالقسط) * [النساء: 135] [ومنها غضب وشهوة يزينان
لها الجور، ويعميانها عن طريق الرشد] (1) قال تعالى: * (وإذا قيل له
اتق الله أخذته العزة بالاثم) * [البقرة: 206]. وقال: * (كل حزب بما
لديهم فرحون) * [الروم: 32] فالفاضل يسر بمعرفته، والجاهل يسر بما لا
يدري حقيقة وجهه وبما فيه وباله، ومنها فهم يليح لها (2) الحق من قريب،
وينير [لها في] (3) ظلمات المشكلات، فترى به (4) الصواب ظاهرا جليا،
ومنها جهل يطمس عليها الطريق، ويساوي عندها بين السبل، فتبقى النفس
في حيرة تتردد، وفي ريب تتلدد (5)، ويهجم بها على أحد الطرق المجانبة
للحق تهورا وإقداما، قال تعالى: * (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا
يعلمون) * [الزمر: 9] ومنها قوة التمييز التي سماها الأوائل المنطق،
فجعل لها خالقها بهذه القوة سبيلا إلى فهم خطابه، وإلى معرفة الأشياء على
ما هي عليه، وإلى إمكان التفهم، فبها تكون معرفة الحق من الباطل، ومنها
قوة العقل التي تعين النفس المميزة على نصرة العدل، فمن اتبع ما أناره (6)
له العقل الصحيح، نجا وفاز، ومن عاج عنه هلك، قال تعالى: * (إن في
ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) * [ق: 37].
فأراد بذلك العقل، أما مضغة القلب، فهي لكل أحد، فغير العاقل هو كمن
لا قلب له.

(1) ما بين معكوفين استدراك من كتابه " الاحكام ".
(2) في الأصل: " له " والتصويب من " الاحكام ".
(3) ما بين معكوفين مستدرك من " الاحكام ".
(4) في الأصل: " بها " والتصويب من " الاحكام ".
(5) في " القاموس " تلدد: تلفت يمينا وشمالا، وتحير متبلدا وتلبث.
(6) في الأصل: " أثاره "، والمثبت من " الاحكام " 1 / 5.
210

وكلام ابن حزم، ولو أخذت في إيراد طرفه وما شذ به، لطال
الامر.
قال أبو القاسم بن بشكوال الحافظ في " الصلة " (1) له: قال القاضي
صاعد بن أحمد: كتب إلي ابن حزم بخطه يقول: ولدت بقرطبة في الجانب
الشرقي في ربض منية المغيرة، قبل طلوع الشمس آخر ليلة الأربعاء، آخر
يوم من رمضان سنة أربع وثمانين وثلاث مئة، بطالع العقرب، وهو اليوم
السابع من نونير (2).
قال صاعد: ونقلت من خط ابنه أبي رافع، أن أباه توفي عشية يوم الأحد
لليلتين بقيتا من شعبان، سنة ست وخمسين وأربع مئة، فكان عمره
إحدى وسبعين سنة وأشهرا (3)، رحمه الله.
ومن نظم أبي محمد بن حزم:
لم أشك صدا ولم أذعن بهجران * ولا شعرت مدى دهري بسلوان
أسماء لم أدر معناها ولا خطرت * يوما علي ولا جالت بميداني
لكنما دائي الأدوا الذي عصفت * علي أرواحه قدما فأعياني
تفرق لم تزل تسري طوارقه * إلى مجامع أحبابي وخلاني
كأنما البين بي يأتم حيث رأى * لي مذهبا فهو يتلوني ويغشاني
وكنت أحسب عندي للنوى جلدا * داء عنا (4) في فؤادي شجوها العاني
فقابلتني بألوان غدوت بها * مقابلا من صباباتي بألوان

(1) 2 / 417.
(2) في " الصلة ": نوقمبر.
(3) في " الصلة ": إحدى وسبعين سنة وعشرة أشهر وتسعة وعشرين يوما.
(4) في طبعة المجمع: إذا عتا.
211

وممن مات مع ابن حزم في السنة: الحافظ أبو الوليد الحسن بن محمد
الدربندي (1)، والفقيه أبو القاسم سراج بن عبد الله بن محمد بن سراج، قاضي
الجماعة بقرطبة (2)، والحافظ عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم
النخشبي (3)، وشيخ العربية أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان (4)
ببغداد، ومسند الوقت أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون
النرسي (5)، والمحدث أبو سعيد محمد بن علي بن محمد الخشاب
النيسابوري (6)، والوزير عميد الملك محمد بن منصور الكندري (7).
ولابن حزم:
قالوا تحفظ فإن الناس قد كثرت * أقوالهم وأقاويل الورى محن
فقلت: هل عيبهم لي غير أني لا * أقول بالرأي إذ في رأيهم فتن
وأنني مولع بالنص لست إلى * سواه أنحو ولا في نصره أهن
لا أنثني لمقاييس يقال بها * في الدين بل حسبي القرآن والسنن
يا برد ذا القول في قلبي وفي كبدي * ويا سروري به لو أنهم فطنوا
دعهم يعضوا على صم الحصى كمدا * من مات من قوله عندي له كفن
100 - القاضي أبو تمام *
قاضي واسط، المعمر المسند، أبو تمام، علي بن محمد بن الحسن

(1) سترد ترجمته برقم (138).
(2) تقدمت ترجمته برقم (95).
(3) سترد ترجمته برقم (135) وفيها أنه توفي سنة (457).
(4) سبقت ترجمته برقم (64).
(5) تقدمت ترجمته برقم (37).
(6) سبقت ترجمته برقم (83).
(7) تقدمت ترجمته برقم (55).
* تاريخ بغداد 12 / 103، الاكمال 2 / 291، سؤالات الحافظ السلفي: 10 - 13 ميزان الاعتدال 3 / 155 - 156، لسان الميزان 4 / 261.
212

ابن يزداد البغدادي، الواسطي، المعتزلي.
حدث عن: محمد بن المظفر الحافظ، وأبي الفضل الزهري،
وغيرهما. وتفرد في وقته.
ومات في شوال سنة تسع وخمسين وأربع مئة.
قال أبو بكر الخطيب (1): تقلد قضاء واسط مدة وكان معتزليا.
قلت: آخر من روى عنه بالإجازة أبو القاسم إسماعيل بن
السمرقندي، وبالسماع أبو الكرم نصر الله بن محمد بن الجلخت الأزدي.
101 - السيوري *
شيخ المالكية، وخاتم الأئمة بالقيروان، أبو القاسم، عبد الخالق بن
عبد الوارث المغربي، السيوري، أحد من يضرب بحفظه المثل في الفقه مع
الزهد والتأله.
له تعليقة على " المدونة "، وتخرج به أئمة.
مات سنة ستين وأربع مئة، عن سن عالية. ذكره عياض.
102 - ابن المسلمة * *
الشيخ الامام، الثقة، الجليل، الصالح، مسند الوقت، أبو جعفر

(1) " تاريخ بغداد " 12 / 103.
* ترتيب المدارك 4 / 770 - 771، الديباج المذهب 2 / 22، شجرة النور 1 / 116.
والسيوري: بضم السين المهملة والياء وبعد الواو راء، هذه النسبة إلى عمل السيور، وهو أن يقطع
الجلد سيورا دقاقا، ويخرز بها السروج.
(* *) تاريخ بغداد 1 / 356 - 357، الاكمال 7 / 12، الأنساب: " المسلمي "، المنتظم
8 / 282، اللباب 3 / 211، العبر 3 / 259 - 260، دول الاسلام 1 / 274، الوافي بالوفيات
2 / 83، تبصير المنتبه 4 / 1285، النجوم الزاهرة 5 / 94، شذرات الذهب 3 / 323.
213

محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن حسن بن عبيد بن عمرو بن خالد بن
الرفيل السلمي، البغدادي، ابن المسلمة. أسلم الرفيل المذكور على يد
عمر رضي الله عنه (1).
ومولد أبي جعفر في ربيع الأول سنة خمس وسبعين وثلاث مئة.
وسمع أبا الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، فكان خاتمة
أصحابه.
والقاضي أبا محمد بن معروف، وإسماعيل بن سويد، ومحمد بن
أخي ميمي، وعيسى بن الوزير، وأبا طاهر المخلص.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو علي البرداني، وتمرتاش بن
بختكين، والقاسم بن طاهر المعقلي، ومحمد بن مطر العباسي، وأبو سعد
المبارك بن علي المخرمي الفقيه، وأبو الحسن بن الزاغوني، وأبو عبد الله
الحميدي، وأبو الغنائم النرسي، وأبو بكر قاضي المرستان، وأبو الفتح عبد
الله بن البيضاوي، ومحمد بن الفرج المعلم، وهبة الله بن محمد الرفيلي،
ومحمد بن محمد السلال، وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، وأبو
منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو الفضل محمد بن عمر
الأرموي، ومحمد بن أحمد الطرائفي، ومحمد بن علي بن الداية، وأبو
تمام أحمد بن محمد بن المختار الهاشمي، نزيل نيسابور، وخلق كثير.
وكان صحيح الأصول، كثير السماع، جميل الطريقة.
.

(1) " تاريخ بغداد " 1 / 357، و " المنتظم " 8 / 282، و " الوافي " 2 / 83
214

قال أبو الفضل بن خيرون: كان ثقة صالحا.
وقال أبو سعد السمعاني: سمعت إسماعيل بن الفضل الحافظ يقول:
أبو جعفر ثقة محتشم.
قلت: توفي في تاسع جمادى الأولى سنة خمس وستين وأربع مئة.
وأبوه:
103 - [ابن المسلمة] *
هو الامام العابد، الصدوق، أبو الفرج، أحمد بن محمد بن عمر
المعدل.
سمع أبا بكر النجاد، وأحمد بن كامل القاضي، وابن علم (1)،
ودعلجا.
قال الخطيب (2): كان ثقة يملي في السنة مجلسا واحدا، وكان موصوفا
بالعقل والفضل والبر، وداره مألف لأهل العلم، وكان صواما، كثير التلاوة.
مات في ذي القعدة، سنة خمس عشرة وأربع مئة، عن ثمان وسبعين
سنة.
قلت: حدث عنه الخطيب، وطراد الزينبي، وغيرهما.
وتفقه على شيخ الحنفية أبي بكر الرازي.
وسرد الصوم وكان يتهجد بسبع القرآن.
.

* تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (210)، وذكرت مصادر ترجمته هناك.
(1) هو محمد بن عبد الله بن علم الصفار، كما في " تاريخ بغداد " 5 / 67.
(2) " تاريخ بغداد " 5 / 67
215

قال رئيس الرؤساء: كان جدي يختلف إلى أبي بكر الرازي، ورئي له
أنه من أهل الجنة.
وابن أخيه:
104 - [رئيس الرؤساء] *
هو وزير القائم بأمر الله (1)، الصدر المعظم، رئيس الرؤساء، أبو
القاسم، علي بن الحسن بن الشيخ أبي الفرج بن المسلمة.
استكته القائم، ثم استوزره، وكان عزيزا عليه جدا، وكان من خيار
الوزراء العادلين.
ولد سنة 397.
وسمع من جده، وابن أبي مسلم الفرضي، وإسماعيل الصرصري.
حدث عنه: الخطيب، وكان خصيصا به، ووثقه، وقال (2): اجتمع
فيه من الآلات ما لم يجتمع في أحد قبله، مع سداد مذهب، ووفور عقل،
وأصالة رأي.
قال ابن الجوزي: وزر أبو القاسم في سنة ثلاث وأربعين، ولقب جمال
.

* تاريخ بغداد 11 / 391 - 392، المنتظم 8 / 196 - 197، و 200 - 201، الكامل في
التاريخ 9 / 530 و 640 - 644، المختصر 2 / 177 - 178، الفخري: 295، العبر 3 / 221،
دول الاسلام 1 / 264، تتمة المختصر 1 / 547، البداية والنهاية 12 / 78 - 80، تاريخ ابن خلدون
3 / 457 - 459، النجوم الزاهرة 5 / 6 - 7، 64، دائرة المعارف الاسلامية 1 / 278، معجم
الأنساب والأسرات الحاكمة: 9، 20.
(1) سترد ترجمة القائم بأمر الله برقم (146).
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 391
216

الورى، شرف الوزراء (1). ولم يبق له ضد إلا البساسيري، الأمير المظفر أبو
الحارث التركي (2)، فإن أبا الحارث عظم جدا، ولم يبق للملك الرحيم بن
بويه (3) معه سوى الاسم، ثم إنه خلع القائم، وتملك بغداد، وخطب بها
لصاحب مصر المستنصر، فقتل رئيس الرؤساء أبا القاسم بن المسلمة (4).
وقال محمد بن عبد الملك الهمذاني: أخرج رئيس الرؤساء وعليه عباءة
وطرطور، وفي رقبته مخنقة جلود وهو يقرأ: * (قل اللهم مالك الملك...) *
[آل عمران: 26] ويرددها، فطيف به على جمل، ثم خيط عليه جلد ثور
بقرنين، وعلق وفي فكيه كلوبان (5)، وتلف في آخر النهار في ذي الحجة سنة
خمسين وأربع مئة (6).
قلت: كان من علماء الكبراء ونبلائهم.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق، أخبرنا الفتح بن عبد السلام،
أخبرنا محمد بن عمر، ومحمد بن أحمد الطرائفي، ومحمد بن علي قالوا:
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد المعدل، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن،
سنة ثمانين وثلاث مئة، أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا قتيبة بن
سعيد، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس، عن أبي موسى الأشعري: أن

(1) انظر " المنتظم " 8 / 200.
(2) تقدمت ترجمته برقم (70).
(3) تقدمت ترجمته برقم (59).
(4) انظر " الكامل " 9 / 640 وما بعدها.
(5) مثنى كلوب، قال في " القاموس ": " والكلوب: المهماز، كالكلاب ".
وفي " المنتظم " 8 / 197: وعلق بكلابين من حديد في كتفيه، وفي " المختصر " 2 / 178:
وجعل في كفه كلابان من حديد.
(6) الخبر بنحوه في " المنتظم " 8 / 196 - 197، و " الكامل " 9 / 644، و " الفخري ":
295، و " المختصر " 2 / 178.
217

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، ريحها
طيب وطعمها طيب ".
وبه: إلى الفريابي: حدثنا هدبة، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن
أنس بن مالك، عن أبي موسى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمن الذي
يقرأ القرآن كمثل الأترجة ". متفق عليه (1).
مات مع ابن المسلمة (2) السلطان ألب آرسلان السلجوقي (3)، وعائشة
ابنة أبي عمر البسطامي (4)، وأبو الغنائم بن المأمون (5)، وأبو القاسم بن
القشيري (6)، وصردر شاعر وقته أبو منصور علي بن الحسن (7)، والحافظ أبو
سعد السكري (8)، وكريمة المروزية (9)، وأبو عثمان محمد بن أحمد بن
محمد بن ورقاء، وأبو الحسين بن المهتدي بالله (10)، وأبو المظفر هناد
النسفي.
.

(1) أخرجه البخاري (5020) في فضائل القرآن: باب فضل القرآن على سائر الكلام،
و (5059): باب من راءى بالقرآن أو تأكل به أو فخر به، و (5427) في الأطعمة، و (7560) في
التوحيد، ومسلم (797) في صلاة المسافرين: باب فضيلة حافظ القرآن، وأخرجه أبو داود (4830)
والترمذي (2865) والنسائي 8 / 124، وابن ماجة (214).
(2) يقصد: أبا جعفر محمد بن أحمد بن محمد البغدادي المتوفى سنة (465) ه‍.
(3) سترد ترجمته برقم (210).
(4) سترد ترجمتها برقم (215).
(5) سترد ترجمته برقم (107).
(6) سترد ترجمته برقم (109).
(7) سترد ترجمته برقم (143).
(8) سترد ترجمته برقم (213).
(9) سترد ترجمتها برقم (110) وصحح المؤلف هناك أن تكون وفاتها سنة (463).
(10) سترد ترجمته برقم (117)
218

105 - الزهراوي *
الامام، العالم، الحافظ، المجود، محدث الأندلس مع ابن عبد
البر، أبو حفص، عمر بن عبيد الله بن يوسف بن حامد الذهلي (1)،
القرطبي، الزهراوي. ومدينة الزهراء: بعض نهار عن قرطبة، أنشأها الناصر
الأموي (2).
ولد سنة إحدى وستين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبي محمد بن أسد، وعبد الوارث بن سفيان، والقاضي
أبي المطرف بن فطيس، وأبي عبد الله بن أبي زمنين، وسلمة بن سعيد،
وأبي المطرف القنازعي، وعبد السلام بن سمح، وأبي القاسم بن عصفور،
وأبي الوليد بن الفرضي، وطبقتهم من أهل قرطبة والزهراء وإشبيلية. وكتب
إليه بالإجازة أبو الحسن القابسي، وطائفة.
وكان معتنيا بنقل الحديث وجمعه وسماعه (3).
حدث عنه: أبو عبد الله بن عتاب، وابنه عبد الرحمن، وابنه الآخر أبو
القاسم، وأبو مروان الطبني (4)، وأبو عمر بن مهدي المقرئ، وقال: وكان

* الصلة 2 / 399 - 401، بغية الملتمس: 408، تذكرة الحفاظ 3 / 1127 - 1128،
العبر 3 / 233، طبقات الحفاظ: 432، شذرات الذهب: 3 / 293.
(1) في " الصلة " 2 / 399، ابن يوسف بن عبد الله بن يحيى بن حامد الذهلي، ثم قال: كذا
قرأت نسبه بخطه.
(2) هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله أبو المطرف الأموي المرواني، سلطان الأندلس،
المتوفي سنة (350)، وقد مرت ترجمته في الجزء الثامن برقم (62).
(3) انظر " الصلة " 2 / 400.
(4) ضبطت في الأصل بضم الطاء وسكون الباء، وضبطها السمعاني كذلك، وضبطها أيضا
بضم الباء وكسر النون المشددة، وهي نسبة إلى الطبن: بلدة بالمغرب من أرض الزاب، والزاب في
219

خيرا ثقة، متصاونا، قديم الطلب. حدث عنه أبو علي الغساني، وذكر أنه
اختلط في آخر عمره (1).
قال ابن بشكوال (2): أخبرنا عنه أبو محمد بن عتاب وقال لي: لحق أبا
حفص في آخر عمره خصاصة، فكان يتكفف الناس. قال: وقرأت بخط أبي
مروان الطبني: أخبرني أبو حفص الزهراوي قال: شددت ثمانية أحمال كتب
لأنقلها إلى مكان، فما تم حتى انتهبها البربر.
توفي في صفر، سنة أربع وخمسين وأربع مئة، عن اثنتين وتسعين.
سنة.
106 - المأمون *
ملك طليطلة، أبو زكريا، يحيى بن صاحب طليطلة الأمير إسماعيل بن
عبد الرحمن بن عامر بن ذي النون الهواري، الأندلسي.
استولى أبوه على البلد بعد العشرين وأربع مئة، ونزعوا طاعة
المروانية، وتملك المأمون بعد أبيه سنة خمس وثلاثين (3)، فامتدت أيامه
خمسا وعشرين سنة، عاكفا على اللذات والخلاعة، وصادر الرعية، وهادن

- عدوة بلاد المغرب، وقيل: طبنة، ساكنة الباء المخففة، كما ذكره عبد الغني بن سعيد: انظر
" الأنساب " 8 / 212.
(1) " الصلة " 2 / 400، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1127.
(2) في " الصلة " 2 / 400.
* الذخيرة ق 4 / م 1 / 147 - 149، الكامل 9 / 288 - 289، المغرب في حلي المغرب
2 / 12، تاريخ ابن خلدون 4 / 161، أزهار الرياض 2 / 208، نفح الطيب 1 / 529، 643،
645، أعمال الاعلام 2 / 205 - 206، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة: 89، الاعلام
8 / 138.
(3) انظر " الكامل " 9 / 288.
220

العدو، وقدم الأطراف، فطمعت فيه الفرنج، بل في الأندلس، وأخذت عدة
حصون إلى أن أخذوا منهم طليطلة في سنة ثمان وسبعين وأربع مئة، وجعلوها
دار ملكهم - فإنا لله وإنا إليه راجعون - وكان المأمون أراد أن يستنجد بالفرنج
على تملك مدائن الأندلس، فكاتب طاغيتهم: أن تعال في مئة فارس،
والملتقى في مكان كذا، فسار في مئتين، وأقبل الطاغية في ستة آلاف،
وجعلهم كمينا له، وقال: إذا رأيتمونا قد اجتمعنا، فأحيطوا بنا. فلما اجتمع
الملكان، أحاط بهم الجيش، فندم المأمون، وحار، فقال الفرنجي: يا
يحيى! وحق الإنجيل كنت أظنك عاقلا، وأنت أحمق! جئت إلي، وسلمت
مهجتك بلا عهد ولا عقد، فلا نجوت مني حتى تعطيني ما أطلب. قال:
فاقتصد. فسمى له حصونا، وقرر عليه مالا في كل سنة، ورجع ذليلا
مخذولا، وذلك بما قدمت يداه.
توفي سنة ستين وأربع مئة (1).
- 107 - ابن المأمون *
الشيخ الامام، الثقة، الجليل، المعمر، أبو الغنائم، عبد الصمد بن
علي بن محمد بن الحسن بن الفضل بن المأمون بن الرشيد الهاشمي،
العباسي، البغدادي، شيخ المحدثين ببغداد.
قال أبو سعد السمعاني: كان ثقة، صدوقا، نبيلا، مهيبا، كثير
الصمت، تعلوه سكينة ووقار، وكان رئيس آل المأمون وزعيمهم. طعن في
السن، ورحل إليه الناس، وانتشرت روايته في الآفاق.

(1) انظر " الكامل " 9 / 288 - 289، وفيه: أنه مات مقتولا بيد القاضي ابن جحاف الأحنف.
* تاريخ بغداد 11 / 46، المنتظم 8 / 280، العبر 3 / 259، دول الاسلام 1 / 274،
شذرات الذهب 3 / 319.
221

سمع أبا الحسن الدارقطني، وعلي بن عمر السكري، وأبا نصر
الملاحمي، وجده أبا الفضل بن المأمون، وعبيد الله بن حبابة، وطائفة.
روى لنا عنه: يوسف بن أيوب الهمذاني، ومحمد بن عبدا لباقي
الفرضي، وأبو منصور القزاز، وغيرهم.
قال الخطيب (1): كان صدوقا، كتبت عنه.
قال السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن أبي الغنائم ابن
المأمون، فقال: شريف محتشم، ثقة، كثير السماع.
وقال عبد الكريم بن المأمون: ولد أخي أبو الغنائم سنة ست وسبعين
وثلاث مئة (2).
وقال غيره: ولد سنة أربع وسبعين.
قلت: وحدث عنه: الحميدي، وأبي النرسي، وأحمد بن ظفر،
وأبو الفتح عبد الله بن البيضاوي، وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي،
وروى عنه بعدهم بالإجازة مسعود بن الحسن الثقفي، ثم ظهر أن ذلك ليس
بصحيح، فرجع عن الرواية.
مات في سابع عشر شوال، سنة خمس وستين وأربع مئة.
108 - الداوودي *
الامام العلامة، الورع، القدوة، جمال الاسلام، مسند الوقت، أبو

(1) " تاريخ بغداد " 11 / 46.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 11 / 46.
* الأنساب 5 / 263 - 264، المنتظم 8 / 296، السياق: الورقة 42 / ب، المنتخب:
الورقة: 190 اللباب: 1 / 487، طبقات ابن الصلاح: الورقة 57 أ، طبقات النووي: الورقة
89 ب - 91 أ، العبر 3 / 264 - 265، المشتبه: 100، فوات الوفيات 2 / 295 - 296، طبقات
السبكي 5 / 117 - 120، طبقات الأسنوي 1 / 525 - 526، البداية والنهاية 12 / 112، النجوم
الزاهرة؟ / 99، شذرات الذهب 3 / 327.
222

الحسن، عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود بن أحمد بن
معاذ الداوودي، البوشنجي (1).
مولده في ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وثلاث مئة.
وسمع " الصحيح " و " مسند " عبد بن حميد وتفسيره، و " مسند "
أبي محمد الدارمي من أبي محمد بن حمويه السرخسي ببوشنج، وتفرد في
الدنيا بعلو ذلك، وسمع بهراة من عبد الرحمن بن أبي شريح، وبنيسابور من
أبي عبد الله الحاكم، وابن يوسف، وابن محمش، وببغداد من ابن الصلت
المجبر، وابن مهدي الفارسي، وعلي بن عمر التمار.
وكان مجيئه إلى بغداد سنة تسع وتسعين وثلاث مئة، فأقام بها أعواما،
وتفقه على أبي حامد، وعلى أبي الطيب الصعلوكي، وأبي بكر القفال، وابن
محمش.
وقيل: إنه كان يتقوت بما يحمل إلى من ملك له ببوشنج، ويبالغ في
الورع، ومحاسنه جمة.
قال أبو سعد السمعاني: كان وجه مشايخ خراسان فضلا عن ناحيته،
والمعروف في أصله وفضله وطريقته، له قدم في التقوى راسخ، يستحق أن
يطوى للتبرك به فراسخ، فضله في الفنون مشهور، وذكره في الكتب مسطور،
وأيامه غرر، وكلامه درر. قرأ الأدب على أبي علي الفنجكردي (2). والفقه

(1) سيرد ضبطه للمؤلف في آخر الترجمة.
(2) في الأصل: الفلجردي، والتصحيح من " الأنساب ". والفنجكردي: بفتح الفاء
وسكون النون وضم الجيم أو سكونها وكسر الكاف وسكون الراء وفي آخرها دال مهملة - هذه النسبة إلى
فنجكرد، وهي من قرى نيسابور.
223

على عدة، كان ما يأكله يحمل من بوشنج إلى بغداد احتياطا، صحب أبا علي
الدقاق، وأبا عبد الرحمن السلمي بنيسابور، وصحب فاخرا السجزي
ببست (1) في رحلته إلى غزنة (2)، ولقي يحيى بن عمار الواعظ. إلى أن قال:
وأخذ في مجلس التذكير والفتوى، والتدريس والتصنيف، وكان ذا حظ من
النظم والنثر. حدثنا عنه مسافر بن محمد وأخوه أحمد، وأبو المحاسن أسعد
ابن زياد الماليني، وأبو الوقت عبد الأول السجزي، وعائشة بنت عبد الله
البوشنجية (3).
وسمعت يوسف بن محمد بن فاروا الأندلسي، سمعت علي بن
سليمان المرادي يقول: كان أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل يقول:
سمعت " الصحيح " من أبي سهل الحفصي، وأجازه لي الداوودي، وإجازة
الداوودي أحب إلي من السماع من الحفصي (4).
وسمعت أسعد بن زياد يقول: كان شيخنا الداوودي بقي أربعين سنة لا
يأكل لحما، وقت تشويش التركمان، واختلاط النهب، فأضر به، فكان يأكل
السمك، ويصطاد له من نهر كبير، فحكي له أن بعض الامراء أكل على حافة
ذلك النهر ونفضت سفرته وما فضل في النهر، فما أكل السمك بعد (5).

(1) قال ياقوت: بست، بالضم: مدينة بين سجستان وغزنين وهراة، وأظنها من أعمال كابل.
(2) قال ياقوت: غزنة، بفتح أوله، وسكون ثانيه، ثم نون، هكذا يتلفظ بها العامة،
والصحيح عند العلماء غزنين، ويعربونها فيقولون: جزنة... وهي مدينة عظيمة وولاية واسعة في
طرف خراسان.
(3) انظر " الأنساب " 5 / 263 - 264.
(4) انظر " طبقات " السبكي 5 / 119.
(5) انظر " طبقات " الأسنوي 1 / 525.
224

وسمعت محمود بن زياد الحنفي، سمعت المختار بن عبد الحميد
البوشنجي يقول: صلى أبو الحسن الداوودي أربعين سنة ويده خارجة من كمه
استعمالا للسنة، واحتياطا لاحد القولين في وضع اليدين وهما مكشوفتان حالة
السجود.
قال السلفي: سألت المؤتمن عن الداوودي، فقال: كان من سادات
رجال خراسان، ترك أكل الحيوانات وما يخرج منها منذ دخل التركمان
ديارهم. تفقه بسهل الصعلوكي، وبأبي حامد الأسفراييني.
قال ابن النجار: كان من الأئمة الكبار في المذهب، ثقة، عابدا،
محققا، درس وأفتى، وصنف ووعظ.
قال أبو القاسم عبد الله بن علي، أخو نظام الملك: كان أبو الحسن
الداوودي لا تسكن شفته من ذكر الله، فحكي أن مزينا أراد قص شاربه،
فقال: سكن شفتيك. قال: قل للزمان حتى يسكن. ودخل أخي نظام الملك
عليه، فقعد بين يديه، وتواضع له، فقال لاخي: أيها الرجل! إنك (1) سلطك
الله على عباده، فانظر كيف تجيبه إذا سألك عنهم.
ومن شعره:
رب تقبل عملي * ولا تخيب أملي
أصلح أموري كلها * قبل حلول الأجل (2)
وله:
يا شارب الخمر اغتنم توبة * قبل التفاف الساق بالساق

(1) في " المنتظم " 8 / 296، و " طبقات " السبكي 5 / 119: إن الله سلطك.
(2) البيتان في " طبقات الأسنوي " 1 / 525.
225

الموت سلطان له سطوة * يأتي على المسقي والساقي
قال عبد الغافر في " تاريخه ": ولد الداوودي في ربيع الآخر سنة
أربع وسبعين وثلاث مئة.
وقال الحسين بن محمد الكتبي: توفي ببوشنج في شوال، سنة سبع
وستين وأربع مئة.
وبوشنج: بشين معجمة - وقيل: أوله فاء -: بلدة على سبعة فراسخ من
هراة. وبعضهم يقول: بسين مهملة (1).
أنشدنا ابن اليونيني، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أنشدنا أبو السمح
الحافظ بتستر، أنشدنا الداوودي ببوشنج لنفسه:
كان اجتماع الناس فيما مضى * يورث البهجة والسلوة
فانقلب الامر إلى ضده * فصارت السلوة في الخلوة (2)
وقال عبد الله بن عطاء الإبراهيمي: أنشدنا الداوودي لنفسه:
كان في الاجتماع من قبل (3) نور * فمضى النور وأدلهم الظلام
فسد الناس والزمان جميعا * فعلى الناس والزمان السلام (4)

(1) وبه ضبطها السبكي في " الطبقات " 5 / 117، وقد ذكر ياقوت بوسنج بالسين المهملة،
وقال: من قرى ترمذ ثم ذكر بوشنج بالشين المعجمة، وقال: بليدة من نواحي هراة، ثم ذكر فيها شعر
لصاحب الترجمة الداوودي. وكذا فرق بينهما الذهبي في " المشتبه ".
(2) البيتان في " طبقات " السبكي 5 / 120، و " فوات الوفيات " 2 / 296.
(3) في " المنتظم " و " النجوم الزاهرة ": " للناس بدل " من قبل ".
(4) البيتان في " المنتظم " 8 / 296، و " فوات الوفيات " 2 / 296، و " طبقات " السبكي
5 / 120، و " النجوم الزاهرة " 5 / 99.
226

109 - القشيري *
الإمام الزاهد، القدوة، الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن
عبد الملك بن طلحة القشيري، الخراساني، النيسابوري، الشافعي،
الصوفي، المفسر، صاحب " الرسالة " (1).
ولد سنة خمس وسبعين وثلاث مئة.
وتعاني الفروسية والعمل بالسلاح حتى برع في ذلك، ثم تعلم الكتابة
والعربية، وجود.
ثم سمع الحديث من: أبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف، صاحب أبي
العباس الثقفي، ومن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الأسفراييني، وأبي

* تاريخ بغداد 11 / 83، دمية القصر 2 / 993 - 998، الأنساب 10 / 156، تبيين كذب
المفتري 271 - 276، المنتظم 8 / 280، الكامل 10 / 88، اللباب 3 / 38، طبقات
ابن الصلاح: الورثة / 61، إنباه الرواة 2 / 193، وفيات الأعيان 3 / 205 - 208، تاريخ أبي
الفدا 2 / 190، العبر 3 / 259، دول الاسلام 1 / 274، تلخيص ابن مكتوم: 114، تتمة
المختصر: 114، مسالك الابصار 5 / 1 / 89 - 91، مرآة الجنان 3 / 91 - 93، طبقات السبكي
5 / 153 - 162، طبقات الأسنوي 2 / 313 - 315، البداية والنهاية 12 / 107، طبقات الأولياء:
257 - 261، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: 26 أ، النجوم الزاهرة 5 / 91 - 92، طبقات
المفسرين للسيوطي: الورقة 21 - 22، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 338 - 346، مفتاح السعادة
2 / 107 - 109، تاريخ الخميس 2 / 358 - 359، كشف الظنون: 520، 1260، 1551،
شذرات الذهب 3 / 319 - 322، نفحات الانس: 354، درر الابكار: 111، معجم السفر
1 / 17، روضات الجنات: 444، هدية العارفين 607 - 608، الرسالة المستطرفة: 166،
مقدمة الرسالة القشيرية، طبعة الدكتور عبد الحليم محمود، ومحمود بن الشريف، والقشيري: بضم
القاف وفتح الشين وسكون الياء وفي آخرها راء، هذه النسبة إلى قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن
صعصعة، قبيلة كبيرة.
(1) المسماة بالرسالة القشيرية، وقد صنفها في الكلام على رجال الطريقة وأحوالهم
وأخلاقهم، وقد طبعت أكثر من مرة، وطبعت أيضا مع شرحها للشيخ زكريا الأنصاري، وقد ترجمت
إلى اللغة الفرنسية أيضا.
227

الحسن العلوي، وعبد الرحمن بن إبراهيم المزكي، وعبد الله بن يوسف،
وأبي بكر بن فورك، وأبي نعيم أحمد بن محمد، وأبي بكر بن عبدوس،
والسلمي، وابن باكويه، وعدة.
وتفقه على أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي، والأستاذ أبي إسحاق
الأسفراييني، وابن فورك. وتقدم في الأصول والفروع، وصحب العارف أبا
علي الدقاق، وتزوج بابنته، وجاءه منها أولاد نجباء.
قال القاضي ابن خلكان: كان أبو القاسم علامة في الفقه والتفسير
والحديث والأصول والأدب والشعر والكتابة. صنف " التفسير الكبير " (1) وهو
من أجود التفاسير، وصنف " الرسالة " في رجال الطريقة، وحج مع الامام أبي
محمد الجويني، والحافظ أبي بكر البيهقي. وسمعوا ببغداد والحجاز (2).
قلت: سمعوا من هلال الحفار، وأبي الحسين بن بشران، وطبقتهما.
قال (3): وذكره أبو الحسن الباخرزي (4) في كتاب " دمية القصر "
وقال (5): لو قرع الصخر بسوط (6) تحذيره، لذاب، ولو ربط (7) إبليس في
مجلسه، لتاب.
قلت: حدث عنه أولاده عبد الله، وعبد الواحد، وأبو نصر عبد

(1) زاد ابن خلكان: وسماه " التيسير في علم التفسير ".
(2) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 205 - 206.
(3) القائل ابن خلكان 3 / 206.
(4) في الأصل: " الباخزري " بتقديم الزاي، وهو خطأ.
(5) " الدمية " 2 / 993.
(6) تحرف في: " وفيات الأعيان " إلى: " بصوت ".
(7) في " الدمية ": ولو ارتبط.
228

الرحيم، وعبد المنعم، وزاهر الشحامي، وأخوه وجيه، ومحمد بن الفضل
الفراوي، وعبد الوهاب بن شاه، وعبد الجبار بن محمد الخواري، وعبد
الرحمن بن عبد الله البحيري، وحفيده أبو الأسعد هبة الرحمن، وآخرون.
ومات أبوه وهو طفل، فدفع إلى الأديب أبي القاسم اليمني (1)، فقرأ
عليه الآداب، وكانت للقشيري ضيعة مثقلة بالخراج بأستوا (2)، فتعلم طرفا من
الحساب، وعمل قليلا ديوانا، ثم دخل نيسابور من قريته، فاتفق حضوره
مجلس أبي علي الدقاق، فوقع في شبكته، وقصر أمله، وطلب القبا، فوجد
العبا، فأقبل عليه أبو علي، وأشار عليه بطلب العلم، فمضى إلى حلقة
الطوسي، وعلق " التعليقة " وبرع، وانتقل إلى ابن فورك، فتقدم في
الكلام، ولازم أيضا أبا إسحاق، ونظر في تصانيف ابن الباقلاني، ولما توفي
حموه أبو علي تردد إلى السلمي، وعاشره، وكتب المنسوب، وصار شيخ
خراسان في التصوف، ولزم المجاهدات، تخرج به المريدون (3).
وكان عديم النظير في السلوك والتذكير، لطيف العبارة، طيب
الأخلاق، غواصا على المعاني، صنف كتاب " نحو القلوب "، وكتاب
" لطائف الإشارات " (4)، وكتاب " الجواهر "، وكتاب " أحكام السماع "،
وكتاب " عيون الأجوبة في فنون الأسولة "، وكتاب " المناجاة "، وكتاب

(1) كذا في الأصل، وفي " تبيين كذب المفتري "، و " طبقات " السبكي والأسنوي،
و " طبقات " الداوودي: " الأليماني " ولم نجد ترجمة هذه النسبة.
(2) قال ياقوت: بالضم ثم السكون وضم التاء المثناة وواو وألف: ناحية من نيسابور كثيرة
القرى.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 206، و " تبين كذب المفتري " 273 - 274، و " طبقات "
السبكي 5 / 155 - 156، و " طبقات " الأسنوي 2 / 314.
(4) وقد طبع الدكتور إبراهيم بسيوني الأقسام الثلاثة الأولى منه.
229

" المنتهى في نكت أولي النهى " (1).
قال أبو سعد السمعاني: لم ير الأستاذ أبو القاسم مثل نفسه في كماله
وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية أستواءة، وهو قشيري
الأب، سلمي الام (2).
وقال أبو بكر الخطيب (3): كتبنا عنه، وكان ثقة، وكان حسن الوعظ،
مليح الإشارة، يعرف الأصول على مذهب الأشعري، والفروع على مذهب
الشافعي، قال لي: ولدت في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاث مئة.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الامناء في سنة ثلاث وتسعين،
أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن، أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه
الشاذياخي، أخبرنا زين الاسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن، أخبرنا أبو
نعيم عبد الملك، أخبرنا أبو عوانة، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن
وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، حدثني سعيد بن المسيب، عن أبي
هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا رجل يسوق بقرة قد حمل عليها، التفتت إليه،
وقالت: إني لم أخلق لهذا، إنما خلقت للحرث. فقال الناس: سبحان
الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر " (4).

(1) انظر مؤلفاته في " هدية العارفين " 1 / 607 - 608.
(2) أورد مثل هذا الخبر ابن عساكر في " تبيين كذب المفتري ": 272.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 83.
(4) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3471) في الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل من
طريق علي بن عبد الله، ومسلم (2388) في فضائل الصحابة: باب فضائل أبي بكر من طريق محمد
ابن عباد، كلاهما عن سفيان بن عيينة عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة،
وأخرجه الترمذي (3677) من طريق محمود بن غيلان، عن أبي داود، عن شعبة، عن سعد بن
إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
230

وبه إلى عبد الكريم: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي، سمعت
الحسين بن يحيى، سمعت جعفر بن محمد بن نصير، سمعت الجنيد
يقول: قال أبو سليمان الداراني: ربما تقع في قلبي النكتة من نكت القوم
أياما، فلا أقبل منه إلا شاهدين عدلين من الكتاب والسنة (1).
قال أبو الحسن الباخرزي (2): ولأبي القاسم " فضل النطق
المستطاب " (3)، ماهر (4) في التكلم على مذهب أبي الحسن الأشعري،
خارج في إحاطته بالعلوم عن الحد البشري، كلماته للمستفيدين فرائد (5)،
وعتبات منبره للعارفين وسائد، وله نظم تتوج به رؤوس معاليه إذا ختمت به
أذناب أماليه.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: ومن جملة أحوال أبي القاسم ما خص به
من المحنة في الدين، وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين
وأربع مئة إلى سنة خمس وخمسين، وميل بعض الولاة إلى الأهواء، وسعي
بعض الرؤساء إليه بالتخليط، حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس، وتفرق
شمل الأصحاب، وكان هو المقصود من بينهم حسدا، حتى اضطر إلى مفارقة
الوطن، وامتد في أثناء ذلك إلى بغداد، فورد على القائم بأمر الله، ولقي

(1) انظر الخبر وتخريجه في الجزء العاشر من الكتاب ص 183، في ترجمة أبي سليمان
الداراني رقم (34)، وأراد ب‍ " النكتة ": كلمة الحكمة، وب‍ " القوم ": الصالحين ممن اشتهر
بالخير.
(2) في " دمية القصر " 2 / 993 - 994، وفي الأصل: الباخزري وهو خطأ.
(3) اسم في " الدمية ": " فصل الخطاب في فضل النطق المستطاب "، وكذلك ورد اسمه في
" كشف الظنون " 2 / 1260.
(4) تحرفت في الأصل إلى: " ما هو ".
(5) في " الدمية ": كلماته كلها رضي الله عنه للمستفيدين فوائد وفرائد.
231

قبولا، وعقد له المجلس في مجالسه المختصة به، وكان ذلك بمحضر ومرأى
منه، وخرج الامر بإعزازه وإكرامه، فعاد إلى نيسابور، وكان يختلف منها إلى
طوس بأهله، حتى طلع صبح الدولة ألبآرسلانية (1) فبقي عشر سنين
محترما مطاعا معظما (2).
ومن نظمه:
سقى الله وقتا كنت أخلو بوجهكم * وثغر الهوى في روضة الانس ضاحك
أقمت زمانا والعيون قريرة * وأصبحت يوما والجفون سوافك (3)
أنشدنا أبو الحسين الحافظ، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا السلفي،
أخبرنا القاضي حسن بن نصر بنهاوند، أنشدنا أبو القاسم القشيري لنفسه:
البدر من وجهك مخلوق * والسحر من طرفك مسروق
يا سيدا تيمني حبه * عبدك من صدك مرزوق
ولأبي القاسم أربعون حديثا من تخريجه سمعناها عالية.
قال عبد الغافر: توفي الأستاذ أبو القاسم صبيح يوم الأحد السادس
والعشرين من ربيع الآخر، سنة خمس وستين وأربع مئة (4).
قلت: عاش تسعين سنة.

(1) أي دولة السلطان ألب آرسلان والذي ستأتي ترجمته برقم (210) في هذا الجزء.
(2) الخبر بنحوه في " تبيين كذب المفتري " 274 - 275، و " طبقات " السبكي 5 / 157 -
158.
(3) البيتان في " وفيات الأعيان " 3 / 207. وانظر بعض نظمه في " طبقات " السبكي
5 / 160 - 162، و " دمية القصر " 2 / 994 - 996.
(4) انظر " تبيين كذب المفتري " 275 - 276.
232

وقال المؤيد في " تاريخه " (1): أهدي للشيخ أبي القاسم فرس، فركبه
نحوا من عشرين سنة، فلما مات الشيخ لم يأكل الفرس شيئا، ومات بعد
أسبوع.
110 - كريمة *
الشيخة، العالمة، الفاضلة، المسندة، أم الكرام، كريمة بنت أحمد
ابن محمد بن حاتم (2) المروزية (3)، المجاورة بحرم الله.
سمعت من أبي الهيثم الكشميهني (4) " صحيح " البخاري، وسمعت
من زاهر بن أحمد السرخسي (5)، وعبد الله بن يوسف بن بامويه
الأصبهاني (6).
وكانت إذا روت قابلت بأصلها، ولها فهم ومعرفة مع الخير والتعبد.
روت " الصحيح " مرات كثيرة، مرة بقراءة أبي بكر الخطيب في أيام
الموسم، وماتت بكرا لم تتزوج أبدا.

(1) " المختصر في أخبار البشر " 2 / 190.
* لاكمال 7 / 171، المنتظم 8 / 270، الكامل 10 / 69، المختصر في أخبار البشر
2 / 188، العبر 3 / 254، دول الاسلام 1 / 274، تتمة المختصر 1 / 565، البداية والنهاية
12 / 105، القاموس المحيط: مادة " كشميهنة "، العقد الثمين 8 / 310، شذرات الذهب
3 / 314، تاج العروس 9 / 43 مادة " كرم " و 9 / 321 مادة (كشميهنة)، الدر المنثور: 458.
(2) في " المنتظم ": ابن أبي حاتم.
(3) نسبة إلى مرو الشاهجان، وهى مرو العظمى أشهر مدن خراسان وقصبتها، والنسبة إليها
مروزي على غير قياس. انظر " معجم البلدان ": 5 / 112 - 113، وقد تحرفت في " أعلام "
الزركلي إلى " المروذية " بالذال وتشديد الراء نسبة إلى مرو الروذ.
(4) وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (361).
(5) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (352).
(6) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (145).
233

حدث عنها: الخطيب، وأبو الغنائم النرسي، وأبو طالب الحسين بن
محمد الزينبي، ومحمد بن بركات السعيدي، وعلي بن الحسين الفراء،
وعبد الله بن محمد بن صدقة بن الغزال، وأبو القاسم علي بن إبراهيم
النسيب، وأبو المظفر منصور بن السمعاني، وآخرون.
قال أبو الغنائم النرسي: أخرجت كريمة إلى النسخة " بالصحيح "،
فقعدت بحذائها، وكتبت سبع (1) أوراق، وقرأتها، وكنت أريد أن أعارض
وحدي، فقالت: لا حتى تعارض معي. فعارضت معها.
قال: وقرأت عليها من حديث زاهر.
وقال أبو بكر بن منصور السمعاني: سمعت الوالد يذكر كريمة،
ويقول: وهل رأى إنسان مثل كريمة؟.
قال أبو بكر: وسمعت بنت أخي كريمة تقول: لم تتزوج كريمة قط،
وكان أبوها من كشميهن (2)، وأمها من أولاد السياري (3)، وخرج بها أبوها إلى
بيت المقدس، وعاد بها إلى مكة، وكانت قد بلغت المئة.
قال ابن نقطة: نقلت وفاتها من خط ابن ناصر سنة خمس وستين وأربع
مئة.
قلت: الصحيح موتها في سنه ثلاث وستين.
قال هبة الله بن الأكفاني سنة ثلاث: حدثني عبد العزيز بن علي الصوفي
قال، سمعت بمكة من مخبر بأن كريمة توفيت في شهور هذه السنة.

(1) في الأصل: سبعة، والصواب ما أثبتناه.
(2) ضبطها السمعاني بكسر الميم، وضبطها ياقوت بفتحها، وهي قرية من قرى مرو القديمة،
وقد خربت، وهى في القاموس " كشميهنة ".
(3) بفتح السين المهملة وتشديد الياء المثناة، هذه النسبة إلى سيار، وهو جد المنتسب إليه.
234

وقال أبو جعفر محمد بن علي الهمداني: حججت سنة ثلاث وستين،
فنعيت إلينا كريمة في الطريق، ولم أدركها.
111 - ابن الخالة *
العلامة، شيخ الأدب، أبو غالب، محمد بن أحمد بن سهل بن بشران
الواسطي، اللغوي، الحنفي، المعدل. وكان جده للام هو ابن عم
المحدث أبي الحسين (1) بن بشران.
مولد أبي غالب في سنة ثمانين (2) وثلاث مئة.
وسمع من أبي القاسم علي بن كردان النحوي، وأبي الحسين علي بن
دينار، وأبي عبد الله العلوي، وأحمد بن عبيد بن بيري، وأبي الفضل
التميمي، وعدة.
روى عنه: أبو عبد الله الحميدي، وهبة الله الشيرازي، وعلي بن
محمد الجلابي، وخلق.
وبالإجازة أبو القاسم بن السمرقندي.

* دمية القصر 1 / 317 - 320 و 349 - 351، سؤالات الحافظ السلفي: 20 - 22،
المنتظم 8 / 259 - 260، معجم الأدباء 17 / 214 - 224، إنباه الرواة 3 / 44 - 45، أخبار
المحمدين من الشعراء: 28، الاستدراك: ج 1 / ورقة: 141 / أ باب (خالة وجالة)، الكامل
10 / 62، العبر 3 / 250، ميزان الاعتدال 3 / 459 - 460، الوافي بالوفيات 2 / 82 - 83، البداية
والنهاية 12 / 100، الجواهر المضية 2 / 11 - 12 (طبعة الهند)، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 12،
لسان الميزان 5 / 43 - 44، تبصير المنتبه 2 / 524، النجوم الزاهرة 5 / 85 - 86، بغية الوعاة
1 / 26 - 27، شذرات الذهب 3 / 310.
(1) وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (189).
(2) في المنتظم: " سنة ثلاثين " وهو خطأ.
235

قال أبو سعد السمعاني: كان الناس يرحلون إليه لأجل اللغة، وهو مكثر
من رواية كتبها.
وقال خميس الحوزي (1): قرأ كتاب سيبويه على ابن كردان (2)، ولازم
حلقة الشيخ أبي إسحاق الرفاعي، تلميذ السيرافي، فكان يقول: قرأت عليه
من أشعار العرب ألف ديوان (3). قال: وكان جيد الشعر (4)، معتزليا.
وقال أحمد بن صالح الجيلي: كان أحد شهود واسط، وكان عالما
بالأدب، راوية له، ثقة، بارعا في النحو، صار شيخ العراق في اللغة في
وقته، وانتهت الرحلة إليه في هذا العلم. ثم سرد أسماء مشايخه. حدث
عنه: الحميدي، وأبو الفرج محمد بن عبيد الله قاضي البصرة. إلى أن قال:
أنبأنا ابن السمرقندي، وأبو عبد الله ابن البناء، ومحمد بن علي ابن الجلابي
قالوا، أخبرنا أبو غالب إجازة.
مات في نصف رجب سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
قلت: شاخ وعمر.

(1) " سؤالات الحافظ السلفي ": 21 - 22.
(2) هو أبو القاسم علي بن طلحة بن كردان الواسطي، المتوفى سنة 424 ه‍، مرت ترجمته في
الجزء السابع عشر برقم (284). وقد تحرف في " معجم الأدباء " 17 / 221، إلى " ابن كروان ".
(3) في " لسان الميزان " 5 / 43 " ديوانا " وهو خطأ يوهم أن كلمة ألف قبلها هي فعل " ألف "
ووقع في هذا الوهم الأستاذ الزركلي في " الاعلام " 6 / 207، وتابعه الأستاذ كحالة في " معجم
المؤلفين " 8 / 267.
(4) انظر بعض نظمه في " المنتظم " 8 / 259 - 260، و " دمية القصر " 1 / 317 - 319، و
" الوافي بالوفيات " 2 / 82 - 83، و " معجم الأدباء " 17 / 215 - 224، ومنه:
لا تغترر بهوى الملاح فربما * ظهرت خلائق للملاح قباح
وكذا السيوف يرون حسن صقالها * وبحدها تتخطف الأرواح
236

وفيها مات:
112 - [الأسد اباذي] *
الشيخ أبو منصور أحمد علي الأسد اباذي (1) بتبريز.
يروي عن عبيد الله الصيدلاني، وغيره.
كذبه ابن خيرون (2).
قيل: عاش ستا وتسعين سنة.
قال أبو بكر الخطيب (3): كان مخلطا مجازفا، سمع لنفسه على أبي بكر
ابن شاذان.
وفيها مات:
113 - [ابن أبي علانة] * *
الشيخ أبو سعد محمد بن الحسين بن عبد الله بن أبي علانة ببغداد فجأة
في شعبان.
ثقة.
حدث عن أبي طاهر المخلص.

* تاريخ بغداد 4 / 325 - 326، المنتظم 8 / 258، ميزان الاعتدال 1 / 121، لسان
الميزان 1 / 225 - 226. والأسداباذي: بفتح الألف والسين والذال المهملتين والباء المنقوطة
بواحدة بين الألفين وفي آخرها الذال، نسبة إلى أسداباذ، وهي بليدة على منزل من همذان إذا خرجت
إلى العراق، عمرها أسد بن ذي السرو الحميري في اجتيازه مع تبع. وأسداباذ أيضا: قرية من أعمال
بيهق من نواحي نيسابور أنشأها أسد بن عبد الله القسري. انظر " الأنساب " و " معجم البلدان ".
(1) في " تاريخ بغداد " زيادة: " المعروف بالمقرئ ".
(2) انظر " ميزان الاعتدال " 1 / 121، و " لسان الميزان " 1 / 225، و " المنتظم "
8 / 258.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 326، وفيه وفاته سنة (461) ه‍.
(* *) تاريخ بغداد 2 / 257، الاكمال 6 / 306، الأنساب 9 / 101 - 102، المنتظم
8 / 260، اللباب 2 / 367، تبصير المنتبه 3 / 962.
237

كتب عنه الخطيب، وصحح سماعه (1).
وعاش اثنتين وثمانين سنة.
وفيها (2) توفي بالقدس أبو الغنائم محمد بن محمد بن محمد بن الغراء
البصري المقرئ (3).
114 - الطريثيثي *
أبو الحسن، علي بن محمد بن جعفر الطريثيثي اللحساني، ويقال:
اللحاسي (4).
حدث عن: أبي الحسين الخفاف، وأبي معاذ الشاه، ومحمد بن جعفر
الماليني.
حدث عنه: زاهر الشحامي، ومنصور بن أحمد الطريثيثي.
بقي إلى سنة ستين وأربع مئة.
115 - ابن المهتدي * *
القاضي الشريف، أبو الحسن (5)، محمد بن أحمد بن محمد بن

(1) " تاريخ بغداد " 2 / 257.
(2) أي سنة (462).
(3) ذكر ابن حجر في " التبصير " 3 / 1057 أنه توفي سنة (472).
* لم نعثر له على ترجمة فيما بين أيدينا من مصادر، والطريثيثي: نسبة إلى طريثيث،
وهي: ناحية كبيرة من نواحي نيسابور بها قرى كثيرة، ويقال لها بالعجمية: ترشيز أو ترشيش.
" الأنساب " 8 / 238.
(4) لم نقف على هذه النسبة في كتب الأنساب.
(* *) تاريخ بغداد 1 / 356، المنتظم 8 / 274 - 275، الكامل 10 / 72، البداية والنهاية
12 / 105، النجوم الزاهرة: 5 / 90.
(5) في " الكامل " و " النجوم الزاهرة ": أبو الحسين.
238

عبد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله (1).
ولد في شوال سنة أربع وثمانين وثلاث مئة.
وسمع من عثمان بن عيسى الباقلاني الزاهد، والحافظ أبي بكر بن
بكير، وابن رزقويه.
روى عنه: أبو بكر القاضي، ويحيى بن الطراح، وطائفة. ومن
أقرانه: الحافظ أبو بكر الخطيب، وأبو علي البرداني.
قال الخطيب: كان صدوقا، قال: إنه قرأ القرآن على أبي القاسم
الصيدلاني، وسمع منه، لكن لم يكن عنده ما سمع منه.
قال أحمد بن صالح: كان ثقة مأمونا، مات في جمادى الأولى، سنة
أربع وستين وأربع مئة.
ومات معه: أبو طاهر المبارك بن الحسين الأنصاري البغدادي الصفار.
ثقة سري، يروي عن: أبي أحمد الفرضي، وبكر بن محمد بن حيد
النيسابوري بالري.
وأبو بكر محمد بن علي بن عبيد الله الطحان (2)، يوم الفطر. يروي عن
ابن سمعون، وكان صالحا.
وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن شاده الأصبهاني (3) القاضي فجأة بسواد

(1) " تاريخ بغداد " 1 / 356.
(2) ترجمته في " المنتظم " 8 / 275.
(3) ترجمته في " المنتظم " 8 / 275، و " البداية " 12 / 105، وقد تصحفت كلمة " شادة "
في " البداية " إلى " شارة " بالراء.
239

العراق. يروي عن أبي عمر بن مهدي، روى عنه: قاضي المرستان، ومفلح
الدومي، وابن الطراح، ويحيى بن البناء.
116 - ابن زيدون *
الصاحب، الوزير، العلامة، أبو الوليد، أحمد بن عبد الله بن أحمد
ابن غالب بن زيدون المخزومي، القرشي، الأندلسي، القرطبي، الشاعر،
حامل لواء الشعر في عصره.
قال ابن بسام (1): كان غاية (2) منثور ومنظوم، وخاتمة شعراء بني
مخزوم، أحد من جر الأيام جرا، وفاق الأنام طرا، وصرف السلطان نفعا
وضرا، ووسع البيان نظما ونثرا، إلى أدب ما للبحر تدفقه، ولا للبدر تألقه،
وشعر ليس للسحر بيانه، ولا للنجوم اقترانه.
إلى أن قال: وكان من أبناء وجوه الفقهاء بقرطبة، فانتقل منها إلى عند
صاحب إشبيلية المعتضد بن عباد، بعد الأربعين وأربع مئة، فجعله من
خواصه، وبقي معه في صورة وزير، وهو صاحب هذه الكلمة البديعة:
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا * شوقا إليكم ولا جفت مآقينا

* جذوة المقتبس: 130 - 131، قلائد العقيان: 79، الذخيرة 1 / 1 / 336 - 428،
الخريدة 2 / 48 - 71، بغية الملتمس: 186 - 187، المطرب: 164، المعجب: 74، إعتاب
الكتاب: 207، المغرب في حلي المغرب 1 / 63 - 69، وفيات الأعيان 1 / 139 - 141،
المختصر في أخبار البشر 2 / 187، العبر 3 / 253، تتمة المختصر 1 / 563 - 564، الوافي 7 / 87 -
94، مرآة الجنان 3 / 14 - 15، البداية والنهاية 12 / 104 - 105، النجوم الزاهرة 5 / 88، نفح
الطيب 1 / 627 وغيرها وانظر الفهرس، كشف الظنون: 278، 841، شذرات الذهب 3 / 312 -
313، إيضاح المكنون 1 / 485، دائرة المعارف الاسلامية 1 / 186، كنوز الأجداد: 251 -
260، ابن زيدون: لعلي عبد العظيم.
(1) في " الذخيرة ": 1 / 1 / 336.
(2) في المطبوع من " الذخيرة ": صاحب.
240

كنا نرى اليأس تسلينا عوارضه * وقد يئسنا فما لليأس يغرينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا * يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حالت لفقدكم أيامنا فغدت * سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
ليسق عهدكم عهد السرور فما * كنتم لأرواحنا إلا رياحينا (1)
توفي في رجب سنة ثلاث وستين وأربع مئة.
وقد وزر ابنه أبو بكر (2) للمعتمد (3) بن عباد.
117 - ابن المهتدي بالله *
الامام العالم الخطيب، المحدث الحجة، مسند العراق، أبو
الحسين، محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الصمد بن محمد بن
المهتدي بالله أمير المؤمنين محمد بن الواثق هارون بن المعتصم الهاشمي،
العباسي، البغدادي، المعروف بابن الغريق (4)، سيد بني هاشم في عصره.
ولد في ذي القعدة سنة سبعين وثلاث مئة.
وسمع الدارقطني، وعمر بن شاهين، فكان آخر من حدث عنهما،
وعلي بن عمر السكري، ومحمد بن يوسف بن دوست، وأبا الفتح يوسف
القواس، وأبا القاسم بن حبابة، وأبا الطيب عثمان بن منتاب، وأبا حفص

(1) الأبيات في " ديوانه ": 9 - 10 طبعة صادر.
(2) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 1 / 141.
(3) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (35).
* تاريخ بغداد 3 / 108 - 109، المنتظم 8 / 283، الكامل 10 / 88، العبر 3 / 260،
دول الاسلام 1 / 274، الوافي بالوفيات 4 / 137، البداية والنهاية 12 / 108، شذرات الذهب
3 / 324، تاج العروس: " مادة غرق " 7 / 34، الرسالة المستطرفة: 71.
(4) تصحفت في " البداية " إلى " العريف ".
241

الكتاني، والمخلص، وعيسى بن الوزير، وإدريس بن علي، وعلي بن عمر
المالكي القصار، وعدة.
ومشيخته في جزئين مروية.
حدث عنه: الخطيب، والحميدي، وشجاع الذهلي، ومحمد بن
طرخان التركي، والمفتي يوسف بن علي الزنجاني، ويحيى بن عبد الرحمن
الفارقي، وأبو بكر محمد بن عبدا لباقي الفرضي، ويوسف بن أيوب
الهمذاني، والقاضي أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبو منصور القزاز،
وخلق كثير.
قال الخطيب (1): كان ثقة نبيلا، ولي القضاء بمدينة المنصور، وهو
ممن شاع أمره بالعبادة والصلاح، حتى كان يقال له: راهب بني هاشم، كتبت
عنه.
وقال أبو سعد السمعاني: حاز أبو الحسين قصب السبق في كل فضيلة،
عقلا وعلما ودينا، وحزما وورعا ورأيا، وقف عليه علو الرواية، ورحل الناس
إليه من البلاد، ثقل سمعه بأخرة، فكان يتولى القراءة بنفسه مع علو سنه،
وكان ثقة، حجة، نبيلا، مكثرا.
وقال أبي النرسي: كان ثقة يقرأ للناس، وكانت إحدى عينيه ذاهبة (2).
وقال أبو الفضل بن خيرون: كان صائم الدهر زاهدا، وهو آخر من
حدث عن الدارقطني وابن دوست، وهو ضابط متحر (3)، أكثر سماعاته
.

(1) " تاريخ بغداد " 11 / 108 - 109.
(2) انظر " المنتظم " 8 / 283.
(3) في الأصل: متحري، والجادة ما أثبت
242

بخطه، ما اجتمع في أحد ما اجتمع فيه، قضى ستا وخمسين سنة، وخطب
ستا وسبعين سنة لم تعرف له زلة، وكانت تلاوته أحسن شئ.
قال أبو بكر بن الخاضبة: رأيت كأن القيامة قد قامت، وكأن من يقول:
أين ابن الخاضبة؟ فقيل لي: ادخل الجنة، فلما دخلت استلقيت على
قفاي، ووضعت إحدى رجلي على الأخرى، وقلت: آه! استرحت والله من
النسخ. فرفعت رأسي، فإذا ببغلة مسرجة ملجمة في يد غلام، فقلت: لمن
هذه؟ فقال: للشريف أبي الحسين بن الغريق. فلما كان في صبيحة تلك
الليلة، نعي إلينا أبو الحسين رحمه الله (1).
وقال الزاهد يوسف الهمذاني: انطرش أبو الحسين، فكان يقرأ علينا،
وكان دائم العبادة، قرأ علينا حديث الملكين (2)، فبكى بكاء عظيما، وأبكى
الحاضرين.
قال ابن خيرون: مات في أول ذي الحجة سنة خمس وستين وأربع
مئة.
وفيها مات السلطان عضد الدولة أبو شجاع آرسلان (3) بن جغريبك،
واسم جغريبك: داود (4) بن ميكال بن سلجوق بن تقاق بن سلجوق التركي
الملك العادل، وجدهم تقاق تفسيره: قوس حديد، فكان أول من أسلم من

(1) الخبر في " المنتظم " 8 / 283، و " الوافي " 2 / 90 في ترجمة ابن الخاضبة وستأتي
ترجمته في " السير " في الجزء التاسع عشر برقم (61).
(2) ينتظر في هذا حديث البراء بن عازب الطويل المخرج في " المسند " 4 / 287 و 288
و 295 و 296، وأبي داود (3212) والطيالسي (753)، وصححه الحاكم 1 / 37 - 40،
وأقره الذهبي، وصححه غير واحد من الأئمة، وهو كما قالوا، وحديث أنس في البخاري
(1374) ومسلم (2870).
(3) سترد ترجمته برقم (210).
(4) وقد تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (51).
243

الترك من السلجوقية، له ممالك واسعة، ومواقف مشهودة، وترجمته في
" تاريخ الاسلام ".
وفيها مات الملك ملك الامراء ناصر الدولة حسين بن الحسن بن حسين
ابن صاحب الموصل ناصر الدولة بن حمدان (1)، أحد الابطال، جرت له
حروب وعجائب، وأظهر بمصر السنة، وكان عمالا على إقامة الدولة لبني
العباس، وقهر العبيدية، وتهيأت له الأسباب، وترك المستنصر على برد
الديار، وأباد الكبار، إلى أن وثب عليه أتراك، فقتلوه، وقد ولي نيابة دمشق
مرة، وأبوه سيف الدولة.
118 - الحفصي *
الشيخ المسند، أبو سهل، محمد بن أحمد بن عبيد الله المروزي،
الحفصي، راوي " صحيح " البخاري عن أبي الهيثم الكشميهني، صاحب
الفربري. حدث به بمرو ونيسابور.
وكان رجلا مباركا من العوام، أكرمه نظام الملك، وسمع منه، ووصله
بجملة.
روى عنه: الشيخ أبو حامد الغزالي، وإسماعيل بن أبي صالح
المؤذن، وعبد الوهاب بن شاه الشاذياخي، ووجيه بن طاره الشحامي، وهبة
الرحمن حفيد القشيري (2)، وخلق سواهم.
قال أبو سعد السمعاني: لم يحدث ب‍ " الصحيح " بمرو، وحمله

(1) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (156).
* الأنساب 4 / 175 - 176، اللباب 1 / 376، العبر 3 / 261، شذرات الذهب
3 / 325.
(2) أي حفيد الامام أبي القاسم القشيري.
244

النظام الوزير إلى نيسابور، فحدث ب‍ " الصحيح " في النظامية، وسمع منه
عالم لا يحصون، وانصرف في سنة خمس وستين وأربع مئة، وفيها مات (1).
وهو محمد بن أحمد بن عبيد الله بن عمر بن سعيد بن حفص، فنسب إلى
الجد، فقيل: الحفصي.
وقيل: مات في سنة ست وستين.
وفيها (2) توفي أبو بكر جماهر بن عبد الرحمن الحجري الطليطلي شيخ
المالكية، والحافظ أبو علي الحسن بن عمر بن يونس الأصبهاني (3)، وعائشة
بنت حسن الوركانية (4)، والفقيه عبد الحق بن محمد الصقلي (5)، وعبد العزيز
الكتاني (6) محدث دمشق، وأبو مسلم عمر بن علي الليثي (7)، والحافظ أبو
بكر محمد بن إبراهيم العطار (8)، وأبو المكارم محمد بن سلطان بن حيوس
الفرضي، وأبو بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي (9).
119 - الصيرفي *
الشيخ الرئيس الثقة، المسند، أبو بكر، يعقوب بن أحمد بن محمد
النيسابوري.

(1) انظر " الأنساب " 4 / 175 - 176، وقال فيه: وتوفي فيما أظن سنة ست.
(2) أي في سنة ست وستين وأربع مئة.
(3) سترد ترجمته برقم (158).
(4) سترد ترجمتها برقم (142).
(5) سترد ترجمته برقم (141).
(6) سترد ترجمته برقم (122).
(7) سترد ترجمته برقم (204).
(8) سترد ترجمته برقم (159).
(9) وهو صاحب الترجمة التالية.
* تذكرة الحفاظ 3 / 1160، العبر 3 / 262، شذرات الذهب 3 / 325.
245

سمع أبا محمد المخلدي، وأبا الحسين الخفاف، وأبا نعيم أحمد بن
محمد بن إبراهيم الأزهري، وأبا عبد الله الحاكم.
حدث عنه: محمد بن الفضل الفراوي، وزاهر بن طاهر، وأخوه
وجيه، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وهبة الرحمن ابن القشيري،
وآخرون.
وكان صحيح الأصول محتشما.
مات في سابع ربيع الأول سنة ست وستين وأربع مئة.
وقع لنا من عواليه بإجازة.
120 - جابر بن ياسين *
ابن حسن بن محمد بن أحمد بن محمويه (1)، الشيخ المسند، أبو
الحسن البغدادي الحنائي (2) العطار.
سمع أبا حفص الكتاني، وأبا طاهر المخلص.
وعنه: الخطيب، والحميدي، وأبو بكر بن عبدا لباقي، وأبو منصور
القزاز، ويحيى بن الطراح، ومحمد بن عمر الأرموي، وآخرون.
مات في شوال سنة أربع وستين وأربع مئة.
قال الخطيب (3): كتبت عنه، وسماعه صحيح.

* تاريخ بغداد 7 / 239 - 240، الأنساب 4 / 244، المنتظم 4 / 244، العبر 3 / 256،
شذرات الذهب 3 / 316.
(1) جاء اسمه في " الأنساب " 4 / 244: جاب بن ياسين محمويه.
(2) نسبة إلى بيع الحناء، وقد تصحفت في " المنتظم " إلى " الجياني ".
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 239.
246

وفيها مات: أحمد بن عثمان بن المخبزي، وأبو منصور بكر بن محمد
ابن علي بن محمد بن حيد (1)، والمعتضد عباد (2) بن محمد، والشريف أبو
الحسن محمد (3) بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن المهتدي بالله في جمادى
الأولى عن ثمانين سنة.
121 - الغندجاني *
مسند واسط، الثقة، أبو محمد، الحسن بن أحمد بن موسى بن داذ
ابن (4) فروخ الغندجاني.
مولده ببغداد: فأكثر باعتناء أبيه، وابن عمه (5) أبي أحمد عبد الوهاب بن
محمد عن المخلص، وعمر الكتاني، وأبي أحمد الفرضي، وإسماعيل
الصرصري، وابن مهدي.
وسكن الأهواز، ثم واسطا، كان عاملها.
روى عنه: الحميدي، ومحمد بن علي الجلابي، وطائفة.
قال خميس (6): هو نبيل جليل، صحيح الأصول، صدوق، ثقة،
.

(1) سترد ترجمته برقم (125).
(2) سترد ترجمته برقم (129).
(3) سبقت ترجمته برقم (115).
* سؤالات السلفي: 2 - 4، الأنساب 9 / 180 - 181. والغندجاني: ضبطها السمعاني
بفتح الغين المعجمة والدال المهملة وسكون النون بينهما، نسبة إلى غندجان وهي بلدة من كور
الأهواز، وضبطها ياقوت بضم الغين وكسر الدال، وقال: بليدة بأرض فارس في مفازة قليلة الماء
معطشة.
(4) سقط لفظ " بن " من نسب ابن عمه أبي أحمد عبد الوهاب في " الأنساب " 9 / 180.
(5) في " السؤالات " ص 2: " وعمه " بدل " وابن عمه " وهو خطأ، لان أبا أحمد عبد الوهاب
ابن محمد هو ابن عمه كما ذكر السمعاني. وقد مرت ترجمته أيضا في الجزء السابع عشر برقم (452).
(6) " سؤالات الحافظ السلفي ": 4
247

مات في أواخر سنة سبع وستين وأربع مئة.
وقال أبو الفضل بن خيرون: مات في أول جمادى الأولى سنة ثمان.
122 - الكتاني *
الامام الحافظ، المفيد الصدوق، محدث دمشق، أبو محمد، عبد
العزيز بن أحمد بن محمد بن علي بن سليمان (1) التميمي، الدمشقي،
الكتاني، الصوفي.
ولد سنة تسع وثمانين وثلاث مئة.
وسمع تمام بن محمد الرازي، وصدقة بن الدلم، وأبا نصر بن هارون،
وأبا محمد بن أبي نصر، ومحمد بن عبد الرحمن القطان، وخلقا كثيرا
بدمشق، وأحمد ومحمد ابني الصياح (2) ببلد (3)، ومن أبي الحسن بن
الحمامي، وعلي بن داود الرزاز، ومحمد بن الروزبهان، وأبي القاسم

* الاكمال 7 / 187، الأنساب 10 / 353، تاريخ ابن عساكر 10 / 174 / 1 - 175 / 1،
المنتظم 8 / 288، اللباب 3 / 83 - 84، الكامل في التاريخ 10 / 93، تذكرة الحفاظ 3 / 1170 -
1171، العبر 3 / 261، دول الاسلام 1 / 275، البداية والنهاية 12 / 109، تبصير المنتبه
3 / 1206، النجوم الزاهرة 5 / 96، طبقات الحفاظ: 439، كشف الظنون: 2019، شذرات
الذهب 3 / 325.
والكتاني: بفتح أوله وتشديد التاء المفتوحة تصحفت في " البداية " إلى الكناني بالنون.
(1) في " الاكمال " و " الأنساب " و " المنتظم ": سلمان، وفي " اللباب ": سلوان.
(2) بالصاد المهملة والياء المثناة التحتية كما في " الاكمال " 5 / 162، وهما أبو منصور محمد
وأبو عبد الله أحمد ابنا الحسين بن سهل بن خليفة البلديان يعرفان بابني الصياح، وقد تصحفت في
" تذكرة الحفاظ " 3 / 1170 إلى " الصباح " بباء موحدة. وانظر " تبصير المنتبه " 3 / 829.
(3) في " معجم البلدان ": بلد، وربما قيل لها: بلط، بالطاء، قال حمزة: بلدة اسمها
بالفارسية شهراباذ وهي مدينة قديمة على دجلة فوق الموصل، وقد تحرفت في " تذكرة الحفاظ " إلى
بلدة.
248

الحرفي، وخلق ببغداد، وسمع بالموصل ومنبج (1) ونصيبين (2)، وكتب
العالي والنازل، حتى إنه كتب " تاريخ بغداد " عن أبي بكر الخطيب.
حدث عنه: الخطيب، والحميدي، وأبو الفتيان الدهستاني، وأبو
القاسم النسيب، وهبة الله بن الأكفاني، وعبد الكريم بن حمزة، وإسماعيل
ابن السمرقندي، وأحمد بن عقيل الفارسي، وأبو المفضل يحيى بن علي
القرشي، وخلق سواهم.
وجمع وصنف، ومعرفته متوسطة، وأول سماعه في سنة سبع وأربع
مئة.
قال ابن ماكولا (3): كتب عني، وكتبت عنه، وهو مكثر متقن.
وقال الخطيب (4): ثقة أمين.
وقال الأكفاني: كان كثير التلاوة، صدوقا، سليم المذهب. مات في
جمادى الآخرة، سنة ست وستين وأربع مئة.
قال ابن الأكفاني: أجاز لكل من أدرك حياته قبل موته مروياته (5).
قلت: روى عنه بهذه الإجازة محفوظ بن صصري، وجماعة.
وكان مديما للتلاوة، مكبا على طلب الحديث، وقد اشتاق أبوه إليه،
وسافر خلفه إلى بغداد، فوجده قد طبخ رزا بلحم، فقربه إليه، فقال: يا

(1) مدينة في سورية تابعة لمحافظة حلب.
(2) مدينة واقعة في الشمال الشرقي لبلاد الشام، قريبة من القامشلي.
(3) " الاكمال " 7 / 187.
(4) في " فوائد النسب " كما في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1171.
(5) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1171.
249

بني! قد عرفت عادتي - وكان قد هجر أكل الرز خشية أن يبتلع فيه عظما فيقتله -
فقال: كل، لا يكون إلا الخير. فأكل، فابتلع عظما، فمات. رواها ابن
عساكر، عن جمال الاسلام، عن ابن أبي العلاء، أو عن الكتاني.
وكان أبوه صوفيا يكنى أبا طاهر، حدث عن يوسف الميانجي.
123 - الإسماعيلي *
الامام الواعظ المعدل، أبو الحسن، أحمد بن عبد الرحيم بن أحمد
الإسماعيلي النيسابوري الحاكم.
حدث عن: أبي الحسين الخفاف، ويحيى بن إسماعيل الحربي،
وأبي العباس السليطي، وأبي علي الروذباري، وجماعة. وحدث ب‍ " سنن "
أبي داود عن الحسن بن داود بن رضوان السمرقندي، صاحب ابن داسه (1).
وقيل: سمعه أيضا من أبي علي الروذباري.
حدث عنه: إسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وزاهر بن طاهر
الشحامي، وأخوه وجيه، وعبد الغافر بن إسماعيل.
ووثقه عبد الغافر، والسمعاني.
مات في جمادى الآخرة، سنة تسع وستين وأربع مئة، وقد قارب
التسعين.
أخبرنا أحمد بن هبة الله في سنة أربع وتسعين، عن عبد المعز بن
محمد، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أحمد بن عبد الرحيم، أخبرنا أبو

* لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي بأيدينا.
(1) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (317).
250

الحسين الخفاف، أخبرنا أبو العباس السراج، حدثنا هناد بن السري، حدثنا
وكيع، عن عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يتحرى أحدكم بصلاة طلوع الشمس ولا غروبها ".
عبد الله بن نافع ضعفوه (1).
124 - الترابي *
الشيخ الجليل، المعمر، مسند خراسان، أبو بكر، محمد بن أبي
الهيثم عبد الصمد بن أبي عبد الله (2) المروزي الترابي.
حدث، وعمر، وتفرد عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي،
صاحب ابن الضريس، والحاكم أبي الفضل محمد بن الحسين الحدادي،
وعبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، ومحمد بن أحمد الدورقي
المروزي، وطائفة.
حدث عنه: الإمام أبو المظفر السمعاني، وعلي بن الفضل الفارمذي،
ومحيي السنة البغوي (3)، وآخرون.

(1) قال ابن معين: ضعيف، وقال ابن المديني: روى أحاديث منكرة، وقال أبو حاتم: منكر
الحديث، وهو أضعف ولد نافع، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث،
وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه، وإن كان غيره يخالفه فيه، ومتن الحديث صح عن ابن عمر من
طريق آخر في " الموطأ " 1 / 220 و " المسند " 2 / 13 و 19 و 33 و 36 و 63 و 106، والبخاري 2 / 49
في مواقيت الصلاة، ومسلم (828) في صلاة المسافرين، والنسائي 1 / 277.
* الاكمال 1 / 534 - 535، الأنساب 3 / 35 - 36، اللباب 1 / 210. قال السمعاني:
والترابي بضم التاء، هم جماعة بمرو ينتسبون هذه النسبة يقال لهم: خاك فروشان [أي باعة التراب]
ولهم سوق ينسب إليهم يبيعون فيه البزور والحبوب.
(2) واسمه: علي، كما في " الاكمال " 1 / 534.
(3) هو الإمام أبو محمد: الحسين بن مسعود بن الفراء البغوي المتوفى سنة (516) وسترد
ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (258).
251

مات في شهر رمضان، سنة ثلاث وستين وأربع مئة، وله ست وتسعون
سنة، ولم يقع لي حديثه إلا بنزول.
125 - ابن حيد *
الاجل، المسند، المعروف بالشيخ المؤتمن، أبو منصور بكر بن
محمد بن علي بن محمد بن حيد (1) النيسابوري التاجر.
حدث بهمذان وببغداد، وتنقل في التجارة.
يروي عن: أبي الحسين الخفاف، ومحمد بن الحسين العلوي، وابن
عبدوس، وابن بامويه.
قال شيرويه: فاتني السماع منه.
وقال السمعاني: حدثنا عنه محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وسعيد بن
أبي الرجاء، وإسماعيل بن علي الحمامي، وسمع منه جدي، وأبو بكر
الخطيب وأثنى عليه (2).
مات في صفر (3) سنة أربع (4) وستين وأربع مئة.
.

* تاريخ بغداد 7 / 97 - 98، الأنساب 3 / 9 - 10، المنتظم 8 / 274، المنتخب: الورقة
49 ب، العبر 3 / 256، البداية والنهاية 12 / 105، تبصير المنتبه 1 / 268.
(1) تحرف في " المنتظم " و " الشذرات " إلى " حيدر "، وقد تحرف اسمه في " البداية "
12 / 105 إلى: زكريا بن محمد بن حيده.
(2) فقال: كان ثقة، حسن الاعتقاد، صحيح المذهب، كثير الدرس للقرآن، محبا لأهل
الخير... " تاريخ بغداد " 7 / 97.
(3) في " المنتظم ": في محرم.
(4) في " الأنساب ": سنة خمس
252

126 - محمد بن مكي *
ابن عثمان المحدث، المسند، أبو الحسين الأزدي المصري.
سمع القاضي علي بن محمد بن إسحاق الحلبي، ومحمد بن أحمد
الأخميمي، والمؤمل بن أحمد الشيباني، والميمون بن حمزة الحسيني،
وعبد الكريم بن أبي جدار الصواف، وأبا مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وأبا
علي أحمد بن خرشيذ قوله، وجده لامه أحمد بن عبد الله بن رزيق البغدادي،
وطائفة. حدث بدمشق وبمصر.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وابن ماكولا، والفقيه نصر المقدسي،
وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي، وعلي بن إبراهيم النسيب، وهبة الله بن
الأكفاني، وعبد الكريم بن حمزة، وطاهر بن سهل الأسفراييني، وأبو القاسم
ابن بطريق، وعدة.
وثقه الكتاني، وقال: توفي في نصف جمادى الأولى سنة إحدى وستين
وأربع مئة.
مولده كان في سنة أربع وثمانين وثلاث مئة. سمعوه في الصغر.
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد في
كتابه سنة ثمان وست مئة، أخبرنا طاهر بن سهل سنة خمس وعشرين وخمس
مئة، أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي، أخبرنا جدي أحمد بن عبد الله بن
رزيق، حدثنا عبد الرحمن بن رشدين المهري (1)، أخبرنا الحارث بن
.

* تذكرة الحفاظ 3 / 1158، العبر 3 / 248، النجوم الزاهرة 5 / 84، حسن المحاضرة
1 / 374، شذرات الذهب 3 / 309.
(1) وقد مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (94)
253

مسكين، حدثنا ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " اقتلوا الحيات، وذا الطفيتين، والأبتر، فإنهما يلتمسان البصر،
ويسقطان الحبل " (1).
127 - الأزهري *
العدل، المسند، الصدوق، أبو حامد، أحمد بن الحسن بن محمد
ابن الحسن بن أزهر الأزهري، النيسابوري، الشروطي (2)، من أولاد
المحدثين.
سمع من أبي محمد المخلدي، وأبي سعيد بن حمدون، وأبي الحسين
الخفاف. وله أصول متقنة.
حدث عنه: زاهر ووجيه ابنا طاهر، وعبد الغافر بن إسماعيل،
وآخرون.
توفي في رجب، سنة ثلاث وستين وأربع مئة.
.

(1) وأخرجه مسلم (2233) من طريق عمرو الناقد، وأبو داود (5252) عن مسدد، كلاهما عن
سفيان بن عينية بهذا الاسناد، وأخرجه البخاري 6 / 248، 249 في بدء الخلق: باب قول الله تعالى
(وبث فيها من كل دابة) من طريق عبد الله بن محمد، عن هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري
به، وأخرجه عبد الرزاق (19616) ومن طريقه مسلم (2233) (30) عن معمر عن الزهري... وهو
في " الموطأ " 2 / 975، 976، وسنن الترمذي (1483). وأراد بذي الطفيتين: الحية التي في
ظهرها خطان، والطفية: خوص المقل، وهى ورقة، وجمعها طفي، شبه الخطين اللذين على ظهره
بخوصتين من خوص المقل وهو شر الحيات فيما يقال، والأبتر: القصير الذنب، والبتر: شرار
الحيات. وقوله: " فإنهما يلتمسان البصر " أي: تخطفانه وتطمسانه وذلك لخاصيته في طباعهما إذا
وقع بصرها على بصر الانسان، وقيل: معناه: أنهما تقصران البصر باللسع.
* العبر 3 / 252، تذكرة الحفاظ 3 / 1131، شذرات الذهب 3 / 311.
(2) هذه النسبة لمن يكتب الصكاك والسجلات لأنها مشتملة على الشروط، فقيل لمن يكتبها:
الشروطي. " الأنساب "
254

وكان مولده في سنة أربع وسبعين وثلاث مئة، وله بصر بالشروط. وقع
لي من عواليه.
128 - المليحي *
الشيخ الصدوق، مسند هراة، أبو عمر عبد الواحد بن أحمد بن أبي
القاسم بن محمد بن داود بن أبي حاتم المليحي الهروي.
سمع أبا محمد المخلدي، وأبا الحسين الخفاف، و عبد الرحمن بن
أبي شريح، ومحمد بن محمد بن سمعان، وأبا حامد أحمد بن عبد الله
النعيمي، وجماعة. وروى " صحيح " البخاري عن النعيمي.
حدث عنه: محيي السنة أبو محمد البغوي، وخلف بن عطاء
الماوردي، وإسماعيل بن منصور المقرئ، ومحمد بن إسماعيل
الفضيلي، وآخرون.
قال المؤتمن الساجي: كان ثقة صالحا، قديم المولد، سماعه
للبخاري بقراءة أبي الفتح بن أبي الفوارس.
قال الحسين بن محمد الكتبي: توفي في جمادى الآخرة، سنة ثلاث
وستين وأربع مئة وله ست وتسعون سنة (1).

* الأنساب: " المليحي "، معجم البلدان 5 / 196، اللباب 3 / 256، تذكرة الحفاظ
3 / 1131، العبر 3 / 254، بغية الوعاة 2 / 119، كشف الظنون: 931، 1204، شذرات
الذهب 3 / 314، روضات الجنات: 464، هدية العارفين 1 / 634. والمليحي: بالحاء المهملة
ذكر المؤلف في آخر الترجمة نسبتها إلى مليح: من قرى هراة، وقد غيرها ناشر " شذرات الذهب " إلى
المليجي (بالجيم) وقال: هي نسبة إلى مليج بلد بمصر. مع أن الأصل عنده بالحاء المهملة!
فتصويبه خطأ.
(1) ذكر السيوطي في " بغية الوعاة " أنه صنف الرد على أبي عبيد في غريب القرآن، و
" الروضة " فيها ألف حديث صحيح، وألف غريب، وألف حكاية، وألف بيت شعر.
255

ومليح: من قرى هراة.
129 - المعتضد *
صاحب إشبيلية، أبو عمرو، عباد بن محمد بن إسماعيل بن عباد
اللخمي الأندلسي، ابن القاضي أبي القاسم.
حكم أبوه على إشبيلية مدة، ومات في سنة 433 (1)، فقام عباد بعده،
وتلقب بالمعتضد بالله.
وكان شهما، مهيبا، شجاعا، صارما، جرى على قاعدة أبيه مدة، ثم
خوطب بأمير المؤمنين. قتل جماعة صبرا، وصادر الكبار، وتمكن. اتخذ في
قصره خشبا جللها برؤوس أمراء وكبار (2)، وكانوا يشبهونه بالمنصور، لكن
مملكة هذا سعة ستة أيام، ومملكة أبي جعفر مسيرة ثمانية أشهر في عرض
أشهر، وقد هم ابنه بقتله، فما تم له، وسجنه أبوه، ثم قتله، ثم عهد بالملك
إلى ابنه المعتمد محمد (3)، وكان جبارا عسوفا (4).
مات سنة أربع (5) وستين وأربع مئة، وقام بعده ابنه.

* جذوة المقتبس: 296 - 297، الذخيرة 2 / 1 / 23 - 41، بغية الملتمس: 395 -
396، الكامل في التاريخ 9 / 286 - 287، المعجب: 151، الحلة السيراء 2 / 39 - 52، وفيات
الأعيان 5 / 23 - 24، البيان المغرب 3 / 204 - 285، العبر 3 / 256، دول الاسلام 1 / 274،
فوات الوفيات 2 / 147 - 149، تاريخ ابن خلدون 4 / 156 - 158، النجوم الزاهرة 5 / 90، نفح
الطيب 4 / 242 - 244، شذرات الذهب 3 / 316 - 318، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة:
86. وانظر أطرافا من أخباره قد أوردها المؤلف في ترجمة ابنه المعتمد في الجزء، 19 برقم (35).
(1) وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (354).
(2) انظر " الذخيرة " 2 / 1 / 26 - 27.
(3) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (35).
(4) وانظر بعض نظم المعتضد في ترجمته من " الذخيرة " و " الحلة السيراء ".
(5) هكذا أورد الذهبي وفاته، وتابعه على ذلك ابن تغري بردي في " النجوم الزاهرة "، وابن
العماد في " الشذرات "، أما في " الذخيرة " و " الكامل " و " وفيات الأعيان " و " تاريخ ابن خلدون "
فقد ذكرت وفاته سنة (461) ه‍. وفي " جذوة المقتبس " فلم يذكر سنة وفاته، بل قال: كان حيا بعد
الأربعين وأربع مئة.
256

قيل: لما رأى ميل الكبار إلى خليفة مرواني أخبرهم بأن المؤيد بالله (1)
الذي زال ملكه سنة أربع مئة عنده، وأحضر جماعة شهدوا له، وقال: أنا
حاجبه. وأمر بذكره على المنابر، واستمر ذلك مدة إلى أن نعاه إلى الناس في
سنة خمس وخمسين وأربع مئة. وزعم أنه عهد إليه بالخلافة. وهذا محال لا
يروج أصلا، ولو كان المؤيد حيا إلى حين نعاه، لكان ابن مئة عام وزيادة.
وقيل: إن طاغية الفرنج سم المعتضد في ثياب أهداها له.
130 - عبد الرحيم بن أحمد *
ابن نصر بن إسحاق بن عمرو، الامام الحافظ الجوال، أبو زكريا
التميمي، البخاري.
سمع بالشام والحجاز، واليمن ومصر والعراق، والثغر وخراسان،
وبخاري والقيروان.
حدث عن: أبي نصر أحمد بن علي الكاتب، ومحمد بن أحمد
غنجار، وأبي عبد الله الحسين بن الحسين الحليمي، وحمزة بن عبد العزيز
المهلبي، وأبي عمر بن مهدي الفارسي، وهلال بن محمد الحفار، وأبي
محمد بن البيع، صاحب المحاملي، وتمام بن محمد الرازي، وعبد الغني
ابن سعيد الحافظ، وخلق كثير.

(1) تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (78).
* التكملة: رقم 1671، تذكرة الحفاظ 3 / 1157 - 1159، العبر 3 / 248، النجوم
الزاهرة 5 / 84، طبقات الحفاظ: 437 - 438، نفح الطيب 3 / 62 - 64، شذرات الذهب
3 / 309.
257

حدث عنه: أبو نصر عبد الوهاب بن الجبان المري، أحد شيوخه،
وعلي بن محمد الحنائي، والفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، ومشرف بن
علي، وعلي بن الحسين الفراء، وجميل بن يوسف، وأبو عبد الله محمد بن
أحمد الرازي وعدة.
مولده في سنة اثنتين وثمانين وثلاث مئة.
وأكبر شيخ له إبراهيم بن محمد بن يزداذ، صاحب ابن أبي حاتم.
قال الرازي في " مشيخته ": دخل أبو زكريا بلاد المغرب وبلاد
الأندلس، وكتب بها، وفي شيوخه كثرة، وكان من الحفاظ الاثبات، ومات
في سنة إحدى وستين (1) وأربع مئة.
وقال ابن طاهر: حدثنا سعد الزنجاني، قال: لم يرو كتاب " مشتبه
النسبة " عن مؤلفه عبد الغني سوى ابن بنته علي بن بقاء، وابن عبد الرحيم
البخاري حدث به.
في قول الزنجاني نظر، فإن رشأ بن نظيف قد رواه أيضا، وهو وعبد
لرحيم ثقتان، والله أعلم.
أنبأنا المسلم بن محمد، عن القاسم بن علي، أخبرنا أبي، أخبرنا
أبو الحسن علي بن المسلم، حدثنا عبد العزيز الكتاني، أخبرنا أبو نصر عبد
الوهاب بن عبد الله المري، حدثني عبد الرحيم بن أحمد البخاري، قدم
علينا، أخبرنا أحمد بن نصر الكاتب ببخارى، أخبرنا أبو نصر أحمد بن سهل،
حدثنا قيس بن أنيف، حدثنا محمد بن صالح، حدثنا محمد بن سليمان
المكي، حدثنا عبد الله بن ميمون القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه،

(1) وفي " نفح الطيب " 3 / 64 نقلا عن ابن عساكر أنه توفي سنة إحدى وسبعين.
258

عن جده، عن علي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اغسلوا ثيابكم، وخذوا من
شعوركم، واستاكوا، وتزينوا. فإن بني إسرائيل لم يكونوا يفعلون ذلك
فزنت نساؤهم " (1).
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا عبد الله بن عبد
الرحمن الديباجي، حدثنا أحمد بن يحيى بن الجارود، حدثنا عبد الرحيم بن
أحمد الحافظ إملاء، أخبرنا محمد بن إبراهيم البصري ببيت المقدس، حدثنا
أحمد بن سلام الطرسوسي، أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد
الطرسوسي، حدثنا يعلى ومحمد ابنا عبيد قالا: حدثنا الأعمش، عن خيثمة،
عن سويد بن غفلة: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: إذا حدثتكم عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بشئ، فإني والله لان أخر من السماء فتخطفني الطير أحب إلي من أن
أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيننا، فإن الحرب خدعة. أخرجه مسلم (2).
ومات معه أبو معمر أحمد بن عبد الواحد البالكي (3) الهروي، راوي

(1) وأورده المؤلف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1158، وقال: هذا لا يصح، وإسناده ظلمة،
قلت: وعلته عبد الله بن ميمون القداح، فقد قال البخاري: ذاهب الحديث، وقال أبو حاتم:
متروك، وقال ابن حبان: لا يجوز أن يحتج بما انفرد به، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير "
1 / 125، ونسبه إلى ابن عساكر، وضعفه بعبد الله بن ميمون.
(2) رقم (1066) في الزكاة: باب التحريض على قتل الخوارج، وتمامه: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول
البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا
لقيتموهم، فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة " وأخرجه البخاري (6930)
من طريق عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، عن الأعمش به، وأخرجه أيضا (3611) و (5057) من
طريق محمد بن كثير عن سفيان، وأخرجه أبو داود (4767) والنسائي 7 / 119 من طريقين، عن
سفيان، عن الأعمش.
(3) قال السمعاني: البالكي: بفتح الباء الموحدة واللام، هذه النسبة إلى بالك، وظني أنها
قرية من قرى هراة أو نواحيها. " الأنساب " 2 / 56.
259

" الجعديات " (1)، عن ابن أبي شريح (2)، وأبو عمر أحمد بن محمد بن مسعود
الجذامي البزلياني القاضي، صاحب ابن زرب وأبي عبد الله بن مفرج عن مئة
سنة، وأبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان الأزدي المصري (3)، ومقرئ مصر
أبو الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي، ومحدث بخارى عمر بن منصور
البزاز (4)، وأبو الحسن أحمد بن الحسن بن علي بن الفضل الكاتب وقد شاخ،
والمظفر بن الحسن سبط ابن لآل (5) الهمذاني، وأبو طاهر عبدا لباقي بن محمد
الأنصاري صهرهبة، وأبو طاهر أحمد بن الحسين بن أبي حنيفة، روى عن أحمد
السوسنجردي، ومختار بن محمد بن محمد النجار، أحد الشعراء، والقدوة أبو
محمد عبد الله بن البرداني زاهد بغداد.
131 - القاضي حسين *
ابن محمد بن أحمد، العلامة شيخ الشافعية بخراسان، أبو علي

(1) هي اثنا عشر جزءا جمع أبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي لحديث شيخ بغداد أبي الحسن
علي بن الجعد بن عبيد الهاشمي مولاهم المتوفى سنة 230 ه‍ عن شيوخه مع تراجمهم وتراجم
شيوخهم.
(2) هو الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن أبي شريح الأنصاري، المتوفى سنة 392.
وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) تقدمت ترجمته برقم (126).
(4) تقدمت ترجمته برقم (81).
(5) هو الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن لآل الهمذاني المتوفى سنة (398) وقد تقدمت ترجمته في
الجزء السابع عشر برقم (41).
* طبقات العبادي: 112، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 164، وفيات الأعيان 2 / 134 -
135، العبر 3 / 249، دول الاسلام 1 / 271، الوافي خ: 11 / 107، مرآة الجنان 3 / 85،
طبقات السبكي 4 / 356 - 365، طبقات الأسنوي 1 / 407 - 408، تبصير المنتبه 4 / 1357،
طبقات ابن هداية الله: 163 - 164، كشف الظنون 1 / 424، 517، شذرات الذهب 3 / 310،
إيضاح المكنون 2 / 188.
260

المروذي (1). ويقال له أيضا: المروروذي (2) الشافعي.
حدث عن: أبي نعيم سبط الحافظ أبي عوانة.
حدث عنه: عبد الرزاق المنيعي، ومحيي السنة البغوي، وجماعة، وهو
من أصحاب الوجوه في المذهب.
تفقه بأبي بكر القفال المروزي.
وله " التعليقة الكبرى " (3) و " الفتاوى " وغير ذلك، وكان من أوعية
العلم، وكان يلقب بحبر الأمة.
ومما نقل في " التعليقة " أن البيهقي نقل قولا للشافعي: أن المؤذن إذا ترك
الترجيع في أذانه لم يصح أذانه (4).
وقيل: إن إمام الحرمين تفقه عليه أيضا (5). ومن أنبل تلامذته محيي

(1) في الأصل: " المروزي " بالزاي، وهو خطأ، وما أثبت هو الصواب كما في " تبصير
المنتبه " 4 / 1357، إذ النسبة إلى مرو الروذ - وهي بلد صاحب هذه الترجمة - مروذي بضم الراء
المشددة وبالذال، ويقال: المروروذي كما ذكر المؤلف، وأما المروزي بالزاي، فهي نسبة إلى مرو
الشاهجان، وكلاهما مدينتان بخراسان. وانظر " معجم البلدان " 5 / 112.
(2) ذكر النووي أن الراء الثانية تلفظ مشددة ومخففة، انظر " تهذيب الأسماء واللغات "
1 / 164.
(3) قال النووي في " تهذيب الأسماء واللغات " 1 / 164: " وما أجزل فوائده، وأكثر فروعه
المستفادة ولكن يقع في نسخه اختلاف، وكذلك تعليق الشيخ أبي حامد ". وقد علق على كلامه هذا
الأسنوي بقوله: وللقاضي في الحقيقة تعليقان، يمتاز كل واحد منهما على الآخر بزوائد كثيرة، وسببه
اختلاف المعلقين عنه، ولهذا نقل ابن خلكان في ترجمة أبي الفتح الأرغياني أن القاضي حسين قال في
حقه: ما علق أحد طريقتي مثله. وقد وقع لي التعليقان بحمد الله تعالى. " طبقات الشافعية " 1 / 408
وفيه أيضا بعض مصنفات القاضي حسين.
(4) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 1 / 165، قال النووي: المذهب الصحيح أن الاذان لا
يبطل بتركه، ولكن يتأكد المحافظة عليه، وقد أوضحته بدلائله في " شرح المهذب ".
(5) انظر " طبقات " السبكي 4 / 357.
261

السنة (1) صاحب " التهذيب ".
مات القاضي حسين بمرو الروذ في المحرم سنة اثنتين وستين وأربع مئة (2).
وفيها توفي أبو بكر أحمد بن محمد بن سياوش الكازروني، والحسن بن
علي بن عبد الصمد اللباد المقرئ، وعبد الله بن الحسن التنيسي ابن النحاس،
ووالد قاضي المارستان، وعبد (3) الله بن إبراهيم بن كبيبة الدمشقي، وأبو
غالب محمد بن أحمد بن سهل الواسطي ابن الخالة (4)، والمفتي محمد بن عتاب
بقرطبة (5)، وأبو الغنائم محمد بن محمد بن الغراء ببيت المقدس، وصاحب
الغرب أبو بكر بن عمر اللمتوني (6).
132 - ابن الدجاجي *
الشيخ الأمين المعمر، أبو الغنائم، محمد بن علي بن علي بن
.

(1) وكتابه " التهذيب " في الفروع تأليف محرر مهذب، مجرد عن الأدلة غالبا، لخصه من
تعليق شيخه القاضي حسين، وزاد فيه ونقص، وهو مشهور عند الشافعية يفيدون منه، وينقلون عنه،
ويعتمدونه في كثير من المسائل يقع في أربعة مجلدات ضخام، يوجد منه المجلد الرابع في ظاهرية
دمشق تحت رقم (292) فقه شافعي يرجع تاريخ نسخه إلى سنة 599 ه‍.
(2) وقد ذكر النووي في آخر ترجمة القاضي حسين فائدة يجدر ذكرها وهي قوله:
" واعلم أنه متى أطلق " القاضي " في كتب متأخري الخراسانيين كالنهاية والتتمة والتهذيب
وكتب الغزالي ونحوها فالمراد القاضي حسين، ومتى أطلق " القاضي " في كتب متوسط العراقيين
فالمراد القاضي أبو حامد المروروذي، ومتى أطلق في كتب الأصول لأصحابنا فالمراد القاضي أبو بكر
الباقلاني الإمام المالكي في الفروع، ومتى أطلق في كتب المعتزلة أو كتب أصحابنا الأصوليين
حكاية عن المعتزلة فالمراد به القاضي الجبائي والله أعلم ".
(3) كذا في الأصل: عبد الله، وفي " تبصير المنتبه " 3 / 1185: " عبيد الله " مصغرا.
(4) تقدمت ترجمته برقم (111).
(5) سترد ترجمته برقم (152).
(6) سترد ترجمته برقم (216).
* تاريخ بغداد 3 / 108، الاكمال، 4 / 208، الأنساب 5 / 282، اللباب 1 / 492، تذكرة
الحفاظ 3 / 1131، المشتبه 1 / 335، العبر 3 / 254 - 255، الوافي بالوفيات 4 / 136 - 137،
تبصير المنتبه 2 / 657، شذرات الذهب 3 / 314
262

حسن (1) ابن الدجاجي البغدادي، محتسب (2) بغداد.
حدث عن: علي بن عمر الحربي، وأبي محمد بن معروف، وإسماعيل
ابن سويد، وطائفة. وله إجازة من المعافى بن زكريا.
حدث عنه: أبو عبد الله الحميدي، وشجاع الذهلي، وناصر بن علي
الباقلاني، وطلحة بن أحمد العاقولي، ومحمد بن عبدا لباقي الأنصاري، وأبو
منصور القزاز، وآخرون.
قال الخطيب: كان سماعه صحيحا، مات في سلخ شعبان سنة ثلاث
وستين وأربع مئة، عن ثلاث وثمانين سنة (3).
ولي الحسبة، فلم يحمد، فصرف (4).
قال السمعاني: قرأت بخط هبة الله السقطي أن ابن الدجاجي كان ذا
وجاهة وتقدم وحال واسعة، وعهدي به وقد أخنى عليه الزمان، وقصدته في
جماعة مثرين لنسمع منه وهو مريض، فدخلنا وهو على بارية (5)، وعليه جبة قد
حرقت النار فيها، وليس عنده ما يساوي درهما، فحمل على نفسه حتى قرأنا عليه
بحسب شره أهل الحديث، فلما خرجنا قلت: هل معكم ما نصرفه إلى الشيخ؟
فاجتمع له نحو خمسة مثاقيل، فدعوت بنته، وأعطيتها، ووقفت لارى تسليمها
له، فلما أعطته، لطم حر وجهه، ونادى: وافضيحتاه: آخذ على حديث رسول

(1) في " تاريخ بغداد ": محمد بن علي بن الحسن.
(2) نسبة إلى الحسبة، وهي من وظائف الدولة الاسلامية، ويراد بها مراقبة السوق في موازينه
ومكاييله وأسعاره، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 108.
(4) انظر " الوافي " 4 / 137.
(5) البارية: الحصيرة.
263

الله صلى الله عليه وسلم عوضا؟ لا والله. ونهض حافيا إلي، وبكى، فأعدت الذهب إليهم،
فتصدقوا به (1).
133 - الفوراني *
العلامة، كبير الشافعية، أبو القاسم (2)، عبد الرحمن بن محمد بن
فوران المروزي الفقيه، صاحب أبي بكر القفال.
له المصنفات الكبيرة في المذهب. وكان سيد فقهاء مرو.
وسمع علي بن عبد الله الطيسفوني (3)، والقفال المروزي.
حدث عنه: عبد الرحمن بن عمر المروزي، وعبد المنعم بن أبي القاسم
القشيري، وزاهر بن طاهر، وآخرون.
صنف كتاب " الإبانة "، وغير ذلك (4).
وهو شيخ الفقيه أبي سعد المتولي (5)، صاحب " التتمة " - يعني تتمة كتاب

(1) الخبر مختصر جدا في " المنتظم " 8 / 271.
* الأنساب 9 / 341، اللباب 2 / 444، الكامل في التاريخ 10 / 68، تهذيب الأسماء
واللغات 2 / 280 - 281 طبقات النووي: الورقة 89، وفيات الأعيان 3 / 132، المختصر في أخبار
البشر 2 / 187، العبر 3 / 247، تتمة المختصر 1 / 563، مرآة الجنان 3 / 84، طبقات السبكي
5 / 109 - 115، طبقات الأسنوي 2 / 255 - 256، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 265، البداية
والنهاية 12 / 98، لسان الميزان 3 / 433 - 434، طبقات ابن هداية الله: 162 - 163، كشف
الظنون: 1، 84، 1441، شذرات الذهب 3 / 309، هدية العارفين 1 / 517. والفوراني
بضم الفاء وسكون الواو وفتح الراء وبعد الألف نون، نسبة إلى جده فوران. وقد تحرفت في
" المختصر " إلى " الغوراني " بالغين.
(2) في " كشف الظنون ": " أبو إسحاق " وهو خطأ.
(3) نسبة إلى طيسفون، وهي قرية من قرى مرو على فرسخين منها " الأنساب " 8 / 291، وقد
تحرفت في " لسان الميزان " 3 / 434 إلى الطسورتي.
(4) انظر " هدية العارفين " 1 / 517.
(5) سترد ترجمته برقم (306).
264

" الإبانة " - فالتتمة كالشرح للإبانة. وقد أثنى أبو سعد المتولي على الفوراني في
خطبة كتاب " التتمة "، وسمع منه أيضا محيي السنة البغوي.
وكان إمام الحرمين يحط على الفوراني، حتى قال في باب الاذان: هذا
الرجل غير موثوق بنقله (1). وقد نقم الأئمة على إمام الحرمين ثوران نفسه على
الفوراني، وما صوبوا صورة حطه عليه، لان الفوراني من أساطين أئمة
المذهب.
توفي سنة إحدى (2) وستين وأربع مئة، وقد شاخ رحمه الله.
134 - المنيعي *
الشيخ الجليل، الحاج الرئيس أبو علي حسان بن سعيد بن حسان بن
محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن منيع بن خالد بن عبد الرحمن بن سيف
.

(1) قال السبكي في " الطبقات " 5 / 110: والذي أقطع به أن الامام لم يرد تضعيفه في النقل من
قبل كذب معاذ الله، وإنما الامام كان رجلا محققا مدققا يغلب بعقله على نقله، وكان الفوراني رجلا
نقالا، فكان الامام يشير إلى استضعاف تفقهه، فعنده أنه ربما أتي من سوء الفهم في بعض المسائل،
هذا أقصى ما لعل الامام يقوله.
وبالجملة ما الكلام في الفوراني بمقبول، وإنما هو علم من أعلام هذا المذهب، وقد حمل عنه
العلم جبال راسيات وأئمة ثقات، وقد كان من التفقه أيضا بحيث ذكر في خطبة " الإبانة " أنه يبين الأصح
من الأقوال والوجوه، وهو من أقدم المنتدبين لهذا الامر.
وقال ابن خلكان في " الوفيات " 3 / 132: وسمعت بعض فضلاء المذهب يقول: إن إمام
الحرمين كان يحضر حلقته وهو شاب يومئذ، وكان الفوراني لا ينصفه، ولا يصغي إلى قوله لكونه شابا،
فبقي في نفسه منه شئ، فمتى قال في " نهاية المطلب ": وقال بعض المصنفين كذا وغلط في ذلك،
وشرع في الوقوع فيه، فمراده أبو القاسم الفوراني.
(2) في " الكامل " و " المختصر " و " تتمة المختصر ": وفاته سنة ثلاث وستين.
* الأنساب: " المنيعي "، المنتظم 8 / 270، اللباب 3 / 265 - 266، الكامل في
التاريخ 10 / 69، معجم البلدان 5 / 217، تذكرة الحفاظ 3 / 1131، العبر 30 / 253 - 254،
الوافي 11 / 362، مرآة الجنان، 3 / 87، طبقات السبكي 4 / 299 - 302، البداية والنهاية
12 / 103 - 104، شذرات الذهب 3 / 313 - 314
265

الله خالد بن الوليد المخزومي، الخالدي، المنيعي، المروروذي.
سمع أبا طاهر بن محمش، وأبا القاسم بن حبيب، وأبا الحسن بن
السقا، وطائفة.
روى عنه: محيي السنة أبو محمد البغوي، وعبد المنعم بن القشيري،
وعبد الوهاب بن شاه، وآخرون.
قال عبد الغافر: هو الرئيس أبو علي الحاجي (1)، شيخ الاسلام المحمود
بالخصال السنية، عم الآفاق بخيره وبره، وكان في شبابه تاجرا، ثم عظم حتى
كان من المخاطبين من مجالس السلاطين، لم يستغنوا عن رأيه، فرغب إلى
الخيرات، وأناب إلى التقوى، وبنى المساجد والرباطات وجامع مرو الروذ،
يكسو في الشتاء نحوا من ألف نفس، وسعى في إبطال الأعشار عن بلده، ورفع
الوظائف عن القرى، واستدعى صدقة عامة على أهل البلد غنيهم وفقيرهم،
فتدفع إلى كل واحد خمسة دراهم، وتم ذلك بعده، وكان ذا تهجد وصيام
واجتهاد (2).
قال السمعاني: كان في شبابه يجمع بين الدهقنة والتجارة، ويسلك طريق
الفتيان حتى ساد، ولما تسلطن سلجوق، ظهر أمره، وبنى الجامع ببلده، ثم بنى
الجامع الجديد بنيسابور (3).
وقيل: إن امرأة أتته بثوب لينفق ثمنه في بناء الجامع، يساوي نصف

(1) ذكر السبكي، أن الحاجي بلغة العجم نسبة إلى من حج إلى بيت الله الحرام، انظر
" طبقات " السبكي 4 / 299، وانظر تعليق المعلمي اليماني على " الأنساب " 4 / 13.
(2) انظر " المنتظم " 8 / 270، و " الكامل " 10 / 69، و " طبقات " السبكي 4 / 301.
(3) ويسمى الجامع المنيعي كما في " معجم البلدان " 5 / 217.
266

دينار، فاشتراه منها بألف دينار، وسلمت المال إلى الخازن لانفاقه، وخبأ الثوب
كفنا له (1).
وقيل: مر السلطان بباب مسجده، فنزل مراعاة له، وسلم عليه (2).
ومناقبه جمة.
مات في ذي القعدة، سنة ثلاث وستين وأربع مئة.
135 - النخشبي *
الشيخ الامام، الحافظ، الرحال، المفيد، عبد العزيز بن محمد بن
محمد بن عاصم النسفي. ونسف: هي نخشب (3).
صحب الحافظ جعفر بن محمد المستغفري، وأكثر عنه، وأدرك ببغداد
محمد بن محمد بن غيلان، ومحمد بن الحسين الحراني، وبأصبهان أبا بكر بن
ريذة، وبدمشق والأقاليم.
حدث عنه: أبو القاسم بن أبي العلاء، وسهل بن بشر الأسفراييني،
وطائفة.
قال أبو سعد السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عنه، فجعل
يعظمه جدا، ويقول: ذاك النخشبي، ذاك النخشبي، كان حافظا كثيرا (4).

(1) انظر " طبقات " السبكي 4 / 300.
(2) انظر " المنتظم " 8 / 270، و " الكامل " 10 / 69.
* معجم البلدان 1 / 175 و 5 / 276، تذكرة الحفاظ 3 / 1156 - 1157، العبر 3 / 237،
طبقات الحفاظ: 437، شذرات الذهب 3 / 297.
(3) وهي من مدن ما وراء النهر بين جيحون وسمرقند. وقد زاد ابن العماد في " شذراته " نسبة
أخرى للمترجم وهي الاستغداديزي، نسبة إلى أستغداديزة، من قرى نسف، وقد ذكره ياقوت فيها وفي
" نخشب ".
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1156.
267

وقال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن عبد العزيز النخشبي،
فقال: كان الحفاظ مثل أبي بكر الخطيب، ومحمد بن علي الصوري يحسنون الثناء
عليه، ويرضون فهمه. حصل له بمصر وما والاها الاسناد (1).
وقال الحافظ يحيى بن مندة: كان أوحد زمانه في الحفظ والاتقان، لم نر
مثله في الحفظ في عصرنا، دقيق الخط، سريع الكتابة والقراءة، حسن
الأخلاق. ثم قال: توفي بنخشب سنة سبع وخمسين وأربع مئة (2).
وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: مات سنة ست (3) بنخشب.
وقيل: مات بسمرقند.
وقال يحيى بن مندة: قدم علينا في سنة 433، ضربه القاضي الخطبي
بسبب الامام أبي حنيفة، ورأيت بعيني علامة الضرب على ظهره. مات في جمادى
الآخرة سنة سبع. كان ينزل في دارنا، ويبيت مع أبي (4).
136 - الحسكاني *
الامام المحدث، البارع، القاضي، أبو القاسم، عبيد الله بن عبد الله

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1156.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1157.
(3) وكذا ذكر ياقوت في " معجمه " 5 / 276، وأورد قولا آخر بوفاته سنة 452، ولكنه ذكر في
ترجمته في نخشب 1 / 175 أنه توفي سنة 459، قال: وقيل سنة 457. ويظهر أن المؤلف رجح وفاته
سنة ست، فذكره في وفيات هذه السنة في ترجمة: ابن النرسي رقم (37)، وابن برهان رقم (64)،
والخشاب رقم (83)، وابن حزم رقم (99).
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1157.
* تذكرة الحفاظ 3 / 1200 - 1201، الجواهر المضية 2 / 496 - 497، تاج التراجم:
40، الطبقات السنية برقم: 1377. والحسكاني: ضبطها المؤلف في الأصل و " المشتبه " بفتح
الحاء، وضبطها ابن أبي الوفا القرشي في قسم أنساب " الجواهر المضية " بضمها.
268

ابن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان القرشي، العامري،
النيسابوري، الحنفي، الحاكم. ويعرف أيضا بابن الحذاء، من ذرية الأمير
الذي افتتح خراسان، عبد الله بن عامر بن كريز.
حدث عن: جده، وعن أبي الحسن العلوي، وأبي عبد الله الحاكم،
وأبي طاهر بن محمش، وعبد الله بن يوسف، وابن فنجويه الدينوري، وأبي
الحسن بن السقا، وعلي بن أحمد بن عبدان، وخلق، إلى أن ينزل إلى أبي
سعد الكنجروذي، وطبقته.
اختص بصحبة أبي بكر بن الحارث النحوي، ولازمه، وأخذ أيضا عن
الحافظ أحمد بن علي بن منجويه.
وتفقه بالقاضي صاعد بن محمد.
وصنف وجمع، وعني بهذا الشأن.
لازمه الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل، وأكثر عنه، وأورده في
" تاريخه "، لكني ما وجدته أرخ موته، والظاهر أنه بقي إلى بعد السبعين
وأربع مئة.
حدث عنه: وجيه الشحامي في مشيخته حديثا، يرويه عن عبد الله بن
يوسف بن بامويه.
أما:
أبو سعد
عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن حسكويه، فشيخ كان حيا بعد
الثمانين وأربع مئة. يروي عنه: عبد الخالق بن زاهر الشحامي، ويروي
269

[والده] (1) أيضا عن والده عبد الله صاحب أبي الحسين الخفاف.
137 - الخطيب *
الامام الأوحد، العلامة المفتي، الحافظ الناقد، محدث الوقت أبو
بكر، أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي، صاحب
التصانيف، وخاتمة الحفاظ.
ولد سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة.
وكان أبوه أبو الحسن خطيبا بقرية درزيجان (2)، وممن تلا القرآن على

(1) أي والد عبد الخالق الشحامي يروي عن والد ابن حسكويه، وسقط لفظ " والده " من
الأصل، واستدرك من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1201، ونصه فيه: " ووالده أبو بكر صاحب الخفاف فشيخ
لوالد عبد الخالق بن زاهر " اه‍. ووالد ابن حسكويه وهو عبد الله بن محمد بن أحمد بن حسكويه أبو بكر
النيسابوري، متوفى سنة 453، ترجمه الخطيب في " تاريخ بغداد " 10 / 146.
* الأنساب: 5 / 151، تبيين كذب المفتري: 268 - 271، تاريخ دمشق 2 / 7 / 12 -
1، فهرست ابن خير: 181 - 182، المنتظم 8 / 265 - 270، معجم الأدباء 4 / 13 - 45،
الاستدراك لابن نقطة: 1 / ورقة 4 / ب - 5 / أ، اللباب 1 / 453 - 454، الكامل في التاريخ
10 / 68، وفيات الأعيان 1 / 92 - 93، المختصر في أخبار البشر 2 / 187، دول الاسلام 1 / 273،
تذكرة الحفاظ 3 / 1135 - 1146، العبر 3 / 253، تذكرة الحفاظ لابن عبد الهادي: 4 / 2،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 54 - 61، تتمة المختصر 1 / 564، الوافي 7 / 190 - 199، مرآة
الجنان 3 / 87، طبقات السبكي 4 / 29 - 39، طبقات الأسنوي 1 / 201، 203، البداية والنهاية
12 / 101 - 103، النجوم الزاهرة 5 / 87 - 88، طبقات الحفاظ: 434 - 436، تاريخ الخميس
2 / 358، طبقات ابن هداية الله: 164 - 166، كشف الظنون: 10، 209، 288 و 2 / 1637،
شذرات الذهب 3 / 311 - 312، روضات الجنات: 78 - 79، إيضاح المكنون: 1 / 30، 80،
هدية العارفين 1 / 79، الرسالة المستطرفة: 52، تهذيب ابن عساكر 1 / 399 - 402، تأنيب
الخطيب للكوثري، الفهرس التمهيدي 165 و 370، موارد الخطيب للعمري: 11 - 84، الخطيب
البغدادي مؤرخ بغداد ومحدثها ليوسف العش.
(2) قال ياقوت: هي قرية كبيرة تحت بغداد على دجلة بالجانب الغربي، وأصلها درريندان،
فعربت على درزيجان. وقد تحرفت في " البداية والنهاية " 12 / 101 إلى درب ريحان، وفي
" تهذيب ابن عساكر " إلى " دريحان "، والخبر بنحوه في " معجم البلدان " 2 / 450.
270

أبي حفص الكتاني، فحض ولده أحمد على السماع والفقه، فسمع وهو ابن
إحدى عشرة سنة، وارتحل إلى البصرة وهو ابن عشرين سنة، وإلى نيسابور
وهو ابن ثلاث وعشرين سنة، وإلى الشام وهو كهل، وإلى مكة، وغير ذلك.
وكتب الكثير، وتقدم في هذا الشأن، وبذر الاقران، وجمع وصنف وصحح،
وعلل وجرح، وعدل وأرخ وأوضح، وصار أحفظ أهل عصره على الاطلاق.
سمع أبا عمر بن مهدي الفارسي، وأحمد بن محمد بن الصلت
الأهوازي، وأبا الحسين بن المتيم، وحسين بن الحسن الجواليقي ابن
العريف يروي عن ابن مخلد العطار، وسعد بن محمد الشيباني سمع من أبي
علي الحصائري (1)، وعبد العزيز بن محمد الستوري (2) حدثه عن إسماعيل
الصفار (3)، وإبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي (4)، وأبا (5) الفرج محمد بن
فارس الغوري، وأبا الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي، وأبا بكر
محمد بن عبد الله بن أبان الهيتي (6)، ومحمد بن عمر بن عيسى الحطراني (7)

(1) وهو أبو علي الحسن بن حبيب الدمشقي الحصائري. قال في " التوضيح " 1 / 205 / 2:
ويقال فيه: الحصري، وقد مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر، رقم (206).
(2) المتوفى سنة 415 ه‍، ترجمه السمعاني في " الأنساب " 7 / 41. والستوري إما نسبة إلى
حفظ الستور والبوابية على ما جرت به عادة الملوك، أو حمل أستار الكعبة.
(3) وهو إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار: مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
رقم (250).
(4) المتوفى سنة 410 ه‍ كما ذكر المؤلف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1051. وتحرفت
الباقرحي في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1136 إلى الباخرحي.
(5) في الأصل " وأبي " وهو خطأ، لان أبا الفرج هذا هو شيخ الخطيب، فهو معطوف على
المشايخ الذين سمعهم الخطيب. وكذلك ورد هذا الخطأ في لفظي " وأبا " التاليين في أبي الفضل عبد
الواحد وأبي بكر محمد بن عبد الله.
(6) نسبة إلى هيت، وهي مدينة على الفرات فوق الأنبار. " اللباب " 3 / 397.
(7) ضبط في الأصل بفتح الحاء وكسر الطاء، وضبطه السمعاني بكسر الحاء وسكون الطاء، ثم
أورد ترجمة محمد بن عمر بن عيسى الحطراني هذا دون أن يذكر أصل هذه النسبة. " الأنساب "
4 / 169.
271

حدثه عن أحمد بن إبراهيم البلدي، وأبا (1) نصر أحمد بن محمد بن أحمد بن
حسنون النرسي، وأبا القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر، والحسين بن عمر
ابن برهان، وأبا الحسن بن رزقويه، وأبا الفتح هلال بن محمد الحفار، وأبا
الفتح بن أبي الفوارس، وأبا العلاء محمد بن الحسن الوراق، وأبا الحسين بن
بشران. وينزل إلى أن يكتب عن عبد الصمد بن المأمون، وأبي الحسين بن
النقور، بل نزل إلى أن روى عن تلامذته كنصر المقدسي، وابن ماكولا،
والحميدي - وهذا شأن كل حافظ يروي عن الكبار والصغار -.
وسمع بعكبرا من الحسين بن محمد الصائغ حدثه عن نافلة (2) علي بن
حرب.
ولحق بالبصرة أبا عمر الهاشمي (3) شيخه في " السنن "، وعلي بن
القاسم الشاهد، والحسن بن علي السابوري (4)، وطائفة.
وسمع بنيسابور القاضي أبا بكر الحيري، وأبا سعيد الصيرفي، وأبا
القاسم عبد الرحمن السراج، وعلي بن محمد الطرازي، والحافظ أبا حازم
العبدوي، وخلقا.
وبأصبهان: أبا الحسن بن عبدكويه، وأبا عبد الله الجمال، ومحمد

(1) في الأصل " وأبي " وهو خطأ أيضا لان أبا نصر هو شيخ الخطيب، فهو ليس معطوفا، على
أحمد بن إبراهيم البلدي، بل هو معطوف على المشايخ الذين سمعهم الخطيب. وقد تكرر هذا الخطأ
هنا إلى قوله " وأبا الحسين بن بشران ". والمذكورون من هنا إلى ابن بشران مرت تراجمهم في الجزء
السابع عشر عدا أبا العلاء محمد بن الحسن الوراق.
(2) النافلة: ولد الولد، وهو الحفيد.
(3) وهو القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي المتوفى سنة 414 ه‍. مرت ترجمته في الجزء
السابع عشر برقم (134) وقد روى عنه الخطيب " سنن " أبي داود.
(4) نسبة إلى سابور، وهي بلدة من بلاد فارس قريبة من كازرون. انظر " الأنساب " 7 / 14،
و " معجم البلدان " 3 / 169، وقد تحرفت في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1136 إلى النيسابوري.
272

ابن عبد الله بن شهريار، وأبا نعيم الحافظ.
وبالدينور: أبا نصر الكسار.
وبهمذان: محمد بن عيسى، وطبقته.
وسمع بالري والكوفة وصور ودمشق ومكة.
وكان قدومه إلى دمشق في سنة خمس وأربعين، فسمع من محمد بن
عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، وطبقته. واستوطنها، ومنها حج، وقرأ
" صحيح " البخاري على كريمة (1) في أيام الموسم.
وأعلى ما عنده حديث مالك، وحماد بن زيد، بينه وبين كل منهما ثلاثة
أنفس.
حدث عنه: أبو بكر البرقاني، وهو من شيوخه، وأبو نصر بن ماكولا،
والفقيه نصر، والحميدي، وأبو الفضل بن خيرون، والمبارك بن الطيوري،
وأبو بكر بن الخاضبة، وأبي النرسي، وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي،
والمرتضى محمد بن محمد الحسيني، ومحمد بن مرزوق الزعفراني، وأبو
القاسم النسيب، وهبة الله بن الأكفاني، ومحمد بن علي بن أبي العلاء
المصيصي، وغيث بن علي الأرمنازي، وأحمد بن أحمد المتوكلي، وأحمد
ابن علي بن المجلي، وهبة الله بن عبد الله الشروطي، وأبو الحسن بن
سعيد، وطاهر بن سهل الأسفراييني، وبركات النجاد، وعبد الكريم بن
حمزة، وأبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس المالكي، وأبو الفتح نصر الله بن
محمد المصيصي، وقاضي المارستان أبو بكر، وأبو القاسم إسماعيل بن

(1) المروزية، وقد تقدمت ترجمتها برقم (110).
273

أحمد بن السمرقندي، وأبو بكر محمد بن الحسين المزرفي (1)، وأبو منصور
الشيباني، راوي " تاريخه "، وأبو منصور بن خيرون المقرئ، وبدر بن
عبد الله الشيحي، والزاهد يوسف بن أيوب الهمذاني، وهبة الله بن علي
المجلي، وأخوه أبو السعود أحمد (2)، وأبو الحسين بن أبي يعلى، وأبو
الحسين بن بويه، وأبو البدر الكرخي، ومفلح الدومي، ويحيى بن
الطراح، وأبو الفضل الأرموي، وعدد يطول ذكرهم.
وكان من كبار الشافعية، تفقه على أبي الحسن بن المحاملي (3)،
والقاضي أبي الطيب الطبري.
قال أبو منصور بن خيرون (4): حدثنا الخطيب أنه ولد في جمادى الآخرة
سنة 392، وأول ما سمع في المحرم سنة ثلاث وأربع مئة (5).
قال أحمد بن صالح الجيلي: تفقه الخطيب، وقرأ بالقراءات، وارتحل
وقرب من رئيس الرؤساء (6)، فلما قبض عليه البساسيري استتر الخطيب،
وخرج إلى صور، وبها عز الدولة، أحد الأجواد، فأعطاه مالا كثيرا. عمل نيفا
وخمسين مصنفا، وانتهى إليه الحفظ، شيعه خلق عظيم، وتصدق بمئتي
دينار، وأوقف كتبه، واحترق كثير منها بعده بخمسين سنة.

(1) بفتح الميم وسكون الزاي وفتح الراء وفي آخرها فاء: هذه النسبة إلى المزرقة، وهي قرية
كبيرة بالقرب من بغداد " اللباب ".
(2) قد ذكره آنفا فهو تكرار.
(3) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (266).
(4) هو أبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن أحمد بن خيرون البغدادي المقرئ
الدباس المتوفى سنة (539) سترد ترجمته في الجزء العشرين برقم (54).
(5) انظر " المنتظم " 8 / 265، و " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " لابن الدمياطي: 57.
(6) هو أبو القاسم علي بن الحسن ابن المسلمة وقد تقدمت ترجمته برقم (104).
274

وقال الخطيب: استشرت البرقاني في الرحلة إلى أبي محمد بن النحاس
بمصر، أو إلى نيسابور إلى أصحاب الأصم، فقال: إنك إن خرجت إلى مصر
إنما تخرج إلى واحد، إن فاتك، ضاعت رحلتك، وإن خرجت إلى
نيسابور، ففيها جماعة، إن فاتك واحد، أدركت من بقي. فخرجت إلى
نيسابور (1).
قال الخطيب في " تاريخه ": كنت أذاكر أبا بكر البرقاني بالأحاديث،
فيكتبها عني، ويضمنها جموعه. وحدث عني وأنا أسمع وفي غيبتي، ولقد
حدثني عيسى بن أحمد الهمذاني، أخبرنا أبو بكر الخوارزمي سنة عشرين
وأربع مئة، حدثنا أحمد بن علي بن ثابت، حدثنا محمد بن موسى الصيرفي،
حدثنا الأصم. فذكر حديثا (2).
قال ابن ماكولا: كان أبو بكر آخر (3) الأعيان، ممن شاهدناه معرفة،
وحفظا، وإتقانا، وضبطا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفننا في علله وأسانيده،
وعلما بصحيحه وغريبة، وفرده ومنكره ومطروحه، ولم يكن للبغداديين -
بعد أبي الحسن الدارقطني - مثله. سألت أبا عبد الله الصوري عن الخطيب
وأبي نصر السجزي: أيهما أحفظ؟ ففضل الخطيب تفضيلا بينا (4).

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1137، و " طبقات " السبكي 4 / 30.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 374 وتمامه فيه: حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا أبو يزيد
الهروي حدثنا شعبة، عن محمد بن أبي النوار، قال: سمعت رجلا من بني سليم يقال له: خفاف،
قال: سألت ابن عمر عن صوم ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجعتم. قال: إذا رجعت إلى أهلك.
وروى عبد الرزاق في تفسيره فيما نقله ابن كثير 1 / 340: أخبرنا الثوري، عن يحيى بن سعيد،
عن سالم، سمعت ابن عمر قال: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم) قال: إذا
رجع إلى أهله.
(3) في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": أحد.
(4) انظر الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1137، و " تبيين كذب المفتري ": 268،
و " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 57، و " تهذيب ابن عساكر " 1 / 400، و " طبقات " السبكي
4 / 31.
275

قال المؤتمن الساجي: ما أخرجت بغداد بعد الدارقطني أحفظ من أبي
بكر الخطيب (1).
وقال أبو علي البرداني: لعل الخطيب لم ير مثل نفسه (2).
أنبأني بالقولين المسلم بن محمد، عن القاسم بن عساكر، حدثنا أبي،
حدثنا أخي هبة الله، حدثنا أبو طاهر السلفي، عنهما.
وقال أبو إسحاق الشيرازي الفقيه: أبو بكر الخطيب يشبه بالدارقطني
ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه (3).
وقال أبو الفتيان الحافظ: كان الخطيب إمام هذه الصنعة، ما رأيت
مثله (4).
قال أبو القاسم النسيب: سمعت الخطيب يقول: كتب معي أبو بكر
البرقاني كتابا إلى أبي نعيم الحافظ يقول فيه: وقد رحل إلى ما عندك أخونا أبو
بكر - أيده الله وسلمه - ليقتبس من علومك، وهو - بحمد الله - ممن له في
هذا الشأن سابقة حسنة، وقدم ثابت، وقد رحل فيه وفي طلبه، وحصل له
منه ما لم يحصل لكثير من أمثاله، وسيظهر لك منه عند الاجتماع من ذلك مع

(1) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1137، و " معجم الأدباء " 4 / 18، و " تهذيب ابن
عساكر " 1 / 400، و " طبقات " السبكي 4 / 31.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1138، و " الوافي " 7 / 196، و " طبقات " السبكي 4 / 32،
و " تهذيب ابن عساكر " 1 / 400 - 401.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1138، و " طبقات " السبكي 4 / 32، و " تهذيب ابن عساكر "
1 / 401. وهو فيه نقلا عن الفيروزآبادي.
(4) انظر " طبقات " السبكي 4 / 32.
276

التورع والتحفظ ما يحسن لديك موقعه (1).
قال عبد العزيز بن أحمد الكتاني: سمع من الخطيب شيخ أبو القاسم
عبيد الله الأزهري في سنة اثنتي عشرة وأربع مئة. وكتب عنه شيخه البرقاني،
وروى عنه. وعلق الفقه عن أبي الطيب الطبري، وأبي نصر بن الصباغ، وكان
يذهب إلى مذهب أبي الحسن الأشعري رحمه الله (2).
قلت: صدق. فقد صرح الخطيب في أخبار الصفات أنها تمر كما
جاءت بلا تأويل.
قال الحافظ أبو سعد السمعاني في " الذيل ": كان الخطيب مهيبا
وقورا، ثقة متحريا، حجة، حسن الخط، كثير الضبط، فصيحا، ختم به
الحفاظ، رحل إلى الشام حاجا، ولقي بصور أبا عبد الله القضاعي، وقرأ
" الصحيح " في خمسة أيام على كريمة المروزية، ورجع إلى بغداد، ثم خرج
منها بعد فتنة البساسيري لتشويش الوقت إلى الشام، سنة إحدى وخمسين،
فأقام بها، وكان يزور بيت المقدس، ويعود إلى صور، إلى سنة اثنتين
وستين، فتوجه إلى طرابلس، ثم منها إلى حلب، ثم إلى الرحبة، ثم إلى
بغداد، فدخلها في ذي الحجة. وحدث بحلب وغيرها (3).
السمعاني: سمعت الخطيب مسعود بن محمد بمرو، سمعت الفضل
ابن عمر النسوي يقول: كنت بجامع صور عند أبي بكر الخطيب، فدخل
علوي وفي كمه دنانير، فقال: هذا الذهب تصرفه في مهماتك. فقطب في

(1) انظر الخبر في " معجم الأدباء " 4 / 41 - 42، و " تهذيب ابن عساكر " 1 / 401.
(2) انظر " طبقات " السبكي 4 / 32، و " الوافي " 7 / 196.
(3) انظر " الوافي " 7 / 194، و " المنتظم " 8 / 265، و " معجم الأدباء " 4 / 18.
277

وجهه، وقال: لا حاجة لي فيه، فقال: كأنك تستقله، وأرسله من كمه على
سجادة الخطيب. وقال: هذه ثلاث مئة دينار. فقام الخطيب خجلا محمرا
وجهه، وأخذ سجادته، ورمى الدنانير، وراح. فما أنى عزه وذل العلوي
وهو يلتقط الدنانير من شقوق الحصير (1).
ابن ناصر: حدثنا أبو زكريا التبريزي اللغوي قال: دخلت دمشق،
فكنت أقرأ على الخطيب بحلقته بالجامع كتب الأدب المسموعة، وكنت أسكن
منارة الجامع، فصعد إلي، وقال: أحببت أن أزورك في بيتك. فتحدثنا
ساعة. ثم أخرج ورقة، وقال: الهدية مستحبة، تشتري بهذا أقلاما.
ونهض، فإذا خمسة دنانير مصرية، ثم صعد مرة أخرى، ووضع نحوا من
ذلك. وكان إذا قرأ الحديث في جامع دمشق يسمع صوته في آخر الجامع،
وكان يقرأ معربا صحيحا (2).
قال السمعاني: سمعت من ستة عشر نفسا من أصحابه، وحدثنا عنه
يحيى بن علي الخطيب، سمع منه بالأنبار، قرأت بخط أبي، سمعت أبا
محمد بن الآبنوسي، سمعت الخطيب يقول: كلما ذكرت في التاريخ رجلا
اختلفت فيه أقاويل الناس في الجرح والتعديل، فالتعويل على ما أخرت
وختمت به الترجمة (3).
قال ابن شافع: خرج الخطيب إلى صور، وقصدها وبها عز الدولة،
الموصوف بالكرم، فتقرب منه، فانتفع به، وأعطاه مالا كثيرا. قال: وانتهى

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1138، و " معجم الأدباء " 4 / 31 - 32، و " طبقات "
السبكي 4 / 34 - 35.
(2) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1138، و " معجم الأدباء " 4 / 32 - 33. وفيه: وكان
يقرأ مع هذا صحيحا.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1138 - 1139.
278

إليه الحفظ والاتقان، والقيام بعلوم الحديث (1).
قال الحافظ ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمد يحكي، عن ابن
خيرون أو غيره، أن الخطيب ذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات،
وسأل الله ثلاث حاجات، أن يحدث ب‍ " تاريخ بغداد " بها، وأن يملي
الحديث بجامع المنصور، وأن يدفن عند بشر الحافي. فقضيت له
الثلاث (2).
قال غيث بن علي: حدثنا أبو الفرج الأسفراييني قال: كان الخطيب
معنا في الحج، فكان يختم كل يوم ختمة قراءة ترتيل، ثم يجتمع الناس عليه
وهو راكب يقولون: حدثنا، فيحدثهم. أو كما قال (3).
قال المؤتمن: سمعت عبد المحسن الشيحي يقول: كنت عديل (4)
أبي بكر الخطيب من دمشق إلى بغداد، فكان له في كل يوم وليلة ختمة (5).
قال الخطيب في ترجمة إسماعيل بن أحمد النيسابوري الضرير (6): حج
وحدث، ونعم الشيخ كان، ولما حج، كان معه حمل كتب ليجاور، منه:
" صحيح " البخاري، سمعه من الكشميهني، فقرأت عليه جميعه في ثلاثة

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1139 والخبر بأطول مما هنا في " الاستدراك ": المجلد الأول:
ورقة / 5 / أ.
(2) انظر الخبر في " تهذيب ابن عساكر " 1 / 400، و " المنتظم " 8 / 269، و " معجم
الأدباء " 4 / 16، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1139، و " طبقات " السبكي 4 / 35، و " الوافي "
7 / 192، و " الاستدراك ": المجلد الأول / ورقة / 1 أ.
(3) الخبر في " تبيين كذب المفتري " ص 268، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1139،
و " طبقات " السبكي 4 / 34، و " تهذيب ابن عساكر " 1 / 401.
(4) أي معادله في الركوب في المحمل.
(5) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1139.
(6) في " تاريخ بغداد " 6 / 314.
279

مجالس، فكان المجلس الثالث من أول النهار وإلى الليل، ففرغ طلوع
الفجر.
قلت: هذه - والله - القراءة التي لم يسمع قط بأسرع منها.
وفي " تاريخ " محمد بن عبد الملك الهمذاني: توفي الخطيب في
كذا، ومات هذا العلم بوفاته. وقد كان رئيس الرؤساء تقدم إلى الخطباء
والوعاظ أن لا يرووا حديثا حتى يعرضوه عليه، فما صححه أوردوه، وما رده لم
يذكروه (1). وأظهر بعض اليهود كتابا ادعى أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسقاط
الجزية عن أهل خيبر، وفيه شهادة الصحابة، وذكروا أن خط علي - رضي الله
عنه - فيه. وحمل الكتاب إلى رئيس الرؤساء، فعرضه على الخطيب،
فتأمله، وقال: هذا مزور، قيل: من أين قلت؟ قال: فيه شهادة معاوية وهو
أسلم عام الفتح، وفتحت خيبر سنة سبع، وفيه شهادة سعد بن معاذ ومات يوم
بني قريظة (2) قبل خيبر بسنتين. فاستحسن ذلك منه (3).
قال السمعاني: سمعت يوسف بن أيوب بمرو يقول: حضر الخطيب
درس شيخنا أبي إسحاق، فروى أبو إسحاق حديثا من رواية بحر بن كنيز (4)
السقاء، ثم قال للخطيب: ما تقول فيه؟ فقال: إن أذنت لي ذكرت حاله.

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1141، و " الوافي " 7 / 193، و " معجم الأدباء " 4 / 19.
(2) في " المنتظم " و " معجم الأدباء ": وكان قد مات يوم الخندق، والصواب ما أثبته
المؤلف، فسعد بن معاذ كان قد أصيب بسهم في أكحله يوم الخندق، وحمل منها جريحا، ثم حكمه
رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني قريظة، وبعدها توفي.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1141، و " المنتظم " 8 / 265، و " معجم الأدباء "
4 / 18، و " الوافي " 7 / 192 - 193، و " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 60.
(4) كنيز: بفتح الكاف وكسر النون وفي آخرها زاي معجمة، كما في " الاكمال " 7 / 162،
و " تبصير المنتبه " 3 / 1188، وقد صحفها محقق " المستفاد " إلى " كثير " مع إشارته في الحاشية
إلى أن الأصل كنيز.
280

فانحرف أبو إسحاق، وقعد كالتلميذ، وشرع الخطيب يقول، وشرح أحواله
شرحا حسنا، فأثنى الشيخ عليه، وقال: هذا دارقطني عصرنا (1).
قال أبو علي البرداني: حدثنا حافظ وقته أبو بكر الخطيب، وما رأيت
مثله، ولا أظنه رأى مثل نفسه (2).
وقال السلفي: سألت شجاعا الذهلي عن الخطيب، فقال: إمام
مصنف حافظ، لم ندرك مثله (3).
وعن سعيد المؤدب قال: قلت لأبي بكر الخطيب عند قدومي: أنت
الحافظ أبو بكر؟ قال: انتهى الحفظ إلى الدارقطني (4).
قال ابن الآبنوسي: كان الحافظ الخطيب يمشي وفي يده جزء
يطالعه (5).
وقال المؤتمن: كان الخطيب يقول: من صنف فقد جعل عقله على
طبق يعرضه على الناس (6).
محمد بن طاهر: حدثنا مكي بن عبد السلام الرميلي قال: كان سبب
خروج الخطيب من دمشق إلى صور، أنه كان يختلف إليه صبي مليح، فتكلم

(1) انظر " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 57 - 58، و " طبقات " السبكي " 4 / 35 - 36،
و " الوافي " 7 / 196.
(2) تقدم هذا الخبر قريبا.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1141.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1141، ونصه فيه: فقال: أنا أحمد بن علي الخطيب، انتهى
الحفظ إلى الدارقطني.
(5) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1141، و " معجم الأدباء " 4 / 22، و " الوافي " 7 / 196،
و " المنتظم " 8 / 267.
(6) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1141، و " المستفاد ": 59 - 60.
281

الناس في ذلك، وكان أمير البلد رافضيا متعصبا، فبلغته القصة، فجعل ذلك
سببا إلى الفتك به، فأمر صاحب شرطته أن يأخذ الخطيب بالليل، فيقتله،
وكان صاحب الشرطة سنيا، فقصده تلك الليلة في جماعة، ولم يمكنه أن
يخالف الأمير، فأخذه، وقال: قد أمرت فيك بكذا وكذا، ولا أجد لك حيلة
إلا أني أعبر بك عند دار الشريف ابن أبي الجن (1)، فإذا حاذيت الدار، اقفز
وادخل، فإني لا أطلبك، وأرجع إلى الأمير، فأخبره بالقصة. ففعل ذلك،
ودخل دار الشريف، فأرسل الأمير إلى الشريف أن يبعث به، فقال: أيها
الأمير! أنت تعرف اعتقادي فيه وفي أمثاله، وليس في قتله مصلحة، هذا
مشهور بالعراق، إن قتلته، قتل به جماعة من الشيعة، وخربت المشاهد.
قال: فما ترى؟ قال: أرى أن ينزح من بلدك. فأمر بإخراجه، فراح إلى
صور، وبقي بها مدة (2).
قال أبو القاسم بن عساكر: سعى بالخطيب حسين بن علي الدمنشي (3)
إلى أمير الجيوش، فقال: هو ناصبي يروي فضائل الصحابة وفضائل العباس
في الجامع.
وروى ابن عساكر عمن ذكره أن الخطيب وقع إليه جزء فيه سماع القائم
بأمر الله، فأخذه، وقصد دار الخلافة، وطلب الاذن، في قراءته، فقال

(1) هو الشريف حيدرة بن إبراهيم أبو طاهر ابن أبي الجن العلوي المتوفى سنة 462 ه‍، مترجم
في " النجوم الزاهرة " 5 / 85، وقد تحرف في " تذكرة الحفاظ " و " معجم الأدباء " و " الوافي
بالوفيات " إلى ابن أبي الحسن. وهو خطأ.
(2) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1141 - 1142، و " معجم الأدباء " 4 / 34 - 35،
و " الوافي " 7 / 195، وفيهما: وبقي بها مدة إلى أن مات.
(3) الدمنشي: نسبة إلى دمنش، قال ياقوت: كذا وجدت صورة ما ينسب إليه الحسين بن علي
أبو علي المقرئ، المعروف بابن الدمنشي، ذكره الحافظ أبو القاسم في " تاريخ دمشق ":
وقال... وساق هذا الخبر. انظر " معجم البلدان " 2 / 471، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1142.
282

الخليفة: هذا رجل كبير في الحديث، وليس له في السماع حاجة، فلعل له
حاجة أراد أن يتوصل إليها بذلك، فسلوه ما حاجته؟ فقال: حاجتي أن يؤذن
لي أن أملي بجامع المنصور. فأذن له، فأملى (1).
قال ابن طاهر: سألت هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي: هل كان
الخطيب كتصانيفه في الحفظ؟ قال: لا، كنا إذا سألناه عن شئ أجابنا بعد
أيام، وإن ألححنا عليه، غضب، كانت له بادرة وحشة، ولم يكن حفظ على
قدر تصانيفه (2).
وقال أبو الحسين بن الطيوري: أكثر كتب الخطيب - سوى " تاريخ
بغداد " - مستفادة من كتب الصوري (3)، كان الصوري ابتدأ بها، وكانت له
أخت بصور، خلف أخوها عندها اثني عشر عدلا من الكتب، فحصل
الخطيب من كتبه أشياء. وكان الصوري قد قسم أوقاته في نيف وثلاثين
شيئا (4).
قلت: ما الخطيب بمفتقر إلى الصوري، هو أحفظ وأوسع رحلة
وحديثا ومعرفة.
أخبرنا أبو علي بن الخلال، أخبرنا أبو الفضل الهمداني، أخبرنا أبو
طاهر السلفي، أخبرنا محمد بن مرزوق الزعفراني، حدثنا الحافظ أبو بكر

(1) الخبر في " تهذيب ابن عساكر " 1 / 400، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1142، و " معجم
الأدباء " 4 / 16، و " الوافي " 9 / 192.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1142، و " الوافي " 7 / 194، و " معجم الأدباء " 4 / 27 - 28.
(3) هو أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ، المتوفى سنة 441 ه‍، وقد
تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (424).
(4) انظر " المنتظم " 8 / 266، و " معجم الأدباء " 4 / 21 - 22، و " معجم البلدان "
3 / 434 حيث أورد نحو هذا الخبر في ترجمة الصوري.
283

الخطيب قال: أما الكلام في الصفات، فإن ما روي منها في السنن
الصحاح، مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية
والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم، فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من
المثبتين، فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف، والقصد إنما
هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الامرين، ودين الله تعالى بين الغالي فيه
والمقصر عنه. والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في
الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلوما (1) أن إثبات رب
العالمين إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو
إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف.
فإذا قلنا: لله يد وسمع وبصر، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه، ولا
نقول: إن معنى اليد القدرة، ولا إن معنى السمع والبصر العلم، ولا نقول:
إنها جوارح. ولا نشبهها بالأيدي والاسماع والابصار التي هي جوارح وأدوات
للفعل، ونقول: إنما وجب إثباتها لان التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه
عنها لقوله: * (ليس كمثله شئ) * [الشورى: 11) * (ولم يكن له كفوا
أحد) * (2) [الاخلاص: 4].
قال ابن النجار: ولد الخطيب بقرية من أعمال نهر الملك، وكان أبوه
خطيبا بدرزيجان، ونشأ هو ببغداد، وقرأ القراءات بالروايات، وتفقه على
الطبري، وعلق عنه شيئا من الخلاف، إلى أن قال: وروى عنه محمد بن
عبد الملك بن خيرون، وأبو سعد أحمد بن محمد الزوزني، ومفلح بن

(1) في الأصل معلوم، وهو خطأ.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1142، 1143.
284

أحمد الدومي، والقاضي محمد بن عمر الأرموي، وهو آخر من حدث عنه
يعني بالسماع (1) -.
وروى عنه بالإجازة طائفة عددت في " تاريخ الاسلام "، آخرهم
مسعود بن الحسن الثقفي، ثم ظهرت إجازته له ضعيفة مطعونا فيها، فليعلم
ذلك.
وكتابة الخطيب مليحة مفسرة، كاملة الضبط، بها أجزاء بدمشق
رأيتها. وقرأت بخطه: أخبرنا علي بن محمد السمسار، أخبرنا ابن
المظفر، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحجاج،
حدثنا جعفر بن نوح، حدثنا محمد بن عيسى، سمعت يزيد بن هارون
يقول: ما عزت النية في الحديث إلا لشرفه.
قال أبو منصور علي بن علي الأمين: لما رجع الخطيب من الشام
كانت له ثروة من الثياب والذهب، وما كان له عقب، فكتب إلى القائم بأمر
الله: إن مالي يصير إلى بيت مال، فائذن لي حتى أفرقه فيمن شئت. فأذن
له، ففرقها على المحدثين (2).
قال الحافظ ابن ناصر: أخبرتني أمي أن أبي حدثها قال: كنت أدخل
على الخطيب، وأمرضه، فقلت له يوما: يا سيدي! إن أبا الفضل بن
خيرون لم يعطني شيئا من الذهب الذي أمرته أن يفرقه على أصحاب
الحديث. فرفع الخطيب رأسه من المخدة، وقال: خذ هذه الخرقة، بارك

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1143.
(2) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1143 - 1144، وفي " المنتظم " 8 / 269، و " معجم
الأدباء " 4 / 27، و " طبقات " السبكي 4 / 35.
285

الله لك فيها. فكان فيها أربعون دينارا، فأنفقتها مدة في طلب العلم (1).
وقال مكي الرميلي: مرض الخطيب في نصف رمضان، إلى أن اشتد
الحال به في غرة ذي الحجة، وأوصى إلى ابن خيرون (2)، ووقف كتبه على
يده، وفرق جميع ماله في وجوه البر وعلى المحدثين، وتوفي في رابع ساعة من
يوم الاثنين سابع ذي الحجة من سنة ثلاث وستين، ثم أخرج بكرة الثلاثاء،
وعبروا به إلى الجانب الغربي، وحضره القضاة والاشراف والخلق. وتقدم
في الإمامة أبو الحسين بن المهتدي بالله (3)، فكبر عليه أربعا، ودفن بجنب
قبر بشر الحافي (4).
وقال ابن خيرون: مات ضحوة الاثنين، ودفن بباب حرب. وتصدق
بماله وهو مئتا دينار، وأوصى بأن يتصدق بجميع ثيابه، ووقف جميع كتبه،
وأخرجت جنازته من حجرة تلي النظامية، وشيعة الفقهاء والخلق، وحملوه
إلى جامع المنصور، وكان بين يدي الجنازة جماعة ينادون: هذا الذي كان
يذب عن النبي صلى الله عليه وسلم الكذب، هذا الذي كان يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وختم على قبره عدة ختمات (5).

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1144.
(2) هو أبو الفضل: أحمد بن الحسن بن خيرون البغدادي المتوفى سنة (488) وسترد ترجمته في
الجزء التاسع عشر برقم (57) وهو عم أبي منصور بن خيرون الذي تقدم تعريفه في ص 274. وقد
تحرف في " تهذيب ابن عساكر " 1 / 402 إلى ابن فيرون بالفاء.
(3) المعروف بابن الغريق، وقد تقدمت ترجمته برقم (117).
(4) " تهذيب ابن عساكر " 1 / 402، وبشر الحافي مرت ترجمته في الجزء العاشر برقم
(153).
(5) انظر الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1144، و " تبيين كذب المفتري " ص: 269 -
270، و " معجم الأدباء " 4 / 44 - 45، و " الاستدراك ": المجلد الأول / ورقة 5 أ، و " وفيات
الأعيان " 1 / 93، و " طبقات السبكي " 4 / 37.
286

وقال الكتاني في " الوفيات ": ورد كتاب جماعة أن الحافظ أبا بكر
توفي في سابع ذي الحجة، وحمل جنازته الإمام أبو إسحاق الشيرازي (1).
وكان ثقة حافظا، متقنا متحريا مصنفا.
قال أبو البركات إسماعيل ابن أبي سعد الصوفي: كان الشيخ أبو بكر
ابن زهراء الصوفي برباطنا، قد أعد لنفسه قبرا إلى جانب قبر بشر
الحافي، وكان يمضي إليه كل أسبوع مرة، وينام فيه، ويتلو فيه القرآن كله،
فلما مات أبو بكر الخطيب، كان قد أوصى أن يدفن إلى جنب قبر بشر، فجاء
أصحاب الحديث إلى ابن زهراء، وسألوه أن يدفنوا الخطيب في قبره، وأن
يؤثره به، فامتنع، وقال: موضع قد أعددته لنفسي يؤخذ مني!. فجاؤوا
إلى والدي (2)، وذكروا له ذلك، فأحضر ابن زهراء وهو أبو بكر أحمد بن
علي الطريثيثي (3) فقال: أنا لا أقول لك أعطهم القبر، ولكن أقول لك: لو
أن بشرا الحافي في الاحياء وأنت إلى جانبه، فجاء أبو بكر الخطيب ليقعد
دونك، أكان يحسن بك أن تقعد أعلى منه (4)؟ قال: لا، بل كنت أجلسه
مكاني. قال: فهكذا ينبغي أن تكون الساعة. قال: فطاب قلبه،
وأذن (5).
قال أبو الفضل بن خيرون: جاءني بعض الصالحين وأخبرني لما مات

(1) وسترد ترجمته برقم (237).
(2) هو الإمام أبو سعد أحمد بن محمد بن دوست داد النيسابوري العارف الملقب بشيخ الشيوخ
المتوفى سنة (479)، وسترد ترجمته برقم (254).
(3) المتوفى سنة (497) ه‍، وسترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (87).
(4) في " المنتظم " و " معجم الأدباء ": لو كان بشر في الاحياء، ودخلت أنت والخطيب إليه
أيكما كان يقعد إلى جنبه أنت أو الخطيب.
(5) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1144 - 1145، و " تهذيب ابن عساكر " 1 / 400،
و " المنتظم " 8 / 269 - 270، و " معجم الأدباء " 4 / 16 - 17، و " وفيات الأعيان " 1 / 93.
287

الخطيب أنه رآه في النوم، فقال له: كيف حالك؟ قال: أنا في روح
وريحان وجنة نعيم (1).
وقال أبو الحسن علي بن الحسين بن جدا: رأيت بعد موت الخطيب
كأن شخصا قائما بحذائي، فأردت أن أسأله عن أبي بكر الخطيب، فقال لي
ابتداء: أنزل وسط الجنة حيث يتعارف الأبرار. رواها البرداني في كتاب
" المنامات " عنه (2).
قال غيث الأرمنازي: قال مكي الرميلي: كنت نائما ببغداد في ربيع
الأول سنة ثلاث وستين وأربع مئة، فرأيت كأنا اجتمعنا عند أبي بكر الخطيب
في منزله لقراءة " التاريخ " على العادة، فكأن الخطيب جالس، والشيخ أبو
الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي عن يمينه، وعن يمين نصر رجل لم أعرفه،
فسألت عنه، فقيل: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليسمع " التاريخ " فقلت في
نفسي: هذه جلالة لأبي بكر إذ يحضر رسول الله مجلسه، وقلت: هذا رد
لقول من يعيب " التاريخ " ويذكر أن فيه تحاملا على أقوام (3).
قال أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني: حدثني الفقيه الصالح
حسن بن أحمد البصري قال: رأيت الخطيب في المنام وعليه ثياب بيض
حسان وعمامة بيضاء، وهو فرحان يتبسم، فلا أدري قلت: ما فعل الله بك؟
أو هو بدأني، فقال: غفر الله لي، أو رحمني، وكل من يجئ - فوقع لي أنه
يعني بالتوحيد - إليه يرحمه، أو يغفر له، فأبشروا، وذلك بعد وفاته بأيام.

(1) " الوافي بالوفيات " 7 / 197.
(2) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1145، و " الوافي " 7 / 197.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1154، و " تبيين كذب المفتري " ص: 268 - 269،
و " الوافي " 7 / 197.
288

قال المؤتمن: تحاملت الحنابلة على الخطيب حتى مال إلى ما مال
إليه (1).
قلت: تناكد ابن الجوزي رحمه الله وغض من الخطيب، ونسبه إلى
أنه يتعصب على أصحابنا الحنابلة (2).
قلت: ليت الخطيب ترك بعض الحط على الكبار فلم يروه.
قال أبو سعد السمعاني: للخطيب ستة وخمسون مصنفا: " التاريخ "
مئة جزء وستة أجزاء (3). " شرف أصحاب الحديث " (4) ثلاثة أجزاء،
" الجامع " (5) خمسة عشر جزءا، " الكفاية " (6) ثلاثة عشر جزءا، " السابق

(1) انظر " طبقات السبكي " 4 / 34.
(2) انظر " المنتظم " 8 / 267 وما بعدها.
(3) وقد طبع في أربعة عشر مجلدا في مطبعة السعادة بالقاهرة عام 1931 م على أساس مخطوطة
كوبرلي: 1022 - 1026، وقد حدث سقط في القسم الخاص بالمحمدين، يشتمل على أكثر من
ثلاث مئة ترجمة، ولكن استدرك في المجلد الخامس ص: 231 - 477. وقد ذيل على " تاريخ
بغداد " أبو سعد السمعاني المتوفى: 562 ه‍ وأيضا محمد بن محمود المعروف بابن النجار المتوفى
سنة 643 ه‍، ومنه مختصر بعنوان " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " لأحمد بن أيبك بن الدمياطي
المتوفى سنة 749 ه‍، وذيل على " تاريخ بغداد " كذلك أبو إبراهيم الفتح بن محمد البنداري المتوفى
سنة 623 ه‍. ولتاريخ بغداد أيضا مختصرات. انظر " تاريخ الأدب العربي " لبروكلمان 6 / 59
من النسخة العربية.
(4) طبع في أنقرة بتحقيق الدكتور محمد سعيد خطيب أوغلي عام 1971.
(5) وقد سماه ابن الجوزي وياقوت: " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع " وقد طبع في
الكويت في مطبعة الفلاح: 1981.
(6) في " المنتظم ": " الكفاية في معرفة أصول علم الرواية " يعرض الخطيب فيه تفصيلا
للشروط الواجب توافرها في عالم الحديث، وهو يدل على حرصه الشديد على تنقية الحديث،
وقد طبع في حيدر آباد الدكن سنة 1357 ه‍ وأعيد طبعه في القاهرة بعناية عبد الحليم محمد عبد
الحليم وعبد الرحمن حسن محمود، مطبعة السعادة - 1972.
289

واللاحق " عشرة أجزاء (1)، " المتفق والمفترق " ثمانية عشر جزءا،
" المكمل في المهمل " (2) ستة أجزاء، " غنية المقتبس في تمييز
الملتبس "، " من وافقت كنيته اسم أبيه "، " الأسماء المبهمة " (3) مجلد،
" الموضح " (4) أربعة عشر جزءا، " من حدث ونسي " جزء، " التطفيل " (5)
ثلاثة أجزاء، " القنوت " (6) ثلاثة أجزاء، " الرواة عن مالك " ستة أجزاء،

(1) وقد نشرته دار طيبة بالرياض 1982 بتحقيق ودراسة محمد بن مطهر الزهراني باسم
" السابق واللاحق في تباعد ما بين وفاة راويين عن شيخ واحد ". وهو كتاب نفيس لم يسبق
الخطيب إلى مثله في هذا الباب أحد، ولم يحاكه أحد فيمن لحقه. وقد وقع لمحققه في الصفحة
الأولى منه وهم في التعريف بأبي الحسن علي بن عمر، فظنه علي بن عمر بن محمد بن الحسن أبو
الحسن الحربي المعروف بابن القزويني المترجم في تاريخ بغداد 12 / 43، والصواب علي بن
عمر بن محمد بن الحسن بن شاذان كما في تاريخ بغداد 12 / 40 المتوفى سنة 386، وقد روى عنه
الخطيب قوله: لألحقن الصغار بالكبار حدثنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار بواسطة علي بن أبي
علي البصري، ونشأ عن ذلك وهم آخر وهو ظن المحقق أن كلام أبي الحسن ينتهي عند قوله
" بالكبار " وأن قوله: " حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار "، ليس من تمام كلام أبي
الحسن، وإنما هو من قول الخطيب، فجعله من أول السطر، وعلق عليه بقوله: لم أجد معنى
لوجود هذه الجملة هنا مع أن أحمد بن الحسين بن عبد الجبار شيخ علي بن عمر بن محمد بن
الحسن كما هو مبين في ترجمته.
(2) سماه ابن الجوزي وياقوت " المكمل في بيان المهمل ".
(3) في " الانباء المحكمة " كما ذكر ياقوت، وقد ضمنه 171 حديثا مرتبا على حروف
المعجم عن رواة لم يسموا، ولكن كشف هو عنهم، ومنه مختصر بعنوان " الإشارات إلى بيان
الأسماء المبهمات " للامام النووي المتوفى 676، وهو مرتب أبجديا على أسماء قدامي رجال
الحديث. انظر " تاريخ " بروكلمان 6 / 62 من النسخة العربية.
(4) ذكره في " تاريخه " 11 / 429 باسم " الموضح أوهام الجمع والتفريق " وقد طبع في
حيدر آباد الدكن بالهند عام 1959، 1960.
(5) واسمه " التطفيل وحكايات الطفيليين وأخبارهم ونوادر كلامهم وأشعارهم " نشره حسام
الدين بدمشق سنة 1346 ه‍، وطبع بعناية كاظم المظفر في المطبعة الحيدرية بالنجف سنة
1966 م.
(6) تحرف في " تذكرة الحفاظ " 1 / 1140 إلى " الفنون ".
290

" الفقيه والمتفقه " (1) مجلد " تمييز متصل الأسانيد " (2) مجلد،
" الحيل " (3) ثلاثة أجزاء، " الانباء عن الأبناء " (4) جزء، " الرحلة " (5)
جزء، " الاحتجاج بالشافعي " (6) جزء، " البخلاء " (7) في أربعة أجزاء،
" المؤتنف (8) في تكميل المؤتلف "، " كتاب البسملة وأنها من
الفاتحة " (9)، " الجهر بالبسملة " جزآن، " مقلوب الأسماء والأنساب "
مجلد، " جزء اليمين مع الشاهد " (10)، " أسماء المدلسين " (11)،
" اقتضاء العلم العمل " (12) " تقييد العلم " (13) ثلاثة أجزاء، " القول في

(1) وقد طبع بعناية الشيخ إسماعيل الأنصاري في مطابع القصيم بالرياض عام 1389.
(2) في " المنتظم " و " الارشاد ": " تمييز المزيد في متصل الأسانيد ".
(3) في الأصل " الخيل " بالخاء المعجمة، والمثبت من " تذكرة الحفاظ " 1 / 1140،
وهو الذي أثبته الدكتور أكرم العمري في " موارد الخطيب " ص 80.
(4) تحرف في " تذكرة الحفاظ " 1 / 1140 إلى " رواية الأبناء عن آبائهم ".
(5) وهو " الرحلة في طلب الحديث "، وقد طبع ضمن " مجموعة رسائل في علوم
الحديث " بعناية صبحي البدري السامرائي، ونشرته المكتبة السلفية في المدينة المنورة سنة
1969 م، ثم أعاد طبعه وتحقيقه الدكتور نور الدين عتر عام 1975 م.
(6) في " معجم الأدباء ": الاحتجاج للشافعي فيما أسند إليه والرد على الطاعنين بجهلهم
عليه.
(7) وقد طبع بتحقيق أحمد مطلوب وخديجة الحديثي وأحمد ناجي القيسي في مطبعة
العاني ببغداد سنة 1964 م.
(8) وهو تكملة لكتاب " المؤتلف والمختلف " للدارقطني المتوفى سنة 385 ه‍. وأورد
اسمه في " معجم الأدباء " و " المنتظم ": " المؤتنف في تكملة المختلف والمؤتلف " وتحرف
لفظ " في تكملة " في " المنتظم " إلى " بكلمة ".
(9) في " المنتظم ": " لهج الصواب في أن التسمية من فاتحة الكتاب " وفي " معجم
الأدباء " كلمة منهج بدل لهج.
(10) في " معجم الأدباء ": " الدلائل والشواهد على صحة العمل باليمين مع الشاهد ".
(11) في " المنتظم " و " معجم الأدباء ": " التبيين لأسماء المدلسين ".
(12) في " المنتظم ": " اقتضاء العلم بالعمل "، وقد طبع في المكتب الاسلامي ببيروت
1386 ه‍ بتحقيق ناصر الدين الألباني، ثم أعيد طبعه بعد ذلك مرتين.
(13) يبرهن فيه على أن تقييد الحديث مباح إطلاقا. وقد نشره المعهد الفرنسي بدمشق سنة
1949 بتحقيق المرحوم يوسف العش.
291

النجوم " جزء، " رواية الصحابة عن تابعي " جزء، " صلاة التسبيح "
جزء، " مسند نعيم بن حماد " (1) جزء، " النهي عن صوم يوم الشك "،
" إجازة المعدوم والمجهول " (2) جزء، " ما فيه ستة تابعيون " (3) جزء.
وقد سرد ابن النجار أسماء تواليف الخطيب، وزاد أيضا له: " معجم
الرواة عن شعبة " ثمانية أجزاء، " المؤتلف والمختلف " أربعة وعشرون
جزءا، " حديث محمد بن سوقة " أربعة أجزاء، " المسلسلات " ثلاثة
أجزاء، " الرباعيات " ثلاثة أجزاء، " طرق قبض العلم " ثلاثة أجزاء،
" غسل الجمعة " ثلاثة أجزاء، " الإجازة للمجهول " (4).
أنشدني أبو الحسين الحافظ، أنشدنا جعفر بن منير، أنشدنا السلفي
لنفسه (5).

(1) كذا في الأصل: " حماد " مجودة. وورد عند الدكتور العمري في " موارد الخطيب "
ص: 57 " همار " الغطفاني، وذكر أنه ورد عند الدكتور العش هماز العصاني. فليحرر.
(2) في " المنتظم ": " الإجازة للمعدوم والمجهول " وتحرف لفظ " للمعدوم " في
" معجم الأدباء " إلى " للمعلوم "، وقد طبع ضمن " مجموعة رسائل في علوم الحديث " بعناية
صبحي البدري السامرائي نشر المكتبة السلفية عام 1969 م.
(3) في " المنتظم " و " الارشاد ": " رواية الستة من التابعين ". وتصحف فيهما لفظ
" الستة " إلى " السنة " بالنون.
(4) وذكر الذهبي له أيضا مؤلفات أخرى في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1139 - 1140، وذكر
ابن خلكان أنه صنف قريبا من مئة مصنف. " الوفيات " 1 / 92. وقد أحصى المرحوم يوسف
العش مؤلفاته، فبلغت واحدا وسبعين مؤلفا، وعين أماكن وجودها في المكتبات العالمية مع
إشارته إلى المطبوع منها والمخطوط في كتابه " الخطيب البغدادي مؤرخ بغداد ومحدثها " ص:
120 - 134، وكذلك فعل الدكتور العمري ولكنه زاد في مؤلفاته، وذكر أنها بلغت ستة وثمانين
مصنفا، وعقد لها فصلا خاصا في كتاب القيم " موارد الخطيب " ص 55 - 84، فارجع إليه.
(5) الأبيات في " إرشاد الأريب " 4 / 33 - 34، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1140، و
" طبقات " السبكي 4 / 33.
292

تصانيف ابن ثابت الخطيب * ألذ من الصبا الغض (1) الرطيب
يراها إذ رواها من حواها * رياضا للفتى اليقظ اللبيب (2)
ويأخذ حسن ما قد صاغ منها * بقلب الحافظ الفطن الأريب
فأية راحة ونعيم عيش * يوازي كتبها (3) بل أي طيب
رواها السمعاني في " تاريخه "، عن يحيى بن سعدون، عن
السلفي.
أخبرنا أبو الغنائم المسلم بن محمد، ومؤمل بن محمد كتابة قالا:
أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب،
أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الأهوازي، أخبرنا محمد بن جعفر
المطيري، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة،
عن عبيد الله بن عمر، عن أسامة بن زيد، عن عراك بن مالك، عن أبي
هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس في الخيل والرقيق زكاة، إلا أن في
الرقيق صدقة الفطر " (4).

(1) تصحفت في " الارشاد ": إلى " الغصن ".
(2) رواية هذا البيت عند ياقوت:
تراها إذ حواها من رواها * رياضا تركها رأس الذنوب
(3) عند ياقوت: يوازي كتبه.
(4) إسناده حسن، رجاله ثقات، وهو في تاريخ بغداد 14 / 114، وأخرجه أبو داود
(1594) من طريقين عن عبد الوهاب، عن عبيد الله، عن رجل، عن مكحول، عن عراك بن
مالك، عن أبي هريرة، وأخرجه مسلم (982) (10) في الزكاة: باب لا زكاة على المسلم في
عبده وفرسه من طرق عن ابن وهب، عن مخرمة، عن أبيه، عن عراك بن مالك، عن أبي
هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر " وأخرجه مالك 1 / 277
ومن طريقه مسلم (982) وأبو داود (1595) عن عبد الله بن دينار، عن سليمان بن يسار، عن
عراك بن مالك، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه
صدقة، وأخرجه البخاري (1463) من طريق آدم عن شعبة، عن عبد الله بن دينار، وأخرجه أيضا
(1464) من طريق مسدد عن يحيى بن سعيد، عن خثيم بن عراك بن مالك، عن أبيه، عن أبي
هريرة، وأخرجه الترمذي (628) والنسائي 5 / 35 من طريق وكيع عن سفيان وشعبة، عن عبد الله
ابن دينار به.
293

وبه: قال الخطيب: أخبرنا علي بن القاسم الشاهد من حفظه،
حدثنا أبو روق الهزاني، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي سنة سبع وأربعين
ومئتين، حدثنا معتمر، عن أبيه، عن أنس قال: كانت أم سليم مع نسوة من
نساء النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان حاديهم يقال له: أنجشة، فناداه النبي صلى الله عليه وسلم:
" رويدا يا أنجشة سوقك بالقوارير " (1).
قال أبو الخطاب بن الجراح المقرئ يرثي الخطيب بأبيات منها: (2)
فاق الخطيب الورى صدقا ومعرفة * وأعجز الناس في تصنيفه الكتبا
حمى الشريعة من غاو يدنسها * بوضعه (3) ونفى التدليس والكذبا
جلى محاسن بغداد فأودعها * تاريخه مخلصا لله محتسبا

(1) هو في تاريخ بغداد 12 / 208، وأخرجه البخاري في الأدب (6149) و (6161) و
(6202) و (6210) من طرق عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، وأخرجه أيضا (6161) و
(6210) من طريقين عن حماد، عن ثابت، عن أنس، وهو عنده (6209) من طريق آدم، عن
شعبة، عن ثابت، عن أنس، و (6211) من طريق إسحاق، عن حبان، عن همام، عن قتادة،
عن أنس، وأخرجه مسلم (2323) في الفضائل من طرق عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي
قلابة، عن أنس، وأخرجه أيضا من طريق إسماعيل بن علية، عن أيوب به، ومن طريق يزيد بن
زريع، عن سليمان التيمي، عن أنس، ومن طريق عبد الصمد، عن همام، عن قتادة، عن
أنس. والمراد بالقوارير هنا: النساء شبههن بالقوارير لضعف عزائمهن، والقوارير يسرع إليها
الكسر، وكان أنجشة غلاما أسود، وفي سوقه عنف فأمره أن يرفق بهن في السوق كما يرفق بالدابة
التي عليها قوارير، وفيه وجه آخر وهو أن أنجشة كان حسن الصوت بالحداء، فكان يحدو لهن،
وينشد من القريض والرجز ما فيه تشبيب، فلم يأمن أن يقع في قلوبهن حداؤه، فأمر بالكف عن
ذلك، وشبه ضعف عزائمهن وسرعة تأثير الصوت فيهن بالقوارير في سرعة الآفة إليها.
(2) الأبيات في " تهذيب ابن عساكر " 1 / 401، و " معجم الأدباء " 4 / 43 - 44.
(3) في الأصل: " بوصفه "، والمثبت من " تهذيب ابن عساكر " 1 / 401، و " معجم
الأدباء " 4 / 43.
294

وقال في الناس بالقسطاس منحرفا (1) * عن الهوى وأزال الشك والريبا
سقى ثراك أبا بكر على ظمأ * جون ركام تسح الواكف السربا (2)
ونلت فوزا ورضوانا ومغفرة * إذا تحقق وعد الله واقتربا
يا أحمد بن علي طبت مضطجعا * وباء شانيك (3) بالأوزار محتقبا (4)
وللخطيب نظم جيد، فروى المبارك بن الطيوري عنه لنفسه (5):
تغيب الخلق عن عيني سوى قمر * حسبي من الخلق طرا ذلك القمر
محله في فؤادي قد تملكه * وحاز روحي فما لي (6) عنه مصطبر
والشمس (7) أقرب منه في تناولها * وغاية الحظ منه للورى نظر
وددت (8) تقبيله يوما مخالسة (9) * فصار من خاطري في خده أثر
وكم حليم رآه ظنه ملكا * وردد (10) الفكر فيه أنه بشر
قال غيث بن علي: أنشدنا الخطيب لنفسه:
إن كنت تبغي الرشاد محضا * لأمر دنياك والمعاد

(1) عند ابن عساكر وياقوت: منزويا.
(2) الجون: من أسماء الأضداد يطلق على الأبيض والأسود، والمراد به هنا السحاب
الأسود لامتلائه بالماء، والركام: المجتمع والمتراكم بعضه فوق بعض، والسح: سيلان الماء
وانصبابه بشدة، ووكف: قطر، والسرب: السائل.
(3) أي مبغضك، قال تعالى: * (إن شانئك هو الأبتر) *.
(4) محتقبا: أي حاملا للاوزار في حقيبة.
(5) الأبيات في " معجم الأدباء " 4 / 37 - 38، و " الوافي " 7 / 199، والأول منها في
" النجوم الزاهرة " 5 / 88.
(6) في " معجم " ياقوت، و " الوافي ": ومالي.
(7) في " معجم الأدباء " و " الوافي ": فالشمس.
(8) في " معجم الأدباء " و " الوافي ": أردت.
(9) في الأصل: مجالسة، والمثبت من " معجم الأدباء " و " الوافي ".
(10) في معجم الأدباء و " الوافي ": وراجع الفكر.
295

فخالف النفس في هواها * إن الهوى جامع الفساد (1)
أبو القاسم النسيب: أنشدنا أبو بكر الخطيب لنفسه (2):
لا تغبطن (3) أخا الدنيا لزخرفها (4) * ولا للذة وقت عجلت فرحا
فالدهر أسرع شئ في تقلبه * وفعله بين للخلق قد وضحا
كم شارب عسلا فيه منيته * وكم تقلد سيفا من به ذبحا (5)
ومات مع الخطيب حسان بن سعيد المنيعي (6)، وأبو الوليد أحمد بن
عبد الله بن أحمد بن زيدون شاعر الأندلس (7)، وأبو سهل حمد بن ولكيز
بأصبهان، وعبد الواحد بن أحمد المليحي (8)، وأبو الغنائم محمد بن علي
الدجاجي (9)، وأبو بكر محمد بن أبي الهيثم الترابي (10) بمرو، وأبو علي
محمد بن وشاح الزينبي، والحافظ أبو عمر بن عبد البر (11)، وأبو طاهر أحمد
ابن محمد العكبري، عن ثلاث وسبعين سنة، وهو أخو أبي منصور النديم (12)،

(1) البيتان في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1145.
(2) الأبيات في " الوافي " 7 / 199، و " معجم الأدباء " 4 / 25، و " البداية والنهاية "
12 / 103، و " تهذيب ابن عساكر " 1 / 401.
(3) تصحفت في " البداية " 12 / 103 إلى: لا يغبطن.
(4) في " معجم الأدباء " و " الوافي ": بزخرفها.
(5) تحرفت هذه الشطرة في " البداية ":
وكم مقلد سيفا من قربه ذبحا
(6) تقدمت ترجمته برقم (134).
(7) تقدمت ترجمته برقم (116).
(8) تقدمت ترجمته برقم (128).
(9) تقدمت ترجمته برقم (132).
(10) تقدمت ترجمته برقم (124).
(11) تقدمت ترجمته برقم (85).
(12) هو أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العكبري الاخباري النديم، المتوفى سنة
(472)، سترد ترجمته برقم (193).
296

وشيخ الشيعة أبو يعلى محمد بن حسن بن حمزة الطالكي الجعفري، صهر
الشيخ المفيد (1).
138 - الدربندي *
الشيخ الامام الحافظ، الجوال، أبو الوليد، الحسن بن محمد بن
علي البلخي الدربندي.
سمع أبا عبد الله محمد بن أحمد غنجار، ونحوه ببخارى، وأبا
الحسين بن بشران وطبقته ببغداد، والشيخ العفيف عبد الرحمن بن أبي
نصر، ونحوه بدمشق، وأبا زكريا المزكي، وأبا بكر الحيري بنيسابور، وأبا
عمر الهاشمي بالبصرة، وابن نظيف الفراء بمصر.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو علي الحداد، وأبو عبد الله
الفراوي، وعبد المنعم بن القشيري، وزاهر الشحامي، وآخرون.
قال ابن النجار: رحل من بخارى إلى إسكندرية، وهو مكثر صدوق،
لكنه ردئ الخط (2). لم يكن له كبير معرفة بالحديث. سمع ببلخ من علي
ابن أحمد الخزاعي، وبنيسابور من أبي زكريا المزكي، وبهراة من القاضي
أبي منصور الأزدي، وبإستراباذ من بندار بن محمد، وبالبصرة من القاضي
أبي عمر الهاشمي، وبمصر من أبي عبد الله بن نظيف (3).

(1) الشيخ المفيد، تقدم التعريف به ص 141 ت (5).
* معجم البلدان 2 / 449، تذكرة الحفاظ 3 / 1155 - 1156، طبقات الحفاظ:
437، شذرات الذهب 3 / 301، تهذيب ابن عساكر 4 / 250. والدربندي، نسبة إلى دربند:
مدينة على بحر طبرستان ويقال له: باب الأبواب. انظر " معجم البلدان " 1 / 303.
(2) في " تذكرة الحفاظ " و " الشذرات ": ردئ الحفظ.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1155.
297

وقال عبد الغافر في " تاريخه ": طوف أبو الوليد البلاد، وحصل
الأسانيد والغرائب (1).
قلت: مات بسمرقند في رمضان سنة ست وخمسين وأربع مئة.
قال عبد الغافر في " السياق ": أبو الوليد الدربندي الصوفي
المحدث، من المشايخ الجوالين في الحديث (2).
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا أبو روح البزاز، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو
الوليد الحسن بن محمد، أخبرنا أبو القاسم حسن بن محمد الأنباري،
أخبرنا محمد بن أحمد بن المسور، حدثنا المقدام بن داود، حدثنا علي
ابن معبد، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، عن
عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي، عن حذيفة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن
يبعث عليكم عذابا من عنده، ثم لتدعنه، فلا يستجيب لكم (3) ".

(1) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1155، و " تهذيب " ابن عساكر 4 / 250.
(2) " تهذيب " ابن عساكر 4 / 250.
(3) عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي لم يوثقه غير ابن حبان، وقال يحيى بن معين: لا
أعرفه، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي (2169) من طريقين، عن عمر بن أبي عمرو بهذا
الاسناد، وقال: حديث حسن وأخرجه الخطيب في " تاريخه " 13 / 92 من حديث أبي هريرة
بلفظ " لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم شراركم، فيدعو خياركم فلا
يستجاب لهم " وفي سنده محمود بن محمد الظفري، قال الدارقطني: ليس بالقوي، وأورده في
" المجمع " 7 / 266، ونسبه للبزار والطبراني في الأوسط، وقال: فيه حبان بن علي وهو
متروك، وقد وثقه ابن معين في رواية، وضعفه في غيرها. قلت: أورده المؤلف في " الميزان "
1 / 449، ونقل أقوال الأئمة فيه، ثم قال: لكنه لم يترك، وفي الباب عن عائشة عند ابن ماجة
(4004) وابن حبان (1846) بلفظ: " مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا، فلا
يستجاب لكم " وعن عبد الله بن عمر في " الحلية " 8 / 287 والطبراني في " الأوسط " كما في
" المجمع " 7 / 266 قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم.
298

139 - ابن عليك *
الشيخ الإمام الفاضل، أبو القاسم، علي بن عبد الرحمن بن الحسن
ابن عليك النيسابوري.
من أولاد المشايخ، كثير الاسفار. نزل أصبهان مدة، وحدث بها
وبأذربيجان وبغداد.
حدث عن: أبي الحسين الخفاف، ومحمد بن الحسين العلوي،
وأبي نعيم عبد الملك الأسفراييني، وأبي عبد الله الحاكم، وحمزة
المهلبي، وعبد الرحمن بن أبي إسحاق المزكي.
وعنه: أبو بكر الخطيب، وقال: كان صدوقا (1). وسعيد بن أبي
الرجاء، أبو بكر محمد بن عبدا لباقي، وأبو سعد أحمد بن محمد بن
البغدادي، وإسماعيل بن محمد التيمي، وأحمد بن عمر الناتاني
المقرئ، شيخ للسلفي، وآخرون.
قال ابن نقطة: سمع منه ابن ماكولا، والمؤتمن الساجي.
وقال الناتاني: قدم علينا تفليس، وحدثنا عن الخفاف، وبها توفي.
قال السمعاني: قلت لإسماعيل بن محمد، فقال: كتبت عنه، وله
سماع، ولأبيه حفظ. وكان سئ الرأي فيه. وسمعت محمد بن أبي نصر

* تاريخ بغداد 12 / 33، الاكمال 6 / 262، العبر 3 / 267 - 268، تبصير المنتبه
3 / 966، شذرات الذهب 3 / 330 - 331. وفي عليك ثلاثة أقوال، الأول: فتح العين وكسر اللام
وتشديد الياء المفتوحة، الثاني: فتح العين واختلاس كسرة اللام وفتح الياء المخففة، الثالث: فتح
العين وسكون اللام وتخفيف الياء، وأما الكاف فساكنة في الفارسية توصل بأواخر الأسماء لإفادة
التصغير. انظر " الاكمال " و " الاستدراك " و " التبصير ".
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 33.
299

اللفتواني (1) يقول: كان أبو القاسم بن عليك على أوقاف الجامع بأصبهان،
فحوسب، فانكسر عليه مال، وكان للوقف دكان حلواني أخذ من ساكنها
حلاوة كبيرة، فكانوا يضحكون، ويقولون: نرى الجامع أكل الحلاوة.
وسألت أبا سعد بن البغدادي عنه، فقال: كان فاضلا، ما سمعت فيه
إلا خيرا، وكان أبوه محدثا، وما سمعت قدحا في سماعاته، وكتب عنه
الجم الغفير " مسند " أبي عوانة، إلا أنه كان أشعريا.
قلت: أجاز لابن ناصر الحافظ، ومات في رجب، سنة ثمان وستين
وأربع مئة.
140 - أبو الفرج الجريري *
الشيخ الجليل، المأمون، الصدر، أبو الفرج علي بن محمد بن
علي بن محمد بن عبد الحميد البجلي، الجريري، الهمذاني. من أولاد
جرير بن عبد الله - رضي الله عنه -.
حدث ب‍ " سنن " أبي داود، عن أبي بكر بن لآل، وحدث عن أبيه،
وأحمد بن تركان، وأحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ، وعبد
الرحمن بن عمر بن أبي الليث، وعلي بن أحمد بن عبدان، وأبي القاسم
عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي (2)، ومحمد بن الحسين بن يوسف
الصنعاني، وأحمد بن علي بن عمشليق الجعفري.

(1) اللفتواني: بفتح اللام وسكون الفاء وضم التاء، هذه النسبة إلى لفتوان: إحدى قرى
أصبهان.
* الاكمال 2 / 206، الأنساب 3 / 242 - 243.
(2) في الأصل: الحرقي بالقاف وهو خطأ، وقد تقدم التعريف بهذه النسبة في الصفحة (18)
تعليق (4).
300

قال شيرويه: سمعت منه عامة ما مر له. قال: وكان ثقة، عدلا، من
بيت الامارة والعلم. وكان أحد تناء (1) بلدنا.
قلت: وحدث عنه هبة الله بن أخت الطويل، وأحمد بن سعد العجلي،
وجماعة.
قال شيرويه: توفي في ثامن وعشرين رمضان، سنة ثمان وستين وأربع
مئة، وسمعته يقول: ولدت سنة سبع وثمانين وثلاث مئة.
141 - عبد الحق *
ابن محمد بن هارون، الامام، شيخ المالكية، أبو محمد السهمي
الصقلي.
تفقه على أبي بكر بن عبد الرحمن، وأبي عمران الفاسي،
والأجدابي (2)، وحج، فلقي عبد الوهاب (3)، صاحب " التلقين ". وأبا ذر
الهروي.
وله كتب منها: " النكت والفروق لمسائل المدونة ". وكتاب " تهذيب

(1) التانئ: الدهقان، أي رئيس الإقليم. انظر " القاموس ".
* ترتيب المدارك 4 / 476 - 477، تذكرة الحفاظ 3 / 1160، الديباج المذهب 2 / 56،
المنتقى لابن قاضي شهبة خ حوادث سنة 466، كشف الظنون 1 / 515، شجرة النور: 116،
فهرس دار الكتب 1 / 206.
(2) نسبة إلى أجد أبية، بدال مهملة وياء خفيفة، وهو بلد بين برقة وطرابلس الغرب. انظر
" معجم البلدان " 1 / 100، وقد تصحفت في " ترتيب المدارك " إلى " الأجذابي " بالذال المعجمة
وانظر " ترتيب المدارك " 4 / 621 - 622.
(3) هو القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي البغدادي المالكي، وقد مرت ترجمته في الجزء
السابع عشر برقم (278).
301

الطالب " (1)، وألف عقيدة، وتخرج به أئمة (2).
مات بالإسكندرية، سنة ست وستين وأربع مئة.
وقد حج مرات، وناظر بمكة أبا المعالي إمام الحرمين، وباحثه. وهو
موصوف بالذكاء وحسن التصنيف، وله استدراك على " مختصر البراذعي " (3)
وخرج له عدة تلامذة. وكان قرشيا من بني سهم.
142 - عائشة بنت حسن *
ابن إبراهيم، الواعظة، العالمة، المسندة، أم الفتح الأصبهانية،
الوركانية (4). ووركان، محلة هناك (5).
كتبت الاملاء عن أبي عبد الله بن مندة بخطها. وسمعت من محمد بن
جشنس الراوي عن ابن صاعد. ومن عبد الواحد بن شاه، وجماعة.
روى عنها: الحسين بن عبد الملك الخلال، وسعيد بن أبي الرجاء،
وإسماعيل بن محمد الحافظ.
قال ابن السمعاني، سألت الحافظ إسماعيل عنها، فقال، امرأة
صالحة، عالمة، تعظ النساء، وكتبت أمالي ابن مندة عنه. وهي أول من

(1) تصحفت في " كشف الظنون " 1 / 515 إلى: المطالب.
(2) " ترتيب المدارك " 4 / 775.
(3) والبراذعي: هو أبو سعيد خلف بن أبي القاسم القيرواني البراذعي، مرت ترجمته في الجزء
السابع عشر برقم (348).
* الأنساب: 581 ب، معجم البلدان 5 / 373، اللباب 3 / 361، العبر 3 / 247،
شذرات الذهب 3 / 308، تاج العروس: مادة " ورك " 7 / 191.
(4) تحرف في " الشذرات " إلى " الموركانية ".
(5) أي بأصبهان.
302

سمعت منها الحديث، بعثني أبي إليها، وكانت زاهدة.
قلت: وروى عنها أيضا محمد بن حمد الكبريتي، وإسماعيل الحمامي
المعمر، فكان خاتمة أصحابها. بقيت إلى سنة ست وستين وأربع مئة (1).
143 - صردر بعر *
الشاعر المفلق، أديب وقته، أبو منصور، علي بن الحسن بن علي بن
الفضل البغدادي، الكاتب. ويلقب بصربعر. صاحب بلاغة وجزالة ورقة
وحلاوة، وباع أطول في الأدب.
سمع أبا الحسين بن بشران (2)، وأبا الحسن بن الحمامي.
وعنه: أبو سعد الزوزني، وعلي بن عبد السلام، وفاطمة بنت
الخبري (3).
قال ابن عبد السلام الكاتب: كان نظام الملك يقول له: أنت صردر لا
صربعر (4).
قال ابن النجار: مدح الخليفة القائم ووزيره أبا القاسم بن المسلمة. لم
يك في المتأخرين أرق طبعا منه، مع جزالة وبلاغة.

(1) ذكر المؤلف وفاتها في " العبر " سنة (460)، وكذا ذكر ياقوت في " معجم البلدان "، وفي
" اللباب " أنها توفيت سنة (463)، وفي " تاج العروس ": سنة (495).
* دمية القصر: 1 / 306 - 363، المنتظم 8 / 280 - 282، الكامل 10 / 88 - 89،
وفيات الأعيان 3 / 385 - 386، المختصر في أخبار البشر 2 / 190، العبر 3 / 259، تتمة المختصر
1 / 567 - 568، البداية والنهاية 12 / 108، النجوم الزاهرة 5 / 94، شذرات الذهب 3 / 322 -
323، هدية العارفين 1 / 691 - 692.
(2) في " البداية ": ابن شيران، وهو خطأ.
(3) انظر ترجمة هذه النسبة في الترجمة (287) الآتية.
(4) الخبر في " المنتظم " 8 / 280 - 281، و " الكامل " 10 / 88.
303

وقال بعض الأدباء: هو أشعر من مهيار (1).
وقيل: ظلم أهل شهرابان (2)، وسعى بهم. وخلط في دينه. تقطر (3)
به فرسه، فهلك في ربيع الأول (4)، سنة خمس وستين وأربع مئة. وقع به
الفرس في زبية (5) للأسد، فهلكا معا.
وقيل: إنما أبوه لقب بصربعر لبخله (6).
144 - ابن السمناني *
القاضي العلامة، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن
أحمد بن محمد بن محمود بن أعين الحنفي، ولد القاضي الكبير شيخ
الأشعرية أبي جعفر السمناني. ذكرنا والده في الطبقة الماضية (7).
وهذا ولد بسمنان في سنة 384.

هو الشاعر المشهور أبو الحسن مهيار بن مرزويه الديلمي المتوفى سنة (428)، وقد مرت
ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (310).
(2) هي قرية كبيرة عظيمة ذات نخل وبساتين من نواحي الخالص في شرقي بغداد. (ياقوت).
(3) في الأصل: " تقنطر " والمثبت من " القاموس "، قال: وتقطر به [فرسه]: ألقاه على
قطره.
(4) في " المنتظم ": في صفر.
(5) الزبية: حفرة تحفر للأسد، سميت بذلك لانهم كانوا يحفرونها في موضع عال. وانظر
" وفيات الأعيان " 3 / 386.
(6) ذكره ابن خلكان وزاد: فلما نبغ ولده المذكور وأجاد في العشر قيل له: صردر " وفيات
الأعيان ": 3 / 386 وديوان شعره مطبوع في القاهرة بدار الكتب المصرية سنة 1934.
* تاريخ بغداد 4 / 382، المنتظم 8 / 287، الكامل 10 / 93، تاريخ الاسلام 1 / 91 / 2 -
92 / 1، البداية والنهاية 12 / 109، الجواهر المضية 1 / 254، تاريخ الخميس 2 / 359، الطبقات
السنية: رقم (300). والسمناني: بكسر السين وسكون الميم كما في الأصل وعند ياقوت وابن
الأثير، وعند السمعاني: بفتح الميم، هذه النسبة إلى سمنان قرية بالعراق. وهناك مواضع أخرى أيضا
اسمها سمنان. انظر " معجم البلدان " 3 / 251.
(7) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (441).
304

وكان ثقة صدوقا، حسن الأخلاق، كبير القدر، وافر الجلالة.
تفقه على أبيه لأبي حنيفة، وأخذ عنه علم الكلام، وكان معه لما ولي
قضاء حلب، سنة سبع وأربع مئة.
وسمع من الحسن بن الحسين النوبختي (1)، وإسماعيل بن هشام
الصرصري، وأبي أحمد الفرضي، وابن الصلت المجبر.
قال الخطيب (2): كتبت عنه، وكان صدوقا.
قلت: حدث عنه: أبو منصور القزاز، ويحيى بن الطراح، وأبو البدر
الكرخي. وتزوج بابنته قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني (3)، واستنابه في
القضاء (4).
توفي ببغداد في جمادى الأولى، سنة ست وستين وأربع مئة، وحضره
الكبار وأرباب الدولة، ودفن بداره مدة، ثم نقل (5). وكان يدري العقليات.
145 - ابن القطان *
شيخ المالكية، أبو عمر أحمد بن محمد بن عيسى بن هلال القرطبي.

(1) قال ابن الأثير: النوبختي بضم النون أو فتحها، وسكون الواو وفتح الباء الموحدة وسكون
الخاء المعجمة وبعدها تاء، هذه النسبة إلى نوبخت أحد أجداده.
(2) في " تاريخ بغداد " 4 / 382.
(3) سترد ترجمته برقم (249).
(4) انظر " المنتظم " 8 / 287.
(5) في " المنتظم ": ودفن بداره بنهر القلائين، وجلس قاضي القضاة للعزاء به، ثم نقل إلى
الخيزرانية.
* ترتيب المدارك 4 / 813، الصلة 1 / 61 - 62، العبر 3 / 246، الديباج المذهب
1 / 181 - 182، النجوم الزاهرة 5 / 82، شذرات الذهب 3 / 308، شجرة النور الزكية: 119.
305

دارت عليه وعلى ابن عتاب (1) الفتيا بقرطبة، وكان بينهما منافسة، وكان
محمد بن عتاب يقدم على ابن القطان لسنه وتفننه، ويفوقه ابن القطان ببيانه
وقوة حفظه وجودة انبساطه (2).
تفقه بأبي محمد بن دحون (3)، وابن حوبيل (4)، وابن الشقاق (5).
وسمع من يونس بن عبد الله القاضي.
قال ابن حيان: كان ابن القطان أحفظ الناس " للمدونة "
و " المستخرجة " وأبصر أصحابه بطرق الفتيا والرأي، وكان ينكر المنكر،
ويكره الملاهي. وكان أبوه وليا لله من الزهاد. تفقه أهل قرطبة بأبي عمر
منهم: ابن مالك (6)، وابن الطلاع، وابن دحمين (7)، وابن رزق (8).
قال: وتوفي في ذي القعدة، سنة ستين وأربع مئة.

(1) هو أبو عبد الله محمد بن عتاب الأندلسي، سترد ترجمته برقم (152).
(2) انظر " الديباج المذهب " 1 / 181، و " ترتيب المدارك " 4 / 813.
(3) المتوفى سنة 431 ه‍. انظر ترجمته في " ترتيب المدارك " 4 / 729، و " الصلة "
1 / 267.
(4) هو أبو بكر عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن التجيبي، يعرف بابن حوبيل - بالحاء
المهملة - وتصحف في " الديباج المذهب " إلى " جوبيل " بالجيم - متوفى سنة 409 ه‍. مترجم في
" ترتيب المدارك " 4 / 726، و " جذوة المقتبس ": 270، و " بغية الملتمس ": 319،
و " الصلة " 1 / 315 - 316.
(5) هو أبو محمد عبد الله بن سعيد المعروف بابن الشقاق المتوفى سنة 426. انظر ترجمته في
" ترتيب المدارك " 4 / 729، و " الصلة " 1 / 266 - 267.
(6) هو أبو مروان عبيد الله بن محمد بن مالك المتوفى سنة 460، انظر ترجمته في " ترتيب
المدارك " 4 / 813 - 814.
(7) في " الديباج ": حمدين، وفي " شجرة النور ": حمديس، وفي " ترتيب المدارك ":
دحون.
(8) هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن رزق القربى، سترد ترجمته برقم (292) وقد تصحف
" رزق " في " الديباج المذهب " 1 / 181، إلى " زرق " بزاي ثم راء.
306

146 - القائم *
أمير المؤمنين، القائم بأمر الله، أبو جعفر عبد الله بن القادر بالله أحمد
ابن الأمير إسحاق بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد العباسي البغدادي.
مولده في سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.
وأمه أرمنية تسمى بدر الدجى، وقيل: قطر الندى. وقد مر ذكره
استطرادا بعد العشرين والثلاث مئة (1)، وأنه كان جميلا وسيما أبيض بحمرة،
ذا دين وخير وبر وعلم وعدل، بويع سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة، وأنه نكب
سنة خمسين في كائنة البساسيري، ففر إلى البرية في ذمام أمير للعرب، ثم عاد
إلى خلافته بعد عام بهمة السلطان طغرلبك، وأزيلت خطبة خليفة مصر
المستنصر بالله من العراق، وقتل البساسيري (2). ولما أن فر القائم إلى
البرية، رفع قصة إلى رب العالمين مستعديا على من ظلمه، ونفذ بها إلى البيت
الحرام، فنفعت، وأخذ الله بيده، ورده إلى مقر عزه (3). فكذلك ينبغي لكل
من قهر وبغي عليه أن يستغيث بالله تعالى، وإن صبر وغفر، فإن في الله كفاية
ووقاية.

* تاريخ بغداد 9 / 399 - 404، الخريدة 1 / 22، المنتظم 8 / 57 - 59 و 289 - 291
و 295 وانظر حوادث سنة 450، الكامل 9 / 417 - 418، وانظر حوادث سنة 450، مختصر تاريخ
دولة آل سلجوق: 53، الفخري: 292 - 295، المختصر 2 / 158، 177 - 179، 191، العبر
3 / 264، تتمة المختصر 1 / 512، 547 - 549، 568، فوات الوفيات 2 / 157 - 158، البداية
والنهاية 12 / 31 - 32 و 110، تاريخ ابن خلدون 3 / 447، وما بعدها، القاموس المحيط مادة
(قام)، النجوم الزاهرة 5 / 4 - 11 و 97 - 98، تاريخ الخلفاء: 417 - 418، و 422، تاريخ
الخميس 2 / 357 - 359، تاج العروس: مادة (قام): 9 / 37، معجم الأسرات الحاكمة: 4.
(1) في الجزء الخامس عشر برقم (64).
(2) انظر ترجمة البساسيري المتقدمة برقم (70).
(3) انظر " المنتظم " 8 / 195 - 196.
307

وكان أبيض وسيما، عالما مهيبا، فيه دين وعدل. ظهر عليه ما شرا (1)،
فافتصد ونام، فانفجر فصاده، وخرج دم كثير، وضعف، وخارت قواه.
وكان ذا حظ من تعبد وصيام وتهجد، لما أن أعيد إلى خلافته قيل: إنه
لم يسترد شيئا مما نهب من قصره، ولا عاقب من آذاه، واحتسب وصبر. وكان
تاركا للملاهي - رحمه الله - وكانت خلافته خمسا وأربعين سنة.
وغسله شيخ الحنابلة أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي (2). وعاش ستا
وسبعين سنة، وبويع بعده ابن ابنه المقتدي بالله.
ووزر للقائم أبو طالب محمد (3) بن أيوب، وأبو الفتح بن دارست (4)،
وأبو القاسم بن المسلمة (5)، وأبو نصر بن جهير (6).
وكان ملك بني بويه في خلافته ضعيفا، بحيث إن جلال الدولة (7) باع
من ثيابه الملبوسة ببغداد، وقل ما بيده، وخلت داره من حاجب وفراش،
وقطعت النوبة على بابه لذهاب الطبالين، وثار عليه جنده، ثم كاشروا له
رحمة، ثم جرت فتنة البساسيري، ثم بدت الدولة السلجوقية، وأول ما ملكوا
خراسان، ثم الجبل، وعسفوا ونهبوا وقتلوا، وفعلوا القبائح - وهم

(1) الماشرا، فعي عرف الأطباء: ورم حار عن دم صفراوي يعم الوجه، وربما غطى العين:
" التعريفات " للمناوي ورقه 107.
(2) انظر " المنتظم " 8 / 290، و " الكامل " 10 / 94 - 95، وسترد ترجمة أبي جعفر برقم
(276).
(3) وقد تقدمت ترجمته برقم (19).
(4) هو أبو الفتح منصور بن أحمد بن دارست المتوفي سنة (467)، انظر " المنتظم " 8 / 297.
(5) وقد تقدمت ترجمته برقم (104).
(6) وسترد ترجمته برقم (324).
(7) هو الملك جلال الدولة فيروز جرد بن الملك بهاء الدولة الديلمي، مرت ترجمته في الجزء
السابع عشر برقم (382).
308

تركمان -. ومات جلال الدولة سنة 435 وله نيف وخمسون سنة، وكان على
ذنوبه يعتقد في الصلحاء. وخلف أولادا. ودخل أبو كاليجار (1) بغداد،
وتعاظم، ولم يرض إلا بضرب الطبل له في أوقات الصلوات الخمس، وكان
جدهم عضد الدولة (2) - مع علو شأنه - لم تضرب له إلا ثلاثة أوقات. ومات أبو
كاليجار سنة أربعين، فولي الملك بعده ولده الملك الرحيم أبو نصر (3) بن
السلطان أبي كاليجار بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة.
وفيها غزاينال (4) السلجوقي أخو طغرلبك بجيوشه، ووغل في بلاد الروم،
وغنم ما لا يعبر عنه، وكانت غزوة مشهودة وفتحا مبينا. فهذا هو أول استيلاء
آل سلجوق ملوك الروم على الروم، وفي هذا الحين خطب متولي القيروان
المعز (5) بن باديس للقائم بأمر الله، وقطع خطبة العبيدية، فبعثوا من حاربه،
فتمت فصول طويلة.
وفي سنة 441 عملت ببغداد مآتم عاشوراء، فجرت فتنة بين السنة
والشيعة تفوت الوصف من القتل والجراح، وندب أبو محمد بن النسوي
لشحنكية بغداد، فثارت العامة كلهم، واصطلح السنة والشيعة، وتوادوا
وصاحوا: متى ولي ابن النسوي أحرقنا الأسواق، ونزحنا. وترحم أهل الكرخ
على الصحابة، وهذا شئ لم يعهد (6). وكان الرخاء ببغداد بحيث إنه أبيع

(1) هو الملك أبو كاليجار مرزبان بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة الديلمي، مرت ترجمته في
الجزء السابع عشر برقم (425).
(2) هو الملك فناخسرو بن ركن الدولة حسن بن بويه الديلمي، مرت ترجمته في الجزء السادس
عشر برقم (175).
(3) انظر ترجمته المتقدمة رقم (59).
(4) تقدمت ترجمته برقم (53).
(5) تقدمت ترجمته برقم (75).
(6) انظر " المنتظم " 8 / 140 و 145، و " الكامل " 9 / 561، و " المختصر " 2 / 170.
309

الكر (1) بسبعة دنانير. ومات صاحب الموصل معتمد الدولة أبو المنيع (2)، ثم
بعد سنة فسد ما بين السنة والشيعة، وعملت الشيعة سورا على الكرخ، وكتبوا
عليه بالذهب: محمد وعلي خير البشر، فمن أبى فقد كفر. ثم وقع القتال
والنهب، وقويت السنة، وفعلوا العظائم، ونبشت قبور، وأحرقت عظام
العوني (3) والناشي والجذوعي، وقتل مدرس الحنفية السرخسي، وعجزت
الدولة عنهم. وأخذ طغرلبك أصبهان، وجعلها دار ملكه. واقتتل المغاربة
وجيش مصر، فقتل من المغاربة ثلاثون ألفا (4).
وفي سنة 444 هاجت السنة على أهل الكرخ، وأحرقوا، وقتلوا،
وهلك يومئذ في الزحمة نيف وأربعون نفسا، أكثرهم نساء نظارة (5)، وجرت
حروب كثيرة بين جيش خراسان وبين الغز على الملك، وحاصر الملك الرحيم
والبساسيري البصرة، وأخذها من ولد أبي كاليجار، ثم استولى عسكر الملك
الرحيم على شيراز بعد حصار طويل، وقحط وبلاء، حتى قيل: لم يبق فيها إلا
نحو ألف نفس، ودور سورها اثنا عشر ألف ذراع، ولها أحد عشر بابا.
وفي سنة 447 قبض طغرلبك على الملك الرحيم، وانقضت أيام بني
بويه، وكان فيها دخول طغرلبك بغداد، وكان يوما مشهودا بين يديه ثمانية عشر
فيلا، مظهرا أنه يحج، ويغزو الشام ومصر، ويزيل الدولة العبيدية. ومات

(1) مكيال لأهل العراق يساوي ستين قفيزا، ويكون بالمصري أربعين إردبا، انظر " اللسان "
و " معجم متن اللغة " مادة " كر " وأبيع: عرض للبيع.
(2) واسمه قرواش بن مقلد بن المسيب العقيلي، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم
(427).
(3) في " المنتظم " 8 / 150: العوفي.
(4) انظر " المنتظم " 8 / 149 - 151، و " الكامل " 9 / 575 - 577، و " المختصر "
2 / 171.
(5) " المنتظم " 8 / 154.
310

ذخيرة الدين محمد بن الخليفة ولي عهد أبيه، وخلف ولدا طفلا وهو
المقتدي، وعاثت جيوش طغرلبك بالقرى، بحيث لابيع الثور بعشرة دراهم،
والحمار بدرهمين. ووقعت الفتنة ببغداد بين الحنابلة والشافعية (1). وتزوج
الخليفة ببنت طغرلبك على مئة ألف دينار (2).
وفي سنة ثمان مبدأ فتنة البساسيري، وخطب بالكوفة وواسط وبعض
القرى للمستنصر العبيدي (3)، وكان القحط عظيما بمصر وبالأندلس، وما
عهد قحط ولا وباء مثله بقرطبة، حتى بقيت المساجد مغلقة بلا مصل، وسمي
عام الجوع الكبير (4).
وفي سنة تسع أخذ طغرلبك الموصل، وسلمها إلى أخيه ينال، وكتب
في ألقابه: ملك المشرق والمغرب. وفيها كان الجوع المفرط ببغداد
والفناء، وكذلك ببخارى وسمرقند حتى يقال: هلك بما وراء النهر ألف ألف
وست مئة ألف (5).
وفي سنة خمسين أخذ البساسيري بغداد كما قدمنا، وخطب لصاحب

(1) عن هذه الحوادث، انظر " المنتظم " 8 / 163 وما بعدها، وابن الأثير 9 / حوادث سنة
447، و " المختصر " 2 / 174، وانظر ترجمة كل من طغرلبك والملك الرحيم المتقدمتين.
(2) الصواب أن زواج الخليفة كان سنة ثمان وأربعين لا سنة سبع كما ذكر المؤلف، وأن زواجه لم
يكن من ابنة طغرلبك، وإنما كان من ابنة أخيه داود الملقب جغريبك، انظر " المنتظم " 8 / 169 -
170، وابن الأثير 9 / 617، و " المختصر " 2 / 174. وقد مر في ترجمة طغرلبك أنه هو الذي تزوج
من ابنة القائم، وأن ذلك كان سنة خمس وخمسين وأربع مئة، وسيذكر المؤلف أيضا ذلك في هذه
الترجمة في سنة 454 ص 295.
(3) انظر ترجمة البساسيري التي تقدمت برقم (70) و " المنتظم " 8 / 173.
(4) انظر " المنتظم " 8 / 170 - 173، و " الكامل " 9 631.
(5) انظر " المنتظم " 8 / 179 - 181، و " الكامل " 9 / 633 - 637، و " المختصر "
2 / 176.
311

مصر، فأقبل في أربع مئة فارس في وهن وضعف ومعه قريش أمير العرب في
مئتي فارس بعد أن حاصرا الموصل، وأخذاها، وهدما قلعتها. واشتغل
طغرلبك بحرب أخيه، فمالت العامة إلى البساسيري لما فعلت بهم الغز،
وفرحت به الرافضة، فحضر الهمذاني عند رئيس الرؤساء الوزير، واستأذنه
في الحرب، وضمن له قتل البساسيري، فأذن له. وكان رأي عميد العراق
المطاولة رجاء نجدة طغرلبك، فبرز الهمذاني بالهاشميين والخدم والعوام إلى
الحلبة، فتقهقر البساسيري، واستجرهم، ثم كر عليهم، فهربوا، وقتل
عدة، ونهب باب الأزج، وأغلق الوزير عليهم، ولطم العميد كيف استبد
الوزير بالامر ولا معرفة له بالحرب، فطلب الخليفة العميد، وأمره بالقتال على
سور الحريم، فلم يرعهم إلى الصريخ ونهب الحريم، ودخلوا من باب
النوبي، فركب الخليفة وعلى كتفه البردة، وبيده السيف، وحوله عدد،
فرجع نحو العميد، فجوده قد استأمن إلى قريش، فصعد المنظرة، فصاح
رئيس الرؤساء بقريش: يا علم الدين: إن أمير المؤمنين يستدنيك. فدنا،
فقال: قد أنالك الله رتبة لم ينلها أحد، أمير المؤمنين يستذم منك على نفسه
وأصحابه بذمام الله ورسوله وذمام العرب. قال: نعم. وخلع قلنسوته،
فأعطاها الخليفة، وأعطى الوزير مخصرته، فنزلا إليه، وذهبا معه، فبعث إليه
البساسيري: أتخالف ما تقرر بيننا؟ قال: لا. ثم اتفقا على تسليم الوزير،
فلما أتاه، قال: مرحبا بمهلك الدول. قال: العفو عند القدرة. قال: أنت
قدرت فما عفوت، وركبت القبيح مع أطفالي، فكيف أعفو وأنا رب
سيف!؟. وحمل قريش الخليفة إلى مخيمه، وسلم زوجته إلى ابن جردة،
ونهبت دور الخلافة، فسلم قريش الخليفة إلى ابن عمه مهارش بن مجلي،
فسار به في هودج إلى الحديثة، وسار حاشية الخليفة على حمية إلى
طغرلبك، وشكى الخليفة البرد، فبعث إليه متولي الأنبار جبة ولحافا. ولا
312

ريب أن الله لطف بالقائم لدينه (1).
حكى المحدث أبو الحسن بن عبد السلام: سمعت الأستاذ محمد بن
علي بن عامر قال: دخلت إلى الخزانة، فأعطوني عدة قصص، حتى امتلا
كمي، فقلت: لو كان الخليفة أخي لضجر مني، وألقيتها في البركة. وكان
القائم ينظر، ولم أدر. قال: فأمر بأخذ الرقاع، فنشرت في الشمس، ثم وقع
على الجميع، وقال: يا عامي! لم فعلت هذا؟ قال: فاعتذرت، فقال: ما
أطلقنا شيئا من أموالنا بل نحن خزانهم (2).
نعم، وأحسن البساسيري السيرة، ووصل الفقهاء، ولم يتعصب
للشيعة، ورتب لام الخليفة راتبا. ثم بعد أيام أخرج الوزير مقيدا عليه
طرطور، وفي رقبته قلادة جلود وهو يقرأ: * (قل اللهم مالك الملك) * [آل
عمران: 26] فبصق في وجهه أهل الرفض - فالامر لله - ثم صلب، وجعل في
فكيه كلوبان، فمات ليومه (3)، وقتلوا العميد أيضا، وهو الذي بنى رباط شيخ
الشيوخ (4)، ثم سار البساسيري، فحكم على البصرة وواسط، وخطب بها
للمستنصر، ولكن قطع المستنصر مكاتبته، خوفه وزيره أبو الفرج ابن أخي
الوزير المغربي، وكان قد هرب من البساسيري، فذم أفعاله، وخوف من
عواقبه (5). وبكل حال فناله من المصريين نحو ألف ألف دينار.

(1) انظر " تاريخ بغداد " 3 / 399 وما بعدها، و " الكامل " 9 / 640 وما بعدها،
و " المختصر " 2 / 177 - 178، و " المنتظم " 8 / 190.
(2) انظر " المنتظم " 8 / 59.
(3) قد تقدم هذا الخبر في ترجمة الوزير أبي القاسم رئيس الرؤساء رقم (104)، وهو أيضا في
" تاريخ بغداد " 9 / 403.
(4) " الكامل " 9 / 644، وفي ترجمة شيخ الشيوخ الآتية برقم (254) أنه هو الذي بنى
الرباط من ماله.
(5) الخبر بنحوه في " الكامل " 9 / 644.
313

وفي سنة 454 زوج القائم بنته بطغرلبك بعد استعفاء وكره (1)، وغرقت
بغداد، وبلغ الماء أحدا وعشرين ذراعا (2).
وفي سنة 456 قبض السلطان ألب آرسلان (3) على وزيره عميد الملك
الكندري (4)، واستوزر نظام الملك (5)، وكان المصاف بالري بين ألب
آرسلان وقرابته قتلمش (6)، فقتل قتلمش، وندم السلطان، وعمل عزاءه، ثم
سار يغزو الروم (7). وأنشئت مدينة بجاية، بناها الناصر بن علناس (8)،
وكانت مرعى للدواب.
وفي سنة ثمان أنشئت نظامية بغداد، وسلطن آلب آرسلان ابنه
ملكشاه (9)، وجعله ولي عهده، وسار إليه مسلم بن قريش بن بدران صاحب
الموصل (10)، فأقطعه هيت وحربا (11)، وبنوا على قبر أبي حنيفة قبة
عظيمة (12).
وفي سنة 461 احترق جامع دمشق كله ودار السلطنة التي

(1) انظر ترجمة طغرلبك المتقدمة برقم (52).
(2) " المنتظم " 8 / 225.
(3) سترد ترجمته برقم (210).
(4) تقدمت ترجمته برقم (55).
(5) " المنتظم " 8 / 234، و " الكامل " 10 / 31.
(6) تقدمت ترجمته برقم (54).
(7) " الكامل " 10 / 37، 38، و " المختصر " 2 / 184 - 185.
(8) سترد ترجمته برقم (315) وفيها ذكر مدينة بجاية.
(9) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (34).
(10) سترد ترجمته برقم (246).
(11) هيت: بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار. وحربا: كذا في الأصل بالألف
الممدودة، وفي " معجم " ياقوت: حربي: مقصور، والعامة تتلفظ به ممالا، بليدة في أقصى دجيل
بين بغداد وتكريت مقابل الحظيرة.
(12) انظر " الكامل " 10 / 50 - 51، و " المختصر " 2 / 185.
314

بالخضراء (1)، وذهبت محاسن الجامع وزخرفته التي تضرب بها الأمثال، من
حرب وقع بين جيش مصر وجيش العراق (2).
وفي سنة 62 أقبل طاغية الروم في جيش لجب، حتى أناخ بمنبج،
فاستباحها، وأسرع الكرة للغلاء، أبيع في عسكره رطل الخبز، بدينار، وكان
بمصر الغلاء المفرط وهي النوبة التي قال فيها صاحب " المرآة ": فخرجت
امرأة بالقاهرة بيدها مد جوهر فقالت: من يأخذه بمد قمح؟ فما التفت إليها
أحد، فرمته، وقالت: ما نفعني وقت الحاجة، فلا أريده. فما كان له من
يأخذه، وكاد الخراب أن يشمل الإقليم، حتى بيع كلب بخمسة دنانير والهر
بثلاثة، وبلغ ثمن الإردب (3) مئة دينار، وأكل الناس بعضهم بعضا، وتشتت
أهل مصر في البلاد (4).
وفي سنة 63 كانت الملحمة العظمى بين الاسلام والنصارى.
قال ابن الأثير (5): خرج أرمانوس في مئتي ألف، وقصد الاسلام،
ووصل إلى بلاد خلاط (6). وكان السلطان ألب آرسلان بخوي (7)، فبلغه كثرة
العدو، وهو في خمسة عشر ألف فارس، فقال: أنا ألتقيهم، فإن سلمت

(1) وهي تقع جنوبي الجامع الأموي وما زالت قائمة حتى اليوم، ولكنها تحولت إلى مصبغة
تعرف باسم (مصبغة الخضراء) ثم تحولت أخيرا إلى مطبعة.
(2) الكامل " 10 / 59، و " المختصر " 2 / 86، وفيهما أن الحرب كانت بين المغاربة
أصحاب المصريين والمشارقة.
(3) الإردب، بكسر الهمزة: مكيال لأهل مصر يسع أربعة وعشرين صاعا، انظر " اللسان "
و " القاموس " و " معجم متن اللغة " مادة " ردب ".
(4) انظر " المنتظم " 8 / 256، و " الكامل " 10 / 60 - 62، و " المختصر " 2 / 186.
(5) " الكامل " 10 / 65 - 67 بأطول مما هنا.
(6) قال ياقوت: هي قصبة أرمينية الوسطى.
(7) قال ياقوت: خوي: بلد مشهور من أعمال أذربيجان، حصن كثير الخير والفواكه.
315

فبنعمة الله، وإن قتلت فملكشاه ولي عهدي. فوقعت طلائعه على طلائعهم،
فانكسر العدو، وأسر مقدمهم، فلما التقى الجمعان، بعث السلطان يطلب
الهدنة، فقال أرمانوس: لا هدنة إلا ببذل الري. فانزعج السلطان، فقال له
إمامه أبو نصر (1): إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره وإظهاره على الأديان،
فأرجو أن يكون الله قد كتب باسمك هذا الفتح، والقهم يوم الجمعة والساعة
يكون الخطباء على المنابر يدعون للمجاهدين، فصلى به، وبكى السلطان،
وبكى الناس، ودعا، وأمنوا، وقال: من أراد أن ينصرف فلينصرف، فما ثم
سلطان يأمر ولا ينهى، ورمى القوس، وسل السيف، وعقد بيده ذنب فرسه،
وفعل الجند كذلك، ولبس البياض، وتحنط، وقال: إن قتلت فهذا كفني.
ثم حمل، فلما لاطخ العدو، ترجل، وعفر وجهه في التراب، وأكثر
التضرع، ثم ركب، وحصل المسلمون في الوسط، فقتلوا في الروم كيف
شاؤوا، ونزل النصر، وتطايرت الرؤوس، وأسر ملك الروم، وأحضر بين
يدي السلطان، فضربه بالمقرعة، وقال: ألم أسألك الهدنة؟ قال: لا
توبخ، وافعل ما تريد. قال: ما كنت تفعل لو أسرتني؟ قال: أفعل القبيح.
قال: فما تظن بي؟ قال: تقتلني أو تشهرني في بلادك، والثالثة بعيدة، أن
تعفو، وتأخذ الأموال. قال: ما عزمت على غيرها. ففك نفسه بألف ألف
دينار وخمس مئة ألف دينار وبكل أسير في مملكته، فنزله في خيمة، وخلع
عليه، وبعث له عشرة آلاف دينار يتجهز بها، وأطلق له عدة بطارقة، وهادنه
خمسين سنة، وشيعه، وأما جيشه، فملكوا ميخائيل. ومضى أرمانوس،
فبلغه ذهاب ملكه، فترهب، ولبس الصوف، وجمع ما قدر عليه من الذهب،
فكان نحو ثلاث مئة ألف دينار، فبعثها، واعتذر.

(1) في " الكامل ": أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري الحنفي.
316

وفيها تملك الشام أتسز الخوارزمي (1)، وبدع وأفسد، وعثر الرعية.
وفي سنة 65 قتل السلطان ألب آرسلان. وفيها اختلف جيش مصر،
وتحاربوا مرات، وقويت الأتراك، وقتل خلق من عرب مصر، واضمحل
دست (2) المستنصر، وذاق ذلا وحاجة، وبالغ في إهانته ناصر الدولة
الحمداني، وعظم، وجرت أمور مزعجة (3).
وفي سنة 66 غرقت بغداد، وأقيمت الجمعة في السفن مرتين، وهلك
خلق لا يحصون حتى لقيل: إن الماء بلغ ثلاثين ذراعا. حتى لقال سبط ابن
الجوزي: وانهدمت مئة ألف دار، وبقيت بغداد ملقة (4) واحدة (5).
وفي سنة 67 بعث المستنصر إلى ساحل الشام إلى بدر الجمالي (6)
ليغيثه، فسار من عكا في البحر زمن الشتاء، وخاطر، وهجم مصر بغتة،
وسماه المستنصر أمير الجيوش، فلما كان في الليل، بعث إلى كل أمير من أعيان
الامراء طائفة أتوه برأسه، وأخذ أموالهم إلى قصر المستنصر، وأضاءت حاله،
وسار إلى الإسكندرية، فحاصرها مدة، وأخذها، وقتل طائفة استولوا، وسار
إلى دمياط، ففعل كذلك، وسار إلى الصعيد، فقتل به في ثلاثة أيام اثني عشر
ألفا، ونهب وبدع، فتجمعوا له بالصعيد في ستين ألفا من بين فارس وراجل،
فبيتهم ليلا، فهزمهم، وقتل خلق كثير، وغرق مثلهم، وغنمت أموالهم. ثم
التقوا ثانية، ونصر عليهم، ووقع ببغداد حريق لم يسمع بمثله، وذهب الأموال.

(1) سترد ترجمته برقم (218).
(2) الدست: فارسية، ومعناها هنا: القوة. انظر " معجم الألفاظ الفارسية المعربة ": 63.
(3) انظر " الكامل " 10 / 80 وما بعدها، و " المختصر " 2 / 188 - 190.
(4) الملقة: الصفاة الملساء اللينة، وهي أيضا الصفحة اللينة الملتزقة من الجبل.
(5) انظر " المنتظم " 8 / 284 - 286، و " الكامل " 10 / 90 - 91.
(6) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (6).
317

ومات القائم بأمر الله في شعبان سنة سبع وستين (1) وأربع مئة، وبايعوا
حفيده، فنذكره استطرادا:
147 - المقتدي *
الخليفة المقتدي بأمر الله، أبو القاسم، عبيد الله (2) بن ذخيرة الدين محمد
ابن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر
العباسي.
تسلم الخلافة بعهد من جده يوم ثالث عشر شعبان سنة 467 وهو ابن
عشرين سنة سوى أشهر (3)، وأمه أرجوان أم ولد، بقيت بعده دهرا، رأت ابن
ابن ابنها المسترشد خليفة (4).
وكان حسن السيرة، وافر الحرمة. أمر بنفي الخواطئ (5) والقينات،
وأن لا يدخل أحد الحمام إلا بمئزر، وأخرب أبراج الحمام، وفيه ديانة ونجابة
وقوة وعلو همة (6). وكان ملكشاه قد صمم على إخراجه من بغداد، فحار،

(1) في " تاج العروس " 9 / 37 مادة (قام) أنه توفي سنة (469) وهو خطأ.
* المنتظم 8 / 291 - 294 و 9 / 84، الكامل 10 / 94 و 96 - 97 و 229 - 231،
الفخري: 296 - 299، المختصر 2 / 191، 204، العبر 3 / 314 و 316، تتمة المختصر
1 / 568 - 569، و 2 / 13، فوات الوفيات 2 / 219 - 220، البداية والنهاية 12 / 110 - 111،
146، النجوم الزاهرة 5 / 139 - 140، تاريخ الخلفاء: 423 - 425 - 426، تاريخ الخميس
2 / 359، خلاصة الذهب المسبوك: 268، شذرات الذهب 3 / 380 - 381، معجم الأنساب
والأسرات الحاكمة: 4.
(2) كذا في الأصل " عبيد الله " وفي مصادر الترجمة " عبد الله ".
(3) انظر " المنتظم " 8 / 290، و " الكامل " 10 / 94.
(4) " المنتظم " 8 / 291 - 292، و " الكامل " 10 / 230، و " المختصر " 2 / 204.
(5) تحرفت في " العبر " 3 / 316 إلى: الحواظي.
(6) " المنتظم " 8 / 293 - 294، و " الكامل " 10 / 231.
318

والتجأ إلى الله، فدفع عنه، وهلك ملكشاه (1).
ولد بعد موت أبيه بأشهر، وكان في اعتقال القائم نوبة البساسيري
صغيرا، فأخفي، وحمله ابن المحلبان (2) إلى حران (3).
وزر له فخر الدولة ابن جهير بوصية من جده.
وفي سنة 469 سار أتسز - الذي أخذ دمشق - إلى مصر، وحاصرها،
وكاد أن يملكها، فتضرع أهلها إلى الله، فترحل بلا سبب، ونازل القدس،
ثم أخذها، وقتل ثلاثة آلاف، وذبح القاضي والشهود صبرا، وعسف (4).
وقال أبو يعلى بن القلانسي: كسره بمصر أمير الجيوش، فرد وقد قتل
أخوه، وقطعت يد أخيه الآخر، فسر الناس (5).
وكانت الفتنة الصعبة بين الحنبلية والقشيرية بسبب الاعتقاد، وقتل بينهم
جماعة، وعظم البلاء، وتشفت بهم الروافض (6)، وحاصر دمشق المصريون
مرتين. وعزل ابن جهير الوزير لشده من الحنابلة (7).
وفي سنة 471 أقبل تاج الدولة تتش أخو ملكشاه، فاستولى على
دمشق، وقتل أتسز، وأحبه الناس (8).

(1) انظر " المنتظم " 8 / 292، و " الفخري ": 296.
(2) في " المنتظم ": أبو الغنائم محمد بن علي بن المحلبان.
(3) " المنتظم " 8 / 292، و " الكامل " 10 / 97.
(4) الخبر بنحوه في " الكامل " 10 / 103 - 104، و " المختصر " 2 / 192. وقد ورد اسم
أتسز في " الكامل ": أقيس، وقال: هكذا يذكر الشاميون، والصحيح أنه أتسز.
(5) انظر " الكامل " 10 / 103 - 104.
(6) انظر " المنتظم " 8 / 305، وما بعدها، و " الكامل " 10 / 104 - 105.
(7) انظر " المنتظم " 8 / 317 - 319، و " الكامل " 10 / 109 - 111، وفيه أن عزل ابن
جهير كان في سنة إحدى وسبعين.
(8) الخبر بنحوه في " الكامل " 10 / 111، و " المختصر " 2 / 193 - 194.
319

وفي سنة 73 مات صاحب اليمن أبو الحسن علي بن أحمد
الصليحي (1)، وكانت دولته نحوا من عشرين سنة، وكان على دين العبيدية،
تحيل إلى أن تملك جميع اليمن. وكان أبوه من قضاة اليمن، له سيرة في
" تاريخي الكبير ".
ورافعوا نظام الملك وزير ملكشاه.
قال ابن الأثير (2): فمد سماطا (3)، وأقام عليه مماليكه، وهم ألوف من
الترك بخيلهم وسلاحهم، وحضر السلطان، ثم قال: إني خدمتك، وخدمت
أباك وجدك، وقد بلغك أخذي للأموال، وصدقوا، إنما أصرفها على مثل
هؤلاء الغلمان وهم لك، وفي البر والصلات، ومعظم أجرها لك، وكل ما
أملكه فبين يديك، وأنا أقنع بمرقعة. فصفا له السلطان، وأحبه، وسمل سيد
الرؤساء أبا المحاسن (4)، الذي ناوأه.
وفي هذا القرب تملك سليمان بن قتلمش السلجوقي قونية وآقصرا. ثم
سار، فأخذ أنطاكية من الروم، وكان لها في أيديهم مئة وعشرون (5) سنة. وبعث
بالبشارة إلى السلطان ملكشاه، ثم تحارب هو ومسلم بن قريش في سنة 77،
فقتل مسلم. ونازل ابن قتلمش حلب شهرا ثم ترحل (6).
ونازل الأذفيش (7) مدينة طليطلة أعواما، ثم كانت الملحمة الكبرى

(1) سترد ترجمته برقم (173).
(2) " الكامل " 10 / 131.
(3) أي نظام الملك. كما في " الكامل ".
(4) هو سيد الرؤساء أبو المحاسن بن كمال الملك أبي الرضا، قتل سنة 476.
(5) في الأصل: وعشرين وهو خطأ.
(6) انظر " الكامل " 10 / 138 - 141، و " المختصر " 2 / 195 - 196.
(7) في " الكامل ": الأذفوش والأذفونش. وفي " المختصر ": الأذفونش.
320

بالأندلس، وانتصر المسلمون، وأساء أمير المسلمين يوسف بن تاشفين إلى
ابن عباد، وأخذ بلاده، وسجنه (1).
وأقبل أمير الجيوش، فنازل دمشق، وضيق على تتش، ثم ترحل (2).
وفي سنة 79 التقى تتش وصاحب قونية سليمان، فقتل سليمان،
واستولى تتش على حلب. وأقبل أخوه السلطان من أصبهان إلى حلب،
فأخذها، وهرب منه أخوه، وناب بحلب قسيم الدولة، جد نور الدين،
فعمرت به (3)، وافتتح السلطان الجزيرة، وقدم بغداد، وقدم بعده النظام، ثم
تصيد، وعمل منارة القرون، وجلس له المقتدي، وخلع عليه خلع السلطنة،
وعلى أمرائه، ونظام الملك يقدمهم ويترجم عنهم (4)، ثم كان عرس
المقتدي على بنت السلطان، ولم يسمع بمثل جهازها وعرسها، دخل في
الدعوة أربعون ألف منا من السكر (5).
ومات صاحب غزنة والهند المؤيد إبراهيم (6) بن مسعود بن السلطان
محمود، وتملك بعده ابنه جلال الدين، زوج بنت ملكشاه التي غرم نظام
الملك على عرسها ألفي ألف درهم (7). وسار ملكشاه ليملك سمرقند، وافتتح
ما وراء النهر، وتضورت بنت ملكشاه من اطراح الخليفة لها، فأذن لها في

(1) انظر " الكامل " 10 / 142، 151، 187. و " المختصر " 2 / 198.
(2) " الكامل " 10 / 145، و " المختصر " 2 / 196.
(3) انظر " الكامل " 10 / 147 وما بعدها، و " المختصر " 2 / 197.
(4) " الكامل " 10 / 155 وما بعدها.
(5) " الكامل " 10 / 161.
(6) سترد ترجمته برقم (301).
(7) انظر " الكامل " 10 / 167 - 168، و " المختصر " 2 / 199.
321

الذهاب إلى أصبهان مع ابنها جعفر، وأقبل جيش مصر فأخذوا صور وعكا
وجبيل (1).
وفتن السنة والشيعة متتالية ببغداد لا يعبر عنها.
وفي سنة 483 استولى ابن الصباح، رأس الإسماعيلية على قلعة
أصبهان، فهذا أول ظهورهم (2). واستولت النصارى على سائر جزيرة
صقلية، وهي إقليم كبير (3). وكانت ملحمة جيان بالأندلس بين الفرنج
والمسلمين، ونصر الله، وحصدت الفرنج (4). وافتتح ملكشاه اليمن على يد
جنق (5) أمير التركمان (6)، واستباحت خفاجة (7) ركب العراق، فذهب وراءهم
عسكر، فقتلوا منهم خلقا كثيرا، ولم تقم لهم شوكة بعد (8).
ومات نظام الملك في سنة 86 (9)، ثم مات السلطان (10)، فسار من
الشام أخوه تتش ليتسلطن، وفي خدمته قسيم الدولة، وصاحب أنطاكية،
وجماعة خطبوا له بمدائنهم. وسار، وأنفق الأموال، وأخذ الرحبة ثم نصيبين
عنوة، وقتل وعسف. وقصد الموصل، فعمل معه صاحبها إبراهيم بن قريش

(1) " الكامل " 10 / 171، 175، 176.
(2) انظر " الكامل " 10 / 313 وما بعدها.
(3) انظر " الكامل " 10 / 193 وما بعدها.
(4) " الكامل " 10 / 202.
(5) في " الكامل " جبق.
(6) " الكامل " 10 / 203 - 204.
(7) أي قبيلة خفاجة، وفي " المنتظم " و " الكامل ": بنو خفاجة.
(8) " المنتظم " 9 / 63، و " الكامل " 10 / 217.
(9) في " المنتظم " و " الكامل " و " المختصر ": سنة خمس وثمانين.
(10) انظر " المنتظم " 9 / 61 - 62، و " الكامل " 10 / 204 و 210، و " المختصر "
2 / 202 - 203، والسلطان المقصود هنا هو ملكشاه.
322

مصافا، فأسر إبراهيم، وتمزق جمعه، وقتل من الفريقين عشرة آلاف، وذبح
إبراهيم صبرا (1).
وأبيعت من النهب مئة شاة بدينار. ثم بعث تتش يطلب من الخليفة تقليد
السلطنة. وافتتح ميافارقين وديار بكر وبعض أذربيجان، فبادر بركياروق ابن
أخيه، فالتقوا، فخامر قسيم الدولة وبوزان، وصارا مع بركياروق، فضعف
تتش، وولى إلى الشام (2).
وفي أول سنة سبع وثمانين خطب ببغداد للسلطان بركياروق ركن
الدولة، وعلم المقتدي على تقليده، ثم مات (3) فجأة من الغد، تغدى وغسل
يديه، وعنده فتاته شمس النهار، فقال: ما هذه الاشخاص دخلوا بلا إذن؟
فارتابت، وتغير، وارتخت يداه، وسقط، فظنوه غشي عليه، فطلبت الجارية
وزيره، ومات، فأخذوا في البيعة لابنه أحمد المستظهر بالله في ثامن عشر
المحرم. توفي وهو ابن تسع وثلاثين سنة، وكان خلافته عشرين سنة،
وأخروا دفنه ثلاث ليال لكونه مات فجأة (4).
قال ابن النجار: اسم أمه علم (5). قال: وكان محبا للعلوم، مكرما
لأهلها، لم يزل في دولة قاهرة وصولة باهرة، وكان غزير الفضل، كامل
العقل، بليغ النثر، فمنه:
وعد الكرماء ألزم من ديون الغرماء. الألسن الفصيحة أنفع من الوجوه
الصبيحة، والضمائر الصحيحة أبلغ من الألسن الفصيحة. حق الرعية لازم

(1) " الكامل " 10 / 219 - 221، و " المختصر " 2 / 203 - 204.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 76 - 77، و " الكامل " 10 / 222.
(3) أي المقتدي.
(4) الخبر بنحوه في " المنتظم " 9 / 80 - 81، و " الكامل " 10 / 229 - 230.
(5) ذكر المصنف في أول الترجمة أن اسم أمه أرجوان، كذلك في مصادر ترجمته.
323

للرعاة، ويقبح بالولاة الاقبال على السعاة.
ومن نظمه:
أردت صفاء العيش مع من أحبه * فحاولني عما أروم مريد
وما اخترت بت الشمل بعد اجتماعه * ولكنه مهما يريد أريد (1)
وفي سنة أربع وثمانين وأربع مئة من دولته جددت قبة النسر (2)، فاسمه
على القبة. وكان هو خليفة الاسلام في زمانه، لكن يزاحمه صاحب مصر
المستنصر وابنه، فكان العبيدي والعباسي مقهورين من وجوه.
وكان الدست لوزير مصر أمير الجيوش. وكان حكم العراق والمشرق
إلى السلجوقية. وحكم المغرب إلى تاشفين وابنه. وحكم اليمن إلى
طائفة (3). والامر كله لله.
148 - القيرواني *
العلامة البليغ، أبو علي الحسن بن رشيق الشاعر.

(1) البيتان في " فوات الوفيات " 2 / 220.
(2) هي قبة الجامع الأموي الكبير بدمشق.
(3) سترد هذه الاحداث مفصلة في هذا الجزء والذي يليه.
* الذخيرة 4 / 2 / 597 - 612، الخريدة 2 / 230، معجم الأدباء 8 / 110 - 121، إشارة
التعيين: الورقة 14، إنباه الرواة 1 / 298 - 304، وفيات الأعيان 2 / 85 - 89، تلخيص ابن
مكتوم: 54 - 55، مسالك الابصار: 11 / 277، الوافي بالوفيات 12 / 11 - 16، مرآة الجنان
3 / 78، البلغة: للفيروزآبادي: 58، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 301، بغية الوعاة 1 / 504،
كشف الظنون 1 / 185، 233، 301، و 2 / 973، 1029، 1103، 1169، 1323،
1444، 1907، 1918، شذرات الذهب 297 - 298، الحلل السندسية: 101 - 102،
روضات الجنات، 217 - 218، عنوان الأريب 1 / 52، إيضاح المكنون 1 / 577، 2 / 190،
235، 626، هدية العارفين 1 / 276، خلاصة تاريخ تونس: 99، وانظر رسالة " بساط العقيق في
تاريخ القيروان وشاعرها ابن رشيق " للأستاذ حسن حسني عبد الوهاب.
324

كان أبوه من موالي الأزد. ولأبي علي تصانيف منها: " العمدة في
صناعة الشعر " (1)، وكتاب " الأنموذج " (2). و " الرسائل الفائقة ".
ولد بالمسيلة (3)، وتأدب، وعلمه أبو الصياغة، فلما قال الشعر رحل
إلى القيروان، ومدح ملكها، فلما أخذتها العرب، واستباحوها، دخل إلى
صقلية، وسكن مازر (4)، إلى أن مات سنة ثلاث وستين وأربع مئة، ويقال:
مات في ذي القعدة سنة ست وخمسين (5).
وله كتاب " قراضة الذهب " (6). وكتاب " الشذوذ (7) في اللغة "، ذكره
ابن خلكان (8).

(1) في " وفيات الأعيان ": " العمدة في معرفة صناعة الشعر ونقده وعيوبه " وقد طبع هذا
الكتاب عدة طبعات أولاها في القاهرة سنة 1325 ه‍ بعنوان " العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ".
(2) ورد اسمه في " الوافي ": " أنموذج الشعراء، شعراء القيروان ". وقد صنفه ابن رشيق في
شعراء عصره. وذكر ياقوت أنه ترجم لنفسه في آخر كتابه هذا، وأورد بعض ترجمته لنفسه. انظر
" معجم الأدباء " 8 / 112. وقد سماه حاجي خليفة " الأنموذج في اللغة ". وهو مخالف لبقية
المصادر.
(3) مدينة بالمغرب، وتسمى المحمدية أيضا: نسبة إلى أبي القاسم محمد بن المهدي الذي
اختطها في سنة 315 ه‍ (ياقوت).
(4) من مدن صقلية: " معجم البلدان " 5 / 40.
(5) وقد صحح ابن خلكان القول الأول، وأما الثاني فقد قاله ياقوت في " معجمه " 8 / 111،
وذكر أنه مات بالقيروان، وتابعه على ذلك السيوطي في " بغية الوعاة " 1 / 504، وقال القفطي في
" إنباه الرواة " 1 / 303: مات بمازر في حدود سنة خمسين وأربع مئة.
(6) وهي رسالة لطيفة الحجم، وقد نشرت في القاهرة في سلسلة الرسائل النادرة سنة 1926
باسم " قراصنة الذهب في نقد أشعار العرب " ثم نشرت في تونس عام 1972 بتحقيق الأستاذ الشاذلي بو
يحيى.
(7) تصحفت الكلمة في " كشف الظنون ": إلى " الشذور ".
(8) " وفيات الأعيان " 2 / 85، وانظر فيه بقية مؤلفاته، وانظر " هدية العارفين " 1 / 276، وقد
جمع شعره مع شعر ابن شرف الأستاذ الميمني في كتابه: " النتف من شعر ابن رشيق وابن شرف "، ثم
جمع شعره الدكتور عبد الرحمن ياغي وزاد فيه، ونشرته دار الثقافة ببيروت عام 1962. ويقول الأستاذ
إحسان عباس في تعليقه على " الذخيرة " 4 / 2 / 597: ولا يزال كثير من شعره غير مضمن في هذين
المجموعين، وخاصة جانب غير قليل مما أورده ابن بسام.
325

149 - الإيلاقي *
شيخ الشافعية، أبو الربيع طاهر بن عبد الله (1) التركي.
وإيلاق: هي قصبة الشاش.
كان من كبراء الشافعية بتلك الديار.
تفقه بمرو على الشيخ أبي بكر القفال، وببخارى على الأستاذ أبي
عبد الله الحليمي. وحدث عن أبي نعيم الأسفراييني، وجماعة.
وله وجه في المذهب (2). عاش ستا وتسعين سنة.
توفي سنة خمس وستين وأربع مئة.
لم يقع لي حديثه عاليا.
150 - غالب بن عبد الله * *
ابن أبي اليمن، العلامة، شيخ القراء والنحاة، أبو تمام القيسي،
القرطبي، القطيني الأصل، نزيل دانية.

* طبقات العبادي: 113، الأنساب 1 / 406، معجم البلدان 1 / 291، اللباب
1 / 98، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 230 - 231، طبقات السبكي 5 / 50، طبقات الأسنوي
1 / 62 - 63، طبقات ابن هداية الله: 166، شذرات الذهب 3 / 325.
(1) في " طبقات " ابن هداية الله: طاهر بن محمد بن عبد الله.
(2) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 231.
(* *) جذوة المقتبس: 325 وفيه نسبته الثغري، الصلة 2 / 457، بغية الملتمس: 439
وفيه غالب بن محمد، غاية النهاية 2 / 2 - 3 بغية الوعاة 2 / 240، وقد تحرفت فيه نسبته القطيني
إلى اليقطيني، ولم يرد في ترجمته سوى اسمه، حيث ذكر المحقق أن هناك بياضا بالأصل، نفح
الطيب 4 / 12 وفيه الثغري.
326

وقطينة: ضيعة بجزيرة ميورقة (1).
قرأ على أبي الحسن محمد بن قتيبة، وأبي عمرو الداني.
وسمع من ابن عبد البر، وجماعة.
وكان قائما على كتاب سيبويه، رأسا في معرفته.
تخرج به أئمة مع الزهد والتعفف.
أراده الملك إقبال الدولة العامري على القضاء، فامتنع.
تلا عليه: عبد العزيز بن شفيع وغيره.
وله شعر جيد (2) وفضائل.
وقد أخذ اللغة عن صاعد (3).
وكان مولده في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة. وسمع في سنة سبع

(1) في شرقي الأندلس، بالقرب منها جزيرة يقال لها منورقة بالنون. " معجم البلدان "
5 / 246.
(2) ومن شعره قوله:
يا راحلا عن سواد المقلتين إلى * سواد قلب عن الأضلاع قد رحلا
غدا كجسم وأنت الروح فيه فما * ينفك مرتحلا ما دمت مرتحلا
بي للفراق جوى لو مر أبرده * بجامد الماء مر البرق لاشتعلا
انظر " جذوة المقتبس ": 325، و " الصلة " 2 / 457، و " نفح الطيب " 4 / 12.
(3) هو أبو العلاء صاعد بن الحسن بن عيسى الربعي اللغوي المتوفى سنة 417 ه‍. انظر
ترجمته في " جذوة المقتبس " 240 - 244، " الذخيرة " 4 / 1 / 7 وما بعدها، " الصلة " 1 / 237
238، " بغية الملتمس ": 319 - 323، " معجم الأدباء " 11 / 281 - 286، " إنباه الرواة "
2 / 85 - 90، " وفيات الأعيان " 2 / 481 - 489، " العبر " 3 / 124، " بغية الوعاة " 2 / 7 -
8، " نفح الطيب ": انظر الفهرس، " شذرات الذهب " 3 / 206 - 207.
327

وأربع مئة من حبيب بن أحمد الراوي عن قاسم بن أصبغ.
توفي سنة خمس وستين وأربع مئة: وقيل: سنة ست (1).
151 - زعيم الملك *
الوزير الكبير، أبو الحسن، علي بن الحسين بن علي بن عبد الرحيم
العراقي.
وزر بعد هلاك أخيه كمال الملك هبة الله للسلطان أبي نصر خسرو ابن
الملك أبي كاليجار البويهي (2)، في سنة ثلاث وأربعين (3)، فلما أن تغلب
البساسيري على العراق، سنة خمسين دخل يومئذ وزعيم الملك هذا عن
يمينه (4)، وكان يحترمه ويخاطبه بمولانا. ثم إنه هرب إلى البطائح (5)،
وفتر سوقه، وعاش إلى سنة ست وستين، وكان عمره سبعين سنة (6).
152 - محمد بن عتاب * *
ابن محسن، الامام العلامة، المحدث، مفتي قرطبة، أبو عبد الله

(1) كما في " الصلة " 2 / 457، وذكر ابن الجزري في " غاية النهاية " 2 / 3 أنه توفي سنة
(446) وهو خطأ.
* المنتظم 8 / 288، الكامل 9 / 641 و 10 / 92.
(2) الذي تقدمت ترجمته برقم (59) باسم: الملك الرحيم. وفي الأصل: " الحسن "
بدل " خسرو " والمثبت من ترجمته، واستدرك منها أيضا لفظ " أبي " بين حاصرتين.
(3) انظر " الكامل " 9 / 575.
(4) انظر " الكامل " 9 / 641.
(5) هي أرض واسعة بين واسط والبصرة.
(6) كما في " الكامل " 10 / 92، وفي " المنتظم " 8 / 288، وقد عبر التسعين.
(* *) ترتيب المدارك: 4 / 810 - 811، الصلة 2 / 544 - 546، بغية الملتمس: 115
وقد تحرف فيه عتاب إلى عقاب، العبر 3 / 250 وفيه الجذامي، الوافي بالوفيات 4 / 79، النجوم
الزاهرة 5 / 86، شذرات الذهب 3 / 311.
328

مولى ابن أبي عتاب الأندلسي (1).
ولد سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة.
وحدث عن: عبد الرحمن بن أحمد التجيبي، وأبي القاسم خلف بن
يحيى، وأبي المطرف القنازعي، وسعيد بن سلمة، وأبي عبد الله محمد بن
نبات، وعبد الرحمن بن أحمد بن بشر القاضي، ويونس بن مغيث، وأبي
أيوب بن عمرون، والقاضي أبي بكر بن واقد، وعدة.
حدث عنه: ابنه أبو محمد عبد الرحمن بن محمد، وغيره.
قال خلف بن بشكوال (2): كان فقيها ورعا عاملا، بصيرا بالحديث
وطرقه، لا يجارى في الوثائق، كتبها عمره، وما أخذ عليها من أحد أجرا،
يقال: قرأ فيها أزيد من أربعين مؤلفا (3). وكان متفننا في العلم، حافظا
للاخبار والاشعار والامثال، صليبا في الحق، منقبضا عن السلطان وأسبابه،
متواضعا، مقتصدا في ملبسه، يتولى حوائجه بنفسه. وكان شيخ أهل
الشورى في زمانه، وعليه كان مدار الفتوى، دعي إلى قضاء قرطبة مرارا،
فأبى، وكان يهاب الفتوى، ويقول: وددت أني أنجو منها كفافا. وله
اختيارات من أقاويل العلماء، يأخذ بها في خاصة نفسه.
قال أبو علي الغساني: كان من جلة العلماء الاثبات، وممن عني بالفقه
وسماع الحديث دهره، وقيده، فأتقنه (4).

(1) في " العبر " و " الصلة " و " الوافي ": الجذامي.
(2) في " الصلة " 2 / 544.
(3) في " الصلة ": وكان يحكي أنه لم يكتبها حتى قرأ فيها....
(4) انظر الخبر في " الصلة " 2 / 546.
329

مات في صفر سنة اثنتين وستين وأربع مئة (1)، وشيعه المعتمد بن
عباد.
153 - الصريفيني *
الامام الثقة الخطيب، خطيب صرفين (2)، أبو محمد عبد الله بن
محمد بن عبد الله بن عمر بن أحمد بن مجيب بن المجمع بن بحر بن
معبد (3)، بن هزار مرد (4) الصريفيني، راوي كتاب " الجعديات " (5)، عن أبي
القاسم بن حبابة (6).
سمع ابن حبابة، وابن أخي ميمي الدقاق، وعمر بن إبراهيم
الكتاني (7)، وأبا طاهر المخلص، وأمة السلام بنت أحمد بن كامل،
والحافظ أحمد بن محمد بن دوست العلاف، وغيرهم.
واختلف في نسبه في تقديم مجيب على مجمع (8).

(1) تحرفت سنة وفاته في " الوافي " بالوفيات، إلى " وثلاث مئة ".
* تاريخ بغداد 10 / 146 - 147، الأنساب المتفقة: 87، الأنساب 8 / 59، المنتظم
8 / 309 - 310، معجم البلدان 3 / 403 - 404، الكامل 10 / 106، اللباب 2 / 240، العبر
3 / 271، البداية والنهاية 12 / 116 - 117، شذرات الذهب 3 / 334.
(2) في " معجم البلدان ": بلدة في سواد العراق في موضعين: إحداهما، قرية كبيرة غناء
شجراء قرب عكبراء وأوانا على ضفة نهر دجيل، وإليها ينسب المترجم، والاخرى من قرى واسط.
(3) في " تاريخ بغداد ": ابن أحمد بن المجمع بن مجيب بن معبد بن بحر. وفي
" البداية " ابن أحمد بن المجمع بن محمد بن يحيى بن معبد. زاد ابن كثير: ويعرف بابن
المعلم.
(4) تحرفت في " الشذرات " إلى: هرامرد.
(5) تقدم التعريف بها في ص 240 تعليق (3).
(6) تصحفت في " البداية " إلى: حبانة.
(7) تصحفت في " معجم البلدان " إلى " الكناني ".
(8) في " تاريخ " الخطيب وابن الجوزي: تقديم مجمع على مجيب، ولم يرد اسم مجيب
في نسبه عند ابن كثير في " البداية " وابن القيسراني والسمعاني في " أنسابهما ".
330

حدث عنه: الخطيب، والحميدي، وأبو المظفر السمعاني، وهبة الله
الشيرازي، ومحمد بن طاهر، وأبو بكر الأنصاري، وإسماعيل بن
السمرقندي، وعلي بن سكينة، وعبد الوهاب الأنماطي، والحسين بن علي
سبط الخياط، ويحيى بن علي بن الطراح، وآخرون.
وسمع من المخلص " النسب " للزبير، وكتاب " الفتوح "، وكتاب
" المزني "، و " أخبار الأصمعي "، وكتاب " البر "، وكتاب " الزهد " لابن
المبارك، وكتاب " المزاح " للزبير، وأشياء.
ذكره الخطيب، فقال (1): عرف والده بهزارمرد. قدم أبو محمد بغداد
دفعات، وحدث بها، وكان صدوقا.
وقال أبو سعد السمعاني: شيخ صالح خير، صارت إليه الرحلة، ولد
ببغداد، وكان أحمد الناس طريقة، وأجملهم خليقة، وأخلصهم نية،
وأصفاهم طوية، سمع منه الكبار. حكى ابن طاهر أن هبة الله بن عبد الوارث
كان مصعدا إلى الشام، فدخل صريفين، فرأى شيخا ذا هيئة، قاعدا على باب
داره، فسأله: هل سمعت شيئا؟ فقال: سمعت من ابن حبابة، والكتاني،
وأبي طاهر المخلص، وطبقتهم. فتعجب من ذلك، وطالبه بالأصول:
فأخرج له أصولا عتيقة بخط ابن البقال، وغيره، فقرأ هبة الله ما عنده،
ونسخ. ونم الخبر إلى عكبرا وبغداد، فرحل الناس إليه (2).
قال أبو الفضل بن خيرون: هو ثقة، له أصول جياد، قرأت بخط

(1) " تاريخ بغداد " 10 / 147.
(2) انظر الخبر في " الأنساب المتفقة ": 87، و " معجم البلدان " 3 / 404،
و " المنتظم " 8 / 309 - 310، وفيه أن صاحب الحكاية هو ابن طاهر المقدسي لا هبة الله بن عبد
الوارث، وهو مخالف لما عند المؤلف وياقوت وابن القيسراني، وهو سقط ينبغي تصحيحه.
331

والده: ولد ابني عبد الله ليلة الجمعة، لخمس خلون من صفر، سنة أربع
وثمانين.
توفي ابن هزار مرد في ثالث جمادى الآخرة، سنة تسع وستين وأربع
مئة.
كتب إلينا أبو الحسن بن البخاري، وغيره بكتاب " الجعديات "، أن
عمر بن محمد أخبرهم قال، أخبرنا عبد الوهاب الحافظ، أخبرنا عبد الله بن
محمد الخطيب (1)، أخبرنا أبو القاسم بن حبابة، أخبرنا أبو القاسم البغوي،
حدثنا علي بن الجعد، أخبرني أبو الأشهب، عن الحسن قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من قال أنا في الجنة، فهو في النار ". هذا مرسل غريب (2).
وبه: حدثنا علي، أخبرني مبارك بن فضالة، عن الحسن قال:
أخبرني عمران بن حصين، أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته، ولم يكن
له مال غيرهم، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأقرع بينهم، وأعتق اثنين، وأرق
أربعة.
إسناده صالح (3)، وهو نص في شرعية القرعة في مثل هذا. والله أعلم.

(1) وهو صاحب الترجمة.
(2) أي ضعيف لا يعتد به، قال ابن سعد في " الطبقات " 7 / 157، 158: ما أسند
الحسن من حديثه، وروى عمن سمع منه، فحسن حجة، وما أرسل من الحديث، فليس
بحجة.
(3) وأخرجه أحمد 4 / 440 من طريق مبارك بن فضالة بهذا الاسناد، وأخرجه أحمد
4 / 428 و 439 و 445 و 446 والنسائي 4 / 64 من طرق عن الحسن به، وأخرجه مسلم
(1668) وأبو داود (3958) والترمذي (1364) من طرق عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي
المهلب، عن عمران بن حصين، وأخرجه مسلم (1668) (57) وأحمد 4 / 438 وأبو داود
(3961) من طرق عن محمد بن سيرين، عن عمران بن حصين.
332

154 - الشيخ الأجل *
هو الصدر الأنبل، الرئيس القدوة، أبو منصور عبد الملك بن محمد (1)
ابن يوسف البغدادي، سبط الامام أبي الحسين أحمد بن عبد الله
السوسنجردي (2). وكان يلقب بالشيخ الاجل.
سمع جده، وأبا محمد بن البيع، وأحمد بن محمد بن الصلت
الأهوازي، وأبا عمر بن مهدي.
حدث عنه: ابناه، وأقاربه، وغير واحد.
قال الخطيب (3): كان أوحد وقته في فعل الخير، ودوام الصدقة
والافضال على العلماء، والنصر لأهل السنة، والقمع لأهل البدع، توفي
وهو في عشر السبعين.
قلت: مات في المحرم، سنة ستين وأربع مئة. أرخه ابن خيرون،
وقال: دفن عند جده لامه، وحضره جميع الأعيان، وكان صالحا، عظيم
الصدقة، متعصبا للسنة، قد كفى عامة العلماء والصلحاء.
قلت: كان ذا جاه عريض واتصال بالخليفة (4).
وقال أبي النرسي: لم أر خلقا قط مثل من حضر جنازته. رحمه الله.

* تاريخ بغداد 10 / 434، المنتظم 8 / 250 - 252، الكامل 1 / 58، المختصر
2 / 186، تتمة المختصر 1 / 561، البداية والنهاية 12 / 97، النجوم الزاهرة 5 / 82.
(1) اسم " محمد " لم يذكر في " الكامل " 10 / 58.
(2) بضم السين وسكون الواو وفتح السين الثانية وسكون النون وكسر الجيم وسكون الراء
وفي آخرها دال مهمة، هذه النسبة إلى قرية بنواحي بغداد يقال لها سوسنجرد.
(3) في " تاريخ بغداد " 10 / 434.
(4) انظر بعض أخباره في " المنتظم " 8 / 250 - 252.
333

وفيها توفي أحمد بن الفضل الباطرقاني شيخ أصبهان (1)، ومفتي قرطبة
أبو عمر أحمد بن محمد بن عيسى بن القطان القرطبي (2)، والمعمر العلامة
أبو علي الحسن بن علي بن مكي النسفي الحنفي ثم الشافعي (3)، والواعظة
خديجة بنت محمد بن علي الشاهجانية (4)، التي تروي عن ابن سمعون،
والمعمر عبد الدائم بن الحسن الهلالي (5) الحوراني ثم الدمشقي، صاحب
عبد الوهاب الكلابي، وشيخ الرافضة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (6)
المفسر، ومسند هراة أبو مضمر محلم بن إسماعيل الضبي.
155 - أبو جعفر الطوسي *
شيخ الشيعة، وصاحب التصانيف، أبو جعفر محمد بن الحسن بن
علي الطوسي.
قدم بغداد، وتفقه أولا للشافعي. ثم أخذ الكلام وأصول القوم عن

(1) تقدمت ترجمته برقم (98).
(2) تقدمت ترجمته برقم (145).
(3) تقدمت ترجمته برقم (93).
(4) انظر " العبر " 3 / 246، و " المنتظم " 8 / 250، و " شذرات الذهب " 3 / 308.
(5) انظر " العبر " 3 / 247، و " شذرات الذهب " 3 / 308.
(6) وهو صاحب الترجمة التالية.
* الفهرست للطوسي: 159 - 161، المنتظم 8 / 252، الكامل 10 / 58، تاريخ
الاسلام 135 / 2، الوافي 2 / 349، طبقات السبكي 4 / 126 - 127، لسان الميزان
5 / 135، النجوم الزاهرة 5 / 82، كتاب في التراجم لابن عبد الهادي خ: 35 / 2، طبقات
المفسرين للسيوطي: 29، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 126 - 127، كتاب الرجال
للنجاشي: 287 - 288، كشف الظنون: 452، 1581، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 2 / 14
و 269، و 486 و 3 / 328 و 5 / 145، منهج المقال: 292 - 293، منتهى المقال: 269 -
270، تنقيح المقال 3 / 104 - 105، مصفى المقال: 402 - 403، فوائد الرضوية: 470 -
473، روضات الجنات للخوانساري: 580، إيضاح المكنون 1 / 223 وغيرها، هدية العارفين
2 / 72. أعيان الشيعة 44 / 33 - 52، الاعلام 6 / 84 - 85.
334

الشيخ المفيد (1) رأس الامامية، ولزمه وبرع، وعمل التفسير (2)، وأملى
أحاديث ونوادر في مجلدين، عامتها عن شيخه المفيد.
وروى عن: هلال الحفار، والحسين بن عبيد الله الفحام، والشريف
المرتضى، وأحمد بن عبدون، وطائفة.
روى عنه: ابنه أبو علي.
وأعرض عنه الحفاظ لبدعته، وقد أحرقت كتبه عدة نوب في رحبة جامع
القصر، واستتر لما ظهر عنه من التنقص بالسلف، وكان يسكن بالكرخ، محلة
الرافضة، ثم تحول إلى الكوفة، وأقام بالمشهد يفقههم.
ومات في المحرم سنة ستين (3) وأربع مئة.
وكان يعد من الأذكياء لا الأزكياء. ذكره ابن النجار في " تاريخه ".
وله تصانيف كثيرة منها: كتاب " تهذيب الأحكام " كبير جدا، وكتاب
" مختلف الاخبار "، وكتاب " المفصح في الإمامة "، وأشياء. ورأيت له
مؤلفا في فهرسة كتبهم وأسماء مؤلفيها (4).
156 - ابن حمدان *
الأمير الكبير، ناصر الدولة، حسين (5) بن الأمير ناصر الدولة وسيفها

(1) تقدم التعريف به في ص: 297 تعليق (1).
(2) أوردته المصادر باسمين الأول: " مجمع البيان لعلوم القرآن "، والآخر: " التبيان في
تفسير القرآن ".
(3) في " الوافي " 2 / 349 أنه توفي (459).
(4) انظر ما طبع من كتبه في " الاعلام " 6 / 84، 85.
* الكامل 10 / 80 - 88، الوافي بالوفيات 12 / 357، 358، النجوم الزاهرة 5 / 13 -
15، 19، 21، 83، 90، 91.
(5) في " النجوم الزاهرة " 5 / 90 الحسن بن الحسين. وفي " الكامل " 10 / 80:
" الحسن " و 88: " الحسين ".
335

حسن بن الحسين بن صاحب الموصل ناصر الدولة، أبي محمد الحسن بن
عبد الله بن حمدان، التغلبي.
كان أبوه قد عمل نيابة دمشق لصاحب مصر المستنصر، ونشأ ناصر
الدولة، فكان شهما شجاعا، مقداما مهيبا، وافر الحشمة، تمكن بمصر،
وتقدم على أمرائها، وجرت له حروب وخطوب. وكان عازما على إقامة الدعوة
لبني العباس، فإنه تهيأت له الأسباب، وقهر المستنصر، وتركه على برد
الديار، وأخذ منه أموالا لا تحصى، ثم في الآخر انتدب لاغتياله وللفتك به
إلدكز (1) التركي في جماعة، فقتلوه في سنة خمس وستين (2) وأربع مئة،
وكان قد ولي إمرة دمشق أيضا، وقتل معه أخوه فخر العرب، وطائفة من
الحمدانية بمصر، واضطرب الجيش وماجوا. وكان قد راسل السلطان ألب
آرسلان لينجده بعسكر، فأجابه (3).
157 - حاتم بن محمد *
ابن عبد الرحمن بن حاتم، المحدث المتقن، الامام الفقيه، أبو
القاسم التميمي، الطرابلسي، ثم الأندلسي القرطبي. أصله من طرابلس
الشام.
مولده في نصف شعبان، سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة.
وسمع من: عمر بن حسين بن نابل صاحب قاسم بن أصبغ، ومن أبي

(1) ضبطت في " النجوم الزاهرة " بسكون اللام، وضبطت في الأصل بضمها.
(2) قد تقدم للمصنف أنه ذكره في وفيات سنة (452) في ترجمة ابن عمروس وهو خطأ.
(3) انظر " الكامل " 10 / 80 وما بعدها و " النجوم الزاهرة ": الجزء الخامس في
الصفحات المشار إليها في مصادر ترجمته.
* الصلة 1 / 157 - 160، بغية الملتمس: 270، العبر 3 / 269 - 270، شذرات
الذهب 3 / 333.
336

المطرف بن فطيس القاضي، ومحمد بن عمر بن الفخار، وحماد الزاهد،
والفقيه أبي محمد بن الشقاق، وارتحل في سنة اثنتين وأربع مئة، فلقي الامام
أبا الحسن القابسي، ولازمه، وأكثر عنه، ثم حج في سنة ثلاث، وسمع من
أحمد بن فراس العبقسي، وسمع " صحيح " مسلم من أبي سعيد السجزي،
وسمع من محمد بن سفيان كتاب " الهادي في السبع " (1)، ثم رجع بعلم
جم، وأخذ بطليطلة عن الخطيب أبي محمد بن عباس، وخلف بن أحمد (2).
قال أبو علي الغساني: كان شيخنا حاتم ممن عني بتقييد العلم وضبطه،
ثقة، كتب الكثير بخطه المليح (3).
وقال أبو الحسن بن مغيث: كانت كتابته في نهاية الاتقان، ولم يزل
مثابرا على حمل العلم وبثه والصبر على ذلك، مع كبر السن. أخذوا عنه
لطول عمره. قال: وقد دعي إلى القضاء بقرطبة، فأبى (4).
قلت: حدث عنه: أبو علي، وأبو محمد بن عتاب، وطائفة.
مات في ذي القعدة، سنة تسع وستين وأربع مئة، عن نيف وتسعين
سنة.
158 - ابن يونس *
الشيخ العالم، الحافظ، المحدث، الثقة، أبو علي، الحسن بن

(1) أي في القراءات السبع، وهو تأليف الامام الفقيه أبي عبد الله محمد بن سفيان
القيرواني المالكي المتوفى سنة 415 ه‍.
(2) انظر " الصلة " 1 / 157 - 158.
(3) " الصلة " 1 / 158.
(4) الخبر في " الصلة " 1 / 158.
* السياق: الورقة 5، المنتخب: الورقة 53 ب، الوافي بالوفيات 12 / 194.
337

عمر بن حسن بن يونس الأصبهاني.
رحال صدوق، صاحب معرفة.
سمع أبا الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، وأبا عمر بن مهدي،
وهلالا الحفار، وطائفة ببغداد، وأبا عمر الهاشمي بالبصرة، وعثمان بن
أحمد البرجي، وأبا بكر بن مردويه، وجماعة بأصبهان، وكتب الكثير.
حدث عنه: محمد بن عبد الواحد الدقاق، ومحمود بن أحمد بن
ماشاذه وأبو سعد، أحمد بن محمد بن ثابت الخجندي (1)، والمعمر إسماعيل
ابن علي الحمامي، وآخرون.
توفي في ذي القعدة، سنة ست وستين وأربع مئة، وهو في عشر
التسعين، رحمه الله.
159 - العطار *
الامام الحافظ، الثقة، أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني،
العطار (2)، مستملي أبي نعيم الحافظ.
ارتحل وسمع أبا عمر الهاشمي، وعلي بن القاسم النجاد بالبصرة، وأبا
القاسم الحرفي، وأبا علي بن شاذان ببغداد، وأبا بكر بن مردويه، وأبا سعيد
محمد بن علي بن عمرو النقاش، وطبقتهما بأصبهان.

(1) بضم الخاء وفتح الجيم نسبة إلى خجند: بلدة كبيرة كثيرة الخير على طرق سيحون من
بلاد المشرق.
* تاريخ بغداد 1 / 417، المنتظم 8 / 288 - 289، العبر 3 / 261 - 262، تذكرة
الحفاظ 3 / 1159 - 1160، الوافي بالوفيات 1 / 355، النجوم الزاهرة 5 / 97، شذرات الذهب
3 / 325.
(2) تحرفت في " المنتظم " 8 / 288 إلى القطان.
338

قال أبو سعد السمعاني: هو حافظ، عظيم الشأن عند أهل بلده، أملى
عدة مجالس (1).
وقال الدقاق في رسالته: كان من الحفاظ، يملي من حفظه (2).
قلت: روى عنه: سعيد بن أبي الرجاء، والحسين الخلال، وفاطمة
بنت محمد بن البغدادي، وإسماعيل بن علي الحمامي، وعدة.
توفي في صفر، سنة ست وستين وأربع مئة.
160 - الواحدي *
الامام العلامة، الأستاذ، أبو الحسن (3)، علي بن أحمد بن محمد بن
علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي، صاحب " التفسير "، وإمام علماء

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1159 - 1160.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1160.
* دمية القصر 2 / 1017 - 1020، معجم الأدباء 12 / 257 - 270، الكامل لابن الأثير
10 / 101، إنباه الرواة 2 / 223 - 225، وفيات الأعيان 3 / 303 - 304، المختصر في أخبار
البشر 2 / 192، دول الاسلام 2 / 4 العبر 3 / 267، تلخيص ابن مكتوم: 125، تتمة المختصر
1 / 569، مسالك الابصار 4 / 2 / 307 - 309، مرآة الجنان 2 / 96 - 97، طبقات السبكي
5 / 240، طبقات الأسنوي 2 / 538 - 539، البداية والنهاية 12 / 114، البلغة للفيروز ابادي:
145، غاية النهاية 1 / 523، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2 / 135 - 138، طبقات الشافعية
لابن قاضي شهبة: 26 / ب، النجوم الزاهرة 5 / 104، طبقات المفسرين للسيوطي: 23، بغية
الوعاة 2 / 145، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 387 - 390، مفتاح السعادة 2 / 66 - 67،
تاريخ الخميس 2 / 359، طبقات ابن هداية: 168، كشف الظنون 1 / 76، 245، 355،
809، و 2 / 2002، شذرات الذهب 3 / 330، الفلاكة والمفلوكين: 117، روضات
الجنات: 484، إيضاح المكنون 2 / 673 - 674 هدية العارفين 1 / 692، إشارة التعيين:
الورقة / 31، وانظر مقدمة شرح ديوان المتنبي له، والواحدي، قال ابن خلكان: لم أعرف هذه
النسبة إلى أي شئ هي، ولا ذكرها السمعاني، ثم وجدت هذه النسبة إلى الواحد بن الدين بن
مهرة، ذكره أبو أحمد العسكري. وفي " المختصر ": والواحدي نسبة إلى الواحد بن ميسرة.
(3) في " إنباه الرواة ": أبو الحسين.
339

التأويل، من أولاد التجار. وأصله من ساوه (1).
لزم الأستاذ أبا إسحاق الثعلبي (2)، وأكثر عنه، وأخذ علم العربية عن
أبي الحسن القهندزي (3) الضرير.
وسمع من: أبي طاهر بن محمش، والقاضي أبي بكر الحيري، وأبي
إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، ومحمد بن إبراهيم المزكي، وعبد
الرحمن بن حمدان النصروي، وأحمد بن إبراهيم النجار، وخلق.
حدث عنه: أحمد بن عمر الأرغياني، وعبد الجبار بن محمد
الخواري، وطائفة أكبرهم الخواري.
صنف التفاسير الثلاثة: " البسيط "، و " الوسيط "،
و " الوجيز " (4). وبتلك الأسماء سمى الغزالي تواليفه الثلاثة في الفقه. ولأبي
الحسن كتاب " أسباب النزول " (5)، مروي، وكتاب " التحبير في الأسماء
الحسنى " (6)، و " شرح ديوان المتنبي " (7). وكان طويل الباع في العربية

(1) هي مدينة بين الري وهمذان.
(2) هو شيخ التفسير أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي المتوفى سنة
427 ه‍، وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (291).
(3) ضبطت في الأصل بضم القاف والهاء، وكذلك هي في " الأنساب "، أما عند ياقوت
فهي بفتح القاف والهاء والدال وهي نسبة إلى قهندز، بلاد شتى، وهي المدينة الداخلة المسورة،
وقد تصحفت في " بغية الوعاة " إلى " القهندري " بالراء.
(4) وقد طبع " الوجيز " سنة 1305 بهامش " التفسير المنير لمعالم التنزيل "، المسمى ب‍
" مراح لبيد لكشف معنى قرآن مجيد " تأليف الشيخ محمد نووي الجاوي.
(5) وقد طبع بمصر سنة 1315 ه‍، ثم أعاد طبعه السيد أحمد صقر بتحقيقه سنة 1970
م، وانظر " معجم المطبوعات " لسركيس: 1905.
(6) في " وفيات الأعيان " و " طبقات " السبكي: التحبير في شرح الأسماء الحسنى.
(7) وقد طبع في بومباي بالهند طبع حجر عام 1271 باعتناء عبد الحسين حسام الدين، ثم
نشر في برلين 1858 - 1861، بتحقيق الأستاذ ديتريشي، ثم أعادت طبعه بالأوفست مكتبة المثنى
ببغداد، قال حاجي خليفة: إنه أجل الشروح نفعا، وأكثرها فائدة، ليس في شروحه على كثرتها
مثله.
340

واللغات. وله أيضا: كتاب " الدعوات "، وكتاب " المغازي "، وكتاب
" الاغراب في الاعراب "، وكتاب " تفسير النبي صلى الله عليه وسلم " (1)، وكتاب " نفي
التحريف عن القرآن الشريف " (2).
تصدر للتدريس مدة، وعظم شأنه.
وقيل: كان منطلق اللسان في جماعة من العلماء ما لا ينبغي، وقد كفر
من ألف كتاب " حقائق التفسير " (3)، فهو معذور.
وله شعر رائق (4).
قال عن نفسه (5): درست اللغة على أبي الفضل أحمد بن محمد بن
يوسف العروضي - وكان من أبناء التسعين. روى عن الأزهري " تهذيبه في

(1) في " شذرات الذهب " نقلا عن ابن قاضي شهبة: تفسير أسماء النبي صلى الله عليه وسلم.
(2) وله من المؤلفات أيضا: كتاب " الوسيط في الأمثال " الذي طبع في الكويت عام
1975 م بتحقيق الدكتور عفيف محمد عبد الرحمن، وقد أورد محققه أسماء مؤلفات أخرى
للمترجم فانظرها.
(3) مؤلفه هو الإمام أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي النيسابوري المتوفى سنة
412 ه‍، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (152)، وقد بسط الذهبي هناك رأيه في هذا
الكتاب فانظره.
(4) ومنه قوله:
تشوهت الدنيا وأبدت عوارها * وضاقت علي الأرض بالرحب والسعة
وأظلم في عيني ضياء نهارها * لتوديع من قد بان عني بأربعة
فؤادي وعيشي والمسرة والكرى * فإن عاد عاد الكل والانس والدعه
" معجم الأدباء " 12 / 262، وانظر بعض نظم في " دمية القصر " 2 / 1018 - 1020،
و " إنباه الرواة " 2 / 224.
(5) في مقدمة كتابه " البسيط " كما قال ياقوت، انظر الخبر مطولا في " معجم الأدباء "
12 / 262 وما بعد.
341

اللغة "، ولحق السماع من الأصم، وله تصانيف - وأخذت التفسير عن
الثعلبي، والنحو عن أبي الحسن علي بن محمد الضرير - وكان من أبرع أهل
زمانه في لطائف النحو وغوامضه، علقت عنه قريبا من مئة جزء في المشكلات -
وقرأت القراءات على جماعة.
قال أبو سعد السمعاني (1): كان الواحدي حقيقا بكل احترام وإعظام،
لكن كان فيه بسط لسان في الأئمة، وقد سمعت أحمد بن محمد بن بشار
يقول: كان الواحدي يقول: صنف السلمي كتاب " حقائق التفسير "، ولو
قال: إن ذلك تفسير القرآن لكفرته.
قلت: الواحدي معذور مأجور.
مات بنيسابور في جمادى الآخرة، سنة ثمان وستين وأربع مئة، وقد
شاخ.
أخوه:
161 - [الواحدي] *
الشيخ أبو القاسم، عبد الرحمن بن أحمد الواحدي.
سمع أبا طاهر بن محمش، ويحيى بن إبراهيم المزكي، وأبا بكر
الحيري.
حدث عنه: إسماعيل بن محمد التيمي الحافظ، وعبد الله بن
الفراوي، وعبد الخالق بن زاهر الشحامي، وآخرون.

(1) في كتاب " التذكرة " كما ذكر السبكي في " الطبقات " 5 / 241.
* السياق: الورقة 43 أ، النجوم الزاهرة 5 / 104.
342

وأملى مجالس، وكان ثقة صادقا معمرا.
مات سنة سبع وثمانين وأربع مئة، وهو من أبناء التسعين. يقع لي من
حديث في مشيخة زاهر.
وأما أخوه المفسر، فما وقع لي حديثه بعلو.
162 - البحيري *
الامام الفقيه، الصالح، أبو محمد، عبد الحميد بن عبد الرحمن بن
محمد بن أحمد البحيري، النيسابوري، راوي " مسند " أبي عوانة، عن أبي
نعيم عبد الملك بن الحسن، قرأه عليه الإمام أبو المظفر منصور السمعاني.
وحدث عنه: وجيه الشحامي، وأبو الأسعد هبة الرحمن بن القشيري،
وجماعة.
مات في سنة تسع وستين وأربع مئة بنيسابور.
أخبرنا أحمد بن هبة الله الدمشقي، أنبأنا القاسم بن عبد الله بن
الصفار، أخبرنا هبة الرحمن بن عبد الواحد، أخبرنا عبد الحميد بن عبد
الرحمن البحيري، أخبرنا عبد الملك بن الحسن، أخبرنا يعقوب بن إسحاق
الحافظ سنة ست عشرة وثلاث مئة، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن
وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: بلغنا عن رجال من أهل العلم أنهم
كانوا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة، والعلم يقبض قبضا سريعا، فنعش
العلم ثبات الدين والدنيا، وذهاب ذلك في ذهاب العلم.

* الاستدراك: 1 / ورق 50 أ.
343

أخوه:
163 - [البحيري] *
هو الشيخ أبو الحسن، عبد الله بن عبد الرحمن البحيري، المزكي،
شيخ زاهر الشحامي، ووالد عبد الرحمن بن عبد الله البحيري، المتوفى في
سنة أربعين وخمس مئة.
يروي عن: محمد بن أحمد بن عبدوس، والسيد العلوي، وأبي نعيم
الأزهري، وأبي عبد الله الحاكم، وعبد الرحمن بن المزكي، وعدة.
وأملى مجالس.
لا أعلم متى توفي، وكان موجودا في حدود سنة ستين وأربع مئة.
164 - ابن الحذاء * *
الامام المحدث الصدوق، المتقن، أبو عمر، أحمد بن محمد بن
يحيى بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن يعقوب بن داود
القرطبي، ابن الحذاء، مولى بني أمية.
مكثر عن والده الحافظ أبي عبد الله (1) ابن الحذاء.
ندبه أبوه إلى الطلب في حداثته، فسمع من: عبد الله بن محمد بن
راشد، وسعيد بن نصر، وعبد الوارث بن سفيان، وأبي القاسم عبد الرحمن

* الاستدراك 1 / ورقة 50 أ.
(* *) الصلة 1 / 62 - 63، بغية الملتمس: 163، العبر 3 / 264، شذرات الذهب
3 / 326.
(1) وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (298).
344

الوهراني، وأدرك بهم درجة أبيه، وأول سماعه في سنة ثلاث وتسعين وثلاث
مئة (1).
نزح عن قرطبة في الفتنة الكبرى (2)، وسكن سرقسطة والمرية، ثم ولي
القضاء بطليطلة وبدانية، ثم تحول إلى إشبيلية وقرطبة (3).
حدث عنه: الحافظ أبو علي الغساني، وجماعة ممن أعرفهم أو لا
أعرفهم، وكذا غالب مشايخ الأندلس، لا اعتناء لنا بمعرفتهم، لان روايتهم لا
تقع لنا.
وكان حسن الأخلاق، موطأ الأكناف، عالما، سريع الكتابة، انتهى
إليه علو الاسناد، مع ابن عبد البر.
مات في ربيع الآخر سنة سبع وستين وأربع مئة، وله سبع وثمانون
سنة، ومشى المعتمد على الله في جنازته.
وفيها مات أبو منصور شجاع بن علي المصقلي (4)، والقائم بأمر
الله (5)، وجمال الاسلام الداوودي (6)، وأبو الحسن علي بن الحسن
الباخرزي (7)، مصنف " دمية القصر "، وعلي بن الحسين بن صصري

(1) انظر " الصلة " 1 / 62، 63.
(2) هي الملحمة الكبرى التي جرت بين المستعين بالله سليمان بن الحكم حين قصد قرطبة
وبين جيش بن محمد بن عبد الجبار المهدي الذي برز لقتاله، فحطمهم سليمان، وغرق خلق
منهم في النهر، وقتل اثنا عشر ألفا منهم عدة من العلماء والصلحاء، انظر ترجمة المستعين بالله،
والمؤيد بالله في الجزء السابع عشر.
(3) الصلة 1 / 63.
(4) نسبة إلى جده مصقلة بن هبيرة.
(5) تقدمت ترجمته برقم (146).
(6) تقدمت ترجمته برقم (108).
(7) سترد ترجمته برقم (174).
345

بدمشق، وأبو بكر محمد بن علي بن محمد بن موسى الخياط المقرئ (1).
165 - ابن سكينة *
الشيخ الثقة، أبو عبد الله، محمد بن علي بن حسين بن سكينة،
الأنماطي (2)، البغدادي.
سمع عبيد الله بن أحمد الصيدلاني، ومحمد بن فارس الغوري،
وعدة.
وعنه: قاضي المارستان، وأحمد بن البناء، وإسماعيل بن
السمرقندي، وعبد الله اليوسفي.
توفي في ذي القعدة، سنة تسع وستين وأربع مئة، وله ثمانون سنة.
166 - المهرواني * *
الشيخ الامام، الزاهد، العابد، الصادق، بقية المشايخ، أبو
القاسم، يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد (3) المهرواني،
الهمذاني (4)، نزيل بغداد، من صوفية رباط الزوزني.

(1) سترد ترجمته برقم (221).
* المنتظم 8 / 311، البداية والنهاية 12 / 117، تاج العروس 9 / 240 مادة (سكن).
(2) نسبة إلى بيع الأنماط. وهي الفرش التي تنبسط.
(* *) الأنساب مادة (المهرواني)، المنتظم 8 / 303 - 304، معجم البلدان 5 / 233،
العبر 3 / 268، شذرات الذهب 3 / 331. والمهرواني: ضبطت في الأصل بفتح الميم والراء
وسكون الهاء بينهما وفي " معجم " ياقوت وابن الأثير بكسر الميم، وهي نسبة إلى مهروان: ناحية
مشتملة على قرى بهمذان، وقد تحرف في " المنتظم " إلى النهرواني، بالنون.
(3) في " معجم البلدان ": يوسف بن أحمد بن يوسف بن محمد.
(4) تصحفت في " شذرات الذهب " إلى الهمداني بالدال المهملة.
346

سمع أبا أحمد الفرضي، وأبا الحسن بن الصلت، وأبا عمر بن
مهدي، وأبا محمد بن البيع، وعلي بن محمد بن بشران، وطبقتهم.
وانتقى عليه أبو بكر الخطيب خمسة أجزاء مشهورة، وابن خيرون ثلاثة أجزاء،
لم تقع لي، وكان من ثقات النقلة.
حدث عنه: أبو بكر قاضي المارستان، ويوسف بن أيوب الهمذاني،
وأبو القاسم إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الرحمن بن محمد القزاز،
ويحيى بن الطراح، وأبو الفضل الأموي، وآخرون.
مات في رابع عشر ذي الحجة، سنة ثمان وستين وأربع مئة، في عشر
التسعين، ودفن على باب رباط الزوزني، رحمه الله.
وفيها توفي الإمام أبو العباس أحمد بن منصور بن قبيس الغساني.
الداراني الدمشقي المالكي، وأول سماعه بداريا في سنة اثنتين وأربع
مئة. وأبو محمد الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني (1)، ومقرئ
واسط أبو علي الحسن بن القاسم غلام الهراس عن نيف وتسعين
سنة، وأبو الفتح عبد الجبار بن عبد الله بن برزة الجوهري الواعظ،
وأبو نصر عبد الرحمن بن علي التاجر النيسابوري (2)، وشيخ التفسير
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي (3)، والامام أبو الحسن
علي بن الحسين بن جدا العكبري الحنبلي (4)، وأبو القاسم علي بن
عبد الرحمن بن عليك النيسابوري (5)، وأبو الفرج علي بن محمد البجلي

(1) تقدمت ترجمته برقم (121)، وفيها أنه توفي سنة (467).
(2) سترد ترجمته برقم (170).
(3) تقدمت ترجمته برقم (160).
(4) سترد ترجمته برقم (192).
(5) تقدمت ترجمته برقم (139).
347

الجريري (1) بهمذان، والحافظ أبو الحسن علي بن محمد الزبحي
الجرجاني (2)، والعلامة أبو الحسن محمد بن محمد بن عبد الله البيضاوي
ببغداد، وأبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي الواسطي البزاز (3)،
والحافظ أبو بكر مكي بن جابار الدينوري (4)، وخطيب همذان أبو القاسم
يوسف بن محمد بن يوسف المحدث (5)، وصاحب ابن أبي شريح أبو صاعد
يعلى بن هبة الله الفضيلي الهروي، والمحدث اللغوي ناصر بن محمد بن
علي البغدادي، التركي الأصل، والد الحافظ ابن ناصر، وله إحدى وثلاثون
سنة، ومحدث غزنة أبو الحسن علي بن محمد بن نصر الدينوري، ابن
اللبان (6).
167 - الهمذاني *
الامام المحدث الأوحد، الخطيب، أبو القاسم، يوسف بن محمد
ابن يوسف بن حسن الهمذاني، خطيب همذان ومفيدها.
سمع أبا سهل عبيد الله بن زيرك، وأبا بكر بن لآل، وأحمد بن إبراهيم
التميمي، وأبا طاهر بن سلمة، وببغداد أبا أحمد الفرضي، وأبا الحسن بن
الصلت، وأبا عمر بن مهدي، وأبا الفتح بن أبي الفوارس، وعدة.

(1) تقدمت ترجمته برقم (140).
(2) سترد ترجمته برقم (175).
(3) سترد ترجمته برقم (207).
(4) سترد ترجمته برقم (208).
(5) هو صاحب الترجمة التالية.
(6) سترد ترجمته برقم (178).
* المنتظم 8 / 304، العبر 3 / 268، البداية والنهاية 12 / 114 وقد تصحف فيه إلى
الهمداني بالدال المهملة، شذرات الذهب 3 / 331.
348

حدث عنه: حفيده أبو منصور سعد بن سعيد الخطيب، وأبو علي
أحمد بن سعد العجلي، وهبة الله بن الفرج الطويل، وأبو تمام إبراهيم بن
أحمد البروجردي، وآخرون.
قال السمعاني: سمعت هبة الله بن الفرج يقول: كان يوسف بن محمد
الخطيب شيخا كبيرا، صاحب كرامات.
وأثنى عليه إلكياشيرويه الديلمي، ووصفه بالصدق والدين، وقال:
ولد سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
مات في خامس ذي القعدة، سنة ثمان وستين وأربع مئة.
وفيها يوم عيد الفطر سكر ملك حلب نصر بن محمود بن صالح بن
مرداس، وركب العصر، وأمر بنهب التركمان النازلين بالحاضر، فرماه واحد
بسهم في حلقه، فقتله، وتملك أخوه سابق (1)، فالبغي مصرعه.
168 - ابن منده *
الشيخ الامام، المحدث، المفيد، الكبير، المصنف، أبو القاسم،
عبد الرحمن ابن الحافظ الكبير أبي عبد الله (2) محمد بن إسحاق بن محمد بن

(1) انظر الخبر في " المختصر " 2 / 193.
* طبقات الحنابلة 2 / 242، مناقب الإمام أحمد: 523، المنتظم 8 / 315، الكامل
في التاريخ 10 / 108، المختصر 2 / 193، دول الاسلام 2 / 5، تذكرة الحفاظ 3 / 1165 -
1170، العبر 3 / 274، تتمة المختصر 1 / 571، فوات الوفيات 2 / 288 - 289، البداية
والنهاية 12 / 118، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 26 - 31، النجوم الزاهرة 5 / 105، المقصد
الأرشد: ورقة 165، طبقات الحفاظ: 439، الدر المنضد في ذكر أصحاب الإمام أحمد:
ورقة / 51 ب، كشف الظنون: 1671، شذرات الذهب 3 / 337 - 338، هدية العارفين
1 / 517.
(2) وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (13).
349

يحيى بن منده (1) العبدي الأصبهاني.
ولد سنة إحدى وثمانين (2) وثلاث مئة. وهو أكبر إخوته.
له إجازة زاهر السرخسي، وتفرد بها.
وحدث عن أبيه، فأكثر، وعن أبي جعفر بن المرزبان، وإبراهيم بن
خرشيذ قوله، وإبراهيم بن محمد الجلاب (3)، وأبي بكر بن مردويه، وأبي ذر
ابن الطبراني (4)، وأبي عمر الطلحي، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وخلق.
وارتحل إلى بغداد في سنة ست وأربع مئة، فسمع أبا عمر بن مهدي، وأبا
محمد بن البيع، وابن الصلت الأهوازي، والموجودين، وسمع بواسط من ابن
خزفة، وبمكة من أبي الحسن بن جهضم، وابن نظيف الفراء، وبنيسابور من
أبي بكر الحيري، ولكن ما روى عنه لا هو ولا أبو إسماعيل الأنصاري لأشعريته.
قال أبو عبد الله الدقاق: ولد عبد الرحمن في السنة التي مات فيها أبو بكر
ابن المقرئ، ومناقبه أكثر من أن تعد. كان صاحب خلق وفتوة وسخاء وبهاء،
وكانت الإجازة عنده قوية، وكان يقول: ما حدثت بحديث إلا على سبيل
الإجازة كيلا أوبق. وله تصانيف كثيرة وردود على المبتدعة (5).

(1) منده: هو لقب إبراهيم جده الاعلى.
(2) في " المنتظم ": ولد سنة ثمان وثمانين، وفي " طبقات الحنابلة " و " تذكرة
الحفاظ ": سنة ثلاث وثمانين.
(3) تصحفت في " تذكرة الحفاظ " إلى: الحلاب بالحاء المهملة.
(4) تحرفت في " التذكرة " إلى: ذراين.
(5) انظر الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1165 - 1166، و " ذيل طبقات الحنابلة "
1 / 27 - 28، وقد ورد في حاشية الأصل ما نصه: صاحب الترجمة من كبار المبتدعة، داعية إلى
التجسيم، مصرح به!!! وسينقل المؤلف نصا للمترجم في الرد على ذلك. وقد أورد ابن رجب من
تصانيفه، كتاب " حرمة الدين "، وكتاب " الرد على الجهمية " بين فيه بطلان ما روي عن الإمام أحمد في تفسير حديث " خلق الله آدم على صورته " بكلام حسن، وكتاب " صيام يوم الشك ".
" ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 29، وقد أورد له حاجي خليفة كتابا آخر في الحديث هو " المستخرج
من كتب الناس ".
350

وقال أبو سعد السمعاني: له إجازة زاهر بن أحمد، وعبد الرحمن بن أبي
شريح، والجوزقي، والحاكم، وحمد بن عبد الله الأصبهاني. روى لنا عنه أبو
نصر الغازي، وأبو سعد بن البغدادي، والحسين بن عبد الملك الخلال، وأبو
بكر الباغبان (1)، وأبو عبد الله الدقاق.
قال ابن طاهر: حدثنا أبو علي الدقاق بأصبهان: سمعت أبا القاسم بن
مندة يقول: قرأت على أبي أحمد الفرضي ببغداد جزءا، فأردت خطه بذلك،
فقال: يا بني! لو قيل لك بأصبهان: ليس ذا خط فلان. بم كنت تجيبه؟ ومن
كان يشهد لك؟ فبعدها لم أطلب من شيخ خطا (2).
السمعاني: سمعت الحسين بن عبد الملك الخلال، سمعت عبد الرحمن
ابن منده يقول: قد عجبت من حالي، فإني وجدت أكثر من لقيته إن صدقته فيما
يقوله مداراة له، سماني موافقا، وإن وقفت في حرف من قوله أو في شئ من
فعله، سماني مخالفا، وإن ذكرت في واحد منهما أن الكتاب والسنة بخلاف
ذلك، سماني خارجيا، وإن قرئ علي حديث في التوحيد، سماني مشبها، وإن
كان في الرؤية، سماني سالميا... إلى أن قال: وأنا متمسك بالكتاب والسنة،
متبرئ إلى الله من الشبه والمثل والند والضد والأعضاء والجسم والآلات، ومن
كل ما ينسبه الناسبون إلي، ويدعيه المدعون علي من أن أقول في الله تعالى شيئا من
ذلك، أو قلته، أو أراه، أو أتوهمه، أو أصفه به (3).
ابن رجب فيه أن بأصبهان طائفة ينتسبون إلى ابن منده هذا، وينسبون إليه أقوالا في الأصول
والفروع وهو منها برئ. وقال ابن الأثير في " الكامل " 10 / 108: وله طائفة ينتمون إليه في
الاعتقاد من أهل أصبهان يقال لهم: العبد رحمانية.

(1) قال السمعاني: نسبة إلى حفظ الباغ، وهو البستان.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1166.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1166 - 1167، و " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 29. وقد ذكر
351

وقال يحيى بن منده: كان عمي سيفا على أهل البدع، وهو أكبر من أن
يثني عليه مثلي، كان - والله - آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، كثير الذكر،
قاهرا لنفسه، عظيم الحلم، كثير العلم، قرأت عليه قول شعبة: من كتبت عنه
حديثا فأنا له عبد. فقال عمي: من كتب عني حديثا فأنا له عبد (1).
وسمعت أبي يقول: أفطرنا في رمضان ليلة شديدة الحر، فكنا نأكل
ونشرب، وكان أخي عبد الرحمن يأكل ولا يشرب، فخرجت وقلت: إن (2)
من عادة أخي أنه يأكل ليلة ولا يشرب، ويشرب ليلة (3) أخرى ولا يأكل. قال:
فما شرب تلك الليلة، وفي الليلة الآتية كان يشرب ولا يأكل ألبتة، فلما كان في
الليلة الثالثة قال: يا أخي: لا تلعب بعد هذا، فإني ما اشتهيت أن أكذبك.
قال الدقاق في " رسالته ": أول من سمعت منه الشيخ الامام السيد
السديد الأوحد أبو القاسم عبد الرحمن، فرزقني الله ببركته وحسن نيته، وجميل
سيرته فهم الحديث. وكان جذعا في أعين المخالفين، لا تأخذه في الله لومة
لائم، ووصفه أكثر من أن يحصى (4).
وذكر أبو بكر أحمد بن هبة الله بن أحمد، أنه سمع من سعد الزنجاني
بمكة يقول: حفظ الله الاسلام برجلين: أبي إسماعيل الأنصاري (5)،

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 166، و " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 28.
(2) في الأصل: أنا.
(3) في الأصل: له.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1167، و " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 28.
(5) هو شيخ الاسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الهروي المتوفى سنة
(481)، سترد ترجمته برقم (260).
352

وعبد الرحمن بن منده (1).
وقال السمعاني: سمعت الحسن بن محمد بن الرضا العلوي يقول:
سمعت خالي أبا طالب بن طباطبا يقول: كنت أشتم أبدا عبد الرحمن بن منده،
فسافرت إلى جرباذقان (2)، فرأيت أمير المؤمنين عمر في النوم، ويده في يد رجل
عليه جبة زرقاء، وفي عينه نكتة، فسلمت عليه فلم يرد علي، وقال: تشتم
هذا: فقيل لي في المنام: هذا عمر، وهذا عبد الرحمن بن منده. فانتبهت، ثم
رجعت إلى أصبهان، وقصدت عبد الرحمن، فلما دخلت عليه، صادفته كما رأيته
في النوم، فلما سلمت عليه، قال: وعليك السلام يا أبا طالب. وقبلها ما رآني،
ولا رأيته، فقال لي قبل أن أكلمه: شئ حرمه الله ورسوله يجوز لنا أن نحله؟
فقلت: اجعلني في حل. وناشدته الله، وقبلت عينيه، فقال: جعلتك في حل
فيما يرجع إلي (3).
قال السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ، عن عبد الرحمن بن
أبي عبد الله، فسكت، وتوقف، فراجعته، فقال: سمع الكثير، وخالف أباه
في مسائل، وأعرض عنه مشايخ الوقت، ما تركني أبي أن أسمع منه. كان أخوه
خيرا منه (4).
قال المؤيد ابن الاخوة: سمعت عبد اللطيف بن أبي سعد البغدادي،

(1) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1167 و " المنتظم " 8 / 315.
(2) قال ياقوت: جرباذقان بالفتح، والعجم يقولون: كرباذكان: بلدة قريبة من همذان
بينها وبين الكرج وأصبهان كبيرة ومشهورة...، وجرباذقان أيضا: بلدة بين إستراباذ وجرجان
من نواحي طبرستان. وقد تحرفت في " فوات الوفيات " إلى: جرداباقان.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1167 - 1168، و " فوات الوفيات " 2 / 288 - 289، و
" ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 29.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1168، و " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 28.
353

سمعت أبي، سمعت صاعد بن سيار، سمعت الامام أبا إسماعيل الأنصاري
يقول في عبد الرحمن بن مندة: كانت مضرته أكثر من منفعته في الاسلام (1).
قلت: أطلق عبارات بدعه بعضهم بها، الله يسامحه. وكان زعرا على من
خالفه، فيه خارجية، وله محاسن، وهو في تواليفه حاطب ليل، يروي الغث
والسمين، وينظم ردئ الخرز مع الدر الثمين.
قال يحيى: مات عمي في سادس عشر شوال، سنة سبعين وأربع مئة،
وصلى عليه أخوه عبد الوهاب، وشيعه عالم لا يحصون (2).
وممن روى عنه أبو سعد بن البغدادي الحافظ، وأبو بكر الباغبان،
وبالإجازة مسعود الثقفي، وأول ما حدث في سنة سبع وأربع مئة في حياة كبار
مشايخه.
أخبرنا قاسم بن مظفر، عن محمود بن إبراهيم، أخبرنا مسعود بن
الحسن، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد إذنا، أخبرنا أحمد بن محمد بن موسى
الأهوازي، أخبرنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا سلم بن جنادة، حدثنا أبو
معاوية وابن نمير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما مؤمن سببته أو لعنته أو جلدته، فاجعلها له زكاة
ورحمة ".
أخرجه مسلم (3)، عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه.

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1168، و " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 28 وفيه رد ابن رجب
على قول الأنصاري وإسماعيل بن محمد التيمي.
(2) في " النجوم الزاهرة " 5 / 105: أنه توفي سنة (469).
(3) رقم (2601) في البر والصلة: باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه، وليس هو
أهلا لذلك، كان له زكاة وأجرا ورحمة، وأخرجه البخاري (6361) في الدعوات من طريق أحمد
ابن صالح، عن ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن
أبي هريرة، وفي الباب عن جابر بن عبد الله، وعائشة، وأنس بن مالك عند مسلم (2602) و
(2600) و (2603).
354

أخوه عبد الوهاب سيأتي (1).
وأخوه:
169 - [ابن منده] *
الثقة الأمين، أبو الحسن، عبيد الله بن محمد التاجر.
سمع أباه، وابن خرشيذ قوله، وأبا جعفر بن المرزبان، والحسن بن
يوه.
روى عنه الحسين بن عبد الملك الخلال، وجماعة.
وعاش ثمانين سنة.
مات بجيرفت (2)، سنة اثنتين وستين وأربع مئة، وقيل: مات سنة أربع
وستين، فالله أعلم.
170 - أبو نصر التاجر * *
الشيخ العالم، الصالح، العدل، المسند، أبو نصر، عبد الرحمن بن
علي بن محمد بن أحمد بن حسين بن موسى النيسابوري المزكي التاجر.
سمع أبا الحسين الخفاف، ويحيى بن إسماعيل الحربي، وأبا أحمد بن أبي

(1) برقم (226).
* المنتخب: الورقة 85 ب.
(2) قال ياقوت: جيرفت، بالكسر ثم السكون وفتح الراء وسكون الفاء وتاء فوقها نقطتان:
مدينة بكرمان في الإقليم الثالث... وهي مدينة كبيرة جليلة....
(* *) العبر 3 / 267، شذرات الذهب 3 / 330.
355

مسلم الفرضي، وأبا عمر بن مهدي، وأبا القاسم علي بن أحمد الخزاعي،
وطائفة بخراسان والعراق.
قال عبد الغافر الفارسي: ارتحل في صباه، وسمع من أصحاب ابن
صاعد، والمحاملي. وروى الكثير.
وقال أبو سعد السمعاني: حدثنا عنه زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وهبة
الرحمن بن عبد الواحد بن القشيري، وآخرون. وكان ثقة صالحا مكثرا.
مات سنة ثمان وستين وأربع مئة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن
طاهر، أخبرنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين
إملاء، أخبرنا عبد الله بن محمد بن الشرقي، حدثنا عبد الرحمن بن بشر،
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، حدثني سهيل بن أبي صالح، عن أبي
صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من غسله الغسل، ومن حمله
الوضوء ".
إسناده صالح (1)، وهو ظاهر في أن ذلك سنة، ولا بد للحديث من تقدير

(1) وهو كما قال، بل أعلى، وأخرجه أحمد 2 / 272، وأبو داود (3162) والترمذي
(993)، والبيهقي 1 / 300، 301، وابن حبان (751) من طرق، عن سهيل بن أبي صالح بهذا
الاسناد إلا أن أبا داود أدخل بين أبي صالح وأبي هريرة إسحاق مولى زائدة، وهو ثقة، وأخرجه
أحمد 2 / 433 و 454 و 472، والطيالسي (2314) والبيهقي 1 / 303 من طريق ابن أبي ذئب،
عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة، وله طريقان آخران عند أحمد 2 / 280 وأبي داود (3161)
وأخرجه البيهقي 1 / 300 من طريق محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن
أبي هريرة، وأخرجه ابن حزم في " المحلى " 1 / 250 و 2 / 23 من طريق الحجاج بن منهال، عن
حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة بن عبد الله، عن أبي هريرة.
356

شئ محذوف مع الغسل، ومع الوضوء، فالمقدر: المشروع أو المسنون أو
المستحب (1) أو الواجب. والله أعلم.
171 - الجوري * *
العالم الحافظ المفيد، الثقة، أبو منصور، عمر بن أحمد بن محمد بن
موسى (2) الجوري، الحنفي، الصوفي، العابد، تلميذ الشيخ أبي عبد الرحمن
السلمي.
سمع من أبي الحسين الخفاف، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن، ومحمد
ابن الحسين العلوي.
وكان من خواص أصحاب السلمي، كتب عنه تصانيفه (3).

(1) وهو قول مالك والشافعي رحمهما الله، ويؤيده ما أخرجه الخطيب في ترجمة محمد بن
عبد الله المخرمي من تاريخه 5 / 424 من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: قال لي: إني
كتبت حديث عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل، ومنا من لا
يغتسل، قال: قلت: لا. قال في ذلك الجانب شاب يقال له: محمد بن عبد الله يحدث به عن
أبي هشام المخزومي عن وهيب، فاكتب عنه. وإسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في
" التلخيص " 1 / 138، وأخرج الحاكم 1 / 386، والبيهقي 3 / 398 من حديث ابن عباس
مرفوعا " ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، فان ميتكم ليس بنجس، فحسبكم أن
تغسلوا أيديكم " وسنده حسن كما قال الحافظ، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
* الاكمال 3 / 10 - 11، الأنساب المتفقة: 33، الأنساب 3 / 359 - 360، معجم
البلدان 2 / 182، اللباب 1 / 307، المشتبة: 369، الجواهر المضية 2 / 633 - 634،
الطبقات السنية رقم: 1609.
والجوري بضم الجيم وفي آخرها الراء: نسبة إلى " جور " وهي موضعان، أحدهما: بلدة
من بلاد فارس، وإليها ينسب الورد الجوري، والثاني: محلة بنيسابور، وإليها ينسب المترجم
كما ذكر المؤلف والسمعاني وابن الأثير وياقوت وابن القيسراني، وجعل صاحب " الجواهر
المضية " صاحب الترجمة منسوبا إلى الأول، وهو خطأ.
(2) في " الأنساب المتفقة " 33: عمر بن أحمد بن موسى بن منصور الجوري.
(3) انظر " الأنساب " 3 / 359 - 360، و " اللباب " 1 / 307.
357

حدث عنه: زاهر بن طاهر، وأخوه وجيه، وعبد الغافر بن إسماعيل،
وإسماعيل بن أحمد المؤذن، ومحمد بن الفضل الفراوي، وآخرون.
وهو من جور، أحد أعمال نيسابور.
مات في جمادى الآخرة: سنة تسع (1) وستين وأربع مئة، عن سن
عالية.
172 - صاحب حلب *
الملك عز الدولة محمود (2) بن الملك صالح بن مرداس الكلابي.
تسلم حلب من عمه عطية، فوليها عشر سنين، وكان شجاعا مهيبا
جوادا، يداري الدولتين، المصرية والبغدادية (3).
ولابن حيوس (4) فيه مدائح.
توفي سنة سبع (5) وستين وأربع مئة، وتملك ابنه الأمير نصر، وأم نصر

(1) في " الجواهر المضية " 2 / 634: سنة سبع وستين.
* المنتظم 8 / 300، الكامل 10 / 105 - 106، المختصر 2 / 192 - 193، العبر
3 / 266، دول الاسلام 2 / 3، تتمة المختصر 1 / 570 - 571، البداية والنهاية 12 / 115،
النجوم الزاهرة 5 / 100، 101، شذرات الذهب 3 / 329.
(2) تحرف اسمه في " البداية " إلى: محمد، وقد أسقط المؤلف هنا اسم أبيه، ففي
" العبر " و " المنتظم ": محمود بن نصر بن صالح بن مرداس.
(3) زاد في " العبر ": لتوسط داره بينهما.
(4) هو الأمير الشاعر أبو الفتيان محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس الغنوي، سترد
ترجمته برقم (209)، وقد تصحف في " المختصر " إلى: جيوش.
(5) أورده ابن الجوزي في وفيات سنة (468)، وأورده ابن الأثير في وفيات سنة (469)،
وتابعه على ذلك صاحب " المختصر "، لكنه ذكر بعد ذلك أنه وجد في " تاريخ حلب " تأليف
كمال الدين بن العديم أنه توفي سنة (467).
358

هي بنت الملك العزيز بن جلال الدولة بن بويه. فقتل نصر بعد سنة بظاهر
حلب (1).
173 - الصليحي *
صاحب اليمن، كان أبوه من قضاة اليمن، وهو الملك أبو الحسن (2)،
علي بن القاضي محمد بن علي.
دار به داعي الباطنية عامر الزواخي (3) حتى أجابه وهو حدث، فتفرس به
عامر النجابة، وقيل: ظفر بحليته في كتاب " الصور "، فأطلعه على ذلك،
وشوقه، وأسر إليه أمورا، ثم لم ينشب عامر أن هلك، فأوصى بكتبه لعلي،

(1) انظر ما حكاه المؤلف عن سبب موته في الترجمة (167)، وانظر " المختصر "
2 / 193.
* دمية القصر 1 / 51 - 53، الأنساب 8 / 87، كشف أسرار الباطنية للحمادي، ملحق
بكتاب " التبصير في الدين " لأبي المظفر الأسفرايني: 219، تاريخ اليمن: 47، بهجة
الزمن: 46، المنتظم 8 / 165، 232، اللباب 2 / 246، الكامل 9 / 614 - 615 و
10 / 30، 55 - 56، وفيات الأعيان 3 / 411 - 415، المختصر 2 / 181 - 182، تتمة
المختصر 1 / 554 - 557، البداية والنهاية 12 / 96، 121، تاريخ ابن خلدون 4 / 214 -
218، الذهب المسبوك: 35، بلوغ المرام: 15، النجوم الزاهرة 5 / 58، 72، 112،
معجم الأنساب والأسرات الحاكمة: 181، 183، وانظر " الصليحيون والحركة الفاطمية في
اليمن " للهمذاني: 62 - 112. قال ابن خلكان: والصليحي بضم الصاد المهملة وفتح اللام
وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها حاء مهملة، لا أعرف هذه النسبة إلى أي شئ هي،
والظاهر أنها رجل، فقد جاء في الأسماء والاعلام صليح، ونسبوا إليه أيضا. وانظر " الأنساب "
8 / 87.
(2) كما في " وفيات الأعيان " و " البداية " وفي " المنتظم " و " الكامل " و " النجوم
الزاهرة ": أبو كامل.
(3) قال ياقوت: الزواخي بوزن القوافي، وهو مهمل في استعمالهم: قرية من أعمال
مخلاف حراز، ثم من أعمال النجم في أوائل اليمن، وإليها ينسب عامر بن عبد الله الزواخي
صاحب الدعوة، عن الصليحي، وورد في " تاريخ " ابن خلدون: الزوايي نسبة إلى زواية، من
قرى حران. وفي " كشف أسرار الباطنية " للحمادي: سليمان بن عبد الله الزواحي.
359

فعكف على الدرس والمطالعة، وفقه وتميز في رأي العبيدية، ومهر في
تأويلاتهم، وقلبهم للحقائق (1). وهو القائل:
أنكحت بيض الهند سمر رماحهم * فرؤوسهم عوض النثار نثار
وكذا العلى لا يستباح نكاحها * إلا بحيث تطلق الأعمار (2)
ثم صار يحج بالناس على طريق السراة (3) خمس عشرة سنة، وكان
الناس يقولون له: ستملك اليمن بأسره. فينكر على القائل، فلما كان في سنة
تسع وعشرين وأربع مئة، ثار بجبل مشار (4) في ستين رجلا، فأووا إلى ذروة
شاهق، فما أمسوا حتى أحاط بهم عشرون ألفا، وقالوا: انزل وإلا قتلناكم
جوعا وعطشا. قال: ما فعلت هذا إلا خوفا أن يملكه غيرنا، وإن تركتمونا
نحرسة، وإلا نزلنا إليكم. وخدعهم، فانصرفوا، فلم يمض عليه أشهر حتى
بناه وحصنه (5)، ولحق به كل طماع وذي جلادة، وكثروا، فاستفحل أمره،
وأظهر الدعوة لصاحب مصر المستنصر، وكان يخاف من نجاح صاحب تهامة،
ويلاطفه، ويتحيل عليه، حتى سقاه مع جارية مليحة أهداها له، واستولى
على الممالك اليمنية في سنة خمس وخمسين وأربع مئة، وخطب على منبر
الجند (6)، فقال: وفي مثل هذا اليوم نخطب على منبر عدن. فقال رجل:

(1) الخبر بنحوه في " وفيات الأعيان " 3 / 411، و " المختصر " 2 / 181.
(2) البيتان في " وفيات الأعيان " 3 / 415، و " البداية والنهاية " 12 / 121.
(3) انظر " معجم البلدان " 3 / 204.
(4) قال ياقوت: مشار: قلة في أعلى موضع من جبال حراز، منه كان مخرج الصليحي في
سنة 448، وجاهر فيه، لم يكن فيه بناء فحصنه، وأتقنه، وأقام به حتى استفحل أمره. " معجم
البلدان " 5 / 131، وفي " وفيات الأعيان ": مسار بالمهملة، وقد تحرفت في " المختصر "
إلى: مشاف.
(5) الخبر في " وفيات الأعيان " 3 / 411 - 412، وقطعة منه في " المختصر " 2 / 182.
(6) الجند بالتحريك: مدينة نجدية باليمن من أرض السكاسك، بينها وبين صنعاء ثمانية
وخمسون فرسخا. " معجم البلدان ".
360

سبوح قدوس. يستهزئ بقوله، فأمر بأخذه (1)، فاتفق أنه أخذ عدن،
وخطب، وصيرها دار ملكه، وأنشأ عدة قصور أنيقة، وأسر ملوكا، وامتدت
أيامه، ثم حج، وأحسن إلى أهل مكة.
وكان أشقر أزرق، يسلم على من مر عليهم، وكان ذا ذكاء ودهاء، كسا
الكعبة البياض، وخطب لزوجته (2) أيضا معه على المنابر، وكان فرسه بألف
دينار، ويركب بالعصائب، وترك الحرة في مئتي جارية في الحلي والحلل
ومعها الجنائب (3) بسروج الذهب، ثم إنه حج في سنة ثلاث وسبعين،
واستخلف على اليمن ابنه أحمد الملك المكرم، فلما نزل بالمهجم (4)، وثب
عليه جياش بن نجاح وأخوه سعيد الأحول، فقتلاه بأبيهما، وكانا قد خرجا في
سبعين نفسا بلا سلاح، بل مع كل واحد جريدة في رأسها زج، وساروا نحو
الساحل، فجهز لحربهم خمسة آلاف، فاختلفوا في الطريق، ووصل
السبعون إلى منزلة الصليحي، وقد أخذ منهم التعب والحفاء، فظنهم الناس
من عبيد العسكر، فشعر بهم أخو الصليحي، فدخل مخيمة وقال: اركب فهذا
الأحول سعيد. فقال الصليحي: لا أموت إلا بالدهيم (5). فقال رجل: قاتل
عن نفسك، فهذا والله الدهيم. فلحقه زمع الموت، وبال، وما برح حتى
قطع رأسه بسيفه، وقتل أخوه عبد الله وأقاربه، وذلك في ذي القعدة من سنة

(1) في " وفيات الأعيان ": فأمر بالحوطة عليه، وخطب الصليحي في مثل ذلك اليوم على
منبر عدن، فقال ذلك الانسان، وتغالى في القول، وأخذ البيعة، ودخل في المذهب.
(2) واسمها أسماء بنت شهاب، المعروفة بالحرة الصليحية، ستأتي ترجمتها في الاجزاء
التالية من هذا الكتاب. وانظر " أعلام " الزركلي 1 / 305، 306.
(3) الجنائب: جمع جنيبة، وهي: الدابة تقاد ولا تركب.
(4) المهجم: بلد وولاية من أعمال زبيد باليمن، بينها وبين زبيد: ثلاثة أيام، ويقال
لناحيتها خزاز " معجم البلدان ".
(5) قال ياقوت: الدهيم، تصغير ترخيم أدهم، أظنه موضعا كان فيه يوم للعرب.
361

ثلاث (1)، والتف أكثر العسكر على ابن نجاح، وتملك، ورفع رأس
الصليحي على قناة، وتملك ابن نجاح مدائن، وجرت أمور إلى أن دبرت
الحرة على قتله بعد ثمانية أعوام، فقتل (2).
وحدثني تاج الدين عبدا لباقي النحوي في " تاريخه " قال: احتضر رأس
الدعاة، فأعطى الصليحي ما جمع من الأموال، فأقام يعمل الحيل، ثم صعد
جبلا في جمع، وبناه حصنا، وحارب، وأمره يستفحل، ثم اقتفاه ابن أبي
حاشد متولي صنعاء، فقتل وقتل معه ألف، وتملك الصليحي صنعاء، وطوى
اليمن سهلا وجبلا، واستقر ملكه لجميع اليمن من مكة إلى حضرموت إلى أن
قتله سعيد، وأخذ بثأر أبيه نجاح، ودام ملك ولده المكرم على شطر اليمن
مدة، وحارب ابن نجاح غير مرة إلى أن مات سنة أربع (3) وثمانين، فتملك بعده
ابن عمه سبأ بن أحمد إلى سنة خمس وتسعين، وصار الملك إلى آل نجاح
مدة (4).

(1) وسبعين وأربع مئة، وهو الصحيح في وفاته، وقد أورد ابن الأثير وفاته في سنة (459)
وتابعه على ذلك ابن كثير، ثم أعاد ذكر وفاته في سنة (473). انظر " الكامل " 10 / 55، و
" البداية " 12 / 96 و 121.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 413 - 414، و " المختصر " 2 / 182، والحرة هي زوجة
الصليحي كما ورد في التعليق (2) من الصفحة السابقة.
(3) في الخبر السابق أنه مات سنة إحدى وثمانين، وانظر " وفيات الأعيان " 3 / 414.
(4) انظر " المختصر " 2 / 182 - 183، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 214 - 218.
362

174 - الباخرزي *
العلامة الأديب، صاحب " دمية القصر " (1)، أبو الحسن، علي بن
الحسن بن علي بن أبي الطيب الباخرزي (2)، الشاعر، الفقيه الشافعي.
تفقه بأبي محمد الجويني، ثم برع في الانشاء والآداب، وسافر
الكثير، وسمع الحديث، وكتابه هو ذيل ل‍ " يتيمة الدهر " للثعالبي. وقيل:
ذيل علي بن زيد البيهقي الأديب عليه بكتاب " وشاح الدمية ".
وللباخرزي ديوان كبير، ونظمه رائق (3).

* منتخب السياق: 47، الأنساب 2 / 21، معجم البلدان 1 / 316، معجم الأدباء
13 / 33 - 48، اللباب 1 / 104، وفيات الأعيان 3 / 387 - 389، العبر 3 / 265، المستفاد من
ذيل تاريخ بغداد: 185 - 186، الوافي خ 12 / 26، مرآة الجنان 3 / 95، طبقات السبكي
5 / 256 - 257، طبقات الأسنوي 1 / 234 - 236، النجوم الزاهرة 5 / 99، البداية والنهاية
12 / 112، مفتاح السعادة 1 / 263، كشف الظنون: 761 - 778، شذرات الذهب 3 / 327 -
328، هدية العارفين 1 / 692، تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 5 / 26 - 27 من النسخة
العربية، رسالة الطيف: 68، الشعر العربي في العراق وبلاد العجم 1 / 152.
(1) واسمه الكامل: " دمية القصر وعصرة أهل العصر " في شعراء القرن الخامس الهجري
حتى سنة 450 وقد طبع هذا الكتاب عدة طبعات، الأولى: بحلب سنة 1930 بتحقيق المرحوم
العلامة محمد راغب الطباخ، والطبعة الثانية في القاهرة بتحقيق عبد الفتاح الحلو، صدر المجلد
الأول منها: 1968، والطبعة الثالثة في بغداد صدر المجلد الأول منها عام 1970 بتحقيق الدكتور
سامي مكي العاني، والطبعة الرابعة في دمشق بتحقيق الدكتور محمد التونجي. نشر دار الفكر،
وقد عمل أبو المعالي سعد بن علي الحظيري المتوفى سنة 568 ه‍ ذيلا على كتاب " الدمية " سماه
" زينة الدهر وعصرة أهل العصر "، وأكملها الكاتب الأصفهاني في " خريدة القصر ".
(2) في " معجم الأدباء " 13 / 33: وقال أبو الحسن البيهقي: كنية الباخرزي، أبو
القاسم وهو الصحيح.
(3) وقد نشر الأستاذ الطباخ ملتقطات من " ديوانه " في آخر كتاب " الدمية " بتحقيقه، ومن
الديوان نسخ كثيرة، منها نسخة في مكتبة الدراسات العليا، بكلية الآداب جامعة بغداد، وانظر
شيئا من شعره في " وفيات الأعيان " 3 / 388، و " معجم الأدباء " 13 / 34 وما بعدها.
363

قتل بباخرز من أعمال نيسابور، وطل دمه (1) في ذي القعدة (2) سنة سبع
وستين وأربع مئة، وكان من كبار كتاب الانشاء. ذكره ابن خلكان (3).
175 - الزبحي *
الحافظ العالم، أبو الحسن، علي بن أبي محمد بن عبد الله بن علي بن
الحسن (4) بن زكريا، الجرجاني، الزبحي. والزبح: بزاي مفتوحة وبموحدة
ثم حاء مهملة: من أعمال جرجان.
ولد بعد التسعين وثلاث مئة.
سمع علي بن محمد المؤدب، وعبد الواحد بن محمد المنيري،
والقاضي أبا بكر الحيري، وأبا سعيد الصيرفي، وعبد الله بن عبد الرحمن
البناني الحرضي، والحافظ حمزة السهمي، وطبقتهم.
روى عنه: إسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وصاعد بن سيار،
وطائفة.
وألف " تاريخ جرجان "، وسكن هراة، وهو خال الحافظ عبد الله بن
يوسف الجرجاني، وعاش ستا وسبعين سنة.

(1) أي أبطل وذهب هدرا.
(2) عبارة المؤلف في " العبر ": قتل بباخرز في ذي القعدة مظلوما. قال ابن خلكان:
وقتل الباخرزي في مجلس الانس بباخرز، وتحرف قوله " في مجلس الانس " في " الشذرات "
إلى " بالأندلس ".
(3) " وفيات الأعيان " 3 / 387 - 389.
* الأنساب 6 / 240، معجم البلدان 3 / 130، اللباب 2 / 58، تبصير المنتبه
2 / 660 - 661، كشف الظنون 1 / 290.
(4) في " الأنساب " و " اللباب " و " معجم البلدان ": علي بن محمد بن عبد الله بن
الحسن، وفي " تبصير المنتبه ": علي بن أبي بكر محمد الزبحي.
364

مات في صفر سنة ثمان وستين (1) وأربع مئة. وزبح كما قلنا قيده أبو
نعيم بن الحداد.
176 - الوخشي *
الشيخ الامام الحافظ، المحدث الزاهد، أبو علي، الحسن بن علي
بن محمد بن أحمد بن جعفر البلخي، الوخشي.
ولد سنة خمس وثمانين وثلاث مئة، قاله السمعاني.
سمع أبا عمر بن مهدي، والقاضي أبا عمر الهاشمي، وأبا محمد بن
النحاس المصري، وتمام بن محمد الرازي، وعقيل بن عبدان، والقاضي أبا
بكر الحيري، وخلقا كثيرا. وكان جوالا في الآفاق.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وعمر بن محمد السرخسي، وعمر بن
علي، وآخرون.
قال الخطيب: علقت عنه ببغداد وأصبهان (2).
وقال أبو سعد السمعاني: كان حافظا فاضلا ثقة، حسن القراءة، رحل

(1) في " معجم البلدان " وفاته سنة (408)، وفي " تبصير المنتبه ": (428)، وكلاهما
خطأ.
* الاكمال 7 / 391، السياق: الورقة 4، الأنساب: 576 أ، معجم البلدان 5 / 365،
المنتخب: الورقة 52 أ - 53 أ، اللباب 3 / 355، المختار من ذيل السمعاني: الورقة 172، العبر
3 / 275، تذكرة الحفاظ 3 / 1171 - 1174، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 102 - 103، الوافي
بالوفيات 12 / 163، تبصير المنتبه 4 / 1479، لسان الميزان 2 / 241 - 242، طبقات الحفاظ:
439، كشف الظنون: 163 - 508، شذرات الذهب 3 / 339، إيضاح المكنون 1 / 340،
تهذيب تاريخ ابن عساكر 4 / 234 - 235. والوخشي: نسبة إلى وخش وهي: بلدة بنواحي بلخ من
ختلان على نهر جيحون.
(2) انظر " تهذيب " ابن عساكر 4 / 235، وفيه عقلت بدل علقت.
365

إلى العراق والجبال والشام، والثغور ومصر، وذاكر الحفاظ، وسمع ببلخ من
أبي القاسم علي بن أحمد الخزاعي، وبنيسابور من أبي زكريا المزكي،
وببغداد من ابن مهدي، وبأصبهان من أبي نعيم (1).
وقال عبد العزيز النخشبي: كان يتهم بالقدر (2).
قلت: انتقى على أبي نعيم خمسة أجزاء تعرف بالوخشيات، وكان ربما
حدث من حفظه، سئل عنه إسماعيل بن محمد التيمي، فقال: حافظ كبير.
قلت: قد روى عن الوخشي كتاب " السنن " لأبي داود أبو علي الحسن
ابن علي الحسيني البلخي.
قال عمر المحمودي: لما مات الوخشي كنت قد راهقت، فلما وضعوه
في القبر، سمعنا صيحة، فقيل: إنه لما وضع في القبر، خرجت الحشرات
من المقبرة. وكان في طرفها واد، فأخذت إليه الحشرات، فذهب والناس لا
يعرضون لها (3).
قال ابن النجار: سمع أيضا بحلب وبهمذان من محمد بن أحمد بن
مزدين، سمع منه نظام الملك ببلخ، وصدره بمدرسته ببلخ.
وعن الوخشي قال: جعت بعسقلان أياما، وعجزت عن الكتابة، ثم
فتح الله.
مات الوخشي في خامس ربيع الآخر، سنة إحدى وسبعين وأربع مئة

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1172، و " لسان الميزان " 2 / 241.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1172، و " لسان الميزان " 2 / 241.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1172.
366

ببلخ وله ست وثمانون سنة. قاله السمعاني (1).
وقال: سمعت عمر السرخسي يقول: ورد نظام الملك علينا، فقيل
له: إن بقرية وخش شيخا ذا رحلة ومعرفة، فاستدعاه، وقرؤوا عليه " سنن "
أبي داود.
فقال الوخشي يوما: رحلت، وقاسيت الذل والمشاق، ورجعت إلى
وخش، وما عرف أحد قدري، فقلت: أموت ولا ينتشر ذكري، ولا يترحم
أحد علي، فسهل الله، ووفق نظام الملك حتى بنى هذه المدرسة، وأجلسني
فيها أحدث، لقد كنت بعسقلان أسمع من ابن مصحح، وبقيت أياما بلا
أكل، فقعدت بقرب خباز، لأشم رائحة الخبز، وأتقوى بها (2).
أخبرتنا زينب بنت عمر بن كندي، أنبأنا أبو هاشم عبد المطلب بن
الفضل، أخبرنا عمر بن علي المحمودي القاضي ببلخ، حدثنا الحسن بن
علي الحافظ (3)، حدثنا تمام بن محمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن أيوب بن
حذلم، حدثنا أبو زرعة، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا
الأعمش، حدثني إبراهيم قال: قال الأسود: كنا جلوسا عند عائشة، فذكرنا
المواظبة على الصلاة والتعظيم لها، فقالت عائشة: لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
مرضه الذي مات فيه، فحضرت الصلاة، فأوذن بها، فقال: " مروا أبا بكر
فليصل بالناس ". وذكر الحديث (4).

(1) وقد أورد ياقوت في " معجم البلدان " قولا آخر في وفاته وهو سنة (456)، وأورد مثله ابن
عساكر في " تهذيب تاريخ دمشق " وعلق عليه بقوله: وهذا وهم....
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1173، و " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 103، و " لسان
الميزان " 2 / 241.
(3) وهو صاحب الترجمة.
(4) وتمامه: فقيل: إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، وأعاد
فأعادوا، وأعاد الثالثة، فقال: إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر، فليصل بالناس، فخرج أبو بكر
يصلي، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة، فخرج يهادى بين رجلين، كأني أنظر رجليه تخطان من
الوجع، فأراد أبو بكر أن يتأخر، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن مكانك، ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه. فقيل
للأعمش: فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأبو بكر يصلي بصلاته، والناس يصلون بصلاة أبي بكر؟ فقال
برأسه: نعم.
وأخرجه البخاري (664) في الاذان: باب حد المريض أن يشهد الجماعة من طريق عمر بن
حفص بن غياث بهذا الاسناد، وأخرجه من طرق عن الأعمش به البخاري (712) و (713) ومسلم
(418) (95) و (96) والنسائي 2 / 99، وأخرجه من طريق آخر عن عائشة مالك 1 / 170، 171،
والبخاري (198) و (664) و (665) و (679) و (683) و (687) و (716) و (2588) و (3099) و
(3384) و (4442) و (4445) و (5714) و (7303) ومسلم (418) (90) و (91) و (92) و (93) و
(94) والترمذي (3663) والنسائي 2 / 101، 102.
367

177 - ابن الخلال *
الشيخ الصالح الصدوق، أبو القاسم، عبد الله بن الحافظ، أبي محمد
الحسن بن محمد بن الحسن، البغدادي، الخلال (1).
ولد سنة خمس وثمانين وثلاث مئة.
وسمعه أبوه من أبي حفص الكتاني (2)، وأبي طاهر المخلص، وعبيد
الله بن أحمد الصيدلاني، وجماعة.
قال الخطيب (3): كتبت عنه وكان صدوقا.
وقال أبو سعد السمعاني: كان صالحا صدوقا، صحيح السماع، بكر
به أبوه، وسمعه، وعمر حتى نقل عنه الكثير، حدثنا عنه إسماعيل بن

* تاريخ بغداد 9 / 439، المنتظم 8 / 314 - 315، العبر 3 / 273، تذكرة الحفاظ
3 / 1164، البداية والنهاية 12 / 118، شذرات الذهب 3 / 336.
(1) تصحف في " البداية " إلى: " الحلالي " وفي " الشذرات " إلى " الحلال " بالحاء
المهملة.
(2) تصحف في " البداية " إلى: الكناني بالنون بدل التاء.
(3) " تاريخ بغداد " 9 / 439.
368

السمرقندي، وأبو الفضل بن المهتدي بالله، وأبو الحسن بن صرما،
وجماعة.
وقال ابن خيرون: ثقة.
قال شجاع الذهلي: توفي في ثامن عشر صفر سنة سبعين وأربع مئة.
قلت: سماعه من الكتاني في الخامسة، ومن هذا الحين أخذ الطلبة في
تسميع أولادهم في سن الحضور، ففسد النظام، بل الإجازة أجود من الحضور
في القوة، إذ من سمع حضورا بلا فهم لم يتحمل شيئا، والمجاز له قد يحمل،
أما إذا كان مع الحضور إذن من الشيخ في الرواية، فهو أجود.
178 - الدينوري اللبان *
الامام المحدث الجوال، المسند الصدوق، أبو الحسن، علي بن
محمد بن نصر الدينوري اللبان، نزيل غزنة ومحدثها.
سمع أبا عمر بن مهدي، وطبقته ببغداد، والقاضي أبا عمر الهاشمي،
وطائفة بالبصرة، وأبا عبد الرحمن السلمي، وأبا بكر الحيري، وعدة
بنيسابور، وأبا سعيد النقاش، وعلي بن ميلة الفرضي، وجماعة بأصبهان.
حدث عنه: مسافر وأحمد ابنا محمد بن علي البسطامي، وجماعة لا
نعرفهم من أهل تلك الناحية، وأجاز لحنبل بن علي.
قال السمعاني: سمعت شيخنا الموفق بن عبد الكريم يقول: كان
شيخنا أبو الحسن بن اللبان الدينوري بغزنة وعندة " الحلية " عن أبي نعيم،
فأتاه صوفي ليسمعها، فقال: إن هذا كتاب فيه ذكر الممتحنين، فإن أردت أن

* التقييد: الورقة 185 ب.
369

تقرأه، فوطن نفسك على المحنة. قال: نعم. وقرأ أياما إلى أن انتهى إلى
ذكر فلان، وكان في المجلس حنفي، فسعى بالشيخ إلى القاضي، ورفع
الامر إلى السلطان، فأمر الشيخ بلزوم بيته، وأغلق مسجده، ومنع من
التحديث، وكان ذلك في أواخر عمره، وضرب الصوفي ونفي، وصحت
فراسة الشيخ.
قلت: قد شأن أبو نعيم كتابه بذلك.
توفي الدينوري هذا في سنة ثمان وستين وأربع مئة.
قال ابن النجار: كان من الجوالين في طلب الحديث، سمع بالدينور أبا
منصور محمد بن أحمد بن علي بن ميمونة... إلى أن قال: وببغداد أحمد بن
محمد بن أحمد بن موسى بن الصلت، وابن رزقويه.
روى عنه: أبو بكر الخطيب.
وقال يحيى بن مندة: كان مذكورا في الحفاظ، موصوفا بالفهم.
وقال أبو الفضل بن خيرون: سمع في كل بلد، وجمع الكثير،
وحدث، وهو ثقة.
179 - ابن حيان *
الامام المحدث، المؤرخ، النحوي، صاحب التصانيف أبو مروان،

* الذخيرة 1 / 2 / 573 - 602، جذوة المقتبس: 200، الصلة 1 / 153 - 154، بغية
الملتمس: 275، وفيات الأعيان 2 / 218 - 219، العبر 3 / 270، الوافي خ 11 / 158، البداية
والنهاية 12 / 117، كشف الظنون 2 / 1456، 1792، شذرات الذهب 3 / 333، نفح الطيب:
انظر الفهرس، تراجم أندلسية لعبد الله عنان: 271 - 281.
370

حيان بن خلف بن حسين بن حيان الأموي مولاهم، القرطبي، الاخباري،
الأديب.
ولد سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
ومات في عشر المئة إلا قليلا.
وسمع من: أبي حفص عمر بن حسين بن نابل وغيره، ولزم أبا عمر بن
الحباب النحوي، تلميذ القالي، وصاعد بن الحسن.
حدث عنه: أبو علي الغساني، ووصفه بالصدق، وقال: ولد...
فذكره (1).
وقال أبو عبد الله بن عون: كان أبو مروان فصيحا بليغا، كان لا
يتعمد (2) كذبا فيما يحكيه من القصص والاخبار.
قلت: من تصانيفه كتاب " المقتبس في تاريخ الأندلس " عشرة
أسفار (3)، وكتاب " المبين (4) في تاريخ الأندلس " مبسوطا في ستين مجلدا،
نقله ابن خلكان.
قيل: رآه بعضهم في النوم، فسأله عن " التاريخ "، فقال: لقد ندمت
عليه، إلا أن الله أقالني، وغفر لي بلطفه (5).

(1) انظر " الصلة " 1 / 153.
(2) في الأصل يعتمد والتصحيح من " الصلة " 1 / 153، و " وفيات الأعيان " 2 / 219.
(3) وتوجد من هذا الكتاب عدة قطع مخطوطة، وقد نشر منه ثلاث قطع، الأولى: بعناية للشور
أنطونية في باريس 1937، والثانية بعناية الدكتور عبد الرحمن الحجي ببيروت 1965، والثالثة بعناية
الدكتور محمود مكي (القاهرة: 1971)، وانظر ما كتبه الأستاذ محمد عبد الله عنان عن هذا الكتاب
في مؤلفه " تراجم إسلامية شرقية وأندلسية " ص: 277 - 280.
(4) في " وفيات الأعيان " 2 / 218: " المتين " بالتاء ومثل في " العبر " و " الشذرات ".
(5) انظر " الصلة " 1 / 153 - 154، و " وفيات الأعيان " 2 / 219.
371

توفي أبو مروان بن حيان في أواخر شهر ربيع الأول، سنة تسع وستين
وأربع مئة.
قال الغساني: كان بارعا في الآداب، صاحب لواء التاريخ بالأندلس،
أفصح الناس فيه (1).
180 - ابن النقور *
الشيخ الجليل، الصدوق، مسند العراق، أبو الحسين (2)، أحمد بن
محمد بن أحمد (3) بن عبد الله بن النقور (4)، البغدادي، البزاز.
مولده في جمادى الأولى، سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
وسمع علي بن عمر الحربي، وعبيد الله بن حبابة (5)، وأبا حفص
الكتاني، ومحمد بن عبد الله الدقاق، ابن أخي ميمي، وأبا طاهر المخلص،
وعيسى بن الوزير، وعلي بن عبد العزيز بن مردك، وطائفة.
وتفرد بأجزاء عالية كنسخة هدبة بن خالد، ونسخة كامل بن طلحة،
ونسخة طالوت، ونسخة مصعب الزبيري، ونسخة عمر بن زرارة، وأشياء.
وكان صحيح السماع، متحريا في الرواية (6).

(1) " الصلة " 1 / 153.
* تاريخ بغداد 4 / 381 - 382، المنتظم 8 / 314، الكامل 10 / 107 - 108، العبر
3 / 272 - 273، دول الاسلام 2 / 4، تذكرة الحفاظ 3 / 1164، البداية والنهاية 12 / 118،
النجوم الزاهرة 5 / 106، شذرات الذهب 3 / 335 - 336.
(2) في " النجوم الزاهرة " 5 / 106: أبو الحسن.
(3) في " الكامل " 10 / 107: أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله.
(4) تصحفت في " النجوم الزاهرة " 5 / 106 إلى: " النفور " بالفاء.
(5) تحرف في " تاريخ بغداد " إلى: جابه.
(6) انظر " المنتظم " 8 / 314.
372

حدث عنه: الخطيب، والحميدي، وابن الخاضبة (1)، ومحمد بن
طاهر، ومؤتمن الساجي، والحسين سبط الخياط، وإسماعيل بن
السمرقندي، وعمر بن إبراهيم الزيدي، ومحمد بن أحمد بن صرما، وأبو
نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو نصر إبراهيم بن الفضل البار، وأبو البدر
إبراهيم بن محمد الكرخي، وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبو الفتح
عبد الله بن محمد البيضاوي.
قال الخطيب (2): كان صدوقا.
وقال ابن خيرون: ثقة.
قال الحسين سبط الخياط: كان إذا تكلم أحد في مجلس ابن النقور قال
لكاتب الأسماء: لا تكتبه.
وقال أبو الحسن بن عبد السلام: كان أبو محمد التميمي يحضر مجلس
ابن النقور، ويسمع منه، ويقول: حديث ابن النقور سبيكة الذهب.
وكان يأخذ على نسخة طالوت بن عباد دينارا (3).
قال الحافظ ابن ناصر: إنما أخذ ذلك، لان الشيخ أبا إسحاق الشيرازي
أفتاه بذلك، لان أصحاب الحديث كانوا يمنعونه من الكسب لعياله، وكان
أيضا يمنع من ينسخ حالة السماع (4).
قال أبو علي الحسن بن مسعود الدمشقي: كان ابن النقور يأخذ على جزء

(1) تصحف في الأصل إلى: الحاضنة.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 381.
(3) انظر " المنتظم " 8 / 314.
(4) " المنتظم " 8 / 314.
373

طالوت دينارا، فجاء غريب، فأراد أن يسمعه، فقرأه عليه، وما صرح، بل
قال: حدثنا أبو عثمان الصيرفي. فما تفطن لها ابن النقور، وحصل للغريب
الجزء كذلك.
مات ابن النقور في سادس عشر رجب، سنة سبعين وأربع مئة، عن
تسعين (1) سنة.
ابنه:
181 - [ابن النقور] *
الشيخ أبو منصور محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن النقور (2)
البزاز (3).
سمع أبا إسحاق البرمكي، وأبا القاسم التنوخي، وجماعة.
حدث عنه: ولده أبو بكر عبد الله بن محمد، وأبو طاهر السلفي،
وغيرهما.
قال السلفي: لم يكن بذاك، لكنه سمع الحديث الكثير، وكان ابنه أبو
بكر يسمع معنا.
قلت: مات محمد سنة سبع (4) وتسعين وأربع مئة، من أبناء الستين.

(1) في " البداية " 12 / 118: عن تسع وثمانين سنة.
* الوافي 2 / 65 - 66، لسان الميزان 5 / 49.
(2) تحرفت في " لسان الميزان " 5 / 49 إلى: المنصور.
(3) تصحفت في " لسان الميزان " 5 / 49 إلى: البزار.
(4) في " لسان الميزان " 5 / 49: ثمان وتسعين.
374

182 - ابن طلاب *
الشيخ، الامام، الثقة، المقرئ، خطيب دمشق، أبو نصر،
الحسين بن محمد بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن طلاب القرشي
الدمشقي، مولى عيسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي.
حدث عن: أبي الحسين بن جميع ب‍ " معجمه "، وعن أبي بكر بن أبي
الحديد، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وعطية الله الصيداوي، وعدة.
روى عنه: أبو عبد الله بن أبي الحديد، وأبو الفتيان الرؤاسي، وأبو
القاسم النسيب، وعلي بن أحمد بن قبيس، وجمال الاسلام علي بن
المسلم، وإسماعيل بن السمرقندي، وآخرون.
قال النسيب: هو ثقة أمين (1).
وقال ابن قبيس: كان ابن طلاب قد كسب في الوكالة كسبا عظيما،
فحدثني قال: لما استوفيت سبعين سنة، قلت: أكثر ما أعيش عشر سنين
أخرى. فجعلت لكل سنة مئة دينار. قال: فعاش أكثر من ذلك، وكان له
ملك (2) بالشاغور (3).
وقال النسيب: سألته عن مولده، فقال: في آخر سنة تسع وسبعين
وثلاث مئة بصيدا.

* العبر 3 / 273، تذكرة الحفاظ 3 / 1164، النجوم الزاهرة 5 / 107، شذرات الذهب
3 / 336، تهذيب ابن عساكر 4 / 356 - 357.
(1) انظر " تهذيب ابن عساكر " 4 / 356.
(2) في الأصل: ملكا.
(3) الخبر بأطول مما هنا في " تهذيب ابن عساكر " 4 / 356.
375

قال هبة الله بن الأكفاني: كان فاضلا، ثقة، مأمونا، كثير الدرس
للقرآن، كان يخطب للمصريين، ثم تخلى عن ذلك، مات في ثالث صفر،
سنة سبعين وأربع مئة (1). وقيل: مات في المحرم بصيدا (2).
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد حضورا،
أخبرنا علي بن المسلم، حدثنا الحسين بن محمد، أخبرنا محمد بن أحمد
الغساني، أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن الدوري، حدثنا الحسين بن عرفة،
حدثنا قدامة بن شهاب المازني، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن وبرة،
عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطيب الكسب، فقال: " عمل
الرجل بيده، وكل بيع مبرور " (3).
183 - الفارسي *
الشيخ، المسند، الصدوق، أبو عبد الله، محمد بن أبي مسعود عبد
العزيز الفارسي، ثم الهروي، راوي جزء أبي الجهم، ونسخة مصعب
الزبيري، والاجزاء الستة من حديث ابن صاعد، عن عبد الرحمن بن أبي
شريح الزاهد.
حدث عنه: محمد بن طاهر المقدسي، وعبد السلام بن أحمد بكبرة،

(1) في " تهذيب ابن عساكر ": ودفن بباب الصغير بظاهر دمشق.
(2) في " تهذيب ابن عساكر ": وقد وهم من قال إنه توفي سنة إحدى وسبعين.
(3) وبرة: هو ابن عبد الرحمن المسلي أخرج حديثه الشيخان، وباقي رجاله ثقات، وأورده
المنذري في " الترغيب والترهيب " 2 / 523، ونسبه للطبراني في " الكبير " ونسبه الهيثمي في
" المجمع " 4 / 60 للطبراني في " الكبير " و " والأوسط " وقالا رواته ثقات، وله شاهد من حديث رافع
ابن خديج عند أحمد 4 / 141، والطبراني (4411) من طريق المسعودي، عن وائل بن داود، عن عباية
ابن رفاعة، عن أبيه... وأورده الهيثمي في " المجمع " 4 / 60، وزاد نسبته للطبراني في
" الأوسط ".
* العبر 3 / 278، النجوم الزاهرة 5 / 110، شذرات الذهب 3 / 342.
376

وأبو الفتح محمد بن علي المصري، وأبو الوقت عبد الأول السجزي، وخلق
من أهل هراة، أخذ عنهم السمعاني، وابن عساكر. وطال عمره.
قال ابن طاهر: ارتحلت إلى أبي [عبد الله] (1) محمد بن أبي مسعود،
فذكر أنه منع من الدخول إليه، فتنازل معهم، إلى أن يدخل، فيقرأ حديثا
واحدا، ويخرج. فأذن له، فلما دخل، وقرأ الحديث الذي من نسخة
مصعب، الذي في ذكر خيبر، وقد رواه البخاري (2) نازلا عن المسندي:
حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، حدثنا مالك. وكذلك
بين هذا الشيخ وبين مالك فيه ثلاثة أنفس، كالبخاري، فقال لابن طاهر، ولم
اخترت قراءة هذا الحديث؟ فوصف له علوه، فقال: اقرأ باقي الجزء. ثم
قال: لازمته، وأكثرت عنه.
توفي في شوال سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.
وفيها توفي أبو علي الحسن بن عبد الرحمن الشافعي بمكة (3)، وأبو بكر
محمد بن حسان الملقاباذي (4)، وأبو منصور محمد بن محمد بن أحمد

(1) زيادة يقتضيها النص.
(2) برقم (4234) في المغازي: باب غزوة خيبر وتمامه بعد قوله: حدثنا مالك، قال: حدثني
ثور، قال: حدثني سالم مولى ابن مطيع أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: افتتحنا خيبر ولم نغنم
ذهبا ولا فضة إنما غنمنا البقر والإبل والمتاع والحوائط، ثم انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى
ومعه عبد له يقال له مزعم أهداه له أحد بني الضباب، فبينما هو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم
غائر حتى أصاب ذلك العبد، فقال الناس: هنيئا له الشهادة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بلى والذي
نفسي بيده إن الشملة التي أصابها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا، فجاء رجل
حين سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بشراك أو بشراكين، فقال: هذا شئ كنت أصبته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
شراك أو شراكان من نار ".
(3) سترد ترجمته برقم (188).
(4) سترد ترجمته برقم (191).
377

العكبري النديم (1)، وأبو بكر محمد بن هبة الله ابن اللالكائي (2)، وهياج بن
عبيد الحطيني الزاهد (3)، ويحيى بن محمد الأقساسي (4) العلوي الكوفي.
أخبرنا عبد الحافظ بنابلس، أخبرنا موسى بن عبد القادر، وحسين بن
المبارك قالا: أخبرنا عبد الأول، أخبرنا محمد بن عبد العزيز، أخبرنا عبد
الرحمن بن أحمد، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو الجهم، حدثني
سوار بن مصعب، عن مطرف، عن أبي الجهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما أكلت لحمه، فلا بأس ببوله ".
هذا مرسل ضعيف (5).
184 - ابن المحب *
الشيخ، الامام، الواعظ، المسند، أبو القاسم، الفضل بن عبد الله
ابن المحب النيسابوري.

(1) سترد ترجمته برقم (193).
(2) سترد ترجمته برقم (230).
(3) سترد ترجمته برقم (194).
(4) بفتح الألف وسكون القاف، والألف بين السينين المهملتين، هذه النسبة إلى الأقساس،
وهي قرية كبيرة بالكوفة.
(5) إسناده ضعيف جدا، سوار بن مصعب، متروك الحديث، وهو في سنن الدارقطني
1 / 128 من طريق سوار بن مصعب بهذا الاسناد. قال الدارقطني: سوار ضعيف خالفه يحيى بن
العلاء، فرواه عن مطرف، عن محارب بن دثار، عن جابر حدثنا أبو سهل بن زياد حدثنا سعيد بن عثمان
الأهوازي، حدثنا عمرو بن الحصين، حدثنا يحيى بن العلاء، عن مطرف، عن محارب بن دثار، عن
جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم " ما أكل لحمه، فلا بأس ببوله " لا يثبت عمرو بن الحصين ويحيى بن العلاء
ضعيفان، وسوار بن مصعب أيضا متروك، وانظر سنن البيهقي 1 / 252.
* المنتخب: الورقة 120 أ، 120 ب، الأنساب: الورقة 510 ب، العبر 3 / 279،
شذرات الذهب 3 / 343.
378

سمع من: أبي الحسين الخفاف، وبه ختم حديثه، وأبي الحسين
العلوي، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وابن محمش، وطائفة.
ارتحل إليه ابن طاهر، وحدث عنه هو وزاهر الشحامي، ومحمد بن
إسماعيل الشاماتي، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، وسعيد
ابن الحسين الجوهري، والحسين بن علي الشحامي، ومحمد بن إسماعيل
ابن أحمد المقرئ، وأبو الأسعد بن القشيري، ومليكة بنت أبي الحسن
الفندورجي (1)، وخلق كثير، وأجاز للحافظ ابن ناصر.
قال ابن طاهر: رحلت من مصر لأجل الفضل بن المحب صاحب
الخفاف، فلما دخلت، قرأت عليه في أول مجلس جزئين من حديث
السراج، فلم أجد لذلك حلاوة، واعتقدت أنني نلته بلا تعب، لأنه لم يمتنع
علي، ولا طالبني بشئ، وكل حديث من الجزء يساوي رحلة.
قلت: قد صنف في الوعظ، وكان خيرا دينا، عالما، أثنى عليه
السمعاني.
توفي سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة. وكان من أبناء التسعين، رحمه
الله.
وفيها مات أبو عبد الله الحسين بن علي الأنطاكي (2)، وصاحب اليمن
علي بن محمد الصليحي (3)، وأبو الفتيان محمد بن سلطان بن حيوس شاعر

(1) قال السمعاني: الفندورجي، بفتح الفاء وسكون النون وضم الدال المهملة وسكون الواو
وفتح الراء وفي آخرها الجيم، هذه النسبة إلى فندورجة، وهي قرية بنواحي نيسابور.
(2) سترد ترجمته برقم (186).
(3) سبقت ترجمته برقم (173).
379

الشام (1)، وأبو القاسم يوسف بن الحسن التفكري (2)، ومحمود بن جعفر
الأصبهاني الكوسج (3).
185 - ابن البناء *
الامام، العالم، المفتي، المحدث، أبو علي، الحسن بن أحمد بن
عبد الله بن البناء البغدادي، الحنبلي، صاحب التواليف.
سمع من: هلال الحفار، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، وأبي الحسن
ابن رزقويه، وأبي الحسين بن بشران، وعبد الله بن يحيى السكري،
وطبقتهم، فأكثر وأحسن.
حدث عنه: أحمد بن ظفر المغازلي، وأبو منصور عبد الرحمن القزاز،
وإسماعيل بن السمرقندي، وابنا أبي (4) غالب، أحمد ويحيى، وأبو
الحسين بن الفراء، وأبو بكر قاضي المارستان.
وقد تلا بالروايات على أبي الحسن الحمامي.
وعلق الفقه والخلاف عن القاضي أبي يعلى قديما، واشتغل في حياته،

(1) سترد ترجمته برقم (209).
(2) سترد ترجمته برقم (281).
(3) سترد ترجمته برقم (233).
* المنتظم 8 / 319 - 320، معجم الأدباء 7 / 265 - 270، الكامل في التاريخ
10 / 112، إنباه الرواة 1 / 276 - 277، تذكرة الحفاظ 3 / 1176 - 1177، العبر 3 / 275، معرفة
القراء 1 / 350، دول الاسلام 2 / 5، تلخيص ابن مكتوم: 50، الوافي بالوفيات 11 / 381 -
383، مرآة الجنان 3 / 100، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 32 - 37، غاية النهاية 1 / 206، لسان
الميزان 2 / 195 - 196، النجوم الزاهرة 5 / 107، المقصد الأرشد في ذكر أصحاب أحمد لابن
مفلح: ورقة 87، بغية الوعاة 1 / 495 - 496، كشف الظنون 1 / 212، 892، و 2 / 1105،
2001، شذرات الذهب 3 / 338 - 339، هدية العارفين 1 / 276.
(4) في الأصل: " أبو " وهو خطأ.
380

وصنف في الفقه والأصول والحديث، وكان له حلقة للفتوى، وحلقة للوعظ،
وكان شديدا على المخالفين.
وقد روى عنه بالإجازة، محمد بن ناصر الحافظ.
وقد ذكره القفطي، فقال (1): كان من كبار الحنابلة، قيل: إنه قال:
هل ذكرني الخطيب في " تاريخ بغداد " في الثقات أو مع الكذابين؟ قيل: ما
ذكرك أصلا. فقال: ليته ذكرني ولو مع الكذابين.
قال القفطي (2): كان مشارا إليه في القراءات واللغة والحديث، فقيل:
عمل خمس مئة مصنف، إلا أنه حنبلي المعتقد، توفي في رجب سنة إحدى
وسبعين وأربع مئة.
قال ابن النجار: كان ابن البناء يؤدب بني جردة. تلا على الحمامي
بالروايات، وكتب الكثير، وتصانيفه تدل على قلة فهمه، كان يصحف، وكان
قليل التحصيل، أقرأ، وحدث، ودرس وأفتى، وشرح " الايضاح " لأبي
علي الفارسي، وإذا نظرت في كلامه، بان لك سوء تصرفه، ورأيت له ترتيبا
في " الغريب " لأبي عبيد، قد خبط وصحف.
وقال شجاع الذهلي: كان أحد القراء المجودين، سمعنا منه قطعة من
تصانيفه.
وقال المؤتمن الساجي: كان له رواء ومنظر، ما طاوعتني نفسي للسماع منه.
وقال إسماعيل بن السمرقندي: كان رجل من المحدثين اسمه الحسن

(1) " إنباه الرواة " 1 / 276، وليس فيه قول الذهبي، كان من كبار الحنابلة، وانظر " معجم
الأدباء " 7 / 268، و " الوافي " 11 / 383.
(2) المصدر السابق.
381

ابن أحمد بن عبد الله النيسابوري، فكان ابن البناء يكشط " بوري " ويمد
السين، فتصير البناء. كذا قيل: إنه يفعل ذلك (1).
قلت: هذا جرح بالظن، والرجل في نفسه صدوق، وكان من أبناء
الثمانين - رحمه الله - وما التحنبل بعار - والله - ولكن آل منده وغيرهم يقولون في
الشيخ: إلا أنه فيه تمشعر. نعوذ بالله من الشر.
186 - الأنطاكي *
القاضي أبو عبد الله، الحسن (2) بن علي بن عمر الأنطاكي، ثم
الشاغوري، نائب الحكم بدمشق.
سمع من تمام الحافظ، وابن أبي نصر.
روى عنه: عمر الدهستاني، والخطيب مع تقدمه، وأبو الحسن بن
قبيس، وجمال الاسلام علي بن المسلم، وهبة الله بن الأكفاني.
توفي في أول سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة، وله تسع وسبعون سنة،
وهو آخر أصحاب تمام.
187 - أبو الخير الصفار * *
الشيخ المعمر، المؤتمن، المسند، أبو الخير (3)، محمد بن أبي

(1) انظر " المنتظم " 8 / 316 - 320 وفيه رد ابن الجوزي، و " معجم الأدباء " 7 / 267، و
" الوافي " 11 / 382.
* تهذيب تاريخ دمشق 4 / 349، وسيعيد المؤلف ترجمته في الصفحة (551).
(2) سماه المؤلف في ترجمته التي أعادها ص 551: الحسين. وهو المذكور في " تهذيب
تاريخ ابن عساكر " 4 / 349.
(* *) ميزان الاعتدال 4 / 52، المغني في الضعفاء 2 / 638، تذكرة الحفاظ 3 / 177،
الوافي 5 / 87، لسان الميزان 5 / 401.
(3) في " تذكرة الحفاظ " 3 / 177: أبو الحسين.
382

عمران موسى بن عبد الله المروزي، الصفار، آخر من روى " صحيح "
البخاري عاليا في زمانه، حدث به عن أبي الهيثم الكشميهني *.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن منصور السمعاني، وأبوه، وأبو بكر
محمد بن إسماعيل المروزي، وأبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني،
وأبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني الخطيب، وعدة.
قال ابن طاهر المقدسي: سمعت عبد الله بن أحمد السمرقندي يقول:
لم يصح لهذا الرجل من أبي الهيثم سماع، وإنما وافق الاسم اسم آخر، وقد
حمل إلى الوزير نظام الملك ليقرأ عليه عنده، فقرئ عليه بعضه، ورمته
البغلة، فمات، ولم يكمل. قال: وقد رأيت أهل مرو يضحكون إذا قيل: إن
أبا الخير بن أبي عمران هذا سمع من الكشميهني. ويشيرون إلى أن هذا غير
ذاك الذي سمع (1).
قال أبو سعد السمعاني: كان شيخا صالحا، سديد السيرة، حدث ب‍
" الصحيح "، وببعض " جامع " أبي عيسى، عن أحمد بن محمد بن سراج
الطحان، وعمر، وصار شيخ عصره، تكلم بعضهم في سماعه، وليس
بشئ، أنا رأيت سماعه في القدر الموجود من أصل أبي الهيثم، وأثنى عليه
والدي (2).
قال الأمير ابن ماكولا: سألت أبا الخير، فقال لي: كان لي وقت ما
سمعت " الصحيح " عشر سنين. قال: وسمع في سنة ثمان وثمانين وثلاث
مئة (3).

(1) انظر " ميزان الاعتدال " 4 / 52، و " لسان الميزان " 5 / 401، و " الوافي " 5 / 87.
(2) انظر " لسان الميزان " 5 / 401.
(3) المصدر السابق.
383

مات في رمضان سنة إحدى وسبعين وأربع مئة، عن نيف وتسعين سنة.
188 - أبو علي الشافعي *
الشيخ، العالم، الثقة، أبو علي، الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن
المكي، الشافعي، الحناط، آخر من حدث عن أحمد بن إبراهيم بن فراس
العبقسي، وعبيد الله بن أحمد السقطي، وغيرهما.
حدث عنه: أبو المظفر منصور السمعاني، ومحمد بن طاهر
المقدسي، وعبد المنعم بن أبي القاسم القشيري، وأحمد بن محمد
العباسي المكي، وعدة من وفد المغاربة، وغيرهم، آخرهم موتا العباسي.
وثقه أبو سعد السمعاني في كتاب " الأنساب " (1).
وقال محمد بن محمد بن يوسف القاشاني: كنت أقرأ الحديث على هبة
الله بن عبد الوارث الحافظ فقال: قرأت على أبي علي الشافعي:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * بفخ............ (2)
فقلتها بالجيم، فقال: بفخ بالخاء، وأخرجني إلى ظاهر مكة، فأتى
بي إلى موضع، فقال: يا بني! هذا فخ.
قال السمعاني: قال إسماعيل بن محمد الحافظ، عن أبي علي

* الأنساب المتفقة: 81، الأنساب 7 / 256، العبر 3 / 278، العقد الثمين 4 / 84،
النجوم الزاهرة 5 / 110، شذرات الذهب 3 / 342، قال ابن القيسراني في " الأنساب المتفقة " ص
81: وقد سئل عن هذه النسبة فقال: كان أبي يسمع الحديث، وكان في القوم رجل يسمى الحسن بن
عبد الرحمن المالكي، فكتب لنفسه الشافعي ليقع الفرق بينهما، فثبت علينا هذا النسب.
(1) 7 / 256.
(2) تتمة البيت: بفخ وعندي إذخر وجليل. وفخ: من فجاج مكة بينه وبين مكة ثلاثة أميال،
وقيل: ستة أميال. وهذا البيت كان يقوله بلال لما هاجر إلى المدينة. انظر " السير " 1 / 354.
384

الشافعي فقال: عدل ثقة، كثير السماع.
مات أبو علي في ذي القعدة، سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة. سمعنا من
طريقه نسخة إسماعيل بن جعفر.
189 - الزنجاني *
الامام، العلامة، الحافظ، القدوة، العابد، شيخ الحرم، أبو
القاسم، سعد بن علي بن محمد بن علي بن الحسين، الزنجاني،
الصوفي.
ولد سنة ثمانين وثلاث مئة تقريبا.
وسمع أبا عبد الله بن نظيف، والحسين بن ميمون الصدفي، وعدة
بمصر، وعلي بن سلامة بغزة، ومحمد بن أبي عبيد بزنجان، وعبد الرحمن
ابن ياسر الجوبري، وعبد الرحمن بن الطبيز الحلبي، وطبقتهما بدمشق.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب - وهو أكبر منه - وأبو المظفر منصور بن
عبد الجبار السمعاني، ومكي الرميلي، وهبة الله بن فاخر، ومحمد بن طاهر
الحافظ، وعبد المنعم بن القشيري، ومختار بن علي الأهوازي، وآخرون.
قال أبو سعد السمعاني: قال لي شيخ: كان جدك أبو المظفر عزم على
المجاورة في صحبة سعد الامام، فرأى والدته كأنما كشفت رأسها تقول: يا

* الاكمال 4 / 229، الأنساب 6 / 307، المنتظم 8 / 320، العبر 3 / 276، المشتبه
1 / 324، دول الاسلام 2 / 5، تذكرة الحفاظ 3 / 1174 - 1178، البداية والنهاية 12 / 120،
العقد الثمين 4 / 535 - 536، تبصير المنتبه 2 / 661، النجوم الزاهرة 5 / 108، شذرات الذهب
3 / 339 - 340. والزنجاني بفتح الزاي وسكون النون وفتح الجيم وفي آخرها نون، هذه النسبة إلى
زنجان، وهي بلدة على حد أذربيجان من بلاد الجبل.
385

بني، بحقي عليك إلا ما رجعت إلي، فإني لا أطيق فراقك. قال: فانتبهت
مغموما، وقلت: أشاور الشيخ، فأتيت سعدا، ولم أقدر من الزحام أن
أكلمه، فلما قام تبعته، فالتفت إلي، وقال: يا أبا المظفر، العجوز تنتظرك.
ودخل بيته، فعلمت أنه كاشفني، فرجعت تلك السنة (1).
وعن ثابت بن أحمد قال: رأيت أبا القاسم الزنجاني في النوم يقول لي
مرة بعد أخرى: إن الله يبني لأهل الحديث بكل مجلس يجلسونه بيتا في
الجنة (2).
قال أبو سعد: كان سعد حافظا متقنا، ثقة، ورعا، كثير العبادة،
صاحب كرامات وآيات، وإذا خرج إلى الحرم يخلو المطاف، ويقبلون يده
أكثر مما يقبلون الحجر الأسود (3).
وقال ابن طاهر: ما رأيت مثله، وسمعت أبا إسحاق الحبال يقول: لم
يكن في الدنيا مثل سعد بن علي في الفضل، كان يحضر معنا المجالس،
ويقرأ بين يديه الخطأ، فلا يرد، إلا أن يسأل فيجيب (4).
قال ابن طاهر: وسمعت الفقيه هياج بن عبيد إمام الحرم ومفتيه يقول:
يوم لا أرى فيه سعدا لا أعتد أني عملت خيرا. وكان هياج يعتمر في اليوم ثلاث
عمر (5).

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1174.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1175.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1175، و " الأنساب " 6 / 307، و " المنتظم " 8 / 320.
(4) هذا الخبر يختلف عن خبر آخر سيورده المؤلف قريبا وهو أن الزنجاني كان لا يسكت على
الخطأ، انظر الصفحة 388 القادمة، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1175.
(5) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1175.
386

قال ابن طاهر: لما عزم سعد على المجاورة، عزم على نيف وعشرين
عزيمة، أن يلزمها نفسه من المجاهدات والعبادات، فبقي به أربعين سنة لم
يخل بعزيمة منها. وكان يملي بمكة في بيته - يعني خوفا من دولة
العبيدية - (1).
قال ابن طاهر: دخلت عليه وأنا ضيق الصدر من شيرازي، فقال لي من
غير أن أعلمه: لا تضيق صدرك، في بلادنا يقال: بخل أهوازي، وحماقة
شيرازي، وكثرة كلام رازي. وأتيته وقد عزمت على الخروج إلى العراق،
فقال:
أراحلون فنبكي أم مقيمونا؟
فقلت: ما يأمر الشيخ؟ فقال: تدخل خراسان، وتفوتك مصر، فيبقى
في قلبك منها. اخرج إلى مصر، ثم منها إلى العراق وخراسان، فإنه لا يفوتك
شئ. فكان في رأيه البركة. وسمعته وجرى بين يديه " صحيح " أبي ذر (2)،
فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب، وليس من شرط " الصحيح ".
قلت: لسعد قصيدة في قواعد أهل السنة، وهي:
تدبر كلام الله واعتمد الخبر * ودع عنك رأيا لا يلائمه أثر
ونهج الهدى فالزمه واقتد بالألى * هم شهدوا التنزيل علك تنجبر
وكن موقنا (3) أنا وكل مكلف * أمرنا بقفو الحق والاخذ بالحذر

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1175 - 1176، و " المنتظم " 8 / 320.
(2) في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1176: وسمعته يقول - وقد جرى ذكر الصحيح الذي خرجه أبو ذر
الهروي -، ونقل المصنف في " التذكرة " 3 / 6: 11 في ترجمة أبي ذر - وهو عبد بن أحمد
الهروي - عن عبد الغافر في تاريخ نيسابور قوله: خرج على الصحيحين تخريجا حسنا، وقول
القاضي عياض: لأبي ذر كتاب كبير مخرج على الصحيحين.
(3) تحرف في " التذكرة " إلى موقفا.
387

وحكم فيما بيننا قول مالك * قدير حليم عالم الغيب مقتدر
سميع بصير واحد متكلم * مريد لما يجري على الخلق من قدر
فمن خالف الوحي المبين بعقله * فذاك امرؤ قد خاب حقا وقد خسر
وفي ترك أمر المصطفى فتنة فذر * خلاف الذي قد قاله واتل واعتبر (1)
قال أبو الحسن الكرجي الشافعي: سألت ابن طاهر عن أفضل من رأى،
فقال: سعد الزنجاني، وعبد الله بن محمد الأنصاري. قلت: فأيهما كان
أعرف بالحديث فقال: كان الأنصاري متفننا، وأما الزنجاني فكان أعرف
بالحديث منه، كنت أقرأ على الأنصاري، فأترك شيئا لأجربه، ففي بعض
يرد، وفي بعض يسكت، وكان الزنجاني إذا تركت اسم رجل يقول: أسقطت
فلانا (2).
قال السمعاني: كان سعد أعرف بحديثه لقلته، وكان عبد الله مكثرا.
سئل إسماعيل بن محمد التيمي الحافظ عن سعد الزنجاني، فقال:
إمام كبير، عارف بالسنة (3).
توفي الزنجاني في أول سنة إحدى وسبعين وأربع مئة وله تسعون عاما،
ولو أنه سمع في حداثته للحق إسنادا عاليا، ولكنه سمع في الكهولة.
أخبرنا أبو بكر بن عمر النحوي، أخبرنا الحسن بن أحمد الزاهد،
أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا مختار بن علي المقرئ سنة خمس

(1) الأبيات عدا الرابع والخامس في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1178 وفي البيت الأخير:
" فاسأله " بدل " واتل "، وفيها بعد البيت الأخير بيتان آخران سيوردهما المؤلف آخر الترجمة.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1175، وهذا هو الخبر الذي يختلف عما أورده المؤلف في الصفحة
386.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1176.
388

مئة، أخبرنا سعد بن علي الحافظ، أخبرنا عبد الحميد بن عبد القاهر
الأرسوفي، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن عبد الرحيم القيسراني،
حدثني عمي أحمد بن عبد الرحيم، حدثنا أحمد بن إسماعيل البزاز، حدثنا
عبد الله بن هانئ، حدثنا أبي، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن أم الدرداء،
عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أصبح معافى في بدنه، آمنا في
سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا ".
هذا حديث غريب، ولا أعرف حال هانئ (1).
ومن قصيدة الزنجاني:
وما أجمعت فيه الصحابة حجة * وتلك سبيل المؤمنين لمن سبر
ففي الاخذ بالاجماع - فاعلم - سعادة * كما في شذوذ القول نوع من الخطر (2)
190 - ابن منظور *
الامام، المحدث، المتقن، أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن
عيسى بن محمد بن منظور بن عبد الله بن منظور، القيسي، الإشبيلي.

(1) في " لسان الميزان " 6 / 186: هانئ بن عبد الرحمن بن أبي عبلة، عن عمه إبراهيم،
وعنه ابنه عبد الله بن هانئ ربما أغرب قاله ابن حبان في " ثقاته " قلت: وعبد الله ولده ذكره ابن حبان في
الثقات، وقال أبو حاتم الرازي كما في " الجرح والتعديل " 5 / 194، 195: قدمت الرملة، فذكر لي
أن في بعض القرى هذا الشيخ وسألت عنه، فقيل: هو شيخ يكذب، فلم أخرج إليه، ولم أسمع منه،
وهو في " صحيح ابن حبان " (2503) وحلية أبي نعيم 5 / 249 من طرق عن عبد الله بن هانئ بهذا
الاسناد وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (300) والحميدي (439) والترمذي (2347) وابن
ماجة (4141) من طريق مروان بن معاوية الفزاري، عن عبد الرحمن بن أبي شميلة الأنصاري، عن
سلمة بن عبيد الله بن محصن، عن عبد الله بن محصن، وسلمة لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله
ثقات، وله شاهد من حديث ابن عمر عند ابن أبي الدنيا.
(2) البيتان في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1178.
* الصلة 2 / 548 - 549، بغية الملتمس: 52.
389

حج وجاور، وحمل " الصحيح " لأبي عبد الله البخاري، عن أبي ذر
الحافظ. وكان فاضلا، قدوة، ثقة (1).
حدث عنه بسننه: أحمد بن منظور، وأبو علي الغساني، ويونس بن
محمد بن مغيث، وشريح بن محمد، وعدة.
وقد لقي أيضا أبا عمرو السفاقسي، وأبا النجيب الأرموي.
وعاش سبعين سنة، وهو من بيت حشمة وجلالة. سمع
" الصحيح "، وحرره في سنة إحدى وثلاثين، واعتمده الأندلسيون، وحج
مرتين.
قال الغساني: كان جيد الضبط، من أفاضل الناس، كريم النفس
خيارا (2).
وقال أبو جعفر بن عميرة: فقيه، محدث، عارف.
وقيل: كان مجاب الدعوة، كثير البر (3).
توفي في شوال، سنة تسع وستين وأربع مئة - رحمه الله -.
191 - الملقاباذي *
الشيخ الامام، الفقيه، المسند، أبو بكر، محمد بن حسان بن محمد

(1) انظر " الصلة " 2 / 548.
(2) " الصلة " 2 / 548.
(3) انظر في ذلك: " الصلة " 2 / 549.
* لم نعثر على مصادر ترجمته فيما بين أيدينا من مصادر. قال ياقوت: ملقاباذ بالضم ثم
السكون والقاف وآخره ذال معجمة: محلة بأصبهان، وقيل بنيسابور.
390

النيسابوري، الشافعي، الملقاباذي.
حدث ب‍ " مسند " أبي عوانة كله، عن أبي نعيم الأسفراييني، وكان من
كبار الفقهاء.
حدث عنه: وجيه بن طاهر، وعبيد الله بن جامع الفارسي، وأحمد
ابن سهل المطرزي، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحنزباراني.
قال السمعاني: هو أبو بكر محمد بن أبي الوليد حسان بن محمد بن
القاسم، فقيه، ثقة، عدل، مشتغل بنفسه، غير دخال في الأمور، أدرك
الأسانيد العالية، وسمع أبا نعيم، وأبا الحسن العلوي، وعبد الله بن
يوسف، وأبا طاهر بن محمش.
روى عنه: جدي أبو المظفر في الأحاديث الألف.
مولده في المحرم، سنة أربع وتسعين وثلاث مئة.
ومات بنيسابور في ذي القعدة، سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.
192 - ابن جدا *
شيخ الحنابلة، أبو الحسن، علي بن الحسين بن جدا العكبري،
العابد، القانت، كان لسنا مناظرا، مصنفا.
سمع أبا علي بن شاذان، والبرقاني، وعدة.
وعنه: قاضي المارستان، وأبو منصور القزاز.

* المنتظم 8 / 299، الوافي خ 12 / 47، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 11 - 12، شذرات
الذهب 3 / 331.
391

قال ابن خيرون: [كان] (1) صينا، ثقة، مستورا (2)، مات في رمضان
سنة ثمان وستين وأربع مئة فجأة وهو يصلي.
193 - العكبري *
الشيخ، العالم، الأديب، الاخباري، النديم، أبو منصور، محمد
ابن محمد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز، العكبري، الفارسي
الأصل.
ولد سنة اثنتين (3) وثمانين وثلاث مئة من أولاد المحدثين.
سمع أباه أبا نصر البقال، ومحمد بن عبد الله القاضي الجعفي
بالكوفة، ابن رزقويه، وهلال بن محمد الحفار، وأبا الحسين بن بشران،
وأبا الطيب محمد بن أحمد بن خاقان العكبري صاحب ابن دريد، وهو أقدم
شيخ له، وطائفة.
حدث عنه: أبو محمد سبط الخياط، وأخوه الحسين بن علي، ويحيى
ابن الطراح، وإسماعيل بن السمرقندي.
قال الخطيب (4): كتبت عنه، وكان صدوقا.
وقال سبط الخياط: كان يتشيع.

(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) انظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 12.
* تاريخ بغداد 3 / 239، الأنساب 9 / 28، المنتظم 8 / 325، الكامل في التاريخ
10 / 117، العبر 3 / 278، البداية والنهاية 12 / 120، شذرات الذهب 3 / 342. وقد تقدم الكلام
على هذه النسبة في الترجمة رقم (64) ت (2).
(3) في " الكامل " 10 / 117: أربع وثمانين.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 239.
392

وقال أبو الفضل بن خيرون: خلط في غير شئ، وسمع لنفسه، ومات
في رمضان سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة (1).
ثم قال أبو سعد السمعاني: قول ابن خيرون لا يقدح فيه، لان عمدة
قدحه فيه كونه استعار من ابن خيرون جزءا، فنقل فيه سماعه، ورده، وما زال
الطلبة يفعلون ذلك.
قلت: وقع لي " المجتبى " (2) لابن دريد عاليا من طريقه، سمعناه من
عمر بن القواس.
194 - هياج بن عبيد *
الامام، الفقيه، الزاهد، شيخ الاسلام، أبو محمد الشامي،
الحطيني، الشافعي، شيخ الحرم.
ولد بعد التسعين وثلاث مئة.
وسمع من أبي الحسن علي بن السمسار، وعبد الرحمن بن عبد العزيز
ابن الطبيز، ومحمد بن عوف بدمشق، وعبد العزيز بن علي الازجي، وعدة
ببغداد، ومن أبي ذر الحافظ بمكة، ومن السكن بن جميع بصيدا، ومن

(1) انظر " المنتظم " 8 / 325.
(2) في بعض مصادر ترجمة ابن دريد " المجتبى " بالباء كما هنا، وفي أخرى " المجتنى "
بالنون، وقد طبع باسم المجتنى في حيدر آباد الدكن سنة 1362.
* الأنساب المتفقة: 43 - 44، الأنساب 4 / 170، المنتظم 8 / 326، معجم البلدان
2 / 273 - 274، اللباب 1 / 374، دول الاسلام 2 / 5، العبر 3 / 278 - 279، طبقات السبكي
5 / 355، طبقات الأسنوي 1 / 427 - 428، البداية والنهاية 12 / 120 - 121، العقد الثمين
7 / 380 - 381، النجوم الزاهرة 5 / 109، شذرات الذهب 3 / 342 - 343. وقد ورد اسمه في
" الأنساب " و " اللباب " و " معجم البلدان ": هياج بن محمد بن عبيد، وفي " البداية ": هياج بن
عبد الله.
393

محمد بن أحمد بن سهل بقيسارية، ومن علي بن حمصة الحراني بمصر.
وكان اعتناؤه جيدا بالحديث، وله بصر بالمذهب، وقدم في التقوى،
وجلالة عجيبة.
حدث عنه: هبة الله الشيرازي في " معجمه "، فقال: حدثنا هياج
الزاهد الفقيه، وما رأت عيناي مثله في الزهد والورع (1).
وحدث عنه: محمد بن طاهر، وإبراهيم بن عثمان الرازقي،
والمحدث محمد بن أبي علي الهمذاني، وثابت بن منصور، وأبو نصر هبة
الله السجزي، وطائفة.
قال ابن طاهر: كان هياج قد بلغ من زهده أنه يصوم ثلاثة أيام،
ويواصل، لكن يفطر على ماء زمزم، فمن أتاه بعد ثلاث بشئ أكله، وكان قد
نيف على الثمانين، وكان يعتمر كل يوم ثلاث عمر، ويدرس عدة دروس،
ويزور ابن عباس بالطائف كل سنة مرة، لا يأكل في الطريق شيئا، ويزور قبر
النبي صلى الله عليه وسلم كل سنة مع أهل مكة، فيخرج، فمن أخذ بيده، كان في مؤونته حتى
يرجع، وكان يمشي حافيا من مكة إلى المدينة، وسمعت من يشكو إليه أن
نعليه سرقتا، فقال: اتخذ نعلين لا يسرقهما أحد - يعني الحفاء - ورزق
الشهادة في كائنة بين السنة [والرافضة] (2)، وذلك أن بعض الرافضة شكى
إلى أمير مكة أن أهل السنة ينالون منا، فأنفذ، وطلب هياجا وأبا الفضل بن
قوام وابن الأنماطي، وضربهم، فمات هذان في الحال، وحمل هياج،
فمات بعد أيام - رضي الله عنهم (3).

(1) انظر " طبقات " الأسنوي 1 / 482، و " العقد الثمين " 7 / 380.
(2) زيادة من: " الأنساب المتفقة " و " أنساب " السمعاني و " المنتظم " و " معجم البلدان ".
(3) انظر " الأنساب المتفقة ": 43 - 44، و " الأنساب " 4 / 170 - 171، و " المنتظم "
8 / 326، و " معجم البلدان " 2 / 273 - 274.
394

قال السمعاني: سألت إسماعيل الحافظ عن هياج، فقال: كان فقيها
زاهدا. وأثنى عليه.
مات هياج سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة.
وفيها مات محمد بن أبي مسعود الفارسي (1)، وأبو علي المكي
الشافعي (2)، وأبو بكر محمد بن حسان الملقاباذي (3)، وأبو منصور محمد بن
محمد العكبري النديم (4)، وأبو بكر محمد بن هبة الله اللالكائي (5).
195 - الأنماطي *
الشيخ، المسند، الأمين، أبو القاسم، عبد العزيز بن علي بن أحمد
ابن الحسين البغدادي الأنماطي، العتابي، من محلة العتابية، وهو ابن بنت
السكري (6).
حدث عن: أبي طاهر المخلص.
قال الخطيب (7): كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا.
حدث عنه: أبو بكر قاضي المارستان، وأبو القاسم بن السمرقندي،

(1) تقدمت ترجمته برقم (183).
(2) تقدمت ترجمته برقم (188).
(3) تقدمت ترجمته برقم (191).
(4) تقدمت ترجمته قبل هذه الترجمة مباشرة.
(5) سترد ترجمته برقم (230).
* تاريخ بغداد 10 / 469 - 470، المنتظم 8 / 321 - 322، العبر 3 / 276 - 277،
شذرات الذهب 3 / 340.
(6) هو أبو الحسن علي بن عمر السكري كما في " المنتظم " 8 / 321.
(7) " تاريخ بغداد " 10 / 469.
395

وعبد الوهاب الأنماطي، وأحمد بن الطلاية الزاهد، وآخرون.
قال عبد الوهاب: هو ثقة (1).
قلت: مولده في سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
ومات في رجب سنة إحدى وسبعين وأربع مئة. وقع لنا من عواليه.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا المبارك بن أبي الجود، أخبرنا أحمد
ابن أبي غالب الزاهد، أخبرنا عبد العزيز بن علي سنة ثمان وستين وأربع مئة،
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الذهبي، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا
أحمد بن صالح، حدثنا ابن أبي فديك، أخبرني ابن أبي ذئب، عن
شرحبيل، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لان يتصدق
الرجل في حياته بدرهم خير من أن يتصدق بمئة دينار عند موته " (2).
ومات معه صاحب دمشق أتسز الخوارزمي (3)، وأبو علي بن البناء (4)،
وأبو علي الوخشي (5)، وسعد بن علي الزنجاني (6)، وعبد الباقي بن محمد
ابن العطار الوكيل (7)، وشيخ النحو عبد القاهر الجرجاني (8)، وأبو عاصم

(1) الخبر بنحوه في " المنتظم " 8 / 322.
(2) إسناده ضعيف لضعف شرحبيل وهو ابن سعد الخطمي، ومع ذلك، فقد صححه ابن حبان
(821) وهو في سنن أبي داود (2866) في أول الوصايا من طريق أحمد بن صالح بهذا الاسناد.
(3) سترد ترجمته برقم (218).
(4) تقدمت ترجمته برقم (185).
(5) تقدمت ترجمته برقم (176).
(6) تقدمت ترجمته برقم (189).
(7) سترد ترجمته برقم (198).
(8) سترد ترجمته برقم (219).
396

الفضيلي (1)، وأبو الفضل محمد بن عثمان القومساني زاهد همذان (2)، وأبو
الخير الصفار (3).
196 - الفضيلي *
الشيخ، الفقيه، الامام، المسند، أبو عاصم، الفضيل بن يحيى بن
الفضيل الفضيلي، الهروي.
حدث عن: عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري، وأبي علي منصور
ابن عبد الله الخالدي، وأبي الحسين بن بشران المعدل، وطائفة.
حدث عنه: عبد السلام بكبرة، ومحمد بن الحسين العلوي، وأبو
الوقت عبد الأول السجزي، وجماعة سواهم، لا يحضرني الآن أسماؤهم.
مولده في سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة.
قال أبو سعد السمعاني: كان فقيها مزكيا، ثقة، صدوقا، عمر وحمل
عنه الكثير. مات في جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين وأربع مئة (4).
أخبرنا محمد بن علي بن الواسطي، وأبو بكر ابن خطيب بيت الآبار،
وطائفة سمعوا أبا المنجا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول بن عيسى،
أخبرنا الفضيل بن يحيى، أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد، حدثنا عبد الله بن
محمد البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة، عن يعلى بن عطاء،

(1) سترد ترجمته عقب هذه الترجمة.
(2) سترد ترجمته برقم (220).
(3) تقدمت ترجمته برقم (187).
* العبر 3 / 277، تذكرة الحفاظ 3 / 1177، طبقات السبكي 5 / 309 - 310، شذرات
الذهب 3 / 341.
(4) انظر " طبقات السبكي " 5 / 310.
397

عن وكيع بن عدس، عن أبي رزين العقيلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الرؤيا جزء من أربعين - أو ستة وأربعين - جزءا من النبوة، وهي على رجل
طائر، فإذا حدث بها، وقعت - وأحسبه قال: لا يحدث بها إلا حبيبا أو
لبيبا - ".
رواه الترمذي (1) من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، فوقع لنا عاليا
بدرجتين.
197 - ابن المزكي *
الشيخ، المحدث، العالم، الصدوق، النبيل، أبو بكر، محمد ابن
المحدث أبي زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه (2)،
المزكي النيسابوري.
سمع أباه، وأبا عبد الله الحاكم، وأبا طاهر بن محمش، وعبد الله بن

(1) رقم (2279) في الرؤيا: باب ما جاء في تعبير الرؤيا، وهو في " مسند الطيالسي " (1088)
ورواه أبو داود (5020) وابن ماجة (3914) ووكيع بن عدس ذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجاله
ثقات، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم 4 / 390، ووافقه الذهبي، وحسنه الحافظ
في " الفتح " 12 / 377 - 378، وله شاهد يتقوى به من حديث أبي قلابة مرسلا عند عبد الرزاق
(20354) ورجاله ثقات، وأخرجه الحاكم 4 / 391 موصولا بذكر أنس، وصححه ووافقه الذهبي،
وأخرج الدارمي 2 / 131 بسند حسن، عن سليمان بن يسار، عن عائشة قالت: كانت امرأة من أهل
المدينة لها زوج تاجر يختلف - يعني في التجارة - فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن زوجي غائب،
وتركني حاملا، فرأيت في المنام أن سارية بيتي انكسرت، واني ولدت غلاما أعور، فقال: خير يرجع
زوجك إن شاء الله صالحا، وتلدين غلاما برا، فذكرت ذلك ثلاثا، فجاءت ورسول الله صلى الله عليه وسلم غائب،
فسألتها فأخبرتني بالمنام، فقلت: لئن صدقت رؤياك ليموتن زوجك وتلدين غلاما فاجرا، فقعدت
تبكي، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " مه يا عائشة إذا عبرتم للمسلم الرؤيا فاعبروها على خير، فإن
الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها ".
* تاريخ بغداد 3 / 435، العبر 3 / 281، الوافي 5 / 197، شذرات الذهب 3 / 346.
(2) تصحفت في " تاريخ بغداد " 3 / 435 إلى " سحتويه " بالحاء المهملة.
398

يوسف الأصبهاني، وأبا عبد الرحمن السلمي، وعبد الرحمن بن محمد بن
بالويه، وأبا بكر الحيري، وخلقا كثيرا.
حدث عنه: وجيه الشحامي، وأبو نصر الغازي، وأبو الأسعد بن
القشيري، وخلق سواهم.
يقع لنا حديثه بإجازة.
وقد حدث عنه أبو بكر الخطيب في " تاريخه "، فقال: أخبرنا محمد
ابن يحيى، حدثنا ابن بالويه، حدثنا محمد بن الحسين القطان، حدثنا
قطن (1)، فذكر حديثا وقع لي عاليا في مجلس ابن بالويه.
قال الخطيب (2): كتبت عنه. وذكر أنه سمع أباه، وابن محمش، وعبد
الرحمن بن بالويه، والسلمي، ثم عاد إلي بعد سنين، فحدث عن الحاكم،
ولم يكن حدث عنه فيما تقدم.
قلت: هذا لا يدل على شئ. قال: ولم نر له أصلا، إنما كان يروي
من فروع.
وقال أبو سعد السمعاني: كان الخطيب متوقفا فيه.
وقال عبد الغافر الفارسي: هو من أظرف المشايخ الذين لقيناهم،
وأكثرهم سماعا. روى عن نحو خمسين من أصحاب الأصم، وأكثر عن أبيه،

(1) " تاريخ بغداد " 3 / 435، وتمامه: حدثنا حفص بن عبد الله، قال: حدثني إبراهيم بن
طهمان، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اليد العليا خير من
اليد السفلى قال: واليد العليا المنفقة واليد السفلى السائلة " وهو في " الموطأ " 2 / 998 في الصدقة،
ومن طريقه البخاري 3 / 235 في الزكاة: باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى، ومسلم (1033) في الزكاة:
باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى عن نافع، عن ابن عمر.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 435.
399

وعن السلمي. وأملى ببغداد، فحضر مجلسه القاضي أبو الطيب الطبري،
وحضره أكثر من خمس مئة محبرة، وأوصى لي بعد وفاته بالكتب والاجزاء.
بلغ عدد شيوخه خمس مئة شيخ.
وقال السمعاني: كان من أظرف المشايخ وأرغبهم في التجمل
والنظافة، وأحفظهم لأيام المشايخ. خرج إلى الحج، وبقي بالعراق وغيرها
نحوا من عشرين سنة، ثم رجع إلى نيسابور، وأملى، ورزق الرواية، ومتع
بما سمع، سمع الحاكم، ثم سرد شيوخه. مات في رجب سنة أربع وسبعين
وأربع مئة وله ثمانون سنة.
قلت: أدرك الحاكم وهو ابن عشر. وهو من بيت رواية، فلا ينكر لأبيه
أن يسمعه من الحاكم.
198 - ابن العطار *
الشيخ الجليل، المسند، أبو منصور، عبدا لباقي بن محمد بن
غالب، البغدادي، الازجي، ابن العطار، وكيل الخليفتين القائم
والمقتدي.
سمع أبا طاهر المخلص، وأحمد بن الجندي.
روى عنه: يوسف بن أيوب الهمذاني، وعبد المنعم بن الشيخ أبي
القاسم القشيري، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وعدة.
قال السمعاني: كان حسن السيرة، جميل الامر، صحيح السماع.

* تارخ بغداد 11 / 91، المنتظم 8 / 321، العبر 3 / 276، تذكرة الحفاظ 3 / 1177،
شذرات الذهب 3 / 340.
400

وقال الخطيب (1): كتبت عنه، وكان صدوقا، قال لي: ولدت سنة
أربع وثمانين وثلاث مئة.
توفي أبو منصور في ربيع الآخر، سنة إحدى وسبعين وأربع مئة
وسماعاته قليلة.
199 - شاهفور *
العلامة المفتي، أبو المظفر، طاهر بن محمد الأسفراييني، ثم
الطوسي، الشافعي، صاحب " التفسير الكبير " (2). كان أحد الاعلام.
حدث عن: ابن محمش، وأصحاب الأصم.
روى عنه: زاهر الشحامي، وغيره.
صاهر الأستاذ أبا منصور البغدادي.
توفي بطوس في سنة إحدى وسبعين وأربع مئة.
قرأت على ابن عباد، عن أبي روح، أخبرنا زاهر، أخبرنا طاهر بن
محمد، أخبرنا ابن محمش الزيادي، أخبرنا محمد بن الحسين، حدثنا أحمد

(1) " تاريخ بغداد " 11 / 91.
* تبيين كذب المفتري: 276، طبقات السبكي 5 / 11، طبقات المفسرين للداوودي
1 / 212 - 213، طبقات المفسرين للادنه وي: 34 / أ، كشف الظنون 1 / 268، 340
هدية العارفين / 430.
(2) أورده في " كشف الظنون " 1 / 268 باسم " تاج التراجم في تفسير القرآن للأعاجم "
وقد أورده الشيخ الكوثري في مقدمة كتاب " التبصير في الدين " باسم: " تفسير الكتاب الكريم "
باللغة الفارسية وهو مطبوع في إيران بعناية بعض المستشرقين. وله أيضا كتاب: " التبصير في
الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين " وقد طبع في القاهرة عام 1955 بعناية العلامة
المتفنن الشيخ محمد زاهد الكوثري.
401

ابن منصور، حدثنا النصر بن شميل، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة،
عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأستغفر الله في كل يوم مئة
مرة " (1).
200 - ابن البسري *
الشيخ الجليل، العالم الصدوق، مسند العراق، أبو القاسم، علي بن
أحمد بن محمد بن علي بن البسري، البغدادي البندار.
سمع من: أبي طاهر المخلص، وأبي أحمد الفرضي، وأبي الحسن
ابن الصلت المجبر، وإسماعيل بن الحسن الصرصري، وأبي عمر بن
مهدي، وطائفة.
أجاز له أبو عبد الله بن بطة العكبري، ونصر بن أحمد المرجي، ومحمد
ابن جعفر التميمي، وغيرهم.
حدث عنه: الخطيب، والحميدي، وأبو علي البرداني، وأبو الفضل
ابن المهتدي بالله، وعلي بن طراد الوزير، وإسماعيل بن السمرقندي،
ويوسف بن أيوب الهمذاني، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، ومحمد بن

(1) إسناده حسن، وأخرجه البغوي في " شرح السنة " 5 / 70 بتحقيقنا من طريق يزيد بن
هارون، عن محمد بن عمرو بهذا الاسناد، وقال: هذا حديث صحيح، وأخرجه النسائي من
رواية محمد بن عمرو به، ولمسلم (2702) وأحمد 4 / 211 و 260، وأبي داود (1515) من
حديث الأغر المزني مرفوعا: " إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في كل يوم مئة مرة ".
* تاريخ بغداد 11 / 335، الاكمال 1 / 486، الأنساب 2 / 211، المنتظم 8 / 333،
الاستدراك 1 / ورقة 56 أ، الكامل في التاريخ 10 / 122، العبر 3 / 281، تذكرة الحفاظ
3 / 1183، المشتبه 1 / 75، تبصير المنتبه 1 / 153، شذرات الذهب 3 / 346. والبسري،
قال السمعاني: نسبة إلى بيع البسر وشرائه. ونقل المعلمي اليماني عن " التوضيح " عن ابن
نقطة: أن الصحيح في هذه النسبة أنها إلى البسرية: قرية على فرسخين من بغداد.
402

طاهر المقدسي، وعبد الوهاب الأنماطي، وموهوب بن الجواليقي، وأبو
الحسن بن الزاغوني، وأخوه أبو بكر المجلد، وسعيد بن أحمد بن البناء،
ونصر بن نصر العكبري الواعظ، والحافظ محمد بن ناصر، وعدد كثير. وبالإجازة
أبو المعالي محمد بن محمد بن اللحاس.
قال أبو سعد السمعاني: كان شيخا صالحا، عالما ثقة، عمر وحدث
بالكثير، وانتشرت عنه الرواية، وكان متواضعا، حسن الأخلاق، ذا هيئة
ورواء.
قال الخطيب (1): كتبت عنه، وكان صدوقا.
وقال إسماعيل الحافظ: شيخ ثقة. وأثنى عليه.
وسأله الخطيب عن مولده، فقال: في صفر سنة ست وثمانين وثلاث
مئة (2).
مات أبو القاسم في سادس رمضان، سنة أربع وسبعين وأربع مئة.
201 - بيبى *
الشيخة المعمرة، المسندة، أم الفضل وأم عزى (3)، بيبى بنت عبد
الصمد بن علي بن محمد، الهرثمية، الهروية.
روت عن: عبد الرحمن بن أبي شريح جزءا عاليا اشتهر بها.

(1) " تاريخ بغداد " 11 / 335.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 335.
* العبر 3 / 287، الوافي 10 / 359 - 360، كشف الظنون 1 / 586، شذرات الذهب
3 / 354، تاج العروس 1 / 155، مادة (بيب) وفيه: بيبى كضيزى.
(3) تحرفت في " العبر " و " الشذرات " إلى أم عربي.
403

حدث عنها: محمد بن طاهر، ووجيه الشحامي، وأبو الفتح محمد بن
عبد الله الشيرازي، وعبد الجبار بن أبي سعد الدهان، وأبو الوقت عبد الأول
السجزي، وخلق، آخرهم موتا عبد الجليل بن أبي سعد المعدل، الذي لحقه
عبد القادر الرهاوي الحافظ. وقد روى أبو علي الحداد في " معجمه "، عن
ثابت بن طاهر، عنها.
قال أبو سعد السمعاني: هي من قرية بخشة على بريد من هراة،
صالحة، عفيفة، عندها جزء من حديث ابن أبي شريح، تفردت به، سمعه
منها عالم لا يحصون. ولدت في حدود سنة ثمانين وثلاث مئة. ثم قال:
وماتت في حدود سنة خمس وسبعين وأربع مئة.
قلت: عاشت إلى سنة سبع وسبعين (1) وماتت في عشر المئة.
أخبرنا أحمد بن محمد بن الظاهري وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الله بن
عمر، وأخبرنا أحمد بن إسحاق، أخبرنا زكريا العلبي قالا: أخبرنا أبو
الوقت، أخبرتنا بيبى الهرثمية، أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد، أخبرنا عبد الله
البغوي، حدثنا مصعب الزبيري، حدثني مالك، عن نافع، عن ابن عمر:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه (2) ثلاثة دراهم (3).

(1) أوردها المؤلف في " العبر " في وفيات هذه السنة، وقال: توفيت في هذه السنة أو في
التي بعدها. وذكر الصفدي في " الوافي " أنها توفيت سنة 447 وهو خطأ.
(2) في الأصل: ثمن، وهو خطأ، والمجن: اسم لكل ما يستجن به، أي: يستتر.
(3) هو في " الموطأ " 2 / 832 في الحدود: باب ما يجب فيه القطع، ومن طريقه أخرجه
البخاري 6795، ومسلم (1686) والنسائي 8 / 76، وأبو داود (4385) وأحمد 2 / 64،
والبيهقي 8 / 256، والطيالسي 1 / 301، وهو من طرق أخرى عن نافع به، عند البخاري (6796)
و (6797) و (6798) ومسلم (1686) والدارمي 2 / 173، وابن ماجة (2584) والترمذي
(1446) وأبي داود (4386) والنسائي 8 / 77، وابن الجارود (825) وأحمد 2 / 6 و 54
و 80 و 82 و 143 و 145، والبيهقي 8 / 256، والدارقطني 3 / 190.
404

202 - كركان *
الشيخ القدوة، عالم الزهاد، أبو القاسم، عبد الله بن علي بن عبد الله
الطوسي، الطابراني الكركاني، ويعرف بكركان.
كان شيخ الصوفية والمشار إليه بالأحوال والمجاهدة.
سمع حمزة بن عبد العزيز المهلبي، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني،
وأبا بكر الحيري. وبمكة من محمد بن أبي سعيد الأسفراييني.
ذكره السمعاني، فعظمه وفخمه، وقال: حدثنا عنه ابن بنته عبد الواحد
ابن الشيخ أبي علي الفارمذي، وعبد الجبار بن محمد الخواري.
توفي في ربيع الأول سنة تسع وستين وأربع مئة، وله الأصحاب
والدويرة - رحمه الله -.
وفيها مات أحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي المعدل (1)، وأبو الحسن
أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد الدمشقي (2)، وحاتم بن محمد القرطبي
ابن الطرابلسي المحدث (3)، وأبو مروان حيان بن خلف بن حيان القرطبي،
النحوي، مؤرخ الأندلس (4). وشيخ التعبير أبو المنجا حيدرة بن علي
القحطاني الأنطاكي (5)، وكان يحفظ في فن التعبير أزيد من عشرة آلاف ورقة،
وأبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ، الجوهري النحوي (6) بمصر، وأبو

* دول الاسلام 2 / 4، العبر 3 / 271، شذرات الذهب 3 / 334.
(1) سبقت ترجم برقم (123).
(2) سترد ترجمته برقم (211).
(3) تقدمت ترجمته برقم (157).
(4) تقدمت ترجمته برقم (179).
(5) سترد ترجمته برقم (206).
(6) سترد ترجمته برقم (225).
405

محمد بن هزار مرد الصريفيني الخطيب (1)، والحافظ عمر بن أحمد
الجوري (2) الزاهد بنيسابور، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عيسى بن منظور
الإشبيلي (3) راوي " الصحيح " عن أبي ذر، وأبو عبد الله محمد بن علي بن
الحسين بن سكينة الأنماطي (4)، يروي عن عبيد الله بن أحمد الصيدلاني،
والمحدث نجاء بن أحمد بن عمرو الدمشقي العطار كهلا، وعبد الحميد بن
عبد الرحمن بن محمد البحيري (5)، راوي " مسند " أبي عوانة.
203 - البستيغي *
الشيخ المسند، أبو سعد، شبيب بن أحمد بن محمد بن خشنام (6)
النيسابوري، البستيغي، الحبار، الكرامي.
حدث عن: أبي نعيم الأزهري، وأبي الحسن العلوي، وجماعة.
وعنه: محمد بن الفضل الفراوي، وزاهر الشحامي، وأخوه وجيه،
وإسماعيل بن المؤذن، وهبة الرحمن بن القشيري، وسعيد بن الحسين
الجوهري، وعبد الغافر بن إسماعيل، وقال: هو شيخ صالح، صحيح

(1) تقدمت ترجمته برقم (153).
(2) تقدمت ترجمته برقم (171).
(3) تقدمت ترجمته برقم (190).
(4) تقدمت ترجمته برقم (165).
(5) تقدمت ترجمته برقم (162).
* الأنساب 2 / 207 - 208، معجم البلدان 1 / 419 - 420، اللباب 1 / 151، تبصير
المنتبه 2 / 26. البستيغي: بفتح الباء الموحدة وسكون السين المهملة وكسر التاء المساة من فوق
وسكون الياء المثناة من تحت وبعدها الغين المعجمة، هذه النسبة إلى بستيغ: وهي قرية بسواد
نيسابور " الأنساب ".
(6) في " الأنساب ": أبو سعيد شبيب بن أحمد بن خشنام أحمد، وفي " اللباب ":
مسيب بن أحمد بن محمد بن هشام. وخشنام: كلمة فارسية معناها: " الاسم الطيب ".
406

السماع، مشتغل بكسبه.
وقال ابن ناصر: ذكر لي زاهر الشحامي أنه سمع منه، وقال: لم يكن
يعرف الحديث، وكان كراميا متغاليا.
وقال أبو سعد الحافظ السمعاني: كان صالحا عفيفا، سديد السيرة،
روى عنه جدي في " أماليه "، وتوفي في حدود السبعين وأربع مئة (1)، وولد
قبل التسعين وثلاث مئة.
والكرامي: نسبة إلى ابن كرام (2) المبتدع.
204 - أبو مسلم الليثي *
الشيخ، الامام، المحدث، المفيد، الرحال، الطواف، أبو مسلم
عمر بن علي بن أحمد بن الليث، الليثي، البخاري.
سمع من: أبي سهل عبد الكريم بن عبد الرحمن الكلاباذي، وعلي بن
أحمد بن خنباج، ومحمد بن محمد بن حاضر الهراس، والحافظ يوسف بن
منصور السياري، وعبد الملك بن علي الامام، وعدة. وسمع بسمرقند من
المطهر بن محمد الخاقاني، ومحمد بن جعفر الطبسي. وبكش من عبد العزيز
ابن أحمد الحلوائي الفقيه. وببلخ أبا عمر محمد بن أحمد المستملي، وبغزنة
مظفر بن الحسين، وعلي بن محمد الدينوري اللبان، وسعيدا العيار، وبهراة
عطاء بن أحمد، وببوشنج منصور بن العباس التميمي، وبمرو أبا عمرو محمد

(1) في " معجم البلدان " نقلا عن عبد الغافر الفارسي أنه توفي سنة نيف وستين وأربع مئة.
(2) تقدمت ترجمته في الجزء الحادي عشر برقم (146).
* سؤالات الحافظ السلفي 99 - 100، الأنساب، مادة الليثي، اللباب 3 / 138،
تذكرة الحفاظ 4 / 1235 - 1236، لسان الميزان 4 / 319 - 320، طبقات الحفاظ: 451،
هدية العارفين 1 / 782.
407

ابن عبد العزيز القنطري، وأبا غانم الكراعي. وبنيسابور أبا حفص بن
مسرور، وعبد الغافر الفارسي، وبهمذان وأصبهان. ثم قدم العراق، فسمع
عبد الصمد بن المأمون وطبقته.
حدث عنه: أبو الحسين بن الطيوري، وهبة الله بن المجلي، وأبو
غالب بن البناء، وآخرون.
قال المؤتمن الساجي: كان حسن المعرفة، شديد العناية
بالصحيح (1).
وقال شجاع: كان يحفظ ويفهم، ويعرف شيئا من علم الحديث، وكان
قريب الامر في الرواية (2).
وقال خميس الحوزي (3): قال أبو مسلم: كتبت وكتب لي عشر
رواحل. وأثنى عليه ابن الخاضبة (4).
وقال أبو زكريا بن منده: هو أحد من يدعي الحفظ، إلا أنه يدلس،
ويتعصب لأهل البدع، أحول، شره، كلما هاجت ريح، قام معها، صنف
" مسند الصحيحين " (5).
قلت: آل منده لا يعبأ بقدحهم في خصومهم، كما لا نلتفت إلى ذم
خصومهم لهم، وأبو مسلم ثقة في نفسه.
قال أحمد بن سلامة فيما أجازه لي عن خليل بن بدر سمع محمد بن عبد

(1) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1236.
(2) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1236، و " لسان الميزان " 4 / 319.
(3) " سؤالات الحافظ السلفي ": 99، وقد تصحف " الحوزي " في " لسان الميزان "
4 / 319 إلى " الجوزي "
(4) تصحف في " لسان الميزان " 4 / 319 إلى " الخاصة " وفي " الأصل " إلى: الحاضنة.
(5) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1236، و " لسان الميزان " 4 / 319.
408

الواحد الدقاق يقول: الحفاظ الذين شاهدتهم: أبو مسلم الليثي، قدم علينا
أصبهان، وكان أحفظ من رأيت للكتابين، جمع بين " الصحيحين " في
أربعين سنة (1).
وقال شيرويه الديلمي: قدم علينا، ولم يقض لي السماع منه، وكان
يحفظ ويدلس، حدثني عنه أبو القاسم بن البصري، مات بخوزستان سنة ست
وستين وأربع مئة (2).
وقال أبو الفضل بن خيرون: مات بالأهواز سنة ثمان وستين، سمعت
منه، وسمع مني. قال: وكان فيه تمايل عن أهل العلم، وعجب بنفسه -
رحمه الله - (3).
205 - البياضي *
الشاعر، المحسن، الشريف، أبو جعفر، مسعود بن عبد العزيز (4) بن
المحسن الهاشمي، العباسي.

(1) في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1236: جمع بين الصحيحين في أربعين مشرسة كل واحدة
منها قريبة من مجلد.
(2) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1236، وقد ذكره المؤلف في وفيات هذه السنة - أي سنة ست -
في ترجمة الحفصي، وفيها أرخ وفاته ابن الأثير في " اللباب " 3 / 138.
(3) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1236.
* دمية القصر 1 / 378، المنتظم 8 / 300 - 301، الكامل لابن الأثير 10 / 101 -
102، وفيات الأعيان 5 / 197 - 199، المختصر 2 / 192، تتمة المختصر 1 / 569 - 570،
مرآة الجنان 3 / 97، البداية والنهاية 12 / 113 - 114، النجوم الزاهرة 5 / 103، شذرات الذهب
3 / 331 - 332. والبياضي، قال ابن خلكان: إنما قيل له ذلك لان أحد أجداده كان في مجلس
بعض الخلفاء مع جماعة من العباسيين، وكانوا قد لبسوا سوادا، ما عداه، فإنه كان قد لبس
بياضا، فقال الخليفة: من ذلك البياضي، فثبت الاسم عليه، واشتهر به.
(4) في " المنتظم " و " الكامل " و " البداية ": مسعود بن المحسن، بإسقاط " عبد
العزيز ".
409

له ديوان صغير قل ما فيه من المديح، ونظمه في الذروة (1)، وهو
القائل:
كيف يذوي عشب أشواقي * ولي طرف مطير
إن يكن في العشق حر * فأنا العبد الأسير
أو على الحسن زكاة * فأنا ذاك الفقير (2)
توفي في ذي القعدة سنة ثمان وستين وأربع مئة.
206 - حيدرة بن علي *
أبو المنجا (3)، القحطاني، الأنطاكي، إمام أهل التعبير.
روى عن: ابن أبي نصر، وجماعة.
وعنه: ابن الأكفاني، وجمال الاسلام، وعلي بن قبيس، وآخرون.
قال ابن الأكفاني: كان يذكر أنه يحفظ في علم التعبير عشرة آلاف ورقة
وثلاث مئة ورقة (4).
قال: وكان شيخ عبد العزيز الشهرزوري يحفظ في ذلك عشرة آلاف
ورقة.
قلت: يكون ذلك أربعين مجلدا.

(1) انظر بعض نظمه في " وفيات الأعيان " 5 / 198 - 199، و " دمية القصر " 1 / 378،
و " المنتظم " 8 / 300 - 301.
(2) الأبيات في " وفيات الأعيان " 5 / 198 - 199، و " المختصر " 2 / 192.
* الاكمال 7 / 268، ترتيب المدارك 4 / 766، شذرات الذهب 3 / 333، العبر
3 / 270 - 271، تهذيب ابن عساكر 5 / 25. وسيعيد المؤلف ترجمته في الصفحة 451.
(3) في " ترتيب المدارك ": أبو النجا.
(4) " تهذيب ابن عساكر " 5 / 25.
410

توفي سنة تسع وستين وأربع مئة، وفي النفس من هذه الكثرة.
207 - ابن مخلد *
الشيخ الأمين، أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي (1)
الواسطي، البزاز.
سمع من: أبي عبد الله العلوي، الذي يروي عن خليل بن أبي رافع
الطحان، صاحب تميم بن المنتصر. وسمع من أحمد بن عبيد بن بيري،
وابن خزفة، وأبي علي بن معاذ، وطائفة. وعند أبي عبد الله الحسين بن
محمد العلوي أيضا " مسند " أحمد بن سنان القطان، يرويه عن علي بن
عبد الله بن مبشر، عنه.
قال السلفي (2): سألت خميسا الحافظ عن ابن مخلد، فقال: سمع
بإفادة أبيه، وكان ثقة، جيد الخط، جيد الأصول، توفي سنة ثمان وستين
وأربع مئة.
قلت: روى عنه ولده أبو المفضل، وأبو عبد الله الجلابي.
قرأت على محمد بن علي، وأحمد بن عبد الحميد قالا: أخبرنا عمر بن
جمعة سنة خمس وعشرين وست مئة، أخبرنا الحسن بن مكي، أخبرنا محمد
ابن علي بن الجلابي، أخبرنا محمد بن محمد بن مخلد سنة 464، حدثنا
أحمد بن عبيد الله بن الفضل بن سهل، حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر،

* سؤالات السلفي 25 - 26، الأنساب 3 / 278، اللباب 1 / 286، تبصير المنتبه
2 / 551.
(1) في " الأنساب " زيادة نسبة: الجلختي.
(2) " سؤالات السلفي ": 25 - 26.
411

حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن
سرجس قال: رأيت الأصلع - يعني عمر - يقبل الحجر، ويقول: إني
لأقبلك، وإني لاعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، لولا أني رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك.
أخرج البخاري عن أحمد بن سنان نحوه، لكن عن يزيد بن هارون،
عن ورقاء، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر (1).
208 - مكي بن جابار *
الحافظ، الفقيه، أبو بكر الدينوري.
سمع من: عبد الغني بن سعيد، وخلف بن محمد الواسطي، وصدقة
ابن الدلم، وأبي محمد بن أبي نصر، وعدة.
وكتب شيئا كثيرا، وكان سفياني المذهب.
روى عنه: عبد العزيز الكتاني، وأبو طاهر الحنائي، وغيث بن علي
الأرمنازي، وغيرهم.
قال الأمين بن الأكفاني: كانت له عناية جيدة بمعرفة الرجال، حدث
بشئ يسير، وولي قضاء دميرة (2)، وامتنع بأخرة من إسماع الحديث، وكان
أبو بكر الخطيب قد طلب أن يسمع منه، فأبى عليه.

(1) هو في البخاري (1610) في الحج: باب تقبيل الحجر، وهو عنده أيضا برقم
(1605) و (1597) وأخرجه مسلم (1279) في الحج: باب استحباب تقبيل الحجر الأسود
بالطواف.
* الاكمال 2 / 11، تبصير المنتبه 1 / 230، شذرات الذهب 3 / 332. وتصحف فيه
جابار بالجيم إلى حابار بالحاء.
(2) قال ياقوت: دميرة، بفتح أوله وكسر ثانيه: قرية كبيرة بمصر قرب دمياط.
412

قلت: توفي في رجب سنة ثمان وستين وأربع مئة.
209 - ابن حيوس *
الأمير (1) الكبير، شاعر الشام، مصطفى الدولة، أبو الفتيان محمد بن
سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، الدمشقي، صاحب " الديوان " (2).
سمع من: خاله أبي نصر بن الجندي.
روى عنه: الخطيب، وأبو محمد بن السمرقندي، والنسيب،
والقاضي يحيى بن علي القرشي.
قال ابن ماكولا (3): لم أدرك بالشام أشعر منه.
قلت: ولد سنة أربع وتسعين (4) وثلاث مئة، ومات بحلب في شعبان
سنة ثلاث (5) وسبعين، وهو القائل:
طالما قلت للمسائل عنهم * واعتمادي هداية الضلال

* الاكمال 2 / 370، الكامل في التاريخ 10 / 117، المحمدون من الشعراء: 129 -
130، وفيات الأعيان 4 / 438 - 444، المختصر في أخبار البشر 2 / 194 وقد تحرف فيه إلى ابن
جيوش، المشتبه 1 / 211، العبر 3 / 279، تتمة المختصر 1 / 572، الوافي 3 / 118 - 121،
مرآة الجنان 3 / 101 - 103، تبصير المنتبه 1 / 400، معاهد التنصيص 2 / 278 - 282، كشف
الظنون: 765، 773، شذرات الذهب 3 / 343 - 344، زبدة الحلب 2 / 40 - 41، مقدمة
ديوان لخليل مردم طبعة دمشق / 1951، وانظر تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 5 / 48 - 49 من
النسخة العربية.
(1) قال ابن خلكان: كان يدعى بالأمير لان أباه كان من أمراء العرب. " وفيات الأعيان "
4 / 438.
(2) وقد طبع في دمشق عام 1951 في مجلدين بتصدير خليل مردم، وهو قصائد في مديح
رؤساء سوريا وأمرائها، وعلى الأخص في الحمدانيين وبني مرداس.
(3) " الاكمال " 2 / 370.
(4) تحرفت في " الشذرات " إلى: أربع وسبعين.
(5) في " الكامل " و " المختصر " و " تتمته " أنه توفي سنة (472).
413

إن ترد علم حالهم عن يقين * فالقهم في مكارم أو نزال
تلق بيض الاعراض (1) سود مثار النقع * خضر الأكناف حمر النصال (2)
فنظمه كما تسمع فائق رائق.
210 - ألب آرسلان *
السلطان الكبير، الملك العادل، عضد الدولة، أبو شجاع، ألب
آرسلان (3)، محمد بن السلطان جغريبك داود بن ميكائيل بن سلجوق بن تقاق
ابن سلجوق التركماني، الغزي. من عظماء ملوك الاسلام وأبطالهم.
ولما مات عمه طغرلبك، عهد بالملك إلى سليمان أخي ألب آرسلان،
فحاربه ألب آرسلان وعمه قتلمش، فتلاشى أمر سليمان، وتسلطن ألب
آرسلان (4). وقيل: نازعه في الملك أيضا قتلمش، وأقبل في تسعين ألفا،
وكان ألب آرسلان في اثني عشر ألفا، فهزم فتلمش، ووجد بعد الهزيمة

(1) في " الوافي " 3 / 120: بيض الوجوه.
(2) الأبيات في " ديوانه " 2 / 260.
* المنتظم 8 / 276 - 277 و 279، الكامل لابن الأثير 10 / 64 - 67 و 73 - 75،
مختصر تاريخ دولة آل سلجوق: 30، 33، 39، 40 - 44، 47 - 49، وفيات الأعيان
5 / 69 - 71، المختصر 2 / 188 - 189، دول الاسلام 1 / 274، العبر 3 / 258، تتمة
المختصر 1 / 565 - 566، الوافي بالوفيات 2 / 308 - 309، البداية والنهاية 12 / 106 -
107، النجوم الزاهرة 5 / 92 - 93، شذرات الذهب 3 / 318 - 319.
قال ابن خلكان: وألب ارسلان، بفتح الهمزة وسكون اللام وبعدها باء موحدة، وبقية
الاسم معروفة فلا حاجة لتفسيرها، وهو اسم تركي معناه شجاع أسد، فألب شجاع، وآرسلان
أسد.
وآرسلان وردت في الأصل بالمد، وفي " المعجم الذهبي " للدكتور التونجي أرسلان
بالهمزة.
(3) في " الوافي ": ألب آرسلان.
(4) انظر هذه الحادثة في ترجمة قتلمش المتقدمة برقم (54).
414

ميتا. قيل: رمته الدابة (1). وحمل فدفن بالري، وكان حاكما على
الدامغان وغيرها.
وعظم أمر السلطان ألب آرسلان، وخطب له على منابر العراق والعجم
وخراسان، ودانت له الأمم، وأحبته الرعايا، ولا سيما لما هزم العدو، فإن
الطاغية عظيم الروم أرمانوس حشد، وأقبل في جمع ما سمع بمثله، في نحو
من مئتي ألف مقاتل من الروم والفرنج والكرج وغير ذلك وصل إلى منازكرد (2)،
وكان السلطان بخوي (3) قد رجع من الشام في خمسة عشر ألف فارس، وباقي
جيوشه في الأطراف، فصمم على المصاف، وقال: أنا ألتقيهم - وحسبي
الله - فإن سلمت، وإلا فابني ملكشاه ولي عهدي. وسار، فالتقى يزكه (4)
ويزك القوم، فكسرهم يزكه، وأسروا مقدمهم، فقطع السلطان أنفه. ولما
التقى الجمعان، وتراءى الكفر والايمان، واصطدم الجبلان، طلب السلطان
الهدنة، قال أرمانوس: لا هدنة إلا ببذل الري، فحمي السلطان، وشاط،
فقال إمامه: إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره، ولعل هذا الفتح باسمك،
فالقهم وقت الزوال - وكان يوم جمعة - قال: فإنه يكون الخطباء على المنابر،
وإنهم يدعون للمجاهدين. فصلوا، وبكى السلطان، ودعا وأمنوا، وسجد،
وعفر وجهه، وقال: يا أمراء! من شاء فلينصرف، فما هاهنا سلطان. وعقد
ذنب حصانه بيده، ولبس البياض وتحنط، وحمل بجيشه حملة صادقة،

(1) وفي ترجمة قتلمش، فيقال: مات خورا ورعبا.
(2) قال ياقوت: منازجرد، بعد الألف زاي ثم جيم مكسورة وراء ساكنة ودال، وأهله
يقولون: منازكرد بالكاف، بلد مشهور بين خلاط وبلاد الروم، يعد في أرمينية وأهله أرمن وروم.
وقد تحرفت في " الكامل " 10 / 65 إلى: ملازكرد.
(3) خوي: بلد بآذربيجان.
(4) اليزك: كلمة فارسية، معناها: مقدمة الجيش.
415

فوقعوا في وسط العدو يقتلون كيف شاؤوا، وثبت العسكر، ونزل النصر،
وولت الروم، واستحر بهم القتل، وأسر طاغيتهم أرمانوس، أسره مملوك
لكوهرائين، وهم بقتله، فقال إفرنجي: لا لا، فهذا الملك. وقرأت بخط
القفطي أن ألب آرسلان بالغ في التضرع والتذلل، وأخلص لله. وكيفية أسر
الطاغية أن مملوكا وجد فرسا بلجام مجوهر وسجر مذهب مع رجل، بين يديه
مغفر من الذهب، ودرع مذهب، فهم الغلام، فأتى به إلى بين يدي
السلطان، فقنعه بالمقرعة، وقال: ويلك! ألم أبعث أطلب منك الهدنة؟
قال: دعني من التوبيخ. قال: ما كان عزمك لو ظفرت بي؟ قال: كل قبيح.
قال: فما تؤمل وتظن بي؟ قال: القتل أو تشهرني في بلادك، والثالثة بعيدة:
العفو وقبول الفداء. قال: ما عزمت على غيرها. فاشترى نفسه بألف ألف
دينار وخمس مئة ألف دينار، وإطلاق كل أسير في بلاده، فخلع عليه، وبعث
معه عدة، وأعطاه نفقة توصله. وأما الروم فبادروا، وملكوا آخر، فلما قرب
أرمانوس، شعر بزوال ملكه، فلبس الصوف، وترهب، ثم جمع ما وصلت
يده إليه نحو ثلاث مئة ألف دينار، وبعث بها، واعتذر، وقيل: إنه غلب على
ثغور الأرمن. وكانت الملحمة في سنة ثلاث وستين (1).
وقد غزا بلاد الروم مرتين، وافتتح قلاعا، وأرعب الملوك، ثم سار إلى
أصبهان، ومنها إلى كرمان وبها أخوه حاروت (2)، وذهب إلى شيراز، ثم عاد
إلى خراسان، وكاد أن يتملك مصر.

(1) وقد تقدم الخبر في ترجمة القائم بأمر الله، ص: 315 - 316، وانظر " المنتظم "
8 / 260 - 265، و " الكامل " 10 / 65 - 67، و " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 40 -
44، و " دول الاسلام " 1 / 272 - 273.
(2) في " المنتظم " 8 / 277، و " الكامل " 10 / 76: قاورت بك، وفي " مختصر دولة
آل سلجوق " و " النجوم الزاهرة " قاوردبك.
416

ثم في سنة خمس عبر السلطان بجيوشه نهر جيحون، وكانوا مئتي ألف
فارس، فأتي بعلج يقال له: يوسف الخوارزمي. كانت بيده قلعة (1)، فأمر أن
يشبح في أربعة أوتاد، فصاح: يا مخنث: مثلي يقتل هكذا؟ فاحتد
السلطان، وأخذ القوس، وقال: دعوه. ورماه، فأخطأه، فطفر (2) يوسف
إلى السرير، فقام السلطان، فعثر على وجهه، فبرك العلج على السلطان،
وضربه بسكين، وتكاثر المماليك، فهبروه (3)، ومات منها السلطان، وذلك
في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وأربع مئة، وله أربعون سنة (4).
قال مؤيد الدولة ابن منقذ: سمعت أبا جعفر النجار رسول ناصر الدولة
ابن حمدان المتغلب على مصر إلى ألب آرسلان يستدعيه، ويطلب عساكره ليتسلم
ديار مصر، لما وقع بينه وبين السودان، وكانت المراسلة في سنة 463،
فوردت عليه بخراسان، فجهز جيشا كثيرا، ووصل هو إلى ديار بكر، ثم نازل
الرها، وحاصرها، وسير رسوله إلى متولي حلب محمود (5) بن نصر،
يستمده، ويأمره أن يطأ بساطه أسوة غيره من الملوك، فلم يفعل وخاف، فأقبل
هو، فنازل حلب، وانتشرت عساكره بالشام، ثم خرج محمود إلى خدمته،
فأكرمه، وصالحه (6)، ثم فتر السلطان عن مصر، فحركه طاغية الروم

(1) في " المنتظم ": فلما وصل شتمه السلطان، وواقفه على أفعال قبيحة كانت منه، وفي
" وفيات الأعيان ": وكان قد ارتكب جريمة في أمر الحصن.
(2) طفر، أي: وثب في ارتفاع.
(3) يقال: هبره بالسيف: قطعه.
(4) الخبر في " المنتظم " 8 / 276 - 277، و " الكامل " 10 / 73 - 74، و " وفيات
الأعيان " 5 / 69 - 70، و " دول الاسلام " 1 / 274، و " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ":
47 - 48.
(5) تقدمت ترجمته برقم (172).
(6) انظر " الكامل " 10 / 64، و " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 39، و " وفيات
الأعيان " 5 / 69.
417

أرمانوس، ومات أبوه صاحب خراسان بسرخس في رجب في سنة إحدى
وخمسين وأربع مئة، وله سبعون سنة، وكان في مقابلة أولاد محمود بن
سبكتكين، وكان ينطوي على بعض عدل ودين، وينكر على أخيه طغرلبك (1)
ظلمه.
ومات معه في السنة آرسلان البساسيري الأمير (2)، صاحب الفتنة
العظمى، الذي أخذ بغداد، وخطب بها لصاحب مصر المستنصر الرافضي،
وهرب خليفة بغداد، واستجار بالعرب (3).
211 - ابن أبي الحديد *
الشيخ، العدل، المرتضى، الرئيس، أبو الحسن، أحمد بن عبد
الواحد ابن المحدث أبي بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد،
السلمي، الدمشقي.
سمع أباه، وجده، وجده لامه أبا نصر بن هارون.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، والكتاني، وعمر الرواسي، وأبو
القاسم النسيب، وهبة الله بن الأكفاني، وعبد الكريم بن حمزة، وجمال
الاسلام علي بن المسلم، وطاهر بن سهل، وإسماعيل بن السمرقندي،
وآخرون.
وكان ثقة، نبيلا، متفقدا لأحوال الطلبة والغرباء، عدلا مأمونا.

(1) انظر ترجمته المتقدمة برقم (52).
(2) تقدمت ترجمته برقم (70).
(3) انظر ترجمة الخليفة القائم بأمر الله المتقدمة برقم (146).
* العبر 3 / 269، شذرات الذهب 3 / 332 - 333.
418

مات في ربيع الأول، سنة تسع وستين وأربع مئة، عن بضع وثمانين
سنة، وكان صحيح السماع - رحمه الله -.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الفقيه ببعلبك، أخبرنا عبد الواحد بن
أحمد القاضي، سنة ست وعشرين وست مئة، حدثنا علي بن الحسن الحافظ
إملاء، سنة 551 ببعلبك، أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب،
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد، أخبرنا جدي،
أخبرنا محمد بن جعفر السامري، أنشدني محمد بن طاهر الرقي:
ليس في كل حالة وأوان * تتهيأ صنائع الاحسان
فإذا أمكنت فبادر إليها * حذرا من تعذر الامكان
212 - أبو صالح المؤذن *
الامام، الحافظ، الزاهد، المسند، محدث خراسان، أبو صالح،
أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر النيسابوري،
الصوفي، المؤذن.
أول سماعه كان في سنة تسع وتسعين وثلاث مئة، فسمع أبا نعيم
الأسفراييني، وأبا الحسن العلوي، وأبا طاهر بن محمش، وأبا عبد الله
الحاكم، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني،
وأبا عبد الرحمن السلمي، وأبا زكريا المزكي، وطبقتهم. وسمع من حمزة بن

* تاريخ بغداد 4 / 267، المنتظم 8 / 314، معجم الأدباء 3 / 224 - 226، التقييد:
الورقة 23 أ - 23 ب، الكامل لابن الأثير 10 / 108، تذكرة الحفاظ 3 / 1162 - 1165، العبر
3 / 262، دول الاسلام 2 / 4، مرآة الجنان 3 / 99، طبقات الأسنوي 2 / 408 - 409، البداية
والنهاية 12 / 118، النجوم الزاهرة 5 / 106، طبقات الحفاظ: 438، شذرات الذهب
3 / 335، إيضاح المكنون 1 / 119.
419

يوسف السهمي، وعدة بجرجان، ومن أبي القاسم بن بشران، وطبقته
ببغداد، ومن أبي نعيم الحافظ ونحوه بأصبهان، ومن المسدد الأملوكي،
وعبد الرحمن بن الطبيز الحلبي بدمشق، ومن أبي ذر الهروي بمكة، ومن
الحسن بن الأشعث بمنبج، وصحب الأستاذ أبا علي الدقاق، وأحمد بن
نصر الطالقاني. وجمع وصنف، وعمل مسودة لتاريخ مرو.
قال زاهر الشحامي: خرج أبو صالح ألف حديث، عن ألف شيخ
له (1).
وقال أبو بكر الخطيب (2): قدم أبو صالح علينا في حياة ابن بشران،
وكتب عني، وكتبت عنه، وكان ثقة.
قلت: مولده في سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة، وأقدم شيخ له أبو نعيم
الأسفراييني.
حدث عنه: ابنه إسماعيل بن أحمد، وزاهر، ووجيه ابنا الشحامي،
وعبد الكريم بن حسين البسطامي، وأبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي،
وعبد المنعم بن القشيري، وابن أخيه أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد،
وعدة.
قال عبد الغافر في " السياق ": أبو صالح المؤذن الأمين، المتقن،
المحدث، الصوفي، نسيج وحده في طريقته وجمعه وإفادته، ما رأيت مثله
في حفظ القرآن وجمع الأحاديث. سمع الكثير، وجمع الأبواب والشيوخ،
وأذن سنين حسبة، وكان يحثني على معرفة الحديث، ولم أتمكن من جمع

(1) الخبر في " المنتظم " 8 / 314، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1163.
(2) في " تارخ بغداد " 4 / 268.
420

هذا الكتاب إلا من مسوداته ومجموعاته، فهي المرجوع إليها فيما أحتاج إلى
معرفته وتخريجه... إلى أن قال: ولو ذهبت أشرح ما رأيت منه، لسودت
أوراقا جمة، وما انتهيت إلى استيفاء ذلك من كثرة ما هو بصدده من الاشتغال
والقراءة عليه (1).
وقال أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني: سمعت محمد بن أبي
زكريا المزكي يقول: ما يقدر أحد أن يكذب في هذه البلدة وأبو صالح حي.
وسمعت أبا المظفر منصورا السمعاني يقول: إذا دخلتم على أبي صالح،
فأدخلوا بالحرمة، فإنه نجم الزمان، وشيخ وقته في هذا الأوان (2).
قال عبد الغافر: توفي في سابع رمضان سنة سبعين وأربع مئة.
قال أبو سعد السمعاني: رآه بعض الصالحين ليلة وفاته، وكأن النبي
صلى الله عليه وسلم قد أخذ بيده، وقال له: جزاك الله عني خيرا، فنعم ما أقمت بحقي،
ونعم ما أديت من قولي، ونشرت من سنتي (3).
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا زاهر بن
طاهر، أخبرنا أبو صالح المؤذن، أخبرنا محمد بن محمد الزيادي، أخبرنا
أحمد بن محمد بن يحيى البزاز، حدثنا عبد الرحمن بن بشر، حدثنا بشر
ابن السري، حدثنا حنظلة بن أبي سفيان، عن سالم، عن أبيه: أنه طلق
امرأته وهي حائض، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها.
هذا حديث صحيح الاسناد (4).

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1163.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1163 - 1164.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1164.
(4) وله طرق كثيرة عن ابن عمر عن مالك 2 / 576، والشافعي 2 / 368، 369 والبخاري
(4908) و (5251) و (5252) و (5253) و (5258) و (5264) و (5332)
و (5333) و (7160) ومسلم (1471) (1 - 14) وأبي داود (2179) و (2180)
(2181) و (2182) و (2184) و (2185) والترمذي (1175) و (1176) وابن ماجة
(2019) وابن الجارود (733) (734) و (735) و (736) وأحمد 2 / 6 و 43 و 51 و 54 و 61
و 63 و 64 و 79 و 80 و 81 و 102 و 104 و 145، 146، والطحاوي 3 / 51 و 52 و 53،
والطيالسي 1 / 313، والدارمي 2 / 160، والدارقطني 4 / 5 و 6 و 7 و 8، والبيهقي 7 / 323
و 324 و 325 و 326 و 327.
421

قال أبو سعد السمعاني: أبو صالح حافظ صوفي، متقن، نسيج وحده
في الجمع والإفادة، أذن مدة احتسابا، ووعظ في الليل، وسبح على المدرسة
البيهقية، وكان تحت يده أوقاف الكتب والاجزاء الحديثية، فيتعهد حفظها،
ويأخذ صدقات التجار والأكابر، فيوصلها إلى المستحقين (1).
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا زين الامناء الحسن بن محمد، أخبرنا
عمي أبو القاسم الحافظ، سنة 559، أخبرنا إسماعيل بن أبي صالح، أخبرنا
أبي، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين، أخبرنا عبيد الله بن إبراهيم
المزكي، حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء، حدثنا الحسين بن الوليد،
عن قيس [عن] (2) ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قدم وفد
جهينة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقام غلام يتكلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " فأين الكبر؟ ".

(1) انظر الخبر في " معجم الأدباء " 3 / 224 - 225، بأطول مما هنا، وانظر " تذكرة
الحفاظ " 3 / 1163.
(2) سقطت من الأصل، واستدركت من تذكرة المؤلف، وقيس هذا: هو ابن الربيع
الأسدي الكوفي، قال الحافظ في " التقريب ": صدوق تغير لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من
حديثه، فحدث به، وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن سيئ الحفظ، وأبو الزبير: مدلس
وقد عنعن. وقال المؤلف في " تذكرته " 3 / 1165 بعد أن أورده: غريب جدا. وقوله: فأين
الكبر: أي الأكبر سنا، وفي حديث القسامة الذي أخرجه البخاري 10 / 443 في الأدب: باب
إكرام الكبير، ومسلم (1669)... فتكلموا في أمر صاحبهم، فبدأ عبد الرحمن - وكان أصغر
القوم - فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " كبر الكبر " قال يحيى بن سعيد (أحد رواة الحديث) يعني ليل
الكلام الأكبر.
422

وقد مات في سنة سبعين هذه ابن النقور المذكور (1)، والشيخ أبو بكر
أحمد بن محمد بن أحمد بن حمدوه البغدادي المقرئ، آخر من حدث عن
ابن سمعون، وخطيب دمشق أبو نصر الحسين بن محمد بن طلاب (2)،
صاحب ابن جميع، وأبو القاسم عبد الله بن الحافظ الحسن بن محمد
الخلال (3)، وشيخ الحنابلة الشريف أبو جعفر عبد الخالق بن أبي موسى
الهاشمي (4)، عن تسع وخمسين سنة، ونحوي العراق أبو الحسن محمد بن
هبة الله بن الوراق الضرير، ومحدث أصبهان عبد الرحمن بن مندة
العبدي (5)، وآخرون.
213 - السكري *
الامام، المحدث، الحافظ، مفيد الجماعة، أبو سعد، علي بن
موسى، النيسابوري، السكري، الفقيه.
سمع من: جده عبد الله بن عمر السكري، والقاضي أبي بكر
الحيري، وأبي سعيد محمد بن موسى الصيرفي، ومحمد بن أبي إسحاق
المزكي، وعدة. وكان يفهم هذا الشأن، وينتقي على الشيوخ.
روى عنه: يوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد، وإسماعيل بن أحمد
المؤذن، وآخرون.

(1) تقدمت ترجمته برقم (180).
(2) تقدمت ترجمته برقم (182).
(3) تقدمت ترجمته برقم (177).
(4) سترد ترجمته برقم (276).
(5) تقدمت ترجمته برقم (168).
* تذكرة الحفاظ 3 / 1161 - 1162، طبقات الحفاظ: 438، شذرات الذهب
3 / 323، الرسالة المستطرفة: 93.
423

توفي راجعا من الحج في سنة خمس وستين وأربع مئة.
وآخر من روى عنه أبو الأسعد بن القشيري.
وذكرت في " التذكرة " له حديثا (1)، وسمع منه لما حج: الحميدي،
وابن الخاضبة، وشجاع الذهلي.
قال هبة الله السقطي: له تاريخ، وتراجم، ومسانيد، ومعاجم. خرج
على " الصحيحين " كتابا. وقيل: ولد سنة تسع وأربع مئة.
214 - ابن البسطامي *
الشيخ أبو المعالي، عمر بن القاضي أبي عمر محمد بن الحسين
البسطامي، ثم النيسابوري، ويلقب بالمؤيد، سبط الامام أبي الطيب
الصعلوكي (2).
سمع أبا الحسين الخفاف، وأبا الحسن العلوي. وأملى عدة مجالس.
حدث عنه: سبطه هبة الله بن سهل السيدي، وزاهر ووجيه ابنا
الشحامي، وآخرون.
توفي سنة خمس وستين وأربع مئة.

(1) رواه 3 / 1162 من طريقه عن أبي الفضل عمر بن إبراهيم، عن أبي أحمد الغطريفي،
عن أبي خليفة سمعت عبد الرحمن بن بكر، سمعت الربيع بن مسلم، سمعت محمد بن زياد،
سمعت أبا هريرة، سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: " أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الامام أن يجعل
الله رأسه رأس حمار " وأخرجه مسلم (427) من طريق عبد الرحمن بهذا الاسناد.
* الأنساب 2 / 215 - 216، الذيل للفارسي: 58، طبقات السبكي 5 / 303،
طبقات الأسنوي 1 / 225 - 226، وقد تقدم الكلام على هذه النسبة في الترجمة رقم (77).
(2) تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (121).
424

أخته.
215 - [بنت البسطامي] *
عائشة بنت محمد بن الحسين.
روت أيضا عن أبي الحسين الخفاف، وغيره.
وعنها: إسماعيل بن المؤذن، وزاهر الشحامي، وأخوه وجيه،
ومحمد بن حمويه الجويني الزاهد.
توفيت قبل أخيها أو بعيده.
وكان أبوهما (1) من كبار العلماء، توفي سنة ثمان وأربع مئة.
وأخوهما هو الموفق هبة الله من كبار العلماء (2).
وولده هو أبو سهل محمد بن الموفق (3)، قديم الوفاة، كبير الشأن -
رحمهم الله -.
216 - ملك المغرب * *
أبو بكر بن عمر اللمتوني البربري.

* الاستدراك لابن نقطة، أعلام النساء 3 / 187.
(1) انظر ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (193).
(2) هو أبو محمد هبة الله المتوفي سنة 440 ه‍، وانظر ترجمته في " الذيل " للفارسي:
94، و " منتخب السياق ": الورقة / 139، و " طبقات " السبكي 5 / 354 - 355،
و " طبقات " الأسنوي 1 / 225.
(3) انظر ترجمته المتقدمة برقم (77).
(* *) الكامل 9 / 618 - 622، وفيات الأعيان 7 / 113، المختصر 2 / 174 - 175،
دول الاسلام 1 / 271، تتمة المختصر 1 / 537 - 538، البداية والنهاية 12 / 134، معجم
الأنساب والأسرات الحاكمة: 113، الاعلام 2 / 68.
425

ظهر بعد الأربعين وأربع مئة، فذكر علي بن أبي فنون قاضي مراكش أن
جوهرا - رجلا من المرابطين - قدم من الصحراء إلى بلاد المغرب ليحج -
والصحراء برية واسعة جنوبي فاس وتلمسان، متصلة بأرض السودان،
ويذكر لمتونة أنهم من حمير نزلوا في الجاهلية بهذه البراري، وأول ما فشا فيهم
الاسلام في حدود سنة أربع مئة، ثم آمن سائرهم، وسار إليهم من يذكر لهم
جملا من الشريعة، فحسن إسلامهم - ثم حج الفقيه المذكور، وكان دينا
خيرا، فمر بفقيه يقرئ مذهب مالك - ولعله أبو عمران الفاسي (1) بالقيروان -
فجالسه وحج، ورجع إلى، ثم قال: يا فقيه! ما عندنا في الصحراء من العلم
إلا الشهادتين والصلاة في بعضنا. قال: خذ معك من يعلمهم الدين. قال
جوهر: نعم وعلي كرامته. فقال لابن أخيه: يا عمر! اذهب مع هذا.
فامتنع، فقال لعبد الله بن ياسين: اذهب معه. فأرسله. وكان عالما قوي
النفس، فأتيا لمتونة، فأخذ جوهر بزمام جمل ابن ياسين تعظيما له، فأقبلت
المشيخة يهنئونه بالسلامة، وقالوا: من ذا؟ قال: حامل السنة. فأكرموه،
وفيهم أبو بكر بن عمر، فذكر لهم قواعد الاسلام، وفهمهم، فقالوا: أما
الصلاة والزكاة فقريب، وأما من قتل يقتل، ومن سرق قطع، ومن زنى
يجلد، فلا نلتزمه، فأذهب، فأخذ جوهر بزمام راحلته، ومضيا. وفي تلك
الصحارى المتصلة بإقليم السودان قبائل ينسبون إلى حمير، ويذكرون أن
أجدادهم خرجوا من اليمن زمن الصديق، فأتوا مصر، ثم غزوا المغرب مع
موسى بن نصير، ثم أحبوا الصحراء وهم: لمتونة، وجدالة، ولمطة،
وإينيصر، ومسوفة. قال: فانتهيا إلى جدالة، قبيلة جوهر، فاستجاب

(1) وكذا قال ابن الأثير في " الكامل " 9 / 618، وهو خطأ لان أبا عمران الفاسي قد توفي
سنة 430 ه‍، كما تقدم في ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (364).
426

بعضهم، فقال ابن ياسين للذين أطاعوه: قد وجب عليكم أن تقاتلوا هؤلاء
الجاحدين، وقد تحزبوا لكم، فانصبوا راية وأميرا. قال جوهر: فأنت
أميرنا. قال: لا، أنا حامل أمانة الشرع، بل أنت الأمير. قال: لو فعلت
لتسلطت قبيلتي، وعاثوا. قال: فهذا أبو بكر بن عمر رأس لمتونة، فسر
إليه، واعرض عليه الامر، إلى أن قال: فبايعوا أبا بكر، ولقبوه: أمير
المسلمين، وقام معه طائفة من قومه وطائفة من جدالة، وحرضهم ابن ياسين
على الجهاد، وسماهم المرابطين، فثارت عليهم القبائل، فاستمالهم أبو
بكر، وكثر جمعه، وبقي أشرار، فتحيلوا عليهم حتى زربوهم في مكان،
وحصروهم، فهلكوا جوعا، وضعفوا، فقتلوهم، واستفحل أمر أبي بكر بن
عمر، ودانت له الصحراء، ونشأ حول ابن ياسين جماعة فقهاء وصلحاء،
وظهر الاسلام هناك (1).
وأما جوهر، فلزم الخير والتعبد، ورأى أنه لا وضع له، فتألم، وشرع
في إفساد الكبار، فعقدوا له مجلسا، ثم أوجبوا قتله بحكم أنه شق العصا،
فقال: وأنا أحب لقاء الله. فصلى ركعتين، وقتل (2). وكثرت المرابطون،
وقتلوا، ونهبوا، وعاثوا، وبلغت الاخبار إلى ذلك الفقيه بما فعل ابن ياسين،
فاسترجع وندم، وكتب إليه ينكر عليه كثرة القتل والسبي، فأجاب يعتذر بأن
هؤلاء كانوا جاهلية يزنون، ويغير بعضهم على بعض، وما تجاوزت الشرع
فيهم.
وفي سنة خمسين وأربع مئة قحطت بلادهم، وماتت مواشيهم، فأمر

(1) انظر " الكامل " 9 / 618 - 620، و " المختصر " 2 / 174 - 175.
(2) انظر " الكامل " 9 / 620، و " المختصر " 2 / 175.
427

ابن ياسين ضعفاءهم بالمسير إلى السوس (1) وأخذ الزكاة، فقدم سجلماسة (2)
منهم سبع مئة، وسألوا الزكاة، فجمعوا لهم مالا، فرجعوا به، ثم ضاقت
الصحراء بهم، وأرادوا إعلان الحق، وأن يسيروا إلى الأندلس للغزو، فأتوا
السوس، فحاربهم أهلها، فقتل عبد الله بن ياسين، وانهزم أبو بكر بن عمر،
ثم حشد وجمع وأقبل، فالتقوه، فانتصر، وأخذ أسلابهم، وقوي جأشه، ثم
نازل سجلماسة، وطالب أهلها بالزكاة، فبرز لحربهم مسعود الأمير، وطالت
بينهم الحرب مرات، ثم قتلوا مسعودا، وملكوا سجلماسة، فاستناب أبو بكر
عليها يوسف بن تاشفين ابن عمه، فأحسن السيرة، وذلك في سنة ثلاث
وخمسين وأربع مئة، ورجع الملك أبو بكر إلى الصحراء، ثم قدم
سجلماسة، وخطب لنفسه، واستعمل عليها ابن أخيه، وجهز جيشه مع ابن
تاشفين، فافتتح السوس، وكان ابن تاشفين ذا هيئة شجاعا، سائسا (3).
توفي الملك أبو بكر اللمتوني بالصحراء في سنة اثنتين وستين وأربع
مئة (4)، فتملك بعده ابن تاشفين، ودانت له الأمم (5).
فأول من كان فيهم الملك من البربر صنهاجة، ثم كتامة، ثم لمتونة، ثم
مصمودة، ثم زناتة.
وقد ذكر ابن دريد أن كتامة ولمتونة وهوارة من حمير، ومن سواهم، فمن

(1) هي كورة في المغرب مدينتها طنجة، وهناك السوس الأقصى، كورة أخرى مدينتها
طرقلة، وبينهما مسيرة شهرين. انظر " معجم البلدان ".
(2) مدينة في جنوبي المغرب بينها وبين فاس عشرة أيام تلقاء الجنوب. " معجم
البلدان ".
(3) انظر " الكامل " 9 / 621 - 622، و " المختصر " 2 / 175، و " وفيات الأعيان "
7 / 113.
(4) وقد أورد ابن كثير وفاته سنة 480 وهو خطأ، وتابعه على ذلك زامباور في " معجم
الأسرات الحاكمة " والزركلي في " أعلامه ".
(5) " الكامل " 9 / 622.
428

البربر، وبربر من ولد قيذار بن إسماعيل.
ويقال: إن دار البربر كانت فلسطين، وملكهم هو جالوت، فلما قتله
نبي الله داود، جلت البربر إلى المغرب، وانتشروا إلى السوس الأقصى،
فطول أراضيهم نحو من ألف فرسخ. وغزا المسلمون فيهم في زمن بني أمية،
وأسلم خلق منهم، وسبي من ذراريهم، وكانت والدة المنصور بربرية، ووالدة
عبد الرحمن الداخل بربرية، فكان يقال: تملك ابنا بربريتين الدنيا. ثم كان
الذين أسلموا خوارج وإباضية (1)، حاربوا مرات، وراموا الملك، إلى أن سار
إليهم داعي المهدي، فاستمالهم، وأفسد عقائدهم، وقاموا مع المهدي (2)،
وتملك المغرب بهم، ثم سار المعز (3) - من أولاده - في جيش من البربر،
فأخذ الديار المصرية، ثم في كل وقت يثور بعضهم على بعض وإلى اليوم،
وفيهم حدة وشجاعة، وإقدام على الدماء، وهم أمم لا يحصون، وقد تملكوا
الأندلس سنة إحدى وأربع مئة، وفعلوا العظائم، ثم ثاروا من الصحراء - كما
ذكرنا - مع أبي بكر بن عمر، وتملكوا نحوا من ثمانين سنة، حتى خرج من
جبال درن (4) ابن تومرت (5)، وفتاه عبد المؤمن (6)، وتملكوا المغرب،

(1) الأباضية: هم أصحاب عبد الله بن إباض الذي خرج في أيام مروان بن محمد، قالوا
إن مخالفينا من أهل القبلة كفار غير مشركين، ومناكحتهم جائزة، وموارثتهم حلال، وغنيمة
أموالهم من السلاح والكراع عند الحرب حلال وما سواه حرم. وحرام قتلهم وسبيهم في السر غيلة
إلا بعد نصب القتال وإقامة الحجة وقد انقسموا عدة فرق. انظر " الملل والنحل " للشهرستاني
1 / 134، و " الفرق بين الفرق ": 82.
(2) هو أبو محمد عبيد الله العلوي. وقد تقدمت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (65).
(3) هو معد بن المنصور إسماعيل. وقد تقدمت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (68).
(4) هو جبل من جبال البربر بالمغرب، فيه عدة قبائل وبلدان وقرى. (ياقوت).
(5) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت المهدي، ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر
برقم (318).
(6) هو أبو محمد عبد المؤمن بن علي بن علوي، ستأتي ترجمته في الجزء العشرين. برقم
(254).
429

ومحوا الدولة اللمتونية، ودام ملكهم مئة وثلاثين سنة، حتى خرج عليهم بنو
مرين، فللملك في أيديهم إلى الآن سبعون سنة، وعظمت دولة السلطان
الفقيه أبي الحسن علي المريني، ودانت له المغرب، وقتل صاحب تلمسان،
وله جيش عظيم، وهيبة قوية، وفيه دين وعدل وعلم.
217 - ابن الشبل *
شاعر العصر، أبو علي، محمد بن الحسين بن عبد الله بن أحمد بن
الشبل (1) بن أسامة السامي (2)، البغدادي، الحريمي.
له ديوان مشهور.
حدث عن: أبي الحسن بن البادي (3)، وغيره.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وأبو الحسن بن عبد السلام،
وأبو سعد بن الزوزني، وشجاع الذهلي، وآخرون.
ونظمه في الذروة (4).

* دمية القصر 2 / 907 - 908، الأنساب المتفقة: 82 - 83، الأنساب: 7 / 284،
المنتظم 8 / 328 - 329، معجم الأدباء 10 / 23 - 25، المحمدون من الشعراء: 270،
اللباب 2 / 183، طبقات الأطباء: 333 - 340، وفيات الأعيان 4 / 393، ذكره في ترجمة ابن
نقطة وفيه ابن أبي الشبل، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 8 - 9، الوافي بالوفيات 3 / 11 -
16، فوات الوفيات 3 / 340 - 344، البداية والنهاية 12 / 121 - 122، البدر السافر: 91،
النجوم الزاهرة 5 / 111، كشف الظنون 766، 813.
(1) ورد اسمه في " معجم الأدباء ": الحسين بن عبد الله بن يوسف بن أحمد بن شبل،
ومثله في " طبقات الأطباء ".
(2) السامي: نسبة إلى سامة بن لؤي بن غالب " الأنساب ".
(3) تحرفت في " المنتظم " إلى " البلدي "، وتصحفت في " المستفاد " و " الوافي "
إلى: " الباذي ".
(4) ومن نظمه قصيدته الرائية التي نسبت للشيخ ابن سينا وليست له، وقيل: إن فيها ما يدل
على فساد عقيدته وأولها:
بربك أيها الفلك المدار * أقصد ذا المسير أم اضطرار
انظر " معجم الأدباء " 10 / 24 - 30، و " فوات الوفيات " 3 / 341، و " الوافي "
3 / 11 - 12، و " طبقات الأطباء ": 333 - 335.
430

كتب عنه الحافظ الخطيب، وطول ابن النجار ترجمته بمقطعات.
مات في المحرم سنة ثلاث (1) وسبعين وأربع مئة، وله اثنتان وسبعون
سنة.
وقد سمع " غريب الحديث " من ابن البادي.
218 - أتسز *
ابن أوق (2) الخوارزمي، صاحب دمشق، من كبار ملوك الظلم.
قال هبة الله بن الأكفاني: غلت الأسعار في سنة حصار الملك أتسز
دمشق، وبلغت الغرارة أزيد من عشرين دينارا، ثم تملك البلد صلحا، ونزل
في دار الامارة داخل باب الفراديس (3)، وخطب للمقتدي بالله العباسي،
وقطعت دعوة المصريين، وذلك في سنة ثمان وستين (4).

(1) في " الأنساب " و " اللباب " أنه توفي سنة نيف وسبعين، وفي " معجم الأدباء "
و " طبقات الأطباء ": سنة أربع وسبعين.
* الكامل في التاريخ 10 / 68، 99 - 100، 103 - 104، 111، المختصر 2 / 187 وفيها
يوسف بن أبق، و 192، و 193 - 194، دول الاسلام 1 / 273 و 3 - 4 و 5، العبر 3 / 252،
266، 269، 274 - 275، تتمة المختصر 1 / 63، 69، 571، الوافي بالوفيات 6 / 195،
البداية والنهاية 12 / 112 - 113 و 119، النجوم الزاهرة 5 / 87، 101 - 102، تهذيب ابن
عساكر 2 / 334، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة: 46.
(2) تحرف في " تهذيب ابن عساكر " إلى: " آف " وتصحف في " البداية " إلى " أوف ".
(3) هو أحد أبواب مدينة دمشق الثمانية، ويقع إلى الشمال منها، ويسمى اليوم: باب
العمارة.
(4) انظر " تهذيب ابن عساكر " 2 / 334، و " الكامل " 10 / 99، و " المختصر "
2 / 192.
431

وقال ابن عساكر: ولي أتسز دمشق بعد حصاره إياها دفعات، وأقام
الدعوة العباسية، وتغلب على أكثر الشام، وقصد مصر ليأخذها، فلم يتم
ذلك، ثم جهز المصريون إلى الشام عسكرا ثقيلا، سنة إحدى وسبعين،
فعجز عنهم، واستنجد بتاج الدولة تتش (1)، فقدم تتش دمشق، وغلب
عليها، وقتل أتسز في ربيع الآخر، وتم الامر لتتش، وكان أتسز قد أنزل جنده
في دور الناس، واعتقل من الرؤساء جماعة، وشمسهم (2) بمرج راهط (3)،
حتى افتدوا أنفسهم بمال كثير، ونزح جماعة منهم إلى طرابلس (4). وقد قتل
بالقدس خلقا كثيرا منهم قاضيها، وفعل العظائم حتى قلعه الله تعالى. والعامة
تسميه أقسيس (5).
219 - الجرجاني *
شيخ العربية، أبو بكر، عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني.
أخذ النحو بجرجان عن أبي الحسين محمد بن حسن بن أخت الأستاذ
أبي علي الفارسي.

(1) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (46).
(2) في " العبر " 3 / 275: وصادر الناس، وعذبهم في الشمس.
(3) هو مرج بنواحي مدينة دمشق: انظر " معجم البلدان ".
(4) الخبر بنحوه في " تهذيب ابن عساكر " 2 / 334.
(5) انظر " الكامل " 10 / 103.
* نزهه الألبا: 363 - 364، إنباه الرواة 2 / 188 - 190، دول الاسلام 2 / 5، العبر
3 / 277، تلخيص ابن مكتوم: 112 - 113، فوات الوفيات 2 / 369 - 370، مرآة الجنان
3 / 101، طبقات السبكي 5 / 149 - 150، طبقات الأسنوي 2 / 491 - 492، طبقات النحاة
لابن قاضي شهبة 2 / 94 - 95، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: 25 / أ، النجوم الزاهرة
5 / 108، بغية الوعاة 2 / 106، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 330 - 331، مفتاح السعادة
1 / 177، كشف الظنون 1 / 83، 120، 212، 453، 454، 602، 759 و 2 / 1169،
1179، 1621، 1769، شذرات الذهب 3 / 340 - 341، روضات الجنات: 143، هدية
العارفين 1 / 606، وكتاب " عبد القاهر والبلاغة العربية " للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي.
432

وصنف شرحا حافلا " للايضاح " (1)، يكون ثلاثين مجلدا، وله
" إعجاز القرآن " (2) ضخم، و " مختصر شرح الايضاح "، ثلاثة أسفار،
وكتاب " العوامل المئة " (3)، وكتاب " المفتاح "، وفسر الفاتحة في مجلد،
وله " العمد (4) في التصريف "، و " الجمل "، وغير ذلك (5).
وكان شافعيا، عالما، أشعريا، ذا نسك ودين.
قال السلفي: كان ورعا قانعا، دخل عليه لص، فأخذ ما وجد، وهو
ينظر، وهو في الصلاة فما قطعها (6). وكان آية في النحو.
توفي سنة إحدى وسبعين وأربع مئة وقيل: سنة أربع وسبعين - رحمه
الله -.
220 - ابن زيرك *
العلامة، شيخ همذان، أبو الفضل، محمد بن عثمان بن أحمد بن

(1) هو كتاب " الايضاح في النحو " لأبي علي الفارسي المتوفى سنة 377 ه‍، قال حاجي
خليفة عند الكلام عليه: وقد اعتنى به جمع من النحاة، وصنفوا له شروحا، وعلقوا عليه، منهم
الشيخ العلامة عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني المتوفى سنة 471، كتب أولا شرحا مبسوطا
في نحو ثلاثين مجلدا، وسماه " المغني " ثم لخصه في مجلد، وسماه " المقتصد ". وله
مختصر " الايضاح " المسمى ب‍ " الايجاز ".
(2) وقد طبع بمصر.
(3) في النحو، وقد طبع في ليدن عام 1617 م، ثم في كلكتة عام 1803 ج، ثم في
بولاق عام 1247 ه‍.
(4) في " كشف الظنون " و " فوات الوفيات " و " طبقات " السبكي: " العمدة ".
(5) ومن مصنفاته العظيمة المشهورة كتاب " أسرار البلاغة " في علم البيان. وكتاب
" دلائل الاعجاز " في علم المعاني، وكلاهما مطبوع.
(6) انظر " طبقات " السبكي 5 / 149، و " طبقات " الأسنوي 2 / 492.
* معجم البلدان 4 / 414، العبر 3 / 277، تذكرة الحفاظ 3 / 1177، الوافي بالوفيات
4 / 84، شذرات الذهب 3 / 341.
433

محمد بن علي بن مزدين (1) القومساني (2) ثم الهمذاني. عرف بابن زيرك (3).
ولد سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبيه، وعمه أبي منصور محمد، وعلي بن أحمد بن
عبدان، ويوسف بن كج الفقيه، والحسين بن فنجويه (4)، وعدة. بالإجازة
عن أبي الحسن بن رزقويه، وأبي عبد الرحمن السلمي.
قال شيرويه: أكثرت عنه، وكان ثقة صدوقا، له شأن وحشمة، ويد في
التفسير، فقيها، أديبا، متعبدا (5). مات في ربيع الآخر، سنة إحدى
وسبعين (6). وقبره يزار، ويتبرك به (7). سمعته يقول: مرضت، واشتد
الامر، فكان أبي يقول: يا بني! أكثر ذكر الله. فأشهدته علي أنني على
الاسلام والسنة، فرأيت وأنا في تلك الحال كأن هيبة دخلتني، فإذا أنا برجل
ذي هيبة وجمال، كأنه يسبح في الهواء، فقال لي: قل. فقلت: نعم. فكرر
علي، ثم قال لي: قل: الايمان يزيد وينقص، والقرآن غير مخلوق بجميع

(1) كذا في الأصل بالزاي، وفي " معجم البلدان " و " الوافي بالوفيات ": مردين، بالراء
المهملة.
(2) نسبة إلى قومسان من نواحي همذان. (ياقوت).
(3) تصحفت في " شذرات الذهب " إلى: زبرك بالباء الموحدة.
(4) تصحفت في " العبر " إلى: فتحويه.
(5) الخبر في " معجم البلدان " 4 / 414.
(6) أي أربع مئة، وفي " الوافي ": وثلاث مئة، وهو خطأ بين.
(7) الزيارة المشروعة للقبور تكون لتذكر الزائر بالآخرة، ولنفع الموتى بالدعاء لهم بما ثبت
عنه صلى الله عليه وسلم " السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين
والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون " وفي رواية " أسأل الله لنا ولكم العافية ".
وأما الزيارة للتبرك بالميت مهما كان شأن هذا الميت، فليس مما يقره الشرع، بل هو مما
ابتدعه العامة والدهماء ممن لا بصر له بحقائق الدين الاسلامي الحنيف.
434

جهاته، وإن الله يرى في الآخرة. قلت: لست أطيق أن أقول من الهيبة.
فقال: قل معي. فأعاد الكلمات، فقلتها معه، فتبسم، وقال: أنا أشهد لك
عند العرش. فأردت أن أسأله: هل أنا ميت، فبدر، وقال: أنا لا أدري.
فقلت في نفسي: هذا ملك، وعوفيت. وسمعت يقول في قوله عليه السلام:
" متعني بسمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني " (1) عنى أبا بكر وعمر (2)،
لأنه (3) رآهما، فقال: " هما من الدين بمنزلة السمع والبصر " (4). فورثا
خلافة النبوة.

(1) قطعة من حديث مطول أخرجه الترمذي (3502) في الدعوات، وابن السني رقم
(440) من حديث ابن عمر، وحسنه الترمذي، وهو كما قال وصححه الحاكم 1 / 528، ووافقه
الذهبي ونصه بتمامه، قال ابن عمر: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء
الدعوات لأصحابه: " اللهم أقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما
تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما
أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل
مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا "
وأخرجه الحاكم 1 / 523 من حديث أبي هريرة قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم متعني
بسمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني، وانصرني على من ظلمني وأرني فيه ثأري " وسنده
حسن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(2) لم يتابع على هذا التفسير، وهو غريب جدا، قال البغوي في " شرح السنة "
5 / 175: قيل: أراد بالسمع: وعي ما يسمع والعمل به، وبالبصر الاعتبار بما يرى، وقيل:
يجوز أن يكون أراد بقاء السمع والبصر بعد الكبر وانحلال القوى، فيكون السمع والبصر وارثي
سائر القوى، والباقيين بعدها، ورد الهاء إلى الامتاع، فلذلك وحده، فقال: " واجعله الوارث
منا ".
(3) في الأصل: لأنهما.
(4) حديث قوي رواه الترمذي (3671) والحاكم 3 / 69 وصححه من حديث عبد الله بن
حنطب بلفظه " هذان السمع والبصر يعني أبا بكر وعمر " وأخرجه الخطيب 8 / 459، 460 من
حديث جابر بن عبد الله بلفظ " أبو بكر وعمر من هذا الدين كمنزلة السمع والبصر من الرأس " وسنده
حسن وله شاهد من حديث عمرو بن العاص وآخر من حديث حذيفة بن اليمان ذكرهما الهيثمي في
" المجمع " 9 / 52، 53، ونسب الأول للطبراني في " الكبير " والثاني للطبراني في
" الأوسط ".
435

221 - ابن موسى الخياط *
الشيخ الامام، مقرئ الوقت، أبو بكر، محمد بن علي بن محمد بن
موسى بن جعفر البغدادي، الحنبلي، الخياط.
ولد سنة ست وسبعين وثلاث مئة.
تلا بالروايات على أبي أحمد الفرضي، وأبي الحسين السوسنجردي،
وبكر بن شاذان، وعبيد الله المصاحفي، وأبي الحسن الحمامي.
وسمع من الفرضي، وأحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي، وأبي
عبد الله أحمد بن محمد بن دوست، وأبي عمر بن مهدي، وإسماعيل بن
الحسن الصرصري، وعدة.
قرأ عليه: محمد بن الحسين المزرفي (1)، وهبة الله بن الطبر،
والحسين بن محمد البارع، ورووا عنه.
حدث عنه: الخطيب في " تاريخه "، وعبد الله بن أحمد اليوسفي،
ويحيى بن الطراح، وعبد الخالق بن البدن، وأبو منصور القزاز، وآخرون.
قال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن أبي بكر الخياط، فقال:
كان شيخا ثقة في الحديث والقراءة، صالحا، صابرا على الفقر.
وقال ابن ياسر البرداني: كان أبو بكر من البكائين عند الذكر، قد أثرت
الدموع في خديه.

* طبقات الحنابلة 2 / 232 - 234، المنتظم 8 / 297، مناقب الإمام أحمد: 521،
معرفة القراء الكبار 1 / 343 - 344، العبر 3 / 265 - 266، الوافي بالوفيات 4 / 136، غاية
النهاية 2 / 208 - 209، شذرات الذهب 3 / 329.
(1) بالفتح وسكون الزاي وفتح الراء ثم فاء، كما في " تبصير المنتبه " 4 / 1361، وقد
تصحف في الأصل، و " غاية النهاية " إلى: المزرقي بالقاف في آخره.
436

قلت: كان من المقرئين العباد، ذا قناعة وتعفف وفقر، وممن تلا عليه
محمد بن علي بن منصور شيخ أبي العلاء الهمذاني، وروى عنه بالإجازة أبو
الكرم الشهرزوري.
قال أبو الفضل بن خيرون: توفي في جمادى الأولى، سنة سبع
وستين (1) وأربع مئة في رابعه.
222 - ابن أسيد *
الجليل الصالح، أبو بكر، محمد بن أحمد بن أسيد بن عبد الله بن
محمد بن الحسن بن المحدث أسيد بن عاصم الثقفي الأصبهاني المديني.
حدث عن: الحافظ أبي عبد الله بن مندة.
روى عنه: أبو نصر البار، ويحيى بن منده، والحسين بن عبد الملك
الخلال.
وكان ذا علم ورئاسة وأصالة.
توفي في شعبان، سنة ثمان وستين وأربع مئة.
223 - الصفار * *
مفتي نيسابور، أبو بكر، محمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس
النيسابوري، الشافعي، الصفار.

(1) في " الوافي بالوفيات ": توفي سنة ثمان وستين.
* لم نعثر له على ترجمة فيما بين أيدينا من مصادر.
(* *) المنتظم 8 / 299 - 300 وفيه: الصفاري، الكامل لابن الأثير 10 / 101، طبقات ابن
الصلاح: الورقة / 20، العبر 3 / 268، طبقات السبكي 4 / 194 - 195، طبقات الأسنوي
2 / 139، شذرات الذهب 3 / 331.
437

سمع أبا نعيم المهرجاني، وأبا الحسن العلوي، وأبا عبد الله الحاكم.
وعنه: زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وغيرهما.
قال أبو سعد السمعاني: تفقه بأبي محمد الجويني، وخلفه في حلقته
لما حج، وسمعت أبا عاصم العبادي يقول: ما رأيت أحسن فتيا من الصفار ولا
أصوب (1).
قال السمعاني: توفي في ربيع الآخر، سنة ثمان وستين وأربع مئة،
وقيل: ربيع الأول.
224 - صاحب الجبلي *
الأديب، شاعر بغداد، أبو طاهر، محمد بن علي بن أحمد بن صالح
المؤدب (2).
يروي عن: أبي علي بن شاذان.
وعنه: أبو غالب القزاز، وجماعة.
ونظمه بديع (3).
مات سنة تسع وستين وأربع مئة، وله نيف وثمانون سنة.

(1) انظر " طبقات " السبكي 4 / 195، و " طبقات " الأسنوي 2 / 139.
* الوافي 4 / 128. والجبلي: هو محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم أبو الخطاب
البغدادي الشاعر المعروف بالجبلي - نسبة إلى جبل: وهي بلدة على الدجلة بين بغداد وواسط -
المتوفى سنة 439 ه‍، انظر ترجمته في: تتمة اليتيمة 1 / 87، تاريخ بغداد 3 / 101 - 103،
الاكمال 3 / 227، الأنساب 3 / 183، المنتظم 8 / 135، الكامل 9 / 543، الوافي بالوفيات
4 / 124 - 125، والنجوم الزاهرة 5 / 44.
(2) زاد الصفدي: المعروف بابن العلاف، وبابن المكور.
(3) انظر شيئا منه في " الوافي بالوفيات " 4 / 128.
438

225 - ابن بابشاذ *
إمام النحاة، أبو الحسن، طاهر بن أحمد بن بابشاذ المصري،
الجوهري، صاحب التصانيف (1).
قدم بغداد تاجرا في اللؤلؤ، وأخذ عن علمائها، ثم قرر له الذهب في
ديوان الانشاء ليحرر عربية الترسل (2).
أخذ عنه: أبو القاسم بن الفحام، ومحمد بن بركات السعيدي. ثم
تزهد وتعبد، ولزم جامع مصر (3).

* نزهة الألبا: 361، المنتظم 8 / 309، معجم الأدباء 12 / 17 - 19، إنباه الرواة
2 / 95 - 97، الكامل لابن الأثير 10 / 106، وفيات الأعيان 2 / 515 - 517، المختصر
2 / 193، العبر 3 / 271، تلخيص ابن مكتوم: 87 - 88، تتمة المختصر 1 / 571، مسالك
الابصار 4 / 3 / 459 - 461، الوافي بالوفيات 16 / 390، مرآة الجنان 3 / 98، البداية والنهاية
12 / 116، إشارة التعيين: الورقة 22 - 23، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 87، النجوم الزاهرة
5 / 105، حسن المحاضرة 1 / 532، بغية الوعاة 2 / 17، كشف الظنون 1 / 111 - 423،
603 - 604، و 2 / 1612، 1794، 1804، شذرات الذهب 3 / 333، الفلاكة
والمفلوكون: 116، روضات الجنات: 338. قال ابن خلكان: وبابشاذ: بباءين موحدتين
بينهما ألف ثم شين معجمة وبعد الألف الثانية ذال معجمة، وهي كلمة عجمية تتضمن الفرح
والسرور.
(1) ذكر أبو البركات الأنباري: أن صنف مقدمة في النحو، وسماها " المحتسب " -
(ويوجد منها ثلاث نسخ في دار الكتب المصرية) - وشرح كتاب " الجمل " للزجاجي، وذكر
القفطي أنه جمع تعليقه كبيرة في النحو، لو بيضت قاربت خمسة عشر مجلدا، وسماها النحاة
بعده " تعليق الغرفة "، وذكر ابن خلكان أن له كتاب " شرح الأصول " لابن السراج. وانظر
" هدية العارفين " 1 / 430.
(2) فيصلح ما يراه في الرسائل من الخطأ في الهجاء أو النحو أو اللغة. انظر " إنباه الرواة "
2 / 95، و " معجم الأدباء " 12 / 18، و " وفيات الأعيان " 2 / 516، و " بغية الوعاة " 2 / 17.
(3) انظر ما حكي في سبب تزهده في " وفيات الأعيان " 2 / 516، و " إنباه الرواة "
2 / 96 - 97، و " بغية الوعاة " 2 / 17. وجامع مصر هو جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه.
439

توفي سنة تسع وستين وأربع مئة، سقط من المنارة، فتلف (1).
226 - أبو عمرو بن منده *
الشيخ، المحدث، الثقة، المسند الكبير، أبو عمرو (2)، عبد
الوهاب بن الحفاظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن الحافظ محمد بن يحيى
ابن منده، العبدي، الأصبهاني، أحد الاخوة، وكان أصغر من أخويه الحافظ
عبد الرحمن (3) وعبيد الله (4).
سمع أباه، فأكثر، وأبا إسحاق بن خرشيذ قوله، وأبا عمر بن عبد
الوهاب السلمي، وأبا محمد الحسن بن يوه، وجعفر بن محمد الفقيه،
ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وأبا بكر بن مردويه، وخلقا بأصبهان، وأبا
سعيد محمد بن موسى الصيرفي، وطبقته بنيسابور، وسمع بشيراز وهمذان
ومكة والري.
وكان يسافر في التجارة، وله فوائد في عدة أجزاء مروية.
حدث عنه: المؤتمن الساجي، وابنه يحيى بن عبد الوهاب الحافظ،
ومحمد بن طاهر، وإسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي، وأبو نصر أحمد
ابن عمر الغازي، وأخوه خالد بن عمر، وأبو سعد أحمد بن محمد بن

(1) انظر " المنتظم " 8 / 309، و " معجم الأدباء " 12 / 18 - 19، و " الكامل "
10 / 106، و " وفيات الأعيان " 2 / 516 - 517، و " إنباه الرواة " 2 / 97، وفيه: قيل إن وفاته
كانت سنة أربع وخمسين وقيل بعد ذلك.
* المنتظم 9 / 5، الكامل 10 / 128، دول الاسلام 2 / 6، العبر 3 / 282، البداية
والنهاية 12 / 123، شذرات الذهب 3 / 348.
(2) تحرفت في " البداية " إلى: عمر.
(3) تقدمت ترجمته برقم (168).
(4) تقدمت ترجمته برقم (169).
440

البغدادي، وأحمد بن محمد بن الفتح الملقب بالغيج، والحسين بن عبد
الملك الخلال، والحسن بن العباس الرستمي، ومسعود بن الحسن الثقفي،
وأبو الخير محمد بن أحمد الباغبان، وخلق كثير.
وكان طويل الروح على الطلبة، طيب الخلق، محسنا، متواضعا.
كان يقال له: أبو الأرامل.
قال ولده يحيى: فضائله كثيرة. ولد سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة،
وكان رحيما للفقراء، وله أولاد: محمد وإسحاق، وعبد الملك، وإبراهيم،
ويحيى، وعائشة. وأمهم هي فاطمة بنت الشيباني. سمعت أبي أبا عمرو:
كان أبي ربما أنامني إلى جنبه في الفراش، وكان أسمر، وكنت أبيض، فكان
يمازحني، ويعانقني.
قال أبو سعد السمعاني: رأيتهم بأصبهان مجتمعين على الثناء على أبي
عمرو والمدح له، وكان شيخنا إسماعيل الحافظ مكثرا عنه، وكان يثني
عليه، ويفضله على أخيه عبد الرحمن.
وقال المؤتمن الساجي: لم أر شيخا أقعد ولا أثبت من عبد الوهاب في
الحديث، وقرأت عليه حتى فاضت نفسه، وفجعت به.
قال يحيى: مات أبي في تاسع عشر جمادى الآخرة، سنة خمس
وسبعين وأربع مئة.
أخبرنا سليمان بن قدامة، وفاطمة بنت سليمان، عن محمود بن
إبراهيم، أخبرنا محمد بن أحمد المؤذن، سنة ست وخمسين وخمس مئة،
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن
الحسين القطان، حدثنا عبد الرحمن بن بشر، حدثنا أزهر، عن ابن عون،
441

عن ابن سيرين: أن أنس بن مالك كان إذا دخل الخلاء وضع له أشنان وماء.
هذا خبر صحيح موقوف.
ومات معه أبو بكر محمد بن أحمد بن علي السمسار (1)، وأبو الفضل
المطهر بن عبد الواحد البزاني (2)، وأبو أحمد جعفر بن عبد الله بن أحمد
الطليطلي عن بضع وثمانين سنة، وسهل بن عبد الله بن علي الغازي، وفيها
- باختلاف - الحافظ الأمير أبو نصر بن ماكولا (3).
227 - كلار *
الشيخ، المسند، الصالح، بقية المشايخ، أبو منصور، عبد الرحمن
ابن محمد (4) بن عفيف البوشنجي، الهروي، المعروف بكلار، وبكلاري.
سمع عبد الرحمن بن أبي شريح، وكان هو وبيبى (5) آخر أصحابه موتا.
حدث عنه: ابن طاهر، ووجيه الشحامي، وزهير بن علي
السرخسي، والحسن بن محمد بن محمد السنجبستي، وفضيل بن
إسماعيل، وأبو الوقت السجزي، وعبد الجليل بن أبي سعد، ومحمد بن
إسماعيل الفضيلي، ومنصور بن علي الحجري، وآخرون.
وقد وثق.
وقع لي جزء من طريقه.

(1) سترد ترجمته برقم (248).
(2) سترد ترجمته برقم (278).
(3) سترد ترجمته برقم (298).
* المشتبه 2 / 555، تبصير المنتبه 3 / 1199.
(4) في " تبصير المنتبه ": عبد الرحمن بن علي بن محمد.
(5) هي بيبى بنت عبد الصمد الهرثمية الهروية، وقد تقدمت ترجمتها برقم (201).
442

توفي في رمضان سنة سبع وسبعين وأربع مئة ببوشنج.
قرأت على أحمد بن عبد الرحمن العلوي، وأحمد بن محمد الحلبي
في وقتين، أخبركما عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا عبد
الرحمن بن محمد، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح، أخبرنا أبو القاسم
البغوي، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا علي بن مسهر قال: سمعت أنا وحمزة
الزيات من أبان بن أبي عياش خمس مئة حديث. أو ذكر أكثر، فأخبرني حمزة
الزيات قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فعرضتها عليه، فما عرف منها إلا
اليسير، خمسة أو ستة أحاديث، فتركت الحديث عنه.
أخرجها مسلم في مقدمة " الصحيح " (1)، عن سويد، فوقع موافقة
عالية بدرجة.
228 - الزينبي *
الشيخ الصالح، الزاهد، الشريف، مسند الوقت، أبو نصر، محمد
ابن محمد بن علي بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن محمد بن
سليمان بن عبد الله بن محمد بن الإمام إبراهيم بن محمد بن علي بن البحر
عبد الله بن العباس الهاشمي، العباسي، الزينبي، البغدادي.
ولد في صفر، سنة سبع (2) وثمانين وثلاث مئة. أرخه السمعاني.

(1) 1 / 25، والخبر في " الضعفاء " ورقه 14 للعقيلي، ومن طريقه رواه السيوطي في
تحذير الخواص ص 140.
* تاريخ بغداد 3 / 238 - 239، الاكمال 4 / 202، الأنساب 6 / 346، المنتظم
9 / 33 - 34، الكامل لابن الأثير 10 / 159، المختصر 2 / 199، دول الاسلام 2 / 10، العبر
3 / 295، تتمة المختصر 2 / 9، الوافي بالوفيات 1 / 121، شذرات الذهب 3 / 364.
(2) تصحفت في " المنتظم " 9 / 34 إلى: تسع، وهو خطأ، فقد ذكر أنه عاش ثلاثا
وتسعين سنة.
443

وسمع أبا طاهر المخلص، وأبا بكر محمد بن عمر بن زنبور، وأبا
الحسن بن الحمامي، وغيرهم. وكان آخر من حدث عن المخلص وابن زنبور
في الدنيا.
روى عنه: الحميدي، وابن الخاضبة، والبرداني، وابن طاهر،
ومؤتمن الساجي، وأبو نصر الغازي، وإسماعيل بن محمد التيمي،
وإسماعيل بن السمرقندي، وعلي بن طراد، وأخوه محمد، ووجيه
الشحامي، ومحمد بن القاسم الشهرزوري الموصلي، وقاضي سنجار
مظفر بن أبي أحمد، وأحمد بن محمد بن المؤيد بالله، وأبو الفضل محمد
ابن عمر الأرموي، وأبو بكر بن الزاغوني، وأبو محمد المادح، وخلق كثير
آخرهم موتا هبة الله بن أحمد الشبلي، وبقي بعده يروي عنه بالإجازة أبو
الفتح بن البطي.
قال السمعاني: أبو نصر شريف زاهد، صالح دين، متعبد، هجر
الدنيا في حداثته، ومال إلى التصوف، وكان منقطعا في رباط شيخ الشيوخ أبي
سعد، انتهى إليه إسناد البغوي، ورحل إليه الطلبة. قال: وسمعت أبا الفضل
ابن المهتدي بالله يقول: كان أبو نصر الزينبي إذا قرئ عليه اللحن، رده لكثرة
ما قرئت عليه تلك الأجزاء. قال: وسمعت إسماعيل الحافظ بأصبهان يقول:
رحل أبو سعد البغدادي إلى أبي نصر الزينبي، فدخل بغداد، ولم يلحقه،
فحين أخبر بموته خرق ثوبه، ولطم، وجعل يقول: من أين لي علي بن الجعد
عن شعبة؟ فسألت إسماعيل عن الزينبي، فقال: زاهد، صحيح السماع،
آخر من حدث عن المخلص.
قال السمعاني وغيره: مات في الحادي والعشرين من جمادى الآخرة،
444

سنة تسع (1) وسبعين وأربع مئة.
أخبرنا علي بن أحمد المعدل، أخبرنا محمد بن أحمد، أخبرنا محمد
ابن عبيد الله، أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد، أخبرنا أبو طاهر المخلص،
حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا حماد بن
زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن بلال رضي الله عنهم: " أن
النبي صلى الله عليه وسلم صلى بين العمودين تلقاء وجهه في جوف الكعبة ".
أخرجه مسلم (2) عن أبي الربيع.

(1) في " الأنساب " 6 / 346: سنة نيف وسبعين.
(2) رقم (1329) (389) في الحج: باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره والصلاة
فيه، وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 398 في الحج: باب الصلاة في البيت، ومن طريقه
البخاري (504) في سترة المصلي: باب الصلاة بين السواري في غير جماعة، ومسلم (1329)
عن نافع، عن ابن عمر، وهو في البخاري (397) و (498) و (505) و (506) و (1167)
و (1598) و (1599) و (2988) و (4289) و (4400).
445

الطبقة الخامسة والعشرون
229 - النوقاني *
الشيخ، الامام، الفقيه، الصالح، المسند، أبو القاسم، إسماعيل
ابن زاهر بن محمد النوقاني ثم النيسابوري.
سمع أبا الحسن العلوي، وأبا الطيب الصعلوكي، وعبد الله بن يوسف
ابن بامويه، وأبا طاهر بن محمش، وعدة بنيسابور، وأبا الحسين بن بشران،
وطبقته ببغداد، وجناح بن نذير المحاربي بالكوفة، وأبا عبد الله بن نظيف
بمكة.
حدث عنه: زاهر بن طاهر، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي،
وإسماعيل بن عبد الرحمن القاري، وعبد الكريم بن محمد الدامغاني،
وسعيد بن علي الشجاعي، وعائشة بنت أحمد الصفار، وأبو الفتوح عبد الله
الخركوشي، وعبد الكريم بن علي العلوي، وعبد الملك بن عبد الواحد،
ومحمد بن جامع خياط الصوف.

(1) الأنساب: 571 ب، المنتظم 9 / 31، المنتخب: الورقة: 40 أ، المشتبه
1 / 66، العبر 3 / 294، طبقات السبكي 4 / 270 - 271، شذرات الذهب 3 / 363، وقد تقدم
التعريف بهذه النسبة في الترجمة رقم (2).
446

ومن سماعاته كتاب " تاريخ " يعقوب الفسوي، من ابن الفضل
القطان، عن ابن درستويه، عنه.
قال عبد الغافر الفارسي أو غيره: تفقه على أبي بكر الطوسي، وعقد
مجلس الاملاء، وأفاد الكثير: مولده في سنة سبع وتسعين وثلاث مئة، ومات
في سنة تسع وسبعين وأربع مئة، وقديم سماعه بالحضور.
وفيها توفي شيخ الشيوخ أبو سعد أحمد بن محمد بن دوست (1) ببغداد،
وجعبر بن سابق الأمير (2)، وطاهر بن محمد الشحامي (3)، وسليمان بن
قتلمش صاحب قونية (4)، وأبو علي التستري (5)، وعلي بن فضال
المجاشعي (6) شيخ النحو، ومحمد بن عبيد الله الصرام (7)، ومسند وقته أبو
نصر الزينبي (8).
230 - ابن اللالكائي *
الفقيه أبو بكر، محمد بن الحافظ هبة الله (9) بن الحسن بن منصور

(1) سترد ترجمته برقم (254).
(2) سترد ترجمته برقم (282).
(3) سترد ترجمته برقم (231).
(4) سترد ترجمته برقم (232).
(5) سترد ترجمته برقم (245).
(6) سترد ترجمته برقم (268).
(7) سترد ترجمته برقم (247).
(8) تقدمت ترجمته، قبل هذه الترجمة.
* الأنساب " اللالكائي "، المنتظم 8 / 324 - 325، الكامل في التاريخ 10 / 117،
اللباب 3 / 401، طبقات ابن الصلاح: 36 ب، الوافي بالوفيات 5 / 151، طبقات السبكي
4 / 207 - 208، طبقات الأسنوي 2 / 366 - 367، قال في " اللباب ": اللالكائي: بعد اللام
ألف لام وكاف مفتوحة وألف ساكنة وياء مثناة من تحتها هذه النسبة إلى بيع اللوالك التي تلبس في
الأرجل (واللوالك: نوع من الجلود يتخذ منها نعال).
(9) مرت ترجمة هبة الله والد صاحب الترجمة في الجزء السابع عشر برقم (274).
447

الطبري، اللالكائي. من فقهاء الشافعية ببغداد.
روى عن: الحفار، وأبي الحسين بن بشران، وابن الفضل القطان.
وعنه: إسماعيل بن السمرقندي، وسبط الخياط (1)، وعبد الوهاب
الأنماطي.
مات في جمادى الأولى، سنة اثنتين وسبعين (2) وأربع مئة.
231 - الشحامي *
الشيخ، المحدث، الفقه، الصالح، أبو عبد الرحمن، طاهر بن
محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف النيسابوري، المستملي،
المعدل، أحد من عني بهذا الشأن.
حدث عن: القاضي أبي بكر الحيري، وأبي سعيد الصيرفي، وفضل
الله الميهني، والأستاذ أبي إسحاق الأسفراييني، وصاعد بن محمد
القاضي، ووالده الصالح محمد بن محمد، وعدة.
حدث عنه: ابناه زاهر ووجيه (3)، وحفيداه عبد الخالق بن زاهر،
وفاطمة بنت خلف، وعبد الغافر بن إسماعيل، وآخرون.
صنف كتابا بالفارسية في الشرائع، واستملي على نظام الملك الوزير،
وطائفة.

(1) هو أبو محمد عبد الله بن علي البغدادي المقرئ النحوي المتوفى سنة 541 ه‍،
وسترد ترجمته في ترجمة أخيه في الجزء العشرين برقم (79).
(2) في " طبقات الأسنوي ": تسعين بدل سبعين نقلا عن ابن الصلاح.
* العبر 3 / 294 - 295، شذرات الذهب 3 / 363. والشحامي: نسبة إلى بيع
الشحم " لب اللباب ": 151.
(3) سترد ترجمتهما في الجزء العشرين برقم (5)، (67).
448

وكان فقيها أديبا بارعا، شاعرا، بصيرا بالوثائق، صالحا، عابدا،
أسمع أولاده وأحفاده، وحصل لهم الأسانيد العالية.
مات في جمادى الأولى، سنة تسع وسبعين وأربع مئة، وله ثمانون
سنة - رحمه الله -.
232 - صاحب الروم *
السلطان سليمان بن قتلمش (1) بن إسرائيل بن سلجوق السلجوقي، جد
ملوك الروم.
حاصر حلب، فكاتب أهلها صاحب دمشق تتش بن ألب آرسلان،
فسارع، فالتقى الجمعان بظاهر حلب، فانهزم الروميون، وثبت سليمان،
إلى أن قتل. وقيل: بل قتل نفسه بسكين عند الغلبة (2). وكان صاحب مدينة
قونيه (3)، فتملك بعده ابنه قلج آرسلان، في سنة تسع وسبعين وأربع مئة.
233 - الكوسج * *
الشيخ أبو المظفر، محمود بن جعفر بن محمد التميمي، الأصبهاني.
روى عن: عم أبيه حسين بن أحمد، والحسين بن علي بن البغدادي.
وعنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، و..... (4) عدل مرضي.

* الكامل في التاريخ 10 / 138 - 139 و 147، المختصر 2 / 195، 197، دول
الاسلام 2 / 7 و 9، العبر 3 / 295 - 286 و 293، تتمة المختصر 1 / 574، و 577، الوافي
بالوفيات 15 / 420، البداية والنهاية 12 / 126، و 130، النجوم الزاهرة 5 / 124.
(1) في " المختصر ": قطلومش، وفي " تتمته ": قطلمش.
(2) انظر " الكامل " 10 / 147، و " المختصر " 2 / 197.
(3) هي مدينة في وسط تركيا الآسيوية، عاصمة سلطنة الروم السلجوقية.
(* *) لم نعثر له على ترجمة في ما بين أيدينا من مصادر.
(4) في الأصل: فراغ مقدار نصف سطر تقريبا.
449

توفي سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة.
206 - حيدرة بن علي *
ابن محمد، العلامة أبو المنجا، القحطاني، الأنطاكي، المعبر.
روى عن: عبد الرحمن بن أبي نصر، والحسن بن علي الكفرطابي،
وجماعة.
وعنه: هبة الله بن الأكفاني، وجمال الاسلام، والقاضي يحيى بن
علي القرشي.
قال ابن ماكولا (1): كتبت عنه بدمشق.
وكان من أهل الدين، وكان يذكر أنه يحفظ في علم التعبير عشرة آلاف
ورقة وثلاث مئة ونيف وسبعين ورقة (2).
قلت: يكون هذا القدر نحوا من أربعين مجلدا، فالله أعلم بصحة
ذلك.
234 - الجهني * *
الشيخ الرئيس، أبو الحسن محمد بن الحسن بن محمد بن القاسم بن
المنثور الجهني، الكوفي، الشيعي، آخر من حدث عن محمد بن عبد الله
الجعفي.

* تقدمت ترجمته برقم (206).
(1) " الاكمال " 7 / 268.
(2) انظر " تهذيب ابن عساكر " 5 / 25.
(* *) لم نعثر على مصادر: جمة.
450

روى عنه: عمر بن إبراهيم الزيدي، ومحمد بن طرخان، وأبو القاسم
ابن السمرقندي، وآخرون.
وعاش اثنتين وثمانين سنة.
توفي في شعبان، سنة ست وسبعين وأربع مئة. كان ردئ العقيدة -
الله يسامحه -.
235 - ابن علان *
الشيخ، المسند، الثقة، أبو الفرج، محمد بن أحمد بن علان
الكرجي ثم الكوفي.
روى عن: أبي الحسن بن النجار، ومحمد بن عبد الله الجعفي
الهرواني.
روى عنه: أبو الغنائم النرسي، وطائفة آخرهم موتا أبو الحسن بن
غبرة.
قال النرسي: هو ثقة من عدول الحاكم. توفي في شعبان، سنة ست
وسبعين وأربع مئة.
قلت: فهو وابن المنثور الجهني (1) انتهى إليهما علو الاسناد بالكوفة،
وقد ماتا في شهر.
ومات فيها التاجر الكبير أبو عبد الله محمد بن أحمد بن جردة العكبري،

* لم نعثر له على مصادر ترجمة، والكرجي: بفتح الكاف والراء وفي آخرها جيم، هذه
النسبة إلى الكرج وهي بلدة من بلاد الجبل بين أصبهان وهمذان بنيت في زمن المهدي أبي عبد الله
محمد بن أبي جعفر المنصور.
(1) وهو الذي تقدمت ترجمته قبل هذا.
451

واقف المسجد المعروف، ونعمته نحو ثلاث مئة ألف دينار. ومقرئ إشبيلية
أبو عبد الله محمد بن شريح الرعيني (1)، والمحدث عبد الله بن عطاء
الإبراهيمي الهروي، والعلامة العابد أبو الوفاء طاهر بن الحسين الحنبلي
القواس (2)، ومؤلف الفرائض أبو حكيم عبد الله بن إبراهيم الخبري (3).
236 - القواس *
الامام القدوة، الكبير، أبو الوفاء، طاهر بن الحسين بن أحمد
البغدادي، الحنبلي، القواس، البابصري (4).
سمع من: الحفار، ومحمود العكبري، وأبي الحسين بن بشران.
وعنه: ابنا السمرقندي، وعلي بن طراد، والانماطي.
وكان من العلماء العاملين، صادقا، مخلصا، قانعا باليسير.
توفي في شعبان، سنة ست وسبعين وأربع مئة.
237 - أبو إسحاق الشيرازي * *
الشيخ، الامام، القدوة، المجتهد، شيخ الاسلام، أبو إسحاق،

(1) سترد ترجمته برقم (284).
(2) وهو صاحب الترجمة التالية.
(3) سترد ترجمته برقم (287).
* طبقات الحنابلة 2 / 244، المنتظم 9 / 8 - 9، العبر 3 / 284، البداية والنهاية
12 / 125، شذرات الذهب 3 / 351 - 352.
(4) نسبة إلى باب البصرة، كلما ورد في " طبقات الحنابلة " و " المنتظم ": أنه كان يدرس في
مسجده بباب البصرة.
(* *) الأنساب 9 / 361 - 362، تبيين كذب المفتري: 276 - 278، " المنتظم " 9 / 7 -
8، صفة الصفوة 4 / 66 - 67، معجم البلدان 3 / 381، الكامل لابن الأثير 10 / 132 - 133،
اللباب 2 / 451، طبقات ابن الصلاح: الورقة 29 - 30، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 172 -
174، المجموع للنووي 1 / 25 - 28، طبقات النووي: الورقة / 46 - 48، وفيات الأعيان 1 / 29 -
31، المختصر في أخبار البشر 2 / 194 - 195، دول الاسلام 2 / 7، العبر 3 / 283 - 284،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 42 - 46، تتمة المختصر 1 / 573 - 574، الوافي 6 / 62 - 66،
مرآة الجنان 3 / 110 - 119، طبقات السبكي 4 / 215 - 256، طبقات الأسنوي 2 / 83 - 85،
البداية والنهاية 12 / 124 - 125، وفيات ابن قنفذ: 256، النجوم الزاهرة 5 / 117 - 118، مفتاح
السعادة 2 / 318 - 321، تاريخ الخميس 2 / 359 - 360، طبقات ابن هداية الله: 170 - 171،
كشف الظنون 1 / 339، 391، 489 و 2 / 1562، 1743، 1818، 1912، شذرات الذهب
3 / 349 - 351، هدية العارفين 1 / 8، ذيل بروكلمان 1 / 669، الفتح المبين في طبقات الأصوليين
1 / 255 - 257، وانظر " الامام الشيرازي حياته وآراؤه الأصولية " للدكتور محمد حسن هيتو،
ومقدمة كتابه " طبقات الفقهاء " (بيروت - 1970) لاحسان عباس.
452

إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي، الشيرازي، الشافعي، نزيل
بغداد، قيل: لقبه جمال الدين.
مولده في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
تفقه على: أبى عبد الله البيضاوي، وعبد الوهاب بن رامين بشيراز،
وأخذ بالبصرة عن الخرزي (1).
وقدم بغداد سنة خمس عشرة وأربع مئة، فلزم أبا الطيب (2)، وبرع،
وصار معيده، وكان يضرب المثل بفصاحته وقوة مناظرته.
وسمع من أبي علي بن شاذان، وأبي بكر البرقاني، ومحمد بن عبيد الله
الخرجوشي.
حدث عنه: الخطيب، وأبو الوليد الباجي، والحميدي، وإسماعيل

(1) بالخاء المعجمة والراء المهملة والزاي: نسبة إلى الخرز وبيعها، وقد تحرف في
" الأنساب " و " اللباب " إلى الخوزي، وفي " وفيات الأعيان " إلى: الحوزي، وفي " تهذيب
الأسماء واللغات " إلى: الجوزي، وتصحف في " المنتظم " و " الوافي " و " الفتح المبين " و
" طبقات " ابن هداية إلى: الجزري.
(2) يعني أبا الطيب الطبري.
453

ابن السمرقندي، وأبو البدر الكرخي، والزاهد يوسف بن أيوب، وأبو نصر
أحمد بن محمد الطوسي، وأبو الحسن بن عبد السلام، وأحمد بن نصر بن
حمان الهمذاني خاتمة من روى عنه.
قال السمعاني: هو إمام الشافعية، ومدرس النظامية، وشيخ العصر.
رحل الناس إليه من البلاد، وقصدوه، وتفرد بالعلم الوافر مع السيرة الجميلة،
والطريقة المرضية. جاءته الدنيا صاغرة، فأباها، واقتصر على خشونة العيش
أيام حياته. صنف في الأصول والفروع والخلاف والمذهب، وكان زاهدا،
ورعا، متواضعا، ظريفا، كريما، جوادا، طلق الوجه، دائم البشر، مليح
المحاورة (1). حدثنا عنه جماعة كثيرة.
حكي عنه قال: كنت نائما ببغداد، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر
وعمر، فقلت: يا رسول الله! بلغني عنك أحاديث كثيرة عن ناقلي الاخبار،
فأريد أن أسمع منك حديثا أتشرف به في الدنيا، وأجعله ذخرا للآخرة، فقال
لي: يا شيخ! - وسماني شيخا، وخاطبني به. وكان يفرح بهذا -: قل عني:
من أراد السلامة، فليطلبها في سلامة غيره (2). قال السمعاني: سمعت هذا
بمرو من أبي القاسم حيدر بن محمود الشيرازي، أنه سمع ذلك من أبي
إسحاق.
وعن أبي إسحاق: أن رجلا أخسأ كلبا، فقال: مه! الطريق بينك
وبينه (3).

(1) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 173، و " المجموع " 1 / 26.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 8، و " صفة الصفوة " 4 / 66، و " تهذيب الأسماء واللغات "
2 / 173، و " الوافي بالوفيات " 6 / 63، و " طبقات " السبكي 4 / 225 - 226.
(3) الخبر في " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 173، و " الوافي " 6 / 65 - 66، و " طبقات "
السبكي 4 / 226، و " المستفاد ": 45 - 46.
454

وعنه: أنه اشتهى ثريدا بماء باقلاء، قال: فما صح لي أكله لاشتغالي
بالدرس وأخذي النوبة (1).
قال السمعاني: قال أصحابنا ببغداد: كان الشيخ أبو إسحاق إذا بقي
مدة لا يأكل شيئا، صعد إلى النصرية وله بها صديق، فكان يثرد له رغيفا،
ويشربه بماء الباقلاء، فربما صعد إليه وقد فرغ، فيقول أبو إسحاق: * (تلك
إذا كرة خاسرة) * (2) [النازعات: 12].
قال أبو بكر الشاشي: أبو إسحاق حجة الله على أئمة العصر (3).
وقال الموفق الحنفي: أبو إسحاق أمير المؤمنين في الفقهاء (4).
قال القاضي ابن هانئ (5): إمامان ما اتفق لهما الحج، أبو إسحاق،
وقاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني. أما أبو إسحاق فكان فقيرا، ولو أراده
لحملوه على الأعناق. والآخر لو أراده لأمكنه على السندس والاستبرق (6).
السمعاني: سمعت أبا بكر محمد بن القاسم الشهرزوري بالموصل
يقول: كان شيخنا أبو إسحاق إذا أخطأ أحد بين يديه قال: أي سكتة
فاتتك (7). قال: وكان يتوسوس - يعني في الماء -. وسمعت عبد الوهاب

(1) الخبر في " المنتظم " 9 / 7، و " صفة الصفوة " 4 / 67، و " المجموع " 1 / 25، و
" طبقات " السبكي 4 / 218.
(2) الخبر في " المستفاد ": 45، و " طبقات " السبكي 4 / 219.
(3) " طبقات " السبكي 4 / 227.
(4) " طبقات " السبكي 4 / 227.
(5) كذا الأصل، وفي " تهذيب الأسماء واللغات " و " طبقات " السبكي: القاضي محمد بن
محمد الماهاني.
(6) انظر " المنتظم " 9 / 8، و " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 174، و " طبقات " السبكي
4 / 227.
(7) انظر " الوافي بالوفيات " 6 / 64.
455

الأنماطي يقول: كان أبو إسحاق يتوضأ في الشط، ويشك في غسل وجهه،
حتى يغسله مرات، فقال له رجل: يا شيخ! ما هذا؟ قال: لو صحت لي
الثلاث ما زدت عليها (1).
قال السمعاني: دخل أبو إسحاق يوما مسجدا ليتغدى، فنسي دينارا،
ثم ذكر، فرجع، فوجده، ففكر، وقال: لعله وقع من غيري، فتركه (2).
قيل: إن ظاهرا النيسابوري خرج لأبي إسحاق جزءا، فقال: أخبرنا أبو
علي بن شاذان. ومرة: أخبرنا الحسن بن أحمد البزاز. ومرة: أخبرنا الحسن
ابن أبي بكر الفارسي، فقال: من ذا؟ قال: هو ابن شاذان. فقال: ما أريد
هذا الجزء، التدليس أخو الكذب.
قال القاضي أبو بكر الأنصاري: أتيت أبا إسحاق بفتيا في الطريق،
فأخذ قلم خباز، وكتب، ثم مسح القلم في ثوبه (3).
قال السمعاني: سمعت جماعة يقولون: لما قدم أبو إسحاق نيسابور
رسولا تلقوه، وحمل إمام الحرمين غاشيته، ومشى بين يديه وقال: أفتخر
بهذا (4). وكان عامة المدرسين بالعراق والجبال تلامذته وأتباعه - وكفاهم بذلك

(1) انظر الخبر مطولا في " طبقات " السبكي 4 / 228، والشيخ رحمه الله على صلاحه وتقواه
وعلمه أوقعته الوسوسة التي استحكمت فيه في المخالفة الشرعية، وحاول أن يتفصى عنها بعذر لا
مسوغ له، فإن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا، ثم قال: " هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا، فقد أساء وظلم "
وهو حديث حسن أخرجه أبو داود (135) والنسائي 1 / 88، وابن ماجة (422) وصححه ابن خزيمة
(174) ولابن قدامة رسالة في ذم الوسوسة والموسوسين، فلتراجع فإنها نفيسة.
(2) الخبر في " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 173، و " المجموع " 1 / 25 - 26، و
" طبقات " السبكي 4 / 217، و " الوافي " 6 / 65.
(3) الخبر في " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 173، و " المجموع " 1 / 26، و " طبقات "
السبكي 4 / 219.
(4) انظر " المنتظم " 9 / 8، و " طبقات " السبكي 4 / 222.
456

فخرا - وكان ينشد الاشعار المليحة، ويوردها، ويحفظ منها الكثير (1).
وعنه قال: العلم الذي لا ينتفع به صاحبه أن يكون الرجل عالما ولا يكون
عاملا (2).
وقال: الجاهل بالعالم يقتدي، فإذا كان العالم لا يعمل، فالجاهل ما
يرجو من نفسه؟ فالله الله يا أولادي! نعوذ بالله من علم يصير حجة علينا (3).
قيل: إن عبد الرحيم بن القشيري جلس بجنب الشيخ أبي إسحاق،
فأحس بثقل في كمه، فقال: ما هذا يا سيدنا؟ قال: قرصي الملاح، وكان
يحملهما في كمه للتكلف (4).
قال السمعاني: رأيت بخط أبي إسحاق رقعة فيها نسخة ما رآه أبو محمد
المزيدي (5): رأيت في سنة ثمان وستين ليلة جمعة أبا إسحاق الفيروزآبادي في
منامي يطير مع أصحابه في السماء الثالثة أو الرابعة، فتحيرت، وقلت في
نفسي: هذا هو الشيخ الامام مع أصحابه يطير وأنا معهم، فكنت في هذه
الفكرة إذ تلقى الشيخ ملك، وسلم عليه عن الرب تعالى، وقال: إن الله يقرأ
عليك السلام، ويقول: ما تدرس لأصحابك؟ قال: أدرس ما نقل عن
صاحب الشرع. قال له الملك: فاقرأ علي شيئا أسمعه. فقرأ عليه الشيخ
مسألة لا أذكرها. ثم رجع الملك بعد ساعة إلى الشيخ، وقال: إن الله يقول:

(1) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 173، و " المجموع " 1 / 26.
(2) " طبقات " السبكي " 4 / 226.
(3) " طبقات " السبكي 4 / 226.
(4) الخبر بنحوه في " المنتظم " 9 / 7.
(5) كذا الأصل، وفي " طبقات " السبكي 4 / 226: أبو محمد عبد الله بن محمد بن نصر بن
كاكا المؤيدي.
457

الحق ما أنت عليه وأصحابك، فادخل الجنة معهم (1).
قال الشيخ أبو إسحاق: كنت أعيد كل قياس ألف مرة، فإذا فرغت،
أخذت قياسا آخر على هذا، وكنت أعيد كل درس ألف مرة، فإذا كان في
المسألة بيت يستشهد به حفظت القصيدة التي فيها البيت (2).
كان الوزير ابن جهير كثيرا ما يقول: الإمام أبو إسحاق وحيد عصره،
وفريد دهره، ومستجاب الدعوة (3).
قال السمعاني: لما خرج أبو إسحاق إلى نيسابور، خرج معه جماعة من
تلامذته كأبي بكر الشاشي، وأبي عبد الله الطبري، وأبي معاذ الأندلسي،
والقاضي علي الميانجي، وقاضي البصرة ابن فتيان، وأبي الحسن الآمدي،
وأبي القاسم الزنجاني، وأبي علي الفارقي، وأبي العباس بن الرطبي (4).
قال ابن النجار: ولد أبو إسحاق بفيروزاباذ - بليدة بفارس - ونشأ بها،
وقرأ الفقه بشيراز على أبي القاسم الداركي، وعلى أبي الطيب الطبري صاحب
الماسرجسي، وعلى الزجاجي صاحب ابن القاص، وقرأ الكلام على أبي
حاتم القزويني صاحب ابن الباقلاني، وخطه في غاية الرداءة.
قال أبو العباس الجرجاني القاضي: كان أبو إسحاق لا يملك شيئا، بلغ
به الفقر، حتى كان لا يجد قوتا ولا ملبسا، كنا نأتيه وهو ساكن في القطيعة،

(1) الخبر بنحوه في " طبقات " السبكي 4 / 226 - 227، ومعرفة الحق لا تكون بالمنامات،
وإنما بالدراسة والبحث والموازنة.
(2) الخبر بنحوه في " صفة الصفوة " 4 / 66، و " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 173، و
" المجموع " 1 / 25، و " طبقات " السبكي 3 / 218.
(3) " طبقات " السبكي 4 / 227.
(4) انظر " طبقات " السبكي 4 / 220.
458

فيقوم لنا نصف قومة، كي لا يظهر منه شئ من العري (1)، وكنت أمشي معه،
فتعلق به باقلاني، وقال: يا شيخ! كسرتني وأفقرتني! فقلنا: وكم لك
عنده؟ قال: حبتان من ذهب أو حبتان ونصف.
وقال ابن الخاضبة: كان ابن أبي عقيل يبعث من صور إلى الشيخ أبي
إسحاق البدلة والعمامة المثمنة، فكان لا يلبس العمامة حتى يغسلها في
دجلة، ويقصد طهارتها.
وقيل: إن أبا إسحاق نزع عمامته - وكانت بعشرين دينارا - وتوضأ في
دجلة، فجاء لص، فأخذها، وترك عمامة رديئة بدلها، فطلع الشيخ،
فلبسها، وما شعر حتى سألوه وهو يدرس، فقال: لعل الذي أخذها محتاج.
قال أبو بكر بن الخاضبة: سمعت بعض أصحاب أبي إسحاق يقول:
رأيت الشيخ كان يصلي عند فراغ كل فصل من " المهذب " (2).
قال نظام الملك - وأثنى على أبي إسحاق، وقال -: كيف حالي مع
رجل لا يفرق بيني وبين نهروز الفراش في المخاطبة؟ قال لي: بارك الله فيك.
وقال له لما صب عليه كذلك.
قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: حكى أبي قال: حضرت مع
قاضي القضاة أبي الحسن الماوردي عزاء، فتكلم الشيخ أبو إسحاق واجلا،
فلما خرجنا، قال الماوردي: ما رأيت كأبي إسحاق! لو رآه الشافعي لتجمل
به (3).

(1) الخبر في " طبقات " السبكي 4 / 219.
(2) " طبقات " السبكي 4 / 217.
(3) " طبقات " السبكي 4 / 227.
459

أخبرني الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا السلفي:
سألت شجاعا الذهلي عن أبي إسحاق فقال: إمام أصحاب الشافعي والمقدم
عليهم في وقته ببغداد. كان ثقة، ورعا، صالحا، عالما بالخلاف علما لا
يشاركه فيه أحد (1).
قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: ندب المقتدي بالله أبا إسحاق
للرسلية إلى المعسكر، فتوجه في آخر سنة خمس وسبعين، فكان يخرج إليه
أهل البلد بنسائهم وأولادهم يمسحون أردانه (2)، ويأخذون تراب نعليه
يستشفون به، وخرج الخبازون، ونثروا الخبز، وهو ينهاهم، ولا ينتهون،
وخرج أصحاب الفاكهة والحلواء، ونثروا على الأساكفة، وعملوا مداسات
صغارا، ونثروها، وهي تقع على رؤوس الناس، والشيخ يعجب، وقال
لنا: رأيتم النثار، ما وصل إليكم منه؟ فقالوا: يا سيدي! وأنت أي شئ كان
حظك منه؟ قال: أنا غطيت نفسي بالمحفة (3).
قال شيرويه الديلمي في " تاريخ همذان ": أبو إسحاق إمام عصره قدم
علينا رسولا إلى السلطان ملكشاه، سمعت منه، وكان ثقة فقيها زاهدا في الدنيا
على التحقيق، أوحد زمانه.
قال خطيب الموصل أبو الفضل: حدثني أبي قال: توجهت من الموصل
سنة 459 إلى أبي إسحاق، فلما حضرت عنده رحب بي، وقال: من أين أنت؟
[فقلت: من الموصل] (4)، قال: مرحبا أنت بلديي. قلت: يا سيدنا!

(1) الخبر في " المستفاد ": 46.
(2) الأردان: جمع ردن، وهو أصل الكم، وفي " طبقات " السبكي: أركانه.
(3) الخبر في " طبقات " السبكي 4 / 220.
(4) ما بين معقوفتين من " طبقات " السبكي 4 / 224.
460

أنت من فيروزاباد. قال: أما جمعتنا سفينة نوح (1)؟ فشاهدت من حسن
أخلاقه ولطافته وزهده ما حبب إلي لزومه، فصحبته إلى أن مات.
توفي ليلة الحادي والعشرين من جمادى الآخرة، سنة ست وسبعين
وأربع مئة ببغداد، وأحضر إلى دار أمير المؤمنين المقتدي بالله، فصلى
عليه، ودفن بمقبرة باب أبرز، وعمل العزاء بالنظامية، وصلى عليه صاحبه أبو
عبد الله الطبري، ثم رتب المؤيد بن نظام الملك بعده في تدريس النظامية أبا
سعد المتولي (2)، فلما بلغ ذلك النظام، كتب بإنكار ذلك، وقال: كان من
الواجب أن تغلق المدرسة سنة من أجل الشيخ. وعاب على من تولى، وأمر أن
يدرس الإمام أبو نصر عبد السيد بن الصباغ بها (3).
قلت: درس بها الشيخ أبو إسحاق بعد تمنع، ولم يتناول جامكية (4)
أصلا، وكان يقتصر على عمامة صغيرة وثوب قطني، ويقنع بالوقت، وكان
الفقيه رافع الحمال رفيقه في الاشتغال، فيحمل شطر نهاره بالاجرة، وينفق
على نفسه وعلى أبي إسحاق، ثم إن رافعا حج وجاور، وصار فقيه الحرم في
حدود الأربعين وأربع مئة.
ومات أبو إسحاق، ولم يخلف درهما، ولا عليه درهم. وكذا فليكن

(1) الخبر في " طبقات " السبكي 4 / 224.
(2) هو أبو سعد عبد الرحمن بن مأمون الشافعي المتولي المتوفي سنة (478) وسترد ترجمته برقم
(306).
(3) انظر " المنتظم " 9 / 8، و " الكامل " 10 / 132 - 133، و " وفيات الأعيان " 1 / 31، و
" طبقات " الأسنوي 2 / 131، و " البداية " 12 / 125. وسترد ترجمة الامام أبي نصر عقب هذه
الترجمة مباشرة.
(4) الجامكية: رواتب خدام الدولة، تعريف جامكي، وهو مركب من " جامه " أي قيمة، ومن
" كي " وهي أداة النسبة، " معجم الألفاظ الفارسية المعربة " لآدي شير.
461

الزهد، وما تزوج فيها أعلم، وبحسن نيته في العلم اشتهرت تصانيفه في
الدنيا، " كالمهذب " (1)، و " التنبيه " (2)، و " اللمع في أصول الفقه " (3)،
و " شرح اللمع "، و " المعونة في الجدل "، و " الملخص في أصول
الفقه "، وغير ذلك:
ومن شعره:
أحب الكأس من غير المدام * وألهو بالحساب بلا حرام
وما حبي لفاحشة ولكن * رأيت الحب أخلاق الكرام
وقال:
سألت الناس عن خل وفي * فقالوا: ما إلى هذا سبيل
تمسك إن ظفرت بود (4) حر * فإن الحر في الدنيا قليل (5)
ولعاصم بن الحسن فيه:

(1) وقد طبع في مصر عام 1323 ه‍، وله شروح كثيرة من أجلها شرح الامام النووي
" المجموع ".
(2) وقد طبع في المطبعة الميمنية في مصر عام 1329 ه‍.
(3) طبع في مطبعة السعادة بالقاهرة عام 1326 ه‍. كما طبع من مؤلفاته أيضا " رسالة "
الشيرازي في علم الأخلاق، و " الطب الروحاني " في المواعظ، كما ذكر سركيس في " معجم
المطبوعات ": 1171 - 1172، ولم يرد ذكر هذين الكتابين في مصادر ترجمته ولا في " كشف
الظنون ". ومن كتبه المطبوعة أيضا كتاب " طبقات الفقهاء " بتحقيق الدكتور إحسان عباس، بيروت
1970، وكتاب " التبصرة في أصول الفقه " بتحقيق الدكتور محمد حسن هيتو، دمشق دار الفكر
1980.
(4) في " وفيات الأعيان " و " البداية ": بذيل.
(5) البيتان في " تبيين كذب المفتري ": 278، و " المنتظم " 9 / 8، و " وفيات الأعيان "
1 / 29، و " المختصر " 2 / 194، و " البداية " 12 / 125، و " الوافي " 6 / 66، و " طبقات "
السبكي 4 / 224، و " طبقات " الأسنوي 2 / 83، و " النجوم الزاهرة " 5 / 118، و " الفتح المبين "
1 / 256.
462

تراه من الذكاء نحيف جسم * عليه من توقده دليل
إذا كان الفتى ضخم المعاني * فليس يضيره الجسم النحيل (1)
ولأبي القاسم بن ناقياء (2) يرثيه (3):
أجرى المدامع (4) بالدم المهراق * خطب أقام قيامة الآماق
خطب شجا منا القلوب بلوعة * بين التراقي ما لها من راق
ما لليالي لا تؤلف شملها * بعد ابن بجد؟ ها (5) أبي إسحاق
إن قيل مات فلم يمت من ذكره * حي على مر الليالي باق (6)
وعن أبي إسحاق قال: خرجت إلى خراسان، فما دخلت بلدة إلا كان
قاضيها أو خطيبها أو مفتيها من أصحابي (7).
قال أنوشتكين الرضواني: أنشدني أبو إسحاق الشيرازي لنفسه:

(1) البيتان في " وفيات الأعيان " 1 / 30، و " الوافي " 6 / 64، وفيهما: " يضره " بدل
" يضيره ".
(2) هو أبو القاسم عبد الله وقيل عبدا لباقي بن محمد بن الحسين بن داود بن ناقيا الأديب الشاعر،
المتوفى سنة 485 ه‍.
(3) الأبيات ما عدا الثاني منها في " وفيات الأعيان " 1 / 30، والأول والثالث منها في " الوافي "
6 / 64.
(4) في الأصل: الدامع.
(5) البجدة: دخلة الامر وباطنه، قال للعالم بالشئ: هو ابن؟؟؟؟؟ تها.
(6) ومن شعره أيضا كما في " المستفاد ": 44.
لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا * وقمت أشكو إلى مولاي ما أجد
وقلت يا عدتي في كل نائبة * ومن عليه لكشف الضر أعتمد
أشكو إليك أمورا أنت تعلمها * ما لي على حملها صبر ولا جلد
وقد مددت يدي بالضر مبتهلا * إليك يا خير من مدت إليه يد
فلا تردنها يا رب خائبة * فبحر جودك يروي كل من يرد
(7) انظر " طبقات " السبكي 4 / 216، و " المختصر " 2 / 195.
463

ولو أني جعلت أمير جيش * لما قاتلت إلا بالسؤال
لان الناس ينهزمون منه * وقد ثبتوا لأطراف العوالي
238 - ابن الصباغ *
الامام، العلامة، شيخ الشافعية، أبو نصر، عبد السيد بن محمد بن
عبد الواحد بن أحمد (1) بن جعفر البغدادي، الفقيه المعروف بابن الصباغ،
مصنف كتاب " الشامل "، وكتاب " الكامل "، وكتاب " تذكرة العالم
والطريق السالم ".
مولده سنة أربع مئة.
وسمع محمد بن الحسين بن الفضل القطان، وأبا علي بن شاذان.
حدث عنه: ولده المسند أبو القاسم علي، وأبو نصر الغازي،
وإسماعيل بن محمد التيمي، وإسماعيل بن السمرقندي، وآخرون.
قال أبو سعد السمعاني: كان أبو نصر يضاهي أبا إسحاق الشيرازي،
وكانوا يقولون: هو أعرف بالمذهب من أبي إسحاق. وكانت الرحلة إليهما.
وكان أبو نصر ثبتا، حجة، دينا، خيرا، درس بالنظامية بعد أبي إسحاق،
وكف بصره في آخر عمره، وحدث بجزء ابن عرفة، عن ابن الفضل (2).

* المنتظم 9 / 12 - 13، الكامل 10 / 141، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 299، وفيات
الأعيان 3 / 217 - 218، المختصر 2 / 196، دول الاسلام 2 / 8، العبر 3 / 287 - 288، المستفاد
من ذيل تاريخ بغداد: 162 - 163، تتمة المختصر 1 / 575، نكت الهميان: 193، مرآة الجنان
3 / 122، طبقات السبكي 5 / 122 - 134، طبقات الأسنوي 2 / 130 - 131، البداية 12 / 126 -
127، النجوم الزاهرة 5 / 199، طبقات ابن هداية الله: 173، كشف الظنون: 104، 389،
1025، 1129، 1381، 1501، شذرات الذهب 3 / 355، هدية العارفين 1 / 573.
(1) في " تهذيب الأسماء واللغات ": عبد الواحد بن محمد بن أحمد.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 123.
464

وقال ابن خلكان (1): كان تقيا، صالحا، و " شامله " من أصح كتب
أصحابنا، وأثبتها أدلة، درس بالنظامية أول ما فتحت، ثم عزل بعد عشرين
يوما بأبي إسحاق، سنة تسع وخمسين، وكان الواقف قرر أبا إسحاق،
فاجتمع الناس، وتغيب أبو إسحاق، فأحضروا أبا نصر، ورتب فيها، فتألم
أصحاب أبي إسحاق، وفتروا عن مجلسه، وراسلوه بأنه إن لم يدرس بالنظامية
لازموا ابن الصباغ، وتركوه فأجابهم، وصرف ابن الصباغ.
قال شجاع الذهلي: توفي الشيخ أبو نصر في يوم الثلاثاء، ثالث عشر
جمادى الأولى، سنة سبع وسبعين وأربع مئة، ودفن من الغد بداره بدرب
السلولي (2).
قال أبو سعد السمعاني: ثم نقل إلى مقبرة باب حرب.
أبوه:
15 - [ابن الصباغ] *
الامام، المفتي، البارع، العلامة أبو طاهر بن الصباغ، الشافعي،
البيع.
سمع أبا حفص بن شاهين، وعلي بن مردك (3)، والمعافى الجريري،
وأبا القاسم بن حبابة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الغنائم النرسي، وغيرهما.

(1) في " وفيات الأعيان " 3 / 217 - 218.
(2) انظر " البداية " 12 / 126، و " المستفاد ": 163، و " المنتظم " 9 / 13، و " طبقات "
السبكي 5 / 124.
* تقدمت ترجمته برقم (15).
(3) في " تاريخ بغداد ": مدرك.
465

قال الخطيب (1): كتبنا عنه، وكان ثقة. تفقه على أبي حامد
الأسفراييني، وكانت له حلقة للفتوى.
توفي في ذي القعدة، سنة ثمان وأربعين وأربع مئة، وقد قارب
الثمانين.
ولده:
239 - [ابن الصباغ] *
العالم، المسند، العدل، أبو القاسم، علي بن عبد السيد بن الشيخ
أبي طاهر بن الصباغ الشاهد.
سمع كتاب " السبعة " لابن مجاهد من أبي محمد بن هزارمرد
الصريفيني، وغير ذلك. وسمع من أبيه، وطائفة.
روى عنه: ابن عساكر، والسمعاني، والمؤيد بن الاخوة، وعمر بن
طبرزد. وأجاز لأبي القاسم بن صصري.
قال السمعاني: شيخ ثقة، صالح، حسن السيرة، مات في جمادى
الأولى، سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة وله إحدى وثمانون سنة - رحمه
الله -.
فأبو نصر بن الصباغ أول من درس بالنظامية، عندما أديرت سنة تسع
وخمسين، ثم درس الشيخ أبو إسحاق، وعزل أبو نصر بعد عشرين يوما، ثم
درس بعد أبي إسحاق أبو سعد المتولي مدة يسيرة، وولي ابن الصباغ، ثم عزل

(1) في " تاريخ بغداد " 2 / 362.
* العبر 4 / 115، غاية النهاية 1 / 549، شذرات الذهب 4 / 131.
466

بعد أشهر بالمتولي، ثم بعد موته درس بها الشريف أبو القاسم الدبوسي إلى أن
مات، فدرس الحسين بن محمد الطبري، ثم قدم الشيخ عبد الوهاب بن
محمد الفامي، فدرسا معا مناوبة، إلى أن عزلا سنة أربع وثمانين بالغزالي،
فدرس أربع سنين، وحج، ونزل الشام، وناب أخوه أحمد، ثم في سنة تسع
وثمانين أعيد إليها الطبري، فدرس ثلاثة أعوام، ثم درس إلكيا أبو الحسن
الهراسي، إلى أن مات سنة 504، فدرس أبو بكر الشاشي حتى مات، فدرس
بعده أسعد الميهني، وعزل في شوال سنة 513، ودرس الأغر عبد الرحمن
الطبري، وعزل سنة 17 بأبي الفتح بن برهان، وعزل بعد أربعة أشهر بأبي
الفتح عبد الواحد بن حسن بن محمد الباقرحي، ثم بعد شهرين أعيد
الميهني، ثم بعد شهرين أعيد ابن برهان، فدرس درسا، وعزل بأبي منصور
ابن الرزاز، وعزل بعد أشهر بأبي سعد يحيى بن علي الحلواني، ثم درس
بعده أبو علي الحسن بن الفتى، سنة إحدى وعشرين ومات، فأعيد ابن الرزاز
إلى أن عزل بعد عشر سنين بأبي بكر محمد بن عبد اللطيف الخجندي،
فدرس أشهرا، وخرج إلى أصبهان، فأعيد ابن الرزاز، ثم عزل سنة سبع
وثلاثين، فولي حفيد الواقف أبو نصر محمد بن علي بن أحمد بن نظام
الملك، ثم عزل في أول سنة خمس وأربعين، ودرس يوسف الدمشقي، ثم
ألزم بيته بعد أسبوعين، ودرس أبو النجيب السهروردي، ثم عزل سنة سبع
وأربعين، وأعيد حفيد الواقف، ثم عزل بعد عشر سنين، وأعيد يوسف
الدمشقي، ودرس بعد سنة 63 أبو جعفر بن الصباغ نيابة، وصرف بعد ثلاث
سنين، وولي أبو نصر أحمد بن عبد الله بن الشاشي، وعزل سنة تسع
وستين، فوليها أبو الخير الطالقاني، فدرس بها إحدى عشرة سنة، ورجع إلى
بلاده، فدرس بها أبو طالب بن الخل، ثم ناب في التدريس علي بن علي
الفارقي، ثم وليها سنة 593 المجير محمود بن المبارك البغدادي، إلى أن
467

مات، ووليها يحيى بن الربيع، ثم بعده يحيى بن القاسم التكريتي سبع
سنين، وعزل سنة 614 بمحمد بن يحيى بن فضلان، ثم عزل بعد عامين
بمحمود بن أحمد الزنجاني، فدرس مدة، وبعده في رجب سنة 636 وليها
محمد بن يحيى بن الحبير.
240 - إمام الحرمين *
الامام الكبير، شيخ الشافعية، إمام الحرمين، أبو المعالي، عبد
الملك ابن الإمام أبي محمد عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن
محمد بن حيويه الجويني، ثم النيسابوري، ضياء الدين (1)، الشافعي،
صاحب التصانيف.
ولد في أول سنة تسع (2) عشرة وأربع مئة.

* طبقات العبادي: 112، دمية القصر 2 / 1000 - 1002، السياق: الورقة / 49 أ -
51 أ، الأنساب 3 / 386 - 387، تبيين كذب المفتري: 278 - 285، المنتظم 9 / 18 - 20،
معجم البلدان 2 / 193، الكامل 10 / 145، اللباب 1 / 315، ذيل تاريخ بغداد لابن النجار: 85 -
95، وفيات الأعيان 3 / 167 - 170، المختصر في أخبار البشر 2 / 196 - 197، دول الاسلام
2 / 8، العبر 3 / 291، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 174 - 175، تتمة المختصر 1 / 576، مرآة
الجنان 3 / 123 - 131، طبقات السبكي 5 / 165 - 222، طبقات الأسنوي 1 / 409 - 412،
البداية والنهاية 12 / 128 - 129، وفيات ابن قنفذ: 257 - 258، العقد الثمين 5 / 507 - 508،
النجوم الزاهرة 5 / 121، مفتاح السعادة 2 / 110 - 111، تاريخ الخميس 2 / 360، طبقات ابن
هداية الله: 174 - 176، كشف الظنون: 68، 70، 75، 242، 896 و 2 / 1213، 1024،
1212، 1641، 1754، 1990، 1561، شذرات الذهب 3 / 358 - 362، الفوائد البهية:
246، روضات الجنات: 463 - 464، إيضاح المكنون 1 / 288، هدية العارفين 1 / 626 وانظر
" الجويني إمام الحرمين " للدكتورة فوقية حسين محمود من سلسلة أعلام العرب (رقم 40) 1965.
والجويني: بضم الجيم وفتح الواو وسكون الياء وفي آخرها النون هذه النسبة إلى جوين، وهي ناحية
كبيرة من نواحي نيسابور تشتمل على قرى كثيرة مجتمعة يقال لها كويان، فعربت فقيل جوين، وقد سمي
بإمام الحرمين لاقامته بمكة أربع سنين يدرس ويفتي كما قال اليافعي.
(1) جاء لقبه في " دمية القصر " 2 / 1000: ركن الدين وهو خطأ، فذاك لقب والده.
(2) في " المنتظم " و " الكامل " و " تاريخ الخميس ": سنة سبع عشرة.
468

وسمع من أبيه، وأبي سعد النصرويي، وأبي حسان محمد بن أحمد
المزكي، ومنصور بن رامش، وعدة. وقيل: إنه سمع حضورا من صاحب
الأصم علي بن محمد الطرازي.
وله أربعون حديثا سمعناها.
روى عنه: أبو عبد الله الفراوي، وزاهر الشحامي، وأحمد بن سهل
المسجدي، وآخرون.
وفي " فنون " ابن عقيل: قال عميد الملك: قدم أبو المعالي، فكلم أبا
القاسم بن برهان في العباد، هل لهم أفعال؟ فقال أبو المعالي: إن وجدت آية
تقتضي ذا فالحجة لك، فتلا: * (ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون) *
[المؤمنون، 63]. ومد بها صوته، وكرر * (هم لها عاملون) * وقوله: * (لو
استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون) * [التوبة:
42] أي كانوا مستطيعين. فأخذ أبو المعالي يستروح إلى التأويل، فقال:
والله إنك بارد (1)، تتأول صريح كلام لله لتصحح بتأويلك كلام الأشعري.
وأكله ابن برهان بالحجة، فبهت (2).
قال أبو سعد السمعاني: كان أبو المعالي، إمام الأئمة على الاطلاق،
مجمعا على إمامته شرقا وغربا، لم تر العيون مثله. تفقه على والده، وتوفي
أبوه ولأبي المعالي عشرون سنة، فدرس مكانه، وكان يتردد إلى مدرسة
البيهقي، وأحكم الأصول على أبي القاسم الأسفراييني الإسكاف. وكان
ينفق من ميراثه ومن معلوم له، إلى أن ظهر التعصب بين الفريقين، واضطربت

(1) في " ذيل تاريخ بغداد ": إنك بار وتتأول...
(2) الخبر بنحوه في " ذيل تاريخ بغداد " لابن النجار: 89 - 91، وأكله: أعياه.
469

الأحوال، فاضطر إلى السفر عن نيسابور، فذهب إلى المعسكر، ثم إلى
بغداد، وصحب الوزير أبا نصر الكندري مدة يطوف معه، ويلتقي في حضرته
بكبار العلماء، ويناظرهم، فتحنك بهم، وتهذب، وشاع ذكره، ثم حج،
وجاور أربع سنين يدرس، ويفتي، ويجمع طرق المذهب، إلى أن رجع إلى
بلده بعد مضي نوبة التعصب (1)، فدرس بنظامية نيسابور، واستقام الامر،
وبقي على ذلك ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع، مسلما له المحراب
والمنبر والخطبة والتدريس، ومجلس الوعظ يوم الجمعة، وظهرت تصانيفه،
وحضر درسه الأكابر والجمع العظيم من الطلبة، كان يقعد بين يديه نحو من
ثلاث مئة، وتفقه به أئمة (2).
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا الحافظ أبو محمد المنذري
قال، توفي والد أبي المعالي، فأقعد مكان ولم يكمل عشرين سنة، فكان
يدرس، وأحكم الأصول على أبي القاسم الإسكاف (3)، وجاور ثم رجع..
إلى أن قال: وسمع من محمد بن إبراهيم المزكي، وأبي سعد بن عليك،
وفضل الله بن أبي الخير الميهني، وأبي محمد الجوهري البغدادي، وأجاز
له أبو نعيم الحافظ، وسمع من الطرازي. كذا قال.
وقال السمعاني: قرأت بخط أبي جعفر محمد بن أبي علي: سمعت أبا
إسحاق الفيروزآبادي يقول، تمتعوا من هذا الامام، فإنه نزهة هذا الزمان -
يعني أبا المعالي الجويني (4) -.

(1) انظر عن هذه الفتنة " طبقات " السبكي 3 / 389 وما بعدها، و 4 / 209.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " ص: 280 - 281، و " المنتظم " 9 / 18 - 19، و " ذيل
تاريخ بغداد "، لابن النجار: 86، و " وفيات الأعيان " 3 / 168، و " طبقات " السبكي 5 / 175 -
176.
(3) انظر " تبيين كذب المفتري " 279.
(4) الخبر في " ذيل تاريخ بغداد " لابن النجار: 92.
470

وقرأت بخط أبي جعفر أيضا: سمعت أبا المعالي يقول: قرأت خمسين
ألفا في خمسين ألفا، ثم خليت أهل الاسلام بإسلامهم فيها وعلومهم
الظاهرة (1)، وركبت البحر الخضم، وغصت في الذي نهى أهل الاسلام،
كل ذلك في طلب الحق، وكنت أهرب في سالف الدهر من التقليد، والآن فقد
رجعت إلى كلمة الحق، عليكم بدين العجائز، فإن لم يدركني الحق بلطيف
بره، فأموت على دين العجائز، ويختم عاقبة أمري عند الرحيل على كلمة
الاخلاص: لا إله إلا الله، فالويل لابن الجويني (2).
قلت: كان هذا الامام مع فرط ذكائه وإمامته في الفروع وأصول
المذهب وقوة مناظرته لا يدري الحديث كما يليق به لا متنا ولا إسنادا (3). ذكر
في كتاب " البرهان " حديث معاذ في القياس فقال: هو مدون في الصحاح،
متفق على صحته.

(1) في الأصل: الظاهر.
(2) الخبر في " المنتظم ": 9 / 19، " طبقات الشافعية " للسبكي: 5 / 585، وهذا القول
من إمام الحرمين شاهد صدق على فساد استخدام منطق اليونان في المطالب اليقينية واتخاذه أصلا في
الحجة والبرهان، وأن المنهج الحق هو ما كان عليه الصحابة التابعون له بإحسان ومن سلك سبيلهم
من أهل العلم والعرفان.
(3) وفي " الأنساب ": 3 / 386 وكان قليل الرواية للحديث معرضا عنه، وفي " معجم
البلدان ": 2 / 193 وكان قليل الرواية معرضا عن الحديث، ولا ضير على الامام الذهبي رحمه الله
أن يبين ضعف إمام الحرمين في علم الحديث وقلة إلمامه به وأن يتقبل أهل العلم صنيعه وينتفعوا به
ويعتدوه نصيحة نافعة تستوجب الثناء والدعاء فقد اطلع الامام البيهقي على أجزاء مما أملاه أستاذه والد
إمام الحرمين أبو محمد الجويني من كتاب المحيط، فرأى فيها أوهاما حديثية فكتب في نقدها رسالة مطولة
رصينة تنبئ عن براعة نقده ونفاذ بصيرته في علم الحديث، ولما انتهت الرسالة لأبي محمد طابت بها
نفسه وشكر له صنيعه وأكثر من الدعاء له وانقطع عن تأليف الكتاب. وللسبكي في ترجمة أبي المعالي من
طبقاته: 5 / 187 مؤاخذات على كلام الامام الذهبي في إمام الحرمين: صاغه بأسلوب مقيت
ينبئ عن تحامل وحقد وبعد عن الانصاف وجهل أو تجاهل بمعرفة القول الفصل في مواطن
الخلاف.
471

قلت: بل مداره على الحارث بن عمرو، وفيه جهالة، عن رجال من
أهل حمص، عن معاذ. فإسناده صالح (1).
قال المازري في شرح " البرهان " في قوله: إن الله يعلم الكليات لا
الجزئيات، وددت لو محوتها بدمي.
وقيل: لم يقل بهذه المسألة تصريحا، بل ألزم بها لأنه قال بمسألة
الاسترسال فيما ليس بمتناه من نعيم أهل الجنة، فالله أعلم (2).
قلت: هذه هفوة اعتزال، هجر أبو المعالي عليها، وحلف أبو القاسم
القشيري لا يكلمه، ونفي بسببها، فجاور وتعبد، وتاب - ولله الحمد - منها،
كما أنه في الآخر رجح مذهب السلف في الصفات وأقره (3).

(1) وممن مال إلى القول بصحته أبو بكر الرازي الجصاص، وأبو بكر بن العربي، والخطيب
البغدادي، وابن قيم الجوزية، قالوا: إن الحارث بن عمرو ليس بمجهول العين، لان شعبة بن الحجاج
يقول عنه: إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة، ولا بمجهول الوصف، لأنه من كبار التابعين في طبقة شيوخ
أبي عون الثقفي المتوفى سنة 116 ه‍. ولم ينقل أهل الشأن جرحا مفسرا في حكمه، ولا حاجة في
الحكم بصحة خبر التابعي الكبير إلى أن ينقل توثيقه عن أهل طبقته، بل يكفي في عدالته وقبول
روايته أن لا يثبت فيه جرح مفسر عن أهل الشأن لما ثبت من بالغ الفحص على المجروحين من رجال
تلك الطبقة، فمن لم يثبت فيه جرح مؤثر منهم، فهو مقبول الرواية، والشيوخ الذين روى عنهم هم من
أصحاب معاذ، ولا أحد من أصحاب معاذ مجهولا، ويجوز أن يكون في الخبر إسقاط الأسماء عن
جماعة، ولا يدخله ذلك في حيز الجهالة، وإنما يدخل في المجهولات إذا كان واحدا، فيقال:
حدثني رجل أو إنسان، وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى،
وقد خرج الامام البخاري الذي شرط الصحة حديث عروة البارقي: سمعت الحي يتحدثون عن عروة،
ولم يكن ذلك الحديث في جملة المجهولات. وقال مالك في القسامة: أخبرني رجل من كبراء قومه،
وفي الصحيح عن الزهري حدثني رجال عن أبي هريرة: " من صلى على جنازة فله قيراط ".
وانظر " الفقيه والمتفقه ": 1 / 188، 190، واعلام الموقعين 1 / 202.
(2) انظر المنتظم: 9 / 19، 20، وطبقات السبكي: 5 / 588، وقد عقد هذا الأخير فصلا
خاصا لمسألة الاسترسال بعنوان شرح حال مسألة الاسترسال التي وقعت في كتاب البرهان: ص 192،
207.
(3) سيذكر المصنف قريبا عن النظامية النص الذي صرح فيه برجوعه إلى مذهب السلف في
الصفات.
472

قال الفقيه غانم الموشيلي (1)، سمعت الامام أبا المعالي يقول: لو
استقبلت من أمري ما استدبرت ما اشتغلت بالكلام.
قال أبو المعالي في كتاب " الرسالة النظامية " (2): اختلفت مسالك
العلماء في الظواهر التي وردت في الكتاب والسنة، وامتنع على أهل الحق
فحواها (3)، فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في القرآن، وما يصح من
السنن، وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على
مواردها: وتفويض معانيها إلى الرب تعالى، والذي نرتضيه رأيا، وندين الله
به عقدا اتباع سلف الأمة، فالأولى الاتباع (4)، والدليل السمعي القاطع في
ذلك أن إجماع الأمة حجة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة، وقد درج
صحب الرسول صلى الله عليه وسلم على ترك التعرض لمعانيها ودرك ما فيها وهم صفوة الاسلام
المستقلون بأعباء الشريعة، وكانوا لا يألون جهدا في ضبط قواعد الملة والتواصي
بحفظها، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر
مسوغا أو محتوما، لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع
الشريعة، فإذا تصرم عصرهم وعصر التابعين على الاضراب عن التأويل، كان
ذلك قاطعا بأنه الوجه المتبع، فحق على ذي الدين أن يعتقد تنزه الباري عن
صفات المحدثين، ولا يخوض في تأويل المشكلات، ويكل معناها إلى

(1) " الموشيلي " وهو كتاب النصارى، وقال ابن الأثير، إن موشيلي هو من أسماء رجال النصارى
ومعناه بالعربية موسى، ولعل بعض أجداده كان اسمه كذلك فنسب إليه. انظر اللباب 3 / 269.
(2) وتسمى " العقيدة النظامية " أيضا، وقد طبعت بتصحيح الشيخ المحدث محمد زاهد
الكوثري عام 1367 ه‍ 1948 م. انظر ص 23 وما بعدها.
(3) في النظامية المطبوعة بتحقيق العلامة الكوثري ص، 23، بعد هذه العبارة ما نصه:
وإجراؤها على موجب ما تبرزه أفهام أرباب اللسان منها.
(4) في المطبوعة 23، فالأولى الاتباع وترك الابتداع.
473

الرب (1)، فليجر آية الاستواء والمجئ (2) وقوله، * (لما خلقت بيدي) *
[ص: 75] * (ويبقى وجه ربك) * [الرحمن: 27] و * (تجري بأعيننا) *
[القمر: 14]. وما صح من أخبار الرسول كخبر النزول وغيره على ما
ذكرناه (3).
قال الحافظ محمد بن طاهر، سمعت أبا الحسن القيرواني الأديب -
وكان يختلف إلى درس الأستاذ أبي المعالي في الكلام - فقال: سمعت أبا
المعالي اليوم يقول، يا أصحابنا، لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام
يبلغ بي (4) ما بلغ ما اشتغلت به (5).
وحكى الفقيه أبو عبد الله الحسن بن العباس الرستمي قال: حكى لنا أبو
الفتح الطبري الفقيه قال، دخلت على أبي المعالي في مرضه، فقال:
اشهدوا علي أني قد رجعت عن كل مقالة تخالف السنة، وأني أموت على ما
يموت عليه عجائز نيسابور (6).
قال محمد بن طاهر، حضر المحدث أبو جعفر الهمذاني مجلس وعظ
أبي المعالي، فقال: كان الله ولا عرش، وهو الآن على ما كان عليه. فقال أبو

(1) في المطبوعة ص 24: بعد هذه العبارة، زيادة، وعند إمام القراء وسيدهم الوقف على قوله
تعالى: * (وما يعلم تأويله إلا الله) *: من العزائم، ثم الابتداء بقوله: * (والراسخون في العلم) *،
ومما استحسن من إمام دار الهجرة مالك بن أنس أنه سئل عن قوله تعالى: * (الرحمن على العرش
استوى) * فقال: الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة، والسؤال عنه بدعة.
(2) آية المجئ قوله تعالى، * (وجاء ربك والملك صفا صفا) * [الفجر، 22].
(3) زاد في المطبوعة: فهذا بيان ما يجب لله.
(4) في " المنتظم " 9 / 19: " إلي " بدل " لي " وهو خطأ.
(5) " المنتظم " 9 / 19، و " طبقات " السبكي 5 / 186، وعلق عليه بقوله: يشبه أن تكون
هذه الحكاية مكذوبة، وابن طاهر عنده تحامل على إمام الحرمين، والقيروني المشار إليه رجل
مجهول.
(6) " طبقات " السبكي 5 / 191.
474

جعفر: أخبرنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها، ما قال عارف قط: يا
الله! إلا وجد من قلبه ضرورة تطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فكيف ندفع
هذه الضرورة عن أنفسنا، أو قال: فهل عندك دواء لدفع هذه الضرورة التي
نجدها؟ فقال: يا حبيبي! ما ثم إلا الحيرة. ولطم على رأسه، ونزل، وبقي
وقت عجيب، وقال فيما بعد: حيرني الهمذاني (1).
لأبي المعالي كتاب " نهاية المطلب في المذهب " (2)، ثمانية أسفار،
وكتاب " الارشاد في أصول الدين " (3)، كتاب " الرسالة النظامية في الاحكام
الاسلامية " (4)، كتاب " الشامل في أصول الدين " (5)، كتاب " البرهان في
أصول الفقه "، كتاب " مدارك العقول " لم يتمه، كتاب " غياث الأمم في
الإمامة " (6)، كتاب " مغيث الخلق في اختيار الأحق " (7)، كتاب " غنية
المسترشدين " في الخلاف (8).

(1) الخبر في " العلو " (ص - 276، 277 مختصره) وطبقات السبكي 5 / 190. وسيعيده
المؤلف في ص: 445.
(2) في " تبيين كذب المفتري " و " وفيات الأعيان " و " المختصر ": نهاية المطلب في دراية
المذهب ". وفي " النجوم الزاهرة ": في رواية المذهب.
(3) وقد طبع في باريس والقاهرة وبرلين.
(4) طبعت في القاهرة باسم " العقيدة النظامية " 1948 كما تقدم، وقد ترجمت إلى الألمانية عام
1958.
(5) وقد طبع الكتاب الأول من الجزء الأول منه في القاهرة 1961 م.
(6) ويعد هذا الكتاب العظيم مثلا لأصالة الفقه السياسي الاسلامي وبعده عن التأثر بالفلسفات
الأخرى، ويعده الباحثون أحسن منهجا من كتاب الماوردي " الأحكام السلطانية " ويسمى أيضا
بالغياثي، وغياث الأمم في التياث الظلم، وقد نشرته دار الدعوة بالإسكندرية بهذا الاسم الأخير
بتحقيق ودراسة الدكتور فؤاد عبد المنعم والدكتور مصطفى حلمي، وانظر مقدمته فإنها مفيدة.
(7) للشيخ العلامة محمد زاهد الكوثري رسالة اسمها " إحقاق الحق بإبطال الباطل في مغيث
الخلق " نشرت في القاهرة 1941 م.
(8) ومن مؤلفات المترجم المطبوعة: " الورقات " في أصول الفقه والأدلة، تحقيق الدكتورة
فوقية حسن محمود، وانظر بقية مؤلفاته في مقدمة " غياث الأمم في التياث الظلم " بتحقيق الدكتورين
فؤاد عبد المنعم ومصطفى حلمي، دار الدعوة بالإسكندرية.
475

وكان إذا أخذ في علم الصوفية وشرح الأحوال أبكى الحاضرين (1)،
وكان يذكر في اليوم دروسا، الدرس في عدة أوراق، لا يتلعثم في كلمة منها.
وصفه بهذا وأضعافه عبد الغافر بن إسماعيل (2).
توفي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر، سنة ثمان وسبعين وأربع
مئة، ودفن في داره، ثم نقل بعد سنين إلى مقبرة الحسين، فدفن بجنب
والده، وكسروا منبره، وغلقت الأسواق، ورثي بقصائد، وكان له نحو من
أربع مئة تلميذ، كسروا محابرهم وأقلامهم، وأقاموا حولا، ووضعت المناديل
عن (3) الرؤوس عاما، بحيث ما اجترأ أحد على ستر رأسه، وكانت الطلبة
يطوفون في البلد نائحين عليه، مبالغين في الصياح والجزع (4).
قلت: هذا كان من زي الأعاجم لا من فعل العلماء المتبعين (5).
وقال أبو الحسن الباخرزي في " الدمية " (6) في حقه: الفقه فقه
الشافعي والأدب أدب الأصمعي، وفى الوعظ الحسن الحسن البصري (7)،

(1) " تبيين كذب المفتري " ص 284، و " وفيات الأعيان " 3 / 169.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 174 - 175.
(3) في الأصل " على " وهو خطأ، والتصويب من " تبيين كذب المفتري " ص: 284.
(4) انظر " تبيين كذب المفتري ": 284 - 285، و " المنتظم " 9 / 20، و " ذيل تاريخ
بغداد " لابن النجار: 93 - 94، و " وفيات الأعيان " 3 / 169 - 170، و " طبقات " الأسنوي
1 / 411.
(5) وقد تكلف السبكي في الرد على إمامنا الذهبي لانكاره الصياح والنياح وكسر المحابر
والأقلام في " طبقاته " 5 / 184.
(6) " دمية القصر " 2 / 1000 - 1001.
(7) في " الدمية ": وحسن بصره بالوعظ كالحسن البصري.
476

وكيف ما هو فهو إمام كل إمام، والمستعلي بهمته على كل هام (1)، والفائز
بالظفر على إرغام كل ضرغام، إن تصدر للفقه، فالمزني من مزنته، وإذا تكلم
فالأشعري شعرة من وفرته (2).
أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه في كتابه، عن عبد القادر الحافظ،
أخبرنا أبو العلاء الهمذاني، أخبرني أبو جعفر الحافظ، سمعت أبا المعالي
وسئل عن قوله: * (الرحمن على العرش) * [طه: 5] فقال: كان الله ولا
عرش. وجعل يتخبط، فقلت: هل عندك للضرورات من حيلة؟ فقال: ما
معنى هذه الإشارة؟ قلت، ما قال عارف قط: يا رباه! إلا قبل أن يتحرك
لسانه، قام من باطنه قصد لا يلتفت يمنة ولا يسرة - يقصد الفوق - فهل لهذا
القصد الضروري عندك من حيلة، فتنبأنا نتخلص من الفوق والتحت؟ وبكيت
وبكى الخلق، فضرب بكمه على السرير، وصاح بالحيرة، ومزق ما كان
عليه، وصارت قيامة في المسجد، ونزل يقول: يا حبيبي! الحيرة الحيرة،
والدهشة الدهشة (3).
241 - النسوي *
العلامة، أقضى القضاة، أبو عمرو (4)، محمد بن عبد الرحمن بن
أحمد الشافعي، المفسر، صاحب التصانيف والفنون.

(1) في " الدمية ": على كل همام.
(2) نص " الدمية ": إذا تفقه فالمزني من مزنته قطره، وإذا تلكم فالأشعري من وفرته شعره.
(3) وقد تقدم نحو هذا الخبر وتخريجه في الصفحة 476 ت (1).
* طبقات السبكي 4 / 175 - 177، طبقات المفسرين للسيوطي: 36، طبقات المفسرين
للداوودي 2 / 178 - 181. والنسوي بفتح النون والسين وفي آخرها واو هذه النسبة إلى نسا مدينة
بخراسان والنسبة إليها نسائي ونسوي.
(4) في " طبقات " السبكي والداوودي: أبو عمر.
477

سمع أبا بكر الحيري، وأبا إسحاق الأسفراييني، وأبا ذر الهروي
بمكة، وابن نظيف بمصر، وأبا الحسن بن السمسار بدمشق. وأملى مدة مع
الدين والتقوى.
ولي قضاء خوارزم، وكان لا يأخذه في الله لومة لائم. وله كتب في
الفقه (1).
نفذه ملكشاه رسولا ليخطب نبت الخليفة، فأدى الرسالة، وبذل
النصيحة، فقال: لا تخلط بيتك الطاهر بالتركمان (2).
روى عنه أهل خوارزم.
توفي سنة ثمان وسبعين وأربع مئة.
242 - ابن خلف *
الشيخ، العلامة، النحوي، أبو بكر، أحمد بن علي بن عبد الله بن
عمر بن خلف الشيرازي ثم النيسابوري، الأديب، مسند وقته.
ولد في سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة.
وسمع في سنة أربع وأربع مئة، ثم بعدها من أبي عبد الله الحاكم،
وحمزة المهلبي، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبي طاهر بن محمش،
وأبي بكر بن فورك، وأبي عبد الرحمن السلمي، وطبقتهم فأكثر.
حدث عنه: ابن طاهر المقدسي، وأبو محمد بن السمرقندي،

(1) الخبر بنحوه في " طبقات " السبكي 4 / 175.
(2) انظر الخبر بأطول مما هنا في " طبقات " السبكي 4 / 176 - 177.
* العبر 3 / 315، دول الاسلام 2 / 16، شذرات الذهب 3 / 379 - 380.
478

وإسماعيل بن محمد التيمي، وعبد الغافر بن إسماعيل، ووجيه الشحامي،
والفقيه عمر بن الصفار، وأحمد بن سعيد الميهني، وأبو سعد عبد الوهاب
الكرماني، وخلق كثير. وعاش الكرماني إلى سنة تسع وخمسين وخمس
مئة.
قال عبد الغافر: أما شيخنا ابن خلف فهو الأديب، المحدث،
المتقن، الصحيح السماع أبو بكر، ما رأينا شيخا أورع منه، ولا أشد إتقانا،
حصل على حظ وافر من العربية، وكان لا يسامح في فوات لفظة مما يقرأ عليه،
ويراجع في المشكلات، ويبالغ. رحل إليه العلماء. سمعه أبوه الكثير،
وأملى على الصحة، وسمعنا منه الكثير.
قال إسماعيل بن محمد الحافظ: كان حسن السيرة، من أهل الفضل
والعلم، محتاطا في الاخذ، ثقة.
وقال السمعاني: كان فاضلا، عارفا باللغة والأدب ومعاني الحديث،
في كمال العفة والورع.
مات في ربيع الأول، سنة سبع وثمانين وأربع مئة.
243 - فاطمة *
بنت الأستاذ الزاهد أبي علي، الحسن بن علي الدقاق، الشيخة
العابدة، العالمة، أم البنين النيسابورية، أهل الأستاذ أبي القاسم القشيري،
وأم أولاده.
سمعت من: أبي نعيم الأسفراييني، وأبي الحسن العلوي، وعبد الله

* العبر 3 / 296، شذرات الذهب 3 / 365.
479

ابن يوسف، وأبي علي الروذباري، وأبي عبد الله الحاكم، والسلمي،
وطائفة.
وكانت عابدة، قانتة، متهجدة، كبيرة القدر.
حدث عنها: عبد الله بن الفراوي، وزاهر الشحامي، وأبو الأسعد هبة
الرحمن بن عبد الواحد حفيدها، وآخرون.
ماتت في ذي القعدة، سنة ثمانين وأربع مئة، ولها تسعون سنة،
رحمها الله.
244 - فاطمة *
بنت الحسن (1) بن علي البغدادي العطار، أم الفضل، الكاتبة المعروفة
ببنت الأقرع.
جود الناس على خطها لبراعة حسنه (2). هي التي ندبت لكتابة كتاب
الهدنة إلى طاغية الروم من جهة الخلافة، وبكتابها يضرب المثل (3).
وقد روت عن: أبي عمر بن مهدي وغيره.
روى عنها: أبو القاسم بن السمرقندي، وقاضي المارستان، وعبد
الوهاب الأنماطي، وأبو سعد بن البغدادي.

* المنتظم 9 / 40، الكامل 10 / 163، العبر 3 / 296، البداية والنهاية 12 / 134،
شذرات الذهب 3 / 365.
(1) في " المنتظم " و " الكامل " و " البداية ": فاطمة بنت علي المؤدب.
(2) زاد في " المنتظم " و " البداية ": وكانت تكتب على طريقة ابن البواب، وابن البواب مرت
ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (192).
(3) انظر " المنتظم " 9 / 40، و " البداية " 12 / 134.
480

قال السمعاني: سمعت محمد بن عبدا لباقي الأنصاري يقول:
سمعت فاطمة بنت الأقرع تقول: كتبت ورقة لعميد الملك، فأعطاني ألف
دينار (1).
ماتت في المحرم، سنة ثمانين وأربع مئة.
وفيها ماتت بنت الدقاق (2)، والحسن بن العلاء البشتي، وعبد الله بن
سهل مقرئ الأندلس، وواعظ الوقت أبو الفضل عبد الله بن الحسين
المصري الجوهري (3)، والحافظ الشهيد أبو المعالي الحسيني (4)، وغرس
النعمة أبو الحسن محمد بن هلال بن الصابئ.
245 - التستري *
الشيخ الجليل، أبو علي، علي (5) بن أحمد بن علي بن إبراهيم بن
بحر التستري (6) ثم البصري السقطي، راوي " سنن " أبي داود، عن القاضي
أبي عمر الهاشمي.
حدث عنه: المؤتمن الساجي، وعبد الله بن أحمد بن السمرقندي،
وأبو الحسن بن مرزوق الزعفراني، وأبو غالب محمد بن الحسن الماوردي،
وعبد الملك بن عبد الله.

(1) انظر " المنتظم " 9 / 40، و " البداية " 12 / 134.
(2) هي فاطمة بنت الحسن التي تقدمت ترجمتها قبل هذه مباشرة.
(3) سترد ترجمته برقم (258).
(4) سترد ترجمته برقم (264).
* المنتظم 9 / 33، الكامل 10 / 159، العبر 3 / 295، البداية والنهاية 12 / 132،
شذرات الذهب 3 / 363. والتستري: بضم التاء وسكون السين وفتح التاء وكسر الراء، هذه النسبة
إلى تستر: بلدة من كور الأهواز من بلاد خوزستان يقول لها الناس شوشتر.
(5) في " المنتظم " و " الكامل ": محمد.
(6) في " الكامل ": الشيري.
481

وكان صحيح السماع. آخر من حدث عنه النقيب أبو طالب محمد بن
محمد بن أبي زيد العلوي، يروي عنه " السنن " سماعا للجزء الأول، وإجازة
إن لم يكن سماعا لسائر الكتاب.
مات سنة تسع وسبعين وأربع مئة بالبصرة، ومات صاحبه العلوي سنة ستين
وخمس مئة.
246 - صاحب الموصل *
السلطان شرف الدولة، أبو المكارم، مسلم بن ملك العرب قريش بن
بدران بن الملك حسام الدولة مقلد بن المسيب بن رافع العقيلي.
كان يترفض كأبيه. ونهب أبوه دور الخلافة في فتنة البساسيري، وأجار
القائم بأمر الله (1). ومات سنة ثلاث وخمسين كهلا (2)، فولي ابنه ديار ربيعة
ومضر، وتملك حلب (3)، وأخذ الإتاوة من بلاد الروم، وحاصر دمشق، وكاد
أن يأخذها، فنزع أهل حران طاعته، فبادر إليها، فحاربوه، فافتتحا (4)،
وبذل السيف في السنة بها، وأظهر سب الصحابة، ودانت له العرب، ورام
الاستيلاء على بغداد بعد طغرلبك، وكان يجيد النظم، وله سطوة وسياسة
وعدل بعنف، وكان يعطي جزية بلاده للعلوية. عمر سور الموصل وشيدها.

* الكامل 10 / 17 و 114، و 126 - 127 و 134 - 135 و 136 و 139 - 141، وفيات الأعيان
5 / 267 - 268، المختصر 2 / 194، 195 - 196، العبر 3 / 292، دول الاسلام 2 / 5 و 6 و 7،
تتمة المختصر 1 / 573 - 575، تاريخ ابن خلدون 4 / 267 - 269، تاريخ الموصل 1 / 150،
النجوم الزاهرة 5 / 115 و 119، شذرات الذهب 3 / 362: معجم الأنساب والأسرات الحاكمة:
205.
(1) انظر " الكامل " 9 / 640 وما بعدها.
(2) انظر " الكامل " 10 / 17.
(3) " الكامل " 10 / 114، و " المختصر " 2 / 194.
(4) " الكامل " 10 / 126 - 127، و " وفيات الأعيان " 5 / 267 - 268.
482

ثم إنه عمل المصاف مع سلطان الروم سليمان بن قتلمش في سنة 478
بظاهر أنطاكية، فقتل مسلم وله بضع وأربعون سنة (1). وقيل: بل خنقه خادم
في الحمام. وملكوا أخاه إبراهيم (2)، وله سيرة طويلة وحروب وعجائب.
247 - الصرام *
الشيخ القدوة، العابد، المسند، أبو الفضل، محمد بن عبيد الله بن
محمد النيسابوري، الصرام.
سمع " مسند " (3) أبي عوانة من أبي نعيم عبد الملك بن الحسن،
وسمع من أبي الحسن العلوي، وأبي عبد الله الحاكم، وطائفة.
حدث عنه: وجيه الشحامي، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن،
ومحمد بن جامع الصواف، وعبد الله بن محمد الفراوي، وآخرون.
وكان أبوه من كبراء البلد.
مات في شعبان، سنة تسع وسبعين وأربع مئة، في عشر التسعين،
وكان يقرأ القرآن في ركعتين، ويديم التعبد والتلاوة - رحمه الله -.
وفيها مات شيخ الشيوخ أبو سعد أحمد بن محمد بن محمد بن دوست

(1) وفي " النجوم الزاهرة " أنه توفي سنة (477).
(2) انظر " الكامل " 10 / 139 - 141، و " وفيات الأعيان " 5 / 268، و " المختصر "
2 / 195 - 196.
* العبر 3 / 295، شذرات الذهب 3 / 363. والصرام: بفتح الصاد المهملة وتشديد
الراء، هذه النسبة إلى بيع الصرم، وهو الجلد الذي ينعل به الخفاف " الأنساب " 8 / 54.
(3) في الأصل: " من " بدل " مسند " وهو خطأ، لان الصرام صاحب الترجمة لم يلحق أبا عوانة
المتوفى سنة 316 ه‍، وإنما سمع " مسنده " من أبي نعيم الأسفراييني كما ذكر المؤلف في ترجمة أبي
نعيم في الجزء السابع عشر برقم (38).
483

العابد الصوفي (1)، وإسماعيل بن زاهر النوقاني (2)، وطاهر بن محمد
الشحامي (3)، وأبو علي علي بن أحمد التستري (4)، وأبو نصر محمد بن
محمد الزينبي (5).
248 - السمسار *
الشيخ الثقة، المعمر، أبو بكر، محمد بن أحمد بن علي (6)
الأصبهاني السمسار، صاحب إبراهيم (7) بن عبد الله بن خرشيذ قوله.
سمع منه، ومن جعفر بن محمد بن جعفر، وأبي الفضل عبد الواحد
التميمي، وغيرهم.
روى عنه: أبو سعد بن البغدادي، ومسعود الثقفي، وأبو عبد الله
الرستمي الفقيه، وآخرون.
قال السمعاني: سألت أبا سعد البغدادي عنه، فأثنى عليه، وقال:
كان من المعمرين، سمعته يقول: ولدت سنة خمس وسبعين وثلاث مئة.
وعاش مئة سنة.
توفي السمسار في منتصف شوال سنة خمس وسبعين وأربع مئة. وكان
يمكنه السماع من أبي بكر بن المقرئ، فما اتفق له.

(1) سترد ترجمته بقم (254).
(2) تقدمت ترجمته برقم (229).
(3) تقدمت ترجمته برقم (231).
(4) تقدمت ترجمت برقم (245).
(5) تقدمت ترجمته برقم (228).
* العبر: 3 / 282، النجوم الزاهرة 5 / 116، شذرات الذهب 3 / 348.
(6) في " النجوم الزاهرة " 5 / 116: " عيسى " بدل " علي ".
(7) الذي مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (37).
484

249 - الدامغاني *
العلامة البارع، مفتي العراق، قاضي القضاة، أبو عبد الله، محمد
ابن علي بن محمد بن حسن (1) بن عبد الوهاب (2) بن حسويه (3) الدامغاني
الحنفي.
تفقه بخراسان، وقدم بغداد شابا، فأخذ عن القدوري (4).
وسمع من: القاضي أبي عبد الله الحسين بن علي الصيمري (5)،
ومحمد بن علي الصوري، وطائفة.
حدث عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعلي بن طراد الزينبي،
والحسين المقدسي، وآخرون.

* تاريخ بغداد 3 / 109، الأنساب 5 / 259، المنتظم 9 / 22 - 24، معجم البلدان
2 / 433، الكامل 10 / 146، اللباب 1 / 486، دول الاسلام 2 / 8، العبر 3 / 292، الوافي
4 / 139، البداية 12 / 129، الجواهر المضية 2 / 96 - 97 الطبعة الهندية، النجوم الزاهرة
5 / 121 - 122، تاريخ الخميس 2 / 360، شذرات الذهب 3 / 362، الفوائد البهية 182 -
183. والدامغاني: بفتح الدال وسكون الألف وفتح الميم والغين المعجمة وسكون الألف
وبعدها نون، هذه النسبة إلى دامغان وهي بلدة كبيرة بين الري ونيسابور، وهي قصبة قومس.
(1) في " المنتظم " و " البداية " و " الجواهر المضية " و " الفوائد البهية ": ابن
الحسين.
(2) في " المنتظم " و " البداية " و " الجواهر المضية " و " النجوم الزاهرة " و " الفوائد
البهية ": ابن عبد الملك بن عبد الوهاب.
(3) في " المنتظم " و " البداية " والنجوم الزاهرة ": بن حمويه، وفي " الوافي
بالوفيات ": بن حسنويه.
(4) هو أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي القدوري الحنفي، مرت ترجمته في
الجزء السابع عشر برقم (380).
(5) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (412)، وقد تحرفت الصيمري في " معجم
البلدان " إلى " الضميري ".
485

مولده بدامغان في سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة (1)، وحصل المذهب
على فقر شديد.
قال أبو سعد السمعاني: قال والدي: سمعت أحمد بن الحسن
البصري الخباز يقول: رأيت أبا عبد الله الدامغاني كن يحرس في درب
الرياح، وكان يقوم بعيشته إنسان اسمه أبو العشائر الشيرجي (2).
وعنه: قال: تفقهت بدامغان على أبي صالح الفقيه، ثم قصدت
نيسابور، فأقمت أربعة أشهر بها، وصحبت أبا العلاء صاعد بن محمد
قاضيها، ثم وردت بغداد.
قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: فقرأ على القدوري، ولازم
الصيمري، ثم صار من الشهود، ثم ولي القضاء للقائم، فدام في القضاء
ثلاثين سنة وأشهرا (3).
وكان القاضي أبو الطيب يقول: الدامغاني أعرف بمذهب الشافعي من
كثير من أصحابنا (4).
قال محمد: وكان بهي الصورة، حسن المعاني في الدين والعلم
والعقل والحلم وكرم العشرة والمروءة. له صدقات في السر، وكان منصفا (5)
في العلم، وكان يورد في درسه من المداعبات (6) والنوادر نظير ما يورد الشيخ

(1) كما ذكر الخطيب في " تاريخ بغداد " 3 / 109، وذكر السمعاني وياقوت وابن الأثير أنه
ولد سنة أربع مئة، وذكر ابن كثير أنه ولد سنة ثمان عشرة وأربع مئة.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 22 - 23، و " الوافي " 4 / 139.
(3) انظر " المنتظم " 9 / 23 - 24.
(4) " الجواهر المضية " 2 / 97.
(5) تحرفت في " الفوائد البهية " إلى: مصنفا.
(6) تحرفت في " الفوائد البهية " إلى: الملاعبات.
486

أبو إسحاق الشيرازي، فإذا اجتمعا، صار اجتماعهما نزهة.
قلت: كان ذا جلالة وحشمة وافرة إلى الغاية، ينظر بالقاضي أبي
يوسف في زمانه. وفي أولاده أئمة وقضاة.
ولي قضاء القضاة بعد أبي عبد الله بن ماكولا، سنة سبع وأربعين، وله
خمسون سنة (1).
ومات في رجب، سنة ثمان وسبعين وأربع مئة، ودفن بداره، ثم نقل
ودفن بقبة الامام أبي حنيفة إلى جانبه (2). عاش ثمانين سنة وثلاثة أشهر وخمسة
أيام، وغسله أبو الوفاء بن عقيل وأبو ثابت الرازي تلميذه. وصلى عليه ولده
قاضي القضاة أبو الحسن.
وله أصحاب كثيرون علماء، انتشروا في البلاد، منهم: أبو سعد الحسن
ابن داود بن بابشاذ المصري، ونور الهدى الحسين بن محمد الزينبي، وأبو
طاهر إلياس بن ناصر الديلمي، وأبو القاسم علي بن محمد الرحبي ابن
السمناني.
وفيها مات إمام الحرمين أبو المعالي الجويني (3)، ومحدث الأندلس أبو
العباس أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث العذري (4)، وأحمد بن عيسى بن
عباد الدينوري (5)، والعلامة أبو سعد عبد الرحمن بن مأمون المتولي
النيسابوري (6) ببغداد، وأبو عيسى عبد الرحمن بن محمد بن زياد، ومقرئ

(1) " تاريخ بغداد " 3 / 109.
(2) الخبر بنحوه في " المنتظم " 9 / 24.
(3) تقدمت ترجمته برقم (240).
(4) سترد ترجمته برقم (296).
(5) سترد ترجمته برقم (305).
(6) سترد ترجمته برقم (306).
487

مكة أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري، ورأس المعتزلة أبو علي
محمد بن أحمد بن الوليد الكرخي (1)، والسلطان مسلم بن قريش العقيلي
الرافضي (2).
250 - الأندقي *
شيخ الحنفية، مفتي ما وراء النهر، أبو المظفر، عبد الكريم بن أبي
حنيفة.
تفقه على عبد العزيز الحلواني.
وحدث عن جماعة.
سمع منه: عثمان بن علي البيكندي.
وأندقى (3): من قرى بخارى.
مات في شعبان، سنة إحدى وثمانين وأربع مئة.
251 - ابن خزرج * *
الحافظ، المجود، المؤرخ، أبو محمد، عبد الله بن إسماعيل بن
محمد بن خزرج اللخمي الإشبيلي، صاحب " التاريخ ".
ولد سنة سبع وأربع مئة.

(1) سترد ترجمته برقم (252).
(2) تقدمت ترجمته برقم (246).
* الأنساب 1 / 363، معجم البلدان 1 / 261، اللباب 1 / 88 - 89، الجواهر المضية
2 / 460 - 461، كتائب أعلام الأخيار رقم 270، الطبقات السنية رقم 1300، الفوائد البهية:
100.
(3) أوردها ياقوت في " معجمه " باسم: أندق.
(* *) الصلة 1 / 284 - 285، هدية العارفين 1 / 453.
488

وروى عن: أبي عمرو (1) المرشاني، وأبي الفتوح الجرجاني، وأبي
عبد الله الخولاني.
وعدد شيوخه مئتان وستون شيخا (2).
وكان مع براعته في الحديث فقيها مشاورا مالكيا، أكثر الناس عنه (3).
وحدث عنه: شريح بن محمد، وأبو محمد بن يربوع.
توفي بإشبيلية في شوال، سنة ثمان وسبعين (4) وأربع مئة.
252 - ابن الوليد *
رأس المعتزلة وبارعهم، أبو علي، محمد بن أحمد بن عبد الله بن
أحمد بن الوليد الكرخي المتكلم.
ولد سنة ست وتسعين وثلاث مئة.
وأتقن علم الاعتزال على أبي الحسين البصري (5)، وحفظ عنه حديثا
واهنا من جهة هلال الرأي (6).

(1) في " الصلة ": أبو عمر، وأشار في الهامش إلى أنه في نسخة أخرى: أبو عمرو.
(2) في " الصلة ": مئتان وخمسة وستون رجلا وامرأتان بالأندلس.
(3) " الصلة " 1 / 284.
(4) وفي " هدية العارفين " 1 / 453 أنه توفي سنة (497) وهو خطأ.
* المنتظم 9 / 20 - 22، الكامل 10 / 145 - 146، العبر 3 / 291 - 292، المغني
في الضعفاء 2 / 548، ميزان الاعتدال 3 / 464، الوافي 2 / 84 - 86، البداية والنهاية
12 / 129، لسان الميزان 5 / 56 - 57، النجوم الزاهرة 5 / 121، شذرات الذهب 3 / 362.
(5) وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (393).
(6) هو في تاريخ الخطيب 3 / 100 من حديث أبي مسعود البدري مرفوعا " إن مما أدرك
الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت " وفي سنده ثلاثة ضعفاء المترجم وشيخه فيه أبو
الحسين وشيخ شيخه هلال الرأي، ولكن متن الحديث صحيح من طريق آخر عند البخاري
(6120) وأبي داود (4797) وابن ماجة (183) وانظر " المنتظم " 9 / 20 - 21،
و " البداية " 12 / 129، و " الوافي بالوفيات " 2 / 48.
489

حدث عنه: إسماعيل بن السمرقندي، و عبد الوهاب الأنماطي، وأخذ
عنه الكلام علي بن عقيل عالم الحنابلة.
مات في ذي الحجة، سنة ثمان وسبعين وأربع مئة.
وكان ذا زهد وورع وقناعة. شاخ فكان ينقض من خشب بيته ما يمونه،
وكان يلبس القطني الخام (1)، وكان داعية إلى الاعتزال، وبه انحرف ابن
عقيل.
مات في ذي الحجة، سنة ثمان وسبعين وأربع مئة (2)، وكان يدري
المنطق جيدا.
وما تنفع الآداب والبحث والذكاء، وصاحبها هاو بها في جهنم.
قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: كان أبو علي زاهد المعتزلة، لم
نعرف في زماننا مثل تورعه وقناعته، تورع عن ميراثه من أبيه (3)، كان يقول:
قرأت على أستاذنا أبي الحسين في سنة خمس عشرة وأربع مئة.
253 - ابن المطلب *
الأديب الأوحد، أبو سعد، محمد بن علي بن محمد بن المطلب
الكرماني، ثم البغدادي، الشاعر، والد الوزير الصاحب أبي المعالي هبة الله
ابن المطلب.
مهر في الأدب والاخبار.

(1) الخبر في " الوافي بالوفيات " 2 / 85 - 86.
(2) هذا تكرار، فقد ذكر المؤلف وفاته.
(3) الخبر في " الوافي بالوفيات " 2 / 85.
* المنتظم 9 / 24، البداية والنهاية 12 / 139.
490

وروى عن أبي الحسين بن بشران، وطائفة.
روى عنه: شجاع الذهلي، ويحيى بن البناء.
وله هجو بليغ، عزل من كتابة، فقال:
عزلت وما خنت فيما وليت * وغيري يخون ولا يعزل
فهذا يدل على أن من * يولي ويعزل لا يعقل
وهو القائل:
يا حسرتا مات حظي من قلوبكم * وللحظوظ كما للناس آجال
تصرم العمر لم أحظى بقربكم * كم تحت هذي القبور الخرس آمال
قال هبة الله السقطي: أخذت عنه، ثم تاب، وألهم الصلاة والصوم
والصدقة، وغسل مسودات شعره - رحمه الله - وعاش أربعا وثمانين سنة (1).
مات في ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربع مئة.
254 - شيخ الشيوخ *
القدوة، الكبير، العارف، أبو سعد (2)، أحمد بن محمد بن دوست
دادا النيسابوري. نزيل بغداد.
صحب أبا سعيد فضل الله الميهني، وحج مرات على التجريد في
أصحاب له فقراء، فكان يدور بهم في قبائل العرب، ويتوصل إلى مكة،

(1) انظر " المنتظم " 9 / 24.
* المنتظم 9 / 11، الكامل 10 / 159، العبر 3 / 294، البداية والنهاية 12 / 126،
النجوم الزاهرة 5 / 124، شذرات الذهب 3 / 363.
(2) تحرف في " النجوم الزاهرة " إلى " سعيد ".
491

وكان الوزير النظام يحترمه، ويحبه، ثم إنه باع أملاكه بنيسابور، وبنى ببغداد
رباطا كبيرا، وله وجاهة عظيمة وتجمل زائد (1).
مات سنة تسع (2) وسبعين وأربع مئة. وخلفه ولده أبو البركات إسماعيل
في المشيخة.
255 - الباهر *
الخطيب أبو الفتح، محمد بن أحمد (3) بن عثمان بن أحمد الخزاعي،
المطيري (4). عرف بالباهر.
كان خطيب قصر عروة (5). وله نظم جيد.
سمع بسامراء من علي بن أحمد بن يوسف البزاز، والحسن بن محمد بن
يحيى الفحام، وببغداد عبد الملك بن بشران، وبالكوفة [من] (6) أبي
الحسن محمد بن جعفر النحوي التميمي.
وعنه: أبو العز بن كادش، وغيره. وفي روايته عن علي الرفاء مقال.
توفي سنة تسع وسبعين وأربع مئة، وله أربع وتسعون سنة (7).

(1) انظر " المنتظم " 9 / 11.
(2) أورد وفاته في " المنتظم " و " البداية ": سنة 77.
* المنتظم 9 / 33.
(3) في " المنتظم ": محمد بن أحمد بن القزاز المطيري.
(4) قال ابن الأثير: بفتح الميم وكسر الطاء المهملة وسكون الياء وفي آخرها الراء، هذه
النسبة إلى المطيرة، وهي قرية من نواحي سر من رأى.
(5) هو قرية من نواحي بغداد من ناحية بين النهرين، وقصر عروة أيضا بالعقيق منسوب إلى
عروة بن الزبير رضي الله عنه، انظر " معجم البلدان " 3 / 360.
(6) زيادة يقتضيها السياق.
(7) في " المنتظم ": توفي المطيري عن مئة وثلاث عشرة سنة.
492

256 - ابن شكرويه *
الشيخ، الامام، القاضي، المعمر، أبو منصور، محمد بن أحمد
ابن علي بن شكرويه (1) الأصبهاني.
قال يحيى بن مندة: هو آخر من حدث عن أبي علي بن البغدادي،
وإبراهيم بن خرشيذ قوله، وسافر إلى البصرة، وسمع من القاضي أبي عمر
الهاشمي (2)، وعلي بن القاسم النجاد، وجماعة، إلا أنه خلط في كتاب
" سنن أبي داود " ما سمعه منه بما لم يسمعه، وحك بعض السماع - كذلك
أراني المؤتمن الساجي - ثم ترك القراءة عليه، وسار إلى البصرة، فسمع
الكتاب من أبي علي التستري (3).
وقال المؤتمن: ما كان عند ابن شكرويه عن ابن خرشيذ قوله والجرجاني
وهذه الطبقة فصحيح، وقد أطلعني على نسخته ب‍ " سنن " أبي داود، فرأيت
تخليطا ما استحللت معه سماعه (4).
وقال ابن طاهر: لما كنا بأصبهان كان يذكر أن السنن عند ابن شكرويه،
فنظرت فإذا هو مضطرب، فسألت عن ذلك، فقيل: إنه كان له ابن عم، وكانا
جميعا بالبصرة، وكان القاضي مشتغلا بالفقه، وإنما سمع اليسير من

* معجم البلدان 3 / 301، الاستدراك 1 ورقة 252 ب، المشتبه 1 / 348، العبر
3 / 300، المغني في الضعفاء 2 / 552، ميزان الاعتدال 3 / 467، الوافي 2 / 88، تبصير
المنتبه 2 / 717، لسان الميزان 5 / 62، 63، شذرات الذهب 3 / 367.
(1) تحرفت في " الشذرات " إلى: سمكويه.
(2) تحرفت في " العبر " إلى: القاسمي، وهو أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد
العباسي المصري المتوفى سنة 414 ه‍، وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم
(134).
(3) انظر " لسان الميزان " 5 / 62 - 63.
(4) انظر " لسان الميزان " 5 / 63.
493

الهاشمي، وكان ابن عمه قد سمع الكتاب كله، وتوفي قديما، فكشط
القاضي اسم ابن عمه، وأثبت اسمه.
وقال السمعاني: سألت أبا سعد البغدادي عن أبي منصور بن
شكرويه، فقال: كان أشعريا، لا يسلم علينا، ولا نسلم عليه، ولكنه كان
صحيح السماع.
وقال يحيى بن مندة: كان على قضاء قرية سين (1). سافر إلى البصرة،
فسمع من الهاشمي، وجماعة. ولد سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة، ومات في
العشرين من شعبان، سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة (2).
حدث عنه: ابن طاهر، وإسماعيل بن محمد التيمي، ونصر الله بن
محمد المصيصي، وهبة الله بن طاووس، وأبو عبد الله الحسن بن العباس
الرستمي، وأبو سعد بن البغدادي، و عبد العزيز بن محمد الادمي، والجنيد
ابن محمد القايني، وآخرون.
257 - الجوهري *
الشيخ، المسند، الأمين، أبو عطاء، عبد الرحمن بن محمد بن عبد
الرحمن بن أبي عاصم الهروي الجوهري.
روى عن: محمد بن محمد بن جعفر الماليني، وأبي معاذ الشاه، وأبي
منصور محمد بن محمد الأزدي، وحاتم بن أبي حاتم محمد بن يعقوب،
وجماعة.

(1) قال ياقوت: السين قرية بينها وبين أصبهان أربعة فراسخ.
(2) في " معجم البلدان " 3 / 301 أنه توفي في شعبان سنة 432.
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
494

حدث عنه: أحمد بن أبي سهل الصوفي، وعبد الواسع بن أميرك،
ووجيه الشحامي، وأبو الوقت عبد الأول، وعبد الجليل بن أبي سعد،
وآخرون.
قال السمعاني: حدثونا عنه، وكان شيخا ثقة، صدوقا. تفرد عن أبي
معاذ والماليني، مولده سنة سبع أو ثمان وثمانين وثلاث مئة، توفي في
شعبان، سنة ست وسبعين وأربع مئة.
258 - الجوهري *
واعظ العصر، العلامة أبو الفضل، عبد الله بن الحسين المصري،
ابن الجوهري.
حدث عن: أبي سعد الماليني.
روى عنه: الحميدي، وجماعة.
وكان أبوه من العلماء العاملين.
مات في شوال، سنة ثمانين وأربع مئة.
وممن روى عنه علي بن مشرف الأنماطي.
259 - الحبال * *
الامام، الحافظ، المتقن، العالم، أبو إسحاق، إبراهيم بن سعيد

* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(* *) الاكمال 2 / 379، دول الاسلام 2 / 11، العبر 3 / 299، 300، تذكرة الحفاظ
3 / 1191 - 1196، الوافي بالوفيات 5 / 355، النجوم الزاهرة 5 / 129، طبقات الحفاظ:
442، حسن المحاضرة 1 / 353، 354، شذرات الذهب 3 / 366.
495

ابن عبد الله النعماني مولاهم، المصري، الكتبي، الوراق، الحبال،
الفراء. من أولاد عبيد القاضي بن النعمان المغربي، العبيدي، الرافضي.
قال أبو علي الصدفي: ولد سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، وسمع من
الحافظ عبد الغني بن سعيد في سنة سبع وأربع مئة، فكان آخر من سمع منه.
قلت: وسمع من: أحمد بن عبد العزيز بن ثرثال (1) صاحب
المحاملي، وهو أكبر شيخ له، ومن أبي محمد عبد الرحمن بن عمر بن
النحاس، ومحمد بن أحمد بن شاكر القطان، ومحمد بن ذكوان التنيسي،
سبط عثمان بن محمد السمرقندي، وأحمد بن الحسين بن جعفر العطار،
وأبي العباس أحمد بن محمد بن الحاج الإشبيلي، ومحمد بن محمد
النيسابوري، صاحب الأصم، ومحمد بن الفضل بن نظيف، وخلق
سواهم. ولم يرحل.
وقد خرج لنفسه عوالي سفيان بن عيينة، وكان يتجر في الكتب
ويخبرها.
ومن شيوخه: منير بن أحمد الخشاب، والخصيب (2) بن عبد الله،
وأبو سعد الماليني.
وحصل من الأصول والاجزاء ما لا يوصف كثرة.
حدث عنه: أبو عبد الله الحميدي، وإبراهيم بن الحسن العلوي
النقيب، وعبد الكريم بن سوار التككي، وعطاء بن هبة الله الأخميمي،
ووفاء بن ذبيان النابلسي، ويوسف بن محمد الأردبيلي، ومحمد بن محمد

(1) تحرفت في " تذكرة الحفاظ " إلى: شرثال، وفي " شذرات الذهب " إلى، بريال.
(2) تحرف في " التذكرة " إلى: الخطيب.
496

ابن جماهر الطليطلي، ومحمد بن إبراهيم البكري، وأبو الفتح سلطان بن
إبراهيم المقدسي، وأبو الفضل محمد بن بنان (1) الأنباري، وأبو بكر محمد بن
عبدا لباقي قاضي المارستان، وعدة.
وروى عنه بالإجازة، أبو علي بن سكرة الصدفي، والحافظ محمد بن
ناصر.
وكانت الدولة الباطنية قد منعوه من التحديث، وأخافوه، وهددوه،
فامتنع من الرواية، ولم ينتشر له كبير شئ.
قال القاضي أبو علي الصدفي: منعت من الدخول إليه إلا بشرط أن لا
يسمعني، ولا يكتب إجازة، فأول ما فاتحته الكلام خلط في كلامه، وأجابني
على غير سؤالي حذرا من أن أكون مدسوسا عليه، حتى بسطته، وأعلمته أني
أندلسي أريد الحج، فأجاز لي لفظا، وامتنع من غير ذلك (2).
قلت، قبح الله دولة أماتت السنة ورواية الإثارة النبوية، وأحيت الرفض
والضلال، وبثت دعاتها في النواحي تغوي الناس، ويدعونهم إلى نحلة
الإسماعيلية، فبهم ضلت جبلية الشام، وتعثروا، فنحمد الله على السلامة في
الدين.
قال أبو نصر بن ماكولا (3): كان الحبال ثقة ثبتا، ورعا، خيرا، ذكر
أنه مولى لابن النعمان قاضي القضاة، ثم ساق عنه أبو نصر حديثا، وذكر عنه أنه

(1) بضم الباء الموحدة ونونين كما في " تبصير المنتبه " 1 / 105، وقد تصحف في " تذكرة
الحفاظ " 3 / 1192: إلى " بيان " بالياء المثناة بعد الموحدة.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1192 - 1193.
(3) " الاكمال " 2 / 379.
497

ثبته في غير شئ. وروى عنه الخطيب أبو بكر الحافظ بالإجازة. ثم قال:
وحدثنا عنه أبو عبد الله الحميدي (1).
وقال السلفي في مشيخة الرازي: كان الحبال من أهل المعرفة
بالحديث، ومن ختم به هذا الشأن بمصر، لقي بمكة جماعة، ولم يحصل
أحد في زمان من الحديث ما حصله هو.
وقال عبد الله بن خلف المسكي: هو من الحفاظ المبرزين الاثبات،
جمع حديث أبي موسى الزمن، وانتقى عليه أبو نصر السجزي مئة جزء.
قلت: لا بل عشرين جزءا، وشيوخه يزيدون على ثلاث مئة.
وقال ابن المفضل: انتهت إليه رئاسة الرحلة، وبه اختتم هذا الشأن في
قطره، وآخر من حدث عن فيما علمت أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن
منصور الحضرمي بالإجازة، وبقي إلى سنة أربع وخمسين وخمس مئة.
وقيل: إن محدثا قرأ عليه، فقال له: ورضي الله عن الشيخ الحافظ. فقال:
قل: رضي الله عنك، إنما الحافظ الدارقطني وعبد الغني.
قال ابن طاهر: رأيت الحبال وما رأيت أتقن منه! كان ثبتا، ثقة،
حافظا.
وقال الأعز بن علي الظهيري: حدثنا أبو القاسم بن السمرقندي قال:
كتب إلينا أبو إسحاق الحبال من مصر فكتب: أجزت لهم أن يقولوا: أجاز لنا
فلان، ولا يقولوا: حدثنا ولا أخبرنا (2).
وقال عبد الله بن حمود الزاهد فيما علقه عنه السلفي: إنه حضر مجلس

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1193.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1193.
498

الحبال والحديث يقرأ عليه، فلم تزل دموعه تجري حتى فرغ القارئ.
وقال السلفي: سمعت ابن طاهر يقول: وقع المطر يوما، فجاء
الحبال، فقال: قد تلف بالمطر من كتبي بأكثر من خمس مئة دينار. فقلت
له: قيل: إن ابن مندة عمل خزانة لكتبه، فقال، لو عملت خزانة لاحتجت
إلى جامع عمرو بن العاص.
قال السلفي: سمعت مرشد بن يحيى المديني يقول، اشتريت من كتب
الحبال عشرين قنطارا بمئة دينار، فكان عنده أكثر من خمس مئة قنطار كتب.
قيل: إن بعض طلبة الحديث قصد أبا إسحاق الحبال، ليسمع منه
جزءا - وذلك قبل أن يمنع - فأخرج به عشرين نسخة، وناول كل واحد نسخة
يقابل بها (1).
قال الحافظ محمد بن طاهر: سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: كان
عندنا بمصر رجل يسمع معنا الحديث، وكان متشددا، وكان يكتب السماع
على الأصول، فلا يكتب اسم أحد حتى يستحلفه أنه سمع الجزء، ولم يذهب
عليه منه شئ. وسمعته يقول: كنا يوما نقرأ على شيخ، فقرأنا قوله عليه
السلام: " لا يدخل الجنة قتات " (2). وكان في الجماعة رجل يبيع ألقت - وهو
علف الدواب - فقام وبكى، وقال: أتوب إلى الله. فقيل له: ليس هو ذاك،
لكنه النمام الذي ينقل الحديث من قوم إلى قوم يؤذيهم. قال: فسكن،
وطابت نفسه (3).

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1193.
(2) أخرجه من حديث حذيفة بن اليمان أحمد 5 / 382 و 389 و 392 و 397 و 402
و 404، والبخاري 10 / 394 في الأدب: باب ما يكره من النميمة، ومسلم (105) في
الايمان: باب بيان غلظ تحريم النميمة، وأبو داود (4871) والترمذي (2026).
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1193.
499

قال ابن طاهر: كان شيخنا الحبال لا يخرج أصله من يده إلا بحضوره،
يدفع الجزء إلى الطالب، فيكتب منه قدر جلوسه، وكان له بأكثر كتبه نسخ
عدة، ولم أر أحدا أشد أخذا منه، ولا أكثر كتبا، وكان مذهبه في الإجازة أن
يقدمها على الاخبار يقول، أجاز لنا فلان. ولا يقول: أخبرنا فلان إجازة.
يقول: ربما تسقط لفظة إجازة، فتبقى إخبارا، فإذا بدئ بها، لم يقع
شك (1).
قلت: لا حرج في هذا، وإنما هو استحسان.
قال: وسمعته يقول: خرج الحافظ أبو نصر السجزي علي أكثر من
مئة، لم يبق منهم غيري (2).
قال ابن طاهر: خرج له أبو نصر عشرين جزءا في وقت الطلب، وكتبها
في كاغد عتيق، فسألنا الحبال، فقال: هذا من الكاغد الذي كان يحمل إلى
الوزير - يعني ابن حنزابة - من سمرقند، وقع إلي من كتبه قطعة، فكنت إذا
رأيت ورقة بيضاء قطعتها، إلى أن اجتمع لي هذا القدر (3).
قال ابن طاهر: لما قصدت أبا إسحاق الحبال - وكانوا وصفوه لي بحليته
وسيرته، وأنه يخدم نفسه - فكنت في بعض الأسواق ولا أهتدي إلى أين
أذهب، فرأيت شيخا على الصفة واقفا على دكان عطار، وكمه ملاى من
الحوائج، فوقع في نفسي أنه هو، فلما ذهب، سألت العطار: من هذا؟
قال: وما تعرفه؟! هذا أبو إسحاق الحبال. فتبعته، وبلغته رسالة سعد بن
علي الزنجاني، فسألني عنه، وأخرج من جيبه جزءا صغيرا فيه الحديثان

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1193 - 1194.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1194.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1194.
500

المسلسلان، أحدهما مسلسل بالأولية، فقرأهما علي، وأخذت عليه الموعد
كل يوم في جامع عمرو بن العاص، حتى خرجت (1).
قلت: كان هذا في سنة سبعين وأربع مئة، وسماع قاضي المارستان منه
في سنة [ست] (2) وسبعين، وبعد ذلك منع من التحديث، وكان موته سنة
اثنتين وثمانين وأربع مئة، وله إحدى وتسعون سنة، فقيل: مات في شوال.
وقال علي بن إبراهيم المسلم الأنصاري: مات عشية الأربعاء لست
خلون من ذي القعدة - رحمه الله تعالى.
ومات معه في السنة مسند أصبهان القاضي أبو منصور محمد بن أحمد
ابن علي بن شكرويه (3)، ومسند دمشق أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي
الحديد، وقاضي نيسابور ورئيسها أبو نصر أحمد بن محمد بن صاعد
الصاعدي، ومفتي سرخس أبو حامد أحمد بن محمد الشجاعي، وخطيب
أصبهان أبو الخير (4) محمد بن أحمد بن أبي جعفر الطبسي، مؤلف كتاب
" بستان العارفين "، وأبو السنابل هبة الله بن أبي الصهباء (5)، وقاضي البصرة
أبو العباس أحمد بن محمد الجرجاني الشافعي، وعبد الوهاب بن أحمد
الثقفي، والمحدث علي بن أبي نصر المناديلي، وأبو الفتح بن سمكويه
بأصبهان، ومسند جرجان إبراهيم بن عثمان الخلالي.
أخبرنا أبو الفهم تمام بن أحمد السلمي، أخبرنا الإمام أبو محمد عبد الله

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1194.
(2) ما بين معقوفتين زيادة من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1194.
(3) تقدمت ترجمته برقم (256).
(4) سترد ترجمته برقم (309) وفيها أن كنيته أبو الفضل، لا أبو الخير.
(5) سترد ترجمته برقم (310).
501

ابن أحمد الحنبلي، أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا محمد بن أبي نصر
الحافظ، حدثني إبراهيم بن سعيد النعماني ويده على كتفي، أخبرنا أبو سعد
أحمد بن محمد الحافظ ويده على كتفي فذكر حديثا لا أريد أن أرويه لبطلان
متنه: حدثني جبريل ويده على كتفي.. وذكر الحديث، وهو في " تذكرة "
الحميدي (1).
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد في كتابه، أخبرنا عمر بن محمد، أخبرنا
محمد بن عبدا لباقي سنة 532 قال: قرأت على إبراهيم بن سعيد بمصر،
أخبرنا أحمد بن عبد العزيز بن أحمد، حدثنا أبو عبد الله المحاملي، حدثنا
العباس بن يزيد البحراني، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد،
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتدرون ما الشجرة الطيبة "؟ فأردت
أن أقول: هي النخلة، فنظرت، فإذا أنا أصغر القوم، فسكت، فقال النبي -
صلى الله عليه وسلم -: " هي النخلة " (2).
أخبرنا أحمد بن يحيى بن طي، وإبراهيم بن حاتم ببعلبك، أخبرنا
سليمان بن رحمة الخطيب، أخبرنا هبة الله بن علي، أخبرنا مرشد بن يحيى
المديني، أخبرنا أبو إسحاق الحبال لفظا، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر،
أخبرنا إسماعيل بن يعقوب بن الجراب، حدثنا إسماعيل القاضي، حدثنا

(1) الحميدي هذا هو أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله الأزدي المتوفى سنة
488 ه‍ صاحب " جذوة المقتبس ".
(2) وأخرجه البخاري (72) ومسلم (2811) (64) من طريق سفيان بن عيينة بهذا
الاسناد، وأخرجه من طرق عن مجاهد، عن ابن عمر البخاري (2209) و (5444)
و (5448) ومسلم (2811) (64) وأخرجه من طرق عن عبد الله بن دينار البخاري (61)
و (62) و (131) ومسلم (2811) وأخرجه من حديث نافع عن ابن عمر البخاري (6144)
ومسلم، وأخرجه البخاري (6142) من طريق شعبة، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر.
502

محمد بن المثنى، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن
عبد الله بن الحارث: أن أبا حليمة معاذا كان يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم في
القنوت (1).
260 - شيخ الاسلام *
الامام القدوة، الحافظ الكبير، أبو إسماعيل، عبد الله بن محمد بن
علي بن محمد بن أحمد بن علي بن جعفر بن منصور بن مت الأنصاري
الهروي، مصنف كتاب " ذم الكلام "، وشيخ خراسان من ذرية صاحب النبي
صلى الله عليه وسلم أبي أيوب الأنصاري.
مولده في سنة ست (2) وتسعين وثلاث مئة.
وسمع من: عبد الجبار بن محمد الجراحي " جامع " أبي عيسى كله أو

(1) إسناده صحيح، عبد الله بن الحارث: هو الأنصاري البصري أبو الوليد نسيب ابن
سيرين روى حديثه الستة، وأبو حليمة: هو معاذ بن الحارث الأنصاري المزني المعروف بالقارئ
له صحبة شهد غزوة الخندق، وقيل: إنه لم يدرك من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ست سنين وهو الذي
أقامه عمر بن الخطاب فيمن أقام في شهر رمضان ليصلي بالناس التراويح، وكان ممن شهد الجسر
مع أبي عبيد الثقفي، ففر حين فروا، فقال عمر: أنا لهم فئة، والخبر في فضل الصلاة على النبي
رقم (107) لإسماعيل القاضي، وهو في " قيام الليل " ص 36 لابن نصر. وقوله: " في
القوت " أي: في قنوت الوتر.
* دمية القصر 2 / 888، طبقات الحنابلة 2 / 247 - 248، المنتظم 9 / 44 - 45،
الكامل 10 / 168 - 169، دول الاسلام 2 / 10، العبر 3 / 297 - 298، تذكرة الحفاظ
3 / 1183 - 1191، البداية والنهاية 12 / 135، النجوم الزاهرة 5 / 127، طبقات الحفاظ:
441 - 442، طبقات المفسرين للسيوطي: 25، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 249 -
250، طبقات المفسرين للادنه وي 35 / ب، تاريخ الخميس 2 / 360، كشف الظنون
1 / 56، 420، 828، و 2 / 1828، 1836، شذرات الذهب 3 / 365 - 366، إيضاح
المكنون 1 / 310 و 2 / 118، هدية العارفين 1 / 452 - 453، الرسالة المستطرفة: 45، وانظر
طبقات السبكي 4 / 272 - 273 حيث ذكره في ترجمة أبي عثمان الصابوني.
(2) في " المنتظم ": سنة خمس وتسعين.
503

أكثره، والقاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزدي، وأبي الفضل محمد بن
أحمد الجارودي الحافظ، وأبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد
السرخسي، خاتمة أصحاب محمد بن إسحاق القرشي، وأبي الفوارس أحمد
ابن محمد بن أحمد بن الحويص البوشنجي الواعظ، وأبي الطاهر أحمد بن
محمد بن حسن الضبي، وأحمد بن محمد بن مالك البزاز - لقي أبا بحر
البربهاري - وأبي عاصم محمد بن محمد المزيدي (1)، وأحمد بن علي بن
منجويه الأصبهاني الحافظ، وأبي سعيد محمد بن موسى الصيرفي، وعلي بن
محمد بن محمد الطرازي، وأبي نصر منصور بن الحسين بن محمد المفسر،
وأحمد بن محمد بن الحسن السليطي، وأبي بكر أحمد بن الحسن الحيري
لكنه لم يرو عنه، ومحمد بن جبرائيل بن ماحي، وأبي منصور أحمد بن محمد
ابن العالي، وعمر بن إبراهيم الهروي، وعلي بن أبي طالب، ومحمد بن
محمد بن يوسف، والحسين بن محمد بن علي، ويحيى بن عمار بن يحيى
الواعظ، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الشيرازي لقيه بنيسابور،
وأبي يعقوب القراب الحافظ إسحاق بن إبراهيم بن محمد الهروي، وأحمد
ابن محمد بن إبراهيم الوراق، وسعيد بن العباس القرشي، وغالب بن علي
ابن محمد، ومحمد بن المنتصر الباهلي المعدل، وجعفر بن محمد الفريابي
الصغير، ومحمد بن علي بن الحسين الباشاني، صاحب أحمد بن محمد بن
ياسين، ومنصور بن رامش - قدم علينا في سنة سبع وأربع مئة - وأحمد بن
أحمد بن حمدين، والحسين بن إسحاق الصائغ، ومحمد بن إبراهيم بن
محمد بن يحيى المزكي، وعلي بن بشرى الليثي، ومحمد بن محمد بن
يوسف بن يزيد، وأبي صادق إسماعيل بن جعفر، ومحمد بن محمد بن

(1) بفتح الميم وكسر الزاي نسبة إلى مزيد جده. انظر " تبصير المنتبه " 4 / 1355.
504

محمود، وعلي بن أحمد بن محمد بن خميرويه، ومحمد بن الفضل بن محمد
ابن مجاشع، ومحمد بن الفضل الطاقي الزاهد، وعدد كثير، ومن أقدم شيخ
له الجراحي، سمع منه في حدود سنة عشر وأربع مئة. وينزل إلى أن يروي عن
أبي بكر البيهقي بالإجازة. وقد سمع من أربعة أو أكثر من أصحاب أبي العباس
الأصم.
حدث عنه: المؤتمن الساجي، ومحمد بن طاهر، وعبد الله بن أحمد
ابن السمرقندي، وعبد الله بن عطاء الإبراهيمي، وعبد الصبور بن عبد السلام
الهروي، وأبو الفتح عبد الملك الكروخي، وحنبل بن علي البخاري، وأبو
الفضل محمد بن إسماعيل الفامي، وعبد الجليل بن أبي سعد المعدل، وأبو
الوقت عبد الأول السجزي خادمه، وآخرون.
وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الفتح نصر بن سيار. وبقي إلى سنة نيف
وسبعين وخمس مئة.
قال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن أبي إسماعيل الأنصاري،
فقال: كان آية في لسان التذكير والتصوف، من سلاطين العلماء، سمع ببغداد
من أبي محمد الحسن بن محمد الخلال، وغيره. يروي في مجالس وعظه
الأحاديث بالاسناد، وينهى عن تعليقها عنه. قال: وكان بارعا في اللغة،
حافظا للحديث، قرأت عليه كتاب " ذم الكلام "، روى فيه حديثا، عن علي
ابن بشرى، عن ابن منده، عن إبراهيم بن مرزوق. فقلت له: هذا هكذا؟
قال: نعم، وابن مرزوق هو شيخ الأصم وطبقته، وهو إلى الآن في كتابه على
الخطأ.
قلت: نعم: وكذا أسقط رجلين من حديثين خرجهما من " جامع "
505

الترمذي، نبهت عليهما في نسختي، وهي على الخطأ في غير نسخة (1).
قال المؤتمن: كان يدخل على الامراء والجبابرة، فما يبالي، ويرى
الغريب من المحدثين، فيبالغ في إكرامه، قال لي مرة: هذا الشأن شأن من
ليس له شأن سوى هذا الشأن - يعنى طلب الحديث - وسمعته يقول: تركت
الحيري (2) لله. قال: وإنما تركه، لأنه سمع منه شيئا يخالف السنة (3).
قلت: كان يدري الكلام على رأي الأشعري، وكان شيخ الاسلام أثريا
قحا، ينال من المتكلمة، فلهذا أعرض عن الحيري، والحيري: فثقة
عالم، أكثر عنه البيهقي والناس.
قال الحسين بن علي الكتبي: خرج شيخ الاسلام لجماعة الفوائد بخطه
إلى أن ذهب بصره، فكان يأمر فيما يخرجه لمن يكتب، ويصحح هو، وقد
تواضع بأن خرج لي فوائد، ولم يبق أحد ممن خرج له سواي (4).
قال محمد بن طاهر: سمعت أبا إسماعيل الأنصاري يقول: إذا ذكرت
التفسير، فإنما أذكره من مئة وسبعة تفاسير. وسمعته ينشد على منبره:
أنا حنبلي ما حييت وإن أمت * فوصيتي للناس أن يتحنبلوا (5)

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1185، 1186.
(2) يعني أبا بكر أحمد بن الحسن الحيري، وقد ذكره المؤلف في عداد من سمع منهم،
وقال: لكنه لم يرو عنه.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1186.
(4) الخبر في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1186، وفيه: ولم يبق أحد ممن خرج لي سواه. وهو
خطأ واضح.
(5) البيت في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1186. وأبو عبد الله البوشنجي قال في الشافعي كما
ورد في ترجمته في الجزء العاشر ص 73:
وإني حياتي شافعي وإن أمت * فتوصيتي بعدي بأن يتشفعوا
وأما القاضي عياض، فيقول في الامام مالك بن أنس كما في ترجمته، في الجزء الثامن
رقم (10):
ومالك المرتضى لا شك أفضلهم * إمام دار الهدى والوحي والسنن
وأما أبو حنيفة فقد قال بعضهم في مذهبه:
فلعنة ربنا أعداد رمل * على من رد قول أبي حنيفة
فانظر ما يقوله كل تابع لامام من الأئمة في حق إمامه!! والحق الذي يجب أن يكون عليه
المسلم أن يوالي الجميع، ويشيد بفضلهم، ولا يعتقد العصمة فيهم، ولا يتخذ من تقليده لواحد
منهم وسيلة للتعصب، أو الافراط في الحب الذي ينحرف به عن الصواب.
506

قلت: وقد قال في قصيدته النونية التي أولها:
نزل المشيب بلمتي فأراني * نقصان دهر طالما أر هاني (1)
أنا حنبلي ما حييت وإن أمت * فوصيتي ذاكم إلى الاخوان (2)
إذ دينه ديني وديني دينه * ما كنت إمعة له دينان (3)
قال ابن طاهر: وسمعت أبا إسماعيل يقول: قصدت أبا الحسن
الخرقاني الصوفي، ثم عزمت على الرجوع، فوقع في نفسي أن أقصد أبا حاتم بن
خاموش الحافظ بالري، وألتقيه - وكان مقدم أهل السنة بالري، وذلك أن
السلطان محمود بن سبكتكين لما دخل الري، وقتل بها الباطنية، منع الكل من
الوعظ غير أبي حاتم، وكان من دخل الري يعرض عليه اعتقاده، فإن رضيه،
أذن له في الكلام على الناس، وإلا فمنعه - قال: فلما قربت من الري، كان
معي رجل في الطريق من أهلها، فسألني عن مذهبي، فقلت: حنبلي،
فقال: مذهب ما سمعت به! وهذه بدعة. وأخذ بثوبي، وقال: لا أفارقك
إلى الشيخ أبي حاتم. فقلت: خيرة (4)، فذهب بي إلى داره، وكان له ذلك

(1) قال في " اللسان ": أرهى على نفسه: رفق بها وسكنها، والامر منه: أره على
نفسك، أي أرفق بها.
(2) في " طبقات الحنابلة ": إلى إخواني.
(3) البيتان الأخيران من هذه الثلاثة في " طبقات الحنابلة " 2 / 248.
(4) تصحفت في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1187 إلى " حيرة " بالحاء المهملة.
507

اليوم مجلس عظيم، فقال: هذا سألته عن مذهبه، فذكر مذهبا لم أسمع به
قط. قال: وما قال؟ فقال: قال: أنا حنبلي. فقال: دعه، فكل من لم يكن
حنبليا، فليس بمسلم. فقلت في نفسي: الرجل كما وصف لي. ولزمته
أياما، وانصرفت (1).
قال شيخ الاسلام في " ذم الكلام "، في أوله عقيب حديث * (اليوم

(1) في حاشية الأصل بخط مغاير ما نصه: أخطأ هذا القائل قطعا، والمقول له في تصويبه
ذلك. وكذلك المادح له، بل لو قيل: إن قائل هذه المقالة يكفر بها لم يبعد، لأنه نفى الاسلام
عن عالم عظيم من هذه الأمة، ليسوا بحنابلة، بل هم الجمهور الأعظم، ولقد بالغ المصنف في
هذا الكتاب في تعظيم رؤوس التجسيم، وسياق مناقبهم، والتغافل عن بدعهم، بل يعدها سنة،
ويهضم جانب أهل التنزيه، ويعرض بهم أو يصرح، ويتغافل عن محاسنهم العظيمة، وآثارهم في
الدين، كما فعل في ترجمة إمام الحرمين والغزالي، والله حسيبه، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي
العظيم.
قال شعيب: يلمح القارئ من سطور هذا التعليق أن قائله أشعري جلد حاقد على الامام
الذهبي رحمه الله فإنه ينعته بما هو برئ منه ويقوله ما لم يقل: فالخبر الذي أورده رحمه الله في
هذه الترجمة لم يمر عليه دون أن ينتقد قائله ويبين وهاءه فقد وصف قائله فيما بعد باليبس وزعارة
العجم ثم قال: وما قاله فمحل نظر. أما قوله: إنه يبالغ في تعظيم رؤوس المجسمة ويكثر من سرد
مناقبهم ويتغافل عن بدعهم ويعتدها سنة... فقول في غاية السقوط وجرأة بالغة في تزوير
الحقائق، فالذهبي رحمه الله إنما يعظم رؤوس أهل السنة والجماعة الذين اتخذوا مذهب السلف
الصالح المشهود لهم بالخيرية على لسان الصادق والمصدوق قدوة في صفات الله سبحانه فآمنوا بما
وصف به نفسه ووصفه به رسوله وأجروا تلك الصفات على ظاهرها اللائقة بجلال الله سبحانه من غير
تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل كما نطق بذلك القرآن * (ليس كمثله شئ وهو السميع
البصير) * فهؤلاء هم الذين يمتدحهم المؤلف رحمه الله ويسرد مناقبهم ويعدد مآثرهم ويشيد
بفضلهم ليتخذهم أهل العلم قدوة. فهل يعد هؤلاء من رؤوس المجسمة سبحانك هذا بهتان عظيم.
وفي مواضع كثيرة من كتابه تجد النقد القوي الرصين المقرون بقوة الحجاج وملازمة الانصاف لكل
قول يتبين له خطؤه ومجافاته لمذهب السلف كائنا من كان ذلك القائل من غير محاباة ولا مواربة،
ففي هذه الترجمة ينتقد أبا إسماعيل فيذكر أن في كتابه منازل السائرين أشياء مشكلة مع أنه من مثبتي
الصفات وانظر ص 286، 287 من ترجمة الإمام أحمد في الجزء الحادي عشر من هذا
الكتاب، ويغلب على ظني أن صاحب هذا التعليق يخيل إليه أن مذهب السلف في الصفات
يفضي إلى التجسيم وهذا ما دعاه إلى كتابة هذا التعليق الأثيم.
508

أكملت لكم دينكم) * [المائدة: 3]. ونزولها بعرفة: سمعت أحمد بن
الحسن بن محمد البزاز الفقيه الحنبلي الرازي في داره بالري يقول: كل ما
أحدث بعد نزول هذه الآية فهو فضلة وزيادة وبدعة.
قلت: قد كان أبو حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش صاحب سنة
واتباع، وفيه يبس وزعارة العجم، وما قاله، فمحل نظر.
ولقد بالغ أبو إسماعيل في " ذم الكلام " على الاتباع فأجاد، ولكنه له
نفس عجيب لا يشبه نفس أئمة السلف في كتابه " منازل السائرين " (1)، ففيه
أشياء مطربة، وفيه أشياء مشكلة، من تأمله لاح له ما أشرت إليه، والسنة
المحمدية صلفة، ولا ينهض الذوق والوجد إلا على تأسيس الكتاب والسنة.
وقد كان هذا الرجل سيفا مسلولا على المتكلمين، له صولة وهيبة واستيلاء على
النفوس ببلده، يعظمونه، ويتغالون فيه، ويبذلون أرواحهم فيما يأمر به. كان
عندهم أطوع وأرفع من السلطان بكثير، وكان طودا راسيا في السنة لا يتزلزل ولا
يلين، لولا ما كدر كتابه " الفاروق في الصفات " بذكر أحاديث باطلة يجب
بيانها وهتكها، والله يغفر له بحسن قصده، وصنف " الأربعين " في التوحيد،
و " أربعين " في السنة، وقد امتحن مرات، وأوذي، ونفي من بلد.
قال ابن طاهر: سمعته يقول: عرضت على السيف خمس مرات، لا
يقال لي: ارجع عن مذهبك. لكن يقال لي: اسكت عمن خالقك. فأقول:
لا أسكت. وسمعته يقول: أحفظ اثني عشر ألف حديث أسردها سردا (2).

(1) وقد طبع كتاب " منازل السائرين " مع شرحه " مدراج السالكين " للعلامة ابن القيم
بمطبعة السعادة بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، وقد تعقب الإمام ابن القيم رحمه الله في شرحه
هذا الأشياء المشكلة، وانتقدها انتقادا جيدا رصينا كما هو دأبه رحمه الله في كل تواليفه.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1184.
509

قال الحافظ أبو النضر الفامي: كان شيخ الاسلام أبو إسماعيل بكر
الزمان، وواسطة عقد المعاني، وصورة الاقبال في فنون الفضائل وأنواع
المحاسن، منها نصرة الدين والسنة، من غير مداهنة ولا مراقبة لسلطان ولا
وزير، وقد قاسى بذلك قصد الحساد في كل وقت، وسعوا في روحه مرارا،
وعمدوا إلى إهلاكه أطوارا، فوقاه الله شرهم، وجعل قصدهم أقوى سبب
لارتفاع شأنه (1).
قلت: قد انتفع به خلق، وجهل آخرون، فإن طائفة من صوفة الفلسفة
والاتحاد يخضعون لكلامه في " منازل السائرين "، وينتحلونه، ويزعمون أنه
موافقهم. كلا، بل هو رجل أثري، لهج بإثبات نصوص الصفات، منافر
للكلام وأهله جدا (2)، وفي " منازله " (3) إشارات إلى المحو والفناء، وإنما
مراده بذلك الفناء هو الغيبة عن شهود السوى، ولم يرد محو السوى في
الخارج، ويا ليته لا صنف ذلك، فما أحلى تصوف الصحابة والتابعين! ما
خاضوا في هذه الخطرات والوساوس، بل عبدوا الله، وذلوا له وتوكلوا عليه،
وهم من خشيته مشفقون، ولأعدائه مجاهدون، وفي الطاعة مسارعون، وعن
اللغو معرضون، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وقد جمع هذا سيرة للإمام أحمد في مجلد، سمعناها من أبي حفص
ابن القواس بإجازته من الكندي، أخبرنا الكروخي، أخبرنا المؤلف.
قال ابن طاهر: حكى لي أصحابنا أن السلطان ألب أرسلان قدم هراة

(1) المصدر السابق.
(2) جاء في الحاشية بخط مغاير ما نصه: بل في كلامه صريح الاتحاد، لا سيما في الأبيات
الثلاثة التي ختم بها الكتاب، والرجل منحرف عن السنة في الطرفين عفا الله عنه.
(3) إي كتابه: " منازل السائرين ".
510

ومعه وزيره نظام الملك، فاجتمع إليه أئمة الحنفية وأئمة الشافعية للشكوى من
الأنصاري، ومطالبته، بالمناظرة، فاستدعاه الوزير، فلما حضر، قال: إن
هؤلاء قد اجتمعوا لمناظرتك، فإن يكن الحق معك، رجعوا إلى مذهبك،
وإن يكن الحق معهم، رجعت أو تسكت عنهم. فوثب الأنصاري، وقال:
أناظر على ما في كمي. قال: وما في كمك؟ قال: كتاب الله. - وأشار إلى
كمه اليمين - وسنة رسول الله - وأشار إلى كمه اليسار - وكان فيه
" الصحيحان ". فنظر الوزير إليهم مستفهماتهم (1)، فلم يكن فهم من ناظره
من هذا الطريق (2).
وسمعت خادمه أحمد بن أميرجه يقول: حضرت مع الشيخ للسلام على
الوزير نظام الملك، وكان أصحابنا كلفوه الخروج إليه، وذلك بعد المحنة
ورجوعه إلى وطنه من بلخ - يعني أنه كان قد غرب - قال: فلما دخل عليه،
أكرمه وبجله، وكان هناك أئمة من الفريقين، فاتفقوا على أن يسألوه بين يدي
الوزير، فقال العلوي الدبوسي: يأذن الشيخ الامام أن أسأل؟ قال: سل.
قال: لم تلعن أبا الحسن الأشعري؟ فسكت الشيخ، وأطرق الوزير، فلما
كان بعد ساعة، قال الوزير: أجبه. فقال: لا أعرف أبا الحسن، وإنما ألعن
من لم يعتقد أن الله في السماء، وأن القرآن في المصحف، ويقول: إن النبي
صلى الله عليه وسلم اليوم ليس بنبي. ثم قام وانصرف (3)، فلم يمكن أحدا أن يتكلم من هيبته،
فقال الوزير للسائل: هذا أردتم! أن نسمع ما كان يذكره بهراة بآذاننا، وما

(1) في تذكرة الحفاظ: مستفهما لهم.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1187.
(3) في حاشية الأصل ما نصه: الذي يصف الله سبحانه وتعالى بصفات المحدثين من
التحيز ونحوه أحق باللعن من الأشعري، والله يعفو عن الجميع.
511

عسى أن أفعل به؟ ثم بعث إليه بصلة وخلع، فلم يقبلها، وسافر من فوره إلى
هراة (1).
قال: وسمعت أصحابنا بهراة يقولون: لما قدم السلطان ألب أرسلان
هراة في بعض قدماته، اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه، ودخلوا على أبي
إسماعيل، وسلموا عليه، وقالوا، ورد السلطان ونحن على عزم أن نخرج،
ونسلم عليه، فأحببنا أن نبدأ بالسلام عليك، وكانوا قد تواطؤوا على أن حملوا
معهم صنما من نحاس صغيرا، وجعلوه في المحراب تحت سجادة الشيخ،
وخرجوا، وقام الشيخ إلى خلوته، ودخلوا على السلطان، واستغاثوا من
الأنصاري، وأنه مجسم، وأنه يترك في محرابه صنما يزعم أن الله تعالى على
صورته، وإن بعث السلطان الآن يجده. فعظم ذلك على السلطان، وبعث
غلاما وجماعة، فدخلوا، وقصدوا المحراب، فأخذوا الصنم، فألقى الغلام
الصنم، فبعث السلطان من أحضر الأنصاري، فأتى فرأى الصنم والعلماء،
وقد اشتد غضب السلطان، فقال له السلطان: ما هذا؟ قال: صنم يعمل من
الصفر شبه اللعبة. قال: لست عن ذا أسألك. قال: فعم يسألني السلطان؟
قال: إن هؤلاء يزعمون أنك تعبد هذا، وأنك تقول: إن الله على صورته.
فقال شيخ الاسلام بصولة وصوت جهوري: سبحانك! هذا بهتان عظيم.
فوقع في قلب السلطان أنهم كذبوا عليه، فأمر به، فأخرج إلى داره مكرما،
وقال لهم: اصدقوني. وهددهم، فقالوا: نحن في يد هذا في بلية من
استيلائه علينا بالعامة، فأردنا أن نقطع شره عنا. فأمر بهم، ووكل بهم،
وصادرهم، وأخذ منهم وأهانهم (2).

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1187 - 1188.
(2) " تذكره الحفاظ " 3 / 1188 - 1189.
512

قال أبو الوقت السجزي: دخلت نيسابور، وحضرت عند الأستاذ أبي
المعالي الجويني، فقال: من أنت؟ قلت: خادم الشيخ أبي إسماعيل
الأنصاري، فقال: رضي الله عنه (1).
قلت: اسمع إلى عقل هذا الامام، ودع سب الطغام، إن هم إلا
كالانعام.
قال ابن طاهر: وسمعت أبا إسماعيل يقول: كتاب أبي عيسى الترمذي
عندي أفيد من كتاب البخاري ومسلم. قلت: ولم؟ قال، لأنهما لا يصل إلى
الفائدة منهما إلا من يكون من أهل المعرفة التامة، وهذا كتاب قد شرح
أحاديثه، وبينها، فيصل إلى فائدته كل فقيه وكل محدث (2).
قال أبو سعد السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن عبد الله
ابن محمد الأنصاري، فقال: إمام حافظ (3).
وقال عبد الغافر بن إسماعيل: كان أبو إسماعيل الأنصاري على حظ تام
من معرفة العربية والحديث والتواريخ والأنساب، إماما كاملا في التفسير،
حسن السيرة في التصوف، غير مشتغل بكسب، مكتفيا بما يباسط به
المريدين والاتباع من أهل مجلسه في العام مرة أو مرتين على رأس الملا،
فيحصل على ألوف من الدنانير وأعداد من الثياب والحلي، فيأخذها، ويفرقها
على اللحام والخباز، وينفق منها، ولا يأخذ من السلطان ولا من أركان الدولة
شيئا، وقل ما يراعيهم (4)، ولا يدخل عليهم، ولا يبالي بهم، فبقي عزيزا

(1) المصدر السابق: 1189.
(2) المصدر نفسه.
(3) المصدر نفسه.
(4) تحرفت في " التذكرة " إلى: يرى عنهم.
513

مقبولا قبولا أتم من الملك، مطاع الامر نحوا من ستين سنة من غير مزاحمة،
وكان إذا حضر المجلس لبس الثياب الفاخرة، وركب الدواب الثمينة،
ويقول: إنما أفعل هذا إعزازا للدين، ورغما لأعدائه، حتى ينظروا إلى عزي
وتجملي، فيرغبوا في الاسلام. ثم إذا انصرف إلى بيته، عاد إلى
المرقعة (1) والقعود مع الصوفية في الخانقاه يأكل معهم، ولا يتميز بحال،
وعنه أخذ أهل هراة التبكير بالفجر، وتسمية الأولاد غالبا بعبد المضاف إلى
أسماء الله تعالى (2).
قال أبو سعد السمعاني: كان أبو إسماعيل مظهرا للسنة، داعيا إليها،
محرضا عليها، وكان مكتفيا بما يباسط به المريدين، ما كان يأخذ من الظلمة
شيئا، وما كان يتعدى إطلاق ما ورد في الظواهر من الكتاب والسنة، معتقدا ما
صح، غير مصرح بما يقتضيه تشبيه، وقال مرة: من لم ير مجلسي
وتذكيري، وطعن في، فهو مني في حل (3).
قلت: غالب ما رواه في كتاب " الفاروق " صحاح وحسان، وفيه باب
إثبات استواء الله على عرشه فوق السماء السابعة بائنا من خلقه من الكتاب
والسنة، فساق دلائل ذلك من الآيات والأحاديث إلى أن قال: وفي أخبار شتى
أن الله في السماء السابعة على العرش، وعلمه وقدرته واستماعه ونظره
ورحمته في كل مكان.
قيل: إن شيخ الاسلام عقد على تفسير قوله: * (إن الذين سبقت لهم منا
الحسنى) * [الأنبياء: 101] ثلاث مئة وستين مجلسا.

(1) المرقعة: من لباس الصوفية، لما فيها من الرقع. " المعجم الوسيط ".
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1189 - 1190.
(3) المصدر السابق: 1190.
514

قال أبو النضر الفامي: توفي شيخ الاسلام في ذي الحجة، سنة إحدى
وثمانين وأربع مئة، عن أربع وثمانين سنة وأشهر (1).
وفيها مات مسند أصبهان أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن
ابن ماجة الأبهري (2)، ومسند نيسابور أبو عمرو عثمان بن محمد بن عبيد الله
المحمي المزكي (3)، وراوي " جامع " الترمذي أبو بكر أحمد بن عبد الصمد
الغورجي (4).
أخبرنا علي بن أحمد الحسيني، أخبرنا علي بن أبي بكر بن روزبه
ببغداد، وكتب إلي غير واحد، منهم إبراهيم بن علي قال: أخبرنا محمد بن
أبي الفتح، وزكريا العلبي، وابن صيلا قالوا: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن
عيسى، أخبرنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد، حدثني أحمد بن محمد بن
منصور بن الحسين وقال: هو أعلى حديث عندي، حدثنا محمد بن أحمد بن
محمد بن كثير بن ديسم أبو سعيد بهراة، حدثنا أحمد بن المقدام، حدثنا
الفضل بن دكين، حدثنا سلمة بن وردان (ح)، وأخبرنا الحسن بن علي،
ومحمد بن قايماز الدقيقي، وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر بن اللتي،
أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا أبو إسماعيل، أخبرنا عبد الجبار بن الجراح، حدثنا
محمد بن أحمد بن محبوب، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا عقبة بن
مكرم، حدثنا ابن أبي فديك، أخبرني سلمة بن وردان الليثي، عن أنس بن
مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من ترك الكذب وهو باطل، بني له في

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1190. وفي " البداية ": توفي عن ست وثمانين سنة، وفي
" تاريخ الخميس ": أنه توفي سنة (480).
(2) سترد ترجمته برقم (302).
(3) سترد ترجمته برقم (300).
(4) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (3).
515

رياض الجنة، ومن ترك المراء وهو محق، بني له في وسطها، ومن حسن
خلقه، بني له في أعلاها " (1).
سلمة سئ الحفظ، وقد روى عنه ابن المبارك والقعنبي، مات سنة
ست وخمسين ومئة، ومن مناكيره ما رواه سريج بن يونس، حدثنا ابن أبي
فديك، عن سلمة، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: " هل
تزوجت "؟ قال: ليس عندي ما أتزوج. قال: " أليس معك * (قل هو الله
أحد) *؟ " قال: بلى. قال: " ربع القرآن، أليس معك * (قل يا أيها) *؟ "
قال: بلى. قال: " ربع القرآن، أليس [معك] إذا زلزلت؟ " قال: بلى.
قال: " ربع القرآن، تزوج تزوج " (2).
قال أبو حاتم البستي: خرج عن حد الاحتجاج به.
أخبرنا أبو الحسن الغرافي (3)، أخبرنا ابن أبي روزبه، أخبرنا أبو
الوقت، أخبرنا عبد الله بن محمد الأنصاري، أخبرنا شعيب بن محمد،
أخبرنا حامد الرفاء، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا

(1) إسناده ضعيف لضعف سلمة بن وردان، وهو في " سنن ابن ماجة " (51) والترمذي
(1994) وحسنه، وله شاهد عند أبي داود (4800) من حديث أبي أمامة ولفظه " أنا زعيم ببيت
في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا،
وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " وسنده حسن، وآخر من حديث ابن عباس عند الطبراني في
" معجمه " الكبير (11290) وثالث عن معاذ بن جبل عند الطبراني في الصغير ص 166،
فالحديث صحيح.
(2) هو في سنن الترمذي (2895) في فضائل القرآن من طريق عقبة بن مكرم العمي
البصري عن ابن أبي فديك بهذا الاسناد، ومع وجود سلمة بن وردان في السند، فقد حسنه
الترمذي.
(3) العرافي: نسبة إلى الغراف، قال ياقوت: على وزن فعال بالتشديد، من الغرف،
وهو نهر كبير تحت واسط بينها وبين البصرة، وعليه كورة فيها قرى كثيرة وهي بطائح.
516

الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: " أهدى رسول الله
صلى الله عليه وسلم مرة غنما ".
أخرجه البخاري (1)، عن أبي نعيم، وهو من نمط الثلاثيات.
قرأت على أبي الحسين علي بن محمد الفقيه، ومحمد بن قايماز،
وجماعة قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا
أبو إسماعيل الأنصاري، أخبرنا عبد الجبار، أخبرنا ابن محبوب، حدثنا أبو
عيسى الترمذي، حدثنا محمد بن بشار (2)، حدثنا أبو عامر - هو الخزاز - عن
ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: * (هو الذي أنزل
عليك الكتاب) * [آل عمران: 7]. فقال: " إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه
منه، أولئك الذين سمى الله فاحذروهم " (3).
وبه: قال الترمذي: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يزيد بن
إبراهيم، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذه
الآية: * (فأما الذين في قلوبهم زيغ) * [آل عمران: 7]. قال: " هم الذين
سمى الله فاحذروهم " (4). هذا أو قريب منه.

(1) رقم (1701) في الحج: باب تقليد الغنم، وأخرجه مسلم (1321) (367) في
الحج: باب استحباب الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب لنفسه من طريق يحيى بن يحيى،
عن أبي معاوية، عن الأعمش بهذا الاسناد.
(2) في الأصل، فوق كلمة بشار: علامة سقط ح‍، وسيذكر المؤلف هذا السقط قريبا.
(3) هو في سنن الترمذي (2993) و (2994) في التفسير، وقال: هذا حديث حسن
صحيح.
(4) هو في سنن الترمذي (2993) وأخرجه البخاري (4547) ومسلم (2665) وأبو
داود (4598) وابن حبان (72) والطبري (6610) والطيالسي (1433) كلهم من طريق يزيد
ابن إبراهيم، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة، ولم ينفرد يزيد بن إبراهيم بزيادة القاسم
ابن أبي مليكة وعائشة، بل تابعه عليه حماد بن سلمة عند الطبري (6615) والطيالسي
(1432) ورواه عن ابن أبي مليكة، عن عائشة ليس بينهما القاسم، الطبري (6605) و (6606)
وأحمد 6 / 48، وابن ماجة (47) وقد سمع ابن أبي مليكة من عائشة كثيرا، وكثيرا ما يدخل بينها
وبينه واسطة، وقد اختلف عليه في هذا الحديث، فبعضهم يروي عن ابن أبي مليكة، عن عائشة
ليس بينهما أحد، وبعضهم يزيد القاسم بن محمد بين ابن أبي مليكة وعائشة كما تقدم في التخريج
وكل صحيح، فهو من المزيد في متصل الأسانيد، سمعه ابن أبي مليكة عن عائشة، وسمعه من
القاسم عن عائشة، فحدث به على الوجهين تارة هكذا وتارة هكذا.
517

فهذان الحديثان اللذان أسقط منهما أبو إسماعيل رجلا رجلا، فالأول:
سقط فوق ابن بشار أبو داود الطيالسي، والثاني: سقط منه رجل وهو أبو الوليد
الطيالسي، عن يزيد.
وأخرجه أبو داود عاليا، عن القعنبي عن يزيد، به.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا ابن اللتي، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا
عبد الله بن محمد، حدثنا عمر بن إبراهيم إملاء، حدثنا عبد الله بن محمد
الحياني، سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم، سمعت الربيع بن سليمان،
سمعت الشافعي يقول: قراءة الحديث خير من صلاة التطوع.
إسناده صحيح عن الشافعي، ولفظه غريب، والمحفوظ: طلب
العلم (1).
261 - ابن قريش *
الشيخ العالم، الصالح، أبو الحسن، علي بن الحسين بن علي بن
الحسن بن عثمان بن قريش البغدادي، النصري، البناء، من أهل محلة
النصرية (2).

(1) وهو بهذا اللفظ في " الحلية " 9 / 199، وآداب الشافعي: 97، والانتقاء: 84،
وجامع بيان العلم 1 / 25.
* المنتظم 9 / 59.
(2) قال ياقوت: هي محلة بالجانب الغربي من بغداد في طرف البرية متصلة بدار القز...
منسوبة إلى أحد أصحاب المنصور، يقال له نصر.
518

سمع أحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي، وهو آخر أصحابه، وأبا
الحسن الحمامي، وأبا القاسم الحرفي.
وعنه: ابن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وابن ناصر، وأحمد
ابن هبة الله بن الفرضي، وعبد الخالق اليوسفي.
قال السمعاني: ثقة، صالح، صدوق، توفي في ذي الحجة، سنة
أربع وثمانين وأربع مئة.
262 - الحاكمي *
الفقيه نصر بن علي بن أحمد بن منصور بن شاذويه، أبو الفتح
الطوسي، الحاكمي، أحد المشاهير.
حدث ب‍ " السنن " عن أبي علي الروذباري، عن ابن داسة. وأحضروه
إلى نيسابور، فسمعوا منه الكتاب.
روى عنه: أبو الأسعد بن القشيري، وصخر بن عبيد الطابراني،
وجماعة، وكان معمرا.
263 - معلى بن حيدرة * *
الأمير الكبير، حصن الدولة، أبو الحسن الكتامي (1).
تغلب على مملكة دمشق بعد نزوح أمير الجيوش بدر (2) عنها، فظلم
وصادر وعسف، وزعم أن التقليد جاءه من المستنصر، وتعثرت الرعية،

* السياق: الورقة 92 ب، التقييد: الورقة 212 ب - 213 أ.
(* *) ذيل تاريخ دمشق للقلانسي: 95، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة: 46.
(1) نسبة إلى كتامة، وهي قبيلة من البربر ببلاد المغرب.
(2) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (43).
519

وأبغضه الجند، وجلا كثير من الناس، ثم خاف وذل، فهرب إلى بانياس، في
آخر سنة سبع وستين وأربع مئة، فبقي هناك مدة، ثم هرب إلى صور، ثم إلى
طرابلس، فأمسك منها، ثم سجن بمصر مدة، ثم قتلوه في سنة إحدى وثمانين
وأربع مئة.
وكان أبوه حيدرة بن منزه (1) وفد إلى دمشق من قبل المستنصر، ولقب
بحصن الدولة أيضا.
264 - الحسيني *
الامام، الحافظ، المجود، السيد الكبير، المرتضى، ذو الشرفين،
أبو المعالي (2)، محمد بن محمد بن زيد بن علي العلوي، الحسيني،
البغدادي، نزيل سمرقند.
ولد سنة خمس وأربع مئة.
وسمع أبا علي بن شاذان، وأبا القاسم الحرفي (3)، وأحمد بن عبد الله
ابن المحاملي، وطلحة بن الصقر، وأبا بكر البرقاني، ومحمد بن عيسى
الهمذاني، وعبد الملك بن بشران الواعظ، وابن غيلان، وطبقتهم،
واختص بالخطيب، ولازمه.

(1) هكذا هنا، وقد ذكره المصنف في ترجمة حيدرة بن الحسين رقم (87): منزو،
بالواو بدل الهاء.
* المنتظم 9 / 40 - 42، المنتخب: الورقة 14 ب، دول الاسلام 2 / 10، تذكرة
الحفاظ 4 / 1209 - 1212، العبر 3 / 297، الوافي 1 / 143، البداية والنهاية 12 / 133 -
134، طبقات الحفاظ: 445، شذرات الذهب 3 / 365، إيضاح المكنون 2 / 186، هدية
العارفين 2 / 75.
(2) في " المنتظم " 9 / 40: ذو الكنيتين، أبو المعالي وأبو الحسن.
(3) بالفاء، وقد تصحف في " الوافي بالوفيات " 1 / 143 إلى: الحرقي، بالقاف -
520

وصنف وجمع، وكان كبير القدر، كامل السؤدد، كثير الأموال، يرجع
إلى عقل ورأي وعلم وافر، ونعمة جسيمة.
حدث عنه: شيخه جعفر بن محمد المستغفري، وأبو بكر الخطيب،
ويوسف بن أيوب الهمذاني الزاهد، وزاهر بن طاهر الشحامي، وهبة الله بن
سهل السيدي، وأبو الأسعد هبة الرحمن بن القشيري، وأبو طالب محمد بن
عبد الرحمن الحيري، وأبو الفتح أحمد بن الحسين الأديب، لكن هذا
بالإجازة، وآخر من بقي من أصحابه: الخطيب أبو المعالي المديني.
قال أبو سعد السمعاني: هو أفضل علوي في عصره، له المعرفة التامة
بالحديث، وكان يرجع إلى عقل وافر ورأي صائب، برع بأبي بكر الخطيب
في الحديث، نقل عنه الخطيب - أظن في كتاب " البخلاء " - رزق حسن
التصنيف، وسكن في آخر عمره سمرقند، ثم قدم بغداد، وأملى بها، وحدث
بأصبهان، ثم رجع إلى سمرقند (1).
سمعت يوسف بن أيوب الزاهد يقول: ما رأيت علويا أفضل منه. وأثنى
عليه، وكان من الأغنياء المذكورين، وكان كثير الايثار، ينفذ في العام إلى
جماعة من الأئمة الألف دينار والخمس مئة وأكثر إلى كل واحد، فربما بلغ ذلك
عشرة آلاف دينار، ويقول: هذه زكاة مالي، وأنا غريب، ففرقوا على من
تعرفون استحقاقه، وكل من أعطيتموه، فاكتبوا له خطا، وأرسلوه حتى أعطيه
من عشر الغلة. قال: وكان يملك قريبا من أربعين قرية خالصة له بنواحي
كس (2)، وله في كل قرية وكيل أميز من رئيس بسمرقند (3).

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1210 و " الوافي " 1 / 143.
(2) في " التذكرة " و " المنتظم ": كش بالمعجمة.
(3) انظر " المنتظم " 9 / 41، و " تذكرة الحفاظ " 4 / 1210 - 1211، و " الوافي "
1 / 143.
521

هذا قول السمعاني، ولقد بالغ، فهذا في رتبة ملك، ومثل هذا يصلح
للخلافة.
ثم قال أبو سعد: وسمعت أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول
ذلك، وكان من أصحاب الشريف. وسمعته يقول: إن الشريف أنشأ بستانا
عظيما، فطلب صاحب ما وراء النهر الخاقان خضر أن يحضر دعوته في
البستان، فقال الشريف للحاجب: لا سبيل إلى ذلك. فألح عليه، فقال:
لكني لا أحضر، ولا أهيئ له آلة الفسق والفساد، ولا أعصي الله تعالى.
قال: فغضب الخاقان، وأراد أن يقبض عليه، فاختفى عند وكيل له نحوا من
شهر، فنودي عليه في البلد، فلم يظفروا به، ثم أظهروا ندما على ما فعلوا
ليطمئن، وألح عليه أهله في الظهور، فجلس على ما كان مدة، ثم إن الملك
نفذ إليه ليشاوره في أمر، فلما حصل عنده، أخذه وسجنه، ثم استأصل أمواله
وضياعه، فصبر، وحمد الله، وقال، من يكون من أهل البيت لا بد أن
يبتلى، وأنا ربيت في النعمة، وكنت أخاف أن (1) يكون وقع في نسبي خلل،
فلما جرى هذا، فرحت، وعلمت أن نسبي متصل (2).
قال لي أبو المعالي الخطيب: فسمعنا أنهم منعوه من الطعام حتى مات
جوعا، وهو من ذرية زين العابدين علي بن الحسين (3).
قال أبو سعد: قال أبو العباس الجوهري: رأيت السيد المرتضى بعد
موته وهو في الجنة وبين يديه طعام، وقيل له، ألا تأكل؟ قال: لا، حتى

(1) في الأصل: لا يكون، وفي التذكرة، أخاف يكون.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 41، و " تذكرة الحفاظ " 4 / 1211.
(3) " المنتظم " 9 / 41، و " تذكرة الحفاظ " 4 / 1211، و " الوافي " 1 / 143،
و " البداية والنهاية " 12 / 134.
522

يجئ ابني، فإنه غدا يجئ. قال: فانتبهت، وذلك في رمضان، سنة اثنتين
وتسعين، فقتل ولده السيد أبو الرضا في ذلك اليوم (1).
قال: وتوفي المرتضى بعد سنة ست وسبعين، وقيل: قتل في سنة
ثمانين وأربع مئة، قتله الخاقان خضر بن إبراهيم، وكان قد نفذه الخاقان
رسولا إلى القائم بأمر الله (2).
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله الدمشقي، أنبأنا أبو المظفر عبد
الرحيم بن أبي سعد، أخبرنا هبة الرحمن بن عبد الواحد الصوفي، أخبرنا
المرتضى أبو المعالي محمد بن محمد العلوي، أخبرنا عمر بن إبراهيم بن
إسماعيل الهروي الزاهد، أخبرنا منصور بن العباس البوشنجي، حدثنا جعفر
ابن أحمد بن نصر الحصيري، حدثنا أبو حفص الابلي عمر، حدثنا عيسى
ابن شعيب، حدثنا روح بن القاسم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " علم لا ينفع ككنز لا ينفق في سبيل الله عز
وجل " (3).
عيسى لا يوثق به (4).

(1) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1211 - 1212، و " الوافي " 1 / 143.
(2) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1212، ثم قال الذهبي: وقع لنا من تصانيفه كتاب " فرحة
المتعلم " سمعناه عاليا.
(3) إسناده ضعيف لضعف عيسى بن شعيب وهو في " جامع بيان العلم " 1 / 122 من طريق
عيسى بن شعيب بهذا الاسناد، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد 2 / 499، والدارمي
1 / 138 وفي سنده إبراهيم بن مسلم الهجري وهو لين الحديث، وله طريق آخر فيه ابن لهيعة عند
ابن عبد البر 1 / 22، والطبراني في " الأوسط " كما في المجمع 1 / 164، وله شاهد آخر من
حديث ابن مسعود عند القضاعي كما في " الجامع الصغير " فالحديث صحيح بهما.
(4) يتحصل من كلامهم أن ضعفه خفيف، فيصلح للمتابعات والشواهد، وحديثه هذا من
هذا القبيل.
523

وبه إلى المرتضى: أخبرنا أبو الحسن علي بن طلحة البصري، حدثنا
صالح بن أحمد الهمذاني الحافظ، حدثنا إبراهيم بن عمروس، حدثنا أبو
عبد الله الجرجاني، حدثنا الفريابي، حدثنا سفيان الثوري، عن سفيان بن
عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: * (لولا ينهاهم الربانيون
والأحبار) * [المائدة: 63]. قال: الربانيون: العلماء الفقهاء وهم فوق
الأحبار (1).
وبه: أخبرنا الحسن الفارسي - يعني ابن شاذان أخبرنا أبو سهل
القطان، حدثنا عبد الكريم بن الهيثم، حدثنا ابن عبدة، حدثنا حفص بن
جميع، عن سماك، عن محمد بن المنكدر قال: قال ابن عباس يرفعه: " إن
أقرب الناس درجة من درجة النبوة أهل الجهاد وأهل العلم، أما أهل العلم،
فقالوا ما جاءت به الأنبياء، وأما أهل الجهاد، فجاهدوا على ما جاءت به
الأنبياء " (2)
وابنه:
265 - [الحسيني] *
سيد السادة، أبو الرضا، الأطهر بن محمد، من كبار الشرفاء حشمة

(1) إسناده صحيح، وأخرجه الطبري (7312) من طريق يونس، عن ابن وهب، عن
سفيان بهذا الاسناد.
(2) ضعيف، حفص بن جميع ضعفه أبو حاتم، وقال أبو زرعة: ليس بالقوي، وقال ابن
حبان: لا يحتج به، وقال الساجي: يحدث عن سماك بأحاديث مناكير، وفيه ضعف، وأورده
السيوطي في " الجامع الكبير " 1 / 135، ونسبه للديلمي، وقد قال في مقدمته بعد أن ذكر رمز
العقيلي وابن عدي والخطيب وابن عساكر: وكل ما عزي لهؤلاء الأربعة، أو للحكيم الترمذي في
" نوادر الأصول " أو الحاكم في " تاريخه " أو للديلمي في " مسند الفردوس "، فهو ضعيف،
فليستغن بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه.
* الوافي بالوفيات 9 / 289.
524

وجاها ورئاسة وأموالا، ولم يزل في رفعة إلى أن رام المملكة، ونابذ خان
سمرقند، وأمر بضرب السكة باسمه، واستخدم آلافا من العسكر، وجنى
الخراج، وعظم أمره، ثم ظفر به الخان، فوسطه (1)، وأخذ أمواله وحريمه،
وأباد حاشيته، حتى لم يبق منهم نافخ نار، وذلك في سنة اثنتين وتسعين وأربع
مئة.
4 - حجاج بن قاسم *
الامام الفقيه، أبو محمد السبتي.
سمع من أبيه تلميذ ابن أبي زيد، وبمكة من أبي ذر (2).
وحدث ب‍ " الصحيح "، ورأس علماء المرية، ثم سبتة.
سمع منه: القاضي أبو محمد منصور، وأبو علي بن طريف، وأبو
القاسم بن العجوز، وآخرون.
توفي سنة إحدى وثمانين وأربع مئة.
266 - الشاشي * *
الامام العلامة، شيخ الشافعية، أبو بكر، محمد بن علي بن حامد
الشاشي، صاحب الطريقة المشهورة (3).

(1) في " الوافي ": ثم إنه قد نصفين، وعلق في السوق.
* تقدمت ترجمته برقم (4).
(2) هو الهروي.
(* *) المنتخب: الورقة 17 ب، العبر 3 / 308، الوافي 4 / 140، مرآة الجنان 3 / 138،
طبقات السبكي 4 / 190، طبقات الأسنوي 2 / 94 - 95، شذرات الذهب 3 / 375، هدية
العارفين 2 / 76، والشاشي: بفتح الشين المعجمة وبعد الألف شين ثانية، هذه النسبة إلى
الشاش: وهي مدينة وراء نهر سيحون.
(3) في " طبقات " الأسنوي 2 / 94: صاحب الطريقة المشهورة في الجدل.
525

تفقه ببلاده على أبي بكر السنجي، ثم ارتحل إلى صاحب غزنة، فأقبل
عليه، وعظم شأنه بغزنة، وبعد صيته، وتفقهوا عليه، وصنف
التصانيف (1)، ثم استدعاه نظام الملك إلى هراة، وأشار عليهم بتسريحه،
فجهزوه، مكرما من غزنة بأولاده، فدرس بنظامية هراة، ثم قصد نيسابور
زائرا، فاحترموه، وقيل: لم يقع منهم بذاك الموقع، فعاد إلى هراة، وحدث
عن منصور الكاغدي صاحب الهيثم الشاشي (2).
مات بهراة في سنة خمس وثمانين وأربع مئة، في سادس شوالها وله
ثمان وثمانون سنة، وقيل: بل عاش أربعا وتسعين سنة. وأما عبد الغافر في
" السياق " فقال: مات في شوال سنة خمس وتسعين، والأول أشبه، بل
الصواب، وكذا أرخه أبو سعد السمعاني، وقال: زرت قبره بهراة، روى لنا
عنه محمد بن محمد السنجي، وأبو بكر محمد بن سليمان المروزي.
267 - البانياسي *
الشيخ الصالح، المسند، أبو عبد الله، مالك بن أحمد بن علي بن
إبراهيم البانياسي الأصل، البغدادي، ابن الفراء. كان يقول: هكذا سماني
الوالد، وكناني، وسمتني أمي عليا، وكنتني أبا الحسن، فأنا أعرف
بهما (3).
سمع أبا الحسن بن الصلت المجبر، وأبا الفتح بن أبي الفوارس، وأبا
الحسين بن بشران، وابن الفضل القطان.

(1) لم يذكر في " هدية العارفين " من تصانيفه سوى الطريقة في الخلاف.
(2) انظر " طبقات " السبكي: 4 / 190، و " طبقات " الأسنوي 2 / 94
* الأنساب 2 / 64، المنتظم 9 / 69، اللباب 1 / 115، العبر 3 / 308 - 309، البداية
والنهاية 12 / 142، النجوم الزاهرة 5 / 137، شذرات الذهب 3 / 376.
(3) انظر " المنتظم " 9 / 69.
526

حدث عنه: أبو علي بن سكرة، وأبو عامر العبدري، وإسماعيل بن
السمرقندي، وإسماعيل التيمي، ومحمد بن ناصر، وأبو بكر بن
الزاغوني، وأبو الحسن علي بن تاج القراء، وأبو الفتح محمد بن البطي،
وخلق كثير.
قال أبو سعد السمعاني: شيخ صالح، ثقة، متدين، مسن، عمر حتى
أخذ عنه الطلبة، وتكابوا عليه، كان يسكن في غرفة بسوق الريحانيين (1).
وقال ابن سكرة: كان مالكيا شيخا صالحا، وقعت النار ببغداد بقرب
حجرته وقد زمن، فأنزل في قفة إلى باب الحجرة، فإذا النار عند الباب، فتركه
الذي أنزله، وفر، فاحترق هو - رحمه الله - وذلك في تاسع جمادى الآخرة،
سنة خمس وثمانين وأربع مئة بالنهار (2).
وقال أبو محمد بن السمرقندي: كان آخر من حدث عن ابن الصلت،
وكان ثقة، قال لي: ولدت سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة.
وفيها: مات المحدث جعفر بن يحيى الحكاك (3)، والوزير نظام
الملك أبو علي (4) قتل، وشارح البخاري القاضي أبو عبد الله محمد بن خلف
ابن المرابط، وأبو بكر محمد بن علي القشاشي، ومقرئ وقته محمد بن
عيسى المغامي (5)، والسلطان جلال الدولة ملكشاه السلجوقي (6)، وشيخ
الحنفية منصور بن أحمد البسطامي ببلخ.

(1) تحرفت في " الأنساب " 2 / 64 إلى: الريحانين.
(2) انظر " الأنساب " 2 / 63، و " المنتظم " 9 / 69.
(3) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (69).
(4) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (51).
(5) نسبة إلى مغامة، وهي: مدينة بالأندلس.
(6) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (32).
527

268 - المجاشعي *
إمام النحو، أبو الحسن، علي بن فضال بن علي بن غالب،
المجاشعي، القيرواني، التميمي، الفرزدقي، المفسر.
طوف الدنيا، واتصل بنظام الملك، وصنف " الإكسير في التفسير " في
خمسة وثلاثين مجلدا، ومؤلفا في النحو في عدة مجلدات، و " البرهان " في
التفسير في عشرين مجلدا. وقد وعده إمام الحرمين بألف دينار على
" الإكسير "، فألفه، فلما فرغ من قراءته عليه، لم يعطه شيئا، فتوعده بأن
يهجوه، فبعث إليه: عرضي فداؤك (1).
وقد ألف بغزنة كتبا بأسماء أكابر، وأقرأ الآداب مدة.
وله نظم جيد (2). وله " البسملة وشرحها " في مجلد، وكتاب " الدول "

* المنتظم 9 / 33، معجم الأدباء 14 / 90 - 98 ومقدمته 1 / 48، الكامل 10 / 159،
إنباه الرواة 2 / 229 - 301، العبر 3 / 295، تلخيص ابن مكتوم 146 - 148، الوافي خ
12 / 135 - 136، مرآة الجنان 3 / 132، البداية والنهاية 12 / 132، طبقات ابن قاضي شهبة
2 / 177 - 178، لسان الميزان 4 / 249، النجوم الزاهرة 5 / 124، إشارة التعيين: الورقة
34، 35، بغية الوعاة 2 / 183، طبقات المفسرين للسيوطي: 24 - 25، طبقات المفسرين
للداوودي 1 / 421 - 422، كشف الظنون: 1027، 1179، شذرات الذهب 3 / 363،
روضات الجنات، 485، إيضاح المكنون 1 / 85 و 115 و 116 و 178، هدية العارفين 1 / 693.
والمجاشعي: بضم الميم وفتح الجيم وسكون الألف وكسر الشين المعجمة والعين المهملة، هذه
النسبة إلى: مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة من تميم. وقد تحرفت في
" البداية " إلى المشاجعي.
(1) انظر الخبر في " معجم الأدباء " 14 / 97، و " إنباه الرواة " 2 / 300 - 301، وقد زاد
ياقوت بعد ذلك: ولم يدفع إليه حبة واحدة، ثم قال: وبلغني أنه عقيب ذلك ورد بغداد، وأقام
بها، ولم يتكلم بعد في النحو، وصنف كتابه في التاريخ.
(2) انظر بعض نظمه في " معجم الأدباء " 14 / 93 - 96، ومنه قوله:
وإخوان حسبتهم دروعا * فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهم سهاما صائبات * فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا: قد صفت منا قلوب * لقد صدقوا ولكن من وداد
528

أزيد من ثلاثين سفرا، وأشياء (1).
توفي في ربيع الأول، سنة تسع وسبعين وأربع مئة.
269 - السراج *
الشيخ، المعمر، مسند نيسابور، أبو نصر، محمد بن سهل بن
محمد بن أحمد الشاذياخي (2)، السراج.
سمع أبا نعيم عبد الملك بن محمد الأسفراييني، وأبا الطيب
الصعلوكي، وأبا طاهر بن محمش، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني،
وجماعة.
حدث عنه: ابن طاهر المقدسي، وإسماعيل بن محمد التيمي،
وعبد الله بن محمد الفراوي، وعبد الغافر بن إسماعيل، وقال: هو شيخ
نظيف ظريف، مختص بمجلس الصاعدية للمنادمة والخدمة، سمع الكثير
وعاش تسعين سنة، توفي في صفر سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة.
قلت: هو آخر من حدث عن أبي نعيم المهرجاني، يقع حديثه اليوم
بعلو في كتاب " الترغيب والترهيب " للتيمي.

(1) انظر مصنفاته في " معجم الأدباء " 14 / 91 وما بعدها، و " إنباه الرواة " 2 / 300.
* العبر 3 / 303، شذرات الذهب 3 / 369.
(2) قال ابن الأثير: الشاذياخي، بفتح الشين وسكون الألف والذال المعجمة وفتح الياء
وسكون الألف وفي آخرها خاء معجمة: هذه النسبة إلى موضعين، أحدهما: على باب نيسابور
مثل قرية متصلة بالبلد بها دار السلطان، والثاني: قرية شاذخ وهي على باب بلخ.
529

270 - موسى بن عمران *
ابن محمد بن إسحاق بن يزيد، الشيخ الصالح، القدوة، مسند
خراسان أبو المظفر الأنصاري، النيسابوري، الصوفي.
ولد سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
وسمع من: أبي الحسن العلوي فكان آخر من روى عنه، وأبي
عبد الله الحاكم، وأبي القاسم السراج، وطائفة.
حدث عنه: زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وأبو عمر محمد بن علي بن
دوست الحاكم، وعمر بن أحمد بن الصفار الفقيه، والحسين بن علي
الشحامي، وعبد الله بن محمد الفراوي، وآخرون.
قال عبد الغافر: هو شيخ وجيه، حسن الرواء والمنظر، راسخ القدم في
الطريقة، لقي الشيخ أبا سعيد بن أبي الخير الميهني، وخدمه، ثم خدم أبا
القاسم القشيري، وكان من أركان الشيوخ، عمر ثمانيا وتسعين سنة، ومات
في شهر ربيع الأول، سنة ست وثمانين وأربع مئة.
271 - المقومي * *
الشيخ الصدوق، أبو منصور، محمد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم
القزويني، المقومي، راوي " سنن " ابن ماجة، عن القاسم بن أبي المنذر
الخطيب.
سمع في سنة ثمان وأربع مئة وله عشر سنين من ابن أبي المنذر، والزبير بن

* السياق: الورقة 90 ب - 91 أ، العبر 3 / 313، شذرات الذهب 3 / 379.
(* *) العبر 3 / 306، شذرات الذهب 3 / 372.
530

محمد الزبيري، وعبد الجبار بن أحمد القاضي، شيخ المعتزلة. وحدث
بالري.
وسأله ابن ماكولا عن مولده، فقال: في سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة.
حدث عنه: ملكداذ بن علي العمركي، وعلي بن شافعي، وعبد
الرحمن بن عبد الله الرازي، وأبو العلاء زيد بن علي بن منصور الشروطي،
وأخوه أبو المحاسن مسعود، والحافظ محمد بن طاهر المقدسي، وابنه أبو
زرعة طاهر. ولا أعلم متى توفي، إلا أنه في سنة أربع وثمانين وأربع مئة كان
حيا (1).
ومات في سنة أربع أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر
الذكواني، والحسن بن علي بن خلف الكاشغري، والحافظ ظافر بن مفوز
الشاطبي، وعبد الملك بن شغبة البصري، وعلي بن الحسين بن قريش
النصري (2) - بنون -، ومقرئ مرو أبو نصر محمد بن أحمد الكركانجي (3)،
وقاضي القضاة أبو بكر محمد بن عبد الله الناصحي، والمعتصم محمد بن
معن الصمادحي (4) بالأندلس.
272 - ابن البغدادي *
الامام الواعظ، شيخ أصبهان، أبو الفضل، محمد بن أبي سعد أحمد

(1) قال المؤلف في " العبر " وفيات سنة 484: وتوفي فيها أو بعدها عن بضع وثمانين
سنة.
(2) تقدمت ترجمته برقم (261).
(3) سترد ترجمته برقم (317).
(4) سترد ترجمته برقم (313).
* " المنتظم " 9 / 42.
531

ابن الحسن بن علي البغدادي، ثم الأصبهاني، من بيت العلم والاسناد،
أولهم علي بن أحمد بن سليمان البغدادي.
وعظ محمد، واشتهر، وسمع أولاده أبا سعد الحافظ وفاطمة، وشارك
في الفضائل.
سمع ابن فاذشاه، وعبد العزيز بن أحمد بن فاذويه، وأبا أحمد محمد
ابن علي المؤدب، وابن ريذة.
روى عنه: ابن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وجماعة.
مولده سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة.
ومات في صفر، سنة ثمانين غريبا ببغداد بعد مجيئه من الحج (1).
273 - مسعود بن ناصر *
ابن أبي زيد عبد الله بن أحمد، الامام المحدث، الرحال،
الحافظ، أبو سعيد (2) السجزي (3) الركاب.
سمع من: علي بن بشرى، وطائفة بسجستان، ومن محمد بن

(1) " المنتظم " 9 / 42.
* الأنساب 7 / 47 (السجستاني)، المنتظم 9 / 13، المنتخب: الورقة 127 أ -
127 ب، التقييد: الورقة 200 أ - 200 ب، الاستدراك 1 / الورقة 253 ب، تذكرة الحفاظ
4 / 1216 - 1218، العبر 3 / 289، مرآة الجنان 3 / 122، البداية والنهاية 12 / 127، طبقات
الحفاظ: 447، شذرات الذهب 3 / 357.
(2) في " الأنساب " 7 / 47: أبو مسعود، وفي " البداية " 12 / 127: أبو سعد.
(3) والسجزي: بكسر السين المهملة وسكون الجيم وفي آخرها زاي، هذه النسبة إلى
سجستان - إحدى بلاد كابل - على غير قياس، والقياس: السجستاني. انظر " الأنساب "
7 / 47. وقد تصحف في " المنتظم " 9 / 13 إلى " الشجري "، وفي " الشذرات " 3 / 357 إلى
" الشحري ".
532

عبد الرحمن الدباس، ومنصور بن محمد بن محمد الأزدي بهراة، وأبي
حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبي سعد عبد الرحمن بن حمدان،
وعمر بن مسرور، وطبقتهم بنيسابور، وأبي طالب بن غيلان، وبشرى
الفاتني (1)، وأبي محمد الخلال ببغداد، ومن أبي بكر بن ريذة (2)
بأصبهان. وجمع فأوعى، وصنف الأبواب.
حدث عنه: محمد بن عبد العزيز العجلي المروزي، وعبد الواحد
ابن الفضل الطوسي، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، ومحمد بن عبد
الواحد الدقاق، وأبو الأسعد بن القشيري، وخلق، وأبو بكر الخطيب،
وهو من شيوخه، وسمع منه شيخه الصوري.
قال الدقاق: ولم أر في المحدثين أجود إتقانا ولا أحسن ضبطا
منه (3).
وقال زاهر الشحامي: كان مسعود السجزي يذهب إلى القدر،
ويقرؤها: " فحج آدم موسى " بنصب آدم (4).
مات مسعود بنيسابور في جمادى الأولى سنة سبع (5) وسبعين
وأربع مئة، وصلى عليه إمام الحرمين أبو المعالي، ووقف كتبه،
وكانت كثيرة نفيسة متقنة (6).

(1) هو بشرى بن مسيس الرومي الفاتني أبو الحسن، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر
برقم (365).
(2) هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني ابن ريذة، مرت ترجمته في الجزء
السابع عشر برقم (397).
(3) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1217.
(4) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1217، و " المنتظم " 9 / 13.
(5) سقط لفظ " سبع " من " الأنساب ".
(6) انظر " المنتظم " 9 / 13.
533

قال عبد الغافر بن إسماعيل: كان متقنا، ورعا، قصير اليد،
زجى عمره كذلك إلى أن ارتبطه نظام الملك بيهق ثم بطوس
للاستفادة (1).
قال أحمد بن ثابت الطرقي (2): سمعت ابن الخاضبة يقول: كان
مسعود قدريا، سمعته يقرأها: فحج آدم موسى. بالنصب (3).
وقال المؤتمن الساجي: كان يرجع إلى هداية وإتقان وحسن
ضبط (4).
أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا يوسف بن خليل، أخبرنا
مسعود بن أبي منصور، أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد، أخبرنا مسعود
ابن ناصر، أخبرنا عثمان بن محمد بن أحمد النوقاني، أخبرنا أبي أبو
عمر، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الخياط، حدثنا أحمد بن محمد
ابن ياسين، حدثنا أبو عتاب، حدثنا أحمد بن محمد بن دينار
النيسابوري، عن أزهر السمان، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن
أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تفكهوا، وكلوا البطيخ، فإن حلاوته
من الجنة " (5).

(1) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1217، و " المنتظم " 9 / 13.
(2) بفتح الطاء المهملة وسكون الراء وفي آخرها قاف، نسبة إلى " طرق " وهي قرية كبيرة
مثل البليدة من أصبهان انظر " الأنساب " 8 / 235، وفيه ترجمة أبي العباس أحمد بن ثابت هذا.
(3) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1217، و " المنتظم " 9 / 13.
(4) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1217.
(5) وفي البطيخ أحاديث كثيرة لا يصح منها شئ غير حديث واحد أخرجه أبو داود
(3836) والترمذي (1844) والحميدي رقم (255) من حديث عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
كان يأكل البطيخ بالرطب، يقول: " نكسر حر هذا ببرد هذا، وبرد هذا بحر هذا ".
534

هذا باطل، ما تفوه به أزهر قط.
قال عبد الغافر: انتقل مسعود في آخر عمره إلى نيسابور، وكان
على كبر سنه يطوف على المشايخ، ويكتب، وينفق ما يفتح له على
الطلبة، وفوائده من الاخبار والحكايات والاشعار في سفائنه لا تحصى،
فقد عددنا في كتبه قريبا من ستين مجموعا من التواريخ، سوى سائر
الأجناس، وكان يكتب بخط مستقيم، ويورق ببغداد وأصبهان، وقف
كتبه في مسجد عقيل.
قال السمعاني: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن مسعود بن
ناصر، فقال: حافظ، سمع الكثير.
ولاسعد الزوزني:
بمسعود بن ناصر اشتملنا * على عين الحديث بغير ريب
إذا ما قال: حدثنا فلان * فذا الاسناد حق غير ريب
وما إن زرته إلا خفيفا * فيصبح مثقلا كمي وجيبي
ولو أني ظفرت به شبابي * غنيت عن التردد وقت شيبي
274 - أبو الوليد الباجي *
الامام العلامة، الحافظ، ذو الفنون، القاضي، أبو الوليد،

* الاكمال 1 / 468، قلائد العقيان: 215 - 216، الذخيرة ق 2 / م 1 / 94 - 105،
ترتيب المدارك 4 / 802 - 808، الأنساب 2 / 19 و 20، الصلة 1 / 200 - 202، الخريدة
12 / الورقة 157، بغية الملتمس: 302 - 303، معجم الأدباء 11 / 246 - 251، اللباب
1 / 103، المغرب في حلى المغرب 1 / 404 - 405، وفيات الأعيان 2 / 408 - 409، الروض
المعطار: 75، دول الاسلام 2 / 6، العبر 3 / 281 - 282، تذكرة الحفاظ 3 / 1178 -
1183، تتمة المختصر 1 / 572 - 573، فوات الوفيات 2 / 64 - 65، الوافي خ 13 / 129 -
130، مرآة الجنان 3 / 108، البداية والنهاية 12 / 122 - 123، قضاة النباهي: 95، الديباج
المذهب 1 / 377 - 385، وفيات ابن قنفذ: 255، تبصير المنتبه 1 / 117، النجوم الزاهرة
5 / 114، طبقات الحفاظ: 440 - 441، طبقات المفسرين للسيوطي: 14، طبقات
المفسرين للداوودي 1 / 202 - 207، نفح الطيب 2 / 67 - 85، كشف الظنون: 19 - 20،
419 شذرات الذهب 3 / 344 - 345، روضات الجنات: 322، إيضاح المكنون 1 / 48،
74، هدية العارفين 1 / 397، الرسالة المستطرفة: 207، تهذيب ابن عساكر 6 / 250 -
252.
535

سليمان بن خلف بن سعد (1) بن أيوب بن وارث التجيبي، الأندلسي،
القرطبي، الباجي، الذهبي، صاحب التصانيف.
أصله من مدينة بطليوس (2)، فتحول جده إلى باجة (3) - بليدة بقرب
إشبيلية - فنسب إليها، وما هو من باجة المدينة التي بإفريقية (4)، التي
ينسب إليها الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الباجي، وابنه
الحافظ الأوحد أبو عمر أحمد بن عبد الله بن الباجي، وهما من علماء
الأندلس أيضا.
ولد أبو الوليد في سنة ثلاث وأربع مئة.
وأخذ عن: يونس بن مغيث، ومكي بن أبي طالب، ومحمد بن
إسماعيل، وأبي بكر محمد بن الحسن بن عبد الوارث.
وارتحل سنة ست وعشرين، فحج، ولو مدها إلى العراق

(1) في " ترتيب المدارك " 4 / 802: ابن سعدون، وفي " تذكرة الحفاظ " 3 / 1178:
ابن سعيد.
(2) بطليوس، بفتحتين وسكون اللام، وياء مفتوحة وسين مهملة، وانفرد ياقوت، فضم
الياء، وهي: مدينة كبيرة بالأندلس من أعمال ماردة على نهر آنة غربي قرطبة.
(3) وهي من أقدم مدن الأندلس، وتقع اليوم في البرتغال على بعد 140 كم إلى الجنوب
الشرقي من لشبونة.
(4) كما ذكر ابن عساكر. وسيذكر المؤلف قوله في آخر الترجمة.
536

وأصبهان، لأدرك إسنادا عاليا، ولكنه جاور ثلاثة أعوام، ملازما للحافظ
أبي ذر، فكان يسافر معه إلى السراة، ويخدمه، فأكثر عنه (1)، وأخذ
علم الحديث والفقه والكلام.
ثم ارتحل إلى دمشق، فسمع من: أبي القاسم عبد الرحمن بن
الطبيز، والحسن بن السمسار، والحسن بن محمد بن جميع، ومحمد
ابن عوف المزني.
وارتحل إلى بغداد، فسمع عمر بن إبراهيم الزهري، وأبا طالب
محمد بن محمد بن غيلان، وأبا القاسم الأزهري، وعبد العزيز بن علي
الازجي، ومحمد بن علي الصوري الحافظ، وصحبه مدة، ومحمد بن
عبد الواحد بن رزمة، والحسن بن محمد الخلال، وخلقا سواهم.
وتفقه بالقاضي أبي الطيب الطبري، والقاضي أبي عبد الله
الصيمري، وأبي الفضل بن عمروس (2) المالكي.
وذهب إلى الموصل، فأقام بها سنة على القاضي أبي جعفر
السمناني المتكلم، صاحب ابن الباقلاني، فبرز في الحديث والفقه
والكلام والأصول والأدب.
فرجع إلى الأندلس بعد ثلاث عشرة سنة بعلم غزير، حصله مع
الفقر والتقنع باليسير.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن حزم، وأبو بكر

(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 802، و " الصلة " 1 / 201، و " بغية الملتمس ":
303، و " معجم الأدباء " 11 / 248.
(2) تحرفت في " الديباج المذهب " 1 / 378 إلى: عروس.
537

الخطيب، وعلي بن عبد الله الصقلي، وأبو عبد الله الحميدي، وأحمد
ابن علي بن غزلون، وأبو علي بن سكرة الصدفي، وأبو بكر الفهري
الطرطوشي، وابنه الزاهد أبو القاسم بن سليمان، وأبو علي بن سهل
السبتي، وأبو بحر سفيان بن العاص، ومحمد بن أبي الخير القاضي
وخلق سواهم.
وتفقه به أئمة، واشتهر اسمه، وصنف التصانيف النفيسة.
قال القاضي عياض (1): آجر أبو الوليد نفسه ببغداد لحراسة درب،
وكان لما رجع إلى الأندلس يضرب ورق الذهب للغزل، ويعقد الوثائق
قال لي أصحابه: كان يخرج إلينا للاقراء وفي يده أثر المطرقة، إلى أن
فشا علمه، وهيتت (2) الدنيا به، وعظم جاهه، وأجزلت صلاته، حتى
توفي عن مال وافر، وكان يستعمله الأعيان في ترسلهم، ويقبل
جوائزهم، ولي القضاء بمواضع من الأندلس، وصنف كتاب " المنتقى
في الفقه " (3)، وكتاب " المعاني في شرح الموطأ "، فجاء في عشرين
مجلدا، عديم النظير.
قال: وقد صنف كتابا كبيرا جامعا، بلغ فيه الغاية، سماه
" الاستيفاء "، وله كتاب " الايماء في الفقه " خمس مجلدات، وكتاب
" السراج في الخلاف " لم يتم، و " مختصر المختصر في مسائل
المدونة "، وله كتاب في اختلاف الموطآت، وكتاب في الجرح

(1) في " ترتيب المدارك " 4 / 804 - 805.
(2) ويقال هيت به: دعاه وناداه، والمقصود: شهرته وأظهرت اسمه.
(3) شرح فيه " موطأ " الامام مالك، وفرع عليه تفريعا حسنا، وقد طبع بسبعة أجزاء بعناية
ابن شقرون في مصر عام 1914 م.
538

والتعديل، وكتاب " التسديد إلى معرفة التوحيد "، وكتاب " الإشارة في
أصول الفقه "، وكتاب " إحكام الفصول في أحكام الأصول "، وكتاب
" الحدود "، وكتاب " شرح المنهاج "، وكتاب " سنن الصالحين وسنن
العابدين "، وكتاب " سبل المهتدين "، وكتاب " فرق الفقهاء "، وكتاب
" التفسير " لم يتمه، وكتاب " سنن المنهاج وترتيب الحجاج " (1).
قال الأمير أبو نصر (2): أما الباجي ذو الوزارتين ففقيه متكلم، أديب
شاعر، سمع بالعراق، ودرس الكلام، وصنف... إلى أن قال: وكان
جليلا رفيع القدر والخطر، قبره بالمرية.
وقال القاضي أبو علي الصدفي: ما رأيت مثل أبي الوليد الباجي،
وما رأيت أحدا على سمته وهيئته وتوقير مجلسه. ولما كنت ببغداد قدم
ولده أبو القاسم أحمد، فسرت معه إلى شيخنا قاضي القضاة الشامي،
فقلت له: أدام الله عزك، هذا ابن شيخ الأندلس. فقال: لعله ابن
الباجي؟ قلت: نعم. فأقبل عليه (3).
قال القاضي عياض (4): كثرت القالة في أبي الوليد لمداخلته
للرؤساء، وولي قضاء أماكن تصغر عن قدره كاوريولة، فكان يبعث إليها
خلفاءه، وربما أتاها المرة ونحوها، وكان في أول أمره مقلا حتى احتاج
في سفره إلى القصد بشعره، وإيجار نفسه مدة مقامه ببغداد فيما سمعته،

(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 806 - 807، واسم الكتاب الأخير فيه: " تفسير المنهاج
في ترتيب طرق الحجاج ".
(2) انظر " الاكمال " 1 / 468.
(3) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 804.
(4) في " ترتيب المدارك " 4 / 804 - 806، باختلاف عن ما هنا.
539

مستفيضا لحراسة درب، وقد جمع ولده شعره، وكان ابتدأ بكتاب
" الاستيفاء " في الفقه، لم يضع منه سوى كتاب الطهارة في مجلدات.
قال لي: ولما قدم من الرحلة إلى الأندلس وجد لكلام ابن حزم طلاوة،
إلا أنه كان خارجا عن المذهب، ولم يكن بالأندلس من يشتغل
بعلمه، فقصرت ألسنة الفقهاء عن مجادلته وكلامه، واتبعه على رأيه
جماعة من أهل الجهل، وحل بجزيرة ميورقة، فرأس فيها، واتبعه
أهلها، فلما قدم أبو الوليد، كلموه في ذلك، فدخل إلى ابن حزم،
وناظره، وشهر باطله. وله معه مجالس كثيرة. قال: ولما تكلم أبو
الوليد في حديث الكتابة يوم الحديبية الذي في " صحيح " البخاري (1).
قال بظاهر لفظه، فأنكر عليه الفقيه أبو بكر بن الصائغ، وكفره بإجازته
الكتب على رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي الأمي، وأنه تكذيب للقرآن، فتكلم في
ذلك من لم يفهم الكلام، حتى أطلقوا عليه الفتنة، وقبحوا عند العامة ما
أتى به، وتكلم به خطباؤهم في الجمع، وقال شاعرهم:
برئت ممن شرى دنيا بآخرة * وقال: إن رسول الله قد كتبا (2)
فصنف القاضي أبو الوليد رسالة بين فيها أن ذلك غير قادح في
المعجزة، فرجع بها جماعة.
قلت: يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب اسمه ليس إلا، ولا يخرج
بذلك عن كونه أميا، وما من كتب اسمه من الامراء والولاة إدمانا للعلامة
يعد كاتبا، فالحكم للغالب لا لما ندر، وقد قال عليه السلام: " إنا أمة

(1) انظر الحديث رقم (4251) في المغازي: باب عمرة القضاء، وقد توسع الحافظ ابن حجر
رحمه الله في شرحه فراجعه.
(2) في " ترتيب المدارك " 4 / 805 أن قائل البيت هو عبد الله بن هند.
540

أمية لا نكتب ولا نحسب " (1). أي لان أكثرهم كذلك، وقد كان فيهم
الكتبة قليلا. وقال تعالى: * (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) *
[الجمعة: 2]. فقوله عليه السلام: " لا نحسب " حق، ومع هذا
فكان يعرف السنين والحساب، وقسم الفئ، وقسمة المواريث
بالحساب العربي الفطري لا بحساب القبط ولا الجبر والمقابلة، بأبي هو
ونفسي صلى الله عليه وسلم، وقد كان سيد الأذكياء، ويبعد في العادة أن الذكي يملي
الوحي وكتب الملوك وغير ذلك على كتابه، ويرى اسمه الشريف في
خاتمه، ولا يعرف هيئة ذلك مع الطول، ولا يخرج بذلك عن أميته،
وبعض العلماء عد ما كتبه يوم الحديبية من معجزاته، لكونه لا يعرف
الكتابة وكتب، فإن قيل: لا يجوز عليه أن يكتب، فلو كتب، لارتاب
مبطل، ولقال: كان يحسن الخط، ونظر في كتب الأولين. قلنا: ما
كتب خطا كثيرا حتى يرتاب به المبطلون، بل قد يقال: لو قال مع طول
مدة كتابة الكتاب بين يديه: لا أعرف أن أكتب اسمي الذي في خاتمي،
لارتاب المبطلون أيضا، ولقالوا: هو غاية في الذكاء، فكيف لا يعرف
ذلك؟ بل عرفه، وقال: لا أعرف. فكان يكون ارتيابهم أكثر وأبلغ في
إنكاره، والله أعلم.
وأما الحافظ أبو القاسم بن عساكر، فذكر أن أبا الوليد قال: كان
أبي من باجة القيروان، تاجرا يختلف إلى الأندلس (2).

(1) أخرجه من حديث عبد الله بن عمر البخاري (1913) في الصوم: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نكتب
ولا نحسب، ومسلم (1080) (15) في الصيام: باب وجوب صوم رمضان لرؤيته، وأبو داود
(2319)، والنسائي 4 / 139 و 140، وأحمد 2 / 43 و 52 و 122 و 129.
(2) انظر " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 6 / 251.
541

قلت: فعلى هذا هو وأبو عمر بن الباجي وآله كلهم من باجة
القيروان، فالله أعلم.
ومن نظم أبي الوليد:
إذا كنت أعلم علما يقينا * بأن جميع حياتي كساعه
فلم لا أكون ضنينا بها * وأجعلها في صلاح وطاعة (1)
أخبرنا ابن سلامة كتابة، عن القاسم بن علي بن الحسن، أخبرنا
أبي، أخبرنا رزين بن معاوية بمكة، أخبرنا الفقيه علي بن عبد الله
الصقلي بمكة، حدثنا أبو الوليد القاضي، حدثنا يونس بن عبد الله
القرطبي، حدثنا يحيى بن عبد الله، عن أبيه، عن يحيى بن
يحيى، حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ
بالبطحاء التي بذي الحليفة، وصلى بها (2).
كذا رواه ابن عساكر.
أنبأنا ابن علان وجماعة، عن أبي طاهر الخشوعي، عن أبي بكر

(1) البيتان في " الاكمال " 1 / 468، و " الذخيرة " 2 / 1 / 98، و " ترتيب المدارك "
4 / 807، و " الأنساب " 2 / 19، و " الصلة " 1 / 201 - 202، و " معجم الأدباء " 11 / 250،
و " المغرب في حلى المغرب " 1 / 404، و " وفيات الأعيان " 2 / 408 - 409، و " الروض
المعطار ": 75، و " بغية الملتمس ": 303، و " فوات الوفيات " 2 / 65، و " تذكرة الحفاظ "
3 / 1182، و " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 6 / 252.
وانظر بعض نظمه في " الذخيرة " ق 2 / م 1 / 98 - 105، و " معجم الأدباء " 11 / 249 -
251.
(2) هو في " الموطأ " 1 / 405 في الحج: باب صلاة المعرس والمحصب، ومن طريق مالك
أخرجه البخاري (1532) في الحج، ومسلم (1257) في الحج: باب التعريس بذي الحليفة، وأبو
داود (2045) والنسائي 5 / 127. والبطحاء: مسيل فيه دقاق الحصى، وذو الحليفة: بينها وبين
المدينة ستة أميال.
542

محمد بن الوليد الفهري (ح) وأخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ،
أخبرنا عبد العزيز بن عبد الوهاب الزهري، أخبرنا جدي أبو الطاهر بن
عوف، أخبرنا محمد بن الوليد الفهري، أخبرنا أبو الوليد سليمان بن
خلف، أخبرنا يونس بن عبد الله مناولة، أخبرنا أبو عيسى يحيى بن
عبد الله الليثي، أخبرنا عم أبي عبيد الله بن يحيى بن يحيى، أخبرنا
أبي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن الذي تفوته صلاة العصر، كأنما وتر أهله وماله " (1).
وسمعته عاليا من أحمد بن هبة الله، عن المؤيد بن محمد،
أخبرنا هبة الله بن سهل، أخبرنا سعيد بن محمد، أخبرنا زاهر بن
أحمد، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، أخبرنا أبو مصعب، حدثنا مالك
بهذا.
وسمعناه في جزء أبي الجهم من حديث الليث، عن نافع (2).

(1) هو في " الموطأ " 1 / 11، 12 في وقوت الصلاة: باب جامع الوقوت، وأخرجه من طريقه
البخاري (552) في مواقيت الصلاة: باب إثم من فاتته العصر، ومسلم (626) في المساجد: باب
التغليظ في تفويت صلاة العصر، وأبو داود (414) والنسائي 6 / 255، وأخرجه الدارمي 1 / 280،
ومسلم (201) والنسائي 1 / 255، وابن ماجة (685) من طريق الزهري عن سالم، عن ابن عمر،
وأخرجه الدارمي أيضا من طريق عبيد الله، عن نافع.
(2) هو في سنن الترمذي (175) في الصلاة: باب ما جاء في السهو عن وقت صلاة العصر من
طريق قتيبة عن الليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر.
وقوله: " وتر أهله وماله " قال الحافظ في " الفتح " 2 / 30: هو بالنصب عند الجمهور على أنه
مفعول ثان لوتر، وأضمر في وتر مفعول لم يسم فاعله، وهو عائد على الذي فاتته، فالمعنى: أصيب
بأهله وماله وهو متعد إلى مفعولين... وقيل: وتر هنا بمعنى نقص، فعلى هذا يجوز نصبه ورفعه، لان
من رد النقص إلى الرجل نصب، وأضمر ما يقوم مقام الفاعل، ومن رده إلى الأهل رفعه وقال القرطبي:
يروى بالنصب على أن " وتر " بمعنى سلب، وهو يتعدى إلى مفعولين، وبالرفع على أن وتر بمعنى
أخذ، فيكون أهله هو المفعول الذي لم يسم فاعله.
543

قال أبو علي بن سكرة: مات أبو الوليد بالمرية في تاسع عشر
رجب، سنة أربع وسبعين (1) وأربع مئة، فعمره إحدى وسبعون سنة
سوى أشهر، فإن مولده في ذي الحجة من سنة ثلاث وأربع مئة.
ومات معه في العام مسند العراق أبو القاسم علي بن أحمد بن
البسري البندار (2)، وشيخ المالكية بسبتة أبو عبد الله محمد بن عبد
الرحمن بن العجوز الكتامي (3)، ومحدث نيسابور أبو بكر محمد بن
يحيى بن إبراهيم بن محمد بن المزكي (4)، ومعمر بغداد أبو بكر
أحمد بن هبة الله بن صدقة الدباس (5). وكان يذكر أن أصوله على أبي
الحسين بن سمعون والمخلص ذهبت في النهب.
أخبرنا محمد بن عبد الكريم المقرئ، أخبرنا أبو الحسن علي بن
محمد سنة خمس وثلاثين، أخبرنا أبو الطاهر إسماعيل بن مكي الزهري
قراءة عليه سنة 572، أخبرنا أبو بكر الفهري، أخبرنا أبو الوليد الباجي،
أخبرنا يونس بن عبد الله القاضي، أخبرنا أبو عيسى يحيى بن
عبد الله، عن عم أبيه عبيد الله [بن] (6) يحيى بن يحيى، عن أبيه،
عن مالك، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس أنه سمعه يقول:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، ولا بالأبيض

(1) تحرفت في " معجم الأدباء " 11 / 249 إلى: تسعين، وفي " الأنساب " 2 / 20، توفي
في حدود سنة ثمانين وأربع مئة.
(2) تقدمت ترجمته برقم (200).
(3) سترد ترجمته برقم (280).
(4) تقدمت ترجمته برقم (197).
(5) سترد ترجمته برقم (277).
(6) زيادة يقتضيها النص. وقد سبق هذا الاسم في الصفحة 543.
544

الأمهق ولا بالآدم، ولا بالجعد القطط ولا بالسبط، بعثه الله على رأس
أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة،
وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء - صلى الله عليه وسلم " (1).
وابنه:
275 - [أحمد بن سليمان الباجي] *
العلامة الكبير، أبو القاسم، أحمد بن سليمان الباجي.
سكن بسرقسطة، وروى عن أبيه كثيرا، وخلفه في حلقته (2).
وحدث عن: حاتم بن محمد، وابن حيان، ومحمد بن عتاب،
ومعاوية العقيلي.
وبرع في الأصول والكلام، له تصانيف تدل على حذقه وذكائه،
وصنف عقيدة (3).
قال ابن بشكوال (4): أخبرنا عنه جماعة، ووصفوه بالنباهة والجلالة.

(1) هو في " الموطأ " 1 / 919 في أول صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن طريقه البخاري (3548) في
المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (2347) في الفضائل: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم. الأمهق:
الأبيض الشديد البياض الذي لا يخالط بياضه شئ من الحمرة، وليس بنير، ولكن كلون الجص أو
نحوه. والجعودة في الشعر: أن لا ينكسر ولا يسترسل، والسبوطة بينهما.
* الصلة 1 / 71، بغية الملتمس: 180 - 181، صفة جزيرة الأندلس: 36 - 37، الوافي
6 / 404، الديباج المذهب 1 / 183، كشف الظنون: 836، إيضاح المكنون 1 / 550، شجرة
النور 1 / 121.
(2) " الصلة " 1 / 71.
(3) واسمها كما في " الوافي بالوفيات ": " العقيدة في المذاهب السديدة " وذكر في " الديباج
المذهب " 1 / 183 من كتبه " البرهان على أن أول الواجبات الايمان " و " معيار النظر " و " سر
النظر ".
(4) " الصلة " 1 / 71.
545

قلت: وأجاز للقاضي عياض، وقال (1): كان حافظا للخلاف
والمناظرة. له النظم والأدب، وكان دينا، ورعا، تخلى عن تركة أبيه
لقبوله جوائز السلطان، وكانت وافرة حتى احتاج بعد.
قلت: ارتحل ورأى بغداد واليمن، واتفق موته بجدة بعد الحج،
سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة كهلا (2).
276 - أبو جعفر الهاشمي *
الامام، شيخ الحنبلية، أبو جعفر، عبد الخالق بن أبي موسى
عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى بن أحمد بن موسى بن محمد بن
إبراهيم بن عبد الله بن معبد ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - العباس بن عبد
المطلب، الهاشمي، العباسي، الحنبلي، البغدادي.
مولده سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
وسمع أبا القاسم بن بشران، وأبا الحسين بن الحراني، وأبا
محمد الخلال، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر الأنصاري وغيره، وهو أكبر تلامذة القاضي
أبي يعلى.

(1) قال القاضي عياض في " ترتيب المدارك " 4 / 807 في ترجمة أبيه أبي الوليد: " وكان له
ابنان أحدهما أبو القاسم خلف مجلسه، وسيأتي ذكره " ولكنه لم يورده بعد ذلك، فلعله سقط من
الكتاب.
(2) انظر " الصلة 1 / 71، و " الديباج المذهب " 1 / 183.
* المنتظم 8 / 315 - 317، العبر 3 / 273 - 274، دول الاسلام 2 / 5، البداية والنهاية
12 / 119، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 15 - 26، النجوم الزاهرة 5 / 106، شذرات الذهب 3 / 336 -
337.
546

قال السمعاني: كان حسن الكلام في المناظرة، ورعا زاهدا،
متقنا، عالما بأحكام القرآن والفرائض (1).
وقال أبو الحسين بن الفراء: لزمته خمس سنين، وكان إذا بلغه
منكر، عظم عليه جدا، وكان شديدا على المبتدعة، لم تزل كلمته عالية
عليهم، وأصحابه يقمعونهم، ولا يردهم أحد، وكان عفيفا نزها، درس
بمسجده، ثم انتقل إلى الجانب الشرقي يدرس، ثم درس بجامع
المهدي، ولما احتضر أبو يعلى (2)، أوصاه أن يغسله، وكذا لما احتضر
الخليفة القائم أوصى أن يغسله أبو جعفر، ففعل، وما أخذ شيئا مما
وصى له به، حتى قيل له: خذ قميص أمير المؤمنين للبركة،
فنشفه (3)، بفوطة وقال: حصلت البركة. ثم استدعى المقتدي، فبايعه
منفردا... إلى أن قال: وأخذ أبو جعفر في فتنة ابن القشيري (4)،
وحبس أياما، فسرد الصوم، وما أكل لاحد شيئا، ودخلت، فرأيته يقرأ
في المصحف، ومرض، فلما ثقل وضج الناس من حبسه، أخرج إلى
الحريم، فمات هناك، وكانت جنازته مشهودة، ودفن إلى جانب قبر
الإمام أحمد، ولزم الناس قبره مدة حتى قيل: ختم على قبره عشرة آلاف
ختمة (5).

(1) انظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 16.
(2) هو القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء شيخ الحنابلة المتوفي سنة (458) وقد
تقدمت ترجمته برقم (40).
(3) في الأصل: فشقه، وهو خطأ، والتصويب من " المنتظم " 8 / 316، و " ذيل طبقات
الحنابلة " 1 / 17.
(4) والتي وقعت بين الحنابلة والأشعرية، انظر تفصيل ذلك في " ذيل طبقات الحنابلة "
1 / 19 - 22، و " طبقات " السبكي 3 / 389 وما بعدها.
(5) " المنتظم " 8 / 316 - 317، و " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 17 و 22 و 23، و " البداية
والنهاية " 12 / 129.
547

توفي في صفر سنة سبعين وأربع مئة.
قال ابن النجار: كان منقطعا إلى العبادة وخشونة العيش والصلابة
في مذهبه، حتى أفضى ذلك إلى مسارعة العوام إلى إيذاء الناس،
وإقامة الفتنة، وسفك الدماء، وسب العلماء، فحبس.
قلت: كان يوم موته يوما مشهودا. رحمه الله (1).
277 - الدباس *
الشيخ المعمر، أبو بكر أحمد بن هبة الله بن محمد بن يوسف بن
صدقة الرحبي الدباس.
قال: ولدت سنة سبعين وثلاث مئة. قاله غير مرة.
سمع أبا الحسين بن بشران، وغيره.
وقال ابن النجار: كان يذكر أنه سمع من أبي الحسين بن
سمعون، وأبي طاهر المخلص، وأن أصوله ذهبت في النهب، وكان
يسكن بالنصرية.
قلت: روى عنه أبو بكر الأنصاري، وإسماعيل بن السمرقندي.
قال ابن ناصر: مات أبو بكر الرحبي في رجب سنة أربع وسبعين
وأربع مئة، وقد بلغ مئة وأربع سنين.

(1) انظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 17 - 18.
* المنتظم 8 / 332، وفيه الرحبي السعدي من ولد سعد بن معاذ.
548

278 - البزاني *
الشيخ الجليل، الرئيس، أبو الفضل، المطهر بن عبد الواحد بن
محمد اليربوعي البزاني، الأصبهاني، الكاتب.
سمع أبا جعفر بن المرزبان الأبهري، وأبا عبد الله بن مندة
الحافظ، وأبا عمر بن عبد الوهاب، وإبراهيم بن خرشيذ قوله. وعمر
دهرا، وأكثر الناس عنه.
وعاش إلى سنة خمس وسبعين وأربع مئة (1).
حدث عنه: مسعد الثقفي، وأبو عبد الله الرستمي، وجماعة.
وكان له ابن رئيس، وهو الوزير عبد الواحد، ولي عميدا على
العراق، ومات قبل والده.
279 - ابن البقال * *
شيخ الشافعية، أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن علي بن البقال الازجي.
روى عن: عبد الملك بن بشران.
وعنه: أبو علي البرداني.

* الاكمال 1 / 573، الأنساب 2 / 187، الاستدراك 1 / ورقة 70 أ، المشتبه 1 / 57،
العبر 3 / 282، تبصير المنتبه 1 / 131، شذرات الذهب 3 / 348، والبزاني: بضم الباء الموحدة
وفتح الزاي وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى: بزان، وهي قرية من أصبهان. وقد تصحف في
" شذرات الذهب " 3 / 348 إلى: البراني (بالراء).
(1) في " الأنساب " 2 / 187: توفي في حدود سنة ثمانين وأربع مئة، وفي " الاستدراك "
1 / ورقة 70 أ: أنه توفي سنة أربع وسبعين، وقد قال المؤلف في " العبر " في سنة خمس وسبعين وأربع
مئة: توفي فيها أو في حدودها.
(* *) الكامل لابن الأثير 10 / 141، طبقات السبكي 4 / 333، طبقات الأسنوي 1 / 239 -
240.
549

قال ابن النجار: كان علامة، مدققا، مناظرا، زاهدا، عابدا،
نزها، ولي قضاء الحريم (1) ثلاثين سنة، توفي في شعبان سنة سبع
وسبعين وأربع مئة وله ست وسبعون سنة، وكان من تلامذة القاضي أبي
الطيب، له حلقة مناظرة بجامع القصر (2).
186 - الأنطاكي *
القاضي، الفقيه، المسند، أبو عبد الله، الحسين بن علي بن
عمر بن علي الأنطاكي، الشافعي، الشاغوري. كان يسكن
بالشاغور (3).
ولد سنة أربع وتسعين وثلاث مئة.
وسمع من تمام الرازي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وهو آخر
أصحاب تمام.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وهبة الله بن الأكفاني، وجمال
الاسلام أبو الحسن السلمي، وعلي بن قبيس المالكي، وغيرهم.
ناب في القضاء بدمشق عن الشريف أبي الفضل بن أبي
الجن (4).

(1) قال ياقوت: هو حريم دار الخلافة ببغداد، وهو بمقدار ثلث بغداد، في وسطها، ودور
العامة محيطة به وله سور يتحيز به، ابتداؤه من دجلة، وانتهاؤه إلى دجلة كهيئة نصف دائرة، وله عدة
أبواب.
(2) الخبر بنحوه في " طبقات " السبكي 4 / 333، و " طبقات " الأسنوي 1 / 239 - 240.
* تقدمت ترجمته في الصفحة 382 برقم (186) وقد ورد اسمه هناك: الحسن بن علي
والذي هنا يوافق " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 4 / 349.
(3) هي محلة في جنوب دمشق تقع عند الباب الصغير.
(4) " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 4 / 349.
550

توفي في المحرم سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة بدمشق.
280 - ابن العجوز *
شيخ المالكية، أبو عبد الله، محمد بن عبد الرحمن بن عبد
الرحيم بن أحمد بن العجوز الكتامي، عالم سبتة، وابن عالمها العلامة
أبي القاسم (1)، الذي توفي سنة تسع وأربعين وأربع مئة.
لقي أبا إسحاق التونسي بالقيروان، وعليه وعلى ابن البريا كانت
العمدة في الفتوى، وكانت بينهما إحن، فجرت محنة للفظة قالها أبو
عبد الله، قرأ الخطيب: * (وأعدوا لهم ما استطعتم من) * عدة، بدل:
* (قوة) * [الأنفال: 60] فقال: الوزن واحد. فكفروه، وأفتوا باستتابته،
وسجن، ثم أخرج، فارتحل إلى فاس، فعظمه ابن تاشفين، وولاه
قضاء فاس. تفقه عليه عدة.
ومات سنة أربع وسبعين وأربع مئة.
وهو والد العلامة عبد الرحمن وعبد الله وعبد الرحيم.
281 - التفكري * *
الامام، القدوة، الزاهد، المحدث، المتقن أبو القاسم،
يوسف بن الحسن بن محمد بن الحسن التفكري الزنجاني.

* الوافي بالوفيات 3 / 231.
(1) انظر ترجمته في " ترتيب المدارك " 4 / 782، و " الديباج المذهب " 1 / 476.
(* *) المنتظم 8 / 329 - 330، الاستدراك 1 / ورقة 20 أ، الكامل 10 / 119، طبقات
السبكي 5 / 361، طبقات الأسنوي 2 / 5 وفيه: المعروف أيضا بالتفكري لكثرة تفكره في الآخرة،
البداية والنهاية 12 / 122 وقد تحرفت فيها إلى: العسكري.
551

سمع بزنجان من: أبي عبد الله الحسين الفلاكي، وأبي علي بن
بندار، وبأصبهان من أبي نعيم الحافظ، وقرأ عليه " معاجم " الطبراني
الثلاثة، وسمع ببغداد من أبي إسحاق البرمكي، والصوري.
وإنما طلب هذا الشأن وقد كبر، فإن مولده في سنة خمس وتسعين
وثلاث مئة.
وقرأ الفقه ببغداد على الشيخ أبي إسحاق، ولازمه حتى صار من
كبار أصحابه، وكان من العلماء العاملين، ذا ورع وخشوع وتأله (1).
حدث عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الخالق بن أحمد
اليوسفي، وشيرويه الديلمي، وغيرهم.
توفي إلى رحمة الله ببغداد في حادي عشر ربيع الآخر، سنة ثلاث
وسبعين وأربع مئة وله ثمان وسبعون سنة.
282 - جعبر بن سابق *
القشيري، من أمراء العرب، أنشأ قلعة جعبر (2) على الفرات،
وكان يقال لها: الدوسرية. لان دوسر غلام صاحب الحيرة النعمان بن
المنذر بناها، فلما قدم السلطان ملكشاه السلجوقي حلب، قتل الأمير
جعبرا هذا لكونه بلغه أن ولديه يقطعان الطريق، قتله في سنة تسع
وسبعين وأربع مئة (3).

(1) الخبر بنحوه في " المنتظم " 8 / 329 - 330، و " طبقات " الأسنوي 2 / 5.
* معجم البلدان 2 / 142، تاج العروس 3 / 103 مادة (جعبر).
(2) هي قلعة قديمة على الفرات بين بالس والرقة.
(3) انظر " المنتظم " 9 / 28، و " الكامل " 10 / 149.
552

283 - ابن منقذ *
الأمير، سديد الملك، أبو الحسن، علي بن منقذ (1) بن نصر بن
منقذ الكناني صاحب شيزر (2).
كان بطلا شجاعا، جوادا، فاضلا، أول من ملك شيزر من بيته،
لأنه كان نازلا في عشيرته هناك، والحصن في يد الروم، فنازلهم،
وتسلمه بالأمان في سنة أربع وسبعين، ودام لبنيه حتى تهدم من الزلزلة
سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، وهلك من بالحصن من آل منقذ،
فعمره نور الدين (3).
وكان لسديد الملك نظم رائق وفطنة وذكاء (4)، ومات في الزلزلة
حفيده تاج الدولة محمد بن سلطان.

* الخريدة (قسم الشام) 1 / 552، وفيات الأعيان 3 / 409 - 411، دول الاسلام 2 / 6
في حوادث سنة (474) وقد تحرف فيه اسم المترجم إلى: سديد الدولة علي بن مقلة الكتاني، النجوم
الزاهرة 5 / 113 - 114 و 124.
(1) في " وفيات الأعيان " و " النجوم الزاهرة ": مقلد بدل منقذ.
(2) هي اليوم أنقاض مدينة سورية على العاصي شمالي مدينة حماة فيها قلعة مشهورة.
(3) الخبر في " وفيات الأعيان " 3 / 409. وانظر " الكامل " 11 / 219 - 221، و " النجوم
الزاهرة " 5 / 113 - 114، ولحفيد صاحب الترجمة الأمير أسامة بن منقذ كتاب " المنازل والديار "
جمعه بعد أن رأى ما نال بلده ووطنه من الخراب، فقد قال: ولقد وقفت عليها بعد ما أصابها من الزلازل ما
أصابها، وهي أول أرض مس جلدي ترابها، فما عرفت داري، ولا دور والدي وإخوتي، ولا دور
أعمامي وبني عمي وأسرتي، فبهت متحيرا مستعيذا بالله من عظيم بلائه، وانتزاع ما خوله من نعمائه،
إلى أن قال: وقد جعلت الكتاب فصولا، فافتتحت كل فصل بما يوافق حالي، ثم أفضت فيما يوافق ذا
القلب الخالي، لكي لا يأتي الكتاب وهو كله عويل ونياحة ليس فيه لسوى ذي البث راحة. وقد طبع هذا
الكتاب سنة 1965 في دمشق بتحقيقنا.
(4) انظر طرفا من ذلك في " وفيات الأعيان " 3 / 410.
553

توفي سديد الملك سنة بضع وسبعين وأربع مئة فقيل: سنة
خمس (1). وقيل: سنة تسع.
284 - ابن شريح *
الامام شيخ القراء، أبو عبد الله، محمد بن شريح بن أحمد بن
شريح بن يوسف الرعيني، الإشبيلي، مصنف كتاب " الكافي ".
ولد سنة اثنتين وتسعين (2) وثلاث مئة، وهذا الذي تحرر في
نسبه. فأما ابن بشكوال، فأدخل في نسبه محمدا بين أبيه وبين
أحمد (3)، وله كتاب " التذكير " (4).
سمع عثمان بن أحمد أبا عمرو القيجطالي (5)، وأجاز له مكي
وأخذ عنه، وحج، فسمع من أبي ذر " الصحيح " وغير ذلك.
وأخذ القراءات عن أحمد بن محمد القنطري المجاور، وتاج الأئمة

(1) وممن قال بذلك ابن خلكان في " وفياته " 3 / 410.
* الصلة 2 / 553، معرفة القراء الكبار 1 / 351، العبر 3 / 285، مرآة الجنان: 3 / 120
غاية النهاية 2 / 153، كشف الظنون 1379، شذرات الذهب 3 / 354، إيضاح المكنون 1 / 221،
هدية العارفين 2 / 74.
(2) في " غاية النهاية " 2 / 153: ولد سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة.
(3) الذي في " الصلة " 2 / 553: محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح الرعيني،
وكذلك أورده المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 351، وابن الجزري في " غاية النهاية "
2 / 153. وقد تحرف شريح في " الشذرات " 3 / 354 إلى: سريج بالسين المهملة، وفي " إيضاح
المكنون " 1 / 221 إلى: ابن سريج.
(4) في " الصلة ": التذكرة.
(5) كذا الأصل، وعثمان بن أحمد هذا ترجمة ابن بشكوال في " الصلة " 2 / 404 وقال: يعرف
بالقيشطيالي. وفي " غاية النهاية ": القسطالي، وفي " معرفة القراء الكبار ": عمار بن أحمد
القساطلي.
554

أحمد بن علي، وأبي (1) علي الحسن بن محمد بن إبراهيم صاحب
" الروضة " في سنة ثلاث وثلاثين.
وسمع من أبي العباس بن نفيس، ومحمد بن الطيب الكحال،
وأحمد بن محمد بن عبد العزيز اليحصبي.
وكان رأسا في القراءات، بصيرا بالنحو والصرف، فقيها كبير
القدر، حجة، ثقة (2).
وقيل: إنه صلى ليلة بالمعتضد، فوقف في الرعد على قوله:
* (كذلك يضرب الله الأمثال) * [الرعد: 17]. فقال: كنت أظن ما
بعده صفة للأمثال، وما فهمته إلا من وقفك. ثم أمر له بخلعة وفرس
وجارية وألف دينار.
روى عنه الكثير ولده أبو الحسن شريح بن محمد، وأبو العباس
ابن عيشون، وطائفة.
مات في رابع شوال سنة ست وسبعين وأربع مئة، عن أربعة
وثمانين عاما، وقيل: بل مات في منتصف الشهر. وتأسف الناس عليه -
رحمه الله - وصلى عليه ابنه.
285 - الأعلم *
إمام العربية، أبو الحجاج، يوسف بن سليمان بن عيسى

(1) في الأصل: " وأبا " وهو خطأ، وانظر ترجمة أبي علي هذا في " غاية النهاية " 1 / 230،
وكتابه " الروضة " هو في القراءات الإحدى عشرة، وهي القراءات العشرة المشهورة وقراءة الأعمش.
انظر " النشر " 1 / 74.
(2) انظر " الصلة " 2 / 553.
* فهرسة ابن خير: 472، 475، وانظر الفهرس، الصلة 2 / 681، معجم الأدباء
20 / 60 - 61، وفيات الأعيان 7 / 81 - 83، المختصر في أخبار البشر 2 / 204، نكت الهميان:
313، مرآة الجنان 3 / 159، بغية الوعاة 2 / 356، كشف الظنون 604، 692، شذرات الذهب
3 / 403، هدية العارفين 2 / 551، تاريخ بروكلمان 5 / 352 - 353.
555

الشنتمري (1)، الأندلسي، النحوي، الأعلم، وهو المشقوق الشفة (2).
تخرج بإبراهيم بن محمد الأفليلي، ومسلم بن أحمد الأديب.
وبرع في اللغة والنحو والاشعار، وجلس للطلبة وتكاثروا عليه،
وصنف التصانيف (3).
أخذ عنه: الحافظ أبو علي الجياني وغيره.
وأضر بأخرة. وكان أحد الأذكياء المبرزين.

(1) في " الصلة " 2 / 681: يوسف بن عيسى بن سليمان، وفي " المختصر " 2 / 204: أبو
الحجاج بن يوسف بن سليمان، والشنتمري: نسبة إلى شنتمرية، قال ابن خلكان: بفتح الشين
المعجمة وسكون النون وفتح التاء المثناة من فوقها والميم وكسر الراء وبعدها ياء مشددة، وبعدها
هاء ساكنة وهي مدينة بالأندلس في غربها.
(2) أي العليا، وأما مشقوق الشفة السفلى فيقال له: أفلح.
(3) انظر مصنفاته في " معجم الأدباء " 20 / 61، و " وفيات الأعيان " 7 / 81 - 82. وقد طبع
من تصانيفه " شرح أبيات سيبويه " بهامش كتاب سيبويه، وله كتاب " شرح دواوين الشعراء الستة
الجاهليين " وهم امرؤ القيس، والنابغة الذبياني، وعلقمة الفحل، وزهير، وطرفة، وعنترة. ذكر
في مقدمته أنه اعتمد فيما جلبه من هذه الاشعار على أصح رواياتها وهي رواية الأصمعي لتواطؤ الناس
عليها واتفاقهم على تفضيلها، ثم أتبع ذلك بما صح من رواياته قصائد متخيرة من قصائد غيره، وقد قام
المستشرق أهلوارد بطبعه سنة 1869 م بعد تصحيحه وتهذيبه وترتيبه، ووضع له ذيلا يشتمل على الشعر
المنسوب لكل شاعر، ثم قام الأستاذ مصطفى السقا بإعادة نشر هذا المجموع سنة 1930 م باسم مختار
الشعر الجاهلي وكذلك فعل الأستاذ محمد عبد المنعم خفاجة سنة 1954 م. ثم أفرد بالطبع كل ديوان
على حدة، فطبع شرح ديوان زهير بتحقيق الدكتور فخر الدين قباوة سنة 1970 م، وطبع شرح ديوان
علقمة عدة طبعات آخرها بتحقيق الأستاذين لطفي الصقال ودرية الخطيب سنة 1969 م بحلب،
وشرح ديوان طرفة بتحقيقهما في المجمع العلمي بدمشق، وشرح ديوان عنترة بتحقيق الأستاذ محمد
سعيد المولوي في المكتب الاسلامي بدمشق، وشرح ديوان النابغة بتحقيق الأستاذ محمد أبي الفضل
إبراهيم.
556

ولد سنة عشر وأربع مئة، وعاش بضعا وستين سنة.
قال أبو الحسن شريح بن محمد (1): مات أبي في شوال سنة ست
وسبعين، فأعلمت به أبا الحجاج الأعلم. وكانا كالأخوين، فانتحب
بالبكاء، وقال: لا أعيش بعده إلا شهرا. قال: فكان كذلك (2).
286 - دبيس *
أمير العرب بالعراق، نور الدولة، دبيس بن علي بن مزيد
الأسدي.
كان فارسا، جوادا، ممدحا، كبير الشأن. عاش ثمانين سنة.
رثته الشعراء، فأكثروا، وكان صاحب مدينة الحلة (3)، وفيه تشيع.
مات في شوال، سنة أربع وسبعين وأربع مئة.

(1) في الأصل: محمد بن شريح، وهو خطأ، والتصويب من ترجمته في " الصلة " 1 / 234 -
235، وأبوه تقدمت ترجمته قبل هذه الترجمة مباشرة.
(2) الخبر في " وفيات الأعيان " 7 / 82. وقد أخطأ ابن العماد حيث أورد وفاته في سنة 495.
* المنتظم 8 / 333، الكامل 10 / 121، وفيات الأعيان 2 / 491، ذكره في ترجمة صدقة
ابن منصور، دول الاسلام 2 / 6، تاريخ ابن خلدون 4 / 277 وما بعدها، النجوم الزاهرة 5 / 114،
معجم الأنساب والأسرات الحاكمة: 207.
(3) كذا قال المؤلف، وأما ابن خلكان فقد ذكر في ترجمة سيف الدولة صدقة بن منصور بن
دبيس، وهو حفيد صاحب هذه الترجمة: أن الحلة اختطها سيف الدولة صدقة المذكور في سنة خمس
وتسعين وأربع مئة فنسب إليه. وقال ابن الأثير في " الكامل " 10 / 440 عند ذكر سيف الدولة صدقة:
وهو الذي بنى الحلة السيفية بالعراق، وقال ياقوت عند ذكر حلة بني مزيد: وكان أول من عمرها ونزلها
سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس. وكانت منازل آبائه الدور من النيل " معجم البلدان "
2 / 294. إذن فابن خلكان وابن الأثير وياقوت كلهم أجمعوا على أن الحلة إنما بناها صدقة حفيد
صاحب الترجمة وستأتي ترجمة صدقة هذا في الجزء التاسع عشر برقم (165)، وقد لقبه الذهبي
هناك بصاحب الحلة.
557

وهو الذي ضرب به الحريري المثل في " المقامات " (1).
تملك بعده ولده بهاء الدولة منصور (2)، فسار إلى مخيم السلطان
ملكشاه، فأقبل عليه، وخلع عليه الخليفة، وولاه الحلة، فكانت أيامه
خمس سنين ومات (3)، وكان بطلا شجاعا وشاعرا محسنا، نحويا جيد
السيرة، فولي بعده ابنه سيف الدولة صدقة بن منصور.
287 - الخبري *
إمام الفرضيين، العلامة أبو حكيم (4)، عبد الله بن إبراهيم
الخبري، الشافعي.
تفقه على أبي إسحاق، وسمع من القادسي، والجوهري.

(1) ذكر ابن خلكان في " الوفيات " 2 / 263 أن الذي ضرب به الحريري المثل في " المقامات "
هو دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي المتوفى سنة 529، من أحفاد
المترجم، وقد وهم المؤلف في ذلك، وأورد ذكره الحريري في المقامة التاسعة والثلاثين، وهي
المقامة العمانية، وفيها يصف كيف أحاطت الجماعة بأبي زيد تثني عليه، وتقبل يديه " حتى خيل إلي
أنه القرني أويس، الأسدي دبيس " انظر " مقامات الحريري " ص: 342 (ط: صادر).
(2) انظر " الكامل " 10 / 121.
(3) " الكامل " 10 / 150.
* الاكمال 3 / 51، الأنساب 5 / 39، المنتظم 9 / 99 - 100، معجم الأدباء 12 / 46 -
47، معجم البلدان 2 / 344، الاستدراك 1 / لوحة 154 ب - 155 أ، إنباه الرواة 2 / 98، المشتبه
1 / 184، تلخيص ابن مكتوم: 88، طبقات السبكي 5 / 62 - 63، طبقات الأسنوي 1 / 471 -
472، البداية والنهاية 12 / 153، تبصير المنتبه 1 / 362، النجوم الزاهرة 5 / 159، بغية الوعاة
2 / 29، طبقات ابن هداية الله: 172 - 173، كشف الظنون: 692، 779، شذرات الذهب
3 / 353، روضات الجنات: 449، هدية العارفين 1 / 452، والخبري: بفتح الخاء المعجمة
وسكون الباء الموحدة وفي آخرها الراء المهملة، هذه النسبة إلى خبر: وهي قرية بنواحي شيراز من
فارس وقد تصحف في " النجوم الزاهرة " إلى " الخيري "، وفي " كشف الظنون " إلى " الجيزي ".
(4) في " البداية ": أخو أبي حكيم، بزيادة " أخو "، وفي " الشذرات ": أبو حليم،
وكلاهما خطأ.
558

وعنه: سبطه ابن ناصر (1)، وابن كادش.
وانتهت إليه الإمامة في الفرائض وفي الأدب.
شرح " الحماسة " و " ديوان " البحتري والمتنبي والرضي، وكان
خيرا صدوقا.
كان ينسخ في مصحف، فوضع القلم، وقال: إن هذا لموت مهنا
طيب. ثم مات (2). وذلك في ذي الحجة، سنة ست وسبعين (3) وأربع
مئة.
288 - ابن منتاب *
الامام الثقة، أبو محمد، أحمد بن أبي عثمان الحسن بن محمد
ابن عمرو بن منتاب البصري، ثم البغدادي، الدقاق، المقرئ،
مقرئ مجود مكثر، دين مهيب، لقن جماعة ختموا عليه.
مولده سنة 397.
وسمع أبا أحمد الفرضي، وإسماعيل بن الحسن الصرصري،
وأحمد بن محمد المجبر، وأبا عمر بن مهدي، وأبا محمد بن البيع،
والحسن بن القاسم الدباس.

(1) هو الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي نسبة إلى مدينة السلام بغداد، المتوفى سنة
550 ه‍ وسترد ترجمته في الجزء العشرين برقم (180).
(2) انظر " المنتظم " 9 / 100، و " معجم الأدباء " 12 / 47، و " طبقات " الأسنوي
1 / 472، و " طبقات " السبكي 5 / 63، و " بغية الوعاة " 2 / 29.
(3) في " الاستدراك " أنه توفي سنة ست وتسعين، وذكر في " المنتظم " و " البداية "
و " النجوم الزاهرة ": في وفيات سنة تسع وثمانين، ولم يذكر القفطي وفاته.
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
559

روى عنه: مكي الرميلي، وهبة الله الشيرازي، وعبد الغافر بن
الحسين الكاشغري، وعمر الرواسي، ومحمد بن عبدا لباقي
الأنصاري، وأبو القاسم بن السمرقندي، ومحمد بن عبد الملك بن
خيرون، ويحيى بن الطراح.
قال إسماعيل بن السمرقندي: سئل أبو محمد أخو أبي الغنائم بن
أبي عثمان أن يستشهد (1)، فامتنع. فكلف، فقال: اصبروا إلى غد.
ودخل البيت فأصبح ميتا، رحمه الله.
مات في ذي القعدة، سنة أربع وسبعين وأربع مئة، وشيعه
خلائق.
289 - ابن جلبة *
مفتي حران وقاضيها، أبو الفتح، عبد الوهاب (2) بن أحمد بن
جلبة الحراني، الخزاز (3).
تفقه بالقاضي أبي يعلى بن الفراء، وكتب تصانيفه.
وسمع من: أبي علي بن شاذان، وأبي بكر البرقاني، والحسن
ابن شهاب العكبري.

(1) أي أن يكون شاهدا.
* الاستدراك 1 / 88 ب، الكامل 10 / 129 - 130، العبر 3 / 283 - 284، تبصير المنتبه
1 / 258، و 333 و 343، وقد تصحف في الصفحة 333 إلى " حلية " بالحاء المهملة والياء المثناة،
شذرات الذهب 3 / 352.
(2) في " الشذرات " 3 / 352: عبد الله بن أحمد بن عبد الوهاب بن جلبة وهو خطأ.
(3) نسبة إلى الخز وبيعه كما في " تبصير المنتبه " 1 / 333، وقد تصحف في " ذيل طبقات
الحنابلة " إلى: الجزار، بجيم وآخره راء مهملة.
560

أخذ عنه: مكي الرميلي (1)، والرحالة.
وقتل شهيدا.
وكان ولي قضاء حران نيابة من أبي يعلي. درس ووعظ وخطب ونشر
السنة (2).
قتل ابن قريش العقيلي في سنة ست وسبعين (3)، عند قيام أهل
حران على ابن قريش لما أظهر سب الصحابة (4).
وقد روى السلفي في بلد ماكسين (5)، عن أحمد بن محمد بن
حامد، عنه.
290 - البكري *
الواعظ، العالم، أبو بكر، عتيق البكري، المغربي (6)،
الأشعري.
وفد على النظام الوزير، فنفق عليه، وكتب له توقيعا بأن يعظ
بجوامع بغداد، فقدم وجلس، واحتفل الخلق، فذكر الحنابلة، وحط

(1) تصحف في " الشذرات " إلى " الدميلي ".
(2) الخبر في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 42 - 43.
(3) في تبصير المنتبه 1 / 334 أنه قتل سنة (496) وهو خطأ.
(4) انظر " الكامل " 10 / 129 - 130 وفيه " ابن حلبة " وانظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 43،
وانظر ترجمة ابن قريش المتقدمة برقم (246).
(5) قال ياقوت: ماكسين، بكسر الكاف: بلد بالخابور قريب من رحبة مالك بن طوق من ديار
ربيعة.
* المنتظم 9 / 3 - 4، الكامل 10 / 124 - 125، العبر 3 / 284 - 285، شذرات الذهب
3 / 353.
(6) تحرفت في " الشذرات " 3 / 353 إلى " المقرئ ".
561

وبالغ، ونبزهم بالتجسيم، فهاجت الفتنة، وغلت بها المراجل، وكفر
هؤلاء هؤلاء، ولما عزم على الجلوس بجامع المنصور، قال نقيب النقباء:
قفوا حتى أنقل أهلي، فلا بد من قتل ونهب. ثم أغلقت أبواب
الجامع، وصعد البكري، وحوله الترك بالقسي، ولقب بعلم السنة،
فتعرض لأصحابه طائفة من الحنابلة، فشدت (1) الدولة منه، وكبست دور
بني القاضي ابن الفراء، وأخذت كتبهم، وفيها كتاب في الصفات،
فكان يقرأ بين يدي البكري، وهو يشنع ويشغب، ثم خرج البكري إلى
المعسكر متشكيا من عميد بغداد أبي الفتح بن أبي الليث. وقيل، إنه
وعظ وعظم الإمام أحمد، ثم تلا، * (وما كفر سليمان ولكن الشياطين
كفروا) * [البقرة: 102]. فجاءته حصاة ثم أخرى، فكشف النقيب عن
الحال، فكانوا ناسا من الهاشميين حنابلة قد تخبؤوا في بطانة السقف،
فعاقبهم النقيب، ثم رجع البكري عليلا، وتوفي في جمادى الآخرة سنة
ست وسبعين وأربع مئة (2).
291 - ابن القشيري *
الامام القدوة، أبو سعد، عبد الله بن الشيخ أبي القاسم، عبد
الكريم بن هوازن القشيري (3)، النيسابوري.
سمع أبا بكر الحيري، وأبا سعيد الصيرفي، وطائفة، وببغداد من
القاضي أبي الطيب، والجوهري.

(1) في الأصل: فشد.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 3 - 4، و " الكامل " 10 / 124 - 125.
* العبر 3 / 287، شذرات الذهب 3 / 354.
(3) تقدمت ترجمة والده برقم (109).
562

وعنه: ابن أخته عبد الغافر بن إسماعيل، وابن أخيه هبة
الرحمن.
وتوفي قبل والدته فاطمة بنت الدقاق (1)، وكان زاهدا، متألها،
متصوفا، كبير القدر، ذا علم وذكاء وعرفان.
توفي سنة سبع وسبعين وأربع مئة.
292 - ابن رزق *
الامام شيخ المالكية، أبو جعفر، أحمد بن محمد بن رزق
القرطبي.
تفقه بابن القطان.
وروى عن: محمد بن عتاب، وأبي شاكر القبري، وابن عبد البر.
تفقه به أبو الوليد بن رشد، وقاسم بن الأصبغ، وهشام بن
إسحاق.
وكان من العلماء العاملين، دينا، صالحا، حليما، خاشعا،
يتوقد ذكاء.
قال أبو الحسن بن مغيث: كان أذكى من رأيت في علم المسائل،
وألينهم كلمة، وأكثرهم حرصا على التعليم، وأنفعهم لطالب فرع، على
مشاركة له في علم الحديث (2).

(1) تقدمت ترجمتها برقم (243).
* الصلة 1 / 65 - 66، بغية الملتمس: 167، الديباج المذهب 1 / 182 - 183، شجرة
النور 1 / 121.
(2) الخبر في " الصلة " 1 / 66.
563

قلت: عاش خمسين سنة، ومات فجأة في شوال سنة سبع
وسبعين وأربع مئة.
قال ابن بشكوال (1): كان مدار طلبة الفقه بقرطبة عليه في المناظرة
والتفقه.
293 - نافلة الإسماعيلي *
الامام المفتي، الرئيس، أبو القاسم، إسماعيل بن مسعدة بن
إسماعيل ابن الإمام الكبير أبي بكر، الإسماعيلي، الجرجاني.
سمع أباه، وعمه المفضل، وحمزة بن يوسف الحافظ، والقاضي
محمد بن يوسف الشالنجي (2)، وأحمد بن إسماعيل الرباطي.
وعنه: زاهر الشحامي، وأخوه وجيه، وأبو نصر الغازي، وأبو
سعد بن البغدادي، وإسماعيل بن السمرقندي، وأبو منصور بن
خيرون، وأبو الكرم الشهرزوري، وأبو البدر الكرخي.
ولد سنة سبع وأربع مئة.
ومات بجرجان وله سبعون سنة.
وكان صدرا، معظما، إماما، واعظا، بليغا، له النظم والنشر
وسعة العلم (3). روى ابن السمرقندي عنه كتاب " الكامل " لابن عدي.

(1) " الصلة " 1 / 66.
* المنتظم 9 / 10 - 11، الكامل 10 / 141، العبر 3 / 286، الوافي بالوفيات 9 / 223 -
224، شذرات الذهب 3 / 354.
(2) قال ابن الأثير: الشالنجي، بفتح الشين واللام بينهما ألف ساكنة وسكون النون وفي آخرها
جيم: هذه النسبة إلى بيع الأشياء من الشعر كالمخلاة والمقود والحبل.
(3) انظر " المنتظم " 9 / 10 - 11.
564

294 - الفارمذي *
الامام الكبير، شيخ الصوفية، أبو علي، الفضل بن محمد
الفارمذي، الخراساني، الواعظ.
ولد سنة سبع وأربع مئة.
وسمع في رجوليته من: أبي عبد الله بن باكويه، وأبي منصور عبد
القاهر البغدادي المتكلم، وأبي حسان المزكي، وطائفة.
روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل، وعبد الله بن علي
الخركوشي، وأبو الخير جامع السقا، وآخرون.
قال عبد الغافر: هو شيخ الشيوخ في عصره، المنفرد بطريقته في
التذكير، التي لم يسبق إليها في عبارته وتهذيبه، وحسن أدائه، ومليح
استعارته، ودقيق إشارته، ورقة ألفاظه، ووقع كلامه في القلوب.
صحب القشيري، وأخذ في الاجتهاد البالغ، وكان ملحوظا من
الامام بعين العناية، موفرا عليه منه طريقة الهداية، ثم عاد إلى طوس،
وصاهر أبا القاسم كركان (1)، وكان له قبول عظيم في الوعظ، وكان نظام
الملك يتغالى فيه، وكان ينفق على الصوفية أكثر ما يفتح عليه به.
توفي الأستاذ أبو علي في ربيع الآخر، سنة سبع وسبعين وأربع
مئة.

* الأنساب 9 / 219، معجم البلدان 4 / 228، اللباب 2 / 405، العبر 3 / 288، دول
الاسلام 2 / 8، شذرات الذهب 3 / 355 - 356، والفارمذي: ضبطت في الأصل بسكون الميم
وضبطها السمعاني بفتح الراء والميم، وضبطها ياقوت بسكون الراء وفتح الميم: وهي نسبة إلى فارمذ
قرية من قرى طوس.
(1) تقدمت ترجمته برقم (202).
565

وفيها مات عالم قرطبة أبو جعفر أحمد بن محمد بن رزق [تفقه ب‍] ابن
القطان (1)، وأبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي (2)، وبيبى
الهرثمية (3)، وأبو سعد عبد الله بن الشيخ أبي القاسم القشيري
العابد (4)، وشيخ الشافعية أبو نصر عبد السيد بن محمد بن الصباغ (5)،
وأبو منصور كلار البوشنجي (6)، وأبو بكر محمد بن عمار المهري،
الوزير (7)، وزر للمعتمد، ومسعود بن ناصر السجزي الركاب (8).
295 - أبو عيسى *
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن زياد الأصبهاني، الأديب،
الزاهد، راوي نسخة لوين، عن أبي جعفر بن المرزبان الأبهري.
حدث عنه: إسماعيل بن محمد التيمي الحافظ، ومحمد بن
أبي القاسم الصالحاني، ومسعود الثقفي، وأبو عبد الله الرستمي،
وآخرون.
بقي إلى حدود سنة ست وسبعين وأربع مئة. وكان من بقايا
العلماء العباد رحمه الله.

(1) تقدمت ترجمته برقم (292) والتصويب منها.
(2) تقدمت ترجمته قبل هذه الترجمة مباشرة.
(3) تقدمت ترجمتها برقم (201).
(4) تقدمت ترجمته برقم (291).
(5) تقدمت ترجمته برقم (238).
(6) تقدمت ترجمته برقم (227).
(7) سترد ترجمته برقم (304) وفيها وفاته سنة (479).
(8) تقدمت ترجمته برقم (273).
* لم نعثر على مصادر ترجمة.
566

296 - ابن دلهاث *
الامام، الحافظ، المحدث، الثقة، أبو العباس، أحمد بن عمر
ابن أنس بن دلهاث بن أنس بن فلذان (1) بن عمر (2) بن منيب العذري،
الأندلسي، المربي، الدلائي. ودلاية: من قرى المرية.
مولده في رابع ذي القعدة، سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
وحج به أبواه وهو حدث، فقدموا مكة في سنة ثمان وأربع مئة في
رمضانها، فجاوروا ثمانية أعوام، فأخذ " صحيح " مسلم عن أبي
العباس بن بندار الرازي، ولازم أبا ذر الهروي، وسمع منه " صحيح "
البخاري سبع مرات، وسمع من أبي الحسن بن جهضم، وأبي بكر بن
نوح، وعلي بن بندار القزويني بمكة، ولم يسمع بمصر فيما أعلم (3)،
وسمع بالأندلس من أبي علي الحسين بن يعقوب البجاني، صاحب ابن
فحلون، ومن أبي عمر بن عفيف، ويونس بن عبد الله، والمهلب بن
أبي صفرة (4)، وأبي عمر السفاقسي. وعمر، وألحق الصغار بالكبار.

* جذوة المقتبس: 136 - 139، الأنساب 5 / 389 (الدلايي)، الصلة 1 / 66 - 67،
بغية الملتمس: 195 - 197، معجم البلدان 2 / 460، اللباب 1 / 522، العبر 3 / 290، دول
الاسلام 2 / 8، مرآة الجنان 3 / 122، شذرات الذهب 3 / 357 - 358، إيضاح المكنون 1 / 104،
2 / 656، هدية العارفين 1 / 80، شجرة النور الزكية 1 / 121.
(1) في " معجم البلدان " 2 / 460: فلهدان بدل فلذان.
(2) في " الصلة " 1 / 66: عمران بدل عمر.
(3) في " الأنساب " 5 / 389: أنه سمع بمصر جماعة.
(4) هو القاضي أبو القاسم المهلب بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي من أهل المرية، الفقيه
الحافظ المتوفى سنة 436 ه‍ تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (384).
567

وصنف " دلائل النبوة "، وكتاب " المسالك والممالك " (1)، وغير
ذلك.
حدث عنه: ابن حزم، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو الوليد
الوقشي (3)، والحميدي، وطاهر بن مفوز، وأبو علي الجياني، وأبو
علي بن سكرة، أبو بحر بن العاص، وأبو عبد الله بن شبرين، وعدة.
مات في شعبان سنة ثمان وسبعين وأربع مئة، وصلى عليه، ابنه
أنس رحمه الله.
297 - البري *
الشيخ أبو محمد، الحسن بن علي بن عبد الواحد بن الموحد
السلمي الدمشقي. عرف بابن البري.
سمع من عبد الرحمن بن أبي نصر، وعبد الوهاب بن الحبان،
ومنصور بن رامش.
وعنه: الخطيب، والفقيه نصر، والزكي يحيى بن علي، ونصر
ابن أحمد بن مقاتل، وآخرون.
توفي سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة.

(1) ورد اسمه في " معجم البلدان ": " نظام المرجان في المسالك والممالك "، وكذلك هو
في " إيضاح المكنون " 2 / 656.
(2) بفتح الواو وتشديد القاف والشين معجمة، نسبة إلى وقش: مدينة بالأندلس من أعمال
طليطلة. أنظر " معجم البلدان " 5 / 381 وفيه ترجمة أبي الوليد هذا.
* المشتبه 1 / 64، تبصير المنتبه 1 / 139، قال ابن حجر: المشهور فيه بالفتح، تهذيب
تاريخ ابن عساكر 4 / 232.
568

298 - ابن ماكولا *
المولى، الأمير الكبير، الحافظ، الناقد، النسابة، الحجة، أبو
نصر، علي (1) بن هبة الله بن علي (2) بن جعفر بن علي بن محمد ابن الأمير
دلف ابن الأمير الجواد قائد الجوش أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي
الجرباذقاني (3)، ثم البغدادي، صاحب كتاب " الاكمال في مشتبه
النسبة " (4)، وغير ذلك، وهو مصنف كتاب " مستمر الأوهام " (5).

* تاريخ ابن عساكر 12 / 280 / 1 - 281 / 1، المنتظم 9 / 5 و 79، معجم الأدباء
15 / 102 - 111، الكامل 10 / 128، وفيات الأعيان 3 / 305 - 306، المختصر في أخبار
البشر 2 / 194، دول الاسلام 2 / 17، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 201 - 203، تتمة
المختصر 1 / 573، فوات الوفيات 3 / 110 - 112، مرآة الجنان 3 / 143 - 144، البداية
والنهاية 12 / 123 - 124 و 145 - 146، طبقات ابن قاضي شهبة في وفيات 475، النجوم
الزاهرة 5 / 115 - 116، طبقات الحفاظ: 444، كشف الظنون: 1637، 1758، شذرات
الذهب 3 / 381 - 382، هدية العارفين 1 / 693، الرسالة المستطرفة 116، مقدمة الاكمال
1 / 7 - 8 و 18 - 61، تاريخ بروكلمان 6 / 176 - 178 من النسخة العربية.
(1) سقط اسم " علي " هذا من نسبه عند ابن شاكر في " فوات الوفيات " 3 / 110.
(2) في " المنتظم " و " معجم الأدباء " و " وفيات الأعيان ": ابن علكان، بدل علي.
(3) انظر الصفحة: 353 تعليق رقم (2).
(4) واسمه الكامل: " الاكمال في رفع عارض الارتياب عن المؤتلف والمختلف من
الأسماء والكنى والأنساب " جمع فيه ما في " المؤتلف والمختلف " للدارقطني و " تكملته "
للخطيب البغدادي و " المؤتلف والمختلف " و " مشتبه النسبة " لعبد الغني الأزدي، مع ما شذ
عنها، وأسقط ما لا يقع الاشكال فيه مما ذكروه، وذكر ما وهم فيه أحدهم على الصحة، وما
اختلفوا فيه وكان لكل قول وجه ذكره. انظر مقدمته لهذا الكتاب. وقد طبع بتحقيق العلامة
المرحوم عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني بدائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن في
الهند. وقد عمل ابن نقطة البغدادي المتوفى سنة 629 على هذا الكتاب تكملة بعنوان " تكملة
الاكمال " وعلى هذه التكملة " ذيل " لوجيه الدين منصور بن سليم الهمذاني محتسب الإسكندرية
المتوفى سنة 673 ه‍ منه نسخة مخطوطة في دار الكتب المصرية برقم 678 - تاريخ، وعندنا منه
نسخة مصورة.
(5) في " كشف الظنون ": " تهذيب مستمر الأوهام " وانظر " تاريخ بروكلمان " 6 / 177 -
178 النسخة العربية، وفيه ذكر النسخ الخطية لبعض مؤلفاته.
569

وعجل: هم بطن من بكر بن وائل ثم من ربيعة أخي مضر ابني نزار بن
معد بن عدنان.
مولده في شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة بقرية عكبرا.
هكذا قال (1).
سمع بشرى بن مسيس الفاتني، وعبيد الله بن عمر بن شاهين،
ومحمد بن محمد بن غيلان، وأبا منصور محمد بن محمد السواق،
وأحمد بن محمد العتيقي، وأبا بكر بن بشران، والقاضي أبا الطيب
الطبري، وعبد الصمد بن محمد بن مكرم، وطبقتهم ببغداد، وأبا
القاسم الحنائي، وطبقته بدمشق، وأحمد بن القاسم بن ميمون بن
حمزة، وعدة بمصر، وسمع بخراسان وما وراء النهر والجبال والجزيرة
والسواحل، ولقي الحفاظ والأئمة (2).
حدث عنه: أبو بكر الخطيب شيخه، والفقيه نصر المقدسي،
والحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق،
وشجاع بن فارس الذهلي، وأبو عبد الله الحميدي، ومحمد بن طرخان
التركي، وأبو علي محمد بن محمد بن المهدي، وأبو القاسم بن
السمرقندي، وعلي بن أحمد بن بيان، وعلي بن عبد السلام الكاتب،
وآخرون.
أخبرني أبو الحجاج يوسف بن زكي الحافظ، أخبرنا محمد بن عبد
الخالق الأموي، أخبرنا علي بن المفضل، أخبرنا أحمد بن محمد

(1) في تاريخ ولادة المترجم عدة أقوال ذكرها المعلمي اليماني في " مقدمة الاكمال ":
1 / 20 - 23، ثم رجح منها سنة 421.
(2) انظر مقدمة اليماني للاكمال 1 / 25 - 27، فقد ذكر كثيرا من شيوخه.
570

الأصبهاني، وأخبرنا عبد الله بن أبي التائب، أخبرنا محمد بن أبي
بكر، أنبأنا السلفي قال: أخبرنا أبو الغنائم النرسي، أخبرنا أبو نصر علي
ابن هبة الله العجلي الحافظ، حدثني أبو بكر أحمد بن مهدي، حدثنا
أبو حازم العبدوي، حدثنا أبو عمرو بن مطر، حدثنا إبراهيم بن يوسف
الهسنجاني، حدثنا أبو الفضل صاحب أحمد بن حنبل، حدثنا أحمد بن
حنبل، حدثنا زهير بن حرب، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا علي بن
المديني، حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن أبي
بكر بن حفص، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: " كن أزواج رسول
الله صلى الله عليه وسلم يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة " (1).
أحمد بن مهدي هذا هو الخطيب، أخبرنا به عبد الواسع الأبهري
إجازة، أخبرنا إبراهيم بن بركات، أخبرنا أبو القاسم بن عساكر، أخبرنا
أبو القاسم النسيب، أخبرنا الخطيب. فذكره ثم زاد في آخره: قال
الهسنجاني: حدثناه عبيد الله بن معاذ. فذكره، ثم قال الخطيب: رواه
محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل، عن إبراهيم
الهسنجاني، حدثنا الفضل بن زياد، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا
زهير نحوه.
قلت: ففي رواية ابن ماكولا وقع خلل، وهو قوله: أبو الفضل.
وإنما هو الفضل، وسقط عند يوسف الحافظ: حدثنا أحمد بن حنبل.
أنبأنا المؤمل بن محمد، وأبو الغنائم القيسي، قالا: أخبرنا زيد بن

(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (320) من طريق عبيد الله بن معاذ بهذا الاسناد.
ومعنى الحديث: أنهن يأخذن من شعر رؤوسهن، ويخففن من شعورهن حتى تكون كالوفرة،
وهي من الشعر ما كان إلى الاذنين ولا يجاوزهما.
571

الحسن، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أحمد بن علي الحافظ، قال:
كتب إلي أحمد بن القاسم الحسيني من مصر، وحدثني أبو نصر علي
ابن هبة الله، عنه، أخبرنا أحمد بن محمد بن الأزهر السمناوي، حدثنا
أحمد - هو ابن عيسى الوشا - حدثنا موسى بن عيسى بالرملة - بغدادي سنة
250 -، حدثنا يزيد، عن حميد، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا بكى اليتيم وقعت دموعه في كف الرحمن، فيقول: من أبكى هذا
اليتيم الذي وأريت والديه تحت التراب؟ من أسكته فله الجنة ".
قال الخطيب (1): هذا منكر، رواته معروفون سوى موسى.
قلت: هو الذي افتراه (2).
أنبئت عن أبي محمد بن الأخضر وغيره، عن ابن ناصر، أن أبا
نصر الأمير كتب إليه، (ح)، وأنبأنا أحمد بن سلامة، عن
الأرتاحي (3)، عن أبي الحسن بن الفراء، عن ابن ماكولا قال: أخبرنا
مظفر بن الحسن سبط ابن لآل، أخبرنا جدي أبو بكر أحمد بن علي،
أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ، أخبرنا محمد بن علي
ابن الشاه، أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم البغدادي بأنطاكية، حدثنا

(1) في " تاريخه " 13 / 42، ونص كلامه: هذا حديث منكر جدا لم أكتبه إلا بإسناده،
ورجالهم كلهم معروفون إلا موسى بن عيسى، فإنه مجهول، وحديثه عندنا غير مقبول.
(2) في " الميزان " 4 / 216: موسى بن عيسى البغدادي عن يزيد بن هارون بخبر كذب:
إذا بكى اليتيم.
(3) بالراء والتاء المثناة الفوقية والحاء المهملة نسبة إلى أرتاح وهو اسم حصن منيع كان من
العواصم من أعمال حلب... والمنسوب هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حامد بن مفرج بن
غياث الأرتاحي المتوفى سنة (601) ه‍ ذكره المعلمي اليماني في هامش " الأنساب 1 / 172 -
173 نقلا عن " تاريخ دمشق ".
572

محمد بن عبد الرحمن الحميري بمصر، حدثنا خالد بن نجيح، حدثنا
سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن فأفأة، عن الأعمش، عن
مجاهد، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تسبوا الأموات، فإنهم قد
أفضوا إلى ما قدموا ".
وقرأته بمصر على أبي المعالي أحمد بن إسحاق، أخبرنا عبد
السلام بن فتحة السرفولي، حدثنا برقوه سنة ثمان عشرة وست مئة
حضورا، أخبرنا شهردار بن شيرويه الديلمي سنة 554، أخبرنا أحمد
ابن عمر البيع، أخبرنا حميد بن مأمون، أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن
الشيرازي في كتاب " الألقاب " له، فذكره ثم قال: وفأفأة هو أبو معاوية
الضرير. وقال ابن ماكولا: بل هو إسماعيل الكندي شيخ لبقية.
والحديث ففي " صحيح " البخاري (1): حدثنا آدم، حدثنا شعبة،
عن الأعمش، فهو يعلو لنا بدرجات، فكأني لقيت فيه الشيرازي.
قال شيرويه الديلمي في كتاب " الطبقات " له: كان الأمير أبو نصر
يعرف بالوزير سعد الملك ابن ماكولا، قدم رسولا مرارا. سمعت منه،
وكان حافظا متقنا، عني بهذا الشأن، ولم يكن في زمانه بعد الخطيب

(1) رقم (393) في الجنائز: باب ما ينهى عن سب الأموات، وأخرجه أيضا (6516) في
الرقاق من طريق علي بن الجعد عن شعبة به، وهو في سنن أبي داود (4899) والنسائي 4 / 52،
53. وقوله: " أفضوا " أي: وصلوا إلى ما عملوا من خير أو شر، واستدل بهذا الحديث على منع
سب الأموات مطلقا، قال الحافظ ابن؟ جر: وأصح ما قيل في ذلك أن أموات الكفار والفساق يجوز
ذكر؟ ساوئهم للتحذير منهم، والتنفير عنهم وأن عموم قوله: " لا تسبوا الأموات " مخصوص
بحديث أنس عند البخاري (1367) ومسلم (949) حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم عند ثنائهم بالخير والشر:
" وجبت وأنتم شهداء الله في الأرض " ولم ينكر عليهم، وقد اتفق العلماء على جواز جرح
المجروحين من الرواة أحياء وأمواتا.
573

أحد أفضل منه. حضر مجلسه الكبار من شيوخنا، وسمعوا منه (1).
وقال أبو القاسم بن عساكر: وزر أبوه هبة الله لأمير المؤمنين
القائم، وولي عمه الحسين قضاء القضاة ببغداد... إلى أن قال: وولد
في شعبان سنة إحدى وعشرين. كذا هنا سنة إحدى (2).
قال الحميدي: ما راجعت الخطيب في شئ إلا وأحالني علي
الكتاب، وقال: حتى أكشفه. وما راجعت ابن ماكولا في شئ إلا
وأجابني حفظا كأنه يقرأ من كتاب (3).
قال أبو الحسن محمد بن مرزوق: لما بلغ الخطيب أن ابن ماكولا
أخذ عليه في كتاب " المؤتنف "، وأنه صنف في ذلك تصنيفا، وحضر
ابن ماكولا عنده، وسأله الخطيب عن ذلك، فأنكر، ولم يقر به،
وأصر، وقال: هذا لم يخطر ببالي. وقيل: إن التصنيف كان في كمه،
فلما مات الخطيب أظهره. وهو الكتاب الملقب ب‍ " مستمر
الأوهام " (4).
قال محمد بن طاهر المقدسي: سمعت أبا إسحاق الحبال يمدح
أبا نصر بن ماكولا، ويثني عليه، ويقول: دخل مصر في زي الكتبة،
فلم نرفع به رأسا، فلما عرفناه كان من العلماء بهذا الشأن (5).

(1) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1203.
(2) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1203.
(3) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1203 - 1204، و " معجم الأدباء " 15 / 10، و " المستفاد من
ذيل تاريخ بغداد ": 202.
(4) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1204، و " معجم الأدباء " 15 / 110 - 111.
(5) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1204، و " معجم الأدباء " 15 / 103 - 104.
574

قال أبو سعد السمعاني: كان ابن ماكولا لبيبا، عالما، عارفا،
حافظا، يرشح للحافظ حتى كان يقال له: الخطيب الثاني. وكان نحويا
مجودا، وشاعرا مبرزا، جزل الشعر، فصيح العبارة، صحيح النقل، ما
كان في البغداديين في زمانه مثله، طاف الدنيا، وأقام ببغداد (1).
وقال ابن النجار: أحب العلم من الصبا، وطلب الحديث، وكان
يحضر المشايخ إلى منزلهم (2)، ويسمع، ورحل وبرع في الحديث، وأتقن
الأدب، وله النظم والنثر والمصنفات. نفذه المقتدي بالله رسولا إلى
سمرقند وبخاري لاخذ البيعة له على ملكها طمغان الخان (3).
قال هبة الله بن المبارك بن الدواتي: اجتمعت بالأمير ابن ماكولا،
فقال لي: خذ جزئين من الحديث، فاجعل متون هذا لأسانيد هذا،
ومتون الثاني لأسانيد الأول، حتى أردها إلى الحالة الأولى (4).
قال أبو طاهر السلفي: سألت أبا الغنائم النرسي عن الخطيب،
فقال: جبل لا يسأل عن مثله، ما رأينا مثله، وما سألته عن شئ فأجاب
في الحال، إلا يرجع إلى كتابه (5).
قد مر أن الأمير كان يجيب في الحال، وهذا يدل على قوة حفظه،
وأما الخطيب ففعله دال على ورعه وتثبته.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر

(1) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1204.
(2) أي: إلى منزل أهله.
(3) أنظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1204.
(4) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1204 - 1205.
(5) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205.
575

السلفي: سألت شجاعا الذهلي عن ابن ماكولا، فقال: كان حافظا،
فهما، ثقة، صنف كتبا في علم الحديث (1).
قال المؤتمن الساجي الحافظ: لم يلزم ابن ماكولا طريق أهل
العلم، فلم ينتفع بنفسه (2).
قلت: يشير إلى أنه كان بهيئة الامراء وبرفاهيتهم.
قال الحافظ ابن عساكر: سمعت إسماعيل بن السمرقندي يذكر أن
ابن ماكولا كان له غلمان ترك أحداث، فقتلوه بجرجان في سنة نيف
وسبعين وأربع مئة (3).
وقال الحافظ ابن ناصر: قتل الحافظ ابن ماكولا، وكان قد سافر
نحو كرمان ومعه مماليكه الأتراك، فقتلوه، وأخذوا ماله، في سنة خمس
وسبعين وأربع مئة. هكذا نقل ابن النجار هذا (4).
وقال الحافظ أبو سعد السمعاني: سمعت ابن ناصر يقول: قتل
ابن ماكولا بالأهواز إما في سنة ست أو سنة سبع وثمانين وأربع مئة (5).
وقال السمعاني: خرج من بغداد إلى خوزستان، وقتل هناك بعد
الثمانين (6).
وقال أبو الفرج الحافظ في " المنتظم ": قتل سنة خمس

(1) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205، و " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 202.
(2) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205، و " المستفاد ": 202 - 203.
(3) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205.
(4) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205، و " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 203.
(5) انظر " معجم الأدباء " 15 / 104، و " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205.
(6) " تذكرة الحفاظ " 4 / 1205.
576

وسبعين، وقيل: سنة ست وثمانين (1).
وقال غيره: قتل في سنة تسع وسبعين، وقيل: سنة سبع وثمانين
بخوزستان. حكى هذين القولين القاضي شمس الدين بن خلكان.
قال: قتله غلمانه، وأخذوا ماله، وهربوا (2). رحمه الله.
ومن نظمه (3):
قوض خيامك عن دار أهنت بها * وجانب الذل إن الذل مجتنب (4)
وارحل إذا كانت الأوطان مضيعة (5) * فالمندل (6) الرطب في أوطانه حطب (7)
وله (8):
ولما تواقفنا (9) تباكت قلوبنا * فممسك دمع يوم (10) ذاك كساكبه
فيا كبدي (11) الحري البسي ثوب حسرة * فراق الذي تهوينه قد كساك به

(1) ولذا أورده في وفيات هاتين السنتين، انظر " المنتظم " 9 / 5 و 79، وتابعه على ذلك
ابن كثير في " البداية " 12 / 143 و 145.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 306.
(3) البيان في " معجم الأدباء " 15 / 106، و " وفيات الأعيان " 3 / 306، و " تذكرة
الحفاظ " 4 / 1206، و " البداية والنهاية " 12 / 124.
(4) في " وفيات الأعيان " و " البداية ": يجتنب.
(5) في " معجم الأدباء ": منقصة، وفي " وفيات الأعيان " و " البداية ": وارحل إذا كان
في الأوطان منقصة.
(6) المندل، كمقعد: العود الرطب يتبخر به أو أجوده.
(7) في " معجم الأدباء ": الحطب.
(8) البيتان في " معجم الأدباء " 15 / 104، و " تذكرة الحفاظ " 4 / 1206، و " فوات
الوفيات " 3 / 111، و " النجوم الزاهرة " 5 / 116.
(9) في " معجم الأدباء " و " فوات الوفيات ": تفرقنا، وقد تحرفت في " تذكرة الحفاظ "
إلى: توافقنا، وفي " النجوم الزاهرة " إلى: توافينا.
(10) عند ياقوت: " عند " بدل " يوم ".
(11) في " فوات الوفيات " و " معجم الأدباء ": فيا نفسي.
577

أخبرنا المؤمل بن محمد، والمسلم بن علان كتابة قالا: أخبرنا
زيد بن حسن، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أحمد بن علي
الحافظ، حدثني أبو نصر علي بن هبة الله، حدثنا أبو إبراهيم أحمد بن
القاسم العلوي، حدثنا أبو الفتح إبراهيم بن علي، حدثنا موسى بن نصر
ابن جرير، أخبرنا إسحاق الحنظلي، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا بكار بن
عبد الله، سمعت ابن أبي مليكة، سمعت عائشة تقول: كانت عندي
امرأة تسمعني، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على تلك الحالة، ثم دخل
عمر، ففرقت، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: ما يضحكك يا
رسول الله!؟ فحدثه، فقال: والله لا أخرج حتى أسمع ما سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأسمعته.
قال الخطيب (1): أبو الفتح ساقط الرواية، وأحسب موسى بن نصر
اسما اختلقه.
299 - ابن أبي الصقر *
الامام المحدث، الخطيب، أبو طاهر، محمد بن أحمد بن محمد
ابن إسماعيل بن أبي الصقر اللخمي الأنباري. سمعنا مشيخته في جزأين.
سمع عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، وأبا نصر بن الحبان،
وعبد الوهاب بن عبد الله المري، طائفة بدمشق، وأبا عبد الله بن

(1) نص كلامه في " تاريخه " 13 / 58: قلت: وأبو الفتح البغدادي يعرف بابن بخت،
وكان واهي الحديث، ساقط الرواية، وأحسب موسى بن نصر بن جرير اسما ادعاه وشيخا
اختلقه، وأصل الحديث باطل فالله أعلم.
* المنتظم 9 / 9 وفيه ابن أبي السقر، العبر 3 / 285، الوافي بالوفيات 2 / 86، البداية
والنهاية 12 / 125، النجوم الزاهرة 5 / 118، شذرات الذهب 3 / 354.
578

نظيف، وإسماعيل بن عمرو الحداد، وصلة بن المؤمل، وجماعة
بمصر، ومحمد بن الحسين الصنعاني صاحب النقوي (1)، وأبا العلاء
المعري بها، وأبا محمد الجوهري ببغداد.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعبد الله بن عبد الرزاق بن
الفضل، وإسماعيل بن السمرقندي، وأبو الفتح محمد بن أحمد
الأنباري، وعبد الوهاب الأنماطي، وموهوب بن الجواليقي، وأبو بكر
ابن الزاغوني، وابن ناصر.
قال السمعاني: سمعت خليفة بن محفوظ بالأنبار يقول: كان ابن
أبي الصقر صواما قواما (2)، يقال: مسموعاته وقر جمل.
قلت: وله شعر رائق، مات بالأنبار في جمادى الآخرة، سنة ست
وسبعين وأربع مئة، وكان من أبناء الثمانين رحمه الله.
300 - المحمي *
الشيخ العدل، المسند، أبو عمرو، عثمان بن محمد بن عبيد الله
المحمي، النيسابوري، المزكي.
حدث عن: أبي نعيم الأسفراييني، وعبد الرحمن بن إبراهيم
المزكي، وأبي عبد الله الحاكم، وجماعة.

(1) بفتح النون والقاف نسبة إلى: نقو. قال: وظني أنها من قرى صنعاء اليمن.
" اللباب " 3 / 323.
(2) الخبر بنحوه في " المنتظم " 9 / 9.
* الأنساب: " المحمي "، التقييد: الورقة 176 ب، العبر 3 / 298، النجوم الزاهرة
5 / 127، شذرات الذهب 3 / 366. والمحمي، بفتح الميم وسكون الحاء وفي آخرها ميم
ثانية، هذه النسبة إلى محم، وهو بيت كبير بنيسابور قال لهم: المحمية.
579

روى عنه: محمد بن طاهر، وعبد الغافر بن إسماعيل، وعبد الله
ابن محمد الفراوي، وعبد الخالق بن زاهر، وأبو الأسعد هبة الرحمن بن
القشيري، ومحمد بن جامع الصواف، وعبد الكريم بن حسن الكاتب،
والحسين بن علي الشحامي، وعبد الرحمن بن يحيى الناصحي، وأخوه
أبو نصر أحمد بن يحيى، وخلق كثير.
قال عبد الغافر: سمع المشايخ والصدور، وأدرك الاسناد العالي،
وحضر الوقائع، وكان حسن الصحبة والعشرة.
ثم قال: توفي في صفر، سنة أحدى وثمانين وأربع مئة.
قلت: قيل: إنه عثماني، وقد روى عنه بالإجازة محمد بن ناصر
الحافظ.
ومات معه في العام أبو بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي (1)،
وشيخ الاسلام الأنصاري (2)، وأبو بكر بن ماجة الأبهري (3)، والوزير
محمد بن هشام بن المصحفي بقرطبة، وحصن الدولة معلى بن حيدرة
الكتامي (4) المتغلب على دمشق.
301 - الملك المؤيد *
إبراهيم بن مسعود بن السلطان محمود بن سبكتكين، صاحب غزنة
والهند.

(1) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (3).
(2) تقدمت ترجمته برقم (260).
(3) سترد ترجمته برقم (302).
(4) في الأصل: الكناني، والمثبت من ترجمته المتقدمة برقم (263).
* المنتظم 9 / 109 - 110، الكامل 10 / 167 - 168، المختصر 2 / 199، تتمة
المختصر 2 / 9، البداية 12 / 157، النجوم الزاهرة 5 / 164.
580

كانت دولته بضعا وعشرين سنة، وكان شجاعا، حازما، غازيا،
حسن السيرة (1).
مات سنة إحدى وثمانين (2) وأربع مئة.
وتملك بعده ابنه السلطان مسعود زوج ابنة السلطان الكبير
ملكشاه (3).
302 - ابن ماجة *
الشيخ، المعمر، المسند، أبو بكر، محمد بن أحمد بن
الحسن (4) بن ماجة الأبهري الأصبهاني. وأبهر التي هو منها ليست بمدينة
أبهر زنجان، بل قرية من قرى أصبهان.
ولد سنة ست وثمانين وثلاث مئة.
وسمع جزء لوين من أبي جعفر بن المرزبان، وتفرد بعلوه.
حدث عنه خلق كثير منهم: محمد بن طاهر، ومؤتمن الساجي،
وإسماعيل التيمي، وأبو سعد بن البغدادي، ومحمود بن ماشاذه، وأبو
منصور عبد الله بن محمد الكسائي، وعبد المغيث بن أبي عدنان،

(1) " الكامل " 10 / 167.
(2) ذكره ابن الجوزي في وفيات سنة (492)، وتابعه على ذلك ابن كثير في " البداية "
12 / 157، وابن تغري بردي في " النجوم الزاهرة " 5 / 164، وقد رجحه ابن أبي الفداء في
" مختصره " 2 / 199، ولكنه تابع ابن الأثير في إيراده في وفيات سنة (481).
(3) " الكامل " 10 / 168، و " المختصر " 2 / 199.
* العبر 3 / 298، النجوم الزاهرة 5 / 127، شذرات الذهب 3 / 366.
(4) في " العبر " 3 / 298، و " النجوم الزاهرة " 5 / 127: محمد بن أحمد بن محمد بن
الحسن، وكذلك أورده المؤلف في ترجمة شيخ الاسلام الأنصاري. انظر ص: 516.
581

ومسعود بن إسماعيل، وأبو نصر الغازي، وأبو الخير الباغبان، ومحمود
ابن عبد الكريم يورجه، وأبو رشيد أحمد بن حمد الخرقي، وعبد المنعم
ابن محمد بن سعدويه، والحسن بن رجاء بن سليم، ومحمد بن أبي
القاسم الصالحاني الأديب.
مات في سنة إحدى وثمانين وأربع مئة، عن بضع وتسعين سنة.
303 - الأزدي *
مفتي المالكية، أبو عثمان، طاهر بن هشام الأزدي، الأندلسي،
المريي.
سمع من المهلب بن أبي (1) صفرة، وأبي عمر بن عفيف،
وحج، فسمع من أبي ذر الحافظ، وغيره.
روى عنه: أبو علي بن سكرة، وغيره.
وقال ابن بشكوال: أخبرنا عنه جماعة، وعاش ستا وثمانين سنة،
توفي سنة سبع وسبعين وأربع مئة (2).
304 - المهري * *
شاعر الأندلس، ذو الوزارتين، أبو بكر محمد بن عمار الأندلسي المهري.

* الصلة 1 / 240.
(1) سقط لفظ " أبي " من " الصلة " 1 / 240، وترجمة المهلب قد تقدمت في الجزء
السابع عشر رقم (384).
(2) " الصلة " 1 / 240، وفيه أنه توفي سنة (407).
(* *) قلائد العقيان: 85، الذخيرة 2 / 1 / 368 - 433، الخريدة 11 / 164، بغية
الملتمس: 113، المطرب: 169، المعجب: 77، الحلة السيراء 2 / 131 - 165،
المغرب 1 / 389 - 391، وفيات الأعيان 4 / 425 - 429، العبر 3 / 288، الوافي بالوفيات
4 / 229 - 234، نفح الطيب 1 / 652 - 656، شذرات الذهب 3 / 356 - 357. وللدكتور
صلاح خالص مؤلف عنه جمع فيه شعره (بغداد 1957) وللأستاذ ثروت أباظة كتيب عنه في
سلسلة اقرأ.
582

كان هو وابن زيدون كفرسي رهان.
بلغ المهري أسنى الرتب، حتى استوزره المعتمد بن عباد، ثم
استنابه على مرسية، فعصى بها، وتملكها، فلم يزل المعتمد يتلطف
في الحيلة، إلى أن وقع في يده، فذبح صبرا للعصيان بعد فرط
الاحسان، ولأنه هجا المعتمد وآباءه، فهو القائل (1):
مما يقبح عندي ذكر أندلس * سماع معتمد فيها ومعتضد
أسماء (2) مملكة في غير موضعها * كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد
وقد جال ابن عمار في الأندلس أولا، ومدح الملوك والكبار
والسوقة، بحيث إنه مدح فلاحا أعطاه مخلاة شعير لحماره، ثم آل بابن
عمار الحال إلى الامرة، فملا للفلاح مخلاته دراهم، وقال: لو ملاها
برا لملأناها تبرا.
وقد سجنه المعتمد مدة، وتوسل إليه بقصائد تلين الصخر، فقتله
في سنة 479 (3).

(1) كذا قال المؤلف هنا موافقة لابن خلكان 4 / 428، ولم يردا في بقية المصادر التي
ترجمت لابن عمار، وقد سبق للمؤلف في ترجمة إدريس بن علي بن حمود الحسني الإدريسي
التي مرت في الجزء السابع عشر برقم (85) أن أورد هذين البيتين، ونسبهما إلى ابن رشيق
القيرواني، وإليه نسبهما المقري في " نفح الطيب " 1 / 214، ثم أوردهما: 4 / 255 غير
منسوبين. والبيتان في مجموع " ديوان " ابن رشيق للدكتور عبد الرحمن ياغي صفحة 59 - 60
ونص البيت الأول فيه:
مما يزهدني في أرض أندلس * سماع مقتدر فيها ومعتضد
(2) في " ديوان " ابن رشيق: ألقاب.
(3) انظر هذه القصائد في " الذخيرة " 2 / 1 / 419 وما بعدها، وقد ذكر ابن خلكان أنه توفي
سنة (477) وتابعه على ذلك المؤلف في " العبر " وقد سبق للمؤلف أن أورده في وفيات هذه السنة
أيضا في ترجمة الفارمذي.
583

وله:
علي وإلا ما بكاء الغمائم * وفي وإلا ما نياح (1) الحمائم (2)
وعني أثار الرعد صرخة طالب * لثأر وهز البرق صفحة صارم
وما لبست زهر النجوم حدادها * لغيري ولا قامت له في مآتم (3)
منها:
أبى الله أن تلقاه إلا مقلدا * حميلة سيف أو حمالة غارم (4)
305 - الدينوري *
مسند همذان، أبو الفضل، أحمد بن عيسى بن عباد الدينوري،
عرف بابن الأستاذ.
حدث عن: أبيه، وأبي بكر بن لآل، وأحمد بن تركان، وعبد
الرحمن الصفار، وأبي عمر بن مهدي، وعدة.
قال شيرويه: سمعت منه بهمذان والدينور، وكان صدوقا، قال

(1) في " الوافي ": وإلا فيم نوح.
(2) في " الذخيرة ":
علي وإلا ما نياح الحمائم * وفي وإلا ما بكاء الغمائم
(3) انظر الأبيات بأطول مما هنا في " الذخيرة " 2 / 1 / 372 وما بعدها. وقد ورد البيت
الأول في " الوافي " 4 / 232، و " الحلة السيراء " 2 / 148.
(4) ورد هذا البيت في " الذخيرة ": 376 هكذا:
أبى أن يراه الله غير مقلد * حمالة سيف أو حمالة غارم
والحميلة: هي علاقة السيف، وهي السير الذي يقلده المتقلد. والحمالة: الدية والغرامة
يحملها قوم عن قوم.
* الوافي بالوفيات 7 / 272. وسيعيد المؤلف ترجمته في الصفحة (607).
584

لي: ولدت سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
مات بالدينور سنة ثمان وسبعين وأربع مئة.
306 - المتولي *
العلامة شيخ الشافعية، أبو سعد (1)، عبد الرحمن بن مأمون بن
علي النيسابوري المتولي.
درس ببغداد بالنظامية بعد الشيخ أبي إسحاق، ثم عزل بابن
الصباغ، ثم بعد مديدة أعيد إليها (2).
تفقه بالقاضي حسين (3)، وبأبي سهل أحمد بن علي ببخارى،
وعلى الفوراني (4) بمرو، وبرع، وبذ الاقران.
وله كتاب " التتمة " الذي تمم به " الإبانة " لشيخه أبي القاسم
الفوراني، فعاجلته المنية عن تكميله، انتهى فيه إلى الحدود. وله

* المنتظم 9 / 18، الكامل 10 / 146، وفيات الأعيان 3 / 133 - 134، العبر
3 / 290، الوافي خ 16 / 61 - 62، مرآة الجنان 3 / 122 - 123، طبقات السبكي 5 / 106 -
108، طبقات الأسنوي 1 / 305 - 306، البداية والنهاية 12 / 128، طبقات ابن هداية الله
176 - 177، كشف الظنون 1 / 1 و 2 / 1251، شذرات الذهب 3 / 358، هدية العارفين
1 / 518، إيضاح المكنون 2 / 150 وقد تحرف فيه إلى أبي سعيد قال ابن خلكان في نسبته،
المتولي: ولم أعلم لأي معنى عرف بذلك، ولم يذكر السمعاني هذه النسبة.
(1) تحرف لفظ " سعد " في " طبقات " الأسنوي وابن هداية الله و " كشف الظنون " إلى
" سعيد ".
(2) انظر ما ذكره المؤلف في آخر ترجمة ابن الصباغ رقم (239) من ترتيب مدرسي
النظامية.
(3) هو القاضي أبو علي حسين بن محمد بن أحمد المروزي المتوفى سنة (465) وقد
تقدمت ترجمته برقم (131).
(4) هو أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن فوران المروزي الفوراني المتوفى سنة (461)
وقد تقدمت ترجمته برقم (133).
585

مختصر في الفرائض، وآخر في الأصول، وكتاب كبير في الخلاف (1).
مات ببغداد سنة ثمان وسبعين كهلا، وله اثنتان وخمسون سنة
رحمه الله.
307 - قاضي حلب *
العلامة، شيخ الاعتزال، أبو جعفر، محمد بن أحمد بن حامد بن
عبيد البيكندي، البخاري، المتكلم، من دعاة البدع.
ولد سنة ثنتين وتسعين.
وزعم أنه سمع " الصحيح " من الكشاني (2) في سنة سبع، وإنما
توفي الكشاني سنة مولد هذا.
وقد حدث عن: السليماني، ومنصور الكاغدي، وعدنان بن
محمد الهروي، وجماعة.
روى عنه: أبو غالب بن البناء، وعلي بن هبة الله بن زهمويه.

(1) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 134، و " طبقات " السبكي 5 / 107، و " طبقات "
الأسنوي 1 / 306.
* المنتظم 9 / 52، ميزان الاعتدال 3 / 462، البداية والنهاية 12 / 136، الجواهر
المضية 2 / 8 - 10 (الطبعة الهندية)، لسان الميزان 5 / 52 و 61، كشف الظنون 378،
891، هدية العارفين 2 / 75. والبيكندي: نسبة إلى بيكند، وقد ضبطها ياقوت بكسر الباء وفتح
الكاف وسكون النون، وتابعه على ذلك السيوطي في " لب اللباب "، ولم يضبطها كل من
السمعاني وابن الأثير، وهي بلدة بين بخارى وجيحون على مرحلة من بخارى.
(2) الكشاني: بضم الكاف نسبة إلى كشانية، وهي بلدة من بلاد الصغد بنواحي سمرقند،
وهو أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الكشاني السمرقندي المتوفى سنة (392) أو
(391)، وقد تقدمت ترجمته في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب برقم (354). وقد
تصحف في " لسان الميزان " 5 / 61 إلى: الكسائي.
586

طعن فيه المؤتمن الساجي.
وقال عبد الوهاب الأنماطي: كذاب (1).
وقيل: ولد سنة أربع وتسعين.
توفي في أول سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة ببغداد (2).
308 - ابن أبي الشخباء *
العلامة، بليغ زمانه، الشيخ المجيد، أبو علي، الحسن بن عبد
الصمد (3) بن أبي الشخباء العسقلاني، صاحب الخطب والترسل. كان
جل اعتماد القاضي الفاضل على حفظ كلامه فيما يقال (4).
قال العماد في ترجمة المجيد: مجيد كنعته، قادر على ابتداع
الكلام ونحته. قتل بمصر مسجونا سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة (5).

(1) " المنتظم " 9 / 52.
(2) وله مصنفات ذكرها صاحب " الجواهر المضية " 2 / 9.
* الذخيرة ق 4 / م 2 / 627 - 661، الخريدة: قسم العسقلانيين في القسم التابع
لشعراء مصر الورقة: 14 نسخة باريس رقم (3328)، معجم الأدباء 9 / 152 - 184، وفيات
الأعيان 2 / 89 - 91، الوافي بالوفيات 12 / 68 - 70، هدية العارفين 1 / 277، أعيان الشيعة
23 / 146.
(3) في " معجم الأدباء " 9 / 152: الحسن بن محمد بن عبد الصمد.
(4) الخبر في " معجم الأدباء " 9 / 152، و " وفيات الأعيان " 2 / 89، وقد رد الصفدي
على هذا القول في كتابه " الوافي بالوفيات " 12 / 69. والقاضي الفاضل هو الأديب أبو علي عبد
الرحيم بن علي بن الحسن اللخمي العسقلاني المصري وزير السلطان الملك الناصر صلاح الدين
المتوفى سنة (596) ه‍ سترد ترجمته في الجزء الحادي والعشرين رقم (179).
(5) الخبر في " وفيات الأعيان " 2 / 89 وما بعدها، وقد تحرفت سنة وفاته في المطبوع من
" معجم الأدباء " إلى سنة (432). وانظر بعض نظمه في مصادر ترجمته.
587

309 - الطبسي *
الشيخ الامام، العارف، المحدث الكبير، أبو الفضل، محمد
ابن أحمد بن أبي جعفر الطبسي، شيخ الصوفية.
سمع الحافظ أبا عبد الله الحاكم، وأبا طاهر بن محمش،
وعبد الله بن يوسف بن بامويه، والسلمي، وأبا بكر الحيري،
وأمثالهم.
حدث عنه: الجنيد بن محمد القايني (1)، ووجيه الشحامي، وأبو
الأسعد بن القشيري، وعبد الغافر بن إسماعيل، وقال: شيخ ثقة،
ورع، صوفي زاهد، كتب الكثير، وحصل التصانيف المفيدة، وألف
كتاب " بستان العارفين ". قدم علينا من طبس، وأملى بالنظامية أياما، ثم
عاد إلى بلده، وبها مات في رمضان، سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة رحمه
الله.
قلت: كان من أبناء التسعين.

* الأنساب 8 / 209، اللباب 2 / 274، تذكرة الحفاظ 3 / 1195، العبر 3 / 301،
الوافي 2 / 88، كشف الظنون: 1024، شذرات الذهب 3 / 367، إيضاح المكنون 1 / 181،
هدية العارفين 2 / 75.
والطبسي، قال السمعاني: بفتح الطاء المهملة والباء المنقوطة بواحدة والسين المهملة هذه
النسبة إلى طبس: وهي بلدة في برية، إذا خرجت منها إلى أي صوب منها سلكت وقصدت لابد
من ركوب البرية، وهي بين نيسابور وأصبهان وكرمان فتحت في زمن عمر رضي الله عنه.
(1) بالقاف والياء المثناة التحتية ثم النون نسبة إلى قاين: بلدة قريبة من طبس. انظر
" الأنساب " 10 / 37، وفيه ترجمة الجنيد بن محمد القايني هذا. وقد تصحف في الأصل إلى
" الفاتني " بالفاء والتاء المثناة الفوقية.
588

310 - ابن أبي الصهباء *
الشيخ المسند، الصدر الكامل، الشريف المأمون، أبو السنابل،
هبة الله بن أبي الصهباء محمد بن حيدر القرشي، النيسابوري.
حدث عن: أبي طاهر بن محمش، وعبد الله بن يوسف، وأبي
عبد الرحمن السلمي، ويحيى المزكي، وأبي بكر الحيري، وأبي
إسحاق الأسفراييني.
روى عنه: وجيه الشحامي، ومحمد بن جامع الصواف، وعبد
الخالق بن زاهر، وعائشة بنت أحمد الصفار، وعدة.
وكان من الثقات المكثرين. سمع " سنن " النسائي من الحسين بن
فنجويه.
توفي سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة.
311 - ابن أبي عثمان * *
الشيخ الجليل، الصالح، المسند، أبو الغنائم، محمد بن علي
ابن الحسن بن محمد بن أبي عثمان عمرو بن محمد بن منتاب
البغدادي، الدقاق، ناظر المارستان العتيق.
قال المؤتمن الساجي: أفاده أبوه مع إخوته أبي سعد (1) وأبي تمام مع

* تبصير المنتبه 3 / 1084.
(* *) المنتظم 9 / 54، العبر 3 / 304، الوافي بالوفيات 4 / 141، شذرات الذهب
3 / 369.
(1) في الأصل " محمد " بدل " سعد "، والتصويب من " الوافي " 4 / 140، حيث أورد
ترجمة أبي سعد هذا، ثم أورد ترجمة أخيه أبي تمام 4 / 141.
589

شراسة أخلاق ونفور طبع لا وجه له.
قلت: سمع أبا عمر بن مهدي الفارسي، وأبا محمد بن البيع، وأبا
الحسن بن رزقويه، وعبد القاهر بن عترة (1)، وكان خيرا دينا، كثير السماع.
روى عنه: مكي الرميلي، وأبو سعد بن البغدادي، وأبو نصر
الغازي، وإسماعيل بن السمرقندي، وإسماعيل بن محمد التيمي،
وأحمد بن قفرجل، ومحمد بن المادح، وأبو علي أحمد بن أحمد بن
الخراز، وآخرون.
قال ابن سكرة: كان الحميدي يحضني على قراءة ما عنده من
" مسند " يعقوب بن شيبة، ويقول: لو وجد كلام يعقوب على أبواب
الحمامات للزم أن يقرأ، فكيف وهو مسند لا مثل له!؟
قال الحافظ شجاع الذهلي: مات في سنة ثمان وثمانين (2) وأربع
مئة.
312 - باديس بن حبوس *
ابن ماكس (3) بن بلكين (4) بن زيري بن مناد الصنهاجي، من قواد

(1) تحرفت في " الوافي بالوفيات " 4 / 141 إلى " عنترة ".
(2) أورده المؤلف في " العبر " في وفيات سنة (483) وهو الذي في مصادر ترجمته.
* المغرب في حلى المغرب 2 / 107، البيان المغرب 3 / 264، المختصر في أخبار
البشر 2 / 198، الإحاطة 1 / 435 - 443، تاريخ ابن خلدون 4 / 160 - 161 وفيه باديس بن
حسون، نفح الطيب 1 / 196، أعمال الاعلام: 264، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة:
87.
(3) في " الكامل " و " الإحاطة " و " معجم الأنساب ". ماكسن، وقد تحرفت في
" المختصر " إلى " مالس ".
(4) لم يرد اسم بلكين في نسبه في مصادر ترجمته، وفي " الإحاطة " أن بلكين هو ابن
باديس، انظر " الإحاطة " 1 / 431 - 433، وسينقل المؤلف عن أبي الفداء في " المختصر "
نصا يظهر فيه أن بلكين هو أخو باديس صاحب الترجمة.
590

البربر، له شرف وأبوة وعشيرة.
تملك غرناطة، وجيش الجيوش، وحارب المعتصم صاحب
المرية، والمعتضد صاحب إشبيلية، وكان سفاكا للدماء. فيه عدل
بجهل.
وقفت له امرأة عند باب إلبيرة (1)، فقالت: يا مولانا! ابني
يعقني. فطلبه، ودعا بالسيف، فقالت المرأة: إنما أردت تهديده.
فقال: ما أنا بمعلم كتاب. وأمر به، فضربت عنقه (2).
واستعمل بعض أقاربه على بلد، فخرج يتصيد، فمر بشيخ
قرية، فرغب في تشريفه بالضيافة، فأنزله في أرض فيها دولاب
وفواكه، فبادر له بثريد في لبن وسكر، وقال: نأتي بعد بما تحب.
فرماه برجله، وضرب الشيخ، ففر الشيخ، وأتى إلبيرة، فعرف الملك
بما جرى عليه، فقال: ارجع واصبر، وواعده، ثم جاءه بعد أيام في
كبكبة منهم خصمه، فقدم الشيخ للملك مثل ذلك الثريد، فتناوله وأكله
واستطابه، ثم قال: خذ بثأرك من هذا، فاضربه. فاستعظم الشيخ
ذلك، فقال الملك: لا بد، فضربه حتى اقتص منه. فقال الملك:
هذا حق هذا، بقي حق الله في إهانة نعمته، وحقي في اجتراء العمال.
فضرب عنقه، وطيف برأسه. حكاها اليسع بن حزم.

(1) قال ياقوت: إلبيرة، بوزن إخريطة: وهي كورة كبيرة من الأندلس، ومدينة متصلة
بأراضي كورة قبرة بين القبلة والشرق من قرطبة، بينها وبين قرطبة تسعون ميلا.
(2) الخبر في " المغرب في حلى المغرب " 2 / 107.
591

وحكى أيضا أن بعض أهل البادية كانت له بنت عم بديعة
الحسن، فافتقر، ونزح بها، فصادفه في الطريق أمير صنهاجي، فأركبها
شفقة عليها، ثم أسرع بها، فلما وصل البدوي، أتى دار الأمير،
فطردوه، فقصد الملك، فقال لذاك الأمير: ادفع إليه زوجته. فأنكر،
فقال: يا بدوي! هل لك من شهيد ولو كلبا يعرفها؟ قال: نعم. فدخل
بكلب له إلى الدار، وأخرجت الحرم، فلما رآها الكلب، عرفها
وبصبص، فأمر الملك بدفعها إلى البدوي، وضرب عنق الأمير، فقال
البدوي: هي طالق لكونها سكتت، ورضيت. فقال الملك: صدقت،
ولو لم تطلقها لألحقتك به. ثم أمر بالمرأة، فقتلت.
قال صاحب حماة (1): توفي والد باديس هذا في سنة تسع
وعشرين وأربع مئة، وتملك ابنه باديس بن حبوس، وامتدت أيامه، ثم
تملك غرناطة ابن أخيه عبد الله بن بلكين بن حبوس، وبقي حتى أخذها منه
يوسف بن تاشفين، سنة بضع وثمانين (2) وأربع مئة.
313 - المعتصم ابن صمادح *
السلطان، أبو يحيى التجيبي الأندلسي، محمد بن معن، وقيل:

(1) انظر " المختصر في أخبار البشر " 2 / 198.
(2) ذكر أبو الفداء في " تاريخه " 2 / 198: أن يوسف أخذ غرناطة في سنة (479)، ونقل
عن صاحب تاريخ القيروان أنه أخذها في سنة (480)، وفي " كامل " ابن الأثير أن ذلك كان في
سنة (484) انظر " الكامل " 9 / 292. ولم يتعرض المؤلف لذكر وفاة المترجم، وفي
" الإحاطة " أنه توفي سنة (465)، أما في " تاريخ " ابن خلدون، فذكر أنه توفي سنة (467).
* قلائد العقيان: 47، الذخيرة ق 1 / م 2 / 729 - 736، الخريدة 2 / 83 - 89،
المطرب: 34 - 38 و 126، المعجب: 196، الحلة السيراء 2 / 78 - 88، المغرب في حلى
المغرب 2 / 195 - 198، وفيات الأعيان 5 / 39 - 45، البيان المغرب 3 / 167، الوافي
5 / 45 - 47، أعمال الاعلام: 190، تاريخ ابن خلدون 4 / 162، شذرات الذهب 3 / 372 -
373، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة: 90.
592

معن بن محمد (1) بن محمد بن أحمد بن صمادح (2). كان جده محمد
صاحب مدينة وشقة (3)، فحاربه ابن عمه الأمير منذر بن يحيى التجيبي،
فعجز عنه، وترك له وشقة، وهرب، وكان من دهاة الرجال، وكان ابنه
معن مصاهرا لصاحب بلنسية عبد العزيز بن عامر، وكانت المرية قد
صارت له، فاستناب عليها معنا هذا، فخافه وتملكها، وتم له ذلك،
وتملكها من بعده ولده المعتصم محمد، فكان حليما، جوادا،
ممدحا، وقد داخل ابن تاشفين، ونصره، ثم إن ابن تاشفين عزم على
أخذ البلاد من ابن صمادح - وكان يملك المرية وبجانة (4) والصمادحية -
فأظهر العصيان لابن تاشفين، وكان فيه خير ودين وعدل وتواضع وعقل
تام (5).
روى عن أبيه، عن جده كتابه " المختصر في غريب القرآن ".
روى عنه: إبراهيم بن أسود الغساني.
نازلته عساكر ابن تاشفين مدة، فتمرض، فسمع مرة هيعة،
فقال: لا إله إلا الله، نغص علينا كل شئ حتى الموت. قالت جاريته:

(1) العقول الأول في تسميته وهو محمد بن معن هو الذي في مصادر ترجمته.
(2) الصمادح: هو الصلب الشديد. " القاموس ".
(3) قال ياقوت: وشقة، بفتح أوله وسكون ثانيه والقاف: بليدة بالأندلس.
(4) قال ياقوت: بجانة، بالفتح ثم التشديد وألف ونون، مدينة بالأندلس من أعمال كورة
إلبيرة، خربت وقد انتقل أهلها إلى المرية، وبينها وبين المرية فرسخان، وبينها وبين غرناطة مئة
ميل.
وفي " وفيات " ابن خلكان: بجاية، وهي مدينة أخرى غير هذه.
(5) انظر " الذخيرة " 1 / 2 / 729 وما بعدها، و " وفيات الأعيان " 5 / 39 - 40.
593

فدمعت عيناي، فقال بصوت ضعيف:
ترفق بدمعك لا تفنه * فبين يديك بكاء طويل (1)
فمات في ربيع الآخر (2)، سنة أربع وثمانين وأربع مئة.
ومن وزرائه أبو بكر بن الحداد الأديب. وقد امتدحه جماعة من فحول
الشعراء (3).
314 - المظفر بن الأفطس *
سلطان الثغر الشمالي من الأندلس، ودار ملكه بطليوس.
كان رأسا في العلم والأدب والشجاعة والرأي، فكان مناغرا (4)
للروم، شجى في حلوقهم، لا ينفس لهم مخنقا، ولا يوجد لهم إلى
الظهور عليه مرتقى، وله آداب تغير سراياها، فتسبي عذارى معان لا

(1) الخبر في " الذخيرة " 1 / 2 / 734، و " المغرب في حلى المغرب " 2 / 196،
و " وفيات الأعيان " 5 / 44، و " الوافي بالوفيات " 5 / 46، وقد تحرفت فيه كلمة " يديك " إلى
" يدي ".
(2) في الأصل: " ربيع الا " فقط، وما أثبتناه من " الحلة السيراء " 2 / 84، وفي " وفيات
الأعيان " و " الشذرات " أنه توفي في ربيع الأول.
(3) انظر " الحلة السيراء " 2 / 82 - 83، و " وفيات الأعيان " 3 / 41 - 43.
* الذخيرة ق 2 / م 2 / 640 - 646، الكامل 9 / 288، المعجب 127، تكملة ابن
الأبار: 128، المغرب 1 / 364، وفيات الأعيان 7 / 123، البيان المغرب 3 / 220 و 236،
الوافي بالوفيات 3 / 323، تاريخ ابن خلدون 4 / 159 - 160، أعمال الاعلام: 212، كشف
الظنون 2 / 1722، هدية العارفين 2 / 72، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة: 89. واسمه
أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلمة التجيبي، وبعض المصادر لم تذكر " محمدا " بين
عبد الله ومسلمة، وورد في " الكامل " و " المغرب " سلمة بدل مسلمة، وتحرف اسمه في
" تاريخ " ابن خلدون إلى: أبو محمد عبد الله بن مسلمة.
(4) أي مغيظا لهم.
594

تعشق المحامد إلا إياما، ألفاظ كالزلزال، وأغراض أبعد من الهلال،
رائق النظم، ذكي النور، رصيف المعاني، شاق الغور، وله تأليف
كبير في الآداب على هيئة " عيون الاخبار " لابن قتيبة، يكون عشر
مجلدات، ومن نثره - وقد غنم بلاد شلمنكة وهي مجاورته، فكتب إلى
المعتمد بالله يفخر، وينكت عليه بمسالمته للروم، فقيل: إنه حصل من
هذه الغزوة ألف جارية حسناء من بنات الأصفر -: من يصد صيدا فليصد
كما صيدي، صيدي الغزالة من مرابض الأسد. أيها الملك إن الروم إذا
لم تغز غزت، ولو تعاقدنا تعاقد الأولياء المخلصين فللنا حدهم، وأذللنا
جدهم (1)، ورأي السيد المعتمد على الله سراج تضئ به ظلمات
المنى.
وللمظفر تفسير للقرآن (2).
وكان مع استغراقه في الجهاد لا يفتر عن العلم، ولا يترك العدل،
صنع مدرسة يجلس فيها كل جمعة، ويحضره العلماء وكان يبيت في
منظرة له، فإذا سمع صوتا وجه أعوانا لكشف الخبر، لا ينام إلا قليلا.
وفيه يقول أبو الأصبغ القلمندر الكاتب:
يربي على سيب الغمام عطاؤه * ملك على فلك العلى استمطاؤه
سيف رقاب عدوه أغماده * تسقيه بالغيث المغيث دماؤه
وكان كاتبه الوزير أبو محمد عبد الله بن النحوي أحد البلغاء،

(1) الجد هنا بمعنى الجلال والعظمة.
(2) وذكر ابن بسام أن له كتاب " التذكرة "، والمشتهر اسمه أيضا بكتاب " المظفر " في
خمسين مجلدة، يشتمل على علوم وفنون من مغاز وسير، ومثل وخبر، وجميع ما يختص به علم
الأدب. " الذخيرة " 2 / 2 / 640.
595

فكتب أذفونش - لعنه الله - يرعد ويبرق (1)، فأجاب: وصل إلى الملك
المظفر من عظيم الروم كتاب مدع في المقادير، يرعد ويبرق، ويجمع
تارة ويفرق، ويهدد بالجنود الوافرة، ولم يدر أن لله جنودا أعز بهم
الاسلام، وأظهر بهم دين نبينا عليه الصلاة والسلام، يجاهدون في سبيل
الله، ولا يخافون لومة لائم، فأما تعييرك للمسلمين فيما وهن من
أحوالهم، فبالذنوب المركوبة، والفرق المنكوبة، ولو اتفقت كلمتنا
علمت أي صائب أذقناك، كما كانت آباؤك مع آبائنا، وبالأمس كانت
قطيعة المنصور على سلفك، أهدى ابنته إليه مع الذخائر التي كانت تفد
في كل عام عليه، ونحن فإن قلت أعدادنا، وعدم من المخلوقين
استمدادنا، فما بيننا وبينك بحر تخوضه، ولا صعب تروضه، إلا سيوف
يشهد بحدها رقاب قومك، وجلاد تبصره في يومك، وبالله وملائكته
نتقوى عليك، ليس لنا سواه مطلب، ولا إلى غير مهرب، وهل
تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين، شهادة، أو نصر عزيز.
ولما توفي المظفر بعد السبعين وأربع مئة (2) أو قبلها، قام في
الملك بعده ولده الملقب بالمتوكل على الله أبو حفص عمر (3) بن
الأفطس صاحب بطليوس ويابرة (4) وشنترين وأشبونة، فكان نحوا من أبيه
في الشجاعة والبراعة والأدب والبلاغة، فبقي إلى أن قتله المرابطون جند

(1) أي يتهدد ويتوعد.
(2) في " الوافي بالوفيات " 3 / 323، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 160 أنه توفي سنة
(460).
(3) انظر ترجمته في " المغرب " 1 / 364، أعمال الاعلام: 214، قلائد العقيان:
36، الرايات: 29، الذخيرة ق 2 / م 2 / 646 - 652، الحلة السيراء 2 / 96 - 107، فوات
الوفيات 3 / 155 - 156، نفح الطيب 1 / 663 - 666، الخريدة 3 / 356.
(4) قال ياقوت: هي بلدة في غربي الأندلس.
596

يوسف بن تاشفين صبرا، وقتلوا معه ولديه الفضل وعباسا، في سنة
خمس وثمانين وأربع مئة (1)، إذ استولوا على الأندلس.
ولعبد المجيد بن عيذون (2) فيهم قصيدة طنانة نادرة المثل، منها:
بني المظفر والأيام لا نزلت * مراحل (3) والورى منها على سفر
من للأسرة أو من للأعنة أو * من للأسنة يهديها إلى الثغر
من للبراعة أو من لليراعة أو * من للشجاعة (4) أو للنفع والضرر (5)
وهي طويلة، وكان ابن عيذون وزيرا للمتوكل.
315 - الناصر بن علناس *
ابن حماد بن بلكين بن زيري، الصنهاجي، البربري، ملك
المغرب.

(1) انظر " الكامل " 10 / 193، و " المغرب في حلي المغرب " 1 / 364،
و " المختصر " 2 / 200.
(2) كذا في الأصل بياء مثناة تحتية وذال معجمة، وورد " عبدون " بباء موحدة ودال مهملة
في مصادر ترجمته مثل " فوات الوفيات " 2 / 388، و " الذخيرة " 2 / 2 / 668، و " المغرب "
1 / 374، وضبطه المعلمي اليماني في تعليقه على " الاكمال " 6 / 86 " عيدون " بياء مثناة تحتية
ودال مهملة، وذكر أنه في المراجع بالموحدة والمهملة، وستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر
برقم (348). فانظره ثم.
(3) في " الذخيرة " و " المغرب " و " فوات الوفيات ": مراحلا.
(4) في المصادر السابقة: " للسماحة ".
(5) انظر هذه الأبيات مع تتمة هذه القصيدة الرائعة في " الذخيرة " 2 / 2 / 721 - 724،
و " فوات الوفيات " 2 / 389 - 391، وبعض القصيدة في " المغرب " 1 / 376.
* معجم البلدان 1 / 339، الكامل 44 - 49، 58، 107، 166 - 167، الروض
المعطار: 81، تاج العروس 10 / 31 في مادة " بجاوة "، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة:
110. وفي الروض: الناصر بن عالناس، وذكر محققه في الهامش أن هذا الاسم يكتب أيضا
" علناس " و " أعلى الناس " وورد في هامش " الكامل ": علناس، وفي " معجم " ياقوت:
علناس، وفي " أعلام " الزركلي " علناس ".
597

هو الذي أنشأ مدينة بجاية (1) الناصرية، وكانت دولته سبعا وعشرين
سنة. توفي سنة إحدى وثمانين.
قهر ابن عمه بلكين بن محمد بن حماد وغدر به، وأخذ منه الملك
بعد أن تملك خمس سنين بعد الملك محسن بن قائد بن حماد، وكانت
دولة محسن ثلاثة أعوام، ومات، وكان قبله أبوه القائد، فبقي في الملك
سبعة وعشرين عاما، تملك بعد أبيه، ومات أبوه الملك حماد سنة تسع
عشرة وأربع مئة (2). وقد حارب حماد ابن أخيه باديس وولده المعز بن
باديس، وجرت لهما وقائع، ولم تزل الدولة في آل حماد، إلى أن أخذ
منهم عبد المؤمن بجاية (3) سنة سبع وأربعين وخمس مئة، وآخرهم هو
الملك يحيى بن عبد العزيز بن منصور بن صاحب بجاية الناصر (4).
316 - العاصمي *
الشيخ، العالم، الصادق، الأديب، مسند بغداد في وقته، أبو

(1) في الأصل: بجانة، بالجيم المشددة والنون: وهي مدينة أخرى غير هذه، تقدم
التعريف بها في الصفحة (594) ت (4)، أما التي أنشأها الناصر فهي بجاية بالكسر وتخفيف
الجيم، وألف وياء وهاء وهي: اليوم مدينة ساحلية وميناء في الجزائر. وتسمى الناصرية أيضا
باسم بانيها. انظر " معجم البلدان " 1 / 339.
(2) في " الكامل " 9 / 355 أنه توفي سنة: 417.
(3) تصحفت في الأصل أيضا إلى بجانة، بالنون وتشديد الجيم.
(4) عن هذه الحوادث انظر " الكامل " 9 / 600 و 253 - 259 و 10 / 44 - 49 و 166 -
167 و 11 / 158 - 159.
* الأنساب 8 / 314 - 315، المنتظم 9 / 51 - 52، اللباب 2 / 304، المختصر
1 / 199، دول الاسلام 2 / 12، العبر 3 / 302، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 133 - 134،
تتمة المختصر 2 / 10، مرآة الجنان 3 / 134، البداية والنهاية 12 / 136، النجوم الزاهرة
5 / 128 و 131، شذرات الذهب 3 / 368، هدية العارفين: 1 / 435، إيضاح
المكنون: 1 / 516.
598

الحسين (1)، عاصم بن الحسن بن محمد بن علي بن عاصم بن مهران
العاصمي، البغدادي، الكرخي، الشاعر.
ولد سنة سبع وتسعين ثلاث مئة.
وسمع من: أبي عمر بن مهدي، وأبي الحسين بن المتيم،
وهلال الحفار، ومحمد بن عبد العزيز البرذعي، وأبي الحسين بن
بشران.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب في كتاب " المؤتنف "، والمؤتمن
الساجي، وأبو نصر الغازي، وإسماعيل التيمي، وأبو سعد البغدادي،
ووجيه الشحامي، وهبة الله بن طاووس الدمشقي، ونصر الله بن محمد
المصيصي، وعبد الخالق بن أحمد بن يوسف، ومحمد بن ناصر،
وسعيد بن أحمد بن البناء، وأحمد بن قفرجل، وعبد الوهاب الأنماطي،
ومحمد بن عبد العزيز البيع الدينوري، وهبة الله بن هلال الدقاق،
وأبو الفتح ابن البطي، وخلق.
قال السمعاني: سألت أبا سعد البغدادي عن عاصم بن الحسن،
فقال: كان شيخا متقنا، أديبا، فاضلا، كان حفاظ بغداد يكتبون عنه،
ويشهدون بصحة سماعه. وسمعت عبد الوهاب الأنماطي يقول: ضاع
الجزء الرابع من " جامع " عبد الرزاق لابن عاصم، وكان سماعه،
قرؤوه عليه بالسماع، وضاع، فكان بعد يرويه بالإجازة، فلما كان قبل
موته بأيام، جاءني شجاع الذهلي وقد لقيه، فقال: تعال حتى نسمعه.
فأريناه الأصل، فسجد لله، وقرأناه عليه بالسماع، وقال لي عبد

(1) في " الأنساب " 8 / 314: أبو الحسن.
599

الوهاب: كان عاصم عفيفا، نزه النفس، صالحا، رقيق الشعر، مليح
الطبع، قال لي: مرضت، فغسلت ديوان شعري (1).
وقال أبو علي بن سكرة: كان عاصم ثقة فاضلا، ذا شعر كثير،
وكان يكرمني، وكان لي منه ميعاد يوم الخميس، لو أتاه فيه الخليفة لم
يمكنه.
وقال غيره: كان صاحب ملح ونوادر ولطف، وكيس ونظم
رائق. عمر، ورحلوا إليه، وكان ورعا، خيرا، صالحا. مات في
جمادى الآخرة، سنة ثلاث وثمانين (2) وأربع مئة ببغداد وله ست وثمانون
سنة.
317 - الكركانجي *
شيخ القراء بخراسان، أبو نصر (3)، محمد بن أحمد بن علي بن
حامد المروزي، سكن جرجانية خوارزم مدة، فنسب إليها.

(1) انظر " المنتظم " 9 / 52.
(2) ذكره ابن الجوزي في " المنتظم " في وفيات سنة (482)، وتابعه على ذلك أبو الفداء
في " المختصر " 1 / 199، وابن كثير في " البداية " 12 / 136، وقد أورده ابن تغري بردي في
" النجوم الزاهرة " مرتين: أولاهما في وفيات سنة (482) 5 / 128، والثانية في وفيات سنة
(483) 5 / 131.
* الأنساب 10 / 398، المنتظم: 9 / 60، معجم الأدباء 17 / 230 - 233، اللباب
3 / 92 - 93، معرفة القراء الكبار 1 / 354 - 355، العبر 3 / 305 - 306، الوافي 2 / 88 -
89، البداية والنهاية 12 / 138، غاية النهاية 2 / 72، النجوم الزاهرة 5 / 133، شذرات الذهب
3 / 372.
والكركانجي، بضم أولها وسكون الراء: هذه النسبة إلى كركانج، وهي مدينة خوارزم يقال
لها الجرجانية.
(3) في " الأنساب " و " اللباب ": أبو حامد.
600

أخذ القراءات والآداب بمرو عن أبي الحسين عبد الرحمن بن محمد
الدهان، ثم ارتحل، فلحق الحمامي (1) ببغداد، فتلا عليه، وعلى
الرهاوي (2) بدمشق، وعلى الشريق الزيدي (3) بحران، وعلى جماعة
كبار، وانتهت إليه الإمامة في القراءات.
تخرج به أئمة، وعاش نيفا وتسعين سنة. قاله ولده الامام المقرئ
أبو محمد عبد الرحمن.
وكانت وفاته في ثاني عشر ذي الحجة، سنة أربع (4) وثمانين
وأربع مئة، وله ترجمة طويلة في " طبقات القراء " (5).
318 - مازن *
لقب الشاعر المحسن، أبي عبد الله، محمد بن أحمد بن عثمان

(1) هو المقرئ أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر البغدادي الحمامي المتوفى سنة
(417) وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (265).
(2) هو المقرئ أبو علي الحسين بن علي بن عبيد الله الرهاوي السلمي المتوفي سنة
(414) مترجم في " غاية النهاية " 1 / 245 - 246.
(3) هو المقرئ أبو القاسم علي بن محمد بن علي العلوي الزيدي الحراني المتوفى سنة
(433) وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (327).
(4) في " الأنساب " و " اللباب " أنه توفي سنة (481) وقد حكى هذين القولين في وفاته
المؤلف وابن الجزري في طبقاتهما.
(5) ذكرت في مصادر الترجمة.
* المطمح: 80، الذخيرة ق 1 / م 2 / 691 - 729، الخريدة الورقة 12 / 54،
المحمدون من الشعراء: 99، التكملة لابن الأبار: 133، المغرب 2 / 143 - 145،
المسالك للعمري 11 / 400، فوات الوفيات 3 / 283 - 284، الوافي 2 / 86 - 88، الإحاطة
2 / 333 - 337، نفح الطيب 3 / 502 - 505، كشف الظنون: 765، هدية العارفين 2 / 75،
وقد أورد له ابن خلكان في " الوفيات " 5 / 41 قصيدة في مدح ابن صمادح واسمه فيه: أبو عبد الله
محمد بن أحمد بن خلف بن أحمد بن عثمان بن إبراهيم المعروف بالحداد القيسي.
601

القيسي (1)، الأندلسي، ابن الحداد، ناظر الديوان الكبير.
قال الأبار في " تاريخه ": هو من أهل مدينة وادي آش (2)، سكن
المرية، وكان من فحول الشعراء، له مؤلف في العروض، اختص
بالمعتصم بن صمادح، واستفرغ فيه مدائحه، ثم سار عنه إلى
سرقسطة، فأقام في كنف المقتدر بن هود (3).
قال: وتوفي في حدود سنة ثمانين وأربع مئة.
319 - البزدوي *
شيخ الحنفية، عالم ما وراء النهر، أبو الحسن، علي بن محمد
ابن الحسين بن عبد الكريم البزدوي، صاحب الطريقة في المذهب (4).
قال السمعاني: ما حدثنا عنه سوى صاحبه أبي المعالي محمد بن
نصر الخطيب (5).

(1) تصحف في " هدية العارفين " إلى: الفيشي.
(2) قال الحميري: وادي آش، مدينة بالأندلس قريبة من غرناطة كبيرة خطيرة، تطرد
حولها المياه والأنهار... انظر " الروض المعطار ".
(3) انظر " الذخيرة " ق 1 / م 2 / 692. وانظر شعره في مصادر ترجمته.
* الأنساب 2 / 188 - 189، معجم البلدان 1 / 409، اللباب 1 / 146، الجواهر
المضية 2 / 594 - 595، تاج التراجم: 30 - 31، مفتاح السعادة 2 / 184 - 185، طبقات
الفقهاء لطاش كبري: 85، كتائب أعلام الاخبار رقم: 286، الطبقات السنية رقم: 1535،
كشف الظنون 1 / 112، 467، 553، 563، 568، و 2 / 1016، 1485، 1581،
الفوائد البهية: 124 - 125، هدية العارفين 1 / 693. والبزدوي: بفتح الباء الموحدة وسكون
الزاي وفتح الدال المهملة وفي آخرها الواو: هذه النسبة إلى بزدة (ويقال بزدوة) وهي قلعة حصينة
على ستة فراسخ من نسف وينسب إليها أيضا: بزدي.
(4) ويعرف بفخر الاسلام البزدوي، وهو مشهور أيضا بأبي العسر لعسر تصانيفه، كما أن
أخاه مشهور بأبي اليسر ليسر تصانيفه، كما في " مفتاح السعادة " 2 / 185.
(5) انظر " الأنساب " 2 / 188.
602

قال: وكان إمام الأصحاب بما وراء النهر، وله التصانيف
الجليلة (1).
درس بسمرقند. ومات بكس (2) في رجب، سنة اثنتين وثمانين،
وكان أحد من يضرب به المثل في حفظ المذهب، وولد في حدود سنة
أربع مئة.
وأما أخوه فسيأتي (3).
320 - ابن زكري *
الشيخ الجليل، الثقة، الصالح، أبو الفضل، عبد الله بن علي
ابن أحمد بن محمد بن زكري البغدادي، الدقاق.
سمع أبا الحسين بن بشران، وأبا الحسن بن الحمامي.
حدث عنه: إسماعيل بن محمد التيمي، وأبو سعد بن البغدادي،
وعبد الوهاب الأنماطي، وهبة الله الدقاق، وأبو بكر بن الزاغواني،
وجماعة.

(1) ومن تصانيفه المشهورة كتابه في الأصول المعروف بأصول البزدوي، وقد طبع مع
شرحه المسمى " كشف الاسرار " لعلاء الدين البخاري في الآستانة عام 1308 ه‍. ومن تصانيفه
أيضا " المبسوط " أحد عشر مجلدا، وشرح الجامع الكبير، والجامع الصغير وغيرها. انظر
" الجواهر المضية " 2 / 595.
(2) بكسر الكاف وتشديد السين المهملة: مدينة تقارب سمرقند، وقال ابن ماكولا: كسره
العراقيون، وغيرهم يقوله بفتح الكاف، وقد تصحفت في " الفوائد البهية " إلى " كش " وتلك
بالفتح والشين المعجمة: قرية على ثلاثة فراسخ من جرجان على جبل. انظر " معجم البلدان "
4 / 460 و 462.
(3) هو أبو اليسر محمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم البزدوي ستأتي ترجمته في
الجزء التاسع عشر برقم (30).
* المنتظم 9 / 78، تذكرة الحفاظ 3 / 1199، العبر 3 / 312 وقد تحرف فيه إلى ابن
ذكري بالذال، شذرات الذهب 3 / 378.
603

قال الأنماطي: كان صالحا دينا، ثقة.
وقال أبو علي الصدفي: كان شيخا عفيفا، كنا نقرأ عليه في داره.
مات ابن زكري في ذي القعدة سنة ست وثمانين وأربع مئة.
ومولده كان في سنة أربع مئة. وقع لنا الأول من حديث ابن البختري من
طريقه.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه،
أخبرنا هبة الله بن الحسن الدقاق، أخبرنا عبد الله بن علي بن زكري
الدقاق، أخبرنا علي بن محمد المعدل، أخبرنا محمد بن عمرو، حدثنا
محمد بن عبيد الله، حدثنا إسحاق الأزرق، حدثنا زكريا، عن
الشعبي، عن الحارث بن مالك بن برصاء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم فتح مكة: " لا تغزى بعدها إلى يوم القيامة " (1).
321 - ابن فهد *
الشيخ المسند، الصالح، الصادق، أبو القاسم، عبد الواحد بن
علي بن محمد بن فهد، البغدادي، ابن العلاف.
سمع أبا الفتح بن أبي الفوارس، وأبا الفرج الغوري، وأبا
الحسين بن بشران، والحمامي.

(1) وأخرجه أحمد 3 / 412، و 4 / 343، والترمذي (1611) في السير من طرق عن
زكريا بن أبي زائدة بهذا الاسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال:
وانظر شرح الحديث في " جامع الأصول " 9 / 291، 292 الطبعة الشامية.
* المنتظم 9 / 78، ذيل تاريخ بغداد 1 / 271 - 273، العبر 3 / 312، تذكرة الحفاظ
3 / 1199، شذرات الذهب 3 / 378.
604

وعنه: إسماعيل بن السمرقندي، وأبو سعد بن البغدادي،
وإسماعيل بن محمد الحافظ، وعبد الخالق اليوسفي، وأبو الفتح بن
البطي. وقع لي من عواليه.
قال السمعاني: شيخ صالح، صدوق، مكثر، مأمون،
متواضع، ذهبت له أصول كثيرة (1).
مات في ذي القعدة، سنة ست وثمانين وأربع مئة.
322 - ابن الأخضر *
الشيخ، العالم، الخطيب، المسند، أبو الحسن، علي بن
محمد بن محمد بن محمد بن يحيى بن شعيب، الشيباني، الأنباري،
ابن الأخضر.
ولد سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة في صفر.
وسمع أبا أحمد بن أبي مسلم الفرضي (2) فكان خاتمة أصحابه،
وأبا عمر بن مهدي، وأبا الحسن بن رزقويه، وأبا الحسين بن بشران،
والحسن بن عمر الغزال، وأحمد بن محمد بن دوست، والحسن بن
الحسين بن رامين الاستراباذي.
حدث عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وأبو نصر الغازي، وأبو
سعد بن البغدادي، ونصر الله بن محمد مفتي دمشق، وهبة الله بن

(1) الخبر بنحوه في " ذيل تاريخ بغداد " لابن النجار 1 / 271.
* المنتظم 9 / 79، السياق: الورقة 66 أ، العبر 3 / 313، تذكرة الحفاظ 3 / 1199،
البداية والنهاية 12 / 145، الجواهر المضية 2 / 602 - 603، الطبقات السنية رقم (1554)،
شذرات الذهب 3 / 379.
(2) تحرفت في " البداية " إلى: أبي محمد الرضي.
605

طاووس، وابن ناصر، وابن البطي، وعدة.
وكان فقيها حنفيا، خطيبا بالأنبار. عمر، وارتحل الناس إليه.
قال السمعاني: كان ثقة، نبيلا، صدوقا، معمرا، مسندا (1)،
انتشرت رواياته في الآفاق، وكان أقطع اليد، قطعت في كائنة
البساسيري، وكان يقدم بغداد أحيانا، ويحدث. سألت إسماعيل
الحافظ عنه، فقال: ثقة.
وقال أبو علي الصدفي: حدثني أنه سأل وهو صبي في حلقة أبي
حامد الأسفراييني عن الوضوء من مس الذكر. وقال لي: رأيت يحيى
جد جدي وأنا اليوم جد جد.
قال أبو علي: لم ألق من يروي عن الفرضي سواه. قال: وإنما
عنده عنه حديثان.
قلت: وقعا لي.
وتوفي في شوال سنة ست وثمانين وأربع مئة. أرخه ابن ناصر.
قال صالح بن علي بن الخطيب الأنباري: أمر البساسيري جدنا
عليا الخطيب أن يخطب للمستنصر صاحب مصر، فلما خطب، دعا
للقائم، ولم يمتثل أمر البساسيري، فأمر بقطع يده على المنبر (2).
305 - ابن الأستاذ *
الشيخ الصدوق، مسند الدينور، أبو الفضل، أحمد بن عيسى

(1) انظر " الجواهر المضية " 2 / 602.
(2) انظر " الجواهر المضية " 2 / 603.
* تقدمت ترجمته برقم (305).
606

ابن عباد بن عيسى بن موسى، الدينوري، المعروف بابن الأستاذ.
مولده سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.
حدث عن: أبي بكر بن لآل، وعن أبيه أبي القاسم، وأحمد بن
تركان، وأبي عمر بن مهدي الفارسي، وطاهر بن ماهلة، وعلي بن
البيع، وعدة، وتفرد في زمانه.
قال شيرويه الديلمي: سمعت منه بهمذان والدينور، وكان
صدوقا، أخبرني بمولده.
قال: ومات بالدينور في سنة ثمان وسبعين وأربع مئة.
323 - ابن شانده *
الشيخ المعمر، أبو المعالي، محمد بن عبد السلام بن شانده
الأصبهاني الأصل، الواسطي، الشيعي.
ولد سنة ست وتسعين وثلاث مئة.
وسمع في سنة سبع وأربع مئة " تاريخ " أحمد بن أبي خيثمة من
علي بن محمد بن علي بن خزفة الصيدلاني، وسمع من أبي القاسم
علي بن كردان النحوي، ومن عمه أبي محمد التلعكبري الرافضي،
فكان عنده عن عمه كتب (1) لا يسمعها أحدا.
قال السلفي: سألت خميسا الحوزي، فقال: كان ابن شانده
رئيسا محتشما، ثقة، مددت يدي إلى كتب يوما، فاستلبها من يدي،

* سؤالات الحافظ السلفي: 16 - 17.
(1) في الأصل: كتبا، وهو خطأ.
607

وقال: هذا لا يصلح لك. قال: وكان يتظاهر بالسنة (1).
قلت: روى عنه: أبو علي بن سكرة، وعلي بن محمد
الجلابي.
وتوفي سنة بضع وثمانين وأربع مئة.
قال ابن سكرة: هو محمد بن عبد السلام بن محمد (2) بن عبيد
الله بن أحمولة، نزيل واسط.
324 - ابن جهير *
الوزير الأكمل، فخر الدين، أبو نصر، مؤيد الدين، محمد بن
محمد بن جهير الثعلبي (3).
كان ناظر ديوان حلب، ثم وزر لصاحب ميافارقين (4)، ثم وزر
للخليفة القائم، في سنة أربع وخمسين (5)، وامتدت دولته إلى أن

(1) " سؤالات الحافظ السلفي " ص: 17.
(2) لم ترد لفظة " محمد " هذه في نسبه في " سؤالات الحافظ السلفي؟؟؟؟؟؟
* الأنساب 3 / 396، المنتظم 9 / 54، الكامل 10 / 23، 57 - 59، 109 - 111،
؟ 12، 124؟؟؟؟؟؟،؟ 14 -؟؟؟؟؟؟؟؟، 182 - 183، اللباب 1 / 318، وفيات الأعيان
5 / 127 - 134، الفخري:؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ مختصر 2 / 199 - 200، العبر 3 / 304، تتمة
المختصر 2 / 10، الوافي بالوفيات 1 / 122 - 124، البداية والنهاية 12 / 136 - 137، تاريخ
ابن خلدون 4 / 320 - 321، النجوم الزاهرة 5 / 130، شذرات الذهب 3 / 369 - 370.
(3) تصحفت في " العبر " إلى: التغلبي.
(4) وهو الأمير نصر الدولة أبو نصر أحمد بن مروان بن دوستل الكردي، المتوفى سنة
(453) وقد تقدمت ترجمته برقم (58). والخبر بنحوه في " الكامل " 10 / 18، و " وفيات
الأعيان " 5 / 127، و " الفخري ": 294.
(5) انظر " الكامل " 10 / 23، و " وفيات الأعيان " 5 / 127 - 128، و " الفخري ":
294.
608

استخلف المقتدي، فاستوزره عامين، ثم عزله (1)، ثم في سنة ست
وسبعين استدعاه السلطان ملكشاه، واستنابه على ديار بكر، فافتتح ابنه
أبو القاسم آمد بعد حصار يطول، وافتتح هو ميافارقين (2).
وكان جوادا ممدحا، فاضلا مهيبا، من رجال العالم، عاش نيفا
وثمانين سنة.
مات على إمرة الموصل، سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة (3).
325 - رزق الله *
ابن الإمام أبي الفرج، عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن
أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أكينة (4) بن
الهيثم بن عبد الله، وكان اسمه عبد اللات، قيل: له صحبة، وهو ابن

(1) الخبر في " الكامل " 10 / 109 - 111، و " وفيات الأعيان " 5 / 128، وقد عزل ابن
جهير من الوزارة مرتين: أولاهما في خلافة القائم، وذلك بسبب خلاف جرى بينه وبين نظام
الملك، ثم أعاده، فمدحه الشعراء، وهنؤوه بالعودة كما في " الكامل " 10 / 57 - 59، و
" الفخري ": 294. والثانية هي التي ذكرها المؤلف في خلافة المقتدي.
(2) انظر " الكامل " 10 / 129 و 134 - 137 و 143 - 144، و " وفيات الأعيان "
5 / 128.
(3) " المنتظم " 9 / 54، و " الكامل " 1 / 182 - 183، و " وفيات الأعيان " 5 / 131،
وفيها أنه توفي سنة 483، وكذا في بقية المصادر التي ترجمت له.
* الاكمال 1 / 109 و 4 / 61، مناقب الإمام أحمد: 525، معجم الأدباء 11 / 136 -
138، الكامل لابن الأثير 10 / 253، معرفة القراء الكبار 1 / 356 - 357، العبر 3 / 320 -
321، تذكرة الحفاظ 4 / 1208، دول الاسلام 2 / 17، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 116 -
118، البداية والنهاية 12 / 150، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 77 - 85، غاية النهاية 1 / 284،
المقصد الأرشد: ورقة 111 - 112، المنهج الأحمد 2 / 164 - 171، الدر المنضد:
ورقة / 55، طبقات المفسرين 1 / 171 - 172، شذرات الذهب 3 / 384، هدية العارفين
1 / 367.
(4) بضم الهمزة وفتح الكاف وبالياء والنون كما قيده ابن ماكولا 1 / 108.
609

الهيثم بن عبد الله بن الحارث، الشيخ الامام، المعمر، الواعظ، رئيس
الحنابلة، أبو محمد التميمي البغدادي.
ولد سنة أربع مئة. وقيل: سنة إحدى (1).
وعرض القرآن على أبي الحسن بن الحمامي، وأقرأ ببعض
السبع.
وسمع من: أبيه، وأبي الحسين أحمد بن محمد بن المتيم (2)،
وأبي عمر بن مهدي، وأبي الحسين بن بشران، والحمامي، وابن
الفضل القطان، وعدة.
حدث عنه خلق كثير، منهم: أبو عامر محمد بن سعدون
العبدري، وابن طاهر المقدسي، وأبو علي بن سكرة، وإسماعيل بن
محمد التيمي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو سعد بن البغدادي، وهبة
الله بن طاووس، ومحمد بن ناصر، وأبو الفتح محمد بن علي بن عبد
السلام الكاتب، وأبو الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري، وأبو بكر
ابن الزغواني، وهبة الله بن أحمد الحفار، ومحمد بن عبد الله بن العباس
الحراني، وإسماعيل بن علي بن شهريار، والفقيه أبو عبد الله
الرستمي، وأبو الفتح بن البطي، وعبد العزيز بن محمد الشيرازي
الادمي، وأبو المطهر القاسم بن الفضل الصيدلاني، وأبو جعفر محمد
ابن الحسن الصيدلاني، ورجاء بن حامد المعداني، وخلق كثير.
قال السمعاني: هو فقيه الحنابلة وإمامهم، قرأ القرآن والفقه

(1) " المنتظم " 9 / 88.
(2) تحرفت في " ذيل طبقات الحنابلة " إلى: التميم.
610

والحديث والأصول والتفسير والفرائض واللغة والعربية، وعمر حتى قصد
من كل جانب، وكان مجلسه جم الفوائد، كان يجلس في حلقة له
بجامع المنصور للوعظ والفتوى، وكان فصيح اللسان، قرأ القرآن على
الحمامي... إلى أن قال: وورد أصبهان رسولا في سنة ثلاث وثمانين،
وحدثنا عنه أكثر من ستين نفسا من أهلها. ثم قال: أخبرنا المشايخ
الستون ببغداد، وأخبرنا أربعة عشر من غيرها، وآخرون قالوا: أخبرنا
رزق الله التميمي، (ح)، وقرأت أنا غير مرة على أحمد بن إسحاق
الأبرقوهي، أخبركم أبو بكر عبد الله بن محمد بن سابور بشيراز في سنة
تسع عشرة وست مئة قراءة عليه وأنا في الخامسة، أخبرنا عبد العزيز بن
محمد الادمي، حدثنا رزق الله بن عبد الوهاب، أخبرنا أبو عمر عبد
الواحد بن محمد الفارسي، حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا محمد بن
عثمان بن كرامة، حدثنا خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن
شريك بن أبي نمر، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " إن الله قال: من عادى لي وليا، فقد آذنني بالحرب... ".
وذكر الحديث.
أخرجه البخاري (1)، عن ابن كرامة، فوافقناه بعلو. تفرد به ابن
كرامة.

(1) رقم (6502) في الرقاق: باب التواضع، وساق المؤلف في " الميزان " 1 / 640
في ترجمة خالد بن مخلد بعد أن ذكر قول أحمد فيه: له مناكير، وقول أبي حاتم: لا يحتج به،
وأخرج ابن عدي عشرة أحاديث من حديثه استنكرها منها هذا الحديث من طريق محمد بن مخلد عن
عثمان بن كرامة شيخ البخاري فيه، وقال: هذا حديث غريب جدا لولا هيبة الصحيح لعدوه في
منكرات خالد بن مخلد، فإن هذا المتن لم يرو إلا بهذا الاسناد، ولا خرجه من عدا البخاري،
ولا أظنه في مسند أحمد، ونقل كلامه الحافظ في " الفتح " 11 / 341، وتعقبه بقوله: وإطلاق
أنه لم يرو بهذا المتن إلا بهذا الاسناد مردود، ومع ذلك فشريك شيخ شيخ خالد فيه مقال أيضا وهو
راوي حديث المعراج الذي زاد فيه ونقص وقدم وأخر، وتفرد فيه بأشياء لم يتابع عليها... ولكن
للحديث طرق أخرى يدل مجموعها على أن له أصلا... ثم ذكرها، وانظر أيضا كلام الحافظ ابن
رجب على هذا الحديث في " جامع العلوم والحكم " 337 - 339.
611

قال السمعاني: سمعت أحمد بن سعد العجلي يقول: كان شيخنا
أبو محمد التميمي إذا روى هذا الحديث قال: * (أفسحر هذا أم أنتم لا
تبصرون) * [الطور: 15].
قال السلفي - فيما قرأت على أبي محمد الدمياطي -: أخبرنا ابن
رواج، أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: رزق الله شيخ الحنابلة قدم أصبهان
رسولا من قبل الخليفة إلى السلطان، وأنا إذ ذاك صغير، وشاهدته يوم
دخوله، وكان يوما مشهودا كالعيد، بل أبلغ في المزيد، وأنزل بباب
القصر، محلتنا في دار السلطان، وحضرت في الجامع الجورجيري
مجلسه متفرجا، ثم لما قصدت للسماع، قال لي أبو الحسن أحمد بن
معمر اللنباني - وكان من الاثبات -: قد استجزته لك في جملة من كتبت
اسمه من صبياننا. فكتب خطه بالإجازة.
وقال أبو غالب هبة الله قصيدة منها:
بمقدم الشيخ رزق الله قد رزقت * أهل أصبهان أسانيدا عجيبات
ثم قال السلفي: وروى رزق الله بالإجازة عن أبي عبد الرحمن
السلمي.
وقال أبو زكريا بن مندة: سمعت أبا محمد رزق الله الحنبلي
بأصبهان يقول: أدركت من أصحاب ابن مجاهد واحدا يقال له: أبو
القاسم عبيد الله بن محمد الخفاف. قرأت عليه سورة البقرة، وقرأها
612

على ابن مجاهد (1)، وأدركت أيضا أبا القاسم عمر بن تعويذ من أصحاب
الشبلي وسمعته يقول: رأيت أبا بكر الشبلي وقد اجتاز على بقال ينادي
على البقل: يا صائم من كل الألوان. فلم يزل يكررها ويبكي، ثم أنشأ
يقول:
خليلي إن دام هم النفوس * على ما أراه سريعا قتل
فيا ساقي القوم لا تنسني * ويا ربة الخدر غني رمل
لقد كان شئ يسمى السرور * قديما سمعنا به ما فعل؟
قال أبو علي الصدفي: قرأت على رزق الله التميمي برواية قالون
ختمة، وكان كبير بغداد وجليلها، وكان يقول: كل الطوائف تدعيني.
وسمعته يقول: يقبح بكم أن تستفيدوا منا، ثم تذكرونا، فلا تترحموا (2)
علينا. رحمه الله.
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن أحمد بن طارق، سمع أبا الكرم
الشهرزوري يقول: سمعت رزق الله بن عبد الوهاب يقول: دخلت
سمرقند وكان السلطان ملكشاه بها، فرأيت أهلها يروون " الناسخ
والمنسوخ " لهبة الله المفسر جدي، بواسطة خمسة رجال إليه، فقلت
لهم: الكتاب معي، ومصنفه جدي لأمي، وقد سمعته منه، ولكن ما
أسمع كل واحد إلا بمئة دينار. فما كان الظهر حتى جاءتني خمس مئة
دينار، فسمعوه، فلما رجعت، دخلت أصبهان، وأمليت بها (3).

(1) انظر " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 77 - 78، و " معرفة القراء الكبار " 1 / 356، و
" طبقات المفسرين " 1 / 172، و " غاية النهاية " 1 / 284.
(2) في الأصل: فلا تترحمون.
(3) الخبر في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 80.
613

قال السلفي: سألت المؤتمن عن رزق الله، فقال: هو الامام
علما ونفسا وأبوة، وما يذكر عنه، فتحامل من أعدائه (1).
وقال أبو عامر العبدري: كان أبو محمد ظريفا لطيفا، كثير
الحكايات والملح، ما أعلم منه إلا خيرا (2).
وقال ابن ناصر: ما رأيت شيخا ابن سبع وثمانين سنة أحسن سمتا
وهديا واستقامة قامة منه، ولا أحسن كلاما، ولا أظرف وعظا، وأسرع
جوابا منه (3). فلقد كان جمالا للاسلام - كما لقب - وفخرا لأهل العراق
خاص، ولجميع البلاد عامة، ما رأينا مثله، وكان مقدما وهو ابن عشرين
سنة، فكيف اليوم؟ وكان ذا قدر رفيع عند الخلفاء.
وقال إسماعيل بن أبي سعد شيخ الشيوخ: كان رزق الله إذا قرأ
عليه ابن الخاضبة هذا الحديث - يعني حديث: " من عادى لي وليا " -
أخذ خده، وقرصه، وقال: يا أبا بكر ينبت تحت حبكم من ذا شئ.
أنبئت عن ابن الأخضر، أخبرنا الزاغوني، أنشدنا رزق الله لنفسه:
لا تسألاني عن الحي الذي بانا * فإنني كنت يوم البين سكرانا
يا صاحبي على وجدي بنعمانا * هل راجع وصل ليلى كالذي كانا
ما ضرهم لو أقاموا يوم بينهم * بقدر ما يلبس المحزون أكفانا (4)

(1) الخبر في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 117 - 118، و " ذيل طبقات الحنابلة "
1 / 79.
(2) الخبر في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 79.
(3) الخبر إلى هنا في " المستفاد ": 118، وبتمامه في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 79.
(4) الأبيات في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 117، و " ذيل طبقات الحنابلة "
1 / 82.
614

وقال هبة الله بن طاووس: أنشدنا رزق الله لنفسه (1):
وما شنآن (2) الشيب من أجل لونه * ولكنه حاد إلى البين مسرع
إذا ما بدت منه الطليعة آذنت * بأن المنايا خلفها تتطلع
فإن قصها المقراض صاحت بأختها * فتظهر تتلوها ثلاث وأربع
وإن خضبت حال الخضاب لأنه * يغالب صبغ الله والله أصبغ (3)
إذا ما بلغت الأربعين فقل لمن * يودك فيما تشتهيه ويسرع (4)
هلموا لنبكي قبل فرقة بيننا * فما بعدها عيش لذيذ (5) ومجمع
وخل التصابي والخلاعة والهوى * وأم طريق الخير فالخير أنفع
وخذ جنة تنجي وزادا من التقى * وصحبة مأمون (6) فقصدك مفزع
قال ابن ناصر: توفي شيخنا أبو محمد التميمي في نصف جمادى
الأولى، سنة ثمان وثمانين وأربع مئة، ودفن في داره بباب المراتب، ثم
نقل فدفن في سنة إحدى وتسعين إلى جانب قبر الإمام أحمد بن حنبل (7).
ومات معه أبو الفضل بن خيرون المحدث (8)، وأمير الجيوش
بدر (9) بمصر، والسلطان تاج الدولة تتش السلجوقي (10)، وشيخ المعتزلة

(1) الأبيات في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 80 - 81.
(2) في الأصل: شنأني، وهو خطأ.
(3) في " ذيل طبقات الحنابلة ": وفي " معرفة القراء الكبار " للمصنف: يغالب صنع الله والله
أصنع. وهو الموافق للقافية.
(4) تصحف في " ذيل طبقات الحنابلة " إلى: تسرع.
(5) في الأصل: لزيد، وهو خطأ.
(6) في الأصل: " مأموم " والمثبت من " ذيل طبقات الحنابلة ".
(7) الخبر في " المنتظم " 9 / 89، و " مناقب الإمام أحمد بن حنبل ": 525.
(8) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (60).
(9) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (45).
(10) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (46).
615

أبو يوسف القزويني (1)، والفضل بن أحمد بن أبي حرب أبو القاسم
الجرجاني (2)، والوزير ظهير الدين أبو شجاع محمد بن الحسين
الروذراوري (3)، والمعتمد بن عباد صاحب الأندلس (4) في السجن،
ومحمد بن علي البغوي الدباس (5)، وقاضي بغداد أبو بكر محمد بن
المظفر الشامي (6)، والحميدي المحدث (7)، ونجيب بن ميمون
الواسطي (8) بهراة.
326 - أبو يوسف القزويني *
الشيخ العلامة، البارع، شيخ المعتزلة وفاضلهم، أبو يوسف،
عبد السلام بن محمد بن يوسف بن بندار القزويني المفسر، نزيل
بغداد.
سمع أبا عمر بن مهدي، والقاضي عبد الجبار بن أحمد وأخذ عنه

(1) سترد ترجمته عقب هذه الترجمة مباشرة.
(2) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (26).
(3) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (17).
(4) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (35).
(5) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (1).
(6) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (47).
(7) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (63).
(8) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (23).
* تاريخ ابن عساكر 10 / 163 / 2، المنتظم 9 / 89 - 90، التدوين في تاريخ قزوين:
224 ب - 245 ب، الكامل 10 / 253، دول الاسلام 2 / 17، العبر 3 / 321، تذكرة الحفاظ
4 / 1208، عيون التواريخ 13 / الورقة 5 - 6، مرآة الجنان 3 / 147، طبقات السبكي
5 / 121 - 122، البداية والنهاية 12 / 150، الجواهر المضية 2 / 421 - 422، لسان الميزان
4 / 11 - 12، النجوم الزاهرة 5 / 156، طبقات المفسرين للسيوطي: 67 - 68، طبقات
المفسرين للداوودي 1 / 301 - 302، الطبقات السنية رقم 1243، كشف الظنون 1 / 634،
شذرات الذهب 3 / 385، هدية العارفين 1 / 569.
616

الاعتزال، وسمع بهمذان من أبي طاهر بن سلمة، وبأصبهان عن أبي
نعيم، وبحران عن أبي القاسم الزيدي، وطائفة.
روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو غالب بن البناء، وهبة
الله بن طاووس، ومحمود بن محمد الرحبي، وإسماعيل بن محمد
التيمي الحافظ، وأبو بكر محمد بن عبدا لباقي، وأبو سعد بن
البغدادي، وآخرون.
قال السمعاني: كان أحد الفضلاء المقدمين، جمع " التفسير "
الكبير الذي لم ير في التفاسير أكبر منه، ولا أجمع للفوائد، لولا أنه
مزجه بالاعتزال، وبث فيه معتقده، ولم يتبع نهج السلف. أقام بمصر
سنين، وحصل أحمالا من الكتب، وحملها إلى بغداد، وكان داعية إلى
الاعتزال (1).
وقال ابن عساكر: سكن طرابلس مدة. سمعت الحسين بن محمد
البلخي يقول: إن أبا يوسف صنف " التفسير " في ثلاث مئة مجلد
ونيف (2). وقال: من قرأه علي وهبت له النسخة. فلم يقرأه أحد.
وقال هبة الله بن طاووس: دخلت عليه وقد زمن، فقال: من أين
أنت؟ قلت: من دمشق. قال: بلد النصب (3).
قال ابن عساكر: قيل: سأله ابن البراج شيخ الرافضة بطرابلس:

(1) انظر " المنتظم " 9 / 89 - 90، و " لسان الميزان " 4 / 11، و " طبقات المفسرين "
للداوودي 1 / 301.
(2) وسيورد المؤلف نقلا آخر أنه فسر في سبع مئة مجلد.
(3) الناصبة: هم الذين يبغضون عليا رضي الله عنه.
617

ما تقول في الشيخين؟ قال: سفلتان. قال: من تعني؟ قال: أنا
وأنت (1).
ابن عقيل في " فنونه " قال: قدم علينا من مصر القاضي أبو يوسف
القزويني، وكان يفتخر بالاعتزال، ويتوسع في قدح العلماء، وله جرأة،
وكان إذا قصد باب نظام الملك، يقول: استأذنوا لأبي يوسف
المعتزلي. وكان طويل اللسان بعلم تارة، وبسفه تارة، لم يكن محققا
إلا في التفسير، فإنه لهج بذلك حتى جمع كتابا بلغ خمس مئة مجلد،
فيه العجائب، رأيت منه مجلدة في آية واحدة، وهي: * (واتبعوا ما تتلوا
الشياطين) * [البقرة: 102] فذكر السحر والملوك الذين نفق عليهم
السحر، وتأثيراته وأنواعه (2).
وقال محمد بن عبد الملك: ملك من الكتب ما لم يملكه أحد،
قيل: ابتاعها من مصر بالخبز وقت القحط، وحدثني عبد المحسن بن
محمد أنه ابتاعها بالأثمان الغالية. كان يبتاع من كتب السيرافي، وكانت
أزيد من أربعين ألف مجلد، فكان أبو يوسف يشتري في كل أسبوع بمئة
دينار، ويقول: قد بعت رحلي وما في بيتي. وكان الرؤساء يصلونه،
وقيل: قدم بغداد بعشرة أحمال كتب، وأكثرها بخطوط منسوبة. وعنه
قال: ملكت ستين تفسيرا.
قال ابن عبد الملك: وأهدى للنظام " غريب الحديث " لإبراهيم
الحربي في عشر مجلدات، و " شعر الكميت " في ثلاث عشرة مجلدة،

(1) انظر " لسان الميزان " 4 / 12.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 90، و " لسان الميزان " 4 / 11، و " طبقات " الداوودي
1 / 302.
618

و " عهد " القاضي عبد الجبار بخط الصاحب إسماعيل بن عباد، كل سطر في
ورقة، وله غلاف آبنوس في غلظ الأسطوانة، وأهدى له مصحفا بخط
منسوب بين سطوره القراءات بأحمر، واللغة بأخضر، والاعراب بأزرق،
وهو مذهب، فأعطاه النظام ثلاث مئة دينار، وما أنصفه، لكنه اعتذر،
وقال: ما عندي مال حلال سواها (1).
قال المؤتمن: تركته لما كان يتظاهر به.
قال محمد بن عبد الملك: وكان فصيحا، حلو الإشارة، يحفظ
غرائب الحكايات والاخبار، زيدي المذهب، فسر في سبع مئة مجلد
كبار (2).
قيل: دخل الغزالي إليه، وجلس بين يديه، فقال: من أين
أنت؟ قال: من المدرسة ببغداد. قال الغزالي: لو قلت: إني من
طوس لذكر تغفيل أهل طوس، من أنهم سألوا المأمون، وتوسلوا إليه
بقبر أبيه عندهم، وطلبوا أن يحول الكعبة إلى بلدهم. وأنه جاء عن
بعضهم أنه سئل عن نجمه، فقال: بالتيس. فقيل له، فقال: كان من
سنتين بالجدي، والساعة قد كبر.
قال أبو علي بن سكرة: أبو يوسف كان معتزليا داعية يقول: لم
يبق من ينصر هذا المذهب غيري، وكان قد أسن، وكاد أن يخفى في
مجلسه، وله لسان شاب (3). ذكر لي أن " تفسير " ثلاث مئة مجلد،

(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 121 - 122، و " لسان الميزان " 4 / 11 - 12.
(2) انظر " المنتظم " 9 / 90، و " البداية " 12 / 150، و " النجوم الزاهرة " 5 / 156، و
" طبقات " السبكي 5 / 121.
(3) انظر " لسان الميزان " 4 / 12.
619

منها سبعة في سورة الفاتحة. وكان عنده جزء من حديث أبي حاتم
الرازي، عن الأنصاري، فقرأت عليه بعضه، عن القاضي عبد الجبار،
عن رجل عنه، قرأته لولدي شيخنا ابن سوار المقرئ، وقرأت لهما جزءا
من حديث المحاملي، وسمعه في سنة تسع وتسعين وثلاث مئة وهو ابن
أربع سنين أو نحوها. وكان لا يسالم أحدا من السلف، ويقول لنا:
اخرجوا تدخل الملائكة (1).
وقيل: ولد سنة 393.
وقال ابن ناصر: مات في ذي القعدة، سنة ثمان وثمانين (2) وأربع
مئة.
بعون الله وتوفيقه تم الجزء الثامن عشر
من سير أعلام النبلاء
ويتلوه الجزء التاسع عشر
وأوله ترجمة الدباس محمد علي البغوي

(1) انظر " لسان الميزان " 4 / 12.
(2) في " طبقات المفسرين " للداوودي 1 / 302 أنه توفي سنة (483) وهو خطأ.
620

وجاء في آخر الأصل ما نصه:
تم الجزء الحادي عشر بحمد الله تعالى وعونه وحسن توفيقه.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
وكان الفراغ منه ليلة الاثنين لثنتي عشرة ليلة
بقيت من شهر ذي الحجة سنة 741.
وهي أول نسخة نسخت من خط المصنف، ويتلوه في الذي يليه إن
شاء الله تعالى محمد بن علي البغوي الدباس.
621