الكتاب: الموضوعات
المؤلف: ابن الجوزي
الجزء: ١
الوفاة: ٥٩٧
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند السنة
تحقيق: ضبط وتقديم وتحقيق : عبد الرحمن محمد عثمان
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٣٨٦ - ١٩٦٦ م
المطبعة:
الناشر: المكتبة السلفية - المدينة المنورة
ردمك:
ملاحظات:

كتاب
الموضوعات
للعلامة السلفي الامام أبى الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي القرشي
510 - 597
الجزء الأول
ضبط
وتقديم وتحقيق
عبد الرحمن محمد عثمان
1

الطبعة الأولى
حقوق الطبع محفوظة
1386 - 1966
2

تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد...
معلوم أن الاسلام عقيدة وعملا قام على دعامتين أساسيتين، هما كتاب
الله تعالى وسنة نبيه الكريم، والسنة في ذاتها تبيان للكتاب وتطبيق له.
وكان الرسول الكريم عليه صلوات الله تعالى بما أوتى من جوامع
الكلم وبليغ القول يؤدى عن ربه، تفصيلا لما أجمل من قرآن، أو تصريحا
عن أمر ألمح إليه الوحي، أو إجابة عن تساؤل تحيرت فيه أفكار الناس،
أو تعبير عن إحساس عميق بحقائق هذه الحياة الدنيا، وما هو كائن بعدها من
أحداث.. وكان لتعبيره صلى الله عليه وسلم نمط فريد، جمع بين ملاحة العبارة
وتآلف كلماتها، وتجاذب أصواتها، وشمول معناها، وعمقه ودقته.. بحيث تترك
من آثارها في نفس السامع، حقائق مستقرة، مريحة. توقظ المشاعر، وتمتزج
بالفطرة، وتتغلغل في أعماقها.
كان لحديثه صلى الله عليه وسلم نمط فريد، اختص به عليه السلام. جمع
بين الايجاز في اللفظ، والوضوح المفعم بالاحساس، والجمال في التعبير، والحلاوة
في الايقاع. ولم يكن لاحد من فحول الشعراء، ومصاقع الخطباء، ومشاهير
البلغاء، من القدرة، أو الموهبة، ما يعينه على أن ينسج على منواله في أحاديثه عليه
الصلاة والسلام وأكثرها على البديهة. فكيف بالذي قاله عليه السلام على
الروية.! وهيهات.
للذي تقدم من الشرح يرغم عدم التدوين (1) إبان حياته المباركة - حفظ

(1) المقصود بالتدوين ليس مجرد الكتابة، بل التأليف المبوب المنظم.
3

الناس كل ما قال. وهذه - فيما نعلم - ظاهرة لم تحدث في تاريخ البشرية، على
امتداد أحقابها.. لم يحدث أبدا أن حفظ جيل كامل معاصر لرجل.. كل كلمة
نطقت بها شفتاه.. سمعت منه. أو نقلت عنه. ثم كان الحفاظ عليها صنو
الحفاظ على الحياة. إيثارا وحبا وتأثرا وحنينا. على أن من حفظ. إنما
كان يشبع حاجة النفس العطشى. وينشد راحتها، غير قاصد بما يسمع، أنه
يسمع لينقل لغيره أو للأجيال عبر التاريخ. ولا هو عامد إلى ذلك. إنما كان
يسمع ليروى غلة صادية، وفطرة مشتاقة. وهو في أعماقه عاجز عن التقليد،
عاجز عن الاعراض، حتى لو أراد. فكيف بحاله وهو المقبل المتلهف على
الحكمة البالغة. والعبارة الآسرة. والمعنى الجليل.
كذلك كان أصحابه عليه السلام. يحفظون عنه فيما يحفظون كلامه العادي.
على حين أنه مجرد أداء لمتطلبات حياته المباركة في حله وترحاله، في حربه وسلمه،
في مأكله ومشربه، في غضبه ورضاه، في سروره وحزنه.
وأفضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه الكريم. راضيا مرضيا.
وكلامه محفوظ غير مكتوب. وكأنه عليه السلام أبى أن يترك بعد موته
مع كتاب الله كتابا. اللهم إلا شيئا لا يدخل في حكم التدوين. وهو اتجاه صرح
به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أيام خلافته حين اقترح
بعضهم كتابة حديثه رسول الله. فأبى ذلك ولم يرتضه.
ومضى خير القرون - ولم يدون الحديث ولا وضع فيه كتاب. لكن
كانت - خلال ذلك - أطلت الفتن برؤوسها. فطوت في أعاصيرها الهوجاء -
حيوات غاليات، قتل عمر الفاروق الملهم، وعثمان الحيي الكريم، وعلى القوى
الحكيم. وطلحة الصالح المبشر، والزبير الحوارى الشهيد. وسواهم وسواهم
كثير. ثم قتل ممن بعدهم الحسين بن علي ومعه أمة من الصالحين. ووراء كل
4

نصراء وأصحاب وشيعة وأحزاب. وعلى امتداد عصر الراشدين. وخاصة علي رضي الله عنه
. وعلى امتداد حكم الأمويين. وخاصة أيام معاوية إلى عبد الملك.
وفى مطلع أيام العباسيين وخاصة أيام أبى عبد الله السفاح وأبى مسلم الخراساني.
في إبان تلك الأيام، طورا طورا. وفى مختلف الانحاء من معمور
الأرض والبلاد. بلاد المسلمين. على تباين الأجناس، وتفرق الأهواء
والقوميات والعصبيات. والسياسة في خدمة المعركة. والإثارة في خدمة
السياسة. والهوى مستحكم. والشر مستطار. والفتن يقظى بعد هجوع.
والحكم للسيف. والغلب لمن كثر أعوانه.. في هذا المضطرب عبر الأيام
سعى الخصوم وراء الخصوم، كل يعزز رأيه وحزبه.
العرب في الأغلب بالشعر والنثر والمأثور والخطابة.
والعجم في الأغلب بالكيد والوقيعة والسعاية والدعاية.
وكان من أفعل الكيد، وأخبث الدعاية، أن يصنع حديث على نمط
مقارب لآخر صحيح، في لفظه وجرسه، وشكله وسمته. وينسب إلى الرسول
الكريم عليه السلام. تمييزا لشخص على آخر، أو إنباء بحادث
له دلالة لم يكن وقع آنذاك، ثمت وقع مؤخرا. أو نصرة لرأى أو مذهب
اختصم فيه الأخصام، أو إشادة بمنقبة، أو افتعال لمثلبة.
وجرى ذلك وشاع في ندرة وقلة أيام عمر وعثمان خاصة من يهود.
وفى غلبة وكثرة أيام على ومعاوية - خاصة من فرس.
وهاجت حمى وضع الأحاديث ونسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيما تلا ذلك من أيام، وجاءت تترى من كل صوب، تزاحم الصحيح لتزيله
وتستقر في الأذهان مكانه.
5

ومن ورائها الغرض الخبيث، والكيد للاسلام، وإحلال القشور في
مواضع اللباب، والتفاهات في ثوب المهمات، والشرك في مواضع التوحيد،
والخرافات والترهات بدلا من الحقائق والبديهيات (1).
وتطور (فن وضع الحديث) مع الزمن وتدهور من أغراض الحرب
والسياسة تبعا لخور النفوس وانحطاط الأغراض إلى أغراض أخر دون
ما تحرج ولا تأثم، حتى تجاوز الوضع حدود الخصومات والخلافات السياسية
والمذهبية إلى التكسب به، كاسترضاء الخلفاء والأمراء (2) رغبة فيما في أيديهم
من المال والضياع، أو طلبا للرياسة والجاه وبعد الصيت، والمباهاة عند العامة.
وانحطت الأغراض في الوضع والكذب، على رسول الله، أكثر فأكثر
حتى وصلت إلى حد الخبل والبلاهة وما يشبه كلام الصبيان. إلى حد أنه
لا يستعظم على كذاب أن يضع حديثا ويقيم له سندا (3) يصل به إلى الرسول عليه
الصلاة والسلام، يمدح به قبيلته أو بلدته أو نوع ثوبه أو طعاما يحبه أو شرابا
يسيغه أو فاكهة يؤثرها على غيرها.. إلى ما لا نهاية له من الخلط والتهريج،
بالعمد والنية السيئة والقصد في الأغلب، وبالبلاهة والغباء والتعالم في الأقل.
وبشئ من الايجاز يمكن تصور الموقف بالنسبة لتناقل الحديث وتفشى
الوضع فيه. مع تلخيص الأسباب المباشرة لنجاح الكذابين في وضع ما وضعوه

(1) من قبيل ذلك ما نقل عن ابن أبي العوجاء أنه قال حين أخذ لتضرب عنه: لقد
وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها وأحلل.
(2) روى أن غياث بن إبراهيم دخل على المهدى - وكان يلهو بالرهان على الحمام.
فروى له حديث " لا سبق إلا في خف أو حافر أو جناح " فسأكافأه بعشرة آلاف درهم.
فلما قام غياث ليخرج قال المهدى: أشهد أن قفاك قفا كذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " جناح " ولكن أراد ليتقرب إلينا.
(3) ذكر سفيان الثوري أنه سمع فيما أسند إلى جابر بن عبد الله وحده ثلاثين ألف
حديث ما يستحل جابر نفسه أن يذكر شيئا منها.
6

من الأحاديث وإشاعتها بين المسلمين بالصورة الوبائية المعلومة لدى أهل الحديث
على النحو التالي:
أولا: انحراف المزاج الفكري والعاطفي للشعوب الأعجمية التي دخلت الاسلام
في أعقاب الفتوح أو التي عاشت تحت حكمه على دينها، والافراد الذين
تظاهروا بالاسلام تقية كبعض اليهود والمجوس.
ثانيا: مات الرسول الكريم، وكان عدد من بقي بعد موته من أصحابه الذين
رأوه وسمعوا منه زهاء مائة ألف أو يزيدون سمع منهم من التابعين
وتابعي التابعين من لا يحصى كثرة. من مختلف الأجناس وفى مختلف
البقاع. في غمرة هذه الكثرة، وافتقاد ضابط الصحة للرواية، في الزمان
والمكان. غافل الكذابون الناس ووضعوا ما شاءوا. وتعذر، بل
استحال حصر ما وضعوه (1).
ثالثا: انتهز الكذابون فرصة كثرة ما رواه أمثال أبي هريرة من الأحاديث
الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم - وهي كثيرة جدا - فوضعوا من
الأحاديث المكذوبة شيئا كثيرا نسبوه للنبي عليه الصلاة والسلام زورا
عن طريق أبي هريرة، ليتوه كثيرهم المكذوب في كثيره الصحيح،
وليشق تمييز صحيحه من سقيمهم. وقد كان.
وعاش إلى جوار الوضاعين الشانئين، وضاعون آخرون من طراز مختلف،
شأنهم أعجب، وسلوكهم أغرب. وضاعون صالحون غيورون على الاسلام.
يضعون الحديث، ويزورون على الرسول ما لم يقل. تقربا لله سبحانه وتزلفا
إليه. وما كأنهم أثموا. ولا جاءوا ظلما من القول وزورا.

(1) أدرك ابن عباس أوائل ذلك الزمن فقال متحسرا: كنا تحدث عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث.
7

فهذا أبو عصمة نوح بن أبي مريم يتعقب سور القرآن واحدة واحدة،
فيلصق بكل سورة فضيلة، ويرتب لها فائدة، ويضع فيها حديثا ينسبه إلى
الرسول زورا بعد أن يصنع له سندا ينتهى في غالب ما وضع إلى ابن
عباس، ثم إلى النبي عليه الصلاة والسلام عن طريق عكرمة بن أبي جهل.
كما كان أحيانا يرفع إلى أبي بن كعب أو سواه. والعجب منه ومن أمثاله.
لا يرى أنه وقع في إثم بما فعل! اسمع إليه يدفع عن نفسه اللوم حين عوتب
فيقول: لما رأيت اشتغال الناس الناس بفقه أبي حنيفة، ومغازي محمد بن إسحاق،
وأنهم أعرضوا عن القرآن، وضعت هذه الأحاديث حسبة لله تعالى.
كذلك وهب بن منبه. أسلم يعد يهودية، وكان يضع الحديث في فضائل
الاعمال. وفعل مثل فعله عبد الملك بن عبد العزيز الذي أسلم بعد نصرانية..
ونشط وضاعون آخرون. يضعون وينسبون ما وضعوا إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم زورا. في فضائل من أحبوا، ومثالب من أبغضوا، ثم زيفوا
لها الأسانيد أيضا، كيلا يتطرق إليها الشك، أو ينكشف الزيف. وأسرف
في ذلك جماعات، كأمثال النقاش والقطيعي والثعلبي والأهوازي وأبى نعيم
والخطيب. وسواهم فيما وضعوا من مناقب وفضائل أبى بكر الصديق وعمر
وعثمان ومعاوية رضي الله عنهم.
وعلى الضد من هؤلاء قامت جماعات أخر تكيل الكيل كيلين،
فوضعت في مناقب علي رضي الله عنه من الأحاديث المستغربة ما لا يدخل تحت
حصر، من أمثال: أحمد بن نصر الذراع، وحبة بن جوين، وبشر بن إبراهيم،
وعباد بن يعقوب، وعبد الله بن داهر.
وما كان أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا على في حاجة إلى مديح أو إشادة
من أمثال هؤلاء. علم الله.
8

ونشط غير هؤلاء وهؤلاء آخرون من الزنادقة الذين لم يكونوا برئوا بعد
من أثر المجوسية والمانوية والزردشية والمزدكية. كان همهم وضع الحديث
لبلبلة الأفكار وإفساد عقائد المسلمين. لقد أحصى المحدثون لبعض فرق الزنادقة
وحدهم زهاء أربعة عشر ألف حديث مكذوب على الرسول الكريم عليه
الصلاة والسلام.
وأفظع من ذلك وأشنع ما صنعه ثلاثة نفر فحسب هم: أحمد بن عبد الله
الجويباري، ومحمد بن عكاشة الكرماني، ومحمد بن تميم الفريابي، الذين وضعوا
عشرة آلاف حديث وحدهم ونسبوها زورا إلى النبي الكريم، ليضلوا بها
عن سبيل الله.
ولم يكن هؤلاء الثلاثة، فرسان حلبة خلت من أقران، بل كان هناك ممن
ساواهم، بل بزهم وضاعون آخرون من أمثال: ابن أبي يحيى بالمدينة،
والواقدي ببغداد، ومحمد بن سعيد المصلوب بالشام، ومقاتل بن سليمان بخراسان.
لم تكن حركة الوضع وضع الأحاديث المكذوبة على الرسول الكريم
حركة ارتجالية عفوية في كل الأحيان، إنما تطورت إلى حركة مدروسة هادفة،
وخطة شاملة لها خطرها وآثارها. كان من نتائجها المباشرة على العديد من
أجيال المسلمين في العديد من أقطارهم، شيوع ما لا يحصى من الآراء الغريبة،
والقواعد الفقهية الشاذة، والعقائد الزائفة، والافتراضات النظرية المضحكة التي
أيدتها، وتعاملت بها، وروجت لها، فرق وطوائف معينة، لبست مسوح
الدروشة والتصوف حينا، والفلسفة حينا، والعباد والزهاد أحيانا. وجافت
في غالب أحوالها السلوك السوي والفكر والعقل السليم، فضلا عن مجافاتها
الصارخة لكتاب الله سبحانه، وهدى نبيه الكريم عليه والصلاة السلام.
إزاء ذلك. وفى بوادر هذا الطوفان وقد أوشك القرن الثاني أن ينتصف
9

قامت أول محاولة جدية لتخليص الأحاديث الصحيحة من مئات الألوف المزيفة.
تشوفت نفس أبى جعفر المنصور وكان امرءا تواقا إلى العلم، حفيا
بالعلماء إلى كتاب ينفض الزيف ويبقى على الصحيح. تخير لهذه المهمة مالك
ابن أنس الأصبحي، خيرة أهل الأرض في زمانه علما وتقى، وإمام دار الهجرة،
وفقيه المسلمين، وصفوة صلحاء أهل اليمن، وبقية ملوك حمير. شمر لها الامام
الجليل، وواصل الليل بالنهار. يجمع ويمحص، ويحقق ويدقق. حتى اجتمعت
لديه مائة ألف حديث. انتخب منها عشرة آلاف ونبذ التسعين ألفا. حيث
وضح لديه زيفها، وقام عنده الدليل على وضعها. ثم لم يزل خلال أربعين سنة
دأبا يعرض ما انتخب على الكتاب والسنة، ويقيسها بالآثار والاخبار، حتى
رجعت إلى خمسمائة حديث فقط، هي كل ما صح لديه من العشرة الآلاف
المنتخبة، بل المائة ألف الأولى.
قال الهراس في تعليقه على الأصول: إن موطأه مالك كان اشتمل على تسعة
آلاف حديث، ثم لم يزل ينتقى حتى رجع إلى سبعمائة.
وقال عتيق بن يعقوب: وضع مالك موطأه على نحو عشرة آلاف حديث،
فلم يزل ينظر فيه كل سنة، ويسقط منه، حتى بقي هذا.
فهذا الذي صنعه مالك وجمعه خلال قرابة نصف قرن، يعد من خير القرون،
بلغ زهاء خمسمائة فحسب، من مائة ألف. ويا لها من نسبة. ومالك بن أنس هو
العلم ناهيك به فضل علم. وفضل تقى. وقرب عهد بعصر الرسالة، وزمن
الصحابة، وموطن الدين، ومسرح الاسلام
كانت هذه المحاولة. أول محاولة ناضجة، مستكملة لعناصر البقاء، لتصنيف
الحديث النبوي وجمعه، وتمييز صحيحه من سقيمه.
أما محاولات ابن شهاب الزهري على رأس المائة الأولى، ثم ابن الماجشون
10

عبد العزيز بن عبد الله، وسعيد بن أبي عروبة، أو الربيع بن صبيح. فقد
كانت مجرد إرهاصات لهذا الحدث الهام الذي يعد بحق نقطة التحول بين عصر
الرواية والسماع ومطلع عصر التدوين.
فهذا الإمام محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي ولاء، جمع ستمائة ألف حديث
أثناء اشتغاله بجمع كتابه. صح لديه منها أربعة آلاف حديث يضاف إليها
ثلاثة آلاف أخرى مكررة.
وجمع الامام مسلم بن الحجاج القشيري ثلاثمائة ألف حديث أثناء اشتغاله
بجمع كتابه. صح لديه منها قرابة السنة آلاف أيضا ومثلها مكررا.
وبلغ ما اتفق عليه الشيخان ألفان وثلاثمائة وستة وعشرون حديثا.
أما جملة ما جمعه إمام أهل السنة أحمد بن حنبل فبلغ أكثر من جملة ما جمعه
الشيخان أثناء حياتهما كلاهما (1). أثبت منها في مسنده ثلاثين ألفا تزيد عشرة
آلاف مكررة. وهذا أبو داود الأزدي السجستاني يروى عنه محمد بن بكر بن
داسة أنه سمعه يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف
حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعنى كتاب السنن جمعت فيه
أربعة آلاف حديث وثمانمائة، ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه، ويكفى
الانسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث:
أحدها: إنما الاعمال بالنيات.. إلخ.
والثاني: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
والثالث: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه.
والرابع: الحلال بين والحرام بين وبين ذلك مشتبهات. إلخ.

(1) فقل أكثر المشتغلين بهذا الفن أن ما جمعه الإمام أحمد بلغ ألف ألف حديث.
11

ولو ذهبنا نستقصي الصحيح إلى الموضوع لهالنا الامر، فهذا هو الامام
مالك يثبت في موطئه ما يبلغ قرابة النصف في المائة من جملة ما جمعه.
وعند البخاري لا تكاد تبلغ نسبة ما أثبته في كتابه من الصحيح إلى
جملة ما جمعه، ولم يصح لديه فلم يثبته واحدا في المائة. فكيف بالكثيرين
سواهما ممن جمع وصنف.. مع قرب الامام مالك زمانا ومكانا لمهبط الوحي،
ودقة الامامين البخاري ومسلم وصدق تحريهما للحق والصواب.
إزاء هذا الطوفان من الأحاديث الموضوعة، هبت كتائب الحق من أهل
الحديث ونقاده، تتحرى حال الرواة من نقلة الحديث، فتعدل وتجرح، وتوثق
وتضعف، وتسلط الضوء على الأسانيد، فتكشف من شأن رجال السند ما كان
خافيا، وتسبر من غوره ما كان مستورا. حتى لم تعد هناك صفة لراو
إلا عرفت، ولا خبيئة فيه إلا كشفت، ولا نادرة عنه إلا رويت، ولا حادثة
إلا دونت. ما تعلق من ذلك بمذهبه وآرائه، وما مس عقائده درجات حفظه،
وأقرانه وشيوخه. كذلك ما اعتوره في مختلف أطوار حياته ومراحل عمره
وشيخوخته من اجتماع الذاكرة أو الخلط والوهم. ومن الأمانة في النقل
أو التدليس، حتى يخلص من كل ذلك إما إلى الاحتجاج به، أو إلى تركه. بعد
تفنيد حاله من رقة دينه أو تقواه وخشيته.
وعلى عاتق هؤلاء عبر المائة الثانية وبعض الثالثة، وضعت المسؤولية كاملة،
فحملوا ما حملوا من هذه الأمانة، ولم يهنوا، ولم يضعفوا، وتجردوا للذود عن
الصحيح من حديث النبي الكريم وتمييزه من السقيم المصنوع. وكان منهم قلة
من الفقهاء، وكثرة من المحدثين، منهم سوى من ذكرنا: الشافعي والليث بن
سعد والشعبي والزهري والأوزاعي وعمر بن عبد العزيز.
ومن أهل العلم بالحديث وعلله ونقد رجاله: ابن عدى، وأبو حاتم ابن
12

حبان، والسفيانان الثوري وابن عيينة، والحمادان ابن سلمة وابن زيد،
وأبو زرعة، وعبد الرزاق وابن أبي شيبة ومسدد وهناد، والفضل بن دكين،
وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن سعيد القطان، وأبو عاصم النبيل وابن المبارك
وأيوب السختياني، وشعبة بن الحجاج والدارمي، والامامان الجليلان يحيى بن
معين، وعلي بن المديني.
وسواهم كثير من أولى الفضل والسابقة في كشف مستور الوضاعين، غيرة لله
ولنبيه ودينه. وكان منهم الحفاظ الذين كانوا أعجوبة الدهر وفخر الزمان. ومنهم
من غاص في العلل علل الحديث ومستور أحوال الرجال، ولم يكن منهم
إلا ذو فطنة وذكاء ومعرفة وإصابة وأمانة، ومنهم من برع في الفقه، وأوتى
الحكمة، ومنهم من امتحن فثبت للمحنة، حسبة لله وإيثارا لما عنده..
كنتيجة مباشرة لهذه النهضة وضعت للأحاديث والأسانيد قواعد وأسس
وموازين، وأصبح لكل سند بمجموع رجاله درجة من الصحة أو قابلية
للطعن والتجريح، وأصبح الشخص الواحد في رجال السند، يضعفه أو يقويه،
ويخل به أو يقيمه. وطبق ذلك على أسانيد المكثرين والمقلين من الرواية،
من الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى عاشر طبقة وما جاوزها.
فمثلا أصح ما أسند لدى نقاد الحديث وأهل الجرح والتعديل إلى أبي
بكر الصديق رضي الله عنه لغاية أوائل المائة الثانية ما جاء من الأحاديث عن
طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق عن
النبي صلى الله عليه وسلم.
وأصح ما أسند إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أحاديث، ما كانت
عن طريق الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن جده عمر عن النبي صلى الله
عليه وسلم.
13

وأصح ما أسند إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها من أحاديث، ما كان
من طريق عبد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
وأصح ما أسند إلى أبي هريرة رضي الله عنه من أحاديث، ما كان جاء من
طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
من أمثال ما وضعوه في مناقب على رضى الله عن من الأحاديث المكذوبة،
التي هي في مرتبة، دون مراتب الغلو والاطراء الشركي، التي غلوا بها فيه رضي الله عنه
، قول بعضهم:
* عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أسرى بي
مررت على ملك جالس على سرير من نور، وإحدى رجليه في المشرق،
والأخرى في المغرب، وبين يديه لوح ينظر فيه، والدنيا كلها بين عينيه، والخلق
بين ركبتيه، ويده تبلغ المشرق والمغرب، فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال:
هذا عزرائيل تقدم فسلم عليه، فتقدمت وسلمت عليه، فقال: وعليك السلام
يا أحمد، ما فعل ابن عمك على؟ فقلت: وهل تعرف ابن عمى على؟ فقال:
وكيف لا أعرفه وقد وكلني الله بقبض أرواح الخلائق ما خلا روحك وروح
ابن عمك علي بن أبي طالب، فإن الله يتوفاكما بمشيئته. خرجه الملاء في سيرته.
* عن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كنت أنا
وعلى نورا بين يدي الله قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله
آدم قسم ذلك النور جز أين، جزء أنا وجزء على. روى في المناقب.
* وخرج الملاء أيضا في سيرته عن أبي الحمراء قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ليلة أسرى بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش الأيمن فرأيت
كتابا فهمته، محمد رسول الله أيدته بعلى ونصرته به.
14

* وعن ابن عباس قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فإذا طائر في فيه
لوزة خضراء، فألقاها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذها النبي صلى الله
عليه وسلم فقبلها ثم كسرها فإذا في جوفها دودة خضراء مكتوب فيها بالأصفر:
لا إله إلا الله محمد رسول الله نصرته بعلى. خرجه أبو الخير القزويني الحاكمي.
* عن الحسن بن علي قال: كان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم
في حجر على وهو يوصى إليه، فلما سرى عنه قال: يا علي صليت العصر؟ قال:
لا. قال: اللهم إنك تعلم أن كان في حاجتك وحاجة نبيك. فرد عليه الشمس
فردها عليه، وغابت الشمس. خرجه الدولابي.
* وقد خرج الحاكمي عن أسماء بنت عميس مثله ولفظه قالت: كان رأس
النبي صلى الله عليه وسلم في حجر على، فكره أن يتحرك حتى غابت الشمس،
فلم يصل العصر، ففزع النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له على أنه لم يصل العصر،
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عز وجل أن يرد الشمس عليه، فأقبلت
الشمس لها خوار حتى ارتفعت قدر ما كانت في وقت العصر فصلى ثم رجعت.
* وخرج أيضا عنها أن علي بن أبي طالب دفع إلى النبي صلى الله عليه
وسلم، وقد أوصى الله إليه أن يجلله بثوب فلم يزل كذلك إلى أن أدبرت الشمس
يقول: غابت أو كادت تغيب، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم سرى عنه،
فقال: أصليت يا علي؟ قال: لا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم رد الشمس
على على. فرجعت الشمس حتى بلغت نصف المسجد.
* وعن أنس رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في
المسجد إذ قال صلى الله عليه وسلم لعلى: هذا جبريل يخبرني أن الله عز وجل
زوجك فاطمة، وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك وأوحى إلى شجرة طوبى
أن انثري عليهم الدر والياقوت، فنثرت عليهم الدر والياقوت، فابتدرت إليه
15

الحور العين يلتقطن من أطباق الدر والياقوت فهم يتهادونه بينهم إلى يوم
القيامة. أخرجه الملاء في سيرته.
* عن مخدوج بن زيد الذهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أما
علمت يا علي أنه أول من يدعى به يوم القيامة بي فأقوم عن يمين العرش في ظله
فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بالنبيين بعضهم على إثر بعض
فيقومون سماطين عن يمين العرش ويكسون حللا خضراء من حلل الجنة ألا وإني
أخبرك يا علي أن أمتي أول الأمم يحاسبون يوم القيامة، ثم أبشر، أول من يدعى
بك لقرابتك مني فيدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد تسير به بين السماطين، آدم
وجميع خلق الله تعالى يستظلون بظل لوائي يوم القيامة وطوله مسيرة ألف سنة، سنانه
ياقوتة حمراء، قبضته فضة بيضاء، زجه درة خضراء، له ثلاث ذوائب من نور
ذؤابة في المشرق وذؤابة في المغرب، والثالثة في وسط الدنيا، مكتوب عليه ثلاثة،
أسطر: الأول بسم الله الرحمن الرحيم. الثاني الحمد لله رب العالمين. الثالث لا إله
الله محمد رسول الله، طول كل سطر ألف سنة وعرضه مسيره ألف سنة. فتسير
باللواء، والحسن عن يمينك والحسين عن يسارك حتى تقف بيني وبين إبراهيم
في ظل العرش، ثم تكسى حلة من الجنة، ثم ينادى المنادى من تحت العرش: نعم
الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك على. أبشر يا علي. إنك تكسى إذا كسيت
وتدعى إذا دعيت، وتحيى إذا حييت. أخرجه أحمد في المناقب. وفى رواية أخرجها
الملاء في سيرته قيل: يا رسول الله وكيف يستطيع على أن يحمل لواء الحمد، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكيف لا يستطيع ذلك وقد أعطى خصالا شتى
صبرا كصبري، وحسنا كحسن يوسف، وقوة كقوة جبريل؟. وعن جابر بن
سمرة أنهم قالوا: يا رسول الله من يحمل رايتك يوم القيامة؟ قال: من عسى أن
يحملها يوم القيامة إلا من كان يحملها في الدنيا؟ علي بن أبي طالب. أخرجه نظام
الملك في أماليه. وأخرج المخلص الذهبي عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه
16

وسلم كسى نفرا من أصحابه، ولم يكس عليا، فكأنه رأى في وجه على،
فقال: يا علي ما ترضى أنك تكسى إذا كسيت وتعطى إذا أعطيت؟.
* عن أبي الحمراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد أن
ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن
زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
أخرجه القزويني الحاكمي. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه، وإلى نوح في حكمه،
وإلى يوسف في جماله، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. أخرجه الملاء في سيرته.
* * *
لئن كنا أسهبنا بعض الشئ في إيراد نمط من مزاج الوضاعين وإسرافهم
المقبوح في الاطراء والمديح، فإننا لم نعرج على ما وضعوه من أحاديث هي الشرك
الصراح، والكفر البواح، والفتنة العمياء، بتأليه أمير المؤمنين علي رضي الله عنه
وأرضاه.
فيما أوردنا عينة مما رموا به إلى إشراك علي رضي الله عنه في النبوة فحسب،
بحيث لا يقل نصيبه منها عن الشطر كاملا. بل لقد وشت بهم شياطينهم فوضعوا
أحاديث جعلوا لعلى رضي الله عنه فيها الشطر الأفضل. والنبي تابع له. وحاشاه
قالوا: عن البراء، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على منى بمنزلة
رأسي من جسدي. خرجه الملاء.
فماذا أبقوا للنبي صلى الله عليه وسلم من الفضل مع علي رضي الله عنه؟
لقد جعلوا النظر إلى وجه على عبادة.
قالوا: عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت أبا بكر يكثر النظر إلى وجه
على، فقلت: يا أبت تكثر النظر إلى وجه على، فقال: يا بنية سمعت رسول الله
(2 - الموضوعات 1)
17

صلى الله عليه وسلم يقول: النظر إلى وجه على عبادة. أخرجه ابن السمان
في الموافقة. وأخرج مثله الخجندي أيضا من طريق أخرى مطولا عن أنس.
وأخرج ابن أبي الفرات مثله أيضا مطولا عن جابر. وأخرج أبو الخير الحاكمي
مثله عن ابن لعلى.
والملاحظ كثيرا أنهم يضعون ما وضعوا وينسبون أكثره إلى عائشة وأبى
بكر رضي الله عنهما، أو أسماء بنت عميس، وكانت تحت أبى بكر رضي الله عنهما.
يعنون بزعمهم - وكذبوا - أن الفضل ما شهدت به الأعداء.
ثم قعدت القواعد في مسائل النقد وعلل الحديث، والجرح والتعديل،
والتوثيق والتضعيف، وتقييم أحوال الرواة في الأسانيد، ضبطا وعدالة، واتصالا
وانقطاعا، وقبولا أو ردا. حتى انكشف الصبح لذي عينين، وتميز صحيح
الحديث من سقيمه، وأصيله من منحوله، بفضل الله سبحانه الذي آلى على نفسه
حفظ دينه، ثم بفضل همة المخلصين من علماء الأمة وصلحاء البرية.
إذ تصدى فريق من حفاظهم للتأليف والإبانة عن " الثقات " من الرواة،
واقتصر المؤلفون في كتبهم على العدول من أهل الثقة والأمانة والتثبت والحفظ
والاتقان. ومن متقدمي هذا الفريق:
الإمام أبو حاتم بن حبان البستي.
وأبو الحسن أحمد بن عبد الله العجلي.
والخليل بن شاهين. وسواهم.
وتصدى فريق ثان للتأليف والإبانة عن " الضعفاء " من الرواة، تحذيرا
للأمة منهم، وتنبيها للباحثين من التعويل على نقلهم، واقتصر المؤلفون في كتبهم
على ذكر أسماء وأحوال المجروحين من أهل الغفلة والوهم والكذب ووضع
الأحاديث زورا على رسول الله عليه الصلاة والسلام.
18

ومن هذا الفريق الأئمة الحفاظ من أمثال:
البخاري والنسائي وابن عمرو العقيلي والدارقطني وأبو عبد الله الضبي
والذهبي في المتأخرين في كتابه " ميزان الاعتدال " الذي عقب عليه الحافظ ابن
حجر بكتابه " لسان الميزان " و " تهذيب التهذيب ".
وتصدى فريق ثالث لوضع المعاجم في رواة الحديث عامة، الثقات منهم
والضعفاء. فأبان الواحد منهم عن منزلة كل، وتتبع حال أفراد السند، طبقا
لقواعد أحكمها أهل الدراية في أنفسهم. حتى وضحت مراتب الرواة في العدالة
بعد تتبع القرائن وتقصى الاخبار. ووضحت أحوال الكذابين والوضاعين.
ومن هذا الفريق الأئمة الحفاظ من أمثال:
الشيخ محب الدين بن النجار البغدادي، والمزي الذي هذب كتابه " الكمال
في معرفة الرجال "، والذهبي الذي جاء في المتأخرين فاختصر تهذيب المزي،
وكذلك فعل ابن أبي المجد الحنبلي، وابن الملقن الذي ألف عليه " إكمال
التهذيب "، والحافظ ابن حجر الذي اختصره في " مختصر تهذيب الكمال ".
وفى المتقدمين من علماء هذا الفن وأئمته كثرة لا يتسع المقام بنا لذكرهم
جميعهم في هذه العجالة، ولا إلى الإشارة إلى مؤلفاتهم. ومن المتأخرين أهل
الفضل والعلم والدراية كثيرون. لنا إليهم رجعة إن شاء الله بعد حين.
بعد كل تلك المراحل الطويلة، من كفاح العلماء في سبيل كشف
الأكاذيب، وفضح وسائل الوضاعين، وتسليط الضوء على ما وضعوا. كان
لا بد من الوصول إلى نتائج محددة تماما، تتوج كل هذه الجهود وتحقق جدواها
وتحدد غايتها. كانت ثمرة هذه الجهود كلها أن تحدد بالفعل كافة الأحاديث
الموضوعة مقرونة بدليل الوضع شاهدا عليها وقرينة الكذب صارخة بها.
حتى لا يكون لمعتقد فيها حجة بعد بيان، ولا عذر قبل انسان.
وكان قطافها على يد فريق رابع أمين، ناقد بصير، تابع نتائج البحث في
19

الأسانيد ونقد الرجال عبر السنين، وبنى عليها الحكم لا بالنسبة للسند، فقد
كفاه كل فريق من الثلاثة مؤنتها ولكن بالنسبة للمتن في هذه المرة، إذ هو
بيت القصيد، وغاية المقصود، الذي بقبوله صحيحا والعمل به تتم الفائدة
وتنزل البركة ويتحقق الخير. وبقبوله مكذوبا والعمل به. يجنى الخسار
ويحل البوار.
تجرد لهذه المهمة أئمة أفذاد كبار، واصلوا الليل بالنهار، فجمعوا الكثير مما
لا يقع تحت حصر، وفندوا علة كل حديث منها ثبت عندهم وضعه فرووه بسنده،
وأبانوا عن عواره وزيف نسبته إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وهذه خصوصية أخرى. لم تحدث في دين من أديان السابقين. لم يحدث
أن تجردت طائفة من علماء أمة، تعقبت على امتداد العصور وصايا نبي من أنبيائها،
تنفض عنها الزيف، وتنفى عنها الخبث. وتكشف انتحال المبطلين، وتزوير
المزورين. بل لم يحدث أن هبت طائفة من علماء أمة تنفض التحريف والتبديل
عن كتابها السماوي. بصورة أو بأخرى، مثلما حدث في أمتنا من هبوب علماء
الاسلام في حماس وغضب وغيرة، إزاء أحاديث غير سماوية نسبت
باطلا للرسول عليه السلام، وهي خصوصية أخرى لخير أمة أخرجت للناس.
ولئن كان في الكثير من بلاد المسلمين بعض خرافة.. وبعض انحراف
وصنمية. فلعمري. ليس يرجع السبب إلى تقصير من علماء الأمة، عبر العصور
وحاشاهم. بل إلى قصور في مدارك العوام والمتعالمين. وانصراف عن اللباب
إلى القشور، وحفول بالمظاهر دون الحقائق. والله المستعان.
من هذا الفريق الرابع الامام الشوكاني رحمه الله في كتابه " الفوائد
المجموعة للأحاديث الموضوعة "، والجوزجاني، والقزويني، في كتبهم
" الموضوعات " والربيع في " تمييز الطيب من الخبيث "، وزين العابدين العراقي
في كتابه " المغنى من حمل الاسفار " في تخريج الاحياء.
20

كذلك منهم: العلامة محمد طاهر بن الفتني في كتابه " تذكرة الموضوعات "
والعلامة شمس الدين السخاوي في كتابه " المقاصد الحسنة " والحافظ أبو الفضل
محمد بن طاهر بن القيسراني في كتابه " تذكرة في الأحاديث الموضوعة ".
ومنهم: الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي القرشي
في كتابه " الموضوعات " الذي هو بين أيدينا الآن.
ابن الجوزي.
ولد الامام الجليل أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي القرشي عام 510
وتوفى عام 597، وكان رحمه الله أعجوبة دهره وحجة زمانه علما وورعا
وتقى، وكان عديم النظير حفظا وجلالة: وكان أكثر أهل عصره تصنيفا.
يؤدى ما يريد بالعبارة الرائعة، والكلمة الرشيقة، وأحيانا بالشعر الرقيق،
وكانت له مجالس للوعظ الذي كان غلب عليه تؤثر وتروى، وكان أقرب
فنونه قرابة إلى نفسه، وأحبها إليه يتوسل بها عند ربه للمثوبة وادخار الاجر،
وفيها أجوبة بارعة محيرة تدل على ذكاء نادر.
من أحسن ما روى عنه أنه وقع نزاع بين أهل السنة والشيعة ببغداد في
المفاضلة بين أبى بكر وعلى رضي الله عنهما ورضى المتنازعون بما يجيب به
أبو الفرج فأقاموا شخصا سأله عن ذلك، وهو في مجلس الوعظ على كرسيه.
فقال: أفضلهما من كانت ابنته تحته. ونزل في الحال حتى لا يراجع في
ذلك. فقال أهل السنة: هو أبو بكر لان ابنته عائشة تحت رسول الله صلى الله
عليه وسلم. وقالت الشيعة: هو علي بن أبي طالب لان فاطمة بنت رسول الله
عليه وسلم تحته.
وليس بعد هذا الجواب غاية، في التلطف وحضور البديهة ورقة الخلوص
21

من الحرج، ولو عمد إليه امرؤ بعد الروية والفكر الطويل، وإمعان النظر لما
حصل مثله.
أما صفاء نفسه ونقاء قلبه ونيته وسلاسة فطرته. فاسمع إليه يقول لابنه
من رسالة طويلة (1) له يستأنف وعظه ونصحه:
" وإياك أن تتشاغل بالتعبد من غير علم فإن خلقا كثيرا من المتزهدين
والمتصوفة ضلوا طريق الهدى إذ عملوا بغير علم.
واستر نفسك بثوبين جميلين لا يشهر انك بين أهل الدنيا برفعتهما،
ولا بين المتزهدين بضعتهما. وحاسب نفسك عند كل نظرة وكلمة وخطرة، فإنك
مسئول عن ذلك. وعلى قدر انتفاعك بالعلم ينتفع السامعون، ومتى لم يعمل الواعظ
بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل الماء عن الحجر.
فلا تعظن إلا بينة، ولا تمشين إلا بنية، ولا تأكلن لقمة إلا بنية، ومع
مطالعة أخلاق السلف تنكشف لك الأمور..
ثم يقول: وعليك بكتاب (منهاج المريدين)، فإنه يعلمك السلوك فاجعله
جليسك ومعلمك، وتلمح كتاب (صيد الخاطر) فإنك تقع مواقعات تصلح لك
أمر دينك ودنياك، وتحفظ كتاب (جنة النظر) فإنه يكفى في تلقيح فهمك للفقه.
ومتى تشاغلت بكتاب (الحدائق) أطلعك على جمهور الحديث، وإذا التفت إلى
كتاب (الكشف) أبان لك مستور ما في الصحيحين من الحديث، ولا تتشاغلن
بكتب التفاسير التي صنفتها الأعاجم، وما ترك (المغنى) و (زاد المسير) لك
حاجة في شئ من التفسير.
وأما ما جمعته لك من كتاب الوعظ، فلا حاجة لك بعدها إلى زيادة
أصلا. ".

(1) نقلا عن مقدمة كتاب " صيد الخاطر " تحقيق العلامة. الموفق بالله الشيخ
محمد الغزالي
22

وفيها يقول بعد مطلعها:
وقد علمت يا بنى أنى قد صنفت مائة كتاب. فمنها التفسير الكبير في 20
مجلدا، والتاريخ 20 مجلدا، وتهذيب المسند 20 مجلدا، وباقي الكتب بين
كبار وصغار.. يكون خمس مجلدات، ومجلدين وثلاثة وأربعة، وأقل وأكثر.
كفيتك بهذه التصانيف عن استعارة الكتب وجمع الهم في التأليف، فعليك
بالحفظ، وإنما الحفظ رأس المال، والتصرف ربح، وأصدق في الحالين في الالتجاء
إلى الحق سبحانه، فراع حدوده. إلخ.
وقد صنف رحمه الله كتاب " الموضوعات " فأفاد به وأطاب وأوفى.
وإنه إن كان عاب عليه بعض أهل الحديث كابن الصلاح تساهله في
وصم بعض الأحاديث بالوضع، على حين أنها ليست إلا ضعيفة، فإن لابي الفرج
رأى في ذلك معتبر، ودليل حاضر في وصمها بالوضع، ومبررات تقتضي صحة
الاعتقاد بصواب رأيه.
برغم ذلك فإن كتاب " الموضوعات " يعد المرجع الأوفى في جملة مراجع
الأحاديث الموضوعة.
لذلك أثار الكتاب دويا كبيرا وجدلا كثيرا خلال مئات السنين التي
تلت عصر تأليفه.
من ذلك أن الحافظ جلال الدين السيوطي عقب عليه بكتاب أسماه " النكت
البديعات في الرد على الموضوعات ".
ثم لخصه هو نفسه في كتاب آخر سماه " اللآلئ المصنوعة في الاخبار
الموضوعة " أضاف إليه بعض زيادات.
وعلى الكتاب الأخير عقب الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن عراق بكتاب
" تنزيه الشريعة المرفوعة عن الاخبار الشنيعة الموضوعة ".
23

وقد اشتمل كتاب " الموضوعات " على أبواب أربعة أساسية، عدا ما تضمنه
من شرح مختلف القضايا الهامة، والايماءات الذكية المتعلقة بفنون الحديث.
وفيما يلي مشتملات الأبواب المذكورة:
الأول: في ذم الكذب والكذابين.
الثاني: في حديث " من كذب على.. إلخ ".
الثالث: في الوصية بالعناية بانتقاد الرجال.
الرابع: فيما اشتمل عليه كتاب " الموضوعات " من الأحاديث الموضوعة.
وهذا الباب يحتوى على نحو خمسين كتابا، مرتبة على نسق ترتيب كتب الفقه.
وهو من الكتب الهامة في مجموعة مؤلفات الامام أبى الفرج، كما يعد من أهم
المراجع الاسلامية التي تنشر للمرة الأولى في تاريخ المكتبة العربية الاسلامية.
شأنه في ذلك شأن أكثر كتب هذا الامام الجليل التي لم تر النور بعد
وما أكثرها والتي لم يعرف الناس عنها سوى الأقل منها، والقليل من
أسمائها. ويجهلون أكثرها.
أما مؤلفاته رحمه الله فنزيد عن 100 كتاب منها:
التفسير الكبير 20 مجلدا
المنتظم في تاريخ الأمم 20 مجلدا
تهذيب السنن 20 مجلدا
تلقيح فهوم الآثار (على المعارف لابن قتيبة)
الوفا في فضائل المصطفى
عجائب البدائع
الذهب المسبوك في سير الملوك
مختصر المنتظم في التاريخ
24

فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن
لقط المنافع في الطب وفراسة العرب
المغنى في الفقه
زاد المسير
صولة العقل على الهوى
أخبار أهل الرسوخ في الناسخ والمنسوخ
المدهش في التاريخ وغرائب الاخبار
شذور العقود في تاريخ العهود
روح الأرواح
المقيم والمقعد
صيد الخاطر
الأذكياء وأخبارهم
المختار من أخبار المختار
مثير عزم الساكن إلى أشرف الأماكن
فضائل القدس
تبصرة الاخبار
تقويم اللسان
مناقب عمر بن الخطاب
مناقب عمر بن عبد العزيز
مناقب أحمد بن حنبل
جامع المسانيد والألقاب
نتيجة الاحياء (مختصر الاحياء)
25

التحقيق في أحاديث الخلاف
الحدائق
شرح مشكل الصحيحين
دفع شبهة التشبيه والرد على المجسمة
تلبيس إبليس
الحمقى والمغفلين
منهاج المريدين
جنة النظر
الكشف
وسوى ذلك كثير.
رحم الله الامام الجليل وأجزل له المثوبة والأجر، وأسبغ عليه فواضل
بره ورحمته، بما جاهد في سبيل ربه الكريم، وما لقى وعانى من مشقات..
وجزى الله الأخ الكريم، الناشر الهمام، الشيخ محمد بن عبد المحسن. خير
الجزاء بما بذل وأنفق في التنقيب عن نفائس كتب السلف وكنوز المخطوطات،
إعلاء لكلمة الله، وإظهار للدين الصحيح.
وصلى الله على رسوله الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين. والحمد لله
رب العالمين.
غرة رمضان 1386
نوفمبر 1966 عبد الرحمن محمد عثمان
26

الموضوعات
يجرى نشر هذه الطبعة وهي الأولى نقلا عن النسخة الخطية الوحيدة
بالجمهورية، المحفوظة بالمكتبة الأزهرية. بعد تصويرها بقسم التصوير بدار الكتب
المصرية. كذلك بعد تحقيق غامض ألفاظها وعباراتها، واستقراء سقط النساخ.
فالخطأ والغامض من الكلمات والعبارات، بالأصل المخطوط، وضعناه بين شرطتين
ووضعنا صوابه بعده بين أقواس معقوفة. أما السقط فقد استدركناه استقراءا من
مظانه في مراجعه المختلفة، ووضعناه أيضا بين أقواس معقوفة، دون الشرطتين بداهة
وذلك تلافيا لكثرة التعليقات والافتراضات في الهوامش ما أمكن. حتى تتم الفائدة
ويتضح المعنى في ذهن القارئ حال القراءة. وقد جرينا على هذه الطريقة لمزاياها
اعتبارا من الملزمة الرابعة. أما ما اهتدينا إليه من صواب. فالله وفق إليه،
وتفضل به، وأثاب عليه إن شاء الله. وأما ما كان من خطأ فمن أنفسنا. والعذر
فيه أنا من بنى آدم. المحقق
27

بسم الله الرحمن الرحيم
أنبأنا الشيخ الامام العالم الحافظ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن
محمد الجوزي القرشي فيما كتب إلى من بغداد سنة خمس وتسعين وخمس مائة
أنه قال:
الحمد لله على التعليم حمدا يوجب المزيد من التقويم، والصلاة الكاملة والتسليم
على محمد النبي الكريم، المبعوث بالهدى إلى الصراط القويم، المقدم على الخليل
وعلى الكليم (عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) صلى الله
عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم ظهور الهول العظيم: (يوم لا ينفع مال
ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) أيقظنا الله وإياكم قبل ذلك الحين، لاخذ
العدة، وثبت أقدامنا إذا زعزعت الاقدام الشدة، ورزقنا قولا وفعلا قبل انقضاء
المدة، وختم صحائفنا بالعفو قبل جفوف قلم الاجل وانتهاء المدة، وبيض وجوهنا
بالصدق يوم نرى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة.
أما بعد: فإن بعض طلاب الحديث ألح على أن أجمع له الأحاديث الموضوعة
وأعرفه من أي طريق تعلم أنها موضوعة، فرأيت أن إسعاف الطالب للعلم
بمطلوبه يتعين خصوصا عند قلة الطلاب، لا سيما لعلم النقل فإنه قد أعرض عنه
بالكلية حتى أن جماعة من الفقهاء يبنون على العلوم الموضوعة. وكثيرا من
القصاص يريدون الموضوعات، وخلقا من الزهاد يتعبدون بها. وها أنا أقدم قبل
الشروع في المطلوب فصولا تكون لذلك أصولا والله الموفق.
فصل
إعلم زاد الله إرشادك وتولى إسعادك أن الله عز وجل شرف هذه الأمة وفضلها
على غيرها من الأمم، فقال عز وجل: [كنتم خير أمة أخرجت للناس] وأنبأنا
29

أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني، قال. أنبأنا
أبو على الحسن بن علي بن المذهب، قال: أنبأنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن
أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر
عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " نحن
الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من
بعدهم " قال أحمد: حدثنا يحيى، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا أبو إسحاق
عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال: " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في قبة
نحوا من أربعين، فقال: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قلنا: نعم، قال:
أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ قلنا: نعم، قال: فوالذي نفسي بيده إني
لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة " هذان حديثان متفق على صحتهما.
أنبأنا ابن الحصين، قال: أنبأنا ابن المذهب قال: أخبرنا أحمد بن جعفر،
قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يزيد قال:
حدثنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " ألا
إنكم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله تعالى ".
فصل
ولتكريم هذه الأمة أسباب هيأها الله عز وجل لها وأكرمها بها، منها وفور
العقل وقوة الفهم وجودة الذهن، وبهذه الأشياء تعرف وجود الصانع، ويظهر
دليل التوحيد ونفى المثل والشبه، وبذلك ينال العلم ويخلص العمل. ولما عدمت
هذه الأصول عند عامة بنى إسرائيل قالوا: (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) ولقوة
أذهان أمتنا قدرت على حفظ القرآن، وقد كان من قبلهم يقرأ كتابه من
الصحف. وبقوة الفهم تلمحوا العواقب فصبروا على الجهاد وذلوا النفوس، وقد
عرضت لمن قبلنا غزاة فقالوا: (اذهب أنت وربك فقاتلا) وفضائل أمتنا،
30

وما ميزت به كثير إلا أن من أعجب ذلك حفظ الله عز وجل لكتابنا عن تبديل
قال الله عز وجل: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فما يمكن تبديل كلمة
منه وقد بدلت الكتب قبله.
ومن ذلك أن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم مأثورة بنقلها خلف عن سلف،
ولم يكن هذا لاحد من الأمة (1) قبلها، ولما لم يمكن أحد أن يدخل في القرآن شيئا
ليس منه أخذ أقوام يزيدون في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وينقصون
ويبدلون ويضعون عليه ما لم يقل، فأنشأ الله عز وجل علماء يذبون عن النقل،
ويوضحون الصحيح ويفضحون القبيح، وما يخلى الله عز وجل منهم عصرا من
العصور، غير أن هذا النسل قد قل في هذا الزمان فصار أعز من عنقاء مغرب.
أنبأنا عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي قال: أنبأنا عبد الله بن محمد
الأنصاري قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم التميمي قال أنبأنا لاحق بن الحسين
قال حدثنا محمد بن محمد بن حفص القزاز قال: حدثنا عبد الملك بن عبد ربه الطائي
قال حدثنا سعيد بن سماك بن حرب عن أبيه عن جابر بن سمرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون
عنه تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين ".
فصل
وقد كان قدماء العلماء يعرفون صحيح المنقول من سقيمه، ومعلوله من سليمه،
ثم يستخرجون حكمه ويستنبطون علمه، ثم طالت طريق البحث من بعدهم
فقلدوهم فيما نقلوا، وأخذوا عنهم ما هذبوا، فكان الامر متحاملا إلى أن آلت
الحال إلى خلف لا يفرقون بين صحيح وسقيم، ولا يعرفون نسرا من ظليم، ولا

(1) هكذا بالأصل ولعلها مصحفة من كلمة الأمم وهي أقرب للسياق.
31

يأخذون الشئ من معدنه، فالفقيه منهم يقلل التعليق في خبر حدثنا خبر خبره،
والمتعبد ينصب لاجل حديث لا يدرى من سطره، والقاص يروى للعوام
الأحاديث المنكرة ويذكر لهم ما لو شم ربح العلم ما ذكره، فيخرج العوام من
عنده يتدارسون الباطل فإذا أنكر عليهم عالم قالوا. قد سمعنا هذا بأخبرنا وحدثنا
فكم قد أفسد القصاص من الخلق بالأحاديث الموضوعة، كم لون قد أصفر بالجوع
وكم هائم على وجهه بالسياحة، وكم مانع لنفسه ما قد أبيح، وكم تارك رواية العلم
زعما منه مخالفة النفس في هواها في ذلك، وكم موتم أولاده بالتزهد وهو حي،
وكم معرض عن زوجته لا يوفيها حقها فهي لا أيم ولا ذات بعل.
فصل
واعلم وفقك الله أن الأحاديث على ستة أقسام، القسم الأول ما اتفق على صحته
وكان أبو عبد الله البخاري أول من (1) الصحاح، ثم تبعه مسلم، وكان مرادهما
الحديث الذي يرويه الصحابي المشهور بالرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولذلك الصحابي راويان ثقتان عنه لذلك الحديث، ثم يرويه عنه التابعي المشهور
بالرواية عن الصحابة، وله راويان ثقتان عنه، ثم يرويه عنه من أتباع التابعين
الحافظ المتقن المشهور وله رواة ثقاة، ثم يكون شيخ البخاري حافظا متقنا فهذه
الدرجة العليا. وقد كان مسلم بن الحجاج أراد أن يخرج الصحيح على ثلاثة أقسام
في الرواة، فلما فرغ من القسم الأول توفى. قال الحاكم رحمه الله: وقد تركا أحاديث
جيدة الطريق لنوع احتياط نظرا فيه، منها أحاديث رواها الثقاة إلى الصحابي
غير أن هذا الصحابي لم يكن له غير راو واحد مثل حديث مرداس الأسلمي
والمستورد وذكين لما لم يكن لهم راو غير قيس بن أبي حازم، وكذلك حديث

(1) هنا بياض في الأصل ولعل موضعها كلمة خرج بالتشديد.
32

عروة بن ضرس فإنه لا راوي له إلا الشعبي، فلم يخرجا ذلك، وكذلك حديث
عمير بن قتادة الكتبي (1) لما لم يكن له راو غير ابنه عمير لم يخرجا حديثه، وكذلك
حديث ابن أبي ليلى الأنصاري لما لم يكن له راو غير ابنه عبد الرحمن، وكذلك
حديث قيس بن أبي غرزة لما لم يكن له غير أبى وائل شقيق بن سلمة، وحديث
أسامة بن شريك وقطبة بن مالك لما لم يكن لهما راو غير زياد بن علاقة، قال:
وكذلك تركا أحاديث عن التابعين إذ لم يكن لأحدهم راو غير عمرو بن دينار،
وكذلك عمرو بن أبان بن عثمان ومحمد بن عروة بن الزبير وسنان بن أبي سنان
ليس لهم راو غير الزهري، وكذلك يوسف بن مسعود الزرقي وعبد الله بن أنيس
الأنصاري وعبد الرحمن بن المغيرة تفرد بالرواية عنهم يحيى بن سعيد الأنصاري،
فلم يخرجا عنهم، وكذلك فعلا في أحاديث غرائب يرويها الثقاة العدول لما انفرد
بها واحد من الثقاة تركاها مثل حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يجئ
رمضان " وقد خرج مسلم كثيرا من حديث العلاء في الصحيح وترك هذا وأشباهه
مما انفرد به العلاء عن أبيه. وقد ترك أحاديث جماعة عن آبائهم عن أجدادهم
لكون ذلك لم يتواتر إلا من حديثهم كحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
وبهز بن حكيم عن أبيه عن جده. وإياس بن معاوية بن قرة عن أبيه عن جده
وأجدادهم من الصحابة. وقد يروى الحديث ثقة فيسنده، ثم يرويه جماعة فلا
يرفعونه فيتركان اخراجه.
قال المصنف: واعلم أن الذي ذكره الحاكم من اشتراط عدلين عن عدلين
ليس بصحيح فإنهما ما اشترطا هذا، وإنما ظنه الحاكم وقدره في نفسه وظنه غلط،
وإنما قد يتفق مثل هذا، وقوله تركا رواية من ليس له غير راو واحد غلط أيضا "،

(1) هكذا هي بالأصل ولعلها مصحفة من كلمة الليثي.
(3 الموضوعات 1)
33

فإن البخاري ومسلما قد أخرجا حديث المسيب بن حزن في وفاة أبى طالب ولم يرو
عن المسيب غير ابنه سعيد. وأخرج البخاري حديث قيس بن أبي حازم عن
مرداس الأسلمي: " يذهب الصالحون أولا أولا "، وليس لمرداس راو غير قيس
وأخرج حديث الحسن البصري عن عمرو بن تغلب: " إني لأعطي الرجل والذي
أدع أحب إلى " ولم يروه عن عمرو غير الحسن في أشياء كثيرة عند البخاري.
وأخرج مسلم حديث الأغر المزني " إنه ليغان على قلبي " ولم يرو عنه غير أبى بردة
وأخرج حديث أبي رفاعة العدوي، ولم يرو عنه غير عبد الله بن الصامت، وأخرج
حديث ربيعة بن كعب الأسلمي، ولم يرو عنه غير أبى سلمة بن عبد الرحمن فقد
كان الحاكم مجزفا في قوله، وإنما اشترط البخاري ومسلم الثقة والاشتهار وقد تركا
أشياء كثيرة تركها قريب وأشياء لا وجه لتركها، فمما ترك البخاري الرواية عن
حماد بن سلمة مع علمه بثقته لأنه قيل له إنه كان له ربيب يدخل في حديثه ما ليس
منه، وترك الرواية عن سهل بن أبي صالح لأنه قد تكلم في سماعه من أبيه وقيل
صحيفة، واعتمد عليه مسلم لما وجده تارة يحدث عن أخيه عن أبيه وتارة عن
عبد الله بن دينار مرة عن الأعمش عن أبيه فلو كان سماعه صحيفة كان يروى
الكل عن أبيه، ومن الأشياء التي لا وجه لتركها أن يرفع الحديث ثقة فيقفه آخر
فترك هذا لا وجه له، لان الرفع زيادة والزيادة من الثقة مقبولة إلا أن يفقه الأكثرون
ويرفعه واحد فالظاهر غلطه، وإن كان من الجائز أن يكون قد حفظ دونهم،
وأما ترك حديث ثقة لكونه لم يرو عنه غير واحد فقبيح لأنه إذا صح النقل وجب
أن يخرج. وأما حديث عمرو بن شعيب فإن شعيبا هو ابن محمد بن عبد الله بن
عمرو بن العاص فإذا قال: عن أبيه عن جده فإن أراد بجده محمدا فليس بصحابي،
وإن أراد بجده عبد الله فقد لقيه شعيب وسمع منه، وإذا لم يقل عن جده عبد الله
احتمل، فهذا عذر لمن ترك اخراج هذا، فهذا الكلام مشعب من ذكر كما اتفق
البخاري ومسلم على اخراجه وهو القسم الأول وهو الغاية.
34

القسم الثاني: ما انفرد به البخاري أو مسلم فهذا محكوم له بالصحة عند
جمهور أهل النقل.
القسم الثالث: ما صح سنده على رأى أحد الشيخين فيلحق بما أخرجاه إذا
لم يعرف له علة مانعة، وهذا يعز وجوده ويقل، وقد صنف أبو عبد الله الحاكم
كتابا كبيرا سماه المستدرك على الشيخين ولو نوقش فيه بان غلطه.
القسم الرابع: ما فيه ضعف قريب محتمل وهذا هو الحسن ويصلح البناء عليه
والعمل به، وقد كان أحمد بن حنبل يقدم الحديث الضعيف على القياس.
القسم الخامس: الشديد الضعف الكثير التزلزل، فهذا تتفاوت مراتبه عند
العلماء فبعضهم يدنيه من الحسان ويزعم أنه ليس بقوى التزلزل، وبعضهم يرى
شدة تزلزله فيلحقه بالموضوعات.
والقسم السادس: الموضوعات المقطوع بأنها محال وكذب، فتارة تكون
موضوعة في نفسها وتارة توضع على الرسول صلى الله عليه وسلم وهي كلام غيره.
فصل
وأما الأقسام الأربعة الأول فالقلب عندها ساكن، وأما القاسم الخامس:
فقد جمعت لكم جمهوره في كتابي المسمى " بالعلل المتناهية في الأحاديث الواهية "
وقد جردت لك في ذلك الكتاب " الموضوعات " إلا أنى لما رأيتها كثيرة
ورأيت أقواما قد وضعوا نسخا وجعلوا الحديث الواحد أوراقا كثيرة تركت
ذكر ما لا يخفى أنه موضوع، وربما كتبت بعض الحديث المطول ورفضت بعضه
لتطويله وركاكة ألفاظه شحا على الزمان أن يذهب فيما ليس فيه كبير فائدة.
فصل
واعلم أن الرواة الذين وقع في حديثهم الموضوع والكذب والمقلوب انقسموا
خمسة أقسام:
35

القسم الأول: قوم غلب عليهم الزهد والتقشف فتغفلوا عن الحفظ والتمييز
ومنهم من ضاعت كتبه أو احترقت أو دفنها ثم حدث من حفظه فغلط، فهؤلاء
تارة يرفعون المرسل وتارة يسندون الموقوف، وتارة يقلبون الاسناد وتارة
يدخلون حديثا في حديث.
والقسم الثاني: قوم لم يعانوا على النقل فكثر خطأهم وفحش على نحو
ما جرى للقسم الأول.
والقسم الثالث: قوم ثقاة لكنهم اختلطت عقولهم في آخر أعمارهم فخلطوا
في الرواية.
والقسم الرابع: قوم غلب عليهم السلامة والغفلة، ثم انقسم هؤلاء فمنهم
من كان يلقن فيتلقن، ويقال له: قل فيقول. وقد كان بعض أولاد هؤلاء
أو.. (1) يضع له الحديث فيدون ولا يعلم، ومنهم من كان يروى الأحاديث، وإن
لم تكن سماعا له ظنا منه أن ذلك جائز. وقد قيل لبعض متغفليهم: هذه
الصحيفة سماعك؟ فقال: لا ولكن مات الذي رواها فرويتها مكانه.
والقسم الخامس: قوم تعمدوا الكذب، ثم انقسم هؤلاء ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قوم رووا الخطأ من غير أن يعلموا أنه خطأ، فلما عرفوا
وجه الصواب وأتقنوا به أصروا على الخطأ أنفة من أن ينسبوا إلى غلط.
والقسم الثاني: قوم رووا عن كذابين وضعفاؤهم يعلمون ودلسوا أسماءهم
فالكذب من أولئك المجروحين والخطأ القبيح من هؤلاء المدلسين وهم في مرتبة
الكذابين لما قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من روى عنى
حديثا يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين " ومن هذا القسم قوم رووا عن أقوام

(1) هنا بياض في الأصل لعل مكانه رواته.
36

ما رأوهم مثل إبراهيم بن هدبة عن أنس، وكان بواسط شيخ يحدث عن أنس
ويحدث عن شريك، فقيل له حين حدث عن أنس لعلك سمعته من شريك؟
فقال لهم: أقول لكم الصدق سمعت هذا من أنس عن شريك. وقد حدث
عبد الله بن إسحاق الكرماني عن محمد بن أبي يعقوب، فقيل له: مات محمد
قبل أن تولد بتسع سنين. وحدث محمد بن حاتم الكتبي عن عبد بن حميد،
فقال أبو عبد الله الحاكم: هذا الشيخ سمع من عبد بن حميد بعد موته بثلاث
عشرة سنة.
القسم الثلاث: قوم تعمدوا الكذب الصريح لا لأنهم أخطأوا ولا لأنهم
رووا عن كذاب فهؤلاء تارة يكذبون في الأسانيد فيروون عمن لم يسمعوا منه
وتارة يسرقون الأحاديث التي يرويها غيرهم، وتارة يضعون أحاديث وهؤلاء
الوضاعون انقسموا سبعة أقسام:
القسم الأول: الزنادقة الذين قصدوا إفساد الشريعة وإيقاع الشك فيها في
قلوب العوام والتلاعب بالدين، كعبد الكريم بن أبي العرجاء، وكان خال معن
ابن زائدة وربيب حماد بن سلمة، وكان يدس الأحاديث في كتب حماد كذلك
قال أبو أحمد ابن عدى الحافظ، فلما أخذ بن أبي العرجاء أتى به محمد بن سليمان
ابن علي فأمر بضرب عنقه، فلما أيقن بالقتل، قال: والله لقد وضعت فيكم
أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحل فيها الحرام، ولقد فطرتكم في يوم
صومكم وصومتكم في يوم فطركم.
أنبأنا يحيى بن علي قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أنبأنا أبو سعيد
أحمد بن الماليني، قال: أنبأنا عبد الله بن عدى الحافظ، قال: حدثنا أحمد بن علي
المديني قال: حدثنا أبو أمية قال: حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد
ابن زيد. أو قال: حدثني صاحب لي عن حماد بن زيد عن جعفر بن سليمان
37

قال: سمعت المهدى يقول: أقر عندي رجل من الزنادقة أنه وضع أربع مائة
حديث فهي تحول في أيدي الناس.
قال المصنف: وكان ممن يضع الحديث مغيرة بن سعيد وبيان. قال ابن نمير:
كان مغيرة ساحرا، وكان بيان زنديقا فقتلهما خالد بن عبد الله القسري وأحرقهما
بالنار. وقد كان في هؤلاء الزنادقة من مغفل فيدس في كتابه ما ليس من حديثه
فيرويه ذلك الشيخ ظنا منه أن ذلك من حديثه.
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ قال أنبأنا قاضي القضاة أبو بكر الشامي
قال: أنبأنا أبو الحسن العسقي قال حدثنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر
العقيل قال حدثنا أحمد بن علي الابار قال حدثنا عبد الرحيم بن حازم البلخي
قال حدثنا الحكم ابن المبارك قال: سمعت حماد بن زيد يقول: وضعت الزنادقة
على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة عشر ألف حديث.
القسم الثاني: قوم كانوا يقصدون وضع الحديث نصرة لمذهبهم، وسول لهم
الشيطان أن ذلك جائز وهذا مذكور عن قوم من المسالمية.
أنبأنا أبو منصور بن جبرون عن أبي محمد الجوهري عن الدارقطني عن أبي
حاتم بن حبان الحافظ قال: سمعت عبد الله بن علي يقول: سمعت محمد بن
أحمد بن الجنيد يقول: سمعت عبد الله بن يزيد المعرى يقول عن رجل من أهل
البدع رجع عن بدعته فجعل يقول: انظروا هذا الحديث ممن تأخذونه فإنا كنا
إذا رأينا رأيا جعلنا له حديثا.
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزار قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال:
أنبأنا إبراهيم بن أحمد الحرفي قال: حدثنا جعفر بن محمد الفيريابي قال حدثني
يوسف بن الفرج أبو نعيم الحلبي وإسحاق بن البهلول الأنباري قال حدثنا عبد الله
ابن يزيد المقرى قال حدثنا ابن لهيعة قال سمعت شيخا ممن الخوارج تاب ورجع
38

وهو يقول: إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم فإنا كنا إذا
هوينا أمرا صيرناه حديثا.
أنبأنا أبو المعمر الأنصاري قال أنبأنا أبو محمد السمرقندي قال أنبأنا أبو بكر
ابن ثابت الخطيب قال أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن إبراهيم البزاز قال
حدثنا يزيد بن إسماعيل الخلال قال حدثنا أبو عوف البزوري قال حدثنا عبد الله
ابن أبي أمية قال حدثني حماد بن سلمة قال حدثني شيخ لهم يعنى الرافضة قال:
كنا إذا اجتمعنا استحسنا شيئا جعلناه حديثا.
أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ عن أبي بكر بن خلف الشيرازي قال سمعت
الحاكم أبا عبد الله النيسابوري يقول: محمد بن القاسم الطالكاني وكان من رؤساء
المرجئة ممن يضع الحديث على مذهبهم أنبأنا أبو المعمر قال أنا عبد الله بن أحمد
السمرقندي قال أنا أبو بكر بن علي بن ثابت قال: أنبأنا القاضي أبو الحسن على
ابن محمد بن حبيب قال حدثنا محمد بن المعلى الأزدي قال أنبأنا محمد بن حمدان قال
حدثنا أبو العيناء عن أبي أنس الحراني قال: قال المختار لرجل من أصحاب الحديث
ضع لي حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم إني كائن بعده خليفة وطالب له بترة
ولده وهذه عشرة آلاف درهم وخلعة ومركوب وخادم، فقال الرجل: أما عن
النبي صلى الله عليه وسلم فلا، ولكن اختر من شئت من الصحابة وأحطك من
الثمن ما شئت قال عنى النبي صلى الله عليه وسلم أوكد، قال والعذات أشد.
والقسم الثالث: قوم وضعوا الأحاديث في الترغيب والترهيب ليحثوا الناس
بزعمهم على الخير ويزجروهم عن الشر وهذا تعاط (1) على الشريعة ومضمون فعلهم
أن الشريعة ناقصة تحتاج إلى تتمة فقد أتممناها.

(1) هي كذلك بالأصل ولعلها مصحفة من كلمة افتئات.
39

أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل
الإسماعيلي قال أنبأنا حمزة بن يوسف السهمي قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال
سمعت أبا عبد الله النهاوندي قال: قلت لغلام خليل هذه الأحاديث التي تحدث
بها من الرقائق، فقال: وضعناها لنرقق بها قلوب العامة.
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
ابن ثابت قال: حدثني الحسن بن علي التميمي قال: قرأت على أبي بكر محمد بن
الحسن المقرى قال: قال أبو جعفر بن الشعيري لما حدث غلام خليل عن بكر
ابن عيسى عن أبي عوان قلت له: يا أبا عبد الله إن هذا الرجل قديم الوفاة، ولم
تلحقه أنت ولا من في سنك ففكر في هذا ثم خفته (1) فقلت له أحسبك سمعت
من رجل يقال له بكر بن عيسى حدثك عن بكر بن عيسى هذا فسكت وافترقنا
فلما كان من الغد قال: يا أبا جعفر علمت أنى نظرت البارحة فيمن سمعت منه
بالبصرة يقال له بكر بن عيسى فوجدتهم ستين رجلا.
قال المصنف: كان غلام خليل يتزهد ويهجن شهوات الدنيا ويتقوت الباقلا
تصوفا، وغلقت أسواق بغداد يوم موته فحسن له السلطان هذا الفعل نسأل
الله السلامة.
أنبأنا أبو منصور بن خيرون عن أبي محمد الجوهري عن الدارقطني عن أبي
حاتم بن حبان الحافظ قال سمعت عبد الله بن جابر يقول: سمعت جعفر بن
محمد الا دين يقول: سمعت محمد بن عيسى الطباع، يقول: سمعت بن مهدي يقول
لميسرة بن عبد ربه من أين جئت بهذه الأحاديث: من قرأ كذا فله كذا قال
وضعتها أرغب الناس فيها. قال ابن حبان وحدثنا مكحول قال حدثنا أبو الحسين
الرهاوي قال سألت عبد الجبار بن محمد بن أبي داود النخعي، فقال: كان أطول

(1) هي كذلك بالأصل ولعلها مصحفة من خنقه أي البكاء.
40

الناس قياما بليل وأكثرهم صياما بنهار وكان يضع الحديث وضعا.
قال ابن حبان: وكان أبو بشر أحمد بن محمد الفقيه المروزي من أصلب
أهل زمانة في السنة وأذبهم عنها وأقمعهم لمن خالفها، وكان مع هذا يضع الحديث.
قد وضع في فضائل قزوين نحو أربعين حديثا كان يقول إني أحتسب في ذلك.
أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ أنبأنا أبو بكر بن خلف الشيرازي عن أبي
عبد الله الحاكم قال سمعت أبا على الحافظ يقول سمعت محمد بن يونس المقرى يقول
سمعت جعفر بن أحمد بن نصر يقول سمعت أبا عمار المروزي يقول: قيل لابي
عصمة نوح بن أبي مريم المروزي من أين لك عن عكرمة عن بن عباس في
فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا! فقال: إني رأيت
الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت
هذا الحديث حسبة. وقد حكى مؤمل بن إسماعيل أن رجلا وضع في فضائل
القرآن حديثا طويلا. وسيأتي في كتاب العلم إن شاء الله.
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا أبو القاسم الإسماعيلي أنبأنا حمزة السهمي أنبأنا
أبو أحمد بن عدى سمعت أبا بدر أحمد بن خالد يقول: كان وهب بن حفص
من الصالحين مكث عشرين سنة لا يكلم أحدا. قال أبو عروبة، وكان يكذب
كذبا فاحشا.
أنبأنا أبو المعمر الأنصاري قال أنبأنا أبو محمد بن السمرقندي قال أنبأنا
أبو بكر بن ثابت قال أنبأنا محمد بن جعفر بن علان قال أنبأنا أبو الفتح محمد بن
الحسين الأزدي حدثنا الحسين بن محمد حدثنا عبيد الله بن عمر النواريزي قال:
سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول. ما رأيت الكذب في أحد أكثر منه في من
ينسب إلى الخير والزهد.
القسم الرابع: قوم استجازوا وضع الأسانيد لكل كلام حسن، فأنبأنا
41

عبد الوهاب الحافظ قال أنبأنا ابن بكران القاضي قال أنبأنا العتيقي قال حدثنا
يوسف ابن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر العقيلي قال حدثنا أحمد بن محمد بن
صدقة قال حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال حدثنا محمد بن خالد عن أبيه قال سمعت
محمد بن سعيد يقول: لا بأس إذا كان كلام حسن أن تضع له إسنادا.
القسم الخامس: قوم كان يعرض لهم غرض فيضعون الحديث. فمنهم من
قصد بذلك التقرب إلى السلطان بنصرة غرض كان له كغياث بن إبراهيم فإنه
حين أدخل على المهدى وكان المهدى يحب الحمام إذا قدامه حمام فقيل له حدث
أمير المؤمنين فقال حدثنا فلان عن فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح " فأمر له المهدى ببدرة، فلما قام
قال: اشهد على فقال أنه فتأ (1) كذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
المهدى أنا حملته على ذلك. ثم أمر بذبح الحمام ورفض ما كان فيه. ومنهم من كان
يضع الحديث جوابا لسائليه كما روى المعيطي عن إبراهيم بن أبي يحيى أنه سئل
عن رجل أعطى الغزل الحائك فنسج له وفضل منه خيوط، فقال صاحب الثوب
هي لي وقال النساج هي لي فالخيوط لمن؟ فقال إبراهيم: حدثني ابن جريج عن
عطاء قال: إن كان صاحب الثوب أعطاه إلا ردهالح (2) فالخيوط له، وإلا فهي
للحائك. ومنهم من كان يضعه في ذم من يريد أن يذمه كما روينه عن سعد بن
طريف أنه رأى ابنه يبكى، فقال: مالك، فقال: ضربني المعلم، فقال: أنا والله
لأخزينهم، حدثني عكرمة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" معلمو صبيانكم شراركم " وقيل لمأمون بن أحمد الآثري (3) إلى الشافعي وإلى
من تبع له بخراسان، فقال حدثنا أحمد بن عبيد الله حدثنا عبد الله بن معدان عن

(1) هكذا وردت العبارة بالأصل والمحفوظ بدلها: أشهد على قفاك أنه قفا كذاب.
(2) هي كذلك بالأصل أيضا ولعلها مصحفة من كلة أجرها.
(3) هي كذلك بالأصل أيضا ولعلها مصحفة من كلة ألا ترى.
42

أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يكون في أمتي رجل يقال له
محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس " وسنذكر هذا فيما بعد.
وقيل لمحمد بن عكاشة الكرماني إن قوما يرفعون أيديهم في الركوع وبعد
رفع الرأس من الركوع، فقال حدثنا المسيب بن واضح حدثنا عبد الله بن المبارك
عن يوسف بن يزيد عن الزهري عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " من رفع يديه في الركوع فلا صلاة له ".
القسم السادس: قوم وضعوا أحاديث في ضد الاغراب ليطلبوا ويسمع
منهم. قال أبو عبد الله الحاكم منهم إبراهيم بن إليسع وهو ابن أبي حبة كان
يحدث عن جعفر الصادق وهشام بن عروة فيركب حديث هذا على حديث
ذاك لتستغرب تلك الأحاديث بتلك الأسانيد.
قال ومنهم حماد بن عمرو النصيبني وبهلول بن عبيد وأصرم بن حوشب،
ومنهم من كان يدعى سماع من لم يسمع منه ليكثر حديثه.
قال عمرو بن عون: قدم علينا شيخ مخضوب بالحناء يحدث عن أنس فاجتمع
عليه خلق أكثر من عشرين ألفا وحمل حديثه إلى هشيم ويزيد بن هارون،
فقالوا: أحاديث صحاح سمعناها من حميد والتيمي فدخل السوق فاشترى مغازي
ابن إسحاق وقعد يحدث عنه، فقالوا له: أين رأيته فبكى وقال الصدق يزين
كل شئ لم أره لكني أخبرني أنس عنه فمزقوا الكتب.
وروى مسلم بن الحجاج أن يحيى بن أكثم دخل مع أمير المؤمنين حمص
فرأى كل من بها شبيه التيران فدخل شيخ على رأسه ديبة وله جبة فأدناه وقال
يا شيخ من أتيت، قال: استغنيت عن جميع الناس بشيخي، قال: ومن لقى
شيخك؟ قال الأوزاعي. قال الأوزاعي عمن؟ قال: عن مكحول. قال ومكحول
43

عمن؟ قال عن سفيان بن عيينة. قال وسفيان عمن! قال عن عائشة. فقال له
يحيى: يا شيخ أراك تعلو إلى أسفل.
القسم السابع: قوم شق عليهم الحفظ فضربوا نقد الوقت وربما رأوا أن
الحفظ معروف فأتوا بما يغرب مما يحصل مقصود هم فهؤلاء قسمان أحدهما القصاص
ومعظم البلاء منهم يجرى، لأنهم يزيدون أحاديث تثقف وترقق والصحاح يقل
فيها هذا. ثم إن الحفظ يشق عليهم ويتفق عدم الدين ومن يحضرهم جهال فيقولون
ولقد حكى لي فقيهان ثقتان عن بعض قصاص زماننا وكان يظهر النسك والتخشع
أنه حكى لهما قال: قلت يوم عاشوراء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فعل
اليوم كذا فله كذا، ومن فعل كذا فله كذا إلى آخر المجلس فقالا له: ومن
أين حفظت هذه الأحاديث، فقال: والله ما حفظتها، ولا أعرفها بل في
وقتي قلتها.
قال المصنف: ولا جرم، ذلك القصاص شديد النعير ساقط الجاه لا يلتفت
الناس إليه ولا له دنيا ولا آخرة. وقد صنف بعض قصاص زماننا كتابا فذكر
فيه أن الحسن والحسين دخلا على عمر بن الخطاب رضي الله عنهم وهو مشغول
فلما فرغ من شغله رفع رأسه فرأهما، فقام فقبلهما ووهب لكل واحد منهما ألفا
وقال اجعلاني في حل فما عرفت دخولكما فرجعا وشكراه بين يدي أبيهما
علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال على سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: عمر بن الخطاب نور في الاسلام وسراج لأهل الجنة. فرجعا فحدثاه، فدعا
بدواة وقرطاس وكتب بسم الله الرحمن الرحيم حدثني سيدا شباب أهل الجنة
عن أبيهما المرتضى عن جدهما المصطفى أنه قال عمر نور الاسلام في الدنيا وسراج
أهل الجنة في الجنة وأوصى أن تجعل في كفنه على صدره فوضع، فلما أصبحوا
وجدوه على قبره وفيه صدق الحسن والحسين وصدق أبوهما وصدق رسول الله
44

صلى الله عليه وسلم عمر نور الاسلام وسراج أهل الجنة.
قال المصنف: والعجب بهذا الذي بلغت به الوقاحة إلى أن يضيف مثل هذا
وما كفاه حثى عرضه على كبار الفقهاء فكتبوا على تصويب ذلك التصنيف،
فلا هو عرف أن مثل هذا محال ولاهم عرفوا. وهذا جهل متوفر، علم به أنه من
أجهل الجهال الذين ما شموا ريح النقل ولعله قد سمعه من بعض الطريقين.
قال المصنف: وقد ذكرت في كتاب القصاص عنهم طرفا من هذه الأشياء
وما أكثر ما يعرض على أحاديث في مجلس الوعظ فد ذكرها قصاص الزمان
فأردها عليهم وأبين أنها محال فيحقدون على حين أبين عيوب شغلهم حتى قلت
يوما، قولوا لمن يورد هذه الأحاديث ما يتهيأ لكم مع وجود هذا الناقد إنفاق
زايف، وذكرت حديثا حدثنا به أبو الفتح الكروخي قال حدثنا عبد الله بن
محمد الأنصاري قال أنبأنا إسحاق بن إبراهيم قال سمعت أبا بكر الجوزقي يقول:
سمعت غير واحد من مشايخنا يذكرون عن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنه قال
ما دام أبو حامد الشرقي في الاحياء لا يتهيأ لاحد أن يكذب على رسول الله صلى
الله عليه وسلم.
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن
ثابت قال أنبأنا القاضي أبو العلاء الواسطي قال أنبأنا أبو أحمد الحسين بن علي
التميمي أنه سمع محمد بن إسحاق بن خزيمة ونظر إلى أبي حامد الشرقي، فقال:
حياة أبى حامد تحجز بين الناس والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف: أبو حامد اسمه أحمد بن محمد بن الحسن النيسابوري يعرف
بابن الشرقي سمع من مسلم بن الحجاج وغيره وكان حافظا متقنا.
أنبأنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال سمعت القاضي أبو الحسين
محمد بن علي بن الغريق يقول سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: يا أهل بغداد
45

لا تظنون أن أحدا يقدر يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حي.
وقد روينا عن ابن المبارك أنه قيل له هذه الأحاديث المصنوعة، فقال: تعيش
لها الجهابذة.
القسم الثاني: الشحاذون، فمنهم قصاص ومنهم غير قصاص، ومن هؤلاء
من يضع وأكثرهم يحفظ الموضوع.
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزار قال أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي قال أنبأنا
يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكى قال حدثنا الزبير بن عبد الواحد قال حدثنا إبراهيم
ابن عبد الواحد الطبري قال سمعت جعفر بن محمد الطيالسي يقول صلى أحمد بن حنبل
ويحيى بن معين في مسجد الرصافة فقام بين أيديهم قصاص فقال حدثنا أحمد بن
حنبل ويحيى بن معين قالا حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال لا إله إلا الله خلق الله كل
كلمة منها طيرا منقاره من ذهب وريشه من مرجان " وأخذ في قصة نحو عشرين
ورقة فجعل أحمد بن حنبل ينظر إلى يحيى بن معين ويحيى ينظر إلى أحمد، فقال
له: أنت حدثته بهذا، فقال: والله ما سمعت بهذا إلا الساعة، فلما فرغ من
قصصه وأخذ القطيعات، ثم قعد ينتظر بقيتها قال له يحيى بن معين بيده تعال
فجاء متوهما النوال، فقال له يحيى من حدثك بهذا الحديث، فقال: أحمد بن حنبل
ويحيى بن معين، فقال أنا يحيى بن معين وهذا أحمد بن حنبل ما سمعنا بهذا
قط في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان لابد والكذب فعلى غيرنا
فقال له: أنت يحيى بن معين؟ قال: نعم، قال: لم أزل أسمع أن يحيى بن معين
أحمق ما تحققته إلا الساعة، قال له يحيى كيف علمت أنى أحمق؟ قال كأن ليس
في الدنيا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما، قد كتبت عن سبعة عشر أحمد
بن حنبل ويحيى بن معين، فوضع أحمد كمه على وجهه، وقال: دعه يقوم
فقام كالمستهزئ بهما.
46

أنبأنا محمد بن عبد الملك عن أبي محمد الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم
البستي قال: دخلت بأجروان مدينة بين الرقة وحران فحضرت الجامع، فلما
فرغنا من الصلاة قام بين أيدينا شاب، فقال: حدثنا أبو خليفة قال حدثنا الوليد
حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من قضى لمسلم حاجة فعل الله به كذا وكذا " فلما فرغ دعوته، فقلت رأيت
أبا خليفة قال لا، قلت: كيف تروى عنه ولم تره، فقال: إن المناقشة
معنا من قلة المروءة أنا أحفظ هذا الاسناد الواحد وكلما سمعت حديثا ضممته إلى
هذا الاسناد.
فصل
والكذابون والوضاعون خلق كثير قد جمعت أسماءهم في كتاب الضعفاء
والمتروكين، وستري في كل حديث نذكره من هذا الكتاب اسم واضعه
والمتهم به، وكان من كبار الكذابين وهب بن وهب القاضي، ومحمد بن
السائب الكلبي، ومحمد بن سعيد الشامي المصلوب، وأبو داود النخعي وإسحاق
ابن نجيع الملطى وغياث بن إبراهيم النخعي، والمغيرة بن سعيد الكوفي،
وأحمد بن عبد الله الجويباري، ومأمون بن أحمد الهروي، ومحمد بن عكاشة
الكرماني، ومحمد بن القاسم الكانكاني.
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال أنبأنا محمد بن
أحمد بن رزق قال أنبأنا هبة الله بن محمد بن حنين الفراء قال حدثنا محمد بن عثمان
ابن أبي شيبة قال سمعت يحيى بن معين يقول: كان ببغداد قوم يضعون الحديث
منهم إسحاق بن نجيع الملطى ومحمد بن زياد اليشكري.
أنبأنا القزاز قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال حدثني محمد بن علي الصوري
قال أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن مرزوق المعدل قال أنبأنا الحسن بن رشيق قال:
47

حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي قال: الكذابون المعروفون بوضع
الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: ابن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي
ببغداد، ومقاتل بن سليمان بخراسان، ومحمد بن سعيد ويعرف بالمصلوب بالشام.
أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو عثمان الصابوني. وأبو بكر البيهقي
قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري قال سمعت أبا عبد الله محمد
ابن العباس الضبي يقول سمعت سهل بن السرى الحافظ يقول: قد وضع أحمد
ابن عبد الله الجويباري ومحمد بن عكاشة الكرماني ومحمد بن تميم الفارابي
على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرة آلاف حديث.
أنبأنا محمد بن عبد الباقي قال أنبأنا أحمد بن أحمد قال أنبأنا أحمد بن عبد الله
الحافظ قال حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم قال حدثنا أحمد بن علي الابار قال حدثنا
إبراهيم بن سعيد قال حدثنا جعفر بن اليسع قال: رؤى شعبة متقنعا في شدة الحر
فقيل له إلى أين يا أبا بسطام؟ قال: استعدى على رجل يكذب على رسول الله صلى
الله عليه وسلم.
فصل
ولقد رد الله كيد هؤلاء الوضاعين والكذابين بأخبار أخيار فضحوهم
وكشفوا قبايحهم وما كذب أحد قط إلا وافتضح، ويكفى الكاذب أن
القلوب تأبى قبول قوله، فإن الباطل مظلم وعلى الحق نور وهذا في العاجل،
وأما في الآخرة فخسرانهم فيها متحقق.
أنبأنا عبد الوهاب قال أنبأنا بن بكران الشامي قال أنبأنا أبو الحسن العتيقي
قال أنبأنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر العقيلي قال حدثنا محمد بن
عبد الله الحضرمي قال حدثنا جمهور بن منصور قال حدثنا أبو الحارث الزبيدي قال
سمعت سفيان يقول: ما ستر الله عز وجل أحدا يكذب في الحديث. وقد روينا
48

عن ابن المبارك أنه قال: لوهم رجل في السحر أن يكذب في الحديث لأصبح
الناس يقولون فلان كذاب.
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال:
أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد قال حدثنا محمد بن العباس الخزاز قال:
حدثنا أبو محمد سليمان بن داود الطوسي قال: سمعت أبا حسان الزيادي يقول:
سمعت حسان بن زيد يقول: لم يستعن على الكذابين بمثل التاريخ يقول الشيخ
[يقال للشيخ] سنة كم ولدت؟ فإذا أقر بمولده عرفنا صدقه من كذبه.
فصل
وقد ندم جماعة من الكذابين على كذبهم وتنصلوا من ذلك، فأنبأنا محمد
ابن ناصر الحافظ قال أنبأنا أبو سهل بن سعد سعدويه قال أنبأنا محمد بن الفضل
القرشي قال أنبأنا أبو بكر بن مردويه قال حدثنا محمد بن الحسن الدقاق قال:
حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو شيبة قال: كنت
أطوف بالبيت ورجل من قدامى يقول: اللهم اغفر لي، وما أراك تفعل، فقلت
يا هذا قنوطك أكثر من ذنبك، فقال لي دعني، فقلت له: أخبرني، فقال:
إني كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين حديثا وطارت في الناس
ما أقدر أن أرد منها شيئا. وقال ابن لهيعة: دخلت على شيخ وهو يبكى، فقلت
ما يبكيك، فقال: وضعت أربع مائة حديث أدرملها مارمامح (1) الناس فلا أدرى
كيف أصنع؟
وقد روى مثل هذا سليمان بن حرب وأنه دخل على رجل فقال: مثال
ذلك. ومرض نصر بن طريف فقال لعوداه قد حضر من أمرى ما ترون، وإني

(1) في العبارة تصحيف ولعلها " أدخلتها في تاريخ ".
(4 الموضوعات 1)
49

كذبت في أحاديث وأستغفر الله، فقالوا: ما أحسن ما صنعت تبت إلى الله
عز وجل ثم صح من مرضه فمر في تلك الأحاديث بعينها.
أنبأنا محمد بن ناصر عن أبي بكر بن خلف الشيرازي عن أبي عبد الله الحاكم
قال سمعت عبد العزيز بن عبد الملك الأموي قال سمعت إسماعيل بن محمد النحوي
يقول سمعت المحاملي يقول سمعت أبا العيناء يقول: أنا والحافظ وضعنا حديث
فدك وأدخلناه على الشيوخ ببغداد فقبلوه إلا ابن شيبة العلوي فإنه قال: لا يشبه
آخر هذا أوله. فأبى أن يقبله قال إسماعيل: وكان أبو العيناء يحدث بهذا
بعد ما تاب.
فصل
ومن التغفيل قول المتزهد عند سماع القدح في الكذابين هذا غيبة، وإنما
هو نصيحة للاسلام. فإن الخبر يحتمل الصدق والكذب ولا بد من النظر في حال
الراوي، قال يحيى بن سعيد سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري وشعبة وسفيان
ابن عيينة عن الرجل يكذب في الحديث أو يهم أبين أمره؟ قالوا: نعم بين أمره
للناس. وكان شعبة يقول: تعالوا حتى نغتاب في الله عز وجل، وسئل أن يكف
عن بيان. فقال: لا يحل الكف عنه لان الامر دين.
قال بن مهدي: مررت مع سفيان الثوري برجل فقال كذاب والله لولا أنه
لا يحل لي أن أسكت لسكت. وقال الشافعي: إذا علم رجل من محدث
الكذب ما يسعه السكوت عنه، ولا يكون ذلك غيبة لان العلماء كالنقاد،
ولا يسع الناقد في دينه أن لا يبين الزيوف وغيرها.
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا عمر بن عبيد الله البقال قال أنبأنا
أبو الحسين بن بشران قال أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق قال حدثنا حنبل قال
50

سمعت أبا عبد الله يقول: ما أشك في أبى البختري أنه يضع الحديث. قال حنبل
حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا يحيى بن يعلى عن زائدة قال: كان والله جابر
الجعفي كذابا.
أنبأنا المبارك بن أحمد الأنصاري قال أنبأنا عبد الله بن أحمد السمرقندي
قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أبو القاسم الأزهري قال حدثنا عبد الله
ابن عثمان الدقاق قال أنبأنا محمد بن مخلد قال سمعت محمد بن بندار الجرجاني
يقول: قلت لأحمد بن حنبل يا أبا عبد الله ليشد [إنه ليشق] على أن أقول فلان
كذاب، وفلان ضعيف، فقال لي: إذا سكت أنت وسكت أنا فمتى يعرف
الجاهل الصحيح من السقيم.
قال المصنف: وهذا الكلام من العلماء ظاهر المعنى فإن الرسول صلى الله
عليه وسلم قال: عليكم بسنتي، والمحال ليس من سنته، فقد نبه بهذا على معرفة
الثقاة من غيرهم وتلخيص الصحيح من السقيم، وقد كان ينصب منبر الحسان
ليرد عنه ما يتقوله الأعداء عليه مما لا يضر لأنه قول مشرك لا يدخل بقوله في
الدين شيئا، فكيف لا تندب من ندب عنه دخل من يدخل في شرعه ما ليس
فيه. قال أبو الوفا علي بن عقيل الفقيه: قال شيخنا أبو الفضل الهمداني: مبتدعة
الاسلام والواضعون للأحاديث أشد من الملحدين لان الملحدين قصدوا إفساد
الدين من خارج، وهؤلاء قصدوا إفساده من داخل، فهم كأهل بلد سعوا في
إفساد أحواله، والملحدون كالحاضرين من خارج، فالدخلاء يفتحون الحصن
فهو شر على الاسلام من غير الملابسين لاه.
فصل
وإذ قد أنهيت هذه الفصول التي هي كالأصول فأنا أرتب هذا الكتاب
كتبا يشتمل كل كتاب على أبواب فأذكره على ترتيب الكتب المصنفة في الفقه
51

ليسهل الطلب على طالب الحديث، وأذكر كل حديث بإسناده وأبين علته
والمتهم به تنزيها لشريعتنا عن المحال، وتحذيرا من العمل بما ليس بمشروع،
وأنا أحرج على من يروى من كتابنا هذا حديثا منفصلا عن القدح فيه فإنه يكون
خائنا على الشرع، كيف لا وقد أنبأنا هبة الله بن محمد بن الحصين قال أنبأنا
الحسن بن علي بن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد
ابن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا وكيع حدثنا سفيان وشعبة عن خبيث بن أبي
ثابت عن ميمون ابن أبي شبيب عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد
الكذابين "، أخرجه مسلم أنبأنا الكروخي قال: أنبأنا أبو عامر الأزدي،
وأبو بكر الغورجي قالا: أنبأنا الجراحي قال حدثنا المحبوبي قال حدثنا الترمذي
قال سألت أبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن عن هذا الحديث، فقلت من روى
حديثا يعلم أن إسناده خطأ أو روى الناس حديثا مرسلا فأسنده بعضهم أو قلب
إسناده يحلف أن يكون راويه داخلا في هذا الحديث، فقال: لا، إنما معنى
الحديث أن يروى الرجل الحديث، ولا يعرف لذلك الحديث عن النبي صلى الله
عليه وسلم فأخاف أن يكون المحدث به داخلا في هذا الحديث.
قال المصنف: ولقد عجبت من كثير من المحدثين طلبوا لتكثير أحاديثهم
فرووا الأحاديث الموضوعة ولم يبينوها للناس وهذا من الخطأ القبيح والجناية على
الاسلام، وأقبح من هذا حال المدلسين الذين يروون عن كذاب وضعيف
لا يحتج به فيغيرون اسمه، أو كنيته، أو نسبه أو يسقطون اسمه من الاسناد أو
يسمونه ولا ينسبونه مثل أن يكون في الاسناد عمر بن صبح، وهو ممن يضع
الحديث فيرويه الراوي ويقول: عن عمر ولا ينسبه ولا يدرى من عمر، وقد دلسوا
محمد بن سعيد الكذاب، وكان قتل على الزندقة على وجوه كثيرة ليخفى قال
الدارقطني: وكان الناس [النقاش] يروى عن محمد بن يوسف بن يعقوب الرازي،
52

وهو كذاب فيقول تارة حدثنا محمد بن طريف بن عاصم وتارة محمد بن نبهان
وتارة محمد بن يوسف وتارة محمد بن عاصم الحنفي.
ومنهم من ينسب الرجل إلى جده لئلا يعرف مثل أن يقول حدثنا محمد بن
موسى وهو الكديمي، وإنما محمد بن يونس بن موسى، وكان فيهم من يسوى
الحديث، وهو أن يكون بين الرجلين الثقتين ضعيف ويحتمل أن يكون الثقتان
قد رأى أحدهما الآخر فيسقط الراوي ذلك الضعيف ليتصل الخبر عن الثقاة وهذه
جنايات قبيحة على الاسلام.
فصل
وقبل الشروع في ذكر الأحاديث نذكر أربعة أبواب ذكرها منهم، الباب
الأول في ذم الكذب، والباب الثاني في قوله عليه السلام: " من كذب على
متعمدا " فيذكر طرق الحديث وعدد من رواه من الصحابة والكلام في معناه
وتأويله، والباب الثالث يأمر فيه بانتقاد الرجال ويحذر من الرواية عن الكذابين
والمجهولين. والرابع نذكر فيه ما يشتمل عليه هذا الكتاب من الكتب.
الباب الأول
في ذم الكذب
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف السهمي قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا يحيى بن محمد
ابن صاعد قال حدثنا محمد بن عبيد بن عتبة قال حدثنا عثمان بن سعيد قال
حدثنا عمرو بن ثابت عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي
بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالصدق،
53

فإنه يهدى إلى البر والبر يهدى إلى الجنة. وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدى
إلى الفجور، والفجور يهدى إلى النار، ولا يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند
الله صدوقا، ولا يزال يكذب حتى يكتب عند الله كذابا " قال ابن عدى وحدثنا
محمد بن منير الطبري قال حدثنا عباد بن الوليد قال حدثنا الوليد بن خالد الأعرابي
قال حدثنا سليمان ومنصور عن أبي وائل عن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " إن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا،
وإن الرجل ليكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ".
أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال
حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش
عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالصدق
فإن الصدق يهدى إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله
صديقا، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجور، وما يزال الرجل
يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ".
قال أحمد وحدثنا يزيد بن هارون قال: أنبأنا جرير بن حازم قال سمعت
أبا رجاء العطاردي يحدث عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فمرا بي على رجل ورجل
قائم على رأسه بيده كلوب من حديد فيدخله في شدقه فيشقه حتى يبلغ قفاه، ثم
يخرجه فيدخله في شدقه الآخر ويلتئم هذا الشدق فهو يفعل ذلك به، فقلت:
أخبراني عما رأيت. فقالا: أما الرجل الذي رأيت فإنه كذاب يكذب الكذبة
فتحمل عنه في الآفاق فهو يصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة، ثم يصنع الله تبارك
وتعالى به ما شاء ".
54

الباب الثاني
في قوله عليه السلام " من كذب على متعمدا "
لهذا الحديث سبب نذكره قبل ذكر طرقه أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا
أبو منصور محمد بن أحمد الخياط قال أنبأنا أبو بكر بن الأخضر قال حدثنا عمر بن
شاهين قال حدثنا البغوي قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال حدثنا علي بن مسهر
عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه قال: جاء رجل إلى قوم في جانب
المدينة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أحكم فيكم برأيي وفى
أموالكم، وفى كذا، وفى كذا، وكان خطب امرأة منهم في الجاهلية فأبوا أن
يزوجوه، ثم ذهب حتى نزل على المرأة، فبعث القوم إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فقال: كذب عدو الله، ثم أرسل رجلا فقال إن وجدته حيا فاقتله،
وإن أنت وجدته ميتا فحرقه بالنار، فانطلق فوجده قد لدغ فمات فحرقه بالنار،
فعند ذلك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا الحسن بن محمد بن عنبر
قال حدثنا الحجاج بن يوسف الشاعر قال حدثنا زكريا بن عدى حدثنا علي بن
مسهر عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه قال: " كان حي من بنى ليث
من المدينة على ميلين، وكان رجل قد خطب منهم في الجاهلية فلم يزوجوه فأتاهم
وعليه حلة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كساني هذه الحلة وأمرني
أن أحكم في أموالكم ودمائكم، ثم انطلق فنزل على تلك المرأة التي كان يحبها
فأرسل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كذب عدو الله ثم أرسل
55

رجلا، فقال: إن وجدته حيا، وما أراك تجده حيا فاضرب عنقه، وإن وجدنه
ميتا فأحرقه بالنار. قال فجاء فوجده قد لدغته أفعى فمات فحرقه بالنار قال فذلك
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده
من النار ".
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا محفوظ بن أحمد قال أنبأنا أبو على الجازري
قال أنبأنا المعافى بن زكريا قال حدثنا محمد بن هارون أبو حامد الحضرمي قال
حدثنا السرى بن يزيد الخراساني قال حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الفزاري
قال حدثنا داود بن الزبرقان قال أخبرني عطاء بن السائب عن عبد الله بن
الزبير قال: قال يوما لأصحابه أتدرون ما تأويل هذا الحديث " من كذب على
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار "؟ قال عشق رجل امرأة فأتى أهلها مساء، فقال
إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إليكم أن أتضيف في أي بيوتكم
شئت، قال: وكان ينتظر بيتوتته المساء، قال: فأتى رجل منهم النبي صلى الله عليه
وسلم، فقال: إن فلانا أتانا يزعم أنك أمرته أن يبيت في أي بيوتنا ما شاء، فقال:
كذب يا فلان انطلق معه فإن أمكنك الله عز وجل منه فاضرب عنقه واحرقه
بالنار، ولا أراك إلا قد كفيته، فلما خرج الرسول قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ادعوه، فلما جاء قال: إني قد كنت أمرتك أن تضرب عنقه وأن تحرقه
بالنار، فإن أمكنك الله منه فأضرب عنقه، ولا تحرقه بالنار فإنه لا يعذب بالنار
إلا رب النار ولا أراك إلا قد كفيته فجاءت السماء فصبت فخرج ليتوضأ فلسعه
أفعى، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال هو في النار ".
قال المصنف: وهذا الحديث أعني قوله: " من كذب على متعمدا " قد
رواه من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد وستون نفسا، وأنا
أذكره عنهم إن شاء الله قال الشيخ شاهدته فذكره في غير هذه النسخة عن
56

ثمانية وتسعين منهم عبد الرحمن بن عوف، ومنهم أبو بكر الصديق
رضي الله عنه.
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
أنبأنا محمد بن الحسين بن أبي سليمان المعدل قال أنبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان
قال حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد البراثي قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا
حارثة بن هرم قال حدثنا عبد الله بن بشر عن أبي كبشة عن أبي بكر الصديق
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا
أو قصر شيئا مما أمرت به فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا المبارك بن أحمد الأنصاري قال أنبأنا عبد الله بن أحمد السمرقندي
قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا أبو القاسم الأزهري قال أنبأنا على
ابن عمر الحافظ قال حدثنا أبو على محمد بن سليمان المالكي قال حدثنا عمرو بن
مالك الراسبي قال حدثنا حارثة بن هرم أبو شيخ قال حدثنا عبد الله بن بشر
عن أبي كبشة الأنصاري عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من تعمد على كذبا أو رد شيئا مما قلته فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي البزاز قال حدثنا أبو يعلى محمد بن الحسين
الفقيه قال أنبأنا أبو الحسن علي بن معروف قال أنبأنا أبو محمد بن صاعد قال
حدثنا عبد الله بن حكيم العطار قال حدثنا عمار بن هارون قال حدثنا القاسم بن
عبد الله بن عمرو عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن أبي
بكر الصديق رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أنبأنا بن الحصين قال أنبأنا بن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا
57

عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا أبو سعيد قال حدثنا دحين أبو الغصن
قال: قدمت المدينة فلقيت أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقلت حدثني
عن عمر. فقال لا أستطيع أخاف أن أزيد أو أنقص، كنا إذا قلنا لعمر حدثنا
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أخاف أن أزيد أو أنقص إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب على متعمدا فهو في النار ".
أنبأنا المبارك بن علي الصيرفي قال أنبأنا علي بن أحمد بن بيان قال أنبأنا
أبو منصور محمد بن محمد السواق قل أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا إبراهيم
الحربي قال حدثنا بشر بن أبان قال حدثنا الدحين قال: كنا نقول لأسلم حدثنا
فيقول: كنا نقول لعمر حدثنا فيقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من
كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي قال أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين قال أنبأنا
علي بن معروف البزار قال حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا محمد بن
عثمان بن إبراهيم العبسي قال حدثنا أحمد بن يحيى الأحول قال حدثنا عبد الله
ابن إدريس قال حدثنا أشعث عن الشعبي عن قرظة بن كعب قال سمعنا عمر بن
الخطاب رضي الله عنه يقول: أقلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأنا شريككم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب
على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم عثمان بن عفان رضي الله عنه أنبأنا بن الحصين قال أنبأنا ابن
المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال
حدثني أبي قال حدثنا الحسين وأنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا علي بن أحمد بن
بيان قال أنبأنا محمد بن محمد بن السواق قال أنبأنا أحمد بن جعفر القطيعي قال
أنبأنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، وأنبأنا
58

إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن سعدة قال أنبأنا حمزة بن
يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى الحافظ قال أنبأنا محمد بن يحيى بن سليمان
قال حدثنا عاصم بن علي قالوا حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن عامر بن سعد
قال سمعت عثمان يقول: ما يمنعني أن أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن لا أكون أوعى صحابته عنه، ولكن أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: " من قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ".
قال الحربي: وحدثنا محمد بن حميد قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا
أبو مودود عن محمد بن كعب عن أبان عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال
حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الكبير بن عبد المجيد
الحنفي قال حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن محمود بن لبيد عن عثمان بن
عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تعمد على كذبا فليتبوأ
بيتا في النار ".
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا
أبو طاهر محمد بن الحسين الناقد قال أنبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا
جعفر بن محمد الفريابي قال حدثنا إسحاق بن راهويه حدثنا أبو بكر الحنفي قال
حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن محمود بن لبيد عن عثمان بن عفان عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنبأنا ابن
المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثنا أبي
قال حدثنا يحيى هو ابن سعيد عن شعبة، وأنبأنا عبد الأول قال أنبأنا ابن المظفر
59

الداوودي قال حدثنا بن أعين السرخسي قال حدثنا أبو عبد الله الفربري قال
حدثنا البخاري قال حدثنا علي بن الجعد، وأنبأنا أبو غالب محمد بن الحسن
الماوردي قال أنبأنا أبو القاسم الحسين بن محمد الهاشمي قال أنبأنا أبو عمر الهاشمي
قال حدثنا علي بن إسحاق المادراني قال حدثنا أبو قلابة الرقاشي قال حدثنا على
ابن الجعد قال أنبأنا شعبة قال أخبرني منصور قال سمعت ربعي بن خراش يقول
سمعت عليا يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تكذبوا على فإنه من
يكذب على يلج النار " أخرجاه في الصحيحين.
أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا
عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن فضيل قال حدثنا
الأعمش عن حبيب هو ابن أبي ثابت عن ثعلبة يعنى ابن يزيد عن علي قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده
من النار ".
قال عبد الله: وحدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي قال حدثنا بن عوانة عن
عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا ابن المبارك بن علي الصيرفي قال أنبأنا علي بن أحمد بن بيان قال أنبأنا
محمد بن محمد بن السواق قال أنبأنا أحمد بن جعفر القطيعي قال حدثنا إبراهيم بن
إسحاق الحربي حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال حدثنا جرير عن الأعمش عن حبيب
عن ثعلبة الحماني قال سمعت عليا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
قال الحربي: وحدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا فضيل بن مرزوق عن حبلة
بنت المصلح بنت أخي مالك بن ضمرة قالت حدثني أبي أن عليا رضي الله عنه قال
60

" من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنما يدمث مجلسه من النار ".
أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي قال أنبأنا القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين
قال أنبأنا علي بن معروف البزاز قال أنبأنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال
حدثني الحسين بن ابن علي الأسود قال حدثنا محمد بن فضيل قال حدثنا الأعمش
عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يقول على ما لم أقل فليتبوأ مقعده
من النار ".
قال ابن صاعد: وحدثنا يعقوب بن إسحاق القلوسي قال حدثنا قيس بن
حفص الداري قال حدثنا الربيع بن يزيد قال حدثنا راشد بن نجيح الحماني عن
الحكم عن قيس بن عباد عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أخبرني
الحسن بن أبي بكر قال حدثنا أبو الحسن محمد بن عمر بن معاوية بن إسحاق بن
طلحة بن عبيد الله قال حدثني أبي قال حدثني أبي معاوية قال حدثني أبي يحيى
قال حدثني أبي معاوية قال حدثني أبي إسحاق قال حدثني طلحة بن عبيد الله
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب على متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال أنبأنا محمد بن الحسين بن خلف قال أنبأنا
علي بن معروف البزاز قال حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا أحمد بن
منصور الزيادي قال حدثنا سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن
طلحة بن عبيد الله قال حدثني أبي عن جدي عن موسى بن طلحة عن أبيه
61

طلحة بن عبيد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب على
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم الزبير بن العوام رضي الله عنه.
أنبأنا علي بن عبيد الله الزاغوني وأحمد بن الحسن بن البنا وعبد الرحمن
ابن محمد القزاز قالوا حدثنا عبد الصمد بن المأمون قال أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن
شاذان أنبأنا علي بن عمر الختلي قال حدثنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار
الصرفي قال حدثنا إبراهيم بن عرعرة بن البرند قال حدثنا خالد بن مخلد قال
حدثني عمر بن صالح قال سمعت عبد الله بن عروة يحدث عن عبد الله بن الزبير
عن الزبير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال على
ما لم أقل فليتبوأ بيتا في النار ".
وأنبأنا به عليا محمد بن أبي طاهر البزاز قال أنبأنا محمد بن الحسين بن خلف
قال أنبأنا علي بن معروف قال أنبأنا يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا محمد بن
أشكاب قال حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير
قال قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب على متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار ".
قال أبن صاعد وحدثني إسحاق بن شاهين قال أنبأنا خالد بن عبد الله عن
بيان بن وبرة بن عبد الرحمن عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال:
قلت لابي الزبير بن العوام: مالك لا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كما تحدث أصحابك؟ قال: لقد كانت لي منزلة ووجه ولكني سمعته يقول: " من
كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال
حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا
62

شعبة عن جامع بن شداد عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: قلت
للزبير مالي لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أسمع ابن مسعود
وفلانا وفلانا؟ قال: أما إني لم أفارقه منذ أسلمت ولكني سمعت منه كلمة:
" من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا محمد بن أبي طاهر قال أنبأنا الجوهري قال أنبأنا ابن حيويه قال أنبأنا
أحمد بن معروف قال أنبأنا الحسين بن ألفهم قال حدثنا محمد بن سعد قال أنبأنا
عفان ووهب بن جرير وأبو الوليد الطيالسي قالوا حدثنا شعبة عن جامع بن شداد
قال سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير يحدث عن أبيه قال: قلت للزبير مالي
لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان؟
قال: أما إني لم أفارقه منذ أسلمت، ولكني سمعته قال: " من كذب على
فليتبوأ مقعده من النار ".
قال وهب بن جرير في حديثه عن الزبير: والله ما قال متعمدا، وأنتم
تقولون متعمدا.
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال
حدثنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى الحافظ قال أنبأنا الحسن بن
محمد المدني قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثني الليث عن ابن الهاد
عن عمر بن عبد الله بن عروة عن عبد الله بن الزبير عن الزبير أنه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " من حدث على كذبا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر البزاز
قال أنبأنا القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين قال أنبأنا علي بن معروف البزاز
قال أنبأنا يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا فضل بن سهل الأعرج قال حدثنا
سليمان بن داود الهاشمي قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عامر
63

ابن سعد عن سعد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من قال
على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه.
أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد الزوزني قال أنبأنا أبو على محمد بن وشاح قال
حدثنا عمر بن شاهين قال حدثنا عبد الله بن محمد الخراساني قال حدثنا عبيد الله
ابن محمد العبسي قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثني صدقة بن المثنى قال
حدثني جدي رباح بن الحرث عن سعيد بن زيد قال سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: " إن كذبا على ليس ككذب على أحد، من كذب على
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه.
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا
القاضي أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عثمان البجلي قال حدثنا جعفر بن محمد
الخلدي قال حدثنا عبد الرحمن بن قريش بن خزيمة قال حدثنا أبو بكر محمد بن
سهل الجويباني قال حدثنا عبد الله بن عمرو البصري قال حدثنا هشام بن سعد
عن جعفر بن عبد الله بن أسلم عن أسلم مولى عمر بن الحسن رضي الله عنه قال
حدثنا ميسرة بن مسروق العبسي قال أبو عبيدة بن الجراح قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا إبراهيم بن دينار الفقيه قال أنبأنا أبو العلاء صاعد بن سيار قال سمعت
أبا محمد عبد الله بن يوسف الحافظ يقول: سمعت أبا مسعود أحمد بن أبي بكر
الحافظ يقول: سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الاسفراييني يقول:
ليس في الدنيا حديث اجتمع عليه العشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
ممن شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم غير حديث: " من كذب على متعمدا ".
64

قال المصنف: قلت ما وقعت لي رواية عبد الرحمن بن عوف إلى الآن،
ولا عرفت حديثا رواه عن رسول الله صلى الله عليه سلم أحد وستون نفسا،
وعلى قول هذا الحافظ اثنان وستون نفسا إلا هذا الحديث.
ومنهم ابن مسعود أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا أحمد
بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا وكيع قال حدثنا
المسعودي، وأنبأنا محمد بن منصور قال أنبأنا إسماعيل بن محمد بن ملة قال أنبأنا
محمد بن أحمد بن عبد الرحيم قال حدثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال حدثنا الحسن
ابن محمد بن أشكاب قال حدثنا محمد بن مسلم المؤدب قال حدثنا إسحاق الأزرق
عن مسعود كلاهما عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ
مقعده من النار ".
أنبأنا أبن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال
حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا أبي
قال سمعت عاصما يحدث عن ذر عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أنبأنا عبد الصمد بن علي بن المأمون
قال أنبأنا عبيد الله بن محمد بن حيابة قال حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال
حدثنا عبد الله بن عمر وعبد الله بن سعيد الكوفيان قالا حدثنا يونس بن بكير عن
الأعمش عن طلحة بن مصرف عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ
مقعده من النار ".
وقال البغوي: وحدثنا أبو نصر التمار قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم
(5 الموضوعات 1)
65

ابن بهدلة عن ذر عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
قال أبو نصر وحدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة عن سماك عن
عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم صهيب. أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل
ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد قال حدثنا أحمد بن علي
بن المثنى قال حدثنا قطن بن يسير، وأنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا على
ابن أحمد بن بيان قال أنبأنا محمد بن محمد بن السواق، أنبأنا أحمد بن جعفر
القطيعي قال أنبأنا إبراهيم الحربي قال أنبأنا أبو ظفر قالا حدثنا جعفر بن سليمان
عن عمرو بن دينار عن بعض ولد صهيب عن صهيب عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " من كذب على كلف يوم القيامة أن يعقد شعيرة وقال ابن
عدى أن يعقد بين شعيرتين " فذلك الذي يمنعني من الحديث.
أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين قال حدثنا
علي بن معروف قال حدثنا علي بن صاعد قال حدثنا حماد بن الحسين بن عنبسة
قال حدثنا سيار بن حاتم قال حدثنا جعفر بن سليمان عن عمرو بن دينار قهرمان
آل الزبير عن صيفي بن صهيب قال: قلنا لأبينا صهيب يا أبانا مالك لا تحدث
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث أصحابك وأصحابه؟ فقال: أما إني
قد سمعت ما سمعوا ولكني يمنعني أن أحدث عنه انى سمعته يقول: " من كذب
على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، وكلف يوم القيامة أن يعقد بين شعرتين،
ولن يقدر على ذلك ".
ومنهم عمار بن ياسر. أنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا علي بن أحمد بن بيان
66

قال أنبأنا محمد بن محمد السواق قال حدثنا أحمد بن جعفر القطيعي قال حدثنا
إبراهيم الحربي قال حدثنا عبيد بن يعيش، وأنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر البزار
قال أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين قال أنبأنا علي بن معروف قال حدثنا ابن
صاعد قال حدثني أحمد بن الربيع، قالا: حدثنا يونس بن بكير، قالا: حدثنا
علي بن بنى فاطمة عن أبي مريم، قال: سمعت عمارا يقول لابي موسى:
أنشدك الله ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب على
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو منصور القزاز، قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي، قال:
أنبأنا عبد الملك بن محمد الواعظ، قال أنبأنا أحمد بن الفضل بن خزيمة، قال
حدثنا محمد بن الأزهر الكاتب، قال حدثنا سليمان الشاذكوني، قال حدثنا على
ابن هاشم بن البريد ويونس بن بكير، قالا حدثنا علي بن الحزور عن أبي مريم
قال سمعت عمار بن ياسر يقول لابي موسى الأشعري: أما علمت أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار؟ ".
ومنهم معاذ بن جبل. أنبأنا محمد بن عمر الأرموي قال أنبأنا عبد الصمد
ابن المأمون، قال أنبأنا علي بن عمر الدارقطني، قال حدثنا محمد بن أحمد بن أبي
الثلج، قال حدثنا علي بن الحسن الترمذي، قال حدثنا صالح بن عبد الله
الترمذي، قال حدثنا محمد بن الحسن عن خصيب جحدر عن النعمان بن نعيم
عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو منصور القزاز، قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، قال
أنبأنا محمد بن الحسن بن محمد الأزهري، قال حدثنا محمد بن الخطيب الحافظ
قال حدثنا جبير الواسطي، ومحمد بن أحمد بن أسد الهروي، وأبو الذر أحمد
67

ابن محمد واللفظ له، قال حدثنا عبيد الله بن جرير بن صلة قال حدثنا أبو يزيد
الهروي قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله قال: قال معاذ: يا معشر
العرب اعلموا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب
على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم عقبة بن عامر. أنبأنا هبة الله بن محمد، قال أنبأنا الحسن بن علي،
قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد، قال حدثني أبي، قال حدثنا
هارون، قال حدثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث أن أبا عشانة حدثه
أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من كذب ما لم أقل فليتبوأ بيتا في جهنم " اسم أبى عشانة حي بن يؤمن
المصري المعافري.
أنبأنا المبارك بن علي الصيرفي، قال أنبأنا علي بن أحمد بن بيان، قال أنبأنا
محمد بن محمد بن السواق قال أنبأنا أحمد بن جعفر، قال حدثنا إبراهيم الحربي
قال حدثنا محمد بن عبد الملك، قال حدثنا أبو صالح، قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي
عشانة سمع عقبة بن [عامر] قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي، قال أنبأنا محمد بن الحسين بن خلف، قال
حدثنا علي بن معروف، قال أنبأنا ابن صاعد، قال حدثنا بحر بن نصر بن سابق
قال حدثنا عبد الله بن وهب، قال حدثنا عمر بن الحارث أن هشام بن أبي رقبة
اللخمي قال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم سلمان الفارسي: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي
ابن ثابت، قال أنبأنا الأزهري، قال أنبأنا علي بن عمر الحافظ، قال حدثنا
68

محمد بن مخلد، قال حدثنا حازم أبو محمد الجهد [الجهبيد] قال حدثنا محمد
عمران بن أبي ليلى، قال حدثنا محمد بن فضل بن عطاء بن السايب عن أبي
البختري عن سلمان قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم عبد الله بن عمر بن الخطاب، أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز،
قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت، قال أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن علي
السرحي [الزبينى] وأنبأناه عاليا يحيى بن علي المدبر [المدبر] قال
أنبأنا أبو الحسين بن المهتدى [المهدى] قال أنبأنا عيسى بن علي الوزير،
قال حدثنا بدر بن الهيثم، قال حدثنا إبراهيم بن محمد البصري، قال حدثنا سعيد
ابن سلام البصري، قال حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا هبة الله بن محمد، قال أنبأنا الحسين بن علي التميمي، قال أنبأنا أحمد
ابن جعفر، قال حدثنا عبد الله بن أحمد، قال حدثني أبي، قال حدثنا أسامة
قال حدثنا عبيد الله عن أبي بكر بن سالم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: " إن الذي يكذب على يبنى له بيت في النار ".
أنبأنا أبو منصور القزاز، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ علي بن أبي
المعدل، قال حدثنا عبد الملك بن إبراهيم القرميسيني، قال حدثنا الحسن بن محمد
ابن سعدان، قال حدثنا حميد بن علي الخلال، قال حدثنا جعفر عن عون عن
قدامة بن موسى عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من
كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي العزاز [القزاز] قال أنبأنا أبو يعلى محمد
ابن الحسين، قال أنبأنا على معروف، قال أنبأنا ابن صاعد، قال حدثنا عبد الله
69

ابن حكيم القطان قال حدثنا إسماعيل بن بهرام الحزاز [الخراز] قال حدثنا
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم عمرو بن عبسة أنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا علي بن أحمد بن بيان
قال أنبأنا محمد بن محمد بن السواق قال أنبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا
محمد بن علي بن سلن [شقيق] قال حدثنا النضر بن شميل قال حدثنا محمد
ابن النوار عن يزيد بن أبي مريم قال سمعت عدى بن أرطاة أن عمرو بن عبسة
قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب على متعمدا فليتبوأ
مقعده من النار ".
ومنهم أبو ذر الغفاري أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ قال أنبأنا إسماعيل بن
محمد بن ميله [ملة] قال أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم قال
حدثنا أبو بكر بن شاذان قال حدثنا القاضي الحسين بن إسماعيل قال [حدثنا]
زكريا أبو يحيى المنقرى قال حدثنا عبد الرحمن بن عمرو بن فضلة العسرى
[القسري] قال حدثني أبي عن جدي عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم أبو قتادة أنبأنا هبة الله بن محمد قال أنبأنا الحسن بن علي قال أنبأنا أحمد
ابن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن عبيد
قال حدثنا، يعنى بن إسحاق، وأنبأنا عبد الخالق بن عبد الصمد، قال أنبأنا
أبو الحسين النقور قال أنبأنا المخلص قال أنبأنا البغوي قال حدثنا أبو روح البلدي
قال حدثنا أبو شهاب الخياط عن محمد بن إسحاق واللفظ لأحمد قال حدثني
ابن كعب بن مالك عن أبي قتادة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول على المنبر: " يا أيها الناس،، إياكم وكثرة الحديث عنى فمن قال عنى
70

فلا يقولن إلا حقا وصدقا، فمن قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل الإسماعيلي
قال أنبأنا حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي قال أنبأنا أبو أحمد عبد الله بن
عدى الحافظ قال أنبأنا محمد بن الحسين بن مكرم قال حدثنا أبو حاتم داود بن
حماد البلخي قال حدثنا غياث بن محمد قال حدثنا كعب بن عبد الرحمن بن كعب
ابن مالك عن أبيه قال قلت لابي قتادة: حدثني بشئ سمعته من رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فقال: إني أخشى أن يزل لساني بشئ لم يقله رسول الله صلى
الله عليه وسلم، إني سمعته يقول: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده
من النار ".
ومنهم حذيفة بن اليمان أنبأنا أبو بكر بن أبي طالب هو البزاز قال أنبأنا
أبو يعلى محمد بن الحسين بن خلف قال أنبأنا علي بن معروف قال حدثنا يحيى بن
صاعد قال حدثنا محمد بن سليمان الحضرمي قال حدثنا أبو بلال الأشعري قال
[حدثنا] شريك عن منصور عن ربعي عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم حذيفة بن أسيد أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزار قال أنبأنا محمد بن
الحسين الفقيه قال أنبأنا علي بن معروف قال حدثنا ابن صاعد قال حدثنا الهيثم
ابن خالد بن يزيد قال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال حدثنا المى [المثنى]
ابن سعيد عن قتادة عن أبي الطفيل عن أبي شريحة حذيفة بن أسيد قال قال
النبي صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم جابر بن عبد الله أنبأنا هبة الله بن محمد قال أنبأنا الحسن بن علي
قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال قال حدثني أبي
وأنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن النقور قال أنبأنا أحمد بن محمد بن
71

عمران قال حدثنا أبو روق البراني [الهمداني] قال حدثنا حميد بن الربيع
قال حدثنا هشيم قالا أنبأنا أبو الزبير ح وأنبأنا محمد بن عبد الباقي قال أنبأنا
أبو يعلى محمد بن الحسين قال أنبأنا علي بن معروف قال حدثنا أبو صاعد قال حدثنا
أبو هشام الرفاعي قال حدثنا إسماعيل بن شعيب السمان قال حدثنا منصور بن
دينار عن يزيد الغفير [الفقيه] كلاهما عن جابر قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
وأنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال
أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا أبو يعلى قال
حدثنا سويد بن سعيد قال حدثنا القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل
عن جده عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم عبد الله بن عمرو بن العاصي [العاص] أنبأنا هبة الله بن محمد
قال أنبأنا الحسن بن علي قال أحمد بن جعفر قال أنبأنا عبد الله بن أحمد قال
حدثني أبي قال حدثنا يحيى بن إسحاق قال أخبرني أبي [ابن] لهيعة عن
يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد عن عبد الله بن عمرو قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده
من النار ".
وأنبأنا علي بن عبد الواحد الدينوري قال أنبأنا علي بن جعفر قال حدثنا
يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الولد [الوليد] عن عبد الله بن عمرو أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من
النار جهنم ".
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا محمد بن هبة الطبري قال محمد بن الحسين
72

ابن الفضل قال أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال أنبأنا يعقوب بن سفيان
قال أنبأنا سلمة بن عبد الرحمن قال أنبأنا سعدان عن عبد الحميد بن جعفر عن
يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد عن عبيدة عن عبد الله بن عمرو أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " من يقول على ما لم أقل فليتبوأ
مقعده من النار ".
ومنهم المغيرة بن شعبة أنبأنا يحيى بن ثابت بن بندار أنبأنا أبى أنبأنا
أبو بكر البرقاني أنبأنا أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي أخبرني الحسن بن سفيان
حدثنا وكيع عن سعيد بن عبيد الطائي ومحمد بن قيس عن علي بن ربيعة
الدالي [الوالبي] عن المغيرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
" إن كذبا على ليس ككذب على أحد. من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده
من النار ".
أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن
يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال أنبأنا محمد بن الحسن بن سماعه
[سماعة] قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا محمد بن قيصر عن علي بن ربيعة قال:
قال المغيرة بن شعبة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب
على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم عمران بن حصين أنبأنا أبو منصور العزاز [القزاز] قال أنبأنا
أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا عبد الغفار بن محمد المؤدب والحسن
ابن الحسين النعالي قالا أنبأنا محمد بن عبد الله الشافعي قال حدثنا يحيى بن المختار
ابن منصور بن إسماعيل النيسابوري قال حدثنا محمد بن مكي المروزي قال أنبأنا
عبد الله بن المبارك عن أبي هلال محمد بن سليم عن حميد بن هلال عن عمران
بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على فليتبوأ
مقعده من النار، عمدا وربما قال: بالتعمد ".
73

أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين قال أنبأنا
علي بن معروف قال أنبأنا ابن صاعد قال حدثنا أبو النصر مضر بن محمد بن
الضحاك قال حدثنا عبد المؤمن بن سالم بن ميمون السمعي قال حدثنا هشام بن
حسان بن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم أبو هريرة أنبأنا علي بن عبيد الله وأحمد بن الحسن وعبد الرحمن
قال حدثنا عبد الصمد بن المأمون قال أنبأنا علي بن عمر الختلي قال حدثنا أحمد
ابن الحسن بن عبد الجبار قال أنبأنا خلف بن هشام المقرى قال حدثنا أبو عوانة
عن أبي حصين عن أبي هريرة وأنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال
أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا محمد
ابن جعفر قال حدثنا شعبة عن أبي حصين قال سمعت ذكوان يحدث عن أبي
هريرة وأنبأنا عبد الوهاب قال أنبأنا عاصم بن الحسن قال حدثنا أبو عمر
ابن مهدي قال حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق قال حدثنا محمد بن سليمان الواسطي
قال حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا محمد بن ناصر وعمر بن خلف قالا أنبأنا محمد بن الحسن الباقلاوي
قال أنبأنا القاضي أبو العلا الواسطي قال أنبأنا أبو نصر أحمد بن محمد الشاركي
قال حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد البزاز قال حدثنا البخاري قال حدثنا عبد الله
ابن يزيد قال حدثنا سعيد بن أيوب قال حدثني بكر بن عمرو عن مسلم بن يسار
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يقول على ما لم
أقل فليتبوأ مقعده من النار ".
74

وأنبأنا محمد بن عبد الملك قال إسماعيل بن سعده [مسعدة] قال أنبأنا
حمزة قال أنبأنا ابن عدى قال أنبأنا أحمد بن حمدون النيسابوري قال حدثنا محمد
ابن مهاجر قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده
من النار ".
أنبأنا إسماعيل بن أحمد ومحمد بن عبد الملك قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا علي بن
إبراهيم قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة
قال حدثني صدقة قال حدثني محمد بن راشد عن النعمان بن راشد عن الزهري
عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة
لا يراحون ريح الجنة: رجل ادعى لغير أبيه، ورجل كذب، ومن كذب على "
عيينة هذا الحديث لا تروى عن الزهري إلا بهذا الاسناد، وصدقة هو ابن
عبد الله السمين.
أنبأنا إسماعيل قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة قال حدثنا ابن عدى
قال حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الواحد قال حدثنا موسى بن أيوب قال حدثنا
عبد الله بن عصمة عن مقاتل عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين وعلى من كذب على متعمدا " مقاتل هو ابن سليمان.
ومنهم البراء بن عازب أنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا علي بن أحمد بن
بيان قال أنبأنا محمد بن محمد بن السواق قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا
إبراهيم الحربي قال حدثنا الحكم بن موسى قال حدثنا محمد بن سلمة عن
الفراري [الفزاري] عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة
75

عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب على متعمدا فليتبوأ
مقعده من النار ".
ومنهم زيد بن أرقم أنبأنا هبة الله قال أنبأنا الحسن بن علي قال أنبأنا
أبو بكر بن مالك قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثني إسماعيل
ابن إبراهيم عن أبي حيان التيمي قال حدثني يزيد بن حبان عن زيد بن أرقم
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده
من النار ".
أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين قال أنبأنا
علي بن معروف قال أنبأنا يحيى بن صاعد قال حدثني أحمد بن يحيى الصوفي
قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون قال حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي عن أبي
إسحاق عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم قالا سمعنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم سلمة بن الأكوع أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال
أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا
الضحاك بن مخلد قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده
من النار ".
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن
يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال أنبأنا القاسم بن عبد الله بن مهدي
قال أبو مصعب قال حدثني محمد بن إبراهيم بن دينار عن يزيد بن أبي عبيد
عن سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من حدث عنى
حديثا لم أقله فليتبوأ مقعده من النار ".
76

أنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا علي بن أحمد بن بيان قال أنبأنا محمد بن
محمد بن السواق قال أنبأنا أحمد بن جعفر القطيعي قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق
الحربي قال حدثنا خالد بن حواش قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يزيد بن أبي
عبيد عن سلمة بن الأكوع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال
على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم رافع بن خديج أنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا علي بن أحمد بن
بيان قال أنبأنا ابن السواق قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا الحربي قال
حدثنا هارون بن عبد الله قال حدثنا يعقوب بن محمد قال حدثنا رفاعة بن هرير
قال حدثنا جدي عبد الرحمن بن رافع عن أبيه قال: " كنت عند النبي
صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: إن الناس يتحدثون عنك بكذا، قال:
" ما أقول إلا ما ينزل من السماء، ويحكم. لا تكذبوا على فإنه ليس كذب على
ككذب على أحد ".
أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال أنبأنا القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين
قال أنبأنا علي بن معروف قال حدثنا ابن صاعدة قال حدثني يعقوب بن إسحاق
ابن زيادة قال حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قال حدثنا رفاعة بن الهرير قال
حدثني عبد الرحمن بن رافع بن خديج عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " لا تكذبوا على فليس كذبا على ككذب على أحد ".
ومنهم أنس بن مالك أنبأنا أبو سعيد أحمد بن محمد الزوزني قال أنبأنا أبو على
محمد بن وشاح قال حدثنا عمر بن شاهين قال حدثنا عبد الله بن محمد الخراساني
قال حدثنا عبيد الله بن عمر التواريري [القواريري] قال حدثنا حرمي بن
عمار قال حدثنا شعبة بن قتادة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
77

أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزار قال أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي قال أنبأنا
عبد الله بن إبراهيم بن ماسي قال حدثنا أبو مسلم الكشي وأنبأنا عبد الوهاب
الحافظ قال أنبأنا عاصم بن الحسن قال أنبأنا أبو عمر بن مهدي قال حدثنا عثمان
ابن أحمد الدواق [الدقاق] قال حدثنا محمد بن سليمان الواسطي قالا حدثنا
محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثني سليمان التيمي عن أنس بن مالك قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على فليتبوأ مقعده من النار
متعمدا ".
أنبأنا علي بن عبد الله وأحمد بن الحسن وعبد الرحمن بن محمد قالوا أنبأنا
عبد الصمد بن المأمون قال أنبأنا علي بن عمر الختلي قال حدثنا أحمد بن الحسن
عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والذي
نفس أبى القاسم بيده لا يروى على أحد ما لم أقله إلا تبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أحمد بن محمد الصوفي قال أنبأنا أبو محمد الصريفيني قال أنبأنا ابن
حبابة قال حدثنا البغوي قال حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي قال حدثنا عثمان بن
عمر قال حدثنا شعبة عن حماد قال سمعت أنس بن مالك يقول: قال أبو القاسم
صلى الله عليه وسلم: من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا محمد بن عبدا لباقي بن أحمد قال أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد الأنباري
وأنبأنا علي بن أبي عمر قال أنبأنا أبو عمر بن مهدي قال حدثنا أبو عبد الله
محمد بن مخلد قال حدثنا حميد بن الربيع وأنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب
قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا
هشيم قال حدثنا عبد العزيز بن صهيب [عن أنس] بن مالك قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا أحمده
78

[حمزة] بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا الفضل بن الحباب
قال حدثنا مسدد قال حدثنا عبد الوارث قال حدثنا عبد العزيز مهيب عن
أنس قال: ما يمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا إلا أنى سمعت رسول الله صلى
ألله عليه وسلم يقول: " من يتعمد على الكذب فليتبوأ مقعده من النار ".
قال ابن عدى وأنبأنا محمد بن يحيى بن سليمان قال حدثنا عاصم بن علي
قال حدثنا شعبة عن غياث قال جاء أنس إلى الحجاج قال فسمعته يقول لولا أن
أخشى أن أخطئ لحدثتكم بأشياء قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده
من النار ".
أنبأنا موهوب بن أحمد قال أنبأنا علي بن أحمد البسري قال أنبأنا أبو طاهر
المخلص قال حدثنا أحمد بن نصر بن يحير [يحيى] قال حدثنا علي بن عثمان
ابن نفيل قال حدثنا المعافى بن سليمان قال حدثنا القاسم بن معن عن سليمان
التيمي عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال أنبأنا أحمد بن محمد العصان (القصار)
قال أنبأنا إسماعيل بن الحسن الصرصري قال حدثنا الحسين بن إسماعيل المحامل
قال حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني [الهمداني] قال حدثنا أبو معاوية
عن عاصم عن أنس قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب على
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا عبد الوهاب قال أنبأنا أحمد بن الحسن بن الباقلاوي قال أنبأنا أحمد
ابن عبد الله بن الحسين المحاملي قال حدثنا أبو بكر الشافعي قال حدثنا محمد
ابن إسماعيل ومحمد بن سليمان بن الحارث قالا حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري
79

قال حدثنا سليمان التيمي قال حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
قال الشافعي وحدثنا محمد بن سليمان الواسطي، قال حدثنا الفضل بن دكين
قال حدثنا عيسى بن طهمان الحسمي [الحبشي] قال سمعت أنس بن مالك
يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي قال أنبأنا أحمد بن
ابن عمر بن روح النهرواني قال حدثني جدي لأمي أبى [أبو] بكر محمد بن موسى بن
المثنى الفقيه قال حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد المروزي قال حدثنا محمد بن
منده الأصبهاني قال حدثنا بكر بن بكار قال حدثنا عابد بن شريح الحضرمي قال:
سمعت أنس بن مالك وأنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
وأنبأنا حمزة بن يوسف قال حدثنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا محمد بن الضحاك
ابن عمرو قال حدثنا عيسى بن عبد الله وعمران بن عبد الرحيم وإبراهيم بن
ميحل [منحل] قالوا حدثنا بكر بن بكار قال حدثنا عابد بن شريح وأنس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب في رواية حديث فليتبوأ
مقعده من النار ".
أنبأنا عبد الوهاب قال أنبأنا عاصم بن الحسن قال أنبأنا أبو عمر مهدى
قال حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق قال حدثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام الرياحي
قال حدثنا قريش بن أنس قال حدثنا سليمان بن التيمي عن أنس بن مالك قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار "
ومنهم أبو سعيد الخدري أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال
أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا
أبو عبيدة قال حدثنا همام بن يحيى عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن
80

أبى سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " حدثوا عنى فمن كذب على متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو الفتح بن عبد الباقي قال أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد الأنباري
قال أنبأنا أبو عمر بن مهدي قال أنبأنا أبو عبد الله بن مخلد قال حدثنا حميد بن
الربيع قال حدثنا هشيم حدثنا أبو هارون عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو منصور العرار [القزاز] أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي قال
أنبأنا أبو عمر بن مهدي قال أنبأنا محمد بن مخلد قال حدثنا محمد بن الحسن بن
نافع الباهلي قال حدثنا سليم بن سليمان الضبي قال حدثنا الصلت بن دينار عن
عمارة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا علي بن أحمد بن بنان [بيان] قال أنبأنا
محمد بن محمد بن السواق قال أنبأنا أحمد بن جعفر القطيعي قال حدثنا إبراهيم
ابن إسحاق الحربي قال حدثنا الحوصي قال حدثنا سعيد عن أبي سلمة عن أبي
نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من كذب على
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم عبد الله بن عباس أنبأنا هبة الله بن الحصين قال حدثنا أبو طالب
محمد بن محمد بن غيلان قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال حدثنا
محمد بن يونس قال عمر بن عبيد الله العدوي قال حدثنا سفيان بن حبيب عن
سعيد بن أبي عروبة عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس قال قال
العباس: يا رسول الله لو اتخذنا لك عريثا [عريشا] تكلم الناس من فوقه
ويسمعون؟ فقال: " لا أزال هكذا يصيبني غبارهم ويطؤون عقبى حتى يريحني
(6 الموضوعات 1)
81

الله منهم، فمن كذب على فموعده النار ".
أنبأنا علي بن عبد الله وأحمد بن الحسن وعبد الرحمن بن مخلد فآلوا حدثنا
عبد الصمد بن المأمون قال أنبأنا علي بن عمر الختلي قال حدثنا أحمد بن الحسن
ابن عبد الجبار الصوفي قال حدثنا الليث بن حماد الصفار قال حدثنا أبو عوانة
عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " اتقوا الحديث إلا ما علمتم فإنه من كذب على متعمدا
فقد تبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا
عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا حسن، وأنبأنا إسماعيل بن أحمد
قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد
ابن عدى قال أنبأنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا يعلى بن مهدي قال حدثنا
أبو عوانة الوضاح عن عبد الأعلى التغلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتقوا الحديث عنى إلا ما علمتم فإنه
من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم معاوية بن أبي سفيان. أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القرار [القزاز]
قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا أبو الهيثم علي بن إبراهيم بن حامد
البزار قال حدثنا القاضي أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن محمد
الأسدي قال حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال حدثنا أحمد بن
الخليل البغدادي ح. وأنبأنا عبد الرحمن قال أنبأنا أحمد بن علي قال أنبأنا أبو بكر
الترمانى [البرقاني] قال أنبأنا عمر بن محمد الزيات قال أنبأنا محمد بن هارون
الحضرمي قال حدثنا علي بن مسلم وأبو الخير أسد بن عمار قالوا حدثنا روح ح،
وأنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين قال أنبأنا على
82

ابن معروف قال حدثنا أبو صاعد قال حدثنا فضل بن أبي طالب قال حدثنا عمر
ابن حكام قالا حدثنا شعبة عن أبي العض [الفيض] عن معاوية بن أبي
سفيان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ
مقعده من النار ".
ومنهم السايب بن يزيد. أنبأنا المبارك بن علي الصيرفي قال أنبأنا علي بن
أحمد بن بيان قال أنبأنا محمد بن محمد بن السواق قال أنبأنا جعفر قال حدثنا
إبراهيم الحربي قال حدثنا محمد بن عبد الملك ح، وأنبأنا محمد بن عبد الباقي البزار
قال أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين قال أنبأنا علي بن معروف قال أخبرني يحيى
ابن صاعدة [صاعد] قال حدثني أبو بكر بن زنجويه قالا حدثنا نعيم بن
حماد قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن محمد بن يوسف عن السايب بن يزيد
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده
من النار ".
ومنهم أسامة بن زيد. أنبأنا إسماعيل بن أحمد بن [السمرقندي] قال قال
أبو نصير محمد بن محمد الرحبي قال أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الرزاق قال حدثنا محمد
ابن السرى بن عثمان الثمار قال أنبأنا إسحاق بن إبراهيم بن سفيان قال حدثنا
عبد الرحمن بن رافع قال حدثنا علي بن ثابت الخدري الحرزي عن الوازع بن
نافع بن أبي سلمة عن أسامة بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " وذلك أنه بعث رجلا في حاجة
فكذب عليه فدعا عليه فوجده ميتا لم تقبله الأرض.
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا أبو سهل بن سعدويه قال أنبأنا محمد بن الفضل
القرشي قال أنبأنا أبو بكر بن مردويه قال حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا
محمد بن الفضل السفطي قال حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا علي بن ثابت عن الوازع
83

عن أبي سلمة عن أسامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يقول
على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار " وذلك أنه بعث رجلا فكذب عليه فدعا
عليه فوجده ميتا قد انشق بطنه ولم تقبله الأرض.
ومنهم عمر بن مرة الجهني. أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ قال أنبأنا إسماعيل
ابن محمد بن ملة قال أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم وحدثنا أبو بكر
أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال محمد بن أحمد بن سنبود [شبور] حدثنا
طاهر بن علي بن ناصح حدثنا إبراهيم بن الوليد الطبراني حدثنا الهيثم بن عدى
عن الضحاك بن زمل عن أبي أسماء السكسكي عن عمر بن مرة الجهني قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب على متعمدا فليتبوأ
مقعده من النار ".
ومنهم بريدة بن الحصيب. أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا
إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا ابن عدى قال أنبأنا
أبو يعلى عن علي بن مسهر ح، وأنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا علي بن أحمد بن
بيان قال أنبأنا محمد بن محمد السواق قال أنبأنا أحمد بن جعفر القطيعي قال حدثنا
إبراهيم الحربي قال حدثنا يحيى قال حدثنا علي بن مسهر عن صالح بن حيان عن
ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب على متعمدا
فليتبوأ مقعده ".
قال المصنف: وقد ذكرنا طرقا أخر عن ابن بريدة في أول هذا الباب.
ومنهم واثلة بن الأسقع أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى الحافظ قال أنبأنا
القاسم بن عبد الله بن مهدي قال حدثنا أبو مصعب قال حدثني محمد بن إبراهيم
ابن دينار عن أسامة بن زيد عن عبد الوهاب بن بحت عن عبد الواحد
84

البصري عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن من أفرى الفري أن أقول ما لم أقل، وأن يرى الانسان عينه ما لم تر،
وأن يدعى إلى غير أبيه ".
أنبأنا المبارك بن أحمد الأنصاري قال أنبأنا عبد الله بن أحمد السمرقندي
قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا عبد السلام بن عبد الوهاب القرشي
قال أنبأنا سليمان بن أحمد الطبراني قال حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال حدثنا
أبو اليمان قال حدثنا جرير بن عثمان قال حدثني عبد الواحد بن عبد الله البصري
عن واثلة بن الأسقع قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " إن من أعظم الفري
أن يدعى الرجل إلى غير أبيه أو يرى عينيه في المنام ما لم تر، يقول على ما لم أقل ".
ومنهم عبد الله بن الزبير. أنبأنا هبة الله بن أحمد الحريري قال أنبأنا
أبو طالب العشاري قال حدثنا الدارقطني قال حدثنا عبد الله بن الهيثم بن خالد
ومحمد بن يوسف بن سليمان قالا حدثنا خلف بن محمد الواسطي قال حدثنا يعقوب
ابن محمد قال حدثنا الزبير بن حبيب عن أبيه عن عامر بن عبد الله بن الزبير
عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم قيس بن سعد. أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا
أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا
حسن بن موسى قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثنيه ابن هبيرة قال سمعت شيخا
من حمير يحدث أبا تمام الجيشاني أنه سمع قيس بن سعد بن عبادة يقول سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب على كذبة متعمدا فليتبوأ
مضجعا من النار وبيتا في جهنم ".
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا أبو بكر محمد بن هبة الله
85

الطبري قال أنبأنا أبو الحسن بن الفضل قال أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه
قال حدثنا يعقوب بن سفيان قالوا حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار قال
أنبأنا ابن لهيعة عن ابن هبيرة قال سمعت شيخا يحدث أبا تميم أنه سمع قيس بن
سعد بن عبادة يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب على
كذبة متعمدا فليتبوأ مضجعا من جهنم أو بيتا، ألا ومن شرب الخمر أتى عطشانا
يوم القيامة، وكل مسكر خمر " ابن هبيرة اسمه عبد الله.
ومنهم عبد الله بن أبي أوفى. أنبأنا زاهر بن طاهر النيسابوري قال أنبأنا
أبو نصر أحمد بن محمد بن أبي حامد البغدادي قال أنبأنا أبو زكريا يحيى بن
إبراهيم عن حامد بن أبي العوام عن عبد الله بن أبي أوفى قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم أوس بن أوس [أويس] أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا
إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال حدثنا أبو أحمد بن عدى
قال حدثنا بيان ابن أحمد بن علوية [علوية] قال حدثنا داود بن رشيد
قال حدثنا إسماعيل بن عياش قال حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن محيريز
عن أبيه عن أوس بن أويس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب
على نبيه أو على عينيه أو على والديه فإنه لا يريح رائحة الجنة ".
ومنهم أبو أمامة الباهلي أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي
ابن ثابت قال أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي قال أنبأنا
أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله القطان قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال
حدثنا إبراهيم، يعنى ابن بكر الشيباني، قال حدثنا جعفر بن الزبير عن القاسم
عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما رجل كذب على
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
86

أنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا علي بن أحمد بن بيان قال أنبأنا محمد بن
محمد بن السواق قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا إبراهيم الحربي قال حدثنا
إبراهيم بن محمد قال حدثنا عبيد الله الحنفي عن سلم بن ررير [زرير] عن
بريد بن أبي مريم عن شهر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين قال أنبأنا
علي بن معروف قال حدثنا ابن صاعد قال حدثنا بشر بن آدم قال حدثنا بريد
ابن أبي مريم عن شهر بن حوشب قال: دعا أمير من أمراء الشام أبا أمامة،
فلما جاء قال: حدثني حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه تزيد،
فغضب الشيخ وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من حدث
عنى حديثا كاذبا يتبوأ به مقعده من النار ".
ومنهم أبو موسى الغافقي أنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا ابن بيامة [بيان]
قال أنبأنا ابن السواق قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا إبراهيم الحربي حدثنا
قتيبة قال حدثنا ليث بن سعد عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن ميمون عن أبي
موسى الغافقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آخر ما عهد إلى الناس قال:
" من قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا المبارك بن أحمد قال أنبأنا عبد الله بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا
أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا أبو بكر البرقاني قال أنبأنا أحمد بن إبراهيم
الإسماعيلي قال حدثنا الحضرمي، يعنى مطينا، قال حدثنا ضرار بن صرد قال
حدثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن ميمون عن أبي
موسى الفافقى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سيأتي قوم من بعدي
يسألونكم حديثي فلا تحدثوهم إلا بما تحفظون، فمن كذب على متعمدا فليتبوأ
87

مقعده من النار " أبو موسى اسمه ملك [مالك] بن عبادة.
ومنهم [أبو] قرصافة حنذرة بن خيشنة أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي
قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن
عدى قال أنبأنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا أيوب بن علي بن هيصم
قال حدثنا زياد بن يسار قال حدثتنا عزة بنت أبي قرصافة عن أبيها قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حدثوا عنى بما تسمعون ولا يحل لاحد أن يكذب
على فمن كذب على أو قال على غير ما قلت بنى له بيت في جهنم يرتع فيه ".
أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين قال أنبأنا
علي بن معروف البزار قال حدثنا ابن صاعد قال حدثنا إسحاق الصيف الطائفي
قال حدثنا أيوب بن علي بن مسلم قال حدثني زياد بن يسار قال حدثتني عزة
بنت عياض أنها سمعت جدها أبا قرصافة يقول قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " حدثوا عنى ولا تقولوا إلا حقا ومن قال عنى ما لم أقل يبنى له في جهنم بيت
يرقع [يرتع] فيه ".
ومنهم رمثة واسمه رفاعة السهمي أنبأنا محمد بن عمر الأرموي قال أنبأنا على
ابن عمر الدارقطني قال حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن الدينوري الضراب قال
حدثنا محمد بن عبد العزيز بن المبارك قال حدثنا أبو سلمة واسمه موسى بن إسماعيل
الشودكى قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي رمثة عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنبأنا محمد بن عبد الملك
قال أنبأنا أبو محمد الجوهري عن أبي الحسن الدارقطني قال حدثنا محمد بن نوح
الجنديسابوري قال حدثنا عمرو بن مرزوق قال أنبأنا خالد بن الحارث عن سفيان
الثوري عن عاصم بن عبيد الله عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن أبي رافع
88

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ
مقعده من النار ".
ومنهم خالد بن عرفطة أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا
أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا
محمد بن بشر قال حدثنا زكريا بن أبي زايدة قال حدثنا خالد بن سلمة قال حدثنا
مسلم أن خالد بن عرفطة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من
كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال:
أنبأنا علي بن محمد المعدل قال أنبأنا دعلج بن أحمد قال إبراهيم بن علي قال حدثنا
الحسين بن علي بن الأسود ح وأنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا ابن بيان قال أنبأنا
أبو منصور السواق قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا إبراهيم الحربي قال
ابن نمير قال حدثنا محمد بن بشر عن زكريا بن أبي زايدة عن خالد بن أبي عن
مسلم مولى خالد بن عرفطة عن خالد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم طارق بن الأشيم والد أبى مالك الأشجعي أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر
قال أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين قال أنبأنا علي بن معروف قال حدثنا ابن حامد
قال حدثنا محمد بن خلف المقرى قال حدثنا شريح بن النعمان قال حدثنا خلف بن
خليفة عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعدة من النار ".
ومنهم نبيط بن شريط أنبأنا أبو القاسم الحريري قال: أنبأنا أبو طالب
العشاري قال حدثنا علي بن عمر الدارقطني قال حدثنا محمد بن جعفر بن أيوب
القاضي قال حدثنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط قال حدثني
89

أبى عن أبيه إبراهيم عن نبيط بن شريط قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم [أبو] يعلى بن مرة أنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا علي بن أحمد بن
بيان قال أنبأنا محمد بن محمد بن السواق قال حدثنا أحمد بن جعفر القطيعي قال:
حدثنا إبراهيم الحربي قال حدثنا سهل بن زنجلة قال حدثنا الصباح بن محارب
عن محمد بن عبد الله بن يعلى عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من كذب على شيئا متعمدا [تعمده] فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم العرس بن عميرة أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا علي بن إبراهيم
ابن الهيثم ح وأنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا
أنبأنا أبو محمد عبد الله بن الحسين بن عثمان الهمداني قال أنبأنا الدارقطني قال:
حدثنا أبو محمد يحيى بن صاعد قالا حدثنا يحيى بن زهدم المصري قال حدثني أبي
عن العرس بن عميرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من كذب على
كذبة متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ". هذا العرس بن عميرة له صحبة وثم آخر
يقال له العرس بن عميرة يروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
ومنهم يزيد بن أسد أنبأنا أبو القاسم الحريري قال أنبأنا أبو طالب
الغشاوى [العشاري] قال حدثنا الدارقطني قال حدثنا محمد بن العباس بن
مهران قال حدثنا محمد بن أبي يعقوب الدينوري قال حدثنا أحمد بن صالح
الملكي [المكي] قال حدثنا يحيى بن سعيد القسري عن أبيه عن جده خالد
ابن عبد الله القسري عن أبيه عن جده يزيد بن أسد عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم عفان بن حبيب أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أحمد بن الحسين
90

البيهقي قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال حدثني عبد الله بن ثابت
البغدادي قال حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن سلمة الأهوازي قال حدثنا
عبد الله بن عفان بن حبيب وذكر أن أباه هاجر من مكة إلى المدينة مع النبي
صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كذب
على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم رجل من أسلم من الصحابة. أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال أنبأنا
أبو يعلى محمد بن الحسين قال: أنبأنا علي بن معروف قال حدثنا ابن صاعد قال
حدثنا يوسف بن موسى القطان قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا أبو حمزة ثابت
ابن أبي صفية قال حدثني سالم بن أبي الجعد قال حدثني عبد الله بن محمد بن
الحنفية: انطلقت مع أبي إلى صهر لنا من أسلم من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم فسمعته يقول: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم رجل آخر من الصحابة. أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال
أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن قال حدثني أبي قال حدثنا
يحيى بن سعيد قال حدثنا شعبة قال حدثني عمرو بن مرة قال سمعت مرة قال
حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
ومنهم رجل آخر من الصحابة. أنبأنا أحمد بن المملى قال أنبأنا أبو محمد بن أبي
عثمان الدقاق قال أنبأنا أبو على الحسن بن القاسم بن الحسن الخلال قال أنبأنا
أبو بكر أحمد بن عبد الله بن محمد بن صاحب أبى صخرة قال حدثنا علي بن مسلم
الطوسي قال حدثنا محمد بن يزيد الواسطي عن أصبغ بن يزيد عن خالد بن كثير
عن - خلد بن دوريك - [خالد بن دريك] عن رجل من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يقول على
91

ما لم أقل بين عيني جهنم مقعدا من النار، فقيل يا رسول الله هل لها من عينين؟
قال: نعم، ألم تسمع قول الله عز وجل: [إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها
تغيظا وزفيرا].
ومن الصحابيات عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
أنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا ابن بيان قال أنبأنا محمد بن محمد بن السواق
قال أنبأنا أحمد بن جعفر القطيعي قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال حدثنا
دحيم وأنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر قال أنبأنا محمد بن الحسين بن خلف قال أنبأنا
علي بن معروف قال حدثنا ابن صاعد قال حدثني الحسن بن عبد العزيز الحروي
قال بشر بن بكر عن الأوزاعي عن حصين عن أبي سلمة عن عائشة قالت: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ".
وأم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنبأنا أبو القاسم الحريري
قال أنبأنا أبو طالب العشاري قال حدثنا الدارقطني قال حدثنا أحمد بن محمد بن
سعيد قال حدثنا حمزة بن يوسف بن يعقوب الجعفي قال حدثنا أبو طاهر أحمد
ابن عيسى قال حدثني محمد بن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه قال
حدثني بشر بن عاصم قال حدثني أبو إسحاق النسفي عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس عن أم أيمن قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من كذب
على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
فهؤلاء أحد وستون نفسا من الصحابة رووا هذا الحديث وقد كانوا لاجله
يتورعون عن الرواية كما ذكرنا عن الزبير وغيره، فقد أنبأنا أبو بكر بن
عبد الباقي قال أنبأنا أبو محمد الجوهري قال أنبأنا إبراهيم بن أحمد الحرقى
قال حدثنا جعفر الفريابي قال حدثنا أحمد بن الفران [الفرات] قال أنبأنا
يزيد هارون قال أنبأنا يزيد بن هارون قال أنبأنا شعبة عن أبي السفر عن الشعبي
92

قال: صحبت ابن عمر غارايته [فما رأيته] يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم
إلا حديثا واحدا. قال العراب [الفرات] وحدثنا عبيد الله بن موسى قال عن
إسرائيل عن أبي حصين عن عامر الشعبي عن مسروق عن عبد الله بن مسعود
قال حدثنا يوما فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فأخذته رعدة
ورعدت بنانه، فقال نحو هذا أو كما قال.
أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا
عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا إسرائيل
عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق قال حدثنا عبد الله يوما فقال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرعد حتى رعدت بنانه ثم قال نحو هذا
أو شبهه. بذا أنبأنا أبو القاسم السمرقندي قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة
ابن يوسف قال أبو أحمد بن عدى قال حدثنا إبراهيم بن أسباط قال حدثني محمد
ابن عبد الرحمن بن سهم قال حدثنا ابن المبارك قال أنبأنا مجالد بن سعيد عن
الشعبي عن مسروق قال: كان عبد الله بن مسعود يأتي عليه الحول قبل أن
يحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث.
وقال ابن أبي ليلى: كنا إذا أتينا زيد بن أرقم فقلنا له حدثنا عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: إنا قد كبرنا ونسينا. والحديد [الحديث] عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد.
أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا
عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا إسماعيل قال حدثنا أبو هارون
القنوى [الغنوي] قال حدثنا مطروق [مطرف] قال: قال لي عمران
ابن حصين: يا مطروق [مطرف] إن كنت لأرى لو شئت [حدثت] عن
نبي الله صلى الله عليه وسلم يومين متتابعين لا أعيد حديثا. ثم لقد زادني بطأ عن
93

ذلك وكراهية له أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شهدت كما
شهدوا وسمعت كما سمعوا ويحدثون أحاديث ما هي كما يقولون، ولقد علمت أنهم
لا يألون عن الخير: فأخاف أن يشبه لي كما شبه لهم. فقد كان عمر ينكر كثرة
الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على من لا يشك في صدقه لتختر
[ليحترز] غيره.
أنبأنا ابن السمرقندي قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال
أنبأنا أحمد بن عدى قال أنبأنا أحمد بن شعيب السائي - [النسائي] قال أنبأنا
إسحاق بن موسى قال حدثنا معن قال حدثنا مالك بن أنس عن عبد الله بن
إدريس عن شعبة عن سعيد بن إبراهيم عن أبيه قال: بعث عمر بن الخطاب إلى
عبد الله بن مسعود، وإلى أبى الدرداء، وإلى أبى مسعود الأنصاري رضي الله عنهم
أجمعين، فقال: ما هذا الحديث الذي تكثرون عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم فحبسهم بالمدينة حتى استشهد.
أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال
حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال حدثنا ابن مهدي قال عن معاوية بن صالح
عن ربيعة بن يزيد عن عبد الله بن عامر اليحصى قال سمعت معاوية بن أبي
سفيان يقول: إياكم والأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثا
كان على عهد عمر فإن عمر كان أخاف الناس في الله عز وجل.
فصل
وقد تأول هذا الحديث الذي طرقناه وهو قوله: (من كذب على) قوم
من الكذابين القاصدين بأربع تأويلات، وضعوا في ذلك أحاديث:
التأويل الأول: أنهم قالوا الكذب عليه أن يقال (ساحر أو مجنون)
94

ورووا في ذلك حديثا، أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد البغدادي قال أنبأنا عبد
الوهاب بن أبي عبد الله بن منده قال أنبأنا أبى قال أنبأنا خيثمة قال حدثنا
عمران بن بكار قال حدثنا يزيد بن عبد ربه قال حدثنا بقية قال حدثني إبراهيم
ابن أدهم قال حدثني أعين [أيمن [مولى مسلم بن عبد الرحمن يرفعه قال
[لما] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا، قالوا
قال [يا] رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع [نسمع] منك الحديث
فيزيد فيه وينقص [فنزيد فيه وننقص] فهذا كذب عليك؟ ألا
[قال: لا] ولكن من حدث على يقول أنا كذاب أو ساحر " أر [وهذا]
حديث منقطع، وأعين [أيمن] مجهول ثم لا حجة فيه لمن يزيد الوضع لأنه
لو صح كان معنى قولهم يزيد وينقص [نزيد وننقص] في الألفاظ التي لا تخل
بالمعنى. وهذا جائز فليس فيه راحة لمن يقصد الكذب عليه.
التأويل الثاني: قالوا المراد به من كذب على بقصد سيى [سئ] وعيب
ديني، واحتجوا بحديث أنبأنا به محمد بن ناصر عن أبي عن الحداد قال حدثنا
أبو نعيم الحافظ قال حدثنا سليمان بن أحمد قال حدثنا القاسم بن محمد الدلال قال
حدثنا أسد بن زيد الجمال قال حدثنا محمد بن الفضل بن عطية عن الأخوص بن
حكيم عن مكحول عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من
كذب على متعمدا فليتبوأ مقلده بين عيني جهنم فشق ذلك على أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا نحدث عنك بالحديث فنزيد وننقص
فقال ليس ذاكم، إنما أعني الذي يكذب على يريد عيبي وشين الاسلام ".
وهذا الحديث لا يصح لان محمد بن الفضل قد كذبه يحيى بن معين والفلاس
وغيرهما. وقال أحمد بن حنبل: ليس بشئ وإنما وضع هذا من في نيته الكذب.
والتأويل الثالث: أنهم قالوا: إذا كان الكذب لا يوجب ضلالا جاز.
95

قال أبو بكر محمد بن المنصور السمعاني: ذهب بعض الكرامية إلى جواز
وضع الأحاديث على النبي صلى الله عليه وسلم فيما لا يتعلق به حكم من الثواب
والعقاب ترغيبا للناس في الطاعة وزجرا لهم عن المعصية واغتروا بأحاديث.
قال المصنف: قلت أنبأنا بها إسماعيل بن أبي بكر المقرى قال أنبأنا إسماعيل
ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف السهمي قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى
الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح بن أبي عصمة الدمشقي قال حدثنا هشام بن عمار
قال حدثنا محمد بن عيسى بن سميع قال حدثنا محمد بن أبي الزعيرعه [الزعيزعة]
قال سمعت نافعا يقول: قال ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قال
على كذبا ليضل الناس بغير علم فإنه بين عيني جهنم يوم القيامة، وما قال من
حسنة فالله ورسوله يأمران بها قال الله عز وجل: [إن الله يأمر بالعدل
والاحسان] ح.
قال ابن عدى أنبأنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي قال أنبأنا الحكم بن
موسى قال حدثنا محمد بن سلمة الحراني عن العرارى الفزاري] عن طلحة بن
مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء عن عازب قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم قال بعد
من كذب من كذب (1) على متعمدا ليضل الناس به فليتبوأ مقعده من النار ".
قال ابن عدى وحدثنا بهلول بن إسحاق قال حدثنا محمد بن عمرو بن حبان
قال أنبأنا بقينه [بقية] قال أخبرني محمد الكوفي عن الأعمش عن أبي سفيان
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا
ليضل الناس به فليتبوأ مقعده من النار " قال ابن عدى وحدثنا محمد بن عبد الله
ابن فضيل الحمصي قال حدثنا محمد بن مصعى [مصيفي] قال حدثنا بعمه

(1) التكرار بالأصل، ولعله من سهو الناسخ.
96

[بقية] عن محمد الكوفي عن الأعمش عن أبي سفيان وهو طلحة بن نافع عن
جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على متعمدا ليحل
حراما ويحرم حلالا أو يضل الناس بغير علم فليتبوأ مقعده من النار ".
قال ابن عدى وحدثنا العباس بن أحمد بن أبي محمد الحسلى قال حدثنا محمد
بن أبان قال حدثنا يونس بن بكير عن الأعمش عن طلحة هو ابن مصرف عن
عمرو بن شرحبيل عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب
على متعمدا ليضل به الناس فليتبوأ مقعده من النار ".
قال ابن عدى وأنبأنا علي بن سعد بن بشير قال حدثنا سهل بن زنجله
[دنجلة] قال حدثنا الصباح بن محارب عن عمرو بن عبد الله بن يعلى بن مرة
عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كذب على
متعمدا ليضل به الناس فليتبوأ مقعده من النار ".
قال المصنف: قلت وهذه الأحاديث كلها لا تصح.
أما الأول فإن ابن أبي الزعيزعة ليس بشئ قال البخاري لا يكتب حديثه.
وقال أبو حاتم بن حيان الحافظ: هو دجال من الدجالين يروى الموضوعات.
وأما الحديث الثاني فيرويه عن طلحة غير الفزاري وإنما كنى به محمد بن
سلمة لضعفه: قال يحيى بل يكتب [حديث] العرزمي، وقال النسائي متروك.
وأما الحديث الثالث والرابع ففيهما محمد الكوفي، قال ابن عدى كان بقية
يروى عن الضعفاء ويداسهم والكوفي مجهول.
قال المصنف: قلت أنا ولا أراه إلا العرزمي أيضا.
وأما الحديث الخامس فقد روى من طريق آخر وليس فيه يضل به. قول
أبو عبد الله الحاكم وهو [وهم] يونس بن بكير في هذا الحديث [في]
موضعين: أحدهما أنه أسقط بين طلحة وعمرو بن شرحبيل أبا عمار، والثاني أنه
(7 - الموضوعات 1)
97

أسنده والمحفوظ أنه مرسل عن عمرو بن شرحبيل عن النبي صلى الله عليه وسلم
من غير ذكر ابن مسعود.
وأما الحديث السادس: فليس يرويه غير الصباح. قال العقيلي: الصباح
يخالف في حديثه.
التأويل الرابع: أن بعض المخذولين من الواضعين أحاديث الترغيب قال:
إنما هذا الوعيد لمن كذب عليه، ونحن نكذب له ونقوى شرعه، ولا نقول
ما يخالف الحق، فإذا جئنا بما يوافق الحق فكأن الرسول عليه السلام قاله.
واحتجوا بما أنبأنا به إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا الوليد
ابن حماد الرملي قال حدثنا سليمان بن عبد الرحمن قال حدثنا البختري بن عبيد
قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حدث عنى حديثا هو لله رضا فأنا قلته وبه أرسلت " وهذا حديث باطل.
قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج بالبختري إذا انفرد. وهؤلاء قد
تعاطوا [افتاتوا] على الشريعة وادعوا أن فيها نقصا يحتاج إلى تمام فأتموها
بآرائهم، وإني لاستحى من وضع أقوام وضعوا: أن من صلى كذا فله سبعون
دار في كل دار سبعون ألف بيت في كل بيت سبعون ألف سرير على كل سرير
سبعون ألف جارية. وإن كانت القدرة لا تعجز ولكن هذا تخليط قبيح.
وكذلك يقولون: من صام يوما كان له أجر ألف حاج وألف معتمر وكان له
ثواب أيوب. وهذا يفسد موازين مقادير الاعمال.
98

الباب الثالث
في الامر ابعاد [بانتقاد] الرجال والتحذير من الرواية
عن الكذابين والبحث عن الحديث المباين للأصول
مان [كان] السرب الأولى صافيا، فكان بعض الصحابة يسمع من
بعض ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير ذكر رواة له، لأنه
لا يشك في صدق الراوي. ودليل ذلك رواية أبي هريرة وابن عباس قصة
" وأنذر عشيرتك الأقربين " وهذه قصة كانت بمكة في بدو [بدء] الاسلام
وما كان أبو هريرة قد أسلم، وكان ابن عباس يصغر عن ذلك. وكذلك روى
ابن عمر وقوف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قليب بدر وابن عمر لم يحضر.
وروى المسور بن محرمه [مخرمة] ومروان بن الحكم قصة الحديبية وسنهما
لا يحتمل ذلك لأنهما ولدا بعد الهجرة بسنين. وروى أنس بن مالك حديث
انشقاق القمر بمكة، وقال البراء بن عازب: ليس كلما يحدثكموه سمعناه
[سمعناه] من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن حدثنا أصحابنا ثم لم تزل
الآفات تدب حتى وقعت التهم فاحتيج إلى اعتبار العدالة.
فمتى رأيت حديثا خارجا عن دواوين الاسلام، كالموطأ ومسند أحمد
والصحيحين وسنن أبي داود ونحوها، فانظر فيه، فإن كان كان (1) له نظير من
الصحاح والحسان قرب أمره، وإن ارتبت فيه ورأيته يباين الأصول فتأمل
رجال إسناده وأم تبر أحوالهم من كتابنا المسمى بالضعفاء والمتروكين، فإنك
تعرف وجه القدح فيه.
وقد يكون الاسناد كله ثقات ويكون الحديث موضوعا أو مقلوبا أو قد

(1) التكرار بالأصل، ولعله من سهو الناسخ.
99

جرى فيه تدليس ى وهذا أصعب الأحوال ولا يعرف ذلك إلا النقاد، وذلك
ينقسم إلى قسمين:
(أحدهما) أن يكون بعض الزنادقة أو بعض الكذابين قد دس ذلك
الحديث في حديث بعض الثقات، فحدث به بسلامة صدره ظنا منه أنه من حديثه
وقد ابتلى جماعة من السلف بمثل هذا.
قال ابن عدى: كان ابن أبي العوجا ربيب حماد بن سلمة فكان يدس
في كتبه أحاديث.
وقال أبو حاتم بن حبان الحافظ: امتحن جماعة من أهل المدينة بحبيب بن أبي
حبيب الوراق، كان يدخل عليهم. وكان لعبد الله بن ربيعة القدالى
[الغداني] ابن سوء يدخل عليه الحديث. وكان لسفيان بن وكيع بن الجراح وراق
يقال له فرطيه [قرطبة] يدخل عليه الحديث. وكان عبد الله بن صالح كاتب
الليث صدوقا، لكن وقعت المناكير في حديثه من قبل جار له، سمعت ابن
خزيمة يقول: كان له جار بينه وبينه عداوة وكان يضع الحديث على شيخ عبد الله
ابن صالح ويكتبه في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله ويطرحه في داره في وسط
كتبه فيجده عبد الله فيتوهم أنه خطه فيتحدث به، وهذا نوع من التغفل، وقد
يزيد تغفيل المحدث فيلقن فيتلقن، ويرتفع التغفيل إلى مقام هو الغاية وهو أن
يلقن المستحيل فيتلقنه.
أنبأنا يحيى بن علي المدبر أبو محمد بن أبي عثمان قال أنبأنا أبو أحمد بن عبيد
الله بن محمد الغرضي [القرطبي] قال حدثنا أبو صالح سهل بن إسماعيل الطرسوسي
قال حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا الشافعي
قال قيل لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: حدثك أبوك عن جدك أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا وصلت خلف المقام
ركعتين؟ قال: نعم.
100

(القسم الثاني) أن يكون الراوي شرها فيسمع الحديث من بعض الضعفاء
والكذابين عن شيخ قد عاصره أو سمع منه فيسقط اسم الذي سمعه منه ويدلس
بذكر الشيخ.
وقد كان جماعة يفعلون هذا منهم بقية بن الوليد.
قال أبو حاتم بن حبان: وكانت تلامذة بقية يسوون حديثه ويسقطون
الضعفاء منه وربما أوهم المدلس السماع من شخص وقال عن فلان ويكون بينهما
كذاب أو ضعيف مثل حديث رواه عبد الله بن عصاء [عطاء] عن عقبة بن
عامر م ن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من توضأ فأحسن الوضوء دخل من
أي أبواب الجنة شاء " فقال رجل لعبد الله حدثنا به من حدثنا به؟] فقال عقبة
ابن عامر، فقيل سمعته منه، فقال: لا حدثني سعد بن إبراهيم، فقيل لسعد،
فقال حدثني زياد بن محراق، فقيل لزياد بن محراق، فقيل لزياد، فقال حدثني
شهر بن حوشب عن أبي ريحانة.
ومثل هذا إنما يقع في الغمضة، وهو من بهرجة المدلسين، وهو من أعظم
الجنايات على الشريعة.
ومن هذا الجنس أنه يأتي في الحديث معمر عن محمد بن واسع عن أبي صالح
عن أبي هريرة وكلهم ثقات، ولكن الآفة من أن معمرا لم يسمع من ابن واسع
وابن واسع لم يسمع من أبى صالح، وقد يهم الثقة ولا يعرف ذلك إلا كبار
الحفاظ، مثل حديث ابن سيرين عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
" صلاة الليل والنهار مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل ".
قال أبو عبد الله: الحاكم إسناده ثقات وذكر النهار وهم.
ومثل حديث محمد بن محمد بن حبان النمار عن أبي الوليد عن مالك بن أنس
عن ابن شهاب عن عائشة قال: " ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعانا
101

قط ". قال الحاكم بدأ أوله الثقات وهو باطل من حديث مالك وإنما أريد بهذا
الاسناد " ما ضرب بيده امرأة قط ".
قال: ولقد جهدت أن أقف على الواهم، فلم أقف، إلا أن أكثر ظني إلا (1)
أنه ابن حبان. ومثل حديث عائشة: " كان إذا رأى المطر قال صيبا نافعا "
قال الحاكم: هو معلول واه.
قال المصنف: قلت فإن قوى نظرك ورسخت في هذا العلم فهمت مثل هذا،
وإن ضعفت فسل عنه، وإن كان قد قل من يفهم هذا بل قد عدم.
وإياك أن تسمع الحديث من كذاب أو متهم أو ممن لا يعرف ما يروى فإنه
يخلط ولا يدرى.
أنبأنا علي بن عبد الواحد الدينوري قال أنبأنا علي بن عمر العروبي
[القزويني] قال حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق المرودي [المروزي] قال حدثنا
يحيى بن محمد بن أيمن قال حدثنا زاهر عن ابن عون عن ابن سيرين قال: العلم
دين فانظروا عمن تأخذونه.
أنبأنا المحمول بن ناصر وابن عبد الملك قالا أنبأنا أحمد بن الحسن بن
خيرون قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العسعى [القطيعي] قال حدثنا
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الشيباني قال حدثنا الباغندي قال حدثنا لوين
قال سمعت مالك بن أنس يقول: إن هذا الحديث دين فانظروا عمن تأخذون
دينكم، والله لقد أدركت ههنا وأشار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
تسعين رجلا كلهم يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم آخذ عن أحد منهم
حرفا، لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن، ولقد قدم علينا الزهري وهو شاب
فازدحمنا على بابه لأنه كان من أهل هذا الشأن.

(1) زيادة حرف الاستثناء وهم من الناسخ.
102

فصل
واعلم أن حديث المنكر يقشعر له جلد طالب العلم منه [و] قلبه في الغالب.
أنبأنا يحيى بن الحسن قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي قال أخبرني عبيد الله
ابن أبي الفتح الفارسي قال حدثنا أبو العباس محمد بن نصر بن نصر (1) بن مكرم
وأحمد بن إبراهيم بن شاذان قالا أنبأنا أبو بكر بن أبي داود قال حدثنا المسيب
ابن واضح قال حدثنا سليم بن مسلم المكي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن
محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما حدثتم
عنى بما تنكرونه فلا تأخذونه [تأخذوه] فإني لا أقول المنكر ولست من أهله ".
قال الأوزاعي: كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابه كما يعرض الدرهم
الزائف. فما عرفوا منه أخذنا، وما أنكروا منه تركنا.
أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا
عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا أبو عامر قال حدثنا سليمان بن بلال
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري قال
سمعت أبا حميد وأنبأنا أسيد يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا
سمعتم الحديث عنى تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم
قريب، فإنه أولاكم به. وإذا سمعتم الحديث عنى تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم
وترون أنه منكم بعيد، فأنا أبعدكم منه ".
أنبأنا علي بن عبد الواحد الدينوري قال أنبأنا علي بن عمر القزويني قال
أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال أنبأنا - التصوى - [البغوي] قال حدثنا
أحمد بن حنبل قال حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبيه عن أبي يعلى أو عن
بكر بن ماعز [مالك] عن الربيع بن خيثم قال: إن للحديث ضوءا كضوء
النهار يعرفه، وظلمة كظلمة النهار [الليل] تنكره.

(1) التكرار بالأصل، ولعله من سهو الناسخ.
103

الباب الرابع
(في ذكر الكتب التي يشتمل عليها هذا الكتاب [الباب])
ذكرتها لك، لتعلم ترتيبها، وتعرف مواضعها، وليسهل عليك منها،
وهي خمسون كتابا:
كتاب التوحيد، كتاب الايمان، كتاب المبتدأ، كتاب الأنبياء، كتاب
العلم، وفيه فضائل القرآن، كتاب السنة وذم أهل البدع، كتاب الفضائل
والمثالب، وهو ينقسم إلى فضائل الاشخاص والأماكن والأيام ومثالبهم،
كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصدقة، كتاب فصل
[فعل] المعروف، كتاب مدح السخاء والكرم، كتاب الصوم، كتاب
الحج، كتاب السفر، كتاب الجهاد، كتاب البيوع والمعاملات، كتاب
النكاح، كتاب النفقات، كتاب الأطعمة، كتاب الأشربة، كتاب
اللباس، كتاب الزينة، كتاب الطيب، كتاب النوم، كتاب الأدب، كتاب
معاشرة الناس، كتاب البر، كتاب الهدايا، كتاب الاحكام والقضايا، كتاب
الأحكام السلطانية، كتاب الايمان والنذور، كتاب ذم المعاصي، كتاب الحدود
والعقوبات، كتاب الزهد، وفيه الابدال والصالحون، كتاب الذكر، كتاب
الدعاء، كتاب المواعظ، كتاب الوصايا، كتاب الملاحم والفتن، كتاب المرض،
كتاب الطب، كتاب ذكر الموت، كتاب الميزان، كتاب القبور، كتاب
البعث وأهوال القيامة، كتاب صفة الجنة، كتاب صفة النار، كتاب المستبشع
من الموضع [الموضوع] على الصحابة، فذلك خمسون كتابا، كل كتاب
يشتمل على أبواب، فمن أراد حديثا، طلبه في مظانه من هذه الكتب. والله الموفق.
104

كتاب التوحيد
باب في أن الله عز وجل قديم
أنبأنا أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن
عمر بن خلف الشيرازي قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري
قال أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد [بن] السعرانى [الشعراني]
قال أخبرت عن محمد بن سجاع التلخى [شجاع البلخي] قال أخبرني حبان
ابن هلال عن حماد بن سلمة عن أبي المهزم عن أبي هريرة قال: " قيل يا رسول الله
مم ربنا من ما مرور (q) [قال] لامن الأرض ولا من سماء، خلق خيلا فأجراها فعرقت
فخلق نفسه من ذلك العرق " وقد رواه عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن منده
عن محمد بن سجاع [شجاع] فقال فيه: " إن الله عز وجل خلق الفرس
فأجراها فبرقت [فعرقت] ثم خلق نفسه منها ". هذا حديث لا يشك في
وضعه، وما وضع مثل هذا مسلم، وإنه لمن أرك الموضوعات وأدبرها، إذ هو
مستحيل لان الخالق لا يخلق نفسه.
وقد اتهم علماء الحديث بوضع هذا الحديث محمد بن سجاع [شجاع]
فأنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا أبو القاسم الإسماعيلي قال حدثنا
حمزة بن يوسف السهمي قال حدثنا أبو أحمد عبد الله بن عدى الحافظ قال:
محمد بن سجاع التلخى [شجاع البلخي] متعصب كان يضع أحاديث في
السبيه [التشبيه] ينسبها إلى أصحاب الحديث يثلبهم بها، منها حديث الفرس.

(1) في العبارة تصحيف، وهي هكذا بالأصل، والظاهر أن الواضع الكذاب أراد
والركاكة ظاهرة " ماء مهور "، ثم مضى يشرحها بما يظنه فصاحة. وما هو إلا
السماجة عينها.
105

وسئل أحمد بن حنبل عنه فقال: مبتدع صاحب هوى.
وقال القوارى [الفزاري] محمد بن سجاع [شجاع] كافر.
وقال أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الحافظ: محمد بن سجاع (شجاع)
كذاب لا تحل الرواية عنه لسوء مذهبه وزيفه [زيغه] في الدين.
ثم في مثل هذا الحديث أبو المهزم واسمه يزيد بن سفيان البصري.
قال سعيد: رأيته، ولو أعطى درهما لوضع خمسين حديثا.
وقال يحيى بن معين: ليس حديثه بشئ. وقال النسائي: هو متروك.
واعلم أننا حرصا [خرجنا] رواة هذا الحديث على عادة المحدثين
لبين [ليتبين] أنهم وضعوا هذا، وإلا فمثل هذا الحديث لا يحتاج إلى اعتبار
رواته، لان المستحيل لو صدر عن الثقات رد ونسب إليهم الخط.
ألا ترى أنه لو اجتمع خلق من الثقات فأخبروا أن الجمل قد دخل في
سم الخياط لما نفعننا ثقتهم ولا أثرت في خبرهم، لأنهم أخبروا بمستحيل،
فكل حديث رأيته يخالف المعقول، أو يناقض الأصول، فاعلم أنه موضوع
فلا تتكلف اعتباره.
واعلم أنه قد يجئ في كتابنا هذا من الأحاديث ما لا يشك في وضعه، غير
أنه لا يتعين لنا الواضع من الرواة، وقد يتفق رجال الحديث كلهم ثقاة والحديث
موضوع أو مقلوب أو مدلس، وهذا أشكل الأمور، وقد تكلمنا في هذا في
الباب المتقدم.
القرآن كلام الله عز وجل، وكلامه من صفاته، وصفاته قديمة، وهذا يكفى
في دليل قدمه.
وقد تحذلق أقوام فوضعوا أحاديث تدل على قدم القرآن:
106

الحديث الأول: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد العرار (القزاز) قال أنبأنا
أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا علي بن أحمد المحتسب قال أنبأنا الحسن بن
الحسين الهمداني قال حدثنا أبو نصر محمد بن هارون النهرواني قال حدثنا محمد بن
عبد بن عامر السمرقندي قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن لهيعة
عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال القرآن
مخلوق فقد كفر " هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الدارقطني: محمد بن عبيد يكذب ويضع الحديث.
الثاني: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا
المسيب بن محمد بن المسيب الارعبانى [الارحباني] قال حدثنا أبي قال حدثنا
محمد بن يحيى بن رزين المصيصي قال حدثنا عثمان بن عمر بن فارس قال حدثنا
كهمس عن الحسن عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" كلما [كل] ما في السماوات وما بينهما فهو مخلوق غير الله والقرآن وذلك
أنه كلامه منه بدأ وإليه يعود، وسيجئ أقوام من أمتي يقولون القرآن مخلوق،
فمن قاله منهم كفر بالله العظيم وطلقت امرأته من ساعته، لأنه لا ينبغي لمؤمنة أن
تكون تحت كافر إلا أن تكون سبقته بالقول ".
هذا حديث موضوع والمتهم به محمد بن يحيى بن رزين.
قال أبو حاتم السبتي: كان دجالا يضع الحديث لا يحل ذكره إلا
بالقدح فيه.
الحديث الثالث: أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل
ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى الحافظ قال
حدثنا أحمد بن محمد بن حرب قال حدثنا ابن حميد عن جرير بن الأعمش عن أبي
صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " القرآن كلام الله
107

لا خالق ولا مخلوق، ومن قال غير ذلك فهو كافر ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عدى: أحمد بن محمد بن حرب مشهور بالكذب ووضع الحديث.
وكذلك قال أبو حاتم بن حبان: كان كذابا يضع الحديث. وقال
الدارقطني متروك.
وأما ابن حميد فاسمه محمد بن حميد بن حيان [حبان]، وقد كذبه
أبو زرعة وابن رارة [وارة].
وقال صالح بن محمد ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن السادكونى
[الشاذكوني].
الحديث الرابع: أنبأنا أبو منصور العزاز [القزاز] قال أنبأنا أبو بكر
ابن ثابت الخطيب قال أنبأنا أبو القاسم طلحة بن علي بن الصقر الكناني قال
حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال حدثنا أبو عمارة محمد بن أحمد
ابن المهدى قال حدثنا أبو نافع أحمد بن كثير قال حدثنا جعفر بن محمد العابد قال
حدثنا أبو يعقوب الأعمى عن إسماعيل بن يعمر عن محمد بن عبد الله الدغشي
قبيل من اليمن قال سمعت محلد [مخلد] بن سعيد يقول سمعت مسروقا،
يقول سمعت عبد الله بن مسعود يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
(يقول) " القرآن كلام الله (ليس) بخالق ولا مخلوق فمن زعم غير ذلك فقد
كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ".
قل الخطيب: هذا الحديث منكر جدا وفي إسناده غير واحد من المجهولين.
قال الدارقطني: وأبو عمارة ضعيف جدا.
الحديث الخامس: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن
ثابت الخطيب قال أخبرني الحسن بن أبي طالب قال حدثنا يوسف بن عمر
108

القواس قال: قرئ على صدقة بن هبيرة وأنا أسمع قيل له: حدثك يوسف بن
يعقوب المعدل قال: قال حدثنا حفص بن إبراهيم قال حدثنا إبراهيم بن العلاء
الإسكندراني عن بقية بن الوليد عن ثور بن يزيد عن أم الدرداء عن أبي الدرداء
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من مات وهو يقول القرآن مخلوق لقى الله
يوم القيامة ووجه إلى قفاه ".
قال الخطيب: ومن بين ابن هبيرة وبقية لا يعرف وثور بن يزيد لم يدرن
(يدرك) أم الدرداء.
قال المصنف: قلت وقد ذكرنا أن بقية كان يروى عن المجهولين والضعفاء
وربما أسقط ذكرهم وذكر من رووا له عنه.
وقد روى في هذا الباب أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس
فيها شئ يثبت عنه.
باب
ما ذكر أن الله تعالى قرأ طه ويس قبل خلق آدم
أنبأنا أبو البركات على البزار قال أنبأنا أحمد بن علي الطرثيثي قال أخبرنا
هبة الله بن الحسن الطبري قال أخبرنا علي بن محمد بن أحمد بن بكران قال أخبرنا
الحسن بن محمد بن عثمان قال حدثنا يعقوب بن سفيان، وأخبرنا إسماعيل بن
أحمد السمرقندي قال أخبرنا إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي قال أخبرنا حمزة بن
يوسف السهمي قال حدثنا أبو أحمد بن عدى الحافظ قال حدثنا أحمد بن موسى
ابن زنجويه ح. وأنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال أخبرنا محمد بن المظفر
الشامي قال أخبرنا أحمد بن محمد العسعى (العتيقي) قال أخبرنا يوسف بن
الدضيل (الدخيل) قال أخبرنا أبو جعفر التعيلى (العقيلي) قال حدثنا
109

محمد بن إسماعيل قال حدثنا إبراهيم بن المهاجر بن مسمار عن عمر بن حفص بن
ذكوان عن إبراهيم مولى الخرق (الحرقة) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق
آدم بألف عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالوا طوبى لامة ينزل هذا عليهم،
وطوبى لأجواف تحمل هذا، وطوبى لألسن تتكلم بهذا " هذا حديث موضوع.
قال ابن عدى: لم أجد لإبراهيم حديثا أنكر من هذا لأنه لا يرويه غيره.
قال البخاري: إبراهيم بن المهاجر ضعيف منكر الحديث.
وأما عمر بن حفص فقال أحمد بن حنبل خرقنا [حرقنا] حديثه.
وقال يحيى بن معين: ليس بشئ، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال
أبو حاتم بن حبان الحافظ: هذا من موضوع.
باب
وحي الله عز وجل بلغات مختلفة
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى الحافظ قال حدثنا إبراهيم بن علي
الغمري قال حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير قال حدثنا العباس بن الفضل
قال حدثنا جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " إن كلام الله [الذين] حول العرش بالفارسية الدربه
[الذربة]، وإن الله عز وجل إذا أوحى أمرا فيه كون [لين] أوحاه
بالفارسية الدربه [الذربة]. وإذا أوحى أمرا فيه شدة أوحاه بالعربية ".
طريق آخر أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
110

قال أنبأنا عمر الفارسي قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا عمران بن موسى
قال حدثنا موسى بن السندي قال حدثنا عثمان بن م بد الرحمن الطرايقي قال
حدثنا عمر بن موسى بن وجيه عن القاسم عن أبي أمامة قال [قال] رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل إذا غضب أنزل الوحي بالعربية،
وإذا رضى أنزل الوحي بالفارسية " هذا حديث موصول ففي طريقه الأول
جعفر بن الزبير، وفى طريقه الثاني عمر بن موسى. قال يحيى بن معين: كلاهما
ليس بثقة.
وقال النسائي والدار قطني. كلاهما متروك. وقال أبو حاتم بن حسان الحافظ
كان عمر في عداد من يضع الحديث. قال وهذا الحديث باطل لا أصل له.
باب
أبغض اللغات إلى الله تعالى
روى إسماعيل بن زياد عن عاصم القطان عن المقبري عن أبي هريرة: " إن
أبغض كلام إلى الله تعالى الفارسية وكلام الشيطان [الشياطين]
- الحوريه [الخزرية] وكلام أهل النار الحارية [السجارية] وكلام أهل
الجنة العربية " وضعه إسماعيل.
قال ابن حبان هو دجال لا يحل ذكره في الكتب إلا على القدح فيه.
وقال الدارقطني كذاب متروك.
باب
ذكر أن جميع الوحي بالعربية
أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا
111

حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا إبراهيم عبد الغفار بن
عبد الله بن الزبير قال حدثنا العباس بن الفضل الأنصاري عن سليمان عن الزهري
عن سعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي
نفسي بيده ما أنزل الله من وحي قط على [نبي] بينه وبينه إلا بالعربية. ثم يكون
هو بعد يبلغه قومه بلسانهم " هذا حديث لا يصح وسليمان هو ابن أقم
[أرقم] قال أحمد ليس بشئ لا يروى عنه الحديث.
وقال يحيى ليس بشئ لا يساوى فلسا وقال عثمان بن علي ليس بثقة.
وقال النسائي وأبو داود والدار قطني: هو متروك.
وقال ابن حبان: يروى عن الثقات الموضوعات وأما عباس بن الفضل فقال
يحيى ليس حديثه بشئ.
وقال النسائي: متروك.
باب
تشبيه كلام الله عز وجل بالصواعق
أنبأنا عبد الله بن علي المقرى قال أنبأنا الحسين بن علي بن البرى قال أنبأنا
عبد الله بن يحيى البكري قال أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا سعدان
بن نصر وأنبأنا محمد بن عمر الأرموي قال أنبأنا أبو الحسين بن الهندي قال أنبأنا
ابن شاهين قال أحمد بن محمد بن شاهين قال حدثنا أحمد بن محمد بن زياد قال
حدثنا عثمان بن موسى ح. قال ابن شاهين، وحدثنا علي بن محمد البصري قال
أنبأنا مالك بن يحيى أبو غسان قال أنبأنا علي بن عاصم عن الفضل بن عيسى
الرقاشي قال حدثني محمد بن المنكدر قال حدثنا جابر بن عبد الله قال قال رسول الله
112

صلى الله عليه وسلم " لما كلم الله موسى يوم الطور كلمه بغير الكلام يوم ناداه
فقال له [يا] موسى فقال (1) إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان ولى قوة الألسن
كلها وإن [وأنا] أقوى من ذلك، فلما رجع موسى إلى بنى إسرائيل قالوا
يا موسى صف لنا كلام الرحمن، قال: سبحان الله إذ لا أستطيعه. قال يا موسى
فشبه لنا. قال ألم تروا إلى أصوات الصواعق التي تصل باجلا [بأجلى]
كلام سمعتموه قط، وإنه قريب منه وليس هذا حديث ليس بصحيح.
قال أبو السختياني: لو ولد الفضل أخرس كان خيرا له، وقال ابن عيينة:
الفضل بن عيسى لا شئ، وقال هو رحل [رجل] سوء قدري. قال: وعلى
ابن عاصم ليس بشئ، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال يزيد بن هارون:
ما زلنا نعرفه بالكذب.
باب
ما روى أن الله تعال عرج إلى السماء تعالى عن ذلك
أنبأنا أبو منصور بن خيرون قال أنبأنا أبو محمد الحسين بن علي بن
الجوهري عن أبي الحسن عن أبي عمر الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان الحافظ
قال حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم قال حدثنا عبد الله بن سليمان بن عميرة قال
حدثنا بكر بن زياد الباهلي قال حدثنا ابن المبارك عن سعيد بن أبي عروة عن
قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لما أسرى بي إلى بيت المقدس مر بي جبريل بقبر أبى إبراهيم فقال يا محمد انزل
فصل هنا ركعتين، ثم مر بي ببيت لحم فقال انزل فصل هنا ركعتين فإن هاهنا
ولد أخوك عيسى، ثم أتى بي إلى الصخرة فقال يا محمد من ها هنا عرج ربك إلى
السماء، وذكر كلاما طويلا أكره ذكره ".

(1) أي الله عز وجل فيما قصده الوضاع. (8 الموضوعات 1)
113

قال أبو حاتم هذا حديث لا يشك عوام أصحاب الحديث أنه موضوع،
فكيف بالبزار في هذا الشأن.
وكان بكر بن زياد دجالا يضع الحديث على الثقاة.
قال المصنف: قلت وقد سمع بعض المشتن [المشبهة] هذا الحديث مع
قول النبي صلى الله عليه وسلم: آخر وطيه وطيها [وطأه وطأها] الله بوج فتوهم
لما في نفسه من التشبيه أنها وطية قدم وإنما المراد بها الوقعة بين المشركين والمسلمين
وقد أتممت شرح هذا في كتاب المسمى " بمنهاج الوصول إلى علم الأصول ".
باب
عظمة الله عز وجل
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن
يوسف قال: قال أنبأنا أحمد بن عدى قال أنبأنا محمد بن أحمد بن عبد الله قال
حدثنا سفيان بن بشر الكوفي قال أنبأنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن عطية
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " لا تدركه الابصار)
قالوا إن الجن والإنس والشياطين والملائكة منذ يوم خلقوا إلى يوم يقامهم
[قيامهم] صفا واحدا ما أحاطوا بالله عز وجل " هذا حديث لا يصح عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوهم عظمة الذات على وجه الشبيه [التشبيه]
والتجسيم تعالى عن ذلك.
قال العقيلي: وبشر بن عمارة لا يتابع على هذا الحديث.
قال ابن حبان: لا يحتج ببشر إذا انفرد، وأما عطية فقد ضعفه الجماعة.
وقال ابن حبان: كان قد سمع من أبى سعيد الخدري أحاديث فلما مات حل
يجالس الكعبي [جعل يجالس الكلبي] فإذا قال الكلبي قال رسول الله صلى
114

الله عليه وسلم حفظ ذلك ورواه عنه وكناه أبا سعيد فيطن أنه أراد الخدري،
وإنما أراد الكلبي لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب.
قال المصنف: قلت وهذا الحديث مما أفلته عمل الكلبي.
باب ذكر التاج
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد العرار [القزاز] قال أنبأنا أحمد بن علي بن
ثابت قال أنبأنا القاضي أبو العلى محمد بن علي قال حدثنا أبو القاسم عبد الله بن
محمد بن اليسع قال حدثنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن ديل [قيل]
الفارسي قال حدثنا محمد بن سليمان بن حبيب لوين قال حدثنا سويد بن عبد العزيز
عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لما] أسرى
بي إلى السماء [و] انتهيت رأيت ربي عز وجل بيني وبينه حجاب بارز فرأيت
كل شئ منه حتى رأيت تاجا بحوصوصا [مخرصا] من لؤلؤ " قال أبو العلى
حدثنا أبو اليسع بهذا الحديث في جملة أحاديث كبيرة بهذا الاسناد ثم رجع عن
جميع النسخة وقال وهمت إذ رويتها عن ابن قيل وإنما حدثني بجميعها قاسم بن
إبراهيم المطى [المطلى] عن لوين. أنبأنا عبد الرحمن قال أنبأنا أبو بكر
الخطيب قال سألت الزهري عن ابن اليسع فقال ليس بحجة كنت نقلد
[تقعد] معه ساعة فيقول إنك ختمت ختمة منذ قعدت.
قال المصنف: قلت أما ابن اليسع فليس بثقة وقاسم بن إبراهيم المدني الذي
أحال عليه ليس بشئ أصلا.
قال الدارقطني: هو كذاب، ومثل هذا الحديث لا يخفى أنه موضوع
وأنه يثبت البغيضة (1) ويشير إلى التشبيه فكافأ الله من عمل.

(1) معنى البغض هنا غير مناسب للسياق ويظهر أنه تحريف عن البعضية إشارة إلى التاج
في الحديث الموضوع.
115

باب ذكر الحجب
أنبأنا محمد بن عمر الأرموي قال أنبأنا عبد الصمد بن المأمون قال أنبأنا
الدارقطني قال حدثنا محمد بن أبي بكر العطار قال حدثنا محمد بن يوسف بن أبي معمر
قال حدثنا حبيب بن أبي حبيب قال حدثنا هشام بن سعد وعبد العزيز بن أبي حازم
عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " بين الله
عز وجل وبين الخلق سبعين ألف حجاب وأقرب الخلق إلى الله عز وجل جبريل
وميكائيل وإسرافيل وإن بينهم وبينه أربعة حجب: حجاب من نار وحجاب
من ظلمة وحجاب من غمام وحجاب من الماء " حديث لا أصل له. قال الدارقطني
تفرد به حبيب بن أبي حبيب.
وقال أحمد بن حنبل: ليس بثقة كان يكذب، وقال يحيى: ليس بشئ،
وقال النسائي: متروك، وقال ابن عدى: كان يضع الحديث.
حديث آخر: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا محمد بن المظفر قال:
أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي
قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا موسى بن عبيدة
عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن عبد الله بن عمرو بن العاصي [العاص]
وعن أبي حازم عن سهل بن سعد قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" دون الله تعالى سبعون ألف حجاب من نور وظلمة وماء [لا] تسمع من
نعس [نفس] شيئا من حسن تلك الحجب إلا زهقت نفسها ".
هذا حديث لا أصل له. فأما موسى بن عبيدة فقال أحمد بن حنبل: لا يحل
عندي الرواية عنه، وقال يحيى: ليس بشئ: وأما عمر بن الحكم فقال البخاري:
هو ذاهب الحديث.
116

حديث آخر أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال: أنبأنا أحمد بن أحمد
الحداد قال أنبأنا أبو نعيم الأصفهاني قال حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا يوسف
ابن زياد قال حدثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن جده وهب بن منبه عن أبي
هريرة " أن رجلا من اليهود أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله
هل أحجب [احتجب] الله من خلقه بشئ غير السماوات؟ قال نعم بينه
وبين الملائكة الذين حول العرش سبعون حجابا من نور، وسبعون حجابا من
نار، وسبعون حجابا من ظلمة، وسبعون حجابا من رفارف الاستبرق، وسبعون
حجابا من رفارف السندس، وسبعون حجابا من در أبيض، وسبعون حجابا من
در أحمر، وسبعون حجابا من در أصفر، وسبعون حجابا من صا (1)، وسبعون
حجابا من ثلج، وسبعون حجابا من ماء، وسبعون حجابا من غمام، وسبعون
حجابا من برد، وسبعون حجابا من عظمة [الله] التي لا توصف، قال فأخبرني
عن ملك الله الذي يليه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدقت فيما [بما]
أخبرتك يا يهودي؟ قال فإن الملك الذي يليه إسرافيل ثم جبريل ثم ميكائيل ثم
ملك الموت " هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتهم
به عبد المنعم، وقد كذبه أحمد ويحيى وقال الدارقطني: هو وأبوه متروكان.
باب ذكر اللوح
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا عبد الباقي
ابن أحمد الواعظ أنبأنا محمد بن جعفر بن علان قال حدثنا أبو الفتح محمد بن
الحسين الأزدي قال حدثنا محمد بن أحمد الوراق قال حدثنا سعيد بن محمد بن
ثوان [ثواب] قال حدثنا بكر بن عيسى عن محمد بن عثمان الحداني عن
مالك بن دينار عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1) كذا هي بالأصل ولم يتضح توجيهها.
117

" إن لله للوحا أحد وجهيه درة والآخر ياقوتة قلمه النور، فبه يخلق وبه يرزق
وبه نحيى وبه نموت [وبه يحيى ويمين]. ويعز وبذل ويفعل ما يشاء في يوم
وليلة " هذا حديث موضوع. قال الأزدي: محمد بن عثمان متروك الحديث.
باب
من روى من تسبيح الله عز وجل نفسه
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزار قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
ابن ثابت ح. وأنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سليمان قال أنبأنا أحمد بن
[عبد] القادر بن يوسف قالا أنبأنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الزهري قال
حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن أحمدان [أحمد] حدثنا أحمد بن سعيد
ابن حاتم المروزي قال أنبأنا إبراهيم بن عيسى القنطري قال حدثنا أحمد بن أبي
الحوارى قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا الليث بن سعد عن الزهري
قال: قال لي عبد الرحمن الأعرج حدثني أبي [أبو] هريرة أنه سمع النبي صلى الله
عليه وسلم يقول: " لما أسرى بي إلى السماء انتهى جبريل عليه السلام إلى سدرة
المنتهى فغمسني في النور غمسة ثم تنحى عنى. فقلت حبيبي جبريل أحوج
ما كنت إليك تدعني وتتنحى؟ قال يا محمد انك موقف لا يكون نبي مرسل ولا
ملك مقرب هاهنا. أنت أنت من الله أدنى من ألقاب إلى القوس. فأتاني الملك
فقال إن الرحمن عز وجل يسبح نفسه، فسمعت الرحمن عز وجل يقول: سبحان
الله ما أعظم الله لا إله إلا الله قال يعنى أبا هريرة قلت يا رسول الله ما لمن (1)
قال هكذا؟ قال لي يا أبا هريرة لا تخرج روحه من جسده حتى يراني أو يرى
موضعه من الجنة، وتصلى عليه الملائكة صفوفا ما بين السماء والأرض، ولا يكون
شئ الا استغفر الله عام عمره، فإذا مات وكل الله عز وجل بقبره ستين ألف

(1) هي كذلك بالأصل والصحيح حذف " ما ".
118

ملك يسبحون الله تعال ويعظمون الله تعالى، ويهللون الله تعالى، ويكبرون الله
عز وجل، كلما فعلوا من ذلك شيئا كان له في صحيفته. فإذا خرج من قبره
خرج آمنا مطمئنا لا يحزنه الفزع الأكبر ويتلقاه الملائكة سلام عليكم بما
صبرتم فنعم عقبى الدار ".
قال أبو بكر الخطيب: هذا حديث منكر ورجال إسناده كلهم معروفون
بالثقة إلا إبراهيم بن عيسى القنطري فإنه مجهول، وقد روى لنا عن عطاء شئ
من هذا فأنبأنا أبو منصور قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا
أبو عمر الحسن بن عثمان البر [الحسين بن عثمان الواعظ] قال أنبأنا أبو العباس
أحمد بن محمد بن يوسف السقطي قال حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الحعار
[الحفار] قال حدثنا سعيد بن يحيى الأموي [الأزموى] قال حدثني أبي
م ن ابن جريج عن عطاء قال: " لما أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى
السماء السابعة قال له جبريل رويدا فإن ربك يصلى. قال وهو يصلى ة قال نعم.
قال ما يقول؟ قال: يقول سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتي
غضبى " وهذا إسناد كل رجاله ثقات إلا أنه موقوف على عطاء فلعله سمعه ممن
لا يوثق به ولا يثبت مثل هذا بهذا.
حديث آخر: أنبأنا أبو منقور بن العران [القزاز] قال أنبأنا أبو بكر
ابن ثابت قال أخبرني الطنابيري [الطناخرى] قال: حدثنا أبو إسحاق
إبراهيم بن الحسن بن علي التميمي قال حدثنا أبو على الحسين بن علي الطالقاني
قال حدثنا عمار بن ياسر الهروي قال حدثنا داود بن عفان قال حدثنا أنس بن مالك
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله تبارك وتعالى كل يوم:
أنا العزيز من أراد عز الدارين فليطع العزيز " هذا حديث لا يصح
قال ابن حبان: داود كان يضع الحديث على أنس بن مالك، وكان لما وضع
119

هذا سرق منه. فأنبأنا القزاز قال أنبأنا أبو بكر بن ثابت قال أنبأنا هلال بن
عبد الله بن محمد الضبي وعلي بن محمد بن الحسن الملكي [المالكي] وعبيد الله
ابن محمد بن أحمد بن لؤلؤ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الوراق قال حدثنا حامد
ابن أحمد بن محمد المروزي قال حدثنا أبو العباس محمد بن نصر بن شيبة المروزي
قال حدثنا سعيد بن هبيرة العامري قال حدثنا همام عن قتادة عن أنس قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان الله تبارك يقول كل يوم: أنا العزيز من
أراد عز الدارين فليطع العزيز "، وهذا من تلصيص سعيد بن هبيرة العامري.
قال ابن عدى: كان يحدث بالموضوعات.
وقال ابن حبان: كان يحدث بالموضوعات عن الثقات لا يحل الاحتجاج
به بحال.
باب
في تجلى الله عز وجل للطور
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن
ثابت قال أنبأنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي قال حدثنا الحسين بن
إسماعيل المحاملي قال حدثنا أحمد بن إسماعيل المدني قال حدثنا عبد العزيز بن
عمران عن معاوية بن عبد الله عن الجلد بن أيوب عن معاوية بن مرة عن أنس
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما تجلى الله للجبل طارت لعظمته ستة
أجبل فوقعت ثلاث بمكة وثلاث بالمدينة فوقع بالمدينة أحد وورقان ورضوى ووقع
بمكة ثبير وحراء، وثور ".
قال أبو حاتم بن حبان الحافظ: هذا حديث موضوع ولا أصل له،
وعبد العزيز بن عمران يروى المناكير عن المشاهير، وقال يحيى بن معين: ليس
120

بثقة، وقال البخاري: منكر الحديث لا يكتب حديثه، وقال النسائي:
متروك الحديث.
حديث آخر أنبأنا عبد الأول بن عيسى قال أنبأنا عبد الله بن محمد الأنصاري
قال أنبأنا أحمد بن النعمان العامي قال حدثنا عمر بن شاهين قال حدثنا الحسن
ابن حبيب قال حدثنا أبو أمية الطرسوسي قال حدثنا أبو مسهر قال حدثني خالد
أبن يزيد بن صبيح المزي عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم. " إن من الجبال الذي [التي] تطايرت يوم
موسى سبعة أجبل لحقت بالحجاز وباليمن منها بالمدينة أحد وورقان، وبمكة ثور
وثبير وحراء وباليمن حبير وحصور " قاله أبو مسهر بالصاد غير معجمة وهذا حديث
ليس بصحيح.
قال أحمد بن حنبل: طلحة بن عمرو لا شئ متروك الحديث وكذلك
قال النسائي.
وقال يحيى بن معين: ليس بشئ ضعيف، وقال أبو حاتم بن حبان: يروى
عن الثقات ما ليس من أحاديثهم لا يحل كتب حديثه ولا الرواية عنه إلا على
وجه التعجب.
حديث آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا إسحاق
ابن محمد بن إبراهيم بن محمد بن الحسين بن عزوان [غزوان] قال حدثنا أبي
عن أبيه عن جده عن الضحاك عن أيوب بن خوط عن قتادة عن أنس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لما تجلى ربه للجبل أشار بإصبعه فمن
نورهما جعله دكا " وهذا ليس بصحيح.
قال يحيى بن معين لا يكتب حديث أيوب، ليس شئ وقال الفلاس،
121

وأبو حاتم الرازي والنسائي والسعدي والدارقطني: متروك. وقال ابن حبان:
منكر الحديث جدا روى المناكير عن المشاهير فكان مما عملت يداه.
طريق آخر أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا علي بن أحمد بن بسطام
قال حدثنا هدبة حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا ثابت البناني عن أنس " أن
النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاء)، قال أخرج
خنصره على إبهامه فساخ الجبل فقال حميد لثابت تحدث بمثل هذا؟ قال فضرب
بيده في صدري وقال: يقوله أنس ويقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم
أكتمه أنا؟ ".
وهذا حديث لا يثبت. قال ابن عدى الحافظ: كان ابن أبي العرجاء ربيب
حماد بن سلمة فكان يدس في كتبه هذه الأحاديث.
باب ذكر النزول
حديث عن أبي السعادات أحمد بن منصور بنن الحسن بن علي بن القاسم
قال أنبأنا الإمام أبو الحسن علي بن إبراهيم الكروخي قال حدثنا سليمان بن أحمد
الطبراني قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا
مؤمل بن عبد الرحمن قال حدثنا أبو أمية بن يعلى عن سعيد بن المقبري عن
عكرمة عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى ينزل
كل ليلة جمعة إلى دار الدنيا في ستمائة ألف ملك فيجلس على كرسي من نور،
وبين يديه لوح من ياقوته حمراء فيه أسماء من يثبت الرؤية والكيفية والصورة
من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيباهي بهم الملائكة. فيقول تبارك وتعالى:
ولأي [هؤلاء] عبيدي الذين لم يجحدوني وأقاموا سنة نبيي ولم يخافوا في الله
لومة لائم. أشهدكم يا ملائكتي وعزتي وجلالي لأدخلنهم الجنة بغير حساب ".
122

هذا حديث موضوع لعن الله واضعه ولا رحم صانعه فإنه كان من أحسن
[أخس] المشبهة وأسوأهم اعتقادا، وما أظنه كان يظهر هذا إلا للطفات
[الطغاة] من المشبهة الذين لم يجالسوا عالما وهو عمل أبى السعادات لا أسعده
الله، فإنه كان يرمى بسوء المذهب وصحبة المبهمين في الدين وقلة المبالاة بأمر الاسلام
فأحلق [فأختلق] الكرجى [الكرخي] وسماه ولا يعرف أصلا وقد
كره [كرم] الله تعالى الطبراني ومن فوقه عن رواية مثل هذا الحديث.
أنبأنا محمد بن ناصر عن أبي زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن منده قال
أبو السعادات كذاب زنديق ملحد.
حديث آخر: حدثنا عبد الرحمن بن محمد القرار [القزاز] قال أنبأنا
أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا علي بن الحسن التنوحى [التنوخي]
قال حدثنا أبو الحسين محمد بن علي بن الشيبة العلوي قال حدثنا أبو القاسم بن
عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر العال الرمدى [النقال الزيدي] قال حدثنا
أبو سعيد الحسن بن عبد الصمد قال حدثني بحر بن يحيى قال حدثنا عبد الكريم
ابن روح قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
عن أبيه عن جده أن رغول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ان نزول الله إلى
الشئ إقباله عليه من غير نزول "، وقد رواه أبو على الزجاجي عن أبي الحسن
علي بن محمد عن الحسن بن عبد الصمد، فقال: فيه إقباله عليه من غير
أن (1) نزول.
هذا حديث موضوع لا أصل له، فأما عبد العزيز بن إسحاق فقال:

(1) هي هكذا بالأصل وهي من سبق القلم كما هو ظاهر.
123

أبو الفتح بن أبي الفوارس كان له مذهب خبيث وما [وأما] بحر فهو
بن كبير السقا.
قال يحيى بن معين: ليس بشئ لا يكتب حديثه، كل الناس أحب إلى منه.
وقال النسائي والدارقطني: متروك.
وأما عبد الكريم بن روح فذكر أبو حاتم الرازي أنه متروك الحديث
وأما أبو الحسن الذي سمع منه الزجاجي فمجهول لا يعرف.
حديث آخر في ذكر النزول يوم عرفة:
حدثنا أبو زرعة أحمد بن محمد بن عبد الله بن سعيد قال حدثني جدي لابي
سعيد بن الحسن بن جعفر قال حدثنا أبو على الحسين بن إسحاق الرقيقي قال حدثنا
أبو زيد حماد بن دليل عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن عبد الرحمن بن
سابط عن أبي أمامة - الباهلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كانت
عشية عرفة هبط الله تعالى إلى سماء الدنيا فتطلع إلى أهل الموقف فيقول: مرحبا
بزواري والوافدين إلى بيتي، وعزتي لأنزلن إليكم ولأساوين مجلسكم بنفسي،
فينزل إلى عرفة فيجمعهم بمغفرته ويعطيهم ما يسألون إلا المظالم ويقول: يا ملائكتي
أشهدكم أنى قد غفرت لهم، فلا يزال كذلك إلى أن تغيب الشمس ويكون إمامهم
إلى الزلفة [المزدلفة] ولا يعرج إلى السماء تلك الليلة، فإذا أسفر الصبح
وقفوا عند المشعر الحرام وغفر لهم حتى المظالم، ثم يعرج إلى السماء وينصرف
الناس إلى منى ".
قال أبو على الأهوازي، وحدثنا عمر بن داود بن سلمون قال حدثنا محمد بن
عبد الله الرفاعي قال حدثنا علي بن محمد بن منصور النيسابوري قال حدثنا حسين
ابن غالب عن عبد الله بن لهيعة عن يونس بن يزيد عن محمد بن إسحاق عن
يحيى بن عباد عن أسماء قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيت ربى
124

عز وجل على جمل أحمر عليه إزار وهو يقول: قد سمحت، قد غفرت، الا المظالم،
فإذا كانت ليلة المزدلفة لم يصلد إلى السماء الدنيا وتنصرف الناس إلى منى ".
وفى لفظ آخر: " ينزل إلى السماء الدنيا، ثم يفتح أبواب السماء والأرض
وقعد [يقعد] معه الملائكة ".
هذا حديث لا يشك أحد في أنه موضوع محال، ولا يحتاج لاستحالته أن
ينظر في رجاله، إذ لو رواه الثقات كان مردودا، والرسول منزه أن يحكى عن الله
عز وجل ما يستحيل عليه، وأكثر رجاله مجاهيل وفيهم ضعفاء.
أنبأنا محمد بن ناصر عن يحيى عبد الوهاب بن منده قال: حديث الجمال باطل
موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
باب حديث أم الطفيل
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد العرار [القزاز] قال أنبأنا
أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا الحسن بن أبي بكر قال أنبأنا محمد بن
عبد الله الشافعي قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا نعيم بن حماد
قال حدثنا ابن وهب قال حدثنا عمرو بن الحرث عن سعيد بن أبي هلال عن
مروان بن عثمان عن عمارة بن عامر عن أم الطفيل امرأة أبى " أنها سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه تعالى في المنام في أحسن صورة
شابا موفورا، رجلاه في محصر [مخصر]، عليه نعلان من ذهب، في وجهه
مراس [فراش] من ذهب ".
أما نعيم فقد وثقه قوم، وقال ابن عدى: كان يضع الحديث، وكان يحيى
ابن معين يهجنه في روايته حديث أم الطفيل، وكان يقول: ما كان ينبغي له
أن يحدث بمثل هذا، وليس نعيم بشئ في الحديث.
125

وأما مروان فقال أبو عبد الرحمن النسائي: ومن مروان حتى يصدق على
[عن] الله عز وجل؟ قال مهنى: سألت أحمد عن هذا الحديث فحول وجهه عنى
وقال: هذا حديث منكر، هذا رجل مجهول، عنى مروان. قال: ولا يعرف
أيضا عمارة.
باب تأثير غضبه ورضاه
أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا أبو عمرو
الفارسي قال حدثنا أبو عدى الحافظ قال حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا محمد بن
غالب قال حدثنا عبد الله بن أيوب بن أبي علاج الموصلي قال حدثنا سفيان بن
عيينة عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن
الله عز وجل لا يغضب [فإذا غضب] تسلحت الملائكة لغضبه، فإذا اطلع إلى
أهل الأرض ونظر إلى الولدان يقرأون القرآن علا [امتلأ] ربنا رضى ".
هذا حديث لا يصح وألفاظه منكرة، لم يروه عن سفيان غير ابن أبي علاج
وأحاديثه منكرة. قال ابن حبان: يروى عن الثقات ما ليس من أحاديثهم،
فلا يشك السامع أنه كان يضعها.
قال المصنف قلت: ويجب أن يعتمد [يعتقد] أن الله تعالى لا يتأثر
بشئ ولا تحدث له صفة ولا يتجدد له حال، فلا وجه لتسلح الملائكة كأنهم
يريدون الخصومة، ولقد أدخل جماعة من الزنادقة في أحاديث الصفات أشياء
يتصدون [يقصدون] بها عيب الاسلام وادخال الشك في قلوب المؤمنين.
قال أبو حاتم بن حبان: كان أيوب بن عبد السلام شيخا فإنه كان زنديقا
يروى عن أبي بكرة عن ابن مسعود أن الله إذا غضب انتفخ على العرش حتى
يثقل على حملته، وكان هذا الرجل كذابا، ولا يحل ذكر مثل هذا الحديث
ولا كتابته إلا في مثل هذا المكان لبيان الطعن في رواته، وما أراه الا دهريا
126

يوقع الشك في قلوب المسلمين بمثل هذا الموضوعات.
قال الدارقطني: إنما اسم هذا الرجل الزبير أبو السلام فإنه تحدث عن أيوب
ابن عبد الله بن مكرر [مكرز] عن ابن مسعود المنكرات.
باب
روى أن الله تعالى يجلس بين الجنة والنار يوم القيامة
أنبأنا عبد الوهاب ابن المبارك قال أنبأنا ابن المظفر قال حدثنا العتيقي قال
حدثنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر العقيلي قال حدثنا إبراهيم بن
يوسف قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا صدقة بن خالد قال حدثنا عثمان
ابن أبي العاتكة عن سليمان بن حبيب المحاربي عن أبي أمامة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تعالى يجلس يوم القيامة على القنطرة الوسطى
أبين الجنة والنار ".
هذا حديث لا يصح. قال يحيى بن معين: عثمان بن أبي العاتكة ليس بشئ.
127

كتاب الايمان
باب ذكر ماهية الايمان
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد العرار [القزاز] قال أنبأنا أبو بكر
أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال حدثنا سليمان بن أحمد
الطبراني قال حدثنا معاد بن المثنى ومحمد بن علي قالا حدثنا الصلت الهروي
قال حدثنا علي بن موسى الرضا قال حدثنا أبو موسى بن جعفر قال حدثنا أبي
[أبو] جعفر عن ابنه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي
عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " الايمان معرفة بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان "
وأنبأنا أبو منصور العرار [القزاز] قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال
قال أنبأنا محمد بن عبد الملك القرشي الواعظ قال أنبأنا عمر بن أحمد الحافظ قال
حدثنا عيد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي قال حدثني أبي قال حدثنا على
ابن موسى بن جعفر قال حدثني أبي وأنبأنا العرار [القزاز] قال أنبأنا
أبو بكر الخطيب قال أنبأنا علي بن محمد بن الحسين الحربي قال حدثنا الحسين بن
أحمد بن دينار قال حدثني أبو جعفر بن محمد بن إسحاق بن محمد الهروي قال
حدثنا عبد الله بن عروة قال حدثنا علي بن غراب ح. وأنبأنا القزاز قال أنبأنا الخطيب
قال أنبأنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال أنبأنا منصور بن محمد الأصبهاني
قال حدثنا إسحاق بن أحمد رمرك [زبرك] قال حدثنا محمد بن سهل بن
عامر البجلي ح. وأنبأنا ابن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا
أبو إسحاق البرمكي قال أنبأنا أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق قال حدثنا على
ابن محمد بن مهرون [مهرويه] قال حدثنا داود بن سليمان بن وهب الضوى،
128

قالوا: حدثنا ابن موسى الرضا عن أبيه فذكر مثله سؤالا أنه قال: " وإقرار
باللسان " هذا حديث موضوع لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الدارقطني: المتهم بوضع هذا الحديث أبو الصلت الهروي، وابن
عبد السلام بن صالح. قال أبو حاتم الرازي: لم يكن عندي بصدوق، وضرب
أبو زرعة على حديثه، وقال ابن عدى: متهم، وقال ابن حبان: لا يجوز
الاحتجاج به.
فأما عبد الله بن أحمد بن عامر فإنه روى عن أهل البيت نسخة باطلة،
وأما علي بن غراب فقال السعدي: هو ساقط، وقال ابن حبان: حدث بالأشياء
الموضوعة فبطل الاحتجاج به، وأما محمد بن سهل وداود فمجهولان.
وقد أخبرنا علي بن أحمد الموحد قال أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي قال حدثنا
أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن الغفاري
قال حدثنا محمد بن نصر العطار المروزي، قال حدثنا أبو مالك سعيد بن هتيرة
[هبيرة] قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الايمان الاقرار بالله والتصديق بالقلب والعمل
بالأركان.
وهذا إسناد ضعيف وفيه مجاهيل.
قال الدارقطني: لم يحدث بهذا الحديث لا من سرقه من أبى الصلت.
باب في أن الايمان يزيد وينقص
فيه عن معاذ وأبي هريرة وواثلة.
فأما حديث معاذ. فأنبأنا هبة الله بن أحمد الحريري قال أنبأنا محمد بن علي
ابن الفتح قال أنبأنا الدارقطني قال حدثنا الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاوي،
قال حدثنا عبد المنعم بن أحمد قال حدثنا عمار بن مطرف قال حدثنا حماد عن
(9 الموضوعات 1)
129

خالد الحذاء عن عمرو بن كردي عن عبد الله بن يزيد بن الأسود عن أبي الأسود
الدؤلي عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الايمان
يزيد وينقص " قال أبو حاتم الرازي: كان عمار يكذب. قال ابن عدى: منكر
الحديث إن دينه بواطيل.
وأما حديث أبي هريرة: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا أحمد بن محمد
ابن حرب قال: حدثنا ابن حميد عن جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الايمان قول وعمل يزيد وينقص
ومن قال غير هذا فهو مبتدع " هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله
عليه وسلم وفيه آفتان أحمد بن محمد بن حرب قال ابن عدى وابن حبان كان
كذابا يضع الحديث وابن حميد كذبه أبو زرعة وابن وارة وغيرهما.
وأما حديث واثلة فرواه معروف بن عبد الله الخياط مولى واثلة عن واثلة
ابن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الايمان قول وعمل يزيد
وينقص " قال ابن عدى هذا حديث موضوع منكر، وعامة ما يرويه معروف
لا يتابع عليه.
باب في أن الايمان لا يزيد ولا ينقص
وفيه خمسة أحاديث:
الحديث الأول: أنبأنا طاهر بن طاهر قال: أنبأنا أبو بكر البيهقي، وأنبأنا
ابن ناصر عن أبي بكر بن خلف الشيرازي قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله
الحاكم قال أنبأنا أبو الحسن بن ذكويه المذكر قال حدثنا جعفر بن سلمة قال
حدثنا محمد بن يزيد قال حدثنا أبو مطيع الثلى [البلخي] قال حدثنا حماد بن
130

سلمة عن أبي المهزم عن أبي هريرة أن وفد ثقيف جاءوا إلى النبي صلى الله عليه
وسلم، فسألوه عن الايمان هل يزيد وينقص؟ فقال: لا. زيادته كفر ونقصه ".
هذا حديث موضوع بلا شك وهو من وضع أبى مطيع واسمه الحكم بن
عبد الله قال أحمد بن حنبل: لا ينبغي أن يروى عنه شئ، وقال يحيى: ليس
بشئ، وقال أبو حاتم الرازي: كان أبو مطيع مرجئا كذابا. قال المصنف:
وقلت في هذا الحديث أبو المهزم وقد سبق أنه كذاب وقد سرق هذا الحديث من
أبى مطيع. أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وغير لفظه
فرواه عن حماد عن أبي المهزم عن أبي هريرة قال: " قدم وفد ثقيف على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا جئناك نسألك عن الايمان أيزيد أو ينقص؟
فقال: الايمان مثبت في القلوب كالجبال الرواسي وزيادته ونقصانه كفر " عثمان هذا
كذاب وقد تلصص. قال أبو حاتم ابن حبان الحافظ: عثمان بن عبد الله يضع
الحديث على الثقاة لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل الاعتبار سرق حديث أبي
مطيع البنحى [البلخي] في الايمان يزيد وينقص ورواه لنا با
[أنبأنا] زاهر بن طاهر قال أنبأنا البيهقي قال أنبأنا أبو عبد الله الحاكم قال
هذا الحديث باطل وفى إسناده ظلمات منها أبو المهزم إلا أن الذي تولى كبره
أبو مطيع ثم سرقه منه عثمان.
الحديث الثاني: عن أبي العباس أحمد بن محمد القوصي قال حدثنا أبو عمرو
ومحمد بن عبد الله بن أحمد الرزجاهي قال حدثنا أبو أحمد عبد الله بن عدى الحافظ
قال حدثنا أبو على أحمد بن علي بن محمد قال حدثنا محمد بن كرام قال حدثنا أحمد
ابن عبد الله الشيباني قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن (1)
.

(1) هنا بياض في الأصل وباقي السند المألوف هو " أبيه " عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
والحديث موضوع طبعا
131

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الايمان لا يزيد ولا ينقص " هذا حديث
موضوع من موضوعات أحمد بن عبد الله الجويباري وهو الشيباني وهو الهروي
قال أبو أحمد بن عدى: كان يضع الحديث لابن كرام على ما يريده، وكان ابن
كرام يضعها في كتبه عنه، ويسميه أحمد بن عبد الله الشيباني حدث عن جرير
والفضل بن موسى أحاديث وضعها عليهم هو. قال أبو حاتم بن حبان الجويباري
كذاب دجال يضع الحديث على الذين يروى عنهم ما لم يحدثوا به، روى عنه
ألوف أحاديث كان يضعها عليهم لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الجرح
فيه. أنبأنا محمد بن ناصر عن أحمد بن علي بن خلف قال أنبأنا الحاكم أبو عبد الله
الحافظ قال سمعت أبا سهل محمد بن سليمان الحنفي يقول سمعت أبا العباس محمد بن
إسحاق السراج يقول شهدت محمد بن إسماعيل البخاري ورفع إليه كتاب من
محمد كرام يسأله عن أحاديث منها سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبيه قال
الايمان لا يزيد ولا ينقص، فكتب محمد بن إسماعيل على ظهر كتابه: من حدث
بهذا استوجب الضرب الشديد والحبس الطويل.
الحديث الثالث: بلغني عن أحمد بن إبراهيم بن بركات قال حدثنا محمد بن
الحسين بن علي قال حدثنا محمد بن جعفر الخوارزمي قال حدثنا مأمون بن أحمد
السلمي قال حدثنا أحمد بن عبد الله الجويباري قال حدثنا سفيان بن عيينة عن
ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الايمان
لا يزيد ولا ينقص "، وهذا من موضوعات الجويباري أيضا، والذي رواه
عنه وهو مأمون فثد [فقد] اسمه وأنه أحد الوضاعين ذكر أنه وضع مائة
ألف حديث، وقال أبو حاتم بن حبان الحافظ: كان مأمون بن أحمد دجالا
من الدجالين.
الحديث الرابع: رواه مأمون بن أحمد بن عبد الله بن مالك بن سليمان عن
132

سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " الايمان قول والعمل شرائعه " وهذا من موضوعات
مأمون بلا شك، وقد ذكرنا أنه من الكذابين.
الحديث الخامس: " أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزار عن أبي محمد الجوهري
عن أبي الحسن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان قال حدثنا إبراهيم بن سعيد
قال حدثنا محمد بن القاسم الطانكانى [الطالكاني] قال حدثنا عبد العزيز
ابن خالد قال حدثنا سفيان الثوري عن أبي هارون عن أبي سعيد قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من زعم أن الايمان يزيد وينقص فزيادته
نفاق ونقصانه كفر فإن تابوا وإلا فاضربوا أعناقهم بالسيف أولئك أعداء الرحمن
فارقوا دين الله وانتحلوا الكفر وخاصموا في الله، طهر الله الأرض منهم، ألا فلا
صلاة لهم، ألا فلا صوم لهم، ألا فلا زكاة لهم، ألا ولا حج لهم، ألا ولا دين
لهم، هم برآء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم
برئ منهم " هذا حديث موضوع وهو من موضوعات محمد بن القاسم الطالكاني.
قال أبو حاتم بن حبان: روى أهل خراسان عن محمد بن القاسم أشياء لا يحل
ذكرها في الكتب، وهو يأتي في الاخبار بما يشهد الخلق على بطلانه.
أنبأنا ابن ناصر عن أبي بكر بن خلف قال سمعت الحاكم أبا عبد الله يقول:
محمد بن القاسم الطانكانى من رؤساء المرجئة ممن يضع الحديث على مذهبهم.
باب في تمييز الايمان من العمل
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن خلف عن أبي عبد الرحمن
محمد بن الحسين السلمي قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني قال حدثنا
أحمد بن محمد بن علي الهروي قال حدثنا أحمد بن عبد الله الجويباري قال حدثنا
133

سلمة بن سلام عن بكر بن خنيس عن أبان عن أنس بن مالك قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من لم يميز ثلاثة فليس له في الجماعة نصيب، من لم يميز
العمل من الايمان، والرزق من العمل، والموت من المرض ".
هذا حديث موضوع وفيه أربعة متروكون: الجويباري وسلمة وبكر وأبان
غير أنى لا أتهم به إلا الجويباري، ولقد وضع كلاما ركيكا لا معنى له،
والكاذب لا يوفق للصواب.
باب الاستثناء في الايمان
فيه أربعة أحاديث:
الحديث الأول: عن أبي العلاء بن نصر الكاتب قال أنبأنا عبد الرحمن
ابن غزوان بن محمد قال أنبأنا أبو العباس بن تركان قال حدثنا محمد بن الحسين
ابن علي قال حدثنا محمد بن جعفر بن علي قال حدثنا مأمون بن أحمد قال حدثنا
عبد الله بن مالك بن سليمان السعدي عن أبيه عن أبي الأحوص سلام بن سليم
عن سلمة بن وردان عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي: المرجئة والقدرية، قيل: يا رسول الله من
القدرية؟ قال: قوم يقولون لا قدر، قيل: فمن المرجئة؟ قال: قوم يكونون في
آخر الزمان إذا سئلوا عن الايمان يقولون نحن مؤمنون إن شاء الله ".
هذا حديث موضوع في إسناده مأمون الذي ليس بمأمون، وقد ذكرنا آنفا
أنه كان من الوضاعين. وقال الدارقطني: ما حدث بهذا إلا سلمة ولا يعرف عنه
إلا من رواية عبد الله بن مالك عن أبيه، وعبد الله وأبوه من خبثاء المرجئة.
قال أبو حاتم بن حبان: مالك يروى عن الثقاة ما لا يشبه حديث الاثبات.
الحديث الثاني: عن أبي بكر بن عبد الله بن محمد المذكر اللقاباذي قال أنبأنا
134

أبو عبد الله بن بالويه الشيرازي قال أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الخبازي
قال حدثنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا أبو عبد الله بن محمد بن محمد السكسكي قال
حدثنا محمد بن مقاتل الرازي قال حدثنا جعفر بن هارون الواسطي قال حدثنا
سمعان بن مهدي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن
أمتي على الخير ما لم يتحولوا عن القبلة ولم يستثنوا في إيمانهم ".
هذا حديث موضوع وضعته المرجئة وفى إسناده ضعفاء وأكثرهم مجاهيل.
وقد روى محمد بن تميم من حديث أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" من قال الايمان يزيد وينقص فقد خرج من أمر الله، ومن قال أنا مؤمن إن
شاء الله فليس له في الاسلام نصيب " وضعه ابن تميم.
الحديث الثالث: على ضد ما تقدم أخبرت عن حمد بن نصر بن أحمد قال
أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي الكوفي قال حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن
إبراهيم الحافظ قال حدثنا أبو عمرو بن أبي جعفر أن الحسن بن سفيان أخبرهم قال
حدثنا علي بن سلمة قال حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال حدثنا معارك
عن عباد عن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " إن من تمام إيمان العبد الاستثناء أن يستثنى فيه ".
هذا حديث لا يصح. قال البخاري: معارك منكر الحديث. قال أحمد بن
حنبل وكذلك عبد الله بن سعيد وهو ابن أبي سعيد المقبري وقال يحيى بن
معين: ليس بشئ ولا يكتب حديثه. وقال عمرو بن علي: منكر الحديث متروكة.
الحديث الرابع: أنبأنا محمد بن عبد الملك عن أبي محمد الجوهري عن الدارقطني
عن أبي حاتم بن حبان قال حدثنا جعفر بن أحمد بن سلمة قال حدثنا عثمان بن
عبد الله الأموي قال حدثنا غنيم بن سالم عن أنس بن مالك قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من شك في إيمانه فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسر " ين
135

هذا حديث لا يصح. قال ابن حبان: غنيم لا يحتج به روى العجائب قال:
وعثمان يضع الحديث على الثقاة لا يحل كتب حديثه إلا اعتبارا.
باب علامة كمال الايمان
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال أنبأنا أبو بشر
عبد الله بن الحسين بن أحمد السجستاني قال حدثنا أبو القاسم زيد بن رفاعة
الهاشمي قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا عبد الله بن المعتز قال حدثنا عفان بن
مسلم قال حدثنا حماد بن سلمة عن رجل عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " لا يكمل عبد الايمان حتى يكون فيه خمس خصال: التوكل
على الله، والتفويض إلى الله، والتسليم لامر الله، والرضا بقضاء الله، والصبر على
بلاء الله، إنه من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله، فقد استكمل الايمان ".
قال الخطيب: هذا حديث باطل بهذا الاسناد، وابن المعتز لم يكن قد ولد
في وقت عفان، فضلا عن أن يكون سمع منه، وأراه من صنعة زيد بن رفاعة،
فإنه كان يضع الحديث.
باب لا يضر مع الايمان عمل
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر بن ثابت قال أنبأنا محمد بن محمد
ابن علي الطبيب قال أنبأنا عمر بن إبراهيم المقرى قال حدثنا بندار البصلاني
قال حدثنا إبراهيم بن راشد قال حدثنا حجاج بن نصير قال حدثنا المنذر بن زياد
الطائي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كما لا ينفع مع الشرك شئ كذلك لا يضر
مع الايمان شئ " هذا حديث لا يصح. قال عمرو بن علي الفلاس: كان المنذر
ابن زياد كذابا. وقال الدارقطني: متروك له مناكير.
136

باب كيفية مجئ الاسلام يوم القيامة
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن
يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا الحسن بن سفيان قال أنبأنا محمود
ابن خالد قال حدثنا مروان بن محمد قال حدثنا رشدين قال حدثني معاوية بن
صالح قال عن سليم بن عامر عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يبعث الاسلام يوم القيامة على صورة الرجل عليه رداؤه، فيأتي الرب فيقول:
يا رب منك خرجت وإليك أعود فشفعني اليوم في من شئت. فيقول: قد شفعتك
قال: فيبسط رداءه. قال: فتسيب إليه الناس، قال: فمن تسيب إليه تسيب
أدخله الجنة ".
قال ابن عدى: لا أعرف هذا الحديث إلا من حديث رشدين عن معاوية.
قال المصنف قلت: رشدين هو ابن سعد. قال يحيى: ليس بشئ، وقال
النسائي: متروك.
باب ثواب من أسلم على يده رجل
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
بن ثابت قال أنبأنا محمد بن عبد الله بن شهريار قال حدثنا سليمان بن أحمد
الطبراني قال حدثنا خلف بن عمرو العكبري قال حدثنا محمد بن معاوية النيسابوري
قال حدثنا الليث بن سعد عن زيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله
عن عقبة بن عامر الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أسلم على
يديه رجل وجبت له الجنة ".
قال سليمان: لم يرفعه عن الليث إلا محمد بن معاوية.
قال يحيى بن معين: ليس هذا الحديث بشئ، ومحمد بن معاوية حدث
137

بأحاديث كثيرة ليس لها أصل، منها هذا الحديث وليس بشئ.
قال المصنف قلت: وكان يحيى يرميه بالكذب. وقال أحمد بن حنبل
والدارقطني هو كذاب. وقال النسائي متروك الحديث. وقد روى هذا الحديث
خالد بن عمرو عن الليث. وخالد لا يحتج به.
قال أحمد: ليس بثقة روى أحاديث بواطيل، وقال في رواية: رأيت
أحاديثه موضوعة. وقال يحيى: ليس حديثه بشئ.
وقال أبو بكر الخطيب: ويقال إن هذا الحديث لا أصل له من رواية يزيد
ابن أبي حبيب، وإنما يروى عن خالد بن أبي عمران من قوله.
138

كتاب المبتدأ
باب في خلق الشمس والقمر
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا أحمد بن علي بن سوار قال أنبأنا أبو محمد
الجوهري قال أنبأنا أبو عمر بن حوية قال أنبأنا أبو الحسين أحمد بن جعفر بن
المنادى قال حدثني هارون بن علي بن الحكم قال حدثنا أحمد بن عبد العزيز
ابن مرداس قال حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد القرشي قال حدثنا محمد بن
موسى الشيباني قال حدثنا سلمة بن الصلت قال حدثنا أبو على حازم بن المنذر
العنزي قال حدثنا عمر بن صبح عن مقاتل بن حيان عن شهر بن حوشب عن
حذيفة قال أبو على وحدثنا الأعمش عن سليمان بن موسى عن القاسم بن مخيمرة
عن علي بن أبي طالب وحذيفة وابن عباس: " أنهم كانوا جلوسا ذات يوم
فجاء رجل، فقال: إني سمعت العجب، فقال له حذيفة وما ذاك؟ قال سمعت
رجالا يتحدثون في الشمس والقمر فقال: وما كانوا يتحدثون؟ فقال: زعموا
أن الشمس والقمر يجاء بهما يوم القيامة كأنهما ثوران عقيران فيقذفان في جهنم،
فقال على وابن عباس وحذيفة: كذبوا الله أجل وأكرم من أن يعذب على طاعته
فقال حذيفة بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سئل عن ذلك فقال
إن الله عز وجل لما أبرم خلقه فلم يبق من خلقه غير آدم خلق شمسين من نور
عرشه. فأما التي كان في سابق علمه أن يطمسها ويحولها قمرا فإنه خلقها دون
الشمس في الضوء. وذكر حديثا طويلا نحوا من جزء فيه: " أن التي تطلع
الشمس في صبحتها من المغرب تكون قدر ثلاث ليال، فلا يعرف طولها سوى
المتعبدين فيستغيث بعضهم إلى بعض، وأن الشمس تطلع من المغرب ومعها القمر
إلى نصف السماء ثم يعادان ".
139

هذا حديث موضوع لا شك فيه وفى إسناده جماعة من الضعفاء والمجهولين،
وعمر بن صبح ليس بشئ قال أبو حاتم ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقاة
لا يحل كتب حديثه إلا على وجه التعجب.
والمحنة في هذا الحديث من قبل أن يصل إلى عمر حديث فيه أن الشمس
والقمر يلقيان في النار.
أنبأنا ابن الملك عن الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان قال
حدثنا القطان قال حدثنا عمرو عن يزيد السياري قال حدثنا درست ابن زياد
عن يزيد بن الرقاشي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الشمس
والقمر ثوران عقيران في النار " هذا لا يصح.
قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج برواية درست بن زياد وقال يحيى: لا شئ.
باب كسوف القمر
أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد الموحد قال أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي قال
حدثنا أبو مطيع الحسن بن محمد الشافعي قال حدثنا أبو على الحسن بن أبي الحسن
ابن موسى العقير قال حدثنا أحمد بن علي بن رزين الهروي قال حدثنا أحمد بن
عبد الله الهروي قال أنبأنا وهب بن وهب عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن
أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا انكسف في المحرم كانت تلك
السنة البلاء والقتال وشغل السلطان وفتنة الكبراء وانتشار من الضعفاء، وإذا
انكسف في صفر كان نقص من الأمطار حتى يظهر النقصان في البحر وهو الغاية
من نقص الأمطار والقحوط، وإذا انكسف في ربيع الأول كان مجاعة وموت
مع أمطار وحرب وتحرك ملك بموت كثير، وإذا انكسف في جمادى الأولى
كان برد وثلوج وأمطار مع موت ذريع وهو الطاعون، وإذا انكسف في جمادى
الآخرة فهو زرع كثير وخصب وسعة مع قتال بين الناس ويكون حراذا
140

[جراد] والأسعار تزداد رخصا وكسادا، وإذا انكسف في رجب فهو أمطار
وسمك كثير "، وذكر حديثا طويلا من هذا الجنس على المشهور لا فائدة في
الإطالة به لان هذا الحديث لا يشك في وضعه، ومن قد خبر أمر أحمد بن عبد الله
الهروي وهو الجويباري علم أنه من عمله وإن كان وهب بن وهب من أكذب
الناس فكافأ الله من يضع مثل هذه الأشياء المنافية للشريعة ولا شك أنه يقصد
شينها. وإنما ننسب مثل هذا الكلام إلى كتاب يسمى الآثار العلوية نسبوه إلى
دانيال وذي القرنين ولا يصح ذلك.
باب في نقصان الشهور
أنبأنا أبو القاسم الحريري عن أبي طالب العشاري قال حدثنا أبو الحسن
الدارقطني قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا
إسحاق بن إدريس قال حدثنا إبراهيم بن العلاء عن سعيد بن زيد عن عقبة عن
أبيه زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يتم شهران ستين يوما ". قال الدارقطني: تفرد به إسحاق بن إدريس بهذا
الاسناد. قال يحيى: كان إسحاق يضع الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث
قال المصنف: قلت وما أظن من وضع هذا يريد إلا شين الشرع فإنه قد يتم
شهران وثلاثة، وحوشى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخبر بما لا يكون.
باب ذكر المجرة
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال أخبرني علي بن محمد
ابن الحسن المالكي قال أنبأنا عبد الله بن عثمان الصفار قال أنبأنا محمد بن عمران
ابن موسى الصفار قال حدثنا عبد الله بن علي المديني قال: قلت لابي: إن
الشاذكوني يحدث عن هشام بن يوسف قال أنبأنا أبو بكر بن أبي مريم عن
الوليد بن أبي الوليد عن رجل سماه فذهب عنى عن معاذ بن جبل قال " لما أراد
141

النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعثني أراه قال إلى اليمن قال إنهم سائلوك عن المجرة
فإذا سألوك فقل إنها من عرق الأفعى التي تحت العرش " فأنكره أشد الانكار
وقال لم يسمع هشام من أبى بكر بن مريم.
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ قال أنبأنا محمد بن المظفر قال أنبأنا
أبو الحسن الصيفي قال حدثنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر العقيلي قال
حدثنا حجاج بن عمران قال حدثنا سليمان بن داود قال حدثنا هشام بن يوسف
قال حدثنا أبو بكر بن عبيد الله بن أبي سبرة عن عمرو بن أبي عمرو عن الوليد
عن عبد الأعلى بن حكيم عن معاذ بن جبل قال: " لما بعثني رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى اليمن، قال: إنك تأتي قوما أهل كتاب فإن سألوك عن المجرة
فأخبرهم أنها من عرق الأفعى التي تحت العرش ".
قال العقيلي: وحدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج وأنبأنا ابن خيرون قال حدثنا
ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن محمد بن زنجويه
قال حدثنا روح بن الفرج قال حدثنا إبراهيم بن مخلد قال حدثنا الفضل بن مختار
عن محمد بن مسلم الطائفي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن جابر بن عبد الله
قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا معاذ إني مرسلك إلى قوم أهل
كتاب فإذا سئلت عن المجرة التي في السماء فقل هي لعاب حية تحت العرش ".
هذا حديث لا يصح، وسليمان بن داود هو الشاذكوني.
قال يحيى: ليس بشئ. وأما أبو بكر بن أبي سبرة فقال أحمد كان يضع
الحديث ويكذب، وقال النسائي والعقيلي متروك الحديث، وقد ذكرناه في رواية
عن أبي بكر بن أبي مريم، فإما أن يكون غلطا من الرواة أو تخليطا من
الشاذكوني. وابن أبي مريم قال فيه يحيى بن معين ليس بشئ، قال وعمرو
ابن أبي عمرو لا يحتج بحديثه.
142

قال أحمد بن حنبل: ومحمد بن مسلم الطائفي ما أضعف حديثه وقال العقيلي:
عبد الأعلى لا يتابع على هذا الحديث، والفضل منكر الحديث، قال وقد روى
من وجه آخر لا يثبت أيضا.
باب ذكر القوس
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن حبيب قال أنبأنا العباس بن أبي العباس
السقائي قال أنبأنا أحمد بن محمد بن الحارث التميمي قال حدثنا أبو محمد بن حيان
قال حدثني يوسف بن محمد المؤذن قال حدثنا إبراهيم بن الوليد الجساس قال حدثني
أبو عمر الغرانى قال حدثنا بشار بن عبيد الله عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنس
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان القوس كذا من أول السنة
فهو عام خصب، وإذا كان من آخر السنة فهو أمان من الغرق ".
هذا حديث لا يصح، وفى إسناده مجاهيل وضعاف، وقال أبو حاتم الرازي
لا يحتج بحديث عطاء بن أبي ميمونة. وقال أبو الفتح الأزدي: بشار بن
عبيد الله متروك الحديث جدا منكر الامر.
حديث آخر: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا عبد الباقي بن أحمد قال
أنبأنا محمد بن جعفر بن علان قال أنبأنا أبو الفتح الأزدي الحافظ قال حدثنا
أبو يعلى محمد بن عبد الله الملطى قال حدثنا وهب بن حفص الحراني قال حدثنا
محمد بن سليمان الحراني قال حدثنا خليد بن دعلج عن عطاء عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمان لأهل الأرض من الغرق القوس قزح
وأمان لأهل الأرض من الاختلاف الموالاة لقريش، وإذا خالف قريش قبيلة
صارت من حزب إبليس ". وهذا موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفيه خليد بن دعلج وقد ضعفه أحمد والدارقطني، وقال يحيى: ليس بشئ، وقال
النسائي: ليس بثقة، وفيه محمد بن سليمان الحراني قال أبو حاتم الرازي منكر
143

الحديث، وفيه وهب بن حفص. قال أبو عروبة كذاب يضع الحديث يكذب
كذبا فاحشا.
قال المنصف: قلت وهو المتهم به.
باب لا يقال قوس قزح
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال أنبأنا
أبو الحسن محمد بن عمر بن عيسى البلدي قال حدثنا الحسن بن سعيد بن الفضل
الآدمي قال حدثنا عبيد العجلي قال حدثنا بشر بن الوليد قال حدثنا زكريا
ابن حكيم الحبطي عن أبي رجاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " لا تقولن قوس قزح، فإن قزح الشيطان، ولكن قولوا قوس الله
وهو أمان من الغرق ".
طريق آخر: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا أحمد بن أحمد قال
حدثنا أبو نعيم الحافظ قال حدثنا أحمد بن السندي قال حدثنا الحسين بن محمد بن
حاتم قال حدثنا بشر بن الوليد قال حدثنا زكريا بن حكيم الحبطي عن أبي رجاء
العطاردي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقولوا قوس
قزح فإن قزح شيطان، ولكن قولوا قوس الله عز وجل فهو أمان لأهل
الأرض " هذا حديث لم يرعفه غير زكريا. قال أحمد ويحيى ليس بشئ، وقال
يحيى مرة ليس بثقة وكذلك النسائي، وقال ابن المديني هالك.
باب ذكر مقاليد السماوات والأرض
أنبأنا علي بن عبد الواحد الدينوري قال أنبأنا الحسن بن علي الجوهري قال
أنبأنا علي بن أحمد بن كيسان قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا
محمد بن أبي بكر عن ابن عمر أن عثمان سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن تفسير
144

[له مقاليد السماوات والأرض]، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما سألني عنها
أحد. تفسيرها لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله وبحمده، أستغفر الله،
لا قوة إلا بالله الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيى ويميت وهو على
كل شئ قدير. أما أول خصلة يعنى لمن قالها فيحرس من إبليس وجنوده،
وأما الثانية فيعطى قنطارا في الجنة، وأما الثالثة فترفع له درجة في الجنة، وأما
الرابعة فيزوجه الله من الحور العين، وأما الخامسة فله فيها من الاجر كمن حج
أو اعتمر فيقبل حجه وتقبلت [تقبل] عمرته، فإن مات من يومه ختم له بطابع
الشهداء ". وقد رواه العقيلي عن أحمد بن محمد بن عاصم عن محمد بن أبي بكر،
وفيه نوع اختلاف في الكلمات. وهذا حديث لا يصح قال أما الأغلب فقال
يحيى ليس بشئ، وأما مخلد فقال ابن حبان منكر الحديث جدا ينفرد بمناكير
لا تشبه أحاديث الثقاة، وأما عبد الرحيم فكذا في رواية يوسف القاضي وفى رواية
العقيلي عبد الرحمن المدني وهو ضعيف، وهذا الحديث من الموضوعات النادرة
التي لا تليق بمنصب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه منزه عن الكلام
الركيك والمعنى البعيد.
باب أسماء النجوم التي رآها يوسف عليه السلام
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا محمد بن المظفر قال أنبأنا أحمد بن
محمد العتيقي قال أنبأنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر العقيلي قال حدثنا
محمد بن إسماعيل الصايغ قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا الحكم بن ظهير
عن السعدي عن عبد الرحمن بن سليط عن جابر بن عبد الله قال: " جاء بستاني
اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا محمد أخبرني عن النجوم التي رآها
يوسف أنها ساجدة له ما أسماؤها؟ فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم بشئ حتى
أتاه جبريل فأخبره. فأرسل إلى اليهودي فقال إن أخبرتك بأسمائها تسلم؟ قال:
(10 الموضوعات 1)
145

أخبرني قال: حدثان وطارق الذبال وذو الكنفات وذو الفرع ووثاب وعمودان
وقابس والصروح والمصبح والفيلق والضياء والنور. قال يعنى إياه وأنه رآها في
أفق السماء ساجدة له، فلما قص رؤياه على أبيه قال أرى أمرا متشتتا يجمعه الله.
فقال اليهودي هذه والله أسماؤها " هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله
عليه وسلم وكان واضعه قصد شين الاسلام بمثل هذا، وفيه جماعة ليسوا بشئ.
قال يحيى بن معين: الحكم بن طهير ليس بشئ. وقال النسائي: متروك الحديث
وقال أبو حاتم بن حبان يروى عن الثقاة الموضوعات، وأنبأنا ابن ناصر عن محمد
ابن طاهر الحافظ قال: الحكم كذاب. وأما السدي فقال ابن نمير كذاب. وقال
النسائي وأبو حاتم الرازي متروك. وقال البخاري: لا يكتب حديثه البتة. وقال
أبو على صالح بن محمد كان يضع الحديث. قال ابن حبان: وهذا الحديث لا أصل
له من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال العقيلي: لا يصح في هذا المتن
عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ من وجه يثبت.
باب في خلق الملائكة
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا محمد بن المظفر قال أنبأنا محمد بن المظفر قال أنبأنا أبو الحسن
الصيفي قال حدثنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر العقيلي قال حدثنا
أحمد بن داود التومسي قال حدثنا صفوان بن صالح قال حدثنا الوليد قال حدثنا
روح بن جناح عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " في السماء الدنيا بيت يقال له العمور بحيال الكعبة،
وفى السماء الرابعة نهر يقال له الحيوان يدخل فيه جبريل كل يوم فينغمس فيه
انغماسة ثم يخرج فينتفض انتفاضة فيخرج عنه سبعون ألف قطرة فيخلق الله من
كل قطرة ملكا ثم يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور فيصلون فيه ثم يخرجون
فلا يعودون إليه أبدا فيولى عليهم أحدهم ثم يؤمر أن يقف بهم في السماء موقفا
يسبحون الله فيه إلى أن تقوم الساعة ".
146

طريق آخر: أنبأنا عبد الأول بن عيسى قال أنبأنا عبد الله بن محمد الأنصاري
قال حدثني علي بن محمد بن الحسن الفارسي إملاء أن علي بن عيسى أخبرهم قال
أنبأنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني قال حدثنا الوليد بن
مسلم قال حدثنا روح بن جناح عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤمر جبريل في كل غداة فيدخل
بحر النور فينغمس فيه انغماسة ثم يخرج فينتفض انتفاضة فتسقط منه سبعون ألف
قطرة يخلق الله من كل قطرة ملكا فيؤمر بهم إلى البيت المعمور فيصلون فيه،
ثم يؤمر بهم إلى حيث ما شاء الله يسبحون إلى يوم القيامة " هذا حديث لا يتهم
به إلا روح بن جناح فإنه يعرف به ولم يتابعه عليه أحد. قال ابن حبان: يروى
عن الثقة ما إذا سمعه من ليس بمتبحر في هذه الصناعة شهد بالوضع. وقال
عبد الغني الحافظ: هذا حديث منكر بهذا الاسناد ليس له أصل عن الزهري،
ولا عن سعيد ولا عن أبي هريرة ولا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من
هذه الطريق ولا من غيرها.
باب ذكر الملائكة الموكلين بالمساجد الثلاثة
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال أنبأنا
القاضي أبو العلا محمد بن علي الواسطي قال حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد بن الفرج
الخلال قال حدثنا أبو حامد أحمد بن رجا بن عبيدة قال حدثنا محمد بن محمد بن
إسحاق البصري قال حدثنا سويد بن نصر البلخي قال حدثنا سفيان الثوري عن
حماد عن إبراهيم عن علقمة قال: قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" لله تعالى ثلاثة أملاك ملك موكل بالكعبة، وملك موكل بمسجدي هذا،
وملك موكل بالمسجد الأقصى، فأما الملك الموكل بالكعبة فينادى في كل يوم:
من ترك فرائض الله خرج من أمان الله، وأما الملك الموكل بمسجدي هذا فينادى
147

في كل يوم: من ترك سنة محمد صلى الله عليه وسلم لم يرد الحوض ولم تدركه شفاعة
محمد صلى الله عليه وسلم، وأما الملك الموكل بالمسجد الأقصى فينادى في كل يوم
من كانت طعمته حراما كان عمله مضروبا به في وجهه ".
وقال الخطيب: هذا حديث منكر ورجال إسناده كلهم ثقاة معروفون
سوى البصري وأحمد بن رجاء فإنهما مجهولان.
باب في ذكر الجبال والأنهار
أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا أحمد بن علي بن المثنى
قال حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال أخبرني
أبو حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحد
ركن من أركان الجنة " قال ابن عدى لا أعلم يرويه عن أبي حازم إلا عبد الله.
قال النسائي: هو متروك الحديث.
حديث آخر: أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة قال
أنبأنا ابن عدى قال حدثنا بهلول بن إسحاق قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس
قال حدثني كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف بن زيد المزني عن أبيه عن
جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أربعة أجبل من جبال الجنة،
وأربعة أنهار من أنهار الجنة، وأربعة ملاحم من ملاحم الجنة. قيل فما الا جبل
يا رسول الله؟ قال: أحد جبل يحبنا ونحبه جبل من جبال الجنة، وطور جبل
من جبال الجنة، ولبنان جبل من جبال الجنة، ولم يذكر الرابع. والأنهار: النيل
والفرات وسيحان وجيحان. والملاحم بدر وأحد والخندق وخيبر ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أحمد بن حنبل
148

كثير بن عبد الله منكر الحديث ليس بشئ. وقال يحيى: لا نكتب حديثه.
وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث. وقال الشافعي: هو ركن من أركان
الكذب. وقال ابن حبان: روى عن أبيه عن جده نسخة موضوعة لا يحل
ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب.
باب ذكر الشياطين
حدثنا عن أبي عبد الله محمد بن علي بن يحيى بن سلوان المازني قال أنبأنا
أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي قال أنبأنا أبو شيبة إبراهيم بن دينار بن
دوزبة قال حدثنا العلاء بن عمرو قال حدثنا عبد المنعم بن إدريس قال حدثنا أبي
عن وهب بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن
لله تعالى شياطين في البر ليس لهم على ما في البحر سلطان، وشياطين في البحر
ليس لهم على ما في البر سلطان، وشياطين في النهار ليس لهم على ما في الليل سلطان،
وشياطين بالليل ليس لهم على ما في النهار سلطان، وشياطين في الظلمة ليس لهم
على ما في النور سلطان، وشياطين في النور ليس لهم على ما في الظلمة سلطان،
وشياطين في المنام ليس لهم على ما في اليقظة سلطان، وشياطين في اليقظة ليس
لهم على ما في المنام سلطان، وشياطين في الجموع ليس لهم على ما في الوحدة سلطان
وشياطين موكلون بالرجال دون النساء، وشياطين موكلون بالنساء دون الرجال،
وشياطين موكلون بالملوك دون المملوك، وشياطين موكلون بالضعفاء دون الكبار
وشياطين موكلون بالكبار دون الصغار، وشياطين موكلون بالمساجد يطردون
الناس عنها طردا عنيفا عن ذكر الله وعن الصلاة يطردونهم إلى الشهوات،
وإلى اللذات وإلى الأسواق والمجالس والجماعات، ويشهون إليهم ويحببون إليهم
الجلوس على المعاصي التي لا يعصمهم منها إلا الله. فمن صلى صلاة الغداة في جماعة
ثم ذكر الله تعالى وذكر به حتى تطلع الشمس ثم صلى أربع ركعات لم يضره شئ
149

من خلق الله تعالى من ساعته تلك إلى مثلها من الغد ".
هذا حديث لا يشك في وضعه على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما عبد
المنعم فقال أحمد بن حنبل: يكذب على وهب. وقال ابن المديني وأبو داود ليس
بثقة. وقال الفلاس: متروك الحديث. وقال البخاري ذاهب الحديث. وقال
الدارقطني هو وأبوه متروكان. قال ابن حبان: والعلاء بن عمرو لا يجوز الاحتجاج
به بحال. قال داود بن إبراهيم: كان يكذب.
باب خلق الآدمي وفوائد أجزائه
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال حدثنا
حمزة بن يوسف السهمي قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا القاسم بن زكريا
قال حدثنا سويد بن سعيد قال حدثنا الحكم بن فضل العبدي قال حدثنا عطية
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اليدان جناحان
والرجلان بريدان، والأذنان قمع، والعينان دليل، واللسان ترجمان، والضحك
طحال، والرئة نفس، والكليتان مكر، والكبد رحمة، والقلب ملك، فإذا
فسد الملك فسد جنوده، وإذا صلح الملك صلح جنوده ".
طريق آخر: أنبأنا محمد بن عبد الباقي قال أنبأنا أحمد بن أحمد قال أنبأنا
أبو نعيم الحافظ قال حدثنا سليمان بن أحمد قال حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا
نعيم بن حماد قال حدثنا بقية بن الوليد قال حدثني عتبة بن أبي حكيم عن طلحة
ابن نافع عن كعب قال: " أتيت عائشة فقلت: هل سمعت من رسول الله
صلى الله عليه وسلم نعت الانسان، فانظري هل يوافق نعتي نعت النبي صلى الله
عليه وسلم، فقالت: انعت، فقال: عيناه هاد، وأذناه قمع، ولسانه ترجمان،
ويداه جناحان، ورجلاه بريد، وكبده رحمة، ورئته نفس، وطحاله ضحك،
150

وكليتاه مكر، والقلب ملك، فإذا طاب طاب جنوده، وإذا فسد فسد جنوده.
فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعت الانسان هكذا ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الطريق الأول: ففيه عطية ضعفه الجماعة. وقال ابن حبان: كان يسمع
الطبي [الكلبي] يقول: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكنيه
أبا سعيد. ويروى عنه ذلك، فيظن أنه الخدري، لا يحل كتب حديثه إلا على
سبيل التعجب. وأما الحكم فقال ابن عدى لا يتابعه الثقاة على ما يتفرد به. وأما
سويد فكان يحيى يحمل عليه ويقول لو قدرته لعذرته.
وأما الطريق الأخرى: فقال يحيى بن معين: طلحة ليس بشئ، وعتبة
ضعيف الحديث. وقال ابن حبان: لا يحتج ببقية.
باب حلق [خلق] الأرواح
أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال
أنبأنا عبد الكريم بن هوازن قال حدثنا أبو القاسم بن حبيب قال حدثنا إبراهيم
ابن مجيد بن يزيد قال حدثنا محمد بن علي الترمذي قال حدثنا عمر بن أبي عمر
عن إبراهيم بن عبد الحميد العجلي عن صالح بن جبان [حيان] عن ابن بريدة
عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الأرواح في خمسة أجناس،
في الانس والجن والشياطين والملائكة والروح، وسائر الخلق لها أنفاس وليست
لها أرواح " هذا حديث لا يصح.
قال النسائي: صالح بن حيان ليس بثقة. وقال أبو حاتم بن حبان: كان
يروى الموضوعات عن الاثبات، حتى إذا سمعها من الحديث صناعته شهد لها
بالوضع. وقد جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه
الروح غرضا ".
151

باب لين القلب في الشتاء
أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا أحمد بن أحمد قال أنبأنا أبو نعيم
الحافظ قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن زكريا قال حدثنا عمر بن
يحيى قال حدثنا شعبة بن الحجاج عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن
معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قلوب بنى آدم تلين في
الشتاء، وذلك بأن الله تعالى خلق آدم من طين والطين يلين في الشتاء ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو محفوظ من
كلام خالد بن معدان، والمتهم برفعه عمر بن يحيى. قال إبراهيم الأصفهاني. هو
متروك الحديث. قال الدارقطني: ومحمد بن زكريا يضع الحديث.
باب ما يكتب في رأس المولود قبل أن يولد
أنبأنا أبو منصور بن خيرون عن أبي محمد الجوهري عن أبي الحسن
الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل قال
حدثنا أيوب بن محمد الوزان قال حدثنا الوليد بن الوليد العبسي عن ابن ثوبان
عن عطاء عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من مولود
إلا أنه مكتوب في تشبيك رأسه خمس آيات من فاتحة سورة التغابن ".
هذا حديث موضوع. قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج بالوليد.
باب ضرب الأطفال
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن
ثابت الخطيب قال أنبأنا عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن هارون قال أنبأنا
محمد بن عبد الله بن خلف بن بخيت قال حدثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم بن
152

الهيثم بن المهلب البلدي قال حدثني أبي قال حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني
قال حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول " لا تضربوا أولادكم على بكائهم، فبكاء الصبى أربعة أشهر
شهادة أن لا إله إلا الله، وأربعة أشهر الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، وأربعة
أشهر دعاء لوالديه ".
قال الخطيب: هذا الحديث منكر جدا، ورجال إسناده كلهم مشهورون
بالثقة سوى أبى الحسن البلدي.
باب فهم الأطفال بعضهم عن بعض
أنبأنا أبو المعتمر المبارك بن أحمد بن الأنصاري قال أنبأنا أبو الحسن محمد
ابن مرزوق قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا أبو القاسم الأزهري
قال حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن يعقوب قال حدثني سعيد بن عثمان بن
سعيد الوراق ح. وأنبأنا أبو منصور محمد بن عبد الملك واللفظ له قال أنبأنا
إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى
قال حدثنا الحسين بن عبد الله القطان قالا حدثنا محمد بن الطفيل أبو اليسر الحراني
قال حدثنا وكيع عن شبيب بن شيبة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال:
" كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل من الأنصار فقال إن أبنا لي دب
من سطح إلى ميزاب، فادع الله أن يهبه لأبويه. قال النبي صلى الله عليه وسلم:
قوموا. قال جابر: فنظرت إلى أمر هائل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ضعوا
له صبيا على السطح، فوضعوا له صبيا، فدعاه ثم ناغاه، ثم إن الصبى دب حتى
أخذه أبواه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تدرون ما قاله له؟ قالوا
الله ورسوله أعلم. قال: لم تلقى نفسك فتقتلها. قال: إني أخاف الذنوب
قال. فلعل العصمة أن تلحقك. قال وعسى فدب إلى السطح ".
153

هذا حديث لا نشك في وضعه وما أظن واضعه قصد إلا شين الاسلام.
قال ابن عدى. ومحمد بن الطفيل ليس بالمعروف، فلا أدرى البلاء منه
أو من غيره.
باب اختيار الأسماء
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي قال أنبأنا يحيى بن
محمد بن الحسين المؤدب قال أنبأنا محمد بن عبد الله الكوفي قال أنبأنا محمد بن محمد
الباغندي قال حدثنا محمد بن حميد الداري قال حدثنا إبراهيم بن المختار قال حدثنا
النضر بن حميد عن أبي إسحاق عن الأصبغ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما من أهل بيت فيهم اسم نبي إلا بعث
إليهم ملكا يقد سهم بالغداة والعشي ".
هذا حديث لا يصح وفى إسناده متروكون. أما أصبغ فقال يحيى لا يساوى
شيئا. وأما محمد بن حميد فقد كذبه أبو زرعة. وقال النسائي ليس بثقة. وقال
صالح بن محمد ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن الشاذكوني.
باب التسمية بمحمد
أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف قال حدثنا ابن عدى قال حدثنا عمر بن الحسين بن نصر قال
مصعب قال حدثنا سعيد قال حدثنا موسى بن أعين عن ليث عن مجاهد عن ابن
عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ولد له ثلاثة أولاد فلم يسم
أحدهم محمدا فقد جهل " لا يعرف إلا من حديث موسى. قال أحمد: ليث مضطرب
وقال أبو زرعة: لا يشتغل به. وقال ابن حبان: اختلط في آخر عمره فكان يقلب
الأسانيد ويرفع المراسيل، تركه يحيى القطان ويحيى بن معين وابن مهدى وأحمد.
154

حديث آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة
ابن يوسف قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا مكي قال حدثنا قطن قال حدثنا خالد
ابن يزيد قال حدثنا ابن أبي ذيب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من ولد له ثلاثة فلم يسم أحدهم محمدا فهو من الجفاة،
وإذا سميتموه محمدا فلا تسبوه، ولا تجبهوه ولا تعنفوه ولا تضربوه وشرفوه
وعظموه وكرموا وبروا قسمه ".
قال ابن عدى: هذا حديث منكر. قال المصنف: قلت: قال يحيى
وأبو حاتم الرازي: خالد بن يزيد العمرى كذاب. وقال ابن حبان: يروى
الموضوعات عن الاثبات.
حديث آخر: أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا عبد الرحمن بن منده قال أنبأنا
محمد بن علي النقاش قال أنبأنا أحمد بن محمد بن إسحاق السني قال حدثنا محمد بن
جرير الطبري قال حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال حدثنا عبد الله بن
عبد الرحمن بن سعد الوقاصي قال حدثنا عثمان بن عبد الرحمن عن عمته عائشة
بنت سعد عن أبيها قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " هل امرأة
من نسائكم حامل؟ فقال رجل أظن امرأتي حاملا، فقال: إذا رجعت إلى
منزلك فضع يدك على بطنها وسمه محمدا فإن الله عز وجل يأتي به رجلا ".
هذا حديث لا يصح. أما عثمان بن عبد الرحمن فقال يحيى ليس بشئ.
وقال مرة كان يكذب. وضعفه ابن المديني جدا. وقال الدارقطني متروك. وقال
ابن حبان يروى عن الثقات الموضوعات. وأحمد بن عبد الرحمن حدث
بما لا أصل له.
حديث آخر: أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة قال
أنبأنا ابن عدى قال حدثنا الفضل بن محمد بن سليمان قال حدثنا ابن مصطفى قال
155

حدثنا عثمان بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الملك عن يحيى بن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الفقر بيتا
فيه اسمى ".
هذا حديث لا يصح، وعثمان بن مظعون فيه. قال أحمد بن حنبل: محمد بن
عبد الملك كان يضع الحديث.
حديث آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا يحيى
ابن عبد الرحمن بن ناجية قال حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن مفضل قال حدثنا
عثمان الطرايفي قال حدثنا أحمد الشامي عن أبي الطفيل عن علي بن طالب قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما اجتمع قوم قط في مشورة فيهم رجل
اسمه محمد لم يدخلوه في مشورتهم إلا لم يبارك لهم فيه ".
قال ابن عدى: هذا حديث غير محفوظ وأحمد الشامي هو عندي بن كنانة
وهو منكر الحديث. قال أبو عروبة: وعثمان الطرائفي عنه عجائب يروى عن
مجهولين. قال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به.
حديث آخر: أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي
عبد الله بن منده قال أنبأنا محمد بن محمد بن سليمان المعداني قال حدثنا سليمان
ابن أحمد الطبراني قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن معمر
عن الزهري عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من أحد من
أمتي رزقه الله تعالى ولدا ذكرا فسماه محمدا وعلمه تبارك الذي بيده الملك إلا حشره
الله تعالى على ناقة من نوق الجنة مدبجة الجنبين خطامها من اللؤلؤ الرطب على
رأسه تاج من نور، وإكليل من نور، تتبختر به في الجنة ".
هذا حديث لا يصح وكل رجاله ثقاة ولا أتهم به إلا المعداني.
156

حديث آخر: أنبأنا ابن ناصر قال أنبأنا أبو القاسم بن منده قال أنبأنا محمد
ابن محمد بن المهتدى قال حدثنا الحسين بن أحمد بن بكير قال حدثنا أحمد بن
عبد الله بن الفتح قال حدثنا صدقة بن موسى بن تميم قال حدثني أبي عن حميد
الطويل عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يوقف عبدان بين
يدي الله تعالى فيأمر بهما إلى الجنة. فيقولان ربنا بما نستأهل الجنة ولم نعمل عملا
تجازينا؟ فيقول لهما: عبدي أدخلا الجنة فإني آليت على نفسي أن لا يدخل النار
من اسمه أحمد ولا محمد ".
هذا حديث لا أصل له. قال ابن حبان صدقة بن موسى لا يحتج به لم يكن
الحديث من صناعته كان إذا روى قلب الاخبار.
حديث آخر: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزاز، وأبو محمد يحيى بن علي
المدبر قالا أنبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن المهتدى بالله قال حدثنا الحسين
ابن أحمد بن عبد الله بن بكير قال حدثنا حامد بن حماد بن المبارك العسكري،
قال حدثنا إسحاق بن سيار أبو يعقوب النصيبي قال حدثنا حجاج بن المنهال قال
حدثنا حماد بن سلمة عن برد بن سنان عن مكحول عن أبي أمامة الباهلي قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ولد له مولود فسماه محمدا تبركا به كان
هو ومولوده في الجنة " في إسناده هذا الحديث من قد تكلم فيه.
حديث آخر: أنبأنا ابن ناصر قال أنبأنا عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن
منده قال أنبأنا عبد الصمد بن محمد العاصمي قال أنبأنا إبراهيم بن أحمد المستملى
قال حدثنا محمد بن أحمد بن شبيب قال حدثنا محمد بن عتاب قال حدثنا سليمان
ابن داود قال حدثنا عبثر بن الحسن قال حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن ابن أبي
نجيح عن مجاهد عن المسور بن مخرمة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول " ما من مسلم دنا من زوجته وهو ينوى إن حملت منه يسميه محمدا إلا
157

رزقه الله تعالى ذكرا، وما كان اسم محمد في بيت إلا جعل الله تعالى في ذلك
البيت بركة " وهذا لا يصح.
قال أبو حاتم الرازي: يحيى بن سليم لا يحتج به وسليمان مجروح وعبثر
مجهول. وقد روى في هذا الباب أحاديث ليس فيها ما يصح.
باب النهى عن تصغير الأسماء
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف
قال حدثنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا أحمد بن خالد بن عبد الملك بن مسرح
قال حدثنا أبي قال حدثنا إسحاق بن نجيح عن عباد بن راشد عن الحسن عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقولوا مسيجد،
ولا مصيحف. ونهى عن تصغير الأسماء وأن يسمى الصبى علوان أو حمدون
أو تعموس. وقال: هذه أسماء الشياطين ".
هذا حديث لا يشك في وضعه ولا نتهم به غير إسحاق بن نجيح فإنهم أجمعوا
على أنه كان يضع الحديث.
باب النهى عن التسمية بالوليد
أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال
قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا أبو المغيرة قال حدثنا ابن
عياش على حدثني الأوزاعي وغيره عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن
الخطاب قال " ولد لأخي أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم غلام فسموه
بالوليد فقال النبي صلى الله عليه وسلم سميتموه باسم فراعنتكم ليكونن في هذه الأمة
رجل يقال له الوليد لهم [لهو] شر على هذه الأمة من فرعون لقومه ".
قال أبو حاتم بن حبان: هذا خبر باطل ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
158

هذا ولا رواه عمر ولا حدث به سعيد ولا الزهري ولا هو من حديث الأوزاعي
بهذا الاسناد، وإسماعيل بن عياش لما كبر تغير حفظه فكثر الخطأ في حديثه،
وهو لا يعلم.
قال المصنف: قلت ولعل هذا الحديث قد أدخل عليه في كبره أو قد رواه
وهو مختلط. قال أحمد بن حنبل: كان إسماعيل يروى عن كل ضرب.
قال المصنف: قلت وقد رأيت في بعض الروايات عن الأوزاعي أنه قال:
سألت الزهري عن هذا الحديث فقال إن استخلف الوليد بن يزيد وإلا فهو
الوليد بن عبد الملك. وهذه الرواية بعيدة عن الصحة ولو صحت دلت على ثبوت
الحديث، والوليد بن يزيد أولى بها من الوليد بن عبد الملك لأنه كان مشهورا
بالالحاد صادندا [مبارزا] بالعناد وقد كان اسم فرعون الوليد.
باب الكنى
أنبأنا ابن خيرون عن الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم البستي قال
حدثنا محمد بن المسيب قال حدثنا مالك بن الخليل اليحمدي قال حدثنا أبو على
الدارسي قال حدثنا حبيش بن دينار عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " بادروا بأعمالكم الكنى لا تغلب عليهم الألقاب "
هذا حديث لا يصح.
قال ابن حبان: حبيش بن دينار يروى عن زيد العجائب لا يجوز
الاحتجاج به.
باب الاسم الحسن والوجه الحسن
أنبأنا هبة الله بن أحمد الحريري قال أنبأنا محمد بن علي بن الفتح قال حدثنا
الدارقطني قال حدثنا محمد بن مخلد قال حدثنا يحيى بن حبيب أبو عقيل قال حدثنا
159

خلف بن خالد البصري قال حدثنا سليم بن مسلم المكي عن ابن جريج عن ابن أبي
مليكة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من آتاه الله
عز وجل وجها حسنا واسما حسنا وجعله في موضع غير شائن له فهو من صفوة
الله عز وجل في خلقه ".
هذا حديث لا يصح، فأما سليم فقال يحيى ليس بثقة. وقال النسائي متروك
الحديث. وقال أبو حاتم بن حيان [حبان]: يروى عن الثقاة الموضوعات
وقال الدارقطني: الحمل في هذا الحديث على خلف لا على سليم.
حديث آخر في ذلك رواه عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة
عن أبي هريرة كان [أن] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا بعثتم
إلى بريدا فما بعثوه حسن الوجه حسن الاسم " وهذا لا يصح. قال أحمد: عمر بن
راشد لا يساوي حديثه شيئا. وقال يحيى: ليس بشئ. وقال أبو حاتم بن حبان:
يضع الحديث لا يحل ذكره إلا بالقدح فيه.
باب الوجوه الملاح والحدق السود
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا
أبو القاسم الأزهري وأحمد بن عبد الله الوكيع قالا أنبأنا محمد بن الحسين بن
موسى النيسابوري قال أنبأنا محمد بن طاهر القرشي قال حدثنا الحسن بن صالح
البصري قال حدثنا إبراهيم بن سليمان الزيات قال حدثنا شعبة عن توبة العنبري
ح. وأنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا عبد المحسن بن محمد التاجر قال أنبأنا مسعود
ابن ناصر السجستاني قال حدثنا أبو سعيد وجيه بن أبي الطيب قال أنبأنا أبو بكر
محمد بن أحمد بن عثمان الطرازي قال أنبأنا أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا
العدوي قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن سليمان بن سالم بن فاخر الهجيمي قال حدثنا
160

شعبة قال حدثنا توبة العنبري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " عليكم بالوجوه الملاح والحدق السود فإن الله يستحى أن يعذب
وجها مليحا بالنار ".
طريق آخر: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي قال
أنبأنا أبو سعد الماليني قال أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن بن سليمان المقرى
قال حدثنا الحسن بن علي بن زفر قال حدثنا الصباح بن عبد الله أبو بشر قال
حدثنا شعبة عن توبة العنبري عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" عليكم بالوجوه الملاح والحدق السود فإن الله يستحى أن يعذب وجها مليحا
بالنار ".
طريق آخر: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
قال أنبأنا أبو سعد الماليني قال أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن بن سليمان
المقرى قال حدثنا الحسن بن علي بن زفر قال حدثنا الصباح بن عبد الله أبو بشر
قال حدثنا شعبة عن توبة العنبري عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " عليكم بالحدق السود فإن الله يستحى أن يعذب الوجه الحسن بالنار "
هذا حديث موضوع والمتهم به أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا بن صالح
ابن عاصم بن زفر العدوي، وإنما يدلسه الرواة لئلا يعرف، وهذه جناية قبيحة
منهم على الاسلام، ففي الاسناد الأول الحسن بن صالح، وفى الثاني أبو سعيد
الحسن بن علي، وفى الثالث الحسن بن علي بن زفر، ولقد كان جريئا على الله
عز وجل، ثم كيف يستقيم له هذا الوضع وهو يعلم أن أكثر الترك المستحسنة
وجوههم يموتون كفارا ويدخلون النار. قال ابن عدى: أبو سعيد العدوي يضع
الحديث، كنا نتهمه بل فتيقنه أنه هو الذي وضع. وقال ابن حبان: كان يروى
عن شيوخ لم يرهم ويضع على من يرى وقال الدارقطني متروك.
(11 الموضوعات 1)
161

باب الزرقة في العين
فيه عن أبي هريرة وعائشة.
فأما حديث أبي هريرة فأنبأنا أبو منصور قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
قال أنبأنا عبد الرحمن بن عبيد الله الخرقي قال حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم
الشافعي قال حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا إسماعيل بن أبي إسماعيل
المؤدب قال حدثنا سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من الزرقة يمن ".
وأما حديث عائشة فأنبأنا محمد بن عبد الملك عن أبي محمد الجوهري عن
الدارقطني عن أبي حاتم البستي قال حدثنا ابن عرعرة قال حدثنا محمد بن موسى
عن عبادة بن صهيب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال " الزرقة في العين يمين " هذا حديث لا يصح. أما حديث أبي
هريرة ففيه سليمان بن أرقم قال أحمد ليس بشئ لا يروى عنه. وقال يحيى
لا يساوى فلسا. وقال النسائي والدارقطني: متروك وفيه إسماعيل المؤدب. قال
الدارقطني: لا يحتج به. وأما حديث عائشة ففيه آفتان عباد بن صهيب. قال
النسائي هو متروك ومحمد بن موسى وهو الكديمي نسب إلى جده لأنه محمد
ابن يونس بن موسى. قال ابن حبان: كان يضع الحديث والبلاء في هذا
الحديث منه.
باب النظر إلى الوجه الحسن
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا أبو عبيد
محمد بن أبي نصر قال أنبأنا أبو بكر محمد بن محمد الطرازي قال حدثنا أبو سعيد
الحسن بن علي بن زكريا قال أنبأنا خراش بن عبد الله قال حدثني أنس ح. وأنبأنا
162

القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي قال أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال أنبأنا أبو الطيب
الحسن بن عبد الواحد العابد قال أنبأنا أبو سعيد الحسن بن علي قال حدثنا بشر
ابن معاذ قال حدثنا بشر بن المفضل عن أبيه عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قالا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " النظر إلى الوجه الحسن يجلو البصر، والنظر
إلى الوجه القبيح يورث الكلح ".
هذا حديث موضوع لا نشك أن أبا سعيد هو الذي وضعه، وقد ذكرنا الطعن
فيه في الباب الذي قبله.
حديث آخر: أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو بكر البيهقي قال أنبأنا
أبو عبد الله الحاكم قال أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن هارون الشافعي قال حدثنا
أحمد بن عمر عن عبيد الزنجاني قال سمعت أبا البختري وهب بن وهب القدسي
يقول: كنت أدخل على الرشيد وابنه قائم بين يديه فكنت أدمن النظر إليه
عند دخولي وخروجي، فقال له بعض ندمائه ما أرى أبا البختري إلا وهو يحب
رأس الجملان، ففطن أمير المؤمنين، فلما أن دخلت عليه قال أراك تدمن النظر
إلى القاسم تريد أن تجعل انقطاعه إليك ليكتب عنك الحديث. قلت أعيذك
بالله يا أمير المؤمنين أن ترميني بما ليس في، وإنما إدماني النظر إليه لان جعفر بن
محمد الصادق حدثنا عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن جده قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاث يزدن في قوة البصر، النظر إلى الخضرة،
وإلى الماء الجاري وإلى الوجه الحسن ".
هذا حديث باطل، ووهب بن وهب لا يختلف في أنه كذاب، وقد كذب في
الاخبار بمواجهة الرشيد بمثل هذا الكلام في حق ابنه. هذا إن ثبت الحديث
عن وهب وإنما فيه محنة أخرى وهو أبو بكر الشافعي فإنه ليس بشئ ويغلب
على ظنه [ظني] أنه هو الذي وضع هذا. قال الحاكم أبو عبد الله: حدث
163

عن قوم لا يعرفون، فقلت له: إن أحمد بن عمر ما خلق بعد. وقال أبو بكر
الخطيب: أحمد بن عمر أحد المجهولين.
باب اجتماع حسن الخلق والخلق
فيه عن ابن عمر وأبي هريرة وأنس. فأما حديث ابن عمر فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن عمر الأرموي قال أنبأنا أبو الحسين محمد بن علي
المهتدى قال حدثنا أبو الفرج أحمد بن عمر بن المسلمة قال أنبأنا عمر بن جعفر
ابن سلم قال حدثنا عمرو بن فيروز الثوري قال حدثنا عاصم بن علي قال حدثنا
ليس [ليث] بن سعد عن نافع عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه
وسلم " ما حسن الله خلق أحد وخلقه فأطعم لحمه النار ".
الطريق الثاني: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة
قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا الحسن بن علي العدوي قال حدثنا لؤلؤ
ابن عبد الله وكامل بن طلحة قالا حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما أحسن الله خلق رجل وخلقه
فأطعمه النار ".
وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا أحمد بن عبد الله بن كادش قال أنبأنا
أبو طالب محمد بن علي بن الفتح قال حدثنا أبو حفص بن شاهين قال حدثنا
الباغندي قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا عبد الله بن يزيد البكري قال
حدثنا أبو غسان المديني قال سمعت داود بن فراهيج يقول سمعت أبا هريرة يقول
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا والله ما أحسن الله عز وجل خلق
رجل وخلقه فيطعمه النار ".
وأما حديث أنس فأنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي
164

ابن ثابت قال أنبأنا أبو عبيد محمد بن أبي نصر قال أنبأنا أبو بكر محمد بن محمد
الطرارى [الطبراني] قال أنبأنا أبو سعيد العدوي قال حدثنا خراش قال
حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما حسن الله خلق
امرئ ولا خلقه فأطعم لحمه النار " هذا حديث لا يثبت.
أما حديث ابن عمر ففي الطريق الأول عاصم بن علي وقال يحيى ليس بشئ،
والثاني من عمل العدوي وقد ذكرنا آنفا أنه كان يضع الحديث. وأما حديث أبي
هريرة فإن داود بن فراهيج قد ضعفه شعبة ويحيى. وأما حديث أنس فقد
تقدم الجرح في العدوي وخراش عن أنس ليس بشئ. قال ابن عدى هو مجهول
وقال ابن حبان لا يحل الاحتجاج به.
باب على ضد ذلك
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا أحمد بن الحسين بن قريش قال أنبأنا إبراهيم
ابن عمر البرمكي قال حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد التغلبي قال حدثنا عبد الله
ابن محمد بن إسحاق المروزي قال حدثنا داود بن رشيد قال حدثنا هارون بن محمد
ابن بكير بن مسمار عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لن يعدم المرء من أحد خلتين دمامة في وجهه أو قلة في ماله ".
هذا حديث لا يصح. قال يحيى بن معين: هارون بن محمد كان كذابا.
باب خفة اللحية
فيه عن ابن عباس وأبي هريرة: فأما حديث ابن عباس فله ثلاث طرق:
الطريق الأول أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر الخطيب ح. وأنبأنا
ابن ناصر قال أنبأنا عبد الله بن علي الأبنوسي قالا أنبأنا أبو محمد الجوهري قال
أنبأنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال أنبأنا أبو عبد الله بن مخلد قال
165

حدثنا علي بن الحسين بن أشكاب قال حدثنا يوسف بن الغرق قال حدثنا سكين
ابن أبي سراج عن المغيرة بن سويد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " من سعادة الرجل خفة لحيته ".
الطريق الثاني: أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا عبد الله بن علي الكرسي
قال أنبأنا الجوهري قال أنبأنا المرزباني قال أنبأنا ابن مخلد قال أنبأنا أبو جعفر
ابن محمد بن الحسين البندار قال حدثنا سويد بن سعيد قال حدثني بقية بن الوليد
عن أبي الفضل عن مكحول عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " من سعادة المرء خفة لحيته ".
الطريق الثالث: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا ميمون بن سلمة
قال حدثنا عبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي قال حدثنا أبو داود النخعي عن حطان
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سعادة المرء
خفة لحيته ".
وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة
قال أنبأنا حمزة قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا عمر بن سنان قال حدثنا الحسين
ابن المبارك قال حدثنا بقية قال حدثنا ورقاء بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من سعادة المرء خفة لحيته "
هذا حديث لا يصح.
وأما حديث ابن عباس ففي الطريق الأول المغيرة بن سعيد. قال أبو على
الحافظ: هو مجهول وفيه سكين بن أبي سراج. قال ابن حبان يروى الموضوعات
عن الاثبات وفيه يوسف بن الغرق قال أبو الفتح الأزدي هو كذاب. وأما
الطريق الثاني ففيه سويد بن سعيد وكان يحيى يحمل عليه فوق الحد، وفيه بقية،
166

وكان من المدلسين يروى عن الضعفاء ويدلسهم، وقد قال في هذا الحديث عن أبي
الفضل وهو بحر بن كثير السقاء، فكناه ولم يسمه تدليسا ومن يفعل مثل هذا
لا ينبغي أن يروى عنه. قال يحيى: بحر ليس بشئ لا يكتب حديثه كل الناس
أحب إلى منه. وقال الدارقطني والنسائي متروك.
وأما الطريق الثالث ففيه أبو داود النخعي وكان يضع الحديث. وفى حديث أبي
هريرة الحسين بن المبارك. قال ابن عدى حدث بأسانيد ومتون منكرة وفيه
ورقاء. قال يحيى بن سعيد لا يساوى شيئا، وقد تأول الحديث تأويل ظريف،
فأنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر بن ثابت قال: قرأت في كتاب
أبى الحسن بن الفرات بخطه أنبأنا أبو محمد بن العباس الضبي قال حدثنا يعقوب
بن إسحاق الفقيه قال: قال أبو على صالح بن محمد قال بعض الناس: إنما هذا
الحديث تصحيف إنما هو: من سعادة المرء خفة لحييه ولا يصح لحيته ولا لحييه.
باب مدح الصلع في الرأس
أنبأنا إسماعيل بن أحمد بن عدى الحافظ قال سمعت أحمد بن عبد الرحيم،
يقول حدثنا رزيق بن محمد الكوفي قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله طهر قوما من
الذنوب بالصلعة في رؤوسهم وإن عليا لأولهم ". قال ابن عدى: هذا حديث
باطل، وكان أحمد بن عبد الرحيم قليل الحياء يحدث عن قوم قد ماتوا قبل أن
يولد بدهر.
باب نبات الشعر في الانف
فيه عن جابر وأنس وأبي هريرة وعائشة: فأما حديث جابر فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن
167

مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا محمد
ابن أبي السرى قال حدثنا شيخ بن أبي خالد قال حدثنا حماد بن مسلمة عن عمرو بن
دينار عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نبت الشعر في الانف
أمان من الجذام ".
الطريق الثاني: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا
حمزة قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا عمر بن الحسن الحلبي قال حدثنا عثمان بن
سيار قال حدثني علي بن ثابت عن حمزة النصيبي عن ابن الزبير عن جابر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نبات الشعر في الانف أمان من الجذام ".
وأما حديث أنس فأنبأنا إسماعيل قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة قال
حدثنا ابن عدى قال حدثنا محمد بن أحمد بن حبيب قال حدثنا دينار مولى أنس
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الشعر في الانف والاذن
أمان من الجذام ".
وأما حديث أنس. فأنبأنا إسماعيل قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة
قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا محمد بن أحمد بن حبيب قال حدثنا دينار مولى
أنس عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الشعر في الانف والاذن
أمان من الفقر ".
وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا إسماعيل قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا
حمزة قال حدثنا ابن عدى قال حدثنا علي بن الحسن بن هارون البلدي قال
حدثنا إسحاق بن سيار قال حدثنا أبو صالح قال حدثني رشدين عن عقيل عن
ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الشعر
في الانف أمان من الجذام ".
وأما حديث عائشة فله سبعة طرق.
168

الطريق الأول: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا أحمد بن محمد بن
النقور أنبأنا عيسى بن علي الوزير قال حدثنا البغوي حدثنا كامل بن طلحة قال
حدثنا أبو الربيع السماك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " نبات الشعر في الانف أمان من الجذام ".
الطريق الثالث (1): أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا أبو محمد الجوهري
قال أنبأنا عمر بن محمد الزيات قال أنبأنا عبد الله بن ناجية قال حدثنا إبراهيم بن
عبد الله بن يسار الواسطي قال حدثنا نعيم بن المودع عن توبة العنبري قال حدثنا
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الشعر في الانف أمنة من الجذام ".
الطريق الرابع: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال
حدثنا الحسن بن أبي بكر قال أنبأنا عبد الصمد بن علي الطستي قال حدثنا القاسم
ابن عبد الرحمن الأنباري قال حدثنا يحيى بن هشام السمسار قال حدثنا هشام
ابن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نبات
الشعر في الانف أمان من الجذام ".
الطريق الخامس: أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو عثمان الصابوني،
وأبو بكر البيهقي قالا أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال سمعت النضر
محمد بن يوسف وحدثنا أبو بكر بن محمد بن عبدوس الواعظ قال حدثنا أبو مسلم
المسيب بن زهير البغدادي قال حدثنا يحيى بن هشام السمسار قال حدثنا هشام
ابن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الشعر
في الانف أمان من الجذام ".
الطريق السادس: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا محمد بن المظفر قال

(1) كذلك هو بالأصل والصحيح أنه الطريق الثاني.
169

أنبأنا العتيقي قال أنبأنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر العقيلي قال حدثنا
عمر بن عيسى بن فايد الآدمي قال حدثنا نعيم بن المورع أنه توبة المودع
أن توبة] العنبري قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " الشعر في الانف أمان من الجذام ".
والطريق السابع: أنبأنا محمد بن عبد الملك عن الجوهري عن الدارقطني عن أبي
حاتم قال حدثنا عبد الله بن صالح البخاري قال حدثنا عثمان بن معبد المقرى
قال حدثنا أبو بكر السمسار عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " الشعر في الانف أمان من الجذام ". هذا
حديث له صحة.
أما حديث جابر ففي طريقه الأول شيخ بن أبي خالد قال ابن عدى: حدث
عن حماد بن سلمة بأحاديث مناكير بواطل. وقال ابن حبان: كان يروى عن
الثقاة المعضلات لا يحتج به بحال، وفى طريقه الثاني حمزة النصيبي قال يحيى:
ليس بشئ. قال ابن عدى: يضع الحديث.
وأما حديث أنس ففي طريقه الأول دينار. قال ابن حبان: يروى عن أنس
أشياء موضوعة لا يحل ذكره في الكتب إلا بالقدح فيه.
وأما حديث أبي هريرة: ففيه رشدين وهو ابن سعد قال يحيى: ليس بشئ
قال النسائي: متروك الحديث وقد رواه عمر الوجيه من حديث ابن عباس عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره [عمر] متروك.
وأما حديث عائشة ففي طريقه الأول كامل بن طلحة. قال يحيى بن معين:
ليس بشئ وبعد أبو الدبيح [أبى الربيع] السمان واسمه أشعث بن سعيد قال
هشيم: كان يكذب وقال يحيى: ليس بثقة. وقال الدارقطني: متروك رئى شعبه
يوما راكبا فقيل له إلى أين؟ فقال أذهب إلى أن الربيع [أبى الربيع] السمان
170

أقول له لا يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والطريق الثاني يرويه أبو الربيع
أيضا. والطريق الثالث والسادس فيه نعيم بن المدرع [المودع]. قال
النسائي: ليس بثقة. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. قال والطريق
الرابع والخامس والسابع فيه يحيى بن هشام السمسار. قال النسائي: متروك
الحديث. وقال ابن عدى: كان يضع الحديث ويسرق وقال أحمد بن حنبل
وقد سئل عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " الشعر في الانف أمان من
الجذام " فقال ليس من ذا شئ.
وقال يحيى بن معين: هذا حديث باطل ليس له أصل. وقال البغوي:
هذا الحديث عندي باطل. وقد رواه عن هشام بن عروة غير أبى الربيع من
الضعفاء. وقال أبو حاتم بن حبان: هذا المتن لا أصل له حدث به أبو الربيع
وظفر عليه [به] يحيى بن هشام فحدث به وكان يضع الحديث على الثقات.
وقال ابن عدى: سرقه من أبى الربيع جماعة ضعفاء منهم نعيم بن المورع
[المودع] ويعقوب بن الوليد ويحيى بن هشام وغيرهم.
باب في ذكر العقل
فيه عن عمر وابن عمرو، وأبى سعيد، وأبى الدرداء، وأبي هريرة وجابر
وأبى أمامة وأنس وعائشة.
فأما حديث عمر أنبأنا أبو منصور القزاز قال حدثنا أبو بكر بن ثابت قال
أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق قال حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق قال حدثنا أحمد
ابن إبراهيم بن ملحان قال حدثنا وسمه [وسيمة] بن موسى بن الفرات
قال حدثنا سلمة بن الفضل عن ابن سمعان عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر
ابن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن لكل شئ معدنا ومعدن
171

التقوى قلوب العاقلين ". هذا حديث لا يصح. وابن سمعان قد كذبه مالك
ويحيى. وقال النسائي: والدارقطني متروك.
وأما دثمه [وسيمة] فقال عبد الرحمن بن أبي حاتم حدث عن سلمة
أحاديث موضوعة.
وأما حديث ابن عمر أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
قال أنبأنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسين الحرشي قال حدثنا محمد بن
يعقوب الأصم قال حدثنا عباس الدوري قال حدثنا منصور بن صعن [صفر]
قال حدثنا موسى بن أعين [أيمن] عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن
عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الرجل ليكون من أهل الجهاد
ومن أهل الصلاة والصيام وممن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وما جرى
يوم القيامة أجره إلا على قدر عقله ".
هذا حديث ليس بصحيح. قال ابن حبان: منصور يروى المقلوبات لا يجوز
الاحتجاج به. وقال يحيى بن معين: هذا الحديث إنما رواه موسى بن أعين
[أيمن] عن عبيد الله بن عمر عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن نافع بن أبي
عمر ورفع إسحاق من الوسط وإسحاق ليس بشئ. قال أحمد: لا يحل عندي
الرواية عن إسحاق.
وأما حديث أبي سعيد فأنبأنا به محمد بن عبد الباقي قال أنبأنا أحمد بن أحمد
قال أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال حدثنا محمد
ابن عمران بن الجنيد قال حدثنا محمد بن عبدك قال حدثنا سليمان بن عيسى عن
ابن جريح عن عطاء عن أبي سعيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " قسم الله العقل ثلاثة أجزاء، فمن كن فيه كمل عقله ومن لم يكن فيه
فلا عقل له: حسن المعرفة، وحسن الطاعة لله، وحسن الصبر على أمر الله ".
172

هذا حديث ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو حاتم
الرازي: سليمان بن عسى كذاب. وقال ابن عدى: يضع الحديث.
وأما حديث أبي الدرداء فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
قال أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق والحسن بن أبي بكر قالا أنبأنا جعفر بن محمد بن
نصير الخلدي قال حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا داود بن المحبر
[الحسن] قال حدثنا ميسرة عن موسى بن حامان [هامان] عن لقمان بن
عامر [قال] قال أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الجاهل
لا تكشفه إلا عن سوه [سوء] وإن كان حصيفا ظريفا عند الناس،
والعاقل لا تكشفه إلا عن فضل وإن كان عينا [عييا] مهينا عند الناس "
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو داود
السجستاني امر مسره [أقر ميسرة] بوضع الحديث. وقال يحيى: ليس
بشئ. وقال ابن حماد: كان كذابا. وقال النسائي والدارقطني: متروك.
الطريق الثاني: أنبأنا أحمد بن عبيد الله بن كادش قال أنبأنا أبو طالب
العشاري قال أنبأنا أبو حفص بن شاهين قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا
سريح [شريح] بن يونس والحسن بن الصباح قال حدثنا عبد المجيد بن أبي
داود عن مروان بن سالم عن صفوان بن عمر عن سريح [شريح] بن
عبيد عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كان إذا بلغه عن أحد
من أصحابه شدة عبادة قال كيف عقله؟ فإن قالوا كامل، قال ما أخلق صاحبكم
أن يبلغ، وسئل عن رجل آخر فقال ليس بعاقل، فقال ما أخلقه ألا يبلغ ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومروان ليس بشئ
قال أحمد بن حنبل: ليس بثقة. وقال النسائي والدارقطني: متروك.
173

وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
قالا أنبأنا أبو طالب العشاري قالا أنبأنا أبو حفض [حفص] بن شاهين
قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال أخبرنا عبد الرحمن
ابن القاسم قال حدثنا يحيى بن صالح الوحاطى [الوحاظي] قال حدثنا حفص
ابن عمر قال حدثنا الفضل بن عيسى الرفاعي عن أبي عثمان الهندي عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم ح. وأنبأنا محمد بن الحسن الحاجي قال أنبأنا ابن
المومون قال أنبأنا الدارقطني قال حدثنا علي بن محمد بن الجهم قال حدثنا الحسن
ابن عرفة قال حدثنا سيف بن محمد بن سفيان الثوري عن الفضل بن عثمان عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لما خلق الله العقل قال له
قل [قم] فقام، ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال له أقبل فأقبل، ثم قال له
اقعد فقعد، فقال ما خلقت خلقا هو خير منك ولا أكرم منك ولا أفضل منك
ولا أحسن منك، بك آخذ، وبك أعطى، وبك أعرف، وإياك أعاقب،
لك الثواب وعليك العقاب ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله قال يحيى بن معين:
الفضل رجل سوء. قال ابن حبان: وحفص بن عمر يروى الموضوعات لا يحل
الاحتجاج به وأما سيف فكذاب بإجماعهم. وأما حديث جابر رضي الله عنه
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف
ح. وأنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر بن علي قال أنبأنا أبو سعد
الماليني قال حدثنا عبد الله بن عدى قال حدثنا الحسين بن إسماعيل قال سلم بن
جبارة قال سمعت أحمد بن بشر قال حدثنا الأعشى بن سلمة بن كهيل عن عطاء
عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعبد رجل في
صومعة فمطرت السماء وأعشبت الأرض فرأى حمارا له يرعى فقال يا رب لو كان
174

له [لك] حمار رعيته مع حماري، فبلغ ذلك نبيا من أنبياء بنى إسرائيل فأراد
أن يدعو عليه فأوحى الله تعالى إليه إنما أجازي العباد على قدر عقولهم ".
قال ابن عدى: هذا حديث منكر لا يرويه بهذا الاسناد غير أحمد بن بشير
قال يحيى بن معين: أحمد بن بشير متروك.
وأما حديث أبي أمامة فأنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا محمد بن
المظفر قال أنبأنا العتيقي قال حدثنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر
العقيلي قال حدثنا أحمد بن داود القومسي قال حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع
قال حدثني سعيد بن الفضل القرشي قال حدثنا عمر بن أبي صالح العثكى
[العتكي] عن أبي غالب عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" لما خلق الله العقل قال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، فقال: وعزتي
ما خلقت خلقا هو أعجب إلى منك، بك آخذ وبك أعطى، ولك الثواب
وعليك العقاب ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسعد وعمر وأبو غالب
مجهولون منكرو الحديث ولا يتابع أحد منهم على حديثه. وقد روى هذا الحديث
من حديث على وأبي هريرة وليس فيها [فيه] شيئا يثبت. قال أحمد بن
حنبلي: هذا الحديث موضوع ليس له أصل. قال العقيلي: ولا يثبت في هذا
المتن شئ. وأما حديث أنس أنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال أنبأنا ابن المظفر
قال أنبأنا العتيقي قال أنبأنا ابن الدخيل قال حدثنا العقيلي قال حدثنا أحمد ابن
محمد بن الحجاج قال حدثنا أحمد بن الأشعث عن داود بن المحبر قال حدثنا
ميسرة بن عبد ربه عن موسى بن عبيدة عن الزهري عن أنس بن مالك قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كانت له سخيمة من عقل وغريرة
يقين لم تضره ذنوبه شيئا، قيل وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال لأنه كلما أخطأ
175

لم يلبث أن يتوب توبة تمحو ذنوبه، ويبقى له فضل يدخل به الجنة، فللعقل
نجاة للعاقل بطاعة الله وحجة على أهل معصية الله ".
هذا حديث موضوع وضعه ميسرة. قال عبد الرحمن بن مهدي: قلت
لميسرة هذا الحديث الذي حدثت به في فضل العقل إيش هو؟ فقال هذا أنا
وضعته. قال العقيلي: ووضع ميسرة في فضل العقل جزا [أجزاء] كلها
بواطيل لا يحل كتب حديثه إلا اعتبارا. وقال ابن حماد: كان ميسرة كذابا.
وقال النسائي والدارقطني: متروك.
وأما حديث عائشة فأنبأنا أبو منصور القزار قال أنبأنا أبو بكر الخطيب
قال أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق قال حدثنا جعفر بن محمد الخلدي قال حدثنا
الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا داود بن المحبر قال حدثنا عباد بن كثير عن
ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس دخل على عائشة رضي الله عنهما فقال
يا أم المؤمنين الرجل يقل قيامه ويكثر رقاده وآخر يكثر قيامه ويقل رقاده أيهما
أحب إليك؟ فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال:
" أحسنهما عقلا، فقلت يا رسول الله أسألك عن عبادتهما؟ فقال يا عائشة
إنما يسألان عن عقولهما، فمن كان أعقل كان أفضل في الدنيا والآخرة ".
هذا حديث لا يصح. قال أحمد بن حنبل: داود شبه لا شئ، وعباد
تركوه. أنبأنا القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال حدثني محمد بن علي
المصري قال سمعت عبد الغني بن سعيد الحافظ يقول أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر
يعنى الدارقطني كتاب العقل وضعه أربعة أو لهم ميسرة بن عبد ربه ثم
سرقه منه داود بن المحبر فركبه بأسانيد غير أسانيد ميسرة، فسرقه عبد العزيز
ابن أبي رجاء فركبه بأسانيد أخر ثم سرقه سليمان بن عيسى السجزي، فأتى
بأسانيد أخر أو كما قال الدارقطني.
176

قال المصنف: قلت وقد رويت في العقول أحاديث كثيرة ليس فيها شئ
يثبت. منها شئ يرويه مروان بن سالم وإسحاق بن أبي فروة وأحمد بن بشير
ونصر بن طريف، وابن سمعان وسليمان بن عيسى وكلهم متروكون، وقد كان
بعضهم يضع الحديث فيسرقه الآخر ويغير إسناده فلم نر التطويل بذكرها.
باب الاعلام بأحوال الأولاد
أنبأنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الحافظ قال أنبأنا أبو الفتح أحمد
ابن محمد بن أحمد الحداد قال أنبأنا أبو بكر بن منجويه أن الحاكم أنبأنا أحمد بن
محمد بن أحمد الحافظ أخبرهم قال أنبأنا العباس بن يوسف الهاشمي قال حدثنا
علي بن حرب قال حدثنا العافي بن المنهال قال حدثني الوليد بن سعيد الربعي قال
حدثني أبو جبيرة بن محمود بن جبيرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الولد سيد سبع سنين، ووزير سبع سنين فإن رضيت مكا نفته لاثنتي وعشرين
وإلا فاضرب على كنفه فقد أعذرت الله فيه ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى إسناده
مجاهيل لا يعرفون.
باب كبر السن في الاسلام
أنبأنا أبو منصور بن خيرون عن أبي محمد الجريري عن أبي الحسن
الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان قال أنبأنا الحسن بن سفيان قال حدثنا سويد
ابن سعيد عن نوح بن ذكوان عن أخيه أيوب بن ذكوان عن الحسن عن
أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى عن الله عز وجل " إني
لاستحى من عبدي وأمتي يشيب رأس أمتي وعبدي في الاسلام ثم أعذبهما في
النار بعد ذلك ولانا أعظم عفوا أن أستر على عبدي، ثم أفضحه. لا أزال أغفر
لعبدي ما استغفرني ".
(12 الموضوعات 1)
177

قال ابن حبان: وحدثنا محمد بن المسيب قال حدثنا يحيى بن خذام قال حدثنا
محمد بن عبد الله الأنصاري عن مالك بن دينار عن أنس بن مالك قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " جاءني جبريل عن الله عز وجل أنه قال وعزتي
وجلالي ووحدانيتي وارتفاع مكاني وفاقة خلقي إلى واستوائي على عرشي إني
لاستحى من عبدي وأمتي يشيبان في الاسلام ثم أعذبهما، فرأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يبكى عند ذلك فقلت يا رسول الله ما يبكيك؟ قال: بكيت
إلى من يستحى الله منه ولا يستحى من الله عز وجل ".
قال أبو حاتم: هذا حديث باطل لا أصل له.
قال المصنف: قلت في الاسناد الأول سويد بن سعيد وقد كان يحيى بن
معين يحمل عليه جدا. ونوح بن ذكوان قال ابن حبان منكر الحديث جدا يجب
التنكب عن حديثه، وحديث أخيه أيوب قال يحيى بن معين: أيوب منكر
الحديث. قال ابن عدى: عامة ما يروى أيوب لا ينابع عليه.
وأما الاسناد الثاني: قال محمد بن عبد الله الأنصاري يقال له ابن زياد.
قال أبو حاتم يروى عن الثقاة ما ليس من حديثهم لا يجوز الاحتجاج به بحال.
باب تحذير من بلغ أربعين ولم يغلب خيره
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا عبد الباقي
ابن أحمد الواعظ قال أنبأنا محمد بن جعفر بن علان قال أنبأنا أبو الفتح محمد بن
الحسين الأزدي قال حدثنا محمد بن بشران بن عبد الملك قال أنبأنا رباح بن أحمد
قال حدثنا عبد الله بن مالك الهروي قال حدثنا سفيان عن جرير عن الضحاك
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أتى عليه أربعون
سنة فلم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار ".
178

هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الضحاك فكان شعبة لا يحدث عنه وينكر أن يكون لقى ابن عباس.
قال يحيى بن سعيد هو عندنا ضعيف.
وأما جرير فأجمعوا على تركه. قال أحمد لا يشتغل بحديثه. وأما رباح
فقال الأزدي ضعيف جدا.
باب صرف أنواع البلاء عن المعمرين
أنبأنا هبة الله بن محمد بن الحصين قال أنبأنا أبو علي بن المذهب قال أنبأنا
أبو بكر بن مالك قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا أنس
ابن عياض قال حدثني يوسف بن أبي بردة عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من معمر يعمر
في الاسلام أربعين سنة إلا صرف الله عنه أنواعا من البلاء: الجنون والجذام
والبرص، فإذا بلغ خمسين لين الله عليه الحساب، فإذا بلغ ستين رزقه الله الإنابة
إليه بما يحب، فإذا بلغ سبعين أحبه الله وأحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين قبل
الله حسناته وتجاوز عن سيئاته، فإذا بلغ تسعين غفر الله ما تقدم من ذنبه،
وما تأخر وسمى أسير الله في أرضه وشفع في أهل بيته ".
طريق آخر: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
الخطيب قال أنبأنا الحسن بن علي الجريري قال أنبأنا إبراهيم بن أحمد الخرقي
قال حدثني أبو بكر محمد بن علي القنطري قال حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا
عباد بن المهلبي عن عبد الواحد بن راشد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " إذا بلغ العبد أربعين سنة أمنه الله تعالى من البلايا الثلاث: الجنون
والجذام والبرص، فإذا بلغ خمسين سنة خفيف عنه الحساب، فإذا بلغ ستين سنة
179

رزقه الله الإنابة إليه لما يحب، فإذا بلغ سبعين سنه أحبه أهل السماء، فإذا بلغ
ثمانين سنة أثبت الله حسناته ومحا سيئاته، فإذا بلغ تسعين سنة غفر الله ما تقدم
من ذنبه وما تأخر وشفع في أهل بيته وناداه مناد من السماء: هذا أسير الله
في أرضه ".
وقد روى عن أنس موقوفا أنبأنا به ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب
قال أنبأنا القطيعي قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا
أبو النضر قال حدثنا الفرخ قال حدثنا محمد بن عامر عن محمد بن عبيد الله عن
عمرو بن جعفر عن أنس بن مالك قال " إذا بلغ الرجل المسلم أربعين " فذكر
بمعناه موقوفا على أنس.
طريق آخر: أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا أبو على الحسن بن محمد
ابن عمر النوسي قال حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان قال حدثنا البغوي قال حدثنا
عبيد الله بن عمر القواريري قال حدثنا عزرة بن قيس الأودي قال حدثنا أبو الحسن
الكوفي عن عمرو بن أوس قال قال محمد بن عمرو بن عثمان عن عثمان بن عفان
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا بلغ العبد الأربعين خفف الله عنه حسابه
فإذا بلغ الستين رزقه الله الإنابة إليه، فإذا بلغ سبعين أحبه أهل السماء، فإذا
بلغ ثمانين سنة ثبت الله حسناته ومحا عنه سيئاته، فإذا بلغ تسعين سنة غفر الله
له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وشفعه في أهل بيته وكتب في أهل السماء أسير الله
في أرضه ".
هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأما الطريق الأول ففيه يوسف بن أبي بردة. قال ابن حبان يروى المناكير
التي لا أصل لها من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل الاحتجاج به
بحال، روى عن جعفر بن عمرو وعن أنس هذا الحديث. وقال يحيى بن معين:
يوسف ليس بشئ.
180

وأما الطريق الثاني ففيه عباد بن عباد. قال ابن حبان غلب عليه التقشف،
وكان يحدث بالتوهم فيأتي بالمناكير فاستحق الترك. وأما حديث أنس الموقوف
ففيه الفرج وهو ابن فضلة. قال يحيى والنسائي: هو ضعيف. وقال البخاري
منكر الحديث. وقال ابن حبان يقلب الأسانيد ويلزق المتون الواهية بالأسانيد
الصحيحة لا يحل الاحتجاج به. وأما محمد بن عامر فقال ابن حبان يقلب الاخبار
ويروى عن الثقات ما ليس من أحاديثهم. وأما محمد بن عبيد الله فهو العرزى
[العرزمي] قال أحمد ترك الناس حديثه، وقد روى عائذ بن بشير عن عطاء
عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من بلغ الثمانين من
هذه الأمة لم يعرض ولم يحاسب وقيل ادخل الجنة " تفرد به عايذ قال يحيى هو
ضعيف روى أحاديث مناكير، وقال ابن حبان: كان كثير الخطأ لا يحتج
بما انفرد به.
وأما الطريق الثالث: ففيه عزرة بن قيس وقد وضعفه يحيى. وأبو الحسن
الكوفي مجهول.
باب سؤال سعة الرزق عند علو السن
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن
يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا عبد الله بن ميمون النصيبي قال
حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا أحمد بن شتير مولى عمرو بن حريث عن عيسى
ابن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يكثر هذا الدعاء " اللهم اجعل أوسع رزقك على عند كبر سنى وانقطاع عمري ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عثمان الدارمي
ويحيى بن معين: أحمد بن شتير متروك.
181

قال الفلاس والنسائي: وكذلك عيسى بن ميمون.
باب إكرام الأشياخ
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر بن ثابت قال أنبأنا أبو نعيم
الحافظ قال حدثنا بكر بن أحمد بن محمى [محيى] الواسطي قال حدثنا يعقوب
ابن تخية قال حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " من أكرم ذا سن في الاسلام كأنه قد أكرم نوحا، ومن
أكرم نوحا في قومه فقد أكرم الله عز وجل ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبكر
ويعقوب مجهولان.
حديث آخر: أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا الجوهري عن الدارقطني
عن أبي حاتم البستي قال أنبأنا عبد الله بن محمد السعدي قال حدثنا صخر بن
محمد الحاجي عن الليث بن سعد عن الزهري عن أنس بن مالك عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال " يجلوا المشايخ فإن تبجيل المشايخ من تبجيل الله ".
قال ابن حبان: لا تحل الرواية عن صخر. قال ابن عدى: عامة ما يرويه
منكرا ومن موضوعاته.
حديث آخر: أنبأنا محمد بن عبد الباقي قال أنبأنا الجوهري عن الدارقطني
عن أبي حاتم قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد العزيز بن سلام قال
حدثنا عبد العزيز بن يحيى قال حدثنا عيسى بن يونس عن بدر بن الخليل عن
مسلم بن عطية الفقيمي عن عطاء عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " إن من حق جلال الله عز وجل على العبد إكرام ذي الشيبة المسلم،
ورعاية القرآن لمن استرعاه ".
182

هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو حاتم ابن
حبان: مسلم بن عطية يتفرد عن الثقاة بما لا يشبه حديث الاثبات، إذا نظر المتبحر
في روايته عن الثقاة علم أنها معمولة. قال الدارقطني: الرجل هو سلم لا مسلم.
حديث آخر: روى عن عبد الرحيم بن حبيب الفاريابي عن ابن عيينة عن أبي
الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من جلال الله
عز وجل إكرام ذي الشيبة المسلم ".
هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن حبان: لا أصل له
من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حدث به جابر ولا أبو الزبير ولا ابن
عيينة، وعبد الرحيم كان يضع الحديث على الثقاة فلعله قد وضع أكثر من
خمسمائة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال يحيى: عبد الرحيم ليس بشئ
حديث آخر: أنبأنا محمد بن عبد الباقي قال أنبأنا الجوهري عن الدارقطني
عن أبي حاتم قال حدثنا علي بن أحمد بن حاتم قال حدثنا عمر بن محمد القيرواني
قال حدثنا عبد الله بن عمرو بن غنايم عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال " الشيخ في بيته كالنبي في قومه ".
قال ابن حيان: ابن غنايم يروى عن مالك ما لم يحدث به قط. لا يحل ذكره
في الكتب إلا على سبيل الاعتبار.
باب خلق النخلة من طين آدم
فيه عن علي وابن عمر. فأما حديث على رضى اله عنه فأنبأنا محمد بن
عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا أحمد بن أحمد قال أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله
قال حدثنا أبو بكر الآجري قال حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال حدثنا شيبان
ابن فروخ قال حدثنا مسرور بن سعيد التميمي عن الأوزاعي عن عروة بن رويم
183

اللخمي عن علي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أكرموا عمتكم النخلة
فإنها خلقت من فضلة طينة آدم وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة
ولدت تحتها مريم بنت عمران، فأطعموا نساءكم الولد الرطب فإن لم يكن
رطبا فتمرا ".
وأما حديث ابن عمر فأنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة (1) قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد
بن عدى قال حدثنا جعفر بن أحمد بن علي قال حدثنا أبو صالح كاتب الليث قال
حدثنا وكيع عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " أحسنوا إلى عمتكم النخلة فإن الله خلق آدم ففضل من طينته فخلق
منها النخلة ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما حديث على
فتفرد به مسرور. قال ابن عدى: مسرور غير معروف وهو منكر الحديث.
وقال ابن حبان: يروى عن الأوزاعي المناكير التي لا يجوز الاحتجاج بمن يرويها
ومنها هذا الحديث. وأما حديث ابن عمر فقال ابن عدى كنانتهم جعفر بن
أحمد بوضع الأحاديث بل نتيقن ذلك ولا أشك أن جعفرا وضع هذا الحديث.
باب ما ركب في الطباع
أنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا أبو محمد
عبد الله بن الحسين الهمذاني قال حدثنا الدارقطني قال حدثنا أحمد بن إبراهيم
الصالحي قال حدثنا أبو فروة يزيد بن محمد الرهاوي قال حدثني أبي قال حدثنا
طلحة بن يزيد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أنس قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحسد عشرة أجزاء تسعة في العرب وواحد

(1) التكرار بالأصل، وهو من سبق القلم.
184

في الناس، والحياء عشرة أجزاء فتسعة في النساء وواحد في الناس. ولولا ذلك
ما قوى الرجال على النساء، والجدة والعلو وقلة الوفا عشرة أجزاء فتسعة في بربر
وواحد في الناس، والبخل عشرة أجزاء فتسعة في فارس وواحد في الناس ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرد به طلحة بن زيد
قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث. قال المصنف:
قلت: وأما أبو فروة فقال يحيى: ليس بشئ. وقال النسائي وأبو الفتح الأزدي
متروك الحديث.
باب ذكر المسوخ
أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ قال أنبأنا أحمد بن الحسين بن قريش قال حدثنا
أبو طالب محمد بن الفتح قال حدثنا عمر بن محمد قال حدثنا عبد الله بن سليمان
ابن الأشعث قال حدثنا علي بن جعفر بن محمد عن مغيث مولى جعفر بن محمد
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام " أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم سئل عن المسوخ، فقال هم اثنا عشر الفيل والدب والخنزير والقرد
والأرنب والضب والوطواط والعقرب والعنكبوت والدعموص وسهيل والزهرة،
فقال يا رسول الله ما كان سبب مسخهم؟ فقال أما الفيل فكان جبارا لوطيا
لا يدع رطبا ولا يابسا، وأما الدب فكان رجلا مؤنثا يدع [يدعو] الرجال
إلى نفسه، وأما الخنزير فكان من قوم نصارى فسألوا ربهم نزول المائدة فلما
نزلت عليهم كانوا أشد ما كانوا كفرا وأشده تكذيبا، وأما القرد فيهود اعتدوا
في السبت، وأما الأرنب فكانت امرأة لا تطهر من حيض ولا من غير ذلك،
وأما الضب فكان أعرابيا يسرق الحاج محجنه، وأما الوطواط فكان يسرق
الثمار من رؤس النخل، وأما العقرب فكان رجلا لداغا لا يسلم على لسانه
185

أحد، وأما العنكبوت فكانت امرأة سحرت زوجها، وأما الدعموص فكان
رجلا نماما يفرق بين الأحبة، وأما سهيل فكان عشارا باليمن، وأما الزهرة
فكانت امرأة نصرانية ابنة بعض ملوك بنى إسرائيل وهي التي فتن بها هاروت
وماروت وكان اسمها أناهيد ".
قال عبد الله بن سليمان: الوطواط الذي يطير والدعموص الطيطوى هذا
حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما وضعه إلا ملحد يقصد
وهن الشريعة بنسبة هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مستهين بالدين
لا يبالى ما فعل، والمتهم به مغيث. قال أبو الفتح الأزدي: خبيث كذاب
لا يساوى شيئا روى حديث المسوخ وهو حديث منكر.
قال المصنف: قلت وحديث ابن حبيبة الصحيح فإنه " ما مسخ الله عز وجل
شيئا فجعل له نسلا " يرد هذا.
حديث آخر أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أبو بكر أحمد
ابن علي بن ثابت قال حدثنا الحسن بن أبي بكر قال حدثنا أبو سهل أحمد
ابن محمد بن زياد قال حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال حدثنا سنيد بن داود
قال حدثنا الفرج بن فضالة عن معاوية بن صالح عن نافع قال: سافرت مع ابن
عمر فلما كان آخر الليل قال يا نافع طلعت الحمراء؟ قلت لا. مرتين أو ثلاثا ثم قلت
قد طلعت. قال لا مرحبا بها ولا أهلا. قلت سبحان الله، نجم سامع مطيع.
قال ما قلت إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " إن الملائكة قالت يا رب كيف صبرك على بنى آدم في الخطايا
والذنوب؟ قال إني ابتليتهم وعافيتكم. قالوا لو كنا مكانهم ما عصيناك. قال:
فاختاروا ملكين منكم فلم يألوا أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت فنزلا فألقى
الله عليهم الشبق. قلت: وما الشبق؟ قال الشهوة. قال: فنزلا فجاءت امرأة
186

يقال لها الزهرة فوقعت في قلوبهما فجعل كل واحد منهما يخفى عن صاحبه ما في
نفسه فرجع إليها أحدهما ثم جاء الآخر، فقال هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي؟
قال: نعم، فطلباها، فقالت: لا أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به
إلى السماء وتهبطان فأبيا، ثم سألاها أيضا فأبت ففعلا، فلما استطيرت طمسها
الله كوكبا وقطع أجنحتها ثم سألا التوبة من ربهما فخيرهما. فقال إن شئتما رددتكما
إلى ما كنتما عليه فإذا كان يوم القيامة عذبتكما، وإن شئتما عذبتكما في الدنيا،
فإذا كان يوم القيامة رددتكما إلى ما كنتما عليه. فقال أحدهما لصاحبه: إن عذاب
الدنيا ينقطع ويزول، فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة. فأوحى الله
إليهما أن ائتيا بابل فانطلقا إلى بابل فخسف بهما وهما منكوسان بين السماء
والأرض معذبان إلى يوم القيامة.
هذا حديث لا يصح، والفرج بن فضالة قد ضعفه يحيى. وقال ابن حبان:
يقلب الأسانيد ويلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة لا يحل الاحتجاج به.
وأما سنيد فقد ضعفه أبو داود. وقال النسائي ليس بثقة.
حديث آخر: أنبأنا هبة الله بن أحمد الجريري قال أنبأنا محمد بن علي بن الفتح
قال حدثنا الدارقطني قال حدثنا أبو الأسود عبيد الله الشيرازي قال حدثنا بكر بن
بكار قال حدثنا إبراهيم بن يزيد قال حدثنا عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن
السايب قال سمعت ابن عمر يقول. " لما طلع سهيل قال هذا سهيل كان عشارا
من عشاري اليمن يظلمهم ويغشهم فمسخه الله عز وجل فجعله حيث ترون ".
وقد رواه عثمان بن عبد الرحمن عن إبراهيم بن يزيد عن عمرو بن دينار أنه
صحب ابن عمر فلما طلع سهيل قال لعن الله سهيلا فإني سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم يقول: " كان عشارا باليمن يظلمهم ويغصبهم أموالهم فمسخه الله
عز وجل شهابا ".
187

وقد روى مبشر بن عبيد عن زيد بن أسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " إن سهيلا كان عشارا ظلوما فمسخه الله شهابا ".
هذا الحديث لا يصح موقوفا ولا مرفوعا. قال الدارقطني: تفرد به إبراهيم
بن يزيد الخوزي عن عمرو بن دينار قال يحيى بن معين: إبراهيم ليس بشئ.
وقال مرة ليس بثقة. وقال النسائي: متروك. وأما بكر بن بكار فقال يحيى
ليس بشئ. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بعثمان بن عبد الرحمن. وأما
مبشر فقال أحمد بن حنبل: كان يضع الحديث.
حديث آخر: أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا الجوهري عن الدارقطني قال
حدثنا أبو الحسن محمد بن نوح الجنديسابوري قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن
الحسن بن عبد العزيز قال حدثنا سفيان الثوري عن جابر عن أبي الطفيل عن علي
ولا أراه إلا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " لعن الله سهيلا
ثلاث مرات، فقيل له، فقال إنه كان عشارا يبخس الناس في الأرض بالظلم
فمسخه الله شهابا ". وقد رواه وكيع عن الثوري موقوفا وهو الصحيح. وهذا
لا يصح لان مداره على جابر الجعفي. قال جرير لا أستحل أن أروى عنه. وقال
أبو حنيفة: ما رأيت أكذب منه. وقال يحيى بن معين: لا نكتب حديثه.
باب خلق الزنابير من رؤوس الخيل
أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي قال
حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال حدثنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر
ابن علي الميداني قال حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد الربعي قال حدثنا عمر بن
عيسى الأصبهاني قال حدثنا بشران بن عبد الملك الموصلي قال حدثنا موسى بن
الحجاج قال حدثنا مالك بن دينار عن الحسن عن أنس بن مالك عن رسول الله
188

صلى الله عليه وسلم قال: " خلقت الزنابير من رؤوس الخيل، وخلقت النحل من
رؤوس البقر " هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر
رجاله مجهولون.
باب الامر بقتل العنكبوت
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا عبد الباقي
بن أحمد الواعظ قال أنبأنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن علان قال أنبأنا أبو الفتح
الأزدي قال أنبأنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا الربيع بن ثعلب
أبو الفضل قال حدثنا عمرو بن جميع قال حدثنا ابن جريج عن عطاه بن أبي رياح
عن ابن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الخطاطيف،
وكان يأمر بقتل العنكبوت، وكان يقال إنها مسخ ".
قال الأزدي: وهذا موضوع لم يحدث به بهذا ابن جريج قط ولا عطاء
وعمرو بن جميع متروك الحديث غير ثقة ولا مأمون. قال يحيى بن معين: عمرو
كان كذابا خبيثا. وقد روى أبو سعيد الحسن بن علي الخشني بإسناد له أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " العنكبوت شيطا [شيطان] مسخه
الله فاقتلوه " وهذا حديث موضوع ولا يجوز قتل العنكبوت. قال يحيى بن
معين: أبو سعيد ليس بشئ وقال النسائي متروك.
189

كتاب ذكر جماعة من الأنبياء والقدماء
حديث في ذكر آدم عليه السلام: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا
ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف السهمي قال حدثنا أبو أحمد بن عدى
قال حدثنا حسين بن عبد الله القطان قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد
ابن مسلم عن إسماعيل بن رافع عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " خلق الله آدم من تراب الجابية وعجنه بماء الجنة ".
هذا حديث لا يصح. وإسماعيل بن رافع قد ضعفه أحمد ويحيى. وقال
يحيى في رواية: ليس بشئ، والوليد كان مدلسا لا يوثق به. وقد صح عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله تعالى خلق آدم من قبضه
قبضها من جميع الأرض ".
حديث في ذكر نوح عليه السلام: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا
ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا جعفر بن علي قال
حدثنا سعيد بن كثير بن عفير قال ابن لهيعة عن عمرو بن ثابت عن الأعمش عن
مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مر نوح بأسد
رابض فضربه برجله فرفع الأسد رأسه فخمش ساقه فلم يبت ليلته جعلت تضرب
عليه وهو يقول يا رب كلبك عقرني، فأوحى الله إليه أن الله لا يرضى بالظلم،
أنت بدأته ".
قال ابن عدى: هذا الحديث بهذا الاسناد باطل. قال المصنف: قلت أما
عمرو بن ثابت فقال يحيى بن معين ليس بشئ ليس بثقة ولا مأمون. وقال
ابن حبان يروى الموضوعات عن الاثبات. وأما ابن لهيعة فذاهب الحديث.
وأما جعفر فقد نسبه ابن عدى إلى جده لأنه جعفر بن أحمد بن علي. قال
190

ابن عدى: كتبنا عنه أحاديث موضوعة كنا نتهمه بوضعها بل كنا نتبين ذلك
قال أبو عبد الله الصوري: هذا الحديث محفوظ عن مجاهد من قوله.
حديث عن قوم لوط: أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا الجوهري عن الدارقطني
عن أبي حاتم بن حبان قال روى روح بن غطيف عن عمر بن مصعب بن الزبير
عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ويأتون في ناديكم المنكر
قال الصراط " هذا حديث لا يصح قال ابن حبان: لا يحل كتب حديث روح
وهو الذي روى هذا الحديث.
حديث عن يعقوب عليه السلام: أنبأنا محمد بن ناصر عن أبي طاهر أحمد
ابن الحسن الباقلاوي عن أبي نعيم الأصفهاني عن جعفر بن محمد الخالدي قال
حدثنا أبو بكر بن زياد النقاش قال حدثنا أبو غالب بن بنت معاوية بن عمرو
قال حدثنا جدي معاوية بن عمرو عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال يعقوب إنما أشكو من وجدي
إلى الله، فأوحى الله يا يعقوب أتشكوني إلى خلقي؟ فجعل يعقوب على نفسه أن
لا يذكر يوسف، فبينما هو ساجد في صلاته سمع صايحا يصيح يا يوسف فأن في
سجوده، فأوحى الله إليه يا يعقوب قد علمت ما تحت أنينك، فوعزتي وجلالي
لأجمعن بينك وبين حبيبك، ولأجمعن بين كل حبيب وحبيبه، إما في الدنيا
وإما في الآخرة ".
قال أبو بكر الخطيب: هذا حديث باطل لا نحفظه بوجه من الوجوه عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال وقد روى محمد بن عبد الله بن أخي ميمي
عن جعفر الخالدي عن النقاش بالاسناد الذي ذكر متنا غير هذا ثم اتبعه عن
جعفر نفسه هذا الكلام بطوله من غير أن يجعل له إسنادا. قال الخطيب:
وأحاديث النقاش مناكير بأسانيد مشهودة. وقال طلحة بن محمد بن جعفر: كان
النقاش يكذب.
191

حديث عن يوسف عليه السلام: أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا المبارك بن
عبد الجبار قال أنبأنا عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا محمد بن جعفر بن علان قال
حدثنا أبو الفتح الأزدي قال أنبأنا عبد الله بن زياد بن خالد قال قرئ على المعلى
ابن مهدي عن أبي الفضل الأنصاري عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن كانت الحبلى لترى يوسف
فتضع حملها " (1).
وهذا حديث موضوع وقد اجتمعت فيه آفات منها القاسم وهو ابن عبد الرحمن
قال أحمد: هو منكر الحديث حدث عنه علي بن زائد وما أراها إلا من القاسم.
وقال ابن حيان كان يروى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المعضلات.
ومنها جعفر بن الزبير قال شعبة: كان يكذب. وقال يحيى: ليس بثقة
وأجمعوا أنه متروك.
ومنها أبو الفضل الأنصاري واسمه عباس بن الفضل قال يحيى: ليس حديثه
بشئ. وقال النسائي متروك. وقال ابن حبان: لا يحتج بأخباره.
حديث عن موسى عليه السلام: أنبأنا علي بن عبيد الله الزاغوني قال أنبأنا
علي بن أحمد بن البسري قال أنبأنا أبو عبد الله بن بطة قال حدثنا إسماعيل بن
محمد الصفار قال حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا خلف بن خلية عن حميد الأعرج
عن عبد الله بن الحرث عن عبد الله بن مسعود قال: قال بالنبي صلى الله عليه وسلم
" كلم الله تعالى موسى يوم كلمه وعليه جبة صوف وكساء صوف ونعلان من جلد
حمار غير ذكى، فقال: من ذا العبراني الذي يكلمني من هذه الشجرة؟ قال
أنا الله ".

(1) الزيادة من سهو الناسخ.
192

هذا حديث لا يصح، فإن كلام الله لا يشبه كلام المخلوقين، والمتهم به حميد
واختلف في اسم أبيه فقيل على وقيل عطاء وقيل عمار، وليس بحميد بن قيس
الأعرج صاحب الزهري فإنه مخرج عنه في الصحيحين. قال الدارقطني: حميد
هذا متروك.
قال أبو حاتم بن حبان يروى عن عبد الله بن الحرث عن عبد الله بن
مسعود نسخة كأنها موضوعة لا يحتج بخبره إذا تفرد.
حديث آخر: أنبأنا محمد بن عمر قال أنبأنا ابن المهتدى قال أنبأنا ابن
شاهين قال حدثنا علوان بن الحسين قال حدثنا نهشل بن محمد قال سليمان
ابن سلمة الجنايري قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا رباح بن زيد عن معمر
عن الزهري عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم " لما كلم الله موسى في
الأرض كان جبريل يأتيه بحلتين من حلل الجنة وبكرسي مرصع بالدر والجوهر
فيجلس عليه فيرفعه الكرسي إلى حيت شاء ويكلمه حيث شاء ".
هذا حديث لا صحة له. قال ابن عدى: لسليمان بن سلمة أحاديث منكرة.
وقال ابن الجنيد: كان يكذب. وقال أبو حاتم الرازي متروك الحديث.
أحاديث عن الخضر: أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا يوسف
ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا
محمد بن يوسف بن عاصم قال حدثنا أحمد بن إسماعيل القرشي قال حدثنا
عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده " أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كان في المسجد فسمع كلاما من ورائه فإذا هو بقائل يقول: اللهم
أعني على ما ينجيني مما خوفتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع
ذلك: ألا تضم إليها أختها، فقال الرجل: اللهم ارزقني شوق الصالحين إلى
ما شوقتهم إليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك: إذهب
(12 الموضوعات 1)
193

يا أنس إليه فقل له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لي، فجاءه
أنس فبلغه فقال الرجل يا أنس أئت رسول الله صلى الله عليه وسلم [وارجع] إلى
كما أنت فرجع فاستثبته فقال صلى الله عليه وسلم قل له نعم. فقال له: إذهب فقل
له: إن الله فضلك على الأنبياء مثل ما فضل به رمضان على الشهور، وفضل
أمتك على الأمم مثل ما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام، فذهبوا ينظرون
فإذا هو الخضر عليه السلام ".
وقد روى هذا الحديث من طريق آخر بألفاظ أخر أبو الحسين أحمد بن
جعفر بن المنادى ونقلته من خطه قال أخبرني أبو جعفر أحمد بن النضر العسكري
أن محمد بن سلام المنيحي حدثهم قال حدثنا وضاح بن عباد الكوفي قال حدثنا
عاصم بن سليمان الأحول قال حدثني أنس بن مالك قال " خرجت ليلة من الليالي
" أحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم الطهور حتى سمع مناديا ينادى فقال لي: يا أنس
صه. قال فسكت فاستمع فإذا هو يقول: اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني
منه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قال أختها معها؟ وكأن الرجل لقن ما أراد
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: وارزقني شوق الصادقين إلى ما شوقتهم إليه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لي: يا أنس ضع لي الطهور وائت هذا المنادى
فقال له ادعى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعينه على ما ابتعثه به وادع لامته
أن يأخذوا ما أتاهم به نبيهم بالحق قال فأتيته فقلت رحمك الله ادع لرسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يعينه على ما ابتعثه به وادع لامته أن يأخذوا ما أتاهم به
نبيهم بالحق. فقال لي: ومن أرسلك فكرهت أن أخبره ولم أستأمر النبي صلى
الله عليه وسلم، فقلت له رحمك الله وما يضرك من أرسلني ادع بما قلت لك،
فقال لا أو تخبرني بمن أرسلك. قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت له يا رسول الله إنه أبى أن يدعو بما قلت حتى أخبره بمن أرسلني. فقال:
ارجع إليه فقل له أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجعت إليه فقلت له،
194

فقال لي مرحبا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبرسوله أنا كنت أحق أن آتيه.
اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم منى السلام وقل له يا رسول الله الخضر
يقرأ عليك السلام ورحمة الله، ويقول لك يا رسول الله إن الله فضلك على النبيين
كما فضل شهر رمضان على سائر الشهور، وفضل أمتك على الأمم كما فضل يوم
يوم الجمعة على سائر الأيام. قال: فلما وليت سمعته يقول: اللهم اجعلني من هذه
الأمة المرشدة المرحومة المتوب عليها ".
ذكر ما نقل من أنه يلتقي الخضر وإلياس كل موسم
أنبأنا هبة الله بن محمد بن الحصين قال أنبأنا أبو طالب بن غيلان قال حدثنا
إبراهيم المزكى قال حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن أحمد بن
زبدا قال حدثنا عمرو بن عاصم عن الحسن بن رزين عن ابن جريج عن عطاء
عن ابن عباس قال: ولا أعلمه إلا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يلتقى الخضر وإلياس عليهما السلام كل عام فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه
ويتفرقان عن هذه الكلمات: بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله،
ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله، ما شاء الله ما يكون من نعمة فمن الله،
ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله ".
قال ابن عباس من قالها حين يصبح وحين يمسى كل يوم وليلة ثلاث مرات
عوفي من الغرق والحرق والسرق وأحسبه قال: ومن الشيطان والسلطان ومن
الحية والعقرب حتى يصبح ويمسى.
طريق آخر لهذا الحديث: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا محمد بن
المظفر قال أنبأنا أحمد بن محمد العتيقي قال أنبأنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا
أبو جعفر العقيلي قال حدثنا محمد بن الحسن والخضر بن داود قال حدثنا محمد بن
195

أحمد بن زبدا قال حدثنا عمرو بن عاصم قال حدثنا الحسن بن رزين قال حدثنا
ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يلتقى
الخضر وإلياس في كل موسم فإذا أرادا أن يفترقا تفرقا على هذه الكلمات: بسم
الله، ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله، ولا يصرف السوء إلا الله، ما شاء الله
ما بكم من نعمة فمن الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله فمن قالها إذا أمسى
أمن من الحرق والغرق [السرق] والشرق حتى يصبح، ومن قالها حين
يصبح ثلاث مرات أمن الحرق والغرق والشرق [السرق] حتى يمسى ".
ذكر ما روى من اجتماع الخضر وجبريل وميكائيل وإسرافيل
أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال
أخبرني عبد العزيز بن علي الأزجي قال حدثنا محمد بن علي بن عطية الحارثي
قال حدثنا علي بن الحسن الجهضمي قال حدثنا ضمرة بن حبيب المقدسي قال حدثنا أبي
قال حدثنا العلاء بن زياد عن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده عن علي
ابن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يجتمع في كل يوم
عرفة جبريل وميكائيل وإسرافيل والخضر فيقول جبريل: ما شاء الله لا قوة إلا
بالله، فيرد عليه ميكائيل: ما شاء الله كل نعمة فمن الله، فيرد عليه إسرافيل: ما شاء
الله الخير كله بيد الله، فيرد عليه الخضر: ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله. ثم
يتفرقون عن هذه الكلمات فلا يجتمعون إلى قابل في ذلك اليوم. قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم فما من أحد يقول هذه الأربع مقالات حين يستيقظ من نومه
إلا وكل الله به أربعة من الملائكة يحفظونه، صاحب مقالة جبريل من بين
يديه، وصاحب مقالة ميكائيل عن يمينه، وصاحب مقالة إسرافيل عن يساره،
وصاحب مقالة الخضر من خلفه إلى أن تغرب الشمس، من كل آفة وعاهة وعدو
وظالم وحاسد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما من أحد يقولها في يوم
196

عرفة مائة مرة من قبل غروب الشمس إلا ناداه الله تعالى من فوق عرشه: أي
عبدي قد أرضيتني وقد رضيت عنك فسلني ما شئت فبعزتي حلفت لأعطينك ".
هذه الأحاديث باطلة. أما الأول ففيه عبد الله بن نافع. قال يحيى بن معين
ليس بشئ. وقال علي بن المديني: يروى أحاديث منكرة. وقال النسائي:
هو متروك الحديث. وفيه كثير بن عبد الله وهو كثير وهو كثير بن عبد الله بن عمرو
ابن عوف المزني.
قال أحمد بن حنبل: لا يحدث عنه، وقال مرة: لا يساوى شيئا، وقال يحيى
ابن معين: حديثه ليس بشئ لا يكتب. وقال النسائي والدارقطني: هو متروك
الحديث. وقال الشافعي: هو ركن من أركان الكذب. وقال أبو حاتم بن
حبان: روى عن أبيه عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب،
ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب.
وأما طريق ابن المنادى هو حديث واه بالوضاح وغيره وهو منكر الاسناد
سقيم المتن ولم يراسل الخضر بيننا ولم يقله.
وأما حديث التقاء الخضر وإلياس ففي طريقه الحسن بن رزين.
قال الدارقطني: ولم يحدث به عن ابن جريج غيره. قال العقيلي: ولم يتابع
عليه مسندا ولا موقوفا وهو مجهول في النقل وحديثه غير محفوظ. وقال ابن
المنادى: هذا حديث واه بالحسن بن رزين والخضر وإلياس مضيا لسبيلهما.
قال المصنف: قلت وأما حديث اجتماعه مع جبريل ففيه عدة مجاهيل لا يعرفون
وقد أغرى خلق كثير من المهوسين بأن الخضر حي إلى اليوم ورووا أنه التقى
بعلى بن أبي طالب وبعمر بن عبد العزيز وأن خلقا كثيرا من الصالحين رأوه،
وصنف بعض من سمع الحديث ولم يعرف علله كتابا جمع فيه ذلك، ولم يسأل
عن أسانيد ما نقل، وانتشر الامر إلى أن جماعة من المتصنعين بالزهد يقولون:
197

رأيناه وكلمناه، فواعجبا ألهم فيه علامة يعرفونه بها؟ وهل يجوز لعاقل أن يلقى
شخصا فيقول له الشخص أنا الخضر فيصدقه.
ذكر ما نقل أن عليا عليه السلام لقيه
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي قال أخبرني محمد
ابن الحسين الأزرق قال حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد قال حدثنا أحمد
ابن حرب النيسابوري قال حدثنا عبد الله بن الوليد العدني عن محمد بن الهروي
عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محرز عن يزيد بن الأصم عن علي بن أبي
طالب أنه قال " بينا أنا أطوف بالبيت إذا برجل متعلق بأستار الكعبة،
وهو يقول: يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من لا تغلطه المسائل، يا من لا يتبرم
بالحاح الملحين، أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك. قلت: يا عبد الله أعد الكلام
قال: أو سمعته؟ قلت: نعم. قال: والذي نفس الخضر بيده وكان الخضر
هؤلاء لا يقولهن عند دبر الصلاة المكتوبة [أحد] إلا غفرت ذنوبه وإن كانت
مثل رمل عالج وعدد المطر وورق الشجر ".
هذا حديث لا يصح، ومحمد بن الهروي مجهول، وابن محرر [محرز]
متروك. وقال أحمد: ترك الناس حديث عبد الله بن محرر [محرز]. وقال ابن
المنادى: لقيته وكانت بعرة أحب إلى منه.
ذكر ما روى أن عمر بن عبد العزيز لقيه
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا محمد بن هبة الله الطبري قال أنبأنا محمد
ابن الحسين بن الفضل قال أنبأنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان
قال حدثنا محمد بن عبد العزيز الرملي قال حدثنا ضمرة عن السرى بن يحيى بن
رياح بن عبيدة قال: " رأيت رجلا يماشي عمر بن عبد العزيز معتمدا على يده،
198

فقلت في نفسي إن هذا الرجل خاف، فلما صلى قلت من الرجل الذي كان معك
معتمدا على يدك آنفا؟ قال: وقد رأيته يا رياح؟ قلت: نعم. قال: إني لأراك
رجلا صالحا ذاك أخي الخضر بشرني أنى سألي وأعدل ".
وقد روى مسلمة عن عمر أنه لقى الخضر، قال أبو الحسين بن المنادى:
حديث مسلمة كلا شئ، وحديث رياح كالريح. قال وقد روى عن الحسن
بقاء الخضر وهو مأخوذ عن غير [غيره] ملقنا.
قال المصنف: قلت وقد روى عن الحسن أنه مات. قال ابن المنادى:
وقد روى عن أهل الكتاب أنه شرب من ماء الحياة ولا يوثق بقولهم. قال
وجميع الاخبار في ذكر الخضر واهية الصدور والاعجاز لا تخلو من أمرين إما أن
تكون أدخلت بين حديث بعض الرواة المتأخرين استغفالا، وإما أن يكون
القوم عرفوا حالها فرووها على جهة التعجب فنسبت إليهم على وجه التحقيق.
قال وأكثر المغفلين مغرور بأن الخضر باق والتخليد لا يكون لبشر. قال عز
وجل: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد).
قال ابن المنادى: وأخبرني بعض أصحابنا عن إبراهيم الحربي أنه سئل عن
تعمير الخضر فأنكر ذلك وقال هو متقادم الموت. قال وسئل غيره من تعميره،
وأن طائفة من أهل زماننا يرونه ويروون عنه فقال: من أحال على غائب
لم ينتصف منه وما ألقى ذكر هذا بين الناس إلا الشيطان.
حديث عن إلياس عليه السلام
أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا
أبو طالب العشاري قال أنبأنا أبو الحسين ابن أخي ميمي قال حدثنا أبو علي بن
صفوان قال حدثنا أبو بكر القرشي قال حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري قال
199

حدثنا بن يزيد الموصلي التيمي مولى لهم قال حدثنا أبو إسحاق الجرشى عن
الأوزاعي عن مكحول عن أنس بن مالك قال: " غزونا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم حتى إذا كنا بفج الناقة عند الحجر إذا نحن بصوت يقول: اللهم
اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفور لها المتاب عليها المستجاب لها. فقال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس أنظر ما هذا الصوت، فدخلت الجبل
فإذا رجل أبيض الرأس واللحية عليه ثياب بياض طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع
فلما نظر إلى قال أنت رسول النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلت: نعم. قال ارجع
إليه فأقره منى السلام وقل له هذا أخوك إلياس يريد يلقاك، فجاء النبي صلى الله
عليه وسلم، وأنا معه حتى إذا كنا قريبا منه تقدم النبي صلى الله عليه وسلم
وتأخرت، فتحدثا طويلا فنزل عليهما من السماء شبه السفرة فدعواني فأكلت
معهما فإذا فيه كمأة ورمان وكرفس، فلما أكلت قمت فتنحيت وجاءت سحابة
فاحتملته أنظر إلى بياض ثيابه فيها تهوى به قبل الشام، فقلت للنبي صلى الله
عليه وسلم بأبي أنت وأمي هذا الطعام الذي أكلنا من السماء نزل عليك؟ فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: سألته عنه فقال: أتاني به جبريل في كل أربعين يوما
أكلة، وفى كل حول شربة من ماء زمزم، وربما رأيته على الجب يمد بالدلو
فيشرب وربما سقاني ".
هذا حديث موضوع لا أصل له. ويزيد الموصلي وأبو إسحاق الجرشى
لا يعرفان. وقد روى أبو بكر النقاش أن محمد بن إسماعيل البخاري سئل عن
الخضر وإلياس هل هما في الاحياء؟ فقال: كيف يكون هذا وقد قال النبي صلى
الله عليه وسلم: " لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هو على ظهر الأرض أحد ".
حديث عن داود عليه السلام
أنبأنا أبو منصور بن خيرون عن الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم
200

البستي قال حدثنا ابن قتيبة قال حدثنا محمد بن أيوب بن سويد قال حدثني أبي قال
حدثني إبراهيم بن أبي علية عن أبي الزاهرية عن رافع بن عمير قال سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم يقول: " قال الله تعالى لداود: يا داود ابن لي في الأرض بيتا،
فبنى داود بيتا لنفسه قبل البيت الذي أمر به، فأوحى إليه يا داود بنيت بيتك
قبل بيتي؟ قال: أي رب هكذا قلت فيما قضيت: من ملك استأثر، ثم أخذ في
بناء المسجد فلما تما سور الحائط سقط، فشكى ذلك إلى الله عز وجل، فأوحى
الله إليه أنه لا تصلح أن تبنى لي بيتا. قال: أي رب ولم؟ قال: لما جرى
على يديك من الدماء. قال: رب أولم يكن ذلك في هواك ومحبتك؟ قال: بلى
ولكنهم عبادي وإمائي أرحمهم، فشق ذلك عليه فقال: لا تحزن فإني سأقضى
بناءه على يدي ابنك سليمان " فذكر حديثا طويلا، وهو حديث موضوع محال
تتنزه الأنبياء عن مثله ويقبح أن يقال أبيح له قتل قوم أو أمر بذلك ثم أبعد بذلك
عن الرضاء كيف وقد قال تعالى في حق العصاة [ولا تأخذكم بهما رأفة في دين
الله] قال ابن حبان: ومحمد بن أيوب يروى الموضوعات لا يحل الاحتجاج به.
حديث عن سليمان بن داود عليهما السلام
أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة قال
أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم العدى قال حدثنا محمد بن أبي
السرى قال شيخ ابن أبي خالد قال حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كان نقش خاتم سليمان بن
داود: لا إله إلا الله محمد رسول الله ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عدى: شيخ
ابن أبي خالد يروى أحاديث بواطيل. وقال ابن حبان: لا يحتج به بحال.
201

حديث آخر عن سليمان
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي قال حدثنا أبو بكر
أحمد بن محمد بن عبيدة قال حدثنا أحمد بن إسماعيل الجرجاني حدثنا عبد الرحمن
ابن قيس المكي قال حدثنا إبراهيم بن جبلة الصنعاني عن أنس قال: " صلى بنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم صلاة الفجر ثم أقبل علينا بوجهه،
فقيل له: يا رسول الله: لو حدثتنا حديثا عن سليمان بن داود وما كان معه من
الريح فقال النبي صلى الله عليه وسلم بينا سليمان بن داود ذات يوم قاعد إذ دعا
بالريح، فقال لها الزقى بالأرض ثم دعا بزمام فزم به الريح ثم دعا ببساط فبسطه على
وجه الريح، ثم دعا بأربعة آلاف كرسي فوضعها عن يمينه، وأربعة آلاف كرسي
فوضعها عن يساره. ثم جعل على كرسي منها يعنى قبيلة من قومه، ثم قال
للريح أقلى، فلم تزل تسير في الهواء. فبينما هو يسير في الهواء إذا هو برجل
قائم لا يرى تحت قدميه شيئا، ولا هو مستمسك بشئ، وهو يقول:
سبحان العلى الأعلى، سبحان الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما
وما تحت الثرى. فقال له سليمان: يا هذا، من الملائكة أنت؟ قال اللهم
لا. قال فمن الجن؟ قال اللهم لا. قال أفمن الشياطين الذين يسكنون في الهواء؟
قال اللهم لا. قال أفمن ولد آدم؟ قال اللهم نعم. قال له سليمان: يا هذا،
فبما ذا نلت هذه الكرامة من ربك تعالى، لا أرى تحت قدميك شيئا
ولا أنت تستمسك بشئ هذا التسبيح والتهليل في فيك؟ قال: يا سليمان إني
كنت في مدينه يأكلون رزق الله ويعبدون غيره، فدعوتهم إلى الايمان بالله،
وشهادة أن لا إله إلا الله، فأرادوا قتلى، فدعوت الله بدعوة فصيرني في هذا
المكان الذي ترى، كما دعوت ربك أن يعطيك ملكا لم يعطه أحدا قبلك،
ولا يعطيه أحدا بعدك. قال له سليمان: فمذ كم أنت في هذا المكان الذي أرى؟
202

قال: منذ ثلاث حجج. قال له: وأنت في هذا المكان منذ ثلاث حجج،
وطعامك من أين وشرابك من أين؟ قال: إذا علم الله جهد ما بي من جوع
أوحى إلى طير من هذا الهواء وفى فيه شئ من طعام فيطعمني، فإذا شبعت
أهويت إليه بيدي فيذهب، فإذا علم [الله] جهد ما بي من عطش أوحى إلى
سحاب فتظلني فتنسكب الماء في يدي سكبا، فإذا رويت أهويت إليه بيدي
فيذهب. فبكى سليمان حتى بكت له ملائكة سبع سموات وحملة العرش. ثم
قال في بكائه: سبحانك سبحانك ما أكرم المؤمنين عليك إذ جعلت الملائكة
والطير والسحاب خداما لولد آدم، فأوحى الله تعالى إليه: يا سليمان ما خلقت في
السماوات خلقا ولا في الأرض خلقا أحب إلى من ولد آدم من المؤمنين، من
أطاعني أسكنته جنتي ومن عصاني أسكنته ناري ".
هذا حديث موضوع وأكثر رواته مجهولون، وعبد الرحمن بن قيس قال
فيه أحمد والنسائي: متروك الحديث. وقال أبو على: صالح بن محمد كان
يضع الحديث.
حديث عن عيسى عليه السلام
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى الحافظ قال حدثنا محمد بن جعفر
ابن يحيى وزير العطار قال حدثنا إبراهيم بن العلاء قال حدثنا إسماعيل بن عياش
قال حدثنا إسماعيل بن يحيى عن ابن أبي مليكة عمن حدثه عن ابن مسعود
ومسعود بن كرام عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري يرد إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ح. وأنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد واللفظ له قال: أنبأنا
أحمد بن أحمد الحداد قال حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا
203

سليمان بن أحمد قال حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم الحمصي قال أبو نعيم
وحدثنا محمد بن الحسن اليقطيني قال حدثنا محمد بن جعفر بن رزين العطار قالا
حدثنا إبراهيم بن العلاء قال حدثنا إسماعيل بن عياش قال حدثنا إسماعيل بن
يحيى التيمي قال مسعر عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " إن عيسى بن مريم لما أسلمته أمه مريم إلى الكتاب ليعلمه المعلم
قال له المعلم اكتب بسم، فقال له عيسى: ما بسم؟ قال المعلم لا أدرى. فقال له
عيسى: باء بهاء الله وسين سناء [الله] وميم ملكه، والله إله الآلهة، والرحمن
رحمن الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة. أبجد: الألف الله، الباء بهاء الله،
ج جلال الله، د الله الدائم. هوز: الهاء الهاوية، والواو ويل لأهل النار واد في
جهنم، زاي زي أهل الدنيا. حطي: الحاء الله الحكيم، والطاء الله الطالب لكل
حق حتى يؤديه، والياء آي هل النار وهو الوجع. كلمن: كاف الله الكافي،
لام الله العليم، ميم الله الملك، نون نون البحر. سعفص: صاد الله الصادق،
والعين الله العالم، والفاء الله الفرد وصاد الله الصمد. قرشت: قاف الجبل المحيط
بالدنيا الذي اخضرت منه السماوات، والراء رؤيا الناس لها، وسين ستر (1) الله
يا [تا] تمت أبدا ".
هذا حديث موضوع محال. وأما إسماعيل بن عياش فقد ضعفه النسائي
وغيره. وقال ابن حبان: تغير في آخر عمره فكثر الخطأ في حديثه وهو لا يعلم.
قال المصنف: قلت وأما إسماعيل بن يحيى فإني أرى البلاء منه. قال ابن
عدى: يحدث عن الثقاة لا يحل الرواية عنه بحال. وقال الدارقطني:
كذاب متروك.
قال المصنف: قلت ما يصنع مثل هذا الحديث إلا ملحد يريد شين الاسلام

(1) السياق أنها شبن قرشت وليست سين لكن الخطأ من الواضع الكذاب.
204

أو جاهل في غاية الجهل وقلة المبالاة بالدين. ولا يجوز أن يفرق حروف الكلمة
المجتمعة فيقال الألف من كذا واللام من كذا، وإنما هذا يكون في الحروف
المقطعة فيقال اقتنع بحرف من كلمته مثل قولهم في كهيعص: الكاف من الكافي
والهاء من الهادي، فقد جمع واضع هذا الحديث جهلا وافرا وإقداما عظيما وأتى
بشئ لا تخفى برودته والكذب فيه.
حديث آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا
أبو عمرو الفارسي قال حدثنا ابن عدى قال حدثنا أحمد بن بشر قال حدثنا
عبد الوهاب ابن بجدة قال حدثنا إسماعيل بن عياش قال حدثنا عمر بن محمد عن أبي
عقال عن أنس عن مالك قال " بينما نحن نطوف مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذ رأينا بردا وندا، فقلنا يا رسول الله ما هذا البرد والندا؟ قال:
وقد رأيتم ذلك؟ فقلنا: نعم، فقال: ذاك عيسى بن مريم سلم على ".
هذا حديث ليس بصحيح. قال ابن حبان: أبو عقال يروى عن أنس
أشياء موضوعة ما تحدث بها إنس قط لا يجوز الاحتجاج به بحال.
حديث عن إبليس
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي
قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال حدثنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا أبو عمرو
عبد المؤمن بن أحمد بن جرير العطار قال حدثني أبو رجاء منقر بن الحكم بن
إبراهيم بن سعد بن مالك قال حدثنا لهيعة بن عبد الله بن لهيعة المصري عن أبي
الزبير عن جابر قالت " كانت امرأة من الجن تأتي النبي صلى الله عليه وسلم
في نساء من قومها فأبطأت عليه ثم أتته، فقال لها: ما بطأ بك؟ قالت: مات
لنا ميت بأرض الهند فذهبت في تعزيتهم وإني أخبرك بعجب [بأعجب ما]
205

رأيت في طريقي. قال: وما رأيت؟ قالت: رأيت إبليس قائما يصلى على صخرة،
فقلت له: أنت إبليس؟ فقال: نعم. قلت: ما حملك على أن أضللت بنى آدم
وفعلت وفعلت؟ قال: دعى هذا عنك. قالت: تصلى وأنت أنت؟ قال: نعم
يا فارغة بنت العبد الصالح إني لأرجو من ربى إذا أبر في قسمه أن يغفر لي. قال: فما
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك كذلك اليوم ".
هذا حديث محال. وابن لهيعة لا يوثق به كان يدلس عن كذا بين وضعفاء.
حديث في ذكر يأجوج ومأجوج
أنبأنا أبو منصور محمد بن عبد الملك قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف السهمي قال حدثنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا عبدان قال
حدثنا ابن مصفى ووهب بن يمان قالا حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن إسحاق
عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال: " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن يأجوج ومأجوج، فقال إنه كل أمة أربعمائة ألف أمة لا يموت الرجل منهم
حتى ينظر إلى ألف ذكر بين يديه ومن صلبه كل قد حمل السلاح. قلت يا رسول
الله صفهم لنا، قال لهم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز. قلت: وما
الأرز؟ قال: الصنوبر مثال شجرة الشام طول الشجرة عشرين ومائة ذراع في
السماء، وصنف منهم عرضه وطوله سواء عشرين ومائة ذراع في السماء وهم الذين
لا يقوم لهم جبل ولا حديد، وصنف منهم يفترش أحدهم أذنه ويلتحف بالأخرى
لا يمرون بقليل ولا كثير ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه، ومن مات
منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق
وبحيرة طبرية ".
قال ابن عدى: هذا حديث منكر موضوع ومحمد بن إسحاق هو العكاشي
206

قال يحيى بن معين: كذاب. وقال الدارقطني يضع الحديث.
حديث هامة بن الهيم
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا محمد بن المظفر بن بكران قال أنبأنا
أحمد بن محمد العتيقي قال حدثنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر العقيلي
قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا إسحاق بن بشر الكاهلي حدثنا
أبو معشر عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال: " بينما نحن قعود مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم على جبل من جبال تهامة إذ أقبل شيخ في يده عصا فسلم على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام وقال نعمة الجن وعمهم من أنت؟
قال: أنا هامة بن الهيم بن لا قيس بن إبليس. قال: وليس بينك وبين إبليس
إلا أبوين قال: لا. قال: فكم أتى لك من الدهر؟ قال: قد أفنيت الدنيا
عمرها إلا قليلا. قلت: على ذاك؟ قال: كنت وأنا غلام ابن أعوام أفهم
الكلام وأمر بالآكام وآمر بإفساد الطعام وقطيعة الأرحام. فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: بئس لعمر الله عمل الشيخ المتوسم أو الشاب الملتزم. قال: ذرني
من التعداد إني تائب إلى الله، إني كنت مع نوح في مسجده مع من آمن به
من قومه فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى عليهم وأبكاني وقال
لا جرم إني على ذلك من النادمين وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين. قال
قلت يا نوح إني كنت ممن شرك في دم الشهيد هابيل بن آدم فهل تجد لي من
توبة عند ذلك؟ قال يا هام هم بالخير وافعله. قبل الحسرة والندامة إني قرأت فيما
أنزل الله على أنه ليس من عبد ناب إلى الله بالغا ذنبه ما بلغ إلا تاب الله عليه
فقم فتوضأ واسجد سجدتين. قال ففعلت من ساعتي ما أمرني به. قال فناداني:
ارفع رأسك فقد نزلت توبتك من السماء. قال: فخررت لله ساجدا. وكنت
مع هود في مسجده مع من آمن به من قومه فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه
207

حتى بكى عليهم وأبكاني. وكنت مع يوسف بالمكان المكين. وكنت ألقى
إلياس في الأودية، وأنا ألقاه الآن. وإني لقيت موسى بن عمران فعلمني من
التوراة وقال [إن] أنت لقيت عيسى بن مريم فأقره منى السلام. وإني لقيت
عيسى بن مريم فأقرأته من موسى، وإن عيسى قال لي إن لقيت محمدا فأقره منى
السلام ما دامت الدنيا [فقال] يا هامة يا ذا الأمانة. قال قلت يا رسول الله افعل
بي ما فعل بي موسى بن عمران فإنه علمني من التوراة، فعلمه رسول الله صلى الله
عليه وسلم سورة المرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت والمعوذتين وقل
هو الله أحد، وقال ارفع إلينا حاجتك يا هامة ولا تدع زيارتنا. قال فقبض
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينعه إلينا، فلست أدرى أحي هو أم ميت ".
قال العقيلي: وحدثنا محمد بن موسى بن حماد البربري قال حدثنا محمد بن صالح
ابن النطاح قال حدثنا أبو سلمة محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثنا مالك بن
دينار عن أنس قال: " كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا من
جبال مكة إذ أقبل شيخ متوكئا على عكازة فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: مشية جنى ونغمته، فقال أجل، فقال من أي الجن أنت؟ قال أنا هامة
ابن الهيم بن لا قيس بن إبليس " وذكر نحوا من الذي قبله.
أنبأنا ابن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا أبو طالب العشاري
قال أنبأنا ابن أخي ميمي قال حدثنا ابن صفوان قال حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا
قال حدثنا محمد بن صالح قال حدثنا أبو سلمة قال حدثنا مالك بن دينار عن أنس
وذكر نحوا من الحديث الأول.
هذا حديث موضوع لا يشك فيه. فأما طريق ابن عمر فالحمل فيه عليه
إسحاق بن بشر كذلك قال العقيلي، وقد اتفقوا على أنه كان كذابا يضع
الحديث. وأما طريق أنس فالحمل فيه على محمد بن عبد الله الأنصاري. قال
208

ابن حبان: يروى عن الثقاة ما ليس من حديثهم، لا يحوز الاحتجاج. به قال
العقيلي: محمد بن عبد الله عن مالك بن دينار منكر الحديث. قال: وكلا هذين
الاسنادين غير ثابت ولا يرجع منهما إلى صحة وليس للحديث أصل.
حديث زريب بن برثملى
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا
محمد بن أحمد بن رزق قال أنبأنا عثمان بن أحمد الدفاف [الدقاق] قال حدثنا
يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي قال حدثنا مالك
عن نافع عن ابن عمر قال: " كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص
رضي الله عنهما وهو بالقادسية أن سرح فضلة [نضلة] بن معاوية إلى حلوان فليغز
على ضواحيها، فوجه سعد فضلة في ثلثمائة فارس، فخرجوا حتى أتوا حلوان العراق،
فأغاروا على ضواحيها، فأصابوا غنيمة وسبيا. فأقبلوا يسوقون الغنيمة والسبي
إلى سفح جبل، ثم قال فادن [فأذن] فقال: الله أكبر الله أكبر، فإذا
مجيب من الجبل يجيبه: كبرت كبيرا يا فضلة [يا نضلة] قال: أشهد أن
لا إله إلا الله. قال: كلمة الاخلاص يا فضلة. قال: أشهد أن محمد رسول الله.
قال: هو النذير الذي بشر به عيسى بن مريم وعلى رأس أمته تقوم الساعة.
قال: حي على الصلاة. قال: طوبى لمن مشى إليها وواظب عليها. قال: حي
على الفلاح. قال: أفلح من أجاب محمدا صلى الله عليه وسلم وهو البقاء لامة
محمد. قال: فلما قال الله أكبر قال أخلصت الاخلاص كله يا نضلة، فحرم الله
بها جسدك على النار، فلما فرغ من آذانه [أذانه] قمنا فقلنا من أنت
يرحمك الله؟ أملك أنت أم ساكن من الجن أم طائف من عباد الله؟ أسمعتنا
صوتك فأرنا صورتك فإننا وفد الله ووفد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفد
عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فانفلق الجبل عن هامة كالرحى أبيض الرأس
(14 - الموضوعات 1)
209

واللحية عليه طمران من صوف. قال: السلام عليكم ورحمة الله. قلنا: وعليك
السلام ورحمة الله من أنت يرحمك الله؟ قال أنا زريب بن برثملى وصى العبد
الصالح عيسى بن مريم أسكنني هذا الجبل، ودعا لي بطول البقاء إلى نزوله من
السماء، فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويتبرأ مما نحلته النصارى، فأما إذ فاتني
لقاء محمد صلى الله عليه وسلم فاقرأوا عنى عمر السلام وقولوا يا عمر سدد وقارب فقد
دنا الامر، وأخبره بهذه الخصال التي أخبركم بها: يا عمر إذا ظهر من هذه الخصال
في أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالهرب الهرب، إذا استغنى الرجال بالرجال والنساء
بالنساء، وانتسبوا في غير مناسبهم، وانتموا إلى غير مواليهم، ولم يرحم كبيرهم
صغيرهم، ولم يوقر صغيرهم كبيرهم، وترك المعروف فلم يؤمر، وترك المنكر فلم
ينه عنه، وتعلم عالمهم العلم لا يجلب به الدنانير والدراهم، وكان المطر قيظا والولد
غيظا، وطولوا المنارات وفضضوا المصاحف وزخرفوا المساجد، وأظهروا الرشا
وشيدوا البنا، واتبعوا الهوى وباعوا الدين بالدنيا واستخفوا بالدماء، وقطعت
الأرحام، وبيع الحكم وأكل الربا وكان الغنى عزا، وخرج الرجل من بيته
فقام إليه من هو خير منه فسلم عليه، وركب النساء السروج ثم غاب عنا
قال: وكتب نضلة إلى سعد وكتب سعد إلى عمر فكتب عمر إلى سعد: لله أبوك
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن بعض أوصياء عيسى بن مريم نزل
ذلك الجبل ناحية العراق قال: فخرج سعد في أربعة آلاف من المهاجرين
والأنصار حتى نزلوا ذلك الجبل أربعين يوما ينادى بالأذان في كل وقت صلاة
فلا جواب ".
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا أبو طالب
العشاري قال أنبأنا أبو الحسين بن أخي ميمي قال حدثنا الحسين بن صفوان
قال حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا القرشي قال حدثني محمد بن عثمان العجلي قال
حدثنا سليمان بن أحمد قال حدثنا محمد بن حبيب الرملي عن أبي لهيعة عن مالك
210

ابن الأزهر عن نافع عن ابن عمر " أن عمر بعث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما
على العراق فسار حتى إذا كانوا بحلوان أدركته صلاة العصر وهو في سفح
جبلها، فأمر مؤذنه نضلة، فنادى بالأذان فقال الله أكبر. الله أكبر. فأجابه
مجيب من الجبل كبرت يا نضلة [نضلة] كبيرا. قال أشهد أن لا إله
إلا الله. قال: كلمة الاخلاص. قال أشهد أن محمدا رسول الله. قال: بعث
النبي صلى الله عليه وسلم، قال: حي على الصلاة. قال البقاء لامة محمد صلى الله
عليه وسلم. قال: حي على الفلاح. قال: كلمة مقبوله. قال: الله أكبر الله أكبر
قال: كبرت كبيرا. قال: لا إله إلا الله. قال: كلمة حق حرمت بها على النار.
قال فقال له نضلة: يا هذا قد سمعنا كلامك فأرنا وجهك، فانفلق الجبل، فإذا
شيخ أبيض الرأس واللحية هامته مثل الرحى، فقال له من أنت؟ قال أنا زريب
ابن برثملى وصى العبد الصالح عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم دعا لي ربه
بطول البقاء وأسكنني هذا الجبل إلى نزوله من السماء فيكسر الصليب ويقتل
الخنزير ويتبرأ مما عليه النصارى. ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلنا قبض،
فبكى بكاء شديدا حتى خضب لحيته بالدموع، ثم قال: من قام فيكم بعده؟
قلنا: أبو بكر. قال: ما فعل؟ قلنا قبض. قال: فمن قام فيكم بعده؟ قلنا عمر
قال: فاقرأوه منى السلام وقولوا له يا عمر سدد وقارب فإن الامر قد تقارب،
خصال إذا رأيتها في أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالهرب الهرب: إذا استغنى
الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وكان الولد غيظا والمطر قيظا، وزخرفت المساجد
وزوقت المصاحف، وتعلم عالمهم ليأكل دينارهم ودرهمهم، وخرج الغنى فقام له
من هو خير منه، وكان أكل الربا فيهم شرفا، والقتل فيهم عزا، فالهرب
الهرب. قال فكتب بها سعد إلى عمر، فكتب عمر صدقت سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " في ذلك الجبل وصى عيسى ابن مريم فأقره منى
السلام، فأقام سعد بذلك المكان أربعين صباحا ينادى بالأذان ولا يجاب ".
211

قال أبو بكر بن أبي الدنيا وحدثنا الصلت بن مسعود الجحدري قال حدثنا
حماد بن زيد قال حدثنا عبيد الله بن يحيى عن أبي جعفر محمد بن علي قال: " لما
ظهر سعد على حلوان العراق بعث جعونة بن نضلة في الطلب قال فأتينا على غار
أو ثقب فخضرت الصلاة قال: فأذنت فقلت الله أكبر فأجابني مجيب من الجبل
كبرت كبيرا. قال فأجبت فرقا. قال قلت أشهد أن لا إله إلا الله. قال:
خلصت فالتفت يمينا وشمالا فلم أر أحدا. قال قالت أشهد أن محمدا رسول الله
قال نبي بعث. قلت حي على الصلاة. قال فريضة وضعت. قلت حي على
الفلاح. قال قد أفلح من أجابها واستجاب لها. كذلك يقول فألتفت فلا أرى
أحدا قال: قلت جنى أنت أم إني؟ فأشرف على شيخ أبيض الرأس واللحية
قال: أنا زريب بن برثملى من حواري عيسى ابن مريم، وأنا أشهد أن لا إله
إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنه جاء بالحق من عند الحق قد علمت مكانه
فأردته فحالت بيني وبينه كفار فارس، فأقر صاحبك السلام. فكتب سعد إلى
عمر. فكتب عمر لا يفوتنك الرجل فطلب فلم يوجد ".
ورواه أبو بكر بن الأنباري من حديث عبد الله بن عمرو بن عبد الرحمن
وهو مجهول وحديث زريب بن برثملى حديث باطل لا أصل له وأكثر رواته
مجاهيل لا يعرفون.
أما رواية الراسبي عن مالك فليس من حديث مالك قال أبو بكر الخطيب
روى الراسبي عن مالك هذا الحديث المنكر، وأما رواية ابن لهيعة فكان يحيى
ابن سعيد لا يرى ابن لهيعة شيئا، وضعفه يحيى بن معين والفلاس والنسائي.
وقال أبو زرعة: ليس ممن يحتج به. وقال ابن حبان: رأيته يدلس عن أقوام
ضعفاء على أقوام ثقاة قد رآهم، وكان لا يبالى ما دفع إليه قرأه سواء كان من
حديثه أو لم يكن. وفيه سليمان بن أحمد قال ابن أبي حاتم كتب عنه أحمد
212

ويحيى ثم تغير وأخذ في الشرب والمعازف فترك. وأما عبد العزيز بن أبي رواد
فقال علي بن الجنيد: كان ضعيفا وأحاديثه منكرات. وقال ابن حبان كان
يحدث على التوهم والحسبان، فسقط الاحتجاج به. قال على ابن المديني لم يرو
إلا من وجه مجهول.
حديث قس بن ساعدة
أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد الزوزني قال أبو يعلى محمد بن الحسين قال أنبأنا
عيسى بن علي قال حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال حدثنا محمد بن حسان
السمني قال حدثنا محمد بن الحجاج اللخمي عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس
قال " قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيكم يعرف
القس بن ساعده الأيادي؟ فقالوا: كلنا يعرفه يا رسول الله. قال: فما فعل؟
قالوا: هلك. قال: ما أنساه بعكاظ على جمل أحمر وهو يخطب الناس وهو
يقول: أيها الناس اجتمعوا واستمعوا وعوا، من عاش مات ومن مات فات، وكل
ما هو آت آت، إن في السماء لخبرا وإن في الأرض لعبرا، مهاد موضوع وضعف
[سقف] مرفوع ونجوم تمور وبحار لا تغور، أقسم قس قسما حقا، لئن كان في
الأرض رضى ليكونن سخط. إن لله تعالى لدينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم
عليه، مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون أرضوا فأقاموا أم تركوا فناموا،
ثم قال أيكم يروى شعره فأنشدوه:
في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر
لما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها يسعى الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي إلى ولا من الباقين غابر
أيقنت أنى لا محالة حيث صار القوم صائر
213

طريق آخر: أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا
محمد بن علي بن الفتح قال حدثنا عمر بن شاهين قال حدثنا محمد بن الحسن بن
دريد قال حدثنا السكن بن سعيد قال [قال] ابن أبي عيينة المهلبي عن الكلبي عن أبي
صالح عن أبي هريرة قال: " لما قدم أبو ذر على رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال له يا أبا ذر ما فعل قس بن ساعدة الأيادي؟ قال: مات يا رسول الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله قسا كأني أنظر إليه في سوق
عكاظ وهو على جمل أورق ". فذكر نحو الحديث الذي ذكرناه. وقد رواه
الكلبي بإسناد آخر فقال عن أبي صالح عن ابن عباس وروى مطولا من حديث
ابن إسحاق عن بعض أهل العلم ولم يسمه. وهذا الحديث من جميع جهاته باطل
قال أبو الفتح الأزدي الحافظ: هو حديث موضوع لا أصل له.
قال المصنف: قلت أما الطريق الأول فقال يحيى بن معين: محمد بن الحجاج
كذاب خبيث. وقال أبو زرعة الرازي: أحاديثه موضوعة. وقال الدارقطني:
كان يكذب. وأما الكلبي فقال زائدة وليث والسعدي: هو كذاب. وقال
النسائي والدارقطني متروك الحديث. وقال ابن حبان وضوح الكذب فيه أظهر
من أن يحتاج إلى الاغراق في وصفه. وأما أبو صالح فقال ابن عدى لا أعلم أحدا
من المتقدمين رضيه ولعل أبو إسحاق دلسه ببعض أهل العلم.
214

كتاب العلم
باب طلب العلم ولو بالصين
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا محمد بن علي بن ميمون قال أنبأنا محمد بن علي
العلوي قال أنبأنا علي بن محمد بن بيان قال حدثنا أحمد بن خالد المرهبي قال حدثنا
محمد بن علي بن حبيب قال حدثنا العباس بن إسماعيل قال حدثنا الحسن بن عطية
الكوفي عن أبي عاتكة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اطلبوا العلم ولو بالصين ".
طريق آخر: أنبأنا عمر بن أبي الحسن البسطامي قال أنبأنا إبراهيم بن أبي
نصر الأصبهاني قال أنبأنا منصور بن نصر بن عبد الرحيم السمرقندي قال
حدثنا الهيثم بن كليب الشاشي قال حدثنا العباس بن محمد الدوري ح. وأنبأنا
محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن
يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال
حدثنا عباس بن إسماعيل بن حماد قالا حدثنا الحسن بن عطية قال حدثنا أبو عاتكة
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اطلبوا العلم ولو
بالصين فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم " قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري
تفرد به الحسن بن عطية. قال المصنف: قلت وهذا تحريف من الحاكم لأنه قد
رواه غير الحسن أنبأنا به عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا محمد بن المظفر قال
أنبأنا أحمد بن محمد العتيقي قال حدثنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا محمد بن عمرو
العقيلي قال حدثنا جعفر بن محمد الزعفراني قال حدثنا أحمد بن أبي شريح قال
حدثنا حماد بن خالد الخياط قال حدثنا طريف بن سليمان أبو عاتكة قال سمعت
أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " اطلبوا العلم ولو بالصين فإن
طلب العلم فريضة على كل مسلم ".
215

هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأما الحسن بن عطية
فضعفه أبو حاتم الرازي، وأما أبو عاتكة فقال البخاري: منكر الحديث. قال
ابن حبان: وهذا الحديث باطل لا أصل له.
باب قلة انتفاع أهل العراق بالعلم
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا الحسن بن أحمد الفقيه قال أنبأنا هلال بن محمد
قال أنبأنا أبو بكر محمد بن حميد المخرمي قال حدثنا محمد بن سليمان قال حدثنا
الربيع بن تغلب قال حدثنا المسيب بن شريك عن جعفر بن العباس عن ابن
لبيد عن أبيه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكثر
الناس علما أهل العراق وأقلهم انتفاعا به ". هذا حديث لا يصح عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال يحيى بن معين: المسيب ليس بشئ. وقال السعدي:
ينكب الناس عن حديثه. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان:
لا يجوز الاحتجاج به وقال أبو حاتم الرازي: وجعفر مجهول.
باب المشي حافيا في طلب العلم
فيه عن أبي بكر وابن عباس وجعفر بن نسطور.
فأما حديث أبي بكر فأنبأنا أحمد بن عبيد الله بن كادش قال أنبأنا أبو طالب
العشاري قال أنبأنا أبو حفص بن شاهين قال حدثنا محمد بن إبراهيم الإصطخري قال
حدثنا محمد بن خلف بن عبد السلام المروزي قال حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي
قال حدثنا سيف بن محمد بن أخت سفيان الثوري عن ليث عن طاوس عن ابن
عباس قال: " كنا جلوسا في مسجد مع أبي بكر الصديق فمرت جنازة فخلع أبو بكر
نعليه فقام معها، فقلنا يا خليفة رسول الله خلعت نعليك حيث يلبس الناس؟ قال
نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الماشي الحافي في طاعة الله عز وجل
يدخل منزله وليس عليه خطيئة يطالبه الله بها " وأما حديث ابن عباس فله طريقان:
216

الطريق الأول: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
قال أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني قال حدثنا علي بن
الحسن بن سهل البجلي قال حدثنا يوسف بن عبد الله البجلي قال حدثنا سليمان
ابن عيسى قال حدثنا سفيان الثوري عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا سارعتم إلى الخير فامشوا حفاة فإن
المحتفى يضاعف أجره على المنتعل ".
الطريق الثاني: أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو بكر البيهقي قال أنبأنا
أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال حدثنا أبو على محمد بن علي المذكر قال
حدثنا سهل بن عمار قال حدثنا سليمان بن عيسى قال حدثنا سفيان بن سعيد عن
ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا
أنبئكم بأحق الناس يوم القيامة بين يدي الملك الجبار؟ المتسارع إلى الخيرات ما شيا
على قدميه حافيا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبرني جبريل أن الله تعالى
ناظر إلى عبد يمشي حافيا في طلب الخير "
وأما حديث ابن نسطور فأنبأنا أبو حفص عمر بن ظفر قال أنبأنا هبة الله بن
محمد بن الحسن قال أنبأنا أبو الحسين محمد بن سلمان بن الفرج التنيسي قال حدثنا
أبو الحسن الكاشغري قال أنبأنا أبو داود سليمان بن نوح قال حدثني أبو القاسم
منصور ابن حكيم قال حدثني جعفر بن نسطور الرومي صاحب رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من مشى إلى خير حافيا
فكأنما مشى على أرض الجنة تستغفر له الملائكة وتسبح أعضاؤه " هذه أحاديث
ليس فيها ما يصح.
أما حديث أبي بكر ففي طريقه موسى بن إبراهيم. قال الدارقطني: هو
متروك وفيه سيف. قال أحمد بن حنبل: ليس بشئ كان يضع الحديث.
217

وقال يحيى: كان كذابا خبيثا. وقال الدارقطني: متروك.
وأما حديث ابن عباس فالطريقان من عمل سليمان بن عيسى وقد ذكر في
طريق مجاهدا وفى الأخرى طاوسا. قال السعدي: هو كذاب مصرح. وقال
ابن عدى: يضع الحديث.
وأما حديث ابن نسطور فباطل ورجاله مجهولون، ولا يعرف جعفر بن
نسطور، وليس في الصحابة من اسمه جعفر إلا جعفر بن أبي طالب. وقد ذكروا
لابي سفيان بن الحرث ولدا يقال له جعفر له صحبة ولا يثبت ذلك.
وأعلم أن هذه الأحاديث من الموضوعات التي تتنزه الشريعة عن مثلها،
فإن المشي حافيا يؤذى العين والقدم ولا يمكن معه توقى النجاسات. وقد رأينا
في طلاب العلم من يمشي حافيا عملا بهذه الأحاديث الموضوعة، ولو علم أن هذا
لا يصح وأنه يحتوى على شهرة زهد لم يفعل فالله در العلم.
باب تعلم العلم في الصبا
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز قال أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي قال أنبأنا
أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن الفارسي قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن
إبراهيم البلخي قال حدثنا محمد بن خالد بن يزيد قال حدثنا عطية بن بقية قال
حدثنا أبي [أبو] بقية بن الوليد عن معمر الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تعلم العلم وهو شاب كان بمنزلة وسم
في حجر، ومن تعلمه بعد ما كبر فهو بمنزلة كتاب على ظهر الماء ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهناد لا يوثق به،
و [أبو] بقية مدلس يروى عن الضعفاء وأصحابه يسوون حديثه ويحذفون
الضعفاء منه.
218

باب الملق في طلب العلم
فيه عن معاذ وأبى أمامة وأبي هريرة.
فأما حديث معاذ فأنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا ابن أبي
سويد قال حدثنا شيبان قال حدثنا الحسن بن واصل عن الخصيب بن جحدر
عن النعمان بن نعيم عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليس من أخلاق المؤمن الملق إلا في طلب العلم ".
وأما حديث أبي أمامة فأنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا ابن مسعدة قال حدثنا
أبو عمرو الفارسي قال حدثنا ابن عدى قال حدثنا ابن عتبة الرقي قال حدثنا
أيوب الوزان قال حدثنا فهد بن بشير قال حدثنا عمر بن موسى عن القاسم عن أبي
أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس من أخلاق المؤمن
الملق إلا في طلب العلم ".
وأما حديث أبي هريرة أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال حدثنا ابن عدى قال حدثنا الحسن بن
سفيان قال حدثنا عمرو بن حصين الكلابي قال حدثنا أبو علاثة عن الأوزاعي
عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" لا حسد ولا ملق إلا في طلب العلم ".
ليس في هذه الأحاديث شئ يصح. أما الأول فإن الحسن بن واصل هو
ابن دينار وقد كذبه أحمد ويحيى. وقال ابن عدى: مداره على الخصيب وقد
كذبه شعبة ويحيى القطان. وقال أحمد: لا يكتب حديثه. وقال ابن حبان:
يروى عن الثقاة الموضوعات.
219

وأما حديث أبي أمامة قال عمر بن موسى ليس بثقة. وقال النسائي
والدارقطني: هو متروك.
وأما حديث أبي هريرة فإن ابن علاثة اسمه محمد بن عبد الله بن علاثة. قال
الرازي: لا يحتج به. وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الثقاة لا يحل
ذكره إلا على جهة القدح فيه.
باب ثواب المعلمين
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه قال
أنبأنا أبو الفضل القرشي قال أنبأنا أبو بكر بن مردويه قال حدثنا أحمد بن كامل
ابن خلف قال حدثنا علي بن حماد بن السكن قال حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي
قال حدثنا هشام بن سليمان المخرومى [المخزومي] عن ابن أبي مليكة عن
ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المعلمون خير الناس كلما خلق
الذكر جددوه، عظموهم ولا تستأجروهم فتخرجوهم، فإن المعلم إذا قال للصبى قل
بسم الله الرحمن الرحيم، فقال الصبى بسم الله الرحمن الرحيم، كتب الله براءة
للصبى وبراءة لوالديه وبراءة للمعلم من النار ".
هذا الحديث من عمل الهروي وهو الجويباري، وقد سبق القدح فيه وأنه
كذاب وضاع.
حديث في الدعاء للمعلمين
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب
قال أنبأنا علي بن أحمد الرزاز قال حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد المصيصي قال
حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن علي بن إسحاق البغدادي قال حدثنا موسى بن محمد
القومسي قال حدثنا الحسن بن شبل عن أصرم بن حوشب عن نهشل بن سعيد
220

عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اللهم اغفر للمعلمين ثلاثا وأطل أعمارهم وبارك لهم في كسبهم ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال إسحاق بن
راهويه: كان نهشل كذابا. وقال يحيى: ليس بشئ. وقال ابن حبان: يروى
عن الثقاة ما ليس من حديثهم لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب. وأما أصرم
فقال يحيى: كذاب خبيث. وقال البخاري: متروك الحديث. قال أبو بكر
الخطيب: وأما محمد بن علي فشيخ مجهول أحاديثه منكرة.
حديث آخر في ذلك: أنبأنا القزاز قال أنبأنا الخطيب قال أنبأنا الحسن بن
محمد الخلال قال حدثنا يوسف بن عمر القواس قال حدثنا أبو الطيب بن الفرخان
قال حدثنا أبي [أبو] الفرخان بن دوزبة مولى المتوكل على الله قال حدثنا
الحسن بن عرفة قال حدثنا أبو معاوية الضرير محمد بن خازم عن الأعمش عن أبي
وائل عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم اغفر
للمعلمين وأطل أعمارهم وأظلهم تحت ظلك فإنهم يعلمون كتابك المنزل ".
قال الخطيب: محمد بن الفرخان غير ثقة.
حديث ذكر عقوبة المعلم إذا لم يعدل بين الصبيان
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه قال
أنبأنا أبو الفضل القرشي قال أنبأنا أبو بكر بن مردويه قال حدثنا محمد بن محمد
ابن عمرو بن زيد قال حدثنا محمد بن موسى بن الوليد النيسابوري قال حدثنا
الحسن بن بندار الاستراباذي قال حدثنا محمد بن يوسف عن عبد الرحمن بن
القطامي عن أبي المهزم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" معلم الصبيان إذا لم يعدل بينهم كتب يوم القيامة مع الظلمة ".
221

هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأما أبو المهزم
فكان كذابا وقد سبق القدح فيه في أول كتاب التوحيد. وأما عبد الرحمن
ابن القطامي فقال عمرو بن علي الفلاس كان كذابا. وهذا الكلام إنما نعرفه
من كلام مكحول.
حديث آخر في الدعاء بفقر المعلمين
أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل قال أنبأنا حمزة
ابن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا محمد بن داود بن دينار
الفارسي قال حدثنا أحمد بن إسحاق بن يونس قال حدثنا سعدان بن عبدة
القراحي قال حدثنا عبد الله العتكي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " اجتمعوا وارفعوا أيديكم. فاجتمعنا ورفعنا أيدينا، ثم قال: اللهم أفقر
المعلمين كي لا يذهب القرآن، واغن العلماء كي لا يذهب الدين ".
حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو أحمد بن عدى:
هذا حديث منكر. وسعدان غير معروف. وأحمد بن إسحاق لا يعرف أيضا.
وشيخنا محمد بن داود كان يكذب.
حديث آخر في ذم المعلمين: أنبأنا أبو منصور بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل
ابن أبي الفضل الإسماعيلي قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن
عدى قال أنبأنا مصبح بن علي بن مصبح البلدي قال حدثنا ميمون بن الأصبغ
قال حدثنا عبيد بن إسحاق قال حدثنا سيف بن عمر التيمي قال: كنت جالسا
عند سعد بن طريف الإسكاف إذ جاء ابن له يبكى فقال يا بنى مالك؟ فقال
ضربني المعلم، فقال والله لأخزينهم اليوم، حدثني عكرمة عن ابن عباس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " شراركم معلموكم أقله [أقلهم] رحمة على اليتيم
222

وأغلظهم على المسكين " ورواه إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عن عبيد بن إسحاق
فقال فيه " معلمو صبيانكم شراركم " ورواه إسحاق بن الحسن الحربي عن عبيد
فقال فيه " شرار أمتي معلموها ".
هذا حديث موضوع بلا شك، وفيه جماعة مجروحون، وأشدهم في ذلك
سيف وسعد فكلا [فكلاهما] متهم بوضع الحديث. وسعد هو في هذا
الحديث أقوى تهمة. قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الفور.
باب تقديم حضور مجلس العالم على غيره من الطاعات
روى محمد بن علي بن عمر المذكر قال حدثنا إسحاق بن الجعد قال حدثنا
أحمد بن عبد الله الهروي قال حدثنا إسحاق بن بحبح قال حدثنا هشام بن حسان
حدثنا محمد بن سيرين حدثنا عبيدة السلماني عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قال " جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شاهد فقال
يا رسول الله إذا حضرت جنازة وحضرت مجلس عالم أيهما أحب إليك أن
أشهد؟ فقال: إن كان للجنازة من يتبعها ويدفنها فإن حضور مجلس عالم خير من
حضور ألف جنازة تشيعها، ومن حضور ألف مريض تعوده، ومن قيام ألف
ليلة للصلاة، ومن ألف يوم تصومها، ومن ألف درهم تتصدق بها، ومن ألف
حجة سوى الفرض، ومن ألف غزوة سوى الواجب تغزوها في سبيل الله بنفسك
ومالك، وأين تقع هذه المشاهد من مشهد عالم؟ أما علمت أن الله يطاع بالعلم
ويعبد بالعلم، وخير الدنيا والآخرة من من العلم، ومن شر الدنيا والآخرة من الجهل،
فقال رجل: قراءة القرآن؟ فقال: ويحك وما قراءة القرآن بغير علم؟ وما الحج
بغير علم؟ وما الجمعة بغير علم؟ أما علمت أن السنة تقضى على القرآن، وأن القرآن
لا يقضى على السنة؟ ".
223

هذا حديث موضوع. أما المذكر فقال أبو بكر الخطيب: هو متروك،
وأما الهروي فهو الجويباري وهو الذي وضعه. قال أحمد بن حنبل: إسحاق
ابن بحبح أكذب الناس.
باب في مشاورة الحاكة والمعلمين
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي قال أنبأنا الحسن
ابن علي الجوهري قال أنبأنا عبد العزيز بن جعفر الخرق قال حدثنا علي بن
يوسف بن أيوب الدقاق قال حدثنا أحمد بن محمد بن غالب غلام خليل قال
حدثنا محمود بن غيلان قال حدثنا الوليد بن مسلم بن معاذ بن رفاعة عن علي بن
يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تستشيروا
الحاكة ولا المعلمين ". وقد رواه يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن
علي بن يزيد فزاد فيه " فإن الله عز وجل سلبهم عقولهم ونزع البركة من
أكسابهم ". وهذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأما الطريق الأول ففيه غلام خليل قال الدارقطني: هو متروك، وحكى عنه
ابن عدى أنه قال وضعنا أحاديث نرقق بها قلوب العامة. وأما علي بن يوسف
فإنه لا يعرف.
وأما الطريق الثاني ففيه عبيد الله بن زحر. قال يحيى بن معين: ليس بشئ
وقال أبو مسهر: هو صاحب كل معضلة. قال أبو حاتم بن حبان: يروى
الموضوعات عن الاثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات اجتمع في
إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلى ابن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن لم يكن
متن ذلك الخبر إلا مما عملت أيديهم. وقال النسائي والدارقطني: علي بن يزيد
متروك وأنبأنا محمد بن ضو فهو محمد بن الضو بن الصلصال بن الدلهمس كان
224

كذابا مجاهرا بالفسق. قال ابن حبان: يروى عن أبيه المناكير لا يجوز
الاحتجاج به وأما أبو عمارة فقال الدارقطني: ضعيف جدا.
باب ذم الحاكة
أنبأنا أبو المعمر الأنصاري قال أنبأنا جعفر بن أحمد السراج قال أنبأنا
القاضي أبو القاسم التنوخي قال حدثنا أبو عمر بن حيويه قال حدثنا عثمان
ابن أحمد الدقاق قال وجدت في كتاب حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد الصوفي
قال حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين الكوفي قال حدثني أبي عن أبيه عن
جده عن ابن عباس قال: " دخلت المسجد الحرام فإذا أنا بعلى بن أبي طالب
رضي الله عنه وحوله جماعة من الناس إذ دخل رجل من باب من أبواب المسجد
يسعى حتى خرج من الباب الآخر. فقال علي رضي الله عنه على بالرجل فجئ به
فقال على أين تريد؟ فقال أريد البصرة. قال وتعمل ماذا؟ قال له أطلب العلم.
قال فقال له على: ثكلتك أمك على بالحضرة وأنت تذهب إلى البصرة تطلب
العلم؟ أيها الرجل ما حرفتك؟ قال أنا رجل نساج قال فقال علي رضي الله عنه:
الله أكبر يقولها ثلاثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أدرك
منكم زمانا تطلب فيه الحاكة العلم فالهرب الهرب، ثم أقبل يحدث فقال: من
اطلع في طراز حائك خف دماغه، ومن كلم حائكا بخر فمه، ومن مشى مع
حائك ارتفع رزقه. قال فقالوا يا أمير المؤمنين أليسوا إخواننا في الاسلام وشركانا
في الدين؟ قال هم الذين بالوا في الكعبة وسرقوا غزل مريم وعمامة يحيى بن
زكريا وسمكة عائشة من التنور واستدلتهم مريم ابنة عمران على الطريق فدلوها
على غير الطريق ".
هذا حديث لا يخفى على الصبيان الجهلة أنه موضوع فلا بارك الله في من
(15 الموضوعات 1)
225

وضعه فما أقبح ما فعل، وكيف اجترأ على الكذب على رسول الله صلى الله
عليه وسلم وعلى علي رضي الله عنه ورواته مجهولون وكونه على ظهر كتاب لا على
واو يكفى في أنه ليس بشئ.
باب خروج الحاكة مع الدجال
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا عبد الله بن يعقوب
البخاري قال حدثنا موسى بن أبي حاتم قال حدثنا محمد بن أبي تميم الفريابي
قال حدثنا عبد الرحيم بن حبيب قال حدثنا إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله قال
حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " يخرج الدجال ومعه سبعون ألف حائك ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه آفات. أما
إسماعيل بن يحيى فقال ابن عدى: يحدث عن الثقاة بالبواطيل. وقال ابن حبان:
يروى الموضوعات عن الثقاة وما لا أصل له لا تحل الرواية عنه بحال. قال:
وعبد الرحيم بن حبيب يضع الحديث على الثقاة ولعله قد وضع أكثر من خمسمائة
حديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومحمد بن تميم كان يضع
الحديث أيضا.
باب تحسين كتابة بسم الله الرحمن الرحيم
فيه عن أبي هريرة وأنس. فأما حديث أبي هريرة فأنبأنا زاهر بن طاهر
قال أنبأنا أبو بكر البيهقي قال أنبأنا أبو عبد الله الحاكم قال حدثنا أبو زكريا
يحيى بن محمد العنبري قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن سفيان قال حدثنا عباس
226

ابن الضحاك البلخي عن عبد الله بن عمر بن الرماح قال حدثنا أبو معاوية عن
الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من كتب بسم الله الرحمن الرحيم ولم يعور الهاء التي في الله كتب الله له ألف
ألف حسنة ومحى عنه ألف ألف سيئة ".
وأما حديث أنس: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر بن ثابت
الخطيب قال أنبأنا محمد بن عمر بن بكير المقرى قال أنبأنا أبو الحسن محمد بن منصور
ابن حاتم النوشي قال حدثنا أحمد بن محمد بن أبي شحمة الختلي قال حدثنا أبو سالم
الرواس عن أبي حفص العبدي عن أبان عن أنس بن مالك قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من كتب بسم الله الرحمن الرحيم فحسنها غفر له ".
طريق آخر: أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا
عبد الباقي بن أحمد الواعظ قال حدثنا محمد بن جعفر بن علان قال حدثنا أبو الفتح
الأزدي قال حدثنا عبد الرحمن بن الحسن بن أيوب قال حدثنا أبو سالم العلاء
ابن مسلم قال حدثنا أبو حفص العبدي عن أبان عن أنس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من كتب بسم الله الرحمن الرحيم فجوده [فجودها]
تعظيما لله غفر له وخفف عن والديه وإن كانا كافرين ".
هذان حديثان لا يصحان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما الأول
فقال أبو حاتم بن حبان: عباس بن الضحاك دجال يضع الحديث. قال: وهذا
شئ موضوع لا شك فيه. وأما الثاني فأبان ضعيف جدا، وأبو حفص فأشد
منه ضعفا قال أحمد بن حنبل: حرقنا حديثه. وقال يحيى: ليس بشئ. وقال
النسائي: متروك الحديث. وأبو سالم اسمه العلاء بن مسلمة. قال ابن حبان:
لا يحل الاحتجاج به. وقال أبو الفتح الأزدي: كان رجل سوء لا يحل لمن
عرفه أن يروى عنه. وقال محمد بن طاهر: هو كذاب.
227

باب الصلاة على النبي صلى الله وسلم في الكتاب
فيه عن أبي بكر وأبي هريرة. فأما حديث أبي بكر فأنبأنا إسماعيل بن أحمد
قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد
ابن عدى قال حدثنا محمد بن الحسن المحاربي قال حدثنا عباد بن يعقوب قال
حدثنا أبو داود النخعي عن أيوب بن موسى عن القاسم بن محمد عن أبي بكر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كتب عنى علما فكتب معه صلاة
على لم يزل في أجر ما قرئ ذلك الكتاب ".
وأما حديث أبي هريرة أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا الحسين بن أحمد الفقيه
قال حدثنا علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن إسحاق الطيني قال حدثنا علي بن
الحسين قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا إسحاق بن وهب العلاف قال حدثنا
بشر بن عبيد قال حدثنا خازم بن حكيم عن يزيد بن عياض عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صلى على في كتاب لم تزل
الملائكة تستغفر له ما دام اسمى في الكتاب ".
هذان حديثان موضوعان على رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما الأول
فقال ابن عدى: وضعه أبو داود النخعي وكان وضاعا بإجماع العلماء. وأما الثاني
ففيه يزيد بن عياض. قال يحيى: ليس بشئ. سئل مالك عن ابن سمعان فقال
كذاب، فقيل فيزيد بن عياض قال أكذب وأكذب. وقال النسائي:
متروك الحديث وفيه إسحاق بن وهب قال الدارقطني: كذاب متروك يحدث
بالأباطيل. وقال ابن حبان يضع الحديث.
باب أخذ الأجرة على التعليم
روى نهشل عن الضحاك عن ابن عباس قال مر رسول الله صلى الله عليه
228

وسلم بمركاس المعلم فقال إياك وحطب الصبيان وخبز الرقاق، وإياك والشرط على
كتاب الله ".
هذا حديث لا يصح، وقد ذكرنا آنفا عن إسحاق بن راهويه أن نهشلا
كان كذابا، وعن النسائي أنه متروك الحديث.
حديث آخر: روى حسين بن محمد التفليسي قال حدثنا الحضرمي قال حدثنا
محمد بن حسان عن عبد الأعلى عن زياد عن الحسن عن أنس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " ألا أحدثكم عن أجر ثلاثة، فقيل من هم يا رسول الله؟
قال: أجر المعلمين والمؤذنين والأئمة حرام ".
هذا حديث موضوع. والحضرمي ومحمد وحسان مجاهيل لا يعرفون. وزياد
يقال له ابن أبي زياد. قال يحيى: ليس بشئ. وقال النسائي: متروك.
حديث آخر: روى صالح بن بيان الثقفي عن الفرات بن السائب عن ميمون
ابن مهران عن ابن عمر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التعليم
والأذان بالأجرة، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ". هذا
لا يصح أيضا. قال الدارقطني: صالح بن بيان والفرات بن السائب متروكان.
حديث على ضد هذه الأحاديث
قال ابن عدى: روى عمر بن المحرم البصري عن ثابت الحفار عن ابن أبي
مليكة عن عائشة قالت " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب
المعلمين، فقال: إن أحق ما أخذ عليه الاجر كتاب الله ".
قال ابن عدى: لعمرو أحاديث مناكير وثابت لا يعرف والحديث منكر.
229

باب نشر العلم
أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن
حبان قال أنبأنا مكحول قال حدثنا محمد بن هاشم قال حدثنا سويد بن عبد العزيز
قال حدثنا نوح بن ذكوان عن أخيه أيوب بن ذكوان عن الحسن عن أنس
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ألا أخبركم بأجود الأجودين؟ قالوا بلى
يا رسول الله. قال فإن الله أجود الأجودين، وأنا أجود ولد آدم، وأجودهم من
بعدي رجل علم علما فنشر علمه، فيبعث يوم القيامة أمة وحده كما يبعث النبي
أمة وحده ".
قال أبو حاتم: هذا حديث منكر باطل لا أصل له. ونوح بن ذكوان
يجب التنكب عن حديثه للمناكير ومخالفته الاثبات. قال يحيى بن معين:
وأيوب منكر الحديث.
باب الاخلاص في نشر العلم
أنبأنا أبو القاسم الجريري قال أنبأنا أبو طالب العشاري قال حدثنا أبو بكر
محمد بن أحمد بن أبي الثلج قال حدثنا محمد بن سعيد الحبال قال حدثنا إسماعيل
ابن يحيى قال حدثنا مسعر عن عطية العوفي عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " إذا كان يوم القيامة وضعت منابر من نور عليها قباب من
فضة مفصصة بالدر والياقوت والزمرد مكللة بالديباج والسندس والاستبرق،
ثم ينادى منادى الرحمن عز وجل أن من حمل إلى أمتي علما يحمله إليهم يرد به
الله عز وجل أجلسوا عليها، ثم يدخلون الجنة ".
قال الدارقطني: تفرد به إسماعيل عن مسعر وهو كذاب متروك.
230

باب صفة من ينتفع بالعلم ومن لا ينتفع به
أنبأنا ابن ناصر قال أنبأنا محمد بن إبراهيم قال أنبأنا محمد بن الفضل قال
حدثنا أبو بكر بن مردويه قال حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن النيسابوري
قال حدثنا علي بن الحسن الذهلي قال حدثنا عيسى بن موسى عن عمر عن صبح
عن كثير بن زياد عن الحسن عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" من طلب العلم لله لم يصب منه بابا إلا ازداد به في نفسه ذلا وفى الناس تواضعا
ولله خوفا وفى الدنيا اجتهادا، فذلك الذي ينتفع بالعلم فيتعلمه، ومن طلب العلم
للدنيا والمنزلة عند الناس والحظوة عند السلطان لم يصب منه بابا إلا ازداد به
في نفسه عظمة وبالله اغترارا وفى الدين جفاء، فذلك الذي لا ينتفع بالعلم فليكف
عن الحجة على نفسه والندامة والخزي يوم القيامة ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به عمر بن
صبح. قال ابن حبان: يضع الحديث على الثقاة. وقال أبو الفتح الأزدي:
كذاب كامر (1). وقال الدارقطني: متروك.
باب بذل العلم لطالبيه
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي قال أخبرني
أبو القاسم الأزهري قال حدثنا علي بن عمر الحربي قال حدثنا أبو يعقوب إسحاق
ابن دنمهر قال حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال حدثنا عبد القدوس بن حبيب
عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا إخواني
تناصحوا في العلم ولا يكتم بعضكم بعضا فإن خيانة الرجل في علمه أشد من خيانته
في ماله ".

(1) هي كذلك بالأصل وقد تعذر توجيهها، ولعلها مصحفة من " أشر ".
231

قال الدارقطني: تفرد به عبد القدوس. قال ابن المبارك: لان أقطع الطريق
أحب إلى من [أن] أروى عن عبد القدوس. وقال ابن حبان: كان يضع
الحديث على الثقاة.
باب لا يعلم إلا من يستحق
أنبأنا عبد الأول بن عيسى قال أنبأنا عبد الله بن محمد الأنصاري قال أنبأنا
أحمد بن علي بن سعدويه قال أنبأنا أبو عمرو بن حمدان قال أنبأنا حامد بن
شعيب ح. وأنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز قال أنبأنا عمر بن الحسين الخفاف
قال حدثنا عمر بن محمد بن الزيات قال حدثنا عبد الله يعنى ابن ناجية قالا حدثنا
الربيع بن تغلب ح. وأنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال
أنبأنا العتيقي قال حدثنا عثمان بن أحمد العجلي ح. وأنبأنا يحيى بن علي قال أنبأنا
جابر بن ياسين وعبد العزيز بن علي قالا أنبأنا المخلص قالا حدثنا البغوي قال
حدثنا محمد بن بكار قالا حدثنا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار عن محمد بن جحادة
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تطرحوا الدر
في أفواه الكلاب ".
قال ابن بكار أظنه يعنى العلم. وقال الأنصاري يعنى الفقه.
أنبأنا القزاز أنبأنا أبو بكر الخطيب قال حدثنا بشرى بن عبد الله الرومي
قال حدثنا أبو القاسم طلحة بن عمر بن علي الحذاء قال حدثنا البغوي قال حدثنا
محمد بن بكار قال حدثنا يحيى بن عقبة عن محمد بن جحادة عن أنس قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تعلقوا الدر في أعناق الخنازير ". قال
الدارقطني: تفرد به يحيى بن عقبة.
قال المصنف: قلت وهو المتهم به. قال يحيى بن معين: ليس بشئ. وقال
232

النسائي: ليس بثقة. وقال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال ابن
حبان: يروى الموضوعات عن الاثبات لا يجوز الاحتجاج به بحال.
باب إيثار الشبان على الأشياخ بالعلم
أنبأنا أبو المعمر الأنصاري قال أنبأنا أبو الحسن بن مرزوق قال أنبأنا
أبو بكر الخطيب قال أنبأنا الحسن بن أحمد بن بشار قال حدثنا محمد بن أحمد بن
محمويه قال حدثنا عمران بن موسى قال حدثنا أبو طاهر قال حدثنا الوليد الموقري
قال حدثنا الزهري قال حدثنا قبيصة قال: قال زيد بن ثابت قال لنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم " استودعوا العلم الاحداث إذ رضيتموهم ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى: الوليد
كذاب. وقال أحمد: ليس بشئ.
باب الاستزادة من العلم
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي قال أخبرني أبو الفرج
الطناجيري قال حدثنا علي بن عمر الختلي قال حدثنا أبو القاسم عيسى بن سليمان
قال حدثنا داود بن رشد قال حدثنا إبراهيم بن شماس قال حدثنا بقية بن الوليد عن
الحكم بن عبد الله قال حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب عن عائشة قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أتى على يوم لا أزداد فيه علما فلا بورك
لي في طلوع الشمس ذلك اليوم ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا ابن ناصر عن أبي الفضل بن خيرون قال: قال لنا أبو عبد الله
الصوري: هذا حديث منكر لا أصل له عن الزهري ولا يصح عن رسول الله
233

صلى الله عليه وسلم لا أعلم حدث به غير الحكم تركه ابن المبارك ونهى أحمد عن
حديثه. وقال يحيى بن معين: ليس بثقة ولا مأمون.
قال المصنف: قلت وفى رواية قال يحيى بن معين: الحكم ليس بشئ.
وقال أبو حاتم بن حبان: هو كذاب. وقال النسائي والدارقطني: متروك
الحديث. وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الاثبات
باب شين الطمع لأهل العلم
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال حدثنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا
أبو عروبة قال حدثنا أحمد بن بكار بن أبي ميمونة قال حدثنا محمد بن مسلمة عن
خارجة بن مصعب عن أبي معمر عن أسامة بن زيد قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " إن الصفا الزلال لأهل العلم الطمع ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومحمد بن مسلمة قد
ضعفه الألكائي وأبو محمد الخلال جدا، وخارجة بن مصعب أشد ضعفا منه.
وقال يحيى: خارجة ليس بثقة. وقال مرة: ليس بشئ. وقال أبو الفتح الأزدي
متروك. وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج بخبره.
باب أن العلم لا يشبع منه
فيه عن أبي هريرة وعائشة.
فأما حديث أبي هريره فله طريقان: الطريق الأول أنبأنا محمد بن عبد الباقي
ابن أحمد قال أنبأنا حمد بن أحمد الحداد قال أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله
الحافظ قال حدثنا محمد بن محمد بن مكي قال حدثنا محمد بن عمرو بن هشام قال
234

حدثنا أحمد بن يوسف قال حدثنا عمر بن عبد الله بن رزين عن محمد يعنى ابن
الفضل عن التيمي عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال " أربع لا يشبعن من أربع: أرض من مطر، وأنثى من ذكر، وعالم من
علم، وعين من نظر ".
الطريق الثاني: أنبأنا عبد الله بن المقرى أنبأنا محمد بن إسحاق الباقرحي
قال أنبأنا أبو الحسين بن متيم قال حدثنا حمزة بن القاسم ح وأنبأنا عبد الوهاب
الحافظ قال أنبأنا محمد بن المظفر قال أنبأنا أحمد بن محمد العتيقي قال أنبأنا ابن
الدخيل قال حدثنا أبو جعفر العقيلي قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة
قال حدثنا محمد بن الحسن بن زبالة قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عجلان عن
أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أربع لا يشبعن من
أربع: أرض من مطر، ولا أنثى من ذكر، ولا العين من النظر، ولا العالم
من العلم ".
وأما حديث عائشة فأنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة
ابن يوسف قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا عمر بن سنان قال حدثنا عباس بن
الوليد الخلال قال حدثنا عبد السلام بن عبد القدوس عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " أربع لا يشبعن من أربع:
أرض من مطر، وعين من نظر، وأنثى من ذكر، وطالب علم من علم ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الطريق الأول فانفرد به محمد بن الفضل بن عطية. قال أحمد بن حنبل:
ليس بشئ حديثه حديث أهل الكذب. وقال يحيى: ليس بشئ كان كذابا
وكذلك قال السعدي والفلاس. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن
235

حبان: يروى الموضوعات عن الاثبات لا يحل كتب حديثه إلا على
سبيل الاعتبار.
وأما الطريق الثاني: ففيه ابن زبالة قال يحيى: ليس بثقة، وقال مرة كان
كذابا. وقال النسائي: متروك الحديث.
وأما حديث عائشة ففيه عباس بن الوليد قال ابن حبان يروى العجائب
لا يجوز الاحتجاج به بحال ولا كتب حديثه إلا للاعتبار. قال وعبد السلام
يروى الموضوعات لا يجوز الاحتجاج به. قال: والحديث موضوع. وقال ابن
عدى: لا يروى عن هشام هذا إلا عبد السلام. وقال العقيلي لا يروى هذا
الكلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة تثبت.
باب الرحمة للعالم إذا تلاعب به الصبيان
فيه عن ابن عباس وأنس.
فأما حديث ابن عباس فأنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز قال أنبأنا أبو محمد
الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان قال حدثنا عمر بن سنان قال
حدثنا أحمد بن الفضل الصائغ قال حدثنا نوح بن الهيثم قال حدثنا وهب بن
وهب عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " ارحموا ثلاثة: عزيز قوم ذل، وغنى قوم افتقر، وعالما تتلاعب
به الصبيان ".
وأما حديث أنس فله طريقان: الطريق الأول: أنبأنا عبد الحق بن عبد الخالق
قال أنبأنا محمد بن مرزوق الزعفراني قال حدثنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا
عبد الغفار بن محمد المؤدب قال حدثنا عمار بن عبد المجيد قال حدثنا محمد بن
مقاتل الرازي عن أبي العباس جعفر بن هارون عن سمعان بن المهدى عن أنس
236

ابن مالك قال قال رسو الله صلى الله عليه وسلم " ارحموا ثلاثة: غنى قوم افتقر
وعزيز قوم قد ذل، وفقيها تتلاعب به الجهال ".
الطريق الثاني: أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا الحسن بن علي عن
الدارقطني عن أبي حاتم قال حدثنا ابن قتيبة قال حدثنا يوسف بن هاشم
قال حدثنا يزيد بن أبي الزرقاء قال حدثني عيسى بن طهمان عن أنس بن
مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ارحموا من الناس ثلاثة:
عزيز قوم ذل، وغنى قوم افتقر، وعالما بين الجهال ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حديث ابن عباس ففيه وهب بن وهب وكان أكذب الناس.
أما حديث أنس ففي الطريق الأول سمعان وهو مجهول لا يعرف. وفى
الثاني عيسى بن طهمان. قال ابن حبان: يتفرد بالمناكير عن المشاهير لا يجوز
الاحتجاج به.
قال المصنف: قلت وإنما يعرف هذا من كلام الفضيل بن عياض أنبأنا به ابن
ناصر قال أنبأنا أحمد بن علي بن خلف قال أنبأنا الحاكم أبو عبد الله النيسابوري
قال: سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل، يقول: سمعت جدي يقول سمعت
سعيد بن منصور يقول: قال الفضيل بن عياض " ارحموا عزيز قوم ذل، وغنيا
افتقر، وعالما بين الجال ".
باب أزهد الناس في العالم جيرانه
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف
قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا موسى بن عيسى الحوازى قال حدثنا
عباد بن محمد بن صهيب قال حدثنا يزيد بن النضر المجاشعي عن المنذر بن زياد
237

قال حدثنا محمد بن المنذر عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من
أزهد الناس في العالم؟ قيل يا رسول الله أهل بيته. قال لا. جيرانه ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يروى
عن بعض العلماء والمتهم به المنذر.
قال الفلاس: كان كذابا. وقال الدارقطني: متروك.
238

أبواب تتعلق بالقرآن
باب في فضائل السور
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا محمد بن المظفر بن بكران قال أنبأنا
أحمد بن محمد العتيقي قال أنبأنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا أبو جعفر محمد
ابن عمرو العقيلي قال حدثني علي بن الحسن بن عامر قال حدثنا محمد بن بكار
قال حدثنا بديع بن حبان أبو الخليل قال حدثنا علي بن زيد بن جدعان وعطاء
ابن أبي ميمونة كلاهما عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب قال: قال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أبى من قرأ فاتحة الكتاب أعطى من الاجر
فذكر سورة سورة وثواب تاليها إلى آخر القرآن ".
أنبأنا المبارك بن خيرون بن عبد الملك قال أحمد بن الحسن بن خيرون
قال أنبأنا أبو طاهر محمد بن علي بن العلاف قال أنبأنا عثمان بن محمد الآدمي قال
أنبأنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني إذنا قال حدثنا محمد بن عاصم قال حدثنا
شبابة بن سوار قال حدثنا محمد بن عبد الواحد عن علي بن زيد بن جدعان وعطاء
ابن أبي ميمونة عن زر بن حبيس [حبيش] عن أبي بن كعب قال: " إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض على القرآن في السنة التي يأت [مات]
فيها مرتين وقال إن جبريل عليه السلام أمرني أن أقرأ عليك القرآن وهو يقرئك
السلام. فقال أبى فقلت لما قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما [أ]
كانت لي خاصة فحصني بثواب القرآن مما علمك الله وأطلعك عليه؟ قال نعم يا أبى
أيما مسلم قرأ فاتحة الكتاب أعطى من الاجر كأنما قرأ ثلثي القرآن وأعطى من
الاجر كأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة، ومن قرأ آل عمران أعطى بكل
آية منها أمانا على جسر جهنم، ومن قرأ سورة النساء أعطى من الاجر كأنما
تصدق على كل من ورثه ميراثا، ومن قرأ المائدة أعطى عشر حسنات ومحى
239

عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات بعدد كل يهودي ونصراني تنفس في
الدنيا، ومن قرأ سورة الأنعام صلى عليه سبعون ألف ملك، ومن قرأ الأعراف
جعل الله بينه وبين إبليس (1)، ومن قرأ الأنفال أكون له شفيعا وشاهدا وبرئ
من النفاق، ومن قرأ يونس أعطى من الاجر عشر حسنات بعدد من كذب
بيونس وصدق به وبعدد من غرق مع فرعون، ومن قرأ سورة هود أعطى من
الاجر عشر حسنات بعدد من صدق نوح وكذب به، وذكر في كل سورة
ثواب تاليها إلى آخر القرآن ".
وقد فرق هذا الحديث أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره فذكر عند كل سورة
منه ما يخصها وتبعه أبو الحسن الواحدي في ذلك ولا أعجب منهما لأنهما ليسا من
أصحاب الحديث، وإنما عجبت من أبى بكر بن أبي داود كيف فرقه على كتابه
الذي صنفه في فضائل القرآن وهو يعلم أنه حديث محال، ولكن شره جمهور
المحدثين فإن من عادتهم تنفيق حديثهم ولو بالبواطيل، وهذا قبيح منهم لأنه قد
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من حدث عنى حديثا يرى
أنه كذب فهو أحد الكاذبين ".
وهذا حديث فضائل السور مصنوع بلا شك، وفى إسناد الطريق الأول
بديع. قال الدارقطني: وهو متروك، وفى الطريق الثاني مخلد (2) بن عبد الواحد
قال ابن حبان: منكر الحديث جدا ينفرد بمناكير لا تشبه أحاديث الثقاة،
وقد اتفق بديع ومخلد على رواية هذا الحديث عن علي بن زيد، وقد قال أحمد
ويحيى: علي بن زيد ليس بشئ. وبعد هذا فنفس الحديث يدل على أنه مصنوع
فإنه قد استفز [استنفد] السور وذكر في كل واحدة ما يناسبها من الثواب
بكلام ركيك في نهاية البرودة لا يناسب كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد

(1) هي كذلك بالأصل ويقضى السياق بقوله بعد إبليس حجابا.
(2) ليس في سند الحديث المذكور مخلد بن عبد الواحد وإنما فيه محمد والصحيح مخلد.
240

روى في فضائل السور أيضا ميسرة بن عبد ربه. قال عبد الرحمن بن مهدي:
قلت لميسرة من أين جئت بهذه الأحاديث من قرأ كذا فله كذا، قال وضعته
أرغب الناس فيه.
أنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال أنبأنا ابن المظفر الشامي قال أنبأنا أبو الحسن
العتيقي قال أنبأنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا العتيقي قال حدثنا يحيى بن أحمد
المخزومي قال حدثنا أحمد بن محمد بن متنويه قال سمعت علي بن الحسين يقول
سمعت ابن المبارك يقول في حديث أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم
" من قرأ سورة كذا فله كذا " قال ابن المبارك أظن الزنادقة وضعته.
أنبأنا إبراهيم بن دينار الفقيه والمبارك بن علي الصيرفي قالا أنبأنا علي بن محمد
ابن العلاف قال أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر الحماهي قال أنبأنا الحسن بن
محمد قال أنبأنا الحسن بن علي بن يحيى بن سلام الدامغاني قال سمعت محمد بن النضر
النيسابوري يقول سمعت محمود بن غيلان يقول سمعت مؤملا يقول حدثني شيخ
بفضائل سور القرآن الذي يروى عن أبي بن كعب، فقلت للشيخ من حدثك؟
فقال حدثني رجل بالمداين وهو حي فصرت إليه فقلت من حدثك؟ فقال حدثني
شيخ بواسط وهو حي فصرت إليه، فقال حدثني شيخ بالبصرة فصرت إليه
فقال حدثني شيخ بعبادان فصرت إليه، فأخذ بيدي فأدخلني بيتا فإذا فيه قوم
من المتصوفة ومعهم شيخ، فقال: هذا الشيخ حدثني، فقلت يا شيخ من حدثك؟
فقال لم يحدثني أحد ولكنا رأينا الناس قد رغبوا من القرآن فوضعنا لهم هذا
الحديث ليصرفوا وجوههم إلى القرآن.
أنبأنا أبو منصور بن خيرون قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال أنبأنا القاضي
أبو العلاء الواسطي قال حدثنا أبو بكر المفيد قال حدثنا الهيثم بن خلف الدوري
(16 الموضوعات 1)
241

قال حدثنا محمود بن غيلان قال سمعت المؤمل ذكر عنده الحديث الذي يروى
عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن، فقال حدثني رجل ثقة
سماه، قال حدثني رجل ثقة سماه (1) قال أتيت المدائن فلقيت الرجل الذي يروى
هذا الحديث، فقلت له حدثني فإني أريد أن آتى البصرة، فقال هذا الرجل الذي
سمعته منه بواسط، فأتيت واسط فلقيت الشيخ، فقلت إني كنت بالمدائن فدلني
عليك الشيخ، إني أريد أن آتى البصرة، فقال إن هذا الشيخ الذي سمعته منه
هو بالكلا، فأتيت البصرة فلقيت الشيخ بالكلا، فقلت له حدثني فإني أريد
عبادان، فقال إن الشيخ الذي سمعناه منه بعبادان، فأتيت عبادان فلقيت الشيخ
فقلت اتق الله ما حال هذا الحديث الذي أتيت المدائن وقصصت عليه ثم واسطا
ثم البصرة فدللت عليك فأخبرني بقصة هذا الحديث، فقال: إنا اجتمعنا فرأينا
الناس قد رغبوا عن القرآن وزهدوا فيه وأخذوا في هذه الأحاديث، فقعدنا
فوضعنا لهم هذه الفضائل حتى يرغبوا فيه.
باب في ذكر سورة البقرة
أنبأنا ابن خيرون عن الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم قال روى
يعقوب بن الوليد المدني عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " لو تمت البقرة ثلاثمائة آية لتكلمت البقرة مع الناس ".
هذا حديث موضوع لا عفا الله عمن وضعه لأنه قصد عيب الاسلام بهذا.
قال أحمد بن حنبل: كان يعقوب من الكذابين على الثقاة لا يحل كتب حديثه
إلا على التعجب.
.

(1) التكرار بالأصل، ولعله من أصل السياق
242

باب في قراءة آية الكرسي بعد الصلاة
فيه عن علي وجابر وأبى أمامة:
فأما حديث علي رضي الله عنه فأنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو بكر البيهقي
قال أنبأنا أبو عبد الله الحاكم قال حدثنا محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا محمد بن
إسحاق بن الصباح قال حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن عمرو القرشي عن نهشل بن
سعيد عن أبي إسحاق الهمداني عن عبد العزى قال سمعت علي بن أبي طالب
يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من قرأ آية الكرسي في دبر
كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ".
هذا حديث لا يصح. عبد العزى لا يعرف، ونهشل قد كذبه أبو داود
الطيالسي وابن راهويه. وقال الرازي والنسائي. هو متروك. وقال ابن حبان:
لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب.
وأما حديث جابر فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد عدى قال حدثنا الحسين بن موسى
ابن خلف المرسغي قال حدثنا إسحاق بن زريق قال حدثنا إسماعيل بن يحيى بن
عبيد الله التيمي قال حدثنا ابن جريج عن أبي الزبير قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة خرقت سبع سموات فلم يلتئم
خرقها حتى ينظر الله عز وجل إلى قائلها فيغفر له، ثم يبعث الله عز وجل ملكا
فيكتب حسناته ويمحو سيئاته إلى الغد من تلك الساعة ".
قال ابن عدى: هذا حديث باطل لا يرويه عن ابن جريج إلا إسماعيل،
وكان يحدث عن الثقاة الأباطيل. وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الثقاة
243

وما لا أصل له عن الاثبات لا تحل الرواية عنه بحال. وقال الدارقطني: كذاب
متروك. وقال أبو الفتح الأزدي ركن من أركان الكذب.
الطريق الثاني: أنبأنا عبد الله بن علي المقرى قال أنبأنا عبد الواحد بن حلوان
قال أنبأنا أبو نصر أحمد بن محمد النرسي قال أنبأنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا
إسماعيل بن إبراهيم القطواني قال حدثنا عبد الحميد بن صالح قال حدثنا الحسن بن
محمد عن أبي يزيد عن مولى الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة أعطى قلوب الشاكرين وثواب
النبيين وأعمال الصادقين، وبسط الله عليه يمينه ورحمه ولم يمنعه من دخول الجنة
إلا قبض ملك الموت روحه ". وهذا طريق فيه مجاهيل وأحدهم قد سرقه من
الطريق الأول.
وأما حديث أبي أمامة فأنبأنا محمد بن عمر الأرموي قال أنبأنا ابن المأمون
قال أنبأنا الدارقطني قال حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال حدثنا هارون
ابن زياد النجار وعلي بن صدقة الأنصاري قالا حدثنا محمد بن حمير عن محمد بن
زياد الألهاني عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ آية
الكرسي دبر كل صلاة مكتوبه لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت ".
قال الدارقطني: غريب من حديث الألهاني عن أبي أمامة تفرد به محمد بن
حمير عنه. قال يعقوب بن سفيان: ليس بالقوى.
باب في قراءة الفاتحة وآية الكرسي عقيب الصلاة
أنبأنا أبو محمد عبد الله بن علي المقرى قال أنبأنا أبو منصور محمد بن أحمد
الخياط قال أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاوي قال أنبأنا عبد الملك بن
بشران قال حدثنا دعلج قال حدثنا محمد بن خضر بن خالد قال محمد بن
244

زنبور المكي قال حدثنا الحارث بن عمير ح. وأنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا
أحمد بن الحسين بن قريش قال أنبأنا محمد بن علي بن الفتح قال حدثنا عمر بن
أحمد قال حدثنا إبراهيم بن أحمد الدورقي قال أنبأنا أحمد بن الحسن المعدل
قال حدثنا محمد بن جعفر المكي قال حدثنا الحارث بن عمير عن جعفر بن محمد
عن أبيه عن جده عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن فاتحة
الكتاب وآية الكرسي وآيتين من آل عمران شهد الله إلى آخر الآية، و [قل
اللهم مالك الملك إلى قوله ويرزق من يشاء بغير حساب] معلقات بالعرش
يقلن يا رب تهبطنا إلى أرضك إلى من يعصيك؟ قال الله عز وجل: إني حلفت
لا يقرأ كن أحد من عبادي دبر كل صلاة إلا جعلت الجنة مثواه وإلا أسكنته
حظيرة القدس وإلا نظرت إليه بعيني المكنون في كل يوم تسعين نظرة، وإلا
قضيت له كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة، وإلا نصرته من كل عدو وإلا
نصرته من كل عدو (1) وأعذته منه ".
هذا حديث موضوع تفرد به الحارث بن عمير. قال أبو حاتم بن حبان:
كان الحارث ممن يروى عن الاثبات الموضوعات. روى هذا الحديث ولا أصل له
وقال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: الحارث كذاب ولا أصل
لهذا الحديث.
قال المصنف: قلت كنت قد سمعت هذا الحديث في زمن الصبا فاستعملته
نحوا من ثلاثين سنة لحسن ظني بالرواة فلما علمت أنه موضوع تركته فقال لي
قائل: أليس هو استعمال خير؟ قلت استعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا،
فإذا علمنا أنه كذب خرج عن المشروعية.

(1) التكرار بالأصل كذلك وهو من سبق الأقلام.
245

باب في فضل يس
فيه عن علي وأنس وأبى بكر الصديق وأبي هريرة.
فأما حديث علي عليه السلام فأنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي
الحافظ قال أنبأنا أبو بكر البرقاني قال أنبأنا أبو منصور البوشنجي قال حدثنا
أحمد بن جعفر بن نصر الحمال قال حدثنا العباس بن إسماعيل الرقي قال حدثنا
إسماعيل بن يحيى البغدادي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سمع سورة يس عدلت عشرين
دينارا في سبيل الله، ومن قرأها عدلت له عشرين حجة، ومن كتبها وشربها
أدخلت جوفه ألف يقين وألف نور وألف بركة وألف رحمة وألف رزق،
ونزعت منه كل غل وداء ".
وقد روى أحمد بن هارون عن عمرو بن أيوب عن محمد بن إسماعيل بن
عياش عن أبيه عن الثوري نحوه.
وأما حديث أنس فأنبأنا أبو منصور الفزاز قال أنبأنا أحمد بن علي قال أنبأنا
أبو منصور عبد الله بن عيسى بن إبراهيم المحتسب قال حدثنا أبو الطيب أحمد
ابن محمد بن العباس بن هاشم النهاوندي قال حدثنا محمد بن عبد بن عامر
السمرقندي قال حدثنا عصام بن يوسف قال حدثنا شعبة عن حميد الطويل عن
أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سورة يس تدعى في
التوراة المعمة، قيل يا رسول الله وما المعمة؟ قال: نعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة
وتكابد عنه بلوى الدنيا وتدفع عن صاحبها كل سوء وتقضى له كل حاجة،
ومن قرأها عدلت له عشرين حجة، ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله
ومن كتبها وشربها أدخلت جوفه ألف نور وألف يقين وألف بركة وألف رحمة
ونزعت منه كل غل وداء ".
246

وأما حديث أبي بكر فأنبأنا القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي قال
أنبأنا عبد الله بن محمد بن أحمد بن الفلو الكاتب قال أنبأنا أحمد بن عبد الرحمن
الدقاق قال حدثنا أبو جعفر محمد بن نصر به منصور الصائغ قال حدثنا ابن أبي
أويس قال حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن سليمان بن
مرقاع عن هلال عن الصلت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم فذكر نحو الحديث الذي قبله.
وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا المبارك بن خيرون قال أنبأنا أحمد بن الحسن
ابن خيرون قال أنبأنا أبو طالب بن العلاف قال أما عثمان بن محمد قال حدثنا
ابن أبي داود قال حدثنا محمد بن زكريا قال حدثنا عثمان بن الهيثم قال حدثنا هشام
عن الحسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ يس
في ليلة أصبح مغفورا له، ومن قرأ الدخان ليلة الجمعة أصبح مغفورا له ".
هذا الحديث من جميع طرقه باطل له أصل له.
أما حديث على فإن المتهم به إسماعيل بن يحيى. قال ابن عدى يحدث عن
الثقاة بالبواطيل. وقال الدارقطني: كذاب متروك، وأما أحمد بن هارون فاتهمه
ابن عدى بوضع الحديث.
وأما حديث أنس فقال الدارقطني: محمد بن عبد يكذب ويضع.
وأما حديث أبي بكر فقال النسائي: محمد بن عبد الرحمن الجدعاني
متروك الحديث.
وأما حديث أبي هريرة فقال الدارقطني: محمد بن زكريا يضع الحديث.
قال: هذا الحديث قد روى مرفوعا وموقوفا وليس فيها شئ يثبت.
247

باب فضل سورة الدخان
قد ذكرناها في الحديث المتقدم، وقد أنبأنا الجريري قال أنبأنا العشاري
قال حدثنا الدارقطني قال حدثنا ابن صاعد قال حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا
زيد بن الحباب قال حدثنا عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قرأ سورة الدخان
في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك " تفرد به عمر قال أحمد بن حنبل:
عمر بن راشد لا يساوى شيئا. قال ابن حبان: يضع الحديث لا يحل ذكره في
الكتب إلا بالقدح فيه.
باب في نزول اقرأ بسم ربك
أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال حدثني على
ابن محمد الدينوري قال حدثنا حمزة بن يوسف قال حدثنا إسماعيل بن أحمد بن
محمد الآجري قال حدثنا إبراهيم بن محمد الخواص قال حدثنا الحسن بن محمد بن
الصباح قال حدثني محمد بن إدريس الشافعي قال حدثني مالك بن أنس عن ربيعة
ابن أبي عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر قال: " لما انزل الله تعالى: (اقرأ
باسم ربك الذي خلق) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذا كتبها يا معاذ؟
فلما بلغ (كلا لا تطعه واسجد واقترب) سجد اللوح وسجد القلم وسجدت
النون. قال معاذ سمعت اللوح والقلم والنون وهم يقولون: اللهم ارفع به ذكرا
اللهم احطط به وزرا، اللهم اغفر به ذنبا. قال معاذ: وسجدت وأخبرت رسول
الله صلى الله عليه وسلم فسجد، وأخذ معاذ اللوح والقلم والنون وهي الدواة
فكتبها معاذ ".
هذا حديث موضوع لا شك وأنا أتهم به إسماعيل الآجري وما أبرد هذا
248

الوضع، وما أبعد واضعه عن العلم، فإن هذه السورة نزلت بمكة. ومعاذ إنما
أسلم بالمدينة.
باب فضل سورة التين
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أخبرني أبو القاسم
الأزهري قال حدثنا محمد بن عبد الله بن الشخير قال حدثنا أبو العباس محمد
ابن بيان بن مسلم الثقفي قال حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي
عن مالك بن أنس عن الزهري عن أنس قال: " لما نزلت سورة التين
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرح لها فرحا شديدا حتى بان لنا شدة فرحه
فسألنا ابن عباس بعد ذلك عن تفسيرها فقال أما قوله تعالى والتين) فبلاد الشام
(والزيتون) فبلاد فلسطين (وطور سينين) طور سينا الذي كلم الله عز وجل
عليه موسى (وهذا البلد الأمين) فبلد مكة (لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم)
محمد صلى الله عليه وسلم (ثم رددناه أسفل سافلين) عباد اللات والعزى (إلا
الذين آمنوا وعملوا الصالحات) أبو بكر وعمر (فلهم أجر غير ممنون) عثمان بن
عفان (فما يكذبك بعد بالدين) علي بن أبي طالب (أليس الله بأحكم الحاكمين)
أن بعثك فيهم نبيا وجمعك على التقوى يا محمد ".
هذا حديث موضوع بارد الوضع بعيد عن الصواب فالحمل فيه على ابن بيان
الثقفي، فكأنه قد تلاعب بالقرآن. قال أبو بكر الخطيب: كل رواية أنمه (1)
غير ابن بيان ونرى العلة من جهته.
باب فضل قو هو الله أحد
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف

(1) هي كذلك بالأصل وقد تعذر توجيهها.
249

قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا علان ح. وأنبأنا عبد الجبار بن إبراهيم
ابن منده قال أنبأنا أحمد بن عبد الرحمن الذكواني قال أنبأنا أحمد بن موسى
ابن مردويه قال حدثني محمد بن علي قال حدثنا محمد بن قتيبة قالا حدثنا عيسى
ابن حماد قال حدثنا ليس [ليث] بن سعد عن الخليل بن مرة عن الحسن بن الحسن
السدوسي عن سعيد بن عمرو عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" من قرأ قل هو الله أحد على طهارة مائة مرة كطهره للصلاة يبدأ بفاتحة
الكتاب، كتب الله له بكل حرف عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات،
ورفع له عشر درجات، وبنى له مائة قصر في الجنة، ورفع له من العمل في يومه
ذلك مثل عمل نبي، وكأنما قرأ القرآن ثلاثا وثلاثين مرة، وهي براءة من الشرك
ومحضرة للملائكة ومنفرة للشياطين، ولها دوى حول العرش تذكر صاحبها
حتى ينظر الله إليه، فإذا نظر إليه [لم] يعذبه أبدا " زاد ابن منده قال: " ومن
قرأ قل هو الله أحد مائتي مرة غفر الله له خطيئة خمسين سنة إذا اجتنب خصالا
أربعا: الدماء والأموال والفروج والأشربة ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يحيى بن معين
والنسائي: الخليل ضعيف. وقال ابن حبان: منكر الحديث عن المشاهير كثير
الرواية عن المجاهيل.
باب لا يقال سورة كذا
أنبأنا عبد الله بن علي المقرى قال أنبأنا عبد الواحد بن علوان قال حدثنا
أبو نصر أحمد بن محمد النرسي قال أنبأنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا محمد بن
عبد الله بن مطين قال حدثنا خلف بن هشام قال حدثنا عباس عن موسى بن
أنس عن أبيه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تقولوا سورة آل عمران
ولا سورة النساء وكذلك القرآن كله. ولكن قولوا السورة التي يذكر فيها
آل عمران كذلك القرآن كله ".
250

أحمد قال بن حنبل: هذا حديث منكر وأحاديث عتيس (1) أحاديث مناكير
وقال يحيى: عتيس ليس بشئ وقال الفلاس متروك.
باب ثواب تالي القرآن
أنبأنا علي بن عبد الله بن نصر قال أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة
قال أنبأنا إسماعيل بن سعيد بن سويد قال حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري
قال حدثنا الكديمي قال حدثنا يونس بن عبيد الله العميري قال حدثنا داود بن
بحر الكرماني عن مسلم بن شداد عن عبيد بن عمير عن عبادة بن الصامت قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا قام أحدكم من الليل فليجهر بقراءته فإنه
يطرد بقراءته مردة الشياطين وفساق الجن، وإن الملائكة الذين في الهواء
وسكان الدار يصلون بصلاته ويسمعون لقراءته، فإذا مضت هذه الليلة أوصت
الليلة المستأنفة فقالت تحفظي لساعاته وكوني عليه خفيفة، فإذا حضرته الوفاة جاء
القرآن فوقف عند رأسه وهم يغسلونه، فإذا غسلوه وكفنوه جاء القرآن فدخل
حتى صار بين صدره وكفنه، فإذا دفن وجاء منكر ونكير خرج حتى صار فيما
بينه وبينهما فيقولان إليك عنا فإنا نريد أن نسأله، فيقول: والله ما أنا بمفارقه
أبدا حتى أدخله الجنة، فإن كنتما أمرتما فيه بشئ فشأنكما. قال: ثم ينظر إليه
فيقول هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك فيقول: أنا القرآن الذي كنت أسهر
ليلك وأظمى نهارك وأمنعك شهوتك وسمعك وبصرك فأبشر فما عليك بعد
مسألة منكر ونكير من هم ولا حزن. قال ثم يعرج القرآن إلى الله عز وجل
فيسأله له فراشا ودثارا وقنديلا. فيأمر له بفراش ودثار وقنديل من نور الجنة
وياسمين من ياسمين الجنة فيحمله ألف ملك من مقربي ملائكة سماء الدنيا،
* (هامش) (1) هي كذلك بالأصل، وليس هو من رجال السند في الحديث المذكور. ولعل باسمه
تصحيف من " عباس " المذكور بالسند. (*)
251

فيسبقهم إليه القرآن فيقول: هل استوحشت بعدي فإني لم أزل حتى أمر الله
بفراش ودثار من الجنة وقنديل من الجنة وياسمين من الجنة فيحملونه ثم يفرشونه
ذلك الفراش ويضعون الدثار عند رجليه والياسمين عند رجليه والياسمين عند صدره
ثم يضجعونه على شقة الأيمن ثم يخرجون عنه فلا يزال ينظر إليهم حتى يلجوا
في السماء، ثم يرفع له القرآن في قبلة القبر فيوسع له مسيرة خمس مائة عام أو ما شاء
الله، ثم يحمل الياسمين فيضعه عند منخريه ثم يأتي أهله كل يوم مرة أو مرتين
فيأتيه بخبرهم ويدعو لهم بالخير والثواب، فإن تعلم أحد من ولده القرآن بشره
بذلك وإن كان عقبه عقب سوء أتاهم كل يوم مرة أو مرتين فبكى عليهم حتى
ينفخ في الصور ".
وقد رواه العقيلي عن إبراهيم بن محمد عن عمرو بن مرزوق عن داود أبسط
من هذا.
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به داود.
قال يحيى بن معين: داود الطفارى [الطفاوي] الذي روى عنه حديث
القرآن ليس بشئ. وقال العقيلي: حديث داود باطل لا أصل له، ثم فيه
الكديمي، وكان وضاعا للحديث.
باب ثواب حافظ القرآن
أنبأنا علي بن عبد الواحد الدينوري قال أنبأنا الحسن بن محمد الخلال قال
أنبأنا أحمد بن جعفر القطيعي قال حدثنا إدريس بن عبد الكريم قال حدثنا
خلف بن هشام عن بشر بن نمير عن القاسم مولى خالد بن يزيد قال أخبرني
أبو أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قرأ ثلث القرآن
أعطى ثلث النبوة، ومن قرأ ثلثيه أعطى ثلثي النبوة، ومن قرأ القرآن فكأنما
252

أعطى النبوة كلها، ويقال له يوم القيامة اقرأ وارقه لكل آية درجة حتى ينجز
ما معه من القرآن، ويقال له أقبض فيقبض بيده ثم يقال له: أقبض فيقبض بيده
ثم يقال له أتدري ما في يديك، فإذا في يده اليمنى الخلد، وفى الأخرى النعيم ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أحمد: ترك
الناس حديث بشر، وقال مرة: يحيى بن العلاء كذاب يضع الحديث وبشر
ابن نمير أسوأ حالا منه. وقال يحيى بن سعيد: كان ركنا من أركان الكذب.
وقال أبو حاتم الرازي: متروك. وقال ابن حبان: والقاسم يروى عن أصحاب
روسل الله صلى الله عليه وسلم المعضلات.
باب حفاظ القرآن عرفاء أهل الجنة
فيه عن الحسين بن علي وأنس.
فأما حديث الحسين فأنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا أحمد بن علي بن
ثابت قال حدثنا أبو الحسين محمد بن الحسن الأهوازي قال حدثنا أحمد بن محمود
ابن خرزاد قال حدثنا أحمد بن سهل بن أيوب قال حدثنا الخزامي قال حدثنا
إسحاق بن إبراهيم مولى جميع بن جارية قال حدثنا عبد الله بن ماهان قال حدثنا
فايد المدني قال حدثني سكينة ابنة الحسين بن علي عن أبيها قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " حملة القرآن عرفاء أهل الجنة ".
هذا حديث لا يصح. وفايد ليس بشئ. قال أحمد: هو متروك الحديث.
وقال يحيى: ليس بثقة. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به.
وأما حديث أنس فأنبأنا الجريري قال أنبأنا العشاري قال حدثنا الدارقطني
قال حدثنا أبو عبد الله بن مخلد حدثنا عنبس بن إسماعيل القزاز قال حدثنا مجاشع
ابن عمرو قال حدثنا الليث بن سعد عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله
253

صلى الله عليه وسلم " الأنبياء سادة أهل الجنة، والعلماء قواد أهل الجنة، وأهل
القرآن عرفاء أهل الجنة ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو حاتم بن
حبان: مجاشع يضع الحديث على الثقاة لا يحل ذكره إلا بالقدح فيه. وقال
أبو الفتح الأزدي: هو كذاب.
باب ثواب من حفظ القرآن نظرا
أنبأنا محمد بن عبد الملك عن الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن
حبان قال حدثنا محمد بن المهاجر عن أبي معاوية عن عبيد الله بن عمر بن نافع
عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من حفظ القرآن نظرا
خفف عن أبويه العذاب وإن كانا كافرين ".
قال أبو حاتم: هذا موضوع بلا شك فيه. ومحمد بن المهاجر يضع الحديث
على الثقاة، ويزيد في الاخبار الصحاح ألفاظا يسويها على مذهب نفسه، وكان
ينتحل مذهب الكوفيين.
باب عقوبة من شكى الفقر وهو يحفظ القرآن
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا ابن بكران قال أنبأنا أبو الحسن
العتيقي قال حدثنا يوسف بن أحمد قال حدثنا أبو جعفر العقيلي قال حدثنا محمد بن
إسماعيل قال حدثنا داود بن المحبر قال حدثنا سلام بن يزيد القارى عن جويبر
عن الضحاك عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من علمه
الله القرآن ثم شكى الفقر كتب الله الفقر بين عينيه إلى يوم القيامة ".
هذا حديث لا يصح. وداود بن سلام وجويبر والضحاك كلهم مجروحون.
قال العقيلي: لا يحفظ إسناد هذا الحديث ولا متنه ولا أصل له.
254

باب حق القارى في بيت المال
أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة قال حدثنا
ابن عدى قال حدثنا علي بن أحمد بن مروان قال حدثنا ابن أبي عرزة قال حدثنا
الحكم بن سلمان قال حدثنا عمرو بن جميع عن جويبر عن الضحاك عن النزال
ابن سبرة عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ القرآن فله
مائتا دينار فإن لم يعطها في الدنيا أعطيها في الآخرة ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى: عمرو
ابن جميع كذاب خبيث. قال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الاثبات.
وقال النسائي والدارقطني: هو وجويبر متروكان.
قال المصنف قلت: إنما هذا يروى من كلام علي رضي الله عنه وإن كان
لا تثبت الرواية به.
أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو بكر البيهقي قال حدثنا أبو عبد الله الحاكم
قال حدثنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثني علي بن سلمة
قال حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن عثمان رضي الله عنه
أنه قال ذلك. قال يحيى: عبد الملك بن هارون كذاب. وقال ابن حبان:
يضع الحديث.
باب إفاقة المجنون بقراءة القرآن عليه
أنبأنا عبد الوهاب قال أنبأنا ابن المظفر قال أنبأنا العتيقي قال حدثنا ابن
الدخيل قال حدثنا العقيلي وحدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي
بحديث حدثناه خالد بن إبراهيم المؤدب قال حدثنا سلام بن رزين وحدثنا
255

الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود قال " بينا أنا والنبي صلى الله عليه وسلم في
بعض طرقات المدينة إذا برجل قد صرع، فدنوت منه وقرأت في أذنه فاستوى
جالسا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما ذا قرأت في أذنه يا ابن أم عبد؟
فقلت: فداك أبي وأمي. قرأت (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون)
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالحق لو قرأها موقن على جبل لزال "
فقال أبى: هذا الحديث موضوع، هذا حديث الكذابين.
256

أبواب تتعلق بعلوم الحديث
باب في من يؤخذ عنه العلم
أنبأنا علي بن أحمد الموحد قال أنبأنا هناد بن إبراهيم قال أنبأنا أبو بكر بن
الفضل قال أنبأنا محمد بن علي بن الحسين الحافظ قال حدثنا الحسن بن أشرف
البلخي قال حدثنا محمد بن شقيق بن إبراهيم قال حدثنا شقيق ح. وأنبأنا المحمدان
ابن ناصر وابن عبد الباقي قالا أنبأنا حمد بن أحمد قال أنبأنا أبو نعيم الحافظ
قال حدثنا أبو القاسم زيد بن علي بن أبي بلال قال حدثنا علي بن مهرويه قال
حدثنا يوسف بن حمدان قال حدثنا أبو سعيد البلخي وأنبأنا ابن ناصر قال أنبأنا
أبو سهل محمد بن إبراهيم قال حدثنا أبو الفضل محمد بن الفضل القرشي قال أنبأنا
أبو بكر بن مردويه قال حدثنا أحمد بن علي بن حبيش الوازمي قال حدثنا عيسى
ابن محمد البرمكي قال أنبأنا محمد بن عمرو بن حجر أبو سعيد البلخي قال حدثنا
شقيق بن إبراهيم قال حدثنا عباد بن كثير عن أبي الزبير عن جابر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تجلسوا مع كل عالم، إلا عالم يدعوكم من خمس
إلى خمس: من الشك إلى اليقين، ومن العداوة إلى النصيحة، ومن الكبر إلى
التواضع، ومن الرياء إلى الاخلاص، ومن الرغبة إلى الرهبة " وقال محمد بن
شقيق: من الرغبة إلى الزهد.
هذا ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو نعيم الحافظ
كان شقيق يعظ أصحابه فقال هذا فوهم فيه الرواة فرفعوه.
باب قبول ما يوافق الحق من الحديث
أنبأنا أبو البركات بن المبارك الحافظ الأنماطي قال أنبأنا ابن بكران الشامي
قال أنبأنا أحمد بن محمد العتيقي قال أنبأنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا محمد بن
(17 الموضوعات 1)
257

أيوب قال حدثنا جد عون الرمادي قال حدثنا أشعث بن نزار عن قتادة عن
عبيد الله بن شقيق عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا حدثتم
عنى بحديث يوافق الحق فخذوا به حدثت أو لم أحدث ".
قال العقيلي: ليس لهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إسناد يصح.
والأشعث [للأشعث] هذا غير حديث منكر. قال يحيى: أشعث ليس
بشئ. وذكر أبو سليمان الخطابي عن الساجي عن يحيى بن معين قال: هذا
الحديث وضعته الزنادقة. قال الخطابي: هو باطل لا أصل له، قال: وقد روى
من حديث يزيد ابن ربيعة عن أبي الأشعث عن ثوبان. ويزيد مجهول
وأبو الأشعث لا يروى عن ثوبان إنما يروى عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان.
باب ثواب من بلغه حديث فعمل به
أنبأنا عمر بن هدپة الصواف قال أنبأنا علي بن أحمد بن بيان قال أنبأنا
عبد الله بن يحيى عن عبد الجبار السكرى قال حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار
قال حدثنا الحسن بن عرفة وحدثنا خالد بن حسان الرقي عن فرات بن سليمان
وعيسى بن كثير كلاهما عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " من بلغه عن الله عز وجل شئ فيه فضيلة فأخذ به إيمانا به ورجاء ثوابه
أعطاه لله ذلك إن لم يكن كذلك ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو لم يكن في
إسناده سوى أبى جابر البياضي. قال يحيى: وهو كذاب. وقال النسائي:
متروك الحديث. وكان الشافعي يقول: من حدث عن أبي جابر البياضي
بيض الله عينيه.
258

باب النهى أن يكتب الناسخ عند الفراغ بلغ
أنبأنا محمد بن خيرون قال أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم
ابن حبان قال حدثنا محمد بن جعفر الهمداني قال حدثنا جعفر بن حمدان الدينوري
قال حدثنا مسلم بن عبد الله عن الفضل بن موسى الشيباني عن محمد بن عمرو
عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا
فرغ أحدكم فلا يكتب عليه بلغ، فإن بلغ اسم شيطان ولكن يكتب عليه الله ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أبرده من
وضع. قال أبو حاتم. لا أصل لهذا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومسلم بن عبد الله يروى الموضوعات عن الثقاة لا يحل ذكره في الكتب إلا على
سبيل القدح فيه.
باب وضع القلم على الاذن
أنبأنا الكروخي قال أنبأنا الأزدي والغورجي قالا أنبأنا الجراحي قال
حدثنا المحبوبي قال حدثنا الترمذي قال حدثنا قتيبة قال عبيد الله بن الحارث
عن عنبسة عن محمد بن زاذان عن أم سعيد عن زيد بن ثابت قال " دخلت على
رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يديه كاتب فسمعته يقول: ضع القلم على
أذنك فإنه أذكر للمملى ".
هذا حديث لا يصح أما عنبسة فهو ابن عبد الرحمن البصري. قال يحيى
ليس بشئ. وقال النسائي متروك وقال أبو حاتم الرازي كان يضع الحديث. وأما
محمد بن زاذان فقال البخاري لا يكتب حديثه.
259

باب مآل أصحاب الحديث
أنبأنا القزاز قال أنبأنا أبو بكر بن ثابت الخطيب قال حدثني محمد بن علي
الصوري قال أنبأنا الحسين بن جميع قال أنبأنا محمد بن يوسف بن يعقوب الرقي
قال حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني قال حدثنا إسحاق الدبري قال حدثنا
عبد الرزاق عن يعمر عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " إذا كان يوم القيامة جاء أصحاب الحديث بأيديهم المحابر فيأمر الله عز
وجل جبريل أن يأتيهم فيسألهم وهو أعلم بهم فيقول من أنتم؟ فيقولون نحن
أصحاب الحديث، فيقول الله عز وجل ادخلوا الجنة على ما كان منكم، طال ما كنتم
تصلون على نبيي في دار الدنيا ". قال الخطيب هذا حديث موضوع والحمل فيه
على الرقي والله أعلم.
باب في ذكر الشعراء
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ قال أنبأنا ابن بكران القاضي قال
أنبأنا العتيقي قال أنبأنا ابن الدخيل قال حدثنا العقيلي قال حدثنا الفضل بن
عبد الله العتكي قال حدثنا سهل بن بحر المروزي [قال] حدثنا النضر بن محرر
عن محمد ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" لان يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير من أن يمتلئ شعرا هجيت به ".
هذا حديث موضوع والنضر لا يتابع على هذا ولا يعرف إلا به. قال
ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بالنضر وإنما يعرف هذا الحديث بالكلبي عن أبي
صالح وليسا بشئ. قال الشيخ: لعل مراده أن الحديث من هذه الطريق بهذه
الزيادة موضوع وإلا ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة " لان يمتلئ جوف
أحدكم قيحا خير من أن يمتلئ شعرا ".
260

حديث في إنشاد الشعر بعد العشاء
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا قال أنبأنا ابن بكران القاضي قال أنبأنا العتيقي
قال أنبأنا ابن الدخيل قال حدثنا العقيلي قال حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل
قال حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال حدثنا يزيد بن هارون قال أنبأنا قزعة
ابن سويد الباهلي عن عاصم بن مخلد عن أبي الأشعث الصنعاني عن شداد بن
أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرض بيت شعر بعد العشاء
الآخرة لم تقبل له صلاة تلك الليلة ".
هذا حديث موضوع قال العقيلي لا يعرف إلا بعاصم ولا يتابع عليه. قال
المصنف: وعاصم في عداد المجهولين. قال أحمد بن حنبل: قزعة بن سويد
مضطرب الحديث. وقال ابن حبان كان كثير الخطأ فاحش الوهم فلما كثر ذلك
في روايته سقط الاحتجاج بخبره.
حديث في حفظ العرض بإعطاء الشعراء
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز عن أبي محمد الجوهري عن الدارقطني عن أبي
حاتم بن حبان قال روى إسحاق بن إبراهيم عن يحيى بن أكثم عن مبشر
ابن إسماعيل عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرة عن جبير بن نفير عن عوف
ابن مالك الأشجعي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أراد بر والديه
فليعط الشعراء ".
قال ابن حبان هذا حديث باطل، وإسحاق بن إبراهيم من ولد حنظلة
الغسيل كان يقلب الاخبار ويسرق الأحاديث.
باب ذم التعبد بغير فقه
أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا أحمد بن أحمد الحداد قال أنبأنا
261

أبو نعيم الحافظ قال حدثنا سهل بن إسماعيل الواسطي قال حدثنا محمود بن محمد
قال حدثنا محمد بن إبراهيم الشامي قال حدثنا بقية بن الوليد عن ثور بن يزيد
عن خالد بن معدان بن واثلة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المتعبد
بغير فقه كالحمار في الطاحونة ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمتهم به محمد بن
إبراهيم. قال ابن حبان: كان يضع الحديث لا يحل الاحتجاج به.
باب ذم تحاسد الفقهاء
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا محمد
ابن طلحة النعالي قال حدثنا أبو الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن يحيى
النيسابوري قال حدثنا محمد بن عمر بن حفني الزاهد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم
قال حدثنا خالد بن يزيد بن جعفر الكوفي قال حدثنا محمد بن أبي ذيب عن
نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يأتي على أمتي زمان
تحسد الفقهاء بعضهم بعضا، ويغار بعضهم على بعض كتغاير التيوس بعضهم
على بعض ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسحاق بن إبراهيم
متهم بوضع الحديث.
باب ذم تغشى السلاطين من العلماء
أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو بكر البيهقي قال أنبأنا أبو عبد الله
محمد بن عبد الله الحاكم قال حدثنا محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن الحجاج
ابن عيسى قال حدثنا إبراهيم بن رستم قال حدثنا عمر أبو حفص العبدي عن
إسماعيل بن سميع عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
262

" العلماء أمناء الرسل على العباد ما لم يخالطوا السلطان ويدخلوا في الدنيا، فإذا
دخلوا في الدنيا وخالطوا السلطان فقد خانوا الرسل واعتزلوهم ".
وقد رواه محمد بن معاوية النيسابوري عن محمد بن يزيد عن إسماعيل بن سميع.
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما عمر العبدي فقال
أحمد بن حنبل: حرقنا حديثه. وقال يحيى: ليس بشئ. وقال النسائي: متروك
وأما إبراهيم بن رستم فقال ابن عدى: ليس بمعروف وأما محمد بن معاوية فقال
أحمد: هو كذاب.
باب في مسامحة العلماء
أنبأنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا محمد
ابن أحمد بن حمدان قال حدثنا سعيد بن رحمة قال حدثنا محمد بن شعيب بن شاور
عن طلحة بن يزيد عن موسى بن عبيدة عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى
الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يبعث الله العلماء يوم القيامة
فيقول يا معشر العلماء إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم، ولم أضع علمي فيكم
لأعذبكم، انطلقوا فقد غفرت لكم ويقول الله عز وجل لا تحقروا عبدا آتيته
علما فإني لم أحقره ".
قال ابن عدى: هذا الحديث بهذا الاسناد باطل. قال أحمد بن حنبل:
لا تحل عندي الرواية عن موسى بن عبيدة. قال ابن حبان: ولا يحل الاحتجاج
بخبر طلحة بن زيد.
حديث آخر في ذلك: أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا [إسماعيل بن] مسعدة
قال أنبأنا حمزة قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا الحسين بن عبد الله القطان قال
حدثنا عامر بن سنان قال حدثنا عثمان بن عبد الرحمن القرشي عن مكحول عن
263

أبى أمامة أو واثلة ابن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا
كان يوم القيامة جمع الله العلماء فقال إني لم أستودع حكمي قلوبكم وأنا أريد أن
أعذبكم، أدخلوا الجنة " هذا لا يصح. قال أبو عروة: عثمان عنده عجايب يروى
عن مجهولين. وقال ابن حبان: يروى عن ضعاف يدلسهم لا يجوز الاحتجاج به
باب زيارة الملائكة قبور العلماء
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي قال أنبأنا
أبو الحسين أحمد بن محمد اليزاز قال أنبأنا عيسى بن علي الوزير ح. وأنبأنا
عبد الله بن علي المقرى قال أنبأنا طراد بن محمد قال أنبأنا أبو الفتح بن المسلمة
قال أنبأنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله النحوي قالا حدثنا أبو عبد الله علي بن
الحسين بن حرب الطائي قال حدثنا أبو السكين الطائي قال حدثني عبد الله بن
صالح اليماني قال حدثني أبو همام القرشي عن سليمان بن المغيرة عن قيس بن مسلم
عن طاوس عن أبي هريرة قال: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا أبا هريرة علم الناس القرآن وتعلمه فإنك إن مت وأنت كذلك زارت الملائكة
قبرك كما يزار البيت العتيق، وعلم الناس سنتي وإن كرهوا ذلك، وإن أحببت
أن لا توقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل الجنة فلا تحدث في الدين
حدثا برأيك ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد غطى بعض
الرواة عورة [عواره] بأن قال حدثنا أبو همام القرشي وهذا عندي من
أعظم الخطأ أن يهرج بكذاب. واسمه محمد بن مجيب، قال يحيى بن معين:
كذاب عدو الله. وقال أبو حاتم الرازي: ذاهب الحديث.
باب ذم من لم يعمل بالعلم
أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ قال أنبأنا الحسن بن أحمد الفقيه قال حدثنا محمد
264

ابن أحمد الحافظ قال أنبأنا محمد بن عبد الله الشافعي قال حدثنا جعفر الصايغ قال
حدثنا خالد بن يزيد أبو الهيثم قال حدثنا جبارة [جنادة] بن مغلس قال
حدثنا مندل بن علي عن أبي نعيم عن محمد بن زياد السلمي عن معاذ بن جبل قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من فتنة العالم أن يكون الكلام
أحب إليه من الاستماع، وفى الكلام تنميق وزيادة ولا يؤمن على صاحبه فيه
الخطأ، وفى الصمت سلامة وغنم. ومن العلماء من يخزن علمه ولا يحب أن يوجد
عند غيره فذاك في الدرك الأول من النار. ومن العلماء من يكون في علمه بمنزلة
السلطان فإن رد عليه شئ من قوله وتهون بشئ من حقه غضب فذاك في الدرك
الثاني من النار. ومن العلماء من يجعل حديثه وغرائب علمه في أهل الشرف
واليسار من الناس ولا يرى أهل الحاجة له أهلا، فذاك في الدرك الثالث من النار.
ومن العلماء من يستفزه الزهو والعجب فإن وعظ عنف وإن وعظ أنف فذاك
في الدرك الرابع من النار. ومن العلماء من نصب نفسه للفتيا فيفتى بالخطأ والله
يبغض المتكلفين فذاك في في الدرك الخامس من النار. ومن العلماء من يتعلم من
اليهود والنصارى ليغزر علمه فذاك في الدرك السادس من النار. ومن العلماء من
يتخذ علمه مروءة ونبلا وذكرا في الناس فذاك في الدرك السابع من النار.
بالصمت فيه يغلب الشيطان، وإياك أن تضحك من غير عجب، أو تمشى
في غير أرب ".
وأنبأنا بهذا الحديث محمد بن ناصر قال أبو سهل بن سعدويه قال أنبأنا
أبو الفضل محمد بن الفضل القرشي قال أنبأنا أبو بكر بن مردويه قال حدثنا
أحمد بن عبيد الله قال حدثنا علي بن الحسن بن سلم قال حدثنا أبو الأزهر
النيسابوري قال حدثنا فردوس الكوفي قال حدثنا طلحة بن زيد الحمصي عن
عمرو بن الحارث عن يزيد عن ابن أبي حبيب عن أبي يوسف المعافري عن معاذ
ابن جبل فذكره بمعناه موقوفا ولم يرفعه.
265

هذا حديث باطل مسندا وموقوفا لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا معاذ. وفى الاسناد الأول خالد بن يزيد قال يحيى وأبو حاتم الرازي: هو
كذاب، وجنادة بن المغلس قال عبد الله بن أحمد: عرضت على أبي أحاديث
سمعتها من جنادة، فأنكرها وقال هي موضوعة وهي كذب. قال ابن حبان:
كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، ومندل بن علي قد ضعفه أحمد ويحيى
والنسائي. وقال ابن حيان: يستحق الترك.
وفى الطريق الثاني طلحة بن زيد. قال النسائي: متروك الحديث. وقال
ابن حبان: لا يحل الاحتجاج بخبره.
باب عقوبة فسقة العلماء
أنبأنا المحمدان ابن ناصر وابن عبد الباقي قالا أنبأنا حمد بن أحمد قال أنبأنا
أبو نعيم الحافظ قال حدثنا سليمان بن أحمد قال حدثنا موسى بن محمد السيريني
قال حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجندي قال حدثنا عبد الله بن عبد العزيز
العمرى عن أبي طوالة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم " للزبانية
أسرع إلى فسقة حملة القرآن منهم إلى عبدة الأوثان، فيقولون يبدأ بنا قبل
عبدة الأوثان؟ فيقال لهم ليس من علم كمن لا يعلم ".
وقد رواه جابر بن مرزوق الجدي عن العمرى. وهو حديث لا يصح عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما وضعه من يقصد وهن العلماء، وإنما تبدأ
في العقاب بالأعظم جرما، وجرم الكفر أعظم من جرم الفسق، ولهذا فلي
الصحيحين " أول ما يقضى بين الناس في الدماء ". وجابر بن مرزوق ليس بشئ.
ولعل عبد الملك الجدي أخذه منه. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بجابر بن
مرزوق فإنه روى هذا الحديث وهو خبر باطل، ما قاله رسول الله صلى الله عليه
وسلم ولا رواه أنس.
266

كتاب السنة وذم البدع
باب افتراق هذه الأمة
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا ابن بكران قال أنبأنا ابن بكران قال أنبأنا العتيقي قال
حدثنا محمد بن مروان القرشي قال حدثنا محمد بن عبادة الواسطي قال حدثنا موسى
ابن إسماعيل قال حدثنا معاذ بن يس الزيات قال حدثنا الأبرد بن الأشرس عن
يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" تفترق أمتي على سبعين أو إحدى وسبعين فرقة كلهم في الجنة إلا فرقة واحدة
قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: الزنادقة وهم القدرية " وقد رواه أحمد بن عدى
الحافظ من حديث موسى بن إسماعيل عن خلف بن يس عن الأبرد.
طريق ثاني: أنبأنا عبد الوهاب قال أنبأنا ابن بكران قال أنبأنا العتيقي
قال حدثنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا العقيلي قال حدثنا الحسن بن علي بن
خالد الليثي قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا يحيى بن يمان عن ياسين الزيات
عن سعد بن سعيد أخي يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة كلها في الجنة إلا فرقة
واحدة وهي الزنادقة ".
طريق ثالث: أنبأنا الجريري قال أنبأنا العشاري قال حدثنا الدارقطني
قال حدثنا أبو بكر محمد بن عثمان الصيدلاني قال حدثنا أحمد بن داود السجستاني
قال حدثنا عثمان بن عفان القرشي (1) قال حدثنا أبو إسماعيل الأيلي حفص بن
عمر عن مسعر عن سعد بن سعيد قال سمعت أنس بن مالك يقول. سمعت

(1) قال الشيخ: عثمان بن عفان هذا سجزى وضاع، وليس في رواة الحديث من اسمه
عثمان بن عفان سوى أمير المؤمنين ثم هذا [الوضاع] والله أعلم.
267

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة كلها
في الجنة إلا الزنادقة. قال أنس: كنا نراهم القدرية ".
هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال علماء الصناعة:
وضعه الأبرد وكان وضاعا كذابا، وأخذه منه ياسين فقلب إسناده وخلطه
وسرقه عثمان بن عفان. وأما الأبرد فقال محمد بن إسحاق بن خزيمة: كذاب
وضاع. وأما ياسين فقال يحيى: ليس حديثه بشئ. وقال النسائي: متروك
الحديث. وأما عثمان فقال علماء النقل: متروك الحديث لا يحل كتب حديثه
إلا على سبيل الاعتبار. وأما حفص بن عمر فقال أبو حاتم الرازي: كان كذابا
وقال العقيلي: يحدث عن الأئمة بالبواطيل.
قال المصنف: وهذا الحديث على هذا اللفظ لا أصل له، بلى. قد
رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص
وابن عمر وأبو الدرداء ومعاوية وابن عباس وجابر وأبو هريرة وأبو أمامة
وواثلة وعوف بن مالك وعمرو بن عوف المزني، قالوا فيه " واحدة في الجنة
وهي الجماعة ".
باب ذم البدع
أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال أنبأنا
أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه
قال حدثنا أحمد بن علي الابار قال حدثنا محمد بن مصفى قال حدثنا بقية بن الوليد
قال حدثنا عيسى بن إبراهيم قال حدثنا موسى بن أبي حبيب قال حدثني الحكم
الثمالي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الامر المفظع والحال المضلع
والشر الذي لا ينقطع إظهار البدع
".
268

هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الحاكم: عيسى
ابن إبراهيم القرشي واهي الحديث بمرة.
باب النهى عن الركون إلى المبتدعة
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا عبد الله بن جعفر بن
حبيب الطبري قال حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق
قال حدثني أبي عن جدي قال أنبأنا أبو حمزة السكرى عن إبراهيم الصائغ عن
نافع عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم " إياكم والركون إلى أصحاب
الأهواء فإنهم بطروا النعمة وأظهروا البدعة وخالفوا السنة، ونطقوا بالشبهة
وسابقوا الشيطان. قولهم الإفك وأكلهم السحت، ودينهم النفاق والرياء يدعون
للخير إلها، وللشر إلها، عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ".
قال ابن عدى: هذا حديث كذب موضوع على رسول الله صلى الله عليه
وسلم. وأحمد بن محمد بن علي كان يضع الحديث.
باب انتشار الشياطين يظهرون البدع
أنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا أحمد بن محمد
العتيقي قال أنبأنا يوسف بن الدخيل قال حدثنا العقيلي قال حدثنا محمد بن إسماعيل
قال حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا حيوة بن شريح قال حدثنا بقية عن الصباح
ابن مجالد عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا كان سنة خمس وثلاثين ومائة خرج مردة الشياطين كان حبسهم سليمان
ابن داود في جزيرة العرب فذهب تسعة أعشارهم إلى العراق يجادلونهم
وعشر بالشام ".
269

هذا حديث موضوع. قال العقيلي: صباح بن مجالد مجهول، ولا يعرف
إلا بهذا الحديث ولا يتابع عليه ولا أصل لهذا الحديث.
باب إهانة أهل البدع
فيه عن ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن بشر.
فأما حديث ابن عمر فأنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا حمد بن
أحمد قال أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال أنبأنا أحمد بن جعفر بن سلم قال أنبأنا أحمد
ابن علي الابار قال حدثنا أبو زياد عبد الرحمن بن رافع قال حدثنا الحسين بن
خالد عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " من أعرض عن صاحب بدعة بوجهه بغضا له في الله. ملا
الله قلبه أمنا وإيمانا، ومن انتهر صاحب بدعة أمنه الله يوم الفزع الأكبر،
ومن سلم على صاحب بدعة ولقيه بالبشرى واستقبله بما يسر فقد استخف بما
أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم ".
وأما حديث ابن عباس فأنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا إبراهيم بن إسماعيل
قال حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا بهلول بن عبيد قال حدثنا عبد الملك بن
جريج قال سمعت عطاء يذكر عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال " من وقر أهل البدع فقد أعان على هدم الاسلام ".
وأما حديث عبد الله بن بشر فأنبأنا محمد بن أبي القاسم البغدادي قال أنبأنا
حمد بن أحمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا الحسن بن علان قال حدثنا محمد بن
محمد الواسطي قال حدثنا أحمد بن معاوية عن بكر قال حدثنا عيسى بن يونس
عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بشر قال: قال رسول الله
270

صلى الله عليه وسلم " من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الاسلام ".
وأما حديث عائشة فأنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف قال حدثنا ابن عدى قال حدثنا هشام ابن خالد الدمشقي قال
حدثنا الحسن بن يحيى الخشني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال " من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الاسلام ".
هذا الأحاديث كلها باطلة موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حديث ابن عمر ففيه عبد العزيز بن أبي دواد. قال ابن حبان: كان
يحدث على التوهم والحسبان فسقط الاحتجاج به.
وأما حديث ابن عباس ففيه بهلول. قال ابن حبان: كان يسرق الحديث
لا يجوز الاحتجاج به.
وأما حديث ابن بشر ففيه أحمد بن معاوية. قال ابن عدى: حدث بالأباطيل.
وأما حديث عائشة ففيه الخشني. قال ابن عدى: هذا حديث باطل موضوع
الخشني يروى عن الثقاة مالا أصل له. وقال يحيى: ليس بشئ. قال المصنف:
قلت وإنما يروى نحو هذا عن الفضيل ونظرائه من أهل الخبرة.
باب ما يصنع عند حدوث الاختلاف
أنبأنا ابن خيرون عن الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم قال حدثنا
محمد بن يعقوب بن إسحاق الخطيب قال حدثنا عبيد الله محمد بن الحارثي قال
حدثنا محمد بن الحارث قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن السلماني عن أبيه عن ابن
عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا كان آخر الزمان واختلفت
الأهواء فعليكم بدين أهل البادية، وفى رواية: بدين أهل البادية والنساء ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى بن
271

معين: محمد بن الحارث ومحمد بن عبد الرحمن ليسا بشئ. قال أبو حاتم: حدث
محمد عن أبيه بنسخة شيبة بمائتي حديث كلها موضوعة لا يحل الاحتجاج به،
ولا ذكره في الكتب إلا تعجبا.
قال المصنف: قلت وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال " عليكم بدين
أهل البادية " والمراد ترك الخوض في الكلام والتسليم للمنقول.
باب في ذكر القدر
أنبأنا عبد الوهاب قال أنبأنا ابن بكران قال أنبأنا العتيقي قال حدثنا يوسف
ابن الدخيل قال حدثنا العقيلي قال حدثنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا جعفر بن
حسن بن فرقد عن أبيه عن أبي غالب عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول " إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد
واحد فالسعيد من وجد لقدمه موضعا، فينادى مناد من تحت العرش: ألا من
برا [برأ] ربه من ذنبه فليدخل الجنة ".
هذا حديث موضوع والمتهم بوضعه جعفر بن حسن وكان قدريا فوضع
الحديث على مذهبه. قال ابن عدى: أحاديثه مناكير. قال يحيى: حسن
ليس بشئ.
حديث آخر: أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا أبو طالب بن غيلان قال أنبأنا
إبراهيم بن محمد المزكى قال حدثنا أبو بكر محمد بن حمدون قال حدثنا عيسى بن
أحمد البلخي قال حدثنا إسحاق بن الفرات المصري قال حدثنا خالد بن
عبد الرحمن أبو الهيثم عن سماك بن حرب عن طارق بن شهاب عن عمر بن
الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بعثت داعيا ومبلغا وليس
272

إلى من الهدى شئ. وجعل إبليس مزينا وليس إليه من الضلالة شئ " (1).
قال العقيلي: خالد بن عبد الرحمن ليس بمعروفي النقل [بمعروف بالنقل]
ولا يعرف لهذا الحديث أصل. وقال الدارقطني: خالد هذا مجهول لا أعلمه
روى شيئا غير هذا الحديث.
حديث آخر: أنبأنا عبد الأول بن عيسى قال أخبرتنا أم عرى سى [عدى]
بنت عبد الصمد الهرثمية قالت أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري قال حدثنا
عبد الله ابن محمد عبد بن العزيز قال حدثنا داود بن رشيد قال حدثنا يحيى كأبو زريا
عن موسى بن عبقة عن أبي الزبير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال " بينما
رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ملا من أصحابه إذ دخل أبو بكر وعمر من
بعض أبواب المسجد معهما قيام [فئام] من الناس يتمارون، وقد ارتفعت
أصواتهم يرد بعضهم على بعض حتى انتهوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
ما الذي كنت تمارون؟ قد ارتفعت فيه أصواتكم وكثر لغطكم. فقال بعضهم:
يا رسول الله شئ تكلم فيه أبو بكر وعمر فاختلفا فاختلفنا لاختلافهما، فقال:
وما ذلك؟ قالوا في القدر. فقال أبو بكر يقدر الله الخير، ولا يقدر الشر. وقال
عمر: يقدر هما الله جميعا. فكنا في ذلك نتمارى، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: لأقضي بينكما فيه بقضاء إسرافيل بين جبريل وميكائيل فقال بعض القوم:
وقد تكلم فيه جبريل وميكائيل؟ فقال: والذي بعثني بالحق إنهما لأول الخلق
تكلم فيه، فقال جبريل مقالة عمر، وقال ميكائيل: مقالة أبى بكر، فقال جبريل:
أما إن اختلفنا اختلف أهل السماوات، فهل لك في قاض بيني وبينك؟ فتحا كما
إلى إسرافيل فقضى بينهما قضاء هو قضائي بينكما. فقالوا: يا رسول الله ما كان
من قضائه؟ قال: أوجب القدر خيره وشره وضره ونفعه وحلوه ومره فهذا

(1) يا له من معنى ما أجمل سبكه. لو كان حكمة.! ومثله فلتة من فلتات الوضاعين.
(18 الموضوعات 1)
273

قضائي بينكما. ثم ضرب على كتف أبى بكر أو فخذه وكان إلى جنبه، فقال:
يا أبا بكر إن الله لو يشاء أن يعصى ما خلق إبليس، فقال أبو بكر: أستغفر الله
كانت منى يا رسول الله زلة أو هفوة، لا أعود لشئ من هذا أبدا. قال: فما عاود
حتى لقى الله عز وجل ".
هذا حديث موضوع بلا شك، والمتهم به يحيى أبو زكريا: قال يحيى بن
معين: هو دجال هذه الأمة. قال بن عدى: كان يضع الحديث ويسرق.
حديث آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة
قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا القاسم بن الليث الراسبي قال حدثنا هشام بن
عمار حدثنا إبراهيم بن أعين قال حدثنا بحر بن كنيز السقاء عن أبي حازم عن
سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما كانت زندقة إلا ودربها
التكذيب بالقدر ".
طريقي آخر: أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين
البيهقي قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال أخبرني أبو محمد بن
زياد قال حدثنا جعفر بن أحمد الحافظ قال حدثنا الحسين بن منصور قال حدثنا
عيسى بن إبراهيم الهاشمي قال حدثنا بحر بن كنيز عن أبي حازم عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما كانت زندقة قط إلا أصلها
التكذيب بالقدر ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من عمل بحر
ابن كنيز رواه عن أبي حازم عن سهل ورواه عن أبي حازم عن أبي هريرة.
قال يحيى بن معين: بحر بن كنيز ليس بالشئ لا يكتب حديثه كل الناس أحب
إلى منه.
حديث آخر: أنبأنا ابن السمرقندي قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة
274

ابن يوسف قال حدثنا ابن عدى قال حدثنا أحمد بن جعفر بن أحمد البغدادي
قال حدثنا سوار بن عبد الله القاضي قال حدثنا معتمر بن سليمان قال حدثنا
أبو الحسن يعنى يزيد بن هارون كذا كناه عن جعفر بن الحارث عن يزيد
ابن ميسرة عن عطاء الخراساني عن مكحول عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " إن لكل أمة مجوسا وإن مجوس هذه الأمة القدرية فلا
تعودوهم إذا مرضوا ولا تصلوا عليهم إذا ماتوا ".
هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى: جعفر بن الحارث
ليس بشئ، وقد رواه غسان بن ناقد عن أبي الأشهب النخعي عن الأعمش عن أبي
صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه.
قال أبو حاتم الرازي: غسان مجهول وهذا الحديث باطل.
طريق آخر: أنبأنا علي بن عبد الواحد الدينوري قال أنبأنا علي بن عمر
القزويني قال حدثنا محمد بن علي بن سويد قال حدثنا أحمد بن محمد العسكري
قال حدثنا أبو الوليد عبد الملك بن يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا أبي قال
حدثنا الحسن بن عبد الله بن أبي عون الثقفي عن رجاء بن الحارث عن مجاهد عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يكونون قدرية ثم يكونون
زنادقة ثم يكونون مجوسا، وإن لكل أمة مجوسا وإن مجوس أمتي المكذبة
بالقدر، فإن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تتبعوا لهم جنازة ".
هذا حديث لا يصح وفيه مجاهيل. قال أبو عبد الرحمن النسائي: هذا
الحديث باطل كذب.
حديث آخر: أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا أبو علي بن البنا قال أنبأنا
هلال بن محمد الحفار قال أنبأنا أبو الفتح أحمد بن محمد بن الحسن بمصر قال أنبأنا
أبو عبد الله محمد بن عيسى قال حدثنا محمد بن أحمد بن منصور الحربي قال حدثنا
275

أبو حفص عمرو بن علي بن بحر السقاء قال حدثنا معتمر بن سليمان قال حدثني أبي
عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال قال النبي صلى الله عليه
وسلم: " إن الله لعن أربعة على لسان سبعين نبيا. قلنا: من هم يا رسول الله؟
قال: القدرية والجهمية والمرجئة والروافض. قلنا: يا رسول الله ما القدرية؟
قال: الذين يقولون بالخير من الله والشر من إبليس، ألا أن الخير والشر من الله
فمن قال غير ذلك فعليه لعنة الله. قلنا: يا رسول الله فما الجهمية؟ قال: الذين
يقولون إن القرآن مخلوق، ألا إن القرآن غير مخلوق، فمن قال غير ذلك فعليه
لعنة الله. قلنا: يا رسول الله فما المرجئة؟ قال: الذين يقولون الايمان قول بلا عمل
قلنا: يا رسول الله فما الروافض؟ قال: الذين يشتمون أبا بكر وعمر، ألا فمن
أبغضهما فعليه لعنة الله ".
هذا حديث لا شك في وضعه. ومحمد بن عيسى والحربي مجهولان.
أحاديث في ذم المرجئة
أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة قال أنبأنا
أبو أحمد بن عدى قال حدثنا سعيد بن هاشم قال حدثنا أحمد بن إبراهيم بن
موسى قال حدثنا عمرو بن هاشم قال حدثنا سليمان بن أبي كريمة حدثني خالد
ابن ميمون عن الضحاك عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن لكل أمة يهودا ويهود أمتي المرجئة ".
قال ابن عدى: حدثني أحمد بن موسى قال حدثنا محمد بن سعيد قال حدثنا
سريج بن يونس قال حدثنا ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال
" سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المرجئة فقال: لعن الله المرجئة قوم
276

يتكلمون على الايمان بغير عمل وأن الصلاة والزكاة والحج ليست بفريضة.
فإن عمل فحسن، وإن لم يعمل فليس عليه شئ ".
قال ابن عدى: حدثنا أحمد بن عامر عن عمر بن حفص عن معروف بن
عبد الله الخياط عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو أن
مرجئا أو قدريا مات فدفن ثم نبش بعد ثلاثة أيام لوجد وجهه إلى غير القبلة ".
هذه الأحاديث موضوعات على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الأول ففيه سليمان بن أبي كريمة وأحمد بن إبراهيم قال ابن عدى:
يرويان المناكير. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بأحمد ولا بعمر. وأما الثاني
فقال ابن عدى: محمد بن سعيد هو الأزرق يضع الحديث. وأما الثالث فقال
ابن عدى: حديث معروف منكر جدا لا يتابع عليه.
حديث آخر في ذم العصبية والقدرية
أنبأنا عبد الوهاب قال أنبأنا المظفر قال أنبأنا العتيقي قال حدثنا يوسف بن
أحمد قال حدثنا العقيلي قال حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن قال حدثنا سليمان بن
عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن شعيب بن شابور قال حدثنا هارون بن هارون
عن مجاهد وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هلاك أمتي
في ثلاث: العصبية والقدرية والرواية من [عن] غير ثبت (1) ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أرسله هارون
في هذه الرواية عن مجاهد وإنما هو عن ابن سمعان عن مجاهد فترك ذكر ابن
سمعان لأنه كذاب. قال العقيلي: وقد حدثناه يوسف بن موسى قال حدثنا على

(1) وهذا من أعجب العجب أن يضع الوضاع الحديث، يذم به الوضاعين. ليكون هو
بمنجاة من الشك ترويحا لأكاذيبه وتأييدا لمساعيه.
277

ابن حجر قال حدثنا بقية بن الوليد قال حدثنا هارون بن هارون أبو العلاء
الأزدي عن عبد الله بن زياد عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
بمثله وابن زياد هو ابن سمعان وهو المتهم بهذا الحديث.
حديث آخر في ذم المرجئة والقدرية والروافض والخوارج
أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان
قال حدثنا محمد بن المسيب قال حدثنا محمد بن يحيى بن رزين قال حدثنا أبو عباد
الزاهد عن مخلد بن الحسين عن هشام بن حسان عن الحسن عن أنس قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المرجئة والقدرية والروافض والخوارج يسلب
منهم ربع التوحيد فيلقون الله عز وجل كفارا خالدين مخلدين في النار ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن حبان "
محمد بن يحيى بن رزين دجال يضع الحديث لا يحل ذكره إلا بالقدح فيه. قال:
وأبو عباد لا يحل الاحتجاج به.
حديث آخر: أنبأنا أبو القاسم الجريري قال أنبأنا أبو طالب العشاري قال
حدثنا الدارقطني قال حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا أحمد بن محمد المكي قال
حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة عن عثمان
ابن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لن يوقع عبدا أعني عليه (1)
الجهل " قال الدارقطني: ما كتبته إلا عنه. قال المصنف: قلت وهو أبو سعيد
الحسن بن علي العدوي الكذاب الوضاع وقد سبق ذكره.

(1) كذلك هي بالأصل والمعنى غير ظاهر.
278

كتاب الفضائل والمثالب
وهو منقسم إلى فضائل الاشخاص والأماكن والأيام ومثالبهم.
أبواب ذكر الاشخاص
أبواب في فضائل نبينا صلى الله عليه وسلم
باب ذكر أنه لا نبي بعده
روى الهيثم بن كليب الشاشي عن أبي العباس بن سريج عن عبد الله بن معقل
عن أبيه معقل بن زياد عن محمد بن سعيد المصلوب عن حميد عن أنس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي إلا أن
يشاء الله ".
هذا الاستثناء موضوع وضعه محمد بن سعيد، لما كان يدعو إليه من الالحاد
شهد عليه بأنه وضعه جماعة من الأئمة منهم أبو عبد الله الحاكم رحمه الله. وهذا
الرجل هو أبو عبد الرحمن محمد بن سعيد بن أبي قيس قتله المنصور في الزندقة
وصلبه. قال سفيان الثوري وأحمد بن حنبل: كان محمد بن سعيد كذابا، وفى
رواية عن أحمد أنه قال: قتله أبو جعفر في الزندقة وحديثه حديث موضوع.
وقال البخاري والنسائي: هو متروك الحديث. وقد كان جماعة من أصحاب
الحديث يدلسون هذا الرجل شرها إلى كثرة الرواية وبئسما فعلوا، فإن تدليس
مثل هذا بعد المعرفة بحاله لا يحل. قال ابن نمير: العيب على من روى عنه بعد
المعرفة به فإنه كذاب يضع الحديث. قال عبد الله بن أحمد: ابن سوادة قلب
أهل الشام اسمه على مائة اسم وكذا وكذا اسم قد جمعتها في كتاب وهو الذي
أفسد حديثهم.
279

قال المصنف: قلت والذي وصل إلينا من تدليسهم تسعة عشر وجها: الأول
محمد بن سعيد بن حسان هكذا كان يروى عنه يحيى بن سعيد الأموي. الثاني
محمد بن سعيد الأسدي هكذا كان يروى عنه سعيد بن أبي هلال. والثالث محمد
بن سعيد بن حسان بن قيس هكذا كان يروى عنه محمد بن عجلان. والرابع
أبو عبد الرحمن الشامي هكذا كان يروى عنه بكر بن خنيس. والخامس محمد
ابن حسان هكذا كان يروى عنه مروان بن معاوية. والسادس محمد بن أبي
قيس هكذا روى عنه مروان بن معاوية أيضا. والسابع محمد بن غانم كذلك
روى عنه عبد الرحيم بن سليمان في بعض الروايات. والثامن محمد الطبري كذلك
روى عنه عبد الرحمن بن امرئ القيس. والتاسع محمد بن الطبري كذلك ذكره
يحيى بن معين. والعاشر أبو قيس الشامي كذلك روى عنه أبو معاوية الضرير
والحادي عشر أبو قيس محمد بن عبد الرحمن كذلك روى عنه أبو معاوية في
بعض الروايات. والثاني عشر محمد بن زينب. والثالث عشر محمد بن أبي زكريا
والرابع عشر محمد بن أبي الحسن. والخامس عشر محمد بن حسان الطبري. ذكر
هذه الأقوال العقيلي. والسادس عشر أبو عبد الله الشامي حكاه أبو العباس بن
عقدة. والسابع عشر أبو عبد الرحمن الأزدي حكاه أبو حاتم بن حبان. والثامن
عشر محمد بن عبد الرحمن. والتاسع عشر الربضي. ذكرهما الخطيب أبو بكر.
وقد قال العقيلي: ربما قالوا عبد الله وعبد الرحمن وعبد الكريم وغير ذلك على
معنى التعبيد لله وينسبونه إلى جده ويكنون الجد.
قال أبو حاتم بن حبان: كان هذا الرجل يقول: إني لأسمع الكلمة الحسنة
فلا أرى بأسا أن أنشئ لها إسنادا، فلا يحل ذكره في الكتب إلا على وجه
القدح فيه. قال المصنف: فهذا الرجل هو الذي وضع هذا الاسناد ليوقع في
قلوب الناس الشك، فإن ظهر فبحق وجد طريقا. وقد صح عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه قال: " أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي ".
280

ولأهل الشام آخر يشاركه في اسمه واسم أبيه وجده يقال له محمد بن سعيد
ابن حسان العبسي من أهل حمص، روى عنه عبد الله بن سالم حديثا في الفتنة
يرفعه، وروى عنه علي بن عياش أيضا. ذكرته ليعرف، ولم يذكره البخاري
في تاريخه.
باب في ذكر انتقاله إلى الأصلاب.
أنبأنا علي بن أحمد الموحد قال أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي قال حدثنا
أبو الحسن علي بن محمد بن بكران قال أنبأنا أبو صالح خلف بن محمد بن إسماعيل
قال حدثنا الحسين بن الحسن بن الوضاح ومحبوب بن يعقوب قالا حدثنا يحيى
ابن جعفر بن أعين قال حدثنا علي بن عاصم عن عطاء بن السايب عن مرة
الهمداني عن ابن عباس قال: قلت يا رسول الله أين كنت وآدم في الجنة؟ قال
كنت في صلبه وأهبط إلى الأرض وأنا في صلبه، وركبت السفينة في صلب أبى
نوح، وقذفت في النار في صلب أبى إبراهيم، لم يلتق لي أبوان قط على سفاح،
لم يزل ينقلني من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام النقية مهذبا، لا يتشعب شعبان
إلا كنت في خير هما، فأخذ الله لي بالنبوة ميثاقي وفى التوراة بشر بي، وفى الإنجيل
شهر اسمى، تشرق الأرض لوجهي، والسماء لرؤيتي، ورقى بي في سمائه، وشق بي
اسما من أسمائه فذو العرش محمود وأنا محمد، وفى ذلك يقول حسان بن ثابت:
من قبلها طبت في الظلال وفى * مستودع حين يخصف الورق
ثم سكنت البلاد لا بشر * أنت ولا نطفة ولا علق
فذكر الأبيات قال: " فحشت الأنصار فمه دنانير ".
هذا حديث موضوع قد وضعه بعض القصاص، وهناد لا يوثق به ولعله
من وضع شيخه أو من شيخ شيخه على أن علي بن عاصم قد قال فيه: يزيد بن
281

هارون ما زلنا نعرفه بالكذب. وقال يحيى: ليس بشئ إلا أن التهمة به للمتأخرين
أليق فالاثبات للعباس بلا خلاف.
باب في شرف أصله
أنبأنا الجريري قال أنبأنا العشاري قال حدثنا الدارقطني الدارقطني
قال حدثنا عبيد الله بن موسى الأنصاري قال حدثنا عبد الله بن محمد ابن يزيد
الحنفي قال حدثنا عبدان بن عثمان قال حدثنا خارجة بن مصعب عن ابن
جريج عن عطاء عن ابن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا إن كل
سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي، فجثى رجل قدام النبي صلى الله
عليه وسلم فقال ما نسبك؟ قال: العرب. قال فما سببك؟ قال: الموالى يحل لهم
ما يحل لي ويحرم عليهم ما يحرم على، إن الله أوحى إلى أن [لا] أخرج في سرية
إلا [وفى] يميى [يميني] رجل من العرب فإن لم يكن كان من الموالى فإن لم
يكن فالناس فثام [فئام] لا خير فيهم. يا سلمان ليس لك أن تنكح نساءهم
ولا تأمر بهم، إنما أنتم الوزراء وهم الأئمة، ولو أن الله علم أن شجرة خير من
شجرتي لأخرجني منها وهي شجرة العرب ".
تفرد به خارجة عن ابن جريج قال يحيى: ليس بثقة. وقال أحمد لابنه:
لا تكتب حديثه. وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج بخبره.
باب في إكرام أبويه وجده
أخبرت عن أبي الحسين يحيى بن الحسين بن إسماعيل العلوي قال أنبأنا
أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين الحسنى قال حدثنا زيد بن حاجب قال حدثنا
محمد بن عمار العطار قال حدثني علي بن محمد بن موسى الغطفاني قال حدثنا محمد
ابن هارون العلوي قال حدثني محمد بن علي بن حمزة العباسي قال حدثني أبي قال
282

حدثنا علي بن موسى بن جعفر قال حدثني أبي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن
علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هبط على جبريل
فقال يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول إني حرمت النار على صلب أنزلك
وبطن حملك وحجر كفلك. فقال يا جبريل بين لي، فقال أما الصلب فعبد الله
وأما البطن فآمنة بنت وهب، وأما الحجر فعبد يعنى عبد المطلب وفاطمة بنت
أسد ". هذا حديث موضوع بلا شك وإسناده كما ترى. قال بعض حفاظ
خراسان: كان أبو الحسين يحيى بن الحسين العلوي رافضيا غاليا، وكان يدعى
الخلافة بحيلان [بحيلان]، واجتمع عليه خلق كثير ولا يختلف المسلمون
أن عبد المطلب مات كافرا، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ثمان سنين.
وأما عبد الله فإنه مات ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل ولا خلاف أنه مات
كافرا، وكذلك آمنة ماتت ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين. فأما
فاطمة بنت أسد فإنها أسلمت وبايعت ولا تختلط بهؤلاء.
باب إسلام آمنة بنت وهب
أنبأنا يحيى بن علي المدبر قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا
القاضي أبو العلاء الواسطي قال حدثنا الحسين بن علي بن محمد الحنفي قال حدثنا
أبو طالب عمر بن الربيع الزاهد قال حدثنا عمر بن أيوب الكعبي قال حدثني
محمد بن يحيى الزهري أبو غزنة قال حدثني عبد الوهاب بن موسى قال حدثني
مالك بن أنس عن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن عائشة قالت: " حج بنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فمر بي على عقبة الحجون وهو باك
حزين مغتم. فبكيت لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إنه نزل فقال:
يا حمير استمسكي فاستندت إلى جنب البعير فمكث عنى طويلا ثم إنه عاد إلى
وهو فرج مبتسم، فقلت له بأبي أنت وأمي يا رسول الله نزلت من عندي وأنت
283

باك حزين مغتم فبكيت لبكائك ثم إنك عدت إلى وأنت فرح مبتسم فعم
ذا يا رسول الله؟ فقال ذهبت لقبر أتى آمنة فسألت الله أن يحييها فأحياها فآمنت
بي وردها الله عز وجل ".
هذا حديث موضوع بلا شك والذي وضعه قليل الفهم عديم العلم إذ لو
كان له علم لعلم أن من مات كافرا لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة لا بل لو آمن
عند المعاينة لم ينتفع، ويكفى في رد هذا الحديث قوله تعالى: (فيمت وهو كافر)
وقوله في الصحيح: " استأذنت ربى أن أستغفر لابي فلم يأذن لي " ومحمد بن
زياد هو النقاش وليس بثقة وأحمد بن يحيى ومحمد بن يحيى مجهولان وقد كان
أقوام يضعون أحاديث ويدسونها في كتب المغفلين فيرويها أولئك. قال شيخنا
أبو الفضل بن ناصر: هذا حديث موضوع وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة ودفنت هناك وليست بالحجون.
باب ذكر أبيه وعمه أبى طالب
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
ابن ثابت قال أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال حدثنا أبو بكر محمد بن فارس بن
حمدان العبدي قال حدثني خطاب بن عبد الدايم الأرسوفي قال حدثنا يحيى
ابن المبارك عن شريك عن منصور عن ليث عن مجاهد عن مجاهد عن ابن عباس قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " شفعت في هؤلاء النفر:
في أبى وعمى أبى طالب وأخي من الرضاعة يعنى ابن السعدية ليكونوا من
بعد البعث هباء ".
هذا حديث موضوع بلا شك. فأما ليث فضعيف، ومنصور لم يرو
عنه شيئا لضعفه، ويحيى بن المبارك شامي مجهول، وخطاب ضعيف.
284

قال أبو الحسن بن الفرات: ومحمد بن فارس ليس بثقة ولا محمود المذهب.
قال أبو نعيم: كان رافضيا غاليا في الرفض ضعيفا في الحديث. وفى الصحيحين
أن أبا طالب ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " هو في صحصاح
[ضحضاح] من النار ".
باب فضله على الأنبياء
أنبأنا سعيد بن أحمد بن البنا قال أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد بن الزينبي
قال أنبأنا أبو بكر محمد بن علي الوراق قال أنبأنا محمد بن السرى التمار قال حدثنا
أبو عبد الله غلام خليل قال حدثنا علي بن حماد البزار عن محمد بن جابر اليمامي
قال حدثنا هبيرة بن عبد الله عن أبي إسحاق عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله
ابن عباس قال: " خرج من المدينة أربعون رجلا من اليهود فقالوا: انطلقوا بنا
إلى هذا الكاهن حتى نوبخه في وجهه ونكذبه فإنه يقول: إنه رسول رب
العالمين إذ خرج عليهم عمر بن الخطاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر
يقول ما أحسن ظن محمد بالله وأكثر شكره لما أعطاه، فسمعت اليهود هذا
الكلام من عمر، فقالوا: ما ذاك محمد ولكن ذاك موسى بن عمران كلمه الله،
فضرب عمر بيده إلى شعر اليهودي وجعل يضربه فهربت اليهود، فقالوا: مروا
بنا ندخل على محمد نشكو إليه، فلما دخلوا عليه، قال اليهود: يا محمد نعطى
الجزية ونظلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ظلمكم؟ قالوا: عمر بن
الخطاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كان عمر ليظلم أحدا حتى
يسمع منكرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: أدع لي عمر فخرج
بلال، فقال: يا عمر. قال: لبيك. قال: أجب نبيك فدخل عمر، فقال: يا عمر
لم ظلمت هؤلاء اليهود؟ فقال عمر: والذي نفس عمر بيده لو أن بيدي سيفا
لضربت أعناقهم أجمعين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يا عمر؟ قال:
285

خرجت من عندك وأنا أقول ما أحسن ظن محمد بالله وأكثر شكره لما أعطاه
فقالت اليهود ما ذاك محمد ولكن ذاك موسى بن عمران فأغضبوني فويل نفسي
أموسى خير منك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: موسى أخي وأنا خير
منه قد أعطيت أفضل منه، فعجبت اليهود من ذلك، فقالت: هذا أردنا. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ذاك؟ فقالت اليهود: آدم خير منك، ونوح
خير منك، وموسى خير منك: وعيسى خير منك، وسليمان خير منك. فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: كذبتم بل أنا خير من هؤلاء أجمعين وأنا أفضل منهم
فقالت اليهود: أنت؟ قال: أنا. قالوا: هات بيان ذلك في التوراة. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع لي عبد الله بن سلام والتوراة بيني وبينهم.
قالوا: نعم. [آدم خير منك] قال: فلم؟ قالوا: لان الله خلقه بيده ونفخ فيه
من روحه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آدم أبى ولقد أعطيت خيرا
منه إن المنادى ينادى كل يوم خمس مرات من المشرق إلى المغرب أشهد أن لا إله
إلا الله وأشهد أن محمدا رسول، ولا يقال آدم رسول الله، ولواء الحمد بيدي
يوم القيامة وليس بيد آدم. فقالت اليهود: صدقت يا محمد وهذا مكتوب
في التوراة. قالوا: هذه واحدة، فقالت اليهود: موسى خبر منك. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولم؟ قالوا: لان الله كلمه بأربعة آلاف كلمة
وأربع مائة وأربعين كلمة، ولم يكلمك بشئ. فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: لقد أعطيت أفضل منه. قالوا: وما ذاك؟ قال قوله تعالى في كتابه:
[سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى]
حملني على جناح جبريل حتى أتى بي السماء السابعة وجاوزت سدرة المنتهى
عند جنة المأوى حتى تعلقت بساق العرش، فنودي من فوق العرش: يا محمد إني
[أنا] الله لا إله إلا أنا، ورأيت ربي عز وجل بقلبي فهذا أفضل من ذلك. فقالت
اليهود: صدقت يا محمد وهذا مكتوب في التوراة، وقال: هاتان اثنتان. قالوا:
286

ونوح خير منك. قال: ولم؟ قالوا: لان سفينته استوت على الجودي. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أعطيت أفضل منه. قالوا: وما ذاك؟ قال:
إن الله تعالى يقول: (إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر) فالكوثر نهر
في السماء السابعة، مجراه من تحت العرش، عليه ألف قصر، حشيشه الزعفران
ورضراضه الدر والياقوت وترابه المسك الأبيض لي ولأمتي. قالت اليهود:
صدقت يا محمد ها هو مكتوب في التوراة. قالوا: هذه ثلاث. قالوا: إبراهيم
خير منك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولم؟ قالوا: لان الله اتخذه
خليلا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إبراهيم خليل الله وأنا حبيبه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تدرون لاي شئ سميت محمدا، سماني محمدا
اشتق اسمى من اسمه وهو الحميد وأنا محمد وأمتي الحمادون. فقالت اليهود: صدقت
يا محمد هذا أكثر من ذلك. فقالت اليهود: هذه أربع. فقالت اليهود: عيسى
خير منك. فقال: ولم: قالوا: لان عيسى صعد ذات يوم عقبة بيت المقدس،
فجاءت الشياطين لتحمله، فأمر الله جبريل فضرب بجناحه الأيمن وجوههم
فألقاهم في النار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أعطيت خيرا منه
انقلبت من قتال المشركين يوم بدر وأنا جائع شديد الجوع، فلما انصرفت
استقبلتني امرأة يهودية وعلى رأسها جفنة وفى الجفنة جدي مشوي وفى كمها سكر
فقالت: يا محمد والحمد لله الذي سلمك ولقد نذرت لله نذرا إذا انقلبت من هذا الغزو
لأذبحن هذا الجدي ولأشوينه ولأحملنه إلى محمد ليأكله، فنزلت فضربت بيدي
فيه فاستنطق الجدي فاستوى على أربع قائما وقال: يا محمد لا تأكل منى فإني
مسموم. فقالت اليهود: صدقت يا محمدا هذا أكثر من ذلك. قالوا: هذه خمس
بقيت واحدة ونقوم. قالوا: سليمان خير منك. فقال: ولم؟ قالت: لان الله
سخر له الشياطين والجن والانس والرياح وعلمه كلام الطير والهوام. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن كان الله سخر له الشياطين والجن والانس
287

والرياح فقد سخر لي البراق خير من الدنيا بحذافيرها، وهي دابة من دواب الجنة
وجهه كوجه آدمي حوافيره كحوافر الخيل وذنبها كذب البقرة فوق الحمار ودون
البغل سرجه من ياقوت أحمر وركابه من در أبيض مزموم بسبعين ألف زمام
من الذهب، لها جناحان مكللان بالدر والياقوت، مكتوب بين عينيه لا إله
إلا الله محمد رسول الله. فقالت اليهود: صدقت يا محمد ها هو ذا مكتوب في التوراة
هذا أكثر من ذاك. وقالت اليهود: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأنك [وأن] محمدا عبده ورسوله ".
هذا حديث لا نشك في وضعه، فما أجهل واضعه وما أرك لفظه وأبرده،
ولولا أنى أتهم به غلام خليل فإنه عامي كذاب لقلت إن واضعه قصد شين
الاسلام بهذا الحديث. وفى إسناده محمد بن جابر. قال يحيى بن معين: ليس
بشئ. وقال أحمد بن حنبل: لا يحدث عنه إلا من هو شر منه وما كان مثل
ذلك يبلغ به الجهل إلى وضع مثل هذا، وما هو إلا من عمل غلام خليل.
حديث آخر في فضله على الأنبياء
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك ومحمد بن ناصر الحافظان وموهوب بن أحمد
اللغوي وعمر بن ظفر المقرى وعبد الخالق بن أحمد اليوسفي قالوا أنبأنا أبو بكر
أحمد بن المظفر بن سوسن قال أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرقى
قال أنبأنا أبو أحمد حمزة بن العباس الدهقان قال حدثنا محمد بن عيسى بن حيان
المدايني المعروف بأبي السكين قال حدثنا محمد بن الصباح قال أنبأنا علي بن الحسن
الكوفي عن إبراهيم بن اليسع عن أبي العباس الضرير عن الخليل بن مرة عن
يحيى البصري عن زاذان عن سلمان قال: " حضرت النبي صلى الله عليه وسلم
ذات يوم فإذا بأعرابي [جاف] راجل بدوي قد وقف علينا فسلم فرددنا عليه السلام
فقال: يا قوم أيكم محمد رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا محمد
288

رسول الله. فقال الأعرابي: لقد أيقنت بك قبل أن أراك، وأحببتك من قبل
أن ألقاك، وصدقت بك قبل أن أرى وجهك، ولكني أريد أن أسألك عن
خصال. قال: سل عما بدا لك. فقال: فداك أبي وأمي. أليس الله عز وجل
كلم موسى؟ قال بلى. قال: وخلق عيسى من روح القدس؟ قال بلى. قال:
واتخذ إبراهيم خليلا؟ واصطفى آدم؟ قال بلى. قال: بأبي أنت وأمي أي شئ
أعطيت من الفضل؟ فأطرق النبي صلى الله عليه وسلم فهبط عليه جبريل فقال: الله
يقرئك السلام وهو يسألك عما هو أعلم به منك فيقول يا حبيبي لم أطرقت ارفع
رأسك و - زد - [رد] على الأعرابي جوابه. قال: أقول ما ذا يا جبريل؟
قال الله يقول إني كنت [إن كنت اتخذت] إبراهيم خليلا فقد اتخذتك
من قبل حبيبا، وإن كلمت موسى في الأرض فقد كلمتك وأنت معي في السماء
والسماء أفضل من الأرض، وإن كنت خلقت عيسى من روح القدس فقد
خلقت اسمك قبل أن أخلق الخلق بألفي سنة، ولقد وطئت في السماء موطئا
لم يطأه أحمد قبلك ولا يطؤه أحد بعدك، وإن كنت قد اصطفيت آدم فقد ختمت
الأنبياء، ولقد خلقت مائه ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي ما خلقت خلقا
أكرم على منك، ومن يكون أكرم على منك؟ ولقد أعطيتك الحوض والشفاعة
والناقة والقضيب والميزان والوجه الأقمر والجمل الأحمر والتاج والهراوة والحج
والعمرة والقرآن وفضل شهر رمضان والشفاعة كلها لك حتى ظل عرشي في القيامة
على رأسك ممدود وتاج الملك على رأسك معقود، ولقد قرنت اسمك مع اسمى
فلا أذكر في موضع حتى تذكر معي، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك
على ومنزلتك عندي ولولاك يا محمد ما خلقت الدنيا ".
هذا حديث موضوع لا شك فيه، وفى إسناده مجهولون وضعفاء والضعفاء
أبو السكين وإبراهيم من اليسع. قال الدارقطني: أبو السكين ضعيف وإبراهيم
(19 الموضوعات 1)
289

ويحيى البصري متروكان. قال أحمد بن حنبل: حرقنا حديث يحيى البصري.
وقال الفلاس: كان كذابا يحدث أحاديث موضوعة. وقال الدارقطني: متروك.
حديث آخر في ذلك: أنبأنا عبد الأول قال أنبأنا أبو إسماعيل عبد الله بن
محمد الأنصاري قال أنبأنا عمر بن إبراهيم قال محمد بن أحمد الأزهري قال حدثنا
محمد بن إسحاق السعدي قال حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثنا ابن أبي مريم
قال حدثنا مسلمة قال حدثنا زيد بن واقد عن القاسم بن مخيمرة عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتخذ الله إبراهيم خليلا وموسى نجيا
واتخذني حبيبا، ثم قال: وعزتي وجلالي لأؤثرن حبيبي على خليلي ونجيي ".
هذا حديث لا يصح انفرد بروايته عن زيد مسلمة. قال يحيى: مسلمة ليس
بشئ. وقال النسائي والدارقطني والأزدي: متروك.
باب فضله على موسى.
أنبأنا عبد الأول قال أنبأنا أبو إسماعيل الأنصاري قال حدثنا محمد بن إبراهيم
النيسابوري قال أنبأنا أحمد بن جعفر القطيعي قال حدثنا محمد بن يونس قال حدثنا
بشر بن عبيد قال حدثنا موسى بن سعيد الراسبي عن قتادة عن سليمان بن قيس
اليشكري عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله
أعطى موسى الكلام وأعطاني الرؤية وفضلني بالمقام المحمود والحوض المورود "
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به محمد بن
يونس وهو الكديمي وكان وضاعا للحديث. قال ابن حبان: لعله قد وضع
أكثر من ألف حديث.
باب تسليم عيسى على نبينا عليه السلام
روى أبو عقال هلال بن زيد بن يسار بن بولا عن أنس قال: " بينا نحن
290

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رأينا بردا وندى فقلنا: يا رسول الله ما هذا
البرد والندى؟ قال: قد رأيتموه؟ قلنا: نعم. قال: ذاك عيسى بن مريم
سلم على ".
قال البخاري: أبو عقال في حديثه مناكير. وقال ابن حبان: يروى عن
أنس أشياء موضوعة ما حدث بها أنس قط لا يجوز الاحتجاج به بحال.
باب في أنه أحسن من كل شئ
أنبأنا أبو منصور قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي قال أنبأنا أبو الحسين
علي بن محمد المعدل قال أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق قال حدثنا أبو بكر محمد بن
عبد الله بن إبراهيم الأشناني قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا وكيع عن
شعبة عن محارب عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " هبط على جبريل
فقال يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام، ويقول: [يا] حبيبي إن كسوت حسن
يوسف من نور الكرسي، وكسوت حسن وجهك من نور عرشي. وما خلقت
خلقا أحسن منك يا محمد ".
هذا حديث موضوع، والمتهم به أبو بكر الأشناني وكان يضع الحديث.
قال الدارقطني. الأشناني كذاب دجال وقد رآه [رواه] بإسناد آخر عن
علي بن الجعد عن شعبة عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم وغير إسناده مرت أخرى فقال حدثنا محمد بن عبد الله
الرازي قال حدثنا الفضل بن موسى عن سليمان الطويل عن زيد بن وهب عن
عبد الله بن غالب عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكل
ذلك من عمله.
باب في فضل عرقه
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا
291

أبو سعيد محمد بن موسى قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار
حدثنا إبراهيم بن إسماعيل السيوطي قال حدثنا بشر بن سبحان [سيحان]
قال حدثنا حلبس قال حدثنا سفيان الثوري عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي
هريرة قال قال رجل: يا رسول الله إني زوجت ابنتي وإني أحب أن تعينني.
قال: ما عندي شئ ولكن القنى غدا وجئني معك بقارورة واسعة الرأس وعود
شجرة. قال فجاء وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسيل العرق من ذراعيه حتى
ملا القارورة، ثم قال: خذها وأمر أهلك إذا أردت أن تطيب أن تغمس هذا
العود في القارورة فتطيب به. قال: فكانت إذا تطيبت شم أهل المدينة ريحا
طيبة فسموا بيت المطيبين ".
هذا حديث موضوع وهو مما عملته يدا حلبس. قال الدارقطني: هو متروك
وقال الأزدي: واه دامر (1). وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به بحال.
باب ذكر ما جرى له ليلة المعراج
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال
أخبرني أحمد بن محمد العتيقي وأبو طاهر محمد بن عبد الواحد البتيع قالا حدثنا
المعافا بن زكريا قال حدثنا محمد بن حمدان قال حدثنا محمد بن مسلمة الواسطي
حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن عباس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله فضل المرسلين على المقربين، لما
بلغت السماء السابعة لقيني ملك من نور على سرير من نور فسلمت عليه فرد على
السلام، فأوحى الله إليه: يسلم عليك صفيي ونبيي فلم تقم له؟ وعزتي وجلالي
لتقومن فلا تقعد إلى يوم القيامة ".
قال الخطيب: هذا الحديث باطل موضوع ورجال إسناده كلهم ثقاة سوى
.

(1) هكذا هي بالأصل ولعلها مصحفة من " أشر "
292

محمد بن مسلمة، ورأيت هبة الله بن الحسن الطبري يضعف محمد بن مسلمة،
وسمعت الحسن بن محمد الخلال يقول: هو ضعيف جدا.
باب أسماء مراكبه وسلاحه
أنبأنا محمد بن عبد الملك عن أبي محمد الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم
ابن حبان الحافظ قال حدثنا بشر بن عبد الله البلدي قال حدثنا شعيب بن أيوب
قال حدثنا عثمان بن عبد الرحمن قال حدثنا علي بن عروة عن عبد الملك بن أبي
سليمان عن عطاء وعمرو بن دينار عن ابن عباس قال: " كان لرسول الله صلى الله
عليه وسلم سيف محلى قائمته من فضة، ولعله من فضة وفيه حلق فضة، وكان يسمى
ذا الفقار، وكانت له فرس تسمى ذا السداد، وكانت له كنانة تسمى ذا
[ذات] الجمع، وكانت له درع موشحة بنحاس تسمى ذا الفصول [ذات
الفضول]، وكانت له مجن تسمى القرقر، وكان له فرس أشقر يسمى المرتجز،
وكان له فرس أدهم يسمى السكب، وكان له سرج يسمى الداج، وكانت له بغلة
تسمى دلدل، وكانت له ناقة تسمى القصواء، وكانت له مرآة تسمى المدلة،
وكان له مقراض يسمى الممسوف [الممشوق] ".
هذا حديث موضوع وفيه آفات منها عبد الملك وهو العرزمي وقد تركه شعبة
ومنها علي بن عروة. قال يحيى: ليس بشئ. وقال أبو حاتم الرازي: متروك
الحديث. وقال ابن حبان: يضع الحديث. ومنها عمر بن عبد الرحمن، وقد
قدحوا فيه.
باب تكليم حماره يعقور له
روى محمد بن مزيد أبو جعفر مولى بنى هاشم عن أبي حذيفة موسى بن
مسعود عن عبد الله بن حبيب الهذلي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي منظور
293

وكانت له صحبة قال: " لما فتح الله عز وجل على نبيه خيبر أصابه من سهمه أربعة
أزواج نعال وأربعة أزواج خفاف وعشرة أواق ذهب وفضة وحمار أسود. قال
فكلم النبي صلى الله عليه وسلم الحمار، فقال له: ما اسمك؟ قال يزيد بن شهاب
أخرج من نسل جدي ستين حمارا كلهم لم يركبه إلا نبي ولم يبق من نسل جدي
غيره ولا من الأنبياء غيرك. أتوقعك أن تركبني وقد كنت لرجل قبلك من اليهود
وكنت أعثر به عمدا وكان يجيع بطني ويضرب ظهري. فقال له النبي صلى الله عليه
وسلم قد سميتك يعفور يا يعفور. أتشتهي الإناث؟ قال لا. وكان النبي صلى الله
عليه وسلم يركبه في حاجة فإذا نزل عليه [عنه] بعث به إلى باب الرجل فيأتي
الباب فيقرعه برأسه فإذا خرج إليه صاحب الدار أومأ إليه أن أجب رسول الله صلى
الله عليه وسلم. فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى بئر كانت لابي
الهيثم ابن التيهان فتردى فيها فصارت قبره. جزعا منه على رسول الله صلى
الله عليه وسلم ".
هذا حديث موضوع فلعن الله واضعه فإنه لم يقصد إلا القدح في الاسلام،
والاستهزاء به. قال أبو حاتم به حبان: لا أصل لهذا الحديث وإسناده ليس
بشئ ولا يجوز الاحتجاج بمحمد بن مزيد.
باب إرسال قطف إليه
أنبأنا ابن خيرون عن الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم البستي قال
حدثنا مكحول قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا ابن وهب قال
حدثنا حفص بن عمر عن عقيل عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله
عن ابن عباس: " أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم
بقطيف، فقال: إن الله عز وجل يقرئك السلام، وبعثني إليك بهذا
القطف لتأكله ".
294

قال ابن حبان: هذا ما له أصل يرجع إليه. وحفص بن عمر لا يجوز
الاحتجاج به بحال. قال المصنف: قلت وحفص هذا قد رواه من حديث أنس
وأنبأنا الجريري قال أنبأنا العشاري قال حدثنا الدارقطني قال حدثنا دعلج قال
حدثنا محمد بن علي بن زيد قال حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا عبد الله بن وهب
عن حفص بن عمر بن عقيل عن الزهري عن أنس " أن جبريل أتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بقطف من عنب فقال إلى ربك يقرئك السلام وأرسلني
إليك بهذا القطف فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم ".
باب تعبده وهجر نسائه قبل موته
أنبأنا القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا يوسف بن رباح
البصري قال أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار قال أنبأنا الحسن بن
أحمد بن فيل قال حدثنا العباس بن إسماعيل بن حماد البغدادي قال حدثنا محمد
ابن الحجاج قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سفينة عن أبيه سفينة قال:
" تعبد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهرين، واعتزل النساء حتى صار
كالكلس البالي ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومحمد بن الحجاج
هو أبو عبد الله بن المصفر مولى بنى هاشم. قال أحمد بن حنبل: تركت حديثه.
وقال يحيى وأبو داود: ليس بثقة. وقال النسائي ومسلم والدارقطني: متروك.
باب ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم
أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا أحمد بن محمد الحداد قال أنبأنا
أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا سليمان بن أحمد قال حدثنا محمد بن
أحمد بن البراء قال حدثنا عبد المنعم بن إدريس بن سنان عن أبيه وهب بن منبه
عن جابر بن عبد الله وابن عباس قالا: " لما نزلت [إذا جاء نصر الله والفتح]
295

إلى آخر السورة قال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل نفسي قد نعيت. قال
جبريل: الآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى. فأمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا ينادى الصلاة جامعة، فاجتمع المهاجرون
والأنصار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، ثم صعد المنبر
فحمد الله وأثنى عليه، ثم خطب خطبة وجلت منها القلوب وبكت منها العيون،
ثم قال: أيها الناس إني نبي كنت لكم. فقالوا جزاك الله من نبي خيرا فلقد كنت
لنا كالأب الرحيم وكالأخ الناصح المشفق، أديت رسالات الله وأبلغتنا وحيه،
ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة فجزاك الله عنا أفضل ما جازى
نبيا عن أمته. فقال لهم معاشر المسلمين أنا أنشدكم بالله وبحقي عليكم من كانت
له قبلي مظلمة فليقم فليقتص منى، فلم يقم إليه أحد، فنا شدهم الله فلم يقم إليه أحد،
فناشدهم الثالثة: معاشر المسلمين من كانت له قبلي مظلمة فليقم فليقتص منى قبل
القصاص في القيامة، فقام من بين المسلمين شيخ كبير يقال له عكاشة، فتخطى
المسلمين حتى وقف بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال فداك أبي وأمي،
لولا أنك ناشدتنا مرة بعد مرة أخرى ما كنت بالذي أتقدم على شئ منك،
كنت معك في غزاة فلما فتح الله علينا وكنا في الانصراف حاذت ناقتي ناقتك
فنزلت عن الناقة ودنوت منك لأقبل فخذك فرفعت القضيب فضربت خاصرتي
فلا أدرى أكان عمدا منك أم أردت ضرب الناقة؟ فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: يا عكاشة أعيذك بحلال الله أن يتعمدك رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالضرب، يا بلال انطلق إلى منزل فاطمة وائتني بالقضيب الممشوق، فقالت
فاطمة وما يصنع أبى بالقضيب الممشوق وليس هذا يوم حج ولا يوم غزاة؟ فقال
يا فاطمة ما أغفلك عما فيه أبوك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يودع الدين
ويفارق الدنيا ويعطى القصاص من نفسه، فقالت فاطمة يا بلال، ومن الذي
تطيب نفسه أن يقتص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا بلال أذن فقل للحسن
296

والحسين يقومان إلى هذا الرجل فيقتص منهما ولا يدعانه يقتص من رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فدخل بلال المسجد، ودفع القضيب إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فدفع رسول الله " صلى الله عليه وسلم القضيب إلى عكاشة، فلما نظر
أبو بكر وعمر إلى ذلك قاما فقالا يا عكاشة ها نحن بين يديك فاقتص منا ولا
تقتص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم:
إمض يا أبا بكر وأنت يا عمر فقد عرف الله عز وجل مكانكما ومقامكما، فقام
علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال يا عكاشة إنا في الحياة بين يدي رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولا تطيب نفسي أن تضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فهذا ظهري وبطني اقتص منى بيدك واجلدني مائة ولا تقتص من رسول الله صلى
الله عليه وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا علي اقعد فقد عرف الله عز وجل
مقامك ونيتك، وقام الحسن والحسين عليهما السلام فقالا يا عكاشة أليس تعلم
أنا سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فالقصاص منا كالقصاص من رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: اقعدا يا قرة عيني لا نسي
الله لكما هذا المقام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عكاشة اضرب إن كنت
ضاربا، فقال يا رسول الله ضربتني وأنا حاسر عن بطني، فكشف عن بطنه
صلى الله عليه وسلم وصاح المسلمون بالبكاء، وقالوا نرى عكاشة ضاربا بطن
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلما نظر عكاشة إلى بياض بطن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كأنه القباطي لم يملك أن أكب عليه فقبل بطنه وهو يقول:
فداك أبي وأمي. ومن تطيق نفسه أن يقتص منك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم
إما أن تضرب وإما أن تعفو، فقال قد عفوت عنك رجاء أن يعفو الله عنى في
القيامة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينظر إلى رفيقي في الجنة
فلينظر إلى هذا الشيخ، فقام المسلمون فجعلوا يقبلون ما بين عينيه، ويقولون:
طوباك طوباك نلت الدرجات العلى ومرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
297

فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه وكان مرضه ثمانية عشر يوما يعوده
الناس، وكان صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين وبعث يوم الاثنين وقبض يوم
الاثنين، فلما كان يوم الأحد ثقل في مرضه فأذن بلال ثم وقف بالباب فنادى
السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الصلاة يرحمك الله. فسمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم صوت بلال فقالت فاطمة يا بلال إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم اليوم مشغول بنفسه، فدخل بلال المسجد، فلما أسفر الصبح قال والله
لا أقيمها أو أستأذن سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع وقام بالباب
ونادى السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله. الصلاة يرحمك الله، فسمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم صوت بلال فقال ادخل يا بلال إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم مشغول بنفسه مر أبا بكر يصلى بالناس. فخرج ويده على أم رأسه وهو
يقول يا غوثاه بالله وانقطاع رجائي وانفصام [انقصام] ظهري ليتني لم تلدني
أمي وإذ ولدتني لم أشهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا اليوم. ثم قال
يا أبا بكر ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تصلى بالناس، فتقدم
أبو بكر وكان رجلا رقيقا، فلما نظر إلى خلو المكان من رسول الله صلى الله عليه
وسلم لم يتمالك أن خر مغشيا عليه وصاح المسلمون بالبكاء، فسمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ضجيج الناس، فقال ما هذه الضجة؟ فقالوا ضجة المسلمين لفقدك
يا رسول الله فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليا والعباس فاتكأ عليهما فخرج إلى
المسجد، فصلى بالناس ركعتين خفيفتين ثم أقبل بوجهه المليح عليهم فقال يا معشر
المسلمين أستودعكم الله، أنتم في رجاء الله وأمانه، والله خليفتي عليكم، معاشر
المسلمين، عليكم باتقاء الله وحفظ طاعته من بعدي فإني مفارق الدنيا. هذا أول
يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا. فلما كان يوم الاثنين اشتد به
الامر، فأوحى الله تعالى إلى ملك الموت أن اهبط إلى حبيبي وصفيي محمد في أحسن
صورة وارفق به في قبض روحه، فهبط ملك الموت فوقف بالباب شبه أعرابي ثم
298

قال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة.. أدخل؟
فقالت عائشة لفاطمة أجيبي الرجل، فقالت فاطمة: آجرك الله في ممشاك يا عبد الله
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول بنفسه، فنادى الثانية، فقالت عائشة
يا فاطمة أجيبي الرجل، فقالت فاطمة: آجرك الله في ممشاك يا عبد الله إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم مشغول بنفسه، ثم دعا الثالثة فقال السلام عليكم يا أهل
بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة أدخل فلا بد من الدخول. فسمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت ملك الموت فقال يا فاطمة من بالباب؟
فقالت يا رسول الله إن رجلا بالباب يستأذن في الدخول فأجبناه مرة بعد أخرى
فنادى في الثالثة صوتا اقشعر منه جلدي وارتعدت منه فرائصي فقال لها النبي صلى
الله عليه وسلم يا فاطمة أتدرين من بالباب؟ هذا هادم اللذات ومفرق الجماعات،
هذا مرمل الأزواج، ومؤتم الأولاد، هذا مخرب الدور، وعامر القبور،
هذا ملك الموت، أدخل يرحمك الله يا ملك الموت، فدخل ملك الموت على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ملك الموت
جئتني زائرا أو قابضا؟ قال: جئتك زائرا وقابضا وأمرني الله عز وجل أن
لا أدخل عليك إلا بإذنك ولا أقبض روحك إلا بإذنك، فإن أذنت وإلا
رجعت إلى ربى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ملك الموت أين
خلفت حبيبي جبريل؟ قال خلفته في السماء الدنيا والملائكة يعزونه فيك، فما
كان أسرع أن أتاه جبريل فقعد عند رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: يا جبريل هذا الرحيل من الدنيا فبشرني بمالي عند الله، فقال أبشرك
يا حبيب الله أنى تركت أبواب السماء قد فتحت، والملائكة قد قاموا صفوفا
صفوفا بالتحية والريحان يحيون روحك يا محمد. فقال لوجه ربى الحمد فبشرني
يا جبريل، قال أبشرك أن أبواب الجنة قد فتحت، وأنهارها قد أطردت
وأشجارها قد تدلت وحورها قد زينت لقدوم روحك يا محمد، قال لوجه ربى
299

الحمد فبشرني يا جبريل. قال أبواب النيران قد أطبقت لقدوم روحك يا محمد
قال لوجه ربى الحمد فبشرني يا جبريل. قال أنت أول شافع وأول مشفع في
القيامة. قال لوجه ربى الحمد فبشرني يا جبريل قال جبريل يا حبيبي عم تسألني؟
قال أسألك عن غمى وهمي، من لقراء القرآن من بعدي؟ من لصوام رمضان من
بعدي؟ من لحجاج بيت الله الحرام من بعدي؟ من لامتي المصفاة من بعدي؟
قال: أبشر يا حبيب الله فإن الله عز وجل يقول: قد حرمت الجنة على جميع
الأنبياء والأمم حتى تدخلها أنت وأمتك يا محمد. قال: الآن طابت نفسي أدن
يا ملك الموت فانته كما أمرت. فقال علي رضي الله عنه: إذا أنت قبضت فمن
يغسلك! وفيم نكفنك؟ ومن يصلى عليك؟ ومن يدخل القبر؟ فقال النبي
صلى الله عليه وسلم: أما الغسل فاغسلني أنت وابن عباس يصب عليك الماء
وجبريل ثالثكما، فإذا أنتم فرغتم من غسلي فكفنوني في ثلاثة أثواب جدد
وجبريل يأتيني بحنوط من الجنة، فإذا أنتم وضعتموني على السرير فضعوني في
المسجد واخرجوا عنى، فإن أول من يصلى على الرب من فوق عرشه ثم جبريل ثم
ميكائيل ثم إسرافيل ثم الملائكة زمرا مرا، ثم ادخلوا فقوموا صفوفا صفوفا
لا يتقدم على أحد. فقالت فاطمة: اليوم الفراق فمتى ألقاك؟ فقال لها: يا بنية
تلقيني يوم القيامة عند الحوض وأنا أسقى من يرد على الحوض من أمتي. قالت
فإن لم ألقك يا رسول الله؟ قال تلقيني عند الميزان وأنا أشفع لامتي. قالت:
فإن لم ألقك يا رسول الله؟ قال تلقيني عند الصراط وأنا أنادى رب سلم أمتي
من النار. فدنا ملك الموت فعالج قبض روح رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فلما بلغ الروح إلى الركبتين قال النبي صلى الله عليه وسلم أوه، فلما بلغ الروح
إلى السرة نادى النبي صلى الله عليه وسلم واكرباه، فقالت فاطمة كربى لكربك
يا أبتاه، فلما بلغ الروح البندوة [الثندؤة] قال النبي صلى الله عليه وسلم
يا جبريل ما أشد مرارة الموت، فولى جبريل وجهه عن رسول الله صلى الله
300

عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهت النظر إلى؟ فقال جبريل
يا حبيبي ومن تطيق نفسه [أن] ينظر إليك وأنت تعالج سكرات الموت؟ فقبض
رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسله علي بن أبي طالب وابن عباس يصب الماء
وجبريل عليه السلام معهما، فكفن بثلاثة أثواب جدد وحمل على السرير ثم
أدخلوه المسجد ووضعوه في المسجد وخرج الناس عنه، فأول من صلى عليه الرب
من فوق عرشه تعالى وتقدس، ثم جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم الملائكة
زمرا زمرا. قال: قال علي رضي الله عنه: لقد سمعنا في المسجد همهمة ولم نر لهم
شخصا فسمعنا هاتفا يهتف وهو يقول: ادخلوا رحمكم الله فصلوا على نبيكم صلى
الله عليه وسلم، فدخلنا فقمنا صفوفا كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فكبرنا بتكبير جبريل وصلينا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة جبريل
ما تقدم منا أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل القبر علي بن أبي
طالب وابن عباس وأبو بكر الصديق، ودفن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فلما انصرف الناس قالت فاطمة لعلى: يا أبا الحسن دفنتم رسول الله صلى الله عليه
وسلم؟ قال نعم. قالت كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله
صلى الله عليه وسلم؟ أما كان في صدور كم لرسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمة؟
أما كان معلم الخير؟ قال بلى يا فاطمة، ولكن أمر الله عز وجل الذي لا مرد له.
فجعلت تبكي وتندب وهي تقول: يا أبتاه الآن انقطع عنا جبريل، وكان جبريل
يأتينا بالوحي من السماء ".
هذا حديث موضوع محال كافأ الله من وضعه وقبح من يشين الشريعة بمثل
هذا التخليط البارد والكلام الذي لا يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم ولا
بالصحابة، والمتهم به عبد المنعم بن إدريس. قال أحمد بن حنبل: كان يكذب
على وهب. وقال يحيى: كذاب خبيث. وقال ابن المديني وأبو داود: ليس بثقة
وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به. وقال الدارقطني: هو وأبوه متروكان.
301

باب في الصلاة عليه
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال حدثني أبو بكر
محمد بن الحسين بن إبراهيم الوراق ويعرف بابن الخفاف قال حدثنا عبد الله بن
محمد الصائغ قال حدثنا بشر بن موسى بن صالح قال حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله
ابن يزيد المقرى عن عبد الرحمن المسعودي عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله
عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن ميكائيل عن إسرافيل عن الرفيع
عن اللوح المحفوظ عن الله تعالى: " أنه أظهر في اللوح المحفوظ أن يخبر الرفيع،
وأن يخبر الرفيع إسرافيل وأن يخبر إسرافيل ميكائيل وأن يخبر ميكائيل جبريل
وأن يخبر جبريل محمدا بأنه من صلى عليك في اليوم والليلة مائة مرة صليت عليه
ألفى صلاة وتقضى له ألف حاجة، أيسرها أن يعتق من الثار ".
قال الخطيب: هذا الحديث باطل بهذا الاسناد والرجال المذكورون في
إسناده كلهم معروفون سوى ابن الصائغ. وترى أن ابن الخفاف اختلف إسناده
وركب الحديث عليه، ونسخة بشر بن موسى عن المقرى معروفة وليس هذا
فيها، وقد روى عن المقرى من طريق مظلم: حدثنيه أبو صالح أحمد بن عبد الملك
النيسابوري قال أخبرني أبو سعيد الحسن بن علي بن شهاب القرموبي قال حدثنا
عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو ميسرة عزاز بن
عبد الله بن عزاز البصري قال حدثنا علي بن محمد الجنديسابوري قال حدثنا
القاسم بن دهثم قال حدثنا أبو عبد الرحمن المقرى قال حدثنا المسعودي عن عاصم
عن زر عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن ميكائيل
عن إسرافيل عن الرفيع عن اللوح المحفوظ عن الله عز وجل وساق الحديث.
قال الخطيب: من هنا أخذه الخفاف وألزقه على الصائغ.
باب ذكر سماعه لصلاة من يصلى عليه
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي قال
302

أنبأنا علي بن أحمد الرزاز قال أنبأنا محمد بن عبد الله الشافعي قال حدثنا محمد بن
يونس بن موسى قال حدثنا عبد الملك بن قريب الأصمعي قال حدثنا محمد بن
مروان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من صلى على عند قبري سمعته، ومن صلى على نائيا وكل الله عز
وجل ملكا يبلغني وكفى أمر دنياه وآخرته وكنت له شهيدا أو شفيعا ".
هذا حديث لا يصح، ومحمد بن مروان هو السدي. قال يحيى: ليس بثقة.
وقال ابن نمير: كذاب. وقال السعدي: ذاهب. وقال النسائي: متروك. وقال
ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا اعتبارا. قال العقيلي: لا أصل لهذا الحديث
من حديث الأعمش وليس بمحفوظ.
باب مقدار لبثه في قبره ميتا
أنبأنا محمد بن عبد الملك عن الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان
قال أنبأنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هشام بن خالد الأزرق قال حدثنا الحسن
ابن يحيى الخشني عن سعيد بن عبد العزيز عن يزيد بن أبي مالك عن أنس بن
مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من نبي يموت فيقيم في قبره
إلا (1) أربعين صباحا حتى ترد إليه روحه "
قال ابن حبان: هذا حديث باطل موضوع، والحسن بن يحيى منكر الحديث
جدا يروى عن الثقاة ما لا أصل له. وقال يحيى: الحسن ليس بشئ. وقال
الدارقطني: متروك.
باب في فضل أبى بكر الصديق رضي الله عنه
قد تعصب قوم لا خلاق لهم يدعون التمسك بالسنة فوضعوا لابي بكر فضائل

(1) هكذا ورد الحديث بالمخطوط ركيكا وركاكته تفضح واضعه.
303

وفيهم من قصد معارضة الرافضة بما وضعت لعلي عليه السلام، وكلا الفريقين
على الخطأ، وذانك السيدان غنيان بالفضائل الصحيحة الصريحة عن
استعارة وتخرص.
الحديث الأول في أن الله تعالى يتجلى لابي بكر خاصة فيه عن أنس وجابر
وأبي هريرة وعائشة. فأما حديث أنس فله ثلاثة طرق.
الطريق الأول: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
الخطيب قال أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق قال حدثنا محمد بن يوسف بن حمدان
الهمداني قال حدثنا محمد بن عبد بن عامر قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا
عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن قتادة عن أنس قال: " لما خرج رسول الله صلى
الله عليه وسلم من الغار أخذ أبو بكر بغرزه فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى
وجهه فقال: يا أبا بكر ألا أبشرك؟ قال: بلى فداك أبي وأمي. قال إن الله يتجلى
للخلائق يوم القيامة عامة ويتجلي لك يا أبا بكر خاصة ".
الطريقي الثاني: أنبأنا عبد الأول بن عيسى قال أنبأنا عبد الله بن محمد
الأنصاري قال أنبأنا إسماعيل بن إبراهيم بن محمد وعبد الرحمن بن حمدان
البصروي قال حدثنا بنوس بن أحمد بن بنوس قال حدثنا أبو خليفة الجمحي
قال حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لابي بكر: " إن الله يتجلى للخلائق عامة ويتجلي لك خاصة ".
الطريق الثالث: أنبأنا علي بن عبيد الله قال أنبأنا علي بن الحسين قال حدثنا
محمد بن عبد الله بن خلف قال حدثنا عمر بن محمد بن عيسى الجوهري قال أنبأنا
إبراهيم بن مهدي قال حدثنا السكن بن سعيد القاضي ومحمد بن سعيد بن مهران
قالا حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا يزيد بن هارون التستري عن قتادة عن أنس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي بكر: " ألا أبشرك برضوان الله
304

الأكبر؟ قال: وما رضوان الله الأكبر يا رسول الله؟ قال: إن الله عز وجل
إذا كان يوم القيامة يتجلى للناس عامة ولك خاصة ".
وأما حديث جابر فله أربعة طرق:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا حمد بن أحمد
الحداد قال أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله قال حدثنا أبو علي بن محمد بن أحمد
ابن الحسن ومحمد بن عمر بن سلم قالا حدثنا يوسف بن الحكم قال حدثنا محمد بن
خالد قال حدثنا كثير بن هشام قال حدثنا جعفر بن برقان عن محمد بن سوقة عن
محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا بكر
أعطاك الله الرضوان الأكبر، فقال له بعض القوم: يا رسول الله وما الرضوان
الأكبر؟ قال: يتجلى الله في الآخرة لعباده المؤمنين عامة ويتجلي لابي بكر
خاصة ".
وأما بزيادة ألفاظ أبو نصر عبد الجبار بن إبراهيم بن عبد الوهاب بن منده
قال أنبأنا أبو العلا محمد بن عبد الجبار الفرساني [الفريابي] قراءة عليه،
قال أنبأنا علي بن يحيى بن جعفر السراني قال أنبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب
قال حدثنا يوسف بن الحكم الضبي الخياط قال حدثنا محمد بن خالد الختلي قال
حدثنا كثير بن هشام عن جعفر بن برقان عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر
عن جابر بن عبد الله قال: " كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه وفد
عبد القيس، فتكلم بعضهم ولغا في الكلام، فالتفت النبي إلى أبي بكر فقال:
يا أبا بكر سمعت ما قالوا؟ قال نعم يا رسول الله وفهمته، قال: فأجبهم يا أبا بكر
فأجابهم أبو بكر بجواب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر أعطاك الله
الرضوان الأكبر، فقال بعض القوم: وما الرضوان الأكبر؟ فقال: يتجلى الله
عز وجل لعباده المؤمنين عامة، ويتجلي لابي بكر خاصة ".
(20 الموضوعات 1)
305

الطريق الثاني: أنبأنا أبو منصور بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى ح. وأنبأنا أبو منصور
القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي قال أنبأنا أبو طالب عمر بن إبراهيم قال أنبأنا
محمد بن عبد الله بن صالح الأبهري ح. وأنبأنا القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي
قال أنبأنا أبو العلا الواسطي قال حدثنا المعافى بن زكريا قال حدثنا محمد بن
هارون الحضرمي ح. وأنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
قال أنبأنا الأزهري قال حدثنا علي بن عمر الدارقطني قال حدثنا الحسين بن إسماعيل
قالا حدثنا علي بن عبدة قال حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن ابن أبي ذئب عن
محمد بن المنكدر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله ليتجلى للناس عامة
ويتجلي لابي بكر خاصة ".
الطريق الثالث: أنبأنا القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي قال أنبأنا أبو القاسم
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج قال أنبأنا أبو حامد أحمد بن علي بن
حسنويه المقرى قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري قال حدثنا يحيى بن أبي
كثير قال حدثنا ابن أبي ذيب عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يتجلى المؤمنين عامة ويتجلي لابي بكر خاصة ".
الطريق الرابع: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي قال أنبأنا
محمد بن جعفر الخرقي ومحمد بن عمر بن بكير قالا أنبأنا أبو القاسم عمر بن محمد
ابن عبد الله الترمذي قال أنبأنا عباس الشكلي وأبو سعيد أحمد بن محمد بن
عبيد الله الخلال قالا حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش
عن أبي الزبير عن جابر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لابي بكر:
" يا أبا بكر ألا أبشرك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: إن الله يتجلى للخلائق
عامة ولك خاصة ".
وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا الحسن بن علي
306

الجوهري عن أبي الحسن الدارقطني عن أبي حاتم البستي قال أنبأنا محمد بن أحمد
ابن الفرج قال حدثنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونس قال حدثنا أبي عن ابن أبي
الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة قال: " لما قدم رسول الله صلى
الله عليه وسلم من الغار يريد المدينة أخذ أبو بكر بغرزه فقال: ألا أبشرك يا أبا
بكر؟ قال: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: إن الله عز وجل يتجلى
للخلائق يوم القيامة عامة ويتجلي لك خاصة ".
وأما حديث عائشة فأنبأنا علي بن عبيد الله بن نصر قال أنبأنا علي بن أحمد بن
البسري قال أنبأنا أبو عبد الله بن بطة قال حدثنا أبو محمد الحسن بن علي بن زيد
قال حدثنا عبد الله بن محمد الحراني قال حدثنا أبو قتادة عبد الله بن واقد قال
حدثنا ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله.
عليه وسلم قال لابي: " ألا أبشرك برضوان الله الأكبر؟ قال بلى يا رسول الله
قال إن الله عز وجل يتجلى للناس عامة ويتجلي لك خاصة " هذا الحديث لا يصح
من جميع طرقه.
أما حديث أنس ففي الطريق الأول محمد بن عبد. قال أبو بكر الخطيب:
هذا حديث لا أصل له عند ذوي المعرفة بالنقل فيما نعلمه، وقد وضعه محمد بن عبد
إسنادا ومتنا. قال الدارقطني: محمد بن عبد يكذب ويضع. وفى الطريق الثاني
بنوس وهو مجهول لا يعرف. والطريق الثالث في مجاهيل وأحدهم قد سرقه من
محمد بن عبد.
وأما حديث جابر فالطريق الأول تفرد به محمد بن خالد وقد كذبوه،
والطريق الثاني فيه علي بن عبدة. قال الدارقطني: كان يضع الحديث، وأما
الطريق الثالث فأنبأنا القزاز قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: الحمل فيه على أبي
حامد بن حسنويه فإنه لم يكن ثقة. قال ويروى أن أبا حامد وقع إليه حديث
علي بن عبدة فركبه على هذا الاسناد مع أنا لا نعلم أن الحسن بن علي بن عفان
307

سمع من يحيى بن أبي كثير شيئا والله أعلم. وأما الطريق الرابع فقال أبو الفتح
ابن أبي الفوارس: في أبى القاسم نظر.
وأما حديث أبي هريرة فهو حديث أنس الأول ونرى أن أحمد بن محمد
ابن عمر اليماني سرقه وغير إسناده. قال أبو حاتم الرازي وابن صاعد: كان
اليماني كذابا. وقال الدارقطني متروك الحديث وقال ابن حبان: حدث بأحاديث
مناكير وبنسخ عجايب.
وأما حديث عائشة ففيه عبد الله بن واقد قال أحمد ويحيى: ليس بشئ.
وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: غفل من الاتقان وحدث على
التوهم فوقعت المناكير في أخباره.
الحديث الثاني في فضل أبى بكر
أنبأنا سعيد بن البنا قال أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد الزينبي قال أنبأنا أبو بكر
محمد بن عمر بن علي الوراق قال أنبأنا محمد بن السرى التمار قال حدثنا جعفر بن
محمد الطيالسي قال حدثنا علي بن داود الدمشقي عن محمد بن زياد عن ميمون وهو
ابن مهران عن المسيب بن عبد الرحمن عن حذيفة بن اليمان قال: " صلى بنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر فلما انفتل من صلاته قال أين الصديق
أبو بكر؟ فلم يجبه أحد، فقام قائما على قدميه فقال أين الصديق أبو بكر؟ فأجابه
من آخر الصفوف يا لبيك يا لبيك يا رسول الله، قال أفرجوا لابي بكر أدن
منى يا أبا بكر، فدنا أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا أبا بكر
لحقت معي الركعة الأولى؟ قال يا رسول الله كنت معك في الصف الأول،
فكبرت واستفتحت الحمد فقرأتها فوسوس إلى بشئ من الطهور، فجئت إلى
باب المسجد فإذا أنا بهاتف يهتف ويقول وراك فالتفت فإذا بقدس من ذهب
مملوء ماء أبيض من اللبن وأعذب من الشهد وأبين من الزبد عليه منديل أخضر
308

مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول [الله] أبو بكر الصديق، فأخذت المنديل
فوضعته على منكبي فتوضأت للصلاة وأسبغت الوضوء ورددت المنديل على
القدس فلحقتك وأنت راكع الركعة الأولى فتممت صلاتي معك يا رسول الله،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر. أبشر إن الذي وضأك للصلاة جبريل
والذي مندلك ميكائيل، والذي أمسك ركبتي حتى لحقت الركوع إسرافيل "
هذا حديث موضوع بلا شك، والمتهم به محمد بن زياد. قال أحمد بن حنبل:
هو كذاب خبيث يضع الحديث. وقال يحيى: كذاب خبيث. وقال السعدي
والدارقطني: كذاب. وقال النسائي والبخاري والفلاس وأبو حاتم الرازي:
متروك الحديث وقد قلبوا هذا فجعلوه لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزار قال أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي قال
أنبأنا أبو الحسن علي بن يوسف بن محمد بن الحجاج الطبري قال حدثنا أبو عبد الله
الحسين بن جعفر الجرجاني قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن سليمان الضبي
قال حدثنا محمد بن علي الكفرتوني قال حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك
قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فأبطأ في ركوعه في
الركعة الأولى حتى ظننا أنه قدسها وغفل، ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده ثم
أو جز في صلاته وسلم، ثم أقبل بوجهه ثم جثا على ركبتيه ثم رمى بطرفه إلى الصف
الأول يتفقد أصحابه ثم إلى الصف الثاني ثم إلى الصف الثالث يتفقدهم رجلا رجلا ثم
قال: مالي لا أرى ابن عمى علي بن أبي طالب؟ فأجابه على من آخر الصفوف لبيك
يا رسول الله، فقال: ادن منى يا علي. فما زال يتخطى أعناق المهاجرين والأنصار
حتى دنا منك [منه]، فقال ما خلفك عن الصف الأول؟ قال شككت أنى
على طهر، يا حسن يا حسين يا فضة فلم يحبني أحد، فإذا بهاتف يهتف من ورائي:
يا أبا الحسن التفت، فالتفت فإذا أنا بسطل من ذهب فيه ماء وعليه منديل،
فأخذت المنديل فوضعته على منكبي وأومأت إلى الماء فإذا الماء يفيض على كفى
309

فتطهرت فلا أدرى من وضع السطل والمنديل، فتبسم رسول الله صلى الله عليه
وسلم في وجهه وضمه إلى صدره وقبل بين عينيه وقال: ألا أبشرك؟ إن السطل
من الجنة والماء والمنديل من الفردوس الأعلى، والذي هيأك للصلاة جبريل،
والذي مندلك ميكائيل، والذي نفس محمد بيده ما زال إسرافيل قابضا على
ركبتي حتى لحقت معي فيلومني [بي. ألا فلا يلو منى] أحد على حبك،
والله وملائكته يحبونك فوق السماء ". هذا حديث موضوع أيضا من
حميد إلى شيخنا بين مجهول وكذاب.
الحديث الثالث: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
ابن ثابت الخطيب قال حدثني الحسن بن علي بن المذهب من أصل كتابه العتيق
قال حدثني أبو القاسم هارون بن أحمد العلاف المعروف بالقطان إملاء قال حدثنا
أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل الآدمي قال حدثنا أحمد بن منصور الزيادي
قال حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن الزهري عن أنس بن مالك عن عائشة
قالت: " كانت ليلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ضمني وإياه الفراش
قلت يا رسول الله ألست أكرم أزواجك عليك؟ قال بلى يا عائشة، قلت:
فحدثني عن أبي بفضيلة، قال حدثني جبريل أن الله تعالى لما خلق الأرواح اختار
روح أبى بكر الصديق من بين الأرواح فجعل ترابها من الجنة وماءها من الحيوان
وجعل له قصرا في الجنة من درة بيضاء مقاصرها فيها من الذهب والفضة البيضاء،
وإن الله تعالى آلى على نفسه أن لا يسلبه حسنة ولا يسأله عن سيئة، وإني ضمنت
كما ضمن الله على نفسه الا ليكون [يكون] لي ضجيعا في حفرتي ولا أنيسا
في وحدتي، ولا خليفة على أمتي من بعدي إلا أبوك يا عائشة، بايع على ذلك
جبريل وميكائيل وعقدت خلافته براية بيضاء وعقد لواؤه تحت العرش. قال
الله تعالى للملائكة رضيتم بما رضيت لعبدي فكفى بأبيك فخرا أن بايع له جبريل
وميكائيل وملائكة السماء وطائفة من الشياطين يسكنون البحر فمن لم يقبل هذا
310

فليس منى ولست منه. قالت عائشة فقبلت أنفه وما بين عينيه، فقال: حسبك
يا عائشة فمن لست بأمه، فوالله ما أنا نبيه، فمن أراد أن يتبرأ من الله فليتبرأ
منك يا عائشة ".
قال الخطيب: لا يثبت هذا الحديث، ورجال إسناده كلهم ثقات ولعله لهذا
الشيخ القطان أو أدخل عليه مع أنى قد رأيته من حديث محمد بن بابشاذ يروى
مناكير عن الثقات، وقد كان في أصل ابن المذهب أحاديث صالحة عن هرول
القطان، عن البغوي، وسألت ابن المذهب عنه فقال: كان يسكن دار البطيح
العليا عند دار إسحاق ولم يكن ممن نظن به الكذب ولا تلحقه التهمة لأنه لم يكن
يتصدى للحديث ولا يحسنه وكان من أهل القرآن والخير.
قال المصنف: قلت هذا قد أدخل عليه لغفلته وكثير من أهل الدين تغلب
عليهم الغفلة. وروى هذا الحديث بعض الناس فخلط فيه وزاد ونقص.
أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي قال أنبأنا أبو الفضل بن خيرون قال
أنبأنا أبو بكر محمد بن عمر بن جعفر الخرقي قال أنبأنا أبو القاسم عمر بن عبد الله
الترمذي قال أنبأنا جدي أبو بكر بن عبيد الله بن مرزوق قال حدثنا عباس
أبو الفضل الشكلي قال حدثنا عبد الصمد أبو العباس الهاشمي قال حدثنا
الحسين بن علي الآدمي قال حدثنا أبان بن يزيد قال حدثنا عبد الرزاق قال
أنبأنا معمر عن الزهري عن ابن عباس عن عائشة قلت: فحدثني عن أبي بشئ
فقال أخبرني جبريل عليه السلام عن الله عز وجل أنه لما خلق الأرواح اختار
روح أبى بكر الصديق من بين الأرواح بعد النبيين والمرسلين، فجعل ترابه من
الماء، وجعل ماءه من الحيوان، وجعل له في الجنة قصرا من ياقوتة بيضاء فيها
مقاصير من اللؤلؤ الرطب، وإن الله تعالى ضمن لي أن لا يكلفه سيئة ولا يسلبه
حسنة، وإني ضمنت أن لا يكون لي ضجيع في حفرتي ولا خليفة من بعدي
311

إلا أبو بكر الصديق، فبايع على ذلك جبريل وميكائيل وعرج بخلافته إلى الله
عز وجل براية من درة بيضاء، وعقد لواؤه تحت العرش، فكفى لأبيك فخرا،
أن بايع له جبريل وميكائيل وأهل السماوات وأهل الأرضين، وسنة [ثلة]
من الشياطين وطرف من الجن ناؤون في البحر، وأخذ ميثاقه على الوحش، فمن
أبى هذا فليس منى ولست منه ".
وأنبأنا بهذا الحديث أبو المعمر الأنصاري عن أبي غالب محمد بن الحسن
الباقلاني قال حدثنا محمد بن عمر الخرقي فذكره إلا أنه قال حدثنا الحسين بن أبان
ابن يزد. وهذا الحديث لا يتعدى أبو [أبا] القاسم الترمذي أو جده أبا
بكر بن مرزوق، على أن فيه من التخليط في الاسناد والمتن ما ينئ أنه فعل
مخلط لا يدرى ما يقول.
الحديث الرابع: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال
أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا الحسن بن علي
العدوي قال حدثنا الحسن بن علي بن راشد الواسطي قال حدثنا هشيم عن حميد
عن أنس " أن يهوديا أتى أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقال والذي بعث
موسى وكلمة تكليما إني لأحبك. قال فلم يرفع أبو بكر به رأسا تهاونا باليهودي،
فهبط جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا محمد إن العلى الأعلى يقرأ عليك
السلام ويقول لك قل لليهودي الذي قال لابي بكر إني أحبك إن الله عز وجل
قد أحاد عنه في النار حلتين لا توضع الانكال في قدمه، ولا الاغلال في عنقه
لحبه أبا بكر قال، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فرفع طرفه إلى
السماء وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله. والذي بعثك وما
ازددت لابي بكر إلا حبا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هنيئا أحاد الله عنك
النار بحذافيرها وأدخلك الجنة لحبك أبا بكر ".
312

هذا حديث موضوع المتهم به العدوي فإنه كان يضع الحديث. وأنبأنا به
سعيد بن أحمد البنا قال أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد الزينبي قال أنبأنا أبو بكر
محمد بن عمر بن علي بن خلف قال حدثنا محمد بن السرى التمار قال حدثنا علي بن
أحمد المصري وأبو عبد الله غلام خليل قالا حدثنا الحسن بن راشد قال حدثنا
هشيم فذكره. وغلام خليل كذاب. والبصري مجهول.
الحديث الخامس: أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أبو بكر
أحمد ابن علي بن ثابت قال أنبأنا محمد بن علي بن يعقوب المعدل قال حدثنا محمد
ابن الخضر بن زكريا المقرى قال حدثنا محمد بن عبد الله بن ثابت الأشناني قال
حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا عبد الله بن إدريس قال أنبأنا شعبة عن عمرو بن
مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " إن الله اتخذ لإبراهيم في أعلى عليين قبة بيضاء معلقة بالقدرة
تخترقها رياح الرحمة، للقبة أربعة آلاف باب كلما اشتاق أبو بكر إلى الجنة انفتح
منها باب ينظر إلى الله عز وجل هكذا قال اتخذ لإبراهيم ".
هذا حديث موضوع مما عملته يد الأشناني وكان كذابا يضع الحديث.
قال الدارقطني: الأشناني كذاب دجال. قال أبو بكر الخطيب: من ركب
هذا الحديث على مثل هذا الاسناد فما بقي من اطراح الحشمة والجرأة على
الكذب شيئا.
قال المصنف قلت: وقد روى لنا طريق آخر: أنبأنا أبو منصور القزاز قال
أنبأنا أحمد بن علي الخطيب قال أنبأنا الحسن بن الحسين النعالي قال أنبأنا أحمد
ابن نصر بن عبد الله الذارع قال حدثنا صدقة بن موسى وعبد الله بن حماد قالا
حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن
أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أدخر لابي بكر الصديق رضي الله عنه
في أعلى عليين قبة من ياقوتة بيضاء معلقة بالقدرة تخترقها رياح الرحمة، للقبة
313

أربعة آلاف باب ينظر إلى الله عز وجل بغير حجاب ".
قال الخطيب: هذا الحديث باطل ولا أعلم رواه سوى الذارع عن هذين
الرجلين وهما مجهولان، والحمل فيه عندي على الذارع، فإنه مما وضعت يداه،
والله أعلم.
قال المصنف: قلت هذا الذارع كأنه بلغه عن الأشناني فسرقه وركب له
إسنادا. وقد ذكرنا عن الدارقطني أنه قال: الذارع كذاب دجال.
الحديث السادس: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي
الحافظ قال حدثني الحسن بن محمد الخلال قال حدثنا أبو بكر بن شاذان قال حدثنا
محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن ثابت الأشناني قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال
حدثنا وكيع عن شعبة عن الحجاج عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " هبط على جبريل وعليه طنفسة وهو متجلل بها، فقلت
يا جبريل ما نزلت إلى في مثل هذا الزي؟ قال إن الله تعالى أمر الملائكة
أن تجلل في السماء كتجلل أبى بكر في الأرض ".
هذا مما عملته يد الأشناني الذي ذكرناه آنفا، وكان مع كونه يضع
الحديث جاهلا بالنقل بعيدا عن معرفته، فإنه لو علم أن حنبلا لم يدرك وكيعا
ولم يرو عنه ما ذكر هذا.
الحديث السابع: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن
ثابت قال أنبأنا القاضي أبو العلا الواسطي قال أنبأنا أبو عمرو عثمان بن محمد
المقرى قال حدثنا أبو بكر أحمد بن صالح المقرى قال حدثنا محمد بن محفوظ
المخرمي قال حدثنا أحمد بن محمد الهروي قال حدثنا إسحاق بن راهويه قال حدثنا
سفيان بن عيينة عن الزهري عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ": لما ولد أبو بكر الصديق رضي الله عنه أقبل الله عز وجل على
314

جنة عدن فقال: وعزتي وجلالي لا دخلك إلا من يحب هذا المولود يعنى
أبا بكر " قال الخطيب: باطل بهذا الاسناد، وفى إسناده غير واحد من
المجهولين.
قال المصنف: قلت وقد أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن سلمان قال أنبأنا الحسن
ابن عبد الملك بن يوسف قال أنبأنا أبو محمد الخلال قال حدثنا أبو بكر بن
شاذان قال حدثنا أبو شاكر مسرة بن عبد الله الخادم قال أنبأنا أحمد بن البنا
قال أنبأنا أبو نصر الزينبي قال أنبأنا محمد بن عمر بن علي بن خلف قال أنبأنا
محمد بن السرى التمار قال حدثنا أحمد بن عصمة بن نوح النيسابوري قال
حدثنا إسحاق بن راهويه فذكره، والتمار قد أنكروا عليه شيئا، ولا صحة
لهذا الحديث.
الحديث الثامن في خلافته: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي
قال حدثنا عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان قال حدثنا محمد بن
عبد الله بن خلف بن بخيت قال حدثنا عثمان بن سعيد التمار قال حدثنا أحمد بن
منصور رح قال حدثنا محمد بن مصعب القرقساني عن عمر بن إبراهيم بن خالد
القرشي عن عيسى بن علي عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس قال: " لما
نزلت [إذا جاء نصر الله والفتح] جاء العباس إلى على فقال له قم بنا إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك؟ فقال يا عباس يا عم رسول الله
صلى الله عليه وسلم إن الله جعل أبا بكر خليفتي عن دين الله ووحيه فاسمعوا
له تفلحوا، وأطيعوا ترشدوا. قال العباس: فأطاعوه والله فرشدوا ".
طريق آخر: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
قال أنبأنا ابن رزق قال حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم
الختلي قال حدثنا عمر بن إبراهيم بن خالد بن عبد الرحمن قال حدثنا عيسى بن
315

علي بن عبد الله بن العباس عن أبيه عن جده العباس قال: قال رسول لله صلى الله
عليه وسلم " يا عم إن الله جعل أبا بكر خليفتي على دين الله ووحيه فأطيعوه
بعدي تهتدوا واقتدوا به ترشدوا. قال ابن عباس: ففعلوا فرشدوا ":
هذا حديث لا يصح ومدار الطريقين على عمر بن إبراهيم وهو الكردي
قال الدارقطني: كان كذابا يضع الحديث. وقد روى أبو بكر الجوزقي من
حديث أبي سعيد أن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما عرج
بي إلى السماء قلت اللهم اجعل الخليفة من بعدي علي بن أبي طالب فارتجت
السماوات، وهتف بن الملائكة من كل جانب يا محمد اقرأ [وما تشاءون
إلا أن يشاء الله] قد شاء الله أن يكون من بعدك أبا بكر الصديق
رضي الله عنه ". هذا حديث موضوع وضعه يوسف بن جعفر، وكان
يضع الحديث.
الحديث التاسع في خلافته أيضا: أنبأنا ابن خيرون عن الجوهري عن
الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان قال حدثنا الحسين بن إسحاق الأصبهاني
قال حدثنا أبو هارون إسماعيل بن محمد بن يوسف قال حدثنا المعلى بن الوليد
قال حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن مخلد بن الحسين عن هشام بن حسان عن
ابن سيرين عن أبي هريرة قال: " بينما جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم
إذ مر جبريل [أبو بكر] فقال هذا أبو بكر فقال أتعرفه يا جبريل؟ قال
نعم إنه في السماء أشهر منه في الأرض، وإن الملائكة لتسميه حليم قريش،
وإنه وزيرك في حياتك وخليفتك بلد موتك ".
قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بإسماعيل بن محمد فإنه يقلب الأسانيد
ويسرق الأحاديث. وقال محمد بن طاهر: هو كذاب.
الحديث العاشر: أنبأنا أحمد بن علي بن المجلى قال أنبأنا أبو القاسم على
316

ابن أحمد بن البسري قال أنبأنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي
قال حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا إبراهيم بن فهد قال حدثنا
عبد الله بن محمد الخراساني ح. وأنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال حدثنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا
أحمد بن حفص السعدي قالا حدثنا إسحاق بن بشر بن مقاتل واللفظ للخراساني
قال حدثنا جعفر بن سعد الكاهلي قال حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد
عن ابن عباس قال: " ذكر أبو بكر الصديق رضي الله عنه عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن مثل أبى بكر
كذبني الناس وصدقني وآمن بي وزوجني ابنته وأنفق ماله وجاهد معي في
جيش العسرة، ألا إنه يأتي يوم القيامة على ناقة من نوق الجنة قوائمها من
المسك والعنبر، ورحلها من الزمرد الأخضر، وزمامها من اللؤلؤ الرطب، عليه
حلتان خضراوان من سندس واستبرق يحاكني يوم القيامة وأحاكه، فيقال
هذا محمد رسول الله وهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ".
هذا حديث لا يصح والمتهم به إسحاق. قال أبو بكر بن أبي شيبة؟
وموسى بن هارون الحمال هو كذاب. وقال الفلاس: متروك الحديث. وقال
الدارقطني: كذاب متروك في عداد من يضع الحديث. وقال ابن حبان: كان
يضع على الثقاة لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب.
الحديث الحادي عشر: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر بن
ثابت قال أنبأنا محمد بن عمر بن بكير قال حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد
ابن إبراهيم الضرير قال حدثنا أبو عمر محمد بن أحمد الحليمي وذكر أنه من
أولاد حليمة السعدية قال حدثنا آدم بن أبي إياس عن ابن أبي ذئب عن معن
ابن الوليد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال قال النبي صلى الله عليه
317

وسلم: " إذا كان يوم القيامة نصب لإبراهيم منبر امام العرش ونصب لابي بكر
كرسي فيجلس عليه فينادى مناد يا لك من صديق بين خليل وحبيب ".
هذا حديث لا يصح وأبو عبد الله الضرير قدم بغداد ومعه كتب طرية
غير أصول وكان مكفوفا فلعله أدخله هذا في حديثه، والحليمي لا يعرف.
الحديث الثاني عشر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال
أنبأنا حمزة قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا موسى بن إبراهيم قال حدثنا الحسن
ابن عرفة قال حدثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري عن عبد الرحمن بن زيد بن
أسلم عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " عرج بي إلى السماء فما مررت بسماء إلا وجدت فيها اسمى محمد رسول
الله وأبو بكر الصديق خلفي ".
هذا حديث لا يصح. قال ابن حبان: الغفاري يضح الأحاديث وأما
عبد الرحمن فاتفقوا على تضعيفه.
الحديث الثالث عشر: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن سلمان قال أنبأنا
الحسن بن عبد الملك بن يوسف قال أنبأنا أبو محمد الخلال قال حدثنا محمد بن
إسماعيل الوراق قال حدثنا القاضي أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح قال حدثنا
نصر بن عبد الرحمن الوشاء قال حدثنا أحمد بن بشر قال حدثنا عيسى بن ميمون
عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر يؤمهم غيره ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما عيسى فقال
البخاري منكر الحديث. وقال ابن حبان لا يحتج بروايته. وأما أحمد بن بشير
فقال يحيى هو متروك.
318

الحديث الرابع عشر: أنبأنا عبد الأول قال أنبأنا أبو إسماعيل عبد الله بن
محمد الأنصاري قال أنبأنا إبراهيم المذكى قال حدثنا محمد بن يزيد قال حدثنا إبراهيم
ابن شريك قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا أبو الحارث الوراق عن بكر
ابن خنيس عن محمد بن سعيد عن عبادة بن ننسى عن عبد الرحمن بن غنم عن
معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله يكره في السماء
أن يخطئ أبو بكر في الأرض ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرويه عن
بكر بن خنيس إلا أبو الحارث واسمه نصر بن حماد. قال يحيى: هو كذاب.
وقال مسلم بن الحجاج: ذاهب الحديث. وقال النسائي ليس بثقة.
الحديث الخامس عشر: روى هارون بن محمد المستملى عن يعلى بن الأشدق
عن ابن جراد قال: " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بفرس فركبه
ثم قال يركب هذا من كان خليفة بعدي فركبه أبو بكر الصديق ".
هذا حديث موضوع. ويعلى ليس بشئ. قال البخاري: لا يكتب حديثه
وقال ابن حبان: لما كبر يعلى اجتمع عليه من لا دين له فوضعوا له نسخة
فحدث بها لا يحل الرواية عنه بحال.
قال المصنف: وقد تركت أحاديث كثيرة يروونها في فضل أبى بكر، فمنها
صحيح المعنى لكنه لا يثبت منقولا، ومنها ما ليس بشئ وما أزال أسمع العوام
يقولون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما صب الله في صدري شيئا
إلا وصببته في صدر أبى بكر وإذا اشتقت إلى الجنة قبلت شيبة أبى بكر، وكنت
أنا وأبو بكر كفرسي رهان سبقته فاتبعني ولو سبقني لاتبعته " في أشياء ما رأينا
لها اثرا في الصحيح ولا في الموضوع ولا فائدة في الإطالة بمثل هذه الأشياء.
319

باب في فضل عمر بن الخطاب
الحديث الأول: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي قال أنبأنا
محمد بن أحمد بن رزق قال أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق قال حدثنا إسحاق بن
شنين الختلي قال حدثنا عمر بن إبراهيم بن خالد قال حدثنا مرحوم بن أرطبان
قال حدثنا عاصم الأحول عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " أول من يعطى كتابه بيمينه من هذه الأمة عمر بن الخطاب وله شعاع
كشعاع الشمس، قيل فأين أبو بكر؟ قال تزفه الملائكة إلى الجنات ".
هذا حديث لا يصح، والمتهم به عمر ويعرف بالكردي. قال الدارقطني:
كان كذابا يضع الحديث.
الحديث الثاني: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال
أنبأنا حمزة قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا علي بن الحسن بن قديد قال حدثنا
زكريا بن يحيى الوقاد قال حدثنا بشر بن بكر عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي
مريم عن ضمرة بن حبيب عن غضيف بن الحرث عن بلال بن رباح قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو لم أبعث فيكم لبعث عمر ".
قال ابن عدى وحدثنا عمر بن الحسن بن مضر الحلبي قال حدثنا مصعب بن
سعد أبو خيثمة قال حدثنا عبد الله بن واقد قال حدثنا حيوة بن شريح عن بكر
ابن عمرو عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله قلى الله
عليه وسلم " لو لم أبعث فيكم لبعث عمر " هذان حديثان لا يصحان عن رغول الله
صلى الله عليه وسلم. أما الأول: يحيى (1) كان من الكذابين الكبار. قال ابن
عدى: كان يضع الحديث، وأما الثاني فقال أحمد: ويحيى (2) بن عبد الله بن

(1) ليس في سند الحديث المذكور من يدعى يحيى ولعل المصنف أراد زكريا بن يحيى
ويقتضى السياق أن يكون " ففيه زكريا بن يحيى ".
(2) يقصد المصنف يحيى بن " معين " إذ ليس لعبد الله بن واقد ولد ضمن رجال
السند المذكور.
320

واقد ليس بشئ. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: انقلبت
على مشرح صحائفه فبطل الاحتجاج به.
الحديث الثالث: أنبأنا علي بن عبد الله قال أنبأنا علي بن أحمد البسري
قال أنبأنا أبو عبد الله بن بطة قال أنبأنا أبو على إسماعيل بن محمد الصفار قال
حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثني الوليد بن الفضل الغبرى قال حدثني إسماعيل
بن عبيد بن نافع البصري عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم - النجعي
[النخعي] عن علقمة عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أتاني جبريل آنفا، فقلت: يا جبريل حدثني بفضائل عمر في السماء، فقال:
يا محمد لو حدثتك بفضائل عمر في السماء ما لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين
عاما - ما نفذت فضائل عمر، وإن عمر حسنة من حسنات أبى بكر ".
قال أحمد بن حنبل: هذا حديث موضوع ولا أعرف إسماعيل. وقال
أبو الفتح الأزدي: هو ضعيف.
طريق آخر: أنبأنا علي بن عبيد الله قال أنبأنا علي بن أحمد البندار قال حدثنا
عبد الله بن محمد العكبري قال حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين قال حدثنا محمد بن
عبد الحميد الواسطي قال حدثنا محمد بن رزق الله قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت
قال حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي
ابن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كان جبريل يذاكرني أمر
عمر، فقلت: يا جبريل اذكر لي فضائل عمر وما له عند الله، فقال: لو جلست
معك مثل ما جلس نوح في قومه ما بلغت فضائل عمر وليبكين الاسلام بعد موتك
يا محمد على عمر ". وهذا غير صحيح. قال يحيى بن معين: عبد الله بن عامر ليس
بشئ. وقال ابن حبان: كان يقلب الأسانيد والمتون.
(21 الموضوعات 1)
321

باب يجمع فضائل أبى بكر وعمر
وفيه أحاديث:
الحديث الأول: أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي قال أنبأنا أبو الفضل بن
خيرون قال أنبأنا أبو بكر محمد بن عمر بن جعفر الخرقي قال أنبأنا أبو القاسم عمر
ابن محمد بن عبيد الله الترمذي قال أنبأنا جدي (1) أبو بكر محمد بن عبيد الله بن
مرزوق قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرني ثابت عن أنس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما عرج بي جبريل عليه السلام رأيت
في السماء خيلا موقوفة مسرجة ملجمة لا تروث ولا تبول ولا تعرق، رؤوسها من
الياقوت الأحمر، حوافيرها من الزمرد الأخضر، وأبدانها من العقبان [العقيان]
الأصفر ذوات أجنحة، فقيل: لمن هذه؟ فقال جبريل عليه السلام: هذه لمحبي
أبى بكر وعمر يزورون الله عز وجل عليها يوم القيامة ".
هذا حديث موضوع بلا شك وما يتعدى أبا القاسم الترمذي أو جده (1) وقد
يدخل مثل هذا في حديث المغفلين من أهل الحديث. والله أعلم.
الحديث الثاني: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا أبو محمد الحسن
ابن عبد الملك بن محمد بن يوسف قال أنبأنا أبو محمد الحسن بن محمد الخلال
قال حدثنا يوسف بن عمر الزاهد قال حدثنا محمد بن القاسم بن بنت كعب قال
حدثنا على الحسن الأنصاري من ولد أبى أيوب قال حدثنا مهدى بن هلال
الراسبي قال حدثنا أبان بن أبي عياش عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " تفاخرت الجنة والنار فقالت النار للجنة: أنا أعظم
منك قدرا، قالت: ولم؟ قالت: لان في الفراعنة والجبابرة والملوك

(1) هو أبوه كما هو ظاهر من السياق في سند الحديث، وليس جده.
322

وأبناءها، فأوحى الله عز وجل إلى الجنة أن قولي: بل لي الفضل إذ زينني الله
بأبي بكر وعمر ".
هذا حديث موضوع وفيه محن كثيرة. أما الحسن فإنه لم يسمع من أبي هريرة
وأما أبان فمتروك. وقال [كان] شعبة يقول: لان أزنى أحب إلى من
أن أحدث عنه. وأما مهدى فقال يحيى بن سعيد: كذاب. وقال يحيى بن
معين: هو من المعروفين بالكذب ووضع الحديث. وقال النسائي والدارقطني:
متروك.
الحديث الثالث: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
قال أنبأنا أبو سعد الماليني قال حدثنا أبو بكر محمد بن خلف بن حيان قال حدثنا
أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأشناني قال حدثنا سرى بن المفلس قال
حدثنا أبو أسامة عن مسعر عن إبراهيم السكسكي عن أبي خالد عن عبد الله بن أبي
أوفى قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم متكئا على علي وإذا أبو بكر
وعمر قد أقبلا فقال: يا أبا الحسن أحبهما فبحبهما تدخل الجنة ".
هذا حديث موضوع، وهو مما وضعه الأشناني، وقد ذكرناه آنفا وأنه كان
يضع الحديث، وقد رواه مرة أخرى فركب له إسنادا آخر أنبأنا به أبو منصور
القزاز قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال أنبأنا عبيد الله بن أبي الفتح قال حدثنا
أبو بكر بن شاذان قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الأشناني قال حدثنا
سرى بن مغلس سنة إحدى وسبعين ومائتين قال حدثنا إسماعيل بن علية عن
أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم متكئا على
علي بن أبي طالب فإذا أبو بكر وعمر قد أقبلا فقال له: يا أبا الحسن أحبهما
فبحبهما تدخل الجنة ".
قال الخطيب: لو لم يذكر التاريخ كان أخفى لبليته وأستر لفضيحته، وذلك
323

لان سريا مات سنة ثلاث وخمسين ولم نعلم خلافا في ذلك.
قال المصنف قلت: قد روى لنا هذا الحديث من طريق أبي هريرة لكن
رواية مجهول أنبأنا به أبو منصور القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي قال أنبأنا ابن
رزق قال حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق الصفار
قال حدثنا الحسن بن مكي قال حدثنا ابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي
هريرة قال: " خرج النبي صلى الله عليه وسلم متكئا على علي بن أبي طالب
رضي الله عنه فاستقبله أبو بكر وعمر فقال له: يا علي أتحب هذين الشيخين؟ قال
نعم يا رسول الله، قال: أحبهما تدخل الجنة ".
وهذا حديث غريب من حديث أبي الزناد، وغريب من حديث سفيان
تفرد به الحسن بن مكي وهو مجهول غير معروف.
الحديث الرابع: أنبأنا القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي قال أنبأنا الزهري
قال حدثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال حدثنا مسرة بن إبراهيم
الخادم قال حدثنا أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي سنة ثمان وستين
ومائتين قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا عبد العزيز
ابن صهيب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله تعالى في كل جمعة مائة ألف عتيق من النار إلا رجلين فإنهما يدخلان
في أمتي وليسا منهم، وإن الله لا يعتقهما في من أعتق هم مع أهل الكبائر في
طبقتهم مصفدين مع عبدة الأوثان: مبغض أبى بكر وعمر، وليس هم داخلون في
الاسلام وإنما هم يهود هذه الأمة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا
لعنة على مبغض أبى بكر وعمر وعثمان وعلى رضي الله عنهم ".
فقال أبو بكر الخطيب: هذا الحديث كذب موضوع، والرجال المذكورون
في إسناده كلهم ثقاة سوى ميسرة والحمل عليه فيه على أنه قد ذكر سماعه من
أبى زرعة بعد موته بأربع سنين.
324

الحديث الخامس: أنبأنا أبو منصور بن خيرون قال أنبأنا أبو محمد
الجوهري عن أبي الحسن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان قال حدثنا أحمد بن
موسى بن الفضل بن معدان قال حدثنا زكريا بن دريد قال حدثنا حميد عن أنس
قال: " آخا النبي صلى الله عليه وسلم بين كتفي أبى بكر وعمر، قال لهما: أنتما
وزرائي في الدنيا وأنتما وزرائي في الآخرة، ما مثلي مثلكما في الجنة إلا كمثل
طائر يطير في الجنة فأنا جؤجؤ الطائر، وأنتما جناحاه وأنا وأنتما نسرح في الجنة،
وأنا وأنتما نزور رب العالمين، وأنا وأنتما نقعد في مجالس الجنة، فقالا له يا رسول الله
وفى الجنة مجالس؟ فقال لهما: نعم فيها مجالس ولهو، فقالا له أي شئ لهو الجنة؟
قال لها آجام من قصب من كبريت أحمر، وحملها الدر الرطب فيخرج ريح من
تحت ساق العرش يقال لها الطيبة فتثور تلك الأجسام فيخرج صوت ينسى أهل
الجنة أيام الدنيا وما كان فيها ".
هذا حديث موضوع وضعه زكريا بن دريد. قال أبو حاتم السبتي: كان
يضع الحديث على حميد الطويل ويزعم أن له مائة وخمسا وثلاثين سنة. لا يحل
ذكره إلا على سبيل القدح فيه.
الحديث السادس: أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي قال أنبأنا أبو محمد
الحسن بن عبد الملك بن يوسف قال أنبأنا الحسن بن محمد الخلال قال حدثنا أحمد
ابن إبراهيم وأحمد بن عروة قالا حدثنا الحسن بن علي ح. وأنبأنا أبو منصور
عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي قال أنبأنا الأزهري قال أنبأنا أحمد
ابن إبراهيم بن الحسن قال حدثنا الحسن بن علي العدوي ح. وأنبأنا أبو المعمر
الأنصاري قال أنبأنا جعفر بن أحمد السراج قال أنبأنا علي بن المحسن التنوخي
قال حدثنا أبو عمر بن حيويه قال حدثنا أبو سعيد العدوي وهو الحسن بن علي
قال حدثنا كامل بن طلحة قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثنا سعيد بن أبي سعيد عن
325

أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن في السماء الدنيا ثمانين
ألف ملك يستغفرون الله لمن أحب أبو [أبا] بكر وعمر، وفى السماء الثانية
ثمانين ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر ".
قال الخطيب: هذا الحديث وضعه العلوي عن كامل بن عبد الله وإنما يرويه
عبد الرزاق بن منصور عن أبي عبد الله الزاهد عن ابن لهيعة وليس بمحفوظ من
حديث ابن لهيعة.
قال المصنف: قلت أنبأنا بحديث عبد الرزاق المبارك بن علي الصوفي قال أنبأنا
محمد بن المختار بن المؤيد قال أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي قال أنبأنا عمر بن محمد
السوسي قال حدثنا حمزة بن عمر البزاز قال حدثنا عبد الرزاق بن منصور بن
أبان قال حدثنا أبو عبد الله الزاهد عن ابن لهيعة عن سعيد بن أبي سعيد فذكر
مثل حديث كامل سواء. وقد روى لنا بهذا الاسناد على زيادة فيه أنبأنا
عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي قال حدثني الحسن بن أبي طالب
قال حدثنا محمد بن العباس الخزان قال حدثنا أبو القاسم الحسن بن إدريس بن
محمد بن شاذان القافلاوي ح. وأنبأنا علي بن عبيد الله قال أنبأنا علي بن أحمد
البسري قال أنبأنا أبو عبد الله بن بطة قال حدثني أبو عيسى موسى بن محمد
الفسطاطي قالا حدثنا عبد الرزاق بن منصور البندار قال حدثنا أبو عبد الله
السمرقندي الراهب قال حدثنا ابن لهيعة عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي
هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن في السماء الدنيا ثمانين ألف ملك
يستغفرون لمن أحب أبى [أبا] بكر وعمر، وفى السماء الثانية ثمانون
[ثمانين] ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر، ومن أحب جميع الصحابة
فقد برئ من النفاق ". \ قال المصنف: قلت أبو عبد الله الزاهد م‍ × هول وقد صنع الحسن بن علي
326

العدوي لهذا الحديث إسنادا آخر: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد
ابن علي بن ثابت قال أنبأنا أحمد بن محمد بن إسحاق المقرى قال أنبأنا عمر بن
إبراهيم بن كثير قال حدثنا أبو سعيد العدوي قال حدثنا طالوت بن عباد
الجحدري قال حدثنا الربيع بن مسلم القرشي عن محمد بن زياد عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن في السماء الدنيا ثمانين ألف
ملك يستغفرون الله لمن أحب أبا بكر وعمر، وفى السماء الثانية ثمانون
[ثمانين] ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر ".
وهذا الاسناد صحيح ورجاله كلهم ثقاة فقد أتى العدوي أمرا عظيما وارتكب
أمرا قبيحا في الجرأة بوضع هذا، أعظم من جرأته في حديث ابن لعيعة. قال ابن
عدى: كان العدوي يسرق الحديث ويضع الحديث كما نتهمه بل نتيقنه أنه هو
يضع الحديث. وقال ابن حبان: كان يروى عن شيوخ لم يرهم ويضع على من
رأى. وقال الدارقطني: متروك.
الحديث السابع: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
قال أخبرني أحمد بن عمر بن علي القاضي قال أنبأنا أحمد بن علي بن محمد بن
الجهم قال حدثنا محمد بن جرير الطبري قال حدثني عمر بن إسماعيل بن مجالد
قال حدثنا ابن فضيل عن ابن جريج عن عطاء عن أبي الدرداء عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: " رأيت ليلة أسرى بي في العرش فرندة خضراء فيها
مكتوب بنور أبيض: لا إله إلا الله محمد رسول الله أبو بكر الصديق
عمر الفاروق ".
هذا حديح [حديث] لا يصح، والمتهم به عمر بن إسماعيل
قال يحيى: ليس بشئ كذاب دجال سوء خبيث وقال النسائي والدارقطني:
متروك الحديث.
327

الحديث الثامن: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن
يوسف قال أنبأنا ابن عدى قال أنبأنا أحمد بن الحسن بن محمد التنيسي قال
حدثني عبد الله بن محمد بن هارون قال حدثنا إبراهيم بن عبيد التمار عن يعقوب
ابن الجهم قال حدثنا محمد بن واقد عن المسعودي عن عمر مولى عفرة عن أنس
بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من افترى على الله كذبا
قتل ولا يستتاب، ومن سب قتل ولا يس تاب، ومن سب أبا بكر قتل ولا يستتاب
ومن [سب] (1) عمر قتل ولا يستتاب، ومن سب عثمان جلد الحد،
ومن سب عليا جلد الحد، قيل يا رسول الله لم فرقت بين أبى بكر وعمر وعثمان
وعلى؟ قال لان الله خلقني وخلق أبا بكر وعمر من تربة واحدة وفيها ندفن ".
قال ابن عدى الباقلاني: هذا من يعقوب وذكر عن مشايخه تضعيفه.
طريق لبغضه: أنبأنا أبو القاسم السمرقندي قال أنبأنا أبو بكر محمد بن
الحسين المروزي قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن يوسف
قال حدثنا أحمد بن سعيد الإخميمي قال حدثنا محمد بن زكريا النيسابوري قال
حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي اليسع عن أبي
الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" كل مولود يولد يذر على سرته من تربة، فإذا طال عمره رده الله إلى تربته
التي خلقه الله منها وأنا وأبو بكر وعمر خلقنا من تربة واحدة وفيها ندفن "
هذا حديث لا يصح، محمد وأحمد مطعون فيهما وفيه مجاهيل منهم أبو اليسع.
الحديث التاسع: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا
أبو أحمد بن عدى قال حدثنا أحمد بن محمد الضبعي قال حدثنا الحسن بن يونس
قال حدثنا أبو هشام يعنى أصرم بن حوشب قال حدثنا قرة بن خالد عن

(1) مكانها بياض بالأصل.
328

الضحاك عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا الأول
وأبو بكر المصل [المصلى (1)] وعمر الثالث والناس بعدنا الأول فالأول ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى:
أصرم كذاب خبيث. وقال البخاري ومسلم والنسائي: متروك. وقال ابن حبان
كان يضع الحديث على الثقاة.
باب في فضل عثمان بن عفان رضي الله عنه
فيه أحاديث:
الحديث الأول: في رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج حورا
لعثمان، وقد روى ذلك عن ابن عمر وعقبة بن عامر وانس.
فأما حديث ابن عمر فأنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن
ثابت قال حدثني عبد العزيز بن أحمد الكناني قال أنبأنا تمام بن محمد بن
عبد الله الرازي قال أنبأنا إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان قال حدثنا محمد
ابن سليمان بن هشام قال حدثنا وكيع عن ابن أبي ذؤيب عن نافع عن ابن عمر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما أسرى في إلى السماء فصرت إلى
السماء السابعة سقط في حجري تفاحة، فأخذتها فانفلقت، فخرج منها حوراء
تقهقه فقلت لها تكلمي لمن أنت؟ قالت: للمقتول الشهيد علمان بن عفان
رضي الله عنه.
وأما حديث عقبة فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا به عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي
ابن ثابت قال أنبأنا علي بن أبي على البصري قال حدثنا عبد الله بن

(1) والتالي للفائز من الخيل السابقة.
329

ماهيرد الأصبهاني قال حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قال حدثنا عبد الله
ابن سليمان بن يوسف بن يعقوب قال حدثنا الليث بن سعد وحدثنا يزيد بن أبي
حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " لما عرج بن إلى السماء دخلت جنة عدن، فأعطيت تفاحة، فلما
وضعت في يدي انفلقت عن حوراء عيناء مرضية، كأن أشفار عينيها مقاديم
أجنحة النسور فقلت لمن أنت؟ قالت للخليفة المقتول ظلما عثمان بن عفان ".
الطريق الثاني: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا محمد بن المظفر قال
أنبأنا العتيقي قال أنبأنا يوسف بن أحمد قال أنبأنا أبو جعفر العقيلي قال حدثنا
محمد بن أحمد بن النضر الأزدي قال حدثنا عبد الرحمن بن عفان قال حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي عن ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي
الخير عن عقبة بن عامر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لما عرج بي
إلى السماء دخلت جنة عدن، فوقعت في كفى تفاحة، فانفلقت عن حوراء
مرضية أشفار عينيها مقاديم أجنحة النسور. فقلت لمن أنت؟ فقالت: أنا للخليفة
من بعدك المقتول عثمان بن عفان ".
وأما حديث أنس فله ثلاثة طرق:
الطريق الأول: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
قال أنبأنا أبو الفرج عبد الوهاب بن الحسين قال أنبأنا محمد بن عبد الله بن خلف
ابن بخيت قال حدثنا أبو هشام محمد بن إبراهيم بن العباس الطائي قال حدثنا
إبراهيم بن عبد الله الفارسي قال حدثنا يحيى بن شبيب السلمي قال حدثنا حميد
الطويل عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دخلت
الجنة فتناولت تفاحة فكسرتها فخرج منها حوراء أشفار عينيها كريش النسر،
فقلت: لمن أنت؟ فقالت: لعثمان بن عفان ".
330

الطريق الثاني: أنبأنا علي بن عبيد الله قال أنبأنا أبو محمد الصريفيني قال
حدثنا أبو حفص الكناني قال حدثنا إبراهيم بن حبيش المعدل قال حدثنا محمد
ابن السرى القنطري قال حدثنا يحيى بن شبيب عن حميد عن أنس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دخلت الجنة فوضعت في يدي تفاحة فجعلت
أقلبها في يدي، فبينا أنا أقلبها انفلقت عن حوراء مرضية كأن حاجبيها مقاديم
النسور فقلت: لمن أنت؟ فقالت للمقتول ظلما عثمان بن عفان ".
الطريق الثالث: رواه العباس بن محمد العلوي عن عمار بن هارون المستملى
عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس فذكره.
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما حديث ابن عمر
ففيه محمد بن سليمان بن هشام. قال ابن عدى: كان يوصل الحديث ويسرقه.
وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال. وقال أبو بكر الخطيب: رجال
الاسناد ثقاة سواه والحمل فيه عليه.
وأما حديث عقبة والأصبهاني في الاسناد الأول لا يوثق به. وعبد الرحمن
ابن عفان في الاسناد الثاني مجهول.
وأما حديث أنس فمدار الطريقين الأولين على يحيى بن شبيب. قال ابن
حبان: حدث عن الثوري بما لم يحدث به فهذا لا يجوز الاحتجاج به.
وأما الطريق الثالث ففيه عباس بن محمد العلوي قال ابن حبان: يروى عن
عمار بن هارون ما لا أصل له. قال وهذا الحديث شئ لا أصل له من كلام
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من حديث أنس ولا ثابت ولا حماد. قال
العقيلي: هذا الحديث موضوع لا أصل له.
قال المصنف: قلت وقد قلب هذا الحديث بعض الناس فجعله لعلي عليه السلام
: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر بن ثابت قال أنبأنا الحسن
331

ابن أبي بكر قال أنبأنا مكرم بن أحمد بن محمد القاضي قال حدثنا أبو جعفر
أحمد بن عيسى بن علي بن ماهان الرازي قال حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو
زنيج قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا جرير عن الأعمش عن عطية عن أبي
سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لما أسرى بي دخلت الجنة
فناولني جبريل عليه السلام تفاحه فانفلقت نصفين فخرج منها حوراء فقلت لها:
لمن أنت؟ قالت لعلي بن أبي طالب عليه السلام ".
هذا حديث لا يصح وأحسبه انقلب على بعض الرواة أو أدخله بعض
المتعصبين على سليم. وعطية قد ضعفه شعبة وأحمد ويحيى.
الحديث الثاني: أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا
عبد الكريم بن إبراهيم بن حبان قال حدثنا الليث بن الحارث البخاري قال
حدثنا عثمان بن زفر قال حدثنا محمد بن زياد عن محمد بن عجلان عن أبي الزبير
عن جابر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بجنازة رجل فلم يصل عليها
فقيل له يا رسول الله ما رأيناك تركت الصلاة على أحد إلا هذا؟ قال إنه كان
يبغض عثمان أبغضه الله ".
طريق آخر: أنبأنا علي بن عبيد الله الزاغوني قال أنبأنا علي بن أحمد
البندار قال أنبأنا عبيد الله بن محمد الفقيه قال حدثنا أبو بكر أحمد بن هشام
الأنماطي قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي
قال حدثنا محمد بن زياد قال حدثنا محمد بن عجلان عن أبي الزبير عن جابر قال
" توفى رجل من الأنصار، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بجنازته فلم
يصل عليه فدفناه ثم رجعنا فقلنا قد دفناه رحمه الله فلم يرحم عليه، فقلنا يا رسول
الله ما أخبرناك بميت إلا صلت وترحمت عليه فما بال هذا؟ قال إنه كافى يبغض
عثمان أبغضه الله ".
332

الطريقان على محمد بن زياد. قال أحمد بن حنبل: هو كذاب خبيث يضع
الحديث. وقال يحيى: كذاب خبيث. وقال السعدي والدارقطني: كذاب.
وقال البخاري والنسائي والفلاس وأبو حاتم الرازي: متروك الحديث. وقال
ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقاة لا يحل ذكره في الكتب إلا على وجه
القدح فيه.
الحديث الثالث: أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال
أنبأنا حمزة بن يوسف قال حدثنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا محمد بن داود بن
دينار قال حدثنا أحمد بن محمد البصري قال حدثنا عمرو بن فايد عن موسى بن
يسار عن الحسن عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لله
سيفا مغمودا في غمده ما دام عثمان بن عفان حيا، فإذا قتل عثمان جرد ذلك السيف
فلم يغمد إلى يوم القيامة ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه عمر بن فايد
قال ابن المدايني: كان يضع الحديث. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن عدى:
وكان محمد بن داود يكذب.
الحديث الرابع: أنبأنا ابن ناقر وسعد الخير قالا أنبأنا المبارك بن عبد الجبار
قال أنبأنا أبو محمد الجوهري قال أنبأنا أبو عمر بن حيويه قال حدثنا أبو عمرو
العثماني قال أنبأنا الحسين العجلي ح. وأنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا إسماعيل
ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا
أبو عمر عبد الله بن عثمان بن محمد قال أنبأنا الحسين بن عبد الله العجلي قال أنبأنا
عبد العزيز بن أبي حاتم عن أبيه عن سهل بن سعد قال: " وصف لنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم ذات يوم الجنة، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله أفى الجنة
برق؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده إن عثمان ليتحول من منزل إلى منزل
333

فتبرق له الجنة ". هذا حديث موضوع، والمتهم به الحسين بن عبيد الله. قال
الدارقطني: كان يضع الحديث.
الحديث الخامس: أنبأنا ابن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا
عبد الباقي بن أحمد الواعظ قال أنبأنا أبو جعفر محمد بن علان قال أنبأنا أبو الفتح
الأزدي الحافظ قال حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الخالق قال حدثنا زكريا
ابن يحيى بن سعيد قال أنبأنا أحمد بن يزيد الكوفي عن ميمون بن مهران عن
ابن عباس قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي على برذون
أبلق فدنوت منه وعليه عمامة من نور معتجرا بها وفى رجليه نعلان خضراوان
فسلم على فرددت عليه وقلت: يا رسول الله قد اشتد شوقي إليك فأين أنت؟
فتبادر قال إن عثمان بن عفان أصبح عروسا في الجنة وقد دعيت إلى عرسه "
قال الأزدي: إبراهيم بن منقوش يضع الحديث وضعا.
الحديث السادس: أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا الجوهري عن الدارقطني
عن أبي حاتم بن حبان قال حدثنا أبو يعلى قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا
طلحة بن زيد ويقال له طلحة بن يزيد الشامي عن عبيدة بن حسان عن عطاء
الكنجاراني عن جابر قال: " بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر
من المهاجرين فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى
عثمان فاعتنقه ثم قال: أنت وليي في الدنيا والآخرة ".
هذا حديث لا أصل له ولا صحة. فقال ابن حبان: طلحة لا يحل الاحتجاج
بخبره، وعبيدة بن حسان يروى الموضوعات عن الثقاة فبطل الاحتجاج به.
وقال أبو الفتح الأزدي: عبيدة متروك الحديث.
طريق آخر: أنبأنا علي بن عبيد الله أنبأنا علي بن أحمد أنبأنا ابن بطة
حدثني أبو محمد بن عبد الله بن جعفر حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا شبانة بن
334

سوار عن خارجة بن مصعب عن عبد الله الحميري عن أبيه قال: " كنت ممن
حضر عثمان فأشرف علينا ذات يوم فقال: ها هنا طلحة؟ قال نعم. قال: نشدتك
الله أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم ونحن جلوس فخرج
علينا ثم سلم فقال: ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه ووليه في الدنيا والآخرة،
فأخذت أنت بيد فلان وفلان بيد فلان، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
بيدي فقال: هذا جليسي ووليي في الدنيا والآخرة؟ قال طلحة: اللهم نعم. قال
الحميري: فعلام نقاتل رجلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فيه؟ فانصرف
في سبعمائة من قومه ".
هذا حديث لا يصح. قال يحيى: خارجة ليس بشئ، وقال ابن حبان:
كان يدلس عن الكذابين فوقع في حديثه الموضوعات.
وقد رويت أحاديث في ذم عثمان:
الحديث الأول: أنبأنا المبارك بن علي قال أنبأنا شجاع بن فارس قال أنبأنا
أبو طاهر محمد بن أحمد الأشناني قال أنبأنا علي بن أحمد بن عمر الحمامي قال أنبأنا
علي بن محمد بن أبي قيس قال حدثنا أبو بكر بن عبيد القرشي قال حدثت عن
كامل بن طلحة قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثنا يزيد بن عمرو المعافري أنه سمع
أبا ثور الفهمي قال: قدمت على عثمان فصعد ابن عديس منبر رسول الله صلى الله
عليه وسلم وقال ألا إن عبد الله بن مسعود حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: " ألا إن عثمان أضل من عيبه على فعلها [عتبة على قفلها]
فدخلت على عثمان فأخبرته فقال: كذب والله ابن عديس ما سمعها من ابن مسعود
ولا سمعها ابن مسعود من رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
هذا حديث لا نشك في أنه كذب ولسنا نحتاج إلى الطعن في الرواة وإنما
هو من تخرص ابن عديس.
335

الحديث الثاني يشاربه إلى دم عثمان: أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا
أبو بكر البيهقي قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال أنبأنا أبو سعيد
ابن أبي بكر بن أبي عثمان قال حدثنا زكريا بن يحيى بن حويثرة قال حدثنا محمد
ابن نوح السعدي قال حدثنا م مرو بن الأزهر العتكي عن ابن جريج عن عطاء
عن ابن عباس قال: " دعا رسول الله قلى الله عليه وسلم فقال: اللهم اعطف
على ابن عمى على. قال فأتاه جبريل فقال: أو ليس قد فعل بك ربك؟
قد عضدك بابن عمك على وهو سيف الله على أعدائه، وأبى بكر الصديق وهو
رحمة الله في عباده. وعمر الفاروق فأعدهم [فاعددهم] وزراء وشاورهم في أمرك
وقاتل بهم عدوك ولا يزال دينك قائما حتى يثلبه رجل من بنى أمية ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما عمر بن الأزهر
فقال أحمد بن حنبل: كان يضع الحديث وقال النسائي: متروك. وقال الدارقطني
كذاب. وقال ابن حبان. كان يضع على الثقاة لا يحل ذكره في الكتب إلا
على سبيل القدح فيه.
وأما زكريا بن يحيى فقال يحيى: هو رجل سوء يحدث بأحاديث يستأهل
أن يحفر له بئر فيلقى فيها. قال ابن عدى: كان يحدث بأحاديث في مثالب
الصحابة. قال المصنف: قلت والأليق نسبة هذا الحديث إليه.
باب في فضائل الثلاثة أبى بكر وعمر وعثمان
فيه أحاديث: الحديث الأول: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أنبأنا
أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا القاضي أبو الفرج محمد بن أحمد بن الحسن
الشافعي قال حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن مالك القطيعي قال حدثنا أحمد
ابن محمد القاضي قال حدثنا الاحتياطي قال حدثنا علي بن جميل عن جرير بن
عبد الحميد عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه
336

وسلم: " ما في الجنة شجرة إلا مكتوب على ورقة محمد رسول الله أبو بكر الصديق
عمر الفاروق عثمان ذو النورين ". اسم الاحتياطي الحسن بن عبد الرحمن بن
عباد أبو على.
قال أبو حاتم بن حبان: هذا باطل موضوع وعلي بن جميل كان يضع
الحديث لا تحل الرواية عنه بحال. وقال أبو أحمد بن عدى: لم يأت بهذا الحديث
عن جرير غير على. وعلى يحدث بالبواطيل عن ثقاة الناس فيسرق السرق. وقد
سرق هذا الحديث منه رجل يقال له معروف بن أبي معروف البلخي وقد سرقه
آخر، فأنبأنا محمد بن عمر الأرموي قال أنبأنا أبو الحسين بن الهندي قال أنبأنا
أبو أحمد الفرضي قال حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم
قال حدثني القاسم بن علي الكوفي قال حدثنا عبد العزيز بن عمرو الخراساني عن
جرير فذكره إلا الخراساني مجهول.
الحديث الثاني: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
ابن ثابت قال أنبأنا محمد بن عبيد الله الحنائي قال أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق
قال أنبأنا إسحاق بن إبراهيم الختلي قال حدثنا أبو بكر عبد الرحمن بن عنان
الصوفي قال حدثنا محمد بن مجيب الصائغ قال حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن
جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليلة أسرى بي رأيت على العرش
مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله أبو بكر الصديق عمر الفاروق عثمان
ذو النورين يقتل مظلوما ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأبو بكر الصوفي
ومحمد بن مجيب كذابان، قاله يحيى بن معين.
(22 الموضوعات 1)
337

باب في فضائل علي عليه السلام
فضائله الصحيحة كثيرة غير أن الرافضة لم تقنع فوضعت له ما يضع ولا يرفع
وحوشيت حاشيته من الاحتجاج إلى الباطل: فاعلم أن الرافضة ثلاثة أصناف:
صنف سمعوا شيئا من الحديث فوضعوا أحاديث وزادوا ونقصوا.
وصنف لم يسمعوا فتراهم يكذبون على جعفر الصادق ويقولون قال جعفر:
وقال فلان.
والصنف الثالث: عوام جهلة يقولون: ما يريدون مما يسوغ في العقل
ومما لا يسوغ. ولقد وضعت الرافضة كتابا في الفقه وسموه مذهب الإمامية،
وذكروا فيه ما يخرق إجماع المسلمين بلا دليل أصلا.
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك ومحمد بن ناصر الحافظان قال أنبأنا أحمد بن
المظفر بن سوسن قال أنبأنا عبد الرحمن بن عبيد الله الخرقي قال أنبأنا أبو أحمد
حمزة بن محمد الدهقان قال حدثنا محمد بن عيسى بن حبان المدايني قال حدثنا عيسى
ابن محمد المكتب قال أنبأنا وهب بن بقية قال حدثنا محمد بن حجر الباهلي عن
عبد الرحمن بن مالك بن مغول عن أبيه قال قال الشعبي: يا مالك لو أردت أن
يعطوني رقابهم عبيدا أو أن يملئوا [يملأوا] بيتي ذهبا على أن أكذب لهم
على على لفعلوا، ولكن والله لا كذبت أبدا. يا مالك إني قد درست الأهواء
كلها فلم أر قوما أحمق من الخشية (1)، لو كانوا من الدواب كانوا حمرا أو من الطير
كانوا رخما. أحذركم الآراء المضلة وشرها الرافضة، أحرقهم على النار ونفاهم من
البلدان، نفى عبد الله بن سبأ إلى ساباط، ونفى غيره. ومحنة الرافضة محنة اليهود
قالت اليهود لا يصلح الملك إلا في آل داود. وقالت الرافضة لا تصلح الامارة إلا
في آل على، وقالت اليهود لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال،

(1) وردت كذلك بالأصلي في سياق كلام الشعبي ولا يدرى توجيهها إلا أن تكون (الحبشة).
338

وقالت الرافضة لا جهاد حتى يخرج المهدى، واليهود يؤخرون صلاة المغرب حتى
تشتبك القنجوم، وكذلك الرافضة، واليهود يولون عن القبلة شيئا، وكذلك
الرافضة، واليهود تسدل أبوابها وكذلك الرافضة، واليهود خرقوا التوراة،
وكذلك الرافضة خرقوا القرآن. واليهود يستحلون دم كل مسلم، وكذلك الرافضة.
واليهود لا يرون طلاق ثلاث شيئا، وكذلك الرافضة، واليهود يبغضون جبريل
ويقولون هو عدونا من الملائكة وكذلك الرافضة يقولون: غلط بالوحي، وفضلت
صنف من اليهود والنصارى على الرافضة بخصلتين. سئلت اليهود من خير أهل
ملتكم؟ قالوا أصحاب موسى، وسئلت النصارى فقالوا: أصحاب عيسى، وسئلت
الرافضة من شر أهل ملتكم، فقالوا: حواري محمد، وأمروا بالاستغفار
لهم فسبوهم.
أنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال أنبأنا ابن المظفر قال أنبأنا العتيقي قال حدثنا
يوسف بن أحمد قال حدثنا العقيلي قال حدثنا أبو أسامة النصيبي قال سمعت
أبا داود السجستاني يقول سمعت يحيى بن معين يقول وسئل عن العلاء بن
عبد الرحمن فقال أحسن أحواله عندي أنه قيل له عند موته أن لا تستغفر الله؟
قال لا أرجو أن يغفر الله لي، فقد وضعت في فضل علي بن أبي طالب سبعين
حديثا. وها نحن نذكر من مستوحش الموضوعات.
الحديث الأول فيما خلق منه علي بن أبي طالب: أنبأنا أبو منصور القزاز
قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال أخبرني علي بن الحسن بن محمد
الدقاق قال حدثنا محمد بن إسماعيل الوراق قال حدثنا إبراهيم بن الحسين بن
داود العطار قال حدثنا محمد بن خلف المروزي قال حدثنا موسى بن إبراهيم قال
حدثنا موسى بن جعفر عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" خلقت أنا وهارون بن عمران ويحيى بن زكريا وعلي بن أبي طالب من
طينة واحدة "
339

هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتهم به المروزي
قال يحيى بن معين: هو كذاب. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان:
كان مغفلا يلقن فيتلقن فاستحق الترك. وقد روى جعفر بن أحمد بن علي بن
بيان عن محمد بن عمر الطائي عن أبيه سفيان عن داود بن أبي هند عن الوليد بن
عبد الرحمن عن نمير الحضري عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" خلقت أنا وعلى من نور وكنا عن يمين العرش قبل أن يخلق الله آدم بألفي
عام ثم خلق الله آدم فانقلبنا في أقلاب الرجال ثم جللنا في صلب عبد المطلب،
ثم شق اسمانا من اسمه فالله محمود وأنا محمد، والله الأعلى وعلى عليا ".
هذا وضعه جعفر بن أحمد وكان رافضيا يضع الحديث. قال ابن عدى: كنا
نتيقن أنه يضع.
الحديث الثاني: في تقدم إسلامه: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال أنبأنا
عاصم بن الحسن قال حدثنا أبو عمر بن مهدي قال حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق
قال حدثنا محمد بن سليمان الواسطي قال حدثنا مخول بن إبراهيم العبدي قال
حدثنا عبد الرحمن بن الأسود عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن عبد الله
ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي أيوب الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " لقد صلت الملائكة على على سبعين سنين، وذلك أنه لم يصل معي
رجل غيره ".
طريق آخر: أنبأنا أبو منصور بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا محمد بن
دبيس قال حدثنا السرى بن يزيد قال حدثنا سهل بن صالح قال حدثنا عباد
ابن عبد الصمد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" صلى على الملائكة وعلى علي بن أبي طالب سبع سنين ولم يصعدا، ولم
340

ترفع شهادة أن لا إله إلا الله من الأرض إلى السماء إلا منى ومن علي بن أبي
طالب ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الطريق الأول ففيه محمد بن عبيد الله. قال يحيى: ليس بشئ. وقال
البخاري: منكر الحديث.
وأما الثاني فقال ابن عدى: عباد ضعيف غال في التشيع. قال العقيلي:
هو ضعيف يروى عن أنس نسخة عامتها منا كير وعامة ما يروى في فضائل
علي عليه السلام فقال أبو حاتم الرازي: ضعيف الحديث جدا منكره، وقد
روى هذا عن علي عليه السلام. أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا أبو طاهر
محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد
الحراني قال أنبأنا الحسن بن رشيق قال أنبأنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب
النسائي قال حدثنا أحمد بن سليمان قال حدثنا عبيد الله قال حدثنا العلاء بن
صالح عن المنهال بن عمرو عن عبادة بن عبد الله الأسدي قال قال علي بن أبي
طالب رضي الله عنه: " أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الأكبر لا يقولها
بعدي إلا كاذب. صليت قبل الناس سبع سنين ".
وهذا موضوع والمتهم به عباد بن عبد الله. قال علي بن المديني كال ضعيف
الحديث. وقال الأزدي: روى أحاديث لا يتابع عليها. وأما المنهال فتركه شعبة
وقال أبو بكر الأثرم: سألت أبا عبد الله عن حديث على " أنا عبد الله وأخو
رسوله وأنا الصديق الأكبر " فقال اضرب عليه فإنه حديث منكر. وقد أنبأنا
محمد بن عبد الباقي البزاز قال أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي قال أنبأنا أبو محمد
ابن ماسى قال حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن مرزوق قال حدثنا إسماعيل بن
إبراهيم بن بسام قال سمعت شعبة يعنى ابن صفوان عن أجلح بن سلمة بن كهيل
341

عن حبة بن جوين قال سمعت عليا عليه السلام يقول: " عبدت الله عز وجل
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يعبده رجل من هذه الأمة خمس سنين
أو سبع سنين ".
وهذا حديث موضوع على علي عليه السلام، أما حبة فلا يساوى حبة فإنه
كذاب. قال يحيى: ليس حديثه بشئ. وقال السعدي: غير ثقة. وقال ابن
حبان: كان غاليا في التشيع واهيا في الحديث. وأما الأجلح فقال أحمد:
قد روى غير حديث منكر. وقال أبو حاتم الرازي: لا يحتج بحديثه.
وقال ابن حبان: كان لا يدرى ما يقول.
قال المصنف: قلت ومما يبطل هذه الأحاديث أنه خلاف في تقدم إسلام
خديجة ويزيد وأبى بكر وأن عمر أسلم في سنة ست من النبوة بعد أربعين فكيف
يصح هذا.
طريق آخر لهذا الحديث بغير هذا اللفظ.
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك ومحمد بن ناصر الحافظان أنبأنا أبو على محمد
ابن سعيد بن نبهان قال أنبأنا الحسن بن الحسين بن دوما قال أنبأنا أحمد بن نصر
الذارع قال حدثنا صدقة بن موسى قال حدثنا زيد بن الحسين بن جعفر العلوي
قال حدثنا أبي قال سمعت الفضل يقول: سمعت جعفر بن محمد يذكر عن أبيه
عن آبائه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عرضت على أمتي في الميثاق
في صدور الذر بأسمائهم وأسماء آبائهم، وكان أول من آمن بي وصدقني علي بن أبي
طالب عليه السلام فكان أول من آمن بي وصدقني حين بعثت فهذا
الصديق الأكبر ".
هذا لا نشك أنه من عمل الذارع فإنه كان كذابا يضع الحديث.
الحديث الثالث: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا حمد بن أحمد
342

الحداد قال حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله قال حدثنا إبراهيم بن أحمد بن أبي
حصين قال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال حدثنا خالد بن خالد العبدي
قال حدثنا بشر بن إبراهيم الأنصاري عن نور بن يزيد عن خالد بن معدان عن
معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي أخصمك بالنبوة
ولا نبوة بعدي وتخصم الناس بسبع ولا يحاجك فيه أحد من قريش: أولهم إيمانا
وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية،
وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند الله مزية يوم القيامة ".
هذا حديث موضوع والمتهم به بشر بن إبراهيم. قال ابن عدى وابن حبان:
كان يضع الحديث على الثقاة.
قال المصنف: قلت وقد رواه الأبزاري فزاد فيه فيروى أنه وقع إليه فغير
إسناده وزاد في ألفاظه أنبأنا به يحيى بن المدبر قال أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد
ابن عبد العزيز العكبري قال أنبأنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرضي
قال حدثنا جعفر بن الخواص قال حدثني الحسن بن عبيد الله الأبزاري قال حدثني
إبراهيم بن سعيد قال حدثني المأمون قال حدثني الرشيد قال حدثني المهدى قال
حدثني المنصور قال حدثني أبي قال حدثني أبي قال حدثني أبي عبد الله بن عباس
قال سمعت عمر بن الخطاب يقول: " كفوا عن علي فلقد سمعت من رسول الله
صلى الله عليه وسلم فيه خصالا لان تكون واحدة منهن في آل الخطاب أحب
إلى مما طلعت عليه الشمس، كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة في نفر من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهينا إلى باب أم سلمة وعلى نائم على الباب،
فقلنا أردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يخرج إليكم، فخرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم فنرما [فثرنا] إليه فاتكأ عن علي بن أبي طالب عليه
السلام، ثم ضرب بيده على منكبه، ثم قال إنك مخاصم مخصم أنت أول
343

المؤمنين إيمانا وأعلمهم بأيام الله، وأوفاهم بعهده، وأقسمهم بالسوية، وأرفقهم
بالرعية، وأعظمهم مودن [مزية] وأنت عضدي وغاسلي ودافني، والمتقدم
إلى كل شديدة وكريهة، ولن ترجع بعدي كافرا، وأنت تتقدمني بلواء الحمد
وتذود عن حوضي ثم قال ابن عباس: ولقد مات علي عليه السلام بصهر رسول
الله صلى الله عليه وسلم وبسطة في العشرة وبذل للماعون وعلم التنزيل وفقه في
التأويل وقتلات الاقران ".
هذا حديث باطل من عمل الأبزاري وكان كذابا، وقد رواه أبو بكر بن
مردويه عن أبي بكر بن كامل عن علي بن المبارك الربيعي عن إبراهيم بن سعيد،
ولعل ابن المبارك أخذه من الأبزاري.
الحديث الرابع: أنبأنا أحمد بن علي بن المحلى قال أنبأنا أبو القاسم علي بن
أحمد السرى قال أنبأنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي
قال حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله الصولي قال حدثنا أحمد بن عمرو
أبو بكر البزاز قال حدثنا عباد بن يعقوب قال حدثنا علي بن هاشم بن اليزيد
عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده عن أبي ذر قال: سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: " أنت أول
من آمن بي، وأنت أول من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصديق الأكبر،
وأنت الفاروق تفرق بين الحق والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال
يعسوب الكافرين ".
طريق آخر: أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أحمد بن الحسين البيهقي قال
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال سمعت محمد بن علي الاسفرايني
قال حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال حدثنا مذكور بن سليمان قال حدثنا
أبو الصلت الهروي قال حدثنا علي بن هشام قال حدثنا محمد بن عبيد الله بن
344

أبى رافع مثله سواء، إلا أنه قال: " والمال يعسوب الظلمة ".
وقد روى من طريق ابن عباس أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا إسماعيل
ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا علي بن سعيد الرازي
قال حدثنا عبد الله بن داهر بن يحيى الرازي قال حدثني أبي عن الأعمش عن
عناية الأسدي عن ابن عباس قال: " ستكون فتنة فإن أدركها أحد منكم
فعليه بخصلتين: كتاب الله وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، فإني سمعت
رسول الله قلى الله عليه وسلم يقول وهو آخذ بيد على: هذا أول من آمن بي،
وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل
هو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الأكبر، وهو بابي
الذي أوتى منه، وهو خليفتي من بعدي " هذا حديث موضوع.
أما الطريق الأول: ففيه عباد بن يعقوب. قال ابن حبان: يروى المناكير
عن المشاهير فاستحق الترك، وفيه علي بن هاشم. قال ابن حبان: كان يروى
عن المشاهير المناكير وكان غاليا في التشيع. قال الشيخ عباد بن يعقوب: أخرج
عنه البخاري في صحيحه. وفيه محمد بن عبيد الله. قال يحيى: ليس بشئ.
وأما الطريق الثاني: ففيه أبو الصلت الهروي وكان كذابا رافضيا خبيثا،
فقد اجتمع عباد وأبو الصلت في روايته عن علي بن هاشم، فالله أعلم أيهما سرقه
من صاحبه. وقد ذكرنا علي بن هاشم ومحمد بن عبيد الله.
وأما طريق ابن عباس فالمتهم به عبد الله بن داهر فإنه كان غاليا في الرفض
قال يحيى بن معين: ليس بشئ، ما يكتب عنه انسان فيه خبر.
الحديث الخامس: أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا أبو على الحسن بن أحمد
الحداد قال أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني قال حدثنا
إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري قال حدثنا عبد الرزاق عن أبيه عن مينا
345

عن ابن مسعود قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن قال
فتنفس فقلت ما شأنك يا رسول الله؟ قال نعيت إلى نفسي يا ابن مسعود.
قلت فاستخلف قال، من؟ قلت أبو بكر، فسكت ثم مضى ساعة ثم تنفس.
فقلت ما شأنك بأبي وأمي يا رسول الله؟ قال: نعيت إلى نفسي قال قلت:
فاستخلف. قال من؟ قلت: علي بن أبي طالب. قال: والذي نفسي بيده لئن
أطاعوه ليدخلن الجنة أجمعين أكنعين ".
هذا حديث موضوع والحمل فيه على مينا وهو مولى لعبد الرحمن بن عوف
وكان يغلو في التشيع. قال يحيى بن معين: ليس بثقة ومن مينا العاض بظر أمه
حتى يتكلم في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقال أبو حاتم الرازي:
كان يكذب.
الحديث السادس: أنبأنا يحيى على الطراح قال أنبأنا أبو منصور محمد بن
عبد العزيز قال أنبأنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن محمد الفرضي قال حدثنا جعفر
ابن محمد الخواص قال حدثني الحسن بن عبيد الله الأبزاري قال حدثني إبراهيم
ابن سعيد قال حدثني المأمون قال حدثني الرشيد عن جدي المهدى عن أبيه
المنصور عن أبيه عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لعلي عليه السلام: " أنت وارثي ".
هذا حديث مما عمله الأبزاري وكان كذابا.
الحديث السابع: أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال حدثنا ابن عدى قال حدثنا محمد بن جعفر بن
يزيد قال حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن ميمون قال حدثنا أبو معاوية الزعفراني
عبد الرحمن بن قيس قال حدثنا سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق
عن سلمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أولكم ورودا على الحوض
346

أولكم إسلاما علي بن أبي طالب " هذا حديث لا يصح. قال أحمد بن حنبل:
أبو معاوية الزعفراني لم يكن حديثه بشئ متروك، وكذلك قال النسائي:
متروك. وقال البخاري ومسلم: ذهب حديثه. وقال أبو زرعة: كذاب. وقال
أبو علي بن محمد: كان يضع الحديث. وقد روى هذا الحديث سيف بن محمد عن
الثوري. وسيف شر من أبى معاوية.
الحديث الثامن: أنبأنا أبو منصور بن خيرون قال أنبأنا الجوهري عن
الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان البستي قال حدثنا محمد بن سهل بن أيوب قال
حدثنا عمار بن رجاء قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا مطر بن ميمون
الإسكاف عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أخي
ووزيري وخليفتي من أهلي وخير من أترك بعدي، يقضى ديني وينجز وعودي
علي بن أبي طالب رضي الله عنه ".
هذا حديث موضوع. قال ابن حبان: مطر بن ميمون يروى الموضوعات
عن الاثبات لا تحل الرواية عنه.
الحديث التاسع في أنه خير البشر: فيه عن علي وابن مسعود.
فأما حديث على فأنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أنبأنا
أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا عبيد الله بن أبي الفتح وعلي بن أبي على
قالا حدثنا محمد بن المظفر الحافظ قال حدثنا عبد الله بن جعفر الثعلبي قال
حدثنا محمد بن منصور الطوسي قال حدثنا محمد بن كثير الكوفي قال حدثنا
الأعمش عن عدى بن ثابت عن زر عن عبد الله عن علي قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من لم يقل على خير الناس فقد كفر ".
واما حديث ابن مسعود: أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو بكر البيهقي
قال أنبأنا الحاكم أبو عبد الله النيسابوري قال حدثني محمد بن علي بن عبدك
347

الشعبي أبو أحمد الجرجاني، واسم عبدك عبد الكريم، وكان إمام أهل التشيع
في زمانه، قال حدثنا علي بن موسى الفقيه القمي قال حدثنا محمد بن شجاع الثلجي
قال حدثنا حفص بن عمر الكوفي قال حدثنا أبو معاوية قال قال الأعمش:
تريد أن أحدثك بحديث لا غبار عليه؟ قلت نعم. قال حدثني أبو وائل عن
عبد الله قال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل أنه قال لي: " يا محمد
على خير البشر من أبى فقد كفر ".
وأما حديث جابر فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
قال أنبأنا الحسن بن أبي طالب قال حدثنا محمد بن إسحاق بن محمد القطيعي قال
حدثني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر العلوي صاحب
كتاب النسب قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصنعاني قال حدثنا عبد الرزاق بن
همام قال أنبأنا سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " على خير البشر فمن أبى فقد كفر ".
الطريق الثاني: أنبأنا إبراهيم بن دينار الفقيه قال أنبأنا أبو على محمد بن
سعيد بن نبهان قال أنبأنا أبو على الحسن بن الحسين بن دوما قال أنبأنا أحمد
ابن نصر الذارع قال حدثنا صدقة بن موسى قال حدثنا أبي قال حدثنا يحيى بن
يعلى قال حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " على خير البشر فمن أبى فقد أبى (1) كفر ".
وأما حديث أبي سعيد فأنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا
إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى
قال حدثنا الحسن بن علي الأهوازي قال حدثنا معمر بن سهل قال حدثنا أحمد

(1) التكرار بالأصل، ولعله من أصل السياق.
348

ابن سالم أبو سمرة قال حدثنا شريك عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " على خير البرية ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حديث على ففيه محمد بن كثير الكوفي وهو المتهم بوضعه، فإنه كان
شيعيا. وقال أحمد بن حنبل مزقنا [حرقنا] حديثه. وقال ابن المديني:
كتبنا عنه عجائب وخططت على حديثه. وقال ابن حبان: لا يحتج به بحال.
وأما حديث ابن مسعود ففيه حفص بن عمر وليس بشئ، ومحمد بن شجاع
الثلجي، وقد سبق في أول الكتاب أنه كذاب، والمتهم به الجرجاني الشيعي.
وأما حديث جابر ففي الطريق الأول أبو محمد العلوي ولم يروه غيره وهو
منكر الحديث، وفى الطريق الثاني الذراع، وقد ذكرنا عن الدارقطني أنه
كذاب دجال.
وأما حديث أبي سعيد ففيه أحمد بن سالم. قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج
به فإنه يروى عن الثقاة الطامات.
الحديث العاشر في ذكر مدينة العلم، وفيه عن علي وابن عباس وجابر.
فأما حديث على رضى عنه فله خمسة طرق.
الطريق الأول: أنبأنا علي بن عبيد الله الزاغوني قال أنبأنا علي بن أحمد
البسري قال أنبأنا أبو عبد الله بن بطة العكبري قال حدثنا أبو على محمد بن أحمد
بن الصواف قال حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري قال حدثنا محمد بن
عمران الرومي قال حدثنا شريك عن سلمة بن كهيل عن الصنابحي عن علي قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا دار الحكمة وعلى بابها ".
الطريق الثاني: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا أحمد بن أحمد
الحداد قال حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال أنبأنا أبو أحمد محمد بن
أحمد الجرجاني قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الحميد بن بحر قال
349

حدثنا شريك عن سلمة بن كهيل عن الصنابحي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا دار الحكمة وعلى بابها ".
الطريق الثالث: أنبأنا علي بن عبيد الله قال أنبأنا علي بن أحمد البسري
قال أنبأنا عبيد الله بن محمد العكبري قال حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم النحوي
قال حدثنا عبد الله بن ناجية قال حدثنا [أبو] منصور شجاع بن شجاع قال
حدثنا عبد الحميد بن حبر البصري قال حدثنا شريك قال حدثنا سلمة بن كهيل
عن أبي عبد الرحمن عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا مدينة
الفقه وعلى بابها ".
الطريق الرابع: رواه أبو بكر ابن مردويه من حديث الحسن بن محمد عن
جرير عن محمد بن قيس عن الشعبي عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " أنا دار الحكمة وعلى بابها ".
الطريق الخامس: رواه ابن مردويه من طريق الحسن بن علي عن أبيه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أنا مدينة العلم وعلى بابها، فمن
أراد العلم فليأت الباب ".
وأما حديث ابن عباس فله عشرة طرق:
الطريق الأول: أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أبو بكر
أحمد بن علي بن ثابت قال أنبأنا الحسين بن علي الصميري قال حدثنا أحمد بن علي
الصميري حدثنا إبراهيم بن أحمد بن أبي حصين حدثنا محمد بن عبد الله
أبو جعفر الحضرمي حدثنا جعفر بن محمد البغدادي الفقيه حدثنا أبو معاوية عن
الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " أنا مدينة العلم وعلى بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب ".
الطريق الثاني: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
350

قال أنبأنا أحمد بن محمد العتيقي حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله الشاهد حدثنا
أبو بكر أحمد بن فاذوية الطحان حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يزيد بن
سليم قال حدثني رجاء بن سلمة حدثنا أبو معاوية الضريز [الضرير] عن
الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا
مدينة العلم وعلى بابها فمن أراد العلم فليأت الباب ".
الطريق الثالث: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر بن ثابت قال
أنبأنا علي بن أبي على قال حدثنا محمد بن المظفر قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن
شابور قال حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد قال حدثنا أبو معاوية الضريز
[الضرير] عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " أنا مدينة العلم وعلى بابها فمن أراد العلم فليأت الباب ".
الطريق الرابع: أنبأنا علي بن عبيد الله قال أنبأنا علي بن أحمد بن
البسري قال أنبأنا عبيد الله بن محمد العكبري حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد
الزعفراني حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن
مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا مدينة العلم
وعلى بابها فمن أراد بابها فليأت عليا ".
الطريق الخامس: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن
ثابت قال أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنبأنا أبو بكر مكرم بن أحمد بن
مكرم القاضي قال حدثنا القاسم بن عبد الرحمن الأنباري قال أنبأنا أبو الصلت
عبد السلام بن صالح بن سليمان بن ميسرة الهروي قال حدثنا أبو معاوية عن
الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا
مدينة العلم وعلى بابها ".
الطريق السادس: أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل
351

ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا
عبد الرحمن بن سليمان بن موسى بن عدى قال أنبأنا أحمد بن سلمة أبو عمرو
الجرجاني قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا مدينة العلم وعلى بابها فمن أراد
مدينة العلم فليأتها من بابها ".
الطريق السابع: أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة قال أنبأنا حمزة قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا أحمد بن حفص قال حدثنا
سعيد بن عقبة أبو الفتح الكوفي قال حدثنا الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا مدينة العلم وعلى بابها فمن أراد
العلم فليأتها من قبل بابها ".
الطريق الثامن: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا
ابن عدى حدثنا أبو سعيد العدوي حدثنا الحسن بن علي بن راشد حدثنا
أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " أنا مدينة العلم، وعلى بابها فمن أراد مدينة العلم فليأتها
من بابها ".
الطريق التاسع: أنبأنا أبو منصور بن خيرون قال أنبأنا أبو محمد الجوهري
عن أبي الحسن الدارقطني عن أبي حاتم البستي قال حدثنا الحسين بن إسحاق
الأصبهاني قال حدثنا إسماعيل بن محمد بن يوسف قال حدثنا أبو عبيد القاسم
ابن سلام عن أبي معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا مدينة العلم وعلى بابها، فمن أراد الدار
فليأتها من قبل بابها ".
الطريق العاشر: رواه أبو بكر بن مردويه من حديث الحسن بن عثمان
عن محمود بن خداش عن أبي معاوية.
352

وأما حديث جابر فأنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا النعمان
ابن بكرون البلدي ومحمد بن أحمد بن المؤمل وعبد الملك بن محمد ح. وأنبأنا
عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي قال أنبأنا أبو طالب يحيى بن علي
ابن الدسكري قال أنبأنا أبو بكر بن المقرى قال أنبأنا أبو الطيب محمد بن
عبد الصمد الدقاق قال حدثنا أحمد بن عبد الله أبو جعفر المكتب قال أنبأنا
عبد الرزاق قال أنبأنا سفيان عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن عبد الرحمن
ابن بهمان قال سمعت جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم الحديبية وهو آخذ بيد على. وقال ابن عدى آخذ بضبع على " هذا أمير
البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله يمد بها صوته
أنا مدينة العلم وعلى بابها فمن أراد العلم وقال ابن عدى فمن أراد الدار
فليأت الباب ".
وقد رواه أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى المصري عن عبد الرزاق
مثله سواء، إلا أنه قال " فمن أراد الحكم فليأت الباب " هذا حديث
لا يصح من جميع الوجوه.
أما حديث على فقال الدارقطني: قد رواه سويد بن غفلة عن الصنابحي
لم يسنده والحديث مضطرب غير ثابت وسلمة لم يسمع من الصنابحي.
قال المصنف: قلت ثم في الطريق الأول محمد بن عمر الروبى. قال ابن حبان:
كان يأتي عن الثقاة بما ليس من أحاديثهم لا يجوز الاحتجاج به بحال.
وفى الطريق الثاني والثالث عبد الحميد بن بحر. قال ابن حبان: كان يسرق
الحديث ويحدث عن الثقاة بما ليس من حديثهم لا يجوز الاحتجاج به بحال.
وفى الطريق الرابع محمد بن قيس وهو مجهول. وفى الخامس مجاهيل.
(23 الموضوعات 1)
353

وأما حديث ابن عباس ففي الطريق الأول جعفر بن محمد البغدادي وهو
متهم بسرقة هذا الحديث.
وفى الطريق الثاني: جابر بن سلمة وقد اتهموه بسرقته أيضا.
وفى الطريق الثالث والرابع عثمان بن إسماعيل. قال يحيى بن معين: ليس
بشئ كذاب خبيث رجل سوء. وقال الدارقطني متروك.
وفى الطريق الخامس أبو الصلت الهروي، وقد سبق أنه كذب وهو الذي
وضع هذا الحديث على أبي معاوية وسرقة منه جماعة.
وفى الطريق السادس: أحمد بن سلمة. قال ابن عدى: يحدث عن الثقاة
بالبواطيل ويسرق الأحاديث.
وفى الطريق السابع: سعيد بن عقبة. قال ابن عدى: هو مجهول غير ثقة.
وفى الطريق الثامن: أبو سعيد العدوي الكذاب صراحا الوضاع.
وفى الطريق التاسع: إسماعيل بن محمد بن يوسف. قال ابن حبان. يسرق
الأحاديث ويقلب الأسانيد لا يحوز الاحتجاج به.
وفى الطريق العاشر: الحسن بن عثمان. قال ابن عدى: كان يضع الحديث
وأما حديث جابر ففي طريقه الأول أحمد بن عبد الله المكتب. قال ابن
عدى: كان يضع الحديث ى وفى طريقه الثاني أحمد بن طاهر بن حرملة. قال ابن
عدى: كان أكذب الناس. قال يحيى بن معين: هذا الحديث كذب ليس له
أصل. وقال ابن عدى: هذا الحديث موضوع يعرف بأبي الصلت، وقد رواه
جماعة سرقوه منه. وقال أبو حاتم بن حبان: هذا خير لا أصل له عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم وليس من حديث ابن عباس ولا مجاهد ولا الأعمش ولا حدث
به أبو معاوية، وكل من حدث بهذا المتن إنما سرقه من أبى الصلت وإن قلب
إسناده. وقد سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: قبح الله أبا الصلت.
354

وقد عد الدارقطني جماعة ممن سرقه، أحدهم عمر بن إسماعيل بن مجالد، والثاني
محمد بن جعفر العبدي، والثالث محمد بن يوسف شيخ لأهل الري حدث به عن
شيخ مجهول عن أبي عبيد، والرابع شيخ شامي حدث به عن هشام بن عمار عن أبي
معاوية، وذكر ابن حبان خامسا، وهو عثمان بن خالد العثمان روى عن
عيسى بن يونس عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس ولا يحل الاحتجاج به.
وقال الدارقطني: إنما رواه عن عيسى بن يونس عثمان بن عبد الله الأموي.
وقال ابن حبان: وكان يضع الحديث على الثقاة. وذكر ابن عدى سادسا فقال:
وسرقه أحمد بن سلمة عن أبي الصلت فحدث به عن أبي معاوية، وكان يحدث
عن الثقاة بالبواطيل.
قال المصنف: قلت وقد حدثنا بسابع وهو رجاء بن سلمة وبثامن وهو جعفر
ابن محمد البغدادي وبتاسع وهو أبو سعيد العدوي وبعاشر وهو ابن عقبة وكل
هؤلاء رووه وحدثوا به، والحديث لا أصل له.
الحديث الحادي عشر: في رد الشمس له: أنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال
أنبأنا محمد بن المظفر قال أنبأنا العتيقي قال حدثنا يوسف بن أحمد قال حدثنا العقيلي
قال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا عمار بن مطرح. وأنبأنا محمد بن ناصر
قال أنبأنا عبد الوهاب بن منده واللفظ له قال أنبأنا أبى قال حدثنا عثمان بن
أحمد التنيسي قال حدثنا أبو أمية قال حدثنا عبد الله بن موسى قالا حدثنا فضيل
ابن مرزوق عن إبراهيم بن الحسن بن الحسين عن فاطمة بنت الحسين م ن أسماء
بنت عميس قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ورأسه في
حجر علي رضي الله عنه فلم يصل العصر حتى غربت الشمس، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس.
قالت أسماء فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت ".
355

هذا حديث موكوع بلا شك وقد اضطرب الرواة فيه فرواه سعيد بن مسعود
عن عبيد الله بن موسى عن فضيل بن مرزوق عن عبد الرحمن بن عبد الله بن
دينار عن علي بن الحسن عن فاطمة بنت على عن أسماء وهذا تخليط في الرواية،
وأحمد بن داود ليس بشئ. قال الدارقطني: متروك كذاب. وقال ابن حبان:
كان يضع الحديث. وعمار بن مطر قال فيه العقيلي: كان يحدث عن الثقاة بالمناكير
وقال ابن عدى: متروك الحديث. وفضيل بن مرزوق ضعفه يحيى. وقال ابن
حبان: يروى الموضوعات ويخطئ على الثقاة.
قال المصنف: قلت وقد روى هذا الحديث ابن شاهين قال حدثنا أحمد بن
محمد بن سعيد الهمداني قال حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال حدثنا عبد الرحمن
ابن شريك قال حدثني أبي عن عروة بن عبد الله عن قشير قال: دخلت على
فاطمة بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهم فحدثتني أن أسماء بنت عميس
حدثتها أن علي بن أبي طالب. وذكر حديث رجوع الشمس له. وهذا حديث
باطل. أما عبد الرحمن بن شريك عن أبيه، فقال أبو حاتم الرازي: هو
واهي الحديث.
قال المصنف: قلت و [أما] أنا فلا أتهم بهذا إلا ابن عقدة فإنه كان رافضيا
يحدث بمثالب الصحابة.
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال حدثنا علي بن محمد
ابن نصر قال سمعت حمزة بن يوسف يقول: كان أحمد بن محمد بن سعيد بن
عقدة في جامع براثا يملى مثالب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال
الشيخين يعنى أبا بكر وعمر فتركت حديثه لا أحدث عنه بشئ وما سمعت منه
بعد ذلك شيئا.
أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال حدثنا حمزة بن محمد بن
356

طاهر قال سئل الدارقطني وأنا أسمع عن أبي العباس بن عقدة فقال: كان رجل
سوء. وقال ابن عدى: سمعت أبا بكر بن أبي غالب يقول: ابن عقدة لا يتدين
بالحديث لأنه كان يحمل شيوخنا بالكوفة على الكذب يسوى لهم نسخا،
ويأمرهم أن يرووها وقد تيقنا ذلك منه في غير شيخ بالكوفة. وقد رواه ابن
مردويه من حديث داود بن فراهيج عن أبي هريرة قال: " نام رسول الله صلى
الله عليه وسلم، ورأسه في حجر علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يكن صلى
العصر حتى غربت الشمس، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم دعا له فردت عليه
الشمس حتى صلى ثم غابت ثانيه " وداود ضعيف ضعفه شعبة.
قال المصنف: قلت ومن تغفيل واضع هذا الحديث أنه نظر إلى صورة
فضيلة ولم يتلمح إلى عدم الفائدة، فإن صلاة العصر بغيبوبة الشمس صارت قضاء
فرجوع الشمس لا يعيدها أداء. وفى الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن
الشمس لم تحبس على أحد إلا ليوشع ".
الحديث الثاني عشر: أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا الجوهري عن
الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان قال حدثنا محمد بن جعفر البغدادي قال حدثنا
محمد بن سليمان بن الحارث بن عمر الأبلي عن أبي ذيب وإبراهيم بن سعد ويزيد
ابن عياض ومالك بن أنس قالوا حدثنا الزهري عن سعيد بن المسيب عن سعد
ابن أبي وقاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول غير مرة لعلى
رضي الله عنه: " إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك ".
قال أبو حاتم: ليس هذا الخبر من حديث ابن المسيب، ولا من حديث
الزهري ولا من حديث مالك فهو باطل. ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم
قط، وحفص بن عمر كان كذابا. وقال العقيلي: حفص يحدث عن
الأئمة بالبواطيل.
357

الحديث الثالث عشر في أن النظر إلى وجهه عبادة. فيه عن أبي بكر الصديق
وعثمان وابن مسعود ومعاذ وابن عباس وجابر وأبي هريرة وأنس وثوبان
وعمران بن حصين وعائشة.
فأما حديث أبي بكر فله طريقان:
الطريق الأول: حدثني محمد بن ناصر الحافظ وحدي قال حدثني محمد بن علي
النرسي وحدي قال حدثني أبو عبد الله محمد بن الحسنى وحدي قال حدثني
القاضي محمد بن عبد الله الجعفي وحدي قال حدثني أبو الحسين محمد بن أحمد
بن مخزوم وحدي قال حدثني محمد بن الحسن الرقي وحدي قال حدثني مؤمل بن
إهاب وحدي قال حدثني عبد الرزاق وحدي قال حدثني معمر وحدي قال حدثني
الزهري وحدي عن عروة عن عائشة عن أبي بكر قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة ".
الطريق الثاني: أنبأنا محمد بن عبد الملك قال أنبأنا الحسن بن علي عن
الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم البستي قال: رأيت الحسن بن علي بن
زكريا العدوي قد حدث عن أبي الربيع الزهراني ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني
قالا حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة عن أبي
بكر الصديق رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " النظر
إلى وجه على عبادة ".
وأما حديث عثمان: أنبأنا يحيى بن الحسن بن البنا أنبأنا أبو الحسين بن
الأبنوسي قال أنبأنا أبو نصر محمد بن أحمد المدابغي قال حدثنا محمد بن الحسن بن علي
الجرجاني حدثنا محمد بن أبي سعيد الحافظ أنبأنا أبو العباس أحمد بن هاشم
الطرائفي قال حدثني جعفر بن الحسين بن عمر الزيات حدثنا محمد بن غسان الأنصاري
عن يونس مولى الرشيد قال: كنت واقفا على رأس المأمون وعنده يحيى بن
358

أكثم القاضي فذكروا عليا وفضله، فقال المأمون سمعت الرشيد يقول سمعت
المهدى يقول سمعت أبي يقول سمعت جدي يقول سمعت ابن عباس يقول: رجع
عثمان إلى على رضي الله عنهما فسأل المصير إليه فصار إليه فجعل يحد النظر إليه،
فقال له على: يا عثمان مالك تحد النظر إلى، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: " النظر إلى على عبادة ".
وأما حديث ابن مسعود فأنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا أحمد
ابن أحمد قال أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الهيثم أحمد بن
أحمد الهمداني قال حدثنا الحسن بن خباش قال حدثنا هارون بن حاتم قال حدثنا
يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: " النظر إلى وجه على عبادة ".
وأما حديث معاذ: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
بن ثابت قال أنبأنا علي بن أحمد الوزان قال أنبأنا محمد بن إسماعيل الرازي
قال حدثنا محمد بن أيوب قال حدثنا هوذة بن خليفة قال أنبأنا ابن جريج عن أبي
صالح عن أبي هريرة قال: رأيت معاذ بن جبل يديم النظر إلى علي بن أبي
طالب عليه السلام، فقلت. ما لك تديم النظر إلى على كأنك لم تره؟ فقال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " النظر إلى وجه على عبادة ".
وأما حديث ابن عباس: أنبأنا محمد بن ناصر بن علي بن ميمون قال أنبأنا
علي بن المحسن التنوخي قال أنبأنا عبد الله بن إبراهيم بن جعفر الزينبي قال حدثنا
محمد بن سفيان الحنائي قال حدثنا عثمان بن يعقوب العطار قال حدثنا محمد بن محمد
البصري عن الحماني عن ابن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن
عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " النظر إلى على عبادة ".
وأما حديث جابر فأنبأنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد الجريري قال أنبأنا
359

أبو طالب محمد بن علي العشاري قال حدثنا علي بن عمر الدارقطني قال حدثنا
أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا البصري قال حدثنا العباس بن بكار الضبي
قال حدثنا أبو بكر الهذلي عن ابن الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " النظر إلى على عبادة ".
وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا محمد بن علي بن ميمون
قال أنبأنا علي بن المخنفس قال أنبأنا عبد الله بن إبراهيم قال حدثنا الحسن بن علي
بن زفر البصري قال أنبأنا أحمد بن عبدة قال حدثنا سفيان بن عيينة عن
الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" النظر إلى وجه على عبادة ". قال حدثنا الحسن بن علي وحدثنا إسحاق بن
لؤلؤ قال حدثنا عثمان قال حدثنا شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما حديث أنس فله ثلاثة طرق:
الطريق الأول: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا
حمزة بن يوسف قال أنبأنا أبو أحمد بن عدى قال حدثنا الحسن بن علي العدوي
قال حدثنا الحسن بن علي بن راشد الواسطي قال حدثنا هشيم عن حميد عن
أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " النظر إلى وجه على عبادة ".
الطريق الثاني: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا
حمزة قال أنبأنا ابن عدى قال حدثنا حاجب بن مالك قال حدثنا علي بن المثنى
قال حدثني عبيد الله بن موسى قال حدثني مطر بن أبي مطر عن أنس بن مالك
قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " النظر إلى وجه على عبادة ".
الطريق الثالث: رواه أبو بكر بن مردويه من طريق محمد بن القاسم الأسدي
عن شعبة عن قتادة عن أنس.
360

وأما حديث ثوبان فأنبأنا إسماعيل قال أنبأنا ابن مسعدة قال أنبأنا حمزة
قال حدثنا ابن عدى قال حدثنا حاجب قال حدثنا علي بن المثنى قال حدثني
الحسن بن عطية البزاز قال حدثني يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن سالم
عن ثوبان قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " النظر إلى على عبادة ".
وأما حديث عمران: روى أبو بكر بن مردويه قال حدثنا أحمد بن إسحاق
ابن بنجاب قال حدثنا محمد بن يونس بن موسى قال [حدثنا] إبراهيم بن إسحاق
الجعفي قال حدثنا عبد الله بن عبد ربه العجلي قال حدثنا شعبة بن الحجاج عن
قتادة عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري عن عمران بن حصين قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " النظر إلى على عبادة ".
وأما حديث عائشة: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا حمد بن
أحمد قال أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين النيسابوري
قال حدثنا الحسن بن موسى النيسابوري قال حدثنا الحسين بن موسى السمسار
قال حدثنا محمد بن عبدك قال حدثنا عباد بن صهيب قال حدثنا هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " النظر إلى
وجه على عبادة " هذا حديث لا يصح من جميع طرقه.
فأما حديث أبي بكر قال أحد الكوفيين الغلاة في الطريق الأول سرقه
فرواه والله أعلم هل هو الجعفي أو شيخه. وفى الطريق الثاني العدوي الكذاب
الوضاع. قال أبو حاتم بن حبان: لا يشك عوام المحدثين أن هذا موضوع.
ما روى الصديق هذا قط ولا عائشة ولا عروة ولا الزهري ولا معمر، فمن وضع
مثل هذا على الزهراني والصنعاني وهما متقنا أهل البصرة فبالحري أن تهجر
رواياته، وقد كان العدوي يروى عن شيوخ لم يرهم ويضع على من رأى، ولعله
قد حدث عن الثقاة بما يزيد على ألف حديث موضوعة سوى المقلوبات. وقد
361

ذكرنا عن ابن عدى أنه قال: عامة ما حدث به العدوي موضوعات وكنا نتيقن
أنه هو الذي وضعها. وقد رواه أبو بكر بن مردويه من حديث حارثة بن أبي
الرجال. قال أحمد: حارثة ليس بشئ. وقال يحيى بن معين: لا يكتب حديثه
ورواه أيضا من طريق آخر فيه ضعاف ومجاهيل.
وأما حديث عثمان فرواته مجاهيل.
وأما حديث ابن مسعود ففيه يحيى بن عيسى. قال يحيى بن معين: ما هو
بشئ ولا يكتب حديثه.
وأما حديث معاذ ففيه محمد بن أيوب ولا يعرف أنه سمع من هوذة ولا روى
عنه. قال ابن حبان: يروى الموضوع لا يحل الاحتجاج به.
وأما حديث ابن عباس ففي الطريق الأول الحماني. قال ابن نمير: هو
كذاب. وقال أحمد بن حنبل: كان يكذب جهارا ما زلنا نعرفه يسرق الأحاديث
وفيه يزيد بن أبي زياد. قال ابن المبارك: [لا] اروبه [أرويه] وقال
النسائي: متروك الحديث.
وأما حديث جابر ففيه العدوي الكذاب وهو المذكور في حديث أبي هريرة
وإنما يدلسه الرواة لأنه الحسن بن علي بن صالح بن زكريا بن يحيى بن صالح بن
عاصم بن زفر أبو سعيد العدوي.
وأما حديثا أنس ففي طريقه الأول العدوي أيضا، وفى طريقه الثاني مطر
ابن أبي مطر واسم أبى مطر ميمون. قال ابن حبان: يروى الموضوعات عن
الاثبات لا تحل الرواية عنه، وفى الطريق الثالث الأسدي. قال أحمد: أحاديثه
موضوعة. وقال الدارقطني: يكذب.
وأما حديث ثوبان فإنه لم يروه غير يحيى بن سلمة بن كهيل. قال ابن نمير:
ليس ممن يكتب حديثه. وقال يحيى بن معين: ليس بشئ لا يكتب حديثه.
وقال النسائي: متروك الحديث.
362

وأما حديث عمران ففيه محمد بن يونس الكديمي وقد كذبوه، ومن طريق
خالد طليق وقد ضعفوه، ومن طريق فيه مجاهيل وأما حديث عائشة فلا يعرف
إلا من حديث عبادة بن صهيب. وقال النسائي: هو متروك. وقال ابن حبان:
يروى المناكير عن المشاهير حتى إذا سمعها المبتدى شهد لها بالوضع.
الحديث الرابع عشر في سد الأبواب غير بابه: فيه عن سعد بن أبي وقاص
وابن عباس وزيد بن أرقم وجابر.
فأما حديث سعد فله طريقان: الطريق الأول: أنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا
ابن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي
قال حدثنا حجاج قال حدثنا نطر عن عبد الله بن شريك عن عبد الله بن
الرقيم الكناني قال: " خرجنا إلى المدينة زمن الجمل فلقينا سعد بن مالك بها،
فقال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك
باب على ".
الطريق الثاني: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد
ابن الصقر قال أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الجراني قال أنبأنا الحسن بن
رشيق قال حدثنا أحمد بن شعيب النسائي قال حدثنا أحمد بن يحيى قال حدثنا على
ابن قادم قال أنبأنا إسرائيل عن عبد الله بن شريك عن الحارث بن مالك قال:
" أتيت مكة فلقيت سعد بن أبي وقاص فقلت: هل سمعت لعلي بن أبي طالب
منقبة؟ قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي فينا ليلا ليخرج من
في المسجد إلا آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلما أصبح أتاه عمه،
فقال: يا رسول الله أخرجت أصحابك وأعمامك وأسكنت هذا الغلام، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: منا أنا بالذي أمرت بإخراجكم ولا بإسكان هذا
الغلام إن الله عز وجل هو أمر به ".

(1) هكذا بالأصل ولعلها مصحفة من " مطر " بن مطر.
363

وأما حديث ابن عمر فأنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن المذهب قال أنبأنا
القطيعي قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا وكيع عن هشام
ابن سعد عن عمر بن راشد عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه وسلم سد الأبواب
في المسجد إلا باب على ".
وأما حديث ابن عباس فله طريقان: الطريق الأول: أنبأنا محمد بن
عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا حمد بن أحمد قال أنبأنا أبو نعيم الحافظ قال حدثنا
محمد بن أحمد بن الحسن قال حدثنا أبو شعيب الحراني قال حدثنا يحيى بن
عبد الحميد قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سدوا أبواب المسجد كلها إلا باب على "
وفى لفظ " فسدت أبواب المسجد إلا باب على " فكان يدخل المسجد، وهو
جنب وهي طريقه ليس له طريق غيره.
الطريق الثاني: أنبأنا يحيى بن علي بن الطراح قال أنبأنا أبو منصور محمد
ابن محمد بن عبد العزيز العكبري قال أنبأنا أبو أحمد بن عبيد الله بن محمد بن
أحمد الفرضي قال حدثنا جعفر بن محمد الخواص قال حدثني الحسن بن عبيد الله
الأبزازي قال حدثني إبراهيم بن سعيد قال حدثني المأمون قال حدثني الرشيد
قال حدثني المهدى قال حدثني المنصور عن أبيه عن أبيه عن ابن عباس أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لعلي عليه السلام: " إن موسى عليه السلام سأل ربه عز
وجل أن يظهر [يطهر] مسجده لهارون وذريته وإني سألت الله عز وجل أن يطهر
مسجدي لك ولذريتك من بعدك، ثم أرسل إلى أبي بكر أن سد بابك فاسترجع
وقال فعل هذا بغيري؟ قيل لا، قال. سمع وطاعة فسد بابه. ثم أرسل إلى عمر
سد بابك، فقال: فعل هذا بغيري؟ فقيل بأبي بكر، فقال لي في أبى بكر أسوة
فسد بابه، ثم أرسل إلى العباس بن عبد المطلب سد بابك، فلما سمعت فاطمة
364

عليها السلام بسد الأبواب خرجت فجلست على بابها، ومعها الحسن والحسين
عليهما السلام كأنهما الشبلان وخاض الناس في ذلك، فصعد رسول الله صلى الله
عليه وسلم المنبر فقال: " ما أنا سددت أبوابكم، ولا فتحت باب على ولكن
الله سد أبوابكم وفتح باب على ".
وأما حديث زيد بن أرقم فأنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال أنبأنا
أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الحراني
قال أنبأنا الحسن بن رشيق قال أنبأنا أحمد بن شعيب النسائي قال أنبأنا محمد بن
جعفر قال حدثنا عوف بن ميمون أبى عبد الله عن زيد بن أرقم قال: " كان لنفر
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب شارعة إلى المسجد، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: سدوا هذه الأبواب إلا باب على، فتكلم في
ذلك الناس: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب على فقال فيه قائلكم، والله
ما سددته [ما سددت] ولا فتحت ولكني أمرت بشئ فاتبعته ".
وأما حديث جابر فأنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
قال أنبأنا أحمد بن محمد بن غالب قال قرأنا على أبي حفص بن بشران حدثكم
أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن قال حدثنا محمد بن مهدي
الميموني قال حدثنا عبد العزيز بن الخطاب قال حدثنا شعبة قال سمعت زيد بن علي
قال حدثني محمد بن علي أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " سدوا الأبواب كلها إلا باب على وأومأ بيده إلى
على " هذه الأحاديث كلها باطلة لا يصح منها شئ.
أما حديث سعد فالطريقان على عبد الله بن شريك قال السعدي: كان
كذابا، وقال ابن حبان: كان غاليا في التشيع روى عن الاثبات ما لا يشبه حديث
365

الثقاة، وقد رويت الطريق الأول عن عبد الله بن الرقيم، والثانية عن الحرث
ابن مالك. قال النسائي: لا أعرفهما.
أما حديث ابن عمر ففيه هشام بن سعد. قال يحيى بن معين: ليس بشئ.
وقال أحمد: ليس هو محكم الحديث.
وأما حديث ابن عباس ففي الطريق الأول أبو بلج واسمه يحيى بن سليم.
قال أحمد: روى أبو بلج حديثا منكرا " سدوا الأبواب " وقال ابن حبان.
كان أبو بلج يخطئ. وفى تلك الطريق يحيى بن عبد الحميد. قال أحمد: كان
يكذب جهارا.
وأما الطريق الثانية فعمل الأبزازي وكان كذابا يضع الحديث. وقد روى
لنا من طريق أبى ميمونة عن عيسى الملائي عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي
قال مسلم بن الحجاج: أبو ميمونة اسمه سليم كان يبيع الصور. قال أبو الفتح
الأزدي: وعيسى الملائي تركوه
وأما حديث زيد بن أرقم ففيه ميمون مولى عبد الرحمن بن سمرة. قال يحيى
ابن سعيد: هو لا شئ.
وأما حديث جابر فتفرد به أبو عبد الله العلوي بهذا الاسناد ولا يصح إسناده
وفيه مجاهيل.
فهذه الأحاديث كلها من وضع الرافضة قابلوا به [بها] الحديث المتفق على
صحته في " سدوا الأبواب إلا باب أبى بكر ". وأنبأنا ابن الحصين قال أنبأنا ابن
المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي
قال حدثنا أبو عامر قال حدثنا فليح عن سالم عن أبي النصر عن بشر بن
سعيد عن أبي سعيد قال: " خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال:
إن من أمن الناس على في صحبته وماله أبا بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربى
366

عز وجل لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الاسلام ومودته، لا يبقى في المسجد
باب إلا سد إلا باب أبى بكر ".
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين وأخرج البخاري من حديث ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سدوا عنى كل خوخة في المسجد
غير خوخة أبى بكر ". وقد روى بعض المحدلفين [المتحذلقين] في حديث أبي
بكر زيادة ولا تصح.
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزار قال أنبأنا أبو محمد الجوهري قال أنبأنا عمر
ابن أحمد الواعظ قال حدثنا الحسن بن حبيب بن عبد الملك قال حدثنا فهد بن
سليمان قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد
عن أنس بن مالك: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال سدوا
هذه الأبواب الشارعة في المسجد إلا باب أبى بكر، فقال الناس سدوا الأبواب
كلها إلا باب خليله، فقال: إني رأيت على أبوابهم ظلمة ورأيت على باب
أبى بكر نورا فكانت الآخرة أعظم عليهم من الأولى ".
قال أبو بكر الخطيب: هذا وهم لان الليث كان يروى صدر هذا الحديث
عن يحيى بن سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منقطعا، وكان يروى من
قوله: " سدوا الأبواب كلها " إلى آخره عن معاوية بن صالح منقطعا، وكان
أيضا يرسل الحديثين.
قال المصنف: قلت وعبد الله بن صالح هو كاتب الليث وهو الذي قد خلط
الكل وهو مجروح وكذلك معاوية بن صالح مجروح.
الحديث الخامس عشر: روى أبو بكر بن مردويه قال حدثنا محمد بن أحمد
ابن إبراهيم قال حدثنا محمد بن يحيى حدثنا إسحاق بن الفيض قال أنبأنا سلمة بن
حفص قال حدثنا أبو حفص الكندي عن كثير النوا عن عطية عن أبي سعيد
367

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: " إنه لا يحل لاحد أن يجنب في هذا
المسجد غيرى وغيرك " هذا حديث لا صحة له وإنما هو مبنى على سد الأبواب
غير بابه وفيه آفات.
أما عطية فاجتمعوا على تضعيفه (1). وقال ابن حبان: كان يجالس الكلبي
فيقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيروى ذلك عنه ويكنيه أبا سعيد،
فيظن أنه أراد الخدري لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب، وأما كثير النوا
فضعفه الرازي والنسائي. وقال السعدي: زائغ. وقال ابن عدى: كان غاليا
في التشيع مفرطا فيه.
الحديث السادس عشر في أخذ محبته على البشر والشجر: حدثنا المبارك بن علي
الصيرفي لفظا قال أنبأنا أبو النجم بدر بن عبد الله الشيخي قال أنبأنا القاضي
أبو الحسن محمد بن محمد بن عبد الله البيضاوي قال أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمد
ابن عمران بن موسى المعروف بابن الجندي قال حدثني خالي إبراهيم بن أحمد
قال حدثنا الفضل بن الحباب قال أنبأنا خالد بن خداش قال حدثنا حماد بن سلمة
عن ثابت عن أنس قال: " كنا يوما مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه
في السوق فرأى بطيخا فحل درهما ثم دفعه إلى بلال وقال: اذهب به فاشترى
به بطيخا، فمضى ومضينا معه إلى منزله، وأتى بلال بالبطيخ فأخذ على منه واحدة
فقورها ثم ذاقها فإذا مرة فقال: يا بلال خذ البطيخ فرده وائتنا بالدرهم،
وأقبل حتى أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث. فلما رجع بلال
قال: يا بلال إن حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي ويده على منكبي:
يا أبا الحسن إن الله قد أخذ محبتك على البشر والشجر والثمر والمدر، فمن أجاب

(1) قال الشيخ قوله: اجتمعوا على تضعيفه لا يصح. قال يحيى بن معين في رواية زبد
ابن الهيثم: عطية العوفي ليس به بأس.
368

إلى حبك عذب وطاب، وما لم يجب إلى حبك خبث ومر، وإني أظن هذا
البطيخ لم يجب ".
هذا حديث موضوع وواضعه أبرد من الثلج، فإن أخذ المواثيق إنما يكون
لما يعقل وما يتعدى الجندي. قال أبو بكر الخطيب: كان يضعف في روايته
ويطعن عليه في مذهبه، سألت الأزهري عن ابن الجندي فقال: ليس بشئ.
وقال العتيقي: كان يرمى بالتشيع.
الحديث السابع عشر في صياح النخل بفضله: أنبأنا إبراهيم بن دينار الفقيه
قال أنبأنا أبو على محمد بن سعيد بن نبهان قال أنبأنا أبو على الحسن بن الحسين
ابن ردما قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن نصر الذارع قال حدثنا صدقة بن موسى
قال حدثنا أبي قال حدثنا الرضى عن أبيه موسى بن جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه
محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب
عن أبيه علي عليه السلام قال: " خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم
نمشي في طرقات المدينة إذ مررنا بنخل من نخلها صاحت نخلة بأخرى: هذا النبي
المصطفى وعلى المرتضى، ثم جزناها فصاحت ثانية بثالثة: موسى وأخوه هارون،
ثم جزناها فصاحت رابعة بخامسة: هذا نوح وإبراهيم، ثم جزناها فصاحت
سادسة بسابعة: هذا محمد سيد المرسلين، وهذا على سيد الوصيين. فتبسم
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا علي إنما سمى نخل المدينة صحائيا لأنه
صاح بفضلي وفضلك ".
وهذا من أبرد الموضوعات وأقبحها، فلا رعى الله من عمله، ولا نشك أنه
من عمل الذارع. وقد ذكرنا عن الدارقطني أنه قال: هو دجال كذاب.
الحديث الثامن عشر في عرض الأطفال على محبته: أنبأنا ابن خيرون قال
أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم البستي قال روى الحسن بن علي
(24 الموضوعات 1)
369

عن أحمد بن عبدة الضبي عن ابن عيينة عن أبي الزبير عن جابر قال: " أمرنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعرض أولادنا على [على أولادنا] حب
علي بن أبي طالب رضي الله عنه " قال أبو حاتم: هذا حديث باطل، وقد تقدم
أن الحسن بن علي العدوي كان يضع الحديث.
الحديث التاسع عشر في أن حبه يأكل السيئات: أنبأنا عبد الرحمن بن
محمد قال أنبأنا أحمد بن علي الخطيب قال أخبرني أحمد بن أبي جعفر القطيعي قال
حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد المعدل قال أنبأنا أبو العباس أحمد بن سيبويه
الموصلي قال حدثنا محمد بن مسلمة الواسطي قال حدثنا يزيد بن هارون قال أنبأنا
حماد بن سلمة عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " حب علي بن أبي طالب يأكل السيئات كما تأكل النار الحطب "
قال الخطيب: رجال إسناده بعد محمد بن مسلمة كلهم معروفون ثقاة،
والحديث باطل مركب عن هذا الاسناد، ومحمد بن مسلمة قد ضعفه الأنكاني
[اللالكائى] وأبو محمد الخلال جدا.
الحديث العشرون في تشبيهه بالأنبياء: أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا
أبو بكر البيهقي قال أنبأنا عبد الله الحاكم قال حدثنا محمد بن أحمد بن سعيد الرازي
قال حدثنا محمد بن مسلمة بن وارة قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا
أبو عمر الأزدي عن أبي راشد الحبراني عن أبي الحمرا قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، ونوح في فهمه،
وإبراهيم في حكمه، ويحيى بن زكريا في زهده، وموسى بن عمران في بطشه فلينظر
إلى علي بن أبي طالب ".
هذا حديث موضوع. وأبو عمر متروك.
الحديث الحادي والعشرون في ذكر اسمه في القرآن: أنبأنا يحيى بن علي
370

المدبر قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن علي البادا
قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال حدثني أبو الحسن علي بن عمرو
الجريري قال أنبأنا محمد بن إسماعيل الرقي قال حدثنا محمد بن عمرو الحوضي البزاز
قال حدثنا موسى بن إدريس عن أبيه عن جده عن ليث عن مجاهد عن ابن
عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اسمى في القرآن:
والشمس وضحاها، واسم علي بن أبي طالب والقمر إذا تلاها، واسم الحسن
والحسين: والنهار إذا جلاها، واسم بنى أمية: والليل إذا يغشاها ".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله بعثني رسولا إلى خلقه فأتيت
قريشا، فقلت لهم: معاشر قريش إني قد جئتكم بعز الدنيا وشرف الآخرة أنا
رسول الله إليكم، فقالوا: كذبت لست برسول الله، فأتيت بنى هاشم فقلت لهم:
معاشر بنى هاشم إني قد جئتكم بعز الدنيا وشرف الآخرة أنا رسول الله إليكم،
فقالوا لي: صدقت، فآمن بي مؤمنهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وصدقني
كافرهم فحباني، يعنى أبا طالب، فبعث الله بلوائه فركزه في بنى هاشم، فلواء
الله فينا إلى يوم القيامة، ولواء إبليس في بنى أمية إلى أن تقوم الساعة، وهم
أعداء لنا وشعبهم أعداء لشعبنا ".
قال الخطيب: قال لنا ابن البادا: ثم لقيت علي بن عمرو الجريري فسمعته
منه. قال الخطيب: وهذا الحديث منكر جدا بل هو موضوع، وفى إسناده
ثلاثة مجهولون: الحوضي وموسى بن إدريس وأبوه ولا يصح بوجه من الوجوه.
الحديث الثاني والعشرون في ذكر خلافته: أنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال
أنبأنا محمد بن المظفر قال أنبأنا أبو الحسن العتيقي قال حدثنا يوسف بن أحمد قال
حدثنا العقيلي قال حدثنا أحمد بن الحسين قال حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا سلمة
ابن الفضل عن محمد بن إسحاق عن حكيم بن جبير عن الحسن بن سفيان عن
371

الأصبغ بن سفيان الكلبي عن عبد الملك بن مروان عن أبي هريرة عن سلمان
قال: " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله إن الله لم
يبعث نبيا إلا بين له من يلي بعده فهل بين لك؟ قال: لا. ثم سألته بعد ذلك
فقال: نعم علي بن أبي طالب ".
هذا حديث موضوع، وفيه حكيم بن جبير. قال يحيى: ليس بشئ. وقال
السعدي: كذاب. وقال العقيلي: واهي الحديث، والحسن والأصبغ مجهولان،
لا يعرفان إلا في هذا الحديث. وفى هذا الاسناد سلمة بن الفضل. قال ابن المديني
رمينا حديثه، وفيه محمد بن حميد وقد كذبه أبو زرعة وابن وارة، وقال ابن
حبان: يتفرد عن الثقاة المقلوبات.
الحديث الثالث والعشرون في ذلك أيضا: حدثت عن عبد الله بن الحسين
ابن أحمد بن جعفر قال أنبأنا أبو القاسم نصر بن علي الفقيه قال أنبأنا أحمد بن
إبراهيم بن أحمد قال حدثنا محمد بن الحسين المعروف بابن الحجحبا قال حدثنا
محمد بن جعفر بن علي التميمي قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن منير الدامغاني
قال حدثنا المسيب بن واضح عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن
ابن عباس قال: " لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة وأراه
الله من العجائب في كل سماء، فلما أصبح جعل يحدث الناس من عجائب ربه
فكذبه من أهل مكة من كذبه وصدقه من صدقه، فعند ذلك انقض نجم من
السماء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: في دار من وقع هذا النجم فهو خليفتي من
بعدي. قال فطلبوا ذلك النجم فوجدوه في دار علي بن أبي طالب رضي الله عنه،
فقال أهل مكة: ضل محمد وغوى، وهوى إلى أهل بيته، ومال إلى ابن عمه على
ابن أبي طالب رضي الله عنه، فعند ذلك نزلت هذه السورة: [والنجم إذا هوى *
ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى ".
372

هذا حديث موضوع لا شك فيه، وما أبرد الذي وضعه وما أبعد ما ذكر،
وفى إسناده ظلمات منها أبو صالح باذام وهو كذاب، وكذلك الكلبي ومحمد
ابن مروان السدي، والمتهم به الكلبي.
قال أبو حاتم ابن حبان: كان الكلبي من الذين يقولون: إن عليها لم يمت
وإنه يرجع إلى الدنيا، وإن رأوا سحابة، قالوا: أمير المؤمنين فيها، لا يحل
الاحتجاج به.
قال المصنف قالت: والعجب من تغفيل من وضع هذا الحديث كيف رتب
ما لا يصح في العقول من أن النجم يقع في دار ويثبت حتى يرى، ومن بلهه أنه
وضع هذا الحديث على ابن عباس وكان العباس [ابن عباس] في زمن المعراج
ابن سنتين فكيف يشهد تلك الحالة ويرويها. وقد سرق هذا الحديث بعينه
قوم وغيروا إسناده فحدثت عن حمد بن نصر بن أحمد قال أنبأنا محمد بن الحسين
ابن أحمد بن دانيار الصوفي قال أنبأنا أبو على عبد الرحمن بن محمد بن فضالة
النيسابوري قال أنبأنا أبو الفضل نصر بن محمد بن يعقوب العطار قال حدثنا سليمان
ابن أحمد بن يحيى بن عثمان المصري قال حدثنا أبو قضاعة ربيعة بن محمد الطائي
قال حدثنا ثوبان بن إبراهيم المصري قال حدثنا مالك بن غسان النهشلي قال حدثنا
ثابت عن أنس بن مالك قال: " انقض كوكب على عهد رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " انظروا إلى هذا الكوكب،
فمن انقض في داره فهو الخليفة من بعدي. قال: فنظرنا فإذا هو انقض في منزل
علي بن أبي طالب فقال جماعة من الناس: قد غوى محمد في حب علي بن أبي
طالب، فأنزل الله تعالى: [والنجم إذا هوى إلى قوله وحي يوحى] وهذا
هو الحديث المتقدم إنما سرقه بعض هؤلاء الرواة فغيروا إسناده.
ومن تغفيله وضعه إياه على أنس فإن أنسا لم يكن بمكة في زمن المعراج
373

ولا حين نزول هذه السورة، لان المعراج كان قبل الهجرة بسنة، وأنس إنما
عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. وفى هذا الاسناد ظلمات. أما مالك
النهشلي فقال ابن حبان: يأتي على الثقاة بما لا يشبه حديث الاثبات، وأما ثوبان
فهو أخو ذو النون المصري ضعيف في الحديث، وأبو قضاعة منكر الحديث
متروكه، وأبو الفضل العطار وسليمان بن أحمد مجهولان.
الحديث الرابع والعشرون في الوصية إليه يرويه سلمان وله أربع طرق:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال
أنبأنا أبو عبد الله الصوري قال حدثنا عبد الغني بن سعيد قال أنبأنا أبو بكر
أحمد بن محمد النرسي قال حدثنا محمد بن الحسين الأشناني قال حدثنا إسماعيل بن
موسى السدي قال حدثنا عمر بن سعد البصري عن إسماعيل بن زياد عن جرير بن
عبد الحميد الكندي عن أشياخ من قومه قال: " أتينا سلمان فقلنا: من وصى
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم من
وصيه؟ فقال: وصيي وموضع سرى، وخليفتي في أهلي، وخير من أخلف
بعدي علي بن أبي طالب ".
الطريق الثاني: أنبأنا محمد [بن] ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار
أنبأنا عبد الباقي بن أحمد الواعظ حدثنا محمد بن جعفر بن علان حدثنا أبو الفتح
محمد بن الحسين الأزدي حدثنا الهيثم بن خلف حدثنا محمد بن أبي عمر الدورقي
حدثنا أسود بن عامر بن شاذان حدثنا جعفر بن أحمد عن مطر عن أنس بن
مالك قال: " قلت لسلمان الفارسي: سل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من
وصيه؟ فقال له سلمان: يا رسول الله من وصيك؟ قال: من كان وصى موسى؟
قال: يوشع بن نون. قال: فإن وصيي ووارثي، يقضى ديني وينجز موعدي
وخير من أخلف بعدي علي بن أبي طالب رضي الله عنه ".
374

الطريق الثالث: أنبأنا محمد بن أبي طاهر قال أنبأنا أبو محمد الجوهري عن
الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان قال حدثنا عبد الله بن محمود بن سليمان قال
حدثنا العلاء بن عمران عن خالد بن عبيد العتكي أبى عصام عن أنس عن سلمان
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي بن أبي طالب: " هذا وصيي وموضع
سرى وخير من أترك بعدي ".
الطريق الرابع: أنبأنا عبد الوهاب قال أنبأنا ابن بكران قال حدثنا العتيقي
قال حدثنا يوسف قال حدثنا العقيلي قال حدثنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا عبد
العزيز بن الخطاب قال حدثنا علي بن هاشم عن إسماعيل عن جرير بن شراحيل
عن قيس بن ميناه عن سلمان قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " وصيي على
ابن أبي طالب ".
هذا لا يصح بالطريق الأول، ففيه إسماعيل بن زياد. قال ابن حبان: لا يحل
ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه، وقال الدارقطني: متروك، وقال
عبد الغني بن سعيد الحافظ: أكثر رواة هذا الحديث مجهولون وضعفاء.
وأما الطريق الثاني ففيه مطر بن ميمون. قال البخاري: منكر الحديث،
وقال أبو الفتح الأزدي: متروك الحديث، وفيه جعفر، وقد تكلموا فيه.
وأما الطريق الثالث ففيه خالد بن عبيد. قال ابن حبان: يروى عن أنس
نسخة موضوعة لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب.
قال المصنف قلت: أحد الرجلين وضع الحديث والآخر سرقه منه.
وأما الطريق الرابع فإن قيس [بن] (1) ميناه من كبار الشيعة، ولا يتابع على
هذا الحديث، وإسماعيل بن زياد قد ذكرنا القدح فيه.

(1) في مكانها بياض بالأصل.
375

الحديث الخامس والعشرون في الوصية أيضا: أنبأنا علي بن عبيد الله
الزاغوني قال أنبأنا أحمد بن محمد السمسار قال حدثنا عيسى بن علي الوزير قال
حدثنا البغوي قال حدثنا محمد بن حميد الرازي قال حدثنا علي بن مجاهد قال حدثنا
محمد بن إسحاق عن شريك بن عبد الله عن أبي ربيعة الأيادي عن ابن بريدة
عن أبيه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لكل نبي وصى، وإن عليا
وصيي ووارثي ".
طريق آخر: أنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو بكر البيهقي قال أنبأنا
الحاكم أبو عبد الله النيسابوري قال أنبأنا محمود بن محمد أبو محمد المطوعي قال
حدثنا أبو حفص محمد بن أحمد بن رازبه قال حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن
عبد الله الفرياناني قال حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن شريك بن
عبد الله عن أبي ربيعة الأيادي عن ابن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " إن لكل نبي وصيا ووارثا، وإن وصيي ووارثي علي بن أبي
طالب رضي الله عنه " هذا حديث لا يصح.
أما الطريق الأول ففيه محمد بن حميد وقد كذبه أبو زرعة وابن وارة.
وفى الطريق الثاني الفرياناني. قال ابن حبان: كان يروى عن الثقاة ما ليس
من أحاديثهم، وفيه سلمة. قال ابن المديني: رمينا حديث سلمة بن الفضل.
الحديث السادس والعشرون في الوصية أيضا: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن
أحمد قال أنبأنا حمد بن أحمد قال حدثنا أبو نعيم الأصفهاني قال حدثنا محمد بن
أحمد بن علي حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون
حدثنا علي بن عابس عن الحارث بن حصيرة عن القاسم بن جندب عن أنس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أنس أسكب لي وضوءا، ثم قام
فصلى ركعتين، ثم قال: يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين
376

وسيد المرسلين وقائد الغز المحجلين وخاتم الوصيين. قال أنس: فقلت اللهم اجعله
رجلا من الأنصار، إذ جاء علي عليه السلام. قال: من هذا يا أنس؟ فقلت:
على، فقام مستبشرا فاعتنقه ".
هذا حديث لا يصح. قال يحيى بن معين: علي بن عابس ليس بشئ. وقد
روى هذا الحديث جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن أنس. قال زائدة: كان
جابر كذابا، وقال أبو حنيفة: ما لقيت أكذب منه.
الحديث السابع والعشرون في الوصية أيضا: أنبأنا علي بن عبد الواحد
الدينوري قال أنبأنا أبو محمد الحسن بن محمد الخلال قال حدثنا الحسن بن أحمد
ابن حرب قال حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي قال حدثنا محمد بن إسحاق
القرشي حدثنا إبراهيم بن عبد الله حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن محمد عن
عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
" أنا خاتم النبيين، كذلك على وذريته يختمون الأوصياء إلى يوم القيامة ".
هذا حديث موضوع انفرد به الحسن بن محمد العنوى [الغنوي]. قال
الحفاظ: كان رافضيا. وفيه إبراهيم بن عبد الله. قال ابن حبان: كان يسرق
الحديث ويسويه ويروى عن الثقاة ما ليس من أحاديثهم واستحق الترك.
الحديث الثامن والعشرون في إملائه عليه وصية: أنبأنا عبد الله بن أحمد
الخلال أنبأنا علي بن الحسين بن أيوب قال أنبأنا أبو علي بن شاذان قال أنبأنا
أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير قال حدثنا علي بن الحسن بن نصال الكوفي
قال حدثنا الحسين بن نصر بن مزاحم قال حدثني أبي قال حدثنا أبو عرفجة عن
عطية قال: " مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم المرض الذي توفى فيه، قال
وكانت عنده حفصة وعائشة، فقال لهما: أرسلا إلى خليلي، فأرسلتا إلى أبي بكر
فجاء فسلم ودخل فجلس، فلم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم حاجة، فقام فخرج
377

ثم نظر إليهما فقال: أرسلا إلى خليلي، فأرسلتا إلى عمر، فجاء فسلم ودخل،
فلم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم حاجة، فقام فخرج، ثم نظر إليهما فقال: أرسلا
إلى خليلي، فأرسلنا إلى على، فجاء فسلم ودخل، فلما جلس أمرهما فقامتا.
قال: يا علي ادع صحيفة ودواة، فأملى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب على
وشهد جرير. ثم طويت الصحيفة. فمن حدثكم أنه يعلم ما في الصحيفة إلا الذي
أملاها أو كتبها أو شهدها فلا تصدقوه ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو منقطع من
حيث أن عطية تابعي، ثم قد ضعفه الثوري وهشيم وأحمد ويحيى، ونصر بن
مزاحم قد ضعفه الدارقطني. وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: كان نصر
زائغا عن الحق مائلا وأراد بذلك غلوه في الرفض، فإنه كان غاليا وكان يروى
عن الضعفاء أحاديث مناكير.
الحديث التاسع والعشرون في أنه خير من تخلف بعد رسول الله صلى الله
عليه وسلم: أنبأنا إسماعيل بن أحمد قال أنبأنا ابن أبي سفيان قال حدثنا علي بن
سهل حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا مطر الإسكاف عن أنس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " على أخي وصاحبي وابن عمى وخير من أترك بعدي،
يقضى ديني وينجز موعدي ". هذا حديث لا يصح، والمتهم به مطر بن ميمون
قال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الاثبات لا تحل الرواية عنه.
الحديث الثلاثون في أنه أحق بالخلافة من أبى بكر: أنبأنا عبد الوهاب بن
المبارك قال أنبأنا محمد بن المظفر قال أنبأنا أبو الحسن العتيقي قال حدثنا يوسف
ابن الدخيل حدثنا أبو جعفر العقيلي حدثنا محمد بن أحمد الوراسني حدثنا يحيى بن
المغيرة الرازي حدثنا زافر عن رجل عن الحارث بن محمد عن أبي الطفيل عامر
ابن وائلة الكناني قال: " كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات
بينهم، فسمعت عليا رضي الله عنه يقول: بايع الناس لابي بكر وأنا والله أولى
378

بالأمر منه وأحق، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم
رقاب بعض بالسيف، ثم بايع الناس عمر وأنا والله أولى بالأمر منه وأحق،
فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض
بالسيف، ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان إذن أسمع وأطيع، إن عمر جعلني
في خمسة نفر أناسا دسهم لا يعرف لي فضلا عليهم في الصلاح ولا يعرفونه
لي كلنا فيه شرع سواء، وأيم الله لو أشاء أن أتكلم بما لا يستطيع عربيهم
وعجميهم ولا المعاهد منهم ولا المشرك رد خصلة منها لفعلت، ثم قال: نشدتكم
الله أيها النفر جميعا، أفيكم أحد له عم مثل عمى حمزة أسد الله وأسد رسوله وسيد
الشهداء؟ قالوا: اللهم لا. قال: أفيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر ذي الجناحين
الموشى بالجوهر يطير بهما في الجنة حيث يشاء؟ قالوا: اللهم لا. قال: أفيكم
أحد له مثل سبطي الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة؟ قالوا: اللهم لا.
قال: أفيكم أحد له زوجة كزوجي فاطمة؟ قالوا: اللهم لا. قال: أفيكم أحد
كان أقتل لمشركي قريش عند كل شديدة تنزل برسول الله صلى الله عليه وسلم
منى؟ قالوا: اللهم لا. قال: أفيكم أحد كان أعظم غناء عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم حين اضطجعت على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت له مهجة دمى؟
قالوا. اللهم لا. قال: أفيكم أحد كان يأخذ الخمس غيرى وغير فاطمة عليها
السلام؟ قالوا: اللهم لا. قال: أفيكم أحد كان له سهم في الحاضر وسهم في
الغائب؟ قالوا: اللهم لا. فقال: أكان أحد غيرى حين سد أبواب المهاجرين
وفتح بابي، فقام إليه عماه حمزة والعباس فقال [فقالا] يا رسول الله سددت
أبوابنا وفتحت باب على؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا فتحت
بابه ولا سددت أبوابكم، بل الله فتح بابه وسد أبوابكم؟ فقالوا: اللهم لا. قال:
أفيكم أحد تمم الله نوره من السماء غيرى حين قال [وآت ذا القربى حقه]؟
قالوا: الهم لا. قال: أفيكم أحد ناجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة
379

مرة غيرى حين قال الله [يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين
[يدي] نجواكم صدقة]؟ قالوا: اللهم لا. قال: أفيكم أحد تولى غمض رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى وضعته في حفرته غيرى؟ قالوا: اللهم لا ".
هذا حديث موضوع لا أصل. وزافر مطعون فيه. قال ابن حبان: عامة
ما يرويه لا يتابع عليه، وكان [كانت] أحاديثه مقلوبة، ثم قد رواه عن
رجل لم يسمعه ولعله الذي وضعه. قال العقيلي: وقد حدثني به جعفر بن محمد قال
حدثنا محمد بن حميد الرازي وأسقط الرجل المجهول، قال: وهذا عمل ابن حميد،
والصواب ما قاله يحيى بن المغيرة عن رجل قال: وهذا الحديث لا أصل له عن علي
. وقد ذكرنا عن أبي زرعة وابن وارة أنهما كذبا محمد بن حميد.
الحديث الحادي والثلاثون في ارتفاعه على أبي بكر في المجلس: أنبأنا
أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال أخبرني أبو طاهر
محمد بن علي بن الأنباري قال حدثنا القاضي أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد
ابن حماد قال حدثنا الحسن بن هشام بن عمرو قال حدثنا محمد بن زكريا الغلابي ح
وأنبأنا القزاز أنبأنا أحمد بن علي قال حدثنا الحسن بن الحسين النعالي قال أنبأنا
أحمد بن نصر الذارع قال حدثنا صدقة بن موسى قالا حدثنا العباس بن بكار
قال حدثنا عبد الله بن المثنى عن عمه ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك قال:
" بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المجلس قد أطاف به أصحابه
إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام، فوقف وسلم، ونظر مجلسا استحق أن
يجلس فيه، ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوه أصحابه أيهم يوسع له،
وكان أبو بكر جالسا عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزحزح له عن
مجلسه وقال: هاهنا يا أبا الحسن، فجاء فجلس بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين
أبى بكر. قال أنس بن مالك: فرأيت السرور في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم
380

ثم أقبل على أبي بكر فقال: يا أبا بكر إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو و
الفضل " واللفظ للغلابي.
هذا حديث موضوع. قال الدارقطني: ومحمد بن زكريا الغلابي كان يضع
الحديث. قال: والذارع كذاب دجال.
قال المصنف قلت: والظاهر أن الغلابي وضعه وأن الذارع سرقه. وقد
رواه الغلابي بإسناد آخر: أنبأنا القزاز أنبأنا أحمد بن علي أنبأنا علي بن طلمة
[طلحة] بن محمد المقرى حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن أيوب حدثنا جعفر بن علي
الحافظ حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا عبيد الله بن عائشة أنبأنا حماد بن سلمة
عن ثابت عن أنس قال: " دخل أبو بكر الصديق على رسول الله صلى الله عليه
وسلم فجلس عنده ثم استأذن علي بن أبي طالب فدخل، فلما رآه أبو بكر تزحزح
له وتزعزع له، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: لم فعلت هذا يا أبا بكر؟
فقال: إكراما له وإعظاما يا رسول الله، فقال: إنما يعرف الفضل لأهل الفضل
ذو والفضل ".
الحديث الثاني والثلاثون في ذكر الهاتف، لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى
إلا على: أنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن
يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس حدثنا
عيسى بن مهران حدثنا محول حدثنا عبد الرحمن بن الأسود عن محمد بن عبيد الله
ابن أبي رافع عن أبيه عن جده أبى رافع قال: " كانت راية رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوم أحد مع علي بن أبي طالب، وكانت راية المشركين مع طلحة بن أبي
طلحة فذكر الحديث. وذكر فيه أن كل من كان يحمل راية المشركين يقتله
علي رضي الله عنه حتى عد تسعة أنفس حملوها وقتلهم على وقتل جماعة من
رؤسائهم يحمل عليهم، فقال جبريل: يا محمد هذه المواساة، فقال النبي صلى الله
381

عليه وسلم: أنا منه وهو منى. ثم سمعنا صائحا يصيح في السماء وهو يقول:
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي بن أبي طالب ".
هذا حديث لا يصح، والمتهم به عيسى بن مهران. قال ابن عدى: حدث
بأحاديث موضوعة وهو محترف في الرفض. وقد روى أبو بكر مردويه من
حديث يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال: صاح
صائح يوم أحد من السماء: " لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي بن أبي طالب "
قال ابن بجير [حبان]: يحيى بن سلمة ليس ممن يكتب حديثه. وقال يحيى بن
معين: ليس بشئ. وقال النسائي: متروك الحديث.
وروى ابن مردويه من حديث عمار ابن أخت سفيان عن طريق الحنظلي
عن أبي جعفر محمد بن علي قال: " نادى مناد من السماء يوم بدر يقال له رضوان:
لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي بن أبي طالب ".
قال الدارقطني: عمار متروك.
الحديث الثالث والثلاثون في أنه غير دجال: أنبأنا عبد الوهاب الحافظ
قال أنبأنا محمد بن المظفر قال أنبأنا العتيقي قال أنبأنا يوسف بن أحمد قال حدثنا
العقيلي قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا موسى بن
قيس الحضرمي قال سمعت حجر بن عنبس قال: " خطب أبو بكر وعمر فاطمة
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هي لك يا علي لست بدجال ".
هذا حديث موضوع وضعة موسى بن قيس وكان من غلاة الروافض ويلقب
عصفور الجنة، وهو إن شاء الله من حمير النار، وقد غمض في هذه المديحة لعلى
أبا بكر وعمر. قال العقيلي: وهو يحدث بأحاديث ردية بواطيل.
الحديث الرابع والثلاثون في أنه حجة الله: أنبأنا منصور القزاز قال أنبأنا
أبو بكر بن ثابت قال أخبرني عبد العزيز بن علي الوراق قال حدثنا محمد بن
382

إسماعيل قال حدثنا أبو الحسن محمد بن الأشعث أن أحمد الطائي قال حدثنا الحسين
ابن محمد بن مصعب قال حدثنا علي بن المثنى الظهري قال حدثنا عبيد الله بن
موسى قال حدثني مطر بن أبي مطر عن أنس قال: " كنت عند النبي صلى الله
عليه وسلم فرأى عليا مقبلا فقال: أنا وهذا حجة على أمتي يوم القيامة ".
هذا حديث موضوع، والمتهم بوضعه مطر. قال أبو حاتم بن حبان: يروى
الموضوعات عن الاثبات لا تحل الرواية عنه.
الحديث الخامس والثلاثون في افتخار ملكيه به: أنبأنا أبو منصور القزاز
قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال حدثني الأزهري قال حدثنا
عبيد الله بن عثمان بن يحيى قال حدثنا علي بن محمد المصري قال حدثنا عبد الرحمن
ابن معاوية العتبى قال حدثنا محمد بن إبراهيم العوفي قال حدثنا أحمد بن الحكم
البراجمي قال حدثنا شريك بن عبد الله عن أبي الوقاص العامري عن محمد بن
عمار بن ياسر عن أبيه عمار بن ياسر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن حافظي علي بن أبي طالب ليفتخران على جميع الحفظة بكينونتهما مع على
إنهما لم يصعدا إلى الله تعالى بشئ منه سخط [يسخط] الله عز وجل ".
قال الخطيب: وأخبرنيه علي بن الحسن بن محمد بن أبي عثمان الدقاق قال
حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي البزاز قال حدثنا جعفر بن علي
الحافظ حدثنا محمد بن الحمين الكوفي حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن خشيش
الرواسي حدثنا أحمد بن إبراهيم العوفي عن شريك عن أبي الوضاح عن محمد بن
عمار بن ياسر عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إن حافظي
علي بن أبي طالب ليفتخران على جميع الحفظة لكونهما معه، وذلك أنهما
لم يصعدا إلى الله عز وجل بشئ يسخطه منه عليه ".
قال الخطيب: وفى إسناده غير واحد من المجهولين. وقد وقع هذا الحديث
383

إلى أبي سعيد الحسن بن علي العدوي فوثب عليه ورواه عن الحسن بن علي بن
راشد عن شريك عن أبي الوقاص، فمن رآه فلا يغتر به، لان أبا سعيد العدوي
كان كذابا أفاكا وضاعا.
قال الخطيب: وحدث هشام بن محمد بن أحمد بن علي أبو محمد التيمي
الكوفي بالكوفة حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد الكناني حدثنا عبد الله بن
محمد البغوي حدثنا علي بن الجعد أنبأنا شريك عن أبي الوقاص العامري عن محمد
ابن عمار بن ياسر عن أبيه عمار بن ياسر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن حافظي علي بن أبي طالب ليفتخران على سائر الحفظة بكينونتهما مع على
ابن أبي طالب، وذلك أنهما لم يصعدا إلى الله بسخطه ".
قال الخطيب: حدثني الصوري لفظا قال حدثنا هشام بهذا الحديث قال
الصوري فطالبته باخراج أصله فوعدني بذلك ثم طالبته، فذكر أنه لم يجده،
ثم راجعته، فذكر أنه أجتهد في طلبه ولم يقدر عليه، فقلت له: ولا تقدر عليه
أبدا. والذي عند البغوي عن علي بن الجعد محصور مشهور محفوظ لا يزاد فيه
ولا ينقص منه. وسيحكم أبو جعفر من الثقاة. وأرى لك أن تخط على هذا
الحديث ولا تذكره، فقال لي: أتظن بي أنى وضعته أو ركبته؟ فقلت: هذا
لا يؤمن، فسكت عنى، ثم حدث به بعد ذلك. قال الخطيب: هذا الحديث إنما
يروى من طريق مظلم وهو الطريق الذي تقدم وهو حديث لا أصل له.
قال المصنف قلت: وقد رواه الذارع وكان كذابا وضاعا عن صدقة بن
موسى. قال يحيى: ليس صدقة بشئ.
أنبأنا به عبد الوهاب بن المبارك ومحمد بن ناصر الحافظان وموهوب بن
أحمد اللغوي قالوا أنبأنا أبو على محمد بن سعيد بن نبهان قال أنبأنا أبو على
الحسن بن الحسين بن دوما قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن نصر بن عبد الله بن
384

الفتح الذارع قال حدثنا صدقة بن موسى قال حدثنا أبي قال حدثنا شريك عن أبي
وقاص العامري عن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " إن حافظي علي بن أبي طالب يفتخران على جميع الحفظة، وذلك
أنهما لم يصعدا إلى الله بشئ منه يسخط الله عز وجل ".
الحديث السادس والثلاثون في أن بغضه يلحق باليهود: أنبأنا عبد الوهاب
الحافظ قال أنبأنا بن بكران قال أنبأنا العتيقي قال أنبأنا ابن الدخيل قال حدثنا
العقيلي حدثنا عبد الله بن هارون حدثنا علي بن قرين حدثنا الجارود بن يزيد عن
بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من
مات وفى قلبه بغض لعلي بن أبي طالب فليمت يهوديا أو نصرانيا ".
هذا حديث موضوع، والمتهم به علي بن قرين. قال العقيلي: هو وضع
هذا الحديث. وقال يحيى بن معين: هو كذاب خبيث. وقال البغوي:
كان يكذب.
الحديث السابع والثلاثون في مشاركة إبليس في حمل من يبغضه. قد روى
من حديث ابن مسعود وابن عباس.
فأما حديث ابن مسعود فأنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا أبو بكر أحمد
ابن علي قال أنبأنا علي بن أحمد المقرى قال حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق قال
حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يحيى بن بكار قال حدثنا إسحاق بن محمد
النخعي حدثنا أحمد بن عبد الله الغداني حدثنا ميمون بن أبي الأسود عن الأعمش
عن أبي وائل عن عبد الله قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: " رأيت
النبي صلى الله عليه وسلم عند الصفا وهو مقبل على شخص في صورة الفيل وهو
يلعنه فقلت من هذا الذي تلعنه يا رسول الله؟ فقال: هذا الشيطان الرجيم، فقلت
والله يا عدو الله لأقتلنك ولأريحن الأمة منك، فقال: ما هذا جزائي منك، قلت
(25 الموضوعات 1)
385

وما جزاؤك منى يا عدو الله؟ قال: والله ما أبغضك أحد قط إلا شاركت أباه في
رحم أمه ".
وأما حديث ابن عباس فأنبأنا عبد الرحمن بن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي
ابن ثابت قال أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي وأحمد بن عمر بن زوج
البوشنجي قال حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال حدثنا حجاج بن محمد عن ابن
جريج عن مجاهد عن ابن عباس قال: " بينا نحن بفناء الكعبة ورسول الله
صلى الله عليه وسلم يحدثنا إذ خرج علينا مما يلي الركن اليماني شئ عظيم كأعظم
ما يكون من الفيلة، قال: فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لعنت أو قال
خزيت شك إسحاق قال: فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: ما هذا
يا رسول الله؟ قال: أو ما تعرفه يا علي؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: هذا
إبليس. قال: فوثب إليه فقبض على ناصيته وجذبه فقال: يا رسول الله أقتله؟
قال: أو ما علمت أنه قد أجل إلى يوم الوقت المعلوم. قال فتركه من يده فوقف
ناحية ثم قال: مالي ولك يا ابن أبي طالب والله ما أبغضك أحد إلا وقد شاركت
أباه فيه. اقرأ ما قال الله تعالى: [شاركهم في الأموال والأولاد] ".
هذا حديث موضوع. أما حديث ابن مسعود فإنه عمل إسحاق بن محمد
النخعي وهو الذي يقال له إسحاق الأحمر. قال أبو بكر الخطيب: كان إسحاق
من الغلاة وإليه تنسب الطائفة المعروفة بالإسحاقية وهي ممن يعتقد في على الإلهية
قال وأحسب أن حديث ابن عباس سرق من هذا الحديث وركب على
ذلك الاسناد.
قال المصنف قلت: وهذا هو الظاهر وأن إسحاق وضع حديث ابن مسعود
فسرقه ابن أبي الأزهر. وقد ذكرنا عن أبي بكر بن ثابت أن ابن أبي الأزهر
كان يضع الأحاديث على الثقاة.
386

الحديث الثامن والثلاثون في محبته. فيه عن البراء وزيد بن أرقم.
فأما حديث البراء فأنبأنا محمد بن ناصر الحافظ قال أنبأنا أبو الحسين المبارك
ابن عبد الجبار قال أنبأنا عبد الباقي بن أحمد الواعظ قال أنبأنا محمد بن جعفر بن
علان قال أنبأنا أبو الفتح الأزدي الحافظ قال أنبأنا عمر بن سعيد بن سنان حدثنا
إسحاق بن إبراهيم النحوي حدثنا يزيد بن هارون حدثنا شعبة عن أبي إسحاق
عن البراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن يتمسك
بالقضيب الرطب الدر الذي غرسه الله بيده فليستمسك بحب علي بن أبي طالب
عليه السلام ". قال الأزدي: كان إسحاق بن إبراهيم يضع الحديث.
وأما حديث زيد أنبأنا أبو القاسم الجريري أنبأنا أبو طالب محمد بن علي بن
الفتح حدثنا الدارقطني حدثنا الحسن بن علي بن زكريا حدثنا الحسن ابن علي بن
راشد حدثنا شريك عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد
ابن أرقم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن يستمسك
بالقضيب الأحمر الذي غرسه الله بيده في جنة عدن فليستمسك بحب علي بن أبي
طالب عليه السلام ".
قال الدارقطني: ما كتبته إلا عنه.
قال المصنف قلت: وهو العدوي الكذاب الوضاع ولعله سرقه من النحوي.
الحديث التاسع والثلاثون في منع القطر ببغضه: أنبأنا محمد بن عبد الملك
قال أنبأنا إسماعيل بن مسعدة قال أنبأنا حمزة بن يوسف قال حدثنا ابن عدى
حدثنا الحسن بن عمار بن زياد التستري حدثنا محمد بن حماد أبو عبد الله الطهراني
حدثنا عبد الرزاق عن يعمر عن الزهري عن عكرمة عن ابن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله منع قطر المطر بنى إسرائيل بسوء رأيهم
في أنبيائهم، وإنه يمنع قطر مطر هذه الأمة ببغضهم علي بن أبي طالب
عليه السلام ".
387

قال ابن عدى: هذا عندي وضعه الحسن بن علي الطهراني وكان يضع
الحديث. والطهراني صدوق. وقال عبدان: الحسن كذاب.
الحديث الأربعون في حمله راية رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيامة.
فيه عن أنس وجابر بن سمرة.
فأما حديث أنس رضي الله عنه فأنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد قال أنبأنا
حمد بن أحمد قال أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله حدثنا محمد بن حميد حدثنا
علي بن سراج المصري حدثنا محمد بن فيروز حدثنا أبو عمرو لا هز بن عبد الله
حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن هشام بن عروة عن أبيه قال حدثنا أنس بن
مالك قال: " بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي برزة الأسلمي فقال له وأنا
أسمع: يا أبا برزة إن رب العالمين عهد إلى عهدا في علي بن أبي طالب، فقال:
إنه رائد الهدى ومنار الايمان وإمام أوليائي يا أبا برزة علي بن أبي طالب أميني
عدا [غدا] في القيامة وصاحب رايتي يوم القيامة، على مفاتيح خزائن رحمة ربى "
وأما حديث جابر فأنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا الجوهري عن الدارقطني
عن أبي حاتم بن حبان حدثنا علي بن الحسن بن خلف حدثنا نصر بن داود بن
طوق حدثنا عبد العزيز بن الخطاب حدثنا ناصح بن عبد الله المحلمي عن سماك
عن جابر بن سمرة قال: " قالوا يا رسول الله من يحمل رايتك يوم القيامة؟ قال
الذي حملها في الدنيا علي بن أبي طالب عليه السلام ".
أما الحديث الأول فقال أبو بكر الخطيب: لم أر للاهز غير هذا. وقال
أبو الفتح الأزدي: لا هز غير ثقة ولا مأمون وهو أيضا مجهول. وقال ابن
عدى: لاهز مجهول يروى عن الثقاة المناكير روى هذا الحديث الباطل في فضل
على والبلاء منه.
وأما حديث جابر فقال يحيى: ناصح ليس بثقة، وقال مرة: ليس بشئ.
388

وقال الفلاس: متروك الحديث. وقال ابن حبان: يتفرد بالمناكير عن المشاهير.
وقال أبو أحمد بن عدى: هو من متشيعي الكوفة روى حديث الراية وهو
غير محفوظ. وقد روى أبو بكر بن مردويه هذا الحديث من طرق ليس فيها
ما يصح. والعجب من حافظ الحديث كيف يروى ما يعلم أنه باطل، ولا يبين
ما يعلمه. إن هذا لخيانة للشرع. وقد ذكرنا في كتاب العلل المتناهية من حديث
عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " معك لواء الحمد وأنت تحمله ".
وذكرنا عن ابن حبان أنه قال عيسى يروى عن آبائه أشياء موضوعة.
الحديث الحادي والأربعون في ورود رايته على رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم القيامة: أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ قال أنبأنا محمد بن علي بن ميمون
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن علي الحسنى حدثنا القاضي محمد بن عبد الله الجعفي
حدثنا الحسين بن محمد بن الفرزدق حدثنا الحسن بن علي بن بزيع حدثنا يحيى
ابن حسن بن فرات القزاز حدثنا أبو عبد الرحمن المسعودي وهو عبد الله بن
عبد الملك عن الحارث بن حصيرة عن صخر بن الحكم الفزاري عن حبان بن
الحارث الأزدي عن الربيع بن جميل الضبي عن مالك بن ضمرة الرواسي عن أبي
ذر الغفاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ترد على الحوض راية
على أمير المؤمنين وإمام الغر المحجلين، فأقوم فآخذ بيده فيبياض وجهه ووجوه
أصحابه فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: تبعنا الأكبر وصدقناه
وآزرنا الأصغر ونصرناه وقاتلنا معه، فأقول ردوا روا مروين [ردوا مرتين]
فيشربون شربة لا يظمئون بعدها أبدا. وجه إمامهم كالشمس الطالعة ووجوههم
كالقمر ليلة البدر أو كأضوأ نجم في السماء ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسناده مظلم، وفيه
مجاهيل لا يعرفون ومخرجه من الكوفة.
389

الحديث الثاني والأربعون في إنفاد أترجة إليه من الجنة: أنبأنا إبراهيم بن
دينار الفقيه قال أنبأنا أبو علي بن نبهان قال أنبأنا الحسن بن الحسين بن دوما
قال أنبأنا أحمد بن نصر الذارع قال حدثنا صدقة بن موسى قال حدثنا سلمة
ابن شبيب حدثنا عبد الرزاق حدثنا يعمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن
ابن عباس قال: " قتل علي بن أبي طالب عمرو بن ود ودخل على النبي صلى الله
عليه وسلم فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم كبر وكبر المسلمون، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: اللهم اعط علي بن أبي طالب فضيلة لم تعطها أحدا قبله ولا تعطها
أحدا بعده، فهبط جبريل عليه السلام ومعه أترجة من الجنة. فقال إن الله عز وجل
يقرأ عليك السلام ويقول لك حيى بهذه علي بن أبي طالب، فدفعها إليه فانفلقت
في يده فلقتين، فإذا فيها حريرة بيضاء مكتوب فيها سطرين بصفرا: تحية من
الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب ".
هذا حديث لا نشك في وضعه وأن واضعه الذارع. قال الدارقطني: هو
كذاب دجال.
الحديث الثالث والأربعون في ذكر عن الحسن والحسين عليهما السلام:
أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي قال أنبأنا
أبو على الحسن بن عبد الرحمن البيع قال أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد
السقطي قال أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق أنبأنا عبد الله بن ثابت حدثنا أبي عن
الهذيل بن حبيب عن أبي عبد الله السمرقندي عن محمد بن كثير الكوفي عن
الأصبغ بن نباتة قال: " مرض الحسن والحسين رضي الله عنهما فعادهما رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فقال عمر لعلى: يا أبا الحسن، انذر إن
عافا الله عز وجل ولديك أن تحدث لله عز وجل شكرا. فقال علي رضي الله عنه:
إن عافا الله عز وجل ولدى صمت لله ثلاثة أيام شكرا، وقالت فاطمة مثل ذلك،
وقالت جارية لهم سوداء نوبية: إن عافا الله سيدي صمت مع موالي ثلاثة أيام،
390

فأصبحوا قد مسح الله ما بالغلامين وهم صيام وليس عندهم قليل ولا كثير،
فانطلق علي رضي الله عنه إلى رجل من اليهود يقال له جار بن شمر اليهودي
فقال: له أسلفني ثلاثة آصع من شعير، وأعطني جزة صوف يغزلها لك بيت محمد
صلى الله عليه وسلم، قال فأعطاه فاحتمله على تحت ثوبه ودخل على فاطمة رضي الله عنها
وقال: دونك فاغزلي هذا، وقامت الجارية إلى صاع من الشعير فطحنته
وعجنته فخبزت منه خمسة أقراص وصلى علي عليه السلام المغرب مع النبي صلى
الله عليه وسلم ورجع فوضع الطعام بين يديه وقعدوا ليفطروا وإذا مسكين
بالباب يقول: يا أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين على بابكم
أطعموني أطعمكم الله على موائد الجنة، قال: فرفع على يده ورفعت فاطمة
والحسين، وأنشأ يقول:
يا فاطمة ذات السداد واليقين * أما ترى البائس المسكين
قد جاء إلى الباب له حنين * يشكو إلى الله ويستكين
حرمت الجنة على الضنين * يهوى إلى النار إلى سجين
فأجابته فاطمة:
أمرك يا ابن عم سمع طاعة * مالي من لوم ولا وضاعه
أرجو إن أطعمت من مجاعة
فدفعوا الطعام إلى المسكين. وذكر حديثا طويلا من هذا الجنس في كل يوم
ينشد أبياتا وتجيبه فاطمة بمثلها من أرك الشعر وأفسده مما قد نزه الله عز وجل
ذينك الفضيحتين [الفصيحين] عن مثله وأجلهما في إحالة الطفلين بإعطاء
السائل الكل، فلم أر أن أطيل بذكر الحديث لركاكته وفظاعة ما حوى، وفى
آخره أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بذلك فقال: " اللهم أنزل على آل محمد
كما أنزلت على مريم، ثم قال: ادخلي مخدعك، فدخلت. فإذا جفنة تفور مملوءة
391

ثريدا وعرافا [غرافا] مكللة بالجوهر، وذكر من هذا الجنس ".
وهذا حديث لا يشك في وضعه ولو لم يدل على ذلك إلا الاشعار الركيكة
والأفعال التي يتنزه عنها أولئك السادة. قال يحيى بن معين: أصبغ بن نباتة
لا يساوى شيئا. وقال أحمد بن حنبل: حرقنا حديث محمد بن كثير. وأما
أبو عبد الله السمرقندي فلا يوثق به.
الحديث الرابع والأربعون في معانقة الرسول له عند موته: أنبأنا محمد بن عمر
الأرموي قال أنبأنا عبد الصمد بن المأمون قال أنبأنا علي بن عمر الدارقطني حدثنا
الحسن بن محمد بن بشر البجلي حدثنا علي بن الحسين بن عقبة حدثنا الحسين
ابن أبان حدثنا عبد الله بن مسلم الملائي عن أبيه عن إبراهيم عن علقمة والأسود
عن عائشة قالت: قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيتها لما حضره
الموت: " ادعوا إلى حبيبي، فدعوت له أبو [أبا] بكر، فنظر إليه ثم وضع رأسه
ثم قال: ادعوا إلى حبيبي، فدعوا له عمر، فلما نظر إليه وضع رأسه ثم قال:
ادعوا إلى حبيبي، فقلت: ويلكم ادعوا له علي بن أبي طالب فوالله ما يريد
غيره، فلما رآه فرد الثوب الذي كان عليه ثم أدخل [أدخله] فيه فلم يزل
محتضنه حتى قبض ويده عليه ".
قال الدارقطني: متروك. وفى الصحيح عن عائشة: " قبض رسول الله
صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري ".
الحديث الخامس والأربعون في تخصيصه برؤية عورة الرسول عليه السلام:
أنبأنا سعد الخير بن محمد قال أنبأنا محمد بن أبي نصر الحميدي قال أنبأنا عبد الرحيم
ابن أحمد البخاري قال أنبأنا عبد الغني بن سعيد الحافظ حدثنا أبو الحسن على
ابن عبد الله بن الفضل التميمي أن عبد الله بن زيدان حدثهم حدثنا هارون بن أبي
بردة حدثني أخي حسين عن يحيى بن يعلى عن عبد الله بن موسى عن الزهري
392

عن السائب بن يزيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن
[لن] يرى تجردتي أو عورتي إلا على ".
هذا حديث موضوع، والمتهم به عبد الملك بن موسى وهو عمير بن
موسى الوجيهي.
قال المصنف: قلب الراوي اسمه لاجل ضعفه كذلك قال الدارقطني.
قال المصنف: قلت وهذا من المحن العظيمة التي قد زل فيها كثير من
المحدثين تدليس الضعيف والمجروح، وهذه حيلة عظيمة على الشرع، لأنه إذا لم
يعرف أحسن الظن به فعمل بروايته. قال يحيى بن معين: عمير بن موسى ليس
بثقة. وقال النسائي والدارقطني: متروك. وقال ابن عدى: هو في عداد من
يضع الحديث متنا وإسنادا.
الحديث السادس والأربعون في وفاة علي عليه السلام: أنبأنا عبد الوهاب
قال أنبأنا محمد بن المظفر قال أنبأنا أحمد بن عمبر العتيقي قال حدثنا يوسف بن
الدخيل حدثنا أبو جعفر العقيلي حدثنا محمد بن مرداس حدثنا محمد بن بكير
الحضرمي حدثنا جعفر بن سليمان عن محمد بن علي الكوفي عن سعد الإسكاف
عن أصبغ بن نباتة قال قال علي رضي الله عنه: " إن خليلي حدثني أنى أضرب
لسبع عشرة تمضى من رمضان وهي الليلة التي رفع فيها عيسى ".
هذا حديث موضوع. فأما أصبغ فقال يحيى: لا يساوى شيئا، قال
ولا يحل لاحد أن يروى عن سعد الإسكاف. قال ابن حبان: كان سعد يضع
الحديث على الفور.
الحديث السابع والأربعون في ذكر ركوبه يوم القيامة: أنبأنا عبد الرحمن
ابن محمد قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا عبيد الله بن محمد بن عبيد الله
النجار حدثنا محمد بن المظفر حدثنا عبد الجبار بن أحمد بن عبيد الله السمسار
393

حدثنا علي بن المثنى الظهري حدثنا زيد بن الحباب حدثنا عبد الله بن لهيعة
حدثنا جعفر بن ربيعة عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " ما في القيامة راكب غيرنا نحن أربعة، فقام إليه عمه العباس
فقال ومن هم يا رسول الله؟ قال أما أنا فعلى البراق، وجهها كوجه الانسان
وخدها كخد الفرس وعرفها من لؤلؤ وأذناها زبرجدتان خضراوان وعيناها
مثل كوكب الزهرة تتقدان مثل النجمين المضينين [المضيئتين] لهما شعاع
مثل شعاع الشمس بلقاء محجلة تضئ مرة وتنمى أخرى يتحدر من نحرها مثل
الجمان مضطربة في الحلق. أدنى ذنبها مثل ذنب البقرة. طويلة اليدين والرجلين؟
أظلافها كأظلاف الهر من زبرجد أخضر تجد في مسيرها، ممرها كالريح، وهي
مثل السحابة لها نفس كنفس الآدميين تسمع الكلام وتفهمه، وهي فوق الحمار
ودون البغل. قال العباس: ومن يا رسول الله؟ قال وأخي صالح على ناقة الله
التي عفروها [عقرها] قومه. قال العباس: ومن؟ قال عمى حمزة بن عبد المطلب
أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء على ناقتي. قال العباس: ومن يا رسول الله؟
قال وأخي على على ناقة من نوق الجنة زمامها من لؤلؤ رطب عليها محمل من
ياقوت على رأسه تاج من نور، لذلك التاج سبعون ركنا ما من ركن إلا وفيه
ياقوتة حمراء تضئ للراكب المخب عليه حلتان وبيده لواء الحمد، وهو ينادى:
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فتقول الخلائق: ما هذا إلا نبي
مرسل أو ملك مقرب، فينادى مناد من بطنان العرش: ليس هذا نبيا ولا ملكا
مقربا ولا حامل عرش هذا علي بن أبي طالب وصى رسول الله صلى الله عليه
وسلم وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ".
طريق آخر: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
أنبأنا أبو الوليد الحسن بن محمد الزربندي أنبأنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان
الحافظ أنبأنا محمد بن نصر بن خلف وخلف بن محمد بن إسماعيل قال حدثنا
394

أبو عثمان سعيد بن سليمان حدثنا أبو الطيب حاتم بن منصور الحنظلي حدثنا
المفضل بن سليم عن الأعمش عن عباية الأسدي عن الأصبغ بن نباتة عن ابن عباس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس في القيامة ركب غيرنا نحن أربعة،
قال فقام إليه عمه العباس فقال له: فداك أبي وأمي أنت ومن؟ [فقال] أما أنا
فعلى دابة الله البراق، وأما أخي صالح فعلى ناقة الله التي عقرت، وعمى حمزة أسد
الله وأسد رسوله على ناقتي العضباء، وأخي وابن عمى وصهري علي بن أبي طالب
رضي الله عنه على ناقة من نوق الجنة مدبجة الظهر رجلها [رحلها] من زمرد
أخضر مضبب بالذهب الأحمر، رأسها من الكافور الأبيض وذنبها من العنبر
الأشهب وقوائمها من المسك الأذفر وعنقها من لؤلؤ عليها قبة من نور الله،
باطنها عفو الله وظاهرها رحمة الله، بيده لواء الحمد فلا يمر بملأ من الملائكة
إلا قالوا: هذا ملك مقرب أو نبي مرسل أو حامل عرش رب العالمين، فينادى
مناد من لدنان العرش أو قال من بطنان العرش: ليس هذا ملكا مقربا ولا نبيا
مرسلا ولا حامل عرش رب العالمين. هذا علي بن أبي طالب عليه السلام أمير
المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين إلى جنان رب العالمين، أفلح من صدقه
وخاب من كذبه، فلو أن عابدا عبد الله بين الركن والمقام ألف عام وألف عام
حتى يكون كالشن البالي، ولقى الله مبغضا لآل محمد أكبه الله على منخره
في نار جهنم ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما الطريق
الأول فابن لهيعة ذاهب الحديث، كان يحيى بن سعيد لا يراه شيئا، وضعفه يحيى
ابن معين وكان يدلس عن ضعفاء. وأما الطريق الثاني فقال أبو بكر الخطيب:
رجاله فيهم غير واحد مجهول وآخرون معروفون بغير الثقة، والمفضل في عداد
المجهولين، وأما الأصبغ فقال يحيى لا يساوى شيئا.
الحديث الثامن والأربعون في صعوده على المنبر يوم القيامة: أنبأنا
395

الجريري أنبأنا العشاري حدثنا الدارقطني حدثنا أبو العباس أحمد بن علي المرهبي
حدثنا إسماعيل بن موسى حدثنا علي بن يزيد الذهلي حدثنا سفيان بن عيينة عن
الزهري عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان يوم القيامة
نصب لي منبر طوله ثلاثون ميلا، ثم ينادى مناد من بطنان العرش: أين محمد؟
فأجيب، فيقال لي ارق، فأكون أعلاه. قال: ثم ينادى الثانية: أين علي بن أبي
طالب؟ فيكون دوني فيرقاه، فيعلم جميع الخلائق أن محمدا سيد المرسلين،
وأن عليا سيد المؤمنين. قال أنس بن مالك: فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله
من يبغض عليا بعد هذا؟ فقال: يا أخار الأنصار لا يبغضه من قريش إلا شقى
ولا من الأنصار إلا يهودي، ولا من العرب إلا دعى، ولا من سائر الناس
إلا شقى ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلي بن يزيد
مجهول، والمتهم به إسماعيل بن موسى كان غاليا في التشيع، وكان أبو بكر بن أبي
شيبة يسميه الفاسق.
الحديث التاسع والأربعون في ذكر كسوته يوم القيامة: أنبأنا أبو القاسم
الجريري أنبأنا أبو طالب العشاري حدثنا الدارقطني حدثنا محمد بن أحمد بن أبي
الثلج حدثنا سلمان بن توبة أخبرني محمد بن الحجاج حدثنا الحكم بن ظهير عن
ميسرة بن حبيب النهدي عن المنهال بن عمرة عن محمد بن علي بن الحنفية وعبد الله
ابن الحارث بن نوفل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " يا علي إن أول خلق الله يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه
السلام، فيكسى ثوبين أبيضين، ثم يقام عن يمين العرش، ثم أدعى فأكسى
ثوبين أخضرين، ثم أقام عن يسار العرش، ثم تدعى أنت يا علي فتكسى ثوبين
أخضرين، ثم تقام عن يميني، أفما ترضى يا علي أن تدعى إذا دعيت، وتكسى
396

إذا كسيت وأن تشفع إذا شفعت؟ ". قال الدارقطني: تفرد به ميسرة وتفرد
به الحكم بن ظهير عنه. قال يحيى بن معين: الحكم كذاب. وقال السعدي:
ساقط. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: كان يروى عن
الثقاة الموضوعات.
الحديث الخمسون في فضل شيعته: روى أبو بكر بن مردويه حدثنا سليمان
ابن أحمد حدثنا محمد بن الحسين بن حفص حدثنا عباد بن يعقوب حدثنا يحيى بن
دينار عن عمرو بن إسماعيل الهمداني عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثلي مثل شجرة أنا أصلها وعلى
فرعها، والحسن والحسين ثمرتها، والشيعة ورقها، فأي شئ يخرج من الطيب
إلا الطيب؟ " قال ابن حبان: كان عباد بن يعقوب رافضيا داعية، روى المناكير
عن المشاهير فاستحق الترك.
الحديث الحادي والخمسون في دخول شيعته الجنة: أنبأنا القزاز قال أنبأنا
أحمد بن علي حدثنا الحسن بن أبي طالب حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا صالح بن
أحمد بن يوسف البزاز حدثنا عصام بن الحكم حدثنا جميع بن عمير البصري
حدثنا سوار عن محمد بن جحادة عن الشعبي عن علي قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " أنت وشيعتك في الجنة ".
هذا حديث لا يصح. وسوار ليس بثقة. قال ابن نمير: جميع من أكذب
الناس. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث.
الحديث الثاني والخمسون في أنه لا يجاز على الصراط إلا بإجازته: أنبأنا
عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا أحمد بن علي بن الحسين
التوزي أنبأنا الحسن بن الحسين الفقيه حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن لؤلؤ الساجي
أنبأنا عمر بن واصل بالبصرة قال سمعت سهل بن عبد الله يقول أخبرني محمد بن
397

سوار خالي حدثنا مالك بن دينار حدثنا الحسن بن أبي الحسن البصري عن
أنس بن مالك قال: لما حضرت وفاة أبى سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه
يقول: " المتفرسون في الناس أربعة: امرأتان ورجلان، فأما المرأة الأولى
فصفرا بنت شعيب لما تفرست في موسى قالت [يا أبت استأجره إن خير من
استأجرت القوى الأمين]، والرجل الأول العزيز على عهد يوسف والقوم فيه
من الزاهدين، قال الله تعالى [وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي
مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا]. وأما المرأة الثانية فخديجة بنت خويلد
لما تفرست في النبي صلى الله عليه وسلم وقالت لعمها: قد تنسمت روحي روح
محمد بن عبد الله، إنه نبي هذه الأمة فزوجني إياه. وأما الرجل الآخر فأبو بكر
الصديق لما حضرته الوفاة قال: إني قد تفرست أن أجعل الامر بعدي في عمر
ابن الخطاب رضي الله عنه، فقلت إن تجعلها في غيره لا نرضى، فقال: سررتني
والله لأسرنك في نفسك بما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له:
وما هو؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: على الصراط عقبة
لا يجوزها أحد إلا بجواز من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال على:
ألا أسرك في نفسك في عمر بما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:
وما هو؟ فقال: قال لي يا علي لا تكتب جوازا لمن يسب أبا بكر وعمر فإنهما
سيدا كهول أهل الجنة بعد النبيين. قال أنس: فلما أفضت الخلافة إلى عمر قال
لي على: يا أنس إني طالعت مجارى العلم من الله تعالى في الكون فلم يكن لي
أن أرضى بغير ما جرى في سابق علم الله وإرادته خوفا من أن يكون من اعتراض
على الله، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا خاتم النبيين
وأنت يا علي خاتم الأولياء ".
قال الخطيب: هذا الحديث موضوع من عمل القصاص، وضعه عمر بن
واصل أو وضع عليه.
398

الحديث الثالث والخمسون في هذا المعنى: أنبأنا أبو القاسم زاهر بن طاهر
أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله حدثني عطية بن سعيد
عن عبد الله الأندلسي قال حدثنا القاسم بن علقمة الأبهري حدثني عثمان بن جعفر
الدينوري حدثنا إبراهيم بن عبد الله الصاعدي حدثنا ذو النون المصري حدثنا
مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ونصب الصراط على
جسر جهنم، لم يجز أحد إلا من كانت معه براءة بولاية علي بن أبي طالب
عليه السلام ".
هذا حديث مقطوع موضوع أخذ من بين الحكم وذي النون قد وضعه أو
سرقه ممن وضعه، وإبراهيم بن عبد الله متروك.
الحديث الرابع والخمسون في هذا المعنى: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أنبأنا
أحمد بن علي قال أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن فارس العبدي
حدثني أبي فارس بن حمدان بن عبد الرحمن حدثني جدي عن شريك عن ليث
عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال: " قلت للنبي صلى الله عليه وسلم للنار
جواز؟ قال: نعم، قلت: وما هو؟ قال حب علي بن أبي طالب عليه السلام "
قال أبو نعيم: كان محمد بن فارس رافضيا غاليا ضعيفا في الحديث وقال أبو الحسن
بن الفرات: كان غير ثقة ولا محود [محمود] في المذهب.
الحديث الخامس والخمسون في هذا المعنى: أنبأنا القزاز قال أنبأنا أبو بكر
الخطيب أنبأنا علي بن أبي على المعدل حدثنا عمر بن محمد بن إبراهيم البجلي
حدثنا أبو على أحمد بن صدقة الببع حدثنا عبد الله بن داود بن قبيصة الأنصاري
حدثنا موسى بن علي حدثنا قسر بن أحمد بن قسر مولى على ابن أبي طالب
عن أبيه عن جده عن كعب بن نوفل عن بلال بن حمامة قال: " خرج علينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا مستبشرا فقام إليه عبد الرحمن ابن عوف،
399

فقال: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: بشارة أتتني من ربى أن الله تعالى لما أراد
أن يزوج عليا فاطمة أمر ملكا أن يهز شجرة طوبى فهزها فتنثرت صكاكا
وأنشأ الله ملائكة فالتقطوا، فإذا كانت القيامة ثارت ملائكة في الخلق فلا يرون
محبا لنا أهل البيت محضا إلا دفعوا إليه كتابا، براءة من النار فبين أخي وابن
عمى وابنتي فكاك رجال ونساء من أمتي من النار ".
قال الخطيب: رجال هذا الحديث ما بين بلال وعمر بن محمد كلهم مجهولون.
الحديث السادس والخمسون في إدخاله من يحبه: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد
قال أنبأنا أبو بكر محمد بن علي الخياط قال أنبأنا أحمد بن محمد بن درست قال
أنبأنا عمر بن الحسن بن علي الأشناني قال أخبرني إسحاق بن محمد بن أبان
النخعي حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني حدثنا شريك بن عبد الله قال: كنا
عند الأعمش في مرضه الذي مات فيه فدخل عليه أبو حنيفة وابن أبي ليلى وابن
شبرمة فالتفت أبو حنيفة إليه، فقال له: يا أبا محمد اتق الله فإنك في أول يوم من
أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب
رضي الله عنه بأحاديث لو أمسكت عنها كان خيرا لك، قال: فقال الأعمش:
المثلى يقال هذا؟ اسندوني، اسندوني حدثني أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد
الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان يوم القيامة قال
الله لي ولعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أدخلا الجنة من أحبكما وادخلا النار
من أبغضكما. وذلك قوله تعالى: [ألقيا في جهنم كل كفار عنيد] قال: فقال
أبو حنيفة قوموا لا يجئ بأظهر من هذا، قوموا لا يجئ بأطم من هذا. قال
فوالله ما جزنا الباب حتى مات الأعمش ".
هذا حديث موضوع وكذب على الأعمش، والواضع له إسحاق النخعي،
وقد ذكرنا آنفا أنه كان من الغلاة في الرفض الكذابين، ثم قد وضعه على
الحماني وهو كذاب أيضا.
400

الحديث السابع والخمسون في تسليم روح علي عليه السلام على رسول الله صلى
الله عليه وسلم قبل خلق الأجساد: أنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا المبارك بن
عبد الجبار أنبأنا عبد الباقي بن أحمد أنبأنا محمد بن جعفر بن علاق قال أنبأنا
أبو الفتح الأزدي الحافظ حدثنا هاشم بن نصير حدثنا شيبان بن محمد حدثنا
عبد الله بن أيوب بن أبي علاج قال حدثني أبي عن أبي جعفر محمد بن علي بن
حسين عن أبيه عن جده على قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن
الله عز وجل خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، ثم حطها تحت العرش، ثم
أمرها بالطاعة لي فأول روح سلمت على روح علي عليه السلام ".
هذا حديث موضوع. قال الأزدي: عبد الله بن أيوب وأبوه كذابان
لا تحل الرواية عنهما.
الحديث الثامن والخمسون: أنبأنا عبد الوهاب قال أنبأنا عاصم بن الحسن
قال أنبأنا أبو عمر بن مهدي حدثنا عثمان بن أحمد السماك حدثنا محمد بن أحمد
ابن المهدى حدثنا العباس بن يزيد النجراني قال حدثنا خالد بن إسماعيل عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: " قلت يا رسول الله من خير من
بعدك؟ قال أبو بكر، قلت: فمن خير الناس بعد أبي بكر؟ قال عمر. قالت
فاطمة: يا رسول الله لم تقل في على شيئا. قال يا فاطمة على نفسي فمن رأيتيه
يقول في نفسه شيئا ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عدى:
خالد يضع الحديث على ثقاة المسلمين. وقال أبو الفتح الأزدي: هو كذاب.
قال الدارقطني: ومحمد بن المهدى ضعيف.
الحديث التاسع والخمسون: أنبأنا محمد بن عمر الأرموي أنبأنا ابن المأمون
أنبأنا الدارقطني حدثنا الحسن بن محمد بن بشر حدثنا علي بن الحسين حدثنا
(26 الموضوعات 1)
401

إسماعيل بن أبان عن ناصح بن عبد الرحمن عن سماك بن حرب عن أنس بن
مالك قال " كان علي بن أبي طالب عليه السلام مريضا، فدخلت عليه وعنده
أبو بكر وعمر رضي الله عنهما جالسان فجاست عنده، فما كان إلا ساعة فجاء
النبي صلى الله عليه وسلم فجلس في مكان وجعل ينظر في وجهه، فقال أبو بكر
وعمر رضي الله عنهما يا نبي الله لا نراه إلا لما به [إلا لمائت] فقال لن يموت
هذا الآن ولن يموت هذا إلا مقتولا ".
قال الدارقطني: انفرد به ناصح ولم يروه عنه غير إسماعيل بن أبان.
قال المصنف: قلت وأما ناصح فقال يحيى: ليس بثقة. وقال الفلاس:
متروك الحديث. وأما إسماعيل فقال أحمد حدث بأحاديث موضوعة فتركناه.
وقال يحيى وأبو حاتم الرازي: هو كذاب. وقال البخاري ومسلم والنسائي
والدارقطني: متروك الحديث. وقال ابن حبان يضع على الثقاة.
باب في فضائل الأربعة
وفيه أحاديث:
الحديث الأول: أنبأنا أبو منصور القزاز قال أبو بكر أحمد بن علي الخطيب
قال: حدثت عن عبد الوهاب بن الحسن الدمشقي حدثنا أبو القاسم عبد الله
ابن أحمد بن محمد التميمي المعروف بالغباغبي قال حدثني ضرار بن سهل حدثنا
الحسن بن عرفة حدثنا أبو حفص الابار عن حميد عن أنس قال قال لي على
ابن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي
إن الله أمرني أن أتخذ أبا بكر والدا، وعمر مشيرا، وعثمان سندا، وأنت يا علي
ظهيرا. أنتم أربعة قد أخذ الله لكم الميثاق في أم الكتاب لا يحبكم إلا
مؤمن تقى، ولا يبغضكم إلا منافق شقى أنتم خلفاء أمتي، وعقد ذمتي،
وحجتي على أمتي ".
402

قال الخطيب: هذا حديث منكر جدا لا أعلم رواه بهذا الاسناد إلا ضرار
ابن سهل وعنه الغباغبي وهما مجهولان.
الحديث الثاني: أنبأنا هبة الله بن محمد بن الحصين أنبأنا أبو طالب بن
غيلان أنبأنا أبو بكر الشافعي حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا الحسن
ابن صالح حدثنا الحسن بن الحسن النرسي حدثنا أصبغ بن الفرج عن الببع
ابن محمد عن أبي سليمان الأيلي عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن ابن عباس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان يوم القيامة نادى مناد
تحت العرش أين أصحاب محمد؟ فيؤتى بأبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان
وعلى رضي الله عنهم، فيقال لابي بكر قف على باب الجنة فأدخل من شئت
برحمة الله ورد من شئت بعلم الله عز وجل، ويقال لعمر قف على الميزان فثقل
من شئت برحمة الله وخفف من شئت بعلم الله. قال ويكسى عثمان بن عفان
حلتين فيقال له البسهما فإني خلقتهما وادخرتهما حين أنشأت خلق السماوات
والأرض، ويعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه عصى عوسج من الشجرة
التي خلقها الله تعالى بيده في الجنة فيقال له ذد الناس عن الحوض ".
وقد رواه أصبغ عن سليمان بن عبد الأعلى عن ابن جريج، ورواه أصبغ
عن السرى بن محمد عن أبي سليمان الأيلي عن ابن جريج، وهذا يدل على تخليط
من أصبغ أو ممن روى عنه، وفى إسناده جماعة مجهولون. وقد رواه أحمد بن
الحسن الكوفي عن وكيع قال الدارقطني: هو متروك. وقال ابن حبان: يضع
الحديث على الثقاة. ورواه إبراهيم بن عبد الله المصيصي عن حجاج بن محمد عن
ابن جريج. قال ابن حبان: إبراهيم يسرق الحديث ويسويه ويروى عن الثقاة
ما ليس من أحاديثهم فيستحق أن يكون من المتروكين.
الحديث الثالث: أنبأنا ابن خيرون عن الجوهري عن الدارقطني عن
403

أبى حاتم بن حبان حدثنا حمزة بن داود بن سليمان بن الربيع حدثنا كادح بن
رحمة عن الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " أبو بكر وزيري والقائم في أمتي من بعدي، وعمر حبيبي
ينطق عن لساني وعثمان منى وعلى أخي وصاحب لوائي ".
هذا حديث موضوع، وكادح ليس بشئ. قال ابن حبان: يروى عن
الثقاة المقلوبات حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، فاستحق الترك. وقال
أبو الفتح الأزدي: هو كذاب. وأما الحسن بن أبي جعفر فتركه أحمد. وقال
يحيى: ليس بشئ وقال النسائي: متروك الحديث.
الحديث الرابع: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا
أبو طالب العشاري حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد العزيز البردعي حدثنا
أبو الجيش طاهر بن الحسين الفقيه حدثنا صدقة بن هبيرة بن علي الموصلي حدثنا
عمر بن الليث حدثنا محمد بن جعفر حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا موسى بن
خلف حدثنا حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن أبي سعيد الخدري قال: " بينما
نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هبط جبريل من الجنة فقال:
السلام عليك يا محمد إن الله عز وجل قد أتحفك بهذه السفرجلة، فسبحت
السفرجلة في كف النبي صلى الله عليه وسلم بأصناف اللغات، فقلنا يا رسول الله
تسبح هذه السفر جلة في كفك؟ فقال: والذي بعثني بالحق نبيا لقد خلق الله عز
وجل في جنة عدن ألف ألف قصر، في كل قصر ألف ألف مقصورة، في كل
مقصورة ألف ألف سرير، على كل سرير حوراء، تجرى من تحت كل سرير
أربعة أنهار، نهر من خمر، ونهر من عسل، ونهر من سلسبيل، ونهر من لبن،
على كل نهر ألف شجرة في كل شجرة ألف ألف غصن، في كل غصن ألف ألف
سفرجلة، تحت كل سفر جلة ألف ألف ورقة، تحت كل ورقة ألف ألف ملك،
404

لكل ملك ألف ألف جناح تحت كل جناح ألف ألف رأس، في كل رأس
ألف ألف وجه، في كل وجه ألف ألف فم، في كل فم ألف ألف لسان يسبح
الله عز وجل بألف ألف لغة لا يشبه بعضها بعض، وثواب ذلك التسبيح لمحبي
أبى بكر وعمر وعثمان وعلى عليهم السلام ".
هذا حديث موضوع، وما أنتن هذا الوضع، وما أفحش هذا المحال.
وصدقة بين هبيرة كان يحدث عن المجاهيل، فقال أحمد بن حنبل: لا أحدث
عن محمد بن جعفر بشئ أبدا. قال ابن حبان: وموسى بن ظهير متروك.
باب في فضل الحسن والحسين عليهما السلام
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا أبو الحسن على
ابن الحسن بن مطر الجراحي حدثنا محمد بن الحسين بن سعيد بن أبان الهمداني
حدثنا أحمد بن محمد بن حجاج يعنى بن رشدين ح. وأنبأنا عبد الرحمن بن محمد
أنبأنا أحمد بن علي أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني أنبأنا
ابن رشدين قال أنبأنا حميد بن علي البجلي حدثنا ابن لهيعة عن أبي عشانة عن
عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما استقر أهل الجنة
في الجنة قالت الجنة يا رب أليس وعدتني أنك تزينني بركنين من أركانك؟ قال:
ألم أزينك بالحسن والحسين؟ قال: فماست الجنة ميسا كما تميس العروس ".
لفظ الجراحي وحديثه أتم.
طريق آخر: أنبأنا أبو القاسم الجريري أنبأنا أبو طالب العشاري حدثنا
الدارقطني حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن سعيد حدثنا أحمد بن محمد بن
رشدين حدثنا حميد بن علي بن إدريس حدثنا ابن لهيعة عن أبي عشانة عن عقبة
ابن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان يوم القيامة قالت
الجنة: يا رب ألست وعدتني أن تزينني بركنين من أركانك؟ فيقول الله عز وجل
405

ألم أزينك بالحسن والحسين؟ قال: فتميس كما تميس العروس ".
قال عقبة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحسن والحسين شفا العرس
وليسا بمعلقين ".
وقد روى ابن عباس أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا
عبد الباقي أحمد حدثنا محمد بن جعفر بن علان حدثنا أبو الفتح الأزدي الحافظ
حدثنا أحمد بن عامر بن عبد الواحد حدثنا محمد بن أخي غسان حدثنا محمد بن
عقبة بن هرم السدوسي حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى عن الكلبي عن أبي صالح
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما خلق الله الجنة قال لها
أما ترضين أن زينت ركنين منك بالحسن والحسين؟ فماست الجنة برأسها موس
العروس ليلة عرسها واهتزت، فقال الله لها: لم علمت ذا؟ قالت: شوقا
منى إليهما ".
وقد روى من حديث عائشة، فأنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا الجوهري عن
الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان حدثنا الحسن بن أحمد الإصطخري حدثنا
الفضل بن يوسف القضباني حدثنا الحسن بن صابر الكسائي عن وكيع عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لما خلق الله عز وجل الفردوس قالت يا رب زيني، فأوحى إليها قد زينتك
بالحسن والحسين ".
هذا الحديث من كل الوجوه لا يصح، ففي الطريقين الأولين حميد بن علي
قال يحيى. ليس حديثه بشئ، وابن لهيعة وهو ذاهب الحديث، وابن رشدين
قال ابن عدى. كذبوه وأنكروا عليه أشياء. وفى حديث ابن عباس أبو صالح
الكلبي وأبو مخنف وكلهم كذابون. وفى حديث عائشة الحسن بن صابر.
قال ابن حبان: هو منكر الرواية جدا عن الاثبات. قال وليس لهذا الحديث
أصل يرجع إليه.
406

باب في فضل الحسين
فيه أحاديث
الحديث الأول في فدائه بإبراهيم أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن
ثابت أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقرى حدثنا محمد بن الحسن النقاش
حدثنا يحيى بن محمد بن عبد الملك الخياط حدثنا إدريس بن عيسى المخزومي حدثنا
يزيد بن الحباب حدثنا سفيان الثوري عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن
عباس قال " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم
وعلى فخذه الأيمن الحسين بن علي تارة يقبل هذا وتارة يقبل هذا. إذا هبط عليه
جبريل بوحي من رب العالمين فلما سرى عنه قال: أتاني جبريل من ربى فقال
يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك لست أجمعهما فافتد أحدهما، فنظر
النبي صلى الله عليه وسلم إلى إبراهيم فبكى، ونظر إلى الحسين فبكى، ثم قال: إن
إبراهيم أمه أمة ومتى مات لم يحزن عليه غيرى، وأم الحسين فاطمة وأبوه على
ابن عمى ولحمي ودمى. ومتى مات حزنت عليه ابنتي وحزن ابن عمى وحزنت أنا
عليه، وأنا أوثر حزني على حزنهما، يا جبريل يقبض إبراهيم. فديته (1) بإبراهيم
قال فقبض بعد ثلاث، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى الحسين مقبلا
قبله وضمه إلى صدره ورشف ثناياه وقال فديت من فديته بابني إبراهيم ".
هذا حديث موضوع قبح الله واضعه فما أفظعه ولا أرى الآفة فيه إلا من
أبى بكر النقاش فإنه دلس ابن صاعد فيه فقال يحيى [بن] محمد بن عبد الملك
الخياط فتدليسه إياه دليل شر. قال طلحة بن محمد الشاهد: كان النقاش يكذب
في الحديث. وقال البرقاني: كل حديثه منكر. قال الخطيب: دلس النقاش
ابن صاعد في هذا الحديث. قال: ومن روى مثل هذا سقطت عدالته وترك

(1) أي الحسين.
407

الاحتجاج به. وفى حديث النقاش مناكير بأسانيد مشهورة. وقال الدارقطني:
هذا الحديث باطل وأحسب أنه وقع إلى النقاش كتاب لرجل غير موثوق به.
وقد وضعه في كتابه أو وضع له على أبي محمد بن صاعد فظن أنه من صحيح حديثه
فرواه فظن أنه [أن] سماعه من ابن صاعد.
الحديث الثاني في تاريخ قتل الحسين: أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أحمد
ابن علي بن ثابت أنبأنا محمد بن الحسين الأزرق أنبأنا جعفر بن محمد الخالدي
حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا حدثنا إسماعيل
ابن أبان أخبرني حبان بن علي عن سعد بن ظريف عن أبي جعفر عن أبي سلمة
قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقتل حسين بن علي على رأس
ستين من مهاجري ".
هذا حديث موضوع، وسعد بن طريف قد سبق أنه من رؤوس
الكذابين الوضاعين.
الحديث الثالث في قتل سبعين ألفا بقتله: أنبأنا القزاز أنبأنا أحمد بن علي
الخطيب أنبأنا أحمد بن عثمان بن صباح حدثنا محمد بن إبراهيم الشافعي حدثنا
محمد بن شداد السمعي قال حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبي
ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " أوحى الله عز وجل
إلى محمد صلى الله عليه وسلم أنى قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وإني قاتل
بابن بنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا ".
هذا حديث لا يصح. قال الدارقطني: محمد بن شداد لا يكتب حديثه.
وقال البرقاني: ضعيف جدا، وقد رواه القاسم بن إبراهيم الكوفي
عن أبي نعيم وهو منكر الحديث. قال أبو حاتم بن حبان: هذا الحديث
لا أصل له.
408

الحديث الرابع في عقوبة قاتل الحسين: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا
أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال أخبرني الأزهري قال أنبأنا المعافا بن زكريا
قال حدثنا محمد بن يزيد بن أبي الأزهر حدثنا علي بن مسلم الطوسي حدثنا
سعيد بن عامر عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن جده عبد الله قال وحدثنا
مرة أخرى عن أبيه عن جابر قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
يفجح ما بين فخذي الحسين ويقبل زبيبته ويقول لعن الله قاتلك. قال جابر:
فقلت يا رسول الله ومن قاتله قلت [قال] رجل من أمتي يبغض عشيرتي
لا يناله شفاعتي كأني بنفسه بين أطباق النيران ترسب تارة وتطفو أخرى إن
جوفه ليقول غق غق ".
قال الخطيب: هذا حديث موضوع إسنادا ومتنا ولا أبعد أن يكون ابن أبي
الأزهر وضعه ورواه عن قابوس عن أبيه عن جده، وذلك اسم أبى ظبيان
حصين بن جندب وجندب لا ندرى أكان مسلما أو كافرا فضلا عن أن يكون
روى شيئا. وأبو ظبيان قد أدرك سلمان وعلي بن أبي طالب. قال وفى الحديث.
فساد آخر لم يقف واضعه عليه فيغيره وهو أن سعيد بن عامر بصرى لم يدرك
قابوسا، وكان قابوس قديما روى عنه الثوري وكبار الكوفيين ومن آخر
من أدركه جرير بن عبد الحميد، وليس لسعيد بن عامر رواية إلا عن البصريين
خاصة والله أعلم.
باب في فضل فاطمة عليها السلام
فيها أحاديث:
الحديث الأول في النطفة التي خلقت منها: فيه عن عمر وابن عباس وعائشة
أما حديث عمر رضي الله عنه فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا أبو الفضل
409

ابن خيرون أنبأنا أبو عمر بن درست وأبو بكر بن عديسة قالا أنبأنا أبو بكر الشافعي
حدثني سمانة بنت حمدان بن موسى الأنباري قال حدثني أبي حدثنا عمر بن
زياد الثوباني قال حدثني عبد العزيز بن محمد قال حدثني زيد بن أسلم عن أبيه عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لما أن مات
ولدى من خديجة أوحى الله إلى أن أمسك عن خديجة، وكنت لها عاشقا،
فسألت الله أن يجمع بيني وبينها، فأتاني جبريل في شهر رمضان ليلة أربع
وعشرين ومعه طبق من رطب الجنة فقال: يا محمد كل من هذا وواقع خديجة
الليلة، ففعلت، فحملت بفاطمة، فما لثمت فاطمة إلا وجدت ريح ذلك الرطب
وهو عترتها إلى يوم القيامة ".
الطريق الثاني: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا الحسن بن علي الجوهري
حدثنا ابن حيويه حدثنا أبو بكر بن الأنباري حدثنا أبو العباس بن مسروق حدثنا
أحمد بن عبيد الله حدثنا قاسم بن الحسن حدثنا عمرو بن زياد حدثنا عبد العزيز
الدراوردي عن زيد بن أسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " لما مات ولدى من خديجة أوحى الله إلى أن لا تغشها
وكنت لها عاشقا، فسألت الله أن يجمع بيني وبينها، فأتاني جبريل ليلة الجمعة
ليلة أربع وعشرين من رمضان ومعه طبق فيه رطب فقال: كل من هذا الرطب
وأغش خديجة، ففعلت، فحملت بفاطمة، فما لثمت فاطمة قط إلا وجدت ريح
ذلك الطيب فيها ".
وأما حديث ابن عباس أنبأنا يحيى بن علي المدبر قال أنبأنا أبو منصور محمد
ابن محمد بن عبد العزيز العكبري حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد الفرضي أنبأنا
جعفر بن محمد الخواص حدثني الحسن بن عبيد الله الأبزاري حدثني إبراهيم بن
سعيد حدثني المأمون عن الرشيد عن المهدى عن المنصور عن أبيه عن جده عن
410

ابن عباس قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر قبل فاطمة، فقالت عائشة
يا نبي الله تكثر قبل فاطمة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ليلة أسرى
بي دخلت الجنة فأطعمني من جميع ثمارها فصار ماء في صلبي، فحملت خديجة
بفاطمة، فإذا اشتقت إلى تلك الثمار قبلت فاطمة فأصيب من رائحتها تلك الثمار
التي أكلتها ".
وأما حديث عائشة فله أربعة طرق:
الطريق الأول: أنبأنا هبة الله بن محمد بن الحصين أنبأنا أبو طالب محمد بن
محمد بن غيلان أنبأنا إبراهيم بن محمد المزكى حدثنا عبد الله بن أحمد بن عاصم
أنبأنا أحمد بن الا حجم المروزي حدثنا أبو معاذ النحوي عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة قالت " قلت يا رسول الله مالك إذا قبلت فاطمه جعلت لسانك
في فمها كأنك تريد أن تلعقها عسلا؟ قال: يا عائشة إنه لما أسرى بي إلى السماء
اخلني [أدخلني] جبريل الجنة فناولني تفاحة فأكلتها فصارت نطفة في صلبي
فلما نزلت من السماء واقعت خديجة، ففاطمة من تلك النطفة كلما اشتقت إلى
الجنة قبلتها ".
الطريق الثاني: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن عقيل الفقه حدثنا
أبو بكر عبد الله بن محمد بن طرخان حدثنا محمد بن الخليل البلخي حدثنا أبو بدر
شجاع بن الوليد السكوني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت " قلت
يا رسول الله مالك إذا جاءت فاطمة فقبلتها تجعل لسانك في فيها كله كأنك تريد
أن تلعقها عسلا؟ قال: نعم يا عائشة إني لما أسرى بي إلى السماء أدخلني جبريل
الجنة فناولني منها تفاحة فأكلتها فصارت نطفة في صلبي، فلما نزلت واقعت
خديجة، ففاطمة من تلك النطفة وهي حوراء إنسية كلما اشتقت إلى الجنة قبلتها ".
411

الطريق الثالث: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو بكر محمد بن علي الخياط
أنبأنا أحمد بن محمد بن درست أنبأنا أبو الحسين عمر بن الحسن الأشناني حدثنا
أبو عبد الله الحسين بن محمد بن حاتم بن عبيد الله العجل [العجلي] حدثنا
عبد العزيز بن عبد الله الهاشمي قال: كنت أنا وأبو علي القوقساني في جماعة
فيهم غلام خليل فذكروا فاطمة، فقال غلام خليل: حدثني حسين بن حاتم
حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت " قلت
يا رسول الله مالي أراك إذا قبلت فاطمة أدخلت لسانك في فيها كأنك تريد أن
تلعقها عسلا؟ قال: نعم إن جبريل الروح الأمين نزل إي بعنقود قطف من
الجنة فأكلت وجامعت خديجة، فولدت فاطمة، فإذا اشتقت إلى الجنة قبلتها
فهي حوراء إنسية ".
قال فقال عبد العزيز: لا إله إلا الله هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بهذا الاسناد، والله لا كتبته إلا قائما على رجلي ولا كتبته إلا في رقة تهامية
بماء الذهب. قال فقام على رجليه وجاؤوه بورقة تهامية وبماء الذهب فكتب
الحديث.
الطريق الرابع: أنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا الحسن بن علي عن أبي الحسن
الدارقطني عن أبي حاتم البستي حدثنا محمد بن العباس الدمشقي حدثنا عبد الله بن
ثابت بن حسان الهاشمي حدثنا عبد الله بن واقد أبو قتادة الحراني عن سفيان
الثوري عن هشام بن عروة عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
كثيرا ما يقبل نحر فاطمة، فقلت: يا رسول الله أراك تفعل شيئا لم تفعله شيئا لم تفعله. قال:
أو ما علمت يا حميراء أن الله عز وجل لما أسرى بي إلى السماء أمر جبريل فأدخلني
الجنة ووقفني على شجرة ما رأيت أطيب منها رائحة ولا أطيب ثمرا، فأقبل
جبريل يفرك ويطعمني، فخلق الله عز وجل في صلبي منها نطفة، فلما صرت إلى
412

الدنيا واقعت خديجة فحملت بفاطمة، كلما اشتقت إلى رائحة تلك الشجرة شمعت
نحر فاطمة فوجدت رائحة تلك الشجرة منها وأنها ليست من نساء أهل الدنيا،
ولا تعتل كما يعتل أهل الدنيا ".
هذا حديث موضوع لا يشك المبتدئ في العلم في وضعه فكيف بالمتبحر.
ولقد كان الذي وضعه أجهل الجهال بالنقل والتاريخ، فإن فاطمة ولدت قبل النبوة
بخمس سنين، وقد تلقفه منه جماعة أجهل منه فتعددت طرقه، وذكره الاسراء
كان أشد لفضيحته فإن الاسراء كان قبل الهجرة بسنة بعد موت خديجة، فلما
هاجر أقام بالمدينة عشر سنين، فعلى قول من وضع هذا الحديث يكون لفاطمة
يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين وأشهر، وأين الحسن والحسين
وهما يرويان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان لفاطمة من العمر ليلة
المعراج سبع عشرة سنة، فسبحان من فضح هذا الجاهل الواضع، على يد نفسه.
ولقد عجبت من الدارقطني كيف خرج هذا الحديث لابن غيلان ثم خرجه لابي
بكر الشافعي أتراه أعجبته صحته؟ ثم لم يتكلم عليه ولم يبين أنه موضوع، وغاية
ما يعتذر به أن يقول هذا لا يخفى عن العلماء، وإنما لا يخفى على العلماء. فمن أين
يعلم الجهال الذين يسمعون هذا وكيف يصنع بقول النبي صلى الله عليه وسلم:
" من روى عنه حديثا يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ".
وإنما يذكر العلماء مثل هذا في كتب الجرح والتعديل ليبينوا حال وضعه
فأما في المنتقى والتخريج فذكره قبيح إلا أن يتكلموا عليه.
وأما الطريق الأول والثاني عن عمر ففيهما الثوبان وكان كذابا. قال
الدارقطني: كان يضع الحديث. وقال ابن عدى: كا يحدث بالبواطيل
ويسرق الحديث.
وأما حديث ابن عباس ففيه الأبزاري، وقد ذكرنا فيما تقدم أنه كذاب
يضع الحديث.
413

وأما حديث عائشة فالطريق الأول لا يعرف إلا من رواية أحمد بن الا حجم
وقد كذبه علماء النقل، وفى الطريق الثاني محمد بن الخليل. قال ابن حبان:
كان يضع الحديث لا يحل ذكره وفى الطريق الثالث غلام خليل وقد ذكرنا
فيما مضى أنه كذاب يضع الحديث. وفى الطريق الرابع أبو قتادة وقد كانت
تغلب عليه السلامة والغفلة فقد دس في حديثه. وقد قال يحيى بن معين: أبو قتادة
ليس بشئ. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال البخاري: تركوه.
قال المصنف: فانظر إلى اختلاف ألفاظ هذا الحديث وتخليط الرواة فيه
وذكرهم أنه كان يدخل لسانه في فيها محال لا وجه له، لأنه إنما رأته عائشة على
ما زعموه يفعل هذا بعد دخوله بعائشة، وقد كان لفاطمة يومئذ من العمر نحو من
عشرين سنة، ومثل هذا لا يفعله إلا الزوج، ولا يحوز للأب فكافأ الله من دس
هذه القبائح من المنقولات.
الحديث الثاني في ذكر حسن فاطمة عليها السلام: أنبأنا أبو بكر محمد بن أبي
طاهر البزاز أنبأنا القاضي أبو الحسين بن المهتدى حدثنا أبو الفرج الحسن
ابن أحمد حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان حدثنا أحمد بن محمد بن
مهران الحمال حدثني الحسن بن صاحب العسكر حدثني علي بن محمد حدثني أبي
محمد بن علي حدثني بي علي بن موسى الرضا حدثني أبي موسى بن جعفر حدثني أبي
جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن جابر بن عبد الله قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " لما خلق الله آدم عليه السلام وحواء تبخترا في الجنة
وقالا ما خلق الله خلقا أحسن منا، فبينما هما كذلك إذا هما بصورة جارية لم ير
الراؤون أحسن منها، لها نور شعشعاني يكاد يطفئ الابصار، على رأسها تاج
وفى أذنيها قرطان، فقالا يا رب ما هذه الجارية؟ قال صورة فاطمة بنت محمد سيدة
ولدك، فقال ما هذا التاج على رأسها؟ قال هذا بعلها علي بن أبي طالب.
414

قال: فما هذا القرطان؟ قال ابناها الحسن والحسين وجد ذلك في غامض علمي
قبل أن أخلفك [أخلقك] بألفي عام ".
هذا حديث موضوع والحسن بن علي صاحب العسكر هو الحسن بن علي
بن محمد بن موسى بن جعفر أبو محمد العسكري آخر من تعتقد فيه الشيعة
الإمامة. روى هذا الحديث عن آبائه وليس بشئ.
باب ذكر تزويج فاطمة بعلى عليهما السلام
وفيه أحاديث:
الحديث الأول: أنبأنا عبد الوهاب الحافظ قال أنبأنا ابن المظفر أنبأنا
العتيقي حدثنا يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن يوسف الضبي حدثنا
إسماعيل بن موسى الفزاري حدثنا بشر بن الوليد الهاشمي حدثنا عبد النور
المسمعي عن شعبة بن الحجاج بن عمرو بن مرة عن إبراهيم قال حدثني مسروق
عن عبد الله بن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في غزوة
تبوك ونحن نسير معه: " إن الله عز وجل أمرني أن أزوج فاطمة من على
ففعلت فقال لي جبريل: إن الله قد بنى جنة من لؤلؤ قصب، بين كل قصبة إلى
قصبة لؤلؤة من ياقوت مشدودة بالذهب، وجعل سقوفها زبر جدا أخضر،
وجعل فيها طاقات من لؤلؤ مكللة بالياقوت ".
وذكر حديثا طويلا وضعه عبد النور، كذا في كتاب العقيلي. فقال العقيلي
وكان يضع الحديث.
قال المصنف قلت: وقد رواه لنا محمد بن ناصر من حديث إسماعيل بن
موسى الفزاري عن بشر عن عبد النور فقال فيه: وجعل لها غرفا لبنة من فضة
ولبنة من ذهب ولبنة من در ولبنة من ياقوت ولبنة من زبرجد، ثم جعل فيها
عيونا تنبع من نواحيها وحفها بالأنهار، وجعل على الأنهار قبابا من در قد شقت
415

بسلاسل الذهب وحفت بأنواع الشجر، وبنى في كل غصن بيتا، وجعل في كل
قبة أريكة من درة بيضاء غشاؤها السندس والاستبرق، وفرش أرضها بالزعفران
والعنبر والمسك، وجعل في كل قبة حوراء، والقبة لها مائة باب على كل باب
جاريتان وشجرتان، في كل قبة مفرش وكتاب، مكتوب حول الثياب آية
الكرسي. فقلت: يا جبريل لمن بنى الله هذه الجنة؟ قال: بناها الله تعالى لعلى
وفاطمة سوى جنانهما تحفة أتحفها بها وأقر عينيك يا رسول الله ".
الحديث الثاني في ذكر صداقها: أنبأنا إبراهيم بن دينار الفقيه أنبأنا أبو على
محمد بن سعيد بن نبهان أنبأنا الحسن بن الحسين بن دوما أنبأنا أحمد بن نصر
الذراع حدثنا عبد الله بن أحمد ومحمد بن أحمد الكاتبان حدثنا عمر بن بشر عن
علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن محمد عن ابن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " يا علي إن الله زوجك فاطمة وجعل صداقها الأرض، فمن
مشى عليها مبغضا لك تمسى حراما ".
وهذا حديث موضوع وفيه جماعة مجروحون إلا أن المتهم بوضعه الذراع،
فإنه كان كذابا وضاعا.
الحديث الثالث في ذكر الخطبة التي خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم
عند عقد نكاحها. فيه عن جابر وأنس.
فأما حديث جابر: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا أحمد بن الحسين بن قريش
أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل حدثني عبد الباقي
ابن قانع القاضي حدثنا محمد بن زكريا بن دينار حدثنا شعيب بن واقد حدثنا
حسين بن زيد عن عبد الله بن الحسن بن الحسن عن زيد بن علي بن الحسين
عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم حين زوج
عليا من فاطمة عليهما السلام فقال: الحمد لله المحمود بنعمه المعبود بقدرته، البالغ
416

سلطانه، المرهوب من عذابه، المرغوب إليه فيما عنده، النافذ أمره في سمائه
وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بأحكامه، وأحكمهم بعزته، وأعزهم
بدينه، وأكرمهم بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم. إن الله تعالى جعل المصاهرة
نسبا لاحقا وأمرا مفترضا، وشج به الأرحام وألزمها الأنام، فقال عز وجل
(وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) فأمر
الله عز وجل يجرى إلى قضائه، وقضاؤه يجرى إلى قدره، وقدره يجرى إلى
أجله، ولك قضاء قدر، ولكل قدر أجل، ولكل أجل كتاب، يمح الله
ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب. ثم إن الله عز وجل أمرني أن أزوج
فاطمة من على، وقد زوجته على أربع مائة مثقال من فضة إن رضى بذلك، ثم دعا
بطبق من بسر فوضعه بين أيدينا، ثم قال انتبهوا، فبينا نحن ننتهب إذ دخل
علي عليه السلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا علي أما علمت أن الله عز
وجل أمرني أن أزوجك فاطمة، وقد زوجتكها على أربع مائة مثقال فضة إن
رضيت؟ قال علي عليه السلام: قد رضيت عن الله عز وجل وعن رسوله،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: جمع الله بينكما، وأسعد جدكما، وبارك عليكما،
وأخرج منكما كثيرا طيبا. قال جابر: لقد أخرج الله منهما كثيرا طيبا: الحسن
والحسين عليهما السلام ".
وأما حديث أنس: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا الحسن بن أحمد بن النبأ
أنبأنا أبو على الحسن بن أحمد بن شاذان حدثنا أبو بكر محمد بن العباس بن
نجيح حدثنا أبو الحسن محمد بن نهار بن عمار التيمي حدثنا عبد الملك بن حبان
الدمشقي حدثنا محمد بن دينار حدثنا هشيم عن يونس بن عبيد عن الحسن عن
أنس بن مالك قال: " بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا غشيه الوحي،
فلما سرى عنه قال لي: يا أنس تدرى ما جاءني به جبريل من عند صاحب العرش
عز وجل؟ قال قلت: بأبي [أنت] وأمي وما جاءك به جبريل؟ قال: إن الله تعالى
417

أمرني أن أزوج فاطمة من على، فادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير
وبعدتهم من الأنصار. قال: فانطلقت فدعوتهم، فلما أخذوا مقاعدهم قال:
الحمد لله المحمود بنعمه، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه،
النافذ أمره في أرضه وسمائه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بأحكامه،
وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيهم عليه السلام. ثم إن الله تعالى جعل المصاهرة
نسبا لاحقا، وحقا لازما وشح [وشج] به الأرحام وألزمها الأنام، فقال
عز وجل (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا)
وأمر الله يجرى إلى قضائه، وقضاؤه يجرى إلى قدره، ولكل قضاء قدر،
ولكل قدر أجل، ولكل أجل كتاب، يمح الله ما يشاء ويثبت، وعنده
أم الكتاب. ثم إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة من على وأشهدكم أنى قد
زوجت فاطمة من على على أربع مائة مثقال فضة، فإن رضى بذلك على. قال:
وكان علي عليه السلام غائبا قد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة.
ثم أمر لنا بطبق فيه بسر فوضعه بين أيدينا وقال انتهبوا، فبينا نحن ننتهب
أقبل علي عليه السلام، فتبسم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا علي
إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة، وإني قد زوجتكها على أربع مائة مثقال
فضة. قال فقال: قد رضيت يا رسول الله. ثم إن عليا خر ساجدا شاكرا،
فلما رفع رأسه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله لكما وبارك فيكما
وأسعد جدكما وأخرج منكما الكثير الطيب ".
هذا حديث موضوع وضعه محمد بن زكريا فوضع الطريق الأول إلى جابر
ووضع هذا الطريق إلى أنس. قال الدارقطني: كان يضع الحديث، وراوي
الطريق الثانية نسبة إلى جده فقال محمد بن دينار وهو محمد بن زكريا بن دينار.
الحديث الرابع في خطبة جبريل لنكاحها: أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن
محمد أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا أبو بكر البرقاني أنبأنا عبد الله بن
418

إبراهيم بن ماسى ح. وأنبأنا محمد بن عبد الباقي أنبأنا أحمد بن الحسن بن خيرون
أنبأنا أبو علي بن شاذان أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم ح. وأنبأنا ابن
عبد الباقي قال أنبأنا حمد بن أحمد أنبأنا أحمد بن عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن
عمر بن سلم حدثنا أبو عمرو أحمد بن خالد بن عمرو الحمصي بن أبي الدخيل حدثنا أبي
حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم
عن علقمة بن عبد الله بن مسعود قال: " أصاب فاطمة بنت رسول الله صلى الله
عليه وسلم صبيحة العرس رعدة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا فاطمة
إن الله زوجك سيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين، يا فاطمة إنه لما
أردت أن أملكك بعلى أمر الله عز وجل جبريل فقام في السماء الرابعة فصف
الملائكة صفوفا ثم خطب عليهم جبريل فزوجك من على ثم أمر شجر الجنان
فحملت من الحلي والحلل ثم أمرها فنثرته على الملائكة فمن أخذ منهم يومئذ أكثر
مما أخذ صاحبه أو أحسن فخر به إلى يوم القيامة. قالت أم سلمة: فلقد كانت
فاطمة تفخر على النساء حين كان أول من خطب عليها جبريل عليه السلام ".
هذا حديث موضوع، والمتهم به خالد بن عمرو الحمصي قال جعفر الفرياني:
[الفريابي] كان يكذب، وقد رواه سفيان بن محمد الفزاري عن عبيد الله بن
موسى. قال ابن عدى: يسرق الأحاديث ويسوى الأسانيد، وفى حديثه
موضوعات. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به.
الحديث الخامس فيما جرى عند زفافها: أنبأنا أبو غالب محمد بن الحسن
الماوردي أنبأنا أبو بكر أحمد بن الطريثينثى أنبأنا محمد بن محمد بن مخلد حدثنا جعفر
الخلدي ح. وأنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت حدثنا
محمد بن أحمد بن رزق أنبأنا أحمد بن محمد بن رميح قالا حدثنا المفضل بن محمد
الجندي حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن أخت عبد الرزاق حدثنا توبة بن علوان
419

البصري حدثنا شعبة عن أبي حمزة عن ابن عباس قال: " لما زفت فاطمة إلى
علي عليه السلام كان النبي صلى الله عليه وسلم قدامها وجبريل على يمينها وميكائيل
على يسارها وسبعون ألف ملك خلفها يسبحون الله تعالى ويقدسونه حتى
طلع الفجر ".
هذا حديث موضوع. قال ابن حبان: توبة بن علوان يروى عن شعبة،
وأهل العراق ما ليس من أحاديثهم.
وأما ابن أخت عبد الرزاق فما نعرف أن اسمه إلا أحمد بن عبد الله. قال
يحيى بن معين: هو كذاب ليس بثقة. قال أبو نعيم الأصفهاني: وأحمد بن
محمد بن رميح ضعيف.
الحديث السادس في ذلك أيضا: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا أحمد بن الحسن
ابن البنا أنبأنا أبو الحسن بن الحمامي أنبأنا أبو بكر الآجري حدثنا أبو عبد الله
ابن مخلد حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أنس بن القرمطي حدثنا معبد بن
عمرو البصري حدثنا جعفر عن آبائه أن أسماء بنت عميس قالت: " يا رسول الله
خطب إليك فاطمة ذوو الأسنان والأموال من قريش فلم تزوجهم وزوجتها هذا
الغلام، فلما كان من الليل بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سلمان الفارسي
فقال: ائتني ببغلتي الشهباء، فأتاه بها فحمل عليها فاطمة، وكان سلمان يقودها
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسوقها فبينا هو كذلك إذ سمع حسا خلف ظهره
فالتفت فإذا هو بجبريل وميكائيل وإسرافيل وجمع من الملائكة كثير: فقال
يا جبريل ما أنزلكم؟ قالوا: أنزلنا نزف فاطمة إلى زوجها، فكبر جبريل،
ثم كبر ميكائيل، ثم كبر إسرافيل، ثم كبرت الملائكة، ثم كبر النبي صلى الله
عليه وسلم، ثم كبر سلمان فصار التكبير خلف العرائس سنة من تلك الليلة،
فجاء بها فأدخلها إلى علي عليه السلام، وأجلسها إلى جنبه على الحصير، ثم قال
420

يا علي: هذه منى فمن أكرمها فقد أكرمني، ومن أهانها فقد أهانني، ثم قال:
اللهم بارك عليهما واجعل بينهما ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ".
هذا حديث موضوع لا شك فيه. ولقد أبدع الذي وضعه، أتراها إلى أين
ركبت وبين البيتين خطوات؟ وقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم " يسوقها
وسلمان يقودها " سوء أدب من الواضع وجرأة، إذ جعل رسول الله صلى الله عليه
وسلم سائقا، ثم سلمان كان حينئذ مشغول [مشغولا] بالرق، ولم يكن
يخلص من كتابته بعد، وما يتعدى هذا الحديث القرمطي أو معبدا أن يكون
أحدهما وضعه.
الحديث السابع في أنها كانت لا تحيض: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا
أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا أبو محمد عبد الله بن علي بن عياض القاضي،
وأبو نصر علي بن أحمد الوراق قالا أنبأنا محمد بن أحمد بن جميع الغساني حدثنا
حاتم بن حميد بن يونس أبو بكر الشعيري حدثنا أبو عمارة أحمد بن محمد حدثنا
الحسن بن عمرو بن سيف السدوسي حدثنا القاسم بن مطيب حدثنا منصور بن
صدقة عن أبي معبد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث، وإنما سماها فاطمة لان الله تعالى
فطمها ومحيها [محبيها] من النار ".
قال الخطيب: في إسناد هذا الحديث من المجهولين غير واحد وليس بثابت.
قال المصنف قلت: وقد روى في تسميتها حديث آخر: أنبأنا محمد بن ناصر
أنبأنا الحسن بن أحمد بن البنا أنبأنا هلال بن محمد أنبأنا أبو بكر محمد بن إسحاق
الأهوازي حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا ابن عمير حدثنا بشر بن إبراهيم
الأنصاري عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبيه عن أبي هريرة قال قال
النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما سميت فاطمة لان الله تعالى فطم محبيها
عن النار ".
421

هذا عمل الغلابي. وقد ذكرنا عن الدارقطني أنه كان يضع الحديث.
الحديث الثامن في تحريمها وذريتها عن النار: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك
أنبأنا أبو المظفر الشامي أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا
مطين حدثنا أبو كريب حدثنا معاوية بن هشام عن عمر بن عتاب عن عاصم عن
زر عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن فاطمة أحصنت فرجها
فحرمها الله وذريتها من النار ".
طريق آخر: أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد الزوزني أنبأنا أبو على محمد بن
وشاح حدثنا عمر بن شاهين حدثنا عبد الله بن سليمان ومحمد بن زهير بن الفضل ح
وأنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
حدثنا أبو أحمد بن عدى حدثنا ابن ناجية حدثنا علي بن المثنى حدثنا معاوية بن
هشام حدثنا عمر بن غياث عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن
عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فاطمة أحصنت
فرجها فحرم الله ذريتها على النار ".
الطريقان: على عمر بن غياث ويقال فيه عمرو وقد ضعفه الدارقطني. وقال
كان من شيوخ الشيعة. وقال ابن حبان: يروى عن عاصم ما ليس من حديثه،
ولعله سمعه في اختلاط عاصم والاحتجاج بروايته ساقط إذا انفرد. وقال الدارقطني:
إنما حدث بهذا عمر عن عاصم بن زر عن النبي صلى الله عليه وسلم فرواه عنه
معاوية عن هشام فأفسده ووهم فيه.
قال المصنف قلت: ثم إن الحديث محمول على ذريتها الذين هم أولادها خاصة
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وكذلك فسره محمد بن علي بن موسى
الرضى، فقال هو خاص للحسن والحسين.
الحديث التاسع في مجيئها بثياب الدم: أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أبو بكر
422

البيهقي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم حدثنا محمد بن بسطام بن
الحسن حدثنا أبو على أحمد بن علي بن مهدي بن صدقة الرقي حدثنا أبي حدثنا
علي بن موسى الرضى حدثنا أبي حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن
الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " تحشر ابنتي فاطمة ومعها ثياب مصبوغة بدم فتتعلق بقائمة من قوائم
العرش، فتقول: يا عدل احكم بيني وبين قاتل ولدى، فيحكم لابنتي ورب
الكعبة ".
هذا حديث موضوع بلا شك وما يتعدى ابن مهدي وابن بسطام.
الحديث العاشر في قوله غضوا أبصاركم: روى العباس بن الوليد عن خالد
الواسطي عن بيان عن الشعبي عن أبي جحيفة عن علي عليه السلام: " إذا كان
يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجاب يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة
بنت محمد صلى الله عليه وسلم حتى تمر ".
قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. وقال الدارقطني: كذاب.
423

انتهى بحمد الله الجزء الأول
من كتاب
" الموضوعات "
ويليه الجزء الثاني وأوله
باب فضل في أهل البيت ومحبيهم
وما ورد في ذلك من الأحاديث الموضوعة
المنسوبة زورا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
424