الكتاب: سير أعلام النبلاء
المؤلف: الذهبي
الجزء: ١٧
الوفاة: ٧٤٨
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند السنة
تحقيق: تحقيق وتخريج وتعليق : شعيب الأرنؤوط ، محمد نعيم العرقسوسي
الطبعة: الرابعة
سنة الطبع: ١٤٠٦ - ١٩٨٦ م
المطبعة:
الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

سير أعلام النبلاء
1

الطبعة الأولى 1401 ه‍ - 1981 م
الطبعة الثانية 1402 ه‍ - 1982 م
الطبعة الثالثة 1405 ه‍ 1985 م
الطبعة الرابعة 1406 ه‍ - 1986 م
مؤسسة الرسالة بيروت - شارع سوريا - بناية صمدي وصالحة
هاتف: 319039 - 241692 ص. ب: 7460 برقيا: بيوشران
2

سير أعلام النبلاء
تصنيف
الامام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي
المتوفى
748 ه‍ - 1374 م
الجزء السابع عشر
حققه وخرج أحاديثه وعلي عليه
شعيب الأرنؤوط محمد نعيم العرقسوسي
مؤسسة الرسالة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
4

1 - صاحب الموصل *
حسام الدولة، مقلد بن المسيب بن رافع بن المقلد العقيلي.
تغلب أخوه أبو الزواد (1) محمد بن المسيب على الموصل سنة ثمانين
وثلاث مئة، وزوج بنته بولد (2) عضد الدولة، ومات سنة سبع وثمانين،
فتملك مقلد.
وكان عاقلا سائسا خبيرا، اتسعت ممالكه، وأتته خلع القادر
بالله (3)، واستخدم ألوفا.

* الكامل لابن الأثير 9 / 125، 126 و 133 - 135 و 164، وفيات الأعيان 5 / 260 -
269، العبر 3 / 51، دول الاسلام 1 / 236، تاريخ الاسلام 4 / 87 / 2، تاريخ ابن
خلدون 4 / 255 - 257، النجوم الزاهرة 4 / 203، شذرات الذهب 3 / 138، منية الأدباء
في تاريخ الموصل الحدباء 46، 47.
(1) كذا الأصل، وفي " تاريخ الاسلام " و " الكامل ": " الذواد " بالذال المعجمة، وفي
" وفيات الأعيان ": " الدواد " بالدال المهملة، وأشار محققه إلى أنه جاء في نسخة بالمعجمة،
وفي أخرى: " الزواد " كما هو في أصلنا.
(2) وهو بهاء الدولة أبو نصر أحمد بن عضد الدولة، وسترد ترجمته في هذا الجزء برقم
(106).
(3) هو الخليفة العباسي أبو العباس أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر جعفر بن المعتضد
البغدادي، المتوفى سنة 422 ه‍، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
5

وله شعر (1) وأدب، وفيه رفض.
وثب عليه مملوك في مجلس أنسه، فقتله في صفر سنة إحدى وتسعين
وثلاث مئة، لكونه سمعه يقول: لولا ضجيعاك لزرتك (2).
رثاه الشريف الرضي (3). وجماعة.
وله أخبار في " تاريخ " ابن خلكان.
وتملك بعده ابنه معتمد الدولة قرواش (4)، فدامت دولته نحوا من
خمسين سنة.
2 - الطوسي *
الامام الحافظ، أبو الفضل، نصر بن أبي نصر محمد بن أحمد بن
يعقوب، الطوسي العطار.
ولد في حدود سنة عشر وثلاث مئة.
وسمع أبا محمد بن الشرقي، وأبا حامد بن بلال، وأبا عبد الله

(1) انظر ما أورده ابن خلكان من شعره في " الوفيات " 5 / 262.
(2) الخبر بتمامه في " تاريخ الاسلام " 4 / 87 / 2، و " وفيات الأعيان " 5 / 263، و
" النجوم الزاهرة " 4 / 203، و " شذرات الذهب " 3 / 138 وفيها " صاحباك " بدل
" ضجيعاك ".
(3) بقصيدة مطلعها:
أعامر لا لليوم أنت ولا الغد * تقلدت ذل الدهر بعد المقلد
وهي في " ديوانه " 1 / 369 - 373.
(4) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (427).
* تاريخ الاسلام 4 / 50 / 1، تذكرة الحفاظ 3 / 1016، النجوم الزاهرة 4 /
166، طبقات الحفاظ 402، شذرات الذهب 3 / 106.
6

المحاملي، وابن مخلد العطار، وابن عقدة، ومحمد بن الحسين القطان،
وابن الأعرابي، ومحمد بن وردان العامري، وأحمد بن زبان الكندي، وابن
حبيب الحصائري (1)، وخيثمة، والربيع بن سلامة الرملي، وطبقتهم.
وكان واسع الرحلة، حسن التصانيف.
حدث عنه: الحاكم، والسلمي، وأبو نعيم، وأبو سعد
الكنجروذي، وآخرون.
قال الحاكم: هو أحد أركان الحديث بخراسان مع ما يرجع إليه من
الدين والزهد والسخاء والتعصب لأهل السنة، أول رحلته كانت إلى مرو،
إلى الليث بن محمد المروزي. قال: وما خلف يوم مات بالطابران (2) مثله،
وأما علوم الصوفية وأخبارهم ولقي مشايخهم، فإنه ما خلف في ذلك
بخراسان مثله (3).
قلت: وقد صحب أبا بكر الشبلي ببغداد.
توفي في المحرم سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة.
أخبرنا ابن عساكر (4)، عن عبد المعز، أخبرنا زاهر، أخبرنا أبو سعد

(1) هو أبو علي الحسن بن حبيب الدمشقي الحصائري، قال في " التوضيح " 1 /
205 / 2: ويقال فيه: الحصري. وقد مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(2) قال ياقوت: هي إحدى مدينتي طوس، لان طوس عبارة عن مدينتين، أكبرهما
طابران، والاخرى نوقان، وقد قيل لبعض من نسب إليها: الطبراني، والمحدثون ينسبون هذه
النسبة إلى طبرية الشام.
(3) " تاريخ الاسلام " 4 / 50 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1016.
(4) هو أحمد بن هبة الله بن أحمد بن محمد الدمشقي، المتوفى سنة 699 ه‍، ترجمه
المؤلف في " مشيخته " ورقة 20 / 2.
7

الطبيب، أخبرنا نصر بن محمد العطار، أخبرنا أحمد بن الحسين بمصر،
حدثنا يوسف بن يزيد القراطيسي، حدثنا الوليد بن موسى، حدثنا منبه بن
عثمان، عن عروة بن رويم، عن الحسن، عن أنس بن مالك، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " إن مؤمني الجن لهم ثواب، وعليهم عقاب ". فسألناه عن ثوابهم
وعن مؤمنيهم، قال: " [على] الأعراف وليسوا في الجنة " قلنا: وما
الأعراف؟ قال: " حائط الجنة تجري فيه الأنهار، وتنبت فيه الأشجار
والثمار ".
هذا حديث منكر جدا (1).
3 - ابن بكير *
الامام المحدث الحافظ، مفيد بغداد، أبو عبد الله، الحسين بن
أحمد بن عبد الله بن بكير، البغدادي الصيرفي.
سمع أبا جعفر ابن البختري (2)، وإسماعيل الصفار، وعثمان بن
السماك، والنجاد، وطبقتهم.

(1) هو في تاريخ ابن عساكر في ترجمة الوليد بن موسى، كما في تفسير ابن كثير 3 /
416، وقال العقيلي في " الضعفاء " الورقة 424: أحاديثه بواطيل، لا أصول لها، ليس ممن
يقيم الحديث، وقال المؤلف رحمه الله في " الميزان ": قال الدارقطني: منكر الحديث، وقواه
أبو حاتم، وقال غيره: متروك، ووهاه العقيلي وابن حبان، ونقل ابن حجر في " اللسان " عن
الحاكم قوله: روى عن عبد الرحمن بن ثابت عن ثوبان أحاديث موضوعة. وأورده السيوطي في
" الجامع الكبير " 277، والدر المنثور 3 / 88 ونسبه إلى البيهقي في " البعث ".
* تاريخ بغداد 8 / 13، 14، تاريخ الاسلام 4 / 71 / 2، العبر 3 / 38، 39،
تذكرة الحفاظ 3 / 1017، طبقات الحفاظ: 403، شذرات الذهب 3 / 128.
(2) هو محمد بن عمرو بن البختري الرزاز المحدث المشهور، المتوفى سنة 339 ه‍،
مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
8

حدث عنه: ابن شاهين وهو من شيوخه، وأبو العلاء الواسطي،
وعبيد الله الأزهري، وأبو القاسم التنوخي، وأبو الحسين بن المهتدي
بالله، وجماعة.
قال الأزهري: سمعته يقول: هذا الحديث كتبه عني محمد بن
إسماعيل الوراق، والدارقطني (1).
قال الأزهري: كنت أحضر عنده وبين يديه أجزاء، فأنظر فيها،
فيقول: أيما أحب إليك: تذكر لي متنا حتى أخبرك بإسناده، أو تذكر إسنادا
حتى أخبرك بمتنه؟ فكنت أذكر له المتون، فيحدثني بأسانيدها كما هي
حفظا، فعلت هذا معه مرارا كثيرة، وكان ثقة، لكنهم حسدوه، وتكلموا
فيه (2).
قال ابن أبي الفوارس: كان يتساهل في الحديث، ويلحق في بعض
أصول الشيوخ ما ليس منها، ويصل المقاطيع (3).
توفي ابن بكير في ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة، وعاش
إحدى وستين سنة، رحمه الله (4).

(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 71 / 2، و " تاريخ بغداد " 8 / 13، والحديث ذكره
الخطيب بإسناده عن ابن بكير... عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر مناديا ينادي يوم خيبر بتحريم
لحوم الحمر الأهلية. قال ابن بكير: كتبه عني علي بن عمر الدارقطني، وعمر بن شاهين، وأبو
بكر بن إسماعيل الوراق، وغيرهم.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 71 / 2، و " تاريخ بغداد " 8 / 13، 14.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 14. والمقطوع هو ما كان موقوفا على التابعي، وقد يعبر عنه
بعضهم بالموقوف، ولكن يقيده، فيقول: هذا موقوف على ابن المسيب أو على نافع. انظر
" ألفية السيوطي " ص 22، و " تدريب الراوي " 1 / 184 و 194.
(4) وقيل: توفي سنة ثلاث وثمانين. " تاريخ بغداد " 8 / 14.
9

4 - ابن أبي زيد *
الامام العلامة القدوة الفقيه، عالم أهل المغرب، أبو محمد، عبد
الله بن أبي زيد، القيرواني المالكي، ويقال له: مالك الصغير.
وكان أحد من برز في العلم والعمل.
قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الأقطار
ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهو الذي لخص المذهب، وملا
البلاد من تواليفه، تفقه بفقهاء القيروان، وعول على أبي بكر بن اللباد.
وأخذ عن: محمد بن مسرور الحجام، والعسال، وحج، فسمع من أبي
سعيد بن الأعرابي، ومحمد بن الفتح، والحسن بن نصر السوسي،
ودراس (1) بن إسماعيل، وغيرهم.
سمع منه خلق كثير منهم: الفقيه عبد الرحيم (2) بن العجوز السبتي،
والفقيه عبد الله بن غالب السبتي (3)، وعبد الله بن الوليد بن سعد

* الفهرست لابن النديم 253، طبقات الفقهاء للشيرازي: 135، ترتيب المدارك
4 / 492 - 497، فهرست ابن خير 244، تاريخ الاسلام 4 / 75 / 2، دول الاسلام 1 / 335،
العبر 3 / 43، 44، عيون التواريخ 12 / 245 / 2، مرآة الجنان 2 / 441، الديباج المذهب
1 / 427 - 430، النجوم الزاهرة 4 / 200، شذرات الذهب 3 / 131، هدية العارفين
1 / 447، 448، شجرة النور 1 / 96، تكميل الصلحاء والأعيان لمعالم الايمان لابن ناجي:
306، وانظر " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 154 - 160.
(1) في الأصل: " دارس "، والمثبت من مصادر الترجمة، وهو مترجم في " ترتيب
المدارك " 4 / 395.
(2) في الأصل: " عبد الرحمن " وهو خطأ، وهو عبد الرحيم بن أحمد الكتامي أبو عبد
الرحمن، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (235).
(3) سترد ترجمته برقم (349).
10

الأنصاري (1)، وأبو بكر أحمد (2) بن عبد الرحمن الخولاني (3).
صنف كتاب: " النوادر والزيادات " (4) في نحو المئة جزء، واختصر
" المدونة "، وعلى هذين الكتابين المعول في الفتيا بالمغرب، وصنف (5)
كتاب " العتبية " (6) على الأبواب، وكتاب " الاقتداء بمذهب مالك "،
وكتاب " الرسالة " (7)، وكتاب " الثقة بالله والتوكل على الله "، وكتاب
" المعرفة والتفسير " (8)، وكتاب " إعجاز القرآن "، وكتاب " النهي عن
الجدال "، ورسالته في الرد على القدرية، ورسالته في التوحيد، وكتاب

(1) سترد ترجمته برقم (447).
(2) في الأصل: أبو أحمد بن عبد الرحمن، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وسترد
ترجمته برقم (343).
(3) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 492 - 494.
(4) هو الزيادات على " المدونة " للامام مالك، ويوجد من كتاب النوادر نسخة مخطوطة
في مكتبة القرويين بفاس 841، 901.
(5) أي هذب.
(6) منسوبة إلى مصنفها محمد بن أحمد بن عبد العزيز عتبة العتبي القرطبي، المتوفى
سنة 254، وهي مسائل في مذهب الامام مالك، وتسمى " المستخرجة العتبية " انظر الحديث
عنها في " ترتيب المدارك " 3 / 145، 146، و " الديباج المذهب " 2 / 177، وقد هذبها ابن
أبي زيد على الأبواب.
(7) في الفروع المالكية. قال في " شجرة النور ": " وسأله تأليفها الشيخ محرز بن خلف
التونسي، وهي أول تآليفه، ووقع التنافس في اقتنائها حتى كتبت بالذهب ". وقد نشرت في فاس
دون تاريخ، وفي القاهرة سنة 1338 ه‍، وفي باريس سنة 1914 م مترجمة إلى الفرنسية،
ونشرت مع ترجمة إنكليزية في لندن 1906، وطبعت وبهامشها الشرح المسمى " تقريب
المعاني " للشيخ عبد المجيد الشرنوبي في بولاق سنة 1314 ه‍، وفي مصر سنة 1320 و 1331
ه‍. وعلى هذه " الرسالة " شروح كثيرة، طبع منها شرح الرسالة لأبي عبد الله محمد بن قاسم
جسوس، في أربعة أجزاء بمدينة فاس سنة 1312 ه‍، وشرح الرسالة لأبي الحسن علي بن
محمد المنوفي الشاذلي، المتوفى سنة 939 ه‍ بعنوان " كفاية الطالب " مع حاشية على الشرح
لعلي بن أحمد بن مكرم العدوي الصعيدي المنافسي، المتوفى سنة 1189 ه‍.
(8) كذا في الأصل و " تاريخ الاسلام "، وفي " ترتيب المدارك " و " الديباج المذهب "
و " شجرة النور ": " المعرفة واليقين ".
11

" من تحرك عند القراءة " (1).
وقيل: إنه صنع " رسالته " المشهورة وله سبع عشر سنة.
وكان مع عظمته في العلم والعمل ذا بر وإيثار وإنفاق على الطلبة
وإحسان.
وقيل: إنه نفذ إلى القاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي (2) ألف
دينار، وهذا فيه بعد فإن عبد الوهاب لم يشتهر إلا بعد زمان أبي محمد.
نعم قد وصل الفقيه يحيى بن عبد العزيز العمري حين قدم القيروان.
بمئة وخمسين دينارا، وجهزت بنت الشيخ أبي الحسن القابسي (3) بأربع مئة
دينار من مال ابن أبي زيد (4).
وقيل: إن محرزا التونسي (5) أتي بابنة ابن أبي زيد وهي زمنة، فدعا
لها، فقامت، فعجبوا، وسبحوا الله، فقال: والله، ما قلت إلا: بحرمة
والدها عندك اكشف ما بها. فشفاها الله (6).
قلت: وكان رحمه الله على طريقة السلف في الأصول، لا يدري
الكلام، ولا يتأول، فنسأل الله التوفيق.

(1) انظر جملة تآليفه في " ترتيب المدارك " 4 / 494، و " الديباج " 1 / 429، 430
وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " 2 / 160.
(2) سترد ترجمته برقم (287).
(3) سترد ترجمته برقم (99).
(4) " تاريخ الاسلام " 4 / 75 / 2.
(5) هو أبو محفوظ محرز بن خلف بن رزين، من نسل أبي بكر الصديق، من كبار الزهاد،
تهافت عليه الناس للتبرك به وسماع كلامه، توفي سنة 413 ه‍. انظر ترجمته في " شجرة النور
الزكية " 2 / 202، 203.
(6) " تاريخ الاسلام " 4 / 75 / 2.
12

وقد حدث عنه بالسيرة النبوية " تهذيب " ابن هشام عبد الله بن الوليد
بسماعه من عبد الله بن جعفر بن الورد، لقيه بمصر.
ولما توفي رثاه عدة من الشعراء (1).
5 - أبو الهيثم *
قال أبو إسحاق الحبال: مات ابن أبي زيد لنصف شعبان سنة تسع
وثمانين وثلاث مئة، وكذا أرخه أبو القاسم بن مندة، وأرخ موته القاضي
عياض (2) وغيره في سنة ست وثمانين وثلاث مئة.
شيخ الحنفية، نعمان زمانه، القاضي أبو الهيثم، عتبة بن خيثمة،
ابن محمد بن حاتم، النيسابوري الحنفي.
سمع من: أبي العباس الأصم وجماعة.
وتفقه على أبي الحسين (3) النيسابوري قاضي الحرمين.
وصار أوحد عصره في المذهب حتى قيل: لم يبق بخراسان قاض
حنفي إلا وهو ينتمي إليه (4).
قال الإمام أبو عبد الله الحليمي: لقد بارك الله في علم الفقيه أبي
الهيثم، فليس بما وراء النهر أحد يرجع إلى النظر والجدل إلا من أصحابه.
قلت: روى عنه الحاكم في " تاريخه " حديثا، وعظمه، وأثنى
عليه.

(1) انظر شيئا من رثائه في " ترتيب المدارك " 4 / 496، 497.
* العبر 3 / 94، 95، الجواهر المضية 2 / 511، كتائب أعلام الأخيار برقم 222،
الطبقات السنية رقم (1398)، شذرات الذهب 3 / 181، الفوائد البهية 115.
(2) في " ترتيب المدارك " 4 / 496.
(3) هو أحمد بن محمد بن عبد الله، تقدمت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) " الجواهر المضية " 2 / 511.
13

بقي إلى حدود نيف وثمانين وثلاث مئة (1).
6 - الصيمري *
شيخ الشافعية (2) وعالمهم، القاضي أبو القاسم، عبد الواحد بن
الحسين الصيمري، من أصحاب الوجوه.
تفقه بأبي حامد المروروذي (3)، وبأبي الفياض (4).
وارتحل الفقهاء إليه إلى البصرة، وعليه تفقه أقضى القضاة
الماوردي.
وصنف كتاب: " الايضاح في المذهب " سبع مجلدات، وكتاب
" القياس والعلل "، وغير ذلك.

(1) وقد أورده المؤلف في " العبر " في وفيات سنة 406، وهو تاريخ وفاته في " الجواهر
المضية ".
* طبقات الفقهاء للشيرازي: 125، معجم البلدان 3 / 439، طبقات ابن الصلاح لوحة
62 / 2، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 265، عيون التواريخ 12 / 261، طبقات السبكي 3 /
339، طبقات الأسنوي 2 / 127، 128، طبقات ابن هداية الله: 129، 130، هدية
العارفين 1 / 433، والصيمري: بصاد مهملة مفتوحة، ثم ياء ساكنة، بعدها ميم مفتوحة
ضمها بعضهم، نسبة إلى " صيمر " - وفي معجم البلدان: صيمرة - نهر من أنهار البصرة عليه عدة
قرى.
(2) وقد وهم القرشي، فأورده في كتابه: " الجواهر المضية في طبقات الحنفية " برقم
(878)، وقال: عالم من فقهاء خراسان، سكن البصرة، صاحب التصانيف.
(3) هو أحمد بن بشر بن عامر العامري المروروذي، مرت ترجمته في الجزء السادس
عشر.
(4) هو أبو الفياض محمد بن الحسن بن المنتصر البصري، تفقه على أبي حامد
المروروذي، درس بالبصرة، وعنه أخذ فقهاؤها، توفي في حدود سنة 385 ه‍، مترجم في
طبقات الشيرازي: 99، طبقات الأسنوي 1 / 192، 193، طبقات ابن الصلاح الورقة 10
أ، طبقات ابن هداية الله 116، هدية العارفين 2 / 54.
14

وقد حدث ببعض كتبه في سنة سبع وثمانين وثلاث مئة رحمه الله (1).
7 - ابن أبي عامر *
الملك المنصور، حاجب الممالك الأندلسية، أبو عامر، محمد بن
عبد الله بن أبي عامر محمد بن وليد القحطاني المعافري القرطبي، القائم
بأعباء دولة الخليفة المرواني المؤيد بالله هشام بن الحكم أمير الأندلس،
فإن هذا المؤيد استخلف ابن تسع سنين، وردت مقاليد الأمور إلى الحاجب
هذا، فيعمد إلى خزائن كتب الحكم، فأبرز ما فيها، ثم أفرد ما فيها من
كتب الفلسفة، فأحرقها بمشهد من العلماء، وطمر كثيرا منها، وكانت كثيرة
إلى الغاية، فعله تقبيحا لرأي المستنصر الحكم (2).
وكان بطلا شجاعا، حازما سائسا، غزاء عالما، جم المحاسن، كثير
الفتوحات، عالي، الهمة، عديم النظير، وسيأتي من أخباره في ترجمة
المؤيد (3).
دام في المملكة نيفا وعشرين سنة، ودانت له الجزيرة (4). وأمنت

(1) سيذكره المؤلف مع وفيات سنة 405 عقب ترجمة الحاكم رقم (100).
* يتيمة الدهر 2 / 62، جذوة المقتبس 78، 79، الذخيرة في محاسن الجزيرة:
القسم الرابع، المجلد الأول / 56 - 78، بغية الملتمس 105، تاريخ ابن الأثير 8 / 677 و
9 / 33، 176، الحلة السيراء 1 / 268 - 277، تكملة الصلة 1 / 437، المغرب في حلي
المغرب 1 / 199 - 203، البيان المغرب 2 / 301، تاريخ الاسلام 4 / 93 / 2، 94 / 1،
العبر 3 / 56، دول الاسلام 1 / 237، الوافي بالوفيات 3 / 312، تاريخ ابن خلدون 4 /
147، نفح الطيب 1 / 396 - 423 و 3 / 85 - 94، غزوات العرب 192، 193، شذرات
الذهب 3 / 143، 144.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 93 / 2، و " الوافي بالوفيات " 3 / 312.
(3) انظر الترجمة رقم (78).
(4) يعني بلاد الأندلس.
15

به، وقد وزر له جماعة.
وكان المؤيد معه صورة بلا معنى، بل كان محجوبا لا يجتمع به أمير
ولا كبير، بل كان أبو عامر يدخل عليه قصره، ثم يخرج فيقول: رسم أمير
المؤمنين بكذا وكذا، فلا يخالفه أحد، وإذا كان بعد سنة أو أكثر، أركبه
فرسا، وجعل عليه برنسا، وحوله جواريه راكبات، فلا يعرفه أحد (1).
وقد غزا أبو عامر في مدته نيفا وخمسين غزوة، وكثر السبي حتى
لأبيعت (2) بنت عظيم ذات حسن بعشرين دينارا، ولقد جمع من غبار غزواته
ما عملت منه لبنة، وألحدت على خده، أو ذر ذلك على كفنه (3).
توفي بأقصى الثغور بالبطن (4) سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة
. وكان جوادا ممدحا معطاء.
وتملك بعده ابنه أبو مروان عبد الملك (5).
8 - المرجي *
الشيخ المعمر، أبو القاسم، نصر بن أحمد بن محمد بن الخليل

(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 93، 94.
(2) أباع الشئ: عرضه للبيع.
(3) " تاريخ الاسلام " 4 / 94 / 2، و " جذوة المقتبس " 79، و " الوافي " 3 / 312.
(4) البطن: هو مرض البطن كالاستسقاء ونحوه.
(5) هو الملك المظفر الحاجب، له ترجمة في " تاريخ الاسلام " 4 / 94 / 2، ونفح
الطيب " 1 / 423.
* معجم البلدان 5 / 101، اللباب 3 / 194، تاريخ الاسلام 4 / 84 / 1.
والمرجي: نسبة إلى المرج، وهو عمل كبير من أعمال الموصل، يشتمل على قرى كثيرة،
ويعرف بمرج الموصل.
16

الموصلي المرجي، الراوي عن أبي يعلى الموصلي، بل هو خاتمة من روى
عنه.
روى عنه خلق كثير، منهم: أبو الحسن علي بن عبيد الله الهمذاني
الكسائي، وعبد الله بن جعفر الخبازي الحافظ، وعبيد الله بن أحمد بن عبد
الاعلى الرقي، وقاضي الموصل أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني،
والمقرئ أبو علي الحسن بن علي الأهوازي، وأحمد بن عبدا لباقي بن
طوق.
وما علمت فيه جرحا.
وبقي إلى سنة تسعين وثلاث مئة.
وقد أجاز لجماعة آخرهم القاسم بن البسري.
توفي في عشر المئة رحمه الله.
9 - ابن جني *
إمام العربية، أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، صاحب التصانيف.

* يتيمة الدهر 1 / 108، الفهرست 95، تاريخ بغداد 11 / 311، 312، دمية
القصر 3 / 1481 - 1485، نزهة الألباء 332 - 334، المنتظم 7 / 220، 221 وفيات سنة
392، معجم الأدباء 12 / 81 - 115، إنباه الرواة 2 / 335 - 340، اللباب 1 / 299،
وفيات الأعيان 3 / 246 - 248، تاريخ أبي الفداء 2 / 136، العبر 3 / 53، دول الاسلام
1 / 236، تاريخ الاسلام 4 / 89 / 2، تلخيص ابن مكتوم 165، 166، عيون التواريخ
وفيات سنة 392، مرآة الجنان 2 / 445، البداية والنهاية 11 / 331، طبقات ابن قاضي شهبة
2 / 123 - 126، النجوم الزاهرة 4 / 205، بغية الوعاة 2 / 132، مفتاح السعادة 1 /
134، 135، مسالك الابصار ج 4 مجلد 2 / 307، إشارة التعيين 30 / 1، الفهرس التمهيدي
298، شذرات الذهب 3 / 140، 141، روضات الجنات 466، حاشية البغدادي على شرح
بانت سعاد لابن هشام 1 / 199 - 201.
17

كان أبوه مملوكا روميا لسليمان بن فهد الموصلي (1).
وله ترجمة طويلة في " تاريخ الأدباء " لياقوت.
لزم أبا علي الفارسي (2) دهرا، وسافر معه حتى برع وصنف، وسكن
بغداد، وتخرج به الكبار.
وله " سر الصناعة " (3) و " اللمع "، و " التصريف " (4)، و " التلقين
في النحو "، و " التعاقب "، و " الخصائص " (5)، و " المقصور
والممدود "، و " ما يذكر ويؤنث "، و " إعراب الحماسة "، و " المحتسب
في الشواذ " (6).

(1) وفي ذلك يقول ابن جني:
فإن أصبح بلا نسب * فعلمي في الورى نسبي
على أني أؤول إلى * قروم سادة نجب
قياصرة إذا نطقوا * أرم الدهر ذو الخطب
أولاك دعا النبي لهم * كفى شرفا دعاء نبي
انظر " إنباه الرواة " 2 / 335، 336، و " وفيات الأعيان " 3 / 246.
(2) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر نسخه الخطية في " تاريخ الأدب العربي " لبروكلمان 2 / 245، 246 (النسخة
العربية) وقد نشر مصطفى السقا وآخرون الجزء الأول منه في مطبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة سنة
1954 م.
(4) طبع باعتناء هوبرغ في ليبزغ سنة 1885 م، وطبع مع شروح للشيخ محمد نعسان
الحموي سنة 1331 ه‍ في مصر.
(5) طبع في مصر عام 1376 في دار الكتب المصرية في ثلاثة أجزاء بتحقيق الأستاذ محمد
علي النجار.
(6) طبع في القاهرة سنة 1386 بإشراف المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية، واسمه:
" المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والايضاح عنها " وطبع لابن جني أيضا كتاب
" المقتضب " في اسم المفعول الثلاثي المعتل العين سنة 1903 في ليبزغ، وطبع أيضا في
القاهرة 1922 بعنوان " المقتضب من كلام العرب " ضمن ثلاث رسائل، معه رسالتان هما: " ما
يحتاج إليه الكاتب من مهموز ومقصور وممدود " و " عقود الهمز وخواص أمثلة الفعل " ونشر
إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين الجزء الأول من كتاب " المنصف " شرح " تصريف " المازني في
مطبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة سنة 1954. وانظر جملة مصنفات ابن جني في " الفهرست "
95، و " معجم الأدباء " 12 / 109 - 113، و " إنباه الرواة " 2 / 336، 337.
18

وله نظم جيد (1).
خدم عضد الدولة (2) وابنه، وقرأ على المتنبي " ديوانه "، وشرحه،
وله مجلد (3) في شرح بيت لعضد الدولة.
أخذ عنه: الثمانيني (4)، وعبد السلام (5) البصري.
توفي في صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة.
ولد قبل الثلاثين وثلاث مئة، وكان أعور.
10 - الجرجاني *
القاضي العلامة، أبو الحسن، علي بن عبد العزيز الجرجاني،

(1) انظر شيئا من نظمه في " معجم الأدباء " و " إنباه الرواة ".
(2) هو أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة، الملقب بعضد الدولة، مرت ترجمته في
الجزء السادس عشر.
(3) هو كتاب " البشرى والظفر " في تفسير هذا البيت:
أهلا وسهلا بذي البشرى ونوبتها
وباشتمال سرايانا على الظفر
أوسع الكلام في شرحه واشتقاق ألفاظه.
(4) هو عمر بن ثابت أبو القاسم الثمانيني النحوي الضرير، إمام فاضل أديب، روى عنه
الشريف يحيى بن طباطبا وغيره. وله شرح " اللمع " وشرح " التصريف الملوكي "، مات سنة
442 ه‍. والثمانيني: نسبة إلى ثمانين: بليدة صغيرة بأرض الموصل، يقال: إنها أول قرية
بنيت بعد الطوفان. انظر ترجمته في وفيات الأعيان 3 / 443، 444، معجم الأدباء 16 / 57،
58، معجم البلدان 2 / 84، المنتظم 8 / 146، العبر 3 / 200، نكت الهميان 220، بغية
الوعاة 2 / 217، شذرات الذهب 3 / 269.
(5) في الأصل: " السلمي " بدل " السلام " وهو خطأ، وهو عبد السلام بن الحسين بن
محمد البصري اللغوي، متوفى سنة 405. مترجم في إنباه الرواة 2 / 175، 176، تاريخ
بغداد 11 / 57، 58، المنتظم 7 / 273، 274، بغية الوعاة 2 / 95.
* يتيمة الدهر 4 / 3 - 26، طبقات العبادي 111، تاريخ جرجان 277، طبقات
الشيرازي ورقة 35، المنتظم 7 / 221، 222 معجم الأدباء 14 / 14، وفيات الأعيان 3 /
278 - 281، تاريخ الاسلام 4 / 89 / 2، 90 / 1، مرآة الجنان 2 / 386، طبقات السبكي
3 / 459، طبقات الأسنوي 1 / 348 - 351، البداية والنهاية 11 / 331، 332، النجوم
الزاهرة 4 / 205، شذرات الذهب 3 / 56، 57.
19

الفقيه الشافعي الشاعر، صاحب الديوان المشهور.
ولي القضاء فحمد فيه، وكان صاحب فنون ويد طولى في براعة
الخط.
ورد نيسابور في صباه في سنة سبع وثلاثين وسمع الحديث.
وقد أبان عن علم غزير في كتاب " الوساطة بين المتنبي
وخصومه " (1)، ولي قضاء الري مدة.
قال الثعالبي (2): هو فرد الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقة
العلم، وقبة (3) تاج الأدب، وفارس عسكر الشعر، يجمع خط ابن مقلة إلى
نثر الجاحظ إلى نظم البحتري.
قلت: هو صاحب تيك الأبيات الفائقة:
يقولون لي فيك انقباض وإنما
رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما (4)

(1) وقد طبع في صيدا عام 1331 ه‍ في 416 صفحة بتصحيح وشرح صاحب مجلة
العرفان، وطبع أيضا في مصر بمطبعة عيسى البابي الحلبي.
(2) في " يتيمة الدهر " 4 / 3.
(3) في " اليتيمة ": و " درة ".
(4) وبعد هذا البيت قوله وهو من حر الشعر وكريمه:
أرى الناس من داناهم هان عندهم * ومن أكرمته عزة النفس أكرما
وما زلت منحازا بعرضي جانبا * من الذم أعتد الصيانة مغنما
إذا قيل هذا مشرب قلت قد أرى * ولكن نفس الحر تحتمل الظما
وما كل برق لاح لي يستفزني * ولا كل أهل الأرض أرضاه منعما
ولم أقض حق العلم إن كان كلما * بدا طمع صيرته لي سلما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي * لأخدم من لاقيت لكن لأخدما
أأشقى به غرسا وأجنيه ذلة * إذن فاتباع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم * ولو عظموه في النفوس تعظما
ولكن أذلوه جهارا ودنسوا * محياه بالاطماع حتى تجهما
انظر " معجم الأدباء " 14 / 17، 18، و " يتيمة الدهر " 4 / 23، و " طبقات " السبكي 3 /
460.
20

مات بالري في سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة، ونقل تابوته إلى
جرجان.
وله تفسير كبير، وكتاب " تهذيب التاريخ ".
قال الثعالبي: ترقى محل أبي الحسن إلى قضاء القضاة، فلم يعزله
إلا موته (1).
وقال أبو سعد الآبي في " تاريخه ": كان هذا القاضي لم ير لنفسه مثلا
ولا مقاربا، مع العفة والنزاهة والعدل والصرامة (2).
توفي في الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة 396 (3)، ووهم ابن
خلكان (4)، وصحح أنه توفي سنة 366. وإنما ذاك آخر وهو:
المحدث أبو الحسن:

(1) " يتيمة الدهر " 4 / 3، والذي اختاره للقضاء فخر الدولة علي بن ركن الدولة الحسين
ابن بويه.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 90 / 1.
(3) كذا الأصل، وفي " تاريخ الاسلام " و " طبقات السبكي " و " معجم الأدباء " و " البداية
والنهاية " و " النجوم الزاهرة " أن وفاته سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة.
(4) في " وفيات الأعيان " 3 / 281، وتابعه ابن العماد في " الشذرات " فأورده في وفيات
366 ه‍.
21

11 - علي بن أحمد بن عبد العزيز الجرجاني *
نزيل نيسابور.
حدث عن الفربري " بالصحيح "، وعن أبي بشر المصعبي (1).
وهاه الحاكم، وقال: ظهرت منه المجازفة، فترك، وحدثنا
بالعجائب عن المصعبي.

* ميزان الاعتدال 3 / 112، المغني في الضعفاء 2 / 443، لسان الميزان 4 /
194، 195.
(1) هو أحمد بن محمد بن عمرو بن مصعب بن بشر بن فضالة، المصعبي الكندي
المروزي، وقد أجمعوا على تركه. انظر ميزان الاعتدال 1 / 149، واللباب 3 / 220.
22

الطبقة الثانية والعشرون
12 - الخطابي *
الامام العلامة، الحافظ اللغوي، أبو سليمان، حمد (1) بن محمد بن
إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، صاحب التصانيف.
ولد سنة بضع عشرة وثلاث مئة.
وسمع من: أبي سعيد بن الأعرابي بمكة، ومن إسماعيل بن محمد
الصفار وطبقته ببغداد، ومن أبي بكر بن داسة (2) وغيره بالبصرة، ومن أبي

* يتيمة الدهر 4 / 334 - 336، طبقات العبادي 94، المنتظم 6 / 397، الأنساب
(البستي) 2 / 210، و (الخطابي) 5 / 145، فهرست ابن خير 201، معجم البلدان 1 /
415، معجم الأدباء 4 / 246 - 260 و 10 / 268 - 272، إنباه الرواة 1 / 125، اللباب 1 /
151 و 452، طبقات ابن الصلاح: الورقة 47 / 2، وفيات الأعيان 2 / 214 - 216، دول
الاسلام 1 / 183، تذكرة الحفاظ 3 / 1018، العبر 3 / 39، تاريخ الاسلام 4 / 71 / 2،
72 / 1، تلخيص ابن مكتوم 20، مرآة الجنان 2 / 435، طبقات السبكي 3 / 282 - 290،
طبقات الأسنوي 1 / 467، 468، البداية والنهاية 11 / 236، 237، طبقات النحاة لابن
قاضي شهبة 1 / 323، النجوم الزاهرة 4 / 199، بغية الوعاة 1 / 546، 547، طبقات الحفاظ
403، 404، مفتاح السعادة 2 / 17، شذرات الذهب 3 / 127، 128، خزانة الأدب
1 / 282، الرسالة المستطرفة 44.
(1) سيورد المؤلف الاختلاف في اسمه في الصفحة 26.
(2) وهو أحد رواة " السنن " عن أبي داود، وعلى روايته هذه اعتمد أبو سليمان في شرحه
" معالم السنن ".
23

العباس الأصم، وعدة بنيسابور. وعني بهذا الشأن متنا وإسنادا.
وروى أيضا عن أبي عمرو بن السماك، ومكرم القاضي، وأبي عمر
غلام ثعلب (1)، وحمزة بن محمد العقبي (2)، وأبي بكر النجاد، وجعفر بن
محمد الخلدي.
وأخذ الفقه على مذهب الشافعي عن أبي بكر القفال الشاشي، وأبي
علي بن أبي هريرة، ونظرائهما.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم (3) وهو من أقرانه في السن والسند،
والامام أبو حامد الأسفراييني (4)، وأبو عمرو محمد بن عبد الله
الرزجاهي (5)، والعلامة أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي، وأبو مسعود
الحسين بن محمد الكرابيسي، وأبو ذر عبد بن أحمد، وأبو نصر محمد بن
أحمد البلخي الغرنوي، وجعفر بن محمد بن علي المروذي المجاور، وأبو
بكر محمد بن الحسين الغزنوي المقرئ، وعلي بن الحسن السجزي
الفقيه، ومحمد بن علي بن عبد الملك الفارسي الفسوي، وأبو الحسين عبد
الغافر بن محمد الفارسي، وطائفة سواهم.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الفقيه، وشهدة بنت حسان قالا:
أخبرنا جعفر بن علي المالكي، أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: وأما أبو

(1) هو محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، أبو عمر اللغوي المطرز الزاهد، المعروف
بغلام ثعلب، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(2) نسبة إلى عقبة وراء نهر عيسى قريبة من دجلة بغداد. " الأنساب " 9 / 14.
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (100).
(4) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (111).
(5) بفتح الراء وسكون الزاي وفتح الجيم، نسبة إلى رزجاه: قرية من قرى بسطام.
24

سليمان الشارح لكتاب أبي داود، فإذا وقف منصف على مصنفاته، واطلع
على بديع تصرفاته في مؤلفاته، تحقق إمامته وديانته فيما يورده وأمانته، وكان
قد رحل في الحديث وقراءة العلوم، وطوف، ثم ألف في فنون من العلم،
وصنف، وفي شيوخه كثرة، وكذلك في تصانيفه، منها " شرح السنن "،
الذي عولنا على الشروع في إملائه وإلقائه، وكتابه في غريب الحديث، ذكر
فيه ما لم يذكره أبو عبيد، ولا ابن قتيبة في كتابيهما، وهو كتاب ممتع مفيد،
ومحصله بنية موفق سعيد، ناولنيه القاضي أبو المحاسن بالري، وشيخه فيه
عبد الغافر الفارسي يرويه عن أبي سليمان، ولم يقع لي من تواليفه سوى
هذين الكتابين مناولة (1) لا سماعا عند اجتماعي بأبي المحاسن، لعارضة قد
برحت بي، وبلغت مني، لولاها لما توانيت في سماعهما، وقد روى لنا
الرئيس أبو عبد الله الثقفي كتاب " العزلة " (2). عن أبي عمرو الرزجاهي،
عنه، وأنا أشك هل سمعته كاملا أو بعضه...
إلى أن قال السلفي: وحدث عنه أبو عبيد الهروي في كتاب:
" الغريبين "، فقال: أحمد بن محمد الخطابي، ولم يكنه. ووافقه على
ذلك أبو منصور الثعالبي (3) في كتاب " اليتيمة "، لكنه كناه، وقال: أبو

(1) المناولة: هي أن يناول الشيخ الطالب كتابا من سماعه، ويقول: ارو هذا عني، أو
يملكه إياه، أو يعيره لينسخه ثم يعيده إليه، أو يأتيه الطالب بكتاب من سماعه، فيتأمله ثم يقول:
اروعني هذا. ويسمى هذا عرض المناولة. انظر " الباعث الحثيث " 123، 124، و " تدريب
الراوي " 1 / 44 - 55.
(2) وقد طبع في القاهرة سنة 1937 م.
(3) ووافقهما على ذلك ياقوت في " معجم الأدباء " و " معجم البلدان " وقال: إنما ذكرته
أنا في هذا الباب لان الثعالبي وأبا عبيد الهروي - وكانا معاصريه - سمياه أحمد، ثم نقل عن أبي
سعد السمعاني قوله في كتاب مرو: سئل أبو سليمان عن اسمه، فقال: اسمي الذي سميت به
حمد، لكن الناس كتبوه أحمد، فتركته عليه، ونقل ابن خلكان هذا القول للخطابي عن أبي عبد
الله الحاكم، ووردت تسميته أحمد أيضا في " إنباه الرواة " و " خزانة الأدب ".
25

سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم البستي صاحب " غريب الحديث "،
والصواب في اسمه: حمد (1)، كما قال الجم الغفير، لا كما قالاه، وقال
أحد الأدباء ممن أخذ عن ابن خرزاذ النجيرمي (2): وهو أبو سليمان حمد بن
محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي من ولد زيد بن الخطاب، وله - رحمه
الله - شعر هو سحر.
قلت: وله " شرح الأسماء الحسنى " (3)، وكتاب: " الغنية عن
الكلام وأهله "، وغير ذلك (4).
أخبرنا أبو الحسن وشهدة قالا: أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي،
أخبرنا أبو المحاسن الروياني، سمعت أبا نصر البلخي، سمعت أبا سليمان
الخطابي، سمعت أبا سعيد بن الأعرابي ونحن نسمع عليه هذا الكتاب -
يعني " سنن " أبي داود - يقول: لو أن رجلا لم يكن عنده من العلم إلا
المصحف الذي فيه كتاب الله، ثم هذا الكتاب، لم يحتج معهما إلى شئ
من العلم بتة (5).

(1) بفتح الحاء وسكون الميم.
(2) نسبة إلى نجيرم: محلة بالبصرة.
(3) منه نسخة في المكتبة الظاهرية.
(4) وقد طبع من كتبه بالإضافة إلى كتاب " العزلة " كتاب " إصلاح غلط المحدثين " في
القاهرة 1936 م وكتاب " بيان إعجاز القرآن " نشره عبد العليم في عليكره عام 1953 م، ونشره
مرة ثانية محمد خلف الله، أحمد ومحمد زغلول سلام في القاهرة عام 1955 م. وانظر جملة
تصانيفه في " معجم الأدباء " 4 / 252، 253، وانظر النسخ الخطية لبعضها في " تاريخ التراث
العربي " لسزكين 1 / 346، 347.
(5) ومن ثم صرح الامام الغزالي بأنها تكفي المجتهد في أحاديث الاحكام وتبعه أئمة على
ذلك. قلت: وهذا مبني على الغالب، وإلا ففي غير سنن أبي داود أحاديث كثيرة صحيحة في
الاحكام لابد للمجتهد من النظر فيها، والرجوع إليها.
26

قال أبو يعقوب القراب: توفي الخطابي ببست في شهر ربيع الآخر سنة
ثمان وثمانين وثلاث مئة.
قلت: وفيها مات محدث إسفرايين، أبو النضر شافع بن محمد بن
أبي عوانة الأسفراييني في عشر التسعين، و محدث بروجرد (1) القاضي أبو
الحسين عبيد الله بن سعيد البروجردي في عشر المئة، يروي عن ابن
جرير، والباغندي. ومسند نيسابور أبو الفضل عبيد الله بن محمد الفامي،
ومقرئ مصر أبو حفص عمر بن عراك الحضرمي، ومقرئ العراق أبو الفرج
محمد بن أحمد الشنبوذي، وشيخ الأدب أبو علي محمد بن الحسن بن
المظفر الحاتمي ببغداد، ومسند مرو أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي
الفقيه عن مئة عام، وعالم مصر أبو بكر محمد بن علي الأدفوي (2) المقرئ
المفسر، ومحدث مكة أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن الدخيل.
أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة، عن عبد الغني بن سرور الحافظ،
أخبرنا إسماعيل بن غانم، أخبرنا عبد الواحد بن إسماعيل، أخبرنا محمد بن
أحمد البلخي، حدثنا حمد بن محمد، حدثنا محمد بن زكريا، حدثنا أبو
داود، حدثنا محمد بن حزابة، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا أسباط،

(1) ضبط في الأصل بضم الباء، وكذا ضبطه السمعاني في " الأنساب " وتابعه ابن الأثير
والسيوطي، وضبطه ياقوت في " معجم البلدان " بالفتح، ولم يتابع عليه.
(2) بضم الهمزة وسكون الدال وضم الفاء وسكون الواو، نسبة إلى أدفو، وهي قرية بصعيد
مصر الاعلى بين أسوان وقوص. وأبو بكر الأدفوي هذا مترجم في معجم البلدان 1 / 126، إنباه
الرواة 3 / 186 - 188، العبر 3 / 41، تلخيص ابن مكتوم 224، الوافي بالوفيات 4 /
117، غاية النهاية رقم (3240)، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 97، طبقات المفسرين
للسيوطي 38، بغية الوعاة 1 / 189، حسن المحاضرة 1 / 209، طبقات المفسرين للداوودي
2 / 194، كشف الظنون 79، 139، 441، 442، شذرات الذهب 3 / 130، تاج
العروس: 10 / 128، هدية العارفين 2 / 56.
27

عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " الايمان قيد
الفتك، لا يفتك مؤمن " (1).
وهو القائل:
وما غربة (2) الانسان في شقة النوى * ولكنها والله في عدم الشكل
وإني غريب بين بست وأهلها * وإن كان فيها أسرتي وبها أهلي (3)
13 - ابن مندة *
الامام الحافظ الجوال، محدث الاسلام، أبو عبد الله، محمد بن
المحدث أبي يعقوب إسحاق بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن يحيى بن

(1) أسباط كثير الخطأ، ووالد السدي - واسمه عبد الرحمن بن أبي كريمة - مجهول
الحال، وباقي رجاله ثقات، وهو في سنن أبي داود (2769) في الجهاد: باب في العدو يؤتى
على غرة، وأخرجه الحاكم 4 / 352 من طريق إبراهيم بن إسحاق الزهري، حدثنا أسباط بهذا
الاسناد، وله شاهد من حديث الزبير بن العوام عند احمد (1426) و (1427) و (1433) ورجاله
ثقات إلا أن فيه عنعنة الحسن، وآخر من حديث معاوية عند أحمد أيضا 4 / 92، والحاكم 4 /
353، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، وباقي رجاله ثقات، فالحديث قوي
بشاهديه.
(2) في " يتيمة الدهر " ومعجم الأدباء 10 / 270: وما غمة.
(3) البيتان في " يتيمة الدهر " 4 / 335، و " معجم الأدباء " 4 / 254 و 10 / 270، و
" وفيات الأعيان " 2 / 214، 215، و " طبقات " الأسنوي 1 / 468، و " شذرات الذهب "
3 / 128، و " خزانة الأدب " 1 / 282.
* أخبار أصبهان 2 / 306، طبقات الحنابلة 2 / 167، مناقب الإمام أحمد 518،
المنتظم 7 / 232، الكامل في التاريخ 9 / 190، تاريخ الاسلام 4 / 99 / 1 - 100 / 1،
العبر 3 / 59، تذكرة الحفاظ 3 / 1031، دول الاسلام 1 / 237، ميزان الاعتدال 3 /
479، الوافي بالوفيات 2 / 190، البداية والنهاية 11 / 336، طبقات القراء 2 / 98، لسان
الميزان 5 / 70، النجوم الزاهرة 4 / 213، طبقات الحفاظ 408، شذرات الذهب 3 /
146، هدية العارفين 2 / 57.
28

مندة، واسم مندة إبراهيم بن الوليد بن سندة بن بطة بن أستندار (1) بن جهار
بخت، وقيل: إن اسم أستندار هذا فيرزان، وهو الذي أسلم حين افتتح
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبهان، وولاؤه لعبد القيس، وكان مجوسيا،
فأسلم، وناب على بعض أعمال أصبهان، العبدي الأصبهاني الحافظ،
صاحب التصانيف.
مولده في سنة عشر وثلاث مئة، أو إحدى عشرة.
وأول سماعه في سنة ثمان عشرة وثلاث مئة.
سمع من: أبيه، وعم أبيه عبد الرحمن بن يحيى بن مندة، ومحمد
ابن القاسم بن كوفي الكراني (2)، ومحمد بن عمر بن حفص، وعبد الله بن
يعقوب بن إسحاق الكرماني، وأبي علي الحسن بن محمد بن النضر، وهو
ابن أبي هريرة، وعبد الله بن إبراهيم المقرئ، ومحمد بن حمزة بن
عمارة، وأبي عمرو بن حكيم، وأحمد بن محمد اللنباني (3)، وخلق
بأصبهان، وأبي سعيد بن الأعرابي وطبقته بمكة، وجعفر بن محمد بن
موسى العلوي بالمدينة، وأحمد بن زكريا المقدسي، وعدة ببيت المقدس،
وأبي حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وأبي علي محمد بن
أحمد الميداني، وحاجب بن أحمد، وأبي العباس الأصم، وأبي عبد الله
ابن الأخرم، وأبي بكر محمد بن علي بن محمد، ومحمد بن علي بن عمر،
والحسين بن محمد بن معاذ قوهيار، وأبي عثمان عمرو بن عبد الله

(1) قال أبو نعيم في " أخبار أصبهان ": وأستندار: سمة للجيش.
(2) نسبة إلى كران: محلة بأصبهان.
(3) بضم اللام وسكون النون وفتح الباء الموحدة وفي آخرها النون، نسبة إلى محلة كبيرة
بأصبهان، ولها باب يقال له: باب لنبان.
29

البصري، وطبقتهم بنيسابور، ارتحل إليها أولا وعمره تسع عشرة سنة،
وسمع بها نحوا من خمس مئة ألف حديث، وسمع ببخارى من الهيثم بن
كليب الشاشي، وطائفة، وسمع ببغداد من إسماعيل الصفار، وأبي جعفر
ابن البختري الرزاز وطبقتهما، وسمع بمصر من أبي الطاهر أحمد بن عمرو
المديني، والحسن بن يوسف الطرائفي، وأحمد بن بهزاد الفارسي
و أقرانهم، وبسرخس من عبد الله بن محمد بن حنبل، وبمرو محمد بن
أحمد بن محبوب ونظرائه، وبدمشق من إبراهيم بن محمد بن صالح بن
سنان القنطري، وجعفر بن محمد بن هشام، وابن أبي العقب، وخلق،
وبطرابلس خيثمة بن سليمان القرشي، و بحمص الحسن بن منصور الامام،
وبتنيس عثمان بن محمد السمرقندي، وبغزة علي بن العباس الغزي، وسمع
من خلق سواهم بمدائن كثيرة.
ولم أعلم أحدا كان أوسع رحلة منه، ولا أكثر حديثا منه مع الحفظ
والثقة، فبلغنا أن عدة شيوخه ألف وسبع مئة شيخ.
ويروي بالإجازة عن: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبي العباس بن
عقدة، والفضل بن الحصيب، وطائفة أجازوا له باعتناء أبيه وأهل بيته.
ولم يعمر كثيرا، بل عاش أربعا وثمانين سنة.
وأخذ عن أئمة الحفاظ كأبي أحمد العسال، و أبي حاتم بن حبان،
وأبي علي النيسابوري، وأبي إسحاق بن حمزة، والطبراني، و أمثالهم.
حدث عنه: الحافظ أبو الشيخ أحد شيوخه، وأبو بكر بن المقرئ،
و وأبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الله غنجار، وأبو سعد الإدريسي، وتمام بن
محمد الرازي، وحمزة بن يوسف السهمي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأحمد
ابن الفضل الباطرقاني، وأحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفضل عبد الرحمن
30

ابن أحمد بن بندار الرازي، وأبو المظفر عبد الله بن شبيب، وأبو أحمد عبد
الواحد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يحيى بن مندة
البقال، وأبو طاهر عمر بن محمد المؤدب، ومحمد بن أحمد بن الحسين
المقرئ، ومحمد بن عبد الملك بن محمد البزار الزاهد، وأبو
الفتح طاهر بن ممويه، وأبو الحسن عدنان بن عبد الله المؤذن، وأبو مسلم
محمد بن علي بن محمد الوراق، وحمد بن أحمد بن عمر بن ولكيز، وأبو
الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن المرزبان المقرئ الصيدلاني، وأبو
الطيب أحمد بن محمد بن عمر التاجر، وأحمد بن علي بن عقبة، وأحمد
ابن محمد بن مسلم الصباغ الأعرج، وأحمد بن عبد العزيز ما شاذة الثقفي
الواعظ، وأحمد بن علي بن شجاع المصقلي (1)، وأحمد بن محمد بن
إبراهيم سبط الصالحاني، وأبو طاهر أحمد بن محمد بن عمر النقاش،
وحمد بن محمد العسال، وزياد بن محمد بن زياد البقال، وسليمان بن عبد
الرحيم الحسناباذي، وشيبان بن عبد الله البرجي الواعظ، وطلحة بن أحمد
ابن بهرام القصار، وعبد الرحمن بن زفر الدلال، وعبد الواحد بن أحمد بن
صالح المعلم، وعبد الرزاق بن سلهب، وأخوه عمر، وعلي بن محمد بن
إبراهيم القطان، والفضل بن أحمد الأعمى، والفضل بن عبد الواحد
النجاد، ومحمد بن عمر البقال، وأبو بكر محمد بن أحمد بن أسيد الواعظ،
ومحمد بن عمر بن إبراهيم الطهراني، ومنصور بن ينال الشاعر، وأبو طاهر
منتجع بن أحمد الأنصاري، والمطهر بن عبد الواحد البزاني، وكريمة بنت
أبي سعد التميمي، وعائشة بنت الحسن الوركانية من شيوخ الخلال (2)،

(1) نسبة إلى جده مصقلة بن هبيرة. " اللباب " 3 / 221.
(2) هو الحسين بن عبد الملك الخلال، ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر، وشيخته
عائشة الوركانية سترد ترجمتها في الجزء الثامن عشر.
31

وعلي بن القاسم بن إبراهيم بن شبويه الخياط، وعبد الواحد بن أحمد
المعداني، وأبو عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء، وشجاع المصقلي،
وخلق، وأولاده أبو القاسم عبد الرحمن، وأبو عمرو عبد الوهاب، وعبيد
الله، وإسحاق.
قال الباطرقاني (1): حدثنا أبو عبد الله بن مندة إمام الأئمة في
الحديث لقاه الله رضوانه (2).
وقال الحاكم: التقينا ببخارى في سنة إحدى وستين وثلاث مئة،
وقد زاد زيادة ظاهرة، ثم جاءنا إلى نيسابور سنة خمس وسبعين ذاهبا
إلى وطنه، فقال شيخنا أبو علي الحافظ: بنو مندة أعلام الحفاظ في
الدنيا قديما وحديثا، ألا ترون إلى قريحة أبي عبد الله (3).
وقيل: إن أبا نعيم الحافظ ذكر له ابن مندة، فقال: كان جبلا
من الجبال (4). فهذا يقوله أبو نعيم مع الوحشة الشديدة التي بينه
وبينه (5).

(1) هو أبو بكر أحمد بن الفضل الأصبهاني المقرئ الأستاذ، المتوفى سنة 460، ستأتي
ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1033، و " تاريخ الاسلام " 4 / 99 / 2.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1033.
(4) " تاريخ الاسلام " 4 / 99 / 2.
(5) وهي بسبب الخلاف المتأجج بين العلماء وقتئذ حول قضية اللفظ بالقرآن، أهو مخلوق
أو غير مخلوق؟ وقد صنف أبو نعيم في ذلك كتابه في الرد على اللفظية والحلولية، ومال فيه إلى
جانب النفاة القائلين بأن التلاوة مخلوقة، ومال ابن مندة إلى جانب من يقول: إنها غير مخلوقة،
وحكى كل منهما عن الأئمة ما يدل على كثير من مقصودة لا على جميعه، فما قصده كل منهما من
الحق وجد فيه من المنقول الثابت عن الأئمة ما يوافقه، انظر " بيان موافقة صريح المعقول لصحيح
المنقول " بهامش " منهاج السنة " 1 / 160.
32

قال أبو عبد الله بن أبي ذهل: سمعت أبا عبد الله بن مندة
يقول: لا يخرج الصحيح إلا من ينزل في الاسناد أو يكذب (1). يعني
أن المشايخ المتأخرين لا يبلغون في الاتقان رتبة الصحة، فيقع في
الكذب الحافظ إن خرج عنهم وسماه صحيحا، أو يروي الحديث
بنزول درجة ودرجتين.
وقيل: كان ابن مندة إذا قيل له: فاتك سماع كذا وكذا يقول:
ما فاتنا من البصرة أكثر (2).
قلت: ما دخل البصرة، فإنه ارتحل إليها إلى مسندها علي بن
إسحاق المادرائي، فبلغه موته قبل وصوله إليها، فحزن ورجع.
ومن تصانيفه: كتاب " الايمان "، كتاب " التوحيد " (3)، كتاب
" الصفات "، كتاب " التاريخ " كبير جدا، كتاب " معرفة
الصحابة " (4)، كتاب " الكنى " (5)، وأشياء كثيرة.
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: لابن مندة في كتاب " معرفة
الصحابة " أوهام كثيرة.
وقال أبو نعيم في " تاريخ أصبهان ": ابن مندة حافظ من أولاد

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1033 و " تاريخ الاسلام " 4 / 99 / 2، و " الوافي " 2 /
190.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1033.
(3) منه نسخة خطية في الظاهرية بدمشق توحيد 36.
(4) منه نسخة خطية في دار الكتب المصرية، وفي الظاهرية حديث 344.
(5) واسمه: " فتح الباب في الكنى والألقاب " ويوجد منه نسخة خطية في برلين 9917.
وانظر النسخ الخطية لبقية مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 354، 355.
33

المحدثين، اختلط في آخر عمره، فحدث عن ابن أسيد، وابن أخي
أبي زرعة الرازي، وابن الجارود بعد أن سمع منه أن له عنهم إجازة،
وتخبط في أماليه، ونسب إلى جماعة أقوالا في المعتقدات لم يعرفوا
بها، نسأل الله الستر والصيانة (1).
قلت: لا نعبأ بقولك في خصمك للعداوة السائرة، كما لا نسمع
أيضا قوله فيك، فلقد رأيت لابن مندة حطا مقذعا على أبي نعيم
وتبديعا، ومالا أحب ذكره، وكل منهما فصدوق في نفسه، غير متهم
في نقله بحمد الله.
قال أحمد الباطرقاني: كتب إمام دهره أبو أحمد العسال إلى ابن
مندة وهو بنيسابور في حديث أشكل عليه، فأجابه بإيضاحه، وبيان
علته (2).
ونقل غير واحد عن أبي إسحاق بن حمزة أنه قال: ما رأيت مثل
أبي عبد الله بن مندة (3).
أنبأني علي بن أحمد وطائفة، عن زاهر بن أحمد: أخبرنا
الحسين بن عبد الملك قال: كتب إلي عبد الرحمن بن أبي عبد الله:
أن والده كتب عن أربعة مشايخ أربعة آلاف جزء، وهم: أبو سعيد بن
الأعرابي، وأبو العباس الأصم، وخيثمة الأطرابلسي، والهيثم
الشاشي، قال: وسمعت أبي يقول: كتبت عن ألف وسبع مئة
نفس (4).

(1) " ذكر أخبار أصبهان " 2 / 306.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034، و " تاريخ الاسلام " 4 / 99 / 2.
(3) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1. (4) المصدر السابق.
34

قال جعفر بن محمد المستغفري: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي
عبد الله بن مندة، سألته يوما: كم تكون سماعات الشيخ؟ فقال:
تكون خمسة آلاف من (1).
قلت: يكون المن نحوا من مجلدين أو مجلدا كبيرا.
وقال أحمد بن جعفر الحافظ: كتبت عن أزيد من ألف شيخ، ما
فيهم أحفظ من ابن مندة (2).
وقال شيخ هراة (3) أبو إسماعيل الأنصاري (4): أبو عبد الله بن
مندة سيد أهل زمانه (5).
وأنبؤونا عن زاهر الثقفي: أخبرنا الحسين الخلال، أنبأنا أبو
الفوارس العنبري، سمع أبا الحسن علي بن الحسين الإسكاف،
سمعت أبا عبد الله بن مندة يقول: رأيت ثلاثين ألف شيخ، فعشرة
آلاف ممن أروي عنهم، وأقتدي بهم، وعشرة آلاف أروي عنهم، ولا
أقتدي بهم، وعشرة آلاف من نظرائي، وليس من الكل واحد إلا
وأحفظ عنه عشرة أحاديث أقلها.

(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034 وفيه قال: المن
يجئ عشرة أجزاء كبار، و " الوافي بالوفيات " 2 / 190، وفيه: خمسة آلاف صن، والصن
بكسر الصاد: السلة المطبقة.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034.
(3) هراة: مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدن خراسان، قال ياقوت: لم أر بخراسان
عند كوني بها في سنة 607 أجل ولا أعظم ولا أفخم ولا أحسن ولا أكثر أهلا منها. انظر " معجم
البلدان " 5 / 395.
(4) هو الحافظ الإمام الزاهد شيخ الاسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن
محمد، من ذرية أبي أيوب الأنصاري، المتوفى سنة 481، وستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(5) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034.
35

قلت: قوله: إنه كتب عن ألف وسبع مئة شيخ أصح، وهو
شئ يقبله العقل، وناهيك به كثرة، وقل من يبلغ ما بلغه الطبراني،
وشيوخه نحو من ألف، وكذا الحاكم، وابن مردويه، فالله أعلم.
قال الحاكم: أول خروج ابن مندة إلى العراق من عندنا سنة
تسع وثلاثين، فسمع بها وبالشام، وأقام بمصر سنين، وصنف التاريخ
والشيوخ (1).
وقال عبد الله بن أحمد السوذرجاني: سمعت ابن مندة يقول:
كتبت عن ألف شيخ، لم أر فيهم أتقن من القاضي أبي أحمد
العسال (2).
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا عبد العظيم الحافظ،
أخبرنا علي بن المفضل، أخبرنا السلفي، أخبرنا طاهر المقدسي،
سمعت سعد بن علي الحافظ بمكة وسئل عن الدارقطني، وابن مندة،
والحاكم، وعبد الغني (3)، فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل،
وأما ابن مندة فأكثرهم حديثا مع المعرفة التامة، وأما الحاكم فأحسنهم
تصنيفا، وأما عبد الغني فأعرفهم بالانساب (4).
قلت: بقي أبو عبد الله في الرحلة بضعا وثلاثين سنة، وأقام
زمانا بما وراء النهر (5)، وكان ربما عمل التجارة، ثم رجع إلى بلده

(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 99 / 2.
(2) المصدر السابق.
(3) هو عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري الحافظ، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم
(164).
(4) " تاريخ الاسلام " 4 / 99 / 2.
(5) يراد به ما وراء نهر جيحون بخراسان، فما كان في شرقيه يقال له: بلاد الهياطلة، وفي
الاسلام سموه: ما وراء النهر، وما كان في غربيه فهو خراسان وولاية خوارزم - وخوارزم ليست من
خراسان، إنما هي إقليم برأسه، " معجم البلدان " 5 / 45.
36

وقد صار في عشر السبعين، فولد له أربعة بنين: عبد الرحمن، وعبيد
الله، وعبد الرحيم، وعبد الوهاب.
قال الحافظ يحيى بن عبد الوهاب: كنت مع عمي عبيد الله في
طريق نيسابور، فلما بلغنا بئر مجنة، قال عمي: كنت هاهنا مرة،
فعرض لي شيخ جمال، فقال: كنت قافلا من خراسان مع أبي، فلما
وصلنا إلى هاهنا إذا نحن بأربعين وقرا من الأحمال، فظننا أنها منسوج
الثياب، وإذا خيمة صغيرة فيها شيخ، فإذا هو والدك، فسأله بعضنا
عن تلك الأحمال، فقال: هذا متاع قل من يرغب فيه في هذا
الزمان، هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
قال الباطرقاني: سمعت أبا عبد الله يقول: طفت الشرق
والغرب مرتين (2).
وهذه حكاية نكتبها للتعجب: قال الحسين بن عبد الملك:
حكي لي عن أبي جعفر الهمذاني رئيس حجاج خراسان قال: سألت
بعض خدم تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أبناء مئة وعشرين سنة،
قال: رأيت يوما رجلا عليه ثياب بيض دخل الحرم وقت الظهر، فانشق
حائط التربة، فدخل فيها وبيده محبرة وكاغد وقلم، فمكث ما شاء
الله، ثم انشق، فخرج، فأخذت بذيله، فقلت: بحق معبودك من

(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1035.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034، و " طبقات
الحنابلة " 2 / 167 وتتمته فيه: فلم أتقرب إلى كل مذبذب، ولم أسمع من المبتدعين حديثا
واحدا.
37

أنت؟ قال: أنا أبو عبد الله بن مندة، أشكل علي حديث، فجئت،
فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابني. وأرجع.
إسنادها منقطع.
وقد روى أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي في
" تاريخ الصوفية "، عن رجل، عن ابن مندة وهو بعد حي.
قال الباطرقاني: وكنت مع أبي عبد الله في الليلة التي توفي
فيها، ففي آخر نفسه قال واحد منا: لا إله إلا الله - يريد تلقينه - فأشار
بيده إليه دفعتين ثلاثة. أي: اسكت يقال لي مثل هذا؟! (1).
روى يحيى بن مندة في " تاريخه "، عن أبيه وعمه: أن أبا عبد
الله قال: ما افتصدت قط، ولا شربت دواء قط، وما قبلت من أحد
شيئا قط (2).
قال يحيى: وذكر لي عمي عبيد الله قال: قفلت من خراسان
ومعي عشرون وقرا من الكتب، فنزلت عند هذا البئر - يعني بئر مجنة -
فنزلت عنده اقتداء بالوالد (3).
قال أبو نعيم (4) وغيره: مات ابن مندة في سلخ ذي القعدة سنة
خمس وتسعين وثلاث مئة.
وقد أفردت تأليفا بابن مندة وأقاربه.

(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 1.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1035.
(4) في " ذكر أخبار أصبهان " 2 / 306.
38

وما علمت بيتا في الرواة مثل بيت بني مندة، بقيت الرواية فيهم
من خلافة المعتصم وإلى بعد الثلاثين وست مئة، وقد ذكرنا أن والد
أبي عبد الله الشيخ أبا يعقوب مات في سنة إحدى وأربعين وثلاث
مئة، يروي عن أبي بكر بن أبي عاصم، وجماعة.
وآخر من روى عن أبي عبد الله ولده عبد الوهاب، عمر زمانا،
ومات سنة خمس وسبعين وأربع مئة.
قال أبو بكر الخطيب في كتاب " السابق ": أخبرنا أبو بكر أحمد
ابن علي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان الأصبهاني إجازة،
حدثني محمد بن إسحاق الجوال، حدثنا أحمد بن إسحاق الصبغي،
حدثنا يعقوب القزويني، حدثنا سعيد بن يحيى الأصبهاني، حدثنا
سعير بن الخمس، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله
قال: من أحب أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات
الخمس حيث ينادى بهن (1).
قال يحيى بن مندة: وأم أولاد أبي عبد الله هي أسماء بنت أبي
سعد محمد بن عبد الله الشيباني، ولها بنتان من أبي منصور
الأصبهاني.

(1) لم يرد هذا الخبر في المطبوع من " السابق " فيستدرك من هنا، وأخرجه مسلم (654)
(657) في المساجد: باب صلاة الجماعة من سنن الهدى من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن
الفضل بن دكين، عن أبي العميس، عن علي بن الأقمر، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، وأخرجه
أبو داود (550) من طريق هارون بن عباد الأزدي، عن وكيع، عن المسعودي، عن علي بن
الأقمر، عن أبي الأحوص، وأخرجه ابن ماجة (777) من طريق محمد بن بشار، عن محمد بن
جعفر، عن شعبة، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، وأخرجه النسائي 2 / 108 من
طريق سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن المسعودي، عن علي بن الأقمر، عن أبي
الأحوص.
39

قلت: النواحي التي لم يرحل إليها أبو عبد الله: هراة
وسجستان وكرمان وجرجان والري وقزوين واليمن وغير ذلك والبصرة،
ورحل إلى خراسان وما وراء النهر والعراق والحجاز ومصر والشام.
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن مندة: سمعت أحمد بن الجهم
المستملي يقول لجليس له بحضرتي: سألت أباه حين ولد له عبد
الرحمن: أهذا الحديث في العقيقة صحيح (1)؟ فكأنه فهم المعنى،
فقال: حتى يولد الآخر، فإني رأيت جدي في المنام، وأشار إلي
بأربع.
أنبأنا الثقة عن مثله، عن يحيى بن مندة قال: سمعت عمي عبد

(1) أحاديث العقيقة القولية والفعلية التي فيها ذبح شاتين عن الغلام وشاة عن الأنثى،
صحت عن عائشة، وأم كرز، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عباس، أما حديث عائشة
فأخرجه أحمد 6 / 31 و 158، والترمذي (1513)، وابن ماجة (3163)، وصححه الترمذي،
وابن حبان (1058)، وحديث أم كرز أخرجه أحمد 6 / 381 و 422، وأبو داود (2835)،
والنسائي 7 / 164، 165، والترمذي (1516)، والحميدي (345) و (1451) والطيالسي
(1634)، وابن ماجة (3162)، والدارمي 2 / 81، وعبد الرزاق (7954)، والطحاوي في
" مشكل الآثار " 1 / 457، وصححه الترمذي، وابن حبان (1059)، والحاكم 4 / 237 وحديث
عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه أحمد (6313) و (6822)، وأبو داود (2842)، والنسائي
7 / 162، وعبد الرزاق (7962)، والطحاوي 1 / 461، وسنده حسن، وصححه الحاكم
4 / 238، ووافقه الذهبي، وحديث ابن عباس أخرجه النسائي 7 / 165، 166، وسنده قوي،
وأخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 458 ولفظه " للغلام عقيقتان، وللجارية عقيقة "، وثمة
أحاديث فعلية من حديث ابن عباس وأنس وعائشة وعلي أنه صلى الله عليه وسلم عق عن كل واحد من الحسن
والحسين بكبش، فحديث ابن عباس عند أبي داود (2841)، وابن الجارود (911)، والبيهقي
9 / 299 و 302، والطبراني في الكبير، وسنده صحيح، وحديث أنس عند الطحاوي في
" مشكل الآثار " 1 / 456، وصححه ابن حبان (1061)، وحديث عائشة عند الطحاوي
1 / 460، وابن حبان (1056)، والحاكم 4 / 237، وحديث علي عند الترمذي (1519)،
والحاكم 4 / 237. وانظر خلاف العلماء فيما يذبح عن المولود الذكر يوم سابعه هل هو شاة أم
شاتين في " تحفة المودود " لابن القيم، " وشرح السنة " للبغوي 11 / 264، 265، " ومشكل
الآثار " للطحاوي 1 / 456، 458.
40

الرحمن، سمعت محمد بن عبيد الله الطبراني يقول: قمت يوما في
مجلس والدك رحمه الله، فقلت: أيها الشيخ، فينا جماعة ممن
يدخل على هذا المشؤوم - أعني أبا نعيم الأشعري - فقال:
أخرجوهم. فأخرجنا من المجلس فلانا وفلانا، ثم قال: على الداخل
عليهم حرج أن يدخل مجلسنا، أو يسمع منا، أو يروي عنا، فإن فعل
فليس هو منا في حل.
قلت: ربما آل الامر بالمعروف بصاحبه إلى الغضب والحدة،
فيقع في الهجران المحرم، وربما أفضى إلى التفكير والسعي في
الدم، وقد كان أبو عبد الله وافر الجاه والحرمة إلى الغاية ببلده،
وشغب على أحمد بن عبد الله الحافظ (1)، بحيث إن أحمد اختفى.
ولأبي عبد الله كتاب كبير في الايمان في مجلد، وكتاب في
النفس والروح، وكتاب في الرد على اللفظية.
وإذا روى الحديث وسكت، أجاد، وإذا بوب أو تكلم من
عنده، انحرف، وحرفش (2)، بلى ذنبه وذنب أبي نعيم أنهما يرويان
الأحاديث الساقطة والموضوعة، ولا يهتكانها، فنسأل الله العفو.
وقد سمعت جملة من حديث أبي عبد الله بإجازة، ولم يقع لي
شئ متصلا، وكان القاضي نجم الدين بن حمدان آخر من روى حديثا
عاليا.
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن أبي منصور الفقيه في كتابه سنة أربع

(1) يعني أبا نعيم الأصبهاني.
(2) أي: خلط.
41

وسبعين وست مئة، أخبرنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ بحران سنة
خمس وست مئة، أخبرنا مسعود بن الحسن، أخبرنا عبد الوهاب بن
محمد بن إسحاق بن مندة، أخبرنا والدي، أخبرنا الهيثم بن كليب،
حدثنا عيسى بن أحمد، حدثنا ابن وهب، أخبرني ابن جريج، عن
أيوب بن هانئ، عن مسروق، عن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
خرج يوما وخرجت معه حتى انتهينا إلى المقابر، فأمرنا، فجلسنا، ثم
تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها، فجلس إليه، فناجاه طويلا،
ثم ارتفع نحيب رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا، فبكينا لبكائه؟ ثم أقبل
إلينا، فتلقاه عمر، فقال: يا نبي الله! ما الذي أبكاك؟ فقد
أبكانا و أفزعنا. فأخذ بيد عمر، ثم أومأ إلينا، فأتيناه، فقال:
" أفزعكم بكائي؟ ". قلنا: نعم. قال: " إن القبر الذي رأيتموني عنده
إنما هو قبر آمنة بنت وهب، وإني استأذنت ربي في الاستغفار لها،
فلم يأذن لي، ونزل علي: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا
للمشركين...) الآيتين [التوبة: 113، 114] فأخذني ما يأخذ
الولد لوالده من الرقة، فذاك الذي أبكاني، إني كنت نهيتكم عن زيارة
القبور، فزوروها، فإنه يزهد في الدنيا ويذكر الآخرة ".
هذا من غرائب الحديث، أخرجه ابن ماجة عن الثقة (2)، عن

(1) الذي في المطبوع من سنن ابن ماجة (1571): حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا
ابن وهب، وأخرجه أيضا مختصرا البيهقي 4 / 77 من طريق محمد بن عبد الله بن عبد
الحكم، عن ابن وهب به. وأخرجه ابن أبي حاتم عن أبيه، عن خالد بن خداش، عن ابن وهب
وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 336 من طريق محمد بن يعقوب، عن بحر بن نصر، عن
ابن وهب به، وقال: صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه هكذا بهذه السياقة إنما أخرج مسلم
حديث يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة فيه مختصرا، وتعقبه الذهبي بقوله: أيوب بن
هانئ ضعفه ابن معين. وأخرج أحمد في " المسند " 5 / 355، والبيهقي في " سننه "
4 / 76 من طريق زهير بن معاوية، عن زبيد بن الحارث اليامي، عن محارب بن دثار،
عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل بنا ونحن معه قريب
من ألف راكبا، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان، فقام إليه
عمر بن الخطاب، ففداه بالأب والام، يقول: يا رسول الله مالك؟ قال: " إني سألت ربي عز
وجل في الاستغفار لأمي، فلم يأذن لي، فدمعت عيناي رحمة لها من النار، وإني كنت نهيتكم
عن ثلاث: عن زيارة القبور، فزوروها لتذكركم زيارتها خيرا، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد
ثلاث، فكلوا وأمسكوا ما شئتم، ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية، فاشربوا في أي وعاء شئتم ولا
تشربوا مسكرا " وإسناده صحيح، وأخرجه مسلم في صحيحه (977) دون قصة أمه من طريق
أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن فضيل، عن ضرار بن مرة، عن محارب بن دثار به. وقصة
أمه أخرجها مسلم أيضا (976) من حديث أبي هريرة قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى وأبكى
من حوله، فقال: " استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن
لي، فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت " وفي الباب عن ابن عباس عند الطبراني في " الكبير "
(49. 12) وفي سنده من لا يعرف.
42

ابن وهب مختصرا، وأيوب هذا كوفي ضعفه يحيى بن معين.
14 - عبد الله بن أبي زرعة *
محمد بن أحمد بن محمد بن الفرح بن متويه القزويني
الحافظ (1).
ذكره الخليلي في " إرشاده " فقال: حافظ فقيه عارف بالانساب
والتواريخ، جامع في العلوم.
سمع علي بن مهرويه، وعلي بن إبراهيم القطان، وأبا علي
الصفار، وبواسط عبد الله بن شوذب، وبالبصرة محمد بن جعفر
الزئبقي، وابن داسة، ورجع إلى قزوين، وارتحل ثانيا إلى العراق،

* تاريخ الاسلام 4 / 103 / 2، التدوين في تاريخ قزوين لأبي القاسم الرافعي ورقة
258 / 2 - 260 / 1.
(1) يكنى أبا محمد.
43

وسمع بمكة الفاكهي، وولي القضاء بخراسان، وأقام بها ست سنين،
وكتب وناظر واشتهر فضله ثم.
وكان عارفا بمخارج الأحاديث، لم ير أجمع منه.
مات سنة سبع وتسعين وثلاث مئة وهو ابن أربع وسبعين سنة.
وابنه: أبو زرعة محمد (1) بن عبد الله، سمع بالعراق
الدارقطني، وابن شاهين، وبالأهواز ابن عبدان، قتل سنة ثمان وأربع
مئة.
وأبوه أبو زرعة ذكر سنة 330 (2).
15 - أبو زرعة الكشي *
الامام الحافظ الثقة، أبو زرعة، محمد بن يوسف بن محمد بن
الجنيد الجرجاني الكشي، وكش من قرى جرجان على ثلاثة فراسخ
منها، بشين معجمة، فأما كس التي بما وراء النهر، فمدينة صغيرة
منها عبد بن حميد، بكسر الكاف وبمهملة.
سمع أبا نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني، وأبا

(1) " التدوين " في تاريخ قزوين " ورقة 85 / 1.
(2) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
* تاريخ جرجان 412 - 413، تاريخ بغداد 3 / 408 - 409، الاكمال 7 / 186،
الأنساب 10 / 440، المنتظم 7 / 213، معجم البلدان 4 / 462، اللباب 3 / 100،
المشتبه 2 / 553، تاريخ الاسلام 4 / 81 / 1، العبر 3 / 47، تذكرة الحفاظ 3 / 997،
998، تبصير المنتبه 3 / 1218، طبقات الحفاظ: 396، شذرات الذهب 3 / 134، هدية
العارفين 2 / 56.
44

العباس الدغولي، وابن أبي حاتم، ومكي بن عبدان، وطبقتهم
بخراسان والعراق والحجاز.
حدث عنه: عبد الغني الحافظ، وأبو العلاء محمد بن علي
الواسطي، وأبو القاسم الأزهري، وعبد العزيز الازجي، وحمزة بن
يوسف السهمي، وطائفة.
قال حمزة السهمي (1): جمع أبو زرعة الكشي الأبواب
والمشايخ، وكان يفهم، أملى علينا بالبصرة، ثم إنه جاور بمكة إلى
أن توفي بها في سنة تسعين وثلاث مئة.
أخبرنا عيسى بن أبي محمد الصالحي، أخبرنا جعفر بن علي،
أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو طاهر الحنائي، عن أبي الفضل
محمد بن أحمد السعدي، حدثنا عبد الغني بن سعيد الحافظ، حدثني
أبو زرعة محمد بن يوسف بمكة بعد جهد وعناء، أخبرنا محمد بن عبد
الرحمن الدغولي، حدثنا محمد بن مشكان، حدثنا يزيد بن أبي
حكيم، حدثنا سفيان، حدثنا زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن
عبد الله بن أبي أوفى قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل
الجراد.
هذا غريب، وإنما المحفوظ حديث سفيان (2) عن أبي يعفور،
عن ابن أبي أوفى.

(1) في " تاريخ جرجان " 412.
(2) أخرجه من طريقه مسلم (1952) في الصيد والذبائح: باب إباحة الجراد، وأخرجه
البخاري (5495)، ومسلم (1952) من طرق عن شعبة، عن أبي يعفور، عن ابن أبي أوفى.
45

16 - أبو زرعة الرازي *
الامام الحافظ، الرحال الصدوق، أبو زرعة، أحمد بن الحسين
ابن علي بن إبراهيم بن الحكم، الرازي الصغير.
سمع عبد الرحمن بن أبي حاتم، والقاضي أبا عبد الله المحاملي،
وابن مخلد العطار، وعلي بن أحمد الفارسي نزيل بلخ، وأبا حامد بن
بلال، وعبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري الأستاذ، وأبا العباس
الأصم، وأبا الفوارس أحمد بن محمد الصابوني المصري، وأبا الحسين
الرازي والد تمام، وطبقتهم.
وكان واسع الرحلة، جيد المعرفة.
حدث عنه: تمام الرازي، والحسين بن محمد الفلاكي، وعبد الغني
الأزدي، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وأبو زرعة روح بن
محمد، وأبو العلاء الواسطي، وعلي بن المحسن التنوخي، وخلق.
وصنف التصانيف.
وكانت رحلته إلى بغداد فيما نقله التنوخي في سنة أربع وعشرين وثلاث
مئة وهو حدث له أربع عشرة سنة (1).
قلت: قد سأله حمزة السهمي عن الجرح والتعديل.
مات بطريق مكة قديما في سنة خمس وسبعين وثلاث مئة (2).

* تاريخ بغداد 4 / 109، تاريخ الاسلام 4 / 16 / 2، تذكرة الحفاظ 3 / 999،
1000، العبر 2 / 368، النجوم الزاهرة 4 / 147، طبقات الحفاظ 396، شذرات الذهب
3 / 84.
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 109. (2) المصدر السابق.
46

وكنت قد وقفت على تأليف كبير في السنن، وهو ناقص، فيه أحاديث
غريبة، فقيل: إنه تصنيفه.
أخبرنا أبو الحسين (1) اليونيني: أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا
السلفي، أخبرنا المعمر بن محمد الحبال بالكوفة، حدثنا أحمد بن علي
الجعفري، حدثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين، حدثنا حامد بن حماد
بنصيبين، حدثنا إسحاق بن سيار، حدثنا محمد بن عبد الملك بن جابر،
حدثنا أبو الفضل قال: قال لي هشام بن عروة: تشرب النبيذ؟ قلت: نعم،

(1) في الأصل: أبو الحسن، وهو خطأ، والتصويب من ترجمته في " مشيخة " المؤلف
ورقة 99 قال: علي بن محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله.... الامام المحدث الفقيه
الأوحد، بقية السلف، شرف الدين، أبو الحسين بن الإمام الرباني الفقيه أبي عبد الله، اليونيني
الحنبلي، شيخنا ومفيدنا، ولد في رجب سنة إحدى وعشرين وست مئة، وسمع من: البهاء عبد
الرحمن حضورا، ومن ابن الصباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، ومكرم، وعبد الواحد بن أبي
المضاء، وابن رواج، وخلق سواهم بمصر والشام، واستنسخ " صحيح " البخاري، وحرره،
حدثني أنه قابله في سنة واحدة، وأسمعه إحدى عشرة مرة، وروى الكثير، وكان شيخا مهيبا
منورا، حلو المجالسة، كثير الإفادة، قوي المشاركة في العلوم، حسن النشر، مليح التواضع،
أكثرت عنه ببعلبك وبدمشق، دخل في أول رمضان سنة إحدى وسبع مئة خزانة الكتب ببعلبك،
فدخل إليه رجل مضطرب العقل، فضربه بسكين.. في دماغه، بقي أياما، وتوفي إلى رحمة
الله، واليونيني: نسبة إلى قرية من قرى بعلبك اسمها " يونين " - بضم الياء وكسر النون الأولى -
وسماها ياقوت في " معجم البلدان " والفيروز أبادي في " القاموس " - يونان - بفتح النون الأولى -
وقال الزبيدي في " تاج العروس ": ويقال فيها يونين أيضا وهو المعروف.
قلت: ونسخة أبي الحسين اليونيني من " صحيح " البخاري والمسماة باليونينية، هي أعظم أصل
يوثق به في نسخ " صحيح " البخاري، وهي التي جعلها الامام القسطلاني عمدته في
تحقيق متن الكتاب وضبطه حرفا حرفا وكلمة كلمة، وهذه هي أكبر ميزة لشرح القسطلاني المسمى
" إرشاد الساري "، وعن النسخة اليونينية طبعت الطبعة السلطانية التي أمر بطبعها السلطان عبد
الحميد رحمه الله طبعت بمصر في المطبعة الأميرية في سني 1311 - 1313 ه‍ ثم الطبعة التالية
لها طبعت على مثالها في المطبعة الأميرية سنة 1314 ه‍، وعلى النسخة السلطانية تم طبع
صحيح البخاري في مصر في مطبعة مصطفى البابي الحلبي سنة 1378 ه‍ 1958 م بتقديم العلامة
الشيخ أحمد شاكر رحمه الله.
47

قال: فلا تشربه، فإن أبي حدثني عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل
مسكر حرام أوله وآخره ".
أبو الفضل لا أعرفه، والخبر منكر (1).
17 - أبو زرعة الاستراباذي *
هو الامام الحافظ، المجود، الجوال، أبو زرعة، محمد بن إبراهيم
ابن عبد الله بن بندار، الاستراباذي، الملقب باليمني لسكناه مدة باليمن (2).
سمع أبا العباس السراج، وعلي بن الحسين بن معدان الفارسي، وأبا
عروبة الحراني، وأبا القاسم البغوي، وأبا محمد بن صاعد، وطبقتهم.
وله رحلة طويلة، ومعرفة جليلة، وجمع وتأليف.
حدث عنه: أبو سعد الإدريسي، وحمزة بن يوسف السهمي، وأحمد
ابن عبد الرحمن اليزدي، وآخرون.
بقي إلى حدود نيف وسبعين وثلاث مئة، وإنما أخرته عن طبقته قليلا

(1) أي بزيادة أوله وآخره، أما لفظ " كل مسكر حرام " فهو صحيح، فقد أخرجه مالك 2 /
845 في الأشربة باب تحريم الخمر، والبخاري 10 / 35 في الأشربة: باب الخمر من العسل
وهو البتع، ومسلم (2001) في الأشربة أيضا: باب بيان أن كل مسكر خمر، كلهم من حديث
عائشة بلفظ " كل شراب أسكر فهو حرام " وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند البخاري 8 /
50، ومسلم 3 / 1586 رقم الحديث الخاص (70) بلفظ " كل مسكر حرام " وعن ابن عمر عند
مسلم (2003) بلفظ " كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام ".
* تاريخ جرجان: 495، تذكرة الحفاظ 3 / 998، 999، طبقات الحفاظ: 396.
والاستراباذي ضبط في الأصل بفتح التاء، وهو الموافق لما ضبطه ياقوت في " معجمه "، وضبطه
السمعاني بكسر الهمزة والتاء، وتابعه على ذلك ابن الأثير في " اللباب "، والسيوطي في " لب
اللباب "، وهذه النسبة إلى إستراباذ: بلدة كبيرة مشهورة أخرجت خلقا من أهل العلم في كل
فن، وهي من أعمال طبرستان بين سارية وجرجان.
(2) في " تاريخ جرجان ": ويقال له: العطاري، لأنه حافد محمد بن بندار العطار.
48

لأجمع بين آباء زرعة رحمهم الله جملة.
أخبرنا محمد بن محمد بن السلم (1)، أخبرنا الحسن بن أحمد
الأوقي (2)، أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا محمد بن محمد المديني،
حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو زرعة محمد بن إبراهيم
بأسترآباذ، أخبرنا أبو العباس السراج قال: قلت لقتيبة: أخبركم مالك، عن
نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة الجماعة تفضل على
صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة "؟ فأقر به، وقال: نعم (3).
18 - أبو زرعة الاستراباذي *
آخر، هو قاضي إستراباذ، أبو زرعة، أحمد بن بندار بن محمد بن

(1) ترجمة المؤلف في " مشيخته " ورقة 151، فقال: محمد بن محمد بن سالم بن
يوسف بن صاعد بن السلم، القاضي الجليل العالم، جمال الدين، أبو المكارم بن القاضي
الأوحد نجم الدين بن قاضي القضاة شمس الدين سالم القرشي النابلسي الشافعي، قاضي القدس
ونابلس، حدثنا عن أبي علي الأوقي، ولد سنة عشرين وست مئة بنابلس، وبها توفي في ربيع
الأول سنة أربع وتسعين وست مئة.
(2) هذه النسبة إلى " أوه " بفتحتين وفي آخرها هاء. قال ياقوت في " معجم البلدان " 1 /
283: قرية بين زنجان وهمذان، منها الشيخ الصالح الزاهد أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف
الأوقي، لقيته بالبيت المقدس تاركا للدنيا، مقبلا على قراءة القرآن، مستقبلا قبلة المسجد
الأقصى، وسمعت عليه جزءا، وكتبت عنه، وسألته عن نسبه، فقال: أنا من بلد يقال له: أوه،
فقال لي السلفي الحافظ: ينبغي أن تزيد فيه قافا للنسبة، فلذلك قيل لي الأوقي. وقد علق
العلامة المعلمي اليماني على قول السلفي في حواشيه على " الأنساب " 1 / 388 بقوله: ليست
بزيادة، وإنما هي إبدال الهاء الساكنة في آخر الكلمة الأعجمية قافا كنظائره.
(3) هو في " الموطأ " 1 / 129 في صلاة الجماعة: باب فضل صلاة الجماعة على صلاة
الفذ، ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2 / 112، والبخاري 2 / 30 في الاذان: باب فضل
صلاة الجماعة، والنسائي 2 / 103 وأخرجه الترمذي (215) وابن ماجة (789) وأحمد 2 /
102 من طرق عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر.
* تاريخ جرجان: 470، تذكرة الحفاظ 3 / 1001.
49

مهران، العيشي (1) الفقيه الشافعي، من كبار تلامذة أبي علي بن أبي
هريرة.
يروي عن الحافظ حفص بن عمر الأردبيلي ونحوه.
قال أبو سعد الإدريسي: مات في سنة اثنتين وثمانين وثلاث مئة.
فهذا أبو زرعة الاستراباذي الصغير.
19 - أبو زرعة الدمشقي الصغير *
هو الامام المحدث، محمد بن عبد الله بن أبي دجانة عمرو بن عبد
الله بن صفوان، النصري الدمشقي ابن ابن أخي الحافظ أبي زرعة الدمشقي
الكبير.
حدث عن: الحسين بن محمد بن جمعة، وإبراهيم بن دحيم،
وجماعة.
روى عنه: تمام الرازي، وأبو علي بن مهنا، وغيرهما.
مات قبل الستين وثلاث مئة.
أما أبو زرعة النصري الدمشقي فمشهور (2)، مات بعد الثمانين
ومئتين.

(1) في الأصل: " العبسي " بالباء الموحدة، والسين المهملة، والصواب ما أثبتناه، كما
في " مشتبه " المؤلف 2 / 436، وتوضيح ابن ناصر الدمشقي 2 / 137، وتبصير ابن جحر
3 / 986، والعيشي: نسبة إلى عايش بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة، ويقال: العايشي.
* تذكرة الحفاظ 3 / 1001.
(2) مرت ترجمته في الجزء الثالث عشر رقم (146).
50

20 - أبو زرعة الرازي *
ثلاثة: فالكبير من أقران البخاري مر (1)، والأوسط ذكرته الآن (2)،
والأصغر هو العلامة قاضي أصبهان، أبو زرعة روح بن محمد سبط الحافظ
أبي بكر بن السني (3).
سمع من: إسحاق بن سعد النسوي، وجعفر (4) بن فناكي، وأبي
زرعة أحمد بن الحسين الرازي، وأبي الحسين بن فارس اللغوي، وعدة.
قال الخطيب (5): قدم علينا، فحدث ببغداد وبالكرج أيضا، وكان
صدوقا فهما، أديبا شاعرا، ولي قضاء أصبهان. ثم قال: وبلغني موته في
سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة بالكرج.
قلت: سمع أبو طاهر السلفي من أصحاب هذا، وهو متأخر عن هذه
الطبقة، كتبناه للتمييز.
قرأت على سليمان بن قدامة الفقيه: أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا
السلفي، حدثنا محمد بن عبد الواحد المصري، أخبرنا القاضي أبو زرعة

* تاريخ بغداد 8 / 410، المنتظم 8 / 70، طبقات ابن الصلاح ورقة 48، تذكرة
الحفاظ 3 / 1000، طبقات السبكي 4 / 379، طبقات الأسنوي 1 / 581، البداية والنهاية
12 / 34.
(1) في الجزء الثالث عشر، برقم (48) وهو عبيد الله بن عبد الكريم القرشي مولاهم الرازي
(2) برقم (16).
(3) هو أحمد بن محمد بن إسحاق، أبو بكر بن السني الدينوري، المتوفى سنة 364 ه‍،
مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) هو جعفر بن عبد الله بن فناكي، أبو القاسم الرازي، الراوي عن محمد بن هارون
الروياني " مسنده ". انظر " العبر " 2 / 23.
(5) في " تاريخ بغداد " 8 / 410.
51

روح بن محمد السني، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد الجواليقي، حدثنا
أبو بكر أحمد بن مدرك بن زنجلة إملاء، حدثنا عبد الأعلى بن حماد، أخبرنا
عبد الجبار بن الورد، سمعت ابن أبي مليكة، سمعت عبيد الله بن أبي يزيد
قال: قال لي ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس ليوم فضل على يوم
في الصيام إلا شهر رمضان، ويوم عاشوراء " (1).
هذا حديث غريب فيه نكارة، وابن الورد صدوق (2)، وهو أخو وهيب
الزاهد.
21 - الزكي *
أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب النيسابوري،
الأديب (3).

(1) وأخرجه أبو سهل الجواليقي في " أحاديث ابن الضريس " 189 / 2، والطحاوي في
شرح معاني الآثار 1 / 337، والطبراني في " الكبير " (11252) و (11253) وهو منكر كما قال
الامام الذهبي، وبيان ذلك في التعليق الآتي.
(2) لكن قال البخاري فيه: يخالف في بعض أحاديثه، وقال ابن حبان: يخطئ ويهم،
وقد أخطأ في هذا الحديث فجعله مرفوعا، وغير واحد من الثقات رواه عن عبد الله بن أبي يزيد عن
ابن عباس قوله، ولفظه: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم
عاشوراء وهذا الشهر يعني رمضان. أخرجه البخاري (2006) في آخر الصوم، ومسلم (1132)
وأحمد (1938) و (2856) و (3475) والطحاوي في شرح معاني الآثار 1 / 337 والطبراني في
" الكبير " (11252) و (11254) و (11255) و (11256) و (11257) من طرق عن عبيد
الله به. قال الحافظ في " الفتح " 4 / 249: وهذا يقتضي أن يوم عاشوراء أفضل الأيام للصائم
بعد رمضان، لكن ابن عباس أسند ذلك إلى علمه، فليس فيه ما يرد علم غيره، وقد روى مسلم
من حديث أبي قتادة مرفوعا " إن صوم يوم عاشوراء يكفر سنة، وإن صيام يوم عرفة يكفر سنتين "
وظاهره أن صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء.
* تاريخ الاسلام 4 / 90 / 1 وهو فيه " المزكي، شيخ التزكية ". وقد قال ابن الأثير في
" اللباب " في ترجمة " المزكي ": يقال هذا لمن يزكي الشهود، ويبحث عن حالهم، ويعرفه
القاضي، واشتهر بهذا بيت كبير بنيسابور منهم جماعة من العلماء. قلت: فعلى هذا يكون
الصواب في نسبه " المزكي " وليس " الزكي " كما في الأصل.
(3) قال المؤلف في التاريخ: كان محدثا نحويا أديبا، صلى بالناس التراويح ثلاثا وستين
سنة بالختمة، وكان يعرف بابن أخت أبي محمد الجلاب.
52

سمع: ابن بلال، ومحمد بن الحسين القطان، وابن قوهيار، وعمرو
بن عبد الله البصري، وعبد الله بن يعقوب الكرماني، وأبا طاهر
المحمداباذي، وعدة.
روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأحمد بن عبد الرحيم
الإسماعيلي.
توفي سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة (1) رحمه الله.
22 - جيش بن محمد *
ابن صمصامة، الأمير الكبير، نائب دمشق، أبو الفتح المغربي.
ولي البلد من قبل خاله الأمير أبي محمود الكتامي في سنة ثلاث وستين
وثلاث مئة، ثم وليها مستقلا بعد موت خاله سنة سبعين، ثم صرف بعد
عامين، ثم وليها سنة تسع وثمانين.
وكان ظلوما متجبرا سفاكا للدماء، مصادرا، خبيث العقيدة، عج
الخلق فيه إلى الله حتى هلك بالجذام.
وكان قدم الشام في جيش، فنزل الرملة، وبادر إلى خدمته نواب
الشام، فقبض على سليمان بن فلاح الأمير، وجهز طائفة لمنازلة صور لانهم
عصوا، وأمروا عليهم علاقة الملاح، فاستنجد بالروم، فأمده بسيل الملك

(1) عن خمس وسبعين سنة، كما في " تاريخ الاسلام " 4 / 90 / 1.
* الكامل لابن الأثير 8 / 642 و 9 / 7 و 120، 121، تاريخ الاسلام 4 / 78 / 1 -
79 / 1، العبر 3 / 46 وفيه حنش، دول الاسلام 1 / 235، شذرات الذهب 3 / 133 وفيه
حبيش، تهذيب تاريخ دمشق 3 / 421، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة 44.
53

بعدة مراكب، فالتقوا هم وأسطول جيش، فأخذت مراكب الروم، وهرب
من نجا، ثم أخذت صور، وأسر علاقة، وسلخ بمصر حيا، وولي على
صور حسين بن صاحب الموصل ناصر الدولة. وهرب مفرج (1) أمير العرب
من جيش إلى جبال طئ (2).
وأقبل جيش طالبا لجموع الروم النازلين على فامية (3)، وأقبل على
أحداث دمشق واحترمهم، وخلع على أعيانهم (4)، وسار إلى حمص، وأتته
الامداد والمطوعة، فالتقاه الذوفس (5) لعنه الله، وحملت الروم، فطحنت
القلب، ثم انهزمت ميسرة جيش وعليها ميسور نائب طرابلس، وهرب
جيش في الميمنة، فركبت الروم أقفيتهم، وقتلوا نحو الألفين، وأخذوا
الخيام، فثبت بشارة الأخشيدي في خمس مئة فارس، فضج الخلق من
داخل فامية إلى الله بالدعاء، وكان طاغية الروم الذوفس على رابية بين يديه
ابناه وعشرة فوارس، فقصده أحمد بن ضحاك الكردي على جواده، فظنه
مستأمنا، فلما قرب طعنه أحمد، قتله، فصاح أهل فامية: ألا إن عدو الله
قتل، فانهزمت الملاعين ثم تراجعت المصريون وركبوا أقفية العدو
وألجؤوهم إلى مضيق الجبل، إلى جانب بحيرة (6) فامية، وأسر ولد
الطاغية، وحمل إلى مصر من رؤوسهم نحو عشرين ألف رأس، وألفا

(1) هو مفرج بن دغفل بن الجراح.
(2) انظر " الكامل " لابن الأثير 9 / 120، و " تاريخ الاسلام " 4 / 78 / 2.
(3) ويقال أفامية بالهمزة في أوله: وهي مدينة حصينة من سواحل الشام وكورة من كور
حمص.
(4) انظر " الكامل " 9 / 121، و " تاريخ الاسلام " 4 / 78 / 2.
(5) في " الكامل ": الدوقس بالدال المهملة والقاف.
(6) هو اليوم مستنقع الغاب، وقد استصلح.
54

أسير، وسار جيش إلى أنطاكية (1) فسبى وغنم (2).
وقدم دمشق وقد عظمت سطوته، ونزل بظاهرها، وزينت دمشق،
فأظهر العدل، وشرع يلاطف الاحداث حتى طمنهم، وأمر قواده بالاهبة،
وهيا رقاعا مختومة، وقسم البلد، وعين كل درب لقائد، وأن يبذلوا
السيف، وهيأ في حمام داره التي ببيت لهيا مئتين بالسيوف، ومد السماط
للاحداث، فلما قاموا لغسل الأيدي أغلق عليهم، وكان كل مقدم من
الاحداث يركب في جمعه بالسلاح، وكان الذين أغلق عليهم اثني عشر
مقدما، فقتلوا، ومالت أعوانه على أصحابهم قتلا، ودخلت المصريون
دمشق بالسيف، فكان يوما عصيبا، نسأل الله العافية، ثم جهز إلى قرى
الغوطة والمرج نصرون القائد، فقتل نحو الألف، واستغاث أهل البلد إلى
جيش: العفو العفو. فكف، وطلب الأكابر، فلما اجتمعوا، أخرج
رؤوس الاحداث قد ضرب أعناقهم، ثم شرع في المصادرة والعذاب،
ووضع عليهم خمس مئة ألف دينار، فقيل: عدة من قتل من الاحداث
والشطار ثلاثة آلاف نفس، فاستأصله الله بعد أشهر، في ربيع الآخر سنة
تسعين وثلاث مئة (3).
ولقد لقي المسلمون من العبيدية والمغاربة أعظم البلاء في النفس
والمال والدين، فالامر لله، وابتلي جيش بما لا مزيد عليه، حتى ألقى ما في
بطنه، وكان يقول لأصحابه، اقتلوني، ويلكم! أريحوني من الحياة.

(1) في الأصل: أنكاكية.
(2) انظر " الكامل " 9 / 121.
(3) " الكامل " 9 / 121، 122، و " تاريخ الاسلام " 4 / 78 / 2، 79 / 1.
55

ويقال: نفذت فيه دعوة أبي بكر بن الحرمي الزاهد، وأراق له خمورا فما
سلطه الله عليه (1).
23 - ابن ضيفون *
الشيخ المحدث المعمر، أبو عبد الله، محمد بن عبد الملك بن
ضيفون اللخمي القرطبي الحداد (2).
سمع عبد الله بن يونس القبري، وأحمد بن زياد، وقاسم بن أصبغ،
ثم حج في سنة تسع وثلاثين، فشهد رد الحجر الأسود إلى مكانه، وسمع
من أبي سعيد بن الأعرابي، وعبد الكريم بن النسائي، وأبي جعفر محمد بن
يحيى بن دحمان المصيصي، لقيه بطرابلس، وعبد الله بن محمد بن مسرور
القيرواني.
وكان صالحا معدلا، آخر أصحابه موتا أبو عمر بن عبد البر.
قال أبو الوليد بن الفرضي (3): علت سنه، واضطرب في أشياء قرئت
عليه لم يسمعها، ولم يكن ضابطا، قال لي: إنه ولد سنة ثلاث وثلاث مئة.
وتوفي في شوال سنة أربع وتسعين وثلاث مئة.
قلت: هو آخر من حدث عن القبري، وابن الأعرابي بالأندلس.

(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 79 / 1.
* تاريخ علماء الأندلس 2 / 108، 109، جذوة المقتبس: 68، بغية الملتمس:
102، العبر 3 / 57، دول الاسلام 1 / 237، المغني في الضعفاء 2 / 609، ميزان
الاعتدال 3 / 633 وتحرف فيه " ضيفون " إلى " صفوان "، نفح الطيب 2 / 237، شذرات
الذهب 3 / 144، 145، وتصحف فيه إلى " صيفون " بالمهملة.
(2) في " نفح الطيب " زيادة نسبة " الرصافي " وهي النسبة الموجودة في " الجذوة " و
" البغية ".
(3) في " تاريخ علماء الأندلس " 2 / 109.
56

24 - ابن برطال *
القاضي أبو عبد الله، محمد بن يحيى بن زكريا بن يحيى، التميمي
القرطبي المالكي، ابن برطال.
ولد سنة تسع وتسعين ومئتين.
وسمع من: أحمد بن خالد الجباب الحافظ، ومحمد بن عيسى،
وقاسم بن أصبغ، وإبراهيم بن فراس المكي، وإسماعيل بن
الجراب (1)، وعثمان بن محمد بن أحمد السمرقندي، ومحمد بن محمد بن
الخياش، وعدة.
وولي الخطابة وقضاء الجماعة إلى أن علت سنه، وتفلت ذهنه،
فصرفه أبو عامر الحاجب عن القضاء إلى الوزارة (2).
روى عنه: الفرضي، وسراج بن عبد الله، وعمر دهرا.
وكان حجه في سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة، وتفرد بأشياء عالية.
توفي سنة أربع وتسعين وثلاث مئة، عن خمس وتسعين سنة.
25 - ابن عبدوس * *
الإمام أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس بن أحمد، النيسابوري
النحوي الفقيه.

* تاريخ علماء الأندلس 2 / 105 - 107، تاريخ الاسلام 4 / 96 / 2، تاريخ قضاة
الأندلس: 84.
(1) هو إسماعيل بن يعقوب بن إبراهيم بن الجراب، الجرابي، سمع الكديمي، ومات
سنة 345، وقد تصحف لفظ " الجراب " في تاريخ علماء الأندلس إلى " الحراب " بالحاء
المهملة. انظر " تبصير المنتبه " 2 / 493.
(2) انظر " تاريخ علماء الأندلس " 2 / 106.
* * إنباه الرواة 3 / 56، تاريخ الاسلام 4 / 102 / 2، 103 / 1.
57

سمع مكي بن عبدان، وأبا عمرو الحيري، وأبا حامد بن الشرقي،
وعمه إبراهيم بن عبدوس.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وقال: عقدت له مجلس الاملاء سنة
ثمان وثمانين، وروى عنه أبو القاسم القشيري، وأبو يعلى بن الصابوني،
وآخرون.
توفي في شعبان سنة ست وتسعين وثلاث مئة.
ومن طبقته:
الحافظ الرحال:
26 - أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس *
النسوي، محدث مرو.
حدث عن: علي بن أبي العقب، وبكير بن الحسن الحداد،
وطائفة.
حدث عنه: الفقيه أبو محمد عبد الله بن يوسف الجويني، والحسن
ابن القاسم المروزي، ومحمد بن الحسن الفقيه المروزي.
كان بعد الأربع مئة.
ومن طبقته:
27 - أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس * *
الحاتمي النيسابوري، الفقيه الشافعي.

* تاريخ الاسلام 3 / 103 / 1.
* * تاريخ الاسلام 4 / 103 / 1، ومكان ترجمته من " طبقات الشافعية الكبرى " للسبكي
3 / 46 بياض، قال محققه: لعله أحمد بن محمد بن عبدوس أبو الحسن العنزي الطرائفي،
وقوله هذا خطأ، فالذي ذكره آخر، وهو الذي سترد ترجمته عقب هذه الترجمة مباشرة. ثم أورد
محقق " الطبقات " ترجمة ابن عبدوس الحاتمي من " الطبقات الوسطى " للسبكي.
58

سمع أبا العباس الأصم، وجماعة.
ومات في حياة والده سنة خمس وثمانين وثلاث مئة.
ومن طبقة شيوخه:
28 - أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس *
العنزي الطرائفي، صاحب عثمان بن سعيد الدارمي، المتوفى سنة
ست وأربعين وثلاث مئة.
29 - ابن الحجاج * *
شاعر العصر، وسفيه الأدباء، وأمير الفحش، وديوانه مشهور في
خمس مجلدات (1)، وهو أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن الحجاج
البغدادي، المحتسب، الكاتب.
وقد هجا المتنبي (2)، ومدح الملوك، مثل عضد الدولة وبنيه

* العبر 2 / 270، 271، شذرات الذهب 2 / 372.
* * الامتاع والمؤانسة 1 / 137 - 139، يتيمة الدهر 3 / 30 - 99 وهو فيه
" الحسن "، تاريخ بغداد 8 / 14، المنتظم 7 / 216 - 218، معجم الأدباء 9 / 206،
الكامل في التاريخ 9 / 168، وفيات الأعيان 2 / 168 - 172، تاريخ الاسلام 4 / 85 / 2،
86 / 1، العبر 3 / 50، الوافي بالوفيات 12 / 331، مرآة الجنان 2 / 444، البداية والنهاية
11 / 329، 330، النجوم الزاهرة 4 / 204، 205، معاهد التنصيص 3 / 188 - 201 وهو
فيه الحسن بن أحمد البغدادي، شذرات الذهب 3 / 136، 137، مطالع البدور 1 / 39،
روضات الجنات: 238، أعيان الشيعة 25 / 81 - 160، دائرة المعارف الاسلامية 1 / 130.
(1) انظر " تاريخ الأدب العربي " لبروكلمان " النسخة العربية " 2 / 60، 61.
(2) انظر بعض هجائه له في " الوافي " 12 / 334.
59

والوزراء (1). وله باع أطول في الغزل. وأما الزطاطة والتفحش، فهو حامل
لوائها، والقائم بأعبائها (2).
وخدم بالكتابة في جهات، وأخذ الجوائز، وولي حسبة بغداد مدة (3)
وعزل، وله معان مبتكرة ما سبق إليها (4).
وكان شيعيا رقيعا، ماجنا، مزاحا، هجاء، أمة وحده في نظم
القبائح، وخفة الروح، وله معرفة بفنون من التاريخ والاخبار واللغات.
ورأيت له أنه قال: كل ما قلته من المجون فالله يشهد أنني ما قصدت
به إلا بسط النفس، وأنا أستغفر الله من هذه العثرة.
وقيل: إنه بعث ديوانه بخط منسوب إلى صاحب مصر، فأجازه بألف
دينار.

(1) انظر " معجم الأدباء " 9 / 210 وما بعدها.
(2) فمن شعره:
شعري الذي أصبحت فيه * فضيحة بين الملا
لا يستجيب لخاطري * إلا إذا دخل الخلا
ومنه:
أيا مولاي هزلي تحت جدي * وتحت الفضة انحرف اللحام
وشعري سخفه لابد منه * فقد طبنا وزال الاحتشام
وهل دار تكون بلا كنيف * يكون لعاقل فيها مقام
وحضر في دعوة، وأخر الطعام، ونظر إلى صاحب الدار يذهب ويجئ في داره، فقال:
يا ذاهبا في داره جائيا * بغير معنى وبلا فائدة
قد جن أضيافك من جوعهم * فاقرأ عليهم سورة المائدة
(3) وليها لعز الدولة بختيار بن بويه. انظر " النجوم الزاهرة " 4 / 204.
(4) انظر فنون شعره في " يتيمة الدهر " 3 / 31 - 99، و " الوافي بالوفيات " 12 / 334 -
337.
60

مات ببلد النيل (1) في جمادى الآخرة، سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة
وقد شاخ.
30 - الرازي *
الامام العلامة، شيخ الشافعية، أبو الحسن، علي بن عمر بن
العباس، الرازي الفقيه.
روى عن ابن أبي حاتم فأكثر، وعن أبي بكر محمد بن قارن بن
العباس، وأحمد بن محمد بن معاوية الكاغدي، وأحمد بن خالد بن مصعب
الحزوري (2)، وارتحل بأخرة، فحمل عن النجاد، وابن السماك.
أكثر عنه الخليلي، وقال: كان علما، له في كل علم حظ، وكان
في الفقه إماما بلغ قريبا من مئة سنة. وسمعت عبد الله بن محمد الحافظ
يقول: لم يعش من أصحاب الشافعي [أحد] أكثر مما عاش هذا، وكان
عالما بالفتاوى والنظر.
قلت: تفرد بالرواية عن ابن مصعب وغيره، وبقي إلى حدود سنة أربع
مئة.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا ابن

(1) قال ابن خلكان: هي بلدة على الفرات بين بغداد والكوفة، خرج منها جماعة من
العلماء وغيرهم، والأصل فيه نهر حفره الحجاج بن يوسف في هذا المكان ومخرجه من الفرات،
وسماه باسم نيل مصر، وعليه قرى كثيرة.
* العبر 3 / 64، شذرات الذهب 3 / 149 كلاهما في وفيات سنة 397، واسمه فيهما:
علي بن محمد بن عمر الرازي، أبو الحسن بن القصار.
(2) ضبط في الأصل بتشديد الزاي، وليس هذا الضبط في كتب " الأنساب "، وإنما فيها
حزور بتشديد الواو بعد الحاء والزاي المفتوحتين. وانظر " المشتبه " 1 / 229.
61

ماك، أخبرنا أبو يعلى الخليلي، أخبرنا علي بن عمر الفقيه، حدثنا ابن أبي
حاتم، سمعت أبي يقول: دخلت قزوين سنة ثلاث وعشرين وداود العقيلي -
يعني ابن إبراهيم - قاضيها، فدخلنا عليه، فدفع إلينا مشرسا فيه مسند أبي
بكر رضي الله عنه، فأول حديث فيه: حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن
المغيرة بن سبيع، في خروج الدجال من خراسان. فقلت: ليس ذا من
حديث شعبة، إنما هو سعيد بن أبي عروبة (1)، وقلت لخالي: لا أكتب عنه
إلا أن يرجع عن هذا، فقال خالي: أستحيي أن أقول له. قال: فخرجت،
ولم أسمع منه شيئا.
31 - العنزي *
الامام الفقيه، أبو عبد الله، الحسين بن جعفر بن حمدان (2) بن
محمد بن المهلب (3)، العنزي، الجرجاني، الوراق، نزيل بغداد.
سمع أبا سعيد بن الأعرابي، وإسماعيل الصفار، وخيثمة بن
سليمان، وأبا العباس الأصم، وأحمد بن أبي طلحة الفارسي، وطبقتهم.

(1) هو في " المسند " 1 / 4 / و 7 من طريق روح، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي
التياح، عن المغيرة بن سبيع، عن عمرو بن حريب أن أبا بكر الصديق أفاق من مرض له، فخرج
إلى الناس، فاعتذر بشئ، وقال: ما أردنا إلا الخير، ثم قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن
الدجال يخرج في أرض بالمشرق يقال لها: خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة "
وأخرجه الترمذي (2237) وابن ماجة (4072) من طريق روح بن عبادة به، وقال الترمذي: حسن
غريب، وصححه الحاكم 4 / 527، ووافقه الذهبي.
* تاريخ جرجان: 158، تاريخ بغداد 8 / 27، 28، تاريخ الاسلام 4 / 107 / 1
تهذيب ابن عساكر 4 / 292. والعنزي: نسبة إلى عنزة، حي من ربيعة. " الأنساب " 1 /
76.
(2) في مصادر الترجمة:.. جعفر بن محمد بن حمدان..
(3) في " تاريخ جرجان ": المعروف بابن شيبة.
62

وله رحلة واسعة، ومعرفة وفهم.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وحمزة السهمي، وسليم الرازي،
وعلي بن المحسن التنوخي، وأبو مسعود، وأحمد بن محمد البجلي،
وعدة.
قال السهمي (1): كان سكن بغداد سنين كثيرة يورق، توفي في
رمضان، سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة.
32 - ابن الوزير *
الامام الحافظ، أبو أحمد، حسين بن محمد بن الوزير، الدمشقي
الشاهد (2)، راوي كتاب " الام " للشافعي عن أبي علي الحضائري،
و حدث أيضا عن: أبيه، وابن ملاس (3)، وهو كاتب القاضي الميانجي (4).
روى عنه: علي الحنائي، وأبو علي الأهوازي، وعبد الوهاب
الميداني.
يوصف بالحفظ.
قال الأهوازي: مات سنة أربع مئة وله مئة سنة وسنة.

(1) في " تاريخ جرجان " 158.
* تاريخ الاسلام 4 / 114 / 2، تهذيب ابن عساكر 4 / 362.
(2) في " تاريخ الاسلام ": الشروطي.
(3) هو محمد بن جعفر ملاس، كما ذكره المؤلف في " التاريخ ".
(4) هو أبو بكر يوسف بن القاسم بن فارس بن سوار الميانجي الشافعي المتوفى سنة 375،
مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
63

33 - ابن وكيع *
العلامة البليغ الشاعر، أبو محمد، الحسن بن علي بن أحمد بن
القاضي محمد بن خلف، ابن وكيع الضبي البغدادي، ثم التنيسي، من
فحول الشعراء.
وله ديوان (1)، وكان يلقب بالعاطس، وهو القائل:
لقد شمت بقلبي * لا خفف (2) الله عنه
كم لمته في هواه * فقال: لابد منه (3)
توفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة بتنيس، وبنوا
على قبره قبة.

* يتيمة الدهر 1 / 356 - 384، الكنى والألقاب 1 / 437، وفيات الأعيان 2 / 104 -
107، تاريخ الاسلام 4 / 92 / 1، الوافي بالوفيات 12 / 114 - 119، مرآة الجنان 2 /
445، 446، شذرات الذهب 3 / 141 وسماه وكيعا وأسقط لفظ " ابن " وهو خطأ، روضات
الجنات: 216، هدية العارفين 1 / 273، إيضاح المكنون 2 / 264، أعيان الشيعة 22 /
207 - 225. قال ابن خلكان: " وكيع هو لقب جده [القاضي] أبي بكر محمد بن خلف "
فصاحب الترجمة اشتهر بابن وكيع نسبة إليه، وجده وكيع هو صاحب كتاب " أخبار القضاة "
وغيرها من المصنفات، وقد أخطأ صاحب " هدية العارفين " فنسب مصنفات وكيع القاضي الجد
إلى حفيده الشاعر صاحب هذه الترجمة.
(1) وله أيضا كتاب " المنصف " بين فيه سرقات أبي الطيب المتنبي ومشكل شعره، وقد
طبع في دار قتيبة بدمشق سنة 1982 بتحقيق الدكتور محمد رضوان الداية وله قصيدة مخطوطة في
برلين 7589، وذكر له النويري في " نهاية الإرب " 1 / 179 - 183 بعض أراجيز في الفصول
الأربعة.
(2) في " وفيات الأعيان ": لا فرج.
(3) البيتان في " وفيات الأعيان " 2 / 105. وقد أورد له الثعالبي في " يتيمة الدهر "
مزدوجته المربعة، وهي قصيدة كل أربعة أشطار منها على قافية وأولها:
رسالة من كلف عميد * حياته في قبضة الصدود
بلغه الشوق مدى المجهود * ما فوق ما يلقاه من مزيد
وانظر في " يتيمة الدهر " فنون شعره.
64

34 - الوليد بن بكر *
ابن مخلد بن أبي دبار (1)، الحافظ اللغوي، الإمام أبو العباس،
الغمري (2) الأندلسي السرقسطي، أحد الرحالة في الحديث.
حدث عن علي بن أحمد بن الخصيب بكتاب العجلي في " معرفة
الرجال "، وعن الحسن بن رشيق، ويوسف الميانجي، وأبي بكر الربعي،
وأحمد بن جعفر الرملي.
حدث عنه: أبو الطيب أحمد بن علي الكوفي ابن عمشليق، وعبد
الغني بن سعيد الحافظ، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو ذر الهروي، وأبو
الحسن العتيقي، وأبو طالب العشاري، وأبو سعد السمان، وأحمد بن
منصور بن خلف المغربي، والحسين بن جعفر السلماسي.
قال ابن الفرضي (3): كان إماما في الحديث والفقه، عالما باللغة
والعربية، كان أبو علي الفارسي النحوي يرفعه ويثني عليه، ذكر أنه لقي في
الرحلة أزيد من ألف شيخ، كتب عنهم.
وقال الحاكم: سكن نيسابور، ثم انصرف إلى العراق، وعاد إلى

* تاريخ بغداد 13 / 450، 451، جذوة المقتبس 361، 362، الصلة لابن بشكوال
2 / 642، 643، بغية الملتمس 466، 467، تذكرة الحفاظ 3 / 1080، العبر 3 /
53، تاريخ الاسلام 4 / 89 / 2 / 90 / 1، طبقات الحفاظ 419، 420، نفح الطيب 2 /
380، شذرات الذهب 3 / 141، تاج العروس (غمر) 3 / 456.
(1) كذا الأصل، وفي " تاريخ بغداد " و " الصلة " و " الجذوة ": بن أبي زياد، وفي
" نفح الطيب ": ابن زياد.
(2) وفي بعض المصادر: " العمري " بالمهملة، وسيذكر المؤلف هذه النسبة في آخر
الترجمة.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1081، و " تاريخ الاسلام " 4 / 90 / 1، ولم نعثر
على ترجمته في " تاريخ " ابن الفرضي.
65

نيسابور، وسماعاته في أقطار الأرض كثيرة، وهو مقدم في الأدب، وشعره
فائق (1).
وقال عبد الغني (2) في نسبه: الغمري: بغين معجمة، حدثنا
ب‍ " التاريخ " للعجلي.
وقال الحسن بن شريح: هو عمري، ولكن قدم إفريقية، فنقط العين
حتى يسلم، وكان مؤدبي، وقال لي: إذا رجعت إلى الأندلس جعلت
النقطة ضمة.
قلت: فعله خوفا من الدولة العبيدية.
قال الخطيب (3): كان ثقة أمينا، كثير السماع، سافر الكثير.
قال ابن عساكر: أخبرنا زاهر، أخبرنا أحمد بن منصور، أخبرنا الوليد
ابن بكر، حدثنا علي بن أحمد بن الخصيب بالمغرب، حدثنا عبد الرحمن
ابن أحمد الرشديني بمصر، حدثنا خشيش بن أصرم.
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن أبي المكارم اللبان، أنبأنا عبد الغفار بن
شيرويه، حدثنا محمد بن إبراهيم الكرماني، أنشدني الوليد بن بكر النحوي
لنفسه:
لأي بلائك لا تدكر * وماذا يضرك لو تعتبر
بكاء هنا وبراح هناك * وميت يساق وقبر حفر

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1080، و " تاريخ الاسلام " 4 / 90 / 1
(2) أي الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري، وسيترجم في هذا الجزء برقم
(164).
(3) في " تاريخ بغداد " 13 / 450.
66

وبان الشباب وحل المشيب * وحان الرحيل فما تنتظر
كأنك أعمى عدمت البصر * كأن جنابك جلد حجر
وماذا تعاين من آية * لو أن بقلبك صح النظر
وقد ذكره ابن الدباغ في " طبقات الحفاظ ".
أخبرنا عيسى بن العطار، أخبرنا جعفر، أخبرنا السلفي، أخبرنا ثابت
ابن بندار، أخبرنا الحسين بن جعفر، أخبرنا الوليد بن بكر، أخبرنا علي بن
أحمد الهاشمي، حدثنا صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي، حدثني أبي،
حدثنا داود بن يحيى بن يمان، عن أبيه، عن سفيان قال: ما بالكوفة شاب
أعقل من أبي أسامة.
توفي أبو الوليد بالدينور في رجب سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة.
35 - البديع *
العلامة البليغ، أبو الفضل، أحمد بن الحسين بن يحيى الهمذاني،
بديع الزمان.
صاحب كتاب: " المقامات " (1)، التي على منوالها نسج الحريري.

* يتيمة الدهر 4 / 256 - 301، الأنساب (الهمذاني)، معجم الأدباء 2 / 161 -
202، الكامل في التاريخ 9 / 209، اللباب 3 / 392، وفيات الأعيان 1 / 127 - 129،
تاريخ الاسلام 4 / 105 / 2 - 106 / 2، العبر 3 / 67، الوافي بالوفيات 6 / 355 - 358،
مرآة الجنان 449، 450، البداية والنهاية 11 / 340، النجوم الزاهرة 4 / 218، 219،
شذرات الذهب 3 / 150، 151، روضات الجنات 66، هدية العارفين 1 / 69، أعيان
الشيعة 8 / 306 - 355.
(1) طبعت بهامش " رسائله " بشرح السيد محمود الرافعي في مصر 1315 ه‍، وطبعت مع
شرحها للشيخ محمد عبده بمطبعة اليسوعيين سنة 1889 م وأخرى سنة 1908، وطبع بعض هذه
المقامات في ليبزغ سنة 1841 م، وطبعت مع ترجمتها باللغة الانكليزية في مدارس سنة 1913
م. وانظر " تاريخ " بروكلمان 2 / 115.
67

وله ترسل فائق (1)، ونظم رائق (2)، وهو القائل:
وكاد يحكيك صوت الغيث منسكبا * لو كان طلق المحيا يمطر الذهبا
والدهر لو لم يخن والشمس لو نطقت * والليث لو لم يصل (3) والبحر لو عذبا
ما الليث مختطما ما السيل مرتطما * ما البحر ملتطما والليل مقتربا
أمضى شبا منك أدهى منك صاعقة * أجدى يمينا وأدنى منك مطلبا (4)
مات بهراة في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة مسموما أو
مسبوتا (5).
36 - البافي *
شيخ الشافعية، أبو محمد، عبد الله بن محمد البخاري، المعروف

(1) ومن رسائله: " الماء إذا طال مكثه ظهر خبثه، وإذا سكن متنه، تحرك نتنه، وكذا
الضيف يسمج لقاؤه إذا طال ثواؤه، ويثقل ظله إذا انتهى محله ". وانظر كثيرا من كتاباته في
" يتيمة الدهر " 4 / 259 - 292، و " معجم الأدباء " 2 / 167 وما بعدها، وقد طبعت " رسائله "
مع ترجمته مستخرجة من " يتيمة الدهر " في مطبعة الجوائب بالآستانة سنة 1298 ه‍، وطبعت في
بيروت عام 1890 م، وطبعت في مصر 1315 ه‍ وبهامشها " مقاماته " بشرح السيد محمود
الرافعي، وطبعت مع شروح عليها للشيخ إبراهيم الأحدب بعنوان: " كشف المعاني والبيان من
رسائل بديع الزمان " مع مقدمة وترجمة للمؤلف بمطبعة اليسوعيين في بيروت 1890 م، وطبعت
بهامش " خزانة الأدب " لابن حجة الحموي في مصر 1304.
(2) قد طبع " ديوانه " في مطبعة الموسوعات عام 1903، وانظر بعض نظمه في " اليتيمة "
4 / 292 - 301.
(3) في " اليتيمة " و " الوفيات " و " الوافي ": " يصد " بدلا من " يصل ".
(4) الأبيات في " تاريخ الاسلام " 4 / 106 / 1، والأولان منها في " يتيمة الدهر " 4 /
293، و " وفيات الأعيان " 1 / 128، و " الوافي بالوفيات " 6 / 358، وذكر الثعالبي أنها من
قصيدة في الأمير أبي علي أولها:
علي أن لا أريح العيس والقتبا * وألبس البيد والظلماء واليلبا
(5) أي مات بالسكتة.
* يتيمة الدهر 3 / 122، 123، طبقات العبادي 110، تاريخ بغداد 10 / 139،
140، طبقات الفقهاء للشيرازي 102، الأنساب 2 / 47، المنتظم 7 / 240، معجم البلدان
1 / 326، اللباب 1 / 112، تاريخ الاسلام 4 / 107 / 2، العبر 3 / 68، طبقات السبكي
الكبرى 3 / 317، البداية والنهاية 11 / 340، النجوم الزاهرة 4 / 219، طبقات ابن هداية
الله 107، شذرات الذهب 3 / 152. والبافي: نسبة إلى باف، وهي قرية من قرى خوارزم،
وقد تحرف في " اليتيمة " إلى " النامي "، وفي " البداية " إلى " الباجي ".
68

بالبافي، نزيل بغداد، وتلميذ أبي علي بن أبي هريرة، وأبي إسحاق
المروزي، قد عمر دهرا.
وكان من بحور العلم، ماهرا بالعربية، حاضر البديهة، بديع
النظم (1).
وكان من أصحاب الوجوه، تفقه به جماعة.
روى عنه أبو القاسم التنوخي.
وكان أحد الفصحاء، وله:
قد حضرنا وليس يقضى تلاقي (2) * نسأل الله خير هذا الفراق
إن تغب لم أغب (3) وإن لم تغب * غبت كأن افتراقنا باتفاق (4)
مات البافي في المحرم سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة، رحمه الله.
37 - ابن خرشيذ قوله *
الشيخ الصدوق المسند، أبو إسحاق، إبراهيم بن عبد الله بن محمد

(1) انظر بعض نظمه في " اليتيمة " 2 / 122، 123، و " تاريخ بغداد " 10 / 140، و
" طبقات السبكي " 3 / 318، و " معجم البلدان " 1 / 326.
(2) في " الأنساب " و " تاريخ بغداد ": كم حضرنا فليس يقضى التلاقي.
(3) في " الأنساب " و " تاريخ بغداد ": إن أغب لم تغب.
(4) البيتان في " تاريخ الاسلام " 4 / 107 / 2، و " الأنساب " 2 / 48، و " تاريخ
بغداد " 10 / 139، 140.
* تاريخ أصبهان 1 / 304، تاريخ الاسلام 4 / 114 / 1 و 2، العبر 3 / 72،
شذرات الذهب 3 / 158.
69

ابن خرشيذ قوله، الكرماني الأصبهاني، التاجر.
سمع أبا بكر بن زياد النيسابوري، والقاضي المحاملي، وأبا (1)
العباس بن عقدة، ومحمد بن مخلد، والحسن بن أبي الربيع الأنماطي،
وجماعة، وتفرد في وقته.
حدث عنه: أبو الوفاء محمد بن بديع، وظفر بن عبد الرحيم، وأبو
القاسم بن مندة، وأخوه عبد الوهاب، وسليمان بن عبد الرحيم
الحسناباذي، ومحمد بن أحمد بن علي السمسار، وإبراهيم بن محمد بن
إبراهيم الطيان، وأبو منصور محمد بن أحمد بن شكرويه الأصفهانيون.
قال المصقلي: سمعت ابن خرشيذ قوله يقول: ولدت في سنة سبع
وثلاث مئة، ودخلت بغداد سنة إحدى وعشرين (2).
قلت: ما علمت فيه بأسا، وسمعنا من طريقه عدة أجزاء.
توفي في شهر المحرم سنة أربع مئة.
وخرشيذ: بفتح أوله وثانيه، هكذا وجدته مضبوطا، وإنما على أفواه
الطلبة بالضم والتثقيل.
وفيها مات الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد بن محمد بن عبيدة
الأموي الطليطلي، صاحب أبي إسحاق بن شنظير الحافظ، اللذين يقال
لهما: الصاحبان (3)، والحافظ أبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي (4)،

(1) في الأصل (أبو) وهو خطأ.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 114 / 2.
(3) سترد ترجمتهما في هذا الجزء برقمي (92) و (93).
(4) سترد ترجمته برقم (136).
70

والشريف الطاهر أبو أحمد حسين بن موسى العلوي الموسوي والد الرضي
والمرتضى، وسليمان بن هشام المقرئ ابن الغماز (1)، وأبو نعيم
الأسفراييني، وأبو بكر عبد الواحد بن علي بن غياث: بغدادي، ومحمد بن
إبراهيم الخشني الطليطلي، ومحمد بن هشام بن عبد الجبار المهدي
المرواني (2).
38 - أبو نعيم الأسفرايني *
الشيخ العالم، مسند خراسان، أبو نعيم، عبد الملك بن الحسن بن
محمد بن إسحاق بن الأزهر الأزهري الأسفرايني.
حدث عن خال أبيه الحافظ أبي عوانة بكتابه " الصحيح " (3)، سمعه
بقراءة والده الحافظ، وطال عمره، وتكاثر عليه المحدثون.
قال الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل: كان أبو نعيم هذا رجل صالحا
ثقة، حضر إلى نيسابور في آخر عمره، ولم يعهد بعد ذلك المجلس مثله

(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 317.
(2) سيرد ذكره ضمن ترجمة هشام المؤيد بالله رقم (78).
* الأنساب 1 / 236، تاريخ الاسلام 4 / 115 / 2، 116 / 1، العبر 3 / 73،
شذرات الذهب 3 / 159. والإسفرايني: نسبة إلى إسفراين بكسر الهمزة - وضبطها ياقوت
بالفتح - وسكون السين وفتح الفاء، وكسر الياء المثناة التحتية وهي لا تهمز على الأصح الأفصح،
وجوز بعضهم همزها، كذا ضبطها المؤلف والسمعاني وابن خلكان وابن الأثير والسيوطي
والفيروزآبادي والأسنوي وياقوت، وانفرد الأخير بزيادة ياء أخرى ساكنة هكذا: " إسفرايين " وهو
المشهور المعروف. انظر " تاج العروس " 9 / 235، و " وفيات الأعيان " 1 / 74، و " معجم
البلدان "، و " الأنساب " و " اللباب "، و " لب اللباب " و " طبقات الأسنوي " 1 / 59.
(3) هو المسند الصحيح المخرج على كتاب مسلم، وقد طبع منه الجزء الأول والثاني
والرابع والخامس بحيدر أباد في الهند، قال من أشرف على طبع هذه الاجزاء: لم نظفر بمخطوطة
الجزء الثالث حتى الآن.
71

لقراءة الحديث كما حدثنا الثقات، وعاد إلى إسفراين وذلك في سنة تسع
وتسعين وثلاث مئة (1).
قلت: روى عنه الكتاب أبو القاسم القشيري، وزوجته فاطمة بنت
أبي علي الدقاق، ولها فوت (2)، وعبد الحميد وعبد الله ابنا عبد الرحمن بن
محمد البحيري، وأبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك، وروى عنه
أكثر الكتاب أوكله عثمان بن محمد المحمي، وشبيب بن أحمد
البستيغي (3)، وأبو الحسن علي بن عبد الله الجويني، وعلي بن ماسرجس
الخازن، وعلي بن عبد العزيز الخشاب، وعمر بن محمد بن البسطامي،
وأبو بكر محمد بن حسان بن محمد، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وخلق
آخرهم موتا أبو نصر محمد بن سهل السراج، المتوفى في سنة ثلاث وثمانين
وأربع مئة.
وقد أجاز أبو عوانة أبا نعيم جميع كتبه في كتاب كتبه في وصيته له
ولجماعة، فقال: قد أجزت لهم جميع كتبي التي سمعتها من جميع
المشايخ، منها كتب عبد الرزاق، وكتب ابن أبي الدنيا، وأحاديث سفيان،
وشعبة، ومالك، والأوزاعي، والتفاسير والقراءات، ليرووها عني على
سبيل الإجازة في رمضان سنة خمس عشرة وثلاث مئة. ولما مات أبو عوانة
كان لأبي نعيم ست سنين وعشرة أشهر، وكان يسمع من أبي عوانة مع القوم
ووحده ليلا ونهارا، ويلاعبه أبو عوانة، ويطعمه الفانيذ (4).

(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 115 / 2.
(2) أي فاتها من السماع شئ منه.
(3) انظر " تبصير المنتبه " 2 / 726، وستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(4) هو نوع من الحلواء.
72

قال الحاكم: توفي أبو نعيم في ربيع الأول سنة أربع مئة.
قلت: وقد مات أبو عوانة سنة ست عشرة وثلاث مئة.
وكان مولد أبي نعيم في ربيع الأول سنة عشر وثلاث مئة.
وكان والده قد ارتحل، وحمل السنن عن يوسف القاضي، وحمل عن
أبي خليفة الجمحي والكبار، وحدث، توفي الحسن سنة ست وأربعين
وثلاث مئة.
39 - السلامي *
العلامة الأديب، أبو الحسن، محمد بن عبيد الله بن محمد بن
محمد، القرشي المخزومي البغدادي، من فحول الشعراء (1).
سار إلى الموصل، وصاحب الخالديين (2) والببغا (3)، وسار إلى ابن
عباد، وامتدحه (4)، وامتدح عضد الدولة بقصيدة منها:

* الامتاع والمؤانسة 1 / 134، يتيمة الدهر 2 / 395 - 430، تاريخ بغداد 2 / 335،
الأنساب 7 / 209، المنتظم 7 / 225، الكامل في التاريخ 9 / 179، وفيات الأعيان 4 /
403 - 409، تاريخ الاسلام 4 / 94 / 1 و 2، الوافي بالوفيات 3 / 317 - 319، البداية
والنهاية 11 / 333، النجوم الزاهرة 4 / 209، إيضاح المكنون 1 / 215.
(1) وذكر الثعالبي أنه قال الشعر وهو ابن عشر سنين فمن أول شعر قاله في المكتب قوله:
بدائع الحسن فيه مفترقه * وأعين الناس فيه متفقه
سهام ألحاظه مفوقة * فكل من رام لحظه رشقه
قد كتب الحسن فوق عارضه * هذا مليح وحق من خلقه
(2) هما أبو بكر محمد وأبو عثمان سعيد ابنا هاشم، المعروفان بالخالديين، الشاعران
المشهوران، وأبو بكر أكبرهما. وقد مرت ترجمتهما في الجزء السادس عشر.
(3) هو أبو الفرج عبد الواحد بن نصر، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (56).
(4) انظر " يتيمة الدهر " 2 / 397 - 399.
73

إليك طوى عرض البسيطة جاعل (1) * قصارى المنايا أن يلوح له القصر (2)
وكان عضد الدولة يقول: إذا رأيت السلامي في مجلسي، خلت أن
عطارد نزل من الفلك إلي. وله فيه:
يشبهه المداح في البأس والندى * بمن لو رآه كان أصغر خادم
ففي جيشه خمسون ألفا كعنتر * وأمضى وفي خزانه ألف حاتم (3)
وهو القائل:
لما أصيب الخد منك بعارض * أضحى بسلسلة العذار مقيدا (4)
توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة عن بعض وخمسين سنة.
ونسبته إلى مدينة السلام.
40 - ابن الباجي *
الامام الحافظ المحقق، أبو عمر، أحمد بن عبد الله بن محمد بن

(1) في " الوافي ": عاجل.
(2) وبعد هذا البيت:
فكنت وعزمي في الظلام وصارمي * ثلاثة أشياء كما اجتمع النسر
وبشرت آمالي بملك هو الورى * ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر
انظر " وفيات الأعيان " 4 / 407، و " اليتيمة " 2 / 401، و " المنتظم " 7 / 229، و
" الوافي " 3 / 318.
(3) البيتان في " تاريخ الاسلام " 4 / 94 / 2، و " يتيمة الدهر " 2 / 421، و " وفيات
الأعيان " 4 / 409.
(4) انظر " وفيات الأعيان " 4 / 409.
* جذوة المقتبس 128، 129، ترتيب المدارك 4 / 684، الأنساب 2 / 18، 19،
الصلة 1 / 11، 12، بغية الملتمس 172 - 174، اللباب 1 / 103، المشتبه 2 / 628،
تاريخ الاسلام 4 / 100 / 2، تذكرة الحفاظ 3 / 1058، 1059، العبر 3 / 60، الديباج
المذهب 1 / 234، 235، طبقات الحفاظ 414، شذرات الذهب 3 / 147.
74

علي بن شريعة اللخمي الإشبيلي، عرف بابن الباجي.
سمع من والده (1) جميع ما عنده، من ذلك " مصنف " ابن أبي شيبة
بروايته (2) عن القبري (3)، عن بقي بن مخلد، عنه.
قال الخولاني: كان أبو عمر عارفا بالحديث ووجوهه، إماما
مشهورا، لم تر عيني مثله في المحدثين وقارا وسمتا، رحل بابنه محمد،
ولقيا شيوخا جلة، وولي أبو عمر قضاء إشبيلية مدة يسيرة، وأخذنا عنه
كثيرا، توفي، فشهدت جنازته في محفل عظيم في المحرم سنة ست
وتسعين وثلاث مئة، وله أربع وستون سنة (4).
وقال ابن عبد البر: كان يحفظ " غريبي الحديث " لأبي عبيد، وابن
قتيبة، وشوور في الاحكام وله ثمان عشرة سنة، وجمع له أبوه علوم
الأرض، ولم يحتج إلى أحد، رحل بأخرة، ولقي أبا بكر المهندس
وطائفة، وكان فقيه عصره، وإمام زمانه، لم أر بالأندلس مثله، كملت عليه
" مصنف " ابن أبي شيبة، وكان إماما في الأصول والفروع (5).
41 - ابن لآل *
الشيخ الامام الفقيه، المحدث، أبو بكر، أحمد بن علي بن أحمد

(1) وهو محدث الأندلس أبو محمد عبد الله بن محمد.. مرت ترجمته في الجزء السادس
عشر.
(2) في الأصل: برواته، وهو خطأ. (3) هو عبد الله بن يونس القبري.
(4) " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 2، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1058، و
" الصلة " لابن
بشكوال 1 / 11، 12.
(5) انظر " تاريخ الاسلام " 4 / 100 / 2، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1059، و " الصلة " 1 / 12، و " جذوة المقتبس " 128، 129، و " الديباج المذهب " 1 / 235.
* تاريخ بغداد 4 / 318، طبقات الشيرازي 188، الكامل في التاريخ 9 / 209،
تهذيب الأسماء واللغات 2 / 195، تاريخ الاسلام 4 / 106 / 2، العبر 3 / 67، طبقات
السبكي 3 / 19، 20، طبقات الأسنوي 2 / 363، طبقات ابن هداية الله 106، 107،
شذرات الذهب 3 / 151، هدية العارفين 1 / 69. تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 365
ولآل: قال النووي في " تهذيب الأسماء واللغات ": هو بلام ألف ثم لام على وزن " مال "،
وقال الأسنوي: ولآل بلامين بينهما ألف، معناه: أخرس.
75

ابن محمد بن الفرج، بن لآل، الهمذاني الشافعي.
حدث عن: أبيه، والقاسم بن أبي صالح، وعبد الرحمن الجلاب،
وعبد الله بن أحمد الزعفراني، وإسماعيل الصفار، وعلي بن الفضل
الستوري، وأبي سعيد بن الأعرابي، وأبي نصر محمد بن حمدويه
المروزي، وحفص بن عمر الأردبيلي، وعبد الله بن عمر بن شوذب،
وخلق كثير.
وله رحلة وحفظ ومعرفة.
حدث عنه: جعفر بن محمد الأبهري، ومحمد بن عيسى الصوفي،
وحميد بن المأمون، وأبو مسعود أحمد بن محمد البجلي، وأحمد بن عيسى
بن عباد، وأبو الفرج عبد الحميد بن الحسن، وآخرون.
وكان إماما مفننا.
قال شيرويه: كان ثقة، أوحد زمانه، مفتي البلد، وله مصنفات في
علوم الحديث، غير أنه كان مشهورا بالفقه. قال: ورأيت له كتاب
" السنن "، و " معجم الصحابة "، ما رأيت أحسن منه، والدعاء عند قبره
مستجاب، ولد سنة ثمان وثلاث مئة، ومات في ربيع الآخر، سنة ثمان
وتسعين وثلاث مئة (1).

(1) وقال السبكي في " الطبقات " 3 / 20: اضطرب في وفاته، فقيل سنة 92، وقيل
سنة 98، وقيل سنة 99، وقيل: كان يقول: اللهم لا تحيني إلى سنة أربع مئة. فمات قبلها.
76

وقال الحسن بن علي بن بندار الرنجاني الفرضي: ما رأيت قط مثل
ابن لآل رحمه الله (1).
قلت: والدعاء مستجاب عند قبور الأنبياء والأولياء، وفي سائر
البقاع، لكن سبب الإجابة حضور الداعي، وخشوعه وابتهاله، وبلا ريب
في البقعة المباركة، وفي المسجد، وفي السحر، ونحو ذلك، يتحصل
ذلك للداعي كثيرا، وكل مضطر فدعاؤه مجاب.
42 - أبو الرقعمق *
أبو حامد أحمد بن محمد الأنطاكي، الشاعر المشهور بمصر.
له شعر كثير، وهو في الشاميين كابن الحجاج (2) للعراقيين.
مدح الوزير ابن كلس (3) والكبراء، ومدح المعز أيضا والعزيز.
مات سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
43 - الوصي * *
الشريف السيد، أبو الحسن، محمد بن أبي إسماعيل علي بن

(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 106 / 2.
* يتيمة الدهر 1 / 310 - 334، وفيات الأعيان 1 / 131، 132، تاريخ الاسلام 4 /
110 / 1، العبر 3 / 70، الوافي بالوفيات 8 / 143، 144، حسن المحاضرة 1 / 561،
معاهد التنصيص 2 / 253 - 255، شذرات الذهب 3 / 155، تاريخ بروكلمان 2 / 103.
(2) تقدمت ترجمته برقم (29).
(3) هو أبو الفرج يعقوب بن يوسف، وزير العزيز صاحب مصر، مرت ترجمته في الجزء
السادس عشر. وانظر مديح أبي الرقعمق له في " يتيمة الدهر " 1 / 310 وما بعدها، و
" وفيات الأعيان " 1 / 131، 132.
* * تاريخ بغداد 3 / 90، 91، الأنساب (الوصي)، المنتظم 7 / 230 وفيات سنة
395، اللباب 3 / 368، تاريخ الاسلام 4 / 94 / 2، البداية والنهاية 11 / 335 وفيات
395، وقيل له الوصي، لأنه كان وصي الأمير السديد نوح الساماني صاحب خراسان وما وراء
النهر.
77

الحسين بن الحسن بن القاسم، العلوي الحسني الزيدي، الهمذاني
الملقب بالوصي.
ولد سنة عشر وثلاث مئة.
وسمع من: إسماعيل الصفار، وخيثمة الأطرابلسي، والأصم، وابن
الأعرابي، وأبي الميمون بن راشد، وعبدان بن يزيد الدقاق، وعبد الرحمن
الجلاب، وأحمد بن عبيد، وجعفر الخلدي، وأبي القاسم الطبراني.
وعنه: محمد بن عيسى، وعبد الرحمن بن أبي الليث الصفار،
ومحمد بن عمر بن عزيز، وجعفر بن محمد الأبهري، وأبو سعد
الكنجروذي، وعدة.
قال شيرويه: ثقة صدوق، صوفي واعظ، تفقه ببغداد على أبي علي
ابن أبي هريرة، وتزهد وجاور، ثم رجع، فأقام ببخارى مدة، وبها مات في
المحرم سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة (1).
وقيل: مات ببلخ (2).
وقال السلمي: كان أحد الاشراف علما ونسبا، ومحبة للفقراء وصحبة
لهم مع ما يرجع إليه من العلوم، صحب الخلدي، ودخل دويرة الصوفية
بالرملة، فكان يخدمهم أياما، حتى قدم فقير، فقبل رأسه، وقال: هذا
شريف الجبل. فقام عباس، فقبل رجله، فأخذ الشريف ركوته،
وسافر (3).

(1) " تاريخ الاسلام " 4 / 94 / 2. (2) انظر " تاريخ بغداد " 3 / 91.
(3) " تاريخ الاسلام " 4 / 94 / 2. والركوة: إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء.
والمقصود بالفقير: الصوفي، والفقر عندهم مقام شريف. انظر " معجم مصطلحات الصوفية "
207.
78

قال الإدريسي: يحكى عنه أنه جازف في آخر عمره في الرواية (1).
44 - التاهرتي *
الشيخ المحدث، مسند الأندلس، أحمد بن القاسم بن عبد
الرحمن، أبو الفضل، التميمي التاهرتي، المغربي البزاز.
مولده بتاهرت سنة تسع وثلاث مئة.
وقدم به والده قرطبة، فتديرها، وطلب الحديث في سنة أربع
وثلاثين، فسمع من: قاسم بن أصبغ، وأبي عبد الملك بن أبي دليم (2)،
ومحمد بن عيسى بن رفاعة، ووهب بن مسرة، ومحمد بن معاوية الأموي،
وأحمد بن الفضل الدينوري.
حدث عنه: ابن الفرضي، وأبو عمر بن عبد البر، وطائفة.
وكان ذا زهد وتعبد وانقباض مع الثقة والعلم (3).
توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وثلاث مئة، وله ست
وثمانون سنة.

(1) " تاريخ بغداد " 3 / 91 وذكر الإدريسي أن وفاته سنة 394.
* جذوة المقتبس 141، 142، الأنساب 3 / 14، 15، الصلة 1 / 84، بغية
الملتمس 188، معجم البلدان 2 / 9، اللباب 1 / 205، تاريخ الاسلام 4 / 97 / 2، العبر
3 / 58، شذرات الذهب 3 / 145. والتاهرتي: نسبة إلى تاهرت: اسم لمدينتين متقابلتين
بأقصى المغرب يقال لاحداهما: تاهرت القديمة، وللأخرى: تاهرت المحدثة، والأولى هي
التي ينسب إليها صاحب الترجمة.
(2) تحرف في " معجم البلدان " إلى دكيم.
(3) " الصلة " لابن بشكوال 1 / 84.
79

45 - سعيد بن نصر *
الامام المحدث، المتقن الورع، أبو عثمان، مولى الناصر لدين الله
الأموي صاحب الأندلس.
حدث عن: قاسم بن أصبغ، وأحمد بن مطرف، ومحمد بن معاوية
ابن الأحمر، وعدة.
وعني بالرواية والضبط، وروى الكثير.
روى عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر بن الحذاء، وجماعة.
وكان موصوفا بالعلم والعمل (1).
مات في ذي الحجة سنة خمس وتسعين أيضا عن نيف وثمانين سنة.
46 - الجوهري * *
إمام اللغة، أبو نصر إسماعيل بن حماد التركي الأتراري، وأترار (2):

* جذوة المقتبس 234، 235، الصلة 1 / 210، 211، بغية الملتمس 313،
314، تاريخ الاسلام 4 / 98 / 1.
(1) انظر " الصلة " 1 / 210.
* * يتيمة الدهر 4 / 406، دمية القصر 300، نزهة الألباء 344 - 346، معجم الأدباء
6 / 151 - 165، إنباه الرواة 1 / 194 - 198، العبر 3 / 55، تاريخ الاسلام 4 / 91 / 2،
92 / 1، دول الاسلام 1 / 236، مرآة الجنان 2 / 446، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 262 -
265، لسان الميزان 1 / 400 - 402، النجوم الزاهرة 4 / 207، 208، المزهر 1 / 97 -
99، بغية الوعاة 1 / 446 - 448، مفتاح السعادة 1 / 100 - 103، سلم الوصول 193،
إشارة التعيين الورقة 4 - 5، كشف الظنون 2 / 1071 - 1073، شذرات الذهب 3 / 142،
143، حاشية البغدادي على شرح بانت سعاد لابن هشام 1 / 461 - 463، روضات الجنات
110، 111، تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 2 / 259 - 263.
(2) انظر " تبصير المنتبه " 1 / 32.
80

هي مدينة فاراب، مصنف كتاب " الصحاح " (1)، وأحد من يضرب به المثل
في ضبط اللغة، وفي الخط المنسوب، يعد مع ابن مقلة (2) وابن البواب (3)
ومهلهل والبريدي.
وكان يحب الاسفار والتغرب، دخل بلاد ربيعة ومضر في تطلب لسان
العرب (4)، ودار الشام والعراق، ثم عاد إلى خراسان، فأقام بنيسابور يدرس
ويصنف، ويعلم الكتابة، وينسخ المصاحف (5).
وانفرد أهل مصر برواية " الصحاح " عن ابن القطاع، فيقال: ركب له
إسنادا (6).
وفي " الصحاح " أوهام قد عمل عليها حواش (7).
استولت السوداء على أبي نصر حتى شد له دفين كجناحين، وقال:

(1) وقد اختلف العلماء في ضبط " الصحاح " أهو بكسر الصاد أم بفتحها؟ جاء في
" المزهر " عن أبي زكريا الخطيب التبريزي: يقال بكسر الصاد وهو المشهور، وهو جمع
صحيح، كظريف وظراف، ويقال الفتح، نعت مفرد مثل صحيح، وقد جاء فعال - بفتح الفاء -
لغة في فعيل، كصحيح وصحاح، وشحيح وشحاح، وبرئ وبراء. وذكر ياقوت في " معجم
الأدباء " أن الجوهري قد صنف " الصحاح " للأستاذ أبي منصور عبد الرحيم بن محمد البيشكي،
وسمعه أبو منصور منه إلى باب الضاد المعجمة، ثم أورد ياقوت ترجمة أبي منصور هذا في
" معجمه " 6 / 163.
(2) هو محمد بن علي بن حسن بن مقلة الوزير الشاعر، ضرب بحسن خطه المثل، مرت
ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(3) هو علي بن هلال المعروف بابن البواب، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (192).
(4) وقد ذكر ذلك الجوهري في مقدمة كتاب " الصحاح ".
(5) انظر " إنباه الرواة " 1 / 194، و " معجم " ياقوت 6 / 153.
(6) انظر " إنباه الرواة " 1 / 197.
(7) انظر الحواشي التي عملت على " الصحاح " في " كشف الظنون " 2 / 1072،
1073. وانظر المقدمة الحافلة التي كتبها الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار للصحاح، طبعة دار
الكتاب العربي بمصر، وانظر " تاريخ " بروكلمان 2 / 260 - 263.
81

أريد أن أطير. فضحكوا، ثم طفر وطار. فتطحن (1).
وقد أخذ العربية عن: أبي سعيد السيرافي، وأبي علي الفارسي،
وخاله صاحب " ديوان الأدب " أبي إبراهيم الفارابي.
ويقال: إنه بقي عليه قطعة من الصحاح مسودة بيضها بعده تلميذه
إبراهيم بن صالح الوراق، فغلط في مواضع حتى قال في سقر: هو بالألف
واللام. وهذا يدل على جهله بسورة المدثر. وقال: الحرأضل (2) الجبل.
فصحف، وعمل الكلمتين كلمة، وإنما هي: الجر أصل الجبل (3).
وللجوهري نظم حسن (4)، ومقدمة في النحو.
قال جمال الدين علي بن يوسف القفطي (5): مات الجوهري مترديا
من سطح داره بنيسابور، في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة. ثم قال:
وقيل: مات في حدود سنة أربع مئة رحمه الله.
47 - ابن حمة *
الشيخ الثقة، أبو الحسين، عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن حمة
الخلال، بغدادي.

(1) انظر " نزهة الألباء " 344، و " معجم الأدباء " 6 / 157، و " بغية الوعاة " 1 / 447.
(2) كذا في الأصل بالحاء المهملة، وفي " نزهة الألباء ": الجرأضل بالجيم المعجمة.
(3) انظر " نزهة الألباء " 345.
(4) انظر شيئا منه في " يتيمة الدهر " 4 / 407، و " إنباه الرواة " 1 / 196 - 198.
(5) في " إنباه الرواة " 1 / 196.
* تاريخ بغداد 10 / 301، المنتظم 7 / 234، 235، تاريخ الاسلام 4 / 104 / 1.
82

مكثر عن حفيد يعقوب بن شيبة، وسمع من: المحاملي، وعبد
الغافر بن سلامة، وأبي العباس بن عقدة.
وعنه: البرقاني، وعبد العزيز الازجي، وعبيد الله الأزهري، وأحمد
ابن سليمان المقرئ، وأبو الحسين ابن الغريق.
وثقه الخطيب (1).
ومات سنة سبع وتسعين وثلاث مئة.
ومات أبوه في سنة ستين وثلاث مئة.
ومات سنة سبع عبد الرحمن بن إبراهيم المزكي، وشيخ المالكية أبو
الحسن علي بن عمر القصار البغدادي (2).
48 - ابن أسد الجهني *
الامام العلامة، عالم الأندلس، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن
عبد الرحمن بن أسد الجهني الطليطلي المالكي البزاز.
ولد سنة عشر وثلاث مئة.
وسمع من قاسم بن أصبغ وعدة، وارتحل فسمع من أبي محمد بن
الورد، وأبي علي بن السكن بمصر، ومن أحمد بن محمد بن أبي الموت
بمكة.

(1) في " تاريخ بغداد " 10 / 301.
(2) سترد ترجمته برقم (67).
* تاريخ علماء الأندلس 248، جذوة المقتبس 251، 252، ترتيب المدارك 4 /
687، بغية الملتمس 331، 332، تاريخ الاسلام 4 / 98 / 2.
83

وكان من أوعية العلم، رأسا في اللغة، فقيها محررا، عالما
بالحديث، كبير القدر (1).
أكثر عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو المطرف بن فطيس،
والخولاني، وأبو عمر بن الحذاء، وأبو مصعب بن أبي الوليد بن الفرضي.
وكان ذا ورع وإتقان، وتلاوة في المصحف.
مات في سنة خمس وتسعين وثلاث مئة في آخر السنة.
49 - عبد الوارث بن سفيان *
ابن جبرون بضم الجيم (2)، المحدث الثقة، العالم الزاهد، أبو
القاسم القرطبي، الملقب بالحبيب.
أكثر عن: قاسم بن أصبغ، وكان مليا به (3)، وعن وهب بن مسرة،
ومحمد بن عبد الله بن أبي دليم.
روى عنه: أبو محمد الأصيلي، وأبو عمران الفاسي، وأبو عمر بن
الحذاء، وأبو عمر بن عبد البر.
قال ابن الحذاء: كان صالحا عفيفا، يعيش من ضيعته، ولد سنة سبع

(1) " ترتيب المدارك " 4 / 687، 688.
* جذوة المقتبس 295، 296، الصلة 2 / 382، 383، بغية الملتمس 399،
400، العبر 3 / 59، تاريخ الاسلام 4 / 98 / 2، 99 / 1، شذرات الذهب 3 / 145،
146.
(2) وضبط في " الاكمال " 3 / 207 و " تبصير المنتبه " 2 / 546 بفتحها وبعدها باء
موحدة ساكنة.
(3) قال في " تاريخ الاسلام " 4 / 98 / 2 و " الصلة " 2 / 382: وكان أوثق الناس
فيه، وأكثرهم ملازمة له.
84

عشرة وثلاث مئة، وطلب العلم في الحداثة (1).
وقال ابن عبد البر: قرأت عليه " تاريخ " ابن أبي خيثمة كله،
و " موطأ " ابن وهب، وغير ذلك عن قاسم، وأجزاء (2).
توفي لخمس بقين من ذي الحجة سنة خمس وتسعين وثلاث مئة.
50 - الأخميمي *
الشيخ الثقة المسند، أبو الحسن، محمد بن أحمد بن (3) العباس
المصري الأخميمي، بقية الرواة.
سمع محمد بن زبان، وعلي بن أحمد علان، ومحمد بن عبد الله
المهراني، وإسماعيل بن وردان، وأبا جعفر الطحاوي، ومحمد بن
إسماعيل المهندس، وجماعة.
روى عنه: أبو الحسين محمد بن مكي ثلاثة أجزاء عالية عند أبي
القاسم بن الحرستاني.
مات في ذي القعدة سنة خمس وتسعين وثلاث مئة، وهو من أهل
الطبقة الماضية تأخرت وفاته.

(1) انظر " الصلة " 2 / 383.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 98 / 2 / 99 / 1.
* ترتيب المدارك 4 / 615، تاريخ الاسلام 4 / 99 / 1، العبر 3 / 59، حسن
المحاضرة 2 / 372، شذرات الذهب 3 / 145. والإخميمي: نسبة إلى إخميم: بلد قديم
على شاطئ النيل بالصعيد. " معجم البلدان " و " الأنساب ".
(3) تحرف لفظ " ابن " في " حسن المحاضرة " إلى " أبو ".
85

51 - السامري *
الامام القاضي، أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد بن يوسف
السامري الرفاء.
حدث عن: إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وحمزة بن القاسم،
وغيرهما.
وعنه: ابن بنته أبو الحسن محمد بن أحمد بن حسنون النرسي، وعبد
الرحمن بن أحمد بن بندار الرازي، وجماعة
وثقه الخطيب (1)، وقال: قال لي سبطه ابن حسنون: ما رأيته مفطرا
قط.
توفي سنة اثنتين وأربع مئة.
52 - الملاحمي * *
الامام المحدث، أبو نصر، محمد بن أحمد بن محمد بن موسى
البخاري الملاحمي.
حدث بنيسابور وبغداد بكتاب " رفع اليدين "، و " القراءة خلف

* تاريخ بغداد 11 / 327، 328، الأنساب 7 / 15، المنتظم 7 / 259، العبر 3 /
79. والسامري: نسبة إلى بلدة على الدجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخا يقال لها: سر من رأى،
فخففها الناس، وقالوا: سامرة.
(1) في " تاريخ بغداد " 11 / 328.
* * الأنساب: (الملاحمي)، المنتظم 7 / 230، اللباب 3 / 277، تاريخ الاسلام
4 / 99 / 1، العبر 3 / 59، البداية والنهاية 11 / 335، شذرات الذهب 3 / 145.
86

الامام " (1) عن محمود بن إسحاق، وروى عن سهل بن السري، والهيثم
بن كليب، وعلي بن قريش، وعبد الله الأستاذ.
وعنه: الحاكم، وأبو العلاء الواسطي، ومحمد بن أحمد بن
النرسي، وعبد الصمد بن المأمون، وعدة، وكان من جلة المحدثين.
قال أبو العلاء: كان من الحفاظ، توفي سنة خمس وتسعين وثلاث مئة
- زاد غيره: في جمادى الآخرة - وله ثلاث وثمانون سنة.
53 - ابن الإسماعيلي *
العلامة، شيخ الشافعية، أبو سعد، إسماعيل بن الإمام شيخ
الاسلام أبي بكر (2) أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس، الإسماعيلي
الجرجاني الشافعي، صاحب التصانيف.
ولد سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبيه، وأبي العباس الأصم، وأحمد بن كامل القاضي،
وابن دحيم الشيباني، وعمر بن حفص المكي، وأبي أحمد بن عدي،
وطبقتهم.

(1) وكلاهما من تأليف الإمام محمد بن إسماعيل البخاري صاحب " الصحيح ".
* تاريخ جرجان 106 - 109، تاريخ بغداد 6 / 309، 310، طبقات الشيرازي 100،
المنتظم 7 / 231، تبيين كذب المفتري 207 - 211، طبقات ابن الصلاح الورقة 39، تاريخ
الاسلام 4 / 101 / 1 و 2، العبر 3 / 60، مرآة الجنان 2 / 448، طبقات الأسنوي 1 /
51، 52، البداية والنهاية 11 / 336 وهو فيه إبراهيم بن إسماعيل أبو سعيد وهو خطأ، شذرات
الذهب 3 / 147.
(2) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
87

حدث عنه: بنوه المفضل (1)، ومسعدة (2)، وسعد، والسري (3)،
وأبو محمد الخلال، وحمزة بن يوسف السهمي، وأبو القاسم التنوخي،
وخلق سواهم.
قال القاضي أبو الطيب: ورد أبو سعد الامام بغداد، فأقام بها سنة، ثم
حج، عقد له الفقهاء مجلسين، تولى أحدهما الشيخ أبو حامد
الأسفراييني، والآخر أبو محمد البافي (4).
وقال حمزة السهمي (5): كان أبو سعد إمام زمانه، مقدما في الفقه
وأصوله والعربية والكتابة والشروط والكلام، صنف في أصول الفقه كتابا
كبيرا، وتخرج به جماعة، مع الورع الثخين، والمجاهدة والنصح
للاسلام، والسخاء وحسن الخلق. وبالغ السهمي في تعظيمه.
توفي في نصف ربيع الآخر ليلة جمعة، سنة ست وتسعين وثلاث
مئة، فتوفي إكراما من الله له في صلاة المغرب وهو يقرأ: (إياك نعبد وإياك
نستعين) ففاضت نفسه رحمه الله (6).

(1) انظر ترجمته في " الأنساب " 1 / 252، و " طبقات الأسنوي " 1 / 53.
(2) ترجمته في " الأنساب " 1 / 252، 253.
(3) ترجمته في " طبقات " الأسنوي 1 / 53. ولابن الإسماعيلي من الأولاد أيضا أبو
الحسن مبشر وابنتان. انظر " تاريخ جرجان " 108، و " تبيين كذب المفتري " 209.
(4) انظر " تاريخ بغداد " 6 / 310، و " المنتظم " 7 / 231، و " البداية والنهاية "
11 / 336 وتحرف فيه " البافي " إلى " الباجي "، وأبو محمد البافي تقدمت ترجمته برقم
(36)، وأبو حامد الأسفراييني سترد ترجمته برقم (111).
(5) في " تاريخ جرجان " 106، 107.
(6) انظر " تاريخ جرجان " 107، و " المنتظم " 7 / 231، و " البداية والنهاية " 11 /
336.
88

أخوه
54 - أبو نصر محمد بن أبي بكر *
الامام المحدث، صدر الكبراء.
ذو الجاه العريض، والرئاسة الكاملة بجرجان.
سمع من: أبي يعقوب البحيري، وأبي العباس الأصم، ودعلج،
وعدة.
روى عنه: حمزة السهمي، وعبد الوهاب بن مندة، وجماعة.
وأملى عدة مجالس.
وكان ذا فهم وعلم وقبول عظيم (1).
وذكر أبو القاسم بن عساكر أنه كان أشعريا.
توفي في ربيع الآخر، سنة خمس وأربع مئة.
أخبرني محمد بن بيان البزاز بطرابلس، أنبأنا محمود بن إبراهيم،
أخبرنا أبو رشيد أحمد بن محمد، أخبرنا عبد الوهاب بن يحيى، أخبرنا
محمد بن أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، أخبرني أحمد بن عمرو بن الخليل
الآملي، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا عمرو بن عون، أخبرنا ابن
المبارك، عن ابن عجلان، عن عامر بن عبد الله، عن عمرو بن سليم، عن
أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دخل أحدكم المسجد فليركع
ركعتين قبل أن يجلس " (2).

* تاريخ جرجان 409، 410، الأنساب 1 / 251، 252، تبيين كذب المفتري 231،
232، اللباب 1 / 58، 59.
(1) " تاريخ جرجان " 410.
(2) إسناده حسن، وأخرجه أحمد 5 / 296، والحميدي رقم (421) من طريق سفيان،
عن عثمان بن أبي سليمان وابن عجلان بهذا الاسناد، وأخرجه مالك 1 / 162 في قصر الصلاة
في السفر: باب انتظار الصلاة والمشي إليها، ومن طريقه البخاري (444) ومسلم (714) وأحمد
5 / 295، والترمذي (316) وأبو داود (467) والنسائي 2 / 53 عن عامر بن عبد الله به.
89

55 - البحيري *
الامام الحافظ، الناقد الثقة، أبو عمرو، محمد بن الشيخ أبي
الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن بحير بن نوح، البحيري
النيسابوري المزكي. سمع أباه، ويحيى بن منصور القاضي، وعبد الله بن
محمد الكعبي، ومحمد بن المؤمل بن الحسن، وأبا بكر القطيعي،
وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وابنه أبو عثمان سعيد بن محمد
البحيري، وجماعة.
وله أربعون حديثا سمعناها، وأربعون حديثا أخرى عندي لم تقع لنا.
وممن روى عنه: أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، ومحمد بن
شعيب الروياني.
قال الحاكم: كان من حفاظ الحديث المبرزين في المذاكرة، توفي
في شعبان سنة ست وتسعين وثلاث مئة، وله ثلاث وستون سنة (1).
وسيأتي أبو عثمان ولده (2) مع أقرانه.

* تاريخ جرجان 502، الأنساب 2 / 98، المنتظم 7 / 232، اللباب 1 / 124،
تاريخ الاسلام 4 / 102 / 2، تذكرة الحفاظ 3 / 1082، البداية والنهاية 11 / 336 وتحرف
فيه إلى " الحيري "، طبقات الحفاظ 420.
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1083.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (47).
90

56 - الببغاء *
شاعر وقته، الأديب أبو الفرج، عبد الواحد بن نصر بن محمد،
المخزومي النصيبي.
له ديوان، ومدائح في سيف الدولة (1).
وتنقل في البلاد، ومدح الكبار (2).
ولقب بالببغاء لفصاحته، وقيل: بل للثغة في لسانه (3).
توفي في شعبان سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة (4).

(1) يتيمة الدهر 1 / 236 - 270، تاريخ بغداد 11 / 11، الأنساب 2 / 70، المنتظم
7 / 241، اللباب 1 / 117، الكامل في التاريخ 9 / 209، وفيات الأعيان 3 / 199 -
202، تاريخ الاسلام 4 / 107 / 2، 108 / 1، العبر 3 / 68، 69،، البداية والنهاية
11 / 340، النجوم الزاهرة 4 / 219، شذرات الذهب 3 / 152، 153، نزهة الجليس 2 /
319، تاريخ بروكلمان 2 / 98، 99. و " الببغا " ضبطت في الأصل بكسر الباء الأولى وتشديد
الباء الثانية المفتوحة، وضبطها السمعاني في " الأنساب " بفتح الباء الأولى وإسكان الثانية،
ووافقه ابن الأثير في " اللباب " والفيومي في " المصباح المنير " وصاحب " القاموس " وقال: وقد
تشدد الباء الثانية، وبه - أي بالتشديد وفتح الباء الأولى - ضبطها ابن خلكان في " الوفيات "،
وأهملها الجوهري وصاحب " اللسان ".
(1) انظر " يتيمة الدهر " 1 / 245 وما بعدها، و " تاريخ بغداد " 11 / 12.
(2) انظر " اليتيمة " 1 / 248.
(3) انظر " اليتيمة " 1 / 236 و 251 - 255، و " وفيات الأعيان " 3 / 202.
(4) أورد المؤلف في " تاريخ الاسلام " من شعره قوله:
يا من تشابه منه الخلق والخلق * فما تسافر إلا نحوه الحدق
توريد دمعي من خديك مختلس * وسقم جسمي من جفنيك مسترق
لم يبق لي رمق أشكو هواك به * وأنما يتشكى من به رمق
وله:
أوليس من إحدى العجائب أنني * فارقته فحييت بعد فراقه
يا من يحاكي البدر عند تمامة * ارحم فتى يحكيه عند محاقه
91

57 - صاحب بخارى *
الملك الملقب بالمنتصر، أبو إبراهيم، إسماعيل بن ملوك ما وراء النهر،
ولد الملك نوح بن نصر بن نوح بن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان
الساماني البخاري.
طول الملك في هذا البيت، وقد ولي جدهم إسماعيل ممالك خراسان
للمعتضد (1).
وكان قد عزل من الملك منصور بن نوح، واعتقل بسرخس، وملكوا
أخاه عبد الملك بن نوح (2)، فطمع في البلاد أيلك خان، وحاربهم، وظفر
بعبد الملك، وسجنه، واستولى على بخارى، فمات في السجن بعد
قليل، ثم قام المنتصر أخوهما، فسجنه أيضا أيلك خان وأقاربه (3)، فيهرب
المنتصر في هيئة امرأة كانت تتردد إلى السجن، واختفى أمره، فذهب إلى
خوارزم، فتلاحق به من بذ من بقايا السامانية، حتى استقام أمره، وكثر
جيشه، فأغار عسكره على بخارى، وكبسوا بضعة عشر أميرا من الخانية،
وأسروهم، وجاؤوا بهم إلى المنتصر، وهرب بقايا عسكر أيلك خان، وجاء
المنتصر، وفرح به الرعية، فجمع أيلك خان عساكره، فعبر المنتصر إلى
خراسان، ثم حارب متولي نيسابور نصر بن سبكتكين أخا السلطان محمود،
وأخذ منه نيسابور، فتنمر السلطان، وطوى المفاوز، ووافى نيسابور، ففر

* الكامل لابن الأثير 9 / 156 - 158.
(1) وذلك في سنة سبع وثمانين ومئتين بعد هزيمته لعمرو بن الليث الصفار، وكان قبل ذلك
سنة تسع وسبعين ولي عمل أخيه نصر بن أحمد بعد موته بما وراء النهر. انظر " الكامل " 7 /
456 و 500 - 502.
(2) وكان ذلك في سنة تسع وثمانين وثلاث مئة. " الكامل " 9 / 145
(3) انظر " الكامل " 9 / 148، 149.
92

منها المنتصر، وجال في أطراف خراسان، وجبى الخراج، وصادر، ووزن
له شمس المعالي ثمانين ألف دينار، وخيلا وبغالا مصانعة عن جرجان، ثم
إنه عاود نيسابور، فهرب منها أخو السلطان، فدخلها المنتصر، وعثر
أهلها، ثم كان بينه وبين السلطان محمود ملحمة مشهودة، وانهزم المنتصر
إلى جرجان، ثم التقى هو والعساكر السبكتكينية على سرخس، وقتل خلق
من الفريقين، وتمزق جمع المنتصر، وقتل أبطاله، فسار يعتسف المهالك
حتى وقع إلى محال الترك الغزية، وكان لهم ميل إلى آل سامان، فحركتهم
الحمية له في سنة ثلاث وتسعين، والتقوا أيلك خان، وحاربوه، ثم إن
المنتصر تخيل منهم، وهرب، ثم راسل السلطان محمودا يذكر سلفه،
فعطف عليه، ثم تماثل حاله، وتمت له أمور طويلة.
وكان بطلا شجاعا مقداما، وافر الهيبة، ثم التقى بأيلك في شعبان
سنة أربع، فانهزم أيلك، ثم حشد وجمع وأقبل، فالتقوا أيضا، فانهزم
المنتصر بمخامرة عسكره (1)، وفر إلى بسطام، وضاقت عليه المسالك، ثم
بيتوه، وقتل، وأسرت إخوته في سنة خمس وتسعين وثلاث مئة (2) حتى مات
بين الطعن والضرب ميتة تقوم مقام النصر إذا فاته النصر، كما قيل:
وأثبت في مستنقع الموت رجله * وقال لها: من دون أخمصك الحشر (3)

(1) قال ابن الأثير في " الكامل " 9 / 158، 159: ففارقه كثير منهم إلى بعض أصحاب
أيلك خان، فأعلموهم بمكانه، فلم يشعر المنتصر إلا وقد أحاطت به الخيل من كل جانب،
فطاردهم ساعة، ثم ولاهم الدبر.
(2) " الكامل " 9 / 159.
(3) البيت لأبي تمام من قصيدة يرثي بها محمد بن حميد الطوسي أحد قواد المأمون الذي
وجهه لقتال بابك الخرمي، وأولها:
كذا فليجل الخطب وليفدح الامر * فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
والكلام الذي نثره المؤلف قبل البيت هو من هذه القصيدة، ونصه:
فتى مات بين الطعن والضرب ميتة * تقوم مقام النصر إذا فاته النصر
والقصيدة في " ديوانه " 4 / 79، 85.
93

58 - الكلاباذي *
الامام الحافظ الأوحد، أبو نصر، أحمد بن محمد بن الحسين بن
الحسن (1) بن علي بن رستم، البخاري الكلاباذي، وكلاباذ محلة من
بخارى.
ولد في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة (2).
وسمع من: الهيثم بن كليب الشاشي، وعلي بن محتاج، وأبي جعفر
محمد بن محمد البغدادي الجمال، وعبد المؤمن بن خلف النسفي،
ومحمد بن محمود بن عنبر، وعبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي،
وطبقتهم.
روى عنه: الدارقطني مع تقدمه في كتاب " المدبج " (3)، والحاكم،

* تاريخ بغداد 4 / 434، الأنساب 10 / 506، اللباب 3 / 122، وفيات الأعيان 4 /
210، 211، تاريخ الاسلام 4 / 106 / 2، 107 / 1، تذكرة الحفاظ 3 / 1027، العبر
3 / 67، طبقات الحفاظ 406، شذرات الذهب 3 / 151، هدية العارفين 1 / 69.
(1) ما بين معقوفين من " الأنساب " و " تاريخ بغداد "، وقدم ابن خلكان " الحسن " على
" الحسين ".
(2) في " الأنساب " 10 / 507 أن ولادته سنة ستين وثلاث مئة، وهو خطأ. انظر " تذكرة
الحفاظ " 3 / 1027.
(3) هو أحد أنواع الحديث وهو رواية الاقران عن بعضهم، وهم المتقاربون في السن أو في
الاسناد كأن يكون أحد الراويين أكبر سنا من الآخر، ولكنهما يشتركان في الشيوخ، فإذا روى اثنان
من الاقران، كل واحد منهما عن الآخر سمي هذا النوع " مدبجا " مثل أبي هريرة وعائشة روى كل
منهما عن الآخر، والزهري وعمر بن عبد العزيز، ومالك والأوزاعي، فإن روى أحد القرينين عن
الآخر ولم يرو الآخر عنه، فلا يسمى مدبجا، مثل رواية سليمان التيمي عن مسعر وهما قرينان،
ولا يعلم لمسعر رواية عن التيمي. أنظر " ألفية السيوطي " شرح العلامة أحمد شاكر 239 -
241، و " معرفة علوم الحديث " للحاكم 215 - 220، و " الباعث الحثيث " 197، و
" تدريب الراوي " 2 / 246 - 248.
94

وجعفر بن محمد المستغفري، وآخرون.
قال المستغفري: هو أحفظ من بما وراء النهر اليوم فيما أعلم (1).
وقال الحاكم: أبو نصر الكلاباذي الكاتب من الحفاظ، حسن الفهم
والمعرفة، عارف " بصحيح " البخاري، كتب بما وراء النهر وخراسان
وبالعراق، ووجدت شيخنا أبا الحسن الدارقطني قد رضي فهمه ومعرفته،
وهو متقن ثبت، توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة.
قال: ولم يخلف بما وراء النهر مثله (2).
قلت: له مصنف في معرفة رجال " صحيح " البخاري (3).
وقال السلفي: أخبرنا بكتاب " الارشاد في معرفة رجال البخاري "
خالد بن عبد الواحد التاجر بأصبهان، أخبرنا عبد الملك بن الحسن بن
سياوش الكازروني عن مؤلفه أبي نصر (4).
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر المالكي، أنبأنا السلفي،

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1027.
(2) " الأنساب " 100 / 507، و " تاريخ الاسلام " 4 / 107 / 1، و " تذكرة الحفاظ "
3 / 1027.
(3) واسمه: " الهداية والارشاد في معرفة أهل الثقة والسداد الذين أخرج لهم البخاري في
جامعه " ومنه عدة نسخ خطية في مكتبات العالم، انظر " تاريخ التراث العربي " للدكتور سزكين
1 / 358، وهذا الكتاب هذبه عبد الله بن عبد الرحمن بن جزي، المتوفى سنة 562 ه‍، ومنه
نسخة خطية في باريس 2086. وجمع محمد بن طاهر بن القيسراني المتوفى سنة 507 ه‍ في
كتاب واحد بين هذا الكتاب وكتاب " الرجال عند مسلم " لأبي بكر أحمد بن علي بن محمد بن
منجويه المترجم في هذا الجزء برقم (293) بعنوان: " الجمع بين كتابي أبي نصر الكلاباذي وأبي
بكر بن منجويه في رجال البخاري ومسلم " وقد طبع في حيدر أباد سنة 1323 ه‍ في جزئين.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1028.
95

أخبرنا حمد بن عمر، أخبرنا يوسف بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد بن
الحسين الحافظ، حدثنا أحمد بن نصر البخاري، حدثنا الحسين بن محمد
القمي، حدثنا عبد الرحيم بن حبيب البغدادي، حدثنا بقية بن الوليد:
سمعت الأوزاعي يقول: لبس الصوف في السفر سنة وفي الحضر بدعة (1).
أخبرنا جماعة إذنا عن محمود بن أحمد الفقيه البخاري، أخبرنا
الحسن بن منصور قاضي خان، أخبرنا الحسن بن علي بن عبد العزيز
إملاء، حدثنا عمي محمود - قال قاضي خان: هو جدي - حدثنا عمر بن
منصور الحافظ إملاء، حدثنا أبو نصر الكلاباذي الحافظ، حدثنا أبو جعفر
محمد بن محمد، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدثنا إسماعيل بن
إسحاق الأنصاري، حدثنا مسعر، حدثنا عطية، عن أبي سعيد قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من طلب العلم صلت عليه الملائكة... " الحديث (2).
الحافظ أحمد بن محمد بن ماما: سمعت أبا نصر أحمد بن محمد
الكلاباذي يقول: كنت أعرف حلية الصحابة وصفتهم، كأني أنظر إليهم،
فلما اشتغلت بالكتابة للسلطان، ذهب ذلك عني.
59 - الضبي *
القاضي أبو عبد الله، الحسين (3) بن هارون بن محمد، الضبي البغدادي.

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1028.
(2) إسناده ضعيف جدا أورده العقيلي في " الضعفاء " لوحة 26 من طريق يحيى بن عثمان
ابن صالح بهذا الاسناد، وقال: هذا حديث باطل، ليس له أصل، وليس هذا الشيخ يعني
إسماعيل بن إسحاق الأنصاري ممن يقيم الحديث، وهو في جامع بيان العلم وفضله 1 / 45 من
طريق أبي زكريا يحيى بن هاشم، عن مسعر بن كدام به، وأبو زكريا هذا كذبه يحيى بن معين
وغيره.
* تاريخ بغداد 8 / 146، 147، المنتظم 7 / 240، تاريخ الاسلام 4 / 197 / 1،
العبر 3 / 68، شذرات الذهب 3 / 151. (3) في " العبر ": الحسن.
96

حدث عن: القاضي المحاملي، وأبي العباس بن عقدة، وأحمد بن
محمد الادمي المقرئ، ومحمد بن صالح بن زياد، وأحمد بن علي
الجوزجاني، وأملى مجالس عدة (1).
روى عنه: البرقاني، وأبو القاسم التنوخي، وأبو الحسين بن
النقور، وجماعة.
وكانت أصوله قد ذهبت إلا جزئين من مسموعاته، قاله الخطيب، ثم
قال: أخبرنا عبد الكريم المحاملي، أخبرنا الدارقطني قال: القاضي أبو
عبد الله الضبي غاية في الفضل والدين، عالم بالأقضية، ماهر بصناعة
المحاضر والترسل، موفق في أحواله كلها (2).
وقال البرقاني: حجة في الحديث، وأي شئ كان عنده من السماع،
جزءان، والباقي إجازة (3).
مات الضبي بالبصرة في شوال سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة، وقد ولي
قضاء الكرخ، ثم أضيف إليه قضاء مدينة المنصور، وقضاء الكوفة (4).
وفيها مات البديع الهمذاني صاحب الترسل والمقامات أبو الفضل
أحمد بن الحسين بن يحيى الأديب بديع الزمان (5)، والامام أبو بكر أحمد بن
علي بن أحمد بن لآل الهمذاني (6)، والحافظ أبو نصر الكلاباذي (7)، وشيخ

(1) انظر النسخ الخطية لبعض هذه المجالس في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 /
357.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 146 بأطول مما هنا.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 147، و " تاريخ الاسلام " 4 / 107 / 1.
(4) " المنتظم " 7 / 290. (5) تقدمت ترجمته برقم (36).
(6) تقدمت ترجمته برقم (41). (7) تقدمت ترجمته برقم (58).
97

الشافعية أبو محمد عبد الله بن محمد البافي (1) البخاري ببغداد، وكان آخر
تلامذة أبي إسحاق المروزي، وأبو الفرج عبد الواحد بن نصر الببغاء
الشاعر (2)، وعبيد الله بن أحمد بن علي الصيدلاني (3)، لحق ابن صاعد.
60 - العلوي *
الامام السيد، المحدث الصدوق، مسند خراسان، أبو الحسن،
محمد بن الحسين بن داود بن علي، العلوي الحسني النيسابوري
الحسيب، رئيس السادة.
سمع محمد بن إسماعيل بن إسحاق المروزي صاحب علي بن
حجر، وأبا حامد بن الشرقي، وأخاه عبد الله بن محمد، ومحمد بن عمر
ابن جميل، وأبا نصر محمد بن حمدويه الغازي، وأبا بكر بن دلويه الدقاق،
ومحمد بن الحسين القطان، وعبيد الله بن إبراهيم بن بالويه، وعدة.
حدث عنه: الحاكم، وأبو بكر البيهقي، وهو أكبر شيخ له، ومحمد
ابن القاسم الصفار، وأبو عبيد صخر بن محمد، وأبو القاسم إسماعيل بن
زاهر، ومحمد بن عبيد الله الصرام، وعثمان بن محمد المحمي، وعمر بن
شاه المقرئ، وشبيب بن أحمد البستيغي، وأحمد بن محمد بن مكرم
الصيدلاني، وموسى بن عمران الأنصاري، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك

(1) تقدمت ترجمته برقم (36).
(2) تقدمت ترجمته برقم (56).
(3) ترجمه المؤلف في " تاريخ الاسلام " 4 / 108 / 1، وابن الجوزي في " المنتظم "
7 / 247.
* طبقات ابن الصلاح: الورقة 10، العبر 3 / 76، الوافي بالوفيات 2 / 373، طبقات
السبكي 3 / 148، طبقات الأسنوي 1 / 84، شذرات الذهب 3 / 162.
98

المؤذن، وفاطمة بنت أبي علي الدقاق، وخلق سواهم.
قال الحاكم: هو ذو الهمة العالية، والعبادة الظاهرة، وكان يسأل أن
يحدث فلا يحدث، ثم في الآخر عقدت له مجلس الاملاء، وانتقيت له ألف
حديث، وكان يعد في مجلسه ألف محبرة، فحدث وأملى ثلاث سنين،
مات فجأة في جمادى الآخرة سنة إحدى وأربع مئة (1).
أخوه السيد:
61 - أبو علي محمد بن الحسين *
العلوي، هو الأصغر.
سمع ابن بلال، وأبا بكر القطان.
روى عنه الحاكم، وقال: مات سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة، وله
آثار ومعروف بنيسابور، عاش نيفا وسبعين سنة.
قلت: قال الحاكم: حدثنا أبو علي من سماعه " الصحيح "، فذكر
حديثا.
62 - ابن زنبيل * *
الشيخ الجليل، المسند الصادق، أبو العباس، أحمد بن الحسين بن
أحمد بن زنبيل النهاوندي.
قدم همذان في رمضان سنة اثنتين وأربع مئة، فحدث " بالتاريخ

(1) انظر " طبقات " السبكي 3 / 148، 149.
* تاريخ الاسلام 4 / 93 / 2، طبقات الأسنوي 1 / 84، 85.
* * لم نعثر له على مصادر ترجمة.
99

الصغير " للبخاري، عن أبي القاسم عبد الله بن محمد بن الأشقر القاضي
البغدادي، عن المصنف.
وقد ارتحل في الكهولة، فسمع من: أبي القاسم الطبراني، وأبي
بكر القطيعي، ومحمد بن أحمد المفيد، وطبقتهم.
روى عنه: حمزة بن أحمد الروذراوري (1)، وهناد بن إبراهيم
النسفي، وسعيد بن أحمد الجعفري، وأبو طاهر أحمد بن عبد الرحمن
الروذراوري، وأبو منصور محمد بن الحسن بن محمد النهاوندي،
وآخرون.
وثقه شيرويه الديلمي في " تاريخ همذان "، ولم يذكر له وفاة.
63 - ابن النجار *
الامام المقرئ، المعمر المسند، أبو الحسن (2)، محمد بن جعفر
ابن محمد بن هارون بن فروة، التميمي النحوي الكوفي، ابن النجار.
تلا على أبي علي الحسن بن عون النقار بحرف عاصم (3)، عن تلاوته
على القاسم بن أحمد الخياط تلميذ الشموني.

(1) نسبة إلى بلدة بنواحي همذان يقال لها روذراور. انظر " الأنساب " 6 / 182 وفيه
ترجمة حمزة بن أحمد هذا.
* تاريخ بغداد 2 / 158، المنتظم 7 / 260، معجم الأدباء 18 / 103، 104، إنباه
الرواة 3 / 83، معرفة القراء الكبار 1 / 295، 296، العبر 3 / 80، تلخيص ابن مكتوم
596، الوافي بالوفيات 2 / 305، البداية والنهاية 11 / 347، غاية النهاية لابن الجزري 1 /
111، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 31، 32، بغية الوعاة 1 / 69، 70، شذرات الذهب
3 / 164، كشف الظنون 1 / 302، هدية العارفين 2 / 58.
(2) في " كشف الظنون " و " هدية العارفين ": أبو الحسين، وهو خطأ.
(3) ابن أبي النجود الكوفي، أحد القراء السبعة، مرت ترجمته في الجزء الخامس برقم
(119).
100

وسمع الحديث من محمد بن الحسين الخثعمي الأشناني، وأبي بكر
ابن دريد، وإبراهيم نفطويه، وأبي روق الهزاني.
وعاش مئة عام.
حدث عنه: أبو القاسم الأزهري، وجماعة.
وتلا عليه الحسن بن محمد، وأبو علي غلام الهراس، وطائفة.
قال العتيقي: هو ثقة، مات بالكوفة في جمادى الأولى، سنة اثنتين
وأربع مئة (1).
وقال الأزهري: كان مولده في المحرم سنة ثلاث وثلاث مئة (2).
64 - الهرواني *
الامام العلامة، شيخ الحنفية، القاضي أبو عبد الله، محمد بن عبد
الله بن الحسين بن عبد الله بن يحيى بن حاتم، الجعفي الكوفي الحنفي،
المعروف بالهرواني.
تلا لعاصم على أبي العباس محمد بن الحسن بن يونس النحوي.
وسمع من محمد بن القاسم المحاربي، وعلي بن محمد بن هارون،
ومحمد بن جعفر بن رياح الأشجعي.
قرأ عليه أبو علي غلام الهراس.

(1) " تاريخ بغداد " 2 / 159.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 159، وانظر مصنفاته في " معجم الأدباء " و " هدية العارفين ".
* تاريخ بغداد 5 / 472، 473، الأنساب: (الهرواني)، اللباب 3 / 386، معرفة
القراء الكبار 1 / 296، العبر 3 / 81، غاية النهاية 2 / 177، 178، شذرات الذهب 3 /
165.
101

وحدث عنه: أبو محمد يحيى بن محمد بن الحسن العلوي
الأقساسي، وأبو الفرج محمد بن أحمد بن علان، ومحمد بن الحسن بن
المنثور الجهني، وأبو منصور محمد بن محمد العكبري النديم، وآخرون.
قال الخطيب (1): كان ثقة، حدث ببغداد.
قال: وكان من عاصره بالكوفة يقول: لم يكن بالكوفة من زمن ابن
مسعود إلى وقته أحد أفقه منه، حدثني عنه غير واحد (2).
قلت: بل كان بالكوفة بينه وبين ابن مسعود جماعة أفقه منه كعلقمة،
وعبيدة السلماني، وجماعة، ثم كالشعبي وإبراهيم النخعي، ثم كحماد
والحكم ومغيرة وعدة، ثم كابن شبرمة وأبي حنيفة وابن أبي ليلى وحجاج بن
أرطاة، ثم كسفيان الثوري ومسعر والحسن بن صالح وشريك، ثم كوكيع
وحفص بن غياث وابن إدريس وخلق.
قال الخطيب (3): وقال لي العتيقي: ما رأيت بالكوفة مثل القاضي
الهرواني.
وقال أبو الغنائم النرسي: ثقة مأمون، بقي على قضاء الكوفة سنين،
مات في رجب سنة اثنتين وأربع مئة.
قلت: عاش سبعا وتسعين سنة.

(1) في " تاريخ بغداد " 5 / 472.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 473.
102

65 - ابن فارس *
الامام العلامة، اللغوي المحدث، أبو الحسين، أحمد (1) بن فارس
ابن زكريا (2) بن محمد بن حبيب القزويني، المعروف بالرازي، المالكي،
اللغوي، نزيل همذان، وصاحب كتاب: " المجمل " (3).
حدث عن: أبي الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، وسليمان

* يتيمة الدهر 3 / 397 - 404، دمية القصر 3 / 1479، 1480، ترتيب المدارك 4 /
610، 611، نزهة الألباء 320 - 322، المنتظم 7 / 103 وفيات 369، معجم الأدباء 4 /
80 - 98، التدوين في تاريخ قزوين للرافعي: ورقة 146، إنباه الرواة 1 / 92 - 95، الكامل
في التاريخ 8 / 711، وفيات الأعيان 1 / 118 - 120، المختصر في أخبار البشر 2 / 142،
تاريخ الاسلام 4 / 97 / 1 و 2، تلخيص ابن مكتوم ورقة 15، 16، المستفاد من ذيل تاريخ
بغداد 65 - 67، عيون التواريخ 12 / لوحة / 258 - 261، الوافي بالوفيات 7 / 278 -
280، مرآة الجنان 2 / 422، البداية والنهاية 11 / 335، الديباج المذهب 1 / 163 -
165، الفلاكة والمفلوكون 108 - 110، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 230 - 232، النجوم
الزاهرة 4 / 212، بغية الوعاة 1 / 352، 353، طبقات المفسرين 1 / 59 - 61، مفتاح
السعادة 1 / 96، شذرات الذهب 3 / 132، 133، روضات الجنات 64، 65، إيضاح
المكنون 1 / 421، هدية العارفين 1 / 68، 69 سلم الوصول 112، أعيان الشيعة 9 / 215 -
228، وانظر مقدمة معجم مقاييس اللغة التي كتبها الأستاذ عبد السلام هارون.
(1) في " المنتظم ": أبو الحسين بن أحمد بزيادة لفظ " بن " وهو خطأ
(2) في " الديباج المذهب ": أحمد بن زكريا بن فارس.
(3) قال حاجي خليفة: اعتبر الأبواب في أوله والفصول في غيره كالمغرب، والتزم فيه
الصحيح والواضح من كلام العرب دون الوحشي المستنكر، وآثر فيه الايجاز... ذكر البرهان
الحلبي أن صاحب " القاموس " تتبع أوهام ابن فارس في " المجمل " في ألف موضع مع تعظيمه
له وثنائه عليه. " كشف الظنون " 1605. وكتاب " المجمل " لم يطبع منه سوى الجزء الأول
مرتين في القاهرة، الأولى سنة 1914، والثانية سنة 1947 نشرها الشيخ محيي الدين عبد الحميد
وصل فيه إلى مادة (دلك)، وحقق قسما منه السيد محمد مصطفى إبراهيم رضوان، ونال به مرتبة
الدكتوراه في جامعة القاهرة وصل فيه إلى حرف الجيم. وتقوم الآن مؤسسة الرسالة بنشره كاملا
بتحقيق الدكتور زهير عبد المحسن سلطان ولابن فارس أيضا كتاب " معجم مقاييس اللغة " وقد طبع
بتمامه بتحقيق الأستاذ عبد السلام هارون.
103

ابن يزيد الفامي، وعلي بن محمد بن مهرويه القزوينيين، وسعيد بن محمد
القطان، ومحمد بن هارون الثقفي، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب،
وأحمد بن عبيد الهمذانيين، وأبي بكر بن السني الدينوري، وأبي القاسم
الطبراني، وطائفة.
حدث عنه: أبو سهل بن زيرك، وأبو منصور محمد بن عيسى، وعلي
ابن القاسم الخياط المقرئ، وأبو منصور بن المحتسب، وآخرون.
مولده بقزوين ومرباه بهمذان، وأكثر الإقامة بالري.
وكان رأسا في الأدب، بصيرا بفقه مالك (1)، مناظرا متكلما على
طريقة أهل الحق، ومذهبه في النحو على طريقة الكوفيين، جمع إتقان
العلم إلى ظرف أهل الكتابة والشعر.
وله مصنفات (2) ورسائل (3)، وتخرج به أئمة.
وكان يتعصب لآل العميد، فكان الصاحب بن عباد يكرهه لذلك (4)،

(1) قال ياقوت: وكان فقيها شافعيا، فصار مالكيا، وقال: دخلتني الحمية لهذا البلد -
يعني الري - كيف لا يكون فيه رجل على مذهب هذا الرجل المقبول القول على جميع الألسنة.
" معجم الأدباء " 4 / 83، 84.
(2) انظر مصنفاته في " معجم الأدباء " 4 / 84، و " الوافي بالوفيات " 7 / 279، و
" طبقات المفسرين " 1 / 60، و " هدية العارفين " 1 / 68، 69، وانظر النسخ الخطية
لمصنفاته في " تاريخ " بروكلمان 2 / 265 - 268.
(3) قال ابن خلكان: ومنه اقتبس الحريري صاحب " المقامات " ذلك الأسلوب، وعليه
اشتغل بديع الزمان الهمذاني صاحب " المقامات ". " وفيات الأعيان " 1 / 118. وانظر بعض
رسائله في " اليتيمة " 3 / 397 وما بعدها.
(4) في " معجم الأدباء " 4 / 83: وكان الصاحب بن عباد يكرمه ويتتلمذ له ويقول:
شيخنا أبو الحسين ممن رزق حسن التصنيف، وأمن فيه من التصحيف.
104

وقد صنف باسمه كتاب " الحجر "، فأمر له بجائزة قليلة (1).
وكان يقول: من قصر علمه في اللغة وغولط غلط (2).
قال سعد بن علي الزنجاني: كان أبو الحسين من أئمة اللغة، محتجا
به في جميع الجهات غير منازع، رحل إلى الأوحد في العلوم أبي الحسن
القطان، ورحل إلى زنجان، إلى صاحب ثعلب أحمد بن الحسن
الخطيب، ورحل إلى ميانج إلى أحمد بن طاهر بن النجم، وكان يقول: ما
رأيت مثله. قال سعد: وحمل أبو الحسين إلى الري ليقرأ عليه مجد الدولة
ابن فخر الدولة، وحصل بها مالا منه، وبرع عليه، وكان أبو الحسين من
الأجواد حتى إنه يهب ثيابه وفرش بيته، وكان من رؤوس أهل السنة
المجردين على مذهب أهل الحديث.
قال: ومات بالري في صفر سنة خمس وتسعين وثلاث مئة (3)، وفيها
ورخه أبو القاسم بن مندة، ووهم من قال: مات سنة تسعين (4).
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن: أخبرنا البهاء عبد الرحمن، أخبرنا
عبد الحق اليوسفي، أخبرنا هادي بن إسماعيل، أخبرنا علي بن القاسم،

(1) قال الثعالبي: وكان الصاحب منحرفا عن أبي الحسين بن فارس لانتسابه إلى خدمة ابن
العميد وتعصبه له، وأنفذ إليه من همذان كتاب " الحجر " من تأليفه، فقال الصاحب: رد الحجر
من حيث جاءك. ثم لم تطب نفسه بتركه، فنظر فيه، وأمر له بصلة. " يتيمة الدهر " 3 / 200.
(2) " إنباه الرواة " 1 / 94.
(3) انظر " إنباه الرواة " 1 / 94، 95، و " تاريخ الاسلام " 4 / 97، و " المستفاد "
66، و " معجم الأدباء " 4 / 83، 84، و " الوافي بالوفيات " 7 / 278، 279.
(4) وهو ابن خلكان في " وفيات الأعيان " 1 / 119، وكذلك ابن فرحون في " الديباج
المذهب " 1 / 165. ووهم كذلك ابن الجوزي فأورده في وفيات سنة تسع وستين، والحميدي
قال بموته في حدود سنة ستين، قال ياقوت: وكل منهما لا اعتبار به، لاني وجدت خط كفه على
كتاب " الفصيح " تصنيفه وقد كتبه في سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.
105

أخبرنا أحمد بن فارس اللغوي، حدثنا علي بن أبي خالد بقزوين، حدثنا
الدبري، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن عبد الله بن السائب، عن
زاذان، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لله ملائكة
في الأرض سياحين يبلغوني عن أمتي السلام " (1).
ومن نظم ابن فارس:
سقى همذان الغيث لست بقائل * سوى ذا وفي الأحشاء نار تضرم
ومالي لا أصفي الدعاء لبلدة * أفدت بها نسيان ما كنت أعلم
نسيت الذي أحسنته غير أنني * مدين وما في جوف بيتي درهم (2)
وله:
إذا كنت تؤذى بحر المصيف * ويبس (3) الخريف وبرد الشتا
ويلهيك حسن زمان الربيع * فأخذك للعلم قل لي متى؟ (4)
66 - الأكواخي *
المحدث الحجة، أبو أحمد، عبد الله بن بكر (5) بن محمد،

(1) إسناده صحيح، وأخرجه من طرق عن سفيان به أحمد 1 / 387 و 441 و 452،
والدارمي 2 / 58، والنسائي 3 / 43، وصححه ابن حبان (2393) والحاكم 2 / 421، ووافقه
الذهبي، وصححه أيضا ابن القيم في " جلاء الافهام " ص 27.
(2) الأبيات في " تاريخ الاسلام " 4 / 97 / 2، و " يتيمة الدهر " 3 / 2، 4، و
" معجم الأدباء " 4 / 86، و " وفيات الأعيان " 1 / 119، و " إنباه الرواة " 1 / 93، و
" الديباج المذهب " 1 / 165.
(3) في " اليتيمة " و " الوافي " و " معجم الأدباء ": وكرب.
(4) البيتان في " يتيمة الدهر " 3 / 3، 4، و " معجم الأدباء " 4 / 88، و " الوافي
بالوفيات " 7 / 280، و " إنباه الرواة " 1 / 95.
* تاريخ بغداد 9 / 423، 424، معجم البلدان 1 / 241، تاريخ الاسلام 4 / 111 / 2.
(5) في " تاريخ بغداد " و " معجم البلدان ": بن أبي بكر.
106

الطبراني الزاهد، نزيل أكواخ بانياس.
حدث عن: أبي سعيد بن الأعرابي، وأحمد بن زكريا المقدسي،
وعثمان بن محمد السمرقندي، وخيثمة الأطرابلسي، وخلق كثير.
روى عنه: تمام الرازي: وعلي بن محمد الربعي، وأحمد بن رواد
العكاوي، وأبو علي الأهوازي، ومحمد بن علي الصوري.
وقال الصوري: كان ثقة ثبتا مكثرا، حكى عنه الدارقطني (1).
وقال الكتاني: ثقة يتشيع، مات سنة تسع وتسعين وثلاث مئة (2).
قلت: وله رحلة إلى بغداد، ولقي أبا سهل بن زياد وأمثاله.
67 - القصار *
شيخ المالكية، القاضي أبو الحسن، علي بن عمر بن أحمد،
البغدادي ابن القصار.
حدث عن علي بن الفضل الستوري وغيره.
روى عنه: أبو ذر الحافظ، وأبو الحسين بن المهتدي بالله.
ووثقه الخطيب (3)

(1) " تاريخ بغداد " 9 / 424.
(2) " تاريخ الاسلام 4 / 111 / 2.
* تاريخ بغداد 12 / 41، 42، طبقات الفقهاء للشيرازي 142، ترتيب المدارك 4 /
602، تاريخ الاسلام 4 / 104 / 2، العبر 3 / 64، الديباج المذهب 2 / 100، شذرات
الذهب 3 / 149، شجرة النور 92.
(3) في " تاريخ بغداد " 12 / 41.
107

وكان من كبار تلامذة القاضي أبي بكر الأبهري، يذكر مع أبي القاسم
الجلاب.
قال أبو إسحاق الشيرازي: له كتاب في مسائل الخلاف كبير، لا
أعرف لهم كتابا في الخلاف أحسن منه (1).
قال القاضي عياض (2): كان أصوليا نظارا، ولي قضاء بغداد.
وقال أبو ذر: هو أفقه من لقيت من المالكيين، وكان ثقة قليل
الحديث (3).
قال ابن أبي الفوارس: مات في ثامن ذي القعدة، سنة سبع وتسعين
وثلاث مئة. ويقال: مات سنة ثمان، والأول أصح.
68 - القصار *
الفقيه الامام، أبو بكر، أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر
الأصبهاني القصار، من كبار الشافعية.
حدث عن: أبي علي بن عاصم، وعبد الله بن جعفر بن فارس،
وعبد الله بن خالد الزاذاني، ومحمد بن إسحاق بن عباد، والقاضي أبي
أحمد العسال.

(1) واسم الكتاب: " عيون الأدلة في مسائل الخلاف بين فقهاء الأمصار " ومنه نسخة
خطية: القرويين بفاس 497، وقد اختصره أبو محمد القاضي عبد الوهاب الذي سترد ترجمته
برقم (287) ومنه نسخة خطية أيضا: القرويين بفاس 291. انظر " تاريخ التراث العربي "
لسزكين 3 / 161.
(2) في " ترتيب المدارك " 4 / 602.
(3) " تاريخ الاسلام " 4 / 104 / 2.
* تاريخ أصبهان 1 / 169، طبقات الشافعية للأسنوي 2 / 308، تاريخ الاسلام 4 /
109 / 1.
108

وكان ثبتا، كبير القدر.
حدث عنه: أبو القاسم بن مندة، وأخوه عبد الوهاب، ومحمد بن
أحمد بن علي السمسار، ومحمد بن يحيى الصفار، وجماعة.
توفي سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
69 - ابن يونس *
المنجم الكبير، مصنف " الزيج (1) الحاكمي "، أبو الحسن علي بن
محدث مصر أبي سعيد عبد الرحمن بن الفقيه أحمد بن شيخ الاسلام يونس
ابن عبد الأعلى الصدفي (2) المصري. وأهل التنجيم يخضعون لفضيلة هذا
التأليف.

* تاريخ الحكماء 230، 231، الأنساب 8 / 46 (الصدفي)، وفيات الأعيان 3 /
429 - 431، المختصر في أخبار البشر 2 / 145، تاريخ الاسلام 4 / 112، ميزان الاعتدال
3 / 132، الوافي 12 / 95، مرآة الجنان 2 / 451، 452، البداية والنهاية 11 / 341،
342، لسان الميزان 4 / 232، 233، حسن المحاضرة 1 / 539، شذرات الذهب 3 /
156، 157، هدية العارفين 1 / 684.
(1) علم الزيج: هو أحد فروع علم الهيئة، يتعرف منه مقادير حركات الكواكب سيما
السبعة السيارة وتقويم حركاتها وإخراج الطوالع وغير ذلك، وبه يعرف موضع كل واحد من
الكواكب - سيما السبعة - بالنسبة إلى فلكها وإلى فلك البروج، وانتقالاتها ورجوعها واستقامتها
وتشريقها وتغريبها وظهورها وخفاؤها في كل زمان ومكان، وبه يعرف كسوف الشمس وخسوف
القمر وما يجري هذا المجرى، وبه يستخرج تقويم فصول السنة وسمت القبلة وأوقات الصلاة.
انظر " مفتاح السعادة " 1 / 379، 380. وكتاب " الزيج الحاكمي " المعروف بزيج ابن يونس
قال فيه ابن خلكان: وهو زيج كبير، رأيته في أربع مجلدات بسط القول والعمل فيه، وما أقصر
في تحريره، ولم أر في الأزياج على كثرتها أطول منه، وذكر أن الذي أمره بعمله وابتدأه له العزيز
أبو الحاكم صاحب مصر. " وفيات الأعيان " 3 / 429، وانظر النسخ الخطية لهذا الكتاب في
" تاريخ " بروكلمان 4 / 225، وفيه أيضا النسخ الخطية لمصنفات أخرى لابن يونس.
(2) نسبة إلى الصدف - بكسر الدال -: وهي قبيلة من حمير نزلت مصر.
109

وله نظم رائق (1).
لبس مرة ثياب النساء، وضرب بالعود، وبخر، ورقب الزهرة، وكان
يلبس تحت العمامة طرطورا، كالبدو، وله إصابات عجيبة تضل
الجهلة (2).
وقد عدله القاضي محمد بن النعمان وقبله، فلا حول ولا قوة إلا
بالله (3).
وله سماعات عالية.
مات في شوال سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
70 - الجيزي *
القاضي الامام المقرئ الأوحد، أبو عبد الله أحمد بن عمر بن محمد
ابن عمر بن محفوظ (4) المصري الجيزي.
تلا علي أبي الفتح (5) بن بدهن.
وسمع من: أحمد بن بهزاد السيرافي، وأحمد بن إبراهيم بن جامع،

(1) انظر بعضا منه في " الوفيات " 3 / 430.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 430، و " تاريخ الاسلام " 4 / 112 / 2، و " لسان
الميزان " 4 / 233.
(3) قال المؤلف في " الميزان " 3 / 132: لا يحل الاخذ عنه، فإنه منجم ساحر.
* تاريخ الاسلام 4 / 109 / 1، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 126.
(4) في " غاية النهاية ": أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن محفوظ.
(5) هو أبو الفتح أحمد بن عبد العزيز بن موسى بن عيسى، المعروف بابن بدهن،
المقرئ، الخوارزمي الأصل ثم البغدادي، نزيل مصر، متوفى سنة تسع وخمسين وثلاث مئة،
ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 254، 255، وابن الجزري في " غاية النهاية "
1 / 68، 69.
110

وأحمد بن مسعود الزبيري، والعلامة أبي جعفر بن النحاس.
حدث عنه: فارس بن أحمد الضرير، وأبو عمرو الداني، وجماعة.
قال الداني: كتبنا عنه شيئا كثيرا من القراءات والحديث، وتوفي سنة
تسع وتسعين وثلاث مئة.
وقيل: توفي في شعبان سنة أربع مئة.
وأكبر شيخ له أبو الطاهر أحمد بن محمد المديني صاحب يونس بن عبد
الاعلى.
روى عنه المصريون.
71 - ابن أبي عمران *
الامام القدوة الرباني، الحافظ الرحال، أبو الفضل، أحمد بن أبي
عمران، الهروي الصرام (1)، المجاور، شيخ الحرم.
حدث عن: خيثمة بن سليمان، ومحمد بن أحمد المحبوبي،
وأحمد بن بندار، ودعلج السجزي، وأبي القاسم الطبراني، وعدة.
وكان من أوعية الحديث، روى الكثير بمكة.
وحدث عنه: أبو يعقوب القراب، وأبو نعيم الأصبهاني، وعلي بن
محمد الحنائي، وأبو علي الأهوازي، وأبو الفضل بن بندار الرازي،
وآخرون.
* تاريخ أصبهان 1 / 165، تاريخ الاسلام 4 / 109 / 1، العبر 3 / 69، شذرات
الذهب 3 / 153.
(1) نسبة إلى بيع الصرم، وهو الذي ينعل به الخفاف واللوالك. " الأنساب "
8 / 54. قال في " المصباح المنير ": الصرم بالفتح: الجلد، وهو معرب، وأصله
بالفارسية: " الجرم ". واللوالك: نوع من الجلود يتخذ منها نعال، والنسبة إليها
اللالكائي. (*)
111

وقد صحب محمد بن داود الدقي (1) والكبار، وأخذ عنه خلق من
المغاربة والرحالة، ووصفه الأهوازي بالحفظ.
توفي سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
72 - أبو علي البغدادي *
الشيخ العالم الثقة، مسند أصبهان، أبو علي، الحسن بن علي بن
أحمد بن سليمان بن البغدادي، الشطرنجي، التاجر، نزيل أصبهان.
حدث جدهم سليمان عن هشام بن عبيد الله الرازي، وحدث أبوهما
الأقرب علي بن أحمد عن أبي حاتم الرازي.
روى أبو علي عن: أبيه، والفضل بن الخصيب، وأحمد بن موسى
ابن إسحاق الخطمي (2)، وعبد الله بن محمد ابن أخي زرعة، والحسن
ابن علي بن أبي الحناء المرداسي الهمذاني، وأبي أسيد أحمد بن محمد بن
أسيد، وأحمد بن محمد اللنباني، ومحمد بن عبد الله بن نبيل الهمذاني،
وأبي الأسود عبد الرحمن بن الفيض، وأبي بكر محمد بن علي بن الحسين
الهمذاني، وأحمد بن محمد السحيمي، وعدة.
حدث عنه: محمود بن جعفر الكوسج، وابن مندة أبو القاسم،
وعدة.
وهم بيت حديث وإسناد.
توفي في رجب سنة تسع وتسعين وثلاث مئة، وعاش أربعا وتسعين
سنة، رحمه الله.

(1) بضم الدال المهملة وتشديد القاف وانظر ترجمته في " الأنساب " 5 / 327.
* تاريخ أصبهان 1 / 274، تذكرة الحفاظ 3 / 1029، تاريخ الاسلام 4 / 110 / 2.
(2) نسبة إلى بطن من الأنصار يقال له: خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس بن حارثة.
112

وممن روى عنه: أبو الطيب محمد بن أحمد بن إبراهيم - عرف
بسلة (1) - والحسن بن عمر بن يونس، وأبو منصور بن شكرويه.
73 - خلف بن القاسم *
ابن سهل الحافظ الامام المتقن أبو القاسم بن الدباغ الأزدي الأندلسي
القرطبي.
ولد سنة خمس وعشرين، وثلاث مئة.
وسمع بدمشق أبا الميمون بن راشد، وعلي بن أبي العقب،
وجماعة، وبمصر أبا بكر بن أبي الموت، وحمزة الحافظ، وابن الناصح،
وسلم بن الفضل، وأبا محمد بن الورد وعدة، وبمكة بكيرا الحداد
والآجري، وأبا الحسن الخزاعي، وبقرطبة محمد بن معاوية المرواني،
وأحمد بن الشامة. وكان من بحور الرواية.
روى عنه: عبد الله بن محمد بن الفرضي، وأبو عمرو الداني، وابن
عبد البر، وغيرهم.
قال الحميدي: جمع ابن الدباغ مسند أحاديث مالك، ومسند
أحاديث شعبة، والكنى التي للصحابة، وأقضية شريح، وكتاب
" الخائفين "، وزهد بشر الحافي، أكثر عنه شيخنا أبو عمر (2)، وكان لا
يقدم عليه من شيوخه أحدا، وبالغ في وصفه، وقال: كتب بالمشرق عن

(1) انظر " تبصير المنتبه " 4 / 1408.
* تاريخ علماء الأندلس 136 - 138، جذوة المقتبس 209 - 211، بغية الملتمس
286 - 289، معجم البلدان 4 / 325، تاريخ الاسلام 4 / 92 / 2، تذكرة الحفاظ 3 /
1025، الديباج المذهب 1 / 355، غاية النهاية 1 / 272، النجوم الزاهرة 4 / 211، نفح
الطيب 2 / 105، شذرات الذهب 3 / 144. هدية العارفين 1 / 348، تهذيب تاريخ دمشق
5 / 173، وسيعيد المؤلف ترجمته برقم (148).
(2) هو ابن عبد البر.
113

نحو ثلاث مئة شيخ، وكان من أعلم الناس برجال الحديث وأكتبهم له،
وهو محدث الأندلس في وقته (1)
قال الحميدي: وقد كتب عنه أبو الفتح عبد الواحد بن مسرور (2).
قلت: وقرأ بالروايات على جماعة منهم: أحمد بن صالح تلميذ ابن
مجاهد.
توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
قرأت على محمد بن عطاء الله: أخبرنا أبو القاسم السبط، أنبأنا
خلف الحافظ، أخبرنا أبو محمد، عن أبي عمر الحافظ، أخبرنا خلف بن
القاسم، حدثنا محمد بن موسى، حدثنا أحمد بن علي بن شعيب، حدثنا
محمد بن حفص، حدثنا جراح بن يحيى، حدثنا عمر بن عمرو، سمعت
عبد الله بن بسر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الدعاء كله محجوب حتى
يكون أوله ثناء على الله، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعوه، فيستجاب
الدعاء به " (3)
إسناده مظلم.
74 - منصور بن عبد الله *
ابن خالد بن أحمد بن خالد بن حماد، الحافظ، العالم الرحال، أبو

(1) " جذوة المقتبس " 210، 211.
(2) في " جذوة المقتبس " 211 وفيه الخبر الذي كتبه عنه.
(3) وأخرجه أبو عبد الله الخلال في تذكرة شيوخه كما في " المنتخب " منه 47 / 1 من
طريق الحارث الأعور، عن علي بن أبي طالب مرفوعا، وسنده ضعيف جدا، وأخرجه الترمذي
(486) موقوفا على عمر بن الخطاب، وفي سنده أبو قرة الأسدي، وهو مجهول.
* تاريخ بغداد 13 / 84، 85، الأنساب 5 / 24 (الخالدي)، اللباب 1 / 413،
المغني في الضعفاء 2 / 678، ميزان الاعتدال 4 / 185، العبر 3 / 76، لسان الميزان 6 /
96، 97، شذرات الذهب 3 / 162.
114

علي الذهلي الخالدي الهروي.
حدث عن: أبي سعيد بن الأعرابي، وأبي نصر محمد بن حمدويه
المروزي، وعبد الله بن أحوص الدبوسي لقيه بسمرقند، والحسن بن
محمد بن عثمان الفسوي، وأبي جعفر بن البختري، وأبي حامد بن بلال،
وعبد الله بن عمر بن شوذب، وعبد الله بن يعقوب الكرماني، وإسماعيل
الصفار، وأبي العباس الأصم، وعبد المؤمن بن خلف النسفي، وابن
السماك، وطبقتهم.
وكتب الكثير وتعب.
روى عنه: أبو يعلى بن الصابوني، وأبو حازم العبدوني الحافظ، وأبو
سعيد عبد الرحمن بن محمد المؤدب، ونجيب بن ميمون الواسطي ثم
الهروي، وعدد كثير، إلا أنه غير ثقة.
قال أبو سعد الإدريسي: كذاب لا يعتمد عليه (1).
وذكره جعفر بن محمد المستغفري فقال: روى عن منصور بن محمد
البزدوي - يعني صاحب البخاري - ثم قال: مات في المحرم سنة اثنتين
وأربع مئة. وقيل: توفي سنة إحدى وأربع مئة.
75 - ابن تركان *
المحدث الصالح الصدوق، أبو العباس، أحمد بن إبراهيم بن أحمد
ابن تركان، التميمي الهمذاني الخفاف.

(1) انظر " تاريخ بغداد " 13 / 85، و " الأنساب " 5 / 26، و " ميزان الاعتدال " 4 /
185.
* الأنساب 3 / 42 (التركاني)، اللباب 1 / 212.
115

روى عن: أوس الخطيب، وعبد الرحمن الجلاب، وأبي سهل بن
زياد القطان، ودعلج السجزي، وطبقتهم.
وعنه: محمد بن عيسى، وأبو الفرج بن عبد الحميد الجريري،
وأحمد بن عيسى بن عباد، ويوسف الخطيب، وآخرون.
قال شيرويه: ثقة صدوق، ولد سنة سبع عشرة وثلاث مئة، ومات في
ربيع الأول سنة اثنتين وأربع مئة، وقبره يزار، رحمه الله.
76 - ملك سجستان *
الملك المحدث، صاحب سجستان، خلف بن أحمد بن محمد بن
الليث، السجستاني الفقيه، من جلة الملوك، له إفضال كثير على أهل
العلم.
مولده في سنة ست وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من: محمد بن علي الماليني صاحب عثمان بن سعيد
الدارمي، ومن عبد الله بن محمد الفاكهي المكي، وأبي علي بن
الصواف، وعلي بن بندار الصوفي.
روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو يعلى بن الصابوني، وطائفة.
وانتخب عليه الدارقطني.

* الأنساب 7 / 44 (السجزي)، تاريخ العتبي 1 / 96، 351، 352 - 360، 368 -
382، معجم البلدان 3 / 192 (سجستان)، الكامل لابن الأثير 8 / 563، 564 و 9 / 82 -
84 و 172، 173، اللباب 2 / 105، تاريخ الاسلام 4 / 111، العبر 3 / 70، شذرات
الذهب 3 / 156.
116

وامتدت دولته، ثم حاصره السلطان محمود بن سبكتكين، في سنة
ثلاث وتسعين، وآذاه، وضيق عليه، فنزل بالأمان إليه، فبعثه مكرما في
هيئة جيدة إلى الجوزجان، ثم بعد أربع سنين وصف للسلطان أنه يكاتب
سلطان ما وراء النهر أيلك خان، فضيق عليه (1).
وكان في أيامه ملكا جوادا مغشي الجناب، مفضلا محسنا ممدحا،
جمع عدة من الأئمة على تأليف تفسير عظيم حاو لأقوال المفسرين والقراء
والنحاة والمحدثين. فقال أبو النضر في كتاب " اليميني ": بلغني أنه أنفق
عليهم في أسبوع عشرين ألف دينار. قال: والنسخة به بنيسابور تستغرق
عمر الناسخ. أخبرني أبو الفتح البستي قال: عملت في الملك خلف ثلاثة
أبيات، لم أبلغها إياه لكنها اشتهرت، فلم أشعر إلا بثلاث مئة دينار بعثها
إلي، وهي هذه:
خلف بن أحمد أحمد الاخلاف * أربى بسؤدده على الأسلاف
خلف بن أحمد في الحقيقة واحد * لكنه مرب على الآلاف
أضحى لآل الليث أعلام الورى * مثل النبي لآل عبد مناف (2)
وقد امتدحه البديع الهمذاني وغيره، وفيه يقول الثعالبي:
من ذا الذي لا يذل الدهر صعبته * ولا تلين له الأيام صعدته
أما ترى خلفا شيخ الملوك غدا * مملوك من فتح العذراء بلدته (3)

(1) انظر " الكامل " 9 / 172، 173، و " تاريخ الاسلام " 4 / 111 / 1.
(2) " تاريخ الاسلام " 4 / 111 / 1.
(3) " تاريخ الاسلام " 4 / 111 / 1 و 2. وانظر مديح بديع الزمان للملك خلف في
" يتيمة الدهر " 4 / 261 و 279 و 300.
117

توفي في السجن في رجب، سنة تسع وتسعين وثلاث مئة، وورثه ابنه
أبو حفص.
قال الحاكم: قرأت عليه ببخارى انتخاب الدارقطني له، ومات شهيدا
في الحبس ببلاد الهند. ثم ساق الحاكم في ترجمته تسعة أحاديث.
أخبرنا أحمد بن هبة الله بقراءتي، عن عبد المعز بن محمد، أخبرنا
زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الواعظ سنة إحدى
وخمسين وأربع مئة، أخبرنا الأمير أبو أحمد خلف بن أحمد بن محمد بن
خلف، حدثنا خلف بن محمد بن إسماعيل، حدثنا خلف بن سليمان،
حدثنا خلف بن محمد كردوس، حدثنا خلف بن موسى بن خلف العمي،
حدثنا أبي، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه سمع رجلا يقول: اللهم
اغفر لي ولفلان. قال: من فلان؟ قال: جار لي أمرني أن أستغفر له.
قال: غفر الله لك ولصاحبك. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: اللهم
اغفر لي ولفلان. قال: " من فلان "؟ قال: جار لي أمرني أن أستغفر له.
قال: " غفر الله لك وله " (1).
هذا مسلسل بخمسة خلفين.

(1) سنده قابل للتحسين وانظر الطبراني (12299) و " مجمع الزوائد " 10 / 152.
118

77 - أبو حيان التوحيدي *
الضال الملحد (1)، أبو حيان، علي بن محمد بن العباس، البغدادي
الصوفي، صاحب التصانيف الأدبية والفلسفية، ويقال: كان من أعيان
الشافعية.
قال ابن بابي في كتاب " الخريدة والفريدة ": كان أبو حيان هذا كذابا
قليل الدين والورع عن القذف والمجاهرة بالبهتان، تعرض لأمور جسام من
القدح في الشريعة والقول بالتعطيل، ولقد وقف سيدنا الوزير الصاحب
كافي الكفاة على بعض ما كان يدغله ويخفيه من سوء الاعتقاد، فطلبه

* شد الازار للشيرازي 53، 54، معجم الأدباء 15 / 5 - 52، تهذيب الأسماء واللغات
2 / 223، وفيات الأعيان 5 / 112، 113، ميزان الاعتدال 4 / 518، عيون التواريخ 12 /
216 / 2، 217 / 2 الوافي بالوفيات خ 12 / 168، 169، طبقات السبكي 5 / 286 -
289، طبقات الأسنوي 1 / 301 - 303، لسان الميزان 7 / 38 - 41، بغية الوعاة 2 /
190، 191، مفتاح السعادة 1 / 234، 235، تاريخ ابن عدسة 3 / 354، 355، طبقات
ابن هداية الله 114 - 116، كشف الظنون 140، 167، 246، روضات الجنات 714،
إيضاح المكنون 1 / 602 و 2 / 65، هدية العارفين 1 / 284، 685، هدية الأحباب 14،
15، كنوز الأجداد 221 - 232، دائرة المعارف الاسلامية 8 / 333 - 335، أمراء البيان 2 /
488، 545.
قال ابن خلكان في نسبته " التوحيدي ": ولم أر أحدا ممن وضع كتب الأنساب تعرض إلى
هذه النسبة لا السمعاني ولا غيره، لكن يقال: إن أباه كان يبيع التوحيد ببغداد، وهو نوع من التمر
بالعراق، وعليه حمل بعض من شرح " ديوان " المتنبي قوله:
يترشفن من فمي رشفات * هن فيه أحلى من التوحيد
والله أعلم بالصواب.
ونقل السيوطي عن شيخ الاسلام ابن حجر قوله: يحتمل أن يكون إلى التوحيد الذي هو
الدين، فإن المعتزلة يسمون أنفسهم أهل العدل والتوحيد.
وانظر تعليق المؤلف على هذه النسبة ضمن الترجمة.
(1) كذا وصفه المؤلف، ووصفه السبكي في " الطبقات " بقوله: المتكلم الصوفي.
وقال ياقوت في " معجم الأدباء ": وكان يتأله، والناس على ثقة من دينه... فهو شيخ في
الصوفية. وانظر ما يأتي في الصفحة 120 تعليق رقم (2).
119

ليقتله، فهرب، والتجأ إلى أعدائه، ونفق عليهم تزخرفه وإفكه، ثم عثروا
منه على قبيح دخلته وسوء عقيدته، وما يبطنه من الالحاد، ويرومه في
الاسلام من الفساد، وما يلصقه بأعلام الصحابة من القبائح، ويضيفه إلى
السلف الصالح من الفضائح، فطلبه الوزير المهلبي، فاستتر منه، ومات في
الاستتار، وأراح الله، ولم يؤثر عنه إلا مثلبة أو مخزية (1).
وقال أبو الفرج بن الجوزي: زنادقة الاسلام ثلاثة: ابن الراوندي،
وأبو حيان التوحيدي، وأبو العلاء المعري، وأشدهم على الاسلام أبو
حيان، لأنهما صرحا، وهو مجمج ولم يصرح (2).
قلت: وكان من تلامذة علي بن عيسى الرماني (3)، ورأيته يبالغ في
تعظيم الرماني في كتابه الذي ألفه في تقريظ الجاحظ، فانظر إلى المادح
والممدوح! وأجود الثلاثة الرماني مع اعتزاله وتشيعه.
وأبو حيان له مصنف كبير في تصوف الحكماء، وزهاد
الفلاسفة، وكتاب سماه " البصائر والذخائر " (4)، وكتاب " الصديق

(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 287.
(2) ذكر قول ابن الجوزي السبكي في " الطبقات " 5 / 288، والسيوطي في " بغية
الوعاة " 2 / 191. ولم نجد ترجمة أبي حيان في " المنتظم "، وابن الجوزي ذكر نحوا من هذا
الكلام و بأوسع منه في ترجمة أبي العلاء المعري في " المنتظم " 8 / 183، 185، وقد دافع
السبكي عن أبي حيان، فقال: الحامل للذهبي على الوقيعة في التوحيدي مع ما يبطنه من بغض
الصوفية! هذان الكلامان، ولم يثبت عندي إلى الآن من حال أبي حيان ما يوجب الوقيعة فيه،
ووقفت على كثير من كلامه، فلم أجد فيه إلا ما يدل على أنه كان قوي النفس، مزدريا بأهل
عصره، ولا يوجب هذا القدر أن ينال منه هذا النيل، وسئل الامام الوالد رحمه الله عنه، فأجاب
بقريب مما أقول: " الطبقات " 5 / 288.
(3) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) نشر الجزء الأول منه الدكتور عبد الرزاق محيي الدين في بغداد سنة 1954، ونشره في
القاهرة سنة 1953 أحمد أمين وأحمد صقر. ثم طبع بتمامه في دمشق.
120

والصداقة " (1)، مجلد، وكتاب " المقابسات " (2)، وكتاب: " مثالب
الوزيرين " (3) - يعني ابن العميد وابن عباد - وغير ذلك (4).
وهو الذي نسب نفسه إلى التوحيد، كما سمى ابن تومرت أتباعه
بالموحدين، وكما يسمي صوفية الفلاسفة نفوسهم بأهل الوحدة
وبالاتحادية.
أنبأني أحمد بن أبي الخير، عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي، عن
ابن طاهر: سمعت أبا الفتح عبد الوهاب الشيرازي بالري يقول: سمعت أبا
حيان التوحيدي يقول: أناس مضوا تحت التوهم، وظنوا أن الحق معهم،
وكان الحق وراءهم.

(1) طبع غير مرة، وآخر طبعة صدرت في دمشق سنة 1964 بتحقيق الدكتور إبراهيم
الكيلاني.
(2) وهو مئة وثلاث مقابسات في مباحث من العلوم، ذكر فيه بعض ما وقع له من مفاوضات
علماء عصره في بغداد، وكانوا يجتمعون في دار أبي سليمان المنطقي، فيتذاكرون في مواضيع
شتى في الفلسفة والأدب. وقد طبع هذا الكتاب في الهند وغيرها، وآخر طبعة صدرت في بغداد
سنة 1970 م بتحقيق الدكتور محمد توفيق حسين.
(3) قال ابن خلكان في هذا الكتاب: ضمنه معايب أبي الفضل ابن العميد والصاحب بن
عباد، وتحامل عليهما، وعدد نقائصهما، وسلبهما ما اشتهر عنهما من الفضائل والافضال،
وبالغ في التعصب عليهما، وما أنصفهما، وهذا الكتاب من الكتب المجدودة، ما ملكه أحد إلا
وتعكست أحواله، ولقد جربت ذلك، وجربه غيري على ما أخبرني من أثق به. " وفيات
الأعيان " 5 / 112، 113.
والكتاب طبعه مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1965 م بتحقيق الأستاذ محمد بن تاويت
الطنجي. ومن آثار التوحيدي المطبوعة أيضا كتاب " الامتاع والمؤانسة "، وهو مجموع مسامرات
في فنون شتى حاضر بها الوزير أبا عبد الله العارض في نحو أربعين ليلة، نشره أحمد أمين وأحمد
الزين.
(4) انظر مصنفاته في " معجم الأدباء " 15 / 7، 8، و " هدية العارفين " 1 / 684،
685، وانظر النسخ الخطية لبعضها في " تاريخ " بروكلمان 4 / 336 - 338.
121

قلت: أنت حامل لوائهم.
قال الشيخ محيي الدين في " تهذيب الأسماء ": أبو حيان من أصحابنا
المصنفين، فمن غرائبه أنه قال في بعض رسائله: لا ربا في الزعفران.
ووافقه عليه أبو حامد المروذي (1).
وقال ابن النجار: له المصنفات الحسنة كالبصائر وغيرها. قال:
وكان فقيرا صابرا متدينا، صحيح العقيدة (2). سمع جعفرا الخلدي، وأبا
بكر الشافعي، وأبا سعيد السيرافي، والقاضي أحمد بن بشر العامري.
روى عنه: علي بن يوسف الفامي، ومحمد بن منصور بن جيكان (3)، وعبد
الكريم بن محمد الداوودي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، ومحمد بن
إبراهيم بن فارس الشيرازيون، وقد لقي الصاحب بن عباد وأمثاله.
قلت: قد سمع منه أبو سعد عبد الرحمن بن ممجة الأصبهاني، وذلك
في سنة أربع مئة، وهو آخر العهد به.
وقال السلفي: كان نصر بن عبد العزيز ينفرد عن أبي حيان بنكت
عجيبة (4).
وقال أبو نصر السجزي الحافظ فيما يأثروه عنه جعفر الحكاك:
سمعت أبا سعد الماليني يقول: قرأت الرسالة - يعني المنسوبة إلى أبي بكر
وعمر مع أبي عبيدة إلى علي رضي الله عنهم - على أبي حيان، فقال: هذه

(1) " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 223. ثم قال النووي: والصحيح المشهور تحريم
الربا فيه والله أعلم.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 287، و " لسان الميزان " 7 / 39.
(3) انظر " تبصير المنتبه " 1 / 475.
(4) انظر " لسان الميزان " 7 / 39.
122

الرسالة عملتها ردا على الرافضة، وسببه أنهم كانوا يحضرون مجلس بعض
الوزراء، وكانوا يغلون في حال علي، فعملت هذه الرسالة (1).
قلت: قد باء بالاختلاف على علي الصفوة، وقد رأيتها وسائرها كذب
بين.
78 - هشام المؤيد بالله *
ابن المستنصر صاحب الأندلس، بايعوه صبيا، فقام بتشييد الدولة
الحاجب المنصور (2) محمد بن أبي عامر، فكان من رجال الدهر رأيا
وحزما، ودهاء وشجاعة وإقداما - أعني الحاجب - فعمد أول تغلبه إلى خزائن
كتب الحكم، فأبرز ما فيها بمحضر من العلماء، وأمر بإفراز ما فيها من
تصانيف الأوائل والفلاسفة، حاشا كتب الطب والحساب، وأمر بإحراقها،
فأحرقت، وطمر بعضها، ففعل ذلك تحببا إلى العوام، وتقبيحا لمذهب
الحكم (3).
ولم يزل المؤيد بالله هشام غائبا عن الناس لا يظهر ولا ينفذ أمرا.
وكان ابن أبي عامر ممن طلب العلم والأدب، ورأس وترقى،
وساعدته المقادير، واستمال الامراء والجيش بالأموال، ودانت لهيبته الرجال،

(1) انظر " ميزان الاعتدال " 4 / 518، و " لسان الميزان " 7 / 38. قال ابن حجر:
فقد اعترف بالوضع.
* جذوة المقتبس 17، بغية الملتمس 21، الكامل لابن الأثير 8 / 677 - 679،
النبراس 22، تاريخ ابن خلدون 4 / 147، المغرب في حلي المغرب 1 / 193 - 196، البيان
المغرب 2 / 253 و 3 / 197، نفح الطيب 1 / 396.
(2) تقدمت ترجمته برقم (7).
(3) انظر الصفحة 15 تعليق رقم (2 و 3)
123

وتلقب بالمنصور، واتخذ الوزراء لنفسه، وبقي المؤيد معه صورة بلا
معنى، لان المؤيد كان أخرق، ضعيف الرأي، وكان للمنصور نكاية عظيمة
في الفرنج، وله مجلس في الأسبوع يجتمع إليه فيه الفضلاء للمناظرة،
فيكرمهم ويحترمهم ويصلهم، ويجيز الشعراء، افتتح عدة أماكن، وملا
الأندلس سبيا وغنائم، حتى بيعت بنت عظيم من عظماء الروم ذات حسن
وجمال بعشرين دينارا، وكان إذا فرغ من قتال العدو، نفض ما عليه من غبار
المصاف، ثم يجمعه ويحتفظ به، فلما احتضر أمر بما اجتمع له من ذلك بأن يذر
على كفنه، وغزا نيفا وخمسين غزوة، وتوفي مبطونا شهيدا وهو بأقصى
الثغر، بقرب مدينة سالم، سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
وكان أول شئ حاجبا للمؤيد بالله، فكان يدخل عليه القصر،
ويخرج فيقول: أمر أمير المؤمنين بكذا، ونهى عن كذا. فلا يخالفه أحد،
ولا يعترض عليه معترض، وكان يمنع المؤيد من الاجتماع بالناس، وإذا
كان بعد مدة ركبه، وجعل عليه برنسا، وألبس جواريه مثله، فلا يعرف
المؤيد من بينهن، فكان يخرج يتنزه في الزهراء، ثم يعود إلى القصر على
هذه الصفة.
ولما توفي الحاجب ابن أبي عامر، قام في منصبه ابنه الملقب
بالمظفر: أبو مروان عبد الملك بن محمد. وجرى على منوال والده، فكان
ذا سعد عظيم، وكان فيه حياء مفرط يضرب به المثل، لكنه كان من
الشجعان المذكورين، فدامت الأندلس في أيامه في خير وخصب وعز إلى أن
مات في صفر، سنة تسع وتسعين وثلاث مئة (1).

(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 423، و " الكامل " 8 / 678، و " الذخيرة " ق 4 / ج 1 /
78 - 86.
124

وقام بتدبير دولة المؤيد بالله الناصر عبد الرحمن أخو المظفر المذكور
المعروف بشنشول (1)، فعتا وتمرد، وفسق وتهتك، ولم يزل بالمؤيد بالله
حتى خلع نفسه من الخلافة، وفوضها إلى شنشول هذا مكرها، في جمادى
الآخرة، سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
ومن قصة شنشول - ويقال: شنجول وهو أصح - أن أباه المنصور غزا
غزوة البررت، وهو مكان مضيق بين جبلين لا يمشيه إلا فارس بعد فارس،
فالتقى الروم هناك، ثم نزل، وأمر برفع الخيام وبناء الدور والسور،
واختط قصرا لنفسه، وكتب إلى ابنه ومولاه واضح بالنيابة على البلاد، يقول
في كتابه: ولما أبصرت بلاد أرغون، استقصرت رأي الخلفاء في ترك هذه
المملكة العظيمة. فلما علمت الروم بعزمه، رغبوا إليه في أداء القطيعة،
فأبى عليهم إلا أن يهبوه ابنة ملكهم الذي من ذرية هرقل، فقالوا: إن هذا
لعار. فالتقوه في أمم لا تحصى في وسط بلادهم، وهو في عشرين ألف
فارس، فكان للمسلمين جولة، فثبت المنصور وولداه، وكاتبه ابن برد،
والقاضي ابن ذكوان في جماعة، فأمر أن تضرب خيمة له، فرآها
المسلمون، فتراجعوا، فهزم الله الكافرين، ونزل النصر، ثم حاصر مدينة لهم، فلما هم بالظفر، بذلوا له ابنة الملك، وكانت في غاية الجمال
والعقل، فلما شيعها أكابر دولتها، سألوها البر والعناية بهم، فقالت: الجاه
لا يطلب بأفخاذ النساء بل برماح الرجال. فولدت للمنصور شنجول هذا،
وهو لقب لجده لامه لقب هو به.
ومن مفاخر المنصور: أنه قدم من غزوة، فتعرضت له امرأة عند

(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 424 و " الكامل " 8 / 678، 679، و " تاريخ " ابن
خلدون 4 / 148، و " البيان المغرب " 3 / 44، وأعمال الاعلام: 91، و " جذوة المقتبس " 17.
125

القصر، فقالت: يا منصور! يفرح الناس وأبكي؟ إن ابني أسير في بلاد
الروم. فثنى عنانه وأمر الناس بغزو الجهة التي فيها ابنها.
وقد عصاه مرة ولد له، فهرب، ولجأ إلى ملك سمورة، فغزاها
المنصور، وحاصرها، وحلف ألا يرحل إلا بابنه، فسلموه إليه، فأمر
بقتله، فقتل بقرب سمورة.
ومن رجلة المنصور: أنه أحيط به في مدينة فتة، فرمى بنفسه من أعلى
جبلها، وصار في عسكره، فبقي مفدع (1) القدمين لا يركب، إنما يصنع له
محمل على بغل يقاد به في سبع غزوات وهو بضعة لحم، فانظر إلى هذه
الهمة العلية، والشجاعة الزائدة.
وكان موته آخر الصلاح وأول الفساد بالأندلس، لان أفعاله كانت
حسنة في الحال، فاسدة في المآل، فكانت قبله القبائل، كل قبيلة في
مكان، فإذا كان غزو، وضعت الخلفاء على كل قبيلة عددا، فيغزون، فلما
استولى المنصور، أدخل من صنهاجة ونفزن عشرين ألفا إلى الأندلس،
وشتت العرب عن مواضعها، وأخملهم، وأبقى على نفسه لكونه ليس من
بيوت الملك، ثم قتل في بني أمية جماعة، واحتاط على المؤيد، ومنعه من
الاجتماع بأحد، وربما أخرجه لهم في يوم العيد للهناء، فلما مات المنصور
وابنه المظفر أبو مروان، انخرم النظام، وشرع الفساد، وهلك الناس، فقام
شنجول وطغى وبغى، وفعل العظائم، والمؤيد بالله تحت الاحتجار،
فدس على المؤيد من خوفه وهدده، وأعلمه أنه عازم على قتله إن لم يوله
عهده، ثم أمر شنجول القضاة والاعلام بالمثول إلى القصر الذي بالزهراء،

(1) الفدع محركة: عوج وميل في المفاصل، كأن المفاصل قد زالت عن مواضعها، لا
يستطاع بسطها معه، وأكثر ما يكون في الرسغ من اليد والقدم.
126

فأخرج لهم المؤيد، وأخرج كتابا قرئ بينهم بأن المؤيد قد خلع نفسه،
وسلم الامر إلى الناصر لدين الله عبد الرحمن بن أبي عامر. فشهد من حضر
بذلك على المؤيد (1)، وأخذ الناصر هذا في التهتك والفسق، وكان زيهم
المكشوفة، فأمر جنده بحلق الشعر، ولبس العمائم تشبها ببني زيري (2)،
فبقوا أوحش ما يكون وأسمجه، لفوا العمائم بلا صنعة، وبقوا ضحكة، ثم
سار غازيا، فجاءه الخبر بأن محمد بن هشام بن عبد الجبار الأموي ابن عم
المؤيد بالله قد توثب بقرطبة، وهدم الزهراء، وأقام معه القاضي ابن
ذكوان، وأنفق الأموال في الشطار، فاجتمع له أربع مئة رجل، وأخذ يرتب
أموره في السر، ثم ركب، وقصد دار والي قرطبة، فقطع رأسه، فخرج إليه
الأستاذ جوذر الكبير، فقال له محمد بن هشام: أين المؤيد بالله؟ أخرجه.
فقال: أذل نفسه، وأذلنا بضعفه. فخرج يطلب أمانه، فقال: أنا إنما قمت
لأزيل الذل عنك، فإن خلعت نفسك طائعا، فلك كل ما تحب. ثم طلب
ابن المكوي (3) الفقيه، وابن ذكوان (4) القاضي والوزراء، فدخلوا على

(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 424 - 426، و " الكامل " 8 / 679، و " تاريخ " ابن
خلدون 4 / 148، 149.
(2) هم من البربر، وكانوا ملوك وأمراء إفريقية وما والاها من بلاد المغرب، وجدهم هو
الأمير زيري بن مناد، الحميري الصنهاجي، ومن أولاده أبو الفتوح بلكين بن زيري جد باديس بن
المنصور بن بلكين، وباديس سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (126). وانظر تراجم بني زيري
في " وفيات الأعيان " 1 / 265، 266 و 286، 287، و 304 - 306، و 2 / 343، 344، و
5 / 233 - 235. وانظر " معجم الأنساب والأسرات الحاكمة ": 109، و " تاريخ " ابن
خلدون 6 / 155، وما بعدها.
(3) هو أبو عمر أحمد بن عبد الملك بن هاشم، المعروف بابن المكوي، سترد ترجمته
برقم (120).
(4) هو أبو العباس أحمد بن محمد ذكوان القاضي، متوفى سنة 413، مترجم في
" المغرب في حلي المغرب " 1 / 215، 216، و " بغية الملتمس ": 174.
127

المؤيد، فشهدوا عليه بتفويض الامر إلى ابن عمه هذا، وضعف أمر
شنجول، وظفر به محمد، فذبحه في أثناء هذا العام، وله بضع وعشرون
سنة (1).
قال ابن أبي الفياض: كان ختان شنشول في سنة ثمانين وثلاث مئة،
فانتهت النفقة يومئذ إلى خمس مئة ألف دينار، وختنوا معه خمس مئة وسبعة
وسبعين صبيا.
وأما محمد بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر لدين الله عبد الرحمن،
فتلقب بالمهدي (2)، ونصب الديوان، واستخدم، فلم يبق زاهد ولا جاهل
ولا حجام حتى جاءه، فاجتمع له نحو من خمسين ألفا، ودانت له الوزراء
والصقالبة، وبايعوه، فأمر بنهب دور آل المنصور أبي عامر، وانتهب جميع
ما في الزهراء من الأموال والسلاح، وقلعت الأبواب. فقيل: وصل منها
إلى خزانة المهدي هذا خمسة آلاف ألف دينار سوى الفضة، وصلى بالناس
الجمعة بقرطبة، وقرئ كتابه بلعنة شنشول، ثم سار إلى حربه، فكان
القاضي ابن ذكوان يحرض على قتاله، ويقول: هو كافر. وكان شنشول قد
استعان بعسكر الفرنج لان أمه منهم، وقام معه ابن غومش، فجاء إلى
قرطبة، فتسحب جنده، فقال له ابن غومش: ارجع بنا قبل أن تؤخذ.
فأبى، ومال إلى دير شربش جوعان سهران، فأنزل له راهب دجاجة وخبزا،
فأكل وشرب وسكر، وجاء لحربه ابن عم المهدي وحاجبه محمد بن المغيرة
الأموي، فقبض عليه، فظهر منه الجزع، وقبل قدم ابن المغيرة، وقال: أنا

(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 426، و " الكامل " 8 / 679، و " تاريخ " ابن خلدون
4 / 149، 150.
(2) انظر " الكامل " 8 / 679، 680 و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 149، 150، و
" جذوة المقتبس " 18، و " نفح الطيب " 1 / 426، و " بغية الملتمس " 22، 23.
128

في طاعة المهدي. ثم ضربت عنقه، وطيف برأسه: هذا شنشول المأبون
المخذول. فلما استوثق الامر للمهدي، أظهر من الخلاعة والفساد أكثر مما
عمله شنشول.
قال الحميدي (1): فقام على المهدي ابن عمه هشام بن سليمان بن
الناصر لدين الله، في شوال سنة تسع وتسعين، وقام معه البربر، وأسر
هشام هذا، فقتله المهدي.
وقال غيره: زاد المهدي في الغي وأخذ الحرم، وعمد إلى نصراني
يشبه المؤيد بالله، ففصده حتى مات، وأخرجه إلى الناس، وقال: هذا
المؤيد. فصلى عليه، ودفنه (2)، وقدم على المهدي رسول فلفل بن سعيد
الزناتي صاحب طرابلس داخلا في طاعته، يلتمس إرسال سكة على اسمه
ليعينه على باديس، فغلب باديس على طرابلس وتملكها، وكتب إلى ابن
عمه حماد ليغري القبائل على المهدي لخذلانه، قد هم بالغدر بالبربر الذي
حوله، ولوح بذلك، فهذا سبب خروجهم عليه مع ابن عمه هشام بن
سليمان، فقتلوا أولا وزيريه: محمد بن دري، وخلف بن طريف، وأحرقوا
السراجين، وعبروا القنطرة، ثم تخاذلوا عن هشام حتى قتل، وتحيز جلهم
إلى قلعة رباح، فهرب معهم سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر، وهو
ابن أخي هشام المقتول، فبايعوه، وسموه: المستعين بالله (3)، وجمعوا له
مالا، حتى صار له نحو من مئة ألف دينار، فتوجه بالبربر إلى طليطلة،
فتملكها، وقتل واليها، فجزع المهدي، واعتد للحصار، وتجرأت عليه

(1) في " جذوة المقتبس " 18. وانظر " الكامل " لابن الأثير 8 / 680.
(2) انظر " الكامل " 8 / 679.
(3) سترد ترجمته عقب هذه الترجمة مباشرة.
129

العامة، ثم بعث عسكرا، فهزمهم سليمان المستعين، ثم سار حتى شارف
قرطبة، فبرز لحربه عسكر المهدي، فناجزهم سليمان، فكان من غرق
منهم في الوادي أكثر ممن قتل، وكانت وقعة هائلة هلك فيها خلق من الأخيار
والأئمة والمؤذنين، فلما أصبح المهدي بالله، أخرج للناس الخليفة
المؤيد بالله هشام بن الحكم، الذي كان أظهر لهم موته، فأجلسه للناس،
وأقبل قاضي الجماعة يقول: هذا أمير المؤمنين، وإنما محمد بن هشام بن
عبد الجبار نائبه. فقال له البربر: يا ابن ذكوان: بالأمس تصلي عليه،
واليوم تحييه؟! ثم خرج أهل قرطبة إلى المستعين، سليمان فاحسن
ملقاهم واختفى محمد المهدي واستوثق أمر المستعين ودخل قصر الامارة،
ووارى الناس قتلاهم، فكانوا نحوا من اثني عشر ألفا، ثم تسحب المهدي
إلى طليطلة، فقاموا معه، وكتب إلى الفرنج، ووعدهم بالأموال، فاجتمع
إليه خلق عظيم، وهو أول مال انتقل من بيت المال بالأندلس إلى الفرنج،
وكانت الثغور كلها باقية على طاعة المهدي، فقصد قرطبة في جحفل
عظيم، فالتقى الجمعان على عقبة البقر على بريد بن قرطبة، فاقتتلوا أشد
قتال، فانهزم سليمان المستمعين، واستولى المهدي على قرطبة ثانيا، ثم
خرج بعد أيام إلى قتال جماهير البربر، فالتقاهم بوادي آره، فهزموه أقبح
هزيمة، وقتل من جنده الفرنج ثلاثة آلاف، وغرق خلق، فجاء إلى قرطبة،
ثم وثب عليه العبيد، فضربت عنقه، وقطعت أربعته، وكفى الله شره في
ثامن ذي الحجة عام أربع مئة، وعاش أربعا وثلاثين سنة (1).
قال الحميدي (2): أعيد المؤيد بالله إلى الخلافة في آخر سنة أربع

(1) " جذوة المقتبس " 18، 19.
(2) " جذوة المقتبس " 17.
130

مئة، فحاصرته جيوش البربر مع سليمان المستعين مدة، واتصل ذلك إلى
شوال سنة ثلاث وأربع مئة، فدخل البربر قرطبة بالسيف، وقتل المؤيد
بالله. وقرأت بخط أبي الوليد بن الحاج: أن طائفة وثبوا على المهدي،
فقتلوه، وأخرجوا المؤيد بالله، فطير عنبر رأس المهدي بين يدي المؤيد،
وسكن الناس، وكتب المؤيد إلى البربر ليدخلوا في الطاعة، فأبوا، وصار
يركب ويظهر، فهابه الناس، وعاثت البربر، وعملت ما لا يعمله مسلم،
ونازلوا قرطبة سنة اثنتين وأربع مئة، واشتد القحط والبلاء، وفني الناس،
ودخل البربر بالسيف في سنة ثلاث، فقتلوا حتى الولدان، وهرب الخلق،
وهرب المؤيد بالله إلى المشرق، فحج، ولقد تصرف في الدنيا عزيزا
وذليلا، والعزة لله جميعا (1).
وقال غيره: أما المؤيد، فانقطع خبره، ونسي ذكره.
وقال عزيز في " تاريخ القيروان ": إن المؤيد بالله هرب بنفسه من
قرطبة، فلم يزل فارا ومستخفيا حتى حج، وكان معه كيس جوهر، فشعر به
حرابة مكة، فأخذوه منه، فمال إلى ناحية من الحرم، وأقام يومين لم يطعم
طعاما، فأتى المروة، فلقيه رجل، فقال له: تحسن تجبل الطين؟ قال:
نعم. فذهب به، فلم يحسن الجبل، وشارط على درهم ورغيف، فقال:
عجل القرص، فإني جائع. فأتاه به، فأكله، وعمل حتى تعب، وهرب،
وخرج مع الركب إلى الشام في أسوأ حال، فقدم القدس، فمشى، فرأى
رجلا يعمل الحصر، فنظر إليه الرجل، فقال: من أنت؟ قال غريب.
قال: تحسن هذه الصنعة؟ قال: لا. قال: فتكون عندي تناولني

(1) انظر " الكامل " لابن الأثير 9 / 216 - 219.
131

الحلفاء (1) وأعطيك أجرة؟ قال: نعم. فأقام عنده يعاونه، ويأكل معه،
فتعلم صنعة الحصر، وأقام بالقدس سنين، ولم يدر به أحد، ثم رجع إلى
الأندلس في سنة أربع وعشرين وأربع مئة.
قال عزيز: فهذا نص ما رواه مشايخ من أهل الأندلس، والذي ذكره
ابن حزم في كتاب " نقط العروس " أنه قال: أخلوقة لم يسمع بمثلها: ظهر
رجل يقال له خلف الحصري بعد اثنتين وعشرين سنة من موت المؤيد بالله
هشام، فبويع له، وخطب له على منابر الأندلس في أوقات شتى، وادعي
أنه المؤيد بالله هشام، وسفكت الدماء، وتصادمت الجيوش في أمره.
قال عزيز: فأقام المدعى أنه هشام نيفا وعشرين سنة والقاضي محمد بن
إسماعيل ابن عباد كالوزير بين يديه والامر إليه، فاستقام بذلك لابن عباد أكثر
بلاد الأندلس، ودفع عنه كلام الحساد إلى أن مات هشام.
قلت: هذه الحكاية شبه خرافة، ومن بعد سنة ثلاث وأربع مئة انقطع
خبر المؤيد بالله، وانتقل إلى الله، وأظنه قتل سرا، فكان له حينئذ خمسون
سنة، وكان ضعيف الرأي، قليل العقل، يصدق بما لا يكون، وله نهمة
في جمع البقر البلق (2)، وأعطى مرة مالا عظيما لمن جاءه بحافر حمار،
وزعم أنه حافر حمار العزيز، وأتاه آخر بحجر، فقال: هذا من الصخرة

(1) قال الأزهري: الحلفاء: نبت أطرافه محدودة كأنها أطراف سعف النخل والخوص،
ينبت في مغايض الماء والنزور، الواحدة حلفه مثل قصبة وقصباء... وكان الأصمعي يقول:
الواحدة: حلفة. وقال سيبويه: الحلفاء واحد وجميع. " تهذيب اللغة " 5 / 69. وفي
" معجم متن اللغة ": قال الشهابي: هو من فصيلة النجيليات، يكثر في الجزائر والمغرب
والأندلس، يصنعون بورقه الحصر والقفف والحبال، ويستخرجون منها أليافا وكاغدا.
(2) البلق: سواد وبياض، وارتفاع التحجيل إلى الفخذين.
132

وأتاه آخر بشعر قال: هذا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم. فقيل لهذا السبب: كان
المنصور يمنع الناس من الاجتماع به. وقال بعض الناس: بل خنقه
المهدي، وأخرجه ميتا كما ذكرنا، فالله أعلم، وبالجملة فالذي جرى على
أهل الأندلس من جندها البربر لا يحد ولا يوصف، عملوا ما يصنعه كفار
الترك وأبلغ، وأحرقوا الزهراء وجامعها وقصورها، وكانت أحسن مدينة في
الدنيا وأطراها، قال ابن نبيط:
ثلاثة من طبعها الفساد * الفأر والبربر والجراد
وقال محيي الدين عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي في كتاب
" المعجب ": دخلت البربر قرطبة وعليهم سليمان المستعين في شوال سنة
ثلاث وأربع مئة، فقتلوا المؤيد بالله، وقتل في هذه الكائنة بقرطبة من أهلها
نيف وعشرون ألفا.
79 - سليمان المستعين بالله *
ابن الحكم بن سليمان بن الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد،
الأموي المرواني.
دانت له الأندلس سنة ثلاث وأربع مئة كما ذكرنا، جال بالبربر يفسد
وينهب البلاد، ويعمل كل قبيح، ولا يبقي على أحد، فكان من جملة جنده
القاسم وعلي ابنا حمود بن ميمون العلوي الإدريسي، فجعلهما قائدين على

(1) جمهرة الأنساب 102، جذوة المقتبس 19 - 22، الذخيرة في محاسن الجزيرة:
القسم الأول، المجلد الأول / 35 - 48، بغية الملتمس 24 - 26، المعجب 42 - 45، الحلة
السيراء 2 / 5 - 12، البيان المغرب 3 / 91، المختصر في أخبار البشر 2 / 145، فوات
الوفيات 2 / 62، 63، تاريخ ابن خلدون 4 / 150، 151، نفح الطيب 1 / 428 - 431.
وسيكرر المؤلف ترجمته عقب الترجمة (173).
133

البربر، وأمر عليا على سبتة وطنجة وتلك العدوة، وأمر القاسم على الجزيرة
الخضراء.
قال الحميدي: لم يزل المستعين يجول بالبربر يفسد وينهب، ويقفر
المدائن والقرى بالسيف، لا يبقي معه البربر على صغير ولا كبير، إلى أن
غلب على قرطبة، ثم إن علي بن حمود الإدريسي طمع في الخلافة،
وراسل جماعة، فاستجاب له خلق، وبايعوه، فعدى من سبتة إلى
الأندلس، فبايعه متولي مالقه، واستحوذ على الكبار، وزحف إلى قرطبة،
فجهز المستعين لحربه ولده محمد بن سليمان، فالتقوا، فانهزم محمد،
وهجم ابن حمود، فدخل قرطبة في الحال، وظفر بالمستعين، فذبحه بيده
صبرا، وذبح أباه الحكم وهو شيخ في عشر الثمانين، وذلك في المحرم،
سنة سبع وأربع مئة، وانقضت دولة المروانية في جميع الأندلس (1).
وكان المستعين أديبا شاعرا، عاش نيفا وخمسين سنة.
وله تيك الأبيات المشهورة: (2):
عجبا يهاب الليث حد سناني * وأهاب لحظ (3) فواتر الأجفان

(1) " جذوة المقتبس " 19، 20 بأطول مما هنا.
(2) قال الحميدي: وهذه الأبيات معارضة للأبيات التي تنسب إلى هارون الرشيد
وأنشدنيها له أبو محمد عبد الله بن عثمان بن مروان العمري، وهي:
ملك الثلاث الآنسات عناني * وحللن من قلبي بكل مكان
مالي تطاوعني البرية كلها * وأطيعهن وهن في عصياني
ما ذاك إلا أن سلطان الهوى * وبه قوين أعز من سلطاني
انظر " جذوة المقتبس " 21، 22، و " الحلة السيراء " 2 / 9، و " الذخيرة " 1 / 1 /
46، 437.
(3) في " نفح الطيب " و " فوات الوفيات ": " سحر ".
134

وأقارع الأهوال لا متهيبا * منها سوى الاعراض والهجران
وتملكت نفسي ثلاث كالدمى * زهر الوجوه نواعم الأبدان
ككواكب الظلماء لحن لناظر (1) * من فوق أغصان على كثبان
هذي الهلال وتلك بنت المشتري * حسنا وهذي أخت غصن البان
حاكمت فيهن السلو إلى الصبا (2) فقضى بسلطان على سلطاني
وإذا تجارى في الهوى أهل الهوى * عاش الهوى في غبطة وأمان (3)
80 - علي بن حمود بن ميمون *
ابن أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن إدريس بن إدريس بن عبد
الله المحض بن الحسن المثنى بن ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن
أبي طالب، الناصر لدين الله، الهاشمي، العلوي الإدريسي.
استولى على الامر بقرطبة في أول سنة سبع وأربع مئة كما قدمنا،
وكانت دولته اثنين وعشرين شهرا (4)، ثم خالف عليه الموالي الذين قاموا
بنصره وبيعته، فخرجوا عليه، وقدموا عليه الأمير عبد الرحمن بن محمد بن

(1) في " نفح الطيب " و " الذخيرة " و " فوات الوفيات ": لناظري.
(2) في نفح الطيب ": الرضى، وفي " الحلة السيراء ": الهوى.
(3) الأبيات في " جذوة المقتبس " 21، و " الحلة السيراء " 2 / 9 بزيادة خمس أبيات قبل
البيت الأخير، و " نفح الطيب " 1 / 430، 431، و " الذخيرة " 1 / 1 / 47، 48 عدا البيت
الأخير وزيادة أربع أبيات، و " فوات الوفيات " 2 / 63 عدا البيت الخامس والأخير وزيادة أربع
أبيات.
* جمهرة ابن حزم 50، 51، جذوة المقتبس 22، الذخيرة في محاسن الجزيرة القسم
الأول، المجلد الأول 96 - 102، بغية الملتمس 27، الكامل لابن الأثير 9 / 269 - 273،
المعجب 98، البيان المغرب 3 / 119 - 124، تاريخ ابن خلدون 4 / 152، 153، الاعلام
128، نفح الطيب 1 / 431. وسيعيد المؤلف ترجمته عقب الترجمة رقم (170).
(4) وكان لقبه المتوكل على الله، وقيل الناصر لدين الله. انظر " الجذوة " و " الكامل ".
135

عبد الملك بن الناصر لدين الله الأموي، ولقبوه بالمرتضى، وزحفوا إلى
غرناطة، ثم ندموا على تقديمه لما رأوا من قوته وصرامته وثبات جأشه،
فخافوا من غائلته، ففروا عنه، ودسوا عليه من قتله غيلة (1).
وأما علي بن حمود، فوثب عليه غلمان له صقالبة في الحمام، فقتلوه
في آخر سنة ثمان وأربع مئة (2).
وخلف من الأولاد يحيى المعتلي وإدريس، فشيخنا جعفر (3) ابن
محمد الإدريسي من ذريته، حدثنا بمصر عن ابن باقا.
81 - القاسم بن حمود بن ميمون *
الإدريسي، والي إمرة الأندلس بعد مقتل أخيه علي بن حمود سنة
ثمان (4).
وكان هادئا ساكنا، أمن الناس معه، وكان يتشيع قليلا، فبقي في
الملك إلى سنة اثنتي عشرة وأربع مئة، في ربيع الأول، فخرج عليه ابن أخيه
يحيى بن علي بن حمود المعتلي، فهرب القاسم من غير قتال إلى إشبيلية،
فاستمال البربر، وجمع وحشد، وجاء إلى قرطبة، فهرب منه المعتلي، ثم
اضطرب أمر القاسم بعد قليل، وخذله البربر، وتفرقوا في سنة أربع عشرة،

(1) انظر " الكامل " لابن الأثير 9 / 271، 272.
(2) انظر تفصيل ذلك في " الذخيرة " 1 / 1 / 100، 101.
(3) ترجمه المؤلف في " مشيخته " الورقة 41 / 1.
* جمهرة ابن حزم 50، 51، جذوة المقتبس 22 - 24، الذخيرة في محاسن الجزيرة:
القسم الرابع، المجلد الأول / 481 - 486، بغية الملتمس 28، 29، الكامل لابن الأثير 9 /
273 - 276، البيان المغرب 3 / 124 و 133 و 190، تاريخ ابن خلدون 4 / 152، 153،
154، نفح الطيب 1 / 431، 432.
(4) وقد تلقب بالمأمون كما ذكرت مصادر الترجمة.
136

وتغلبت كل فرقة على بلد من الأندلس، وجرت خطوب وأمور يطول
شرحها، فلحق القاسم بشريش (1)، فقصده المعتلي، وحاصره، فظفر
به، وسجنه دهرا، وأما أهل إشبيلية، فطردوا عنها ابني القاسم بن حمود،
وأمروا عليهم ثلاثة: قاضي البلد محمد بن إسماعيل بن عباد، ومحمد بن
يريم الالهاني، ومحمد بن الحسن الزبيدي، فساسوهم، ثم تملك عليهم
القاضي، وأظهر لهم ذلك الحصري الذي يقال: إنه المؤيد كما قدمنا،
وتملك مالقة يحيى المعتلي والجزيرة الخضراء (2)، وغلب أخوه إدريس بن
علي على طنجة (3)، وطال أسر القاسم، وعاش ثمانين سنة، ثم خنق في
سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة.
82 - يحيى بن علي بن حمود المعتلي بالله *
أبو زكريا العلوي الحسني الإدريسي، وأمه علوية أيضا.
غلب على أكثر الأندلس، وتسمى بالخلافة، واستناب على قرطبة الأمير
عبد الرحمن بن أبي عطاف إلى سنة سبع عشرة، ثم قطعت دعوته عن قرطبة
فتردد عليها بالعساكر إلى أن أطاعته جماعة البربر وسلموا إليه الحصون
والقلاع، وعظم سلطانه، ثم قصد إشبيلية، فحاصرها، فخرج منها فوارس

(1) شريش: مدينة كبيرة من كورة شذونة، وشذونة مدينة بالأندلس تتصل نواحيها بنواحي
موزور من أعمال الأندلس. " معجم البلدان " 3 / 329.
(2) قال في " الجذوة ": وهي كانت معقل القاسم، وبها كانت ذخائره.
(3) في " الجذوة ": وهي كانت عدة القاسم التي يلجأ إليها إن رأى ما يخاف بالأندلس.
* جذوة المقتبس 24، الذخيرة في محاسن الجزيرة: القسم الرابع، المجلد الأول /
316 - 318، بغية الملتمس: 30، الكامل لابن الأثير 9 / 274 - 279، المعجب 50 -
54، البيان المغرب 3 / 188، تاريخ ابن خلدون 4 / 153، أعمال الاعلام 136، بلغة
الظرفاء 42، نفح الطيب 1 / 431.
137

وهو حينئذ سكران، فحمل عليهم وكانوا قد أكمنوا له، فقتلوه في المحرم،
سنة سبع وعشرين وأربع مئة (1).
ولما انهزم البربر مع القاسم بن حمود من قرطبة، اتفق رأي أهلها على رد
الامر إلى بني أمية، فاختاروا عبد الرحمن (2) بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر
لدين الله أخا (3) المهدي (4)، فبايعوه في رمضان سنة أربع عشرة، ولقبوه
بالمستظهر بالله، وله اثنتان وعشرون سنة.
ثم قام عليه نسيبه محمد بن عبد الرحمن في طائفة من سفلة العوام، فقتلوا
المستظهر بعد شهرين، وكان قد وزر له أبو محمد بن حزم الظاهري، فأثنى على
المستظهر، وقال: كان في غاية الأدب والبلاغة والذكاء، رحمه الله.
وقوي أمر محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر الأموي، ولقبوه
بالمستكفي بالله (5)، فبويع وله ثمان وأربعون سنة، فتملك ستة أشهر، وكان
أحمق، قليل العقل، وزر له أحمد بن خالد الحائك، ثم قتل وزيره، وخلع
هو، وسجنوه ثلاثا لم يطعموه فيها شيئا، ثم نفوه المعثر، فلحق بالثغور،
وأضمرته البلاد، وقيل: بل سم في دجاجة، فهلك، وعاد أمر الناس إلى
المعتلي.
فلما غاب المعتلي، أجمع أهل قرطبة على رد الامر إلى بني أمية، ونهض

(1) " جذوة المقتبس " 24، 25، و " الكامل " لابن الأثير 9 / 278، 279.
(2) وهو المستظهر بالله، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (215).
(3) في الأصل: " أخو " وهو خطأ.
(4) وهو محمد بن هشام بن عبد الجبار، تقدم الحديث عنه في ترجمة المؤيد بالله هشام
رقم (78).
(5) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (258).
138

بذلك الوزير أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور، وبايعوا أبا بكر هشام (1) بن
محمد بن عبد الملك بن الناصر لدين الله، ولقب بالمعتد بالله في ربيع الأول سنة
ثماني عشرة، وله أربع وخمسون سنة، فبقي ينتقل في الثغور، ودخل قرطبة في
آخر سنة عشرين، فلم يلبث إلا يسيرا حتى قامت عليه طائفة من الجند،
وجرت أمور يطول شرحها، ثم خلعوه، وأخرج من قصره والنساء مهتكات
حافيات، إلى أن دخلوا الجامع في هيئة السبايا، فبقوا هنالك أياما يتعطف
عليهم الناس بالطعام إلى أن خرجوا من قرطبة، فلحق هشام هذا بابن هود
المتغلب على سرقسطة ولاردة وطرطوشة، فأقام عنده إلى أن مات سنة سبع
وعشرين في العام الذي قتل فيه المعتلي.
فهذا آخر ملوك بني أمية مطلقا، وتفرقت الكلمة، وصار في الأندلس
عدة ملوك.
83 - جهور بن محمد بن جهور *
الرئيس أبو الحزم القرطبي الوزير، من بيت رئاسة ووزارة، من دهاة
الرجال وعقلائهم، دبر أمر قرطبة، واستولى عليها، لكنه من عقله لم يتسم
بالامرة، ورتب البوابين والحشم على باب القصر، ولم ينتقل من بيته، وأنفق

(1) انظر " جذوة المقتبس " 27 وما بعدها، و " بغية الملتمس " 34، و " الكامل " 9 /
282، و " نفح الطيب " 1 / 438.
* جمهرة الأنساب 93، جذوة المقتبس 28، 29 و 188، مطمح الأنفس 16، الذخيرة
في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول، المجلد الثاني / 602 - 605، الصلة لابن بشكوال
1 / 131، بغية الملتمس 34، 35 و 260، الكامل في التاريخ 9 / 284، 285، الحلة
السيراء 2 / 30 - 34، المغرب في حلي المغرب 1 / 56، البيان المغرب 3 / 185، دول
الاسلام 1 / 257، العبر 3 / 183، تاريخ ابن خلدون 4 / 159، شذرات الذهب 3 /
255.
139

في الجند الأموال، وأقام العمال، وفرق العدد على العامة (1).
وكان على طريقة الرؤساء الصالحين، فاستمر أمر الناس معه مستقيما إلى
أن توفي في صفر، سنة خمس وثلاثين وأربع مئة.
فقام بعده ابنه الرئيس أبو الوليد محمد بن جهور، فجرى في السياسة على
منهاج أبيه سواء، وبقي كذلك مدة سنين.
وكان والده أبو الحزم من كبار العلماء روى عن أبي عبد الله بن
مفرج، وخلف بن القاسم، وعباس بن أصبغ، وجماعة. روى عنه:
محمد بن عتاب، وغيره.
وكان من صغار وزراء دولة ابن أبي عامر.
وكان يقول: أنا ممسك أمر الناس إلى أن يتهيأ لهم من يصلح للخلافة.
فاستقل بالسلطنة، واستراح من اسمها، وكان يجعل ارتفاع الأموال ودائع
عند التجار ومضاربة (2).
وكان يعود المرضى، ويشهد الجنائز وهو بزي الصالحين، وله هيبة
عظيمة، وأمر مطاع، عاش إحدى وسبعين سنة.
وأما ابنه:
84 - أبو الوليد *

(1) في " جذوة المقتبس " 29، و " الحلة السيراء " 2 / 33: وفرق السلاح عليهم، وأمرهم
بتفريقه في الدكاكين وفي البيوت حتى إذا دهم أمر في ليل أو نهار، كان سلاح كل واحد معه.
وانظر " الكامل " 9 / 285.
(2) قال الحميدي: وجعل ما يرتفع من الأموال السلطانية بأيدي رجال رتبهم لذلك. انظر
" جذوة المقتبس " 28، 29، و " الحلة السيراء " 2 / 32، و " الذخيرة في محاسن أهل
الجزيرة " 1 / 2 / 603، و " الكامل " 9 / 285، وانظر ص 525 من هذا الجزء.
* الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول، المجلد الثاني / 604، الصلة لابن
بشكوال 2 / 546، 547، بغية الملتمس 35، الكامل في التاريخ 9 / 285، المعجب: 60
ووفاته فيه سنة 443، المغرب في حلي المغرب 1 / 56، 57، البيان المغرب 3 / 232، تاريخ
ابن خلدون 4 / 159.
140

فحكم على قرطبة ثمانية أعوام، فقصده ابن عباد، وقهره، وأخذ
البلد، ثم سجن أبا الوليد في حصن.
وكان قد قرأ على مكي بن أبي طالب، وسمع من أبي المطرف القنازعي،
ويونس بن عبد الله بن مغيث، وطائفة. وعني بالحديث.
فبقي في سجن ابن عباد إلى أن مات في نصف شوال، سنة اثنتين وستين
وأربع مئة.
وقيل: بل غلب على قرطبة المأمون بن ذي النون صاحب طليطلة، وقام
بعده ابن عكاشة البربري، ثم غلب عليها أبو القاسم بن عباد، وصارت تبعا
لإشبيلية (1).
85 - إدريس بن علي بن حمود الحسني *
الإدريسي، أخو المعتلي (2) بالله، لما قتل أخوه بادر أبو جعفر أحمد بن
موسى بن بقنة (3)، ونجا الصقلبي الخادم، فأتيا مالقة وهي دار ملكهم،
فأخبرا إدريس بن علي بقتل أخيه وكان بسبتة، فدخل الأندلس.

(1) انظر " تاريخ " ابن خلدون 4 / 159، و " المغرب في حلي المغرب " 1 / 56،
57.
* جذوة المقتبس 30، 31، بغية الملتمس 37، الكامل لابن الأثير 9 / 280، البيان
المغرب 3 / 289، الوافي بالوفيات 8 / 324، نفح الطيب 1 / 431 و 432.
(2) وهو صاحب الترجمة المتقدمة برقم (82).
(3) بالباء الموحدة والقاف المفتوحتين بعدهما نون مشددة مفتوحة، وقد تصحفت في
الأصل في المواضع الأربعة من هذه الترجمة وفي " الكامل " 9 / 279، 281 إلى بقية بالياء وهو
خطأ. أنظر " تبصير المنتبه " 1 / 200، و " الاكمال " 1 / 342.
141

بويع بمالقة بالخلافة، ولقب بالمتأيد، بالله، وجعل ابن أخيه حسن بن
المعتلي واليا على سبتة (1).
ثم إنه استنجد بإدريس محمد البربري (2) على حرب عسكر إشبيلية،
فأمده بجيش عليهم ابن بقنة، فهزموا عسكر إشبيلية، وكان عليه إسماعيل
ولد القاضي ابن عباد، وقتل إسماعيل، وحمل رأسه إلى إدريس بن علي،
فوافاه وهو عليل، فلم يعش إلا يومين ومات، وخلف من الولد محمدا الذي
لقب بالمهدي، والحسن الذي لقب بالسامي (3).
وكان المعتلي بالله قد اعتقل محمدا وحسنا ابني عمه القاسم بن حمود
بالجزيرة الخضراء، ووكل بهما رجلا من المغاربة، فحين بلغه خبر مقتل
المعتلي جمع من كان في الجزيرة من البربر والسودان، وأخرج محمدا
وحسنا، وقال: هذان سيداكم، فسارعوا إلى الطاعة لهما. فبويع محمد،
وتملك الجزيرة، لكنه لم يتسم بالخلافة، وأما أخوه الحسن، فأقام معه
مدة، ثم تزهد، ولبس الصوف، وفرغ عن الدنيا، وحج بأخته فاطمة (4).
ولما بلغ نجا الصقلبي وهو بسبتة موت إدريس، عدى إلى مالقة ومعه
حسن بن يحيى بن علي، فخارت قوى ابن بقنة، وهرب (5)، فتحصن
بحصن لمارش وهو على بريد من مالقة، فبويع الحسن بن يحيى بالخلافة،

(1) " جذوة المقتبس " 30، و " الكامل " 9 / 280.
(2) هو محمد بن عبد الله البرزالي صاحب قرمونة. انظر " جذوة المقتبس " 30، 31.
(3) " جذوة المقتبس " 30، 31، و " الكامل " 9 / 280، و " نفح الطيب " 1 /
432، وفيها أنه خلف من الولد أيضا يحيى الذي قتله ابن عمه حسن بن يحيى كما سيأتي.
(4) " جذوة المقتبس " 31، 32، و " الكامل " 9 / 280.
(5) قال الحميدي: فلما مات إدريس كما ذكرنا، رام ابن بقنة ضبط الامر لولده يحيى بن
إدريس المعروف بحيون، ثم لم يجسر على ذلك كل الجسر التام، وتحير وتردد. " جذوة
المقتبس " 32.
142

وتسمى بالمستعلي، ثم آمن ابن بقنة، فلما قدم عليه قتله، ثم قتل ابن عمه
يحيى بن إدريس بن علي، ورجع نجا إلى سبتة، ثم هلك حسن المستعلي
بعد سنتين (1).
فجاز نجا ليملك البلاد، فقتلته البربر، وأخرجوا من السجن
إدريس، ابن المعتلي، فبايعوه، وتلقب بالعالي (2)، وكان ذا رأفة ورقة،
لكن كان دنئ النفس يقرب السفل، ولا يحجب حرمه عنهم، وله تدبير
سئ (3). ثم إن البربر مقتوه، وأجمعوا على محمد بن القاسم بن حمود
الإدريسي الكائن بالجزيرة الخضراء، فبايعوه، ولقبوه بالمهدي، وصار
الامر في غاية الأخلوقة، أجتمع في الوقت أربعة يدعون بأمير المؤمنين في
رقعة من الأندلس، مقدار ما بينهم ثلاثون فرسخا في مثلها، ثم افترقوا عن
محمد بعد أيام، ورد خاسئا، فمات غما بعد أيام، وخلف ثمانية أولاد (4).
فتولى أمر الجزيرة الخضراء، بعده ولده القاسم بن محمد بن القاسم
الإدريسي (5).
وولي مالقة محمد بن إدريس بن المعتلي، فبقي عليها إلى أن مات
سنة خمس وأربعين وأربع مئة، وعزل أبوه هذه المدة، ثم ردوه بعد ولده إلى
إمرة مالقة، فهو آخر من ملكها من الإدريسيين (6)، فلما مات اجتمع رأي

(1) " جذوة المقتبس " 32، 33، و " الكامل " 9 / 280، 281، و " نفح الطيب "
1 / 432 وفيها أن الحسن بن علي لقب بالمستنصر بالله، لا بالمستعلي كما ذكر المؤلف.
(2) انظر تفصيل ما حدث قبل إخراجه من السجن ومبايعته بالخلافة في " جذوة المقتبس "
32، 33، و " الكامل " 9 / 281، و سيورد المؤلف ترجمته في هذا الجزء برقم (446).
(3) انظر " جذوة المقتبس " 33، 34، و " الكامل " 9 / 281.
(4) " جذوة المقتبس " 34، 35، و " الكامل " 9 / 282.
(5) " جذوة المقتبس " 36، و " نفح الطيب " 1 / 435.
(6) " جذوة المقتبس " 36، و " الكامل " 9 / 282.
143

البربر على نفي الإدريسية عن الأندلس إلى العدوة، والاستبداد بضبط ما
بأيديهم من الممالك، ففعلوا ذلك، فكانت الجزيرة وما والاها إلى
تاكزونة، ومالقة وغرناطة إلى قبيلة أخرى، ولم يزالوا كذلك إلى أن قوي
المعتضد بالله عباد بن القاضي بن عباد، وغلب على الأندلس، فأجلاهم
عنها، وذلك مذكور في " تاريخ " الحميدي وغيره، وغلب على كل قطر
متغلب تسمى بالمأمون، ومنهم من تسمى بالمعتصم، وآخر بالمتوكل،
حتى قال الحسن بن رشيق:
مما يزهدني في أرض أندلس * سماع معتصم فيها ومعتضد (1)
ألقاب مملكة في غير موضعها * كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد (2)
86 - النوقاتي *
المحدث الحافظ الأديب، أبو عمر، محمد بن أحمد بن محمد بن
سليمان النوقاني السجستاني. ونوقات: قرية من قرى سجستان.
حدث عن: عبد المؤمن بن خلف النسفي، ومحمد بن خيو بن حامد
الترمذي، وأبي حامد أحمد بن محمد بن الحسين البوشنجي، وعبد

(1) في " ديوانه ": سماع مقتدر فيها ومعتضد.
وفي " نفح الطيب " 1 / 214: تلقيب معتضد فيها ومعتمد.
وفي 4 / 255: أسماء معتضد فيها ومعتمد.
وفي " وفيات الأعيان ":
مما يقبح عندي ذكر أندلس * سماع معتضد فيها ومعتمد
(2) البيتان في " ديوانه " 59، 60، و " نفح الطيب " 1 / 214 و 4 / 255، و " وفيات
الأعيان " 4 / 428 ونسبهما ابن خلكان إلى ابن عمار الأندلسي.
* معجم البلدان 5 / 311، معجم الأدباء 17 / 205 - 208، الوافي بالوفيات 2 /
90، 91، هدية العارفين 2 / 53.
144

الرحمن بن محمد بن علوية الأبهري القاضي، وعدة.
وله من التصانيف: كتاب " العلم والعلماء "، كتاب " التعظة "،
كتاب " العتاب " (1)، كتاب " صون المشيب "، كتاب " الرياحين "،
كتاب " المسلسلات " (2).
حدث عنه: ولده أبو سعيد عثمان، وعلي بن بشرى الليثي، وعلي
ابن طاهر الشروطي، وحسين بن محمد الكرابيسي، وقاسم بن عباس
الصلحي، وأبو حامد أحمد بن سعيد التوني، وآخرون.
وقد لقي المسند عبد الله بن عمر بن مأمون السجستاني وولده عثمان،
وسمع منه.
توفي أبو عمر قبل الأربع مئة.
87 - ابن النعمان *
قاضي الديار المصرية، أبو عبد الله، الحسين بن قاضي القضاة أبي
الحسن علي (3) بن قاضي القضاة أبي حنيفة النعمان بن محمد، المغربي
العبيدي الرافضي.
ولي بعد موت عمه محمد (4) بأيام، وتمكن، واستمر، فحكم خمس

(1) ورد اسم الكتاب في " معجم الأدباء " و " الوافي ": " العتاب والاعتاب ".
(2) انظر " معجم الأدباء " 17 / 206، و " الوافي " 2 / 90. وفيهما شئ من شعره.
* وفيات الأعيان 5 / 422، تاريخ الاسلام 4 / 98 / 1، العبر 3 / 45، رفع الاصر
1 / 207 - 212، حسن المحاضرة 2 / 147، شذرات الذهب 3 / 132.
(3) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
145

سنين ونصف، فعزل في رمضان سنة 394 بابن عمه أبي القاسم عبد العزيز
بن محمد.
وجرى له أمر كبير مع الحاكم، ثم ضربت عنقه في أول سنة خمس (1)
وتسعين، وأحرق.
وعلت رتبة عبد العزيز (2) جدا، بحيث إن الحاكم أصعده معه يوم
العيد على المنبر، وتصلب في الاحكام، وقهر الظلمة، إلى أن عزل في
رجب سنة ثمان وتسعين بالقاضي مالك بن سعيد الفارقي، وقتله الحاكم -
وقتل معه القائد حسين بن جوهر وأمراء لأمر طويل - في سنة إحدى وأربع
مئة (3)، وعاش عبد العزيز سبعا وأربعين سنة.
88 - أبو عبيد الهروي *
العلامة أبو عبيد، أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الهروي
الشافعي اللغوي المؤدب، صاحب " الغريبين " (4).

(1) وقال في العبر 3 / 45: ضربت عنقه سنة أربع وتسعين.
(2) انظر ترجمته في رفع الاصر، 359، ووفيات الأعيان 5 / 422، وحسن المحاضرة
2 / 148.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 422، 423.
* معجم الأدباء 4 / 260، 261، طبقات ابن الصلاح الورقة 140 أ، وفيات الأعيان
1 / 90، 96، العبر 3 / 75، الوافي بالوفيات 8 / 114، 115، طبقات السبكي 4 / 84، طبقات
الأسنوي 2 / 518، 519، البداية والنهاية 11 / 344، 345، النجوم الزاهرة 4 / 228،
بغية الوعاة 1 / 371، شذرات الذهب 3 / 161، كشف الظنون 2 / 1206، هدية العارفين
1 / 70.
(4) هو في الجمع بين غريبي القرآن والحديث، رتبه على حروف المعجم على وضع لم
يسبق فيه، وجمع ما في كتب من تقدمه، فجاء جامعا في الحسن، إلا أنه جاء الحديث مفرقا في
حروف كلماته، فانتشر، فصار هو العمدة فيه، وما زال الناس بعده يتبعون أثره. " كشف
146

أخذ علم اللسان عن الأزهري (1) وغيره.
ويقال له: الفاشاني. وفاشان: بفاء مشوبة بباء: قرية من أعمال
هراة.
وقد ذكره أبو عمرو بن الصلاح في " طبقات الشافعية "، فقال: روى
الحديث عن أحمد بن محمد بن ياسين، وأبي إسحاق أحمد بن محمد بن
يونس البزاز الحافظ. حدث عنه: أبو عثمان الصابوني، وأبو عمر عبد
الواحد بن أحمد المليحي بكتاب " الغريبين ".
قلت: توفي في سادس رجب، سنة إحدى وأربع مئة.
قال ابن خلكان: سار كتابه في الآفاق، وهو من الكتب النافعة. ثم
قال: وقيل: إنه كان يحب البذلة، ويتناول في الخلوة، ويعاشر أهل الأدب
في مجالس اللذة والطرب. عفا الله عنه (2).
89 - البستي *
العلامة شاعر زمانه، أبو الفتح، علي بن محمد البستي الكاتب.
قال الحاكم بعد أن روى عنه: هو واحد عصره، حدثنا أنه سمع الكثير
من أبي حاتم بن حبان.

الظنون " 2 / 1206. وقد طبع الجزء الأول منه في القاهرة سنة 1971 من منشورات المجلس
الاعلى للشؤون الاسلامية. وانظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 2 / 271، 272.
(1) صاحب كتاب " التهذيب في اللغة ".
(2) " وفيات الأعيان " 1 / 96. والبذلة: ما يمتهن من الثياب.
* يتيمة الدهر 4 / 302 - 334، تاريخ حكماء الاسلام للبيهقي 49، الأنساب 2 /
210، المنتظم 7 / 72، 73، وفيات الأعيان 3 / 376 - 378، العبر 3 / 75، 76، البداية
والنهاية 11 / 278، شذرات الذهب 3 / 159.
147

قلت: وروى عنه الحسين بن علي البردعي، وشيخ الاسلام أبو
عثمان الصابوني، وآخرون.
مات سنة إحدى وأربع مئة.
وله نظم في غاية الجودة كبير سائر بين الفضلاء (1).
90 - ابن الجسور *
الامام المحدث الثقة الأديب، أبو عمر، أحمد بن محمد بن أحمد بن
سعيد بن الحباب، الأموي مولاهم القرطبي، ابن الجسور، وقد كناه أبو
إسحاق بن شنظير: أبا عمير، والأول أصح.
حدث عن: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله
ابن أبي دليم، ومحمد بن معاوية، وأحمد بن مطرف.
حدث عنه: الصاحبان (2)، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو عبد الله
الخولاني، وأبو محمد بن حزم، وهو أكبر شيخ لابن حزم.
مات في ذي القعدة سنة إحدى وأربع مئة وله نيف وثمانون سنة.

(1) في " اليتيمة " كثير من شعره ونثره، فمن نثره: من أصلح فاسده أرغم حاسده، من
أطاع غضبه أضاع أدبه، من سعادة جدك وقوفك عند حدك، إذا بقي ما قاتك فلا تأس على ما
فاتك.
ومن شعره:
يا من أعاد رميم الملك منشورا * وضم بالرأي ملكا كان منثورا
أنت الأمير وإن لم تؤت منشورا * والامر بعدك إن لم تؤتمن شورى
انظر فنون شعره في " اليتيمة " 4 / 307 - 334.
* جذوة المقتبس 107، الصلة 1 / 23، 24، بغية الملتمس 154، 155، العبر
3 / 75، الوافي بالوفيات 7 / 330، شذرات الذهب 3 / 161.
(2) سترد ترجمتهما برقمي (92) و (93).
148

وكان خيرا صالحا شاعرا، عالي الاسناد واسع الرواية، صدوقا.
قال أبو عمر بن عبد البر: قرأت عليه " المدونة " عن ابن مسرة، عن
محمد بن وضاح، عن مؤلفها سحنون، وقرأت " تفسير " ابن عيينة بروايته
عن قاسم بن أصبغ و " الموطأ " حدثنا به عن محمد بن عيسى بن رفاعة،
عن يحيى بن أيوب العلاف، عن ابن بكير، عن مالك.
ومات في العام قبله بأشهر شيخ المالكية بالأندلس أبو عمر أحمد بن
عبد الملك بن المكوي (1) مصنف " الاستيعاب " في المذهب في مئة جزء.
توفي فجأة عن ست وسبعين سنة. وكان رأسا في العلم والعمل.
ومات العلامة أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي صاحب " الغريبين "
في رجب، والعدل حمد (2) بن عبد الله بن علي الدمشقي صاحب دويرة
حمد مذبوحا في داره، والأديب البليغ أبو الفتح علي بن محمد البستي،
وشيخ نيسابور السيد أبو الحسن العلوي (3)، وأبو علي منصور بن عبد الله
الخالدي الهروي أحد الضعفاء (4).
91 - الحنائي *
الشيخ المحدث الصدوق، أبو بكر، عبد الله بن محمد بن عبد الله
ابن هلال، البغدادي الحنائي الأديب.

(1) سترد ترجمته برقم (120).
(2) انظر ترجمته في " تهذيب " ابن عساكر 4 / 438.
(3) تقدمت ترجمته برقم (60).
(4) تقدمت ترجمته برقم (74).
* تاريخ بغداد 10 / 140، 141، الأنساب 4 / 246، العبر 3 / 75، شذرات
الذهب 3 / 161.
149

حدث عن: يعقوب الجصاص، والحسين بن عياش، وأبي جعفر
ابن البختري، وإسماعيل الصفار.
حدث عنه: أحمد بن علي الكفرطابي، ورشأ بن نظيف، وأبو
القاسم الحنائي، وأبو علي الأهوازي.
وثقه الخطيب (1).
توفي سنة إحدى وأربع مئة بدمشق.
الصاحبان
92 - أبو جعفر أحمد بن محمد *
هما الحافظان الإمامان الرفيقان: أبو جعفر أحمد بن محمد بن
محمد بن عبيدة بن ميمون، الأموي مولاهم الطليطلي.
سمع بطليطلة من عبد الله بن أمية وأقرانه، وبقرطبة من أحمد بن عون
الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وعباس بن أصبغ، وأبي محمد عبد
المؤمن. وارتحلا جميعا إلى المشرق، فحجا، وسمعا من أبي بكر أحمد
ابن محمد المهندس، وأبي عدي عبد العزيز بن علي، وأبي بكر الأذفوي
وخلق، ثم رد ابن ميمون إلى طليطلة.
قال ابن مظاهر: كان من أهل العلم والفهم، حافظا للفقه، راوية
للحديث، دقيق الذهن في جميع العلوم، ذا أخلاق وآداب مع الزهد
والفضل والورع، مقبلا على طريق الآخرة، لم يتأهل... إلى أن قال:

(1) في " تاريخه " 10 / 140.
* الصلة 1 / 20 - 22، تذكرة الحفاظ 3 / 1091، طبقات الحفاظ 422، شذرات
الذهب 3 / 158، 159.
150

قل ما يجوز عليه في كتبه - مع كثرتها - وهم ولا خطأ، كانت كتبه وكتب
صاحبه ابن شنظير أصح كتب بطليطلة (1).
قلت: حمل الناس عنه، وتوفي إلى رحمة الله في شعبان سنة أربع
مئة بطليطلة كهلا، وصلى عليه صاحبه ابن شنظير وهو:
93 - الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن محمد *
ابن حسين بن (2) شنظير الأموي.
ذكرهما أبو القاسم بن بشكوال، فقال: كانا كفرسي رهان في العناية
الكاملة بالعلم والبحث على الرواية وضبطها، سمعا بطليطلة من لحقاه بها،
وبقرطبة ومصر والحجاز. وكان أبو إسحاق صواما قواما ورعا، يغلب عليه
علم الحديث ومعرفة طرقه.. إلى أن قال: وكان سنيا منافرا لأهل البدع،
ما رئي أزهد منه، ولا أوقر مجلسا، رحل الناس إليهما، ثم تفرد أبو إسحاق
بالمجلس، ثم توفي يوم النحر سنة اثنتين وأربع مئة وله خمسون عاما، رحمه
الله (3).
94 - ابن الأكفاني * *
قاضي القضاة ببغداد، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن عبد الله بن

(1) " الصلة " 1 / 21، 22.
* الصلة 1 / 89 - 91، تذكرة الحفاظ 3 / 1092، الوافي بالوفيات 7 / 103، 104،
طبقات الحفاظ 422، شذرات الذهب 3 / 163.
(2) لفظ " بن " سقط من " الوافي ".
(3) " الصلة " 1 / 89 - 91 بأطول مما هنا.
* * تاريخ بغداد 10 / 141، 142، الأنساب 1 / 339، اللباب 1 / 82، العبر 3 /
90، شذرات الذهب 3 / 174.
151

إبراهيم، البغدادي الشافعي، المعروف بابن الأكفاني.
حدث عن: القاضي أبي عبد الله المحاملي، وعبد الغافر بن
سلامة، وابن عقدة، وأحمد بن علي الجوزجاني، وطائفة.
حدث عنه: محمد بن طلحة، وأبو القاسم التنوخي، وعبد العزيز
الازجي، وعدة.
قال التنوخي: قال لي أبو إسحاق الطبري: من قال: إن أحد أنفق
على أهل العلم مئة ألف دينار، فقد كذب غير أبي محمد بن الأكفاني (1).
قال التنوخي: جمع له جميع قضاء بغداد في سنة 396 (2)، مات سنة
خمس وأربع مئة وله تسعون سنة إلا سنة.
95 - رأس الامامية بالعراق *
أبو عبد الله، أحمد بن محمد بن عبيد الله بن حسن الجوهري.
له تصانيف منها: " أخبار الاثني عشر "، وكتاب " الشجاج "،
وأشياء (3).
مات سنة إحدى وأربع مئة.
96 - ابن جميع * *
الشيخ العالم الصالح، المسند المحدث الرحال، أبو الحسين،

(1) " تاريخ بغداد " 10 / 141 و " الأنساب " 1 / 339.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 141.
* روضات الجنات 17، إيضاح المكنون 2 / 268، هدية العارفين 1 / 70.
(3) انظر تصانيفه في " هدية العارفين " 1 / 70.
* * الأنساب 8 / 116 (الصيداني) و 119 (الصيداوي)، معجم البلدان 3 /
437، 438، اللباب 2 / 253، العبر 3 / 80، الوافي بالوفيات 2 / 60، شذرات الذهب
3 / 164، تاج العروس 2 / 403 (صيد)، هدية العارفين 2 / 59.
152

محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن يحيى بن جميع،
الغساني الصيداوي، صاحب " المعجم " (1).
سمع بمكة من أبي سعيد بن الأعرابي، وبالمدينة أو لم يسمع بها،
وببغداد من المحاملي، وابن مخلد، والحسين بن سعيد المطبقي، وأبي
العباس محمد بن أحمد الأثرم، وأحمد بن علي الجوزجاني، وخلق،
وبالكوفة من الحافظ ابن عقدة، وبالبصرة من أبي روق الهزاني، وواهب بن
محمد، وبواسط من أحمد بن محمد بن سعدان، وبكفربيا (2) من أحمد بن
عبد الحكم البزاز، وببلد (3) من أحمد بن إبراهيم الامام، وبالرملة من أحمد
ابن عمرو الحافظ، وبمصر من أبي الطاهر أحمد بن محمد الخامي، وعدة،
وبصيدا من أحمد بن ريحان، وبصور من أحمد بن سعيد الفارسي، وأحمد
بن هشام بن الليث، وبمنبج من أبي بكر أحمد بن يوسف، وبحلب من أبي
بكر أحمد بن مسعود الوزان، وبسيراف (4) من جعفر بن محمد الأصبهاني،
وبرامهرمز (5) من أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الحافظ،
وبالمصيصة من حيان بن بشر القاضي، وبعين زربة (6) من حسنون بن
محمد، وبأطرابلس من خيثمة القرشي، وبالموصل من عبد الله بن علي بن

(1) انظر نسخه الخطية في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 366.
(2) مدينة بإزاء المصيصة على شاطئ جيحان.
(3) وربما قيل لها: بلط بالطاء، وهي مدينة قديمة على دجلة فوق الموصل، بينهما سبعة
فراسخ وبينها وبين نصيبين ثلاثة وعشرون فرسخا.
(4) مدينة جليلة على ساحل بحر فارس، كانت قديما فرضة الهند.
(5) مدينة مشهورة بنواحي خوزستان.
(6) بلد بالثغر من نواحي المصيصة.
153

إبراهيم العمري، وبأنطاكية من عبد الله بن خلف الصيدلاني، وبيافا من
عبد الله بن علي بن أبي الخنبش، وبتنيس (1) مؤنس بن وصيف، وبشيراز
من أبي الصقر مظفر بن محمد، وبدمشق من أحمد بن محمد بن عمارة،
وبطرسوس من محمد بن إبراهيم بن أبي أمية الطرسوسي، وبالرقة من محمد
ابن الحسن بن أبي خبزة، وبالقلزم (2) من محمد بن عبد الله بن قنقل،
وبالأثارب (3) من أحمد بن محمد العماري، وببيروت من أحمد بن مكحول
البيروتي، وببياس (4) من أحمد بن دينار، وبالأهواز من أحمد بن محمد بن
شجاع، وبعرقة (5) حسين بن عيسى الخزرجي، وبدمياط من خالد بن
محمد، وبقرقيسيا (6) من أبي القاسم عبد الملك بن محمد، وبجبلة من
علي بن أحمد بن عسال، وبالأبلة (7) من علي بن عبد الوهاب الظاهري،
وبدير العاقول (8) عمر (9) بن سورين، وبنهر الملك (10) يزيد بن إسماعيل

(1) جزيرة في بحر مصر قريبة من البر ما بين الفرما ودمياط.
(2) بلدة على ساحل بحر اليمن قرب أيلة (العقبة) والطور ومدين وإليها ينسب بحر
القلزم: (هو البحر الأحمر).
(3) قلعة بين حلب وأنطاكية، بينها وبين حلب نحو ثلاثة فراسخ، وتحت جبلها قرية تسمى
باسمها.
(4) مدينة صغيرة شرقي أنطاكية وغربي المصيصة بينهما، قريبة من البحر، بينها وبين
الإسكندرية فرسخان.
(5) بلدة شرقي طرابلس بينهما أربعة فراسخ وهي آخر عمل دمشق.
(6) بلد على نهر الخابور قرب رحبة مالك بن طوق على ستة فراسخ، وعندها مصب
الخابور في الفرات، فهي في مثلث بين الخابور والفرات.
(7) بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة
البصرة، وهي أقدم من البصرة.
(8) قرية كبيرة على عشرة فراسخ أو أكثر من بغداد.
(9) هو عمر بن الحسن بن سورين الدير عاقولي السوريني، فسورين جده، وهو مترجم في
" الأنساب " 7 / 187
(10) كورة واسعة ببغداد بعد نهر عيسى، يقال: إنه يشتمل على ثلاث مئة وستين قرية على
عدد أيام السنة.
154

الخلال. وأعانه على لقي هؤلاء في هذه البلاد الشاسعة سفره في التجارة.
حدث عنه: عبد الغني بن سعيد الحافظ، وتمام الرازي، ومحمد بن
علي الصوري، وأبو علي الأهوازي، وولده السكن بن جميع، وعبد الله بن
أبي عقيل، وأبو نصر بن سلمة الوراق، وأبو نصر الحسين بن طلاب
الخطيب، وآخرون.
مولده في سنة خمس وثلاث مئة، وقيل: في سنة ست.
وقال ابنه: صام أبي أبو الحسين وله ثمان عشرة سنة إلى أن
توفي.
قال الصوري في جزء له: أخبرنا أبو الحسين بن جميع وكان
شيخا صالحا ثقة مأمونا.
وقال الخطيب وغيره: ثقة.
قلت: قد سمع من أبي الحسن بن صفوة في سنة ثلاث وعشرين
وثلاث مئة، وسمع ببغداد في سنة سبع وثمان وعشرين، وكان أسند
من بقي بالشام، ولم أظفر له بشئ في طيبة.
قرأت " معجمه " على ابن القواس، عن أبي القاسم بن
الحرستاني، سنة تسع وست مئة حضورا، عن جمال الاسلام
السلمي، عن ابن طلاب، عنه قال: هذا ما اشتمل عليه ذكر شيوخي
الذين لقيتهم في سائر الآفاق: بمكة والعراق وفارس وأرض إصطخر
والثغور وديار بكر والشام ومصر، وأبدأ بمن اسمه محمد... إلى أن
قال: أنشدني أبو بكر أحمد بن محمد الصنوبري بحلب:
تزايد ما ألقى فقد جاوز الحدا * وكان الهوى مزحا فصار الهوى جدا
155

وقد كنت جلدا ثم أوهنني الهوى * وهذا الهوى ما زال يستوهن الجلدا
فلا تعجبي من غلب ضعفك قوتي * فكم من ظباء في الهوى غلبت أسدا
غلبتم على قلبي فصرتم أحق بي * وأملك بي مني فصرت لكم عبدا
جرى حبكم مجرى حياتي ففقدكم * كفقد حياتي لا رأيت لكم فقدا
وقد سقت من هذا " المعجم " أحاديث فيما مضى.
قال أبو الفضل السعدي، والسكن ولد ابن جميع، وأبو إسحاق
الحبال: توفي ابن جميع في رجب سنة اثنتين وأربع مئة، لكن ابنه ما
ذكر الشهر، ووهم الكتاني، فقال: مات في سنة ثلاث و أربع مئة.
والصحيح الأول، وعاش ستا وتسعين سنة.
97 - [أبوه أبو بكر] *
وكان والده أبو بكر عابدا صواما.
حدث عن محمد بن عبدان صاحب أبي مصعب الزهري.
روى عنه ولده في " معجمه "، وحفيده الحسن الملقب
بالسكن.
توفي في سنة بضع وخمسين وثلاث مئة.
98 - [السكن ابن جميع] * *
وكان السكن يكنى أبا محمد.

* الأنساب 8 / 119.
* * الأنساب 8 / 117 و 119.
156

روى عن: أبيه، وعن جده، وعن جده الآخر المعمر محمد بن
سليمان بن أحمد بن ذكوان، ويوسف بن القاسم الميانجي، وأحمد
ابن عطاء الروذباري، و جماعة.
وعمر دهرا كأبيه.
حدث عنه: محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري، و علي بن
بكار الصوري، وجماعة، وبالإجازة الفقيه نصر المقدسي، وأبو
الحسن بن الموازيني، حكى عنه منجى بن سليم الكاتب قال: مكثت
ستة أشهر ما شربت الماء.
وقال: سمعت " الموطأ " من جدي سنة سبع وخمسين ولي
الآن سبع وثمانون سنة، وقد سردت الصوم ولي ثمان وعشرون سنة،
وكذا سرد الصوم أبي وجدي.
مات السكن في يوم عيد الفطر سنة سبع وثلاثين وأربع مئة
بصيدا، وما زال بلد صيدا دار إسلام إلى أن استولى عليه الفرنج في
حدود الخمس مئة، فدام بأيديهم دهرا إلى أن افتتحه السلطان الملك
الأشرف صلاح الدين سنة تسعين وست مئة وأخرب حصنه.
ومات مع ابن جميع في سنة اثنتين وأربع مئة شيخ همذان أبو
العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن تركان التميمي الخفاف (1)، وله
رحلة سمع فيها من أبي سهل بن زياد، والوزير البليغ المنشئ أحمد
بن سعيد بن حزم بن غالب اليزيدي الأندلسي (2) والد الفقيه أبي

(1) تقدمت ترجمته برقم (75).
(2) مترجم في جذوة المقتبس 126، 127، الصلة 1 / 25، 26، بغية الملتمس
182، 183، العبر 3 / 78، الوافي بالوفيات 6 / 391، شذرات الذهب 3 / 163.
157

محمد، والامام أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن مسور السوسنجردي
البغدادي (1)، ومحدث الأندلس أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن
شنظير الطليطلي صاحب الحافظ أبي جعفر بن ميمون، ويقال لهما:
الصاحبان (2). لكونهما في الحفظ والطلب معا كفرسي رهان،
ماتا كهلين، وكان أبو إسحاق عابدا متبتلا قانتا لله، داعية إلى السنن:
وأبو القاسم خلف بن إبراهيم بن محمد بن خاقان مقرئ مصر،
والقدوة الزاهد طاهر بن عبد الله بن عمر بن ماهلة الهمذاني، حدث
عن الكبار، وقاضي قرطبة العلامة أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد
بن عيسى بن فطيس (3) المالكي الحافظ، وزاهد بغداد أبو عمرو عثمان
بن عيسى الباقلاني العابد، والمحدث علي بن أحمد بن محمد
السامري (4) الرفاء صاحب الهاشمي، وإمام جامع دمشق أبو الحسن
علي بن داود الداراني المقرئ الزاهد، والعلامة أبو الحسين بن
اللبان (5) الفرضي، وطائفة ذكرتهم في هذا الكتاب.
99 - القابسي *
الامام الحافظ الفقيه، العلامة عالم المغرب، أبو الحسن علي

(1) مترجم في تاريخ بغداد 4 / 237، العبر 3 / 78، شذرات الذهب 3 / 163.
(2) تقدمت ترجمتهما برقمي (92) و (93).
(3) سترد ترجمته برقم (123).
(4) تقدمت ترجمته برقم (51).
(5) سترد ترجمته برقم (127).
* ترتيب المدارك 4 / 616 - 621، وفيات الأعيان 3 / 320 - 322، معالم الايمان 3 /
168، تذكرة الحفاظ 3 / 1079، 1080، العبر 3 / 85، 86، دول الاسلام 1 / 242،
نكت الهميان 217، البداية والنهاية 11 / 351، الديباج المذهب 2 / 101، 102، غاية النهاية 1 /
567، النجوم الزاهرة 4 / 233، 234، طبقات الحفاظ 419، شذرات الذهب 3 / 168،
كشف الظنون 2 / 1818، هدية العارفين 2 / 685، شجرة النور الزكية 1 / 97 والقابسي: نسبة إلى
قابس، وهي مدينة بإفريقية بين الإسكندرية والقيروان.
158

ابن محمد بن خلف المعافري القروي (1) القابسي المالكي، صاحب
" الملخص " (2).
حج، وسمع من: حمزة بن محمد الكتاني الحافظ، وأبي زيد
المروزي، وابن مسرور الدباغ بإفريقية، دراس (3) بن إسماعيل،
وطائفة.
وكان عارفا بالعلل والرجال، والفقه والأصول والكلام، مصنفا
يقظا دينا تقيا، وكان ضريرا، وهو من أصح العلماء كتبا، كتب له
ثقات أصحابه، وضبط له بمكة " صحيح " البخاري، وحرره وأتقنه
رفيقه الإمام أبو محمد الأصيلي (4).

(1) نسبة إلى القيروان البلد المعروف بالمغرب.
(2) قال ابن خلكان: جمع فيه ما اتصل إسناده من حديث مالك بن أنس رضي الله عنه في
كتاب " الموطأ " رواية أبي عبد الله عبد الرحمن بن القاسم المصري، وهو على صغر حجمه جيد
في بابه. ثم نقل ابن خلكان عن أبي عمرو الداني قوله: كان شيخنا أبو الحسن - يعني القابسي -
يقرأ " الملخص " بكسر الخاء يجعله فاعلا، يريد أنه يلخص المتصل من حديث مالك رحمه الله
تعالى، وتقدير الترجمة: ما اتصل من حديث مالك للمستحفظين. " وفيات الأعيان " 3 / 320،
321، 322. وقال حاجي خليفة: قال أبو عمرو الداني: وهو خمس مئة حديث وعشرون
حديثا.... وشرح القاضي شهاب الدين محمد بن أحمد بن محمد الخويي الشافعي خمسة عشر
حديثا من أوله وتوفي سنة 693. " كشف الظنون " 2 / 1818، 1819. وانظر النسخة الخطية
لهذا الكتاب وغيره في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 163.
(3) في الأصل: دارس، والتصويب من مصادر الترجمة، وانظر الصفحة (10) تعليق
(1).
(4) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 616، 617، وأبو محمد الأصيلي مرت ترجمته في
الجزء السادس عشر.
159

قال حاتم الأطرابلسي: كان أبو الحسن القابسي زاهدا ورعا
يقظا، لم أر بالقيروان إلا معترفا بفضله. تفقه عليه أبو عمران
القابسي، وأبو القاسم اللبيدي (1)، وعتيق السوسي، وغيرهم (2).
ألف تواليف بديعة ككتاب " الممهد " في الفقه، وكتاب " أحكام
الديانات "، و " المنقذ من شبه التأويل "، وكتاب " المنبه
للفطن " (3)، وكتاب " ملخص الموطأ "، وكتاب " المناسك "، وكتاب
" الاعتقادات "، وغير ذلك (4).
وكان مولده في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.
وتوفي في ربيع الآخر بمدينة القيروان، وبات عند قبره خلق من
الناس، وضربت الأخبية، ورثته الشعراء سنة ثلاث وأربع مئة.
وقد أخذ القراءة عرضا بمصر عن أبي الفتح بن بدهن، وأقرأ
الناس بالقيروان دهرا، ثم قطع الأقراء لما بلغه أن بعض أصحابه أقرأ
الوالي، ثم أعمل نفسه في درس الفقه والحديث حتى برع فيهما،
وصار إمام العصر، أثنى عليه بأكثر من هذا أبو عمرو الداني، وقال:
كتبنا عنه شيئا كثيرا، وبقي في الرحلة خمس سنين، ورد سنة سبع

(1) في الأصل: الكبيدي بالكاف وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وسترد ترجمته في هذا
الجزء برقم (421).
(2) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 618.
(3) جاء اسم الكتاب في " جذوة المقتبس ": " المنبه لذوي الفطن من غوائل الفتن "، وفي
" تذكرة الحفاظ " و " ذيل كشف الظنون ": " المنبه للفطن من غوائل الفتن ". وجاء في
الأصل: المنبه الفطن.
(4) انظر مصنفاته في " ترتيب المدارك " 4 / 618، 619، و " الديباج المذهب " 2 /
102، و " شجرة النور " 1 / 97، و " هدية العارفين " 2 / 685.
160

وخمسين وثلاث مئة (1).
قلت: وممن روى عنه: أبو محمد عبد الله بن الوليد بن سعد
الأنصاري الفقيه شيخ أبي عبد الله محمد بن الحطاب الرازي
الإسكندراني.
وقيل له: القابسي، لان عمه كان يشد عمامته شدة قابسية،
فاشتهر لذلك بالقابسي (2).
أخبرنا قاضي دمشق علم الدين محمد بن أبي بكر المصري،
أخبرنا أحمد بن عمر الباهي، أخبرنا عثمان بن حسن اللغوي، أخبرنا
خلف بن عبد الملك الحافظ، أخبرنا أبو محمد بن عتاب، حدثنا
حاتم بن محمد، أخبرنا أبو الحسن القابسي، أخبرنا علي بن محمد
ابن مسرور، أخبرنا أحمد بن أبي سليمان، حدثنا سحنون بن سعيد،
حدثنا عبد الرحمن بن القاسم، حدثنا مالك، عن يزيد بن عبد الله بن
قسيط، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أمه، عن عائشة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن نستمتع بجلود الميتة إذا دبغت (3).
ومات مع القابسي ابن الباقلاني (4) الأصولي، وأحمد بن فراس

(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 621، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1079، 1080.
(2) " ترتيب المدارك " 4 / 621، و " وفيات الأعيان " 3 / 321.
(3) هو في " الموطأ " 2 / 498 في الصيد: باب ما جاء في جلود الميتة، وأخرجه من
طريق مالك أبو داود (4124) والدارمي 2 / 86، وفي الباب عن ابن عباس عند مالك 2 /
498، والبخاري 4 / 343، ومسلم (363) و (364) و (365) و (366) وأبي داود
(4120) و (4123)، والترمذي (1728) والنسائي 7 / 173، وعن سلمة بن المحبق عند
أبي داود (4125) وأحمد 3 / 476 و 5 / 6، والنسائي 7 / 173، والحاكم 4 / 141.
(4) سترد ترجمته برقم (110).
161

المكي (1) باختلاف فيه، وأبو القاسم إسماعيل بن الحسن الصرصري (2)
صاحب المحاملي، وشيخ الحنابلة أبو عبد الله بن حامد الوراق واسمه
حسن (3)، وشيخ الشافعية أبو عبد الله الحليمي (4) الحسين بن الحسن
البخاري، وأبو علي الحسين بن محمد الروذباري (5) راوي " سنن " أبي
داود، والحافظ أبو الوليد بن الفرضي (6) القرطبي، وشيخ الحنفية أبو
بكر محمد بن موسى الخوارزمي (7) مفتي العراق، وشاعر الأندلس
يوسف بن هارون الرمادي (8)، وملك الترك أيلك خان، وكان خيرا
عادلا دينا، فتملك بعده أخوه طغان خان (9).
100 - الحاكم *
محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم،

(1) سترد ترجمته برقم (103).
(2) انظر ترجمته في تاريخ بغداد 6 / 311، 312، الأنساب 8 / 56، اللباب 2 /
239، العبر 3 / 83، شذرات الذهب 3 / 166.
(3) سترد ترجمته برقم (116).
(4) سترد ترجمته برقم (138).
(5) سترد ترجمته برقم (128).
(6) سترد ترجمته برقم (101).
(7) سترد ترجمته برقم (140).
(8) نسبة إلى الرمادة، وهي موضع بالمغرب، ويوسف بن هارون هذا مترجم في جذوة
المقتبس 369 - 373، بغية الملتمس 493 - 496، وفيات الأعيان 7 / 225 - 229،
والمغرب في حلي المغرب 1 / 392، الصلة 2 / 674، معجم الأدباء 20 / 62 - 64،
المقتبس 74، 75، مسالك الابصار 11 / 175، المطرب لابن دحية 4، المطمح: 69،
شذرات الذهب 3 / 170 - 172، نفح الطيب 4 / 35 - 40، معجم البلدان 3 / 66.
(9) سترد ترجمته برقم (170).
* تاريخ بغداد 5 / 473، الأنساب 2 / 370 - 372 (البيع)، تبيين كذب المفتري
227 - 231، المنتظم 7 / 274، 275، اللباب 1 / 198، 199، وفيات الأعيان 4 /
280، 281، تذكرة الحفاظ 3 / 1039 - 1045، ميزان الاعتدال 3 / 608، العبر 3 /
91، الوافي بالوفيات 3 / 320، 321، البداية والنهاية 11 / 355، طبقات السبكي 4 /
155 - 171، غاية النهاية لابن الجزري 2 / 184، 185، لسان الميزان 5 / 232، 233،
النجوم الزاهرة 4 / 238، طبقات الحفاظ 409 - 411، طبقات ابن هداية الله 123 - 125،
شذرات الذهب 3 / 176، كشف الظنون 2 / 1672، هدية العارفين 2 / 59، الرسالة
المستطرفة 21. وانظر تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 367 - 370.
162

الامام الحافظ، الناقد العلامة، شيخ المحدثين، أبو عبد الله بن
البيع (1) الضبي الطهماني النيسابوري، الشافعي، صاحب التصانيف.
مولده في يوم الاثنين ثالث شهر ربيع الأول، سنة إحدى وعشرين
وثلاث مئة بنيسابور.
وطلب هذا الشأن في صغره بعناية والده وخاله، وأول سماعه
كان في سنة ثلاثين، وقد استملى على أبي حاتم بن حبان في سنة
أربع وثلاثين وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
ولحق الأسانيد العالية بخراسان والعراق وما وراء النهر، وسمع
من نحو ألفي شيخ، ينقصون أو يزيدون، فإنه سمع بنيسابور وحدها
من ألف نفس، وارتحل إلى العراق وهو ابن عشرين سنة، فقدم بعد
موت إسماعيل الصفار بيسير.
وحدث عن أبيه وكان أبوه قد رأى مسلما صاحب " الصحيح "،
وعن محمد بن علي المذكر، ومحمد بن يعقوب الأصم، ومحمد
ابن يعقوب الشيباني ابن الأخرم، ومحمد بن أحمد بن بالويه الجلاب،
وأبي جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي صاحب ابن وأره،
ومحمد بن عبد الله بن أحمد الصفار، وصاحبي الحسن بن عرفة:

(1) قال السمعاني: هذه اللفظة لمن يتولى البياعة والتوسط في الخانات بين البائع
والمشتري من التجار للأمتعة. " الأنساب " 2 / 370.
163

علي بن الفضل الستوري، وعلي بن عبد الله الحكيمي، وإسماعيل
ابن محمد الرازي، ومحمد بن القاسم العتكي، وأبي جعفر محمد بن
محمد بن عبد الله البغدادي الجمال، ومحمد بن المؤمل
الماسرجسي، ومحمد بن أحمد بن محبوب محدث مرو، وأبي حامد
أحمد بن علي بن حسنويه، والحسن بن يعقوب البخاري، والقاسم
ابن القاسم السياري، وأبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي، وأحمد بن
محمد بن عبدوس العنزي، ومحمد بن أحمد (1) الشعيبي الفقيه،
وإسماعيل بن محمد بن الشعراني، وأبي أحمد بكر بن محمد
المروزي الصيرفي، وأبي الوليد حسان بن محمد الفقيه، وأبي علي
الحسين بن علي النيسابوري الحافظ، وحاجب بن أحمد الطوسي،
لكن عدم سماعه منه، وعلي بن حمشاد العدل، ومحمد بن صالح بن
هانئ، وأبي النضر محمد بن محمد الفقيه، وأبي عمرو وعثمان بن
أحمد الدقاق البغدادي، وأبي بكر النجاد، وعبد الله بن درستويه،
وأبي سهل بن زياد، وعبد الباقي بن قانع، وعبد الرحمن بن حمدان
الجلاب شيخ همذان، والحسين بن الحسن الطوسي، وعلي بن
محمد بن محمد بن عقبة الشيباني، ومحمد بن حاتم خزيمة الكشي -
شيخ زعم أنه لقي عبد بن حميد - وأمم سواهم بحيث إنه روى عن
أبي طاهر الزيادي، والقاضي أبي بكر الحيري.
حدث عنه: الدارقطني وهو من شيوخه، وأبو الفتح بن أبي

(1) في الأصل: أحمد بن محمد وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وهو أبو أحمد محمد بن
أحمد بن شعيب بن هارون بن موسى الشعيبي الفقيه المعدل من أهل نيسابور، من شيوخ أبي عبد
الله الحاكم، متوفى سنة سبع وخمسين وثلاث مئة، انظر " الأنساب " 7 / 347، 348، و
" اللباب " 2 / 199، و " تبصير المنتبه " 2 / 813.
164

الفوارس، وأبو العلاء الواسطي، ومحمد بن أحمد بن يعقوب، وأبو
ذر الهروي، وأبو يعلى الخليلي، وأبو بكر البيهقي، وأبو القاسم
القشيري، وأبو صالح المؤذن، والزكي عبد الحميد البحيري، ومؤمل
ابن محمد بن عبد الواحد، وأبو الفضل محمد بن عبيد الله الصرام،
وعثمان بن محمد المحمي، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف
الشيرازي، وخلق سواهم.
وصنف وخرج، وجرح وعدل، وصحح وعلل، وكان من بحور
العلم على تشيع قليل فيه.
وقد قرأ بالروايات على ابن الإمام (1)، ومحمد بن أبي منصور
الصرام، وأبي علي بن النقار مقرئ الكوفة، وأبي عيسى بكار مقرئ
بغداد.
وتفقه على أبي علي بن أبي هريرة، وأبي الوليد حسان بن
محمد، وأبي سهل الصعلوكي.
وأخذ فنون الحديث عن أبي علي الحافظ (2)، والجعابي، وأبي
أحمد الحاكم (3)، والدارقطني، وعدة.
وقد أخذ عنه من شيوخه: أبو إسحاق المزكي، وأحمد بن أبي
عثمان الحيري، ورأيت عجيبة وهي أن محدث الأندلس أبا عمر

(1) هو أبو بكر محمد بن العباس بن الإمام. " غاية النهاية " 2 / 185.
(2) هو أبو علي الحسين بن علي النيسابوري الحافظ، مرت ترجمته في الجزء السادس
عشر.
(3) هو صاحب كتاب " الكنى "، المتوفى سنة 378 ه‍ مرت ترجمته في الجزء السادس
عشر.
165

الطلمنكي قد كتب كتاب " علوم الحديث " للحاكم في سنة تسع
وثمانين وثلاث مئة، عن شيخ سماه، عن رجل آخر، عن الحاكم.
وقد صحب الحاكم من مشايخ الطريق إسماعيل بن نجيد،
وجعفرا الخلدي، وأبا عثمان المغربي.
وقع لي حديثه عاليا بإسناد فيه إجازة.
قرأت على أبي علي بن الخلال: أخبركم جعفر بن علي،
أخبرنا السلفي، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار، سمعت الخليل بن
عبد الله الحافظ ذكر الحاكم وعظمه، وقال: له رحلتان إلى العراق
والحجاز، الثانية في سنة ثمان وستين، وناظر الدارقطني، فرضيه،
وهو ثقة واسع العلم، بلغت تصانيفه قريبا من خمس مئة جزء،
يستقصي في ذلك، يؤلف الغث والسمين. ثم يتكلم عليه، فيبين
ذلك (1).
قال: وتوفي في سنة ثلاث وأربع مئة. كذا قال (2).
قال: وسألني في اليوم الثاني لما دخلت عليه، ويقرأ عليه في
فوائد العراقيين: سفيان الثوري، عن أبي سلمة، عن الزهري، عن سهل
حديث الاستئذان، فقال لي: من أبو سلمة هذا؟ فقلت من وقتي:
المغيرة بن مسلم السراج. قال: وكيف يروي المغيرة عن الزهري؟
فبقيت (3)، ثم قال لي: قد أمهلتك أسبوعا حتى تتفكر فيه. قال:

(1) انظر " طبقات " السبكي 4 / 157، 158.
(2) وهو خطأ سيبينه المصنف.
(3) أي: انقطعت.
166

فتفكرت ليلتي حتى بقيت أكرر التفكر، فلما وقعت إلى أصحاب
الجزيرة من أصحاب الزهري، تذكرت محمد بن أبي حفصة، فإذا
كنيته أبو سلمة، فلما أصبحت، حضرت مجلسه، ولم أذكر شيئا حتى
قرأت عليه نحو مئة حديث، قال: هل تفكرت فيما جرى؟ فقلت:
نعم هو محمد بن أبي حفصة، فتعجب، وقال لي: نظرت في حديث
سفيان لأبي عمرو البحيري؟ فقلت: لا، وذكرت له ما أممت في
ذلك، فتحير، وأثنى علي، ثم كنت أسأله، فقال: أنا إذا ذاكرت (1)
اليوم في باب لابد من المطالعة لكبر سني. فرأيته في كل ما ألقي
عليه بحرا، وقال لي: أعلم بأن خراسان وما وراء النهر، لكل بلدة
تاريخ صنفه عالم منها، ووجدت نيسابور مع كثرة العلماء بها لم
يصنفوا فيه شيئا، فدعاني ذلك إلى أن صنفت " تاريخ النيسابوريين " (2) فتأملته، ولم يسبقه إلى ذلك أحد (3)، وصنف لأبي علي بن سيمجور
كتابا في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وأزواجه وأحاديثه، وسماه " الإكليل "، لم أر

(1) في الأصل: " ذكرت "، والمثبت من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1041.
(2) قال الدكتور فؤاد سزكين في " تاريخ التراث العربي " 1 / 369: كان يتكون من 12
جزءا كما ذكر البيهقي (تاريخ بيهق 21)، وكان هذا الكتاب مرتبا على حروف المعجم: ويضم
تراجم لصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وللشخصيات البارزة في نيسابور إلى سنة 380 ه‍.
ولهذا الكتاب تكملة بها ذكر للشيوخ والأصدقاء الذين ماتوا بعد سنة 388 ه‍. ويبدو أن النسخة
الأصلية لهذا الكتاب قد فقدت، أما المختصر العربي المتأخر من هذا الكتاب، فهو ترجمة عن
صياغة فارسية، أعدها مصنف اسمه الخليفة النيسابوري، الذي عاش في زمن لا يبعد عن القرن
السابع الهجري. وهناك تكملة " لتاريخ نيسابور " بعنوان: " السياق لتاريخ نيسابور " لعبد
الغافر بن إسماعيل الفارسي المتوفى سنة 529 ه‍، وتوجد هذه التكملة مخطوطة في: صائب
بأنقرة 1544. وألف إبراهيم بن محمد الصريفيني المتوفى سنة 641 مختصرا لهذه التكملة
بعنوان " المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور " ومنه نسخة خطية في كوبريلي 1152.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1040، 1041.
167

أحدا رتب ذلك الترتيب، وكنت أسأله عن الضعفاء الذين نشؤوا بعد
الثلاث مئة بنيسابور وغيرها من شيوخ خراسان، وكان يبين من غير
محاباة.
أخبرنا المؤمل بن محمد وغيره كتابة قالوا: أخبرنا زيد بن
الحسن، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: كان
أبو عبد الله بن البيع الحاكم ثقة، أول سماعه سنة ثلاثين وثلاث مئة،
وكان يميل إلى التشيع، فحدثني إبراهيم بن محمد الأرموي بنيسابور
وكان صالحا عالما قال: جمع أبو عبد الله الحاكم أحاديث، وزعم
أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم، منها حديث الطير (1)،
وحديث: " من كنت مولاه فعلي مولاه " (2) فأنكر عليه أصحاب الحديث
ذلك، ولم يلتفتوا إلى قوله (3).
أبو نعيم الحداد: سمعت الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ،
سمعت أبا عبد الرحمن الشاذياخي الحاكم يقول: كنا في مجلس السيد
أبي الحسن، فسئل أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير، فقال: لا
يصح، ولو صح لما كان أحد أفضل من علي بعد النبي صلى الله عليه وسلم (4).

(1) وهو حديث لا يصح وقد تقدم الكلام عليه.
(2) حديث صحيح بشواهده، فهو من حديث البراء في " المسند " 4 / 281،
والمستدرك 3 / 110، وأخرجه من حديث زيد بن أرقم أحمد 4 / 368، والترمذي
(3713) والحاكم 3 / 110، وأخرجه من حديث أبي الطفيل أحمد 4 / 370، وابن حبان
(2205) والحاكم 3 / 110، وأخرجه أحمد 5 / 366 عن خمسة أو ستة من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وأخرجه من حديث سعد بن أبي وقاص ابن ماجة (121) وأخرجه
النسائي في مسند علي كما في ترجمة إياس بن نذير من التهذيب.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 474، و " المنتظم " 7 / 274، 275، والانكار منهم مسلم
لهم في حديث الطير، لا الحديث الثاني، فإنه صحيح بشواهده كما تقدم.
(4) انظر " طبقات " السبكي 4 / 168، 169.
168

فهذه حكاية قوية، فما باله أخرج حديث الطير في
" المستدرك "؟ فكأنه اختلف اجتهاده، وقد جمعت طرق حديث الطير
في جزء، وطرق حديث: " من كنت مولاه " وهو أصح، وأصح منهما
ما أخرجه مسلم (1) عن علي قال: إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي: " إنه
لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق ". وهذا أشكل الثلاثة،
فقد أحبه قوم لا خلاق لهم، وأبغضه بجهل قوم من النواصب، فالله
أعلم (2).
أنبئت عن أبي سعد الصفار: عن عبد الغافر بن إسماعيل قال:
الحاكم أبو عبد الله هو إمام أهل الحديث في عصره، العارف به حق
معرفته، يقال له: الضبي، لان جد جدته هو عيسى بن عبد الرحمن
الضبي، وأم عيسى هي منويه بنت إبراهيم بن طهمان الفقيه، وبيته
بيت الصلاح والورع والتأذين في الاسلام، وقد ذكر أباه في
" تاريخه "، فأغنى عن إعادته، ولد سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.
قال: ولقي عبد الله بن محمد بن الشرقي، وأبا علي الثقفي، وأبا
حامد بن بلال، ولم يسمع منهم، وسمع من أبي طاهر المحمداباذي،
وأبي بكر القطان، ولم يظفر بمسموعه منهما، وتصانيفه
المشهورة تطفح بذكر شيوخه، وقرأ بخراسان على قراء وقته، وتفقه

(1) رقم (78) في الايمان: باب الدليل على أن حب الأنصار وعليا من الايمان
وعلاماته.
(2) وجد على هامش الأصل - تعليق على استشكال الذهبي ونصه:
قلت: لا إشكال، فالمراد: لا يحبك الحب الشرعي المعتد به عند الله تعالى، أما الحب
المتضمن لتلك البلايا والمصائب، فلا عبرة به، بل هو وبال على صاحبه كما أحبت النصارى
المسيح.
169

على أبي الوليد، والأستاذ أبي سهل، واختص بصحبة الامام أبي بكر
الصبغي، وكان الامام يراجعه في السؤال والجرح والتعديل، وأوصى
إليه في أمور مدرسته دار السنة. وفوض إليه تولية أوقافه في ذلك،
وذاكر مثل الجعابي، وأبي علي الماسرجسي الحافظ الذي كان أحفظ
زمانه، وقد شرع الحاكم في التصنيف سنة سبع وثلاثين، فاتفق له من
التصانيف ما لعله يبلغ قريبا من ألف جزء من تخريج " الصحيحين "،
والعلل والتراجم والأبواب والشيوخ، ثم المجموعات مثل " معرفة
علوم الحديث " (1)، و " مستدرك الصحيحين " (2)، و " تاريخ
النيسابوريين "، وكتاب " مزكي الاخبار "، و " المدخل إلى علم
الصحيح "، وكتاب " الإكليل "، و " فضائل الشافعي "، وغير
ذلك (3). ولقد سمعت مشايخنا يذكرون أيامه، ويحكون أن مقدمي
عصره مثل أبي سهل الصعلوكي والإمام ابن فورك وسائر الأئمة يقدمونه
على أنفسهم، ويراعون حق فضله، ويعرفون له الحرمة الأكيدة. ثم أطنب
عبد الغافر في نحو ذلك من تعظيمه، وقال: هذه جمل يسيرة هي غيض
من فيض سيره وأحواله، ومن تأمل كلامه في تصانيفه، وتصرفه في
أماليه، ونظره في طرق الحديث، أذعن بفضله، واعترف له بالمزية

(1) وقد نشر هذا الكتاب في القاهرة عام 1937 بعناية الدكتور السيد معظم حسين.
(2) وهو مطبوع مع " تلخيص " الذهبي في حيدر أباد 1334 - 1342 ه‍ وفي هذه الطبعة
تصحيف وتحريف كثير فهو بحاجة إلى إعادة نشره نشرة محققة مخرجة ومفهرسة تتيح الاستفادة منه
لكل مطالع. وطبع للحاكم أيضا " كتاب المدخل إلى معرفة الإكليل " في حلب سنة 1932 م ثم
نشره روبسون في لندن سنة 1953 م.
(3) انظر النسخ الخطية الموجودة لبعض مصنفات الحاكم في " تاريخ التراث العربي "
لسزكين 1 / 367 - 370.
170

على من تقدمه، وإتعابه من بعده، وتعجيزه اللاحقين عن بلوغ
شأوه، وعاش حميدا، ولم يخلف في وقته مثله، مضى إلى رحمة الله
في ثامن صفر سنة خمس وأربع مئة (1).
قال أبو حازم عمر بن أحمد العبدويي الحافظ: سمعت الحاكم
أبا عبد الله إمام أهل الحديث في عصره يقول: شربت ماء زمزم،
وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف (2).
قال العبدويي: وسمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: كتبت
على ظهر جزء من حديث أبي الحسين الحجاجي الحافظ، فأخذ
القلم، وضرب على الحافظ، وقال: أيش أحفظ أنا؟ أبو عبد الله بن
البياع أحفظ مني، وأنا لم أر من الحفاظ إلا أبا علي النيسابوري، وأبا
العباس بن عقدة. وسمعت السلمي يقول: سألت الدارقطني: أيهما
أحفظ: ابن مندة أو ابن البيع؟ فقال: ابن البيع أتقن حفظا (3).
قال أبو حازم: أقمت عند أبي عبد الله العصمي قريبا من ثلاث
سنين، ولم أر في جملة مشايخنا أتقن منه ولا أكثر تنقيرا، وكان إذا
أشكل عليه شئ، أمرني أن أكتب إلى الحاكم أبي عبد الله، فإذا ورد
جواب كتابه، حكم به، وقطع بقوله (4).
قال الحافظ أبو صالح المؤذن: أخبرنا مسعود بن علي

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1043، 1044.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 228، و " الأنساب " 2 / 371، و " تذكرة الحفاظ "
3 / 1044، و " طبقات " السبكي 4 / 159.
(3) " تبيين كذب المفتري " 229، 230، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1044.
(4) " تبيين كذب المفتري " 230، و " طبقات " السبكي 4 / 158.
171

السجزي، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، حدثنا الحافظ
أبو عمرو محمد بن أحمد بن جعفر البحيري، حدثنا أحمد بن محمد
ابن الفضل بن مطرف الكرابيسي في سنة سبع وأربعين وثلاث مئة،
حدثنا محمد بن عبد الله بن حمدويه الحافظ، حدثنا النجاد، حدثنا
محمد بن عثمان، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا سعير بن الخمس،
عن عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن
بلالا يؤذن بليل... " وذكر الحديث (1)، ثم قال مسعود: وحدثنيه
الحاكم غير مرة، وقد كان الحاكم لما روى عنه الكرابيسي هذا شابا
طريا.
أنبأنا ابن سلامة عن الحافظ عبد الغني، أخبرنا أبو موسى المديني،
أخبرنا هبة الله بن عبد الله الواسطي، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو
القاسم الأزهري، حدثنا الدارقطني، حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد
النيسابوري، حدثنا محمد بن جعفر النسوي، حدثنا الخليل بن أحمد
النسوي، حدثنا خداش بن مخلد، حدثنا يعيش بن هشام، حدثنا مالك،
عن الزهري، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما أحسن الهدية أمام
الحاجة! ".
قلت: هذا ملصق بمالك، وقد حدث به الوليد الموقري (2) أحد
(2) وهو الوليد بن محمد الموقري، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال ابن المديني:
لا يكتب حديثه، وقال ابن خزيمة: لا أحتج به، وكذبه يحيى بن معين، وقال النسائي: متروك
الحديث. وقد أورد الحديث الشوكاني في " الفوائد المجموعة " ص 84، ونقل عن الدارقطني:
انه باطل. (*)

(1) وتمامه: " فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " أخرجه من طرق عن عبيد الله بهذا
الاسناد أحمد 6 / 44 و 54، والبخاري (623) في الاذان: باب الاذان قبل الفجر، والدارمي
1 / 270، وفي الباب عن ابن عمر عند البخاري (622) ومسلم (1092) والترمذي (203)
والنسائي 2 / 10، والدارمي 2 / 270.
172

الضعفاء، عن الزهري مرسلا.
أبو موسى: حدثنا الحسين بن عبد الملك، عن سعد بن علي
الزنجاني، سمع أبا نصر الوائلي يقول: لما ورد أبو الفضل الهمذاني
نيسابور، تعصبوا له، ولقبوه: بديع الزمان، فأعجب بنفسه إذ كان
يحفظ المئة بيت إذا أنشدت مرة، وينشدها من آخرها إلى أولها
مقلوبة، فأنكر على الناس قولهم: فلان الحافظ في الحديث، ثم
قال: وحفظ الحديث مما يذكر؟! فسمع به الحاكم ابن البيع، فوجه
إليه بجزء، وأجل له جمعة في حفظه (1)، فرد إليه الجزء بعد الجمعة،
وقال: من يحفظ هذا؟ محمد بن فلان، وجعفر بن فلان، عن
فلان؟ أسامي مختلفة، وألفاظ متباينة؟ فقال له الحاكم: فاعرف
نفسك، واعلم أن هذا الحفظ أصعب مما أنت فيه (2).
ثم روى أبو موسى المديني: أن الحاكم دخل الحمام،
فاغتسل، وخرج. وقال: آه. وقبضت روحه وهو متزر لم يلبس
قميصه بعد، ودفن بعد العصر يوم الأربعاء، وصلى عليه القاضي أبو
بكر الحيري (3).
قال الحسن بن أشعث القرشي: رأيت الحاكم في المنام على
فرس في هيئة حسنة وهو يقول: النجاة، فقلت له: أيها الحاكم! في
ماذا؟ قال: في كتبة الحديث (4).

(1) في الأصل: حفظ.
(2) انظر " طبقات " السبكي 4 / 160.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1045، و " طبقات " السبكي 4 / 161.
(4) انظر " طبقات السبكي " 4 / 161.
173

الخطيب في " تاريخه " (1): حدثني الأزهري قال: ورد ابن البيع
بغداد قديما، فقال: ذكر لي أن حافظكم - يعني الدارقطني - خرج
لشيخ واحد خمس مئة جزء، فأروني بعضها. فحمل إليه منها، وذلك
مما خرجه لأبي إسحاق الطبري، فنظر في أول الجزء الأول حديثا
لعطية العوفي، فقال: استفتح بشيخ ضعيف. ورمى الجزء، ولم
ينظر في الباقي.
قال ابن طاهر: سألت سعد بن علي الحافظ عن أربعة
تعاصروا: أيهم أحفظ؟ قال: من؟ قلت: الدارقطني، وعبد الغني،
وابن مندة، والحاكم. فقال: أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل، وأما
عبد الغني فأعلمهم بالانساب، وأما ابن مندة فأكثرهم حديثا مع معرفة
تامة، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفا (2).
أنبأني أحمد بن سلامة، عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي،
عن ابن طاهر: أنه سأل أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي، عن
أبي عبد الله الحاكم، فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث (3).
قلت: كلا ليس هو رافضيا، بلى يتشيع (4).
قال ابن طاهر: كان شديد التعصب للشيعة في الباطن، وكان

(1) 5 / 473، 474.
(2) هذا ينطبق على جميع مصنفاته إلا على " المستدرك " فإنه لم يجود تصنيفه، فقد
اشترط فيه الصحة ولم يلتزمها، فأخرج فيه الضعيف والموضوع، اللهم إلا أن يكون كما ذكر عنه
قد مات عنه وهو مسودة لم يبيضه بعد. والخبر في " تذكرة الحفاظ " 4 / 159، 160، و
" طبقات السبكي " 4 / 159، 160. وقد تقدم في ترجمة ابن مندة رقم (13).
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1045، و " الوافي بالوفيات " 3 / 320.
(4) انظر دفاع السبكي عنه في " طبقاته الكبرى " 4 / 161 - 171.
174

يظهر التسنن في التقديم والخلافة، وكان منحرفا غاليا عن معاوية رضي
الله عنه وعن أهل بيته، يتظاهر بذلك، ولا يعتذر منه، فسمعت أبا
الفتح سمكويه بهراة، سمعت عبد الواحد المليحي، سمعت أبا عبد
الرحمن السلمي يقول: دخلت على الحاكم وهو في داره، لا يمكنه
الخروج إلى المسجد من أصحاب أبي عبد الله بن كرام (1)، وذلك
أنهم كسروا منبره، ومنعوه من الخروج، فقلت له: لو خرجت وأمليت
في فضائل هذا الرجل حديثا، لاسترحت من المحنة، فقال: لا
يجئ من قلبي، لا يجئ من قلبي (2).
وسمعت المظفر بن حمزة بجرجان، سمعت أبا سعد الماليني
يقول: طالعت كتاب " المستدرك على الشيخين "، الذي صنفه الحاكم
من أوله إلى آخره، فلم أر فيه حديثا على شرطهما (3).
قلت: هذه مكابرة وغلو، وليست رتبة أبي سعد أن يحكم
بهذا، بل في " المستدرك " شئ كثير على شرطهما، وشئ كثير على
شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك ثلث الكتاب بل أقل، فإن في كثير
من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما، وفي
الباطن لها علل خفية مؤثرة، وقطعة من الكتاب إسنادها صالح وحسن
وجيد، وذلك نحو ربعه، وباقي الكتاب مناكير وعجائب، وفي غضون
ذلك أحاديث نحو المئة يشهد القلب ببطلانها، كنت قد أفردت منها

(1) هو إمام الكرامية، إحدى الفرق المبتدعة في الاسلام. مرت ترجمته في الجزء الحادي
عشر برقم (146).
(2) " المنتظم " 7 / 75، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1054، و " الوافي بالوفيات " 3 /
320، 321، و " طبقات " السبكي 4 / 162، 163.
(3) " الوافي بالوفيات " 3 / 321، و " طبقات " السبكي 4 / 165.
175

جزءا، وحديث الطير بالنسبة إليها سماء، وبكل حال فهو كتاب مفيد
قد اختصرته، ويعوز عملا وتحريرا (1).
قال ابن طاهر: قد سمعت أبا محمد بن السمرقندي يقول:
بلغني أن " مستدرك " الحاكم ذكر بين يدي الدارقطني، فقال: نعم،
يستدرك عليهما حديث الطير! فبلغ ذلك الحاكم، فأخرج الحديث من
الكتاب (2).
قلت: هذه حكاية منقطعة، بل لم تقع، فإن الحاكم إنما ألف
" المستخرج " في أواخر عمره، بعد موت الدارقطني بمدة، وحديث
الطير ففي الكتاب لم يحول منه، بل هو أيضا في " جامع " الترمذي.
قال ابن طاهر: ورأيت أنا حديث الطير جمع الحاكم بخطه في
جزء ضخم، فكتبته للتعجب (3).
قال الحاكم في " تاريخه ": ذكرنا يوما ما روى سليمان التيمي
عن أنس، فمررت أنا في الترجمة، وكان بحضرة أبي علي الحافظ
وجماعة من المشايخ، إلى أن ذكرت حديث: " لا يزني الزاني حين
يزني وهو مؤمن ". فحمل بعضهم علي، فقال أبو علي: لا تفعل،
فما رأيت أنت ولا نحن في سنه مثله، وأنا أقول: إذا رأيته رأيت ألف

(1) وهذا يدلك أيضا على أن الذهبي رحمه الله لم يعتن بالمختصر اعتناء تاما، بحيث لم
يتتبع الأحاديث تتبعا دقيقا، وإنما تكلم فيه بحسب ما تيسر له، ولذا فقد فاته أن يتكلم على عدد
غير قليل من الأحاديث صححها الحاكم وهي غير صحيحة، أو ذكر أنها على شرط الشيخين أو
على شرط أحدهما وهي ليست كذلك، كما يتحقق ذلك من له خبرة بأسانيد الحاكم، وممارسة
لها، ونظر فيها.
(2) انظر " طبقات " السبكي 4 / 163.
(3) " طبقات " السبكي 4 / 165.
176

رجل من أصحاب الحديث (1).
قد مر أن الحاكم مات فجأة في صفر سنة خمس، وصلى عليه
القاضي أبو بكر الحيري.
وفيها مات مسند مكة أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس
العبقسي (2)، ومسند بغداد أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى
المجبر (3)، وحافظ شيراز أبو علي الحسن بن أحمد بن محمد بن
الليث (4) الشيرازي المقرئ، ومسند دمشق أبو بكر محمد بن أحمد بن
عثمان بن أبي الحديد (5) السلمي، وقاضي بغداد عبد الله بن محمد
ابن عبد الله بن الأكفاني (6)، وشيخ الشافعية أبو القاسم يوسف بن
أحمد بن كج (7) الدينوري، وشيخ الشافعية بالبصرة أبو القاسم عبد
الواحد ابن الحسين الصيمري (8).
101 - ابن الفرضي *
الامام الحافظ، البارع الثقة، أبو الوليد، عبد الله بن محمد بن

(1) " طبقات " السبكي 4 / 160. (2) سترد ترجمته. برقم (103).
(3) سترد ترجمته برقم (107). (4) ستر ترجمته برقم (122).
(5) سترد ترجمته برقم (105). (6) تقدمت ترجمته برقم (94).
(7) سترد ترجمته برقم (104). (8) تقدمت ترجمته برقم (6).
* جذوة المقتبس 254 - 256، مطمح الأنفس 57، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة:
القسم الأول / المجلد الثاني / 614 - 616، الصلة لابن بشكوال 1 / 251 - 256، بغية
الملتمس 334 - 336، المطرب لابن دحية: 132، المغرب في حلي المغرب 1 / 103،
104، وفيات الأعيان 3 / 105 - 106، العبر 3 / 85، تذكرة الحفاظ 3 / 1076 - 1079،
الديباج المذهب 1 / 452، طبقات الحفاظ 418، 419، نفح الطيب 2 / 129 - 131، شذرات الذهب 3 / 168، هدية العارفين 1 / 449.
177

يوسف بن نصر، القرطبي، ابن الفرضي، مصنف " تاريخ
الأندلسيين " (1).
أخذ عن: أبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج،
وعبد الله بن قاسم، وعباس بن أصبغ، وخلف بن القاسم، وخلق،
وحج، فحمل عن: أبي بكر أحمد بن محمد بن المهندس، ويوسف
ابن الدخيل، والحسن بن إسماعيل (2) الضراب، وأبي محمد بن أبي
زيد، وأحمد بن رحمون، وأحمد بن نصر الداوودي.
وله تأليف في " أخبار شعراء الأندلس "، ومصنف في " المؤتلف
والمختلف "، وفي " مشتبه النسبة ".
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وقال: كان فقيها حافظا،
عالما في جميع فنون العلم في الحديث والرجال، أخذت معه عن
أكثر شيوخي، وكان حسن الصحبة والمعاشرة، وقتلته البربر، وبقي
ملقى في داره ثلاثة أيام (3).

(1) قد طبع " تاريخه " بعنوان " تاريخ علماء الأندلس " نشره فرنسيسكو كوديرا بمدينة
مدريد في القرن الماضي، وأعيد طبعه في سنة 1966 نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة،
وهذا الكتاب هو الذي ذيل عليه ابن بشكوال المتوفى سنة 578 بكتابه المشهور " الصلة "، ثم ألف
ابن الأبار المتوفى سنة 659 كتابه " الذيل والتكملة "، وألف أحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي
المتوفى سنة 708 كتابه " ذيل الصلة ". انظر " كشف الظنون " 1 / 285، 286. وقد ذكر
إسماعيل باشا مصنفا آخر لابن الفرضي في " ذيل كشف الظنون " 1 / 102 وهو: " الاعلام
بأعلام الأندلس من العلماء المتفننين والقراء والمحدثين المتقنين والفقهاء والندماء ومن قدمها من
العرفاء الغرباء " وانظر " هدية العارفين " 1 / 449.
(2) في الأصل: إسماعيل بن الحسن وهو خطأ، والصحيح ما أثبتناه، والضراب: نسبة
إلى ضرب الدنانير والدراهم. وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر " الصلة " 1 / 252، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1077.
178

وقال أبو مروان بن حيان: وممن قتل يوم أخذ قرطبة الفقيه
الأديب الفصيح ابن الفرضي، ووري متغيرا من غير غسل، ولا كفن
ولا صلاة، ولم ير مثله بقرطبة في سعة الرواية، وحفظ الحديث،
ومعرفة الرجال، والافتنان في العلوم والأدب البارع، ولد سنة إحدى
وخمسين وثلاث مئة، وحج سنة اثنتين وثمانين، وجمع من الكتب أكثر
ما يجمعه أحد في علماء البلد، وتقلد قراءة الكتب بعهد العامرية،
واستقضاه محمد المهدي ببلنسية، وكان حسن البلاغة والخط (1).
قال الحميدي (2): حدثنا علي بن أحمد الحافظ (3)، أخبرني أبو
الوليد بن الفرضي قال: تعلقت بأستار الكعبة، وسألت الله تعالى
الشهادة، ثم فكرت في هول القتل، فندمت، وهممت أن أرجع،
فأستقيل الله ذلك، فاستحييت. قال الحافظ علي: فأخبرني من رآه
بين القتلى، ودنا منه، فسمعه يقول بصوت ضعيف: " لا يكلم أحد
في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة
وجرحه يثعب دما، اللون لون الدم، والريح ريح المسك " (4). كأنه
يعيد على نفسه الحديث، ثم قضى على إثر ذلك رحمه الله.
وله شعر رائق فمنه:

(1) " الصلة " 1 / 253، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1077.
(2) في " جذوة المقتبس " 255. وانظر " الذخيرة " ق 1 / ج 2 / 614، 615، و " بغية
الملتمس " 335، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1077، 1078، و " نفح الطيب " 2 / 130، و
" وفيات الأعيان " 3 / 106، و " المغرب " 1 / 103، 104.
(3) هو الامام الكبير أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، صاحب
" المحلى " في الفقه، متوفى سنة 456 ه‍ ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (98).
(4) أخرجه من حديث أبي هريرة مالك 2 / 461 في الجهاد: باب الشهداء في سبيل
الله، وأحمد 2 / 231، والبخاري (2803) ومسلم (1876).
179

إن الذي أصبحت طوع يمينه * إن لم يكن قمرا فليس بدونه
ذلي له في الحب من سلطانه * وسقام جسمي من سقام جفونه (1)
وقال ابن عبد البر: أنشدنا ابن الفرضي لنفسه:
أسير الخطايا عند بابك واقف * على وجل مما به أنت عارف
يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيبها * ويرجوك فيها فهو راج وخائف
ومن ذا الذي يرجو سواك ويتقي * ومالك في فصل القضاء مخالف
فيا سيدي! لا تخزني في صحيفتي * إذا نشرت يوم الحساب الصحائف (2)
قتل - رحمه الله - سنة ثلاث وأربع مئة كهلا.
102 - صاحب اليمن *
كان ابن زياد وآله ملوك اليمن من أكثر من مئتي عام، وبدأت
دولتهم تولي، وملكوا صغيرا قام بتدبيره مولاه حسين ابن سلامة (3)

(1) البيتان في " جذوة المقتبس " 256، و " بغية الملتمس " 336، و " الصلة " 1 /
255، و " وفيات الأعيان " 3 / 106، و " الذخيرة " ق 1 / ج 2 / 616، و " نفح الطيب " 2 /
130، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1078.
(2) الأبيات في " وفيات الأعيان " 3 / 105، و " نفح الطيب " 2 / 129، و " الصلة "
1 / 253، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1078 وبعدها هذان البيتان:
وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما * يصد ذوو ودي ويجفو الموالف
لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي * أرجي لاسرافي فإني لتالف.
* معجم البلدان 4 / 441 و 5 / 157، الكامل لابن الأثير 9 / 455 وفيه وفاته 428 ه‍،
تاريخ ثغر عدن خ، الجداول المرضية خ، بلوغ المرام 13 وفيه وفاته 403 أو قبلها بسنة، الأعلام للزركلي
2 / 238.
(3) قال ياقوت: وهي أمه. " معجم البلدان " 4 / 441.
180

النوبي، وكان خيرا صالحا، أنشأ مدينة الكدراء (1)، ومدينة
المعقر (2)، وأنشأ الجوامع، وعدل وتصدق، توفي سنة اثنتين وأربع
مئة - أعني حسينا - وكان في المئة الرابعة باليمن دعاة للقرامطة.
103 - العبقسي *
القاضي العدل، أبو الحسن، أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن
علي بن فراس - وقيل: بين علي وفراس " أحمد " - العبقسي المكي
العطار، مسند الحجاز.
ولد سنة اثنتي عشرة وثلاث مئة.
وسمع في صباه - وهو ابن عشر سنين - من أبي جعفر محمد بن
إبراهيم الديبلي، وأبي التريك محمد بن الحسين بن موسى السعدي
الحمصي، ومحمد بن الربيع بن سليمان الجيزي، وأبي سعيد بن
الأعرابي، وعبد الرحمن بن عبد الله بن المقرئ، وبكير بن محمد
الحداد، وأبي اليسع إسماعيل بن محمد المصيصي، وأبي علي
الحسين بن الفتح النيسابوري الفقيه كمام، والعباس بن محمد بن
الحسن بن قتيبة، وغيرهم.
روى عنه: أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي، وأبو سعد إسماعيل

(1) انظر " معجم البلدان " 4 / 441.
(2) قال ياقوت: المعقر - اسم المكان من عقرت البعير أو عقره -: واد باليمن عند القحمة
بالسن قرب زبيد من تهامة، واختط في هذا الموضع مدينة حسين بن سلامة. " معجم البلدان "
5 / 157.
* الأنساب 8 / 370، اللباب 2 / 317، العبر 3 / 89، تذكرة الحفاظ 3 / 1063،
العقد الثمين 3 / 3 - 5، شذرات الذهب 3 / 173. والعبقسي: نسبة إلى عبد القيس.
181

ابن علي السمان، وحاتم بن محمد الأطرابلسي ثم الأندلسي، وأبو علي
الأهوازي، وأبو نصر السجزي، وأبو عمرو الداني، والحسن بن النعمان
الصيمري، وأبو ذر الهروي، وعلي بن عبد الملك بن شبانة الدينوري، وأبو
محمد الحسن بن الحسين التجيبي الفرشي (1)، وسليم الرازي، وأبو الفضل
عبد الرحمن بن أحمد بن بندار الرازي، وأبو طالب العشاري، وأبو عمران
الفارسي، ومكي بن أبي طالب، وعلي بن محمد بن شجاع الربعي، ومظفر
ابن الحسن سبط ابن لآل، وعلي بن عبيد الله الهمذاني الكسائي،
وآخرون.
قال أبو ذر (2) في " معجمه ": ثقة ثبت.
وذكره أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي في ترجمة أبيه
إبراهيم، وقال: وولده اليوم هو شيخ مكة، ومحدثها في وقته، سمع مع
أبيه وعني به، وكتبه صحاح.
وكذا وثقه السجزي، ويقول: حدثنا أحمد بن أبي إسحاق قاضي
جدة.
وقال العتيقي: كان قد انفرد في وقته بجماعة شيوخ، ثقة صدوق.
وقال أبو نصر هبة الله بن معاذ السجزي في كتاب " السبعيات " من
جمعه: كان من كبار أهل زمانه، وإليه الرحلة في أوانه، وهو ثقة.
قلت: وروى عنه أبو عمر بن عبد البر بالإجازة، وآخرون من بقي من
أصحابه راوي نسخة إسماعيل بن جعفر أبو علي الحسن بن عبد الرحمن ابن

(1) بضم الفاء وسكون الراء، نسبة إلى الفرش. " الأنساب " 9 / 272.
(2) هو الحافظ شيخ الحرم أبو ذر عبد بن أحمد الهروي، سترد ترجمته برقم (370).
182

الحسن المكي الشافعي الحناط.
وقال ابن بشكوال في ترجمة حاتم الأطرابلسي: كان أحمد من
المسندين الثقات (1).
وقال ابن بشكوال في جمعه لشيوخ ابن عبد البر: مات سنة أربع وأربع
مئة بمكة، وقد نيف على المئة. ثم قال: ذكر ذلك حاتم بن محمد.
وقال الحبال: ولد سنة اثنتي عشرة، ومات سنة خمس وأربع مئة.
وقال العتيقي: مات سنة خمس في جمادى الأولى. وقال الكتاني:
مات سنة ثلاث. فوهم.
أنبأنا أحمد (2) بن سلامة، عن الأرتاحي (3)، عن الفراء قال: أخبرنا
الحبال، حدثنا الحسن بن أحمد بمكة بوفاة أبيه ومولده، فذكرهما كما
مضى.
104 - ابن كج *
القاضي العلامة، شيخ الشافعية، أبو القاسم، يوسف بن أحمد بن
كج، الدينوري، تلميذ أبي الحسين بن القطان. وحضر مجلس الداركي.

(1) " الصلة " 1 / 157.
(2) له ترجمة في " مشيخة " المؤلف ورقة 6 / 1.
(3) نسبة إلى أرتاح: اسم حصن منيع كان من العواصم من أعمال حلب. " معجم
البلدان " 1 / 140، 141.
* طبقات العبادي: 107، طبقات الشيرازي: 98، الأنساب 10 / 360 (الكجي)،
اللباب 3 / 84، وفيات الأعيان 7 / 65، العبر 3 / 92، مرآة الجنان 3 / 12، طبقات
السبكي 5 / 359 - 361، طبقات الأسنوي 2 / 340، 341، البداية والنهاية 11 / 355،
طبقات ابن قاضي شهبة 90، طبقات ابن هداية الله 126، شذرات الذهب 3 / 177، 178،
تاج العروس 2 / 90 (كج)، هدية العارفين 2 / 550.
183

وكان يضرب به المثل في حفظ المذهب، وله وجه (1)، وتصانيف
كثيرة (2)، وأموال وحشمة، ارتحل إليه الناس من الآفاق.
وكان بعضهم يقدمه على الشيخ أبي حامد (3)، وقال: هو ذاك رفعته
بغداد، وحطت مني الدينور. قال ذلك عندما قال له تلميذ (4): يا أستاذ!
الاسم لأبي حامد، والعلم لك (5).
قتلته الحرامية بالدينور ليلة سبع وعشرين من رمضان، سنة خمس
وأربع مئة، ولم يبلغني مقدار ما عاش.
105 - ابن أبي حديد *
العدل الأمين العالم، مسند دمشق، أبو بكر محمد بن أحمد بن
عثمان بن الوليد بن الحكم بن أبي الحديد السلمي الدمشقي.
ولد سنة تسع وثلاث مئة.
وسمع أبا الدحداح أحمد بن محمد، وأبا بكر محمد بن جعفر
الخرائطي، ومحمد بن يوسف الهروي، وعبد الغافر بن سلامة، وبمصر من
محمد بن بشر الزبيري، وعبد العزيز بن أحمد الآجري، وعبد العزيز بن
قيس، وطائفة.

(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 360، 361.
(2) قال ابن العماد: ومن تصانيفه " التجريد " قال في المهمات: وهو مطول، وقد وقف
عليه الرافعي. " شذرات الذهب " 3 / 178.
(3) يعني أبا حامد الأسفراييني، وسترد ترجمته برقم (111).
(4) وهو أبو علي الحسين بن شعيب السنجي كما ذكر السمعاني في " الأنساب ".
(5) " الأنساب " 10 / 360، و " وفيات الأعيان " 7 / 65، و " طبقات " الأسنوي
2 / 341، و " طبقات " السبكي 5 / 359.
* الاكمال 2 / 55، العبر 3 / 91، الوافي بالوفيات 2 / 60.
184

حدث عنه: حفيداه: أحمد وعبيد الله ابنا عبد الواحد، وعلي بن
الحسين الشرابي، وأبو الحسن بن السمسار، وأبو علي الأهوازي، وأبو
القاسم الحنائي، وآخرون. وتفرد بعلو الرواية.
قال أبو نصر بن ماكولا (1): حدثنا عنه جماعة، وكان من الأعيان.
وقال عبد العزيز الكتاني: كان ثقة مأمونا أعرفه، وتوفي في شوال سنة
خمس وأربع مئة.
قال أبو الفرج بن عمرو: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال لي: أبو بكر
ابن أبي الحديد قوال بالحق.
106 - بهاء الدولة *
أبو نصر، أحمد بن عضد الدولة ابن بويه، ملك العراق.
مات في جمادى الآخرة، سنة ثلاث وأربع مئة بعلة الصرع المتتابع
كأبيه، توفي بأرجان في سن اثنتين وأربعين سنة وتسعة أشهر (2).
وكانت أيامه أربعا وعشرين سنة، وتملك ابنه سلطان الدولة أبو
شجاع (3).
وكان بهاء الدولة خاضعا للسلطان محمود (4) بن سبكتكين، مداريا له.

(1) في " الاكمال " 2 / 55.
* المنتظم 7 / 264، الكامل لابن الأثير (انظر الفهرس)، دول الاسلام 1 / 241،
العبر 3 / 83، الوافي بالوفيات 7 / 291، 292، البداية والنهاية 11 / 349. تاريخ ابن
خلدون 4 / 461، 462، 463، 467، 468، 470، شذرات الذهب 3 / 166، ذيل
تجارب الأمم: 153، المختصر في أخبار البشر 2 / 143.
(2) انظر " الكامل " لابن الأثير 9 / 241، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 470.
(3) سترد ترجمته برقم (214). (4) سترد ترجمته برقم (319).
185

وقام ابنه بعده اثنتي عشرة سنة، وأخذت الدولة البويهية تتناقص
وقيل: بل كان ملك بهاء الدولة اثنتين وعشرين سنة ويومين.
107 - المجبر *
مسند بغداد أبو الحسن، أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن
الصلت بن الحارث بن مالك بن سعد بن قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن
عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب، القرشي العبدري البغدادي
الجرائحي المجبر.
ولد سنة أربع عشرة و ثلاث مئة.
وسمع من: أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وأحمد بن
عبد الله وكيل أبي صخرة، وأبي بكر بن الأنباري، والقاضي المحاملي،
وجماعة.
حدث عنه: عبيد الله بن أحمد الأزهري، وعبد الباقي الأنصاري،
وعلي بن أحمد بن البسري، ومالك بن أحمد البانياسي، وعدة.
قال الخطيب: سئل أبو بكر البرقاني - وأنا أسمع - عن ابن الصلت
المجبر، فقال: ابنا الصلت ضعيفان (1).
قال: وسألت (2) حمزة بن محمد بن طاهر عن المجبر، فقال: كان

* تاريخ بغداد 5 / 94 - 96، الأنساب (المجبر)، اللباب 3 / 165، العبر 3 / 89،
ميزان الاعتدال 1 / 132، الوافي بالوفيات 7 / 130، 131، لسان الميزان 1 / 255،
شذرات الذهب 3 / 174. وقد ضبط في الأصل بضم الميم وسكون الجيم وكسر الباء الموحدة
المخففة، وضبط في " اللباب " بفتح الجيم وكسر الباء الموحدة المشددة كمحدث.
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 94، 95، وابن الصلت الثاني هو الذي سترد ترجمته عقب هذا.
(2) في الأصل: " سمعت "، وما أثبتناه من " تاريخ بغداد ".
186

صالحا دينا. وسمعت عبد العزيز الازجي يقول: عمد ابن الصلت إلى كتب
لابن أبي الدنيا، فحدث بها عن البرذعي. يشير الازجي إلى أن تلك الكتب
لم تكن عند البرذعي (1).
مات المجبر وله إحدى وتسعون سنة، في شهر رجب سنة خمس وأربع
مئة.
وهو صاحب " جزء " البانياسي.
فأما سميه: المسند الكبير:
108 - أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد *
ابن موسى بن هارون بن الصلت، الأهوازي، ثم البغدادي، فمولده
في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.
سمع القاضي أبا عبد الله المحاملي، وأبا العباس بن عقدة، ومحمد
ابن مخلد العطار، وعبد الغافر بن سلامة الحمصي.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم بن مندة، وجماعة.
قال الخطيب (2): كان صدوقا صالحا، توفي في جمادي الآخرة سنة
تسع وأربع مئة.
وآخر من مات من أصحابه علي بن الحسين بن قريش البناء.

(1) " تاريخ بغداد " 5 / 95.
* تاريخ بغداد 4 / 370، العبر 3 / 100، ميزان الاعتدال 1 / 132، المغني في
الضعفاء 1 / 55، لسان الميزان 1 / 255، 256، شذرات الذهب 3 / 188.
(2) في " تاريخ بغداد " 4 / 370.
187

وقيل: إن يحيى بن أحمد السيبي (1) روى عنه. وبقي إلى سنة تسعين
وأربع مئة.
109 - ابن أبي زمنين *
الامام القدوة الزاهد، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن عيسى بن
محمد، المري (2) الأندلسي الإلبيري، شيخ قرطبة.
قرأ ببجانة (3) على سعيد بن فحلون " مختصر " ابن عبد الحكم.
وسمع من: محمد بن معاوية الأموي، وأحمد بن المطرف، وأحمد
ابن الشامة، ووهب بن مسرة.
وتفقه بإسحاق الطليطلي.
وتفنن، واستبحر من العلم، وصنف في الزهد والرقائق، وقال الشعر
الرائق (4).

(1) نسبة إلى سيب، قال السمعاني: وظني أنها قرية بنواحي قصر ابن هبيرة.
" الأنساب " 7 / 215.
* جذوة المقتبس 56، 57، ترتيب المدارك 4 / 672 - 674، بغية الملتمس 87،
88، تذكرة الحفاظ 3 / 1029، العبر 3 / 71، الوافي بالوفيات 3 / 321، الديباج المذهب
2 / 232 - 234، طبقات المفسرين للسيوطي 34، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 161،
162، تذكرة النوادر 20، برنامج القرويين 24، شذرات الذهب 3 / 156، هدية العارفين
2 / 58، إيضاح المكنون 1 / 424، شجرة النور الزكية 1 / 101.
(2) ضبطها ابن فرحون بضم الميم وكسر الراء المهملة المشددة. " الديباج المذهب " 2 /
233.
(3) بجانة، بالفتح ثم التشديد وألف ونون: مدينة بالأندلس من أعمال كورة إلبيرة،
خربت، وقد انتقل أهلها إلى المرية، وبينهما وبين المرية فرسخان، وبينها وبين غرناطة مئة
ميل. " معجم البلدان " 1 / 339.
(4) أورد الحميدي من شعره قوله:
لا تطمئن إلى الدنيا وزخرفها * وإن توشحت من أثوابها الحسنا
أين الأحبة والجيران ما فعلوا * أين الذين هم كانوا لنا سكنا
سقاهم الدهر كأسا غير صافية * فصيرتهم لاطباق الثرى رهنا
وانظر بعض شعره أيضا في " ترتيب المدارك " 4 / 673، 674.
188

وكان صاحب جد وإخلاص، ومجانبة للأمراء.
روى عنه: أبو عمرو الداني، وأبو عمر بن الحذاء، وجماعة.
ولد في أول سنة أربع وعشرين وثلاث مئة.
وتوفي في ربيع الآخر، سنة تسع وتسعين وثلاث مئة.
واختصر " المدونة " (1)، وله " منتخب الاحكام " مشهور، وكتاب
" الوثائق " (2)، و " مختصر تفسير ابن سلام "، وكتاب " حياة القلوب " (3)
في الزهد، وكتاب " أدب الاسلام "، وكتاب " أصول السنة "، وأشياء
كثيرة (4).
وكان من حملة الحجة. وزمنين بفتح الميم، ثم كسر النون.

(1) واسم المختصر: " المغرب " في اختصار المدونة، وشرح مشكلها، والتفقه في
نكت منها مع تحرير للفظها، وضبط لروايتها، ليس في مختصراتها مثله باتفاق. انظر " الديباج
المذهب " 2 / 232، 233، و " الوافي بالوفيات " 3 / 321، و " طبقات المفسرين "
للداوودي 2 / 162، و " شجرة النور " 1 / 101، وذكره ابن خير في " فهرسة ما رواه عن
شيوخه ": 251.
(2) هو " المشتمل في الوثائق " ذكره مع " منتخب الاحكام " ابن خير في " فهرسه " ص
251. وانظر النسخ الخطية لمنتخب الاحكام وغيره في " تاريخ " سزكين 1 / 79، 80.
(3) " فهرسة " ابن خير 288.
(4) انظر مصنفاته في " ترتيب المدارك " 4 / 673، و " الوافي بالوفيات " 3 / 321، و
" الديباج المذهب " 2 / 233، و " طبقات المفسرين " للداوودي 2 / 162، و " شجرة النور
الزكية " 1 / 101.
189

110 - ابن الباقلاني *
الامام العلامة، أوحد المتكلمين، مقدم الأصوليين، القاضي أبو
بكر، محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن قاسم، البصري، ثم
البغدادي، ابن الباقلاني، صاحب التصانيف، وكان يضرب المثل بفهمه
وذكائه.
سمع أبا بكر أحمد بن جعفر القطيعي، وأبا محمد بن ماسي،
وطائفة.
وخرج له أبو الفتح بن أبي الفوارس.
وكان ثقة إماما بارعا، صنف في الرد على الرافضة والمعتزلة،
والخوارج والجهمية والكرامية، وانتصر لطريقة أبي الحسن الأشعري، وقد
يخالفه في مضائق، فإنه من نظرائه، وقد أخذ علم النظر عن أصحابه.
وقد ذكره القاضي عياض في " طبقات المالكية " (1)، فقال: هو
الملقب بسيف السنة، ولسان الأمة، المتكلم على لسان أهل الحديث،

* تاريخ بغداد 5 / 379 - 383، ترتيب المدارك 4 / 585 - 602، الأنساب 2 / 51،
52، تبيين كذب المفتري 217 - 226، المنتظم 7 / 265، اللباب 1 / 112، وفيات الأعيان
4 / 269، 270، المختصر في أخبار البشر 2 / 144، العبر 3 / 86، دول الاسلام 1 /
242، الوافي بالوفيات 3 / 177، مرآة الجنان 3 / 1006، البداية و النهاية 11 / 350،
351، الديباج المذهب 2 / 228، 229، النجوم الزاهرة 4 / 234، شذرات الذهب 3 /
168 - 170، إيضاح المكنون 2 / 691، هدية العارفين 2 / 59، شجرة النور الزكية 1 /
92، 93. وانظر كتاب " الباقلاني وإعجاز القرآن " للأستاذ أحمد صقر. قال ابن خلكان في
نسبته: هذه النسبة إلى الباقلي وبيعه، وفيه لغتان: من شدد اللام قصر الألف، ومن خففها مد
الألف فقال: باقلاء. وهذه النسبة شاذة لأجل زيادة النون فيها، وهو نظير قولهم في النسبة إلى
صنعاء: صنعاني، وإلى بهراء: بهراني..... " وفيات الأعيان " 4 / 270.
(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 585، 586.
190

وطريق أبي الحسن، و إليه انتهت رئاسة المالكية في وقته، وكان له بجامع
البصرة حلقة عظيمة.
حدث عنه: الحافظ أبو ذر الهروي، وأبو جعفر محمد بن أحمد
السمناني، وقاضي الموصل، والحسين بن حاتم الأصولي.
قال أبو بكر الخطيب (1): كان ورده في كل ليلة عشرين ترويحة في
الحضر والسفر، فإذا فرغ منها، كتب خمسا وثلاثين ورقة من تصنيفه.
سمعت أبا الفرج محمد بن عمران يقول ذلك. وسمعت علي بن محمد
الحربي يقول: جميع ما كان يذكر أبو بكر بن الباقلاني من الخلاف بين
الناس صنفه من حفظه، وما صنف أحد خلافا إلا احتاج أن يطالع كتب
المخالفين، سوى ابن الباقلاني.
قلت: أخذ القاضي أبو بكر المعقول عن أبي عبد الله محمد بن أحمد
ابن مجاهد الطائي صاحب أبي الحسن الأشعري.
وقد سار القاضي رسولا عن أمير المؤمنين إلى طاغية الروم، وجرت
له أمور، منها أن الملك أدخله عليه من باب خوخة (2) ليدخل راكعا للملك،
ففطن لها القاضي، ودخل بظهره (3).
ومنها أنه قال لراهبهم: كيف الأهل والأولاد؟ فقال الملك: مه! أما
علمت أن الراهب يتنزه عن هذا؟ فقال: تنزهونه عن هذا، ولا تنزهون رب

(1) في " تاريخ بغداد " 5 / 280.
(2) هو باب صغير ضمن باب كبير لا يتمكن الانسان من دخوله إلا أن يحني رأسه.
(3) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 379، 380، و " ترتيب المدارك " 4 / 596، و
" الأنساب " 2 / 51، 52، و " تبيين كذب المفتري " 218، و " المنتظم " 7 / 265، و
" البداية والنهاية " 11 / 350.
191

العالمين عن الصاحبة والولد (1)!
وقيل: إن الطاغية سأله: كيف جرى لزوجة نبيكم؟ - يقصد توبيخا -
فقال: كما جرى لمريم بنت عمران، وبرأهما الله، لكن عائشة لم تأت
بولد. فأفحمه (2).
قال الخطيب (3): سمعت أبا بكر الخوارزمي يقول: كل مصنف
ببغداد إنما ينقل من كتب الناس سوى القاضي أبي بكر، فإنما صدره يحوي
علمه وعلم الناس.
وقال أبو محمد البافي: لو أوصى رجل بثلث ماله لأفصح الناس،
لوجب أن يدفع إلى أبي بكر الأشعري (4).
قال أبو حاتم محمود بن الحسين القزويني: كان ما يضمره القاضي أبو
بكر الأشعري من الورع والدين أضعاف ما كان يظهره، فقيل له في ذلك،
فقال: إنما أظهر ما أظهره غيظا لليهود والنصارى، والمعتزلة والرافضة، لئلا
يستحقروا علماء الحق (5).
وعمل بعضهم في موت القاضي:
انظر إلى جبل تمشي الرجال به * وانظر إلى القبر ما يحوي من الصلف
وانظر إلى صارم الاسلام منغمدا * وانظر إلى درة الاسلام في الصدف (6)

(1) " تبيين كذب المفتري " 218، 219.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 219، و " البداية والنهاية " 11 / 350، وانظر مناظرته
في مجلس ملك الروم وأخباره معه في " ترتيب المدارك " 4 / 594 - 601..
(3) في " تاريخ بغداد " 5 / 380.
(4) " تاريخ بغداد " 5 / 380، و " الأنساب " 2 / 52.
(5) انظر " تبيين كذب المفتري " 220.
(6) البيتان في " تاريخ بغداد " 5 / 382، 383، و " الأنساب " 2 / 52، و " تبيين
كذب المفتري " 223، 224، و " وفيات الأعيان " 4 / 27، و " الوافي بالوفيات " 3 /
177.
192

مات في ذي القعدة، سنة ثلاث وأربع مئة، وصلى عليه ابنه حسن،
وكانت جنازته مشهودة، وكان سيفا على المعتزلة والرافضة والمشبهة،
وغالب قواعده على السنة، وقد أمر شيخ الحنابلة أبو الفضل التميمي مناديا
يقول بين يدي جنازته: هذا ناصر السنة والدين، والذاب عن الشريعة،
هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة. ثم كان يزور قبره كل جمعة (1).
قيل: ناظر أبو بكر أبا سعيد الهاروني، فأسهب، ووسع العبارة، ثم
قال للجماعة: إن أعاد ما قلت، قنعت به عن الجواب. فقال الهاروني: بل
إن أعاد ما قاله، سلمت له (2).
111 - أبو حامد الأسفراييني *
الأستاذ العلامة، شيخ الاسلام، أبو حامد، أحمد بن أبي طاهر

(1) " تبيين كذب المفتري " 221، وانظر مصنفاته في " ترتيب المدارك " 4 / 601،
602. وانظر النسخ الخطية لبعضها في " تاريخ " سزكين 2 / 385 - 387، وقد طبع له منها
كتاب " إعجاز القرآن " بالقاهرة 1315، 1317 ه‍ على هامش كتاب " الاتقان " للسيوطي،
ونشره السيد صقر بالقاهرة عام 1954 م، وكتاب " التمهيد في الرد على الملحدة والرافضة
والخوارج والمعتزلة " نشره محمد أبو ريده ومحمود الخضيري اعتمادا على مخطوطة باريس غير
الكاملة في القاهرة 1947 م وكذلك مكارثي في بيروت 1957، وكتاب " البيان عن الفرق بين
المعجزات والكرامات والحيل والكهانة والسحر ونيرنجيات " نشره مكارثي ببيروت عام 1958.
(2) " وفيات الأعيان " 4 / 269، و " الوافي بالوفيات " 3 / 177.
* طبقات العبادي 107، طبقات الشيرازي 103، تاريخ بغداد 4 / 368 - 370،
الأنساب 1 / 237، 238، المنتظم 7 / 277، 278، معجم البلدان 1 / 178، طبقات ابن
الصلاح الورقة 37 ب، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 208 - 210، وفيات الأعيان 1 / 72 -
74، المختصر في أخبار البشر 2 / 152، العبر 3 / 92، دول الاسلام 1 / 243، الوافي
بالوفيات 7 / 357، 358، مرآة الجنان 3 / 15، طبقات السبكي 4 / 61 - 74، طبقات
الأسنوي 1 / 57، البداية والنهاية 12 / 2، 3، النجوم الزاهرة 4 / 239، طبقات ابن هداية
الله 127 - 128، شذرات الذهب 3 / 178، 179، تاج العروس 9 / 236. وتقدم الكلام
على نسبة " الأسفراييني " في الترجمة (38).
193

محمد بن أحمد الأسفراييني، شيخ الشافعية ببغداد.
ولد سنة أربع وأربعين وثلاث مئة.
وقدم بغداد وله عشرون سنة، فتفقه على أبي الحسن بن المرزبان،
وأبي القاسم الداركي. وبرع في المذهب، وأربى على المتقدمين، وعظم
جاهه عند الملوك.
حدث عن: عبد الله بن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي، وسمع
" السنن " من الدارقطني.
حدث عنه تلامذته أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي (1)، والفقيه
سليم الرازي، وأبو علي السنجي، وأبو الحسن المحاملي (2)، وآخرون.
قال الشيخ أبو إسحاق في " الطبقات ": انتهت إليه رئاسة الدين
والدنيا ببغداد، وعلق عنه تعاليق في شرح المزني، وطبق الأرض
بالأصحاب، وجمع مجلسه ثلاث مئة متفقه (3).
وقال الشيخ محيي الدين النواوي: تعليقة الشيخ أبي حامد في نحو
من خمسين مجلدا، ذكر فيها مذاهب العلماء، وبسط أدلتها والجواب
عنها، تفقه عليه جماعة منهم: أبو علي السنجي، وقد تفقه السنجي على
القفال أيضا، وهما شيخا طريقتي العراق وخراسان، وعنهما انتشر
المذهب (4).

(1) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (29).
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (266).
(3) وانظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 209، و " طبقات " السبكي 4 / 62.
(4) " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 210، وانظر سرد سند الفقه الشافعي من طريق
العراقيين ومن طريق الخراسانيين إلى الامام النووي في " تهذيب الأسماء واللغات " 1 / 17 -
20.
194

قال الخطيب (1): حدثونا عن أبي حامد، وكان ثقة، حضرت تدريسه
في مسجد ابن المبارك، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر درسه سبع مئة
فقيه، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعي، لفرح به.
قال الخطيب (2): وحدثني أبو إسحاق الشيرازي قال: سألت القاضي
أبا عبد الله الصيمري: من أنظر من رأيت من الفقهاء؟ فقال: أبو حامد
الأسفراييني.
قال أبو حيان التوحيدي في رسالة له: سمعت الشيخ أبا حامد يقول
لطاهر العباداني: لا تعلق كثيرا مما تسمع منا في مجالس الجدل، فإن
الكلام يجري فيها على ختل الخصم ومغالطته ودفعه ومغالبته، فلسنا نتكلم
لوجه الله خالصا، ولو أردنا، لكان خطونا إلى الصمت أسرع من تطاولنا في
الكلام، وإن كنا في كثير من هذا نبوء بغضب الله، فإنا نطمع في سعة
رحمة الله (3).
قلت: أبو حيان غير معتمد.
قال ابن الصلاح: وعلى الشيخ أبي حامد تأول بعض العلماء حديث:
" إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها "، فكان
الشافعي على رأس المئتين، وابن سريج على رأس الثلاث مئة، وأبو حامد
على رأس الأربع مئة (4).

(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 369.
(2) في " تاريخ بغداد " 4 / 370.
(3) انظر " طبقات السبكي " 4 / 62.
(4) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 209، 210، وحديث " إن الله يبعث... "
حديث صحيح أخرجه أبو داود (4291) والحاكم 4 / 522، والخطيب 2 / 61، وقد تقدم
تخريجه.
195

وروي عن سليم الرازي قال: كان أبو حامد في أول أمره يحرس في
درب، وكان يطالع على زيت الحرس، وإنه أفتى وهو ابن سبع عشرة
سنة (1).
قال الخطيب (2): مات أبو حامد في شوال، سنة ست وأربع مئة،
وكان يوما مشهودا، ودفن في داره، ثم نقل بعد أربع سنين، ودفن بباب
حرب، رحمه الله.
ومات معه باديس (3) بن منصور الحميري، صاحب المغرب، وشيخ
الصوفية أبو علي الدقاق (4)، وأبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب (5)
المفسر، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي (6)، وشيخ مكة عبيد الله بن محمد
السقطي (7)، وشيخ بغداد أبو أحمد بن أبي مسلم الفرضي (8)، وأبو الفرج
عثمان بن أحمد البرجي بأصبهان، وشيخ المتكلمين أبو بكر بن فورك (9).

(1) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 210، و " طبقات " السبكي 4 / 64.
(2) في " تاريخ بغداد " 4 / 370.
(3) سترد ترجمته برقم (126).
(4) انظر ترجمته في تبيين كذب المفتري 226، 227، المنتظم 8 / 7، 8، تذكرة
الحفاظ 1064، العبر 3 / 93، الوافي بالوفيات 12 / 165، البداية والنهاية 12 / 13،
النجوم الزاهرة 4 / 256، شذرات الذهب 3 / 180، 181، طبقات السبكي 4 / 329،
الكامل لابن الأثير 9 / 326.
(5) سترد ترجمته برقم (143).
(6) سترد ترجمته برقم (159).
(7) سترد ترجمته برقم (142).
(8) سترد ترجمته برقم (124).
(9) سترد ترجمته برقم (125).
196

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا
إلياس بن أحمد، أخبرنا حمزة بن كروس، أخبرنا الفقيه نصر بن إبراهيم،
حدثنا سليم بن أيوب، حدثنا أبو حامد أحمد بن أبي طاهر، حدثنا أبو
إسحاق إبراهيم بن محمد الشعراني، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا حبان
ابن موسى، حدثنا ابن المبارك، عن كهمس، عن ابن بريدة، عن يحيى بن
يعمر قال: ظهرها هنا معبد الجهني، وهو أول من قال في القدر ها هنا.
وذكر الحديث (1).
112 - ابن بيري *
المحدث المعمر الصدوق، شيخ واسط، أبو بكر (2) بن عبيد بن
الفضل بن سهل بن بيري الواسطي.
آخر أصحاب علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، حدث عنه،
وعن محمد بن عثمان بن سمعان، وعبد الله بن عمر بن شوذب، ومحمد
ابن الحسين الزعفراني، ومحمد بن يحيى الصولي، وأبي جعفر بن
البختري، وأبي علي الحسن بن منصور، وعبد الباقي بن قانع، وعدة،
حتى إن خميس بن علي الحوزي (3) زعم أنه سمع من أبي القاسم البغوي،

(1) وهو حديث مطول أخرجه من طرق عن كهمس بهذا الاسناد مسلم (8) في الايمان:
باب وصف جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم الاسلام والايمان، وأبو داود (4695) والترمذي (2610) والنسائي
8 / 97.
* الاكمال 1 / 521، سؤالات الحافظ السلفي: 17، 18، الأنساب 2 / 365
(بيري)، اللباب 1 / 197، المشتبه 1 / 107، تبصير المنتبه 1 / 113.
(2) واسمه: أحمد.
(3) نسبة إلى الحوز: قرية بإزاء واسط من شرقيها الاعلى، يقال لها: حوز برقة، وجعلها
السمعاني نسبة إلى الحويزة بنواحي البصرة، فاستدرك عليه ابن الأثير في " اللباب " وخميس
الحوزي ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر.
197

وابن أبي داود (1)، وهذا غلط، قال: وكان ثقة صدوقا، كف بصره
بأخرة (2).
حدث عنه: عبد الكريم بن محمد الشروطي، وأبو يعلى حمزة بن
الحسن، ومحمد بن علي بن عيسى القارئ، وعلي بن الحسين بن الطيب
الصوفي، وأبو غالب بن بشران النحوي، والقاضي أبو علي إسماعيل بن
محمد بن أحمد بن الطيب بن كماري (3)، والفقيه أبو الحسين محمد بن علي
الشافعي، وأبو الحسين محمد بن محمد بن مخلد البزاز: الواسطيون
وسماع ابن مخلد منه في سنة نيف وأربع مئة، رحمه الله.
113 - ابن خزفة *
الشيخ أبو الحسن، علي بن محمد بن علي (4) بن خزفة، الواسطي،
الصيدلاني الأديب، راوي " التاريخ الكبير " لأحمد بن أبي خيثمة (5)، عن
محمد بن الحسين الزعفراني، عنه، وروى عن محمد بن أحمد بن أبي
وطن، وأبي العلاء محمد بن يونس.
وعنه: اللالكائي (6)، ومحمد بن الحسين بن البيطار، وأبو علي غلام

(1) " سؤالات الحافظ السلفي " 17.
(2) " سؤالات الحافظ السلفي " 18.
(3) بفتح الكاف والميم وفي آخرها الراء المهملة بعد الألف. انظر ترجمة حفيده القاضي
أبي إسماعيل في " الأنساب " 10 / 467.
* الاكمال 2 / 411، سؤالات الحافظ السلفي ترجمة رقم (17)، تذكرة الحفاظ 3 /
1049، تبصير المنتبه 1 / 429.
(4) في " سؤالات الحافظ السلفي ": " الحسن " بدل " علي ".
(5) المتوفى سنة تسع وسبعين ومئتين، مرت ترجمته في الجزء الحادي عشر برقم
(131).
(6) هو أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور اللالكائي، سترد ترجمته برقم (274).
198

الهراس، وأبو يعلى محمد بن سفيان، وعلي بن عبيد الله العلاف،
وإبراهيم بن محمد الجماري (1)، وعدة.
وكان خصيصا بالوزير فخر الملك (2) ونديما له.
توفي في سنة تسع وأربع مئة.
114 - الخزاعي *
الشيخ الصدوق، العالم المحدث، أبو القاسم، علي بن أحمد بن
محمد بن الحسن، الخزاعي البلخي، من ولد مكلم الذئب أهبان بن عياذ
الخزاعي (3)، رضي الله عنه.
سمع من: الهيثم بن كليب الشاشي " مسنده "، وكتاب
" الشمائل "، وكتاب " غريب الحديث " لابن قتيبة، وغير ذلك، وطال
عمره، وتفرد.

(1) ذكره ابن نقطة في " الاستدراك " 102 ب، وقال: بضم الجيم وتشديد الميم وبعد
الألف راء مكسورة، هو أبو البركات إبراهيم بن محمد بن خلف الجماري، واسطي. وانظر
" تبصير المنتبه " 1 / 346، و " سؤالات الحافظ السلفي " ص 30، وستأتي ترجمة ولده محمد
ابن إبراهيم في الجزء التاسع عشر.
(2) في الأصل: " فخر الدولة " وهو خطأ، وفخر الملك هذا سترد ترجمته في هذا الجزء
برقم (173).
* العبر 3 / 107، شذرات الذهب 3 / 195.
(3) في الأصل: أهبان بن صيفي، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وهو أهبان بن الأكوع
ابن عياذ بن ربيعة الخزاعي، وكان من أصحاب الشجرة، وكان يضحي عن أهله بالشاة الواحدة،
وهو الذي كلمه الذئب - وقيل: إن مكلم الذئب هو أهبان بن أوس الأسلمي - قال: كنت في غنم
لي، فشد الذئب على شاة منها، فصاح عليه، فأقعى على ذنبه، قال: فخاطبني، فقال: من
لها يوم تشغل عنها؟ انظر " الإصابة " 1 / 78، و " الاستيعاب " في هامشها 1 / 64، و
" تهذيب الكمال " الورقة 127، 128، و " تهذيب التهذيب " 1 / 380.
199

وحدث أيضا عن أبيه، والأستاذ عبد الله بن محمد بن يعقوب
البخاري، وعبد الله بن محمد بن طرخان البلخي، ومحمد بن أحمد بن
خنب (1)، وأبي عمرو محمد بن إسحاق العصفري، وأبي جعفر محمد بن
محمد بن عبد الله الجمال، ومحمد بن أحمد السلمي، وطائفة.
وارتحل في كبره، فحدث ببخارى، وبلخ وسمرقند ونسف.
وكان مولده في رجب سنة ست وعشرين وثلاث مئة.
حدث عنه جماعة من أهل تلك الديار، وآخر أصحابه موتا أحمد بن
محمد الخليلي الدهقان.
مات ببخارى في صفر سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
115 - السليماني *
الامام الحافظ المعمر، محدث ما وراء النهر، أبو الفضل، أحمد بن
علي بن عمرو (2) بن حمد (3) بن إبراهيم بن يوسف بن عنبر، سبط أحمد بن
سليمان، السليماني البيكندي البخاري.
ولد سنة إحدى عشرة وثلاث مئة.

(1) بفتح الخاء المعجمة، بعدها نون ساكنة، ثم باء موحدة. " تبصير المنتبه " 1 /
268.
* الأنساب 7 / 122، معجم البلدان 1 / 533، اللباب 2 / 132، طبقات ابن الصلاح
الورقة 34 ب، العبر 3 / 87، تذكرة الحفاظ 3 / 1036، 1037، الوافي بالوفيات 7 /
216، 217، طبقات الشافعية للسبكي 4 / 41، 42، طبقات الشافعية للأسنوي 2 / 40،
طبقات الحفاظ: 409، شذرات الذهب 3 / 172، هدية العارفين 1 / 71.
(2) في " معجم البلدان ": عمر.
(3) في " الأنساب "، و " طبقات " السبكي، و " طبقات " الأسنوي: أحمد.
200

وسمع محمد بن حمدويه بن سهل المروزي، وعلي بن سختويه،
وعلي بن إبراهيم بن معاوية، ومحمد بن إسحاق الخزاعي، ومحمد بن
صابر بن كاتب، وصالح بن زهير البخاريين، وعلي بن إسحاق
المادرائي (1)، وأبا العباس الأصم، وعبد الله بن جعفر بن فارس،
وطبقتهم، وتفرد بالرواية عن ابن حمدويه وغيره.
قال أبو سعد السمعاني في " الأنساب " (2): السليماني منسوب إلى
جده لامه: أحمد بن سليمان البيكندي، له التصانيف الكبار، رحل إلى
الآفاق، ولم يكن له نظير في زمانه إسنادا وحفظا ودراية وإتقانا، وكان يصنف
في كل جمعة شيئا، ويدخل من بيكند إلى بخارى، ويحدث بما صنف.
حدث عنه: جعفر بن محمد المستغفري، وولده أبو ذر محمد بن
جعفر، وجماعة لا نعرفهم بتلك الديار.
قال أبو سعد (3): توفي في ذي القعدة، سنة أربع وأربع مئة وله ثلاث
وتسعون سنة.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد الرحيم بن أبي سعد، أخبرنا
عثمان بن علي البيكندي، أخبرنا أبو الخطاب محمد بن إبراهيم بن علي
الكعبي إملاء، حدثنا أبو سهل أحمد بن علي الأبيوردي، أخبرنا أحمد بن
عمرو السليماني، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد السمرقندي، حدثنا أبو
الفضل محمد بن إبراهيم السمرقندي، حدثنا عيسى بن مينا، حدثنا محمد

(1) في " اللباب ": نسبة إلى مادرايا، وظني أنها من أعمال البصرة. ثم أورد ترجمة علي
ابن إسحاق هذا.
(2) 7 / 122.
(3) في " الأنساب " 7 / 123.
201

ابن جعفر بن أبي كثير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " لا يفتح أحد على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب
فقر " (1).
أخبرنا الحسن بن علي بن يونس، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو
الوقت عبد الأول، أخبرنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن
محمد بن إسماعيل، حدثنا أحمد بن علي الحافظ ببيكند، حدثنا محمد بن
إبراهيم بن عيسى الخوارزمي الشافعي، حدثنا محمد بن إسحاق الدمشقي،
حدثني محمد بن حمدان البلخي، حدثنا محمد بن نهشل المروزي، حدثنا
موسى بن مسعود، عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير قال: ولد
الزنى لا يكتب الحديث (2).
رأيت للسليماني كتابا فيه حط على كبار، فلا يسمع منه ما شذ فيه.

(1) عيسى بن مينا: وهو المدني المقرئ صاحب نافع الملقب بقالون، ثبت في القراءة،
وفي الحديث يصلح للاعتبار، وباقي رجاله ثقات، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 935،
ونسبه للطبري في تهذيبه، وأخرجه مطولا الإمام أحمد 2 / 436 من طريق يحيى بن سعيد
القطان، عن ابن عجلان، حدثنا سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة أن رجلا شتم أبا بكر والنبي
صلى الله عليه وسلم جالس، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم، فلما أكثر رد عليه بعض قوله، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم
وقام، فلحقه أبو بكر، فقال: يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض
قوله: غضبت وقمت، قال: إنه كان معك ملك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله، وقع
الشيطان، فلم أكن لأقعد مع الشيطان، ثم قال: يا أبا بكر ثلاث كلهن حق: ما من عبد ظلم
بمظلمة فيغضي عنها لله عز وجل إلا أعز الله بها نصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا
زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله عز وجل بها قلة ". وهذا
سند حسن، وفي الباب عن أبي كبشة عمر بن سعد الأنماري عند أحمد 4 / 231، والترمذي
(2335) وابن ماجة (4228) وقال الترمذي: حسن صحيح وهو كما قال، وعن عبد الرحمن بن
عوف عند أحمد 1 / 193 والبزار (929) وقال: وفيه رجل لم يسم.
(2) ألم يقل الله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى). فولد الزنى إذا كان حافظا صادقا ثقة
ضابطا لما يروي، فهو كغيره من الثقات يكتب الحديث، ويروى عنه، وينتفع بعلمه.
202

116 - ابن حامد *
شيخ الحنابلة، ومفتيهم، أبو عبد الله، الحسن بن حامد بن علي بن
مروان، البغدادي الوراق، مصنف كتاب " الجامع " في عشرين مجلدا في
الاختلاف.
روى عن: أبي بكر النجاد، وأبي بكر الشافعي، وابن سلم
الختلي (1).
روى عنه: أبو علي الأهوازي (2)، وأبو طالب العشاري (3)،
والقاضي أبو يعلى (4)، وتفقه عليه، والمقرئ أبو بكر الخياط (5).
وكان يتقوت من النسخ، ويكثر الحج (6).
وهو أكبر تلامذة أبي بكر (7) غلام الخلال.

* تاريخ بغداد 7 / 303، طبقات الحنابلة 2 / 171 - 177، مناقب الإمام أحمد لابن
الجوزي: 625، المنتظم 7 / 263، 264، الكامل في التاريخ 9 / 242، دول الاسلام
1 / 242، العبر 3 / 84، الوافي بالوفيات 11 / 415، البداية والنهاية 11 / 349، النجوم
الزاهرة 4 / 232، شذرات الذهب 3 / 166، 167، تاريخ التراث العربي لسزكين 2 /
218.
(1) هو أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي، أخو محمد وعمر، مرت تراجمهم في
الجزء السادس عشر.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (11).
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (21).
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (40).
(5) هو محمد بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، البغدادي، المعروف
بالخياط، متوفى سنة 467. " غاية النهاية " 2 / 208.
(6) انظر " طبقات الحنابلة " 2 / 177.
(7) هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد البغدادي الحنبلي، المعروف بغلام
الخلال، متوفى سنة 363، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
203

هلك شهيدا في أخذ الوفد سنة ثلاث وأربع مئة (1).
117 - ابن وجه الجنة *
الشيخ الثقة المعمر، أبو بكر، يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود بن
موسى، القرطبي، عرف بابن وجه الجنة.
سمع من: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن أبي دليم، ومحمد بن
معاوية، وابن حزم الصدفي، وأحمد بن مطرف.
وكان خيرا دينا، من عدول القاضي أبي بكر بن السليم، وكان يلتزم
صنعة الخز.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن حزم، وطائفة.
مولده في سنة أربع وثلاث مئة.
ومات في ذي الحجة سنة اثنتين وأربع مئة.
وهو أكبر شيخ لقيه ابن حزم.

(1) قال المؤلف في " العبر " حوادث سنة 403: فيها أخذ الركب العراقي وتسمى نوبة
واقصة، نزل فليتة الخفاجي قبحه الله في ست مئة بواقصة، فغور المياه، وطرح الحنظل في
الآبار، فلما جاء الركب إلى العقبة، حبسهم ومنعهم العبور إلا بخمسين ألف دينار، فخافوا
وضعفوا وعطشوا، فهجم الملعون عليهم، فلم يكن عندهم منعة، وسلموا أنفسهم، فاحتوى
على الجمال بالاحمال، واستاقها، وهلك الركب إلا القليل، فقيل: إنه هلك خمسة عشر ألف
إنسان، فأمر فخر الملك الوزير علي بن مزيد، فأدركهم بناحية البصرة، فظفر بهم، وقتل طائفة
كبيرة، وأسر والد فليتة والأشتر وأربعة عشر رجلا، ووجدوا أموال الناس قد تمزقت، فانتزع ما
أمكنه، فعطشوا الاسرى على جانب دجلة يرون الماء ولا يسقون حتى هلكوا. " العبر " 3 /
82، 83.
* الصلة 2 / 663، العبر 3 / 82، شذرات الذهب 3 / 165.
204

118 - ابن الرسان *
الشيخ الجليل الثقة المحدث، أبو القاسم، أحمد بن فتح بن عبد الله
ابن علي القرطبي، التاجر السفار، المعروف بابن الرسان.
حج، وأخذ عن أبي الحسن عتبة الرازي، وحمزة الكناني، والحسن
ابن رشيق، وإسحاق بن إبراهيم فقيه قرطبة، وحمل " صحيح مسلم " عن
أبي العلاء بن ماهان.
روى عنه: الصاحبان: ابن ميمون وابن شنظير، ويونس بن عبد
الله، ومحمد بن عتاب، وأبو عمر بن عبد البر، والخولاني، وقال: هو
رجل صالح على هدى وسنة، صنف في الفرائض، وكان عنده فوائد جمة
عوال (1).
وقال غيره: مات عن أربع وثمانين سنة في شهر ربيع الأول، مختفيا
بعد طلب شديد بسبب مصادرة وعسف.
وقد روى ابن حزم في تواليفه عن رجل عنه.
مات سنة ثلاث وأربع مئة.
119 - لحية الزبل * *
الامام المحدث الثقة، شيخ اللغة، أبو عثمان، سعيد بن عثمان بن

* الصلة لابن بشكوال 1 / 26.
(1) انظر " الصلة " لابن بشكوال 1 / 26.
* * الصلة 1 / 208 - 210 وتحرف فيه إلى " الذبل " بالذال، تلخيص ابن مكتوم
78، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 351، 352، بغية الوعاة 1 / 585.
205

سعيد، البربري الأندلسي، ابن القزاز، اللغوي القرطبي، تلميذ أبي علي
القالي.
مولده في سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
حدث عن: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله
ابن أبي دليم، ومحمد بن عيسى بن رفاعة، وسعيد بن جابر، ومحمد بن
محمد بن عبد السلام الخشني.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وجماعة
وكان أحد الثقات.
عدم في وقعة الأندلس (1)، في ربيع الأول سنة أربع مئة.
120 - ابن المكوي *
عالم الأندلس، وشيخ المالكية، أبو عمر، أحمد بن عبد الملك بن
هاشم، الإشبيلي، ابن المكوي.
تفقه على إسحاق بن إبراهيم الفقيه (2).
وبرع، وفاق الاقران، وانتهت إليه معرفة المذهب وغوامضه مع

(1) هي الملحمة الكبرى التي جرت حين قصد المستعين بالله سليمان بن الحكم قرطبة،
فبرز لقتاله جيش محمد بن عبد الجبار المهدي، فحطمهم سليمان، وغرق خلق منهم، وقتل اثنا
عشر ألفا، منهم عدة من العلماء والصلحاء. انظر ترجمة المستعين المتقدمة برقم (79).
* جذوة المقتبس: 132، ترتيب المدارك 4 / 635 - 642، الصلة لابن بشكوال 1 /
22، العبر 3 / 74، 75، الوافي بالوفيات 7 / 144، مرآة الجنان 3 / 3، الديباج المذهب
1 / 176، 177، كشف الظنون 1 / 81، شذرات الذهب 3 / 161، هدية العارفين 1 / 71
وتحرف فيه إلى " ابن المكري " بالراء، شجرة النور الزكية: 102.
(2) المتوفى سنة 352، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
206

الصلابة في الدين، والبعد عن الهوى، والانصاف في النظر.
صنف هو والعلامة أبو بكر المعيطي (1) معا كتاب " الاستيعاب " (2) في
المذهب، في مئة جزء، لصاحب الأندلس المستنصر (3)، فسر بذلك،
ووصلهما بمبلغ، وقدمهما للشورى.
تفقه على ابن المكوي أبو عمر بن عبد البر، وأخذ عنه " المدونة ".
مات فجأة في جمادى الأولى، سنة إحدى وأربع مئة عن سبع وسبعين
سنة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله.
121 الصعلوكي *
العلامة، شيخ الشافعية بخراسان، الإمام أبو الطيب، سهل بن الإمام
أبي سهل محمد بن سليمان بن محمد، العجلي الحنفي، ثم
الصعلوكي النيسابوري، الفقيه الشافعي.
تفقه على والده.

(1) هو أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الوليد القرشي المعيطي، الامام الفقيه العالم
المتفنن، متوفى سنة 367 ه‍. انظر ترجمته في تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي 2 / 78،
ترتيب المدارك 4 / 633 - 635، الديباج المذهب 2 / 225، شجرة النور الزكية 1 / 99.
(2) انظر خبر تأليف هذا الكتاب في " ترتيب المدارك " 4 / 634، 635، و " الديباج
المذهب " 2 / 226، و " شجرة النور " 1 / 99.
(3) هو الحكم بن عبد الرحمن بن محمد، المستنصر بالله، أمير المؤمنين في الأندلس،
متوفى سنة 366 ه‍، مرت ترجمته في الجزء الثامن برقم (63) وفي الجزء السادس عشر.
* طبقات الشافعية للعبادي: 103، طبقات الشافعية للشيرازي: 100، الأنساب 8 /
64، تبيين كذب المفتري: 211 - 214، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 238، 239، وفيات
الأعيان 2 / 435، 436، العبر 3 / 88، دول الاسلام 1 / 242، طبقات الشافعية للسبكي
4 / 393 - 404، طبقات الشافعية للأسنوي 2 / 126، 127، البداية والنهاية 11 / 324 و
347، طبقات ابن هداية الله 122، 123، شذرات الذهب 3 / 172.
207

وسمع من: أبي العباس الأصم، وأبي علي الرفاء، وطائفة.
ودرس وتخرج به أئمة.
قال الحاكم: هو من أنظر من رأينا، تخرج به جماعة، وحدث
وأملى.
قال: وبلغني أنه كان في مجلسه أكثر من خمس مئة محبرة (1).
وقال أبو إسحاق الشيرازي: كان أبو الطيب فقيها أديبا، جمع رئاسة
الدنيا والدين، وأخذ عنه فقهاء نيسابور (2). وقال الحاكم: كان أبوه يجله،
ويقول: سهل والد (3).
قلت: حدث عنه الحاكم وهو أكبر منه، وأبو بكر البيهقي (4)، وأبو
نصر محمد بن سهل الشاذياخي، وآخرون.
وله ألفاظ بديعة، منها: من تصدر قبل أوانه، فقد تصدى لهوانه.
وقال: إذا كان رضى الخلق معسورا لا يدرك، كان [رضى الله]
ميسورا لا يترك، إنا نحتاج إلى إخوان العشرة لوقت العسرة.
وكان بعض العلماء يعد أبا الطيب المجدد لامة دينها على رأس الأربع
مئة، وبعضهم عد ابن الباقلاني، وبعضهم عد الشيخ أبا حامد

(1) انظر " الأنساب " 8 / 64، و " تبيين كذب المفتري ": 211، 212، و " تهذيب
الأسماء واللغات " 1 / 238، و " طبقات " السبكي 4 / 394، و " طبقات " الأسنوي 2 /
126.
(2) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 1 / 239، و " طبقات " السبكي 4 / 394، و
" طبقات " الأسنوي 2 / 126.
(3) " تبيين كذب المفتري ": 212، و " طبقات " السبكي 4 / 395.
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (86).
208

الأسفراييني، وهو أرجح الثلاثة (1).
توفي الإمام أبو الطيب في رجب، سنة أربع وأربع مئة في عشر
الثمانين، رحمه الله تعالى.
وفيها توفي السليماني (2)، وشيخ القراء أبو الفرج عبد الملك بن بكران
النهرواني (3)، وقاضي قرطبة أبو بكر يحيى بن عبد الرحمن بن واقد
المالكي، والحافظ أبو محمد حاتم بن أبي حاتم محمد بن يعقوب الهروي
مؤلف " السنن الكبير ".
122 - ابن الليث *
الامام الحافظ الفقيه، العلامة أبو علي، الحسن بن أحمد بن محمد
ابن الليث الكشي (4)، ثم الشيرازي الشافعي، من أعيان القراء والحفاظ
والفقهاء.
ولد في حدود العشرين وثلاث مئة.
وسمع من: إسماعيل الصفار، وأبي العباس الأصم، ومحمد بن
يعقوب بن الأخرم، وعبد الله بن درستويه النحوي، والحافظ الحسن بن
عبد الرحمن الرامهرمزي.

(1) انظر " تبيين كذب المفتري ": 212، 213.
(2) تقدمت ترجمته برقم (115).
(3) انظر ترجمته في العبر 3 / 88، معرفة القراء الكبار 1 / 298، غاية النهاية في طبقات
القراء 1 / 467، 468، شذرات الذهب 3 / 173.
* الأنساب (الكشي) 10 / 441 و (الليثي) اللباب، 3 / 100 و 138، تذكرة الحفاظ
3 / 1037، 1038، طبقات السبكي 4 / 302، 303، غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 207،
طبقات الحفاظ: 409، شذرات الذهب 3 / 175.
(4) نسبة إلى كشي: اسم جد أبي علي صاحب الترجمة. " الأنساب " و " اللباب ".
209

وارتحل وجمع، وشارك في الفضائل، وروى الكثير ببلاد فارس.
سمع منه: أبو عبد الله الحاكم، وقال: هو متقدم في معرفة
القراءات، حافظ للحديث، رحال، قدم علينا أيام الأصم، ثم قدم علينا
في سنة ثلاث وخمسين (1).
وذكر أبو عمرو بن الصلاح أبا علي بن الليث في " طبقات الشافعية "
مختصرا، وقال: هو والد الليث وأبي بكر (2).
ذكره أيضا أبو عبد الله القصار في " طبقات أهل شيراز "، وأثنى عليه
كثيرا، ثم قال: ومن أصحابه زيد بن عمر الحافظ، ومحمد بن موسى
الحافظ، وأحمد بن عبد الرحمن الحافظ.
قال: وتوفي لثمان عشرة مضت من شعبان سنة خمس وأربع مئة (3).
قلت: ومات ابنه محمد في سنة ثمان وعشرين وأربع مئة، ويكنى أبا
بكر. حدث عن: أبي بكر بن المقرئ. وقيل: بل توفي سنة سبع وأربعين
وأربع مئة، فيحرر هذا (4).
وقد ذكر الحافظ يحيى بن مندة: أن الحافظ أبا الشيخ مع تقدمه روى
عن أبي علي بن الليث حديثا. فهذا من رواية الشيوخ عن التلامذة.
123 - ابن فطيس *
الامام العلامة الحافظ، ذو الفنون، قاضي الجماعة، أبو المطرف،

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1038، و " طبقات " السبكي 4 / 303.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1038. (3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
* ترتيب المدارك 4 / 671، 672، الصلة 1 / 309 - 313، بغية الملتمس 356،
المغرب في حلي المغرب 1 / 216، العبر 3 / 78، 79، تذكرة الحفاظ 3 / 1061، مرآة
الجنان 3 / 4، الديباج المذهب 1 / 478، النجوم الزاهرة 4 / 231، طبقات الحفاظ 414،
415، طبقات المفسرين 1 / 285 - 287، شذرات الذهب 3 / 163، هدية العارفين 1 /
515، الرسالة المستطرفة 58، شجرة النور 1 / 102.
210

عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس (4) بن أصبغ بن فطيس (2)،
القرطبي المالكي.
حدث عن: أبي عيسى الليثي، وأبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد
الله بن مفرج، وأبي الحسن الأنطاكي، وأبي محمد الأصيلي، وأبي محمد
ابن عبد المؤمن، وعدة.
وأجاز له الحسن بن رشيق (3)، والقاضي أبو بكر الأبهري، وطائفة.
وكان حافظا ناقدا جهبذا، مجودا محققا، بصيرا بالعلل والرجال،
مع قوته في الفقه والفضائل، وكان يملي من حفظه (4).
حدث عنه: الصاحبان، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو عمر بن سميق،
وأبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر بن الحذاء، وحاتم بن محمد، وآخرون.
صنف كتاب " القصص " وهو ثلاث مجلدات، وكتاب " أسباب
النزول " في مئة جزء، وكتاب " فضائل الصحابة " في مئة جزء، وكتاب
" فضائل التابعين " في سبع مجلدات، وكتاب " الناسخ والمنسوخ " ثلاثون

(1) قال في " الديباج ": واسم هذا: سليمان، وفطيس لقب له. وقد تحرف في
" الصلة " إلى " فطين ".
(2) في " الصلة ":... أصبغ بن فطيس بن سليمان، واسم فطيس بن سليمان:
عثمان، وفطيس لقب له، واسم في ولده، كذا ذكر أبو عمر بن عبد البر.
(3) المتوفى سنة 370 ه‍، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) انظر " الصلة " 1 / 310.
211

جزءا، وكتاب " الاخوة من أهل العلم " مجلدان، وكتاب " أعلام النبوة "
في عشرة أسفار، وكتاب " الكرامات " في مجلدين، و " مسند " محمد بن
فطيس، خمسون جزءا، و " مسند " قاسم بن أصبغ العوالي، ثلاث
مجلدات، وكتاب " المناولة والإجازة " مجلد.
وكان قد ولي الوزارة للمظفر بن أبي عامر، فلما أن ولي القضاء، ترك
زي الوزراء. وكان عادلا، شديدا في أحكامه (1)، بحرا من بحور العلم،
عظيم الخطر (2).
عاش خمسا وخمسين سنة، وتوفي في نصف ذي القعدة، سنة اثنتين
وأربع مئة، وصلى عليه ولده محمد، رحمه الله.
124 - أبو أحمد الفرضي *
الامام القدوة، شيخ العراق، أبو أحمد، عبيد الله بن محمد بن
أحمد بن محمد بن علي بن أبي مسلم، البغدادي الفرضي المقرئ.
تلا على ابن بويان (3).

(1) قال في المغرب 1 / 216: إلا أنه كان يخلط صرامته ببطش وعجلة وحدة لا تليق
بالأحكام.
(2) انظر " الصلة " 1 / 311 و 312.
* تاريخ بغداد 10 / 380 - 382، الأنساب 9 / 272، 273، اللباب 2 / 422،
معرفة القراء الكبار 1 / 292 - 294، العبر 3 / 94، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 491،
492، شذرات الذهب 3 / 181.
(3) هو أبو الحسين أحمد بن عثمان بن محمد بن جعفر بن بويان، الخراساني البغدادي،
ثقة كبير مشهور ضابط، متوفي سنة 344. مترجم في " معرفة القراء الكبار " 1 / 235، 236، و
" غاية النهاية " لابن الجزري ترجمة رقم (362).
212

وسمع من القاضي المحاملي (1)، ويوسف بن البهلول الأزرق،
وحضر مجلس أبي بكر بن الأنباري.
تلا عليه: أبو بكر بن موسى الخياط، وأبو علي [غلام] الهراس (2)،
ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وجماعة.
وروى عنه: أبو محمد الخلال، وأحمد بن علي بن أبي عثمان،
وعلي بن البسري، وعلي بن محمد بن محمد الأنباري الخطيب،
وآخرون.
قال الخطيب (3): كان ثقة ورعا دينا.
وقال العتيقي: ما رأيت في معناه مثله (4).
وقال الأزهري: عبيد الله كان إماما من الأئمة (5).
قال عيسى بن أحمد الهمذاني: كان أبو أحمد إذا جاء إلى أبي حامد
الأسفراييني، قام ومشى حافيا إلى باب مسجده مستقبلا له (6).
وقال منصور الفقيه: لم أر في الشيوخ من يعلم لله غير أبي أحمد

(1) هو أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي المحاملي، صاحب
" المحامليات " المتوفى سنة 330 ه‍، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(2) سقط من الأصل لفظ " غلام " والصواب إثباته، وهو أبو علي الحسن بن القاسم بن
علي الواسطي، المقرئ شيخ القراء، المعروف بغلام الهراس، متوفى سنة ثمان وستين وأربع
مئة، ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 344 - 346، وابن الجزري في " غاية
النهاية " ترجمة رقم (1040).
(3) في " تاريخ بغداد " 10 / 380.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق.
(6) " تاريخ بغداد " 10 / 380، 381، و " الأنساب " 9 / 273.
213

الفرضي، اجتمعت فيه أدوات من علم وقرآن وإسناد، وحالة من الدنيا
متسعة، وكان مع ذلك أورع الخلق، لم أر مثله (1).
قلت: توفي في شوال سنة ست وأربع مئة وله اثنتان وثمانون سنة.
وقد استوفيت أمره في " طبقات المقرئين " (2).
سمعت قراءة قالون على عمر بن عبد المنعم (3)، قال: أنبأني أبو
اليمن الكندي قال: تلوت بها على هبة الله بن الطبر قال: قرأت بها على أبي
بكر محمد بن علي بن موسى الخياط سنة إحدى وستين وأربع مئة، قال: قرأت
بها على أبي أحمد الفرضي، عن ابن بويان، عن أبي حسان، عن أبي
نشيط، عن قالون صاحب نافع.
125 - ابن فورك *
الامام العلامة الصالح، شيخ المتكلمين، أبو بكر، محمد بن

(1) " تاريخ بغداد " 10 / 381، و " الأنساب " 9 / 273.
(2) 1 / 292 - 294.
(3) ترجمه المؤلف في " مشيخته " الورقة 107، فقال: عمر بن عبد المنعم بن عمر بن
عبد الله بن عزيز، الثقة المعمر مسند وقته، ناصر الدين، أبو القاسم وأبو حفص، الطائي
الدمشقي، ابن القواس، ولد سنة خمس وست مئة ظنا... إلى أن قال: وروى الكثير، وتفرد
في زمانه، وتكاثر عليه الطلبة، وخرج له أبو عمرو المقاتلي مشيخة وأنا أخرى، وقرأت عليه
" المبهج " في القراءات السبعة لابن مجاهد، و " الكفاية " في القراءات الست، وسمعت منه
نحوا من ثمانين جزءا، ونعم الشيخ كان دينا وتواضعا ولطفا وحسن أخلاق ومحبة للحديث...
وكان له بستان كبير بعربيل يقوم به، ويقيم غالبا فيه، وقد حج في سنة ثمان وعشرين وست مئة،
ومات في ثاني ذي القعدة سنة ثمان وتسعين وست مئة.
* الرسالة القشيرية 310، تبيين كذب المفتري 232، إنباه الرواة 3 / 110، 111،
طبقات ابن الصلاح الورقة 8، وفيات الأعيان 4 / 272، 273، العبر 1 / 95، تلخيص ابن
مكتوم 203، الوافي بالوفيات 2 / 344، مرآة الجنان 3 / 17، 18، طبقات السبكي 4 /
127 - 135، طبقات الأسنوي 2 / 266، 267، النجوم الزاهرة 4 / 240، تاج التراجم
46، شذرات الذهب 3 / 181، 182، تاج العروس 7 / 167، إيضاح المكنون 1 / 475 و
2 / 489، هدية العارفين 2 / 60. وفورك: ضبطها ابن خلكان والسمعاني وابن الأثير
والصفدي والسيوطي وابن العماد بضم الفاء وسكون الواو وفتح الراء وبعدها كاف، وضبطها
الزبيدي بضم الفاء وفتحها.
214

الحسن بن فورك الأصبهاني.
سمع " مسند " أبي داود الطيالسي من عبد الله بن جعفر بن فارس،
وسمع من ابن خرزاذ الأهوازي.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر بن
خلف، وآخرون.
وصنف التصانيف الكثيرة (1).
قال عبد الغافر في " سياق التاريخ ": الأستاذ أبو بكر قبره بالحيرة
يستسقى به.
وقال القاضي ابن خلكان (2) فيه: أبو بكر الأصولي، الأديب النحوي
الواعظ، درس بالعراق مدة، ثم توجه إلى الري، فسعت به المبتدعة - يعني
الكرامية - فراسله أهل نيسابور، فورد عليهم، وبنوا له مدرسة ودارا،
وظهرت بركته على المتفقهة، وبلغت مصنفاته قريبا من مئة مصنف، ودعي
إلى مدينة غزنة، وجرت له بها مناظرات، وكان شديد الرد على ابن كرام،
ثم عاد إلى نيسابور، فسم في الطريق، فمات بقرب بست، ونقل إلى
نيسابور، ومشهده بالحيرة يزار، ويستجاب الدعاء عنده.

(1) انظر مصنفاته وأماكن وجودها في مكتبات العالم في " تاريخ " بروكلمان النسخة العربية
3 / 218، 219.
(2) في " وفيات الأعيان " 4 / 272.
215

قلت: كان أشعريا، رأسا في فن الكلام، أخذ عن أبي الحسن
الباهلي صاحب الأشعري.
وقال عبد الغافر: دعا أبو علي الدقاق في مجلسه لطائفة، فقيل: ألا
دعوت لابن فورك؟ قال: كيف أدعو له، وكنت البارحة أقسم على الله
بإيمانه أن يشفيني (1)؟.
قلت: حمل مقيدا إلى شيراز للعقائد (2).
ونقل أبو الوليد الباجي أن السلطان محمودا سأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال: كان رسول الله، وأما اليوم فلا. فأمر بقتله بالسم (3).
وقال ابن حزم: كان يقول: إن روح رسول الله قد بطلت،
وتلاشت، وما هي في الجنة.
قلت: وقد روى عنه الحاكم حديثا، وتوفي قبله بسنة واحدة.
126 - باديس *
ابن منصور بن يوسف بن بلكين بن زيري، صاحب المغرب، وابن
ملوكها من جهة العبيدية، أبو مناد الصنهاجي.
ولي ممالك إفريقية للحاكم، فلقبه: نصير الدولة.

(1) انظر " تبيين كذب المفتري " 232، 233، و " طبقات " السبكي 4 / 128.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 293، و " طبقات " السبكي 4 / 130.
(3) انظر ذكر محنته في " طبقات " السبكي 4 / 130 - 133.
* الكامل لابن الأثير 9 / 127 و 152 - 154 و 253 - 256، وفيات الأعيان 1 /
265، 266، البيان المغرب 1 / 247، الوافي بالوفيات 10 / 68، 69، البداية والنهاية
12 / 4، تاريخ ابن خلدون 6 / 157، أعمال الاعلام القسم الثالث: 69، الخلاصة النقية
46، المختصر في أخبار البشر 1 / 144.
216

وكان سائسا حازما، شديد البأس، إذا هز رمحا، كسره (1).
مولده سنة أربع وسبعين وثلاث مئة.
وفي سنة ست وأربع مئة أمر جيشه بالعرض، فسره حسن شارتهم
وهيئتهم، ثم مد السماط وأكل، فمات فجأة لليلته، فأخفوا موته، ورتبوا
في الملك أخاه كرامت، ثم عطفوا، فبايعوا ابنه المعز بن باديس (2).
ويقال: مات بالخوانيق، دعا عليه الصالح محرز الطرابلسي
المؤدب، لكونه هم بخراب طرابلس المغرب (3).
وصنهاجة من حمير بالكسر. وقال ابن دريد: لا يجوز إلا ضم
الصاد (4).
127 - ابن اللبان *
الامام العلامة الكبير، إمام الفرضيين في الآفاق، أبو الحسين،
محمد بن عبد الله بن الحسن، البصري، ابن اللبان، الفرضي الشافعي.
سمع أبا العباس محمد بن أحمد الأثرم، وابن داسه، وحدث عنه

(1) " وفيات الأعيان " 1 / 265.
(2) " وفيات الأعيان " 1 / 265، 266، و " الكامل " 9 / 256.
(3) " وفيات الأعيان " 1 / 266.
(4) ونقل الزبيدي في " التاج " 2 / 67 عن الشيخ محمد بن الطيب الفاسي صاحب
الحاشية على " القاموس " قوله: " والمعروف عندنا الفتح خاصة في القبيلة بحيث لا يكادون
يعرفون غيره " ففيها الحركات الثلاثة.
* طبقات العبادي 100، تاريخ بغداد 5 / 472، طبقات الشيرازي 120، الأنساب
(اللبان)، اللباب 3 / 126، طبقات ابن الصلاح الورقة 14 / ب، العبر 3 / 80، 81،
الوافي بالوفيات 3 / 319، مرآة الجنان 3 / 5، طبقات السبكي 4 / 154، 155، طبقات
الأسنوي 2 / 362، 363، النجوم الزاهرة 4 / 231، طبقات ابن هداية الله 119، 120،
كشف الظنون 1 / 206، شذرات الذهب 3 / 164، 165، هدية العارفين 2 / 59.
217

ببغداد ب‍ " سنن أبي داود "، فسمعها منه القاضي أبو الطيب الطبري.
وثقه أبو بكر الخطيب، وقال: انتهى إليه علم الفرائض، صنف فيها
كتبا (1)، وتوفي في ربيع الأول، سنة اثنتين وأربع مئة (2).
قلت: أظنه من أبناء الثمانين.
قيل: إنه كان يقول: ليس في الدنيا فرضي إلا من أصحابي، أو
أصحاب أصحابي، أو لا يحسن شيئا (3).
قال أبو إسحاق الشيرازي: كان ابن اللبان إماما في الفقه والفرائض،
صنف فيها كتبا ليس لأحد مثلها، أخذ عنه أئمة وعلماء (4).
وقال ابن أرسلان (5) في " تاريخه ": دخل ابن اللبان خوارزم في دولة

(1) منها كتاب " الايجاز في الفرائض ".
(2) " تاريخ بغداد " 5 / 472.
(3) انظر " طبقات " السبكي 4 / 155، و " طبقات " الأسنوي 2 / 363.
(4) وانظر " طبقات " السبكي 4 / 154.
(5) هو الامام المحدث الفقيه المؤرخ، مظهر الدين، أبو محمد، محمود بن محمد بن
العباس بن أرسلان العباسي الخوارزمي، ولد بخوارزم سنة 492، وصنف " الكافي " في الفقه و
" تاريخ خوارزم "، توفي سنة 568. أنظر ترجمته في " طبقات " السبكي 7 / 289 - 291، و
" طبقات " الأسنوي 2 / 352، و " هدية العارفين " 2 / 403، وكتابه " تاريخ خوارزم " ذكر
حاجي خليفة في " كشف الظنون " 1 / 293، 294 أن الذهبي قد اختصره، وذكر السخاوي في
" الاعلان " ص 126 أن الذهبي انتقى منه. ونقل السبكي في " طبقاته الكبرى " 7 / 289 عن
الذهبي قوله: ووقفت على الجزء الأول منه. ثم قال السبكي: ووقفت على المجلد الأول من
" تاريخه " وهو الذي وقف عليه شيخنا الذهبي وهو من قسمة ثمانية أجزاء ضخمة. وذكر التقي
الفاسي في " العقد الثمين " 1 / 292 أنه نقل ترجمة محمد بن أحمد بن أبي سعيد المكي من خط
الحافظ الذهبي فيما انتقاه من المجلد الأول من " تاريخ خوارزم " إذن فكلام السخاوي والسبكي
والفاسي يدل على أن الذهبي انتقى من المجلد الأول فقط وهو الذي وقف عليه، ولم يختصر
جميع الكتاب كما ذكر حاجي خليفة.
218

مأمون بن محمد بن علي بن مأمون خوارزم شاه، فأكرمه، وبره، وبالغ،
وبنى له مدرسة ببغداد ينزل فيها فقهاء خوارزم، فكان أبو الحسين يدرس
بها، وكان خوارزم شاه يبعث إليه كل سنة بمال.
قال ابن أرسلان: وأنا رأيت هذه المدرسة وقد خربت بقرب قطيعة
الربيع (1).
128 - أبو علي الروذباري *
الامام المسند، أبو علي، الحسين بن محمد بن محمد بن علي بن
حاتم، الروذباري الطوسي.
سمع إسماعيل الصفار، وعبد الله بن عمر بن شوذب، وابن داسة،
والحسين بن الحسن الطوسي، وطائفة.
وحدث ب‍ " سنن " أبي داود بنيسابور، وعقد له مجلس في الجامع، ثم
مرض، ورد إلى وطنه بالطابران، فتوفي في ربيع الأول سنة ثلاث وأربع
مئة (2).
قلت: حدث عنه الحاكم وهو من أقرانه، وأبو بكر البيهقي، وأبو

(1) وهي منسوبة إلى الربيع بن يونس حاجب المنصور ومولاه وهو والد الفضل وزير
المنصور، وكانت قطيعة الربيع بالكرخ مزارع الناس من قرية يقال لها بياوري من أعمال بادوريا،
وهما قطيعتان خارجة وداخلة، فالداخلة أقطعه إياها المنصور، والخارجة أقطعه إياها المهدي،
وكان التجار يسكنونها حتى صارت ملكا لهم دون ولد الربيع. " معجم البلدان " 4 / 377.
* الأنساب 6 / 180، اللباب 2 / 41، العبر 3 / 85، شذرات الذهب 3 / 168.
قال السمعاني في نسبته الروذباري: هذه اللفظة لمواضع عند الأنهار الكبيرة يقال لها الروذبار،
وهي في بلاد متفرقة، منها موضع على باب الطابران بطوس يقال لها الروذبار، وكنت قد نزلت مرة
من المرار بباب الروذبار.
(2) " الأنساب " 6 / 180.
219

الفتح نصر بن علي الطوسي، وفاطمة بنت أبي علي الدقاق، وعدد كثير نيف
على الثمانين.
129 - ابن ثرثال *
الشيخ المعمر المسند، أبو الحسن، أحمد بن عبد العزيز بن أحمد
ابن حامد بن محمود بن ثرثال، التيمي (1) البغدادي، نزيل مصر.
حدث بجزء واحد - وما كان معه سواه - عن القاضي أبي عبد الله
المحاملي، ومحمد بن مخلد، وإبراهيم بن محمد بن بطحاء.
وكان مولده في سنة سبع عشرة وثلاث مئة، وسماعه في سنة ست
وعشرين.
حدث عنه: محمد بن علي الصوري، والقاضي أبو عبد الله
القضاعي، وخلف بن أحمد الحوفي، وأبو إسحاق إبراهيم الحبال،
وآخرون.
وثقه الخطيب (2).
مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربع مئة.
وفيها توفي المقرئ أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الفحام

* تاريخ بغداد 4 / 257، 258، الأنساب 3 / 114، اللباب 1 / 232، العبر 3 /
98، شذرات الذهب 3 / 187، تاج العروس 7 / 243، حسن المحاضرة 1 / 372، تاريخ
التراث العربي لسزكين 1 / 371.
(1) نسبة إلى تيم الله بن ثعلبة، ولذا جاءت نسبته، في " تاريخ بغداد " و " الأنساب " و
" اللباب ": التيملي.
(2) في " تاريخه " 4 / 258.
220

السامري، وأبو محمد بن البيع، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني (1)، وأبو
الفضل بن بديل الخزاعي المقرئ، وأبو عمر محمد بن الحسين
البسطامي (2).
130 - ابن البيع *
الشيخ المعمر، مسند بغداد، أبو محمد، عبد الله بن عبيد الله بن
يحيى، البغدادي المؤدب، عرف بابن البيع.
[حدث] عن القاضي أبي عبد الله المحاملي ب‍ " الدعاء " له، وبعدة
أجزاء تفرد بها.
حدث عنه: أبو الغنائم محمد بن أبي عثمان، وأخوه أبو محمد
أحمد، وأبو الفضل بن البقال عمر بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن أحمد
الدجاجي، ومحمد بن محمد العكبري، وأبو الخطاب نصر بن البطر.
قال الخطيب (3): كان يسكن بدرب اليهود، وكان ثقة، لم أرزق
السماع منه، وأعرف لما ذهبوا إليه، فلم أذهب لأجل الحر، مات في
رجب سنة ثمان وأربع مئة، وله سبع وثمانون سنة.
131 - ابن مهدي * *
الشيخ الصدوق المعمر، مسند الوقت، أبو عمر، عبد الواحد بن

(1) سترد ترجمته برقم (175). (2) سترد ترجمته برقم (193).
* تاريخ بغداد 10 / 39، العبر 3 / 99، شذرات الذهب 3 / 187.
(3) في " تاريخه " 10 / 39.
* * تاريخ بغداد 11 / 13، 14، المنتظم 7 / 295، العبر 3 / 103، النجوم الزاهرة
4 / 245، شذرات الذهب 3 / 192.
221

محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي، الفارسي الكازروني (1)، ثم
البغدادي البزاز.
سمع كثيرا من القاضي المحاملي، وسمع من أبي العباس بن عقدة،
ومحمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، ومحمد بن مخلد العطار، والحسين
ابن يحيى بن عياش، وتفرد وبعد صيته.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، ووثقه، وهبة الله بن الحسين البزاز،
ويوسف بن محمد المهرواني، وأحمد بن علي بن أبي عثمان، وأبو القاسم
ابن البسري، وأبو الحسن الداوودي، وعبد الرحمن بن أبي بكر الطبري،
وأبو الغنائم محمد بن أبي عثمان، وعاصم بن الحسن العاصمي، وكبير
المعتزلة أبو يوسف عبد السلام بن محمد القزويني المفسر، ورزق الله بن
عبد الوهاب التميمي، والخطيب علي بن محمد بن محمد الأنباري، وأبو
عبد الله بن طلحة النعالي، وآخرون.
قال الخطيب (2): كان ثقة أمينا، مات في رجب سنة عشر وأربع مئة.
قال: ومولده في سنة ثماني عشرة وثلاث مئة.
قلت: وقع لنا من طريقه أجزاء عالية من " المحامليات " (3) وغيرها،
وحدث في أسفاره.

(1) نسبة إلى كازرون: مدينة بفارس بين البحر وشيراز.
(2) في " تاريخ بغداد " 11 / 13.
(3) هي ستة عشر جزءا من رواية البغداديين والأصبهانيين للقاضي المحاملي، تقدم
التعريف به ص 213، ت رقم (1).
222

132 [أبو علي الفارسي] *
أخوه: الشيخ أبو علي عبد الملك بن محمد الفارسي.
قال ابن النجار (1): عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد بن
مهدي بن خشنام بن النعمان بن مخلد، سمع إسماعيل الصفار، وعثمان بن
السماك، وجماعة.
وحدث ببغداد والري وقزوين وهمذان في التجارة.
وعنه: علي بن بشرى الليثي، وأبو يعلى الخليلي، وأبو سعد
السمان.
وسكن قزوين، وكان صدوقا.
مات في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، رحمه الله.
133 - ابن أبي الفوارس * *
الامام الحافظ المحقق الرحال، أبو الفتح، محمد بن أحمد بن
محمد بن فارس ابن أبي الفوارس سهل، البغدادي.
ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
وأول سماعه في سنة ست وأربعين وثلاث مئة.

* ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1 / 134 - 136، تاريخ الاسلام 4 / 86 / 2.
(1) في " ذيل تاريخ بغداد " 1 / 134.
* * تاريخ بغداد 1 / 352، 353، المنتظم 8 / 5، 6، تذكرة الحفاظ 3 / 1053،
1054، دول الاسلام 1 / 246، العبر 3 / 109، الوافي بالوفيات 2 / 60، 61، شذرات
الذهب 3 / 196، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 376، 377.
223

سمع من أحمد بن الفضل بن خزيمة، وجعفر بن محمد الخلدي،
ودعلج بن أحمد، وأبي عيسى بكار بن أحمد، وأبي بكر الشافعي، وأبي
بكر النقاش المفسر، وأبي علي بن الصواف، ومحمد بن الحسن بن
مقسم، وأبي بكر بن الهيثم الأنباري، وخلق كثير.
وارتحل إلى البصرة وبلاد فارس وخراسان، وجمع وصنف، وانتخب
عليه المشايخ، وكان مشهورا بالحفظ والصلاح والمعرفة.
حدث عنه: أبو سعد الماليني، وأبو بكر البرقاني، وأبو بكر
الخطيب، وأبو علي بن البناء، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، ومحمد بن
علي بن سكينة، ومالك بن أحمد البانياسي، وعدة.
وقال الحاكم: أول سماع ابن أبي الفوارس من أبي بكر النجاد.
قال الخطيب (1): قرأت عليه قطعة من حديثه، وكان يملي في جامع
الرصافة.
قال: وتوفي في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو محمد بن قدامة الفقيه،
أخبرنا محمد بن عبدا لباقي، أخبرنا ملك بن أحمد، حدثنا أبو الفتح بن أبي
الفوارس الحافظ، حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، حدثنا الأبار، حدثنا
محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، سمعت عبدان يقول: قال عبد الله بن
المبارك: الاسناد عندي من الدين، لولا الاسناد، لقال من شاء ما شاء،
فإذا قيل له: من حدثك؟ بقي (2).

(1) في " تاريخ بغداد " 1 / 353.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1054 و " معرفة علوم الحديث " للحاكم ص 6. وبقي:
أي انقطع.
224

134 - أبو عمر الهاشمي *
الامام الفقيه المعمر، مسند العراق، القاضي أبو عمر، القاسم بن
جعفر (1) بن عبد الواحد بن العباس بن عبد الواحد بن الأمير جعفر بن سليمان
ابن علي بن الحبر البحر عبد الله بن عباس، الهاشمي العباسي البصري.
ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وسمع أبا روق أحمد بن محمد الهزاني، وأبا العباس محمد بن أحمد
الأثرم، وعبد الغافر بن سلامة، وعلي بن إسحاق المادرائي، ومحمد بن
الحسين الزعفراني الواسطي، وأبا علي اللؤلؤي، والحسين بن يحيى بن
عياش القطان، ويزيد بن إسماعيل الخلال صاحب الرمادي، والحسن بن
محمد بن عثمان الفسوي، وعدة.
وانتهى إليه علو الاسناد بالبصرة.
حدث عنه من الرحالة وغيرهم: أبو بكر الخطيب، وأبو بكر محمد بن
إبراهيم المستملي الأصبهاني، والمحدث أبو علي الوخشي، وهناد بن
إبراهيم النسفي، وسليم بن أيوب الرازي، والمسيب بن محمد الأرغياني،
وعلي بن أحمد التستري وأبو القاسم عبد الملك بن شغبة (2)، وجمع آخرهم
موتا جعفر بن محمد العباداني.
قال الخطيب (3): كان ثقة أمينا، ولي القضاء بالبصرة، وسمعت منه

* تاريخ بغداد 12 / 451، 452، المنتظم 8 / 14، 15، العبر 3 / 117، دول
الاسلام 1 / 247، البداية والنهاية 12 / 17، شذرات الذهب 3 / 201.
(1) في " شذرات الذهب ": " سعد " بدل " جعفر " وهو خطأ.
(2) بالشين والغين المعجمتين المفتوحتين وباء موحدة مفتوحة. انظر " تبصير المنتبه " 2 /
782 و 812.
(3) في " تاريخ بغداد " 12 / 451.
225

" سنن " أبي داود وغيرها.
وقال أبو الحسن علي بن محمد بن نصر الدينوري: سمعت عليه
" السنن " بقراءتي ست مرات، فسمعته يقول: أحضرني أبي سماع هذا
الكتاب وأنا ابن ثمان سنين، فأثبت حضوري ولم يثبته سماعا، ثم سمعته
وأنا ابن عشر.
قال الخطيب (1): مات في ذي القعدة سنة أربع عشرة وأربع مئة.
135 - الإدريسي *
الحافظ الامام المصنف، أبو سعد (2)، عبد الرحمن بن محمد بن
محمد بن عبد الله بن إدريس، الإدريسي الاستراباذي (3)، محدث
سمرقند، ألف " تاريخها "، و " تاريخ إستراباذ " وغير ذلك.
سمع أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم - وهو أكبر شيخ له -، وأبا
نعيم محمد بن حمويه الاستراباذي، وأبا سهل هارون بن أحمد بن هارون،
وأبا أحمد بن عدي، وخلقا كثيرا، وصنف الأبواب والشيوخ.
حدث عنه: أبو علي الشاشي، وأبو عبد الله الخبازي، وأبو مسعود

(1) في " تاريخ بغداد " 12 / 452.
* تاريخ جرجان: 219، تاريخ بغداد 10 / 302، 303، الأنساب 1 / 160،
المنتظم 7 / 273، اللباب 1 / 37، تذكرة الحفاظ 3 / 1062 - 1064، العبر 3 / 90،
البداية والنهاية 11 / 354، النجوم الزاهرة 4 / 237، طبقات الحفاظ 415، كشف الظنون
1 / 281، شذرات الذهب 3 / 175، هدية العارفين 1 / 515.
(2) تحرف لفظ " أبو " في " البداية والنهاية " إلى " ابن " ولفظ " سعد " في " كشف الظنون " إلى " سعيد ".
(3) تقدم ضبطها في ترجمة أبي زرعة رقم (17).
226

أحمد بن محمد البجلي، والقاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو
سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، وخلق سواهم.
وثقة الخطيب (1)، وقد حدث ببغداد.
مات بسمرقند في سنة خمس وأربع مئة، من أبناء الثمانين.
وكان حافظ وقته بسمرقند.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أخبرنا أبو
القاسم المستملي، أخبرنا أبو سعد الطبيب، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد
ابن محمد قدم حاجا، حدثنا يوسف بن محمد بسمرقند، حدثنا القاسم بن
حنبل السرخسي، حدثنا إسحاق بن إسماعيل السمرقندي (2)، حدثنا
معروف بن حسان السمرقندي، عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ربى شجرة حتى نبتت كان له كأجر قائم
الليل، صائم النهار، وكأجر غاز في سبيل الله دهره ".
هذا إسناد مظلم، ومتن لا يصح، ألصق بابن أبي ذئب.
136 - أبو مسعود *
الحافظ المجود البارع، أبو مسعود، إبراهيم بن محمد بن عبيد،

(1) في " تاريخ بغداد " 10 / 302.
(2) قال المؤلف في " الميزان " 4 / 143: قال ابن عدي: منكر الحديث، وأورد له من
مناكيره هذا الحديث، وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 8 / 323 عن أبيه: مجهول.
* تاريخ بغداد 6 / 172، 173، المنتظم 7 / 252، الكامل لابن الأثير 9 / 226،
تذكرة الحفاظ 3 / 1068، العبر 3 / 72، البداية والنهاية 11 / 344، طبقات الحفاظ 416،
417، كشف الظنون 1 / 116، شذرات الذهب 3 / 162، هدية العارفين 1 / 7، الرسالة
المستطرفة 167، تهذيب تاريخ دمشق 2 / 290.
227

الدمشقي، مصنف كتاب " أطراف الصحيحين " (1)، وأحد من برز في هذا
الشأن.
سمع أبا الحسن بن لؤلؤ الوراق، وعبد الله بن محمد بن السقا
الواسطي، وأبا بكر عبد الله بن فورك القباب الأصبهاني، وعلي بن عبد
الرحمن البكائي، وأبا بكر أحمد بن عبدان الشيرازي، وأصحاب مطين،
و [أصحاب] أبي خليفة (2) الجمحي، والفريابي.
وجمع فأوعى، ولكنه مات في الكهولة قبل أن ينفق ما عنده.
حدث عنه: أبو ذر الهروي، وحمزة بن يوسف السهمي، وأحمد بن
محمد العتيقي، وهبة الله بن الحسن اللالكائي، وآخرون.
قال أبو بكر الخطيب (3): سافر الكثير، وكتب ببغداد والبصرة والأهواز

(1) كتب الأطراف تذكر أحاديث كل صحابي على حدة كما يفعل أصحاب المسانيد، إلا
أنه يقتصر على ذكر طرف منه، وهو بمثابة فهرس للأحاديث تسهل على الباحث معرفة مكان
وجود الحديث الذي يبحث عنه في الكتب والدواوين وقد صنف بعضهم في " أطراف الصحيحين "
كأبي مسعود صاحب الترجمة، وخلف بن محمد الواسطي الذي سترد ترجمته برقم (156). قال
حاجي خليفة: ذكرهما الحافظ أبو القاسم بن عساكر في أول " الاشراف " وقال: وكان كتاب
خلف أحسنهما ترتيبا ورسما، وأقلهما خطأ ووهما، كفيا فيه من أراد تعلمه. وبعضهم صنف في
" أطراف الكتب الستة " كابن طاهر المقدسي المتوفى 507، وابن عساكر المتوفى 571،
والحافظ المزي المتوفى 742 واسم كتابه " تحفة الاشراف بمعرفة الأطراف " وهو من أعظم الكتب
المؤلفة في الأطراف، وأوعبها وأدقها، وأقلها وهما وقد انتفع به العلماء، وتنافسوا في تحصيله
وقد تم طبعه في الهند مع النكت الظراف للحافظ ابن حجر بتحقيق الأستاذ الفاضل عبد الصمد
شرف الدين.
(2) في الأصل: " وأبا خليفة " بدون لفظ " وأصحاب " واستدرك من " تاريخ بغداد " و
" تذكرة الحفاظ " وأبو خليفة الجمحي توفي سنة 305، أي لم يلحق أبو مسعود السماع منه، بل
سمع من أصحابه.
(3) في " تاريخ بغداد " 6 / 172، 173.
228

وواسط وخراسان وأصبهان، وكان له عناية " بالصحيحين "، روى القليل
على سبيل المذاكرة.
قال (1): وكان صدوقا دينا، ورعا فهما، صلى عليه الإمام أبو حامد
الأسفراييني ببغداد وكان وصيه، حدثني العتيقي أنه مات سنة إحدى وأربع
مئة.
قلت: ذكر غيره أنه مات في شهر رجب سنة أربع مئة.
وقفت على جزء فيه أحاديث معللة لأبي مسعود يقضي بإمامته.
كتب إلي المسلم بن محمد القيسي، ومؤمل بن محمد، ويوسف بن
يعقوب قالوا: أخبرنا الكندي، أخبرنا أبو منصور الشيباني، أخبرنا أبو بكر
الخطيب، أخبرنا هبة الله بن الحسن الطبري، أخبرنا إبراهيم بن محمد
الحافظ، أخبرنا عبد الله بن محمد المزني، حدثنا الوليد بن أبان
الواسطي، حدثنا النضر بن سلمة، أخبرنا عبد الله بن عمر الفهري، عن
عبد الله بن عمر، عن أخيه يحيى قال: حدثني أخي عبيد الله بن عمر، عن
نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى وادي محسر، حرك
راحلته، وقال: " عليكم بحصى الخذف " (2).

(1) " تاريخ بغداد " 6 / 173.
(2) هو في " تاريخ بغداد " 6 / 173، وأخرج ابن عدي في " الكامل " من طريق عبد
الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن عبيد الله، وعبد الله
ابن عمر، عن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن
عرنة، والمزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر " وعبد الرحمن بن عبد الله ضعيف، لكن في
الباب ما يشهد له عن ابن عباس عند الطبراني (11231) والحاكم 1 / 462، والبيهقي 5 /
115، وعن جبير بن مطعم عند أحمد 4 / 82، وابن حبان (1008) والطبراني (1583) والبزار
(1126) وفي سنده انقطاع وفي " الموطأ " 1 / 388 بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير قال:
تعلمون أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، وأن المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر وقوله " عليكم
بحصى الخذف " له شاهد من حديث الفضل بن عباس عند أحمد 1 / 210، ومسلم (1282)
والنسائي 5 / 269 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا: عليكم
بالسكينة وهو كاف ناقته حتى إذا دخل من حين هبط محسرا، قال: عليكم بحصى الخذف الذي
يرمى به الجمرة. والخذف بسكون الذال: رميك بحصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك، أو تجعل
مخذفة من خشب ترمي بها بين الابهام والسبابة، والمراد بحصى الخذف: الحصى الصغار،
وبطن محسر سمي بذلك، لان فيل أصحاب الفيل حسر فيه أي: أعيا وكل.
229

وبه: قال الخطيب (1): وحدثنا أبو العلاء الواسطي قال: حدثنا به
المزني، وقال فيه: عبد الله بن عمرو الفهري.
أنبأني أحمد بن سلامة: عن يحيى بن أسعد، عن أحمد بن عبد
الجبار الصيرفي قال: كتب إلي أحمد بن محمد العتيقي: حدثنا أبو مسعود
الحافظ، حدثني أبو بكر أحمد بن عبد الله بن القاسم بنهر الدير، حدثنا أبو
بكر محمد بن إبراهيم [بن] (2) حمويه بالبصرة، حدثنا أبو الوليد، حدثنا
يعلى بن الحارث المحاربي، حدثنا إياس بن سلمة قال: قال أبي: كنا
نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة، وليس للحيطان فئ نستظل به.
رواه مسلم (3)، عن إسحاق بن راهويه، عن أبي الوليد، وتابعه وكيع
ابن الجراح.
137 - عميد الجيوش *
الأمير الوزير، أبو علي، الحسين بن أبي جعفر. كان أبوه الأمير أبو

(1) " تاريخ بغداد " 6 / 173.
(2) سقط لفظ " بن " من الأصل، واستدرك من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1070.
(3) رقم (860) (31) (32) في الجمعة: باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس،
وأخرجه من طرق عن يعلى بن الحارث بهذا الاسناد أحمد 4 / 64، والبخاري (4168) في
المغازي: باب غزوة الحديبية، والدارمي 1 / 363، والنسائي 3 / 100، وابن ماجة (1100)
وفيه دليل لمن يقول: بأن صلاة الجمعة تجزئ قبل الزوال، وبه يقول الإمام أحمد، وانظر
تفصيل المسألة في المغني 2 / 356.
* المنتظم 7 / 252، 253، الكامل لابن الأثير 9 / 174، 196، 224، 225،
العبر 3 / 74، دول الاسلام 1 / 240، البداية والنهاية 11 / 344، النجوم الزاهرة 4 /
228، شذرات الذهب 3 / 160، 161.
230

جعفر حاجبا لعضد الدولة.
وخدم أبو علي بهاء الدولة (1)، فاستنابه على العراق، فقدمها في سنة
396 والفتن ثائرة بها، فضبط العراق بأتم سياسة، وأباد الحرامية، وقتل
عدة، وأبطل مآتم عاشوراء، وأمر مملوكا له بالمسير في محال بغداد، وعلى
يده صينية مملوءة دنانير، ففعل، فما تعرض له أحد لا في الليل ولا في
النهار. ومات نصراني تاجر من مصر، وخلف أموالا، فأمر بحفظها حتى
جاء الورثة من مصر، فتسلموها.
وكان مع فرط هيبته ذا عدل وإنصاف، ولي العراق تسع سنين سوى
أشهر.
وفيه يقول الببغا:
سألت زماني: بمن أستغيث * فقال: استغث بعميد الجيوش (2)
... القصيدة.
توفي سنة إحدى وأربع مئة، وولي بعده فخر الملك (3).
138 - الحليمي *
القاضي العلامة، رئيس المحدثين والمتكلمين بما وراء النهر، أبو

(1) تقدمت ترجمته برقم (106).
(2) انظر " المنتظم " 7 / 252. وهذا كلام مجانب للصواب لا يدري قائله ما يخرج من
رأسه، فإنه لا يستغاث إلا بالله سبحانه الذي بيده الامر كله.
(3) سترد ترجمته برقم (173).
* تاريخ جرجان: 156، طبقات العبادي: 105، الأنساب 4 / 198، المنتظم 7 /
264، اللباب 1 / 382، وفيات الأعيان 2 / 137، 138، تذكرة الحفاظ 3 / 1030، العبر
3 / 48، دول الاسلام 1 / 242، الوافي بالوفيات 12 / 351، طبقات السبكي 4 / 333 -
343، طبقات الأسنوي 1 / 404، 405، البداية والنهاية 11 / 349، طبقات الحفاظ
407، 408، طبقات ابن هداية الله 120، كشف الظنون 2 / 1047، شذرات الذهب 3 /
167، 168، هدية العارفين 1 / 308، الرسالة المستطرفة 58.
231

عبد الله، الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الشافعي.
أحد الأذكياء الموصوفين، ومن أصحاب الوجوه في المذهب (1).
وكان متفننا، سيال الذهن، مناظرا، طويل الباع في الأدب والبيان.
أخذ عن: الأستاذ أبي بكر القفال، والامام أبي بكر الأودني (2)،
وحدث عن: خلف بن محمد الخيام، وأبي بكر محمد بن أحمد بن خنب،
وبكر بن محمد المروزي الدخمسيني (3)، وجماعة.
ولد في سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة فقيل: إنه ولد بجرجان،
وحمل، فنشأ ببخارى، وقيل: بل ولد ببخارى.
وله مصنفات نفيسة.
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم وهو أكبر منه، والحافظ أبو زكريا عبد
الرحيم بن أحمد البخاري، وأبو سعد الكنجروذي، وآخرون.
ولم أقع له بترجمة تامة، وله عمل جيد في الحديث، لكنه ليس
كالحاكم ولا عبد الغني، وإنما خصصته بالذكر لشهرته.

(1) انظر بعض وجوهه وغرائبه في " طبقات " السبكي 4 / 335 وما بعدها.
(2) نسبة إلى قرية من قرى بخارى يقال لها أودنة، وقد تحرف في المطبوع من " الأنساب "
4 / 198 إلى " الأردني " بالراء.
(3) في الأصل: " الدخسميني " وهو خطأ، والتصويب من " أنساب " السمعاني، وفيه
ترجمة بكر بن محمد المروزي هذا.
232

توفي في شهر ربيع الأول، سنة ثلاث وأربع مئة.
وللحافظ أبي بكر البيهقي اعتناء بكلام الحليمي ولا سيما في كتاب:
" شعب الايمان " (1).
أخبرنا الشيخ أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الامناء بقراءة أبي
الحجاج الحافظ في سنة 695 أنبأنا عبد المعز بن محمد البزاز، أخبرنا أبو
القاسم زاهر بن طاهر في سنة سبع وعشرين وخمس مئة، أخبرنا أبو سعد
محمد بن عبد الرحمن الطبيب، أخبرنا الإمام أبو عبد الله الحسين بن
الحسن الحليمي، أخبرنا بكر بن محمد بن حمدان، حدثنا أحيد بن
الحسن، حدثنا مقاتل بن إبراهيم، حدثنا نوح بن أبي مريم، عن يزيد
الرقاشي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لصاحب القرآن دعوة مستجابة عند ختمته " (2).
هذا حديث غريب لا يثبت مثله لوهن الرقاشي ونوح في ضبط
الحديث.
ومات في سنة الحليمي - سنة ثلاث - القاضي أبو بكر محمد بن
الطيب ابن الباقلاني (3) الأصولي صاحب التصانيف، وعالم المغرب أبو

(1) يكثر النقل فيه عن كتاب الحليمي الموسوم " بالمنهاج " وهو كتاب جليل في نحو ثلاث
مجلدات، فيه أحكام كثيرة، ومسائل فقهية وغيرها مما يتعلق بأصول الايمان وآيات الساعة
وأحوال القيامة. انظر " كشف الظنون " 2 / 1047 وانظر فيه من صنف في شعب الايمان، وانظر
النسخ الخطية لهذا الكتاب في " تاريخ " سزكين 2 / 384.
(2) نوح بن أبي مريم - وكنيته أبو عصمة - قال مسلم وغيره: متروك الحديث، وقال
البخاري: منكر الحديث، وقال الحاكم: وضع أبو عصمة حديث فضائل القرآن الطويل، ويزيد
الرقاشي - وهو ابن أبان - قال النسائي وغيره: متروك، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف، وقال
أحمد: كان يزيد منكر الحديث، وقال ابن معين: في حديثه ضعف.
(3) تقدمت ترجمته برقم (110).
233

الحسن علي بن محمد بن خلف القابسي (1) المالكي صاحب كتاب
" الملخص "، وشيخ البيهقي أبو علي الحسين بن محمد الروذباري (2)
راوي " سنن " أبي داود، وشيخ الحنابلة أبو عبد الله الحسن بن حامد (3)
البغدادي الوراق، وحافظ الأندلس أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن
الفرضي (4)، ومسند بغداد أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن هشام
الصرصري (5)، رحمهم الله.
139 - ابن نباتة *
شاعر العراق، أبو نصر، عبد العزيز بن عمر بن محمد (6) بن أحمد
ابن نباتة بن حميد، التميمي السعدي.
له نظم عذب، مدح الملوك والكبراء، سيف الدولة (7) فمن بعده،
وله بيت سائر:
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره * تنوعت الأسباب والداء واحد (8)

(1) تقدمت ترجمته برقم (99).
(2) تقدمت ترجمته برقم (116).
(3) تقدمت ترجمته (128).
(4) تقدمت ترجمته برقم (101).
(5) ذكرت مصادر ترجمته في الصفحة 162 برقم (2).
* الامتاع والمؤانسة 1 / 136، يتيمة الدهر 2 / 379 - 395، تاريخ بغداد 10 /
466، 467، الأنساب (النباتي)، المنتظم 7 / 274، اللباب 3 / 294، وفيات الأعيان
3 / 190 - 193، العبر 3 / 91، البداية والنهاية 11 / 355، النجوم الزاهرة 4 / 238،
مفتاح السعادة 1 / 244 - 246، شذرات الذهب 3 / 175، 176.
(6) في " اليتيمة ": عبد العزيز بن محمد.
(7) انظر بعض مدائحه لسيف الدولة في " يتيمة الدهر " 2 / 387، 388 و 391،
392، " وفيات الأعيان " 3 / 190، 191، و " شذرات الذهب " 3 / 175، 176.
(8) البيت في " وفيات الأعيان " 3 / 193، و " شذرات الذهب " 3 / 176، و " مفتاح
السعادة " 1 / 245.
234

وله ديوان كبير (1).
مات في شوال سنة خمس وأربع مئة وهو في عشر الثمانين، عفا الله
عنه.
140 - الخوارزمي *
المفتي العلامة، شيخ الحنفية، أبو بكر، محمد بن موسى،
الخوارزمي، ثم البغدادي، تلميذ أبي بكر أحمد بن علي الرازي.
سمع من أبي بكر الشافعي وغيره، وهو قليل الرواية.
حدث عنه البرقاني، وقال: سمعته يقول: ديننا دين العجائز، لسنا
من الكلام في شئ. وكان له إمام حنبلي يصلي به (2).
قال القاضي أبو عبد الله الصيمري: ثم صار إمام أصحاب أبي حنيفة
ومفتيهم شيخنا أبو بكر الخوارزمي، وما شاهد الناس مثله في حسن الفتوى
وحسن التدريس، وقد دعي إلى القضاء مرارا، فامتنع، رحمه الله (3).
قلت: توفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وأربع مئة، تخرج به فقهاء
بغداد.
141 - ابن جوله * *
الامام الثقة الأديب، أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن محمد بن جوله

(1) وهو مطبوع، وأكثره في " مختارات البارودي ".
* تاريخ بغداد 3 / 247، المنتظم 7 / 266، العبر 3 / 86، 87، دول الاسلام 1 /
242، الوافي بالوفيات 5 / 93، البداية والنهاية 11 / 351، الجواهر المضية 2 / 135،
النجوم الزاهرة 4 / 234، شذرات الذهب 3 / 170، الفوائد البهية 201، 202.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 247، و " المنتظم " 7 / 266، و " الجواهر المضية " 2 / 135.
(3) المصادر السابقة.
* * لم نعثر له على ترجمة فيما وقع لنا من المصادر.
235

ابن جهور الأبهري الأصبهاني. وأبهر هذه غير أبهر زنجان المشهورة (1)، هذه
قرية من عمل أصبهان (2).
حدث عن: أبي عمرو بن حكيم، ومحمد بن محمد بن يونس
الغزال، وأبي علي أحمد بن علي الأبهري، وعبد الله بن محمد بن عيسى
الخشاب.
وعنه: عبد الرحمن بن مندة، ومحمود بن جعفر الكوسج، والقاسم
ابن الفضل الثقفي، وجماعة.
توفي في ربيع الآخر سنة خمس وأربع مئة عن سن عالية.
142 - السقطي *
الامام المحدث الثقة، أبو القاسم، عبيد الله بن محمد بن أحمد بن
جعفر، البغدادي السقطي المجاور.
سمع إسماعيل الصفار، وأبا جعفر بن البختري، ومحمد بن يحيى بن
عمر بن علي بن حرب، وعثمان بن السماك، وأبا بكر النجاد، وخلقا
ببغداد، ولحق بمكة أبا سعيد بن الأعرابي.
روى الكثير، وانتخب عليه ابن أبي الفوارس.
وحدث عنه: حمزة السهمي، ومظفر سبط ابن لآل، وأبو ذر

(1) تلك مدينة بين قزوين وزنجان وهمذان من نواحي الجبل. انظر " معجم البلدان " 1 /
82.
(2) انظر " معجم البلدان " 1 / 83.
* لم نعثر له على ترجمة.
236

الهروي، وعبد العزيز الازجي، وأبو علي الحسن بن عبد الرحمن المكي،
وخلق من الوافدين.
قال سعد الزنجاني: كان السقطي يدعو الله أن يرزقه المجاورة أربع
سنين، فجاور أربعين سنة، فرأى كأن من يقول له: يا أبا القاسم! طلبت
أربع سنين وقد أعطيناك أربعين، إن الحسنة بعشر أمثالها. قال: ومات
لسنته.
قال الحافظ ابن النجار: مات سنة ست وأربع مئة.
قال ابن النجار: انتقى له ابن أبي الفوارس فوائد في مئة جزء، وكان
من الصالحين، رحمه الله تعالى.
143 - ابن حبيب *
العلامة أبو القاسم، الحسن بن محمد بن حبيب (1) بن أيوب،
النيسابوري، المفسر الواعظ، صاحب كتاب: " عقلاء المجانين " (2)،
الذي سمعناه.
سمع أبا العباس الأصم، ومحمد بن صالح بن هانئ، وأبا الحسن

* تاريخ الاسلام (وفيات سنة 406)، العبر 3 / 93، الوافي بالوفيات 12 / 239،
240 عيون التواريخ (حوادث سنة 406)، طبقات المفسرين للسيوطي 11، 12، بغية الوعاة
1 / 519، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 140 - 142، كشف الظنون 1 / 460، شذرات
الذهب 3 / 181، هدية العارفين 1 / 274.
(1) في " طبقات المفسرين " للداوودي الحسن بن محمد بن الحسن بن حبيب.
(2) بدأه المؤلف بمقدمة في الجنون وما ورد فيه من الكتاب العزيز، وما احتالت به قريش
على الرسول صلى الله عليه وسلم من نسبته إلى الجنون لما دعاها إلى الحق. والكتاب مطبوع في
دمشق سنة 1924 م نشره وجيه فارس الكيلاني.
237

الكارزي (1)، وأبا حاتم بن حبان، وعدة.
وعنه: أبو بكر محمد بن عبد الواحد الحيري الواعظ، ومحمد بن
إسماعيل الفرغاني، والحسين بن محمد السكاكي، وجماعة.
وصنف في التفسير والآداب (2).
توفي في ذي الحجة سنة ست وأربع مئة.
وقد تكلم فيه الحاكم في رقعة نقلها عنه مسعود بن علي السجزي،
فالله أعلم.
144 - ابن حبيب *
القاضي أبو زيد، عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن حبيب،
النيسابوري، الفقيه.
سمع الأصم، وأحمد بن محمد بن بالويه القشيري، والبيهقي، وابن
خلف الشيرازي، والرئيس الثقفي، وعدة.
مات سنة ثلاث عشرة وأربع مئة، في جمادى الآخرة، وكان مدرسا.

(1) بالراء المهملة المكسورة - وقيل بفتحها - ثم زاي، نسبة إلى كارز، وهي قرية بنواحي
نيسابور على نصف فرسخ منها. انظر " معجم البلدان " 4 / 428، و " الأنساب " 10 / 317
وفيه ترجمة أبي الحسن هذا.
(2) انظر " هدية العارفين " 1 / 274.
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
238

145 - عبد الله بن يوسف *
ابن أحمد بن بامويه (1)، الامام المحدث الصالح. شيخ الصوفية،
أبو محمد الأردستاني، المشهور بالأصبهاني، نزيل نيسابور.
ولد سنة خمس عشرة وثلاث مئة.
وحج، وصحب شيخ الحرم أبا سعيد بن الأعرابي، وأكثر عنه،
وسمع بنيسابور من أبي بكر محمد بن الحسين القطان، وأبي (2) الحسن
البوشنجي، وأبي العباس الأصم، وأبي رجاء محمد بن حامد التميمي،
وعدة.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر بن
خلف الشيرازي، ومحمد بن أحمد بن مهدي العلوي، ومحمد بن عبيد الله
الصرام، وأبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني، وخلق سواهم.
وأضر بأخرة.
توفي في رمضان سنة تسع وأربع مئة، عن أربع وتسعين سنة، رحمه
الله.
أكثر عنه البيهقي.

* الأنساب 1 / 177، 178، معجم البلدان 1 / 146، اللباب 1 / 41، العبر 3 /
100، تذكرة الحفاظ 3 / 1049، تبصير المنتبه 1 / 56، شذرات الذهب 3 / 188.
(1) تحرف في " الأنساب " إلى " مامويه " وفي " معجم البلدان " إلى " بابويه ". وانظر
" تبصير المنتبه " 1 / 56.
(2) في الأصل: " أبو " وهو خطأ.
239

146 - النجاد *
الشيخ الثقة العالم، أبو الحسن، علي بن القاسم بن الحسن،
البصري النجاد، مسند البصريين مع أبي عمر الهاشمي.
كان من كبار العدول، ومن آخر من روى عن أبي روق الهزاني.
وروى عن أحمد بن عبيد الصفار " سننه ".
لم أظفر بأخباره.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي
العطار، والحسن بن عمر بن يونس الأصبهاني، وآخرون.
وكان في سنة ثلاث عشرة وأربع مئة حيا، وقد عمر وتفرد.
147 - ابن بالويه * *
الرئيس الأوحد، الثقة المسند، أبو محمد، عبد الرحمن بن محمد
ابن أحمد بن بالويه، النيسابوري المزكي.
حدث عن: أبي بكر محمد بن الحسين القطان، وأبي العباس
الأصم، وأبي بكر بن المؤمل، وأبي الحسن الطرائفي، وأبي محمد
الكعبي، وأبي علي بن الصواف البغدادي.
وهو آخر أصحاب القطان موتا.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى

* لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي تيسرت لنا.
* * الأنساب 2 / 59، العبر 3 / 102، تذكرة الحفاظ / 1051، شذرات الذهب 3 /
190، 191.
240

المزكي، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، وآخرون.
وقع لنا مجلس من أماليه، وكان من وجوه البلد، عقد مجلس الاملاء
في داره، وكان صادقا أمينا.
مات فجأة في شعبان سنة عشر وأربع مئة.
148 - ابن الدباغ *
الامام الحافظ المجود، أبو القاسم، خلف بن القاسم بن سهل،
الأندلسي ابن الدباغ.
ولد سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
سمع: محمد بن معاوية ابن الأحمر، وبمصر أبا محمد بن الورد،
وسلم بن الفضل، وبمكة بكيرا الحداد، والآجري، وبدمشق علي بن أبي
العقب، وأبا الميمون بن راشد.
صنف " حديث مالك "، و " حديث شعبة "، وكتابا في الزهد (1).
وتلا بالسبع على جماعة.
روى عنه: أبو عمرو الداني، وأبو عمر بن عبد البر.
وكان ابن عبد البر يعظمه ولا يقدم عليه أحدا من شيوخه (2).
توفي في ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة.
* تقدمت ترجمته برقم (73) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(1) انظر مصنفاته في " جذوة المقتبس " 210، و " بغية الملتمس " 288.
(2) انظر " جذوة المقتبس " 210، و " بغية الملتمس " 288، و " تذكرة الحفاظ " 3 /
1025، و " تهذيب تاريخ دمشق " 5 / 173. (*)
241

149 - الشيرازي *
الامام الحافظ المجود، أبو بكر، أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن
محمد بن موسى، الشيرازي، مصنف كتاب " الألقاب " (1) سماعنا.
سمع: أبا بحر محمد بن الحسن البربهاري، وأبا بكر القطيعي،
وعلي بن أحمد المصيصي، وأبا القاسم الطبراني، وعبد الله بن عدي،
وأبا بكر الإسماعيلي، وأبا الشيخ، ومحمد بن الحسن السراج النيسابوري،
وعبد الواحد بن الحسن الجنديسابوري، وسعيد بن القاسم بن العلاء
المطوعي، لقيه بطراز من بلاد الترك، ومحمد بن محمد بن صابر، لقيه
ببخارى، وأسامة بن زيد القاضي بشيراز، وأحمد بن عبد الرحمن الخاركي
بالبصرة.
وأقام مدة بهمذان، فحدث عنه: محمد بن عيسى، وأبو مسلم بن
غزو (2)، وحميد بن المأمون، وأبو الفرج البجلي، وآخرون.
وروى عنه كثيرا أبو يعلى الخليلي، فيقول: حدثنا أحمد بن أبي
مسلم الفارسي الحافظ.
قال جعفر المستغفري: كان يفهم ويحفظ.
وقال الحافظ شيرويه الديلمي: كان ثقة صادقا حافظا، يحسن هذا
الشأن جيدا جيدا، فخرج من عندنا - يعني من همذان - سنة أربع وأربع مئة

* معجم البلدان 3 / 381، تذكرة الحفاظ 3 / 1065 - 1067، العبر 3 / 96، الوافي
بالوفيات 7 / 38، مرآة الجنان 3 / 20، طبقات الحفاظ 415، 416، كشف الظنون 1 /
157، شذرات الذهب 3 / 184 و 190، هدية العارفين 1 / 71.
(1) انظر نسخه الخطية في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 376.
(2) بفتح الغين المعجمة وسكون الزاي بعدها واو كما في " الاكمال " 7 / 20، وقد
تحرف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1066 إلى " عروة ".
242

إلى شيراز، وأخبرت أنه مات بها سنة إحدى عشرة وأربع مئة. كذا قال.
وأما أبو القاسم بن مندة، فقال: توفي في شوال سنة سبع وأربع مئة، فهذا
أشبه.
قلت: كان من فرسان الحديث، واسع الرحلة، لقي بمرو عبد
الله (1) بن عمر بن علك.
قال المستغفري: سمعته يقول: وقع بيني وبين الحافظ ابن البيع
منازعة في عمرو بن زرارة، وعمر بن زرارة، فقال: هما واحد. فحاكمته
إلى أبي أحمد الحاكم، فقلنا: ما يقول الشيخ فيمن قال: عمرو بن زرارة
وعمر بن زرارة واحد؟ فقال: من هذا الطبل (2) الذي لا يفصل بينهما (3)؟.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد القرافي، أخبرنا أبو
سهل عبد السلام بن فتحة سنة ثمان عشرة وست مئة حضورا، أخبرنا شهردار
ابن شيرويه الديلمي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع، أخبرنا أبو غانم حميد
ابن مأمون سنة 444، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي،
أخبرنا أبو أحمد بن عدي، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي سويد، حدثنا شاذ
ابن فياض، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من
أخف الناس صلاة في تمام.

(1) هو الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن الحافظ عمر بن أحمد بن علي بن علك
المروزي الجوهري، متوفى بعد الستين وثلاث مئة، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر،
ومرت ترجمة أبيه عمر في الجزء الخامس عشر.
(2) في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1066 " الطفل ".
(3) وتمام الخبر عند السمعاني 4 / 81: هما اثنان: عمرو بن زرارة بن واقد نيسابوري
كنيته أبو محمد، وعمر بن زرارة الحدثي من أهل الحديثة، حدث ببغداد، كنيته أبو حفص،
فخجل أبو عبد الله من ذلك وتشور وانظر ترجمة عمر بن زرارة في " لسان الميزان " 4 / 306.
243

قال ابن عدي: لم يرو شاذ عن شعبة غير هذا الحديث (1).
150 - القاضي عبد الجبار *
ابن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن خليل، العلامة المتكلم، شيخ
المعتزلة، أبو الحسن الهمذاني (2)، صاحب التصانيف، من كبار فقهاء
الشافعية.
سمع من: علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، ولعله خاتمة أصحابه،
ومن عبد الله بن جعفر بن فارس بأصبهان، ومن الزبير بن عبد الواحد
الحافظ، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب.
حدث عنه: أبو القاسم التنوخي، والحسن بن علي الصيمري
الفقيه، وأبو يوسف عبد السلام القزويني المفسر، وجماعة.

(1) قلت: قد تابعه عليه هاشم بن القاسم عند الدارمي 1 / 289، وأخرجه مسلم
(469) (189)، والترمذي (237) والنسائي 2 / 94 من طريق قتيبة بن سعيد، عن أبي
عوانة، عن قتادة عن أنس، وأخرجه مسلم من طريق يحيى بن يحيى، عن أبي عوانة به.
وأخرج البخاري (708) في الاذان، ومسلم (469) (190) من طريقين، عن شريك
ابن عبد الله بن أبي نمر، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة
ولا أتم صلاة من النبي صلى الله عليه وسلم.
* تاريخ بغداد 11 / 113 - 115، الأنساب 1 / 225، 226، المختصر في أخبار
البشر 2 / 162، العبر 3 / 119، ميزان الاعتدال 2 / 533، دول الاسلام 1 / 247،
المغني في الضعفاء 1 / 366، مرآة الجنان 3 / 29، طبقات السبكي 5 / 97، 98، طبقات
ابن قاضي شهبة 16 ب، لسان الميزان 3 / 386، 387، طبقات المفسرين للسيوطي 16،
طبقات المفسرين للداوودي 1 / 256 - 258، شذرات الذهب 3 / 202، 203، هدية
العارفين 1 / 498، 499، إيضاح المكنون 1 / 329.
(2) في مصادر ترجمته زيادة نسبة " الأسد اباذي " نسبة إلى أسدآباذ، وهي بليدة على منزل
من همذان إذا خرجت من العراق. وعند هذه النسبة ترجمه السمعاني في " الأنساب "، وقد
تحرفت في " إيضاح المكنون " و " هدية العارفين " و " شذرات الذهب " إلى " الاستراباذي ".
244

ولي قضاء القضاة بالري، وتصانيفه كثيرة (1)، تخرج به خلق في
الرأي الممقوت (2).
مات في ذي القعدة سنة خمس عشرة وأربع مئة. من أبناء التسعين.
151 - الأسفراييني *
الامام الحافظ المجود، أبو بكر، محمد بن أحمد بن عبد الوهاب

(1) منها " الأمالي في الحديث " و " دلائل النبوة " و " طبقات المعتزلة " وقد طبع من كتبه
كتاب " تنزيه القرآن عن المطاعن " في المطبعة الجمالية سنة 1326 ه‍، مذيلا بمقدمة للتفسير
للراغب الأصبهاني، وفي مقدمته ترجمة المؤلف، وكتاب " شرح الأصول الخمسة " نشره
المرحوم عبد الكريم عثمان في القاهرة عام 1965 م، وله كتاب " المغني " في علم الكلام يتألف
من سبعة عشر جزءا، وصل إلينا اثنا عشر جزءا فقط، وقد نشر الجزء السابع منه إبراهيم الأبياري
القاهرة 1961، والجزء السادس أحمد فؤاد الأهواني في القاهرة 1962 م، والجزء الثاني عشر
إبراهيم مدكور القاهرة بدون تاريخ، والجزء الثالث عشر أبو العلا عفيفي وغيره، القاهرة
1962 م، والجزء السادس عشر أمين الخولي، القاهرة 1960 م، والجزء السابع عشر أمين
الخولي القاهرة بدون تاريخ. وله أيضا كتاب " التكليف " وصل إلينا بتهذيب تلميذه ابن متويه
بعنوان: " المجموع المحيط بالتكليف " وقد نشره السيد عزمي في القاهرة 1965، ونشر هو بن
الجزء الأول منه ببيروت 1965 م. وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ التراث
العربي " لسزكين 2 / 411 - 413.
(2) خطأ المعتزلة إنما هو في الإلهيات والأمور الغيبية، فإنهم زعموا أن المنطق الصوري
اليوناني تعصم مراعاته الذهن عن الخطأ، فاتخذوه أصلا، وعولوا عليه، وتحاكموا إليه،
وأخضعوا نصوص الكتاب والسنة إلى معاييره، وأولوهما على الوجه الذي تتفق معه، ومن أراد
الوقوف على خطأ هذا المنهج الذي اعتمدوه، وما نجم عنه من انحراف فكري ضل بسببه أقوام
كثيرون، فليرجع إلى كتاب شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله " الرد على المنطقيين " فإنه قد
هتك هذا المنطق، وكشف عواره، وأبان فساده، والذي يحز في النفس أن الاخذ بهذا المنهج
الخاطئ لم يقتصر على المعتزلة، بل تجاوزه إلى كثير من أهل العلم ممن يعدون من أهل السنة
والجماعة، فإنهم قدسوه، وانتهى الامر بأحدهم إلى أن يقول: ومن لا يحيط بالمنطق، فلا يوثق
بعلومه أصلا، وما درى هذا المسكين أن لازم قوله أن لا يوثق بعلم الصحابة والتابعين والأئمة
المجتهدين، لانهم لا يعلمون عن هذا العلم شيئا، ولا خبرة لهم به أصلا.
* تذكرة الحفاظ 3 / 1064، 1065، طبقات الحفاظ 415، شذرات الذهب 3 / 184.
245

الأسفراييني الحديثي الرحال.
ارتحل في سنة أربع وخمسين وثلاث مئة، ولقي الكبار كأبي أحمد بن
عدي وأقرانه.
قال أبو مسعود البجلي: سمعت أبا عبد الله الحاكم يقول: أشهد على
أبي بكر الأسفراييني أنه يحفظ من حديث مالك وشعبة ومسعر والثوري أكثر
من عشرين ألف حديث (1).
قلت: لم تبلغنا أخبار هذا الحافظ مفصلة.
وتوفي سنة ست وأربع مئة.
ومعه توفي مفتي العراق أبو حامد الأسفراييني (2)، وشيخ الصوفية
الأستاذ أبو علي الدقاق (3)، وشيخ الأطباء أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز
المهلبي (4) بنيسابور، ومسند الحرم عبيد الله بن محمد السقطي (5)، والامام
أبو أحمد الفرضي (6)، والأستاذ أبو بكر بن فورك (7)، ونقيب العلويين
العلامة الشريف الرضي محمد بن الحسين الموسوي الشاعر (8).
وقد سقت حديثين في ترجمة هذا الحافظ في " تذكرة الحفاظ " (9).

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1064.
(2) تقدمت ترجمته برقم (111).
(3) تقدمت ذكر مصادر ترجمته في الصفحة (169) ت رقم (5) عقب الترجمة رقم
(111).
(4) سترد ترجمته برقم (159).
(5) تقدمت ترجمته برقم (142).
(6) تقدمت ترجمته برقم (124).
(7) تقدمت ترجمته برقم (125).
(8) سترد ترجمته برقم (174).
(9) 2 / 1065.
246

152 - السلمي *
محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن خالد بن سالم بن زاوية بن
سعيد بن قبيصة بن سراق، الأزدي، السلمي الام، الامام الحافظ
المحدث، شيخ خراسان وكبير الصوفية، أبو عبد الرحمن النيسابوري
الصوفي، صاحب التصانيف.
أفرد له المحدث أبو سعيد محمد بن علي الخشاب ترجمة في جزء،
فقال: ولد في عاشر جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاث مئة، وذلك
بعد موت مكي بن عبدان بستة أيام، وكتب بخطه في سنة ثلاث وثلاثين عن
أبي بكر الصبغي، ومن الأصم، وأبي عبد الله بن الأخرم، وسمع كثيرا من
جده لامه إسماعيل (1) بن نجيد، ومن خلق كثير. وله رحلة - يعني إلى
العراق - ابتدأ بالتصنيف سنة نيف وخمسين وثلاث مئة، وصنف في علوم
القوم (2) سبع مئة جزء، وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من جمع الأبواب والمشايخ
وغير ذلك ثلاث مئة جزء، وكانت تصانيفه مقبولة.

* تاريخ بغداد 2 / 248، 249، الرسالة القشيرية 140، الأنساب 7 / 113، المنتظم
8 / 6، الكامل في التاريخ 9 / 326، اللباب 2 / 129، المختصر في أخبار البشر 2 /
160، تاريخ الاسلام 21 / 219، العبر 3 / 109، ميزان الاعتدال 3 / 523، 524، دول
الاسلام 1 / 246، تذكرة الحفاظ 3 / 1046، 1047، عيون التواريخ 12 / 147 / 1،
الوافي بالوفيات 2 / 380، 381، مرآة الجنان 3 / 26، مختصر دول الاسلام 1 / 190،
طبقات السبكي 4 / 143 - 147، البداية والنهاية 12 / 12، 13، طبقات الأولياء 313 -
315، النجوم الزاهرة 4 / 256، لسان الميزان 5 / 140، 141، طبقات الحفاظ 411،
طبقات المفسرين للسيوطي 31، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 137 - 139، كشف الظنون
2 / 1104، شذرات الذهب 3 / 196، 197، هدية العارفين 2 / 61. وانظر المقدمة التي
كتبها نور الدين شريبة لكتابه " طبقات الصوفية ".
(1) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) يعني الصوفية.
247

قال الخشاب: كان مرضيا عند الخاص والعام، والموافق
والمخالف، والسلطان والرعية، في بلده وفي سائر بلاد المسلمين، ومضى
إلى الله كذلك، وحبب تصانيفه إلى الناس، وبيعت بأغلى الأثمان، وقد
بعت يوما من ذلك على رداءة خطي بعشرين دينارا، وكان في الاحياء، وقد
سمع منه كتاب " حقائق التفسير " أبو العباس النسوي، فوقع إلى مصر،
فقرئ عليه، ووزعوا له ألف دينار، وكان الشيخ ببغداد حيا. وسمعت أبا
مسلم غالب بن علي الرازي يقول: لما قرأنا كتاب " تاريخ الصوفية " في
شهور سنة أربع وثمانين وثلاث مئة بالري، قتل صبي في الزحام، وزعق
رجل في المجلس زعقة، ومات، ولما خرجنا من همذان، تبعنا الناس
لطلب الإجازة مرحلة.
قال السلمي: ولما دخلنا بغداد، قال لي الشيخ أبو حامد
الأسفراييني: أريد أن أنظر في " حقائق التفسير "، فبعثت به إليه، فنظر
فيه، وقال: أريد أن أسمعه، ووضعوا لي منبرا.
قال: ورأينا في طريق همذان أميرا، فاجتمعت به، فقال: لابد من
كتابة " حقائق التفسير ". فنسخ له في يوم، فرق على خمسة وثمانين
ناسخا، ففرغوه إلى العصر، وأمر لي بفرس جواد ومئة دينار وثياب كثيرة،
فقلت: قد نغصت علي، وأفزعتني، وأفزعت الحاج، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم
عن ترويع المسلم، فإن أردت أن يبارك لك في الكتاب، فاقض لي
حاجتي. قال: وما هي؟ قلت: أن تعفيني من هذه الصلة. فإني لا أقبل
ذلك. ففرقها في نقباء الرفقة، وبعث من خفرنا، وكان الأمير نصر بن
سبكتكين صاحب الجيش عالما، فلما رأى ذلك التفسير، أعجبه، وأمر
بنسخه في عشر مجلدات، وكتبة الآيات بماء الذهب، ثم قالوا: تأتي حتى
248

يسمع الأمير الكتاب. فقلت: لا آتيه البتة. ثم جاؤوا خلفي إلى الخانقاه،
فاختفيت، ثم بعث بالمجلد الأول، وكتبت له بالإجازة.
قال: ولما توفي جدي أبو عمرو، خلف ثلاثة أسهم في قرية، قيمتها
ثلاثة آلاف دينار، وكانوا يتوارثون ذلك عن جده أحمد بن يوسف السلمي،
وكذلك خلف أيضا ضياعا ومتاعا، ولم يكن له وارث غير والدتي، وكان على
التركات رجل متسلط، فكان من صنع الله أنه لم يأخذ من ذلك شيئا،
وسلم إلي الكل، فلما تهيأ أبو القاسم النصراباذي للحج، استأذنت أمي في
الحج، فبعت سهما بألف دينار، وخرجت سنة 366، فقالت أمي:
توجهت إلى بيت الله، فلا يكتبن عليك حافظاك شيئا تستحي منه غدا.
وكنت مع النصراباذي أي بلد أتيناه يقول: قم بنا نسمع الحديث. وسمعته
يقول: إذا بدا لك شئ من بوادي الحق، فلا تلتفت معها إلى جنة ولا نار،
وإذا رجعت عن تلك الحال، فعظم ما عظمه الله.
وقال: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع،
وتعظيم حرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، والدوام على الأوراد.
قال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في " سياق التاريخ ": أبو عبد
الرحمن شيخ الطريقة في وقته، الموفق في جميع علوم الحقائق، ومعرفة
طريق التصوف، وصاحب التصانيف المشهورة العجيبة، ورث التصوف من
أبيه وجده، وجمع من الكتب ما لم يسبق إلى ترتيبه حتى بلغ فهرس كتبه المئة
أو أكثر، حدث أكثر من أربعين سنة قراءة وإملاء، وكتب الحديث بنيسابور
ومرو والعراق والحجاز، وانتخب عليه الحفاظ. سمع من أبيه وجده ابن
نجيد، وأبي عبد الله الصفار، وأبي العباس الأصم، ومحمد بن يعقوب
الحافظ، وأبي إسحاق الحيري، وأبي جعفر الرازي، وأبي الحسن
249

الكارزي، وأبي الحسن الطرائفي، والامام أبي بكر الصبغي، والأستاذ أبي
الوليد حسان، وابني المؤمل، ويحيى بن منصور القاضي، وأبي سعيد بن
رميح، وأبي بكر القطيعي، وطبقتهم.
وولد في سنة ثلاثين وثلاث مئة، كذا ورخه عبد الغافر، فالله أعلم.
وقال: حدثنا عنه جدي زين الاسلام القشيري، وأبو سعيد بن
رامش، وأبو بكر بن زكريا، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف،
ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبو نصر الجوري، وعلي بن أحمد
المديني.
قلت: ومحمد بن يحيى المزكي، وأبو بكر البيهقي، والقاسم بن
الفضل الثقفي، وخلق كثير، وما هو بالقوي في الحديث.
ذكره الخطيب (1)، فقال: محله كبير، وكان مع ذلك صاحب
حديث، مجودا، جمع شيوخا وتراجم وأبوابا، وعمل دويرة للصوفية،
وصنف سننا وتفسيرا.
قال أبو الوليد القشيري: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يسأل أبا
علي الدقاق، فقال: الذكر أتم أم الفكر؟ فقال: ما الذي يفتح للشيخ فيه؟
قال أبو عبد الرحمن: عندي الذكر أتم، لان الحق يوصف بالذكر، ولا
يوصف بالفكر. فاستحسنه أبو علي.
السلمي: حدثنا محمد بن العباس الضبي، حدثنا محمد بن أبي
علي، حدثنا الفضل بن محمد بن نعيم، سمعت علي بن حجر، سمعت أبا

(1) في " تاريخ بغداد " 2 / 248.
250

حاتم الفراهيجي، سمعت فضالة النسوي، سمعت ابن المبارك يقول:
حق على العاقل أن لا يستخف بثلاثة: العلماء والسلاطين والاخوان، فإنه
من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالسلطان ذهبت دنياه،
ومن استخف بالاخوان ذهبت مروءته.
القشيري: سمعت السلمي يقول: خرجت إلى مرو في حياة الأستاذ
أبي سهل الصعلوكي، وكان له قبل خروجي أيام الجمع بالغدوات مجلس
دور (1) القرآن بختم، فوجدته عند رجوعي قد رفع ذلك المجلس، وعقد
لابن العقابي (2) في ذلك الوقت مجلس القول فداخلني من ذلك شئ،
وكنت أقول في نفسي: استبدل مجلس الختم بمجلس القول - يعني الغناء -
فقال لي يوما: يا أبا عبد الرحمن: أيش يقول الناس لي؟ قلت: يقولون:
رفع مجلس القرآن، ووضع مجلس القول. فقال: من قال لإستاذه: لم؟
لا يفلح أبدا (3).
قلت: ينبغي للمريد أن لا يقول لإستاذه: لم، إذا علمه معصوما لا
يجوز عليه الخطأ، أما إذا كان الشيخ غير معصوم وكره قول: لم؟ فإنه لا
يفلح أبدا، قال الله تعالى: (وتعانوا على البر والتقوى) [المائدة: 2]

(1) أثبت محقق " طبقات " السبكي 4 / 146 بدل هذه الكلمة كلمة " ورد ".
(2) في الأصل: " القعابي " بتقديم القاف: ولم نقف على هذه النسبة، والمثبت من
" طبقات " السبكي 4 / 146 وهي نسبة إلى العقابة، وهو بطن من حضرموت.
(3) أورد الخبر السبكي في " طبقاته الكبرى " 4 / 146، 147، وقد تشبث كثير ممن
ينتسب إلى العلم بهذه المقالة، ورددها على لسانه أمام تلامذته، وكان من أثر ذلك أن اعتقد
التلامذة العصمة في كل ما يقوله هذا الشيخ من آراء، وبقوا في التقليد الأعمى يتخبطون،
وتبلدت أذهانهم، وضعفت مداركهم، حتى إنهم يظهر لهم بوضوح وجلاء أشياء كثيرة قد أخطأ
فيها الشيخ، ولكنهم لا يتجزؤون على مخالفته لتلك المقالة السيئة.
251

وقال: (وتواصوا بالحق) [العصر: 3] (وتواصوا بالمرحمة) [البلد: 17]
بلى هنا مريدون أثقال أنكاد، يعترضون ولا يقتدون، ويقولون ولا يعملون،
فهؤلاء لا يفلحون (1).
قال الخطيب (2): قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري: كان
أبو عبد الرحمن السلمي غير ثقة، وكان يضع للصوفية الأحاديث.
قلت: وللسلمي سؤالات للدارقطني عن أحوال المشايخ الرواة
سؤال عارف، وفي الجملة ففي تصانيفه أحاديث وحكايات موضوعة، وفي
" حقائق تفسيره " أشياء لا تسوغ أصلا، عدها بعض الأئمة من زندقة
الباطنية، وعدها بعضهم عرفانا وحقيقة، نعوذ بالله من الضلال ومن الكلام
بهوى، فإن الخير كل الخير في متابعة السنة والتمسك بهدي الصحابة
والتابعين رضي الله عنهم.
مات السلمي في شهر شعبان سنة اثنتي عشرة وأربع مئة، وقيل: في
رجب بنيسابور، وكانت جنازته مشهودة.
وفيها مات عبد الجبار الجراحي (3)، والحسين بن عمر بن برهان
الغزال (4)، وأبو الحسن بن رزقويه (5)، ومنير بن أحمد الخشاب (6)،

(1) فينبغي على التلميذ أن يسأل أستاذه أو يناقشه في أمر ما بأسلوب مهذب وسائغ، وينبغي
على الأستاذ أن يأذن له ويستمع إليه، ويعترف بالخطأ إذا تبين له، وأن يغرس في نفس طالب
العلم ملكة النقد، كما كان يفعل السلف الصالح رضوان الله عليهم.
(2) في " تاريخ بغداد " 2 / 248.
(3) سترد ترجمته برقم (154).
(4) سترد ترجمته برقم (161).
(5) سترد ترجمته برقم (155).
(6) سترد ترجمته برقم (163).
252

والمحدث أبو سعد الماليني (1)، وأبو أحمد عبد الله بن عمر الكرجي
السكري، ومحمد بن أحمد غنجار (2).
أخبرنا أبو نصر الفارسي وأبو سعيد الحلبي قالا: أخبرنا علي بن
محمود، وأخبرنا بلال الحبشي، أخبرنا عبد الوهاب بن ظافر قالا: أخبرنا
أبو طاهر أحمد بن محمد، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا محمد بن
الحسين، أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن حسين الشيباني، حدثنا
أحمد بن زغبة، حدثنا حامد بن يحيى، حدثنا سفيان، حدثني عمرو بن
دينار، عن أبي سلمة، عن أم سلمة: أن الزبير خاصم رجلا، فقضى رسول
الله صلى الله عليه وسلم للزبير، فقال الرجل: إنما قضى له أنه ابن عمته. فأنزل الله هذه
الآية: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم).. الآية
[النساء: 65] (3).
تفرد به حامد البلخي، وهو صدوق مكثر.
أخبرنا أحمد بن هبة الله، أخبرنا الحسن بن محمد بن عساكر (ح)

(1) سترد ترجمته برقم (183).
(2) سترد ترجمته برقم (184).
(3) رجاله ثقات، وأخرجه الحميدي في " مسنده "، (300) ومن طريقه الطبري (9914)
عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سلمة رجل من ولد أم سلمة، عن أم سلمة..
وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 2 / 180 وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد،
وابن المنذر. وأخرجه ابن مردويه فيما ذكره ابن كثير 2 / 308 من طريق الفضل بن دكين، عن
سفيان بن عينية به إلا أنه لم يذكر فيه أم سلمة. والقصة بأطول مما هنا أخرجها من غير هذا الطريق
البخاري (2359) و (2361) و (2362) و (2708)، و (4585)، ومسلم (2357) في
الفضائل: باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، وأبو داود (3637) وأحمد 1 / 165،
166، و 4 / 4، 5، والترمذي (1363) والنسائي 8 / 245، وانظر شرحه، والكلام على إسناده
في " فتح الباري " 5 / 35، 38.
253

وأخبرنا محمد بن حازم، أخبرنا ابن غسان (خ) وأخبرنا الحسن بن علي،
أخبرنا مكرم بن أبي الصقر قالوا: أخبرنا أبو المظفر سعيد بن سهل الفلكي،
أخبرنا علي بن أحمد المديني، أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، حدثنا
أحمد بن محمد بن عبدوس، حدثنا عثمان بن سعيد، أخبرنا القعنبي،
حدثنا الدراوردي، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دعا أحدكم، فلا يقل: اللهم إن شئت. ولكن ليعزم،
وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظم عليه شئ أعطاه " رواه مسلم (1).
ومن كبار شيوخه أحمد بن علي بن حسنويه المقرئ وأبو ظهير عبد الله
ابن فارس العمري البلخي، وسعيد بن القاسم البردعي.
قال الخطيب (2): وأخبرنا أبو القاسم القشيري قال: جرى ذكر
السلمي، وأنه يقوم في السماع موافقة للفقراء، فقال أبو علي الدقاق: مثله
في حاله لعل السكون أولى به، امض إليه، فستجده قاعدا في بيت كتبه، على
وجه الكتب مجلدة مربعة فيها أشعار الحلاج، فهاتها، ولا تقل له شيئا.
قال: فدخلت عليه وإذا هو في بيت كتبه، والمجلدة بحيث ذكر، فلما
قعدت، أخذ في الحديث، وقال: كان بعض الناس ينكر على عالم حركته
في السماع، فرئي ذلك الانسان يوما خاليا في بيت وهو يدور كالمتواجد،
فسئل عن حاله، فقال: كانت مسألة مشكلة علي، تبين لي معناها، فلم
أتمالك من السرور، حتى قمت أدور فقل له: مثل هذا يكون حالهم. قال:
فلما رأيت ذلك منهما، تحيرت كيف أفعل بينهما، فقلت: لا وجه إلا

(1) برقم (2679) في الذكر والدعاء: باب العزم بالدعاء، ولا يقل إن شئت، وأخرجه
مالك 1 / 213، ومن طريقه البخاري (6339) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
(2) في " تاريخ بغداد " 2 / 248، 249. والزيادة منه.
254

الصدق، فقلت: إن أبا علي وصف هذه المجلدة، وقال: احملها إلي من
غير أن تعلم الشيخ، وأنا أخافك، وليس يمكنني مخالفته، فأيش تأمر؟
فأخرج أجزاء من كلام الحسين الحلاج، وفيها تصنيف له سماه " الصيهور
في نقض الدهور "، وقال: احمل هذه إليه (1).
وقيل: بلغت تآليف السلمي ألف جزء (2)، و " حقائقه " (3) قرمطة،
وما أظنه يتعمد الكذب، بلى يروي عن محمد بن عبد الله الرازي الصوفي
أباطيل وعن غيره.
قال الامام تقي الدين ابن الصلاح في " فتاويه ": وجدت عن الامام
أبي الحسن الواحدي المفسر رحمه الله أنه قال: صنف أبو عبد الرحمن
السلمي " حقائق التفسير "، فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر (4).
قلت: وا غوثاه! وا غربتاه!.

(1) انظر ما علقه السبكي على هذه الحكاية في " طبقاته " 4 / 146.
(2) قد طبع من مصنفاته كتاب " طبقات الصوفية " وإحدى طبعاته بتحقيق نور الدين
شريبة، وكتاب " آداب الصحبة وحسن العشرة " في القدس 1954 بتحقيق قسطر، وكتاب
" الأربعون في أخلاق الصوفية " بحيدر آبار. وانظر النسخ الخطية لعدد من مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 499 - 503.
(3) أي كتابه " حقائق التفسير "، قال المؤلف في " تذكرة الحفاظ ": ألف " حقائق
التفسير " فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية، نسأل الله العافية. وقال السبكي في
" الطبقات ": وكتاب " حقائق التفسير " المشار إليه قد كثر الكلام فيه من قبل أنه اقتصر على ذكر
تأويلات ومحامل للصوفية ينبو عنها ظاهر اللفظ. وانظر كتاب " التفسير والمفسرون " للدكتور
محمد حسين الذهبي 2 / 384. وهذا التفسير منه نسخ خطية عديدة في مكتبات العالم. انظر
" تاريخ " سزكين 2 / 497، 498، ومنه مختصر بعنوان " التفسير الصغير " في الظاهرية تفسير
249.
(4) " فتاوى ابن الصلاح " ص 29.
255

153 - الخركوشي *
الامام القدوة، شيخ الاسلام، أبو سعد، عبد الملك بن أبي عثمان
محمد بن إبراهيم، النيسابوري الواعظ. وخركوش: سكة بنيسابور.
حدث عن: حامد الرفاء، ويحيى بن منصور، وأبي عمرو بن مطر،
وإسماعيل بن نجيد، وطبقتهم.
وتفقه بأبي الحسن الماسرجسي.
وسمع بدمشق وببغداد ومكة، وجاور، وصحب الكبار، ووعظ
وصنف، ورزق القبول الزائد، وبعد صيته.
له تفسير كبير، وكتاب " دلائل النبوة "، وكتاب " الزهد " (1).
حدث عنه: الحاكم وهو أكبر منه، والحسن بن محمد الخلال، وعبد
العزيز الازجي، وأبو القاسم التنوخي، وأبو القاسم القشيري، وأبو علي
الأهوازي، وأبو بكر البيهقي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وأبو صالح
المؤذن، وأبو بكر بن خلف، وخلق.
قال الحاكم: أقول إني لم أر أجمع منه علما وزهدا، وتواضعا وإرشادا
إلى الله وإلى الزهد، زاده الله توفيقا، وأسعدنا بأيامه، وقد سارت
مصنفاته.

* تاريخ بغداد 10 / 432، الأنساب 5 / 93، 94، تبيين كذب المفتري 233،
المنتظم 7 / 279، معجم البلدان 2 / 360، 361، اللباب 1 / 436، تذكرة الحفاظ 3 /
1066، العبر 3 / 96، طبقات السبكي 5 / 222، 223، شذرات الذهب 3 / 184،
185، هدية العارفين 1 / 625.
(1) انظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ " سزكين 2 / 496.
256

وقال الخطيب (1): كان ثقة ورعا صالحا.
قلت: توفي في جمادى الأولى سنة سبع وأربع مئة.
وكان ممن وضع له القبول في الأرض، وكان الفقراء في مجلسه
كالأمراء، وكان يعمل القلانس، ويأكل من كسبه، بنى مدرسة ودارا
للمرضى، ووقف الأوقاف، وله خزانة كتب موقوفة (2).
154 - الجراحي *
الشيخ الصالح الثقة، أبو محمد، عبد الجبار بن محمد بن عبد الله
ابن محمد بن أبي الجراح بن الجنيد بن هشام بن المرزبان، المرزباني
الجراحي المروزي.
ولد في سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة بمرو.
وسكن هراة، فحدث بها ب‍ " جامع " الترمذي عن أبي العباس محمد
ابن أحمد بن محبوب التاجر، فحمل الكتاب عنه خلق، منهم: أبو عامر
محمود بن القاسم الأزدي، وأحمد بن عبد الصمد الغورجي، وأبو
إسماعيل عبد الله بن محمد شيخ الاسلام، وعبد العزيز بن محمد الترياقي،
ومحمد بن محمد العلائي، وآخرون.
قدم هراة في سنة تسع وأربع مئة.
قال المؤتمن بن أحمد الساجي: روى الحسين بن أحمد الصفار هذا

(1) " تاريخ بغداد " 10 / 432.
(2) انظر ما وصفه به السمعاني في " الأنساب " 5 / 94.
* الأنساب 3 / 214، اللباب 1 / 268، العبر 3 / 108، تذكرة الحفاظ 3 / 1052،
شذرات الذهب 3 / 195، 196.
257

" الجامع "، عن أبي علي محمد بن محمد بن يحيى القراب، عن أبي
عيسى الترمذي، فسمعه منه القاضي أبو منصور محمد بن محمد الأزدي
ونظراؤه، فسمعت أبا عامر الأزدي يقول: سمعت جدي أبا منصور القاضي
يقول: اسمعوا فقد سمعنا هذا الكتاب منذ سنين، وأنتم تساوونا فيه الآن.
قال أبو سعد السمعاني (1): توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مئة إن شاء
الله. قال: وهو صالح ثقة.
155 - ابن رزقويه *
الامام المحدث، المتقن، المعمر، شيخ بغداد، أبو الحسن محمد
ابن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزق (2) بن عبد الله بن يزيد، البغدادي
البزاز.
ولد سنة خمس وعشرين وثلاث مئة.
وذكر أن أول سماعه سنة سبع وثلاثين.
سمع: محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب الطائي، وإسماعيل
ابن محمد الصفار، وأبا جعفر بن البختري، وعلي بن محمد المصري
الواعظ، وعبد الله بن عبد الرحمن السكري، وعثمان بن السماك،
وطبقتهم ومن بعدهم.

(1) في " الأنساب " 3 / 214.
* تاريخ بغداد 1 / 351، المنتظم 8 / 4، 5، العبر 3 / 108، تذكرة الحفاظ 3 /
1052، الوافي بالوفيات 2 / 60، البداية والنهاية 12 / 12، النجوم الزاهرة 4 / 256،
شذرات الذهب 3 / 116.
(2) تحرف في " البداية والنهاية " إلى " روق " بالواو.
258

حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الحسين بن الغريق، ومحمد بن
علي [ابن] (1) الحندقوقي، وعبد العزيز بن طاهر الزاهد، ومحمد بن
إسحاق الباقرحي، وعبد الله بن عبد الصمد بن المأمون، وأبو الغنائم محمد
ابن أبي عثمان، وأحمد بن الحسين بن سلمان العطار، ونصر بن البطر،
وأخوه علي بن البطر، وآخرون، وأملى مدة.
قال الخطيب (2): كان ثقة صدوقا كثير السماع والكتابة، حسن
الاعتقاد، مديما للتلاوة، بقي يملي في جامع المدينة من بعد ثمانين وثلاث
مئة إلى قرب موته، وهو أول شيخ كتبت عنه، وذلك في سنة ثلاث وأربع مئة
بعدما كف بصره.
قال أبو القاسم الأزهري: أرسل بعض الوزراء إلى أبي الحسن بن
رزقويه بمال، فرده تورعا (3).
وكان ابن رزقويه يذكر أنه درس الفقه للشافعي (4).
قال الخطيب: سمعته يقول: والله ما أحب الحياة إلا للذكر
وللتحديث. وسمعت البرقاني يوثق ابن رزقويه (5). مات سنة اثنتي عشرة
وأربع مئة.

(1) سقط لفظ " ابن " من الأصل واستدرك من ترجمته من " الوافي بالوفيات " 4 / 136،
قال: محمد بن علي أبو عبد الله ابن المهتدي الهاشمي، ويعرف بابن الحندقوقا.... وتوفي
في ذي الحجة سنة تسع وستين وأربع مئة.
(2) في " تاريخ بغداد " 1 / 351، وانظر " المنتظم " 8 / 5.
(3) " تاريخ بغداد " 1 / 352، و " المنتظم " 8 / 5.
(4) في " تاريخ بغداد " 1 / 352: وكان ابن رزقويه يذكر أنه درس الفقه، وعلق على
مذهب الشافعي.
(5) " تاريخ بغداد " 1 / 352، و " المنتظم " 8 / 5.
259

156 - خلف *
الامام الحافظ الناقد، أبو علي (1)، خلف بن محمد بن علي بن
حمدون، الواسطي.
سمع: أبا بكر القطيعي وطبقته ببغداد، وعبد الله بن محمد بن السقا
بواسط، وأبا بكر الإسماعيلي بجرجان، ومحمد بن عبد الله بن خميرويه
بهراة، وأمثالهم بالشام ومصر وخراسان والعجم والعراق، وكان رفيق أبي
الفتح بن أبي الفوارس (2) في الرحلة إلى أكثر النواحي.
صنف كتاب: " أطراف الصحيحين " (3)، وسافر الكثير في التجارة،
وكتابه - قالوا: أقل أوهاما من " أطراف " أبي مسعود.
وقال أبو نعيم الحافظ: صحبناه بنيسابور وأصبهان (4).
وذكره الحاكم، فقال: حدثنا خلف بن محمد وكان حافظا لحديث
شعبة وغيره.
قلت: روى عنه الحاكم وهو من شيوخه، وأبو علي الأهوازي، وأبو
القاسم عبيد الله الأزهري، وطائفة. وأقام بالرملة يتجر.

* أخبار أصبهان 1 / 310، تاريخ بغداد 8 / 334، 335، المنتظم 7 / 254، معجم
البلدان 5 / 350، تذكرة الحفاظ 3 / 1067، 1068، البداية والنهاية 11 / 344، طبقات
الحفاظ 416، كشف الظنون 1 / 116، هدية العارفين 1 / 348، الرسالة المستطرفة 167.
(1) كنيته في " تاريخ بغداد " و " المنتظم " و " البداية والنهاية " و " كشف الظنون ": أبو
محمد.
(2) وقد تقدمت ترجمته برقم (133).
(3) انظر الحديث عن كتب الأطراف في التعليقات على ترجمة أبي مسعود المتقدمة برقم
(136).
(4) " أخبار أصبهان " 1 / 310.
260

قال الخطيب (1): سمعت الأزهري يقول: كان خلف حافظا، وكان
أبو الفتح بن أبي الفوارس أستاذه.
أنبأنا المسلم بن محمد الكاتب، أخبرنا زيد بن الحسن، أخبرنا عبد
الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو بكر الحافظ (2)، أخبرني عبيد الله بن أبي
الفتح، أخبرنا خلف بن محمد، أخبرنا الحسن بن أحمد بن محمد بن
عيسى بنيسابور، أخبرنا أبو سعيد الحسن بن أحمد الطوسي، حدثنا أحمد
ابن صالح بن رسلان الفيومي بمكة، حدثنا ذو النون المصري، حدثنا فضيل
ابن عياض، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " تجافوا عن ذنب السخي، فإن الله آخذ بيده كلما عثر عثرة ".
هذا حديث منكر (3).
لم أظفر لخلف بتاريخ وفاة، وقد بقي إلى بعيد الأربع مئة بيسير.
وقد مات في سنة أربع مئة مسند خراسان أبو نعيم عبد الملك بن
الحسن بن محمد بن إسحاق الأسفراييني (4)، وهو راوي " مسند " أبي عوانة
الحافظ عنه، وأبو بكر عبد الواحد بن علي بن غياث الرزاز البغدادي، وكان
يذكر أنه سمع من البغوي، وزاهد الأندلس الشيخ سليمان بن بنج مال عن

(1) " تاريخ بغداد " 8 / 335.
(2) هو أبو بكر الخطيب صاحب " تاريخ بغداد ".
(3) إسناده ضعيف لضعف ليث - وهو ابن أبي سليم - وذو النون المصري ضعفه الدارقطني
وغيره، وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " 10 / 4 من طريق أحمد بن صالح بن رسلان بهذا
الاسناد، وأخرجه الخطيب 14 / 98 من طريق عبد العزيز بن عبد الله أبي عمر الرملي، عن ذي
النون به بلفظ " تجاوزوا عن ذنب السخي، وزلة العالم، وسطوة السلطان العادل، فإن الله آخذ
بأيديهم كلما عثر عاثر منهم " وفي الباب عن ابن مسعود عند أبي نعيم في الحلية 4 / 108.
(4) تقدمت ترجمته برقم (38).
261

تسع وتسعين سنة، ومسند أصبهان أبو إسحاق بن عبد الله بن خرشيذ
قوله (1).
157 - الشيباني *
الشيخ العالم المؤدب، أبو القاسم، عبد الرحمن بن عمر بن نصر بن
محمد، الشيباني السامري، ثم الدمشقي البزاز.
سمع ابن حبيب الحصائري، وخيثمة بن سليمان، وعثمان بن محمد
الذهبي، وأبا يعقوب الأذرعي، وخلقا سواهم.
حدث عنه: العتيقي، وعلي بن صصري، وأبو علي الأهوازي،
ومحمد بن علي الحداد، والشيخ عبد العزيز الكتاني، وغيرهم.
قال الكتاني: كتب الكثير، واتهم في لقاء أبي إسحاق بن أبي ثابت،
وكان يتهم بالاعتزال، توفي في رجب سنة عشر و أربع مئة (2).
قلت: له جماعة أجزاء مروية، ولم يقع لي حديثه إلا بنزول.
وفيها مات عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه (3)، وأبو عمر بن
مهدي (4) الفارسي، وأبو الفضل التميمي (5)، وابن محمش الزيادي (6)،

(1) تقدمت ترجمته برقم (37).
* العبر 3 / 102، ميزان الاعتدال 2 / 580، المغني في الضعفاء 2 / 384، لسان
الميزان 3 / 424، شذرات الذهب 3 / 190.
(2) انظر " لسان الميزان " 3 / 424.
(3) تقدمت ترجمته برقم (147).
(4) تقدمت ترجمته برقم (131).
(5) سترد ترجمته برقم (165).
(6) سترد ترجمته برقم (169).
262

والقاضي أبو منصور الأزدي (1)، وابن بابك (2) شاعر وقته، وهبة الله بن
سلامة الضرير المفسر، وأبو بكر بن مردويه (3) الحافظ، وظفر بن محمد
العلوي.
158 - ظفر بن محمد *
ابن أحمد بن محمد بن زبارة بن عبد الله بن حسن بن علي بن الحسين
الشهيد بن علي بن أبي طالب، السيد المسند، الرئيس المجاهد، أبو
منصور، العلوي الحسيني النيسابوري، البيهقي الغازي.
سمع عمه أبا علي بن زبارة، وأبا العباس الأصم، ومحمد بن علي بن
دحيم الشيباني، وأبا بكر النجاد، وعلي بن عيسى بن مأتي، وخلف بن
محمد البخاري الخيام، وأبا زكريا العنبري، وعدة، وانتقى عليه الحاكم.
وحدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن
خلف الأديب، وعمر بن الإمام أبي عمر البسطامي، وآخرون.
قال عبد الغافر في " السياق ": كانت أصوله صحيحة، ثم احترق
قصره بما فيه، وراحت أصوله، فصار يروي من فروعها، توفي بقريته،
وبها دفن سنة عشر وأربع مئة.
قلت: نيف على الثمانين فيما أرى.

(1) سترد ترجمته برقم (166).
(2) سترد ترجمته برقم (171).
(3) سترد ترجمته برقم (188).
* لم نعثر على مصادر ترجمة.
263

159 - المهلبي *
الشيخ الثقة العالم، شيخ الأطباء، أبو يعلى، حمزة بن عبد العزيز بن
محمد بن أحمد بن حمزة، المهلبي النيسابوري، بقية المشايخ.
سمع محمد بن أحمد بن دلويه، صاحب البخاري، ومحمد بن
الحسين، القطان، وأبا حامد بن بلال، وأبا جعفر محمد بن الحسن
الأصبهاني، وجماعة.
وتفرد في وقته. وهو راوي المسلسل بالأولية (1).
حدث عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو نصر عبيد الله بن سعيد
السجزي، وأبو القاسم عبد الله بن علي الطوسي، وأبو بكر البيهقي،
ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وأبو بكر بن خلف، وآخرون.
قال الحاكم: صحب أبو يعلى الصيدلاني المشايخ، وطلب
الحديث، ثم تقدم في معرفة الطب (2).
قلت: توفي في يوم عيد النحر سنة ست وأربع مئة، وقد قارب
التسعين.
وهو من ذرية أمير خراسان المهلب بن أبي صفرة الأزدي (3).

* الأنساب 8 / 122، 123 (الصيدلاني)، اللباب 2 / 254، تذكرة الحفاظ 3 /
1064، العبر 3 / 94، شذرات الذهب 3 / 181.
(1) وهو حديث: " الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في
السماء " وسيورده المؤلف في آخر ترجمة أبي نصر السجزي الواردة برقم (445).
(2) " الأنساب " 8 / 122، 123.
(3) وقد مرت ترجمته في الجزء الرابع برقم (155).
264

160 - المحاملي *
الفقيه الامام، أبو الحسين، محمد بن أحمد بن القاسم بن
إسماعيل، الضبي المحاملي البغدادي - من كبار الشافعية.
ولد سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع إسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، والنجاد، وأبا عمر
الزاهد، وجماعة.
روى عنه: سليم الرازي، وأبو الغنائم بن أبي عثمان، وأخوه أحمد
وآخرون.
قال الدارقطني: حفظ القرآن والفرائض ودرس المذهب، وكتب
الحديث، وهو ممن يزداد كل يوم خيرا (1).
وقال الخطيب (2): حضرت مجلسه غير مرة، وتوفي في رجب سنة
سبع وأربع مئة، وكان ثقة صادقا خيرا فاضلا، لم يحصل عندي شئ مما
سمعت منه.
161 - ابن برهان * *
الشيخ الثقة الصالح، أبو عبد الله، الحسين بن عمر بن برهان،

* تاريخ بغداد 1 / 333، 334، المنتظم 7 / 285، العبر 3 / 97، طبقات السبكي
4 / 103، 104، طبقات الأسنوي 2 / 383، شذرات الذهب 3 / 185. وعرف بالمحاملي
مع آبائه لان بعض أجدادهم كان ببغداد يبيع المحامل التي يركب فيها في الاسفار.
(1) " تاريخ بغداد " 1 / 334، و " المنتظم " 7 / 285، و " طبقات " السبكي 4 /
104.
(2) في " تاريخ بغداد " 1 / 334.
* * تاريخ بغداد 8 / 82، 83، العبر 3 / 108، شذرات الذهب 3 / 195.
265

البغدادي الغزال البزاز، والد عبد الوهاب ومحمد.
سمع إسماعيل الصفار، وعلي بن إدريس الستوري (1)، وأبا جعفر بن
البختري، وابن السماك.
روى عنه: أبوا بكر: البيهقي والخطيب، وأبو الفوارس طراد
النقيب، وآخرون.
قال الخطيب (2): كان ثقة صالحا، مات في ذي الحجة سنة اثنتي
عشرة وأربع مئة.
قلت: وقع لنا حديثه من عوالي طراد (3).
162 - ابن الدلم *
المحدث الثقة المأمون، أبو القاسم، بقية المسندين، صدقة بن
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك القرشي الدمشقي، ابن الدلم.
سمع من: أبي سعيد بن الأعرابي بمكة، وعثمان بن محمد الذهبي،
وأبي علي الحصائري، وأبي الطيب بن عبادل، وخيثمة الأطرابلسي.
حدث عنه: عبد الرحيم البخاري، وأبو علي الأهوازي، وعلي بن

(1) قال السمعاني: هذه النسبة إلى الستر، وجمعه الستور، وهذه النسبة إما إلى حفظ
الستور والبوابية على ما جرت به عادة الملوك، أو حمل أستار الكعبة، ثم أورد ترجمة علي بن
إدريس هذا.
(2) في " تاريخ بغداد " 8 / 83.
(3) هو أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي، مسند العراق، نقيب النقباء، خرج
له العوالي المشهورة، متوفى سنة 491، ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (23).
* العبر 3 / 112، تذكرة الحفاظ 3 / 1055، شذرات الذهب 3 / 198، تهذيب
ابن عساكر 6 / 414، 415.
266

الخضر السلمي، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وعلي بن صدقة
الشرابي.
قال الكتاني: ثقة مأمون، مضى على سداد، وتوفي في جمادى
الآخرة سنة ثلاث عشرة وأربع مئة.
قلت: هذا أكبر شيخ عند الكتاني.
163 - منير بن أحمد *
ابن الحسن بن علي بن منير، أبو العباس المصري الخشاب
المعدل.
حدث عن: علي بن عبد الله بن أبي مطر، ومحمد بن أيوب بن
الصموت، ومحمد بن أحمد بن أبي الأصبغ، وأحمد بن الضحاك،
وطبقتهم.
وعنه: الصوري (1)، وخلف الحوفي (2)، وأبو الحسن الخلعي،
وآخرون.
قال الحبال: ثقة لا يجوز عليه تدليس، مات في حادي عشر ذي
القعدة سنة اثنتي عشرة وأربع مئة (3).
* العبر 3 / 110، حسن المحاضرة 1 / 372، شذرات الذهب 3 / 197.
(1) هو الامام الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن محمد الصوري، سترد
ترجمته في هذا الجزء برقم (429).
(2) نسبة إلى حوف، وهي قرية بمصر. انظر " الأنساب " وفيه ترجمة خلف هذا.
(3) انظر " حسن المحاضرة " 1 / 372. (*)
267

164 - عبد الغني بن سعيد *
ابن علي بن سعيد بن بشر بن مروان، الامام الحافظ الحجة النسابة،
محدث الديار المصرية، أبو محمد الأزدي المصري، صاحب كتاب
" المؤتلف والمختلف " (1).
مولده في سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.
وكان أبوه سعيد فرضي مصر في زمانه.
سمع أبو محمد من: عثمان بن محمد السمرقندي، وهو أكبر شيخ
له، ومن أحمد بن إبراهيم بن عطية، وأحمد بن بهزاذ السيرافي، وسماعه
منه في عام اثنين وأربعين، وسمع من إسماعيل بن يعقوب بن الجراب،
وعبد الله بن جعفر بن الورد، وأحمد بن إبراهيم بن جامع، وأبي الطيب
القاسم بن عبد الله الروذباري، وعلي بن أحمد بن إسحاق المزكي،
والحسن بن يحيى القلزمي، وأبي أحمد بن الناصح المفسر، والحسن بن
الخضر الأسيوطي، ومحمد بن علي النقاش التنيسي، وعلي بن جعفر
الفريابي، وأبي قتيبة سلم بن الفضل، وإبراهيم بن علي الحنائي، صاحب

* الأنساب 1 / 198 (الأزدي)، تاريخ دمشق 10 / 206 / 1 - 207 / 1، المنتظم
7 / 291، 292، المبهمات للنووي 35 / أ، وفيات الأعيان 3 / 223، 224، المختصر
في أخبار البشر 2 / 158، تذكرة الحفاظ 3 / 1047، العبر 3 / 100، الوافي خ 17 / 36،
37، عيون التواريخ خ 12 / 35، مرآة الجنان 3 / 22، البداية والنهاية 12 / 7، النجوم
الزاهرة 4 / 244، طبقات الحفاظ 411، حسن المحاضرة 1 / 353، كشف الظنون 2 /
1637، شذرات الذهب 3 / 188، 189، هدية العارفين 1 / 589، تاريخ التراث العربي
لسزكين 1 / 372.
(1) في مشتبه أسماء الرجال. وقد ألف في هذا الباب غير واحد من العلماء انظر " كشف
الظنون " 2 / 1637، ويوجد من هذا الكتاب: " المؤتلف والمختلف " وكتاب " مشتبه النسبة "
لعبد الغني أيضا عدة نسخ خطية في مكتبات العالم. انظر " تاريخ " سزكين 1 / 372، 373.
268

الكجي، وأبي نجيد محمد بن القاسم الحذاء، والخضر بن محمد
المراغي، وأبي الحسن الدارقطني، ويعقوب بن مبارك، وحمزة بن محمد
الكناني الحافظ، والقاضي أبي الطاهر السدوسي، وأبي الحسن بن حيويه،
وطبقتهم بمصر، والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي، وأبي سليمان بن
زبر، والفضل بن جعفر المؤذن، وطبقتهم بدمشق.
حدث عنه: الحافظ محمد بن علي الصوري، ورشأ بن نظيف
المقرئ، وعبد الرحيم بن أحمد البخاري، وابن بقاء الوراق، وأبو علي
الأهوازي، والقاضي أبو عبد الله القضاعي، وأبو إسحاق الحبال، وخلق
سواهم، وبالإجازة أبو عمر بن عبد البر، وغيره.
وكان من كبار الحفاظ.
قال البرقاني: سألت الدارقطني لما قدم من مصر: هل رأيت في
طريقك من يفهم شيئا من العلم؟ قال: ما رأيت في طول طريقي إلا شابا
بمصر يقال له: عبد الغني، كأنه شعلة نار. وجعل يفخم أمره، ويرفع
ذكره (1).
وقال أبو الفتح منصور بن علي الطرسوسي: أراد أبو الحسن الدارقطني
الخروج من عندنا من مصر، فخرجنا معه نودعه، فلما ودعناه بكينا، فقال
لنا: تبكون وعندكم عبد الغني بن سعيد، وفيه الخلف (2).
ولعبد الغني جزء بين فيه أوهام كتاب " المدخل إلى الصحيح "

(1) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 224، و " المنتظم " 7 / 291، و " تذكرة الحفاظ "
3 / 1048، و " شذرات الذهب " 3 / 188.
(2) المصادر السابقة.
269

للحاكم، يدل علي إمامته وسعة حفظه (1).
قال عبد الغني: لما رددت على أبي عبد الله الحاكم " الأوهام التي
في المدخل " بعث إلي يشكرني، ويدعو لي، فعلمت أنه رجل عاقل (2).
قال أبو بكر البرقاني: ما رأيت بعد الدارقطني أحفظ من عبد
الغني (3).
وقال محمد بن علي الصوري: قال لي الحافظ عبد الغني: ابتدأت
بعمل كتاب " المؤتلف والمختلف "، فقدم علينا الدارقطني، فأخذت عنه
أشياء كثيرة منه، فلما فرغت من تصنيفه، سألني أن أقرأه عليه ليسمعه مني،
فقلت: عنك أخذت أكثره. قال: لا تقل هكذا، فإنك أخذته عني مفرقا،
وقد أوردته فيه مجموعا، وفيه أشياء كثيرة أخذتها عن شيوخك. قال: فقرأته
عليه (4).
قال أبو الوليد الباجي: عبد الغني بن سعيد حافظ متقن، قلت لأبي ذر
الهروي: أخذت عن عبد الغني؟ فقال: لا إن شاء الله. على معنى
التأكيد، وذلك أنه كان لعبد الغني اتصال ببني عبيد، بعني أصحاب
مصر (5).
قال أحمد بن محمد العتيقي: كان عبد الغني إمام زمانه في علم

(1) انظر النسخ الخطية لكتاب " كشف الأوهام التي في كتاب المدخل " في " تاريخ
التراث العربي " 1 / 374.
(2) " المنتظم " 7 / 291، 292، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1048.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1048، 1049.
(4) " وفيات الأعيان " 3 / 224، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1049.
(5) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1049.
270

الحديث وحفظه، ثقة مأمونا، ما رأيت بعد الدارقطني مثله (1).
قلت: اتصاله بالدولة العبيدية كان مداراة لهم، وإلا فلو جمح
عليهم، لاستأصله الحاكم خليفة مصر، الذي قيل: إنه ادعى الإلهية.
وأظنه ولي وظيفة لهم، وقد كان من أئمة الأثر، نشأ في سنة واتباع قبل وجود
دولة الرفض، واستمر هو على التمسك بالحديث، ولكنه داري القوم،
وداهنهم، فلذلك لم يحب الحافظ أبو ذر الاخذ عنه.
وقد كان لعبد الغني جنازة عظيمة تحدث بها الناس، ونودي أمامها:
هذا نافي الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو إسحاق الحبال: توفي في سابع صفر سنة تسع وأربع مئة.
قلت: ومات معه في هذا العام المحدثون المسندون: أبو الحسين
أحمد بن محمد بن المتيم (2) البغدادي الواعظ، وأبو الحسن أحمد بن محمد
ابن أحمد بن الصلت الأهوازي (3)، شيخا أبي بكر الخطيب، وأبو محمد
عبد الله بن يوسف الأصبهاني الصوفي (4) شيخ البيهقي، والمعمر أبو الحسن
علي بن محمد بن علي بن خزفة (5)، الصيدلاني الواسطي، وأبو طلحة
القاسم بن أبي المنذر القزويني الخطيب، راوي " سنن " ابن ماجة.
أخبرنا عيسى بن عبد الرزاق، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو
طاهر السلفي، سمعت جعفر بن أحمد اللغوي، سمعت محمد بن علي

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1048.
(2) سترد ترجمته برقم (176).
(3) تقدمت ترجمته برقم (108).
(4) تقدمت ترجمته برقم (145).
(5) تقدمت ترجمته برقم (113).
271

الصوري الحافظ، سمعت عبد الغني بن سعيد، سمعت أبا القاسم الحسين
ابن عبد الله القرشي، سمعت بنانا الزاهد يقول: من كان يسره ما يضره متى
يفلح؟ (1).
أخبرنا أحمد بن سلامة المقرئ إجازة عن هبة الله بن علي، أخبرنا
علي بن الحسين، أخبرنا عبد الرحيم بن أحمد الحافظ، أخبرنا عبد الغني
ابن سعيد، أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد العطار، حدثنا إبراهيم بن
دنوقا، حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا بشر بن المفضل، عن غالب
القطان (2)، عن بكر، عن أنس قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة
الحر، فإذا أراد أحدنا أن يسجد على الأرض بسط ثوبه، فسجد عليه.
غالب هو ابن خطاف، قيده الدارقطني بفتح الخاء (3)، اتفق الشيخان
عليه من طريق بشر (4).

(1) انظر قول بنان في " حلية الأولياء " 10 / 325، و " طبقات الصوفية " 293. وبنان
هذا هو بنان بن محمد بن حمدان بن سعيد، أبو الحسن الزاهد الواسطي، ويعرف بالحمال،
مرت ترجمته في الجزء الرابع عشر برقم (274)، وقد تصحف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1050
إلى " بيان " بالياء.
(2) في الأصل: " القطار " بالراء وهو خطأ، وهو غالب بن أبي غيلان خطاف القطان - نسبة إلى بيع القطن - هو من رجال " تهذيب الكمال ".
(3) وبه قيده المؤلف في " المشتبه " وابن حجر في " التبصير " وقال في " التقريب ":
بضم المعجمة، وقيل بفتحها.
(4) أخرجه البخاري (385) في الصلاة: باب السجود على الثوب في شدة الحر و
(1208) في العمل في الصلاة، ومسلم (620) في المساجد: باب استحباب تقديم الظهر في
أول الوقت في غير شدة الحر. وبكر: هو ابن عبد الله المزني، وأخرجه من طريق بشر بهذا
الاسناد أبو داود (660)، وابن ماجة (1033) والدارمي 1 / 308. وأخرجه البخاري
(542) والترمذي (584) من طريق عبد الله بن المبارك، عن خالد بن عبد الرحمن، عن
غالب القطان به.
272

قال عبد الغني بن سعيد في كتاب " العلم "، وهو جزآن: أخبرنا
محمد بن عبد الله بن البياع في كتابه من نيسابور، حدثنا الأصم. فذكر
حديثا.
165 - أبو الفضل التميمي *
الامام الفقيه، رئيس الحنابلة، أبو الفضل، عبد الواحد بن عبد
العزيز بن الحارث، التميمي البغدادي الحنبلي.
حدث عن: أبيه، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، وأبي بكر
النجاد، وأحمد بن كامل، وعدة.
وعنه: الخطيب، ورزق الله التميمي ابن أخيه، وعمر بن عبيد الله
ابن عمر المقرئ، وجماعة.
قال الخطيب: كان صدوقا، دفن إلى جنب قبر الإمام أحمد،
وحدثني أبي - وكان ممن شيعه - أنه صلى عليه نحو من خمسين ألفا، رحمه
الله (1).
قلت: كان صديقا للقاضي أبي بكر بن الباقلاني (2)، وموادا له.
توفي سنة عشر وأربع مئة.

* تاريخ بغداد 11 / 14 / 15، طبقات الحنابلة 2 / 179، المنتظم 7 / 295.
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 14، 15. وقال في " طبقات الحنابلة " 2 / 179: ودفن بين
قبر إمامنا أحمد وقبر أبيه.
(2) تقدمت ترجمته برقم (110).
273

166 - أبو منصور الأزدي *
العلامة المحدث، القاضي أبو منصور، محمد بن محمد (1) بن عبد
الله بن الحسين، الأزدي الهروي الشافعي.
روى عن: الحسن بن عمران الحنظلي الهروي، وسمع لما حج
بالكوفة من محمد بن علي بن دحيم، وببغداد من أبي محمد دعلج
السجزي، وأحمد بن عثمان الادمي، وعدة.
وأملى مدة، وكان رأس الشافعية في عصره بهراة مع الدين والخير وعلو
الاسناد.
حدث عنه: أحمد بن أحمد بن حمدين، وأبو سعد يحيى بن أبي نصر
العدل، وأبو عدنان القاسم بن علي، ومحمد بن علي العميري، وشيخ
الاسلام أبو إسماعيل الأنصاري، وآخرون.
وكان السلطان محمود (2) بن سبكتكين يجله، ويحترمه لخيره واتباعه
ومحاسنه (3).
قارب التسعين، ومات بهراة فجأة في المحرم سنة عشر وأربع مئة.
وهو من ذرية الأمير المهلب بن أبي صفرة.
وابنه: هو الامام:

* طبقات العبادي: 93، العبر 3 / 103، الوافي بالوفيات 1 / 115، طبقات السبكي
4 / 196، طبقات الأسنوي 2 / 527، شذرات الذهب 3 / 192.
(1) في " طبقات " العبادي: أحمد بدل محمد.
(2) سترد ترجمته برقم (319).
(3) انظر " طبقات " السبكي 4 / 197 و 5 / 320.
274

167 - أبو أحمد منصور بن محمد *
المهلبي الأديب.
علق المذهب ببغداد عن الشيخ أبي حامد.
وروى عن: محمد بن عبد الله بن خميرويه، والخليل بن أحمد
السجزي، والعباس بن الفضل النضروي (1).
وأملى مجالس، وكان يختم كل يوم.
وأما نظمه الفائق ونثره البديع، فإليه المنتهى (2).
قال الرهاوي: توفي سنة أربعين وأربع مئة.
168 - ابن جهضم * *
الشيخ الامام الكبير، شيخ الصوفية بالحرم، أبو الحسن، علي بن
عبد الله بن الحسن بن جهضم الهمذاني المجاور، مصنف " بهجة

* يتيمة الدهر 4 / 348 - 350، دمية القصر 2 / 719 - 724، معجم الأدباء 19 /
191 - 194، طبقات السبكي 5 / 346، 347.
(1) بفتح النون وسكون الضاد المعجم وفتح الراء كما في " تبصير المنتبه " 1 / 156،
ويقال أيضا بضم الراء كما في " اللباب " وهذه النسبة إلى نضرويه وهو اسم لجد العباس بن
الفضل.
(2) انظر نظمه في " يتيمة الدهر " و " معجم الأدباء " و " طبقات السبكي " وقال الباخرزي
في " الدمية ": وديوان شعره يبلغ أربعين ألف بيت.
* * المنتظم 8 / 14، تاريخ الاسلام (وفيات سنة 414 ه‍)، العبر 3 / 116، تذكرة
الحفاظ 3 / 1057، المغني في الضعفاء 2 / 451، ميزان الاعتدال 3 / 142، 143،
البداية والنهاية 12 / 16، العقد الثمين 6 / 179 - 181، لسان الميزان 4 / 238، شذرات
الذهب 3 / 200، 201.
275

الاسرار " (1). يروي فيه عن أبي الحسن بن سلمة القطان، وأحمد بن
عثمان الادمي، وعلي بن أبي العقب، وخلق.
ليس بثقة بل متهم يأتي بمصائب.
قال ابن خيرون: قيل: إنه يكذب (2).
قلت: سقت أخباره في " التاريخ " و " الميزان ".
مات سنة أربع عشرة وأربع مئة.
169 - ابن محمش *
الفقيه العلامة القدوة، شيخ خراسان، أبو طاهر، محمد بن محمد
ابن محمش بن علي بن داود، الزيادي الشافعي النيسابوري الأديب.
كان يسكن بمحلة ميدان زياد بن عبد الرحمن، فنسب إليها (3)، وكان

(1) وهو في أخبار الصوفية، قال ابن حجر في " لسان الميزان " 4 / 238: قال المصنف
في " تاريخ الاسلام ": لقد أتى بمصائب في كتاب " بهجة الاسرار " يشهد القلب ببطلانها،
وروى عن أبي بكر النجاد، عن ابن أبي العوام، عن أبي بكر المروذي في محنة أحمد، فأتى فيها
بعجائب وقصص لا يشك من له أدنى ممارسة ببطلانها. وهذا الكتاب منه نسخة خطية في
الظاهرية بدمشق مجموع 66 / 4.
(2) انظر " ميزان الاعتدال " 3 / 143، و " لسان الميزان " 4 / 238.
* طبقات العبادي: 101، الأنساب 6 / 336 (الزيادي)، اللباب 2 / 84، تهذيب
الأسماء واللغات 2 / 245، تذكرة الحفاظ 3 / 1051، العبر 3 / 103، الوافي بالوفيات 1 /
271، 272، طبقات السبكي 4 / 198 - 201، طبقات الأسنوي 1 / 609، 610،
شذرات الذهب 3 / 192، هدية العارفين 2 / 59. ومحمش: على وزن مسجد، كما في
" تبصير المنتبه " 4 / 1265، و " طبقات " الأسنوي.
(3) كذا قال عبد الغافر الفارسي في كتابه " السياق " ونقله عنه الأسنوي في " طبقاته " 1 /
609، أما أبو سعد السمعاني، فقال: هذه النسبة إلى اسم بعض أجداده. ونقل السبكي عن أبي
عاصم العبادي أنه منسوب إلى بشير بن زياد، ثم قال: ويشبه أن يكون ما ذكره أبو عاصم تصريحا
وأبو سعد تلويحا أصح مما ذكره عبد الغافر. " طبقات " السبكي 4 / 199.
276

والده من العابدين.
ولد أبو طاهر سنة سبع وعشرين وثلاث مئة.
وأسمعه أبوه سنة خمس وعشرين وبعدها من أبي حامد بن بلال،
ومحمد بن الحسين القطان، وعبد الله بن يعقوب الكرماني (1)، والعباس بن
محمد بن قوهيار، وأبي عثمان عمرو بن عبد الله النصري، ومحمد بن
الحسن المحمداباذي، ومحمد بن عمر بن حفص الجورجيري (2)،
وعبدوس بن الحسين، وأبي العباس الأصم، وأبي علي الميداني،
وحاجب بن أحمد الطوسي، وعلي بن حمشاذ، ومحمد بن عبد الله
الصفار، وعدة. وكاد أن يسمع من ابن الشرقي.
وكان إماما في المذهب، متبحرا في علم الشروط (3)، له فيه مصنف،
بصيرا بالعربية، كبير الشأن، وكان إمام أصحاب الحديث ومسندهم
ومفتيهم.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: أملى نحوا من ثلاث سنين، ولولا ما
اختص به من الأقتار وحرفة أهل العلم (4) لما تقدم عليه أحد، أخبرنا عنه
الامام جدي، وأبو سعد بن رامش، وعثمان بن محمد المحمي، ومحمد

(1) بفتح الكاف - وقيل بكسرها والفتح أشهر بالصحة - وسكون الراء وفي آخرها النون.
انظر " الأنساب " و " معجم البلدان ".
(2) نسبة إلى جورجير: محلة معروفة كبيرة بأصبهان، بها الجامع الحسن، ويعرف بجامع
جورجير. انظر " الأنساب " وقد أورد فيه السمعاني ترجمة محمد بن عمر بن حفص هذا.
(3) انظر في تعريف علم الشروط " كشف الظنون " 2 / 1045، 1046، و " مفتاح
السعادة " 1 / 272، و " الأنساب " ترجمة " الشروطي ". وقد سبق التعريف به في الجزء العاشر
ص 367 ت رقم (2).
(4) يعني بحرفة أهل العلم النسخ، فأكثرهم كان ينسخ بالاجرة ليقوت نفسه.
277

ابن يحيى المزكي، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر بن خلف، وعلي بن أحمد
الواحدي المفسر.
قلت: وأبو بكر البيهقي، وعبد الجبار بن عبد الله بن برزة (1)،
ومحمد بن محمد الشاماتي (2)، والقاسم بن الفضل الثقفي، وخلق. وقد
روى عنه من أقرانه الحاكم ابن البيع.
مات في شعبان سنة عشر وأربع مئة، رحمه الله.
170 - طغان خان *
التركي، صاحب تركستان، وبلاساغون (3) وكاشغر (4) وختن (5)
وفاراب (6).
قصدته جيوش الصين والخطا (7) في جمع ما سمع بمثله حتى قيل:

(1) بضم الباء الموحدة، وسكون الراء المهملة، بعدها زاي معجمة. " تبصير المنتبه "
1 / 74.
(2) نسبة إلى الشامات: اسم لاحد أرباع نيسابور، فيه من القرى ما يزيد على ثلاث مئة
قرية. انظر " الأنساب " وفيه ترجمة محمد بن محمد الشاماتي هذا، وقد تصحفت هذه النسبة في
" طبقات السبكي " 4 / 199 إلى " الساماتي ".
* الكامل 9 / 220 و 240 و 297، 298، المختصر في أخبار البشر 2 / 149، 150
وفيه اسمه أبو نصر أحمد بن طغان خان، ولقبه قراخان، تتمة المختصر في أخبار البشر 1 /
500، تاريخ ابن خلدون 4 / 391، 392.
(3) قال ياقوت: بالسين مهملة والغين المعجمة: بلد عظيم في ثغور الترك وراء نهر
سيحون قريب من كاشغر.
(4) قال ياقوت: هي مدينة وقرى ورساتيق يسافر إليها من سمرقند وتلك النواحي، وهي في
وسط بلاد الترك، وأهلها مسلمون.
(5) بلد وولاية دون كاشغر ووراء يوزكند، وهي معدودة من بلاد تركستان، وهي في واد بين
جبال في وسط بلاد الترك، وبعض يقوله بتشديد التاء. كذا في " معجم البلدان ".
(6) ولاية وراء نهر سيحون في تخوم بلاد الترك، وهي أبعد من الشاش، قريبة من
بلا ساغون.
(7) قال القلقشندي: إن اسم الخطا يطلق على بلاد متاخمة للصين يسكنها جنس من
الترك، وقد أسسوا دولتهم في القرن السادس الهجري أو الثاني عشر الميلادي، وكانت بينهم
وبين المسلمين حروب طويلة. انظر " صبح الأعشى " 4 / 383، و " دائرة المعارف الاسلامية "
2 / 179.
278

كانوا ثلاث مئة ألف. وكان مريضا فقال: اللهم عافني لأغزوهم، ثم
توفني إن شئت. فعوفي، وجمع عساكره، وساق، فبيتهم، وقتل منهم
نحو مئتي ألف، وأسر مئة ألف، وكانت ملحمة مشهودة في سنة ثمان وأربع
مئة، ورجع بغنائم لا تحصى إلا بلاساغون، فتوفاه الله عقيب وصوله (1).
وكان دينا عادلا، بطلا شجاعا.
وتملك بعده أخوه أرسلان خان (2)، أرخ ذلك صاحب حماة
المؤيد (3).
80 - الناصر
تقدم (4)، وهو صاحب الأندلس، الناصر لدين الله، أبو الحسن علي
ابن حمود بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن إدريس بن
إدريس بن عبد الله بن الحسن بن السيد الحسن بن علي، العلوي
الحسني، ثم الإدريسي.
كان من قواد المستعين المرواني (5)، فلما طغى المستعين، وعثر
الرعية، حاربه علي هذا وقتله وتملك وتمكن، ثم خالف عليه الموالي الذين
كانوا قد نصروه، ومالوا إلى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن الناصر

(1) انظر " الكامل " 9 / 297، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 391، 392.
(2) انظر " الكامل " 9 / 298، و " تاريخ ابن خلدون " 4 / 392.
(3) في كتابه " المختصر في أخبار البشر " 2 / 150.
(4) برقم (80) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(5) وقد تقدمت ترجمته برقم (79).
279

الأموي، ولقبوه بالمرتضى، و نازلوا غرناطة، ثم ندموا على بيعته لما رأوا
من صولته، فتنقلوا عنه، ودسوا من قتله غيلة.
وكانت دولة الإدريسي اثنين وعشرين شهرا، ثم قتله غلمان له صقالبة
في حمام في أواخر سنة ثمان وأربع مئة، فقام بعده أخوه القاسم (1).
وترك علي من الولد إدريس (2)، ويحيى المعتلي (3)، فشيخنا جعفر
ابن محمد الإدريسي من نسل المعتلي.
171 - ابن بابك *
شاعر وقته، أبو القاسم، عبد الصمد بن منصور بن بابك،
البغدادي.
وديوانه كبير في مجلدين.
طوف النواحي، ومدح الكبار، ولما سأله الصاحب إسماعيل بن عباد
وقد وفد عليه: أأنت ابن بابك (4)؟ قال: بل أنا ابن بابك. فأعجبه
ذلك (5).
توفي سنة عشر وأربع مئة (6).

(1) تقدمت ترجمته برقم (81).
(2) تقدمت ترجمته برقم (85).
(3) تقدمت ترجمته برقم (82).
* يتيمة الدهر 3 / 374 - 381، المنتظم 7 / 295، وفيات الأعيان 3 / 196 - 198،
العبر 3 / 102، 103، النجوم الزاهرة 4 / 245، 246، معاهد التنصيص 1 / 64،
شذرات الذهب 3 / 191.
(4) في " وفيات الأعيان ": أأنت بابك الشاعر؟
(5) " وفيات الأعيان " 3 / 196، 197.
(6) انظر نماذج من شعره في " اليتيمة " و " معاهد التنصيص " و " وفيات الأعيان " وله بيت
في غاية الرقة وهو:
ومر بي النسيم فرق حتى * كأني قد شكوت إليه ما بي
280

172 - ابن سراقة *
الحافظ العلامة، أبو الحسن، محمد بن يحيى بن سراقة، العامري
البصري.
حدث عن: ابن داسة، وأبي إسحاق الهجيمي، وابن عباد،
وطائفة.
وأخذ عن أبي الفتح الأزدي مصنفه في الضعفاء، ثم هذبه، وراجع
فيه أبا الحسن الدارقطني.
وارتحل في الحديث إلى فارس وأصبهان والدينور، وسكن آمد مدة.
وكان من أئمة الشافعية.
له تآليف في الفرائض والسجلات (1).
كان حيا في سنة أربع مئة (2).

* طبقات ابن الصلاح 26 / ب، الوافي بالوفيات 5 / 195، طبقات السبكي 4 / 211 -
214، طبقات الأسنوي 2 / 27، 28، طبقات ابن هداية الله 130، 131، كشف الظنون
1 / 481، هدية العارفين 1 / 60.
(1) قال الأسنوي: وقع لي من تصانيفه الفقهية كتابه في " الشهادات " وكتابه في
" الاعداد " وهو مشتمل على أشياء أخرى غريبة، وكتابه الذي سماه " ما لا يسع المكلف
جهله ". ونقل السبكي من كتاب " الاعداد " بعض الفوائد والغرائب، وقال: ووقفت من تصانيفه
على كتاب " أدب الشاهد وما يثبت به الحق على الجاحد " وقد ذكر في خطبته أنه صنف قبله كتابا
في " أدب القضاة ".
(2) قال السبكي: وأراه توفي في حدود سنة عشر وأربع مئة.
281

173 - فخر الملك *
الوزير الكبير، أبو غالب، محمد بن علي بن خلف بن الصيرفي.
وباسمه صنف كتاب " الفخري " في الجبر والمقابلة (1).
كان صدرا معظما، جوادا ممدحا من رجال الدهر، كان أبوه صيرفيا
بديوان واسط، وكان أبو غالب من صباه يتعانى المكارم والافضال، ويلقبونه
بالوزير الصغير، ثم ولي بعض الأعمال، وتنقلت به الأحوال إلى أن ولي
ديوان واسط، ثم وزر، وناب للسلطان بهاء الدولة (2) بفارس، وافتتح
قلاعا، ثم ولي العراق بعد عميد الجيوش (3)، فعدل قليلا، وأعاد اللطم يوم
عاشوراء، وثارت الفتن لذلك، ومدحته الشعراء (4)، ودام ست سنين، ثم
أمسك بالأهواز، وقتل في ربيع الأول سنة سبع وأربع مئة، وأخذوا له جوهرا
ونفائس، وألف ألف دينار وغير ذلك، وطمر في ثيابه (5).

* المنتظم 7 / 286، 287، الكامل 9 / 260 (وانظر الفهرس)، وفيات الأعيان
5 / 124 - 127، المختصر في أخبار البشر 2 / 144، العبر 3 / 97، تتمة المختصر 1 / 493،
494، الوافي بالوفيات 4 / 118، 119، البداية والنهاية 12 / 5، 6، تاريخ ابن خلدون
4 / 470، 471، النجوم الزاهرة 4 / 242، شذرات الذهب 3 / 185.
(1) صنفه أبو بكر محمد بن الحسن الحاسب الكرخي، المتوفى في حدود سنة عشر وأربع
مئة، وصنف له أيضا كتاب " الكافي " في الحساب. انظر " وفيات الأعيان " 5 / 125، و
" أعلام " الزركلي 6 / 83.
(2) تقدمت ترجمته برقم (106).
(3) تقدمت ترجمته برقم (137).
(4) منهم أبو نصر ابن نباتة، له فيه قصائد مختارة، منها قصيدته النونية التي منها:
لكل فتى قرين حين يسمو * وفخر الملك ليس له قرين
أنخ بجنابه واحكم عليه * بما أملته فأنا الضمين
انظر " وفيات الأعيان " 5 / 124، 125.
(5) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 126، و " المنتظم " 7 / 286، و " البداية والنهاية "
12 / 5. وقد أوردت هذه المصادر قصة جعلوها سببا لما حل به.
282

وكان شهما كافيا، خبيرا بالتصرف، سديد التوقيع، طلق المحيا،
يكاتب ملوك النواحي، ويهاديهم، وفيه عدل في الجملة، عمرت العراق
في أيامه، وكان من محاسن الدهر، أنشأ بيمارستانا عظيما ببغداد، وكانت
جوائزه متواترة على العلماء والصلحاء، وعاش ثلاثا وخمسين سنة.
رفعت إليه سعاية برجل، فوقع فيها: السعاية قبيحة، ولو كانت
صحيحة، ومعاذ الله أن نقبل من مهتوك في مستور، ولولا أنك في خفارة
شيبك، لعاملناك بما يشبه مقالك، ويردع أمثالك، فاكتم هذا العيب، واتق
من يعلم الغيب (1). فأخذها فقهاء المكاتب، وعلموها الصغار.
وقد أنشأ ببغداد دارا عظيمة (2)، وكان يضرب المثل بكثرة جوائزه
وعطاياه.
79 - المستعين *
صاحب الأندلس، الملقب بالمستعين، أبو الربيع، سليمان بن
الحكم بن سليمان بن الناصر لدين الله عبد الرحمن، الأموي المرواني
الأندلسي.
خرج على ابن عمه المؤيد بالله هشام على رأس عام أربع مئة،
والتف على البربر بالأندلس، وغلبوا على قلعة رباح، وملكوه، وجمعوا له

(1) الخبر في " وفيات الأعيان " 5 / 126. والسعاية: الوشاية، والخفارة مثلثة الخاء:
الأمان.
(2) قال ابن الجوزي: وداره بأعلى الحريم الطاهري يقال لها: الفخرية، وهذا الدار
كانت للمتقي لله، وابتاعها عز الدولة بختيار بن معز الدولة، وخربت فعمرها فخر الملك، وأنفق
عليها أموالا كثيرة، وفرغ منها في رمضان سنة اثنتين وأربع مئة. " المنتظم " 7 / 286.
* تقدمت ترجمته برقم (79) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
283

أموالا نحو المئة ألف دينار، فسار بهم إلى طليطلة، فحاربهم، واستولى
عليها، وذبح واليها، ثم هزم عسكرا واقعوه، ثم قصد قرطبة، فبرز لقتاله
جيش محمد بن عبد الجبار المهدي، فحطمهم سليمان، وغرق خلق منهم
في النهر، وقتل خلق، وكانت ملحمة كبرى، ذهب فيها عدة من العلماء
والصلحاء، فعمد المهدي، فأخرج المؤيد بالله، بعد أن زعم أنه مات،
فأجلسه للناس، وجعل القاضي ابن ذكوان يقول: هذا أمير المؤمنين،
وإنما ابن عبد الجبار نائبه. فقالت البربر: يا ابن ذكوان! بالأمس تصلي
عليه، واليوم تحييه! وأما الرعية فخرجوا يطلبون أمانا من سليمان،
فأكرمهم، واختفى ابن عبد الجبار، واستوسق لسليمان الامر، ودخل
القصر، ووارى الناس قتلاهم، فكانوا اثني عشر ألفا، وهرب ابن عبد
الجبار إلى طليطلة، فقاموا معه، واستنجد بالفرنجية، وبعث إليهم من بيت
المال بذهب عظيم، فلله الامر، ثم أقبل في عسكر عظيم، فكان المصاف
على عقبة البقر بقرب قرطبة، فينهزم ابن عبد الجبار، وقتل من الفرنج ثلاثة
آلاف، وغرق خلائق، ثم ظفروا بابن عبد الجبار، فذبح صبرا، وقطعت
أربعته في يوم التروية سنة أربع مئة، وله أربع وثلاثون سنة، ثم استمر في
الملك المؤيد بالله، وعاث المستعين بالبربر، وجرت أمور طويلة، وحاصر
قرطبة مدة طويلة إلى شوال سنة ثلاث، فشدوا، وزحفوا على البلد،
فأخذوه، وبذلوا السيف والنهب وبعض السبي، وقتلوا المؤيد، فيقال:
قتل بقرطبة نيف وعشرون ألفا، وفعلت عساكر المستعين ما لا تفعله
النصارى، واستوسق الامر للمستعين، فعسف وجار، وأخرب البلاد، وكان
من قواده القاسم وعلي ابنا حمود بن ميمون العلوي الإدريسي، فقدمهما على
جيشه، ثم استناب أحدهما على الجزيرة الخضراء، والآخر على سبتة،
فراسل علي متولي سبتة جماعة، وحدث نفسه بالخلافة، فبادر إليه خلق،
284

وبايعوه، فعدى إلى الأندلس، فانضم إليه أمير مالقة، واستفحل أمره، ثم
نازل قرطبة، فبرز لحربه محمد ولد المستعين، فالتقوا، فانهزم محمد،
وهجم الإدريسي قرطبة، وتملك، وذبح المستعين - ولله الحمد - بيده
صبرا، وذبح أباه الحكم أيضا. وكان شيخا من أبناء الثمانين، وذلك في
المحرم سنة سبع وأربع مئة، وزالت الدولة المروانية، وعاش المستعين نيفا
وخمسين سنة، وله شعر جيد قد تقدم منه (1).
174 - الرضي *
الشريف أبو الحسن، محمد بن الطاهر أبي أحمد الحسين بن
موسى، الحسيني الموسوي البغدادي الشاعر (2)، صاحب " الديوان ".
له نظم في الذروة حتى قيل: هو أشعر الطالبيين (3).

(1) في آخر ترجمته المتقدمة برقم (79).
* يتيمة الدهر 3 / 131 - 151، تاريخ بغداد 2 / 246، 247، المنتظم 7 / 279،
المحمدون من الشعراء للقفطي خ 89، الكامل في التاريخ 9 / 261، 262، وفيات الأعيان
4 / 414 - 420، الذريعة 7 / 16، المختصر في أخبار البشر 2 / 152، العبر 3 / 95، تتمة
المختصر 1 / 494، الوافي بالوفيات 2 / 374 - 379، مرآة الجنان 3 / 18 - 20، البداية
والنهاية 12 / 3، 4، نزهة الجليس 1 / 359، شذرات الذهب 3 / 182 - 184، روضات
الجنات 573 - 579، كتاب الرجال: 283، إيضاح المكنون 1 / 430، هدية العارفين 2 /
60، أعيان الشيعة 44، 173 - 187.
(2) والذي لقبه بالرضي ذي الحسبين بهاء الدولة، ولقب أخاه بالمرتضى ذي المجدين.
" المنتظم " 7 / 279. وسترد ترجمة أخيه المرتضى برقم (394).
(3) قال الثعالبي في " اليتيمة ": وابتدأ يقول الشعر بعد أن جاوز العشر سنين بقليل. ونقل
الخطيب عن ابن محفوظ - وكان أحد الرؤساء - قوله: سمعت جماعة من أهل العلم بالأدب
يقول: الرضي أشعر قريش. فقال ابن محفوظ: هذا صحيح، وقد كان في قريش من يجيد القول
إلا أن شعره قليل، فأما مجيد مكثر، فليس إلا الرضي.
ومن غرر شعره ما كتبه إلى الامام القادر بالله من جملة قصيدة:
عطفا أمير المؤمنين فإننا * في دوحة العلياء لا نتفرق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت * أبدا كلانا في المعالي معرق
إلا الخلافة ميزتك فإنني * أنا عاطل منها وأنت مطوق
285

ولي النقابة بعد أبيه، وديوانه يكون أربع مجلدات (1).
وله كتاب " معاني القرآن " ممتع يدل على سعة علمه (2).
مات في المحرم - وقيل: صفر - سنة ست وأربع مئة، وله سبع
وأربعون سنة، وكان شيعيا.
175 - الجرجاني *
الشيخ الثقة العالم، مسند أصبهان، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم
ابن جعفر اليزدي (3) الجرجاني، صاحب تلك الأمالي الأربعين.
ولد بجرجان سنة تسع عشرة وثلاث مئة.
ونشأ بنيسابور، فسمع محمد بن الحسين القطان، والعباس بن محمد
ابن قوهيار، وحاجب بن أحمد الطوسي، ومحمد بن الحسن

(1) طبع ديوانه عدة طبعات، فطبع في بيروت في جزئين سنة 1307 ه‍ تنقيح وشرح
الشيخ أحمد عباس الأزهري ومحمد أفندي اللبابيدي، وطبع في بمباي سنة 1306، وطبع في
بيروت بدار صادر في مجلدين.
(2) وله أيضا كتاب " المتشابه في القرآن " وكتاب " المجازات النبوية " وهو مطبوع في
بغداد سنة 1328 ه‍، وكتاب " تلخيص البيان عن مجازات القرآن " وكتاب " أخبار قضاة بغداد "
وغيرها، وهو صاحب الكتاب الشهير " نهج البلاغة " الذي زعم أنه جمع فيه أقوال الإمام علي بن
أبي طالب رضي الله عنه، وقد أنكر المؤلف الذهبي، كما سيرد في ترجمة أخيه المرتضى - أن
تكون هذه الأقوال صحيحة النسبة إلى الإمام علي. وانظر كلامه في " ميزان الاعتدال " 3 /
124. وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته واخيارات من شعره في " تاريخ " بروكلمان 2 /
63، 64.
* العبر 3 / 99، شذرات الذهب 3 / 187.
(3) انظر هذه النسبة في الترجمة الواردة برقم (186).
286

المحمداباذي، وأبا العباس الأصم، ومحمد بن عبد الله الصفار، والحسن
بن يعقوب البخاري، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن الحسن بن سليم القاضي، وعبد
الرزاق بن عبد الكريم الحسناباذي (1)، وأبو مسعود سليمان بن إبراهيم
الحافظ، وأبو عمرو عبد الوهاب بن مندة، وسهل بن عبد الله الغازي،
ومحمد بن أحمد بن ررا (2)، ومحمود بن جعفر الكوسج، والرئيس القاسم
ابن الفضل، وأبو نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، ورجاء بن عبد
الواحد بن قولويه، وآخرون. وهذا السمسار خاتمتهم، حديثه من أعلى
شئ في " الثقفيات ".
وقع لي من أماليه (3) أربعة مجالس.
مات بأصبهان في رجب سنة ثمان وأربع مئة عن تسع وثمانين سنة.
أخبرنا أحمد بن إسحاق الهمذاني: أخبرنا محمد بن محمد
المأموني، أخبرنا أبو طاهر الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله الثقفي، أخبرنا
محمد بن إبراهيم الجرجاني، أخبرنا محمد بن الحسين القطان، حدثنا
أحمد بن الأزهر، حدثنا زمعة بن صالح، عن عبد الله بن طاووس، عن
أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا اشتد الحر، فأبردوا
بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم " (4).

(1) نسبة إلى حسناباذ: قرية من قرى أصبهان. انظر " الأنساب " وقد أورد فيه ترجمة عبد
الرزاق بن عبد الكريم الحسناباذي.
(2) قال المؤلف في " المشتبه ": ررا بمهملتين مفتوحتين: أبو الخير محمد بن أحمد بن
ررا، إمام جامع أصبهان، عن عثمان البرجلي وطبقته.
(3) انظر النسخ الخطية لبعض هذه الأمالي في " تاريخ التراث العربي " 1 / 371.
(4) زمعة بن صالح: ضعيف، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه من طرق عن أبي هريرة
مالك 1 / 16، والبخاري (533) و (536) ومسلم (615) (181) و (182) و (183) والترمذي
(157)، والنسائي 1 / 248، وأحمد 3 / 53، والدارمي 1 / 274، وابن ماجة (677).
287

176 - ابن المتيم *
الامام الواعظ المعمر، أبو الحسين (1)، أحمد بن محمد بن أحمد بن
حماد، البغدادي، ابن المتيم.
شيخ صدوق، لكنه كثير المزاح (2).
حدث عن: القاضي المحاملي، ويوسف بن يعقوب الأزرق،
والحافظ أبي العباس بن عقدة، وعلي بن محمد بن عبيد، وإسماعيل
الصفار، وحمزة بن القاسم.
قيل: جميع ما كان عنده عن كل واحد مجلس إلا الأزرق، فسمع
منه ستة مجالس.
وتفرد، واشتهر، وكان يعظ في جامع المنصور (3).
حدث عنه: الخطيب، وقال (4): لم أكتب عن أقدم سماعا منه،
ومحمد بن إسحاق الباقرحي، وعاصم بن الحسن العاصمي، ورزق الله
التميمي، وآخرون.

* يتيمة الدهر 4 / 156 - 158 وسماه محمد بن أحمد، تاريخ بغداد 4 / 370، 371،
معجم الأدباء 4 / 244 - 246، العبر 3 / 100، فوات الوفيات 1 / 150، 151، الوافي
بالوفيات 8 / 156، 157، شذرات الذهب 3 / 188، هدية العارفين 1 / 72.
(1) في " اليتيمة " و " الارشاد " و " الفوات " و " الوافي ": أبو الحسن.
(2) انظر بعض مزاحه في شعره في " اليتيمة " 4 / 157، 158، و " إرشاد " ياقوت 4 /
245، 246، و " الفوات " 1 / 151، و " الوافي " 8 / 157.
(3) انظر " تاريخ بغداد " 4 / 371.
(4) " تاريخ بغداد " 4 / 371.
288

وقع لي من عواليه في مجلس رزق الله (1).
مات في جمادى الآخرة سنة تسع وأربع مئة.
ومات فيها ابن الصلت (2) الأهوازي الذي ذكر مع سميه المجبر (3)،
وإبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي، الفقيه الجريري المذهب سمع من
ابن عياش القطان، والفقيه رجاء بن عيسى الأنصناني المالكي، وعبد الله
ابن يوسف بن بامويه (4) الأصبهاني، والحافظ عبد الغني بن سعيد
المصري (5)، وأبو الحسن علي بن محمد بن علي بن خزفة (6) الواسطي
الصيدلاني، راوي " تاريخ " أحمد بن أبي خيثمة، عن الزعفراني، عنه،
وأبو طلحة القاسم بن أبي المنذر القزويني الخطيب، راوي " سنن " ابن
ماجة، عاش إلى هذه السنة.
177 - تمام بن محمد *
ابن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن الجنيد، الامام الحافظ، المفيد
الصادق، محدث الشام، أبو القاسم بن الحافظ الثقة أبي الحسين،
البجلي، الرازي، ثم الدمشقي.

(1) وله من التصانيف كتاب " الشعراء الندماء " وكتاب " الانتصار المنبي عن فضل
المتنبي " وله ديوان شعر كبير. انظر " هدية العارفين " 1 / 72.
(2) تقدمت ترجمته برقم (108).
(3) تقدمت ترجمته برقم (107).
(4) في الأصل: " ماموية " وهو خطأ، وقد تقدمت ترجمته برقم (145).
(5) تقدمت ترجمته برقم (164).
(6) تقدمت ترجمته برقم (113).
* تذكرة الحفاظ 3 / 1056 / 1058، العبر 3 / 115، الوافي بالوفيات 10 / 397،
النجوم الزاهرة 4 / 259، طبقات الحفاظ 413، شذرات الذهب 3 / 200، هدية العارفين
1 / 375، الرسالة المستطرفة 71، تهذيب تاريخ دمشق 3 / 345، 346.
289

كان أبوه (1) من أعيان الرحالين الذين سكنوا دمشق، وكتبوا الكثير،
فحدث عن: محمد بن أيوب بن الضريس البجلي، ومحمد بن جعفر
القتات، وهذه الطبقة، وأسمع ولده تماما بدمشق واعتنى به.
مولده بدمشق في سنة ثلاثين وثلاث مئة.
سمع أباه، وخيثمة بن سليمان، والحسن بن حبيب الحصائري (2)،
ومحمد بن حميد الحوراني، وأبا الحسن بن حذلم (3)، وأبا علي أحمد بن
محمد بن فضالة، وأبا الميمون بن راشد، وأبا يعقوب الأذرعي، وعلي بن
أبي العقب، وأبا علي بن هارون، وأحمد بن محمد بن فضالة الحمصي،
صاحب بحر بن نصر، وعلي بن أحمد بن الوليد المري حدثه عن أخطل بن
الحكم، وعلي بن الحسين بن السفر (4) الجرشي (5) عن بكار بن قتيبة،
ومحمد بن هميان القيسي حدثه عن ابن عرفة، وهشام بن محمد بن عدبس،
وإبراهيم بن محمد بن محمد بن سنان، عن ابن بنت مطر، وخلقا سواهم.
وتلا لأبي عمرو على أحمد بن عثمان [غلام] (6) السباك صاحب
الحسن بن الحباب، والحسن بن الحسين الصواف، عن قراءتهما على أبي
عمر الدوري.

(1) وهو أبو الحسين محمد بن عبد الله، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) تصحف في " شذرات الذهب " 3 / 200 إلى " الحضائري " بالضاد المعجمة.
(3) بفتح الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة بعدها لام مفتوحة - وقد تحرف في " تذكرة
الحفاظ " 3 / 1056 إلى حذيم - وهو القاضي أبو الحسن أحمد بن سليمان بن حذلم الدمشقي.
أنظر " الاكمال " 2 / 406.
(4) بفتح السين المهملة وسكون الفاء. " الاكمال " 4 / 299.
(5) نسبة إلى بني جرش: بطن من حمير.
(6) سقط لفظ " غلام " من الأصل، وهو أحمد بن عثمان بن الفضل، أبو بكر الربعي
البغدادي، يعرف بغلام السباك، متوفى سنة 345 ه‍، مترجم في " غاية النهاية " 1 / 81.
290

خرج " الفوائد " (1) في مجلدة انتقاء من يدري الحديث.
حدث عنه: عبد الوهاب الكلابي أحد شيوخه، وأبو الحسين
الميداني، وأبو علي الأهوازي، والحسن بن علي اللباد، وأحمد بن محمد
العتيقي، وعبد العزيز الكتاني، وأحمد بن عبد الرحمن الطرائفي، وخلق
سواهم.
قال عبد العزيز الكتاني: توفي أستاذنا أبو القاسم تمام الحافظ لثلاث
خلون من المحرم سنة أربع عشرة وأربع مئة.
قال: وكان ثقة حافظا، لم أر أحفظ منه في حديث الشاميين (2)، ذكر
أن مولده، سنة ثلاثين وثلاث مئة.
وقال أبو علي الأهوازي: ما رأيت مثل تمام في معناه، كان عالما
بالحديث ومعرفة الرجال (3).
وقال أبو بكر: ما لقينا مثله في الحفظ والخير (4).
أخبرنا عمر بن عبد المنعم، أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي
إجازة أخبرنا عبد الكريم بن حمزة في سنة خمس وعشرين وخمس مئة،
أخبرنا عبد العزيز بن أحمد، حدثنا تمام بن محمد الحافظ، أخبرنا الحسن

(1) انظر النسخ الخطية لهذه " الفوائد " ولبقية مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " 1 /
379.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1057، و " شذرات الذهب " 3 / 200، و " تهذيب ابن
عساكر " 3 / 345، 346.
(3) المصادر السابقة.
(4) المصادر السابقة، إلا أن في " تهذيب تاريخ دمشق " و " الخبرة " بدل " والخير ".
291

ابن حبيب، أخبرنا العباس بن الوليد البيروتي، أخبرنا محمد بن شعيب،
حدثنا معان بن رفاعة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
سعد بن معاذ أن يكتوي في أكحله، حين رمته بنو النضير، فاكتوى.
هذا حديث غريب، ومعان ليس بذاك القوي (1).
ومات مع تمام في العام الحافظ أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو
الأصبهاني النقاش (2) الحنبلي، صاحب التواليف، وشيخ الحرم أبو الحسن
علي بن عبد الله بن جهضم (3) الهمذاني الزاهد صاحب " بهجة الاسرار "
وكان ضعيفا، ومحدث بغداد أبو الفتح هلال بن محمد الحفار، ومسند
نيسابور أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي (4)، ومسند البصرة
القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي (5)، وشيخ أصبهان القدوة أبو
الحسن علي بن محمد بن ميلة (6) الفرضي، ومحدث طرابلس أبو عبد الله

(1) قال أحمد: لم يكن به بأس، ووثقة ابن المديني ودحيم، وضعفه ابن معين، وقال
يعقوب بن سفيان: لين الحديث، وقال الجوزجاني: ليس بحجة، وقال ابن حبان: منكر
الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال المؤلف في " الميزان ": وهو
صاحب حديث ليس بمتقن، وقال أبو حاتم: يكتب حديث - يعني للمتابعة - ولا يحتج به.
وأخرجه مسلم (2208) في السلام: باب لكل داء دواء من طريقين عن أبي الزبير، عن جابر،
قال: رمي سعد به معاذ في أكحله، فحسمه (كواه) النبي صلى الله عليه وسلم بيده بمشقص، ثم ورمت، فحسمه
الثانية وأخرجه أبو داود (3866) من طريق حماد، عن أبي الزبير، وأخرجه ابن ماجة (3494)
من طريق سفيان، عن أبي الزبير.
(2) سترد ترجمته برقم (187).
(3) تقدمت ترجمته برقم (168).
(4) سترد ترجمته برقم (179).
(5) تقدمت ترجمته برقم (134).
(6) سترد ترجمته برقم (180).
292

الحسين بن عبد الله بن أبي كامل (1).
178 - الحفار *
الشيخ الصدوق، مسند بغداد، أبو الفتح، هلال بن محمد بن جعفر
ابن سعدان بن عبد الرحمن بن ماهويه بن مهيار بن المرزبان، الكسكري (2)،
ثم البغدادي.
ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من: الحسين بن يحيى بن عباس القطان صاحب أحمد بن
المقدام العجلي، فكان آخر أصحابه، ومن إسماعيل الصفار، وأبي جعفر
ابن البختري، وعلي بن محمد الواعظ، وعثمان بن أحمد الدقاق،
وإسماعيل بن علي الخزاعي، وجماعة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو بكر البيهقي، وأبو نصر عبيد الله
ابن سعيد السجزي، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، وعلي بن أحمد بن
البسري، وأبو الفضل عمر بن عبيد الله البقال، وعاصم بن الحسن، وطاهر
ابن الحسين القواس، ومحمد بن محمد بن المسلمة، والحسن بن محمد بن
زينه، وأبو الفوارس طراد الزينبي (3)، وهبة الله بن عبد الرزاق الأنصاري،
وخلق سواهم.

(1) سترد ترجمته برقم (207).
* تاريخ بغداد 14 / 75، الأنساب 10 / 428 (الكسكري)، المنتظم 8 / 15، اللباب
3 / 98، الذريعة 2 / 316، العبر 3 / 118، تذكرة الحفاظ 3 / 1057، 1058، شذرات
الذهب 3 / 201، هدية العارفين 2 / 510.
(2) قال السمعاني: هذه النسبة إلى كسكر، وهي قرية بالعراق قديمة، أظنها من نواحي
المدائن والله أعلم.
(3) وهو آخر من حدث عنه كما في " الأنساب " 10 / 428.
293

وقد روى جزء الحفار عاليا إبراهيم بن الخير، ثم بالإجازة زين الدين
ابن عبد الدايم.
قال الخطيب (1): كان صدوقا، مات في صفر سنة أربع عشرة وأربع
مئة، كتبنا عنه.
أخبرنا محمد بن عبد الوهاب بن أحمد السعدي، أخبرنا علي بن مختار،
أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا هلال بن
محمد، أخبرنا الحسين بن يحيى القطان، حدثنا أبو الأشعث العجلي،
حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، عن أيوب، عن الزهري، عن
سعيد بن المسيب قال: إن شر الطعام طعام العرس، يطعمه الأغنياء،
ويمنعه المساكين (2).

(1) في " تاريخ بغداد " 14 / 75.
(2) رجاله ثقات، وأخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 546، ومن طريقه البخاري (5177)
ومسلم (1432)، وأبو داود (3742) عن ابن شهاب الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة أنه
كان يقول: شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء، ويترك المساكين، ومن لم يأت الدعوة،
فقد عصى الله ورسوله، وأخرجه (1432) (109) من طريق محمد بن رافع، وعبد بن
حميد، عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وعن الأعرج،
عن أبي هريرة.
قال الحافظ في " الفتح " 9 / 244: وأول هذا الحديث موقوف، ولكن آخره يقتضي
رفعه، ذكر ذلك ابن بطال، قال: ومثله حديث أبي الشعثاء أن أبا هريرة أبصر رجلا خارجا من
المسجد بعد الاذان، فقال: أما هذا، فقد عصى أبا القاسم، قال: ومثل هذا لا يكون رأيا،
ولهذا أدخله الأئمة في مسانيدهم، وذكر ابن عبد البر أن جل رواة مالك لم يصرحوا برفعه، وقال
فيه روح بن القاسم: عن مالك بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... وأخرجه مسلم (1432) (110) من
طريق ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، سمعت زياد بن سعد، سمعت ثابتا الأعرج يحدث عن أبي
هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن
لم يجب الدعوة، فقد عصى الله ورسوله " وفي الباب عن ابن عمر عند مالك 2 / 546، والبخاري
9 / 210، ومسلم (1429) بلفظ " إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها " وعن جابر بن عبد الله
عند مسلم (1430) بلفظ " إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم، وإن شاء ترك "
وأخرج مسلم (1429) (100) وأبو داود (3738) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب،
عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دعا أحدكم أخاه، فليجب عرسا كان أو
نحوه ".
294

وبه: حدثنا أبو الأشعث، حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن
مجاهد: (يوم هم على النار يفتنون) [الذاريات: 13] قال: يحرقون
عليها، ويعذبون (1).
179 - المزكي *
الشيخ الامام الصدوق، القدوة الصالح، أبو زكريا، يحيى بن
المحدث المزكي أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، النيسابوري،
شيخ التزكية ببلده.
أملى مدة على ورع وإتقان.
ولد سنة نيف وثلاثين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبي العباس الأصم، وأبي عبد الله بن الأخرم،
والحسن بن يعقوب البخاري، وأبي بكر بن إسحاق الصبغي، وأحمد بن
محمد بن عبدوس، وعدة من النيسابوريين، وأبي سهل بن زياد، وأبي بكر
النجاد، وعبد الله بن إسحاق الخراساني، والقاضي أحمد بن كامل،
وأحمد بن عثمان الادمي من البغداديين، ومحمد بن علي بن دحيم، وغيره
من الكوفيين، انتقى عليه الحافظ أحمد بن علي الأصبهاني، وقع لنا جماعة
أجزاء من حديثه.

(1) انظر تفسير ابن كثير 7 / 392.
* تذكرة الحفاظ 3 / 1058، العبر 3 / 118، طبقات الأسنوي 2 / 396، 397،
شذرات الذهب 3 / 202، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 379.
295

حدث عنه: أبو بكر البيهقي كثيرا، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر
محمد بن يحيى ولده، وعثمان بن محمد المحمي، وهبة الله بن أبي
الصهباء، والقاسم بن الفضل الثقفي، وعلي بن أحمد بن الأخرم،
وآخرون.
وكان شيخا ثقة، نبيلا خيرا، زاهدا ورعا متقنا، ما كان يحدث إلا
وأصله بيده يعارض، حدث بالكثير.
وكان بصيرا بمذهب الشافعي، تفقه على الأستاذ أبي الوليد حسان بن
محمد.
توفي في ذي الحجة سنة أربع عشرة وأربع مئة.
قرأت على يحيى بن محمد المكي بها، أخبرنا علي بن هبة الله،
وقرأت على سنقر الزيني بحلب، أخبرنا علي بن محمود قالا: أخبرنا أبو
طاهر السلفي، أخبرنا القاسم بن الفضل، أخبرنا يحيى بن إبراهيم، حدثنا
أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الصغاني، حدثنا حجاج بن محمد
قال: قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن يحيى بن عمارة: أنه سمع القراظ
يزعم أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أراد بها سوءا أذابه
الله كما يذوب الملح في الماء ".
أخرجه مسلم (1) عن محمد بن حاتم، عن حجاج.

(1) برقم (1386) (493) في الحج: باب من أراد أهل المدينة بسوء أذله الله، وهو في
" المسند " 1 / 183، 184، و 2 / 279 و 309، و 330، و 375، وسنن ابن ماجة (3114).
296

180 - ابن ميلة *
الامام القدوة، شيخ الاسلام، أبو الحسن، علي بن ماشاذه (1) محمد
ابن أحمد بن ميله بن خرة (2)، الأصبهاني الزاهد الفرضي، شيخ الصوفية.
ولد سنة نيف وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من: أبي عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم، ومحمد
ابن محمد بن يونس الأبهري، وأبي علي أحمد بن محمد بن إبراهيم
الصحاف، ومحمد بن أحمد بن علي الأسواري (3)، وعبد الله بن جعفر بن
أحمد بن فارس، ومحمد بن عبد الله بن أسيد، وأبي علي أحمد بن محمد
ابن عاصم، وعبد الله بن محمد بن عيسى الخشاب، والقاضي أبي أحمد
العسال، وغياث بن محمد، وعدة.
وأملى عدة مجالس وقع لنا منها.
حدث عنه: رجاء بن قولويه، وأبو عبد الله الثقفي الرئيس، وأبو
الحسين سعيد بن محمد الجوهري، وأحمد بن عبد الله السوذرجاني،
وأخوه محمد بن عبد الله، وأبو نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار،
وآخرون.

* أخبار أصبهان 2 / 24، حلية الأولياء 10 / 408، العبر 3 / 117، شذرات الذهب
3 / 201.
(1) ماشاذه: لقب عرف به محمد والد علي، كما في " أخبار أصبهان " 2 / 24.
(2) بضم الخاء المعجمة وتشديد الراء المهملة المفتوحة، وقد تصحف في " أخبار
أصبهان " إلى " حرة " بالحاء المهملة.
(3) بفتح الهمزة، وسكون السين المهملة، نسبة إلى أسواري، وهي قرية من قرى
أصبهان. انظر " الأنساب " وترجمة محمد بن أحمد بن علي الأسواري مرت في الجزء الخامس
عشر.
297

وحديثه من أعلى مرويات السلفي.
قال أبو نعيم الحافظ (1): صحب أبا بكر عبد الله بن إبراهيم بن
واضح، وأبا جعفر محمد بن الحسن، وزاد عليهما في طريقهما خلقا
وفتوة، جمع بين علم الظاهر وعلم الباطن، لا تأخذه في الله لومة لائم،
وكان ينكر على المتشبهة بالصوفية وغيرهم من الجهال فساد مقالاتهم في
الحلول والإباحة والتشبيه، وغير ذلك من ذميم أخلاقهم، فعدلوا عنه لما
دعاهم إلى الحق جهلا وعنادا، وانفرد في وقته بالرواية ثم سمى جماعة.
قال: وتوفي يوم عيد الفطر سنة أربع عشرة وأربع مئة.
وقال أبو بكر أحمد بن جعفر اليزدي (2): سمعت الامام أبا عبد الله بن
مندة وقت قدومه من خراسان، سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة يقول - وعنده
أبو جعفر ولد القاضي أبي أحمد العسال وعدة مشايخ - فسأله ابن العسال عن
أخبار مشايخ البلاد التي شاهدها فقال: طفت الشرق والغرب لم أر في الدنيا
مثل رجلين: أحدهما ولدك، والثاني أبو الحسن بن ماشاذه الفقيه، ومن
عزمي أن أجعله وصيي، وأسلم كتبي إليه، فإنه أهل له. أو كما قال.
قرأت على إسحاق الأسدي، أخبركم يوسف بن خليل، أخبرنا أبو
المكارم التيمي، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم في " الحلية "
له قال: ختم التحقيق بطريقة المتصوفة بأبي الحسن علي بن ماشاذه، لما
أولاه الله تعالى من فنون العلم والسخاء والفتوة، كان عارفا بالله، فقيها
عاملا، له من الأدب الحظ الجزيل (3).

(1) في " أخبار أصبهان " 2 / 24.
(2) سترد ترجمته برقم (186).
(3) " حلية الأولياء " 10 / 408 بأطول مما هنا.
298

أخبرنا الأستاذ بلال المغيثي (1)، أخبرنا ابن رواج، أخبرنا أبو طاهر
السلفي، أخبرنا محمد وأحمد ابنا عبد الله قالا: أخبرنا علي بن محمد
إملاء، حدثنا أبو علي الصحاف، حدثنا أحمد بن مهدي، حدثنا ثابت بن
محمد، حدثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال النبي
صلى الله عليه وسلم: " لا يقطع الصلاة الكشر، ولكن تقطعها القرقرة " (2).
هذا حديث منكر مع قوة إسناده، والعجب من البخاري حدث عن
ثابت بن محمد الزاهد في " صحيحه " (3)! وذكره في كتاب " الضعفاء ".
وقال فيه أبو حاتم: صدوق.
181 - الرازي *
شيخ الحرم، أبو العباس، أحمد بن الحسن بن بندار، الرازي
المحدث.
حدث بأماكن عن: محمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي، وأبي
بكر الشافعي، وأبي بكر بن خلاد، وأبي القاسم الطبراني، وابن الريان،
اللكي (4)، وابن عدي، وعدة.

(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته " الورقة 38 / 2، 39 / 1، فقال: بلال بن عبد الله،
الأمير الكبير، حسام الدين، أبو الخير الحبشي الخصي المغيثي.. ويعرف بالوالي، ربي ملوكا
وأولاد ملوك، كان وافر الحرمة، له أوقاف وبر، وفيه حب للرواية، عنده سفائن أجزاء عن ابن
رواج وغيره، مات بعد الهزيمة في رمل مصر في ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وست مئة، وكان من
أبناء التسعين.
(2) إسناده ضعيف، لضعف ثابت بن محمد، وتدليس أبي الزبير.
(3) روى عنه البخاري في " صحيحه " حديثين، أحدهما في الهبة برقم (2603) والثاني
في التوحيد (7442)، ولكنه لم ينفرد بهما كما نبه عليه الحافظ ابن حجر في " المقدمة " 394.
* لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.
(4) نسبة إلى اللك: بليدة من أعمال برقة الغرب. انظر " اللباب ".
299

روى عنه ولده الامام عبد الرحمن، وأبو العباس بن الخطاب الرازي،
وأبو مسعود البجلي، وطاهر بن أحمد الميداني.
وكان من علماء الحديث.
عاش إلى سنة تسع وأربع مئة.
182 - عبد الرحيم بن إلياس *
العبيدي ابن عم الحاكم (1)، وولي عهده، فاسق ظالم.
ولي الشام سنة عشر وأربع مئة، ورخص في الخمر والغناء مما كان
الحاكم شدد فيه، وكان بخيلا، فأبغضه الامراء، وكاتبوا الحاكم بأنه مضمر
للشر، فطلبه بعد سنة، فراح، وتغلب على دمشق محمد بن أبي طالب
الخزاز مع الاحداث، وقهر الجند، وعرف الحاكم أن ولي العهد على
الطاعة، فرده، فتمكن، والتف عليه الاحداث، وطغى ابن أبي طالب،
وتمرد، فأخذته الجند، وصلب، ثم صادر ولي العهد العامة وعسف، فلما
هلك الحاكم، قبضوا على ولي العهد، وقيد وسجن بمصر مدة، وقتل
جماعة في أخذه، ولم يصل صلاة العيد، ثم إنه قتل نفسه في الحبس، لا
رحمه الله.

* تاريخ ابن عساكر، الاعلام لابن قاضي شهبة حوادث 411 ه‍، الأعلام للزركلي 3 /
343، 344.
(1) مرت ترجمة الحاكم بأمر الله في الجزء الخامس عشر.
300

183 - الماليني *
الامام المحدث الصادق، الزاهد الجوال، أبو سعد (1)، أحمد بن
محمد بن أحمد بن عبد (2) الله بن حفص بن الخليل، الأنصاري الهروي،
الماليني الصوفي، الملقب بطاووس الفقراء (3).
جال في طلب العلم ولقاء المشايخ إلى نيسابور وأصبهان، وبغداد
والشام ومصر والحرمين، وحصل، وله معرفة وفهم، جمع وصنف.
وحدث عن: أبي أحمد بن عدي، وإسماعيل بن نجيد، وأبي
الشيخ (4) بن حيان، ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم السليطي (5)، ويوسف
ابن القاسم الميانجي، والحسن بن رشيق المصري، ومحمد بن أحمد بن
علي بن النعمان الرملي، وأبي بكر القطيعي، والفضل بن جعفر التميمي،
ومحمد بن سليمان الربعي، وأبي أحمد العسكري، وعبد العزيز بن هارون
البصري، وطبقتهم.
* تاريخ جرجان 82، 83، تاريخ بغداد 4 / 371، 372، الأنساب: (الماليني)، تاريخ
ابن عساكر 2 / 46 / 2، 47 / 2، المنتظم 8 / 3، معجم البلدان 5 / 44، اللباب 3 / 155، تذكرة
الحفاظ 3 / 1070 - 1072، العبر 3 / 107، الوافي بالوفيات 7 / 330، طبقات السبكي
4 / 59، 60، البداية والنهاية 12 / 11، النجوم الزاهرة 4 / 256، طبقات الحفاظ:
417، حسن المحاضرة 1 / 353، شذرات الذهب 3 / 195، هدية العارفين 1 / 72،
الرسالة المستطرفة 76، تهذيب تاريخ ابن عساكر 1 / 446، 447.
(1) تحرف في " هدية العارفين " إلى " أبو سعيد ".
(2) تحرف لفظ " عبد " في " هدية العارفين " إلى " عبيد ".
(3) في " النجوم الزاهرة ": طاووس الفقهاء.
(4) هو حافظ أصبهان أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري، يعرف
بأبي الشيخ، المتوفى سنة 369، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(5) نسبة إلى سليط جد محمد هذا، وهو محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة بن قطن بن
سليط التميمي السليطي، متوفى سنة 364 ه‍، ترجمه السمعاني في " الأنساب ". (*)
301

حدث عنه: الحافظان تمام الرازي، وعبد الغني المصري، وهما من
شيوخه، وأبو بكر البيهقي، وأبو بكر الباطرقاني، وأبو بكر الخطيب، وأبو
نصر بن الحبان، وأبو نصر السجزي، والقاضي أبو عبد الله القضاعي،
ومحمد بن أحمد بن شبيب الكاغدي، وأبو عبد الله بن طلحة النعالي،
والقاضي أبو الحسن الخلعي، وخلق سواهم.
وكان ذا صدق وورع وإتقان، حصل المسانيد الكبار.
قال حمزة السهمي (1): دخل الماليني جرجان في سنة أربع وستين
وثلاث مئة، ورحل رحلات كثيرة إلى أصبهان وما وراء النهر ومصر
والحجاز.
قال (2): وتوفي سنة تسع وأربع مئة. كذا قال، وهذا وهم. وقد قال
أبو إسحاق الحبال: توفي في يوم الثلاثاء السابع عشر من شوال سنة اثنتي
عشرة وأربع مئة (3).
قلت: أراه مات بمصر، وقد ذكره الإمام ابن الصلاح في " طبقات
الشافعية ".
وأخبرنا علي بن محمد الحافظ: أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا أبو
طاهر السلفي، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، سمعت عبد العزيز بن علي
الازجي يقول: أخذت من أبي سعد الماليني أجرة النسخ والمقابلة خمسين

(1) في " تاريخ جرجان " ص 82.
(2) في " تاريخ جرجان " ص 83.
(3) انظر " تاريخ بغداد " 4 / 372، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1071، و " تهذيب ابن
عساكر " 1 / 447.
302

دينارا في دفعة واحدة (1).
قلت: وقد ألف أربعين حديثا (2)، كل حديث من طريق صوفاي
معتبر، وجاء في ذلك مناكير لا تنكر للقوم، فإن غالبهم لا اعتناء لهم
بالرواية.
أخبرنا محمد بن الحسين القرشي بمصر، أخبرنا محمد بن عماد،
أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا أبو الحسن الخلعي، أخبرنا أبو سعد أحمد
ابن محمد الماليني، حدثنا أبو بكر محمد بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن
أبي خالد بنيسابور، حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، حدثنا محمد بن
المثنى، حدثنا عبد الوهاب [عن] (3) أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان: أن
يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواه، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن
يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن توقد له نار، فيقذف فيها " (4).

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1071، و " تهذيب ابن عساكر " 1 / 447.
(2) انظر نسخه الخطية في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 503.
(3) سقط لفظ " عن " من الأصل، ولا بد منه.
(4) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (16) في الايمان: باب حلاوة الايمان من طريق
محمد بن المثنى عن عبد الوهاب بهذا الاسناد، وأخرجه أيضا (6941) من طريق محمد بن عبد
الله بن حوش الطائفي عن عبد الوهاب به، وهو عنده (21) و (6041) من طريقين، عن شعبة،
عن قتادة، عن أنس. وأخرجه مسلم (43) في الايمان: باب بيان خصال من اتصف بهن وجد
حلاوة الايمان من طرق عن عبد الوهاب، عن أيوب، عن أبي قلابة، وهو في المسند 3 / 103 و
172 و 230 و 248 و 275 و 288، وسنن النسائي 8 / 94 و 96، وابن ماجة (4033)
والترمذي (2624).
303

184 - غنجار *
الامام المفيد الحافظ، محدث بخارى، وصاحب " تاريخها " (1)، أبو
عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل، البخاري. ولقبه
غنجار بلقب غنجار الكبير عيسى بن موسى البخاري (2).
حدث أبو عبد الله عن: خلف بن محمد الخيام، وسهل بن عثمان
السلمي، وأبي عبيد أحمد بن عروة الكرميني، ومحمد بن حفص بن
أسلم، وإبراهيم بن هارون الملاحمي، والحسن بن يوسف بن يعقوب،
وعدد كثير من أهل تلك الديار، ولم يرحل.
حدث عنه: هناد بن إبراهيم النسفي، وجماعة.
وما بلغتني أخباره كما ينبغي، وما هو ببارع المعرفة.
توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مئة وقد شاخ.
أخبرنا الحسن بن علي الأمين، أخبرنا جعفر بن منير، أخبرنا
السلفي، أخبرنا أبو علي البرداني (3) وأبو الحسين الصيرفي قالا: أخبرنا هناد
القاضي، أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ، أخبرنا أبو يحيى أحمد بن محمد
ابن إبراهيم السمرقندي، حدثنا محمد بن نصر المروزي، حدثنا عبد الله بن

* الأنساب 9 / 177، معجم الأدباء 17 / 213، 214، اللباب 2 / 390، تذكرة
الحفاظ 3 / 1052، 1053، العبر 3 / 108، الوافي بالوفيات 2 / 60، طبقات الحفاظ
412، كشف الظنون 1 / 286، شذرات الذهب 3 / 196، هدية العارفين 2 / 61.
(1) وذكر السمعاني أنه صنف أيضا كتاب " فضائل الصحابة الأربعة ".
(2) المتوفى سنة 186، مرت ترجمته في الجزء الثامن برقم (129).
(3) بفتح الباء الموحدة والراء نسبة إلى بردان، وهي قرية من قرى بغداد. انظر
" الأنساب ".
304

محمد أبو جعفر المسندي، حدثنا حرمي بن عمارة، حدثنا شعبة، عن واقد
ابن محمد، سمعت أبي يحدث عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن
محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإذا فعلوا ذلك،
عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الاسلام، وحسابهم على الله " (1).
185 - ابن السقا *
الامام الحافظ الناقد، القاضي أبو الحسن، علي بن محمد بن علي
ابن حسين بن شاذان بن السقا، الأسفراييني، من أولاد أئمة الحديث.
سمع الكتب الكبار، وأملى، وصنف.
حدث عن: أبي العباس الأصم، وأبي عبد الله محمد بن يعقوب ابن
الأخزم، وعلي بن حمشاذ، ومحمد بن عبد الله الصفار، وأبي الطيب
محمد بن عبد الله الشعيري، وأبي الحسن الطرائفي، وأبي منصور محمد

(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (25) في الايمان: باب (فإن تابوا وأقاموا الصلاة
وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) من طريق عبد الله بن محمد المسندي بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم
(22) في الايمان: باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الاسلام من طريق أبي غسان مالك بن عبد
الواحد، عن عبد الملك بن الصباح، عن شعبة به. وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري 3 /
211، و 12 / 244، ومسلم (21) وأبي داود (2645) والترمذي (2606) والنسائي 5 / 14،
وعن أنس عند البخاري 1 / 417، وأبي داود (2641) والنسائي 7 / 75، 76 و 8 / 109،
والترمذي (2608) وعن جابر عند مسلم (21) (35) والترمذي (3341)، وعن النعمان بن
بشير، وأوس بن حذيفة عند النسائي 7 / 79، 80، 81، وعن طارق الأشجعي عند مسلم
(23) وقوله: " إلا بحق الاسلام " أي أن الدماء والأموال معصومة إلا عن حق يجب فيها كقود وردة
وحد كما في حديث ابن مسعود في " الصحيحين ": لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا
الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه،
المفارق للجماعة " وقوله " وحسابهم على الله " أي: فيما يستسرون به ويخفونه.
* لم نقف له على ترجمة فيما نملك من مصادر.
305

ابن القاسم العتكي، وأبي سهل بن زياد القطان، وأبي بكر النجاد، وعبد
الله بن إسحاق الخراساني، وجعفر الخلدي، وعبد الرحمن بن الحسن
الهمذاني، وطبقتهم بنيسابور وهمذان وبغداد، وغير ذلك.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وسبطه حكيم بن أحمد الأسفراييني،
وجماعة.
توفي سنة أربع عشرة وأربع مئة.
186 - اليزدي *
الامام القاضي، أبو بكر، أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر
ابن المرزبان، اليزدي، نزيل أصبهان.
روى عن: أبيه، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وعلي بن الفضل بن
شهريار، ومحمد بن إسحاق بن أيوب، وأبي أحمد العسال، وأبي بكر
الجعابي، والطبراني، وإسماعيل بن نجيد، وفاروق الخطابي.
روى عنه: عبد الرحمن بن مندة، وعلي بن شجاع، والخصيب بن
قتادة، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المديني، وجماعة سماهم يحيى
ابن مندة في ترجمته، وقال: هو ثقة مقبول القول، صاحب أصول، على
غاية من العقل والديانة والرزانة، توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة
وأربع مئة.

* لم نعثر له على مصادر ترجمة، واليزدي: نسبة إلى يزد، وهي مدينة متوسطة بين
نيسابور وشيراز وأصبهان، معدودة في أعمال فارس، ثم من كورة إصطخر. " معجم البلدان ".
306

187 - النقاش * الامام الحافظ، البارع الثبت، أبو سعيد، محمد بن علي بن عمرو
ابن مهدي، الأصبهاني، الحنبلي النقاش.
ولد بعد الثلاثين وثلاث مئة.
وسمع من: جده لامه أحمد بن الحسن بن أيوب التميمي، وعبد الله
ابن جعفر بن فارس، وأحمد بن معبد السمسار، وعبد الله بن عيسى
الخشاب، وأبي أحمد العسال، والطبراني، وخلق. وببغداد من أبي بكر
الشافعي، وابن مقسم (1)، وأبي علي بن الصواف، وابن محرم (2).
وبالبصرة من أبي إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي، وفاروق الخطابي،
وحبيب القزاز - وبالكوفة من القاضي نذير بن جناح المحاربي، وصباح بن
محمد النهدي (3)، وعدة. وبمرو من حاضر بن محمد الفقيه. وبجرجان
من أبي بكر الإسماعيلي. وبهراة من أحمد بن محمد بن حسنويه، وأبي
منصور الأزهري. وبالدينور من ابن السني. وبالحرمين ونيسابور ونهاوند
وإسفرايين وعسكر مكرم (4). وصنف وأملى.

* تاريخ أصبهان 2 / 308، العبر 3 / 118، تذكرة الحفاظ 3 / 1059 - 1061،
الوافي بالوفيات 4 / 119، طبقات الحفاظ 414، شذرات الذهب 3 / 201، هدية العارفين
2 / 62.
(1) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب البغدادي المقرئ العطار، المتوفى سنة 354
ه‍، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الجوهري المحرمي، المعروف بابن محرم،
متوفى سنة 357 ه‍، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) نسبة إلى نهد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة. " اللباب ".
(4) بلد مشهور من نواحي خوزستان، منسوب إلى مكرم بن مغراء الحارث، أحد بني
جعونة بن الحارث بن نمير بن عامر بن صعصعة. وقيل: بل مكرم مولى للحجاج أرسله الحجاج
ابن يوسف لمحاربة خرزاذ بن باس حين عصى ولحق بإيذج... وكانت هناك قرية قديمة فبناها
مكرم، ولم يزل يبني ويزيد حتى جعلها مدينة، وسماها عسكر مكرم. " معجم البلدان " 4 /
123، 124.
307

حدث عنه: الفضل بن علي الحنفي، وأبو العباس ابن أشته، وأبو
مطيع محمد بن عبد الواحد، وسليمان الحافظ، وأبو الفتح أحمد بن عبد
الله السوذرجاني.
وقع لنا جزآن من أماليه، وكتاب " القضاة "، وكتاب " طبقات
الصوفية "، وغير ذلك (1).
مات في رمضان سنة أربع عشرة وأربع مئة.
كان من أئمة الأثر، رحمه الله ورضي عنه. مات في عشر التسعين.
188 - ابن مردويه *
الحافظ المجود العلامة، محدث أصبهان، أبو بكر، أحمد بن موسى
ابن مردويه بن فورك بن موسى بن جعفر، الأصبهاني، صاحب " التفسير
الكبير "، و " التاريخ "، والأمالي الثلاث مئة مجلس (2)، وغير ذلك.
مولده في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبيه أبي عمران بحديث سمعه من إبراهيم بن متويه،

(1) انظر " هدية العارفين " 2 / 62، وانظر النسخ الخطية لبعض آثاره في " تاريخ التراث
العربي " لسزكين 2 / 505.
* تاريخ أصبهان 1 / 168، تذكرة الحفاظ 3 / 1050، 1051، العبر 3 / 102،
دول الاسلام 1 / 244، الوافي بالوفيات 8 / 201، النجوم الزاهرة 4 / 245، طبقات الحفاظ
412، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 93، 94، كشف الظنون 1 / 439، شذرات الذهب
3 / 190، هدية العارفين 1 / 71، 72، الرسالة المستطرفة 26.
(2) انظر النسخ الخطية لآثاره في " تاريخ التراث العربي " 1 / 375.
308

ومات أبوه سنة 356.
قال أبو بكر بن أبي علي - وذكر أبا بكر بن مردويه -: هو أكبر من أن
ندل عليه وعلى فضله، وعلمه وسيره، وأشهر بالكثرة والثقة من أن يوصف
حديثه، أبقاه الله، ومتعه بمحاسنه.
قال أبو موسى في ترجمة ابن مردويه: سمعت أبي يحكي عمن سمع
أبا بكر بن مردويه يقول: ما كتبت بعد العصر شيئا قط، وعميت قبل كل
أحد - يعني من أقرانه -، وسمعت أنه كان يملي حفظا بعدما عمي.
ثم قال: وسمعت الامام إسماعيل يقول: لو كان ابن مردويه خراسانيا،
كان صيته أكثر من صيت الحاكم.
وأجاز لي أبو نعيم الحداد: سمعت أبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد
بن مردويه يقول: رأيت من أحوال جدي من الديانة في الرواية ما قضيت منه
العجب من تثبته وإتقانه، وأهدى له كبير حلاوة، فقال: إن قبلتها، فلا آذن
لك بعد في دخول داري وان ترجع به، تزد (1) علي كرامة.
قلت: وروى عن أبي سهل بن زياد القطان، وميمون بن إسحاق،
وعبد الله بن إسحاق الخراساني، ومحمد بن عبد الله بن علم الصفار،
وإسماعيل بن علي الخطبي، ومحمد بن علي بن دحيم الشيباني الكوفي،
وإسحاق بن محمد بن علي الكوفي، وأبي بكر محمد بن عبيد الله
الشافعي، وأحمد بن عبد الله بن دليل، ومحمد بن أحمد بن علي
الأسواري، وأحمد بن عيسى الخفاف، وأحمد بندار الشعار، وأحمد بن
محمد بن عاصم الكراني، وأبي أحمد العسال، وأبي إسحاق بن حمزة،

(1) في الأصل: " تزيد " وهو خطأ.
309

وسليمان الطبراني، وخلق كثير.
حدث عنه: أبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي العطار، وأبو عمرو
عبد الوهاب، وأبو القاسم عبد الرحمن: ابنا الحافظ ابن مندة، وأبو الخير
محمد بن أحمد بن ررا، والقاضي أبو منصور بن شكرويه، وأبو بكر محمد
ابن الحسن بن محمد بن سليم، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وأحمد بن
عبد الرحمن الذكواني، وأبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي (1)، وأبو
مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف، وخلق كثير.
ومن تصانيفه كتاب " المستخرج على صحيح البخاري "، بعلو في
كثير من أحاديث الكتاب حتى كأنه لقي البخاري.
وكان من فرسان الحديث، فهما يقظا متقنا، كثير الحديث جدا، ومن
نظر في تواليفه، عرف محله من الحفظ.
وله كتاب " التشهد وطرقه وألفاظه "، في مجلد صغير، و " تفسيره
للقرآن "، في سبع مجلدات.
يقع لنا حديثه في " الثقفيات " وغيرها.
مات لست بقين من رمضان سنة عشر وأربع مئة عن سبع وثمانين سنة.
ومات معه في العام مسند نيسابور ومفتيها أبو طاهر محمد بن محمد بن
محمش (2) الزيادي، ومسند العراق أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله
ابن مهدي (3) الفارسي، ومسند هراة القاضي أبو منصور محمد بن محمد بن

(1) المتوفى سنة 489 ه‍، وإليه تنسب " الثقفيات " وهي عشرة أجزاء حديثية من تأليفه.
(2) تقدمت ترجمته برقم (169).
(3) تقدمت ترجمته برقم (131).
310

عبد الله الأزدي (1)، ومؤلف " الناسخ والمنسوخ " أبو القاسم هبة الله بن
سلامة البغدادي، ومحدث دمشق أبو القاسم عبد الله بن عمر بن نصر
الشيباني (2)، ومسند بغداد إبراهيم بن مخلد الباقرحي، والمعمر أبو محمد
عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه (3) المزكي، صاحب ذاك المجلس
العالي.
أخبرنا أبو الحسين اليونيني، أخبرنا جعفر بن علي وغيره قالوا:
أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو عبد الله الثقفي، حدثنا أحمد بن موسى
الحافظ إملاء، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، ومحمد بن أحمد
الأسواري: قالا: حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي، حدثنا وكيع، عن
الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر، ولو
يعلمون ما فيهما، لأتوهما ولو حبوا ". متفق عليه (4).
189 - ابن بشران *
الشيخ العالم المعدل، المسند، أبو الحسين، علي بن محمد بن
عبد الله بن بشران بن محمد بن بشر، الأموي البغدادي.
ولد سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.

(1) تقدمت ترجمته برقم (166).
(2) تقدمت ترجمته برقم (157).
(3) تقدمت ترجمته برقم (147).
(4) هو في البخاري (657) في صلاة الجماعة: باب فضل العشاء في الجماعة، ومسلم
(651) (252) في المساجد: باب فضل صلاة الجماعة، وبيان التشديد في التخلف عنها.
* تاريخ بغداد 12 / 98، 99، المنتظم 8 / 18، 19، العبر 3 / 120، دول الاسلام
1 / 247، شذرات الذهب 3 / 203، تاريخ التراث العربي 1 / 380.
311

وسمع من أبي جعفر بن البختري، وعلي بن محمد المصري،
وإسماعيل الصفار، والحسين بن صفوان، وأحمد بن محمد بن جعفر
الجوزي (1)، وإسحاق بن أحمد الكاذي (2)، وعثمان بن السماك، وأبي
بكر النجاد، وعدة.
روى شيئا كثيرا على سداد وصدق وصحة رواية، كان عدلا وقورا.
قال الخطيب: كان تام المروءة، ظاهر الديانة، صدوقا ثبتا (3).
قلت: حدث عنه: البيهقي، والخطيب، والحسن بن البناء، وأبو
الفضل عبد الله بن زكري الدقاق، وعلي بن عبد الواحد المنصوري، ونصر
بن البطر، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، والحسين بن أحمد بن عبد الرحمن
العكبري، وأبو الفوارس طراد، وعاصم بن الحسن، وأحمد بن عبد العزيز
ابن شيبان، وآخرون.
توفي في شعبان سنة خمس عشرة.
وقع لنا عدة أجزاء من حديثه ومن طريقه.
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه،
أخبرنا هبة الله بن هلال الدقاق، أخبرنا عبد الله بن علي، أخبرنا علي بن
محمد بن بشران، أخبرنا محمد بن عمرو، أخبرنا سعدان بن نصر، أخبرنا
محمد بن عبد الله الأنصاري، عن ابن عون قال: أنبأنا القاسم بن محمد،

(1) نسبة إلى الجوز وبيعه، وقد تصحف في " تاريخ بغداد " 12 / 98 إلى الجوري بالراء
المهملة. انظر " الأنساب " وفيه ترجمة أحمد الجوزي هذا.
(2) نسبة إلى كاذه: قرية من قرى بغداد. انظر " الأنساب " وفيه ترجمة إسحاق بن أحمد
الكاذي.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 98.
312

عن عائشة أنها قالت: من زعم أن محمدا رأى ربه، فقد أعظم الفرية على
الله، ولكنه رأى جبريل مرتين في صورته وخلقه سادا ما بين الأفق.
أخرجه البخاري (1) عن محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن أبي الثلج،
عن الأنصاري.
190 - ابن النحاس *
الشيخ الامام الفقيه، المحدث الصدوق، مسند الديار المصرية، أبو
محمد، عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد، التجيبي المصري
المالكي البزاز، المعروف بابن النحاس.
ولد ليلة الأضحى سنة ثلاث وعشرين وثلاث مئة.
وأول سماعه وهو ابن ثمان سنين، في سنة إحدى وثلاثين، وحج سنة
تسع وثلاثين، وجاور، فأكثر عن أبي سعيد بن الأعرابي، وسمع بمصر أبا
الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني، وعلي بن عبد الله بن أبي مطر
الإسكندراني، وأحمد بن بهزاذ السيرافي، وأحمد بن محمد بن فضالة
الدمشقي قدم عليهم، ومحمد بن إبراهيم بن حفص البصري ابن الوصي،
وعثمان بن محمد السمرقندي، والحسن بن مليح الطرائفي، ومحمد بن
بشر العكري، ومحمد بن أيوب بن الصموت، وعبد الله بن محمد بن

(1) رقم (3234) في بدء الخلق: باب إذا قال أحدكم آمين...، وهو عنده أيضا من غير
هذا الطريق (3235) و (4612) و (4855) و (7380) و (7531) وأخرجه مسلم
(177) (287) في الايمان، والترمذي (3068) من طريقين عن داود بن أبي هند، عن عامر
الشعبي، عن عائشة.
* العبر 3 / 121، 122، الاعلام لابن قاضي شهبة (حوادث سنة 416 ه‍) النجوم
الزاهرة 4 / 263، حسن المحاضرة 1 / 373، شذرات الذهب 3 / 204.
313

الخصيب، وأبا الفوارس أحمد بن محمد الصابوني، وعبد الله بن جعفر بن
ورد، وسمع منه " السيرة " والحسن بن مروان القيسراني، ومحمد بن
محمد بن عيسى الخياش، والحافظ أبا سعيد بن يونس الصدفي، والفضل
ابن وهب، ومحمد بن وردان العامري، وفاطمة بنت الريان، وعدة.
وله " مشيخة " في جزئين.
حدث عنه: الصوري، وأبو نصر السجزي، وعبد الرحيم
البخاري، وأبو عمرو الداني، وأحمد بن أبي نصر الكوفاني (1) كاكو،
وخلف بن أحمد الحوفي، والقاضي محمد بن سلامة القضاعي،
والحسين بن أحمد العداس، وأبو إسحاق الحبال، والقاضي أبو
الحسن الخلعي، وخلق.
وكان الخطيب قد عزم على الرحلة إليه، فلم يقض.
قال الحبال: مات في عاشر صفر سنة ست عشرة وأربع مئة.
وفيها مات الخصيب (2) بن عبد الله بن الخصيب بمصر، وأبو
العباس أحمد بن إبراهيم بن جانجان بهمذان، وشاعر الوقت أبو
الحسن علي بن محمد التهامي (3)، وأبو عبد الله محمد بن عبد
الرحمن الداراني القطان، ومحمد بن أبي نصر المعداني أبو بكر،
والفضل بن عبيد الله بن شهريار (4).

(1) نسبة إلى كوفان وهي قرية بهراة. انظر معجم البلدان 4 / 490.
(2) سترد ترجمته برقم (217).
(3) سترد ترجمته برقم (242).
(4) سترد ترجمته برقم (260).
314

191 - محمد بن أسد *
ابن علي، الامام المقرئ، شيخ الكتابة، وكبير المجودين
بالعراق، أبو الحسين (1)، البغدادي البزاز الكاتب، شيخ ابن البواب.
سمع من: جعفر الخلدي، وأبي بكر النجاد.
روى عنه الخطيب، وقال: كان صدوقا، توفي سنة عشر وأربع
مئة في أول السنة (2).
قلت: انتهى إليه حسن الخط، ولكن أربى عليه تلميذه أبو
الحسن (3).
192 - علي بن هلال ابن البواب * *
البغدادي، مولى معاوية بن أبي سفيان الأموي.
وكان ابن البواب (4) دهانا يجيد التزويق.

* تاريخ بغداد 2 / 83، المنتظم 7 / 296، وفيات الأعيان 3 / 342، 343، الوافي
بالوفيات 2 / 201، البداية والنهاية 12 / 14 ضمن ترجمة ابن البواب، وقد تحرف اسمه فيه
إلى عبد الله بن محمد بن أسد، مفتاح السعادة 1 / 85، 86.
(1) كناه ابن خلكان في " الوفيات " أبا عبد الله.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 83.
(3) وهو علي بن هلال ابن البواب، صاحب الترجمة التالية.
* * المنتظم 8 / 10، معجم الأدباء 15 / 120 - 134، وفيات الأعيان 3 / 342 -
344، دول الاسلام 1 / 246، العبر 3 / 113، البداية والنهاية 12 / 14، 15، صبح
الأعشى 3 / 13، النجوم الزاهرة 4 / 257، 258، مفتاح السعادة 1 / 85، 86، شذرات
الذهب 3 / 199، دائرة المعارف الاسلامية 1 / 103.
(4) قال ابن خلكان: ويقال له: ابن الستري أيضا، لان أباه كان بوابا، والبواب ملازم
ستر الباب، فلهذا نسب إليه.
315

وصحب أبا الحسين بن سمعون الواعظ، وسمع من أبي عبيد
الله المرزباني، وقرأ النحو على أبي الفتح بن جني.
وبرع في تعبير الرؤيا، وقص على الناس بجامع المنصور، وله
نظم ونثر وإنشاء.
قال ابن خلكان: هذب ابن البواب طريقة ابن مقلة (1)،
ونقحها، وكساها طلاوة وبهجة (2).
وكان يذهب إذهابا فائقا، وكان في أول أمره مزوقا يصور الدور
فيما قيل، ثم أذهب الكتب، ثم تعانى الكتابة، ففاق الأولين
والآخرين فيها، ونادم الوزير فخر الملك أبا غالب، وقيل: وعظ
بجامع المنصور، ولم يكن له في عصره ذاك النفاق الذي تهيأ له بعد
موته، لأنه وجد بخطه ورقة قد كتبها إلى كبير يسأله فيها مساعدة صديق
له بشئ لا يساوي دينارين، وقد بسط القول فيها نحو السبعين سطرا،
وقد بيعت بعد ذلك بسبعة عشر دينارا إمامية (3).
قال أبو علي بن البناء: حكى لي أبو طاهر بن الغباري أن
الحسن بن البواب أخبره أن ابن سهلان (4) استدعاه، فأبى، وتكرر

(1) المتوفى سنة 328، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر، وهو أبو علي محمد بن
علي بن حسن بن مقلة الكاتب.
(2) " وفيات الأعيان " 3 / 342.
(3) انظر " معجم الأدباء " 15 / 121، 122، وفيه قال ياقوت: وبلغني أنها بيعت مرة
أخرى بخمسة وعشرين دينارا. وقد ذكر بروكلمان أن في مكتبة لاللي رقم (5) مصحفا بخطه
بالقلم الريحاني، وفي مكتبة آيا صوفيا ديوان لسلامة بن جندل كتبه سنة 408. " تاريخ الأدب
العربي " 4 / 331.
(4) هو الحسن بن الفضل بن سهلان، أبو محمد، وزير سلطان الدولة، وهو الذي بنى
سور الحائر بمشهد الحسين بكربلاء، وكان من كبار الشيعة، مات في الحبس سنة 414 ه‍.
انظر " الكامل " 9 / 305 - 308، و 332، و " النجوم الزاهرة " 4 / 259.
316

ذلك. قال: فمضيت إلى أبي الحسن بن القزويني، وقلت: ما ينطقه
الله به أفعله، فلما دخلت، قال: يا أبا الحسن: أصدق والق من
شئت. فعدت، فإذا على بابي رسل الوزير، فمضيت معهم، فلما
دخلت، قال: ما أخرك عنا؟ فاعتذرت، ثم قال: رأيت مناما. فقلت:
مذهبي تعبير المنام من القرآن. فقال: رضيت. قال: رأيت كأن
الشمس والقمر قد اجتمعا وسقطا في حجري. قال وعنده فرح
بذلك: كيف يجتمع له الملك والوزارة؟ قلت: قال الله تعالى:
(وجمع الشمس والقمر، يقول الانسان يومئذ أين المفر. كلا لا
وزر) [القيامة: 9 - 11] وكررت عليه هذا ثلاثا. قال: فدخل إلى
حجرة النساء، وذهبت، فلما كان بعد ثلاث، انحدر إلى واسط على
أقبح حال، وكان قتله هناك.
قال الخطيب: ابن البواب صاحب الخط لا أعلمه روى شيئا (1).
أبو غالب بن الخالة: أخبرنا محمد بن علي بن نصر الكاتب،
حدثني أبو الحسن علي بن هلال ابن البواب... فذكر حكاية
مضمونها: أنه ظفر بربعة ثلاثين جزءا في خزانة بهاء الدولة بخط أبي
علي بن مقلة، تنقص جزءا، وأنه كتبه وعتقه، وقلع جلدا من
الاجزاء، فجلده به. واستجد جلدا للجزء الذي قلع عنه، فاختفى
الجزء الذي كتبه على حذاق الكتاب (2).

(1) انظر " العبر " 3 / 113، و " شذرات الذهب " 3 / 199.
(2) انظر الخبر مفصلا في " معجم الأدباء " 15 / 122 - 124.
317

قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: توفي ابن البواب صاحب
الخط الحسن في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وأربع مئة.
وقال أبو الفضل بن خيرون في وفاته كذلك وقال: كان من أهل
السنة.
قلت: عبث به شاعر، فقال:
هذا وأنت ابن بواب وذو عدم * فكيف لو كنت رب الدار والمال (1)
ولأبي العلاء المعري:
ولاح هلال مثل نون أجادها * بماء النضار الكاتب ابن هلال (2)
وقد رثاه الشريف المرتضى بقوله:
رديت يا ابن هلال والردى عرض * لم يحم منه على سخط له البشر
ما ضر فقدك والأيام شاهدة * بأن فضلك فيها (3) الأنجم الزهر
أغنيت في الأرض والأقوام كلهم * من المحاسن ما لم يغنه المطر
فللقلوب التي أبهجتها حزن * وللعيون التي أقررتها سهر
وما لعيش وقد (4) ودعته أرج * ولا لليل وقد (4) فارقته سحر
وما لنا بعد أن أضحت مطالعنا * مسلوبة منك أوضاع (5) ولا غرر (6)
قال ابن خلكان: روى الكلبي والهيثم بن عدي أن الناقل للكتابة

(1) البيت في " معجم الأدباء " 15 / 125 و " النجوم الزاهرة " 4 / 258.
(2) البيت في " معجم الأدباء " 15 / 128.
(3) في " معجم الأدباء ": " فيه ".
(4) في " معجم الأدباء " " إذا " بدل " وقد " في الموضعين من البيت.
(5) في " معجم الأدباء " أوضاح.
(6) الأبيات في " معجم الأدباء " 15 / 134.
318

العربية من الحيرة إلى الحجاز هو حرب بن أمية. فقيل لأبي سفيان:
ممن أخذ أبوك الكتابة؟ قال: من ابن سدرة، وأخبره أنه أخذها من
واضعها مرامر بن مرة، قال: وكانت لحمير كتابة تسمى المسند،
حروفها [منفصلة، غير] (1) متصلة، وكانوا يمنعون العامة من تعلمها،
فلما جاء الاسلام، لم يكن بجميع اليمن من يقرأ ويكتب.
قلت: هذا فيه نظر، فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون
بالعبراني.
إلى أن قال: فجميع كتابات الأمم اثنتا عشرة كتابة، وهي:
العربية، والحميرية، واليونانية، والفارسية، والرومية، والسريانية،
والقبطية، والبربرية، والأندلسية، والهندية، والصينية، والعبرانية،
فخمس منها ذهبت: الحميرية، واليونانية، والقبطية، والبربرية،
والأندلسية. وثلاث لا تعرف ببلاد الاسلام: الرومية، والصينية،
والهندية (2).
قلت: الكتابة مسلمة لابن البواب، كما أن أقرأ الأمة أبي بن
كعب، وأقضاهم علي، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالتأويل ابن عباس،
وأمينهم أبو عبيدة، وعابرهم محمد بن سيرين، وأصدقهم لهجة أبو
ذر، وفقيه الأمة مالك، ومحدثهم أحمد بن حنبل، ولغويهم أبو
عبيد، وشاعرهم أبو تمام، وعابدهم الفضيل، وحافظهم سفيان
الثوري، وأخباريهم الواقدي، وزاهدهم معروف الكرخي، ونحويهم

(1) ما بين معقوفين مستدرك من " وفيات الأعيان ".
(2) أنظر " وفيات الأعيان " 3 / 344.
319

سيبويه، وعروضيهم الخليل، وخطيبهم ابن نباتة، ومنشئهم القاضي
الفاضل، وفارسهم خالد بن الوليد. رحمهم الله.
193 - البسطامي *
شيخ الشافعية، قاضي نيسابور، الإمام أبو عمر، محمد بن
الحسين بن محمد بن الهيثم، البسطامي الشافعي الواعظ.
له رحلة واسعة، وفضائل.
سمع الطبراني، وأحمد بن الجارود الرقي، والقطيعي، وعلي
ابن حماد الأهوازي، وأحمد بن محمود بن خرزاذ.
ووعظ مدة، ثم تصدر للإفادة والفتيا، وولي القضاء، فأظهر
المحدثون من الفرح ألوانا (1).
روى عنه: الحاكم، والبيهقي، وأبو صالح المؤذن، ومحمد
ابن يحيى المزكي، ومحمد بن عبيد الله الصرام، ويوسف بن محمد
الهمذاني، وخلق.
وكان وافر الحشمة، كبير الشأن، تزوج بابنة الأستاذ أبي الطيب
الصعلوكي، فولدت له المؤيد (2) والموفق (3).

* تاريخ بغداد 2 / 247، 248، الأنساب 2 / 215، تبيين كذب المفتري 236،
المنتظم 7 / 285، طبقات ابن الصلاح ورقة 10 ب، العبر 3 / 99، الوافي بالوفيات 3 / 6،
طبقات الشافعية للسبكي 4 / 140 - 143، طبقات الأسنوي 1 / 224، شذرات الذهب 3 / 187.
(1) انظر " تبيين كذب المفتري " 237.
(2) وهو أبو المعالي عمر بن محمد بن الحسين، المتوفى سنة 465، ستأتي ترجمته في
الجزء الثامن عشر برقم (213).
(3) هو أبو محمد هبة الله، المتوفى سنة 440، مترجم في طبقات السبكي 5 / 354،
طبقات الأسنوي 1 / 225، الذيل للفارسي: 94.
320

مات سنة ثمان وأربع مئة.
194 - العيسوي *
الامام العلامة القاضي الصدوق، أبو الحسن، علي بن عبد
الله إبراهيم بن أحمد، الهاشمي العباسي العيسوي، من أولاد ولي
العهد عيسى (1) بن موسى ابن عم المنصور.
سمع أبا جعفر محمد بن عمرو بن البختري، وأبا عمرو بن
السماك، وعبد العزيز بن الواثق، وموسى بن القاضي إسماعيل، وكان
موسى هذا يروي عن والده إسماعيل بن إسحاق.
حدث عنه: الخطيب، وأبو بكر البيهقي، وطراد الزينبي،
وآخرون.
وقع لي جزآن من حديثه.
قال الخطيب (2): كتبنا عنه، وكان ثقة، ولي قضاء مدينة
المنصور، ومات في رجب سنة خمس عشرة وأربع مئة.
أخبرنا أيوب بن طارق، وسنقر بن عبد الله الحلبيان قالا: أخبرنا
محمد بن سعيد الخازن، أخبرنا أحمد بن المقرب، أخبرنا طراد بن
محمد، أخبرنا علي بن عبد الله الهاشمي، أخبرنا محمد بن عمرو،
أخبرنا أحمد بن ملاعب، حدثنا عفان، عن حماد بن سلمة، أخبرنا

* تاريخ بغداد 12 / 8، 9، العبر 3 / 119، 120، شذرات الذهب 3 / 203.
(1) مرت ترجمته في الجزء السابع برقم (164).
(2) في " تاريخ بغداد " 12 / 8.
321

يونس، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل: أن رجلا لقي امرأة
كانت بغيا في الجاهلية، فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها، فقالت:
مه! إن الله قد ذهب بالشرك، وجاء بالاسلام، فولى، فأصاب وجهه
الحائط، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: " أنت عبد أراد الله بك
خيرا، وإن الله إذا أراد بعبد خيرا، عجل له عقوبة ذنبه، وإذا أراد
الله بعبد شرا، أمسك عليه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة كأنه
عير " (1).
195 - ابن دوست *
الامام الحافظ الأوحد، المسند، أبو عبد الله، أحمد بن
المحدث محمد بن يوسف بن دوست، البغدادي البزاز، أخو عثمان (2)
ابن دوست العلاف.
حدث عن: الحسين بن يحيى بن عياش (3) القطان، ومحمد بن
جعفر المطيري (4)، وإسماعيل الصفار، وطبقتهم.

(1) رجاله ثقات، يونس: هو ابن عبيد بن دينار البصري الثقة الثبت، وأخرجه أحمد 4 /
87 من طريق عفان بهذا الاسناد، وصححه الحاكم 4 / 376، ووافقه الذهبي، وأورده الهيثمي
في " المجمع " 10 / 191، وزاد نسبته للطبراني وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح، وكذلك
أحد إسنادي الطبراني، وفي الباب ما يقويه عن أنس عند الترمذي (2396)، وعن عمار بن ياسر
عند الطبراني، وجود إسناده الهيثمي في " المجمع " 10 / 192، وعن ابن عباس عند الطبراني
وفي سنده عبد الرحمن العرزمي وهو ضعيف.
* تاريخ بغداد 5 / 124، 125، المنتظم 7 / 284، ميزان الاعتدال 1 / 153،
154، المغني في الضعفاء 1 / 58، تذكرة الحفاظ 3 / 1066، البداية والنهاية 12 / 5،
لسان الميزان 1 / 297، 298، النجوم الزاهرة 4 / 241.
(2) سترد ترجمته برقم (309).
(3) بالياء والمعجمة كما في " تبصير المنتبه " 3 / 901.
(4) هذه النسبة إلى المطيرة، وهي قرية من نواحي سر من رأى، انظر " اللباب " وفيه
ترجمة محمد بن جعفر هذا.
322

حدث عنه: هبة الله اللالكائي، وأبو محمد الخلال، وأبو
القاسم الأزهري، وأبو بكر الخطيب، ورزق الله التميمي، وآخرون.
أثنوا على حفظه وفهمه، واختلفوا في عدالته، ضعفه الأزهري،
وطعن ابن أبي الفوارس في روايته عن المطيري.
وقال الخطيب: كان محدثا مكثرا، حافظا عارفا، مكث
مدة يملي من حفظه بجامع المنصور بعد أبي طاهر المخلص (1).
وكان عارفا بمذهب مالك (2).
وقال البرقاني: كان يسرد الحديث من حفظه، وتكلموا فيه،
فقيل: إنه كان يكتب الاجزاء، ويتربها، ليظن أنها عتق (3).
وقال الأزهري: غرقت كتبه، فكان يجددها (4).
وأثنى عليه بعض الأئمة، وكان يذاكر الدارقطني، ويسرد من
حفظه كتبه (5).
قال الخطيب (6): توفي في رمضان سنة سبع وأربع مئة وله أربع
وثمانون سنة.

(1) " تاريخ بغداد " 5 / 124 وتتمته فيه: ثم انقطع عن الخروج، ولزم بيته.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 125.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 125، و " ميزان الاعتدال " 1 / 154.
(4) " تاريخ بغداد " 5 / 125 ونص كلام الأزهري: رأيت كتبه كلها طرية، وكان يذكر أن
أصوله العتق غرقت، فاستدرك نسخها. قال ابن الجوزي: وهذا ليس بشئ، لأنه من الجائز أن
يكون قد قابل بالطرية نسخا قرئت عليه، وقد كان الرجل يملي من حفظه، فيجوز أن يكون
حافظا لما ذهب. " المنتظم " 7 / 284.
(5) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 125، و " ميزان الاعتدال " 1 / 154.
(6) في " تاريخ بغداد " 5 / 125.
323

وفيها مات الحافظ أبو بكر الشيرازي (1) مصنف " الألقاب "،
والامام أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان النيسابوري الواعظ المفسر،
وأبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف بن خاقان العكبري آخر من روى
عن أبي ذر بن الباغندي، ومقرئ الشام أبو بكر محمد بن أحمد
الجبني (2).
196 - صريع الدلاء *
الأديب الخليع، أبو الحسن، محمد (3) بن عبد الواحد (4)،
البصري، نزيل بغداد (5).
[له] ديوان مشهور (6).

(1) تقدمت ترجمته برقم (149).
(2) بضم الجيم وسكون الباء الموحدة ثم نون، وقد تضم الموحدة وتشد النون، وهي نسبة
إلى الجبن، وأبو بكر هذا كان إمام مسجد سوق الجبن، انظر " الأنساب " و " تبصير المنتبه " 1 /
299.
* وفيات الأعيان 3 / 383، 384، المختصر في أخبار البشر 2 / 152، العبر 3 /
110، تتمة المختصر 2 / 504، الوافي بالوفيات 4 / 61 - 63، فوات الوفيات 3 / 424 -
426، تتمة اليتيمة 1 / 14، البداية والنهاية 12 / 13 وتحرفت فيه " الدلاء " إلى " الدلال "،
الزركشي: 294، حسن المحاضرة 1 / 562، شذرات الذهب 3 / 197، تاريخ بروكلمان
2 / 64، 65.
(3) اسمه في " وفيات الأعيان " و " البداية " و " حسن المحاضرة " و " المختصر " و " تتمة
المختصر ": علي.
(4) في " البداية ": عبيد الواحد، وفي " المختصر " و " تتمة المختصر ": عبد
الرحمن.
(5) قال ابن خلكان: المعروف بصريع الدلاء، قتيل الغواشي. قال الصفدي: والثاني
عندي أحسن لامرين: لأنه في الغواشي ما في الدلاء من المعنى المراد، ولان الغواشي أكثر شبها
في اللفظ بالغواني من الدلاء، لانهم قابلوا به صريع الغواني وهو مسلم بن الوليد، الشاعر
الفحل.
(6) منه نسخة بمكتبة أحمد الثالث رقم (245).
324

وقد تحول إلى مصر، فمات بها في سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.
وكان صاحب مزاح ولعب، وله تيك القصيدة السائرة (1).
وهي:
قلقل أحشائي تباريح الجوى * وبان صبري حين حالفت الأسى
وطار عقلي حين أبصرتهم * تحت ظلام الليل يطوون السرى
فلم أزل أسعى على آثارهم * والبين في إتلاف روحي قد سعى
فلو درت مطيهم ما حل بي * بكت علي في الصباح والمسا
فسوف أسلي عنهم خواطري * بحمق يعجب منه من وعا
وطرف أنظمها مقصورة * إذ كنت قصارا صريعا للدلا
من صفع الناس ولم يدعهم * أن يصفعوه مثله قد (2) اعتدى
من صعد السطح وألقى نفسه * إلى قرار الأرض يوما ارتدى
وليس للبغل إذا لم ينبعث * من الطريق باعث مثل العصا
والذقن شعر في الوجوه نابت * وإنما الدبر (3) الذي تحت الخصي
والجوز لا يؤكل مع قشوره * ويؤكل التمر الجديد باللبا
من طبخ الديك ولا يذبحه * طار من القدر إلى حيث اشتهى (4)

(1) والتي عارض بها مقصورة ابن دريد، وهو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي،
المتوفى سنة 321، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(2) في " الوافي " و " الفوات ": " فعليهم " بدل " مثله قد ".
(3) في " الوافي " و " الفوات ": " الاست " بدل " الدبر " والبيت في " البداية والنهاية " و
" حسن المحاضرة ":
والذقن شعر في الوجوه طالع * كذلك العقصة من خلف القفا
(4) في " الوافي " و " الفوات ": " يشأ " بدل " اشتهى "، وفي " البداية " و " حسن
المحاضرة ": انتهى ".
325

من دخلت في عينه مسلة * فسله من ساعته كيف العمى
من فاته العلم وأخطاه الغنى * فذاك والكلب على حد سوا (1)
197 - القزاز *
العلامة، إمام الأدب، أبو عبد الله، محمد بن جعفر، التميمي
القيرواني النحوي.
مؤلف كتاب " الجامع " في اللغة، وهو من نفائس الكتب (2).
وكان يعرف بالقزاز، صنف كتبا للعزيز العبيدي صاحب مصر (3).
وكان مهيبا، عالي المكانة، محببا إلى العامة، لا يخوض إلا
في علم دين أو دنيا.
وله نظم جيد (4)، وشهرة بمصر، وعمر تسعين عاما.

(1) انظر بعض هذه الأبيات في " فوات الوفيات " 3 / 424، 425، و " الوافي
بالوفيات " 4 / 62، و " البداية والنهاية " 12 / 13، و " حسن المحاضرة " 1 / 562.
* معجم الأدباء 18 / 105 - 109، إنباه الرواة 3 / 84 - 87، المحمدون من الشعراء
65، 66، وفيات الأعيان 4 / 374 - 376، تلخيص ابن مكتوم 196 - 198، الوافي بالوفيات
2 / 304، 305، مرآة الجنان 3 / 27، إشارة التعيين الورقة 46، بغية الوعاة 1 / 71،
كشف الظنون 1 / 576، روضات الجنات 178، هدية العارفين 2 / 61.
(2) قال ياقوت في " معجم الأدباء ": وهو كتاب كبير حسن متقارب، يقارب كتاب
" التهذيب " لأبي منصور الأزهري، رتبه على حروف المعجم. ونقل القفطي في " إنباه الرواة "
عن القزاز قوله: ما علمت أن أحدا سبق إلى تأليف مثل هذا الكتاب، ولا اهتدى أحد من أهل هذه
الصنعة إلى تقريب البعيد، وتسهيل المآخذ، وجمع المفرق على مثل هذا المنهاج. وانظر
" وفيات الأعيان " 4 / 375.
(3) انظر مصنفاته في " معجم الأدباء " 18 / 109، و " الوافي بالوفيات " 2 / 305، و
" هدية العارفين " 2 / 61.
(4) انظر نظمه في " معجم الأدباء " 18 / 107 - 109، و " الوافي " 2 / 305، و " إنباه
الرواة " 3 / 84، 85، و " وفيات الأعيان " 4 / 375، 376.
326

قيل: مات بالقيروان سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.
198 - الراشد بالله *
الشريف، صاحب مكة، الحسن بن جعفر، العلوي.
كان الوزير أبو القاسم بن المغربي قد هرب من الحاكم، وصار
إلبا عليه، فحسن لحسان بن مفرج الخروج على الحاكم لجوره وكفر
نفسه، وأمره بنصب صاحب مكة إماما لصحة نسبه، فبادر حسان إلى
مكة، وبايع صاحبها، وأخذ مال الكعبة، ومال التجار، ولقبوه
بالراشد، وأقبل إلى الشام، فتلقاه والد حسان ووجوه العرب،
وتمكن، وخطب له على المنابر، وكان متقلدا سيفا زعم أنه ذو
الفقار، وفي يده قضيب النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه عدد من أقاربه، وفي ركابه
ألف عبد، فنزل الرملة، فراسل الحاكم مفرج بن جراح المذكور،
واستماله بالرغبة والرهبة، وأحس الراشد بالامر، فذل، وتذمم
بمفرج، وقال: أنا راض من الغنيمة بالإياب، أنتم غريتموني.
فجهزه مفرج إلى الحجاز، وتسحب ابن المغربي إلى العراق، وجرى
ذلك سنة بضع وأربع مئة (1).
199 - الغضائري * *
الامام الصالح الثقة، أبو عبد الله، الحسين بن الحسن بن

* الكامل لابن الأثير 9 / 123، 331، 332، 446.
(1) ذكر ابن الأثير وفاة الراشد بالله سنة ثلاثين وأربع مئة. " الكامل " 9 / 466.
* * تاريخ بغداد 8 / 34، الأنساب 9 / 155، المنتظم 8 / 14، العبر 3 / 116،
شذرات الذهب 3 / 200. والغضائري: نسبة إلى الغضارة، وهو إناء يؤكل فيه الطعام.
327

محمد بن حلبس (1)، المخزومي الغضائري البغدادي.
سمع: محمد بن يحيى الصولي، وإسماعيل بن محمد الصفار،
وأبا جعفر البختري، وأبا عمرو بن السماك، وأبا بكر النجاد.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو بكر الخطيب، وأبو الحسين
ابن المهتدي بالله، وعباس بن بكران الهاشمي، وأبو عبد الله القاسم
ابن الفضل الثقفي، وآخرون.
قال الخطيب (2): كان ثقة فاضلا، مات في المحرم سنة أربع
عشرة وأربع مئة.
قلت: لعله جاوز التسعين، وله جزء مشهور سمعناه.
200 - الغضائري *
شيخ الشيعة وعالمهم، أبو عبد الله، الحسين بن عبيد الله بن
إبراهيم، البغدادي الغضائري.
يوصف بزهد وورع وسعة علم.
يقال: كان أحفظ الشيعة لحديث أهل البيت غثه وسمينه.
روى عنه: أبو جعفر الطوسي، وابن النجاشي (3) الرافضيان.

(1) تصحفت في " شذرات الذهب " 3 / 200 إلى " حليس " بالياء التحتية.
(2) في " تاريخ بغداد " 8 / 34.
* ميزان الاعتدال 1 / 541، لسان الميزان 2 / 288، 289 و 297، كتاب الرجال
للنجاشي: 51، منهج المقال 114، روضات الجنات 183، إيضاح المكنون 2 / 358،
أعيان الشيعة 26 / 351 - 360.
(3) تحرف في لسان الميزان " 2 / 289 إلى " ابن النحاس ".
328

وهو فيروي عن: أبي بكر الجعابي، وسهل بن أحمد
الديباجي، وأبي المفضل الشيباني.
قال الطوسي تلميذه: خدم العلم، وطلبه لله، وكان حكمه أنفذ
من حكم الملوك (1).
وقال ابن النجاشي: صنف كتبا منها: كتاب " يوم الغدير "،
وكتاب " مواطئ (2) أمير المؤمنين "، وكتاب " الرد على الغلاة "،
وغير ذلك. مات في صفر سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
قلت: هو من طبقة الشيخ المفيد (3) في الجلالة عند الإمامية،
يفتخرون بهما، ويخضعون لعلمهما حقه وباطله.
201 - ابن الحاج *
الامام المحدث الثقة، أبو العباس، أحمد بن محمد بن الحاج
ابن يحيى، الإشبيلي الشاهد، نزيل مصر.
سمع عثمان بن محمد السمرقندي، والحسن بن مروان
القيسراني، وأبا الفوارس أحمد بن محمد الصابوني، وعلي بن أبي
العقب الدمشقي، وأحمد بن محمد بن عمارة، والعباس بن محمد
الرافقي، وأحمد بن أبي الموت، وطبقتهم بمصر ودمشق.

(1) انظر " لسان الميزان " 2 / 289.
(2) تحرف في " لسان الميزان " 2 / 289 إلى " بواطن ".
(3) وهو محمد بن محمد بن النعمان البغدادي، سترد ترجمته برقم (213).
* العبر 3 / 119، حسن المحاضرة 1 / 372، شذرات الذهب 3 / 202، تهذيب
تاريخ دمشق 1 / 456.
329

حدث عنه: الحافظ أبو نصر السجزي، والحافظ عبد الرحيم بن
أحمد البخاري، والقاضي محمد بن سلامة القضاعي، وأبو إسحاق
الحبال، وأبو الحسن الخلعي، وآخرون.
وانتقى عليه السجزي أجزاء عديدة، وأثنى عليه الحبال.
وكان صاحب معرفة وفهم، وقع لي من عواليه.
قال الحبال: مات في صفر سنة خمس عشرة وأربع مئة.
أخبرنا محمد بن الحسين القرشي، أخبرنا محمد بن عماد،
أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن القاضي، أخبرنا أبو
العباس بن الحاج، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر السقطي بالبصرة،
حدثنا الحسن بن المثنى، حدثنا عفان، حدثنا شعبة، أخبرنا محمد
ابن زياد، سمع أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أما
يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الامام أن يحول الله رأسه رأس
حمار أو صورته صورة حمار " (1).
وفيها مات أبو الفرج أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة (2)،
وشيخ الشافعية أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن
المحاملي (3)، والقاضي عبد الجبار (4) شيخ المعتزلة، وأبو الحسن

(1) صحيح، وأخرجه من طريق شعبة عن محمد بن زياد بهذا الاسناد البخاري (691)
في الاذان: باب إثم من رفع رأسه قبل الامام، والدارمي 1 / 302، وأبو داود (623) وأخرجه
من طرق، عن حماد بن زيد، عن محمد بن زياد به مسلم (427) في الصلاة، والنسائي 2 /
96 في الإمامة، والترمذي (582) وابن ماجة (961).
(2) سترد ترجمته برقم (210).
(3) سترد ترجمته برقم (266).
(4) تقدمت ترجمته برقم (150).
330

علي بن عبد الله العيسوي (1)، وأبو الحسين بن بشران (2)، وأبو
صادق (3) محمد بن أحمد بن محمد بن شاذان، وأبو الحسين بن
الفضل القطان، وأبو بكر محمد بن إدريس الجرجرائي (4)، وأبو بكر
محمد بن الحسين بن جرير الدشتي، وابن عقيل الباوردي، وعلي بن
أحمد بن عبدان (5) الأهوازي.
202 - القطان *
الشيخ العالم الثقة، المسند، أبو الحسين، محمد بن الحسين
ابن محمد بن الفضل، البغدادي القطان (6) الأزرق.
ذكر لأبي بكر الخطيب: أنه ولد في شوال سنة خمس وثلاثين
وثلاث مئة (7).
وسمع وهو ابن خمس سنين من إسماعيل الصفار وهو أكبر شيخ
له ومن أبي جعفر محمد بن علي بن عمر بن علي بن حرب، وعبد
الله بن جعفر بن درستويه الفارسي، وعنده عنه " تاريخ " الفسوي،
وأبي بكر النجاد، وأبي عمرو بن السماك، وعدة.

(1) تقدمت ترجمته برقم (194).
(2) تقدمت ترجمته برقم (189).
(3) سترد ترجمته برقم (264).
(4) سترد ترجمته برقم (243).
(5) سترد ترجمته برقم (259).
* تاريخ بغداد 2 / 249، 250، الأنساب 10 / 186، 187، المنتظم 8 / 20،
العبر 3 / 120، شذرات الذهب 3 / 203.
(6) قال السمعاني: وكان يسكن دار القطن ببغداد. " الأنساب " 10 / 187.
(7) " تاريخ بغداد " 2 / 249.
331

وانتقى عليه ابن أبي الفوارس، وهبة الله اللالكائي.
وحدث عنه: البيهقي، والخطيب، ومحمد بن هبة الله
اللالكائي، وأبو عبد الله الثقفي، وجماعة سواهم.
وهو مجمع على ثقته.
توفي في شهر رمضان سنة خمس عشرة وأربع مئة عن ثمانين
سنة.
203 - الوهراني *
الشيخ الثقة الجليل، أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبد الله بن
خالد بن مسافر، الهمذاني المغربي الوهراني ثم البجاني (1).
وبجانة (2) من مدن الأندلس، وبجاية الناصرية أحدثت في المئة
الخامسة بالمغرب، وهي أشهر وأكبر (3)، ولكن خرج من الأولى جلة
وعلماء.
مولده في سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
وسافر في التجارة إلى أقصى خراسان، وعني بالرواية.

* جذوة المقتبس 275، ترتيب المدارك 4 / 690، 691، الأنساب (الوهراني)
الصلة 1 / 317 - 319، بغية الملتمس 366، اللباب 3 / 376. والوهراني: نسبة إلى
وهران، وهي مدينة بعدوة الأندلس على أرض القيروان.
(1) تصحفت في " ترتيب المدارك " 4 / 69 إلى " التجاني ".
(2) سبق التعريف بها في الصفحة 188 ت رقم (3).
(3) قال ياقوت في بجاية: مدينة على ساحل البحر بين إفريقية والمغرب، كان أول من
اختطها الناصر بن علناس بن حماد بن زيري بن مناد بن بلكين في حدود سنة 457. " معجم
البلدان " 1 / 339.
332

وأخذ عن: الحسن بن رشيق ونحوه بمصر، وعن القاضي أبي
بكر الأبهري، وطائفة ببغداد، وعن تميم بن محمد بالقيروان، وعن
محمد بن عمر الشبويي بمرو، وعن إبراهيم بن أحمد المستملي
ببلخ.
وقدم إلى بلاده بإسناد عال، فحمل عنه ابن عبد البر، وأبو عمر
ابن سميق، وأبو حفص الزهراوي، وحاتم بن محمد، وأبو عمر أحمد
ابن الحذاء، وأبو محمد بن حزم، وآخرون.
وكان خيرا صالحا متقبضا، يتكسب بالتجارة (1).
سمع من تميم (2) " الموطأ ": أخبرنا عيسى بن مسكين عن
سحنون، عن ابن القاسم.
مات في ربيع الأول سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
حدث " بصحيح " البخاري.
204 - العبدويي *
الامام الحافظ، شرف المحدثين، أبو حازم، عمر بن أحمد بن

(1) انظر " الصلة " 1 / 317.
(2) أي تميم بن محمد بن أحمد، أبو العباس، صاحب عيسى بن مسكين. انظر " جذوة
المقتبس " 275.
* تاريخ بغداد 11 / 272، 273، الأنساب 8 / 354، تبيين كذب المفتري 241،
المنتظم 8 / 27، اللباب 2 / 314، تذكرة الحفاظ 3 / 1072، العبر 3 / 125، طبقات
السبكي 5 / 300، 301، البداية والنهاية 12 / 12، النجوم الزاهرة 4 / 265، طبقات
الحفاظ 417، 418، شذرات الذهب 3 / 208. قال السمعاني: وهذه النسبة إلى عبدويه،
فإن قيل كما يقول النحويون: عبدويه، فالنسبة إليه " عبدوي " بفتح الدال، وإن قيل كما يقول
المحدثون: عبدويه بضم الدال، فالنسبة إليه عبدويي ".
333

إبراهيم بن عبدويه بن سدوس بن علي بن عبد الله بن الفقيه عبيد الله
ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، الهذلي المسعودي العبدويي
النيسابوري الأعرج، ابن المحدث أبي الحسن.
مات أبوه أبو الحسن (1) في رمضان سنة خمس وثمانين وثلاث
مئة وهو في عشر التسعين، وقد روى عنه: ابن خزيمة، والسراج،
روى عنه: ابنه، والحاكم، وأبو سعيد الكنجروذي، وعدة.
وابنه أبو حازم ولد بعد الأربعين وثلاث مئة.
سمع إسماعيل بن نجيد، وأبا بكر الإسماعيلي، ومحمد بن عبد
الله بن عبدة السليطي، وأبا عمرو بن مطر، وأبا الفضل بن خميرويه
الهروي، وأبا أحمد الغطريفي، وأبا عمرو بن حمدان، وأبا سعيد بن
عبد الوهاب، وأبا أحمد الحاكم، وطبقتهم. وتأخر عن الرحلة إلى
بغداد، ولحق بها عيسى بن الوزير، وأبا الطاهر المخلص.
وكتب العالي والنازل، وجمع وخرج، وتميز في علم الحديث.
حدث عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو القاسم علي بن
المحسن، وأحمد بن عبد الواحد الوكيل، وأبو بكر الخطيب، وأبو صالح
المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، وأبو عبد الله الثقفي الرئيس،
وآخرون.
قال أبو محمد بن السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب يقول:

(1) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
334

لم أر أحدا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين: أبو نعيم، وأبو حازم
العبدويي (1).
قلت: وقد سمعه والده من أبي بكر الصبغي، وحامد الرفاء.
قال الحافظ أبو صالح المؤذن: سمعت أبا حازم الحافظ يقول:
كتبت بخطي عن عشرة من شيوخي عشرة آلاف جزء، عن كل واحد
ألف جزء (2).
وقال أبو بكر الخطيب: كان أبو حازم ثقة صادقا، حافظا
عارفا (3).
قلت: من ورعه أنه ما حدث عن الصبغي، ولا عن حامد الرفاء
لصغره، وقد كانا أكبر مشايخه.
قال أبو بكر محمد بن علي الطوسي: رأيت بخط زاهر بن طاهر
قال: كتب مسعود بن ناصر ورقة قال: وجدت عند مسعود بن علي بن
معاذ السجزي بخط الحاكم أبي عبد الله قال: اجتمعنا سنة 381،
فذكرنا الكذابين بنيسابور، والذين ظهر لنا من جرحهم، فأثبتناه
للاعتبار، فذكر جماعة منهم أبو بكر الكسائي، وأبو بكر الطرازي،
وأبو حازم العبدويي، وأبو القاسم بن حبيب المفسر، وقال: هم كذبة
في الرواية: قال مسعود بن علي: واستشهد جماعة أثبتوا خطوطهم

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1072، و " طبقات " السبكي 5 / 301.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1072، 1073، و " تبيين كذب المفتري " 242،
243، و " طبقات " السبكي 5 / 301.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 272.
335

عقيب خطه فيمن كتب أبو جعفر العزائمي.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا جعفر بن علي
المقرئ، (ح) وأخبرنا علي بن عثمان البربري، أخبرنا أحمد بن
محمد المحمودي قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا القاسم
ابن الفضل، حدثنا أبو حازم الحافظ إملاء، حدثنا أبو عمرو بن مطر،
أخبرنا إبراهيم بن علي، حدثنا يحيى بن يحيى: قلت لمالك:
حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن
أبي قتادة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم من أبي العاص بن الربيع، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها؟
قال: نعم. متفق عليه (1).
قال الحافظ أبو علي الوخشي: مات أبو حازم العبدويي يوم عيد
الفطر سنة سبع عشرة وأربع مئة.
قلت: وفيها توفي مسند بغداد أبو محمد عبد الله بن يحيى
السكري (2)، ومقرئ الوقت أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن
حفص بن الحمامي (3)، ومحدث دمشق أبو نصر محمد بن أحمد بن

(1) البخاري (516) في الصلاة: باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة، و
(5996) في الأدب: باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، ومسلم (543) في المساجد: باب
جواز حمل الصبيان في الصلاة، وأخرجه مالك 1 / 170 في قصر الصلاة: باب جامع الصلاة،
وأبو داود (917) و (918) و (919) و (920) والنسائي 3 / 10، والدارمي 1 / 316.
(2) سترد ترجمته برقم (246).
(3) سترد ترجمته برقم (265).
336

هارون (1) ابن الجندي الغساني إمام جامع دمشق لقي خيثمة، والمسند
البقية أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان العكبري البزاز (2) وقاضي بغداد أبو
الحسن أحمد بن محمد بن أبي الشوارب (3) عن ثمان وثمانين سنة، وشيخ
الشافعية أبو بكر عبد الله بن أحمد المروزي القفال (4)، والمسند أبو الحسين
أحمد بن محمد سلامة الطحان الستيتي (5) صاحب خيثمة.
205 - ابن حسنون *
الشيخ العالم الصادق الصالح الخير، أبو نصر، أحمد بن محمد
ابن أحمد بن حسنون، النرسي البغدادي، والد صاحب المشيخة أبي
الحسين ابن النرسي. وفي ذريته جماعة من المشايخ.
سمع أبا جعفر بن البختري، وعلي بن إدريس الستوري،
وعثمان بن أحمد ابن السماك.
روى عنه: الخطيب أبو بكر الحافظ، وقال: كان صدوقا
صالحا (6)، وأبو الفوارس طراد الزينبي، وعبد الواحد بن علوان،
وأبو الحسين محمد بن أحمد ولده، وآخرون.
توفي سنة إحدى عشرة وأربع مئة في شهر ذي القعدة.

(1) سترد ترجمته برقم (263).
(2) سترد ترجمته برقم (224).
(3) سترد ترجمته برقم (223).
(4) سترد ترجمته برقم (267).
(5) سترد ترجمته برقم (222).
* تاريخ بغداد 4 / 371، العبر 3 / 104، شذرات الذهب 3 / 192.
(6) " تاريخ بغداد " 4 / 371.
337

وفيها مات الحسن بن الحسن بن المنذر، وأبو بكر أحمد بن عبد
الرحمن اليزدي (1) القاضي، وأبو القاسم علي بن أحمد بن محمد
الخزاعي (2) ببلخ، والحاكم صاحب مصر (3)، وآخرون.
206 - ابن المنذر *
الشيخ الامام القاضي العلامة، أبو القاسم، الحسن (4) بن
الحسن (5) بن علي بن المنذر، البغدادي.
سمع إسماعيل بن محمد الصفار، وأبا جعفر بن البختري، وأبا
عمرو بن السماك، وطبقتهم.
وكان مكثرا من السماع.
قال الخطيب (6): كتبنا عنه، وكان صدوقا ضابطا، كثير
الكتاب، حسن الفهم، حسن العلم بالفرائض. استنابه القاضي أبو
عبد الله الحسين الضبي على القضاء، ثم ولي قضاء ميافارقين عدة
سنين، ثم رد إلى بغداد، فأقام يحدث إلى أن مات في شعبان وله
ثمانون سنة.

(1) تقدمت ترجمته برقم (186).
(2) تقدمت ترجمته برقم (114).
(3) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
* تاريخ بغداد 7 / 304، 305، المنتظم 7 / 301، العبر 3 / 106، 107، شذرات
الذهب 3 / 195.
(4) في " المنتظم ": الحسين بن الحسين.
(5) في " العبر " و " شذرات ": " الحسين ".
(6) في " تاريخ بغداد " 7 / 304، 305.
338

قلت: آخر من تبقى من أصحابه أبو عبد الله بن طلحة النعالي.
توفي سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
207 - ابن أبي كامل *
العدل المسند، أبو عبد الله، الحسين بن عبد الله بن محمد بن
إسحاق بن أبي كامل، العبسي البصري الأصل، الطرابلسي.
حدث عن: خال أبيه خيثمة بن سليمان، وأبي الحسن بن
حذلم، وأبي الميمون بن راشد، وأبي يعقوب الأذرعي بدمشق،
ومحمد بن إبراهيم السراج لقيه ببيت المقدس، وأبي محمد بن الورد،
وطائفة بمصر.
انتقى عليه خلف الواسطي، ووثقه أبو بكر الحداد.
وحدث عنه: الصوري، وعبد الرحيم البخاري، وعبد العزيز
الكتاني، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وأبو الحسن بن
صصري، وآخرون.
يقع حديثه في فوائد النسيب.
توفي بأطرابلس سنة أربع عشرة وأربع مئة.
208 - الباشاني * *
الثقة المعمر، أبو عبد الله، محمد بن علي بن الحسين،

* العبر 3 / 116، تذكرة الحفاظ 3 / 1057، شذرات الذهب 3 / 200، تهذيب
تاريخ دمشق 4 / 308.
* * لم نقف على ترجمة في المصادر. والباشاني: نسبة إلى باشان، وهي قرية من قرى
هراة.
339

الباشاني الهروي.
حدث عن: أبي إسحاق أحمد بن محمد بن ياسين، فكان آخر
أصحابه، وعن محمد بن إبراهيم بن نافع.
حدث عنه: شيخ الاسلام الأنصاري، وطائفة.
وثق.
وقيل: إنه عاش مئة وست سنين. مات سنة أربع عشرة وأربع مئة.
209 - النعيمي *
الحافظ الامام، أبو منصور، أحمد بن الفضل، النعيمي
الجرجاني.
حدث عن: أبي أحمد بن عدي، والإسماعيلي، وأبي أحمد بن
الغطريف، وأبي عمرو بن حمدان، والحاكم أبي أحمد، ونصر بن عبد
الملك.
وله مصنف في " أخبار الجبل " (1)، وآخر سماه " المجتبى ".
ذكره أبو نصر الأمير، وقال: توفي في سنة خمس عشرة وأربع
مئة (2).
* تاريخ جرجان: 82، الأنساب (النعيمي)، اللباب 3 / 318، الاكمال 7 / 378.
(1) في " الاكمال ": " الجيل " بالياء المثناة التحتية، وفي " تاريخ جرجان ":
" الجبل " بالباء الموحدة، وكتب المعلق على كلمة " الجبل ": هكذا في الأنساب، ووقع في
الأصل: " الجيل ". قال ياقوت: الجبل: اسم جامع للأعمال التي يقال لها الجبال،
وهي ما بين أصبهان إلى زنجان وقزوين وهمذان والدينور وقرميسين والري.
(2) " الاكمال " 7 / 378. (*)
340

210 - ابن المسلمة *
الامام القدوة، أبو الفرج، أحمد بن محمد بن عمر بن حسن ابن
المسلمة، البغدادي المعدل.
سمع أحمد بن كامل، وأبا بكر النجاد، وابن علم (1)، ودعلج بن
أحمد، وطائفة.
روى عنه: الخطيب، وطراد الزينبي، وجماعة.
قال الخطيب (2): كان ثقة يملي في العام مجلسا واحدا، وكان
موصوفا بالعقل والفضل والبر، وداره مألف لأهل العلم، وكان صواما،
كثير التلاوة.
وقال غيره: تفقه على أبي بكر الرازي شيخ الحنفية، وكان يسرد
الصوم، ويتهجد بسبع (3) رحمه الله، ورئي له أنه من أهل السعادة (4).
توفي في ذي القعدة سنة خمس عشرة وأربع مئة وله ثمان وسبعون
سنة.
وهو والد المسند أبي جعفر (5)، وجد الوزير رئيس الرؤساء أبي

* تاريخ بغداد 5 / 67، 68، المنتظم 8 / 16، 17، الكامل في التاريخ 9 /
341، البداية والنهاية 12 / 17، الجواهر المضية 1 / 296، 297، النجوم الزاهرة 4 /
260، الطبقات السنية برقم (342)، تاريخ التراث العربي 1 / 381.
(1) في " تاريخ بغداد ": محمد بن عبد الله بن علم الصفار.
(2) في " تاريخ بغداد " 5 / 67.
(3) أي سبع القرآن.
(4) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 67 و " المنتظم " 8 / 17 و " البداية والنهاية " 12 / 17 و
" الجواهر المضية " 1 / 297.
(5) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (102).
341

القاسم (1) علي بن الحسن.
211 - حمد بن عمر *
ابن أحمد بن إبراهيم، الزجاج الحافظ، محدث همذان، أبو نصر.
سمع من: أحمد بن محمد بن هارون الكرابيسي صاحب الكجي،
ومن أحمد بن محمد بن مهران، وعبد الله بن الحسين القطان، وطاهر بن
سهلويه، وأبي زرعة أحمد بن الحسين، وخلق.
حدث عنه: أبو الفضل الفلكي في تواليفه، ومحمد بن الحسين
الصوفي، ويوسف الخطيب، وآخرون.
قال شيرويه: كان ثقة حافظا، يحسن هذا الشأن، سمعت عبدوس
ابن عبد الله يقول: كان حمد الزجاج يقرأ على المشايخ، وينام ويقرأ مستويا
لحفظه ومعرفته بالأسانيد والمتون.
إلى أن قال: توفي في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وأربع مئة.
212 - القنازعي * *
العلامة القدوة، أبو المطرف، عبد الرحمن بن مروان (2) بن عبد

(1) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (103).
* تذكرة الحفاظ 3 / 1055.
* * جذوة المقتبس 278، 279، ترتيب المدارك 4 / 726 - 728، الصلة 2 / 322 -
324، بغية الملتمس: 371، المغرب في حلي المغرب 1 / 166، 167، العبر 3 /
112، عيون التواريخ 12 / 155 / 1، الديباج المذهب 1 / 485، غاية النهاية لابن الجزري
1 / 380، طبقات المفسرين للسيوطي: 18، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 287،
288، شذرات الذهب 3 / 198، هدية العارفين 1 / 16، شجرة النور الزكية 1 / 111،
112.
(2) في " ترتيب المدارك " و " شجرة النور ": " هارون " بدل " مروان ".
342

الرحمن، الأنصاري القرطبي القنازعي. وقنازع قرية (1).
سمع " الموطأ " من أبي عيسى الليثي، وسمع من القاضي محمد بن
السليم، وأبي جعفر بن عون الله.
وتلا على أبي الحسن الأنطاكي، وأصبغ بن تمام.
وارتحل سنة 67، فسمع الحسن بن رشيق، ولقي حسينك التميمي
في الموسم، وأكثر عن أبي محمد بن أبي زيد، وأقبل على شأنه، وتصدر
للاقراء والفقه بقرطبة.
روى عنه: محمد بن عتاب، وابن عبد البر، وطائفة.
وكان إماما متفننا حافظا، متألها خاشعا، متهجدا مفسرا، بصيرا
بالفقه واللغة، امتنع من الشورى (2).
وكان زاهدا ورعا قانعا باليسير، مجاب الدعوة، بعيد الصيت، رأسا
في القراءات، صاحب تصانيف (3).
مات في رجب سنة ثلاث عشرة وأربع مئة عن ثنتين وسبعين سنة.

(1) في " الصلة " 2 / 324. أبو المطرف القنازعي منسوب إلى صنعته. وفي " طبقات "
الداوودي 1 / 288: والقنازعي نسبة إلى ضيعة من بلاد المغرب. فلعل كلمة " صنعته " الواردة
في " الصلة " مصحفة عن " ضيعته ".
(2) وقد ندبه إليها علي بن حمود لما ولي الخلافة بقرطبة، أشار عليه بذلك قاضيه أبو
المطرف بن بشر مقدرا أنه لا يجسر على رد ابن حمود لهيبته. انظر " الصلة " 2 / 323، 324.
(3) منها " شرح الموطأ " وتوجد منه قطعة في القيروان، انظر مجلة معهد المخطوطات 2 /
362، وله كتاب في " الشروط "، و " مختصر تفسير القرآن " لابن سلام. انظر " هدية
العارفين " 1 / 516.
343

213 - الشيخ المفيد *
عالم الرافضة، صاحب التصانيف، الشيخ المفيد، واسمه: محمد
ابن محمد بن النعمان، البغدادي الشيعي، ويعرف بابن المعلم.
كان صاحب فنون وبحوث وكلام، واعتزال وأدب.
ذكره ابن أبي طي (1) في " تاريخ الإمامية "، فأطنب وأسهب، وقال:
كان أوحد في جميع فنون العلم: الأصلين، والفقه، والاخبار، ومعرفة
الرجال، والتفسير، والنحو، والشعر. وكان يناظر أهل كل عقيدة مع
العظمة في الدولة البويهية، والرتبة الجسيمة عند الخلفاء، وكان قوي
النفس، كثير البر، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم، يلبس الخشن
من الثياب، وكان مديما للمطالعة والتعليم، ومن أحفظ الناس، قيل: إنه
ما ترك للمخالفين كتابا إلا وحفظه، وبهذا قدر على حل شبه القوم، وكان من
أحرص الناس على التعليم، يدور على المكاتب وحوانيت الحاكة، فيتلمح
الصبي الفطن، فيستأجره من أبويه - يعني فيضله - قال: وبذلك كثر
تلامذته، وقيل: ربما زاره عضد الدولة، ويقول له: اشفع تشفع. وكان

* الفهرست لابن النديم 226، تاريخ بغداد 3 / 231، المنتظم 8 / 11، 12،
الذريعة 2 / 209، دول الاسلام 1 / 246، ميزان الاعتدال 4 / 30، العبر 3 / 114، عيون
التواريخ 12 / 55 / 2، الوافي بالوفيات 1 / 116، مرآة الجنان 3 / 28، لسان الميزان 5 /
368، النجوم الزاهرة 4 / 258، شذرات الذهب 3 / 199، 220، الرجال للنجاشي:
283 - 287، فهرست الطوسي 157، 158، روضات الجنات 563 - 570، هدية العارفين
2 / 61، 62، أعيان الشيعة 46 / 20 - 26.
(1) هو يحيى بن أبي طي حميد بن ظافر بن علي، أبو الفضل البخاري الحلبي، قرأ
القرآن، وبرع في الفقه على مذهب الإمامية، وله مشاركة في الأصول والقرءات. وله تصانيف
عدة توفي سنة 630 ه‍. انظر ترجمته في " لسان الميزان " 6 / 263، 264، و " هدية
العارفين " 2 / 523.
344

ربعة نحيفا أسمر، عاش ستا وسبعين سنة، وله أكثر من مئتي مصنف...
إلى أن قال: مات سنة ثلاث عشرة وأربع مئة، وشيعه ثمانون ألفا.
وقيل: بلغت تواليفه مئتين (1)، لم أقف على شئ منها ولله الحمد،
يكنى أبا عبد الله.
214 - سلطان الدولة *
ملك العراق وفارس، سلطان الدولة، أبو شجاع، فناخسرو بن
الملك بهاء الدولة (2) خره فيروز بن الملك عضد الدولة (3) أبي شجاع بن
ركن الدولة (4) حسن بن بويه الديلمي.
تملك بعد أبيه سنة ثلاث وأربع مئة، فكانت أيامه اثنتي عشرة سنة،
ووزر له فخر الملك (5) أبو غالب، فقرئ عهد سلطان الدولة من القادر
بالله (6)، والألقاب كانت: عماد الدين، مشرف الدولة، مؤيد الملة،
مغيث الأمة، صفي أمير المؤمنين. ثم أحضرت الخلع وهي سبع على
العادة، وعمامة سوداء، وتاج مرصع، وسيف، وسواران، وطوق،

(1) انظر مصنفاته في " هدية العارفين " 1 / 62، وانظر النسخ المخطوطة منها في " تاريخ
التراث العربي " لسزكين 2 / 278 - 280.
* المنتظم 8 / 17، الكامل 9 / 241، 293، 305، 310، 318، 327، 337،
المختصر في أخبار البشر 2 / 155، تتمة المختصر 2 / 508، تاريخ ابن خلدون 4 / 470 -
474، النجوم الزاهرة 4 / 261.
(2) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (106).
(3) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(5) تقدمت ترجمته برقم (173).
(6) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
345

وفرسان، ولواءان عقدهما القادر بيده، وتلفظ بالحلف له بمسمع من الوزير
أبي غالب والكبار ونفذ ذلك مع القاضي أبي خازم محمد بن الحسين
وخادمين إلى فارس، أول العهد: من عبد الله أحمد الامام القادر بالله
أمير المؤمنين إلى فناخسرو بن بهاء الدولة مولى أمير المؤمنين: سلام
عليك... فإن أمير المؤمنين يحمد إليك الله. ومنه: أما بعد... أطال
الله بقاءك... إلى أن قال: وكتب في ربيع الأول سنة أربع وأربع مئة.
قال محمد بن عبد الملك في " تاريخه ": لما صار الامر إلى سلطان
الدولة، استخلف ببغداد أخاه (1) مشرف الدولة (2) أبا علي، وجعل إليه إمارة
الأتراك خاصة، فحسنوا له العصيان، فاستولى على بغداد وواسط، وتردد
الأتراك إلى الديوان، فأمر بقطع خطبة سلطان الدولة، وأن يخطب لمشرف
الدولة (3).
وكان دخول سلطان الدولة بغداد سنة تسع، وتلقاه الخليفة، وضربت
له النوبة في أوقات الصلوات الخمس، فأوحش القادر، وكانت العادة جارية
من أيام عضد الدولة بضرب النوبة ثلاث أوقات (4)..
إلى أن قال: ولما تمكن مشرف الدولة، انحاز أخوه إلى أرجان (5)،
وتناقضت أموره، وكان يواصل الشرب حتى فسد خلقه، وطلب طبيبا

(1) في الأصل: " أخاف " وهو خطأ.
(2) سترد ترجمته برقم (268).
(3) انظر " الكامل " 9 / 317 - 319 و 323، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 472.
(4) انظر " الكامل " 9 / 305
(5) بفتح أوله وتشديد الراء وجيم وألف ونون، وعامة العجم يسمونها أرغان: مدينة كبيرة
كثيرة الخير، بينها وبين شيراز ستون فرسخا، وبينها وبين سوق الأهواز ستون فرسخا. انظر
" معجم البلدان " 1 / 142.
346

لفصده، ففصده بحضرة الأوحد (1)، ونفذ قضاء الله فيه بشيراز في شوال
سنة خمس عشرة و أربع مئة عن اثنتين وثلاثين سنة وخمسة أشهر. ولما
مات، نهبت الديلم ما قدروا عليه، وأشار عليهم الأوحد بابنه أبي
كاليجار (2)، فخطب له بخوزستان. وظهر الملك أبو جعفر بن كاكويه (3)
فتملك همذان، وقهر بني بويه، وافتتح الدينور وشابور خواست (4)،
وعظمت هيبته.
215 - المستظهر بالله *
عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر لدين الله،
المرواني.

(1) وهو أبو محمد الحسن بن مكرم صاحب سلطان الدولة. انظر " الكامل " 9 / 112،
133، 141، 162، 180، 327، 367.
(2) سترد ترجمته برقم (425).
(3) هو علاء الدولة أبو جعفر بن دشمنزيار - وفي المختصر وتتمته: شهريار - و إنما قيل له
كاكويه، لأنه كان ابن خال والدة مجد الدولة بن فخر الدولة بن بويه، وكاكويه هو الخال
بالفارسية. انظر " الكامل " 9 / 207، 330، 351، 357، 379، 381، 395، 402،
424، 435، 446، 493، 495 و " المختصر في أخبار البشر " 2 / 154، و " تتمة
المختصر " 2 / 482 و 525، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 473.
(4) في اللغة الفارسية إذا وقعت الواو بين الخاء والألف لا تلفظ، فكلمة " خواست " مثلا
تلفظ " خاست " بإشمام الخاء الضم. وشابور خواست ويقال أيضا بإهمال السين في أولها: بلدة
ولاية بين خوزستان وأصبهان. انظر سبب تسميتها بذلك في " معجم البلدان " 3 / 167 و
303.
* جذوة المقتبس 25، 26، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول / المجلد
الأول / 48 - 59، بغية الملتمس 31، 32، الكامل في التاريخ 9 / 276، المعجب 105،
الحلة السيراء 2 / 12 - 17، البيان المغرب 3 / 135 - 139، المختصر في أخبار البشر 2 /
147، تتمة المختصر 1 / 497، أعمال الاعلام 134، نفح الطيب 1 / 435.
347

قام معه كبراء قرطبة، وملكوه بعد ذهاب القاسم (1) الإدريسي،
فبايعوه في رمضان سنة أربع عشرة وأربع مئة وله ثنتان وعشرون سنة.
وكان عجبا في الذكاء و البلاغة. يكنى أبا المطرف، وزر له ابن
حزم (2) الظاهري.
ولم تطل أيامه، بل قتل بعد أيام في ذي القعدة من عامه، توثب عليه
ابن عمه المستكفي (3) بالله محمد بن عبد الرحمن، وتملك ستة أشهر،
ونزع.
216 - الحناط *
الامام المحدث الرحال، أبو بكر، خلف بن عمر بن خلف بن محمد
ابن إبراهيم، الهمذاني الحناط. كان من نبذاء المشايخ.
حدث عن: أبي العباس الأصم، وعبد الرحمن الجلاب، وأبي
جعفر أحمد بن عبيد، وجعفر الخلدي (4)، وأبي بكر الشافعي، وعدة.
روى عنه: أبو محمد جعفر بن محمد الأبهري، وعلي بن أحمد بن
سهل العطار، والحسين بن محمد البزاز، والخليل بن عبد الله الخليلي،
وآخرون.

(1) وهو صاحب الترجمة رقم (81).
(2) سترد ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (258).
* الاكمال 3 / 279 نقلا عن " الاستدراك " لابن نقطة، المشتبه 1 / 252، تبصير المنتبه
2 / 516.
(4) لقب بذلك، لأنه كان يوما عند الجنيد، فسئل الجنيد عن مسألة، فقال الجنيد:
أجبهم، فأجابهم، فقال: يا خلدي من أين لك هذه الأجوبة؟ فبقي عليه.
348

ذكره شيرويه، فقال: كان صدوقا حافظا، يحسن هذا الشأن (1).
قلت: بقي إلى سنة بضع وأربع مئة، لم يقع لي شئ من عواليه.
217 - الخصيب *
ابن عبد الله بن محمد بن الحسين بن الخصيب، الشيخ العالم
الثقة، القاضي أبو الحسن (2) المصري.
روى عن: أبيه (3)، وعثمان بن محمد السمرقندي، وإسماعيل بن
الجراب، وعبد الكريم بن النسائي، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن
مروان، ومحمد بن العباس بن كوذك، ومحمد بن أبي كريمة الصيداوي،
وجماعة.
حدث عنه: أبو نصر عبيد الله السجزي، وأبو علي الأهوازي،
ومحمد بن علي الصوري، وعبد الرحيم بن أحمد البخاري، وهبة الله بن
إبراهيم الصواف، وأبو إسحاق الحبال، وأبو الحسن الخلعي.
توفي في ربيع الأول سنة ست عشرة وأربع مئة وهو في عشر الثمانين.
محله الصدق.

(1) انظر " الاكمال " 3 / 279.
* الاكمال لابن ماكولا 3 / 40 نقلا عن " الاستدراك " لابن نقطة، العبر 3 / 121،
شذرات الذهب 3 / 204 وتصحف فيهما " الخصيب " إلى " الحصيب " بالحاء المهملة.
(2) في " العبر ": أبو الخير، وفي " الشذرات ": أبو الحسين.
(3) وهو عبد الله قاضي مصر، له ترجمة في " الأنساب " (الخصيبي).
349

218 - الصيرفي *
الشيخ الثقة المأمون، أبو سعيد، محمد بن موسى بن الفضل بن
شاذان، الصيرفي، ابن أبي عمرو، النيسابوري.
كان والده أبو عمرو مثريا، وكان ينفق على الأصم، فكان لا يحدث
حتى يحضر محمد هذا، وإن غاب عن سماع جزء، أعاده له، فأكثر عنه
جدا.
وسمع أيضا من: أبي عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني، ويحيى بن
منصور القاضي، وأبي حامد أحمد بن محمد بن شعيب، وطائفة.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، والخطيب، وأبو صالح المؤذن، وأبو
إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي، وطاهر بن محمد الشحامي، وأبو
القاسم بن مندة، والقاسم بن الفضل الثقفي، ومكي بن علان الكرجي،
وأحمد بن سهل السراج، وخلق كثير آخرهم موتا عبد الغفار بن محمد بن
شيرويه التاجر الباقي إلى سنة عشر وخمس مئة.
مات في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربع مئة عن نيف وتسعين
سنة.
وفيها مات أبو بكر الحيري (1)، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن
الحسين بن سليمان السليطي (2) النيسابوري النحوي المعدل، سمع الأصم

* العبر 3 / 144، شذرات الذهب 3 / 220.
(1) سترد ترجمته برقم (221).
(2) سترد ترجمته برقم (251).
350

وكان ثقة، وفاتح الهند السلطان محمود (1) بن سبكتكين، وراوي الترمذي
إسماعيل بن ينال (2) المروزي، سمع " الجامع " من مولاه المحبوبي
وعمر. وأبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الأصبهاني الجمال (3)، والأديب
العلامة أبو عمر أحمد بن محمد بن العاص بن دراج (4) القسطلي الأندلسي
شاعر عصره، وأبو علي الحسين بن عبد الله بن يعقوب البجاني (5) راوي
الواضحة عن سعيد بن فحلون عن خمس وتسعين سنة.
219 - ابن خواستى *
الشيخ الامام المعمر المقرئ، مسند الأندلس، أبو القاسم، عبد
العزيز بن جعفر بن محمد بن إسحاق بن محمد بن خواستى، الفارسي ثم
البغدادي النحوي.
ولد في رجب سنة عشرين وثلاث مئة، وكان يذكر وفاة ابن مجاهد.
وسمع من: إسماعيل بن محمد الصفار، وأبي بكر النجاد، وأبي بكر
ابن داسة البصري، وأبي عمر الزاهد، وأبي بكر بن زياد النقاش المقرئ،
وهو من تلامذته في القراءات. وتلا أيضا على عبد الواحد بن أبي هاشم.
ودخل الأندلس، ففرحوا بعلو أسانيده، وأخذوا عنه.

(1) سترد ترجمته برقم (319).
(2) سترد ترجمته برقم (237).
(3) سترد ترجمته برقم (238).
(4) سترد ترجمته برقم (229).
(5) سترد ترجمته برقم (239).
* الصلة 2 / 375، العبر 3 / 112، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 392، شذرات
الذهب 3 / 198.
351

تلا عليه أبو عمرو بثلاث روايات، وأسندها عنه في " تيسيره ".
وروى عنه: هو وأبو الوليد بن الفرضي، وقال: لقيته بمدينة التراب.
وقال الداني: دخل إلى الأندلس تاجرا سنة خمسين، فسكنها (1).
قال: وكان خيرا فاضلا، صدوقا ضابطا، وكان يعرف بابن أبي
غسان، قال لي: أذكر اليوم الذي مات فيه ابن مجاهد، وقرأت القرآن في
حدود سنة أربعين على النقاش ولازمته مدة، وكان أسخى الناس، وسمعت
" سنن " أبي داود من ابن داسة سنة ثمان وثلاثين، واختلفت إلى أبي سعيد
السيرافي، فقرأت عليه عدة كتب. قال الداني: توفي في ربيع الأول سنة
ثلاث عشرة وأربع مئة.
قلت: لم أره في مشايخ ابن عبد البر ولا ابن حزم.
وفيها مات صدقة بن محمد بن الدلم (2)، وأبو زيد عبد الرحمن بن
محمد بن أحمد بن حبيب (3) النيسابوري، وعلي بن هلال ابن البواب (4)
المجود، وشيخ الشيعة المفيد (5) محمد بن محمد بن النعمان، وأبو الفضل
محمد بن أحمد الجارودي (6).

(1) غاية النهاية لابن الجزري 1 / 392.
(2) تقدمت ترجمته برقم (162).
(3) تقدمت ترجمته برقم (144).
(4) تقدمت ترجمته برقم (192).
(5) تقدمت ترجمته برقم (213).
(6) سترد ترجمته برقم (245).
352

220 - أبو إسحاق الأسفراييني *
الامام العلامة الأوحد، الأستاذ، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن
إبراهيم بن مهران، الأسفراييني الأصولي الشافعي، الملقب ركن الدين.
أحد المجتهدين في عصره، وصاحب المصنفات الباهرة.
ارتحل في الحديث، وسمع من: دعلج السجزي، وعبد الخالق بن
أبي روبا، وأبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي، ومحمد بن يزداد بن
مسعود، وأبي بكر الإسماعيلي، وعدة، وأملى مجالس وقع لي منها.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو الطيب
الطبري، وتخرج به في المناظرة، وأبو السنابل (1) هبة الله بن أبي الصهباء،
وطائفة.
ومن تصانيفه كتاب " جامع الخلي (2) في أصول الدين والرد على
الملحدين "، في خمس مجلدات (3).

* طبقات العبادي 104، طبقات الشيرازي 106، الأنساب 1 / 237، تبيين كذب
المفتري 243، 244، معجم البلدان 1 / 178، اللباب 1 / 55، طبقات ابن الصلاح الورقة
30 ب، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 169، 170، وفيات الأعيان 1 / 28، المختصر في
أخبار البشر 2 / 156، العبر 3 / 128، الوافي بالوفيات 6 / 104، 105، مرآة الجنان 3 / 31،
طبقات السبكي 4 / 256 - 262، طبقات الأسنوي 1 / 59، 60، البداية والنهاية 12 / 24،
طبقات ابن هداية الله 135، 136، كشف الظنون 1 / 539، شذرات الذهب 3 / 209،
210، هدية العارفين 1 / 8، طبقات الأصوليين 1 / 228، 229.
(1) في " طبقات " السبكي و " طبقات الأصوليين ": أبو السائب وهو خطأ.
(2) كذا الأصل بالخاء المعجمة، وفي " الوفيات " و " الوافي ": " الحلي " بالحاء
المهملة، وفي " طبقات " السبكي و " شذرات الذهب " و " طبقات الأصوليين ": " الجامع في
أصول الدين.... " وفي " كشف الظنون " و " هدية العارفين ": " جامع الجلي والخفي... "
(3) وله أيضا كتاب " أدب الجدل " و " مسائل الدور " و " تعليقة في أصول الفقه " انظر
" طبقات " السبكي و " كشف الظنون " و " هدية العارفين ".
353

وبنيت له بنيسابور مدرسة مشهورة. توفي بنيسابور يوم عاشوراء من
سنة ثماني عشرة وأربع مئة.
قال الشيخ أبو إسحاق في " الطبقات ": درس عليه شيخنا أبو
الطيب، و عنه أخذ الكلام والأصول عامة شيوخ نيسابور (1).
وقال غيره: نقل تابوته إلى وإسفرايين، ودفن هناك بمشهده (2).
قال عبد الغافر في " تاريخه ": كان أبو إسحاق طراز ناحية المشرق،
فضلا عن نيسابور، ومن المجتهدين في العبادة، المبالغين في الورع،
انتخب عليه الحاكم عشرة أجزاء، وذكره في " تاريخه " لجلالته، وانتقى له
الحافظ أحمد بن علي الرازي ألف حديث، وعقد مجلس الاملاء، وكان ثقة
ثبتا في الحديث (3).
وقال الحافظ ابن عساكر: حكى لي من أثق به: أن الصاحب إسماعيل
ابن عباد كان إذا انتهى إلى ذكر هؤلاء، يقول: ابن الباقلاني بحر مغرق،
وابن فورك صل مطرق، والإسفراييني نار تحرق (4).
قال الحاكم في " تاريخه ": أبو إسحاق الأصولي الفقيه المتكلم،
المتقدم في هذه العلوم، انصرف من العراق وقد أقر له العلماء بالتقدم. إلى

(1) انظر " تبيين كذب المفتري " 243، 244، و " طبقات " السبكي 4 / 257.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 1 / 28، و " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 170، و
" الأنساب " 1 / 237.
(3) انظر " طبقات " السبكي 4 / 257، و " تبيين كذب المفتري " 244.
(4) " تبيين كذب المفتري " 244، و " الوافي " 6 / 105، و " طبقات " السبكي 4 /
257، والصل: السيف القاطع واحد الأصلال، وهو أيضا الداهية. وابن الباقلاني تقدمت
ترجمته برقم (110) وابن فورك برقم (125).
354

أن قال: وبني له بنيسابور المدرسة التي لم يبن بنيسابور مثلها قبلها، فدرس
فيها (1).
ومن كلام هذا الأستاذ قال: القول بأن كل مجتهد مصيب أوله سفسطة
وآخره زندقة (2). فقال أبو القاسم الفقيه: كان شيخنا الأستاذ إذا تكلم في
هذه المسألة، قيل: القلم عنه مرفوع حينئذ - يعني أبا إسحاق - لأنه كان
يشتم ويصول، ويفعل أشياء (3).
وحكى أبو القاسم القشيري عنه أنه كان ينكر كرامات الأولياء ولا
يجوزها، وهذه زلة كبيرة.
ومات معه في سنة ثماني عشرة أبو علي أحمد بن إبراهيم بن يزداد
الأصبهاني غلام محسن (4)، والوزير العلامة أبو القاسم الحسين بن علي بن
المغربي (5) بميافارقين. وقد قتل الحاكم أباه وعمه وإخوته. وأبو القاسم
عبد الرحمن بن محمد النيسابوري السراج صاحب الأصم، والمحدث أبو
الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني (6) الناسخ، والفقيه محمد بن زهير
النسائي (7) الشافعي الخطيب، سمع الأصم. وأبو الحسن محمد بن محمد بن
أحمد الروز بهان البغدادي الراوي عن الستوري، وشيخ الصوفية معمر بن

(1) " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 169، و " طبقات " السبكي 4 / 256.
(2) " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 170، و " الوافي " 6 / 105.
(3) من رفع عنه القلم بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " رفع القلم عن ثلاث، عن
النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل " وغير هؤلاء، فيشمله
قوله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
(4) سترد ترجمته برقم (248).
(5) سترد ترجمته برقم (257).
(6) سترد ترجمته برقم (322).
(7) سترد ترجمته برقم (254).
355

أحمد بن محمد بن زياد الأصبهاني، ومكي بن محمد بن الغمر الدمشقي
مستملي الميانجي، والحافظ هبة الله بن الحسن اللالكائي (1).
221 - الحيري *
الامام العالم المحدث، مسند خراسان، قاضي القضاة، أبو بكر،
أحمد بن أبي علي الحسن بن الحافظ أبي عمرو أحمد بن محمد بن أحمد بن
حفص بن مسلم بن يزيد، الحرشي (2) الحيري النيسابوري الشافعي، وجده
هو سبط أحمد بن عمرو الحرشي.
ولد في حدود سنة خمس وعشرين وثلاث مئة. ورخه أبو بكر محمد بن
منصور السمعاني، وقال: هو ثقة في الحديث (3).
قلت: حدث عن: أبي علي محمد بن أحمد بن معقل الميداني،
وحاجب بن أحمد الطوسي، وأبي العباس الأصم، وابنه أبي علي، وأبي
سهل بن زياد القطان، وأبي بكر بن أبي دارم الكوفي، وأبي محمد الفاكهي
المكي، وبكير بن أحمد الحداد، وأبي أحمد بن عدي، وخلق.
وتفقه على أبي الوليد حسان بن محمد، ودرس الكلام والأصول على

(1) سترد ترجمته برقم (274).
* الأنساب 4 / 108 - 110 (الحرشي) و 289 (الحيري) معجم البلدان 2 / 331،
طبقات ابن الصلاح الورقة 32، العبر 3 / 141، 142، الوافي بالوفيات 6 / 306، طبقات
السبكي 4 / 6، 7، طبقات الأسنوي 1 / 422، 423، شذرات الذهب 3 / 217.
والحيري: نسبة إلى الحيرة، وهي محلة مشهورة بنيسابور إذا خرجت منها على طريق مرو، وهي
غير حيرة العراق التي عند الكوفة.
(2) هذه النسبة إلى بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة من قيس،
وأكثرهم نزلوا البصرة، ومنها تفرقوا إلى البلاد " الأنساب " 4 / 108.
(3) انظر " الوافي بالوفيات " 6 / 206.
356

أصحاب أبي الحسن الأشعري، وانتقى عليه أبو عبد الله الحاكم، وقد أملى
من سنة اثنتين وثمانين وثلاث مئة.
وكان بصيرا بالمذهب، فقيه النفس، يفهم الكلام، وقلد قضاء
نيسابور مدة.
حدث عنه: الحاكم، وهو أكبر منه، وأبو محمد الجويني، وأبو
بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر الخطيب، وأبو صالح
المؤذن، والحسن بن محمد الصفار، ومحمد بن إسماعيل المقرئ،
ومحمد بن مأمون المتولي، ومحمد بن عبد الملك المظفري، وأحمد بن
عبد الرحمن الكسائي، ومحمد بن يحيى المزكي، وقاضي القضاة أبو بكر
محمد بن عبد الله الناصحي، وشيخ الحنفية محمد بن إسماعيل بن
حسنويه، ومحمد بن علي العميري الزاهد، وأبو بكر بن خلف، وأبو عبد
الله الثقفي الرئيس، ومكي بن منصور السلار، وأسعد بن مسعود العتبي،
ومحمد بن أحمد الكامخي، ونصر الله بن أحمد الخشنامي، وعلي بن
أحمد الأخرم، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي خاتمة أصحابه، وخلق
سواهم.
قال عبد الغافر الفارسي في " تاريخه ": أصابه وقر في آخر عمره،
وكان يقرأ عليه مع ذلك، ويحتاط، إلى أن اشتد ذلك قريبا من سنتين أو
ثلاث، فما كان يحسن أن يسمع، وكان من أصح أقرانه سماعا، وأوفرهم
إتقانا، وأتمهم ديانة واعتقادا. صنف في الأصول والحديث.
قلت: وقد قرأ بالروايات على أحمد بن العباس الامام تلميذ
الأشناني، وسمعنا " مسند " الشافعي من طريقه.
357

أثنى عليه الحاكم، وفخم أمره، وقال: كان جدهم الأكبر سعيد بن
عبد الرحمن الحرشي خليفة الأمير عبد الله بن عامر بن كريز على نيسابور.
تلا أبو بكر بأحرف على أبي بكر الامام، وعقد له مجلس النظر في حياة
الأستاذ أبي الوليد.
ثم قال الحاكم في ترجمة أبي علي المعقلي: حدثنا أبو بكر أحمد بن
الحسن (ح) وأخبرنا بعلو محمد بن محمد وجماعة قالوا: أخبرنا عبد
الرحمن بن مكي، أخبرنا السلفي، أخبرنا مكي بن علان، حدثنا أبو بكر
الحيري، حدثنا أبو علي الميداني، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد
الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا
تقاطعوا.. " وذكر الحديث (1).
مات الحيري في شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وأربع مئة وله ست
وتسعون سنة. رحمه الله.
222 - الستيتي *
الشيخ أبو الحسين، أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الله، الستيتي

(1) إسناده صحيح، وهو في " المصنف " (20222) ولفظه بتمامه " لا تحاسدوا، ولا
تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " وأخرجه مالك 2 / 907
في حسن الخلق، ومن طريقه البخاري (6076) ومسلم (2559) وأبو داود (4910) عن
الزهري، عن أنس ولفظه " لا تباغضوا ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا... "
وأخرجه البخاري أيضا (6065) من طريق شعيب عن الزهري...، وأخرجه الترمذي
(1935) من طريقين عن سفيان عن الزهري ولفظه " لا تقاطعوا ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا
تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا... ".
* الاكمال 5 / 128، الأنساب 7 / 41، اللباب 2 / 103، تهذيب تاريخ دمشق 2 /
58، 59. والستيتي: نسبة إلى ستيتة مولاة يزيد بن معاوية.
358

الدمشقي الأديب، ويعرف بابن الطحان.
حدث عن: خيثمة الطرابلسي، وأبي الطيب المتنبي، وأبي القاسم
الزجاجي النحوي.
روى عنه: أبو سعد السمان، ومحمد بن إبراهيم بن حذلم، وعبد
العزيز الكتاني، وعلي بن أبي العلاء المصيصي وآخرون.
وكان يقول: كنت أنام في مجلس خيثمة بن سليمان، فينبهني أبي،
فأنظر إلى خيثمة عظيم الهامة، كبير الاذنين والأنف.
قال الكتاني: ولد في شوال سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة ومات في
سنة سبع عشرة وأربع مئة، وكان يتهم بتشيع، فحلف لنا أنه برئ من
ذلك. وأنه من موالي يزيد من ولد ستيتة مولاة يزيد. وأنه قد زار قبر
يزيد (1). قال: وكانت له أصول حسنة.
223 - ابن أبي الشوارب *
قاضي القضاة، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن عبد الله بن عباس
ابن المحدث محمد بن أبي الشوارب، الأموي.
ولي بعد أبي محمد بن الأكفاني.
قال الخطيب: كان عفيفا نزها رئيسا (2)، سمع من: ابن قانع، وأبي

(1) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 2 / 59.
* تاريخ بغداد 5 / 47 - 49، المنتظم 8 / 25 - 27، دول الاسلام 1 / 248، العبر
3 / 124، الوافي بالوفيات 8 / 35، البداية والنهاية 12 / 20، 21، النجوم الزاهرة 4 /
264، قضاة دمشق 33، شذرات الذهب 3 / 206.
(2) كلمة " رئيسا " ليست في المطبوع من " تاريخ بغداد ".
359

عمر الزاهد. ولم يرو. وحدثني أبو العلاء الواسطي أنه أنشده بيتين، قال:
أنشدنا أبو عمر (1). يقال: عرض المتوكل القضاء على جدهم محمد،
فامتنع، فيرون أن بركة امتناعه دخلت على ولده، فولي منهم القضاء أربعة
وعشرون، فثمانية منهم تقلدوا قضاء القضاة، آخرهم هذا، وما رأينا مثله
جلالة وشرفا، ولي أولا قضاء البصرة، ثم ولي بغداد في سنة خمس وأربع
مئة، ومات في شوال سنة سبع عشرة وأربع مئة وله ثمان وثمانون سنة (2).
224 - العكبري *
أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان، العكبري البزاز، أحد
المسندين.
سمع أبا جعفر محمد بن يحيى الطائي، وأبا بكر النقاش، وعلي بن
صدقة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، ونصر بن البطر وجماعة.
أرخ الخطيب وفاته في سنة سبع عشرة وثلاث مئة (3).

(1) قال: أنشدنا الأستاذ أبو العباس أحمد بن يحيى:
عجبت لمن يخاف حلول فقر * ويأمن ما يكون من المنون
أتأمن ما يكون بغير شك * وتخشى ما ترجمه الظنون
(2) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 47، 48.
* تاريخ بغداد 11 / 273، المنتظم 8 / 27، العبر 3 / 126، شذرات الذهب 3 /
209. والعكبري: نسبة إلى عكبرا بضم العين وفتح الباء الموحدة وقيل بضمها أيضا، وهي بلدة
على الدجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ من الجانب الشرقي. انظر " الأنساب " و " معجم البلدان "
و " تبصير المنتبه " 3 / 1017، و " وفيات الأعيان " 3 / 101.
(3) ونقل أن مولده في سنة عشرين وثلاث مئة. " تاريخ بغداد " 11 / 273.
360

قلت: إنما سمع من الطائي وله عشرون سنة، ولو سمع في صباه، لجاء
بالمحاملي وذويه.
225 - الرباطي *
الشيخ الجليل، أبو بكر، محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن
إسحاق، الأصبهاني الرباطي.
سمع أبا أحمد العسال، وإبراهيم بن محمد الرقاعي، الراوي عن
محمد بن سليمان الباغندي، وعبد الله بن الحسن بن بندار، وأبا بكر
الجعابي والطبراني.
وزار بيت المقدس، وأملى به مجالس.
روى عنه: عمر بن الحسن بن سليم المعلم، وأحمد بن محمد بن
أحمد بن مردويه وجماعة.
توفي في شعبان سنة عشرين وأربع مئة.
226 - المسبحي * *
الأمير الكبير، عز الملك، ويلقب بالمختار، محمد بن عبيد (1) الله
ابن أحمد المسبحي الجندي.
* العبر 3 / 138، 139، شذرات الذهب 3 / 216.
* * الأنساب (المسبحي)، اللباب 3 / 207، وفيات الأعيان 4 / 377 - 380، العبر
3 / 139، الوافي بالوفيات 4 / 7، 8، مرآة الجنان 3 / 36، النجوم الزاهرة 4 / 271،
حسن المحاضرة 1 / 554، كشف الظنون 1 / 304، شذرات الذهب 3 / 216، تاج
العروس 2 / 158، روضات الجنات 178، هدية العارفين 2 / 63، 64. والمسبحي: نسبة
إلى الجد.
(1) تحرف في " حسن المحاضرة " و " كشف الظنون " إلى " عبد " بحذف الياء. (*)
361

نال دنيا ورتبة من الحاكم. وكان رافضيا منجما، ردئ الاعتقاد.
له كتاب " التنجيم والإصابات " في عشر مجلدات، وكتاب
" الديانات " في اثني عشر مجلدا، وكتاب " الشعر " ثلاث مجلدات،
وكتاب " أصناف الجماع " ثلاث مجلدات، وكتاب " التاريخ " (1)،
وأشياء (2).
مات في ربيع الآخر، سنة عشرين وأربع مئة، وله أربع وخمسون
سنة (3).
وله يد طولى في الشعر (4) والأدب والاخبار.
وكان أبوه (5) من الأعيان، مات سنة أربع مئة عن سن عالية.

(1) نقل ابن خلكان عن المسبحي قوله في هذا الكتاب: وهو أخبار مصر ومن حلها من
الولاة والامراء والأئمة والخلفاء، وما بها من العجائب والأبنية، واختلاف أصناف الأطعمة، وذكر
نيلها، وأحوال من حل بها من الشعراء، وأخبار المغنين ومجالس القضاة والحاكم والمعدلين
والأدباء والمتغزلين وغيرهم. قال ابن خلكان: وهو ثلاثة عشر ألف ورقة. وقال حاجي خليفة:
وهو كبير في اثني عشر مجلدا، واختصره تقي الدين الفاسي، وذيل عليه محمد بن علي بن
الميسر. ويوجد من هذا الكتاب نسخة مخطوطة في الإسكوريال ثان 543: 2.
(2) انظر بعض تصانيفه في " وفيات الأعيان " 4 / 377، 378، و " الوافي بالوفيات "
4 / 8، و " هدية العارفين " 2 / 63، 64.
(3) وولادته في عاشر رجب سنة ست وستين وثلاث مئة. " وفيات الأعيان " 4 / 379.
(4) ومن شعره يرثي أم ولده:
ألا في سبيل الله قلب تقطعا * وفادحة لم تبق للعين مدمعا
أصبرا وقد حل الثرى من أوده * فلله هم ما أشد وأوجعا
فيا ليتني للموت قدمت قبلها * وإلا فليت الموت أذهبنا معا
انظر " وفيات الأعيان " 4 / 378، و " الوافي " 4 / 8.
(5) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 4 / 379.
362

227 - التباني *
الشيخ أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن علي بن تبان، التباني
الواسطي البيع. له مجلس مشهور.
روى عن: أبي محمد بن السقا (1)، وعلي بن أحمد الغزال، ومحمد
ابن جعفر الشمشاطي (2).
وعنه: إبراهيم بن محمد بن خلف الجماري، وأبو نعيم أحمد بن
علي البزاز، وأحمد بن عثمان بن نفيس، وهبة الله الصفار.
وثقه خميس الحوزي (3).
بقي إلى سنة سبع عشرة وأربع مئة.
ومن قاله: " البناني " بموحدة ثم نونين، فقد وهم.
* الاكمال 1 / 443، 4444، سؤالات الحافظ السلفي ترجمة رقم (22)، الأنساب
3 / 19، اللباب 1 / 206، تبصير المنتبه 1 / 173. والتباني ضبط في الأصل وفي
" الاكمال " وفي " تبصير المنتبه " بضم التاء المثناة من فوق ثم موحدة خفيفة وبعد الألف نون،
وضبطها السمعاني في " الأنساب " بفتح التاء وقال: هذه النسبة ظني إلى موضع بواسط، وتابعه
ابن الأثير في " اللباب ". وانظر تعليق العلامة المعلمي اليماني على هذه النسبة في " الاكمال "
1 / 443، 444 فهو هام مفيد.
(1) هو عبد الله بن محمد بن عثمان المزني الواسطي، متوفى سنة 371 ه‍، مرت ترجمته
في الجزء السادس عشر.
(2) هذه النسبة إلى شمشاط. قال السمعاني: وهي بلدة من الشام فيما أظن من بلاد
الساحل. وقال ابن الأثير: وهي مشهورة من بلاد الثغور الجزرية بالقرب من مدينة آمد، بينها
وبين خربترت. ومحمد بن جعفر الشمشاطي هذا مرت ترجمته في الجزء السادس عشر. (3) انظر " سؤالات الحافظ السلفي " ص 27. (*)
363

228 - أبو أسامة الهروي *
الامام المحدث المقرئ، أبو أسامة، محمد بن أحمد بن محمد بن
القاسم الهروي، شيخ الحرم.
تلا على السامري (1)، وأبي الطيب بن غلبون (2).
وحدث عن: أبي الطاهر الذهلي، ومحمد بن علي النقاش محدث
تنيس، وأبي علي بن أبي الرمرام، والفضل بن جعفر المؤذن، ومحمد بن
وصيف الغزي، وأحمد بن عبد الله بن عبد المؤمن المكي.
روى عنه: ابنه عبد السلام، وأبو علي الأهوازي، وأبو بكر البيهقي،
وأبو الغنائم بن الفراء، ومحمد بن علي المطرز.
وحدث بمكة وبدمشق، وسمع منه طلحة بن عبيد الله الجيرفتي (3).
قال أبو عمرو الداني: رأيته يقرئ بمكة، وربما أملى الحديث من
حفظه، فقلب الأسانيد، وغير المتون (4).

* ميزان الاعتدال 3 / 464، لسان الميزان 5 / 55، العقد الثمين 1 / 382، غاية
النهاية لابن الجزري 2 / 86، 87.
(1) هو عبد الله بن الحسين بن حسنون، أبو أحمد السامري البغدادي المقرئ مسند القراء
بالديار المصرية، المتوفى سنة 386، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) هو عبد المنعم بن غلبون بن المبارك أبو الطيب الحلبي المقرئ المحقق، مؤلف
كتاب " الارشاد في القراءات " المتوفى سنة 389، ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار "
1 / 285، 286، وابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 470.
(3) نسبة إلى جيرفت، ضبطها السمعاني بضم الراء وياقوت بفتحها، وهي إحدى بلاد
كرمان.
(4) انظر " ميزان الاعتدال " 3 / 464، و " لسان الميزان " 5 / 55، و " العقد الثمين "
1 / 382، و " غاية النهاية " 2 / 87.
364

عاش ثمانيا وثمانين سنة، وتوفي بمكة سنة سبع (1) عشرة وأربع مئة.
229 - ابن دراج *
الأديب، إمام البلغاء، والشعراء، أبو عمر، أحمد بن محمد بن
العاص بن أحمد بن سليمان بن عيسى بن دراج، القسطلي الأندلسي.
قال ابن حزم: لو قلت: إنه لم يكن بالأندلس أشعر منه، لم
أبعد، وقال: لا يتأخر عن شأو حبيب والمتنبي (2).
وكان من كتاب الانشاء في دولة المنصور بن أبي عامر (3).
له ديوان مشهور (4). عاش أربعا وسبعين سنة.
توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وأربع مئة.
وقسطلة (5) بليدة.

(1) تحرفت في " الميزان " و " اللسان " إلى " تسع ".
* يتيمة الدهر 2 / 103 - 116، جذوة المقتبس 110 - 114، الذخيرة في محاسن أهل
الجزيرة: القسم الأول / المجلد الأول / 59 - 96، الصلة 1 / 40، بغية الملتمس 158 -
161، معجم البلدان 4 / 347، المطرب ورقة 120، المغرب 2 / 60، 61، وفيات الأعيان
1 / 135، العبر 3 / 142، الوافي بالوفيات 8 / 49 - 52، مسالك الابصار 11 / 201
الروض المعطار 479، 480، النجوم الزاهرة 4 / 272، صفة جزيرة الأندلس 160، نفح
الطيب 3 / 178، 195، 196، 231، 341، 342، 441، الرايات ص 73، تاريخ
بروكلمان 5 / 121.
(2) انظر " جذوة المقتبس " 113، 114، و " بغية الملتمس " 161، و " نفح الطيب "
3 / 178.
(3) وله فيها مدائح حسنة، منها قصيدة يعارض بها قصيدة أبي نواس الحكمي التي مدح بها
الخصيب بن عبد الحميد صاحب الخراج بمصر. انظر " يتيمة الدهر " 2 / 112 - 114، و
" وفيات الأعيان " 1 / 135 - 137، و " الذخيرة " 1 / 1 / 82 - 84.
(4) وقد طبع في دمشق سنة 1961 بتحقيق الدكتور محمود علي مكي.
(5) بفتح القاف وسكون السين المهملة وفتح الطاء المهملة وتشديد اللام، وهي مدينة
بالأندلس يقال لها: قسطلة دراج. قال ابن خلكان: ولا أعلم أهي منسوبة إلى جده دراج المذكور
أم إلى غيره والله أعلم. انظر " جذوة المقتبس " 110، و " وفيات الأعيان " 1 / 139، و
" معجم البلدان " 4 / 347. ولم ترد هذه النسبة عند السمعاني في " الأنساب " ولا استدركها ابن
الأثير في " اللباب ".
365

230 - ابن أبي نصر *
الشيخ الامام المعدل الرئيس، مسند الشام، أبو محمد، عبد
الرحمن بن أبي نصر عثمان بن القاسم بن معروف بن حبيب، التميمي
الدمشقي، الملقب بالشيخ العفيف.
ولد سنة سبع وعشرين وثلاث مئة.
وتلا لأبي عمرو على أحمد بن عثمان، غلام السباك.
وحدث عن: أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أبي
ثابت البغدادي، صاحب الحسن بن عرفة، وعن أبي علي بن حبيب
الحصائري، وخيثمة بن سليمان، وأبي الحسن بن حذلم، وجعفر بن
عدبس، وأحمد بن سليمان بن زبان الكندي (1)، ثم امتنع من
التحديث عنه لضعفه، وأحمد بن محمد بن عمارة الليثي، وأبي علي
ابن هارون، وعدة. وتفرد بالرواية عن كثير من هؤلاء.
حدث عنه: أبو علي الأهوازي، ورشأ بن نظيف، وأبو القاسم
الحنائي، وعبد العزيز الكتاني، وأبو نصر بن طلاب، وأبو سعد
السمان، وعلي بن محمد بن أبي العلاء المصيصي، وأبو الوليد
الحسن بن محمد الدربندي، وخلق كثير آخرهم موتا عبد الكريم بن

* العبر 3 / 137، شذرات الذهب 3 / 215، 216.
(1) انظر ترجمته في " الاكمال " لابن ماكولا 4 / 120.
366

المؤمل الكفرطابي.
قال أبو الوليد الدربندي: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان بدمشق،
وكان خيرا من ألف مثله إسنادا وإتقانا وزهدا مع تقدمه (1).
قال رشأ بن نظيف: قد شاهدت سادات، فما رأيت مثل أبي
محمد بن أبي نصر، كان قرة عين (2).
قال عبد العزيز الكتاني: توفي شيخنا ابن أبي نصر في جمادى
الآخرة سنة عشرين وأربع مئة، فلم أر جنازة كانت أعظم من جنازته،
كان بين يديه جماعة من أصحاب الحديث يهللون ويكبرون، ويظهرون
السنة، وحضرها جميع أهل البلد، حتى اليهود والنصارى، ولم ألق
شيخا مثله زهدا، وورعا وعبادة ورئاسة (3).
قال: وكان ثقة مأمونا عدلا رضى. وكان يلقب بالعفيف.
وكانت أصوله حسانا بخط ابن فطيس (4) والحلبي (5)، وقد جمع له أبو
العباس ابن السمسار طرق حديث: " نعم الادام الخل " (6).

(1) انظر " العبر " 3 / 137، و " الشذرات " 3 / 251.
(2) المصادر السابقة.
(3) " العبر " 3 / 137، و " الشذرات " 3 / 215، 216.
(4) هو عبد الرحمن بن محمد بن فطيس، تقدمت ترجمته برقم (123).
(5) هو أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق القاضي الحلبي المتوفي سنة 396، مرت
ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (404).
(6) أخرجه من حديث جابر بن عبد الله أحمد 3 / 301 و 304 و 352 و 364 و 371 و
389 و 390 و 400، ومسلم (2052) وأبو داود (3820) و (3821) والترمذي (1839)
والدارمي 2 / 101، وابن ماجة (3317) وأخرجه من حديث عائشة مسلم (2051) والترمذي
(1840) والدارمي 2 / 101، وابن ماجة (3316).
367

قلت: آخر من روى حديثه عاليا كريمة القرشية (1). وقع لنا جملة
من طريقه، منها أكثر " مغازي " ابن عائذ (2).
231 - الكاغدي *
مسند سمرقند، الشيخ أبو الفضل، منصور بن نصر بن عبد
الرحيم بن مت، السمرقندي الكاغدي، وإليه ينسب الورق العالي
المنصوري.
كان آخر من حدث عن الهيثم بن كليب الشاشي، وأبي جعفر
محمد بن محمد بن عبد الله الجمال، وعاش نحوا من مئة عام.
حدث عنه: أبو الحسن بن خذام (3)، وأبو إسحاق الأصبهاني،
وأبو بكر الحسن بن الحسين البخاري، والفقيه أبو بكر الشاشي،
وآخرون من أهل ما وراء النهر.
توفي بسمرقند في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة.

(1) هي كريمة بنت المحدث العدل أبي محمد عبد الوهاب بن علي، مسندة الشام، أم
الفضل القرشية الأسدية الزبيرية الدمشقية، وتعرف ببنت الحبقبق، توفيت سنة 641 ه‍، ستأتي
ترجمتها في الجزء الثاني والعشرين.
(2) هو الامام المؤرخ أبو عبد الله محمد بن عائذ القرشي الدمشقي، المتوفى سنة
234 ه‍، مرت ترجمته في الجزء الحادي عشر برقم (33).
* الأنساب 10 / 327، اللباب 3 / 76، العبر 3 / 152، 153، شذرات الذهب 3 /
226. والكاغدي: نسبة إلى الكاغد بالدال والذال فارسي معرب، وهو ورق الكتابة.
(3) كذا الأصل بالخاء والذال المعجمتين، وفي " مشتبه المؤلف " 1 / 146: وبخاء
معجمة علي بن محمد الخذامي في أجداده خذام... وعلق ابن ناصر الدين في " توضيح المشتبه "
1 / 126 فقال: وجدت المصنف (أي الذهبي) نقط الدال فوقه بخطه في الموضعين، والصواب
إهمالهما، وقبلها خاء معجمة مكسورة، وهكذا قيده الأمير 3 / 7، وابن السمعاني 5 / 57،
وغيرهما، وكأن المصنف تبع ابن نقطة، فإنه عطفه على الجذامي بالجيم والذال المعجمة،
فقال: وأما الخذامي بكسر الخاء المعجمة والباقي مثله وذكره.
368

وفيها مات أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي (1)، وأبو
منصور محمد بن أحمد القومساني (2)، وأبو الفرج محمد بن عبد الله
ابن شهريار، والحسن بن محمد بن عبد الله بن حسنويه المعلم،
وإسماعيل بن رجاء بعسقلان.
232 - الرزاز *
الشيخ المسند، أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد بن
داود، البغدادي الرزاز.
ولد سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع عثمان بن أحمد بن السماك، وأبا بكر النجاد، وعبد
الصمد بن علي الطستي، وأبا سهل بن زياد، وأبا عمر غلام ثعلب،
وميمون بن إسحاق، وجعفرا الخلدي، وعلي بن محمد بن الزبير
القرشي، ودعلجا السجزي.
وتلا لحمزة على أبي بكر بن مقسم، عن إدريس الحداد.
تلا عليه عبد السيد بن عتاب (3) وغيره.
وروى عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو بكر الخطيب، وأبو بكر
أحمد بن علي الطريثيثي، وجماعة من البغاددة والخراسانية وغيرهم.

(1) سترد ترجمته برقم (270).
(2) سترد ترجمته برقم (296).
* تاريخ بغداد 11 / 330، الأنساب 6 / 108، اللباب 2 / 23، العبر 3 / 132، ميزان
الاعتدال 3 / 113، لسان الميزان 4 / 196، غاية النهاية 2 / 523، شذرات الذهب 3 /
213. والرزاز اسم لمن يبيع الرز.
(3) ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 356.
369

وروى الكثير، وكف بصره بأخرة، وكان له حانوت في
الرزازين (1).
قال الخطيب: كان كثير السماع والشيوخ، وإلى الصدق ما هو،
شاهدت جزءا من أصوله من أمالي ابن السماك، في بعضها سماعه
بالخط القديم ثم رأيته قد غير بعد وقت وفيه إلحاق بخط جديد. مات
في شهر ربيع الآخر، سنة تسع عشرة وأربع مئة (2).
وفيها توفي أبو الحسين أحمد بن محمد بن منصور العالي (3)
بهراة، والحسن بن محمد بن جبارة - بكسر الجيم - الجوهري
بدمشق، وعبد الواحد بن أحمد بن مشماس الدمشقي، وأبو بكر
محمد بن أبي علي أحمد بن عبد الرحمن الذكواني (4)، وأبو الحسن
محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، وأبو بكر محمد بن علي
ابن محمد بن حيد (5)، وأحمد بن إبراهيم بن أحمد الثقفي.
233 - ابن مخلد *
الشيخ المعمر الصدوق، مسند وقته، أبو الحسن، محمد بن
محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد، البغدادي البزاز (6).

(1) " تاريخ بغداد " 11 / 330.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 331.
(3) سترد ترجمته برقم (241).
(4) سترد ترجمته برقم (289).
(5) سترد ترجمته برقم (249).
* تاريخ بغداد 3 / 231، 232، المنتظم 8 / 37، العبر 3 / 133، الوافي بالوفيات
1 / 118، البداية والنهاية 12 / 25، النجوم الزاهرة 4 / 270، شذرات الذهب 3 / 214.
(6) تصحف في " تاريخ بغداد " 3 / 231 إلى " البزار " بالراء المهملة.
370

ولد سنة تسع وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من إسماعيل بن محمد الصفار، وأبي جعفر بن
البختري، وعمر بن الحسن الأشناني، وعثمان بن السماك، وأبي بكر
النجاد، وجعفر الخلدي، وغيرهم. وهو خاتمة أصحاب ابن البختري
والصفار.
حدث عنه: الخطيب، وعلي بن طاهر الموصلي، وأبو القاسم
ابن أبي العلاء المصيصي، وعبد العزيز الكتاني، والحسين بن علي بن
البسري، وعلي بن الحسين الربعي، وعبد السميع بن علي
الهاشمي، وأبو تمام هبة الله بن محمد، وأبو بكر أحمد بن علي
الطريثيثي ومحمد بن عبد الكريم بن خشيش، وأبو القاسم بن بيان
الرزاز، وعدد كثير.
قال الخطيب: كان صدوقا، أثنى عليه أبو القاسم اللالكائي،
وكان جميل الطريقة، له أنسة بالعلم، ومعرفة بشئ من الفقه على
مذهب أهل العراق. مات في ربيع الأول. كتبنا عنه. وبلغني أنه لم
يكن له كفن (1).
قلت: مات في سنة تسع عشرة وأربع مئة.

(1) " تاريخ بغداد " 3 / 331، 232. قال ابن الجوزي: وكان ذا حال ونعمة، وعرضت عليه
الشهادة، فأباها، وأشفق من المصادرة، فخرج إلى مصر، فأقام بها سنة، ثم عاد، فألزم في
التقسيط على الكرخ الذي وقع في سنة سبع عشرة ما أفقره، حتى إنه توفي في ربيع الأول من هذه
السنة ولم يكن عنده كفن، فبعث القادر بالله أكفانه من عنده. " المنتظم " 8 / 37.
371

234 - ابن الفخار *
الامام العلامة الحافظ، شيخ الاسلام، عالم الأندلس، أبو عبد
الله، محمد بن عمر بن يوسف بن الفخار، القرطبي المالكي.
ولد سنة نيف وأربعين وثلاث مئة.
حدث عن: أبي عيسى الليثي، وأبي محمد الباجي، وأبي
جعفر بن عون الله، وطبقتهم، وحج، وسمع بمصر من طائفة.
وجاور بالمدينة.
وقد تفقه بأبي محمد الأصيلي، وأبي عمر بن المكوي.
وكان رأسا في الفقه، مقدما في الزهد، موصوفا بالحفظ، مفرط
الذكاء، عارفا بالاجماع والاختلاف، عديم النظير، يحفظ " المدونة "
سردا، و " النوادر " لأبي محمد بن أبي زيد (1).
أريد على الرسلية إلى أمراء البربر، فأبى، وقال: بي جفاء،
وأخاف أن أوذى. فقال الوزير: ورجل صالح يخاف الموت! فقال:
إن أخفه، فقد خافه أنبياء الله، هذا موسى قد حكى الله عنه:
" ففررت منكم لما خفتكم) (2) [الشعراء: 21].
قال ابن حيان: توفي الفقيه الحافظ المشاور، المستبحر

* ترتيب المدارك 4 / 724 - 726، الصلة 2 / 510 - 512، العبر 3 / 132، دول
الاسلام 1 / 249، الوافي بالوفيات 4 / 245، الديباج المذهب 2 / 235، 236، النجوم
الزاهرة 4 / 268، نفح الطيب 2 / 60، 61، شذرات الذهب 3 / 213، شجرة النور 1 /
112.
(1) انظر " الصلة " 2 / 510، و " نفح الطيب " 2 / 61.
(2) انظر " الصلة " 2 / 510.
372

الرواية، البعيد الأثر، الطويل الهجرة في طلب العلم، الناسك
المتقشف أبو عبد الله بن الفخار بمدينة بلنسية في عاشر ربيع الأول
سنة تسع عشرة وأربع مئة. فكان الحفل في جنازته عظيما. وعاين
الناس فيها آية من طيور شبه الخطاف (1) - وما هي بها - تخللت الجمع
رأفة فوق النعش، جانحة إليه، مشفة إليه، لم تفارق نعشه إلى أن
ووري، فتفرقت، وتحدث الناس بذلك وقتا. مكث مدة ببلنسية
مطاعا، عظيم القدر عند السلطان والعامة، وكان ذا منزلة عظيمة في
الفقه والنسك، صاحب أنباء بديعة (2).
قال جماهر بن عبد الرحمن: صلى على ابن الفخار الشيخ خليل
التاجر، ورفرفت عليه الطير إلى أن تمت مواراته (3).
وكذا ذكر الحسن بن محمد القبشي من خبر الطيور، وزاد: كان
عمره نحو الثمانين، وكان يقال: إنه مجاب الدعوة. واختبرت دعوته
في أشياء (4).
وقال أبو عمرو الداني: مات في سابع ربيع الأول سنة 419 عن
ست وسبعين سنة، وهو آخر الفقهاء الحفاظ، الراسخين العالمين
بالكتاب والسنة بالأندلس. رحمه الله (5).

(1) في " اللسان " نقلا عن ابن سيده: والخطاف: العصفور الأسود، وهو الذي تدعوه
العامة عصفور الجنة، وجمعه خطاطيف.
(2) " الصلة " 2 / 511، و " نفح الطيب " 2 / 61.
(3) " الصلة " 2 / 512.
(4) المصدر السابق.
(5) " الصلة " 2 / 511، و " نفح الطيب " 2 / 61.
373

وقال القاضي عياض: كان أحفظ الناس، وأحضرهم علما،
وأسرعهم جوابا، وأوقفهم على اختلاف الفقهاء وترجيح المذاهب،
حافظا للأثر، مائلا إلى الحجة والنظر. فر عن قرطبة إذ نذرت البربر
دمه عند غلبتهم على قرطبة (1).
قلت: سميه الحافظ أبو عبد الله بن الفخار المالقي. مات سنة
تسعين وخمس مئة.
235 - ابن العجوز *
مفتي المغرب، أبو عبد الرحمن، عبد الرحيم بن أحمد، الكتامي (2)
المالكي، من بيت حشمة ورئاسة. دارت الفتيا عليه بسبتة، وفي عقبه
أئمة نجباء (3).
لازم أبا محمد بن أبي زيد. وسمع من الأصيلي.
روى عنه: قاسم بن محمد المأموني، ومحمد بن عبد الرحمن،
وإبراهيم بن يعقوب الكلاعي، وأهل سبتة. وكان من بحور العلم.
مات سنة ثمان عشرة وأربع مئة أو بعدها.
ومات ابنه عبد الرحمن سنة تسع وأربعين.
وفي ذريته أئمة كبار بالمغرب.

(1) " ترتيب المدارك " 4 / 724، 725.
* ترتيب المدارك 4 / 720، 721، العبر 3 / 138، الديباج المذهب 2 / 4، 5،
شذرات الذهب 3 / 216، شجرة النور 1 / 115.
(2) نسبة إلى كتامة، وهي قبيلة من البربر نزلت ناحية من بلاد المغرب.
(3) ترجم لهم القاضي عياض باختصار في " ترتيب المدارك " 4 / 721.
374

236 - صالح بن مرداس *
الملك، أسد الدولة الكلابي، من وجوه العرب.
تملك حلب، وانتزعها من مرتضى الدولة نائب الظاهر العبيدي
سنة سبع عشرة وأربع مئة، فأقبل لمحاربته المصريون، عليهم
الدزبري (1)، فكان المصاف بالأقحوانة (2) في جمادى الأولى سنة
عشرين، فقتل صالح. وكان بيده بعلبك أيضا (3).
ونجا ولده أبو كامل نصر، فتملك حلب، ولقب سيد الدولة (4).
وبقي إلى سنة تسع وعشرين، فاقتتل هو وعسكر مصر عند حماة،
فقتل نصر، وأخذ الدزبري حلب والشام كله، إلى أن مات بحلب في
سنة 434 (5)، فأقبل من الرحبة ثمال بن صالح، وهو معز الدولة،
فتملك حلب إلى سنة أربعين، فقاتله المصريون، فهزمهم، ثم
التقوه، فهزمهم، وتمكن، ثم صالح صاحب مصر، وراح إلى

* (1) الكامل في التاريخ 9 / 210 و 227 - 234، زبدة الحلب 1 / 277، وفيات الأعيان
2 / 487، 488، المختصر في أخبار البشر 2 / 140 - 142، العبر 3 / 250، دول الاسلام
1 / 250، تتمة المختصر 1 / 488 - 490، تاريخ ابن خلدون 4 / 271، 272، شذرات
الذهب 3 / 136.
(1) هو أمير الجيوش نوشتكين بن عبد الله التركي، سترد ترجمته برقم (334) وقد تحرف
في " تاريخ " ابن خلدون 4 / 272 و 273 إلى " الدريدي " و " الوزيري ".
(2) الأقحوانة: اسم لعدة مواضع، والمقصود هنا: بليدة بالشام من أعمال فلسطين
بالقرب من طبرية. انظر " معجم البلدان " 1 / 234، و " وفيات الأعيان " 2 / 488.
(3) انظر " الكامل " 9 / 230، 231، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 272.
(4) في " الكامل " 9 / 241 و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 272 و " المختصر في أخبار
البشر " 2 / 141: " شبل الدولة ".
(5) " الكامل " 9 / 231، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 272، 273.
375

مصر (1)، فتوثب ابن أخيه محمود (2)، وحارب وتملك، وجرت له
أحوال، حتى مات سنة ثمان وستين وأربع مئة (3). وقام بعده ابنه نصر
ابن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس أياما، وقتل، فتملك أخوه
سابق (4)، فدام إلى سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة. فانتزع منه صاحب
الموصل حلب. وهو مسلم بن قريش (5).
237 - إسماعيل بن ينال *
الشيخ المعمر، أبو إبراهيم المحبوبي.
سمع من مولاه محمد بن أحمد بن محبوب المروزي " جامع "
أبي عيسى. وسمع من أبي بكر الداربردي وهو خاتمة من سمع من ابن
محبوب.
قال أبو بكر السمعاني: كان ثقة عالما، أدركت بحمد الله نفرا
من أصحابه.
قلت: ولأبي الفتح أحمد بن محمد الحداد منه إجازة مشهورة
بمروياته.
قال السمعاني أبو بكر: مولده سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.

(1) انظر " الكامل " 9 / 232، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 273.
(2) في الأصل: " فتوثب أخوه محمد " وهو خطأ.
(3) انظر تفصيل ذلك في " الكامل " 9 / 232 - 234 و 10 / 11، 12، وذكر ابن
الأثير وفاته سنة ثمان وستين، ثم أورد وفاته في 10 / 105 سنة تسع وستين، و " تاريخ " ابن
خلدون 4 / 273 - 275، و " المختصر في أخبار البشر " 2 / 140، 142.
(4) " الكامل " لابن الأثير 9 / 234، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 275.
(5) " الكامل " 10 / 114، 115، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 275.
* العبر 3 / 142، 143، شذرات الذهب 3 / 219.
376

وتوفي سنة إحدى وعشرين وأربع مئة. زاد غيره: مات في صفر منها.
238 - الجمال *
الشيخ المعمر، أبو عبد الله، الحسين بن إبراهيم بن محمد،
الأصبهاني الجمال.
له جزء مشهور سمعناه.
يروي عن أبي محمد بن فارس، ومحمد بن أحمد الثقفي.
وعنه: أبو عبد الله الثقفي، ومحمد بن علي الخباز، وعلي بن
الفضل بن عبد الرزاق اليزدي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن
مردويه وآخرون.
مات في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وأربع مئة، وهو في
عشر التسعين.
239 - البجاني *
الشيخ الفقيه المعمر، أبو علي، الحسين بن عبد الله بن الحسين بن
يعقوب، الأندلسي البجاني المالكي. وبجانة: بليدة بالأندلس (1)،
مستفاد مع بجاية (2) المدينة الناصرية، التي أنشأها الأمير الناصر بن علناس
بغربي إفريقية، وهي بلد كبيرة عامرة.

* العبر 3 / 143، شذرات الذهب 3 / 219.
* * جذوة المقتبس 193، الصلة لابن بشكوال 1 / 141، 142، بغية الملتمس 266،
العبر 3 / 143، 144، شذرات الذهب 3 / 219.
(1) انظر الصفحة 188 ت رقم (3).
(2) بكسر الباء وتخفيف الجيم وألف وياء. انظر " معجم البلدان " 1 / 339.
377

سمع أبو علي من أبي عثمان سعيد بن فحلون خاتمة أصحاب يوسف
المغامي (1). وتوفي ابن فحلون شيخه في سنة ست وأربعين وثلاث مئة،
وكان هو آخر من رأى ابن فحلون.
روى عنه: محمد بن عبد الله الخولاني، وقال: كان قديم الطلب،
كثير السماع، من أهل العلم، عمر طويلا، واحتيج إليه، وقارب
المئة (2).
مولده في سنة وعشرين وثلاث مئة.
وحدث عنه أيضا أبو عبد الله محمد بن عتاب، وأبو عمر بن عبد البر،
وأبو بكر المصحفي، وأبو العباس أحمد بن عمر العذري، وآخرون.
وانتهى إليه علو الاسناد بالأندلس.
مات سنة إحدى وعشرين وأربع مئة عن ست وتسعين سنة.
وفيها مات الكبار: القاضي أبو بكر الحيري (3)، وأبو سعيد بن موسى
الصيرفي (4)، وسلطان الوقت محمود بن سبكتكين (5)، وأبو إبراهيم
إسماعيل بن ينال المحبوبي (6)، وأبو بكر عبد الواحد بن أحمد الباطرقاني،

(1) نسبة إلى مغام كسحاب كما في " معجم البلدان " 5 / 161 وكغراب كما في
" اللباب " 3 / 240، وهي قرية من أعمال طليطلة، وانظر " جذوة المقتبس " 373، و " تاج
العروس " 9 / 70.
(2) " الصلة " 1 / 141.
(3) تقدمت ترجمته برقم (221).
(4) تقدمت ترجمته برقم (218).
(5) سترد ترجمته برقم (319).
(6) تقدمت ترجمته برقم (237).
378

وأحمد بن محمود بن الحسين السليطي (1)، والحسن بن أحمد بن محمد بن
يحيى المعاذي (2) الأصم، وأبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الجمال (3).
240 - القراب *
الامام الحافظ القدوة، شيخ الاسلام، أبو محمد، إسماعيل بن
الحافظ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن، السرخسي ثم
الهروي القراب، أخو الحافظ الكبير أبي يعقوب إسحاق (4).
كان من أفراد الدهر، قدوة في الزهد، عظيم القدر.
ولد بعد الثلاثين وثلاث مئة.
وسمع منصور بن العباس، وأبا بكر الإسماعيلي، وأحمد بن محمد
ابن مقسم المقرئ، وأبا أحمد بن الغطريفي، وأبا عمر بن حمدان، وأبا
أحمد الحاكم، ومخلد بن جعفر الباقرحي، وبشر بن أحمد الأسفراييني،
وعلي بن عيسى العاصمي (5) وطبقتهم.
حدث عنه: أبو عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد المليحي، وشيخ
الاسلام عبد الله بن محمد الأنصاري وجماعة.

(1) سترد ترجمته برقم (251).
(2) سترد ترجمته برقم (252).
(3) تقدمت ترجمته برقم (238).
* طبقات ابن الصلاح 41 ب، طبقات السبكي 4 / 266 - 270، طبقات الأسنوي 2 /
309، 310، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 160، كشف الظنون 599 و 745 وتحرف اسمه
فيه إلى إسماعيل بن أحمد بن الفرات و 1022 و 1379 و 1839، وهدية العارفين 1 / 209.
والقراب: نسبة لمن يعمل القرب.
(4) سترد ترجمته برقم (376).
(5) نسبة إلى عاصم أحد أجداده.
379

وله مصنفات كثيرة، منها كتاب " درجات التائبين "، الذي يرويه أبو
الوقت، عن عبد الأعلى عنه.
وكان مقدما في عدة علوم، رأسا في الزهد والتأله.
وصنف كتابا في " مناقب الشافعي " (1).
قال الحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي: كان في عدة من العلوم
إماما، منها القراءات والحديث والفقه ومعاني القرآن والأدب، وله تصانيف
فيها في غاية الحسن. قال: وله كتاب " الجمع بين الصحيحين "،
بأسانيده، وكان في الزهد والتقلل من الدنيا آية، فلم تجد سوق فضله بهراة
نفاقا، كان الصيت إذ ذاك ليحيى بن عمار (2).
قال أبو عمرو بن الصلاح: رأيت كتاب أبي محمد القراب المسمى
ب‍ " الكافي في علم القرآن "، في عدة مجلدات، وهو كتاب ممتع، مشتمل
على علم كثير، وقد قال في " مناقب الشافعي ": لقيت جماعة من أصحاب
ابن سريج (3).
وكان القراب قد تفقه ببغداد على الامام عبد العزيز الداركي (4).

(1) قال السبكي في " طبقاته الكبرى " 4 / 266: رتبه على مئة وستة عشر بابا، أولها في
نسب النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرجع إليه نسب الشافعي، وآخرها أربعون بابا، جمع فيها أربعين حديثا من
أحاديث الاحكام من رواية الشافعي بسنده إليه، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كتاب حافل، رأيت منه
نسخة في مجلدين في خزانة كتب دار الحديث الأشرفية بدمشق.
(2) انظر " طبقات " السبكي 4 / 267، 268. ويحيى بن عمار سترد ترجمته برقم
(318).
(3) انظر " طبقات " السبكي 4 / 268. وابن سريج هو الامام شيخ الاسلام أبو العباس
أحمد بن عمر بن سريج البغدادي القاضي الشافعي، متوفى سنة 306، مرت ترجمته في الجزء
الرابع عشر برقم (114).
(4) انظر " طبقات " السبكي 4 / 268، 269 وعبد العزيز الداركي مرت ترجمته في
الجزء السادس عشر.
380

مات في شعبان سنة أربع عشرة وأربع مئة.
ومات أخوه أبو يعقوب في سنة تسع وعشرين وأربع مئة ومات أبوهما
الإمام أبو إسحاق في سنة (1)....
241 - ابن العالي *
الشيخ الامام الصدق، خطيب بوشنج (2)، أبو الحسين أحمد بن
محمد بن منصور بن العالي، الخراساني.
سمع أبا أحمد بن عدي، ومحمد بن الحسن السراج النيسابوري،
ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم السليطي، ومحمد بن علي الغيسقاني (3)،
وأبا سعيد محمد بن أحمد بن كثير بن ديسم، والامام أبا بكر الإسماعيلي.
حدث عنه: شيخ الاسلام أبو إسماعيل الأنصاري، وأحمد بن محمد
العاصمي البوشنجي وجماعة.
وقع لنا جزء من حديثه.
توفي في رمضان سنة تسع عشرة وأربع مئة. رحمه الله.
242 - التهامي * *
شاعر وقته، أبو الحسن، علي بن محمد بن فهد، التهامي.

(1) كذا الأصل، لم يذكر سنة وفاته، ولم نجدها في مصادر ترجمته.
* الأنساب 8 / 318، اللباب 2 / 305، العبر 3 / 131، المشتبه 2 / 429، تبصير
المنتبه 3 / 891، شذرات الذهب 3 / 211.
(2) ويقال فوشنج بالفاء، كأصبهان وأصفهان وغيرها من الكلمات الفارسية التي تقال بالباء
والفاء.
(3) لم نعثر على هذه النسبة في كتب الأنساب.
* * دمية القصر 1 / 135 - 153، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع /
المجلد الثاني / 537 - 549، وفيات الأعيان 3 / 378 - 381، المختصر في أخبار البشر 2 /
155، 156، العبر 3 / 122، تتمة المختصر 1 / 508، 509، مرآة الجنان 3 / 30، تتمة
اليتيمة 1 / 37، البداية والنهاية 12 / 19، 20، النجوم الزاهرة 4 / 263، شذرات الذهب
3 / 204.
381

له ديوان صغير (1)، وكان دينا، ورعا عن الهجاء.
ولد باليمن، وقدم الشام والعراق والجبل، وامتدح ابن عباد، وصار
معتزليا، ثم ولي خطابة الرملة، وزعم أنه علوي. وذهب إلى مصر بخبر
لحسان بن مفرج، فقتل سرا سنة ست عشرة وأربع مئة (2).
243 - الجرجرائي *
الشيخ العالم، الحافظ الرحال المفيد، أبو بكر محمد بن إدريس بن
محمد بن إدريس بن سليمان، الجرجرائي، الفقيه الشافعي، تلميذ محدث
بلده محمد بن أحمد المفيد (3).

(1) وهو مطبوع عام 1813 في الإسكندرية. ومن جيد شعره مرثيته التي قالها في رثاء ولده
وكان قد مات صغيرا، وأولها:
حكم المنية في البرية جار * ما هذه الدنيا بدار قرار
ومنها:
جاورت أعدائي وجاور ربه * شتان بين جواره وجواري
وتلهب الأحشاء شيب مفرقي * هذا الشعاع شواظ تلك النار
ومنها في ذم الدنيا:
طبعت على كدر وأنت تريدها * صفوا من الأقذاء والاكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها * متطلب في الماء جذوة نار
وقد طبعت مرثيته هذه في كتاب " بلوغ الإرب " بشرح قصيدة من كلام العرب.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 381.
* الأنساب 3 / 224، الوافي بالوفيات 2 / 181، طبقات السبكي 4 / 114،
115، شذرات الذهب 3 / 203. والجرجرائي: نسبة إلى جرجرايا، وهي بلدة قريبة من
الدجلة بين بغداد وواسط.
(3) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
382

سمع ببغداد لما قدمها من أحمد بن نصر الذارع وطبقته، وبجرجان
من أبي بكر الإسماعيلي، وأبي أحمد بن الغطريف، وبأصبهان من أبي بكر
ابن المقرئ وطائفة، وبدمشق من محمد بن أحمد الخلال وغيره، وببلخ
وأنطاكية والنواحي، وسمع المحدثون بانتخابه. وما علمت به بأسا.
ذكره الحافظ ابن عساكر مختصرا، وعرفه أبو عبد الله بن النجار،
وذكر أنه روى عنه هناد بن إبراهيم النسفي، وأبو حامد أحمد بن محمد بن
ماما الحافظ، وعبد الصمد بن إبراهيم البخاري الحافظ، وأحمد بن الفضل
الباطرقاني، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح العطار وآخرون.
سكن بخارى في آخر عمره. وكان موصوفا بالفهم والمعرفة.
توفي في ربيع الأول، سنة خمس عشرة وأربع مئة. أحسبه من أبناء
السبعين.
244 - ابن فنجويه *
الشيخ الامام، المحدث المفيد، بقية المشايخ، أبو عبد الله،
الحسين بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن صالح بن شعيب بن فنجويه،
الثقفي الدينوري.
روى عن: هارون العطار، وأبي علي بن حبش، وأبي بكر بن
السني، وأبي بكر القطيعي، وعيسى بن حامد الرخجي (1)، وأبي الحسين
أحمد بن جعفر بن حمدان الدينوري، وإسحاق بن محمد النعالي، وعدد

* العبر 3 / 116 وتصحف فيه إلى " فتحويه " بالتاء المثناة من فوق والحاء المهملة، تبصير
المنتبه 3 / 1084، شذرات الذهب 3 / 200 وتصحف فيه كالعبر.
(1) سترد ترجمة هذه النسبة في الترجمة رقم (336).
383

كثير من أهل همذان وغيرها.
حدث عنه: جعفر الأبهري، وعبد الرحمن بن مندة، وسعد بن حمد
وابناه سفيان ومحمد، وأبو الفضل القومساني، وأبو الفتح عبدوس بن عبد
الله، وأحمد بن محمد بن صاعد، وعلي بن أحمد بن الأخرم المؤذن، وأبو
صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، ومحمد بن يحيى الكرماني وخلق.
قال شيرويه في " تاريخه ": كان ثقة صدوقا، كثير الرواية للمناكير،
حسن الخط، كثير التصانيف، دخل همذان فقيرا، فجمعوا له، وسار إلى
نيسابور، فوقع له بها حشمة جليلة، وقد حدث عنه أبو إسحاق الثعلبي في
التفسير، وتكلم فيه الحافظ أبو الفضل الفلكي، وقال: ما سمع من عبيد
الله بن شيبة. فخرج ساخطا من همذان، فتبعه الفلكي، واعتذر، ورجع
عن مقالته، فكان يدعو على الفلكي.
مات بنيسابور في ربيع الآخر، سنة أربع عشرة وأربع مئة.
وقد حدث بالمجتبى من " سنن " أبي داود.
245 - الجارودي *
الحافظ الامام، المتقن الجوال، أبو الفضل محمد بن أحمد بن
محمد، الجارودي الهروي.
سمع حامد بن محمد الرفاء، وسليمان بن أحمد الطبراني، ومحمد

* الأنساب 3 / 159، اللباب 1 / 249، 250، تذكرة الحفاظ 3 / 1054 - 1056،
العبر 3 / 114، الوافي بالوفيات 2 / 61، طبقات السبكي 4 / 115، 116، طبقات
الحفاظ 413، شذرات الذهب 3 / 199. والجارودي: نسبة إلى الجارود، وهو اسم لبعض
أجداده.
384

ابن عبد الله السليطي، وإسماعيل بن نجيد السلمي، وعبد الله بن الحسين
النضري المروزي، وأبا إسحاق القراب، وأحمد بن محمد بن سلمويه
النيسابوري، وعمر بن محمد بن جعفر الأهوازي، وخلقا سواهم بنيسابور
وأصبهان ومرو والحجاز والعراق والري.
حدث عنه: أبو عطاء عبد الأعلى المليحي، وشيخ الاسلام أبو
إسماعيل الأنصاري وأهل هراة.
وكان أبو إسماعيل يقول: حدثنا إمام أهل المشرق أبو الفضل
الجارودي (1).
قال أبو النضر (2) الفامي: كان أبو الفضل عديم النظير في العلوم،
خصوصا في علم الحفظ والتحديث، وفي التقلل من الدنيا والاكتفاء
بالقوت، كان وحيدا في الورع، وقد رأى بعض الناس رسول الله صلى الله
عليه وسلم في النوم، فأوصاه بزيارة قبر الجارودي، وقال: إنه كان فقيرا
سنيا (3).
وقال بعض الكبار: الجارودي أول من سن بهراة تخريج الفوائد،
وشرح الرجال والتصحيح (4).
قال ابن طاهر المقدسي: سمعت أبا إسماعيل الأنصاري يقول:
سمعت الجارودي يقول: رحلت إلى الطبراني، فقربني وأدناني، وكان

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1055، و " طبقات " السبكي 4 / 116.
(2) في " تذكرة الحفاظ " و " طبقات " السبكي: أبو النصر بالصاد المهملة، وهو تصحيف
وستأتي ترجمته في الجزء العشرين برقم (203).
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1055، و " طبقات " السبكي 4 / 116.
(4) المصدران السابقان.
385

يتعسر علي، ويبذل لآخرين، فكلمته في هذا، فقال: لأنك تعرف قدر هذا
الشأن (1).
مات في شوال سنة ثلاث عشرة وأربع مئة وقد شاخ وأسن.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا أبو الوقت
السجزي، أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري، أخبرنا محمد بن أحمد
الجارودي إملاء، حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد القاضي بأصبهان،
حدثنا محمد بن العباس الأخرم، حدثنا محمد بن منصور الطوسي، حدثنا
زيد بن الحباب، حدثنا سفيان الثوري، عن أسامة بن زيد، عن الزهري،
عن عروة، عن عائشة، قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرد سردكم هذا،
يتكلم بكلمة فصل يحفظه كل من سمعه " (2).
246 - السكري *
الشيخ المعمر الثقة، أبو محمد، عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار،
البغدادي السكري، ويعرف بابن وجه العجوز.

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1055، و " طبقات " السبكي 4 / 116.
(2) سنده حسن أسامة بن زيد صدوق يهم، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 6 / 138
من طريق وكيع بن سفيان بهذا الاسناد، وأخرجه أيضا 6 / 257 من طريق روح، عن أسامة بن
زيد به، وأخرجه الترمذي في جامعه (3639) والشمائل (223) من طريق حميد بن مسعدة، عن
حميد بن الأسود، عن أسامة بن زيد... وأخرجه أحمد 6 / 118 و 157، ومسلم (2493)
وأبو داود (3655) من طريق يونس، عن الزهري به، وعلقه البخاري في صحيحه (3568)،
فقال: وقال الليث: حدثني يونس.... وأخرج البخاري (3567) من طريق الحسن بن الصباح
البزار، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه وقولها: " لا يسرد سردكم " أي: يتابعه، ومثله: فلان
يسرد الصوم سردا، أي: يواليه ومنه قوله تعالى (وقدر في السرد) " وهو متابعة حلق الدرع شيئا بعد
شئ حتى يتناسق.
* تاريخ بغداد 10 / 199، العبر 3 / 125، شذرات الذهب 3 / 208.
386

سمع من إسماعيل الصفار عدة أجزاء انفرد بعلوها، وسمع من جعفر
الخلدي، وأبي بكر النجاد، وجماعة.
روى عنه: الخطيب، والبيهقي، والحسين بن علي بن البسري
وآخرون.
قال الخطيب: كتبنا عنه وكان صدوقا (1).
مات في صفر سنة سبع عشرة وأربع مئة. رحمه الله.
247 - سابور بن أردشير *
الوزير الأوحد البليغ، بهاء الدولة، أبو نصر.
وزر لبهاء الدولة بن عضد الدولة.
وكان شهما مهيبا كافيا، جوادا ممدحا، له ببغداد دار علم (2).
توفي سنة ست عشرة وأربع مئة عن ثمانين سنة.
ومات مخدومه (3) بأرجان سنة ثلاث وأربع مئة كهلا.
وقد مدح سابور الببغاء وطائفة (4).

(1) " تاريخ بغداد " 10 / 199.
* يتيمة الدهر 3 / 124 - 131، المنتظم 8 / 22، 23، الكامل في التاريخ 9 / 350،
وفيات الأعيان 2 / 354 - 356 وانظر فيه معنى سابور وأردشير، البداية والنهاية 12 / 19.
(2) قال ابن الجوزي: وابتاع دارا بين السورين في سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة، وحمل
إليها كتب العلم من كل فن، وسماها دار العلم، وكان فيها أكثر من عشرة آلاف مجلد، ووقف
عليها الوقوف، وبقيت سبعين سنة، وأحرقت عند مجئ طغرلبك في سنة خمسين وأربع مئة.
" المنتظم " 8 / 22. قال ابن خلكان: وإليها أشار أبو العلاء المعري بقوله في القصيدة المشهورة.
وغنت لنا في دار سابور قينة * من الورق مطراب الأصائل ميهال
(3) بهاء الدولة، وقد تقدمت ترجمته برقم (106).
(4) انظر مدائحهم له في " يتيمة الدهر " 3 / 124 - 131، و " وفيات الأعيان " 2 /
355
387

248 - غلام محسن *
الشيخ الثقة، أبو علي، أحمد بن إبراهيم بن يزداد، الأصبهاني،
غلام محسن.
سمع: أبا محمد بن فارس، وأبا أحمد العسال.
روى عنه: أبو حفص عمر بن أحمد المعلم، وأبو بكر أحمد بن
محمد بن الحافظ ابن مردويه، وجماعة من مشايخ الحافظ السلفي.
توفي في صفر سنة ثماني عشرة وأربع مئة.
249 - ابن حيد * *
العدل الرئيس، المجاهد الغازي، أبو بكر، محمد بن علي بن
محمد بن حيد بن عبد الجبار، النيسابوري الجوهري الصيرفي، أحد
الكبراء، وإليه ينسب قصر حيد.
ولد سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع من أبي العباس الأصم، ومن أبي عمرو بن نجيد.
حدث عنه: أبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، وجماعة
آخرهم حفيده منصور بن بكر بن محمد بن حيد (1).
توفي في رجب سنة تسع عشرة وأربع مئة.
وله جزء مشهور عن الأصم، سمعناه عاليا.

* لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة لنا.
* * لم نقف له على ترجمة في المصادر.
(1) ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر.
388

250 - السهلي *
الشيخ أبو الفضل، أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف، السهلي
النيسابوري الأديب، شيخ النحو.
حدث عن: أبي العباس الأصم، وأبي الوليد الفقيه، وأبي الفضل
المزكي.
روى عنه: أبو الحسن الواحدي، وبه تأدب، وأبو سعد عبد الله بن
القشيري.
وعاش إلى حدود العشرين وأربع مئة (1).
251 - السليطي * *
الشيخ أبو الحسن، أحمد بن محمد بن الحسين بن سليمان،
السليطي، النيسابوري، النحوي المعدل.
حدث عن: أبي العباس الأصم.
روى عنه: أبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، وشيخ
الاسلام أبو إسماعيل الأنصاري.
وثقه عبد الغافر الفارسي، وقال: توفي في جمادى الأولى سنة إحدى
وعشرين وأربع مئة.

* تتمة اليتيمة 2 / 23، معجم الأدباء 4 / 261 - 263، إنباه الرواة 1 / 119 ونسبه فيه
السهلكي، تلخيص ابن مكتوم: 18، بغية الوعاة 1 / 369 وفيه النهشلي.
(1) قال ياقوت والسيوطي: ومات بعد سنة ست عشرة وأربع مئة.
* * إنباه الرواة 1 / 129، تلخيص ابن مكتوم: 21. والسليطي: نسبة إلى سليط أحد
أجداده.
389

252 - المعاذي *
الشيخ المعمر، أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن محمد بن
يحيى، المعاذي النيسابوري.
سمع مجلسين من أبي العباس الأصم.
قال عبد الغافر: سماعه منه في سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة، وتوفي
في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وأربع مئة.
قلت: روى عنه أبو إسماعيل الأنصاري وجماعة.
وثقه عبد الغافر.
253 - الجصاص * *
شيخ الزهاد، أبو محمد، طاهر بن حسن بن إبراهيم، الهمذاني
الجصاص.
روى عن: محمد بن يوسف الكسائي، صاحب أبي القاسم البغوي،
وعن غيره قليلا.
روى عنه: أبو مسلم بن غزو. وحكى عنه طائفة من الفقراء (1).
وله أحوال وخوارق. وبعضهم رماه بالزندقة. وقد عظمه شيرويه
الديلمي، وبالغ.

* العبر 3 / 143، شذرات الذهب 3 / 219.
* * الأنساب 3 / 260، 261.
(1) يعني الصوفية.
390

وله مصنفات عدة، منها " أحكام المريدين " مجلد.
وكان يقرأ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور، ويعرف تفسيرها فيما
قيل.
وسئل عن التوحيد، فقال: أن يكون رجوعك إلى نفسك ونظرك إليها
أشد عليك من ضرب العنق.
قال جعفر الأبهري: كان لطاهر الجصاص ثلاث مئة تلميذ، كلهم
من الأوتاد.
قال مكي بن عمر البيع: سمعت محمد بن عيسى يقول: صام طاهر
أربعين يوما أربعين مرة، فآخر أربعين عملها صام على قشر الدخن، فليبسه
قرع رأسه، واختلط في عقله، ولم أر أكثر مجاهدة منه.
قلت: فعل هذه الأربعينات حرام قطعا، فعقباها موت من الخور أو
جنون واختلاط، أو جفاف يوجب للمرء سماع خطاب لا وجود له أبدا في
الخارج، فيظن صاحبه أنه خطاب إلي (1). كلا والله.
قال شيرويه: كان طاهر يذهب مذهب أهل الملامة.
وقال ابن زيرك: حضرت مجلسا ذكر فيه الجصاص، فبعضهم نسبه
إلى الزندقة، وبعضهم نسبه إلى المعرفة.
وقيل: كان ترك اللحم والخبز، فحوقق في ذلك، فقال: إذا
أكلتهما، طالبتني نفسي بتقبيل أمرد مليح.

(1) أي: إلهي، فقد جاء في اللسان: الإل: الله عز وجل.. والمعنى أنه مما يوسوس له
يخيل إليه أنه يسمع كلاما ويظن أن الله يخاطبه به.
391

وكان عليه قمل مفرط، ولا يقتله، ويقول: لا يؤذيني.
توفي سنة ثمان عشرة وأربع مئة وقبره يزار بهمذان.
254 - النسائي *
شيخ الشافعية، العلامة أبو بكر، محمد بن زهير بن أخطل،
النسائي، خطيب نسا.
سمع من الأصم، وأبي حامد الحسنوي، وابن عبدوس الطرائفي،
وحسان بن محمد، وأبي سهل بن زياد القطان. وعمر دهرا.
روى عنه البيهقي، وأبو صالح المؤذن وطائفة. ورحل إليه الفقهاء.
توفي ليلة عيد الفطر سنة ثماني عشرة وأربع مئة. رحمه الله.
255 - الربعي * *
إمام النحو، أبو الحسن، علي بن عيسى بن الفرج، الربعي
البغدادي، صاحب التصانيف.
* العبر 3 / 129، الوافي بالوفيات 3 / 78، طبقات السبكي 4 / 149، طبقات ابن
هداية الله، 82، شذرات الذهب 3 / 210. والنسائي: نسبة إلى نسا، وهي مدينة بخراسان.
* * تاريخ بغداد 12 / 17، 18، نزهة الألباء 341، 342، المنتظم 8 / 46، معجم
الأدباء 14 / 78 - 85، إنباه الرواة 2 / 297، الكامل في التاريخ 9 / 392، وفيات الأعيان
3 / 336، العبر 3 / 138، تلخيص ابن مكتوم: 146، عيون التواريخ وفيات 420 ه‍،
الوافي بالوفيات خ 12 / 134، الفلاكة والمفلوكين 113، 114، طبقات ابن قاضي شهبة
224، 225، النجوم الزاهرة 4 / 271، بغية الوعاة 2 / 181، 182، إشارة التعيين 34،
35، شذرات الذهب 3 / 216، روضات الجنات 843، إيضاح المكنون 1 / 172، هدية
العارفين 1 / 686. (*)
392

لازم أبا سعيد السيرافي ببغداد، وأبا علي الفارسي بشيراز، حتى بلغ
الغاية.
بلغنا أن أبا علي قال: قولوا لعلي البغدادي: لو سرت من الشرق إلى
الغرب، لم تجد أحدا أنحى منك (1). ويقال: واظبه بضع عشرة سنة (2).
وصنف شرحا للايضاح (3)، وشرحا لمختصر الجرمي (4). وتخرج به
كبار.
مات في المحرم سنة عشرين وأربع مئة وقد بلغ ثنتين وتسعين سنة.
وقيل: أصله من شيراز. مولده في سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
256 - ابن مرزوق *
الشيخ الجليل، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن القاسم بن مرزوق،
المصري الأنماطي المعدل.
سمع من أبي محمد بن الورد " السيرة "، وسمع من أحمد بن عبيد

(1) انظر " تاريخ بغداد " 12 / 17، و " وفيات الأعيان " 3 / 336، و " المنتظم " 8 /
46، و " إنباه الرواة " 2 / 297، و " معجم الأدباء " 14 / 78.
(2) في " الوفيات " و " المنتظم " و " الانباه " و " معجم الأدباء " و " تاريخ بغداد " أنه قرأ
عليه عشرين سنة.
(3) وهو في النحو لأبي علي الفارسي المتوفى سنة 377 ه‍، مرت ترجمته في الجزء
السادس عشر.
(4) وهو في النحو أيضا، والجرمي هو إمام العربية، صالح بن إسحاق المتوفى 225 ه‍،
مرت ترجمته في الجزء العاشر برقم (194). وانظر بقية تصانيف الربعي في " معجم الأدباء "
14 / 79، و " هدية العارفين " 1 / 686.
* تهذيب تاريخ دمشق 2 / 77، 78.
393

الحمصي الصفار، وحمزة الكناني، والحسين بن إبراهيم الفرائضي
الدمشقي.
حدث عنه: أبو نصر السجزي، وأبو إسحاق الحبال، وسمع منه
الحبال " السيرة " تهذيب ابن هشام، وإنما يعرف الحبال بروايته للسيرة عن
عبد الرحمن بن النحاس.
مات ابن مرزوق سنة ثمان عشرة وأربع مئة. رحمه الله.
257 - ابن المغربي *
الوزير الأديب البليغ، أبو القاسم، الحسين بن الوزير علي بن
الحسين (1) بن محمد، المصري، المعروف بابن المغربي.
قتل الحاكم أباه وعمه وإخوته، فهرب هذا ونجا، فأجاره أمير العرب
حسان بن مفرج الطائي، فامتدحه، وأخذ صلاته (2).
روى عن الوزير جعفر بن حنزابه.
وعنه: ولده عبد الحميد، وأبو الحسن بن الطيب الفارقي.

* الرجال للنجاشي: 51، دمية القصر 1 / 115 - 120، الإشارة إلى من نال الوزارة:
47، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 475 - 515، المنتظم
8 / 32، 33، معجم الأدباء 10 / 79 - 90، الكامل في التاريخ 9 / 321، 331، 335،
362، بغية الطلب 5 / 14 - 30، وفيات الأعيان 2 / 172 - 177، المختصر في أخبار البشر
2 / 155، تتمة اليتيمة 1 / 24، العبر 3 / 128، تتمة المختصر 1 / 507، البداية والنهاية
12 / 23، أعتاب الكتاب 206، لسان الميزان 2 / 301، فحول البلاغة 189، شذرات
الذهب 3 / 210، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 312 - 314، النجوم الزاهرة 4 / 266، الدرة
المضية 6 / 309 - 312.
(1) في " معجم الأدباء ": " الحسن " بدل " الحسين ".
(2) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 174، 175 و " معجم الأدباء " 10 / 80، 81.
394

ووزر لصاحب ميافارقين أحمد بن مروان (1).
وله نظم في الذروة (2)، ورأي ودهاء وشهرة وجلالة، وكان جدهم
يلقب بالمغربي لكونه خدم كاتبا على ديوان المغرب، وأصله بصري (3).
وقد قصد أبو القاسم الوزير فخر الملك، وتوصل إلى أن ولي الوزارة
في سنة أربع عشرة وأربع مئة (4).
وله ترسل فائق (5) وذكاء وقاد.
قال مهيار الشاعر (6): وزر ابن المغربي ببغداد، وتعظم وتكبر،
ورهبه الناس، فانقبضت عن لقائه، ثم عملت فيه قصيدتي البائية،
ودخلت، فأنشدته، فرفع طرفه إلي، وقال: اجلس أيها الشيخ!. فلما
بلغت:
جاء بك الله على فترة * بآية من يرها يعجب
لم تألف الابصار من قبلها * أن تطلع الشمس من المغرب
فقال: أحسنت يا سيدي. وأعطاني مئتي دينار.
ومن نظم الوزير:
وكل امرئ يدري مواقع رشده * ولكنه أعمى أسير هواه

(1) انظر " المنتظم " 8 / 32، و " معجم الأدباء " 10 / 82، وقال ابن خلكان: وقصد
أبا نصر بن مروان بميافارقين، وأقام عنده على سبيل الضيافة إلى أن توفي. " وفيات الأعيان "
4 / 176.
(2) انظر " الذخيرة " 4 / 2 / 507 - 514، و " معجم الأدباء " 10 / 85 - 90.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 177.
(4) انظر تفصيل ذلك في " وفيات الأعيان " 2 / 175، 176، و " معجم الأدباء " 10 /
81، 82.
(5) انظر بعض رسائله في " الذخيرة " 4 / 2 / 480 و 496 - 507.
(6) هو مهيار بن مرزويه الديلمي، سترد ترجمته برقم (310).
395

هوى نفسه يعميه عن قبح عيبه * وينظر عن حذق عيوب سواه
وقد وصل القاضي ابن خلكان (1) نسب الوزير ببهرام جور، وقال: له
ديوان شعر، و " مختصر إصلاح المنطق "، وكتاب " الايناس "، ولد سنة
سبعين وثلاث مئة، وحفظ كتابا في اللغة والنحو، وتحفظ من الشعر نحو
خمسة عشر ألف بيت، وبرع في الحساب، وله أربع عشرة سنة، وهو
القائل:
أرى الناس في الدنيا كراع تنكرت * مراعيه حتى ليس فيهن مرتع
فماء بلا مرعى ومرعى بغير ما * وحيث يرى ماء ومرعى فمسبع (2)
وكان من دهاة العالم، هرب من الحاكم، فأفسد نيات صاحب
الرملة (3) وأقاربه، وسار إلى الحجاز، فطمع صاحب مكة في الخلافة،
وأخذ مصر، فانزعج الحاكم، وقلق. وهو القائل وكتب إلى الحاكم:
وأنت وحسبي أنت تعلم أن لي * لسانا أمام المجد يبني ويهدم
وليس حليما من تقبل كفه * فيرضى ولكن من تعض فيحلم (4)
قال: ومات بميافارقين سنة ثمان عشرة وأربع مئة، فحمل تابوته إلى
الكوفة بوصية منه، فدفن بقرب المشهد (5). وكان شيعيا.

(1) في " وفيات الأعيان " 2 / 172، 173.
(2) البيتان في " وفيات الأعيان " 2 / 173، و " معجم الأدباء " 10 / 87، والمسبع:
الأرض تكثر فيها السباع.
(3) يعني حسان بن مفرج بن دغفل الجراحي.
(4) لم يرد هذان البيتان في المطبوع من " وفيات الأعيان " ولا في المصادر المذكورة التي
ترجمت لأبي القاسم المغربي.
(5) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 176.
396

258 - المستكفي *
محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الرحمن الناصر، الأموي
المرواني (1).
خرج على ابن عمه الملقب بالمستظهر (2) بقرطبة، في ذي القعدة سنة
أربع عشرة وأربع مئة، وقتله، وتمكن.
وكان أحمق طائشا (3).
وزر له أحمد الحايك، ثم إنه قتل وزيره هذا، فقاموا عليه،
و خلعوه (4)، وسجن ثلاثا لا يطعم فيها، ثم طردوه، فلحق بالثغور، ثم إن
بعض أمرائه سمه في دجاجة في سنة بضع عشرة وأربع مئة.
259 - ابن عبدان * *
الشيخ المحدث الصدوق، أبو الحسن، علي بن الحافظ أحمد بن

* جمهرة الأنساب 100، 101، جذوة المقتبس 26، 27، الذخيرة: القسم الأول،
المجلد الأول / 433 - 437، بغية الملتمس 33، الكامل في التاريخ 9 / 277، 278،
المغرب في حلي المغرب 1 / 54، 55، البيان المغرب 3 / 141، الوافي بالوفيات 3 /
230، تاريخ ابن خلدون 4 / 152، أعمال الاعلام: 135، نفح الطيب 1 / 432، 437.
وقد أورد المؤلف ترجمته أثناء ترجمة المعتلي بالله رقم (82).
(1) وهو والد الأديبة الشاعرة ولادة، صاحبة ابن زيدون.
(2) وهو عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار، تقدمت ترجمته برقم (215).
(3) انظر عن حمقه وطيشه " المغرب في حلي المغرب " 1 / 54، 55 و " الكامل " 9 /
277، و " الذخيرة " 1 / 1 / 433 - 436. وقال الحميدي في " الجذوة " ص 27: وكان هذا
المستكفي في غاية التخلف، وله في ذلك أخبار يقبح ذكرها.
(4) ورجع الامر إلى يحيى بن علي بن حمود المعتلي بالله، الذي تقدمت ترجمته برقم
(82).
* * لم نعثر له على مصادر ترجمة.
397

عبدان بن الفرج بن سعيد بن عبدان، الشيرازي ثم الأهوازي.
ثقة مشهور، عالي الاسناد.
سمع: أباه، وأحمد بن عبيد الصفار، ومحمد بن أحمد بن محمويه
الأزدي، وأبا بكر محمد بن عمر الجعابي، وأبا القاسم الطبراني، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي في تصانيفه، وأبو القاسم القشيري،
والقاسم بن الفضل الثقفي، وآخرون.
توفي بخراسان في سنة خمس عشرة وأربع مئة.
وقد مر أبوه (1) في زمن ابن المقرئ (2).
260 - ابن شهريار *
الشيخ الأمين، أبو القاسم، الفضل بن عبيد الله بن أحمد بن الفضل
ابن شهريار، الأصبهاني، التاجر السفار.
سمع عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، وعم والده الفضل بن
علي بن شهريار، وأحمد بن بندار الشعار، وعمر بن محمد الجمحي
المكي، وأبا بكر الشافعي، وطائفة.
حدث عنه: أبو عمرو بن مندة، والرئيس أبو عبد الله الثقفي، وأحمد
ابن عبد الغفار بن أشته، وأبو الفتح السوذرجاني، وأخوه محمد، وأبو صادق

(1) وهو الحافظ أحمد بن عبدان، المتوفى سنة 388 ه‍، مرت ترجمته في الجزء السادس
عشر.
(2) ابن المقرئ هو الامام الحافظ أبو بكر بن إبراهيم بن علي الأصبهاني، المتوفى سنة
381 ه‍. مرت ترجمته أيضا في الجزء السادس عشر.
* تاريخ أصبهان 2 / 157.
398

محمد بن أحمد بن جعفر، وأحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه،
وآخرون.
توفي في شوال سنة ست عشرة وأربع مئة. من أبناء الثمانين.
261 - ابن الخلال *
الشيخ الجليل الثقة، الرئيس أبو بكر، محمد بن عبد الرحمن بن عبيد
الله بن يحيى بن يونس، الطائي الدمشقي الداراني القطان، ويعرف بابن
الخلال.
حدث عن: خيثمة الأطرابلسي، وأبي الميمون بن راشد، وأبي
الحسن بن حذلم، وإسحاق بن إبراهيم الأذرعي، وجماعة.
روى عنه: علي بن محمد الحنائي، وأخوه أبو القاسم إبراهيم، وأبو
علي الأهوازي، وأبو سعد السمان، والقاضي أبو يعلى بن الفراء، وعبد
الواحد البري، وعبد الله بن كبيبة النجار، وعبد العزيز الكتاني، وأبو
القاسم بن أبي العلاء.
وكان ذا زهد وصلاح وتقوى.
قال الكتاني: توفي شيخنا أبو بكر القطان في رابع عشر ربيع الأول،
سنة ست عشرة وأربع مئة.
قال: وكان قد كف بصره في آخر عمره، وكان ثقة نبيلا. مضى على
سداد وأمر جميل.

* الوافي بالوفيات 3 / 230.
399

262 - عبد المحسن *
ابن محمد بن أحمد، شاعر الشام، أبو محمد الصوري.
روى عنه الحافظ محمد الصوري، ومبشر بن إبراهيم، وسلامة بن
حسين.
ونظمه فائق، وسار له:
بالذي ألهم تعذيبي * ثناياك العذابا
ما الذي قالته عيناك * لقلبي فأجابا (1)
توفي سنة تسع عشرة وأربع مئة وله ثمانون سنة.
263 - ابن هارون * *
الامام العلامة، المأمون، أبو نصر، محمد بن أحمد بن هارون بن
موسى بن عبدان، الغساني الدمشقي، القاضي، المعروف بابن
الجندي، إمام جامع دمشق وقاضيها نيابة، ومحدثها.
قال الكتاني: ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.

* يتيمة الدهر 1 / 296 - 309، تتمة اليتيمة: 35، وفيات الأعيان 3 / 232 - 235،
العبر 3 / 131، النجوم الزاهرة 4 / 269، شذرات الذهب 3 / 211 - 213.
(1) البيتان في " العبر " 3 / 131 و " شذرات الذهب " 3 / 213، و " النجوم الزاهرة "
4 / 269، و " يتيمة الدهر " 1 / 297، 298، وفيه قبل البيت الأخير قوله:
والذي ألبس خد * يك من الورد نقابا
والذي صير حظي * منك هجرا واجتنابا
يا غزالا صاد باللحظ * فؤادي فأصابا
* * الاكمال 2 / 222، 223، الأنساب 3 / 322، العبر 3 / 126، الوافي بالوفيات
2 / 61، تبصير المنتبه 1 / 359، شذرات الذهب 3 / 209.
400

سمع من: خيثمة بن سليمان أحاديث صالحة، ومن علي بن أبي
العقب، وأبي علي بن جابر الفرائضي، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن
مروان، وجماعة.
قلت: حدث عنه أبو نصر عبد الوهاب بن الحبان، وأبو علي المقرئ
الأهوازي، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، وأبو نصر الحسين بن
طلاب، والحافظ أبو سعد السمان، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وأبو
القاسم بن أبي العلاء المصيصي.
قال الكتاني: توفي القاضي ابن هارون إمام جامع دمشق وقاضيها في
صفر سنة سبع عشرة وأربع مئة.
قال: وكان ثقة مأمونا.
264 - أبو صادق *
الشيخ الفقيه الامام، الأديب المسند، أبو صادق، محمد بن أحمد
ابن محمد بن أحمد بن شاذان، النيسابوري الصيدلاني.
سمع من: أبي العباس الأصم، وأبي عبد الله بن الأخرم، وأبي بكر
الصبغي.
حدث عنه: البيهقي، والرئيس الثقفي، وعلي بن أحمد المؤذن.
توفي في ربيع الأول سنة خمس عشرة وأربع مئة.

* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
401

265 - الحمامي *
الامام المحدث، مقرئ العراق، أبو الحسن، علي بن أحمد بن
عمر بن حفص بن الحمامي البغدادي.
ولد سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة.
وسمع من عثمان بن السماك، وأبي سهل القطان، وأحمد بن عثمان
الادمي، وعلي بن محمد بن الزبير، والنجاد، وابن قانع، ومحمد بن
جعفر الادمي، وعدة.
وتلا على النقاش، وزيد بن أبي بلال، وأبي عيسى بكار، وهبة الله
ابن جعفر، وابن أبي هاشم، وغيرهم.
حدث عنه: الخطيب، والبيهقي، ورزق الله، وعبد الله بن زكري
الدقاق، وطراد الزينبي، وأبو الحسن بن العلاف، وعبد الواحد بن فهد،
وآخرون.
وتلا عليه خلق كثير منهم: أبو الفتح بن شيطا، ونصر بن عبد العزيز
الفارسي، وأبو علي غلام الهراس، وأبو بكر محمد بن علي الخياط، وأبو
الخطاب الصوفي، وأبو علي الشرمقاني (1)، وحسن بن علي العطار، وعلي

* تاريخ بغداد 11 / 329، 330، الاكمال 3 / 289، الأنساب 4 / 207، المنتظم
8 / 28، اللباب 1 / 385، الكامل في التاريخ 9 / 356، العبر 3 / 125، معرفة
القراء الكبار 1 / 302، 303، دول الاسلام 1 / 248، البداية والنهاية 12 / 21، غاية
النهاية 1 / 521، 522، شذرات الذهب 3 / 208، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 /
381.
(1) هذه النسبة إلى شرمقان، وهي بلدة قريبة من إسفرايين يقال لها: جرمقان.
انظر " الأنساب "، و " معجم البلدان ".
402

ابن محمد بن فارس الخياط، وعبد السيد بن عتاب، ويحيى السيبي (1)،
ورزق الله التميمي.
قال الخطيب (2): كان صدوقا دينا فاضلا، تفرد بأسانيد القراءات
وعلوها في وقته، مات في شعبان سنة سبع عشرة وأربع مئة.
قال سليم الرازي: سمعت أبا الفتح بن أبي الفوارس يقول: لو رحل
رجل من خراسان ليسمع كلمة من أبي الحسن الحمامي أو من أبي أحمد
الفرضي، لم تكن رحلته عندنا ضائعة. هذه الحكاية رواها الخطيب في
" تاريخه " (3) عن نصر المقدسي، عنه.
266 - ابن المحاملي *
الامام الكبير، شيخ الشافعية، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن
أحمد بن القاسم بن إسماعيل، الضبي البغدادي الشافعي، ابن
المحاملي، أحد الاعلام.

(1) هو أبو القاسم يحيى بن أحمد السيبي القصري من أهل بغداد، متوفى سنة 490
ببغداد، ترجم له المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 307، 358، وابن الجزري في " غاية
النهاية " 2 / 365.
(2) في " تاريخ بغداد " 11 / 329، 330.
(3) المصدر السابق.
* طبقات العبادي 113 تاريخ بغداد 4 / 372، طبقات الشيرازي 108، المنتظم 8 / 17،
الكامل 9 / 341، طبقات ابن الصلاح 35 ب، طبقات النووي: 58، تهذيب الأسماء
واللغات 2 / 210 ضمن ترجمة أبي حامد الأسفراييني، وفيات الأعيان 1 / 74، 75، العبر
3 / 119، دول الاسلام 1 / 247، الوافي بالوفيات 7 / 321، مرآة الجنان 3 / 29، طبقات
السبكي 4 / 48 - 56، طبقات الأسنوي 2 / 381، 382، البداية والنهاية 12 / 18، النجوم
الزاهرة 4 / 262، طبقات ابن هداية الله 132، 133، كشف الظنون: 351 و 1130 و
1366 و 1541 و 1606 و 1810، شذرات الذهب 3 / 202، هدية العارفين 1 / 72.
403

تفقه على الشيخ أبي حامد (1)، وخلفه في حلقته، وكان عجبا في
الفهم والذكاء وسعة العلم.
ارتحل به والده، فأسمعه من علي بن عبد الرحمن البكائي (2)،
وغيره. وسمع ببغداد من أبي الحسين بن المظفر، والطبقة.
تلمذ له أبو بكر الخطيب، وروى عنه.
وروى أبوه عن إسماعيل الصفار ونحوه، ومات سنة سبع وأربع مئة.
قال الشريف المرتضى: دخل علي أبو الحسن بن المحاملي مع
الشيخ أبي حامد، ولم أكن عرفته، قال لي أبو حامد: هذا أبو الحسن بن
المحاملي، وهو اليوم أحفظ للفقه مني (3).
قال أبو إسحاق الشيرازي: تفقه بأبي حامد، وله عنه تعليقة (4) تنسب
إليه، وله مصنفات كثيرة في الخلاف والمذهب.
قلت: ألف كتاب " المجموع " في عدة مجلدات، و " المقنع " (5)

(1) تقدمت ترجمته برقم (111).
(2) نسبة إلى بني البكاء: وهم من بني عامر بن صعصعة. " الأنساب " 2 / 270.
(3) انظر " تاريخ بغداد " 4 / 373، و " طبقات " السبكي 4 / 49.
(4) هي التعليقة الكبرى في الفروع لأبي حامد الأسفراييني: قال النووي: واعلم أن مدار
كتب أصحابنا العراقيين أو جماهير هم مع جماعات من الخراسانيين عن تعليق الشيخ أبي حامد،
وهو في نحو خمسين مجلدا، جمع فيه من النفائس ما لم يشارك في مجموعه من كثرة المسائل
والفروع، وذكر مذاهب العلماء، وبسط أدلتها والجواب عنها، وعنه انتشر فقه طريقة أصحابنا
العراقيين. " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 210.
(5) نقل النووي أن المحاملي لما عمل " المقنع " أنكر عليه شيخه أبو حامد الأسفراييني
لكونه جرد فيه المذهب، وأفرده عن الخلاف، وذهب إلى أن ذلك مما يقصر الهمم عن تحصيل
الفنين، ويحمل على الاكتفاء بأحدهما، ومنعه من حضور مجلسه، حتى احتال لسماع درسه
من حيث لا يحضر المجلس. " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 210.
404

مجلد، وكتاب " اللباب " (1) وغير ذلك (2).
ولم يطل عمره (3)، توفي في ربيع الآخر سنة خمس عشرة وأربع مئة
وله سبع وأربعون سنة. رحمه الله.
267 - القفال *
الامام العلامة الكبير، شيخ الشافعية، أبو بكر، عبد الله بن أحمد بن
عبد الله، المروزي الخراساني.

(1) وقد اختصره أبو زرعة العراقي المتوفى سنة 826 ه‍ بعنوان " تنقيح اللباب " ثم اختصر
هذا المختصر شيخ الاسلام زكريا الأنصاري المتوفى سنة 926 ه‍ بعنوان " تحرير تنقيح اللباب "
ثم شرح مختصره هذا بكتاب " تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب "
وكلاهما مطبوع، وعلى هذا الشرح الحواشي التالية: حاشية عبد البر بن عبد الله الأجهوري
المتوفى في حدود سنة 1070 ه‍، وحاشية المدابغي المتوفى سنة 1070 ه‍ وحاشية القليوبي،
وحاشية عبد الله بن حجازي الشرقاوي المتوفى سنة 1227 ه‍ وشرح كتاب " اللباب " نفسه عبد
الرؤوف المناوي المتوفى سنة 1031 ه‍. انظر " كشف الظنون " 1541، 1542، و " تاريخ
الأدب العربي " لبروكلمان النسخة العربية 3 / 304، 305. و " تاريخ التراث العربي " لسزكين
2 / 191، 192.
(2) انظر " هدية العارفين " 1 / 72 و " تاريخ " بروكلمان 3 / 305، و " تاريخ " سزكين
2 / 192.
(3) قال النووي: ولما بلغ الشيخ أبا حامد أن المحاملي صنف " المجموع " و " التجريد "
و " المقنع " قال أبو حامد: بتر كتبي، بتر الله عمره. فما عاش بعد ذلك إلا قليلا انظر " تهذيب
الأسماء واللغات " 2 / 210، " طبقات " السبكي 4 / 49، و " طبقات " الأسنوي 2 / 383.
* طبقات العبادي 105، الأنساب 10 / 212، طبقات ابن الصلاح ورقة 51 ب، وفيات
الأعيان 3 / 46، المختصر في أخبار البشر 2 / 156، العبر 3 / 124، دول الاسلام 1 /
248، تتمة المختصر 1 / 509، طبقات السبكي 5 / 53 - 62، طبقات الأسنوي 2 / 298،
299، البداية والنهاية 12 / 21، 22، تراجم الرجال: 20، النجوم الزاهرة 4 / 265،
مفتاح السعادة 2 / 323، 324، طبقات ابن هداية الله 134، 135، شذرات الذهب 3 /
207، روضات الجنات 448، 449، إيضاح المكنون 2 / 188، هدية العارفين 1 / 450.
405

حذق في صنعة الاقفال حتى عمل قفلا بآلاته ومفتاحه، زنة أربع
حبات، فلما صار ابن ثلاثين سنة، آنس من نفسه ذكاء مفرطا، وأحب
الفقه، فأقبل على قراءته حتى برع فيه، وصار يضرب به المثل، وهو
صاحب طريقة الخراسانيين في الفقه (1).
تفقه بأبي زيد الفاشاني (2)، وسمع منه، ومن الخليل بن أحمد
السجزي، وسمع ببخارى وهراة.
تفقه عليه أبو عبد الله محمد بن عبد الملك المسعودي، وأبو علي
الحسين بن شعيب السنجي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن فوران
المراوزة.
قال الفقيه ناصر العمري: لم يكن في زمان أبي بكر القفال أفقه منه،
ولا يكون بعده مثله، وكنا نقول: إنه ملك في صورة الانسان. حدث،
وأملى، وكان رأسا في الفقه، قدوة في الزهد (3).
وقال أبو بكر السمعاني في " أماليه ": كان وحيد زمانه فقها وحفظا
وورعا وزهدا، وله في المذهب من الآثار ما ليس لغيره من أهل عصره،
وطريقته المهذبة (4) في مذهب الشافعي التي حملها عنه أصحابه أمتن
طريقة، وأكثرها تحقيقا، رحل إليه الفقهاء من البلاد، وتخرج به أئمة.

(1) كما أن أبا حامد الأسفراييني هو صاحب طريقة العراقيين، وعنهما انتشر المذهب.
انظر الصفحة 194 ت رقم (4).
(2) هو محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد الفاشاني المروزي، من قرية فاشان إحدى
قرى مرو، متوفى سنة 371، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر " طبقات " السبكي 5 / 55.
(4) في " طبقات " السبكي: " المهدية " وهو تصحيف.
406

ابتدأ بطلب العلم وقد صار ابن ثلاثين سنة، فترك صنعته، وأقبل على
العلم (1).
وذكر ناصر المروزي أن بعض الفقهاء المختلفين إلى القفال احتسب
على بعض أتباع متولي مرو، فرفع ذلك إلى السلطان محمود، فقال:
أيأخذ القفال شيئا من ديواننا؟ قال: لا. قال: فهل يتلبس بشئ من
الأوقاف؟ قال: لا. قال: فإن الاحتساب لهم سائغ، دعهم (2).
حكى القاضي حسين عن القفال أستاذه أنه كان في كثير من الأوقات
يقع عليه البكاء حالة الدرس، ثم يرفع رأسه ويقول: ما أغفلنا عما يراد
بنا (3).
تخرج القفال كما قدمنا على أبي زيد، وقبره بمرو يزار.
مات في سنة سبع عشرة وأربع مئة في جمادى الآخرة وله من العمر
تسعون سنة، وسماعاته نازلة، لأنه سمع في الكهولة وقبلها.
ومات فيها أحمد بن محمد بن سلامة الستيتي (4) الأديب الراوي عن
خيثمة بدمشق، وأبو الحسن بن أبي الشوارب (5) الأموي قاضي القضاة
ببغداد، وعبد الله بن يحيى السكري (6) الراوي عن الصفار، ومقرئ العصر

(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 53، 54.
(2) " طبقات " السبكي 5 / 55. والسلطان محمود سترد ترجمته برقم (319).
(3) " طبقات " السبكي 5 / 55، و " طبقات " الأسنوي 2 / 299.
(4) تقدمت ترجمته برقم (222).
(5) تقدمت ترجمته برقم (223).
(6) تقدمت ترجمته برقم (246).
407

أبو الحسن بن الحمامي (1)، وحافظ نيسابور أبو حازم العبدويي (2)،
والمسند أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان العكبري (3) شيخ ابن البطر، وأبو
نصر بن هارون (4) الجندي بدمشق. ولأكثرهم (5) هنا تراجم، وإنما أحببت
الجمع لينضبط موتهم.
268 - مشرف الدولة *
أبو علي (6) بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه.
مات في ربيع الأول سنة ست عشرة وأربع مئة، وله أربع وعشرون سنة.
كانت دولته خمس سنين، وكان فيه عدل في الجملة. وكان له العراق
في وقت (7) وشيراز وكرمان، ولأخيه سلطان الدولة (8) صاحب فارس
وبخاري ثم اصطلحا (9).
وتملك بعد مشرف الدولة أخوه جلال الدولة (10) ببغداد.

(1) تقدمت ترجمته برقم (265).
(2) تقدمت ترجمته برقم (204).
(3) تقدمت ترجمته برقم (224).
(4) تقدمت ترجمته برقم (263).
(5) بل لكلهم كما رأيت.
* المنتظم 8 / 24، الكامل في التاريخ 9 / 178، 317، 323، 327، 335،
346، المختصر في أخبار البشر 2 / 151، 154، 155، تتمة المختصر 1 / 502، 503،
506، 507، 508، تاريخ ابن خلدون 4 / 472 و 474، النجوم الزاهرة 4 / 262، 263.
(6) واسمه الحسن.
(7) وذلك في سنة 411، انظر " الكامل " 9 / 317 - 319.
(8) وهو الذي تقدمت ترجمته برقم (214).
(9) وذلك في سنة 413 على أن يكون العراق جميعه لمشرف الدولة، وفارس وكرمان
لسلطان الدولة.
(10) سترد ترجمته برقم (382).
408

269 - الطرازي *
الشيخ الكبير، مسند خراسان، أبو الحسن، علي بن محمد بن
محمد بن أحمد بن عثمان، البغدادي الطرازي، الحنبلي الأديب، من
كبار النيسابوريين.
حدث عن: أبي العباس الأصم، وأبي حامد أحمد بن علي بن
حسنويه، وأبي بكر محمد بن المؤمل، وأبي عمرو بن مطر، وطائفة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وصاعد بن سيار، وأبو سعد علي بن
عبد الله بن أبي صادق، وجماعة، وهو آخر من حدث عن الأصم بالسماع،
و بقي بعده يروي بالإجازة أبو نعيم (1) الحافظ عنه.
مات في الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربع
مئة.
ومات أبوه بعد الثمانين وثلاث مئة. وكان يروي عن أبي القاسم
البغوي. حدث عنه: أبو سعد الكنجروذي، وطائفة.
وفيها مات قبل أبي الحسن الطرازي بأشهر الشيخ أبو نصر منصور بن
الحسين النيسابوري المفسر (2) يروى أيضا عن الأصم، حدث عنه: أبو
إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وعبد الواحد بن أبي القاسم
القشيري. وعاش خمسا وثمانين سنة. وتوفي الخليفة القادر بالله أحمد بن

* الأنساب 8 / 225، العبر 3 / 150، شذرات الذهب 3 / 225. والطرازي: نسبة
لمن يعمل الثياب المطرزة أو يستعملها.
(1) سترد ترجمته برقم (305).
(2) سترد ترجمته برقم (295).
409

إسحاق بن المقتدر العباسي عن ست وثمانين سنة، وطلحة بن الصقر
الكتاني (1)، وعلي بن عبدكويه (2) الامام، وأحمد بن محمد بن إسحاق
المعلم سمع العسال، والحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فراس (3) بمكة،
والقاضي عبد الوهاب (4) شيخ المالكية، ومحمد بن يوسف القطان (5)
المحدث، ويحيى بن عمار (6) الواعظ، وأبو الحسن يحيى بن نجاح (7)
القرطبي مؤلف " سبل الخيرات ".

(1) سترد ترجمته برقم (317).
(2) سترد ترجمته برقم (316).
(3) له ترجمة في " العقد الثمين " 4 / 66.
(4) سترد ترجمته برقم (287).
(5) سترد ترجمته برقم (279).
(6) سترد ترجمته برقم (318).
(7) سترد ترجمته برقم (280).
410

الطبقة الثالثة والعشرون
270 - الحرفي *
الشيخ المسند العالم، أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد
الله بن محمد، البغدادي الحربي الحرفي.
سمع علي بن محمد بن الزبير القرشي، وحمزة بن محمد الدهقان،
وأبا بكر النجاد، وأبا بكر الشافعي، وأبا بكر النقاش، وعدة.
حدث عنه: البيهقي، والخطيب، والقاسم بن الفضل الثقفي،
ومحمد بن عبد السلام الأنصاري، والحسين بن محمد السراج، وأبو طاهر
محمد بن أحمد بن قنداس، وثابت بن بندار، وأحمد بن سوسن التمار،
وعبد الواحد بن علوان، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأبو الحسن علي
ابن الحسين بن أيوب البزاز، وأبو بكر الطريثيثي، وخلق سواهم.
وأملى عدة مجالس، وقع لنا منها.

* تاريخ بغداد 10 / 303، 304، الاكمال 3 / 282، الأنساب 4 / 112، اللباب
1 / 357، العبر 3 / 152، شذرات الذهب 3 / 226. والحرفي: قال السمعاني: هذه
النسبة للبقال ببغداد، ومن يبيع الأشياء التي تتعلق بالبزور والبقالين.
411

مولده في سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
قال الخطيب (1): كتبنا عنه، وكان صدوقا، غير أن سماعه في بعض
ما رواه عن النجاد كان مضطربا، ومات في شوال سنة ثلاث وعشرين وأربع
مئة.
271 - عطية بن سعيد *
ابن عبد الله، الامام الحافظ، القدوة الكبير، شيخ الوقت، أبو محمد،
الأندلسي القفصي الصوفي.
سمع من: عبد الله بن محمد بن علي الباجي، وطائفة بالأندلس،
وقاضي أذنة علي بن الحسين بمصر، وزاهر بن أحمد بسرخس، وابن فراس
بمكة، وإسماعيل بن حاجب الكشاني (2) بما وراء النهر.
وتلا بالأندلس على ابن بشر الأنطاكي، وبمصر على أبي أحمد
السامري، وكتب الكثير بالشام والعراق وخراسان وبخاري.
ثم استوطن نيسابور مدة على قدم التوكل، ورزق القبول، وكثر

(1) في " تاريخ بغداد " 10 / 303، 304.
* تاريخ بغداد 12 / 322، 323، جذوة المقتبس 319 - 322، الصلة 2 / 447 -
449، بغية الملتمس 433 - 435، تذكرة الحفاظ 3 / 1088، 1089، طبقات الحفاظ
321، 422.
(2) هذه النسبة إلى الكشانية، وهي بلدة من بلاد السند بنواحي سمرقند على اثني عشر
فرسخا منها. انظر " الأنساب " 10 / 431 وفيه ترجمة إسماعيل هذا، وهو أبو علي إسماعيل بن
محمد بن أحمد بن حاجب الحاجبي، آخر من روى " صحيح " البخاري عن الفربري، مات سنة
إحدى وتسعين وثلاث مئة، وقد تصحفت نسبة " الحاجبي " في " الجذوة " 320 إلى " الحاجني "
وتحرفت في " البغية " 434 إلى " الحاجي ".
412

أتباعه، وانضم إليه أصحاب أبي عبد الرحمن السلمي (1).
قال الخطيب: حدثنا عنه أبو الفضل عبد العزيز بن المهدي قال:
وكان زاهدا لا يضع جنبه إلى الأرض، إنما ينام محتبيا.
حدث ب‍ " صحيح " البخاري (3) بمكة، وكان عارفا بأسماء الرجال،
وكان يحضر السماع.
وذكره الداني في طبقات المقرئين، وقال: كان ثقة، كتب معنا بمكة
عن أحمد بن مت البخاري وغيره.
قال: وبمكة توفي سنة سبع وأربع مئة.
وقال غيره (3): لما نزح عطية إلى مكة من بغداد كان قد جمع كتبا
حملها على بخاتي (4) كثيرة، وليس له إلا ركوة ووطاء، وكذلك سار إلى
الحج، وكان كل يوم يعزم عليه رجل من الوفد، قال من رافقه (5): ما رأيته
يحمل زادا.
قال عبد العزيز بن بندار الشيرازي: لقيته ببغداد وصحبته، وكان من
الايثار والسخاء على أمر عظيم، ويقتصر على فوطة ومرقعة، وله كتب تحمل
على جمال، رافقته وخرجنا جميعا إلى الياسرية على التجريد، فعجبت من

(1) انظر " جذوة المقتبس " 319 وفيه: حتى ضاق صدر أبي عبد الرحمن به، ثم عاد إلى
بغداد.
(2) بروايته عن إسماعيل بن حاجب الكشاني بما وراء النهر. انظر " جذوة المقتبس "
320، و " بغية الملتمس " 434، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1088.
(3) وهو الحميدي في " جذوة المقتبس " 320.
(4) البخاتي جمع، واحده بختي، وهي جمال طوال الأعناق. انظر " لسان العرب ".
(5) وهو أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي، كما في " الجذوة "، وسينقل المؤلف
كلامه.
413

حاله، فلما بلغنا المنزلة، ذهبنا نتخلل الرفاق، فإذا شيخ خراساني حوله
حشم، فقال لنا: أنزلوا. فجلسنا، فأتى بسفرة، فأكلنا وقمنا، فلم نزل
هكذا، يتفق لنا كل يوم من يطعمنا ويسقينا إلى مكة، وما حملنا من الزاد
شيئا، وحدث بمكة " بالصحيح "، فكان يتكلم على الرجال وأحوالهم،
فيتعجب من حضر، وتوفي بمكة سنة ثمان أو تسع وأربع مئة (1).
قال الحميدي (2): له كتاب في تجويز السماع، فكان كثير من
المغاربة يتحامونه لذلك، وجمع طرق حديث المغفر في أجزاء عدة.
ثم قال: حدثنا أبو غالب بن بشران النحوي، حدثنا عطية بن سعيد،
حدثنا القاسم بن علقمة، حدثنا بهز (3). فذكر حديثا.

(1) انظر " جذوة المقتبس " 320، 321، و " بغية الملتمس " 433، 434.
(2) في " جذوة المقتبس " 321 وتمام الخبر: ومن رواه عن مالك بن أنس في أجزاء كثيرة
إلا أنه عول في بعضه على لاحق بن حسين. وحديث المغفر هو في " الموطأ " 1 / 423 في
الحج: باب جامع الحج عن الزهري، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه، جاءه رجل فقال: يا رسول الله ابن خطل
متعلق بأستار الكعبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقتلوه " وأخرجه البخاري (1846)
و (3044) و (4286) و (5808) ومسلم (1357) وأبو داود (2685) والترمذي (1693) والنسائي
5 / 201، والدارمي 2 / 73 و 221، وابن ماجة (2805) وأحمد 3 / 109 و 164 و 180 و 186
و 224 و 231، 232، و 240.
(3) في " الجذوة ": 321: حدثنا محمد بن صالح الطبري بدل " بهز "، قال: حدثنا
مرار بن حمويه الهمذاني، حدثنا أبو غسان الكناني، حدثنا مالك، عن نافع عن ابن عمر رضي
الله عنهما، قال: لما ودع أهل خيبر عبد الله بن عمر، قام عمر خطيبا، فقال: إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال: نقركم ما أقركم الله وان عبد الله بن
عمر خرج إلى ماله بخيبر، فعدي عليه من الليل [ففدعت يداه ورجلاه] وليس لنا هناك عدو
غيرهم، وهم عدونا وتهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم، فقام إليه ابن أبي الحقيق، فقال: أتخرجنا
وقد أقرنا محمد وعاملنا على الأموال؟، فقال له عمر: أتراك نسيت قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " كيف بك إذا أخرجت من خيبر تعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة " فقال: [كان ذلك هزيلة
من أبي القاسم، فقال: كذبت يا عدو الله] فأجلاهم عمر وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر إبلا
ومالا. قال الحميدي: وهو حديث عزيز أخرجه البخاري في الصحيح (2730) عن أبي أحمد
مرار بن حمويه مسندا، وهو غريب من حديث مالك، وليس في " الموطأ " قلت: والزيادات من
البخاري.
414

272 - الجوبري *
الشيخ أبو الحسن، عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر،
التميمي الدمشقي الجوبري.
عن: ابن أبي العقب، وأبي عبد الله بن مروان، وإبراهيم بن محمد
ابن سنان، وجماعة.
وعنه: القاسم الحنائي، وحيدرة المالكي، وسعد الزنجاني، وأبو
القاسم بن أبي العلاء، والكتاني، وقال: كان لا يقرأ ولا يكتب، سمعه
أبوه، وضبط له، وكان يحسن المتون، وجدت سماعه في " صحيح "
البخاري فقال لي: قد سمعني أبي الكثير، فما أحدثك، حتى أدري
مذهبك في معاوية. فقلت: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترحمت عليه،
فأخرج إلي كتب أبيه جميعا، ثم قال: مات في صفر سنة خمس وعشرين
وأربع مئة.
273 - ابن شاذان * *
الإمام الفاضل الصدوق، مسند العراق، أبو علي، الحسن بن أبي

* الأنساب 3 / 344، العبر 3 / 157، 158، شذرات الذهب 3 / 229، تاريخ
التراث العربي 1 / 383. والجوبري: نسبة إلى جوبر، وهي قرية من قرى دمشق.
* * تاريخ بغداد 7 / 279، 280، تبيين كذب المفتري 245، 246، المنتظم 8 /
86، 87، الكامل في التاريخ 9 / 445، العبر 3 / 157، دول الاسلام 1 / 253، تذكرة
الحفاظ 3 / 1075، البداية والنهاية 12 / 39، الجواهر المضية 2 / 38، 39، النجوم
الزاهرة 4 / 280، الطبقات السنية برقم (647)، شذرات الذهب 3 / 228، 229.
415

بكر أحمد بن إبراهيم (1) بن الحسن بن محمد بن شاذان، البغدادي البزاز،
الأصولي.
ولد في ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.
وبكر به والده إلى الغاية، فأسمعه وله خمس سنين أو نحوها من أبي
عمرو بن السماك، وأبي بكر أحمد بن سليمان العباداني (2)، وميمون بن
إسحاق، وأبي سهل بن زياد، وحمزة الدهقان، وجعفر الخلدي،
والنجاد، وعبد الله بن درستويه النحوي، وأبي عمر الزاهد، وعلي بن عبد
الرحمن بن مأتي (3)، وأحمد بن عثمان الادمي، وعبد الصمد الطستي،
وعلي بن محمد بن الزبير القرشي، ومكرم بن أحمد، وعبد الله بن إسحاق
لخراساني، ومحمد بن العباس بن نجيح، وأحمد بن كامل القاضي،
ومحمد بن عبد الله بن علم، وأبي بكر الشافعي، وعبد الرحمن بن سيما
المجبر، وإسماعيل بن علي الخطبي، وعبد الله بن بريه الهاشمي،
ودعلج بن أحمد، وأبي بكر النقاش، وأحمد بن نيخاب (4) الطيبي، وابن
قانع، وأبي بكر بن مقسم، وأبي علي بن الصواف، وحامد الرفاء، وشجاع
ابن جعفر، ومحمد بن محمد الإسكافي، وأبي سليمان الحراني، وعبد

(1) ورد اسمه في " تاريخ بغداد " الحسن بن إبراهيم بن أحمد.
(2) نسبة إلى عبادان، وهي بليدة بنواحي البصرة في وسط البحر. انظر " الأنساب " 8 /
335 وفيه ترجمة أبي بكر هذا.
(3) بالتاء المثناة الفوقية. انظر " تبصير المنتبه " 4 / 1243.
(4) بالنون المكسورة ثم ياء ثم خاء معجمة بعدها ألف ثم باء موحدة. انظر " تبصير
المنتبه " 4 / 1429. وأحمد بن نيخاب هذا مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
416

الرحمن بن عبيد الهمذاني، وعبد الخالق بن أبي روبا، ومحمد بن أحمد بن
محرم، ومحمد بن جعفر القارئ، وعدة.
وله " مشيخة كبرى " هي عواليه عن الكبار، و " مشيخة صغرى " (1)
عن كل شيخ حديث.
حدث عنه: الخطيب، والبيهقي، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي،
وأبو الفضل بن خيرون، والحسن بن أحمد الدقاق، وأبو ياسر محمد بن عبد
العزيز الخياط، وثابت بن بندار، والحسن بن محمد التككي، وأبو سعد
الحسين بن الحسين الفانيذي، وعبد الله بن جابر بن ياسين، وأبو مسلم عبد
الرحمن بن عمر السمناني، ومحمد بن عبد السلام الأنصاري، ومحمد بن
عبد الملك الأسدي، والمبارك بن عبد الجبار بن الطيوري، ومحمد بن عبد
الملك بن خشيش، وجعفر بن أحمد السراج، وأبو غالب محمد بن الحسن
الباقلاني، وعلي بن بيان الرزاز، وأبو علي بن نبهان الكاتب، وخلق كثير.
وتفرد بالرواية عن جماعة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صحيح السماع، صدوقا، يفهم
الكلام على مذهب أبي الحسن الأشعري، ويشرب النبيذ على مذهب
الكوفيين، ثم تركه بأخرة، كتب عنه جماعة من شيوخنا كالبرقاني، وأبي
محمد الخلال. وسمعت أبا الحسن بن زرقويه يقول: أبو علي بن شاذان
ثقة، وسمعت أبا القاسم الأزهري يقول: أبو علي أوثق من برأ الله في
الحديث. وحدثني محمد بن يحيى الكرماني يقول: كنت يوما بحضرة أبي
علي بن شاذان فدخل شاب، فسلم، ثم قال: أيكم أبو علي بن شاذان؟

(1) منها نسخة خطية في الظاهرية: حديث 347. وانظر النسخ الخطية لبعض آثاره في
" تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 385، 386.
417

فأشرنا إليه، فقال له: أيها الشيخ! رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال
لي: سل عن أبي علي بن شاذان، فإذا لقيته، فاقرأه مني السلام. وانصرف
الشاب، فبكى الشيخ، وقال: ما أعرف لي عملا أستحق به هذا، إلا أن
يكون صبري على قراءة الحديث وتكرير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر. ثم
قال الكرماني: ولم يلبث أبو علي بعد ذلك إلا شهرين أو ثلاثة حتى
مات (1).
توفي أبو علي في سلخ عام خمسة وعشرين وأربع مئة، ودفن في أول
يوم من سنة ست وعشرين.
وآخر من روى عن رجل عنه: عبد المنعم بن كليب.
أخبرنا إسماعيل بن الفراء، أخبرنا ابن قدامة، أخبرنا أبو الفتح بن
البطي، أخبرنا ابن خيرون، أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا عبد الله بن
إسحاق الخراساني، حدثنا محمد بن سعد، حدثنا أبو زيد، حدثنا محمد
ابن عمرو بن علقمة، حدثنا الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن
الصعب بن جثامة قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمار وحش وهو بالبيداء
محرم، فرده علي، فعرف ذلك في وجهي، فقال: " أما إنا لم نرده عليك
إلا أنا حرم ".
اتفقا عليه من غير وجه عن الزهري (2).

(1) الخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 7 / 279، 280.
(2) البخاري (1825) في الحج و (2573) في الهبة، و (2596) ومسلم (1193)
وأخرجه مالك 1 / 353، والترمذي (849) والنسائي 5 / 183، 184، وابن ماجة (3090)
والدارمي 2 / 39، وأحمد 4 / 38، 71، 72، 73.
418

274 - اللالكائي *
الامام الحافظ المجود، المفتي أبو القاسم، هبة الله بن الحسن بن
منصور الطبري الرازي، الشافعي اللالكائي، مفيد بغداد في وقته.
سمع عيسى بن علي الوزير، وأبا طاهر المخلص، وجعفر بن فناكي
الرازي، وأبا الحسن بن الجندي، وعلي بن محمد القصار، والعلاء بن
محمد، وأبا أحمد الفرضي، وعدة.
وتفقه بالشيخ أبي حامد، وبرع في المذهب.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وابنه محمد بن هبة الله، وأبو بكر
أحمد بن علي الطريثيثي، ومكي الكرجي السلار، وعدة.
قال الخطيب: كان يفهم ويحفظ، وصنف كتابا في السنة (1)،
وعاجلته المنية، خرج إلى الدينور، فأدركه أجله بها في شهر رمضان سنة
ثمان عشرة وأربع مئة (2).
ثم قال: حدثني علي بن الحسين بن جداء العكبري قال: رأيت هبة
الله الطبري في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي. قلت:

* تاريخ بغداد 14 / 70، 71، المنتظم 8 / 34، الكامل في التاريخ 9 / 364، تذكرة
الحفاظ 3 / 1083 - 1085، العبر 3 / 130، البداية والنهاية 12 / 24، طبقات الحفاظ
420، كشف الظنون 835 و 1040، شذرات الذهب 3 / 211، هدية العارفين 2 / 504،
الرسالة المستطرفة 37. واللالكائي: نسبة إلى بيع اللوالك التي تلبس في الأرجل، كما في
" اللباب " 3 / 401. أي: صانع النعال.
(1) النص في " تاريخ بغداد " 14 / 70: وصنف كتابا في السنن، وكتابا في معرفة أسماء
من في الصحيحين، وكتابا في شرح السنة.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 70، 71، وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ
التراث العربي " لسزكين 2 / 194.
419

بماذا؟ فقال كلمة خفية: بالسنة (1).
وقال شجاع الذهلي: لم يخرج عنه شئ من الحديث إلا اليسير.
قلت: قد روى عنه أبو بكر الطريثيثي كتابه في " شرح السنة ".
275 - الخرجاني *
الشيخ المحدث المسند الثقة، أبو الحسن (2)، علي بن أحمد بن
محمد بن الحسين، الأصبهاني الخرجاني، الرجل الصالح.
رحل وسمع من: إبراهيم بن علي الهجيمي، وأبي إسحاق بن حمزة
الحافظ، وإبراهيم بن فراس المكي، والقاضي أبي أحمد العسال، وأبي
الشيخ، وعدة.
حدث عنه: إسماعيل بن علي السيلقي، وروح بن محمد
الراراني (3)، وعمر بن حسن بن سليم، وأحمد بن عبد الغفار بن أشته،
وطائفة سواهم.
وقال الخطيب: كتب إلي بالإجازة بما يصح عندي من حديثه.
وممن روى عنه المحدث أحمد بن محمد بن أبي بكر بن مردويه
وغيره.

(1) " تاريخ بغداد " 14 / 71.
* الاكمال 3 / 231، الأنساب 5 / 75، 76، معجم البلدان 2 / 356، المشتبه 1 /
147، تبصير المنتبه 1 / 314. والخرجاني: نسبة إلى خرجان، وهي محلة كبيرة بأصبهان.
(2) في " الأنساب ": أبو حامد.
(3) بالراءين المهملتين، نسبة إلى راران، وهي قرية من قرى أصبهان. انظر " الأنساب "
6 / 38، 39 وفيه ترجمة روح بن محمد.
420

ويعرف بعلي بن أبي حامد الخرجاني. وخرجان: بخاء معجمة
مفتوحة.
توفي سنة عشرين وأربع مئة. وقيل: سنة إحدى وعشرين ببراب.
يقع لنا حديثه في أربعين الرئيس الثقفي عنه.
ومن طبقته:
276 - أبو الحسن علي بن محمد *
ابن أحمد، الجرجاني - بجيمين - الحناطي المعلم.
حدث عن أبي أحمد بن عدي، وطائفة.
وبقي إلى حدود العشرين وأربع مئة.
ذكرته للتمييز، ويعرف بابن عرفة.
277 - [الخرقاني] * *
والزاهد، القدوة، أبو الحسن، علي بن أحمد، الخرقاني
البسطامي. من قرية خرقان بالتحريك (1).
قال السمعاني: هو شيخ العصر، له الكرامات والأحوال، وكان
يكري على بهيمة، ثم فتح عليه، زاره محمود بن سبكتكين، فوعظه، ولم
يقبل منه شيئا (2).

* تاريخ جرجان 279.
* * الأنساب 5 / 86، 87، اللباب 1 / 434.
(1) قال السمعاني: وهي قرية في جبال بسطام كبيرة كثيرة الخير على طريق إستراباذ إن شاء
الله.
(2) انظر تفصيل الخبر في " الأنساب " 5 / 87.
421

توفي يوم عاشوراء سنة خمس وعشرين وأربع مئة عن ثلاث وسبعين
سنة.
278 - ابن زهر *
المفتي المحدث، أبو بكر، محمد بن مروان بن زهر، الأيادي
الإشبيلي.
أخذ بقرطبة عن محمد بن معاوية الأموي، وإسحاق بن إبراهيم،
وأبي علي القالي، ومحمد بن حارث القيرواني.
وكان من رؤوس المالكية، بصيرا بالمذهب، أكثر الناس عنه.
روى عنه: أبو عبد الله الخولاني، وأبو محمد بن خزرج، وعبد
الرحمن بن محمد الطليطلي، وأبو حفص الزهراوي، وحاتم بن محمد،
وجماهير بن عبد الرحمن، وأبو المطرف بن سلمة.
وعاش ستا وثمانين سنة، وروى الكثير.
توفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة.
وهو والد شيخ الطب أبي مروان عبد الملك (1)، وجد رئيس الأطباء

* ترتيب المدارك، 4 / 747، الصلة 2 / 514، 515 بغية الملتمس 130، وفيات
الأعيان 4 / 437، العبر 3 / 150، الوافي بالوفيات 5 / 16، نفح الطيب 2 / 244، 245،
شذرات الذهب 3 / 225.
(1) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 4 / 436، 437، و " المغرب في حلي
المغرب " 1 / 270، و " طبقات الأطباء " 517، و " تكملة " ابن الأبار: 616، و " المطرب "
لابن دحية 203، و " نفح الطيب " 2 / 244.
422

أبي العلاء زهر (1) بن عبد الملك، وجد جد العلامة أبي بكر محمد (2) بن
عبد الملك، الذي بقي إلى سنة خمس وتسعين وخمس مئة.
279 - القطان *
الحافظ البارع الجوال، أبو عبد الرحمن، محمد بن يوسف بن
أحمد، النيسابوري، القطان، الأعرج.
روى عن: الحاكم ابن البيع، وأبي أحمد الفرضي، وأبي عمر
الهاشمي البصري، وأبي محمد بن النحاس المصري، وأمثالهم.
روى عنه: الخطيب، وعبد العزيز الكتاني.
مات في الكهولة سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة. وقل ما خرج عنه.
280 - ابن نجاح * *
الإمام الزاهد، أبو الحسين، يحيى بن نجاح القرطبي، مولى بني
أمية، ويعرف بابن الفلاس. كان من العلماء العاملين.
صنف كتاب " سبل الخيرات " في الرقائق، واشتهر عنه، وحدث به

(1) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 4 / 436، و " طبقات الأطباء ": 517، و
" التكملة " 344، و " المطرب ": 203، و " نفح الطيب " 2 / 245.
(2) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 4 / 434، و " طبقات الأطباء ": 521 - 528، و
" المطرب " 203، و " معجم الأدباء " 18 / 216 - 225، و " التكملة " 555، و " نفح
الطيب " 2 / 247 - 253 و 3 / 434، و " شذرات الذهب " 4 / 320.
* العبر 3 / 150، شذرات الذهب 3 / 225.
* * الصلة لابن بشكوال 2 / 665، النجوم الزاهرة 4 / 276، كشف الظنون 977، هدية
العارفين 2 / 518.
423

بمكة، حمله عنه أبو محمد عبد الله بن سعيد الشنتجالي (1)، وأبو يعقوب
ابن حماد، وغيرهما.
توفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة.
281 - الصباغ *
الشيخ المسند، أبو بكر، محمد بن الطيب بن سعد (2)، البغدادي
الصباغ.
سمع أبا بكر النجاد، وأبا بكر الشافعي.
روى الخطيب عن الوزير علي بن المسلمة أن هذا تزوج بأزيد من تسع
مئة امرأة (3).
مات سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة.
282 - الفشيديزجي * *
قاضي بخارى، نعمان زمانه، أبو علي، الحسين بن الخضر بن

(1) نسبة إلى شنتجالة، وهي مدينة بالأندلس. انظر " معجم البلدان " 3 / 367 وفيه
ترجمة أبي محمد عبد الله بن سعيد.
* تاريخ بغداد 5 / 383، المنتظم 8 / 71، البداية والنهاية 12 / 35، النجوم الزاهرة
4 / 277.
(2) في " تاريخ بغداد "، و " المنتظم ": سعيد.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 383.
* * الأنساب 9 / 309 - 311، اللباب 2 / 433، العبر 3 / 154، 155، الوافي
بالوفيات 12 / 361، الجواهر المضية 2 / 109، طبقات الفقهاء لطاش كبري زاده: 69،
كتائب أعلام الأخيار برقم (209)، الطبقات السنية برقم (754)، شذرات الذهب 3 / 227،
الفوائد البهية 66، هدية العارفين 1 / 309، إيضاح المكنون 2 / 157. والفشيديزجي: بفتح
الفاء، وكسر الشين المعجمة، وسكون الياء آخر الحروف، وكسر الدال المهملة كما في
الأصل، وضبطها السمعاني والصفدي بالفتح، وسكون الياء - وجعلها الصفدي نونا، وفتح
الزاي، وبعدها جيم، وهي نسبة إلى فشيديزه، سكت عنها السمعاني وقال ياقوت: فشيذبزه -
بالذال المعجمة: من قرى بخارى.
424

محمد، البخاري الحنفي.
انتهت إليه إمامة أهل الرأي، وقد قدم بغداد، وتفقه وناظر، وسمع
من أبي الفضل الزهري، وسمع ببخارى من أبي عمر ومحمد بن محمد بن
صابر.
وانتشر له التلامذة. وآخر من حدث عنه سبطه علي بن محمد
البخاري.
قيل: ناظره الشريف المرتضى الشيعي في خبر: " ما تركنا
صدقة " (1). فقال للمرتضى: إذا صيرت " ما " نافية، خلا الحديث من
فائدة، فكل أحد يدري أن الميت يرثه أقرباؤه، ولا تكون تركته صدقة.
ولكن لما كان المصطفى بخلاف الأمة، بين ذلك، وقال: " ما تركناه
صدقة " (2).

(1) أخرجه عن غير واحد من الصحابة البخاري (3093) و (3094)
في الخمس، و (4034) (4036) في المغازي، (3712) في فضائل
الصحابة، و (6726) و (6727) و (6730) في الفرائض، (5358) في النفقات، و (7305)
في الاعتصام، وأخرجه مسلم (1757) (49) و (1759) (52) و (1761) في الجهاد والسير:
باب حكم الفئ، وباب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا نورث ما تركنا فهو صدقة " وأبو داود (2963) و
(2968) و (2969) (2976) (2977)، والترمذي (1610) والنسائي 7 / 132، ومالك 2 /
993، وأحمد 1 / 4 و 6 و 9 و 10 و 25 و 47 و 48 و 49 و 60 و 162، و 164 و 179 و 191 و
208 و 6 / 145 و 262.
(2) انظر " الأنساب " 9 / 310، و " الوافي بالوفيات " 12 / 361، و " الفوائد البهية "
66.
425

ولأبي علي سماع من ابن شبويه، وجعفر بن فناكي.
توفي في شعبان سنة أربع وعشرين وأربع مئة.
283 - ابن ذنين *
العلامة القدوة العابد، أبو محمد، عبد الله بن عبد الرحمن بن
عثمان بن سعيد بن ذنين، الصدفي الأندلسي الطليطلي.
روى عن: أبيه، وعبدوس بن محمد، وأبي عبد الله بن عيشون،
وأبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وبمصر عن أبي بكر بن
المهندس، وأبي الطيب بن غلبون، ومحمد بن أحمد بن عبيد الوشاء.
وبمكة عن عبيد الله السقطي. وبالغرب عن [أبي] (1) محمد بن أبي زيد،
ولازمه.
ورحل إلى بلده بعلم جم، فأكثر عنه الطليطليون، ورحل إليه من
النواحي لعلمه وتألهه وتبتله وخشوعه واتباعه (2).
يقال: كان مجاب الدعوة. وكان سنيا، أثريا، ثبتا، متحريا، قوالا
بالحق، لا يخاف في الله لومة لائم. صنف في الامر بالمعروف كتابا، وكان

* الصلة 1 / 264 - 266، بغية الملتمس 346، العبر 3 / 155، شذرات الذهب 3 /
227، هدية العارفين 1 / 450. وكلمة " ذنين " ضبطت في الأصل بضم الذال المعجمة،
وكسر النون المشددة، وسكون الياء. وجاءت في " العبر " و " الشذرات ": " دنين " بالدال
المهملة والنون المفتوحة المخففة، وفي " الصلة " و " بغية الملتمس ": " ذنين " بذال معجمة،
وقال محقق " البغية ": كذا ضبطه المؤلف مجودا.
(1) سقط لفظ " أبي " من الأصل، وهو خطأ. وأبو محمد هذا تقدمت ترجمته برقم (4).
(2) " الصلة " 1 / 265.
426

مهيبا في الله مطاعا، لا يختلف اثنان في فضله، وكان يخدم كرمه بنفسه،
ويتبلغ منه (1).
توفي سنة أربع وعشرين وأربع مئة، وشيعه أمم لا يحصون - رحمه
الله.
284 - ابن كردان *
إمام النحو، أبو القاسم، علي بن طلحة بن كردان، الواسطي.
تلميذ أبي علي الفارسي، وابن عيسى الرماني. قرأ عليهما " كتاب "
سيبويه.
وأهل واسط يتغالون فيه، ويرجحونه على ابن جني (2).
عمل إعرابا للقرآن في بضعة عشر مجلدا، ثم غسله قبل موته (3).
وكان دينا صينا نزها.
أخذ عنه أبو الفتح بن مختار، ومحمد بن عبد السلام.
قال خميس الحوزي (4): توفي سنة أربع وعشرين وأربع مئة.

(1) " الصلة " 1 / 265، وكتابه " الامر بأداء الفرائض واجتناب المحارم " منه نسخة خطية
في مكتبة الولايات المتحدة الأمريكية جاريت 2053 / 1.
* سؤالات الحافظ السلفي 14 - 16، معجم الأدباء 13 / 259 - 264، إنباه الرواة 2 /
284، 285، بغية الوعاة 2 / 170.
(2) " سؤالات السلفي ": 15، و " إنباه الرواة " 2 / 284.
(3) المصدر السابق.
(4) " سؤالات السلفي " 16.
427

285 - الأردستاني *
الامام الحافظ الجوال، الصالح العابد، أبو بكر، محمد بن إبراهيم
ابن أحمد الأردستاني.
سمع من عدد كثير، وحدث عن: أبي الشيخ، وأبي بكر بن
المقرئ، ويوسف القواس، وعمر بن شاهين، وعبد الوهاب الكلابي،
والقاسم بن علقمة الأبهري، وإسماعيل بن حاجب الكشاني. وحدث عنه
ب‍ " الصحيح "، ولقي بعكا أبا زرعة المقرئ. وتلا على جماعة.
روى عنه: محمد بن عثمان القومساني، وابن ممان، وظفر بن هبة
الله، وغيرهم من الهمذانيين. وروى عنه أبو نصر الشيرازي المقرئ،
والبيهقي في كتبه، ووصفه بالحفظ.
قال شيرويه: كان ثقة، يحسن هذا الشأن، سمعت عدة يقولون: ما
من رجل له حاجة من أمر الدنيا والآخرة يزور قبره ويدعو إلا استجاب الله
له. قال: وجربت أنا ذلك، وقد حدث عنه في سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة
ب‍ " صحيح " البخاري عبد الغفار بن طاهر بهمذان.
قلت: هو ممن فات ابن عساكر ذكره في " تاريخه ".
وكان مع علمه بالأثر قيما بكتاب الله، رفيع الذكر، أخذ بالبصرة عن

* تاريخ بغداد 1 / 417، الأنساب 1 / 178، المنتظم 8 / 90، العبر 3 / 155،
النجوم الزاهرة 4 / 279، شذرات الذهب 3 / 227. والأردستاني: نسبة إلى أردستان ضبطها
السمعاني بفتح الهمزة والدال المهملة وسكون الراء بينهما، وضبط ياقوت الدال بالكسر، وقال
ابن الأثير: وقيل بكسر الهمزة والدال، وهي بليدة قريبة من أصبهان على طرف البرية، وهي على
ثمانية عشر فرسخا من أصبهان.
428

أحمد بن محمد بن العباس الأسفاطي، وأحمد بن عبيد الله النهرديري (1).
ويكنى أيضا بأبي جعفر.
مات سنة أربع وعشرين وأربع مئة (2).
286 - [الفارسي] *
فأما أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي المشاط، فمن أقران صاحب
الترجمة.
حدث عن: أبي عمرو بن مطر وجماعة.
روى عنه: البيهقي أيضا، وعلي بن أحمد الأخرم.
لا أعلم متى توفي.
287 - القاضي عبد الوهاب * *
هو الامام العلامة، شيخ المالكية، أبو محمد، عبد الوهاب بن علي

(1) بفتح النون وسكون الهاء وبعدها راء ودال مهملة مفتوحة وياء ساكنة تحتها نقطتان
وبعدها راء، هذه النسبة إلى قرية كبيرة عند البصرة. " اللباب " 3 / 337.
(2) في " الأنساب " و " تاريخ بغداد " و " المنتظم " أن وفاته سنة سبع وعشرين.
* لم نقف له على ترجمة فيما بين أيدينا من مصادر.
* * تاريخ بغداد 11 / 31، 32، طبقات الشيرازي 143، الذخيرة في محاسن أهل
الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 515 - 529، ترتيب المدارك 4 / 691 - 695،
تاريخ ابن عساكر 10 / 305 أ - 306 أ، تبيين كذب المفتري 249 - 250، المنتظم 8 / 61،
62، الكامل في التاريخ 9 / 422، وفيات الأعيان 3 / 219 - 222، العبر 3 / 149، فوات
الوفيات 2 / 419 - 421، مرآة الجنان 3 / 41، 42، البداية والنهاية 12 / 32، 33، الرقبة
العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا للنباهي: 400، الديباج المذهب 2 / 26 - 29، وفيات ابن
قنفد 233، 234، عقود الجمان للزركشي ورقة 202، النجوم الزاهرة 4 / 276، حسن
المحاضرة 1 / 314، كشف الظنون 481، شذرات الذهب 3 / 223، 224، هدية العارفين
1 / 637، شجرة النور الزكية 1 / 103، 104.
429

ابن نصر بن أحمد بن حسين بن هارون بن أمير العرب مالك بن طوق (1)،
التغلبي العراقي، الفقيه المالكي، من أولاد صاحب الرحبة (2).
صنف في المذهب كتاب " التلقين "، وهو من أجود المختصرات،
وله كتاب " المعرفة " (3) في شرح " الرسالة " (4)، وغير ذلك (5).
ذكره أبو بكر الخطيب، فقال: كان ثقة، روى عن الحسين بن محمد
ابن عبيد العسكري، وعمر بن سبنك (6). كتبت عنه، لم نلق أحدا من
المالكيين أفقه منه، ولي قضاء بادرايا وباكسايا (7).
وخرج في آخر عمره إلى مصر، واجتاز بالمعرة فضيفه أبو العلاء بن
سليمان، وفيه يقول أبو العلاء:
والمالكي ابن نصر زار (8) في سفر * بلادنا فحمدنا النأي والسفرا

(1) تحرف في " كشف الظنون " 1743 إلى " طوف " بالفاء.
(2) صاحب الرحبة هو مالك بن طوق التغلبي، ورحبته أحدثها في خلافة المأمون كما قال
البلاذري، وهي بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات أسفل من قرقيسيا. انظر المزيد عنها في
" معجم البلدان " 3 / 34 - 36.
(3) في " كشف الظنون " 1743، و " هدية العارفين " 2 / 637: " المعونة ".
(4) أي " رسالة " ابن أبي زيد القيرواني.
(5) انظر تصانيفه في " فوات الوفيات " 2 / 419، 420، و " ترتيب المدارك " 4 /
692، و " شجرة النور " 1 / 104، و " الديباج المذهب " 2 / 27، 28، و " هدية
العارفين " 2 / 637.
(6) بفتح السين المهملة والموحدة وسكون النون. انظر " تبصير المنتبه " 2 / 674.
(7) " تاريخ بغداد " 11 / 31، وبادرايا وباكسايا: بليدتان من أعمال العراق، انظر
" وفيات الأعيان " 3 / 222 و " الأنساب " 2 / 23 و 53، و " معجم البلدان " 1 / 316 و 327
و 499.
(8) في الأصل: " زان " بالنون، والمثبت من " شروح سقط الزند " وغيرها.
430

إذا تفقه أحيا (1) مالكا جدلا * وينشر الملك الضليل إن شعرا (2)
وله أشعار رائقة، فمن ذلك:
ونائمة قبلتها فتنبهت * وقالت (3) تعالوا فاطلبوا اللص بالحد
فقلت لها إني فديتك غاصب * وما حكموا في غاصب بسوى الرد
خذيها وكفي (4) عن أثيم ظلامة * وإن أنت لم ترضي فألفا على العد
فقالت قصاص يشهد العقل أنه * على كبد الجاني ألذ من الشهد
وبانت يميني وهي (5) هميان خصرها * وبانت يساري وهي واسطة العقد
فقالت ألم أخبر بأنك زاهد * فقلت بلى ما زلت أزهد في الزهد (6)
قال أبو إسحاق في " الطبقات ": أدركت عبد الوهاب وسمعته يناظر،
وكان قد رأى القاضي الأبهري ولم يسمع منه. وله كتب كثيرة في الفقه:
خرج إلى مصر، وحصل له هناك حال من الدنيا بالمغاربة (7).
وقيل: كان ذهابه إلى مصر لافلاس لحقه. فمات بها في شهر صفر

(1) في " شروح السقط ": أعيا.
(2) البيتان في " شروح سقط الزند " 1700، وأوردهما ابن خلكان في " الوفيات " 3 /
220، وابن بسام في " الذخيرة " 4 / 2 / 516، والكتبي في " الفوات " 2 / 420 والملك
الضليل: هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، سمي بذلك لأنه أضل ملك أبيه.
(3) في الأصل: " وقالوا " والمثبت من مصادر التخريج.
(4) في " الذخيرة ": " وحطي ".
(5) في " الذخيرة ": " رهن " بدل " وهي " في الموضعين من البيت.
(6) الأبيات في " الذخيرة " 4 / 2 / 518، و " وفيات الأعيان " 3 / 220، 221، و
" فوات الوفيات " 2 / 420، 421، و " البداية والنهاية " 12 / 33، و " شذرات الذهب "
3 / 224.
(7) انظر " طبقات الفقهاء " 143، و " ترتيب المدارك " 4 / 692، و " تبيين كذب
المفتري " 250.
431

سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة وله ستون سنة (1).
وكان أخوه من الشعراء المذكورين، ولي كتابة الانشاء لجلال الدولة،
ثم نفذه رسولا. وهو أبو الحسن (2) محمد بن علي. مات بواسط في سنة
سبع وثلاثين وأربع مئة.
ومات أبوهما في سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة (3).
288 - ابن شبانة *
الشيخ العدل الكبير، مسند همذان، أبو سعيد، عبد الرحمن بن
محمد بن عبد الله بن بندار بن شبانة، الهمذاني.
وقع لنا من حديثه الجزء الثاني.
يروي عن: أبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد، والفضل بن الفضل
الكندي، ومحمد بن عبد الله بن برزة، ومحمد بن علي بن محمويه
النسوي، وأبي بكر القطيعي، وجماعة.
قال الحافظ شيرويه: حدثنا عنه عبد الملك بن عبد الغفار، ومحمد
ابن الحسين، ومحمد بن طاهر العابد، وأحمد بن عبد الرحمن الروذباري،
وسعد بن الحسن القصري، وأحمد بن طاهر القومساني، وأبو غالب أحمد

(1) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 220، و " ترتيب المدارك " 4 / 693.
(2) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 3 / 222، و " الديباج المذهب " 2 / 29 وفيه وفاته
سنة 430 ه‍، و " شذرات الذهب " 3 / 225.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 222.
* الاكمال 5 / 12، 13، العبر 3 / 157، المشتبه 2 / 387، النجوم الزاهرة 4 /
280، شذرات الذهب 3 / 229.
432

ابن محمد بن القارئ العدل.
قال: وكان صدوقا من أهل الشهادات، ومن تناء البلد (1)، مات في
سنة خمس وعشرين وأربع مئة.
قلت: وتوفي صاحبه (2) أبو غالب بن القارئ سنة بضع وخمس
مئة (3).
289 - الذكواني *
العالم الحافظ الرحال الثقة، أبو بكر، محمد بن أبي علي أحمد بن
عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن حفص، الهمداني الذكواني الأصبهاني
المعدل.
ولد سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع من: عبد الله بن جعفر بن فارس، ومحمد بن أحمد
الكشاني، والقاضي أبي أحمد العسال، وأحمد بن معبد السمسار، ومحمد
ابن قاسم العسال، وأحمد بن محمد بن يحيى القصار، وأحمد بن بندار
الشعار، وأبي إسحاق بن حمزة الحافظ، وعبد الله بن الحسن بن بندار
المديني، وعاتكة بنت الامام أبي بكر بن أبي عاصم، وأبي القاسم
الطبراني، وأبي بكر بن الجعابي، وأبي بكر الآجري، وإبراهيم بن محمد

(1) تناء البلد: المقيمون فيه لا يغزون مع الغزاة، جمع تانئ.
(2) في الأصل: " صاحب ".
(3) وستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر.
* تاريخ أصبهان 2 / 310، الأنساب 6 / 15، اللباب 1 / 530، العبر 3 /
132، شذرات الذهب 3 / 213.
433

ابن إبراهيم الديبلي (1)، وأحمد بن القاسم بن الريان اللكي (2) المصري،
وفاروق الخطابي، ومحمد بن إسحاق بن عباد التمار، وعدة.
وله معجم في جزءين يرويه عبد الرحيم بن الطفيل عن السلفي.
حدث عنه: أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر، والمحدث أبو بكر
أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه، وإسماعيل بن علي
السيلقي، وأبو نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، وعمر بن حسن بن
سليم، وعلي بن الفضل اليزدي، والفضل بن محمد الحداد، وأخوه أبو
الفتح، وفضلان بن عثمان القيسي، وأبو العلاء محمد بن عبد الجبار
الفرساني (3)، وهؤلاء من شيوخ السلفي.
قال أبو نعيم (4): شهد وحدث ستين سنة، وسمع بمكة والبصرة
والأهواز والري، وجمع وصنف، وكان حسن الخلق، قويم المذهب.
توفي في غرة شعبان سنة تسع عشرة وأربع مئة.
قلت: وقع لنا سبعة مجالس له (5).

(1) نسبة إلى ديبل، وهي بلدة من بلاد ساحل البحر من بلاد الهند قريبة من السند. انظر
" الأنساب " 5 / 393 وقد أورد السمعاني ترجمة إبراهيم هذا.
(2) بضم اللام وتشديد الكاف، نسبة إلى اللك، وهي بليدة من أعمال برقة الغرب.
" اللباب ".
(3) نسبة إلى فرسان، بكسر الفاء أو ضمها وسكون الراء المهملة وبعدها السين المهملة
وفي آخرها النون، وهي قرية من قرى أصبهان. انظر " الأنساب " 9 / 270 وفيه ترجمة أبي
العلاء محمد هذا.
(4) في " تاريخ أصبهان " 2 / 310.
(5) انظر النسخ الخطية لأماليه في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 382.
434

290 - أبو طاهر بن سلمة *
الشيخ الامام المحدث، شيخ همذان، أبو طاهر، الحسين بن علي
ابن الحسن بن محمد بن سلمة، الكعبي الهمذاني.
ولد سنة أربعين وثلاث مئة.
وحدث عن: الفضل بن الفضل الكندي، وأبي بكر بن السني،
وأبي بكر الإسماعيلي، وأبي بكر القطيعي، وأبي أحمد عبد الله بن عدي،
وأبي بحر البربهاري، وأبي إسحاق المزكي، وأبي عمرو بن حمدان.
وله رحلة واسعة ومعرفة حسنة.
روى عنه: أبو القاسم بن مندة، ومحمد بن عيسى، ومحمد بن
الحسين الصوفي، وأبو علي أحمد بن طاهر القومساني، وثابت بن عبد
الرحمن الصائغ، وأبو طالب بن هشيم الصيرفي، وعدة ممن لقيهم شيرويه
الديلمي، وقال: كان صدوقا، صحيح السماع، كثير الرحلة. سمعت
ثابت بن حسين بن شراعة يقول لما مات أبو طاهر: غربت شمس أصحاب
الحديث. فقلت: ماذا؟ قال: مضى الشيخ أبو طاهر بن سلمة لسبيله.
توفي في ذي القعدة سنة ست عشرة وأربع مئة. رحمه الله.
291 - الثعلبي *
الامام الحافظ العلامة، شيخ التفسير، أبو إسحاق، أحمد بن محمد

* لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة.
* * معجم الأدباء 5 / 36 - 39، إنباه الرواة 1 / 119، 120، اللباب 1 / 238،
وفيات الأعيان 1 / 79، 80، المختصر في أخبار البشر 2 / 160، دول الاسلام 1 / 254،
العبر 3 / 161، تذكرة الحفاظ 3 / 1090، تلخيص ابن مكتوم: 19، تتمة المختصر 1 /
518، الوافي بالوفيات 7 / 307، مرآة الجنان 3 / 46، طبقات السبكي 4 / 58، 59، طبقات
الأسنوي 1 / 329، 330، البداية والنهاية 12 / 40، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 100،
طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 233، 234، النجوم الزاهرة 4 / 283، سلم الوصول 115،
طبقات المفسرين للسيوطي: 5، بغية الوعاة 1 / 356، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 65،
66، مفتاح السعادة 2 / 67، كشف الظنون 1131 و 1496، شذرات الذهب 3 / 230،
روضات الجنات: 68، هدية العارفين 1 / 75.
435

ابن إبراهيم النيسابوري. كان أحد أوعية العلم.
له كتاب " التفسير الكبير " (1). وكتاب " العرائس " (2) في قصص
الأنبياء.
قال السمعاني: يقال له: الثعلبي والثعالبي، وهو لقب له لا
نسب (3).
حدث عن أبي بكر بن مهران المقرئ، وأبي طاهر محمد بن الفضل
ابن خزيمة، والحسن بن أحمد المخلدي، وأبي الحسين الخفاف، وأبي
بكر بن هانئ، وأبي محمد بن الرومي، وطبقتهم.

(1) واسمه: " الكشف والبيان في تفسير القرآن " ولم يطبع بعد، ومنه نسخ كثيرة، منها
مصورة في معهد المخطوطات المصورة، انظر فهرس المعهد 1 / 37 - 40، وقد نقل ابن تغري
بردي في " النجوم الزاهرة " عن ابن الجوزي قوله في هذا " التفسير ": ليس فيه ما يعاب به إلا ما
ضمنه من الأحاديث الواهية التي هي في الضعف متناهية خصوصا في أوائل السور، وقال ابن تيمية
في مقدمة أصول التفسير: 76: والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين، ولكنه كان حاطب ليل
ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع وقال ابن كثير في " البداية " 12 /
40: وكان كثير الحديث، واسع السماع، ولهذا يوجد في كتبه من الغرائب شئ كثير.
(2) واسمه: " عرائس المجالس في قصص الأنبياء "، وقال في أوله: إنه يشتمل على
قصص الأنبياء المذكورة في القرآن بالشرح والبيان. وقد طبع غير مرة. وفيه كثير من الإسرائيليات
والاخبار الواهيات والغرائب.
(3) هذا القول قد قاله ابن الأثير في " اللباب " إذ ترجم لأبي إسحاق الثعلبي مستدركا على
السمعاني حيث لم يترجمه في " الأنساب ".
436

وكان صادقا موثقا، بصيرا بالعربية، طويل الباع في الوعظ.
حدث عنه: أبو الحسن الواحدي وجماعة.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: قال الأستاذ أبو القاسم القشيري: رأيت
رب العزة في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرب
جل اسمه: أقبل الرجل الصالح. فالتفت فإذا أحمد الثعلبي مقبل (1).
توفي الثعلبي في المحرم سنة سبع وعشرين وأربع مئة.
وفيها مات أبو النعمان تراب (2) بن عمر بن عبيد الكاتب، ومحمد بن
أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي (3) المحدث، وأبو عمرو محمد بن
عبد الله بن أحمد الرزجاهي (4)، والظاهر علي (5) بن الحاكم صاحب
مصر، والهيثم بن محمد بن عبد الله الخراط، وأبو نصر منصور بن
رامش (6).
292 - [الثعالبي] *
أما الثعالبي العلامة شيخ الأدب، فهو أبو منصور عبد الملك بن محمد

(1) انظر " وفيات الأعيان " 1 / 80، و " إنباه الرواة " 1 / 120، و " الوافي بالوفيات "
7 / 308، و " طبقات " السبكي 4 / 58، و " طبقات " المفسرين 1 / 66.
(2) سترد ترجمته برقم (324).
(3) سترد ترجمته برقم (367).
(4) سترد ترجمته برقم (326).
(5) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(6) سترد ترجمته برقم (360).
* طبقات النحويين واللغويين: 387 - 389، دمية القصر 2 / 966، الذخيرة في
محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 56 - 583، نزهة الألباء 365، وفيات
الأعيان 3 / 178 - 180، المختصر في أخبار البشر 2 / 162، العبر 3 / 172، عيون
التواريخ 12 / 179 / 2 - 181 / 2، تتمة المختصر 1 / 521، مرآة الجنان 3 / 53، 54،
البداية والنهاية 12 / 44، مفتاح السعادة 1 / 187، 213، معاهد التنصيص 3 / 266 -
271، شذرات الذهب 3 / 246، 247، روضات الجنات 462، 463، هدية العارفين
1 / 625.
437

ابن إسماعيل النيسابوري، الشاعر.
مصنف كتاب " يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر " (1)، وله كتاب
" فقه اللغة " (2)، وكتاب " سحر البلاغة " (3).
وكان رأسا في النظم والنثر (4).
مات سنة ثلاثين وأربع مئة، وله ثمانون سنة.
293 - ابن منجويه *
الحافظ الامام المجود، أبو بكر، أحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم

(1) طبع في دمشق سنة 1304 ه‍ في أربعة أجزاء، وفي القاهرة سنة 1943 م، وفي
بيروت سنة 1947 بتحقيق محيي الدين عبد الحميد نشر دار الفكر، وأعادت طبعه سنة 1973 م.
وقد أكمل المؤلف الثعالبي هذا الكتاب بعنوان " تتمة اليتيمة " أو " اليتيمة الثانية " أو " ذيل يتيمة
الدهر " ونشره أحمد إقبال في طهران سنة 1934 م، وهناك تتمة أخرى للباخرزي موسومة ب‍ " دمية
القصر وعصرة أهل العصر " وقد نشره محمد راغب الطباح في حلب سنة 1930 م ثم نشرته
دار الفكر في دمشق سنة 1971 م بتحقيق محمد التونجي.
(2) طبع عدة طبعات، منها في القاهرة سنة 1938 نشر مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري
وعبد الحفيظ الشلبي. انظر " معجم المطبوعات " 658، و " تاريخ " بروكلمان 5 / 189.
(3) واسمه: " سحر البلاغة وسر البراعة " طبع في دمشق سنة 1350 ه‍، وطبع منتخب
منه على أنه الرسالة الثالثة في " أربع رسائل منتخبة من مؤلفات العلامة أبي منصور الثعالبي " في
الآستانة بمطبعة الجوائب سنة 1301 ه‍ والرسالة الأولى هي منتخبات كتاب التمثيل والمحاضرة
والثانية هي منتخبات كتاب المبهج، والرابعة هي منتخبات كتاب النهاية في الكناية. وللثعالبي
مصنفات كثيرة انظر أماكن نسخها الخطية في مكتبات العالم مع ما طبع منها في " تاريخ
بروكلمان 5 / 186 - 198، وانظر " معجم المطبوعات " 656 - 660، و " هدية العارفين "
1 / 625.
(4) انظر بعض نظمه في " دمية القصر " 2 / 967 - 970، و " الذخيرة " 4 / 2 /
581 - 583.
* الأنساب (المنجويي)، اللباب 3 / 261، دول الاسلام 1 / 255، تذكرة الحفاظ
3 / 1085 - 1087، العبر 3 / 164، المشتبه 2 / 510، الوافي بالوفيات 7 / 217، مرآة
الجنان 4 / 47، تبصير المنتبه 3 / 1085، طبقات الحفاظ 420، 421، شذرات الذهب
3 / 233، هدية العارفين 1 / 74 وتحرف فيه إلى " فنجويه " بالفاء.
438

ابن منجويه، اليزدي (1) الأصبهاني، نزيل نيسابور، من الحفاظ الاثبات
المصنفين.
حدث عن الامام أبي بكر الإسماعيلي، وإبراهيم بن عبد الله
النيسابوري، وإسماعيل بن نجيد، وأبي بكر بن المقرئ، وأبي مسلم عبد
الرحمن بن شهدل، وأبي عبد الله بن مندة، وخلق كثير.
وارتحل إلى بخارى وسمرقند وهراة وجرجان، ولم أره وصل إلى
العراق.
حدث عنه: أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وعبد
الرحمن بن مندة، والحسن بن تغلب (2) الشيرازي، وسعيد البقال، وعلي
ابن أحمد الأخرم، وأبو صالح المؤذن، وأبو بكر الخطيب، وأبو بكر
البيهقي، وخلق.
قال أبو إسماعيل الأنصاري: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي الأصبهاني
أحفظ من رأيت من البشر (3).
وقال أبو إسماعيل: رأيت في سفري وحضري حافظا ونصف حافظ:

(1) سبقت ترجمة هذه النسبة في الترجمة رقم (186).
(2) في " تذكرة الحفاظ " " ثعلب " بدل " تغلب ".
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1085.
439

فأما الحافظ، فأحمد بن علي بن منجويه، وأما نصف حافظ،
فالجارودي (1).
قال يحيى بن مندة: كتب عنه عمي عبد الرحمن بن مندة كتاب
" السنن " له، الذي عمله على هيئة " سنن " أبي داود، وكان يثني عليه
كثيرا. وقال: سمعت منه المسندات الثلاثة للحسن بن سفيان (2).
قلت: قد صنف ابن منجويه على " الصحيحين " مستخرجا، وعلى
" جامع " أبي عيسى و " سنن " أبي داود (3).
مات يوم الخميس خامس المحرم سنة ثمان وعشرين وأربع مئة، وله
إحدى وثمانون سنة.
وفيها مات شيخ الحنفية أبو الحسين القدوري (4)، وأبو بكر أحمد بن
محمد بن الصقر ابن النمط، وأبو طاهر عبد الغفار بن محمد المؤدب، وأبو
عمرو عثمان بن محمد بن دوست (5) العلاف، والقدوة أبو الحسن علي بن
محمد الحنائي (6) بدمشق، وأبو عبد الله بن باكويه (7) الشيرازي الصوفي،
وشاعر وقته مهيار الديلمي (8)، وصلة بن المؤمل البغدادي بمصر، والعلامة

(1) المصدر السابق.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1085، 1086.
(3) وله أيضا " رجال صحيح الإمام مسلم " ومنه نسخة خطية في بلدية الإسكندرية 1245
ب، وانظر الترجمة رقم (58).
(4) سترد ترجمته برقم (380).
(5) سترد ترجمته برقم (309).
(6) سترد ترجمته برقم (373).
(7) سترد ترجمته برقم (363).
(8) سترد ترجمته برقم (310).
440

صاحب الخط الفائق، أبو علي الحسن بن شهاب العكبري (1) الحنبلي،
وشيخ الفلاسفة الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا (2)، وشيخ
الحنابلة أبو علي بن أبي موسى الهاشمي.
294 - النجيرمي *
لغوي مصر، أبو يعقوب، يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن خرزاذ
البصري، من أهل بيت علم وعربية.
وكان علامة متقنا، راوية لكتب الآداب، بصيرا بمعانيها، وكان
أسمر، كث اللحية.
ونجيرم: محلة بالبصرة. وقيل: قرية من أعمالها.
مات في سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة عن ثمان وسبعين سنة، رحمه
الله.
295 - المفسر * *
الشيخ الامام، أبو نصر، منصور بن الحسين بن محمد بن أحمد،
النيسابوري المفسر.
سمع من أبي العباس الأصم، وكاد أن ينفرد به.

(1) سترد ترجمته برقم (362).
(2) سترد ترجمته برقم (356).
* الأنساب (النجيرمي)، معجم البلدان 5 / 274، اللباب 3 / 300، وفيات الأعيان
7 / 75، 77، بغية الوعاة 2 / 364، وقد أورده المؤلف في " العبر " 2 / 358 في وفيات
370 ه‍ وتابعه ابن العماد في " الشذرات " 3 / 75.
* * العبر 3 / 151، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 338.
441

حدث عنه: أبو إسماعيل الأنصاري، وعبد الرحمن بن القشيري،
وجماعة.
وقد سمع أيضا من أبي الحسن الفارسي، والحافظ أبي علي
النيسابوري. وعمر دهرا طويلا.
وتوفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة، قبل وفاة الطرازي (1) بيسير،
فهو من طبقته، فليضم إليه.
296 - القومساني *
الشيخ العالم الثقة، أبو منصور، محمد بن أحمد بن محمد بن
مزدين، القومساني الهمذاني.
حدث عن: أبيه، وعبد الرحمن الجلاب، وعبد الرحمن بن عبيد،
وعمرو بن حسين الصرام، وأوس بن أحمد، وأبي علي الرفاء، وأبي جعفر
ابن برزة، والفضل بن الفضل الكندي.
وعنه: ابنه طاهر، وحفيده أبو علي أحمد بن طاهر بن محمد، وابن
أخيه أبو الفضل محمد بن عثمان، وأبو الطاهر أحمد بن عبد الرحمن
الروذباري، وخلق سواهم.
قال شيرويه: ثقة صدوق. توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث
وعشرين وأربع مئة.

(1) وهو صاحب الترجمة رقم (269).
* معجم البلدان 4 / 414، وهذه النسبة إلى قومسان من نواحي همذان.
442

297 - حمزة بن محمد *
ابن طاهر، الحافظ المفيد المحدث، أبو طاهر، البغدادي الدقاق.
ولد سنة 366.
وسمع أبا الحسين بن المظفر، وأبا الحسن الدارقطني، وأبا حفص
ابن شاهين وطبقتهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا، فهما عارفا (1).
وقال البرقاني: ما اجتمعت قط مع حمزة بن محمد ففارقته إلا بفائدة
علم (2).
قال الخطيب: مات سنة أربع وعشرين وأربع مئة، وحدثني محمد بن
يحيى الكرماني وابن جدا أنهما رأيا حمزة بن محمد بن طاهر في النوم،
فأخبرهما أن الله رضي عنه (3).
وفيها مات شيخ الحنفية وقاضي بخارى، أبو علي الحسين بن الخضر
الفشيديزجي (4)، والامام القدوة أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن
ذنين (5) الطليطلي، وأبو نصر محمد بن عبد العزيز بن شنبويه.

* تاريخ بغداد 8 / 184، 185، العبر 3 / 155، شذرات الذهب 3 / 227.
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 184.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 184، 185.
(4) تقدمت ترجمته برقم (282).
(5) تقدمت ترجمته برقم (283).
443

298 - ابن الحذاء *
العلامة المحدث، أبو عبد الله، محمد بن يحيى بن أحمد،
التميمي القرطبي، المالكي، ابن الحذاء (1).
روى عن: أحمد بن ثابت التغلبي، وأبي عيسى الليثي، وابن
القوطية، وابن عون الله، وحج، فسمع من: محمد بن علي الأدفوي،
وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الجوهري، وعدة.
وكان بصيرا بالفقه والحديث. صحب أبا محمد الأصيلي (2).
قال ولده أبو عمر أحمد بن الحذاء: كان لأبي علم بالحديث والفقه
والتعبير. صنف كتاب " الانباه عن أسماء الله " (3)، وأوصى أن يدفن على
صدره، وكتاب " الرؤيا " في عشرة أسفار، وكتاب " سير الخطباء "
مجلدين (4). ولي قضاء إشبيلية ثم سرقسطة، وبها مات في رمضان سنة ست

* ترتيب المدارك 4 / 733، 734، فهرست ابن خير 93، 242، 267، الصلة
2 / 505 - 507، بغية الملتمس 146، معجم الأدباء 19 / 108، 109، العبر 3 / 122،
عيون التواريخ 12 / 180 / 1، الوافي بالوفيات 5 / 196، مرآة الجنان 3 / 29، الديباج
المذهب 2 / 237، 238، النجوم الزاهرة 4 / 264، شذرات الذهب 3 / 206، هدية
العارفين 2 / 63، شجرة النور 1 / 112.
(1) قال القاضي عياض: هكذا نسبهم " الحذاء " بالذال المعجمة، وحكى ابن عفيف
أنهم يأبون ذلك، ويقولون: هو بدال مهملة من حداء الإبل، وأن جدهم الذي ينسبون إليه هو
حادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: ولكن لما سكن أولنا في ربض الحذائين بقرطبة، تصحف على
الناس نسبنا لقرب الحرفين.
(2) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 733.
(3) في " ترتيب المدارك " و " الصلة " و " الديباج ": " الانباء على أسماء الله "، وفي
" معجم " ياقوت: " الانباء بمعاني الأسماء ".
(4) وله أيضا كتاب " التعريف بمن ذكر في موطأ مالك من الرجال والنساء " ومنه نسخة
خطية بفاس القرويين 118، 176. انظر " تاريخ " سزكين 1 / 164.
444

عشرة وأربع مئة. روى عنه: الصاحبان (1)، وأبو عمر بن عبد البر، وحاتم
ابن محمد، وأبو عمر بن سميق، وآخرون (2).
299 - النعيمي *
الامام الحافظ المتقن الأديب، أبو الحسن، علي بن أحمد بن
الحسن بن محمد بن نعيم، النعيمي البصري الشافعي، نزيل بغداد.
حدث عن: أحمد بن محمد بن العباس الأسفاطي، وأحمد بن عبيد
الله النهرديري (3)، ومحمد بن عدي بن زحر المنقري، وعلي بن عمر
الحربي السكري، وأبي أحمد العسكري، ومحمد بن أحمد بن حماد
الكوفي الحافظ، وعبد الله بن اليسع الأنطاكي، ومحمد بن المظفر،
والدارقطني.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان حافظا عارفا متكلما شاعرا، حدث
عنه البرقاني في جمعه لحديث الثوري (4).

(1) تقدمت ترجمتهما برقمي (92) و (93).
(2) انظر " الصلة " 2 / 506، 507. وانظر بقية تصانيفه في " ترتيب المدارك " 4 /
734، و " معجم الأدباء " 19 / 109، و " الديباج المذهب " 2 / 237، 238، و " شجرة
النور " 1 / 112.
* تاريخ بغداد 11 / 331، طبقات الشافعية للشيرازي 131، الأنساب (النعيمي)،
تبيين كذب المفتري 250، اللباب 3 / 318، طبقات ابن الصلاح الورقة 65 ب، تذكرة
الحفاظ 3 / 1112، العبر 3 / 152، طبقات السبكي 5 / 237 - 239، طبقات الأسنوي 2 /
488، 489، النجوم الزاهرة 4 / 277، طبقات الحفاظ 426، 427، شذرات الذهب 3 /
226.
(3) في الأصل: النهرتيري، وما أثبتناه من " اللباب " وفيه ذكر أحمد بن عبيد الله هذا،
وقد تقدمت ترجمة هذه النسبة في الصفحة 429 ت رقم (1).
(4) " تاريخ بغداد " 11 / 331، 332.
445

قال: وسمعت الصوري يقول: لم أر ببغداد أحدا أكمل من
النعيمي، قد جمع معرفة الحديث والكلام والأدب، ودرس شيئا من فقه
الشافعي. قال: وكان البرقاني يقول: هو كامل في كل شئ لولا بأو
فيه (1).
قال الخطيب: وحدثني الأزهري قال: وضع النعيمي على ابن
المظفر حديثا لشعبة، فتنبه أصحاب الحديث على ذلك، فخرج النعيمي
عن بغداد، وغاب حتى مات ابن المظفر، ومات من عرف قصته، ثم عاد
إلى بغداد (2).
مات النعيمي وهو في عشر الثمانين سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة.
كتب إلينا المسلم بن علان: أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو
منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، أخبرني علي بن أحمد النعيمي،
حدثنا محمد بن أحمد بن الفيض الأصبهاني ثقة، حدثنا علي بن عبد الحميد
الغضائري، حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، حدثنا بشر بن السري،
عن سفيان، عن عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة قالت: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " إنما جعل الطواف بالبيت والسعي لإقامة ذكر الله عز وجل " (3).
صوابه: الثوري، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن القاسم.

(1) " تاريخ بغداد " 11 / 332، والبأو: العجب والفخر.
(2) المصدر السابق.
(3) هو في تاريخ بغداد 11 / 331، 332، وعبيد الله بن أبي زياد ليس بالقوي، ومع
ذلك فقد صححه الحاكم 1 / 459، ووافقه المؤلف في مختصره، وأخرجه من طرق عن عبيد
الله بن أبي زياد بهذا الاسناد أحمد 6 / 64 و 75 و 139، وأبو داود (1888) والترمذي
(902) وأبو داود (1888) والدارمي 2 / 50.
446

ومن شعر النعيمي المشهور له:
إذا أظمأتك أكف اللئام * كفتك القناعة شبعا وريا
فكن رجلا رجله في الثرى * وهامة همته في الثريا
أبيا لنائل ذي ثروة * تراه بما في يديه أبيا
فإن إراقة ماء الحياة * دون إراقة ماء المحيا (1)
300 - الأرموي *
الحافظ الامام الجوال، أبو النجيب، عبد الغفار بن عبد الواحد بن
محمد، الأرموي.
سمع ابن نظيف بمصر، وأحمد بن عبد الله المحاملي ببغداد، وأبا
نعيم بأصبهان.
روى عنه: الخطيب، والكتاني، ونجا بن أحمد.
قال الخطيب (2): جاور بمكة، فأكثر عن أبي ذر، ورجع إلى الشام،
فمات بين دمشق والرحبة، في شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة.
وذكر الحبال أنه توفي سنة ست وخمسين، فغلط. مات قبل حين
الرواية شابا.

(1) الأبيات في " تبيين كذب المفتري " 251، 252، و " تاريخ بغداد " 11 /
332، و " طبقات " السبكي 5 / 338، 339، والبيتان الأولان منها في " النجوم الزاهرة " 4 /
396 وفيه " عطشتك " بدل " أظمأتك ".
* تاريخ بغداد 11 / 117. والأرموي: نسبة إلى أرمية، وهي من بلاد أذربيجان.
(2) في " تاريخ بغداد " 11 / 117.
447

301 - عمر بن إبراهيم *
ابن إسماعيل، الحافظ القدوة، أبو الفضل بن أبي سعيد، الهروي،
الزاهد، خال شيخ الاسلام أبي عثمان الصابوني (1).
سمع عبد الله بن عمر بن علك الجوهري، وطبقته بمرو، والحسين
ابن محمد بن عبيد العسكري، وعدة ببغداد، وعلي بن عبد الرحمن البكائي
بالكوفة، وأبا بكر الإسماعيلي بجرجان، وبشر بن أحمد بإسفرايين، وأبا
عمرو بن حمدان بنيسابور، وأمثالهم.
وكان مقدما في العلم والعمل والزهد والورع.
حدث عنه: ابن أخته أبو عثمان، وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد
الأنصاري، ومحمد بن علي العميري الزاهد، وعبد الاعلى بن عبد الواحد
المليحي، وآخرون.
وكان محدث هراة وشيخها.
وكان أبوه من كبار العلماء، توفي سنة تسعين وثلاث مئة.
وتوفي أبو الفضل الزاهد في ذي الحجة سنة خمس وعشرين وأربع
مئة (2)، من أبناء الثمانين.
وفيها مات أبو بكر محمد بن علي بن مصعب التاجر، ومسند العراق أبو
علي بن شاذان (3) البزاز، وسفيان بن محمد بن حسنكويه السفياني، وعبد

* تاريخ بغداد 11 / 273، 274، العبر 3 / 158، شذرات الذهب 3 / 229.
(1) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (17).
(2) قال الخطيب في " تاريخ بغداد ": وبلغني أنه توفي بهراة في سنة ست وعشرين وأربع
مئة.
(3) تقدمت ترجمته برقم (273).
448

الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر الجوبري (1)، وأبو نصر عبد الوهاب بن
عبد الله المري (2)، وأبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب
البرقاني (3)، وأبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن شبانه (4)،
وزاهد وقته أبو الحسن علي بن أحمد الخرقاني (5).
302 - ابن مصعب *
الشيخ الأمين، أبو بكر، محمد بن علي بن إبراهيم بن مصعب بن
عبيد الله بن مصعب بن إسحاق، ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، طلحة بن
عبيد الله، التيمي، الأصبهاني، التاجر، بقية المشايخ.
ولد سنة نيف وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، وأحمد بن جعفر
السمسار، وشاكر بن عمر المعدل، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي،
وسليمان الطبراني، وجماعة.
حدث عنه: أبو العباس أحمد بن محمد بن بشرويه، وأبو الفتح أحمد
ابن محمد الحداد، وأبو سعد محمد بن محمد المطرز، وأبو علي أحمد بن
محمد بن شهريار، والمقرئ أبو علي الحداد، وعدة.
وكان من كبراء أهل أصبهان، له أوقاف كثيرة، وهو عم أم الحافظ

(1) تقدمت ترجمته برقم (272).
(2) سترد ترجمته برقم (307).
(3) سترد ترجمته برقم (306).
(4) تقدمت ترجمته برقم (288).
(5) تقدمت ترجمته برقم (277).
* العبر 3 / 158، تذكرة الحفاظ 3 / 1076، شذرات الذهب 3 / 229.
449

إسماعيل بن محمد التيمي، مصنف " الترغيب والترهيب ".
توفي في ربيع الأول، سنة خمس وعشرين وأربع مئة، وقد ناطح
التسعين، رحمه الله.
قرأنا على إسحاق بن طارق، أخبرنا ابن خليل، أخبرنا مسعود
الجمال، (ح) ونبأني أحمد بن سلامة، عن مسعود، أخبرنا أبو علي
الحداد، أخبرنا أبو بكر محمد بن علي القرشي سنة أربع وعشرين وأربع
مئة، حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن
العلاء، حدثنا معاوية بن هشام، عن حمزة الزيات، عن عدي بن ثابت،
عن أبي حازم، عن أبي هريرة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله: يا
ابن آدم: اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي، اذكرني في ملا من الناس
أذكرك في ملا خير منهم ". تفرد به معاوية (1).
303 - ابن بشران *
الشيخ الامام، المحدث الصادق، الواعظ المذكر، مسند العراق،
أبو القاسم، عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران بن محمد بن بشران

(1) هو من رجال مسلم وقد وصفه الحافظ في " التقريب " بأن صدوق له أوهام، وأخرجه
بأطول مما هنا البخاري (7405) ومسلم (2675) (21) والترمذي (3603) وابن ماجة
(3822) وأحمد 2 / 251 و 413، و 480 من طرق عن الأعمش، سمعت أبا صالح، عن
أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: " أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن
ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملا ذكرته في ملا خير منهم، وإن تقرب إلي
شبرا، تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ".
* تاريخ بغداد 10 / 432، 433، المنتظم 8 / 102، العبر 3 / 171، 172، دول
الاسلام 1 / 256، تذكرة الحفاظ 3 / 1097، النجوم الزاهرة 5 / 30، شذرات الذهب 3 /
246، هدية العارفين 1 / 625، إيضاح المكنون 1 / 123.
450

ابن مهران، الأموي مولاهم البغدادي، صاحب الأمالي (1) الكثيرة.
مولده في شوال سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع الكثير هو وأخوه أبو الحسين (2) بن بشران المعدل من جماعة.
حدث عن: أبي بكر النجاد، وأبي سهل بن زياد، وحمزة الدهقان،
وأحمد بن الفضل بن خزيمة، وعبد الله بن محمد الفاكهي المكي، ودعلج
السجزي، وأبي بكر الشافعي، وعمر بن محمد الجمحي، وأبي بكر
الآجري، وعبد الخالق بن أبي روبا، وعبد الباقي بن قانع، وأحمد بن
نيخاب (3) الطيبي، وأبي علي بن الصواف، والحسن بن الخضر
الأسيوطي، وأحمد بن إبراهيم الكندي، والقطيعي.
حدث عنه: الخطيب، والكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو
الفضل بن خيرون، ومحمد بن سليمان بن لوبا، ومحمد بن أحمد بن
الفقيرة، وأبو غالب محمد بن عبد العزيز، ومحمد بن المنذر بن طيبان،
وأبو نصر أحمد بن الحسن المزرر، وأبو الحسن علي بن الخل، وأبو منصور
محمد بن أحمد الخيطا، وأبو الخطاب بن الجراح، وأبو سعد الأسدي،
وأبو غالب بن الباقلاني، وعلي بن أحمد بن فتحان الشهرزوري، وخلق
كثير.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة ثبتا صالحا. مات في ربيع
الآخر، سنة ثلاثين وأربع مئة، وأوصى أن يدفن بجنب الشيخ أبي طالب

(1) انظر النسخ الخطية لبعض هذه الأمالي في " تاريخ " سزكين 1 / 387.
(2) وقد تقدمت ترجمته برقم (189).
(3) تقدم ضبطه في الصفحة 416 ت رقم (4).
451

المكي، وكان الجمع في جنازته يتجاوز الحد، ويفوت الاحصاء. رحمه
الله (1).
أخبرنا حسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر
السلفي، أخبرنا أبو ياسر الخياط وأبو سعد الأسدي قالا: أخبرنا أبو القاسم
ابن بشران، أخبرنا أحمد بن الفضل بن خزيمة، حدثنا محمد بن إسماعيل
الترمذي، حدثنا محمد بن عيسى الطباع، حدثنا هشيم، حدثنا منصور،
عن علي بن زيد، عن أبي خالد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
قيل: يا رسول الله! كيف يمشون على وجوههم؟ قال: " إن الذي أمشاهم
على أقدامهم يمشيهم على وجوههم " (2).
304 - المنيني *
الامام المقرئ، خطيب منين، أبو بكر، محمد بن رزق الله
ابن عبيد الله بن أبي عمرو المنيني، الأسود. عاش بضعا وثمانين
سنة.
سمع علي بن أبي العقب، وأبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن

(1) " تاريخ بغداد " 10 / 432، 433.
(2) إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن عبد الله بن زهير بن عبد الله بن جدعان -
وجهالة أبي خالد واسمه أوس بن أبي أوس، وأخرجه الترمذي (3142) في التفسير، وأحمد
2 / 354 و 363 من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بهذا الحديث، وقد صح الحديث
من طريق آخر عن أنس أن رجلا قال: يا نبي الله يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: " أليس
الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟ " قال قتادة راويه
عن أنس: بلى وعزة ربنا. أخرجه البخاري (4760) و (6523) ومسلم (2806).
* الأنساب (المنيني)، معجم البلدان 5 / 218، اللباب 3 / 266، العبر 3 / 160،
الوافي بالوفيات 3 / 70، شذرات الذهب 3 / 230.
452

مروان، والحسين بن أحمد بن أبي ثابت، وأبا علي بن آدم.
روى عنه: أبو الوليد الدربندي، وعبد العزيز الكتاني، وأبو
القاسم بن أبي العلاء، وآخرون.
قال الدربندي: لم يكن في جميع الشام من يكنى بأبي بكر
غيره، وكان ثقة.
قلت: وكذا لم يكن يوجد بمصر منذ تملك بنو عبيد أحد يكنى
بأبي بكر، وكانت الدنيا تغلي بهم رفضا وجهلا.
مات أبو بكر سنة ست وعشرين وأربع مئة.
وفيها مات العلامة شيخ البلاغة أحمد بن عبد الملك بن شهيد (1)
الأندلسي، وإبراهيم بن جعفر بن أبي الكرام بمصر.
305 - أبو نعيم *
أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران،

(1) سترد ترجمته برقم (323).
* تبيين كذب المفتري 246، المنتظم 8 / 100، معجم البلدان 1 / 210، الكامل في
التاريخ 9 / 466، طبقات الأطباء 108، المبهمات للنووي 35 أ، وفيات الأعيان 1 / 91،
92 تذكرة الحفاظ 3 / 1092 - 1098، العبر 3 / 170، ميزان الاعتدال 1 / 111، دول
الاسلام 1 / 255، 256، الوافي بالوفيات 7 / 81 - 84، عيون التواريخ 12 / 176 / 2،
مرآة الجنان 3 / 52، 53، طبقات السبكي 4 / 18 - 25، طبقات الأسنوي 2 / 474،
475، البداية والنهاية 12 / 45، غاية النهاية 1 / 71، لسان الميزان 1 / 201، النجوم
الزاهرة 5 / 30، طبقات الحفاظ 423، طبقات ابن هداية الله 141، 142، منهج المقال
37، تنقيح المقال 1 / 65، منتهى المقال 36، شذرات الذهب 3 / 245، روضات الجنات
75، هدية العارفين 1 / 74، 75، أعيان الشيعة 9 / 5 - 13.
453

الامام الحافظ، الثقة العلامة، شيخ الاسلام، أبو نعيم، المهراني،
الأصبهاني، الصوفي، الأحول، سبط الزاهد محمد بن يوسف البناء،
وصاحب " الحلية ".
ولد سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
وكان أبوه من علماء المحدثين والرحالين، فاستجاز له جماعة من
كبار المسندين، فأجاز له من الشام خيثمة بن سليمان بن حيدرة، ومن
نيسابور أبو العباس الأصم، ومن واسط عبد الله بن عمر بن شوذب،
ومن بغداد أبو سهل بن زياد القطان، وجعفر بن محمد بن نصير
الخلدي، ومن الدينور أبو بكر بن السني، وآخرون.
وسمع من أبي محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس،
في سنة أربع وأربعين وثلاث مئة، ومن القاضي أبي أحمد العسال،
وأحمد بن بندار الشعار، وأحمد بن معبد السمسار، وأحمد بن محمد
القصار، وعبد الله بن الحسن بن بندار المديني، وأحمد بن إبراهيم
ابن يوسف التيمي، والحسن بن سعيد بن جعفر العباداني المطوعي،
وأبي إسحاق بن حمزة، وأبي القاسم الطبراني، وعبد الله بن محمد
ابن إبراهيم العقيلي، وأبي مسلم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن
سياه، ومحمد بن معمر بن ناصح الذهلي، والحافظ محمد بن عمر
الجعابي قدم عليهم، وأبي الشيخ بن حيان، وابن المقرئ (1)، وخلق
كثير بأصبهان، ومن أبي بكر بن الهيثم الأنباري، وأحمد بن يوسف بن

(1) وهو محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني، المتوفى سنة 381 ه‍، مرت ترجمته في
الجزء السادس عشر.
454

خلاد النصيبي (1)، وأبي علي بن الصواف (2)، وأبي بحر بن كوثر
البربهاري (3)، وعبد الرحمن بن العباس، والد المخلص، وعيسى بن
محمد الطوماري (4)، ومخلد بن جعفر الدقيقي، وأبي بكر القطيعي،
وطبقتهم ببغداد، وحبيب بن الحسن القزاز، وفاروق بن عبد الكبير
الخطابي، وعبد الله بن جعفر بن إسحاق الجابري، وأحمد بن
الحسن بن القاسم بن الريان اللكي، ومحمد بن علي بن مسلم
العامري، وطبقتهم بالبصرة، وإبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم،
وأبي بكر عبد الله بن يحيى الطلحي، وعدة بالكوفة، ومن أبي عمرو
ابن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وحسينك التميمي (5)، وخلق
بنيسابور، وأحمد بن إبراهيم الكندي، وأبي بكر الآجري، وغيرهما
بمكة.
وعمل " معجم " شيوخه، وكتاب " الحلية "، و " المستخرج

(1) نسبة إلى نصيبين، وهي مدينة مشهورة من بلاد الجزيرة، وأحمد بن يوسف هذا متوفى
سنة 359 ه‍، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) هو محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق البغدادي، المتوفى سنة 359 ه‍. مرت
ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) هذه النسبة إلى بربهار، وهي الأدوية التي تجلب من الهند من الحشيش والعقاقير
وغيرها، ومن يجلبها يقال له: البربهاري. وأبو بحر وهو محمد بن الحسن بن كوثر بن علي
البربهاري، المتوفى سنة 362 ه‍ قد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) هذه النسبة إلى طومار، وهو لقب رجل، وقد مرت ترجمة عيسى بن محمد الطوماري
هذا في الجزء السادس عشر، وهو متوفى سنة 360 ه‍.
(5) وهو الحسين بن علي بن محمد التميمي، المتوفى سنة 375 ه‍، مرت ترجمته في
الجزء السادس عشر.
455

على الصحيحين " (1)، و " تاريخ أصبهان " (2)، و " صفة الجنة "،
وكتاب " دلائل النبوة " (3)، وكتاب " فضائل الصحابة "، وكتاب " علوم
الحديث "، وكتاب " النفاق ". ومصنفاته كثيرة جدا (4).
روى عنه: كوشيار بن لياليزور الجيلي ومات قبله بأزيد من ثلاثين
سنة، وأبو سعد الماليني ومات قبله بثمانية عشر عاما، وأبو بكر بن أبي
علي الهمداني، وأبو بكر الخطيب، وأبو علي الوخشي (5)، وأبو
صالح المؤذن، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي، وسليمان بن
إبراهيم الحافظ، وهبة الله بن محمد الشيرازي، ويوسف بن الحسن
التفكري (6)، وعبد السلام بن أحمد القاضي، ومحمد بن عبد الجبار
ابن ييا (7)، وأبو سعد محمد بن محمد المطرز، ومحمد بن عبد الواحد
ابن محمد الصحاف، ومحمد بن عبد الله الادمي الفقيه، وأبو غالب
محمد بن عبد الله بن أبي الرجاء القاضي، وأبو الفضائل محمد بن
أحمد بن يونس، ومحمد بن سعد بن ممك العطار، وأبو سعد محمد

(1) ولكتابه " المستخرج على صحيح مسلم " عدة نسخ خطية. انظر " تاريخ " بروكلمان
6 / 226، 227.
(2) واسمه " ذكر أخبار أصبهان " وقد طبع في ليدن في جزأين في سنة 1931، 1934،
ثم صور.
(3) وقد طبع في المطبعة النظامية بحيدر أباد سنة 1320 ه‍، ويغلب على الظن أن
المطبوع ناقص.
(4) انظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ " بروكلمان 6 / 227.
(5) هذه النسبة إلى وخش، وهي بلدة بنواحي بلخ من ختلان، وهي كورة واسعة كثيرة
الخير، طيبة الهواء، وأبو علي الوخشي هو الحسن بن علي بن محمد الوخشي الحافظ، متوفى
سنة 471 ه‍، ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (175).
(6) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (280).
(7) بياءين الثانية ثقيلة، انظر " تبصير المنتبه " 1 / 221.
456

ابن سرفرتج (1)، وأبو منصور محمد بن عبد الله بن مندويه الشروطي،
والأديب محمد بن محمود الثقفي، ومحمد بن الفضل بن كندوج،
ومحمد بن علي بن محمد بن المرزبان، ومحمد بن حسين بن محمد
ابن زيله، وأبو طالب أحمد بن الفضل الشعيري، وأحمد بن منصور
القاص، وأبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن رشيد الادمي، وأبو
بكر أحمد بن عبد الله بن محمد التيمي اللبان، وإسماعيل بن الحسن
العلوي، وأبو نصر إسماعيل بن المحسن بن طراق، وبندار بن محمد
الخلقاني، وحمد بن علي الباهلي الدلال، وأبو العلاء حمد بن عمر
الشرابي، وحمد بن محمد التاجر، وحمد بن محمود البقال، وأبو
العلاء حسين بن عبيد الله الصفار، وحيدر بن الحسن السلمي، وخالد
ابن عبد الواحد التاجر، وأبو بكر ذو النون بن سهل الأشناني، وزكريا
ابن محمد الكاتب، وسعيد بن محمد بن عبد الله التميمي، وأبو زيد
سعد بن عبد الرحمن الصحاف، وسهل بن محمد المغازلي، وصالح
ابن عبد الواحد البقال، وأبو علي صالح بن محمد الفابجاني (2)، وعبد
الله بن عبد الرزاق بن ررا، وأبو زيد عبيد الله بن عبد الواحد
الخرقي، وأبو محمد عبيد الله بن الخصيب الحلاوي، وأبو الرجاء
عبيد الله بن أحمد، وأبو طاهر عبد الواحد بن أحمد الشرابي، وعبد
الجبار بن عبد الله بن فورويه الصفار، وأبو طاهر علي بن عبد الواحد

(1) هو الرئيس أبو سعد محمد بن علي بن محمد إبراهيم المديني الثاني الكاتب،
المتوفى سنة 505 ه‍. ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (194).
(2) نسبة إلى الفابجان - بكسر الباء الموحدة - قال السمعاني: وهي قرية من قرى أصبهان
ولا أدري هي الفابزان.... أو غيرها، وظني أنهما قريتان. وقد رجح ابن الأثير في " اللباب "
أنهما قرية واحدة.
457

ابن فاذشاه، وعلي بن أحمد البرجي، وغانم بن محمد بن عبيد الله
البرجي، وعباد بن منصور المعدل، والفضل بن عبد الواحد، والفضل
ابن عمر بن سهلويه، وأبو طاهر المحسد بن محمد، ومبشر بن محمد
الجرجاني الواعظ، وأبو علي الحداد، وأخوه أبو الفضل حمد، وخلق
كثير من مشيخة السلفي خاتمتهم بعد الحداد أبو طاهر عبد الواحد بن
محمد الدشتج الذهبي.
وكان حافظا مبرزا عالي الاسناد، تفرد في الدنيا بشئ كثير من
العوالي، وهاجر إلى لقيه الحفاظ.
قال أبو محمد السمرقندي: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: لم
أر أحدا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين، أبو نعيم الأصبهاني وأبو
حازم العبدويي (1).
قال ابن المفضل الحافظ: جمع شيخنا أبو طاهر السلفي أخبار
أبي نعيم وذكر من حدثه عنه، وهم نحو الثمانين، وقال: لم يصنف
مثل كتابه " حلية الأولياء "، سمعناه من أبي المظفر القاساني (2) عنه
سوت فوت يسير (3).

(1) تقدم هذا الخبر وتخريجه في ترجمة العبدويي رقم (204). قال السبكي: والحافظ
أبو بكر الخطيب وهو من أخص تلامذته (يعني أبا نعيم) وقد رحل إليه، وأكثر عنه، ومع ذلك لم
يذكره في " تاريخ بغداد " ولا يخفى عليه أنه دخلها، ولكن النسيان طبيعة الانسان، وكذلك أغفله
الحافظ أبو سعد ابن السمعاني، فلم يذكره في " الذيل ". " الطبقات الكبرى " 4 / 20.
(2) بالسين المهملة - والناس يقولونها بشين معجمة - نسبة إلى قاسان: بلدة عند قم على
ثلاثين فرسخا من أصبهان. وفي " تذكرة الحفاظ ": " القاشاني " بالشين المعجمة، وتصحف
في " طبقات " السبكي إلى " الفاشاني " بالفاء والشين المعجمة.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1093، 1094، و " طبقات " السبكي 4 / 21.
458

قال أحمد بن محمد بن مردويه: كان أبو نعيم في وقته مرحولا
إليه، ولم يكن في أفق من الآفاق أسند ولا أحفظ منه، كان حفاظ
الدنيا قد اجتمعوا عنده، فكان كل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريده
إلى قريب الظهر، فإذا قام إلى داره، ربما كان يقرأ عليه في الطريق
جزء، وكان لا يضجر، لم يكن له غداء سوى التصنيف والتسميع (1).
قال حمزة بن العباس العلوي: كان أصحاب الحديث يقولون:
بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير، لا يوجد شرقا ولا غربا أعلى
منه إسنادا، ولا أحفظ منه. وكانوا يقولون: لما صنف كتاب " الحلية "
حمل الكتاب إلى نيسابور حال حياته، فاشتروه بأربع مئة دينار (2).
قلت: روى أبو عبد الرحمن السلمي مع تقدمه عن رجل، عن
أبي نعيم، فقال في كتاب " طبقات الصوفية ": حدثنا عبد الواحد بن
أحمد الهاشمي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن علي بن حبيش
المقرئ ببغداد، حدثنا أحمد بن محمد بن سهل الادمي فذكر
حديثا (3).
قال أبو طاهر السلفي: سمعت أبا العلاء محمد بن عبد الجبار
الفرساني يقول: حضرت مجلس أبي بكر بن أبي علي الذكواني
المعدل في صغري مع أبي، فلما فرغ من إملائه، قال إنسان: من
أراد أن يحضر مجلس أبي نعيم، فليقم. وكان أبو نعيم في ذلك
الوقت مهجورا بسبب المذهب، وكان بين الأشعرية والحنابلة تعصب

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1094، و " طبقات " السبكي 4 / 21.
(2) المصدران السابقان.
(3) انظر الحديث في " طبقات الصوفية " 266، 267.
459

زائد يؤدي إلى فتنة، وقيل وقال، وصداع طويل، فقام إليه أصحاب
الحديث بسكاكين الأقلام، وكاد الرجل يقتل (1).
قلت: ما هؤلاء بأصحاب الحديث، بل فجرة جهلة، أبعد الله
شرهم.
قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: ذكر الشيخ أبو عبد الله
محمد بن محمد الأصبهاني عمن أدرك من شيوخ أصبهان أن السلطان
محمود بن سبكتكين لما استولى على أصبهان، أمر عليها واليا من
قبله، ورحل عنها، فوثب أهلها بالوالي، فقتلوه، فرجع السلطان
إليها، وآمنهم حتى اطمأنوا، ثم قصدهم في يوم جمعة وهم في
الجامع، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وكانوا قبل ذلك منعوا الحافظ أبا
نعيم من الجلوس في الجامع، فسلم مما جرى عليهم، وكان ذلك من
كرامته (2).
وقال محمد بن طاهر المقدسي: سمعت عبد الوهاب الأنماطي يقول:
رأيت بخط أبي بكر الخطيب: سألت محمد بن إبراهيم العطار مستملي
أبي نعيم، عن جزء محمد بن عاصم: كيف قرأته على أبي نعيم،
وكيف رأيت سماعه؟ فقال: أخرج إلي كتابا، وقال: هو سماعي،
فقرأته عليه. ثم قال الخطيب: قد رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل
فيها، منها أن يقول في الإجازة: أخبرنا. من غير أن يبين (3).

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1095.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1095، و " طبقات " السبكي 4 / 21، 22، و " تبيين كذب
المفتري " 247.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1095، 1096، و " الوافي بالوفيات " 7 / 83، و
" طبقات " السبكي 4 / 23.
460

قال الحافظ أبو عبد الله ابن النجار: جزء محمد بن عاصم قد
رواه الاثبات عن أبي نعيم، والحافظ الصادق إذا قال: هذا الكتاب
سماعي، جاز أخذه عنه بإجماعهم (1).
قلت: قول الخطيب: كان يتساهل... إلى آخره، هذا شئ قل
أن يفعله أبو نعيم، وكثيرا ما يقول: كتب إلي الخلدي. ويقول:
كتب إلي أبو العباس الأصم، وأخبرنا أبو الميمون بن راشد في كتابه.
ولكني رأيته يقول في شيخه عبد الله بن جعفر بن فارس الذي سمع منه
كثيرا وهو أكبر شيخ له: أخبرنا عبد الله بن جعفر فيما قرئ عليه.
فيوهم أنه سمعه، ويكون مما هو له بالإجازة، ثم إطلاق الاخبار على
ما هو بالإجازة مذهب معروف قد غلب استعماله على محدثي
الأندلس، وتوسعوا فيه. وإذا أطلق ذلك أبو نعيم في مثل الأصم وأبي
الميمون البجلي والشيوخ الذين قد علم أنه ما سمع منهم بل له منهم
إجازة، كان له سائغا، والأحوط تجنبه.
حدثني أبو الحجاج الكلبي الحافظ أنه رأى خط الحافظ ضياء
الدين قال: وجدت بخط أبي الحجاج بن خليل أنه قال: رأيت أصل
سماع الحافظ أبي نعيم لجزء محمد بن عاصم.
قلت: فبطل ما تخيله الخطيب، وتوهمه، وما أبو نعيم بمتهم،
بل هو صدوق عالم بهذا الفن، ما أعلم له ذنبا - والله يعفو عنه - أعظم
من روايته للأحاديث الموضوعة في تواليفه، ثم يسكت عن توهيتها.

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1096، و " الوافي بالوفيات " 7 / 83، و " طبقات " السبكي
4 / 24.
461

قال الحافظ أبو زكريا يحيى بن أبي عمرو: سمعت أبا الحسين
القاضي، سمعت عبد العزيز النخشبي يقول: لم يسمع أبو نعيم
" مسند " الحارث بن أبي أسامة بتمامه من أبي بكر بن خلاد، فحدث
به كله، فقال الحافظ ابن النجار: قد وهم في هذا، فأنا رأيت نسخة
الكتاب عتيقة وخط أبي نعيم عليها يقول: سمع مني فلان إلى آخر
سماعي من هذا " المسند " من ابن خلاد، ويمكن أن يكون روى
الباقي بالإجازة، ثم قال:
لو رجم النجم جميع الورى * لم يصل الرجم إلى النجم (1)
قلت: قد كان أبو عبد الله بن مندة يقذع في المقال في أبي
نعيم (2) لمكان الاعتقاد المتنازع فيه بين الحنابلة وأصحاب أبي
الحسن، ونال أبو نعيم أيضا من أبي عبد الله في " تاريخه "، وقد
عرف وهن كلام الاقران المتنافسين بعضهم في بعض. نسأل الله
السماح.
وقد نقل الحافظان ابن خليل والضياء جملة صالحة إلى الشام من
تواليف أبي نعيم ورواياته، أخذها عنهما شيوخنا، وعند شيخنا أبي
الحجاج من ذلك شئ كثير بالإجازة العالية " كالحلية "، و
" المستدرك على صحيح مسلم ".
مات أبو نعيم الحافظ في العشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربع
مئة وله أربع وتسعون سنة.

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1096، 1097، و " الوافي بالوفيات " 7 / 83، 84.
(2) انظر الصفحة (32) تعليق رقم (5) في ترجمة ابن منده رقم (13).
462

أخبرنا الحسن بن علي وسليمان بن قدامة قالا: أخبرنا جعفر بن منير،
أخبرنا أبو طاهر السلفي، أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه،
وحمد بن سهلويه الشرابي، وأبو طالب أحمد بن الفضل الشعيري، وأبو
علي الحداد قالوا: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبو إسحاق بن حمزة،
حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عبادة بن زياد، حدثنا يونس بن
أبي يعفور، عن أبيه، سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي " (1).
أخبرنا أحمد بن محمد الآنمي غير مرة، أخبرنا يوسف بن خليل،
أخبرنا مسعود بن أبي منصور الجمال (ح) وأنبأني ابن سلامة عن الجمال،
أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أحمد بن
محمد بن يحيى القصار، حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل، سمعت أبي،
سمعت سفيان، سمعت الزهري، سمعت ابن المسيب يقول: طوبى لمن
كان عيشه كفافا وقوله سدادا.
ومات معه في سنة ثلاثين مسند العراق، أبو القاسم عبد الملك بن
محمد بن عبد الله بن بشران (2) الواعظ، ومسند الأندلس أبو عمرو أحمد بن
محمد بن هشام بن جهور له إجازة الآجري، وشيخ التفسير أبو عبد الرحمن
إسماعيل بن أحمد الحيري (3) الضرير، وصاحب الآداب أبو منصور عبد

(1) إسناده ضعيف لضعف يونس بن أبي يعفور، فإنه كثير الخطأ، لكن في الباب ما يقويه
عن عمر بن الخطاب عند ابن سعد 8 / 463، والخطيب 6 / 182، والحاكم 3 / 142، وأبي
نعيم 2 / 34، ورجاله ثقات لكنه منقطع، وعن ابن عباس عند الخطيب 10 / 271، وعن المسور
عند أحمد 4 / 323 و 332، فالحديث صحيح بها.
(2) تقدمت ترجمته برقم (303).
(3) سترد ترجمته برقم (359).
463

الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي (1)، والعلامة أبو الحسن علي بن
إبراهيم الحوفي (2) المصري، صاحب كتاب " الاعراب "، والعلامة أبو
عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الفاسي (3) شيخ المالكية بالقيروان.
306 - البرقاني *
الامام العلامة الفقيه، الحافظ الثبت، شيخ الفقهاء والمحدثين، أبو
بكر، أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب، الخوارزمي، ثم البرقاني
الشافعي، صاحب التصانيف (4).
سمع في سنة خمسين وثلاث مئة بخوارزم من: أبي العباس بن
حمدان الحيري النيسابوري أخي (5) أبي عمرو، حدثه عن محمد بن
الضريس، والكبار، وسمع بها من محمد بن علي الحساني، وأحمد بن
إبراهيم بن جناب الخوارزميين. وسمع بهراة من أبي الفضل بن خميرويه.
وبجرجان من الامام أبي بكر الإسماعيلي، وأبي أحمد بن الغطريف.

(1) تقدمت ترجمته برقم (292).
(2) سترد ترجمته برقم (346).
(3) سترد ترجمته برقم (364).
* تاريخ بغداد 4 / 373 - 376، طبقات الشيرازي 106، الأنساب 2 / 156، 157،
تاريخ دمشق 2 / 47 / 2، 48 / 2، المنتظم 8 / 79، معجم البلدان 1 / 387، اللباب
1 / 140، طبقات ابن الصلاح ورقة 35، تذكرة الحفاظ 3 / 1074 - 1076، العبر 3 / 156،
دول الاسلام 1 / 253، المشتبه 1 / 66، الوافي بالوفيات 7 / 331، عيون التواريخ 12 / 138، طبقات
السبكي 4 / 47، 48، طبقات الأسنوي 1 / 231، 232، البداية والنهاية 12 / 36، النجوم
الزاهرة 4 / 280، طبقات الحفاظ 418، شذرات الذهب 3 / 228، هدية العارفين 1 / 74.
والبرقاني: نسبة إلى قرية من قرى كاث بنواحي خوارزم، خرب أكثرها، وصارت مزرعة. وهي
بفتح الباء كما ضبطها السمعاني، وقال ياقوت: وبعضهم يقول بكسرها.
(4) انظر النسخ الخطية لبعض آثاره في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 384.
(5) في الأصل: " أخو ".
464

وببغداد من أبي علي بن الصواف، ومحمد بن جعفر البندار، وأبي بحر بن
كوثر، وأحمد بن جعفر الختلي، وأبي بكر القطيعي، وأبي محمد بن
ماسي، وابن كيسان، وخلق، وبنيسابور من أبي عمرو بن حمدان، وأبي
أحمد الحاكم، وعدة. وبدمشق من أبي بكر بن أبي الحديد. وبمصر من
الحافظ عبد الغني، وعبد الرحمن بن عمر المالكي.
حدث عنه: أبو عبد الله الصوري، وأبو بكر البيهقي، وأبو بكر
الخطيب، والفقيه أبو إسحاق الشيرازي، وسليمان بن إبراهيم الحافظ،
وأبو القاسم علي بن أبي العلاء المصيصي، وأبو طاهر أحمد بن الحسن
الكرجي، وأبو الفضل بن خيرون، ويحيى بن بندار البقال، ومحمد بن عبد
السلام الأنصاري، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وعدد كثير. واستوطن
بغداد دهرا.
قال الخطيب (1): كان البرقاني ثقة ورعا ثبتا فهما، لم نر في شيوخنا
أثبت منه، عارفا بالفقه، له حظ من علم العربية، كثير الحديث، صنف
" مسندا " ضمنه ما اشتمل عليه " صحيح " البخاري ومسلم، وجمع حديث
سفيان الثوري، وأيوب، وشعبة، وعبيد الله بن عمر، وعبد الملك بن
عمير، وبيان بن بشر، ومطر الوراق، وغيرهم، ولم يقطع التصنيف إلى
حين وفاته، ومات وهو يجمع حديث مسعر، وكان حريصا على العلم،
منصرف الهمة إليه، سمعته يقول يوما لرجل من الفقهاء معروف بالصلاح:
ادع الله تعالى أن ينزع شهوة الحديث من قلبي، فإن حبه قد غلب علي،
فليس لي اهتمام إلا به.

(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 374.
465

قال أبو القاسم الأزهري: البرقاني إمام، إذا مات ذهب هذا
الشأن (1).
قال الخطيب: سمعت محمد بن يحيى الكرماني الفقيه يقول: ما
رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادة من البرقاني. وسألت الأزهري: هل
رأيت شيخا أتقن من البرقاني؟ قال: لا. وذكره أبو محمد الحسن بن محمد
الخلال، فقال: هو نسيج وحده (2).
قال الخطيب: أنا ما رأيت شيخا أثبت منه (3).
وقال أبو الوليد الباجي: البرقاني ثقة حافظ (4).
وذكره الشيخ أبو إسحاق في " طبقات الشافعية "، فقال: ولد سنة
ست وثلاثين وثلاث مئة، وسكن بغداد، وبها مات في أول رجب سنة خمس
وعشرين وأربع مئة.
ثم قال: تفقه في حداثته، وصنف في الفقه، ثم اشتغل بعلم
الحديث، فصار فيه إماما (5).
قال البرقاني: دخلت إسفرايين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم، فضاعت
الدنانير، وبقي الدرهم، فدفعته إلى خباز، فكنت آخذ منه كل يوم
رغيفين، وآخذ من بشر بن أحمد الأسفراييني جزءا فأكتبه، وأفرغه

(1) " تاريخ بغداد " 4 / 374، 375.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 375.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 374 والنص فيه: لم ير في شيوخنا أثبت منه.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1075.
(5) انظر " طبقات " الشيرازي 106، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1075.
466

بالعشي، فكتبت ثلاثين جزءا، ونفد ما عند الخباز، فسافرت (1).
قلت: كان الخبز رخيصا إلى الغاية.
قال أبو بكر الخطيب: حدثني أحمد بن غانم - وكان صالحا - قال:
نفلت البرقاني من بيته، فكان معه ثلاثة وستون سفطا وصندوقان، كل ذلك
مملوء كتبا (2).
قلت: ومن همته أنه سمع (3) من تلميذه أبي بكر الخطيب، وحدث
عنه في حياته، وقد سمعنا المصافحة له في مجلد بإسناد عال.
قال الخطيب: كنت أذاكره الأحاديث، فيكتبها عني، ويضمنها
جموعه، وسمعته يقول: كان الإمام أبو بكر الإسماعيلي يقرأ لكل واحد ممن
يحضره ورقة بلفظه، ثم يقرأ عليه، وكان يقرأ لي ورقتين، ويقول
للحاضرين: إنما أفضله عليكم لأنه فقيه (4).
قلت: قد روى عن الإسماعيلي " صحيحه ".
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن: أخبرنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا
أبو الفتح بن البطي، أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، أخبرنا أبو بكر البرقاني:
قرأت على أبي حاتم محمد بن يعقوب، أخبركم محمد بن عبد الرحمن
السامي، حدثنا خلف بن هشام، حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن
خارجة بن زيد، عن أبيه، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم كتاب يهود،

(1) " تاريخ بغداد " 4 / 375.
(2) المصدر السابق.
(3) في الأصل: " سمعه ".
(4) " تاريخ بغداد " 4 / 374 و 375.
467

فما مر بي نصف شهر حتى تعلمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والله إني لا آمن
اليهود على كتابي ". قال: فلما تعلمت كنت أكتب له إلى يهود إذا كتب
إليهم، فإذا كتبوا إليه، قرأت كتابهم له (1).
ذكره البخاري تعليقا (2)، فقال: وقال خارجة بن زيد عن أبيه، لان
ابن أبي الزناد ليس من شرطه، ومع هذا فذكره بصيغة جزم لصدق عبد
الرحمن ومعرفته بعلم أبيه.
307 - المري *
الحافظ الامام، أبو نصر، عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر بن أيوب
المري، الأذرعي (3) ثم الدمشقي، الشروطي، ابن الجبان (4).

(1) إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (3645) في العلم، والترمذي (2716) في
الاستئذان، وأحمد 5 / 186 كلهم من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد بهذا الاسناد، وصححه
الحاكم 1 / 75، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وله طريق آخر صحيح
أخرجه أحمد 5 / 182، والحاكم 3 / 422 عن جرير، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد، قال:
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحسن السريانية إنها تأتيني كتب؟ قال: قلت: لا، قال: فتعلمها،
فتعلمتها في سبعة عشر يوما. انظر " فتح الباري " 13 / 161.
(2) 13 / 161 في الاحكام: باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد، قال الحافظ:
وهذا التعليق من الأحاديث التي لم يخرجها البخاري إلا معلقة وقد وصله مطولا في كتاب التاريخ
عن إسماعيل بن أبي أويس، حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، عن خارجة بن زيد،
عن زيد.
* الاكمال 2 / 261، معجم البلدان 1 / 131، العبر 3 / 158 وتصحف فيه إلى
" المزي " بالزاي، تذكرة الحفاظ 3 / 1076 وتصحف فيه كالعبر، توضيح المشتبه: " الجبان "
1 / الورقة / 112، شذرات الذهب 3 / 229.
(3) نسبة إلى أذرعات، وهو بلد في أطراف الشام. انظر " معجم البلدان ".
(4) بالجيم، وقد تصحف في " العبر " و " شذرات الذهب " إلى " الحبان " بالحاء
المهملة.
468

حدث عن: الحسين بن أبي الزمزام (1)، وأبي عمر بن فضالة،
ومظفر بن حاجب بن أركين، والفضل المؤذن، وجمح (2)، وعدة. ولم
يرحل.
وعنه: الأهوازي، وأبو القاسم الحنائي، وأبو سعد السمان،
والكتاني، وابن أبي العلاء.
وثقة أبو بكر الحداد.
وقال الكتاني: هو أستاذنا وشيخنا، صنف كتبا كثيرة، وكان يحفظ
شيئا من علم الحديث (3).
مات في شوال سنة خمس وعشرين وأربع مئة.
308 - السهمي *
الامام الحافظ، المحدث المتقن، المصنف، أبو القاسم، حمزة
ابن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم بن محمد، القرشي السهمي،
من ذرية صاحب النبي صلى الله عليه وسلم هشام بن العاص بن وائل السهمي، محدث
جرجان.

(1) تحرف في " معجم البلدان " 1 / 131 إلى " الزمام ".
(2) هو جمح بن القاسم بن عبد الوهاب الجمحي الدمشقي، المتوفى سنة 363 ه‍، مرت
ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر " معجم البلدان " 1 / 131، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1076.
* الأنساب 7 / 202، المنتظم 8 / 87، 88، معجم البلدان 2 / 122 (جرجان)،
الكامل 9 / 445 (وفيات سنة 426)، اللباب 2 / 158، 159، تذكرة الحفاظ 3 / 1089،
العبر 3 / 161، الوافي خ 11 / 143، النجوم الزاهرة 4 / 283، طبقات الحفاظ 422، شذرات
الذهب 3 / 231، هدية العارفين 1 / 336، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 456.
469

ولد سنة نيف وأربعين وثلاثين مئة.
وأول سماعه بجرجان كان في سنة أربع وخمسين، سمع من أبيه
المحدث أبي يعقوب، وأبي بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرام،
وأبي أحمد بن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي، وخلق.
وارتحل في سنة ثمان وستين إلى أصبهان والري وبغداد والبصرة والشام
ومصر والحرمين وواسط والأهواز والكوفة.
وروى عن: أبي محمد بن ماسي، وأبي حفص الزيات، وأبي
محمد بن غلام الزهري، وأبي بكر الوراق، وعبد الوهاب الكلابي، وأبي
بكر بن عبدان الشيرازي، وأبي الحسن الدارقطني، وأبي زرعة محمد بن
يوسف الكشي، وجعفر بن حنزابة الوزير، وميمون بن حمزة العلوي،
وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو صالح
المؤذن، وعلي بن محمد الزبحي (1)، وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي،
وإبراهيم بن عثمان الجرجاني، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي،
وآخرون.
وصنف التصانيف (2)، وتكلم في العلل والرجال.

(1) بفتح الزاي، وسكون الباء الموحدة - كما في الأصل وضبطها السمعاني بالفتح،
وقال: هذه النسبة إلى الزبح، وظني أنها قرية من قرى جرجان. ثم أورد ترجمة علي بن محمد
هذا. " الأنساب " 6 / 240.
(2) وقد طبع من تصانيفه: " تاريخ جرجان " و " سؤالات في الجرح " كلاهما بمطبعة
مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد في الهند سنة 1950،. وذكر حاجي خليفة من
تصانيفه كتاب " تاريخ إستراباذ " وكتاب " الأربعين في فضائل العباس " انظر " كشف الظنون "
1 / 55، 57، 281.
470

مات سنة ثمان وعشرين وأربع مئة، وقيل: سنة سبع وعشرين.
حدث الخطيب عن رجل عنه.
309 - ابن دوست *
الشيخ الصدوق المسند، أبو عمرو، عثمان بن محمد بن يوسف بن
دوست، البغدادي العلاف.
كان والده يروي عن أبي القاسم البغوي، ومات سنة نيف وثمانين
وثلاث مئة روى عنه: ابن المهتدي بالله في مشيخته، وجماعة.
وسمع أبا عمرو ولده من أبي بكر النجاد، وعبد الله بن إسحاق
الخراساني، وعمر بن سلم الختلي، وأبي بكر محمد بن عبد الله
الشافعي، وحدث عن أبي بكر هذا بموطأ القعنبي.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان صدوقا. مات في صفر سنة ثمان
وعشرين وأربع مئة (1).
قلت: قارب التسعين.
حدث عنه: أحمد بن عبد القادر اليوسفي، وأبو الفضل بن خيرون،
وعبد الواحد بن علوان، وثابت بن بندار، وآخرون.

* تاريخ بغداد 11 / 314، الأنساب 9 / 98 (العلاف) المنتظم 8 / 92، العبر 3 / 166،
شذرات الذهب 3 / 238.
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 314.
471

310 - مهيار *
ابن مرزويه، الأديب الباهر، ذو البلاغتين، أبو الحسن الديلمي،
الفارسي.
كان مجوسيا، فأسلم (1)، فقيل: أسلم على يد الشريف الرضي فهو
شيخه في النظم وفي التشيع، فقال له ابن برهان: انتقلت بإسلامك في النار
من زاوية إلى زاوية، كنت مجوسيا، فصرت تسب الصحابة في شعرك (2).
وله ديوان، ونظمه جزل حلو، يكون ديوانه مئة كراس (3).
توفي سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.
311 - ابن بكير - * *
الامام المقرئ المجود، أبو بكر، محمد بن عمر بن بكير (4) بن ود،

* تاريخ بغداد 13 / 276، دمية القصر 1 / 303 - 309، الذخيرة في محاسن أهل
الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 549 - 560، المنتظم 8 / 94، 95، الكامل في التاريخ
9 / 456، وفيات الأعيان 5 / 359 - 363، المختصر في أخبار البشر 2 / 160، 161، العبر
3 / 167، تتمة المختصر 1 / 518، 519، الوافي خ 26 / 121 - 125، عيون التواريخ 12 /
166 / 2 - 171 / 1، البداية والنهاية 12 / 41، 42، النجوم الزاهرة 5 / 26، 27، شذرات
الذهب 3 / 242 - 243، تاج العروس 3 / 551 (مهر). وانظر كتاب: " مهيار الديلمي،
بحث ونقد وتحليل " لإسماعيل حسين.
(1) سنة أربع وتسعين وثلاث مئة كما قال ابن الأثير.
(2) انظر " الكامل " 9 / 456، و " وفيات الأعيان " 5 / 359، و " المنتظم " 8 / 94،
و " المختصر في أخبار البشر " 2 / 160، و " تتمة المختصر " 1 / 518، و " شذرات الذهب "
3 / 242، وابن برهان تقدمت ترجمته برقم (161).
(3) وقد طبع " ديوانه " في دار الكتب المصرية بالقاهرة سنة 1930 في أربع مجلدات.
* * تاريخ بغداد 3 / 39، العبر 3 / 177، غاية النهاية لابن الجزري 2 / 216، شذرات
الذهب 3 / 250.
(4) تحرف في " تاريخ بغداد " إلى " بكر " وتصحف في " الشذرات " إلى " نكير ".
472

البغدادي النجار، جار أبي القاسم بن بشران.
ولد سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
وسمع أبا بكر بن خلاد النصيبي، وأبا بحر البربهاري، وأحمد بن
جعفر الختلي، وأبا إسحاق المزكي، وطائفة.
وقرأ عليه جماعة كبار، منهم عبد السيد بن عتاب، وأبو الخطاب
ابن الجراح، وأبو البركات محمد بن عبد الله الوكيل، وثابت بن بندار
البقال، وذلك (1) لحق قراءته على البزوري (2). صاحب أحمد بن فرح (3)
المفسر.
وحدث عنه: الخطيب، وابن الطيوري، وأحمد بن بندار البقال.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقة من أهل القرآن، تلا على
إبراهيم بن أحمد البزوري. توفي في ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وأربع
مئة (4).
312 - ابن غرسية *
العلامة قاضي الجماعة، أبو المطرف، عبد الرحمن بن أحمد بن

(1) أي: ابن بكير صاحب الترجمة.
(2) وهو إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم أبو إسحاق البزوري، المتوفي سنة 361 ه‍، مترجم
في " غاية النهاية " 1 / 4.
(3) فرح بالحاء المهملة، وقد تصحف في " تاريخ بغداد " إلى فرج بالجيم، وانظر ترجمة
أحمد بن فرح في " غاية النهاية " 1 / 95، 96.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 39.
* ترتيب المدارك 4 / 736، الصلة 2 / 326 - 328، العبر 3 / 148، 149،
الديباج المذهب 1 / 475، 476، شذرات الذهب 3 / 223، شجرة النور 1 / 113.
473

سعيد بن محمد بن بشر بن غرسية، القرطبي المالكي، ابن الحصار،
ويعرف بمولى بني فطيس.
تفقه بأبي عمر الإشبيلي.
وروى عن أبيه، والامام أبي محمد الأصيلي.
وكان أحد الأذكياء المتفننين.
قال ابن حيان: لم يكن في وقته مثله، وبه تفقه محمد بن عتاب،
وكان ابن عتاب يفخر بذلك (1).
قلت: ولاه متولي قرطبة علي بن حمود الحسني القضاء، سنة سبع
وأربع مئة، فأحسن السيرة، ثم ولي للقاسم بن حمود القضاء مع الخطابة،
ثم عزله المعتمد لأمور سنة تسع عشرة (2).
ابن بشكوال (3): حدثنا ابن عتاب، عن أبيه قال: كنت أرى القاضي
ابن بشر في المنام في هيئته، فأسلم عليه، وأدري أنه ميت، فيقول: صرت
إلى خير ويسر بعد شدة (4). فكنت أقول له في فضل العلم، فيقول: ليس
هذا العلم، ليس هذا العلم - يشير إلى المسائل، ويذهب إلى أن الذي نفعه
علم القرآن والحديث.
وقال ابن حزم: ما لقيت أشد إنصافا في المناظرة من ابن بشر، ولقد
كان من أعلم من لقيته بمذهب مالك مع قوته في علم اللغة والنحو، ودقة
فهمه.

(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 736.
(2) انظر " الصلة " 2 / 326، 327، و " ترتيب المدارك " 4 / 736.
(3) في " الصلة " 2 / 327.
(4) في " الصلة ": " ويشير بيده بعد شدة " وهو تحريف.
474

قال ابن عتاب: كان لا يفتح على نفسه باب رواية، وصحبته عشرين
سنة، وذهب في أول أمره إلى التكلم على " الموطأ " فقرأته عليه في
أربعة أنفس، فلما عرف ذلك، أتاه جماعة ليسمعوا، فامتنع، وكنا نجتمع
عنده مع شيوخ الفتوى، فيشاور في المسألة، فيخالفونه، فلا يزال يحاجهم
ويستظهر عليهم حتى يقولوا بقوله (1).
توفي ابن بشر هذا في نصف شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة وله
ثمان وخمسون سنة رحمة الله، ولم يجئ بعده قاض مثله.
313 - المرزوقي *
إمام النحو، أبو علي، أحمد بن محمد بن الحسن، المرزوقي
الأصبهاني، أحد أئمة اللسان.
حدث عن: عبد الله بن جعفر بن فارس.
وتصدر، وأخذ الناس عنه، ورحلوا إليه.
وله " شرح الحماسة " (2) في غاية الحسن، و " شرح الفصيح "، وغير
ذلك (3).

(1) " الصلة " 2 / 327.
* معجم الأدباء 5 / 34، 35، إنباه الرواة 1 / 106، الذريعة 1 / 53، تلخيص ابن
مكتوم 18، الوافي بالوفيات 8 / 5، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 239، بغية الوعاة 1 / 365،
سلم الوصول 123، كشف الظنون 2 / 1273، روضات الجنات 67، 68، إيضاح المكنون
1 / 191، هدية العارفين 1 / 73، 74، أعيان الشيعة 9 / 351 - 353.
(2) سماه " شرح الاختيار المنسوب إلى أبي تمام الطائي المعروف بكتاب الحماسة " وقد
طبع بتحقيق الأستاذين أحمد أمين وعبد السلام هارون في القاهرة سنة 1951، وأعيد تصويره سنة
1967.
(3) انظر بقية تصانيفه في " معجم الأدباء " 5 / 35، و " بغية الوعاة " 1 / 365، و
" الوافي " 8 / 5، و " هدية العارفين " 1 / 74، ومقدمة شرح الحماسة 1 / 20، وانظر النسخ
الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ " بروكلمان 5 / 368.
475

روى عنه: سعيد بن محمد البقال، وأبو الفتح محمد بن عبد الواحد
الزجاج، شيخ السلفي. تخرج به أئمة.
توفي في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربع مئة. قارب تسعين
سنة.
314 - ابن نظيف *
الشيخ العالم المسند المعمر، أبو عبد الله، محمد بن الفضل بن
نظيف، المصري الفراء، أخو الشيخ أحمد بن الفضل.
ولد سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة، في صفر.
وسمع من أبي الفوارس أحمد بن محمد بن السندي الصابوني،
والعباس بن محمد بن نصر الرافقي (1)، وأحمد بن الحسن بن إسحاق بن
عتبة الرازي، وأحمد بن محمد بن أبي الموت المكي، وأبي بكر أحمد بن
إبراهيم بن عطية الحداد، وأحمد بن محمود الشمعي، وعبد الله بن جعفر
ابن الورد، ومحمد بن عمر بن مسرور الحطاب، وعدة.
وتفرد في الدنيا بعلو الاسناد.
حدث عنه: أبو جعفر أحمد بن محمد كاكو، شيخ لوجيه الشحامي،
وأبو القاسم سعد بن علي الزنجاني، وأبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري،

* العبر 3 / 175، 176، الوافي بالوفيات 4 / 323، حسن المحاضرة 1 / 373،
النجوم الزاهرة 5 / 31، شذرات الذهب 3 / 249.
(1) نسبة إلى الرافقة، وهي بلدة كبيرة على الفرات سميت فيما بعد: الرقة. " الأنساب "
6 / 49. وقد تحرفت في " شذرات الذهب " إلى " الرافعي " بالعين المهملة.
476

وأبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي، والرئيس أبو عبد الله الثقفي،
والقاضي أبو الحسن الخلعي، وآخرون.
ووقع لي جزآن من حديثه.
قال أبو إسحاق الحبال: كان أبو عبد الله بن نظيف يصلي بالناس في
مسجد عبد الله سبعين سنة، وكان شافعيا يقنت، فأم بعده رجل مالكي،
وجاء الناس على عادتهم، فلم يقنت، فتركوه وانصرفوا، وقالوا: لا يحسن
يصلي. مات في ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين (1) وأربع مئة وقد نيف على
التسعين، رحمه الله.
315 - المنقي *
الامام الواعظ، أبو بكر، أحمد بن طلحة بن أحمد بن هارون،
البغدادي المنقي - يعني المغربل.
سمع أبا جعفر بن بريه (2)، وعبد الصمد الطستي، وأبا بكر النجاد.
وعنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الحطاب بن البطر، وجماعة.
قال الخطيب (3): كان ثقة مستورا، مات في ذي الحجة سنة عشرين
وأربع مئة، رحمه الله.

(1) في " الوافي ": اثنتين وثلاثين.
* تاريخ بغداد 4 / 212، العبر 3 / 136، شذرات الذهب 3 / 214.
(2) تحرف في " تاريخ بغداد " إلى " بويه " بالواو، وهو عبد الله بن إسماعيل الهاشمي بن
بريه المتوفى سنة 350 ه‍، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(3) في " تاريخه " 4 / 212.
477

316 - ابن عبدكويه *
الشيخ الامام المحدث الرحال الثقة، أبو الحسن، علي بن يحيى بن
جعفر بن عبدكويه، الأصبهاني.
مولده سنة بضع وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع من: أبي إسحاق بن حمزة، وعبد الله بن الحسن بن بندار،
وأبي القاسم الطبراني، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي، وعبد الله بن
محمد بن إبراهيم الفابجاني، وأحمد بن بندار الشعار، ومحمد بن القاسم
ابن سياه، وفاروق بن عبد الكبير الخطابي، ومحمد بن معمر بن ناصح،
ومحمد بن إسحاق بن عباد، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي،
وأحمد بن القاسم بن الريان اللكي، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف بن
أفرجه، وعلي بن الفضل بن شهريار، وأحمد بن عمران الأشناني،
بصري، وأحمد بن محمود بن خرزاذ، وإبراهيم بن محمد الديبلي بمكة،
ومحمد بن أحمد بن المنذر المديني، وأحمد بن سهل العسكري، ومحمد
ابن إسحاق بن أيوب بن كوشيذ.
وأملى مجالس كثيرة، وقع لي منها ثلاثة وأربعة ومجلسان (1).
حدث عنه: أبو العلاء أحمد بن محمد بن قولون، وأبو العلاء محمد
ابن عبد الجبار الفرساني، وأبو طاهر محمد بن عبد الله بن مهران اللباد،
وعلي بن محمد بن علي بن فورجه الفراش، وأسماء بنت أحمد بن عبد الله
ابن مهران، وهم من شيوخ السلفي.

* العبر 3 / 150، شذرات الذهب 3 / 225.
(1) انظر " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 382.
478

توفي في المحرم سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة.
وممن روى عنه: أبو مطيع محمد بن عبد الواحد الصحاف.
أخبرنا أبو الربيع سليمان بن قدامة وأخوه داود، وعيسى بن أبي
محمد، وأحمد بن عبد الرحمن سنة سبع مئة، ومحمد بن علي بن أحمد،
ومحمد بن حمزة، وهدية بنت علي قالوا: أخبرنا جعفر بن علي، وأخبرنا
أحمد بن محمد الصواف، وابن مؤمن قالا: أخبرنا علي بن محمد قالا:
أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا محمد بن عبد الجبار بأصبهان،
حدثنا علي بن عبدكويه سنة عشرين وأربع مئة، حدثنا عمر بن أحمد بن علي
البغدادي بالبصرة سنة 357، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا علي بن
عاصم، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أحب الله عبدا، دعا جبريل، فقال: يا جبريل: إني أحب فلانا،
فأحبه. فيحبه جبريل، وينادي في السماء: إن الله قد أحب فلانا فأحبوه.
فيحبه أهل السماء، ثم يجعل له القبول في الأرض "... الحديث (1).
وذكر في البغض نحو ذلك.
317 - طلحة بن علي *
ابن الصقر، الشيخ الثقة، الخير الصالح، بقية السلف، أبو

(1) وأخرجه مالك 2 / 953 من طريق سهيل بن أبي صالح بهذا الاسناد، وأخرجه مسلم
(2637) في البر والصلة، والترمذي (3161) من طرق عن سهيل به، وأخرجه البخاري
(3209) في بدء الخلق، و (6040) في الأدب من طريقين عن ابن جريج، أخبرني موسى بن
عقبة، عن نافع مولى ابن عمر، عن أبي هريرة، وأخرجه أيضا (7485) في التوحيد من طريق
إسحاق بن منصور، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عبد الوهاب بن عبد الله بن دينار، عن
أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وفي الباب عن ثوبان وأبي أمامة عند أحمد 5 / 273 و
279.
* تاريخ بغداد 9 / 252، 353، الأنساب 10 / 354 (الكتاني)، المنتظم 8 / 61،
العبر 3 / 148، شذرات الذهب 3 / 223.
479

القاسم، البغدادي الكتاني.
ولد سنة ست وثلاثين وثلاث مئة.
وسمع من: أحمد بن عثمان الادمي، وأبي بكر النجاد، ودعلج،
والشافعي، وأبي علي بن الصواف، وأبي سليمان الحراني، وأحمد بن
ثابت الواسطي، وعدة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وقال: كان ثقة صالحا (1). وأبو بكر
البيهقي، وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم المصيصي، وأبو القاسم بن
بيان الرزاز، وأبو الفضل بن خيرون، وآخرون.
مات في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة، عن ست وثمانين
سنة.
أخبرنا أحمد بن عبد الحميد، أخبرنا محمد بن السيد بالمزة، أخبرنا
القاضي محمد بن يحيى القرشي سنة ست وثلاثين وخمس مئة، أخبرنا أبو
القاسم علي بن محمد الفقيه، أخبرنا طلحة بن علي، أخبرنا أبو الطيب
أحمد بن ثابت، حدثنا محمد بن مسلمة، حدثنا موسى الطويل، حدثنا
أنس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الجوربين عليهما النعلان.
هذا حديث تساعي لنا، لكن موسى ليس بثقة (2)، زعم أنه من موالي

(1) " تاريخ بغداد " 9 / 353.
(2) قال المؤلف في " الميزان " 4 / 209: قال ابن حبان: روى عن أنس أشياء
موضوعة، وقال ابن عدي: روى عن أنس مناكير، وهو مجهول، وأورد هذا الحديث في جملة ما
أورد من مناكيره. وفي مشروعية المسح على الجوربين أحاديث ثابتة من حديث المغيرة بن شعبة
عند أحمد 4 / 252 وأبي داود (159) والترمذي (99) والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 1 /
97، وابن ماجة (559) والبيهقي 1 / 283، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن
خزيمة (198) وابن حبان (176)، ومنها حديث ثوبان عند أحمد 5 / 277 وأبي داود (146)
وصححه الحاكم 1 / 199، ووافقه الذهبي، ومنها حديث أبي موسى الأشعري عند ابن ماجة
(560) وروى الدولابي في الكنى والأسماء 1 / 181 من طريق أحمد بن شعيب النسائي، عن
عمرو بن علي الفلاس، عن سهل بن زياد الطحان، عن الأزرق بن قيس قال: رأيت أنس بن
مالك أحدث، فغسل وجهه ويديه، ومسح على جوربين من صوف، فقلت: أتمسح عليهما؟
فقال: إنهما خفان ولكن من صوف.
480

أنس بن مالك، وزعم أنه رأى أم المؤمنين عائشة بالبصرة.
318 - يحيى بن عمار *
ابن يحيى بن عمار بن العنبس، الامام المحدث الواعظ، شيخ
سجستان، أبو زكريا، الشيباني النيهي السجستاني، نزيل هراة.
حدث عن: حامد بن محمد الرفاء، وعبد الله بن عدي بن حمدويه
الصابوني، وأخيه محمد بن عدي، ومحمد بن إبراهيم بن جناح، وعدة.
حدث عنه: أبو نصر الطبسي (1)، وأبو محمد عبد الواحد الهروي،
وشيخ الاسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد، وآخرون.
وكان متحرقا على المبتدعة والجهمية بحيث يؤول به ذلك إلى تجاوز
طريقة السلف، وقد جعل الله لكل شئ قدرا، إلا أنه كان له جلالة عجيبة
بهراة وأتباع وأنصار.
وقد روى أيضا عن والده عمار.
وكان فصيحا مفوها، حسن الموعظة، رأسا في التفسير، أكمل

* العبر 3 / 151، شذرات الذهب 3 / 226.
(1) نسبة إلى طبس، وهي بلدة في برية بين نيسابور وأصبهان وكرمان، فتحت في زمن
عمر، ولم يفتح زمانه من خراسان سواها. " الأنساب " 8 / 209.
481

التفسير على المنبر في سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة، ثم افتتح ختمة أخرى
فمات وهو يفسر في سورة القيامة، وعاش تسعين سنة.
قال السلفي في " معجم " بغداد: قال أبو إسماعيل الأنصاري: كان
يحيى بن عمار ملكا في زي عالم، كان له محب متمول يحمل إليه كل عام
ألف دينار هروية، فلما مات يحيى، وجدوا له أربعين بدرة لم يفك ختمها.
وقال أبو إسماعيل: سمعت يحيى بن عمار يقول: العلوم خمسة،
علم هو حياة الدين وهو علم التوحيد، وعلم هو قوت الدين وهو العظة
والذكر، وعلم هو دواء الدين وهو الفقه، وعلم هو داء الدين وهو أخبار ما
وقع بين السلف، وعلم هو هلاك الدين وهو الكلام.
قلت: وعلم الأوائل.
وكان يحيى بن عمار من كبار المذكرين، لكن ما أقبح بالعالم الداعي
إلى الله الحرص وجمع المال! وكان قد تحول من سجستان عند جور
الولاة، فعظم بهراة جدا، وتغالوا فيه، وتخرج به أبو إسماعيل الأنصاري،
وخلفه من بعده.
أخبرنا الحسن بن علي: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول
ابن عيسى، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن محمد الفقيه إملاء،
أخبرنا دعلج، (ح) وبالاسناد إلى عبد الله قال: وحدثنا يحيى بن عمار
إملاء، أخبرنا حامد بن محمد قالا: حدثنا أبو مسلم، حدثنا أبو عاصم،
عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن
عرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة
ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله! كأن
482

هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال: " أوصيكم بتقوى الله عز وجل،
والسمع والطاعة "... وذكر الحديث (1).
هذا حديث عال، صالح الاسناد.
توفي يحيى بن عمار بهراة، في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وأربع
مئة، وصلى عليه الامام عمر بن إبراهيم الزاهد (2)، وكانت جنازته مشهودة.
ورثاه جمال الاسلام الداوودي، فقال:
وسائل ما دهاك اليوم؟ قلت له * أنكرت حالي وأنى وقت إنكار
أما ترى الأرض من أقطارها نقصت * وصار أقطارها تبكي لأقطار
لموت أفضل أهل العصر قاطبة * عمار دين الهدى يحيى بن عمار
319 - السلطان *
الملك يمين الدولة، فاتح الهند، أبو القاسم، محمود بن سيد الامراء

(1) إسناده صحيح، وأخرجه الدارمي 1 / 44، 45، من طريق أبي عاصم النبيل الضحاك
ابن مخلد بهذا الاسناد، وصححه الحاكم 1 / 95، ووافقه الذهبي، وأخرجه أحمد 4 / 126،
127، وأبو داود (4607) وابن أبي عاصم في السنة (32) و (57) من طريق الوليد بن مسلم
حدثنا ثور بن يزيد به، وصححه ابن حبان (1021) وأخرجه الترمذي (2676) وابن أبي
عاصم (27) من طريق بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان به، وأخرجه
ابن ماجة (42) وابن أبي عاصم (55) من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء،
حدثني يحيى بن أبي المطاع، سمعت العرباض بن سارية...
(2) وقد تقدمت ترجمته برقم (301).
* المنتظم 8 / 52 - 54، الكامل في التاريخ 9 / 139، 401، وفيات الأعيان 5 / 175 -
182، المختصر في أخبار البشر 2 / 134 و 157، دول الاسلام 1 / 251، العبر 3 / 145،
تتمة المختصر 1 / 511، 512، طبقات السبكي 5 / 314 - 327، البداية والنهاية 12 / 29 -
31، الجواهر المضية 2 / 157، 158، تاريخ ابن خلدون 4 / 357، 358، 363، 364،
369، 378، النجوم الزاهرة 4 / 373، 374، كشف الظنون 426، شذرات الذهب 3 /
220، 221، هدية العارفين 2 / 401، نزهة الخواطر لعبد الحي الحسني 1 / 69 - 74.
483

ناصر الدولة سبكتكين، التركي، صاحب خراسان والهند وغير ذلك.
كان والده أبو منصور (1) قد قدم بخارى في أيام نوح بن منصور، في
صحبة ابن السكين (2) متوليا على غزنة، فعرف بالشهامة والاقدام والسمو،
فلما سار ابن السكين متوليا على غزنة، ذهب في خدمته أبو منصور، فلم
يلبث ابن السكين أن مات، واحتاج الناس إلى أمير، فأمروا عليهم أبا
منصور، فتمكن وعظم، وأخذ يغير على أطراف الهند، وافتتح قلاعا،
وتمت له ملاحم مع الهنود، وافتتح ناحية بست، واتصل بخدمته أبو الفتح
البستي الكاتب (3) وقرب منه، وكان كراميا (4).
قال جعفر المستغفري (5): كان أبو القاسم عبد الله بن عبد الله بن
الحسين النضري قاضي مرو ونسف صلب المذهب، فدخل صاحب غزنة
سبكتكين بلخ، ودعا إلى مناظرة الكرامية، وكان النضري يومئذ قاضيا
ببلخ، فقال سبكتكين: ما تقولون في هؤلاء الزهاد الأولياء؟ فقال
النضري: هؤلاء عندنا كفرة. قال: ما تقولون في؟ قال: إن كنت تعتقد
مذهبهم، فقولنا فيك كذلك. فوثب، وجعل يضربهم بالدبوس حتى

(1) مرت ترجمة الملك أبي منصور والد السلطان محمود في الجزء السادس عشر.
(2) كذا في الأصل، وجاء في " الكامل " 8 / 683، و " وفيات الأعيان " 5 / 175: ابن
البتكين، وأثبت محققا " طبقات " السبكي 5 / 316: ابن البتكين نقلا عن كتاب " اليميني "
وأوردا قول شارح الكتاب أحمد المنيني: هو بهمز، بعدها لام، فباء موحدة ساكنة، بعدها تاء
مثناة فوقية، ثم كاف مكسورة، ثم ياء بعدها نون ساكنة، من أعلام الترك.
(3) تقدمت ترجمته برقم (89).
(4) انظر " الكامل " 8 / 683 - 687، و " وفيات الأعيان " 5 / 175، 176، و
" تاريخ " ابن خلدون 4 / 360، 361، و " طبقات " السبكي 5 / 316، و " المختصر في
أخبار البشر " 2 / 117.
(5) سترد ترجمته برقم (372).
484

أدماهم، وشج النضري، وقيدهم وسجنهم، ثم أطلقهم خوف الملامة،
ثم تمرض ببلخ، وسار إلى غزنة، فمات سنة سبع وثمانين وثلاث مئة،
وعهد بالامرة إلى ابنه إسماعيل، وكان محمود ببلخ، وكان أخوهما نصر على
بست، وكان في إسماعيل خلة (1)، فطمع فيه جنده، وشغبوا، فأنفق فيهم
خزائن، فدعا محمود عمه، فاتفقا، وأتاهما نصر، فقصدوا غزنة،
وحاصروها، وعمل هو وأخوه مصافا مهولا، وقتل خلق، فانهزم إسماعيل،
ثم آمن إسماعيل، وحبسه معززا مرفها، ثم حارب محمود النواب
السامانية، وخافته الملوك. واستولى على إقليم خراسان، ونفذ إليه القادر
بالله خلع السلطنة، ففرض على نفسه كل سنة غز والهند، فافتتح بلادا
شاسعة، وكسر الصنم سومنات، الذي كان يعتقد كفرة الهند أنه يحيي
ويميت ويحجونه، ويقربون له النفائس، بحيث إن الوقوف عليه بلغت عشرة
آلاف قرية، وامتلأت خزائنه من صنوف الأموال، وفي خدمته من البراهمة
ألفا نفس، ومئة جوقة مغاني رجال ونساء، فكان بين بلاد الاسلام وبين قلعة
هذا الصنم مفازة نحو شهر، فسار السلطان في ثلاثين ألفا، فيسر الله فتح
القلعة في ثلاثة أيام، واستولى محمود على أموال لا تحصى، وقيل: كان
حجرا شديد الصلابة طوله خمسة أذرع، منزل منه في الأساس نحو ذراعين،
فأحرقه السلطان، وأخذ منه قطعة بناها في عتبة باب جامع غزنة، ووجدوا
في أذن الصنم نيفا وثلاثين حلقة، كل حلقة يزعمون أنها عبادته ألف
سنة (2).

(1) قال ابن خلكان: وكان فيه لين ورخاوة. وقال السبكي: وكان إسماعيل جبانا.
(2) انظر " الكامل " 9 / 130، 131 و 139 و 146 و 148 و 206، 207 و 244 و
342 - 346، و " طبقات " السبكي 5 / 317، 318، و " وفيات الأعيان " 5 / 176 - 179، و
" المنتظم " 8 / 52، 53، و " النجوم الزاهرة " 4 / 266 وانظر فيه الحاشية التي كتبها محققه.
485

وكان السلطان مائلا إلى الأثر إلا أنه من الكرامية.
قال أبو النضر الفامي: لما قدم التاهرتي الداعي من مصر على
السلطان يدعوه سرا إلى مذهب الباطنية، وكان التاهرتي يركب بغلا يتلون كل
ساعة من كل لون، ففهم السلطان سر دعوتهم، فغضب، وقتل التاهرتي
الخبيث، وأهدى بغله إلى القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزدي (1)،
شيخ هراة، وقال: كان يركبه رأس الملحدين، فليركبه رأس
الموحدين (2).
وذكر إمام الحرمين أن محمود بن سبكتكين كان حنفيا يحب الحديث،
فوجد كثيرا منه يخالف مذهبه، فجمع الفقهاء بمرو، وأمر بالبحث في أيما
أقوى مذهب أبي حنيفة أو الشافعي. قال: فوقع الاتفاق على أن يصلوا
ركعتين بين يديه على المذهبين. فصلى أبو بكر القفال (3) بوضوء مسبغ
وسترة وطهارة وقبلة وتمام أركان لا يجوز الشافعي دونها، ثم صلى صلاة
على ما يجوزه أبو حنيفة، فلبس جلد كلب مدبوغا قد لطخ ربعه بنجاسة،
وتوضأ بنبيذ، فاجتمع عليه الذبان، وكان وضوءا منكسا، ثم كبر بالفارسية،
وقرأ بالفارسية،: دوبركك سبز (4). ونقر ولم يطمئن ولا رفع من الركوع،
وتشهد، وضرط بلا سلام. فقال له: إن لم تكن هذه الصلاة
يجيزها الامام، قتلتك. فأنكرت الحنفية الصلاة، فأمر القفال بإحضار

(1) وقد تقدمت ترجمته برقم (166).
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 319، 320.
(3) تقدمت ترجمته برقم (267).
(4) والمعنى: ورقتان خضراوان، وهو معنى قوله تعالى في سورة الرحمن:
(مدهامتان) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 182، و " المعجم الذهبي " فارسي عربي.
486

كتبهم، فوجد كذلك، فتحول محمود شافعيا. هكذا ذكره الإمام أبو
المعالي بأطول من هذا (1).
قال عبد الغافر الفارسي في ترجمة محمود: كان صادق النية في إعلاء
الدين، مظفرا كثير الغزو، وكان ذكيا بعيد الغور، صائب الرأي، وكان
مجلسه مورد العلماء. وقبره بغزنة يزار.
قال أبو علي بن البناء: حكى علي بن الحسين العكبري أنه سمع أبا
مسعود أحمد بن محمد البجلي قال: دخل ابن فورك على السلطان محمود،
فقال: لا يجوز أن يوصف الله بالفوقية لان لازم ذلك وصفه بالتحتية، فمن
جاز أن يكون له فوق، جاز أن يكون له تحت. فقال السلطان: ما أنا وصفته
حتى يلزمني، بل هو وصف نفسه. فبهت ابن فورك، فلما خرج من عنده
مات. فيقال: انشقت مرارته.
قال عبد الغافر: قد صنف في أيام محمود وأحواله لحظة لحظة، وكان
في الخير ومصالح الرعية يسر له الأسئار (2) والجنود والهيبة والحشمة مما لم
يره أحد.
وقال أبو النضر محمد بن عبد الجبار العتبي في كتاب " اليميني " (3) في

(1) في " مغيث الخلق في اختيار الأحق "، ونقله عنه ابن خلكان في " وفيات الأعيان "
5 / 180، 181. وهذه الحكاية التي يغلب على الظن أنها ملفقة مفتراة تنبئ عن ذميم التعصب
الذي يفعل أفاعيله في النفوس، فيحملها على الكراهية، وعرض رأي المخالف عرضا مشوها
مبتورا، والاغضاء عن فضائله الكثيرة، ومحاسنه الجمة، وكان على إمام الحرمين أن يسلك مع
مخالفيه سبيل أهل العلم والعرفان، ويناقشهم بالحجة والبرهان، ويصون كتابه عن مثل هذا الهراء
والهذيان.
(2) الأسئار: القوة. " لسان العرب ".
(3) سماه " اليميني " نسبة إلى يمين الدولة، وهو لقب السلطان محمود.
487

سيرة هذا الملك: قيل فيه:
تعالى الله ما شاء * وزاد الله إيماني
أأفريدون في التاج * أم الإسكندر الثاني
أم الرجعة قد عادت * إلينا بسليمان
أظلت شمس محمود * على أنجم سامان
وأمسى آل بهرام * عبيدا لابن خاقان
فمن واسطة الهند * إلى ساحة جرجان
ومن قاصية السند * إلى أقصى خراسان
فيوما رسل الشاه * ويوما رسل الخان
مولد محمود في سنة إحدى وستين وثلاث مئة.
ومات بغزنة في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وأربع مئة.
وتسلطن بعده ابنه محمد مديدة، وقبض عليه أخوه مسعود، وتمكن،
وحارب السلجوقية مرات إلى أن قتل في سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة، ثم قام
ابنه (1).
وكانت غزوات السلطان محمود مشهورة عديدة وفتوحاته المبتكرة
عظيمة.
قرأت بخط الوزير جمال الدين بن علي القفطي في سيرته: قال كاتبه
الوزير ابن الميمندي: جاءنا رسول الملك بيدا على سرير كالنعش، بأربع
قوائم يحمله أربعة. وكان السلطان يعظم أمر الرسل لما يفعله أصحابهم

(1) سيذكر المؤلف تفصيل ذلك في ترجمة السلطان مسعود بن السلطان محمود والتي سترد
عقب هذه الترجمة مباشرة.
488

برسله. قال: فحمل على حالته حتى صار بين يديه، فقال له الهندي: أي
رجل أنت؟ قال: أدعو إلى الله، وأجاهد من يخالف دين الاسلام. قال:
فما تريد منا؟ قال: أن تتركوا عبادة الأصنام، وتلتزموا شروط الدين،
وتأكلوا لحم البقر. وتردد بينهما الكلام، حتى خوفه محمود وهدده، وقال
الحاجب للهندي: أتدري لمن تخاطب؟ وبين يدي أي سلطان أنت؟.
فقال الهندي: إن كان يدعو إلى الله كما يزعم، فليس هذا من شروط ذلك،
وإن كان سلطانا قاهرا لا ينصف، فهذا أمر آخر. فقال الوزير: دعوه. ثم ورد الخبر بتشويش خراسان، وضاق على صاحب الهند الامر، ورأى أن
بلاده تخرب، فنفذ رسولا آخر، وتلطف، وقال: إن مفارقة ديننا لا سبيل
إليه، وليس هنا مال نصالحك عليه، ولكن نجعل بيننا هدنة، ونكون تحت
طاعتك. قال: أريد ألف فيل وألف منا (1) ذهبا. قال: هذا لا قدرة لنا
عليه. ثم تقرر بينهما تسليم خمس مئة فيل وثلاثة آلاف من فضة، واقترح
محمود على الملك بيدا أن يلبس خلعته، ويشد السيف والمنطقة (2)،
ويضرب السكة باسمه. فأجاب، لكنه استعفى من السكة، فكانت الخلعة
قباء نسج بالذهب، وعمامة قصب، وسيفا محلى، وفرسا وخفا، وخاتما
عليه اسمه، وقال لرسوله: امض حتى يلبس ذلك، وينزل إلى الأرض،
ويقطع خاتمه وأصبعه، ويسلمها إليك، فذلك علامة التوثقة. قال: وكان
عند محمود شئ كثير من أصابع الملوك الذين هادنهم.
قال ابن الميمندي الوزير: فذهبت في عشرة مماليك أتراك، وجئنا

(1) المنا، بفتح الميم مقصور يكتب بالألف: ميزان يوزن به، والمكيال الذي يكيلون به
السمن وغيره، وقد يكون من الحديد أوزانا، وتثنيته: منوان ومنيان. والأول أعلى.
(2) المنطقة: كل ما شد في الوسط.
489

وصحنا: رسول رسول. فكفوا عن الرمي، فأدخلنا على الملك، وهو شاب
مليح الوجه على سرير فضة، فخدمته بأن صفقت بيدي، وانحنيت عليهما،
وقلت: جو. فكان جوابه: باه. وأجلسني، وقربني، وأخذ يشكو ما لحق
البلاد من الخراب، ثم لبس الخلعة بعد تمنع، وتعمم له تركي، وطالبته
بالحلف، قال: نحلف بالأصنام والنار، وأنتم لا تقنعون بذلك. قلت:
لابد وأحجمت عن ذكر الإصبع، فأخرج حديدة قطع بها أصبعه الصغرى
ولم يكترث، وعمل على يده كافورا، ودفعت إلي وقال: قل لصاحبك:
اكفف عن أذى الرعية. فرجع السلطان إلى خراسان، ونفذ إليه ابن مروان
صاحب ديار بكر هدية، فردها وقال: لم أردها استقلالا، ولكن علمت أن
قصدك المخالطة والمصادقة، ويقبح بي أن أصادق من لا أقدر أن أنصره،
وربما طرقك عدو وأنا على ألف فرسخ منك، فلا أتمكن من نصرتك.
ثم بلغ السلطان أن الهنود قالوا: أخرب أكثر بلاد الهند غضب الصنم
الكبير سومنات على سائر الأصنام ومن حولها، فعزم على غزو هذا الوثن،
وسار يطوي القفار في جيشه إليه، وكانوا يقولون: إنه يرزق ويحيي ويميت
ويسمع ويعي، يحجون إليه، ويتحفونه بالنفائس، ويتغالون فيه كثيرا،
فتجمع عند هذا الصنم مال يتجاوز الوصف، وكانوا يغسلونه كل يوم بماء
وعسل ولبن، وينقلون إليه الماء من نهر حيل مسيرة شهر، وثلاث مئة
يحلقون رؤوس حجاجه ولحاهم، وثلاث مئة يغنون. فسار الجيش من
غزنة، وقطعوا مفازة صعبة، وكانوا ثلاثين ألف فارس وخلقا من الرجالة
والمطوعة، وقوى المطوعة بخمسين ألف دينار، وأنفق في الجيش فوق
الكفاية، وارتحل من المليا ثاني يوم الفطر سنة 416، وقاسوا مشاق، وبقوا
لا يجدون الماء إلا بعد ثلاث، غطاهم في يوم ضباب عظيم، فقالت
490

الكفرة: هذا من فعل الاله سومنات. ثم نازل مدينة أنهلوارة، وهرب منها
ملكها إلى جزيرة، فأخرب المسلمون بلده، ودكوها، وبينها وبين الصنم
مسيرة شهر في مفاوز، فساروا حتى نازلوا مدينة دبولوارة، وهي قبل الصنم
بيومين، فأخذت عنوة، وكسرت أصنامها، وهي كثيرة الفواكه، ثم نازلوا
سومنات في رابع عشر ذي القعدة، ولها قلعة منيعة على البحر، فوقع
الحصار، فنصبت السلالم عليها، فهرب المقاتلة إلى الصنم، وتضرعوا
له، واشتد الحال وهم يظنون أن الصنم قد غضب عليهم، وكان في بيت
عظيم منيع، على أبوابه الستور الديباج، وعلى الصنم من الحلي والجواهر
ما لا يوصف، والقناديل تضئ ليلا ونهارا، على رأسه تاج لا يقوم، يندهش
منه الناظر، ويجتمع عنده في عيدهم نحو مئة ألف كافر، وهو على عرش
بديع الزخرفة، علو خمسة أذرع، وطول الصنم عشرة أذرع، وله بيت مال
فيه من النفائس والذهب ما لا يحصى، ففرق محمود في الجند معظم
ذلك، وزعزع الصنم بالمعاول، فخر صريعا، وكانت فرقة تعتقد أنه
منات، وأنه تحول بنفسه في أيام النبوة من ساحل جدة، وحصل بهذا المكان
ليقصد ويحج معارضة للكعبة. فلما رآه الكفار صريعا مهينا، تحسروا،
وسقط في أيديهم، ثم أحرق حتى صار كلسا، وألقيت النيران في قصور
القلعة، وقتل بها خمسون ألفا، ثم سار محمود لأسر الملك بهيم، ودخلوا
بالمراكب، فهرب، وافتتح محمود عدة حصون ومدائن، وعاد إلى غزنة،
فدخلها في ثامن صفر سنة سبع عشرة، ودانت له الملوك، فكانت مدة الغيبة
مئة وثلاثة وستين يوما (1).

(1) انظر " الكامل " 9 / 342 - 346، و " المنتظم " 8 / 29، 30، و " البداية والنهاية "
12 / 22، 23، و " المختصر في أخبار البشر " 2 / 155، و " تتمة المختصر " 1 / 508، و
" طبقات " السبكي 5 / 317 - 319.
491

وفي سنة ثمان عشرة سار إلى بلخ، وجهز جيشه إلى ما وراء النهر في
نصرة الخانية، وكان علي بن تكين (1) قد أغار على بخارى، فضاق قدرخان
به ذرعا، واستنجد محمودا، ففر ابن تكين، ودخل البرية. ثم حارب
محمود الغز، وقبض على ابن سلجوق مقدمهم، فثارت الغز، وأفسدوا،
وتفرغوا للأذى، وتعبت بهم الرعية، واستحكم الشر، وأقام محمود
بنيسابور مدة، ثم في عشرين قصد الري، وأخذها، وقبض على ملكها
مجد الدولة بن بويه، وكان ضعيف التدبير، فضرب حتى حمل ألف ألف
دينار، وصلب محمود أمراء من الديلم، وجرت قبائح وظلم (2). ثم جهز
محمود ولده مسعودا، فاستولى على أصبهان، ثم رجع السلطان إلى غزنة
عليلا، فمات في ربيع الأول سنة إحدى، وأمسى وقد فارقته الجنود،
وتنكست لحزنه البنود، وناح عليه الوالد والمولود، وسكن ظلمة اللحود.
وقد خطب له بالغور وبخراسان والسند والهند، وناحية خوارزم وبلخ،
وهي من خراسان، وبجرجان وطبرستان والري والجبال، وأصبهان
وأذربيجان، وهمدان وأرمينية.
وكان مكرما لأمرائه وأصحابه، وإذا نقم عاجل، وكان لا يفتر
ولا يكاد يقر. سار مرة في خمسين ألف فارس، وفي مئتي فيل،
وأربعين ألف جمازة (3) تحمل ثقل العساكر، وكان يعتقد في الخليفة،
ويخضع لجلاله، ويحمل إليه قناطير من الذهب، وكان إلبا على
القرامطة والإسماعيلية وعلى المتكلمين، على بدعة فيه فيما قيل، ويغضب

(1) في (الكامل ": علي تكين دون لفظ " ابن ".
(2) انظر " الكامل " 9 / 475 - 477.
(3) الجمازة: ناقة تعدو الجمزى، وهو ضرب من العدو دون الحضر الشديد وفوق العنق.
492

للكرامية، وكان يشرب النبيذ دائما، وتصرفه على الأخلاق الزكية، وكان فيه
شدة وطأة على الرعية، ولكن كانوا في أمن وإقامة سياسة، ولازمه علة نحو
ثلاث سنين، كان يعتريه إسهال، ولا يترك الركوب والسفر، قبض وهو في
مجلسه ودسته ما وضع جنبه، ولما احتضر، قال لوزيره: يا أبا الحسن:
ذهب شيخكم. ثم مات يوم الخمسين لتسع بقين من ربيع الآخر، فكتم
موته، ثم فشى، وأتى ابنه السلطان محمد من الجوزجان، فوصل في
أربعين يوما.
كان السلطان محمود ربعة، فيه سمن، تركي العين، فيه شقرة،
ولحيته مستديرة، غليظ الصوت، وفي عارضيه شيب. وكان ابنه محمد في
قده، وكان ابنه مسعود طويلا.
قال محمود يوما للأمير أبي طاهر الساماني: كم جمع آباؤك من
الجوهر؟ قال: سمعت أنه كان عند الأمير الرضي سبعة أرطال. فسجد
شكرا، وقال: أنا في خزانتي سبعون رطلا.
وكان صمم على التوغل في بلاد الخانية، وقال: معي أربع مئة
فيل مقاتلة ما يثبت لها أحد. فبلغه أن الخانية قالوا: نحن نأخذ ألف
ثور تركية، وهي كبار ضخام، فنجعل عليها ألف عجلة، ونملؤها
حطبا، فإذا دنت الفيلة، أوقدنا الحطب، فتطلب البقر أمامها، وتلقي
النار على الأفيلة وعلى من حولها، فتتم الهزيمة، فأحجم محمود.
وكان يعظم الميمندي كاتبه، لانهم لما نازلوا مدينة بيدا (1)،

(1) قال ابن الأثير في بيدا هذا: وهو أعظم ملوك الهند مملكة، وأكثرهم جيشا، وتسمى
مملكته كجوراهة. الكامل " 9 / 308.
493

حصل السلطان وكاتبه في عشرين فارسا فوق تل تجاه البلد، فبرز لهم
عسكر أحاطوا بالتل، فعاينوا التلف، فتقدم كاتبه، ونادوا الهنود،
فقالوا: من أنت؟ قال: أنا محمود. قالوا: أنت المراد. قال: ها
أنا في أيديكم، وعندي من ملوككم جماعة أفدي نفسي بهم،
وأحضرهم، وأنزل على حكمكم. ففرحوا، وقالوا: فأحضر (1)
الملوك. فالتفت إلى شاب، وقال: امض إلى ولدي، وعرفه
خبري. ثم قال: لا! أنت لا تنهض بالرسالة. وقال لمحمود:
امض، أنت عاقل وأسرع. فلما جاوز نهرا، لقيه بعض جنده،
فترجلوا. وعاين ذلك من فوق القلعة، فقالوا لكاتبه: من رسولك؟
قال: ذاكم السلطان فديته بنفسي، فافعلوا ما بدا لكم. وبلغ ذلك
بيدا، فأعجبه، وقال: نعم ما فعلت، فتوسط لنا عند سلطانك.
فهادنهم، وزادت عظمة الميمندي عند محمود، حتى إنه زوج أخاه
يوسف بزليخا ابنة الميمندي، ثم في الآخر قبض عليه، وصادره، لأنه
أراد أن يسم محمودا، ووزن له ألف ألف دينار، ومن التحف والذخائر
ما لا يوصف بعد العذاب، ثم أطلق الميمندي بعد وفاة محمود، ووزر
لمسعود.
أحضر إلى محمود بغزنة شخصان من النسناس من بادية
بلا صيغون، وهي مملكة قدرخان، وعدو النسناس في شدة عدو
الفرس، وهو في صورة آدمي، لكنه بدنه ملبس بالشعر، وكلامه
صفير، ويأكل حشيشا، وأهل تلك البلاد يصطادونهم، ويأكلونهم.

(1) في الأصل: " وقال: فأحضروا " والصواب ما أثبتناه.
494

فسأل محمود الفقهاء عن أكل لحمهم، فنهوا عنه (1).
320 - مسعود *
كان طوالا جسيما، مليحا، كبير العين، شديدا حازما، كثير
البر، ساد الجواب، رؤوفا بالرعية، محبا للعلم. صنف له كتب في
فنون، وكان أبوه يخشى مكانه، ويحب أخاه محمدا، فأبعد مسعودا،
وأعطاه الري والجبال، وطلب منه أن يحلف لأخيه أنه لا يقاتله، قال:
أفعل إن أشهد مولانا على نفسه أني لست ولده، أو يحلف لي أخي أنه
لا يخفيني من ميراثي شيئا.
ولما سمع مسعود بموت أبيه، لبس السواد، وبكى، وعمل
عزاءه بأصبهان، وخطب لنفسه بأصبهان والري وأرمينية، ثم سار
واستقر بنيسابور، ومالت الامراء إلى شهاب الدولة مسعود، وجرت بينه
وبين أخيه محمد مراسلات، ثم قبضوا على محمد، وبادروا إلى خدمة
السلطان مسعود، فقدم هراة، وكان أخوه محمد الملقب بجمال الدولة
منهمكا في اللذات المردية والسكر. ثم قبض مسعود على عمه يوسف
وعلى علي الحاجب. ودانت له الممالك، وأظهر كتاب القادر بالله،
وأنه لقبه بالناصر لدين الله ظهير خليفة الله. ولبس خلعا وتاجا، ثم

(1) انظر " المنتظم " 8 / 53، 54، وحياة الحيوان 2 / 357 للدميري.
* المنتظم 8 / 113، الكامل في التاريخ 9 / 395، 398، 412، 414، 428،
429، 433، 441، 442، 462، 467، 477 - 488، وفيات الأعيان 5 / 181،
المختصر في أخبار البشر 2 / 157، 164، 165، دول الاسلام 1 / 256، العبر 3 / 180،
تتمة المختصر 1 / 514، 524، البداية والنهاية 12 / 50، تاريخ ابن خلدون 4 / 379،
380، 382، 383، 384، شذرات الذهب 3 / 253، نزهة الخواطر 1 / 74 - 76.
495

أطلق الوزير أحمد بن الحسن الميمندي، واستوزره (1)، ثم أخذت
الري من مسعود، فجهز جيشا استباحوها، وعملوا قبائح (2)، وجرت له
حروب على الدنيا، وقدم عليه رسول الديوان، فاحتفل لقدومه،
وزينت خراسان، وكان يوم قدومه بلخ يوما مشهودا كدخول السلطان.
وكان في الموكب مئتا فيل والجيش ملبس.
ووقع الوباء في عام ثلاثة وعشرين وأربع مئة (3) بالهند وغزنة
وأطراف خراسان، حتى إنه خرج من أصبهان في مدة قريبة أربعون
ألف جنازة، وكان ملكها أبو جعفر بن كاكويه والخليفة القائم وسلطان
العراق جلال الدولة، وأبو كاليجار على فارس، ومسعود بن محمد
على خراسان والجبال والغور والهند. وتوفي قدرخان التركي، صاحب
ما وراء النهر في هذا العام، وتأهب مسعود، وحشد يقصد العراق،
فجاءه أمر شغله، وهو عصيان نائبه على الهند، فسار لقصده، وجهزه
مسعود، وهو الأمير أحمد بن ينال تكين (4)، ثم عاثت الترك الغزية بما
وراء النهر، فقصدهم مسعود، وأوقع بهم، وأثخن فيهم، ثم كر إلى
طبرستان، لان نائبها فارق الطاعة، وجرت له خطوب (5).
ثم اضطرب جند مسعود، وتجرؤوا عليه، وبادرت الغز،
فأخذوا نيسابور وبدعوا، فاستنجد مسعود بملوك ما وراء النهر فما
نفعوا، ثم سارت الغز لحربه، وعليهم طغرلبك، وأخوه داود،

(1) انظر " الكامل " 9 / 398 - 400.
(2) انظر " الكامل " 9 / 402، 403.
(3) انظر " المنتظم " 8 / 69، و " الكامل " 9 / 426، و " البداية والنهاية " 12 / 34.
(4) انظر " الكامل " 9 / 428، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 380.
(5) انظر " الكامل " 9 / 441، 442، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 381.
496

فهزموه، وأخذت خزائنه، وركب هو فيلا ماهرا حركا يعده للحروب،
فنجا عليه في قل من غلمانه، وكان جسيما لا يعدو به فرس إلا
قليلا، ثم أقام بغزنة، وأخلد إلى اللذات، وذهبت منه خراسان،
فعزم على سكنى الهند بآله ورجاله. وشرع في ذلك في سنة اثنتين
وثلاثين في الشتاء لفرط برد غزنة، وأخذ معه أخاه محمدا مسمولا،
فلما وصل إلى نهر الهند، نزل عليه، وواصل السكر، واستقر بقلعة
هناك، وتخطفه بعض العسكر، وذل، فخلعوه، وملكوا المسمول
محمدا، وقبض عليه محمد، وقال: لأقابلنك على فعلك بي، فاختر مكانا
تنزله بحشمك. فاختار قلعة، فبعثه إليها مكرما. فعمل عليه ولد
محمد وجماعة، وبيتوه وقتلوه حنقا عليه، وجاؤوا برأسه إلى السلطان
المسمول، فبكى، وغضب على ابنه، ودعا عليه، وكان مودود بن
مسعود مقيما بغزنة وبينهما عشرة أيام، فسارع في خمسة آلاف، وبيت
محمدا، وقتل أمراء، وقبض على عمه محمد، وقتل الذين قتلوا
أباه، وكانوا اثني عشر، ثم قتل عمه محمدا (1).
321 - ابن الطبيز *
الشيخ المعمر المسند، أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبد العزيز
ابن أحمد، الحلبي، السراج الرامي، المشهور بابن الطبيز، نزيل
دمشق.

(1) انظر " المنتظم " 8 / 99 و 107، و " الكامل " 9 / 477 - 489، و " البداية
والنهاية " 12 / 43 و 48، 49، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 383، 384.
* الاكمال 5 / 257، العبر 3 / 174، تبصير المنتبه 3 / 462 (الطبيز)، شذرات
الذهب 3 / 248.
497

حدث عن: محمد بن عيسى البغدادي العلاف، وأبي بكر
محمد بن الحسين السبيعي، ومحمد بن جعفر بن السقا، وأبي بكر
محمد بن عمر الجعابي الحافظ، وجماعة تفرد في الدنيا عنهم.
روى عنه: عبد العزيز الكتاني، وعلي بن محمد الربعي،
والحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد، ووالده أحمد،
وأبو عبد الله بن أبي الصقر الأنباري، وأبو القاسم بن أبي العلاء
المصيصي، والفقيه نصر المقدسي، وعبد الرزاق بن عبد الله الكلاعي،
وآخرون.
قال أبو الوليد الباجي: هو شيخ لا بأس به.
قال عبد العزيز: توفي شيخنا ابن الطبيز في جمادى الأولى سنة
إحدى وثلاثين وأربع مئة، وكان يذكر أن مولده في سنة ثلاثين وثلاث
مئة.
قال: وكانت له أصول حسنة، وكان يذهب إلى التشيع.
قلت: كان شيخ العلاف يروي عن أحمد بن عبيد الله النرسي
والكبار.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران: أخبرنا أحمد بن الخضر، أخبرنا
حمزة بن كروس، أخبرنا نصر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا عبد الرحمن
ابن عبد العزيز السراج، أخبرنا محمد بن جعفر بن هشام الحلبي،
حدثنا سليمان بن المعافى بحلب، حدثنا أبي، حدثنا موسى بن
أعين، عن أبي الأشهب، عن عمران بن مسلم، عن سالم بن عبد
الله، عن أبيه، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من دخل السوق،
498

فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي
ويميت، بيده الخير وهو على كل شئ قدير، كتب الله له بها ألف
ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، وبنى له بيتا في الجنة ".
هذا إسناد صالح (1) غريب.
322 - الميداني *
الشيخ الامام المحدث، أبو الحسين، عبد الوهاب بن جعفر بن
علي، الدمشقي، ابن الميداني.
يروي عن: أبي علي بن هارون، وأحمد بن محمد بن عمارة،
وأبي عبد الله بن مروان، والحسين بن أحمد بن أبي ثابت، وأبي بكر
ابن أبي دجانة، وأبي عمر بن فضالة، وخلق بعدهم. وعني بالرواية
والاكثار.
وعنه: رشأ بن نظيف، وأبو علي الأهوازي، وأبو سعد
السمان، وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأحمد بن
قبيس المالكي، وطائفة.

(1) كيف يكون إسناده صالحا وعمران بن مسلم، قال البخاري فيه: منكر الحديث،
وأخرجه الدارمي 2 / 293، والترمذي (3428) والحاكم 1 / 538 عن يزيد بن هارون، أخبرنا
أزهر بن سنان، حدثنا محمد بن واسع، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، وأزهر
ضعيف، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 1 / 47، والترمذي (3429) وابن ماجة
(2235) عن حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، عن سالم بن عبد الله...
وعمرو بن دينار ضعيف منكر الحديث، فالحديث يتقوى بهذه الطرق الثلاث، فهو حسن بهاء إن
شاء الله.
* ميزان الاعتدال 2 / 679، العبر 3 / 128، 129، المغني في الضعفاء 2 / 412،
المشتبه 2 / 623، لسان الميزان 4 / 86، شذرات الذهب 3 / 210.
499

قال الكتاني: ذكر أنه كتب بمئة رطل حبر، احترقت كتبه،
وجددها.
ثم قال: كان فيه تساهل، واتهم في ابن هارون (1).
توفي في جمادى الأولى سنة ثمان عشرة وأربع مئة عن ثمانين
سنة.
229 - ابن دراج *
العلامة المنشئ البليغ، أبو عمر، أحمد بن محمد بن
العاص، القسطلي، الأندلسي، من أعيان الأدباء، وفحول الشعراء.
قال الثعالبي: كان بالأندلس كالمتنبي بالشام.
قلت: هو من كتاب المنصور الحاجب، فقال فيه قصيدة، منها
يقول:
ألم تعلمي أن الثواء هو النوى * وأن بيوت العاجزين قبور
تخوفني طول السفار وإنه * لتقبيل كف العامري (2) سفير
دعيني أرد ماء المفاوز آجنا * إلى حيث ماء المكرمات (3) نمير
مات في جمادى الآخرة، سنة إحدى وعشرين وأربع مئة، وله
خمس وسبعون سنة.
(1) انظر " ميزان الاعتدال " 2 / 679.
* تقدمت ترجمته برقم (229) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(2) في الأصل: " العامرين "، وهو خطأ، والتصويب من " ديوانه " ص 298.
(3) الآجن: الماء المتغير الطعم واللون، والنمير: النامي الناجع في الري (*)
500

323 - ابن شهيد *
العلامة البليغ، جاحظ وقته، أبو عامر، أحمد بن أبي مروان،
عبد الملك بن مروان بن ذي الوزارتين أحمد بن عبد الملك بن عمر
ابن شهيد، الأشجعي القرطبي، الشاعر.
كان حامل لواء النظم والنثر بالأندلس، وله ترسل فائق (1).
وله تواليف أنيقة الجد، مطبوعة الهزل، منها: كتاب " جونة
عطار " (2).
قال أبو محمد بن حزم: ولنا من البلغاء أبو عامر، له من
التصرف في وجوه البلاغة وشعابها مقدار ينطق فيه بلسان مركب من
عمرو - يعني الجاحظ وسهل - يعني ابن هارون (3) -.

* يتيمة الدهر 2 / 35 - 49، الاكمال 5 / 90، جذوة المقتبس 133 - 136، مطمح
الأنفس 19، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول / المجلد الأول / 191 - 336،
بغية الملتمس 191 - 194، معجم الأدباء 3 / 220 - 223، المطرب 174، المغرب في حلي
المغرب 1 / 78 - 85، وفيات الأعيان 1 / 116 - 118، العبر 3 / 159، مسالك الابصار 11 /
280، الوافي بالوفيات 7 / 144 - 148، الخريدة 2 / 555، إعتاب الكتاب 74، نفح الطيب
1 / 621 - 623، و 3 / 244 - 246 و 358 - 363 وغيرها، شذرات الذهب 3 / 230، هدية
العارفين 1 / 74، النثر الفني لزكي مبارك 2 / 302 - 318.
(1) وفي ترجمته من " اليتيمة " و " الذخيرة " شئ من نظمة ونثره.
(2) وله أيضا رسالة " التوابع والزوابع " أثبت ابن بسام في " الذخيرة " فصولا منها، وقد
أفردت هذه الفصول بالطبع، بتحقيق وشرح بطرس البستاني وقد صدرها بدراسة عن حياة ابن
شهيد وأدبه، وله أيضا كتاب " كشف الدك وإيضاح الشك " انظر " وفيات الأعيان " 1 / 116،
وقال الدكتور إحسان عباس: وقد جمع شارل بلا " ديوانه " فأخل بكثير من شعره الموجود في
المصادر.
(3) انظر " جذوة المقتبس " 133، و " بغية الملتمس " 191، 192، و " معجم الأدباء "
3 / 222، و " نفح الطيب " 3 / 178.
501

ومن نظمه:
فكأن النجوم في الليل جيش * دخلوا للكمون (1) في جوف غاب
وكأن الصباح قانص طير * قبضت كفه برجل غراب (2)
توفي في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وأربع مئة.
قال ابن حزم: كان حامل لواء الشعر والبلاغة، ما خلف له
نظيرا، وانقرض عقب جده الوزير بموته، وكان سمحا جوادا (3).
324 - تراب بن عمر *
ابن عبيد، أبو النعمان المصري، الكاتب.
حدث عن: أبي أحمد بن الناصح، والدارقطني.
وعنه: أبو القاسم بن أبي العلاء، والقاضي الخلعي.
عاش بضعا وثمانين سنة، ومات في ربيع الآخر سنة سبع
وعشرين وأربع مئة.
325 - الفلكي * *
الحافظ الأوحد، أبو الفضل، علي بن الحسين بن أحمد بن

(1) في " المغرب ": للكمين.
(2) البيتان في " الذخيرة " 1 / 1 / 257، و " المغرب " 1 / 81، والثاني منهما في
" اليتيمة " 2 / 40.
(3) انظر " جذوة المقتبس " 135، 136، و " بغية الملتمس " 193، و " معجم الأدباء "
3 / 223.
* العبر 3 / 161، حسن المحاضرة 1 / 373، شذرات الذهب 3 / 231.
* * الأنساب 9 / 330، اللباب 2 / 440، طبقات ابن الصلاح 66 / 2، تذكرة الحفاظ
3 / 1125، العبر 3 / 162، عيون التواريخ 12 / 127 / 1، الوافي 12 / 48، طبقات
الأسنوي 2 / 268، طبقات الحفاظ 431 - 432، كشف الظنون 1858، شذرات الذهب 3 /
185 و 231، هدية العارفين 1 / 687، الرسالة المستطرفة 121.
502

الحسن، الهمذاني، عرف بالفلكي.
قال شيرويه: سمع عامة مشايخ همذان والعراق وخراسان.
حدث عن: ابن رزقويه، وأبي الحسين بن بشران، والقاضي أبي بكر
الحيري. حدثنا عنه: الحسني، والميداني.
وكان حافظا متقنا يحسن هذا الشأن جيدا جيدا.
صنف الكتب منها: الطبقات الملقب ب‍ " المنتهى في معرفة
الرجال " (1) في ألف جزء.
سمعت (2) حمزة بن أحمد يقول: سمعت شيخ الاسلام الأنصاري
يقول: ما رأت عيناي أحدا من البشر أحفظ من ابن الفلكي، وكان
صوفيا مشمرا (3).
قلت: مات بنيسابور في شعبان، سنة سبع وعشرين وأربع مئة
كهلا.
وكان جده (4) بارعا في علم الفلك والحساب، هيوبا محتشما،

(1) اسم الكتاب في " العبر ": " المنتهى في الكمال في معرفة الرجال "، وفي
" الأنساب " و " طبقات الأسنوي " و " كشف الظنون ": " منتهى الكمال في معرفة الرجال "،
وذكر السمعاني مصنفا آخر للفلكي وهو كتاب " معرفة ألقاب المحدثين ".
(2) القائل شيرويه.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1125 و " طبقات " الأسنوي 2 / 268.
(4) وهو أبو بكر أحمد بن الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي الحاسب الفلكي
الهمذاني، المتوفى سنة 384، انظر ترجمته في " الأنساب " 9 / 329، 330، و " معجم
الأدباء " 3 / 9، 10 و " الوافي " 6 / 305، و " بغية الوعاة " 1 / 303 وكنيته فيه: أبو علي.
503

توفي سنة أربع وثمانين وثلاث مئة.
326 - الرزجاهي *
العلامة المحدث الأديب، أبو عمرو، محمد بن عبد الله بن
أحمد، الرزجاهي البسطامي (1)، الفقيه الشافعي، تلميذ أبي سهل
الصعلوكي (2).
كتب الكثير عن: ابن عدي، والإسماعيلي، وابن الغطريف،
وأبي علي بن المغيرة، وتصدر للإفادة.
حدث عنه: البيهقي، والرئيس الثقفي، وأبو سعد بن أبي
صادق، وعلي بن محمد الفقاعي (3)، وعدة.
مات في ربيع الأول سنة سبع وعشرين وأربع مئة، وله ست
وسبعون سنة، وكان صاحب فنون.
* تاريخ جرجان 419، الأنساب 6 / 110، اللباب 2 / 23، العبر 3 / 160، طبقات
السبكي 4 / 151، 152، شذرات الذهب 3 / 230. والرزجاهي ضبط في الأصل بضم الراء
وفتحها، وحكى السبكي الوجهين عن المؤلف، واقتصر السمعاني وياقوت على الفتح. وهذه
النسبة إلى رزجاه قرية من قرى بسطام.
(1) نسبة إلى بسطام، وهي بلدة كبيرة بقومس على جادة الطريق إلى نيسابور، وقد ضبطه
ياقوت بكسر الباء، وضبط في الأصل بفتحها، وبسطام أيضا اسم لرجل، ففرق الذهبي في
" المشتبه " بين اسم البلدة فضبطه بالفتح، واسم الرجل فضبطه بالكسر، وكذا فعل السمعاني في
" الأنساب "، وقال ابن الأثير: إنما الجميع مكسور لأنه اسم أعجمي عرب بكسر الباء.
(2) وهو أبو سهل محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون الحنفي، المتوفى سنة
369 ه‍، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) قال في " الأنساب ": بضم الفاء، وفتح القاف، وفي آخرها العين المهملة، هذه
النسبة إلى بيع الفقاع وعمله. وقال في " اللسان ": " الفقاع: شراب يتخذ من الشعير، سمي به
لما يعلوه من الزبد. (*)
504

327 - الزيدي *
الامام العالم المقرئ المعمر، شيخ حران، أبو القاسم، علي
ابن محمد بن علي، الهاشمي العلوي الحسيني الزيدي، الحراني
الحنبلي السني.
تلا بالروايات على الأستاذ أبي بكر النقاش (1)، وروى عنه تفسيره
" شفاء الصدور "، فكان آخر من روى عنه القراءات والحديث.
تلا عليه: أبو معشر عبد الكريم الطبري، وأبو القاسم الهذلي،
وأبو العباس أحمد بن الفتح الموصلي، نزيل زهر الملك.
وكان مفخر أهل حران.
قال أبو عمرو الداني: هو آخر من قرأ على النقاش.
قال: وكان ثقة ضابطا مشهورا، أقرأ بحران دهرا طويلا (2).
وقال هبة الله بن أحمد الأكفاني: سمعت عبد العزيز الكتاني -
وقد أريته جزءا من كتب إبراهيم بن شكر من مصنفات الآجري،
والسماع عليه مزور بين التزوير - فقال: ما يكفي علي بن محمد
الزيدي الحراني أن يكذب حتى يكذب عليه (3).

* معرفة القراء الكبار 1 / 315، ميزان الاعتدال 3 / 155، المغني في الضعفاء 2 /
454، العبر 3 / 178، 179، غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 572، 573، لسان الميزان
4 / 259، 260، شذرات الذهب 3 / 251.
(1) وهو محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي النقاش المفسر نزيل بغداد، متوفى
سنة 351 ه‍، مرت ترجمته في آخر الجزء الخامس عشر.
(2) انظر " معرفة القراء الكبار " 1 / 315، و " غاية النهاية " 1 / 573.
(3) " معرفة القراء الكبار " 1 / 315.
505

قلت: توفي سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة، وقد قارب المئة.
وأعلى شئ عنده القراءات والتفسير عن النقاش، والنقاش
مجمع على ضعفه في الحديث لا في القراءات، فإن كان الزيدي
مقدوحا فيه، فلا يفرح بعلو رواياته للامرين، وقد وثقه أبو عمرو
الداني في الجملة، كما وثق شيخه النقاش، ولكن الجرح مقدم، وما
أدري ما أقول.
وبلغني أن الزيدي نفذ رسولا إلى ملك الروم، فلما جلس،
غنت النصارى، وحركوا الأرغل، فثبت الزيدي عند سماعه، وتعجبوا
من ثباته كثيرا، فلما قام، وجدوا تحت كعبه الدم مما ثبت نفسه، ولم
يتحرك.
328 - ابن السمسار *
الشيخ الجليل، المسند العالم، أبو الحسن، علي بن موسى بن
الحسين، ابن السمسار الدمشقي.
حدث عن: أبيه، وأخيه المحدث أبي العباس محمد، وأخيه
الآخر أحمد، وأبي القاسم علي بن أبي العقب، وأبي عبد الله محمد
ابن إبراهيم بن مروان، وأحمد بن أبي دجانة، وأبي علي بن آدم
الفزاري، وأبي عمر بن فضالة ومظفر بن حاجب بن أركين،
والدارقطني، والفقيه أبي زيد المروزي وحمل عنه " صحيح "
البخاري، وروى عن خلق كثير.

* ميزان الاعتدال 3 / 158، العبر 3 / 179، المغني في الضعفاء 2 / 456، لسان
الميزان 4 / 264، 265، شذرات الذهب 3 / 252.
506

وكان مسند أهل الشام في زمانه.
حدث عنه: عبد العزيز الكتاني، وأبو نصر بن طلاب، وأبو
القاسم المصيصي، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، والفقيه نصر
ابن إبراهيم، وأحمد بن عبد المنعم الكريدي، وسعد بن علي
الزنجاني، وآخرون.
قال الكتاني: كان فيه تشيع وتساهل.
وقال أبو الوليد الباجي: فيه تشيع يفضي به إلى الرفض، وهو
قليل المعرفة، في أصوله سقم (1).
مات ابن السمسار في صفر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة، وقد
كمل التسعين، وتفرد بالرواية عن ابن أبي العقب وطائفة، ولعل تشيعه
كان تقية لا سجية، فإنه من بيت الحديث، ولكن غلت الشام في زمانه
بالرفض، بل ومصر والمغرب بالدولة العبيدية، بل والعراق وبعض
العجم بالدولة البويهية، واشتد البلاء دهرا، وشمخت الغلاة بأنفها،
وتواخي الرفض والاعتزال حينئذ، والناس على دين الملك، نسأل
الله السلامة في الدين.
329 - صاعد بن محمد *
ابن أحمد بن عبد الله القاضي، أبو العلاء الاستوائي (2)،

(1) انظر " ميزان الاعتدال " 3 / 158.
* تاريخ بغداد 9 / 344، 345، الأنساب 1 / 221 (الاستوائي)، المنتظم 8 / 108،
اللباب 1 / 52، العبر 3 / 174، الجواهر المضية 2 / 265 - 267، طبقات الفقهاء لطاش
كبري: 81، النجوم الزاهرة 5 / 32، تاج التراجم 29، الطبقات السنية رقم (987)،
شذرات الذهب 3 / 248، الفوائد البهية 83.
(2) بضم الألف، وسكون السين المهملة، وفتح التاء المثناة الفوقية أو ضمها وبعدها الواو
والألف.. هذه النسبة إلى أستوا، وهي ناحية بنيسابور كثيرة القرى والخير.
507

النيسابوري، الفقيه، شيخ الحنفية ورئيسهم، وقاضي نيسابور.
سمع أبا عمرو بن نجيد، وبشر بن أحمد، وعلي بن عبد
الرحمن البكائي.
وعنه: الخطيب، والقاضي صاعد بن سيار.
سمعنا جزءا من حديثه من أبي نصر المزي عن جده.
مولده سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة.
ومات في ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين، وقيل: سنة اثنتين
وثلاثين وأربع مئة.
330 - سيار بن يحيى *
ابن محمد بن إدريس، العلامة القاضي، أبو عمرو الكناني
الهروي الحنفي.
سمع من: أبي عاصم محبوب بن عبد الرحمن الحاكم،
وجماعة.
وعنه: ابناه: القاضي أبو العلاء صاعد، والقاضي أبو الفتح نصر.
مات سنة ثلاثين وأربع مئة، فخلفه ابنه أبو الفتح إلى أن قتل مظلوما في
سنة 446، فخلفه أخوه، فامتدت أيامه.

* الجواهر المضية 2 / 243، الطبقات السنية برقم (859).
508

331 - ابن عليك *
الحافظ الحجة الامام، أبو سعد، عبد الرحمن بن الحسن بن
عليك، النيسابوري.
روى عن: أبي أحمد الحاكم، وأبي سعيد الرازي، وأبي بكر بن
شاذان، والدار قطني، وخلق.
حدث عنه: أبو القاسم القشيري، وأبو صالح المؤذن، وإمام
الحرمين أبو المعالي، وأبو سعد بن القشيري.
وجمع وصنف.
توفي سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة. وكان من أبناء السبعين.
أخذ بالكوفة عن أبي الطيب محمد بن الحسين التيملي، وأبي
المفضل الشيباني، وببغداد أيضا عن علي بن عمر السكري، وبمرو عن
طائفة.
332 - ابن دوست * *
الحاكم العلامة النحوي، أبو سعد، عبد الرحمن بن محمد بن محمد
ابن عزيز بن محمد، ابن دوست، النيسابوري، صاحب التصانيف

* الاكمال 6 / 262، تبصير المنتبه 3 / 966.
* * يتيمة الدهر 4 / 425 - 428، دمية القصر 2 / 970 - 972، إنباه الرواة 2 / 167،
عيون التواريخ 12 / 189 / 2 - 190 / 2، فوات الوفيات 2 / 297، 298، الجواهر المضية
2 / 403، 404، تاج التراجم 25، بغية الوعاة 2 / 89، الزركشي 196، الطبقات السنية
1201، ودوست: لقب جده محمد بن عزيز، وقد تحرف في " الجواهر المضية " إلى
" درست " بالراء بدل الواو.
509

الأدبية (1)، وله ديوان شعر (2).
ولد سنة سبع وخمسين وثلاث مئة.
سمع من: أبي عمرو بن حمدان، وبشر بن أحمد، وأبي أحمد
الحاكم، وعدة.
وكان أصم لا يسمع شيئا.
أخذ اللغات عن أبي بصر الجوهري.
وعنه أخذ المفسر أبو الحسن الواحدي، وغيره.
وكان ذا زهد وصلاح.
مات في ذي القعدة، سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة.
333 - القيشطالي *
المحدث الثقة، مسند وقته، أبو عمرو، عثمان بن أحمد بن محمد
ابن يوسف، المعافري القرطبي القيشطالي، بشين مشوبة بجيم، نزيل
إشبيلية.

(1) ذكر في " فوات الوفيات " أن له ردا على الزجاجي فيما استدركه على ابن السكيت في
" إصلاح المنطق ".
(2) ومن شعره:
وشادن قلت له * هل لك في المنادمة
فقال رب عاشق * سفكت بالمنى دمه
وانظر " اليتيمة " و " الدمية ".
* الصلة 2 / 404 وورد ذكره في العبر 3 / 174، شذرات الذهب 3 / 248، برنامج الوادي
آشي ص 187، ونفح الطيب 5 / 200 في سند " الموطأ " رواية يحيى الليثي.
510

سمع مع أبيه من أبي عيسى الليثي " الموطأ " وتفسير ابن نافع، وسمع
من القاضي ابن السليم، وابن القوطية، والزبيدي.
وكان نديما للمؤيد بالله هشام.
قال ابن خزرج: كان من أهل الطهارة والعفاف والثقة، وروايته
كثيرة. مات في صفر، سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة، عن ثمانين سنة (1).
قلت: روى عنه: محمد بن شريح المقرئ، وأبو عبد الله
الخولاني، وابنه أحمد بن محمد، وآخرون.
334 - الدزبري *
أمير الجيوش المظفر، سيف الخلافة، عضد الدولة، أبو منصور،
نوشتكين (2) بن عبد الله التركي.
اشتراه بدمشق سنة أربع مئة القائد تزبر الديلمي، فرأى منه فرط شهامة
وإقدام، وشاع ذكره، فقدمه للحاكم، وقيل: بل نفذ الحاكم بطلبه في سنة

(1) " الصلة " 2 / 404.
* الكامل في التاريخ 9 / 230 و 392 و 500، 501، المختصر في أخبار البشر 2 /
166، تتمة المختصر 1 / 525، تاريخ ابن القلانسي: 71 (طبعة ليدن)، تاريخ ابن خلدون
4 / 272، 273، النجوم الزاهرة 4 / 252، و 5 / 34، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة:
45 و 51 و 204. والدزبري: ضبط في الأصل بفتح الباء الموحدة وضبطه ابن خلكان بكسرها،
وهي نسبة إلى القائد الذي اشتراه وهو دزبر، ويقال: تزبر بالتاء المثناة الفوقية أيضا. انظر
" وفيات الأعيان " 2 / 487، وقد غلط محقق " النجوم الزاهرة " 4 / 252 نسبة " الدزبري "
بالدال، وصوبها بالتاء، وفي ذلك نظر، إذ كلاهما صحيح كما ذكر ابن خلكان، وقد تحرفت
هذه النسبة في " تاريخ " ابن خلدون إلى الدريدي تارة، والوزيري تارة أخرى، وتحرفت في
" الكامل " إلى البربري مرة، والبريدي مرة أخرى.
(2) ورد اسمه في مصادر ترجمته: أنوشتكين بزيادة ألف في أوله.
511

ثلاث وأربع مئة. وجعل بين المماليك الحجرية (1)، فقهرهم واستطال،
فضربه واليهم، ثم لزم الخدمة، وتودد إلى الامراء، فارتضاه الحاكم،
وأعجب به، فأمره، وبعثه إلى دمشق سنة ست، فتلقاه تزبر، فتأدب وترجل
لمولاه، ثم أعيد إلى مصر، وجرد إلى الريف، ثم بعث واليا على بعلبك،
وحسنت سيرته، ثم نقل إلى قيسارية، واتفق قتل متولي حلب فاتك، قتله
غلامه، ثم ولي فلسطين، فخافه ملك العرب حسان بن مفرج الطائي،
وقلق، وجرت لأمير الجيوش هذا وقائع، ودوخ العرب، فخبث حسان،
وكاتب فيه وزير مصر الحسن بن صالح، فأمسكه بحيلة دبرت له سنة سبع
عشرة وأربع مئة، فشفع فيه سعيد السعداء، فأطلق له، ثم ترقى، وكثرت
غلمانه وأمواله.
وأما الشام، فعاثت العرب فيها، وأفسدت، ووزر نجيب الدولة
الجرجرائي، فقدم نوشتكين على العساكر سبعة آلاف، فقصد حسان
وصالح بن مرداس، فكانت المصاف على الأقحوانة، فهزم العرب، وقتل
صالح (2)، فبعثت الخلع إلى نوشتكين، ثم نازل حلب، ثم عاد إلى
دمشق، ونزل بالقصر، ثم رد إلى حلب ودخلها، فأحسن إلى الرعية،
وعدل، ثم تغير، وشرب الخمر، فجاء كتاب بذمه وتهديده، فقلق
وتنصل، وكتب: من عبد الدولة العلوية، والامامية الفاطمية متبرئا من ذنوبه

(1) المماليك الحجرية، ويقال لهم أيضا صبيان الحجر (جمع حجرة) قال ابن خلكان: ومعناه
عندهم، أن يكون لكل واحد منهم فرس وسلاح، فإذا قيل له عن شغل، ما يحتاج أن يتوقف
فيه، وذلك على مثال الداوية والإسبتار (منظمتان للصليبيين). فإذا تميز صبي من هؤلاء بعقل
وشجاعة، قدم للامرة. انظر " وفيات الأعيان " 3 / 418، و " تكملة المعاجم العربية "
لدوزي، الجزء الثالث (النسخة العربية).
(2) انظر وفيات الأعيان 2 / 487، و " الكامل " 5 / 369، و " النجوم الزاهرة " 4 /
252، 253.
512

لائذا بالعفو، ثم حم، وطلب طبيبا، فوصف له مسهلا، فأبى، وأصابه
فالج أبطل يده ورجله، ثم مات بعد أيام من جمادى الأولى، سنة ثلاث
وثلاثين بحلب (1)، ومما خلف من النقد ست مئة ألف دينار، وأصله من بلاد
ختن، ومن قواده مقلد بن منقذ الكناني.
335 - شعيب بن عبد الله *
ابن المنهال، مسند مصر، أبو عبد الله المصري.
حدث عن: أحمد بن الحسن بن عتبة الرازي، وطائفة.
روى عنه: أحمد بن إبراهيم بن الحطاب الرازي، وأبو الحسن
الخلعي، وطائفة.
قال أبو إسحاق الحبال: يتكلم في مذهبه، مات في شعبان سنة أربع
وثلاثين وأربع مئة.
336 - الرخجي * *
الوزير الكبير، أبو علي، الحسين، وزير بني بويه بالعجم، ثم عظم
عن الوزارة وتركها، فكانت الوزراء يغشونه، ويتأدبون معه، حتى مات في
سنة ثلاثين وأربع مئة.

(1) انظر " الكامل " 9 / 500، 501، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 272، 273.
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
* * المنتظم 8 / 100 - 102، الكامل 9 / 466، المختصر في أخبار البشر 2 / 162،
تتمة المختصر 1 / 521، الوافي بالوفيات 12 / 356، 357، أعيان الشيعة 25 / 291،
292. والرخجي: بضم الراء، وفتح الخاء المعجمة المشددة، وفي آخرها الجيم، نسبة إلى
الرخجية، وهي قرية على نحو فرسخ من بغداد وراء باب الأزج. " الأنساب " 6 / 96.
513

337 - الكسار *
القاضي الجليل العالم، أبو نصر، أحمد بن الحسين بن محمد بن عبد
الله بن بوان، الدينوري.
سمع " سنن " النسائي المختصر من الحافظ أبي بكر بن السني،
وسماعه له في سنة ثلاث وستين وثلاث مئة، وحدث به في جمادى الأولى،
سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة.
حدث عنه: بدر بن خلف الفركي (1)، وعبدوس بن عبد الله
الهمذاني، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك
المؤذن.
وكان الكسار صدوقا، صحيح السماع، ذا علم وجلالة. مات في
هذا الوقت بعد تحديثه بالكتاب بيسير، وآخر من روى عنه بالإجازة مسند
أصبهان أبو علي الحداد.
338 - ابن رزمة * *
الشيخ الثقة، أبو الحسين، محمد بن عبد الواحد بن علي بن رزمة،
البزاز، من محدثي بغداد.
حدث عن: أبي بكر بن خلاد العطار، وأبي بكر بن سلم، وأبي
سعيد السيرافي، وطائفة.

* لم نقف له على ترجمة في المصادر.
(1) بفتح الفاء وسكون الراء كما في الأصل وضبطها السمعاني بالفتح، وقال: هذه النسبة
إلى فرك، وهي قرية من قرى أصبهان. ثم أورد ترجمة بدر بن خلف هذا. " الأنساب " 9 /
280، 281.
* * تاريخ بغداد 2 / 361، العبر 3 / 184، شذرات الذهب 3 / 255.
514

روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو طاهر بن سوار المقرئ، وخالد
ابن عبد الواحد التاجر.
قال الخطيب: كان صدوقا، كثير السماع، كتبت عنه (1).
وعاش أربعا وثمانين سنة، مات في جمادى الأولى، سنة خمس
وثلاثين وأربع مئة.
وفيها توفي أبو بكر محمد بن جعفر الميماسي، راوي " موطأ " يحيى
ابن بكير، وشارح " الصحيح " أبو القاسم المهلب (2) بن أحمد بن أبي
صفرة.
339 - ابن فاذشاه *
الشيخ الرئيس المسند، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن الحسين
ابن محمد بن فادشاه، الأصبهاني التأني (3).
سمع الكثير من: أبي القاسم الطبراني، وكان سماعه مع جده
الحسين في سنة أربع وخمسين وثلاث مئة. روى " المعجم الكبير " كله عن
الطبراني، وغير ذلك.
حدث عنه: معمر بن أحمد اللنباني (4)، والمحسد بن محمد
الإسكاف، وطاهر بن محمود الصباغ، وأبو الفتح عبد الله بن محمد الخرقي،

(1) " تاريخ بغداد " 2 / 361.
(2) سترد ترجمته برقم (384).
* العبر 3 / 178، الوافي بالوفيات 7 / 383، شذرات الذهب 3 / 250.
(3) قال السمعاني: هذه النسبة إلى " التناية " وهي الدهقنة، ويقال لصاحب الضياع
والعقار: التأني. " الأنساب " 3 / 13.
(4) نسبة إلى محلة كبيرة بأصبهان، ولها باب يقال له: باب لنبان.
515

وأبو القاسم عبد الله بن عمر الغسال، وعبد الجبار بن محمد التاجر، وعبد
الاحد بن أحمد العنبري، ونصر بن أبي القاسم الصباغ، والهيثم بن محمد
المعداني، وستان بنت حسين الصالحاني، ومحمد بن عمر بن عزيزة، وأبو
سعد أحمد بن عبد الكريم الأطروش، وأبو علي الحداد، ومحمود بن
إسماعيل الأشقر، وخلق من شيوخ السلفي.
قال يحيى بن مندة: كان ابن فاذشاه صاحب ضياع كثيرة، صحيح
السماع، ردئ المذهب.
قلت: كان يرمى بالاعتزال والتشيع.
مات في صفر، سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة.
ومن شعره:
سهام الشيب نافذة مصيبة * وسابقة الملمة والمصيبة
ومن نزل المشيب بعارضيه * قد استوفى من الدنيا نصيبه
340 - ذو القرنين *
الأمير الكبير، الشاعر المجيد، وجيه (1) الدولة، أبو المطاع (2)، ذو

* معجم الأدباء 11 / 119 - 121، وفيات الأعيان 2 / 279 - 281، العبر 3 / 165،
166، دول الاسلام 1 / 255، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن الدمياطي: 114 - 116،
مرآة الجنان 3 / 51، النجوم الزاهرة 5 / 27، شذرات الذهب 3 / 238، تهذيب تاريخ دمشق
5 / 262، 263، المجمع العلمي العراقي 24 / 263 - 284 و 25 / 115 - 141. وسيكرر
المؤلف ترجمته بعد الترجمة رقم (356).
(1) في الأصل: " وحيد " بدل " وجيه " وهو خطأ، والتصويب من مصادر ترجمته،
وسيذكره المؤلف على الصواب في ترجمته المكررة عقب الترجمة (356).
(2) سماه في " النجوم الزاهرة ": الحسن، وفي " شذرات الذهب ": المطاع.
516

القرنين بن حمدان ابن صاحب الموصل ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن
حمدان، التغلبي.
فمن نظمه:
إني لاحسد " لا " في أسطر الصحف * إذا رأيت اعتناق (1) اللام للألف
وما أظنهما طال اعتناقهما * إلا لما لقيا من شدة الشغف (2)
وكان قد سار إلى مصر، وولي الإسكندرية في دولة الظاهر بن
الحاكم، ثم رجع إلى دمشق.
توفي سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.
81 - الإدريسي *
القاسم بن حمود بن ميمون بن أحمد بن عبيد الله بن عمر بن إدريس
ابن إدريس بن عبد الله بن حسن، العلوي الحسني الإدريسي.
ولي قرطبة سنة ثمان وأربع مئة عند قتل أخيه علي بن حمود.
وكان ساكنا وادعا، أمن الناس به، وفيه تشيع قليل، ثم خرج عليه
ابن أخيه يحيى بن علي سنة اثنتي عشرة، ففر منه القاسم إلى إشبيلية، ثم
حشد، وأقبل إلى قرطبة، فهرب منه يحيى أيضا، ثم بعد أشهر اضطرب أمر
القاسم، وانهزم عنه البربر في سنة أربع عشرة، وتغلبت كل فرقة على بلد،
وجرت خطوب وزلازل، ثم لحق القاسم بشريش، فقصده يحيى بن علي،

(1) في " المستفاد " و " الشذرات ": " عناق ".
(2) البيتان في " وفيات الأعيان " 2 / 279، و " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 115، و
" شذرات الذهب " 3 / 238.
* تقدمت ترجمته برقم (81) وذكرت مصادر ترجمته هناك.
517

وحاصره، وظفر به، وأسره، فبقي في اعتقاله دهرا، وفي اعتقال ابنه
إدريس بن يحيى، فلما مات إدريس، خنقوا القاسم هذا وله ثمانون سنة،
سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة، ثم حمل تابوته إلى الجزيرة الخضراء، فدفن
بها، وبها يومئذ ولده محمد.
341 - الأملوكي *
الشيخ أبو المعمر، المسدد بن علي الأملوكي، خطيب حمص.
سمع محمد بن عبد الرحمن الحلبي، ويوسف الميانجي، والحسين
ابن خالويه، وأحمد بن عبد الكريم الحلبي، وعدة.
وعنه: أبو نصر بن طلاب، وعبد العزيز الكتاني، وأبو صالح
المؤذن، وأحمد بن أبي الحديد، وولده الحسن بن أحمد، وعبد الله بن
عبد الرزاق الكلاعي (1).
وصار في الآخر إمام مسجد سوق الاحد (2) بدمشق.
قال الكتاني: كان فيه تساهل، مات في ذي الحجة، سنة إحدى
وثلاثين وأربع مئة.
342 - الإسماعيلي * *
العلامة، مفتي جرجان، أبو معمر، المفضل بن إسماعيل بن العلامة
* العبر 3 / 176، شذرات الذهب 3 / 249. والأملوكي: بضم الألف وسكون الميم
وضم اللام وفي آخرها كاف، نسبة إلى أملوك، وهو بطن من ردمان، وردمان بطن من رعين،
وهو ردمان بن وائل بن رعين. " الأنساب " 1 / 349.

(1) نسبة إلى قبيلة يقال لها: كلاع نزلت الشام، وأكثرهم نزل حمص. " الأنساب " 10 /
514.
(2) انظر " ثمار المقاصد في ذكر المساجد " ص 83، 84.
* * تاريخ جرجان 421، الأنساب 1 / 252، تبيين كذب المفتري 240، العبر 3 /
176، طبقات السبكي 5 / 331، 332، شذرات الذهب 3 / 249.
518

شيخ الاسلام أبي بكر، الإسماعيلي الجرجاني الشافعي، رئيس البلد
وعالمه ومحدثه.
روى عن: جده كثيرا، وحفظ القرآن وجملة من الفقه وهو ابن سبعة
أعوام، ورحل به أبوه، فأكثر عن ابن شاهين، والدار قطني، ويوسف بن
الدخيل (1)، والحافظ أبي زرعة محمد بن يوسف.
وكان ممن يضرب المثل بذكائه، روى الكثير، وأملى وعاش أخوه
مسعدة بعده إلى سنة ثلاث وأربعين.
وتوفي هو في ذي الحجة، سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة، بعد موت
أخيه الامام أبي العلاء بسنة.
343 - الخولاني *
شيخ المالكية، مفتي القيروان، رفيق أبي عمران الفاسي (2).
تفقه بأبي محمد بن أبي زيد (3)، وأبي الحسن القابسي (4).
تخرج به أئمة كأبي القاسم بن محرز، وأبي إسحاق التونسي، وأبي

(1) في " تاريخ جرجان ": " الفضيل " بدل " الدخيل " وهو خطأ، ويوسف بن الدخيل
مترجم في " العقد الثمين " 7 / 482.
* ترتيب المدارك 4 / 700 - 702، الوافي بالوفيات 7 / 38، الديباج المذهب 1 /
177، 178، بغية الوعاة 1 / 324، شجرة النور الزكية 1 / 107، وهو أبو بكر أحمد بن عبد
الرحمن بن عبد الله الخولاني.
(2) سترد ترجمته برقم (364).
(3) تقدمت ترجمته برقم (4).
(4) تقدمت ترجمته برقم (99).
519

القاسم الستوري (1)، وأبي محمد عبد الحق الصقلي (2)، وأبي حفص
العطار.
وكان رأسا في المذهب، واسع الأدب، ذا تأله وصلاح وتعبد.
مات سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة.
وقد دخل إلى مصر وسمع بها.
344 - الإسماعيلي *
مفتي جرجان وعالمها، أبو العلاء السري بن العلامة الكبير، أبي
سعد إسماعيل ابن شيخ عصره أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل،
الإسماعيلي الجرجاني الشافعي الأديب.
تفقه بأبيه، وسمع الكثير من جده، وتفرد عنه ببعض تواليفه، وسمع
من ابن الغطريف، وابن شاهين، والدار قطني.
وتخرج به الفقهاء.
وكان عالم تلك الديار، متواضعا محبا للعلماء والصلحاء.
عاش سبعين سنة وتوفي سنة ثلاثين وأربع مئة. رحمه الله.

(1) تقدمت ترجمته هذه النسبة في الصفحة 266 ت رقم (1) وقد تصحفت في " الديباج
المذهب " و " شجرة النور " إلى " السيوري " بالمثناة التحتية.
(2) ضبطه السمعاني بفتح الصاد المهملة والقاف وفي آخرها اللام، وتابعه ابن الأثير
والسيوطي، وزاد عليهم ابن خلكان 3 / 215 تشديد اللام، وقال ياقوت: صقلية: بثلاث
كسرات وتشديد اللام والياء أيضا مشددة، وبعض يقول بالسين، وأكثر أهل صقلية يفتحون الصاد
واللام.
* تاريخ جرجان 185، طبقات السبكي 4 / 381.
520

345 - الدبوسي *
العلامة، شيخ الحنفية، القاضي أبو زيد، عبد الله (1) بن عمر بن
عيسى، الدبوسي البخاري، عالم ما وراء النهر، وأول من وضع علم
الخلاف وأبرزه.
وكان أذكياء الأمة.
وله كتاب: " تقويم الأدلة "، وكتاب " الاسرار "، وكتاب: " الأمد
الأقصى " (2). وأشياء.
مات ببخارى سنة ثلاثين وأربع مئة.
346 - الحوفي * *
العلامة، نحوي مصر، أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن سعيد،
* الأنساب 5 / 273، معجم البلدان 2 / 437، اللباب 1 / 490، وفيات الأعيان 3 /
48، العبر 3 / 171، البداية والنهاية 12 / 46، 47، النجوم الزاهرة 5 / 76، 77 وفيات سنة
457، الجواهر المضية 2 / 499، 500، طبقات الفقهاء لطاش كبري 71، تاج التراجم رقم
107، مفتاح السعادة 1 / 307، 308، كتائب أعلام الأخيار برقم 242، الطبقات السنية رقم
(1079)، كشف الظنون 84، 168، 196، 334، 352، 467، 568، 703،
شذرات الذهب 3 / 245، 246، الفوائد البهية 109، هدية العارفين 1 / 648. والدبوسي
بفتح الدال المهملة وضم الباء الموحدة المخففة وبعدها واو ساكنة وسين مهملة نسبة إلى
الدبوسية - وقال ابن خلكان: الدبوسة -، وهي بليدة بين بخارى وسمرقند.

(1) في " الجواهر المضية " و " الفوائد البهية " و " مفتاح السعادة " و " النجوم الزاهرة " و
" معجم البلدان " و " هدية العارفين ": عبيد الله.
(2) انظر النسخ الخطية لهذه الكتب الثلاثة وغيرها في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 /
117، 118.
* * الأنساب 4 / 273، معجم الأدباء 12 / 221، 222، معجم البلدان 2 / 322،
إنباه الرواة 2 / 219، اللباب 1 / 402، وفيات الأعيان 3 / 300، 301، العبر 3 / 172،
تلخيص ابن مكتوم 124، البداية والنهاية 12 / 47، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2 / 132،
طبقات المفسرين للسيوطي 25، حسن المحاضرة 1 / 532، بغية الوعاة 2 / 140، طبقات
المفسرين للداوودي 1 / 381، 382، مفتاح السعادة 2 / 107، كشف الظنون 241،
1905، شذرات الذهب 3 / 247، هدية العارفين 1 / 687. والحوفي نسبة إلى حوف بمصر،
وقال ياقوت في " معجم الأدباء " عنه: أصله من قرية تسمى شبرا النخلة من حوف بلبيس من الديار
المصرية. وسماها القفطي وابن خلكان: شبرا اللنجة.
521

الحوفي، صاحب أبي بكر محمد بن علي الأدفوي (1).
له: " إعراب القرآن "، في عشر مجلدات (2).
تخرج به المصريون.
وتوفي سنة ثلاثين وأربع مئة.
347 - الرازي *
الحافظ الأوحد، أبو بكر، أحمد بن علي، الرازي ثم
الأسفراييني، الزاهد الثبت.
أملى بإسفرايين عن: شافع بن محمد، وزاهر السرخسي، وأبي
محمد المخلدي، وطبقتهم.
وانتقى عليه الشيوخ، وتعب وجمع.
حدث عنه: أبو صالح المؤذن.
مات كهلا في قرب الثلاثين وأربع مئة.

(1) انظر الصفحة 27 ت رقم (2).
(2) وله أيضا تفسير سماه " البرهان " قال ياقوت: بلغني أنه في ثلاثين مجلدا بخط دقيق،
وكتاب " الموضح في النحو ". انظر " معجم الأدباء " 12 / 222، و " هدية العارفين " 1 /
687.
* تذكرة الحفاظ 3 / 1087، طبقات الحفاظ 421.
522

348 - البراذعي *
شيخ المالكية، أبو سعيد، خلف بن أبي القاسم، الأزدي القيرواني
المغربي المالكي، صاحب " التهذيب " (1) في اختصار " المدونة ".
قال القاضي عياض: كان من كبار أصحاب ابن أبي زيد، وأبي
الحسن القابسي، وعلى كتابه المعول بالمغرب، سكن صقلية واشتهرت
كتبه هناك، وقرب من السلطان، والله يسمح له، لم أظفر بوفاته (2).
قال القاضي عياض: كان مبغضا عند أصحابه لصحبته سلاطين
القيروان، ويقال: لحقه دعاء الشيخ أبي محمد، لأنه كان ينتقصه،
ويطلب مثالبه (3).
بقي إلى بعد الثلاثين وأربع مئة.
349 - ابن غالب * *
شيخ المالكية، القدوة الزاهد، أبو محمد، عبد الله بن غالب بن

* ترتيب المدارك 4 / 708، 709، وفيه البرادعي بالدال المهملة، الديباج المذهب 1 /
349 - 351، معالم الايمان لابن ناجي 3 / 183، شجرة النور 1 / 105، هدية العارفين 1 /
347، 348.
(1) قال ابن فرحون: " اتبع فيه طريقة اختصار أبي محمد، إلا أنه ساقه على نسق
" المدونة " وحذف ما زاده أبو محمد ". وعلى هذا التهذيب الشرح الصغير لأبي القاسم محمد بن
الناجي المتوفى سنة 837، وشرح لمجهول بعنوان: " تهذيب لمسائل التهذيب "، وعليه حاشية
لأبي مهدي عيسى الوانوغي، وتكملة لها لمحمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الصمد
البجائي المشدالي المتوفى سنة 866 ه‍. انظر النسخ الخطية لتهذيب المدونة وشرحيه وحاشيته
وتكملته في " تاريخ " بروكلمان 3 / 290، 291. وانظر بقية تآليفه في " الديباج المذهب " 9 /
349، 350.
(2) " ترتيب المدارك " 4 / 708، 709.
(3) " ترتيب المدارك " 4 / 709.
* * الصلة 1 / 299، العبر 3 / 181، الديباج المذهب 1 / 435، 436، شذرات
الذهب 3 / 254.
523

تمام، الهمداني، المغربي، شيخ أهل سبتة.
ارتحل وحمل بالأندلس عن: أبي بكر الزبيدي، وأبي محمد
الأصيلي، وبمصر عن: أبي بكر بن المهندس، وطبقته، وبالقيروان عن:
أبي محمد بن أبي زيد.
أخذ عنه: ولده الفقيه أبو عبد الله محمد، وإسماعيل بن حمزة،
وابن جماح (1) القاضي المالكي، وأبو محمد المسيلي.
وكان من أوعية العلم، بصيرا بالمذهب، متفننا أديبا، بليغا شاعرا،
حافظا نظارا، مدار الفتاوى عليه.
مات في صفر سنة أربع وثلاثين وأربع مئة.
350 - الزهري *
الفقيه العلامة، أبو طالب، عمر بن إبراهيم بن سعيد، الزهري
الوقاصي، من ذرية صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي
وقاص، بغدادي من كبار الشافعية ببغداد، ويعرف بابن حمامة.
مولده في سنة سبع وأربعين وثلاث مئة.
كتب عن: أبي بكر القطيعي، وابن ماسي، وعيسى بن محمد
الرخجي، وعدة.

(1) في " الديباج المذهب ": ابن الحجاج.
* تاريخ بغداد 11 / 274، طبقات الشيرازي 125، طبقات ابن الصلاح الورقة 73،
طبقات السبكي 5 / 299، 300، طبقات الأسنوي 1 / 424.
524

روى عنه: الخطيب ووثقه (1).
توفي سنة أربع وثلاثين وأربع مئة.
83 - جهور بن محمد *
ابن جهور بن عبيد الله، رئيس قرطبة وأميرها، وصاحبها بعد هيج
الفتن بالجزيرة.
نصب نفسه ممسكا لقرطبة إلى أن يتهيأ من يصلح للملك، وعاش
إحدى وسبعين سنة.
حدث عن: عباس بن أصبغ، وأبي عبد الله بن مفرج، وخلف بن
القاسم.
وكان من وزراء الدولة العامرية، ومن رجال الكمال دهاء ورأيا وسؤددا
وتصونا.
وثب على قرطبة، وتملك من غير أن يتلقب بإمرة، ولا تحول من
داره، وجعل بيوت الأموال تحت أيدي جماعة ودائع، وصير أهل الأسواق
أجنادا، ورزقهم من أموال أعطاها إياهم مضاربة، وفرق عليهم الأسلحة،
وكان يعود المرضى، ويشهد الجنائز وهو بزي النساك.
واستمر في الامر إلى أن مات في المحرم سنة خمس وثلاثين وأربع
مئة.
وقام في الامرة كذلك بعده ابنه الأمير أبو الوليد (2)، محمد بن جهور.

(1) انظر " تاريخ بغداد " 11 / 274.
* تقدمت ترجمته برقم (83)، وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(2) تقدمت ترجمته أيضا برقم (84).
525

وحدث عنه (1): محمد بن عتاب، وغيره.
351 - ابن شعيب *
الامام، شيخ الشافعية، أبو علي، الحسن بن محمد بن شعيب،
ويقال: اسمه الحسين بن شعيب، السنجي (2) المروزي.
مصنف شرح (3) كتاب " الفروع " لابن الحداد، وهو من أنفس كتب
المذهب، وله: كتاب " المجموع " (4).
وهو أول من جمع بين طريقتي خراسان والعراق.
أخذ الفقه عن: أبي بكر المروزي القفال (5).
وكان من رفقاء القاضي حسين (6)، وأبي محمد الجويني (7).

(1) أي عن أبي الحزم جهور بن محمد.
* الأنساب 7 / 165، 166، (السنجي)، معجم البلدان 3 / 264، اللباب 2 / 147،
تهذيب الأسماء واللغات 2 / 261، وفيات الأعيان 2 / 135، 136، الوافي بالوفيات 12 /
378، عيون التواريخ 12 / 183، طبقات السبكي 4 / 344 - 348، طبقات الأسنوي 2 /
28، 29، البداية والنهاية 12 / 57، طبقات ابن هداية الله 142، 143، هدية العارفين 1 /
309.
(2) نسبة إلى سنج، وهي قرية كبيرة من قرى مرو.
(3) قال ابن خلكان في شرحه هذا: لم يقاربه فيه أحد مع كثرة شروحها، فإن القفال شيخه
شرحها، والقاضي أبو الطيب الطبري شرحها وغيرهما. " وفيات الأعيان " 2 / 135. وابن
الحداد هو أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر الكتاني ابن الحداد، متوفى سنة 334 ه‍،
مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(4) وقد نقل منه أبو حامد الغزالي في كتاب " الوسيط ". وله أيضا شرح كبير لكتاب
" التلخيص " لأبي العباس بن القاص.
(5) تقدمت ترجمته برقم (267).
(6) وهو القاضي أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد المروروذي، المتوفى سنة
462 ه‍، ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (130).
(7) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (413).
526

مات في ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة.
352 - الطحان *
الشيخ الثقة، أبو القاسم، عبدا لباقي بن محمد بن أحمد بن زكريا،
البغدادي، الطحان.
سمع أبا بكر الشافعي، وأبا علي بن الصواف.
روى عنه: الخطيب، وطاهر بن أسد الطباخ، وجماعة.
عمر ثمانيا وثمانين سنة، وتوفي في جمادى الأولى، سنة اثنتين
وثلاثين وأربع مئة.
353 - ابن كردي * *
المعمر، أبو عبد الله، أحمد بن محمد بن علي بن كردي، البغدادي
الأنماطي.
حدث عن: أبي بكر الشافعي.
روى عنه: الخطيب، وقال: لا بأس به، والفضل بن عبد العزيز
القطان، وعبد الله بن محمد الحارثي.
مات في صفر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة.
354 - ابن عباد * * *
القاضي الكبير، أمير إشبيلية ومدبرها وحاكمها، أبو القاسم، محمد

(1) تاريخ بغداد 11 / 90، العبر 3 / 177، شذرات الذهب 3 / 250.
* * تاريخ بغداد 5 / 70، 71.
* * * جذوة المقتبس 80، 81، الذخيرة: القسم الثاني / المجلد الأول / 13 - 23،
الصلة 2 / 523، بغية الملتمس 117، 118، الكامل في التاريخ 9 / 275، 279، 280،
285 - 287، الحلة السيراء 2 / 34 - 39، وفيات الأعيان 5 / 22، 23، البيان المغرب 3 /
194 و 314، دول الاسلام 1 / 256، العبر 3 / 179، 180، الوافي بالوفيات 2 / 212 -
214، تاريخ ابن خلدون 4 / 156، نفح الطيب 4 / 226، 227، شذرات الذهب 3 / 252،
253.
527

ابن إسماعيل بن عباد بن قريش، اللخمي، من ذرية أمير الحيرة النعمان بن
المنذر، أصله من الشام من بلد العريش، فدخل أبوه الأندلس، ونشأ أبو
القاسم، فبرع في العلم، وتنقلت به الأحوال، وولي قضاء إشبيلية في أيام
بني حمود العلوية، فساس البلد، وحمد، ورمقته العيون، ثم سار يحيى
ابن علي بن حمود، وكان ظلوما، فحاصر إشبيلية، فاجتمع الأعيان على
القاضي، وأطاعوه، ثم قالوا: انهض بناء إلى هذا الظالم، ونملكك.
فأجابهم، وتهيأ للحرب، وذكرنا (1) أن يحيى ركب إليهم سكران، فقتل،
وتمكن القاضي، ودانت له الرعية، ولقب بالظافر، ثم إنه تملك قرطبة
وغيرها (2).
وقصته مشهورة مع الشخص الذي زعم أنه المؤيد بالله المرواني،
وكان خبر المرواني قد انقطع من عشرين سنة، وجرت فتن صعبة في هذه
السنين، فقيل لابن عباد: إن المؤيد حي بقلعة رباح في مسجد، فطلبه،
واحترمه، وبايعه بالخلافة، وصير نفسه كوزير له (3).
قال الأمير عزيز: حسد ابن عباد، وقالوا: قتل يحيى الإدريسي من
أهل البيت، وقتل ابن ذي النون ظلما، فبقي يفكر فيما يفعله، فجاءه
رجل، فقال: رأيت المؤيد. فقال: انظر ما تقول! قال: إي والله هو

(1) في ترجمة يحيى بن علي المتقدمة برقم (282).
(2) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 22.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 22، و " الوافي بالوفيات " 2 / 212.
528

هو. وقال تومرت - عبد كان يخدم المؤيد -: وأنا إذا رأيت سيدي، عرفته،
ولي فيه علامات. فأرسل رجل مع ذلك الرجل إلى قلعة رباح، فوجداه،
فقدم معهما، فلما رآه تومرت، وثب، وقبل قدمه، وقال: مولاي والله!
فقبل حينئذ القاضي يده، ثم بويع، وأخرج يوم الجمعة، ومشوا بين يديه
إلى الجامع، ثم خطب المؤيد الناس، وصلى بهم، وبقي ابن عباد
كالحاجب له على قاعدة الحاجب المنصور بن أبي عامر، غير أن المؤيد
يخرج إلى الجمعة دائما، ودانت له أكثر المدن.
قال عزيز: هرب المؤيد من قرطبة عام أربع مئة متنكرا حتى قدم مكة
ومعه كيس جواهر، فشعر به حرامية مكة، فأخذوه منه، وبقي يومين لم
يطعم، ثم عمل في الطين وتقوت، ثم توصل إلى القدس، فتعلم نسج
الحصر، ثم رجع إلى الأندلس سنة 24. قال عزيز: هذا رواه مشايخ.
وقال ابن حزم: فضيحة! أربعة رجال في مسافة ثلاثة أيام يسمون أمير
المؤمنين في وقت، أحدهم خلف الحصري بإشبيلية على أنه المؤيد بالله،
والثاني محمد بن القاسم الإدريسي بالجزيرة الخضراء، والثالث محمد بن
إدريس بن علي بن حمود بمالقة، والرابع إدريس بن يحيى بن علي بن حمود
بشنترين. فهذه أخلوقة لم يسمع بمثلها! وخطب لخلف على المنابر،
وسفكت الدماء، وتصادمت الجيوش، فأقام في الامر نيفا وعشرين سنة،
وابن عباد القاضي كالوزير بين يديه (1).
قلت: مات القاضي في جمادى الأولى، سنة ثلاث وثلاثين وأربع
مئة، ودفن بقصر إشبيلية، وخلفه ابنه المعتضد بالله عباد (2)، فدامت دولته

(1) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 22، و " الوافي " 2 / 213.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (128).
529

إلى سنة أربع وستين وأربع مئة.
وقيل: بل بقي القاضي محمد إلى سنة تسع وثلاثين، وكان يستعين
بالوزير محمد بن الحسن الزبيدي، وبعيسى بن حجاج الحضرمي، وبعبد
الله بن علي الهوزني، وكان له ابنان: إسماعيل قتل في مصاف (1)،
والمعتضد الذي تملك بعده.
355 - الأردستاني *
الامام الحافظ الفقيه، أبو الحسن، محمد بن عبد الواحد بن عبيد الله
ابن أحمد بن الفضل بن شهريار، الأردستاني، ثم الأصبهاني، مصنف
كتاب " الدلائل السمعية على المسائل الشرعية "، وهو في ثلاثة أسفار.
حدث عن: أبي بكر بن المقرئ، وعبيد الله بن يعقوب بن إسحاق
ابن جميل، والحسن بن علي ابن البغدادي، ومحمد بن أحمد بن جشنس،
وأبي عبد الله بن مندة، وأحمد بن إبراهيم العبقسي، وأبي عمر بن مهدي،
وأبي أحمد الفرضي، وإسماعيل بن الحسن الصرصري، وإبراهيم بن
خرشيذ قوله، وعدة. وينزل إلى أبي نعيم الحافظ ونحوه.
وينصب الخلاف مع أبي حنيفة ومالك، وينتصر لامامه الشافعي،
ولكنه لا يتكلم على الأسانيد. وفي كتابه مخبآت تنبئ بإمامته وحفظه.
روى عنه: سليمان بن إبراهيم الحافظ، وأبو علي الحداد وغيرهما.

(1) انظر عن هذا المصاف " جذوة المقتبس " 30، 31، و " بغية الملتمس " 37، 38،
و " الكامل " 9 / 280، و " تاريخ " ابن خلدون 4 / 157.
* طبقات السبكي 4 / 180 - 182، كشف الظنون 760، هدية العارفين 2 / 61. وقد
تقدمت ترجمة نسبة " الأردستاني " في الترجمة رقم (285).
530

وقع لي من حديثه في " معجم " الحداد.
مات بعد الثلاثين وأربع مئة.
356 - ابن سينا *
العلامة الشهير الفيلسوف، أبو علي، الحسين (1) بن عبد الله بن
الحسن بن علي بن سينا، البلخي ثم البخاري، صاحب التصانيف في
الطب والفلسفة والمنطق.
كان أبوه كاتبا من دعاة الإسماعيلية، فقال: كان أبي تولى التصرف
بقرية كبيرة، ثم نزل بخارى، فقرأت القرآن وكثيرا من الأدب ولي عشر،
وكان أبي ممن آخى داعي المصريين، ويعد من الإسماعيلية.
ثم ذكر مبادئ اشتغاله، وقوة فهمه، وأنه أحكم المنطق وكتاب
إقليدس إلى أن قال: ورغبت في الطب، وبرزت فيه، وقرؤوا علي، وأنا

* تاريخ حكماء الاسلام للبيهقي 52 - 72، تاريخ الحكماء للشهرستاني 413 - 426،
الكامل في التاريخ 9 / 456، عيون الانباء في طبقات الأطباء 437 - 459، وفيات الأعيان 2 /
157 - 162، الذريعة 2 / 48، 96 و 7 / 184، المختصر في أخبار البشر 2 / 161، 162،
العبر 3 / 165، دول الاسلام 1 / 255، ميزان الاعتدال 1 / 539، تتمة المختصر 1 / 519،
520، عيون التواريخ 12 / 159 / 1 - 166 / 2، الوافي بالوفيات 12 / 391 - 412، إغاثة
اللهفان 2 / 266، مرآة الجنان 3 / 47 - 51، البداية والنهاية 12 / 42، 43، الجواهر المضية
2 / 63، 64، طبقات الفقهاء لطاش كبري 70، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 325 -
330، الشقائق النعمانية 1 / 475 - 478، المجد دون في الاسلام 185 - 189، لسان الميزان
2 / 291 - 293، النجوم الزاهرة 5 / 25، 26، تاج التراجم 19، تاريخ فلاسفة الاسلام 53 -
66، تاريخ الفلسفة في الاسلام 164 - 188، الخالدون 101 - 116، الطبقات السنية 761،
خزانة الأدب 4 / 466، شذرات الذهب 3 / 234 - 237، روضات الجنات 3 / 170 - 185،
إيضاح المكنون 2 / 555، 672، هدية العارفين 1 / 308، 309، أعيان الشيعة 26 / 287 -
337، دائرة المعارف الاسلامية 1 / 203، الفهرس التمهيدي 453 - 464 و 516 - 566.
(1) في " الجواهر المضية ": " الحسن " وهو تحريف.
531

مع ذلك أختلف إلى الفقه، وأناظر ولي ست عشرة سنة.
ثم قرأت جميع الفلسفة، وكنت كلما أتحير في مسألة، أو لم
أظفر بالحد الأوسط في قياس، ترددت إلى الجامع، وصليت، وابتهلت
إلى مبدع الكل حتى فتح لي المنغلق منه، وكنت أسهر، فمهما غلبني
النوم، شربت قدحا. إلى أن قال: حتى استحكم معي جميع العلوم،
وقرأت الكتاب " ما بعد الطبيعة "، فأشكل علي حتى أعدت قراءته أربعين
مرة، فحفظته ولا أفهمه، فأيست. ثم وقع لي مجلد لأبي نصر الفارابي في
أغراض كتاب " ما بعد الحكمة الطبيعية " (1)، ففتح علي أغراض الكتب،
ففرحت، وتصدقت بشئ كثير.
واتفق لسلطان بخارى نوح مرض صعب، فأحضرت مع الأطباء،
وشاركتهم في مداواته، فسألت إذنا في نظر خزانة كتبه، فدخلت فإذا كتب لا
تحصى في كل فن، فظفرت بفوائد. إلى أن قال: فلما بلغت ثمانية عشر
عاما، فرغت من هذه العلوم كلها، وكنت إذ ذاك للعلم أحفظ، ولكنه معي
اليوم أنضج، وإلا فالعلم واحد لم يتجدد لي شئ، وصنفت
" المجموع "، فأتيت فيه على علوم، وسألني جارنا أبو بكر البرقي وكان
مائلا إلى الفقه والتفسير والزهد، فصنفت له " الحاصل والمحصول " في
عشرين مجلدة، ثم تقلدت شيئا من أعمال السلطان، وكنت بزي الفقهاء إذ
ذاك، بطيلسان محنك، ثم انتقلت إلى نسا، ثم أبا ورد (2) وطوس

(1) في " طبقات الأطباء " و " الوافي بالوفيات ": " ما بعد الطبيعة " وهو الذي ذكره
المؤلف آنفا.
(2) ويقال لها: أبيورد أيضا، وهو الأشهر.
532

وجاجرم، ثم إلى جرجان (1).
قلت: وصنف الرئيس بأرض الجبل كتبا كثيرة، منها
" الانصاف "، عشرون مجلدا، " البر والاثم "، مجلدان، " الشفاء "،
ثمانية عشر مجلدا، " القانون "، مجلدات (2). " الأرصاد "، مجلد،
" النجاة "، ثلاث مجلدات، " الإشارات "، مجلد، " القولنج "،
مجلد، " اللغة "، عشر مجلدات، " أدوية القلب "، مجلد، " الموجز "
مجلد، " المعاد " مجلد، وأشياء كثيرة ورسائل (3).
ثم نزل الري وخدم مجد الدولة وأمه، ثم خرج إلى قزوين وهمذان،
فوزر بها، ثم قام عليه الامراء، ونهبوا داره، وأرادوا قتله، فاختفى، فعاود
متوليها شمس الدولة القولنج، فطلب الرئيس، واعتذر إليه، فعالجه،
فبرأ، واستوزره ثانيا، وكانوا يشتغلون عليه، فإذا فرغوا، حضر المغنون،
وهيئ مجلس الشراب. ثم مات الأمير، فاختفى أبو علي عند شخص،
فكان يؤلف كل يوم خمسين ورقة، ثم أخذ، وسجن أربعة أشهر، ثم
تسحب إلى أصبهان متنكرا في زي الصوفة هو وأخوه وخادمه وغلامان.

(1) انظر " الوافي بالوفيات " 12 / 391 - 395، و " طبقات الأطباء " 437 - 439 بأطول
مما هنا.
(2) كذا في الأصل لم يذكر عدد المجلدات، وهو مطبوع في ثلاث أجزاء. قال
الصفدي: وكان ينبغي أن يسمى هذا " القانون " كتاب " الشفاء " لكونه في الطب وعلاج
الأمراض، وأن يسمى كتاب " الشفاء " كتاب " القانون " لان " الشفاء " فيه العلوم الأربع التي هي
الحكمة، و " القانون " هو الامر الكلي الذي ينطبق على جميع جزئيات ذلك الشئ. " الوافي "
12 / 404.
(3) انظر تصانيفه ورسائله في " الوافي بالوفيات " 12 / 404 - 406، و " عيون الانباء "
457 - 459، و " هدية العارفين " 1 / 308، 309، وكتاب " مؤلفات ابن سينا " وضع الأب
جورج قنواتي، وانظر ما طبع منها في " معجم المطبوعات " 127 - 132.
533

وقاسوا شدائد، فبالغ صاحب أصبهان علاء الدولة في إكرامه، إلى أن قال
خادمه: وكان الشيخ قوي القوى كلها، يسرف في الجماع، فأثر في
مزاجه، وأخذ القولنج حتى حقن نفسه في يوم ثمان مرات، فتقرح معاه،
وظهر به سحج (1)، ثم حصل له الصرع الذي يتبع علة القولنج، فأمر يوما
بدانقين من بزر الكرفس في الحقنة، فوضع طبيبه عمدا أو خطأ زنة خمسة
دراهم، فازداد السحج، وتناول مثروذيطوس (2) لأجل الصرع، فكثره
غلامه، وزاده أفيون، وكانوا قد خانوه في مال كثير، فتمنوا هلاكه، ثم
تصلح، لكنه مع حاله يكثر الجماع، فينتكس، وقصد علاء الدولة همذان،
فسار معه الشيخ، فعاودته العلة في الطريق، وسقطت قوته، فأهمل
العلاج، وقال: ما كان يدبر بدني عجز، فلا تنفعني المعالجة (3). ومات
بهمذان بعد أيام وله ثلاث وخمسون سنة.
قال ابن خلكان (4): ثم اغتسل وتاب، وتصدق بما معه على الفقراء،
ورد المظالم، وأعتق مماليكه، وجعل يختم القرآن في كل ثلاث، ثم مات
يوم الجمعة في رمضان سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.
قال: ومولده في صفر سنة سبعين وثلاث مئة.
قلت: إن صح مولده، فما عاش إلا ثمانيا وأربعين سنة وأشهرا،
ودفن عند سور همذان، وقيل: نقل تابوته إلى أصبهان.

(1) أي تقشر.
(2) في " عيون الانباء ": " المثرود بطوس "، وفي " الوافي ": " المثروديطوس ".
(3) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 159، 160، و " طبقات الأطباء " 440 - 442، و
" الوافي بالوفيات " 12 / 400، 401.
(4) في " وفيات الأعيان " 2 / 160.
534

ومن وصية ابن سينا لأبي سعيد، فضل الله الميهني: ليكن الله تعالى
أول فكر له وآخره، وباطن كل اعتبار وظاهره، ولتكن عينه مكحولة بالنظر
إليه، وقدمه موقوفة على المثول بين يديه، مسافرا بعقله في الملكوت
الاعلى وما فيه من آيات ربه الكبرى، وإذا انحط إلى قراره، فلينزه الله في آثاره،
فإنه باطن ظاهر تجلى لكل شئ بكل شئ، وتذكر نفسه (1)، وودعها، وكان
معها كأن ليس معها، فأفضل الحركات الصلاة، وأمثل السكنات الصيام،
وأنفع البر الصدقة، وأزكى السر الاحتمال، وأبطل السعي (2) الرياء، ولن
تخلص النفس عن الدون ما التفتت إلى قيل وقال وجدال، وخير العمل ما
صدر عن خالص نية، وخير النية ما انفرج عن علم، ومعرفة الله أول
الأوائل، إليه يصعد الكلم الطيب. إلى أن قال: والمشروب فيهجر تلهيا لا
تشفيا (3)، ولا يقصر في الأوضاع الشرعية، ويعظم السنن الإلهية (4).
قد سقت في " تاريخ الاسلام " أشياء اختصرتها، وهو رأس الفلاسفة
الاسلامية، لم يأت بعد الفارابي مثله، فالحمد لله على الاسلام والسنة.
وله كتاب " الشفاء "، وغيره، وأشياء لا تحتمل، وقد كفره
الغزالي في كتاب " المنقذ من الضلال " (5)، وكفر الفارابي.

(1) أسقط المؤلف من الوصية قبل هذه الجملة ما لا يتم المعنى إلا به. انظر " عيون الانباء
في طبقات الأطباء " 445.
(2) تحرفت في " عيون الانباء " إلى " السهي " بالهاء.
(3) في " عيون الانباء " زيادة: وتداويا.
(4) انظر نص هذه الوصية في " عيون الانباء " 445، 446.
(5) يقول شيخ الاسلام رحمه الله في كتابه " درء تعارض العقل والنقل " 1 / 8 وهو
بصدد البحث عن انحراف الفلاسفة: ولهؤلاء في نصوص الأنبياء طريقتان: طريقة التبديل وطريقة
التجهيل، أما أهل التبديل، فهم نوعان: أهل الوهم والتخييل، وأهل التحريف والتأويل، فأهل الوهم
والتخييل هم الذين يقولون: إن الأنبياء أخبروا عن الله وعن اليوم الآخر، وعن الجنة والنار، بل
وعن الملائكة، بأمور غير مطابقة للامر في نفسه، لكنهم خاطبوهم بما يتخيلون به ويتوهمون به أن
الله جسم عظيم، وأن الأبدان تعاد، وأن لهم نعيما محسوسا، وعقابا محسوسا، وإن كان الامر
ليس كذلك في نفس الامر، لان من مصلحة الجمهور أن يخاطبوا بما يتوهمون به ويتخيلون أن
الامر هكذا، وإن كان هذا كذبا فهو كذب لمصلحة الجمهور، إذ كانت دعوتهم ومصلحتهم لا
تمكن إلا بهذه الطريق.
وقد وضع ابن سينا وأمثاله قانونهم على هذا الأصل، كالقانون الذي ذكره في رسالته
الأضحوية ص 44 - 51. وهؤلاء يقولون: الأنبياء قصدوا بهذه الألفاظ ظواهرها، وقصدوا أن
يفهم الجمهور منها هذه الظواهر، وإن كانت الظواهر في نفس الامر كذبا وباطلا ومخالفة للحق،
فقصدوا إفهام الجمهور بالكذب والباطل للمصلحة. ثم من هؤلاء من يقول: النبي كان يعلم
الحق ولكن أظهر خلافه للمصلحة. ومنهم من يقول: ما كان يعلم الحق كما يعلمه نظار الفلاسفة
وأمثالهم، وهؤلاء يفضلون الفيلسوف الكامل على النبي، ويفضلون الولي الكامل الذي له هذا
المشهد على النبي، كما يفضل ابن عربي الطائي خاتم الأولياء في زعمه على الأنبياء، وكما
يفضل الفارابي ومبشر بن فاتك وغيرهما الفيلسوف على النبي.
وأما الذين يقولون: إن النبي كان يعلم ذلك، فقد يقولون: إن النبي أفضل من
الفيلسوف، لأنه علم ما علمه الفيلسوف وزيادة، وأمكنه أن يخاطب الجمهور بطريقة يعجز عن
مثلها الفيلسوف، وابن سينا وأمثاله من هؤلاء. وهذا في الجملة قول المتفلسفة والباطنية،
كالملاحدة الإسماعيلية، وأصحاب رسائل اخوان الصفا، والفارابي وابن سينا والسهروردي
المقتول وابن رشد الحفيد، وملاحدة الصوفية الخارجين عن طريقة المشايخ المتقدمين من أهل
الكتاب والسنة، كابن عربي وابن سبعين وابن الطفيل صاحب رسالة حي بن يقطان. وخلق كثير
غير هؤلاء.
وقد خص شيخ الاسلام قسما كبيرا من هذا الكتاب العظيم في تتبع سقطات ابن سينا
وضلالاته، وبيان ما فيها من زيف وانحراف بالحجة والبرهان على طريقة السلف الصالح من لدن
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان من الأئمة والعلماء المشهود لهم بالعلم والايمان
والاستقامة والعرفان.
535

وقال الرئيس: قد صح عندي بالتواتر ما كان بجوزجان في زماننا من
أمر حديد - لعله زنة مئة وخمسين منا - نزل من الهواء، فنشب في الأرض،
ثم نبا نبوة الكرة، ثم عاد، فنشب في الأرض، وسمع له صوت عظيم
هائل، فلما تفقدوا أمره، ظفروا به، وحمل إلى والي جوزجان، فحاولوا
كسر قطعة منه، فما عملت فيه الآلات إلا بجهد، فراموا عمل سيف منه،
536

فتعذر. نقله في " الشفاء ".
340 - ذو القرنين *
الأمير الكبير، نائب دمشق، وجيه الدولة، أبو المطاع، ابن صاحب
الموصل ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان، التغلبي الشاعر.
ولي دمشق بعد لؤلؤ سنة إحدى وأربع مئة، وجاءته الخلع من
الحاكم، ثم عزله بابن بزال، ثم ولي دمشق للظاهر بن الحاكم، ثم عزل
بعد أشهر بسختكين، ثم وليها سنة خمس عشرة، ثم عزل بالدزبري بعد
أربعة أعوام.
وله نظم في الذروة، وكان ابنه من خيار الدولة المصرية.
مات ذو القرنين في صفر سنة ثمان وعشرين وأربع مئة، وكان من أبناء
الثمانين.
وله:
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا * وشهدت حين نكرر التوديعا
أيقنت أن من الدموع محدثا * وعلمت أن من الحديث دموعا (1)
ومن شعره:
أفدي الذي زرته بالسيف مشتملا * ولحظ عينيه أمضى من مضاربه
فما خلعت نجادي للعناق له * إلا لبست نجادا من ذوائبه

* تقدمت ترجمته برقم (340) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(1) البيتان في " وفيات الأعيان " 2 / 280، و " معجم الأدباء " 11 / 120، و " تهذيب
تاريخ دمشق " 5 / 262.
537

فبات أسعدنا في نيل بغيته * من كان في الحب أشقانا بصاحبه (1)
357 - المحاملي *
الشيخ أبو عبد الله، أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل،
الضبي المحاملي.
سمع النجاد، وأبا سهل بن زياد، ودعلجا، وطائفة.
وعنه: الخطيب، وأبو الفضل بن خيرون، وأبو غالب الباقلاني،
وآخرون.
قال الخطيب (2): سماعه صحيح، حدث له صمم في سنة ثمان،
ومات سنة تسع وعشرين وأربع مئة، في ربيع الآخر عن ست وثمانين سنة.
358 - ابن الحارث * *
الامام الكبير، أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحارث، التميمي
الأصبهاني، المقرئ النحوي، الزاهد المحدث، نزيل نيسابور.
حدث عن: أبي الشيخ بن حيان، وأبي بكر عبد الله بن محمد
القباب، وأبي الحسن الدارقطني، وطائفة.

(1) الأبيات في " وفيات الأعيان " 2 / 279، و " معجم الأدباء " 11 / 121، و " تهذيب
تاريخ دمشق " 5 / 262، والأولان منها في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 115.
* تاريخ بغداد 4 / 238.
(2) المصدر السابق.
* * إنباه الرواة 1 / 130، 131، تلخيص ابن مكتوم 22، العبر 3 / 170، شذرات
الذهب 3 / 245.
538

حدث عنه: البيهقي، ومحمد بن يحيى المزكي، ومنصور بن حيد،
وعبد الغفار بن محمد الشيرويي، وآخرون.
وتخرج به أهل نيسابور في العربية.
مات في ربيع الأول سنة ثلاثين وأربع مئة عن إحدى وثمانين سنة،
وحدث بسنن الدارقطني.
359 - الحيري *
العلامة المفسر، أبو عبد الرحمن، إسماعيل بن أحمد،
النيسابوري، الحيري، الضرير الزاهد، أحد الاعلام.
له التصانيف في القرآن والقراءات، والحديث والوعظ، ونفع
الخلق.
روى عن: زاهر السرخسي، وأبي محمد المخلدي، وحفيد ابن
خزيمة، وأبي الهيثم الكشميهني.
وعنه: الخطيب، ومسعود بن ناصر.
قال الخطيب (1): قدم علينا، ونعم الشيخ كان، له تفسير مشهور،
قرأت عليه " صحيح " البخاري في ثلاثة مجالس، ميعادان في ليلتين،

* تاريخ بغداد 6 / 313، 314، الأنساب 4 / 289، المنتظم 8 / 105، معجم الأدباء
6 / 128، 129، العبر 3 / 171، نكت الهميان 119، طبقات السبكي 4 / 265، طبقات
المفسرين للسيوطي 7، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 104، 105، كشف الظنون 442،
شذرات الذهب 3 / 245 وتصحف فيه إلى " الجيزي " بالجيم والزاي، هدية العارفين 1 /
209، 210.
(1) في " تاريخ بغداد " 6 / 314.
539

وقرأت الثالث من ضحوة إلى الليل، ثم إلى طلوع الفجر.
قلت: مات سنة ثلاثين وأربع مئة وله تسع وستون سنة.
360 - ابن رامش *
المولى الكبير، متولي نيسابور، أبو عبد الله، منصور بن رامش بن
عبد الله بن زيد، النيسابوري.
حدث بخراسان وببغداد والحرم ودمشق عن: أبي الفضل عبيد الله
الزهري، وأبي الطيب محمد بن الحسين التيملي، وعبيد الله بن محمد
الفامي، والدار قطني، وأبي محمد المخلدي، وعدة.
روى عنه: الخطيب، والكتاني، والحسن بن أبي الحديد، وأبو
الفضل بن الفرات، ومحمد بن علي المطرز.
وكان صدرا معظما، ثقة، محدثا كثير الرواية، وجه بوقر من
مسموعاته، وتفرد بأشياء.
قال عبد الغافر بن إسماعيل في " السياق ": كنيته أبو نصر الرئيس،
السلار الغازي، رجل من الرجال، وداه من الدهاة، ولي رئاسة نيسابور في
دولة محمود، وترتيب نيسابور بعدله وإنصافه، ثم حج وجاور سنتين، ثم
عاد فولي البلد، فلم يتمكن من العدل، فاستعفي، ولزم العبادة، وكان
ثقة.
توفي في رجب سنة سبع وعشرين وأربع مئة.
* تاريخ بغداد 13 / 86. (*)
540

361 - ابن مغلس *
الأستاذ اللغوي، أبو محمد، عبد العزيز بن أحمد بن السيد بن
مغلس، القيسي (1) الأندلسي، نزيل مصر، من أئمة الأدب.
وله نظم بديع، وهو القائل:
مريض الجفون بلا علة * ولكن قلبي به ممرض
وما زار شوقا ولكن أتى * يعرض لي أنه معرض (2)
أخذ عن: صاعد بن الحسن الربعي وغيره.
توفي سنة سبع وعشرين وأربع مئة.
82 - المعتلي * *
أمير الأندلس، أبو زكريا، يحيى بن علي بن حمود، الحسني
الإدريسي المغربي، الملقب بالمعتلي بالله.
توثب على عمه الأمير القاسم بن حمود، وزحف إليه من مالقة،
وتملك قرطبة، ثم تراجع أمر القاسم، واستمال البربر، وحشد وقصد
قرطبة في سنة ثلاث عشرة وأربع مئة، ففر المعتلي إلى مالقة، ثم اضطرب

* جذوة المقتبس 288، الصلة 2 / 369، 370، بغية الملتمس 384، وفيات الأعيان
3 / 193، 194، بغية الوعاة 2 / 98، نفح الطيب 2 / 132.
(1) في الأصل: القليسي، وهو تحريف، والصواب من " الصلة " و " الجذوة " و " بغية
الملتمس " و " وفيات الأعيان ". وفي " نفح الطيب ": القيسي البلنسي، وفي " بغية الوعاة ":
البلنسي.
(2) البيتان في " وفيات الأعيان " 3 / 194، و " بغية الوعاة " 2 / 98، و " نفح الطيب "
2 / 132.
* * تقدمت ترجمته برقم (82) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
541

أمر القاسم بعد يسير، وتغلب المعتلي على الجزيرة الخضراء، وكانت أمه
علوية أيضا، ثم تلقب بأمير المؤمنين، واستفحل أمره، وتسلم قرطبة ثانيا،
وتسلم القلاع قبل سنة عشرين، ثم حاصر إشبيلية، وكبيرها القاضي محمد
ابن إسماعيل بن عباد، فبرز عدة فوارس للمبارزة، فساق لقتالهم المعتلي
بنفسه وهو مخمور، فقتلوه في المحرم سنة سبع وعشرين وأربع مئة، فقام
بعده ولده إدريس.
واتفق في العام موت الأمير المعتد بالله أبي بكر هشام بن محمد بن
عبد الملك بن الناصر المرواني، وكان قد بويع، ونهض بأمره عميد قرطبة
أبو الحزم جهور بن محمد، فعقدوا له في سنة ثمان عشرة، وبقي مترددا في
الثغور ثلاث سنين، وثارت فتن وبلايا واضطراب، ثم خلعه الجند،
وأهين، فالتجأ إلى ابن هود بسرقسطة إلى أن مات عن ثلاث وستين سنة،
فهو آخر المروانية.
362 - ابن شهاب *
الامام العلامة الأوحد، الكاتب المجود، أبو علي، الحسن بن
شهاب بن الحسن بن علي، العكبري، الفقيه الحنبلي.
مولده سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.
وطلب الحديث في رجوليته، فسمع من: أبي علي بن الصواف،

* تاريخ بغداد 7 / 329، 330، طبقات الحنابلة 2 / 186 - 188، المنتظم 8 / 92،
الوافي بالوفيات 12 / 55، مختصر طبقات الحنابلة 370، البداية والنهاية 12 / 40، 41،
شذرات الذهب 3 / 241، 242.
542

وأبي بكر بن خلاد، وأبي بكر القطيعي، وحبيب بن الحسن القزاز، فمن
بعدهم.
وبرع في المذهب، وكان من أئمة الفقه والعربية والشعر وكتابة
المنسوب (1).
وثقة أبو بكر البرقاني (2).
وحدث عنه: أبو بكر الخطيب، وعيسى بن أحمد الهمذاني.
وكان يضرب المثل بحسن كتابته.
قال الخطيب: حدثنا عيسى بن أحمد قال: قال لي أبو علي شهاب
يوما: أرني خطك، فقد ذكر لي أنك سريع الكتابة، فنظر فيه، فلم يرضه،
ثم قال لي: كسبت في الوراقة خمسة وعشرين ألف درهم راضية (3)، كنت
أشتري كاغدا بخمسة دراهم، فأكتب فيه ديوان المتنبي في ثلاث ليال،
وأبيعه بمئتي درهم، وأقله بمئة وخمسين درهما، وكذلك كتب الأدب
المطلوبة (4).
قال الأزهري: أوصى بالثلث لفقهاء الحنابلة، فلم يعطوا شيئا، أخذ
السلطان من تركته ألف دينار سوى العقار (5).
مات ابن شهاب في رجب سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.

(1) أي: ذو قاعدة.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 7 / 329.
(3) نسبة إلى الخليفة العباسي أبي العباس أحمد الراضي بالله بن المقتدر، المتوفى سنة
329 ه‍، وقد مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(4) " تاريخ بغداد " 7 / 329، 330.
(5) " تاريخ بغداد " 7 / 330.
543

363 - ابن باكويه *
الامام الصالح المحدث، شيخ الصوفية، أبو عبد الله، محمد بن
عبد الله بن عبيد الله بن باكويه، الشيرازي.
ولد سنة نيف وأربعين وثلاث مئة.
وطلب هذا الشأن، وارتحل فيه.
وسمع محمد بن خفيف الزاهد، ومحمد بن ناصح الكرجي، وأبا
أحمد بن عدي، وأبا بكر الإسماعيلي، وأبا يعقوب النجيرمي، وأبا بكر
القطيعي، وأبا الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي، وعلي بن
عبد الرحمن البكائي الكوفي، ومغيرة بن عمرو المكي، وإسماعيل بن
محمد البخلي الفراء، وأبا بكر بن المقرئ، وأبا بكر يوسف بن القاسم
الميانجي، ولقي ببخارى أبا بكر محمد بن القاسم الفارسي.
حدث عنه: أبو القاسم القشيري، وعبد الواحد ولد القشيري، وأبو
بكر بن خلف الشيرازي، وعبد الوهاب بن أحمد الثقفي، وعلي بن أبي
صادق الحيري، وعبد الغفار بن محمد الشيرويي، وآخرون.
وقع لي جزء من حديثه، وله تصانيف وجموع.
قال أبو صالح المؤذن: نظرت في أجزاء أبي عبد الله بن باكويه، فلم
أجد عليها آثار السماع، وأحسن ما سمعت عليه الحكايات.
قال الحسين بن محمد الكتبي: مات سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.

* الأنساب 2 / 54، اللباب 1 / 113، المشتبه 1 / 44، العبر 3 / 167، الوافي
بالوفيات 3 / 322، شذرات الذهب 3 / 242، هدية العارفين 2 / 65.
544

364 - أبو عمران الفاسي *
الامام الكبير، العلامة، عالم القيروان، أبو عمران، موسى بن
عيسى بن أبي حاج (1) يحج (2)، البربري، الغفجومي (3) الزناتي، الفاسي
المالكي، أحد الاعلام.
تفقه بأبي الحسن القابسي، وهو أكبر تلامذته، ودخل إلى الأندلس،
فتفقه بأبي محمد الأصيلي. وسمع من عبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن
نصر، وأحمد بن القاسم التاهرتي.
قال أبو عمر بن عبد البر: كان صاحبي عندهم، وأنا دللته عليهم (4).
قلت: حج غير مرة، وأخذ القراءات ببغداد عن أبي الحسن
الحمامي، وغيره، وسمع من أبي الفتح بن أبي الفوارس، والموجودين،
وأخذ علم العقليات عن القاضي أبي بكر بن الباقلاني في سنة تسع وتسعين
وسنة أربع مئة (5).

* الاكمال 7 / 80، 81 و 189، جذوة المقتبس 388، ترتيب المدارك 4 / 702 -
706، الأنساب 9 / 224، الصلة 2 / 611، 612، بغية الملتمس 457، معجم البلدان
4 / 207، اللباب 2 / 407، معرفة القراء الكبار 1 / 312، العبر 3 / 172، 173، الديباج
المذهب 2 / 337، 338، غاية النهاية 2 / 321، 322، تبصير المنتبه 4 / 1410، النجوم
الزاهرة 5 / 30، شذرات الذهب 3 / 247، 248، شجرة النور الزكية 1 / 106.
(1) تحرف في " الديباج المذهب " إلى " حجاج ".
(2) بفتح الياء وضم المهملة ثم جيم ثقيلة كالمضارع من الحج، وهو اسم أبي حاج. انظر
" الاكمال " 7 / 189، و " تبصير المنتبه " 4 / 1410.
(3) نسبة إلى غفجوم بالغين المعجمة والفاء المفتوحة والجيم المضمومة، وهي فخذ من
زناتة: قبيلة من البربر بالمغرب. انظر " ترتيب المدارك " 792 و " الديباج المذهب " 2 /
337.
(4) " الصلة " 2 / 611.
(5) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 702، 703.
545

قال حاتم بن محمد: كان أبو عمران من أعلم الناس وأحفظهم،
جمع حفظ الفقه إلى الحديث ومعرفة معانيه، وكان يقرأ القراءات ويجودها،
ويعرف الرجال والجرح والتعديل، أخذ عنه الناس من أقطار المغرب، لم
ألق أحدا أوسع علما منه، ولا أكثر رواية (1).
قال ابن بشكوال (2): أقرأ الناس بالقيروان، ثم ترك ذلك، ودرس
الفقه، وروى الحديث.
قال ابن عبد البر: ولدت مع أبي عمران في سنة ثمان وستين وثلاث
مئة (3).
قال أبو عمرو الداني: توفي في ثالث عشر رمضان سنة ثلاثين وأربع
مئة (4).
قلت: تخرج بهذا الامام خلق من الفقهاء والعلماء.
وحكى القاضي عياض (5) قال: حدث في القيروان مسألة في الكفار،
هل يعرفون الله تعالى أم لا؟ فوقع فيها اختلاف العلماء، ووقعت في ألسنة
العامة، وكثر المراء، واقتتلوا في الأسواق إلى أن ذهبوا إلى أبي عمران
الفاسي، فقال: إن أنصتم، علمتكم. قالوا: نعم. قال: لا يكلمني إلا
رجل، ويسمع الباقون. فنصبوا واحدا، فقال له: أرأيت لو لقيت رجلا،

(1) " الصلة " 2 / 612، و " ترتيب المدارك " 4 / 703، 704، و " معرفة القراء
الكبار " 1 / 312.
(2) في " الصلة " 2 / 611.
(3) " الصلة " 2 / 612.
(4) " الصلة " 2 / 612، و " معرفة القراء الكبار " 1 / 312.
(5) في " ترتيب المدارك " 4 / 705.
546

فقلت له: أتعرف أبا عمران الفاسي؟ قال: نعم. فقلت له: صفه لي (1).
قال: هو بقال في سوق كذا، ويسكن سبتة، أكان يعرفني؟ فقال: لا.
فقال: لو لقيت آخر فسألته كما سألت الأول، فقال (2): أعرفه، يدرس
العلم، ويفتي، ويسكن بغرب الشماط (3)، أكان يعرفني؟ قال: نعم.
قال: فكذلك الكافر قال: لربه صاحبة وولد، وأنه جسم، فلم يعرف الله
ولا وصفه بصفته بخلاف المؤمن. فقالوا: شفيتنا. ودعوا له، ولم يخوضوا
بعد في المسألة.
قلت: المشركون والكتابيون وغيرهم عرفوا الله تعالى بمعنى أنهم لم
يجحدوه، وعرفوا أنه خالقهم، قال تعالى: (ولئن سألتهم من خلقهم
ليقولن الله) [الزخرف: 87] وقال: (قالت رسلهم أفي الله شك فاطر
السماوات والأرض) [إبراهيم: 10] فهؤلاء لم ينكروا البارئ، ولا
جحدوا الصانع، بل عرفوه، وإنما جهلوا نعوته المقدسة، وقالوا عليه ما لا
يعلمون، والمؤمن فعرف ربه بصفات الكمال، ونفى عنه سمات النقص
في الجملة، وآمن بربه، وكف عما لا يعلم، فبهذا يتبين لك أن الكافر عرف
الله من وجه، وجهله من وجوه، والنبيون عرفوا الله تعالى، وبعضهم أكمل
معرفة الله، والأولياء فعرفوه معرفة جيدة، ولكنها دون معرفة الأنبياء، ثم
المؤمنون العالمون بعدهم، ثم الصالحون دونهم. فالناس في معرفة ربهم
متفاوتون، كما أن إيمانهم يزيد وينقص، بل وكذلك الأمة في الايمان بنبيهم
والمعرفة له على مراتب، فأرفعهم في ذلك أبو بكر الصديق مثلا، ثم عدد

(1) في الأصل: " هو " بدل " لي "، والمثبت من " ترتيب المدارك ".
(2) من قوله: قال: هو بقال... إلى هنا ليس في المطبوع من " ترتيب المدارك ".
(3) في " ترتيب المدارك ": بقرب السماط.
547

من السابقين، ثم سائر الصحابة، ثم علماء التابعين، إلى أن تنتهي المعرفة
به والايمان به إلى أعرابي جاهل وامرأة من نساء القرى، ودون ذلك.
وكذلك القول في معرفة الناس لدين الاسلام.
365 - بشرى *
ابن مسيس (1)، وهو ابن عبد الله، الشيخ المعمر، الصالح الصادق
المسند، أبو الحسن، الرومي الفاتني (2)، مولى فاتن الأمير، مولى المطيع
لله.
أسر من أرض الروم وهو أمرد، فحكى قال: أهداني بعض بني
حمدان إلى فاتن، فأدبني، وأسمعني، ثم ورد أبي إلى بغداد سرا ليتلطف
في أخذي، فلما رآني على تلك الصفة من الاسلام والاشتغال بالعلم،
يئس مني، ورجع (3).
حدث عن: أبي بكر بن الهيثم الأنباري، ومحمد بن بدر
الحمامي (4)، وعمر بن محمد بن حاتم الترمذي، وسعد بن محمد
الصيرفي، ومحمد بن حميد المخرمي، وابن سلم الختلي، والحافظ أبي

* تاريخ بغداد 7 / 135، 136، الاكمال 7 / 51 و 79 و 255، الأنساب 9 / 208
(الفاتني)، المنتظم 8 / 106، اللباب 2 / 401، المشتبه 2 / 491، العبر 3 / 173،
الوافي بالوفيات 10 / 159، 160، البداية والنهاية 12 / 47، تبصير المنتبه 3 / 1092 و 4 /
1289، شذرات الذهب 3 / 248.
(1) بوزن عظيم.
(2) تحرف في " شذرات الذهب " إلى " القاضي ".
(3) انظر " الوافي " 10 / 159، 160.
(4) نسبة إلى الحمام، وهي الطيور، يقال لمن يطيرها ويرسلها من البلاد: حمامي.
انظر " الأنساب " 4 / 208 وفيه ترجمة محمد بن بدر هذا.
548

محمد بن السقاء، وأبي يعقوب النجيرمي، وأبي بكر القطيعي، وطائفة.
حدث عنه: الخطيب، وخالد بن عبد الواحد التاجر، وهبة الله بن
أحمد الموصلي، والأمير أبو نصر بن ماكولا، وأبو القاسم بن بيان الرزاز،
وأبو ياسر أحمد بن بندار، وعدة.
قال الخطيب (1): كتبت عنه، وكان صدوقا صالحا، توفي يوم عيد
الفطر سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة.
قلت: مات في عشر المئة.
قال الخطيب (2): حدثني أن أباه ورد بغداد سرا ليتلطف في أخذه،
قال: فلما رآني على تلك الحالة من الاشتغال بالعلم والمثابرة على لقاء
الشيوخ، علم ثبوت الاسلام في قلبي، فانصرف.
وفيها مات أبو علي الحسن بن الحسين بن دوما النعالي، والقاضي أبو
عمرو سيار بن يحيى الهروي (3) والد صاعد، والقاضي أبو العلاء صاعد بن
محمد الاستوائي (4)، وأبو سعد عبد الرحمن بن الحسن بن عليك (5)، وعبد
الرحمن بن عبد العزيز ابن الطبيز (6) بدمشق، وعثمان بن أحمد
القيشطالي (7)، ومحمد بن أحمد التميمي الجواليقي، وأبو بكر محمد بن

(1) في " تاريخ بغداد " 7 / 136.
(2) المصدر السابق.
(3) تقدمت ترجمته برقم (330).
(4) تقدمت ترجمته برقم (329).
(5) تقدمت ترجمته برقم (331).
(6) تقدمت ترجمته برقم (321).
(7) تقدمت ترجمته برقم (333).
549

عبد الله بن شاذان الأعرج، وأبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني (1)،
ومحمد بن الفضل بن نظيف (2) الفراء، والمسدد بن علي الأملوكي (3)،
والمفضل بن إسماعيل بن أبي بكر الإسماعيلي (4)، ومحمد بن عوف المزني
بدمشق.
366 - محمد بن عوف *
ابن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، الامام المحدث الحجة، أبو
الحسن المزني (5) الدمشقي. وكان تكنى قديما بأبي بكر، فلما منعت
الدولة العبيدية من التكني بذلك، تكنى بأبي الحسن.
حدث عن أبي علي الحسن بن منير، وأبي علي بن أبي الرمرام،
ومحمد بن معيوف، والفضل بن جعفر المؤذن، والقاضي يوسف
الميانجي، وأبي سليمان بن زبر، وعدة.
حدث عنه: عبد العزيز الكتاني، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد،
وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو الطاهر بن أبي الصقر الأنباري، والفقيه نصر
ابن إبراهيم، وعلي بن بكار الصوري، وسعد بن علي الزنجاني،
وآخرون.
قال الكتاني: كان شيخا ثقة نبيلا مأمونا، توفي في ربيع الآخر سنة

(1) سترد ترجمته برقم (371).
(2) تقدمت ترجمته برقم (314).
(3) تقدمت ترجمته برقم (341).
(4) تقدمت ترجمته برقم (342).
* العبر 3 / 175، الوافي بالوفيات 4 / 294، شذرات الذهب 3 / 249.
(5) تحرف في " العبر " إلى " المزي ".
550

إحدى وثلاثين وأربع مئة.
قلت: كان من أبناء التسعين أو دونها.
أخبرنا محمد بن علي الصالحي، أخبرنا الحسن بن علي بن الحسين
ابن الحسن الأسدي سنة عشرين وست مئة، أخبرنا جدي، أخبرنا الحسن بن
أحمد بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن عوف، أخبرنا الفضل بن جعفر،
حدثنا عبد الرحمن بن القاسم بن الرواس، حدثنا عبد الرحمن بن إسماعيل
ابن يحيى، حدثني الوليد بن محمد قال: قال الزهري: حدثني أنس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى
العوالي، فيأتيها والشمس مرتفعة (1).
العوالي عن المدينة: أربعة أميال.
367 - ابن المزكي *
المحدث الصادق المعمر، أبو عبد الله (2)، محمد بن المحدث أبي
إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه، النيسابوري المزكي، أحد

(1) وأخرجه مالك 1 / 9 في وقوت الصلاة، ومن طريقه البخاري (551) ومسلم (621)
(193) عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، وأخرجه البخاري (550) من طريق أبي اليمان عن
شعيب عن الزهري وأخرجه مسلم (621) وأبو داود (404) والنسائي 1 / 252 من طريق قتيبة عن
الليث، عن الزهري... والعوالي: هي القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها، وأما ما
كان من جهة تهامتها، فيقال لها: السافلة، وبعد بعض العوالي من المدينة أربعة أميال، وأبعدها
ثمانية أميال، وأقربها ميلان وبعضها ثلاثة أميال، فقوله: والعوالي عن المدينة أربعة أميال
مدرج من كلام الزهري بينه عبد الرزاق في " المصنف " (2069) عن معمر عن الزهري في هذا
الحديث، فقال فيه بعد قوله والشمس ومرتفعة: قال الزهري: والعوالي: على ميلين أو ثلاثة،
قال: وأحسبه قال: وأربعة.
* العبر 3 / 163، الوافي بالوفيات 1 / 350، شذرات الذهب 3 / 233.
(2) في " الوافي ": أبو إسحاق.
551

الاخوة (1) الخمسة وهو أصغرهم.
حدث عن: والده أبي إسحاق المزكي، وأبي العباس محمد بن
إسحاق الصبغي، وحامد بن محمد الرفاء، وأبي عمرو بن مطر، ويحيى بن
منصور القاضي، وأبي بكر بن الهيثم الأنباري، وأبي بحر البربهاري، وأبي
بكر عبد الله بن يحيى الطلحي، وعدة.
وانتقى عليه أحمد بن علي بن منجويه (2) الحافظ، وأبو حازم
العبدويي (3)، وكان صحيح الأصول.
قال عبد الغافر الفارسي: كان أبي يتأسف على فوات السماع منه،
وقد أخبرنا عنه أخوالي، أبو سعد، وأبو سعيد، وأبو منصور، ونافع بن
محمد الأبيوردي، وفلان الشقاني، وأبو بكر محمد بن يحيى المزكي بن
أخيه، وعلي بن عبد الرحمن العثماني.
قلت: وأبو سعيد علي بن عبد الله بن أبي صادق، وعبد الغفار بن
محمد الشيرويي، وآخرون.
مات سنة سبع وعشرين وأربع مئة، وكان من أبناء الثمانين، رحمه
الله.
368 - القرشي *
الامام المسند العدل، أبو عثمان، سعيد بن العباس بن محمد بن

(1) تقدمت ترجمة أخيه يحيى برقم (179).
(2) تقدمت ترجمته برقم (293).
(3) تقدمت ترجمته برقم (204).
* تاريخ بغداد 9 / 113، 114، الأنساب 10 / 94، العبر 3 / 178، شذرات
الذهب 3 / 250.
552

علي بن سعيد، القرشي الهروي.
سمع أبا علي حامد بن محمد الرفاء، وأبا حامد بن حسنويه، وأبا
الفضل بن خميرويه، ومنصور بن العباس البوشنجي، وجماعة تفرد بالرواية
عنهم.
وانتخب عليه الحافظ أبو يعقوب القراب (1) أجزاء كثيرة.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو إسماعيل عبد الله بن محمد
الأنصاري، ومحمد بن علي العميري، وآخرون.
عاش أربعا وثمانين سنة. مات في المحرم سنة ثلاث وثلاثين وأربع
مئة.
وكان من سروات الرجال وبقايا المسندين بهراة.
369 - النصرويي *
الشيخ الجليل، الامام المحدث، أبو سعد، عبد الرحمن بن
حمدان بن محمد بن حمدان بن نصرويه، النصرويي - بصاد مهملة (2) -
النيسابوري.
رحل وكتب الكثير، وروى " مسند " إسحاق وغير ذلك.
حدث عن: أبي عمرو بن نجيد، وأبي الحسن السراج، وأبي محمد

(1) وسترد ترجمته برقم (376).
* الأنساب (النصرويي)، اللباب 3 / 311، العبر 3 / 178، شذرات الذهب 3 /
250، 251.
(2) وتصحف في المطبوع من " العبر " إلى " النضرويي " بالضاد المعجمة.
553

ابن ماسي، ومحمد بن أحمد المفيد، وأبي بكر القطيعي، وأبي عبد الله
العصمي، وطبقتهم.
حدث عنه: الخطيب، والبيهقي، وأبو علي الحسن بن محمد بن
محمد بن محمويه، وعبد الغفار الشيرويي، وعدة. وسماعه لمسند إسحاق
من عبد الله بن محمد بن زياد السمذي.
مات في صفر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مئة، وأبو بكر أحمد بن
الحسن بن أحمد الطيان بدمشق، وأبو نصر أحمد بن الحسين الكسار (1)،
وأبو عثمان سعيد بن العباس القرشي (2) الهروي، وأبو الحسن علي بن
محمد بن السمسار (3)، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن
الباجي، والسلطان مسعود (4) بن السلطان محمود بن سبكتكين، وقاضي
إشبيلية الملك محمد بن إسماعيل بن عباد (5)، وأحمد بن محمد بن
فاذشاه (6)، وأبو القاسم علي بن محمد الزيدي (7)، شيخ حران.
370 - أبو ذر الهروي *
الحافظ الامام المجود، العلامة، شيخ الحرم، أبو ذر، عبد بن

(1) تقدمت ترجمته برقم (337).
(2) تقدمت ترجمته برقم (368).
(3) تقدمت ترجمته برقم (328).
(4) تقدمت ترجمته برقم (320).
(5) تقدمت ترجمته برقم (354). (6) تقدمت ترجمته برقم (339).
(7) تقدمت ترجمته برقم (327).
* تاريخ بغداد 11 / 141، ترتيب المدارك 4 / 696 - 698، تبيين كذب المفتري
255، 256، المنتظم 8 / 115، 116، الكامل لابن الأثير 9 / 514، العبر 3 / 180،
181،، تذكرة الحفاظ 3 / 1103 - 1108، دول الاسلام 1 / 257، البداية والنهاية 12 /
50، 51، الديباج المذهب 2 / 132، 133، العقد الثمين 5 / 539 - 541، النجوم
الزاهرة 5 / 36، طبقات الحفاظ 425، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 366 - 368، نفح
الطيب 2 / 70، 71، كشف الظنون 441، 1673، 1830، شذرات الذهب 3 / 254،
تاج العروس 3 / 453، هدية العارفين 1 / 437، 438، الرسالة المستطرفة 23، شجرة النور
الزكية 104، 105، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 388.
554

أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير (1) بن محمد، المعروف ببلده بابن
السماك، الأنصاري الخراساني الهروي المالكي، صاحب التصانيف،
وراوي " الصحيح " عن الثلاثة: المستملي، والحموي، والكشميهني.
قال: ولدت سنة خمس أو ست وخمسين وثلاث مئة.
سمع أبا الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه، وبشر بن محمد
المزني، وعدة بهراة، وأبا بكر هلال بن محمد بن محمد، وشيبان بن محمد
الضبعي بالبصرة، وعبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، وأبا عمر بن حيويه،
وعلي بن عمر السكري، وأبا الحسن الدارقطني، وطبقتهم ببغداد، وعبد
الوهاب الكلابي ونحوه بدمشق، وأبا مسلم الكاتب وطبقته بمصر، وزاهر
ابن أحمد الفقيه بسرخس، وأبا إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي ببلخ،
وأبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عثمان الدينوري، وغيره بمكة.
وألف " معجما " لشيوخه، وحدث بخراسان وبغداد والحرم.
حدث عنه: ابنه أبو مكتوم عيسى، وموسى بن علي الصقلي، وعلي
ابن محمد بن أبي الهول، والقاضي أبو الوليد الباجي، وأبو عمران موسى بن
أبي حاج الفارسي، وأبو العباس بن دلهاث، ومحمد بن شريح، وأبو عبد
الله بن منظور، وعبد الله بن الحسن التنيسي، وأبو صالح أحمد بن عبد

(1) بالغين المعجمة كما في " تبصير المنتبه " 3 / 1047، وقد تصحف في " ترتيب
المدارك " و " الديباج المذهب " و " العقد الثمين " إلى " عفير " بالمهملة. وانظر " الاكمال "
6 / 228.
555

الملك المؤذن، وعلي بن بكار الصوري، وأحمد بن محمد القزويني، وأبو
الطاهر إسماعيل بن سعيد النحوي، وعبد الله بن سعيد الشنتجالي (1)،
وعبد الحق بن هارون السهمي، وأبو الحسين بن المهتدي بالله، وعلي بن
عبدالغالب البغدادي، وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي، وأبو شاكر أحمد
ابن علي العثماني، وعنده عنه فرد حديث، وعدة.
وروى عنه بالإجازة: أبو عمر بن عبد البر، وأبو بكر الخطيب،
وأحمد بن عبد القادر اليوسفي، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن غلبون الخولاني
المتوفى في سنة ثمان وخمس مئة.
أخبرنا المسلم بن محمد في كتابه، عن القاسم بن علي، أخبرنا
أبي، أخبرنا علي بن أحمد الجرباذقاني (2) بهراة (ح) وأخبرنا أبو الحسن
الغرافي، أخبرنا علي بن روزبه ببغداد، أخبرنا أبو الوقت السجزي قالا:
أخبرنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري قال: عبد بن أحمد السماك
الحافظ صدوق، تكلموا في رأيه، سمعت منه حديثا واحدا عن شيبان بن
محمد الضبعي، عن أبي خليفة، عن علي بن المديني حديث جابر بطوله
في الحج (3) قال لي: أقرأه علي حتى تعتاد قراءة الحديث، وهو أول حديث

(1) نسبة إلى شنتجالة بالأندلس. انظر " معجم البلدان " 3 / 367 وفيه ترجمة عبد الله بن
سعيد هذا.
(2) بفتح الجيم، وسكون الراء، والباء الموحدة المفتوحة بعدها ألف، وسكون الذال
المعجمة، والقاف المفتوحة وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى بلدتين، إحداهما بين جرجان
وإستراباذ، والثانية بين أصبهان والكرج. ولا أدري إلى أيتهما ينسب علي بن أحمد هذا. انظر
" الأنساب " 3 / 218، 219، و " معجم البلدان " 2 / 118.
(3) حديث جابر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم مخرج بطوله في صحيح مسلم (1218) في
الحج: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
556

قرأته على الشيخ، وناولته الجزء، فقال: لست على وضوء، فضعه (1).
قال أبو ذر: سمعت الحديث من ابن خميرويه.
قلت: هو أقدم شيخ له.
قال: ودخلت على أبي حاتم بن أبي الفضل قبل ذلك، وسمعته يملي
يقول: حدثنا الحسين بن إدريس، قال أبو بكر الخطيب: قدم أبو ذر
بغداد، وحدث بها وأنا غائب، وخرج إلى مكة، وجاور، ثم تزوج في
العرب، وأقام بالسروات، فكان يحج كل عام، ويحدث، ثم يرجع إلى
أهله، وكان ثقة ضابطا دينا، مات بمكة في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين
وأربع مئة (2).
وقال الأمين ابن الأكفاني: حدثني أبو علي الحسين بن أبي حريصة
قال: بلغني أن أبا ذر مات سنة أربع بمكة، وكان على مذهب مالك ومذهب
الأشعري (3).
قلت: أخذ الكلام ورأي أبي الحسن عن القاضي أبي بكر بن
الطيب، وبث ذلك بمكة، وحمله عنه المغاربة إلى المغرب، والأندلس،
وقبل ذلك كانت علماء المغرب لا يدخلون في الكلام، بل يتقنون الفقه أو
الحديث أو العربية، ولا يخوضون في المعقولات، وعلى ذلك كان
الأصيلي، وأبو الوليد بن الفرضي، وأبو عمر الطلمنكي، ومكي القيسي،
وأبو عمرو الداني، وأبو عمر بن عبد البر، والعلماء.

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1106، 1107.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 11 / 141، و " تبيين كذب المفتري " 255.
(3) " تبيين كذب المفتري " 255.
557

وقد مدح إسماعيل بن سعيد النحوي أبا ذر بقصيدة.
قال أبو الوليد الباجي في كتاب " اختصار فرق الفقهاء " من تأليفه،
في ذكر القاضي ابن الباقلاني: لقد أخبرني الشيخ أبو ذر وكان يميل إلى
مذهبه، فسألته: من أين لك هذا؟ قال: إني كنت ماشيا ببغداد مع الحافظ
الدارقطني، فلقينا أبا بكر بن الطيب فالتزمه الشيخ أبو الحسن، وقبل وجهه
وعينيه، فلما فارقناه، قلت له: من هذا الذي صنعت به ما لم أعتقد أنك
تصنعه وأنت إمام وقتك؟ فقال: هذا إمام المسلمين، والذاب عن الدين،
هذا القاضي أبو بكر محمد بن الطيب. قال أبو ذر: فمن ذلك الوقت تكررت
إليه (1) مع أبي، كل بلد دخلته من بلاد خراسان وغيرها لا يشار فيها إلى أحد
من أهل السنة إلا من كان على مذهبه وطريقه.
قلت: هو الذي كان ببغداد يناظر عن السنة وطريقة الحديث بالجدل
والبرهان، وبالحضرة رؤوس المعتزلة والرافضة والقدرية وألوان البدع،
ولهم دولة وظهور بالدولة البويهية، وكان يرد على الكرامية، وينصر الحنابلة
عليهم، وبينه وبين أهل الحديث عامر، وإن كانوا قد يختلفون في مسائل
دقيقة، فلهذا عامله الدارقطني بالاحترام، وقد ألف كتابا سماه:
" الإبانة "، يقول فيه: فإن قيل: فما الدليل على أن لله وجها ويدا؟ قال:
قوله: (ويبقى وجه ربك) [الرحمن: 27] وقوله: (ما منعك أن تسجد
لما خلقت بيدي) [ص: 75] فأثبت تعالى لنفسه وجها ويدا. إلى أن
قال: فإن قيل: فهل تقولون: إنه في كل مكان؟ قيل: معاذ الله! بل هو
مستو على عرشه كما أخبر في كتابه. إلى أن قال: وصفات ذاته التي لم يزل

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1104، 1105.
558

ولا يزال موصوفا بها: الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة
والوجه واليدان والعينان والغضب والرضى. فهذا نص كلامه. وقال نحوه في
كتاب " التمهيد " له، وفي كتاب " الذب عن الأشعري " وقال: قد بينا دين
الأمة وأهل السنة أن هذه الصفات تمر كما جاءت بغير تكييف ولا تحديد ولا
تجنيس ولا تصوير.
قلت: فهذا المنهج هو طريقة السلف، وهو الذي أوضحه أبو الحسن
وأصحابه، وهو التسليم لنصوص الكتاب والسنة، وبه قال ابن الباقلاني،
وابن فورك، والكبار إلى زمن أبي المعالي، ثم زمن الشيخ أبي حامد،
فوقع اختلاف وألوان، نسأل الله العفو.
ولأبي ذر الهروي مصنف في الصفات على منوال كتاب أبي بكر
البيهقي بحدثنا وأخبرنا.
قال الحسن بن بقي المالقي: حدثني شيخ قال: قيل لأبي ذر: أنت
هروي فمن أين تمذهبت بمذهب مالك ورأي أبي الحسن؟ قال: قدمت
بغداد. فذكر نحوا مما تقدم في ابن الطيب. قال: فاقتديت بمذهبه (1).
قال عبد الغافر بن إسماعيل في " تاريخ نيسابور ": كان أبو ذر زاهدا،
ورعا عالما، سخيا لا يدخر شيئا، وصار من كبار مشيخة الحرم، مشارا إليه
في التصوف، خرج على " الصحيحين " تخريجا حسنا، وكان حافظا، كثير
الشيوخ (2).
قلت: له " مستدرك " لطيف في مجلد على " الصحيحين " علقت

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1105، و " تبيين كذب المفتري " 255، 256، و " نفح
الطيب " 2 / 70.
(2) انظر " نفح الطيب " 2 / 70.
559

منه، يدل على معرفته، وله كتاب " السنة "، وكتاب " الجامع "، وكتاب
" الدعاء "، وكتاب " فضائل القرآن "، وكتاب " دلائل النبوة "، وكتاب
" شهادة الزور "، وكتاب " العيدين ". الكل بأسانيده، وله كتاب " فضائل
مالك "، كبير، وكتاب " الصحيح المسند المخرج على الصحيحين "،
و " مسانيد الموطأ " و " كرامات الأولياء "، و " المناسك "، و " الربا "،
و " اليمين الفاجرة "، وكتاب " مشيخته "، وأشياء. وهذه التواليف لم
أرها، بل سماها القاضي عياض (1).
وقال علي بن المفضل الحافظ: روى لنا السلفي شيخنا أحاديث عن
أبي بكر الطريثيثي بسماعه من أبي ذر، وعن أبي شاكر العثماني حديثا واحدا
بسماعه منه. وسمعنا من السلفي جميع " صحيح " البخاري بإجازته من أبي
مكتوم عيسى بن أبي ذر، وكان شيخنا أبو عبيد نعمة بن زيادة الله الغفاري
سمع الكتاب بمكة من أبي مكتوم، فسمعت عليه أكثره، وأجاز لي ما بقي
من آخره، وآخر من حدث عن أبي مكتوم أبو الحسن علي بن حميد بن عمار
الأنصاري بمكة، وأجازه لي.
قال: وقرأت الكتاب كله على شيخنا أبي طالب صالح بن سند بسماعه من
الطرطوشي، عن أبي الوليد الباجي، عن أبي ذر، وقرأته على أبي القاسم
مخلوف بن علي القروي، عن أبي الحجاج يوسف بن نادر اللخمي، عن
علي بن سلمان النقاش، عن أبي ذر، عن شيوخه الثلاثة (2).
قال الحافظ أبو علي الغساني: أخبرنا أبو القاسم أحمد بن أبي الوليد

(1) في " ترتيب المدارك " 4 / 697، 698.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1105.
560

الباجي، أخبرنا أبي أن الفقيه أبا عمران الفاسي (1) مضى إلى مكة، وقد كان
قرأ على أبي ذر شيئا، فوافق أبا ذر في السراة موضع سكناه، فقال لخازن كتبه:
أخرج إلي من كتب الشيخ ما أنسخه ما دام غائبا، فإذا حضر، قرأته عليه.
فقال الخازن: لا أجترئ على هذا، ولكن هذه المفاتيح إن شئت أنت،
فخذ وافعل ذلك. فأخذها، وأخرج ما أراد، فسمع أبو ذر بالسراة بذلك،
فركب، وطرق مكة، وأخذ كتبه، وأقسم أن لا يحدثه. فلقد أخبرت أن أبا
عمران كان بعد إذا حدث عن أبي ذر، يوري عن اسمه، فيقول: أخبرنا أبو
عيسى. وبذلك كانت العرب تكنيه باسم ولده (2).
قلت: قد مات أبو عمران الفاسي قبل أبي ذر، وكان قد لقي القاضي
ابن الباقلاني والكبار، وما لانزعاج أبي ذر وجه، والحكاية دالة على زعارة
الشيخ والتلميذ رحمهما الله.
وكان ولده أبو مكتوم يحج من السراة، ويروي، إلى أن قدم فلان
المرابط من أمراء المغرب، فجاور وسمع " صحيح " البخاري من أبي
مكتوم، وأعطاه ذهبا جيدا، فأباعه نسخة " الصحيح "، وذهب بها إلى
المغرب. وحج أبو مكتوم في سنة سبع وتسعين وأربع مئة وله بضع وثمانون
سنة، وحج فيها أبو طاهر السلفي، وأبو بكر السمعاني، وجمعهم
الموقف، فقال السمعاني للسلفي: اذهب بنا نسمع منه. قال السلفي:
فقلت له: دعنا نشتغل بالدعاء، ونجعله شيخ مكة. قال: فاتفق أنه نفر من
منى في النفر الأول مع السرويين وذهب، وفاتهما الاخذ عنه. قال
السلفي: فلامني ابن السمعاني، فقلت: أنت قد سمعت " الصحيح " مثله

(1) تحرف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1105 إلى " القابسي ".
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1105، 1106.
561

من أبي الخير بن أبي عمران صاحب الكشميهني، وما كان معه من مروياته
سواه.
قلت: ولم يسمع لأبي مكتوم بعد هذا العام بذكر ولا ورخ لنا موته.
وقد أرخ القاضي عياض موت أبي ذر في سنة خمس وثلاثين وأربع
مئة، والصواب: في سنة أربع.
قال أبو علي بن سكرة: توفي عقب شوال.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا أحمد بن طاووس سنة 617،
أخبرنا حمزة بن كروس، أخبرنا نصر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا أبو ذر عبد بن
أحمد كتابة، أن بشر بن محمد المزني حدثهم إملاء، حدثنا الحسين بن
إدريس، حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، حدثنا الوليد بن الوليد، حدثنا
ابن ثوبان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن
الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول، فإذا كان أول يوم من شهر
رمضان، هبت ريح من تحت العرش، فشققت ورق الجنة عن الحور
العين، فقلن: يا رب! اجعل لنا من عبادك أزواجا تقربهم أعيننا، وتقر
أعينهم بنا " (1).
قال الفقيه نصر: تفرد به الوليد بن الوليد العنسي، وقد تركوه (2).

(1) في الأصل: " وتقر أعيننا بهم " وهو خطأ.
(2) في ميزان المؤلف 4 / 350: قال أبو حاتم: صدوق، وقال الدارقطني وغيره
متروك، وروى له نصر المقدسي حديثا منكرا (يعني هذا الحديث) وقال: تركوه، وذكره
الهيثمي في " المجمع " 3 / 142، ونسبه للطبراني في " الكبير " و " الأوسط " وأعله بالوليد هذا
وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " ص 193، وزاد نسبته لأبي نعيم، والبيهقي، والدارقطني
في الافراد، وتمام وابن عساكر، وأعله بالوليد أيضا.
562

قلت: وهاه الدارقطني، وقواه أبو حاتم الرازي.
وفيها - أعني سنة أربع - توفي شعيب بن عبد الله بن المنهال (1)
بمصر، وأبو طالب عمر بن إبراهيم الزهري (2)، وهارون بن محمد بن
أحمد بن هارون في رمضان.
371 - محمد بن عيسى *
ابن عبد العزيز بن الصباح، الامام المحدث، الرئيس الأوحد، شيخ
همذان، أبو منصور الهمذاني الصوفي، العبد الصالح.
حدث عن: الحافظ صالح بن أحمد، وجبريل العدل،
والهمذانيين، وسهل بن أحمد الديباجي، وابن المظفر، ومحمد بن
إسحاق القطيعي، والبغداديين، وأبي بكر بن المقرئ، والأصبهانيين،
ويوسف بن أحمد بن الدخيل المكي، وطبقتهم.
قال شيرويه في " تاريخه ": حدثنا عنه أبو طالب العلوي، وأبو
الفضل القومساني، ومحمد بن حسين، ومحمد بن طاهر، ويحيى وثابت
ابنا الحسين بن شراعة، ونصر بن محمد المؤذن، وعبدوس بن عبد الله.
قال: وكان صدوقا ثقة، وكان متواضعا رحيما، يصلي آناء الليل
والنهار، حج نيفا وعشرين حجة، ووقف الضياع والحوانيت على الفقراء،
وأنفق أموالا لا تحصى على وجوه البر، وتوفي في رمضان سنة إحدى وثلاثين
وأربع مئة، وكانت الترك الغز قد أغاروا على همذان، فصودر محمد بن

(1) تقدمت ترجمته برقم (335).
(2) تقدمت ترجمته برقم (350).
* لم نعثر له على مصادر ترجمته.
563

عيسى حتى سلم إليهم جميع ما يملك، وبقي فقيرا محتاجا عليلا ذليلا في
الخانقاه، ثم قضى نحبه، وكان مولده في سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
قلت: ومن الرواة عنه الحافظ أبو بكر الخطيب.
372 - المستغفري *
الامام الحافظ المجود المصنف، أبو العباس، جعفر بن محمد بن
المعتز بن محمد بن المستغفر بن الفتح بن إدريس، المستغفري النسفي.
مؤلف كتاب " معرفة الصحابة "، وكتاب " الدعوات "، وكتاب
" دلائل النبوة "، وكتاب " فضائل القرآن "، وكتاب " الشمائل "، وكتاب
" خطب النبي صلى الله عليه وسلم "، وكتاب " تاريخ نسف "، وكتاب
" الطب " (1)، وكتاب " تاريخ كش "، وغير ذلك.
حدث عن: زاهر بن أحمد السرخسي، وإبراهيم بن لقمان، وأبي
سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وعلي بن محمد بن سعيد
السرخسي، وجعفر بن محمد البخاري، وخلق كثير. ولم يرحل إلى العراق
فيما أعلم.

* دمية القصر 1 / 664، الأنساب (المستغفري)، اللباب 3 / 208، العبر 3 /
177، تذكرة الحفاظ 3 / 1102، الوافي بالوفيات 11 / 149، 150، مرآة الجنان 3 / 54،
طبقات الأسنوي 2 / 403، الجواهر المضية 2 / 19 - 20، لسان الميزان 6 / 100، النجوم
الزاهرة 5 / 33، تاج التراجم 21، شذرات الذهب 3 / 249، 250، طبقات المفسرين
للداوودي 1 / 125، 126، أعلام الأخيار رقم (245)، الطبقات السنية 614، شذرات
الذهب 3 / 249، 250، الفوائد البهية 57، هدية العارفين 1 / 253، الرسالة المستطرفة
39، أعيان الشيعة 16 / 246 - 248.
(1) وقد طبع في طهران سنة 1293، وانظر النسخ الخطية لبعض آثاره في " تاريخ "
بروكلمان 6 / 227، 228، و " تاريخ " سزكين 1 / 572.
564

حدث عنه: الحسن بن عبد الملك النسفي، وأبو نصر أحمد بن
جعفر الكاسني، والحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، والخطيب
إسماعيل بن محمد النوحي، وآخرون.
وكان محدث ما وراء النهر في زمانه.
مولده بعد الخمسين وثلاث مئة بيسير.
ومات بنسف سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة عن ثمانين سنة، رحمه
الله.
وفيها مات حماد بن عمار القرطبي عن مئة عام، وأبو القاسم عبد
الباقي بن محمد الطحان (1)، وأبو حسان محمد بن أحمد بن جعفر
المزكي (2)، وأحمد بن محمد بن يوسف بن مزدة المقرئ، وإبراهيم بن
محمد بن إبراهيم، سبط أبي مسلم الجلاب، وأبو العلاء صاعد بن
محمد (3) بنيسابور على الأصح، وأبو بكر محمد بن عمر بن بكير (4)
المقرئ.
373 - الحنائي *
الامام القدوة الحافظ المقرئ، شيخ الاسلام، أبو الحسن، علي
بن محمد بن إبراهيم بن حسين، الدمشقي الحنائي الزاهد.
حدث عن: عبد الوهاب الكلابي، وأبي بكر بن أبي الحديد، وأبي

(1) تقدمت ترجمته برقم (352).
(2) سترد ترجمته برقم (398).
(3) تقدمت ترجمته برقم (329).
(4) تقدمت ترجمته برقم (311).
* العبر 3 / 166، 167، شذرات الذهب 3 / 238.
565

الحسين بن جميع، وابن فراس المكي، وأحمد بن ثرثال، وأبي محمد بن
النحاس، بالحرمين ومصر والشام. وجمع، وصنف " معجما " لنفسه في
مجلد.
حدث عنه: أبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني، وسعد بن علي
الزنخاني، وسعد الله بن صاعد الرحبي، وآخرون. وكان كبير الشأن.
قال عبد العزيز الكتاني: توفي شيخنا وأستاذنا أبو الحسن الحنائي،
الشيخ الصالح في ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وأربع مئة. وولد سنة سبعين
وثلاث مئة. كتب الكثير، وكان من العباد، وكانت له جنازة عظيمة، ما
رأيت مثلها! ولم يزل يحمل من بعد صلاة الجمعة إلى قريب العصر،
وانحل كفنه.
قال أبو علي الأهوازي: دفن بباب كيسان.
قلت: هو أخو أبي القاسم الحسين الحنائي، وعم الشيخ أبي طاهر
محمد بن الحسين شيخ السلفي.
374 - الطلمنكي *
الامام المقرئ المحقق المحدث الحافظ الأثري، أبو عمر، أحمد بن

* جذوة المقتبس 114، ترتيب المدارك 4 / 749 - 751، الصلة 1 / 44، 45، بغية
الملتمس 162، معجم البلدان 4 / 39، العبر 3 / 168، معرفة القراء الكبار 1 / 309،
310، تذكرة الحفاظ 3 / 1098 / 1100، عيون التواريخ 12 / 173 / 1، الوافي بالوفيات
8 / 32، 33، الديباج المذهب 1 / 178 - 180، غاية النهاية 1 / 120، النجوم الزاهرة 5 /
28، طبقات الحفاظ 423، 424، طبقات المفسرين للسيوطي 5، طبقات المفسرين
للداوودي 1 / 77 - 79، صفة جزيرة الأندلس 128، شذرات الذهب 3 / 243، 244،
شجرة النور الزكية 1 / 113.
566

محمد بن عبد الله بن أبي عيسى لب بن يحيى، المعافري الأندلسي
الطلمنكي. وطلمنك بفتحات ونون ساكنة: مدينة استولى عليها العدو
قديما.
كان من بحور العلم، وأول سماعه في سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.
حدث عن: أبي عيسى يحيى بن عبد الله الليثي، وأبي بكر
الزبيدي، وأبي الحسن بن بشر الأنطاكي، وأبي جعفر أحمد بن عون الله،
وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي محمد الباجي، وخلف بن محمد الخولاني،
وعدة، وأبي بكر أحمد بن محمد المهندس بمصر، ومحمد بن يحيى بن
عمار بدمياط، وأبي الطيب بن غلبون، وأبي القاسم عبد الرحمن
الجوهري، وأبي بكر محمد بن علي الأدفوي، والفقيه أبي محمد بن أبي
زيد، وأبي جعفر أحمد بن رحمون، ويحيى بن الحسين المطلبي لقيه
بالمدينة، وأبي الطاهر محمد بن محمد العجيفي، وأبي العلاء بن ماهان،
وخلق كثير.
حدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن حزم، وعبد الله بن
سهل المقرئ وعدة.
أدخل الأندلس علما جما نافعا، وكان عجبا في حفظ علوم القرآن:
قراآته ولغته وإعرابه وأحكامه ومنسوخه ومعانيه. صنف كتبا كثيرة في السنة
يلوح فيها فضله وحفظه وإمامته واتباعه للأثر.
قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عن الأنطاكي، وابن غلبون،
ومحمد بن الحسين بن النعمان.
567

قال: وكان فاضلا ضابطا، شديدا في السنة (1).
وقال ابن بشكوال: كان سيفا مجردا على أهل الأهواء والبدع، قامعا
لهم، غيورا على الشريعة، شديدا في ذات الله، أقرأ الناس محتسبا،
وأسمع الحديث، والتزم للامامة بمسجد منعة (2)، ثم خرج، وتحول
في الثغر، وانتفع الناس بعلمه، وقصد بلده في آخر عمره، فتوفي بها.
أخبرنا إسماعيل بن عيسى بن محمد بن بقي الحجاري، عن أبيه قال: خرج
أبو عمر الطلمنكي علينا، ونحن نقرأ عليه، فقال: رأيت البارحة في منامي
من ينشدني:
اغتنموا البر بشيخ ثوى * ترحمه (3) السوقة والصيد
قد ختم العمر بعيد مضى * ليس له من بعده عيد
فتوفي في ذلك العام في ذي الحجة، سنة تسع وعشرين وأربع
مئة (4).
قلت: عاش تسعين عاما سوى أشهر، وقد امتحن لفرط إنكاره، وقام
عليه طائفة من أضداده، وشهدوا عليه بأنه حروري يرى وضع السيف في
صالحي المسلمين، وكان الشهود عليه خمسة عشر فقيها، فنصره قاضي
سرقسطة، في سنة خمس وعشرين وأربع مئة، وأشهد على نفسه بإسقاط
الشهود، وهو القاضي محمد بن عبد الله بن قرنون (5).

(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 750، و " معرفة القراء الكبار " 1 / 310.
(2) تصحف في " الصلة " إلى " متعة " بالمثناة الفوقية.
(3) في " الديباج المذهب " 1 / 180: " يفقده ".
(4) " الصلة " 1 / 45.
(5) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1099، 1100.
568

وحدث عنه أيضا قاضي سرقسطة عبد الله بن محمد بن إسماعيل،
وقاضي المرية محمد بن خلف بن المرابط، والخطيب محمد بن يحيى
العبدري.
رأيت له كتابا في السنة في مجلدين عامته جيد، وفي بعض تبويبه ما لا
يوافق عليه أبدا مثل: باب الجنب لله، وذكر فيه: (يا حسرتي على ما
فرطت في جنب الله) [الزمر: 56] فهذه زلة عالم، وألف كتابا في الرد
على الباطنية، فقال: ومنهم قوم تعبدوا بغير علم، وزعموا أنهم يرون الجنة
كل ليلة، ويأكلون من ثمارها، وتنزل عليهم الحور العين، وأنهم يلوذون
بالعرش، ويرون الله بغير واسطة، ويجالسونه.
375 - ابن مغيث *
الامام الفقيه المحدث، شيخ الأندلس، قاضي القضاة، بقية
الأعيان، أبو الوليد، يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث بن محمد بن عبد
الله ابن الصفار، القرطبي.
ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة.
وحدث ب‍ " سنن " النسائي وغيره عن: أبي بكر محمد بن معاوية
المرواني ابن الأحمر، وعن أبي عيسى الليثي راوية الموطأ، وإسماعيل
ابن بدر، وأحمد بن ثابت التغلبي، وتميم بن محمد القروي، ومحمد بن

* جذوة المقتبس 384، 385، مطمح الأنفس 59، 60، الصلة 2 / 684 - 686،
بغية الملتمس 512، 513، العبر 3 / 169، مرآة الجنان 3 / 52، الديباج المذهب 2 /
374 - 376، وفيات ابن قنفذ 238، كشف الظنون 495، 1707، شذرات الذهب 3 /
244، إيضاح المكنون 1 / 285 - 287، هدية العارفين 2 / 572.
569

إسحاق بن السليم القاضي، وتفقه بالقاضي أبي بكر بن زرب، وروى
أيضا عن خلق منهم: أبو بكر بن القوطية، ويحيى بن مجاهد، وأبو جعفر
ابن عون الله، وعني بالحديث جدا، وأجاز له من مصر الحسن بن رشيق،
ومن العراق أبو الحسن الدارقطني.
ولي خطابة مدينة الزهراء مدة، ثم ولي القضاء والخطابة بقرطبة مع
الوزارة، ثم عزل، فلزم بيته، ثم ولي قضاء الجماعة والخطابة سنة تسع
عشرة وأربع مئة حتى مات.
وكان بليغ الموعظة، وافر العلم، ذا زهد وقنوع، وفضل
وخشوع، قد أثر البكاء في عينيه، وعلى وجهه النور، وكان حفظة لاخبار
الصالحين.
صنف كتبا نافعة منها: كتاب " محبة الله " وكتاب " المستصرخين
بالله "، وكتاب " المتهجدين ".
حدث عنه: مكي بن أبي طالب، وأبو عبد الله بن عابد، وأبو عمرو
الداني، وأبو عمر بن عبد البر، وابن حزم، ومحمد بن عتاب، وأبو الوليد
الباجي، وحاتم بن محمد، وأبو عمر بن الحذاء، ومحمد بن فرج
الطلاعي، وخلق كثير.
مات في رجب سنة تسع وعشرين وأربع مئة، وشيعه خلق لا
يحصون.
376 - القراب *
الشيخ الامام، الحافظ الكبير، المصنف، أبو يعقوب، إسحاق بن

* طبقات ابن الصلاح 41 / ب، تذكرة الحفاظ 3 / 1100 - 1102، العبر 3 / 168،
169، عيون التواريخ 12، 172، 2، الوافي بالوفيات 8 / 394، طبقات السبكي 4 /
264، 265، طبقات الأسنوي 2 / 311، طبقات الحفاظ 244، كشف الظنون 1059،
شذرات الذهب 3 / 244، إيضاح المكنون 2 / 53، هدية العارفين 1 / 200.
570

أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن، السرخسي، ثم الهروي
القراب، محدث هراة، وصاحب التواليف الكثيرة. وقد مر أخوه (1).
ولد هذا في سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة، وبالغ في الطلب إلى
الغاية.
قال أبو النضر الفامي: زاد عدد شيوخه على ألف ومئتين، وعمل
" الوفيات " على السنين في مجلدين، وكتاب " نسيم المهج "، وكتاب
" الانس والسلوة "، وكتاب " شمائل العباد "، وغير ذلك.
قال: وكان زاهدا مقلا من الدنيا.
قلت: سمع العباس بن الفضل النضرويي، وجده لامه محمد بن
عمر بن حفصويه، وأبا الفضل محمد بن عبد الله السياري، وعبد الله بن
أحمد بن حمويه السرخسي، وزاهر بن أحمد الفقيه، وأحمد بن عبد الله
النعيمي، والخليل بن أحمد السجزي، وأبا الحسن محمد بن أحمد بن
حمزة، والحسين بن أحمد الشماخي (2) الصفار (3)، وأبا منصور محمد بن
عبد الله البزاز، فمن بعدهم، حتى كتب عن أقرانه ومن دونه.
حدث عنه: شيخ الاسلام عبد الله بن محمد الأنصاري، وأحمد بن

(1) برقم (240) من هذا الجزء.
(2) ضبط في الأصل بتشديد الميم، وضبطه السمعاني بفتح الشين المعجمة والميم وفي
آخرها الخاء المعجمة، وقال: هذه النسبة إلى الشماخ، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه،
وهو أبو عبد الله الحسين بن أحمد... وساق ترجمته. " الأنساب " 7 / 380، 381.
(3) في الأصل: " الصفا " وهو خطأ، والمثبت من " الأنساب " و " تذكرة الحفاظ ".
571

أبي عاصم الصيدلاني، والحسين بن محمد بن مت، وأهل هراة.
وكان ممن يرجع إليه في العلل، والجرح والتعديل.
مات في سنة تسع وعشرين وأربع مئة.
وقع لنا كتاب " الرمي " له.
377 - عبد القاهر *
ابن طاهر، العلامة البارع، المتفنن الأستاذ، أبو منصور البغدادي،
نزيل خراسان، وصاحب التصانيف البديعة، وأحد أعلام الشافعية.
حدث عن: إسماعيل بن نجيد، وأبي عمرو محمد بن جعفر بن مطر،
وبشر بن أحمد، وطبقتهم.
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وعبد الغفار بن
محمد الشيرويي، وخلق.
وكان أكبر تلامذة أبي إسحاق الأسفراييني، وكان يدرس في سبعة عشر
فنا، ويضرب به المثل، وكان رئيسا محتشما مثريا، له كتاب " التكملة " في
الحساب.
قال أبو عثمان الصابوني: كان الأستاذ أبو منصور من أئمة الأصول،

* تبيين كذب المفتري 253، إنباه الرواة 2 / 185، 186، منتخب السياق 105،
طبقات ابن الصلاح 59 ب، وفيات الأعيان 3 / 203، تلخيص ابن مكتوم 111، فوات الوفيات
2 / 370 - 372، عيون التواريخ 12 / 105 / 1 - 106 / 2، مرآة الجنان 3 / 52، طبقات
السبكي 5 / 136 - 148، طبقات الأسنوي 1 / 194 - 196، البداية والنهاية 12 / 44،
طبقات ابن قاضي شهبة 94، بغية الوعاة 2 / 105، مفتاح السعادة 2 / 185، 186، طبقات
ابن هداية الله 139، 140، كشف الظنون 254، 335، هدية العارفين 1 / 606، إيضاح
المكنون 2 / 234، 375، تراث العرب العلمي 304.
572

وصدور الاسلام بإجماع أهل الفضل، بديع الترتيب، غريب التأليف، إماما مقدما مفخما، ومن خراب نيسابور خروجه منها (1).
وقيل: إنه لما حصل بإسفرايين، ابتهجوا بمقدمه إلى الغاية (2).
قلت: وقع لي من عواليه، وكنت أفردت له ترجمة لم أظفر الساعة
بها.
مات بإسفرايين في سنة تسع وعشرين وأربع مئة وقد شاخ (3).
وله تصانيف في النظر والعقليات (4).
أما: 378 - أبو منصور الأيوبي *
المتكلم النيسابوري، فهو إمام باهر ذكي.
قال عبد الغافر: هو محمد بن الحسن بن أبي أيوب، الأستاذ أبو
منصور، حجة الدين، صاحب البيان والحجة والنظر الصحيح، أنظر من
كان في عصره على مذهب الأشعري، تلمذ لابن فورك، وكان فقيرا نزها
قانعا، مصنفا (5).
توفي في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربع مئة.

(1) انظر " تبيين كذب المفتري " 253.
(2) " تبيين كذب المفتري " 253، وقد فارق نيسابور بسبب فتنة وقعت بها من التركمان
(3) ودفن إلى جنب شيخه أبي إسحاق الأسفراييني.
(4) انظر تصانيفه في " فوات الوفيات " 2 / 372، و " طبقات " السبكي 5 / 140. وقد
طبع له منها كتاب " الفرق بين الفرق وبيان الفرق الناجية منهم " في مصر عام 1328 ه‍،
و " أصول الدين " في استانبول عام 1346 ه‍. انظر " معجم المطبوعات " 144، 145.
* تبيين كذب المفتري: 249.
(5) انظر " تبيين كذب المفتري " 249.
573

379 - ابن الميراثي *
الحافظ الأوحد المجود، أبو بكر، أحمد بن محمد بن عيسى بن
إسماعيل، البلوي القرطبي، المعروف بابن الميراثي، أحد أئمة
الحديث.
روى عن: أبي الفتح بن سيبخت (1)، وأبي مسلم الكاتب، ويوسف
ابن الدخيل، وعبيد الله السقطي، وسعيد بن نصر القرطبي، وأحمد بن
قاسم البزاز، وطبقتهم.
ولما رأى عبد الغني بن سعيد حذقه واجتهاده، لقبه غندرا (2).
رجع، وبث حديثه، فروى عنه: أبو عبد الله الخولاني، وأبو
العباس بن دلهاث، وأبو العباس المهدوي، وأبو محمد بن خزرج.
توفي في حدود سنة ثمان وعشرين وأربع مئة وله بضع وستون سنة.
380 - القدوري * *
شيخ الحنفية، أبو الحسين، أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن

* جذوة المقتبس 114، الصلة 1 / 43، بغية الملتمس 162، 163 وفيه ابن
اليراثي، الوافي بالوفيات 8 / 75.
(1) بكسر السين المهملة ثم ياء ساكنة وضم الموحدة وسكون الخاء المعجمة، أبو الفتح
إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن سيبخت الكتاب، آخر من روى عن أبي
القاسم البغوي وغيره. انظر " تبصير المنتبه " 2 / 696.
(2) تشبيها له بمحمد بن جعفر غندر المحدث، وقد مرت ترجمته في الجزء التاسع برقم
(33).
* * تاريخ بغداد 4 / 377، الأنساب 10 / 76، المنتظم 8 / 91، اللباب 3 / 19،
20، وفيات الأعيان 1 / 78، 79، المختصر في أخبار البشر 2 / 161، العبر 3 / 164،
165، تذكرة الحفاظ 3 / 1086، دول الاسلام 1 / 255، تتمة المختصر 1 / 519، الوافي
بالوفيات 7 / 320، 321، عيون التواريخ 12 / 159 /، مرآة الجنان 3 / 47، البداية
والنهاية 12 / 4، الجواهر المضية 1 / 247 - 250، النجوم الزاهرة 5 / 24، 25، تاج
التراجم 7، مفتاح السعادة 2 / 280، 281، كتائب أعلام الأخيار رقم (243)، الطبقات
السنية رقم (94))، كشف الظنون 1 / 46، 155، شذرات الذهب 3 / 233، الفوائد البهية
30، 31، روضات الجنات 1 / 240، 241، هدية العارفين 1 / 73، والقدوري: نسبة
إلى صنعة القدور أو بيعها، أو هي اسم قرية من قرى بغداد يقال لها: قدورة.
574

حمدان، البغدادي القدوري.
قال الخطيب (1): كتبت عنه، وكان صدوقا، انتهت إليه بالعراق
رئاسة الحنفية، وعظم وارتفع جاهه، وكان حسن العبارة (2)، جرئ
اللسان، مديما للتلاوة.
قلت: روى عن: عبيد الله بن محمد الحوشبي، ومحمد بن علي بن
سويد المؤدب.
روى عنه: الخطيب، والقاضي أبو عبد الله الدامغاني.
مات في رجب سنة ثمان وعشرين وأربع مئة وله ست وستون سنة (3).

(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 377.
(2) في الأصل: " العبادة " بالدال، والمثبت من " تاريخ بغداد " وفيه: وكان حسن
العبارة في النظر.
(3) وله عدة مصنفات نفيسة، انظرها في " الجواهر المضية " 1 / 248، و " هدية
العارفين " 1 / 73، ومن أسير كتبه وأشهرها كتاب " المختصر في فروع الحنفية " وهو من الكتب
المعتمدة في فقه أبي حنيفة، واشتهر باسم " الكتاب " فإذا أطلق لفظ الكتاب عند الحنفية ينصرف
إليه، كما إذا أطلق لفظ الكتاب عند النحاة ينصرف إلى كتاب سيبويه. وقد طبع عدة طبعات في
دلهي ولاهور وقازان وبومباي واستنبول والقاهرة، وأفرد من هذا " المختصر " بالطبع كتاب
" الجهاد " في ليبزغ 1825 م. وقد كان هذا " المختصر " موضع عناية العلماء، فتناولوه بالشرح
والايضاح والنقد والاختصار، انظر هذه الشروح وأماكن وجود نسخها الخطية في " تاريخ التراث
العربي " لسزكين 2 / 109 - 115، وقد طبع من شروحه كتاب " الجوهرة النيرة " لأبي بكر محمد
ابن علي بن موسى الحداد العبادي اليمني المتوفى سنة 800 ه‍، طبع باستنبول 1301 ه‍ و 1316
ه‍ و 1323، وفي دلهي 1327 وفي لاهور 1328 ه‍، وطبع أيضا كتاب " اللباب في شرح
الكتاب " لعبد الغني الميداني المتوفى 1289 ه‍ طبع في استنبول 1275 ه‍، وفي القاهرة
بتحقيق محيي الدين عبد الحميد.
575

381 - الأبهري *
القدوة شيخ الزهاد، أبو محمد، جعفر بن محمد بن الحسين،
الأبهري ثم الهمذاني.
قال شيرويه: كان وحيد عصره في علم المعرفة والطريقة، بعيد
الإشارة، دقيق النظر.
حدث عن: صالح بن أحمد، وعلي بن الحسين بن الربيع، وعلي
بن أحمد بن صالح القزويني، والمفيد الجرجرائي، وابن المظفر.
وارتحل وعني بالرواية.
حدثنا (1) عنه: محمد بن عثمان، وأحمد بن طاهر القومساني،
وأحمد بن عمر، وعبدوس بن عبد الله، وينجير بن منصور.
وكان ثقة عارفا، له شأن وخطر، وكرامات ظاهرة.
مات في شوال سنة ثمان وعشرين وأربع مئة عن ثمان وسبعين سنة.
قيل: إنه عمل له خلوة، فبقي خمسين يوما لا يأكل شيئا. وقد قلنا:
إن هذا الجوع المفرط لا يسوغ، فإذا كان سرد الصيام والوصال قد نهي
عنهما، فما الظن؟ وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: " اللهم إني أعوذ
بك من الجوع فإنه بئس الضجيع (2) ". ثم قل من عمل هذه الخلوات

* لم نقف على ترجمة له في المصادر.
(1) الكلام لشيرويه.
(2) أخرجه أبو داود (1547) والنسائي 8 / 263، وابن ماجة (3354) من حديث
أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه
بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة " وسنده حسن.
576

المبتدعة إلا واضطرب، وفسد عقله، وجف دماغه، ورأى مرأى، وسمع
خطابا لا وجود له في الخارج، فإن كان متمكنا من العلم والايمان، فلعله
ينجو بذلك من تزلزل توحيده، وإن كان جاهلا بالسنن وبقواعد الايمان،
تزلزل توحيده، وطمع فيه الشيطان، وادعى الوصول، وبقي على مزلة
قدم، وربما تزندق، وقال: أنا هو. نعوذ بالله من النفس الامارة، ومن
الهوى، ونسأل الله أن يحفظ علينا إيماننا آمين.
382 - جلال الدولة *
صاحب العراق، الملك جلال الدولة، أبو طاهر، فيروزجرد بن
الملك بهاء الدولة أبي نصر بن السلطان عضد الدولة بن ركن الدولة بن
بويه، الديلمي.
تملك سبع عشرة سنة، وكانت دولته لينة، وتملك بعده ابنه الملك
العزيز أبو منصور، فكانت أموره واهية كأبيه.
وكان جلال الدولة شيعيا كأهل بيته وفيه جبن، وعسكره مع قلتهم
طامعون فيه.
عاش نيفا وخمسين سنة، وذاق نكدا كثيرا كما ذكرناه في " تاريخنا "
في الحوادث.

* المنتظم 8 / 118، الكامل في التاريخ 9 / 361، 362، 366، 374، 408،
430، 431، 446، 453، 455، 459، 471، 489، 511، 516، المختصر في
أخبار البشر، 2 / 166 و 167، العبر 3 / 183، 184، تتمة المختصر 1 / 526، البداية
والنهاية 12 / 52، النجوم الزاهرة 5 / 37، شذرات الذهب 3 / 255، معجم الأنساب
والأسرات الحاكمة 12 و 66.
577

توفي سنة 435. وإنما كان سلطان العصر ابن سبكتكين (1).
383 - الأزهري *
المحدث الحجة المقرئ، أبو القاسم، عبيد (2) الله بن أحمد بن
عثمان، الأزهري البغدادي الصيرفي، ابن السوادي (3)، وهو عبيد الله بن
أبي الفتح.
مولده في سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
وحدث عن: أبي بكر القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وأبي سعيد
الحرفي، وابن عبيد العسكري، وعلي بن عبد الرحمن البكائي، وعدة.
وكان من بحور الرواية.
قال الخطيب (4): كان أحد المعنيين بالحديث والجامعين له، مع
صدق واستقامة ودوام تلاوة. سمعنا منه المصنفات الكبار، وكمل الثمانين.
مات في صفر سنة خمس وثلاثين وأربع مئة.

(1) تقدمت ترجمته برقم (319).
* تاريخ بغداد 10 / 385، الأنساب 1 / 206 (الأزهري) 7 / 180 (السوادي)، المنتظم
8 / 117، 118، اللباب 1 / 48 و 2 / 151، العبر 3 / 183، البداية والنهاية 12 / 51،
52، غاية النهاية 1 / 485، النجوم الزاهرة 5 / 37، شذرات الذهب 3 / 255.
(2) تحرف في " البداية " إلى " عبد ".
(3) نسبة إلى سواد العراق. قال الخطيب: ذكر لي أن جده عثمان من أهل إسكاف قدم
بغداد، واستوطنها، فعرف بالسوادي.
(4) في " تاريخ بغداد " 10 / 385.
578

384 - المهلب بن أحمد *
ابن أبي صفرة أسيد بن عبد الله (1)، الأسدي الأندلسي المريي (2)،
مصنف " شرح صحيح البخاري ".
وكان أحد الأئمة الفصحاء، الموصوفين بالذكاء.
أخذ عن: أبي محمد الأصيلي، وفي الرحلة عن أبي الحسن
القابسي، وأبي الحسن علي بن بندار القزويني، وأبي ذر الحافظ.
روى عنه: أبو عمر بن الحذاء، ووصفه بقوة الفهم وبراعة
الذهن (3).
وحدث عنه أيضا: أبو عبد الله بن عابد، وحاتم بن محمد.
ولي قضاء المرية.
توفي في شوال سنة خمس (4) وثلاثين وأربع مئة.

* جذوة المقتبس 352، ترتيب المدارك 4 / 751، 752، الصلة 2 / 626،
627، بغية الملتمس 471، العبر 3 / 184، 185، الوافي بالوفيات خ 26 / 117، الديباج
المذهب 2 / 346، كشف الظنون 545، شذرات الذهب 3 / 255، 256، هدية العارفين
2 / 485، شجرة النور الزكية 1 / 114.
(1) وكنية المهلب هذا أبو القاسم.
(2) نسبة إلى المرية، وهي مدينة كبيرة من كورة إلبيرة من أعمال الأندلس، كانت هي
وبجانة بابي الشرق، منها يركب التجار، وفيها تحل مراكبهم، ويضرب ماء البحر سورها.
" معجم البلدان " 5 / 119.
(3) انظر " الصلة " 2 / 627، و " ترتيب المدارك " 4 / 752.
(4) في " الديباج المذهب ": سنة ثلاث، وفي " البغية " و " الجذوة ": مات بعد
العشرين وأربع مئة.
579

385 - ابن ماما *
الحافظ، صاحب التصانيف، أبو حامد، أحمد بن محمد بن أحيد
ابن ماما، الأصبهاني المامائي.
حدث عن: عبد الرحمن بن أبي شريح، وأبي علي إسماعيل بن
حاجب الكشاني، وأبي نصر محمد بن أحمد الملاحمي، وأبي عبد الله
الحليمي، وخلق كثير.
ولم يقدم العراق، بل ارتحل إلى ما وراء النهر، ويعز وقوع حديثه
إلينا، وقد ذيل على " تاريخ بخارى " لغنجار، لم تتصل بنا أحواله كما
يجب.
توفي في شعبان سنة ست وثلاثين وأربع مئة. وكان من أبناء السبعين
رحمه الله.
386 - الربعي * *
الشيخ الامام الحافظ المفيد، المقرئ المجود، أبو الحسن، علي
ابن الحسن بن علي بن ميمون بن أبي زروان (1)، الربعي الدمشقي.
سمع الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي، والعباس بن محمد بن

* الأنساب (الماماني)، اللباب 3 / 156، تذكرة الحفاظ 3 / 1117، 1118،
الوافي بالوفيات 7 / 361، طبقات الحفاظ 428، هدية العارفين 1 / 74.
* * الاكمال 4 / 194، تذكرة الحفاظ 3 / 1108، 1109، غاية النهاية 1 / 532.
(1) ضبط في الأصل بكسر الزاي - وضبطها ابن ماكولا وابن حجر بالفتح - وسكون الراء
بعدها واو مفتوحة، وقد تحرف في " غاية النهاية " إلى " ذروان " بالذال. انظر " الاكمال " 4 /
193، و " تبصير المنتبه " 2 / 646.
580

حبان، ومحمد بن علي بن أبي فروة، وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي،
وأحمد بن عتبة بن مكين، وعدة.
وتلا وجود على الإمام علي بن داود الداراني، وعلي بن زهير.
حدث عنه: الحافظ أبو سعد السمان، والكتاني، ونجا بن أحمد،
والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، وآخرون، وجمع وصنف.
مات في صفر سنة ست وثلاثين وأربع مئة وله ثلاث وسبعون سنة.
قال الكتاني: كان يحفظ " غريب الحديث " لأبي عبيد، ويحفظ ألف
حديث بأسانيدها من حديث ابن جوصا، وكان ثقة مأمونا، وانتهت إليه
الرئاسة في قراءة الشاميين (1).
أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنبأنا المؤيد بن محمد، عن عبد الرحمن
ابن عبد الله بن الحسن بن أحمد السلمي، أخبرنا جدي، أخبرنا الربعي،
أخبرنا الحسن بن عبد الله الكندي، أخبرنا العباس بن الخليل بحمص،
أخبرنا نصر بن خزيمة، أخبرنا أبي، عن نصر بن علقمة، عن أخيه محفوظ
ابن علقمة، عن عبد الرحمن بن عائذ: حدثني جبير بن نفير قال: قال عوف
ابن مالك: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الأنبياء يتكاثرون بأممهم غير موسى، وأنا
أرجو أن أكثره، ولقد أعطي خصلات: مكث يناجي ربه أربعين يوما، ولا
ينبغي لمتناجيين أن يتناجيا أطول من نجواهما، ولا يصعق مع الناس " (2).

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1108.
(2) نصر بن خزيمة مجهول، وكذا أبوه، والعباس بن خليل، قال فيه أبو أحمد الحاكم
شيخ صاحب المستدرك: فيه نظر كما في " ميزان " المؤلف، وأورده السيوطي في " الجامع
الكبير " ص 191، ونسبه للطبراني وابن عساكر.
581

387 - الدلويي *
العلامة الكبير، أبو حامد، أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد (1) بن
دلويه الدلويي الاستوائي الشافعي.
ولد في سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة تقريبا.
ذكره الخطيب في " تاريخه " (2)، فقال: وأستوا (3) من قرى
نيسابور، سمع أبا سعيد بن عبد الوهاب الرازي، وأبا أحمد الحاكم،
وببغداد الدارقطني، وولي قضاء عكبرا، وكان شافعيا أصوليا أشعريا، له
حظ من معرفة الأدب والعربية، كتبت عنه، وكان صدوقا.
إلى أن قال: مات في ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وأربع مئة.
388 - الجرجرائي * *
الوزير الكامل، نجيب الدولة، أبو القاسم، علي بن أحمد، وزير
الديار المصرية للظاهر العبيدي، وكان من دهاة الملوك.
خدم الحاكم، فغضب عليه، فقطع يديه من مرفقيه في سنة أربع

* تاريخ بغداد 4 / 377، 378، الأنساب 5 / 333، 334، تبيين كذب المفتري
247، معجم الأدباء 5 / 38، 39، اللباب 1 / 507، الوافي بالوفيات 7 / 351، طبقات
السبكي 4 / 60، 61، بغية الوعاة 1 / 358. والدلويي: ضبط في الأصل بفتح الدال،
وضبطها السمعاني بالكسر، وتابعه ابن الأثير والسيوطي، واللام بعدها مشددة مضمومة.
(1) في " الوافي " و " بغية الوعاة " و " معجم الأدباء ": " محمود " بدل " محمد ".
(2) 4 / 377، 378.
(3) بضم الألف، وسكون السين المهملة، وفتح التاء المثناة من فوق أو ضمها.
* * الإشارة إلى من نال الوزارة 35، الكامل في التاريخ 9 / 525، وفيات الأعيان 3 /
407، 408، الولاة للكندي 497 و 499، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة 148، أعلام
الزركلي 4 / 254. والجرجرائي: نسبة إلى جرجرايا، وهي قرية من أرض العراق.
582

وأربع مئة لكونه خان في مباشرة ديوان، ثم رضي عنه في سنة تسع وأربع
مئة، وولاه ديوان النفقات، ثم عظم أمره إلى أن وزر في سنة ثماني عشرة
وأربع مئة، فكان يكتب العلامة عنه القاضي أبو عبد الله القضاعي، وهي:
الحمد لله شكرا لنعمته (1).
وكان شهما كافيا سائسا، ذا أمانة وعفة.
وقد هجاه جاسوس الفلك بأبيات منها:
فمن الأمانة والتقى * قطعت يداك من المرافق؟! (2)
واستمر في الوزارة للظاهر، ثم لابنه المستنصر، فكانت دولته ثماني
عشرة سنة، إلى أن مات في سابع رمضان سنة ست وثلاثين وأربع مئة.
389 - المنازي *
الوزير البليغ، ذو الصناعتين، أبو نصر (3)، أحمد بن يوسف
الكاتب، من أهل منازجرد (4).
وزر لأحمد بن مروان صاحب ديار بكر، وترسل عنه إلى القسطنطينية

(1) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 408.
(2) البيت في " وفيات الأعيان " 3 / 408، وقبله قوله:
يا أحمقا اسمع وقل * ودع الرقاعة والتحامق
أأقمت نفسك في الثقات * وهبك فيما قلت صادق
* معجم البلدان 5 / 202 (منازجرد)، وفيات الأعيان 1 / 143 - 145، المختصر في
أخبار البشر 2 / 168، العبر 3 / 187، المشتبه 2 / 616، تتمة المختصر 1 / 528، الوافي
بالوفيات 8 / 285 - 288، تبصير المتنبه 4 / 1393، شذرات الذهب 3 / 259، 260.
(3) في " المشتبه " و " تبصير المنتبه ": أبو العباس.
(4) في الأصل: منازجهد، وهو تحريف، والتصويب من مشتبه المؤلف و " العبر "
و " وفيات الأعيان " و " شذرات الذهب ".
583

غير مرة، وله كتب كثيرة وقفها (1)، وهو القائل لأبي العلاء: فما لهم يؤذونك
وقد تركت لهم الدنيا والآخرة (2).
وله نظم فائق قليل الوجود (3) كما قيل:
وأقفر من شعر المنازي المنازل
ومنازجرد: بقرب خرت برت، وليست منازكرد [القلعة] التي من
عمل خلاط (4).
390 - التياني *
حامل لواء اللغة، أبو غالب، تمام بن غالب بن عمر، القرطبي، ابن
التياني، نزيل مرسية.

(1) قال ابن خلكان: وقفها على جامع ميافارقين وجامع آمد، وهي موجودة بخزائن
الجامعين، ومعروفة بكتب المنازي.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 1 / 143، و " الوافي " 8 / 285.
(3) انظر بعض نظمه في " الوافي " 8 / 285 - 288.
(4) وفيات الأعيان والزيادة منه 1 / 144، وذكر في ترجمة القالي 1 / 227 أن منازجرد من
ديار بكر.
* الاكمال 1 / 443، جذوة المقتبس 183، الصلة 1 / 120، 121، بغية الملتمس
252، معجم الأدباء 7 / 135 - 138، إنباه الرواة 1 / 259، 260، المغرب في حلي
المغرب 1 / 166، وفيات الأعيان 1 / 300، 301، العبر 3 / 185، المشتبه 1 / 93،
تلخيص ابن مكتوم 46، مسالك الابصار ج 4 م 2 / 298 - 299، عيون التواريخ 12 / 208،
الوافي بالوفيات 10 / 398، 399، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 285، إشارة التعيين 5، بغية
الوعاة 1 / 478، 479، نفح الطيب 3 / 172، كشف الظنون 481، شذرات الذهب 3 /
256، روضات الجنات 140، 141، إيضاح المكنون 2 / 607، هدية العارفين 1 / 245،
246. قال ابن خلكان: والتياني: أظنه منسوبا إلى التين وبيعه والله أعلم. وقد تصحفت هذه
النسبة في " هدية العارفين " إلى " التباني " بالموحدة التحتية، وجاء في بعض المصادر:
" ابن التيان ".
584

روى عن: أبيه، وأبي بكر الزبيدي، وعبد الوارث بن سفيان،
وطائفة.
قال الحميدي (1): كان إماما في اللغة، ثقة ورعا خيرا، له كتاب في
اللغة (2) لم يؤلف مثله اختصارا وإكثارا، حدثني ابن حزم قال (3): حدثني
محمد بن الفرضي أن الأمير مجاهدا العامري وجه إلى أبي غالب إذ غلب على
مرسية ألف دينار على أن يزيد في ترجمة هذا الكتاب: " مما ألفته (4) لأبي
الجيش مجاهد العامري " (5)، فرد الدنانير، ولم يفعل، وقال: لو بذلت لي
الدنيا على ذلك، ما فعلت، ولا استجزت الكذب، فإني لم أجمعه له
خاصة.
توفي بالمرية سنة ست (6) وثلاثين وأربع مئة رحمه الله.
391 - الصفار *
المسند أبو سعد، عبد الرحمن بن أحمد بن عمر، الأصبهاني
الصفار، أخو الفقيه أبي سهل الصفار.

(1) في " جذوة المفتبس " 183.
(2) هو كتاب " تلقيح العين " وانظر بقية تواليفه في " هدية العارفين " 1 / 246.
(3) انظر " نفح الطيب " 3 / 172.
(4) في " الجذوة " و " نفح الطيب ": مما ألفه تمام بن غالب.
(5) هو مجاهد بن عبد الله العامري، أبو الجيش، مولى عبد الرحمن الناصر بن المنصور
محمد بن أبي عامر، غلب على الجزائر التي في شرق الأندلس، ثم غلب على دانية وما يليها،
واستقرت إقامته فيها، وكان من الكرماء على العلماء، باذلا للرغائب في استمالة الأدباء، توفي
سنة 436. انظر ترجمته في " جذوة المقتبس " 352 - 354، و " بغية الملتمس " 472، 473.
(6) تحرف في " بغية الوعاة " إلى " ثلاث ".
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
585

حدث عن: أحمد بن بندار الشعار، وأبي القاسم الطبراني.
روى عنه: جماعة من شيوخ السلفي منهم: محمد بن الحسن
العلوي الرسي، وأبو علي الحداد.
توفي ليلة عرفة سنة ست وثلاثين وأربع مئة.
392 - ابن ميقل *
عالم قرطبة، وعابدها، وشيخ المالكية، أبو الوليد، محمد بن عبد
الله بن أحمد بن ميقل، المرسي.
حدث عن: أبي محمد الأصيلي، وهاشم بن يحيى، وسهل بن
إبراهيم. وتحول إلى قرطبة، وتفقه وبرع.
قال أبو عمر بن الحذاء: ما لقيت أتم ورعا ولا أحسن خلقا ولا أكمل
علما منه، كان يختم القرآن على قدميه في كل يوم وليلة، وترك اللحم من
أول الفتنة إلا من طير أو حوت أو صيد، وكان سخيا على توسط ماله، وكان
أحفظ الناس للمذهب، وأقواهم احتجاجا، مع علمه بالحديث ورجاله،
واللغة والقراءات والشعر. مات في شوال سنة ست وثلاثين وأربع مئة
بمرسية، ودفن في قبلة جامعها، وله أربع وسبعون سنة (1).

(1) ترتيب المدارك 4 / 751، وتحرف فيه إلى: ابن مقبل، الصلة 2 / 527، النجوم
الزاهرة 5 / 39 وتحرف فيه إلى: ابن منقذ.
(1) انظر " الصلة " 2 / 527، و " ترتيب المدارك " 4 / 751.
586

393 - أبو الحسين البصري *
شيخ المعتزلة، وصاحب التصانيف الكلامية، أبو الحسين، محمد
ابن علي بن الطيب، البصري.
كان فصيحا بليغا، عذب العبارة، يتوقد ذكاء. وله اطلاع كبير.
حدث عن: هلال بن محمد بحديث رواه عنه أبو بكر الخطيب (1).
توفي ببغداد في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وأربع مئة وقد شاخ.
أخذ عنه: أبو علي بن الوليد، وأبو القاسم بن التبان المعقول. أجارنا
الله من البدع.
وله كتاب " المعتمد في أصول الفقه " (2)، من أجود الكتب، يغترف

* طبقات المعتزلة 118، تاريخ بغداد 3 / 100، تاريخ الحكماء 293، 294،
المنتظم 8 / 126، 127، الكامل في التاريخ 9 / 527، وفيات الأعيان 4 / 271، المختصر
في أخبار البشر 2 / 167، 168، دول الاسلام 1 / 258، العبر 3 / 187، ميزان الاعتدال
3 / 654، 655، تتمة المختصر 1 / 527، وتحرف فيه إلى " أبو الحسن "، الوافي بالوفيات
4 / 125، عيون التواريخ 12 / 212 - 213 / 1، البداية والنهاية 12 / 53، 54، الجواهر
المضية 2 / 93، 94، لسان الميزان 5 / 298، النجوم الزاهرة 5 / 38، كشف الظنون
413، 1200، 1272، شذرات الذهب 3 / 259، روضات الجنات 178، تراجم الرجال
35، هدية العارفين 2 / 69.
(1) وهو حديث: " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت "
انظر " تاريخ بغداد " 3 / 100.
(2) نشر محمد حميد الله الجزء الأول منه ببيروت 1964 م، والجزء الثاني 1965 م،
والمعتمد هذا هو اختصار شرحه لكتاب العهد للقاضي عبد الجبار الهمذاني. ولهذا الكتاب
تلخيص لمجهول بعنوان " تجريد المعتمد " ويوجد شرح لسليمان بن ناصر بن سعيد ألفه سنة 571
لمختصر " المعتمد " الذي قام به البصري نفسه. انظر النسخ الخطية لكتاب " المعتمد "
وتلخيصه وشرح مختصره ولكتاب آخر للبصري هو " شرح السماع الطبيعي " في " تاريخ التراث
العربي " لسزكين 2 / 415.
587

منه ابن خطيب الري (1). وله كتاب " تصفح الأدلة " كبير (2).
394 - المرتضى *
العلامة الشريف المرتضى، نقيب العلوية، أبو طالب (3)، علي بن
حسين بن موسى، القرشي العلوي الحسيني الموسوي البغدادي، من ولد
موسى الكاظم.

(1) وهو الامام فخر الدين الرازي صاحب " التفسير " المتوفى سنة 606 ه‍، وقد ألف في
أصول الفقه كتابا سماه " المحصول " وهو كتاب عظيم في بابه يقع في ستة مجلدات ضخام، عول
فيه على ما هو مدون في الكتب الأربعة التي تناولت جملة المباحث الأصولية وهي " البرهان " لإمام الحرمين
، و " المستصفى " للغزالي، و " العهد " للقاضي عبد الجبار المهداني، و " المعتمد "
لأبي الحسين البصري، فضمنه ما فيها من مسائل الأصول ومباحث مجردة عن جميع المآخذ التي
أخذت عليها بأسلوب يتسم بالترتيب، والوضوح والعمق، والاستقصاء، وقد ذكروا أنه كان
يحفظ عن ظهر قلب كتابين من هذه الكتب الأربعة، وهما " المستصفى " و " المعتمد ".
(2) وانظر بقية تصانيفه في " وفيات الأعيان " 4 / 271، و " الوافي " 4 / 125، و " هدية
العارفين " 2 / 69.
* جمهرة أنساب العرب: 63، تاريخ بغداد 11 / 402، 403، دمية القصر 1 / 299 - 300، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 465 - 475،
المنتظم 8 / 120 - 126، معجم الأدباء 13 / 146 - 157، إنباه الرواة 2 / 249، 250،
الكامل في التاريخ 9 / 526، تتمة اليتيمة 1 / 53 - 56، وفيات الأعيان 3 / 313 - 316،
الذريعة 2 / 401، المختصر في أخبار البشر 2 / 167، تاريخ الاسلام وفيات 436 ه‍، العبر
3 / 186، ميزان الاعتدال 3 / 124، دول الاسلام 1 / 258، تلخيص ابن مكتوم 134،
135، تتمة المختصر 1 / 527، عيون التواريخ 12 / 204 - 208، الوافي بالوفيات خ 12 /
40 - 42، مرآة الجنان 3 / 55 - 57، البداية والنهاية 12 / 53، لسان الميزان 4 / 223 -
225، النجوم الزاهرة 5 / 39، بغية الوعاة 2 / 162، منهج المقال 231، 232، منتهى
المقال 214، تنقيح المقال 2 / 284، 285، نزهة الجليس 2 / 373، 374، فهرست
الطوسي 97 - 100، كشف الظنون 748، 794، شذرات الذهب 3 / 256 - 258، روضات
الجنات 383 - 388، كتاب الرجال 192، 193، إيضاح المكنون 1 / 5 و 136، هدية
العارفين 1 / 688، تذكرة المتبحرين 486، 487، الدرجات الرفيعة 458، أعيان الشيعة
41 / 188 - 197.
(3) وفي بعض المصادر: أبو القاسم.
588

ولد سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
وحدث عن: سهل بن أحمد الديباجي، وأبي عبد الله المرزباني،
وغيرهما.
قال الخطيب (1): كتبت عنه.
قلت: هو جامع كتاب " نهج البلاغة "، المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي
رضي الله عنه، ولا أسانيد لذلك، وبعضها باطل، وفيه حق، ولكن
فيه موضوعات حاشا الامام من النطق بها، ولكن أين المصنف؟! وقيل: بل
جمع أخيه الشريف الرضي (2).
وديوان المرتضى كبير وتواليفه كثيرة، وكان صاحب فنون.
وله كتاب " الشافي في الإمامة "، و " الذخيرة في الأصول "، وكتاب
" التنزيه "، وكتاب في إبطال القياس، وكتاب في الاختلاف في الفقه،
وأشياء كثيرة (3). وديوانه في أربع مجلدات (4).
وكان من الأذكياء الأولياء، المتبحرين في الكلام والاعتزال، والأدب
والشعر، لكنه إمامي جلد. نسأل الله العفو.

(1) في " تاريخ بغداد " 11 / 402.
(2) وهذا هو المشهور، وقد تقدمت ترجمة الشريف برقم (174).
(3) انظر " هدية العارفين " 1 / 688. وقد طبع من تصانيفه كتاب " الشهاب في الشيب
والشباب " ومعه " سلوة الحريف بمناظرة الربيع والخريف " للجاحظ بمطبعة الجوائب في الآستانة
عام 1302 ه‍، وكتاب " المسائل الناصرية " في الفقه طبع مع كتاب " الجوامع الفقهية " لمحمد
باقر بن محمد رحيم طهران عام 1276 ه‍، وكتاب " أمالي المرتضى " المسمى " غرر الفوائد
ودرر القلائد " طبع عدة طبعات، منها بتحقيق الأستاذ محمد أبي الفضل إبراهيم في مصر سنة
1954 م وقد بدأه بمقدمة عن الشريف المرتضى، ثم أورد سردا بمؤلفاته.
(4) طبع " ديوانه " في القاهرة عام 1958 في ثلاث مجلدات.
589

قال ابن حزم: الامامية كلهم على أن القرآن مبدل، وفيه زيادة ونقص
سوى المرتضى، فإنه كفر من قال ذلك، وكذلك صاحباه أبو يعلى
الطوسي، وأبو القاسم الرازي.
قلت: وفي تواليفه سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنعوذ بالله من علم
لا ينفع.
توفي المرتضى في سنة ست وثلاثين وأربع مئة.
وفيها مات إمام اللغة تمام بن غالب التياني (1) المرسي، والمحدث
الفقيه أبو عبد الله الحسين بن علي الصيمري (2)، وأبو سعد عبد الرحمن بن
أحمد الصفار (3) صاحب الطبراني، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن حسين
الوضاحي القدوة بدمشق، وشيخ المالكية أبو الوليد محمد بن عبد الله بن
ميقل (4) المرسي، وشيخ الشافعية أبو عبد الرحمن محمد بن عبد العزيز
النيلي النيسابوري، وشيخ المعتزلة أبو الحسين محمد بن علي البصري (5).

(1) تقدمت ترجمته برقم (390).
(2) سترد ترجمته برقم (412).
(3) تقدمت ترجمته برقم (391).
(4) تقدمت ترجمته برقم (392).
(5) تقدمت ترجمته برقم (393).
590

395 - مكي *
العلامة المقرئ، أبو محمد، مكي بن أبي طالب حموش (1) بن
محمد بن مختار، القيسي القيرواني، ثم القرطبي، صاحب التصانيف.
ولد بالقيروان سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
وأخذ عن: [ابن] (2) أبي زيد، وأبي الحسن القابسي.
وتلا بمصر على أبي عدي ابن الإمام، وأبي الطيب بن غلبون، وولده
طاهر.
وسمع من محمد بن علي الأدفوي، وأحمد بن فراس المكي،
وعدة.
وكان من أوعية العلم مع الدين والسكينة والفهم، ارتحل مرتين،
الأولى في سنة ست وسبعين.

(1) جذوة المقتبس 351، ترتيب المدارك 4 / 737، نزهة الألباء: 347، الصلة 2 /
631 - 633، بغية الملتمس 469، معجم الأدباء 19 / 167 - 171، إنباه الرواة 3 / 313 -
319، وفيات الأعيان 5 / 274 - 277، معالم الايمان 3 / 213، العبر 3 / 187، دول
الاسلام 1 / 258، معرفة القراء الكبار 1 / 316 - 317، تلخيص ابن مكتوم 251 - 254،
عيون التواريخ 12 / 217، الوافي بالوفيات خ 26 / 68،، مرآة الجنان 3 / 57، 58،
الديباج المذهب 2 / 342، 343، غاية النهاية 2 / 309، 310، طبقات ابن قاضي شهبة
257، 258، النجوم الزاهرة 5 / 41، بغية الوعاة 2 / 298، مفتاح السعادة 1 / 419،
إشارة التعيين 55، كشف الظنون 1 / 33، 121، 174، شذرات الذهب 3 / 260،
261، إيضاح المكنون 1 / 85، هدية العارفين 2 / 470، 471.
(1) لفظ " حموش " يقال في بلاد المغرب لمن اسمه محمد تحببا، وقد تحرف في " معرفة
القراء الكبار " إلى " حيوس " وفي " غاية النهاية " إلى " ابن حيوس ".
(2) سقط لفظ " ابن " من الأصل، وهو أبو محمد بن أبي زيد، تقدمت ترجمته في هذا
الجزء برقم (4).
591

وقال صاحبه أبو عمر أحمد بن مهدي المقرئ: أخبرني مكي أنه سافر
إلى مصر وله ثلاث عشرة سنة، واشتغل، ثم رحل سنة ست وسبعين، وأنه
جاور ثلاثة أعوام، ودخل الأندلس في سنة ثلاث وتسعين، وأقرأ بجامع
قرطبة، وعظم اسمه، وبعد صيته (1).
قال ابن بشكوال (2): قلده أبو الحزم جهور خطابة قرطبة بعد يونس بن
عبد الله، وقد ناب عن يونس.
قال: وله ثمانون مصنفا (3)، وكان خيرا متدينا، مشهورا بإجابة
الدعوة، دعا على رجل كان يؤذيه، ويسخر به إذا خطب، فزمن الرجل.
توفي في المحرم سنة سبع وثلاثين وأربع مئة.
قلت: تلا عليه خلق منهم: عبد الله بن سهل، ومحمد بن أحمد بن
مطرف، وروى عنه بالإجازة أبو محمد بن عتاب.
وفيها مات أبو محمد السكن بن محمد بن أحمد بن محمد بن جميع (4)
الغساني بصيدا عن بضع وثمانين سنة. يروي عن جده " الموطأ ". وفيها

(1) انظر " الصلة " 2 / 632، 633، بأطول مما هنا، و " وفيات الأعيان " 5 / 274،
275، و " معرفة القراء الكبار " 2 / 309، 310.
(2) في " الصلة " 2 / 633، وانظر " وفيات الأعيان " 5 / 275، و " إنباه الرواة " 3 /
314، 315.
(3) انظر أشهرها في " وفيات الأعيان " 5 / 275 - 277، و " إنباه الرواة " 3 / 315 -
319، و " معجم الأدباء " 19 / 169 - 171، و " هدية العارفين " 2 / 470، 471، وقد طبع
له منها فيما نعلم " الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها " و " الإبانة عن معاني القراءة "
و " تفسير مشكل إعراب القرآن " و " الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة " و " الوقف على كلا
وبلى " و " اختصار الوقف على كلا وبلى ونعم " و " الايضاح في الناسخ والمنسوخ " و " العمدة في
غريب القرآن " و " التبصرة في القراءات السبع ".
(4) تقدمت ترجمته برقم (98).
592

مات أحمد بن محمد بن يزدة الملنجي المقرئ، وعلي بن محمد بن علي
الأسواري.
396 - الخلال *
الامام الحافظ المجود، محدث العراق، أبو محمد، الحسن بن أبي
طالب محمد بن الحسن بن علي، البغدادي الخلال، أخو الحسين.
ولد سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة.
وسمع أبا بكر القطيعي، وأبا بكر الوراق، وأبا سعيد السيرافي،
ومحمد بن المظفر، وأبا عمر بن حيويه، وأبا عبد الله بن العسكري، وأبا
الفضل الزهري، وأبا بكر بن شاذان، وأبا الحسن الدارقطني، وخلقا
كثيرا، وما أظنه رحل في الحديث.
حدث عنه: الخطيب، وجعفر بن أحمد السراج، والمبارك بن عبد
الجبار الصيرفي، ومحمد بن أحمد الصندلي، وأبو الفضل بن خيرون،
والمعمر بن أبي عمامة، وجعفر بن المحسن السلماسي، وأبو سعد أحمد
ابن عبد الجبار الصيرفي، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وآخرون.
قال الخطيب (1): كتبنا عنه، وكان ثقة، له معرفة، وتنبه، وخرج
" المسند " على " الصحيحين "، وجمع أبوابا وتراجم كثيرة، ومات في
جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وأربع مئة.

* تاريخ بغداد 7 / 425، الأنساب 5 / 218، المنتظم 8 / 132، 133، اللباب 1 /
473، تذكرة الحفاظ 3 / 1109 - 1111، العبر 3 / 189، دول الاسلام 1 / 258، مرآة
الجنان 3 / 60، غاية النهاية 1 / 231، طبقات الحفاظ: 426، كشف الظنون 26، شذرات
الذهب 3 / 262، هدية العارفين 1 / 275، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 389.
(1) في " تاريخ بغداد " 7 / 425.
593

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد، والحسن بن علي قالا: أخبرنا
جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر السلفي، سمعت أبا الحسين بن
الطيوري، سمعت محمد بن علي الصوري يقول: ما رأت عيناني بعد عبد
الغني بن سعيد أحفظ من أبي محمد الخلال البغدادي (1).
كتب إلينا محمد بن عبد الكريم الشافعي: أخبرنا زين الامناء الحسن
ابن محمد، أخبرنا هبة الله بن الحسن، وقرأت على إسحاق بن طارق،
أخبركم ابن خليل، أخبرنا عبد الخالق بن عبد الوهاب قالا: أخبرنا علي بن
عبد الواحد، حدثنا أبو محمد الخلال إملاء، حدثنا علي بن لؤلؤ، حدثنا
إبراهيم بن هاشم البغوي سنة ثلاث وتسعين ومئتين، حدثنا علي بن الحسن
ابن شقيق، حدثنا الحسين بن واقد، حدثنا ابن بريدة، سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة، فمن
تركها، فقد كفر ". سقط منه رجل (2).
أخبرنا عيسى بن أبي محمد، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أبو طاهر
الحافظ، أخبرنا محمد بن عبد الملك بن أسد، أخبرنا أبو محمد الخلال،
حدثني علي بن أحمد السرخسي الحافظ، حدثنا عبد الله بن عثمان
الواسطي، سمعت أبا هاشم أيوب بن محمد بواسط، سمعت أبا عثمان
المازني يقول: حدثنا سيبويه، عن الخليل، عن ذر بن عبد الله الهمداني،
عن الحارث، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أهل

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1110.
(2) هو بريدة والد عبد الله، فقد أخرجه أحمد 5 / 346، والترمذي (2621) في الايمان
، وابن ماجة (1079) من طريق علي بن الحسن بن شقيق، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله
ابن بريدة، عن أبيه، وصححه ابن حبان (255) والحاكم 1 / 6، 7، ووافقه الذهبي، وقال
الترمذي: حسن صحيح، وهو كما قالوا.
594

المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا
أهل المنكر في الآخرة " (1). سقط من بين الخليل وبين ذر.
397 - ابن ريذة *
الشيخ العالم، الأديب، الرئيس، مسند العصر، أبو بكر، محمد
ابن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن زياد، الأصبهاني، التأني
التاجر، المشهور بابن ريذة.
سمع " معجمي " الطبراني: الأكبر والأصغر. و " الفتن " لنعيم بن
حماد، من أبي القاسم الطبراني، وما أظنه سمع من غيره. وعمر دهرا،
وتفرد في الدنيا.
مولده في سنة ست وأربعين وثلاث مئة.
حدث عنه خلق لا يحصون، منهم: أبو العلاء محمد بن الفضل
الكاغدي، وأخوه أبو بكر، ومحمد بن عمر بن عزيزة، والصدر محمد بن
جهاربختان، ومحمد بن أبي الفرج الملحمي، ومحمد بن مردويه الصباغ،

(1) هو في تاريخ بغداد 11 / 326 من طريق الخلال بهذا الاسناد، والحارث - وهو ابن
عبد الله الأعور - ضعيف، وأخرجه الحاكم 4 / 321 من طريق آخر عن علي، وفي سنده
ضعف، وفي الباب عن سلمان الفارسي عند البخاري في " الأدب المفرد " (223) والطبراني
(6112)، وعن أبي موسى الأشعري عند الطبراني في " الصغير " 1 / 73، 74، وعن أبي
هريرة عند أبي نعيم في " الحلية " 9 / 319 والطبراني في " الصغير " 1 / 261، 263، وعن
أبي الدرداء عند الخطيب 10 / 420، وعن أبن عباس، وقبيصة بن برمة عند البخاري في
" الأدب المفرد " (221) والطبراني (11078) و (11460)، وعن ابن عمر عند البزار،
فالحديث صحيح بهذه الشواهد.
* الاكمال 4 / 175، المشتبه 1 / 332، دول الاسلام 1 / 259، العبر 3 / 193،
الوافي بالوفيات 3 / 323، تبصير المنتبه 2 / 617، النجوم الزاهرة 5 / 46، شذرات الذهب
3 / 265، تاج العروس 2 / 564.
595

وأبو الفتح محمد بن عبد الله الخرقي، وأبو طاهر محمد بن الفضل
الشرابي، وأحمد بن محمد النجار الأصم، وأبو غالب أحمد بن العباس
الكوشيذي (1)، ومحمد بن إبراهيم بن شذرة، والحافظ يحيى بن عبد
الوهاب بن مندة، ومعمر بن أحمد اللنباني، وهادي بن الحسن العلوي،
والمقرئ أبو علي الحداد، وأبو عدنان محمد بن إبراهيم العبدي، وأبو
عدنان محمد بن أحمد بن أبي نزار، ومحمد بن الفضل القصار الزاهد، وأبو
الرجاء أحمد بن عبد الله بن ماجة، ونوشروان بن شيرزاذ الديلمي، وطلحة
ابن حسين بن أبي ذر الصالحاني، وحمد بن علي المعلم، والهيثم بن محمد
المعداني، وفاطمة بنت عبد الله الجوزدانية.
قال يحيى بن مندة: كان أحد الوجوه، ثقة أمينا، وافر العقل، كامل
الفضل، مكرما لأهل العلم، حسن الخط، يعرف طرفا من النحو واللغة،
قرئ عليه الحديث مرات لا أحصيها بالبلد والرساتيق، ثم أرخ مولده،
وقال: توفي في شهر رمضان سنة أربعين وأربع مئة وله أربع وتسعون سنة.
قلت: عاشت فاطمة (2) بعده إلى سنة أربع وعشرين وخمس مئة،
وعاش صاحبها أبو الفخر أسعد بن روح إلى سنة ست وست مئة.
398 - أبو حسان المزكي *
الامام الفقيه، مسند نيسابور، أبو حسان، محمد بن أحمد بن
جعفر، المولقاباذي (3) المزكي، أحد الثقات الصلحاء، وكان إليه التزكية

(1) نسبة إلى كوشيذ اسم أحد أجداده.
(2) ستأتي ترجمتها في الجزء التاسع عشر.
* العبر 3 / 177، الوافي بالوفيات 2 / 64، شذرات الذهب 3 / 250.
(3) نسبة إلى مولقاباذ، وهي محلة كبيرة بنيسابور.
596

بنيسابور، وله الحشمة الوافرة والجلالة.
حدث عن: والده أبي الحسن، وأبي العباس محمد بن إسحاق
الصبغي، ومحمد بن الحسن السراج، وأبي عمرو بن مطر، وأبي عمرو بن
نجيد، وجعفر المراغي، وطائفة. وسمع ببغداد من أبي الفضل عبيد الله
ابن عبد الرحمن الزهري، وغيره. وخرجوا له الفوائد، وروى الكثير.
حدث عنه: إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وعبد الغفار بن محمد
الشيرويي، وإسماعيل بن عمرو البحيري، وآخرون.
توفي سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة وهو في عشر التسعين.
399 - الخلال *
أبو عبد الله، الحسين بن محمد بن الحسن، البغدادي، الخلال،
المؤدب، أخو الحافظ الحسن.
سمع أبا حفص الزيات، وسمع بما وراء النهر " الصحيح "، ورواه
عن الحاجبي.
روى عنه: أبو الفضل بن خيرون، وطائفة، والخطيب وقال (1): لا
بأس به، مات سنة ثلاثين وأربع مئة.

* تاريخ بغداد 8 / 108، المنتظم 8 / 102، البداية والنهاية 12 / 45.
(1) في " تاريخ بغداد " 8 / 108.
597

400 - ابن غيلان *
الشيخ الأمين المعمر، مسند الوقت، أبو (1) طالب، محمد بن
محمد (2) بن إبراهيم بن غيلان بن عبد الله بن غيلان بن حكيم، الهمداني
البغدادي البزاز، أخو غيلان بن محمد المكني بأبي القاسم.
سمع غيلان من: النجاد، ودعلج وجماعة، حدث عنه: الخطيب
ووثقه. ومات في سنة ست عشرة وأربع مئة (3).
مولد أبي طالب في أول سنة ثمان وأربعين فيما سمعه الخطيب منه،
ثم سمعه الخطيب يقول: كنت أغلط في مولدي حتى رأيته بخط جدي: في
المحرم سنة سبع وأربعين (4).
قلت: وسمع من أبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي في سنة اثنتين
وخمسين، وسنة ثلاث وأربع، فعنده عنه أحد عشر جزءا لقبت
بالغيلانيات. تفرد في الدنيا بعلوها. وسمع من أبي إسحاق المزكي
جزئين، وسمع من الشافعي جزئين من تفسير سفيان الثوري.

* تاريخ بغداد 3 / 234، 235، الأنساب 9 / 204 (الغيلاني)، المنتظم 8 /
139، 140، اللباب 2 / 398، الكامل في التاريخ 9 / 552، المختصر في أخبار البشر 2 /
169، العبر 3 / 193، 194، دول الاسلام 1 / 259، تتمة المختصر 1 / 530، الوافي
بالوفيات 1 / 119، البداية والنهاية 12 / 58، 59، النجوم الزاهرة 5 / 47، شذرات الذهب
3 / 265، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 389، 390.
(1) تحرف في " البداية والنهاية " إلى " أخو ".
(2) في " البداية والنهاية ": أحمد وهو خطأ.
(3) انظر ترجمة غيلان بن محمد في " تاريخ بغداد " 12 / 333، 334، و " الأنساب "
9 / 204، 205.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 235.
598

قال الخطيب (1): كتبنا عنه، وكان صدوقا دينا صالحا.
قلت: حدث عنه: الخطيب، وابن خيرون، وأبو علي البرداني،
وأبو طاهر بن سوار، وأحمد بن قريش البناء، وأبو البركات أحمد بن طاووس
المقرئ، وجعفر بن أحمد السراج، وجعفر بن المحسن السلماسي،
وعبيد الله بن عمر البقال، والمعمر بن أبي عمامة، وأبو منصور محمد بن
علي الفراء، وأبو المعالي أحمد بن محمد البخاري، وأبو علي محمد بن
محمد بن المهدي، وأبو سعد أحمد بن عبد الجبار الصيرفي، وأبو الفتح
أحمد بن عبيد الله المعير، وأبو غالب أحمد بن عبدا لباقي العطار، وأبو
غالب الحسن بن علي البزاز، والحسن بن عبد الملك اليوسفي، وأبو نصر
عبد الله بن عمر الدباس، وعبد الباقي بن محمد الوراق، وعلي بن محمد
ابن علي الأنباري الواعظ، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، ومحمد بن عبد
الواحد بن الأزرق، ومحمد بن عبد القادر بن السماك، وأبو نصر هبة الله بن
محمد بن الصباغ، وهبة الله بن مبارك الوقاياتي (2)، وأبو البركات هبة الله
ابن محمد بن البخاري، وهبة الله بن محمد بن النرسي، وهبة الله بن محمد
ابن الحصين الشيباني.
قال أبو سعد السمعاني: قرأت بخط أبي: سمعت محمد بن محمود
الرشيدي يقول: لما أردت الحج، أوصاني أبو عثمان الصابوني وغيره
بسماع " مسند " أحمد بن حنبل، وفوائد أبي بكر الشافعي، فدخلت
بغداد، واجتمعت بابن المذهب، فقال: أريد مئتي دينار. فقلت: كل
نفقتي سبعون دينارا، فإن كان ولابد، فأجز لي. قال: أريد عشرين

(1) " تاريخ بغداد " 3 / 234، 235.
(2) هذه النسبة إلى الوقاية وهي المقنعة، ويقال لمن يبيعها: الوقاياتي " اللباب ".
599

دينارا على الإجازة. فتركته، وقلت لابن حيدر: أريد السماع من ابن
غيلان. قال: إنه مبطون وهو ابن مئة سنة. قلت: فأعجل فأسمع منه.
قال: لا حتى تحج. فقلت: كيف يسمح قلبي بذا؟ قال: إن له ألف دينار
يجاء بها، فتفرغ في حجره، فيقلبها، ويتقوى بذلك. فاستخرت الله،
وحججت، ولحقته، قرأ لي عليه أبو بكر الخطيب (1).
قال الخطيب (2): مات ابن غيلان في سادس شوال سنة أربعين وأربع
مئة.
قلت: عاش أربعا وتسعين سنة.
والرشيدي المذكور صدوق مات سنة 498 عن نيف وثمانين سنة.
ومات في سنة أربعين أبو بكر بن ريذة (3) صاحب الطبراني، وأبو ذر
محمد بن إبراهيم الصالحاني، والحسن بن عيسى بن المقتدر، وعبيد الله
ابن عمر بن شاهين، وأحمد بن محمد بن أحمد الحكيمي، وعلي بن ربيعة
الربعي، وشيخ خراسان أبو سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني (4)،
والحافظ الصوري (5)، وشيخ القراء الكارزيني، وأبو منصور محمد بن
محمد بن السواق (6) ببغداد، وشيخ الشافعية أبو حاتم محمود بن الحسن
القزويني بآمد.

(1) انظر " الوافي بالوفيات " 1 / 119.
(2) في " تاريخ بغداد " 3 / 235.
(3) تقدمت ترجمته برقم (397).
(4) سترد ترجمته برقم (419).
(5) سترد ترجمته برقم (424).
(6) سترد ترجمته برقم (420).
600

401 - ابن شاهين *
الشيخ الصادق المعمر، أبو الفتح (1)، عبيد الله (2) بن أبي حفص
عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين، البغدادي الواعظ.
سمع من: أبيه الحافظ حفص، وأبي بحر البربهاري، وأبي بكر
القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وحسينك التميمي، وعدة.
حدث عنه: الخطيب، وجعفر بن أحمد السراج، وأبو علي محمد
ابن محمد بن المهدي، وآخرون.
قال الخطيب (3): كتبت عنه، وكان صدوقا. مات في ربيع الأول،
سنة أربعين وأربع مئة.
قلت: سمعنا من طريقه كتاب " سجود القرآن " للحربي، بسماعه من
أبي بحر، عنه.
402 - ابن حمصه * *
المعمر الأمين، أبو الحسن، علي بن عمر الحراني ثم المصري،
عرف بابن حمصة الصواف.
* تاريخ بغداد 10 / 386، المنتظم 8 / 138، العبر 3 / 192، البداية والنهاية 12 /
58، شذرات الذهب 3 / 264.
(1) في " البداية والنهاية ": أبو القاسم.
(2) في " البداية والنهاية ": هبة الله.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 386.
* * الاكمال 2 / 508، 509، الأنساب 4 / 224 (الحمصي)، اللباب 1 / 390،
العبر 3 / 196، حسن المحاضرة 1 / 373، 374، شذرات الذهب 3 / 266، تاج العروس
4 / 383 (حمص). وحمصة: بكسر الحاء المهملة، وتشديد الميم المكسورة ويجوز
فتحها، وفي آخرها الصاد المهملة. (*)
601

ما سمع شيئا سوى مجلس البطاقة (1)، وتفرد في الدنيا عن حمزة
الكناني.
ولد في رمضان سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة.
حدث عنه: هبة الله بن محمد الشيرازي، وأحمد بن عبد القادر
اليوسفي، ومرشد أبو صادق المديني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد
الرازي، وعدة.
مات في ثالث رجب سنة إحدى وأربعين وأربع مئة عن ثمان وتسعين سنة.
403 - العتيقي *
الامام المحدث الثقة، أبو الحسن، أحمد بن محمد بن أحمد بن
منصور، البغدادي العتيقي المجهز (2) السفار.
سمع علي بن محمد بن سعيد الرزاز، وأبا الحسن بن لؤلؤ الوراق،
وإسحاق بن سعد النسوي، والقاضي أبا بكر الأبهري، وعبيد الله بن عبد

(1) وهو الجزء الحديثي المعروف بجزء البطاقة، رواه عن أبي القاسم حمزة بن محمد
الكناني المصري. انظر " حسن المحاضرة " 1 / 351، 373، 374، و " الرسالة
المستطرفة " ص 90. وهو تخريج لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص الطويل المروي في
" المسند " 2 / 312، والترمذي (2639) وابن ماجة (4300) وصححه ابن حبان (2524)
والحاكم 1 / 529، ووافقه الذهبي وهو كما قالوا.
* تاريخ بغداد 4 / 379، الأنساب: (العتيقي) 8 / 393 و (المجهز)، المنتظم
8 / 143، اللباب 2 / 323 و 3 / 170، العبر 3 / 195، المشتبه 2 / 465، الوافي
بالوفيات 7 / 358، 359، البداية والنهاية 12 / 60، تبصير المنتبه 3 / 996 و 1014،
شذرات الذهب 3 / 265.
(2) يقال هذا لمن يحمل مال التجار من بلد إلى بلد، ويسلمه إلى شريك من أرسله معه،
ويعيد إليه مثله. " اللباب ".
602

الرحمن الزهري، والحسين بن أحمد بن فهد الموصلي، ومحمد بن
المظفر، وعدة. وسمع بدمشق من تمام الرازي، وبمصر من عبد الغني،
وجمع وخرج، وكتب الكثير.
حدث عنه: ولده أبو غالب محمد بن أحمد، وأبو عبد الله بن أبي
الحديد، وعبد المحسن بن محمد الشيحي، وعلي بن أبي العلاء
المصيصي، والمبارك بن الطيوري، وأبو علي محمد بن محمد بن
المهدي، وآخرون.
وهو الذي يقول فيه الخطيب: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي (1)
وقال (2):
كان صدوقا، ولد في أول سنة سبع وستين وثلاث مئة، وذكر لي أن
بعض أجداده كان يسمى عتيقا، وإليه ينسب.
وقال ابن ماكولا: قال لي شيخنا العتيقي: إنه روياني الأصل، خرج
على " الصحيحين "، وكان ثقة متقنا، يفهم ما عنده (3).
وقال الخطيب (4): مات في صفر سنة إحدى وأربعين وأربع مئة.
قلت: وقع لي أجزاء من حديثه، وله وفيات في جزء كبير.

(1) أي يدلسه.
(2) الخطيب في " تاريخ بغداد " 4 / 379.
(3) انظر " الوافي " 7 / 359.
(4) في " تاريخه " 4 / 379.
603

404 - ابن سختام *
الفقيه العلامة المفتي، أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن نصرويه بن
سختام بن هرثمة، الغزي (1) السمرقندي الحنفي حج في آخر أيامه.
وحدث ببغداد ودمشق عن: أبيه، ومحمد بن مت الاشتيخني (2)،
وإبراهيم بن عبد الله الرازي ثم البخاري، وأبي سعد عبد الرحمن بن محمد
الإدريسي، ومنصور بن نصر الكاغدي، ومحمد بن يحيى الغياثي،
وطائفة.
وله ثلاثة أجزاء سمعناها.
حدث عنه: أبو علي الأهوازي مع تقدمه، وأبو بكر الخطيب،
ومنصور بن عبد الجبار السمعاني، والفقيه نصر المقدسي، وفيد بن عبد
الرحمن الهمذاني، وأبو طاهر الحنائي وآخرون.
قال الخطيب (3): كان من أهل العلم والتقدم في مذهب أبي حنيفة،

* تاريخ بغداد 11 / 342، الأنساب (الخطيبي) 5 / 152، اللباب 1 / 454، العبر
3 / 196، الجواهر المضية 2 / 533، 534، الطبقات السنية رقم (1438)، شذرات
الذهب 3 / 266. وكان في الأصل. سختام.. بدون لفظ " ابن ".
(1) كذا الأصل بالغين والزاي المعجمتين، وقد أثبت فوق الزاي شدة، وفي " الشذرات "
الغزني بزيادة نون، ويغلب على الظن أن الصواب " العربي " كما في " تاريخ بغداد "
و " الأنساب " فإن المؤلف سينقل عن المترجم أن أباه كان يذكر أنه من العرب.
(2) هذه النسبة إلى " إشتيخن "، وهي قرية من قرى السغد بسمرقند على سبعة فراسخ
منها. انظر " الأنساب " 1 / 268 وفيه ترجمة محمد هذا.
(3) في " تاريخ بغداد " 11 / 342.
604

قال لي: ولدت في شعبان سنة خمس وستين وثلاث مئة، قال: وكان أبي
يذكر أنه من العرب.
قال: وأدركه أجله في الطريق - يعني في سنة إحدى وأربعين وأربع
مئة -.
وفيها مات المحدث أبو الحسن العتيقي (1)، وشيخ اللغة أبو القاسم
إبراهيم بن محمد بن زكريا الأفليلي الزهري بقرطبة، وأبو الحسن علي بن
عمر بن حمصة (2) الحراني، وصاحب الموصل معتمد الدولة قرواش بن
مقلد بن المسيب العقيلي (3)، والقاضي محمد بن أحمد بن عيسى السعدي
بمصر، وأبو الحسن محمد بن إسحاق القهستاني، وأحمد بن المظفر بن
أحمد بن يزداد الواسطي العطار، والفضل بن أحمد الثقفي والد الرئيس أبي
عبد الله.
405 - البرمكي *
الشيخ الامام المفتي، بقية المسندين، أبو إسحاق، إبراهيم بن عمر
ابن أحمد بن إبراهيم، البرمكي، ثم البغدادي الحنبلي. قيل: أصله من قرية
البرمكية، وقيل: سكن آباؤه محلة تعرف بالبرمكية.
مولده في سنة إحدى وستين وثلاث مئة.

(1) تقدمت ترجمته برقم (403).
(2) تقدمت ترجمته برقم (402).
(3) سترد ترجمته برقم (427).
* تاريخ بغداد 6 / 139، طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 2 / 190، 191، الأنساب
2 / 168، المنتظم 8 / 158، 159، اللباب 1 / 142، الكامل في التاريخ 9 / 596،
العبر 3 / 208، 209، دول الاسلام 1 / 262، الوافي بالوفيات 6 / 73، النجوم الزاهرة
5 / 55، شذرات الذهب 3 / 273.
605

وسمع أبا بكر القطيعي، وأبا محمد بن ماسي، وعبد الله بن إبراهيم
الزبيبي، والحافظ أبا الفتح الأزدي الموصلي، وابن بخيت الدقاق،
وإسحاق بن سعد النسوي. وعدة.
وبرع في المذهب، وكان له حلقة للفتوى.
حدث عنه: أبو غالب محمد بن عبد الواحد الشيباني، وأبو طالب
اليوسفي، وابن عمه عبد الرحمن بن أحمد، وأبو العز محمد بن المختار،
وأبو منصور محمد بن أحمد بن النقور، وأبو البركات محمد بن محمد
الخرزي، ومبارك بن محمد بن السدنك، وهبة الله بن المبارك الوقاياتي،
وهبة الله بن المبارك الدواتي، وأبو منصور محمد بن علي الفراء، وهبة الله
ابن أحمد بن الطبر، وأبو علي بن المهدي، والقاضي أبو بكر الأنصاري،
وآخرون.
قال الخطيب (1): كتبت عنه، وكان صدوقا دينا، فقيها على مذهب
أحمد، وله حلقة للفتوى، مات يوم التروية، من ذي الحجة سنة خمس
وأربعين وأربع مئة.
قلت: كان ذا زهد وصلاح، ومعرفة تامة بالفرائض.
تفقه على ابن بطة، وابن حامد، وله إجازة من أبي بكر عبد العزيز
غلام الخلال.
وتوفي ابنه أحمد بعده بثلاث وعشرين سنة. روى عن ابن أبي
الفوارس.

(1) " تاريخ بغداد " 6 / 139.
606

ومات فيها أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم
الكاتب (1)، وأبو الحسين أحمد بن عمر بن روح النهرواني، وأبو طالب
محمد بن أحمد بن عثمان بن السوادي، ومقرئ مصر أبو العباس بن
هاشم، ومحمد بن إسحاق بن فدويه (2) الكوفي، وأبو عبد الله محمد بن
علي بن الحسن العلوي (3).
406 - الكراعي *
الشيخ الجليل، مسند مرو، أبو غانم، أحمد بن علي بن حسين،
المروزي الكراعي - نسبة إلى بيع الأكارع -.
كان خاتمة من حدث عن أبي العباس عبد الله بن الحسين النضري،
صاحب الحارث بن أبي أسامة، وحدث أيضا عن أبي الفضل محمد بن
الحسين الحدادي، وغيرهما.
حدث عنه: محمد بن أحمد الطبسي، والامام أبو المظفر منصور بن
السمعاني، والقاضي أبو المحاسن الروياني، وأبو منصور محمد بن علي
الكراعي حفيده.
مات في سنة أربع وأربعين وأربع مئة وهو في عشر المئة.
وعاش حفيده بعده ثمانين سنة.

(1) سترد ترجمته برقم (433).
(2) سترد ترجمته برقم (431).
(3) سترد ترجمته برقم (430).
* الأنساب 10 / 374، العبر 3 / 205، شذرات الذهب 3 / 271.
607

407 - ابن العلاف *
الامام العالم الواعظ، أبو طاهر، محمد بن علي بن محمد بن
يوسف، البغدادي، ابن العلاف.
سمع أبا بكر القطيعي، وأحمد بن جعفر بن سلم الختلي، ومخلد بن
جعفر الباقرحي، وطائفة.
وعنه: ابنه أبو الحسن الحاجب، وأبو بكر الخطيب، وأبو الحسين
ابن الطيوري، والحسن بن محمد الباقرحي، وآخرون.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا، ظاهر الوقار، له حلقة
بجامع المنصور ومجلس وعظ. مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين
وأربع مئة (1).
قلت: كان من أبناء التسعين.
408 - الذكواني * *
الشيخ الامام المعمر، بقية المسندين، أبو القاسم، عبد الرحمن بن
أبي بكر محمد بن أبي علي أحمد بن عبد الرحمن، الهمداني الذكواني
الأصبهاني المعدل، من كبراء أهل بلده، ومن بيت الحشمة والرواية.
حدث عن: أبي الشيخ الحافظ، وأبي بكر عبد الله بن محمد
القباب، وإسحاق بن علي بن أحمد، وعبد الله بن محمد الصائغ، وعبد

* تاريخ بغداد 3 / 103، 104، الأنساب 9 / 98، المنتظم 8 / 148، العبر 3 /
200، شذرات الذهب 3 / 269.
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 104.
* * لم نقف له على ترجمة في المصادر التي في حوزتنا.
608

العزيز بن محمد بن يوسف، وأبي بكر بن المقرئ، وجماعة، وهو آخر من
روى في الدنيا بالإجازة عن أبي القاسم الطبراني. أملى عدة مجالس.
حدث عنه: هادي بن إسماعيل العلوي، وجعفر بن عبد الواحد
الثقفي، وأبو علي الحداد، وأبو سعد المطرز، وبندار بن محمد
الخلقاني، وإسماعيل بن الفضل السراج، وآخرون.
قال يحيى بن مندة: تكلموا فيه، ألحق في بعض سماعه، وسماعه كثير
بخط أبيه، ومات في سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة في ربيع الأول.
409 - القزويني *
الامام القدوة، العارف، شيخ العراق، أبو الحسن، علي بن عمر بن
محمد، ابن القزويني البغدادي الحربي (1) الزاهد.
سمع أبا عمر بن حيويه، وأبا حفص بن الزيات، وأبا بكر بن شاذان،
والقاضي أبا الحسن الجراحي، وأبا الفتح القواس وطبقتهم، وأملى عدة
مجالس.
حدث عنه: الخطيب، وابن خيرون، وأبو الوليد الباجي، وأبو علي
أحمد بن محمد البرداني، وأبو سعد أحمد بن محمد بن شاكر الطرسوسي،
وجعفر بن أحمد السراج، والحسن بن محمد الباقرحي، وأبو العز محمد بن

* تاريخ بغداد 12 / 43، الأنساب 10 / 138، المنتظم 8 / 146، 147، اللباب
3 / 35، التدوين في تاريخ قزوين ورقة 295 / 2، طبقات ابن الصلاح ورقة 68 - 71، العبر
3 / 199، 200، دول الاسلام 1 / 260، طبقات السبكي 5 / 260 - 266، طبقات
الأسنوي 2 / 311، 312، البداية والنهاية 12 / 62، النجوم الزاهرة 5 / 49، شذرات
الذهب 3 / 268، 269، هدية العارفين 1 / 689.
(1) نسبة إلى محلة الحربية غربي بغداد.
609

المختار، وأحمد بن محمد بن بغراج، وهبة الله بن أحمد الرحبي، وأبو
منصور أحمد بن محمد الصيرفي، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، وخلق
سواهم.
قال الخطيب (1): كتبنا عنه، وكان أحد الزهاد، ومن عباد الله
الصالحين، يقرئ القرآن، ويروي الحديث، ولا يخرج من بيته إلا للصلاة،
رحمة الله عليه، قال لي: ولدت سنة ستين وثلاث مئة، ومات في شعبان
سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة، وغلقت جميع بغداد يوم دفنه، لم أر جمعا
على جنازة أعظم منه.
قال أبو نصر هبة الله بن المجلي: حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن
طلحة بن المنقي قال: حضرت والدي الوفاة، فأوصى إلي بما أفعله،
وقال: تمضي إلى القزويني، وتقول له: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال
لي: اقرأ على القزويني مني السلام، وقل له: بالعلامة أنك كنت بالموقف
في هذه السنة، فلما مات، جئت إليه، فقال لي ابتداء: مات أبوك؟
قلت: نعم. قال: رحمه الله، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدق أبوك.
وأقسم علي أن لا أحدث به في حياته.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا السلفي قال:
سألت شجاعا الذهلي عن أبي الحسن القزويني، فقال: كان علم الزهاد
والصالحين، وإمام الأتقياء الورعين، له كرامات ظاهرة معروفة يتداولها
الناس، لم يزل يقرئ ويحدث إلى أن مات.
وقال أبو صالح المؤذن في " معجمه ": أبو الحسن القزويني الشافعي

(1) " تاريخ بغداد " 12 / 43.
610

المشار إليه في زمانه ببغداد في الزهد والورع وكثرة القراءة، ومعرفة الفقه
والحديث، تلا على أبي حفص الكتاني، وقرأ القراءات، ولم يكن يعطي
من يقرأ إسنادا بها.
وقال هبة الله بن المجلي في كتاب " مناقب القزويني ": كان - يعني
كلمة إجماع في الخير، وممن جمعت له القلوب، فحدثني أحمد بن
محمد الأمين قال: كتبت عنه مجالس أملاها في مسجده، وكان أي جزء وقع
بيده، خرج منه عن شيخ واحد جميع المجلس، ويقول: حديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم لا ينفى (1). وكان أكثر أصوله بخطه. وسمعت عبد الله بن سبعون
القيرواني يقول: القزويني ثقة ثبت، ما رأيت أعقل منه. وقيل: إن أبا
الحسن علق تعليقة عن أبي القاسم الداركي، وله تعليق في النحو عن ابن
جني، سمعت أبا العباس المؤدب وغيره يقولان: إن القزويني سمع الشاة
تذكر الله تعالى. وحدثني هبة الله بن أحمد الكاتب أنه زار قبر ابن
القزويني، ففتح ختمة هناك، وتفاءل للشيخ، فطلع أول ذلك: (وجيها
في الدنيا والآخرة ومن المقربين) (2) [آل عمران: 45].
وروي عن أقضى القضاة الماوردي قال: صليت خلف أبي الحسن
القزويني، فرأيت عليه قميصا نقيا مطرزا، فقلت في نفسي: أين الطرز من
الزهد؟ فلما سلم، قال: سبحان الله! الطرز لا ينقض حكم الزهد (3).
وذكر محمد بن حسين القزاز قال: كان ببغداد زاهد خشن العيش،
وكان يبلغه أن ابن القزويني يأكل الطيب، ويلبس الرقيق، فقال: سبحان

(1) في " طبقات " السبكي: لا ينتقى.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 261.
(3) انظر " طبقات " السبكي 5 / 262.
611

الله! رجل مجمع على زهده وهذا حاله! أشتهي أن أراه. فجاء إلى
الحربية، فرآه، فقال الشيخ: سبحان الله! رجل يومأ إليه بالزهد، يعارض
الله في أفعاله، وما هنا محرم ولا منكر. فشهق ذلك الرجل، وبكى (1).
وقال أبو نصر بن الصباغ الفقيه: حضرت عند ابن القزويني، فدخل
عليه أبو بكر بن الرحبي، فقال: أيها الشيخ! أي شئ أمرتني نفسي أخالفها؟
قال: إن كنت مريدا، فنعم، وإن كنت عارفا، فلا. فانصرفت، وأنا
مفكر وكأنني لم أصوبه، فرأيت ليلتي كأن من يقول لي وقد هالني أمر:
هذا بسبب ابن القزويني (2). وحدثني أبو القاسم عبد السميع الهاشمي، عن
عبد العزيز الصحراوي الزاهد قال: كنت اقرأ على القزويني، فجاء رجل مغطى
الوجه، فوثب الشيخ إليه، وصافحه، وجلس بين يديه ساعة، فسألت
صاحبي: من هذا؟ قال: تعرفه؟ هذا أمير المؤمنين القادر بالله.
وحدثنا أحمد بن محمد الأمين قال: رأيت الملك أبا كاليجار (3) قائما
يشير إليه أبو الحسن بالجلوس، فلا يفعل.
وحدثني علي بن محمد الطراح الوكيل قال: رأيت الملك أبا طاهر بن
بويه قائما بين يدي الشيخ أبي الحسن يومئ بالجلوس، فيأبى.
ثم سرد له ابن المجلي كرامات منها شهوده عرفة وهو ببغداد، ومنها
ذهابه إلى مكة، فطاف، ورجع من ليلته.
أخبرنا أبو علي بن الخلال، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا السلفي:

(1) الخبر بأطول مما هنا في " طبقات " السبكي 5 / 262.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 263.
(3) سترد ترجمته برقم (425).
612

سمعت جعفرا السراج يقول: رأيت على أبي الحسن القزويني ثوبا رقيقا،
فخطر لي: كيف مثله في زهده يلبس هذا؟ فنظر في الحال إلي، وقال:
(قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده) [الأعراف: 32] وحضرت
عنده يوما للسماع إلى أن وصلت الشمس إلينا، وتأذينا بحرها، فقلت في
نفسي: لو تحول الشيخ إلى الظل. فقال في الحال: (قل نار جهنم أشد
حرا) [التوبة: 81].
ومات مع القزويني في سنة 442 أبو الحسين أحمد بن علي التوزي،
وشيخ العربية أبو القاسم عمر بن ثابت الثمانيني (1)، صاحب ابن جني،
والواعظ أبو طاهر محمد بن علي بن محمد العلاف (2)، وأبو القاسم عبد
العزيز بن أحمد بن فاذويه.
410 - الفارسي *
الشيخ الأمين الجليل، مسند الديار المصرية، أبو القاسم، علي بن
محمد بن علي بن أحمد بن عيسى، الفارسي، ثم المصري.
شيخ معمر عالي الرواية، مكثر عن أبي أحمد بن الناصح المفسر،
والقاضي أبي الطاهر الذهلي، وأبي الحسن محمد بن عبد الله بن حيويه،
والحسن بن رشيق، وعلي بن عبد الله بن العباس البغدادي، وطائفة.
حدث عنه: سهل بن بشر الأسفراييني ثم الدمشقي، وأبو صادق مرشد
ابن يحيى المديني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، وآخرون.

(1) تقدم ذكر مصادر ترجمته في التعليقات على ترجمة ابن جني المتقدمة برقم (9).
(2) تقدمت ترجمته برقم (407).
* العبر 3 / 202، حسن المحاضرة 1 / 374.
613

قال الرازي في " مشيخته ": سمعت عليه ستين جزءا أو أزيد. توفي
في شوال سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة.
قلت: كان من أبناء التسعين.
أخبرنا أحمد بن نصير المفيد، أخبرنا رواج، أخبرنا عبد الواحد بن
عسكر المخزومي، أخبرنا مرشد بن يحيى المديني في ربيع الآخر سنة
خمس عشرة وخمس مئة، أخبرنا علي بن محمد بن علي الفسوي سنة 441
أخبرنا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد الوكيعي، حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شريك، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله
قال: " من لم يصل فلا دين له " (1).
ومات فيها أبو علي الحسن بن علي بن محمد الشاموخي (2) بالبصرة،
ومسند أصبهان أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي علي
الذكواني (3)، والمسند محمد بن عبد السلام بن سعدان (4) بدمشق،
والمحدث أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن صخر (5) الأزدي.
411 - ابن عابد *
المحدث المسند، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن سعيد بن

(1) هو في " الايمان " رقم (47) لابن أبي شيبة، وإسناده ضعيف لضعف شريك من جهة
حفظه، لكن له طريق آخر عند الطبراني (8941) و (8942) بسند حسن فيتقوى به.
(2) نسبة إلى شاموخ، وهي قرية بنواحي البصرة. انظر " الأنساب " 7 / 264، 265
وفيه ترجمة أبي علي الحسن هذا.
(3) تقدمت ترجمته برقم (408).
(4) سترد ترجمته برقم (429).
(5) سترد ترجمته برقم (432).
* الصلة 2 / 530، 531، بغية الملتمس 92، العبر 3 / 190، الديباج المذهب 2 /
324، شذرات الذهب 3 / 263.
614

عابد، المعافري القرطبي.
حج، وسمع وحدث عن: أبي بكر المهندس، وأبي محمد بن أبي
زيد، وأبي عبد الله بن مفرج، وعباس بن أصبغ، وخلف بن القاسم،
وعدة.
قالوا: وكان ثقة معنيا بالآثار، خيرا صالحا، متواضعا، دعي إلى
الشورى، فأبى (1).
روى عنه: أبو مروان الطبني: وأبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن
عتاب، وأبوه محمد، ومحمد بن الفرج الطلاعي، وآخرون. وقيل: بل
رواية أبي محمد عنه إجازة، والمغاربة يتسمحون في إطلاق ذلك.
توفي في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وأربع مئة وله بضع وثمانون
سنة.
ومات معه فيها المحدث علي بن منير (2) بن أحمد الخلال الشاهد
بمصر، والمحدث العالم أبو الفرج الحسين بن علي الطناجيري (3) ببغداد،
ومشرف الجامع أبو علي الحسن بن علي بن شواش الكناني بدمشق.
412 - الصيمري *
القاضي العلامة، أبو عبد الله، الحسين بن علي بن محمد،

(1) انظر " الصلة " 2 / 530، و " الديباج المذهب " 2 / 324.
(2) سترد ترجمته برقم (415).
(3) سترد ترجمته برقم (414).
* تاريخ بغداد 8 / 98، 79، الأنساب المتفقة 91، 92، الأنساب 8 / 128،
المنتظم 8 / 119، معجم البلدان 3 / 439، اللباب 2 / 255، المختصر في أخبار البشر 2 /
615

الصيمري الحنفي.
روى عن: هلال بن محمد، والمفيد (1)، وابن شاهين (2)
والحربي (3)، وطبقتهم.
وعنه: الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، والقاضي أبو عبد الله
الدامغاني، وآخرون.
وكان من كبار الفقهاء المناظرين، صدوقا، وافر العقل.
قال الخطيب (4): قال لي: سمعت من الدارقطني أجزاء من
" سننه "، وانقطعت لكونه لين أبا يوسف، وليتني لم أفعل، أيش ضر أبا
الحسن انصرافي؟.
قال الخطيب (5): مات في شوال سنة ست وثلاثين وأربع مئة عن
إحدى وثمانين سنة.

167، العبر 3 / 186، تتمة المختصر 1 / 527، البداية والنهاية 12 / 52، الجواهر المضية
2 / 116 - 118، النجوم الزاهرة 5 / 38، تاج التراجم 26، طبقات الفقهاء لطاش كبري
80، الطبقات السنية (770)، كشف الظنون 2 / 1628، 1837، شذرات الذهب 3 /
256، الفوائد البهية 67، هدية العارفين 1 / 309، تهذيب ابن عساكر 4 / 347، 348.
وقد تقدمت ترجمة نسبة " الصيمري " في الترجمة رقم (6).
(1) وهو أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الجرجرائي المفيد، المتوفى سنة
378 ه‍، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) هو أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد البغدادي، المعروف بابن شاهين،
متوفى سنة 385 ه‍، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) هو أبو زكريا يحيى بن إسماعيل بن يحيى بن زكريا النيسابوري المزكي الحربي،
المتوفى سنة 394 ه‍، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) " تاريخ بغداد " 8 / 79.
(5) المصدر السابق.
616

413 - الجويني *
شيخ الشافعية، أبو محمد، عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف
ابن محمد بن حيويه، الطائي السنبسي - كذا نسبه الملك المؤيد (1) -
الجويني والد إمام الحرمين.
كان فقيها مدققا محققا، نحويا مفسرا.
تفقه بنيسابور على أبي الطيب الصعلوكي، وبمرو على أبي بكر
القفال، وسمع من أبي نعيم الأسفراييني، وابن محمش، وببغداد من أبي
الحسين بن بشران، وطائفة.
روى عنه: ابنه أبو المعالي، وعلي بن أحمد بن الأخرم، وسهل بن
إبراهيم المسجدي.
قال أبو عثمان الصابوني: لو كان الشيخ أبو محمد في بني إسرائيل،
لنقلت إلينا شمائله، وافتخروا به (2).

* طبقات العبادي 112، دمية القصر 2 / 998، 999، الأنساب 3 / 385، تبيين
كذب المفتري 257، 258، المنتظم 8 / 130، 131، معجم البلدان 2 / 193، منتخب
السياق ورقة 55، اللباب 1 / 315، الكامل في التاريخ 9 / 535، طبقات ابن الصلاح الورقة
55، وفيات الأعيان 3 / 47، المختصر في أخبار البشر 2 / 168، العبر 3 / 188، تتمة
المختصر 1 / 529، مرآة الجنان 3 / 58، طبقات السبكي 5 / 73 - 93، طبقات الأسنوي
1 / 338 - 340، البداية والنهاية 12 / 55، النجوم الزاهرة 5 / 42، طبقات المفسرين
للداوودي 1 / 253 - 255، طبقات ابن قاضي شهبة 20 أ، مفتاح السعادة 2 / 184، طبقات
ابن هداية الله 144، 145، كشف الظنون 339، 385، 445، شذرات الذهب 3 / 261،
262، هدية العارفين 1 / 451. والجويني: نسبة إلى جوين، وهي ناحية كبيرة من نواحي
نيسابور، تشتمل على قرى كثيرة مجتمعة.
(1) في " المختصر في أخبار البشر " 2 / 168.
(2) انظر " طبقات " الأسنوي 1 / 339.
617

قال ابن الأخرم: سمعت أبا محمد يقول: أنا من سنبس، قبيلة من
العرب.
وقال أبو صالح المؤذن: غسلت أبا محمد، فلما لففته في الكفن،
رأيت يده اليمنى إلى الإبط منيرة كلون القمر، فتحيرت، وقلت: هذه بركات
فتاويه (1).
قلت: رجع من عند القفال، وتصدر للإفادة والفتوى سنة سبع وأربع
مئة، وكان مجتهدا في العبادة، مهيبا بين التلامذة، صاحب جد ووقار
وسكينة، تخرج به ابنه.
وله من التواليف كتاب " التبصرة " في الفقه، وكتاب " التذكرة "،
وكتاب " التفسير الكبير "، وكتاب " التعليقة " (2).
توفي في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وأربع مئة، وهو صاحب
وجه في المذهب، وكان يرى تكفير من تعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيها توفي شيخ القراء أبو علي الحسن بن محمد البغدادي بمصر،
وأبو أحمد محمد بن علي بن سيويه المؤدب، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن
محمد التبان، وآخرون.
414 - الطناجيري *
المحدث الحجة، أبو الفرج، الحسين بن علي بن عبيد الله،

(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 75.
(2) انظر مصنفاته في " تبيين كذب المفتري " 257، 258، و " طبقات " السبكي 5 /
39، 40، و " طبقات " الأسنوي 1 / 339، و " هدية العارفين " 1 / 451.
* تاريخ بغداد 8 / 79، 80، الأنساب 8 / 251، المنتظم 8 / 133، اللباب 2 /
285.
618

البغدادي، الطناجيري.
ولد سنة إحدى وخمسين وثلاث مئة.
وكتب عن القطيعي مجالس، وضاعت منه.
وسمع من علي بن عبد الرحمن البكائي، ومحمد بن المظفر،
ومحمد بن مروان، وأبي بكر بن شاذان، وخلق كثير.
قال الخطيب (1): كتبنا عنه، وكان ثقة دينا، توفي في سلخ ذي
القعدة سنة تسع وثلاثين وأربع مئة.
415 - ابن منير *
الشيخ الصدوق، أبو الحسن، علي بن منير بن أحمد، الخلال
المصري الشاهد.
حدث عن: أبي أحمد بن الناصح، والقاضي أبي الطاهر الذهلي،
وجماعة.
روى عنه: القاضي الخلعي، وسهل بن بشر الأسفراييني، وسعد بن
علي الزنجاني، وآخرون.
قال السلفي: سمعت عبد الرحمن بن صابر، سمعت سهل بن بشر
يقول: اجتمعنا بمصر، فلم يأذن لنا علي بن منير، وصاح عبد العزيز في
كوة: " من سئل عن علم فكتمه، ألجم بلجام من نار " (2). ففتح لنا،

(1) " تاريخ بغداد " 8 / 79.
* العبر 3 / 189، حسن المحاضرة 1 / 373، شذرات الذهب 3 / 262.
(2) حديث صحيح أخرجه من حديث أبي هريرة أحمد 2 / 263، و 305، و 344 و
353 و 495، وأبو داود (3658) والترمذي (2651) وابن ماجة (261) وصححه ابن حبان (95)
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو صححه ابن حبان (96) والحاكم 1 / 102، ووافقه
الذهبي.
619

وقال: لا أحدث إلا بذهب. ولم يأخذ من الغرباء. وكان ثقة فقيرا.
قلت: توفي في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربع مئة.
416 - الوزير *
أبو الفرج، محمد بن جعفر بن محمد بن العباس بن فسانجس الملقب
بذي السعادات.
وزر ببغداد للسلطان أبي كاليجار ثلاث سنين، وكان ذا أدب غزير (1)
وباع في اللغة، وترسل باهر، وخط فائق.
وكان جده من الوزراء، ولهم نسب إلى بهرام جور (2)، وكان يرجع
إلى دين ومروءة.
توفي معتقلا في رمضان سنة أربعين وأربع مئة عن نيف وخمسين سنة.
417 - ابن حمدان * *
الأمير الأوحد، نائب دمشق للمصريين، ناصر الدولة وسيفها، أبو

* المنتظم 8 / 138، 139، الكامل في التاريخ 9 / 542، 543، الوافي بالوفيات
2 / 304، البداية والنهاية 12 / 58، النجوم الزاهرة 5 / 45.
(1) انظر بعض نظمه في " الكامل " 9 / 542، 543 و " النجوم الزاهرة " 5 / 45.
(2) انظر " الوافي " 2 / 304.
* * الإشارة للصيرفي 41، الوافي بالوفيات 11 / 419، النجوم الزاهرة 5 / 45 و 90،
91، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 173، أمراء دمشق: 27.
620

محمد، الحسن الحسين (1) بن الحسن بن عبد الله بن حمدان،
التغلبي.
ولي دمشق بعد أمير الجيوش الدزبري (2)، سنة ثلاث وثلاثين، فبقي
إلى أن قبض عليه في سنة أربعين وأربع مئة. ثم ولي بعده طارق الصقلبي.
وهو والد الأمير ناصر الدولة حسين، الذي أذل المستنصر بمصر،
وقهره، وجرت له سيرة إلى أن قتل بعد الستين وأربع مئة.
418 - حفيد المقتدر *
الأمير أبو محمد، الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله جعفر بن
المعتضد، الهاشمي العباسي.
سمع من مؤدبه أحمد بن منصور اليشكري، ومن أبي الأزهر عبد
الوهاب الكاتب.
قال الخطيب (3): كتبنا عنه، وكان دينا، حافظا لاخبار الخلفاء،
عارفا بأيام الناس، فاضلا.
توفي في شعبان سنة أربعين (4) وأربع مئة وله سبع وتسعون سنة.

(1) في " الوافي ": الحسن.
(2) وقد تقدمت ترجمته برقم (334).
* تاريخ بغداد 7 / 354، 355، الأنساب: (المقتدري)، المنتظم 8 / 137،
الكامل في التاريخ 9 / 552، اللباب 3 / 246، العبر 3 / 192، الوافي بالوفيات 12 /
199، 200، البداية والنهاية 12 / 58، شذرات الذهب 3 / 264.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 354.
(4) في " اللباب ": ست وأربعين.
621

قلت: غسله أبو الحسين ابن المهتدي بالله، وآخر من حدث عنه أبو
القاسم بن الحصين.
419 - الميهني *
القدوة الزاهد، شيخ خراسان، أبو سعيد، فضل بن أبي الخير محمد
ابن أحمد (1)، الميهني الصوفي.
حدث عن: زاهر بن أحمد السرخسي.
روى عنه: الحسن بن أبي طاهر الختلي، وعبد الغفار بن محمد
الشيرويي، وآخرون.
توفي بقريته ميهنه (2) سنة أربعين وأربع مئة، وله تسع وسبعون سنة،
وله أحوال ومناقب، ووقع في النفوس وتأله وجلالة.
420 - السواق * *
الشيخ الصدوق، أبو منصور، محمد بن محمد بن عثمان،
البغدادي، ابن السواق.

* الأنساب: (الميهني)، اللباب 3 / 285، طبقات السبكي 5 / 306 - 308،
طبقات الأولياء 272، 273، النجوم الزاهرة 5 / 46، كشف المحجوب 64 1 - 166، دائرة
المعارف الاسلامية 1 / 145 - 147، جامع كرامات الأولياء 2 / 235، وانظر كتاب " أسرار
التوحيد في مقامات الشيخ أبي سعيد " لابن المنور، ترجمه من الفارسية إلى العربية إسعاد عبد
الهادي.
(1) في " طبقات " السبكي: فضل الله بن أحمد بن محمد. وفي " طبقات الأولياء ":
فضل الله بن أحمد بن علي.
(2) وهي إحدى قرى خراسان.
* * تاريخ بغداد 3 / 235، الأنساب 7 / 181، 182، اللباب 2 / 152، العبر 3 /
194، شذرات الذهب 3 / 265. والسواق: نسبة إلى بيع السويق.
622

سمع القطيعي، وابن ماسي، ومخلد الباقرحي، وعلي بن لؤلؤ.
وثقه الخطيب (1)، وروى عنه هو، وثابت بن بندار، وأخوه أبو ياسر،
وابن الطيوري، وآخرون.
توفي في آخر يوم من سنة أربعين وأربع مئة عن ثمانين سنة.
421 - اللبيدي *
مفتي المغرب، أبو القاسم (2) بن محمد، الحضرمي المالكي
اللبيدي - ولبيدة من قرى إفريقية -.
صحب القدوة أبا إسحاق الجبنياني (3) ولازمه.
روى عنه: ابن سعدون، وغيره.
وكان من العلماء الأبرار، كبير الشأن، رفيع الذكر، عابدا مخلصا
متفننا، شاعرا مفلقا.
له كتاب كبير في المذهب في بضعة عشر مجلدا، وكتاب في بسط

(1) في " تاريخه " 3 / 235.
* ترتيب المدارك 4 / 707، 708، الأنساب: (اللبيدي)، اللباب 3 / 128،
الديباج المذهب 1 / 484، 485، تاج العروس 2 / 492، هدية العارفين 1 / 516، شجرة
النور الزكية 1 / 109.
(2) واسمه عبد الرحمن.
(3) ضبط في الأصل بضم الجيم وسكون الباء الموحدة وفتح النون، ونقل المعلمي في
تعليقه على " الأنساب " 3 / 185 عن " التوضيح " ضبطه بكسر الجيم ثم موحدة ساكنة ثم نون
مكسورة تليها مثناة تحت ثم ألف ثم نون. وهذه النسبة إلى جبنيانة، وهي قرية بإفريقية قريب
سفاقس. وأبو إسحاق هذا له ترجمة في " الديباج المذهب " 1 / 264، 265، و " شجرة النور
الزكية " 1 / 95.
623

مسائل " المدونة "، وكتاب " زيادات الأمهات ونادر الروايات " ومؤلف في
سيرة شيخه الجبنياني.
توفي سنة أربعين وأربع مئة (1). ذكره القاضي عياض.
422 - خاموش *
الامام المحدث الحافظ الواعظ، أبو حاتم، أحمد بن الحسن بن
محمد، الرازي البزاز أبوه، الملقب بخاموش. له رحلة ومعرفة وشهرة.
سمع من: أبي عبد الله بن مندة، ومن فاتك بن عبد الله، وطائفة
بأصبهان، ومن أبي أحمد الفرضي، وطبقته ببغداد، ومن إسماعيل بن
الحسن بصرصر (2)، ومن علي بن محمد بن يعقوب الرازي بالري، ومن
أحمد بن محمد بن سليمان، وغيره بنيسابور. وكان شيخ أهل الري في
زمانه.
روى عنه: شيخ الاسلام أبو إسماعيل، وجماعة.
وله ترجمة في " تاريخ " يحيى بن مندة مختصرة، وقال: سمع منه
جماعة من بلدان شتى.
أنبأونا عن محمد بن إسماعيل، عن يحيى بن أبي عمرو، أخبرنا أبو
بكر بن الحسين بن أحمد بن جعفر التويي (3) بهمذان، أخبرنا أبو حاتم

(1) في " اللباب ": توفي قريبا من سنة ثلاثين وأربع مئة. وفي " شجرة النور " وفاته سنة
446.
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(2) صرصر: قرية من فرسخين من بغداد، ينسب إليها أبو القاسم إسماعيل بن الحسن
هذا.
(3) بضم التاء المثناة من فوق، وفتح الواو، بعدها الياء آخر الحروف مشددة، هذه النسبة
إلى قرية من قرى همذان يقال لها: توي. " الأنساب " 3 / 110.
624

بالري، في ذي الحجة، سنة تسع وثلاثين وأربع مئة، حدثنا فاتك مولى
ابن هارون، حدثنا عبد بن جعفر بن أحمد بن فارس، حدثنا يونس بن
حبيب. فذكر حديثا.
وبه إلى أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمران القطيعي ببغداد، حدثنا
محمد بن مخلد العطار. فذكر حديثا.
قال أبو حاتم خاموش في عقب حديث: كتب عني هذا الحديث أبو
نعيم بأصبهان.
ويروي أيضا عن أبي محمد المخلدي، وعبد الله بن الحسين
القطان، والفقيه أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي، والحسين بن محمد
المهلبي.
روى عنه: أبو منصور حجر بن مظفر، والشريف يحيى بن حسين.
وحكاية شيخ الاسلام معه مشهورة لما قبض عليه بعض الجفاة،
وحمله إلى أبي حاتم، وقال: إن هذا ذكر له مذهبا ما سمعت به، قال: هو
حنبلي. فقال: دعه ويلك! من لم يكن حنبليا، فليس بمسلم (1).
أخبرنا محمد بن قايماز، وفاطمة بنت جوهر، قالا: أخبرنا الحسين
ابن المبارك، أخبرنا أبو الفتوح الطائي، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن الحسين
التويي الفقيه، أخبرنا أبو حاتم أحمد بن الحسن الرازي، حدثنا ابن مندة،
حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى النيسابوري، حدثنا محمد بن

(1) في حاشية الأصل ما نصه: أخطأ أبو حاتم في هذه العبارة قطعا، وكذلك من يوافقه
عليها.
625

يحيى الذهلي، حدثنا يزيد بن هارون، عن داود بن أبي هند، عن
مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله فرض
فرائض، فلا تضيعوها، وحد حدودا، فلا تعتدوها، وحرم أشياء، فلا
تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان، فلا تبحثوا
عنها " (1).
423 - علي بن ربيعة *
ابن علي، الشيخ المعمر، أبو الحسن، التميمي المصري البزاز.
كان من الرواة المكثرين عن الحسن بن رشيق.
أجاز لأبي عبد الله بن الحطاب الرازي مروياته في سنة تسع وثلاثين
وأربع مئة، وقال: هذا ثبت ما عندي عنه بالسماع: نسخة سعيد بن أبي
مريم، عن يحيى بن أيوب جزء كبير رواه ابن رشيق، عن أحمد بن حماد
التجيبي ابن زغبة عنه. نسخة إبراهيم بن سعد رواية ابن رشيق، عن ابن أبي
السوار، عن أبي صالح، عنه. الجزء الثاني من مسند مالك للنسائي رواية
ابن رشيق عنه. والثالث منه، والجزء الرابع انتخاب الدارقطني على ابن
رشيق. كتاب الطلاق من " السنن " للنسائي. الفرائض من " الموطأ " رواية
يحيى بن بكير، عن مالك.

(1) رجال ثقات إلا أن مكحولا لا يصح له سماع من أبي ثعلبة، وأخرجه الدارقطني ص
205، والحاكم 4 / 115، والبيهقي 10 / 12، 13، من طرق عن داود بن أبي هند بهذا
الاسناد، وله شاهد من حديث أبي الدرداء عند الحاكم وصححه والبيهقي 10 / 12، والبزار كما
في " المجمع " 7 / 75، وقال البزار: إسناده صالح، وآخر من حديث سلمان الفارسي عند
الترمذي (1726) وابن ماجة (3367) والحاكم 4 / 115، والبيهقي 9 / 320 و 10 / 12
فالحديث حسن، وانظر " جامع العلوم والحكم " ص 261 وما بعدها.
* العبر 3 / 192، حسن المحاضرة 1 / 373، شذرات الذهب 3 / 264.
626

توفي ابن ربيعة في صفر سنة أربعين وأربع مئة. وصلى عليه أبو
العباس بن هاشم المقرئ.
424 - الصوري *
الامام الحافظ البارع الأوحد الحجة، أبو عبد الله، محمد بن علي (1)
ابن عبد الله بن محمد بن رحيم (2)، الشامي الساحلي الصوري، أحد
الاعلام.
ولد فيما ذكره سنة ست أو سنة سبع وسبعين وثلاث مئة.
وسمع محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، ومحمد بن عبد الصمد
الزرافي، وأبا عبد الله بن أبي كامل الأطرابلسي، وعبد الغني بن سعيد
المصري، ومحمد بن جعفر الكلاعي، وأبا نصر عبد الله بن محمد بن
بندار، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس. وصحب الحافظ عبد الغني،
وتخرج به، ثم قدم بغداد، ولحق بها البقايا، فسمع من أبي الحسن بن
مخلد جزء ابن عرفة، ومن أحمد بن طلحة المنقي، وأبي علي بن شاذان،
وأبي بكر البرقاني، وعثمان بن دوست، وخلق، فأكثر.
حدث عنه: شيخه الحافظ عبد الغني، وأبو بكر الخطيب، والقاضي

* تاريخ بغداد 3 / 103، الأنساب 8 / 106، المنتظم 8 / 143 - 145، معجم
البلدان 3 / 433، اللباب 2 / 250، 251، الكامل في التاريخ 9 / 561، تذكرة الحفاظ
3 / 1114 - 1117، العبر 3 / 197، 198، دول الاسلام 1 / 260، البداية والنهاية 12 /
60، 61، النجوم الزاهرة 5 / 48، طبقات الحفاظ 428، شذرات الذهب 3 / 267، تاريخ
التراث العربي لسزكين 1 / 391.
(1) في " تذكرة الحفاظ " محمد بن عبد الله بن علي.
(2) في " تذكرة الحفاظ " دحيم بالدال، وهو تحريف.
627

أبو عبد الله الدامغاني، وجعفر بن أحمد السراج، وأبو القاسم بن بيان
الرزاز، وسعد الله بن صاعد الرحبي، والمبارك بن عبد الجبار الصيرفي،
وآخرون.
وآخر من روى عنه بالإجازة أبو سعد بن الطيوري.
قال الخطيب: كان الصوري من أحرص الناس على الحديث،
وأكثرهم كتبا له، وأحسنهم معرفة به، لم يقدم علينا أحد أفهم منه لعلم
الحديث، وكان دقيق الخط، صحيح النقل. حدثني أنه كان يكتب في
الوجهة من ثمن الكاغد الخراساني ثمانين سطرا، وكان مع كثرة طلبه صعب
المذهب في الاخذ، ربما كرر قراءة الحديث الواحد على شيخه مرات.
وكان - رحمه الله - يسرد الصوم إلا الأعياد، ولم يزل ببغداد حتى توفي بها.
وذكر لي أن شيخه الحافظ عبد الغني كتب عنه أشياء في تصانيفه، وصرح
باسمه في بعضها، ومرة يقول: حدثني الورد بن علي (1).
قال الخطيب: كان الصوري صدوقا، كتب عني، وكتبت عنه (2).
وقال القاضي أبو الوليد الباجي: الصوري أحفظ من رأيناه (3).
وقال غيث بن علي الأرمنازي: رأيت جماعة من أهل العلم يقولون:
ما رأينا أحفظ من الصوري (4).
وقال عبد المحسن الشيحي التاجر: ما رأيت مثل الصوري! كان كأنه

(1) " تاريخ بغداد " 3 / 103.
(2) المصدر السابق.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1115.
(4) المصدر السابق.
628

شعلة نار، بلسان كالحسام القاطع (1).
قال أبو طاهر السلفي: كتب الصوري " صحيح " البخاري في سبعة
أطباق من الورق البغدادي، ولم يكن له سوى عين واحدة.
قال: وذكر أبو الوليد الباجي في كتاب " فرق الفقهاء " له: حدثنا أبو
عبد الله محمد بن علي الوراق - وكان ثقة متقنا - أنه شاهد أبا عبد الله
الصوري، وكان فيه حسن خلق ومزاح وضحك، لم يكن وراء ذلك إلا الخير
والدين، ولكنه كان شيئا جبل عليه، ولم يكن في ذلك بالخارق للعادة، فقرأ
يوما جزءا على أبي العباس الرازي، وعن له أمر ضحكه، وكان بالحضرة
جماعة من أهل بلده، فأنكروا عليه، وقالوا: هذا لا يصلح، ولا يليق
بعلمك وتقدمك أن تقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأنت تضحك.
وكثروا عليه، وقالوا: شيوخ بلدنا لا يرضون بهذا. فقال: ما في بلدكم
شيخ إلا يجب أن يقعد بين يدي، ويقتدي بي، ودليل ذلك أني قد صرت
معكم على غير موعد، فانظروا إلى أي حديث شئتم من حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم، اقرؤوا إسناده لأقرأ متنه، أو اقرؤوا متنه حتى
أخبركم بإسناده. ثم قال الباجي: لزمت الصوري ثلاثة أعوام، فما رأيته
تعرض لفتوى (2).
قال أبو الحسين بن الطيوري: كتبت عن عدة، فما رأيت فيهم أحفظ
من الصوري!، كان يكتب بفرد عين، وكان متفننا يعرف من كل (3) علم،
وقوله حجة، وعنه أخذ الخطيب علم الحديث (4).

(1) المصدر السابق.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1115، 1116.
(3) في الأصل: " كلم " وهو خطأ.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1116.
629

قلت: كان من أئمة السنة، وله شعر رائق.
أخبرنا علي بن أحمد العلوي: أخبرنا علي بن جبارة، أخبرنا أبو طاهر
السلفي، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، أخبرنا محمد بن علي الصوري
الحافظ، أخبرنا أبو محمد بن النحاس، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد
الحراني، حدثنا هاشم بن مرثد، حدثنا المعافى، هو ابن سليمان، حدثنا
موسى بن أعين، عن عبد الله، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي
هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تجوزوا في الصلاة، فإن
خلفكم الضعيف والكبير وذا الحاجة ".
هذا حديث صحيح (1)، وعبد الله هو بشر الرقي.
أخبرنا محمد بن علي السلمي، ومحمد بن علي ابن الوسطي قالا:
أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم، أخبرنا أحمد بن الحسن بن سلامة
المنبجي، أخبرنا علي بن بيان، أخبرنا محمد بن علي، أخبرنا عبد الرحمن
ابن عمر، أخبرنا أحمد بن سلمة الهلالي، حدثنا المقدام بن داود، حدثنا أبو
زرعة، عبد الأحد بن الليث، عن عثمان بن الحكم الجذامي، حدثنا
يونس، عن ابن شهاب، حدثني عروة، عن عائشة قالت: أول ما بدئ به
رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان
لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح (2).
أنشدنا أبو الحسن الحافظ: أخبرنا جعفر السلفي، أخبرنا ابن

(1) وأخرجه مالك 1 / 134، والبخاري، (703) ومسلم (467)، وأبو داود (794)
و (795) والنسائي 2 / 94، والترمذي (236) وعبد الرزاق (3713).
(2) وأخرجه من طرق عن الزهري بهذا الاسناد أحمد 6 / 153 و 232، والبخاري (3) و
(4953) و (6982) ومسلم (160) (252) و (253) و (254).
630

الطيوري، أنشدنا الصوري لنفسه:
قل لمن عاند الحديث وأضحى * عائبا أهله ومن يدعيه
أبعلم تقول هذا أبن لي * أم بجهل فالجهل خلق السفيه
أيعاب الذين هم حفظوا الدين * من الترهات والتمويه
وإلى قولهم وما قد رووه * راجع كل عالم وفقيه (1)
قال الخطيب (2): مات الصوري في جمادى الآخرة سنة إحدى
وأربعين وأربع مئة.
425 - أبو كاليجار *
السلطان صاحب العراق، أبو كاليجار، مرزبان بن سلطان الدولة بن
بهاء الدولة بن عضد الدولة ابن بويه.
تملك بعد ابن عمه جلال الدولة، فكانت أيامه خمس سنين، وجرت
له خطوب وحروب، وعاش نيفا وأربعين سنة، وقهر ابن عمه الملك
العزيز، ومات سنة أربعين وأربع مئة بكرمان، وملكوا بعده ابنه الملك
الرحيم أبا نصر، وولت دولة بني بويه، وقامت دولة بني سلجوق.

(1) الأبيات في " المنتظم " 8 / 145، و " تذكرة الحفاظ " 3 / 1117، و " البداية
والنهاية " 12 / 61.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 103.
* المنتظم 8 / 136، الكامل في التاريخ 9 / 547، المختصر في أخبار البشر 2 /
169، العبر 3 / 191، دول الاسلام 1 / 258، 259، تتمة المختصر 1 / 529، 530،
البداية والنهاية 12 / 57، 58 و 59، النجوم الزاهرة 5 / 46، شذرات الذهب 3 / 263.
631

426 - العزيز *
الملك العزيز، أبو منصور (1) بن الملك جلال الدولة أبي طاهر بن
بهاء الدولة بن عضد الدولة، من بقايا ملوك بني بويه.
كان بارع الأدب، مليح النظم، وهو أول من لقب بألقاب ملوك
زماننا، وكانت دولته محلولة، قهره أبو كاليجار كما ذكرنا، وبقي في ملك
مزلزل سبعة أعوام، واتفق موته بظاهر ميافارقين سنة إحدى وأربعين وأربع
مئة، واسمه خسرو فيروز بن فيروز بن خره فيروز بن فناخسرو بن حسن بن
بويه.
وكان مولده بالبصرة سنة سبع وأربع مئة.
عمل إمرة واسط لأبيه، وبرع في الأدب والاخبار، وأكب على اللهو
والخلاعة - نسأل الله العافية -.
وهو القائل:
من ملني فلينأ عني رشدا * فمتى عرضت له فلست براشد
ما ضاقت الدنيا علي بأسرها * حتى تراني راغبا في زاهد
ولما مات أبوه الجلال، فارق العزيز واسطا، وأقام عند أمير العرب
دبيس بن مزيد الأسدي، ثم توجه إلى ديار بكر منتجعا للملوك، وقد تلاشى
حاله، فمات في ربيع الأول بميافارقين من سنة إحدى وأربعين وأربع مئة.

* الكامل 9 / 561، المختصر في أخبار البشر 2 / 170، العبر 3 / 199، دول
الاسلام 1 / 260، تتمة المختصر 1 / 531، شذرات الذهب 3 / 268.
(1) في " المختصر " و " تتمة المختصر " أبو بكر منصور.
632

427 قرواش *
ابن مقلد (1) بن المسيب بن رافع، الأمير، صاحب الموصل، أبو
المنيع، معتمد الدولة ابن صاحب الموصل حسام الدولة أبي حسان
العقيلي.
تملك بعد موت أبيه في سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، فطالت
أيامه، واتسع ملكه، فكان له الموصل والكوفة والمدائن وسقي الفرات.
وقد خطب في بلاده للحاكم العبيدي، ثم ترك، وأعاد الخطبة
العباسية، فغضب الحاكم، وجهز جيشا لحربه، وأتوا، ونهبوا داره
بالموصل، وأخذوا له مئتي ألف دينار، فاستنجد بدبيس الأسدي،
فانتصر (2).
وكان أديبا شاعرا، جوادا ممدحا، نهابا وهابا، فيه جاهلية وطبع
الاعراب، يقال: إنه جمع بين أختين، فلاموه، فقال: حدثوني ما الذي
نعمل بالشرع حتى تذكروا هذا؟ وقال مرة: ما في عنقي غير دم خمسة ستة
من العرب، فأما الحاضرة، فما يعبأ الله بهم (3).
ثم إنه وقع بينه وبين ابن أخيه بركة، فظفر به بركة، وحبسه،

* دمية القصر 1 / 49، 50، المنتظم 8 / 147، الكامل في التاريخ 9 / 553،
554، 564، وفيات الأعيان 5 / 263، المختصر في أخبار البشر 2 / 170 و 172، العبر
3 / 196، 197، دول الاسلام 1 / 259، تتمة المختصر 1 / 531 و 533، فوات الوفيات
3 / 198، البداية والنهاية 12 / 62، النجوم الزاهرة 5 / 49، 50، شذرات الذهب 3 /
266. وقرواش: بكسر القاف وسكون الراء.
(1) تقدمت ترجمة المقلد والد قرواش في أول الجزء برقم (1).
(2) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 263، و " فوات الوفيات " 3 / 198.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 267، و " المنتظم " 8 / 147.
633

وتملك، وتلقب زعيم الدولة، في سنة إحدى وأربعين وأربع مئة، فلم تطل
دولة بركة، ومات في آخر سنة ثلاث، فقام بعده الملك أبو المعالي قريش
بن بدران بن مقلد، فأخرج عمه، وذبحه صبرا في رجب سنة أربع
وأربعين (1). وقيل: بل مات موتا.
وتمكن قريش، ونهض مع البساسيري، ونهب دار الخلافة، وكان
هلاكه بالطاعون في سنة ثلاث وخمسين كهلا، فتملك بعده ابنه شرف الدولة
مسلم بن قريش، فعظم سلطانه، واستولى على الجزيرة وحلب، وحاصر
دمشق، وكاد أن يأخذها، وأخذ الإتاوة من بلاد الروم، وخرج عليه أهل
حران سنة ست وسبعين، فظفر بهم، وقتل قاضيها، وكان محببا إلى الرعية
مهيبا، وكان يصرف جميع الجزية إلى الطالبين، وأنشأ سور الموصل.
428 - صاحب غزنة والهند *
السلطان مودود بن السلطان مسعود بن محمود بن سبكتكين.
كان بطلا شجاعا. كانت دولته ثمانية أعوام.
ومات في رجب سنة إحدى وأربعين وأربع مئة وله تسع وعشرون سنة.
مات بغرنة، فأخرجوا عمه عبد الرشيد من السجن، وسلطنوه، ولقب
سيف الدولة.

(1) في " العبر " و " دول الاسلام " و " الشذرات " وفاته سنة 441، وفي " المنتظم " و
" البداية " و " النجوم الزاهرة " وفاته سنة 442.
* المنتظم 8 / 148، الكامل في التاريخ 9 / 558، 559، المختصر في أخبار البشر
2 / 169، 170، العبر 3 / 198، دول الاسلام 1 / 260، تتمة المختصر 1 / 531،
البداية والنهاية 12 / 60، شذرات الذهب 3 / 267.
634

429 - ابن سعدان *
الشيخ الجليل الصدوق، مسند دمشق، أبو عبد الله، محمد بن عبد
السلام بن عبد الرحمن بن عبيد بن سعدان، الجذامي الزنباعي مولاهم،
الدمشقي.
سمع جمح بن القاسم، وأبا علي الحسن بن منير، وأبا عمر بن
فضالة، ومحمد بن سليمان الربعي، وأبا سليمان بن زبر، والقاضي يوسف
ابن القاسم الميانجي، وطائفة.
حدث عنه: عبد العزيز الكتاني، وابن أبي العلاء الفقيه، وأبو الفتح
نصر بن إبراهيم المقدسي، وسهل بن بشر، ونجا العطار، وأبو طاهر محمد
ابن الحسين الحنائي، وأبو الحسن بن الموازيني، وآخرون.
وروى عنه: عبد الكريم بن حمزة السلمي، وذلك وهم، ولعله له منه
إجازة.
قال الكتاني: عنده ستة أجزاء أو نحوها. توفي يوم عرفة سنة ثلاث
وأربعين وأربع مئة، رحمه الله.
أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر
السلفي، (ح) وأخبرنا محمد بن أبي العز، أخبرنا محمد بن هبة الله
الفارسي، أخبرنا أبو البركات الخضر بن شبل، وإبراهيم بن الحسن
الحصني قالوا: أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسين، وعلي بن الحسن ابن
الموازيني قالا: أخبرنا محمد بن عبد السلام بن سعدان، أخبرنا أبو عمر بن

* العبر 3 / 202، 203، شذرات الذهب 3 / 270.
635

فضالة، حدثنا الحسن بن الفرج الغزي، حدثنا يوسف بن عدي، حدثنا أبو
الأحوص، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: كنت أبيع
الذهب بالفضة والفضة بالذهب، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فسألته فقال: " إذا بايعت صاحبك، فلا تفارقه وبينك وبينه شئ ".
هذا حديث حسن غريب، خرجوا نحوا منه في السنن (1) من طريق
سماك.
430 - العلوي *
الامام المحدث الثقة العالم الفقيه، مسند الكوفة أبو عبد الله، محمد
ابن علي بن الحسن بن عبد الرحمن، العلوي الكوفي.
انتقى عليه الحافظ أبو عبد الله الصوري، وغيره.
حدث عن: علي بن عبد الرحمن البكائي، وأبي الفضل محمد بن
الحسن بن حطيط، ومحمد بن زيد بن مروان، وأبي الطيب محمد بن
الحسين التيملي، وأبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، ومحمد بن

(1) أخرجه أبو داود (3354) و (3355) في البيوع: باب في اقتضاء الذهب من
الورق، والترمذي (1242) في البيوع: باب ما جاء في الصرف، وابن ماجة (2262) في
التجارات: باب اقتضاء الذهب من الورق، والنسائي 7 / 281 و 282 في البيوع، وقال
الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير عن ابن
عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر موقوفا. وقال
الحافظ في " التلخيص " 3 / 26: وروى البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي، قال: سئل
شعبة عن حديث سماك هذا، فقال شعبة: سمعت أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، ولم يرفعه،
وحدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، ولم يرفعه، وحدثنا يحيى بن أبي إسحاق،
عن سالم، عن ابن عمر، ولم يرفعه، ورفعه لنا سماك بن حرب، وأنا أفرقه.
* العبر 3 / 210، شذرات الذهب 3 / 274.
636

علي بن أبي الجراح، وعدة. وببغداد من: أبي حفص الكتاني، وأبي
طاهر المخلص.
حدث عنه: أبو منصور أحمد بن عبد الله العلوي، ومحمد بن عبد
الوهاب الشعيري، وأبو الحارث علي بن محمد الجابري، وعلي بن قطر
الهمداني، وعلي بن علي بن الرطاب، وعبد المنعم بن يحيى بن هقل،
وأبو الغنائم محمد بن علي النرسي، الكوفيون شيوخ السلفي، وآخر من
روى عنه بالإجازة عمر بن إبراهيم الزيدي النحوي.
قال ابن النرسي: مات بالكوفة في ربيع الأول، سنة خمس وأربعين
وأربع مئة.
قال: ومولده في رجب سنة سبع وستين وثلاث مئة، ما رأيت من كان
يفهم فقه الحديث مثله.
قال: وكان حافظا، خرج عنه الحافظ الصوري وأفاد عنه، وكان
يفتخر به.
431 - ابن فدويه *
العدل الأمين، أبو الحسن، محمد بن إسحاق بن فدويه، الكوفي،
صاحب البكائي.
أثنى عليه الصوري.
وقال الخطيب (1): كان ثقة، ذا وقار.

* تاريخ بغداد 1 / 263، الأنساب 9 / 243، اللباب 2 / 413.
(1) في " تاريخ بغداد " 1 / 263.
637

قلت: روى عنه: أبو الغنائم النرسي.
توفي سنة خمس (1) مع العلوي.
432 - ابن صخر *
القاضي الامام المحدث الثقة، أبو الحسن، محمد بن علي بن
محمد بن صخر، الأزدي البصري، صاحب المجالس المعروفة، وغير
ذلك.
حدث بمصر والحجاز واليمن وانتقى عليه الحافظ أبو نصر السجزي.
حدث عن: أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان السقطي، صاحب
عبد الله بن أحمد بن الدورقي، وفهد بن إبراهيم بن فهد الساجي، ويوسف
ابن يعقوب النجيرمي، وأبي العباس أحمد بن عبد الرحمن الخاركي،
والحافظ أبي محمد الحسن بن علي ابن غلام الزهري، وأبي أحمد محمد
ابن محمد بن مكي الجرجاني، وأبي الحسن علي بن أحمد بن عبد
الرحمن الأصبهاني الغزال، وأبي الطيب عبد الرحمن بن محمد المقرئ،
صاحب أبي خليفة، وأحمد بن علي بن موسى الكرابيسي، وعمر بن محمد
ابن سيف، وأحمد بن محمد بن أبي غسان، وعدة. وتفرد في وقته.
حدث عنه: جعفر بن يحيى الحكاك، وعبد العزيز بن عبد الوهاب
القروي، وأبو خلف عبد الرحيم بن محمد الآملي، ومطهر بن علي الميبذي، والقاضي أبو زيد عبد الرحمن بن عيسى القرطبي، جد أبي بكر

(1) في الأصل: " ست " وهو خطأ.
* العبر 3 / 203، الوافي بالوفيات 4 / 129، 130، شذرات الذهب 3 / 271.
638

الطرطوشي (1) للام، وأبو الوليد الباجي، وإسماعيل بن الحسن العلوي،
وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وخلق.
وآخر من روى عنه بالإجازة مرشد بن يحيى المديني.
وقد روى أبو بكر البيهقي في الطلاق من " سننة "، فقال: أخبرنا
الحسن بن أحمد السمرقندي، أخبرنا ابن صخر في كتابه من مكة. فذكر
حديثا.
قال أبو إسحاق الحبال: توفي ابن صخر بزبيد في جمادى الآخرة،
سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة.
433 - أبو طاهر بن عبد الرحيم *
الامام المحدث الثقة، بقية المسندين، أبو طاهر، محمد بن أحمد
ابن محمد بن عبد الرحيم، الأصبهاني الكاتب.
حدث عن: أبي الشيخ بشئ كثير، وعن أبي بكر القباب، وأبي بكر
ابن المقرئ، وارتحل إلى الدارقطني، فأخذ عنه " سننه "، وأتقن
نسخته، وأخذ عن عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، وعمر بن شاهين،
وهذه الطبقة.
حدث عنه: أبو نصر أحمد بن الحسين الشيرازي، وعبد الغفار بن
نصرويه، وأبو زكريا بن مندة، وأبو الرجاء محمد بن أبي زيد أحمد

(1) بسكون الراء المهملة بين الطائين المهملتين المضموتين - وضبط ياقوت الأولى بالفتح -
وبعدهما الواو، وفي آخرها الشين المعجمة، نسبة إلى طرطوشة، وهي بلدة من آخر بلاد
المسلمين بالأندلس. " الأنساب " 8 / 234، و " معجم البلدان " 4 / 30.
* العبر 3 / 209، دول الاسلام 1 / 362، شذرات الذهب 1 / 362.
639

الجركاني (1)، وأبو منصور أحمد بن محمد بن إدريس الكرماني، وأبو
الطيب حبيب بن أبي مسلم الطهراني، وأبو الفتح رجاء بن إبراهيم الخباز،
وأبو الفتح سعيد بن إبراهيم الصفار، وهبة الله بن الحسن الأبرقوهي، وعبد
الغفار بن محمد الشيرويي، وإسماعيل بن الفضل الإخشيذ، ومحمد بن
عبد الله الساجي، وأبو الوفاء محمد بن محمد المديني، وأحمد بن محمد
ابن براذجة، والقاضي إبراهيم بن الحسن الديلمي، وجوامرد الأرمني،
وحمزة بن العباس العلوي، وسين بن حمد التأني، وخلق كثير من مشيخة
السلفي، وأبي موسى المديني، خاتمتهم أبو بكر محمد بن علي بن أبي ذر
الصالحاني.
مولده في أول سنة ثلاث وستين، وسماعه في صفر سنة ثمان وستين.
قال يحيى بن مندة: ثقة.
وقال عبد الغافر النخشبي: لم يحدث في وقته أوثق منه، وأكثر
حديثا، صاحب الأصول الصحاح، مات في حادي عشر ربيع الآخر، سنة
خمس وأربعين وأربع مئة.
434 - ابن المذهب *
الامام العالم، مسند العراق، أبو علي، الحسن بن علي بن محمد

(1) بفتح الجيم وسكون الراء، نسبة إلى جركان: وهي قرية من قرى أصبهان.
* تاريخ بغداد 7 / 390 - 392، الأنساب (المذهبي)، المنتظم 8 / 155، 156،
الكامل في التاريخ 9 / 592، اللباب 3 / 187، العبر 3 / 205، دول الاسلام 1 / 261،
262، ميزان الاعتدال 1 / 510 - 512، الوافي بالوفيات 12 / 121، 122، البداية والنهاية
12 / 63، 64، لسان الميزان 2 / 236، 237، النجوم الزاهرة 5 / 53، شذرات الذهب
3 / 271.
640

ابن علي بن أحمد بن وهب، التميمي البغدادي الواعظ، ابن المذهب.
مولده في سنة خمس وخمسين وثلاث مئة.
سمع من: أبي بكر القطيعي " المسند "، و " الزهد "، و " فضائل
الصحابة "، وغير ذلك.
وسمع من: أبي محمد بن ماسي، وأبي سعيد الحرفي، وأبي
الحسن بن لؤلؤ الوراق، وأبي بكر بن شاذان، وطائفة كثيرة.
وكان صاحب حديث وطلب، وغيره أقوى منه، وأمثل منه.
حدث عنه: الخطيب، وابن خيرون، وابن ماكولا، والحسين ابن
الطيوري، وعلي بن بكر بن حيد، وعلي بن عبد الوهاب الهاشمي الخطيب،
ومحمد بن مكي بن دوست، وأبو طالب عبد القادر بن محمد، وابن عمه أبو
طاهر عبد الرحمن بن أحمد اليوسفي، وأبو غالب عبيد الله بن عبد الملك
الشهرزوري، وأبو المعالي أحمد بن محمد بن البخاري، وأبو القاسم هبة
الله بن محمد بن الحصين، وآخرون.
قال الخطيب (1): كتبت عنه، وكان يروي عن القطيعي " مسند "
أحمد بأسره، وكان سماعه صحيحا إلا في أجزاء منه، فإنه ألحق اسمه (2)،
وكان يروي " الزهد " لأحمد، ولم يكن له به أصل، إنما كانت النسخة
بخطه، وليس هو محل الحجة.
حدث عن أبي سعيد الحرفي، وابن مالك، عن أبي شعيب

(1) " تاريخ بغداد " 7 / 390، 391.
(2) قال ابن الجوزي: وهذا لا يوجب القدح، لأنه إذا تيقن سماعه للكتاب جاز أن يكتب
سماعه بخطه. " المنتظم " 8 / 155.
641

الحراني، حدثنا يحيى البابلتي، حدثنا الأوزاعي، حدثنا هارون بن رياب
قال: من تبرأ من نسب لدقته أو ادعاه، فهو كفر (1).
قال الخطيب (2): وجميع ما عنده عن ابن مالك للبابلتي جزء ليس هذا
فيه (3)، وكان كثيرا يعرض علي أحاديث، في أسانيدها أسماء قوم غير
منسوبين، ويسألني عنهم، فأنسبهم له، فيلحق ذلك في تلك الأحاديث
موصولة بالأسماء، فأنهاه، فلا ينتهي (4).
قال أبو بكر بن نقطة: ليت الخطيب نبه في أي مسند تلك الأجزاء التي
استثنى، ولو فعل، لأتى بالفائدة، وقد ذكرنا أن " مسندي " فضالة بن
عبيد، وعوف بن مالك، لم يكونا في نسخة ابن المذهب، وكذلك أحاديث
من " مسند " جابر لم توجد في نسخته، رواها الحراني عن القطيعي، ولو
كان ممن يلحق اسمه كما قيل، لألحق ما ذكرناه أيضا، والعجب من
الخطيب يرد قوله بفعله، فقد روى عنه من " الزهد " لأحمد في مصنفاته (5).
أخبرنا الحسن بن علي: أخبرنا الهمداني، أخبرنا السلفي: سألت
شجاعا الذهلي عن ابن المذهب، فقال: كان شيخا عسرا في الرواية،

(1) " تاريخ بغداد " 7 / 391.
(2) المصدر السابق.
(3) نص كلام الخطيب: وجميع ما كان عند ابن مالك عن أبي شعيب جزء واحد، وليس
هذا الحديث فيه.
(4) قال ابن الجوزي ردا على الخطيب: هذا قلة فقه من الخطيب، فإني إذا انتقيت في
الرواية عن ابن عمر أنه عبد الله، جاز أن أذكر اسمه، ولا فرق بين أن أقول: حدثنا ابن
المذهب، وبين أن أقول: أخبرنا الحسن بن علي بن المذهب. ثم قال ابن الجوزي: وقد كان
في الخطيب شيئان: أحدهما الجري على عادة عوام المحدثين من قبله من قلة الفقه، والثاني
التعصب في المذهب، ونحن نسأل الله السلامة. " المنتظم " 8 / 155، 156.
(5) انظر " ميزان الاعتدال " 1 / 511، و " لسان الميزان " 2 / 236، 237.
642

سمع حديثا كثيرا، ولم يكن ممن يعتمد عليه في الرواية، فإنه خلط في شئ
من سماعه. ثم قال السلفي: كان متكلما فيه (1).
قال أبو الفضل بن خيرون: مات ليلة الجمعة، تاسع عشر ربيع
الآخر، سنة أربع وأربعين وأربع مئة، سمعت منه جميع ما عنده، وسمع
ابن أخي منه " الزهد " لأحمد.
وقد مر في ترجمة ابن غيلان (2) أن الرشيدي استجاز أبا علي " مسند "
الإمام أحمد، فأبى أن يكتب له الإجازة إلا بعشرين دينارا - سامحه الله - وأما
قول ابن نقطة: ولو كان ممن يلحق اسمه: لا شئ، فإن إلحاق اسمه من
باب نقل ما في بيته إلى النسخة، لا من قبيل الكذب في ادعاء السماع، وفي
ذلك نزاع، وما الرجل بمتهم (3).
435 - العمري *
الامام الفقيه، شيخ الشافعية، أبو الفتح، ناصر بن الحسين بن
محمد بن علي، القرشي العمري المروزي الشافعي.
سمع أبا العباس السرخسي، وغيره بمرو، وأبا محمد المخلدي،

(1) انظر " ميزان الاعتدال " 1 / 511.
(2) وهي برقم (400).
(3) قال المؤلف في " الميزان " 1 / 512: الظاهر من ابن المذهب أنه شيخ ليس
بالمتقن، وكذلك شيخه ابن مالك، ومن ثم وقع في " المسند " أشياء غير محكمة المتن ولا
الاسناد، والله أعلم.
* طبقات العبادي 112، طبقات النووي ورقة 75، العبر 3 / 208، طبقات السبكي
5 / 350، 351، طبقات الأسنوي 2 / 188، طبقات ابن هداية الله: 146 - 147،
شذرات الذهب 3 / 272، هدية العارفين 2 / 487، 488. والعمري: نسبة إلى عمر بن
الخطاب لأنه من ولده.
643

وعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وجماعة بنيسابور، وعبد
الرحمن بن أبي شريح الزاهد بهراة.
وتفقه على أبي بكر القفال، وعلى أبي الطيب الصعلوكي، وابن
محمش الزيادي.
وبرع في المذهب، ودرس في أيام مشايخه، وتفقه به أهل نيسابور،
وكان مدار الفتوى والمناظرة عليه.
أخذ عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو إسحاق الجيلي، ومسعود بن ناصر
السجزي، وأبو صالح المؤذن، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي،
وآخرون. وأملى مدة، وصنف.
وكان خيرا متواضعا فقيرا، متعففا قانعا باليسير، كبير القدر، رحمه
الله.
مات بنيسابور في ذي القعدة، سنة أربع وأربعين وأربع مئة.
ومات معه راوي المسند أبو علي، الحسن بن علي ابن المذهب (1)،
وأبو غانم أحمد بن علي الكراعي (2) المروزي، والحافظ أبو نصر عبيد الله
ابن سعيد السجزي (3)، والحافظ عبد العزيز بن علي الازجي، وقاضي
الموصل أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني (4) المتكلم، وعبد الله بن
محمد بن مكي السواق المقرئ، وشيخ القراء أبو عمرو الداني.

(1) تقدمت ترجمته برقم (434).
(2) تقدمت ترجمته برقم (406).
(3) سترد ترجمته برقم (445).
(4) سترد ترجمته برقم (441).
644

436 - سليم بن أيوب *
ابن سليم، الامام الشيخ الاسلام، أبو الفتح، الرازي الشافعي.
ولد سنة نيف وستين وثلاث مئة.
وحدث عن: محمد بن عبد الملك الجعفي، ومحمد بن جعفر
التميمي، والحافظ أحمد بن محمد بن البصير الرازي، وحمد بن عبد الله،
صاحبي ابن أبي حاتم، وأحمد بن محمد بن الصلت المجبر، وأبي الحسين
أحمد بن فارس اللغوي، وأبي أحمد الفرضي، والأستاذ أبي حامد
الأسفراييني وتفقه به، وطائفة سواهم.
وسكن الشام مرابطا، ناشرا للعلم احتسابا.
حدث عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو محمد الكتاني، والفقيه نصر
المقدسي، وأبو نصر الطريثيثي، وسهل بن بشر الأسفراييني، وأبو القاسم
النسيب، وآخرون.
قال النسيب: هو ثقة، فقيه، مقرئ محدث.
وقال سهل بن بشر: حدثنا سليم أنه كان في صغره بالري، وله نحو
من عشر سنين، فحضر بعض الشيوخ وهو يلقن قال: فقال لي: تقدم

* طبقات الشيرازي: 111، تبيين كذب المفتري 262، 263، إنباه الرواة 2 / 69،
70، طبقات ابن الصلاح ورقة 48 ب، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 231، 232، وفيات
الأعيان 2 / 397 - 399، العبر 3 / 213، دول الاسلام 1 / 263، تلخيص ابن مكتوم 81،
الوافي بالوفيات 15 / 334، مرآة الجنان 3 / 64، طبقات السبكي 4 / 388 - 391، طبقات
الأسنوي 1 / 562 - 564، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 196، 197، طبقات ابن قاضي
شهبة 22 ب، طبقات ابن هداية الله 147، 148، كشف الظنون 98، 466، 915،
شذرات الذهب 3 / 275، 276، هدية العارفين 1 / 409.
645

فاقرأ. فجهدت أن أقرأ الفاتحة، فلم أقدر على ذلك لانغلاق لساني،
فقال: لك والدة؟ قلت: نعم: قال: قل لها تدعو لك أن يرزقك الله قراءة
القرآن والعلم. قلت: نعم. فرجعت، فسألتها الدعاء، فدعت لي، ثم
إني كبرت، ودخلت بغداد، قرأت بها العربية والفقه، ثم عدت إلى الري،
فبينا أنا في الجامع أقابل " مختصر " المزني، وإذا الشيخ قد حضر وسلم
علينا وهو لا يعرفني، فسمع مقابلتنا، وهو لا يعلم ماذا نقول، ثم قال: متى
يتعلم مثل هذا؟. فأردت أن أقول: إن كانت لك والدة، فقل لها تدعو
لك. فاستحييت (1).
وقال أبو نصر الطريثيثي: سمعت سليما يقول: علقت عن شيخنا أبي
حامد جميع التعليقة، وسمعته يقول: وضعت مني صور، ورفعت بغداد من
أبي الحسن ابن المحاملي (2). قال أبو القاسم ابن عساكر: بلغني أن سليما
تفقه بعد أن جاز الأربعين. قال: وقرأت بخط غيث الأرمنازي: غرق سليم
الفقيه في بحر القلزم، عند ساحل جدة، بعد أن حج في صفر سنة سبع
وأربعين وأربع مئة، وقد نيف على الثمانين. قال: وكان فقيها مشارا إليه،
صنف الكثير في الفقه وغيره، ودرس، وهو أول من نشر هذا العلم بصور،
وانتفع به جماعة، منهم الفقيه نصر، وحدثت عنه أنه كان يحاسب نفسه في
الأنفاس، لا يدع وقتا يمضي بغير فائدة، إما ينسخ، أو يدرس، أو يقرأ.
وحدثت عنه أنه كان يحرك شفتيه إلى أن يقط القلم (3).

(1) وانظر " طبقات " السبكي 4 / 390، 391.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 262، 263، و " وفيات الأعيان " 2 / 398، و " إنباه
الرواة " 2 / 70. وأبو الحسن ابن المحاملي تقدمت ترجمته برقم (266).
(3) " تبيين كذب المفتري " 263.
646

قلت: وله كتاب " البسملة " سمعناه، وكتاب " غسل الرجلين "،
وله تفسير كبير شهير، وغير ذلك (1)، رحمه الله تعالى.
437 - ابن سلوان *
الشيخ المسند، أبو عبد الله، محمد بن علي بن يحيى بن سلوان،
المازني الدمشقي، ابن القماح.
ليس عنده شئ سوى نسخة أبي مسهر وما معها. سمع ذلك من
الفضل بن جعفر التميمي.
حدث عنه: الخطيب، والكتاني، والفقيه نصر المقدسي، والحسن
ابن أحمد بن أبي الحديد، وسهل بن بشر الأسفراييني، ونجا بن أحمد،
وأبو طاهر الحنائي، وأبو القاسم النسيب، وأبو الحسن علي، وأبو الفضل
محمد، ابنا الموازيني، وعبد المنعم بن الغمر، وآخرون.
ولد في سنة اثنتين وستين وثلاث مئة.
ومات في ذي الحجة سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
ومثله في زمنه أبو الحسن بن حمصة (2) الحراني، راوي مجلس
البطاقة، ما عنده سواه. وهكذا جماعة اشتهروا، وسماعهم قليل، وما ذاك
ألا لتعميرهم وعلوهم، كما أن جماعة من كبار العلماء لا يكادون يعرفون
لموتهم في الكهولة قبل أوان الرواية.

(1) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 397، و " هدية العارفين " 1 / 409.
* دول الاسلام 1 / 263، العبر 3 / 215، شذرات الذهب 3 / 277.
(2) تقدمت ترجمته برقم (402).
647

وفيها مات أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب القادسي
البزاز، صاحب القطيعي، وشيخ الشافعية أبو القاسم منصور بن عمر
الكرخي، وقاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا العجلي،
ومسند قرطبة أبو العاص حكم بن محمد بن حكم الجذامي (1)، والمفتي
رافع بن نصر الحمال، وسليم بن أيوب (2) أبو الفتح الرازي غريقا، وعبد
الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان الغزال، وأبو أحمد عبد الوهاب بن
محمد الغندجاني (3)، وعبيد الله بن المعتز (4) النيسابوري، وأبو القاسم
علي بن المحسن التنوخي (5).
438 - ابن أبي نصر *
العدل الكبير المأمون المحدث، أبو الحسين، محمد بن الشيخ
العفيف أبي محمد عبد الرحمن بن أبي نصر عثمان بن القاسم بن معروف،
التميمي الدمشقي.
سمع أباه، والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي، وأبا سليمان بن
زبر، وتفرد بالرواية عنهما.
حدث عنه: الخطيب، والكتاني، وسهل بن بشر، وموسى الصقلي،
وأبو القاسم النسيب، وأبو طاهر الحنائي، وأبو الحسن بن الموازيني،
وعدة.

(1) سترد ترجمته برقم (449).
(2) تقدمت ترجمته برقم (436).
(3) سترد ترجمته برقم (452).
(4) سترد ترجمته برقم (453).
(5) سترد ترجمته برقم (440).
* العبر 3 / 211، شذرات الذهب 3 / 274.
648

توفي في رجب سنة ست وأربعين وأربع مئة، وشيعه نائب دمشق،
وكانت جنازته مشهودة، أغلق له البلد، وكان محتشم وقته.
ومات معه أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي الفراتي، وعلي بن الفضل
ابن الفرات إمام جامع دمشق، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن اللبان
المتكلم.
439 - أخوه *
العدل الأمين الأنبل، أبو علي، أحمد بن عبد الرحمن بن أبي
نصر، التميمي.
حدث أيضا عن: يوسف الميانجي، وابن زبر. وسمع هو وأخوه
معا.
حدث عنه: الكتاني، ونجا العطار، وسهل بن بشر، وأبو طاهر
الحنائي، والحسن بن سعيد العطار.
قال الكتاني: كان ثقة مأمونا، صاحب أصول، لم أر أحسن منه،
وكان سماعه وسماع أخيه بخط أبيهما، وكانت له جنازة عظيمة.
مات في شعبان سنة ثلاث وأربعين وأربع مئة، رحمه الله.
440 - التنوخي * *
القاضي العالم المعمر، أبو القاسم، علي بن القاضي أبي علي

* لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة لنا.
* * تاريخ بغداد 12 / 115، الأنساب 3 / 94، المنتظم 8 / 168، الكامل في التاريخ
9 / 615، اللباب 1 / 225، وفيات الأعيان 4 / 162، العبر 3 / 214، فوات الوفيات 3 /
60 - 62، البداية والنهاية 12 / 67، النجوم الزاهرة 5 / 58، شروح السقط 1593، شذرات
الذهب 3 / 276.
649

المحسن بن علي التنوخي البصري ثم البغدادي، صاحب كتاب
" الطوالات "، وولد صاحب كتاب " الفرج بعد الشدة "، وكتاب
" النشوار "، وغير ذلك.
ولد في شعبان سنة خمس وستين وثلاث مئة بالبصرة.
وسمع لما كمل خمسة أعوام من: علي بن محمد بن سعيد الرزاز،
وعلي بن محمد بن كيسان، وأبي سعيد الحرفي، وأبي عبد الله الحسين بن
محمد العسكري، وعبد الله بن إبراهيم الزبيبي، وإبراهيم بن أحمد
الخرقي، وخلق كثير.
قال الخطيب (1): كان متحفظا في الشهادة، عند الحكام، صدوقا
في الحديث، تقلد قضاء المدائن، وقرميسين، والبردان.
وقال أبو الفضل بن خيرون: قيل: كان رأيه الرفض والاعتزال.
وقال شجاع الذهلي: كان يتشيع، ويذهب إلى الاعتزال.
قلت: نشأ في الدولة البويهية، وأرجاؤها طافحة بهاتين البدعتين.
وقيل: إنه صحب أبا العلاء المعري، وصادقه، وأسمعه " صحيحه " (2).
مات في ثاني المحرم، سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
حدث عنه: أبي النرسي، والحسن بن محمد الباقرحي، ونور الهدى
حسين بن محمد الزينبي، وأبو علي بن المهدي، وأبو شجاع بهرام بن

(1) في " تاريخ بغداد " 12 / 115.
(2) كذا الأصل، وفي " الوفيات ": وكان يصحب أبا العلاء، وأخذ عنه كثيرا.
650

بهرام، وأبو منصور بن النقور، وأبو القاسم بن الحصين، وخلق سواهم.
وروى شيئا كثيرا.
يقع لنا حديثه عاليا، وهو راوي كتاب " الأشربة " لأحمد بن حنبل.
441 - السمناني *
العلامة، قاضي الموصل، أبو جعفر، محمد بن أحمد بن محمد بن
أحمد، السمناني الحنفي.
حدث عن: نصر المرجي، وعلي بن عمر الحربي، وأبي الحسن
الدارقطني، وجماعة.
ولازم ابن الباقلاني حتى برع في علم الكلام.
قال الخطيب (1): كتبت عنه، وكان صدوقا، فاضلا حنفيا، يعتقد
مذهب الأشعري، وله تصانيف.
قلت: كان من أذكياء العالم.
وقد ذكره ابن حزم، فقال: هو أبو جعفر السمناني المكفوف، هو أكبر
أصحاب أبي بكر الباقلاني، ومقدم الأشعرية في وقتنا، ومن مقالته قال: من
سمى الله جسما من أجل أنه حامل لصفاته في ذاته، فقد أصاب المعنى،

* تاريخ بغداد 1 / 355، الأنساب 7 / 149، تبيين كذب المفتري 259، المنتظم 8 /
156، الكامل في التاريخ 9 / 592، اللباب 2 / 141، الوافي بالوفيات 2 / 65، نكت
الهميان 237، البداية والنهاية 12 / 64، الجواهر المضية 2 / 21، تاج التراجم 45، الفوائد
البهية 159، 160. والسمناني بكسر السين وسكون الميم كما في الأصل وضبط السمعاني
الميم بالفتح، نسبة إلى سمنان، وهي قرية من قرى نسا في العراق.
(1) في " تاريخ بغداد " 1 / 355.
651

وأخطأ في التسمية فقط. ثم أخذ ابن حزم يشنع على السمناني، وذكر عنه
تجويز الردة على الرسول بعد أداء الرسالة. نعوذ بالله من الضلال.
توفي أبو جعفر بالموصل سنة أربع وأربعين وأربع مئة وله ثلاث وثمانون
سنة. تخرج به في العقليات القاضي أبو الوليد الباجي، وغيره.
وابنه 442 - أحمد بن أبي جعفر *
وهو الامام القاضي، أبو الحسين، أحمد بن أبي جعفر.
ولد بسمنان في شعبان، سنة أربع وثمانين.
وقدم، وسمع ببغداد من الحسن بن الحسين النوبختي، ومن
إسماعيل بن هشام الصرصري، وجماعة.
وولي قضاء باب الطاق، وطال عمره.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا.
قلت: يأتي في الطبقة الأخرى.
443 - الكسائي * *
المحدث الامام الرحال، أبو الحسن، علي بن عبيد الله بن محمد،
الهمذاني الكسائي الصوفي، نزيل مصر.
سمع أحمد بن عبدان الشيرازي بالأهواز، ونصر بن أحمد المرجي
بالموصل، وعبد الوهاب الكلابي بدمشق، وأبا الفتح محمد بن أحمد

* تاريخ بغداد 4 / 382.
* * لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.
652

النحوي بالرملة، ومنير بن عطية بقيساريه، والضراب بمصر.
حدث عنه: عبد المحسن الشيحي، وسهل بن بشر الأسفراييني،
وانتقى عليه الحافظان أبو نصر السجزي، وعبد العزيز النخشبي، وآخر من
حدث عنه أبو عبد الله الرازي صاحب السداسيات.
توفي في جمادى الأولى سنة خمس وأربعين وأربع مئة.
444 - ابن اللبان *
العلامة، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن (1) بن أحمد
ابن المحدث عبد الله بن محمد بن عالم أصبهان النعمان بن عبد السلام،
التيمي.
روى عن: ابن المقرئ، والمخلص، وأحمد بن فراس، وطائفة.
ولزم أبا بكر الباقلاني، وأبا حامد الأسفراييني، وبرع في الأصول
والفروع، وتلا بالروايات، وصنف التصانيف، وولي قضاء إيذج (2).
عظمه الخطيب، وقال (3): كتبنا عنه، وكان أحد أوعية العلم،

* تاريخ بغداد 10 / 144، 145، الأنساب (اللبان)، تبيين كذب المفتري 261،
262، المنتظم 8 / 162، اللباب 3 / 127، الكامل في التاريخ 9 / 604، العبر 3 /
211، طبقات السبكي 5 / 72، 73، طبقات الأسنوي 1 / 90، 91، البداية والنهاية 12 /
66، غاية النهاية 1 / 449، النجوم الزاهرة 5 / 38، كشف الظنون 931، شذرات الذهب
3 / 274، هدية العارفين 1 / 451، 452.
(1) في " المنتظم ": عبد الله بدلا من عبد الرحمن.
(2) وهي كورة وبلد بين خوزستان وأصبهان، وهي أجل مدن هذه الكورة " معجم البلدان "
1 / 288.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 144.
653

ثقة، وجيز العبارة مع تدين وعبادة وورع بين، سمعته يقول: حفظت القرآن
ولي خمس سنين، وأحضرت مجلس ابن المقرئ ولي أربع سنين.
قال الخطيب (1): لم أر أحسن قراءة منه، أدرك رمضان ببغداد،
فصلى التراويح بالناس، ثم يحيي بقية الليل صلاة، فسمعته يقول: لم
أضع جنبي للنوم في هذا الشهر ليلا ولا نهارا.
وقيل: إن القاضي أبا يعلى الحنبلي قرأ عليه في الأصول سرا،
وحدث عنه أبو علي الحداد في " معجمه "، وتلا عليه بالروايات غير واحد.
ومات بأصبهان في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وأربع مئة.
445 - أبو نصر السجزي *
الامام العالم الحافظ المجود شيخ السنة، أبو نصر، عبيد الله بن
سعيد بن حاتم بن أحمد، الوائلي (2) البكري السجستاني، شيخ الحرم،
ومصنف " الإبانة الكبرى " في أن القرآن غير مخلوق، وهو مجلد كبير دال
على سعة علم الرجل بفن الأثر.
طلب الحديث في حدود الأربع مئة، وسمع بالحجاز والشام والعراق

(1) في " تاريخه " 10 / 145.
* الأنساب المتفقة 164، الأنساب (الوائلي)، معجم البلدان 5 / 356 (وايل)
الاستدراك لابن نقطة 1 / 253 / أ، اللباب 3 / 352، تذكرة الحفاظ 3 / 1118 - 1120،
المشتبه 1 / 354، العبر 3 / 206، 207، دول الاسلام 1 / 262، الجواهر المضية 2 /
495، العقد الثمين 5 / 307، 308، تبصير المنتبه 2 / 727، تاج التراجم 29، طبقات
الحفاظ 429، الطبقات السنية رقم (1376)، كشف الظنون 1 / 2، شذرات الذهب 3 /
271، 272، هدية العارفين 1 / 648، الرسالة المستطرفة 30.
(2) نسبة إلى قرية بسجستان يقال لها: وائل.
654

وخراسان من: أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسي، وأبي أحمد الفرضي،
والحافظ أبي عبد الله الحاكم، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن الصلت
المجبر، وأبي عمر بن مهدي الفارسي، وعلي بن عبد الرحيم السوسي،
وأبي عبد الرحمن السلمي، وعبد الصمد بن أبي جرادة الحلبي، حدثه عن
أبي سعيد بن الأعرابي، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي، ومحمد بن محمد
ابن محمد بن بكر الهزاني، وعبد الرحمن بن عمر بن النحاس المصري،
وأمم سواهم.
حدث عنه: الحافظ أبو إسحاق الحبال، وسهل بن بشر
الأسفراييني، وأبو معشر الطبري المقرئ، وإسماعيل بن الحسن العلوي،
وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وجعفر بن يحيى الحكاك، وجعفر بن
أحمد السراج، وخلق.
وهو راوي الحديث المسلسل بالأولية (1).
قال محمد بن طاهر: سألت الحافظ أبا إسحاق الحبال عن أبي نصر
السجزي، وأبي عبد الله الصوري، أيهما أحفظ؟ فقال: كان السجزي
أحفظ من خمسين مثل الصوري. ثم قال إسحاق: كنت يوما عند أبي نصر
السجزي، فدق الباب، فقمت ففتحت، فدخلت امرأة، وأخرجت كيسا
فيه ألف دينار، فوضعته بين يدي الشيخ، وقالت: أنفقها كما ترى! قال:
ما المقصود؟ قالت: تتزوجني ولا حاجة لي في الزوج، لكن لأخدمك.
فأمرها بأخذ الكيس، وأن تنصرف، فلما انصرفت، قال: خرجت من
سجستان بنية طلب العلم، ومتى تزوجت، سقط عني هذا الاسم، وما أوثر

(1) سيورده المؤلف في آخر ترجمته.
655

على ثواب طلب العلم شيئا (1).
قلت: كأنه يريد متى تزوج للذهب، نقص أجره، وإلا فلو تزوج في
الجملة، لكان أفضل، ولما قدح ذلك في طلبه العلم، بل يكون قد عمل
بمقتضى العلم، لكنه كان غريبا، فخاف العيلة، وأن يتفرق عليه حاله عن
الطلب.
قال أبو نصر السجزي في كتاب " الإبانة ": وأئمتنا كسفيان،
ومالك، والحمادين، وابن عيينة، والفضيل، وابن المبارك، وأحمد بن
حنبل، وإسحاق، متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش، وعلمه بكل
مكان، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا، وأنه يغضب ويرضى، ويتكلم بما
شاء.
توفي أبو نصر بمكة، في المحرم سنة أربع وأربعين وأربع مئة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، الحسيني بقراءتي عليه بالثغر، وهو
أول حديث سمعته منه، أخبرنا محمد بن أحمد القطيعي ببغداد وهو أول
حديث سمعته منه، أخبرنا عبد الحق اليوسفي وهو أول حديث سمعته (ح)
وأخبرنا عبد الخالق بن علوان ببعلبك، وعبد الحافظ بن بدران بنابلس قالا:
أخبرنا أبو محمد بن قدامة، أخبرنا أحمد بن المقرب قالا: أخبرنا جعفر بن
أحمد السراج وهو أول حديث سمعناه منه، أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن
سعيد وهو أول حديث سمعته منه، أخبرنا أبو يعلى المهلبي وهو أول حديث
سمعته منه، أخبرنا أبو حامد بن بلال وهو أول حديث سمعته منه، حدثنا عبد
الرحمن بن بشر وهو أول حديث سمعته منه، حدثنا سفيان بن عيينة وهو أول

(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1119.
656

حديث سمعته من سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس، مولى لعبد
الله بن عمرو بن العاص، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض، يرحمكم من في
السماء " (1).
446 - العالي بالله *
إدريس بن يحيى بن علي بن حمود، العلوي الإدريسي.
أخرجته البربر من السجن، وملكوه بعد مصرع نجا الخادم، وبعد
موت أخيه الحسن بن يحيى.
وكان العالي فيه رقة ورحمة، لكنه قليل العقل، يقرب السفهاء، ولا
يحجب عنهم خطاياه، وكان سيئ التدبير، فمالت البربر إلى محمد بن
القاسم الإدريسي، فملكوه بالجزيرة الخضراء، ولقبوه بالمهدي، وصارت
الأندلس ضحكة، بها أربعة كل واحد يدعى أمير المؤمنين في مسيرة أربع
ليال، ثم لم يتم أمر المهدي، وفجأه الموت عن ثمان بنين. وقام بالجزيرة

(1) أبو قابوس مقبول في المتابعات، وقد توبع عليه فيما قاله ابن ناصر الدين الدمشقي في
بعض مجالسه المحفوظة في ظاهرية دمشق، فرواه أحمد، وعبد بن حميد من طريق أبي خداش
حبان بن زيد الشرعبي أحد الثقات، عن عبد الله بن عمرو بمعناه، وباقي رجاله ثقات،
وأخرجه أبو داود (4941) والترمذي (1924)، وأحمد 2 / 160، والحميدي (591) كلهم
من طريق سفيان بن عيينة بهذا الاسناد، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه
الحاكم 4 / 159، وصححه غير واحد من الأئمة، وله شاهد بسند رجاله ثقات عن جرير بن عبد
الله عند الطبراني في " الكبير " (2497.).
* جذوة المقتبس 33 - 36، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول / المجلد
الثاني / 861 - 864، بغية الملتمس 39 - 42، الكامل في التاريخ 9 / 281، 282، الحلة
السيراء 2 / 26 - 30، البيان المغرب 3 / 218، الوافي بالوفيات 8 / 324 - 326، تاريخ ابن
خلدون 4 / 155.
657

ابنه القاسم بن محمد، ولم يتلقب بالخلافة. وقام بعد العالي ولده محمد،
ثم مات بمالقة سنة خمس وأربعين وأربع مئة في حياة أبيه، ثم ردوا أباه إلى
مالقة وغرناطة، ثم قهرهم ملك إشبيلية المعتضد بن عباد، وزالت دولة
الإدريسية.
447 - عبد الله بن الوليد *
ابن سعد (1) بن بكر، الامام المفتي، أبو محمد، الأنصاري
الأندلسي المالكي، نزيل مصر.
سمع بقرطبة من إسماعيل بن إسحاق القطان، وارتحل في سنة أربع
وثمانين، فأخذ " السيرة " عن أبي محمد بن أبي زيد وكتاب " الرسالة "،
وأخذ عن أبي الحسن القابسي، وأبي جعفر أحمد بن دحمون، وأخذ بمكة
عن أبي العباس بن بندار الرازي، وطائفة.
وكان من كبار العلماء.
حدث عنه: أبو الفضل جعفر بن إسماعيل بن خلف، وأبو عبد الله
محمد بن أحمد الرازي، وجماعة لقيهم السلفي، وسمع " السيرة " من
رجل عنه.
اتفق أنه خرج في آخر أيامه إلى الشام، فتوفي به بعد أشهر، في شهر
رمضان، سنة ثمان وأربعين وأربع مئة (2).

* جذوة المقتبس 266، الصلة 1 / 275، 276، بغية الملتمس: 352، العبر 3 /
216، حسن المحاضرة 1 / 451، شذرات الذهب 3 / 277.
(1) في الأصل: " سعيد " وهو خطأ، والتصويب من مصادر ترجمته.
(2) انظر " الصلة " 1 / 276.
658

وكان مولده في سنة ستين وثلاث مئة.
وما رأيته روى بالشام شيئا.
448 - الخفاف *
الشيخ المسند الصدوق، أبو القاسم، عمر بن الحسين بن إبراهيم،
البغدادي الخفاف.
سمع أبا حفص بن الزيات، ومحمد بن المظفر، وأبا الفضل
الزهري، وجماعة.
حدث عنه: الخطيب، وقاضي المرستان أبو بكر، وجماعة.
توفي سنة خمسين وأربع مئة، ولا بأس به.
449 - حكم بن محمد * *
ابن حكم بن إفرانك، الشيخ المعمر، مسند الأندلس، أبو العاص،
الجذامي القرطبي.
حدث عن: أبي بكر بن المهندس، وإبراهيم بن علي التمار، وعبد
المنعم بن غلبون، وتلا عليه، ويوسف بن أحمد بن الدخيل، وأبي محمد
ابن أبي زيد، وعباس بن أصبغ، وخلف بن القاسم، وهاشم بن يحيى،
وعدة، ولقي بطليطلة عبدوس بن محمد.
وكانت رحلته وحجه في سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة.

* تاريخ بغداد 11 / 276، العبر 3 / 223، شذرات الذهب 3 / 287.
* * الصلة 1 / 149، 150، العبر 3 / 213، شذرات الذهب 3 / 275.
659

روى عنه: أبو مروان الطبني، والحافظ أبو علي الغساني،
وجماعة.
قال الغساني: كان رجلا صالحا، ثقة مسندا، صلبا في السنة،
مشددا على أهل البدع، عفيفا ورعا، صبورا على القل، رافضا للدنيا،
مهينا لأهلها، يتمعش من بضيعة حل مضاربة مع سفار، عاش بضعا وتسعين
سنة، توفي في صدر ربيع الآخر، سنة سبع وأربعين وأربع مئة (1).
وقال عبد الرحمن بن خلف: رأيت على نعش حكم يوم دفنه طيورا
ترفرف لم تعهد بعد، كالذي رئي على نعش أبي عبد الله بن الفخار (2).
450 - الناصحي *
قاضي القضاة، أبو محمد، عبد الله بن الحسين، الناصحي
الحنفي، الخراساني.
روى عن: بشر بن أحمد الأسفراييني.
وطال عمره، وعظم قدره، وكان قاضي السلطان محمود بن
سبكتكين.
توفي سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
حدث عنه طائفة.

(1) " الصلة " 1 / 150.
(2) " الصلة " 1 / 150.
* تاريخ بغداد 9 / 443، الجواهر المضية 2 / 305، 306، تاج التراجم: 31،
طبقات الفقهاء لطاش كبري 80، الطبقات السنية 1058، كتائب أعلام الأخيار رقم (246)،
كشف الظنون 21، 283، الفوائد البهية 102، إيضاح المكنون 1 / 467، هدية العارفين 1 /
451، 452، والناصحي: نسبة إلى الناصح اسم رجل.
660

451 - ابن مسكين *
الامام الفقيه، أبو الحسن، عبد الملك بن عبد الله بن محمود بن
صهيب بن مسكين، المصري الشافعي.
حدث عن: أبيض بن محمد الفهري صاحب النسائي، وعبيد الله بن
محمد بن أبي غالب البزاز، ومحمد بن القاسم بن أبي هريرة، وقاضي أذنه
أبي الحسن الأنطاكي، وابن المهندس.
وكان يعرف أيضا بالزجاج.
روى عنه طائفة، آخرهم أبو عبد الله الرازي.
452 - الغندجاني * *
الشيخ أبو أحمد، عبد الوهاب بن محمد بن موسى، الغندجاني.
راوي " تاريخ " البخاري عن الحافظ أحمد بن عبدان، ويروي أيضا
عن المخلص، وغيره.
روى عنه: أبو الفضل بن خيرون، والمبارك بن الطيوري، وأبو
الغنائم النرسي، وآخرون.
قال الخطيب (1): حدث ب‍ " التاريخ " بعضه بقوله، وأرجو أن يكون
صدوقا.

* طبقات السبكي 5 / 164، حسن المحاضرة 1 / 403.
* * تاريخ بغداد 11 / 33، 34، الأنساب 9 / 179، 180، اللباب 2 / 390، 391،
العبر 3 / 212، شذرات الذهب 3 / 276. والغندجاني: بفتح الغين المعجمة كما في
" الأنساب " - وضبطها باقوت بالضم - وسكون النون، وفتح الدال المهملة - وضبطها ياقوت
بالكسر - بعدها جيم، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى غندجان، وهي بلدة من كور الأهواز
من بلاد الخوذ.
(1) في " تاريخ بغداد " 11 / 34.
661

توفي [في] جمادى الآخرة (1) سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
453 - ابن المعتز *
الشيخ أبو الحسن، عبيد الله بن المعتز بن منصور بن عبد الله بن
حمزة، النيسابوري، راوي الاجزاء الأربعة من حديث علي بن حجر.
سمع من: أبي الفضل بن خزيمة، وأبي الفضل الفامي، وأبي بكر
الجوزقي، وحدث بأصبهان وبالري.
روى عنه: أبو علي الحداد، وإسحاق الراشتيناني، ومحمد بن
عبد الله بن خوروست.
توفي سنة سبع وأربعين وأربع مئة، وهو أخو منصور شيخ إسماعيل بن
المؤذن.
454 - الباقلاني * *
الشيخ الإمام الصادق، أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن عيسى،
البغدادي الباقلاني المقرئ.
سمع أبا بكر بن مالك القطيعي، وحسينك بن علي التميمي، ومحمد
ابن إسماعيل الوراق.
قال الخطيب (3): كتبنا عنه، وكان لا بأس به. مات في سنة ثمان

(1) في " تاريخ بغداد ": جمادى الأولى.
* لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(2) نسبة إلى راشتينان من قرى أصبهان " معجم البلدان " 3 / 15.
* * تاريخ بغداد 11 / 342، 343، العبر 3 / 216، شذرات الذهب 3 / 278.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 342.
662

وأربعين وأربع مئة.
قلت: حدث عنه: الخطيب، وابن ماكولا، وابن خيرون، وأبو
الغنائم النرسي، وقاضي المرستان أبو بكر الأنصاري، ومسدد بن محمد بن
علكان الجيزي، وطائفة سواهم.
وهو راوي أمالي القطيعي والوراق.
455 - ابن حمدان *
الامام الحافظ الثبت، أبو طاهر، محمد بن أحمد بن علي بن
حمدان، خراساني رحال.
صحب الحاكم ابن البيع، وتخرج به، وسمع من الحافظ أبي بكر
الجوزقي، وأبي بكر محمد بن محمد الطرازي، وأبي الحسين الخفاف،
وجعفر بن فناكي بالري، وأحمد بن علي السليماني الحافظ ببيكند، ومحمد
ابن أحمد الغنجار، وأبا سعد الإدريسي بسمرقند، وعلي بن محمد بن عمر
المالكي بالري، وأبا الفضل محمد بن الحسين الحدادي (1) بمرو.
وله تواليف منها: " طرق حديث الطير ".
سمع منه: أبو سعيد محمد بن أحمد بن الحسين النيسابوري، في
سنة إحدى وأربعين وأربع مئة.
لم أقع بوفاته، وقد سقت له في " تذكرة الحفاظ " حديثا من المجالس
السلماسية (2).

* تذكرة الحفاظ 3 / 1111، 1112، طبقات الحفاظ 426 وفيه وفاته 441.
(1) بالحاء المهملة المفتوحة والدال المشددة. انظر ترجمته في " تبصير المنتبه "
1 / 308.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1112.
663

وأخبرنا سليمان ومحمد، ابنا حمزة سماعا من الأول، قالا: أخبرنا
محمد بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن مكي، أخبرنا محمد بن أبي بكر
الحافظ، أخبرنا محمد بن طاهر، أخبرنا محمد بن عبد الواحد بالري،
أخبرنا محمد بن أحمد بن علي بن حمدان، أخبرنا محمد بن مكي، أخبرنا
محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد، حدثنا محمد
ابن وهب، حدثنا محمد بن حرب، حدثنا محمد بن الوليد الزبيدي، أخبرنا
الزهري، عن عروة، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة: أن النبي
صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: " استرقوا لها فإن بها
النظرة " (1).
غريب فرد، مسلسل بالمحمدين، وهم خمسة عشر نفسا.
456 - الطفال *
الشيخ الامام الثقة المقرئ، مسند مصر، أبو الحسن، محمد بن
الحسين بن محمد بن الحسين بن أحمد بن السري، النيسابوري، ثم
المصري البزاز التاجر، المعروف بابن الطفال.
ولد سنة تسع وخمسين وثلاث مئة.
حدث عن: القاضي أبي الطاهر الذهلي، وأبي الحسن بن حيويه

(1) وأخرجه البخاري (5739) في الطب: باب رقية العين من طريق محمد بن خالد،
حدثنا محمد بن وهب به، وأخرجه مسلم (2197) (59) في السلام: باب استحباب الرقية من
العين... من طريق أبي الربيع سليمان بن داود، حدثنا محمد بن حرب به.
* الأنساب 8 / 243، اللباب 2 / 282، 283، العبر 3 / 217، حسن المحاضرة
1 / 374، شذرات الذهب 3 / 278. والطفال: نسبة إلى بيع الطفل، وهو الطين الذي يؤكل،
كما في " الأنساب ".
664

النيسابوري، والحسن بن رشيق، وأحمد بن محمد بن سلمة الخياش،
وعبد الواحد بن أحمد بن أبي محمد بن قتيبة، وأحمد بن محمد بن هارون
الأسواني، وأبي الطيب العباس بن أحمد الهاشمي، وجماعة.
حدث عنه: سهل بن بشر الأسفراييني، وأبو صادق مرشد بن يحيى
المديني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، والخفرة بنت مبشر بن
فاتك، وآخرون.
قال السلفي: كان بمصر من مشاهير الرواة، ومن الثقات الاثبات.
مات في صفر سنة ثمان وأربعين وأربع مئة.
وماتت الخفرة في سنة ثمان وعشرين وخمس مئة. سمع الرازي منه
جملة وافرة.
457 - العادل *
الوزير الكبير، الملقب بالعادل، أبو عبد الله، عبد الرحيم (1) بن
حسين.
وزر للملك الرحيم أبي نصر بن أبي كاليجار، وكان سمحا جوادا،
مهيبا، عسوفا، سفاكا للدماء.
تنمر له أبو نصر، فأهلكه، طلبه إلى داره وقد حفر له جبا، وبسط عليه
حصيرة، فتردى فيه، وطم عليه، وذلك في رمضان سنة سبع وأربعين وأربع
مئة.

* الكامل في التاريخ 9 / 615، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة 326.
(1) في " الكامل "، عبد الرحمن.
665

458 - الخليلي *
القاضي العلامة الحافظ، أبو يعلى، الخليل بن عبد الله بن أحمد بن
الخليل، الخليلي القزويني، مصنف كتاب " الارشاد في معرفة
المحدثين " (1)، وهو كتاب كبير انتخبه الحافظ السلفي. سمعنا
" المنتخب ".
سمع من: علي بن أحمد بن صالح القزويني، ومحمد بن إسحاق
الكيساني، والقاسم بن علقمة، وأبي حفص عمر بن إبراهيم الكتاني،
وأبي طاهر المخلص، وأبي الحسين الخفاف القنطري، ومحمد بن سليمان
ابن يزيد الفامي، وأبي عبد الله الحاكم، وعدد كثير.
وروى بالإجازة عن: أبي بكر بن المقرئ، وأبي حفص بن شاهين،
ومسند الكوفة علي بن عبد الرحمن البكائي كتب إليه من الكوفة، والحافظ
أبي أحمد الغطريفي، أجاز له من جرجان.
وطال عمره، وعلا إسناده.
حدث عنه: شيخه أبو بكر بن لآل، وولده أبو زيد واقد بن الخليل،
وإسماعيل بن ماكي، وآخرون.
وكان ثقة حافظا، عارفا بالرجال والعلل، كبير الشأن، وله غلطات في
" إرشاده "، قرأناه على أبي علي بن الخلال، عن الهمداني، عن

* الاكمال 3 / 174، التدوين في تاريخ قزوين الورقة 203، اللباب 1 / 458، تذكرة
الحفاظ 3 / 1123 - 1125، العبر 3 / 211، دول الاسلام 1 / 262، طبقات الحفاظ 431،
كشف الظنون 70، شذرات الذهب 3 / 274، هدية العارفين 1 / 350، 351، الرسالة
المستطرفة 97.
(1) انظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 6 / 228.
666

السلفي، عن ابن ماك، عنه (1).
وحكى (2) أنه حضر عند الحاكم، فسأله عن أبي سلمة، عن
الزهري، ما اسمه؟ فتفكر، وقال: محمد بن أبي حفصة. فعرف له
ذلك.
توفي أبو يعلى بقزوين في آخر سنة ست وأربعين وأربع مئة. وكان من
أبناء الثمانين.
وفيها مات شيخ القراء أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي
بدمشق، والرئيس المحدث أبو الفضل أحمد بن محمد بن أبي عمرو بن أبي
الفراتي بنيسابور، والعلامة أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن
التيمي الأصبهاني، ابن اللبان (3)، ومسند دمشق الصدر أبو الحسين محمد
ابن العفيف عبد الرحمن بن أبي نصر (4) التميمي، ومقرئ الأندلس أبو
القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد القرطبي.
أخبرنا الحسن بن علي اليونسي، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا أحمد
ابن محمد الحافظ، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار بقزوين، أخبرنا أبو يعلى
الخليل بن عبد الله، أخبرنا أحمد بن محمد الزاهد، أخبرنا عبد الملك بن
عدي، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، أخبرنا الشافعي، حدثنا يحيى
ابن سليم، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم،

(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1124.
(2) أي الخليلي في " الارشاد " عند ذكر الحاكم. " التدوين في تاريخ قزوين ": الورقة
203.
(3) تقدمت ترجمته برقم (444).
(4) تقدمت ترجمته برقم (438).
667

صلى بهم صلاة الكسوف ركعتين، كل ركعة بركوعين وسجدتين (1).
وبه: إلى أبي يعلى قال: أخبرنا الحسن بن عبد الرزاق، حدثنا علي
ابن إبراهيم بن سلمة القزويني، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني
أبي، حدثني سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا الشافعي مثله، تفرد به
الإمام الشافعي، والإمام أحمد قد أخذ عن يحيى بن سليم الطائفي، وروى
هنا عن رجل، عن آخر، عنه.
459 - أبو الطيب الطبري *
الامام العلامة، شيخ الاسلام، القاضي أبو الطيب، طاهر بن عبد
الله بن طاهر بن عمر، الطبري الشافعي، فقيه بغداد.
ولد سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة بآمل.
وسمع بجرجان من: أبي أحمد بن الغطريف جزءا تفرد في الدنيا

(1) وأخرجه البيهقي 3 / 324 من طريق الشافعي بهذا الاسناد، ويحيى بن سليم سئ
الحفظ. لكن اشتهرت الرواية عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة الكسوف
في كل ركعة ركوعين رواه الأئمة عن عائشة، وأسماء بنت أبي بكر، وعبد الله بن عمرو بن
العاص، وابن عباس، وجابر، وأبي موسى الأشعري، وسمرة بن جندب.
* طبقات العبادي 114، تاريخ بغداد 9 / 358 - 360، طبقات الشيرازي 127،
الأنساب 8 / 207، المنتظم 8 / 198، اللباب 2 / 274، الكامل في التاريخ 9 / 651، طبقات
ابن الصلاح ورقة 50، 51، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 247، 248، وفيات الأعيان
2 / 512 - 515، المختصر في أخبار البشر 2 / 179، العبر 3 / 222، دول الاسلام 1 / 265،
تتمة المختصر 1 / 549، الوافي بالوفيات خ 14 / 93 - 95، مرآة الجنان 3 / 70 - 72، طبقات
السبكي 5 / 12 - 50، طبقات الأسنوي 2 / 157 - 158، البداية والنهاية 12 / 79، 80،
تاريخ دولة آل سلجوق 22، النجوم الزاهرة 5 / 63، طبقات ابن هداية الله: 150، 151،
كشف الظنون 424، 1100، شذرات الذهب 3 / 284، 285، روضات الجنات 338،
هدية العارفين 1 / 429، تاريخ التراث العربي لسزكين 2 / 195.
668

بعلوه، وبنيسابور من مفقهه أبي الحسن الماسرجسي، وببغداد من
الدارقطني، وموسى بن عرفة، وعلي بن عمر السكري، والمعافى
الجريري.
واستوطن بغداد، ودرس وأفتى وأفاد، وولي قضاء ربع الكرخ بعد
القاضي الصيمري.
وقال: سرت إلى جرجان للقاء أبي بكر الإسماعيلي، فقدمتها يوم
الخميس، فدخلت الحمام، ومن الغد لقيت ولده أبا سعد، فقال لي:
الشيخ قد شرب دواء لمرض، وقال لي: تجئ غدا لتسمع منه. فلما كان
بكرة السبت، غدوت، فإذا الناس يقولون: مات الإسماعيلي (1).
قال الخطيب: كان شيخنا أبو الطيب ورعا، عاقلا، عارفا
بالأصول والفروع، محققا، حسن الخلق، صحيح المذهب، اختلفت
إليه، وعلقت عنه الفقه سنين (2).
قيل: إن أبا الطيب دفع خفا له إلى من يصلحه، فمطله، وبقي كلما
جاء، نقعه في الماء، وقال: الآن أصلحه. فلما طال ذلك عليه، قال:
إنما دفعته إليك لتصلحه لا لتعلمه السباحة (3).
قال الخطيب: سمعت محمد بن أحمد المؤدب، سمعت أبا محمد
البافي يقول: أبو الطيب الطبري أفقه من أبي حامد الأسفراييني. وسمعت
أبا حامد يقول: أبو الطيب أفقه من أبي محمد البافي (4).

(1) " تاريخ بغداد " 9 / 359.
(2) المصدر السابق.
(3) انظر " المنتظم " 8 / 198، و " طبقات " الشيرازي 127.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 359، وأبو محمد البافي تقدمت ترجمته برقم (36)، وأبو حامد
669

قال القاضي ابن بكران الشامي: قلت للقاضي أبي الطيب شيخنا وقد
عمر: لقد متعت بجوارحك أيها الشيخ! قال: ولم؟ وما عصيت الله
بواحدة منها قط. أو كما قال.
قال غير واحد: سمعنا أبا الطيب يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم،
فقلت: يا رسول الله: أرأيت من روى أنك قلت: " نضر الله امرءا سمع
مقالتي، فوعاها "، أحق هو؟ قال: نعم (1).
قال أبو إسحاق في " الطبقات " (2): ومنهم شيخنا وأستاذنا القاضي أبو
الطيب، توفي عن مئة وسنتين، لم يختل عقله، ولا تغير فهمه، يفتي مع
الفقهاء، ويستدرك عليهم الخطأ، ويقضي، ويشهد ويحضر المواكب إلى
أن مات. تفقه بآمل على أبي علي الزجاجي صاحب أبي العباس بن القاص. وقرأ
على أبي سعد بن الإسماعيلي، وأبي القاسم بن كج بجرجان، ثم ارتحل
إلى أبي الحسن الماسرجسي (3)، وصحبه أربع سنين، ثم قدم بغداد،
وعلق عن أبي محمد البافي الخوارزمي، صاحب الداركي، وحضر مجلس
أبي حامد، ولم أر فيمن رأيت أكمل اجتهادا، وأشد تحقيقا، وأجود نظرا

الأسفراييني تقدمت ترجمته برقم (111).
(1) وتمام الحديث: " وأداها، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس
بفقيه " وهو حديث صحيح، أخرجه من حديث ابن مسعود الشافعي 1 / 14، والترمذي
(2659)، وابن ماجة (232) والرامهرمزي ص 165، وأخرجه من حديث زيد بن ثابت أحمد
5 / 183، وأبو داود (3660) والترمذي (2658) وابن ماجة (230) والدارمي 1 / 75،
والرامهرمزي ص 164، وأخرجه من حديث جبير بن مطعم أحمد 4 / 81، وابن ماجة (231)
والدارمي 1 / 74، 75، وأخرجه من حديث أبي الدرداء الدارمي 1 / 75، 76، وأخرجه
الرامهرمزي ص 165، 166 من حديث ابن عباس، وأبي سعيد الخدري.
(2) 127، ونقله عنه النووي في " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 247.
(3) في الأصل: " السرخسي " والمثبت من " الطبقات ".
670

منه. شرح " مختصر " المزني، وصنف في الخلاف والمذهب والأصول
والجدل كتبا كثيرة، ليس لأحد مثلها، لازمت مجلسه بضع عشرة سنة،
ودرست أصحابه في مسجده سنين بإذنه، ورتبني في حلقته، وسألني أن
أجلس للتدريس في سنة ثلاثين وأربع مئة، ففعلت.
قلت: من وجوه أبي الطيب في المذهب أن خروج المني ينقض
الوضوء. ومنها أن الكافر إذا صلى في دار الحرب، فصلاته إسلام (1).
قلت: حدث عنه: الخطيب، وأبو إسحاق، وابن بكران، وأبو
محمد بن الآبنوسي، وأحمد بن الحسن الشيرازي، وأبو سعد بن
الطيوري، وأبو علي بن المهدي، وأبو نصر محمد بن محمد بن محمد بن
أحمد العكبري، وأبو العز بن كادش، وأبو المواهب أحمد بن محمد بن
ملوك، وهبة الله بن الحصين، وأبو بكر محمد بن عبدا لباقي الأنصاري،
وخلق كثير.
قال الخطيب (2): مات صحيح العقل، ثابت الفهم، في ربيع
الأول، سنة خمسين وأربعمئة، وله مئة وسنتان رحمه الله.

(1) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 1248. وقال النووي في المسألة الأولى:
والصحيح الذي قاله جمهور أصحابنا: لا ينقضه، بل يوجب الغسل فقط. وقال في المسألة
الثانية: والصحيح المنصوص للشافعي وجمهور الأصحاب أنها ليست بإسلام إلا أن تسمع منه
الشهادتان.
(2) في " تاريخ بغداد " 9 / 360.
671

بعونه تعالى وتوفيقه
تم الجزء السابع عشر من سير أعلام النبلاء
ويليه الجزء الثامن عشر
وأوله ترجمة السعدي من الطبقة الرابعة والعشرين
672