الكتاب: الموضوعات
المؤلف: ابن الجوزي
الجزء: ٣
الوفاة: ٥٩٧
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند السنة
تحقيق: ضبط وتقديم وتحقيق : عبد الرحمن محمد عثمان
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٣٨٨ - ١٩٦٨ م
المطبعة:
الناشر: المكتبة السلفية - المدينة المنورة
ردمك:
ملاحظات:

كتاب
الموضوعات
للعلامة السلفي الامام أبى الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي القرشي
510 - 597
الجزء الثالث
ضبط
وتقديم وتحقيق
عبد الرحمن محمد عثمان
الناشر
محمد عبد المحسن
صاحب المكتبة السلفية بالمدينة المنورة
1

الطبعة الأولى
حقوق الطبع محفوظة
1388 ه‍ - 1968 م
2

بسم الله الرحمن الرحيم
باب ذكر البقر
أنبأنا عبد الأول بن عيسى أنبأنا عبد الله بن محمد الأنصاري أنبأنا أحمد بن
محمد بن منصور المزكى حدثنا عبد الله بن عدى الحافظ حدثنا موسى بن الحسن
الكوفي حدثنا إبراهيم بن شريح الكندي حدثنا عبد الله بن وهب عن يحيى
ابن أيوب عن حميد عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكرموا
البقر فإنها سيدة البهائم. ما رفعت رأسها إلى السماء حياء منذ عبد العجل ".
هذا حديث موضوع والمتهم به عبد الله بن وهب النسوي. قال ابن حبان:
كان دجالا يضع الحديث على الثقاة لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه.
باب فضل الديك
أنبأنا محمد بن أبي طاهر عن الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم حدثنا
الحسن بن سفيان حدثنا عبد العزيز بن سلام حدثنا عبد الله بن صالح عن
رشدين عن الحسن بن ثوبان عن يزيد بن أبي حبيب عن سالم عن أبيه قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا الديك فإنه صديقي وأنا صديقه،
وعدوه عدوى، والذي بعثني بالحق لو يعلم بنو آدم ما في صوته لاشتروا ريشه
ولحمه بالذهب والفضة، وإنه ليطرد مدى صوته من الجن ".
هذا حديث موضوع. ورشدين لا يعول عليه. قال أحمد: كان لا يبالى عن
من روى، وقال يحيى: ليس بثقة، وقال النسائي: متروك الحديث. وأما عبد الله
3

ابن صالح فقال أحمد: ليس بشئ، وقال ابن حبان: كان منكر الحديث يحدث
عن الاثبات ما ليس من حديث الثقاة، وكان في نفسه صدوقا، وإنما وقعت
المناكير في حديثه من قبل جار له كان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن
صالح ويكتبه بخط يشبه خط عبد الله ويرميه في داره بين كتبه، فيتوهم عبد الله
أنه خطه فيحدث به.
باب في الديك الأبيض
فيه عن أنس وأبي هريرة وأبى زيد:
فأما حديث أنس: أنبأنا علي بن أحمد الموحد أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي
حدثنا أبو الحسن بن عبد الجبار بن أحمد القاضي حدثنا الزبير بن عبد الواحد
الأسد لباذي أنبأنا عبد الله بن محمد بن فرح حدثنا جعفر بن عامر حدثنا يحيى بن
عنبسة حدثنا حميد عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اتخذ
ديكا أبيض في داره لم يقربه الشيطان ولا السحرة ".
وأما حديث أبي هريرة: فروى عبد الله بن جعفر أبو على المديني عن سهيل
ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" الديك الأبيض صديقي وصديق صديقي و - عد - [عدوه] عدوى ".
وأما حديث أبي زيد: فروى أبو بكر البرقي حدثنا ابن أبي السرى حدثنا
محمد بن حمير حدثنا محمد بن مهاجر عن عبد الله بن عبد العزيز القرشي عن أبي زيد
الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الديك الأبيض صديقي
وصديق صديقي وعدو عدو الله " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيته معه
في البيت.
وقد روى لنا هذا الحديث مقطوعا. فأنبأنا عبد الخالق بن عبد الصمد
4

أنبأنا أبو الحسين بن النقور أنبأنا أبو طاهر المخلص حدثنا البغوي حدثنا أبو روح
البلدي حدثنا أبو شهاب عن طلحة بن زيد عن الأحوص بن حكيم عن خالد بن
معدان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الديك الأبيض صديقي وعدو
عدو الله، يحرس دار صاحبه وسبع - أدر - [دور] كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يبيته معه في البيت ". هذه الأحاديث ليس فيها شئ صحيح.
أما الطريق الأول فإن يحيى بن عنبسة كذاب، وقد سبق الجرح فيه في
مواضع. وقال ابن حبان: هو دجال يضع الحديث لا يحل الرواية عنه.
وأما الثاني فإن أبا علي بن المديني قال فيه يحيى بن معين: ليس بشئ،
وقال النسائي: متروك.
وأما الثالث فقال يحيى: عبد الله بن عبد العزيز ليس بشئ. وقال ابن
حبان: اختلط بآخره، فكان يقلب الأسانيد ولا يعلم ويرفع المراسيل فاستحق
الترك. وأما محمد بن مهاجر فقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقاة.
وقد روى حديث أبي زيد أبو بكر الخطيب من طريق أيوب بن عتبة ثم
ضعف أيوب وقال لا يصح متن هذا الحديث ولا إسناده.
وأما حديث خالد بن معدان فمقطوع، وفيه طلحة بن زيد، قال النسائي:
متروك الحديث، وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج بخبره.
باب فضل الديك الأبيض الأفرق
أنبأنا عبد الوهاب الحافظ أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا يوسف
ابن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا حاتم بن منصور حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة
حدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن عبد الله مولى بنى هاشم حدثنا الربيع بن صبيح
عن الحسن عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الديك
5

الأبيض الأفرق حبيبي وحبيب حبيبي جبريل، يحرس بيته وستة عشر بيتا من
جيرته، أربعة من اليمين وأربعة من الشمال وأربعة من قدام وأربعة من خلف "
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والربيع بن صبيح
قد ضعفه يحيى والنسائي. قال العقيلي: أحمد بن محمد بن أبي بزة منكر الحديث
ويوصل الأحاديث.
باب ما ذكر أن في السماء ديكا
فيه عن جابر وابن عباس والعرس بن عميرة.
فأما حديث جابر فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا
حمزة بن يوسف أنبأنا ابن عدى حدثنا محمد بن الحسن البصري حدثنا علي بن
بحر أنبأنا علي بن أبي على عن محمد بن المنكدر عن جابر أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: " إن لله ديكا عنقه مطوية تحت العرش ورجلاه في التخوم، فإذا
كانت هدة من الليل صاح: سبوح قدوس، فصاحت الديكة ".
الطريق الثاني: أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا
يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا مبشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا على
ابن أبي على اللهبي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " إن لله عز وجل ديكا براثنه في الأرض السابعة وعنقه منطوية
بالعرش، فإذا كان هوى من الليل قال: سبوح قدوس. قال: فعند ذلك
تصيح الديكة ".
وأما حديث ابن عباس فأنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا الحسن بن علي عن علي
بن عمر الحافظ عن أبي حاتم حدثنا محمد بن سدوست النسوي حدثنا حميد
6

ابن زنجويه حدثنا محمد بن خداش حدثنا علي بن قتيبة عن ميسرة بن عبد ربه
عن عمر بن سليمان الدمشقي عن الضحاك عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " لما أسرى بي إلى السماء رأيت فيها أعاجيب من عباد الله
وخلقه، ومن ذلك الذي رأيت في السماء ديك له زغب أخضر وريش أبيض،
بياض ريشه كأشد بياض رأيته قط، وزغبه أحمر كأشد حمرة رأيتها قط، وإذا
رجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى، ورأسه عند عرش الرحمن، مبنى عنقه
تحت العرش، له جناحان في منكبيه، إذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب، فإذا
كان في بعض الليل نشر جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح لله تعالى يقول:
سبحان الملك القدوس، سبحان الله العظيم المتعال، لا إله إلا الله الحي القيوم،
فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض وخفقت بأجنحتها وأخذت في الصراخ،
فإذا سكن ذلك الديك في السماء سكنت الديكة ". وذكر حديثا طويلا في قصة
المعراج شبيها بعشرين ورقة.
وأما حديث العرس فأنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة
أنبأنا ابن عدى حدثنا علي بن إبراهيم بن الهيثم حدثنا أحمد بن علي بن الأفطح
حدثنا يحيى بن زهدم بن الحارث الغفاري عن أبيه عن العرس بن عميرة أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " إن لله ديكا براثنه في الأرض السفلى وعرقه تحت
العرش، يصرخ عند مواقيت الصلاة، ويصرخ له ديك السماوات سماء سماء،
ثم يصرخ بصراخ ديك السماوات ديك الأرض يقول في صراخه: سبوح قدوس
رب الملائكة والروح ". هذه أحاديث كلها موضوعة.
فأما حديث جابر ففي طريقيه علي بن أبي على اللهبي. قال البخاري: هو
منكر الحديث، وقال يحيى: ليس بشئ، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال
ابن حبان: يروى عن الثقاة الموضوعات لا يجوز الاحتجاج به.
7

وأما حديث ابن عباس فالمتهم به ميسرة. قال البخاري: يرمى بالكذب،
وقال ابن حماد: كان كذابا، وقال النسائي والدار قطني: متروك، وقال العقيلي:
أحاديثه بواطيل لا يحل كتب حديثه إلا اعتبارا، وقال ابن حبان: يروى
الموضوعات عن الاثبات ويضع المعضلات على الثقاة في الحث على الخير، وهو
صاحب حديث فضائل القرآن " من قرأ كذا فله كذا " لا يحل كتب حديثه
إلا للاعتبار ".
وأما حديث العرس فقال ابن حبان: يحيى بن زهدم روى عن أبيه نسخة
موضوعة لا يحل كتبها إلا على التعجب.
باب في اتخاذ الدجاج
أنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن
حبان حدثنا عبد الله بن محمد القيراطي حدثنا عبد الله بن يزيد محمش حدثنا هشام
ابن عبيد الله الرازي عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " الدجاج غنم فقراء أمتي، والجمعة حج فقرائها ".
قال أبو حاتم بن حبان: هذا حديث كذب موضوع لا أصل له ولا يحتج
بحديث هشام. قال الدارقطني: هذا الحديث كذب موضوع والحمل فيه على
محمش فإنه كان يضع الحديث على الثقاة.
باب فضل الحمام الأحمر
فيه عن علي وأبى كبشة وعائشة:
فأما حديث علي رضي الله عنه فأنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا الحسن بن علي
عن أبي الحسن الدارقطني عن أبي حاتم حدثنا إسحاق بن أحمد القطان حدثنا
يوسف بن موسى حدثنا عيسى بن عبد الله بن محمد عن أبيه عن جده عن علي
8

قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه النظر إلى الحمام الأحمر والأترج "
وأما حديث أبي كبشة فأنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي أنبأنا هبة الله
ابن محمد الطبري أنبأنا محمد بن الحسين بن الفضل أنبأنا عبد الله بن جعفر بن
درستويه حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا حيوة بن شريح ومحمد بن عبد العزيز
ومحمد بن المصفى قالوا حدثنا بقية حدثني أبو سفيان الأنماري عن جندب بن عبد
الله بن أبي كبشة عن أبيه عن جده قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يعجبه النظر إلى الأبرج ويعجبه النظر إلى الحمام الأحمر ".
وأما طريق عائشة: أنبأنا زاهر بن أحمد طاهر أنبأنا أحمد بن الحسين البيهقي
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم حدثنا أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي
عثمان حدثنا محمد بن إسحاق بن نصر اللباد حدثنا أبو النضر سعيد بن النضر
النيسابوري حدثنا أبو حفص عمرو بن شمر عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم
ابن الحارث التيمي عن عائشة قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب
النظر إلى الخضرة وإلى الأبرج وإلى الحمام الأحمر ".
هذه الأحاديث كلها غير صحاح.
فأما حديث على ففي طريقه عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي
طالب. قال ابن حبان: يروى عن أبيه عن آبائه أشياء موضوعة.
وأما حديث أبي كبشة ففيه أبو سفيان الأنماري. قال ابن حبان: يروى
الطامات، وقال أبو حاتم الرازي: مجهول.
وأما حديث عائشة ففيه عمرو بن شمر. قال يحيى: ليس بثقة، وقال السعدي:
كذاب، وقال النسائي والدار قطني: متروك، وقال ابن حبان: يروى الموضوعات
عن الثقات لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب.
9

باب اتخاذ الحمام في البيت للاستئناس
فيه عن علي وابن عباس وعبادة وجابر:
فأما حديث علي عليه السلام فأنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن أبي
الفضل الإسماعيلي حدثنا حمزة بن يوسف السهمي أنبأنا أبو أحمد بن عدى
الحافظ حدثنا محمد بن عبد الواحد حدثنا حسين بن أبي زيد الدباغ حدثنا يحيى
بن ميمون عن ميمون بن عطاء عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي " أنه
شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحشة، فقال: لو اتخذت زوجا من حمام
فآنسك وأصبت من فراخه، واتخذت ديكا فآنسك وأيقظك للصلاة ".
وأما حديث ابن عباس فأنبأنا القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرني
الحسين بن علي الطناجيري حدثنا عمر بن أحمد الواعظ حدثنا أحمد بن هاشم بن
محمد الفيدي حدثنا محمد بن نوح بن حبيب حدثنا مدار بن آدم حدثنا محمد بن
زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: " جاء رجل فشكا الوحشة إلى
النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اتخذ زوج حمام يؤنسك بالليل ".
وأما حديث عبادة: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد
أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا الحسين بن إسحاق التستري
حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا الصلت بن الحجاج أنبأنا ثور بن يزيد عن خالد
ابن معدان عن عبادة بن الصامت قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فشكا إليه الوحشة، فأمره أن يتخذ زوج حمام ".
وأما حديث جابر فأنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا ابن عدى حدثنا أحمد بن الحسين بن عبد الصمد
حدثنا محمد بن عبد الوهاب الدعلجي حدثنا أبان بن سفيان الكناني عن عاصم
ابن سليمان البصري عن حزام بن عثمان عن ابن عنترة عن جابر قال قال رسول الله
10

صلى الله عليه وسلم: " إذا كان أحدكم في بيته خاليا فليتخذ فيه زوج حمام ".
هذه الأحاديث ليس فيها ما يصح.
أما حديث علي عليه السلام ففيه الحارث الأعور، وقد تردد في كتابنا أنه
كذاب. وأما ميمون بن عطاء فقال أبو الفتح الأزدي: هو ضعيف الحديث.
وأما يحيى بن ميمون فقال الفلاس: كان كذابا، وقال يحيى: ليس بشئ خرقنا
حديثه، وقال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية
عنه بحال.
وأما حديث ابن عباس فالمتهم به محمد بن زياد اليشكري. قال أحمد ويحيى:
هو كذاب خبيث. زاد أحمد: يضع الحديث. وقال البخاري والنسائي والفلاس
والرازي: متروك الحديث.
وأما حديث عبادة فقال ابن عدى: لا أعلم يرويه عن ثور إلا الصلت
وعامة ما يرويه منكر.
وأما حديث جابر ففيه ابن عنترة واسمه هارون. قال ابن حبان: لا يجوز
الاحتجاج به فإنه يروى المناكير الكثيرة حتى يسبق إلى القلب المستمع لها أنه
المتعمد لها. وفيه عاصم بن سليمان. قال عمرو بن علي الفلاس: كان يضع الحديث
وقال النسائي: متروك. وقال الدارقطني: كذاب. وفيه أبان بن سفيان. قال
ابن حبان: روى عن الثقاة أشياء موضوعة، وقال الدارقطني: متروك.
باب اتخاذ الحمام في البيت لدفع الشياطين
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت
أنبأنا محمد بن علي بن الفتح أنبأنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو طلحة أحمد بن
محمد بن عبد الكريم حدثنا زياد بن يحيى أبو الخطاب حدثنا محمد بن زياد حدثنا
ميمون بن مهران عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
11

" اتخذوا الحمام المقاصيص فإنه يلهى الجن عن صبيانكم ".
هذا حديث موضوع، والمتهم به محمد بن زياد، وقد ذكرنا آنفا أنه كان
يضع الحديث.
باب تطيير الحمام
أنبأنا القزاز أنبأنا أحمد بن علي أنبأنا البرقاني حدثني محمد بن أحمد بن محمد
الآدمي حدثنا محمد بن علي الأيادي حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال: بلغني أن
أبا البختري دخل على الرشيد وهو قاض وهارون إذ ذاك يطير الحمام، فقال: هل
تحفظ في هذا شيئا؟ فقال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: " أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يطير الحمام، فقال هارون: اخرج عنى، ثم قال:
لولا أنه رجل من قريش لعزلته ".
هذا الحديث من عمل أبى البختري، واسمه وهب بن وهب، كان من كبار
الوضاعين.
باب النهى عن صيد الفراخ
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب أنبأنا القاضي
أبو العلا محمد بن علي الواسطي أنبأنا أبو الحسين أحمد بن علي بن أيوب بن المعافى
ابن العتار العكبري وأبو القاسم الحسن بن محمد بن إسحاق المعروف بابن السيوطي
حدثنا أبو الطيب محمد بن الفرخان بن روزبه ح. وأنبأنا عبد الرحمن أنبأنا
أبو بكر الخطيب قال حدثني هناد بن إبراهيم النسفي أنبأنا أبو محمد الحسين بن
موسى القاملاي حدثنا محمد بن الفرخان بن روزبه حدثنا زيد بن محمد الطحان
الكوفي حدثنا زيد بن أخزم حدثنا زيد بن الحباب العكلي حدثنا زيد بن محمد
ابن ثوبان حدثنا زيد بن فورم حدثنا زيد بن محمد بن ثوبان حدثنا زيد بن أسامة
ابن زيد عن جده زيد بن حارثة عن زيد بن أرقم قال: " أتى النبي صلى الله
12

عليه وسلم أعرابي وهو شاد عليه ردنه، أو قال عليه عباءة، فقال: أيكم محمد؟
فقالوا: صاحب الوجه الأزهر، فقال إن تكن نبيا فما معي؟ قال: إن أخبرتك
فهل تقر بالشهادة. وقال أبو العلاء: فهل أنت مؤمن؟ قال: نعم. قال: إنك
مررت بوادي آل فلان، أو قال: شعب آل فلان، وإنك بصرت فيه بوكر
حمامة وإنك أخذت الفرخين من وكرها، وإن الحمامة أتت وكرها فلم تر فرخيها
فها هي ناشرة جناحيها مقبلة على فرخيها. ففتح الأعرابي ردنه، أو قال عباءته،
فكان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. فعجب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
منها وإقبالها على فرخيها. فقال: أتعجبون منها وإقبالها على فرخيها؟ فالله أشد
فرحا وأشد إقبالا على عبده المؤمن حين توبته من هذه بفرخيها، ثم قال:
الفروخ في أسر ما لم تطر فإذا طارت فرفرفت فانصب لها فخك وحبلك ". ومساق
الحديث لابي العلاء.
هذا الحديث موضوع لا يشك فيه، والعجب من جرأة واضعه وقلة حيلته،
أتراه ما علم أن من عرف الحديث لا يخفى عليه كذبه في إسناده عن زيد، ومن
فعل هذا فما أبقى من الحياء شيئا، وليس المتهم به إلا ابن الفرخان. قال
أبو بكر الخطيب: هذا الحديث منكر جدا عجيب الاسناد وما أبعد أن يكون
من وضع ابن الفرخان.
باب فضل الجراد
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا أبو سعيد
الحسن بن محمد بن عبد الله بن حسنويه الكاتب حدثنا أحمد بن جعفر بن أحمد
ابن معبد السمسار حدثنا أبو الحسين عمر بن أحمد بن السني حدثنا عبد الحميد بن
بيان البكري حدثنا عبيد بن واقد عن محمد بن عيسى الهذلي عن محمد بن المنكدر
عن جابر بن عبد الله قال: " فقد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجراد فأرسل
13

راكبا يضرب إلى الشام وراكبا يضرب إلى اليمن وراكبا يضرب إلى العراق
يسأل هل رأى من الجراد شئ؟ فأتاه الراكب الذي من قبل اليمن بكف من
جراد فألقاه بين يديه. فلما رآه عمر كبر ثلاثا ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: خلق الله عز وجل ألف أمة فستمائة في البحر وأربعمائة في البر،
وأول هذه الأمم هلاكا الجراد، فإذا هلك الجراد تابعت الأمم مثل سلك
النظام إذا قطع ".
قال أبو حاتم بن حبان: هذا شئ لا يشك فيه أنه موضوع، ليس هذا من
كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومحمد بن عيسى يروى عن ابن المنكدر
العجائب وعن الثقاة الأوابد. وقال البخاري: عمرو بن علي منكر الحديث.
وقال ابن عدى: وعبيد بن واقد لا يتابع على عامة ما يروى ومن حديثه هذا
الحديث. قال أبو حاتم الرازي: هو ضعيف الحديث.
باب ذم الجراد
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا الحسن بن علي
الجوهري حدثنا عمر بن محمد بن علي حدثنا محمد بن علي الحفار حدثنا هارون بن
عبد الله حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا زياد بن عبد الله بن علاثة عن أبيه
عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن جابر وأنس قالا: " كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على الجراد: اللهم واقتل كباره وأهلك
صغاره وأفسد بيضه واقطع دابره وخذ بأفواهه عن معايشنا وأرزاقنا إنك سميع
الدعاء. فقال رجل: يا رسول الله تدعو على جند من أجناد الله بقطع دابره؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الجراد نثره حوت في البحر. قال زياد:
فحدثني من رأى الحوت ينثره ".
هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى: موسى بن
14

محمد ليس بشئ ولا يكتب حديثه. وقال النسائي: منكر الحديث، وقال
الدارقطني: متروك.
باب في لحم الطير
روى بشر بن الوليد عن عبد الله بن زياد بن سمعان عن نافع عن ابن
عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا بأس بأكل كل طير ما خلا
البوم والرخم ".
هذا لا يصح والمتهم به ابن سمعان. قال مالك: كان كذابا.
باب أكل السمك
أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن
عبد الله الحاكم حدثنا أبو شافع معبد بن جمعة بن خاقان حدثنا إسحاق بن إبراهيم
ابن يونس حدثنا العلاء بن مسلمة الرواس حدثنا عبد الرحمن بن مغراء عن برد
ابن سنان عن القاسم عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أكل السمك يذهب الجسد ".
قال أبو شافع: قلت لابي يعقوب ما معنى هذا الحديث؟ قال: يعنى أن أكله
يجرب حتى لا يذكر الجسد. وهذا حديث ليس بشئ لا في إسناده ولا في
معناه ولعله يذيب الحسد فاختلط على الراوي وفسره على الغلط. والسمك لا يذيب
الجسد ولا يذهب - الجعد - [الحسد]. أما منفعته فإنه بارد رطب يخضب البدن
ويزد في الباه وإنما السمك المملوح يذهب البلغم وربما أورث الجرب. وأما الاسناد
فإن القاسم مجروح. قال أحمد بن حنبل: هو منكر الحديث حدث عنه علي بن زيد
أعاجيب وما أراها إلا من قبل القاسم. وقال ابن حبان: كان يروى عن أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم المعضلات. وأما عبد الرحمن بن مغراء قال ابن
15

المديني: ليس بشئ. وأما العلاء فقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الثقاة
لا يحل الاحتجاج به وفيه غيرهم من الضعفاء. وكلام رسول الله صلى الله عليه
وسلم يتحاشى عن مثل هذا.
باب أكل البيض والبصل لطلب الولد
أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز أنبأنا الجوهري عن أبي الحسن الدارقطني
عن أبي حاتم بن حبان حدثنا علي بن محمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن يحيى بن
ضرار المازني حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا مفضل بن فضالة عن حماد بن سلمة
عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فشكى إليه قلة الولد فأمره أن يأكل البيض والبصل ".
قال أبو حاتم: محمد بن يحيى يروى المقلوبات والملزقات لا يجوز الاحتجاج
بخبره. قال: وهذا الحديث سرقه منه جماعة فحدثوه وأدخل على أحمد بن
الأزهر عن أبي الربيع فحدث به، وأدخل على محمد بن أبي طاهر البلدي عن أبي
الربيع فحدث به. قال: والخبر لا نشك أنه موضوع لا يحل ذكر مثل
هذا في الكتب.
باب فضل الهريسة
فيه عن معاذ وحذيفة وابن عباس وجابر بن سمرة وأبي هريرة:
فأما حديث معاذ فأنبأنا عبد الوهاب أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا
يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا معاذ بن المثنى حدثنا سعيد بن المعلى حدثنا
محمد بن الحجاج عن عبد الملك بن عمر عن ربعي عن معاذ بن جبل قال: " قلت
يا رسول الله هل أتيت من الجنة بطعام؟ قال: نعم، أتيت بهريسة فأكلتها
فزادت قوتي قوة أربعين، وفى نكاحي نكاح أربعين، فكان معاذ لا يعمل
طعاما إلا بدأ بالهريسة ".
16

وأما حديث حذيفة فأنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
أخبرني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب أنبأنا عبد الله بن الحسن
ابن سليمان المقرى حدثنا محمد هارون السواق حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا محمد
ابن الحجاج عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن خراش عن حذيفة أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: " أطعمني جبريل الهريسة ليشد ظهري لقيام الليل ".
وأما حديث ابن عباس: فأنبأنا ابن خيرون أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة
ابن يوسف أنبأنا أبو أحمد الحافظ حدثنا الحسن بن أبي معشر حدثنا أيوب
الوزان حدثنا سلام بن سليمان حدثنا نهشل عن الضحاك عن ابن عباس قال قال
النبي صلى الله عليه وسلم: " أتاني جبريل بهريسة من الجنة فأكلتها فأعطيت
قوة أربعين رجلا في الجماع ".
وأما حديث جابر بن سمرة: فأنبأنا عبد الوهاب أنبأنا ابن المظفر أنبأنا
العتيقي حدثنا يوسف حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا
أبو بلال الأشعري حدثنا بسطام عن محمد بن الحجاج عن عبد الملك بن عمير
عن جابر بن سمرة وعبد الرحمن بن أبي ليلى قالا: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " أمرني جبريل بالهريسة أشد بها ظهري لصلاة الليل. وقال
أحدهما: لقيام الليل ".
وأما حديث أبي هريرة: فأنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار
أنبأنا عبد الباقي بن أحمد الواعظ أنبأنا محمد بن علان حدثنا أبو الفتح الأزدي
حدثنا عبد العزيز بن محمد بن زبالة حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفيريابي
حدثنا عمرو بن بكر عن أرطاة عن مكحول عن أبي هريرة قال: " شكا
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل قلة الجماع، فتبسم جبريل حتى تلالا
مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم من بريق ثنايا جبريل، ثم قال: أين أنت
عن أكل الهريسة فإن فيها قوة أربعين رجلا ".
17

وأما حديث يعلى: فأنبأنا القزاز أنبأنا أحمد بن علي أخبرني الأزهري
حدثنا علي بن عمر حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل الضبي حدثنا أبو الحسين
الواسطي علي بن إبراهيم بن عبد المجيد حدثنا منصور بن المهاجر البزوري حدثنا
محمد بن الحجاج اللخمي عن عبد الملك بن عمير عن يعلى بن مرة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " أمرني جبريل بأكل الهريسة، أشد بها ظهري،
وأتقوى بها على الصلاة ".
هذا حديث وضعه محمد بن الحجاج وكل الطرق تدور عليه إلا طريق ابن
عباس، فإن فيها نهشل. قال ابن راهويه: كان كذابا. وقال النسائي: متروك
الحديث. وفيها سلام. قال يحيى: ليس بشئ. وقال أحمد: منكر الحديث.
وقال البخاري والنسائي والدار قطني: متروك الحديث. وقال ابن عدى: من
حديثه حديث الهريسة.
قال المصنف قلت: فنحن نظن أن أحدهما سرقه من محمد بن الحجاج وركب
له إسنادا. وكذلك طريق أبي هريرة فإنا نرى من إبراهيم بن محمد الفيريابي
سرقه فركب له إسنادا. وقال أبو الفتح الأزدي: إبراهيم بن محمد ساقط. قال
يحيى بن معين: محمد بن الحجاج كذاب خبيث كان يحدث: " أطعمني جبريل
الهريسة " وقال العقيلي: هذا حديث باطل ليس له أصل. وقال ابن عدى: هو
حديث موضوع وضعه محمد بن الحجاج. قال ابن حبان: وكان يروى الموضوعات
عن الاثبات لا تحل الرواية عنه والاحتجاج به. وقال الدارقطني: محمد بن
الحجاج كذاب من أهل واسط وهو صاحب الهريسة. قال ابن عدى: ومنهم
محمد بن الحجاج فإنه وضع حديث المرأة التي كانت تهجر رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فلما قتلت قال: لا تنتطح فيها عنزان.
18

باب الجمع بين إدامين
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا أبو الحسين بن عبد الجبار أنبأنا أبو محمد
عبد الله بن الحسين الهمداني حدثنا الدارقطني حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر
حدثنا أحمد بن سهيل الواسطي حدثنا نعيم بن مودع حدثنا هشام بن عروة عن
عائشة قالت: " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه لبن وعسل فقال:
أشربتان في شربة وإدامان في قدح لا حاجة لي فيه، أما أنى لا أزعم أنه حرام،
ولكني أكره أن يسألني الله عز وجل عن فضول الدنيا يوم القيامة أتواضع،
فمن تواضع لله رفعه، ومن تكبر وضعه الله، ومن استغنى أغناه الله، ومن أكثر
ذكر الله أحبه الله ".
تفرد به نعيم. قال ابن عدى: كان يسرق الحديث، وعامة ما يرويه غير
محفوظ، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن حبان: يروى عن الثقاة العجائب
لا يجوز الاحتجاج به بحال.
باب مدح الحلواء
فيه عن أبي موسى وأبي هريرة وعائشة:
فأما حديث أبي موسى فأنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
ابن ثابت أخبرني الحسن بن أبي طالب حدثنا الحسين بن أحمد بن دينار حدثنا
محمد بن العباس بن سهيل البزاز حدثنا أبو هشام الرفاعي حدثنا أبو أسامة عن
بريد بن أبي بردة عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قلب المؤمن حلو يحب الحلاوة ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو بكر
الخطيب: الرجال المذكورون في إسناد هذا الحديث كلهم ثقاة غير أبى سهيل
وهو الذي وضعه وركبه على الاسناد.
19

وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا الجوهري عن الدارقطني
عن أبي حاتم حدثنا ابن قتيبة حدثنا ابن أبي السرى حدثنا فضالة بن حصين
عن محمد بن عمر وعن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " إذا وضعت الحلواء بين يدي أحدكم فليصب منها ولا يردها ".
وهذا لا يصح. قال ابن حبان: فضالة يروى عن الثقاة ما ليس من أحاديثهم.
وأما حديث عائشة: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة
أنبأنا أبو أحمد الحافظ حدثنا هبيل بن محمد حدثنا عبد الله بن عبد الجبار حدثنا
الحكم بن عبد الله حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب عن عائشة قالت: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ابتاع مملوكا فليحمد الله وليكن أول
ما يطعمه الحلواء فإنه أطيب لنفسه ".
وهذا موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به الحكم بن
عبد الله بن خطاب. قال أحمد بن حنبل: أحاديثه موضوعة، وقال أبو حاتم
الرازي: هو كذاب.
باب ذكر العسل
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم حدثنا
الحسن بن سفيان حدثنا عمرو بن هشام الحراني حدثنا عثمان بن عبد الرحمن عن علي
بن عروة عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول رحمة ترفع عن الأرض الطاعون، وأول
نعمة ترفع عن الأرض العسل ".
هذا حديث لا أصل له. قال أبو حاتم: علي بن عروة يضع الحديث، وقال
يحيى: ليس بشئ.
وقد أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا
20

حمزة بن يوسف السهمي حدثنا أبو بكر الإسماعيلي حدثني حبيب بن فهد بن
عبد العزيز البابلي حدثنا محمد بن دوسي حدثنا سليمان الأصبهاني حدثنا سحنويه
عن عاصم عن إسماعيل عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عليك بالعسل فوالذي نفسي بيده ما من
بيت فيه عسل إلا ويستغفر ملائكة ذلك البيت له، فإن شربه رجل دخل في
جوفه ألف دواء ويخرج منه ألف داء وإن مات وهو في جوفه لم تمس الناس جلده "
قال الإسماعيلي: هذا حديث منكر لم نكتبه إلا عن هذا الشيخ.
قال المصنف قلت: هذا حديث موضوع، وجمهور رواياته مجاهيل.
باب ذكر الفالوذج
أنبأنا عبد الخالق بن أحمد بن يوسف أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا
محمد بن علي بن الفتح أنبأنا أبو الحسين بن أخي ميمي أنبأنا الحسين بن صفوان
حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد القرشي حدثني إبراهيم بن سعد الجوهري حدثنا
أبو اليمان عن إسماعيل بن عياش عن محمد بن طلحة عن عثمان بن يحيى عن ابن
عباس قال: " أول ما سمعت أنا بالفالوذج أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: إن أمتك تفتح لهم الأرض ويفاض عليهم من الدنيا حتى إنهم ليأكلون
فقال: إن أمتك تفتح لهم الأرض ويفاض عليهم من الدنيا حتى إنهم ليأكلون
الفالوذج. قال النبي صلى الله عليه وسلم: وما الفالوذج؟ قال: يخلطون السمن
والعسل جميعا ".
قال المصنف قلت: وقد حدثنا بهذا الحديث المبارك بن علي الصيرفي من
طريق أبى الحسن اللبياني عن ابن أبي الدنيا فزاد فيه: " فشهق النبي صلى الله
عليه وسلم شهقة ". وأنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا
عبد الباقي بن أحمد الواعظ حدثنا محمد بن جعفر بن علان حدثنا أبو الفتح الأزدي
الحافظ أنبأنا القاسم بن إسماعيل حدثنا يحيى بن الورد حدثنا أبي حدثنا محمد بن
21

طلحة عن عثمان بن يحيى عن ابن عباس قال: " أول ما سمعت بالفالوذج أن
جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمتك ستفتح لهم الدنيا حتى إنهم
ليأكلون الفالوذج. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما الفالوذج؟ فقال:
يأخذون السمن والعسل فيخلطونه جميعا. فشهق رسول الله صلى الله عليه وسلم "
وهذا حديث باطل لا أصل له. ومحمد بن طلحة قد ضعفه يحيى بن معين.
وقال أبو كامل: ليس هو بشئ. قال أبو الفتح الأزدي: وعثمان بن يحيى الحضرمي
لا يكتب حديثه عن ابن عباس. قال النسائي: وإسماعيل بن عياش ضعيف.
قال أحمد بن حنبل: روى إسماعيل عن كل ضرب، وقال ابن حبان: لما كبر
تغير حفظه وكثر الخطأ في حديثه وهو لا يعلم حتى خرج عن حد الاحتجاج به.
باب فضل التمر البرنى
فيه عن علي وابن عمر وأبى سعيد وأبي هريرة وأنس وبريدة.
فأما حديث على فله ثلاثة طرق:
الطريق الأول: أنبأنا ابن خيرون أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل حدثنا حمزة
ابن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا علي بن إبراهيم البصري حدثنا سفيان
ابن وكيع حدثني أبي عن الأعمش عن أبي إسحاق السبيعي عن زاذان عن علي
ابن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " جاءني
جبريل - فأرى لي - [فرماني] بتمرة، فقال: ما تسمون هذه في أرضكم؟ قلت:
نسميه تمر البرنى. قال: كله فإن فيه سبع خصال: أوله يطيب المعدة، والثاني
يهضم الطعام، والثالث يزيد في الفقار - يعنى ماء الظهر - والرابع يزيد في السمع
والبصر، والخامس - يحيد - [يخبل] شيطانه، والسادس يقربه إلى الله ويباعده
من الشيطان، والسابع خير تمراتكم البرنى ".
الطريق الثاني: أنبأنا ابن خيرون أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة حدثنا
22

أبو أحمد الحافظ حدثنا محمد بن جعفر بن يزيد حدثنا حماد بن إسحاق بن إسماعيل
حدثني الفروي حدثني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب
عن أبيه عن جده عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " خير تمراتكم البرنى، يخرج الداء ولا داء فيه ".
الطريق الثالث: أنبأنا هبة الله بن أحمد الجريري أنبأنا أبو إسحاق البرمكي
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن بخيت أنبأنا هبة الله بن أحمد بن عامر حدثني أبي
حدثنا علي بن موسى الرضى حدثني أبي موسى بن جعفر حدثني أبي جعفر بن
محمد حدثني أبي محمد بن علي حدثني أبي علي بن الحسين حدثني أبي الحسين بن علي
حدثني أبي علي بن أبي طالب قال: " جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: عليكم بالبرني فإنه خير تموركم، يقرب من الله ويباعد من النار ".
وأما حديث ابن عمر فأنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة
ابن يوسف حدثنا أبو أحمد بن عدى حدثنا جعفر بن أحمد بن علي بن بيان
حدثنا أبو صالح كاتب الليث حدثنا وكيع عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر
قال: " قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد البحرين فأهدوا إليه حلة من
تمر، فقال: ما تسمون هذا؟ قالوا: هو البرنى. قال: أتاني جبريل فيه آنفا
فقال لي: يا محمد كل البرنى ومر أمتك بأكله فإن فيه سبع خصال: يهضم الطعام
وينشط الانسان، و - يحيد - [يخبل] الشيطان، ويقرب من الرحمن، ويزيد ماء
الظهر، ويذهب النسيان، ويطيب النفس، وخير تموركم البرنى ".
وأما حديث أبي سعيد فأنبأنا ابن خيرون أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة
حدثنا أبو أحمد حدثنا عبد الرحمن بن محمد القرشي حدثنا أبو قلابة حدثنا
عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله
23

عليه وسلم: " نزل على جبريل بالبرني من الجنة ".
وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل أنبأنا ابن مسعدة
أنبأنا حمزة حدثنا أبو أحمد الحافظ حدثنا ابن قتيبة حدثنا إبراهيم بن محمد الفريابي
حدثنا محمد بن بشر القاضي عن الحسين بن علوان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالتمر البرنى
فإنه يشبع الجائع ويدفئ العريان ".
وأما حديث أنس فأنبأنا عبد الوهاب أنبأنا ابن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا
أحمد بن عبد الملك حدثنا أحمد بن خالد بن خداش حدثنا ابن واقد حدثنا عثمان
ابن عبد الله العبدي عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " خير تمراتكم البرنى، يذهب الداء ولا داء فيه ".
وأما حديث بريدة فأنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة
حدثنا أبو أحمد حدثنا محمود بن محمد الواسطي حدثنا أبو بكر الأعين حدثني
أبو معمر صاحب عبد الوارث حدثنا عبد الله بن السكن حدثنا عقبة بن عبد الله
الأصم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير تمراتكم
البرنى، يذهب الداء ولا داء فيه ".
ليس في هذه الأحاديث كلها شئ يصح.
أما حديث على ففي الطريق الأول سفيان بن وكيع. قال البخاري:
يتكلمون فيه لأشياء لقنوه إياها. قال ابن عدى: كان إذا لقن يلقن. قال
وإسناد هذه الطرق باطل. وأما الطريق الثاني ففيها إسحاق الفروي وهو إسحاق
ابن عبد الله بن أبي فروة. قال أحمد: لا يحل عندي الرواية عنه. وقال يحيى:
ليس بشئ. وقال الدارقطني: متروك. وفى الطريق الثالث عبد الله بن أحمد
ابن عامر يروى عن أبيه نسخة عن أهل البيت كلها باطلة.
24

وأما حديث ابن عمر فقال ابن عدى: هو حديث موضوع، ولا نشك أن
جعفر بن بيان وضعه.
وأما حديث أبي سعيد فالمتهم به عبد الله بن إبراهيم، نسبه ابن حبان إلى
أنه كان يضع الحديث.
وأما حديث أبي هريرة فالمتهم به حسين بن علوان. قال ابن عدى وابن
حبان: كان يضع الحديث.
وأما حديث أنس فقال العقيلي: لا نعرف إلا نعمان بن عبد الله وهو مجهول.
وأما حديث بريدة ففيه عقبة بن عبد الله الأصم. قال ابن حبان: يتفرد
بالمناكير عن المشاهير حتى يشهد لها بالوضع.
باب أكل التمر على الريق
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل أنبأنا حمزة حدثنا
ابن عدى حدثنا الحسين بن محمد بن غفير أنبأنا شعيب بن سلمة حدثنا عصمة بن
محمد حدثنا موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " كلوا التمر على الريق فإنه يقتل الدود ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى بن
معين: عصمة بن محمد كذاب يضع الحديث. وقال العقيلي: حدث بالبواطيل
عن الثقاة. وقال الدارقطني: متروك.
باب أكل البلح بالتمر
أنبأنا يحيى بن الحسن بن البنا أنبأنا القاضي أبو الحسين بن المهتدى أنبأنا
أحمد بن عبد الله السرسنجردي ح. وأنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي
بن ثابت أنبأنا أبو الحسن أحمد بن عثمان بن مباح السكوني قالا أنبأنا محمد
25

ابن عبد الله بن إبراهيم الشافعي حدثنا محمد بن شداد حدثنا يحيى بن محمد بن قيس
أبو زكير حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " كلوا البلح بالتمر فإن الشيطان إذا رآه غضب وقال عاش ابن آدم
حتى أكل الجديد بالخلق ".
طريق آخر: أنبأنا عبد الأول أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الحسين القضاوي
أنبأنا أبو حامد أحمد بن محمد الهروي أنبأنا المطلب بن يوسف حدثنا عثمان بن
سعيد الدارمي حدثنا نعيم بن حماد حدثنا يحيى بن محمد بن قيس عن هشام بن
عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلوا البلح
بالتمر فإن الشيطان إذا نظر إلى ابن آدم يأكل البلح بالتمر يقول بقي ابن آدم حتى
أكل الحديث بالعتيق ".
قال الدارقطني: تفرد به أبو زكير عن هشام. قال العقيلي: لا يتابع عليه
ولا يعرف إلا به. قال ابن حبان: وهو يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل من
غير تعمد فلا يحتج به روى هذا الحديث لا أصل له من كلام رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف قلت: هذا مدح ابن حبان في يحيى، وقد أخرج عنه مسلم بن
الحجاج، ولعل الزلل كان من قبل ابن شداد. وقد قال الدارقطني: محمد بن شداد
المسمعي لا يكتب حديثه.
وأما طريق يحيى (1) بن حماد. قال يحيى بن معين: سئل عن حديثه فقال: ليس
له أصل فقيل له يرويه نعيم بن حماد فقال شبه له وقال يحيى مرة: ليس في الحديث
بشئ. وقال النسائي: ضعيف ليس بثقة. وقال الدارقطني: كثير الوهم.
باب إطعام النفساء التمر
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا الحسين بن

(1) لعله نعيم.
26

الحسن المخزومي حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا أبو عبد الله محمد بن خلف
المروزي حدثنا داود بن سليمان الجرجاني حدثنا سليمان بن عمرو عن سعد بن
طارق عن سلمة بن قيس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أطعموا
نساءكم في نفاسهن التمر، فإنه من كان طعامها في نفاسها التمر خرج ولدها ذلك
حليما، فإنه كان طعام مريم حيث ولدت عيسى، ولو علم الله طعاما كان خيرا
لها من التمر أطعمها إياه ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أحمد بن
حنبل: كان سليمان يضع الحديث. وقال يزيد بن هارون: لا يحل لاحد أن
يروى عنه. وقال النسائي والدار قطني: متروك. وقال يحيى بن معين: سليمان
وداود بن سليمان كذابان.
باب فضل الرطب
أنبأنا القزاز أنبأنا أبو بكر الخطيب حدثنا محمد بن محمد بن إبراهيم بن علان
حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد الضبعي حدثنا
محمد بن موسى الخرشى حدثنا حسان بن سياه حدثني ثابت البناني عن أنس بن
مالك قال قالت عائشة: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء
الرطب فهنيني ".
قال الدارقطني: تفرد به حسان عن ثابت. قال ابن عدى: لا يرويه عن
عن ثابت غير حسان. وقد حدث حسان بما لا يتابع عليه. قال ابن حبان:
يأتي عن الثقاة بما لا يشبه حديث الاثبات.
طريق آخر: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار حدثنا
عبد الباقي بن أحمد الواعظ أنبأنا محمد بن جعفر بن علان حدثنا أبو الفتح
الأزدي الحافظ حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الخالق حدثنا أبو جعفر
27

عبد الله بن محمد الزرقي حدثنا يحيى بن عبد الله بن ماهان حدثنا محمد بن سعيد
حدثنا مجاشع بن عمرو عن إسحاق بن عبد الله الدمشقي عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو علم الناس
وجدي بالرطب لعزوني به إذا ذهب ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تنزه رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ به الامر إلى هذا. ومن أبى بكر بن عبد الخالق
إلى يمام بين ضعيف وكذاب، وإسحاق ذاهب الحديث.
باب من لقم أخاه حلاوة
فيه عن أنس وأبي هريرة:
فأما حديث أنس فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد
الحداد أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا محمد بن عبد الله
الحضرمي حدثنا أبو بلال الأشعري حدثنا مجاشع بن عمرو عن خالد العبد عن
يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من
لقم أخاه لقمة حلاوة صرف الله عنه مرارة الموقف يوم القيامة ".
الطريق الثاني: أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر الخطيب أنبأنا
أنبأنا أبو على الحسن بن محمد بن إسماعيل البزاز حدثنا أبو القاسم بن السيوطي
الحسن بن محمد بن إسحاق قال: سمعت أبا الطيب بن الفرخان يقول: سمعت
أحمد بن عبد الجبار الصوفي يقول: " دخلت على أبي الربيع الزهراني فناولني
لقمة فالوذج. ثم قال لي: كل. ثم قال اكتب حدثني فليح بن سليمان عن الزهري
عن سالم عن أبيه عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
28

" من لقم أخاه لقمة حلو لا يرجو بها خيره ولا يخشى بها شره، لا يريد بها إلا
الله وقاه الله مرارة الموقف يوم القيامة ".
وأما حديث أبي هريرة: أنبأنا محمد بن عبد الباقي أنبأنا أبو الحسن بن
المهتدى حدثنا أبو حفص بن شاهين حدثنا عبد العزيز بن أحمد بن الفرج الغافقي
حدثنا أحمد بن خالد بن يزيد بن المغيرة حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا عبد الله
ابن المثنى البصري حدثنا فضالة بن حصين حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أطعم أخاه لقمة حلاوة
لم يذق مرارة يوم القيامة ".
هذه الأحاديث ليس فيها ما يصح.
أما حديث أنس ففي طريقه الأول يزيد الرقاشي وهو متروك. وخالد العبد
رماه الفلاس بأنه يضع الحديث. وقال الدارقطني: هو متروك الحديث.
وأما الطريق الثاني فقال أبو بكر الخطيب: الحمل فيه على ابن الفرخان وهو
ذاهب الحديث. قال وقد أباه أبو نصر أحمد بن إبراهيم المقدسي حدثنا أبو بكر
محمد بن جعفر الفقاعي حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي فنرى أن الفقاعي رواه عن
ابن الفرخان وسقط أمم ابن الفرخان من كتاب شيخنا المقدسي إلا أن في رواة
الفقاعي فليح عن الزهري عن أنس ونرى أن الاختلاف بين الاسنادين لا يمتنع
أن يكون من جهة ابن الفرخان فإنه كان يرويه عن ما يتفق له أو من جهة ابن
السيوطي فإنه كان ظاهر التخليط.
وأما حديث أبي هريرة ففيه فضالة بن حصين. قال ابن حبان: يروى
عن الثقاة ما ليس من أحاديثهم. وفيه عبد الله بن المثنى. وقد ضعفوه. وفيه
زكريا بن يحيى وهو متروك.
29

باب النهى عن أكل كل ما يشتهى
أنبأنا محمد بن عمر الأرموي وأحمد بن ظفر المغازلي قالا أنبأنا عبد الصمد
المأمون أنبأنا أبو الحسن الدارقطني ج. وأنبأنا علي بن عبد الله أنبأنا أحمد بن
محمد بن النقور أنبأنا علي بن عبد العزيز بن مزدك قالا حدثنا عبد الغافر بن
سلامة حدثنا يحيى بن عثمان حدثنا بقية حدثنا يوسف بن أبي كثير عن نوح بن
ذكوان عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من
السرف أن تأكل كل ما اشتهيت ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن حبان:
يحيى بن عثمان منكر الحديث لا يجوز الاحتجاج به. قال: ويجب التنكب
على حديث نوح.
باب ترك الطيبات
أنبأنا علي بن عبد الواحد الدينوري أنبأنا علي بن عمر القزويني أنبأنا
أبو جعفر عمر بن محمد الزيات حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية حدثنا أزهر بن
جميل حدثنا نزيع أبو الخليل الحصاف عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحرموا أنفسكم طيب الطعام فإنما
قوى الشيطان أن يجرى في العروق به ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتهم به نزيع. قال
أحمد: أحاديثه مناكير لا يتابعه عليها أحد. وقال الدارقطني: هو متروك.
باب النهى عن أكل الطين
فيه عن علي وجابر وسلمان وأبي هريرة وأنس وابن عباس والبراء وعائشة
رضي الله عنهم.
30

فأما حديث على وجابر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا جعفر بن أحمد بن علي
بن بيان حدثنا يوسف بن يعقوب بن سالم حدثنا هشام بن الحكم قال جعفر
حدثني عمى الحسن بن بيان حدثنا هشام بن سالم قالا جميعا أنبأنا جعفر بن محمد
حدثني أبي عن أبيه عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب وجابر بن
عبد الله قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله خلق آدم من طين فحرم
أكل الطين على ذريته ".
قال جعفر وحدثنا عثمان بن عيسى الطباع حدثنا طلحة بن زيد عن زرارة
ابن أعين عن جابر الجعفي عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكل الطين يورث النفاق ".
وأما حديث سلمان فأنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت أنبأنا
أحمد بن علي بن الحسين المحتسب حدثنا عبد الله بن أحمد بن يعقوب المقرى
حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن يزيد حدثنا محمد بن نوح السكرى حدثنا يحيى
ابن يزيد الأهوازي حدثنا محمد بن الزبرقان حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان
عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أكل الطين فقد
أعان على نفسه ".
وأما حديث أبي هريرة فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن
يوسف حدثنا أبو أحمد الحافظ حدثنا الحسين بن أبي معشر حدثنا المسيب بن
واضح حدثنا بقية عن عبد الملك بن مهران عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أكل الطين
فكأنما أعان على قتل نفسه ".
31

الطريق الثاني: أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا ابن المظفر أنبأنا أحمد بن محمد
حدثنا العتيقي حدثنا يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا مطين حدثنا حفص بن
عمر الحلواني حدثنا مروان بن معاوية عن سهل بن عبد الله المروزي عن عبد الملك
ابن صفوان عن ذكوان أبى سهيل عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من ولع بأكل الطين فكأنما أعان على نفسه ".
وأما حديث أنس فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل
أنبأنا حمزة حدثنا أبو أحمد الحافظ حدثنا أحمد بن عبد الله بن سالم حدثنا أبو
شهاب عبد القدوس بن عبد القاهر حدثنا علي بن عاصم عن حميد عن أنس قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أكل الطين - وفيه: فقد أكل
من لحم أبيه آدم واغتسل به ".
الطريق الثاني: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة حدثنا
ابن عدى حدثنا خالد بن غسان بن مالك حدثنا أبي حدثنا حماد بن سلمة عن
ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكل الطين حرام على
كل مسلم، ومن مات وفى قلبه مثقال ذرة من طين كبه الله على وجهه في النار ".
وأما حديث ابن عباس فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن عبد الباقي أنبأنا الجوهري أنبأنا أبو عمر بن
حيويه أنبأنا أبو عبد الله محمد بن مخلد حدثنا عاصم بن زمزم البلخي حدثنا صالح
ابن محمد الترمذي حدثنا مقاتل بن الفضل الثمالي عن مجاهد عن ابن عباس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا من أكل الطين حشا الله بطنه يوم
القيامة نارا على قدر ما أكل من الطين ".
الطريق الثاني: روى محمد بن عكاشة عن محمد بن الحسن الحمصي عن محمد
32

ابن سلمة الحراني عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " أقسم ربكم عز وجل ليعذبن آكل الطين كعذاب
شارب الخمر ".
وأما حديث البراء: روى محمد بن عكاشة عن النضر بن سهل عن إسرائيل
عن أبي المخارق عن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله ليعذب العبد على أكله الطين لما غير من جسمه ".
وأما حديث عائشة فأنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا
الحسن بن علي الجوهري أنبأنا أبو عمر بن حيويه أنبأنا أبو عبد الله بن مخلد
حدثنا حمدون بن عباد الفرغاني حدثنا يحيى بن هاشم حدثنا هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا حميراء لا تأكلي
الطين فإنه يعظم البطن ويصفر اللون ويذهب ببهاء الوجه ".
هذه الأحاديث ليس فيها شئ يصح.
أما حديث على وجابر فهما من وضع جعفر بن أحمد بن بيان. قال ابن
عدى: كان يضع الحديث.
وأما حديث سلمان فقال الدارقطني: تفرد به يحيى بن يزيد الأهوازي.
قال المصنف قلت: وهذا الرجل كالمجهول.
وأما حديث أبي هريرة ففي الطريق الأول عبد الملك بن مهران. وفى الثاني
سهل بن عبد الله. قال أبو حاتم الرازي: هما مجهولان والحديث باطل.
وأما حديث أنس ففي الطريق الأول علي بن عاصم. قال يزيد بن هارون:
ما زلنا نعرفه بالكذب، وقال يحيى: ليس بشئ. وأما الطريق الثاني ففيه خالد
بن غسان. قال ابن عدى: حدث عن أبيه بحديثين باطلين والحديثان في أكل
الطين أنه حرام على كل مسلم. وأبوه معروف لا بأس به.
33

وأما حديث ابن عباس فإن عاصم بن زمزم ومقاتل بن أبي الفضل مجهول
وأما صالح بن محمد فقال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه. وأما محمد بن عكاشة
فقال الدارقطني: يضع الحديث.
وأما حديث عائشة ففيه يحيى بن هاشم. قال أحمد: لا يكتب عنه، وقال
يحيى: هو دجال هذه الأمة، وقال ابن عدى: كان يضع الحديث. قال العقيلي:
ليس لهذا الحديث أصل ولا يحفظ من وجه يثبت. قال أحمد بن حنبل: ما أعلم
في الطين شيئا يصح، وقال مرة: ليس فيه شئ يثبت إلا أنه يضر بالبدن.
باب مدح اللبان
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا أبو أحمد بن
عدى حدثنا هنبل بن محمد حدثنا عبد الله بن عبد الجبار حدثنا الحكم بن عبد الله
حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " ست من النسيان: سور الفار، والقاء القملة وهي حية، والبول
في الماء الراكد، ومضغ العلك، وأكل التفاح، ويحل ذلك اللبان الذكر ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به الحكم.
قال أحمد بن حنبل: كل أحاديثه موضوعة، وقال أبو حاتم الرازي: هو كذاب.
باب ما يصنع م‍ ن نسي التسمية على طعامه
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا
ابن عدى حدثنا محمد بن إبراهيم بن ميمون حدثنا شريح بن يونس حدثنا على
ابن ثابت عن حمزة الضبي عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من نسي أن يسمى على طعامه فليقرأ قل هو الله أحد إذا فرغ ".
هذا حديث موضوع، والمتهم به حمزة، وهو حمزة بن أبي حمزة الجعفي
النصيبي. قال أحمد: هو مطروح الحديث، وقال يحيى: ليس بشئ لا يساوى
34

فلسا، وقال ابن عدى: يضع الحديث، وقال ابن حبان: لا يحل الرواية عنه،
وقال الدارقطني: متروك.
باب قلة الأكل
أنبأنا عبد الوهاب الحافظ أنبأنا ابن بكران حدثنا العتيقي حدثنا يوسف بن
أحمد حدثنا العقيلي حدثنا أحمد بن محمد بن صعصعة حدثنا عبد الرحمن بن صالح
الأزدي حدثنا عبد الله بن المطلب العجلي عن الحسن بن ذكوان عن يحيى بن أبي
كبير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن أهل البيت ليقل طعامهم فتستفسر بيوتهم ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أحمد بن حنبل:
الحسن بن ذكوان أحاديثه أباطيل. قال العقيلي: وعبد الله بن المطلب مجهول
وحديثه منكر غير محفوظ.
باب النهى عن النفخ في الطعام
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا محمد بن طاهر أنبأنا أبو الحسن سهل بن عبد الله
الغازي أنبأنا أبو سعيد محمد بن علي النقاش حدثنا أبو حازم محمد بن أحمد الأعرج
حدثنا علي بن عمار حدثنا عبد الله بن الحارث الصنعاني حدثنا عبد الرزاق عن
معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" النفخ في الطعام يذهب بالبركة ".
قال النقاش: وضعه عبد الله بن الحارث.
قال المصنف قلت: وقد قال ابن حبان: كان عبد الله دجالا يضع الحديث.
باب الأكل بجميع الكف
حدثت عن محمد بن الحسين بن محمد حدثنا أبي حدثنا أحمد بن جعفر بن
35

حمدان حدثنا مسبح بن أحمد حدثنا أبو إبراهيم الترجماني حدثنا إبراهيم بن
سعيد عن ابن أخي الزهري عن امرأته عن أبيها قالت " رأيته يأكل بكفه كلها
فقلت له: ألا تأكل بثلاث أصابع؟ فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل
بكفه كلها ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمرأة مجهولة،
وأبوها لا يعرف. وفى الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل
بثلاث أصابع.
باب الامر بالعشاء
أنبأنا الكروجي أنبأنا الأزدي والغورجي قالا أنبأنا ابن الجراح حدثنا
المحبوبي حدثنا الترمذي حدثنا يحيى بن موسى حدثنا محمد بن يعلى الكوفي حدثنا
عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن عبد الملك بن علاق عن أنس قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " تعشوا ولو بكف من حشف فإن ترك العشاء مهرمة "
قال الترمذي: هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وعنبسة
ضعيف في الحديث، وعبد الملك بن علاق مجهول.
قال المصنف قلت: أما عنبسة فقال يحيى: ليس بشئ، وقال النسائي:
متروك، وقال أبو حاتم الرازي: كان يضع الحديث، وقال ابن حبان: لا أصل
لهذا الحديث.
باب الأكل في السوق
فيه عن أبي هريرة وأبى أمامة.
فأما حديث أبي هريرة فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
أنبأنا حمزة بن يوسف حدثنا ابن عدى حدثنا القاسم بن زكريا أنبأنا محمد بن
36

عبيد ح. وأنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا علي بن
عمر الحربي قال قرئ على أحمد بن إبراهيم بن شاذان وأنا أسمع حدثني أبو القاسم
الحسن بن إبراهيم المكتب حدثنا محمد بن الفضل الوصيفي حدثنا سهل بن نصر
المطيحي قالا حدثنا محمد بن الفرات حدثني سعيد بن لقمان عن عبد الرحمن
الأنصاري عن أبي هريرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " الأكل
في السوق دناءة ".
الطريق الثاني: أنبأنا القزاز أنبأنا أحمد بن علي أنبأنا محمد بن علي بن يعقوب
حدثنا أبو زرعة أحمد بن الحسن الرازي حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد الصفار
حدثنا أبو بشر الهيثم بن سهل حدثنا مالك بن سعيد عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الأكل في السوق دناءة "
وأما حديث أبي أمامة فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا
حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد الحافظ سمعت عمران السختياني يقول حدثنا
سويد بن سعيد حدثنا بقية عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " الأكل في السوق دناءة ".
الطريق الثاني: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا ابن بكران أنبأنا العتيقي
أنبأنا يوسف بن الدخيل حدثنا العقيلي حدثنا أحمد بن داود حدثنا يحيى بن سليمان
لوين حدثنا بقية عن عمر بن موسى الوجيهي عن القاسم عن أبي أمامة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الأكل في السوق دناءة ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأما حديث أبي هريرة ففي طريقه الأول محمد بن الفرات. قال يحيى: ليس
بشئ، وقال أبو بكر بن أبي شيبة: كان كذابا، وقال ابن حبان: يروى
37

المعضلات عن الاثبات لا يحل الاحتجاج به. وأما الطريق الثاني فقال الدارقطني:
الهيثم بن سهل ضعيف.
وأما حديث أبي أمامة ففي طريقه القاسم وهو مجروح. قال ابن حبان:
يروى عن الصحابة المعضلات. وفى الطريق الأول جعفر. قال شعبة: كان
يكذب. وفى الثاني الوجيهي. قال يحيى: ليس بثقة، وقال النسائي والدار قطني:
متروك، وقال ابن عدى: هو في عداد من يضع الحديث متنا وإسنادا. قال
العقيلي: ولا يثبت في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ.
باب ذكر الحلال.
أنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن
يوسف حدثنا أبو أحمد بن عدى حدثنا جعفر بن سهل البالسي حدثنا أحمد بن
الفرج حدثنا يحيى بن سعيد العطار حدثنا محمد بن عبد الملك الأنصاري عن عطاء
عن ابن عباس قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحلل بالقصب
والآس، وقال إنهما يسقيان عرق الجذام ".
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر الخطيب حدثنا أحمد بن محمد العتيقي
حدثنا يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال
سألت أبى عن شيخ روى عنه يحيى بن صالح الوحاظي فقال له محمد بن عبد الملك
الأنصاري حدثنا عطاء عن ابن عباس قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يتحلل بالقصب والآس، قال إنهما يسقيان عرق الجذام " فقال أبى: قد
رأيت محمد بن عبد الملك وكان أعمى وكان يضع الحديث ويكذب، وقال النسائي
والدار قطني: هو متروك، وقال ابن حبان: لا يحل ذكره إلا بالقدح فيه.
قال العقيلي: ولا يتابع على هذا إلا من جهة هي أوهى من جهته.
قال المصنف قلت: وقد روى رقبة بن مصقلة عن أنس عن رسول الله
38

صلى الله عليه وسلم أنه قال: " حبذا المتحللون من أمتي " رقبة لم يسمع من أنس
شيئا فهو مرسل.
باب من دعى إلى طعام فلم يرده
أنبأنا الجريري أنبأنا العشاري حدثنا الدارقطني حدثنا إسماعيل بن إبراهيم
حدثنا القاسم بن نصر حدثنا عمرو بن الحصين حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة
عن كثير بن شنظير عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " إذا دعى أحدكم إلى طعام فلم يرده فلا يقل هنيئا فإن الهني لأهل الجنة،
ولكن ليقل أطعمنا الله وإياكم طيبا ".
هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيه كثير بن
شنظير. قال يحيى: ليس بشئ. وابن علاثة قال فيه ابن حبان: يروى
الموضوعات عن الثقاة لا يحل ذكره إلا على جهة القدح. وقال الدارقطني: عمرو
ابن الحصين متروك.
39

كتاب الأشربة
باب شرب الماء على الريق
أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل أنبأنا حمزة
ابن يوسف أنبأنا أبو أحمد الحافظ قال قال عمرو بن علي سمعت عاصم بن سليمان
العبدي وكان يضع الحديث ما رأيت مثله قط يحدث بأحاديث ليس لها أصول
سمعته يحدث عن هشام بن حسان عن محمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " شرب الماء على الريق يعقد الشحم ".
قال المصنف قلت: ما أخوفني أن يكون هذا الوضع قصد شين الشريعة،
وإلا فأي شئ في الماء حتى يعقد الشحم.
باب الشرب من سؤر المسلم
أنبأنا الجريري أنبأنا العشاري حدثنا الدارقطني أنبأنا أبو سعيد بن مشكان
حدثنا أحمد بن روح أنبأنا سويد بن نصر حدثنا نوح بن أبي مريم عن ابن
جريج عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من
التواضع ان يشرب الرجل من سؤر أخيه، ومن شرب من سؤر أخيه ابتغاء
وجه الله رفعت له سبعون درجة، ومحيت عنه سبعون خطية، وكتب له سبعون
حسنة ". تفرد به نوح. قال يحيى: ليس بشئ، وقال مسلم بن الحجاج
والدار قطني: متروك.
باب إثم شارب الخمر
أنبأنا أبو القاسم الجريري أنبأنا أبو طالب العشاري أنبأنا أبو الحسن
الدارقطني أنبأنا عبد الله بن محمد حدثنا منصور بن أبي مزاحم حدثنا أبو شيبة
عن الحكم عن خيثمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله
40

صلى الله عليه وسلم: " من شرب الخمر ظل يومئذ مشركا، ومن سكر منها لم
تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات مات كافرا ".
قال الدارقطني: تفرد به أبو شيبة واسمه إبراهيم بن عثمان كان شعبة يكذبه
وقال ابن المبارك: ارم به، وقال يحيى: ليس بثقة، وقال أحمد: منكر الحديث،
وقال النسائي: متروك الحديث.
وقد روى من طريق آخر: أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز أنبأنا أبو محمد
الصريفيني أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي الصيدلاني حدثنا أبو بكر
عبد الله بن محمد بن زياد حدثنا علي بن حرب حدثنا محمد بن فضيل حدثنا يزيد بن أبي
زناد عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من شرب الخمر فجعلها في بطنه لم تقبل له صلاة سبعا، فإن مات فيهن مات
كافرا، فإذا أذهبت عقله عن شئ من الفرائض لم تقبل منه صلاة أربعين يوما،
وإن مات فيها مات كافرا ".
هذا حديث لا يصح. قال على ويحيى: يزيد بن أبي زياد لا يحتج بحديثه،
وقال ابن المبارك: ارم به، وقال النسائي: متروك الحديث.
وقد روى من طريق آخر: أنبأنا أبو القاسم الجريري أنبأنا أبو طالب
العشاري حدثنا الدارقطني حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا حدثنا عباد بن يعقوب
أنبأنا عمرو بن ثابت عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة،
فإن مات منها مات كافرا ما دام في عروقه منها شئ ".
تفرد به عباد عن عمرو بن ثابت. فأما عباد فقال ابن حبان: يروى المناكير
عن المشاهير فاستحق الترك. وأما عمرو فقال يحيى: ليس بثقة ولا مأمون.
وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الاثبات. وقد روى نحوه عن إبراهيم
41

ابن عبد الله المصيصي من حديث ابن عمر. وكان المصيصي يسرق الحديث
ويسويه في حديث عطاء بن السائب من حديث ابن عمر نحوه إلا أنه لم يذكر فيه
الكفر إلا أن عطاء اختلط في آخر عمره، فقال يحيى: لا يحتج بحديثه.
حديث آخر: أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أحمد بن الحسن البيهقي أنبأنا
أبو عبد الله الحاكم أنبأنا علي بن محمد بن إسماعيل حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة
حدثنا محمد بن أيوب بن سويد الرملي حدثني أبي حدثنا الأوزاعي عن يحيى
ابن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إذا تناول العبد كأس الخمر في يده ناداه الايمان: نشدتك بالله ألا تدخله على
فإني لا أستقر أنا وهو في موضع، فإن شربه نفر منه الايمان نفرة لم يعد إليه
أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، وسلب من عقله شيئا لا يرد عليه
إلى يوم القيامة ".
قال أبو حاتم بن حبان: هذا حديث موضوع لا أصل له من كلام رسول
الله صلى الله عليه وسلم. ومحمد بن أيوب يروى الموضوع لا يحل الاحتجاج به.
قال ابن المبارك: وأما أيوب فارم به. وقال يحيى: ليس بشئ. وقال النسائي:
ليس بثقة.
حديث آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن
يوسف أنبأنا ابن عدى حدثنا مكي بن عبدان حدثنا موسى بن يزيد السلمي
حدثنا أبو مطيع حدثنا أبو الأشهب جعفر بن الحارث عن ليث عن سعيد بن
جبير عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجالسوا شربة
الخمر ولا تعودوا مرضاهم ولا تشهدوا جنائزهم، فإن شارب الخمر يحيى يوم القيامة
مسودا وجهه مدلعا لسانه على صدره يسيل لعابه على صدره يقذره كل من رآه "
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه جماعة ضعفاء،
42

منهم ليث. قال ابن حبان: اختلط في آخر عمره فكان يقلب الأسانيد ويرفع
المراسيل ويأتي عن الثقاة ما ليس من حديثهم. ومنهم جعفر بن الحارث. قال
يحيى: ليس بشئ. ومنهم أبو مطيع البلخي. قال أحمد بن حنبل: لا ينبغي
أن يروى عنه شئ. وقال يحيى: ليس بشئ.
حديث آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة
ابن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى أنبأنا أبو يعلى الموصلي حدثنا موسى بن
محمد بن حبان حدثنا عبد القدوس بن الحوارى حدثنا أبو هدبة عن الأعمش
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال]: " من فارق
الدنيا وهو سكران دخل القبر سكرانا وبعث من قبره سكرانا وأمر به إلى النار
سكرانا إلى جبل يقال له سكران فيه عين تجرى فيها القيح والدم [وهو]
طعامهم وشرابهم ما دامت السماوات والأرض ".
قال ابن عدى: هذا الحديث باطل وأبو هدبة متروك الحديث كذبه يحيى
وعلى، وقال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب.
حديث آخر: روى إبراهيم بن يزيد عن أبي الزبير عن جابر عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من شرب الخمر فقد أشرك ".
قال أحمد والنسائي: إبراهيم بن يزيد متروك، وقال يحيى: ليس بشئ.
باب من يعتقد الخمر حلالا
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا أحمد بن يوسف
أنبأنا ابن عدى حدثنا عبد الرحمن بن إسماعيل الكوفي حدثنا عبد الله بن
مسلمة البلدي حدثنا عمار بن مطر عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حمل كأس خمر فقيل له إنه حرام
فقال لا بل هو حلال مات مشركا وبانت منه امرأته ".
43

هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عدى:
عمار أحاديثه بواطيل وهو متروك الحديث.
باب شرب الدادى
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي الخطيب حدثنا أبو العلاء
الواسطي أنبأنا عبد الملك بن أحمد بن نعيم الاستراباذي حدثنا عبد الله بن عدى
حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن ابن نافع بن عمرو بن معدى كرب حدثني أبي بن
نافع قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال لعائشة حب عمل من
الهندباء. يقال له الدادى من شرب منه لم تقبل له صلاة أربعين سنة فإن تاب
تاب الله عليه ".
قال الخطيب: كل رجال إسناده ما وراء ابن عدى لا يعرف. وقال الدارقطني
إسحاق بن إبراهيم دجال.
44

كتاب اللباس
باب فضل العمائم
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا محمد بن
عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي في كتابه إلينا أنبأنا خيثمة بن سليمان حدثنا على
ابن الحسين البزاز حدثنا سعيد بن سلام حدثنا عبيد الله بن أبي حميد
عن أبي المليح عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اعتموا
تزدادوا حلما "
هذا حديث لا يصح. قال أحمد بن حنبل: سعيد بن سلام كذاب كذاب
وقال على: رميت حديثه. وقال يحيى: ليس بشئ. وقال البخاري: يذكر
بوضع الحديث. وقال الدارقطني: متروك يحدث بالأباطيل. وأما عبيد الله بن أبي
حميد فيكنى أبا الخطاب واسم أبى حميد غالب. قال أحمد والنسائي: متروك
الحديث. وقال ابن حبان: يستحق الترك وهو الذي يروى عنه البصريون
يقولون عبيد الله بن غالب حتى لا يعرف.
باب فضل السراويل
فيه عن علي وسعيد بن طريف وأبي هريرة:
فأما حديث على فأنبأنا إسماعيل بن أبي بكر المقرى أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا أبو أحمد الحافظ حدثنا أسامة بن أحمد حدثنا محمد بن
سنجر حدثنا إبراهيم بن زكريا الضرير حدثنا همام عن قتادة عن قدامة بن وبرة
عن الأصبغ بن نباتة عن علي أنه قال: " كنت قاعدا عند النبي صلى الله عليه
وسلم بالبقيع في يوم دخن ومطر فمرت امرأة على حمار ومعها مكارى فهوت يد
الحمار في وهدة من الأرض فسقطت المرأة، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم
45

عنها بوجهه. فقالوا: يا رسول الله إنها متسرولة؟ فقال: اللهم [اغفر]
للمتسرولات من أمتي، يا أيها الناس اتخذوا السراويلات فإنها من أستر ثيابكم
وحصنوا بها نساءكم إذا خرجن ".
هذا حديث موضوع والمتهم به إبراهيم بن زكريا. قال العقيلي: لا يعرف
مسندا إلا به ولا يتابع عليه. وقال ابن عدى: حدث عن الثقاة بالبواطيل.
وأما حديث سعيد بن طريف فأنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا أحمد بن علي
ابن ثابت أنبأنا البرقاني أنبأنا أبو بكر الإسماعيلي أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا
بشر بن بشار حدثنا سهل بن عبيد أبو محمد الواسطي حدثنا يوسف بن زياد
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن عن سعد بن طريف قال: " بينا أمشى مع
النبي صلى الله عليه وسلم في ناحية المدينة وامرأة على حمار يطوف بها أسود في
يوم طش إذ أتت يد الحمار على وهدة فزلق فصرعت المرأة، فصرف النبي صلى
الله عليه وسلم وجهه كراهة أن يرى منها عورة، فقلت: يا رسول الله إنها متسرولة
فقال: رحم الله المتسرولات. وقال: البسوا السراويلات، وحصنوا بها
نساءكم عند خروجهن ".
هذا حديث لا أصل له. فقد ذكره أبو بكر الخطيب وجعل سعد بن طريف
من الصحابة، وفرق بينه وبين سعد بن طريف الإسكاف، ولا أراه إلا هو
وليس في الصحابة من اسمه سعد بن طريف ويوشك أن يكون الإسكاف قد
رواه عن الأصبغ عن علي فسقط ذلك في النقل وكان الإسكاف وضاعا للحديث
بلا شك، على أن يوسف بن زياد ليس بشئ. قال الدارقطني: هو مشهور
بالأباطيل.
وأما حديث أبي هريرة: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا الجوهري عن
الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان حدثنا أبو يعلى الموصلي حدثنا عباد بن موسى
46

حدثنا يوسف بن زياد حدثنا عبد الرحمن بن زياد عن الأغر أبى مسلم عن أبي
هريرة قال: " دخلت يوما السوق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إلى
البزازين فاشترى سراويل بأربعة دراهم، وكان لأهل السوق وازن يزن فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إيزن وأرجح، فقال الوزان: إن هذه لكلمة
ما سمعتها من أحد؟ قال أبو هريرة فقلت له: كفى بك من الوهن والجفا في
دينك ألا تعرف نبيك؟ فطرح الميزان ووثب إلى [يد] النبي صلى الله عليه وسلم
يريد أن يقبلها، فجذب رسول الله صلى الله عليه وسلم يده منه، وقال: هذا إنما
تفعله الأعاجم بملوكها ولست بملك، إنما أنا رجل منكم، فوزن وأرجح، وأخذ
رسول الله صلى الله عليه وسلم السراويل. قال أبو هريرة: فذهبت أحمله عنه
فقال: صاحب الشئ أحق بشيئه أن يحمله إلا أن يكون ضعيفا يعجز عنه فيعينه
أخوه المسلم. قال قلت: يا رسول الله وإنك لتلبس السراويل؟ قال: نعم في السفر
والحضر وبالليل والنهار فإني أمرت بالتستر فلم أر شيئا أستر منه ".
هذا حديث لا يصح. قال الدارقطني: الحمل فيه على يوسف بن زياد لأنه
مشهور بالأباطيل ولم يحدث عن الإفريقي غيره. وقال ابن حبان: الإفريقي يروى
الموضوعات عن الاثبات، وضعفه يحيى.
باب لبس القباء الأسود
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا أبو الطيب
حدثنا المعافا بن زكريا حدثنا محمد بن يحيى الصولي حدثنا وكيع حدثنا محمد
ابن الحسن بن مسعود الزرقي حدثنا عمر بن عثمان حدثنا أبو سعيد العقيلي قال:
" لما قدم الرشيد المدينة أعظم أن يرقى منبر النبي صلى الله عليه وسلم في قباء
أسود ومنطقه فقال أبو البختري حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال: نزل جبريل
على النبي صلى الله عليه وسلم وعليه قباء ومنطقة محتجزا فيها بخنجر ".
47

هذا حديث [موضوع] وضعه أبو البختري، وقد أجمعوا على أنه كان
يضع الحديث.
أنبأنا القزاز أنبأنا أبو بكر الخطيب أنبأنا التنوخي حدثنا طلحة بن محمد
ابن جعفر حدثني عمر بن الحسن الأشناني حدثنا جعفر الطيالسي عن يحيى بن
معين أنه وقف على حلقة أبو البختري فإذا هو يحدث هذا الحديث عن جعفر
ابن محمد عن أبيه عن جابر فقال له: كذبت يا عدو الله على رسول الله صلى الله
عليه وسلم. قال: فأخذني الشرط. قال فقلت: هذا يزعم أن رسول رب
العالمين صلى الله عليه وسلم نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وعليه قباء. قال
فقالوا لي: هذا والله قاص كذاب وأفرجوا عنى.
روى شاه الخراساني من حديث جابر: " أتاني جبريل وعليه قباء أسود "
وشاه كان يضع الحديث.
باب لبس الصوف
أنبأنا أحمد بن أحمد المتوكلي أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا أبو بكر
أحمد بن محمد بن أبي جعفر أنبأنا أبو على عيسى بن محمد بن أحمد الطوماري
حدثنا محمد بن يونس حدثنا عبد الله بن داود التمار حدثنا إسماعيل بن عياش عن
ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الايمان في قلوبكم، وعليكم بلباس
الصوف تجدوا قلة الأكل، وعليكم بلباس الصوف تعرفونه في الآخرة، وإن
لباس الصوف يورث القلب التفكر، والتفكر يورث الحكمة، والحكمة
تجرى في الجوف مجرى الدم، فمن كثر تفكره قل طمعه وكل لسانه، ومن قل
تفكره كثر طمعه وعظم بدنه وقسى قلبه، والقلب القاسي بعيد من الله، بعيد من
الجنة، قريب من النار ".
48

هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإسماعيل بن
عياش ضعيف، قاله النسائي. قال ابن حبان: لا يحتج به ولا بعبد الله بن
داود. قال: والكديمي يضع الحديث ح. وأنبأنا محمد بن عبد الباقي عن ابن
محمد التميمي عن أبي عبد الرحمن السلمي حدثنا عبد الله بن أحمد بن جعفر
حدثنا أحمد بن علي بن رزين حدثنا أحمد بن عبد الله الجويباري حدثنا مسلم
ابن سالم عن عباد بن كثير عن مالك بن دينار عن الحسن عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من سره أن يجلس مع الله فليجلس مع
أهل الصوف ".
هذا موضوع والمتهم به الجويباري وقد بينا في مواضع أنه كذاب وضاع
وقد روى سليمان بن أرقم عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي
صلى الله عليه وسلم: " من سره أن يجد حلاوة الايمان فليلبس الصوف "
وسليمان تركوه.
باب لبس المرقع من الصوف
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزاز أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي أنبأنا
المنصور بن ربيعة بن أحمد الدينوري حدثنا عبد الرحمن بن محمد الصومعي حدثنا
علي بن محمد بن أحمد البخاري حدثنا أبو زرعة محمد بن علي بن محمد حدثنا أبو
عمرو سعيد بن القاسم بن العلاء البردعي حدثنا فارس بن محمد بن علي حدثنا يحيى
ابن خالد المهلبي حدثنا سعدان عن مقاتل بن سليمان عن عطاء عن ابن عباس
قال: " مات النبي صلى الله عليه وسلم في الصوف وعليه إحدى عشرة رقعة بعضها
من أدم، ومات أبو بكر الصديق رضي الله عنه في الصوف وعليه اثنا عشرة
رقعة بعضها من أدم، ومات عمر بن الخطاب وعليه ثلاث عشرة رقعة بعضها
من أدم ".
49

هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى إسناده
مجاهيل وكذابون، فهناد من الضعفاء المتهمين، ومقاتل من الكذابين.
قال النسائي: كان مقاتل يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بين
الرجلين مجهول.
حديث آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة حدثنا
أبو أحمد بن عدى حدثنا أحمد بن علي المدائني حدثنا بحر بن نصر قال قرئ
على أسد بن موسى حدثك سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب
عن الأعرج عن أبي هريرة وحدثك سليمان عن صالح بن كيسان عن أبي هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من سره أن يجد حلاوة الايمان فليلبس
الصوف وليعتقل بثيابه ".
هذا حديث موضوع. قال أحمد: سليمان ليس بشئ لا يروى عنه الحديث،
وقال يحيى: لا يساوى فلسا، وقال النسائي وأبو داود: متروك، وقال ابن حبان:
يروى عن الثقاة الموضوعات.
باب صفة لباس الملائكة
أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا موسى بن عمران
الجرجاني حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي إسرائيل حدثنا الفضل بن حرب
البجلي حدثنا عبد الرحمن بن بديلة عن أبيه عن أنس بن مالك قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " يا أنس لباس الملائكة إلى أنصاف سوقها ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى: عبد
الرحمن بن بديل ضعيف، وقال ابن حبان: يروى عن الثقاة ما ليس يشبه
حديث الاثبات. قال العقيلي: وحديث الفضل بن حرب غير محفوظ.
50

باب ذم من كان ثوبه خيرا من عمله
أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا ابن بكران أنبأنا العتيقي حدثنا يوسف بن أحمد
حدثنا العقيلي حدثنا يحيى بن عثمان حدثنا أبو صالح كاتب الليث حدثنا سليم بن
عيسى أبو يحيى عن سفيان الثوري عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أبغض العباد إلى الله
من كان ثوباه خيرا من عمله، يكون ثيابه ثياب الأغنياء وعمله عمل الجبارين ".
هذا حديث موضوع. قال العقيلي: سليم مجهول في النقل حديثه منكر
عن الثوري غير محفوظ، وفى الاسناد كاتب الليث. قال أحمد بن حنبل:
ليس بشئ.
51

كتاب الزينة
باب الاخذ من الشارب
حدثت عن عبد الواحد بن محمد بن جابان الواعظ أنبأنا عبد الوهاب بن
محمد بن الفضل بن علوية حدثنا أحمد بن جعفر عن جده عن محمد بن إبراهيم
العباداني عن الحسن بن علي عن بشر بن السرى عن الهيثم عن حماد بن زيد
عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من طول شاربه في دار
الدنيا طول ندامته يوم القيامة، وسلط الله عليه بكل شعرة على شاربه سبعين
شيطانا، فإن مات على ذلك الحال لا تستجاب له دعوة ولا تنزل عليه رحمة. ومن
قص شاربه فله بكل شعرة من الثواب ألف مدينة من در وياقوت في كل مدينة
ألف قصر ". وذكر حديثا طويلا في الترغيب والترهيب في ذلك، وهو من
أنتن الوضع وأسمجه. ولولا حماقة من وضع هذا وأنه ما شم ريح العلم لعلم أن
غاية ما في تطويل الشارب مخالفة سنة لا يصلح التواعد عليها بمثل هذا. والمتهم به
ابن جابان، وقد خلط في الاسناد كما رأيت وأتى بجماعة مجهولين.
باب الاخذ من طول اللحية
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت أنبأنا علي بن المحسن حدثنا
أبو غانم محمد بن يوسف الأزرق حدثنا محمد بن مخلد العطار حدثنا أحمد بن الوليد
وإبراهيم بن الهيثم البلدي قالا حدثنا أبو اليمان حدثنا عفير بن معدان عن عطاء
عن سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يأخذ أحدكم من طول
لحيته ولكن من الصدغين ".
قال ابن مخلد: هذا أحمد بن الوليد لا يساوى فلسا، وقال ابن عدى: إبراهيم
ابن الهيثم كذبه الناس.
52

باب قص الشارب في أيام الأسبوع
أنبأنا المبارك بن علي الصدفي أنبأنا سعد الله بن علي بن أيوب أنبأنا هناد
ابن إبراهيم أنبأنا إسماعيل بن محمد بن علي البخاري حدثنا محمد بن نصر بن خلف
حدثنا سيف بن حفص السمرقندي حدثنا علي بن الحسين حدثنا الحسن بن شبل
أنبأنا الفضل بن خالد النحوي عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم عن عطاء عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قلم أظفاره يوم السبت
خرج منه الداء ودخل فيه الشفاء، ومن قلم أظفاره يوم الأحد خرجت منه الفاقة
ودخل فيه الغنى، ومن قلم أظفاره يوم الاثنين خرجت منه العلة ودخلت فيه
الصحة، ومن قلم أظفاره يوم الثلاثاء خرج منه البرص ودخل فيه العافية، ومن
قلم أظفاره يوم الأربعاء خرج الوسواس والخوف ودخل فيه الامن والصحة،
ومن قلم أظفاره يوم الخميس خرج منه الجذام ودخل فيه العافية، ومن قلم أظفاره
يوم الجمعة دخلت فيه الرحمة وخرج منه الذنوب ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أقبح
الموضوعات وأبردها، وفيه مجهولون وضعفاء، ففي أوله هناد ولا يوثق، وفى آخره
نوح، قال يحيى: ليس بشئ ولا يكتب حديثه، وقال السعدي: سقط حديثه،
وقال الدارقطني: (1)
باب تسريح الرأس واللحية كل ليلة
أنبأنا عبد الأول بن عيسى أنبأنا عبد الله بن محمد الأنصاري أنبأنا محمد بن
عبد الله بن إبراهيم الشيرازي أن محمد بن عبد الله شيرونه حدثه حدثنا محمد بن
المسيب الأرغياني حدثنا الفضل بن نصير الفارسي حدثنا حسان بن غالب حدثني
مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي بن كعب قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سرح رأسه ولحيته بالمشط في كل ليلة

(1) هي كذلك بالأصل والكلام منقطع.
53

عوفي من أنواع البلاء ويزيد في عمره " هذا حديث موضوع، والبلاء فيه من
حسان بن غالب المصري. قال أبو حاتم بن حبان: كان يروى عن الثقاة الملزقات
لا يحل الاحتجاج به بحال. قال: ومما روى هذا الحديث.
باب ذم الامتشاط قائما
أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن
يوسف أنبأنا أبو أحمد الحافظ حدثنا أحمد بن حفص حدثنا أحمد بن بهرام
حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي عن أبي البختري عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من امتشط قائما ركبه الدين "
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى إسناده
الهروي وهو الجويباري، وأبو البختري وهو وهب بن وهب، وهما كذابان
وضاعان الحديث.
باب تسريح الحاجبين
أنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا أبو محمد الجوهري عن الدارقطني عن أبي
حاتم البستي حدثنا سليمان بن محمد الخزاعي حدثنا هشام عن خالد الأزرق حدثنا
بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " من أدمن على حاجبيه بالمشط عوفي من البلاء ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو حاتم
البستي: كان بقية مدلسا وسمع من كذابين يروى عن الثقاة بالتدليس ما سمع من
الضعفاء، وامتحن بتلامذته، فكانوا يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوونه،
فيشبه أن يكون بقية سمع هذا الحديث من انسان ضعيف فدلس عنه فالتزق
ذلك. قال: وهذا موضوع.
54

باب النهى عن الخضاب بالسواد
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا عبد الصمد بن المأمون أنبأنا ابن ناجية
حدثنا البغوي حدثنا هاشم بن الحارث الرمادي حدثنا عبد الله بن عمرو عن
عبد الكريم عن ابن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بهذا السواد كحواصل الحمام لا يريحون
رائحة الجنة ". قال البغوي: حدثنا عبد الجبار بن عاصم حدثنا عبيد الله بإسناده
نحوه عن ابن عباس ولم يرفعه.
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به عبد الكريم
ابن أبي المخارق أبو أمية البصري. قال أيوب السختياني: والله إنه لغير ثقة،
وقال يحيى: ليس بشئ، وقال أحمد بن حنبل: ليس بشئ يشبه المتروك،
وقال الدارقطني: متروك.
واعلم أنه قد خضب جماعة من الصحابة بالسواد منهم الحسن والحسين وسعد
ابن أبي وقاص وخلق كثير من التابعين، وإنما كرهه قوم لما فيه من التدليس
فأما أن يرتقى إلى درجة التحريم إذ لم يدلس فيجب فيه هذا الوعيد، فلم يقل
بذلك أحد، ثم نقول على تقدير الصحة: يحتمل أن يكون المعنى لا يريحون رائحة
الجنة لفعل يصدر منهم أو اعتقاد، لا لعلة الخضاب، ويكون الخضاب سيماهم،
فعرفهم بالسيما كما قال في الخوارج: سيماهم التحليق، وإن كان تحليق الشعر
ليس بحرام.
باب في الحناء
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب أنبأنا الحسن
ابن أبي بكر حدثنا محمد بن عبد الله الشافعي حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن
عبدة النيسابوري حدثنا أبو بشر يونس بن حبيب حدثنا بكر بن بكار حدثنا
55

شعبة عن قتادة عن عكرمة عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
سيد ريحان الجنة الحناء " قال الخطيب: تفرد بروايته بكر بن بكار عن شعبة.
قال يحيى بن معين: بكر بن بكار ليس بشئ.
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زهراء أنبأنا
القاضي أبو الحسن محمد بن علي بن صخر الأزدي حدثنا عمر بن محمد بن سيف
حدثنا عبيد الله بن عبد الله حدثنا داود بن صغير حدثنا أبو عبد الرحمن النواء
عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما مات مخضوب
ولا دخل القبر إلا ومنكر ونكير لا يسألانه، يقول منكر: يا نكير سائله،
قال: كيف أسائله ونور الاسلام عليه ".
قال القاضي: وحدثنا أبو محمد إسماعيل بن عمران أنبأنا الحسن بن الفرج
حدثنا محمد بن حاتم يحيى بن شبيب حدثنا دينار عن أنس أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " الحناء سنة الله وسنة رسوله، يسبح الحناء على الرجل والمرأة
والصبى، وركعتان في الحناء تعدل أربعا وعشرين، وإذا ما تدلى الرجل في القبر
يدخل عليه منكر ونكير، يقول أحدهما لصاحبه: سله، فيقول: كيف أسأله
ومعه حجة الاسلام - يعنى الخضاب - ".
وهذان حديثان لا يثبتان. قال الدارقطني: داود بن صغير منكر الحديث،
وقال يحيى بن معين: يحيى بن شبيب كذاب. قال ابن حبان: ودينار يروى
عن أنس أشياء موضوعة لا يحل ذكره في الكتب إلا بالقدح فيه. وقد رويت
أحاديث في فضائل الحناء ليس فيها شئ صحيح.
باب التختم بالعقيق
فيه عن علي وفاطمة وعائشة وأنس رضي الله عنهم:
فأما حديث علي رضي الله عنه فأنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا
56

أبو الحسن بن النقور أنبأنا أبو عبد الله بن الحسين بن هارون الضبي قال
وجدت في كتاب حدثني أبو سعيد الحسن بن علي في منزلي حدثنا صهيب بن
عباد حدثنا أبو بكر الأزرقي حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه
علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي عليه السلام قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تختم بالعقيق ونقش عليه: وما توفيقي إلا بالله
وفقه الله لكل خير وأحبه الملكان الموكلان به ".
وأما حديث فاطمة: أنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا أبو محمد الجوهري عن علي
بن عمر الحافظ عن أبي حاتم البستي حدثنا محمد بن جعفر البغدادي حدثنا
أحمد بن يحيى بن خالد حدثنا زهير بن عباد حدثنا أبو بكر بن شعيب عن مالك
عن الزهري عن عمرو بن الشريد عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " من تختم بالعقيق لم يزل يرى خيرا ".
وأما حديث عائشة فله ثلاثة طرق:
الطريق الأول: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي حدثنا ابن
بكير حدثنا عمر بن إبراهيم بن أحمد العطار حدثنا هارون بن الحسين النجاد
حدثنا محمود بن خداش حدثنا يعقوب بن الوليد المدني عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تختموا بالعقيق
فإنه مبارك ".
الطريق الثاني: أنبأنا أبو المعمر الأنصاري أنبأنا عبد الله بن أحمد السمرقندي
أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ أنبأنا أبو طالب يحيى بن علي الدسكري
أنبأنا أبو بكر بن المقرى حدثنا ابن قتيبة حدثنا محمد بن أيوب بن سويد حدثني أبي
حدثني نوفل بن الفرات عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: " أتى ببعض
بنى جعفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله
57

أرسل معي من يشترى لي نعلا وخاتما، فدعا له بلال بن رباح فقال: انطلق
إلى السوق فاشتر لها نعلا واستحدها ولا تكن سوداء، واشتر لها خاتما وليكن
فصه عقيقا فإنه من تختم بالعقيق لم يقض له إلا بالذي هو أسعد ".
الطريق الثالث: أنبأنا المحمدان ابن ناصر وابن عبد الباقي قالا أنبأنا حمد بن
أحمد أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا محمد بن علي حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة
حدثنا عبيد بن الغازي حدثنا سلم الزاهد حدثنا القاسم بن معن عن أخته آمنة
بنت معن عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " أكثر خرز أهل الجنة العقيق ".
وأما حديث أنس فروى أبو أحمد بن عدى حدثنا عيسى بن محمد البغدادي
حدثنا الحسين بن إبراهيم البابي حدثنا حميد الطويل عن أنس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " تختموا بالعقيق فإنه ينفى الفقر ".
هذه الأحاديث كلها ليس فيها ما يصح.
أما حديث على فهو [من] عمل أبى سعيد الحسن بن علي.
وأما حديث فاطمة ففي إسناده أبو بكر بن شعيب ولا نعرف اسمه. قال
ابن حبان: يروى عن مالك ما ليس من حديثه لا يحل الاحتجاج به.
وأما حديث عائشة ففي الطريق الأول يعقوب بن الوليد. قال أحمد بن
حنبل: هو من الكذابين الكبار كان يضع الحديث، وقال يحيى: ليس بشئ،
وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقاة. قال ابن عدى: هذا الحديث
يعرف بيعقوب بن إبراهيم الزهري، سرقه منه يعقوب بن الوليد، ويعقوب بن
إبراهيم ليس بالمعروف. وفى الطريق الثاني محمد بن أيوب. قال ابن حبان:
يروى الموضوع لا يحل الاحتجاج به. فأما أبوه أيوب فقال ابن المبارك: ارم به،
وقال يحيى: ليس بشئ، وقال النسائي: ليس بثقة. وفى الطريق الثالث سلم بن
58

سالم كذاب كان ابن المبارك يكذبه، وقال أبو زرعة: لا يكتب حديثه، وقال
السعدي: غير ثقة، وقال ابن حبان: روى عن القاسم ما ليس من حديثه
لا يحل ذكره إلا اعتبارا.
وأما حديث أنس فقال ابن عدى: هو حديث باطل. والحسن بن إبراهيم
مجهول. قال العقيلي: ولا يثبت في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ.
وقد ذكر حمزة بن الحسن الأصبهاني في كتاب التنبيه على حدوث التصحيف
قال: كثير من رواة الحديث يروون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تختموا
بالعقيق، وهو اسم واد بظاهر المدينة.
قال المصنف قلت: وهذا بعيد، وقائل هذا أحق أن ينسب إليه التصحيف
لما ذكرنا في طريق هذا الحديث.
باب التختم بالياقوت
فيه عن ابن عباس وأنس:
فأما حديث ابن عباس: أنبأنا محمد بن علي النرسي حدثنا علي بن المحسن
التنوخي حدثنا محمد بن عبد الله الشيباني حدثني إبراهيم بن محمد بن عرعرة
الشامي حدثنا أحمد بن سليمان بن أبي شيخ الواسطي حدثني أبي حدثنا حجر بن
عبد الجبار الحضرمي عن تميم بن النعمان عن المنصور أبى جعفر عن أبيه عن جده
عن عبد الله بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تختموا
بالياقوت فإنه ينفى الفقر ".
وأما حديث أنس فأنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي أنبأنا إسماعيل بن أبي
الفضل أنبأنا حمزة بن يوسف حدثنا أبو أحمد بن عدى أنبأنا الحسن بن
شقيق حدثنا أحمد بن عبد الله بن حكيم الفرياباني حدثنا أنس بن عياض عن
59

حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من اتخذ خاتما فصه ياقوت
نفى الله عنه الفقر ".
هذان حديثان لا أصل لهما.
أما حديث ابن عباس ففيه محمد بن عبد الله الشيباني. قال أبو بكر الخطيب:
كان يضع الحديث. قال الأزهري: كان دجالا.
وأما حديث أنس فقال ابن حبان: هذا خبر باطل ما قاله أنس ولا رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولا حدث به حميد، وأحمد بن عبد الله الفرياباني كان يروى
عن الثقات ما ليس من أحاديثهم.
60

كتاب الطيب
باب في فضل النرجس
أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز أنبأنا هناد بن إبراهيم أنبأنا زيد بن سعد
ابن محمد الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن عبد العزيز البصري حدثنا القاضي
أبو الحسن علي بن الحسن الشافعي حدثنا أبو عمر محمد بن يوسف القاضي حدثنا
إسماعيل بن إسحاق حدثنا محمد بن مسلمة حدثنا مالك بن أنس حدثنا ربيعة
حدثنا شريح حدثنا علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" شموا النرجس ولو في اليوم مرة، ولو في الشهر مرة، ولو في السنة مرة،
ولو في الدهر مرة، فإن في القلب حبة من الجنون والجذام والبرص لا يقطعها
إلا شم النرجس ".
هذا حديث موضوع. ومحمد بن مسلمة قد ضعفه اللالكاني، وأبو محمد الخلال
جدا. وهناد ضعيف ولا أصل للحديث.
باب فضل الورد الأحمر والأصفر
فيه عن علي وأنس وجابر وعائشة:
فأما حديث علي عليه السلام: أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا إسماعيل
بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف حدثنا ابن عدى حدثنا الحسن بن علي العدوي
حدثنا محمد بن صدقة العنبري ومحمد بن تميم وإبراهيم بن موسى قالوا حدثنا موسى
ابن جعفر عن أبيه جعفر عن أبيه محمد عن أبيه على عن أبيه الحسين عن أبيه
علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليلة
أسرى بي إلى السماء سقط إلى الأرض من عرقي فنبت منه الورد، فمن أحب
أن يشتم رائحتي فليشتم الورد ".
61

وأما حديث أنس فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا عبد المحسن بن محمد بن علي أنبأنا
أحمد بن عمر بن روح النهرواني أنبأنا القاضي أبو الفرج المعافا بن زكريا حدثنا
الليث بن محمد بن الليث المروزي حدثنا أبو الحسن صعصعة بن الحسين الرقي
حدثني محمد بن عنبسة بن حماد حدثنا أبي عن جعفر بن سليمان عن مالك بن
دينار عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما عرج بي
إلى السماء بكت الأرض من بعدي فنبت اللصف من مائها، فلما أن رجعت
قطر من عرقي على الأرض نبت ورد أحمر، ألا من أراد أن يشتم رائحتي فليشتم
الورد الأحمر ". قال القاضي: اللصف: الكبر.
الطريق الثاني: رواه أبو الحسين بن فارس في كتاب الريحان والراح. قال
حدثنا مكي بن بندار حدثنا الحسن بن علي بن عبد الواحد ببيت المقدس حدثنا
هشام بن عمار حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " الورد الأحمر خلق من عرق ليلة المعراج، وخلق الورد
الأحمر من عرق جبريل عليه السلام، وخلق الورد الأصفر من عرق البراق ".
وأما حديث جابر رواه أحمد بن يحيى بن حمزة من حديث جابر قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أراد أن يشم رائحتي فليشم رائحة الورد ".
وجابر المتهم به. قال الدارقطني: متروك.
وأما حديث عائشة فذكر أبو الحسين بن فارس في هذا الكتاب، قال روى
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أراد أن يشتم رائحتي فليشتم الورد الأحمر ".
هذه الأحاديث كلها محال.
أما حديث علي عليه السلام فموضوع على أهل البيت. ومحمد بن صدقة
62

وإبراهيم بن موسى ومحمد بن تميم لا يعرفون، والمتهم به العدوي لأنه معروف
بوضع الحديث.
وأما حديث أنس فالطريق الأول فيه مجاهيل لا يعرفون، والطريق الثاني
يتهم به المقدسي فإنه شئ ما رواه مالك ولا الزهري ولا أنس.
وكذلك حديث عائشة ما رواه هشام قط. قال محمد بن ناصر: لا أصل
لهذا الحديث.
باب فضل المرزنجوش
فيه عن ابن عباس وأنس:
فأما حديث ابن عباس فأنبأنا عبد الوهاب الحافظ أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا
العتيقي أنبأنا يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن
السمناني حدثنا مهدى بن علي القومسي حدثنا الخضر بن سلام حدثنا يحيى بن
عباد البصري عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: " كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم جالسا فجاء رجل في يده حزمة ريحان فلم يمسها، ثم
جاء رجل آخر بحزمة مرزنجوش فطرحها بين يديه، فمد رسول الله صلى الله
عليه وسلم يده فتناوله ثم شمه، ثم قال: نعم الريحان ينبت تحت العرش وماؤه
شفاء من العين ".
وأما حديث أنس فأنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن
ثابت أنبأنا الحسن بن الحسين بن العباس النعالي أنبأنا أحمد بن عبد الله الذارع
حدثنا حميد بن الربيع السمرقندي حدثنا قتيبة حدثنا مالك عن حميد عن أنس
قال: " أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم رياحين شتى فرد سائرهن واختار
المرزنجوش، فقلت: يا رسول الله رددت سائر الرياحين واخترت المرزنجوش.
63

فقال: ليلة أسرى بي إلى السماء رأيت المرزنجوش نابتا تحت العرش ".
هذان حديثان موضوعان.
أما الأول قال العقيلي: هو حديث باطل لا أصل له. قال: ويحيى بن عباد
يدلك حديثه على الكذب.
وأما الثاني فقال أبو بكر الخطيب: هو موضوع المتن والاسناد، وحميد
ابن الربيع فيه مجهول، وأحمد بن نصر الذارع غير ثقة.
قال المصنف قلت: قد قال يحيى بن معين: حميد بن الربيع كذاب. وقد
روى بإسناد مجهول عن حميد عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال: " إن في الجنة نبتا من مرزنجوش " وهذا الحديث لا أصل له.
باب فضل دهن البنفسج
فيه عن علي والحسين وأبى سعيد وأبي هريرة:
أما حديث علي عليه السلام فأنبأنا هبة الله بن أحمد الجريري أنبأنا إبراهيم
ابن عمر البرمكي حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن خلف بن بخيت حدثنا
عبد الله بن أحمد بن عامر حدثني أبي حدثنا موسى بن جعفر حدثني أبي جعفر
ابن محمد قال: " دعا لي محمد بن علي بدهن لأدهن وقال لي ادهن، فقلت: قد
ادهنت. قال: إن البنفسج. قلت: وما فضل البنفسج؟ قال حدثني أبي على
ابن الحسين حدثني أبي الحسين بن علي حدثني أبي علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل البنفسج على سائر الادهان
كفضل الاسلام على سائر الأديان ".
وأما حديث الحسين فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا أبو على محمد بن محمد بن المهدى
64

حدثنا عبيد الله بن عمر بن شاهين ح. وأنبأنا محمد بن عبد الباقي أنبأنا أحمد بن
أحمد الحداد أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله قالا حدثنا أبو بحر محمد بن الحسن
ابن كوثر حدثنا محمد بن يونس الشامي حدثنا إبراهيم بن الحسن العلاف حدثنا
عمر بن حفص المازني عن بشر بن عبد الله عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده
الحسين بن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " فضل البنفسج
على الادهان كفضل الاسلام على سائر الأديان ".
الطريق الثاني: أنبأنا سعيد بن أحمد بن الحسن بن الحبناء أنبأنا أبو نصر
محمد بن محمد الزبيبي أنبأنا محمد بن عمر بن علي بن خلف حدثنا محمد بن السرى
حدثنا الكديمي حدثنا إبراهيم بن الحسن بن محمد عن أبيه عن جده الحسين بن علي
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " فضل البنفسج على
سائر الادهان كفضل الاسلام على سائر الأديان ".
وأما حديث أبي سعيد فأنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا الجوهري عن
الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان حدثنا جعفر بن أحمد أنبأنا عثمان بن عبيد الله
القرشي عن مسلم بن خالد الزنجي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبي سعيد قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فضل دهن البنفسج على سائر الادهان
كفضلي على سائر الخلق، بارد في الصيف، حار في الشتاء ".
وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن
ثابت أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا إدريس
ابن جعفر عن يزيد العطار حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد حدثنا محمد بن عمرو
عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن فضل
البنفسج على سائر الادهان كفضلي على سائر الأديان ".
وأما حديث أنس: فأنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن
65

على أنبأنا القاضي أبو العلا الواسطي حدثنا علي بن محمد بن عبد الله السرى
حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فضل البنفسج على سائر الادهان كفضلي
على سائر الناس ".
هذه الأحاديث كلها موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حديث على فالحمل فيه على أحمد بن عامر وابنه، فإنهما رويا
أحاديث كثيرة منكرة، وأكثرها نسخة عن أهل البيت ليس فيها شئ له
أصل، وقد رواه أبو الحسن محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي عن موسى بن
إسماعيل بن موسى عن أبيه عن جده إلى أن ينتهى إلى على عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: " فضلنا الله أهل البيت على الناس كفضل البنفسج على
سائر الادهان ".
قال ابن عدى: أبو الحسن الكوفي متهم بهذا الحديث.
قال المصنف قلت: قد كتبنا هذا الحديث من طريق آخر عن علي في باب
البقل، وقد تقدم.
وأما حديث الحسين ففي الطريق الأول عمر بن حفص. قال أحمد:
خرقنا حديثه. وقال يحيى: ليس بشئ. وقال النسائي: متروك الحديث.
وفيه محمد ابن يونس وهو الكديمي وهو في الطريق الثاني. قال ابن حبان:
كان يضع الحديث.
وأما حديث أبي سعيد ففيه عثمان بن عبد الله. قال ابن حبان: كان يضع
الحديث على الثقاة لا يحل كتب حديثه إلا على الاعتبار. وقال ابن عدى: له
أحاديث موضوعة.
وأما حديث أبي هريرة ففيه إدريس بن جعفر. قال الدارقطني: وهو متروك.
66

وأما حديث أنس ففيه الحسن بن أحمد الحربي. قال أبو بكر الخطيب:
وهو شيخ مجهول والحديث منكر.
باب دهن البان
أنبأنا إسماعيل أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد
الحافظ حدثنا أبو سعيد العدوي حدثنا محمد بن تميم النهشلي ومحمد بن صدقة
وإبراهيم بن سليمان قالوا حدثنا موسى بن جعفر عن أبيه جعفر عن أبيه محمد
ابن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي رضي الله عنه
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ادهنوا بالبان فإنه أحظى
لكم عند نسائكم ".
قال ابن عدى: هذا حديث موضوع على أهل البيت. ومحمد بن تميم ومحمد
ابن صدقة وإبراهيم بن سليمان لا يعرفون، وكان العدوي يضع الحديث.
67

كتاب النوم
باب ذم كثرة النوم
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي أنبأنا
يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن غياث بن المرقع حدثنا سنيد بن
داود حدثنا يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد الله عن
النبي صلى الله عليه وسلم " قالت أم سليمان بن داود النبي صلى الله عليه وسلم
لسليمان بن داود: يا بنى لا تكثر النوم بالليل فإن كثرة النوم تدع الرجل فقيرا
يوم القيامة ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويوسف لا يتابع
على حديثه. قال الدارقطني: يوسف ضعيف. وقال ابن حماد: متروك.
باب نوم الصبحة
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا ابن عدى حدثنا الحسين بن أحمد بن منصور حدثني يحيى بن عثمان
حدثنا إسماعيل بن عياش عن ابن أبي فروة عن محمد بن يوسف عن عمرو
بن عثمان بن عفان عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصبحة
تمنع الرزق ".
هذا حديث لا يصح. وابن أبي فروة اسمه إسحاق. قال أحمد: لا تحل عندي
الرواية عنه. وقال يحيى: ليس بشئ. وقال الدارقطني: متروك.
باب النوم بعد العصر
أنبأنا ابن خيرون أنبأنا الجوهري عن أبي الحسن الدارقطني عن أبي حاتم
البستي حدثنا أحمد بن يحيى بن زهير حدثنا عيسى بن أبي حرب الصفار حدثنا
68

خالد بن القاسم عن الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من نام بعد العصر فاختلس عقله
فلا يلومن إلا نفسه ".
هذا حديث لا يصح. قال ابن راهويه والسعدني: خالد بن القاسم كذاب.
وقال البخاري والنسائي: متروك. وقال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه.
قال المصنف قلت: إنما هذا حديث ابن لهيعة فأخذه خالد فنسبه إلى الليث.
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا ابن عدى
حدثنا محمد بن أحمد بن المؤمل حدثنا محمد بن جعفر حدثنا منصور بن عمار
حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه ".
وابن لهيعة ذاهب الحديث ويدل على أنه ليس من حديث الليث أن الليث
قيل له: تنام بعد العصر. وقد روى ابن لهيعة كذا؟ فقال: لا أدع ما ينفعني
لحديث ابن لهيعة.
باب النهى عن النوم بعد الطعام
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل أنبأنا
حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا الفضل بن حرب حدثنا
عبد الرحمن بن المبارك حدثنا بزيع أبو الخليل حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أذيبوا طعامكم بذكر
الله عز وجل والصلاة ولا تناموا عليه فتقسو له قلوبكم ".
طريق آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة
ابن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا بشر بن أنس أبو الخير حدثنا
أبو الأشعث حدثنا أصرم بن حوشب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
69

قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أذيبوا طعامكم بالصلاة ولا تناموا
عليه فتقسو قلوبكم ".
طريق ثالث: أنبأنا إسماعيل ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا ابن عدى
حدثنا جعفر بن أحمد بن بهمود حدثنا أبو الأشعث حدثنا أصرم بن حوشب
حدثنا عبد الله بن إبراهيم أبو على - الساى - [النيسابوري] عن هشام بن عروة
عن أبيه، فذكر نحو الطريق الذي قبله.
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عدى:
هو معروف بزيع فلعل أصرم سرقه منه، وأحاديث بزيع كلها مناكير لا يتابعه
عليها أحد. وقال الدارقطني: هو متروك. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث
على الثقاة.
باب التهى أن يقص المنام على النساء
أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا ابن المظفر أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف بن أحمد
حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن سنان - الشيزرى - [الشيرازي] حدثنا موسى
ابن أيوب المصفى حدثنا عبد الملك بن مهران عن عبد الوارث عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة قالت: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقتص الرؤيا
على النساء ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال العقيلي: عبد
الملك بن مهران صاحب مناكير يغلب على حديثه الوهم. وهذا الحديث لا أصل
له ولا يحفظ من وجه يثبت.
70

كتاب الأدب
باب في اللغات
فيه عن ابن عمر وأنس وأبي هريرة:
فأما حديث ابن عمر: أنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا الجوهري عن أبي الحسن
الدارقطني عن أبي حاتم البستي حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا حميد بن زنجويه
حدثنا سليمان بن عبد الرحمن حدثنا عثمان بن فايد عن جعفر بن برقان عن نافع
عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلام أهل الجنة بالعربية
وكلام أهل الموقف بين يدي الله عز وجل بالعربية ".
وأما حديث أنس فأنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة
أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا عبيد الله بن إسحاق المدائني والحسين بن أبي
معشر قالا حدثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان حدثنا أبي حدثنا طلحة
ابن زيد الرقي عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أنس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من تكلم بالفارسية زادت في حبه ونقصت مروته ".
وأما حديث أبي هريرة: أخبرت عن محمد بن الحسين بن فنجويه حدثنا أبي
حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن أحمد التميمي حدثنا أبو عصمة عاصم بن
عبد الله البجلي حدثنا إسماعيل بن زياد عن غالب القطان عن المقبري عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أبغض الكلام إلى الله عز وجل
الفارسية، وكلام الشياطين بالحورية، وكلام أهل النار - بالنجارية - [بالبخارية]
وكلام أهل الجنة العربية " هذه الأحاديث كلها موضوعة.
أما حديث ابن عمر فقال أبو حاتم بن حبان: كان عثمان بن فايد يأتي عن الثقاة
بالمعضلات حتى يسبق إلى القلب أنه كان يعملها تعمدا، لا يجوز الاحتجاج به.
71

وأما حديث أنس فقال الدارقطني: تفرد به طلحة ولم يروه عنه غير محمد
ابن يزيد. قال البخاري: طلحة منكر الحديث، وقال ابن حبان: لا يحل
الاحتجاج بخبره.
وأما حديث أبي هريرة فالمتهم بوضعه إسماعيل بن زياد. قال ابن حبان:
هو الذي [وضع] هذا الحديث، وهو موضوع لا أصل له من كلام رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ولا حدث به أبو هريرة، ولا رواه المقبري، ولا يحل ذكر
إسماعيل في الكتب إلا على سبيل القدح فيه. قال ابن عدى: عامة ما يرويه
لا يتابعه عليه أحد. قال الدارقطني: كذاب متروك.
باب ما يقال عند رؤية الهلال
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا الحسن بن الحسين
النعالي ومحمد بن عبد الواحد بن جعفر قالا أنبأنا علي بن محمد الوراق حدثنا زكريا
ابن يحيى الساجي حدثنا أبو عمرو عثمان بن عبد الله المعبر أخبرني أبي عن جدي
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من عبد رأى
الهلال فحمد الله وأثنى عليه وقرأ الحمد سبع مرات إلا أعفاه الله من وجع العين
ذلك الشهر ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن حبان: عثمان
ابن عبد الله يضع الحديث على الثقاة لا يحل كتب حديثه إلا اعتبارا.
باب ربط الخيط في اليد يتذكر به الشئ
فيه عن ابن عمر وواثلة ورافع بن خديج.
فأما حديث ابن عمر فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا أبو منصور محمد بن عبد الملك أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا
72

حمزة بن يوسف حدثنا ابن عدى حدثنا محمد بن عمر بن عبد العزيز العسقلاني
حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثنا أبي حدثنا أبو الفيض سالم بن عبد
الأعلى ح. وقرأت على أبي القاسم الجريري عن أبي طالب العشاري أنبأنا الدارقطني
حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن غيلان حدثنا الفضل بن الصباح حدثنا سعيد
ابن زكريا عن سالم بن عبد الأعلى عن نافع عن ابن عمر قال: " كان النبي صلى
الله عليه وسلم إذا أشفق من الحاجة أن ينساها ربط في يده خيطا ليذكرها ".
الطريق الثاني: أنبأنا ابن خيرون أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا ابن
عدى حدثنا ابن أبي عصمة حدثنا عمر بن حفص الشيباني حدثنا محمد بن يعلى بن
زنبور حدثنا عمر بن صبح عن سالم بن غيلان عن نافع عن ابن عمر قال: " كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يذكر حاجة ربط في إصبعه خيطا ".
وأما حديث واثلة فأنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل
أنبأنا حمزة السهمي حدثنا ابن عدى ح. وأنبأنا هبة الله بن أحمد أنبأنا محمد بن علي
بن الفتح أنبأنا الدارقطني قالا حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث حدثنا
عبيد الله بن يوسف الحبيري حدثنا أبو عمرو بشر بن إبراهيم الأنصاري حدثنا
الأوزاعي عن مكحول عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا
أراد الحاجة أوثق في خاتمه خيطا ".
وأما حديث رافع فأنبأنا أبو القاسم الجريري أنبأنا أبو طالب العشاري أنبأنا
علي بن عمر الحافظ حدثنا أحمد بن العباس البغوي حدثنا أحمد بن الهيثم بن خالد
البزاز حدثنا علي بن أبي طالب البزاز حدثنا غياث بن إبراهيم حدثنا عبد الرحمن
ابن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن رافع بن
خديج قال: " رأيت في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خيطا فقلت: ما هذا؟
قال: أستذكره ". هذه الأحاديث ليس فيها شئ صحيح.
73

أما حديث ابن عمر فتفرد به سالم. قال العقيلي: لا يعرف إلا به ولا يتابع
عليه، وفى اسم أبيه ثلاثة أقوال: أحدها عبد الأعلى، والثاني غيلان، والثالث
عبد الرحمن. قال يحيى بن معين: ليس حديثه بشئ، وقال ابن حبان:
يضع الحديث.
وأما حديث واثلة فتفرد به بشر عن الأوزاعي. قال العقيلي: يروى عن
الأوزاعي أحاديث موضوعة لا يتابع عليها، وقال ابن عدى: منكر الحديث عن
الأئمة، له أحاديث بواطيل، وهو عندي من الحديث على الثقاة، وكذلك قال
ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقاة.
وأما حديث رافع فقال الدارقطني: تفرد به غياث عن عبد الرحمن. قال أحمد
والبخاري والدار قطني: غياث متروك الحديث، وقال يحيى: ليس بثقة، وقال
السعدي وابن حبان: يضع الحديث.
باب على ضد هذا
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا محمد بن أحمد بن علي المقرى أنبأنا ابن الأخضر
حدثنا ابن شاهين ح. وأنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة
حدثنا ابن عدى قالا حدثنا الحسين بن محمد بن عفير حدثنا الحجاج بن يوسف
الأصبهاني حدثنا بشر بن الحسين حدثنا الزبير بن عدى عن أنس بن مالك أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حرك خاتمه أو عمامته. وقال ابن عدى
من حول عمامته أو علق خيطا في إصبعه ليذكر حاجة فقد أشرك بالله عز وجل
إن الله تعالى يذكر الحاجات ".
هذا الحديث لا أصل له. قال ابن عدى: بشر يروى عن الزبير بن عدى
بواطيل، وقال الدارقطني: هو متروك.
74

باب الركوع عند دخول الدار
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا عبد الباقي بن أحمد
الواعظ أنبأنا محمد بن جعفر بن علان أنبأنا أبو الفتح الأزدي قال إبراهيم بن يزيد
ابن فديد ليس حديثه بشئ، روى عن الأوزاعي مناكير منها عن الأوزاعي عن
يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا دخل أحدكم بيته فلا يجلس حتى يركع ".
قال الأزدي: هذا لا أصل له في الحديث.
باب ما يقرأ عند دخول المنزل
أنبأنا الجريري أنبأنا العشاري حدثنا الدارقطني حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله
الأنباري حدثنا إسحاق بن سيار حدثنا عبد الله بن أبي بكر حدثنا إسماعيل بن
شهاب عن محمد بن سالم عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " من أتى منزله فقرأ الحمد لله وقل هو الله أحد نفى الله عنه الفقر وكثر خير
بيته حتى يفيض على جيرانه ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. تفرد به محمد بن سالم
قال أحمد: هو شبه المتروك، وقال يحيى القطان: ليس بشئ.
باب ما يقال عند العطاس
أنبأنا سعيد بن أحمد بن البنا أنبأنا علي بن أحمد بن البسري أنبأنا أبو طاهر
المخلص حدثنا البغوي حدثنا محمد بن كثير الفهري حدثني ابن لهيعة عن أبي قبيل
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عطش أو تجشأ
فقال الحمد لله على كل حال دفع عنه سبعون داء أهونها الجذام ".
طريق آخر: أنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل
75

أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد الحافظ حدثنا حامد بن محمد بن شعيب
حدثنا محمد بن كثير حدثني ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عطش أو تجشأ أو سمع عطسة أو جشأ فقال
الحمد لله على كل حال من الحال صرف الله عنه سبعين داء أهونها الجذام ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وابن لهيعة ذاهب
الحديث. قال ابن عدى: ومحمد بن كثير يروى البواطيل والبلاء منه، وقال
أبو الفتح الأزدي: محمد بن كثير هو ابن مروان الفهري متروك الحديث.
باب ما يقال عند طنين الاذن
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف
ابن أحمد أنبأنا العقيلي حدثنا محمد بن أحمد بن النضر الأزدي حدثنا يحيى بن
يوسف الزبيبي حدثنا حبان بن علي عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أخيه
عن أبيه عن جده أبى رافع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا طنت
أذن أحدكم فليصل على وليقل: ذكر الله بخير من يذكرني ".
قال العقيلي: وحدثني يعقوب بن غيلان حدثنا أبو كريب حدثنا معتمر بن
محمد بن عبيد الله بن أبي رافع حدثني أبي عن أبيه عن أبي رافع قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل
على وليقل: اللهم اذكر بخير من ذكرني ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى بن معين:
عبيد الله (1) ليس بشئ، وقال محمد بن طاهر: هو متروك الحديث، وقال
البخاري: معمر وأبوه كلاهما منكر الحديث.

(1) لعله محمد.
76

باب سبق العاطس إلى التحميد
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت أنبأنا أحمد بن علي بن الباد
أنبأنا عبد الباقي بن قانع القاضي حدثنا يعقوب بن يوسف الطحان حدثنا الحسن
ابن يزيد الوراق حدثنا بشير بن زاذان عن عمر بن صبح عن أيوب السختياني
عن أبي قلابة عن أبي أيوب الأنصاري " أن رجلا عطس عند النبي صلى الله
عليه وسلم فسبقه رجل إلى الحمد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بدر
العاطس إلى محامد الله عوفي من وجع الدا والدبيلة ".
هذا حديث ليس بصحيح. قال ابن حبان: عمر بن صبح يضع الحديث
على الثقاة لا يحل كتب حديثه إلا للتعجب، وقال يحيى بن معين: وبشير بن
زاذان ليس بشئ.
باب العطاس عند الحديث
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا أحمد بن الحسين بن قريش أنبأنا محمد بن علي بن
الفتح حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين حدثنا البغوي حدثنا حاجب بن الوليد بن
أحمد الأعور حدثنا بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى عن أبي الزناد عن الأعرج
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حدث حديثا
فعطس عنده فهو حق ".
هذا حديث باطل تفرد به معاوية بن يحيى. قال يحيى بن معين: هو هالك
ليس بشئ، وقال البغوي: ذاهب الحديث.
وقد رواه عبد الله بن جعفر المديني أبو على على عن أبي الزناد فقال فيه:
" إذا عطس أحدكم عند حديث كان حقا " قال النسائي: أبو على المتروك الحديث.
77

باب السبق بالحمام
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت أنبأنا الحسن بن علي
الصيمري حدثنا علي بن الحسن الرازي حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني حدثنا
أحمد بن زهير سمعت أبي يقول: " قدم على المهدى بعشرة محدثين فيهم
غياث ابن إبراهيم، وكان المهدى يحب الحمام، فقال لغياث: حدث أمير
المؤمنين. فحدثه بحديث أبي هريرة: لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل، وزاد
فيه: أو جناح. فأمر له المهدى بعشرة آلاف درهم. فلما قام قال المهدى:
أشهد أن قفاك قفا كذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما استجلبت
ذلك أنا. وأمر بالحمام فذبحت ".
78

كتاب معاشرة الناس
باب السلام
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت أنبأنا محمد بن عبد الله بن
شهريار أنبأنا سليمان الطبراني حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب حدثنا أحمد بن يحيى
الأميسي حدثنا عصمة بن محمد الأنصاري حدثنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن
المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الاسلام اسم من
أسماء الله جعل في الأرض تحية لأهل ديننا وأمانا لأهل ملتنا ".
قال سليمان: لم يروه عن يحيى إلا عصمة. قال يحيى بن معين: عصمة كذاب
يضع الحديث. وقال العقيلي: يحدث بالبواطيل عن الثقاة، ليس ممن يكتب
حديثه إلا اعتبارا.
باب البشاشة في اللقاء
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب أنبأنا القاضي
أبو العلاء الواسطي حدثنا علي بن الحسن الجراحي حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله
الأشناني حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صافح المؤمن المؤمن
نزلت عليهما مائة رحمة، تسعة وتسعين لأنسبهما وأحسنهما اللقاء ".
طريق آخر: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي الخطيب أنبأنا
عبيد الله بن أبي الفتح حدثنا أحمد بن إبراهيم أنبأنا أبو الحسن عن عمرو بن
مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: فذكر مثل الحديث الذي قبله سواء ".
هذان الطريقان على الأشناني وهو المتهم بهما، وقد غاير بين الاسنادين.
79

قال الدارقطني: الأشناني كذاب دجال. وقال أبو بكر الخطيب: كان كذابا
يضع الحديث.
باب دفع الشر بمثله
أنبأنا أبو منصور محمد بن عبد الملك وعبد الرحمن بن محمد قالا أنبأنا عبد
الصمد بن المأمون حدثنا الدارقطني حدثنا أحمد بن محمد بن سعدان الصيدلاني
حدثنا إسحاق بن وهب العلاف حدثنا سهل بن سعد حدثنا زياد بن أبي زياد
الجصاص حدثنا أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يأتي
على الناس زمان هم فيه ذئاب، فمن لم يكن ذئبا أكلته الذئاب ".
قال الدارقطني: تفرد به زياد وهو متروك. وقال يحيى: زياد ليس بشئ.
باب في تخير الأصحاب
أنبأنا إسماعيل بن [أحمد] أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا أبو أحمد
ابن عدى أنبأنا أبو عوانة حدثنا المسيب بن واضح حدثنا سليمان بن عمرو
حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " الناس سواء كأسنان المشط، إنما يتفاضلون بالعافية،
والمرء كبير بأخيه، يرفده ويكسوه ويحمله، ولا خير في صحبة من لا يرى لك
مثل ما ترى له ".
قال ابن عدى: هذا حديث وضعه سليمان بن عمرو على إسحاق. قال:
وأجمعوا على أنه كان يضع الحديث.
باب في الخلق الحسن والسيئ
روى عبد الرحمن بن محمد، بن الحسن البلخي عن قتيبة حدثنا النضر بن شميل
عن سفيان الثوري عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى قال: قال
80

رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الخلق الحسن طوق من رضوان الله في
عنق صاحبه، والطوق مشدود إلى سلسلة من رحمة الله، والسلسلة مشدودة إلى
حلقة من أبواب الجنة حيث ما ذهب الخلق الحسن جرته السلسلة إلى نفسها.
وإن الخلق السيئ طوق من سخط الله عز وجل، والسلسلة مشدودة إلى حلقة
من أبواب النار حيث ما ذهب الخلق السوء جرته السلسلة إلى نفسها فأدخله
ذلك من أبواب النار ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو حاتم
ابن حبان: كان عبد الرحمن بن محمد يضع الحديث على قتيبة.
باب بداية الانسان باسمه إذا كتب إلى غيره
أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف بن أحمد
حدثنا العقيلي حدثنا أحمد بن النضر العسكري والحسين بن إسحاق التستري قالا
حدثنا جعفر بن عاصم الحراني حدثنا محمد بن عبد الرحمن القشيري عن مسعر بن
كدام عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " إن العجم يبدأون بكبارهم إذا كتبوا إليهم، فإذا كتب
أحدكم إلى أخيه فليبدأ بنفسه ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال
العقيلي: هذا الحديث غير محفوظ وليس له أصل، ومحمد بن عبد الرحمن مجهول
ولا يتابع عليه.
باب رد جواب الكتاب
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة
ابن يوسف أنبأنا ابن عدى حدثنا عبد الله بن محمد بن يزيد المروزي حدثنا
81

عبد الله بن محمود المروزي حدثنا أحمد بن عبد الله بن حكيم - الفريانابى -
[الفريابي] - حدثنا الحسن بن محمد أبو محمد قاضي مرو عن حميد عن أنس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رد الجواب حق كرد السلام ".
هذا حديث موضوع. قال ابن حبان: كان - الفاريانانى [الفريابي] يروى
عن الثقاة ما ليس من أحاديثهم. وقال ابن عدى: كان يحدث بالمناكير. وهذا
الحديث منكر جدا وليس من جهة - الفريانانى - [الفريابي] ولكن من الحسن بن
محمد البلخي. قال ابن حبان: كان يروى الأشياء الموضوعة لا يحل الاحتجاج به.
باب من عير أخاه بذنب
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت أنبأنا أبو الفضل بن عمروس
حدثنا أبو حفص بن شاهين حدثنا الحسين بن محمد بن عفير حدثنا أحمد بن منيع
حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان
عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عير أخاه
بذنب لم يمت حتى يعمله ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به محمد بن
الحسن. قال أحمد بن حنبل: ما أراه يساوى شيئا. وقال يحيى: كان كذابا.
وقال النسائي: متروك الحديث. وقال الدارقطني: لا شئ.
باب التلطف بالعوام والغوغاء
أنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا أبو محمد الجوهري عن أبي الحسن
الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان حدثنا أحمد بن عيسى المقرى حدثنا أحمد بن
عبد الله البجلي حدثنا محمد بن الخليل الذهلي حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم
عن ليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه
82

وسلم: " استوصوا بالغوغاء خيرا، فإنهم يسدون السوق، ويحفرون الخنادق،
ويطفؤون الحريق ".
قال أبو حاتم: لا أشك أن هذا موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومحمد بن الخليل يضع الحديث لا يحل ذكره في الكتب.
باب التحذير من تعيير الناس
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا أبو القاسم علي بن
محمد الأيادي حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي حدثنا محمد بن أحمد
ابن برد حدثنا محمد بن عيسى الطباع حدثنا نصر بن باب عن الحجاج عن أبي
إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " البلاء موكل بالمنطق، فلو أن رجلا عير رجلا برضاع
كلبة لرضعها ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن المديني:
رميت حديث نصر بن باب. قال يحيى: كذاب خبيث. قال النسائي: متروك.
وقد روى محمد بن أبي يزيد الهمداني عن يزيد بن يزيد عن خالد بن معدان
عن معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من عير أخاه بذنب لم يمت
حتى يفعله ".
قال يحيى: محمد ليس بثقة يكذب. وقال أحمد: ما أراه يساوى شيئا.
وقال النسائي: متروك الحديث.
باب التحذير من الجرأة على النطق
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر الخطيب أنبأنا العتيقي حدثنا
الحسن بن أحمد بن عون الجريري حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن
83

إسماعيل المحاملي حدثنا يوسف بن موسى حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة
عن أبيه عن جده عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " إن البلاء موكل بالقول، ما قال عبد لشئ: لا والله لا أفعله أبدا
إلا ترك الشيطان كل عمله وولع بذلك حتى يؤثمه ". هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. تفرد به عبد الملك.
قال يحيى والسعدي: هو كذاب. وقال ابن حبان: يضع الحديث لا يحل
ذكره في الكتب.
84

كتاب البر
باب بر الوالدين
أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد الموحد أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي حدثنا
أبو الحسن عفيف بن محمد الخطيب حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حبيب حدثنا
يحيى بن أبي طالب حدثنا زيد بن الحباب حدثنا أبو بكر ياسين بن معاذ حدثنا
عبد الله بن قرين عن طلق بن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " لو أدركت والدي أو أحدهما وأنا في الصلاة صلاة العشاء وقد قرأت
فيها فاتحة الكتاب ينادى يا محمد لأجبتك لبيك ".
هذا موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه ياسين. قال يحيى:
ليس حديثه بشئ. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: يروى
الموضوعات عن الثقاة ويتفرد بالمعضلات عن الاثبات لا يجوز الاحتجاج به.
باب في الحث على البر
أنبأنا القزاز أنبأنا أبو بكر الخطيب أنبأنا محمد بن طلحة النعالي حدثنا
عثمان بن محمد بن بشر السقطي حدثنا محمد بن يونس حدثنا علي بن قتيبة الرفاعي
حدثنا مالك بن أنس عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " بروا آباؤكم تبركم أبناؤكم، وعفوا تعف نساؤكم، ومن تنصل إليه
فلم يقبل فلن يرد على الحوض ".
هذا حديث لا يصح. وقد غلط بعض الرواة فرواه عن محمد بن يونس وهو
الكديمي عن محمد بن خالد بن عثمان عن مالك ولم يروه الكديمي كذلك إنما
رواه عن علي بن قتيبة. ورواه آخر عن إبراهيم بن الحسين ديزيل عن علي بن
قادم عن مالك وهو غلط إنما هو حديث علي بن قتيبة عن مالك. قال العقيلي:
85

على ابن قتيبة يحدث عن الثقاة بالأباطيل مالا أصل له عنهم، وليس - هذا -
[لهذا] الحديث أصل.
قال المصنف قلت: والكديمي عندهم ممن يضع الحديث.
باب انقطاع الرزق بقطع الدعاء للوالدين
أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أحمد بن الحسين البيهقي أنبأنا أبو عبد الله محمد
ابن عبد الله الحاكم أنبأنا أبو جعفر محمد بن سعيد حدثنا العباس بن حمزة حدثنا
أحمد بن خالد الشيباني حدثنا الحسن بن محمد البرى حدثنا يزيد بن عتبة بن
المغيرة النوفلي حدثنا الحسن البصري سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " إذا ترك العبد الدعاء للوالدين فإنه ينقطع على الوالد
الرزق في الدنيا ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمتهم به
الجويباري وهو أحمد بن خالد، نسبوه إلى جده لأنه أحمد بن عبد الله بن خالد،
وإنما قصدوا التدليس وهو محرم.
باب تقبيل الأم
أنبأنا إسماعيل بن أبي بكر المقرى أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل أنبأنا حمزة
السهمي أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا مكي بن عبدان حدثنا محمد بن عقيل بن
خويلد حدثنا أبو صالح خلف بن يحيى القاضي حدثنا أبو مقاتل الترمذي عن
عبد العزيز بن أبي داود عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قبل بين عيني أمه كان له سترا من النار "
قال ابن عدى: هذا منكر إسنادا ومتنا. وأبو مقاتل لا يعتمد على روايته.
قال عبد الرحمن بن مهدي: والله ما تحل الرواية عنه.
86

باب دعاء الوالد لولده
روى يحيى بن سعيد العطار عن سعيد أبى حبيب عن يزيد الرقاشي عن
أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دعاء الوالد لولده مثل دعاء
النبي لامته ".
قال أحمد بن حنبل: هذا حديث باطل منكر، وسعيد ليس حديثه بشئ.
باب تأثير عقوق الأم
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف
ابن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن أيوب بن الضريس حدثنا داود بن إبراهيم
القاضي حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا فايد العطار سمعت عبد الله بن أبي أوفى
يقول: " إن شابا حضره الموت فدعى له رسول الله صلى الله عليه وسم فقال قل:
لا إله إلا الله، فقال: لا أقدر أن أقولها، قال: ولم؟ قال: كهيئة - الغفل -
[الففل] على قلبي إذا أردت أن أقولها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أله
والدان أو أحدهما؟ قالوا: أم، فدعيت، فقال: أرضى عن ابنك، فقالت:
أشهدك يا رسول الله أنى عن ابني راضية، فقال قل: لا إله إلا الله، فقال:
لا إله إلا الله، فقال: الحمد لله الذي نجاه بي ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفى طريقه فايد.
قال أحمد بن حنبل: فايد متروك الحديث، وقال يحيى: ليس بشئ، وقال
ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، وقال العقيلي: لا يتابعه على هذا
الحديث إلا من هو مثله. وفى إسناد داود بن إبراهيم. قال أبو حاتم الرازي:
كان يكذب.
87

باب استغفار العاق لوالديه بعد الموت
روى لا حق بن الحسين عن عمران أبى عمر المقدسي عن أبي بكر محمد بن
عبد الله بن أبي درة القاضي عن محمد بن طلحة بن مسلم الطائفي عن إسماعيل بن
محمد بن جحادة عن أبيه عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن
العبد ليموت والداه أو أحدهما وإنه لعاق، فلا يزال يدعو لهما ويستغفر لهما حتى
يكتب عند الله تعالى بارا ".
هذا حديث لا أصل له، والمتهم به لاحق. قال أبو سعد الإدريسي: كان
كذابا يضع الحديث على الثقاة.
باب النهى عن مجاورة الأقارب
أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا ابن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا ابن الدخيل حدثنا
العقيلي حدثني عبيد الملقب حدثنا أحمد بن محمد بن زيد حدثنا داود بن المحبر
حدثنا أبو بكر عبد الله بن عبد الجبار القرشي عن سعيد بن أبي بكر بن أبي
موسى عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلوا قراباتكم
ولا تجاوروهم فإن الجوار يورث الضغائن ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وداود ضعيف.
وعبد الله بن عبد الجبار مجهول. قال العقيلي: لا يعرف هذا الحديث إلا بسعيد
ابن أبي بكر وليس للحديث أصل.
باب صلة [الجار]
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا ابن بكران أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف
ابن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد
ابن زياد حدثنا خالد بن أبي كريمة عن عبد الله بن المسور قال: " جاء رجل
88

إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنه ليس لي ثوب أتوارى به
وكنت - الحق - [أحق] من شكوت إليه فذكرت ذلك لك، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ألك جيران؟ قال: نعم. قال: فمنهم أحد له ثوبان؟ قال:
نعم. قال: ويعلم أن لا ثوب لك؟ قال: نعم. قال: ولا يعود عليك بأحد ثوبيه؟
قال: لا. قال: ما ذلك بأخيك ".
هذا حديث لا أصل له وهو مقطوع، لان عبد الله بن المسور يضع الأحاديث
ويكذب وليس بصحابي، لأنه ابن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب.
قال رقبة بن مصقلة: كان عبد الله بن المسور يضع الأحاديث ويكذب، وكذلك
قال فيه أحمد بن حنبل، وقال يحيى: ليس بشئ، وقال النسائي: متروك الحديث.
89

كتاب الهدايا
باب الهدية أمام الحاجة
فيه عن أنس وعائشة:
فأما حديث أنس فأنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
حدثنا أبو القاسم حدثنا الدارقطني حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري
حدثنا أبو جعفر محمد بن جعفر النسوي قال أملى علينا الخليل بن محمد النسوي
حدثنا خداش بن مخلد حدثنا يعيش بن هشام حدثنا مالك عن الزهري عن أنس
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما أحسن الهدية أمام الحاجة ".
وقد روى عن الموقري عن الزهري عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم. وقال أحمد بن حنبل: حدثنا عباد عن شيخ عن الزهري قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم فذكره. وقال أحمد: يقولون أنه سليمان بن أرقم.
وأما حديث عائشة: فأنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو بكر بن ثابت
أنبأنا أبو طاهر محمد بن علي بن يوسف أنبأنا مخلد بن جعفر الدقاق حدثنا
أبو غانم حميد بن يونس الدقاق أنبأنا يوسف بن موسى حدثنا سفيان بن عقبة
أخو قبيصة حدثنا عمرو بن خالد الأعشى حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم مفتاح
الحاجة الهدية بين يديها ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الحديث الأول قال الدارقطني: هو باطل عن مالك لا يصح عنه. قال:
والموقري ضعيف والحديث عن ثابت عن أنس قال: ولا يصح هذا عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم.
90

قال المصنف قلت: قال يحيى: الموقري وسليمان بن أرقم ليسا بشئ. وقال
النسائي متروكان.
قال المصنف قلت: وقد رواه عبد بن محمد الزمن عن فليح عن الزهري عن أبي
سلمة عن أبي هريرة. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بعمرو.
وأما حديث عائشة ففيه عمرو بن خالد وقد كذبه العلماء منهم أحمد ويحيى
وقال ابن راهويه: كان يضع الحديث.
قال المصنف قلت: وإني لا تعجب من العلماء الحديث العارفين بالموضوع
كيف يروونه ولا يبينونه، وقد علموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من روى حديثا يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ".
وقد سبق ذكر تعجبي من الدارقطني كيف خرج حديث التفاحة في فاطمة
ولم يتكلم عليه.
ومن أعجب ما رأيت له ما أنبأنا - له - [به] أبو منصور القزاز أنبأنا
أبو بكر بن ثابت الخطيب حدثنا العتيقي قال: حضرت أبا الحسن الدارقطني،
وقد جاء أبو الحسين البيضاوي ببعض الغرباء، فسأله أن يملى عليه أحاديث فأملى
عليه أبو الحسن من حفظه مجلسا تزيد أحاديثه على العشرة متون جمعها: " نعم
الشئ الهدية أمام الحاجة "، وانصرف الرجل، ثم جاءه بعد وقد أهدى له
شيئا فقربه، وأملى عليه من حفظه بضعة عشر حديثا متونا جميعها: " إذا جاءكم
كريم قوم فأكرموه ".
قال المصنف قلت: واعجبا من الدارقطني كيف روى حديثين ليس فيهما
ما يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين.
أما الأول فقد تكلمنا عليه.
وأما الثاني فقال ابن عدى هو حديث يعرف بشيخ يقال له الخليل بن مسلم
91

الباهلي ثم ظهر عند عبد العزيز بن محمد بن ربيعة فرواه عن أبيه ثم سرقه منهما
أبو ميسرة أحمد بن عبد الله الحراني، وكان يحدث عن الثقاة بمناكير وعن
من لا يعرف ويسرق حديث الناس. وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج
بأبي ميسرة.
قال المصنف قلت: وقد روى هذا الحديث من حديث جرير عن النبي
صلى الله عليه وسلم.
باب من أهديت له هدية فجلساؤه شركاؤه
فيه عن ابن عباس وعائشة:
فأما حديث ابن عباس فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو بكر أحمد
ابن علي أنبأنا علي بن أحمد الرزاز حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل
الدقاق حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني حدثنا مندل بن علي عن ابن جريج عن
عمرو بن دينار عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أتى
أحدكم بهدية فجلساؤه شركاؤه فيها ".
الطريق الثاني: أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا ابن المظفر أنبأنا العتيقي أنبأنا
يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا يحيى بن عثمان حدثنا نعيم بن حماد حدثنا
عبد السلام بن عبد القدوس حدثني ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أهديت له هدية ومعه قوم جلوس فهم
شركاؤه فيها ".
وأما حديث عائشة: فأنبأنا عبد الوهاب أنبأنا ابن بكران حدثنا العتيقي
حدثنا يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا يحيى بن عثمان حدثنا بكار بن محمد
ابن سعيد حدثنا الوضاح بن خيثمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت
92

" أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدية وعنده أربعة نفر من أصحابه،
فقال لجلسائه: أنتم شركائي فيها، إن الهدية إذا أهديت إلى رجل وعنده جلساؤه
فهم شركاؤه فيها ". هذا حديث لا يصح.
أما حديث ابن عباس ففي طريقه الأول يحيى الحماني. قال أحمد بن حنبل:
كان يكذب جهارا. وفيه مندل وقد ضعفه أحمد ويحيى والنسائي. وأما طريقه
الثاني ففيه عبد السلام. قال ابن حبان: يروى الموضوعات لا يحل الاحتجاج
به بحال.
وأما حديث عائشة فقال العقيلي: لا يتابع وضاح عليه، ولا يصح في هذا
المتن حديثه ولا في هذا الباب شئ.
93

كتاب الاحكام والقضايا
باب في ذم القضاة
أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن
عبد الله الببع حدثني عبد الله بن جعفر حدثنا محمد بن أحمد بن قريش الكاتب
حدثنا أحمد بن حفص حدثنا عمران بن علي الخزاعي حدثنا عبد الله بن المبارك
عن إسماعيل عن الزهري عن سالم عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " شكت مواضع النواويس إلى الله عز وجل وبقاع الأرض
فقالت: يا رب لم تخلق بقعة أقذر مني ولا أنتن، يلقى على أهل نارك وأهل
معصيتك، قال الجبار تبارك وتعالى: اسكني فموضع القضاة أنتن منك ".
هذا حديث موضوع بلا شك كذب واضعه كذبا فاحشا وأتى ببدع قبيح
وأحد المجاهيل الذين فيه قد وضعه على أن أحمد بن حفص حدث بأحاديث
مناكير لم يتابعه عليها.
باب ذم القول بالرأي
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أنبأنا علي بن أحمد بن ثابت حدثنا محمد
ابن علي المقرى أنبأنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران أنبأنا
عبد المؤمن بن خلف حدثنا أبو على صالح بن محمد البغدادي حدثنا سويد بن
سعيد ح. وأنبأنا عاليا محمد بن عمر الأرموي حدثنا عبد الصمد بن المأمون
حدثنا الدارقطني أحمد بن محمد بن أبي بكر حدثنا محمد بن علي بن
خلف قالا حدثنا إسحاق بن نجيح الملطى حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن
نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال في ديننا
برأيه فافتلوه ".
94

طريق آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا
ابن عدى حدثنا أحمد بن حفص السعدي حدثنا سويد ونوح بن حبيب قالا
حدثنا إسحاق بن نجيح الملطى عن الأوزاعي عن عطاء عن ابن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال في ديننا برأيه فاقتلوه ".
طريق آخر: أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أحمد بن علي الحافظ أنبأنا
أبو العباس أحمد بن محمد بن نصر النصيبي حدثنا ابن أبي الرجال حدثنا ابن أبي
رواد عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال
في ديننا برأيه فاقتلوه ".
هذا حديث لا يصح، تفرد به إسحاق وهو المتهم به وكان يضع الحديث،
شهد عليه بذلك يحيى والفلاس وابن حبان، وهو غير إسناده، فتارة يرويه عن
الأوزاعي، وتارة عن عبد العزيز عن نافع، وتارة عنهما عن نافع، وهذا من فعله
فإنه معروف بهذا.
وأما رواية سويد عن ابن أبي الرجال فقد اعتذر قوم لسويد فقالوا: وهم
وأراد أن يقول إسحاق فقال ابن أبي الرجال، على أن هذا الاعتذار لم يقبله كثير
من العلماء. قيل ليحيى أن سويد روى هذا الحديث عن ابن أبي الرجال فقال
ينبغي أن يبدأ به ويقتل فإنه حلال الدم ولو كان عندي سيف ودرقة لغزوته،
وإنما قال هذا لان ابن أبي الرجال لا يحتمل هذا وإسحاق يحتمله، وقال النسائي:
سويد ليس بثقة.
باب المنع من قبول شهادة بعض العلماء على بعض
أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا أبو عبد الله الحاكم حدثنا
أبو يعقوب يوسف بن يعقوب البغوي حدثنا المسيب بن مسلم حدثنا أحمد بن
جعفر البغوي حدثنا أبو إسحاق الطلقاني عن عبد الملك بن حازم عن أبي هارون
95

العبدي عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " شهادة المسلمين بعضهم على بعض جائزة، ولا يجوز
شهادة العلماء بعضهم على بعض لأنهم حسد ".
قال الحاكم: ليس هذا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسناده
فاسد من أوجه كثيرة يطول شرحها.
قال المصنف قلت: منها أن في إسناده مجاهيل وضعفاء منهم أبو هارون العبدي.
باب قدر التعزير
أنبأنا ابن خيرون أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم قال: روى
محمد بن إبراهيم الشامي عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير
عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تعزير فوق
عشرين سوطا ".
قال أبو حاتم بن حبان: محمد بن إبراهيم يضع الحديث ويروى ما لا أصل
له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل الرواية عنه إلا اعتبارا.
96

كتاب الأحكام السلطانية
باب إذا أراد الله أن يخلق خلقا للخلافة مسح ناصيته بيده
فيه عن أبي هريرة وأنس وكعب بن مالك رضي الله عنهم:
فأما حديث أبي هريرة فأنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا الحسن بن
عبد الملك بن يوسف أنبأنا أبو محمد الحسن بن محمد الخلال حدثنا علي بن عمرو
ابن سهل الجريري حدثنا البغوي حدثنا عبيد الله بن موسى بن شيبة السلمي
حدثنا مصعب النوفلي من آل نوفل بن الحارث عن ابن أبي ذئب عن صالح
مولى التوأمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أراد
الله أن يخلق خلقا للخلافة مسح ناصيته بيده ".
وأما حديث أنس: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
أنبأنا بشرى بن عبد الله الرومي حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر القاضي قال: قرئ
على أبي شاكر مسرة بن عبد الله مولى المتوكل على الله حدثنا الحسن بن يزيد
حدثنا عبد الله بن المبارك حدثنا سليمان بن مهران حدثنا إبراهيم بن جعفر
الأنصاري المعروف بالراهب عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " إن الله إذا أراد أن يجعل عبدا للخلافة مسح يده على جبهته ".
وأما حديث كعب أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا عاصم بن الحسن
أنبأنا أبو عمر بن مهدي أنبأنا الحسين بن إسماعيل القاضي حدثنا عبد الله بن
شبيب حدثني ذؤيب بن عمامة حدثني موسى بن شيبة حدثني سليمان بن معقل
ابن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده عن كعب بن مالك أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما استخلف الله عز وجل بخليفة حتى
يمسح الله ناصيته بيده ".
97

هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حديث أبي هريرة فقال العقيلي: مصعب مجهول النقل حديثه غير محفوظ
ولا يتابع عليه. وقال أبو أحمد بن عدى: هذا حديث منكر بهذا الاسناد،
والبلاء فيه من مصعب.
وأما حديث أنس فقال أبو بكر الخطيب: مسرة ليس بثقة ذاهب الحديث.
وأما حديث كعب فإن عبد الله بن شبيب ليس بشئ. قال ابن عدى:
حدث بمناكير. وقال فضلك الرازي: يحل ضرب عنقه، وقد ضعف الدارقطني
ذؤيب بن عمامة.
باب خروج الخلافة من بيت علي بن أبي طالب
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا
أبو أحمد بن عدى حدثنا عبد الملك بن محمد حدثنا أبو الأحوص العكبري
حدثنا سليمان بن عبد الرحمن حدثنا عثمان بن فايد حدثنا إسحاق بن يحيى عن
عمه موسى بن طلحة عن سعد بن أبي وقاص قال: " تذاكروا الأمراء عند
رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم على، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إنها ليست لك ولا لاحد من ولدك ".
هذا حديث ليس بصحيح. قال أحمد والنسائي: إسحاق بن يحيى متروك
الحديث. وقال يحيى بن معين: ليس بشئ. قال ابن حبان: وعثمان بن فايد
يأتي بالمعضلات لا يجوز الاحتجاج به.
باب ذم الشرط
فيه عن ابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وأبي هريرة، وأبى أمامة
رضي الله عنهم.
98

فأما حديث ابن عباس فله حديثان:
الحديث الأول: أنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل
الإسماعيلي أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا محمد بن الحسن
ابن قتيبة وأنبأنا علي بن أحمد الموحد أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي أنبأنا أبو الحسن
عبد الجبار بن أحمد الأسد آبادي حدثنا الزبير بن عبد الواحد الحافظ حدثنا محمد
ابن الحسن بن قتيبة ويعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن عمر الديناسي قالوا
حدثنا عمرو بن خلف الحناوي حدثنا أيوب بن سويد عن ابن جريج عن عطاء
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دخلت الجنة فرأيت
فيها ذئبا فقلت أذئب فقال إني أكلت ابن شرطي ".
قال ابن عباس: هذا وقد أكل ابنه فلو أكله رفع في عليين. قال ابن عدى
هذا الحديث بهذا الاسناد وبغيره باطل لم يروه غير عمرو بن خلف عن أيوب
وأيوب إن كان فيه ضعف لا يحتمل هذا كله. ولعمرو أحاديث موضوعات
كان يتهم بوضعها. قال ابن حبان: كان عمرو يضع الحديث.
قال المصنف قلت: فأما أيوب بن سويد فقال ابن المبارك: ارم به. وقال
أحمد: ضعيف. وقال يحيى: ليس بشئ يسرق الأحاديث. وقال النسائي:
ليس بثقة.
الحديث الثاني عن ابن عباس: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا ابن مسعدة
أنبأنا أبو عمرو الفارسي حدثنا ابن عدى حدثنا محمد بن محمد الجهني حدثنا إسحاق
ابن إبراهيم السراج حدثنا عبد الرحمن بن صالح حدثنا محمد بن مروان عن ابن
جريج عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقال
للجلواز يوم القيامة ضع سوطك وادخل النار ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تفرد به محمد بن
99

مروان وهو السدي. قال يحيى: ليس بثقة. وقال ابن نمير: كذاب. وقال
النسائي والرازي: متروك. وقال أبو على: صالح بن محمد كان يضع الحديث.
أنبأنا ابن خيرون أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا أبو عمرو الفارسي حدثنا ابن
عدى سمعت موسى بن القاسم الأشيب يقول: حدثني ابن بكير حدثني عبد الله
المخزومي قال حدث عمر بن قيس، سند له عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يقال للشرطي ضع سوطك وادخل النار فجاء الشرط إليه فعاتبوه في ذلك فقال
لهم لا تضعوها وأدخلوها معكم ".
وأما حديث عبد الله بن عمرو فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
أنبأنا أبو طالب بن بكير أنبأنا أبو سهل عبد الرحمن بن محمد بن يحيى البلخي
حدثنا محمد بن أحمد بن زنجويه حدثنا أبو يحيى عبد الصمد بن الفضل حدثنا
عمر بن حكيم أخو شداد بن حكيم عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن
طاوس عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الشرط كلاب أهل النار ".
الطريق الثاني: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا أحمد بن أحمد
الحداد حدثنا أبو نعيم الحافظ حدثنا أبو إسحاق بن حمزة حدثنا محمد بن غلوش
ابن الحسين الجرجاني حدثنا علي بن المثنى حدثني يعقوب بن خليفة أبو يوسف
الأعشى حدثني محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن عبد الله بن
عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجلاد والشرط وأعوان الظلمة
كلاب النار ".
هذا حديث لا يصح، وفى إسناد طريقيه محمد بن مسلم، وقد ضعفه أحمد
ابن حنبل جدا.
100

وأما حديث أبي هريرة: أنبأنا ابن الحسين أنبأنا ابن المذهب أنبأنا
القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا أبو عامر حدثنا
أفلح بن سعيد حدثنا عبد الله بن رافع سمعت أبا هريرة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " إن طالت بك مدة أو شك أن ترى قوما يغدون في سخط
الله عز وجل ويروحون في لعنته في أيديهم مثل أذناب البقر ".
قال ابن حبان: هذا خبر بهذا اللفظ باطل. وأفلح كان يروى عن الثقاة
الموضوعات لا يحل الاحتجاج به.
وأما حديث أبي أمامة: أنبأنا ابن الحصين أنبأنا ابن المذهب أنبأنا القطيعي
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا أبو سعيد حدثنا عبد الله بن
بحير حدثنا سيار أن أبا أمامة ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تكون
في هذه الأمة في آخر الزمان رجال، أو قال يخرج رجال من هذه الأمة في آخر
الزمان معهم أسياط كأنها أذناب البقر يغدون في سخط الله ويروحون في غضبه "
قال ابن حبان: عبد الله بن بحير يروى العجائب التي كأنها معمولة لا يحتج به.
101

كتاب الايمان والنذور
باب تكفير كذب الحالف إذا وحد
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا
أبو أحمد بن عدى حدثنا محمد بن علي بن القاسم حدثنا طالوت حدثنا الحارث
أبو قدامة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لرجل: " يا فلان فعلت كذا وكذا؟ قال: لا والله الذي لا إله إلا هو ما فعلته
والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنه فعله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفر
الله كذبك تصدقك بلا إله إلا هو ".
هذا حديث لا يصح. قال أحمد: أبو قدامة مضطرب الحديث. وقال يحيى:
ليس بشئ.
باب النذور
روى جبارة بن المفلس عن مندل بن علي عن رشدين بن كريب عن أبيه
عن ابن عباس قال: " جاءت امرأة من اليمن ومعها ابن لها فأتت رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقالت: إن ابني هذا يريد الجهاد وأنا أمنعه. فقال رجل آخر:
يا رسول الله إني نذرت أن أنحر نفسي. قال: فشغل رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالمرأة وابنها. قال: فجاءه وقد خلع ثيابه لينحر نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: الحمد لله الذي جعل في أمتي من يوفى بالنذر ويخاف يوما كان شره مستطيرا "
هذا حديث لا يصح. وقد اجتمع في إسناده جماعة يكفى أحدهم في رد الحديث
قال أحمد بن حنبل: جبارة أحاديثه موضوعة أو قال هي كذب. قال: ومندل
ضعيف ورشدين منكر الحديث. وقال يحيى بن معين: رشدين ليس بشئ.
102

كتاب ذم المعاصي
روى إبراهيم بن هدبة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" ما من يوم يصبح فيه الانسان إلا استقبل الروح الجسد يقول: يا جسد أسألك
بوجه الذي لا يرد سائله أن لا تعمل اليوم عملا يوردني جهنم ".
قال ابن حبان: هذا لا أصل له من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا يحل لمسلم أن يكتب حديث إبراهيم بن هدبة.
باب إثم قتل النفس المحرمة
فيه عن عمرو وابن عباس وأبى سعيد وأبي هريرة.
فأما حديث عمر فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا نصر بن النضر حدثنا محمد بن
صدقة الموصلي حدثنا عبد الله بن الحسين القاضي حدثنا سعيد بن الحكم حدثنا
هلال بن العلاء حدثنا ابن أبي شعيب الحراني حدثنا حكيم بن نافع حدثنا خلف
بن حوشب عن الحكم بن عيينة عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أعان على قتل امرئ مسلم بشطر كلمة لقى
الله عز وجل يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله ".
الطريق الثاني: أنبأنا الجريري أنبأنا العشاري حدثنا الدارقطني حدثنا محمد
بن مخلد بن حفص حدثنا أحمد بن الحسين بن عباد النسائي حدثنا عمرو بن محمد
الأعشم حدثنا يحيى بن سالم الأفطس عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر بن
الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أعان على سفك دم امرئ
مسلم بشطر كلمة لقى الله يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمتي ".
وأما حديث ابن عباس فأنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا
103

حمزة بن يوسف حدثنا ابن عدى حدثنا جعفر بن أحمد بن علي بن بيان حدثنا
سعيد بن كبير بن عفير حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن داود بن أبي
هند عن الشعبي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الفراعنة عشر، خمسة في الأمم وسبعة في أمتي، وما بين فرعون أمتي وفرعون
ذي الأوتاد واحد، وذلك أن فرعون ذا الأوتاد قال أنا ربكم الأعلى. قيل
يا رسول الله، فمن يكون ذلك من فراعنة أمتك؟ قال: سافك دم، قاطع رحم،
جامع في المعاصي لا يبالى ما صنع ".
وأما حديث أبي سعيد: فأنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت
أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا طلحة بن سعد أنبأنا محمد بن إسحاق الناقد حدثنا
محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى حدثنا أبي حدثنا
ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يجئ
القاتل يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله عز وجل ".
وأما حديث أبي هريرة: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة
أنبأنا أبو عمرو الفارسي حدثنا ابن عدى حدثنا محمد بن إبراهيم الأنماطي حدثنا
محمود بن خداش حدثنا مروان بن معاوية الفزاري حدثنا يزيد بن أبي زياد
الشامي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " من أعان على قتل امرئ مسلم بشطر كلمة لقى الله يوم القيامة
مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله ".
هذه الأحاديث ليس فيها ما يصح.
أما حديث عمر ففي الطريق الأول حكيم بن نافع. قال يحيى: ليس بشئ.
وفى الطريق الثاني الأعشم. قال ابن حبان: كان يروى عن الثقاة المناكير
ويضع أسامي المحدثين لا يجوز الاحتجاج به بحال.
104

وأما حديث ابن عباس فمما وضعه جعفر. قال ابن عدى: كنا نتهمه بالوضع
بل كنا نتيقن ذلك.
وأما حديث أبي سعيد ففيه محمد بن عثمان وقد كذبه عبد الله بن أحمد وفيه
عطية وقد ضعفه الكل.
وأما حديث أبي هريرة ففيه يزيد. قال ابن المبارك: ارم به. وقال النسائي
متروك. وقال أحمد بن حنبل: ليس هذا الحديث بصحيح. وقال أبو حاتم بن
حبان: هذا حديث موضوع لا أصل له من حديث الثقاة.
باب ضجيج الأرض من القتل المحرم
أنبأنا الجريري أنبأنا العشاري حدثنا الدارقطني حدثنا أبو طالب الحافظ
حدثنا هلال بن العلاء حدثنا أبي قتيبة حدثنا مسلمة بن علي الخشني عن
عبد الرحمن بن يزيد بن تميم عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " ما ضجت الأرض من عمل عمل عليها، ضجيجها من
سفك دم حرام واغتسال من جنابة حرام ".
تفرد به عبد الرحمن بن يزيد وتفرد به مسلم عنه. فأما عبد الرحمن فقال
البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث. وأما مسلمة فقال
يحيى: ليس بشئ. وقال النسائي والدار قطني: متروك.
باب ذم الزنا
فيه عن علي وابن عباس وجابر وحذيفة وأنس:
فأما حديث علي عليه السلام فأنبأنا أبو القاسم بن الحصين أنبأنا أبو طالب
ابن غيلان حدثنا أبو بكر الشافعي حدثنا بشر بن أنس حدثنا محمد بن أحمد بن
يزيد الجمحي حدثنا إسحاق بن محمد الفروي عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن
105

على عن أبيه عن جده عن أبي عن جده عن علي عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " المرأة لعبة زوجها فإن استطاع أن يحسن لعبته فليفعل. وقال:
لا تزنوا فتذهب لذة نسائكم، وعفوا تعف نساؤكم. إن بنى فلان زنوا
فزنت نساؤهم ".
وأما حديث ابن عباس فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل
حدثنا حمزة بن يوسف حدثنا أبو أحمد بن عدى حدثنا إسحاق بن أحمد بن
جعفر حدثنا محمد بن إسحاق البكائي حدثنا الحكم بن سليمان عن عمرو بن جميع
عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إياكم والزنا فإن فيه أربع خصال: يذهب بالبهاء من الوجه، ويقطع الرزق،
ويسخط الرحمن، والخلود في النار ".
الطريق الثاني والثالث: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا
حمزة السهمي أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا عبد الكريم بن إبراهيم حدثني
عبد الصمد بن الفضل حدثنا إسحاق بن نجيح عن ابن جريج عن عطاء عن ابن
عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما زنى عبد قط فأدمن على الزنا
إلا ابتلى في أهله ".
قال ابن عدى وحدثنا سعيد بن هاشم بن يزيد حدثنا قاسم بن عبد الوهاب
حدثنا إسحاق بن نجيح عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " عفوا تعف نساؤكم ".
وأما حديث جابر فأنبأنا ابن ناصر أنبأنا عبد الله بن علي الأبنوسي أنبأنا عمر
ابن محمد بن عبد الله النجار أنبأنا أبو نصر بن شاذان إبراهيم بن محمد بن عرفة
حدثنا محمد بن يونس حدثنا علي بن قتيبة حدثنا مالك عن أبي الزبير عن جابر
106

ابن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بروا آباءكم يبركم أبناؤكم
وعفوا تعف نساؤكم ".
وأما حديث حذيفة فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد
الحداد أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا محمد بن المظفر حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي
حدثنا هشام بن عمار حدثنا مسلمة بن علي عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة
ابن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والزنا فإن فيه ست
خصال: ثلاثا في الدنيا وثلاثا في الآخرة، فأما التي في الدنيا: فإنه يذهب البهاء
ويورث الفقر ويقتص العمر. وأما التي في الآخرة: فإنه يورث سخط الله عز
وجل وسوء الحساب والخلود في النار ".
الطريق الثاني: روى أبان بن نهشل عن إسماعيل بن أبي خالد عن الأعمش
عن شقيق عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والزنا فإن
فيه ست خصال: ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، فأما اللواتي في الدنيا: فإنه
يذهب البهاء ويقطع الرزق ويورث الفقر، وأما اللواتي في الآخرة: يسخط
الرب عز وجل وسوء الحساب والخلود في النار ".
وأما حديث أنس: أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
حدثني علي بن محمد التنوخي حدثنا كعب بن عمرو بن جعفر أبو النضر البلخي
حدثنا أبو رخا عرس بن فهدا الموصلي حدثنا الحسن بن عرفة حدثني يزيد بن
هارون عن حميد الطويل عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إياكم والزنا فإن فيه ست خصال: ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، فأما اللواتي
في دار الدنيا: فذهاب نور الوجه وسرعة الفناء وانقطاع الرزق، وأما اللواتي في
الآخرة: فيغضب الرب وسوء الحساب والخلود في النار إلا أن يشاء الله عز وجل ".
107

ليس في هذه الأحاديث شئ يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حديث علي عليه السلام فقال ابن حبان: عيسى بن عبد الله يروى عن
أبيه عن آبائه أشياء موضوعة وكان يهم ويخطئ فبطل الاحتجاج به. قال ابن
عدى: ومحمد بن أحمد بن يزيد حدث بأشياء منكرة ويسرق الحديث.
وأما حديث ابن عباس ففي الطريق الأول عمرو بن جميع. قال يحيى: هو
كذاب خبيث. وقال ابن عدى: كان يتهم. وقال النسائي والدار قطني: متروك
وفى الطريق الثاني والثالث إسحاق بن نجيح. قال أحمد بن حنبل: هو أكذب
الناس. وقال يحيى: معروف بالكذب ووضع الحديث. وقال ابن حبان: دجال
يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحا.
وأما حديث جابر فإن محمد بن يونس هو الكديمي وكان كذابا. قال العقيلي
وعلي بن قتيبة: يروى عن الثقاة البواطيل.
وأما حديث حذيفة، ففي الطريق الأول مسلمة بن علي. قال يحيى: ليس
بشئ. وقال النسائي والدار قطني: متروك، وفى رواته مسلمة عن عبد الرحمن
الكوفي عن الأعمش.
وفى الطريق الثاني أبان بن نهشل. قال ابن حبان: منكر الحديث جدا،
يروى عن الثقاة ما ليس من أحاديثهم، لا يجوز الاحتجاج به. قال: ولا أصل
لهذا الحديث الذي رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما حديث أنس، فقال أبو بكر الخطيب: إسناده كلهم ثقاة سوى كعب
فقال ابن أبي الفوارس: كان كعب سيئ الحال في الحديث.
باب عقوبة من زنى بيهودية أو نصرانية
روى عبدوس بن خلاد عن عبد الوهاب بن عطاء عن هشام بن حسان عن
108

الحسن عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من زنى
بيهودية أو نصرانية أحرقه الله في قبره ".
قال أبو زرعة: هذا باطل موضوع، وكذب عبدوس.
باب في كيفية حشر أولاد الزنا
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف
ابن أحمد حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا عارم حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن
زيد عن زيد بن عياض عن عيسى بن حطان الرقاشي عن عبد الله بن عمرو أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أولاد الزنا يحشرون يوم القيامة في
صورة الخنازير ".
هذا حديث موضوع لا أصل له. قال العقيلي: لا يحفظ من وجه يثبت.
قال المصنف قلت: وزيد بن عياض قد طعن فيه أيوب السختياني، وعلى
ابن زيد قال فيه أحمد ويحيى: ليس بشئ.
باب في أن ولد الزنا لا يدخل الجنة
فيه عن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة.
فأما حديث عبد الله بن عمرو فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا
أبو عمر عبد الواحد بن مهدي أنبأنا محمد بن مخلد الحسن بن عرفة حدثنا
عمر بن عبد الرحمن أبو حفص الابار حدثنا منصور بن المعتمر عن عبد الله بن
مرة عن جابان عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يدخل
الجنة أربعة: مدمن خمر، ولا عاق والديه، ولا منان، ولا ولد زنية ".
الطريق الثاني: أنبأنا موهوب بن أحمد أنبأنا علي بن أحمد البسري أنبأنا
109

أحمد بن الصلت حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي حدثنا الحسين بن الحسن
المروزي حدثنا مؤمل بن إسماعيل حدثنا سفيان الثوري عن منصور عن سالم
ابن أبي الجعد عن جابان عن عبد الملك بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا ولد زنا ولا من أتى ذات محرم
ولا من ارتد أعرابيا بعد هجرة ".
الطريق الثالث: أنبأنا القزاز أنبأنا أحمد بن علي أنبأنا يوسف بن رباح
المصري أنبأنا علي بن الحسين بن بندار الأذني حدثنا أبو طاهر بن فيل حدثنا
عامر بن إسماعيل البغدادي حدثنا مؤمل حدثنا سفيان الثوري عن عبد الكريم
عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل
الجنة عاق ولا منان ولا مرتد أعرابيا بعد هجرة ولا ولد زنا ولا من أتى ذات محرم "
وأما حديث أبي هريرة فله ثلاثة طرق:
الطريق الأول: أنبأنا أبو منصور محمد بن عبد الملك وعبد الرحمن بن محمد
قالا أنبأنا ابن المأمون حدثنا الدارقطني حدثنا محمد بن مخلد حدثنا حمدان بن عمر
حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا أبو إسرائيل ح. وأنبأنا محمد بن عبد الباقي بن
أحمد أنبأنا حمد بن أحمد أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ حدثنا إبراهيم
ابن محمد بن يحيى حدثنا محمد بن المسيب حدثني بركة بن محمد الحلبي حدثنا يوسف
ابن أسباط عن أبي إسرائيل عن فضيل بن عمرو عن مجاهد عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل الجنة ولد زنا، ولا والده،
ولا ولد ولده ".
الطريق الثاني: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن
يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا حمزة بن داود الثقفي حدثنا محمد بن زنبور
حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال
110

رسول الله صلى الله عليه وسلم: " - فرج - [فرخ] الزنا لا يدخل الجنة ".
الطريق الثالث: أنبأنا عبد الأول أنبأنا الداوودي أنبأنا ابن أعين السرخسي
حدثنا إبراهيم بن خزيم حدثنا عبد بن حميد حدثنا عبد الرحمن بن سعد الرازي
حدثنا عمر بن أبي قيس عن إبراهيم بن مهاجر عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي
ذئاب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل ولد الزنا ولا شئ
من نسله إلى سبعة آباء الجنة ".
ليس في هذه الأحاديث شئ يصح.
أما حديث ابن عمرو فذكر البخاري في تاريخه أنه قد روى من قول
عبد الله بن عمرو ولا يصح. قال: ولا يعرف لجابان سماع من عبد الله بن عمرو
وقال البخاري: هو مجهول. وأما الطريق الثاني ففيه عبد الكريم، وقد كذبه
أيوب السختياني، وقال أحمد ويحيى: ليس بشئ، وقال الدارقطني: متروك.
وأما حديث أبي هريرة فمدار الطريق الأول على إسرائيل. قال يحيى:
أصحاب الحديث لا يكتبون حديثه، وقد ضعفه الترمذي والدار قطني. قال
الدارقطني: ثم اختلف على مجاهد في هذا الحديث على عشرة أوجه، فتارة يروى
عن مجاهد عن أبي هريرة، وتارة عن مجاهد عن ابن عمر، وتارة عن مجاهد عن أبي
ذئاب، وتارة يروى موقوفا، إلى غير ذلك، وكله من تخليط الرواة. وفى
الطريق الثاني من لا يعرف. وفى الثالث إبراهيم بن مهاجر، ضعفه البخاري
والنسائي. ثم أي ذنب - لو - [لولد] الزنا حتى يمنعه من دخول الجنة. فهذه
الأحاديث تخالف الأصول، وأعظم ما في قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى).
باب في ذم اللوط وعقوبة اللوطي
حديث في أن اللوطي يبقى جنبا وإن اغتسل: أنبأنا أبو منصور القزاز
أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب حدثني عبد العزيز بن علي حدثنا أبو القاسم
111

الحسين بن أحمد بن محمد بن دينار الوراق حدثنا محمد بن العباس بن سهيل حدثنا
أبو بكر بن زنجويه عن عبد الله بن بكر السهمي عن حميد عن أنس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو اغتسل اللوطي بماء البحار لم يجئ يوم
القيامة إلا جنبا ".
قال الخطيب: الرجال المذكورون في إسناد هذا الحديث كلهم ثقاة غير أبى
سهيل وهو الذي ضعفه.
حديث آخر في ذلك: حدثنا أحمد بن مبارك أنبأنا أبو الحسين بن عبد الجبار
أنبأنا أبو محمد الخلال حدثنا العباس بن أحمد الهاشمي حدثنا علي بن نوح حدثنا
محمد بن يونس حدثنا محمد بن حيان حدثنا روح بن مسافر عن حماد عن إبراهيم
عن علقمة عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللوطيان
لو اغتسلا بماء البحر لم يجزهما إلا أن يتوبا ".
وهذا موضوع. قال ابن حبان: روح بن مسافر كان يروى الموضوعات
عن الاثبات، لا تحل الرواية عنه.
حديث في عقوبة اللوطي: أنبأنا علي بن أحمد الموحد أنبأنا هناد بن إبراهيم
النسفي حدثني أبو جعفر محمد بن جميل الطالقاني حدثنا أبو على الحسين بن محمد
الطالقاني حدثنا عمار بن عبد المجيد الهروي حدثنا داود بن عفان النيسابوري قال
سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قبل
غلاما بشهوة عذبه الله في النار ألف سنة، ومن جامعه لم يجد رائحة الجنة، وريحها
يوجد من مسيرة خمسمائة عام، إلا أن يتوب ".
هذا حديث موضوع. قال أبو حاتم بن حبان: داود بن عفان شيخ كان يدور
بخراسان ويزعم أنه سمع من أنس بن مالك ويضع عليه روى نسخة موضوعة.
حديث آخر في ذلك: أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي أنبأنا ابن مسعدة
112

أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى سمعت أبا جعفر القاص سمعت
أحمد بن محمد بن غالب حدثنا سنان حدثنا الربيع بن بدر عن أبي هارون عن أبي
سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قبل غلاما لشهوة لعنه
الله، فإن صافحه بشهوة لم يقبل من صلاته، فإن عانقه لشهوة ضرب بسياط من
نار يوم القيامة، فإن فسق به أدخله الله النار ".
هذا حديث موضوع. وأبو هارون العبدي قد ذكرناه في مواضع من
كتابنا هذا وأنه كان كذابا. قال أحمد: ليس بشئ، وقال يحيى: الربيع بن
بدر ليس بشئ. وأما أحمد بن محمد فهو غلام خليل، وقد ذكرنا في مواضع أنه
كان يضع الحديث، وهو المتهم عندي في هذا الحديث، لان ابن عدى حكى عنه
أنه قال: وضعنا أحاديث نرقق بها قلوب العامة، قال ابن عدى: وهذا الحديث
باطل بهذا الاسناد وبغيره.
حديث في عقوبة اللوطي في قبره: أنبأنا ابن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد
الجبار أنبأنا عبد الباقي بن أحمد الواعظ أنبأنا محمد بن جعفر بن علان أنبأنا أبو
الفتح الأزدي أنبأنا أحمد بن عامر النصيبي حدثنا محمد بن أبي غسان حدثنا سلمة
ابن شبيب حدثنا مروان بن محمد السخاوي عن مسلم بن خالد عن إسماعيل بن
أم درهم عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اللوطي إذا مات ولم يتب مسخ في قبره خنزيرا ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفى إسناده مروان
ابن محمد. قال ابن حبان: روى المناكير لا يحل الاحتجاج به. وقال الدارقطني
ذاهب الحديث. وفيه مسلم بن خالد الزنجي. قال ابن المديني: ليس بشئ. قال
الأزدي: وإسماعيل بن أم درهم لا يحتج بحديثه.
حديث في وقاحة الممكن من نفسه: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن
113

مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا عمرو بن حفص
ابن عبد الجبار حدثنا يزيد بن سنان حدثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري عن
المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " لا امرؤ أقل حياء من امرئ أمكن من دبره ".
وهذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الدارقطني: حديث
عبد الله بن إبراهيم منكر ونسبه ابن حبان إلى أنه كان يضع الأحاديث. قال:
ولا يحتج بالمنكدر. وأما يزيد بن سنان فقال يحيى: ليس بشئ. وقال النسائي
متروك الحديث.
حديث في عقوبة الممكن من نفسه: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن
مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف حدثنا ابن عدى حدثنا محمد بن أحمد بن حبيب
حدثنا دينار بن عبيد الله مولى أنس عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " من أتى في الدبر سبع مرات حول الله شهوته من قبله إلى دبره ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن حبان:
دينار يروى عن أنس الموضوعات لا يحل ذكره بالا بالقدح فيه.
باب في أن المجنون من أفنى عمره بالمعاصي
أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا الحاكم أبو عبد الله
النيسابوري حدثنا أبو الحسن أحمد بن أبي عثمان حدثنا إبراهيم بن سعيد
التستري حدثنا محمد بن القاسم الطالكاني حدثنا أبو مقاتل السمرقندي حدثنا
عوف بن أبي جميلة عن خلاس عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " رفع القلم عن ثلاثة: عن الغلام حتى يحتلم وإن لم يحتلم حتى يكون له
ثماني عشرة، وعن النائم حتى يستيقظ فإن طلق في منامه لم يقع الطلاق، وعن
114

المجنون حتى يصح. قيل يا رسول الله ومن المجنون؟ قال: من أبلى شبابه في
معصية الله عز وجل ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الحاكم
أبو عبد الله: كان الطالكاني وضاعا للحديث.
باب ذم الغناء
أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد الحداد أنبأنا أبو نعيم
الحافظ حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل
حدثني إبراهيم بن سعد الطبري حدثنا أبو اليمان عن سعيد بن سنان عن أبي
الزاهرية عن كثير بن مرة عن الربيع بن خيثم عن ابن مسعود " أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يتغنى من الليل، فقال: لا صلاة له حتى مثلها
ثلاث مرات ".
هذا حديث لم يصح. قال يحيى بن معين: سعيد ليس بثقة أحاديثه بواطيل
وقال النسائي: متروك الحديث.
باب في إباحة الغناء
فيه عن ابن عباس وعائشة:
فأما حديث ابن عباس: أنبأنا أبو القاسم الجريري أنبأنا أبو طالب العشاري
حدثنا الدارقطني حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر حدثنا أبو جعفر محمد بن المثنى
البزاز حدثنا الحسن بن محمد حدثنا أبو أويس حدثنا حسين بن عبد الله بن
عباس عن عكرمة عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بحسان
ابن ثابت وقد رش فناء أطمه وجلس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سماطين
وجارية له يقال له سيرين معها مزهرها تختلف به بين القوم وهي تغنيهم، فلما
115

مر النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم ولم ينهم، فانتهى إليها وهي تقول في
غنائها: هل على ويحكم إن لهوت من حرج. فضحك رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وقال: لا حرج إن شاء الله ".
قال الدارقطني: تفرد به حسين عن عكرمة وتفرد به أبو أويس عنه ".
قال المصنف قلت: أما حسين فقال علي بن المديني: تركت حديثه. وقال
النسائي: متروك الحديث. وقال السعدي: لا يشتغل بحديثه. وأما أبو أويس
فاسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس. قال أحمد ويحيى: ضعيف الحديث.
وقال يحيى مرة: كان يسرق الحديث.
[وأما حديث] عائشة أنبأنا القزاز أنبأنا أبو بكر الخطيب حدثني أبو نصر
علي بن عبد الله البغدادي أنبأنا أبو إبراهيم أحمد بن القاسم بن ميمون العلوي
أنبأنا إبراهيم بن علي بن إبراهيم أبو الفتح البغدادي حدثنا موسى بن نصر بن
جرير حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي حدثنا عبد الرزاق حدثنا بكار بن
عبد الله بن وهب قال سمعت ابن أبي مليكة يقول سمعت عائشة تقول: " كانت
عندي امرأة تسمعني، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على تلك الحال
ثم دخل ففرت، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: ما يضحكك
يا رسول الله؟ فحدثه فقال: والله لا أخرج حتى أسمع ما سمع رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فأسمعته ".
قال الخطيب: أبو الفتح البغدادي واهي الحديث ساقط الرواية،
وأحسب موسى بن نصر بن جرير اسما ادعاه وشيخنا اختلقه، وأصل الحديث
باطل. والله أعلم.
باب في اللعب بالكعاب
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا
116

أبو أحمد بن عدى حدثنا عبد الكريم بن إبراهيم حدثني عبد الصمد بن الفضل
حدثنا إسحاق بن نجيح عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس: " أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اللهو كله حتى لعب الصبيان بالكعاب ".
هذا حديث موضوع والمتهم به إسحاق. قال أحمد بن حنبل: هو أكذب
الناس. وقال يحيى: هو معروف بوضع الحديث.
باب في الكبائر
أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا يوسف بن
أحمد حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن علي حدثنا عبد الله بن يوسف الجبيري
حدثنا معان أبو صالح عن أبي حمزة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل ما نهى الله عنه كبيرة حتى لعب
الصبيان بالقمار ".
هذا حديث موضوع، وكان معان يحدث عن الثقاة بالمنكرات: قال ابن
حبان: لا يشبه حديثه حديث الاثبات فاستحق الترك.
باب في الخروج من المظالم
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا أبو أحمد بن عدى
حدثنا حمزة بن العباس الجوهري وعمران بن موسى وغيرهما قالوا حدثنا إسحاق
ابن وهب الطهرمسى قرية من قرى مصر حدثنا ابن وهب حدثنا مالك عن نافع
عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لرد دانق من حرام يعدل
عند الله عز وجل سبعين ألف حجة " ح. وأنبأناه ابن ناصر أنبأنا عبد القادر
ابن يوسف أنبأنا أبو الحسن البرمكي أنبأنا أبو عبد الله بن بطة حدثنا محمد بن
بكر حدثنا أبو ذر البصري أنبأنا إسحاق بن وهب فذكره وقال سبعين حجة.
117

هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتهم به إسحاق. قال
ابن حبان: كان يضع الحديث صراحا ولا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه.
وقد سرق هذا الحديث أحمد بن محمد بن الصلت الهروي فرواه عن يحيى
ابن سليمان بن نضلة عن مالك. وقال فيه: " لرد دانق من حرام أفضل عند
الله من سبعين حجة مبرورة ".
ورواه عن هناد عن أبي سلمة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر
موقوفا: " لرد دانق من حرام أفضل عند الله عز وجل من مائة ألف تنفق في
سبيل الله عز وجل ".
قال ابن حبان: كان أحمد بن محمد يضع الحديث. وقال ابن عدى: ما رأيت
في الكذابين أقل حياء من أحمد بن محمد بن الصلت.
باب كفارة الغيبة
فيه عن سهل وأنس وجابر:
أما حديث سهل: فأنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا
حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا أحمد بن محمد بن الفرات حدثنا
إسحاق بن الجراح حدثنا أبو داود سليمان بن عمرو عن أبي حازم عن سهل بن
سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا اغتاب أحدكم أخاه فليستغفر
الله فإنها كفارة له ".
وأما حديث أنس فأنبأنا علي بن محمد بن حسون أنبأنا أبو محمد بن أبي عثمان
ح. وأنبأنا ابن ناصر أنبأنا الحسن بن أحمد بن طلحة قالا: أنبأنا أبو القاسم
الحسن بن الحسن بن المنذر أنبأنا ابن صفوان حدثنا أبو بكر القرشي حدثنا
أبو عبيدة بن عبد الوارث بن عبد الصمد حدثنا أبي حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن
118

القرشي عن خالد بن يزيد عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " كفارة من اغتبت أن تستغفر له ".
وأما حديث جابر: فأنبأنا هبة الله بن أحمد الجريري أنبأنا أبو خالد
العشاري حدثنا الدارقطني حدثنا محمد بن مخلد حدثني يحيى بن عياش عن عيسى
العطار حدثنا حفص بن عمر الأيلي حدثنا مفضل بن لاحق حدثني محمد بن المنكدر
سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" من اغتاب رجلا ثم استغفر له من بعد ذلك غفرت له غيبته ".
هذه الأحاديث ليس فيها شئ صحيح.
أما الأول: فقال ابن عدى: هو مما وضعه سليمان بن عمرو على أبي حازم.
قال أحمد ويحيى: كان سليمان يضع الحديث.
وأما الثاني فقال يحيى: عنبسة ليس بشئ. وقال النسائي: متروك. وقال
أبو حاتم الرازي: كان يضع الحديث. وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به.
وأما الثالث فقال الدارقطني: تفرد به حفص عن مفضل وحفص ضعيف.
وقال النسائي: حفص ليس بثقة. وقال ابن حبان: كان يقلب الأسانيد لا يجوز
الاحتجاج به إذا انفرد.
باب قبول التوبة
أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد الحداد أنبأنا أبو نعيم
أحمد بن عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن الحسن بن علي اليقطيني حدثنا محمد بن
معاذ بن عيسى بن ضرار الهروي حدثنا أبو على أحمد بن عبد الله الجويباري حدثنا
وكيع بن - أجراح - [الجراح] عن مسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد بن
وهب عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان يوم
القيامة جئ بالتوبة في أحسن صورة وأطيب ريح، فلا يجد ريحها إلا مؤمن
119

فيقول الكافر: يا ويلتاه أتاك هؤلاء يزعمون أنهم يجدون ريحا طيبة ولا يجدها.
قال: فتكلمهم التوبة فتقول: لو قبلتموني في الدنيا لأطبت ريحكم اليوم. قال
فيقول الكافر: أنا أقبلك الآن. قال: فينادى ملك من السماء: لو أتيتم بالدنيا
وما فيها وكل ذهب وفضة وبكل شئ كان في الدنيا ما قبل منكم توبة. قال:
فتتبرأ منهم التوبة، فتتبرأ منهم الملائكة ويجئ الخير، فمن شمت منه ريحا طيبة
تركته، ومن لم تشم منه ريحا طيبة ألقته في النار ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى إسناده
الجويباري، وقد سبق في كتابنا أنه كان يضع الحديث، وقد ضهد عليه الوضع
ابن عدى وابن حبان الحافظان، وقد روى إسماعيل بن يحيى التيمي نحوه عن
مسعر. قال ابن عدى: إسماعيل يحدث عن الثقاة بالبواطيل. وقال الدارقطني:
كذاب متروك. وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه بحال.
باب قبول توبة الزاني والقاتل
أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف بن أحمد
حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا
عيسى بن شعيب بن ثوبان عن فليح عن عبد بن أبي عبيد عن أبي هريرة قال:
" صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة ثم انصرفت، فإذا امرأة عند
بابي، فسلمت ثم فتحت ودخلت، فبينا أنا في مسجدي أصلى إذ نقرت الباب،
فأذنت لها فدخلت، فقالت: إني جئت أسألك عن عمل عملته هل له من توبة
إني زنيت وولدته وقتلته؟ فقلت لها: لا نعمة عين ولا كرامة، فسلمت وهي
تدعو بالحسرة وتقول: وا حسرتاه أخلق هذا الجسد النار. قال: ثم صليت مع
النبي صلى الله عليه وسلم من تلك الليلة ثم جلسنا ننتظر الاذن عليه، فأذن لنا
فدخلنا ثم خرج من كان معي وتخلفت، فقال مالك: يا أبا هريرة ألك حاجة؟
120

فقلت: بلى يا رسول الله، صليت معك العتمة ثم انصرفت فقصصت عليه ما قالت
المرأة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما قلت لها؟ قال قلت: ولا نعمة عين
ولا كرامة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بئس ما قلت لها ما كنت تقرأ
هذه الآية: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس النفس التي حرم
الله إلا بالحق) قال أبو هريرة: فخرجت، فلم أترك بالمدينة خصا ولا دارا إلا
وقفت عليها، فقلت: إن يكن فيكم المرأة التي جاءت إلى أبي هريرة البارحة
فلتأت ولتبشر، فلما صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العتمة، فإذا هي عند
بابي، فقلت لها: أبشري فإني دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت
له ما قلت وما قلت لك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بئس ما قلت لها أما
كنت تقرأ هذه الآية؟ فقرأتها عليه، فخرت ساجدة، وقالت الحمد لله الذي
جعل لي مخرجا وتوبة مما عملت. إن هذه الجارية وابنها حران لوجه الله، وإني
فديت مما عملت ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال العقيلي: عيسى
ابن شعيب عن فليح لا يتابع على حديثه هذا، وعبيد بن أبي عبيد مجهول، وقال
ابن حبان: عيسى متروك.
باب ما يفعل من أراد التوبة
ذكرت لذلك صلاة تروى عن أبي ذر قد سبقت في كتاب الصلاة.
باب توبة ثعلبة بن عبد الرحمن
أنبأنا المحمدان ابن ناصر وابن عبد الباقي قالا أنبأنا حمد بن أحمد أنبأنا
أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد حدثنا
موسى بن هارون ومحمد بن الليث الجوهري قالا حدثنا سليم بن منصور بن عمار
حدثنا أبي عن المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد الله " أن
121

فتى من الأنصار يقال له ثعلبة بن عبد الرحمن أسلم وكان يخدم النبي صلى الله عليه
وسلم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه في حاجة فمر بباب رجل من
الأنصار فرأى امرأة الأنصاري تغتسل فكرر إليها النظر وخاف أن ينزل الوحي
على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج هاربا على وجهه، فأتى جبالا بين مكة
والمدنية فولجها، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما وهي الأيام التي
قالوا ودعه ربه وقلى، وأن جبريل نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول إن الهارب من أمتك بين هذه الجبال يتعوذ
بي من ناري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر ويا سلمان انطلقا فأتياني
بثعلبة بن عبد الرحمن فخرجا في - أبعاد - [أنقاب] المدينة فلقيهما راع من رعاة المدينة
يقال له دفافة، فقال له عمر: يا دفافة هل لك على بشاب بين هذه الجبال، فقال له
دفافة: لعلك تريد الهارب من جهنم، فقال عمر: وما علمك أنه هارب من جهنم،
قال: لأنه إذا كان في جوف الليل خرج علينا من هذه الجبال واضعا يده على
أم رأسه وهو يقول: ليتك قبضت روحي في الأرواح وجسدي في الأجساد ولم
تجردني لفصل القضاء. قال: فغدا عليه عمر فاحتضنه، فقال: الأمان الأمان،
الخلاص من النار، فقال له عمر: أنا عمر بن الخطاب، فقال: يا عمر هل علم
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا علم لي إلا أنه ذكرك بالأمس فبكى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلني أنا وسلمان في طلبك، فقال: يا عمر
لا تدخلني عليه إلا وهو يصلى أو بلال يقول: قد قامت الصلاة، قال: أفعل،
فأقبلوا به إلى المدينة فوافقوا رسول الله صلى الله علية وسلم وهو في صلاة الغداة،
فبدر عمر وسلمان الصف، فما سمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خر
مغشيا عليه، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا عمر ويا سلمان ما فعل
ثعلبة بن عبد الرحمن؟ قالا: هاهو ذا يا رسول الله، قال: أفلا أدلك على أنه
يمحو الذنوب والخطايا، قال: بلى يا رسول الله، قال قل: اللهم آتنا في الدنيا
122

حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، قال: ذنبي أعظم يا رسول الله، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل كلام الله أعظم، ثم أمره رسول الله صلى الله
عليه وسلم بالانصراف إلى منزله، فمرض ثمانية أيام، فجاء سلمان إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هل لك في ثعلبة فإنه لما به. فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: قوموا بنا إليه، فلما دخل عليه أخذ رسول الله صلى الله
عليه وسلم رأسه فوضعه في حجره، فأزال رأسه عن حجر رسول الله صلى الله
عليه وسلم: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم أزلت رأسك عن حجري؟
فقال: إنه من الذنوب ملآن، قال: ما تجد؟ قال: أجد مثل دبيب النمل بين
جلدي وعظمي، قال: فما تشتهى؟ قال: مغفرة ربى، قال: فنزل جبريل على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام يقول: لو أن عبدي
هذا لقيني بقراب الأرض خطيئة لقيته بقرابها مغفرة، فقال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم: أفلا أعلمه ذلك؟ قال: بلى، فأعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذلك، فصاح صيحة فمات، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسله وكفنه
وصلى عليه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي على أطراف أنامله، فقالوا:
يا رسول الله رأيناك تمشى على أطراف أناملك، قال: والذي بعثني بالحق ما قدرت
أن أضع رجلي على الأرض من كثرة أجنحة لتشييعه من الملائكة ".
هذا حديث موضوع شديد البرودة، ولقد فضح نفسه من وضعه بقوله:
وذلك حين نزل عليه (ما ودعك ربك وما قلى) وهذا إنما أنزل عليه بمكة
بلا خلاف، وليس في الصحابة من اسمه دفافة، وقد اجتمع في إسناده جماعة
ضعفاء منهم المنكدر، قال يحيى: ليس بشئ، وقال ابن حبان: كان يأتي بالشئ
توهما فبطل الاحتجاج بأخباره. ومنهم سليم بن منصور فإنهم قد تكلموا فيه،
ومنهم أبو بكر المفيد، قال البرقاني: ليس بحجة، قال وسمعت عليه الموطأ، فقال
لي أبو بكر بن أبي سعد: أخلف الله نفقتك، فأخذت عوضه بياضا. وقد روى
123

هذا الحديث أبو عبد الرحمن السلمي عن جده إسماعيل بن نجيد عن أبي عبد الله
محمد بن إبراهيم العبدي عن سليم، و - هآولا - [هؤلاء] لا تقوم بهم حجة.
باب الاقرار على النفس بالذنب
أنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة
أنبأنا ابن عدى حدثنا علي بن محمد بن مهرويه حدثنا إبراهبم بن الحسين حدثنا
داهر بن نوح حدثنا بشر بن إبراهيم حدثنا أبو حمرة عن الحسن عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى وملائكته يترحمون على
المقرين على أنفسهم بالذنوب ".
هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عدى:
بشر بن إبراهيم له أحاديث بواطيل، وهو عندي ممن يضع الحديث على الثقاة،
وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقاة.
باب العود بعد التوبة
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا الحسن بن أحمد بن البناء أنبأنا عبيد الله بن أحمد
حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن هارون حدثنا عمرو بن علي حدثنا المعتمر
ابن سليمان حدثنا الفضل بن عيسى عن أبي الحكم العجلي عن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا قال العبد أستغفر الله وأتوب إليه ثم عاد
ثم قالها ثم عاد ثم قالها ثم عاد، كتبه الله في الرابعة من الكذابين ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والفضل كذاب.
قال ابن معين: كان رجل سوء.
باب علامات الشقاء
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا أبو طالب العشاري
124

أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد بن سهيل القاضي حدثنا محمد بن عبيد الله بن النعمان
حدثنا أبو مسعود يزيد بن خالد الأصبهاني حدثنا محمد بن إبراهيم الشامي حدثنا
وهب بن جويرية السلمي عن أبي داود سليمان بن عمرو النخعي عن إسحاق بن
عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه
[وسلم]: " أربع من الشقاء: جمود العين وقساوة القلب والحرص على الدنيا
وطول الامل ".
طريق آخر: أنبأنا عبد الله بن علي المقرى أنبأنا جدي أبو منصور محمد بن
أحمد أنبأنا الحسين بن عمر العلاف حدثنا يوسف بن عمر بن مسرور حدثنا
سعيد بن أحمد بن محمد العراد حدثنا محمد بن سنان - يعنى القزاز - حدثنا هاني
ابن المتوكل عن عبد الله بن سليمان عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن
أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أربعة من الشقاوة: جمود العين وقساوة
القلب وطول الامل والحرص على الدنيا ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الطريق الأول ففيه أبو داود النخعي. قال أحمد ويحيى: كان يضع
الأحاديث. قال ابن عدى: وضع هذا على إسحاق. وفيه محمد بن إبراهيم الشامي
قال ابن حبان: كان يضع الحديث. وأما الطريق الثاني ففيه هاني بن المتوكل.
قال ابن حبان: كثرت المناكير في روايته لا يجوز الاحتجاج به -
قال المصنف قلت: وعبد الله بن سليمان مجهول.
125

كتاب الحدود والعقوبات
باب حد السن التي توجب إقامة الحدود والعقوبة
أخبرت عن أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد أنبأنا محمد بن القاسم حدثنا
أبو الحسن بن يوسف بن إسحاق حدثنا محمد بن الفضل النيسابوري حدثنا
أبو عتاب الطالقاني حدثنا أحمد بن يعقوب البلخي حدثنا علي بن عاصم عن جعفر
ابن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " لا يكتب على ابن آدم ذنب أربعين سنة إذا كان مسلما، ثم تلا (حتى
إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة) ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولقد أبدع من
وضعه وخالف به إجماع المسلمين. فواعجبا من جرأة - هاولا - [هؤلاء] على
الشريعة. قال شعبة: كان جعفر أكذب الناس، وقال يحيى: ليس بثقة، وقال
السعدي: نبذوا حديثه، وقال البخاري والنسائي والدار قطني: متروك. وأما
علي بن عاصم فقال يزيد بن هارون: ما زلنا نعرفه بالكذب، وقال يحيى: ليس
بشئ. وقد تقدم قولنا في القاسم، وأنه ليس بشئ.
باب قتل اللص
أنبأنا ابن خيرون أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان
حدثنا الخضر بن أحمد حدثنا مخلد بن مالك حدثنا فوات بن زهير عن مالك بن
أنس حدثني أبي عن أم علقمة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " اللص محارب لله ولرسوله فاقتلوه فما أصابكم من إثم فعلى ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو حاتم:
فوات بن زهير عن مالك ما لم يروه قط لا تحل الرواية عنه ولا الاحتجاج به بحال.
126

باب قتل العشار
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة حدثنا أبي
أنبأنا عبد الله بن محمد بن الحارث البخاري حدثنا حمدان بن ذي النون
البلخي حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب
عن محيس بن كيسان عن عبد الرحمن بن حسان عن رجل من جذام عن مالك
ابن عتاهية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لقيتم عشارا فاقتلوه ".
هذا حديث موضوع. وفيه غير واحد من المجهولين. وقد رواه قتيبة عن
ابن لهيعة فلم يذكر فيه محيسا ولا عبد الرحمن بن حسان. وابن لهيعة ذاهب
الحديث، والحديث ليس بشئ في الجملة.
باب دية الذمي
أنبأنا ابن عبد الخالق أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد حدثنا عبد الملك حدثنا
الدارقطني حدثنا علي بن إبراهيم بن حماد حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني حدثنا
علي بن الجعد حدثنا أبو كرز القرشي عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " دية ذمي دية مسلم ". واسم أبى كرز عبد الله بن كرز.
قال أبو حاتم بن حبان: هذا حديث باطل لا أصل له من كلام رسول الله صلى الله
عليه وسلم. وعبد الله بن كرز يأتي عن الثقاة بما ليس من أحاديثهم لا يحل
الاحتجاج به، وكذلك قال الدارقطني: هذا الحديث باطل لا أصل له، وابن
كرز متروك.
باب حكم المرأة إذا ارتدت
أنبأنا عبد الحق أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد حدثنا محمد بن عبد الملك حدثنا
الدارقطني حدثنا عبد الصمد بن علي حدثنا عبد الله بن عيسى حدثنا عفان حدثنا
127

شعبة عن عاصم عن أبي رزين عن عبد الله بن عباس قال قال النبي صلى الله عليه
وسلم: " لا تقتل المرأة إذا ارتدت ".
قال الدارقطني: لا يصح هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم. وعبد الله بن عيسى كذاب يضع الأحاديث على عفان وغيره، ولا
يصح هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا رواه شعبة. وفى الصحيح:
" من بدل دينه فاقتلوه ".
باب حد المماليك وأهل الذمة
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا
أبو أحمد بن عدى الحافظ حدثنا محمد بن سليمان بن عبد الكريم حدثنا قتيبة
حدثنا إبراهيم بن أبي حبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله أخر حد المماليك وأهل الذمة إلى
يوم القيامة ".
قال أبو أحمد: هذا حديث منكر، وإبراهيم بن أبي حبة في عداد من
يضع الحديث، ولم يروه عن هشام غيره. وقال الدارقطني: متروك.
باب إثم السارق والكاتم عليه
أنبأنا إسماعيل أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا ابن عدى حدثنا جعفر
ابن أحمد بن علي حدثنا نعيم بن حماد حدثنا سليمان بن حبان عن حميد الطويل
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أبصر سارقا سرق
سرقة صغرت أو كبرت فكتم عليه ما سرق ولم ينذر به كان عليه الوزر مثل
الذي على السارق، ولا يسرق السارق حتى يخرج الايمان من قلبه، ولا يكتم
عليه من رآه حتى يخرج الايمان من قلبه، ويبرأ الله منهما، وكلاهما في النار،
128

إلا أن الذي نظر إليه وكتم عليه يدعك بالعذاب دعكا ".
قال ابن عدى: وهذا الحديث بهذا الاسناد باطل، وهذه الألفاظ لا تشبه
ألفاظ الرسول عليه السلام. وجعفر كنا نتهمه بوضع الحديث بل يتبين ذلك
منه، وقد روى جعفر حديثين آخرين في السرقة يشابه هذا المعنى لا نشك
أنها من وضعه.
باب وجود القتيل بين قريتين
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا أبو الحسن العتيقي
حدثنا يوسف بن أحمد حدثنا أبو جعفر العقيلي حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا
إسماعيل بن أبان الوراق حدثنا أبو إسرائيل الملائي حدثني عطية عن أبي سعيد
الخدري قال: " وجد قتيل بين قريتين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فقيس
إلى أيهما كان أقرب، فوجد أقرب إلى أحدهما بشبر. قال: فكأني أنظر إلى
شبر النبي صلى الله عليه وسلم، فضمن النبي صلى الله عليه [وسلم] من كانت
أقرب إليه ".
هذا حديث موضوع وفيه جماعة ضعاف منهم عطية، ضعفه الكل. ومنهم
أبو إسرائيل واسمه إسماعيل بن أبي إسحاق ضعيف. وقال يحين بن معين:
أصحاب الحديث لا يكتبون حديثه. وقال العقيلي: ما حدث بهذا الحديث غيره
ليس له أصل. ومنهم إسماعيل بن أبان. قال أحمد بن حنبل: حدث أحاديث
موضوعة. وقال يحيى: كذاب. وقال ابن حبان: يضع الحديث على الثقاة.
وقال البخاري والدار قطني: متروك.
باب حد القاذف
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن
129

حبان حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا محمد بن رافع حدثنا ابن أبي فديك
حدثنا إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قال الرجل للرجل يا يهودي فاجلدوه عشرين،
وإذا قال يا مخنث فاجلدوه عشرين. وفى رواية أخرى: وإذا قال يا لوطي
فاجلدوه عشرين ".
قال أبو حاتم بن حبان: هذا الحديث باطل لا أصل له. وإبراهيم كان
يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل. وداود حدث عن الثقاة بما لا يشبه حديث
الاثبات، تجب مجانبة روايته.
باب قذف الذمي
أنبأنا ابن خيرون أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد
ابن عدى أنبأنا الفضل بن عبد الله بن سليمان الأنطاكي حدثنا مصعب بن سعد
حدثنا محمد بن محصن الأسدي عن الأوزاعي عن مكحول عن واثلة بن الأسقع
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قذف ذميا حد له يوم القيامة
بسياط من نار ".
قال أبو حاتم بن حبان: محمد بن محصن يضع الحديث على الثقاة لا يحل
ذكره إلا على وجه القدح فيه.
130

كتاب الزهد
باب التحذير من شر الدنيا
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب أنبأنا أبو نعيم
الحافظ حدثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن مكي الجرجاني حدثنا علي بن محمد الصائغ
حدثنا زكريا بن يحيى بن الحارث الكسائي حدثنا مالك بن أنس عن حميد عن
أنس قال: " جاء على إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ناقة فقال النبي صلى الله
عليه وسلم: ما هذه الناقة؟ قال: حملني عليها عثمان، فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: يا علي اتق الدنيا، فإن من كثر شيئه كثر شغله، ومن كثر شغله اشتد
حرصه، ومن اشتد حرصه كثر همه ونسي دينه، فما ظنك يا علي بمن نسي ربه ".
قال الخطيب: هذا حديث منكر تفرد بروايته الصائغ وهو ضعيف جدا
عن الكسائي وهو مجهول.
حديث آخر: أنبأنا ابن خيرون أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم
ابن حبان حدثنا عبد الكبير بن عمر الخطابي حدثنا أحمد بن يونس بن المسيب
حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن نفيع عن أنس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما منكم من أحد غنى ولا فقير إلا يود يوم
القيامة أنه أوتى في الدنيا قوتا ".
نفيع هذا هو أبو داود الأعمى، كذبه قتادة. قال يحيى: لم يكن ثقة. وقال
النسائي والدار قطني: متروك.
باب ذم من يحب الدنيا
أنبأنا القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا علي بن أبي على البصري
حدثنا محمد بن عبد الله بن الشخير حدثنا داود بن سليمان بن جندل الهمداني
131

حدثنا علي بن حرب حدثنا أبو معاوية عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار: " كيف
تفلح والدنيا أحب إليك من أحب الناس عليك ".
قال الخطيب: لا أعلم رواه غير داود بهذا الاسناد، ورجاله كلهم ثقاة غير
داود، والحمل فيه عليه.
باب ذم من أصبح وهمه الدنيا
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي حدثني عبد الله بن أحمد بن
الحسين المروزي حدثنا إسحاق بن بشر حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي
وائل عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أصبح وهمه الدنيا
فليس من الله في شئ ".
هذا حديث لا يصح، والمتهم به إسحاق. قال الدارقطني: كذاب
متروك، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقاة، لا يحل كتب حديثه
إلى على التعجب.
باب شهرة محب الدنيا يوم القيامة
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا محمد بن طاهر حدثنا سهيل بن عبد الله الغازي
أنبأنا أبو سعيد محمد بن علي بن مهدي النقاش أنبأنا أبو بكر محمد بن العباس
الحصري حدثنا أبو عمرو سعيد بن محمد الأشج حدثنا جعفر بن عاصم الدمشقي
حدثنا أحمد بن أبي الحوارى أخبرني بشر بن السرى عن سفيان الثوري عن
محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أن عبدا
أدى جميع ما افترض الله إلا أنه كان محبا للدنيا لنادى مناد يوم القيامة: ألا إن
فلانا أحب ما أبغض الله عز وجل ".
132

قال النقاش: هذا حديث كذب موضوع، ولعل سعيدا وضعه.
قال المصنف قلت: وقد اتهم سعيد بهذا الحديث رواه عن ابن عمر عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: بعث الله ملكا إلى رجل ليعذبه، قال:
أسألك بوجه الله ألا تعذبني، فمضى فبعث ثلاثة كلهم يقول ذلك فلا يعذبه،
فبعث الرابع فقال له ذلك فعذبه، فلما صعد سقط جناحاه ووقع فقال: يا رب وقد
أطعتك، فقال: سألك بوجهي وعزتي لو سألني عبدي بوجهي أن أغفر لجميع
الخلائق لغفرت لهم ".
باب ذم الحزين على الدنيا
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو بكر بن ثابت حدثنا أبو محمد الخلال
حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد النيسابوري حدثنا عبد الله بن محمد بن علي
العدل حدثنا علي بن محمد أبو أحمد البلخي حدثنا محمد بن سفيان بن سيف
ابن ثابت الربعي عن محمد بن القاسم أبى جعفر حدثنا شقيق بن إبراهيم عن
سفيان الثوري عن طلحة بن مصرف عن شمر بن عطية عن ابن مسعود قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أصبح محزونا على الدنيا أصبح ساخطا
على ربه، ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه، ومن دخل
على غنى فتضعضع له ذهب ثلثا دينه، ومن قرأ القرآن فدخل النار فهو من
آيات الله هزوا ".
وقد روى وهب بن راشد عن مالك بن دينار عن أنس نحوه. وروى
عبيد الله بن موسى بن معدان عن منصور بن العتمي عن أبي وائل عن ابن
مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من أصبح حزينا على الدنيا أصبح
ساخطا عن ربه عز وجل " ليس فيها شئ صحيح.
أما الحديث الأول ففيه محمد بن القاسم الطالكاني. قال أبو عبد الله الحاكم
133

كان يضع الحديث، وقال ابن حبان: روى عن أهل خراسان أشياء لا يحل
ذكرها في الكتب ويأتي في الاخبار بما - يشبه الحلق - [يشهد الخلق] على
بطلانه. قال: ولا يحل الاحتجاج بوهب بن راشد فإنه يروى العجائب.
وأما حديث ابن مسعود ففيه عبيد الله بن موسى. قال العقيلي: هو مجهول
وحديثه غير محفوظ. قال ابن عدى: وبشر الدارسي منكر الحديث عن الأئمة
بين الضعف جدا.
باب النهى عن الادخار
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا علي بن أبي على
حدثنا عبد الله بن إبراهيم الزينبي حدثنا محمد بن سهل العطار حدثنا عمرو بن
أحمد بن السرح حدثنا عبد الرحمن بن جناح حدثنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله
الأنصاري حدثني عمر بن راشد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت:
" دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على بلال يوما من الأيام، فوقف بالباب
سائل، فرده بغير شئ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال أرددت
السائل وهذا التمر عندك؟ قال: بلى يا رسول الله، كنت صائما وأردت أن أفطر
عليه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أردت أن تلقى الله وهو عنك راض
فلا - تخبا - [تخبئ] شيئا رزقته، ولا تمنع شيئا سئلته ".
هذا حديث لا يصح. قال أحمد بن حنبل: عمر بن راشد لا يساوى حديثه
شيئا، وقال ابن حبان: لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه،
يضع الحديث.
باب مدح قلة الشئ والصمت والتواضع
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا ابن
134

عدى حدثنا صالح بن أبي مقاتل حدثنا حميد بن الربيع حدثنا أبو معاوية حدثنا
العوام بن جويرية عن الحسن عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أربع - لا يصبر - [لا يصيبن] إلا بعجب: الصمت وهو أول العبادة، والتواضع
وذكر الله عز وجل، وقلة الشئ ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن حبان:
كان العوام يروى الموضوعات عن الثقاة، وكان يأتي بالشئ على التوهم لا التعمد
فلا يحتج به. قال ابن عدى: الأصل في هذا أنه موقوف على أنس، وقد رفعه
بعض الضعفاء عن أبي معاوية - يعنى حميد بن الربيع - قال يحيى: حميد كذاب.
باب جمع المال للمصالح
أنبأنا ابن خيرون عن الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان
حدثنا أحمد بن يحيى بن زهير حدثنا العلاء بن مسلمة حدثنا هاشم بن القاسم عن
مرجاء بن رجاء عن سعيد عن قتادة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " لا خير فيمن لا يجمع المال يصل به رحمه ويورى به عن أمانته ويستغنى
به عن خلق ربه ".
هذا حديث ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما يروى نحوه
عن الثوري. قال ابن حبان: العلاء يروى الموضوعات على الثقاة والمقلوبات،
لا يحل الاحتجاج به. وقال أبو الفتح الأزدي: كان رجل سوء لا يحل لمن عرفه
أن يروى عنه. وقال محمد بن طاهر: كان يضع الحديث.
باب خدمة الدنيا للعباد واستخدامها للراغبين فيها
أنبأنا أبو الحسين علي بن أحمد الموحد أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي حدثنا
أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد
135

الرازي حدثنا الحسين بن داود البلخي حدثنا الفضيل بن عياض عن منصور عن
إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يقول الله تبارك وتعالى للدنيا: مرى على أوليائي وأحبائي لا تحليها فتفتنيهم،
وأكرمي من خدمني وأتعبني من خدمك ".
طريق آخر: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرني
الحسن بن محمد الخلال حدثنا يوسف بن عمر القواس حدثنا أبو مقاتل محمد بن
العباس بن شجاع حدثنا الحسين بن داود البلخي حدثنا الفضيل بن عياض عن
إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أوحى الله
إلى الدنيا أن أخدمي من خدمني، وأتعبني من خدمك ".
مدار الطريقين على الحسين بن داود. قال الخطيب: تفرد برواية هذا الحديث
عن الفضيل، وهو موضوع ورجاله كلهم ثقاة سواه.
باب التفرد لطاعة الله عز وجل
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب حدثني الحسن
ابن أبي طالب حدثنا أبو عمر محمد بن الحسين البسطامي حدثنا أحمد بن عبد الرحمن
ابن الجارود حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي وعثمان بن خرزاذ الأنطاكي وعباس
ابن محمد الدوري قالوا حدثنا عفان بن مسلم حدثنا شعبة عن أبي التياح عن أنس
ابن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله تعالى: يا ابن آدم
أنا بدك اللازم فاعمل لبدك، كل الناس لك منهم بد وليس لك منى بد ".
قال الخطيب: هذا الحديث موضوع المتن مركب على هذا الاسناد وكل
رجاله مشهورون معروفون بالصدق إلا ابن الجارود فإنه كذاب ولم نكتبه
إلا من حديثه.
136

باب انقسام الزاهدين
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن
حبان حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا إبراهيم بن عمرو السكسكي حدثنا أبي
عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " الناس على ثلاث منازل: فمن طلب ما عند الله عز وجل كانت
السماء ظلاله والأرض فراشه، لم يهتم بشئ من أمر الدنيا، فرغ نفسه لله عز وجل
فهو لا يزرع وهو يأكل الخبز، وهو لا يغرس الشجر وهو يأكل [الثمر (1)]،
ولا يهتم بشئ من أمر الدنيا توكلا على الله عز وجل وطلب ثوابه، تضمن الله
عز وجل السماوات السبع والأرضين السبع وجميع الخلائق رزقه بغير حساب،
عبد الله حتى أتاه اليقين. والثاني: لم يقو على ما قوى عليه، يطلب بيتا يكنه
وثوبا يوارى عورته وزوجة يستعف بها، وطلب رزقا حلالا فطيب الله رزقه،
فإن خطب لم يزوج، وإن كان عليه حق أخذ منه، فإن كان له يعطه، فالناس منه
في راحة ونفسه منه في عناء، يظلم فلا ينتصر يبتغى بذلك الثواب من الله عز وجل
فلا يزال في الدنيا متزينا حتى يفضى إلى الراحة والكرامة. والثالث: طلب
ما عند الناس فطلب البناء المشيد والمراكب الفارعة والخدم الكثير والتطاول على
عباد الله، فألهاه ما بيده من عرض الدنيا عن الآخرة فهو عبد الدنيا والدرهم والمرأة
والخادم والثوب اللين والمركب، يكسب ماله من حلاله وحرامه، يحاسب عليه
ويذهب - بهناه - [بهناة] غيره، وذلك الذي ليس له في الآخرة من خلاق ".
قال ابن حبان: عبد العزيز وعمر بن بكير ليسا في الحديث بشئ، ولكن
ليس هذا من عملهما، هذا شئ تفرد به إبراهيم وهو مما عملت يداه وهو يروى
عن أبيه الأشياء الموضوعة التي لا تعرف من حديث أبيه. وأبوه أيضا لا شئ،
فلست أدرى هو الجاني على أبيه أو أبوه الذي يخصه بهذه الموضوعات. قال:

(1) بالأصل في مكانها بياض.
137

وهذا كلام ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ابن عمر ولا نافع،
وإنما هو من كلام الحسن.
باب رد شهوات النفس
أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون أنبأنا عبد الصمد بن المأمون أنبأنا
الدارقطني حدثنا أبو ذر أحمد بن محمد الواسطي حدثنا علي بن حرب حدثنا الحسن
ابن موسى الأشيب حدثنا سعيد بن زيد عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي
ثابت عن نافع عن ابن عمر " أنه اشترى سمكة طرية بدرهم ونصف، فأتاه
سائل فتصدق بها عليه، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما
امرئ اشتهى شهوة فرد شهوته وآثره على نفسه غفر له ".
هذا حديث موضوع، والمتهم به عمرو بن خالد. قال وكيع: كان في جوارنا
يضع الحديث، وقال ابن عدى: عامة ما يروى موضوعات، كذبه أحمد ويحيى.
واعلم أن جهلة المتزهدين بنوا على مثل هذا الحديث الواهي، فتركوا كل
ما تشتهيه النفس، فعذبوا أنفسهم لمجاهدتها في ترك كل ما يشتهى من المباحات،
وذلك غلط، لان للنفس حقا، ومتى ترك كل ما تشتهيه أثر في صورتها ومعناها.
أما في صورتها فإن جسدها قد بنى على أخلاط وفى باطنها طبيعة مستحثة على
ما يصلحها، فإذا قلت عندها الرطوبة مالت إلى المرطبات، وإذا كثرت عليها
طلبت المنشفات طلبا لاصلاح بدنها، فإذا منعت ما ركبت عليه من طلب الملائم
كان ذلك مضادا لحكمة الواضع ومبالغة في أذى النفس. وأما في معناه ينكمد
برد أغراضها، إذ نيل أغراضها يقوى حاستها، فلا ينبغي أن يترك من أغراضها
إلا ما خاف من تناوله. أما الملائم أو التثبط عن الطاعة أو فوات خيرها، وإنما
امنع من ترك شهواتها على الاطلاق. وأما إذا اشتهت شيئا من فضول العيش،
فآثرت به، فالثواب حاصل، وذلك داخل في قوله تعالى (لن تنالوا البر حتى
تنفقوا مما تحبون).
138

باب ذم اتباع الهوى
أنبأنا المبارك بن علي الصيرفي أنبأنا علي بن محمد [بن] العلا ح. وأنبأنا
عبد الملك ابن بشران أنبأنا أحمد بن إبراهيم الكندي حدثنا محمد بن جعفر
الخرائطي حدثنا عباد بن الوليد حدثنا إسماعيل الصفار حدثنا الحسن بن دينار عن
خصيب بن جحدر عن راشد بن سعد عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " ما تحت ظل السماء إله يعبد أعظم عند الله من هوى متبع ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه جماعة ضعاف
والحسن بن دينار والخصيب كذابان عند علماء النقل.
باب ذم التواضع للأغنياء
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا عبد الباقي بن أحمد
الواعظ حدثنا محمد بن جعفر بن علان حدثنا أبو الفتح الأزدي حدثنا الفضل بن
محمد الأنطاكي في كتابه حدثنا محمد بن سلام المنيحي حدثنا بشير بن زاذان عن
عمر بن الصبح عن هارون بن ديار عن أبي عمر زاذان عن أبي ذر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لعن الله فقيرا تواضع لغنى من أجل ماله، من
فعل ذلك من الفقر أذهب ثلثا دينه ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه بشير بن
زاذان، قال يحيى: ليس بشئ، وفيه عمر بن الصبح وهو المتهم به، قال ابن
حبان: كان يضع الحديث، وقال الدارقطني: متروك.
باب البعد عن الأغنياء
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل أنبأنا حمزة السهمي
أنبأنا أبو أحمد الحافظ حدثنا محمد بن بكار القافلاي حدثنا أحمد بن منصور
139

أنبأنا الجماني عن صالح بن حيان عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " إن سرك اللحوق بي فلا تخالطين الأغنياء ولا تستبدلي
بثوب حتى ترقعيه ".
هذا حديث لا يصح. قال يحيى بن معين: صالح بن حيان ليس حديثه بشئ
وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الاثبات.
باب النهى عن تعظيم المترفين
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب أنبأنا
إسماعيل بن إبراهيم بن علي بن عروة حدثنا أبو سهل بن زياد القطان حدثنا
محمد بن غالب ح. وأنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد أنبأنا
أحمد بن عبد الله الحافظ حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا علي بن عبد العزيز قالا
حدثنا عمر بن يزيد الرفاء حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن شقيق بن سلمة
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بال أقوام
يشرفون المترفين، ويستخفون بالعابدين، ويؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون
ببعض، ويسعون فيما يدرك بغير سعى من القدر والمقدور والأجل المكتوب
والرزق المقسوم، ألا يسعون فيما لا يدرك إلا بالسعي ومن الجزاء الموفور والسعي
المشكور والتجارة التي لا تبور " لفظ الحديث.
هذا حديث ليس بصحيح، انفرد به عمر بن يزيد، قال أبو حاتم الرازي:
عمر بن يزيد متروك الحديث يكذب، قال العقيلي: وهذا الكلام عندي والله
أعلم يشبه كلام عبد الله بن المسور الهاشمي وكان يضع الحديث، وقد روى عنه
عمرو بن مرة، فلعل عمر بن يزيد حمله عن رجل عن عمرو بن عبد الله بن المسور
وأحاله على شعبة.
140

باب فضل الفقراء والمساكين
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا الجوهري عن أبي الحسن الدارقطني عن أبي
حاتم بن حبان أنبأنا أبو الطيب أحمد بن عبيد الله الدارمي حدثنا أحمد بن داود
ابن عبد الغفار حدثنا أبو مصعب حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لكل أمة مفتاح، ومفتاح الجنة
المساكين والفقراء، هم جلساء الله يوم القيامة ".
قال أبو حاتم: هذا حديث موضوع. وأحمد بن داود كان يضع الحديث.
وقال الدارقطني: هذا الحديث وضعه عمر بن راشد الحارثي عن مالك وسرقه منه
هذا الشيخ فوضعه على أبي مصعب.
باب إيثار رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يكون من المساكين
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أخبرني أحمد بن الحسين
ابن نصر العطار أنبأنا علي بن عمر الحافظ حدثنا يزداد بن عبد الرحمن بن محمد
الكاتب حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد الأحمر عن يزيد بن سنان عن أبي
مبارك عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد الخدري قال " أحبوا المساكين
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: اللهم أحيني مسكينا
وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو حاتم الرازي:
أبو مبارك رجل مجهول. قال يحيى بن معين: ويزيد بن سنان ليس بشئ، وقال
ابن المديني: ضعيف الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث.
طريق آخر: أنبأنا الكروخي أنبأنا أبو عامر الأزدي وأبو بكر الغورجي
141

قالا أنبأنا أبو محمد الجراحي حدثنا أبو العباس المحبوبي حدثنا الترمذي حدثنا
عبد الأعلى بن واصل الكوفي حدثنا ثابت بن محمد العايد الكوفي حدثنا الحارث
ابن النعمان عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال]: " اللهم أحيني
مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة. فقالت عائشة:
لم يا رسول الله؟ قال: إنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا، يا عائشة
لا تردي المسكين ولو بشق تمرة، يا عائشة أحيى المساكين وقربيهم فإن الله
يقربك يوم القيامة ".
قال البخاري: الحارث بن النعمان منكر الحديث.
باب ذم الفتور
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرني عبد الله بن
أحمد بن عثمان حدثنا محمد بن عبد الله الصيرفي حدثنا محمد بن عمر بن حفص
أبو بكر الفيلي حدثنا محمد بن عبد العزيز بن المبارك حدثتنا حكامة بنت أخي
مالك بن دينار عن أبيها عن مالك بن دينار عن أنس بن مالك قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " زوج الله التواني بالكسل فولد بينهما الفاقة ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يروى نحوه
عن عمرو بن العاص: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا محمد بن علي المضري أنبأنا
الموفق بن أبي الحسن التمار أنبأنا سعيد بن العباس القرشي حدثنا منصور بن
العباس حدثنا محمد بن المنكدر حدثنا أبو زرعة الرازي حدثنا سليمان بن النعمان
حدثنا يحيى بن العلاء حدثنا محمد بن سليمان الأخنسي عن أبيه قال قال عمرو بن
العاص: " نكح العجز التواني فولد بينهما العدامة ".
قال المصنف قلت: وأبو حكامة اسمه عثمان بن دينار. قال العقيلي: تروى عنه
ابنته حكامة أحاديث بواطيل ليس لها أصل. قال الدارقطني: والفيلي ضعيف جدا.
142

حديث آخر: أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أحمد بن الحسين البيهقي أنبأنا
أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم أنبأنا أبو العباس محمد بن أحمد الرازي حدثنا
العباس بن حمزة حدثنا أحمد بن خالد الشيباني حدثنا يحيى بن حميد الطويل عن
أبيه عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مؤمن ولا مؤمنة
إلا وله وكيل في الجنة، فإن قرأ القرآن بنى له القصور، وإن سبح غرس
الأشجار، وإن كف كف ".
هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يروى نحوه عن
الحسن بن أحمد بن خالد وهو الجويباري نسبوه إلى جده قصدا للتدليس وكان
من كبار الوضاعين.
حديث آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن معدة أنبأنا حمزة أنبأنا
أبو أحمد الحافظ حدثنا الحسين بن إسماعيل التمار حدثنا سليمان بن يسار حدثنا
سفيان بن عيينة عن بقية بن الوليد عن الحكم عن الزهري عن سعيد بن المسيب
عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا أتى على يوم لم أزدد فيه
خيرا يقربني إلى ربى فلا بورك في ذلك اليوم ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عدى:
لا يرويه عن الزهري غير الحكم بن عبد الله بن سعد الأيلي وله عن الزهري
أحاديث بواطيل. قال أبو حاتم الرازي: الحكم كذاب. وقال أبو حاتم بن
حبان: الحكم يروى الموضوعات عن الثقاة. قال: وسليمان بن يسار يروى
عن الثقاة ما لم يجد ثوابه، ويضع على الاثبات مالا يحصى كثرة، لا يجوز
الاحتجاج به بحال.
باب ثواب الفكر
أنبأنا ظفر بن علي أنبأنا أبو بكر محمد بن علي أنبأنا محمد بن أحمد بن عبد الرحيم
143

حدثنا أبو محمد بن حبان حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا حدثنا عثمان بن عبد الله
القرشي حدثنا إسحاق بن نجيح الملطى حدثنا عطاء الخراساني عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فكرة ساعة خير من عبادة ستين سنة ".
هذا حديث لا يصح. وفى الاسناد كذابان، فما أفلت وضعه من أحدهما
إسحاق بن نجيح. قال أحمد: هو أكذب الناس، وقال يحيى: هو معروف
بالكذب ووضع الحديث، وقال الفلاس: كان يضع الحديث على رسول الله صلى
الله عليه وسلم صراحا. والثاني عثمان. قال ابن حبان: يضع الحديث على الثقاة.
باب من أخلص أربعين صباحا
فيه عن أبي أيوب وأبى موسى وابن عباس:
فأما حديث أبي أيوب: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن
أحمد الحداد أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ حدثنا حبيب بن الحسن حدثنا
عباس بن يوسف الشكلي حدثنا محمد بن سنان حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا يزيد
الواسطي أنبأنا حجاج عن مكحول عن أبي أيوب الأنصاري قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من أخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة على لسانه ".
وأما حديث أبي موسى: أنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا عبد الله بن محمد بن
سلم حدثنا حميد بن زنجويه حدثنا أيوب الدمشقي حدثنا عبد الملك بن مهران
الرفاعي حدثنا معن بن عبد الرحمن عن الحسن عن أبي موسى الأشعري قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من زهد في الدنيا أربعين يوما وأخلص فيها لله
أخرج الله على لسانه ينابيع الحكمة من قلبه ".
وأما حديث ابن عباس فأنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنبأنا أبو عبد الله
محمد بن سلامة القضاعي أنبأنا أبو القاسم يحيى بن علي الأزدي حدثنا أبو طاهر
144

الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل حدثنا عامر بن سيار حدثنا سوار بن مصعب
ابن ثابت البياني عن مقسم عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أخلص لله تعالى أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حديث أبي أيوب ففيه يزيد الواسطي وهو يزيد بن عبد الرحمن. قال
ابن حبان: كان كثير الخطأ، فاحش الوهم، خالف الثقاة في الروايات، لا يجوز
الاحتجاج به، وحجاج مجروح، ومحمد بن إسماعيل مجهول، ولا يصح لقاء
مكحول لابي أيوب. وقد ذكر محمد بن سعد أن العلماء قدحوا في رواية مكحول
وقالوا: هو ضعيف في الحديث.
وأما حديث أبي موسى فقال ابن عدى: هو منكر، وعبد الملك مجهول.
وأما حديث ابن عباس فقال أحمد ويحيى والنسائي: سوار بن مصعب
متروك الحديث، وقال يحيى: ليس بثقة ولا يكتب حديثه.
قال المصنف قلت: وقد عمل جماعة من المتصوفة والمتزهدين على هذا الحديث
الذي لا يثبت، وانفردوا في بيت الخلوة أربعين يوما، وامتنعوا عن أكل
الخبز، وكان بعضهم يأكل الفواكه ويتناول الأشياء التي تتضاعف قيمتها على
قيمة الخبز، ثم يخرج بعد الأربعين فيهذى ويتخيل إليه أنه يتكلم بالحكمة.
ولو كان الحديث صحيحا، فإن الاخلاص يتعلق بقصد القلب لا بفعل البدن،
فلله در العلم.
باب قوله اتقوا فراسة المؤمن
فيه عن ابن عمرو وأبى سعيد وأبى أمامة وأبي هريرة:
فأما حديث ابن عمر: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد
145

أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا حبيب بن الحسن حدثنا أحمد بن علي السكين حدثنا
أحمد بن محمد بن عمر اليماني حدثنا عمارة بن عقبة حدثنا الفرات بن السائب عن
ميمون بن مهران عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتقوا
فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ".
وأما حديث أبي سعيد: فأنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن
ثابت أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي بن أحمد بن بشار النيسابوري حدثنا محمد بن
أحمد بن محمد حدثنا محمد بن أحمد بن برد حدثنا موسى بن داود ح. وأنبأنا
عبد الرحمن أنبأنا أحمد بن علي أنبأنا الحسين بن علي الطناجيري أنبأنا عبد الله
ابن عثمان الصفار حدثنا ابن مخلد حدثنا الحسن بن عرفة ح. وأنبأنا عبد الأول
أنبأنا عبد الله بن محمد الأنصاري أنبأنا إسماعيل بن الحسين الدارمي حدثنا محمد
ابن الحسن السراج حدثنا مطين حدثنا عبد الحميد بن - سارخ - [بيان ح].
وأنبأنا عبد الأول أنبأنا الأنصاري حدثنا عمر بن إبراهيم الزاهد أنبأنا محمد بن
أحمد بن الغطريف أنبأنا عمران بن موسى حدثنا محمد بن أبي خلف ح. وأنبأنا
عبد الأول أنبأنا الأنصاري حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن بن مالك أنبأنا محمد
ابن أحمد بن حمزة حدثنا محمد بن المسيب حدثنا الحسين بن منصور قالوا حدثنا
محمد بن كثير عن عمرو بن قيس عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله، ثم قرأ ابن
عرفة: (إن في ذلك لآيات للمتوسمين) ".
وأما حديث أبي أمامة: فأنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
بن ثابت أنبأنا طلحة بن علي بن المظفر حدثنا أبو الحسين أحمد بن عيسى
ابن الحكم حدثنا أحمد بن محمد بن المسلم حدثنا محمد بن رزق الله ح. وأنبأنا
محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا
146

سليمان بن أحمد حدثنا بكر بن سهل قالا حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا معاوية
ابن صالح عن راشد بن سعد عن أبي أمامة الباهلي قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ".
وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا عبد الله بن علي المقرى أنبأنا الحسن بن أحمد
ابن طلحة النعالي أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن وصيف حدثنا أبو بكر
الشافعي حدثنا أحمد بن زكريا حدثنا محمد بن موسى بن بزيع حدثنا حماد بن خالد
الخياط حدثنا أبو معاذ الصائغ عن الحسن عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله عز وجل ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حديث ابن عمر ففيه الفرات بن السائب. قال يحيى: ليس بشئ. قال
البخاري والدار قطني: متروك. وفيه أحمد بن محمد اليماني. قال أبو حاتم الرازي
كان كذابا. وقال الدارقطني: متروك الحديث.
وأما حديث أبي سعيد فإنه تفرد به محمد بن كثير عن عمرو. قال أحمد بن
حنبل: خرقنا حديثه. وقال علي بن المديني كتبنا عنه عجائب وخططت على
حديثه وضعفه جدا.
وأما حديث أبي أمامة ففيه عبد الله بن صالح وهو كاتب الليث. قال أحمد
ابن حنبل: ليس هو بشئ. وقال ابن حبان: يروى عن الثقاة ما ليس من
حديث الاثبات.
وأما حديث أبي هريرة فإن أبا معاذ هو سليمان بن أرقم. قال أحمد بن
حنبل ويحيى: ليس بشئ. وقال البخاري وأبو داود والنسائي والدار قطني:
متروك. وقال ابن حبان: يروى عن الثقاة الموضوعات. قال أبو بكر الخطيب:
فالمحفوظ ما رواه سفيان عن عمرو بن قيس أنه قال: كان يقال: " اتقوا
فراسة المؤمن ".
147

أنبأنا القزاز أنبأنا الخطيب أنبأنا العتيقي حدثنا يوسف بن أحمد أنبأنا
العقيلي حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا ابن وهب
أنبأنا سفيان عن عمرو بن قيس الملائي قال: كان يقال: " اتقوا فراسة المؤمن،
فإنه ينظر بنور الله ".
باب صفة الأولياء
أنبأنا أحمد بن أحمد المتوكل أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا أبو الحسن
ابن رزق حدثنا جعفر بن الخواص حدثنا محمد بن الفضل بن جابر حدثنا
إسماعيل بن إبراهيم الترجماني حدثنا الحسن العتكي حدثنا الوليد بن عبد الرحمن
القرشي حدثنا حسان البصري حدثنا إسحاق بن نوح عن محمد بن علي عن سعيد
بن زيد بن عمرو بن نفيل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل على أسامة
ابن زيد فقال: " يا أسامة عليك بطريق الجنة، وإياك أن تختلج دونها، فقال:
يا رسول الله ما أسرع به ذلك الطريق؟ قال: بالظمأ في الهواجر، وكسر النفس
عن لذة الدنيا. عليك بالصوم فإنه يقرب إلى الله عز وجل. إنه ليس من شئ
أحب إلى الله عز وجل من ريح فم الصائم. فإن استطعت أن يأتيك ملك الموت
وبطنك جائع وكبدك ظمآن فافعل فإنك تنال شرف المنازل في الآخرة وتحل مع
النبيين ويفرح المؤمنون بقدوم روحك عليهم ويصلى عليك الجبار تعالى.
يا أسامة وكل كبد جائعة تخاصمك إلى الله يوم القيامة. يا أسامة إياك ودعاء عباد
قد أذابوا اللحوم بالرياح والسموم وأظمأوا الأكباد حتى غشيت أبصارهم، فإن
الله تعالى إذا نظر لهم سربهم وباهى بهم الملائكة، بهم تصرف الزلازل والفتن
ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نحيبه، وهاب الناس أن يكلموه حتى
ظنوا أنه قد حدث من السماء حدث. ثم قال: ويح هذه الأمة ما تلقى من أطاع
الله فيهم، كيف تقتلونه وتكذبونه من أجل أنه أطاع الله عز وجل. فقال عمر:
148

يا رسول الله والناس على الاسلام يومئذ. قال: نعم. قال: ففيم يقتلون من أطاع الله
وأمرهم بطاعة الله؟ قال: يا عمر ترك القوم الطريق وركبوا الدواب ولبسوا اللين
من الثياب وخدمتهم أبناء فارس والروم، يتزين منهم الرجل بزينة المرأة لزوجها
وتتبرج النساء، زيهم زي الملوك ودينهم دين كسرى، يتسمنون يتباهون بالحساء
واللباس، فإذا تكلم أولياء الله عليهم - العنامحسه - [العناء صبحتهم] صلاتهم
قد ذبحوا أنفسهم من العطش، إذا تكلم منهم متكلم كذب وقيل له أنت قرين
الشيطان ورأس الضلالة، يحرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق،
يتأولوا كتاب الله على غير تأويله واستذلوا أولياء الله. واعلم يا أسامة أن أقرب
الناس إلى الله يوم القيامة من طال حزنه وعطشه وجوعه في الدنيا الأخفياء الأبرار
الذين إذا شهدوا لم يعرفوا، وإذا غابوا لم يفتقدوا، ويعرفون في أهل السر،
يخفون على أهل الأرض، تعرفهم بقاع الأرض وتحف بهم الملائكة. نعم الناس
بالدنيا ونعموا هم بالجوع والعطش، ولبس الناس لين الثياب وافترشوا هم الجباه
والركب، ضحك الناس وبكوا، ألا لهم الشرف في الآخرة، يا ليتني قد رأيتهم،
بقاع الأرض بهم رحبة، الجبار تعالى عنهم راض، ضيع الناس فعل النبيين
وأخلاقهم وحفظوها. الراغب من رغب إلى الله في مثل رغبتهم، والخاسر من
خالفهم. تبكي الأرض إذا افتقدتهم، ويسخط الله عز وجل على كل بلد ليس
فيه منهم أحد، يا أسامة إذا رأيتهم في قرية فاعلم أنهم أمان لأهل تلك القرية،
لا يعذب الله قوما هم فيهم، اتخذهم لنفسك تنجو بهم، وإياك أن تدع ما هم عليه
فتزل قدمك فتهوى في النار. حرموا حلالا أحله الله لهم طلب الفضل في الآخرة
تركوا الطعام بالشراب عن قدره، لم - يتكابوا - [ينكبوا] على الدنيا انكباب
الكلاب على الجيف، أكلوا الفلق ولبسوا الخرق تراهم شعثا غبرا تظن أن بهم داء
وما ذاك بهم، ويظن الناس أنهم قد خولطوا، وما خولطوا، لكن قد خالط
القوم الحزن يظن الناس أنهم قد ذهبت عقولهم وما ذهبت عقولهم، ولكن نظروا
149

بقلوبهم إلى أمر ذهب بعقولهم عن الدنيا، فهم في الدنيا عند أهل الدنيا، يمشون
بلا عقول. يا أسامة عقلوا حين ذهبت عقول الناس لهم الشرف في الأرض ".
هذا حديث شبه لا شئ. محمد بن علي لم يدرك سعيد بن سعيد وحبان
البصري هو حبان بن عبد الله بن جبلة. قال عمرو بن علي الفلاس: كان كذابا
وأما الوليد بن عبد الرحمن فقال يحيى: ليس بشئ، وقال أبو حاتم الرازي:
مجهول، وأكثر رجال هذا الاسناد لا يعرفون، وهو من عمل المتأخرين.
باب عدد الأولياء
فيه عن ابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وأنس رضي الله عنهم:
فأما حديث ابن مسعود فأنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن
أحمد أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن
حدثنا محمد بن السرى العنطري حدثنا قيس بن إبراهيم بن قيس السامري حدثنا
عبد الرحيم بن يحيى بن الأرمني حدثنا عثمان بن عمارة حدثنا المعافى بن عمران
عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لله في الخلق ثلاثمائة قلوبهم على قلب آدم
عليه السلام، ولله تعالى في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى عليه السلام،
ولله تعالى في الخلق سبعة قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام، ولله تعالى في الخلق
ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل عليه السلام، ولله تعالى في الخلق واحد قلبه على
قلب إسرافيل عليه السلام، فإذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الثلاثة، وإذا
مات من الثلاثة أبدل الله مكانه من الخمسة، وإذا مات من الخمسة أبدل الله
مكانه من السبعة، وإذا مات من السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين، [وإذا
مات من الأربعين] أبدل الله مكانه من الثلاثمائة، وإذا مات من الثلاثمائة
أبدل الله مكانه من العامة، فبهم يحيى ويميت ويمطر وينبت ويدفع البلاء. قيل
150

لعبد الله بن مسعود: كيف بهم يحيى ويميت. قال: لأنهم يسألون الله إكثار
الأمم فيكثرون، ويدعون على الجبابرة فيقصمون، ويستسقون فيسقون،
ويسألون فتنبت الأرض، ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء ".
وأما حديث ابن عمر فأنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد
الحداد أنبأنا أبو نعيم الحافظ حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا محمد بن الحارث الطبراني
حدثنا سعيد بن أبي زبدون حدثنا عبد الله بن هارون الصوري حدثنا الأوزاعي
عن الزهري عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" خيار أمتي في كل قرن خمسمائة، والابدال أربعون، فلا الخمسمائة ينقصون،
ولا الأربعون. كلما مات رجل أبدل الله من الخمسمائة مكانه، وأدخل من الأربعين
مكانهم. قالوا: يا رسول الله دلنا على أعمالهم. قال: يعفون عمن ظلمهم، ويحسنون
إلى من أساء إليهم، ويتواسون فيما آتاهم الله عز وجل ".
وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا أبو محمد الجوهري
عن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان حدثنا محمد بن المسيب حدثنا عبد الرحمن
ابن مرزوق حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن محمد بن عمرو عن أبي
سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لن تخلوا الأرض من
ثلاثين، مثل إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام، بهم يعافون، وبهم يرزقون،
وبهم يمطرون ".
وأما حديث أنس فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا
حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا محمد بن زهير بن الفضل الأيلي
حدثنا العلاء بن زيدك عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" البدلاء أربعون: اثنان وعشرون بالشام، وثمانية عشر بالعراق، كلما مات
151

منهم واحد بدل الله مكانه آخر، فإذا الامر قضوا كلهم، فعند ذلك
تقوم الساعة ".
الطريق الثاني: أنبأنا أبو الحسن الأنصاري أنبأنا علي بن أيوب أنبأنا
الحسن بن محمد الخلال حدثنا أبو بكر بن شاذان حدثنا عمر بن محمد الصابوني
حدثنا إبراهيم بن الوليد حدثنا أبو عمر الغداني حدثنا أبو سلمة الحراني عن عطاء
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الابدال أربعون
رجلا وأربعون امرأة، كلما مات رجل بدل الله مكانه رجلا، وكلما ماتت امرأة
أبدل الله مكانها امرأة ". ليس في هذه الأحاديث شئ يصح.
أما حديث ابن مسعود فكثير من رجاله مجاهيل ليس فيهم معروف،
وكذلك حديث ابن عمرو.
وأما حديث أبي هريرة ففيه عبد الوهاب بن عطاء. قال أحمد: هو ضعيف
الحديث مضطرب. قال ابن حبان: وكان أبو مرزوق يضع الحديث لا يحل
ذكره في الكتب إلا على وجه القدح فيه.
وأما حديث أنس ففيه العلاء بن زيدك. قال ابن المديني: كان يضع الحديث
وقال أبو داود والدار قطني: متروك الحديث. وقال ابن حبان: روى عن أنس
نسخة موضوعة لا يحل ذكره إلا تعجبا. وأما الطريق الثاني ففيه مجاهيل.
باب من بلغه ثواب عمل فعمل به
فيه عن ابن عمر وأنس:
فأما حديث ابن عمر فأنبأنا أبو القاسم الجريري أنبأنا أبو طالب العشاري
حدثنا الدارقطني حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث حدثنا علي بن الحسين
المكتب حدثنا إسماعيل بن يحيى بن عبد الله حدثنا مسعر بن كدام عن عطية
العوفي عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من بلغه
152

عن الله فضل شئ من الاعمال يعطيه عليها ثوابا، فعمل ذلك العمل رجاء ذلك
الثواب أعطاه الله ذلك الثواب وإن لم يكن ما بلغه حقا ".
وأما حديث أنس أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا الجوهري عن الدارقطني
عن أبي حاتم بن حبان حدثنا أحمد بن يحيى بن زهير حدثنا محمد بن يحيى الأزدي
حدثنا الهيثم بن خارجة حدثنا بزيغ أبو الخليل عن محمد بن واسع وثابت بن أبان
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من بلغه عن الله عز وجل أو عن
النبي صلى الله عليه وسلم فضيلة كان منى أو لم يكن فعمل بها رجاء ثوابها، أعطاه
الله عز وجل ثوابها ".
هذا حديث موضوع قد وضعه من عزم على وضع أحاديث الترغيب.
فأما حديث ابن عمر فالمتهم به إسماعيل بن يحيى. قال ابن عدى: يحدث
عن الثقاة بالأباطيل. وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الثقاة. وقال
الدارقطني: كذاب متروك.
وأما حديث أنس، فالمتهم بوضعه بزيغ، وقد ذكرنا عن الدارقطني أنه قال
هو متروك. وقال ابن عدى: كل أحاديثه منكرات لا يتابعه عليها أحد.
باب إظهار الفعل ليقتدى به
أنبأنا عبد الله بن أحمد أنبأنا محمد بن علي بن الفتح حدثنا ابن شاهين حدثنا
محمد بن أحمد بن مخزوم أنبأنا علي بن عبد الملك بن عبد ربه الطائي حدثنا أبي
حدثنا أبو يوسف حدثنا أبان عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما على أحدكم أن ينشط أخاه المسلم بالصلاة والصيام والصدقة والجهاد والحج،
يقول: أنا صائم، وأنا أقوم الليل كله أو كذا، وأنا حاج وقد أديت فريضة
الاسلام، وأما مجاهد في سبيل الله فيرغب أخاه وينشطه لذلك ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبان
153

فنهاية في الضعف. قال شعبة: لان أزنى أحب إلى من أن أروى عنه. وأبو
يوسف مجهول.
باب العجب بالعمل
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت حدثنا إبراهيم بن أحمد
ابن يوسف الهمداني أنبأنا أبو نصر أحمد بن الحسن المراجيلي أنبأنا خلف بن
محمد بن إسماعيل حدثنا موسى بن أفلح حدثنا نصر بن المغيرة أنبأنا عيسى بن
موسى غنجار عن إسماعيل بن أبي زياد عن أبان بن أبي عياش عن أنس بن
مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما يتخوف من العمل أشد من
العمل، فقيل: يا رسول الله كيف ذلك؟ قال: إن الرجل من أمتي يعمل في السر
فإذا حدث به الناس نسخ من السر إلى العلانية، فإذا أعجب به نسخ من العلانية
إلى الرياء فبطل، فاتقوا الله ولا تبطلوا أعمالكم ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يروى نحوه
عن الثوري، وأبان قد جرحناه آنفا. قال الدارقطني: وإسماعيل كذاب متروك
وقال ابن حبان: لا يحل ذكر إسماعيل إلا بالقدح فيه.
باب رد العمل على المغتاب وطالب الدنيا
والمتكبر والمعجب ونحو ذلك
أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسن البيهقي حدثنا أبو عبد الله
محمد بن عبد الله الحاكم حدثنا أبو منصور محمد بن القاسم العتكي حدثنا محمد بن
أشرس حدثنا محمد بن سعيد الهروي حدثنا إسحاق بن نجيح حدثنا عبد العزيز
ابن عمر بن عبد العزيز عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان قال: " قلت
يا معاذ بن جبل حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حفظته
154

فذكرته كل يوم. قال معاذ: نعم، ثم قال بأبي وأمي أنت يا رسول الله، ثم قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وأنا رديفه ونحن نسير إذ رفع بصره
إلى السماء فقال: الحمد لله يقضى في خلقه ما أحب. يا معاذ. قلت: لبيك يا رسول
الله إمام الخير ونبي الرحمة. قال: أحدثك حديثا ما حدث به نبي أمته إن حفظته
نفعك عيشك، وإن سمعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله عز وجل. ثم قال:
إن الله تعالى خلق سبعة أملاك قبل أن تخلق السماوات، لكل سماء ملكا قد حللها
تعظيما وجعل على باب كل سماء منهم بوابا، يكتب الحفظة عمل العبد، له نور كنور
الشمس حتى إذا بلغ سماء الدنيا فيقول الملك البواب اضرب بهذا العمل وجه صاحبه
وقل لا غفر الله لك، أنا ملك صاحب الغيبة، من اغتاب الناس لم أدع عمله يتجاوزني
إلى غيرى. قال: وبلغته حتى يمشي ويقول: أمرني بذلك ربى. قال: ويصعد الملك
بالعمل الصالح. فيقول الملك الذي في السماء الثانية: قف فاضرب بهذا العمل وجه
صاحبه وقل لا غفر الله لك إنك أردت بهذا العمل عرض الدنيا وأنا ملك صاحب
عمل الدنيا لا أدع أن يجاوز إلى غيرى، أمرني بذلك ربى. قال: وبلغته حتى يمشي
قال: ويصعد الملك بعمل العبد مبتهجا به من صدقة أو صلاة. فيتعجب الحفظة.
فيجاوزها إلى السماء الثالثة. فيقول الملك: قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه
وقل لا غفر الله لك. أنا صاحب الكبر وقد أمرني ربى أن لا أدع عمل متكبر
يجاوزني إلى غيرى. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كما يزهر النجم الدري
في السماء، له تسبيح من صوم وحج. فيمر به على ملك السماء الرابعة. فيقول له:
قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وبطنه، أنا ملك صاحب العجب بنفسه،
إنه من عمل وأدخل معه العجب، فإن ربى أمرني أن لا أدعه يجاوزني إلى غيرى
فقل لا غفر الله لك. قال: وبلغته ثلاثة أيام. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد
مع الملائكة كالعروس المزفوفة إلى أهلها. فيمر به إلى السماء الخامسة من عمل
الجهاد والصلاة، فلذلك العمل زئير كزئير الأسد، عليه ضوء كضوء الشمس،
155

فيقول له الملك: قف أنا صاحب الحسد، اضرب بهذا العمل وجه صاحبه واحمله
على عاتق الحسد من يتكلم فيه أو يعمل كعمله، إذا رأى العبيد في الفضل والعمل
والعبادة حسدهم ووقع فيهم. قال: ويحمله على عاتقه ويلعنه ما دام حيا. قال:
وتصعد الحفظة بعمل العبد بوضوء تام وقيام كثير. فيمر على ملك السماء السابعة،
فيقول الملك: قف أنا صاحب العمل الذي لغير الله، اضرب بهذا العمل جوارحه
واقفل على قلبه، أنا ملك الحجاب، أحجب كل عمل ليس لله، أراد به صاحبه
غير الله، وأراد به الذكر في المجالس والصيت في المدائن، أمرني ربى أن لا أدعه
يجاوزني إلى غيرى ما لم يكن لله. قال: ويصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به
من حسن خلق وسمت وذكر كبير. وتشيعه الملائكة السبعة تحمل عمله،
فيصعدون الحجب كلها حتى يقوموا بين يدي الرب، فيشهدوا عليه بعمل خالص
ودعاء. فيقول الرب عز وجل: أنتم الحفظة وأنا الرقيب على ما في نفسه - وفى
رواية أخرى: - إنه لم يرد بعمله وجهي. فتقول الملائكة: عليه لعنتك ولعنتنا.
فيقول أهل السماء: عليه لعنتك ولعنتنا. قال: فبكى معاذ بن جبل. قال قلت:
يا رسول الله ما الذي أعمل؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اقتد بنبيك يا معاذ
في اليقين. قال قلت: يا رسول الله أنت رسول الله وأنا معاذ بن جبل. فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: وإن كان في عملك تقصير يا معاذ اقطع لسانك عن
إخوانك، ولا تزك نفسك بوضع إخوانك، ولا ترائى بعملك، ولا تفحش
في مجالسك لكي يحذروك لسوء خلقك، ولا تتناجى مع رجل وعندك آخر،
ولا تعظم على الناس فتقطع عنك خيرات الدنيا والآخرة، ولا تمزق الناس
- فتمزك - [فتمزقك] كلاب النار، وذلك قول الله عز وجل في كتابه
(والناشطات نشطا) أتدري ما هو؟ قال: يا نبي الله ما هو؟ قال: كلاب النار
تنشط اللحم والعظم. قال قلت: يا رسول الله ومن يطيق هذه الخصال؟ قال
معاذ: إنه ليسير على من يسر الله عز وجل ".
156

قال ثور: قال خالد بن معدان: وما رأيت معاذ أكثر من تلاوة القرآن
ما يكثر تلاوة هذا الحديث.
وقد رواه أبو حاتم بن حبان عن عمر بن سعيد بن شيبان عن القاسم بن
عبد الله المكفوف عن سلم الخواص عن ابن عيينة عن ثور أنبأنا ابن ناصر
أنبأنا أبو الغنايم محمد بن علي النرسي أنبأنا إبراهيم بن محمد بن زيد السعدي أنبأنا
علي بن الحسين العرزمي حدثنا أحمد بن علي المرهبي حدثنا الحسن بن مهران
الأصبهاني أنبأنا أحمد بن الهيثم قاضي طرسوس عن عبد الواحد بن زيد عن ثور
ابن زيد عن خالد بن معدان أحسبه عن معاذ بن جبل قال: " قلت له: حدثني
بحديث سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حفظته وذكرته كل يوم من رقة
ما حدثك به: قال: نعم. ثم بكى معاذ. فقلت: لا يسكت. ثم سكت. فقال:
بأبي وأمي حدثني صلى الله عليه وسلم وأنا رديفه بينا نحن نسير إذ رفع بصره إلى
السماء فقال: الحمد لله الذي يقضى في خلقه ما أحب. يا معاذ. قلت: لبيك
يا رسول الله إمام الخير ونبي الرحمة. قال: أحدثك حديثا ما حدث به نبي أمة،
إن حفظته نفعك عيشك، وإن سمعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله.
ثم قال: إن الله عز وجل خلق سبعة أملاك، لكل سماء ملكا قد حللها - أراه
قال بعظمته - وجعل على كل باب منها ملكا بوابا، فتكتب الملائكة عمل
العبد من حين يصبح إلى حين يمسى - أراه قال فيرفع الحفظة عمل العبد - له نور
كنور الشمس، فتزكيه وتكثره، حتى إذا بلغ إلى سماء الدنيا يقول الملك:
قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه، إنه أراد بهذا العمل عرض الدنيا، أمرني
ربى أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيرى. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا
به بصدقة وصلاة، حتى إذا بلغ إلى السماء الثالثة يقول الملك: قف واضرب بهذا
العمل وجه صاحبه وظهره، إنه ملك صاحب الكبر، إنه عمل وتكبر على
الناس في مجالسهم، أمرني ربى أن لا أدع عملهم يتجاوزني إلى غيرى. قال:
157

وتصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كما يزهر النجم الذي في السماء، له دوى
وتسبيح
وصوم وحج، إلى ملك السماء الرابعة. فيقول الملك: قف واضرب بهذا العمل
وجه صاحبه وبطنه، أنا ملك صاحب العجب، أمرني ربى أن لا أدع عمله
يتجاوزني إلى غيرى. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد كالعروس المزفوفة إلى
أهلها بعمل الجهاد والصلاة إلى ما بين الصلاتين، ولذلك العمل زئير كزئير الأسد
عليه ضوء كضوء الشمس، إلى السماء الخامسة. فيقول الملك: قف أنا صاحب
الحسد، واضرب بهذا العمل وجه صاحبه، ويحمله على عاتقه، إنه كان يحسد من
يتعلم ويعمل لله، إذا رأى لاحد فضلا في العلم والعبادة حسدهم ووقع فيهم،
فيحمله على عاتقه ويلعنه عمله. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد، بوضوء تام
وصلاة كبيرة وقيام الليل، إلى السماء السادسة. فيقول الملك: قف أنا ملك
الرحمة، اضرب بهذا العمل وجه صاحبه وأطمس عينيه، لان صاحبه لم يرحم
شيئا، إذا أصاب عبدا من عباد الله دينا أو ضرا في الدنيا شمت به، أمرني ربى
أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيرى. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد أعمالا بفقه
واجتهاد وورع، له صوت كصوت الرعد وضوء كضوء البرق ومعه ثلاثة ألف
ملك إلى السماء السابعة. فيقول الملك: قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه
جوارحه وأصل قلبه، أنا ملك الحجاب، أحجب كل عمل ليس لله، أراد به
صاحبه رفعه عند القراء وذكرا في المجالس وصوتا في المدائن، أمرني ربى أن
لا أدع عمله يجاوزني إلى غيرى. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به،
من حسن خلق وصمت وذكر كبير، وتشيعه ملائكة السماوات والملائكة السبعة
بجماعتهم، ويشهدون عليه بعمل خالص ودعاء، فيقول الله عز وجل: أنتم حفظة
على عمل عبدي وأنا الرقيب على ما في نفسه، إنه لم يردني بهذا، عليه لعنتي.
وتقول الملائكة: عليه لعنتك ولعنتنا. ثم بكى معاذ. قال فقلت: يا رسول الله
ما أعمل؟ قال: اقتد بنبيك باليقين. قال قلت: يا رسول الله أنت رسول الله
158

وأنا معاذ بن جبل. قال: وإن كان في عملك تقصير يا معاذ فاقطع لسانك عن
إخوانك وعن حملة القرآن، وليكن ديونك عليك لا تحملها على إخوانك
ولا تزكين نفسك بتذميم إخوانك، ولا ترفع نفسك بوضع إخوانك، ولا ترائى
بعملك، ولا تدخل من الدنيا في الآخرة، ولا تفحش في مجلسك لكي يحذروك
لسوء خلقك، ولا تتناجى مع رجل وعندك آخر، ولا تتعظم على الناس فتقطع
عنك خيرات الدنيا والآخرة، ولا تمزق الناس فتمزقك كلاب النار، قال الله
عز وجل (والناشطات نشطا) أتدري ما هو؟ قال: يا نبي الله ما هو؟ قال:
كلاب في النار تنشط اللحم والعظم. قلت: يا نبي الله ومن يطيق هذا الخصال؟
قال: يا معاذ إنه ليسير على من يسر الله عليه. قال: وما رأيت معاذا يكثر تلاوة
القرآن كما يكثر تلاوة هذا الحديث ".
وقد روى نحوه من حديث علي عليه السلام: أنبأنا إسماعيل بن أحمد
السمرقندي أنبأنا إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي أنبأنا أبو القاسم حمزة بن يوسف
السهمي حدثتنا أم كلثوم بنت إبراهيم البتكراماذية قالت حدثنا أبو جعفر محمد
ابن جعفر البصري حدثنا محمد بن أحمد الصوفي حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن
جده الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " إن الله خلق سبع سموات، وخلق لكل سماء بابا، ولكل باب ملكا،
ووكل بكل مؤمن ومؤمنة أربعة من الملائكة، ملكين بالنهار وملكين بالليل،
فإذا كان عند المساء تصعد ملائكة النهار بعمل العباد، فإذا بلغوا سماء الدنيا
قال لهما الملك: ما هذا؟ قالوا: هذا عمل عبد من عباد الله. قال: ردا عليه،
لا يتقبل الله منه ولعنه، فإنه حاسد، وإن الله نهاني أن يجاوزني عمل الحاسدين،
وتصديق ذلك في كتاب الله (ولا تتمنوا ما فضل الله بعضكم على بعض).
ثم يصعد بعمل عبد من عباده ليس بحاسد إلى السماء الثانية، فيقول لهما الملك:
ما هذا؟ قالا: هذا عمل عبد من عباده. قال: ردا عليه، لا يتقبل الله منه ولعنه
159

فإنه يغتاب المؤمنين والمؤمنات، وإن الله نهاني أن يجاوزني عمل المغتابين،
وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن
إن بعض الظن إثم، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا، أيحب أحدكم أن
يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه). ثم يصعد بعمل [عبد من] عباده ليس بحاسد
ولا مغتاب إلى السماء الثالثة، فيقول الملك لهما: ما هذا؟ قالا: هذا عمل عبد من
عباده. قال: ردا عليه، لا يتقبل الله منه ولعنه فإنه ظالم المؤمنين والمؤمنات،
فإن الله نهاني أن يجاوزني عمل الظالمين، وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى
(يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل). ثم يصعد بعمل عبد
من عباده ليس بحاسد ولا مغتاب ولا ظالم إلى السماء الرابعة، فيقول لهما الملك:
ما هذا؟ قالا: هذا عمل عبد من عباده. قال: ردا عليه، لا يقبل الله منه ولعنه
فإنه خائن للمؤمنين والمؤمنات، وإن الله نهاني أن يجاوزني عمل الخائنين،
وتصديق ذلك في كتاب الله (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله وتخونوا أماناتكم)
ثم يصعد بعمل عبد من عباده، فيقول: ردا عليه، لا يقبل الله منه ولعنه فإنه
مستكبر، وإن الله نهاني أن يجاوزني عمل المستكبرين، وتصديق ذلك في
كتاب الله تعالى (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)
ثم يصعد بعمل عبد من عباده ليس بحاسد ولا مغتاب ولا ظالم ولا خائن ولا مستكبر
يصعد بعمله إلى السماء السادسة، فيقول لهما الملك: ما هذا؟ قالا: هذا عمل عبد
من عباده، فيقول: ردا عليه، لا يقبل الله منه ولعنه فإنه مرائي يرائى بعمله،
وإن الله أمرني أن لا يجاوزني عمل - المستكبرين - [المرائين] وتصديق ذلك
في كتاب الله تعالى (يراؤن الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك
- لا إلى ها ولا وإلى هاولا - [لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء]). ثم يصعد بعمل
عبد من عباده ليس بحاسد ولا مغتاب ولا ظالم ولا خائن ولا مستكبر ولا مرائي،
يصعد بعمله إلى السماء السابعة، فيقول لهما الملك: ما هذا؟ قالا: هذا عمل عبد
160

من عباده. قال: ردا عليه، لا يقبل الله منه ولعنه فإنه عاص عامل بالكبائر،
وإن الله نهاني أن يجاوزني عمل عاص، وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى
(أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات
سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون). ثم يصعد بعمل عبد من عباده تائب ليس
بحاسد ولا مغتاب ولا ظالم ولا خائن ولا مستكبر ولا مرائي ولا عاص، فيكون لعمله
دوي كدوي الرعد، فلا يمر بملأ من الملائكة إلا استغفر له حتى يؤتى بعمله إلى
عليين، وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى (كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين
وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون)، فيستغفر المقربون له،
وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى قوله (اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم
عذاب الجحيم) ".
أما الحديث الأول فإنه موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولقد
أبدع الذي وضعه واجترأ على الشريعة، وهو مشهور بأحمد بن عبد الله الجويباري
رواه عن يحيى بن سلام الإفريقي عن ثور بن يزيد. وقد سرقه من الجويباري
عبد الله بن وهب النسوي، فحدث به عن محمد بن القاسم الأسدي عن ثور.
فأما الجويباري فأكذب الناس، قد وضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما لا يحصى. وعبد الله بن وهب وضاع أيضا. قال ابن حبان: هو دجال يضع
الحديث على الثقاة. وأما القاسم المكفوف فقد نسبه ابن حبان إلى وضع الحديث
أيضا. قال: ولا يحل ذكر سلم الخواص في الكتب إلا على سبيل الاعتبار.
وأما الطريق الآخر ففيه عبد الواحد بن زيد. قال يحيى: ليس بشئ. وقال
البخاري والنسائي والفلاس: متروك. ويعقوب وأحمد والحسن وعلي بن إبراهيم
لا يعرفون، وبعدهم رجل مجهول.
وأما حديث على فلا نشك في وضعه، وفيه مجاهيل لا يعرفون، وفى إسناده
القاسم بن إبراهيم، وكان يحدث بما لا أصل له.
161

باب عقوبة المرائي
أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد الحداد أنبأنا أبو نعيم
الحافظ حدثنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا عمرو بن
زرارة حدثنا أبو جنادة عن الأعمش عن خيثمة عن عدى بن حاتم قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤمر يوم القيامة بناس إلى الجنة إذا دنوا منها
ونظروا إليها واستنشقوا ريحها ونظروا إلى ما أعد الله لأهلها، نودوا أن اصرفوهم
عنها لا نصيب لهم فيها، فيرجعون بحسرة ما رجع الأولون بمثلها، فيقولون:
يا ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من ثوابك وما أعددت فيها لأوليائك
كان أهون علينا. قال: ذاك أردت بكم، كنتم إذا خلوتم بارزتموني بالعظائم،
وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين، تراؤون الناس ولم تجلوني، وتركتم للناس
ولم تتركوا لي، فاليوم أذيقكم العذاب مع ما حرمتم من الثواب ".
قال أبو حاتم بن حبان: هذا حديث باطل لا أصل له من كلام رسول الله
صلى الله عليه وسلم. وأبو جنادة يروى عن الأعمش ما ليس من حديثه لا يجوز
الاحتجاج به. وقال الدارقطني: أبو جنادة حصين بن المخارق يضع الحديث.
باب ثواب جملة من أفعال الخير
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا يوسف
ابن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن جميع الأسواني بأسوان حدثنا إبراهيم بن
محمد بن فراس المؤدب أنبأنا أبى قال العقيلي وحدثني الفضل بن جعفر حدثنا
جدي محمد بن عبيد الله حدثنا يونس بن محمد المؤدب حدثنا الفضل بن عطاء عن
الفضل بن شعيب عن ابن منظور عن أبي معاذ عن أبي كاهل قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " يا أبا كاهل ألا أخبرك بقضاء قضاه الله على نفسه؟ قال
قلت: بلى يا رسول الله. قال: من لي أن أبقى حتى أخبرك بذلك كله، أحيى الله
162

قلبك، فلا يميته حتى يميت بذلك. اعلمن يا أبا كاهل أنه لن يغضب رب العزة
على من كان في قلبة مخافة، ولا تأكل النار منه هدبة. اعلمن يا أبا كاهل أنه
من ستر عورته حياء من الله عز وجل سرا وعلانية، كان حقا على الله يستر
عورته يوم القيامة. اعلمن يا أبا كاهل أنه من دخل حلاوة الصلاة في قلبه حتى
يتم ركوعها وسجودها، كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة. اعلمن يا أبا
كاهل أنه من صلى الله أربعين يوما وأربعين ليلة في جماعة يدرك التكبيرة الأولى
كان حقا على الله أن يرويه يوم العطش. اعلمن يا أبا كاهل أنه من كف أذاه
عن الناس، كان حقا على الله أن يكف عنه أذى القبر. اعلمن يا أبا كاهل أنه
من بر والديه حيا وميتا، كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة. قلنا: كيف
يبر والديه إذا كانا ميتين. قال: يبرهما فيستغفر لهما ولا يب والدي أحد فيسب
والديه. اعلمن يا أبا كاهل أنه من أدى زكاة ماله عند حلولها، كان حقا على الله
أن يجعله من رفقاء الأنبياء. اعلمن يا أبا كاهل أنه من قلت عنده حسناته
وعظمت عنده سيئاته، كان حقا على الله أن يثقل ميزانه يوم القيامة. اعلمن
يا أبا كاهل أنه من لم يزدد على حقه من الميراث، كان حقا على الله أن يجعله مع
الشهداء في درجاتهم. اعلمن يا أبا كاهل أنه من صلى على كل يوم ثلاث مرات
وكل ليلة ثلاث مرات حبا لله وشوقا إلى، كان حقا على الله أن يغفر له ذنوبه
تلك الليلة وذلك اليوم. اعلمن يا أبا كاهل أنه من شهد أن لا إله إلا الله وحده
مستيقنا به، كان حقا على الله أن يغفر له بكل مرة واحدة ذنوب حول ".
اللفظ للفضل بن جعفر. قال العقيلي: والفضل بن عطاء عن الفضل بن
شعيب إسناد مجهول لا يعرف إلا من هذا الوجه.
163

كتاب الذكر
باب الذكر الذي يستجلب به الرزق
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم البستي
أنبأنا الفضل بن محمد بن إبراهيم الجندي حدثنا إسحاق بن إبراهيم الطبري عن
عبد الله بن الوليد العدني عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: " جاء
رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه فقرا أو دينا، فقال له رسول
الله صلى الله عليه وسلم: فأين أنت من صلاة الملائكة وتسبيح الخلائق وبها
ينزل الله الرزق من السماء. قال ابن عمر فقلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال
فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا وكان متكئا فقال: يا ابن عمر
تقول من مطلع الفجر إلى صلاة الصبح: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم
وتستغفر الله مائة مرة، تأتك الدنيا راغمة ذاخرة، ويخلق الله عز وجل من كل
كلمة تقولها ملكا يسبح لك ثوابه إلى يوم القيامة ".
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو
أحمد بن عدى حدثنا المفضل بن محمد الجندي فذكره مختصرا.
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو حاتم بن
حبان: لا أصل لهذا الحديث، ولا أشك أنه موضوع على مالك، وإسحاق
ابن إبراهيم منكر الحديث جدا يأتي عن الثقاة بالأشياء الموضوعات لا يحل كتب
حديثه إلا على التعجب.
قال المصنف قلت: وقد روى من طريق آخر الله أعلم بها.
أنبأنا إسماعيل بن أبي صالح المؤذن أنبأنا عبد الله بن علي بن إسحاق الفقيه
أنبأنا أبو حسان محمد بن أحمد المزكى حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جابر
164

العطار حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن إبراهيم الهروي حدثنا أبو رجاء محمد بن
أحمد بن حمدويه حدثنا علي بن الجهم حدثنا عبد الله بن الوليد عن مالك بن أنس
عن نافع عن ابن عمر " أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول
الله إني أكد في العمل ولا يأتيني إلا لجهد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
فأين أنت عن تسبيح الملائكة؟ قالوا: وما هو؟ قال: أن تسبح قبل أن تصلى
الفجر مائة مرة: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، أتاك الله برزقك
وإن كرهت ".
باب ثواب التحميد
أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أحمد بن الحسين البيهقي أنبأنا الحاكم أبو عبد الله
محمد بن عبد الله أنبأنا محمد بن الحسن بن الحسين بن منصور حدثنا أبي حدثنا
محمد بن عبد الوهاب حدثنا محمود بن حرب المقرى حدثنا خارجة عن هشام بن
عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال
الحمد لله رب العالمين أربع مرات، فإن قالها الخامسة نادى ملك من حيث لا يسمع
صوته: إن الله قد أقبل إليك فسله ".
قال الحاكم: أنا متعجب لهذا الحديث لخارجة، وقد كان خارجة يأخذ عن
الضعفاء ثم يدلس، وهذا الحديث يشبه أنه أخذه من غياث بن إبراهيم.
قال المصنف قلت: قال أحمد لا بنه: لا تكتب عن خارجة. وقال يحيى:
ليس بثقة. وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج بخبره.
باب الاشتغال بالذكر عن الدعاء
روى صفوان بن أبي الصهباء عن بكر بن عتيق عن سالم بن عبد الله عن
أبيه عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من شغله
ذكرى عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين ".
165

قال ابن حبان: هذا موضوع ما رواه إلا صفوان بهذا الاسناد عن عطية
عن أبي سعيد قال: فأما صفوان فيروى عن الاثبات ما لا أصل له من حديث
الثقاة، ولا يجوز الاحتجاج بما انفرد به. قال: وأما عطية فلا يحل كتب
حديثه إلا على التعجب.
باب ثواب التهليل
أنبأنا أبو القاسم الجريري أنبأنا أبو طالب العشاري حدثنا الدارقطني
حدثنا عبد الله بن بشر بن شعيب الرازي حدثنا أبو عبد الرحمن العسقلاني
عبد العزيز بن عبد الواحد حدثنا عمر بن الصبح البلخي عن مقاتل بن حبان عن
الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن لله
عمودا من نور أسفله الأرض السابعة ورأسه تحت العرش، فإذا قال العبد:
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله اهتز له العمود، فيقول الله:
اسكن، فيقول: يا رب كيف أسكن وأنت لم تغفر لقائلها؟ فيقول الله: اسكن،
فيقول: يا رب كيف أسكن وأنت لم تغفر لقائلها؟ فيقول الله: اسكن فإني قد
غفرت لقائلها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكثروا من هز ذلك العمود ".
قال الدارقطني: تفرد به عمر بن الصبح. قال ابن حبان: عمر يضع
الحديث على الثقاة.
قال المصنف قلت: وقد روى نحوه يحيى بن أبي أنيسة عن هشام عن الحسن
عن أنس. قال زيد بن أبي أنيسة: أخي يحيى يكذب. وقال أحمد والنسائي:
يحيى متروك الحديث، وقد رواه عبد الله بن إبراهيم الغفاري من حديث أبي
هريرة مختصرا.
أنبأنا به هبة الله بن أحمد الجريري أنبأنا أبو إسحاق البرمكي أنبأنا أبو عمر
ابن حيويه حدثنا محمد بن هارون بن حميد حدثنا سلمة بن شبيب عن عبد الله
166

ابن إبراهيم المدني حدثنا عبد الله بن أبي بكر عن صفوان بن سليم عن سليمان
ابن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لله عز
وجل عمودا من نور بين يديه، فإذا قال العبد لا إله إلا الله اهتز ذلك العمود
فيقول الله عز وجل له اسكن، فيقول: يا رب كيف أسكن ولم تغفر لقائلها؟
فيقول: فإني قد غفرت له ".
قال المصنف قلت: أما عبد الله بن إبراهيم فهو الغفاري نسبه ابن حبان
إلى أنه يضع الأحاديث. وأما عبد الله بن أبي بكر فقال أبو زرعة: ليس بشئ
وقال موسى بن هارون ترك الناس حديثه.
باب الذكر عند النوم
أنبأنا ابن ناصر أنبأنا أحمد بن علي بن خلف أنبأنا الحاكم أبو عبد الله محمد
ابن عبد الله النيسابوري حدثنا أحمد بن يعقوب الثقفي أنبأنا محمود بن محمد
المروزي حدثنا سهل بن العباس الترمذي حدثنا إسحاق بن الوزير الكوفي
عن أبي جناب الكلبي عن كنانة العدوي عن أبي الدرداء قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من آوى إلى فراشه فقال: الحمد لله الذي علا فقهر وبطن
فخبر وملك فقدر، والحمد لله الذي يحيى الموتى وهو على كل شئ قدير، خرج من
ذنوبه كيوم ولدته أمه ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه مجاهيل. قال
الدارقطني: سهل بن العباس متروك ليس بثقة، وقال يحيى القطان: لا أستحل
أن أروى عن ابن جناب. قال الفلاس: هو متروك الحديث.
باب ذكر الله تعالى في الأسواق
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا محمد بن طاهر المقدسي أنبأنا أبو الحسن سهل بن
167

عبد الله الغازي حدثنا أبو سعيد محمد بن علي بن عمر النقاش حدثنا الحسين
بن أحمد الصفار حدثنا أحمد بن سعيد بن عطاء حدثنا محمد بن عمر القومسي
حدثتا عمر بن راشد عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " من ذكر الله تعالى في الأسواق مرة واحدة ذكره
الله مائة مرة ".
هذا حديث موضوع لم يروه مالك، وإنما وضعه عليه عمر بن راشد. قال
أحمد: لا يساوي حديثه شيئا، وقال ابن حبان: لا يحل ذكره إلا على سبيل
القدح فيه، يضع الحديث على مالك.
باب التعوذ من الهوام
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا أبو أحمد
ابن عدى حدثنا عبد الصمد بن عبد الله حدثنا هشام بن عمار حدثنا سعيد بن يحيى
حدثنا عبيد الله بن أبي حميد عن بشر بن نمير عن القاسم عن أبي أمامة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال حين يمسى: صلى الله على نوح وعليه
السلام لم تلدغه العقرب تلك الليلة ".
هذا حديث لا يصح. قال أحمد بن حنبل: بشر بن نمير ترك الناس حديثه.
قال ابن حبان: والقاسم يروى عن الصحابة المعضلات.
باب حرز أبى دجانة
أنبأنا هبة الله بن أحمد الجريري أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي أنبأنا أبو بكر
محمد بن عبد الله بن خلف بن بخيت حدثنا أبو يعلى حمزة بن محمد بن شهاب
العكبري حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن مهدي الأيلي حدثني عبد الله بن عبد الوهاب
أبو محمد الخوارزمي حدثني محمد بن بكر البصري حدثنا محمد بن أدهم القرشي عن
إبراهيم بن موسى الأنصاري عن أبيه قال: " شكا أبو دجانة الأنصاري إلى
168

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بينا أنا البارحة نائم إذ فتحت
عيني فإذا عند رأسي شيطان، فجعل يعلو ويطول، فضربت بيدي إليه، فإذا
جلده كجلد القنفذ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومثلك يؤذى يا أبا دجانة
عامر دارك عامر سوء ورب الكعبة، ادع لي علي بن أبي طالب. فدعاه فقال:
يا أبا الحسن اكتب لابي دجانة الأنصاري كتابا لا شئ من بعده. فقال:
وما أكتب؟ قال اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي
العربي الأمي التهامي الأبطحي المكي المدني القرشي الهاشمي صاحب التاج والهراوة
والقضيب والناقة والقرآن والقبلة، صاحب قول لا إله إلا الله، إلى من طرق
الدار من الرواد والعمار، إلا طارقا يطرق بخير. أما بعد، فإن لنا ولكم في الحق
سعة، فإن يكن عاشقا مولعا، أو مؤذيا مقتحما، أو فاجرا مجتهرا، أو مدعى
حق مبطلا، فهذا كتاب الله ينطق علينا وعليكم بالحق، ورسله لدينا يكتبون
ما تمكرون، اتركوا حملة القرآن وانطلقوا إلى عبدة الأوثان، إلى من اتخذ
مع الله إلها آخر، لا إله إلا هو رب العرش العظيم، يرسل عليكما شواظ من نار
فلا تنتصران، فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان، فيومئذ لا يسأل عن
ذنبه إنس ولا جان. قال: ثم طوى الكتاب فقال: ضعه عند رأسك. قال:
فوضعه، فإذا هم ينادون: النار النار، أحرقنا بالنار، والله ما أردناك ولا طلبنا أذاك
ولكن زائر زارنا فطرق، فارفع عنا الكتاب. فقال: والذي نفس محمد بيده
لا أرفعه عنكم حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما أصبح أتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأخبره. فقال: ارفع عنهم فإن عادوا بالسيئة فعد عليهم
بالعذاب، فوالذي نفس محمد بيده ما دخلت هذه الأسماء دارا ولا موضعا ولا منزلا
إلا هرب إبليس وذريته وجنوده والغاوون ".
هذا حديث موضوع بلا شك وإسناده مقطوع، وليس في الصحابة من اسمه
موسى أصلا، وأكثر رجاله مجاهيل لا يعرفون.
169

كتاب الدعاء
باب في ذكر اسم الله الأعظم
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا عبد الرحمن بن محمد القرشي [أخبرنا جعفر بن
حسن قال] أخبرني أبي حسن حدثني ثابت البناني عن أنس بن مالك قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سألت اسم الله الأعظم فجاءني جبريل - يعنى
به مخزون مختوم - اللهم إني أسألك اسمك المخزون المكنون المظهر الظاهر المطهر
المقدس المبارك الحي القيوم. قالت عائشة: بأبي وأمي علمنيه. فقال لها: يا عائشة
نهينا عن تعليم النساء والصبيان والسفهاء ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذب عليه. قال
يحيى: حسن ليس بشئ. قال ابن عدى: وأحاديث ابنه جعفر مناكير.
باب دعاء عيسى عليه السلام حين رفع
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا الحسن
ابن محمد الخلال حدثنا أبو حصين ضياء بن محمد الكوفي حدثنا الحسن بن فرزدق
حدثنا علي بن الحسن بن محمد بن سعيد بن عثمان العكبري حدثنا إبراهيم بن
عبد الله الطرسوسي حدثنا بلال خادم أنس عن أنس بن مالك قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " لما اجتمعت اليهود على أخي عيسى بن مريم ليقتلوه
بزعمهم أوحى الله تعالى إلى جبريل أن أدرك عبدي، فهبط جبريل فإذا هو
بسطر في جناح جبريل فيه مكتوب: لا إله إلا الله محمد رسول الله. قال: يا عيسى
قل. قال: وما أقول يا جبريل؟ قال قل: اللهم إني أسألك باسمك الواحد الأحد
أدعوك باسمك الواحد الأحد، أدعوك اللهم باسمك العظيم الوتر الذي ملا الأركان
170

كلها، إلا فرجت عنى ما أمسيت فيه وما أصبحت فيه. قال: فدعاهما عيسى عليه
السلام. فأوحى الله إلى جبريل: ارفع إلى عبدي. ثم التفت رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى الصحابة فقال: يا بنى هاشم، يا بنى عبد المطلب، يا بنى عبد مناف،
ادعوا ربكم بهؤلاء الكلمات، فوالذي بعثني بالحق نبيا لو دعا قوم لوط إلا اهتز
العرش لها والسماوات السبع والأرضون السبع ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعامة رواته
مجاهيل لا يعرفون.
باب اقتران الإجابة بالدعاء
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا محمد بن المظفر حدثنا أحمد بن محمد العتيقي
حدثنا يوسف بن أحمد حدثنا أبو جعفر العقيلي حدثنا جعفر بن محمد حدثنا إبراهيم
ابن مهدي حدثنا المصيصي حدثنا الحسن بن محمد البلخي عن حميد الطويل عن
أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما كان الله ليفتح لعبد باب
الدعاء ويغلق عنه باب الإجابة، الله أكرم من ذلك ".
قال ابن حبان: الحسن بن محمد البلخي يروى الأشياء الموضوعة، لا يجوز
الاحتجاج به. وقال العقيلي: ليس لهذا الحديث أصل.
باب إجابة الدعاء على من لم يشكر الانعام
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا أبو عمر الحسن
ابن عثمان بن أحمد الواسطي أنبأنا جعفر بن محمد بن الحكم الواسطي أنبأنا جعفر
ابن محمد حدثنا أبو بكر أحمد بن هارون البرذنجي حدثنا جعفر بن عبد الواحد
قال قال لنا أبو عتاب الدلال حدثنا أبو بكر الهذلي عن المنصور أبى جعفر عن
أبيه عن جده عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أنعم
171

على أخيه نعمة فلم يشكرها، فدعا الله عليه استجيب له ".
طريق آخر: أنبأنا عبد الوهاب الحافظ أنبأنا ابن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا
يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد المروزي حدثنا عمر
ابن شيبة حدثنا أبو صفوان نصر بن قديد بن سيار حدثنا أبو عمرو بن حميد
السمعاني عن عبد الحميد بن أنس بن نصر بن سيار عن عكرمة عن ابن عباس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أنعم على عبد نعمة فلم يشكره
فدعا عليه استجيب له ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الطريق الأول ففيه جعفر بن عبد الواحد. قال الدارقطني: كذاب
يضع الحديث.
وأما الثاني ففيه نصر بن قديد. قال يحيى بن معين: كذاب. قال العقيلي:
ونصر بن سيار كان أميرا على خراسان، وأبو عمرو بن حميد وعبد الحميد مجهولان
والحديث غير محفوظ.
باب لا يقبل الله دعاء حبيب على حبيبه
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز أنبأنا أحمد بن علي الخطيب
أخبرني أحمد بن أبي جعفر القطيعي حدثني إسحاق بن إبراهيم بن أحمد الطبري
حدثنا أبو بكر بن محمد بن الحسين أبو محمد حدثنا أبو - طالب [غالب] - بن
بنت معاوية بن عمرو حدثني جدي معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن ليث عن
مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سألت الله
عز وجل أن لا يستجيب دعاء حبيب على حبيبه ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الدارقطني:
أنكرت هذا الحديث على النقاش، وقلت له إن أبا غالب ليس هو ابن بنت
172

معاوية وإنما أخوه لأبيه ابن بنت معاوية، و معاوية بن عمرو ثقة، وزائدة من
الاثبات الأئمة، وهذا حديث كذب موضوع مركب فرجع عنه وقال: هو في
كتابي ولم أسمعه من أبى غالب داراني كتابا له فيه هذا الحديث على ظهره
أبو غالب حدثني جدي، قال الدارقطني: وأحسب أنه نقله من كتاب عنده أنه
صحيح، وكان هذا الحديث مركبا في الكتاب على أبي غالب، فتوهم أنه من
حديث أبي غالب واستغربه وكتبه، فلما وقفناه عليه رجع منه. قال أبو بكر
الخطيب: ولا أعرف وجه قول أبى الحسن في أبى غالب أنه ليس بابن
بنت معاوية، لان أبا غالب كان يذكر أن معاوية جده. قال الخطيب:
وهذا الحديث بهذا الاسناد باطل ولا يحفظ بوجه من الوجوه عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم.
قال المصنف قلت: قال الدارقطني: ركب على أبي غالب ليس بشئ لأنه
رواه عن أبي غالب ثقة.
فأنبأنا القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد
الوكيل أنبأنا إسماعيل بن سعيد المعدل حدثنا أبو على الكوكبي حدثنا أبو غالب
علي بن أحمد بن بنت معاوية بن عمرو حدثني معاوية بن عمرو عن زائدة عن
الليث عن مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سألت
الله عز وجل أن لا يشفع حبيبا يدعو على حبيبه ".
قال المصنف قلت: فقد تخلص من هذه التهمة أبو بكر النقاش وإن كان
متهما. قال طلحة بن محمد بن جعفر: كان النقاش يكذب. وقال البرقاني:
كان حديثه منكر إلا أن الكوكبي لا نعلم فيه إلا الثقة. وقد رواه عن أبي غالب
فخطأ النقاش أنه قال حدثنا أبو غالب ثم أقر الدارقطني أنه ما سمعه من أبى غالب
والعيب الآن يلزم أبا غالب. قال الدارقطني كان أبو غالب ضعيفا.
173

باب دعاء المظلوم
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن
حبان أنبأنا محمد بن أيوب بن مسكان حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن همام حدثنا
عبد الرزاق عن معمر بن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن
جرير بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يستجيب للمتظلمين
ما لم يكونوا أكثر من الظالمين. فإذا كانوا أكثر منهم فيدعون فلا
يستجيب لهم ".
قال الدارقطني: إبراهيم بن عبد الله كذاب يضع الحديث.
باب الدعاء لحفظ القرآن
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزاز أنبأنا أبو يعلى محمد بن الحسين
الفقيه أنبأنا علي بن عمر السكرى حدثنا أبو أحمد حامد بن بلال حدثنا محمد بن
عبد الله البخاري حدثنا بحر بن النضر حدثنا عيسى بن موسى غنجار حدثنا
عمر بن الصبح عن أبي عبد الله الشامي ومحمد بن أبي عائشة السندي يزيد بن
عمر بن عبد العزيز إلى الفقهاء عن مجاهد بن جبير عن ابن مسعود عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " من أراد أن يوعيه الله حفظ القرآن فليكتب هذا
الدعاء في إناء نظيف بعسل ماذى ثم ليغسله بماء المطر قبل أن يمس الأرض
فليشربه على الريق ثلاثة أيام فإنه يحفظ بإذن الله: اللهم إني أسألك بأنك مسئول
لم يسأل مثلك، أسألك بحق محمد رسولك ونبيك، وإبراهيم خليلك وصفيك،
وموسى كليمك ونجيك، وعيسى كلمتك وروحك، وأسألك بصحف إبراهيم
وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى وفرقان محمد، وأسألك بكل وحي
أوحيته، وكل حق قضيته، وبكل سائل أعطيته، وبكل ضال هديته، وغنى
أفنيته، وفقير أغنيته، وأسألك بأسمائك التي دعاك بها أولياؤك فاستجبت لهم،
174

وأسألك بكل اسم أنزلته في كتابك، وأسألك باسمك الذي أبنت به أرزاق
العباد، وأسألك باسمك الذي وضعته على النهار فاستنار، وأسألك باسمك الذي
وضعته على الليل فأظلم، وأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فرست،
وأسألك باسمك الذي وضعته على الأرض فاستقرت، وأسألك باسمك الذي استقل
به عرشك، وأسألك باسمك الواحد الأحد الصمد الفرد العزيز الذي ملا الأركان
كلها، الظاهر الطاهر المطهر المبارك المقدس الحي القيوم نور السماوات والأرض
عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، وأسألك بكتابك المنزل بالحق، ونورك
التام، وبعظمتك وبكبريائك، ترزقني حفظ كتابك القرآن، وحفظ أصناف
العلم، وثبتها في قلبي وسمعي وبصرى بخلطها بلحمي ودمى، وتستعمل بها جسدي
في ليلى ونهاري، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به عمر بن
الصبح. قال ابن حبان: يضع الحديث على الثقاة، لا يحل كتب حديثه إلا على
وجه التعجب.
دعاء منقول
أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد البغدادي أنبأنا عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن
مندة أنبأنا أبى أنبأنا إبراهيم بن محمد بن رجاء الوراق حدثنا إبراهيم بن محمد بن
يزيد بن خالد المروزي حدثنا محمد بن موسى السلمي حدثنا أحمد بن عبد الله
النيسابوري عن شقيق البلخي عن إبراهيم بن أدهم عن موسى بن يزيد عن أويس
القرني عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما قالا قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له: اللهم أنت حي
لا تموت، وخالق لا تغلب، وبصير لا ترتاب، وسميع لا تشك، وصادق
لا تكذب، وقاهر لا تغلب، وندى لا تنفذ، وقريب لا تبعد، وغافر لا تظلم،
175

وصمد لا تطعم، وقيوم لا تنام، وجبار لا تقهر، وعظيم لا ترام، وعالم لا تعلم،
وقوى لا تضعف، وعليم لا توصف، ووفى لا تخلف، وعدل لا تحيف، وغنى
لا تفتقر، وحكيم لا تجور، ومنيع لا تقهر، ومعروف لا تنكر، ووكيل لا تحقر،
وغالب لا تغلب، ووتر لا تستأمر، وفرد لا تستشير، ووهاب لا تمل، وسريع
لا تذهل، وجواد لا تبخل، وعزيز لا تذل، وحافظ لا تغفل، وقائم لا تنام،
ومحتجب لا ترى، ودائم لا تفنى، وباق لا تبلى، وواحد لا تشبه، ومقتدر لا تنازع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني لو دعى بهذه الدعوات
والأسماء على صفائح الحديد لذابت، ولو دعى بها على ما جار لسكن، ومن أبلغ
إليه الجوع والعطش ثم دعا به أطعمه الله وسقاه، ولو أن بينه وبين موضع يريده
جبل لا نشعب له الجبل حتى يسلكه إلى الموضع الذي يريد، ولو دعى به على
مجنون لأفاق، ولو دعى على امرأة قد عسر عليها ولدها، ولو دعا بها والمدينة
تحترق وفيها منزله لنجا ولم يحترق منزله، ولو دعى بها أربعين ليلة من ليالي الجمعة
غفر له كل ذنب بينه وبين الله عز وجل، ولو أنه دخل على سلطان جائر ثم دعى
بها قبل أن ينظر السلطان إليه لخلصه الله من شره، ومن دعى بها عند منامه
بعث الله عز وجل بكل حرف منها سبعمائة ألف ملك من الروحانيين، وجوههم
أحسن من الشمس والقمر، يسبحون له ويستغفرون له ويدعون ويكتبون له
الحسنات ويمحون عنه السيئات ويرفعون له الدرجات.
فقال سلمان: يا رسول أيعطى الله بهذه الأسماء كل هذا الخير؟
فقال: لا تخبر به الناس حتى أخبرك بأعظم منها، فإني أخشى أن يدعوا
العمل ويقتصروا على هذا. ثم قال: من نام وقد دعا بها، فإن مات مات شهيدا
وإن عمل الكبائر وغفر لأهل بيته، ومن دعى بها قضى الله له ألف ألف حاجة "
وقد رواه سليمان بن عيسى عن سفيان الثوري عن إبراهيم بن أدهم إلا أن
176

الألفاظ تختلف. ورواه مختصرا الحسين بن داود البلخي عن شقيق بن إبراهيم.
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى طرقه كلمات
ركيكة يتنزه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثلها وأسماء لله يتعالى الحق عنها،
ولم نر التطويل بذكر الطرق لأنها من جنس واحد. وفى الطريق الأول أحمد بن
عبد الله وهو الجويباري. وفى الطريق الثاني سليمان بن عيسى. وفى الثالث الحسين
ابن داود، وثلاثتهم كانوا يضعون الحديث، والله أعلم أنهم ابتدوا بوضعه، ثم
سرقه منه - الأحزان - [الآخران] وبدلا فيه وغيرا. وقد روى لنا من طريق
مظلم فيه مجاهيل وفيه زيادات ونقصان.
177

باب المواعظ
موعظة
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد
الجرجاني حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا محمد بن السرى حدثنا عبد العزيز
ابن عبد الصمد حدثنا أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك قال: " خطبنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته الجدعاء، فقال في خطبته: يا أيها الناس
كأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن الموت على غيرنا كتب، وكأن الذين
نشيع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون - نبويهم - [نبوئهم] أجداثهم
ونأكل تراثهم، كأنا مخلدون بعدهم. نسينا كل واعظة، وأمنا كل جائحة.
طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وأنفق مالا اكتسبه من غير معصية،
وخالط أهل الفقه والحكمة، وجانب أهل الذل والمعصية. طوبى لمن ذل نفسه
وحسنت خليقته وصلحت سريرته. طوبى لمن عمل بعلم، وأنفق الفضل من ماله،
وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة ولم يعدها إلى بدعة ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي إسناده أبان
وهو متروك، وقد ذكرنا عن شعبة أنه قال: لان أزنى أحب إلى من أن
أحدث عن أبان.
وقد روى نحو هذا الحديث الوليد بن المهلب عن النضر بن محرز عن ابن
المنكدر عن أنس. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بالنضر.
وقد روى من طريق عصمة بن محمد عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار
عن أبي هريرة. قال يحيى: عصمة كذاب.
وقد روى من طريق آخر رجاله مجهولون.
وروى لنا من طريق جابر: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا نصر بن أحمد أنبأنا
178

عبد الواحد بن محمد الجهني حدثنا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي حدثنا يحيى
ابن محمد بن عبد الرحمن بن ناجية حدثنا أحمد بن عبد الرحمن حدثني الوليد بن
المهلب عن النضر بن محمد عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: " خطبنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم على العضباء فقال: يا أيها الناس كأن الموت في هذه الدنيا على
غيرنا وجب، وكأن الحق في هذه الدنيا على غيرنا كتب، وكأن ما نشيع من
الموتى عن قريب إلينا راجعون - نبويهم - [نبوؤهم] أجداثهم ونأكل تراثهم
كأنا مخلدون بعدهم، قد أمنا كل جائحة. فطوبى لمن وسعته السنة ولم يخالفها إلى
بدعة ورضى من العيش بالكفاف وقنع بذلك ".
هذا لا يصح، فإن في إسناده مجاهيل وضعفاء، والمعروف أن هذا الحديث
من حديث أبان عن أنس، فقد سرقه منه قوم. قال أبو حاتم بن حبان: هذا
الحديث مما سمعه أبان عن الحسن فجعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم
وهو لا يعلم، ولعله قد روى عن أنس أكثر من ألف وخمسمائة حديث، ما لكبير
شئ منها أصل يرجع إليه.
موعظة أخرى
أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله
الحاكم حدثنا أبو الطيب محمد بن عبد الله السعدي حدثنا أبو محمد همام بن يحيى
ابن زكريا حدثنا محمد بن القاسم الطالكاني حدثنا أبو مقاتل حفص بن سليمان
حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " يا أهل الخلود ويا أهل الفناء لم تخلقوا للفناء وإنما تنقلون
من دار إلى دار كما نقلتم من الأصلاب إلى الأرحام، ومن الأرحام إلى الدنيا،
ومن الدنيا إلى القبور، ومن القبور إلى الموقف، ومن الموقف إلى الخلود في
الجنة أو النار ".
179

هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو كلام
بعض السلف، وقد روى نحوه عن عمر بن عبد العزيز، والمتهم برفعه إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم الطالكاني. قال أبو عبد الله الحاكم: يضع الحديث.
قال المصنف قلت: وحفص بن سليمان قال فيه عبد الرحمن بن مهدي: والله
ما تحل الرواية عنه، وقال أحمد: متروك الحديث، وقال يحيى: ليس بثقة.
موعظة أخرى
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت أنبأنا علي بن أبي على
المعدل حدثنا محمد بن أحمد بن عبدان أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن هارون بن
عيسى حدثنا الحسن بن أبي الربيع حدثنا القاسم بن الحكم البجلي عن عبيد الله
ابن الوليد الرصافي عن محمد بن سوقة عن الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اشتاق إلى الجنة
سارع إلى الخيرات، ومن أشفق من النار لهى عن الشهوات، ومن ترقب الموت
لهى عن اللذات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى: عبيد الله
ابن الوليد ليس بشئ، وقال الفلاس والنسائي: متروك الحديث، على أن
الحارث كذاب.
موعظة أخرى
أنبأنا ظفر بن علي الهمداني أنبأنا أبو الحسن بن طعان حدثنا أبو عبد الله
محمد بن علي المقرى أنبأنا أبو الحسن محمد بن علي العلوي حدثنا حامد بن محمد
الهروي حدثنا الفضل بن عبد الله بن مسعود الهروي حدثنا أحمد بن علي النهرواني
حدثنا روح بن عبادة عن محمد بن مسلم عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الموت غنيمة، والمعصية
180

مصيبة، والفقر راحة، والغنى عقوبة، والعقل هدية من الله، والجهل ضلالة،
والظلم ندامة، والطاعة قرة العين، والبكاء من خشية الله النجاة من النار، والضحك
هلاك البدن، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به الفضل
ابن عبد الله ويقال له ابن حزم. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال.
موعظة أخرى
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزاز أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي
التنوخي حدثنا إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري حدثنا محمد بن الحسن بن
محمد بن خداش البلخي حدثنا أسود بن عامر حدثنا يزيد بن عبد الله الهنائي
حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة حدثني عمر بن عبد العزيز حدثني أبو سلمة بن
عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا
بالموعظة في الأيام، وكان آخر خطبة بالمدينة. قعد على هذا المنبر فوعظنا موعظة
ذرفت منها العيون، وتقلقلت منها الأعضاء. ثم قال: يا بلال الصلاة جامعة،
فاجتمع الناس وهو قاعد على المنبر. فقام وقال: أيها الناس ادنوا واسمعوا خلقكم
ثلاثا. فقام فقال: الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به. فذكر كلاما طويلا، إلى
أن قال: ومن تولى خصومة لظالم أو أعانه عليها نزل ملك الموت فبشره باللعنة،
ومن عظم صاحب دنيا فمدحه لطمع الدنيا سخطه الله عليه وكان في الدرك مع قارون
ومن إدبار سعة يوم القيامة إلى سبع أرضين، ومن ظلم أجيرا أحبط الله عمله،
ومن تعلم القرآن ثم نسيه لقى الله يوم القيامة مجذوما ملعونا وتسلط عليه بكل آية
حية أو عقرب، ومن نكح امرأة في دبرها حشره الله يوم القيامة أنتن من الجيفة
ومن عمل عمل قوم لوط حشره الله يوم القيامة والناس يتأذون من نتن ريحه
ويدخل في تابوت من نار مسمر بمسامير من حديد وتضرب عليه صفائح من نار،
181

ومن زنا بيهودية أو نصرانية أو مجوسية أو مسلمة حرة كانت أو أمة، فتح الله
عليه في قبره ثلاثمائة ألف باب من جهنم، ومن صافح امرأة حراما جاء يوم
القيامة - مغولا - [مغلولا] ثم أمر به إلى النار، ومن شرب الخمر سقاه الله شربة
من سم يتساقط وجهه، ومن فجر بامرأة ذات بعل انفجر يوم القيامة من فرجه
واد من صديد يتأذى الناس من نتن ريحه " وذكر حديثا طويلا أنا اختصرته
هذا حديث موضوع. أما محمد بن عمرو بن علقمة فقال يحيى: ما زال الناس
يتقون حديثه. وقال السعدي: ليس بقوى. ومحمد بن خراش مجهول والحمل فيه
على الحسن بن عثمان. قال ابن عدى: كان يضع الحديث. قال عبدان: هو
كذاب. ومحمد بن الحسن هو النقاش. قال طلحة بن محمد: كان النقاش يكذب.
182

كتاب الوصايا
باب وصية النبي صلى الله عليه وسلم لعلي عليه السلام
أنبأنا محمد بن عمر الأرموي أنبأنا القاضي أبو الحسين محمد بن علي بن المهتدى
أنبأنا عبيد الله بن عمرو بن محمد بن المنتاب حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا
أبو نصر محمد بن إبراهيم السمرقندي حدثني سعيد بن غانم بن يزيد حدثنا
أيوب بن نصر بن موسى حدثنا حماد بن عمرو عن السرى بن خالد عن جعفر
ابن محمد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي بن أبي
طالب رضي الله عنه: " أوصيك بوصية فاحفظها فإنك لن تزال بخير ما حفظت
وصيتي. يا علي إن للمؤمن ثلاث علامات: الصلاة والزكاة والصوم. يا علي
وللمتكلف من الرجال ثلاث علامات: يتملق ممن شهد، ويغتاب من غاب عنه،
ويشمت بالمصيبة. يا علي وللمرائي ثلاث علامات: يكسل عن الصلاة إذا كان
وحده، وينشط لها إذا كان الناس عنده، ويحب أن يحمد في جميع أموره.
وللظالم ثلاث علامات: يقهر من دونه بالغلبة، ومن فوقه بالمعصية، ويظاهر الظلمة.
يا علي وللمنافق ثلاث علامات: يتوانى حتى يفرط، ويفرط حتى يضيع، ويضيع
حتى يأثم. وعلى وليس ينبغي للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث خصال:
مرمه لمعاش، أو حظوة لمعاد، أو لذة في غير محرم ". وذكر باقي الوصية إلى
آخرها. كذا قال.
هذا حديث موضوع، والمتهم به حماد بن عمرو. قال يحيى: كان يكذب
ويضع الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث.
وصية ثانية لعلي عليه السلام
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا أحمد بن الحسين بن قريش أنبأنا إبراهيم بن عمر
183

البرمكي حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل حدثنا القاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق
ابن البهلول حدثنا محمد بن عبد الله العبدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن غالب
السلمي حدثني هريم بن عثمان أبو المهلب حدثنا عبد الله بن زياد عن علي بن
زيد عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي لا ترج إلا ربك: ولا تخف إلا ذنبك. يا علي
لا تستحيى أن تعلم ما لم تعلم، ولا تستحيى إذا سئلت عن شئ لا تعلم أن تقول
الله أعلم. يا علي إن منزلة الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد. يا علي إن
الصبر ثلاث خصال، من جاء بواحدة لم تقبل منه، ومن جاء باثنتين لم يقبلا منه.
يا علي الصبر على المصيبة والصبر على ما أمر الله عز وجل به، والصبر عما نهى الله
عز وجل عنه. يا علي من صبر على مصيبة أعطاه الله مائة درجة ما بين كل درجة
إلى صاحبتها كما بين العرش إلى الأرض. يا علي من صبر على ما نهى الله عز وجل
عنه أعطاه الله عز وجل سبعمائة درجة ما بين العرش إلى الأرض. يا علي من صبر
على ما أمره الله عز وجل به أعطاه الله عز وجل خمسمائة درجة ما بين كل درجة
إلى صاحبتها كما بين العرش إلى الأرض ".
هذا حديث موضوع، والمتهم به عبد الله بن زياد وهو ابن سمعان. قال
مالك ويحيى: كان كذابا. وقال النسائي والدار قطني: متروك الحديث، على أن
علي بن زيد قد قال فيه أحمد ويحيى: ليس بشئ.
وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرني
أحمد بن عبيد بن ناصح حدثنا شبابة بن سوار حدثنا ركن بن عبد الله الدمشقي
عن مكحول الشامي عن معاذ بن جبل " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه
إلى اليمن مشى معه أكثر من ميل يوصيه، فقال: يا معاذ أوصيك بتقوى الله
184

العظيم وصدق الحديث وأداء الأمانة وترك الخيانة وخفض الجناح ولين الكلام
ورحمة اليتيم والتفقه في الدين والجزع من الحساب وحب الآخرة. يا معاذ لا تفسدن
أرضا ولا تشتم مسلما ولا تصدق كاذبا ولا تكذب صادقا ولا تعص إماما عادلا.
يا معاذ أوصيك بذكر الله عند كل حجر وشجر وأن تحدث لكل ذنب توبة،
السر بالسر والعلانية بالعلانية. إني أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك
ما أكره لها. يا معاذ إني لو أعلم أنا نلتقي إلى يوم القيامة لأقصرت لك من الوصية
يا معاذ إن أحبكم إلى من لقيني يوم القيامة على مثل الحالة التي فارقني عليها.
وكتب له في عهده أن لا طلاق لامرئ فيما لا يملك ولا - تذر - [نذر] في معصية
ولا في قطيعة رحم ولا فيما لا يملك ابن آدم، وعلى أن تأخذ من كل حاكم دينارا
أو عدله معافر، وعلى أن لا تمس القرآن إلا طاهر، وإنك إذا أتيت اليمن تسألك
نصاراها عن مفتاح الجنة، فقل مفتاح الجنة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ". قال
أحمد بن عبيد: قوله معافر يريد بها معافريه (1).
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به ركن.
قال ابن المبارك: لان أقطع الطريق أحب إلى من أن أروى عن عبد القدوس
الشامي. وعبد القدوس خير من مائة مثل ركن. قال يحيى بن معين: ركن
ليس بشئ. وقال النسائي والدار قطني: متروك. وقال ابن حبان: لا يجوز
الاحتجاج به بحال.
وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابي هريرة
أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز أنبأنا أبو الحسين محمد بن علي بن المهتدى
أنبأنا أبو حفص بن شاهين حدثنا أبو بكر أحمد بن مسعود الزبيري عن عمرو
ابن إدريس بن عكرمة حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن عبد الرحيم
البرقي حدثنا عروة بن أبي سلمة أبو حفص حدثنا إبراهيم بن محمد البصري عن

(1) هكذا ورد النص بالأصل.
185

علي بن ثابت عن ابن سيرين عن أبي هريرة ح. وأنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا
أبو الحسين بن المهتدى حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن عمرو بن محمد بن المنتاب
حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا أبو بكر محمد بن السرى الصيرفي
حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار حدثنا حماد بن عمرو عن الفضيل بن غالب عن
مسلمة بن عمرو في نسخة مسلمة عن عمر بن سليمان عن مكحول الشامي عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا هريرة إذا توضأت فقل
بسم الله والحمد لله، فإن حفظتك لا تستريح تكتب لك حسنات حتى تفرغ من
ذلك الوضوء. يا أبا هريرة إذا أكلت طعاما فقل بسم الله والحمد لله. فإن حفظتك
لا تستريح، تكتب لك حسنات حتى تنبذه عنك. يا أبا هريرة إذا غشيت أهلك
وما ملكت يمينك فقل بسم الله والحمد لله. فإن حفظتك [لا تستريح، تكتب
لك حسنات] حتى تغتسل من الجنابة، فإذا اغتسلت من الجنابة غفر لك ذنوبك
يا أبا هريرة فإن كان لك من تلك الوقعة ولد كتب لك حسنات بعدد نفس ذلك
الولد وعقبه حتى لا يبقى منه شئ. يا أبا هريرة إذا ركبت دابة فقل بسم الله
والحمد لله تكن من العابدين حتى - تزل - [تنزل] من ظهرها. يا أبا هريرة إذا
ركبت السفينة فقل بسم الله والحمد لله تكتب من العابدين حتى تخرج منها. يا أبا
هريرة إذا لبست ثوبا فقل بسم الله والحمد لله يكتب لك عشر حسنات بعدد كل
سلك فيه " وذكر تمام الوصية، وهي في خبر طويل لم أر التطويل بذكرها.
هذا حديث ليس له أصل، وفى إسناده جماعة مجاهيل لا يعرفون أصلا،
ولا نشك أنه من وضع بعض القصاص أو الجهال، وقد خلط الذي وضعه في
الاسناد، ومن المعروفين في إسناده حماد بن عمرو، قال يحيى: كان يكذب ويضع
الحديث، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث وضعا على الثقاة، لا يحل كتب
حديثه إلا على وجه التعجب.
186

وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك
أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي
حاتم بن حبان حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل حدثنا قتيبة بن سعيد
حدثنا كثير أبو هاشم الأيلي قال سمعت أنس بن مالك يقول: إن أم سليم فالت
يا رسول الله ما من الأنصار رجل أو امرأة إلا وقد أتحفك بشئ غيرى وليس لي
إلا ولدى هذا، وأحب أن تقبله منى يخدمك. فقبلني رسول الله صلى الله
عليه وسلم وأقعدني بين يديه ومسح يده على رأسي وبرك على وقال لي: يا بنى احفظ
سرى تكن مؤمنا. يا بنى إن استطعت أن تكون أبدا على وضوء فكن فإن
ملك الموقف إذا قبض روح العبد وهو على وضوء كتب له شهادة. يا بنى إن
استطعت أن تكون أبدا تصلى فصل فإن الملائكة يصلون عليك ما دمت تصلى
يا بنى إذا خرجت من رحلك فلا يقعن بصرك على أحد من أهل قبلتك إلا سلمت
عليهم فإنك ترجع إلى منزلك وقد ازددت في حسناتك. يا بنى إذا ما دخلت
رحلك فسلم على أهل بيتك تكون بركة عليك وعلى أهل بيتك. يا بنى إن
أطعتني فلا يكون شئ أحب إليك من الموت. يا بنى إذا خرجت إلى الصلاة
فاستقبل القبلة وارفع يديك وكبر وأقم صلبك حتى [يسكن] كل عظم مكانه،
وإذا سجدت فضع عقبك تحت أليتك واذكر ما بدا لك، وأقم صلبك فإن الله
عز وجل لا ينظر إلى من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود ".
هذا حديث لا يصح. قال ابن حبان: أبو هاشم الأيلي كان يضع الحديث على
أنس، لا يحل كتب حديثه إلا اعتبارا.
وقد روى لنا من طريق آخر: أنبأنا عبد الله بن عمر المقرى أنبأنا أبو الحسن
هبة الله بن عبد الرزاق الأنصاري أنبأنا أبو الحسين بن بشران أنبأنا أبو الحسن
علي بن محمد المصري حدثنا بشر بن إبراهيم أبو عمرو حدثنا عباد بن كثير عن
عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أنس بن مالك قال: " قدم النبي
187

صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين، فأتته أمي فقالت: يا رسول الله
إنه ليس من أهل المدينة أحد إلا وقد أتحفك بتحفة غيرى، وإني لم أجد ما أتحفك
به إلا ابني هذا يخدمك. قال: فخدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين،
فما سبني سبة قط ولا ضربني ضربة ولا انتهرني قط، وقال لي: يا بنى اكتم سرى
فإنه كانت أمي تسألني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أخبرها به، وما أنا
بمخبر سر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا حتى أموت. فقال: يا بنى عليك
بإسباغ الوضوء يحفظك الله وحفيظاك. يا بنى إذا خرجت من بيتك فلا يقعن
بصرك على أحد من أهل القبلة إلا سلمت عليه ترجع وقد زيد في حسناتك.
يا بنى إذا دخلت بيتك فسلم على أهل بيتك تكن بركة عليك وعليهم. يا بنى
إذا سجدت فلتكن جبهتك من الأرض، ولا تنقر كما ينقر الديك، ولا تبسط
ذراعيك كما يبسط الثعلب، ولا تقع كما يقعى الكلب، فإذا ركعت فاحن ظهرك
وافرج بنى أصابعك وجاف عضدك عن جنبيك. يا بنى ان استطعت ألا يأتيك
الموت إلا وأنت على وضوء، فمن أتاه الموت وهو على وضوء أعطى الشهادة.
يا بنى إن حفظت وصيتي لم يكن شئ أحب إليك من الموت ولابد لك منه، وإن
ضيعت وصيتي لم يكن شئ أبغض إليك من الموت ولن تعجزه ".
هذا حديث موضوع. وفى هذه الطريق آفات، عبد الرحمن بن حرملة قد
ضعفه البخاري، وأما عباد بن كثير فقال أحمد: روى أحاديث كذب لم يسمعها
وقال يحيى: ليس بشئ في الحديث، وقال البخاري والنسائي: متروك الحديث.
وأما بشر بن إبراهيم فقال ابن عدى: هو عندي ممن يضع الحديث على الثقاة،
قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقاة.
188

كتاب الملاحم والفتن
باب بيع الدين بالمال
أنبأنا عبد الوهاب الحافظ أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف
ابن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن موسى بن حماد حدثنا عقبة بن مكرم
حدثنا يونس بن بكير حدثنا زياد بن المنذر عن نافع بن الحارث عن أنس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تذهب الأيام والليالي حتى يقوم القائم
فيقول من يبيعنا دينه بكف من دراهم ".
هذا حديث لا يصح والمتهم به زياد بن المنذر. قال يحيى: هو كذاب عدو
الله لا يساوى فلسا.
باب من علامات الساعة
أنبأنا عبد الوهاب الحافظ أنبأنا ابن المظفر أنبأنا أحمد بن محمد العتيقي أنبأنا
يوسف بن الدخيل حدثنا العقيلي حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح حدثنا سعيد بن
سابق حدثنا مسلمة بن علي عن أبي مهدى سعيد بن سنان عن جعفر بن كريب
عن كثير بن مرة عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من أشراط الساعة أن يركب - المنطور - [المنظور] ويلبس المشهور ويبنى
المسدور ويصير الناس إخوان العلانية أعداء السريرة ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه كذابان
أحدهما أبو مهدي. قال العقيلي: لا يعرف هذا الحديث إلا به ولا يتابع عليه.
قال يحيى: أبو مهدي ليس بشئ أحاديثه بواطيل. وقال النسائي: متروك
الحديث. والثاني مسلمة بن علي. قال يحيى: ليس بشئ. وقال النسائي
والدار قطني: متروك.
189

باب تغير الناس في آخر الزمان
أنبأنا عبد الأول بن عيسى أنبأنا أبو الفضيل بن يحيى أنبأنا عبد الرحمن
ابن أبي شريح حدثنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن يزيد القاضي حدثنا القاسم بن
عباد حدثنا محمد بن معاوية حدثنا محمد بن سلمة الحراني عن خصيف عن مجاهد
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سيجئ في آخر
الزمان أقوام أكثر وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الذئاب الضواري
ليس في قلوبهم شئ من الرحمة، سفاكين الدماء لا يزعون عن قبيح، وإن بايعتهم
ضاروك، وإن ائتمنتهم خانوك، صبيهم غارم وشيخهم لا يأمر بالمعروف ولا ينهى
عن المنكر، الاعتزاز بهم ذل، وطلب ما في أيديهم فقر، والمؤمن فيهم
مستضعف، السنة فيهم بدعة، والبدعة فيهم سنة، لذلك سلط الله عليهم
شرارهم، ويدعو خيارهم، ولا يستجاب لهم ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو معروف
بمحمد بن معاوية. قال أحمد والدار قطني: هو كذاب. وقال النسائي:
متروك الحديث.
باب ظهور الآيات في الشهور
فيه عن أبي هريرة وفيروز الديلمي:
فأما حديث أبي هريرة: فأنبأنا عبد الوهاب الحافظ أنبأنا محمد بن المظفر
أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا علي بن سعيد بن داود
الأزدي حدثنا علي بن الحسين الموصلي حدثنا عنبسة بن أبي صغير الهمداني عن
الأوزاعي حدثني عبد الواحد بن قيس سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " يكون في رمضان هدة توقظ النائم وتقعد القائم، وتخرج
190

العواتق من خدورها، وفى شوال همهمة، وفى ذي القعدة تميز القبائل
بعضها إلى بعض، وفى ذي الحجة تراق الدماء، وفى المحرم أمر عظيم وهو
عند انقطاع ملك هؤلاء. قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: الذين يكونون
في ذلك الزمان ".
وقد روى مسلمة بن علي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يكون هدة في رمضان توقظ النائم
وتفزع اليقظان ".
وروى إسماعيل بن عياش عن ليث عن شهم بن حوشب عن أبي هريرة
موقوفا قال: " يكون في رمضان هدة توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج العواتق
من خدورها ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى بن سعيد:
عبد الواحد بن قيس شبه لا شئ. وقال العقيلي: ليس لهذا الحديث أصل عن
ثقة ولا من وجه ثابت. وأما مسلمة بن علي فقال يحيى: مسلمة ليس بشئ.
وقال النسائي والدار قطني: متروك. وأما إسماعيل وليث وشهر فثلاثتهم ضعفاء
مجروحون.
وأما حديث فيروز الديلمي: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا أبو على الحسن بن
أحمد الحداد حدثنا أبو نعيم الحافظ حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني حدثنا أحمد
ابن عبد الوهاب بن نجدة حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك حدثنا إسماعيل بن
عياش الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة عن فيروز الديلمي قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " يكون صوت في رمضان. قالوا: يا رسول الله في أوله
أو في وسطه أو في آخره؟ قال: بل في النصف من رمضان إذا كان ليلة النصف
من رمضان ليلة الجمعة، يكون صوت من السماء يصعق له سبعون ألفا، ويخرس
191

سبعون ألفا، ويعمى سبعون ألفا، ويصم سبعون ألفا. قالوا يا رسول الله، فمن
السالم من أمتك؟ قال: من لزم بيته وتعوذ بالسجود وجهر بالتكبير لله تعالى،
ثم يتبعه صوت آخر، فالصوت الأول صوت جبريل، والصوت الثاني صوت
الشيطان، والصوت الثالث في رمضان، والمعمعة في شوال، وتمييز القبائل في
ذي القعدة، ويغار على الحاج في ذي الحجة وفى المحرم، فأما المحرم فأوله بلاء
على أمتي وآخره فرح لامتي - الداخلة - [الراحللة] في ذلك الزمان يقنيها ينجو
عليها المؤمن خير من دسكرة بغل بمائة ألف ".
هذا حديث لا يصح. قال العقيلي: عبد الوهاب ليس بشئ. وقال العقيلي
عبد الوهاب ليس بشئ (1)، وقال العتيقي: هو متروك الحديث. وقال ابن حبان
كان يسرق الحديث لا يحل الاحتجاج به. وقال الدارقطني: منكر الحديث.
وأما إسماعيل فضعيف، وعبدة لم ير فيروزا، وفيروز لم ير رسول الله صلى الله
عليه وسلم. وقد روى هذا الحديث غلام خليل عن محمد بن إبراهيم البياضي عن
يحيى بن سعيد العطار عن أبي المهاجر عن الأوزاعي، وكلهم ضعاف في الغاية،
وغلام خليل كان يضع الحديث.
باب ذم المولودين بعد المائة
روى هنا عن خالد بن خداش عن حماد بن زيد عن أيوب عن الحسن
عن صخر بن قدامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يولد بعد المائة
مولود لله فيه حاجة ". قال أحمد بن حنبل: ليس بصحيح.
قال المصنف قلت: فإن قيل فإسناده صحيح فالجواب أن العنعنة تحتمل أن
يكون أحدهم سمعه من ضعيف أو كذاب فأسقط اسمه، وذكر من رواه له عنه
بلفظ عن، وكيف يكون صحيحا وكثير من الأئمة والسادة ولدوا بعد المائة.

(1) التكرار هنا من الناسخ.
192

باب هلاك الناس بعد المائة
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا عبد الباقي بن أحمد
الواعظ أنبأنا محمد بن جعفر بن علان حدثنا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي
حدثنا أبو عروبة الحراني حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا عبد الله
ابن أبان العجلي حدثنا بشير بن المهاجر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عند رأس المائة سنة يبعث الله ريحا باردة
طيبة يقبض فيها روح كل مؤمن ".
هذا حديث باطل يكذبه الوجود، وفيه بشير بن المهاجر. قال أحمد بن حنبل
منكر الحديث يجئ بالعجائب. وقال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به.
باب متى ترفع زينة الدنيا
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا عبيد الله بن أبي سفيان حدثنا بركة بن
محمد الحلبي حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن
أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ترفع زينة الدنيا سنة خمس
وعشرين ومائة ".
وقد رواه بركة عن الوليد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورواه حبيب بن أبي حبيب
عن مالك عن الزهري. وهذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الدارقطني: بركة الحلبي كان كذابا. قال أحمد بن حنبل: وحبيب بن أبي
حبيب كان يكذب. وقال الدارقطني: وسعيد ضعيف، ولا يصح عن مالك
وليس محفوظ عن الزهري.
193

باب وصف ما يكون في الثلاثين والمائة
أنبأنا ابن خيرون أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان
حدثنا أبو القاسم هارون بن محمد البغدادي حدثنا محمد بن علي الصوري حدثنا
يحيى بن عبد الله البابلتي حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كانت سنة ثلاثين ومائة
كان الغرباء قرآن في جوف ظالم، ومصحف في بيت قوم لا يقرأ فيه، ورجل
صالح بين قوم سوء ".
قال ابن حبان: هذا بلا شك معمول، فالبابلتي يأتي عن الثقاة بأشياء
معضلات. وقال الدارقطني: البلية في هذا الحديث عن البابلتي لا منه.
باب ما يكون في سنة خمس وثلاثين ومائه
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا ابن قتيبة حدثنا - كبير - [كثير] بن عبيد
حدثنا بقية عن الصباح بن مجالد حدثني عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان سنة خمس وثلاثين ومائة خرجت
شياطين كان حبسهم سليمان بن داود في جزائر البحر يذهب منه تسعة أعشارهم
إلى العراق يجادلونهم بالعراق وعشر بالشام ".
قال الدارقطني: تفرد به الصباح عن عطية وتفرد به بقية عنه. قال ابن
عدى: الصباح ليس بمعروف وهو من مشايخ بقية الذين لا يروى عنهم غيره.
وكان يروى عن الضعفاء والمجاهيل، وأما عطية فقد ضعفه الكل.
باب في ذكر الخمسين والمائة
أنبأنا محمد بن عبد الملك وابن خيرون أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا
194

حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا عبدان حدثنا ابن مصفى
حدثنا يحيى بن سعيد العطار عن محمد الأسدي عن الأعمش عن شقيق عن
حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سنة خمسين ومائة خير
أولادكم البنات ".
طريق آخر: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن
ثابت أنبأنا أحمد بن محمد الدستوائي حدثنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو العباس
عبد الله بن أحمد المارشاني حدثنا أحمد بن إبراهيم المارشاني حدثنا محمد بن
عبد الله أبو جعفر عن سيف بن محمد عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كانت سنة خمسين ومائة فخير
أولادكم البنات. فإذا كانت سنة ستين ومائة فأمثل الناس يومئذ كل ذي حاذ
قلنا: وما الحاذ؟ قال: الذي ليس له ولد خفيف المؤنة ".
هذا حديث ليس بشئ. أما محمد الأسدي فهو محمد بن إسحاق بن إبراهيم
ابن محمد بن عكاشة. قال يحيى: هو كذاب. وقال ابن عدى: يروى عن
الأوزاعي أحاديث مناكير موضوعة. وقال الدارقطني: يضع الحديث. وأما يحيى
ابن سعيد العطار فقال يحيى بن معين: ليس بشئ. وقال ابن حبان: يروى
الموضوعات عن الاثبات لا يجوز الاحتجاج به. وأما سيف فكذاب بإجماعهم
قال أحمد: كان يضع الحديث.
وقد روى بإسناد مظلم كلهم مجاهيل إلى مقاتل عن عطاء عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان سنة خمسين ومائة فاحذروا
التزويج، فإن من تزوج في ذلك الزمان سلب الله عقله وهدم دينه ولم يكن له
- دينا - [دنيا] ولا آخرة ".
هذا من أفحش الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
195

باب ما يكون في سنة ستين ومائة
روى يحيى بن عبد الله البابلتي عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كانت سنة ستين ومائة كان الغرباء في
الدنيا أربعة: قرآن في جوف ظالم، ومصحف في بيت قوم لا يقرأ فيه، ومسجد
في نادم قوم لا يصلون فيه، ورجل صالح بين قوم سوء ".
هذا حديث موضوع، والآفة فيه من البابلتي. قال ابن حبان: يأتي عن
الثقاة بأشياء معضلات يهم فيها.
باب ذكر ما يكون إلى المائتين
فيه ذكر طبقات هذه الأمة، وهي في رواية أبى موسى وأنس وابن عباس
فأما رواية أبى موسى فأنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا محمد بن المظفر
أنبأنا العتيقي حدثنا يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا عبيد بن حاتم حدثنا
عبد السلام بن عاصم الرازي حدثنا إسحاق بن إسماعيل بن حيويه حدثنا المبارك
ابن سعيد الثوري عن عرفة عن أبي موسى قال قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" أنا وأصحابي أهل إيمان وعمل إلى أربعين، وأهل بر وتقوى إلى المائة، وأهل
تواصل وتراحم إلى العشرين ومائة، وأهل تقاطع وتدابر إلى الستين ومائة،
ثم الهرج الهرج، الهرب الهرب ".
وأما حديث أنس: فأنبأنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي وأحمد بن محمد بن
الحسن المصري وعلي بن المبارك الخياط قالوا أنبأنا أحمد بن محمد بن النقور أنبأنا
عيسى بن علي الوزير أنبأنا عبد الله بن محمد البغوي حدثنا كامل بن طلحة
حدثنا عباد بن عبد الصمد حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " طبقات أمتي خمس طبقات كل طبقة منها أربعون سنة، فطبقتي
وطبقة أصحابي أهل العلم والايمان، والذين يلونهم أهل التراحم والتواصل، والذين
196

يلونهم إلى الستين ومائة أهل التقاطع والتدابر، والذين يلونهم إلى المائتين أهل
الهرج والحرب " وقد رواه غالب بن زرير عن المؤمل بن عبد الرحمن عن عباد.
وأما حديث ابن عباس فروى يحيى بن عنبسة عن سفيان بن عيينة عن
ابن المنكدر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أمتي
خمس طبقات ".
هذه الأحاديث لا أصل لها. أما الأول ففيه مجاهيل لا يعرفون. وأما الثاني
فالمتهم به عباد. قال البخاري: هو منكر الحديث، وقال العقيلي يروى عن
أنس نسخة عامتها مناكير. وأما حديث ابن عباس فإن يحيى بن عنبسة
كذاب بإجماعهم.
حديث آخر: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا علي بن أحمد البسري عن أبي عبد الله
ابن بطة حدثنا ابن صاعد حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن
الحجاج حدثنا عبد الله بن السمط حدثنا زكريا بن يحيى الصرفي عن ابن حذيفة
عن أبيه حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير أولادكم
بعد أربع وخمسين ومائة البنات، وخير بناتكم بعد ستين ومائة العواقر، وسنة
ثماني وستين تقاضى دينك، وسنة تسع وستين ومائة اقض دينك، وسنة سبعين
ومائة الهرج. فقال بعض القوم: يا رسول الله وما النجار وما الخلاص؟ قال: الهرج
الهرج حتى تقوم الساعة ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ابن حذيفة مجهول
وزكريا مجروح. قال ابن حبان: وعبد القدوس كان يضع الحديث على الثقاة.
باب ما يكون بعد المائتين
أنبأنا ابن ناصر أنبأنا علي بن أحمد بن بنان أنبأنا أبو علي بن شاذان أنبأنا
أبو جعفر بن محمد الواسطي حدثنا محمد بن يونس الكديمي حدثنا عون بن عمارة
197

حدثنا عبد الله بن المينى عن أبيه عن جده أنس عن أبي قتادة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " الآيات بعد المائتين ". هذا حديث موضوع على رسول الله
صلى الله عليه وسلم. وعون وابن المينى ضعيفان، غير أن المتهم به الكديمي.
قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقاة.
باب العزبة والترهيب بعد الثلثمائة والثمانين
أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أنبأنا أبو عبد الله
محمد بن عبد الله الحاكم أخبرني أبو عمر عبد الواحد بن أحمد بن محمد القرشي
حدثنا أبي حدثنا علان بن المغيرة حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا أبو يحيى الخراساني
سليمان بن عيسى حدثنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن
ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أتت على أمتي ثلثمائة
وثمانون سنة فقد حلت لهم العزبة والترهيب على رؤوس الجبال ".
هذا حديث موضوع. قال ابن عدى: سليمان بن عيسى يضع الحديث.
باب ذكر خليفة يكون في آخر الزمان
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
حدثنا أبو أحمد بن عدى حدثنا كهمس بن معمر حدثنا أبو يحيى الوقار حدثنا
مؤمل بن عبد الرحمن عن عوف عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " يكون في آخر الزمان خليفة لا يفضل عليه أبو بكر
ولا عمر ". هذا حديث موضوع لا يرويه عن عوف غير مؤمل، ولا عن مؤمل
غير الوقار. فأما مؤمل فقال أبو حاتم الرازي: هو ضعيف الحديث، وقال ابن
عدى: عامة حديثه غير محفوظ. وأبو يحيى الوقار اسمه زكريا بن يحيى. قال
صالح جزره: كان من الكذابين، وقال ابن عدى: كان يضع الحديث ويوصله
وقال الدارقطني: متروك.
198

كتاب المرض
باب كتمان المرض
أنبأنا محمد بن أحمد بن عبد الباقي أنبأنا حمد بن أحمد حدثنا أبو نعيم الحافظ
حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا أحمد بن محمد بن الحجال حدثنا قطن بن إبراهيم
النيسابوري حدثنا الجارود بن يزيد حدثنا سفيان عن أشعث بن عبد الملك عن
ابن سيرين عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث
من كنوز البر: إخفاء الصدقة، وكتمان الشكوى، وكتمان المصيبة. يقول الله
تعالى: إذا ابتليت عندي فصبر ولم يشتكى إلى عواده أبدلته لحما خيرا من لحمه
ودما خيرا من دمه، فإن أبرأته أبرأته ولا ذنب له، وإن توفيته فإلى رحمتي ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. تفرد به الجارود
عن سفيان. قال البخاري: هو منكر الحديث، وكان أبو أسامة يرميه بالكذب
وقال يحيى: ليس بشئ، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان:
الجارود يروى عن الثقاة ما لا أصل له منها هذا الحديث.
حديث آخر في ذلك: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا إسماعيل بن محمد بن مسلمة
أنبأنا محمد بن أحمد بن عبد الرحيم حدثنا أبو محمد بن حبان حدثنا إبراهيم بن
محمد بن الحسن حدثنا أبو الجماهر محمد بن عبد الرحمن حدثنا علي بن عباس حدثنا
عبد الرحمن بن أبي الجوز حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن
جده عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله عز وجل:
أبتلى عبدي بالبلاء فإن لم يشكني إلى عواده أبدلته لحما خيرا من لحمه ودما أطيب
من دمه، فإن أطلقته من أسرى أمرته فاستأنف العمل ".
وهذا أيضا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى بن سعيد:
199

عبد الله بن سعيد كذاب، وقال يحيى بن معين: ليس بشئ، وقال الفلاس
والدار قطني: متروك.
باب تمحيص المرض الذنوب
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا الحسين بن الحسن
النعالي حدثنا أحمد بن عبد الله الذارع حدثنا علي بن يحيى بن عبد الله البراز حدثنا
إسماعيل بن الفضل حدثنا عيسى بن جعفر عن سفيان الثوري عن هشام بن عروة
عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مرض يوم
كفارة ثلاثين سنة ".
هذا حديث لا يصح. قال الدارقطني: الذارع كذاب دجال.
قال المصنف قلت: إلا أن هذا ليس من عمل الذارع.
أنبأنا ابن خيرون أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان
أنبأنا الحسين بن إسحاق الخلال حدثنا جعفر بن محمد البردعي حدثنا الحسين بن
سنان عن إسحاق بن بشير عن الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مرض يوم يكفر ثلاثين سنة، وإن المرض
يتبع الذنوب في المفاصل حتى يسله عنه (1) سلا، فيقوم من مرضه قد خرج من
ذنوبه كيوم ولدته أمه ". هذا من عمل أبى حذيفة إسحاق بن بشر. قال
ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقاة، وقال الدارقطني: كذاب متروك.
حديث آخر: أنبأنا يحيى بن علي المدبر أنبأنا جابر بن ياسين وعبد العزيز
ابن علي الأنماطي ح. وأنبأنا سعيد بن أحمد بن الحسن أنبأنا علي بن أحمد بن
البسري قالوا حدثنا محمد بن عبد الرحمن المخلص حدثنا البغوي حدثنا حاجب بن
الوليد حدثنا الوليد بن محمد المقرى عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله

(1) أي المؤمن.
200

صلى الله عليه وسلم: " مثل المريض إذا برأ وصح من مرضه كمثل البردة تقع من
السماء بصفائها ولونها ".
قال أبو حاتم بن حبان: هذا حديث باطل إنما هو قول الزهري لم يرفعه
عن الزهري إلا الموقري، وهو يروى عن الزهري أشياء موضوعة لم يروها
الزهري قط، ولا يجوز الاحتجاج به بحال. وقال يحيى: الوليد ليس بشئ،
وقال النسائي: متروك الحديث.
قال المصنف قلت: وقد روى هذا الحديث سعيد بن هاشم بن صالح المخزومي
عن ابن أخي الزهري عن الزهري. رواه سفيان بن محمد الفراوي عن ابن وهب
عن الزهري عن أنس نحوه. قال ابن عدى: أما سعيد فليس بمستقيم الحديث.
روى أحاديث غير محفوظة. وأما سفيان فإنه يسرق الأحاديث ويسوى الأسانيد
وفى حديثه موضوعات. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به.
باب أن البلاء علامة المحب
أنبأنا ابن ناصر أنبأنا عبد الرحمن بن حمد الدوني أنبأنا أحمد بن الحسين
الكسار أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمد السني أخبرني عبد الرحمن بن حمدان حدثنا
إبراهيم بن الحسين حدثنا الربيع بن روح حدثنا اليمان بن عدى عن محمد بن زياد
عن أبي عبيد الخولاني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أحب الله
عبدا ابتلاه، وإذا أحبه الحب البالغ اقتتاه. قالوا: يا رسول الله وما اقتتاه؟ قال:
لم يترك له مالا ولا ولدا ".
هذا حديث لا يصح. واليمان قد نسبه أحمد إلى أنه يضع الحديث. ومحمد بن
زياد ليس بشئ.
باب ثواب المريض
فيه عن الحسن وجابر وأبي هريرة رض ى الله عنهم أجمعين:
201

فأما حديث الحسن: أنبأنا أحمد بن أحمد المتوكلي أنبأنا أبو بكر بن ثابت
أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر القاضي حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم
الحكمي حدثنا محمد بن يونس حدثنا مكي بن قمير العجلي حدثنا جعفر بن سليمان
عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال: " دخلنا مع علي بن أبي طالب
رضي الله عنه على الحسن بن علي نعوده، فقال له: كيف أصبحت يا ابن رسول
الله؟ قال: أصبحت بحمد الله بارئا. قال: كذلك أنت إن شاء الله تعالى. ثم
قال الحسن: اسندوني اسندوني. فأسنده على إلى صدره. فقال الحسن: سمعت
جدي صلى الله عليه وسلم وقال لي يوما: يا بنى إن في الجنة شجرة يقال لها شجرة
البلوى، يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة، فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان
يصب لهم الاجر صبا. وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما يوفى الصابرون
أجرهم بغير حساب) ".
هذا حديث لا يصح. قال يحيى: أصبغ لا يساوى شيئا. وقال ابن حبان:
فتن بحب علي بن أبي طالب فأتى بالطامات في الروايات فاستحق من أجلها الترك
قال يحيى: وسعد بن طريف لا يحل لاحد أن يروى عنه، وقال النسائي والدار قطني:
متروك، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الفور.
وأما حديث جابر فأنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن
ثابت أنبأنا ابن شهريار أنبأنا سليمان بن أحمد أنبأنا إبراهيم بن محمد الفقيه حدثنا
يوسف بن موسى القطان حدثنا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء عن الأعمش
عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يود أهل العافية
[لو] أن لحومهم قرضت بالمقاريض لما يرون لأهل البلاء من جزيل الثواب ".
طريق آخر: أنبأنا القزاز أنبأنا أحمد بن علي أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر
الحربي أنبأنا عمر بن محمد بن علي الصيرفي حدثنا أبو على أحمد بن محمد بن بيان
202

حدثنا يوسف بن موسى حدثنا عبد الرحمن بن مغرا الدوسي حدثنا الأعمش
عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ليودن أهل العافية يوم القيامة أن جلودهم قرضت بالمقاريض مما يرون من ثواب
أهل البلاء ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال علي بن المديني:
عبد الرحمن بن مغراء ليس بشئ.
وأما حديث أبي هريرة فروى عيسى بن ميمون الخواص عن السدي عن
أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من مرض ليلة
فقبلها بقبولها، وأدى الحق الذي يلزمه فيها، كتب له عبادة أربعين سنة،
وما زاد فعلى قدر ذلك ".
هذا حديث لا يصح. قال يحيى: عيسى بن ميمون ليس حديثه بشئ،
وقال النسائي: متروك الحديث.
باب ثواب من ذهب بصره
أنبأنا أبو القاسم الجريري أنبأنا أبو طالب العشاري حدثنا الدارقطني حدثنا
القاضي الحسين بن إسماعيل حدثنا وهب بن حفص أبو الوليد حدثنا جعفر بن
عون حدثنا مسعر عن عطية العوفي عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " [من أذهب الله بصره في الدنيا] كان حقا على الله واجبا أن لا ترى عيناه
نار جهنم ". قال الدارقطني: تفرد به وهب بن حفص عن جعفر. قال
أبو عروبة: وهب كذاب يضع الحديث، يكذب كذبا فاحشا.
باب ثواب ذهاب السمع والبصر
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا أبو نعيم الحافظ
203

حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن الحسين الوراق حدثني محمد بن سعد بن عبد الرحمن
أبو على الحافظ حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن عيشون حدثنا محمد بن سليمان
ابن أبي داود حدثنا داود بن الزبر قان عن مطر الوراق عن هارون بن عنترة
عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " ذهاب البصر مغفرة للذنوب، وذهاب السمع مغفرة للذنوب،
وما نقص من الحسد فعلى قدر ذلك ".
قال ابن عدى: هذا منكر المتن والاسناد. قال ابن حبان: هارون بن
عنترة لا يجوز الاحتجاج به. قال يحيى: وداود بن الزبر قان ليس بشئ، وقال
أحمد: ليس حديثه بشئ.
باب فائدة الرمد والزكام والسعال والدماميل
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف حدثنا ابن
عدى حدثنا علي بن أحمد حدثنا أحمد بن علي بن ثابت الأفطح حدثنا يحيى بن
زهدم بن الحارث الغفاري عن أبيه قال حدثني أبي عن أنس بن مالك قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تكرهوا أربعة فإنها لأربعة: لا تكرهوا
الرمد فإنه يقطع عروق العمى، ولا تكرهوا الزكام فإنه يقطع عروق الجذام،
ولا تكرهوا السعال فإنه يقطع عروق الفالج، ولا تكرهوا الدماميل فإنها
تقطع عروق البرص ".
هذا حديث موضوع. قال ابن حبان: يحيى عن أبيه نسخة موضوعة لا يحل
كتبها إلا على التعجب.
حديث آخر: أنبأنا أبو القاسم الجريري أنبأنا أبو طالب العشاري حدثنا
أحمد بن إبراهيم بن الحصين حدثنا عمر بن جعفر الحبلى حدثنا محمد بن يونس
حدثنا بشر بن حجر حدثنا فضيل بن عياض عن ليث عن مجاهد عن عائشة
204

قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أحد إلا في رأسه عرق من
الجذام - معر - [ينفر] فإذا هاج سلط عليه الزكام ".
هذا حديث لا يصح. ومحمد بن يونس هو الكديمي. وقد ذكرنا أنه كان
كذابا. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث عن الثقاة.
حديث آخر: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا محمد بن طاهر أنبأنا الحسن بن سهل
ابن عبد الله الغازي أنبأنا أبو سعيد محمد بن علي النقاش أنبأنا أبو حامد محمد بن
أحمد بن إبراهيم حدثنا ممد بن عبد الله الصفار حدثنا يحيى بن محمد بن حبس
حدثنا محمد بن سعيد بن سحنون التنوخي حدثنا محمد بن بشر حدثنا أبو معاوية
عن الأعمش عن زيد بن وهب عن جرير بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " ما من آدمي إلا وفيه عرق من الجذام، فإذا تحرك ذلك العرق
سلط عليه الزكام. يسكنه "
قال النقاش: هذا حديث موضوع لا شك وضعه يحيى بن محمد أو محمد بن بشر
باب متى يعاد المريض
أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا محمد بن أحمد الرسعنى حدثنا أحمد بن الفضل
الدهقان حدثنا نصر بن حماد الوراق عن روح بن عطيف عن الزهري عن سعيد
ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يعاد
المريض إلا بعد ثلاث ".
هذا حديث لا يصح. قال النسائي: روح بن عطيف متروك الحديث.
وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الثقاة لا يحل كتب حديثه. قال مسلم بن
الحجاج: ونصر بن الحجاج ذاهب الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة.
205

باب ثواب عيادة المريض
أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ أنبأنا أبو منصور علي بن محمد بن الأنباري أنبأنا
محمد بن عبد الملك بن بشران حدثنا أبو حفص بن شاهين حدثنا محمد بن أبي
سعيد الموصلي حدثنا محمد بن عبد الرحمن الهروي حدثنا خالد بن الهياج حدثنا أبي
عن عباد بن كثير أخبرني ابن لابي أيوب حدثني أبي عن جدي قال: كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثني به أبى عن أنس بن مالك أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " إذا فقد الرجل انتظره ثلاثة أيام، وإذا كان ثلاثة
أيام سأل عنه، فإن كان مريضا عاده، وإن كان غائبا دعا له، وإن كان صحيحا
زاره. ففقد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأنصار فسأل عنه يوم الثالث
فقيل له: يا رسول الله مريض كأنه الفرخ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأصحابه بعد ما صلى وسأل عنه: انطلقوا إلى أخيكم نعوده. فخرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من المسلمين، فيهم أبو بكر وعمر، فلما دخلوا عليه
قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فإذا هو مثل الفرخ، لا يأكل شيئا
إلا خرج من دبره. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شأنك؟ قال: نعم
يا رسول الله، بينا أنت تصلى قرأت في صلاة المغرب القارعة ثم مررت على هذه
الآية: (يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنقوش)
فقلت: أي رب مهما كان لي من ذنب أنت معذبي عليه في الآخرة، فعجل لي
عقوبتي في الدنيا، فرجعت إلى أهلي فأصابني ما ترى. فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: بئس ما صنعت حببت لنفسك البلاء، وسألت الله عز وجل البلاء،
ألا سألت الله عز وجل العافية في الدنيا والآخرة. قال: فما أقول؟ قال: تقول
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. ثم دعا له رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فبرأ وقام كأنما نشط من عقال. ثم خرج رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال عمر: يا رسول الله حضضتنا آنفا على عيادة المريض فما لنا في ذلك
206

من الاجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المرء المسلم إذا توجه إلى أخيه
المريض يعوده خاض في الرحمة إلى حقويه ورفع الله عز وجل له بكل قدم درجة
وكتب له بكل قدم حسنة وحط عنه به خطيئة، فإذا قعد عند المريض غمرته الرحمة
وكان المريض في ظل عرش الرحمن وكان العائد في ظل عرشه يقول الله لملائكته:
كم احتبس عند عبدي المريض؟ يقول الملك: إذا كان لم يطل احتبس عنده فواقا.
قال: اكتبوا له عبادة ألف سنة إن عاش لم تكتب عليه خطيئة واستأنف العمل
وإن مات قبل ألف سنة دخل الجنة، ثم يقول للملك: كم احتبس؟ فإن كان أطال
الحبس يقول: ساعة، يقول: اكتبوا له دهرا والدهر عشرة آلاف سنة استأنف
العمل، فإن مات قيد عشرة آلاف سنة دخل الجنة، وإن كان حين يصبح صلى
عليه سبعون ألف ملك إلى أن يمسى وإن كان مساء إلى أن يصبح ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به عباد بن
كثير. قال أحمد: روى أحاديث كذب لم يسمعها. وقال يحيى: ليس بشئ
في الحديث. وقال البخاري والنسائي: متروك.
حديث آخر: أنبأنا ابن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا عبد الباقي
ابن أحمد الواعظ أنبأنا محمد بن جعفر بن علان حدثنا أبو الفتح الأزدي الحافظ
حدثنا محمد بن زكريا عن الهيثم بن أبي حرب حدثنا الحسن بن علي بن زياد
حدثنا إبراهيم بن عبد الله الكوفي عن عبد الله بن قيس عن حميد الطويل قال:
" دخلنا على أنس بن مالك نعوده، فقلنا: يا أبا حمزة الطبيب، قال: قد رآني.
قلنا: حدثنا بشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: عيادة مريض أحب إلى من عيادة أربعين أو خمسين
سنة. قلنا: زدنا. قال: أخبرني أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
من شيع جنازة فربع حط الله عنه أربعين كبيرة ".
هذا حديث لا أصل له. وإبراهيم وعبد الله بن قيس كذابان.
207

باب كيف عيادة المريض
أنبأنا عبد الوهاب الحافظ أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا ابن الدخيل
حدثنا العقيلي حدثنا أحمد بن إبراهيم القرشي حدثنا سليمان بن عبد الرحمن حدثنا
عبد الأعلى بن محمد التاجر حدثنا يحيى بن سعيد عن الزبيري عن القاسم بن
عبد الرحمن عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من
تمام العيادة أن تضع يدك على المريض وتقول كيف أصبحت وكيف أمسيت "
هذا حديث لا يصح. قال العقيلي: عبد الأعلى روى عن يحيى بن سعيد أحاديث
مناكير لا يتابع عليها ولا أصول لها منها هذا الحديث.
قال المصنف قلت: وقد روى عبد الله بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم
عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من تمام عيادة
المريض أن تضع يده وتسأله كيف هو ".
أما عبد الله فقال عليه يحيى: ليس بشئ. وقال أبو مسهر: صاحب كل
معضلة. وأما علي بن زيد فقال عنه يحيى: ليس بشئ. وأما القاسم فقال أحمد:
يروى عنه علي بن زيد الأعاجيب وما أراها إلا من القاسم.
باب ما لا يعاد من المرضى
أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا ابن المظفر حدثنا العتيقي حدثنا ابن الدخيل حدثنا
العقيلي حدثنا يحيى بن عثمان ح. وأنبأنا ابن ناصر أنبأنا ابن العلاف أنبأنا
أبو الحسن الحمامي أنبأنا أبو بكر الشافعي قالا حدثنا سعيد بن أبي مريم أنبأنا
مسلمة بن علي الخشني حدثني الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة لا يعادون:
صاحب الرمد وصاحب الضرس وصاحب الدمل ".
208

هذا حديث موضوع، والحمل فيه على مسلمة بن علي الخشني. قال يحيى بن
معين: ليس بشئ. وقال البخاري: منكر الحديث، وإنما يروى هذا من
كلام يحيى بن كثير. وقال النسائي والدار قطني: متروك.
باب ذكر العدوي
أنبأنا علي بن عبد الله أنبأنا أحمد بن محمد بن النقور أنبأنا علي بن عبد العزيز
ابن مبروك حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شبة حدثنا إبراهيم بن نصر
حدثنا الخليل بن زكريا عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر " أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم مر بوادي المجذمين فقال: أسرعوا السير، فإن كان شئ
يعدى فهو هذا ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرد به الخليل بن
زكريا وهو المتهم به. قال العقيلي: الخليل يحدث بالبواطيل عن الثقاة، وفى
الصحيح: " لا عدوى ".
باب مجئ العافية قليلا قليلا
أنبأنا يحيى بن علي المدبر أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت قرأت على محمد بن
أحمد بن يعقوب عن محمد بن عبد الله بن نعيم النيسابوري حدثنا أبو بكر محمد
ابن يحيى بن سعدان المؤدب حدثنا عبد الله بن الحارث الصنعاني حدثنا عبد
الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه قال قال النبي صلى الله عليه
وسلم: " المرض ينزل جملة، والبرء ينزل قليلا قليلا ".
قال أبو بكر بن ثابت: قد أخطأ عبد الله بن الحارث في رواية هذا عن
عبد الرزاق خطأ فظيعا، وهذا الحديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بوجه ولا أحد من الصحابة وإنما هو من قول عروة بن الزبير.
209

كتاب الطب
باب شرب الدواء
أنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف بن الحجاج حدثنا أبي
حدثنا سيف عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: " كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يكتحل كل ليلة ويحتجم كل شهر ويشرب الدواء كل سنة ".
هذا حديث لا يصح. وسيف هو ابن محمد بن أخت سفيان الثوري. قال
أحمد: كان يضع الحديث.
باب الحمى والاغتسال للمحموم
أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الموحد أنبأنا هناد بن إبراهيم النسفي
حدثنا أبو الوفاء المسيب بن محمد بن علي القضاعي حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله
ابن عمر بن علي الجوهري الموقري حدثنا يحيى بن - ساسوير - [ساسوبه]
المروزي حدثنا محمد ابن النضر حدثنا سلمة بن رجاء عن أبي طاهر عن مرزوق
ابن عبد الله الحمصي عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " النيران
ثلاثة: نار تأكل وتشرب، ونار تأكل ولا تشرب، ونار تشرب ولا تأكل
فأما النار التي تشرب وتأكل فجهنم، وأما النار التي تأكل ولا تشرب فنار
الدنيا، وأما النار التي تشرب ولا تأكل فالحمى، فإذا وجد أحدكم فليقم إلى بئر
فليستق منها، وليصب عليه، وليقل: اللهم اشف عبدك وصدق رسولك يفعل
ذلك ثلاث غدوات فإن ذهبت وإلا يفعل سبع غدوات فإنها ستذهب إن شاء الله "
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه مجهولون
وضعفاء منهم سلمة بن رجاء. قال يحيى: ليس بشئ.
210

باب الاستشفاء بالقرآن
روى أبو بكر الخلال أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا خالد بن
إبراهيم المؤذن حدثنا سلام بن رزين قاضي أنطاكية حدثنا الأعمش عن شقيق
عن ابن مسعود قال: " بينا أنا والنبي صلى الله عليه وسلم في طرقات المدينة إذا
برجل قد صرع فدنوت فقرأت في أذنه فاستوى جالسا. فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: ما قرأت في أذنه يا ابن أم عبد؟ قلت: فداك أبي وأمي قرأت: (أفحسبتم
أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
والذي بعثني بالحق لو قرأها مؤمن على جبل لزال ".
قال عبد الله بن أحمد: قال أبى: هذا حديث موضوع كذب، حديث
الكذابين.
باب النهى عن الحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء
فيه أحاديث:
الحديث الأول: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا
حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا ابن قتيبة حدثنا صفوان بن صالح
حدثنا ضمرة بن ربيعة عن عباد بن راشد عن الحسن " حدثني سبعة من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وأبو هريرة
وعمران ومعقل بن يسار وسمرة وجابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم نهى عن الحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء، وقال: من فعل ذلك فأصابه
بياض فلا يلومن إلا نفسه ".
الحديث الثاني: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل
أنبأنا حمزة السهمي أنبأنا أبو أحمد بن عدى أنبأنا القاسم بن يحيى بن نصر حدثنا
يحيى بن عثمان حدثنا إسماعيل بن عياش عن سليمان بن أرقم وابن إسماعيل عن
211

الزهري عن أبي سلمة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت فأصابه مرض
فلا يلومن إلا نفسه ".
الحديث الثالث: أنبأنا إسماعيل أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا ابن
عدى حدثنا الحسن بن عبد الله القطان حدثنا عباس بن الوليد حدثنا قاسم بن
يزيد الكلابي حدثنا حسان بن سياه حدثنا ثابت عن أنس أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " من احتجم يوم السبت والأربعاء، فرأى وضحا، فلا يلومن
إلا نفسه ".
الحديث الرابع: أنبأنا محمد بن أبي طاهر أنبأنا الجوهري عن الدارقطني
عن أبي حاتم بن حبان حدثنا الحسن بن شقيق حدثنا الحكم بن موسى حدثنا
عبد الله بن زياد الفلسطيني عن زرعة بن إبراهيم عن نافع عن ابن عمر عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من احتجم يوم السبت ويوم الأربعاء فأصابه
وضح فلا يلومن إلا نفسه ". هذه الأحاديث ليس فيها ما يصح.
أما الأول فقال أبو حاتم بن حبان: الحسن لم يشافه ابن عمر ولا ابن عمرو
ولا أبا هريرة ولا سمرة ولا جابر ولا بدريا إلا عثمان بن عفان، وعثمان يعد في
البدريين ولم يشهدها، وعباد بن راشد يأتي بالمناكير عن المشاهير حتى يسبق
إلى القلب أنه المتعمد لها.
وأما الحديث الثاني، فإن إسماعيل بن عياش ضعيف، وسليمان بن أرقم
وعبد الله بن زياد بن سمعان كذابان. قال أحمد في حق سليمان: ليس بشئ
لا يروى عنه الحديث. وقال يحيى: لا يساوى فلسا. وقال النسائي وأبو داود
والدار قطني متروك.
وأما الثالث، فقال ابن عدى: حسان بن سياه يحدث بما لا يتابع عليه.
قال ابن حبان: يأتي عن الثقاة بما لا يشبه حديث الاثبات.
212

وأما الرابع، فقال ابن حبان: عبد الله بن زياد الفلسطيني يجب مجانبة
روايته. قال ولا يحل ذكر مثل هذا الحديث في الكتب إلا على سبيل الاعتبار
لأنه موضوع، ليس هذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر
أحمد بن حنبل الحجامة يوم السبت والأربعاء لحديث عن الزهري مرسلا غير
مرفوع وقال: يعجبني أن يتوفى ذلك.
باب في النهى عن الحجامة يوم الجمعة
روى يحيى بن العلاء الرازي عن زيد بن أسلم عن طلحة بن عبد الله عن
الحسين بن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " في الجمعة ساعة
لا يوافقها رجل يحتجم فيها إلا مات ".
هذا حديث موضوع. قال يحيى بن معين: ليس يحيى بن العلاء بثقة.
وقال الفلاس: متروك الحديث. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. وقال
ابن عدى: كل حديثه لا يتابع عليه.
باب النهى عن الحجامة يوم الثلاثاء
فيه عن جابر وأبى بكرة:
فأما حديث جابر: فأنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل
أنبأنا أبو عمرو الفارسي حدثنا ابن عدى حدثنا إبراهيم بن حماد حدثنا أحمد
ابن علي حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي عن عمر بن موسى عن أبي الزبير عن
جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تحتجموا يوم الثلاثاء فإن
سورة الحديد أنزلت على يوم الثلاثاء ".
وأما حديث أبي بكرة: فأنبأنا عبد الوهاب أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي
حدثنا يوسف بن الدخيل حدثنا العقيلي حدثنا عبد الله بن أبي - مسرة - [ميسرة]
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة حدثتني عمتي
213

كبشة " أن أبا بكرة كان ينهى عن الحجامة يوم الثلاثاء، ويزعم أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه يوم الدم ويقول فيه ساعة لا يرقى فيها الدم ".
أما الحديث الأول، فإن عمر بن موسى هو الوجيهي. قال يحيى: ليس
بثقة. وقال النسائي والدار قطني: متروك. وقال ابن عدى: هو في عداد من
يضع الحديث متنا وإسنادا.
وأما الحديث الثاني، فقال يحيى: بكار ليس بشئ. قال العقيلي: ولا
يتابع بكار على هذا الحديث.
باب فضل الحجامة يوم الثلاثاء لسبع عشرة
يمضين من الشهر
فيه عن ابن عباس ومعقل بن يسار وأنس:
فأما حديث ابن عباس: فأنبأنا محمد بن عبد الباقي أنبأنا أبو محمد الجوهري
عن الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان حدثنا السختياني حدثنا شيبان بن فروخ
حدثنا نافع أبو هرمز عن عطاء عن ابن عباس قال: " دخلنا على رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم يوم الثلاثاء، فقلت: هذا اليوم تحتجم؟ قال:
نعم، من وافق منكم يوم الثلاثاء لسبع عشرة مضت من الشهر فلا يجاوزها
حتى يحتجم ".
وأما حديث معقل فأنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا
حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا محمد بن أحمد حدثنا زهير بن
عباد حدثنا سلام الطويل عن زيد العمى عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحجامة يوم الثلاثاء لسبع عشرة
مضت من الشهر دواء السنة ".
وأما حديث أنس: أنبأنا محمد بن عبد الباقي عن الجوهري عن الدارقطني
214

عن أبي حاتم بن حبان حدثنا الحسين بن إسحاق الأصبهاني حدثنا محمد بن حرب
النسائي حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن الفضل عن زيد العمى عن معاوية
ابن قرة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من احتجم يوم الثلاثاء
لسبع عشرة مضين من الشهر كان دواء لداء سنة ".
هذه الأحاديث ليس فيها شئ صحيح.
أما الأول ففيه أبو هرمز. قال يحيى: ليس بشئ كذاب، وقال النسائي:
ليس بثقة، وقال الدارقطني: متروك. والثاني والثالث فيهما زيد العمى. قال
ابن حبان: يروى أشياء موضوعة لا أصل لها حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد
لها. وفى الحديث الثاني أيضا سلام. قال يحيى: ليس بشئ، وقال البخاري:
متروك. وفى الحديث الثالث محمد بن الفضل. قال أحمد: ليس بشئ، حديثه
حديث أهل الكذب، وقال يحيى: كان كذابا.
قال المصنف قلت: وقد جاء في الحجامة يوم الخميس حديث ولا يصح. قال
العقيلي: وليس يثبت في التوقيت في الحجامة شئ في يوم بعينه ولا في الاختيار
في الحجامة والكراهية شئ يثبت. قال عبد الرحمن بن مهدي: ما صح عن
النبي صلى الله عليه وسلم شئ إلا الامر به.
باب تأثير العسل في الأمراض
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا أحمد بن محمد العتيقي
أنبأنا يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا إدريس بن عبد الكريم المقرى حدثنا
أبو الربيع الزهراني حدثنا سعيد بن زكريا المدائني حدثنا الزبير بن سعيد عن
عبد الحميد بن سالم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من
لعق العسل ثلاث غدوات في كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء ".
هذا حديث لا يصح. قال يحيى: الزبير ليس بشئ. قال العقيلي: وليس
لهذا الحديث أصل عن ثقة.
215

كتاب ذكر الموت
باب أجر من مات مريضا
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا ابن عدى حدثنا جعفر بن محمد بن عبد الكريم حدثنا الفضل بن أحمد
الخراساني حدثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن جريج عن إبراهيم بن محمد عن أبي عطاء
عن موسى بن وردان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من
مات مريضا مات شهيدا ووقى فتان القبر وعدي عليه وربح برزقه من الجنة ".
طريق آخر: أنبأنا ابن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا محمد بن
عبد الواحد الحريري أنبأنا الدارقطني حدثنا محمد بن مخلد حدثنا أبو بكر بن
زنجويه وأحمد بن منصور الرمادي واللفظ له قالا حدثنا حجاج بن محمد قال قال
ابن جريج عن إبراهيم بن محمد بن عطاء عن موسى فذكر مثله سواء.
طريق آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا
ابن عدى حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد الله بن محمد بن ناجية وعبد الله بن
زيدان ومحمد بن هارون بن حميد قالوا حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي حدثنا
سفيان بن عيينة عن القداح عن ابن جريج عن إبراهيم بن محمد عن موسى بن
وردان عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من مات مريضا
مات شهيدا ووقى فتان القبر وعدي عليه برزقه من الجنة بكرة وعشيا ".
طريق آخر: أنبأنا أبو القاسم السمرقندي أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل
أنبأنا حمزة السهمي أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا محمد بن منير الطبري حدثنا
محمد بن إسحاق البكائي حدثنا عثمان بن سعد حدثنا داود بن علية عن ابن جريج
عن أبي الليث عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من
216

مات مريضا مات شهيدا ". هذا حديث لا يصح، ومدار الطرق على إبراهيم
وهو ابن أبي نجيح، وقد كانوا يدلسونه لأنه ليس بثقة. وكان ابن جريج يقول:
إبراهيم بن أبي عطاء، وتارة يقول: إبراهيم بن محمد بن عطاء، وتارة يقول حدثنا
أبو الذيب، وكان يحيى بن آدم يقول حدثنا إبراهيم بن أبي يحيى المدني. وكان
الواقدي يقول حدثنا أبو إسحاق بن محمد وربما قال إسحاق بن إدريس. وكان
مروان بن معاوية يقول عبد الوهاب المغربي إلى غير ذلك، وهذا الرجل هو
إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي واسم أبى يحيى سرحان. قال مالك: ويحيى
ابن سعيد وابن معين: هو كذاب. وقال أحمد بن حنبل: قد ترك الناس
حديثه. وقال الدارقطني: هو متروك.
وأما الطريق الثالث: فأبو الذيب هو إبراهيم أيضا، وإنما كنوه بهذا
ليخفى، وقد أسقط داود موسى بن وردان، وداود ليس بشئ أصلا ولا هذا
الحديث. قال أحمد بن حنبل: إنما هو من مات مرابطا، وليس هذا الحديث
بشئ. وقد أنبأنا ابن ناصر أنبأنا المبارك بن عبد الجبار حدثنا محمد بن عبد الواحد
حدثنا الدارقطني حدثنا ابن مخلد حدثنا أحمد بن علي الابار حدثنا ابن أبي سكينة
الحلبي قال: سمعت إبراهيم بن أبي يحيى يقول: حدثت ابن جريج بهذا الحديث
من مات مرابطا، فروى عنى: من مات مريضا، وما هكذا حدثته.
قال المصنف قلت: ابن جريج هو الصادق.
باب الفرار من الموت
أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا يوسف بن أحمد
حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن محمد التمار حدثنا يحيى بن كثير أبو مالك صاحب البصري
حدثني أبي حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " ولد لسليمان ابن فقال للشيطان: أين أداريه من الموت؟
217

قالوا: يذهب به إلى تخوم الأرض. قال: يصل إليه الموت. قالوا: قعر البحر.
قال: يصل إليه الموت. قالوا: يذهب به إلى الغرب. قال: يصل إليه الموت.
قالوا: فإلى الشرق. قال: يصل إليه الموت. قالوا: فنصعد به بين السماء
والأرض. قال: نعم. قال: فصعدوا به، ونزل ملك الموت فقال: يا ابن داود
إني أمرت بقبض النسمة، وطلبتها في البحر فلم أصبها، وطلبتها في الأرض فلم
أصبها، وطلبتها في الشرق والغرب فلم أصبها، فبينا أنا أصعد إلى السماء أصبتها
فقبضتها. قال: وجاء جسده حتى وقع على كرسيه، وذلك قول الله عز وجل
(ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) ".
هذا حديث موضوع ولا يجوز أن ينسب إلى سليمان - وهو نبي كريم - أنه
يفر من الموت، ولا أنه يقر على أن كونه بين السماء والأرض يدفع الموت. وفى
الاسناد: يحيى بن كثير. قال ابن حبان: يروى عن الثقاة ما ليس من
أحاديثهم، وفيه محمد بن عمر. وقال يحيى بن معين: ما زال الناس يثقون
حديث محمد بن عمرو.
باب الموت كفارة لكل مسلم
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا
أبو نعيم الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد حدثنا أحمد بن عبد الرحمن
السقطي حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا عاصم الأحول عن أنس بن مالك قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الموت كفارة لكل مسلم ".
طريق آخر: أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت أنبأنا
عبد الواحد بن محمد البجلي حدثنا جعفر بن محمد الواسطي حدثنا بشر بن موسى
حدثنا مفرح بن شجاع عن يزيد بن هارون عن عاصم عن أنس قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " الموت كفارة لكل مسلم ".
218

طريق آخر: أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا
يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا داود بن المحبر حدثنا
نصر بن حميد حدثنا حفص بن عبد الرحمن قال: " أتينا عاصما الأحول نعزيه
حين قتل ابنه وقلنا: إنا نرجو له الشهادة. قال: أو ما أوسع من ذلك؟
سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الموت
كفارة للمؤمن ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الطريق الأول: فإن أبا بكر المفيد ضعيف جدا. قال أبو بكر الخطيب
والسقطي: مجهول.
وأما الطريق الثاني: فقال أبو الفتح الأزدي الحافظ: مفرح بن شجاع واهي
الحديث. قال أبو بكر الخطيب: هو في عداد المجهولين. قال والحديث عن
يزيد شاذ مع أنه قد روى عن نصر بن علي الجهضمي أيضا عن أنس وليس
بثابت عنه. قال ورواه إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله التيمي عن الحسن بن
صالح عن عاصم الأحول، وإسماعيل كان كذابا. ورواه أصرم بن غياث عن
عاصم، وأصرم لا تقوم به حجة، وأما داود بن المحبر فقال أحمد بن حنبل:
شبه لا شئ.
باب تلقين الميت
أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن
عبد الله الحاكم حدثنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف حدثنا محمد بن محمويه
حدثنا أبي حدثنا النضر بن محمد حدثنا سفيان الثوري عن إبراهيم بن مهاجر عن
عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أقيموا على صبيانكم
أول كلمة لا إله إلا الله، ولقنوهم عند الموت لا إله إلا الله، فإنه من كان أول
219

كلامه لا إله إلا الله، وآخر كلامه لا إله إلا الله، ثم عاش ألف سنة لا يسأل
عن ذنب واحد ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ضعف البخاري
إبراهيم بن مهاجر، وابن محمويه وأبوه مجهولا الحال.
باب شدة الموت
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ أنبأنا أبو منصور
أحمد بن الحسين بن علي بن عمر السكرى حدثنا جدي حدثنا أبو منصور محمد بن
منصور بن حبان الهاشمي حدثنا محمد بن قاسم البلخي حدثنا أبو عمرو الأيلي عن
كثير عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لمعالجة
ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يروى عن
الحسن. قال أبو عبد الله الحاكم: كان محمد بن القاسم يضع الحديث. قال النسائي
وكثير متروك الحديث.
حديث آخر: أنبأنا ابن خيرون أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم
ابن حبان حدثنا جعفر بن سهل بن الحسن حدثنا جعفر بن نصر العنبري عن
حماد بن زيد عن هشام عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
" لما أتى إبراهيم ربه عز وجل قال له: يا إبراهيم كيف وجدت الموت؟ قال:
وجدت نزع السلى قال: هذا وقد يسرنا عليك الموت ".
قال ابن حبان: هذا متن موضوع، وجعفر بن نصر يروى عن الثقاة ما لم
يحدثوا به.
220

باب العدل في الوصية
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت أخبرني محمد بن علي بن محمد
الأيادي أنبأنا علي بن محمد الحضرمي حدثنا أبو سعيد حاتم بن الحسن الشاسي
حدثنا أبو داود السنجي حدثنا يعقوب بن محمد الزهري حدثنا عبد الله بن عصمة
النصيبي حدثنا بشر بن حكيم عن سالم بن كثير عن معاوية بن قرة عن أبيه عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حضره الموت فوضع وصيته على كتاب الله
كان ذلك كفارة لما ضيع من زكاته في حياته ".
هذا حديث لا يصح. قال أحمد بن حنبل: يعقوب لا يساوى شيئا.
باب تولى الحور العين المؤمن عند موته
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي
بن أحمد بن يسار حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمويه العسكري حدثنا محمد
ابن أحمد بن الوليد الأنطاكي حدثنا موسى بن داود حدثنا محمد بن عبد الملك
عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: " خرجنا مع النبي صلى الله عليه
وسلم فبينا نحن في مسيرنا إذا نحن براكب مقبل فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: أخال الرجل يريدكم، فوقف ووقفنا، فإذا أعرابي على قعود له، فقلنا:
من أين أقبل الرجل؟ فقال: أقبلت من أهلي ومالي أريد محمدا، فقلنا: هذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أعرض على الاسلام، فقال:
تشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله. قال: أقررت. قال: وتؤمن بالجنة
والنار والبعث والحساب. قال: أقررت. قال: فجعل لا يعرض شيئا من شرائع
الاسلام إلا قال: أقررت. قال: بينا نحن كذلك إذ وقعت يد بعيرة في سكة،
فإذا البعير لجنبه، وإذا الرجل لرأسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
221

ابتدروا صاحبه. فابتدرناه. فسبق إليه عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان، فإذا
الرجل قد مات. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلوا صاحبكم. قال:
فغسلناه ورسول الله صلى الله عليه وسلم معرض عنه. وكفناه وصلى عليه النبي
صلى الله عليه وسلم. فلما فرغنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا الذي تعب
قليلا ونعم طويلا، هذا من الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم. قال قلنا:
رأيناك أعرضت عنه ونحن نغسله. قال: أحسب أن صاحبكم مات جائعا، إني
رأيت زوجتيه من الحور العين وهما يدنيان في فيه من ثمار الجنة ".
هذا حديث لا يصح، والحمل فيه على محمد بن عبد الملك. قال أحمد بن حنبل
وأبو حاتم الرازي: كان يضع الحديث ويكذب، وقال النسائي والدار قطني:
متروك، وقال ابن حبان: كان يروى الموضوعات عن الاثبات لا يحل ذكره
إلا على جهة القدح فيه.
باب آجال البهائم
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف
ابن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا يوسف بن يزيد حدثنا الوليد بن موسى الدمشقي
حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن الحسن بن أبي الحسن عن أنس بن
مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " آجال البهائم كلها من القمل والبراغيث
والجراد والخيل والبغال والدواب كلها والبقر وغير ذلك آجالها في التسبيح، فإذا
انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها وليس إلى ملك الموت من ذلك شئ ".
هذا حديث موضوع، والمتهم به الوليد. قال العقيلي: أحاديثه بواطيل
لا أصل لها. وهذا الحديث لا أصل له من حديث الأوزاعي ولا غيره. وقال
ابن حبان: الوليد يروى عن الأوزاعي ما ليس من حديثه لا يجوز الاحتجاج به.
222

باب ثواب من عزى مصابا
فيه عن ابن مسعود وجابر.
فأما حديث ابن مسعود فله ثلاثة طرق:
الطريق الأول: أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد أنبأنا
أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن حميد حدثنا عبد الله بن ناجية
حدثنا الحسين بن علي الصدائي حدثنا حماد بن الوليد عن سفيان الثوري عن محمد
ابن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " من عزى مصابا كان له مثل أجره ".
الطريق الثاني: أنبأنا محمد بن عبد الباقي أنبأنا حمد أنبأنا أبو نعيم الحافظ
حدثنا الحسن بن علي الوراق حدثنا محمد بن خلف حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا
نصر بن حماد حدثنا شعبة عن محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عزى مصابا فله مثل أجره ".
الطريق الثالث: أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أحمد بن علي الخطيب أنبأنا
محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق حدثنا محمد بن عبد الله الشافعي حدثنا موسى
ابن منهل الوشاء أنبأنا علي بن عاصم حدثنا محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود
عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عزى مصابا فله
مثل أجره ".
وأما حديث جابر: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة
السهمي أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن بن ميمون حدثنا
يحيى بن السرى حدثنا علي بن يزيد الصدائي عن محمد بن عبيد الله عن أبي الزبير
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عزى مصابا فله مثل أجره "
هذا حديث لا يصح.
223

فأما حديث ابن مسعود ففي طريقه الأول حماد بن الوليد، وقد تفرد به عن
الثوري. قال ابن حبان: كان يسرق الحديث ويلزق بالثقاة ما ليس من حديثهم
لا يحتج به بحال. وقال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وأما طريقه الثاني
ففيه نصر بن حماد، وقد تفرد به عن شعبة. قال يحيى بن معين: هو كذاب،
وقال مسلم بن الحجاج: هو ذاهب الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة. وأما
طريقه الثالث ففيه علي بن عاصم، وقد تفرد به عن محمد بن سوقة، وقد كذبه
شعبة ويزيد بن هارون ويحيى بن معين.
وأما حديث جابر ففيه محمد بن عبيد الله وهو العرزمي. قال يحيى: لا يكتب
حديثه، وقال النسائي: متروك الحديث.
باب الشماتة بالمصائب
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا أبو الحسين
أحمد بن محمد بن حماد حدثنا حمزة بن القاسم الهاشمي حدثنا سعيد بن أحمد بن
عثمان حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد حدثنا حفص بن غياث عن برد بن سنان
عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تظهر
الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعمر بن إسماعيل
لا يعد. وقال يحيى: ليس بشئ كذاب رجل سوء خبيث. وقال الدارقطني:
متروك. وقد رواه أبو حاتم بن حبان من حديث القاسم بن أمية الحذاء عن
حفص بن غياث. قال: ولا يجوز الاحتجاج بالقاسم. قال: وهذا حديث لا أصل
له من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
باب النهى عن اتباع جنازة فيها صارخة
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا أبو محمد الجوهري عن الدارقطني عن أبي
224

حاتم البستي أنبأنا محمد بن عبدوس النيسابوري حدثنا محمد بن يزيد حدثنا حماد
ابن قيراط عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: " نهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن تتبع جنازة فيها صارخة ". قال أبو حاتم: لا أصل لهذا
الحديث من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان حماد يقلب الاخبار
على الثقاة ويجئ عن الاثبات بالطامات لا يجوز الاحتجاج به.
باب الغفران لمن يتبع جنازة
فيه عن علي وابن عباس وجابر وأبي هريرة:
فأما حديث علي عليه السلام: أنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا ابن مسعدة
أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا ابن عدى حدثنا محمد بن علي بن سهل الأنصاري
حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا سعد بن طريف عن الأصبغ
ابن نباتة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " إذا سمعتم بموتة مؤمن أو مؤمنة أمر الله جبريل أن ينادى في الأرض:
رحم الله من شهد جنازة هذا العبد، فمن شهدها فلا يرجع الا مغفورا له، وكتب
الله لمن شهدها بكل [خطوة] اثنتى عشرة حجة وعمرة وكتب الله له بكل تكبيرة
كبر عليها ثواب اثنى عشر ألف شهيد، و كأنما أعتق بكل شعرة على بدنه رقبة،
وأعطاه الله بكل حرف من الدعاء الذي دعا به ثواب نبي، وأعطاه قنطارا،
وكتب له عبادة سنة، وأعطاه الله بكل مرة يأخذ بالسرير (1) مدينة في الجنة،
واستغفر له ملائكة السماوات والأرض أيام حياته، وإذا رجع إلى منزله نادى
ملك من تحت العرش: يا عبد الله استأنف العمل فقد غفر لك ذنبا السر والعلانية
فإن مات إلى مائة يوم مات شهيدا، وإذا حضرتم الجنازة فامشوا خلفها ولا تمشوا
أمامها، فإنكم تشيعوها، وإن فضل الماشي خلفها كفضلي على أدناكم ".

(1) يقصد به النعش.
225

وأما حديث ابن عباس: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا
حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا الحسين بن عياش الجهري حدثنا
عبد الغني بن رفاعة حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن مروان بن
سالم عن عبد الملك بن أبي سلمان عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " أول ما يجازى به العبد المؤمن أن يغفر لجميع من تبع جنازته ".
وأما حديث جابر: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت
أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر الهاشمي حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت
أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر الهاشمي حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد الأسفاطي
حدثنا أبو الفضل عبيد الله بن محمد بن شبيب المؤدب حدثنا إسحاق بن زياد
حدثنا محمد بن راشد البغدادي حدثنا بقية عن عبد الملك العرزمي عن عطاء عن
جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول تحفة المؤمن أن يغفر لمن
خرج في جنازته ".
وأما حديث أبي هريرة: أنبأنا ابن خيرون أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل
أنبأنا حمزة السهمي أنبأنا ابن عدى حدثنا محمد بن منير حدثنا إسماعيل بن عبد الله
ابن ميمون حدثنا عبد الرحمن بن قيس حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كرامة المؤمن على الله أن
يغفر لمشيعيه " هذه الأحاديث ليس فيها ما يصح.
أما حديث على ففي إسناده الأصبغ. قال يحيى بن معين: لا يساوى شيئا،
إلا أن المتهم به سعد بن طريف. قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الفور.
وأما حديث ابن عباس ففيه مروان بن سالم. قال أحمد: ليس بثقة، وقال
النسائي والدار قطني: متروك. وفيه عبد الحميد. قال ابن حبان: يقلب الاخبار
ويروى المناكير عن المشاهير فاستحق الترك.
وأما حديث جابر ففيه محمد بن راشد. قال أبو بكر الخطيب: هو مجهول
226

عندنا، وقال الدارقطني: متروك. وفيه عبد الحميد. قال ابن حبان: يقلب
الاخبار ويروى المناكير عن المشاهير فاستحق الترك ليس بمحفوظ.
وأما حديث أبي هريرة فتفرد به عبد الرحمن بن قيس. قال أحمد: لم يكن
حديثه بشئ متروك الحديث، وقال أبو زرعة: كذاب، وقال البخاري ومسلم:
ذهب حديثه، وقال أبو على: صالح بن محمد كان يضع الحديث. وفيه عبد الله
ابن ميمون. قال البخاري: ذاهب الحديث، وقال ابن حبان: يروى عن
الاثبات الملزقات لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.
باب التسليم من صلاة الجنازة
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا أبو عبد الله أحمد
ابن محمد بن عبد الله الكاتب أنبأنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكى حدثنا محمد
ابن عبد الرحمن الدغولي حدثنا عبد الله بن جعفر بن حاقان قال سمعت علي بن
النضر يقول: " قرأ علينا عبدان كتاب الجنائز، فلما فرغ من باب التسليم على
الجنازة قال لرجل من أصحاب الرأي: يا أبا فلان من أين جئتم بتسليمتين؟ فقال
الرجل: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم تسليمتين. فقال عبدان: عن النبي
صلى الله عليه وسلم؟ قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: عن من؟ فقال:
أنبأنا إبراهيم بن رستم عن أبي عصمة عن الركن عن مكحول عن عثمان قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصلاة على الجنازة بالليل والنهار سواء،
يكبر أربعا ويسلم تسليمتين. فقال له عبدان: يا أبا فلان من هاهنا - أبى [إلى]
أبى عصمة - حيث ترك حديثه يروى مثل هذا عن الركن ".
قال عبد الله بن المبارك: لان أقطع الطريق أحب إلى من أن أروى عن
عبد القدوس الشامي. وعبد القدوس خير من مائة مثل الركن.
قال المصنف قلت: وقد قال يحيى: ركن ليس بشئ، وقال النسائي
227

والدار قطني: متروك، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال.
قال المصنف: وأبو عصمة اسمه نوح بن أبي مريم. قال يحيى: ليس بشئ
ولا يكتب حديثه. قال ابن عدى: وإبراهيم بن رستم ليس بمعروف منكر
الحديث عن الثقاة.
باب ما يصنع الملكان بعد موت المؤمن
فيه عن أبي بكر وأبى سعيد وأنس:
فأما حديث أبي بكر: أنبأنا المبارك بن علي الصيرفي أنبأنا أبو منصور محمد
ابن أحمد الخازن أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي أنبأنا علي بن عمر
الحضرمي حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث حدثنا علي بن الحسين المكتب
حدثنا إسماعيل بن يحيى التيمي حدثنا قطر بن خليفة عن أبي الطفيل قال سمعت
أبا بكر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا قبض العبد المؤمن صعد
ملكاه إلى السماء فقال الله لهما: ارجعا إلى قبره واحمداني وهللاني إلى يوم القيامة
فإنني قد جعلت له مثل أجر تسبيحكما وتحميد كما وتهليلكما، ثوابا منى له، فإذا
كان العبد كافرا فمات صعد ملكاه إلى السماء، فيقول الله عز وجل لهما: ما جاء
بكما؟ فيقولان: رب قبضت عبدك وجئناك، فيقول لهما: ارجعا إلى قبره
والعناه إلى يوم القيامة، فإنه كذبني وجحدني، فإني جعلت لعنتكما عذابا أعذبه
يوم القيامة ".
وأما حديث أبي سعيد فأنبأنا هبة الله بن أحمد الجريري أنبأنا محمد بن علي
ابن الفتح حدثنا الدارقطني حدثنا محمد بن مخلد حدثنا سعدان بن نصر حدثنا
إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله حدثنا مسعر عن عطية عن أبي سعيد قال سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا قبض الله عز وجل روح العبد صعد
ملكاه إلى السماء فقالا: يا ربنا إنك وكلتنا بعبدك المؤمن نكتب عمله، وقد
228

قبضته إليك فأذن لنا أن نسكن السماء، فيقول: سمائي مملوءة من ملائكتي
يسبحوني، فيقولون: ائذن لنا نسكن الأرض، فيقول: أرضى مملوءة من خلقي
يسبحوني، ولكن قوما على قبره فسبحاني واحمداني وهللاني واكتباه لعبدي
إلى يوم القيامة ".
وأما حديث أنس فأنبأنا عبد الله بن علي المقرى أنبأنا غانم بن أحمد الحداد
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن حدثنا أبو حفص عمر بن محمد
المعدل أنبأنا أحمد بن محمد بن إسماعيل حدثنا أبو عامر موسى بن عامر حدثنا عيسى
ابن خالد حدثنا عثمان بن مطر حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل وكل بعبده المؤمن ملكين
يكتبان عمله، فإذا مات قال الملكان اللذان وكلا به: قد مات فأذن لنا أن نصعد
إلى السماء، فيقول الله عز وجل: سمائي مملوءة من ملائكتي يسبحوني، فيقولان:
في الأرض، فيقول: أرضى مملوءة من خلقي يسبحوني، فيقولان: أين، فيقول:
قوما عند قبر عبدي فسبحاني واحمداني وكبراني وهللاني واكتبا ذلك لعبدي
إلى يوم القيامة ".
هذا [حديث] لا يصح. وقد اتفقوا على تضعيف عثمان بن مطر، وقال ابن
حبان: يروى الموضوعات عن الاثبات لا يحل الاحتجاج به.
229

كتاب الميراث
باب توريث المسلم من الكافر
روى محمد بن المهاجر عن يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن خالد الحذاء
عن عمرو بن كردى عن يحيى بن يعمر عن معاذ بن جبل أنه كان يورث المسلم
عن الكافر ولا يورث الكافر من المسلم ويقول: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: " الاسلام يزيد ولا ينقص ".
هذا باطل، والمتهم بوضعه محمد بن المهاجر. قال ابن حبان: كان يضع
الحديث، وقد رواه فغير إسناده ولفظه.
باب إثبات الولاء لمن أسلم على يده كافر
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا أبو أحمد بن عدى أنبأنا الفضل بن الحباب حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن
يونس عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " من أسلم على يدي رجل فله ولاؤه ".
هذا حديث لا يصح. قال ابن حبان: القاسم كان يروى عن الصحابة المعضلات
قال شعبة: وجعفر بن الزبير كان يكذب، وقال البخاري والنسائي والدار قطني:
جعفر متروك. وقد رواه معاوية بن يحيى عن القاسم. ومعاوية ليس بشئ.
باب ميراث الخنثى
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا محمد بن موسى الأيلي حدثنا عمر بن يحيى حدثنا
سليمان بن عمرو النخعي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: " الخنثى ترث من قبل ماله " هذا حديث لا يصح. وقد اجتمع
فيه كذابون: أبو صالح والكلبي وسليمان. قال ابن عدى: والبلاء فيه من الكلبي.
230

كتاب القبور
باب ضمة القبر
أنبأنا ابن الحصين أنبأنا ابن المذهب أنبأنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن
أحمد حدثني أبي حدثنا موسى بن داود حدثنا محمد بن جابر عن عمرو بن مرة
عن أبي البختري عن حذيفة قال: " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة،
فلما انتهينا إلى القبر قعد على شقته فجعل يردد بصره ثم قال: يضغط المؤمن فيه
ضغطة تزول منها حمائله ويملا على الكافر نارا ".
هذا حديث لا يصح. قال يحيى: محمد بن جابر ليس بشئ، وقال أحمد:
لا يحدث عنه الا من هو شر منه.
باب ما روى فيما لقيت من ذلك زينب
بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا أبو منصور علي بن محمد بن الأنباري أنبأنا أبو بكر
محمد بن عبد الملك بن بشران حدثنا عمر بن شاهين حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد
ملاء غير مرة وما كتبناه إلا عنه حدثنا محمد بن علي بن الحسين بن شقيق قال
سمعت أبي حدثنا أبو حمزة عن سليمان الأعمش عن سليمان عن أنس بن مالك
قال: " توفيت زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة مسقامة
فتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فساءنا حاله، فلما دخل القبر التمع وجهه
صفرة، ثم أسفر وجهه. فقلنا: يا رسول الله رأيناك أمرا ساءنا، فلما دخلت
القبر التمع وجهك صفرة، ثم أسفر وجهك، فمم ذلك؟ قال: ذكرت ضعف ابنتي
وشدة عذاب القبر فأتيت فأخبرت أنه قد خفف عنها، ولقد ضغطت ضغطة سمع
صوتها ما بين الخافقين ".
231

طريق آخر: أنبأنا أبو القاسم سعيد بن أحمد بن البنا أنبأنا أبو نصر محمد
ابن محمد الزينبي أنبأنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي المعروف بابن زنبور حدثنا
أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا سعد
يعنى ابن الصلت حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال: توفيت
زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم فخرج بجنازتها وخرجنا معه فرأيناه كئيبا
حزينا، ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم قبرها فخرج ملتمع اللون، فسألناه عن
ذلك فقال: إنها كانت سقامة، فذكرت شدة الموت وضغطة القبر، فدعوت
الله أن يخفف عنها ".
طريق آخر: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن
الباقلاوي أنبأنا أبو علي بن شاذان حدثنا دعلج حدثنا محمد بن علي بن زيد
الصائغ حدثنا سعد بن منصور حدثنا مروان بن معاوية أنبأنا العلاء بن المسيب
عن معاوية العبسي عن زاذان أبى عمرة قال: " لما دفن رسول الله صلى الله
عليه وسلم ابنته جلس عند القبر فتربد وجهه ثم سرى عنه، فسأله أصحابه عن
ذلك، فقال: ذكرت ابنتي وضعفها وعذاب القبر، فدعوت الله ففرج عنها،
وأيم الله لقد ضمت ضمة سمعها ما بين الخافقين ".
هذا حديث لا يصح من جميع طرقه. قال الدارقطني: رواه الأعمش،
واختلف عنه فرواه أبو حمزة السكرى عن الأعمش عن سليمان بن المغيرة عن
أنس، ورواه سعد بن الصلت عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس، ورواه
حبيب بن خالد الأسدي عن الأعمش عن عبد الله بن المغيرة عن أنس والحديث
مضطرب عن الأعمش.
باب ما روى عن ذلك في حق سعد بن معاذ
أنبأنا الجريري أنبأنا العشاري حدثنا الدارقطني حدثنا عبيد الله بن مبشر
232

حدثنا أحمد بن سنان القطان حدثنا يعقوب بن محمد حدثنا صالح بن محمد بن صالح
عن أبيه عن سعد بن عامر عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" اهتز عرش الله عز وجل لوفاة سعد بن معاذ ونزل الأرض لشهود [جنازة]
سعد بن معاذ سبعون ألف ملك ما نزلوها قبلها، واستبشر به أهل السماء، ولقد
ضم سعد ابن معاذ ضمة - يعنى في قبره - ولو كان أحد منها معافى عوفي منها سعد
ابن معاذ ". تفرد به محمد بن صالح. قال ابن حبان: يروى المناكير عن المشاهير
لا يجوز الاحتجاج به.
طريق آخر: أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا أبو منصور علي بن محمد الأنباري
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الملك بن بشران أنبأنا ابن شاهين حدثنا عبد الله
ابن سليمان بن الأشعث حدثنا علي بن مهران حدثنا عبد الله بن رشيد حدثنا
أبو عبيدة وهو مجاهد بن الزبير عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن
ابن عباس قال: " لما أخرجت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون: ما أخف
جنازة سعد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الملائكة يحملونه،
فلما سوينا عليه وفرغنا التفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما من
أحد من الناس إلا وله ضغطة في قبره، ولو كان منفلتا منها أحد لا نفلت سعد
ابن معاذ، ثم قال: والذي نفسي بيده لقد سمعت أنينه، ورأيت اختلاف
أضلاعه في قبره ".
هذا حديث لا يصح، وآفته من القاسم. قال أحمد بن حنبل: هو منكر
الحديث حدث عنه علي بن يزيد أعاجيب وما أراها إلا من القاسم. وقال ابن
حبان: كان يروى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المعضلات.
طريق آخر: أنبأنا ابن ناصر أنبأنا ابن المبارك بن عبد الجبار وعبد القادر
ابن محمد قالا أنبأنا أبو إسحاق البرمكي حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن
233

خلف حدثنا محمد بن ذريح حدثنا هناد بن السرى حدثنا ابن فضيل عن أبي سفيان
عن الحسن قال: " أصاب سعد بن معاذ جراحة فجعل النبي صلى الله عليه وسلم
عند امرأته تداويه، فمات من الليل، فأتاه جبريل فأخبره، فقال: لقد مات الليلة
فيكم رجل لقد اهتز العرش لحب لقاء الله إياه، فإذا هو سعد. قال: فدخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم قبره فجعل يكبر ويهلل ويسبح، فلما خرج قيل له
يا رسول الله ما رأيناك صنعت مثل هذا قط. قال: إنه ضم في القبر ضمة
حتى صار مثل الشعرة، فدعوت الله عز وجل أن يرفه عنه، وذلك أنه كان
لا يستبرئ من البول ".
هذا حديث مقطوع، فإن الحسن لم يدرك سعدا، وأبو سفيان اسمه طريف
ابن شهاب الصفدي. قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين: ليس بشئ. وقال
النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: كان مغفلا يهم في الاخبار حتى
يقلبها، ويروى عن الثقاة ما لا يشبه حديث الاثبات، وحوشيت زينب من مثل
هذا، وحوشي سعد أن يقصر فيما يجب عليه من الطهارة.
باب ذكر فتان القبر
حدثت عن علي بن محمد بن عبد الحميد أنبأنا أحمد بن علي بن لال حدثنا
أبو الحسن علي بن محمد بن عامر النهاوندي حدثنا بكر بن سهل حدثنا محمد بن أبي
السرى حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عتبة بن ضمرة بن حبيب بن صهيب
عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فتانو القبر أربعة: منكر
ونكير وناكور وسيدهم دومان ".
هذا حديث موضوع لا أصل له وهو مقطوع لان ضمرة من النابغين، وقد
روى لنا عن ضمرة نفسه فأنبأنا محمد بن عبد الباقي أنبأنا حمد بن أحمد أنبأنا
أبو نعيم أحمد بن عبد الله حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا
234

أحمد بن سعيد الحمصي حدثنا عثمان بن سعيد عن عتبة بن ضمرة عن أبيه قال:
" فتان القبر ثلاثة: أنكر وناكر وسيدهم دومان ".
باب النهى عن الاطلاع في القبر
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ أنبأنا - سهر حواست - [شهر بن
حوشب] بن عبد العزيز الجبلي أنبأنا أبو صالح محمد بن المهذب بن علي حدثني على
ابن المهذب بن أبي خليد حدثني جدي أبو حامد محمد بن همام حدثنا محمد بن سليمان
القرشي كذاب. قال: والصواب محمد بن سليم حدثنا إبراهيم بن هدبة عن أنس
ابن مالك " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيع جنازة فلما صلى عليها دعى
بثوب فبسط على القبر وهو يقول: لا تطلعوا في القبر فإنها أمانة، فلعسى تحل
العقد، فيتجلى له وجه أسود، ولعله تحل العقد فيرى في قبره حية سوداء مطوقة في
عنقه فإنها أمانة، وعسى أن يقلبه فيفور إليه دخان من تحته فإنها أمانة ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر رواته
مجهولون لا يعرفون، وإبراهيم بن هدبة قد كذبه يحيى وعلى، وقال أبو حاتم بن
حبان: هو دجال لا يحل لمسلم أن يكتب حديثه.
باب دفن البنات
فيه عن ابن عمر وابن عباس.
فأما حديث ابن عمر فله طريقان:
الطريق الأول: أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا
أبو محمد الحسن بن بدر بن عبد الله مولى الموفق بالله حدثنا أبو القاسم أنس بن
محمد بن علي الطحان حدثنا محمد بن بشر الأرنطاني حدثنا محمد بن عمر حدثني
حميد عن مسعر بن كدام عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " دفن البنات من المكرمات ".
235

وأما حديث ابن عباس فأنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي بن
ثابت أنبأنا الحسن بن غالب المقرى حدثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن
الزهري حدثنا أحمد بن محمد البزاز حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا
مروان بن محمد الأسدي ح.
وأنبأنا محمد بن أبي القاسم أنبأنا حمد بن أحمد حدثنا أبو نعيم حدثنا أبو عمرو
ابن حمدان حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا عبد الله بن أحمد بن ذكوان ح.
وأنبأنا المبارك بن علي الصيرفي أنبأنا علي بن الحسن بن سعيد العطار حدثنا
أبو عبيدة أحمد بن عبد الله بن أحمد بن ذكوان حدثني أبي ح.
وأنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا محمد بن هبة الله الطبري أنبأنا محمد بن الحسين
ابن المفضل أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا
عبد الله بن أحمد بن ذكوان ح.
وأنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل أنبأنا حمزة
بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا أبو عبيد الله محمد بن عبد الله بن أحمد
ابن بشر بن ذكوان حدثنا أبي قالوا حدثنا عراك بن خالد عن عثمان بن عطاء ح.
وأنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا صالح بن أحمد بن يونس حدثنا إسحاق بن بهلول
حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن طلحة القرشي حدثنا عثمان بن عطاء عن أبيه عن
عكرمة عن ابن عباس قال: " لما عزى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنته رقية
قال: الحمد لله دفن البنات من المكرمات ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حديث ابن عمر فتفرد به محمد بن معمر عن حميد بن حماد. قال ابن عدى:
حميد تحدث عن الثقاة بالمناكير.
236

وأما حديث ابن عباس فقال أبو نعيم: تفرد به عراك، وقد ذكرناه عن محمد
ابن عبد الرحمن، فأما عراك فقال أبو حاتم الرازي: مضطرب الحديث ليس بالقوى
وأما محمد بن عبد الرحمن فقال ابن عدى: ضعيف يسرق الحديث، وأما عثمان بن
عطاء فقال يحيى بن معين: هو ضعيف، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج
بروايته، قال: وكان أبوه عطاء ردئ الحفظ يخطئ ولا يعلم فبطل الاحتجاج به
وسمعت شيخنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي يحلف بالله عز وجل أنه ما قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا شيئا قط.
باب [موت] المرأة
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا محمد
ابن أحمد بن يزيد العسكري حدثنا هشام بن عمار حدثنا خالد بن يزيد حدثنا
أبو روق الهمداني عن الضحاك عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " للمرأة ستران القبر والزوج. قال: وأيهما أفضل؟ قال: القبر ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به خالد،
وهو خالد بن يزيد بن أبي أسد القشيري. قال ابن عدى: أحاديثه كلها لا يتابع
عليها لا متنا ولا إسنادا.
باب دفن الميت في جوار الصالحين
أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد أنبأنا حمد بن أحمد الحداد أنبأنا أبو نعيم
أحمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أحمد بن عبيد الله بن محمود حدثنا محمد بن عمران
ابن الجنيد حدثنا أبو أحمد سحيب بن محمد الهمداني حدثنا سليمان بن عيسى حدثنا
مالك عن نافع بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين، فإن الميت يتأذى بجوار السوء
كما يتأذى الحي بجوار السوء ".
237

طريق آخر: روى داود بن الحصين عن إبراهيم بن الأشعث عن مروان
ابن معاوية الفزاري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ادفنوا موتاكم في جوار قوم صالحين فإن الميت
يتأذى من جوار السوء كما يتأذى الاحياء من جوار السوء ".
هذا حديث لا يصح.
أما الطريق الأول ففيه سليمان بن عيسى. قال السعدي: هو كذاب مصرح
وقال ابن عدى: يضع الحديث. وأما الثاني ففيه داود بن الحصين. قال أبو حاتم
ابن حبان: داود يحدث عن الثقاة بما لا يشبه حديث الاثبات يجب مجانبة روايته
والبلية في هذا منه. قال: وهذا خبر باطل لا أصل له من كلام رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
باب سماع الميت الأذان
أنبأنا زاهر بن طاهر أنبأنا أحمد بن الحسين البيهقي أنبأنا أبو عبد الله محمد
ابن عبد الله الحاكم حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعد الرازي حدثنا أبو بكر
محمد بن حمدان بن مهران حدثنا محمد بن القاسم بن مجمع الطالكاني حدثنا أبو مقاتل
السمرقندي حدثنا محمد بن ثابت الأنصاري عن كثير بن شنظير عن الحسن عن
عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال الميت يسمع
الأذان ما لم يطين قبره ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه محن. أما الحسن
فإنه لم يسمع من ابن مسعود. وأما كثير بن شنظير فقال يحيى: ليس بشئ،
وأما أبو مقاتل فقال ابن مهدي: والله ما تحل الرواية عنه، غير أن المتهم بوضع
هذا الحديث محمد بن القاسم فإنه كان علما في الكذابين الوضاعين، قال أبو عبد الله
الحاكم: كان يضع الحديث.
238

باب رد أرواح الأنبياء إليهم في قبورهم
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن أبي حاتم بن
حبان أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا هشام بن خالد الأزرق حدثنا الحسن بن
يحيى الحسنى أبو عبد الملك عن سعيد بن عبد العزيز عن يزيد بن أبي مالك عن
أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من نبي يموت فيقيم
في قبره إلا أربعين صباحا حتى يرد إليه روحه ".
قال أبو حاتم: هذا حديث باطل موضوع، والحسن بن يحيى [يروى] عن
الثقاة ما لا أصل له، وقال يحيى: الحسن ليس بشئ، وقال الدارقطني: متروك.
باب زيارة قبر الوالدين يوم الجمعة
أنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم حدثنا
يزيد بن خالد الأصبهاني حدثنا عمرو بن زياد حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن
هشام عن أبيه عن عائشة عن أبي بكر الصديق قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يقول: " من زار قبر والديه أو أحدهما يوم الجمعة فقرأ يس غفر له ".
قال أبو أحمد: هذا بهذا الاسناد باطل ليس له أصل، وكان عمر يتهم بالوضع
ويحدث بالبواطيل ويسرق الحديث، وقال الدارقطني: كان يضع الحديث.
باب زيارة قبور الأقارب
أنبأنا الجريري أنبأنا العشاري حدثنا الدارقطني حدثنا محمد بن الفتح القلانسي
حدثنا محمد بن ديسم الدقاق حدثنا خلف بن يحيى القاضي الخراساني حدثنا حفص
ابن سلم وهو أبو مقاتل عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من زار قبر أبيه أو قبر أمه أو قبر أحد من قرابته
239

كتب له كحجة مبرورة، ومن كان زوارا لهم حتى يموت زارت الملائكة قبره "
طريق آخر: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا حمزة أنبأنا أبو أحمد بن عدى
حدثنا أحمد بن حفص السعدي حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا خاقان السعدي
حدثنا أبو مقاتل السمرقندي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " من زار قبر أبيه أو أمه أو عمته أو خالته أو أحد من
قراباته كانت له حجة مبرورة، ومن كان زائرا لهم حتى يموت زارت الملائكة قبره "
قال أبو حاتم بن حبان: ليس لهذا الحديث أصل يرجع إليه، وحفص يأتي
بالأشياء المنكرة، وقال ابن مهدي: لا تحل الرواية عنه.
قال المصنف قلت: حفص هو اسم أبى مقاتل.
باب تزاور الموتى في أكفانهم
فيه عن أبي هريرة وأنس:
فأما حديث أبي هريرة: أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا إسماعيل بن أبي
الفضل أنبأنا حمزة السهمي أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا عبد الرحمن بن
عبد المؤمن حدثنا أحمد بن صالح المكي حدثنا علي بن عباس الحمصي حدثنا سليمان
ابن أرقم عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" حسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتزاورون في أكفانهم ".
وأما حديث أنس: أنبأنا القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا الحسن بن أبي
بكر أنبأنا عبد الخالق بن الحسن المعدل حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث
حدثنا سعيد بن سلام العطار حدثنا أبو ميسرة عن قتادة عن أنس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه، فإنهم
يبعثون في أكفانهم ويتزاورون في أكفانهم ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
240

أما حديث أبي هريرة فلم يروه عن ابن سيرين إلا سليمان بن أرقم. قال
أحمد: ليس بشئ لا يروى عنه الحديث، وقال يحيى: ليس بشئ لا يساوى فلسا
وقال عمرو بن علي: ليس بثقة، وقال أبو داود والنسائي والدار قطني: متروك.
وأما حديث أنس ففيه سعدون [بن] سلام. قال محمد بن عبد الله بن نمير
وأحمد بن حنبل: هو كذاب، وقال البخاري: يذكر بوضع الحديث، وقال
الدارقطني: متروك يحدث بالأباطيل.
باب طول البلى
أنبأنا أبو القاسم الجريري عن أبي طالب العشاري حدثنا أبو الحسن الدارقطني
حدثنا أبو الأسود عبد الله بن موسى القاضي حدثنا عبد الله بن محمد الحنفي حدثنا
عمران حدثنا خارجة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " إن حظ أمتي من النار طول بلاها تحت الأرض، وإن
الجنة محرمة على جميع الأمم حتى أدخلها أنا وأمتي الأول فالأول ".
قال الدارقطني: تفرد به الحنفي عن عمران عن خارجة وهو ابن مصعب.
قال المصنف قال: قال يحيى بن معين: خارجة ليس بثقة، وقال مرة: ليس
بشئ، وقال أحمد لابنه: لا تكتب عنه، وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به.
باب التعزية
أنبأنا أبو غالب محمد بن الحسن الماوردي وأبو سعد أحمد بن محمد البغدادي
قالا أنبأنا المطهر بن عبد الواحد أنبأنا أبو جعفر بن المرزبان أنبأنا محمد بن إبراهيم
الحروري حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن عن محمد بن سعد عن عبادة بن نسي
عن عبد الرحمن بن غنم قال: " أصيب معاذ بولده واشتد جزعه عليه، فبلغ ذلك
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه: من محمد رسول الله إلى معاذ بن
241

جبل، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فأعظم
الله لك الاجر وألهمك الصبر ورزقنا وإياك الشكر، ثم إن أنفسنا وأهلينا وأموالنا
وأولادنا من مواهب الله تعالى الهنية وعواريه المستودعة، نمتع بها إلى أجل
معدود ويقبضها لوقت معلوم، ثم افترض علينا الشكر إذا أعطى، والصبر إذا
ابتلى، وكان ابنك من مواهب الله تعالى الهنية وعواريه المستودعة، متعك الله
به في غبطة وسرور، وقبضه منك بأجر الصلاة والرحمة والهدى إن صبرت
واحتسبت، فلا تجمعن يا معاذ خصلتين، أن يحبط جزعك أجرك فتندم على
ما فاتك، فلو ندمت على ثواب مصيبتك وتنجزت موعده عرفت أن المصيبة قد
قصرت عنه، واعلم يا معاذ أن الجزع لا يرد شيئا ولا يدفع حزنا، فأحسن العزاء
وتنجز الموعدة وليذهب أسفك بما هو نازل بك - فكان - [فكأن] قد،
والسلام ".
هذا حديث موضوع. ومحمد بن سعيد هو الكذاب الوضاع الذي صلب في
الزندقة، وقد ذكرت القدح فيه في مواضع.
وقد روى هذا الحديث مجاشع بن عمرو عن عمرو بن حسان عن الليث عن
عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد عن معاذ مثله. قال ابن حبان: مجاشع يضع
الحديث لا يحل ذكره إلا بالقدح.
وقد رواه إسحاق بن نجيح عن عطاء عن ابن عباس قال: " كتب رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ وهو والى اليمن: من محمد رسول الله إلى معاذ "
فذكر نحوه مختصرا. قال يحيى: إسحاق معروف بالكذب ووضع الحديث،
وكل هذه الروايات باطلة، وإنما كانت وفاة ابن معاذ في سنة الطاعون، سنة
ثمان عشرة، بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع سنين، وإنما كتب
إليه بعض الصحابة يعزيه.
242

باب ذكر عمر الدنيا
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
السهمي أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله النبطي حدثنا أحمد بن محمد حدثنا
حمزة بن داود حدثنا عمر بن يحيى حدثنا العلاء بن زيدل عن أنس قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " عمر الدنيا سبعة أيام من أيام الآخرة، قال الله تعالى:
(وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به العلاء
ابن زيدل. قال ابن المديني: كان يضع الحديث، وقال أبو حاتم الرازي
وأبو داود: متروك الحديث، وقال ابن حبان: روى عن أنس نسخة موضوعة
لا يحل ذكره إلا تعجبا.
243

كتاب البعث وأهوال القيامة
باب صفة حشر رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفيه أحاديث:
الحديث الأول: أنبأنا عبد الرحمن أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا عبد الله
ابن محمد بن عبيد الله النجار حدثنا محمد بن المظفر حدثنا عبد الله بن محمد بن
عبيد الله السمسار حدثنا علي بن المثنى الطهري حدثنا زيد بن الحباب حدثنا عبد الله
ابن لهيعة حدثنا جعفر بن ربيعة عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " أما أنا في القيامة فعلى البراق، وجهها كوجه الانسان
وخدها كخد الفرس، وعرفها من لؤلؤ ممشوط، وأذناها زبر جدتان خضراوان،
وعيناها مثل كوكب الزهرة، تتقدان مثل النجمين المضيئين، لها شعاع مثل شعاع
الشمس، بلقاء محجلة يضئ مرة وينمى أخرى، ينحدر من نحرها مثل الجمان،
مضطربة الخلق، أدنى ذنبها مثل ذنب البقرة، طويلة اليدين والرجلين، أظلافها
كأظلاف الهر من زبر جد أخضر، تجد في سيرها ممرها كالريح و - هل - [هي]
مثل السحابة، لها نفس كنفس الآدميين، تسمع الكلام وتفهمه، وهي فوق الحمار
ودون البغل ". هذا حديث لا صحة له، وكان يحيى بن سعيد لا يرى ابن لهيعة
شيئا، وقد ضعفه ابن معين وغيره.
الحديث الثاني: أنبأنا عبد الوهاب الحافظ أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي
أنبأنا يوسف بن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا صالح بن شعيب حدثنا أمية بن بسطام
العيشي حدثنا عاصم العباداني حدثنا عبد الكريم بن كيسان عن سويد بن عميرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حوضي أشرب منه يوم القيامة ومن
اتبعني من الأنبياء ويبعث الله ناقة ثمود لصالح فيحلبها فيشربها والذين آمنوا معه
244

حتى يوافوا بها الموقف معه ولها رغاء. قال فقال رجل من القوم وأظنه معاذ بن
جبل: يا رسول الله وأنت يومئذ على العضباء؟ قال: لا، ابنتي فاطمة على العضباء
وأحشر أنا على البراق فأختص بها دون الأنبياء. قال: ثم نظر إلى بلال فقال:
يحشر هذا على ناقة من نوق الجنة فيقدمنا بالأذان محضا، فإذا قال: أشهد أن
لا إله إلا الله، قالت الأنبياء مثلها: ونحن نشهد أن لا إله إلا الله، فإذا قال:
أشهد أن محمدا رسول الله، فمن مقبول منه ومردود عليه. قال: فيتلقى بحلة من
حلل الجنة، وأول من يكسى يوم القيامة من حلل الجنة بعد الأنبياء الشهداء
وصالح المؤذنين ".
هذا حديث موضوع لا أصل له. قال العقيلي: عبد الكريم مجهول بالنقل
وحديثه غير محفوظ.
الحديث الثالث: أنبأنا عبد الوهاب الحافظ أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي
أنبأنا العتيقي أنبأنا بن الدخيل أنبأنا العقيلي حدثنا محمد بن إسماعيل حدثتنا حكامة
بنت عثمان بن دينار أخي مالك بن دينار عن أنس بن مالك قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " إذا كان يوم القيامة كنت أول من تنشق الأرض عنه
ولا فخر، ويتبعني بلال المؤذن ويتبعه سائر المؤذنين وهو واضع يده في أذنه وهو
ينادى: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، أرسله بالهدى ودين الحق
ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وسائر المؤذنين ينادون معه ويتبعونه
حتى يأتي أبواب الجنة فأكون أنا أول ضارب حلقة باب الجنة ولا فخر، وتلقانا
الملائكة بخيول ونوق من ألوان الجوهر صهيلها التسبيح حتى يسلم علينا ويقول:
ادخلوها بسلام آمنين، هذا يومكم الذي كنتم توعدون " وذكر حديثا طويلا.
كذا قال العقيلي. قال: وعثمان تروى عنه ابنته حكامة أحاديث بواطيل ليس
لها أصل منها هذا [الحديث].
245

الحديث الرابع: أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا
أبو على الحسن بن محمد البزاز حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد الخلال حدثنا أبي
حدثنا علي بن داود - العنطرى - [القنطري] حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا يحيى
ابن أيوب عن ابن جريج عن محمد بن كعب القرطي عن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يبعث الله الأنبياء على الدواب، ويبعث صالحا
على ناقته، يوافي المؤمنين من أصحابه المحشر، ويبعث ابني فاطمة الحسن والحسين
على ناقتين وعلى ابن أبي طالب على ناقتي وأنا على البراق، ويبعث بلالا على
ناقة فينادى بالأذان وشاهده حقا حقا حتى إذا بلغ أشهد أن محمدا رسول الله
شهدتها مع الخلائق من المؤمنين الأولين والآخرين، فقبلت ممن قبلت ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعبد الله بن صالح
هو كاتب الليث. قال أحمد بن حنبل: ليس بشئ، وقال ابن حبان: كان
منكر الحديث جدا يروى عن الاثبات ما ليس من حديث الثقاة، وكان له جار
يضع الحديث على شيخ عبد الله ويكتبه بخط يشبه خط عبد الله ويرميه في داره
بين كتبه فيتوهم عبد الله أنه خطه فيحدث به.
باب حشر المشركين
أنبأنا أبو القاسم السمرقندي أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة السهمي
أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا ابن أبي سويد حدثنا شيبان حدثنا الحسن بن
دينار عن الخصيب بن جحدر عن عمران بن سليمان عن عوف بن مالك الأشجعي
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يبعث المتكبرين يوم القيامة في صور
الذر لهوانهم على الله ليطأوهم الجن والإنس والدواب بأرجلها حتى يقضى الله بين
عباده، فيدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ويعذبون يوم القيامة في
وادى جهنم ".
246

قال ابن عدى: مدار هذا الحديث على الخصيب وراويه عنه الحسن.
قال المصنف قلت: أما الخصيب فقد كذبه شعبة ويحيى القطان وابن معين
وقال أحمد: لا يكتب حديثه، وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان:
يروى عن الثقاة الأحاديث الموضوعات. وأما الحسن فقال أحمد بن حنبل:
لا يكتب حديثه. وقال يحيى: ليس بشئ. وقال النسائي: متروك. وقال
ابن حبان: حدث بالموضوعات عن الاثبات.
باب ذكر المواقف بين يدي الله عز وجل
أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسين المزرقي وحدثنا عنه ابن ناصر أنبأنا أبو بكر
محمد بن علي الخياط أنبأنا أبو سهل محمود بن عمر العكبري حدثنا أبو بكر محمد
ابن الحسن النقاش حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسين الطبري حدثنا محمد بن حميد
الرازي حدثنا مسلمة بن صالح حدثنا القاسم بن الحكم عن سلام الطويل عن
غياث بن المسيب عن عبد الرحمن بن غنم وزيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود
قال: " كنت جالسا عند علي بن أبي طالب وعنده عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
وعنده عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي بن أبي طالب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في القيامة لخمسين موقفا، كل موقف منها
ألف سنة، فأول موقف إذا خرج الناس من قبورهم يقومون على أبواب قبورهم
ألف سنة عراة حفاة جياعا عطاشا، فمن خرج من قبره، مؤمنا بربه مؤمنا بنبيه
مؤمنا بجنته وناره، مؤمنا بالبعث والقيامة والقدر خيره وشره من الله عز وجل
مصدقا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربه، نجا وفاز وغنم وسعد،
ومن شك في شئ من هذا بقي في جوعه وعطشه وغمه وكربه ألف سنة حتى
يقضى الله بما يشاء، ثم يساقون من ذلك المقام إلى المحشر، فيقومون على
أرجلهم ألف عام في سرادقات النيران في حر الشمس والنار عن أيمانهم ".
247

وذكر حديثا طويلا مقدار جزء عليه آثار تدل على أنه موضوع لا أصل له
ثم في إسناده سلام الطويل. قال يحيى بن معين: لا يكتب حديثه ليس بشئ.
وقال البخاري والنسائي والدار قطني: متروك. وقال ابن حبان: يروى عن
الثقاة الموضوعات كأنه كان المتعمد لها. وفى الاسناد سلمة بن صالح. قال أحمد
ويحيى: ليس بشئ. وقال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا تعجبا. وفيه
محمد بن حميد، كذبه أبو زرعة وابن وارة.
باب دعاء الناس بأمهاتهم
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل أنبأنا حمزة السهمي
أنبأنا أبو أحمد بن عدى أنبأنا محمد بن محمد الجهني حدثنا علي بن بشر بن هلال
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الطبري حدثنا مروان الفزاري عن حميد الطويل عن
أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يدعى الناس يوم القيامة بأمهاتهم
سترا من الله عز وجل عليهم ".
هذا حديث لا يصح والمتهم به إسحاق. قال ابن عدى: هو منكر الحديث
ومن حديثه هذا الحديث وقال ابن حبان: يأتي عن الثقاة بالأشياء الموضوعات
لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب.
باب ذكر الميزان
روى إبراهيم بن محمد بن الحسين الطيان حدثنا الحسين بن القاسم بن محمد
الزاهد حدثنا إسماعيل بن أبي زياد عن ثور عن خالد عن معاذ قال: " قلنا:
يا رسول الله أثم موازين وكفتان؟ فقال: سبحان الله، إنما ثم حسنات وسيئات
توزن حسناته بسيئاته، فإن فضلت حسناته على سيئاته كان من أهل الجنة،
وإن فضلت سيئاته على حسناته كان من أهل النار، ومن استوت حسناته وسيئاته
جاز الصراط وكان على السور - وهو الأعراف - حتى أشفع لهم فيدخلون الجنة
248

بشفاعتي، والحسنة بعشر، والسيئة بواحدة، فأبعد الله من غلبت
واحدته عشرا ".
هذا حديث لا يصح، وإبراهيم والحسين وإسماعيل كلهم مجروحون. قال
الدارقطني: إسماعيل بن أبي زياد كذاب متروك. وقال ابن حبان: لا يحل
ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه.
باب اختصام الروح والجسد يوم القيامة
أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا أبو محمد الهمداني
حدثنا الدارقطني حدثنا عبد الله بن أحمد بن ربيعة حدثنا محمد بن هارون
الخياط حدثنا صالح الترمذي حدثنا المسيب بن شريك عن سعيد بن المرزبان عن
أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يختصم الروح والجسد
يوم القيامة، فيقول الجسد: أنا كنت بمنزلة الجذع ملقى لا أحرك يدا ولا رجلا
لولا الروح، وتقول الروح: أنا كنت ريحا لولا الجسد لم أستطع أن أعمل شيئا،
وضرب لها مثل أعمى ومقعد، حمل الأعمى المقعد، فدله ببصره المقعد، وحمله
الأعمى برجله ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يحيى: سعيد
ابن المرزبان والمسيب ليسا بشئ. وقال الفلاس: حديثهما متروك.
باب أهوال القيامة
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا أبو أحمد
الحافظ حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عاصم بن علي حدثنا محمد بن الفرات قال:
سمعت محارب بن دثار يقول: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " الطير يوم القيامة ترفع مناقيرها، وتضرب بأذنابها، وتطرح ما في
بطونها، وليس عندها طلبه فاتقة ".
249

هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمتهم به محمد
ابن الفرات. قال يحيى: ليس بشئ. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: كذاب.
وقال أبو داود: روى عن محارب بن دثار أحاديث موضوعة.
باب في ذكر الشفاعة
أنبأنا محمد بن عمر الأرموي وأحمد بن ظفر المغازلي قالا أنبأنا عبد الصمد
ابن المأمون أنبأنا الدارقطني حدثنا البغوي حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا
حفص بن أبي داود عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " أول من أشفع له من أمتي أهل بيتي، ثم الأقرب فالأقرب،
ثم الأنصار، ثم من آمن بي واتبعني من اليمن، ثم سائر العرب، ثم الأعاجم،
ومن أشفع له أو لا أفضل ".
قال الدارقطني: تفرد به حفص عن ليث.
قال المصنف قلت: أما ليث فغاية في الصعف عندهم، إلا أن المتهم بهذا
حفص. قال أحمد ومسلم والنسائي: هو متروك. وقال عبد الرحمن يوسف بن
خراش: متروك يضع الحديث.
250

كتاب صفة الجنة
باب جعل الخواتيم في أصابع أهل الجنة
أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز أنبأنا أبو القاسم علي بن علي البصري أنبأنا
أبو مسعدة عبد الرحمن بن محمد بن محمد الإدريسي حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن
أحمد بن محمد بن قريش المروزي حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد
الكاتب المروزي حدثنا محمد بن كور بن هاني القرشي حدثنا الشاه بن فرع
أبو بكر حدثنا الفضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أراد الله أن يدخل أهل الجنة الجنة
بعث الله ملكا، فيقول الملك: كما أنتم ومعه عشر خواتيم من خواتيم الجنة هدية
من رب العالمين، فوضعه في أصابعهم، مكتوب في أول خاتم: طبتم فادخلوها
خالدين، وفى الثاني مكتوب: ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود، وفى الثالث
مكتوب: ذهب عنكم الأحزان والغموم، وفى الرابع مكتوب: لباسهم الحلي
والحلل، وفى الخامس مكتوب: زوجناكم الحور العين، وفى السادس مكتوب:
إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون، وفى السابع مكتوب: صرتم
شبانا لا تهرمون، وفى الثامن مكتوب: صرتم آمنين لا تخافون أبدا، وفى التاسع
مكتوب: رافقتم النبيين والشهداء، وفى العاشر مكتوب: أنتم في جوار من
لا يؤذى الجيران. فلما دخلوا بيوتهم قالوا: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ".
هذا حديث لا نشك في وضعه، وفيه مجهولون وضعفاء، والشاه كان
يضع الحديث.
باب دخول أقوام الجنة سرا
أنبأنا أحمد بن منصور الصوفي أنبأنا إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك المؤذن
251

أنبأنا عبد الحميد بن عبد الرحمن وأحمد بن عبد الملك قالا أنبأنا أبو عبد الرحمن
السلمي أنبأنا محمد بن جعفر بن مطر حدثنا حميد بن علي بن هارون التنيسي أنبأنا
هدبة حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " إذا كان يوم القيامة بعث الله عز وجل قوما عليهم ثياب خضر بأجنحة
خضر، فيسقطون على حيطان الجنة، فيشرف عليهم خزنة الجنة فيقولون لهم:
ما أنتم، أما شهدتم الحساب، أما شهدتم الوقوف بين يدي الله عز وجل؟ فقالوا:
لا، نحن قوم عبدنا الله عز وجل فأحب أن يدخلنا الجنة سرا ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم بوضعه
حميد التنيسي. قال أبو حاتم بن حبان: أتيناه فحدثنا بهذا الحديث وأملى علينا
من هذا الضرب، فقمنا وتركناه، فلا يجوز الاحتجاج به بعد روايته مثل
هذه الأشياء.
باب وصف مساكن الجنة
أنبأنا هبة الله بن أحمد الجريري أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي أنبأنا محمد بن
العباس بن حيويه حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا قرة بن حبيب الغنوي
عن جسر بن فرقد عن الحسن عن عمران بن حصين عن أبي هريرة قال: " سئل
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية (ومساكن طيبة في جنات عدن)
قال: قصر من لؤلؤ، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء، في كل دار
سبعون بيتا من زمردة خضراء، في كل بيت سبعون سريرا، على كل سرير
سبعون فراشا من كل لون، على كل فراش زوجة من الحور العين، في كل بيت
سبعون مائدة، على كل مائدة سبعون لونا من الطعام، في كل بيت سبعون وصيفة
ويعطى المؤمن من القوة في غداة واحدة ما يأتي على ذلك كله ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى إسناده جسر.
252

قال يحيى: ليس بشئ، ولا يكتب حديثه. وقال أبو حاتم بن حبان: خرج عن
حد العدالة.
باب مهور الحور العين
فيه عن ابن عمر وأبي هريرة وأبى أمامة وأنس:
فأما حديث ابن عمر فأنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا
العتيقي أنبأنا يوسف بن أحمد أنبأنا العقيلي حدثنا أحمد بن محمد النصيبي حدثنا
أبو تقى هشام بن عبد الملك حدثنا عتبة بن السكن الفزاري حدثنا أبان بن المحبر
عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كم من حوراء
عيناء ما كان مهرها إلا قبضة من حنطة أو مثلها من تمر ".
وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة أنبأنا أبو عمرو الفارسي أنبأنا ابن عدى حدثنا عبد الله بن محمد بن نصر
الرملي وعبد الجبار بن أحمد السمرقندي قالا حدثنا جعفر بن مسافر حدثنا محمد بن
يعلى حدثنا عمر بن صبح عن مقاتل بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مهور الحور العين قبضات التمر وفلق الخبز ".
وأما حديث أبي أمامة: أنبأنا محمد بن عمر الأرموي وأحمد بن ظفر المغازلي
قالا أنبأنا عبد الصمد بن المأمون أنبأنا علي بن عمر الدارقطني حدثنا أحمد بن
إسحاق بن البهلول حدثني أبي عن أبيه عن طلحة بن زيد عن الرضين بن عطاء
عن القاسم عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قبضات التمر
للمساكين مهور - الحين - [الحور] العين ".
وأما حديث أنس فأنبأنا علي بن محمد بن حسون أنبأنا المبارك بن عبد الجبار
أنبأنا عبد العزيز بن علي الأزجي حدثنا عمر بن محمد حدثنا محمد بن فحسان الباهلي
حدثنا أبو معمر الضرير حدثنا عبد الواحد بن زيد عن الحسن عن أنس قال قال
253

رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كنس المساجد مهور الحور العين ".
هذا حديث لا يصح من جميع جهاته.
أما حديث ابن عمر فالمتهم به أبان. قال أبو حاتم بن حبان: أبان بن المحبر
يأتي عن الثقاة بما ليس من أحاديثهم حتى لا يشك المتبحر في هذه الصناعة أنه
كان يعملها، لا تجوز الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار، وهو الذي روى عن
نافع هذا الحديث وهو باطل، وقال الدارقطني: أبان متروك.
وأما حديث أبي هريرة فالمتهم به عمر بن صبح. قال ابن حبان: كان يضع
الحديث عن الثقاة لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب. أنبأنا ابن خيرون أنبأنا
أبو القاسم الإسماعيلي أنبأنا حمزة السهمي أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا الجنيدي
حدثنا البخاري حدثنا يحيى بن علي بن جرير قال: سمعت عمر بن صبح يقول:
أنا وضعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما حديث أبي أمامة فتفرد به طلحة عن الرضين. قال السعدي: الرضين
واهي الحديث. قال النسائي وطلحة: متروك. وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه.
وأما حديث أنس ففيه مجاهيل. وعبد الواحد ليس بثقة. قاله يحيى. وقال
البخاري والفلاس والنسائي: متروك الحديث.
باب فرش أهل الجنة
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت أنبأنا أحمد بن أبي جعفر
حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله الشاهد حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسن
الدرهمي حدثنا عبد الله بن محمد بن سنان حدثنا محمد بن جسر حدثنا أبي عن
الحسن عن أبي هريرة قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذه
الآية (وفرش مرفوعة) قال: غلظ كل فراش منها ما بين السماء والأرض ".
254

هذا حديث لا يصح. وفيه جسر. قال يحيى: ليس بشئ. وفيه ابنه جعفر.
قال ابن عدى: أحاديثه مناكير. والمتهم بهذا الحديث عبد الله بن محمد بن سنان.
قال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان: يضع الحديث ويقلبه ويسرقه.
باب شجر الجنة
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا محمد بن أحمد بن
رزق حدثنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي الوكيل حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد
ابن إبراهيم السراج حدثنا أبو إبراهيم الترجماني إسماعيل بن إبراهيم حدثنا محمد
ابن مروان الكوفي عن سعيد بن طريف عن زيد بن علي عن أبيه على علي بن أبي
طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة
شجرة يخرج من أعلاها الحلل ومن أسفلها خيل بلق من ذهب مسرجة ملجمة
بالدر والياقوت، لا تروث ولا تبول، ذوات أجنحة، فيجلس عليها أولياء الله،
فتطير بهم حيث شاؤوا، فيقول الذين أسفل منهم: يا أهل الجنة ناصفونا، يا رب
ما بلغ - هاولا - [هؤلاء] هذه الكرامة؟ فقال الله تعالى: إنهم كانوا يصومون
وكنتم تفطرون، وكانوا يقومون بالليل وكنتم تنامون، وكانوا ينفقون وكنتم
تبخلون، وكانوا يجاهدون العدو وكنتم تجبنون ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه ثلاث آفات
إحداهن إرساله، فإن علي بن الحسين لم يدرك علي بن أبي طالب. والثانية محمد
ابن مروان وهو السدي الصغير. قال ابن نمير: هو كذاب. وقال أبو حاتم
الرازي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا اعتبارا.
والثالثة أظهر وهو سعد بن طريف وهو المتهم به. قال يحيى: ليس بشئ، وقال
النسائي والدار قطني: متروك. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الفور.
وقد روى هذا الحديث من حديث أبي سعيد: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا
255

أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا القاضي أبو العلاء الواسطي حدثنا أبو جعفر محمد بن
أحمد بن حماد بن مشمر حدثنا أحمد بن محمد أبو حنش حدثنا أبو خيثمة زهير
ابن حرب حدثنا الحسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة
شجرة الورقة منها تغطى جزيرة العرب: أعلى الشجرة كسوة لأهل الجنة وأسفل
الشجرة خيل بلق، سروجها زمرد أخضر، ولحمها در أبيض، لا تروث ولا تبول
لها أجنحة، تطير بأولياء الله حيث يشاءون، فيقول من دون تلك الشجرة:
يا رب بما نال هؤلاء هذا؟ فيقول الله تعالى: كانوا يصومون وأنتم تفطرون،
وكانوا يصلون وأنتم تنامون، وكانوا يتصدقون وأنتم تبخلون، وكانوا يجاهدون
وأنتم تقعدون، من ترك الحج لحاجة من حوائج الدنيا لم تقض له تلك الحاجة
حتى ينظر إلى المخلفين قدموا، ومن أنفق ما لا فيما يرضى الله فظن أن لا يخلف
الله عليه لم يمت حتى ينفق أضعافه فيما يسخط الله، ومن ترك معونة أخيه المسلم
فيما يؤجر عليه لم يمت حتى يبتلى بمعونة من يأثم فيه ولا يؤجر عليه ".
ابن لهيعة ذاهب الحديث وأبو حنش مجهول.
باب سوق الجنة
أنبأنا ابن الحصين أنبأنا ابن المذهب أنبأنا القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد
حدثني أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن
- العمر - [النعمان] بن سعد عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن في الجنة لسوقا ما فيها بيع ولا شراء إلا الصور من النساء والرجال، إذا
اشتهى الرجل صورة دخل فيها، وإن فيها لمجمعا للحور العين، يرفعن أصواتها،
لم تر الخلائق مثلها، يقلن: نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الراضيات فلا نسخط،
ونحن الناعمات فلا نبأس، طوبى لمن كان لنا وكنا له ".
256

هذا حديث لا يصح، والمتهم به عبد الرحمن بن إسحاق وهو أبو شيبة
الواسطي. قال أحمد: ليس بشئ منكر الحديث، وقال يحيى: متروك.
باب مراتب أهل الجنة فيها
أنبأنا أبو القاسم الجريري أنبأنا أبو طالب العشاري حدثنا الدارقطني حدثنا
محمد بن مخلد حدثنا عنبس بن إسماعيل حدثنا مجاشع بن عمرو حدثنا الليث بن
سعد عن الزهري عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" الأنبياء سادة أهل الجنة، والعلماء قواد أهل الجنة، وأهل القرآن عرفاء
أهل الجنة ".
هذا حديث لا يصح، والمتهم به مجاشع بن عمرو. قال أبو حاتم بن حبان:
كان يضع الحديث على الثقاة لا يحل ذكره إلا بالقدح فيه.
باب انفراد موسى في الجنة باللحية وآدم بالكنية
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا
الأزهري أنبأنا المعافا بن زكريا حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا أبو الوليد الحراني
وهب بن حفص حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي حدثنا حماد بن سلمة عن
عمرو بن دينار عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس أحد من أهل
الجنة إلا يدعى باسمه، إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد، وليس أحد من أهل الجنة
إلا وهم جرد، إلا موسى بن عمران فإن لحيته تبلغ سرته ".
طريق ثاني: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا ابن عدى حدثنا إسحاق بن إبراهيم العزى حدثنا محمد بن أبي السرى حدثنا
شيخ بن أبي خالد البصري حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يدعى الناس بأسمائهم يوم القيامة،
257

إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد، وأهل الجنة جرد، إلا موسى بن عمران فإن لحيته
تضرب إلى سرته ".
طريق ثالث: أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز أنبأنا أبو منصور محمد بن أحمد
ابن الحسين حدثنا أبو أحمد الفرضي حدثنا جعفر الخواص حدثنا ابن مسروق
حدثنا الحسن بن أبي الحسن حدثنا جرير حدثنا محمد بن أبي السرى حدثنا شيخ
ابن أبي خالد حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أهل الجنة جرد مرد كلهم إلا موسى بن
عمران فإن له لحية إلى سرته ".
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الطريق الأول ففيه وهب بن حفص. قال أبو عروبة: هو كذاب يضع
الحديث يكذب كذبا فاحشا. وقال الدارقطني: يضع الحديث.
وأما الثاني والثالث ففيه شيخ بن أبي خالد. قال ابن عدى: حدث عن
حماد بن سلمة بأحاديث مناكير بواطيل. وقال ابن حبان: هذا موضوع على
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشيخ بن أبي خالد كان يروى عن الثقاة المعضلات
لا يحتج به بحال، ولما حدث ابن السرى عن شيخ بن أبي خالد بهذا الحديث
بلغ ذلك إلى وهب بن حفص وكان مغفلا فسرقه وحدث به عن عبد الملك الجندي
متوهما أنه سمع منه.
وقد روى أبو الحسن محمد بن محمد الأشعث الكوفي عن موسى بن إسماعيل
ابن موسى بن جعفر عن أبيه عن جده إلى أن ينتهى إلى علي بن أبي طالب عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أهل الجنة ليس لهم كنى، إلا آدم فإنه
يكنى بأبي محمد ".
قال ابن عدى: وأبو الحسن الكوفي هو المتهم في هذا الحديث.
258

قال المصنف قلت: ووضع هذا الحديث وضع قبيح، لأنه لو كان موسى
معظما باللحية لكان نبينا أحق، ثم إنه متى كان الناس على حالة فانفرد واحد
بغير حليتهم، كان ذلك كالعار عليه والشهرة له، ولا فائدة في ذلك.
باب رؤية أهل الجنة ربهم عز وجل
أنبأنا محمد بن ناصر أنبأنا أبو على الحسن بن أحمد الفقيه أنبأنا أبو الفتح محمد
ابن عبد الباقي أنبأنا رزق الله بن عبد الوهاب قالا أنبأنا أبو علي بن شاذان أنبأنا
أبو عمر غلام ثعلب أنبأنا أبو جعفر محمد بن هشام بن أبي الدبيك المروزي حدثنا
سلمة بن شبيب حدثنا يحيى بن عبد الله الحراني حدثنا ضرار بن عمرو عن يزيد
الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أسكن الله
عز وجل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار. قال: فيهبط تبارك وتعالى إلى الجنة
في كل جمعة، في كل سبعة آلاف - يعنى سنة - مرة. قال: وفى وحيه (وإن
يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) فيهبط عز وجل إلى مرج الجنة فيمد بينه
وبين الجنة حجابا من نور، فيبعث جبريل إلى أهل الجنة فيأمر فليزوروه،
فيخرج رجل من موكب عظيم حوله صفق أجنحة الملائكة ودوى تسبيحهم
والنور بين أيديهم أمثال الجبال، فيمد أهل الجنة أعناقهم فيقولون: من هذا قد
أذن له على الله عز وجل، فتقول الملائكة: هذا المجبول بيده والمنفوخ فيه من
روحه والمعلم الأسماء والمسجود له من الملائكة الذي أبيح له الجنة، هذا آدم.
وذكر نحو هذا في إبراهيم ومحمد. وقال: ثم يخرج كل نبي وأمته، فيخرج
الصديقون والشهداء على قدر منازلهم حتى يحفوا حول العرش، فيقول لهم عز
وجل بلذاذة صوته وحلاوة نغمته: مرحبا بعبادي " وذكر حديثا طويلا لا فائدة
في ذكره. وهو حديث موضوع لا نشك فيه. والله عز وجل متنزه عن أن
يوصف بلذة الصوت وحلاوة النغمة. فكافأ الله من وضع هذا. وفى إسناده
259

يزيد الرقاشي وهو متروك الحديث. وضرار بن عمرو. قال يحيى: ليس بشئ
ولا يكتب حديثه. وقال الدارقطني: ذاهب متروك. ويحيى بن عبد الله. قال
ابن حبان: يأتي عن الثقاة بأشياء معضلات.
حديث آخر: أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر بن ثابت أنبأنا أبو القاسم
الأزهري حدثنا علي بن عمر الدارقطني حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل حدثنا
محمد بن محمد بن مرزوق النصري حدثنا هاني بن يحيى بن هاشم بن سليمان المجاشعي
حدثنا صالح المري عن عباد المنقرى عن ميمون بن شياه عن أنس بن مالك " أن
النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)
قال: والله ما - يسنحها - [نسخها] منذ أنزلها، يزورون ربهم فيطعمون
ويسقون ويطيبون ويجلون وترفع الحجب بينه وبينهم وينظرون إليه وينظر إليهم
وذلك قوله تعالى (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا).
هذا حديث لا يصح. وفيه ميمون بن شياه. قال ابن حبان: يتفرد بالمناكير
عن المشاهير لا يحتج به إذا انفرد. وفيه صالح المري. قال النسائي: متروك الحديث.
حديث آخر: أنبأنا القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا الحسين بن أبي
الحسين الوراق حدثنا عمر بن أحمد الواعظ حدثنا جعفر بن محمد العطار حدثنا
جدي عبد الله بن الحكم قال سمعت عاصما أبا على يقول سمعت حميد الطويل قال
سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن
الله تعالى يتجلى لأهل الجنة في مقدار كل يوم على كثيب كافور أبيض ".
هذا حديث لا أصل له. وجعفر وجده وعاصم مجهولون.
باب اطلاع الحق عز وجل على أهل الجنة
أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الخالق حدثنا الحسين بن علي
260

الصدائي حدثنا عبد الله بن أبي بكر المقدمي حدثنا عبد الله بن عبيد الله القرشي
القرشي عن فضل الرقاشي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور،
فنظروا فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة
فذلك قوله (سلام قولا من رب رحيم) قال: فينظر إليهم وينظرون إليه،
فلا يزالون كذلك حتى يحتجب فيبقى نوره وبركته عليهم وفى دارهم ".
طريق ثاني: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا أحمد
ابن محمد العتيقي حدثنا يوسف بن أحمد حدثنا محمد بن عمرو العقيلي حدثنا أحمد
ابن محمد النصيبي حدثنا علي بن مخلد الأيلي القاص حدثنا أبو عاصم عبد الله بن
عبيد الله العباداني عن الفضل بن عيسى الرقاشي عن محمد بن المنكدر عن جابر
ابن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أهل الجنة بينما هم في
نعيمهم إذ سطع نور فوق رؤوسهم أضاءت له أبصارهم، فرفعوا رؤوسهم فإذا
رب العزة قد أشرف عليهم، فيقول: السلام عليكم يا أهل الجنة، فذلك قوله
(سلام قولا من رب رحيم) ".
طريق ثالث: أنبأنا عبد الله بن علي المقرى أنبأنا جدي أبو منصور محمد بن
أحمد أنبأنا محمد بن الحسين بن محمد الحراني ح. وأنبأنا محمد بن عبد الباقي بن
أحمد أنبأنا حمد بن أحمد الحداد أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قالا أنبأنا
أحمد بن جعفر بن حمدان حدثنا محمد بن يونس السلمي حدثنا يعقوب بن إسماعيل
ابن يوسف السلال حدثنا عاصم العباداني عن الفضل بن عيسى الرقاشي عن محمد
ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور غلب على نور الجنة، فرفعوا
رؤوسهم فإذا الرب عز وجل قد أشرف عليهم فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة
261

سلوني. قالوا: نسألك الرضى عنا. فيقول: رضاي أحلكم داري وأنالكم
كرامتي وهذا أوانها، فسلوني. قالوا: نسألك الزيارة إليك، فيؤتون بنجائب
من ياقوت أحمر أزمتها من زبر جد أخضر، فيحملون عليها، تضع حوافرها عند
منتهى طرفها حتى تنتهي بهم إلى جنة عدن وهي قصبة الجنة. قال: ويأمر الله
بأطيار على أشجار يجاوبن الحور العين بأصوات لم يسمع الخلائق بمثلها، يقلن:
نحن الناعمات فلا نبأس، نحن الخالدات فلا نموت، إنا أزواج كرام لكرام،
طبنا لهم وطابوا لنا. قال: ويأمر الله عز وجل بكثبان من المسك الأذفر فينثرها
عليهم، فتقول الملائكة: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، ثم تجيئهم
ريح يقال لها المثيرة، ثم تقول الملائكة: ربنا قد جاء القوم، فيقول الله عز وجل:
مرحبا بالطائعين، مرحبا بالصادقين، أدخلوهم. قال: فيكشف لهم عن الحجاب،
فينظرون إلى الله عز وجل وينظر إليهم، فيضيعون في نور الرحمن حتى ما ينظر
بعضهم بعضا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذلك قوله تعالى (نزلا من
غفور رحيم) ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومدار طرقه كلها
على الفضل بن عيسى الرقاشي. قال يحيى: كان رجل سوء. ثم في طريقه الأول
والثاني عبد الله بن عبيد. قال العقيلي: لا يعرف إلا به ولا يتابع عليه. وفى طريقه
الثالث محمد بن يونس الكديمي، وقد ذكرنا أنه كذاب، وقال ابن حبان:
كان يضع الحديث.
262

كتاب صفة جهنم
باب ذكر جب الحزن
فيه عن علي وأبي هريرة.
فأما حديث علي عليه السلام: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن
مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى أنبأنا الحسين بن محمد بن
سحنويه حدثنا أحمد بن محمد بن سويد حدثنا موسى بن داود ح. وأنبأنا عبد
الوهاب الأنماطي واللفظ له أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي أنبأنا يوسف بن
الدخيل حدثنا محمد بن عمرو العقيلي حدثنا يوسف بن يزيد حدثنا أسد بن موسى
قالا حدثنا الزهري عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعوذوا بالله من جب الحزن أو وادى
الحزن. قيل: يا رسول الله ما جب الحزن أو وادى الحزن؟ قال: واد في جهنم
تعوذ منه جهنم كل يوم سبعين مرة، أعده الله للقراء المرائين، وإن من شر
القراء من يزور الأمراء ".
وأما حديث أبي هريرة فأنبأنا أبو منصور بن خيرون أنبأنا ابن مسعدة
أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا ابن عدى حدثنا محمد بن إبراهيم بن نيروز حدثنا
زكريا بن يحيى المدائني ح. وأنبأنا ابن ناصر وعبد الوهاب قالا أنبأنا المبارك بن
عبد الجبار أنبأنا أبو محمد الجوهري وأبو القاسم التنوخي قالا أنبأنا أبو عمرو بن
حيويه حدثنا أبو بكر بن الأنباري حدثنا أحمد بن الهيثم قالا حدثنا مالك بن
إسماعيل حدثنا عمار بن سيف عن معاذ بن رفاعة عن ابن سيرين عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعوذوا بالله من جب الحزن. قالوا:
يا رسول الله ما جب الحزن؟ قال: واد في جهنم يدخله القراء المراءون وأبغضهم
إلى الله عز وجل الزوارون للأمراء ".
263

هذا حديثان لا يصحان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الأول فإن الزهري هو أبو بكر بن حكيم. قال يحيى: ليس حديثه
بشئ. وقال العقيلي: يحدث ببواطيل عن الثقاة.
وأما حديث أبي هريرة فإن عمار بن سيف ليس بشئ. قال الدارقطني:
هو متروك. وقال ابن حبان: ومعان يستحق الترك.
باب ذكر جب يقال له هب هب
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف
أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا علي بن إسحاق بن زاطيا حدثنا عثمان بن أبي
شيبة حدثنا يزيد بن هارون حدثنا أزهر بن سنان عن محمد بن واسع قال:
" دخلت على بلال بن أبي بردة فقلت: يا بلال إن أباك حدثني عن أبيه عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن في النار جبا يقال له هب هب حق على الله أن
يسكنها كل جبار، فإياك أن تكون مستكبرا يا بلال ".
هذا حديث ليس بصحيح. قال يحيى بن معين: الأزهر ليس بشئ. وقال
أبو حاتم بن حبان: هذا متن لا أصل له.
باب ذكر بحر في النار
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا
أبو أحمد بن عدى حدثنا محمد بن عبيد الله بن طعمة المعرى حدثنا محمد بن سليم
ج. وأنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا أبو نعيم
الحافظ حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن أبي العزائم حدثنا الخضر بن أبان قالا
حدثنا إبراهيم بن هدبة حدثنا أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " إن في جهنم بحر أسود مظلما منتن الريح يغرق الله فيه من أكل رزقه
264

وعبد غيره " هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإبراهيم
قد كذبه أحمد ويحيى وعلى. وقال ابن حبان: كان دجالا، لا يحل لمسلم أن
يكتب حديثه إلا على التعجب.
باب انقسام أهل النار
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا عثمان
ابن محمد بن يوسف العلاف أنبأنا محمد بن عبد الله الشافعي حدثنا عبد الله بن
روح حدثنا سليمان بن مهران أبو سفيان المدائني حدثنا سلام بن أبي بشر عن
أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى:
(لكل باب منهم جزء مقسوم) قال: " جزء أشركوا بالله، وجزء شكوا في
الله، وجزء غفلوا عن الله ".
هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسلام ليس
بشئ. قال يحيى: لا يكتب حديثه ليس بشئ. وقال النسائي والدار قطني:
متروك. وقال ابن حبان: يروى عن الثقاة الموضوعات.
باب دخول الذباب النار
فيه عن ابن عمر وأنس.
فأما حديث ابن عمر فله ثلاثة طرق:
الطريق الأول: أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة بن
يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدى أخبرني الحسن بن سفيان حدثنا شيبان حدثنا
أيوب بن حوط عن ليث عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " الذباب كله في النار ".
الطريق الثاني: أنبأنا علي بن عبيد الله وأحمد بن الحسن الفقيه قالا أنبأنا
265

عبد الصمد بن المأمون أنبأنا علي بن عمر الحربي حدثنا محمد بن محمد الباغندي
حدثني محمد بن عمار حدثنا القاسم بن يزيد بن سفيان عن منصور عن مجاهد
عن عبيد بن عمير عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم: [الذباب كلها
في النار].
الطريق الثالث: أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل
أنبأنا حمزة السهمي أنبأنا ابن عدى حدثنا أحمد بن الحسين بن عبد الصمد حدثنا
يحيى بن حكيم حدثنا عمير بن سفيان أنبأنا إسماعيل المكي عن الأعمش عن
مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الذباب كله في
النار غير النحلة ".
و أما حديث أنس: أنبأنا ابن خيرون أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا
ابن عدى أنبأنا أبو يعلى حدثنا سنان حدثنا سكين بن عبد العزيز عن أبيه عن
أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عمر الذباب أربعون يوما ".
هذه الأحاديث لا تصح.
أما حديث ابن عمر ففي طريقه الأول أيوب بن خوط. قال يحيى: لا يكتب
حديثه ليس بشئ. وقال الفلاس والنسائي والرازي والسعدي والدار قطني:
متروك. وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا يروى المناكير عن المشاهير
كأنه مما عملت يداه.
وأما الطريق الثاني فالقاسم مجهول.
والثالث: فيه إسماعيل المكي. قال يحيى: لم يزل مختلطا، وليس بشئ.
وقال على: لا يكتب حديثه. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال الدارقطني:
إنما هو عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما حديث أنس فقال النسائي: سكين ليس بالقوى.
266

باب مقدار لبث الداخلين النار
أنبأنا ابن خيرون أنبأنا إسماعيل بن أبي الفضل أنبأنا حمزة أنبأنا ابن عدى
حدثنا مكرم حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا سليمان بن مسلم عن سليمان التيمي
عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله عز وجل
لا يخرج من دخل النار حتى يمكثوا فيها أحقابا، والحقب بضع وثمانون سنة،
كل سنة ثلاثمائة وستون يوما، كل يوم ألف سنة مما تعدون ".
قال ابن عدى: هذا حديث منكر جدا. وسليمان شبه المجهول. وقال ابن
حبان: سليمان يروى عن التيمي ما ليس من حديثه لا يجوز الاحتجاج به بحال.
باب في صفة رجل يخرج من النار
أنبأنا ابن الحصين أنبأنا ابن المذهب أنبأنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن
أحمد حدثني أبي حدثنا حسن بن موسى حدثنا سلام - يعنى ابن مسكين - عن أبي
ظلال عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن في جهنم
لينادي (1) ألف سنة: يا حنان يا منان، فيقول الله عز وجل - يعنى لجبريل:
اذهب فأتيني بعبدي هذا، فينطلق جبريل فيجد أهل النار منكبين يبكون،
فيرجع إلى ربه فيخبره، فيقول: ائتني به فإنه في مكان كذا وكذا، فيجئ به
فيقفه على ربه، فيقول له: يا عبدي كيف وجدت مكانك ومنقلبك، فيقول:
يا رب شر مكان وشر منقلب، فيقول: ردوا عبدي، فيقول: يا رب ما كنت
أرجو إذا أخرجتني منها أن تردني فيها، فيقول: دعوا عبدي ".
هذا حديث ليس بصحيح. قال يحيى بن معين: أبو ظلال اسمه هلال ليس
بشئ. وقال ابن حبان: كان مغفلا يروى عن أنس ما ليس من حديثه ويروى
هذا الحديث عن أنس لا يجوز الاحتجاج به بحال.

(1) يعنى رجلا.
267

باب فراغ جهنم
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا القاضي
أبو العلاء محمد بن علي حدثنا أبو نصر سهل بن عبيد الله بن داود حدثنا محمد بن
نوح الجنديسابوري حدثنا جعفر بن محمد بن عيسى الناقد حدثنا سهل بن عثمان
حدثنا عبد الله بن مسعر بن كدام عن جعفر عن القاسم عن أبي أمامة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يأتي على جهنم يوم ما فيها من بنى آدم واحد،
تخفق أبوابها كأنها أبواب الموحدين ".
هذا حديث موضوع محال. وجعفر هو ابن الزبير. قال شعبة: كان يكذب
وقال يحيى: ليس بثقة، وقال السعدي: نبذوا حديثه، وقال البخاري والنسائي
والدار قطني: متروك.
268

كتاب المستبشع
من الموضوع على الصحابة
لما فرغت من كتابة جمهور المستبشع من الأحاديث الموضوعات من المرفوعات
رأيت أشياء قد وضعت على الصحابة، فذكرت منها المستهول القبيح الذي لا وجه
له في الصحة ولا يحتمل مثله، والله الموفق.
باب ما روى أن عمر جلد ابنا له حتى مات
حدثت عن أبي محمد هارون بن طاهر أنبأنا أبو الفضل صالح بن أحمد بن
محمد بن صالح في كتابه أنبأنا أبو عبد الله الحسن بن علي قراءة حدثنا محمد بن
عبيد الأسدي حدثنا محمد بن الصلت حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق
قال: " كانت امرأة تدخل على آل عمر أو منزل عمر ومعها صبى، فقال: من ذا
الصبى معك؟ فقالت: هو ابنك، وقع على أبو شحمة فهو ابنه. قال: فأرسل
إليه عمر فأقر. فقال عمر لعلى رضي الله عنهما: اجلده. فضربه عمر خمسين،
وضربه على خمسين. قال: فأتى به. فقال لعمر: يا أبة قتلتني. فقال: إذا لقيت
ربك عز وجل فأخبره أن أباك يقيم الحدود ".
هذا حديث موضوع، وضعه القصاص، وقد أبدوا فيه وأعادوا، وقد
شرحوا وأطالوا.
حدثت عن شيرويه بن شهريار الحافظ أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن بن
بكير الفقيه أنبأنا أبو بكر عبد الرحمن بن محمد بن القاسم النيسابوري أنبأنا
أبو سعد عبد الكريم بن أبي عثمان الزاهد حدثنا أبو القاسم بن بالويه الصوفي
حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى حدثنا أبو حذيفة
عن شبل عن مجاهد قال: " تذاكر الناس في مجلس ابن عباس، فأخذوا في فضل
269

أبى بكر، ثم أخذوا في فضل عمر بن الخطاب، فلما سمع عبد الله بن عباس بكى
بكاء شديدا حتى أغمى عليه، ثم أفاق فقال: رحم الله رجلا لم تأخذه في الله لومة
لائم، رحم الله رجلا قرأ القرآن وعمل بما فيه وأقام حدود الله كما أمر، لم يزد
عن القريب لقرابته، ولم يخف عن البعيد لبعده. ثم قال: والله لقد رأيت عمر
وقد أقام الحد على ولده فقتله فيه. ثم بكى وبكى الناس من حوله وقلنا: يا ابن عم
رسول الله إن رأيت أن تحدثنا كيف أقام عمر على ولده الحد. فقال: والله لقد
أذكرتموني شيئا كنت له ناسيا. فقلت: قسمنا عليك بحق المصطفى أما حدثتنا.
فقال: معاشر الناس، كنت ذات يوم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعمر بن الخطاب جالس والناس حوله يعظهم ويحكم فيما بينهم، فإذا نحن بجارية
قد أقبلت من باب المسجد، فجعلت تتخطى رقاب المهاجرين والأنصار حتى وقفت
بإزاء عمر فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فقال عمر:
وعليك السلام يا أمة الله، هل من حاجة؟ فقالت: نعم أعظم الحوائج إليك،
خذ ولدك هذا منى فأنت أحق به منى. ثم رفعت القناع فإذا على يدها طفل.
فلما نظر إليه عمر قال: يا أمة الله أسفري عن وجهك. فأسفرت. فأطرق عمر
وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، يا هذه أنا لا أعرفك،
فكيف يكون هذا ولدى؟ فبكت الجارية حتى بلت خمارها بالدموع،
ثم قالت: يا أمير المؤمنين إن لم يكن ولدك من ظهرك فهو ولد ولدك. قال:
أي أولادي؟ قالت: أبو شحمة. قال: أبحلال أم بحرام؟ قالت: من قبلي
بحلال ومن جهته بحرام. قال عمر: وكيف ذاك؟ قالت: يا أمير المؤمنين
اسمع مقالتي فوالله ما زدت عليك حرفا ولا نقصت. فقال لها: اتقى الله ولا تقولي
إلا الصدق. قالت: يا أمير المؤمنين كنت في بعض الأيام مارة في بعض
حوائجي إذ مررت بحائط لبنى النجار، فإذا أنا بصائح يصيح من ورائي، فإذا
أنا بولدك أبى شحمة يتمايل سكرا، وكان قد شرب عند نسيكة اليهودي، فلما
270

قرب منى تواعدني وتهددني وراودني عن نفسي وجرني إلى الحائط فسقطت
وأغمى على، فوالله ما أفقت إلا وقد نال منى ما ينال الرجل من امرأته، فقمت
وكتمت أمرى عن عمى وجيراني، فلما تكاملت أيامى وانقضت شهوري
وضربني الطلق وأحسست بالولادة خرجت إلى موضع كذا وكذا فوضعت هذا
الغلام فهممت بقتله ثم ندمت على ذلك، فاحكم بحكم الله بيني وبينه. قال ابن
عباس: فأمر عمر رضي الله عنه مناديه ينادى. فأقبل الناس يهرعون إلى المسجد
ثم قام عمر فقال: يا معاشر المهاجرين والأنصار لا تتفرقوا حتى آتيكم بالخبر. ثم
خرج من المسجد وأنا معه، فنظر إلى وقال: يا ابن عباس أسرع معي، فجعل
يسرع حتى قرب من منزله فقرع الباب فخرجت جارية كانت تخدمه، فلما نظرت
إلى وجهه وقد غلبه الغضب قالت: ما الذي نزل بك؟ قال يا هذه ولدى
أبو شحمة هاهنا؟ قالت: إنه على الطعام، فدخل وقال له: كل يا بنى فيوشك أن
يكون آخر زادك من الدنيا. قال قال ابن عباس: فرأيت الغلام وقد تغير لونه
وارتعد، وسقطت اللقمة من يده. فقال له عمر: يا بنى من أنا؟ قال: أنت أبى
وأمير المؤمنين. قال: فلي عليك حق طاعة أم لا؟ قال: طاعتان مفترضتان،
أولهما: أنك والدي والأخرى أنك أمير المؤمنين. فقال عمر: بحق نبيك
وبحق أبيك، فإني أسألك عن شئ إلا أخبرتني. قال: يا أبة لا أقول غير
الصدق. قال: هل كنت ضيفا لنسيكة اليهودي، فشربت عنده الخمر وسكرت
قال: بأبي قد كان ذلك وقد تبت. قال: يا بنى رأس مال المذنبين التوبة. ثم
قال: يا بنى أنشدك الله هل دخلت ذلك اليوم حائطا لبنى النجار فرأيت امرأة
فواقعتها؟ فسكت وبكى وهو يبكى ويلطم وجهه. فقال له عمر: لا بأس أصدق
فإن الله يحب الصادقين. فقال: يا أبى كان ذلك والشيطان أغواني وأنا تائب
نادم. فلما سمع عمر ذلك قبض على يده ولببه وجره إلى المسجد. فقال: يا أبه
لا يعصمني على رؤوس الخلائق حد السيف واقطعني هاهنا إربا إربا. قال: أما
271

سمعت قول الله عز وجل (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) ثم جره حتى
أخرجه بين يدي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وقال: صدقت
المرأة، وأقر أبو شحمة بما قالت. وله مملوك يقال له أفلح. فقال له: يا أفلح إن لي
إليك حاجة إن أنت قضيتها فأنت حر لوجه الله. فقال: يا أمير المؤمنين مرني
بأمرك. قال: خذ ابني هذا فاضربه مائة سوط ولا تقصر في ضربه. فقال:
لا أفعله. وبكى وقال: يا ليتني لم تلدني أمي حيث أكلف ضرب ولد سيدي.
فقال له عمر: إن طاعتي طاعة الرسول فافعل ما أمرتك به. فأنزع ثيابه. فضج
الناس بالبكاء والنحيب، وجعل الغلام يشير بإصبعه إلى أبيه ويقول: أبة ارحمني
فقال له عمر وهو يبكى: ربك يرحمك، وإنما هذا كي يرحمني ويرحمك، ثم قال:
يا أفلح اضرب. فضرب أول سوط. فقال الغلام: بسم الله الرحمن الرحيم.
فقال: نعم الاسم سميت يا بنى. فلما ضربه به ثانية قال: أوه يا أبة. فقال عمر:
اصبر كما عصيت. فلما ضرب ثالثا قال: الأمان. قال عمر: ربك يعطيك الأمان.
فلما ضربه رابعا قال: واغوثاه. فقال: الغوث عند الشدة. فلما ضربه خامسا
حمد الله. فقال عمر: كذا يجب أن تحمده. فلما ضربه عشرا قال: يا أبة قتلتني
قال: يا بنى ذنبك قتلك. فلما ضربه ثلاثين قال: أحرقت والله قلبي. قال: يا بنى
النار أشد حرا. قال: فلما ضربه أربعين قال: يا أبة دعني أذهب على وجهي.
قال: يا بنى إذا أخذت حد الله من جنبك اذهب حيث شئت. فلما ضربه خمسين
قال: نشدتك بالقرآن لما خليتني. قال: يا بنى هلا وعظك القرآن وزجرك عن
معصية الله عز وجل، يا غلام اضرب. فلما ضربه ستين قال: يا أبى أغثني.
قال: يا بنى إن أهل النار إذا استغاثوا لم يغاثوا. فلما ضربه سبعين قال: يا أبة
اسقني شربة من ماء. قال: يا بنى إن كان ربك يطهرك فيسقيك محمد صلى الله
عليه وسلم شربة لا تظمأ بعدها أبدا، يا غلام اضرب. فلما ضربه ثمانين قال:
يا أبة السلام عليك. قال: وعليك السلام، إن رأيت محمدا صلى الله عليه وسلم
272

فأقره منى السلام وقل له: خلفت عمر يقرأ القرآن ويقيم الحدود، يا غلام اضربه.
فلما ضربه تسعين انقطع كلامه وضعف. فوثب أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم من كل جانب فقالوا: يا عمر انظر كم بقي فأخره إلى وقت آخر. فقال:
كما لا تؤخر المعصية لا تؤخر العقوبة. فأتى الصريخ إلى أمه فجاءت باكية صارخة
وقالت: يا عمر أحج بكل سوط حجة ماشية، وأتصدق بكذا وكذا درهما.
قال: إن الحج والصدقة لا تنوب عن الحد، يا غلام أتم الحد. فلما كان آخر
سوط سقط الغلام ميتا. فقال عمر: يا بنى محص الله عنك الخطايا. وجعل رأسه
في حجره وجعل يبكى ويقول: بأبي من قتله الحق، بأبي من مات عند انقضاء
الحد، بأبي من لم يرحمه أبوه وأقاربه.! فنظر الناس إليه فإذا هو قد فارق الدنيا.
فلم ير يوم أعظم منه. وضج الناس بالبكاء والنحيب. فلما كان بعد أربعين يوما
أقبل عليه حذيفة بن اليمان صبيحة يوم الجمعة فقال: إني أخذت وردى من الليل
فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وإذا الفتى معه حلتان خضراوان.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرئ عمر منى السلام وقل له: هكذا
أمرك الله أن تقرأ القرآن وتقيم الحدود. وقال الغلام: أقرئ أبى منى السلام
وقل له: طهرك الله كما طهرتني، والسلام ".
حدثت عن هارون بن طاهر أنبأنا صالح بن أحمد بن محمد في كتابه حدثنا
أبو الحسين علي بن الحسين الرازي إملاء حدثنا أبو يزيد محمد بن يحيى بن خالد
المروزي حدثنا محمد بن أحمد بن صالح التيمي حدثني الفضل بن العباس حدثني
عبد العزيز بن الحجاج الخولاني قال أبو الحسين - هكذا قال - وهو عندي عبد
القدوس بن الحجاج حدثني صفوان عن عمر أنه كان له ابنان يقال لأحدهما عبد
الله والآخر عبيد الله، وكان يكنى أبا شحمة، وكان أبو شحمة أشبه الناس
برسول الله صلى الله عليه وسلم تلاوة للقرآن، وأنه مرض مرضا، فجعل أمهات
المؤمنين يعدنه، فبينا هن في عيادته قلن لعمر: لو نذرت على ولدك كما نذر على
273

ابن أبي طالب على ولده الحسن والحسين فألبسهما الله العافية. فقال عمر: على
نذر واجب لئن ألبس الله عز وجل ابني العافية أن أصوم ثلاثة أيام، وقالت
والدته مثل ذلك. فلما أن قام من مرضه أضافه نسيكة اليهودي، فأتوه بنبيذ
التمر فشرب منه. فلما طابت نفسه خرج يريد منزله، فدخل حائطا لبنى النجار،
فإذا هو بامرأة راقدة فكابدها وجامعها، فلما قام معها شتمته وخرقت ثيابه
وانصرفت إلى منزلها " وذكر الحديث بطوله.
هذا حديث موضوع. كيف روى ومن أي طريق نقل؟ وضعه جهال
القصاص ليكون سببا في تبكية العوام والنساء، فقد أبدعوا فيه وأتوا بكل قبيح
ونسبوا إلى عمر ما لا يليق به، ونسبوا الصحابة إلى ما لا يليق بهم، وكلماته
الركيكة تدل على وضعه، وبعده عن أحكام الشرع يدل على سوء فهم واضعه
وعدم فقهه. وقد تعجل واضعه قذف ابن عمر بشرب الخمر عند اليهودية، ونسب
عمر إلى أنه أحلفه بالله ليقر، وحوشي عمر، لأنه لو رأى أمارة ذلك لصدف عنها
فإن ما عزا لما أقر أعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أعاد الاقرار
أعرض عنه إلى أن قال له: أبك جنون. وقد قال " ادرأوا الحدود ما استطعتم "
وقال عمر لرجل أقر بذنب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد سترك الله
لو سترت نفسك " وكيف يحلف عمر ولده بالله هل زنيت. هذا لا يليق بمثله.
وما أقبح ما زينوا كلامه عند كل سوط. وذلك لا يخفى عن العوام أنه صنعه
جاهل سوقى. وقد ذكر أنه طلب ماء فلم يسقه، وهذا قبيح في الغاية. وحكوا
أن الصحابة قالوا: أخر باقي الحد، وأن أم الغلام قالت: أحج عن كل سوط.
وهذا كله يتحاشى الصحابة عن مثله. ومنام حذيفة أبرد من كل شئ. ثم شبهوا
أبا شحمة برسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قذفوه بالفاحشة. ولعمري إنه قد
ذكر الزبير بن بكار أن عبد الرحمن الأوسط من أولاد عمر كان يكنى أبا شحمة
وعبد الرحمن هذا كان بمصر خرج غازيا، فاتفق أنه شرب ليلة نبيذا فخرج إلى
274

السكر فأصبح فجاء إلى عمرو بن العاص فقال له: أقم على الحد، فامتنع، فقال
له: إني أخبر - أنى - [أبى] إذا قدمت عليه، فضربه الحد في داره ولم يخرجه،
فكتب إليه عمر يلومه في مراقبته لعبد الرحمن ويقول: ألا فعلت به ما تفعل بجميع
المسلمين فلما قدم على عمر ضربه. واتفق أنه مرض فمات. هذا الذي ذكره محمد
ابن سعيد في الطبقات وغيره. وليس بعجيب أن يكون شرب النبيذ متأولا فسكر
عن غير اختيار، وإنما لما قدم على عمر ضربه ضرب تأديب لا ضرب حد،
ومرض بعد ذلك لا من الضرب ومات، فلقد أبدوا فيه القصاص وأعادوا.
وفى الاسناد الأول من هو مجهول ثم هو منقطع. وسعيد بن مسروق من
أصحاب الأعمش [فأين هو] وعمر. وكذلك الاسناد الثاني فيه مجاهيل. قال
الدارقطني: حديث مجاهد عن ابن عباس في حد أبى شحمة ليس بصحيح. وأما
الاسناد الثالث فإن عبد القدوس كذاب. قال ابن حبان: كان يضع الحديث
على الثقاة، لا يحل كتب حديثه. وأما صفوان الراوي عن عمر فبينه وبين عمر
رجال، والمتهم بهذا الحديث الرجال الذين في أول الاسناد، ولا طائل في الإطالة
بجرح رجاله، فإنه لو كان رجاله من الثقاة علم أنه من الدساسين لما فيه مما يتنزه
عنه الصحابة، فكيف، وليس إسناده بشئ.
باب ما روى أن عمر كان يشرب
حدثت عن محمد بن الحسين بن فنجويه حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن محمد
ابن شيبة حدثنا ابن حفنس (1) حدثنا أسلم بن جنادة حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي
إسحاق عن الشعبي عن سعيد بن ذي لعوة " أنه رأى عمر بن الخطاب رضى الله
عن يشرب المسكر ". هذا كذب بلا شك. قال أبو حاتم بن حبان: سعيد بن
ذي لعوة شيخ دجال يزعم أنه رأى عمر يشرب المسكر، ومن زعم أنه سعيد بن
ذي حدان فقد وهم.

(1) هي كذلك بالأصل.
275

باب ما روى من رجوع علي عليه السلام إلى الدنيا
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك أنبأنا ابن بكران أنبأنا العتيقي حدثنا يوسف
ابن أحمد حدثنا العقيلي حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدهقان حدثنا إسماعيل
ابن إسحاق الراشدي حدثنا مخول عن سلام الخياط عن موسى بن
طريف حدثنا عيابة عن علي أنه قال: " والله لأقتلن، ثم لأبعثن، ثم لأقتلن،
وهي القتلة التي أموت فيها، يضربني يهودي بأريحان - موضع بالشام - بصخرة
يقرع بها هامتي ".
هذا حديث موضع محال، وعباية مجروح، والمتهم به موسى بن
طريف. قال يحيى: كان ضعيفا ضعيفا. وحكى عنه أبو بكر بن عياش أنه
قال: إنما أتحدث بهذه الأحاديث أسخر بهم. وقال السعدي: كان زائغا.
وقال ابن حبان [يأتي] بالمناكير التي لا أصول لها. وقال العقيلي: إسحاق إلى
عباية كلهم روافض.
باب قول على في أولاد العباس
أنبأنا أبو منصور القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أخبرني الحسين بن علي
الضيمري حدثنا علي بن الحسن الرازي حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني
حدثنا أحمد بن زهير سمعت يحيى بن معين يقول: وضع إسماعيل بن أبان حديثا
عن مطر عن أبي الطفيل عن علي عليه السلام قال: " [السابع] من ولد العباس
يلبس الخضرة " حديثا لم يكن منه شئ.
باب ما روى أن فاطمة عليها السلام غسلت بغسلها
قبل الموت ولم تغتسل بعد الموت
أنبأنا عبيد الله بن علي المقرى أنبأنا أبو منصور محمد بن أحمد الخياط أنبأنا
276

عبد الملك بن محمد بن بشران حدثنا أبو على أحمد بن الفضل بن خزيمة حدثنا
محمد بن سويد الطحان حدثنا عاصم بن علي أنبأنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن
إسحاق عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن أمه سلمى قالت: " اشتكت
فاطمة فمرضتها فقالت لي يوما وقد خرج على: يا أمتاه (1) اسكبي لي غسلا،
فسكبت ثم قامت فاغتسلت كأحسن ما كنت أراها تغتسل، ثم قالت: هاتي
لي ثيابي الجدد، فأتيتها بها فلبستها، ثم [جاءت] إلى البيت الذي كانت فيه
فقالت لي: قدمي لي الفراش إلى وسط البيت ثم اضطجعت ووضعت يدها تحت
خدها واستقبلت القبلة ثم قالت: يا أمتاه إني مقبوضة اليوم، وإني قد اغتسلت
فلا يكشفني أحد. قال: فقبضت مكانها، فجاء علي عليه السلام فأخبرته فقال:
لا والله لا يكشفها أحد، فدفنها بغسلها ذلك ".
وقد رواه نوح بن يزيد عن إبراهيم بن سعد بهذا الاسناد، ورواه الحكم
ابن أسلم عن إبراهيم أيضا، ورواه عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن محمد
ابن عقيل: أن فاطمة اغتسلت. هكذا ذكره مرسلا.
وهذا حديث لا يصح. أما محمد بن إسحاق فمجروح شهد بأنه كذاب.
مالك وسليمان التيمي ووهب بن خالد وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد. وقال
ابن المديني: يحدث عن المجهولين بأحاديث باطلة. وأما عاصم فقال يحيى بن معين:
ليس بشئ. وأما نوح بن يزيد والحكم فكلاهما متشيع. وأما ابن عقيل
فحديثه مرسل ثم هو ضعيف جدا. قال ابن حبان: كان ردئ الحفظ يحدث
على التوهم فيجئ بالخبر على غير سننه، فلما كثر ذلك في أخباره وجب مجانبتها
ثم إن الغسل إنما يكون لحدث الموت فكيف يغتسل قبل الحدث. هذا لا يصح
إضافته إلى على وفاطمة رضي الله عنهما، بل يتنزهون عن مثل هذا

(1) كذلك وردت بالأصل.
277

باب ذكر حديث موضوع على معاوية
أنبأنا محمد بن عبد الملك بن خيرون أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا
أبو نعيم حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني حدثنا محمد بن
زكريا الغلابي حدثنا ابن عائشة عن أبيه قال: كان يزيد بن معاوية في حداثته
صاحب شراب، فأحس معاوية بذلك، فأحب أن يعظه في رفق، فقال يا بنى
ما أقدر على أن تصير إلى حاجتك من غير تهتك يذهب بمروءتك وقدرك، ثم
قال له: يا بنى إني منشدك أبياتا، فتأدب بها واحفظها، فأنشده:
انصب نهارا في طلاب العلى * واصبر على هجر الحبيب القريب
حتى إذا الليل أتى بالدجى * واكتحلت بالغمض عين الرقيب
باشر الليل بما يشتهى * فإنما الليل نهار الأديب
كم فاسق يحسبه ناسكا * قد باشر الليل بأمر عجيب
غطى عليه الليل أستاره * فبات في أمن وعيش خصيب
و [لذة] الأحمق مكشوفة * يسعى بها كل عدو مريب
قال المصنف قلت: ذكر معاوية في هذا الحديث إنما هو من قصده بالشين
وذلك من الغلابي فإنه كان غاليا في التشيع. قال الدارقطني: كان يضع الحديث
قال المصنف قلت: وإنما هذه الأبيات ليحيى بن خالد بن برمك، كتبها
إلى ابنه عبد الله، وكان قد أحب جارية مغنية، فاشتراها سرا، وانقطع عن أبيه
أياما، فكاتبه بهذا.
باب ذكر حديث موضوع على ابن عمر
أنبأنا علي بن عبيد الله أنبأنا علي بن أحمد بن البسري أنبأنا أبو عبد الله
ابن بطة حدثني أبو صالح حدثني الكديمي حدثنا أحمد بن يحيى الأحول حدثنا
278

خلاد المنقرى حدثني قيس عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن ابن عمر
قال: " كان على الحسن والحسين تعويذات حشوهما من زغب جناح جبريل
عليه السلام ".
هذا حديث موضوع والمتهم به الكديمي فإنه كان يضع الحديث.
باب ذكر حديث موضوع على عبد الله بن عمرو
روى محمد بن المهاجر عن عبد الصمد عن هشام الدستواني عن قتادة عن أبي
أيوب عن عبد الله بن عمرو قال: " البحر لا يجزئ من جنابة ولا يتوضأ
منه لان تحت البحر نارا، وتحت النار بحر حتى عد سبعة أبحر وسبع نيران ".
هذا حديث موضوع. قال ابن حبان: كان محمد بن المهاجر يضع الحديث
على الثقاة ويزيد في الاخبار.
باب ذكر حديث موضوع على أبي هريرة
روى محمد بن المهاجر عن عبد الصمد عن هشام بن يحيى بن أبي كثير عن
رجل عن أبي هريرة قال: " ماء أن لا يجزيان من غسل الجنابة: ماء البحر وماء
الحمار " وهذا من عمل ابن المهاجر.
باب ذكر أحاديث وضعت على ابن عباس
الحديث الأول: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي
أنبأنا التنوخي أنبأنا علي بن عمر السكرى حدثنا أبو سعيد مفتاح بن خلف
الخراساني حدثنا أحمد بن صالح البلخي حدثنا الحسن بن يزيد الجصاص حدثنا
عبد الرحمن بن واقد حدثنا الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن
عباس قال " إن لكل شئ سببا، وليس كل أحد يفطن له ولا سمع به وإن
لابي جاد لحديثا عجبا: أما أبو جاد أبى آدم الطاعة وجد في أكل الشجرة،
279

وأما هوز فهوى من السماء إلى الأرض، وأما حطي فحطت عنه خطاياه، وأما
كلمن أكل من الشجرة ومن عليه بالتوبة، وأما سعفص فعقبى آدم ربه وأخرج
من النعيم إلى النكد، وأما قريشيات فأقر بالذنب وسلم من العقوبة ".
هذا حديث موضوع على ابن عباس وفيه مجاهيل. قال يحيى: والفرات بن
السائب ليس بشئ. قال البخاري والدار قطني: متروك.
الحديث الثاني: أنبأنا القزاز أنبأنا أحمد بن علي أنبأنا أبو يعلى أحمد بن
عبد الواحد الوكيل حدثنا كوهي بن الحسن الفارسي أنبأنا أحمد بن القاسم أخو
أبى الليث الفرائضي حدثنا محمد بن حبس المأموني حدثنا سلام بن سليمان الثقفي
حدثنا إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن المدائني عن جويبر عن الضحاك عن ابن
عباس: " نزلت في ثلاثمائة آية ".
هذا حديث موضوع، والضحاك قد ضعفوه، وجويبر ليس بشئ عندهم.
قال النسائي والدار قطني: هو متروك. وسلام بن سليمان أيضا.
الحديث الثالث: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أحمد بن علي أنبأنا على
ابن أبي على أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المعدل أنبأنا القاضي أبو الحسين
عمر بن الحسين بن علي الأشناني حدثنا أبي حدثنا أبو بكر محمد بن زياد عن سالم
الأعشى عن أبي سلمة عن محمد بن سيرين قال قال عبد الله بن عباس: يأتي
من ولدى السفاح، ثم الثاني المنصور على الأعداء، ثم الثالث المهدى، ثم الرابع
الجواد يبذله، ثم ذكر رجالا، ثم قال: يلي المؤمن المعمر الطيب المطيب الشاب
الأزهر يملك أربعين سنة ".
هذا مما عملت يد أبى الحسين الشيباني، ولا شك أنه قد أشار بهذا إلى
القادر. قال الدارقطني: كان الشيباني يكذب.
280

باب ذكر حديث وضع على فاطمة عليها السلام
ذكر أبو محمد بن قتيبة أن فاطمة خرجت في ثلاثة من نسائها توطأ ذيولها
حتى دخلت على أبي بكر رضي الله عنهما، فكلمته - يعنى في الميراث - قال ابن
قتيبة: وكنت أرى أن لهذا أصلا فقال لي بعض نقلة الاخبار أنا أسن من هذا
الحديث وأعرف من عمله.
آخر كتاب الموضوعات تأليف الامام الحافظ العلامة واعظ
العرافين أبى الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد
ابن الجوزي الحنبلي رحمه الله تعالى
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله
على سيدنا وآله وصحبه
أجمعين، وحسبنا الله
ونعم الوكيل
281

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين، والصلاة والسلام على نبيه الكريم
وبعد... فنحمد الله سبحانه، الذي جعلنا مسلمين، ثم وفقنا لخدمة دينه
القويم.. فألهمنا شكر نعمته.. بالدعوة إليه سبحانه، وإلى كتابه الكريم..
وبالعمل على نشر سنة نبيه الأمين.
كذلك نحمده تعالى على ما يسر وأعان، بإتمام طبع كتاب " الموضوعات "
في ثلاثة أجزاء. وهو كما يرى القارئ كتاب نفيس - ينشر للمرة الأولى -
نقلا عن نسخة خطية وحيدة بالمكتبة الأزهرية بالقاهرة، بعد أن تم تصويرها
بدار الكتب المصرية بترخيص خاص.. وهو كتاب يعرف نفاسته وقدره من
مارس فنون علم الحديث، وعالج النظر والكتابة فيها.
وكفى به نفاسة أنه أثر فريد في بابه، غزير في مادته.. من أجل آثار الامام
السلفي الجليل أبى الفرج عبد الرحمن بن الجوزي القرشي.. عسى أن يستفيد
ويفيد به الباحثون، وتقر به أعين الغيورين من حماة الدين.
ولسنا يفوتنا هنا، أن نفى أخانا المحب الأستاذ عبد الرحمن محمد عثمان
حقه من الشكر والعرفان، بما بذل من جهد مشكور، وما لقى من تعب ونصب
في سبيل إنجاز طبع هذا الكتاب، بعد ضبط وتحقيق غوامضه، والاشراف
على مراجعته وتصحيحه والتقديم له.
ذلك أن الأخ المحب أبى - متفضلا مشكورا - أن يتقاضى لقاء جهده الشخصي
في الاشراف على كتاب " الموضوعات " وتحقيقه - أجرا، رغم ما بذل فيه من
جهد مضن، تكرارا لفضله القديم في كتبنا السابقة، محتسبا ذلك في صحائفه
283

اللاحقة، لوجه الله ثم الاخوة والمودة في ذاته سبحانه، أكرم الأكرمين.
وهو - كشأنه دائما - قد ضرب بذلك مثلا كريما للتضحية، في عصر
تسوده المادية، وتعصف به الاطماع.. ونحن ندع جزاءه وأجره لله سبحانه،
الذي يتولى الصالحين.
وقانا الله وإياه والمسلمين.. فتنا كقطع الليل المظلم.. وكتب لامتنا السلامة
والنجاة.. ورزقنا الايمان، وصلاح النية، وحسن العمل.
والله الهادي إلى سواء السبيل.. وصلى الله على نبيه الكريم، وعلى آله
وصحابته الطيبين.. والحمد لله رب العالمين؟
المدينة المنورة - المكتبة السلفية
غرة المحرم من عام 1388
محمد عبد المحسن
284