الكتاب: تاريخ مدينة دمشق
المؤلف: ابن عساكر
الجزء: ٢
الوفاة: ٥٧١
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند السنة
تحقيق: علي شيري
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤١٥
المطبعة: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

تاريخ
مدينة دمشق
وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل أو اجتاز
بنواحيها من وارديها وأهلها
تصنيف
الامام العالم الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن
ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي
المعروف بابن عساكر
499 ه‍ 571 ه‍
دراسة وتحقيق
علي شيري
الجزء الثاني
دار الفكر
للطباعة والنشر والتوزيع
1

جميع حقوق إعادة الطبع محفوظة للناشر
1415 ه‍ / 1995 م
2

" باب
سرايا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الشام وبعوثه الأوائل
وهي غزوة دومة الجندل وذات أطلاح
وغزوة مؤتة وذات السلاسل "
ذكر أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الواقدي في كتاب الصوائف الذي صنفه
أن غزوة دومة الجندل أول غزوات الشام قال وهي من المدينة على ثلاث عشرة مرحلة
ومن الكوفة على عشر مراحل في برية مرت ومن دمشق على عشر مراحل (1)
قال وهي أرض نخل وزرع يسقون على النواضح وحولها عيون قليلة وزرعهم
الشعير وهي مدينة عليها سور ولها حصن عادي مشهور في العرب يدعى مارد
والثانية مؤتة والغزوة الثالثة تبوك والغزوة الرابعة غزوة أسامة بن زيد يبنى (2) من
أرض فلسطين في سنة عشر والغزوة الخامسة غزوة أسامة بن زيد آبل الزيت في سنة
إحدى عشرة وهي التي أمره عليها (صلى الله عليه وسلم) وهو مريض فغزاها بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم) ولم أجد أحدا
من العلماء فرق بين غزوة يبنى وبين غزوة آبل الزيت غير الواقدي
وقد ذكر في كتاب المغازي الذي صنفه حديث الأمر بالغارة على يبنى في جملة
قصة إنفاذ أبي بكر رضي الله عنه لجيش أسامة وإغارته على آبل الزيت وعندي أنهما
غزوة واحدة أغار فيها على الموضعين جميعا والله أعلم
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري أنا أبو محمد الحسن بن علي
الجوهري أنا أبو عمرو محمد بن العباس بن حيوية أنا عبد الوهاب بن أبي حية نا
محمد بن شجاع الثلجي نا محمد بن عمر الواقدي (3) حدثني سعيد بن مسلم بن

(1) دومة الجندل: بضم أوله وفتحه، وقد أنكر ابن دريد الفتح انظر ما ذكره ياقوت في معجم البلدان.
(2) كذا بالأصول، وفي ياقوت: ابني، موضع بالشام من جهة البلقاء
(3) مغزي الواقدي 2 / 560 سرية أميرها عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل في شعبان سنة ست.
3

قماذين (1) عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر قال دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
عبد الرحمن بن عوف قال تجهز فإني باعثك في سرية من يومك هذا ومن غد إن شاء
الله قال ابن عمر فسمعت ذلك فقلت لأدخلن فلأصلين مع النبي (صلى الله عليه وسلم) الغداة فلأسمعن
وصيته لعبد الرحمن بن عوف قال فغدوت فصليت فإذا أبو بكر وعمر وناس من
المهاجرين فيهم عبد الرحمن وإذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد كان أمره أن يسير من الليل إلى
دومة الجندل فيدعوهم إلى الإسلام فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعبد الرحمن ما خلفك عن
أصحابك قال ابن عمر وقد مضى أصحابه في السفر (2) فهم معسكرون بالجرف (3)
وكانوا سبع مائة رجل فقال أحببت يا رسول الله أن يكون آخر عهدي بك وعلي ثياب
سفري قال وعلى عبد الرحمن بن عوف عمامة قد لفها على رأسه قال ابن عمر فدعاه
النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقعده بين يديه فنقض عمامته بيده ثم عممه بعمامة سوداء فأرخى بين كتفيه
منها ثم قال هكذا فاعتم يا ابن عوف قال وعلى ابن عوف السيف متوشحه ثم قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اغز باسم الله في سبيل الله فقاتل من كفر بالله لا تغل ولا تغدر ولا تقتل
وليدا قال ابن عمر ثم بسط يده فقال أيها الناس اتقوا خمسا قبل أن يحل بكم ما
نقص مكيال قوم إلا أخذهم الله بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يرجعون وما نكث
قوم عهدهم إلا سلط الله عليهم عدوهم وما منع قوم الزكاة إلا أمسك الله عنهم قطر
السماء ولولا البهائم لم يسقوا وما ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط عليهم الطاعون
وما حكم قوم بغير القرآن إلا ألبسهم الله شيعا وأذاق بعضهم بأس بعض [410]
قال فخرج عبد الرحمن حتى لحق أصحابه به فسار حتى قدم دومة الجندل فلما
حل بها دعاهم إلى الإسلام فمكث بها ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام وقد كانوا أبوا
أول ما قدم يعطونه إلا السيف فلما كان اليوم الثالث أسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي (4)
وكان نصرانيا وكان رأسهم فكتب عبد الرحمن إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) يخبره بذلك وبعث رجلا
من جهينة يقال له رافع بن مكيث وكتب يخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قد أراد أن يتزوج فيهم

(1) في الواقدي: قمادين.
(2) الواقدي: في السحر.
(3) الجرف: بالضم فسكون، موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام (معجم البلدان).
(4) عن الواقدي وبالأصل " الكليبي ".
4

فكتب إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) أن تزوج ابنة الأصبغ تماضر فتزوجها عبد الرحمن وبنى بها ثم
أقبل بها وهي أم أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف
وأما سرية ذات أطلاح (1)
فأخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري أنا أبو محمد الحسن بن علي
الجوهري أنا أبو عمر محمد بن العباس أنا عبد الوهاب بن أبي حية نا محمد بن
شجاع نا محمد بن عمر (2) حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري قال بعث
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كعب بن عمير الغفاري في خمسة عشر رجلا حتى انتهوا إلى ذات أطلاح
من أرض الشام فوجدوا جمعا من جمعهم كثيرا فدعوهم إلى الإسلام فلم يستجيبوا لهم
ورشقوهم بالنبل فلما رأى ذلك أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) قاتلوهم أشد القتال حتى قتلوا
فأفلت منهم رجل جريح (3) في القتلى فلما برد عليه الليل تحامل حتى أتى
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخبره بذلك فشق ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهم بالبعثة إليهم مبلغه (4)
أنهم قد ساروا إلى موضع آخر فتركهم
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص أنا رضوان بن أحمد نا أحمد بن عبد الجبار نا يونس بن بكير عن ابن
إسحاق في عدد غزوات النبي (صلى الله عليه وسلم) وبعوثه وسراياه قال وغزوة كعب بن عمير الغفاري
ذات الطلاح من أرض الشام فأصيب بها هو وأصحابه جميعا
وأما غزوة مؤتة (5)
فأخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص نا أبو الحسين رضوان بن أحمد بن جالينوس ح

(1) بالأصل " اطلاع " والمثبت عن خع والواقدي 2 / 752.
(2) مغازي الواقدي / 752 سرية كعب بن عمير إلى ذات أصلاح في شهر ربيع الأول سنة ثمان
(3) عن الواقدي وبالأصل " جريجا ".
(4) عن الواقدي وبالأصل وخع " فبلغهم ".
(5) بالضم ثم واو مهموزة ساكنة ثم تاء، وبعضهم لا يهمزه، قرية من قرى البلقاء في حدود الشام (معجم
البلدان).
(6) زيادة عن خع.
5

وأخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا أبو بكر البيهقي (1) أنا أبو عبد الله الحافظ نا
أبو العباس محمد بن يعقوب قالا نا أحمد بن عبد الجبار نا يونس بن بكير عن
محمد بن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال قدم
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من عمرة القضاء المدينة في ذي الحجة فأقام بالمدينة حتى بعث إلى
مؤتة في جمادى الأولى من سنة ثمان قال وأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الناس في مؤتة
زيد بن حارثة ثم قال فإن أصيب زيد فجعفر فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة فإن
أصيب فليرتض المسلمون رجلا فليجعلوه عليهم [411]
فتجهز الناس وتهيأوا للخروج فودع الناس أمراء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسلموا عليهم
وودعوا عبد الله بن رواحة وقال البيهقي فلما ودعوا عبد الله بن رواحة بكا فقالوا
ما يبكيك يا ابن رواحة قال أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة إليها ولكني سمعت
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقرأ وقال البيهقي ولكني سمعت الله يقول " وإن منكم إلا واردها
كان على ربك حتما مقضيا " (2) فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود فقال
المسلمون صحبكم الله وردكم إلينا صالحين ودفع عنكم فقال ابن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة * وضربة ذات قرع تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة * بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
وقال البيهقي حمران بدل حران (4):
حتى يقولوا وقد مروا على جدثي * يا أرشد (5) الله من غاز وقد رشدا
ثم أتى عبد الله بن رواحة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فودعه ثم قال وقال البيهقي فقال:
وثبت الله ما أتاك من حسن * تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
إني تفرست فيك الخير نافلة * والله يعلم أني ثابت البصر (6)

(1) خبر غزوة مؤتة في دلائل النبوة للبيهقي 4 / 358 وما بعدها، سندقق الأصل حسب رواية الدلائل.
(2) سورة مريم، الآية: 71.
(3) في دلائل البيهقي: " فرغ " يريد طعنة واسعة.
(4) كذا، والذي في دلائل النبوة للبيهقي: حران.
(5) في دلائل البيهقي: " أرشده الله " بدل " يا أرشد الله ".
(6) في البيت إقواء وقد وردت الأبيات في سيرة ابن هشام 3 / 324 برواية:
إني تفرست فيك الخير نافلة * فراسة خالفت فيك الذي نظروا
قال ابن هشام عن بعض أهل العلم، فلا إقواء على هذه الرواية.
6

أنت الرسول فمن يحرم نوافله * والوجه منه فقد أزرى به القدر
ثم خرج القوم حتى نزلوا معان (1) فبلغهم أن هرقل قد نزل بمآب (2) في مائة ألف
من الروم ومائة ألف من المستعربة فأقاموا بمعان يومين فقالوا وقال البيهقي
وقالوا (3) نبعث إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فنخبره بكثرة عدونا فإما أن يمدنا وإما أن
يأمرنا أمرا فشجع الناس عبد الله بن رواحة فقال وقال البيهقي وقال (4) يا قوم
والله إن التي تكرهون للتي خرجتم لها إياها تطلبون الشهادة وما يقاتل الناس بعدد ولا
كثرة وإنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فربما (5) فعل وإن تكن الأخرى فهي
الشهادة وليست بشر المنزلتين (5) فقال الناس والله لقد صدق ابن رواحة فانشمر
الناس وهم ثلاثة آلاف حتى لقوا جموع الروم زاد ابن النقور وهم وقالا بقرية من
قرى البلقاء يقال لها شراف ثم انحاز المسلمون إلى مؤتة قرية فوق أحساء زاد ابن
النقور ابن موت
وكان سبب هذه الغزوة فيما أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الفرضي أنا أبو
محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا عبد الوهاب بن أبي حية نا محمد بن
شجاع الثلجي نا محمد بن عمر (6) حدثني ربيعة بن عثمان عن عمر بن الحكم
قال بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحارث بن عمير الأزدي ثم أحد بني لهب إلى ملك بصرى
بكتاب فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فقال أين تريد قال
الشام قال لعلك من رسل محمد قال نعم أنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأمر به فأوثق
رباطا ثم قدمه فضرب عنقه صبرا ولم يقتل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) رسول غيره فبلغ
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخبر فاشتد عليه وندب الناس وأخبرهم بمقتل الحارث ومن قتله فأسرع

(1) مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي البلقاء (معجم البلدان).
(2) في دلائل البيهقي: " بمأرب " خطأ، ومآب مدينة في طرف الشام من نواحي البلقاء (معجم البلدان).
(3) كذا، وفي دلائل البيهقي: فقالوا.
(4) كذا وفي دلائل البيهقي: فقال.
(5) العبارة في دلائل البيهقي: فإن يظهرنا الله به فربما فعل، وإن تكن الأخرى فهي الشهادة وليست بشر
المنزلين.
(6) مغازي الواقدي 2 / 755 وما بعدها.
7

الناس وخرجوا فعسكروا بالجرف ولم يبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الأمر فلما صلى
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الظهر جلس وجلس أصحابه حوله وجاء النعمان بن مهض (1) اليهودي
فوقف على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع الناس فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زيد بن حارثة أمير الناس
فإن قتل زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة فإن
أصيب عبد الله بن رواحة فليرتض المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم فقال
النعمان بن مهض (1) أبا القاسم إن كنت نبيا فسميت من سميت قليلا أو كثيرا أصيبوا
جميعا إن الأنبياء في بني إسرائيل إذا استعملوا الرجل على القوم ثم قالوا إن أصيب
فلان فلو سمى مائة أصيبوا جميعا ثم جعل اليهودي يقول لزيد بن حارثة أعهد فلا
ترجع إلى محمد أبدا إن كان نبيا فقال زيد فأشهد أنه نبي صادق بار فلما أجمعوا
المسير وقد عقد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لهم اللواء دعه إلى زيد بن حارثة لواء أبيض مشى
الناس إلى أمراء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يودعونهم ويدعون لهم وجعل المسلمون يودع بعضهم
بعضا والمسلمون ثلاثة آلاف فلما ساروا من معسكرهم نادى المسلمون دفع الله
عنكم وردكم صالحين غانمين قال ابن رواحة عند ذلك
لكنني أسأل الرحمن مغفرة * وضربة ذات قرع (2) تقذف الزبدا
وهي أبيات أنشدنيها شعيب بن عبادة
حدثنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه الفرضي لفظا وأبو القاسم الخضر بن
الحسين بن عبدان قراءة قالا أنا أبو القاسم بن أبي العلاء الفقيه أنا أبو محمد بن
أبي نصر أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك
أحمد بن إبراهيم القرشي نا محمد بن عائذ أنا الوليد بن مسلم أخبرني أبو محمد
عيسى بن موسى عن برد بن سنان عن مكحول أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعث بعثا إلى
الشام وأمر عليهم زيد بن حارثة فإن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب فإن أصيب جعفر
فعبد الله بن رواحة وأجلهم أجلا

(1) كذا بالأصول ومختصر ابن منظور 1 / 152 ومغازي الواقدي، وفي البداية والنهاية 4 / 241 نقلا عن
الواقدي: فنحص.
(2) في الواقدي: ذات فرع، أي ذات سعة، والزبد: رغوة الدم.
(3) عن خع وبالأصل: " براء ".
8

قال وأنا الوليد قال وأخبرني سعيد بن عبد العزيز وغيره أنهم كانوا ستة آلاف
من المهاجرين والأنصار وغيرهم
قال وأنا الوليد قال فحدثني عطاف (1) بن خالد المخزومي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
بعث ذلك البعث وخرجوا وخرج مشيعا لهم حتى بلغ ثنية الوداع فوقف ووقفوا
حوله فقال اغزوا بسم الله فقاتلوا عدو الله وعدوكم بالشام وستجدون بها رجالا في
الصوامع معتزلين للناس فلا تعرضوا لهم وستجدون آخرين للشياطين في رؤوسهم
مفاحيص (2) فافلقوا هامهم بالسيوف ولا تقتلن امرأة ولا صغيرا ضرعا ولا كبيرا فانيا ولا
تعزقن نخلا ولا تقطعن شجرا ولا تهدموا بناء [413]
قال ابن عائذ فحدثني عطاف على نحو من هذا
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنا الحسن بن علي الجوهري أنا
محمد بن العباس أنا عبد الوهاب بن أبي حية نا محمد بن شجاع نا محمد بن عمر
الواقدي (3) حدثني أبو صفوان عن خالد بن يزيد قال خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) مشيعا لأهل
مؤتة حتى بلغ ثنية الوداع فوقف ووقفوا حوله فقال اغزوا بسم الله فقاتلوا عدوا الله
وعدوكم بالشام وستجدون فيها رجالا في الصوامع معتزلين للناس فلا تعرضوا لهم
وستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحيص (2) فاقلعوها بالسيوف لا تقتلن (4)
امرأة ولا صغيرا ضرعا (5) ولا كبيرا فانيا ولا تغرقن نخلا ولا تقطعن شجرا ولا تهدموا
بناء [414]
أبو (6) صفوان هو العطاف بن خالد بن عبد الله المخزومي
أخبرنا (7) أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز الكتاني أنا أبو محمد بن أبي

(1) عن خع، وبالأصل " غطاف " بالغين المعجمة، وسترد صوابا في الخبر التالي.
(2) كذا بالأصل والصواب " مفاحص " جمع مفحص، ومفحص القطاة حيث تفرخ فيه من الأرض " انظر اللسان
والنهاية: فحص).
(3) مغازي الواقدي 2 / 758.
(4) عن الواقدي وبالأصل: لا تقتلوا.
(5) في الواقدي: مرضعا.
(6) بالأصل " ابن " خطأ.
(7) كرر الخبر في الأصل.
9

نصر أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك أحمد بن
إبراهيم بن بشر القرشي نا أبو عبد الله محمد بن عائذ قال سمعت العطاف بن خالد
المخزومي حدثني واقد بن محمد بن زيد قال بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعثا إلى الشام
فخرج معهم حتى بلغ ثنية الوداع ثم قال اخرجوا بسم الله فقاتلوا في سبيل الله عدو الله
وعدوكم إنكم ستدخلون الشام فستجدون رجالا في الصوامع (1) معتزلين للناس فلا
تعرضوا لأحد منهم إلا بخير وستجدون آخرين للشياطين في رؤوسهم مفاحص فافلقوا
هامهم بالسيوف لا تقتلن كبيرا ولا فانيا ولا صغيرا ضرعا ولا تقتلن امرأة ولا تغرقن
نخلا [415]
وهذان إسنادان مرسلان والمحفوظ أن هذه وصية أبي بكر رضي الله عنه
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت
الحافظ أنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان أنا أبو بكر
محمد بن عبد الله بن أحمد بن عتاب نا أبو محمد القاسم بن عبد الله بن المغيرة
الجوهري نا إسماعيل بن أبي أويس نا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه
موسى بن عقبة قال ثم صدر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعني من عمرة القضاء إلى المدينة
فمكث بها ستة أشهر ثم بعث جيشا إلى مؤتة وأمر عليهم زيد بن حارثة فإن أصيب
فجعفر بن أبي طالب أميرهم فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة أميرهم فانطلقوا
حتى لقوا ابن أبي سبرة الغساني بمؤتة وبها جموع من نصارى العرب والروم بها تنوخ
وبهراء فأغلق سبرة (2) دون المسلمين الحصن ثلاثة أيام ثم خرجوا فالتقوا على درع (3)
أحمر فاقتتلوا قتالا شديدا فأخذ اللواء زيد بن حارثة فقتل ثم أخذ جعفر بن أبي طالب
فقتل ثم أخذه عبد الله بن رواحة فقتل ثم اصطلح المسلمون بعد أمراء رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
على خالد بن الوليد المخزومي فهزم الله العدو وأظهر المسلمين وبعثهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
في جمادى الأولى وزعموا والله أعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال مر جعفر بن أبي طالب في
الملائكة يطير مع الملائكة كما يطيرون له جناحان وقتل يومئذ من المسلمين من

(1) الصوامع جمع صومعة، وهي بيعة النصارى.
(2) كذا بالأصول، وفي دلائل النبوة للبيهقي: 4 / 364 ابن أبي سبرة.
(3) كذا بالأصول، وفي دلائل البيهقي: " ذرع " وفي المطبوعة: " ردع " ولم يحلها.
10

قريش ثم من بني هاشم زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب ومن بني مخزوم
هبار بن سفيان بن عبد الأسد ومن بني عدي بن كعب مسعود بن الأسود ومن بني
عامر بن لؤي وهب بن سعد بن أبي سرح وقتل من الأنصار ثم من بني الحارث بن
الخزرج عبد الله بن رواحة وعبد الله بن ربيع ومن بني زريق عباد بن ناعص وفي
هذه الغزوة يقول عبد الله بن رواحة:
إذا بلغتني وحملت رحلي * مسافة أربع بعد الحساء (1)
فحمدك أنعم وخلاك ذم * ولا أرجع إلى أهلي ورائي (2)
وآب (3) المسلمون وغادروني * بأرض الروم مشتهر الثواء
هنالك لا أبالي طلع فحل (4) * ولا نخل أسافلها رواء
وخرج أبو سفيان إلى الشام تاجرا فقدم على قيصر فأرسل إليه قيصر يسأله عن
النبي (صلى الله عليه وسلم) فلما جاءه قال أخبرني عن هذا الرجل الذي خرج فيكم أكل مرة يظهر عليكم
قال ما ظهر علينا قط إلا وأنا غائب ثم قد غزوتهم مرتين في بيوتهم فبقرنا البطون
وجدعنا الأنوف وقطعنا الذكور قال قيصر أتراه كاذبا أو صادقا قال بل هو كاذب
قال قيصر لا تقولون ذلك فإن الكذب لا يظهر به أحد فإن كان فيكم نبيا فلا تقتلوه
فإن أفعل الناس لذلك اليهود
قال عبد الله بن رواحة أيضا في يوم مؤتة:
أقسمت بالله لتنزلنه (5) * يا نفس طوعا أو لتكرهنه (6)

(1) سيرة ابن هشام 4 / 18 برواية: " إذا أديتني... مسيرة أربع " والحساء جمع حسي وهو ماء يغور في الرمل
حتى يجد صخرا، فإذا بحث عنه وجد.
(2) في سيرة ابن هشام: " فشأنك أنعم ".
قوله: ولا أرجح: قال أبو ذر: مجزوم على الدعاء، دعا على نفسه أن يستشهد ولا يرجع إلى أهله.
(3) سيرة ابن هشام: " وجاء " وبعده فيها:
وردك كل ذي نسب قريب * إلى الرحمن منقطع الاخاء.
(4) في ابن هشام: بعل.
(5) عن دلائل البيهقي 4 / 364 وبالأصل: لننزلنه.
(6) في سيرة ابن هشام 4 / 21:
لتنزلن أو لتكرهنه
وفي دلائل البيهقي 4 / 363:
طائعة أو لتكرهنه
11

ما لي أراكي تكرهين الجنة * وقبل ذا قد كنت مطمئنة (1)
* إذ أجلب الناس وشدوا الرنة *
وزعموا والله أعلم أن يعلى بن منية قدم على رسول الله بخبر أهل مؤتة فقال له
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن شئت فأخبرني وإن شئت أخبرك قال بل أخبرني يا رسول الله قال
فأخبرهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خبرهم كله ووصفه لهم فقال والذي بعثك بالحق ما تركت من
حديثهم حرفا لم تذكره وإن أمرهم لكما ذكرت فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن الله تبارك
وتعالى رفع لي الأرض حتى رأيت معتركهم [416] وزعموا والله أعلم أن ابن رواحة بكا
حين أراد الخروج من مؤتة فبكى يعني أهله حين رأوه يبكي فقال والله ما بكيت جزعا
من الموت ولا صبابة بكم ولكن بكيت من قول الله عز وجل " إن منكم إلا واردها كان
على ربك حتما مقضيا " (2) فأيقنت أني واردها ولم أدر أنجو منها أم لا
حدثنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي الفقيه لفظا وأبو القاسم الخضر بن
الحسين بن عبدان قراءة قالا أنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي الفقيه أنا أبو
محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر أنا أبو القاسم علي بن نصر
علي بن يعقوب بن أبي العقب أنا أحمد بن إبراهيم قال قال محمد بن عائد
فحدثني الوليد قال فحدثني أبو سليمان عبد الرحمن بن سليمان عن من حدثه من
مشيختهم عن رجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الأشعريين أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعثه
مبعثا ركب فيه البحر حتى خرج إلى أيلة وما يليها فلما كان بمكان الذي هو به من الشام
بلغه قدوم زيد بن حارثة وذلك الجيش البلقاء ومن لقيهم من جماعة الروم ومن معها
من قبائل العرب فخرجت حتى أتيتهم قال فلقيناهم وشهدت المعركة فاقتتلنا قتالا
شديدا ولبس زيد درعا له وركب فرسا وبيده الراية يقاتل ثم نزل عن الفرس ونزع
الدرع وقال من يأخذ هذا وقتل زيد وأخذه جعفر فلبس الدرع وركب الفرس وأخذ
الراية فتقدم فقاتل قال ونزل جعفر عن الفرس ونزع الدرع وقال من يأخذ هذا
فتقدم عبد الله بن رواحة فلبس الدرع وركب الفرس وأخذ الراية فقاتل فقتل ولما انتهت

(1) في سيرة ابن هشام ودلائل البيهقي:
قد طال ما قد كنت مطمئنه
(2) سورة مريم، الآية: 71.
12

الراية إلى عبد الله بن رواحة قاتل ثم صنع ما صنع صاحباه ثم نزل عن الفرس ونزع
الدرع وقال من يأخذ هذا وجال الناس جولة وأخذ الراية رجل من الأنصار فقاتل
بها إذ مر به خالد بن الوليد فقال له الأنصاري يا خالد خذ الراية قال أنت أحق بها
أنت أخذتها وقال الأنصاري أنت أحق بها فإنك أشجع مني فأخذها خالد
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو
عمر بن حيوية أنا عبد الوهاب بن أبي حية نا محمد بن شجاع نا محمد بن عمر
الواقدي (1) قال ومضى المسلمون وقد أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن ينتهوا إلى مقتل
الحارث بن عمير فلما فصل المسلمون من المدينة سمع العدو بمسيرهم فجمعوا
الجموع وقام فيهم رجل من الأزد يقال له شرحبيل بالناس وقدم الطلائع أمامه وقد
نزل المسلمون وادي القرى وأقاموا أياما وبعث أخاه سدوس بن عمرو في خمسين من
المشركين فالتقوا وانكشف أصحابه وقتل سدوس وخاف شرحبيل بن عمرو فتحصن
وبعث أخا له يقال له وبر بن عمرو فسار المسلمون حتى نزلوا معان من أرض الشام
فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآبا من أرض البلقاء في بهراء ووائل وبكر ولخم وجذام في
مائة ألف عليهم رجل من بلي يقال له مالك فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا ليلتين
لينظروا في أمرهم وقالوا نكتب إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فنخبره الخبر فإما يردنا وإما يزيدنا
رجالا فبينا الناس على ذلك من أمرهم جاءهم ابن رواحة فشجعهم ثم قال والله ما كنا
نقاتل الناس بكثرة عدد ولا بكثرة سلاح ولا بكثرة خيول إلا بهذا الدين الذي أكرمنا
الله به انطلقوا والله لقد رأيتنا يوم بدر ما معنا إلا فرسان ويوم أحد فرس واحدة فإنما
هي إحدى الحسنيين إما ظهور عليهم فذلك ما وعدنا الله ووعد نبينا وليس لوعده
خلف وإما الشهادة فنلحق بالإخوان نرافقهم في الجنان فشجع الناس على مثل قول
ابن رواحة
أخبرنا أبو بكر الأنصاري أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر أنا
عبد الوهاب نا محمد بن شجاع نا الواقدي (2) قال فحدثني ربيعة بن عثمان عن
المقبري عن أبي هريرة قال شهدت مؤتة فلما رأينا المشركين رأينا ما لا قبل لنا به

(1) مغازي الواقدي 2 / 760.
(2) مغازي الواقدي 2 / 760.
13

من العدد والسلاح والكراع (1) والديباج والحرير والذهب فبرق بصري فقال لي
ثابت بن أقرم يا أبا هريرة مالك كأنك ترى جموعا كثيرة قلت نعم قال لم تشهدنا
ببدر إنا لم ننصر بالكثرة
قال (2) وحدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة قال وحدثني
عبد الجبار بن عمارة عن عبد الله بن أبي بكر زاد أحدهما على صاحبه في الحديث
قالا لما التقى الناس بمؤتة جلس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على المنبر وكشف له ما بينه وبين
الشام فهو ينظر إلى معتركهم فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخذ الراية زيد بن حارثة فجاءه
الشيطان فحبب إليه الحياة وكره إليه الموت وحبب إليه الدنيا فقال الآن حين استحكم
الإيمان في قلوب المؤمنين تحبب إلي الدنيا فمضى قدما حتى استشهد فصلى عليه
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال استغفروا له وقد دخل الجنة وهو يسعى ثم أخذ الراية جعفر بن
أبي طالب فجاءه الشيطان فمناه الحياة وكره إليه الموت ومناه الدنيا فقال الآن حين
استحكم الإيمان قلوب المؤمنين تمنيني الدنيا ثم مضى قدما حتى استشهد فصلى عليه
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ودعا له ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استغفروا لأخيكم فإنه
شهيد دخل الجنة
فهو يطير في الجنة بجناحين من ياقوت حيث شاء من الجنة ثم أخذ الراية بعده
عبد الله بن رواحة فاستشهد ثم دخل الجنة معترضا فشق ذلك على الأنصار قيل يا
رسول الله ما اعتراضه قال لما أصابته الجراح نكل فعاتب نفسه فشجع فاستشهد
فدخل الجنة [417] فسري عن قومه
قال ونا الواقدي (3) حدثني محمد بن صالح عن رجل من العرب عن أبيه
قال لما قتل ابن رواحة انهزم المسلمون أسوأ هزيمة رأيتها قط في كل وجه ثم إن
المسلمين تراجعوا فأقبل رجل من الأنصار يقال له ثابت بن أقرم فأخذ اللواء وجعل
يصيح بالأنصار فجعل الناس يثوبون إليه من كل وجه وهم قليل وهو يقول إلي أيها
الناس فاجتمعوا إليه قال فنظر ثابت إلى خالد بن الوليد فقال خذا اللواء يا أبا
سليمان فقال لا آخذه أنت أحق به أنت رجل لك سن وقد شهدت بدرا قال ثابت

(1) الكراع قيل هو اسم يجمع الخيل والسلاح (اللسان: كرع).
(2) القائل هو الواقدي، والخير في مغازيه 2 / 761.
(3) مغازي الواقدي 2 / 763.
14

خذه أيها الرجل فوالله ما أخذته إلا لك فأخذه خالد فحمله ساعة وجعل المشركون
يحملون عليه فيثبت حتى تكركر (1) المشركون وحمل بأصحابه ففض جمعا من جمعهم
ثم دهمه منهم بجمع بشر كثير فانحاش بالمسلمين فانكشفوا راجعين
قال ونا الواقدي (2) حدثني عطاف بن خالد قال لما قتل ابن رواحة مساء بات
خالد بن الوليد فلما أصبح غدا (3) وقد جعل مقدمته ساقته وساقته مقدمته وميمنته
ميسرته وميسرته ميمنته (4) فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيأتهم وقالوا قد
جاءهم مدد فرعبوا فانكشفوا منهزمين فقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم
حدثنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه لفظا وأبو القاسم الخضر بن الحسين
قراءة قالا نا أبو القاسم بن أبي العلاء أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو
القاسم بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك قال قال ابن عائذ أخبرني الوليد قال
سمعت أنهم ساروا حتى إذا كانوا بناحية معان من أرض الشراة (5) فأخبروا أن الروم قد
نذروا وجمعوا لهم جموعا كثيرة من الروم وقضاعة وغيرهم من نصارى العرب
فاستشار زيد بن حارثة أصحابه فقالوا قد وطئت البلاد وأخفت أهلها فانصرف فإنه لا
يعدل العافية شئ وعبد الله بن رواحة ساكت فسأله زيد عن رأيه فقال إنا لم نسر
إلى هذه البلاد ونحن نريد الغنائم ولكننا خرجنا نريد لقاءهم ولسنا نقاتلهم بعدد
ولا عدة فالرأي المسير إليهم فقبل زيد رأيه وسار إليهم
قال ابن عائذ فأخبرني الوليد قال فحدثني رجل من بني سلامان عن غير واحد
من كبراء قومه أن زيد بن حارثة سار بهم على جبال (6) بين الشراة والبلقاء على ريفها

(1) يقال تكركر الرجل في أمره أي تردد (الصحاح).
(2) مغازي الواقدي 2 / 764.
(3) عن مغازي الواقدي، وبالأصل " غدوا ".
(4) بالأصل: " وقد جعل مقدمته ساقة، وساقته مقدمة، وميمنته ميسرة، وميسرة ميمنة " والعبارة المثبتة عن
الواقدي.
(5) الشراة صقع بالشام بين دمشق ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، والشراة: جبل من دون عسفان وهو لبني ليث خاصة
ولبني ظفر من سليم (معجم البلدان).
(6) كذا وفي مختصر ابن منظور 1 / 155 " حبال " بالكسر، وهي من قرى وادي موسى من جبال السراة قرب
الكرك بالشام.
15

وعمارتها فمر بقرية من قرى جبال يقال لها أكثب (1) فشد أهلها على ساقة المسلمين
فأصابوهم بجراحة وقتلوا رجلا من المسلمين فبلغ ذلك جماعة الجيش فاستأذنوا زيد بن
حارثة في الرجعة إليهم والانتقام منهم فقال زيد لا أرى ذلك لأن عدوكم أمامكم قد
جمعوا لكم ودنوا منكم فأكره أن تفلوا حدكم ونشاطكم بقتال غيرهم ثم لا آمن أن
يجمعوا لكم فيكونوا من ورائكم فتكونوا بين عسكرين فمضى زيد ومن معه حتى
لقوا عدوهم بين قريات ثلاثة بين مؤتة والعمقة (2) وزقوقين (3) فصافوهم هنالك وقال
السلاميون هم إلى زقوقين أقرب
قال ابن عائذ قال الوليد وأخبرنا رجل من أهل البلقاء أن الذين لقوهم يومئذ من
أهل المشارق (3) من النصارى من لخم وجذام والقين
قال ابن عائذ قال الوليد فحدثني عطاف بن خالد وغيره أن خالد بن الوليد بات
ثم أصبح غازيا وقد جعل مقدمته ساقة وساقته مقدمة وميمنته ميسرة وميسرته
ميمنة فأنكروا ما جاء به من خلاف ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيئتهم وقالوا قد
جاءهم مدد فانهزموا وقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم
قال ابن عائذ قال الوليد وأما السلامي فإنه أخبرني عن غير واحد أن خالدا لما
أخذ الراية قاتلهم قتالا شديدا ثم انحاز الفريقان كل عن كل قافلا عن غير هزيمة
فقفل المسلمون على طريقهم التي أبدوا منها حتى مروا بتلك القرية والحصن الذين كانوا
شدوا على ساقتهم وقتلوا رجلا منهم فحاصروهم في حصنهم حتى فتحه الله عليهم
عنوة فقتل خالد بن الوليد مقاتلتهم في نقيع إلى جانب حصنهم صبرا فبها سمي ذلك
النقيع نقيع الدم إلى اليوم فهدموا حصنهم هدما لم يعمر بعده إلى اليوم
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال أنا أبو القاسم إبراهيم بن
منصور السلمي أنا أبو بكر بن المقرئ (4) نا أبو يعلى الموصلي نا أبو خيثمة

(1) في مختصر ابن منظور: أكبث.
(2) كذا، ولم أجدها.
(3) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: المشارف بالفاء، وهي قري قرب حوران، منها بصري من الشام
(ياقوت)
(4) الزيادة عن خع.
16

نا وهب بن جرير نا الأسود بن شيبان عن خالد بن شمير (1) قال قدم علينا
عبد الله بن رباح الأنصاري من المدينة وكانت الأنصار تفقهه قال فوجدته في حوى
شريك بن الأعور قال وقد اجتمع إليه ناس قال فحدثنا قال حدثني أبو قتادة
الأنصاري قال بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بجيش الأمراء فقال عليكم زيد بن حارثة فإن
أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة قال فوثب
جعفر فقال يا رسول الله ما كنت أذهب أن تستعمل علي أحدا قال امض فإنك لا
تدري أي ذلك خير قال فانطلق الجيش فلبثوا ما شاء الله ثم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صعد
المنبر وأمر أن ينادى الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
ثاب خبر ثاب خبر ثاب (2) خبر ألا (3) خبركم عن جيشكم هذا الغازي إنهم انطلقوا
حتى إذا لقوا العدو أصيب زيد شهيدا فاستغفروا له ثم أخذ اللواء جعفر فشد (4) على
القوم حتى قتل شهيدا أشهد له بالشهادة فاستغفروا له فاستغفروا ثم أخذ اللواء
عبد الله بن رواحة فأثبت قدميه حتى أصيب شهيدا فاستغفروا فاستغفروا قال ثم أخذ
اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء قال فرفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصبعيه فقال اللهم
هو سيف من سيوفك فانتصر به قال فيومئذ سمي خالد سيف الله ثم قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) انفروا فأمدوا إخوانكم ولا يتخلفن أحد [418] قال فنفر الناس في حر
شديد مشاة وركبانا فذكر الحديث
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفقيه وأبو محمد هبة الله بن سهل بن
عمر السيدي قالا أنا أبو عثمان سعيد بن محمد البحيري أنا أبو عمرو بن حمدان
أنا عمران بن موسى بن مجاشع نا محمد بن عبيد بن جسار (5) ح
وأخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم أنا أبو سعد محمد بن
عبد الرحمن الجنزرودي أنا أبو عمرو بن حمدان

(1) بالأصل وخع " سمير " وما أثبت وضبط بالتصغير عن تقريب التهذيب.
(2) كذا بالأصل.
(3) زيادة عن خع.
(4) عن خع وبالأصل: فشهد.
(5) كذا بالأصل، وفي خع: حساب " وهو الصواب، وفي تقريب التهذيب: حساب بكسر الحاء وتخفيف
السين المهملة.
17

وأخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر العلوية قالت قرئ على إبراهيم بن
منصور السلمي وأنا حاضرة أنا أبو بكر بن المقرئ قالا أنا أبو يعلى الموصلي
نا عبيد الله زاد ابن حمدان بن عمرو قالا القواريري قال نا حماد بن زيد عن
أيوب عن حميد بن هلال عن أنس زاد ابن المقرئ ابن مالك أن
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعث زيدا وجعفرا وعبد الله بن رواحة ودفع الراية إلى زيد قال
فأصيبوا جميعا قال قال أنس فنعاهم (1) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الناس قبل أن يجئ
الخبر قال أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها عبد الله فأصيب
فأخذ الراية بعد سيف من سيوف الله خالد بن الوليد [419] قال فجعل يحدث الناس
وعيناه تذرفان وفي حديث القواريري ثم أخذ
أخبرنا أبو المظفر بن القشيري أنا أبو سعد الجنزرودي أنا أبو عمرو بن
حمدان
وأخبرتنا فاطمة بنت ناصر قالت قرئ على إبراهيم بن منصور أنا أبو بكر بن
المقرئ قالا أنا أبو يعلى نا أبو خيثمة نا إسماعيل عن أيوب عن حميد بن
هلال عن أنس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر
فأصيب ثم أخذها خالد عن وقال ابن حمدان بن الوليد من غيرة إمرة ففتح الله
عليه وما يسرهم أو ما يسرني أنهم عندنا وإن عينيه لتذرفان [420]
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور
أنا أبو الحسين محمد بن عبد الله الدقاق ح
وأخبرنا أبو القاسم أنا أبو الحسين بن النقور وأبو القاسم علي بن أحمد بن
محمد بن البسري والشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي قالوا أنا أبو
طاهر المخلص قالا أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي نا أبو
خيثمة يعني زهير بن حرب بن شداد النسائي نا الوليد بن مسلم نا صفوان بن عمرو
عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي قال خرجت

(1) عن خع وبالأصل " فناهم ".
(2) البسري بالضم، وسكون السين هذه النسبة إلى بسر بن أرطاة وقيل ابن أبي أرطاة (الأنساب).
18

مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة فوافقني (1) مددي (2) من أهل اليمن ليس معه غير
سيفه فنحر رجل من المسلمين جزورا فسأله المددي طائفة من جلده فأعطاه إياه
فاتخذ كهيئة الدرقة ومضينا فلقينا جموع الروم قال وفيهم رجل على فرس له أشقر
عليه سرج مذهب وسلاح مذهب فجعل الرومي يغري بالمسلمين وقعد له المددي
خلف صخرة فمر به الرومي فعرقب فرسه فخر وعلاه فقتله فحاز فرسه وسلاحه فلما
فتح الله عز وجل على المسلمين بعث خالد بن الوليد فأخذ من السلب قال عوف
فأتيته فقلت يا خالد أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قضى بالسلب للقاتل قال بلى
ولكني استكثرته قال عوف فقلت لتردنه أو لأعرفنكها عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأبى أن
يرده عليه قال عوف فاجتمعنا فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد فقال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا خالد ما حملك على ما صنعت قال يا رسول الله استكثرته فقال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رد عليه ما أخذت منه فقلت دونك يا خالد ألم أقل لك فقال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما ذاك فأخبرته فغضب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال يا خالد لا ترد عليه
هل أنتم تاركو لي أمرائي لكم صفوة أمركم وعليهم كدره [421]
أخرجه مسلم عن زهير
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأ أبو الحسين بن النقور أنبأ أبو طاهر
المخلص أنا أبو الحسين رضوان بن أحمد بن جالينوس أنا أحمد بن عبد الجبار
العطاردي نا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال فبكى حسان أهل مؤتة فقال:
تأوبني ليل بيثرب أعسر * وهم إذا ما نوم الناس مسهر (3)
لذكرى حبيب هيجت لي عبرة * سفوحا وأسباب البكاء التذكر (4)
بل إن فقدان الحبيب بلية (5) * وكم من كريم يبتلى ثم يصبر
رأيت خيار المؤمنين تتابعوا * شعوبا وخلف بعدهم متأخر (6)

(1) في المطبوعة: فرافقني.
(2) المددي: نسبة إلى المدد، والمدد: هي العساكر والتي تلحق بالمغازي في سبيل الله (لسان).
(3) تأوبني: عاودني ورجع إلى.
(4) في الديوان ص 99: " ثم عبرة " والسفوح: السائلة الغزيزة.
(5) الديوان: بلاء وفقدان.
(6) في الديوان: تورادوا شعوب وقد خلفت فيمن يؤخر ".
قال أبو ذر في شرح السيرة: فمن رواه بضم الشين فهو جمع شعب وهي القبيلة، ومن رواه بفتح الشين فهو
اسم للمنية، ويجوز فيه الصرف وتركه.
19

فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا * بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر
وزيد وعبد الله حين تتابعوا * جميعا وأسباب المنية تخطر
غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم * إلى الموت ميمون النقيبة أزهر (1)
أغر كضوء البدر من آل هاشم * أبي إذا سيم الظلامة مجسر (2)
فطاعن حتى مات غير موسد * بمعترك فيه القنا متكسر (3)
فصار مع المستشهدين ثوابه * جنان ومتلف الحدائق أخضر
وكنا نرى في جعفر بن محمد * وفاء وأمرا حازما حين يأمر (4)
وما زال في الإسلام من آل هاشم * دعائم عز لا يزول ومفخر (5)
هم جبل الإسلام والناس حولهم * رضام إلى طود يروق ويقهر (6)
بها ليل منهم جعفر وابن أمه * علي ومنهم أحمد المتخير
وحمزة والعباس منهم وفيهم * عقيل وماء العود من حيث يعصر
بهم تفرج اللأواء في كل مأزق * حماش إذا ما ضاق بالناس مصدر (7)
هم أولياء الله منزل حكمه * عليهم وفيهم ذا الكتاب المطهر
وقال كعب بن مالك يبكي جعفرا وأصحابه يوم مؤتة:
نام العيون ودمع عينك تهطل * سحا كما وكف الضباب المخضل (8)
في ليلة وردت علي همومها * طورا أحن وتارة أتململ

(1) في الديوان: " غداة غدوا ".
(2) الديوان: " أغر كلون " والأبي: العزيز الجانب، والمجسر: الجسور وبالأصل: مشجر، والمثبت عن هامش
الأصل والديوان.
(3) في الديوان: " يتكسر " وفي المطبوعة وابن هشام 4 / 36 " مال " بدل " مات ".
(4) الديوان: " جازما ".
(5) الديوان: لا ترام بدل لا يتزول، وفي ابن هشام: لا يزلن.
(6) الديوان: لا ترام بدل لا يزول. وفي ابن هشام، ويبهر بدل ويقهر.
والرضام جمع رضمة وهي الحجارة يرضم بعضها فوق بعض.
(7) الديوان: عماس بدل حماس، وبالقوم بدل بالناس.
(8) في ابن 4 / 27 " يهمل " ويحا: صبا.
20

واعتاذني حزن فبت كأنني * ببنات نعش والسماك موكل
وكأنما بين الجوانح والحشا * مما تأوبني شهاب مدخل
وجدا على النفر الذي تتابعوا * يوما بمؤتة أسندوا لم ينقلوا
صلى الإله عليهم من فتية * وسقا عظامهم الغمام المسبل (1)
صبروا بمؤتة للإله نفوسهم * حذر الردى وحفيظة أن ينكلوا (2)
فمضوا أمام المؤمنين كأنهم * فنق عليهن الحديد المرمل (3)
إذ يقتدون بجعفر ولوائه * قدام أولهم ونعم الأول (4)
حتى تفرجت الصفوف وجعفر (5) * حيث التقى وعث الصفوف مجدل
فتغير القمر المنير لفقده * والشمس قد كسفت وكادت تأفل
قرم علا بنيانه من هاشم * فرع أشم وسؤدد ما ينقل (6)
قوم بهم عصم الإله عباده * وعليهم نزل الكتاب المنزل
فضلوا المعاشر عزة وتكرما * وتغمدت أحلامهم من يجهل
لا يطلقون إلى السفاه حباهم * ويرى خطيبهم بحق يفصل
بيض الوجوه ترى بطون أكفهم * تندى إذا اغبر الزمان الممحل (7)
وبهديهم رضي الإله لخلقه * وبجدهم نصر النبي المرسل (8)
وأما غزوة ذات السلاسل (9)
فهي بعد غزوة مؤتة، فيما ذكر أهل المغازي، سوى ابن إسحاق، فإنه ذكر أنها قبل
غزوة مؤتة.

(1) المسبل: الممطر.
(2) للإله مطموسة بالأصل وزيدت عن سيرة ابن هشام 4 / 7، وخع.
(3) كأنهم مطموسة بالأصل، أثبتناها عن خع وابن هشام، والفنق جميع فنيق، وهي الفحول من الإبل.
(4) في ابن هشام: يهتدون.
(5) عن خع وابن هشام، مطموسة بالأصل.
(6) " فرع " عن خع مطموسة بالأصل، وفي ابن هشام، فرعا أشم وسؤددا.
(7) " تندي " عن خع مطموسة بالأصل، وفي ابن هشام: اعتذر بدل أغير.
(8) قال أبو ذر: يجدهم، ومن رواه بحدهم بالحاء المهملة فمعناه بشجاعتهم وأقدامهم، ومن رواه بالجيم
المكسورة فهو معلوم.
(9) ذات السلاسل: وراء وادي الفرس، بينها وبين المدينة عشرة أيام.
21

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الفرضي أنا الحسن (1) بن علي
الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا عبد الوهاب بن أبي حية نا محمد بن شجاع نا
محمد بن عمر الواقدي (2) حدثني ربيعة بن عثمان عن ابن رومان وحدثني أفلح بن
سعيد (3) عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش عن أبي بكر بن حزم وحدثني
عبد الحميد بن جعفر فكل قد حدثني منه بطائفة وبعضهم أوعى للحديث من بعض
فجمعت ما حدثوني وغير هؤلاء المسمين فحدثني أيضا قالوا بلغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن
جمعا من بلي وقضاعة قد تجمعوا يريدون أن يدنوا إلى أطراف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فدعا
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عمرو بن العاص فعقد له لواء أبيض وجعل معه راية سوداء وبعثه في
سراة المهاجرين والأنصار في ثلاثمائة عامر بن ربيعة وصهيب بن سنان وأبو
الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وسعد بن أبي وقاص ومن الأنصار أسيد بن
حضير وعبادة بن بشر وسلمة بن سلامة وسعد بن عبادة وأمره أن يستعين بمن مر
به من العرب وهي بلاد بلي وعذرة وبلقين وذلك أن عمرو بن العاص كان ذا رحم بهم
كانت أم العاص بن وائل بلوية فأراد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتآلفهم بعمرو فسار وكان يكمن
النهار ويسير الليل وكانت معه ثلاثون فرسا فلما دنا من القوم بلغه أن لهم جمعا
كثيرا فتمهل قريبا منهم عشاء وهم شاتون فجمع أصحابه الحطب يريدون أن
يصطلوا وهي أرض باردة فمنعهم فشق ذلك عليهم حتى كلمه في ذلك بعض
المهاجرين فغالظه فقال عمرو قد أمرت أن تسمع لي وتطيع قال نعم قال
فافعل
وبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخبره أن لهم جمعا كثيرا
ويستمده بالرجال فبعث أبا عبيدة بن الجراح وعقد له لواء وبعث معه سراة المهاجرين
أبو بكر وعمر والأنصار وأمره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يلحق عمرو بن العاص فخرج أبو
عبيدة في مائتين وأمره أن يكونا جميعا ولا يختلفا فساروا حتى لحقوا بعمرو بن

(1) عن خع وبالأصل " الحسين " تحريف.
(2) مغازي الواقدي 2 / 769 وما بعدها.
(3) عند الواقدي: " سعد " تحريف، راجع تقريب التهذيب.
(4) عند الواقدي: " عباد " ومثله في خع ومختصر ابن منظور 1 / 157 فالذي بالأصل تحريف
(5) عند الواقدي: فنزل.
22

العاص فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس ويتقدم عمرا فقال له عمرو وإنما قدمت علي
مددا لي وليس لك أن تؤمني وأنا الأمير وإنما أرسلك النبي (صلى الله عليه وسلم) إلي مددا فقال
المهاجرون كلا بل أنت أمير أصحابك وهو أمير أصحابه فقال عمرو لا بل أنتم مدد
لنا فلما رأى أبو عبيدة الاختلاف وكان حسن الخلق لين الشيمة قال انظرن (1) يا
عمرو تعلمن أن آخر ما عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن قال إذا قدمت على صاحبك
فتطاوعا ولا تختلفا [422] وإنك والله إن عصيتني لأطيعنك فأطاع أبو عبيدة فكان
عمرو يصلي بالناس فآب إلى عمرو جمع فصاروا خمس مائة فسار الليل والنهار
حتى وطئوا بلاد بلي ودوخها (3) وكلما انتهى إلى موضع بلغه أنه قد كان بهذا الموضع
جمع فلما سمعوا بك تفرقوا حتى انتهى إلى أقصى بلاد بلي وعذرة وبلقين ولقي في
آخر ذلك جمعا ليس بالكثير فتقاتلوا (3) ساعة وتراموا بالنبل ورمي يومئذ عامر بن
ربيعة بسهم فأصيبت ذراعه وحمل المسلمون عليهم فهربوا وأعجزوا هربا في البلاد
وتفرقوا ودوخ عمرو ما هناك وأقام أياما لا يسمع لهم بجمع ولا بمكان صاروا فيه
وكان يبعث أصحاب الخيل فيأتون بالشاء والنعم وكانوا ينحرون ويذبحون فلم يكن
في ذلك أكثر من ذلك لم يكن غنائم تقسم إلا ما ذكر له
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص نا رضوان بن أحمد بن جالينوس ح
وأخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا أبو بكر البيهقي (4) أنا محمد بن عبد الله
الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب قالا نا أحمد بن عبد الجبار نا يونس بن
بكير عن ابن إسحاق حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمي
عن غزوة ذات السلاسل من أرض بلي وعذرة قال بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عمرو بن العاص
يستنفر العرب إلى الإسلام وذلك أن أم العاص بن وائل كانت امرأة من بلي، فبعثه

(1) في الواقدي: لتطمئن.
(2) يعني أنه قهرها وغلبها واستولى عليها.
(3) في الواقدي: فقاتلوا.
(4) دلائل النبوة للبيهقي 4 / 399 وما بعدها.
(5) عند البيهقي: ليستنفر.
23

فبعثه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليهم يستألفهم بذلك حتى إذا كان على ماء (1) بأرض جذام يقال
لها السلاسل وبذلك سميت تلك الغزاة ذات السلاسل فلما كان عليه خاف فبعث
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يستمده فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأولين فيهم أبو
بكر وعمر وقال لأبي عبيدة حين وجهه لا تختلفا فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه
قال له عمرو إنما جئت مددا إلي فقال أبو عبيدة لا ولكني على ما أنا عليه وأنت
على ما أنت عليه وكان أبو عبيدة رجلا لينا سهلا هينا عليه أمر الدنيا فقال له عمرو
بل أنت مدد لي فقال له أبو عبيدة لا يا عمرو إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لا تختلفا [423]
فإنك إن عصيتني أطعتك فقال له عمرو فإني أمير عليك وإنما أنت مدد لي قال
فدونك فصل فصلى عمرو بالناس
قال ونا يونس عن أبي معشر عن بعض مشيختهم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال إني
لأؤمر الرجل على القوم فيهم من هو خير منه لأنه أيقظ عينا وأبصر بالحرب [424]
حدثنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي لفظا وأبو القاسم الخضر بن
الحسين قراءة قالا أنا أبو القاسم بن أبي العلاء أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو
القاسم بن أبي العقب أنا أبو عبد الرحمن نا محمد بن عائذ قال فأخبرني الوليد بن
مسلم عن عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة قال ثم غزوة عمرو بن
العاص بذات السلاسل من مشارف الشام بعثه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بلي وهم أخوال
العاص بن وائل وبعثه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيمن يليهم من قضاعة وأمره عليهم فخاف عمرو
من جانبه الذي هو به فبعث إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يستمده فلما قدم رسول عمرو على
رسول الله (2) (صلى الله عليه وسلم) يستمده ندب له المهاجرين فانتدب أبو بكر وعمر في سراة من
المهاجرين وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح ثم أمد بهم عمرو بن العاص وعمرو يومئذ
في سعد الله وتلك الناحية من قضاعة فلما قدم مدد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من المهاجرين الأولين
وأميرهم أبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح قال عمرو أنا الأمير وإنما أرسلت إلى
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أستمده فأمدني بكم قال المهاجرون أنت أمير أصحابك وأبو عبيدة
أمير المهاجرين فقال عمرو إنما أنتم مددا مددت به فأنا الأمير فلما رأى أبو عبيدة

(1) عن هامش الأصل.
(2) عن هامش الأصل وخع.
24

ذلك وكان رجلا حسن الخلق لين الشيمة قال إن آخر ما عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن
قال إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا [425] وإنك والله إن عصيتني لأطيعنك فسلم أبو
عبيدة لعمرو بن العاص
قال ابن عائذ فأخبرني الوليد بن مسلم نا عبد الله بن لهيعة عن يونس بن يزيد
عن ابن شهاب الزهري قال بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعثين إلى كلب وغسان وكفار العرب
الذين كانوا بمشارف الشام وأمر على أحد البعثين أبا عبيدة بن الجراح وأمر على البعث
الآخر عمرو بن العاص فانتدب في بعث أبي عبيدة أبو بكر وعمر فلما كان عند خروج
البعث دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبا عبيدة وعمرا فقال لا تعصيا فلما فصلا من المدينة خلا
أبو عبيدة بعمرو فقال له إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عهد إلي وإليك على أن لا تعاصيا فإما أن
تطيعني وإما أن أطيعك قال لا بل أطعني فأطاع أبو عبيدة وكان عمرو أميرا على
البعثين كلاهما فوجد عمر (2) من ذلك وقال أتطيع ابن النابغة وتؤمره على نفسك
وعلى أبي بكر وعلينا ما هذا الرأي فقال أبو عبيدة لعمر يا ابن أم إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
عهد إلي وإليه أن لا نتعاصيا فخشيت إن لم أطعه أن أعصي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويدخل بيني
وبينه الناس وإني والله لأطيعنه حتى أقفل فلما قفلوا كلم عمر بن الخطاب
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وشكى إليه ذلك فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لن أؤمر عليكم بعدها إلا
منكم [426] يريد المهاجرين فكانت تلك غزوة ذات السلاسل أسر فيها ناس كثير من
العرب
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا أبو بكر البيهقي (3) أنا أبو عبد الله الحافظ أنا
أبو جعفر البغدادي نا أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد نا أبي نا ابن لهيعة نا
أبو الأسود عن عروة ح
قال وأنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن
عتاب العبدي نا القاسم بن عبد الله بن المغيرة نا ابن أبي أويس نا إسماعيل بن
إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة قالا ثم غزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل

(1) زيادة عن خع، سقطت من الأصل.
(2) عن خع وبالأصل " عمرو ".
(3) دلائل النبوة للبيهقي 3 / 398 - 399.
25

من مشارف الشام في بلي وسعد الله ومن يليهم من قضاعة وفي رواية عروة بعثه
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بلي وهم أخوال العاص بن وائل وبعثه فيمن يليهم من قضاعة وأمره
عليهم
قال موسى فخاف عمرو بن العاص من جانبه الذي هو به فبعث إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)
يستمده فندب النبي (صلى الله عليه وسلم) المهاجرين الأولين فانتدب فيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب في
سراة المهاجرين وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح فأمد بهم عمرو بن العاص
قال عروة وعمرو يومئذ في سعد الله وتلك الناحية من قضاعة
قال موسى فلما قدموا على عمرو قال أنا أميركم وأنا أرسلت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)
استمده بكم قال المهاجرون بل أنت أمير أصحابك وأبو عبيدة أمير المهاجرين فقال
عمرو إنما أنتم مدد أمددته فلما رأى ذلك أبو عبيدة وكان رجلا حسن الخلق لين
الشيمة يتبع الصواب متبع لأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعهده قال تعلم يا عمرو إن آخر
ما عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن قال إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا [427] وإنك إن
عصيتني لأطيعنك فسلم أبو عبيدة الإمارة لعمرو بن العاص
قال البيهقي لفظ حديث موسى بن عقبة وفي حديث عروة بمعناه
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين أنا أبو علي بن المذهب ح
وأخبرنا أبو علي الحسن بن المظفر بن الحسن بن السبط أنا أبو محمد الجوهري
قالا أنا أبو بكر القطيعي نا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي (2) نا محمد بن
أبي عدي عن داود عن عامر قال بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جيش ذات السلاسل فاستعمل
أبا عبيدة على المهاجرين واستعمل عمرو بن العاص على الأعراب فقال لهما
تطاوعا [428] قال فكانوا يؤمرون أن يغيروا على بكر فانطلق عمرو فأغار على قضاعة
لأن بكرا أخواله قال فانطلق المغيرة بن شعبة إلى أبي عبيدة فقال إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
استعملك علينا وأن ابن فلان قد ارتبع أمر القوم وليس لك معه أمر فقال أبو عبيدة إن

(1) كذا بالأصل وخع وفي دلائل البيهقي: سعى لأمر...
(2) مسند أحمد 1 / 196.
26

رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمرنا أن نتطاوع فأنا أطيع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإن عصاه عمرو
والصواب على بلي كما تقدم
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا أبو بكر البيهقي (1) أنا أبو عبد الله الحافظ وأبو
سعيد بن أبي عمرو قالا نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا يحيى بن أبي طالب أنا
علي بن عاصم أنا خالد الحذاء عن أبي عثمان النهدي قال سمعت عمرو بن العاص
يقول بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على جيش ذات السلاسل وفي القوم أبو بكر وعمر فحدثت
نفسي أنه لم يبعثني على أبي بكر وعمر إلا لمنزله لي عنده قال فأتيته حتى قعدت بين
يديه وقلت يا رسول الله من أحب الناس إليك قال عائشة قلت إني لست أسأل
لك عن أهلك قال فأبوها قلت ثم من قال ثم عمر [429] قلت ثم من حتى عد
رهطا قال قلت في نفسي لا أعود أسأل عن هذا
أخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر العلوية قالت قرئ على أبي القاسم
إبراهيم بن منصور السلمي أنا محمد بن إبراهيم المقرئ أنا أحمد بن علي بن
المثنى نا الحسن بن حماد الحضرمي سجادة نا يحيى بن سعيد الأموي عن
إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عمرو بن العاص أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعثه
في ذات السلاسل فسأله أصحابه أن يأذن لهم أن يوقدوا نارا ليلا فمنعهم فكلموا أبا
بكر فكلمه في ذلك فأباه فقال قد أرسلوك إلي لا يوقد أحد منهم نارا إلا ألقيته فيها
قال فلقوا العدو فهزموهم فأرادوا أن يتبعوهم فمنعهم فلما انصرف ذلك الجيش ذكر
ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) وشكوه إليه فقال يا رسول الله إني كرهت أن آذن لهم أن يوقدوا نارا
فيرى عدوهم قلتهم وكرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد فيعطفوا عليهم فأحمد
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمره فقال يا رسول الله من أحب الناس إليك قال لم قال لأحب
من تحب قال عائشة قال من الرجال قال أبو بكر [430]

(1) دلائل النبوة للبيهقي 4 / 400.
(2) عن هامش الأصل.
27

" باب
غزاة النبي (صلى الله عليه وسلم) تبوك بنفسه
وذكر مكاتبته ومراسلته منها الملوك "
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني نا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد
الكتاني نا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر وأبو نصر محمد بن
أحمد بن هارون بن الجندي قالا نا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب أنا
أحمد بن إبراهيم القرشي نا محمد بن عايذ أخبرني محمد بن شعيب عن عثمان بن
عطاء عن أبيه عطاء الخراساني عن عكرمة عن ابن عباس قال بعث (1)
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد خروجه من الطائف ستة أشهر ثم أمر (2) بغزوة تبوك وهي التي ذكر
الله ساعة العسرة وذلك في حر شديد وقد كثر النفاق وكثر أصحاب الصفة والصفة
بيت كان لأهل الفاقة يجتمعون فيه فتأتيهم صدقة النبي (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين وإذا حضر غزو
عمد المسلمون إليهم فاحتمل الرجل الرجل أو ما شاء الله يشبعه فجهزوهم وغزوا معهم
واحتسبوا عليهم فأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المسلمين بالنفقة في سبيل الله والحسبة فانفقوا
احتسابا وأنفق رجال غير محتسبين وحمل رجال من فقراء المسلمين وبقي أناس
وأفضل ما تصدق به يومئذ أحد (3) عبد الرحمن بن عوف تصدق بمائتي أوقية
وتصدق عمر بن الخطاب بمائة أوقية وتصدق عاصم الأنصاري بتسعين وسقا (4) من
تمر وقال عمر بن الخطاب يا رسول الله إني لا أرى عبد الرحمن إلا قد اخترب ما
ترك لأهله شيئا فسأله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هل تركت لأهلك شيئا [431] قال نعم أكثر

(1) في خع ومختصر ابن منظور 1 / 159: " لبث " ونراها الصواب.
(2) في خع: ثم أمره الله بغزوة.
(3)
زيادة عن خع.
(4) الوسق: ستون صاعا، أو حمل بعير (قاموس: وسق).
28

مم أنفقته وما (1) طيب قال كم قال ما وعد الله ورسوله من الرزق والخير وجاء
رجل من الأنصار يقال له أبو عقيل بصاع من تمر فتصدق
وعمد المنافقون حين رأوا الصدقات فإذا كانت صدقة الرجل كثيرة تغامزوا به
وقالوا مرائي وإذا تصدق الرجل بيسير من طاقته تمر قالوا هذا أحوج إلى ما جاء
به فلما جاء أبو عقيل بصاعه من تمر قال بت ليلتي آجر بالخرير (2) على صاعين والله
ما كان عندي من شئ غيره وهو يعتذر هو يستحي فأتيت بأحدهما وتركت الآخر
لأهلي فقال المنافقون هذا أفقر إلى صاعه من غيره وهم في ذلك ينتظرون يصيبون
من الصدقات غنيهم وفقيرهم فلما أزف خروج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أكثروا الاستئذان وشكوا
شدة الحر وخافوا زعموا الفتنة إن غزوا ويحلفون بالله على الكذب فجعل
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأذن لهم لا يدري ما في أنفسهم وبنى طائفة منهم مسجد النفاق يرصدون
به الفاسق أبا عامر وهو عند هرقل قد لحق به وكنانة بن عبد يا ليل وعلقمة بن علاثة
العامري وسورة براءة تنزل في ذلك إرسالا ونزلت فيها آية ليست فيها رخصة لقاعد
فلما أنزل الله عز وجل " انفروا خفافا وثقالا " (3) اشتكى الضعيف الناصح لله ولرسوله
والمريض والفقير إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقالوا هذا أمر لا رخصة فيه وفي المنافقين
ذنوب مستورة لم تظهر حتى كان بعد ذلك وتخلف رجال غير مستيقنين (4) ولا ذوي
علة ونزلت هذه السورة بالتبيان والتفصيل في شأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينظر هنا (5) بمن
اتبعه حتى بلغ تبوك فبعث منها علقمة بن مجزز (6) المدلجي إلى فلسطين وبعث
خالد بن الوليد إلى دومة الجندل فقال أسرع لعلك أن تجده خارجا يتقنص فتأخذه
فوجده فأخذه وأرجف المنافقون في المدينة بكل خبر سوء فإذا بلغهم أن المسلمين
أصابهم جهد وبلاء تباشروا به فرحوا وقالوا قد كنا نعلم ذلك ونحذر منه وإذا أخبروا

(1) في خع ومختصر ابن منظور: وأطيب.
(2) كذا بالأصل وخع، والصواب ما في مختصر ابن منظور: " بالجرير " وهو حبل يجعل للبعير بمنزلة العذار
للدابة.
(3) سورة التوبة، الآية: 41.
(4) كذا بالأصول، وغير منقوطة في المطبوعة.
(5) عن خع، وفي المطبوعة: " فسار ".
(6) عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 160 وبالأصل " محرز " وانظر الإصابة.
29

بسلامة (1) منهم وخير أصابوه حزنوا وعرف ذلك منهم (2) كل عدو لهم بالمدينة فلم يبق
أحد من المنافقين أعرابي ولا غيره إلا استخف بعمل خبيث ومنزلة خبيثة واستعلن
ولم يبق ذو علة إلا هو ينتظر (3) الفرج فيما ينزل الله في كتابه ولم تزل سورة براءة تنزل
حتى ظن المؤمنون الظنون وأشفقوا أن لا تفلت منهم كبير أحد أذنب في شأن التوبة قط
ذنبا إلا أنزل فيه أمر بلاء حتى انقضت وقد وقع كل عامل تبيان منزله من الهدى
والضلالة
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص أنا رضوان بن أحمد إجازة نا أحمد بن عبد الجبار نا يونس عن
إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري عن الزهري أن قائد كعب بن مالك الذي كان
يقود به حين عمي حدثه قال حدثني كعب بن مالك عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنه كان إذا أراد
المسير في الغزاة أذن في المسلمين بالجهاز (4) وكتمهم أين يجاهدون مكيدة للعدو وما
كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يؤذن بالجهاز (4) إلا وعندي بعير فأقوى به على الخروج معه حتى
كانت تبوك فكانت في حر شديد وحين أقبلت الثمرة فأذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالجهاز إلى
تبوك وبينها للمسلمين ووافق ذلك عندي بعيرين فرأيت أني قوي على الخروج
فتجهز رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والمسلمون وأغدو أنا لأتجهز فوالله لكأنما أربط فأرجع وما
قطعت شعرة وعندي بعيران وأنا أرى أني قوي على الخروج إذا أردت فخرج
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والمسلمون ثم ذهبت أتحرا فإذا أنا أرى رجلا تخلف إلا رجلا مغموصا
عليه في دينه غير أني قد رأيت رجلين من الأنصار صحيحين كدت أسكن إليهما
هلال بن أمية الواقفي (6) ومرارة العمري (7) حتى إذا أيست من الخروج قلت اعتذر
إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا رجع

(1) كذا بالأصل " بسلامة منهم " وفي المطبوعة: " بسلامتهم ".
(2) في الأصل: " منهم فيهم ".
(3) عن خع وبالأصل " ينظر ".
(4) عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 160 وبالأصل " بالجهاد ".
(5) عن عخ ومختصر ابن منظور وبالأصل " وقطفت ".
(6) هذه النسبة إلى واقف بطن من الأوس " الأنساب).
(7) العمري نسبة إلى بني عمرو بن عوف (انظر الاستيعاب).
30

قال ونا يونس قال قال ابن إسحاق (1) ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم الخميس
واستخلف على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري فلما خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ضرب
عسكره على ثنية الوداع ومعه زيادة على ثلاثين ألفا من الناس وضرب عبد الله بن أبي
عدو الله على ذي حدة عسكرا أسفل منه نحوا من كذا وكذا وما كان فيها يزعمون بأقل
العسكرين فلما سار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تخلف عنه عبد الله بن أبي فيمن تخلف من
المنافقين وأهل الريب وخلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) علي بن أبي طالب على أهله وأمره
بالإقامة فيهم فأرجف به المنافقون وقالوا ما خلفه إلا استثقالا له وتخففا منه فلما
قال ذلك المنافقون أخذ علي بن أبي طالب سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
وهو نازل بالجرف فقال يا رسول الله زعم المنافقون أنك إنما خلفتني تستثقلني
وتخفف مني فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كذبوا ولكني خلفتك لما تركت ورائي فارجع
فاخلفني في أهلي وأهلك ألا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه
لا نبي بعدي [432] فرجع إلى المدينة ومضى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لسفره
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين أنا أبو علي بن المذهب أنا أبو بكر بن مالك نا
عبد الله بن أحمد حدثني أبي نا عبد الرزاق نا معمر عن الزهري عن
عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال لم أتخلف عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة
غزاها حتى كانت غزوة تبوك إلا بدرا ولم يعاتب النبي (صلى الله عليه وسلم) أحدا تخلف عن بدر إنما
خرج يريد العير فخرجت قريش مغوثين لغيرهم فالتقوا عن غير موعد كما قال الله عز
وجل ولعمري إن أشرف مشاهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الناس لبدر وما كنت أحب أني
كنت شهدتها مكان بيعتي ليلة العقبة حيث توافقنا على الإسلام ولم أتخلف بعد عن
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة غزاها حتى كانت غزوة تبوك وهي آخر غزاة غزاها فأذن
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الناس بالرحيل وأراد أن يتأهبوا أهبة عدوهم وذلك حين طاب الظلال
وطابت الثمار فكان قل ما أراد غزوة إلا وري غيرها
وقال يعقوب عن ابن أخي ابن شهاب إلا وري بغيرها
حدثناه أبو سفيان عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن

(1) الخبر في سيرة ابن هشام 4 / 132.
31

كعب بن مالك عن أبيه وقال فيه ورا غيرها ثم رجع إلى حديث عبد الرزاق
وكان يقول الحرب خدعة فأراد النبي (صلى الله عليه وسلم) في غزوة تبوك أن يتأهب الناس
أهبته وأنا أيسر ما كنت قد جمعت راحلتين وأنا أقدر شئ في نفسي على الجهاد
وخفة الحاذ (1) وأنا في ذلك أصغو (2) إلى الظلال وطيب الثمار فلم أزل كذلك حتى قام
النبي (صلى الله عليه وسلم) غاديا بالغداة وذلك يوم الخميس وكان يحب أن يخرج يوم الخميس
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز الكتاني أنا أبو محمد بن أبي
نصر وأبو نصر محمد بن هارون قالا أنا أبو القاسم بن أبي العقب نا أحمد بن
إبراهيم القرشي نا ابن عايذ أنا الوليد بن محمد عن محمد بن مسلم الزهري أنه
أخبره قال ثم غزا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غزوة تبوك وهو يريد الروم وكفار العرب بالشام حتى
إذا بلغ تبوك أقام بها بضع عشرة ليلة ولقيه بها وفد أذرح (3) ووفد أيلة (4) فصالحهم
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الجزية ثم قفل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من تبوك ولم يجاوزها
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا أبو بكر البيهقي (5) أنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو
العباس محمد بن يعقوب نا أحمد بن عبد الجبار نا يونس بن بكير عن محمد بن
إسحاق قال ثم أقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما بين ذي الحجة إلى رجب ثم أمر بالتهيؤ إلى غزو
الروم
أخبرنا أبو عبد الله أنا أبو بكر البيهقي (5) أنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو
العباس نا أحمد نا يونس عن ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة
وعبد الله بن أبي بكر بن حزم أن رسول الله قل ما كان يخرج في وجه من مغازيه إلا
أظهر أنه يريد غيره غير أنه في غزوة تبوك قال أيها الناس إني أريد الروم فاعلمهم
وذلك في زمان من البأس وشدة من الحر وجدب من البلاد وحين طابت (6) الثمار
والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص عنها فبينما

(1) أي خفيف الظهر من العيال (النهاية: حوذ).
(2) أي أميل.
(3) أذرح بلد في أطراف الشام من أعمالا لشراة، ثم من نواحي البلقاة (ياقوت).
(4) أيلة: بالفتح، مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام (ياقوت).
(5) دلائل النبوة للبيهقي 5 / 212 وما بعدها، وسيرة ابن هشام 4 / 128.
(6) عن خع ودلائل البيهقي.
32

رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم في جهازه (1) إذ قال للجد بن قيس يا جد هل لك في بنات بني
الأصفر قال يا رسول الله لقد علم قومي أنه ليس من أحد أشد عجبا بالنساء مني وإني
أخاف إن رأيت نساء بني الأصفر أن يفتنني فأذن لي يا رسول الله فأعرض عنه
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال قد أذنت [433] فأنزل الله تعالى " ومنهم من يقول ائذن لي ولا
تفتني ألا في الفتنة سقطوا " (2) يقول ما وقع فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
ورغبته بنفسه عن نفسه أعظم مما يخاف من فتنة نساء بني الأصفر وإن جهنم لمحيطة
بالكافرين يقول لمن ورائه وقال رجل من حملة المنافقين لا تنفروا في الحر فأنزل الله
عز وجل " قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون " (3) قال ثم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جد في
سفره وأمر الناس بالجهاز وحض أهل الغنا على النفقة والحملان في سبيل الله
فحمل رجال من أهل الغنا وأحسنوا وأنفق عثمان رضي الله عنه في ذلك نفقة عظيمة
لم ينفق أحد أعظم منها وحمل على مائتي (6) بعير
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن
حيوية نا عبد الوهاب بن أبي حية نا محمد بن شجاع نا محمد بن عمر (7) نا
عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد وعبد الله بن جعفر الزهري ومحمد بن
يحيى وابن أبي حبيبة وربيعة بن عثمان وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن أبي قتادة
وعبد الله بن عبد الرحمن الجمحي (8) وعمر بن سليمان بن أبي حثمة وموسى بن
محمد بن إبراهيم وعبد الحميد بن جعفر وأبو معشر ويعقوب بن محمد بن أبي
صعصعة وابن أبي سبرة وأيوب بن النعمان فكل قد حدثني بطائفة من حديث تبوك
وبعضهم أوعى له من بعض وغير هؤلاء قد حدثني ممن لم اسم ثقات وقد كتبت كل
ما حدثوني

(1) عن خع ودلائل البيهقي، وبالأصل " جهاده ".
(2) سورة الأعراف، الآية: 49.
(3) سورة التوبة، الآية: 81.
(4) عن دلائل البيهقي وبالأصل: بالجهاد.
(5) عند البيهقي: واحتسبوا.
(6) عن خع والبيهقي وبالأصل " مائتين ".
(7) مغازي الواقدي 3 / 989.
(8) عن خع والواقدي وبالأصل " الجهني ".
33

قالوا كانت الطائفة (1) وهم الأنباط يقدمون المدينة بالدرمك (2) والزيت في
الجاهلية وبعد أن دخل الإسلام فإنما كانت أخبار الشام عند المسلمين كل يوم لكثرة
من يقدم عليهم من الأنباط فقدمت منهم قادمة فذكروا أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة
بالشام وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة وأجلبت معه لخم وجذام وغسان وعاملة
وزحفوا وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء وعسكروا بها وتخلف هرقل بحمص ولم يكن
ذلك إنما ذلك شئ قيل لهم قالوه ولم يكن عدو أخوف عند المسلمين منهم وذلك
لما عاينوا منهم إذ كانوا يقدمون عليهم تجارا من العدد والعدة والكراع وكان
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يغزو غزوة إلا وري بغيرها لئلا تذهب الأخبار بأنه يريد كذا وكذا
حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا
واستقبل غزوا وعددا كثيرا فجلا للناس أمرهم ليتأهبوا لذلك أهبة عدوهم (3)
وأخبرهم بالوجه الذي يريد وبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى القبائل وإلى مكة يستنفرهم إلى
عدوهم فبعث إلى أسلم بريدة بن الحصيب وأمره أن يبلغ الفرع وبعث أبا زهم
الغفاري إلى قومه أن يطلبهم ببلادهم وخرج أبو واقد الليثي في قومه وخرج أبو جعد
الضمري في قومه بالساحل وبعث رافع بن مكيث وجندب بن مكيث في جهينة
وبعث نعيم بن مسعود في أشجع وبعث في بني كعب بن عمرو عدة بديل بن ورقاء
وعمرو بن سالم وبشر بن سفيان وبعث في سليم عدة منهم العباس بن مرداس
وحض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المسلمين على الجهاد (4) ورغبهم فيه وأمرهم بالصدقة فحملوا
صدقات كثيرة فكان أول من حمل أبو بكر الصديق جاء بماله كله أربعة آلاف درهم
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هل أبقيت لأهلك شيئا قال الله ورسوله أعلم وجاء عمر
رضي الله عنه بنصف ماله فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هل أبقيت شيئا قال نعم نصف ما
جئت به وبلغ عمر ما جاء به أبو بكر الصديق فقال ما استبقنا إلى خير قط إلا سبقتني

(1) كذا بالأصل، وفي الواقدي: " الساقطة " وفي خع " الظافطة " وفي مختصر ابن منظور 1 / 163 " الضافطة "
وهي الأقرب أي الذين يجلبون المبرة والمتاع إلى المدن، أو المكاري الذي يكرى الأحمال، وكانوا في
تلك الأيام من الأقباط (انظر النهاية: ضفط) وفي القاموس: هم رذل الناس.
(2) الدرمك: دقيق الحواري.
(3) الواقدي: غزوهم.
(4) الواقدي: على القتال والجهاد.
34

إليه وحمل العباس بن عبد المطلب إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مالا وحمل طلحة بن عبيد الله
إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) مالا وحمل عبد الرحمن بن عوف إليه مائتي أوقية وحمل سعد بن عبادة
إليه مالا وحمل محمد بن مسلمة إليه مالا وتصدق عاصم بن عدي بتسعين وسقا تمرا
وجهز عثمان بن عفان ثلث ذلك الجيش وكان من أكثرهم نفقة حتى كفى ثلث ذلك
الجيش مؤنتهم حتى إن كان ليقال ما بقيت لهم حاجة حتى كفاهم شنق (1) أسقيتهم
فيقال إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال يومئذ ما يضر عثمان ما فعل بعد هذا
ورغب أهل الغنا في الخير والمعروف واحتسبوا في ذلك الخير وقوى ناس
دون هؤلاء من هو أضعف منهم حتى إن الرجل ليأتي بالبعير إلى الرجل والرجلين
فيقول هذا البعير بينكما تعتقبانه ويأتي الرجل بالنفقة فيعطيها بعض من يخرج حتى
إن كن النساء ليعن بكل ما قدرن عليه
لقد قالت أم سنان الأسلمية لقد رأيت ثوبا مبسوطا بين يدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيت
عائشة فيه مسك (2) ومعاضد وخلاخل وأقرطة وخواتيم وخدمات مما يبعث به النساء
يعن (3) به المسلمين في جهازهم والناس في عسرة شديدة وحين طابت الثمار وأحبت
الظلال فالناس يحبون المقام ويكرهون الشخوص عنها على الحال من الزمان الذي
هم عليه وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الناس بالانكماش والجد وضرب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عسكره
بثنية الوداع والناس كثير لا يجمعهم كتاب قل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك
سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل
فلما (4) استمر برسول الله (صلى الله عليه وسلم) سفره وأجمع المسير استخلف على المدينة
سباع بن عرفطة الغفاري ويقال محمد بن مسلمة لم يتخلف عنه في غزوة غيرها ويقال
ابن أم مكتوم وأثبتهم عندنا محمد بن مسلمة وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استكثروا من

(1) شنق جمع شناق، وهو الخيط أو السير الذي تعلق به القربة، والخيط الذي يشد به فمها (النهاية: شنق).
(2) المسك: الأسورة والخلاخيل، واحدته، مسكنة والمعاضد: الدمالج لأنه على العضد يكون، واحدته معضدة
ومعضد
والخلاخل: الحلي.
والخدمات واحدتها خدمة، وهي الخلخل.
(3) عن مختصر ابن منظور، وبالأصل: يعينون.
(4) الواقدي 3 / 955.
35

النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما دام منتعلا [434] فلما سار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تخلف ابن
أبي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيمن تخلف من المنافقين وقال يغزوا محمد بني الأصفر مع
جهد الحال والحر والبلد البعيد إلى ما لا قبل له به يحسب محمد أن قتال بني الأصفر
اللعب ونافق من (1) هو معه على مثل رأيه ثم قال ابن أبي والله لكأني أنظر إلى
أصحابه غدا مقرنين في الجبال إرجافا برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه
فلما رحل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من ثنية الوداع إلى تبوك وعقد الألوية والرايات فدفع
لواءه الأعظم إلى أبي بكر ورايته العظمى إلى الزبير ودفع راية الأوس إلى أسيد بن
الحضير ولواء الخزرج إلى أبي دجانة ويقال إلى الحباب بن المنذر بن الجموح
قال ومضى (2) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من المدينة فصبح ذا خشب (3) فنزل تحت الدومة
وكان دليله إلى تبوك علقمة بن الفغواء الخزاعي فقام (5) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تحت الدومة
فراح منها ممسيا حيث أبرد وكان في حر شديد
قالوا وكان الناس مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثلاثين ألفا ومن الخيل عشرة آلاف فرس
وأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كل بطن من الأنصار أن يتخذ لواء أو راية (6) والقبائل من العرب
فيها الرايات والألوية وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد دفع راية بني مالك بن النجار إلى
عمارة بن حزم فأدرك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زيد بن ثابت فأعطاه الراية قال عمارة يا
رسول الله لعلك وجدت (7) علي قال لا والله ولكن قدموا القرآن وكان زيد أكثر أخذا
للقرآن منك والقرآن يقدم وإن كان عبدا أسود مجدعا [435] وأمر في الأوس والخزرج
أن يحمل راياتهم أكثرهم اخذا للقرآن وكان أبو زيد يحمل راية بني عمرو بن عوف
وكان معاذ بن جبل يحمل راية بني سلمة

(1) بالأصل: ممن.
(2) مغازي الواقدي 3 / 999.
(3) واد على مسير ليلة من المدينة (معجم البلدان).
(4) بالأصل: " وكانت " والمثبت عن الواقدي.
(5) عن الواقدي وبالأصل " فقال ".
(6) عند الواقدي: لواء وراية.
(7) أي غضبت.
36

قال (1) وكان هرقل قد بعث رجلا من غسان إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ينظر إلى صفته وإلى
علاماته إلى حمرة في عينيه وإلى خاتم النبوة بين كتفيه وسأل فإذا هو لا يقبل
الصدقة فوعى أشياء من حال النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم انصرف إلى هرقل يذكر ذلك له فدعا قومه
إلى التصديق به (2) فأبوا (3) حتى خافهم على ملكه وهو في موضعه لم يتحرك ولم
يزحف وكان الذي خبر النبي (صلى الله عليه وسلم) من بعثته (4) أصحابه ودنوه إلى أدنى الشام باطل لم
يرد ذلك ولم يهم به وشاور رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصحابه في التقدم فقال عمر بن الخطاب
إن كنت أمرت بالسير فسر قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لو أمرت به ما استشرتكم فيه قال يا
رسول الله فإن للروم جموعا كثيرة وليس بها أحد من أهل الشام (5) وقد دنوت منهم
حيث ترى وقد أفزعهم دنوك فلو رجعت هذه السنة حتى ترى أو يحدث الله تعالى
لك في ذلك أمرا
أخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن الأستاذ أبي القاسم القشيري وأبو محمد
هبة الله بن سهل بن عمر السيدي قالا أنا أبو سعيد بن محمد أنا زاهر بن أحمد
أنا إبراهيم بن عبد الصمد نا أبو مصعب نا مالك عن أبي الزبير المكي عن أبي
الطفيل عامر بن واثلة أن معاذ بن جبل أخبره أنهم خرجوا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عام غزوة
تبوك وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء قال فأخر
الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب
والعشاء جميعا ثم قال إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك وإنكم لن تأتوها حتى
يضحي النهار فمن جاءها فلا يمس من ماءها شيئا حتى آتي قال فجئناها وقد سبق
إليها رجلان والعين مثل الشراك تبض بشئ من ماء فسألهما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هل
مسستما من مائها شيئا قالا نعم فسبهما وقال لهما ما شاء الله أن يقول ثم غرفوا من
العين بأيديهم قليلا قليلا حتى اجتمع في شئ ثم غسل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه وجهه ويديه
ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فاستقى الناس ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوشك يا

(1) الواقدي 3 / 1018.
(2) زيادة عن الواقدي.
(3) بالأصل: فأجابوا " والمثبت عن الواقد.
(4) عن الواقدي وبالأصل " تغيب " وفي مختصر ابن منظور تعبئة.
(5) الواقدي: أهل الاسلام.
37

معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد ملئ (1) جنانا [436]
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص أنا رضوان بن أحمد إجازة نا أحمد بن عبد الجبار نا يونس بن بكير
عن المبارك بن فضالة عن الحسن أنه قال آخر غزوة غزاها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تبوك
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين أنا أبو علي بن المذهب أنا أبو بكر بن مالك
نا عبد الله بن أحمد نا سريج بن يونس بن كنانة نا عباد بن عباد يعني المهلبي عن
عبد الله بن عثمان بن خثيم (2) عن سعيد بن أبي راشد مولى لآل معاوية قال قدمت
الشام فقيل لي في هذه الكنيسة رسول قيصر إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال فدخلنا الكنيسة
فإذا أنا بشيخ كبير فقلت له أنت رسول قيصر إلى رسول (3) الله (صلى الله عليه وسلم) قال نعم قال
فقلت حدثني عن ذلك قال إنه لما غزا تبوكا كتب (4) إلى قيصر كتابا وبعث به مع
رجل يقال له دحية بن خليفة فلما قرأ كتابه وضعه معه على سريره وبعث إلى بطارقته
ورؤوس أصحابه فقال إن هذا الرجل بعث إليكم رسولا وكتب إليكم كتابا يخبركم
إحدى ثلاث إما أن تتبعوه على دينه أو تقروا له بخراج يجري له عليكم ويقركم على
هيئتكم في بلادكم أو أن تلقوا إليه بالحرب قال فنخروا (5) نخرة حتى خرج بعضهم
من برانسهم وقالوا لا نتبعه على دينه وندع ديننا ودين آبائنا ولا نقر له بخراج يجري
علينا ولكن نلقي إليه الحرب فقال قد كان ذلك ولكني كرهت أن أفتات (6) دونكم
بأمر قال عباد فقلت لابن خثيم أو ليس قد كان قارب وهم بالإسلام فيما بلغنا قال
بلى لولا أنه رأى منهم قال فقال أبغوني رجلا من العرب أكتب معه إليه جواب
كتابه قال فأتيت وأنا شاب فانطلق بي إليه فكتب جوابه وقال لي مهما نسيت من

(1) كذا بالأصول ومختصر ابن منظور، وفي المطبوعة: قد ملا جفانا.
(2) بالأصل " خيثم " والمثبت والضبط بالمعجمة والمثلثة مصغرا عن تقريب التهذيب، وقد صححت في كل
مواضع الخبر.
وانظر مسند أحمد 4 / 74 - 75.
(3) ما بين معكوفتين زيادة عن هامش الأصل.
(4) زيادة عن خع.
(5) غزوا: تكلموا، بكلام فيه غضب ونفور، بمعنى أنهم أظهروا عدم موافقتهم على ما سمعوا (النهاية -
واللسان.
(6) عن مختصر ابن منظور، وبالأصل " ابتات "، افتات برأية علبيك: استبد.
38

شئ فاحفظ عني ثلاث خلال انظر إذا هو قرأ كتابي هذا هل يذكر الليل والنهار وهل
يذكر كتابه إلي وانظر هل ترى في ظهره علما قال فأقبلت حتى أتيته وهو بتبوك في
حلقة من أصحابه منتحين فسألت فأخبرت به فدفعت إليه الكتاب فدعا معاوية فقرأ
عليه الكتاب فلما أتى على قوله دعوتني إلى جنة عرضها السماوات والأرض فأين
النار قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا جاء الليل فأين النهار قال فقال إني قد كتبت إلى
النجاشي فحرقه فحرقه الله محرق الملك فقال عباد فقلت لابن خثيم أليس قد
أسلم النجاشي ونعاه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالمدينة إلى أصحابه فصلى عليه قال بلى ذلك
فلان بن فلان وهذا فلان بن فلان قد ذكرهما ابن خثيم جميعا ونسيتهما وكتبت إلى
كسرى كتابا فمزقه فمزقه الله ممزق الملك وكتبت إلى قيصر كتابا فأجابني فيه فلن
يزال الناس يخشون (1) منهم بأسا ما كان في العيش خير ثم قال لي ممن أنت قلت
من تنوخ قال يا أخا تنوخ هل لك في الإسلام قلت لا إني أقبلت من قبل قوم وأنا
فيهم على دين ولست مستبدلا بدينهم حتى أرجع إليهم قال فضحك رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
أو تبسم فلما قضيت حاجتي قمت فلما وليت دعاني فقال يا أخا تنوخ هلم فامض
للذي أمرت به قال وكنت نسيتها فاستدرت من وراء الحلقة وألقى بردة كانت عليه عن
ظهره فرأيت على غضروف كتفه مثل المحجم الضخم [437]
وأخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن القشيري نا أبو سعد الجنزرودي أنا أبو
عمرو بن حمدان ح
وأخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر قالت قرئ على إبراهيم بن منصور
أخبركم أبو بكر بن المقرئ قالا أنا أبو يعلى الموصلي نا حوثرة بن أشرس نا
حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم (2) عن سعيد بن أبي راشد قال كان
رسول قيصر جارا لي في وقال ابن المقرئ جاء إلي وقالا زمن يزيد بن معاوية
فقلت له أخبرني عن كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى قيصر فقال إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أرسل
دحية الكلبي إلى قيصر وكتب معه كتابا يخيره بين إحدى ثلاث إما أن يسلم وله ما في
يديه وقال ابن حمدان يده من ملكه وقال وإما أن يؤدي الخراج وإما أن يأذن

(1) عن مسند أحمد 4 / 75.
(2) بالأصل " خيثم " والصواب ما أثبت، انظر ما تقدم فيه قريبا.
39

بحرب قال فجمع قيصر بطارقته وقسيسيه في قصره وأغلق عليهم الباب وقال إن
محمدا كتب إلي يخيرني بين إحدى ثلاث إما أن أسلم ولي ما في يدي من ملكي وإما
أن أؤدي الخراج وإما أن آذن بحرب وقد تجدون فيما تقرؤون من كتبكم أنه سيملك
ما تحت قدمي من ملكي فنخروا نخرة حتى أن بعضهم خرجوا من برانسهم وقالوا
ترسل إلى رجل من العرب جاء في بردته ونعله بالخراج فقال اسكتوا إنما أردت أن
أعلم تمسككم بدينكم ورغبتكم فيه ثم قال ابتغوا لي رجلا زاد ابن حمدان من
العرب وقالا فجاؤوا بي فكتب معي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) كتابا وقال لي انظر ما سقط عنك
من قوله فلا يسقطن عنك وقال ابن حمدان يسقط عنك ذكر الليل والنهار فأتيت
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو مع أصحابه وهم محتبون بحمائل سيوفهم حول بئر تبوك قلت
أيكم محمد فأومأ بيده إلى نفسه فرفعت وقال ابن المقرئ فدفعت إليه الكتاب
فدفعه إلى رجل إلى جنبه فقلت من هذا فقالوا معاوية بن أبي سفيان فقرأه فإذا
فيه كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض فأين النار زاد ابن حمدان
إذا وقالا فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا سبحان الله إذا جاء الليل فأين النهار فكتبته عندي
ثم قال زاد ابن المقرئ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقالا إنك رسول قوم وإن لك حقا لكن
جئتنا ونحن مرملون " فقال عثمان بن عفان أنا أكسوه وقال ابن حمدان قال عثمان
اكسوه حلة صفوزية (1) فقال رجل من الأنصار علي ضيافته فقال لي قيصر فيما قال
انظر إلى ظهره فرأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أني أريد النظر إلى ظهره فألقى ثوبه عن ظهره
فنظرت إلى الخاتم في بعض الكتف فأقبلت عليه أقبله ثم قال زاد ابن المقرئ
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إني كتبت إلى النجاشي فأحرق كتابي والله محرقه وكتبت إلى كسرى
عظيم فارس فمزق كتابي والله ممزقه وقال ابن حمدان يمزقه وكتبت إلى قيصر فرفع
كتابي فلا يزال في الناس ما كان في العيش خير فقال ابن حمدان فلا يزال الناس
ذكر كلمة ما كان في العيش خير "
وأخبرنا أبو القاسم بن الحصين أنا أبو علي بن المذهب أنا أبو بكر بن
مالك نا عبد الله بن أحمد نا أبو عامر حوثرة بن أشرس أملاه علي أخبرني
حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم (2) عن سعيد بن أبي راشد قال كان

(1) الصفورية: جنس من الثياب (تاج العروس).
(2) بالأصل " خيثم " والصواب ما أثبت، وقد تقدم قريبا.
40

رسول قيصر جارا لي زمن يزيد بن معاوية فقلت له أخبرني عن كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
إلى قيصر فقال إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أرسل دحية الكلبي إلى قيصر وكتب معه إليه كتابا
فذكر نحو حديث عباد بن عباد وحديث عباد أتم وأحسن اقتصاصا للحديث وزاد
قال فضحك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعني حين دعاه إلى الإسلام فأبى أن يسلم وتلي هذه
الآية " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " (1) ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
إنك رسول قوم وإن لك حقا ولكن جئتنا ونحن مرملون [439] فقال عثمان بن عفان
أنا أكسوه حلة صفورية وقال رجل من الأنصار علي ضيافته
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو
العباس محمد بن يعقوب ح
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا محمد بن
عبد الرحمن الذهبي المخلص أنا رضوان بن محمد قراءة عليه قالا أنا أحمد بن
عبد الجبار نا يونس عن ابن إسحاق قال فلما انتهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى تبوك أتاه
يحنة (2) بن رؤبة صاحب أيلة (3) فصالح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأعطاه الجزية وأتاه أهل جرباء (4)
وأذرح فأعطوه الجزية وكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لهم كتابا فهو عندهم فكتب ليحنة بن
رؤبة
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أمنة من الله ومحمد النبي ورسوله ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة أساقفتهم
وسائرهم في البر والبحر لهم ذمة الله وذمة النبي ومن كان معه من أهل الشام وأهل
اليمن وأهل البحر فمن أحدث منهم حدثا فإنه لا يحول ماله دون نفسه وإنه طيب لمن

(1) سورة القصص، الآية: 56.
(2) بضم التحتية وفتح الحاء المهملة ونون مشددة وتاء، ويقال يحنا بالألف بدل التاء.
ورواية بضم الراء وسكون الهمزة وبالموحدة.
(3) أيلة: بالفتح، مدينة بالشام على النصف ما بين مصر ومكة عن ساحل البحر.
(4) جرباء موضع من أعمال عمان بالبقاء من إرض الشام وهي قريبة من منطقة أذرح من البلقاء، بينهما ثلاثة
أيام، وفي القاس: إذرح بجنب جربا.
(5) في دلائل البيهقي 5 / 247: هذه.
41

أخذه من الناس وإنه لا يحل أن يمنعوا ما يريدونه ولا طريقا يريدونه من بر أو بحر
هذا كتاب جهيم بن الصلت وشرحبيل بن حسنة بإذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
قال ابن إسحاق وكتب لأهل جرباء وأذرح بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب من محمد رسول الله النبي (صلى الله عليه وسلم) لأهل أذرح أنهم آمنون بأمان الله
وأمان محمد وأن عليهم مائة دينار في كل رجب وافية طيبة والله كفيل عليهم بالنصح
والإحسان إلى المسلمين ومن لجأ إليهم من المسلمين من المخافة (1) وذكر باقي
الكتاب
قال وأعطى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أهل أيلة بردة مع كتابه الذي كتب لهم أمانا لهم
فاشتراه أبو العباس عبد الله بن محمد بثلاثمائة دينار
ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعا خالد بن الوليد فبعثه إلى أكيدر دومة
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن أحمد بن العباس الدينوري نا أبو
الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن القزويني إملاء نا أبو حفص عمر بن
محمد بن الزيات حدثني عبد الله بن محمد بن ناجية نا أبو همام حدثني أبي
قال سمعت عبيد الله (2) بن إياد بن لقيط السدوسي قال سمعت أبي يحدث عن
قيس بن النعمان السكوني قال خرجت خيل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسمع بها أكيدر دومة
الجندل فانطلق إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال يا رسول الله إنه بلغنا أن خيلا انطلقت وأني
خفت على أرضي ومالي فاكتب لي كتابا لا يعرضوا من شئ لي فإني مقر بالذي علي
من الحق فكتب له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم إن أكيدر أخرج قباء من ديباج منسوج مما كان
كسرى يكسوهم فقال يا رسول الله اقبل عني هذا فإني أهديته لك فقال له
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ترجع بقباك فإنه ليس يلبس هذا في الدنيا إلا حرمه يعني في الآخرة
فرجع به حتى أتى منزلة وإنه وجد في نفسه أن يرد عليه هديته فقال يا رسول الله إنا
أهل بيت يشق علينا رد هديتنا فاقبل مني هديتي فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) انطلق
فارفعه (3) إلى عمر بن الخطاب قال وقد كان عمر قد سمع ما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

(1) بالأصل وخع " المحاقة " والمثبت عن دلائل البيهقي 5 / 248.
(2) بالأصل وخع " عبد الله " تحريف، والصواب ما أثبت عن تقريب التهذيب.
(3) عن خع، وفي مختصر ابن منظور: فادفعه.
42

فبكا ودمعت عيناه وظن أنه قد لحقه شئ فانطلق إلى
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال يا
رسول الله أحدث في أمر قلت في هذا القباء ما قلت ثم بعثت به إلي فضحك
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى وضع يده أو ثوبه على فيه ثم قال ما بعثت به إليك لتلبسه ولكن
تبيعه وتستعين بثمنه [440]

(1) بعدها في نسخة خع:
آخر الجزء العاشر يتلوه باب ذكر بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد.
سمع الجزء الأول من الأصل من تاريخ دمشق على مخرجه الحافظ الأوحد أبي القاسم علي بن الحسن بن
هبة الله الشافعي بقراءة عمر بن محمد العليمي ومن خطه نقلت بعضها، وبعضه بقراءة المصنف جماعة،
وأبو الفضل أحمد وأبو البركات الحسن بن القاضي الأمين أبي عبد الله محمد بن الحسن بن هبة الله وذلك
في يومي الثلاثاء والأربعاء السادس عشر والسابع عشر من شهر ربيع الأول سنة تسع وخمسين وخمسمئة
بالمنارة الشريقية من لا مسجد الجامع بمدينة دمشق حرسها الله تعالى.
وسمع أيضا عليه بقراءة ولده أبي محمد القاسم أخوه أبو الفتح الحسن والقاضي أبو المعالي محمد بن
علي بن محمد بن يحيى القرشي وابن ابن عم أبيه أبو المكارم عبد الواحد بن عبد الرحمن بن سلطان بن
يحيى القرشي، وأبو ونصر محمد بن هبة الله بن محمد بن الشيرازي وعلي بن عبد الكريم بن الكويسي.
البزاز، وأبو الوحش عبد الرحمن بن منصور بن نسيم وبنواحي المصنف أبو البركات الحسن وأبو المظفر
عبد الله وأبو منصور عبد الرحمن بنو محمد بن الحسن بن هبة الله وأخوهم كاتب السماع في الأصل
أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله الشافعي ومن خطه نقلت وآخرون.
وسمع من باب ذكر اختلاف الصحابة... إلى آخر الجزء أبو محمد بن علي بن صالح السلمي وأبو الفضل
يحيى وأبو المحاسن سليمان ابنا الفضل بن سليمان البانياسي وآخرون بقراءة وذكر في نوبتين آخرهما
الخمسي التاسع من المحرم سنة ستين وخمسمئة بالمسجد الجامع بدمشق وحج ولك وثقت.
وسمع الجزء الثاني بأسره من التجزئة الأولى، تجزئة الأصل على مصنفه بقراءة المصنف بعضه والباقي
بقراءة عمر بن محمد العليمي وبخط السماع في آخره، ومن خطه نقلت ابنا أخي المصنف أبو الفضل أحمد
وأبو البركات الحسن ابنا محمد بن الحسن بن هبة الله وآخرون وذلك في شهر ربيع الأول سنة تسع
وخمسمين وخمسمئة بالمنارة الشريفة من جامع دمشق.
وسمعه أيضا أعني الجزء الثاني على مخرجه الحافظ القاضي أبو المعالي محمد بن علي بن محمد بن يحيى
القرشي وابن ابن عم أبيه أبو المكارم عبد الواحد بن عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى القرشي وأبو
المفضل يحيى وأبو المحاسن سليمان ابنا الفضل بن سليمان بن البانياسي ومحمد بن هبة الله بن محمد
الشيرازي وعلي بن عبد الكريم بن الكويس وأبو الوحش عبد الرحمن بن منصور بن نسيم وأبو محمد بن
علي بن صالح السلمي وأبو الحسين بن معالي بن نصر وأحمد بن علي بن مفرج وأبو البركات الحسن وأبو
المظفر عبد الله وأبو منصور عبد الرحمن بنو أخي المسمع محمد بن الحسن بن هبة الله وأخوهم كاتب
السماع أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله الشافعي ومن خطه نقلت وابنا المخرج الحافظ أبو محمد
القاسم بقراءته، وأبو الفتح الحسن وجماعة وذلك يوم الجمعة العاشر من المحرم سنة ستين وخمسمئة
بالمسجد الجامع بدمشق وصح وثبت.
وسمع الجزء الثالث من الأصل على مخرجه الحافظ بقراءته بعضه والباقي العلميي عمر بن محمد
بخطه السماع في آخر الجزء ومن خطه نقلت ابنا أخي المسمع أبو الفضل أحمد وأبو البركات الحسن ابنا
الأمين أي عبد الله محمد بن الحسن وآخرون في شهر ربيع الأول سنة تسع وخمسين وخمسمئة بالمنارة
الشريفة من جامع دمشق.
وسمعه أيضا بعينه وأسره على مصنفه ولداه أبو محمد القاسم بقراءته وأبو الفتح الحسن والقاضي أبو
المعالي محمد بن علي بن محمد بن يحيى القرشي وابن ابن عم أبيه أبو المكارم عبد الوحد بن
عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى ومحمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي وعلي بن عبد الكريم بن
الكويس وعبد الرحمن بن منصور وأبو الحسين بن معالي بن نصر وأبو البركات الحسن وأبو
المظفر بعد الله وأبو منصور عبد الرحمن بنو محمد بن الحسن بن هبة الله الشافعي.
وسمع من باب ما جاء في اختصاص الشام وقصورة بالإضاءة إلى آخر الجزء أخوهم أحمد بن محمد بن
الحسن بن هبة. والسماع بخطه ومنه نقلت وأبو المفضل يحيى وأبو محمد الحسن بن علي وآخرون.
وذلك في نوبتين آخرهما الخميس السادس من محرم سنة ستين وخمسمئة بالمسجد الجامع بدمشق
حرسها الله. وهذه الطبقة طبقة الجزء الثالث من تاريخ دمشق.
وسمع الجزء الرابع من الأصل من تاريخ دمشق على جامعه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله
الشافعي، ابنا أخيه أبو الفضل أحمد وأبو البركات الحسن ابنا الأمين أبي عبد الله محمد بن الحسن
وعمرو بن محمد العليمي بقراءته أكثره وباقية بقراءة المصنف والسماع بخط العلمي في الأصل ومنه نقلت
وآخرون في يوم الخميس الثالث من شهر ربيع الاخر من سنة تسع وخمسين وخمسمئة في منزل المستمع
بالمنارة الشرقية من جامع دمشق.
وسمعه أيضا بعينه عليه بقراءة أبيه أبي محمد القاسم القاضي أبو المعالي محمد بن علي بن محمد بن يحيى
وابن ابن عم أبيه أبو المكارم عبد الواحد بن عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى القرشيان وأبو المفضل
يحيى وأبو المحاسن سليمان ابنا الفضل بن سليمان بن أبي المجد البانياسي ومحمد بن هبة الله بن محمد
الشيرازي وعلي بن عبد الكريم بن الكويس وأبو محمد الحسن بن علي بن صالح السلمي وعبد الرحمن بن
منصور بن نسيم وأحمد بن علي بن مفرج النابلسي وأبو البركات الحسن وأبو منصور عبد الرحمن ابنا
محمد بن الحسن بن هبة الله وأخوهما أحمد بن محمد الحسن بن هبة الله وبخطه السماع ومن خطه
نقلت وآخرون في يوم الجمعة السابع عشر من المحرم سنة ستين وخمسمئة بالمسجد الجامع بدمشق.
وسمع الجزء الخامس من الأصل تجزئة المصنف على المصنف ابنا أخيه أبو الفضل أحمد وأبو البركات
الحسن ابنا الأمين أبي عبد الله محمد بن الحسن وعمر بن محمد العليمي بقراءته أكثره والباقي بقراءة
المصنف الحافظ ومن خط العليمي نقلت وآخرون يوم الثلاثاء السابع من شهر ربيع الاخر من سنة تسع
وخمسين بالمنارة الشرقية من جامع دمشق.
وسمعه أجمع - أعني الجزء الخامس - على مخرجه ولداه الإمام أبو محمد القاسم بقراءته وأبو الفتح الحسن
وعبد الرحمن بن منصور بن نسيم وأبو المكارم عبد الواحد بن عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى القرشي
وأبو المفضل يحيى وأبو المحاسن سليمان ابنا الفضل بن سليمان ومحمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي
وعلي بن عبد الكريم بن الكويس وأبو محمد الحسن بن صالح السلمي وأبو البركات الحسن وأبو المظفر
عبد الله وأبو منصور عبد الرحمن بنو محمد بن الحسن وأخوهم أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله
الشافعي ومن خطه نقلت وآخرون وذلك في نبوتين آخرهما الخمسي الثالث والعشرين من محرمة سنة ستين
وخمسمة بالمسجد الجامع.
وسمع الجزء السادس بأسره من تجزئة الأصل عن مخرجه ابنا أخيه أبو الفضل أحمد وأبو البركات الحسن
ابنا الأمين أبي عبد الله محمد بن الحسن وعمر بن محمد العليمي بضعه من فضظ المصنف والأكثر بقراءة
العليمي والسماع في في الأصل بخطه ومن خطه نقلت وآخرون يوم الخميس التاسع من شهر ربيع الاخر سنة
تسع وخمسين وخمسمئة بالمنارة الشرقية من جامع دمشق عمره الله.
وسمعه أيضا عليه ولداه الإمام أبو محمد القاسم بقراءة وأبو الفتح الحسن وأبو المكارم عبد الواحد بن
عبد الكريم بن سلطان بن يحيى القرشي وأبو الفضل وأبو المحاسن سليمان ابنا أبي الفضل بن الحسين بن
سليمان ومحمد بن هبة الله بن محمد بن الشيرازي وعلي بن عبد الكريم بن الكويس وأبو محمد الحسن بن
علي بن صالح السلمي وعبد الرحمن بن منصور بن نسيم وأبو البركات الحسن وأبو المظفر عبد الله وأبو
منصور عبد الرحمن بنو محمد بن الحسن بن هبة الله وأخوهم أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله
وبخطه السماع في الأصل ومنه نقلت وآخرون يوم الجمعة الرابع والعشرون من محرم سنة ستين وخمسمئة
بالمسجد الجامع بدمشق.
وسمع الجزء السابع من الأصل على الحافظ المصنف له ابنا أخيه أبو الفضل أحمد وأبو البركات الحسن ابنا
الأمين أبي عبد الله محمد الحسن بن هبة الله وعمر بن محمد العليمي من خطه نقلت بقراءته وأبو الفتح
وبعضه بقراءة المصنف وآخرون وذلك يوم الثلاثاء الرابع عشر من شهر ربيع الاخر سنة تسع وخمسين
وخمسمئة بالمنارة الشرقية من المسجد الجامع بدمشق.
وسمعه أيضا على مخرجه - أعني الجزء السابع - ولداه الإمام أبو محمد القاسم بقراءته وأبو الفتح الحسن
وأبو المكارم عبد الواحد بن عبد الرحمن بن سلطان بن يحيى القرشي وأبو المفضل يحيى وأبو المحاسن
سليمان ابنا الفضل بن محمد بن سليمان ومحمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي وعلي بن عبد الكريم بن
الكويس وأبو محمد بن علي بن صالح السلمي وأبو البركات الحسن وأبو منصور عبد الرحمن ابنا محمد بن
الحسن وأخوهما أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة بن عبد الله بن الحسين الشافعي ومن خطه نقلت
وآخرون وذلك في مجلسين آخرهما الخميسي سلخ محرم سنة ستين وخمسمئة بالمسجد الجامع بدمشق نقل
ذلك من الأصل محمد بن يوسف بن محمد بن أبي بيداس البرز إلى الإشبيلي غفر الله له مختصرا كما تقدم
ذكره.
43

" باب
ذكر بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) أسامة قبل الموت (1)
وأمره إيا أن يشن الغارة على مؤتة ويبنى وآبل الزيت "
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأ أبو الحسين بن النقور أنا أبو بكر
أحمد بن عبد الله بن سيف بن سعيد نا أبو عبيدة السري بن يحيى نا شعيب بن
إبراهيم نا سيف بن عمر نا عبد الله بن سعيد بن ثابت بن الجزع الأنصاري عن
عبيد بن حنين (2) مولى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن أبي مويهبة (3) مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال (4) رجع
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة بعدما قضى حجة التمام فتحلل به السير وضرب على الناس
بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد أمره أن يوطئ آبل الزيت من مشارف الشام بالأردن
فقال المنافقون في ذلك ورد عليهم النبي (صلى الله عليه وسلم) إنه لخليق لها أي حقيق بالإمارة ولئن
قلتم فيه لقد قلتم في أبيه من قبله وإن كان لها لخليقا [441] وطارت الأخبار لتحلل
السير بالنبي (صلى الله عليه وسلم) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد اشتكا ووثب الأسود باليمن ومسيلمة باليمامة
وجاء النبي (صلى الله عليه وسلم) الخبر عنهما ثم وثب طليحة في بلاد بني أسد بعدما أفاق النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم
اشتكا في المحرم وجعه الذي توفاه جل وعز فيه
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا محمد بن
عبد الرحمن أنا أحمد بن عبد الله بن سيف نا السري بن يحيى نا شعيب بن
إبراهيم نا سيف ثنا طلحة بن الأعلم عن عكرمة عن ابن عباس قال كان

(1) زيادة عن خع.
(2) ضبط بالتصغير عن تقريب التهذيب.
(3) ويقال أبو موهبة وأبو موهبة (الإصابة).
(4) الخبر في الطبري 3 / 184 أحداث سنة 11.
46

النبي (صلى الله عليه وسلم) قد ضرب بعث أسامة ولم يستتب (1) فرجع إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) وأخلع (2) مسيلمة
والأسود وقد أكثر المنافقون في تأمير أسامة حتى بلغ النبي (صلى الله عليه وسلم) فخرج على
الناس (3) عاصبا رأسه من الصداع لذلك من الشأن ولبشارة أريها في بيت عائشة وقال
إني أريت (4) البارحة فيما يرى النائم في عضدي سوارين من ذهب فكرهتهما
فنفختهما فطارا فأولتهما هذين الكذابين (5) صاحب اليمامة وصاحب اليمن وقد
بلغني أن أقواما يقولون في إمرة أسامة ولعمري لئن قالوا في إمارته لقد قالوا في إمارة أبيه
من قبله وإن كان أبوه لخليقا لها وإنه لها لخليق فانفذوا بعث أسامة وقال لعن الله
الذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد [442]
فخرج أسامة فضرب بالجرن وأنشأ الناس في العسكرة ونجم طليحة وتمهل الناس
وثقل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلم يستتم الأمر انتظر أولهم آخرهم حتى توفى الله جل وعز
نبيه (صلى الله عليه وسلم)
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين أنا أبو علي بن المذهب أنا أبو بكر بن
مالك أنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي نا وكيع حدثني صالح بن أبي الأخضر
عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أسامة بن زيد قال بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى
قرية يقال لها أبني فقال ائتها صباحا ثم حرق [443]
وأخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه أنا عبد الرحمن بن
أحمد بن الحسن أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب نا محمد بن هارون الروياني
نا محمد بن المفتي (6) نا معاذ بن معاذ نا صالح بن أبي الأخضر نا الزهري نا
عروة عن أسامة بن زيد أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعثه إلى الشام وأمره أن يغير على أبنى
صباحا ثم يحرق

(1) في مختصر ابن منظور: لم يستتب لوجع النبي صلى الله عليه وسلم وانظر الطبري 3 / 186.
(2) كذا بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: " والخلع وفي المطبوعة: " وطلع " وانظر الطبري 3 / 186.
(3) زيادة عن الطبري 3 / 186.
(4) الطبري: رأيت.
(5) عن الطبري ومختصر ابن منظور، وبالأصل وخع: الكلابين.
(6) الأصل وخع، وفي المطبوعة: المثني.
47

أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر بن محمد الشحامي أنا أبو حامد أحمد بن
الحسن (1) بن محمد الأزهري أنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون أنا أبو
حامد أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ أنا محمد بن يحيى الذهلي ثنا
محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري حدثني
صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عروة قال أخبرني أسامة بن زيد قال
أمرني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن أغير على أبنى صباحا ثم أحرق
رواه أحمد بن حنبل وعباد بن موسى الختلي (2) عن محمد بن عبد الله
الأنصاري أتم من هذا
فأما حديث أحمد فأخبرناه أبو القاسم بن الحصين أنا أبو علي بن المذهب
أنا أبو بكر بن مالك نا عبد الله بن أحمد حدثني أبي نا محمد بن عبد الله بن
المثنى حدثني صالح بن أبي الأخضر نا الزهري عن عروة عن أسامة أن النبي (صلى الله عليه وسلم)
كان وجهه فقبض النبي (صلى الله عليه وسلم) فسأله أبو بكر رضي الله عنه ما الذي عهد إليك قال
عهد إلي أن أغير على أبنى صباحا ثم أحرق
وأما حديث عباد فأخبرتنا به أم المجتبى فاطمة بنت ناصر العلوية قالت
قرئ على إبراهيم بن منصور السلمي وأنا حاضرة قال أنا أبو بكر بن المقرئ أنا
أبو يعلى الموصلي نا عباد بن موسى الختلي (3) نا محمد بن عبد الله الأنصاري
حدثني صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد أن
النبي (صلى الله عليه وسلم) كان وجهه وجها فقبض النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يتوجه في ذلك الوجه ثم استخلف أبو
بكر فقال أبو بكر لأسامة ما الذي عهد إليك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال عهد إلي
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن أغير على أبنى صباحا وأحرق
أخبرناه أبو علي الحداد في كتابه
ثم أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأ يوسف بن الحسن الزنجاني (6)

(1) عن خع وبالأصل " الحسين ".
(2) بالأصل وخع " الجيلي " والمثبت والضبط عن تقريب التهذيب.
(3) رسمها غير واضح بالأصل وخع، والمثبت عن الأنسب، وهذه النسبة بفتح الزاي وسكون النون إلى
زنجان بلدة على حد أذربيجان من بلاد الجبل، وفي الأنساب يوسف بن محمد التفكري الزنجاني.
48

التفكري قالا أنا أبو نعيم الحافظ قال حدثنا ح
وأخبرناه أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي محمد بن الحسن بن فورك
أنبأ عبد الله بن جعفر الأصبهاني نا يونس بن حبيب نا أبو داود الطيالسي نا
صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أسامة قال أمرني
النبي (صلى الله عليه وسلم) أن أغير على أبنى صباحا وأحرق
هذا حديث غريب اشتهر بصالح بن أبي الأخضر البصري عن محمد بن مسلم
الزهري
وأهل الشام يقولون يبنى بالياء وكلا القولين صواب وقد تبدل الألف ياء والياء
همزا في مواضع كقولهم أحمد ويحمد وإساف ويساف وأخامر ويخامر
أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن عبد الله بن داود الفقيه وأبو غالب محمد بن
الحسن بن علي البصري قالا أنا أبو علي علي بن أحمد بن علي أنبأ أبو عمر
القاسم بن جعفر الهاشمي أنبأ أبو علي اللؤلؤي ح
وأخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو علي الروذباري أنا
أبو بكر بن داسة قالا ثنا أبو داود السجستاني نا عبد الله بن عمرو الغزي قال
سمعت أبا مسهر قيل له أبنى قال نحن أعلم هي يبنى فلسطين
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص نا أحمد بن عبد الله بن سيف بن سعيد نا أبو عبيدة السري بن يحيى نا
سعيد بن إبراهيم نا سيف بن عمر التميمي عن أبي ضمرة وأبي عمر (1) وغيرهما
عن الحسن بن أبي الحسن (2) قال (3) ضرب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعثا قبل وفاته على أهل
المدينة ومن حولهم وفيهم عمر بن الخطاب وأمر عليهم أسامة بن زيد فلم يجاوز
آخرهم الخندق حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فوقف أسامة بالناس ثم قال لعمر ارجع إلى
خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاستأذنه يأذن لي فأرجع الناس فإن معي وجوه الناس وحدهم

(1) في الطبري 3 / 226: أبي عمرو.
(2) عن الطبري وبالأصل وخع " الحسن ".
(3) الخبر في الطبي 3 / 225 - 226 في حوادث سنة 11.
49

ولا آمن على خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وثقل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأثقال المسلمين أن يتخطفهم
المشركون وقالت الأنصار فإن أبى إلا أن نمضي وأبلغه عنا واطلب إليه أن يولي
أمرنا رجلا أقدم سنا من أسامة فخرج عمر بأمر أسامة فأتى أبا بكر فأخبره بما قال أسامة
فقال أبو بكر لو اختطفتني الكلاب والذئاب لم أرد قضاء قضاه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال فإن
الأنصار أمروني أن أبلغك أنهم يطلبون إليك أن تولي أمرهم رجلا أقدم سنا من أسامة
فوثب أبو بكر وكان جالسا فأخذ بلحية عمر وقال ثكلتك أمك وعدمتك يا ابن
الخطاب استعمله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتأمرني أن أنزعه فخرج عمر إلى الناس فقالوا له ما
صنعت فقال امضوا ثكلتكم أمهاتكم ما لقيت في سببكم اليوم من خليفة
رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
ثم خرج أبو بكر حتى أتاهم فأشخصهم (1) وشيعهم وهو ماشي وأسامة راكب
وعبد الرحمن بن عوف يقود دابة أبي بكر فقال له أسامة يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
لتركبن أو لأنزلن فقال والله لا تنزل ووالله لا أركب وما علي أن أغبر قدمي ساعة في
سبيل الله فإن للغازي بكل خطوة يخطوها سبع مائة حسنة تكتب له وسبع مائة درجة
ترفع له وتمحى عنه سبع مائة خطيئة حتى إذا انتهى قال إن رأيت أن تعينني بعمر بن
الخطاب فافعل فأذن له وقال يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني لا
تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلا ولا صغيرا ولا شيخا
كبيرا ولا امرأة ولا تقذفوا نخلا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا
تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا لمأكلة وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا (3) أنفسهم في
الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم وسوف تقدمون على أقوام يأتونكم بآنية فيها
ألوان الطعام فإذا أكلتم منها شيئا بعد شئ (4) فاذكروا اسم الله عليها وسوف يلقون
أقواما قد فحصوا أوساط رؤوسهم تركوا حولها مثل العصائب (5) فاخفقوهم بالسيوف
.

(1) عن الطبري، ورسمت بالأصل " فاسجعهم ".
(2) الطبري: " تعقروا " عقر النخلة: قطع رأسها، وفي مختصر ابن منظور: ولا تعزقوا.
(3) عن الطبري، وبالأصل " قرعوا ". (4) عن الطبري وبالأصل " يبعى ".
(5) عن خع والطبري، وبالأصل " العصافير ".
50

خفقا اندفعوا بسم الله أفناكم الله بالطعن والطاعون (1)
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص نا أبو بكر أحمد (2) بن عبد الله بن سيف بن سعيد نا السري بن يحيى بن
السري نا سعيد بن إبراهيم التيمي نا سيف بن عمر التميمي نا هشام بن عروة عن
أبيه قال لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة أمر أسامة وضرب البعث على عامة أهل
المدينة وأمره أن يسير حتى يوطئ بهم آبل الزيت ويحلل به السير فطار في الآفاق
أن النبي (صلى الله عليه وسلم) اشتكا ووثب الأسود باليمن ومسيلمة باليمامة وأتى النبي (صلى الله عليه وسلم) الخبر
عنهما ثم إن طليحة (3) وثب بعدما أفاق النبي (صلى الله عليه وسلم) وبعدما جاءه الخبر عن الأسود
ومسيلمة ثم إنه اشتكى وجعه الذي توفاه الله فيه في عقب المحرم
قال وتردد ناس من العسكرة لوجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبلغ النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الذين قالوا
في تأمير أسامة على المهاجرين والأنصار فخرج (صلى الله عليه وسلم) عاصبا رأسه من الصداع فأتى المنبر
فقال
إنه بلغني أن رجالا قالوا في تأمير رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسامة ولعمري لئن قالوا فيه
لقد قالوا في أبيه من قبله وإنه لخليق بالإمارة وأبوه من قبله فانفذوا بعث أسامة [444]
ودخل
وخرج الناس إلى الجرف فلما ثقل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أقاموا حتى شهدوه فلما
فرغوا أنفذه أبو بكر رضي الله عنه على ما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وخرج أبو بكر إلى الجرف
فاستقري أسامة وبعثه وسأله عمر فأذن له وقال له اصنع ما أمرك به نبي الله (صلى الله عليه وسلم) أبدأ
ببلاد قضاعة ثم ائت آبل ولا تقصرن في شئ من أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا تعجلن لما
خلفت عن عهده فمضى أسامة مغذا (4) على ذي المروة (5) والوادي وانتهى إلى ما أمره
به النبي (صلى الله عليه وسلم) من بث الخيول في قبائل قضاعة والغارة على آبل فسلم وغنم وكان فراغه

(1) في المطبوعة: آخر الجزء السابع.
(2) عن خع، وبالأصل " الصديق ".
(3) عن الطبري وبالأصل وخع: طلحة.
(4) عن الطبري 3 / 227 حوادث سنة 11، وبالأصل " يتغذا ".
(5) قرية بوادي القري (معجم البلدان).
51

في أربعين يوما سوى مقامه ومقبله (1) راجعا
قال ونا سيف عن أبي عمر عن زيد بن أسلم قال مات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعماله
على قضاعة على كلب امرئ القيس بن الأصبغ (2) الكلبي من بني عبد الله وعلى
القين عمرو بن الحكم وعلى سعد هذيم معاوية بن فلان الوائلي فارتد وديعة الكلبي
فيمن آزره من كلب وبقي امرؤ القيس على دينه وارتد زميل بن قطبة القيني فيمن آزره
من بني القين وبني عمرو وارتد معاوية فيمن آزره من سعد هذيم فكتب أبو بكر إلى
امرئ القيس بن فلان وهو جد سكينة بنت الحسين رضي الله عنهما فثار بوديعة وإلى
عمرو فأقام لزميل وإلى معاوية العذري فأقام لمعاوية
فلما توسط أسامة بلاد قضاعة بث الخيول قبلهم وأمرهم أن ينهضوا من أقام على
الإسلام إلى من رجع عنه فخرجوا هرابا حتى أرزءوا (3) إلى دومة واجتمعوا إلى
وديعة ورجعت خيول أسامة إليه فمضى فيها أسامة حتى أغار (4) على الحملتين (5)
فأصاب في بني الضبيب من جذام وفي بني حيليل (6) من لخم ولفها من القبيلتين
وحازهم من آبل ثم انكفأ سالما غانما
وقال السميط بن النعمان اللخمي
أما ينفك من زيد جذام * ولا لخم وإن رمت عظامه
حدثنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه لفظا أنا أبو القاسم علي بن
محمد بن أبي العلاء أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم أنا أبو القاسم
علي بن يعقوب بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي نا
محمد بن عائذ نا الوليد بن مسلم عن عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود عن
عروة قال فلما فرغوا من البيعة واطمأن الناس قال أبو بكر لأسامة امض لوجهك

(1) في الطبري: ومنقلبه.
(2) عن خع وبالأصل " الإصبع ".
(3) في خع: " أرزوا " أي التجأوا.
(4) عن خع وبالأصل " على انتخار " كذا ".
(5) كذا بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: الحمقتين " وفي معجم البلدان أنها من مشارف الشام.
(6) كذا وفي الطبري: حليل.
52

الذي بعثك له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكلمه رجال من المهاجرين والأنصار وقالوا أمسك
أسامة وبعثه فإنا نخشى أن تميل علينا العرب إذا سمعوا بوفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال أبو
بكر وكان آخرهم أمرا أنا أحبس جيشا بعثهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لقد اجترأت على
أمر عظيم والذي نفسي بيده لأن تميل علي العرب أحب إلي من أحبس جيشا بعثهم
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) امض يا أسامة في جيشك للوجه الذي أمرت به ثم اغز حيث أمرك
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من ناحية فلسطين وعلى أهل مؤتة فإن الله سيكفي ما تركت ولكن إن
رأيت أن تأذن لعمر بن الخطاب فأستشير وأستعين به فإنه ذو رأي ومناصح للإسلام
فافعل ففعل أسامة ورجع عامة العرب عن دينهم وعامة أهل المشرق وغطفان وبنو أسد
وعامة أشجع ومسكت طئ بالإسلام وقال عامة أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) أمسك أسامة
وجيشه ووجههم نحو (1) من ارتد عن الإسلام من غطفان وسائر العرب فأبى ذلك أبو
بكر أن يحبس أسامة وقال إنكم قد علمتم أنه قد كان من عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليكم في
المشورة فيما لم يمض من نبيكم فيه سنة ولم ينزل عليكم به كتاب وقد أشرتم
وسأشير عليكم فانظروا أرشد ذلك فائتمروا به فإن الله لن يجمعكم على ضلالة
والذي نفسي بيده ما أرى من أمر أفضل في نفسي من جهاد من منع منا عقالا (2) كان
يأخذه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فانقاد المسلمون لرأي أبي بكر ورأوا أنه أفضل من رأيهم
فبعث أبو بكر أسامة بن زيد لوجهه الذي أمره به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأصاب في العدو مصيبة
عظيمة وسلمه الله وغنمه هو وجيشه وردهم صالحين وخرج أبو بكر في
المهاجرين والأنصار حين خرج أسامة حتى بلغ نقعا (3) حذاء وهربت الأعراب
بذراريهم فلما بلغ المسلمين هرب الأعراب كلموا أبا بكر وقالوا ارجع إلى المدينة
وإلى الذراري والنساء وأمر رجلا من أصحابك على الجيش واعهد إليه أمرك فلم
يزل المسلمون بأبي بكر حتى رجع وأمر خالد بن الوليد على الجيش فقال له إذا
أسلموا وأعطوا الصدقة فمن شاء منكم أن يرجع فليرجع ورجع أبو بكر إلى المدينة
أخبرنا محمد بن عبد الباقي الفرضي أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن

(1) الزيادة عن خع، وفي الأصل " ووجهم " تحريف.
(2) العقال: زكاة عام من الإبل والغنم، وقال الكسائي: صدقة عام، وقال بعضهم: أراد أبو بكر بالعقال: الحبل
الذي كان يعقل به الفريضة التي كانت تؤخذ في الصدقة إذا قبضها المصدق. (اللسان: عقل).
(3) النقع: موضع قرب مكة في جنبات الطائف (معجم البلدان).
53

حيوية أنا عبد الوهاب بن أبي حية نا محمد بن شجاع الثلجي أنا محمد بن عمر
الواقدي (1) قال قالوا لم يزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يذكر مقتل زيد بن حارثة وجعفر
وأصحابه ووجد عليهم وجدا شديدا فلما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر
سنة إحدى عشرة أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الناس بالتهيؤ (2) لغزو الروم وأمرهم بالانكماش (3)
في غزوهم فتفرق المسلمون من عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهم يجدون في الجهاز (4) فلما
أصبح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الغد يوم الثلاثاء لثلاث ليال بقين من صفر دعا أسامة بن زيد
فقال يا أسامة سر على اسم الله وبركته حتى تنتهي إلى مقتل أبيك فأوطئهم الخيل
فقد وليتك هذا الجيش فأغر (5) صباحا على أهل أبنى وحرق عليهم وأسرع السير بسبق
الخبر فإن أظفرك الله فأقلل اللبث فيهم وخذ معك الأدلاء وقدم العيون أمامك
والطلائع [445] فلما كان يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر بدئ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فصدع
وحم فلما أصبح يوم الخميس لليلة بقيت من صفر عقد له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيده لواء ثم
قال يا أسامة اغز بسم الله في سبيل الله فقاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغدروا ولا
تقتلوا وليدا ولا امرأة ولا تمنوا لقاء العدو فإنكم لا تدرون لعلكم تبتلون بهم ولكن
قولوا اللهم اكفناهم واكفف بأسهم عنا فإن لقوكم قد أجلبوا وصبحوا فعليكم
بالسكينة والصمت " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " (6) وقولوا اللهم إنا نحن
عبادك وهم عبادك نواصينا ونواصيهم بيدك وإنما تغلبهم أنت واعلموا أن الجنة تحت
البارقة (7) [446]
أخبرنا أبو بكر الفرضي أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر نا عبد
الوهاب نا محمد بن شجاع نا الواقدي (8) حدثني يحيى بن هشام عن عاصم

(1) مغازي الواقدي 3 / 1117 وما بعدها.
(2) بالأصل: بالتهي ".
(3) الانكماش: الاسراع (قاموس).
(4) عند الواقدي ومختصر ابن منظور 1 / 174: وهم مجدون في الجهاد.
(5) عن الواقدي وبالأصل ومختصر ابن منظور " فاغز ".
(6) سورة الأنفال، الآية: 47.
(7) البارقة: السيوف (قاموس).
(8) مغازي الواقدي 3 / 1118.
54

الأسلمي عن المنذر بن جهم قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا أسامة شن الغارة على
أهل أبنى [447]
وأخبرنا أبو بكر أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية نا
عبد الوهاب نا محمد نا الواقدي قال (1) فحدثني عبد الله بن جعفر بن
عبد الرحمن بن أزهر بن عوف عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد أن
النبي (صلى الله عليه وسلم) أمره أن يغير على أبنى صباحا وأن يحرق
قالوا ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأسامة امض على اسم الله فخرج بلوائه معقودا
فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الأسلمي فخرج به إلى بيت أسامة وأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
أسامة فعسكر بالجرف وضرب عسكره في موضع سقاية سليمان اليوم وجعل الناس
يجدون (2) بالخروج إلى العسكر فيخرج من فرغ من حاجته إلى معسكره ومن لم
يقض حاجته فهو على فراغ ولم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلا انتدب في تلك
الغزوة عمر بن الخطاب وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص وأبو الأعور
سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في رجال من المهاجرين والأنصار عدة قتادة بن
النعمان وسلمة بن أسلم بن حريش
فقال رجال من المهاجرين وكان أشدهم في ذلك قولا عياش بن أبي ربيعة
يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين فكثرت القالة في ذلك فسمع عمر بن
الخطاب بعض ذلك القول فرده على من تكلم به وجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخبره
بقول من قال فغضب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غضبا شديدا فخرج وقد (3) عصب على رأسه
عصابة وعليه قطيفة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد أيها
الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة والله لئن طعنتم في إمارتي أسامة
لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله وأيم الله إن كان للإمارة لخليقا (4) وأن ابنه من
بعده لخليق للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي

(1) مغازي الواقدي 3 / 1118.
(2) عن الواقدي، وبالأصل وخع ومختصر ابن منظور 1 / 175 " يؤخذون ".
(3) بالأصل " قد " والمثبت عن الواقدي
(4) بالأصل: لخليق.
55

وإنهما لمخيلان لكل خير فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم [448] ثم نزل
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فدخل بيته وذلك يوم السبت لعشر ليال خلون من ربيع الأول وجاء
المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيهم عمر بن الخطاب
ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول أنفذوا بعث أسامة ودخلت أم أيمن فقالت أي رسول الله
لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل (1) فإن أسامة إن خرج على حاله هذه
لم ينتفع بنفسه فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنفذوا بعث أسامة [449] فمضى الناس إلى
المعسكر فباتوا ليلة الأحد ونزل أسامة يوم الأحد ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثقيل مغمور وهو
اليوم الذي لدوه (2) فيه فدخل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعيناه تهملان وعنده العباس
والنساء حوله فطأطأ عليه أسامة فقبله ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يتكلم فجعل يرفع يديه إلى
السماء ثم يصبهما على أسامة فأعرف أنه كان يدعو لي قال أسامة فرجعت إلى
معسكري فلما أصبح يوم الاثنين غدا من معسكره وأصبح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مفيقا
فجاءه أسامة فقال اغد على بركة الله فودعه أسامة ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) مفيق مريح (3)
مفيق وجعل نساؤه يتماشطن سرورا براحته ودخل أبو بكر فقال يا رسول الله
أصبحت مفيقا بحمد الله واليوم يوم ابنة خارجة فائذن لي فأذن له فذهب إلى
السنح (4) وركب أسامة إلى معسكره وصاح في أصحابه باللحوق إلى العسكر فانتهى
إلى معسكره ونزل وأمر الناس بالرحيل وقد متع النهار فبينا أسامة بن زيد يريد أن
يركب من الجرف أتاه رسول أم أيمن وهي أمه تخبره أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يموت
فأقبل أسامة إلى المدينة معه عمر وأبو عبيدة فانتهوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يموت فتوفي عليه السلام حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتي
عشرة خلت من ربيع الأول ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة
ودخل بريدة بن الحصيب بلواء أسامة معقودا حتى أتى به باب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فغرزه
عنده فلما بويع لأبي بكر أمر بريدة أن يذهب باللواء إلى بيت أسامة ولا يحله أبدا
حتى يغزوهم أسامة فقال بريدة فخرجت باللواء حتى انتهيت به إلى بيت أسامة ثم
.

(1) عن الواقدي وبالأصل وخع " تماثل ".
(2) اللدود ما يصب بالمسعط من الدواء في أحد شقي الفم، (القاموس - النهاية).
(3) يقال: أراح الرجل إذا رجعت نفسه إليه بعد الاعياء.
(4) موضع بعوالي المدينة.
56

خرجت به إلى الشام معقودا مع أسامة ثم رجعت به إلى بيت أسامة فما زال معقودا
في بيت أسامة حتى توفي أسامة فلما بلغ العرب وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وارتد من ارتد
منها عن الإسلام قال أبو بكر لأسامة انفذ في وجهك الذي وجهك فيه
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأخذ الناس بالخروج وعسكروا في موضعهم الأول وخرج بريدة
باللواء حتى انتهى إلى معسكرهم الأول فشق على كبار المهاجرين الأولين ودخل
على أبي بكر عمر وعثمان وأبو (1) عبيدة وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد
فقالوا يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن العرب قد انتقضت عليك من كل جانب وإنك لا
تصنع بتفريق هذا الجيش المنتشر شيئا اجعلهم عدة لأهل الردة ترمي بهم في
نحورهم وأخرى لا نأمن على أهل المدينة أن يغار عليها وفيها الذراري والنساء فلو
استأنيت لغزو الروم حتى يضرب الإسلام بجرانه (2) وتعود أهل الردة إلى ما خرجوا منه
أو يفنيهم السيف ثم تبعث أسامة حينئذ فنحن نأمن الروم أن تزحف إلينا فلما
استوعب أبو بكر كلامهم قال هل منكم أحد يريد أن يقول شيئا قالوا لا قد
سمعت مقالتنا فقال والذي نفسي بيده لو ظننت أن السباع تأكلني بالمدينة لأنفذت
هذا البعث ولا بدأت بأول منه ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينزل عليه الوحي من السماء يقول
أنفذوا جيش أسامة ولكن خصلة أكلم أسامة في عمر يخلفه يقيم عندنا فإنه لا غنى بنا
عنه والله ما أدري يفعل أسامة أم لا والله إن أبى لا أكرهه فعرف القوم أن أبا بكر
قد عزم على إنفاذ بعث أسامة ومشى أبو بكر إلى أسامة في بيته فكلمه في أن يترك
عمر ففعل أسامة وجعل يقول له أذنت ونفسك طيبة فقال أسامة نعم قال وخرج
فأمر مناديه ينادي عزمة مني ألا يتخلف عن أسامة من بعثه من كان انتدب معه في
حياة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإني لن أؤتى بأحد أبطأ عن الخروج معه إلا ألحقته به ماشيا
وأرسل إلى النفر من المهاجرين الذين كانوا تكلموا في إمارة أسامة فغلظ عليهم
وأخذهم بالخروج فلم يتخلف عن البعث إنسان واحد
وخرج أبو بكر يشيع أسامة والمسلمين فلما ركب أسامة من الجرف في

(1) بالأصل: " وأبي ".
(2) الجران باطن عنق البعير، أي حتى يقر قراره ويستقيم، كما أن البعير إذا برك واسترح مد عنقه على الأرض
(النهاية).
57

أصحابه وهم ثلاثة آلاف رجل وفيهم ألف فرس فسار أبو بكر إلى جنب أسامة
ساعة ثم قال استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك إني سمعت (1)
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوصيك فانفذ لأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإني لست آمرك ولا أنهاك عنه
إنما أنا منفذ لأمر أمر به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فخرج سريعا فوطئ (2) بلادا هادئة لم يرجعوا
عن الإسلام جهينة وغيرها من قضاعة فلما نزل وادي القرى قدم عينا له من بني
عذرة يدعى حريثا فخرج على صدر راحلته أمامه مغذا حتى انتهى إلى أبنى فنظر إلى ما
هناك وارتاد الطريق ثم رجع سريعا حتى لقي أسامة على مسيرة ليلتين من أبنى فأخبره
أن الناس غارون (3) ولا جموع لهم وأمره أن يسرع السير قبل أن تجتمع (4) الجموع
وأن يشنها (5) غارة
أخبرنا أبو بكر الفرضي أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية نا
عبد الوهاب بن أبي حية نا محمد بن شجاع نا الواقدي (6) قال فحدثني هشام بن
عاصم عن المنذر بن جهم قال قال بريدة لأسامة يا أبا محمد إني شهدت
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوصي أباك أن يدعوهم إلى الإسلام فإن أطاعوه خيرهم إن أحبوا أن
يقيموا في ديارهم ويكونوا كأعوان (7) المسلمين ولا شئ لهم في الفئ ولا في
الغنيمة إلا أن يجاهدوا مع المسلمين وإن تحولوا إلى دار الإسلام كان لهم ما
للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين قال أسامة هكذا وصية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأبي
ولكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمرني وهو آخر عهده إلي أن أسرع المشي وأسبق الأخبار وأن
أشن الغارة عليهم بغير دعاء فأحرق وأخرب فقال بريدة سمعا وطاعة لأمر
رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
فلما انتهى إلى أبنى فنظر إليها منظر العين عبأ أصحابه وقال اجعلوها غارة ولا

(1) ما بين معكوفتين زيادة عن خع والواقدي.
(2) عن الواقدي وبالأصل: بلا هادية.
(3) عن خع وبالأصل " غازون " وغارون: غافلون.
(4) بالأصل: يجتمع.
(5) عن الواقدي وبالأصل وخع " شنها ".
(6) مغازي الواقدي 3 / 1122.
(7) كذا بالأصل وخع، وفي الواقدي، وفي الواقدي ومختصر ابن منظور: كأعراب.
58

تمعنوا في الطلب ولا تفترقوا واجتمعوا واخفوا الصوت واذكروا اسم الله في
أنفسكم وجردوا سيوفكم وضعوها فيمن أشرف لكم ثم دفع (1) عليهم الغارة فما
نبح كلب ولا تحرك أحد ولا شعروا إلا بالقوم قد شنوا عليهم الغارة ينادون
بشعارهم يا منصور أمت فقتل من أشرف له وسبا من قدر عليه وحرق في
طوائفها بالنار وحرق منازلهم وحروثهم ونخلهم فصارت أعاصير من الدخاخين
وأقام الخيل في عرصاتهم ولم يمعنوا في الطلب أصابوا ما قرب منهم وأقاموا
يومهم ذلك في تعبئة ما أصابوا من الغنائم وكان أسامة خرج على فرس أبيه الذي قتل
عليها أبوه يوم مؤتة كانت تدعى سبحة وقتل قاتل أبيه في الغارة خبره به بعض من
سبي وأسهم للفرس سهمين ولصاحبه سهما وأخذ لنفسه مثل ذلك فلما أمسوا أمر
الناس بالرحيل والدليل أمامه حريث العذري فأخذوا الطريق التي جاء منها
ودأبوا (2) ليلتهم حتى أصبحوا بأرض بعيدة ثم طوى البلاد حتى انتهوا إلى وادي
القرى في تسع ليال ثم قصد يغذ السير إلى المدينة وما أصيب من المسلمين أحد فبلغ
ذلك هرقل وهو بحمص فدعا بطارقته فقال هذا الذي حذرتكم فأبيتم أن تقبلوه
مني قد صارت العرب تأتي من مسيرة شهر فتغير عليكم ثم تخرج من ساعتها ولم
تكلم قال أخوه يناق فأبعث رابطة تكون بالبلقاء (3) فبعث رابطة واستعمل عليهم
رجلا من أصحابه فلم يزل مقيما حتى قدمت البعوث إلى الشام في خلافة أبي بكر
وعمر رضي الله عنهما
قالوا واعترض لأسامة في منصرفه قوم من أهل كثكث قرية هناك قد كانوا
اعترضوا لأبيه في بدأته فأصابوا من أطرافه فناهضهم أسامة بمن معه فظفر بهم وحرق
عليهم وساق من نعمهم وأسر منهم أسيرين فأوثقهما وهرب من بقي فقدم بهما
المدينة فضرب أعناقهما
أخبرنا أبو بكر الفرضي أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية نا
عبد الوهاب بن أبي حية نا محمد بن شجاع نا الواقدي (4) قال فحدثني أبو

(1) عن الواقدي وبالأصل وخع: رفع.
(2) في الواقدي: " ودانوا... انتهوا بأرض بعيدة ".
(3) البلقاء: كورة من أعمال دمشق بين الشام ووادي القرى " معجم البلدان).
(4) مغازي الواقدي 3 / 1124.
59

بكر بن يحيى بن النضر عن أبيه أن أسامة بن زيد بعث بشيره من وادي القرى
بسلامة المسلمين وأنهم قد أغاروا على العدو فأصابوهم فلما سمع المسلمون
بقدومهم خرج أبو بكر في المهاجرين وخرج أهل المدينة حتى العواتق وسروا
بسلامة أسامة ومن معه من المسلمين ودخل يومئذ على فرسه سبحة كأنما خرجت من
ذي خشب عليه الدرع واللواء أمامه يحمله بريدة حتى انتهى به إلى المسجد فدخل
فصلى ركعتين وانصرف إلى بيته معه اللواء وكان مخرجه من الجرف لهلال شهر ربيع
الآخر سنة إحدى عشرة فغاب خمسة وثلاثين يوما سار عشرين في بدأته وخمسة
عشر (1) في رجعته
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن
الصابوني أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد المقرئ نا أبو العباس محمد بن
يعقوب بن يوسف نا محمد بن علي الميموني نا الفريابي نا عباد بن كثير عن
أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال والذي لا إله إلا هو لولا أن أبا بكر
استخلف ما عبد الله ثم قال الثانية ثم قال الثالثة فقيل له يا أبا هريرة فقال إن
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجه أسامة بن زيد في سبع مائة إلى الشام فلما نزل بذي خشب قبض
النبي (صلى الله عليه وسلم) وارتدت العرب حول المدينة فاجتمع إليه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالوا
له يا أبا بكر رد هؤلاء توجه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة
فقال والذي لا إله إلا هو لو جرت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما رددت
جيشا وجهه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا حللت لواء عقده رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فوجه أسامة فجعل لا
يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا لولا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من
عندهم ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم فبلغوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا
سالمين فثبتوا على الإسلام

(1) بالأصل: " وخمس عشرة ".
60

" باب
ذكر اهتمام أبي بكر الصديق بفتح الشام وحرصه عليه
ومعرفة إنفاذه الأمراء بالجنود الكثيفة إليه "
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر الطبري أنا أبو الحسين بن
الفضل القطان أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب بن سفيان نا عمار بن الحسن نا
سلمة عن ابن إسحاق قال كان فتح اليمامة واليمن والبحرين وبعث الجنود إلى
الشام سنة ثنتي عشرة
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي محمد بن محمد بن أحمد بن
المسلمة أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص الحمامي أنا أبو علي
محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف نا أبو محمد الحسن بن علي القطان نا
إسماعيل بن عيسى العطار حدثني أبو حذيفة إسحاق بن بشر القرشي نا محمد بن
إسحاق قال إن أبا بكر لما حدث نفسه بأن يغزو الروم فلم يطلع عليه أحدا (1) إذ
جاءه شرحبيل بن حسنة فجلس إليه فقال يا خليفة رسول الله أتحدث نفسك أنك
تبعث إلى الشام جندا فقال نعم قد حدثت نفسي بذلك وما أطلعت عليه أحدا
وما سألتني عنه إلا لشئ قال أجل إني رأيت يا خليفة رسول الله فيما يرى النائم
كأنك تمشي في الناس فوق خرشفة (2) من الجبل ثم أقبلت تمشي حتى صعدت قنة من
القنان العالية فأشرفت على الناس ومعك أصحابك ثم إنك هبطت من تلك القنان
إلى أرض سهلة دمثة (3) فيها الزرع والقرى والحصون فقلت للمسلمين شنوا الغارة
على أعداء الله وأنا ضامن لكم بالفتح والغنيمة فشد المسلمون وأنا فيهم معي راية

(1) بالأصل " أحد " والمثبت عن خع.
(2) بالأصل وخع: حرشفة: والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 180 والخرشفة: الأرض الغليظة (اللسان).
(3) عن خع وبالأصل " رمئة " بالراء.
61

فتوجهت بها إلى أهل قرية فسألوني الأمان فأمنتهم ثم جئت فأجدك قد انتهيت إلى
حصن عظيم ففتح الله لك وألقوا إليك السلم ووضع الله لك مجلسا فجلست عليه
ثم قيل لك يفتح الله عليك وتنصر فاشكر ربك واعمل بطاعته ثم قرأ " إذا جاء نصر
الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه
كان توابا " (1) ثم انتبهت فقال له أبو بكر نامت عيناك خيرا رأيت وخيرا يكون إن
شاء الله ثم قال بشرت بالفتح ونعيت إلي نفسي ثم دمعت عينا أبي بكر ثم قال
أما الحرشفة التي رأيتنا نمشي عليها حتى صعدنا إلى القنة العالية فأشرفنا على الناس
فإنا نكابد من أمر هذا الجند والعدو مشقة ويكابدونه ثم نعلو بعد ويعلو أمرنا وأما
نزولنا من القنة العالية إلى الأرض السهلة الدمثة والزرع والعيون والقرى والحصون
فإنا ننزل إلى أمر أسهل مما كنا فيه من الخصب (2) والمعاش وأما قولي للمسلمين
شنوا على أعداء الله الغارة فإني ضامن لكم الفتح والغنيمة فإن ذلك دنو المسلمين إلى
بلاد المشركين وترغيبي إياهم على الجهاد والأجر والغنيمة التي تقسم لهم وقبولهم
وأما الراية التي كانت معك فتوجهت بها إلى قرية من قراهم ودخلتها واستأمنوا فأمنتهم
فإنك تكون أحد أمراء المسلمين ويفتح الله على يديك وأما الحصن الذي فتح الله لي
فهو ذلك الوجه الذي يفتح الله لي وأما العرش الذي رأيتني عليه جالسا فإن الله
يرفعني ويضع المشركين وقال الله تبارك وتعالى ليوسف " ورفع أبويه على
العرش " (3) وأما الذي أمرني بطاعة الله وقرأ علي السورة فإنه نعا إلي نفسي وذلك أن
النبي (صلى الله عليه وسلم) نعى الله إليه نفسه حين نزلت هذه السورة وعلم أن نفسه قد نعيت إليه ثم
سالتا عيناه فقال لآمرن بالمعروف ولأنهين عن المنكر ولأجهدن فيمن نزل أمر الله
ولأجهزن الجنود إلى العادلين (4) بالله في مشارق الأرض ومغاربها حتى يقولوا الله
أحد أحد لا شريك له أو يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون هذا أمر الله وسنة
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإذا توفاني الله عز وجل لا يجدني الله عاجزا ولا وانيا ولا في ثواب
المجاهدين زاهدا فعند ذلك أمر الأمراء وبعث إلى الشام البعوث

(1) سورة النصر، الآية: 1 - 4.
(2) عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 180 وبالأصل " خشب ".
(3) سورة يوسف، الآية: 100.
(4) العادلى، يقال: عدل بالله أي أشرك، وجعل له مثلا (النهاية: عدل).
62

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي بن المسلمة أنا أبو الحسن
الحمامي أنا أبو علي بن الصواف نا أبو محمد القطان نا إسماعيل العطار حدثني
إسحاق بن بشر أنا أبو إسحاق عن الزهري حدثني ابن كعب عن عبد الله بن أبي
أوفى الخزاعي قال لما أراد أبو بكر غزو الروم دعا عليا وعمر وعثمان
وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وأبا عبيدة بن الجراح
ووجوه المهاجرين والأنصار من أهل بدر وغيرهم فدخلوا عليه قال عبد الله بن أبي
أوفى وأنا فيهم فقال إن الله عز وجل لا تحصى نعماؤه ولا يبلغ جزاءها الأعمال
فله الحمد قد جمع الله كلمتكم وأصلح ذات بينكم وهداكم إلى الإسلام ونفا عنكم
الشيطان فليس يطمع أن تشركوا به ولا تتخذوا إلها غيره فالعرب اليوم بنو أم وأب
وقد رأيت أني أستنفر المسلمين إلى جهاد الروم بالشام ليؤيد الله المسلمين ويجعل الله
كلمته العليا مع أن للمسلمين في ذلك الحظ الوافر لأنه من هلك منهم هلك شهيدا
وما عند الله خير للأبرار ومن عاش عاش مدافعا عن الدين مستوجبا على الله ثواب
المجاهدين وهذا رأيي الذي رأيت فأشار امرؤ علي برأيه فقام عمر بن الخطاب
فقال الحمد لله الذي يخص بالخير من يشاء من خلقه والله ما استبقنا إلى شئ من
الخير قط إلا سبقتنا إليه " وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " (1) والله ذو الفضل العظيم
قد والله أردت لقاءك بهذا الرأي الذي رأيت فما قضي أن يكون حتى ذكرته قبلي (2)
فقد أصبت أصاب الله بك سبيل (3) الرشاد سرب إليهم الخيل في إثر الخيل وابعث
الرجال بعد الرجال والجنود تتبعها الجنود فإن الله ناصر دينه ومعز الإسلام وأهله
ثم أن عبد الرحمن بن عوف قام فقال يا خليفة رسول الله إنها الروم وبنو
الأصفر حد حديد وركن شديد ما أرى أن تقحم عليهم إقحاما لكن تبعث الخيل
فتغير في قواصي أرضهم ثم ترجع إليك فإذا فعلوا ذلك بهم مرارا أضروا بهم وغنموا
من أداني أرضهم فقووا بذلك عن عدوهم ثم تبعث إلى أراضي أهل اليمن وأقاصي
ربيعة ومضر ثم تجمعهم جميعا إليك ثم إن شئت بعد ذلك غزوتهم بنفسك وإن

(1) سورة المائدة، الآية: 54،
(2) زيادة عن المطبوعة.
(3) في خع: سبل الرشاد.
63

شئت أغزيتهم ثم سكت وسكت الناس إذا قال فقال لهم أبو بكر ما ترون فقال
عثمان بن عفان إني أرى أنك ناصح لأهل هذا الدين شفيق عليهم فإذا رأيت رأيا
تراه لعامتهم صلاحا فاعزم على إمضائه فإنك غير ظنين فقال طلحة والزبير وسعد
وأبو عبيدة وسعيد بن زيد ومن حضر ذلك المجلس من المهاجرين والأنصار صدق
عثمان ما رأيت من رأي فامضه فإنا لا نخالفك ولا نتهمك وذكروا هذا وأشباهه
وعلي في القوم لم يتكلم قال أبو بكر ماذا ترى يا أبا الحسن فقال أرى أنك إن
سرت إليهم بنفسك أو بعثت إليهم نصرت عليهم إن شاء الله فقال بشرك الله بخير
ومن أين علمت ذلك قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لا يزال هذا الدين ظاهرا
على كل من ناوأه حتى يقوم الدين وأهله ظاهرون [450] فقال سبحان الله ما أحسن
هذا الحديث لقد سررتني به سرك الله
ثم إن أبا بكر رضي الله عنه قام في الناس فذكر الله بما هو أهله وصلى على
نبيه (صلى الله عليه وسلم) ثم قال أيها الناس إن الله قد أنعم عليكم بالإسلام وأكرمكم بالجهاد وفضلكم
بهذا الدين على كل دين فتجهزوا عباد الله إلى غزو الروم بالشام فإني مؤمر عليكم
أمراء وعاقد لهم فأطيعوا ربكم ولا تخالفوا أمراءكم لتحسن نيتكم وشربكم
وأطعمتكم ف " إن الله مع الذين أنفقوا والذين هم محسنون " (1) قال فسكت القوم
فوالله ما أجابوا فقال عمر يا معشر المسلمين ما لكم لا تجيبون خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
وقد " دعاكم لما يحييكم " (2) أما إنه " لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا " (3)
لابتدرتموه فقام عمرو بن سعيد فقال يا ابن الخطاب ألنا تضرب الأمثال أمثال
المنافقين فما منعك مما عبت علينا فيه أن تبتدئ به فقال عمر إنه يعلم أني أجيبه
لو يدعوني وأغزو لو يغزيني قال عمرو بن سعيد ولكن نحن لا نغزو لكم إن
غزونا إنما نغزو لله فقال عمر وفقك الله فقد أحسنت فقال أبو بكر لعمرو اجلس
رحمك الله فإن عمر لم يرد بما سمعت اذى مسلم ولا تأنيبه إنما أراد بما سمعت أن
ينبعث المتثاقلون إلى الأرض إلى الجهاد فقام خالد بن سعيد فقال صدق خليفة

(1) سورة النحل، الآية: 128.
(2) سورة الأنفال، الآية: 23.
(3) سورة التوبة، الآية: 42.
64

رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اجلس ابن أخي فجلس وقال خالد الحمد لله الذي لا إله إلا هو
الذي بعث محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون فالله
منجز وعده ومظهر دينه ومهلك عدوه ونحن غير مخالفين ولا مختلفين وأنت
الوالي الناصح الشفيق ننفر إذا استنفرتنا ونطيعك إذا أمرتنا ففرح بمقالته أبو بكر
وقال جزاك الله خيرا من أخ وخليل فقد كنت أسلمت مرتقبا وهاجرت محتسبا قد
كنت هربت بدينك من الكفار لكيما يطاع الله ورسوله وتعلو كلمته وأنت أمير الناس
فسر يرحمك الله ثم إنه نزل ورجع خالد بن سعيد فتجهز وأمر أبو بكر بلالا فأذن
في الناس أن انفروا أيها الناس إلى جهاد الروم بالشام والناس يرون أن أميرهم
خالد بن سعيد وكان الناس لا يشكون أن خالد بن سعيد أميرهم وكان أول خلق
الله عسكر ثم إن الناس خرجوا إلى معسكرهم من عشرة وعشرين وثلاثين وأربعين
وخمسين ومائة كل يوم حتى اجتمع أناس كثير فخرج أبو بكر ذات يوم ومعه رجال
من الصحابة حتى انتهى إلى عسكرهم فرأى عدة حسنة لم يرض عدتها للروم فقال
لأصحابه ما ترون في هؤلاء أن نشخصهم إلى الشام في هذه العدة فقال عمر ما
أرضى هذه العدة لجموع بني الأصفر فقال لأصحابه ماذا ترون أنتم فقالوا نحن
نرى ما رأى عمر فقال ألا أكتب كتابا إلى أهل اليمن ندعوهم إلى الجهاد ونرغبهم
في ثوابه فرأى ذلك جميع أصحابه فقالوا نعم ما رأيت افعل فكتب
بسم الله الرحمن الرحيم
من خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى من قرئ عليه كتابي هذا من المؤمنين والمسلمين
من أهل اليمن
سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن الله تعالى
كتب على المؤمنين الجهاد وأمرهم أن ينفروا خفافا وثقالا ويجاهدوا بأموالهم
وأنفسهم في سبيل الله والجهاد فريضة مفروضة والثواب عند الله عظيم وقد
استنفرنا المسلمين إلى جهاد الروم بالشام وقد سارعوا إلى ذلك وقد حسنت في ذلك
نيتهم وعظمت حسبتهم فسارعوا عباد الله إلى ما سارعوا إليه ولتحسن نيتكم فيه
فإنكم إلى إحدى الحسنيين إما الشهادة وإما الفتح والغنيمة فإن الله تبارك وتعالى لم
يرض من عباده بالقول دون العمل ولا يزال الجهاد لأهل عداوته حتى يدينوا بدين
65

الحق ويقروا لحكم الكتاب حفظ الله لكم دينكم وهدى قلوبكم وزكى أعمالكم
ورزقكم أجر المجاهدين الصابرين
وبعث بهذا الكتاب مع أنس بن مالك رضي الله عنه
أخبرنا أبو بكر الفرضي أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا أبو
الحسن أحمد بن معروف الخشاب نا الحسين بن الفهم نا محمد بن سعد أنا
محمد بن عمر حدثني عبد الجبار بن عمارة عن عبد الله بن أبي بكر بن
محمد بن عمرو بن حزم قال لما أجمع أبو بكر أن يبعث الجيوش إلى الشام كان
أول من سار من عماله عمرو بن العاص وأمره أن يسلك على أيلة عامدا لفلسطين
فقدم عمرو أمامه مقدمة عليهم سعيد بن الحارث السهمي ودفع لواءه إلى
الحجاج بن الحارث السهمي وكان جند عمرو الذين خرجوا معه من المدينة ثلاثة
آلاف فيهم ناس كثير من المهاجرين والأنصار وخرج أبو بكر الصديق يمشي إلى
جنب راحلة عمرو بن العاص وهو يوصيه ويقول يا عمرو اتق الله في سر أمرك
وعلانيته واستحيه فإنه يراك ويرى عملك وقد رأيت تقديمي إياك على من هو أقدم
سابقة منك ومن كان أعظم غناء عن الإسلام وأهله منك فكن من عمال الآخرة
وأرد بما تعمل وجه الله وكن والدا لمن معك ولا تكشفن الناس عن أستارهم واكتف
بعلانيتهم وكن مجدا في أمرك وأصدق اللقاء إذا لاقيت ولا تجبن وتقدم في
الغلول (1) وعاقب عليه وإذا وعظت أصحابك فأوجز وأصلح نفسك تصلح لك
رعيتك في وصية له طويلة وعهد عهده إليه يعمل به
أخبرنا أبو بكر الفرضي أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر أنا أحمد بن
معروف نا الحسين بن الفهم نا محمد بن سعد نا عبد الحميد بن جعفر عن
أبيه أن أبا بكر قال لعمرو بن العاص إني قد استعملتك على من مررت به من بلي
وعذرة وسائر قضاعة ومن سقط هناك من العرب فاندبهم إلى الجهاد في سبيل الله
ورغبهم فيه فمن تبعك منهم فاحمله وزوده ورافق (2) بينهم واجعل كل قبيلة على
حدتها ومنزلتها

(1) عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 185 وبالأصل " الغلوم ".
(2) في خع: وارفق بينهم.
66

قال وأنا محمد بن عمر نا أسامة بن زيد الليثي عن معاذ بن عبد الله بن
خبيب (1) عن رجال من قومه قال بعث أبو بكر الصديق ثلاثة أمراء إلى الشام
عمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة فكان عمرو هو الذي
يصلي بالناس إذا اجتمعوا وإن تفرقوا كان كل رجل منهم على أصحابه وكتب أبو
بكر إلى خالد بن الوليد أن يمد عمرو بن العاص فكان خالد مددا لعمرو وكان أمر
الناس إلى عمرو بن العاص يوم أجنادين (2) ويوم فحل (3) وفي حصار دمشق حتى
فتحت قال أبو عبد الله الصوري الحافظ في الأصل فحل بكسر الحاء والمحفوظ
سكونها
أخبرنا أبو بكر أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا أحمد بن
معروف نا الحسين بن الفهم نا محمد بن سعد أنا محمد بن عمر حدثني
موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه قال لما رأى عمرو بن
العاص كثرة الجموع بالشام كتب إلى أبي (4) بكر يذكر أمر الروم وما جمعوا
ويستمده فشاور أبو بكر من عنده من المسلمين فقال عمر بن الخطاب يا خليفة
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اكتب إلى خالد بن الوليد يسير بمن معه إلى عمرو بن العاص فيكون
له مددا ففعل أبو بكر وكتب إلى خالد بن الوليد فلما أتاه كتاب أبي بكر قال هذا
عمل عمر حسدني على فتح العراق وأن يكون على يدي فأحب أن يجعلني (5) مددا لعمرو بن العاص وأصحابه فأكون كأحدهم فإن كان فتح شركنا فيه أو أن
أكون تحت يدي بعضهم فإن كان فتح كان ذكره له دوني
أخبرنا أبو بكر الفرضي أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر نا أحمد بن
معروف نا الحسين بن الفهم نا محمد بن سعد أنا محمد بن عمر حدثني
عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس عن المطلب بن السائب بن وداعة قال كتب
أبو بكر الصديق إلى عمرو بن العاص إني كتبت إلى خالد بن الوليد يسير إليك

(1) بالأصل وخع " حبيب " والمثبت والضبط " مصغرا " عن تقريب التهذيب.
(2) أجنادين بالفتح موضع من نواحي فلسطين، من الرملة من كورة بيت جبرين (معجم البلدان).
(3) فحل: بكسر ففتح اسم موضع بالشام كانت فيه وقعة للمسلمين مع الروم (معجم البلدان).
(4) زيادة عن مختصر ابن منظور 1 / 185 وفي خع " أبو ".
(5) عن خع وبالأصل " يحلني ".
67

مددا لك فإذا قدم عليك فأحسن مصاحبته ولا تطاول عليه ولا تقطع الأمور دونه
لتقديمي إياك عليه وعلى غيره شاورهم ولا تخالفهم
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت أنا أبو
الحسين محمد بن الحسين القطان أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي
نا القاسم بن عبد الله بن المغيرة نا إسماعيل بن أبي أويس نا إسماعيل بن
إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة قال ثم بعث أبو بكر حين ولي الأمر بعد
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثلاثة أمراء إلى الشام خالد بن سعيد على جند وعمرو بن العاص
السهمي على جند وشرحبيل بن حسنة على جند ثم نزع خالد بن سعيد (1) وأمر على
جنده يزيد بن أبي سفيان فأدركه بذي المروة (2) فكأن عمرا وجد على خالد بن سعيد
ولما فرغ خالد بن الوليد من اليمامة جاءه كتاب أبي بكر يأمره بالمسير إلى الشام فمضى
خالد على وجهه وسلك على عين التمر (3) فمر بدومة فأغار عليها فقتل بها رجالا
وهزمهم وسبا (4) ابنه الجودي (5) ثم مضى حتى قدم يعني الشام وبه يومئذ أبو
عبيد بن الجراح على جند ويزيد بن أبي سفيان على جند وعمرو بن العاص على
جند وشرحبيل بن حسنة على جند فقدم عليهم خالد بن الوليد فأمدهم (6) يوم
أجنادين وهزم الله عدوه
أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد قالت أنا أبو طاهر أحمد بن
محمود الثقفي أنا أبو بكر بن المقرئ أنا أبو الطيب محمد بن جعفر الزراد

(1) أذكر ما ورد من أقوال في سبب نزع أبي بكر خالد بن سعيد عن إمرة الجند، والدور الذي لعبه عمر بن
الخطاب في دفع أبي بكر الصديق إلى اتخاذ هذا الموقف، الطبري 4 / 28، الكامل في التاريخ 2 / 402 ابن
سعد 4 / 97 والبداية والنهاية 7 / 5.
(2) ذو المروة: قرية بوادي القرى، وقيل بين خشب ووادي القرى (معجم البلدان).
(3) بلدة قريبة من الأنبار غربي الكوفة، افتتحها المسلمون في أيام أبي بكر على يد خالد بن الوليد سنة 12 ه‍
(معجم البلدان).
(4) بالأصل: " وسباد " والمثبت عن خع.
(5) هي ليلى بنت الجودي الغساني، كان أبوها على أهل دومة وقد ضرب خالد بن الوليد عنقه بعد دخوله دومة
الجندل. (الطبري).
(6) عن خع وبالأصل " فأمرهم ".
68

المنبجي (1) نا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم أنا عمي نا أبي عن ابن إسحاق قال
ولما قفل أبو أبو بكر من الحج جهز الجيوش إلى الشام فبعث عمرو بن العاص قبل فلسطين
فأخذ الطريق المغربة (2) على أيلة وبعث يزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح
وشرحبيل بن حسنة وهو أحد الغوث (3) وأمرهم أن يسلكوا التبوكية على البلقاء من علياء
الشام
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي نا أبو بكر أحمد بن علي بن
ثابت ح
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر الطبري قالا أنا أبو الحسين بن
الفضل أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب نا عمار نا سلمة عن محمد بن
إسحاق
وأخبرنا حامد نا صدقة قال قرأت على محمد بن إسحاق قال وحدثني
العلاء بن عبد الرحمن عن رجل من بني سهم عن ابن ماجدة السهمي أنه قال حج
علينا أبو بكر في خلافته سنة ثنتي عشرة فلما قفل أبو بكر من الحج جهز الجيوش إلى
الشام عمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن
حسنة
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي محمد بن محمد بن محمد بن
المسلمة أنا أبو الحسن علي بن أحمد الحمامي أنا أبو علي بن الصواف نا
الحسن بن علي القطان نا إسماعيل بن عيسى العطار نا إسحاق بن بشر حدثني
محمد بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن رجل من بني سهم عن
علي بن ماجد السهمي أنه قال حج أبو بكر في خلافته سنة ثنتي عشرة فلما قفل أبو بكر
من الحج جهز الجيوش إلى الشام فبعث عمرو بن العاص قبل فلسطين فأخذ الطريق

(1) بالأصل " المينحي " وفي خع " المنحي " وفي المطبوعة: " المنيحي " وكله تحريف، والصواب: المنبحي "
انظر الأنساب " الزراد - المنبحي) وهذه النسبة إلى منبج مدينة بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ وبينها وبين
حلب عشرة فراسخ (ياقوت).
(2) كذا بالأصول، وصححها محقق المطبوعة: المعرفة، وهي طريق إلى الشام كانت قريش تسلكها.
(3) بنو الغوص بطن من كهلان من القحطانية.
69

المغربة على أيلة وبعث يزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة
وأمرهم أن يسلكوا التبوكية من علياء الشام
كذا قال ابن ماجد وإنما هو ابن ماجدة كما تقدم
أخبرنا أبو بكر الفرضي أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا أبو
الحسن بن معروف نا الحسين بن الفهم نا محمد بن سعد أنا محمد بن عمر
حدثني عبد الله بن وابصة العبسي عن أبيه عن جده قال كنا مع خالد بن الوليد في
الردة أعوانا له فلما رجع إلى المدينة ومعه العرب رجعت العرب إلى أوطانها ورجعت
عبس وطئ ومن كان من أسد إلى منازلهم حتى جاءهم النفير إلى الشام فقدموا
المدينة فجعل أبو بكر يفرق الجيوش على ولاته وهم ثلاثة عمرو بن العاص
وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان فخرجوا معهم إلى الشام
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز بن أحمد الكتاني أنا أبو محمد بن
أبي نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي نا
أبو عبد الله محمد بن عائذ نا الوليد بن مسلم قال سمعت أبا عمرو وغيره من أشياخنا
يذكرون مغازي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويقولون صدق الله وعده نبيه ونصر عبده وهزم
الأحزاب وحده ثم ساق الكلام إلى ذكر تنفيذ جيش أسامة وبعث أبي بكر الجيوش
لقتال أهل الردة ثم قال
حتى أتته وفود العرب مقرة بما كانت أنكرت راجعة إلى ما كانت خرجت منه
فلما رأى أبو بكر حسن خلافة ربه نبيه (صلى الله عليه وسلم) في تركته وجماعة أمته ومنه عليهم بنصره
على كل مصعب ومكذب وكفايته مؤونته على كل مرتد ومرتاب وقوته عليهم جميعا
واجتماع كلمتهم على الإيمان بالله والإقرار بتوحيده والعمل بفرائضه وشرائعه
دعاهم إلى جهاد قيصر وكسرى ومن يليهما من أهل ملكهما وإقامة فريضة الله عليهم
بذلك والعمل بسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيما كان من مسيره بنفسه وجماعة أمته إلى قيصر
ومن يليهم فأجابه إلى ذلك جماعة من المهاجرين والأنصار ومهاجرة الفتح وأمداد أهل
العالية واليمن فاجتمع له منهم أربعة وعشرون ألفا وولي عليهم الأمراء وعقد لهم
الألوية وجهزهم بما قدر عليه من الأموال والظهر ولم يرض ببعثه السرايا ولا
70

الاقتصار عليها فمضوا لما وجههم له فوليهم الله بحسن الصحبة في العافية (1) وسعة
الرزق والتمكين في البلاد والنصر والفلج والظهور على من تعرض قتالهم بأجنادين ثم
فحل ثم مرج الصفر (2) ثم تولوا على دمشق وحاصروا أهلها
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص نا أبو بكر بن سيف نا السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم نا
سيف بن عمر عن أبي إسحاق سليمان الشيباني عن أبي صفية التيمي تيم شيبان
وطلحة عن المغيرة ومحمد عن أبي عثمان قالوا (3) أمر أبو بكر خالدا أن ينزل تيماء
ففصل ردءا حتى ينزل بتيماء (4) وقد أمره أبو بكر أن لا يبرحها وأن يدعو من حوله
بالانضمام إليه وأن لا يقبل إلا ممن لم يرتد ولا يقاتل إلا من قاتله حتى يأتيه أمره
فأقام فاجتمع إليه جموع كثيرة وبلغ الروم عظم ذلك العسكر فضربوا على العرب
الضاحية البعوث بالشام إليهم فكتب خالد بن سعيد إلى أبي بكر بذلك وبنزول من
استنفرت الروم ونفر إليهم من بهراء وكلب وسليح وتنوخ ولخم وجذام وغسان من
دون زيزاء (5) بثلاث فكتب إليه أبو بكر أن أقدم ولا تحجم واستنصر الله فسار إليهم
خالد فلما دنا منهم تفرقوا وأعروا منزلهم فنزله خالد ودخل عامة من كان تجمع له في
الإسلام
وكتب خالد إلى أبي بكر بذلك فكتب إليه أبو بكر أقدم ولا تقتحمن حتى لا
تؤتى من خلفك فسار فيمن كان خرج معه من تيماء أو فيمن لحق به في طرف الرمل
حتى نزلوا فيما بين آبل وزيزاء والقسطل (6) فسار إليه بطريق من بطارقة الروم يدعى

(1) كذا بالأصل، وفي خع ومختصر ابن منظور 1 / 186 " العاقبة ".
(2) مرج الصفر: بالضم ثم الفتح والتشديد، والراء، موضع بين دمشق والجولان، صحراء كانت بها وقعة
مشهورة في أيام بني مروان. (معجم البلدان).
(3) الخبر في الطبري 3 / 388 حوادث سنة 13.
(4) تيماء: بالفتح والمد، بليد في أطراف الشام، بين الشام ووادي القرى على طريق حاج الشام ودمشق
(ياقوت).
(5) زيزاء من قرى البلقاء (معجم البلدان).
(6) آبل: بالأردن من مشارف الشام.
والقسطل موضع قرب البلقاء من أرض دمشق في طريق المدينة (معجم البلدان).
71

ماهان (1) فهزمه وقتل جنده وكتب بذلك إلى أبي بكر واستنفره (2) وقدم على أبي بكر
أوائل مستنفري اليمن ومن بين مكة وبين اليمن وفيهم ذو الكلاع وقدم عليه عكرمة
قافلا وغازيا فيمن كان معه من تهامة (3) وعمان والبحرين والسرو فكتب لهم أبو بكر إلى
أمراء الصدقات أن يبدلوا من استبدل فكلهم استبدل فسمي ذلك الجيش جيش
البدال وقدموا على خالد بن سعيد وعند ذلك اهتاج أبو بكر للشام وعناه أمره وقد
كان أبو بكر رد عمرو بن العاص على عمالة كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولاها إياه من صدقات
سعد هذيم وعذرة ومن لقيهم من جذام وحدس (4) قبل ذهابه إلى عمان فخرج إلى
عمان وهو على عدة من عمله إذا هو رجع فخرج إلى عمان فأنجز له ذلك أبو بكر
فكتب أبو بكر عند اهتياجه للشام إلى عمرو إني قد كنت رددتك إلى العمل الذي
كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولاكه مرة وسماه لك أخرى مبعثك إلى عمان إنجازا لمواعيد
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد وليته ثم وليته وقد أحببت أبا عبد الله أن أفرغك لما هو خير لك في
حياتك ومعادك إلا أن يكون الذي أنت فيه أحب إليك فكتب إليه عمرو إني سهم من
سهام الإسلام وإنك بعد الله الرامي بها والجامع لها فانظر أشدها وأخشاها وأفضلها
فارم به شيئا إن جاءك من ناحية من النواحي وكتب إلى الوليد بن عقبة (5) نحو ذلك
فأجابه بإيثار الجهاد
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين أنا أبو طاهر نا أبو
بكر بن سيف نا السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم نا سيف عن سهل بن
يوسف عن القاسم بن محمد قال (6) كتب أبو بكر إلى عمرو وإلى الوليد بن عقبة
وكان على النصف من صدقات قضاعة وقد كان أبو بكر شيعهما مبعثهما على الصدقة

(1) كذا بالأصل، وفي خع والطبري ومختصر ابن منظور: باهان بالباء.
(2) في الطبري: واستمده.
(3) تهامة بالكسر، إلى عرق اليمن إلى أسياف البحر إلى الحجفة وذات عرق (معجم البلدان).
وعمان اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند (ياقوت).
السرو، منازل حمير بأرض اليمن وهي عدة مواضع (ياقوت).
(4) بالأصول " وجديس " والمثبت عن الطبري، وحدث: بطن عظيم من العرب (قاموس).
(5) زيادة عن الطبري.
(6) الخبر في الطبري 3 / 390 حوادث سنة 13.
72

وأوصى كل واحد منهما بوصية واحدة اتق الله في السر والعلانية فإنه من يتق الله
يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له
أجرا فإن تقوى الله خير ما تواصى به عباد الله إنك في سبيل من سبل (1) الله لا يسعك
فيه الإذهان (2) والتفريط ولا والغفلة عما فيه قوام دينكم وعصمة أمركم فلا تن ولا
تفتر وكتب إليهما استخلفا على أعمالكما واندبا من يليكما
فولى عمرو على علياء قضاعة عمرو بن فلان العذري وولى الوليد على ضاحية
قضاعة مما يلي دومة امرأ القيس وندبا الناس فتضام إليهما بشر كثير وانتظرا أمر أبي
بكر
وقام أبو بكر في الناس خطيبا فحمد الله وصلى على رسوله (صلى الله عليه وسلم) وقال ألا إن لكل
أمر جوامع فمن بلغها فهو حسبه ومن عمل لله عز وجل كفاه الله عليكم بالجد والقصد
فإن القصد أبلغ إلا أنه لا دين لأحد لا إيمان معه ولا أجر لمن لا حسبة له ولا عمل
لمن لا نية له ألا وإن في كتاب الله من الثواب على الجهاد في سبيل الله لما ينبغي
للمسلم أن يحب أن يخص به هي النجاة (3) التي دل الله عليها ونجا بها من الخزي وألحق
بها الكرامة في الدنيا والآخرة
فأمد عمرا ببعض من انتدب إلى من اجتمع إليه وأمره على فلسطين وأمره
بطريق سماها له وأتى الوليد فأمره بالأردن وأمده ببعضهم ودعا يزيد بن أبي سفيان
فأمره على جند عظيم هم جمهور من انتدب له وفي جنده سهيل بن عمرو وأشباهه
من أهل مكة وشيعه ماشيا فقال يزيد يا خليفة رسول الله أتمشي وأنا راكب فأبى عليه
وقال إني أحتسب خطاي في سبيل الله
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن أحمد
التميمي أنا أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون بن الجندي وأبو القاسم
عبد الرحمن بن الحسين بن الحسن بن أبي العقب قالا أنا أبو القاسم علي بن

(1) قوله: " من سبل " سقطت من الأصل، واستدركت عن الطبري وخع، وعلى هامش الأصل " سبيل من " في
محاولة تصحيح العبارة.
(2) يقال: ذهن عن الشئ، وأذهنه عنه، أنساه وألهاه عنه.
(3) في الطبري: التجارة.
73

يعقوب بن أبي العقب أنا أحمد بن إبراهيم القرشي نا محمد بن عائذ القرشي
قال قال الوليد أخبرنا صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير إن الله تبارك وتعالى
لما نصر المسلمين على أهل الردة وكفرة بني خنيفة وقتل مسيلمة الكذاب كتب أبو
بكر إلى خالد يأمره بالمسير إلى العراق فسار في ستة آلاف وجهز أبو بكر الجيوش
إلى الشام فاجتمع له أربعة وعشرون ألفا من المهاجرين والأنصار ومسلمة الفتح وأمداد
اليمن وأهل العالية وولى أبا عبيدة على ربع وعمرو بن العاص على ربع
وشرحبيل بن حسنة على ربع ويزيد بن أبي سفيان على ربع وولاه على جماعتهم
قال ونا ابن عايذ قال قال الوليد وقد أخبرنا ابن لهيعة عن يونس بن يزيد
عن ابن شهاب الزهري أن أبا بكر بعث خالدا على جيشه قبل العراق وبعث إلى الشام
ثلاثة أمراء خالد بن سعيد بن العاص على جند وعمرو بن العاص على جند
وشرحبيل بن حسنة على جند ولم يزل عمر بأبي بكر حتى أمر يزيد بن أبي سفيان
على جند فأدركهم بذي مروة
قال الوليد بن مسلم إن حديث صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير
في تولية يزيد بن أبي سفيان على جماعتهم بالمدينة قبل أن يسيروا أنه أثبت وبذلك
اجتمعت الأحاديث
قال ونا ابن عائذ قال الوليد وأخبرني أبو عمرو عن يحيى بن سعيد ان أبا
بكر الصديق ولى يزيد بن أبي سفيان على جماعتهم وخرج مشيعا له وقال يزيد إما أن
تركب وإما أن أنزل فقال أبو بكر ما أنا براكب ولست بنازل إني أحتسب خطاي هذه
في سبيل الله
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن علي بن المزرفي أنا أبو الغنائم
عبد الصمد بن علي بن المأمون أنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن إسحاق بن
حبابة
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي وأبو المعالي أحمد بن علي بن محمد بن
يحيى بن الرويج المعروف بابن الحاجب قالا أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو
الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين قالا نا عبد الله بن محمد نا أبو نصر نا
74

كوثر بن حكيم عن نافع عن ابن عمر أن أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهم بعث
يزيد بن أبي سفيان إلى الشام فمشى معهم نحوا من ميلين فقيل له يا خليفة
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لو انصرفت قال لا إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من اغبرت
قدماه في سبيل الله عز وجل حرمهما الله على النار [451] ثم بدا له في الانصراف إلى
المدينة فقام في الجيش فقال أوصيكم بتقوى الله عز وجل لا تعصوا ولا تغلوا ولا
تجبنوا ولا تهدموا بيعة ولا تعزقوا نخلا ولا تحرقوا زرعا ولا تجشروا بهيمة ولا
تقطعوا شجرة مثمرة ولا تقتلوا شيخا كبيرا ولا صبيا صغيرا وستجدون أقواما قد
حبسوا أنفسهم للذي حبسوها فذروهم وما حبسوا أنفسهم له وستجدون أقواما قد
اتخذت الشياطين أوساط رؤوسهم أفحاصا فاضربوا على أعناقهم وسترون وقال ابن
المزرفي وستردون (1) بلدا يغدو ويروح عليكم فيه ألوان الطعام فلا يأتيكم لون إلا
ذكرتم اسم الله عليه ولا ترفعوا لونا وقال ابن المزرفي ولا يرفع لون إلا حمدتم الله عز
وجل عليه
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا أبو محمد عبد العزيز الكتاني أنا أبو
محمد بن أبي نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك أحمد بن
إبراهيم بن بشر القرشي نا محمد بن عائذ نا الوليد بن مسلم أخبرني صفوان بن
عمرو عن عبد الرحمن بن جبير أن أبا بكر لما وجه الجيش إلى الشام قام فيهم فحمد
الله وأثنى عليه ثم أمرهم بالمسير إلى الشام وبشرهم بفتح الله إياها حتى تبنوا فيها
المساجد فلا نعلم أنكم إنما تأتونها تلهيا والشام أرض شبيعة يكثر لكم فيها من الطعام
فإياي والأشر أما ورب الكعبة لتأشرن ولتبطرن وإني موصيكم بعشر كلمات
فاحفظوهن لا تقتلن شيخا فانيا ولا صبيا صغيرا ولا امرأة ولا تهدموا بيتا ولا تقطعوا
شجرا مثمرا ولا تعقرن بهيمة إلا لأكل ولا تحرقوا نخلا ولا تعزقوه ولا تعصر ولا
تجبن ولا تغلل وستجدون قوما قد حبسوا أنفسهم فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له
وستجدون آخرين محلقة رؤوسهم فاضربوا مقاعد الشيطان منها بالسيوف والله لئن أقتل

(1) بالأصل " وسترون " والمثبت عن خع، وفي خع: المرزوقي بالقاف تحريف، والصواب بالفاء نسبة إلى
مزرعة، بلدة، وقد تقدمت الإشارة إليها.
75

رجلا منهم أحب إلي من أن أقتل سبعين من غيرهم ذلك بأن الله قال " قاتلوا أئمة الكفر
إنهم لا إيمان لهم " (1)
أخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو بكر عمر بن
عبد العزيز بن عمر بن قتادة أنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه الكرابيسي
الهروي بها أنا أحمد بن نجدة نا الحسن بن الربيع نا عبد الله بن المبارك عن
يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر لما بعث الجنود نحو
الشام يزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة قال لما ركبوا
مشى أبو بكر مع أمراء جنوده يودعهم حتى بلغ ثنية الوداع فقالوا يا خليفة رسول الله
أتمشي ونحن ركبان فقال إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله ثم جعل يوصيهم
فقال أوصيكم بتقوى الله اغزوا في سبيل الله فقاتلوا من كفر بالله فإن الله ناصر
دينه ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تجبنوا ولا تفسدوا في الأرض ولا تعصوا ما
تؤمرون وإذا لقيتم العدو من المشركين إن شاء الله فادعوهم إلى ثلاث خصال فإن هم
أجابوكم (2) فاقبلوا منهم وكفوا عنهم ادعوهم إلى الإسلام فإن هم أجابوكم (2) فاقبلوا
منهم وكفوا عنهم ثم ادعوهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين فإن هم فعلوا
فأخبروهم أن لهم مثل ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين وإن هم دخلوا في
الإسلام واختاروا دارهم على دار المهاجرين فأخبروهم أنهم كأعراب المسلمين يجري
عليهم حكم الله الذي فرض على المؤمنين وليس لهم في الفئ والغنائم شئ حتى
يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا أن يدخلوا في الإسلام فادعوهم إلى الجزية فإن
هم فعلوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم وإن هم أبوا فاستعينوا بالله عليهم فقاتلوهم إن شاء
الله ولا تعزقن نخلا ولا تحرقنها ولا تعقروا بهيمة ولا شجرة تثمر ولا تهدموا
بيعة ولا تقتلوا الولدان ولا الشيوخ ولا النساء وستجدون أقواما حبسوا أنفسهم في
الصوامع فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له وستجدون آخرين اتخذ الشيطان في أوساط
رؤوسهم أفحاصا فإذا وجدتم أولئك فاضربوا أعناقهم إن شاء الله
وأخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو عبد الله الحافظ وأبو

(1) سورة التوبة، الآية: 12.
(2) بالأصول " أجابوك " خطأ.
76

سعيد بن أبي عمرو قالا نا أبو العباس محمد بن يعقوب قال سمعت عبد الله بن
أحمد بن حنبل يقول سمعت أبي يقول هذا حديث منكر ما أظن من هذا شيئا (1) هذا
كلام أهل الشام أنكره أبي على يونس من حديث الزهري (2) كأنه عنده من يونس عن
غير الزهري
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن سهل الفقيه أنا أبو عثمان سعيد بن عبد الله بن
محمد البحيري (3) أنا زاهر بن أحمد الفقيه أنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي نا
أبو مصعب الزهري نا مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر الصديق بعث جيوشا إلى
الشام فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وكان أمير ربع من تلك الأرباع فزعموا أن يزيد
قال لأبي بكر الصديق إما أن تركب وإما أن أنزل فقال له أبو بكر ما أنت بنازل وما أنا
براكب إني احتسب خطاي هذه في سبيل الله ثم قال ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا
أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له وستجد قوما فحصوا عن أوساط
رؤوسهم من الشعر فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف وإني موصيك بعشر لا تقتلن
امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما (4) ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا تخربن عامرا ولا
تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة ولا تحرقن نخلا ولا تعزقنه ولا تغلل ولا تجبن
أخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو عبد الله الحافظ وأبو
سعيد بن أبي عمرو قالا نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا يحيى بن أبي طالب أنا
عبد الوهاب بن عطاء أنا روح بن القاسم عن يزيد بن أبي مالك الشامي قال جهز
أبو بكر الصديق يزيد بن أبي سفيان بعثه إلى الشام أميرا فمشى معه وذكر الحديث
بمعناه
وأخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو عبد الله الحافظ نا
أبو العباس نا أحمد بن عبد الجبار نا يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني
صالح بن كيسان قال لما بعث أبو بكر يزيد بن أبي سفيان إلى الشام على ربع من

(1) بالأصل " شئ " خطأ.
(2) الزيادة عن خع.
(3) هذه النسبة إلى بحير - بفتح الباء - أحد أجداد إليه (الأنساب).
(4) عن خع وبالأصول " هربا ".
77

الأرباع خرج أبو بكر معه يوصيه ويزيد راكب وأبو بكر يمشي فقال يزيد يا خليفة
رسول الله إما أن تركب وإما أن أنزل فقال ما أنت بنازل وما أنا براكب (1) إني
أحتسب خطاي هذه في سبيل الله يا يزيد إنكم ستقدمون بلادا تؤتون بها بأصناف من
الطعام فسموا الله على أولها وأحمدوه على آخرها وإنكم ستجدون أقواما قد حبسوا
أنفسهم في هذه الصوامع فاتركوهم وما حبسوا له أنفسهم وستجدون أقواما قد اتخذوا
الشيطان على رؤوسهم مقاعد يعني الشمامسة فاضربوا تلك الأعناق ولا تقتلوا كبيرا
هرما ولا امرأة ولا وليدا ولا تخربوا عمرانا ولا تقطعوا شجرة إلا لنفع ولا تعقرن
بهيمة إلا لنفع ولا تحرقن نخلا ولا تعزقنه ولا تغدر ولا تمثل ولا تجبن ولا تغلل
" ولينصرن الله من ينصره " (2) ورسله بالغيب " إن الله قوي عزيز " (2) استودعك الله
وأقرئك السلام ثم انصرف
قال ونا يونس عن ابن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير وقال لي
هل تدري لم فرق أبو بكر وأمر بقتل الشمامسة ونهى عن قتل الرهبان فقلت لا أراه إلا
لحبس هؤلاء أنفسهم فقال أجل ولكن يلقون القتال فيقاتلون وإن الرهبان رأيهم أن
لا يقاتلوا وقد قال الله تعالى " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم " (3)
أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن ابنا البنا قالا أنا أبو
جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة أنا أبو طاهر المخلص أنا أحمد بن سليمان
الطوسي نا الزبير بن بكار حدثني مصعب بن عبد الله قال لما سار (4) خالد بن

(1) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع.
(2) سورة الحج، الآية، 40 وفيها " لقوي " بدل " قوي " وقوله: ورسله بالغيب جزء من الآية 25 من سورة
الحديد.
(3) سورة البقرة، الآية: 190.
(4) يعنى من العراق متوجها نحو الشام، وذلك بعد وصول كتاب أبي بكر إليه يأمره بأن يكون مددا لجنود
الشام، وقد أرسل أبو بكر الكتاب إلى خالد مع عبد الرحمن بن حنبل الجمحي وفيه: من عبد الله بن
عثمان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن الوليد. أما بعد فقد ورد علي من خبر الشام ما قد أقلقني وأرقني
وضقت به ذرعا فإذا ورد عليك كتابي هذا وأنت قائم فلا تقعد، وإن كنت راكبا فلا تنزل، وذر العراق وخلف
عليها من تثق به من أهلها الذين قدموا معك من اليمامة والحجاز حتى تأتي الشام فتلقى أبا عبيدة بن الجراح
ومن معه من المسلمين، فإن العدو قد جمع لهما جمعا عظيما وقد احتاجوا إلى معونتك، فإذا أنت أتيت
المسلمين بالشام فأنت أمير الجماعة والسلام (الفتوح 1 / 133).
78

الوليد يريد دومة الجندل أخذ المفاوز واستأجر رافعا الطائي (1) يهديه واشترى
خمسين شارفا (2) فكبتها وأوجرها بعد وسقاها عللا ونهلا (3) فكلما نزل منزلا نحر
وجعل أكراشها على النار وشرب القوم منها حتى إذا شارفوا رمد رافع حتى لم يبصر
فقال رافع ائتوني بغلام حديث (4) قال أروني الماء ثم قال للغلام ما ترى قال أرى
سدرا على موضع مرتفع فقال ذلك سدر دومة الجندل وقال خالد بن الوليد أقسم بالله
لتركبن وقال خالد (5):
ضل ضلال رافع (6) إني أهدى * فوز من قراقر إلى سوى (7)
خمسا إذا ما سارت الجيش بكا (8) * ما سارها من قبله أنس أرى (9)
أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحديد أنا
جدي أبو عبد الله أنا علي بن الحسن الربعي أنا أبو الفرج العباس بن محمد بن
حبان أنا أبو العباس بن الزفتي أنا محمد بن محمد بن مصعب الصوري نا
محمد بن المبارك الصوري نا الوليد بن مسلم سمعت إسحاق بن أبي فروة (10)
يحدث أن خالدا ومن معه هبطوا من ثنية الغوطة تقدمهم راية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) السوداء التي

(1) في فتوح البلدان ص 114: رافع بن عمير الطائي.
(2) الشارف من النوق المسنة الهرمة (قاموس).
(3) العلل: الشربة الثانية، والنهل: الشربة الأولى.
(4) أي فتي.
(5) في فتوح البلدان: " ففيه يقول الشاعر: وفي البلدية والنهاية 7 / 10 " قال رجل من المسلمين " وفي الطبري
3 / 416: " فقال شاعر من المسلمين " والرجز في الطبري 3 / 416 وفتوح البلدان ص 114 والبداية والنهاية
7 / 10 ومعجم البلدان " قراقر " باختلاف.
(6) في الطبري وابن كثير: لله عينا رافع " وفي فتوح البلدان " لله در رافع ".
(7) في البداية والنهاية " نوى " وبقية المصادر كالأصل. وقراقر: ماء لكلب (فتوح البلدان 114).
(8) في المصادر: سارها الجيش " وفي فتوح البلدان " رامه الجيش " وفي ياقوت: " الحبس " بدل الجيش.
(9) في الطبري:
ما سارها قبلك إنسي يرى.
وفي البلاذري:
ما جازها قبلك من إنس يرى
وفي ابن كثير
قبلك إنسي
(10) في المطبوعة: مروة تحريف.
79

يقال لها العقاب فبها سميت يومئذ ثنية العقاب (1)
أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن الماوردي أنا أبو الحسن محمد بن علي
السيرافي أنا أبو عبد الله أحمد بن إسحاق بن خربان النهاوندي نا أحمد بن
عمران بن موسى نا موسى بن زكريا التستري نا أبو عمرو خليفة ابن خياط
العصفري نا بكر يعني ابن سليمان عن ابن إسحاق قال (2) وكتب أبو بكر إلى
خالد بن الوليد فسار إلى الشام فأغار على غسان بمرج راهط (3) ثم سار فنزل على قناة
بصرى (4) وقدم فيه (5) يزيد بن أبي سفيان وأبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن
حسنة فصالحه أهل بصرى فكانت أول مدائن الشام فتحت وصالح خالد في وجهه ذلك
أهل تدمر (6) ومر على حوارين (7) فقتل وسبا
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي نا أبو بكر الخطيب ح
وأنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر بن اللالكائي قالا أنا أبو
الحسين بن الفضل أنا عبد الله بن جعفر أنا يعقوب نا عمار عن سلمة عن ابن
إسحاق قال سار خالد حتى أغار على غسان بمرج راهط ثم سار حتى نزل على قناة
بصرى وعليها أبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان فاجتمعوا
فرابطوها حتى صالحت بصرى على أخذ الجزية وفتحها الله على المسلمين فكانت أول
مدينة من مدائن الشام فتحت في خلافة أبي بكر (8)
أخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي ح

(1) قال البلاذري: وقوم يقولون إنها سميت بعقاب من الطير كان ساقطة عليها، قال: وسمعت من يقول: كان
هناك مثال عقاب من حجارة وليس ذلك بشئ، والخبر الأول أصح (يعني سميت باسم راية النبي من
العقابا).
(2) تاريخ خليفة ص 118 حوادث سنة 13.
(3) مرج بجوار دمشق.
(4) بصرى: قصبة كورة حوران (ياقوت).
(5) كذا بالأصل، وفي خليفة: " وقدم عليه " وفي الطبري 3 / 417 " وعليها " بدل " وقدم فيه ".
(6) تدمر: مدينة مشهورة في برية الشام (ياقوت).
(7) قرية على مرحلتين من تدمر، وقيل هي القريتين (ياقوت).
(8) الخبر في الطبري 3 / 417 نقلا عن ابن إسحاق.
80

وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر بن اللالكائي قالا أنا أبو
الحسين بن الفضل القطان أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب بن سفيان نا أبو اليمان
الحكم بن نافع نا (1) صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير أن أبا بكر
الصديق كان جهز بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) جيوشا على بعضها شرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي
سفيان وعمرو بن العاص فساروا حتى نزلوا الشام فجمعت لهم الروم جموعا عظيمة
فحدث أبو بكر بذلك فأرسل إلى خالد بن الوليد وهو بالعراق وكتب أن انصرف بثلاثة
آلاف فارس فأمد إخوانك بالشام والعجل العجل فأقبل خالد مغذا جوادا فاشتق
الأرض بمن معه حتى خرج إلى ضمير (2) فوجد المسلمين معسكرين بالجابية وتسامع
الأعراب الذين كانوا في مملكة الروم بخالد ففزعوا له ففي ذلك يقول قائلهم:
ألا يا صبحينا قبل خيل أبي بكر * لعل منايانا قريب وما ندري
انتهى حديث البيهقي وزاد ابن اللالكائي فنزل خالد على شرحبيل بن حسنة
ويزيد وعمرو فاجتمع هؤلاء الأربعة أمراء وسارت الروم من أنطاكية وحلب وقنسرين (4)
وحمص وما دون ذلك وخرج هرقل كراهية لمسيرهم متوجها نحو الروم وسار باهان
الرومي ابن الرومية إلى الناس بمن كان معه
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن أحمد
التميمي أنا أبو نصر محمد بن أحمد بن هارون بن الجندي وأبو القاسم
عبد الرحمن بن الحسين بن الحسن بن أبي العقب قالا أنا أبو القاسم علي بن
يعقوب بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي نا ابن عايذ قال
الوليد فحدثني يحيى عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه أن المسلمين ساروا

(1) زيادة عن خع.
(2) ضمير بالتصغير، موضع قرب دمشق، قيل: هو قرية وحصن في آخر حدود دمشق ما يلي السماوة.
(3) فتوح البلدان ص 114 برواية:
ألا عللاني قبل جيش أبي بكر.
ونسبه إلى حرقوص بن النعمان البهراني، من قضاعة، قال: وقال بعض الرواة أن المغني بهذا البيت رجل
ممن أغار عليه خالد من بني تغلب.
(4) قنسرين: مدينة كانت بينها وبين حلب مرحلة من جهة حمص بقرب العواصم (ياقوت).
81

وعليهم هؤلاء الأمراء يزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وأبي عبيدة بن الجراح
وشرحبيل بن حسنة كل على عسكر ومن كانت الوقعة ما يلي عسكره فهو على
أصحابه وساروا معهم النساء والذرية بالخيل والسلاح ليس معهم حمار ولا شاة
فأخذوا على طريق فلسطين حتى نزلوا بقرية يقال لها ثادن (1) من قرى غزة ومما يلي
بالحجاز فلقيهم بها بطريق من بطارقة الروم فأرسل إليهم أن يخرجوا إليه أحد القواد
ليكلمه قال فتواكلوا ذلك وقالوا لعمرو بن العاص أنت لذلك فخرج إليه عمرو
فرحب به البطريق ومت إليه بقرابة العيص بن إسحاق بن إبراهيم من إسماعيل بن
إبراهيم وقال ما الذي جاء بكم فقد كانت الأباء اقتسمت الأرض فصار لكم ما يليكم
وصار لنا ما يلينا وقد عرفنا أنكم إنما أخرجكم من بلادكم الجهد وسنأمر لكم بمعروف
وتنصرفون فقال عمرو أما القرابة فهي على ما ذكرت وأما القسمة فإنها كانت قسمة
شططا علينا فنحن نريد أن نتراد (2) فتكون قسمة معتدلة لنأخذ نصف ما في أيديكم من
الأنهار والعمارة ونعطيكم نصف ما في أيدينا من الشوك والحجارة وأما ما ذكرت من
الجهد الذي أخرجنا فإنا قدمنا فوجدنا في هذه البلاد شجرة يقال لها الحنطة فذقنا (3) منها
طعاما لا نفارقكم حتى نصيركم عبيدا أو تقتلونا تحت أصول هذه الشجرة قال قال
فالتفت إلى أصحابه فقال صدقوا وافترقا فاقتتلوا فكانت بينهم معركة انصرف القوم
على حامية ومضى المسلمون في آثارهم حتى طووهم عن فلسطين والأردن إلا ما كان من
إيليا وقيسارية (4) تحصن فيها أناس فتركوهم ومضوا إلى ناحية البثنية (5) ودمشق
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي أنا أبو المعالي ثابت بن
بندار أنا العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن
محمد بن موسى البابسيري أنا أبو أمية الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي (6) نا

(1) الأصل ومختصر ابن منظور، وفي المطبوعة " داثن ".
وغزة: بلد على ساحل بحر الشام من فلسطين (ياقوت).
(2) في مختصر ابن منظور: نزاد.
(3) عن خع وبالأصل: فذقعنا.
(4).
بلد على ساحل بحر الشام من فلسطين (ياقوت).
(5) البثنية بالتحريك، بلدة من نواحي دمشق (ياقوت).
(6) بالأصل " العلائي " تحريف والمثبت عن الأنساب، ونسبته هذه إلى غلاب وهو اسم امرأة، وهي أم خالد بن
بن أوس بن النابغة بن عتر بن حبيب بن واثئة بن دهمان.
82

أبي حدثني هشام بن عمار نا عبد الملك بن محمد نا راشد بن داود الصنعاني نا
أبو عثمان الصنعاني شراحيل بن مرثد قال بعث أبو بكر الصديق رضي الله عنه في
خلافته خالد بن الوليد إلى أهل اليمامة وبعث يزيد بن أبي سفيان إلى الشام فكنت ممن
سار مع خالد إلى اليمامة فلما قدمنا قاتلنا أهلها قتالا شديدا وظفرنا بهم وهلك أبو
بكر واستخلف عمر بن الخطاب فبعث أبا عبيدة بن الجراح إلى الشام فقدم دمشق
فاستمد أبو عبيدة عمر فكتب عمر إلى خالد أن سر إلى أبي عبيدة بالشام فدعا خالد بن
الوليد الدليل فقال في كم تأتي إلى الحيرة فقال في كذا وكذا فقال فعطش خالد
الإبل ثم سقاها واستقا وسقى الخيل ثم طمم (1) أفواه الإبل وأدبارها وقال له الدليل
إن أنت أصبحت عند الشجرة نجوت ونجا من معك وإن أصبحت دون الشجرة فقد
هلكت وهلك من معك فسار خالد بمن معه فأصبح عند إضاءة الفجر عند الشجرة
فنحر الإبل وسقى ما في بطونها الخيل وأطعم لحومها المسلمين وسقى المسلمين من
الزاد التي كانت تحمل معه ثم أتى الحيرة أو الكوفة فصالحه أسقفها
كذا قال وإنما كان هذا بعد رجوعه عن الحيرة وأبو عبيدة كان بالشام أيام أبو
بكر
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص أنا أبو بكر بن سيف أنا أبو بكر بن سيف أنا السري بن يحيى أنا
شعيب بن إبراهيم نا سيف بن عمرو عن عمرو بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم
عن ظفر بن دهي ومحمد بن عبد الله عن أبي عثمان وطلحة عن المغيرة
والمهلب بن عقبة عن سياه الأحمري قالوا (2) كان أبو بكر قد وجه خالد بن سعيد بن
العاص إلى الشام حيث وجه خالد بن الوليد إلى العراق وأوصاه بمثل الذي أوصى به
خالدا وأن خالد بن سعيد سار حتى نزل على الشام ولم يقتحم واستجلب الناس
وعز فهابته الروم وأحجموا عنه فلم يصبر على أمر أبي بكر ولكن توردها فاستطردت له
الروم حتى أوردوه الصفرين (3) ثم تعطفوا عليه بعدما أمن فوافقوا ابنه سعيد بن خالد

(1) في مختصر ابن منظور 1 / 191 " ثم كعم ".
(2) الخبر في الطبري 3 ط 407 - 408 حوادث سنة 13.
(3) في الطبري: الصفر.
83

مستمطرا فوافقوه فقتلوه ومن معه وأتى الحي (1) خالدا فخرج هاربا حتى أتى البر
فنزل منزلا واجتمعت الروم إلى اليرموك فنزلوا به وقالوا والله لنشغل أبا بكر في نفسه
عن تورد بلادنا بخيوله
وكتب خالد بن سعيد إلى أبي بكر بالذي كان به فكتب أبو بكر إلى عمرو بن
العاص وكان في بلاد قضاعة بالسير إلى بلاد اليرموك ففعل وبعث أبا عبيدة بن
الجراح ويزيد بن أبي سفيان وأمر كل واحد منهما بالغارة وأن لا توغلوا (2) حتى لا
يكون وراءكم أحد من عدوكم
وقدم عليه شرحبيل بن حسنة بفتح من فتوح خالد فسرحه نحو الشام في جند
وسمى لكل واحد من أمراء الأجناد كورة من كور الشام فتوافوا باليرموك فلما رأت
الروم توافيهم ندموا على الذي ظهر منهم ونسوا الذي كانوا يتواعدون أبا بكر به
واهتموا وهمتهم أنفسهم وأشجوهم وشجوا بهم ثم نزلوا الواقوصة (3) وقال أبو بكر
والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد فكتب إليه بهذا الكتاب الذي فوق هذا
الحديث وأمره أن يستخلف المثنى بن حارثة على العراق في نصف الناس وإذا
فتح الله على المسلمين الشام فارجع إلى عملك بالعراق
قال ونا سيف عن عمرو بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم عن ظفر أن
خالدا (4) أظن عمر وقال هذا عمله حسدني أن يكون فتح العراق على يدي وإني بعد
الله كسر الله حد العراق ورعب أهله وشجع المسلمين على غزوه
قال ونا سيف بن عطية بن الحارث عن أبي سيف الثعلبي عن ذي الجوشن (5)
الضبابي بمثله وقال ولا يشعر أن عمر لا ذنب له فقال له القعقاع ارفع لسانك عن
عمر والله ما كذب الصديق ولا صدقت على أن أخيك قال صدقني والله (6) قبح الله

(1) كذا، وفي الطبري: " الخبر " وهو المناسب.
(2) عن الطبري وبالأصل " تغلوا ".
(3) واد بالشام بأرض حوران.
(4) زيادة عن خع.
(5) عن المطبوعة، وبالأصل " الحوس ".
(6) بالأصل " الله " والمثبت عن خع.
84

الغضب والظنون وبالله يا قعقاع لقد أغريتني (1) بحسن الظن فقال القعقاع الحمد لله
الذي خلصك وأبقى فيك الخير ونفى عنك الشر
وبعث خالد بالأخماس إلا ما نفل (2) منها مع عمير بن سعد الأنصاري وبمسيره
إلى الشام ودعا خالد الأدلة (3) فارتحل من الحيرة سائرا إلى دومة ثم طعن في البر
إلى قراقر ثم قال كيف لي بطريق أخرج فيه من وراء جموع الروم فإني إن استقبلتها
حبستني عن غياث (4) المسلمين فكلهم قال لا نعرف إلا طريقا لا يحمل الجيوش
يأخذه الفذ (5) والراكب فإياك أن تغرر بالمسلمين فعزم عليه ولم يجبه إلى ذلك إلا
رافع بن عميرة على تهيئة (6) شديدة فقال له خالد وللمسلمين لا يهولنكم فإنا عباد الله
وفي سبيل الله وعلى طاعة خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونحن وإن كثرنا بعد أن نتزود فكالقليل
المنكمش فناشدوه فثاب فيهم فقال لا يختلفن هديكم ولا يضعفن نفسكم (7)
واعلموا أن المعونة تأتي على قدر النية والمعونة (8) على قدر الحسنة وأن المسلم لا
ينبغي له أن يكترث لشئ يقع فيه مع معونة الله له فقالوا له أنت رجل قد جمع الله لك
الخير فشأنك (9) فطابقوه ونووا وأحسنوا (10) واشتهى مثل الذي اشتهى خالد فأمرهم
خالد فترووا للشفة لخمس (11) وأمر بصاحب كل خيل بقدر ما يسقيها فظمأ كل قائد من
الإبل الشرف الجلاد (12) ما يلتقي (13) به ثم سقوها العل بعد النهل ثم صروا آذان الإبل

(1) عن المطبوعة وبالأصل " أغربتني ".
(2) بالأصل: " إلى ما نقل منها " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 192 والطبري 3 / 408.
(3) عن مختصر ابن منظور وبالأصل " الدولة " تحريف.
(4) عن الطبري وبالأصل " غ ياب ".
(5) عن خع والطبري.
(6) الطبري " ت هيب شديد.
(7) الطبري: يضعفن يقينكم.
(8) الطبري: والاجر على قدر الحسبة.
(9) عن الطبري وبالأصل: " فنسانك ".
(10) في الطبري: واحتسبوا، واشتهوا.
(11) بالأصل: فتروا لكسفه بخمس " والمثبت عن الطبري.
(12) في الطبري: الجلال.
(الظمء حبس الإبل عن الماء إلى غاية الورد، والشارف " الناقة التي قد أسنت، ج شرف.
(13) الطبري: ما يكتفي به.
85

وكعموها (1) وحلوا أدبارها ثم ركبوا من قراقر مفوزين إلى سوا وهي على جانبها
الآخر مما يلي الشام فلما ساروا يوما افتظوا (2) لكل عدة من الخيل عشرا من تلك
الإبل فمزجوا ما في كروشها بما كان من الألبان ثم سقوا الخيل وشربوا للشفة (3) جرعا
ففعلوا ذلك أربعة أيام
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص أنا أبو بكر بن سيف نا السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم نا
سيف بن عمر عن عمرو بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم عن ظفر بن دهي بمثله
وقال فأخذ من قراقر إلى سوطه (4) فجعل المشرق عن يمينه واستقبل الصبا فنزل
قريتين ثم نزل الحقار (5) ثم نزل العرير (5) ثم نزل سوى بليل
قال ونا (6) سيف عن عبد الله (7) بن محفز بن ثعلبة عمن حدثه عن بكر بن
وائل أن محرز بن قريش المحاربي قال لخالد اجعل كوكب الصبح على حاجبك
الأيمن ثم أمه تفض إلى سوى وكان أدلهم
وشاركهم محمد وطلحة قالوا ولما (8) نزل بسوى وخشي أن يفضحهم حر
الشمس نادى خالد رافعا ما عندك قال خير أدركتم الماء وأنتم على الري
وشجعهم وهو متحير أرمد وقال يا أيها الناس انظروا علمين كأنهما ثديان (9) فأتوا
عليهما وقالوا علمان فقام عليهما فقال اضربوا يمنة ويسرة لعوسجة كقعدة
الرجل فوجدوا جذمها (10) فقالوا جذم ولا نرى شجرة فقال احتفروا حيث

(1) بالأصل " وطعموها " والمثبت عن الطبري، وكعم البعير: شد فاه لئلا يعض أو يأكل (قاموس).
(2) عن لا طبري وبالأصل " افتصوا " يقال افتظ رجل كرش بعيره إذا نحره فاعتصر ماءه وصفاه.
(3) عن الطبري وبالأصل " الكشفة " وفي المطبوعة: للشقة.
(4) كذا بالأصل وخع، وفي لا مطبوعة: سوكة.
(5) لم أعثر على هذين الموضعين.
(6) عن المطبوعة، وبالأصل " ونزل ".
(7) الطبري 3 / 409: عبيد الله.
(8) عن الطبري، وبالأصل " أوما ".
(9) عن الطبري وبالأصل " ندبان ".
(10) عن الطبري، وبالأصل " خدمها... خدم " والجذم: الأصل.
86

شئتم فاستثاروا أوشالا وأحساء رواء فقال رافع أيها الأمير والله ما وردت هذا الماء
منذ ثلاثين سنة وما وردته إلا مرة وأنا غلام مع أبي فاستعدوا ثم أغاروا والقوم لا يرون
أن جيشا يقطع إليهم
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي محمد بن محمد بن المسلمة أنا
أبو الحسن بن الحمامي أنا أبو علي بن الصواف أنا الحسن بن علي القطان نا
إسماعيل بن عيسى العطار نا إسحاق بن بشر قال قال ابن إسحاق إن عمرو بن
العاص كتب إلى أبي بكر بعد قتل خالد بن سعيد بن العاص يستمده فكتب أبو بكر إلى
خالد بن الوليد وهو بالحيرة يأمره أن يمد أهل الشام بمن معه من أهل القوة ويخرج فيهم
ويستعمل على ضعفة أصحابه رجلا منهم فلما أتى خالد بن الوليد كتاب أبي بكر قال
هذا عمل الأعيسر ابن عم سملة (1) كره أن يكون فتح العراق على يدي فاستعمل على
الضعفاء عمير بن سعد واستخلف على من أسلم من العراق المثنى بن حارثة الشيباني
وعلى الحيرة والقرياب (2) وخراجها ثم سار حتى نزل على عين التمر وأغار على أهلها
ورابط حصونها وفيها مقاتلة كانت لكسرى (3) وضعهم فيها حتى استنزلهم فضرب
أعناقهم وسبى من عين التمر بشرا كثيرا فبعث بهم إلى أبي بكر وذلك أول سبي قدم
المدينة من ذلك السبي أبو عمرة أبو (4) عبد الله بن أبي عمرة وعبيد مولى المعلى وأبو
عبيد الله مولى بني زهرة وخير مولى أبي داود ويسار مولى قيس بن مخرمة
قال ونا أبو حذيفة نا محمد بن إسحاق قال وكان فيهم عمير بن زيتون الذي
ببيت المقدس ويسار مولى أبي بن كعب وهو أبو الحسن بن أبي الحسن البصري
وأفلح مولى أبي أيوب الأنصاري ووجدوا في كنيسة اليهود صبيانا يتعلمون الكتابة في
قرية من قرى عين التمر (5) يقال لها نقيرة (6) وكان فيهم حمران بن أبان مولى
عثمان وقتل هلال بن عطية بن بشر النمري وصلبه وسار ثم فوز من قراقر وهو ماء

(1) في خع: ابن أم سملة.
(2) في خع: والفرياب.
(3) عن مختصر ابن منظور 1 / 192 وبالأصل للسري، والزيادة عن المطبوعة للايضاح.
(4) في الطبري 3 / 377 جد.
(5) عن هامش الأصل ومختصر ابن منظور 1 / 193.
(6) نقيره قرية من قرى عين التمر (ياقوت) وبالأصل " نفير ".
87

لكلب إلى سوى وهو ماء لبهراء بينهما خمس ليال فلم يهتد إلى (1) الطريق
فطلب دليلا فدل على رافع بن عميرة الطائي فأتاه رافع فاستدل على الطريق فقال
أنشدك الله في نفسك وجيشك فإنها مفازة خمس ليال ليس فيها ماء مع مضلتها وإن
الراكب المنفرد يسلكها فيخاف على نفسه المهلكة وما يسلكها إلا مغرور وما علمت
أحدا أخذ فيها بثقل فقال خالد إنه لا بد منه وقد كتب إلي الأمير بعزمه فأحضرنا
رأيك ونصيحتك ومرنا بأمرك قال رافع فابغني من الإبل عشرين سمان عظام فأتي
بهن وظمأهن حتى جهدن فأوردها الماء فشربن حتى تملأن ثم أمر بمشافرها فقطعن
ثم كعمهن كيلا يجتررن ثم حل أذنابهن ثم قال لخالد تزود واحمل من أطاق أن
يصر (2) على أذن ناقته ماء فليفعل فإنها المهالك ففعل وساروا فسار معهم وسار خالد
معه بالخيول والأثقال فكلما سار يوما وليلة اقتطع منهن أربعة فأطعم لحمانها وسقى ما
في أكراشها الخيل وشرب الناس ما كانوا حملوا وبقي منزل واحد ونفدت الإبل
وخشي خالد على أصحابه في آخر يوم فأرسل خالد إلى رافع أن الإبل قد نفدت فما
ترى قال قد انتهيت إلى الري فلا بأس عليك اطلبوا شجرة مثل قعدة الرجل فعندها
الماء ورافع يومئذ رمد فطلبوها فلم يصيبوها فرجعوا إلى رافع فقالوا لم نصبها
فقال إنا لله وإنا إليه راجعون هلكتم وهلكت لا أبا لكم اطلبوها فطلبوها
فأصابوها قد قطعت الشجرة وقد بقي منها بقية فكبر وكبر الناس فقال احتفروا فاحتفروا
عينا عذبة مروية فترووا وسقوا وحملوا فقال رافع
إن هذه المفازة ما سلكتها قط إلا مرة واحدة مع أبي وأنا غلام
قال ابن إسحاق وبلغني أن خالدا لما نفذت الإبل خاف العطش قال لرافع بن
عميرة وهو أرمد ويحك ما عندك قال أدركت الري إن شاء الله انظر (3) هل ترى
علمين كأنهما ندبان قال نعم فلما دنا من العلمين قال انظروا هل ترون شجرة من
عوسج كقعدة الرجل قالوا لا والله قال إنا لله وإنا إليه راجعون على مثل حديث
الأول فقال شاعر من المسلمين:
لله عينا رافع أنى اهتدى * فوز من قراقر إلى سوى

(1) عن مختصر ابن منظور.
(2) بالأصل " يصبر " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(3) عن المطبوعة.
88

خمسا إذا ما سارها الجبس بكى * ما سارها من قبله أنس أرى (1)
ثم إن خالد بن الوليد أغار على أهل سوى وهو ماء بهراء قبل الصبح وهم
يشربون شرابا لهم في جفنة قد اجتمعوا عليها ومغنيهم يقول:
ألا عللاني قبل جيش أبي بكر (2) * لعل منايانا قريب وما ندري
فزعموا أن ذلك الرجل المغني قتل تحت الغارة فسال دمه في الجفنة
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص أنا رضوان بن أحمد الصيدلاني إجازة نا أحمد بن عبد الجبار العطار نا
يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال فحدثني صالح بن كيسان ورجل من طئ عن من
حدثهما عن رافع بن عميرة قال ثم مضى خالد حين فرغ من عين التمر حتى أغار على
ناس من النمر بن قاسط على ماء لهم يقال له قراقر ثم دعا رافع بن عميرة فقال إنها قد
جاءتني عزيمة من الأمير بأن أسير إلى الشام فقال إن بينك وبين المنهل الذي تريد
الآن مسيرة خمس ليال جياد لا تجد فيهن قطرة ماء حتى تأتي ماء يقال لها سوى وإنك
لا تستطيع ذلك بالخيول والإبل وقال إن الراكب المفرد لتهمه نفسه فيه فقال مالي
من ذلك بد فمرنا أمرك فقال من استطاع منكم أن يصر أذن ناقته على ماء فليفعل
وابغني (3) عشرين جزورا عظاما سمانا مسان فجاءه بهن فظمأهن أياما حتى إذا
أجهدهن العطش أوردهن فشربن حتى إذا امتلأن عهد (4) إليهن فقطع مشافرهن
وكعمهن (5) لئلا يجتررن وحل أدبارهن لئلا يبلن ثم قال سيروا واستكثروا من الماء
لشفاهكم فخرج فكلما نزل منزلا افتظ (6) منهن أربعا فسقى ما في كروشهن الخيول
وشرب الناس مما عليهن (7) حتى انتهى إلى سوى في اليوم الخامس وهو أرمد
فقال انظروا شجرة مثل مقعدة الرجل من عوسج فنظر الناس فقالوا ما نراها قال

(1) تقدم الرجزء ما لاحظناه قريبا.
(2) عن فتوح البلدان 114 والطبري 3 / 381 وبالأصل: إلى بلى.
(3) بالأصل " وبغنى ".
(4) في المطبوعة: عمد.
(5) بالأصل: " وطعمهن " والمثبت عن الطبري.
(6) بالأصل " افتض " وافتظها: عصر ماء كروشها.
(7) بالأصل " عليهم ".
89

إنا لله وإنا إليه راجعون هلكتم والله إذا وهلكت ثم قال ويلكم انظروا وتأملوا فجال
الناس حتى وجدوا بقية منها فقالوا قد وجدنا بعضها فكبر وقال قد أدركتم الرواء
وأمرهم فحفروا قريبا منها فكشفوا عن قليب كثير (1) الماء فتزود الناس منه وقال
رافع أما والله ما وردت قط إلا مرة واحدة مع أبي وأنا غلام صغير
فقال في هذا عن رافع أبو أحيحة القرشي:
لله عينا رافع أنى اهتدى * في مهمه مشتبه نحو سوى
والعين منه قد تغشاها الندى (2) * معصوبة كأنها ملأى ثرى
فهو يرى بقلبه ما لا يرى * من الصوى تترى له أثر الصوى (3)
إذ النقا بعد النقا إذا سرى * وهو به خبرنا وما دنا
وما رآه ليس بالقلب حسي * قلب حفيظ وفؤاد قد وعى
فوز من قراقر إلى سوى * والسير زعزاع (4) فما فيه ونى
خمس إذا ما سارها الجبس بكى * في اليوم يومين رواحا وسرى
ما سارها من قبل إنسي أرى * هذا لعمري (5) رافع هو الهدى
ثم استقام لخالد الطريق وتواصلت به المياه حتى إذا أغار على مرج
العذراوية (6) على ناس من غسان فأصاب منهم ثم مضى حتى نزل مع أبي عبيدة بن
الجراح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة على قناة بصرى فنزل معهم حتى
صالحت بصرى على الجزية وكانت أول جزية وقعت بالشام في عهد أبي بكر
وكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد أما بعد فدع العراق وخلف أهله فيه الذين
قدمت عليهم وهم فيه ثم امض مخففا في أهل القوة من أصحابنا الذين قدموا معك
العراق من اليمامة وصحبوك من الطريق وقدموا عليك من الحجاز حتى تأتي الشام
فتلقى أبا عبيدة بن الجراح ومن معه من المسلمين فإذا التقيتم فأنت أمير الجماعة
والسلام عليك ورحمة الله

(1) عن خع وبالأصل " كبير ".
(2) الأصل وخع وفي المطبوعة " القذي ".
(3) الصوي جمع صوة، الاعلام من الحجارة تكون منصوبة في المفازة المجهولة، يستدل بها على الطريق.
(4) أي شديد.
(5) بالأصل وخع: هذا لعمروا.
(6) هو مرج عذرا، بطرف الغوطة.
90

باب
ما روي من توقع المشركين
لظهور دولة المسلمين "
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد في كتابه وحدثني عنه أبو مسعود
عبد الرحيم بن أبي الوفا المعدل أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ نا
سليمان بن أحمد الطبراني نا أبو زرعة نا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري
أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس أخبره أن أبا
سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجارا بالشام في
المدة التي كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (1) ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش فأتوه وهو بإيلياء (2)
فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعاهم وترجمانه ثم قال أيكم أقرب نسبا
بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي قال أبو سفيان فقلت أنا أقربهم به نسبا فقال أدنوه
مني وقربوا أصحابه فجعلوهم عند ظهره ثم قال لترجمانه قل لهم إني سائل هذا عن
هذا الرجل فإن كذب فكذبوه قال أبو سفيان فوالله لولا الحياء أن تأثروا علي كذبا
لكذبته عنه قال ثم كان أول ما سألني عنه أن قال كيف نسبه فيكم قلت هو فينا ذو
نسب قال فهل قال هذا القول فيكم أحد قط قبله قال لا قال فهل كان في (3) أبائه
ملك قلت لا قال فأشراف الناس اتبعوه أو ضعفاؤهم قلت بل ضعفاؤهم قال
أيزيدون أم ينقصون قلت بل يزيدون قال فهل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل
فيه قلت لا قال فهل يغدر قلت لا قال فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن
يقول الذي قال قلت لا قال فهل يغدر قلت لا ونحن في مدة لا ندري ما هو

(1) ماد فيها أي أطال المدة. (النهاية: مدد).
(2) إيلياء: بالكسر، اسم مدينة بيت المقدس.
(3) في مختصر ابن منظور 1 / 195 من.
91

فاعل فيها ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة قال فهل قاتلتموه قلت
نعم قال فكيف كان قتالكم إياه قلت الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه
قال فماذا يأمركم قال يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول
آباؤكم ويأمرنا بالصلاة وبالصدقة والعفاف والصلة فقال للترجمان قل له إني سألتك
عن نسبه فقلت إنه فيكم ذو نسب وكذلك الرسل تبعث في نسبها قومها وسألتك هل قال
أحد منكم هذا القول قبله قلت رجل يأتم بقول قيل (1) قبله وسألتك هل كان من
آبائه ملك فذكرت أن لا فقلت (2) لو كان أحد منكم قال هذا القول قلت (3) رجل يطلب
ملك أبيه وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فذكرت أن لا فقد
أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله عز وجل وسألتك أشراف
الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه وهم أتباع الرسل وسألتك
أيزيدون أم ينقصون فذكرت أنهم يزيدون وكذلك أمر الإيمان حتى يتم وسألتك أيرتد
أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه فذكرت أن لا وكذلك الإيمان حين يخالط
بشاشة القلوب وسألتك هل يغدر فزعمت أن لا وكذلك الرسل لا يغدرون وسألتك
بما يأمركم فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وينهاكم عن عبادة
الأوثان ويأمركم بالصلاة (4) وبالصدقة (5) والعفاف والصلة فإن كان ما يقول حقا فسيملك
موضع قدمي هاتين وهو نبي وقد كنت أعلم أنه خارج ولكن لم أكن أظن أنه منكم
ولكن لو أني أعلم أني أخلص لتجشمت كفاه (6) ولو كنت عنده لغسلت قدميه ثم دعا
بكتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل فقرأه فإذا
هو
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما

(1) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.
(2) عن خع، وبالأصل " قلت ".
(3) في مختصر ابن منظور: فقلت: لو كان من آبائه ملك قلت.
(4) كررت بالأصل.
(5) كذا بالأصل وفي المطبوعة: وبالصدق.
(6) في مختصر ابن منظور: " لقاء " وفي خع كالأصل.
92

بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم أسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت
فإن عليك اسم الإريسين (1) و " يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا
نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا " الآية (2)
قال أبو سفيان فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب (3) كثر عنده الصخب
وارتفعت الأصوات وأخرجنا فقلت لأصحابي حين أخرجنا لقد أمر (4) أمر ابن أبي
كبشة إنه يخافه ملك (5) بني الأصفر فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله علي
الإسلام وكان ابن فاطور وهو صاحب إيلياء وهرقل سقفه على نصارى الشام يحدث
أن هرقل حين قدم إيلياء أصبح يوما خبيث النفس فقال له بعض بطارقته لقد أنكرنا
هيئتك فقال ابن قاطور وكان هرقل رجلا حزاء ينظر في النجوم فقال لهم حين
سألوه إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر فمن (6) يختتن من
هذه الأمة قالوا ليس يختتن غير اليهود فلا يهمنك شأنهم وأمر إلى مدائن ملكك
فليقتلوا من فيهم من اليهود فبينا هم على أمرهم ذلك أتي هرقل برجل أرسل به (7)
ملك غسان يخبره عن خبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما (8) استخبره هرقل قال اذهبوا
فانظروا أمختتن هو أم لا فنظروا إليه فحدثوه أنه مختتن فسأله عن العرب أيختتنون
فقال نعم هم يختتنون فقال هرقل هذا ملك هذه الأمة قد ظهر فكتب هرقل إلى
صاحب له (9) برومية وكان نظيره في العلم وسار هرقل إلى حمص فلم يرم حمص

(1) في الطبري وابن الأثير في الكامل: " إثم الاكارين "، وبالأصل الأريسيين، والمثبت عن مختصر ابن منظور
قال ابن الأثير في النهاية: اختلف في هذه اللفظة صبغة ومعنى فروي الآيسين بوزن الكريمين، وروي
الأريسين بوزن الشريين وروى الأريسيين بوزن العظيمين، وأما معناها فقال أبو عبيد: هم الخدم والخول
لصده إياهم عن الدين.
(2) سورة آل عمران، الآية: 64.
(3) الكتاب في الطبري 3 / 1567 وابن الأثير 1 / 592 من تحقيقنا، وصبح الأعشى 6 / 359 ودلائل النبوة
للبيهقي 4 / 384 والوثائق السياسية لحميد الله ص 109.
(4) يعني كثر وارتفع شأنه، وابن أبي كبشة يعني به النبي صلى الله عليه وسلم.
(5) عن خع.
(6) عن خع وبالأصل " ممن ".
(7) عن خع.
(8) عن خع وبالأصل " قلنا ".
(9) عن مختصر ابن منظور، وبالأصل وخع " برومة ".
93

حتى أتاه كتاب يوافق هرقل على خروج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنه نبي فأذن هرقل لعظماء
الروم في دسكرة له بحمص ثم أمر بأبوابها فغلقت ثم اطلع فقال لهم يا معشر الروم
هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم تتبعوا هذا الرجل فحاصوا حيصة حمر
الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد أغلقت فلما رأى هرقل تفرقتهم وأيس من إيمانهم
فقال ردوهم علي وقال إنما قلت مقالتي التي قلت لكم آنفا أختبر بها شدتكم على
دينكم فقد رأيت الذي أحب فسجدوا له ورضوا عنه فكان ذلك آخر شأن هرقل
أخرجه البخاري (1) عن أبي اليمان
والمحفوظ ابن الناظور ويقال بالطاء المهملة
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص نا أبو بكر بن سيف نا السري عن يحيى نا شعيب بن (2) إبراهيم نا
سيف بن عمر عن محمد وطلحة قالا وقد كان أمير الجند يعني جند الروم
باليرموك (3) قد بعث عينا من عرب الشام فدخل على المسلمين عسكرهم فرجع إليه
فأخبرهم أنهم بالليل رهبان وبالنهار فرسان هم فيما بينهم كالعبيد وعلى من سواهم
كالأسود إذا قالوا صدقوا وإذا واعدوا وفوا يأخذون لله حقوقه ولو من أنفسهم
فقال إني لك أن تجيب صادقا للموت خير من الحياة وليمرن علينا منهم شر طويل
أخبرنا أبو القاسم أنا ابن النقور أنا أبو طاهر نا أبو بكر نا السري نا
شعيب نا سيف عن هشام بن (4) عروة عن أبيه نحوا منه وزاد ولوددت أن حظي
من ربي أن يخلي بيننا وبينهم فلم ينصرك (5) عليهم ولم ينصرهم علي
قال ونا سيف عن محمد وطلحة وعمرو بن ميمون قالوا (6) وقد كان هرقل
حج (7) قبل مهزم خالد بن سعيد حج بيت المقدس فبينا هو مقيم به أتاه الخبر بقرب

(1) صحيح البخاري، 1 / 7 باب بدء الوحي.
(2) بالأصل " عن " تحريف.
(3) عن خع وبالأصل: بالروم.
(4) بالأصل وخع " عن " تحريف.
(5) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: ينصرني.
(6) الطبري 3 / 402 حوادث سنة 13.
(7) زيادة عن الطبري.
94

الجنود منه فجمع الروم وقال أرى من الرأي أن لا تقاتلوا هؤلاء القوم وأن
تصالحوهم فوالله لأن تعطوهم نصف (1) ما أخرجت الشام وتأخذون نصفا وتبقى
لكم جبال الروم خير لكم من أن يغلبوهم على الشام ويشارككم في جبال الروم فنخر
أخوه ونخر ختنه وتصدع عنه من كان حوله فلما رآهم يعصونه ويردون عليه بعث
أخاه وأمر الأمراء ووجه إلى كل جند جندا فلما اجتمع المسلمون أمرهم بمنزل
واحد (1) جامع واسع حصين فنزلوا بالواقوصة (2) وخرج فنزل حمص فلما بلغه أن
خالدا قد اطلع على سوى فانتسف أهله وأموالهم وعمد إلى بصرى فافتتحها وأباح
عذراء قال لجلسائه ألم أقل لكم لا تقاتلوهم فإنه لا قوام لكم مع هؤلاء القوم إن دينهم
دين جديد يجدد لهم ثبارهم (3) ولا يقوم لهم أحد حتى يبلى فقالوا له قاتل عن دينك
ولا تخش الناس واقض الذي عليك قال وأي شئ أطلب بهذا إلا توقير دينكم
ولما نزلت جنود المسلمين اليرموك بعث إليه المسلمون إنا نريد كلام أميركم
وملاقاته أفتدعونا نأته نكلمه فأبلغوه فأذن لهم فأتاه أبو عبيدة كالرسول ويزيد بن أبي
سفيان كالرسول والحارث بن هشام وضرار بن الأزور وأبو جندل بن سهيل ومع
أخي الملك يومئذ في عسكره ثلاثون رواقا وثلاثون سرادقا كلها من ديباج فلما انتهوا
إليها أبوا أن يدخلوا فيها وقالوا لا نستحل الحرير فأنزلنا فنزل (4) إلى فرش له ممهدة
وبلغ ذلك هرقل فقال ألم أقل لكم هذا أول الذل أما الشام فلا شام وويل للروم من
المولود المشؤوم ولم يتأت بينهم وبين المسلمين صلح فرجع أبو عبيدة وأصحابه
وأبعدوا (5) فكان القتال حتى جاء الفتح
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي محمد بن محمد بن المسلمة أنا
أبو الحسن الحمامي أنا أبو علي الصواف نا الحسن بن علي القطان نا إسماعيل بن
عيسى العطار أنا أبو حذيفة إسحاق بن بشر قال قال ابن إسحاق أنبأ محمد بن

(1) زيادة عن الطبري.
(2) واد بالشام في أرض حوزران نزله المسلمون أيام أبي بكر على اليرموك لغزو الروم.
(ياقوت).
(3) بالأصل " دين حديد لهم سارهم " والمثبت عن الطبري،.
(4) في الطبري: فأبرز لنا، فبرز. " وفي خع: فأبرز لنا، فنزل.
(5) في مختصر ابن منظور 1 / 198 واتعدوا.
95

جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير أن القبقلان (1) بعث رجلا (2) من غسان فقال له
ادخل في هؤلاء القوم يعني أبا عبيدة وجنوده فأقم فيهم يوما وليلة ثم ائتني بخبرهم قالوا فدخل في الناس ذلك الغساني فأقام فيهم يوما وليلة (3) ثم جاءه فقال ماذا
وراءكم ما وجدت عليه القوم فقال هم بالليل رهبان وبالنهار فرسان ولو سرق
ملكهم قطعوا يده ولو زنا رجموه يعني بذلك إقامتهم الحق لله تعالى قال فقال
القيقلان (1) إن كنت صدقتني لبطن الأرض خير لنا من ظهرها ولوددت إن شاء الله
يحول بيني وبينهم فلا ينصرني عليهم ولا ينصرهم علي
أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحديد أنا
جدي أبو عبد الله أنا أبو الحسين علي بن الحسن الربعي أنا أبو الفرج العباس بن
محمد بن حبان بن موسى أنا أبو العباس بن الرقي (4) واسمه عبد الله بن عتاب أنا
محمد بن محمد بن مصعب المعروف بوحشي نا محمد بن المبارك نا الوليد قال
وأخبرني من سمع يحيى بن يحيى الغساني يحدث عن رجلين من قومه من غسان قال
لما كان المسلمون بناحية الأردن تحدثنا بيننا أن دمشق ستحاصر فقال أحدنا
لصاحبه هل لك أن تدخل المدينة فسد (5) من سوقها قبل حصارها فبينا نحن نتسوق إذ أتانا
رسول بطريقها اصطراخيه فذهب بنا إليه فقال أنتما من العرب قلنا نعم قال
وعلى النصرانية قلنا نعم قال ليذهب أحدكما إلى هؤلاء فليتجسس لنا من خبرهم
ورأيهم (6) وليتثبت الآخر على متاع صاحبه ففعل ذلك أحدنا فلبث لبثا ثم جاءه
فقال جئتك من عند رجال دقاق يركبون خيولا مشاق (7) أما الليل فرهبان وأما النهار
ففرسان يريشون النبل ويبرونها ويثقفون (8) القنا لو حدثت جليسك حديثا ما فهمه عنك

(1) الأصل وخع وفي الطبري 3 / 418 القبقلار.
(2) في الطبري: رجلا عربيا، ثم قال: فحدث أن ذلك الرجل رجل من قضاعة من تزيد بن حيدان يقال له ابن
هزارف.
(3) ما بين معكوفتين زيادة عن خع والطبري.
(4) في المطبوعة: الزفتي.
(5) في مختصر ابن منظور: " فنتبين " وفي المطبوعة: فنتسوق.
(6) عن خع وبالأصل: " ومن أنهم ".
(7) كذا، وفي خع: عتاق.
(8) بالأصل " يتقون " والصواب عن مختصر ابن منظور.
96

لما علا من أصواتهم بالقرآن والذكر فالتفت إلى أصحابه فقال أتاكم (1) منهم ما لا
طاقة لكم به
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي أنبأ رشأ بن نظيف المقرئ أنا
الحسن بن إسماعيل بن محمد نا أحمد بن مروان المالكي نا أبو إسماعيل
الترمذي نا معاوية بن عمرو عن ابن (2) إسحاق قال كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
لا يثبت لهم العدو فواقا (3) عند اللقاء فقال هرقل وهو على أنطاكية لما قدمت منهزمة
الروم قال لهم أخبروني ويلكم عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم أليسوا هم بشر مثلكم
قالوا بلى قال فأنتم أكثر أم هم قالوا بل نحن أكثر منهم أضعافا في كل موطن
قال فما بالكم تنهزمون كلما لقيتموهم فقال شيخ من عظمائهم من أجل أنهم يقومون
الليل ويصومون النهار ويوفون بالعهد ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
ويتناصفون بينهم ومن أجل أنا نشرب الخمر ونزني ونركب الحرام وننقض العهد
ونغصب (4) ونظلم ونأمر بما يسخط الله وننهى عما يرضي الله ونفسد في الأرض
قال أنت صدقتني "

(1) عن مختصر ابن منظور، وفي خع: أتاك.
(2) بالأصل وخع " أبي " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(3) بالأصل وخع " فوافا " والصواب عن مختصر ابن منظور، والفواق ما بين الحلبتين من الراحة للناقة
(النهاية).
(4) كذا بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: ونغصب، بالصاد المهملة، وهي أقرب.
97

باب
ذكر ظفر جيش المسلمين المظفر
وظهوره على الروم بأجنادين وفحل ومرج الصفر " (1)
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي نا أبو بكر أحمد بن علي بن
ثابت الحافظ
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر بن اللالكائي (2) قالا أنا أبو
الحسين بن الفضل (3) أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب نا إبراهيم بن المنذر نا ابن
فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال كانت وقعة أجنادين وفحل في سنة
ثلاث عشرة أجنادين في جمادى (4) وفحل في ذي القعدة
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا عمر بن عبيد الله بن عمر أنا أبو
الحسين بن بشران أنا عثمان بن أحمد بن السماك نا حنبل بن إسحاق نا إبراهيم بن
المنذر نا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن الزهري قال كانت وقعة أجنادين
وفحل في سنة ثلاث عشرة أجنادين في جمادى وفحل في ذي القعدة
قال ونا حنبل نا هلال بن العلاء نا عبد الله بن جعفر الرقي نا مطرف بن
مازن اليماني عن معمر قال ثم كانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى سنة ثلاث
عشرة وعليهم شرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز الكتاني أنا أبو محمد بن أبي

(1) بالأصل وخع: " الصفراء " والمثبت عن فتوح البلدان للبلاذري ص 121 والطبري وابن كثير وابن الأثير.
(2) بالأصل " اللالكاتي ".
(3) بالأصل " المفضل ".
(4) يوم الاثنين لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة (فتوح البلدان للبلاذري ص 117)
ويقال: لليلتين خلتا من جمادي الآخرة، ويقال: لليلتين بقيتا منه.
98

نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم بن بشر
القرشي نا محمد بن عائذ نا الوليد حدثني شيخ من بني أمية عن أبيه قال ثم أغزا
أبو بكر جماعة من المسلمين ثم أغزا أبو بكر جماعة من المسلمين (1) إلى الشام
فكانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى ووقعة فحل في ذي القعدة من سنة ثلاث
عشرة
قال وكذلك حدثني زيد بن دعكنة أن هاتين الوقعتين بأجنادين وفحل في هذين
الشهرين من سنة ثلاث عشرة وبذلك حدثني عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود أن
وقعة أجنادين وفحل كانتا في هذين الشهرين من سنة ثلاث عشرة
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي بن المسلمة أنا أبو علي بن
الصواف نا أبو محمد الحسن بن علي القطان نا إسماعيل بن عيسى العطار نا أبو
حذيفة إسحاق بن بشر القرشي قال قالوا وكانت وقعة أجنادين يوم السبت صلاة
الظهر لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة قال نا أبو بكر الخطيب ح
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر بن الطبري قالوا أنا أبو
الحسين بن الفضل القطان أنا عبد الله بن جعد (2) نا يعقوب نا حامد بن
يحيى (3) نا صدقة يعني ابن سابق عن محمد بن إسحاق قالا استخلف عمر على
رأس اثنتي عشرة سنة وثلاثة أشهر واثنين (4) وعشرين يوما من مهاجر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
وكان أمر (5) الناس بالشام إلى خالد بن الوليد والأمراء على منازلهم فساروا قبل
فحل من الأردن وكانت فحل في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وعلى رأس ستة أشهر
من خلافة عمر

(1) كذا وردت العبارة مكررة بالأصل.
(2) في المطبوعة: جعفر.
(3) عن تقريب التهذيب وبالأصل وخع: بحير، وهو حامد بن يحيى بن هانئ البلخي، أبو عبد الله، نزيل
طرسوس.
(4) بالأصل: واثنتين.
(5) سقطت من الأصل وخع، والزيادة عن المطبوعة.
99

قال ونا يعقوب حدثني سلمة عن أحمد بن حنبل عن إسحاق بن عيسى
عن أبي معشر قال وكانت فحل في ولاية عمر لستة أشهر مضين فيها
قال ونا يعقوب نا إبراهيم نا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن
شهاب وقال حسان بن عبد الله عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة قالا
كانت وقعة أجنادين وفحل في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة ولما توفي أبو بكر
واستخلف عمر نزع خالد بن الوليد وأمر أبا عبيدة بن الجراح على الأجناد
أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن البغدادي قالت أنا أبو
طاهر أحمد بن محمود أنا أبو بكر بن المقرئ نا محمد بن جعفر الرزاز (1) نا
عبد الله بن (2) سعد نا أبي نا أبي عن ابن إسحاق قال وكانت فحل في ذي
القعدة سنة ثلاث عشرة على رأس ستة أشهر من خلافة عمر
أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري عن أبي عمر
محمد بن العباس بن حيوية أنا أبو أيوب سليمان بن إسحاق بن إبراهيم بن الخليل
الحلاب أنبأ الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي أنا محمد بن سعد كاتب
الواقدي أنا محمد بن عمر الواقدي قال وفيها يعني سنة أربع عشرة كان فتح مرج
الصفر فأقام المسلمون بها خمس عشرة من المحرم وفيها زحف المسلمون إلى دمشق
في المحرم فحاصروها ستة أشهر إلا يوما
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر الطبري أنا أبو الحسين بن
الفضل أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب قال كانت أجنادين في جمادى الأولى سنة
ثلاث عشرة وأميرها عمرو بن العاص ومعه خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان
وشرحبيل بن حسنة وكان (3) فحل وأجنادين في عام واحد وذلك سنة ثلاث عشرة
غير أن فحل كان (3) على رأس خمسة عشر يوما من خلافة عمر يعني أن فحل كانت في
رجب

(1) كذا، وفي خع: " الزرار " ولعل الصواب " الزراد " ففي الأنساب: أبو الطيب محمد بن جعفر بن إسحاق
الزراد، يروي عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ، وسيأتي " الزرد " قريبا.
(3) كذا بالأصل وخع.
100

أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن الماوردي أنا أبو الحسن (1) محمد بن
علي بن أحمد بن إبراهيم السيرافي أنا أبو عبد الله أحمد بن إسحاق النهاوندي
القاضي نا أحمد بن عمران بن موسى نا موسى بن زكريا نا أبو عمرو خليفة بن
خياط العصفري نا بكر بن سليمان قال وقال أبو (2) إسحاق وقعة مرج الصفر يوم
الخميس لاثني عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة والأمير خالد بن
الوليد
أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن البغدادي أنا أبو طاهر
أحمد بن محمود الثقفي أنا أبو بكر بن المقرئ نا محمد بن جعفر الزراد
المنبجي (3) نا عبيد الله بن سعد نا عمي نا أبي عن ابن إسحاق قال وكانت
أجنادين في سنة ثلاث عشرة لليلتين بقيتا من جمادى الأولى وقتل يومئذ من
المرسلين (4) ممن ينتمي (5) لنا من قريش أربعة عشر رجلا ولم يسم لنا من الأنصار
أحد أصيب بها
أخبرنا أبو علي الحسين بن أحمد بن أشليها المقرئ وابنه أبو الحسن
علي بن الحسين قالا أنا أبو الفضل أحمد بن علي بن الفضل بن طاهر بن
الفرات أنبأ أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر أنا أبو القاسم علي بن
يعقوب بن أبي العقب أنبأ أحمد بن إبراهيم القرشي أنا محمد بن عايذ القرشي نا
الوليد عن (6) سعيد وابن جابر قالا ثم كانت أجنادين بعد (7) وقعة مرج الصفر قال
سعيد التقوا على النهر عند الطاحونة (8) فقتلت الروم يومئذ حتى جرى النهر وطحنت

(1) قوله " أنا أبو الحسن " كرر بالأصل وأثبتناه ما وافق عبارة خع.
(2) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة " ابن.
(3) تقدم قريبا " الرزاز " تحريف، والزراد، نسبة إلى صنعة الذروع والسلاح.
والمنبجي بفتح الميم وسكون النون وكسر الباء هذه النسبة إلى منبج، إحدى بلاد الشام (الأنساب).
(4) في خع: من المسلمين.
(5) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: سمي لنا.
(6) بالأصل " بن " تحريف، والمثبت يوافق عبارة مختصر ابن منظور 1 / 201 والمطبوعة.
(7) كذا وردت العبارة بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور 1 / 201: ثم كانت بعد أجنادين وقعة مرج.
الصفر. راجع فتوح البلدان للبلاذري ص 116 و 121.
(8) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.
101

طاحونتها بدمائهم فأنزل الله على المسلمين نصره وقتلت يومئذ أم حكيم (1) أربعة من
الروم بعمود فسطاطها
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الفرضي أنا أبو محمد الجوهري أنبأ أبو
عمر بن حيوية أنا أبو الحسن أحمد بن معروف الخشاب أنا الحسين بن الفهم نا
محمد بن سعد أنا محمد بن عمر حدثني سعيد بن راشد عن عطية بن قيس عن
أبي العوام مؤذن بيت المقدس قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث في
بيت المقدس يقول شهدنا أجنادين ونحن يومئذ عشرون ألفا وعلى الناس يومئذ
عمرو بن العاص فهزمهم الله تعالى وتفرقوا ففاءت فئة (2) إلى فحل في خلافة عمر بن
الخطاب فسار إليهم عمرو بن العاص في الناس حتى نفاهم عن فحل
أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن الحسين بن أحمد بن أشليها (3) المقرئ
وابنه أبو الحسن علي قالا أنا أبو الفضل أحمد بن علي بن الفرات أنبأ أبو محمد بن
أبي نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم نا ابن
عايذ نا محمد بن عمر عن سعد بن راشد عن عطية بن قيس عن أبي العوام مؤذن
بيت المقدس قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث في بيت المقدس يقول
شهدنا أجنادين ونحن يومئذ عشرون ألفا وعلى الناس يومئذ عمرو بن العاص فهزمهم الله
تعالى ففاءت فئة (3) إلى فحل في خلافة عمر رضي الله عنه فسار إليهم في الناس
عمرو بن العاص فنفاهم إلى (4) فحل
قال محمد بن عمر وأهل الشام قاطبة وعامة رواتنا يقولون إن أجنادين كانت
قبل فحل وهي في ولاية أبي بكر وكان (5) فحل في ذي القعدة في خلافة عمر على
رأس خمسة أشهر من خلافته

(1) وهي أم حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومي وكان قد أعرس بها خالد بن سعيد بن العاص - في صبيحة.
يوم الوقعة - وقد بلغها مصابه، فانتزعت عمود الفسطاط فقاتلت به فيقال إنها قتلت سبعة نفر (فتوح
البلدان - البلاذري ص 121).
(2) بالأصل وخع " قيد " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(3) ان المطبوعة وبالأصل " استلها ".
(4) كذا.
(5) كذا.
102

أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله الخطيب أنا جدي أبو عبد الله
الحسن بن أحمد أنا علي بن الحسن بن علي أنبأ العباس بن محمد بن حيان نا
عبد الله بن عتاب بن الزفتي نا محمد بن محمد بن مصعب نا محمد بن المبارك
نا الوليد
وقرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن أحمد
التميمي أنا محمد بن أحمد بن هارون الجندي وعبد الرحمن بن الحسين بن
الحسن بن علي بن يعقوب قالا أنبأ أبو القاسم بن أبي العقب نا أبو عبد الملك
أحمد بن إبراهيم نا محمد بن عايذ قال قال الوليد أخبرني سعيد بن عبد العزيز وابن
جابر أن أول وقعة كانت بين المسلمين وبين الروم بأجنادين نصر الله المسلمين قال ابن
جابر فهي إحدى ملاحم الروم التي أبيروا فيها
أخبرنا أبو علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن أشليها (2) المصري وابنه أبو
الحسن قالا أنا أبو الفضل بن الفرات أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو القاسم
علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم
القرشي (3) أنا محمد بن عايذ قال نا الواقدي قال وكان فتح أجنادين يوم الاثنين
لاثنتي عشرة بقيت من شهر جمادى الأولى قال الواقدي واليقين عندنا أن أجنادين
كانت في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وبشر بها أبو بكر رضي الله عنه وهو بآخر
رمق
قال (4) وحدثنا ابن عائذ أنبأ الوليد بن مسلم عن عبد الله بن لهيعة عن أبي
الأسود
عن عروة قال وكانت وقعة أجنادين في جمادى سنة ثلاث عشرة وكانت وقعة
فحل في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة

(1) بالأصل وخع " عتاق " والصواب عن الأنساب عن الأنساب (الزفتي " وفيه أبو العباس عبد الله بن عتاب بن أحمد
الزفتي، وهذه النسبة إلى الزفت وهو شئ أسود مثل القير.
(2) بالأصل وخع: استلها.
(3) بالأصل وخع: " العرسي " والصواب عن المطبوعة.
(4) من هنا سقطت من الأصل وخع واستدرك عن المطبوعة.
103

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأ أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص أنبأ أبو بكر بن سيف نا السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم نا
سيف بن عمر التميمي عن سهل عن القاسم ومبشر (1) عن سالم ويزيد بن أبي أسيد
الغساني عن خالد وعبادة قالوا ولما قدم الوليد (2) على خالد بن سعيد فسانده
وقدمت جيوش المسلمين الذي (3) كان أبو بكر أمده بهم وسموا بجيش البدال وبلغه
عن الأمراء وتوجههم إليه اقتحم على الروم طلب الحظوة وأعرى ظهره وبادر
الأمراء بقتال الروم فاستطرد له باهان فأرز (4) هو ومن معه إلى دمشق واقتحم خالد
في الجيش ومعه ذو الكلاع وعكرمة والوليد حتى نزل بالمرج مرج الصفر بين
الواقوصة ودمشق فانطوت مسالح باهان عليه وأخذوا عليه الطرق ولا يشعر وزحف
له باهان فوجد ابنه سعيد بن خالد يستمطر في الناس فقتلوهم فأتى الخبر خالدا فخرج
هاربا في جريدة فأفلت من أفلت من أصحابه على ظهور الخيل والإبل وقد أجهضوا
عن عسكرهم ولم تنته بخالد بن سعيد الهزيمة عن ذي المروة وأقام عكرمة في الناس
ردءا لهم فرد عنهم باهان وجنوده أن يطلبوه وأقام من بالشام على قريب وقدم
شرحبيل بن حسنة وافدا من عند خالد بن الوليد فندب معه الناس ثم استعمله أبو
بكر (5) على عمل الوليد وخرج معه يوصيه
أخبرنا أبو علي الحسين بن علي وابنه أبو الحسن علي قالا أنبأ أبو الفضل بن
الفرات أنبأ أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك
القرشي نا محمد بن عائذ نا الواقدي عن هشام بن سعد
عن عروة بن رويم أن خالد بن الوليد مضى إلى أصحابه حتى نزل على قناة
بصرى فوجد الأمراء مقيمين لم يفتحوا شيئا قال ما مقامكم بهذا الموضع انهضوا
فنهضوا بأهل بصرى فما أمسوا ذلك اليوم حتى دعوا إلى الصلح فصالحوهم وكتبوا

(1) في المطبوعة " وميسر " والمثبت عن الطبري 3 / 390 حوادث سنة 13.
(2) هو الوليد بن عقبة وكان على النصف من صدقات قضاعة، وكان أبو بكر قد كتب إليه أن يستخلف على
عمله ويتوجه إلى الشام انظر الطبري 3 / 389 - 390.
(3) في الطبري: الذين.
(4) أزر إليه: التجأ.
(5) عن الطبري.
104

بينهم كتابا فكانت أول مدينة فتحت من الشام صلحا (1)
قال ونا ابن عائذ نا عبد الأعلى عن سعيد بن عبد العزيز قال أول مدينة
فتحت بالشام بصرى وفيها مات سعد بن عبادة
وذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن القواس الوراق في تاريخه أن بصرى
افتتحت لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة
قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن بن البنا عن أبي الفتح عبد الكريم بن
محمد بن أحمد بن المحاملي
أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني قال وأما فحل فهو موضع بالشام كان
به وقائع بين المسلمين والمشركين فنسبت تلك الوقعة إلى الموضع فقيل وقعة فحل
وعام فحل وأخبار ذلك في الفتوح
هكذا ذكره بكسر الفاء ونقلته من نسخة بخط زوج الحرة مقروءة على الدارقطني
كذلك وقرأته بخط أبي بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي الحافظ فحل بفتح
الفاء وسكون الحاء هو الصواب
وكذلك يقول أهل الشام إن فحل كانت قبل فتح دمشق وذكر سيف بن عمر
التميمي أنها كانت بعد فتح دمشق والله أعلم
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأ أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور
أنبأ أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص أنا أبو بكر بن سيف ثنا
السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم نا سيف بن عمر عن أبي عثمان يزيد بن أسيد
الغساني وأبي حارثة العتبي قالا: (2)
وخلف الناس بعد فتح دمشق يزيد بن أبي سفيان في خيله (3) في دمشق وساروا
نحو فحل فكان على الناس شرحبيل بن حسنة فبعث خالدا على المقدمة وأبا عبيدة

(1) انظر شروط صلح خالد بن الوليد لأهل بصري في فتوح البلدان للبلاذري ص 116.
(2) الطبري 3 / 442 حوادث سنة 13.
(3) عن الطبري وفي المطبوعة: خيل.
105

وعمرا على مجنبتيه وعلى الخيل ضرار وعلى الرجل (1) عياض وكرهوا أن يصمدوا
لهرقل وخلفهم ثمانون ألفا وعلموا أن بإزاء فحل جند الروم وإليهم ينظرون وأن
الشام بعدهم سلم فلما انتهوا إلى أبي الأعور عوموه (2) إلى طبرية فحاصروهم
ونزلوا على فحل من الأردن وقد كان أهل فحل حين نزل بهم أبو الأعور تركوه وأرزوا
إلى بيسان (3) فنزل شرحبيل بالناس فحلا والروم ببيسان وبينهم وبين المسلمين
تلك المياه والأوحال وكتبوا إلى عمر بالخبر وهم يحدثون أنفسهم بالمقام ولا
يريدون أن يريموا عن فحل حتى يرجع جواب كتابهم من عند عمر ولا يستطيعون
الإقدام على عدوهم في مكانهم لما دونهم من الأوحال وكانت العرب تسمي تلك
الغزاة فحل وذات الردغة (4) وبيسان وأصاب المسلمون من ريف الأردن أفضل ما ترك
فيه المشركون مادتهم متواصلة وخصبهم رغد فاغترهم القوم وعلى الروم سقلار بن
مخراق ورجوا أن يكونوا على غرة فأتوهم والمسلمون لا يأمنون مجيئهم فهم على
حذر وكان شرحبيل لا يبيت ولا يصبح إلا على تعبئة فلما هجموا على المسلمين
فغافصوهم (5) لم يناظروهم فاقتتلوا بفحل كأشد قتال اقتتلوه قط ليلتهم ويومهم إلى
الليل فأظلم عليهم الليل وقد حاروا فانهزموا وهم حيارى وقد أصيب رئيسهم
سقلار بن مخراق والذي يليه فيهم نسطورس وظفر المسلمون أحسن ظفر وأهنأه
وركبوهم وهم يرون على أنهم على قصد وجدد فوجدوهم حيارى (6) هرقل (7) لا
يعرفون مأخذهم فأسلمتهم هزيمتهم وحيرتهم إلى الوحل فركبوه ولحق أوائل
المسلمين بهم وقد وحلوا فركبوهم وما يمنعون يد لامس فوخزوهم بالرماح فكانت
الهزيمة في فحل وكانت مقتلتهم في الرداغ فأصيب الثمانون ألفا لم يفلت إلا الشريد
وكان الله عز وجل يصنع للمسلمين وهم كارهون النتوفة (8) فكان عونا لهم على

(1) عن الطبري ومختصر ابن منظور 1 / 201 وفي مطبوعة ابن عسار " الرحل ".
(2) في الطبري ومختصر ابن منظور، قدموه.
(3) بيسان: مدينة بالأردن بالغور الشامي (ياقوت).
(4) الردغة والردغة الجمع رداغ: الماء والطين والوحل الكثير الشديد (اللسان: ردغ).
(5) أي فاجأوهم وأخذوهم على غرة.
(6) إلى هنا ينتهي السقط من الأصل وخع.
(7) كذا بالأصل، واللفظة مقحمة ولم ترد في الطبري.
(8) كذا، وفي الطبري: كرهوا البقوق فكانت عونا.
106

عدوهم وأتاه من الله عز وجل ليزدادوا بصيرة وجدا واقتسموا ما أفاء الله عز وجل
عليهم وانصرف أبو عبيدة بخالد من فحل إلى حمص فصرفوا بشير (1) بن كعب من
اليرموك معهم ومضوا بذي كلاع ومن معه وخلفوا شرحبيل ومن معه
وقال القعقاع بن عمرو يوم فحل
كم من أب لي قد ورثت فعاله * جم المكارم بحره تيار (2)
ورث المكارم عن أبيه وجده * فبنا بناءهم له استنصار (3)
فبنيت مجدهم وما هدمته * وبني بعدي إن بقوا عمار
ما زال منا في الحروب مروس * ملك يغير وخلفه جرار
بطل اللقاء إذا الثغور توكلت * عند الثغور مجرب مظفار
وغداة فحل قد رأوني معلما * والخيل تنحط والبلاد (4) أطوار
يفدي بلائي عندها متكلف * سلس المياسر عوده خوار
سلس المياسر ما تسامى مأقطا * عند الرهان معير عيار
ما زالت الخيل العراب تدوسهم * في حوم فحل والحتا موار (5)
حتى رميت (6) سراتهم عن أسرهم * في ردعة (7) ما بعدها استمرار
يوم الرداع فعند فحل ساعة * وخز الرماح عليم مدرار
ولقد أثرنا في الرداع جموعهم * طرا ونحوي تسم (8) الأبصار
وقال أيضا:
وغداة فحل قد شهدنا مأقطا * ينسي الكمي سلاحه في الدار

(1) كذا بالأصل، وفي الطبري: سمير.
(2) الأبيات الأول والسادس والسابع والثامن في معجم البلدان " فحل ". وشعراء إسلاميون: شعر القعقاع
ص 35.
(3) في المطبوعة: " استبصار ".
(4) في خع ومعجم البلدان: " والبلاء ".
(5) في معجم البلدان: والهباء موار.
(6) في خع وياقوت: رمين.
(7) في ياقوت: " روعة ".
(8) في خع " تسمو ".
107

ما زلت أرميهم بفرحة كامل * كر المنيح ربابة الأيسار
حتى فضضنا جمعهم بتردس (1) * ينقي العدو إذا سما جرار
نحن الألى جسنا العراق بخيلنا (2) * والشام جسنا في ذرى الأسفار (3)

(1) كذا بالأصل وخع.
(2) عن خع وبالأصل " بخيلها ".
(3) بعده في المطبوعة، وقد سقطت من الأصل وخع:
كم من قمامة إبرنا جمعهم * بعد العراق وبعد ذي الأوتار
وبعده أيضا في المطبوعة: آخر الجزء الثامن.
108

" باب
كيف كان أمر دمشق في الفتح
وما أمضاه المسلمون لأهلها من الصلح "
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد الأكفاني نا أبو محمد
عبد العزيز بن أحمد الكتاني أنا أبو محمد بن أبي نصر أنبأ أبو الميمون بن راشد
أنبأ أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم نا الوليد بن
مسلم قال حدثني الأموي قال ثم ولي عمر بن الخطاب فعلى يديه فتحت دمشق
سنة أربع عشرة
قال أبو زرعة وحدثني محمود بن خالد قال عن محمد بن عايذ عن
الوليد بن مسلم عن عثمان بن خضر (1) عن علاف عن يزيد بن عبيدة قال
فتحت دمشق سنة أربع عشرة
قال أبو زرعة وفتحت دمشق سنة أربع عشرة في رجب
حدثنيه عبد الرحمن بن إبراهيم عن الوليد بن مسلم وغيره بهذه القصة ثم
أعاده في موضع آخر عن محمود عن (2) الوليد ولم يذكر ابن عايذ
أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن أشليها (3) المصري وابنه أبو الحسن
علي بن الحسين قالا أنا أبو الفضل بن الفرات أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو
القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي نا
محمد بن عايذ القرشي نا الوليد عن عثمان بن خضر (1) عن يزيد بن عبيدة قال

(1) كذا بالأصل، وفي المطبوعة: " عثمان بن حصن بن علاق " وانظر تقريب التهذيب والكاشف 2 / 217.
(2) بالأصل " بن " تحريف، وهو محمود بن خالد، وقد مر في الحديث الذي قبله.
(3) بالأصل: استلها ".
109

فتحت دمشق سنة أربع عشرة
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة (1) السلمي
قالا نا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد التميمي أنا أبو القاسم تمام بن محمد الرازي
وعبد الوهاب بن جعفر الميداني قالا أنا أبو الحارث أحمد بن محمد بن عمارة بن
أبي الخطاب يحيى بن عمرو بن عمارة الليثي ح
قال تمام وأخبرني أبو بكر يحيى بن عبد الله بن الحارث ثنا
عبد الرحمن (2) بن عمر المازني قال تمام وأخبرني أبو إسحاق (3) بن سفيان إجازة
قالوا ثنا أحمد بن المعلى ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا الوليد بن مسلم قال
سمعت أشياخنا يقولون إن دمشق فتحت في سنة أربع عشرة وأن عمر بن الخطاب قدم
الشام (4) سنة ست عشرة فولاه الله فتح بيت المقدس على صلح ثم قفل
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم الداراني أنا أبو الفرج
سهل بن بشر الإسفرايني أنا أبو بكر الجليل (5) بن هبة الله بن الخليل أنا
عبد الوهاب بن الحسن الكلابي نا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب نا
العباس بن الوليد ثنا صالح نا أبو مسهر قال سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول كان
فتح دمشق سنة أربع عشرة وكانت اليرموك سنة خمس عشرة وعلى المسلمين أبو
عبيدة بن الجراح رضي الله عنه
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأ عمر بن عبيد الله بن عمر أنا أبو
الحسين بن بشران أنبأ عثمان بن أحمد بن عبد الله نا حنبل نبأ عاصم بن علي نا
أبو معشر قال وكان فتح دمشق في رجب سنة أربع عشرة
قال ونا حنبل بن إسحاق حدثنا هلال بن العلاء ثنا عبد الله بن جعفر الرقي نا
مطرف بن مازن اليماني عن معمر قال وكان فتح دمشق في رجب سنة أربع عشرة

(1) عن خع وبالأصل " عمرة ".
(2) في المطبوعة: عبد الرحيم.
(3) زيادة عن خع.
(4) زيادة عن خع.
(5) عن خع وبالأصل " الحليل ".
110

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي نا أبو بكر أحمد بن علي
بن ثابت ح
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر بن الطبري قالا أنا أبو
الحسين بن الفضل أنبأ عبد الله بن جعفر نا يعقوب نا حامد بن يحيى نا صدقة
يعني ابن سابق عن محمد بن إسحاق قال ثم ساروا إلى دمشق على الناس خالد
وقد كان عمر عزله وأمر أبا عبيدة فرابطوها حتى فتح الله عز وجل فلما قدم الكتاب
على أبي عبيدة بإمرته وعزل خالد استحيى أن يقرئ خالد الكتاب حتى فتحت دمشق
وكانت في سنة أربع عشرة في رجب قال وأظهر أبو عبيدة إمرته وعزل خالد ثم شنا
أبو عبيدة شننته وفي نسخة شنته (1) بدمشق
قال نبأ يعقوب حدثني سلمة عن (2) أحمد بن حنبل عن إسحاق بن عيسى
عن أبي معشر قال وكان فتح دمشق في العام القابل في رجب سنة أربع عشرة وكانت
اليرموك في رجب سنة خمس عشرة
أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن البغدادي قالت أخبرنا أبو
طاهر أحمد بن محمود بن أحمد بن محمد الثقفي أنا أبو بكر بن المقرئ نا
محمد بن جعفر الزراد المنبجي (3) حدثنا عبيد الله بن سعد نا عمي نا أبي عن ابن
إسحاق قال وكان فتح دمشق في سنة أربع عشرة في رجب
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص أنا أحمد بن عبد الله بن سعيد بن سيف نا السري بن يحيى نا شعيب بن
إبراهيم نا سيف بن عمر قال كانت وقعة دمشق في شوال سنة أربع عشرة
أخبرنا أبو غالب الماوردي أنا أبو الحسن محمد بن علي السيرافي ثنا أبو
عبد الله أحمد بن إسحاق القاضي نا أحمد بن عمران نا موسى بن زكريا نا
خليفة بن خياط قال سنة أربع عشرة فيها فتحت دمشق سار أبو عبيدة بن الجراح

(1) كذا بالأصل وخع، والعبارة في مختصر ابن منظور 1 / 203 ثم شتى أبو عبيدة شتيتة - وفي نسخة: شتيه -
(2) بالأصل وخع " بن " تحريف.
(3) في المطبوعة: " المنيحي " تحريف.
111

ومعه خالد بن الوليد فحاصرهم فصالحوه وفتحوا له باب الجابية (1) وفتح خالد أحد
الأبواب عنوة وأتم لهم أبو عبيدة الصلح وقال ابن الكلبي كان الصلح يوم الأحد
النصف من رجب سنة أربع عشرة صالحهم أبو عبيدة بن الجراح
قال وثنا خليفة ثنا بكر بن سليمان عن ابن إسحاق قال صالحهم أبو
عبيدة بن الجراح في رجب
وقال ونا خليفة قال وحدثني بكر بن عطية قال حاصرهم أبو عبيدة رجب
وشعبان وشهر رمضان وشوال تم الصلح في ذي القعدة (2)
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي أنا أبو القاسم علي بن
أحمد بن محمد بن البسري (3) أنبأ أبو طاهر المخلص إجازة أن أبا محمد عبيد الله بن
عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن خلف السكري حدثهم قال دفع إلي (4) أبو
الحسن عبد الرحمن بن حمد بن المغيرة الصيرفي في (5) كتابه وأخبرني عن أبيه أنه قرأ
بخط أبي عبيد القاسم بن سلام الثقة وأنه سمعه من أبيه محمد بن المغيرة وأن أباه قرأه
على أبي عبيد قال أبو محمد فنسخته وقرأته عليه قال حدثني أبي قال حدثني أبو
عبيدة قال سنة أربع عشرة فيها افتتحت دمشق
وذكر أبو عثمان سعيد بن كثير بن عفير المصري في تاريخ فتح دمشق فقال
فحاصروها أربعة أشهر ومنهم من قال فحاصروها أربعة عشر شهرا
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ثنا عبد العزيز الكتاني أنبأ أبو محمد بن أبي
نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي نا
محمد بن عايذ نا الوليد بن مسلم قال حدثني الشيخ الأموي عن أبيه أن أبا بكر ولي
سنتين وأربعة أشهر فعلى يديه كانت وقعة أجنادين وفحل ثم مضى المسلمون إلى

(1) باب دمشق الغربي ومنه يكون الخروج إلى قرية الجابية.
(2) راجع تاريخ خليفة ص 125 و 126.
(3) بالأصل وخع " السري " والصواب عن الأنساب " البسري " وهذه النسبة إلى بسر بن أرطأة، ومنهم أبو القاسم
على بن أحمد بن محمد بن البسري البندار، شيخ بغداد في عصره.
(4) زيادة عن خع.
(5) كذا، والمناسب حذف " في ".
112

دمشق فنزلوا عليها في رجب سنة ثلاث عشرة وتوفي أبو بكر رضي الله عنه بعد ذلك
وولي عمر بن الخطاب فعلى يديه فتحت دمشق في سنة أربع عشرة قال فسمعت
أشياخنا يقولون إن عمر بن الخطاب ولي سنة ثلاث عشرة فأقام عمر عمود
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسنته فكان أول ما ابتدأ به إقامة فريضة الجهاد والائتمام (1)
برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر بأثرة أهله بكل ما قدر عليه (2) من تقويتهم بالأموال التي صرفها
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر فيها مع إعماله رأيه ونظره وتدبيره إياه ما حضر منه أو غاب
قالوا ففتح الله به وعلى يديه الفتوح العظيمة من دمشق سنة أربع عشرة
واليرموك سنة خمس عشرة
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نبأ أبو محمد الكتاني أنبأ أبو القاسم الرازي أنا
أبو جعفر عبد الله بن محمد بن هشام الكندي نا أبو زرعة الدمشقي حدثني الحكم بن
نافع نا صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير أن أبا بكر جهز
بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) جيوشا على بعضها شرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن
العاص وأرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد وهو بالعراق وقد فتح الله عليه القادسية (3)
وجلولاء (4) فكتب له أن انصرف بثلاثة آلاف فارس فأمد إخوانك بالشام والعجل العجل
قال فنزل خالد على شرحبيل ويزيد وعمرو فاجتمع هؤلاء الأمراء الأربعة
وأخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز الكتاني أنا أبو محمد بن أبي
نصر أنبأ أبو الميمون بن راشد نا أبو زرعة حدثني أبو اليمان حدثني صفوان بن
عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير أن يزيد بن أبي سفيان ومن معه كتبوا إلى
أبي (5) بكر يخبرونه بجموع الروم لهم ويستمدونه (6) فكتب أبو بكر إلى خالد بن
الوليد وهو بالعراق وقال غيره بناحية عين التمر وقد فتح الله عليه القادسية وجلولاء

(1) بالأصل وخع: " والانتمام " والمثبت عن المطبوعة.
(2) عن خع وبالأصل " قدم ".
(3) بلدة كان بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخا (ياقوت).
(4) جلولاء: بالمد طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان بينها وبين خانقين سبعة فراسخ (معجم
البلدان).
(5) زيادة عن خع.
(6) بالأصل وخع " واستمدونه ".
113

وأمير الجيش سعد بن أبي وقاص وكتب إليه أن انصرف بثلاثة آلاف فارس فأمد إخوانك
بالشام والعجل العجل إلى إخوانكم بالشام فوالله لقرية من قرى الشام يفتحها الله عز
وجل على المسلمين أحب إلي من رستاق عظيم من رساتيق العراق ففعل خالد فاشتق
الأرض بمن معه حتى خرج إلى صفير (1) وذنبة (2) فوجد المسلمين معسكرين بالجابية
فنزل خالد على شرحبيل ويزيد وعمرو فاجتمع هؤلاء الأربعة أمراء بين مولى (3) من
الحارث
كذا قال وإنما استخلف خالد المثنى بن حارثة ثم قدم سعد بعد ذلك
أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن الماوردي أنا أبو الحسن محمد بن علي
السيرافي نا أحمد بن إسحاق النهاوندي نا أحمد بن عمران بن موسى نا
موسى بن زكريا نا أبو عمرو خليفة بن خياط المعروف بشباب حدثني الوليد بن
هشام عن أبيه عن جده قال كان خالد على الناس (4) فصالحهم فلم يفرغ من الصلح
حتى عزل وولي أبو عبيدة فأمضى صلح خالد ولم يغير الكتاب والكتاب عندهم باسم
خالد
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز الكتاني أنا أبو محمد بن أبي نصر
نا أبو الميمون بن راشد نا أبو زرعة حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم حدثني
الوليد بن مسلم حدثني الأموي عن أبيه قال وكانت وقعة أجنادين في جمادى
الأولى ووقعة فحل في ذي القعدة من سنة ثلاث عشرة
قال محمد بن عايذ قال الوليد بن مسلم قال سعيد بن عبد العزيز وابن حاتم
ثم كانت وقعة بمرج الصفر والتقوا على النهر عند الطاحونة فقتلت الروم يومئذ حتى
جرى النهر وطحنت طاحونتها من دمائهم

(1) كذا بالأصلين، ولم أجده، ولعله أحد موضعين ففي معجم البلدان: ضفير: ذو ضفير: جبل بالشام. وفيه:
ضمير موضع قرب دمشق. فلعله صحفت اللفظة من النساخ.
(2) ذنبة: موضع من أعمال دمشق (معجم البلدان).
(3) كذا وردت العبارة بالأصلين، وفي المطبوعة: فاجتمع هؤلاء الأربعة الامراء يبرمون أمر الحرب.
(4) يعنى عند فتح دمشق، انظر تاريخ خليفة ص 126 حوادث سنة 14.
(5) عقب خليفة بعد ما أورد الخبر: هذا غلط لان عمر عزل خالدا حين ولي.
114

قال فأخبرني عبد الرحمن بن إبراهيم نا الوليد بن مسلم حدثني الأموي أن
وقعة فحل وأجنادين كانت في خلافة أبي بكر ثم مضى المسلمون إلى دمشق ونزلوا
عليها في رجب سنة ثلاث عشرة
قال وحدثني عبد الرحمن بن إبراهيم نا الوليد بن مسلم قال سمعت أبا عمرو
وغير من أشياخنا يقولون إن الله أظهرهم على من تعرض قتالهم (1) بأجنادين وفحل ثم
بمرج الصفر حتى نزلوا على دمشق وحاصروا أهلها
قال ابن عايذ قال الوليد عن يحيى بن حمزة أخبرني راشد بن داود عن
شراحيل بن مرثد أن خالد بن الوليد وجماعة المسلمين نزلوا على حصار دمشق
فحاصروها أربعة أشهر
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المشكاني (2) الخطيب بها أنا القاضي
أبو منصور محمد بن الحسن بن محمد النهاوندي أنا القاضي أبو العباس أحمد بن
الحسين بن زنبيل النهاوندي أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن
القاضي نا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري حدثني محمد بن عثمان
الدمشقي نا الهيثم (3) بن حميد أخبرني محمد بن يزيد الرحبي سمعت أبا الأشعث
عن أبي عثمان الصنعاني قال لما فتح الله عز وجل علينا دمشق (4) خرجنا مع أبي
الدرداء في مسلحة برزة (5) ثم تقدمنا مع أبي عبيدة بن الجراح ففتح الله بنا حمص
ثم تقدمنا مع شرحبيل بن السمط فأوطأ الله بنا ما دون النهر يعني الفرات وحاصرنا
عانات (6) وأصابنا لأواء (7) وقدم علينا سلمان (8) في مدد لنا

(1) عن خع وبالأصل " لقتالهم ".
(2) بالأصلين: " المسكاي " والمثبت " عن الأنساب وهذه النسبة إلى مشكان قرية من أعمال روذراور
قريبة منها من نواحي همذان منها أبو الحسن على بن محمد بن أحمد بن عبد الله الخطيب المشكاني،
خطيب هذه القرية.
(3) عن خع وبالأصل " الهيثم ".
(4) سقطت من المطبوعة.
(5) برزة: قرية من غوطة دمشق. (معجم البلدان).
(6) عانات: راجع معجم البلدان.
(7) عن خع ومختصر ابن منظور. وبالأصل: " وأصحابنا لوا " تحريف.
(8) في مختصر ابن منظور: سليمان.
115

وأخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة نا أبو بكر الخطيب قالا أخبرنا أبو
القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر بن الحسن أنا أبو الحسين بن الفضل أنا
عبد الله بن جعفر نا يعقوب نا أبو الجماهر محمد بن عثمان نا الهيثم (1) بن حميد
أنا محمد بن يزيد الرحبي قال سمعت أبا الأشعث الصنعاني (2) قال لما فتح الله
علينا دمشق خرجنا مع أبي الدرداء في مسلحة برزة ثم تقدمنا مع أبي عبيدة ففتح الله علينا
حمص قال ثم تقدمنا مع شرحبيل بن السمط فأوطأ (3) بنا ما دون النهر يعني الفرات
وحاصرنا عانات فأصابنا عليه لأواء وقدم علينا سلمان الخير في مدد لنا
أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن الحسين أشليها (4) المصري وابنه أبو
الحسن علي بن الحسين قالا أنا أبو الفضل بن الفرات أنا أبو محمد بن أبي نصر
أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنبأ أبو عبد الملك القرشي نا محمد بن عايذ القرشي نا
أبو بكر مروان بن محمد عن يحيى بن حمزة وحدث راشد بن داود الصنعاني عن
أبي عثمان الصنعاني قال حاصرنا دمشق فنزل يزيد بن أبي سفيان على باب الصغير (5)
ونزل أبو عبيدة بن الجراح على باب الجابية (6) ونزل خالد بن الوليد على باب الشرقي
وكان أبو الدرداء ببرزة قال فحاصرناها أربعة أشهر قال وكان راهب دمشق قد طلب
من خالد بن الوليد الصلح قال فشرط عليه خالد بن الوليد أشياء أبى الراهب أن يجيبه
إليها قال فدخلها يزيد بن أبي سفيان قسرا من باب الصغير حتى ركبها قال وذهب
الراهب كما هو على الحائط الحائط فأتى خالد بن الوليد ولا يعلم أحد (7) أن يزيد قد
دخلها قسرا فقال له هل لك في الصلح قال وتجيبني إلى ما شرطت عليك قال نعم
فأشهد عليه ففتح له باب الشرقي فدخل يزيد فبلغ المقسلاط فالتقى هو وخالد عند

(1) عن خع وبالأصل " الهيثم ".
(2) كذا ولعل في الأصلين سقط، فقد تقدم في الحديث السابق أن أبا الأشعث سمعه عن أبي عثمان الصنعاني.
واختلف الاسناد هنا عن المطبوعة.
(3) بالأصلين: فأبطأ.
(4) بالأصلين: أستلها.
(5) أصغر أبواب دمشق، من الجنوب.
(6) باب الجابية: شرقي دمشق، منه الخروج إلى قرية الجابية.
(7) في مختصر ابن منظور 1 / 204 " خالد ".
116

المقسلاط (1) فقال هذا دخلتها عنوة وقال هذا دخلتها صلحا فأجمع رأيهم على أن
جعلوها صلحا (2)
قال نا ابن عايذ وثنا عبد الأعلى بن مسهر عن سعيد بن عبد العزيز أن
يزيد بن أبي سفيان دخل من باب الصغير قسرا وخالد بن الوليد من باب الشرقي
صلحا فالتقى المسلمون في المقسلاط فأمضوا الأمر على الصلح وقالوا فنظروا
فإذا ما بين باب الشرقي إلى المقسلاط (3) أبعد مما بين باب الصغير إلى المقسلاط
قال ونا ابن عايذ حدثني عبد الأعلى بن مسهر حدثني غير واحد عن
الأوزاعي قال كنت عند ابن سراقة حين أتاه أهل دمشق النصارى بعهدهم فإذا فيه
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب من خالد بن الوليد لأهل دمشق إني أمنتهم على دمائهم وكنائسهم أن
لا تسكن ولا تهدم

(1) وهو بالقرب من درب الريحان، وهو موضع النحاسين بدمشق وهو البريص. (فتوح البلدان ص 124).
(2) انظر مختلف الأقوال في فتح دمشق، في أية سنة افتتحت وهل تم فتحها صلحا أم عنوة.
الطبري 4 / 56 ابن الأثير 2 / 81 من تحقيقنا، ابن كثير 7 / 24 من تحقيقنا، الفتوح لابن الأعثم من تحقيقنا
1 / 128 فتوح الشام للأزري ص 102 فتوح البلدان للبلاذري ص 123 - 124.
قال ابن كثير (7 / 28): اختلف العلماء في دمشق هل فتحت صلحا أو عنوة؟ فأكثر العلماء على أنه استقر
أمرها على الصلح، لأنهم شكوا في المتقدم على الاخر أفتتحت عنوة ثم عدل الروم إلى المصالحة، أو
فتحت صلحا. فقال قائلون: هي صلح يعني على ما صالحهم الأمير في نفس الامر - وهو أبو عبيدة - وقال
آخرون: بل هي عنوة لان خالد افتتحها بالسيف، فلما أحسوا بذلك ذهبوا إلى بقية الامراء - ومعهم أبو عبيدة -
فصالحوهم. فاتفقوا على أن يجعلوا نصفها صلحا ونصفها عنوة (قال الواقدي: قرأت كتاب خالد بن الوليد
لأهل دمشق فلم أر فيه أنصاف المنازل والكنائس وقد روي ذلك ولا أدري من أين جاء به) ويروي الواقدي
في فتوح الشام: أن خالد فتح دمشق عنوة وقد دار بينه وبين أبي عبيدة محاجة عنيفة نزلة بعدها خالد على
رأي أبي عبيدة (فتوح الشام 1 / 72 وما بعدها).
وقال ابن كثير (7 / 25): والمشهور أن خالد فتح الباب قسرا (الباب الشرقي) وقال آخرون: بل فتحها عنوة
أبو عبيدة وقيل يزيد بن أبي سفيان. وخالد صالح أهل اللد فعكسوا المشهور المعروف وهذا ما ذهب إليه
البلاذري في فتوح البلدان وفيه نص كتاب خالد لأهل دمشق بالصلح (انظر نص الكتاب ص 127).
وقيل إن أبا عبيدة كتب لهم كتاب الصلح. قال ابن كثير: وهذا هو الأنسب والأشهر، وقيل إن الذي كتب
لهم الصلح خالد بن الوليد ولكن أقره على ذلك أبو عبيدة. وهذا ما ذهب إليه اليعقوبي في
تاريخه 2 / 140.
(3) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن مختصر ابن منظور 1 / 204 والمطبوعة 1 / 502 واللفظ عن
المطبوعة.
117

شهد يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وقضاعي بن عامر وكتب في
رجب من سنة أربع عشرة (1)
أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله الخطيب أنا جدي أبو عبد الله
الحسن أنبأ أبو الحسن الربعي (2) أنا أبو الفرج العباس بن محمد بن حبان أنا أبو
العباس بن الرقي أنبأ محمد بن محمد بن مصعب أنا محمد بن المبارك نا
الوليد قال وأخبرني من سمع يحيى بن يحيى الغساني يحدث عن الرجلين اللذين
من قومه اللذين دخلا دمشق يتسوقان منها قبل حصارها فبعث إليهما بطريقها فأمر
أحدهما بالذهاب إلى معسكر المسلمين ليأتيه بخبرهم ثم رجع فخبره بما خبره به
فمنعهما من الخروج كراهية أن يذيع خبرهما قالا (3) فبينا به نحن فيها إذ سمعنا التكبير
حول المدينة وجعل كل قوم من أهلها على ما يليهم من حائطها قلنا (4) ممن اجعل
معهم إلى باب الشرقي فنزل خالد ومن معه دير خالد (5) ونزل أبو عبيدة ومن معه
ويزيد على باب الجابية فبينا نحن على برج بابها الشرقي إذ نشب أصحاب خالد بن
الوليد القتال ودنا رجل منهم في يده اليمنى السيف وفي يده اليسرى الدرقة فنادى
بالبراز فقال لنا ما يقول قلنا نقول إنه يدعو إلى المبارزة فأنزلوا حبشيا كالبعير
مستائما (6) في سلاحه فتدانى فضربه المسلم فقتله ثم نادى بالبراز فأنزلوا إليه
صاحب بندهم أجلسوه على باب دلوه فتدانى فضربه المسلم فقتله ثم نادى بالبراز
فقال قل للشيطان يبارزك
قال وحدثنا (7) الوليد عن (8) يحيى بن حمزة عن راشد بن داود عن

(1) انظر نص كتاب خالد لأهل دمشق في فتوح البلدان للبلاذري ص 124.
(2) زيادة عن خع.
(3) عن خع وبالأصل " قال ".
(4) كذا وردت العبارة بالأصل وخع، وفي المطبوعة: " فكنا ممن أجفل معهم إلى باب الشرقي " وهذا مناسب
أكثر.
(5) دير خالد: هو دير صليبا بدمشق مقابل دير الفراديس. قال ابن الكلبي: هو على ميل من الباب الشرقي
(معجم البلدان).
(6) بالأصل وخع " مستلما " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 204.
(7) عن خع وبالأصل " ونادى ".
(8) بالأصل وخع " بن " تحريف ".
118

شراحيل (1) بن مرثد أن خالد بن الوليد وجماعة المسلمين نزلوا على حصار دمشق
فحاصروها أربعة أشهر ويزيد بن أبي سفيان على بابها الصغير وأبو عبيدة على باب
الجابية وخالد بن الوليد على دير خالد عند باب شرقي وأبو الدرداء نازل ببرزة في
مسلحة في جماعة من المسلمين
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني
أنبأ تمام الرازي أنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج القرشي أنا أبو بكر
محمد بن خريم بن مروان بن عبد الملك نا السلم (2) بن يحيى نا سويد بن
عبد العزيز حدثني الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد حدثني عصابة من قومي
شهدوا فتح دمشق قالوا (3) دخلها أبو عبيدة بن الجراح من باب الجابية بالأمان ودخل
خالد بن الوليد من باب الشرقي عنوة بالسيف يقتل فالتقيا عند سوق الزيت فلم
يدروا أيهما كان أول العنوة أو الأمان فاجتمعوا فقالوا والله إن أخذنا ما ليس لنا
سفكنا الدماء وأخذنا الأموال لنأثمن ولئن تركنا بعض مالنا لا نأثم قال فأجمعوا (4)
على أن أمضوه صلحا (5)
قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان عن (6) القاضي أبي
عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد أنا أبو المعمر المسدد بن علي بن
عبد الله الأملوكي (7) أنبأ أبي أنا أبو القاسم عبد الصمد بن سعيد القاضي نا
عبد السلام بن العباس بن الزبير نا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز عن عفير
عن عمه زرعة بن السقر عن أبي مخنف (8) حدثني محمد بن يوسف بن ثابت عن

(1) عن خع وبالأصل: شر حبيل.
(2) في خع: المسلم.
(3) بالأصل وخع: قال.
(4) في خع: فاجتمعوا.
(5) انظر تعليقنا المتقدم قريبا في هذا الامر.
(6) بالأصل " بن " تحريف.
(7) هذه النسبة إلى أملوك، بطن من ردمان، وردمان بطن من رعين. وبالأصل وخع: " الاملولي " والصواب
عن المطبوعة.
(8) بالأصل وخع: " محيف " تحريف.
119

عباس بن سهل بن سعد قال تولى أبو عبيدة حصار دمشق وولي خالد بن الوليد
القتال على الباب الذي كان عليه وهو الباب الشرقي فحصر دمشق بعد موت أبي بكر
حولا كاملا وأياما ثم إنه لما طال على صاحب دمشق انتظار مدد هرقل ورأى المسلمين
لا يزدادون إلا كثرة وقوة وإنهم لا يفارقونه أقبل يبعث إلى أبي (1) عبيدة بن الجراح
يسأله الصلح وكان أبو عبيدة أحب إلى الروم وسكان الشام من خالد وكان يكون
الكتاب منه أحب إليهم فكانت رسل صاحب دمشق إنما تأتي أبا عبيدة بن الجراح
وخالد يلج (2) على أهل الباب الذي يليه فأرسل صاحب الرحا إلى أبي عبيدة فصالحه
وفتح له باب الجابية وألح خالد بن الوليد على الباب الشرقي ففتحه عنوة فقال خالد
لأبي عبيدة أسبهم فإني قد فتحتها عنوة فقال أبو عبيدة إني قد أمنتهم قال أبو
مخنف (3) فتمم (4) أبو عبيدة الصلح وكتب لهم كتابا وهذا كتابه
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب لأبي عبيدة بن الجراح ممن أقام بدمشق وأرضها وأرض الشام من
الأعاجم
إنك حين قدمت بلادنا سألناك الأمان على أنفسنا وأهل ملتنا إنا شرطنا لك على
أنفسنا أن لا نحدث في مدينة دمشق ولا فيما حولها كنيسة ولا ديرا ولا قلاية (5) ولا
صومعة راهب ولا نجدد (6) ما خرب من كنائسنا ولا شيئا منها ما كان في خطط
المسلمين ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار وأن نوسع أبوابها
للمارة وابن السبيل ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوسا ولا نكتم على من غش
المسلمين وعلى أن لا نضرب بنواقيسنا إلا ضربا خفيا في جوف كنائسنا ولا نظهر
الصليب عليها ولا نرفع أصواتنا في صلواتنا وقراءتنا في كنائسنا ولا يخرج صليبنا ولا

(1) عن خع، سقطت من الأصل.
(2) في مختصر ابن منظور 1 / 205 يلح.
(3) بالأصل وخع: " محيف " تحريف.
(4) عن مختصر ابن منظور، وبالأصل " فتمر " وفي خع: " فتم ".
(5) بالأصل وخع " قلامة " والصواب عن مختصر ابن منظور 1 / 205 وفي اللسان: قلى: القلية كالصومعة، قال
ابن الأثير: واسمها عند النصارى قلاية: تعريب كلاذه وهي من بيوت عباداتهم.
(6) عن خع وبالأصل " تجدد ".
120

كتابنا في طرق المسلمين (1) ولا يخرج باعوثا (2) ولا شعانين (3) ولا نرفع أصواتنا
مع (4) موتانا ولا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين ولا نجاورهم بالخنازير
ولا نبيع الخمور ولا نظهر شركا في نادي المسلمين ولا نرغب مسلما في ديننا ولا
ندعوا إليه أحدا وعلى أن لا نتخذ شيئا من الرقيق الذين جرت عليهم سهام المسلمين
ولا نمنع أحدا من قرابتنا إن أرادوا الدخول في الإسلام وأن نلزم ديننا حيث ما كنا ولا
نتشبه بالمسلمين في لبس قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا في مراكبهم
ولا نتكلم بكلامهم ولا نتسما بأسمائهم وأن نجز (5) مقادم رؤوسنا ونفرق
نواصينا ونشد الزنانير على أوساطنا ولا ننقش في خواتيمنا بالعربية ولا نركب
السروج ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا نجعله في بيوتنا ولا نتقلد السيوف وأن
نوقر المسلمين في مجالسهم ونرشدهم الطريق ونقوم لهم من المجالس إذا أرادوا
المجالس ولا نطلع عليهم في منازلهم ولا نعلم أولادنا القرآن ولا نشارك أحدا من
المسلمين إلا أن يكون للمسلم أمر التجارة وأن نضيف كل مسلم عابر سبيل من أوسط
ما نجد ونطعمه فيها ثلاثة أيام وعلى أن لا نشتم مسلما ومن ضرب مسلما فقد خلع
عهده
ضمنا ذلك لك على أنفسنا وذرارينا وأرواحنا (6) ومساكننا وإن نحن غيرنا أو
خالفنا عما اشترطنا لك على أنفسنا (7) وقبلنا الأمان عليه فلا ذمة لنا وقد حل لك منا
ما حل من أهل المعاندة والشقاق على ذلك أعطينا الأمان لأنفسنا وأهل ملتنا وأقرونا
في بلادكم التي أورثكم (8) الله عز وجل عليها شهد الله على ما شرطنا لكم على أنفسنا

(1) ما بين معكوفتين زيادة عن مختصر ابن منظور.
(2) الباعوث للنصارى كالاستسقاء للمسلمين، وهو اسم سرياني وقيل هو بالغين المعجمة والتاء فوقها نقطتان
(اللسان: بعث).
(3) شعانين أو سعانين، عيد للنصارى معروف عندهم قبل عيدهم الكبير بأسبوع، سرياني معرب، وقيل هو
جمع واحدة سعنون (اللسان: سعن).
(4) عن مختصر ابن منظور.
(5) عن مختصر ابن منظور وبالأصل " يخر ".
(6) في مختصر ابن منظور: وأزواجا.
(7) الزيادة عن خع ومختصر ابن منظور.
(8) بالأصل وخع " ورثكم " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
121

وكفى به شهيدا
أنبأنا أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان
ثم أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي أنا أبو طاهر
أحمد ب‍ الحسن بن أحمد قالا أنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن
شاذان أنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي
وأخبرنا أبو البركات أنبأ طراد بن محمد بن علي الزينبي أنا أحمد بن علي بن
الحسين بن الباد (1) أنا أحمد بن حامد بن محمد بن عبد الله الرفا قالا أنا علي بن
عبد العزيز نا أبو عبيد حدثني أبو مسهر عن يحيى بن حمزة عن أبي المهلب
الصنعاني عن أبي الأشعث وأبي عثمان الصنعاني أن أبا عبيدة بن الجراح أقام بباب
الجابية فحاصرهم أربعة أشهر
قال أبو مسهر نا سعيد بن عبد العزيز قال دخلها يزيد بن أبي سفيان من الباب
الصغير قسرا ودخلها خالد بن الوليد من الباب الشرقي صلحا لذلك (2) الصلح الذي
كان من خالد بن الوليد في بعضها فغلب الصلح على العنوة وأمضيت (3) دمشق كلها
صلحا
أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن أبي الحديد أنا جدي أبو عبد الله أنبأ أبو
الحسن الربعي أنا العباس بن محمد بن حيان أنا أبو العباس بن الزفتي (4) أنبأ
وحشي وهو محمد بن محمد بن مصعب أنبأ محمد بن المبارك الصوري نا
الكامل قال أخبرني صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير أن القتال
اشتد مما يلي باب الجابية وأشرفوا على فتحها من تلك الناحية فمال أهلها

(1) كذا بالأصل، وفي خع " البداء " وفي الأنساب (البادي): يعرفه العامة بابن الباداء، وأخبرني بعض الشيوخ أنه
البادي، وقال: سألته عن ذاك فقال: ولدت أنا وأخي توأمان وخرجت أولا فسميت البادي.
(2) كذا وردت العبارة بالأصل وخع ويبدو المعنى مشوشا، فثمة سقط في الكلام، والعبارة في المطبوعة:
صلحا، فالتقى المسلمون بالمقسلاط فأمضوها كلها على الصلح. قال أبو عبيد: وإنما صارت دمشق كلها
صلحا لذلك الصلح.
(3) بالأصل وخع: أمضت.
(4) بالأصل " الرقي " وقد تقدم أنه " الزفتي " صوابا وهو ما أثبتناه.
(5) كذا، وفي المطبوعة " الوليد ".
(6) زيادة اقتضاها السياق.
122

إلى مصالحة خالد ففعل فدخل من على باب الجابية وباب الصغير قسرا ودخل خالد بن
الوليد ومن كان معه على باب الشرقي على مصالحة فالتقت خيولهم في سوق
مقسلاطها فتذاكروا دخولهم إياها بالصلح والقسر فاجتمع رأيهم جميعا على أن
يرفعوا عن أهلها السنان (1) والسيف والصلح (2)
قال واقد فذكرته لسعيد وابن جابر فقالا كذلك اجتمع رأيهم إذ (3) اشتبه عليهم
أيهما كان قبل الآخر القسر أو الصلح فجعلوها كلها صلحا وذمة
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز بن أحمد أنا أبو
نصر محمد بن هارون الجندي وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن الحسن قالا
أنا أبو القاسم علي بن يعقوب نا أبو عبد الملك نا ابن عايذ قال قال الوليد فذكرته
لسعيد بن عبد العزيز وابن جابر فقالا كذلك اجتمع رأيهم إذ (2) اشتبه عليهم أيهم كان
قبل الآخر القسر أو الصلح فجعلوها كلها صلحا وذمة
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي بن المسلمة أنا أبو الحسن
الحمامي أنا أبو علي بن الصواف أنا الحسن بن علي القطان نا إسماعيل بن عيسى
العطار نا أبو حذيفة إسحاق بن بشير قال قال هؤلاء بإسنادهم يعني منسوخة ثم
مضى (3) عمر بن الخطاب على جده وإنصافه وكان أعظم همه وهم المسلمين معه
جيوشهم التي بالشام فكانوا أعظم همه قالوا وهم في حصارهم بدمشق لا يفتحونها
والأمراء على منازلهم وخالد عليهم لم يحركوه لأن لا يرى العدو اختلاف أمورهم
وكتموا من العدو وفاة أبي (4) بكر بجهدهم (5) فلما طال عليهم الحصار دس بطريقهم
عيونا فجسوا عساكرهم وأمراءهم ثم عادوا إلى عظيمهم فسألهم بما جسوا ورأوا
فقالوا أما الليل فطول القيام وأما النهار فالخير الظاهر والحرص على الجهاد وإن
وجد أحدهم نعلا أو كبة من شعر أو غزل دفعها إلى صاحب الغنم (6) فإذا قال صاحب

(1) كذا وردت العبارة بالأصلين، وفي المطبوعة: يرفعوا عن أهلها السباء والسيف وأمضوا الصليح.
(2) بالأصل: " إذا ".
(3) بالأصل: " إذا ".
(4) بالأصلين " أبو ".
(5) عن خع وبالأصل " عهدهم ".
(6) في خع: " المغنم " وفي المطبوعة: المقسم.
123

المقسم ما هذا قالوا هذا لا نستحله إلا بحلة فلما سمع عظيم دمشق هذه القصة قال
ما لنا بهؤلاء طاقة ولا لنا في قتالهم خير فراضوا خالدا عند ذلك على الصلح حتى
صالحهم ودخلها من بابها بصلح وعليهم أبو عبيدة من الناحية الأخرى فدخلها عنوة
فالتقيا في مدينة دمشق
وفيهم من قال أبو عبيدة هو الذي صالح وخالد الذي دخلها فقال أحدهما
لصاحبه (1) قد أعطيت الأمان وقال الآخر دخلتها (2) عنوة فقالوا نمضي الأمان
فكتب لهم خالد (3) كتاب أمان فيه أبو عبيدة وغيره من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
قالوا (4) وكان صالح أهل دمشق على دينارين دينارين وشئ من طعام
وبعضهم على الطاقة إن زاد المال زاد عليهم وإن نقص ترك ذلك عنهم وكان اشترط
على أهل الذمة بأرض الشام أن عليهم إرشاد الضال (5) وأن يبنوا قناطر أبناء السبيل من
أموالهم وأن يضيفوا من مر بهم من المسلمين ثلاثة أيام ولا يشتموا مسلما ولا يضربوه
ولا يرفعوا في نادي أهل الإسلام صليبا ولا يخرجوا خنزيرا من منازلهم إلى أفنية
المسلمين ولا يمروا بالخمر في ناديهم وأن توقد النيران للغزاة في سبيل الله عز
وجل ولا يدنوا (6) للمسلمين على عورة وأن لا يحدثوا بناء كنيسة ولا يضربوا
بناقوسهم قبل آذان المسلمين وأن لا يخرجوا الرايات في عيدهم وأن لا يلبسوا
السلاح في عيدهم وأن لا يتحسر (7) في بيوتهم فإن فعلوا شيئا من ذلك عوقبوا وأخذ
منهم وحسب لهم في جزيتهم
ومنهم من قال وقد كان أبو بكر رضي الله عنه توفي قبل فتح دمشق وكتب عمر
رضي الله عنه إلى أبي عبيدة بالولاية على الجماعة وعزل خالد بن الوليد فكتم أبو عبيدة

(1) زيادة عن خع.
(2) بالأصل: دخلها.
(3) سقطت من الأصل واستدركت عن هامشه وخع.
(4) في مختصر ابن منظور 1 / 206: قالوا: وكان صالح أهل دمشق على شئ مسمى لا يزداد عليهم إن
استغنوا، ولا يحط عنهم إن افتقروا، فكان صالح أهل دمشق على دينارين...
(5) عن خع ومختصر ابن منظور وبالأصل " الضالة ".
(6) في مختصر ابن منظور: " ولا يدلوا ".
(7) في مختصر ابن منظور: وأن لا ينحروا.
124

الكتاب من خالد وغيره حتى انقضت الحرب فكتب خالد الأمان لأهل دمشق وأبو
عبيدة الأمير وهم لا يدرون
قال فكان كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بنعي أبي بكر (1) واستعماله أبا
عبيدة بن الجراح وعزله خالدا
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى أبي عبيدة بن الجراح
سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو
أما بعد فإن أبا بكر الصديق خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد توفي فإنا لله وإنا إليه
راجعون ورحمة الله وبركاته على أبي بكر الصديق العامل بالحق والآمر بالقسط والآخذ
بالعرف اللين الستير الوادع السهل القريب الحكيم ونحتسب مصيبتنا فيه ومصيبة
المسلمين عامة عند الله تعالى وأرغب إلى الله في العصمة بالتقى في مرحمته والعمل
بطاعته ما أحيانا والحلول في جنته إذا توفانا فإنه على كل شئ قدير وقد بلغنا
حصاركم لأهل دمشق وقد وليتك جماعة المسلمين فابثث (2) سراياك في نواحي أهل
حمص ودمشق وما سواها من أرض الشام وانظر في ذلك برأيك ومن حضرك من
المسلمين ولا يحملنك قولي هذا على أن تغري عسكرك فيطمع فيك عدوك ولكن من

(1) انظر نص الكتاب في فتوح الشام للأزري ص 98 وفتوح ابن الأعثم من تحقيقنا 1 / 124 - 125 والوثائق
السياسية لحميد الله وثيقة 353 / ب ص 459 وانظر فتوح الشام للواقدي ص 96 - 97 باختلاف بين النصوص.
قال الأزدي في فتوحه أن تولة أبي عبيدة وعزل خالد وردت إلى أبي عبيدة في كتاب مستقل أرسله مع
شداد بن أوس بن ثابت (الأزدي ص 102 و 103 وانظر الوثائق السياسة: وثيقة: 353 / ألف و 353 / ب
و 353 / ه‍.
وقال الأزدي والذي جاء بكتاب نعي أبي بكر يرفأ مولى عمر بن الخطاب.
(2) عن خع، وبالأصل " فأتيت ".
وفي فتوح ابن الأعثم 1 / 125 وبعد إيراده كتاب عمر بنعي أبي بكر وتولية أبي عبيدة وعزل خالد:
قال: ثم كتب عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح كتابا صغيرا وجعله وسطه وهو: بسم الله الرحمن الرحيم، من
عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، إلى أبي عبيد بن الجراح، سلام عليك، أما بعد فإنك بحمد الله
في كنف من المسلمين وعدد يكفي بعضهم حصار أهل دمشق فإذا ورد عليك كتاب هذا فاقرأ على من قبلك
من المسلمين وخبرهم بأنك الوالي عليهم، وابعث سراياك.. انظر فيه بقية الكتاب.
125

استغنيت عنه فسيره ومن احتجت إليه في حصارك فاحتبسه وليكن فيمن يحتبس
خالد بن الوليد فإنه لا غنى بك عنه
قالوا فدفع ذلك الكتاب إلى خالد بن الوليد بعد فتح دمشق بنحو من عشرين ليلة
فأقبل حتى دخل على أبي عبيدة فقال يغفر الله لك أتاك كتاب أمير المؤمنين
بالولاية (1) فلم تعلمني وأنت تصلي خلفي والسلطان سلطانك فقال أبو عبيدة
وأنت يغفر الله لك ما كنت لأعلمك ذلك حتى تعلمه من عند غيري وما كنت لأكسر
عليك حربك (2) حتى ينقضي ذلك كله ثم قد كنت أعلمك إن شاء الله وما سلطان
الدنيا أريد وما للدنيا أعمل وإن ما ترى سيصير إلى زوال وانقطاع وإنما نحن إخوان
وقوام بأمر الله عز وجل وما يضر الرجل أن يلي عليه أخوه في دينه ولا دنياه بل يعلم
الوالي أنه يكاد أن يكون أدناهما إلى الفتنة وأوقعهما في الخطيئة لما يعرض من الهلكة إلا
من عصم الله عز وجل وقليل ما هم ودفع أبو عبيدة عند ذلك إلى خالد بن الوليد
الكتاب (3)
قال أبو حذيفة وولي أبو عبيدة (4) حصار دمشق وولي خالد (5) بن الوليد
القتال على باب الشرقي وولاه الخيل إذا كان يوم يجتمع المسلمون فيه للقتال
فحاصروا دمشق بعد هلاك أبي بكر حولا كاملا وأياما (6) وإنه لما طال على صاحب
دمشق انتظار مدد قيصر رأى المسلمين لا يزدادون إلا كثرة وقوة وأنهم لا يفارقونه أقبل
يبعث إلى أبي عبيدة يسأله الصلح وكان أبو عبيدة أحب إلى الروم وسكان الشام من
خالد بن الوليد فكان أن يكون الكتاب منه أحب إليهم وكان أكتبهما وأقربهما منهم
قربا وكان قد بلغهم أنه أقدمهما هجرة وإسلاما فكانت رسل صاحب دمشق إنما تأتي
أبا عبيدة وخالد يلح على أهل الباب فأرسل صاحب دمشق إلى أبي عبيدة فصالحه وفتح

(1) زيادة عن مختصر ابن منظور.
(2) عن مختصر ابن منظور وبالأصل وخع " حزنك ".
(3) انظر الطبري 3 / 438 وفتوح البلدان ص 128 وفتوح الأزدي 103 وفتوح ابن الأعثم 1 / 125.
(4) بالأصلين: أبو حذيفة، والصواب عن مختصر ابن منظور.
(5) زيادة عن خع.
(6) في مدة الحصار اختلاف، ما بالأصل يوافق رواية اليعقوبي تاريخه 2 / 140، وانظر فتوح الشام للواقدي
1 / 70 والطبري 3 / 438 وفتوح ابن الأعثم 1 / 127.
126

باب الجابية وألح خالد على الباب الشرقي فافتتحه عنوة فقال خالد لأبي عبيدة
أسبهم فإني قد افتتحتها عنوة فقال أبو عبيدة لا إني قد أمنتهم ودخل المسلمون
دمشق
قالوا وكان فتح دمشق سنة أربع عشرة في رجب ولخمس عشرة مضت من
رجب يوم الأحد ولثلاثة عشر شهرا من خلافة عمر إلا سبعة أيام
وكان أهل دمشق قد بعثوا إلى قيصر وهو بأنطاكية رسلا أن العرب قد حاصرونا
وليست لنا بهم طاقة وقد قاتلناهم مرارا فعجزنا عنهم فإن كان لك فينا وفي السلطان
علينا حاجة فأمددنا وأعنا (1) وإلا فإنا في ضيق وجهد واعذرنا وقد أعطانا القوم الأمان
ورضوا منا بالجزية اليسيرة فسرح إليهم أن تمسكوا بحصنكم وقاتلوا عدوكم على
دينكم فإنكم إن صالحتموهم وفتحتم حصنكم لهم لم يفوا لكم وخيركم (2) على دينهم
واقتسموكم بينهم وأنا مسرح إليكم الجيش في إثر رسولي هذا فانتظروا جيشه فأبطأ
عليهم
وكتب عمر إلى أبي عبيدة يأمره بالمناهضة
وذكر سيف بن عمر أن فتح دمشق كان بعد وقعة اليرموك
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص أنبأ أبو بكر بن سيف نا السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم نا
سيف بن عمر (3) عن أبي عثمان عن خالد وعبادة قالا لما هزم الله عز وجل جند
اليرموك وتهافت أهل الواقوصة وفرغ من المقاسم والأثقال (4) وبعث بالأخماس
وسرحت الوفود استخلف أبو عبيدة على اليرموك بشير بن كعب بن أبي الحميري كيلا
يغتال بردة ولا تقطع العدو (5) على مواده وخرج أبو عبيدة حتى ينزل بالصفرين (6) وهو

(1) في الأصل وخع: " ذاعيا " كذا، والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 208.
(2) في خع: " وخيروكم " وفي مختصر ابن منظور: وجبروكم.
(3) تاريخ الطبري 3 / 436 حوادث سنة 13 خبر دمشق من رواية سيف.
(4) في الطبري: والأنفال.
(5) الطبري: الروم.
(6) الطبري: بالصفر.
127

يريد اتباع الفالة ولا يدري يجتمعون أو يفترقون فأتاه الخبر بأنهم أرزوا إلى فحل فأتاه
الخبر بأن المدد قد أتى أهل الشام (1) فهو لا يدري أبدمشق يبدأ أو بفحل من بلاد الأردن
فكتب في ذلك إلى عمر وانتظر الجواب وأقام بالصفرين (2) ولما جاء عمر فتح
اليرموك أقر الأمراء على ما كان استعملهم عليه أبو بكر (3) إلا ما كان من عمرو بن
العاص وخالد بن الوليد فإنه ضم (4) خالدا إلى أبي عبيدة وأمر عمرا بمعونة الناس
حتى يصير الحرب إلى فلسطين وأهل حمص فإن فتحها الله قبل دمشق ثم يتولى حربها
ولما جاء عمر رضي الله عنه الكتاب من أبي عبيدة بالذي ينبغي أن يبدأ به
فكتب (5) إليه
أما بعد فابدؤوا بدمشق وانهدوا لها فإنها حصن الشام وبيت مملكتهم واشغلوا
عنكم أهل فحل بخيل (6) يكون بإزائهم في نحورهم وأهل فلسطين وأهل حمص فإن
فتحها الله عز وجل فذاك الذي نحب وإن تأخر فتحها حتى يفتح الله عز وجل دمشق
فلتنزل دمشق من تمسك بها ودعوها وانطلق أنت وسائر الأمراء حتى تغيروا على فحل
فإن فتح الله عز وجل عليكم (7) فانصرف أنت وخالد إلى حمص ودع شرحبيل وعمرا
وأخلهما بالأردن وفلسطين وأمير كل بلد وجند على الناس حتى يخرجوا من إمارته
فسرح أبو عبيدة إلى أهل فحل عشيرة قواد أبا الأعور السلمي وعبد عمرو بن يزيد بن
عامر الجرشي (8) وعامر بن خيثمة (9) وعمرو بن كلب بن يحصب (10) وعمارة بن
الصعق بن كلب (11) وصيفي بن علبة بن سنامل (12) وعمرو بن الخبيب بن عمرو

(1) الطبري: أتي أهل دمشق من حمص.
(2) الطبري: بالصفر.
(3) زيادة عن الطبري.
(4) بالأصل: " خالد ".
(5) الطبري 3 / 437 - 438.
(6) بالأصل: بجبل " والصواب عن الطبري.
(7) عن الطبري وبالأصل " عليهم ".
(8) بالأصل " الحرشي " والصواب عن الطبري.
(9) في الطبري: " حثمة " وفي خع: " حشمة ".
(10) في الطبري: " عمرو بن كليب بن يخصب " وفي خع: " عمرو بن كلب عن يحصب ".
(11) الطبري: كعب.
(12) في خع: " شامل " ومثلها في الطبري.
128

ولبدة بن عامر بن خثعمة وبشر بن عصمة وعمارة بن محنس (1) قائد الناس ومع كل
رجل خمسة قواد وكانت (2) الرؤساء تكون من الصحابة حتى لا يجدون من يحتمل ذلك
منهم فساروا من الصفرين حتى نزلوا قريبا من فحل فلما رأت الروم أن الجنود تريدهم (3)
بثوا المياه حول فحل فأردغت (4) الأرض ثم وحلت (5) الأرض واغتنم (6) المسلمون
ذلك فحبسوا عن المسلمين ثمانين ألف فارس فكان أول محصور بالشام أهل فحل
ثم أهل دمشق وبعث أبو عبيدة ذا الكلاع حتى كان بين دمشق وحمص ردءا وبعث
علقمة بن حكيم ومسروقا فكانا بين دمشق وفلسطين والأمير يزيد يفضل وفضل (7)
بأبي عبيدة من المرج وقدم خالد بن الوليد وعلى مجنبتيه عمرو وأبو عبيدة وعلى الخيل
عياض وعلى الرجال شرحبيل فقدموا على دمشق وعليهم بسطاس (8) بن بسطورس
فحصروا أهل دمشق ونزلوا حواليها فكان أبو عبيدة على ناحية وخالد (9) على ناحية
ويزيد على ناحية وشرحبيل على ناحية وعمرو على ناحية وهرقل يومئذ بحمص
ومدينة حمص بينه وبينهم فحاصروا أهل دمشق نحوا من سبعين ليلة حصارا شديدا
وقاتلوهم قتالا شديدا بالزحوف والترامي والمجانيق وهم معتصمون بالمدينة يرجون
الغياث وهرقل منهم قريب وقد استمدوه وذو الكلاع بين المسلمين وبين حمص في
جبل على رأس ليلة من دمشق كأنه يريد حمص وجاءت خيول هرقل مغيثة لأهل
دمشق فاشجتها (10) الخيول التي مع ذي الكلاع وشغلتها عن الناس فأرزوا ونزلوا
بإزائه وأهل دمشق على حالهم فلما أيقن أهل دمشق أن الأمداد لا يصل إليهم فشلوا

(1) كذا بالأصل، وفي " محسن " وكلاهما خطأ والصواب " مخشي " كما في الطبري والإصابة.
(2) بالأصل: " خمسة قواد قريبا من فحل وكانت " وعبارة قريبا من فحل مقحمة ولا معنى لها فحذفناها بنا يتفق
مع عبارة الطبري.
(3) عن خع بالأصل تزيدهم.
(4) بالأصل وخع: " فأردعت " والصواب، فأردغت بالغين المعجمة، كما في الطبري، وأردغت الأرض: كثر
رداغها، والرداغ: الوحل الشديد.
(5) عن الطبري وبالأصل " دخلت ".
(6) في الطبري: واغتم المسلمون من ذلك.
(7) في الطبري: ففصل، وفصل.
(8) في الطبري: نسطاس بن نسطورس.
(9) لم يرد خالد في الطبري.
(10) عن الطبري وبالأصل: فأسحنها.
129

ووهنوا وأبلسوا (1) وازداد المسلمون طمعا فيهم وقد كانوا يرون أنها كالغارات (2)
قبل ذلك إذا هجم البرد قفل الناس فسقط النجم والقوم مقيمون فعند ذلك انقطع
رجاؤهم وندموا على دخول دمشق وولد للبطريق الذي على أهل دمشق مولود
فصنع (3) عليه فأكل القوم وشربوا وغفلوا عن مواقفهم ولا يشعر بذلك أحد من
المسلمين إلا ما كان من خالد فإنه كان لا ينام ولا ينيم ولا يخفى عليه من أمورهم
شئ عيونه ذاكية وهو معني بما يليه قد اتخذ كهيئة السلاليم وأوهاقا (4) فلما
أمسى من ذلك اليوم نهد ومن معه من جنده الذين قدم بهم عليهم وتقدمهم وهو
والقعقاع بن عمرو ومذعور بن عدي وأمثاله من أصحابه في أول يومه وقال إذا سمعتم
تكبيرنا على السور فارقوا إلينا وانهدوا إلى الباب فلما انتهى إلى الباب الذي يليه هو
وأصحابه المتقدمون رموا بالحبال الشرف وعلى ظهورهم القرب الذي قطعوا بها
خندقهم فلما ثبت لهم وهقان تسلق فيهما (5) القعقاع ومذعور ثم لم يدعا أحبولة إلا
أثبتاها والأوهاق بالشرف وكان المكان الذي اقتحموا منه أحصن مكان يحيط بدمشق
أكثره ماء وأشده مدخلا وتوافوا لذلك فلم يبق ممن قدم معه أحد إلا رقا أو دنا من
الباب حتى إذا استووا على السور حدر عامة أصحابه وانحدر معهم وخلف من يحمي
ذلك المكان لمن يرتقي وأمرهم بالتكبير فكبر الذين على رأس السور فنهد المسلمون
إلى الباب ومال إلى الجبال (6) بشر كثير فوثبوا فيها وانتهى خالد إلى أول من يليه
فأتاهم وانحدر إلى الباب فقتل البوابين وثار أهل المدينة وفزع سائر الناس فأخذوا
مواقفهم ولا يدرون ما الشأن وتشاغل أهل كل ناحية بما بينهم فقطع خالد بن الوليد ومن
معه أغلاق (7) الباب بالسيوف وفتحوا للمسلمين فأقبلوا عليهم من داخل حتى ما بقي
مما يلي باب خالد مقاتل إلا أنيم وما شد خالد على من يليه وبلغ منهم الذي أراد عنوة

(1) أبلسوا: تحيروا.
(2) بالأصل " كالغارات " والمثبت عن الطبري.
(3) عن خع والطبري وبالأصل " فضع " فصنع عليه: يعني أولم.
(4) الأوهاق جمع وهق، محركة، الحبل في طرفيه أنشوطة يطرح في عنق الدابة حتى تؤخذ.
(5) عن الطبري وبالأصل " فيها ".
(6) الطبري: الحبال.
(7) بالأصل: أعلاق، المثبت عن الطبري.
130

أرز (1) من أفلت إلى أهل الأبواب التي تلي غيره وقد كان المسلمون دعوهم إلى
المناظرة فأبوا وأبعدوا فلم يفجأهم إلا وهو يتوقعون (2) لهم بالصلح فأجابوهم وقبلوا
منهم وفتحوا لهم الأبواب وقال ادخلوا وتمنعونا من أهل ذلك الباب فدخل أهل كل
باب بصلح مما يليهم ودخل خالد مما يليه عنوة فالتقى خالد والقواد في وسطها
هذا (3) استعراضا وانتهابا وهؤلاء صلحا وتسكينا فأجروا ناحية خالد (4) مجراهم
وقالوا قد قروا إلينا ودخلوا معنا فأجاز لهم عمر ذلك رضي الله عنه فأجرى النصف
الذي أخذ عنوة مجرى الصلح فصار صلحا وكان صلح دمشق على المقاسمة الدينار
والعقار والدينار على كل رأس واقتسموا الأسلاب فكان أصحاب خالد فيها
كأصحاب سائر القواد وجرى على الديار ومن بقي في الصلح جريب (5) من كل جريب
أرض ووقف ما كان للملوك ومن صوب معهم فيئا وقسموا لذي الكلاع ومن معه
ولأبي الأعور ومن معه ولبشير ومن معه وبعثوا بالبشارة إلى عمر رضي الله عنه وقدم
على أبي عبيدة كتاب عمر بأن اصرف جند العراق إلى العراق وأمرهم بالحث (6) إلى
سعد بن مالك فأمر على جند العراق هاشم بن عتبة وعلى مقدمته القعقاع بن عمرو
وعلى مجنبتيه عمر بن مالك الزهري وربعي بن عامر وضربوا (8) بعد دمشق نحو
سعد (9) فخرج هاشم نحو العراق في جند أهل العراق وخرج القواد نحو فحل
وأصحاب هاشم عشرة آلاف إلا من أصيب منهم فأتموهم بأناس ممن لم يكن منهم
منهم قيس والأشتر وخرج علقمة ومسروق إلى إيلياء فنزلا على طريقها وبقي بدمشق
مع يزيد بن أبي سفيان من قواد أهل اليمن عدد منهم عمرو بن شمر بن غزية (9)

(1) بالأصل: وارز.
(2) الطبري: يبوحون.
(3) زيادة عن خع والطبري.
(4) عن الطبري، وبالأصل " فأخروا " والمثبت فأجروا عن الطبري أيضا.
(5) الجريب: مقدار من الأرض، ومكيال قدر أربعة أقفزة (قاموس) وقيل مساحة من الأرض تبلغ 3600 ذراع
وقيل عشرة آلاف ذراع.
(6) عن الطبري وبالأصل " بالجب ".
(7) في المطبوعة: " سعر " تحريف.
(8) عن الطبري وبالأصل " وصرفوا ".
(9) عن الطبري وبالأصل: غزنة.
131

وسهم بن المسافر بن هزمة (1) ومشافع (2) بن عبد الله بن شافع وبعث يزيد بن أبي
سفيان دحية بن خليفة الكلبي في خيل بعد فتح (3) دمشق إلى تدمر وأبا الزهراء
القشيري البثنية (4) وحوران فصالحوهم على صلح دمشق ووليا القيام على فتح ما بعثا
إليه
وكان أخو أبي الزهراء قد أصيبت (5) رجله بدمشق فلما هاجى بنو قشير بني
جعدة فخروا بذلك وعددوه وعيروه فأجابهم نابغة بني جعدة:
فإن يكن قدم بالشام نادرة * فإن بالشام اقداما وأوصالا
وإن يكن حاجب ممن فخرت به * فلم يكن حاجب عما ولا خالا
ثم فخر عليهم وقال:
تلك المكارم لا قعبان من لبن * شيبا بماء فصارا بعد أبوالا
وقال القعقاع بن عمرو في يوم دمشق:
أقمنا على داري سليمان أشهرا * نجالد روما قد حموا (6) بالصوارم
قصصنا بها الباب العراقي عنوة * فدان لنا مستسلما كل قائم
أقول قد دارت رحانا بدارهم * أقيموا لهم حر الدرى بالعلاصم (7)
فلما زأدنا في دمشق نحورهم * وتدمر عضوا منهما بالأباهم
وقال أبو نجيد نافع بن الأسود:
لا تحسبني وابن أمي صلصلا * كقاسمة الباكين من كبة (8) الحرب

(1) عن الطبري وبالأصل " هزنة ". عن خع والطبري، وبالأصل " مسافع ".
(3) سقطت من المطبعة.
(4) عن هامش الأصل والطبري، وبالأصل " الثنية ".
(5) بالأصل: " أصيب ".
(6) عن المطبوعة وبالأصل " حملا ".
(7) في المطبوعة: جز الذري بالغلاصم.
(8) بالأصل " مزكية " والمثبت " من كبة " عن خع.
132

تركنا دمشقا منهلا بطريقنا * نحن إليها ما نحر من الكرب
كأنك لم تشهد دمشقا وحائلا * ويوما ببصرى حيث فلظ (1) بنو لهب
فإنا وإياهم سحاب بقفرة * تلقحها (2) الأرواح بالصيب السكب
منعناكم منهم وقد زعزعوا القنا * وكنا قديما نمنع الجار ذا الذنب
هنالك إذ لا يمنع الناس وسمة * وإذا أنت محروب بمدرجة الترب
وقد علمت أفنا تميم بأننا * لنا العز قدما عند ذائدة النهب
وأن موالينا تعز بعزنا * ومولاكم المأكول إن كان ذا سهب
وقال أيضا:
من ذا على الأحداث عز كعزنا * إذا الحرب قامت بالجموع على قفر
فسائل بنا بسطاس والروم حوله * غداة دمشق والحروب بها تجري
ينبوك أنا في الحروب مصالت * نسيل إذا جاش الأعاجم بالثغر
بقوم تراهم في الدهور أعزة * لهم عرض ما بين الفرائض والوتر
أبى الله إلا أن عمرا تناهمو * قوادم (3) حرب لا تلين ولا تحرى
أنبأنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان ثم أخبرنا أبو البركات الأنماطي أنا أبو
طاهر أحمد بن الحسن قالا أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو عبد الله بن إسحاق بن
إبراهيم البغوي
وأخبرنا أبو البركات أنبأ طراد بن محمد الزينبي أنا أحمد بن علي بن
الحسين بن البادا (4) نا حامد بن محمد بن عبد الله الرقي (5) قالا أنا علي بن
عبد العزيز أخبرنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال وكذلك مدينة دمشق افتتحها خالد بن
الوليد صلحا وعلى هذا مدن الشام كانت كلها صلحا دون أرضها على يدي يزيد بن أبي
سفيان وشرحبيل بن حسنة وأبي عبيدة بن الجراح

(1) كذا، وفي المطبوعة: فاظ.
(2) بالأصل وخع: تلحقها.
(3) بالأصل: بناهمو قوايم " والمثبت عن خع.
(4) كذا بالأصل، وفي خع: " البادا، أنا " أنظر ما لاحظناه بأمره قريبا.
(5) في خع: الرفا.
133

أخبرنا أبو الحسين الخطيب أنا جدي أبو عبد الله بن أبي الحديد أنبأ أبو
الحسن الربعي أنا أبو الفرج العباس بن محمد بن حيان أنا أبو العباس بن الزفتي (1)
أنا محمد بن محمد بن مصعب أنا محمد بن المبارك نا الوليد أخبرني غير واحد من
شيوخ دمشق قالوا بينما المسلمون على حصار دمشق إذ أقبلت خيل عظيمة مخمرة
بالحرير هابطة من ثنية السليمة فرآهم المسلمون وهم منحدرون منها فخرج إليهم
جماعة من المسلمين فيما بين بيت لهيا (2) والثنية التي هبطوا منها فهزمهم الله تعالى
وطلبهم المسلمون يترحل هؤلاء وينزل هؤلاء حتى وقفوا على باب حمص فظن
أهلها أنهم لما يأتوا حمص إلا وقد صالحوا أهلها فقالوا نحن على ما صالحتم عليه
أهل دمشق ففعلوا
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي محمد
عبد العزيز بن أحمد التميمي أنا محمد بن أحمد بن هارون وعبد الرحمن بن
الحسين بن الحسن بن أبي العقب قالا أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا أبو
عبد الملك أنا ابن عائذ قال قال الوليد أخبرني صفوان بن عمرو عن
عبد الرحمن بن جبير بن نفير أن المسلمين لما افتتحوا مدينة دمشق بعثوا أبا عبيدة بن
الجراح وافدا إلى أبي بكر وبشيرا بالفتح فقدم المدينة فوجد أبا بكر قد توفي رحمة الله
عليه ورضوانه واستخلف عمر بن الخطاب فأعظم أن يأتمر أحد من أصحابه عليه
فولاه جماعة الناس فقدم عليهم فقالوا مرحبا بمن بعثناه بريدا فقدم علينا أميرا
قال الوليد وحدثنا سعيد بن عبد العزيز عن مكحول أن الذي أبرد بفتح دمشق
رجل من الصحابة ليس بأبي عبيدة وأنه أخبر عمر أنه لم يخلع خفية من يوم الجمعة إلى
يوم الجمعة فقال أصبت (3)
قال أبو عبد الله بن عائذ الوافد عقبة بن عامر هذا أصح وعليه الناس
في حديث عبد الرحمن بن جبير خطأ في مواضع ثلاثة أحدها قوله إن دمشق
فتحت في خلافة أبي بكر وإنما حوصرت في خلافته ولم تفتح إلا بعد وفاته والثاني

(1) بالأصل وخع " الرقي " والصواب ما أثبت وقد تقدم مرارا.
(2) بيت لهيا: بكسر اللام، قرية مشهورة بغوطة دمشق (معجم البلدان).
(3) الزيادة عن خع.
134

قوله إن عمر ولى أبا عبيدة بالمدينة وإنما ولاه وهو مقيم بالشام فبعث إليه بكتاب
توليته وهم محاصرو دمشق فكتمه أبو عبيدة خالدا حتى تم الفتح
والثالث قوله إن أبا عبيدة كان البريد وإنما كان البريد (1) عقبة بن عامر
ويدل عليه أيضا إجماع أهل التواريخ على أن فتح دمشق كان سنة أربع عشرة وبلا
خلاف أن أبا بكر وفي سنة ثلاث عشرة في جمادى الآخرة
ويدل على أن البريد كان بفتح دمشق عقبة بن عامر لا أبو عبيدة ما أخبرنا أبو
الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن صرما الطحان أنا أبو القاسم عبد الله بن
الحسن بن محمد بن الخلال أنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي بن الحسين
الصيدلاني المقرئ أنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري نا أبو الأزهر
نا وهب بن جرير ثنا أبي قال سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب
عن علي بن رياح عن عقبة بن عامر قال قدمت على عمر رضي الله عنه بفتح دمشق
وعلي خفان فقال كنت تمسح عليهما قلت نعم قال منذ كم قلت منذ جمعة
قال أصبت السنة هكذا رواه جرير بن حازم عن يحيى عن (2) يزيد وتابعه الوليد بن
مسلم عن ابن لهيعة عن يزيد
وهو ما قرأته على أبي محمد بن عبد الكريم بن حمزة السلمي عن
عبد العزيز بن أحمد (3) التميمي أنا أبو نصر بن الجندي وعبد الرحمن بن أبي
العقب قالا انا أبو القاسم بن أبي العقب نا أبو عبد الملك نا ابن عائذ قال قال
الوليد وأما عبد الله بن لهيعة فحدثنا عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح عن
عقبة بن عامر قال أبردت بفتح دمشق وعلي خفان جرمقيان (4) فقال عمر متى
عهدك قال يوم الجمعة وهذا يوم الجمعة وما زلت أمسح منذ خرجت قال
أصبت

(1) ما بين معكوفتين زيادة عن مختصر ابن منظور 1 / 211.
(2) عن خع وبالأصل " بن.
(3) زيادة عن خع.
(4) في اللسان " جرمق ": الجرموق خف صغير، وقيل: خف صغير يلبس الخف، والجرامقة: أنباط الشام
واحدهم جرمقاني، قد تكون هذه النسبة إلى جرامقة الشام.
135

ويزيد بن أبي حبيب لم يسمعه من علي بن رباح بينهما عبد الله بن الحكم
البلوي
كذلك رواه عن يزيد عمرو بن الحارث والليث بن سعد ومفضل بن فضالة
وحياة بن شريح وكذلك رواه عبد الله بن وهب ويحيى بن حسان عن ابن لهيعة
ووافقا الجماعة عن يزيد وخالفا الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة
وكذلك رواه يحيى بن إسحاق السيلحيني (1) عن يحيى بن أيوب وخالف
جرير بن حازم
فأما حديث عمرو فأخبرناه أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد بن الحسين
البيهقي أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمر الهروي العمري أنا أبو محمد
عبد الرحمن بن أحمد بن أبي شريح نا يحيى بن محمد بن خالد نا بحر بن نصر
الخولاني ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصريان واللفظ لمحمد قالا أنا
عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث وابن لهيعة والليث بن سعد عن (2)
يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي أنه سمع علي بن رباح اللخمي يخبر
أن عقبة بن عامر الجهني صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال قدمت على عمر بن الخطاب بفتح
من الشام وعلي خفان فنظر إليهما عمر فقال كم لك لم تنزعهما قال لبستهما يوم
الجمعة واليوم الجمعة قال أصبت
وأما حديث ليث فأخبرناه أبو السعود أحمد بن علي بن محمد بن المجلي (3)
قال نا أبو الحسين محمد بن علي بن المهتدي أنا عبيد الله بن أحمد بن علي
المقرئ نا أبو بكر بن زياد حدثني يوسف بن سعيد بن مسلم نا حجاج هو ابن
محمد نا ليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي عن
علي بن رباح اللخمي عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال بعثني بعض أمراء الشام إلى
عمر بن الخطاب فقدمت عليه في يوم الجمعة وعلي خفان فقال متى أولجت خفيك

(1) هذه النسبة إلى سيلحين، قرية معروفة من سواد بغداد قديمة (الأنساب).
(2) بالأصل " بن ".
(3) بالأصل وخع " المحلى " ت حريف، وقد تقدم، الصواب ما أثبتناه.
136

قال قلت له يوم الجمعة الخالية قال ثم لم تنزعهما بعد قال قلت ثم لم
أنزعهما بعد قال أصبت
قال ليث (1) وذلك رأينا
أما حديث مفضل فأخبرناه أبو القاسم غانم بن خالد بن عبد الواحد بن أحمد بن
خالد الأصبهاني بها أنا أبو الطيب عبد الرزاق بن عمر بن موسى بن شمة (2) أنا أبو
بكر المقرئ نا محمد بن زبان بن حبيب نا زكريا بن يحيى صاحب العمري حدثني
مفضل قال سألت يزيد بن أبي حبيب عن المسح على الخفين فقال أخبرني
عبد الله بن الحكم البلوي عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر الجهني أنه وفد إلى
عمر عاما قال عقبة علي خفان من تلك الخفاف الغلاظ فقال عمر متى عهدك
بلبسك لهما فقلت لبستهما يوم الجمعة فقال عمر أصبت السنة
وأما حديث حياة فأخبرناه أبو الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم المعروف
بابن صرما ببغداد أنبأ أبو القاسم بن الخلال أنبأ أبو القاسم الصيدلاني أنا أبو بكر
عبد الله بن محمد بن زياد نا يونس بن عبد الأعلى أنا ابن وهب أخبرني حياة
سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول حدثني عبد الله بن الحكم عن علي بن رباح أن
عقبة بن عامر حدثه أنه قدم على عمر بفتح دمشق قال وعلي خفان قال لي عمر كم
لك يا عقبة منذ كم لم تنزع خفك قال فتذكرت من الجمعة مذ ثمانية أيام قال
أحسنت وأصبت السنة
رواه أبو عاصم عن حياة فوافق ابن وهب على إدخال الرجل (3) بين يزيد وعلي
إلا أنه اختلف عليه في اسمه فقيل عبد الله وقيل الحكم بن عبد الله
فأما حديث من قال عبد الله
فأخبرناه أبو السعود بن المجلي نا أبو الحسين بن المهتدي أنبأ عبيد الله بن

(1) بالأصل: " قال أنت " والمثبت عن المطبوعة.
(2) بالأصل وخع " سمة " والمثبت عن التبصير 2 / 789 ونص على ضبطها بالكسر وقيل بالفتح والميم
مفتوحة.
(3) بالأصل وخع: " الروم حل " كذا، والمثبت عن المطبوعة.
137

أحمد الصيدلاني نا عبد الله بن محمد بن زياد نا ابن (1) الجنيد يعني محمد بن
أحمد نا أبو عاصم أنا حياة بن شريح أخبرني يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن
فلان البلوي عن علي بن رباح أن عقبة بن عامر قدم على عمر بن الخطاب إما قال من
مصر وإما قال من الشام قال له مذ كم لم تنزع خفيك قال من جمعة قال
أصبت
وأما حديث من قال الحكم فأخبرناه أبو السعود بن المجلي أنا أبو الحسين بن
المهتدي أنا أبو القاسم الصيدلاني نا أبو بكر بن زياد نا أحمد بن منصور نا أبو
عاصم عن حياة عن يزيد بن أبي حبيب حدثه عن الحكم من أهل مصر عن
علي بن رباح اللخمي أن عقبة بن عامر قدم على عمر من مصر فقال له كم لك منذ لم
تنزع خفيك قال من الجمعة إلى الجمعة قال أصبت
قال ونا أحمد بن منصور مرة أخرى فقال عن الحكم بن عبد الله (2) قال نا عباس
الدوري نا أبو عاصم عن حياة (3) عن يزيد بن أبي حبيب عن الحكم بن عبد الله
البلوي عن علي بن رباح اللخمي عن عقبة بن عامر أنه قدم على عمر من مصر فقال
له عمر كم لك يا عقبة مذ لم تنزع خفيك قال من الجمعة إلى الجمعة قال أصبت
قال ابن زياد هكذا قال ابن (4) عباس الحكم بن عبد الله البلوي وأحسب هذا
من أبي عاصم أراه كان يضطرب في اسمه وأهل مصر أعلم به قالوا عبد الله بن
الحكم
وأما رواية ابن وهب عن ابن لهيعة بموافقة الجماعة فقد سقناها مع حديث عمرو
وأما حديث يحيى بن حسان عن ابن لهيعة
فأخبرناه أبو الحسن عبد الله بن محمد بن أحمد البيهقي أنا أبو بكر محمد بن
عبد الله العمري أنا عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الشريحي (5) نا يحيى بن
محمد بن صاعد نا سليمان بن شعيب الكيساني نا يحيى بن حسان نا ابن لهيعة

(1) بالأصل " أبو " ثم شطبت وكتبت " أبي " تحريف.
(2) بالأصلين " عبيد الله ".
(3) بالأصلين: عاصم بن حياة.
(4) كذا بالأصلين، " ابن عباس " وقد تقدم أنه عباس الدوري.
(5) هذه النسبة إلى شريح وهو القاضي المعروف. (الأنساب) وفي المطبوعة: الشريجي، تحريف.
138

عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي عن علي بن رباح عن عقبة بن
عامر قال أبردت إلى عمر فدخلت عليه وعلي خفين (1) فقال لي يا عقبة متى عهدك
بنزع خفيك قلت يا أمير المؤمنين لبستهما يوم الجمعة وهذه الجمعة قال أصبت
السنة
وأما رواية يحيى بن إسحاق بن يحيى عن (2) أيوب فأخبرنا بها أبو الفضل
محمد بن إسماعيل بن الفضل العقيلي (3) أنا أبو القاسم أحمد بن أبي منصور محمد بن
محمد الخليلي ببلخ قال أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن الحسن
الخزاعي أنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي نا محمد بن عبيد بن المنادي نا أبو
زكريا السنجاني (4) أخبرني يحيى بن أيوب والليث بن سعد وابن لهيعة كلهم عن
يزيد بن أبي حبيب أن عبد الله بن الحكم أخبره عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر
الجهني قال قدمت على عمر في وفد من دمشق وعلي خفان غليظان جرمقانيان فقال
لي عمر ما هذان الخفان أكنت تمسح عليهما قال قلت نعم يا أمير المؤمنين قال
متى لبستهما قال قلت يوم الجمعة وهذا يوم الجمعة أمسح عليهما قال أصبت
وقال ابن لهيعة في حديثه أصبت السنة
أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن البصري أنبأ محمد بن علي السيرافي أنا
أحمد بن إسحاق النهاوندي نا أحمد بن عمران نا موسى بن زكريا نا خليفة بن
خياط العصفري حدثني عبد الله بن المغيرة عن أبيه قال افتتح شرحبيل بن حسنة
الأزدي كلها عنوة ما خلا طبرية فإن أهلها صالحوه وذلك بأمر أبي عبيدة
وقال ابن الكلبي نحوه وقالا وبعث أبو عبيدة خالد بن الوليد فغلب على الأرض
البقاع (5) وصالحه أهل بعلبك (6) وكتب لهم كتابا

(1) كذا بالأصل وخع والصواب: خفان.
(2) بالأصل وخع " بن " تحريف.
(3) عن خع وبالأصل " الفضلي ".
(4) رسمها بالأصل " السلحاني " وفي خع تقرء " السنجاني " وهو الصواب، وقد أثبتناه، هذه النسبة إلى سنجان
قرية بمرو يقال لها: باب سنجان.
(5) البقاع: جمع بقعة، موضع يقال له يقال كلب، قريب من دمشق وهو أرض واسعة بين بعلبك وحمص
ودمشق (ياقوت).
(6) مدينة قديمة بينها وبين دمشق ثلاثة أيام (ياقوت).
139

وقال ابن المغيرة عن أبيه صالحهم على أنصاف منازلهم وكنائسهم ووضع
الخراج
وقال ابن إسحاق وغيره فيها يعنون سنة أربع عشرة فتحت حمص وبعلبك صلحا
على يدي أبي عبيدة في ذي القعدة
قال شباب ويقال في سنة خمس عشرة
140

" باب
ذكر تاريخ وقعة اليرموك ومن قتل بها
من سوقة الروم والملوك "
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز بن أحمد الكتاني أنا أبو محمد بن
أبي نصر أنا أبو الميمون بن راشد نا أبو زرعة حدثني محمود بن خالد عن
محمد بن عايذ عن الوليد بن مسلم عن عثمان بن حصين (1) بن علاق قال قال
يزيد بن عبيدة واليرموك سنة خمس عشرة
قال أبو زرعة حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم نا الوليد بن مسلم قال
واليرموك سنة خمس عشرة
قال أبو زرعة وأخبرني الحارث بن مسكين عن ابن وهب عن ابن لهيعة قال
عامر اليرموك سنة خمس عشرة
أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن الحسين بن أشليها (2) المصري وابنه أبو
الحسن علي قالا أنا أبو الفضل بن الفرات أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا علي بن
يعقوب بن أبي العقب أنا أحمد بن إبراهيم نا ابن عايذ نا الوليد ونا ابن عايذ
حدثني محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال كان اليرموك في رجب سنة خمس
عشرة
قال ونا الوليد بن مسلم حدثني عثمان بن حصن عن يزيد بن عبيدة أن وقعة
اليرموك كانت سنة خمس عشرة

(1) كذا بالأصل وخع، وفي الكاشف: " حصن " وفي تقريب التهذيب: عثمان بن حصين بن علان.
(2) بالأصل وخع " استلها " والمثبت عن المطبوعة.
141

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي نا أبو بكر الخطيب
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا ابن بكير بن الطبري قالا أنا أبو
الحسين بن الفضل أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب بن سفيان نا ابن بكير حدثني
الليث بن سعد قال كانت اليرموك سنة خمس عشرة قال وحدثنا أبو بكر نا ابن بكير
حدثني الليث بن سعد قال كانت اليرموك سنة خمس عشرة (1) فالخليفة (2) يومئذ
عمر بن الخطاب وهي من أرض الأردن وهو نهرها (3)
قال يعقوب كان اليرموك في رجب سنة خمس عشرة
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا عمر بن عبيد الله بن عمر أنا أبو
الحسين بن بشران أنبأ عثمان بن أحمد بن عبد الله نا حنبل بن إسحاق نا عاصم بن
علي نا أبو معشر قال وكانت اليرموك في رجب سنة خمس عشرة
أخبرنا أبو غالب الماوردي أنا أبو الحسن محمد بن علي السيرافي نا أحمد بن
إسحاق بن خربان (4) النهاوندي نا أحمد بن عمران بن موسى نا موسى بن زكريا نا
خليفة بن خياط قال قال ابن الكلبي كانت الوقعة يعني باليرموك يوم الاثنين لخمس
مضين من رجب سنة خمس عشرة
وهذه الأقوال هي المحفوظة في تاريخ اليرموك
وقد ذكر سيف بن عمر أنها كانت قبل فتح دمشق في أول خلافة عمر سنة ثلاث
عشرة ولم يتابع على ذلك
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص نا أحمد بن عبد الله بن سعيد نا السري بن يحيى نا شعيب عن
إبراهيم نا سيف بن عمر عن محمد وطلحة وزياد بإسنادهم قالوا وكانت اليرموك في
أيام من جمادى الآخرة والجسر في شعبان فكان أول فتح أتاه يعني عمر اليرموك

(1) ما بين معكوفتين زيادة عن خع.
(2) في خع: والخليفة.
(3) عن خع، وبالأصل " نهر ".
(4) بالأصل وخع: " حربال " تحريف، والمثبت والضبط عن تبصير المنتبه 1 / 420.
142

وعلى عشرين ليلة من متوفى أبي بكر
قال سيف وكانت اليرموك لأيام خلون من رجب سنة ثلاث عشرة في إمارة عمر
رضي الله عنه بتعبية أبي بكر رضي الله عنه (1)
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر نا
أحمد بن عبد الله نا السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم نا سيف عن أبي عثمان
يزيد بن أسيد الغساني عن عبادة وخالد قالا (2) شهد اليرموك ألف رجل من أصحاب
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيهم نحو من مائة من أهل بدر
أخبرنا أبو علي الحسين بن علي المصري وابنه أبو الحسن قالا أنا أبو
الفضل بن الفرات أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا أبو
عبد الملك أحمد بن إبراهيم نا ابن عايذ قال وحدثني عبد الأعلى بن مسهر (3) عن
سعيد بن عبد العزيز أن المسلمين كانوا أربعة وعشرين ألفا وعليهم أبو عبيدة بن
الجراح والروم عشرون ومائة ألف عليهم ماهان وسقلان يوم اليرموك
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه نا عبد العزيز بن أحمد الكتاني أنا أبو
محمد بن أبي نصر أنبأ أبو الميمون بن راشد الدمشقي حدثني أبو نعيم نا هشام بن
سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر يقول ما أستطيع أن أصلي
قال فلما حصر أبو عبيدة وتألب (4) عليه العدو فكتب إليه عمر أما بعد فإنه
مهما ينزل بعبد شدة إلا جعل الله له بعدها فرجا ولن (5) يغلب عسر يسرين فإن الله تعالى
يقول " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " (6)
أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن أشليها (7) وابنه أبو الحسن علي قالا أنبأ

(1) كرر الخبر بالأصل، والذي أثبتناه يوافق رواية خع.
(2) عن خع وبالأصل " قال ".
(3) عن خع وبالأصل " شهر ".
(4) بالأصل: " فلما حضر أبو عبيدة ونالت " والمطبت عن المطبوعة.
(5) عن خع وبالأصل " ولم ".
(6) سورة آل عمران، الآية: 200.
(7) بالأصل وخع: " أستلها ".
143

أبو الفضل بن الفرات أنبأ أبو (1) محمد بن أبي نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب
أنا أبو عبد الملك القرشي نا محمد بن عائذ نا الوليد بن مسلم نا أبو عمرو عن
حسان بن عطية عن كعب قال إن لله (2) عز وجل في اليمن كنزين جاء بأحدهما
(3) يوم اليرموك قال وكانت الأردن يومئذ (4) ثلث (5) الناس ويجئ بالآخر يوم
الملحمة الكبرى سبعين ألفا حمائل سيوفهم المسد
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي نا أبو بكر الخطيب
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر بن الطبري قالا أنا أبو
الحسين بن الفضل أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب حدثني عمار عن سلمة عن
محمد بن إسحاق (6) قال مات المثنى بن حارثة فتزوج سعد امرأته سلمى ابنة حفص
وذلك في سنة أربع عشرة وأقام تلك الحجة للناس عمر بن الخطاب ودخل أبو عبيدة
في تلك السنة دمشق فشتى بها فلما ضاقت الروم سار هرقل في الروم حتى نزل أنطاكية
ومعه من المستعربة لخم وجذام وبلقين وبلي وعاملة وتلك القبائل من قضاعة وغسان
بشر كثير معه من أهل أرمينية مثل ذلك بشر كثير فلما نزلها أقام بها وبعث الصقلان
خصيا (7) له فسار في مائة ألف مقاتل معه من أهل أرمينية اثنا (8) عشر ألفا عليهم
جرجة (9) ومعهم من المستعربة من غسان وتلك القبائل اثنا عشر ألفا عليهم جبلة بن
الأيهم الغساني وسائرهم من الروم (10) وعلى جملة الناس الصقلان خصي هرقل وسار
إليهم المسلمون وهم أربعة وعشرون ألفا عليهم أبو عبيدة بن الجراح فالتقوا باليرموك

(1) الزيادة عن خع.
(2) بالأصل " والله " والصواب عن مختصر ابن منظور 1 / 212.
(3) عن مختصر ابن منظور، وبالأصل وخع: بأحدهم.
(4) عن خع وبالأصل " منذ ".
(5) في خع: ثلاث، والمثبت يوافق عبارة مختصر ابن منظور.
(6) بالأصل وخع: " عن سلمة بن محمد عن إسحاق " تحريف والصواب ما أثبتناه موافقا لعبارة مختصر ابن منظور 1 / 212.
(7) بالأصل " حصنا " والمثبت " خصيصا " عن مختصر ابن منظور.
(8) بالأصل " أثني ".
(9) بالأصل " حرحة " وفي خع " حرجة " والصواب عن مختصر ابن منظور.
(10) ما بين معكوفتين زيادة عن خع.
144

في رجب سنة خمس عشرة فاقتتل الناس قتالا شديدا حتى دخل عسكر المسلمين وقاتل
نساء من قريش بالسيوف حين دخل العسكر منهن أم حكيم بنت الحارث بن هشام حتى
سابقن (1) الرجال
أخبرنا أبو الحسين الخطيب أنا جدي أبو عبد الله أنا أبو الحسن الربعي أنا
أبو الفرج العباس بن محمد بن حيان أنا أبو العباس بن الزفتي (2) أنا محمد بن
محمد بن مصعب نا محمد بن المبارك نا الوليد قال وأخبرني صفوان بن
عبد الرحمن بن جبير أن المسلمين صالحوا أهل مدينة دمشق وأهل حمص وقيصر
يومئذ وجنوده بأنطاكية يريد أن يدخل بهم بلاده وتأتي بطارقته من الروم وأهل قنسرين
وأهل الجزيرة ذلك عليه يسألونه أن يسير بهم (3) فيقاتلوا المسلمين ويأبى عليهم
فقالوا فاعقد لرجل وسيرنا معه ففعل فعقد لباهان (4) الرومي الأرمني وسير معه من
روم الروم مائتي ألف وسار من روم قنسرين وأهل الجزيرة وغيرهم بشر كثير فبلغ
ذلك المسلمين الذين على حمص فأجمع أمرهم على المسير إلى إخوانهم الذين
بدمشق فيكون أمرهم واحدا فقال لهم أهل مدينة حمص نحن على صلحنا إن ظفرتم
لا نكثر عليكم ولا نمد قالوا نعم وساروا إلى دمشق وسارت الروم على حمص على
بعلبك ثم على البقاع (5) ثم على حولة دمشق فأشفق المسلمون أن يحولوا بينهم وبين
إخوانهم الذين بسواد (6) الأردن وما قبلها فساروا حتى نزلوا الجابية وانضم إليهم
إخوانهم فكانوا جميعا
قال ونا الوليد أخبرني صفوان عن عبد الرحمن بن جبير أن أمراء الأجناد
اجتمعوا في خباء يزيد بن أبي سفيان وهم بالجابية يسمعون خبر عين لهم من قضاعة
يخبرهم بكثرة القوم ومنزلهم على نهر الرقاد (7) ومرج الجولان إذ طاف بهم أبو سفيان

(1) كذا بالأصل وخع والمطبوعة 1 / 531 وفي مختصر ابن منظور " سايفن " يعنى المضاربة بالسيوف.
(2) بالأصل " الرقي " وقد تقدم مرارا.
(3) بالأصل: أن يسير فيقاتلوا المسلمين ويأتي عليهم.. والصواب عن المطبوعة.
(4) بالأصل: " لنا ماهان " وفي خع: " لناهان " وقد تقدم " ماهان " أو " باهان " وما أثبتناه هنا وافق المطبوعة -
(5) عن خع وبالأصل " التفاع ".
(6) عن خع وبالأصل " سواد ".
(7) بالأصل " الرواد " والمثبت عن خع ومختصر ابن منظور.
145

فقال ما كنت أظن أني أبقى حتى أرى غلمة من قريش يذكرون أمر حربهم ويكيدون
عدوهم بحضرتي لا يحضرونيه فقالوا هل لكم إلى رأي شيخكم فقالوا أدخل أبا
سفيان فدخل فقال ما عندكم أخبروه (1) بخبر القضاعي فقال إن معسكركم هذا
ليس بمعسكر إني أخاف أن يأتيكم أهل فلسطين والأردن فيحولوا (2) بينكم وبين
مددكم من المدينة فتكونوا بين عسكرهم فارتحلوا حتى تجعلوا أذرعات خلف
أظهركم يأتيكم المدد والخير فقبلوا ذلك من رأيه فقال إذ قبلتم هذا من رأيي
فأمروا خالد بن الوليد على الخيول ومروه بالوقوف بها مما يلي الرقاد وأمروا رجلا
على المرامية وأخرجوا إليه كل نابض بوتر ومروه بالوقوف (3) فيما بين العسكرين
وبين الخيول فإنه سيكون لرحيل العسكر من السحر أصوات عالية تحدث لعدوكم فيكم
طمعا فإن أقبلوا يريدون ذلك لقيتهم الخيول فكفتها وإن كانت للخيول جولة
وزعت عنها المرامية فقبلوا ذلك من رأيه ونادوا من السحر بالرحيل (5) فنادت الروم
أن العرب قد هربت فأقبلت فلقيتها الخيول فكفتها (6) حتى سار العسكر تبعتها
المرامية وساقتها الخيول حتى نزلوا خلف اليرموك وجعلوا أذرعات خلف ظهورهم
ونزلت الروم فيما بين دير أيوب (7) إلى ما يليها من نهر اليرموك بينهم النهر فعسكروا
هنالك أياما فبعث ماهان (8) صاحبهم إلى خالد بن الوليد إن رأيت أن تخرج إلي في
فوارس وأخرج إليك في مثلهم أذكرك (9) أمرا لنا ولكم فيه صلاح وخير ففعل خالد بن
الوليد فواقفه (10) مليا فكان فيما عرض عليه إذ قال قد علمت أن الذي أخرجكم من
بلادكم غلاء السعر وضيق الأمر بكم وإني قد رأيت أن أعطي كل رجل منكم عشرة

(1) في خع: " أخبروني " وفي مختصر ابن منظور: فأخبروه.
(2) عن مختصر ابن منظور وبالأصل وخع " فيحولون.
(3) ما بين معكوفتين زيادة عن مختصر ابن منظور، وقد سقطت من الأصل وخع.
(4) عن مختصر ابن منظور، وبالأصل " ودعت " وفي خع: " ورعت ". (5) بالأصل: " ونادوا بالسحر من الرحيل " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(6) في المطبوعة: ولحقتها.
(7) دير أيوب: قرية بحوران من نواحي دمشق. معجم البلدان).
(8) في خع: " ناهان " وفي مختصر ابن منظور: " باهان " والزيادة التالية عنه.
(9) في خع ومختصر ابن منظور: أذاكرك.
(10) بالأصل: " موافقة " والصواب عن المطبوعة، وفي مختصر ابن منظور فواقفه.
146

دنانير وراحلة تحمل حملها من الطعام والكسوة والأدم فيرجعون بها إلى بلادكم
وتعيشون بها أهاليكم سنتكم هذه (1) فإذا كان قابل بعثتم إلينا فبعثنا إليكم بمثله فإنا قد
جئناكم من الجيوش والعدد بما لا قبل لكم به فقال خالد ما أخرجنا من بلادنا الجوع
ولا ضيق الأمر ولكنا معشر العرب نشرب الدماء فحدثنا أن لا دماء أحلا من دماء
الروم فأقبلنا نهريق دماءكم ونشر بها قال فنظر أصحابه بعضهم إلى بعض وقالوا هذا
ما كنا نحدث به عن العرب من شربها الدماء
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي محمد الكتاني أنا أبو
نصر بن الجندي وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن أبي العقب قالا أنا أبو
القاسم بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك نا ابن عايذ قال قال الوليد فذكر نحوه إلا
أنه قال روم الروم وقال ثمانين ألفا والصواب مائة ألف
أخبرنا أبو الحسين بن الخطيب أنا جدي أبو عبد الله أنا أبو الحسن الربعي
أنا أبو الفرج العباس بن محمد بن حيان أنا أبو العباس بن الزفتي (2) أنا محمد بن
محمد بن مصعب وحشي نا محمد بن المبارك نا الوليد بن مسلم أخبرني شيخ من
بني أبي الجعد عن أبيه أبي الجعد أنه أشار على المسلمين ببنات الروم فقبلوا ذلك منه
فبعثوا خيلا عظيمة وأمروا أهل العسكر بإيقاد النيران فانطلق بهم على مدقة الطريق
وجسر الروم حتى واقع عسكر الروم فقاتلوهم مليا فلما نشب القتال انحاز بهم في ظلمة
الليل على الطريق الذي أقبل عليها والجسر وتنادت الروم أن العرب قد انهزمت
فخرجت تتراكض بأدم النيران فتوقص منهم في وادي اليرموك أكثر من ثمانين ألفا لا
يعلم الآخر منهم ما لقي الأول
قال ونا الوليد نا صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير أن المسلمين
غادوهم (3) بالقتال وغدت الروم قد ترجلت صفوفا في سلاسل الحديد مقفلا عليهم لا
يفر بعضهم عن بعض فقاتلوهم قتالا شديدا فنصر الله المسلمين وهزم الروم فأتبعتهم

(1) بالأصل: " وتعينون بها أهاليكم عينكم هذه " وما أثبتناه عن مختصر ابن منظور.
(2) بالأصل: " الرقي " وقد تقدم مرارا.
(3) عن خع وبالأصل: " عادوهم... وعدت.. ترحلت ".
147

الخيول يقتلونهم وأدرك ماهان بناحية الجولان (1) فقتل
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو علي بن المسلمة أنا أبو الحسن
الحمامي أنا أبو علي بن الصواف نا الحسن بن علي القطان نا إسماعيل بن عيسى
العطار قال قال أبو حذيفة إسحاق بن بشر عن سعيد بن عبد العزيز عن قدماء أهل
الشام وغيرهم قالوا ثم زحف يعني ماهان إلى المسلمين فخرج بهم أبو عبيدة وقد
جعل على ميمنته (2) معاذ بن جبل وعلى ميسرته قثامة بن أسامة الكنانة (3) وعلى
الرجالة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وعلى الخيل خالد بن الوليد وكان الأمراء
عمرو بن العاص على ربع ويزيد بن أبي سفيان على ربع وشرحبيل بن حسنة على
ربع وكان أبو عبيدة على ربع
وخرج الناس على راياتهم فيها أشراف رجال من العرب فيها الأزد وهم ثلث
الناس وفيها حمير وهمدان ومذحج وخولان وخثعم وفيها كنانة وقضاعة ولخم (4)
وجذام وكندة وحضرموت وليس فيها أسد ولا تميم ولا ربيعة ولم يكن دارهم إنما
كانت دارهم عراقية فقاتلوا أهل فارس بالعراق فلما بدروا (5) لهم وسار أبو عبيدة
بالمسلمين وهو يقول عباد الله انصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم يا عباد (6) الله
اصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر ومرضاة للرب ومدحضة للعار ولا تتركوا
مصافكم (7) ولا تخطوا إليهم خطوة ولا تبدؤوهم بالقتال وأشرعوا الرماح واستتروا
بالدرق والزموا الصمت إلا من ذكر الله عز وجل في أنفسكم حتى آمركم إن
شاء الله
قالوا وخرج معاذ بن جبل على الناس فجعل يذكرهم ويقول يا أهل القرآن و (8)

(1) الجولان: بالفتح، ثم سكون ز قرية وقيل جبل من نواحي دمشق ثم من عمل حوران. (ياقوت).
(2) عن مختصر ابن منظور وبالأصل ميمنة.
(3) كذا بالأصل، وفي مختصر ابن منظور: قباثة بن أسامة الكناني وانظر الإصابة والاستيعاب " قباث بن
أشيم بن عامر بن الملوح الكناني ".
(4) الزيادة عن خع.
(5) في مختصر ابن منظور: برزوا.
(6) الأصل وخع، وفي وفي مختصر بن منظور: يا معشر المسلمين.
(7)
عن خع وبالأصل: " مصارفكم ".
(8) عن مختصر ابن منظور.
148

مستحفظي الكتاب وأنصار الهدى والحق والرحمة إن رحمة الله لا تنال وجنته لا
تدخل بالأماني ولا يؤتي (1) الله تعالى المغفرة والرحمة الواسعة إلا الصادق المصدق
ألم تسمعوا لقول الله عز وجل " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات " إلى
آخر الآية (2) واستحيوا رحمكم الله من ربكم أن يراكم (3) فرارا عن عدوكم وأنتم في
قبضته وليس لكم ملتحد من دونه ولا عز بغيره يمشي في الصفوف ويذكرهم حتى
إذا بلغ من ذلك ما أحب ورأى من الناس الذي سره لهم ثم حرضهم وانصرف إلى
موقفه رحمه الله
قالوا وسار في الناس عمرو بن العاص وهو أحد الأمراء كمسير أخيه معاذ بن
جبل فجعل يحرضهم ويقول يا أيها المسلمون غضوا الأبصار واجثوا على الركب
وأشرعوا الرماح فإذا حملوا عليكم فأمهلوهم حتى إذا ركبوا أطراف الأسنة فثبوا في
وجوههم وثبة الأسد فوالذي يرضى للصدق ويثبت عليه ويمقت الكذب ويجزي
بالإحسان إحسانا لقد سمعت أن المسلمين سيفتحونها كفرا كفرا وقصرا قصرا فلا
يهولنكم جموعهم ولا عددهم فإنكم لو صدقتموهم الشد (4) تطايروا تطاير أولاد
الحجل قالوا ثم يرجع فوقف في موقفه معهم أيضا
قالوا ثم رجع أبو سفيان بن حرب وهو متطوع يومئذ إنما استأذن أمير المؤمنين
عمر أن يخرج متطوعا مددا للمسلمين متطوعين فجعل الله في مخرجه بركة فسار في
صف المسلمين وهو يقول يا معشر المسلمين أنتم العرب وقد أصبحتم في دار العجم
منقطعين عن الأهل (5) نائين عن أمير المؤمنين وأمداد الله (6) وقد والله أصبحتم بإزاء
عدو كثير عدده شديد عليكم حنقه وقد وترتموهم في أنفسهم وبلادهم ونسائهم والله
لا ينجيكم من هؤلاء القوم ولا يبلغ رضوان الله غدا إلا بصدق اللقاء والصبر في المواطن
المكروهة ألا إنها سنة لازمة وإن الأرض وراءكم بينكم وبين أمير المؤمنين وجماعة

(1) عن مختصر ابن منظور وبالأصل " يولي ".
(2) سورة المائدة، الآية: 9.
(3) عن مختصر ابن منظور 1 / 215 وبالأصل " يراكم فراركم ".
(4) بالأصل وخع " السد " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(5) بالأصل وخع: " الأصل تأثير من " والصواب عن مختصر ابن منظور.
(6) في خع: " وأمداد المسلمين.
149

المسلمين صحارى وبراري ليس لأحد فيها معقل ولا معقول إلا الصبر ورجاء ما وعد
الله فهو خير معقول فامتنعوا بسيوفكم وتعاونوا بها ولتكن هي الحصون
قالوا ثم رجع أبو سفيان إلى النساء اللاتي مع المسلمين وكان كثير من
المهاجرات قد حضرت يومئذ مع أزواجهن وأبنائهن وأجلسهن خلف صفوف المسلمين
وأمر بالحجارة فألقيت بين أيديهن ثم قال لا يرجع إليكن أحد من المسلمين إلا
رميتموه بهذه الحجارة وقلتن من يرجوكم بعد الفرار عن الإسلام وأهله وعن النساء
بأرض العدو فالله الله
قال ثم رجع أبو سفيان فنادى المسلمين فقال يا معشر أهل الإسلام حضر ما
ترون فهذا رسول الله والجنة أمامكم والشيطان والنار خلفكم ثم وقف موقفه
قالوا وزحفت الروم مكانها إلى المسلمين يدفون دفيفا معهم الصلبان وأقبلوا
بالأساقفة والقسيسين والرهبان والبطارقة لهم رجل كرجل الرعد وقد تبايع عظماؤهم
على الموت ودخل منهم ثلاثون ألفا كل عشرة في سلسلة لأن لا يفرون (1)
قالوا فلما نظر إليهم خالد مقبلين أقبل يركض حتى قطع صف المسلمين إلى نساء
المسلمين وهن على تل مرتفع من العسكر حيث وضعهن أبو سفيان فقال يا نساء
المسلمين أيما رجل أقبل إليكم منهزما فأقتلنه ثم انصرف فأتى أبا عبيدة فقال إن هؤلاء
قد أقبلوا بعدة رحل وفرح وإن لهم حدة لا يردها شئ وليست خيلي بالكثيرة ولا والله
لا قامت خيلي لشدة خيلهم ورجالهم أبدا وخيله يومئذ أمام صفوف المسلمين ثلاثة
فقال خالد قد رأيت أن أفرق خيلي فأكون في إحدى الخيلين وقيس بن هبيرة في
الخيل الأخرى ثم تقف خيلنا من وراء الميمنة والميسرة فإذا حمل على الناس ثبت الله
أقدامهم وإن كانت الأخرى حملت خيولنا عليهم وهي جامة (2) وهم قد انتهت شدتهم
وتفرقت جماعتهم فأرجو عندها أن يظفر الله بهم ويجعل الدائرة عليهم وقد رأيت أن
يجلس سعيد بن زيد (3) مجلسك هذا ويقف من ورائه بحذائه مائتين أو ثلاثمائة يكون

(1) كذا، الصواب: لئلا يفروا.
(2) بالأصل وخع: " حامه " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 216 يعني مستريحة. (انظر اللسان جمم).
(3) عن خع وبالأصل " مرثد ".
150

للناس ردءا قالوا فقبل أبو عبيدة مشورته وقال افعل ما أراك الله وأنا فاعل ما أردت
وأجلس أبو عبيدة سعيد بن زيد مكانه وفعل ما أمره به خالد فركب فرسه واقبل يسير في
الناس ويحرضهم ويوصيهم بتقوى الله والصبر ثم انصرف فوقف من خلف الناس
ردءا لهم
قال إسحاق نا سعيد بن عبد العزيز عن بعض قدمائهم أن رجلا من المسلمين
أقبل يومئذ عند وصاة أبي عبيدة هذه فقال له إني قد أردت أن أقضي شأني فهل لك إلى
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حاجة فقال أبو عبيدة نعم تقرئه مني السلام وتخبره أنا قد وجدنا ما
وعدنا ربنا حقا ثم تقدم الرجل فكان أول من استشهد رحمة الله تعالى عليه
قال وأقبلت الروم إليهم كأنها سحابة منقضة إلى المسلمين حتى دنا طرفهم من
ميمنة المسلمين قال فبرز معاذ بن جبل فنادى المسلمين يا معشر أهل الإسلام إنهم
قد تهيؤا للشدة ولا والله لا يردهم إلا الصدق عند اللقاء والصبر عند القراع (1)
قالوا ثم نزل عن فرسه وقال من يريد فرسا يركبه ويقاتل عليه قال فوثب ابنه
عبد الرحمن وهو غلام حين احتلم فأخذه فقال يا أبة إني لأرجوه أن لا يكون فارسا
أعظم غناء في المسلمين مني فارس وأنت يا أبة راجل أعظم غناء منك فارس الرجالة
هم عظم المسلمين فإذا رأوك حافظا مترجلا صبروا إن شاء الله تعالى وحافظوا قال
فقال أبوه وفقني الله وإياك يا بني
قال ثم إن الروم تداعوا وتحاضوا وذكرتهم الأساقفة والرهبان قال فجعل معاذ
إذا سمع ذلك منهم يقول اللهم زلزل أقدامهم وأرعب قلوبهم (2) وأنزل علينا
السكينة وألزمنا كلمة التقوى وحبب إلينا اللقاء ورضنا بالقضاء
وخرج باهان صاحب الروم فجال فيهم حتى وقف وأمرهم بالصبر والقتال دون
ذراريهم وأموالهم وسلطانهم ثم بعث إلى صاحب الميسرة أن احمل وهو الأذربيجان
وكان عدو الله متنسكا فقال للبطارقة والرؤوس الذين معه قد أمركم أميركم أن تحملوا
قالوا فتهيأت البطارقة فشدت على الميمنة وفيها الأزد ومذحج وحضرموت وحمير

(1) بالأصل وخع " الفراغ " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 217.
(2) زيادة عن خع.
151

وخولان فثبتوا حتى صدقوا أعداء الله فقاتلوهم قتالا شديدا طويلا ثم أنه ركبه من الروم
أمثال الجبال فزال المسلمون من الميمنة إلى ناحية القلب وانكشفت (1) طائفة من
الناس إلى العسكر وثبت صدر من المسلمين عظيم يقاتلون تحت راياتهم وانكشفت
زبيد يومئذ وهي في الميمنة وفيهم الحجاج بن عبد يغوث فتنادوا فترادوا واجتمعوا
جميعا فاجتمعوا وهم خمسمائة رجل فشدوا شدة نهنهوا من قبلهم من الروم واشغلوهم
عن اتباع من انكشف من الميمنة وتراد أيضا جماعة من الميمنة المتحيزة فشدت حمير
وحضرموت وخولان بعدما زالوا حتى وقفوا مواقفهم في الصف واستقبل النساء سرعان
من انهزم من المسلمين معهن عمد البيوت وأخذن تضربن وجوههن وترمين بالحجارة
قالوا قال العباس بن سهل بن سعد الساعدي وكانت تحته خولة بنت ثعلبة
الأنصارية في هؤلاء النساء فمر بها عمرو وهو ابن بحر وهو يقول (2):
يا هاربا عن نسوة ثنيات (3) * فعن قليل ما ترى سبيات
* ولا خطيئات (4) ولا رضيات (5) *
قال فتراد الناس وثبت النساء على مواقفهن
قالوا واستحر القتال في الأزد فأصيب منهم ما لم يقتل من القبائل وقتل يومئذ
عمرو بن الطفيل الدوسي وحقق الله رؤيا والده رحمة الله عليه الطفيل فإنه رأى يوم
مسيلمة أن امرأة لقيته ففتحت له فرجها فدخله وطلبه ابنه هذا وحبس عنه فقال
أولت رؤياي أن أقتل وأن المرأة التي أدخلتني في فرجها الأرض وأن ابني سيصيبه
جراحة ويوشك أن يلحقني فقتل هذا يوم اليرموك وهو يقول يا معشر الأزد لا يؤتين
المسلمين من قبلكم وأخذ يضرب بسيفه قدما وهو يقول:

(1) بالأصل " والنكشف ".
(2) كذا بالأصل، والصواب " وهي تقول " كما في البداية والنهاية 7 / 15 وفتوح الشام للواقدي وغزوات ابن
حبيش 1 / 274.
(3) في خع وغزوات ابن حبيش 1 / 274 والبداية والنهاية 7 / 15: " تقيات " وفي فتوح الشام للواقدي " ثقات ".
(4) في خع وابن حبيش: " حظيات " وفي البداية والنهاية: حصيات.
(5) الرجز في فتوح الشام للواقدي باختلاف وزيد رابعا في ابن حبيش رميت بالسهم وبالمنيات.
152

قد علمت دوس ويشكر تعلم * أني أخو البيض ليوم مظلم (1)
وأعزل الشكيم شد الأيهم * كنت عزيزا في الوغا ضيغم (2)
فقاتل حتى قتل
قال وثبت جندب بن عمرو بن جهمة (3) ورفع رايته وهو يقول يا معشر
الأزد إنه لا ينجو من القتل والعدو والإثم إلا من قاتل ألا وإن المقتول الشهيد
والخائب من تولى ثم أخذ يقول يا معشر الأزد:
* إنه لا يمنع الراية إلا الأبطال (4) *
فقاتل حتى قتل
قالوا وبرز أبو هريرة صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الأزد يعاونها وهو أحد الرؤوس
من الأزد فجعل يقول سارعوا إلى الحور العين وجوار ربكم عز وجل في جنان النعيم
ما أنتم إلى ربكم في موطن أحب إليه منكم في مثل هذا الموطن ألا وإن للصابرين
فضلهم
قالوا فأطافت به الأزد ثم اضطربوا حتى صارت الروم تجول في مجال واحد كما
تدور الرحى قالوا ولقل ما رؤي يوما أكثر قحفا ساقطا ومعصما نادرا وكفا طائرة من
ذلك الموطن والناس يضطربون تحت القسطل (5) قالوا وجل القبائل (6) في الميمنة
حتى القلب قالوا والقلب في نحو ما فيه الميمنة

(1) في ابن حبيش 1 / 274:
أني إذ الأبيض يوما مظلم
(2) في ابن حبيش:
وعود النكس وفر الأبهم * أني عفرنا في الوقاع ضيغم
(3) كذا بالأصل وخع، وفي ابن حبيش: " حمئة ".
(4) الرجز في ابن حبيش 1 / 275 وقبله فيه:
يا معشر الأزد احتداد الاقبال
هيهات هيهات وفوت الحال
(5) القسطل: الغبار.
(6) عن خع وبالأصل " القبهلل " وفي ابن حبيش: " وكان جل القتال ".
153

قالوا وحمل عليهم خالد بن الوليد على الميسرة التي دخلت العسكر
واضطربت ميمنة المسلمين إلى القلب فصارت الميمنة والقلب شيئا واحدا فقتل هو
وخيله نحوا من ستة آلاف ودخل سائرهم بيوت المسلمين في العسكر مجرحين
وخرج خالد بن الوليد في خيله يطرد (1) من كان من الروم قريبا من العسكر حتى إذا
أرادوا أن يمكروا به نادى عند ذلك يا أهل الإسلام لم يبق عند القوم من الجلد والقتال
إلا ما رأيتم الشدة الشدة فوالذي نفسي بيده إني لأرجو أن يمنحكم الله أكتافهم قالوا
فاعترض صفوف (2) الروم وأن في جانبه الذي يستقبل لمائة ألف من الروم فحمل
عليهم وما هو إلا في نحو من ألف فارس قالوا فوالله ما بلغتهم الحملة حتى فض (3)
الله جمعهم وشد المسلمون على من يليهم من رحالهم فانكشفوا وأتبعهم المسلمون ما
يمتنعون من قبل ميمنتهم ولا ميسرتهم (4) قالوا ثم إن خالد انتهى في تلك الحملة
إلى الذربيجان وقد قال لأصحابه لفوني في الثياب فلف في الثياب وقال وددت أن
الله كان عافاني من حرب هؤلاء القوم فلم أرهم ولم يروني ولم أنصر عليهم ولم
ينتصروا علي وهذا يوم شر ولم يقاتل حتى غشيه القوم فقتلوه
قالوا وقال أيضا قناطر وهو في ميمنة الروم لجرحين (5) صاحب أرمينية احمل
فقال له أنت تأمرني أن أحمل وأنا أمير مثلك فقال له قناطر أنت أمير وأنا أمير وأنا
فوقك وقد أمرت بطاعتي فاختلفا ثم إن قناطر حمل حملة شديدة على كنانة وقيس وخثعم
وجذام وقضاعة وعاملة وغسان وهم فيما بين ميسرة المسلمين إلى القلب فكشفوا
المسلمين وزالت الميسرة عن مصافها وثبت أهل الرايات وأهل الحفايظ فقاتلوا
وركبت الروم أكتاف من انهزم حتى دخلوا معهم العسكر قال فاستقبلهم نساء المسلمين
بعمد الفساطيط يضربون بها وجوههم ويرمونهم بالحجارة ويقلن (6) أين أين عز
الإسلام والأمهات والأزواج (7) قال فيعطف هؤلاء الذين انهزموا إلى المسلمين

(1) عن خع وبالأصل " يصرد " وفي ابن حبيش: " يكرد " بمعني يطر.
(2) عن خع وبالأصل " صفوان ".
(3) عن مختصر ابن منظور 1 / 219 وبالأصل " قبض " ومثله خع.
(4) زيادة عن خع.
(5) كذا بالأصل وخع ومختصر ابن منظور، وفي ابن حبيش: جرجير.
(6) عن خع وبالأصل: ويقولون.
(7) كذا بالأصول، وفي المطبوعة: والأرواح.
154

وينادي الناس بالحفايط والصبر قال وشد قبابة (1) بن أسامة فقاتل قتالا شديدا
وجعل يرتجز (2) ويقول:
إن تفقدوني تفقدوا خير فارس * لذي الغمرات والرئيس المحاميا
وذا فخر لا يملأ الهول قلبه * ضروبا بنصل السيف أروع ماضيا (3)
قالوا فكسر في القوم ثلاث رماح يومئذ وقطع سيفين وأخذ يقول كلما قطع
سيفا (4) أو كسر رمحا من يعير سيفا أو رمحا في سبيل الله رجلا حبس نفسه مع أولياء
الله قد عاهد الله أن لا يفر ولا يبرح حتى يقاتل المشركين حتى يظهر المسلمون أو
يموت فكان من أحسن الناس بلاء في ذلك اليوم
قالوا ونزل أيضا أبو الأعور السلمي فقال يا معشر قيس خذوا نصيبكم من
الأجر والصبر فإن الصبر في الدنيا عز ومكرمة وفي الآخرة رحمة وفضيلة فاصبروا
وصابروا
ثم إن الناس حيزوا إلى القلب وفي القلب سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل حيث
وضعه أبي عبيدة بن الجراح قال فلما نظر سعيد إلى الروم وخافها اقتحم إلى الأرض
وجثى على ركبتيه حتى إذا دنوا (5) منه طعن برايته أول رجل من القوم ثم ثار في
وجوههم كأنه الليث وأخذ يقاتل ويعطف الناس إليه
قالوا وكان يزيد بن أبي سفيان يومئذ من عظم الناس غناء (6) قد كان أبوه مر به
فقال له يا بني عليك بتقوى الله والصبر فإنه ليس رجل بهذا الوادي من المسلمين إلا
محفوفا (7) بالقتال فكيف بك وبأشباهك الذين ولوا أمور المسلمين أولئك أحق الناس

(1) كذا بالأصل وخع، وفي ابن حبيش " قباث بن أشيم " وهو الصواب، وانظر ما تقدم فيه، والإصابة والاستيعاب.
155

بالجهاد والنصيحة فاتق الله يا بني والزم (1) في أمرك ولا يكونن أحد من إخوانك
بأرغب في الأجر والصبر في الحرب ولا أجرأ على عدو الإسلام منك قال أفعل
فقاتل يومئذ في الجانب الذي كان فيه واقفا قتالا شديدا وكان مما يلي القلب
قالوا وشد طرف من الروم على عمرو بن العاص فانكشف هو وأصحابه حتى
دخلوا أول العسكر وهم في ذلك يقاتلون ويشدون ولم ينهزموا هزيمة ولوا فيها الظهر
قال فنزلن (2) النساء بعمدهن من التل فضربن وجوه الرجال ونادت الناس أم
حبيبة ابنة العاص (3) فقالت قبح الله رجلا يفر عن حليلته وقبح الله رجلا يفر من
كريمته قالوا وسمع نسوة من النساء المسلمين يقلن فلستم بعولتنا إن لم تمنعونا
قال فتراد المسلمون وزحف عمرو وأصحابه حتى عادوا إلى قريب من موقفهم
قالوا وقاتل أيضا شرحبيل بن حسنة في ربعه الذي كان فيه فكان وسطا من
الناس إلى جنب سعيد بن زيد وانكشف عنه أصحابه فثبت وهو يقول " إن الله اشترى من
المؤمنين أنفسهم وأموالهم " (4) إلى آخر الآية أين الشارون أنفسهم لله ابتغاء مرضاة الله
وأين المشتاقون إلى جوار الله في داره قالوا فرجع إليه ناس كثير وبقي القلب لم
ينكشف أهله لمكان الذي كان فيه سعيد بن زيد
قالوا وكان أبو عبيدة من وراء ظهره ردءا له وللمسلمين
قالوا فلما رأى قيس بن هبيرة خيل المسلمين وراء صفهم مما يلي ميسرة
المسلمين وأن المسلمين قد دخلت ميسرتهم العسكر وأن الروم قد صمدت لهم
اعترض الروم بخيله تلك ينتظر خيل خالد بن الوليد فعطف بهم إلى بعض ورجع
المسلمون في آثارهم فقاتلوهم وحمل على من يليه من الروم وهو في ميمنة المسلمين
حتى اضطروهم إلى صفوفهم
قالوا فلما رأى خالد بن الوليد أن قيس بن هبيرة قد كشف من يليه وأن

(1) ابن حبيش: وأكرم.
(2) كذا.
(3) بالأصل: " ونادت الناس ابنة ابن العاص " والصواب عن ابن حبيش.
(4) سورة التوبة، الآية: 111.
156

المسلمين قد رجعت راجعتهم إلى المسلمين حمل على من يليه من الروم يعطف
بعضهم بعضا إلى بعض وزحف المسلمون إليهم رويدا حتى إذا دنوا منهم إذا هم (1) ينتفضون
قال فبعث ذلك أبو عبيدة عند ذلك إلى سعيد بن زيد أن شد عليهم وشد
المسلمون بأجمعهم عدة واحدة وأظهروا التكبير ثم صكوهم صكة واحدة فطعنوا
بالرماح فضربوا بالسيوف وأنزل الله تعالى نصره وما وعد نبيه (صلى الله عليه وسلم) فضرب الله وجوه
أعدائه ومنح أكتافهم وزلزل أقدامهم وأنزل الله ملائكة يضربون وجوههم حتى ولوا
المسلمين أكتافهم
قالوا قال سعيد بن المسيب عن أبيه أنه قال لما جلنا هذه الجولة سمعنا صوتا
قد كاد يملأ العسكر يقول يا نصر الله اقترب الثبات الثبات يا معشر المسلمين
فتعطفنا عليه فإذا هو أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه
قالوا وشد خالد في سرعان الناس وشد المسلمون معه يقتلون كل قتلة
وركب (2) بعضهم بعضا حتى انتهوا لي مكان مشرف على أهوية فأخذوا يتساقطون فيها
وهم يبصرون (3) وهو يوم ذو ضباب ومنهم من قال كان ذلك في الليل فأخذ
آخرهم لا يعلم ما يلقي أولهم يتساقطون فيها وهم (4) لا يبصرون وهم يوم ذو
ضباب (5) حتى سقط فيها نحو من ثمانين (6) ألفا فما أحصوا إلا بالقصب
قالوا وبعث أبو عبيدة شداد بن أوس بن أخي حسان بن ثابت بعدهم بعد
ذلك اليوم بيوم فوجد من سقط في تلك الأهوية بعدما عدهم بالقصب ثمانين ألفا
يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا وسميت تلك الأهوية بالواقوصة من يومئذ حتى اليوم
لأنهم وقصوا فيها فأخذوا وجها آخر وقتل المسلمون في المعركة (5) بعدما أدبروا أما

(1) عن خع.
(2) بالأصل " وركن " والصواب عن ابن حبيش
(3) بالأصل: " وهم ينصرون " والمثبت عن خع وابن حبيش.
(4) كذا كررت العبارة بالأصل وخع.
(5) في ابن حبيش: مائة ألف.
(6) عن خع وابن حبيش، وبالأصل " المعرفة ".
157

ما لا يحصى وغلبهم الليل فبات المسلمون فلما أصبحوا نظروا فإذا هم لا يرون
شيئا فقالوا كمن أعداء الله لنا فلما بعثوا الخيول في الوادي تنظر هل لهم من كمين لو
نزلوا بوطاء من المسلمين فإذا الرعاة يخبرونهم أنهم قد سقطوا في الواقوصة فسألوا
عن عظيم (1) الروم فقالوا قد ترحل منهم البارحة بنحو من أربعين ألفا
ثم أتبعهم خالد بن الوليد على الخيل فقتلهم حتى مر بدمشق فخرج إليه رجال
من أهل دمشق فاستقبلوه فقالوا نحن على عهدنا الذي كان بيننا وبينكم فقال لهم
نعم أنتم على عهدكم ثم أتبعهم يقتلهم في القرى وفي كل وجه حتى قدم دمشق فخرج
إليه أهلها فسألوه التمام على ما كان بينهم ففعل قال ومضى خالد يطلب عظم الناس
حتى أدركوه بثنية العقاب وهو يهبط الهابط منها إلى غوطة فدرك عظم الناس حتى
أدركهم بغوطة دمشق
فلما انتهوا إلى تلك الجماعة من الروم وأقبلوا يرمونهم بالحجارة من فوقهم
فتقدم إليهم الأشتر وهو في رجال من المسلمين فإذا أمامهم رجل من الروم جسيم
عظيم فمضى إليه حتى وثب عليه فاستوى هو والرومي على صخرة مستوية فاضطربا
بسيفيهما فأظن (2) الأشتر كف الرومي وضرب الرومي الأشتر بسيفه فلم يضره
واعتنق (3) كل واحد منهما صاحبه فوقعا على الصخرة ثم انحدرا وأخذ الأشتر يقول
وهو في ذلك ملازم العلج لا يتركه " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب
العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين " (4) قال فلم يزل يقل ذلك
حتى انتهوا إلى مستوى الجبل وقرار فلما استقروا وثب على الرومي فقتله وصاح في
الناس أن جوزوا قال فلما رأت الروم أن صاحبهم قد قتل خلوا الثنية وانهزموا قال
وكان الأشتر ذا بلاء حسن في اليرموك قالوا لقد قتل ثلاثة عشر
قالوا فركب خالد والمسلمون الثنية ثم انحطوا مشرفين وأنكوا في سائر البلاد
يطلبون أعداء الله في القرى والجبال حتى وصلوا إلى حمص فخرج إليهم أهل حمص

(1) بالأصل: " من عظيم " والمثبت عن خع ومختصر ابن منظور.
(2) كذا بالأصل وخع، والصواب " فأطن " كما في مختصر ابن منظور 1 / 221، يعني قطعها.
(3) بالأصل وخع: " واستنق " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(4) سورة الأنعام، الآية: 162.
158

يسألونهم التمام على عهدهم وعقدهم وجزيتهم (1) ففعل بهم خالد ما فعل بأهل
دمشق وأقام بها ينتظر رأي أبي عبيدة
قالوا ولما سار خالد بن الوليد من اليرموك في إثر من انهزم وقع أبو عبيدة في
دفن المسلمين حتى غيبهم (2) وكفاه دفن الكفار بالواقوصة التي وقعوا فيها وقد كان مما
يعملون أن يدفنوا الكفار بعدما يدفنون المسلمين فكفاه الله الكفار بالواقوصة التي
وقعوا فيها فكتب أبو عبيدة مكانه (3) إلى عمر بن الخطاب يصف له أمرهم
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص نا أبو بكر بن سيف نا السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم نا
سيف بن عمر التميمي قال وكان أبو بكر رضي الله عنه قد سمى لكل أمير من أمراء
الشام كورة فسمى لأبي عبيدة بن عبد الله بن الجراح حمص وليزيد (4) بن أبي
سفيان دمشق ولشرحبيل بن حسنة الأردن ولعمرو بن العاص ولعلقمة بن
مجزز (5) فلسطين فإذا فرغا منها ترك علقمة وسار إلى مصر فلما شارفوا الشام دهم كل
أمير منهم قوم كثير وأجمع رأيهم أن يجتمعوا بمكان واحد وأن يلقوا جمع المشركين
بجمع المسلمين
قال ونا سيف عن أبي عثمان يزيد بن أسيد الغساني عن خالد وعبادة قالا (6)
توافي إليها مع الأمراء الأربعة والجنود مع عمرو وعلقمة ويزيد بن أبي سفيان وأبي
عبيدة وشرحبيل سبعة وعشرون ألفا وثلاثة آلاف من فلال خالد بن سعيد أمر عليهم
أبو بكر رضي الله عنه معاوية وشرحبيل وعشرة آلاف من أمداد أهل العراق مع خالد بن
الوليد سوى ستة آلاف ثبتوا مع عكرمة (7) ردءا بعد خالد بن سعيد وكانوا جميعا ستة
وأربعين ألفا وكان عكرمة من آخر بني مخروم إسلاما وقد جاء عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فيه

(1) في مختصر ابن منظور: وحريتهم.
(2) عن مختصر ابن منظور وبالأصل وخع: عينهم.
(3) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: كتابه.
(4) بالأصل وخع: وإلى يزيد والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(5) بالأصل وخع " محرز " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 222 والطبري 3 / 394.
(6) بالأصل: قالوا، والمثبت عن الطبري 3 / 394.
(7) عن الطبري، وبالأصل: عسكره.
159

حديث وذلك أنه بارز رجلا في بعض حروب النبي (صلى الله عليه وسلم) فقتله فاستضحك النبي (صلى الله عليه وسلم)
فقال له نفر (1) من الأنصار ما أضحكك وقد فجعنا بصاحبنا فقال أضحكني أنهما
في درجة واحدة في الجنة [452]
قال وكان قتالهم على تساند كل جند وأميره لا يجمعهم واحد حتى قدم عليهم
خالد من العراق وكان عسكر (2) أبي عبيدة باليرموك مجاورا لعسكر عمرو بن العاص
وعسكر شرحبيل مجاورا لعسكر يزيد بن أبي سفيان وكان أبو عبيدة (3) ربما صلى
مع عمرو بن العاص وشرحبيل مع يزيد فأما عمرو ويزيد فإنهما كانا لا يصليان مع
أبي عبيدة وشرحبيل وقدم خالد بن الوليد وهم على حالهم هذه فعسكر على حدة
فصلى بأهل العراق ووافق خالد المسلمين وهم متضايقون بمدد الروم عليهم باهان
ووافق القوم وهم نشاط لمددهم فالتقوا فهزمهم الله تبارك وتعالى حتى ألجأهم
وأمدادهم إلى الخنادق والواقوصة أحد حدوده والواقوصة لهب (4) لاج في الأرض
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا أبو طاهر
المخلص أنا أبو بكر بن سيف نا السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم نا
سيف بن عمر قال (5) وحملت الروم مع انقلابه إلى خالد وهم يرون أنها حملة
فأزالوا المسلمين عن مواقفهم فالتقوا فهزمهم الله تبارك وتعالى حتى ألجأهم وأمدادهم
إلى الخنادق والواقوصة إلا المحامية عليهم عكرمة والحارث بن هشام وركب خالد
ومعه جرجة والروم خلال المسلمين فتنادى الناس وباتوا (6) وتراجعت الروم إلى
مواقفهم فزحف بهم خالد حتى تصافحوا بالسيف فضرب فيهم خالد وجرجة من لدن
ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب ثم أصيب جرجة ولم يصل صلاة سجد فيها
إلا الركعتين اللتين أسلم عليهما فصلى الناس الأولى والعصر إيماء وتضعضع الروم
ونهد خالد بالقلب حتى كان بين خيلهم ورجلهم وكان مقاتلتهم واسع المطرد ضيق
.

(1) عن خع.
(2) بالأصل: أبو.
(3) زيادة عن خع.
(4) بالأصل: " لهث " والمثبت عن خع، واللهب مهواة ما بين كل جبلين (قاموس).
(5) الخبر في الطبري 3 / 399 حوادث سنة 13.
(6) الطبري: وثابوا
160

المهرب فلما وجدت خيلهم مذهبا ذهبت وتركتهم رجلهم في مصافهم وخرجت
خيلهم تشتد بهم في الصحراء وأخروا (1) أناس الصلاة حتى صلوا بعد الفتح ولما رأى
المسلمون خيل الروم قد توجهت للهرب أفرجوا لها (2) ولم يحرجوها فذهبت
فتفرقت في البلاد وأقبل خالد والمسلمون على الرجل ففضوهم (3) فكأنما هدم بهم
حائطا فاقتحموا في خنادقهم واقتحمه عليهم فعمدوا إلى الواقوصة حتى هووا فيها
المقترنون وغيرهم فمن صبر للقتال من المقترنين هو أنه من خشعت نفسه فيهوي
الواحد بالعشرة لا يطيقونه وكلما هوى اثنان كان البقية عنهم أضعف وكان المقترنون
أعشارا فتهافت في الواقوصة عشرون ألفا ومائة ألف ثلاثون (4) ألفا مقترن وأربعون
ألفا مطلق سوى من قتل في المعركة من الخيل والرجل فكان منهم الفارس يومئذ ألف
وخمسمائة وتجلل الفيقار وأشراف من أشراف الروم برانسهم وجلسوا وقالوا لا
نحب أن نرى يوم السوء إذ لم نستطع أن نرى يوم السرور وإذ لم نستطع أن نمنع
النصرانية فأصيبوا في تزملهم
أخبرنا أبو القاسم أنا أبو الحسين أنا أبو طاهر أنا أبو بكر بن سيف أنا
السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم نا سيف عن مبشر (5) وسهيل وأبي
عثمان عن خالد وعبادة وأبي حارثة قالوا (6) وأوعب القواد بالناس نحو الشام
وعكرمة ردء للناس وبلغ الروم ذلك فكتبوا إلى هرقل وخرج هرقل حتى ينزل
بحمص فأعد لهم الجنود وعبى لهم العساكر (7) وأراد تفريقهم وشغل بعضهم عن
بعض لكثرة جنده وفضول رجاله فأرسل إلى عمر وأخاه تذارق (8) لأبيه وأمه فخرج
نحوهم في تسعين ألفا وبعث من يسوقهم حتى نزل لصاحب الساقة بثنية جلق بأعلا
فلسطين وبعث جرجة بن توذرا نحو يزيد بن أبي سفيان فعسكروا بإزائه وبعث

(1) كذا.
(2) بالأصل " بها " والمثبت عن الطبري.
(3) عن الطبري، وبالأصل " بعضهم ".
(4) في الطبري: ثمانون.
(5) عن خع الطبري 3 / 392 وبالأصل " ميسر " وفي الطبري: سهل " بدل " سهيل.
(6) الخبر في الطبري 3 / 392 وبالأصل " وأوعت " والمثبت عن الطبري.
(7) الزيادة عن خع والطبري.
(8) عن الطبري، وبالأصل وخع: بدارف.
161

الدراقص فاستقبل شرحبيل وبعث القيفان (1) ونطورس في ستين ألفا نحو أبي عبيدة
فهابهم المسلمون وجميع فرق المسلمين واحد وعشرون ألفا سوى عكرمة في ستة
آلاف ففزعوا جميعا بالكتب والرسل إلى عمرو أن ما الرأي فكاتبهم وراسلهم أن
الرأي الاجتماع وذلك أن مثلنا إذا اجتمع لم يغلب عن قلة فإذا تفرقنا لم يبق الرجل
منا في عدد يقرن (2) فيه لأحد ممن استقبلنا وواعدانا لكل طائفة منا فاتعدوا اليرموك
ليجتمع به وقد كتب إلى أبي بكر رضي الله عنه بمثل ذلك ما كاتبوا به عمر فطلع عليهم
كتابه بمثل ما رأى عمرو سواء بأن اجتمعوا فتكونوا عسكرا واحدا والقوا زحوف
المشركين بزحف المسلمين فإنكم أعوان الله والله ناصر من نصره وخاذل من كفره
ولن يؤتى مثلكم من قلة وإنما يؤتى العشرة آلاف والزيادة على عشرة آلاف إذا أتوا من
تلقاء الذنوب فاحترسوا من الذنوب واجتمعوا باليرموك متساندين وليصل كل رجل
منكم بأصحابه
ثم بلغ ذلك هرقل فكتب إلى بطارقته أن اجتمعوا لهم وانزلوا بالروم منزلا
واسع العطن (3) واسع المطرد ضيق المهرب وعلى الناس التدارق وعلى المقدمة
جرجة (4) وعلى مجنبتيه (5) ماهان والدارقص وعلى الحرب القيفار وأبشروا فإن باهان
في الأثر مدد لكم ففعلوا فنزلوا الواقوصة على ضفة اليرموك وصار الوادي خندقا
لهم وهو لهب (6) لا يدرك وإنما أراد باهان وأصحابه أن يستفيق الروم ويأنسوا
بالمسلمين ويرجع إليهم أفئدتهم عن طيرتها
وانتقل المسلمون من عسكرهم الذي اجتمعوا به فنزلوا عليهم بحذائهم على
طريقهم وليس للروم طريق إلا عليهم فقال عمرو أيها الناس ألا أبشروا حصرت (7)
والله الروم وقل ما جاء محصور بخير وأقاموا بإزائهم وعلى طريقهم ومخرجهم صفر

(1) الأصل وخع، وفي الطبري: الفيقار بن نسطوس.
(2) عن الطبري، وبالأصل وخع " يفرد ".
(3) عن الطبري، وبالأصل " الطعن ".
(4) بالأصل: " جرحه " وقد تقدم، (عن الطبري).
(5) عن الطبري وبالأصل: مجنبته.
(6) عن الطبري وبالأصل: لهث.
(7) بالأصل وخع: " حضرت " والمثبت عن الطبري ".
162

سنة ثلاث عشرة وشهري ربيع لا يقدرون من الروم على شئ ولا يخلصون إليهم
اللهب (1) وهو الواقوصة من ورائهم والخندق من ورائهم (2) ولا يخرجون خرجة إلا
أديل (3) المسلمون منهم حتى إذا سلخوا شهر ربيع الأول وقد استمدوا أبا بكر
وأعلموه الشأن في صفر فكتب إلى خالد ليلحق بهم وأمره أن يخلف على العراق
المثنى فوافاهم في ربيع
قال ونا سيف عن محمد وطلحة وعمرو والمهلب قالوا (4) ولما نزل المسلمون
باليرموك واستمدوا أبا بكر قال خالد لها فبعث إليه وهو بالعراق وعزم عليه واستحثه
بالسير فنفذ خالد لذلك فطلع عليهم خالد وطلع باهان على الروم وقد قدم قدامه
الشمامسة والرهبان والقسيسين يعيرونهم (5) ويحضونهم على القتال فاتفق خالد
وباهان ووافق قدوم خالد قدوم باهان فخرج بهم باهان كالمقتدر فولى خالد قتاله
وقاتل الأمراء من بإزائهم فهزم باهان وتتابع الروم على الهزيمة واقتحموا خندقهم
وتيمنت (6) الروم بباهان وفرح المسلمون بخالد وقال راجز المسلمين في ذلك (7):
دعوا هرقلا ودعونا الرحمن * والله قد أخزى جنود باهان
بخالد اللج أبي سليمان * ليس بوهواه (8) ولا بوان
* لا نزق فيه ولا أرنان *
وجرد المسلمون وجرد الكافرون (9) وهم أربعون ومائتا ألف منهم ثمانون ألف
مقيد وأربعون ألفا منهم مسلسل للموت وأربعون ألفا مربطون بالعمائم وثمانون
ألف فارس وثمانون ألف راجل والمسلمون سبعة وعشرون ألفا ممن كان مقيما إلى

(1) عن الطبري وبالأصل: اللهت.
(2) الأصل وخع، وفي الطبري: أمامهم.
(3) يقال: أديل لنا على عدونا أي نصرنا عليه، وكانت الدولة لنا (انظر اللسان).
(4) الخبر التالي في الطبري 3 / 393 - 394.
(5) في الطبري: يغرونهم.
(6) عن الطبري وبالأصل: وتتميز.
(7) الأبيات في ابن حبيش 1 / 292.
(8) ابن حبيش: " بوهراء ".
(9) في الطبري: " وحرد المسلمون وحرب المشركون " وفي ابن حبيش: وحرب المسلمون وجرد المشركون.
163

أن قدم عليهم خالد في التسعة آلاف فصاروا ستة وثلاثين ألفا
قال ونا سيف عن أبي عثمان وأبي حارثة عن خالد وعبادة عن عبد الرحمن بن
غنم (1) وشهدها قال كان أبو سفيان (2) وأشياخ محامية ولا يجولون ولا يقاتلون
يفئ إليهم (3) الناس ولا يأرزون وكانت إذا كانت على الروم قال وقالوا
هلال (4) بن الأصفر اللهم اجعله وجههم فإذا كانت على المسلمين قال وقالوا يا
بني الأحوى (5) أين أين اللهم أردد لهم الكرة فإذا كروا (6) قالوا بهن بنو الأحوى
فإذا عملوا قالوا اللهم أعنهم وأنصرهم حتى إذا فتح الله عز وجل على المسلمين من
آخر الليل وقتلوهم حتى الصباح ثم أصبحوا فاقتسموا الغنائم ودفنوا قتلى المسلمين
وبلغوا ثلاثة آلاف وصلى كل أمير قوم على قتلاهم ودفع خالد بن الوليد العهد إلى
أبي عبيدة بعدما فرغ من القسم ودفن الشهداء وتراجع الطلب فولى أبا عبيدة النفل من
الأخماس فنفل فأكثروا الكتاب بالفتح والإرسال بالأخماس وبعث أبا جندل بشيرا
ووفد قباث (7) بن أشيم
وأخبرنا أبو القاسم أنا أبو الحسين أنا أبو طاهر أنا أبو بكر بن سيف أنا
أبو عبيدة السري بن يحيى نا شعيب نا سيف عن عمرو بن ميمون عن أبيه
قال (8) لقي خالد مقدمه بالشام معينا لأهل اليرموك رجلا من روم العرب فقال يا خالد
إن الروم في جمع كثير مائتي ألف أو يزيدون فإن رأيت أن ترجع على حاميتك فافعل
فقال خالد إن الروم في جمع كثير مائتي ألف أو يزيدون فقال خالدا بالروم تخوفني
والله لوددت أن الأشقر يرى من توجيه وإنهم أضعفوا ضعفهم فهزمهم الله عز وجل على
يديه

(1) عن خع وبالأصل " عتم " والخبر في ابن حبيش 1 / 298.
(2) عن ابن حبيش وبالأصل وخع: " أبو بكر " تحريف.
(3) زيادة عن ابن حبيش، ويأرزون: يلتجئون، وفي بن حبيش: يأوون.
(4) كذا بالأصل وخع ولعلها: " هلاك، وفي ابن حبيش: هلك بنو...
(5) عن خع وبالأصل: الأخرى، وفي ابن حبيش: الاخوان.
(6) عن ابن حبيش، وبالأصل وخع: كثروا.
(7) عن خع وابن حبيش، وبالأصل " فنائب ".
(8) الطبري 3 / 402 وابن حبيش 1 / 300.
164

قال نا سيف عن المطرح عن القاسم عن أبي أمامة وأبي عثمان عن يزيد بن
سنان عن رجال من أهل الشام من أشياخهم قالوا (1) لما كان اليوم الذي تأمر فيه
خالد هزم الله عز وجل الروم مع الليل وصعد المسلمون العقبة وأصابوا ما في
العسكر وقتل الله عز وجل صناديدهم ورؤوسهم وفرسانهم وقتل الله عز وجل أخا
هرقل وأخذ التذارق وانتهت الهزيمة إلى هرقل وهو دون مدينة حمص وارتحل
فجعل حمص بينه وبينهم وأمر عليها أميرا وخلفه (2) فيها كما كان أمر على دمشق
وخلف فيها وارتحل وأتبع المسلمون الروم حتى هزموهم خيولا يثفنونهم (3) ولما
صار الأمر إلى أبي عبيدة بعد الهزيمة نادى بالرحيل وارتحل المسلمون بزحفهم حتى
وضعوا عسكرهم بمرج الصفرين
قال أبو أمامة فبعثت (4) طليعة من مرج الصفرين مع فارسين فسرت حتى
دخلت فجستها (5) بين أبياتها وشجراتها فقال أحد صاحبي قد بلغت حيث أمرت
فانصرف لا تهلكنا فقلت قف مكانك حتى تصلح أولئك فسرت حتى دفعت إلى باب
المدينة وليس في الأرض أحد ظاهر فزغت لجام فرسي وعلقت عليه مخلاته
وركزت رمحي ثم وضعت رأسي فلم اشعر إلا بالمفتاح تحرك عند الباب ليفتح فقمت
فصليت الغداة ثم ركبت فرسي فحملت عليه فطعنت البواب فقتلته وتصالحوا في
المدينة ودخلت فلقيت رجلا فقتلته ثم لقيت آخر فطعنته فقتلته ثم انكفأت راجعا
وخرجوا يطلبونني فجعلوا يكفون (6) عني مخافة أن يكون لنا كمين فدفعت إلى
صاحبي الأدنى الذي أمرته أن يقف فلما رأوه قالوا هذا كمين انتهيا إلى كمينه
فانصرفوا وسرت أنا وصاحبي حتى دفعنا إلى صاحبي الثاني فسرنا حتى انتهينا إلى
المسلمين وقد عزم أبو عبيدة أن لا يبرح حتى يأتيه رأي عمر وأمره فأتاه فرحلوا حتى
نزلوا دمشق وخلف باليرموك بشير (7) بن كعب بن أبي الحميري في خيل

(1) عن الطبري 3 / 403 وبالأصل " قال ".
(2) عن الطبري وبالأصل: وخلق.
(3) يثفنونهم أي يطردونهم.
(4) عن الطبري وبالأصل: فبعث.
(5) عن الطبري وبالأصل: فحبستها.
(6) عن الطبري وبالأصل: يلفون.
(7) عن ابن حبيش والطبري وبالأصل " بشر ".
165

قال وقال القعقاع بن عمرو في يوم اليرموك:
ألم ترنا على اليرموك فزنا * كما فزنا بأيام العراق
فتحنا قبلها بصرى وكانت * محرمة الجناب لدى النفاق (1)
وعذراء (2) المدائن قد فتحنا * ومرج الصفرين على العتاق
قتلنا من أقام لنا وفينا * نهابهم بأسياف رقاق
قتلنا الروم حتى ما تساوى * على اليرموك نفروق (3) الوراق
فضضنا جمعهم لما استحالوا * على الواقوصة البتر الرقاق (4)
غداة تهافتوا فيها فصاروا * إلى أمر يعضل بالذواق
وقال عمرو بن العاص وأعير على لخم وجذام بالفرار عند الحملة في أول النهار
على إثر جرجة وهم الذين تكشفوا بالناس والحرب:
القوم لخم وجذام في الحرب * ونحن والروم بمرج نضطرب
فإن يعودوا بعدها لا نصطحب * بل نعصب الفرار بالضرب الكلب (5)
وقال الأسود أبو مفزر (6) التميمي:
وكم قد أغرنا غارة بعد غارة * ويوما ويوما قد كشفنا أهاوله (7)
ولولا رجال كان حشو غنيمة * لدى ماقط رجت عليهم أوائله (8)
لقيناهم اليرموك لما تضايقت * بمن حل باليرموك منه حمائله
[فلا يعدمن منا هرقل كتائبا * إذا رامها رام الذي لا يحاوله] (9)

(1) في البداية والنهاية 7 / 19 النعاق.
(2) عذراء: قرية بغوطة دمشق من إقليم خولان معروفة.
(3) في معجم البلدان وشعره في شعراء إسلاميون ص 43 " مفروق " وفي البداية والنهاية: معروق.
(4) في البداية والنهاية: على الواقوص بالبتر الرقاق.
(5) الأبيات في البداية والنهاية 7 / 19.
(6) بالأصل: " أبو مقر " ومثله في خع، وفي البداية والنهاية 7 / 19 الأسود بن مقرن. والمثبت عن شعراء
إسلاميون - ترجمته ص 109 وما بعدها.
(7) لم ترد الأبيات في ترجمته في كتاب شعراء إسلاميون، وهي في البداية والنهاية 7 / 19 وأهاوله: الزينة
والنقوش والتصاوير.
(8) في خع " حسب " بدل " حشو " وفي البداية والنهاية: عشو و " لدى مأقط " بدل " كذا ما قط " في الأصل.
(9) سقط البيت من الأصل واستدرك عن خع والبداية والنهاية.
166

" باب
ذكر تاريخ قدوم عمر رضي الله عنه الجابية (1)
وما سن بها من السنن الماضية "
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز الكتاني أنا أبو محمد بن أبي
نصر أنا أبو الميمون بن راشد نا أبو زرعة حدثني محمود بن خالد قال عن
محمد بن عائذ عن الوليد بن مسلم عن عثمان بن حصين بن سلاق (2) قال قال
يزيد بن عبيدة فتحت بيت المقدس سنة ست عشرة وفيها قدم عمر بن الخطاب
الجابية
قال أبو زرعة فأخبرني عبد الرحمن بن إبراهيم عن الوليد بن مسلم قال ثم عاد
في العام المقبل يعني سنة ثمان عشرة حتى أتى الجابية يعني بعد عوده من سرغ (3)
سنة سبع عشرة فاجتمع إليه المسلمون فدفع إليه أمراء الأجناد ما اجتمع عندهم من
الأموال فجند ومصر الأمصار ثم فرض الأعطية والأرزاق ثم قفل إلى المدينة
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر بن الطبري أنا أبو الحسين بن
الفضل أنبأ عبد الله بن جعد (4) نا يعقوب قال ثم فتح الجابية وإيلياء سنة ست
عشرة
أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن أشليها وابنه أبو الحسن علي قالا أنا أبو
الفضل بن الفرات أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا
.

(1) الجابية بكسر الباء وياء خفيفة: قرية من أعمال دمشق، من عمل الجيدور من ناحية الجولان قرب مرج
الصفر في شمالي حوران.
(2) كذا بالأصل، وقد مر " عثمان بن حصن بن علاق " انظر الكاشف للذهبي وتقريب التهذيب لابن حجر.
(3) بالأصل " سرع " وسرغ: قرية بوادي تبوك. في أول الشام وآخر الحجاز (ياقوت).
(4) كذا، بالأصل وخع، وفي المطبوعة " جعفر "
167

أحمد بن إبراهيم القرشي نا ابن عائذ نا الوليد بن مسلم حدثني عثمان بن حصن عن
يزيد بن عبيدة قال ثم فتحت إيلياء سنة ست عشرة وفيها قدم عمر الجابية
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا عمر بن عبد الله بن عمر أنا أبو
الحسين بن بشران أنبأ عثمان بن أحمد بن حنبل نا عاصم بن علي نا أبو معشر قال ثم
كانت عمواس (1) والجابية في سنة ست عشرة
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال نا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد نا أبو
محمد بن أبي نصر أنا أبو الميمون بن راشد نا أبو زرعة قال قال أحمد بن حنبل وفي
سنة ثماني عشرة كان طاعون عمواس
قال أبو زرعة فأخبرني سعيد بن كثير قال ففيه يقول الشاعر:
رب خرق مثل الهلال وبيضا * ء لعوب (2) بالجزع من عمواس
قد لقوا الله غير باغ عليهم * فأحلوا بغير دار ائتناس (3)
وصبرنا حقا كما قد وعد الله * وكنا في الصبر قوما تأسي (4)
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي نا أبو بكر الخطيب
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر بن الطبري قالا أنا أبو
الحسين بن الفضل أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب نا ابن بكير حدثني الليث بن
سعد قال ثم كانت الرمادة (5) وطاعون عمواس سنة ثمان عشرة
قال يعقوب وحدثني سلمة عن أحمد بن حنبل عن إسحاق بن عيسى عن
أبي معشر قال ثم (6) كانت سرغ سنة سبع عشرة ثم كانت الرمادة سنة ثمان عشرة

(1) عمواس: قيل بكسر فسكون، وقيل: بالتحريك، ضيعة جليلة على ستة أميال من الرملة على طريق بيت
المقدس (معجم البلدان).
(2) عن خع وبالأصل " لعوث " وفي معجم البلدان " عمواس: وبيضاء حصان ".
(3) في ياقوت:
وأقاموا في غير دار ائتناس
(4) في ياقوت:
فصبرنا صبرا كما علم الله وكنا في الصبر أهل إياس
(5) وهي رمادة فلسطين: وهي رمادة، انظر معجم البلدان.
(6) ثمة نقص في الأصل وخع، وقبلها في المطبوعة - وقد نبه محققها إلى هذا السقط - ثم كانت عمواس
والجابية في سنة ست عشرة.
168

وكان في ذلك العام طاعون عمواس
لعل عمواس التي ذكرها أبو معشر سنة ست عشرة وقعة كانت عندها فأما
الطاعون فقد وافق غيره في أنه كان سنة ثمان عشرة
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد الخطيب بمشكان (1) أنا أبو
منصور محمد بن الحسن النهاوندي نا أبو العباس أحمد بن الحسين بن زنبيل نا
عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن نا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري نا
عبد الله بن صالح قال في حديثه إن عمر قدم الجابية سنة ثمان عشرة
وهذا يدل على أن عمر قدم الجابية مرتين
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أنا أبو بكر أحمد بن الحسين
البيهقي واللفظ له
وأخبرنا أبو القاسم (2) بن السمرقندي أنا أبو بكر بن الطبري قالا أنا أبو
الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان ببغداد أنا عبد الله بن جعفر بن
درستويه نا يعقوب بن سفيان حدثني سعيد بن (3) كثير بن عفير المصري حدثني
ابن لهيعة أن يزيد بن أبي حبيب حدثه أن أبا الخير حدثه أن عبد العزيز بن
مروان قال (4) لكريب بن أبرهة أحضرت عمر بن الخطاب بالجابية قال لا
قال فمن (5) يحدثنا عنها قال كريب إن بعثت إلى سفيان بن وهب الخولاني
حدثك عنها فأرسل إليه فقال حدثني عن خطبة عمر بن الخطاب يوم الجابية قال
سفيان إنه لما اجتمع الفئ أرسل أمراء الأجناد إلى عمر بن الخطاب أن يقدم بنفسه
فقدم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
أما بعد فإن هذا المال نقسمه (6) على من أفاء الله عليه بالعدل إلا من أفاء الله عليه

(1) بالأصل " بمسكان " تحريف، راجع معجم البلدان.
(2) الزيادة عن خع.
(3) بالأصل وخع: " عن " تحريف. انظر تقريب التهذيب والضبط عنه.
(4) بالأصل: " مروان الكريب " والصواب والزيادة عن خع.
(5) زيادة عن خع.
(6) بالأصل: يقسمه.
169

بالعدل إلا هذين الحيين من لخم وجذام فلا حق لهم لله
فقام إليه أبو حديدة الأجذمي فقال ننشدك الله يا عمر في العدل فقال عمر
العدل أريد أنا أجعل أقواما أنفقوا في الظهر وشدوا العرض وساحوا في البلاد مثل قوم
مقيمين في بلادهم ولو أن الهجرة كانت بصنعاء أو بعدن ما هاجر إليها من لخم ولا
جذام أحد فقام أبو حديدة فقال إن الله وضعنا من بلاد حيث شاء وساق إليها الهجرة
في بلادنا فقبلناها ونصرناها أفذلك يقطع حقنا يا عمر ثم قال لكم حقكم مع
المسلمين
ثم قسم فكان للرجل نصف دينار فإذا كانت معه امرأته أعطاه دينارا
ثم دعا ابن فاطورا (1) صاحب الأرض فقال أخبرني ما يكفي (2) الرجل من
القوم في الشهر واليوم فأتي بالمدي والقسط فقال يكفيه هذا المديان في الشهر وقسط
زيت وقسط خل فأمر عمر بمدين من قمح فطحنا ثم عجنا ثم أدمهما بقسطين زيت ثم
أجلس عليهما ثلاثين رجلا فكان كفاف شبعهم ثم أخذ عمر المديين بيمينه والقسط
بيساره ثم قال اللهم لا أحل لأحد أن ينقصهما بعدي اللهم فمن نقصهما فأنقص
من عمره
أخبرنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان أنا أبو عبد الله محمد بن
علي بن أحمد بن المبارك أنا عبد الله بن الحسين بن عبيد الله بن عبدان أنبأ
عبد الوهاب الكلابي أنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب نا (3) هشام بن عمار
نا الهيثم بن عمران سمعت جدي يقول لما ولي عمر بن الخطاب زار أهل الشام فنزل
بالجابية وكانت دمشق تشتعل طاعونا فهم أن يدخلها فقال له أصحابه أما علمت
أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال إذا حل بكم الطاعون فلا تهربوا منه ولا (5) تأتوه حيث هو [453]
وقد علمت أن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فرحانين (6) لم يصبهم طاعون قط فأرسل عند ذلك

(1) في مختصر ابن منظور 1 / 225 ابن قاطورا.
(2) بالأصل وخع: " ما يلق " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(3) عن خع وبالأصل " بن " تحريف.
(4) ما بين معكوفتين زيادة عن مختصر ابن منظور 1 / 225.
(5) زيادة عن خع.
(6) كذا بالأصل وخع، خطأ، والصواب " قرحانون " أي لم يصبهم داء قبل ذلك (انظر النهاية).
170

رجلا من جديلة ولم يدخلها هو إلى بيت المقدس فافتتحها صلحا
ثم أتاها عمر ومعه كعب فقال يا أبا إسحاق الصخرة أتعرف موضعها قال أذرع
من الحائط الذي يلي وادي جهنم كذا وكذا ذراعا وهي مزبلة ثم احفر فإنك ستجدها
فحفروا (1) فظهرت لهم فقال عمر لكعب أين ترى أن نجعل المسجد قال اجعله
خلف الصخرة فتجمع القبلتين قبلة موسى وقبلة محمد (صلى الله عليه وسلم) فقال ضاهيت اليهودية
والله يا أبا إسحاق خير المساجد مقدمها فبناه في مقدم المسجد
فبلغ أهل العراق أنه زار أهل الشام فكتبوا إليه يسألونه أن يزورهم كما زار أهل
الشام فهم أن يفعل فقال كعب أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تدخلها قال ولم
قال فيها عصاة الجن وهاروت وماروت يعلمان الناس السحر وفيها تسعة أعشار
الشر وكل داء معضل فقال عمر رضي الله عنه فهمت كل ما ذكرته غير الداء العضال
فما هو قال كثرة الأموال هو الذي ليس له شفاء فلم يأتها عمر
أخبرنا أبو علي بن أشليها (2) وابنه أبو الحسن علي قالا أنا أبو الفضل بن
الفرات أنا أبو محمد بن أبي (3) نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا أحمد بن
إبراهيم نا محمد بن عايذ نا مدرك بن أبي سعد عن (4) يونس بن ميسرة بن حلبس
قال نزل المسلمون من البادية (5) وهم أربعة وعشرون ألفا فوقع فيهم الطاعون فذهب
منهم عشرون ألفا وبقي أربعة آلاف فقالوا هذا طوفان وهذا رجز فبلغ ذلك معاذا
فبعث فوارس يجمعون الناس وقال اشهدوا المدارس اليوم عند معاذ فلما
اجتمعوا (6) قام فيهم وقال أيها الناس والله لو أعلم أني أقوم فيكم بعد مقامي هذا ما
تكلفت اليوم القيام فيكم وقد بلغني أنكم تقولون هذا الذي وقع فيكم طوفان ورجز

(1) عن خع وبالأصل " فحفر ".
(2) عن المطبوعة، وبالأصل وخع: " استلها.
(3) عن خع.
(4) بالأصل وخع: " بن " تحريف.
(5) كذا بالأصل، وفي خع: " وترك المسلمون من الجابية " وفي مختصر ابن منظور 1 / 226 ونزل المسلمون
الجابية.
(6) بالأصل وخع: " اجتمع " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
171

والله ما هو طوفان ولا رجز وإنما الطوفان والرجز كان عذب (1) الله به الأمم ولكنها
شهادة أهداها الله لكم واستجاب فيكم دعوة نبيكم (صلى الله عليه وسلم) ألا فمن أدرك خمسا (2)
فاستطاع أن يموت فليمت أن يكفر الرجل بعد إيمانه وأن يسفك الدم بغير حقه وأن
يعطى بالكذب مال الله بأن يكذب أو يفجر وأن يظهر التلاعن بينكم أو يقول الرجل
حين يصبح والله لئن حييت أو مت ما أدري ما أنا عليه
وقوع الطاعون هذا والوباء مصداق ما ورد من النبأ فيما
أخبرنا أبو عبد الله الخلال أنا إبراهيم بن منصور السلمي أنا أبو بكر بن
المقرئ نا أبو علي الحسين بن عبد الله بن يزيد بن الأزرق القطان نا هشام بن خالد
الأزرق نا الحسن بن يحيى عن ابن ثوبان يعني عن أبيه (3) عن مكحول عن
كثير بن مرة عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تنزلون منزلا يقال له الجابية
والحديبية (4) يصيبكم فيه داء مثل غدة الحمل يستشهد الله به أنفسكم وخياركم
ويزكي أبدانكم [454]
كذا وقع في هذه الرواية عن ابن ثوبان عن مكحول وقد أسقط منه عن أبيه فقلنا
يعني عن أبيه
وقد أخبرناه على الصواب أبو علي الحداد في كتابه وحدثني أبو مسعود
الأصبهاني عنه أنا أبو نعيم الحافظ نا سليمان بن أحمد الطبراني نا محمد بن أبي
زرعة الدمشقي وأبو عقيل أنس بن سالم قالا نا هشام بن خالد نا الحسن بن يحيى
نا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن كثير بن مرة عن
معاذ بن جبل قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تنزلون منزلا يقال له الجابية يصيبكم فيه داء مثل
غدة الجمل تستشهد فيه أنفسكم وذراريكم وتزكي به أعمالكم [455] وقد روي عن معاذ
من وجه آخر
أخبرتنا به أم المجتبى فاطمة بنت ناصر العلوية قالت قرئ على إبراهيم بن

(1) بالأصل وخع: " عدت ". والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(2) عن خع وبالأصل " حمنا ".
(3) بالأصل وخع: " عن ثوبان يعني سر الله " كذا، والمثبت عن المطبوعة 1 / 558.
(4) كذا، وفي مختصر ابن منظور: " أو الجويبية ".
172

منصور السلمي أنا أبو بكر بن المقرئ أنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى
الموصلي نا سريج (1) هو ابن يونس نا مروان هو ابن معاوية الفزاري عن جعفر وهو
ابن الرقي عن القاسم عن أبي امامة عن معاذ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال ينزل المسلمون
أرضا يقال لها الجابية أو (2) الجويبية فتكثر به أموالهم ودوابهم فيبعث عليهم
جرب كالدمل تزكو فيه أموالهم وتستشهد فيه أبدانهم [456] والله تعالى أعلم (3)

(1) بالأصل وخع: " سرح " والصواب والضبط عن تقريب التهذيب.
(2) زيادة عن المطبوعة 1 / 559.
(3) بعدها في المطبوعة: آخر الجزء التاسع.
173

" باب
ذكر ما اشترط صدر هذه الأمة
عند افتتاح الشام على أهل الذمة "
أخبرنا أبو محمد سهل بن بشر الإسفرايني أنبأ أبو الحسن عبد الدائم بن
الحسن بن عبد الله القطان أنبأ عبد الوهاب بن الحسن الكلابي أنا أبو محمد
عبد الله بن أحمد بن زبر نا محمد بن إسحاق بن راهويه الحنظلي نا أبي نا بشر بن
الوليد عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن
عمر بن الخطاب كتب على النصارى حين صولحوا
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين رضي الله عنه من نصارى أهل الشام
إنا سألناك الأمان لأنفسنا وأهالينا وأموالنا وأهل ملتنا على أن نؤدي الجزية عن يد
ونحن صاغرون وعلى أن لا نمنع أحدا من المسلمين أن ينزلوا كنائسنا في الليل
والنهار ونضيفهم فيها ثلاثا ونطعمهم فيها الطعام ونوسع لهم أبوابها ولا نضرب
فيها بالنواقيس إلا ضربا خفيا ولا ترفع فيها أصواتنا بالقراءة ولا نؤوي فيها ولا في
شئ من منازلنا جاسوسا كعدوكم ولا نحدث كنيسة ولا ديرا ولا صومعة ولا قلاية (1)
ولا نجدد ما خرب منها ولا يقصد الاجتماع فيما كان منها من خطط المسلمين وبين
ظهرانيهم ولا نظهر شركا ولا ندعو إليه ولا نظهر صليبا على كنائسنا ولا في شئ من
طرق المسلمين وأسواقهم ولا نتعلم القرآن ولا نعلمه أولادنا ولا نمنع أحدا من ذي
قراباتنا الدخول في الإسلام إن أراد ذلك وأن تجز مقادم رؤوسنا ونشد الزنانير في
أوساطنا ونلزم ديننا ولا نتشبه بالمسلمين في لباسهم ولا في هيئتهم ولا في

(1) في مختصر ابن منظور 1 / 227 قلية.
174

سروجهم ولا نقش خواتيمهم فننقشها عربيا ولا نكتني بكناهم وأن نعظمهم
ونوقرهم ونقوم لهم من مجالسنا ونرشدهم في سبلهم وطرقاتهم ولا نطلع في
منازلهم ولا نتخذ سلاحا ولا سيفا ولا نحمله في حضر ولا سفر في أرض (1)
المسلمين ولا نبيع خمرا ولا نظهرها ولا نظهر نارا مع موتانا في طرق المسلمين ولا
نرفع أصواتنا مع جنائزهم ولا نجاور المسلمين بهم ولا نضرب أحدا من المسلمين
ولا نتخذ من الرقيق (2) بيتا جرت عليه سهامهم
شرطنا ذلك كله على أنفسنا وأهل ملتنا فإن خالفناه فلا ذمة لنا ولا عهد وقد حل
لكم منا ما يحل لكم من أهل الشقاق والمعاندة
أخبرنا أبو القاسم الشحامي أنبأ أبو بكر البيهقي أنبأ أبو محمد عبد الله بن
يوسف الأصبهاني
وأخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي عقيل (3) أنا أبو
الحسن علي بن الحسن بن الحسين الخلعي الشافعي نا أبو محمد عبد الرحمن بن
عمر بن النحاس قالا أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي نا محمد بن
إسحاق بن أبي إسحاق أبو العباس الصفار نا الربيع بن ثعلب أبو الفضل نا يحيى بن
عقبة بن أبي العيزار (4) عن سفيان الثوري والوليد بن نوح والسري بن مطرف
يذكرون عن طلحة بن مصرف عن مسروق عن عبد الرحمن بن غنم (5) قال كتبت
لعمر بن الخطاب حين صالح نصارى الشام
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا
إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا

(1) بالأصل: " أرفع " وعلى هامشه: " لعله أرض " وفي خع: " أرض " وهو ما أثبت.
(2) بالأصل: " حرب " والمثبت عن خع، وفي مختصر ابن منظور: " ولا نتخذ من الطريق ما جرى عليه سهام
المسلمين ".
(3) بالأصل: " أبو طالب بن عبد الرحمن بن عقيل بن عقيل " والصواب ما أثبت عن خع والمطبوعة 1 / 564.
(4) عن خع وبالأصل: العيذار.
(5) عن خع وبالأصل عثمان.
175

وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلبة
ولا صومعة راهب ولا نجدد ما خرب منها ولا نجني ما كان منها من خطط
المسلمين ولا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال نطعمهم ولا نؤوي
في كنائسنا ولا في منازلنا جاسوسا ولا نكتم غشا للمسلمين ولا نعلم أولادنا القرآن
ولا نظهر شركا ولا ندعو إليه أحدا ولا نمنع من ذوي قراباتنا الدخول في الإسلام إن
أرادوه وأن نوقر المسلمين ونقوم لهم من مجالسنا إذا أرادوا الجلوس ولا نتشبه بهم
في شئ من المسلمين من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا
نتكلم بكلامهم ولا نتكنا بكناهم ولا نركب السرج ولا نتقلد السيوف ولا نتخذ شيئا
من السلاح ولا نحمله معنا ولا ننقش على خواتيمنا بالعربية ولا نبيع الخمور وأن
نجز مقادم رؤوسنا وأن نلزم زينا (1) حيث ما كنا وأن نشد زنانيرنا على أوساطنا وأن
لا نظهر الصليب على كنائسنا وأن لا نظهر كتبنا في شئ من طرق المسلمين ولا
أسواقهم ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيا ولا نرفع أصواتنا بالقراءة في
كنائسنا في شئ من حضرة المسلمين ولا نخرج شعانينا ولا باعوثنا (2) ولا نرفع
أصواتنا مع موتانا ولا نظهر النيران معهم في شئ من طرق المسلمين وأسواقهم ولا
نجاورهم بموتانا ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ولا نطلع عليهم
في منازلهم
فلما أتيت عمر بالكتاب زاد فيه ولا نضرب أحدا من المسلمين شرطنا لكم ذلك
على أنفسنا وأهل قبلتنا وقبلنا عليه الأمان فإن نحن خالفنا عن شئ مما شرطناه لكم
وضمناه على أنفسنا فلا ذمة لنا وقد حل لكم منا ما يحل لأهل المعاندة في الشقاق
أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل أنبأ عبد الدائم بن الحسن أنبأ عبد الوهاب
الكلابي أنبأ أبو محمد بن زبر نا محمد بن هشام بن البختري (3) أبو جعفر المستملي
ثنا الربيع بن ثعلب الغنوي (4)

(1) عن مختصر ابن منظور 1 / 227 وبالأصل وخع: ديننا.
(2) بالأصل: " ما عوننا " والمثبت عن خع ومختصر ابن منظور. انظر ما تقدم عنهما
(3) بالأصل وخع " البحتري " تحريف، انظر تاريخ بغداد 3 / 361.
(4) بالأصل وخع " العنوي " تحريف، وهذه النسبة إلى غني بن أعصر (انظر الأنساب).
176

وأخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر الجعفي (1) أنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو
الحسن علي بن محمد بن سحنويه نا أبو بكر يعقوب بن يوسف المطوعي (2) نا
الربيع بن ثعلب نا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار عن سفيان الثوري والوليد بن نوح
والسري بن مصرف (3) يذكرون عن طلحة بن مصرف عن مسروق عن
عبد الرحمن بن غنم قال كتبت لعمر بن الخطاب حين صالح أهل الشام وقال
للمسلمين أهل الشام
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا
إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا
وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلاية
ولا صومعة راهب ولا نجدد ما خرب منها ولا نحيي ما كان منها في خطط
المسلمين وأن لا نمنع كنائسنا أن ينزلها (4) أحد من المسلمين في ليل ولا نهار وأن
نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل وأن ننزل من مر بنا من المسلمين ثلاثة أيام نطعمهم
ولا نؤوي في منازلنا ولا كنائسنا جاسوسا ولا نعلم أولادنا القرآن وأن لا نظهر شركاء
ولا ندعو إليه أحدا وأن لا نمنع أحدا من ذوي قراباتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه
وأن نوقر المسلمين ونقوم لهم من مجالسنا إذا أرادوا الجلوس ولا نتشبه بهم في شئ
من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا نتكلم بكلامهم ولا
نكنا بكناهم ولا نركب السروج ولا نتقلد السيوف ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا
نحمله معنا ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ولا نبيع الخمور وأن نجز مقادم رؤوسنا
وأن نلزم زينا حيث ما كنا وأن نشد الزنانير على أوساطنا وأن لا نظهر صلبنا وكتبنا في
شئ من طرق المسلمين ولا أسواقهم وأن لا نضرب بنواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا
خفيا وأن لا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شئ من حضرة المسلمين وأن لا

(1) الأصل وخع وفي المطبوعة: البيهقي.
(2) هذه النسبة إلى المطوعة وهم جماعة فرغوا أنفسهم للجهاد والغزو ورابطوا في الثغور (الأنساب).
(3) مر قريبا " مطرف " ولعله تصحيف " مصرف ".
(4) بالأصل: " أن لا ينزلها " والمثبت عن خع.
177

نخرج شعانين ولا باعوثا وأن لا نرفع أصواتنا مع موتانا ولا نظهر النيران معهم في
شئ من طرق المسلمين وأسواقهم ولا نجاورهم بموتانا ولا نتخذ من الرقيق ما جرى
عليه سهام المسلمين وأن نرشد المسلمين ولا نطلع زاد المطوعي في منازلهم
فلما أتيت عمر بالكتاب زاد فيه ولا نضرب أحدا من المسلمين شرطنا لكم ذلك
على أنفسنا وأهل ملتنا وقبلنا عليه (1) الأمان فإن نحن خالفنا عن شئ مما شرطناه لكم
وضمناه فلا ذمة لنا وقد حل لكم منا ما يحل لكم من أهل المعاندة والشقاق
رواه محمد بن حمير (2) عن عبد الملك (3) بن حميد
أخبرنا أبو الحسين الخطيب أنا جدي أبو عبد الله أنا أبو الحسن علي بن
الحسن بن علي الربعي أنا أبو الفرج العباس بن محمد بن حسان بن موسى (4) نا
أبو العباس بن الزفتي (5) وهو عبد الله بن عتاب نا محمد بن محمد بن مصعب المعروف
بوحشي نا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي نا محمد بن حمير عن عبد الملك بن
حميد بن أبي غنية (6) عن السري بن مصرف وسفيان الثوري والوليد بن روح عن
طلحة بن مصرف عن مسروق بن الأجدع عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال
كتبت لعمر بن الخطاب حين صالحوا نصارى الشام
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى بلد كذا وكذا
إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وموالينا وأهل ملتنا وشرطنا
على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة
راهب ولا نجدد ما خرب منها ولا نجئ ما كان من خطط المسلمين ولا نمنع كنائسنا

(1) بالأصل: " وقبلتنا غلبة الأمان " والمثبت عن خع.
(2) بالأصل وخع: " حميد " والصواب ما أثبت وسيأتي.
(3) عن خع وبالأصل " عبد الرحمن ".
(4) كذا بالأصل، وفي خع العباس بن محمد بن حسان بن موسى بن حسان
(5) بالأصل وخع " الرقي " وقد مر تكرار.
(6) بالأصل وخع " عتبة " تحريف، والصواب المثبت والضبط عن التبصير 3 / 927.
178

من أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل أو نهار وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل
وأن ننزل من مر بنا ثلاثة أيام من المسلمين نطعمهم وأن نرشدهم ولا نؤوي
في كنائسنا ولا منازلنا جاسوسا ولا نعلم أولادنا القرآن وأن لا نظهر شركا ولا ندعو إليه
أحدا وأن لا نمنع أحدا من ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام ولا نتشبه بهم في شئ من
لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا نتكلم بكلامهم ولا
نكتني بكناهم ولا نركب السروج ولا نتقلد السيوف ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا
نحمله معنا ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ولا نبيع الخمور وأن نجز مقادم رؤوسنا وأن
نلزم زينا حيث ما كنا وأن نشد الزنانير على أوساطنا وأن لا نظهر الصليب على
كنائسنا وأن لا نظهر صلبنا وكتبنا في شئ من طرق المسلمين ولا أسواقهم وأن لا
نضرب بنواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيا وأن لا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في
شئ من حضرة المسلمين وأن لا نخرج شعانين ولا باعوثا وأن لا نرفع أصواتنا مع
موتانا ولا نظهر النيران معهم في شئ من طرق المسلمين وأسواقهم ولا نجاورهم
بموتانا ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ولا نطلع عليهم في منازلهم
قال عبد الرحمن فلما أتيت عمر بن الخطاب بهذا الكتاب زاد فيه ولا نضرب
أحدا من المسلمين شرطنا ذلك لكم على أنفسنا وأهل ملتنا وقبلنا الأمان فإن نحن خالفنا
عن شئ مما شرطنا لكم وضمنا على أنفسنا فلا ذمة لنا وقد حل لكم ما حل لأهل
المعاندة والشقاق
أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل أنبأ عبد الدائم القطان أنا عبد الوهاب
الكلابي قال قال أبو محمد بن زبر ورأيت هذا الحديث في كتاب رجل من أصحابنا
بدمشق وذكر أنه سمعه من محمد بن ميمون بن معاوية الصوفي بطبرية بإسناد ليس
بمشهور ينتهي إلى إسماعيل بن مجالد بن سعيد حدثني سفيان الثوري عن طلحة بن
مصرف عن مسروق عن عبد الرحمن (1) بن غنم فذكره بطوله وقال فيه عند ذكر
الكنائس ولا نأتي منها ما كان في خطط المسلمين وزاد فيه ولا نتشبه بهم في شئ
في لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا سراويل ذات خدمة (2) ولا نعلين ذات عذبة (3) ولا

(1) بالأصل: " عبد الرحيم " تحريف.
(2) عن خع وبالأصل " حذمة " والخدمة بالتحريك سير غليظ محكم مثل الحلقة.
(3) بالأصل عرنة، والصواب ما أثبت، والعذبة: هي طرف شراك النعل المرسلة (اللسان).
179

نمشي إلا بزنار من جلد ولا يوجد في بيت أحدنا سلاح إلا انتهب وما رأيت هذه
الزيادة فيما وقع إلينا من عهود عمر بن الخطاب ووجدتها مروية عن عمر بن
عبد العزيز
أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن البصري أنبأ أبو الحسن محمد بن علي
السيرافي أنا أبو عبد الله أحمد بن إسحاق النهاوندي نا أحمد بن عمران نا موسى بن
زكريا نا أبو عمرو خليفة بن خياط المعروف بشباب قال حدثني عبد الله بن المغيرة
عن أبيه قال صالحهم أبو عبيدة على أنصاف كنائسهم ومنازلهم وعلى رؤوسهم وأن لا
يمنعوا من أعيادهم ولا يهدمون شيئا من كنائسهم صالح على ذلك أهل المدينة وأخذ
سائر الأرض عنوة (1)
أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن أشليها وابنه (2) أبو الحسن علي قالا أنا
أبو الفضل بن الفرات أنبأ أبو محمد بن أبي نصر أنبأ أبو القاسم بن أبي العقب أنا أبو
عبد الملك أحمد بن إبراهيم نا ابن عايذ نا الوليد بن مسلم عن أبي عمرو عن
عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة الأزدي أنه كان في كتاب صلحهم هذا كتاب من
خالد بن الوليد إني أمنتكم على دمائكم وذراريكم وأموالكم وكنائسكم أن تهدم أو
تسكن شهد على ذلك أبو عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي محمد عبد العزيز
الكتاني أنبأ أبو نصر بن الجندي وعبد الرحمن بن الحسن بن أبي العقب قالا أنا أبو
القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب أنا أبو عبد الملك نا ابن عايذ قال قال الوليد
وأخبرني ابن جابر وغيرهم أنهم صالحوهم على من فيها من جماعة أهلها على جزية
دنانير مسماة لا نزيد عليهم إن كثروا ولا ينقص منهم إن قلوا وأن للمسلمين فضول
الدور والمساكن عنهم وأسواقها هذا ونحوه
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة السلمي
قالا نا عبد العزيز بن أحمد أنبأ أبو القاسم تمام الرازي وعبد الوهاب الميداني

(1) تاريخ خليفة ص 130 حوادث سنة خمس عشرة باختلاف.
(2) بالأصل: " أستلها وأبيه " تحريف والصواب عن خع والمطبوعة 1 / 569.
180

قالا أنا أبو الحارث أحمد بن محمد بن عمارة الليثي نا أحمد بن المعلى بن يزيد
الأسدي قال تمام وأخبرني أبو إسحاق بن سنان نا أحمد بن المعلى (1) قال تمام
وأخبرني أبو بكر يحيى بن عبد الله بن الحارث نا عبد الرحمن بن عمر المازني نا
أحمد بن المعلى ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم نا الوليد عن الأوزاعي عن ابن
سراقة أنه كان في كتاب صلح دمشق هذا كتاب من خالد بن الوليد لأهل دمشق إني
أمنتكم على دمائكم وأموالكم ومساكنكم وكنائسكم أن تهدم أو تسكن ما لم تحدثوا
حدثا أو تؤووا محدثا غيلة
قال أنا أحمد بن المعلى أخبرنا محمد بن مصعب الصوري نا محمد بن
المبارك نا الوليد قال وأخبرني ابن جابر أو غيره أنهم صالحوهم على من فيها من
جماعة أهلها على عدة دنانير مسماة لا يزيد عليهم إن كثروا ولا ينقص منهم إن قلوا وأن
للمسلمين فضول الدور والمساكن عنهم وأسواقها هذا ونحوه
قال ونا أحمد بن المعلى نا أبو أمية محمد بن إبراهيم نا الوليد بن
عبد الملك بن مسوح الحراني وإسماعيل بن رجاء قالا نا سليمان بن عطاء عن
مسلمة بن عبد الله الجهني عن عمه قال لما قدم عمر بن الخطاب الشام كان في شرطه
على النصارى أن يشاطرهم منازلهم فيسكن فيها المسلمون وأن يأخذ الحيز القبلي (2)
من كنائسهم لمساجد المسلمين
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري المعروف بابن الطبر أنا أبو
الحسن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر المعروف بابن زوح الحرة في ذي
القعدة سنة أربعين وأربعمائة أنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن
شاذان قراءة عليه في شوال سنة أربع وستين وثلاثمائة نا أبو علي الحسين بن خير بن
جويرة بن يعيش بن (3) الموفق بن أبي النعمان الطائي بحمص نا أبو القاسم
عبد الرحمن بن يحيى بن أبي النعاس نا عبد الله بن عبد الجبار الخبائري نا
الحكم بن عبد الله بن خطاف نا الزهري عن سالم عن أبيه أن عمر بن الخطاب أمر

(1) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع.
(2) عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 228 وبالأصل: " الحر العلي ".
(3) ما بين المعكوفتين زيادة عن خع، وفي المطبوعة: حوثرة بدل " جويرة ".
181

أن تهدم كل كنيسة لم تكن قبل الإسلام ومنع أن يحدث كنيسة وأمر أن لا يظهر صليب
خارجا من كنيسة إلا كسر على رأس صاحبه
أخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي أنبأ أبو نصر بن قتادة أنا أبو
الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه نا أحمد بن نجدة نا محمد بن عبد الله بن نمير
نا أبي ثنا عبيد الله نا نافع عن أسلم مولى عمر أنه أخبره أن عمر بن الخطاب كتب
إلى أمراء أهل الجزية أن لا يضعوا الجزية إلا على من جرت أو مرت عليه المواسي (1)
وجزيتهم أربعون درهما على أهل الورق منهم وأربعة دنانير على أهل الذهب وعليهم
أرزاق المسلمين من الحنطة مدين وثلاثة أقساط زيت لكل إنسان كل شهر من كان
من أهل الإسلام وأهل الجزيرة ومن كان من أهل مصر إردب لكل إنسان وكل شهر (2) ومن الودك (3) والعسل شئ لم يحفظه وعليهم من البز التي كان يكسوها أمير المؤمنين
الناس شئ لم نحفظه ويضيفون من نزل بهم من أهل الإسلام ثلاثة أيام وعلى أهل
العراق خمسة عشر صاعا لكل إنسان وكان عمر رضي الله عنه لا يضرب الجزية على
النساء وكان يختم في أعناق رجال أهل الجزية
نافع هو الذي لم يحفظ الودك والعسل والبز بين (4) ذلك عبد الرحيم بن سليمان
عن عبيد الله بن عمر
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر النشابي المقرئ أنا أبو الفرج
سهل بن بشر (5) أنا علي بن منير بن أحمد بن الحسن بن علي بن منير الخلال (6) أنا
القاضي أبو الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير الذهلي نا عبد الله بن
محمد بن شبيب نا علي بن عبد الله المديني نا معتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث
عن حنش عن عكرمة أن ابن عباس سئل هل للعجم أن يحدثوا في أمصار العرب بنيانا

(1) أراد من بلغ الحكم من الكفار، وبالأصل " المواشي ".
(2) ما بين معكوفتين زيادة عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 229 والأردب مكيال ضخم بمصر أربعة وعشرون
صاعا (قاموس).
(3) الودك: اسم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه (اللسان: ودلك).
(4) عن خع وبالأصل وبالأصل: تين.
(5) عن خع وبالأصل " بشير ".
(6) عن المطبوعة وبالأصل وخع " الحلال ".
182

أو شيئا فقال أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه كنيسة أو قال بيعة
ولا يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا فيه خمرا ولا يدخلوه خنزيرا وأيما مصر مصر
العجم ففتحه الله على العرب فللعجم ما في عهدهم وعلى العرب أن يفوا لهم
بعهدهم
أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن أشليها (1) وابنه أبو علي الحسن قالا أنا أبو
الفضل بن الفرات أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا أبو القاسم بن أبي العقب أنا
أحمد بن إبراهيم القرشي نا محمد بن عايذ نا عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي
حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني مولى لآل الزبير قال (2) حدثني عبد الله بن
عمر أن عمر بن الخطاب قضى على أهل الذمة ضيافة ثلاثة أيام ما يصلحهم من طعام
وعلف دوابهم
قال ابن عايذ وثنا عمر بن عبد الواحد قال سمعت الأوزاعي يحدث قال كتب
عمر بن الخطاب في أهل الذمة أن من لم يطق منهم فخففوا عنه ومن عجز فأعينوه فإنا
لا نريدهم لعام ولا لعامين
أنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء بن أبي منصور الأصبهاني شفاها أنا
منصور بن الحسين بن علي بن القاسم بن داود (3) الكاتب وأبو طاهر أحمد بن محمود
الثقفي قالا أنا أبو بكر بن المقرئ نا أبو محمد عبد الله بن عبد السلام نا بحر بن
نصر نا بشر بن بكير حدثني أبو بكر بن أبي مريم حدثني حبيب بن عبيد عن
ضمرة بن حبيب (4) قال قال عمر بن الخطاب في أهل الذمة سموهم ولا تكنوهم
وأذلوهم ولا تظلموهم وإذا جمعتكم وإياهم طريق فألجئوهم إلى أضيقها
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي الفقيه ثنا أبو الفتح نصر بن
إبراهيم بن نصر المقدسي لفظا وأبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء قراءة

(1) بالأصل وخع: " أستلها " وقد مر.
(2) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع.
(3) في المطبوعة: رواد.
(4) في مختصر ابن منظور 1 / 230 جندب.
183

عليه قالا أنا أبو الحسن بن عوف (1) ثنا محمد بن موسى بن الحسين أنبأ أبو بكر
محمد بن خريم نا حميد بن زنجويه حدثني سليمان بن حرب عن حماد بن زيد
عن أيوب عن نافع عن أسلم قال كتب عمر إلى أمراء الأجناد أن يضعوا الجزية ولا
تضعوا على النساء ولا على الصبيان ولا تضعوا إلا على من جرت عليهم المواسي (2)
على أهل الورق أربعين درهما وعلى أهل الذهب أربعة دنانير وأمر أن يقيم في
رقابهم وعلى أهل الشام وعلى أهل الجزيرة (3) مدين أو مديين (4) من بر وأربعة
أقساط (5) من زيت وشئ من الودك لا أحفظه وعلى أهل مصر إردب من بر قال
وشئ من العسل لا أحفظه وعليهم كسوة أمير المؤمنين ضريبة مضروبة وعلى أهل
العراق خمسة عشر صاعا عليهم ضيافة المسلمين ثلاثة يطعمونهم مما يأكلون مما يحل
للمسلمين من طعامهم فلما قدم عمر الشام شكوا إليه فقالوا يا أمير المؤمنين إنهم
يكلفونا ما لا نطيق يكلفونا الدجاج والشاء فقال لا تطعموهم إلا مما تأكلون مما
يحل (6) لهم من طعامكم
كتب إلي (7) أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان
ثم أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي أنا أبو طاهر أحمد بن
الحسن بن أحمد قالا أنا أبو علي بن شاذان أنبأ عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم
البغوي (8)
وأخبرنا أبو البركات الأنماطي أنبأ طراد بن محمد الزينبي أنا أحمد بن
علي بن الحسين بن البادا نا حامد بن محمد بن عبد الله الهروي قالا أنا علي بن
عبد العزيز نا أبو عبد نا هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم حدثني يزيد بن

(1) عن خع وبالأصل " عون ".
(2) بالأصل: " المواشي " وقد تقدمت.
(3) بالأصل وخع " الجزية.
(4) المدي: مكيال لأهل الشام ومصر يسع خمسة عشر مكوكا. والمكوك: ساع ونصف (النهاية).
(5) القسط: نصف صاع.
(6) بالأصل: " مما لا يحل " والمثبت عن خع بحذف " لا ".
(7) زيادة عن خع.
(8) زيادة عن خع.
184

سعيد بن ذي عضوان عن عبد الملك بن عمير أن عمر بن الخطاب اشترط على أنباط
الشام للمسلمين أن يصيبوا من ثمارهم وتبنهم (1) ولا يحملوا
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد بن زريق أنا أبو
الحسن محمد بن علي بن محمد بن المهتدي نا أبو بكر محمد بن يوسف بن محمد بن
دوست العلاف إملاء نا عبد الله بن محمد بن إسحاق نا محمد بن عمرو بن أبي
مدعور نا إسماعيل بن علية أنا هشام الدستوائي عن قتادة عن (2) الحسن عن
الأحنف بن قيس أن عمر بن الخطاب اشترط على أهل الذمة إصلاح القناطر والضيافة
يوم وليلة وإذا قتل رجل من المسلمين في أرضكم فعليكم ديته
كتب إلي أبو علي بن نبهان
ثم أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب الأنماطي قال أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن
قالا أنا أبو علي بن شاذان أنا عبد الله بن إسحاق البغوي
وأخبرنا أبو البركات أنبأ طراد بن محمد نا أحمد بن علي بن الحسين بن
البادا أنبأ حامد بن محمد الهروي قالا أنبأ علي بن عبد العزيز نا أبو عبد قال
وبلغني عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح قال سألت مجاهدا لم وضع عمر على
أهل الشام الجزية أكثر مما وضع على أهل اليمن قال لليسار
أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل أنبأ عبد الدائم بن الحسن بن عبيد الله القطان
أنبأ عبد الوهاب الكلابي أنبأ عبد الله بن أحمد بن زبر أنبأ محمد بن عبد الرحمن بن
يونس نا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي نا يسرة (3) بن صفوان عن
الحكم بن عمر الرعيني قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى أمصار الشام لا يمشين
نصراني إلى مفروق الناصية ولا يلبس قباء ولا يمشين إلا بزنار من جلد ولا يلبس
طيلسانا ولا يلبس سراويلا ذات خدمة ولا يلبسن نعلا ذات عذبة ولا يركبن على
سرج ولا يوجد في بيته سلاحا إلا انتهب والله تعالى أعلم

(1) في مختصر ابن منظور: " وتينهم " وفي المطبوعة: ونبتهم.
(2) بالأصل " بن " تحريف.
(3) بالأصل وخع: " بسرة " والمثبت والضبط عن تقريب التهذيب.
185

" باب
ذكر حكم الأرضين وما جاء فيه عن السلف الماضية " (1)
لا خلاف بين الأئمة من سلف هذه الأمة أن كل بلد صولح أهله على الخراج
المعلوم أنه لا يجوز تغيير ما استقر عليهم من الرسوم
وقد صح أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أمضى لأهل مدينة دمشق الصلح
كما تقدم في هذا الكتاب لأنه رضي الله عنه لما أشكل عليه الحال في الفتح وهل
سبق من دخلها عنوة أو من دخلها بالصلح أمضاها كلها صلحا لأهلها وقبل منهم
شروطا رضوا ببذلها فأما ما ظهر عليه المسلمون عنوة من أعمالها ونواحيها وحووه
بالقهر والغلبة من أهلها فقد اختلف العلماء الماضون في حكمه ولم تتفق آراؤهم في
انفاقه (2) أو قسمه
فذهب عمر وعلي ومعاذ بن جبل إلى أنها وقف بين المسلمين لا تقسم بين من
غلب عليها من الغانمين وتجري غلتها (3) عليهم وعلى من بعدهم من الخائفين إلى أن
يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين
وذهب الزبير بن العوام وبلال بن رباح إلى أنها ملك الغانمين فيقسم بينهم على ما
يراه إمام المسلمين
وذهب أبو حنيفة وسفيان الثوري وهما من العلماء الكبار إلى أن الإمام في ذلك
بالخيار إن شاء وقفها وإن شاء قسمها ووزعها على ما (4) يراه بين من غنمها

(1) الأصل وخع، وفي المطبوعة: الماضين.
(2) كذا، وفي المطبوعة: إيقافه.
(3) بالأصل وخع: " ويجري عليها " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 231.
(4) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.
186

وذهب مالك إلى أنها تصير وقفا بنفس الاغتنام ولا يكون فيها اختيار للإمام
وذهب الشافعي إلى أنه ليس للإمام أن يقفها بل يلزمه أن يقسمها إلا أن يتفق
على وقفها المسلمين (1) ويرضى بذلك من غنمها
وأنا ذاكر ما ورد في ذلك عن من بلغني قوله فيه وأستخير الله في ذكر ذلك
وأستهديه
فأما ما روي عن عمر
فأخبرناه أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه أنا إبراهيم بن منصور
السلمي أنبأ أبو بكر بن المقرئ أنبأ أبو يعلى الموصلي نا أبو خيثمة نا
عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال لولا
آخر المسلمين ما فتحت عليهم قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خيبر
قال وأنا أبو يعلى نا عبيد الله هو القواريري نا ابن مهدي نا مالك عن
زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال
وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغساني أنا أبو الحسن أحمد بن
عبد الواحد السلمي أنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان أنا محمد بن جعفر
الخرائطي نا عمر بن شبة نا عبد الرحمن بن مهدي نا مالك بن أنس عن زيد بن
أسلم عن أبيه قال قال عمر لولا أن آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها كما
قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خيبر (2)
رواه البخاري عن صدقة بن الفضل ومحمد بن المثنى عن ابن مهدي
أخبرناه عاليا أبو علي الحسن بن المظفر بن الحسن بن السبط وأبو الحسين
محمد بن محمد بن الحسين بن الفراء قالا أنا أبو يعلى محمد بن الحسين بن
الفراء أنا أبو الحسن علي بن معروف بن محمد البزار نا أبو القاسم البغوي نا
مصعب حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال لولا أخر

(1) كذا والصواب: المسلمون.
(2) سقطت من لأصل، عن خع.
187

المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خيبر
ورواه أبو عامر العقدي عن هشام بن سعد المدني عن زيد بن أسلم فتساهل
في لفظه
أخبرناه أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين أنا أبو علي الحسن بن علي
المذهب
وأخبرناه أبو علي الحسن بن المظفر (1) بن السبط أنا أبو محمد الحسن بن
علي الجوهري قالا أنا أبو بكر بن مالك نا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني
أبي نا أبو عامر عبد الملك بن (2) عمرو نا هشام عن زيد بن أسلم عن أبيه قال
سمعت عمر يقول لئن عشت إلى هذا العام المقبل لا يفتتح للناس قرية إلا خمستها (3)
بينهم كما قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خيبر
ورواه عبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب عن هشام
فأما حديث ابن المبارك
فأخبرناه أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم القسري أنا أبو سعد
الجنزرودي أنا أبو عمرو بن حمدان
وأخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه أنا إبراهيم بن منصور
السلمي أنا أبو بكر بن المقرئ قالا أنا أبو يعلى الموصلي نا أبو همام الوليد بن
شجاع نا عبد الله بن المبارك عن هشام بن سعد (4) عن زيد بن أسلم عن أبيه قال
سمعت عمر بن الخطاب وقال ابن حمدان عن عمر بن الخطاب أنه قال والله لولا أن
ينزل آخر الناس ببانا (5) ليس لهم شئ ما فتح الله على أهل الإسلام من قرية إلا قسمتها
كما قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خيبر

(1) بالأصل: " أبو علي بن الحسن المظفر " والمثبت عن خع.
(2) بالأصل وخع " عن ".
(3) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة 1 / 577 قسمتها.
(4) عن خع وبالأصل: سلم.
(5) زيد في المختصر: ومعنى ببانا: أي باجا واحدا وشيئا واحدا، وانظر اللسان.
188

واللفظ لابن المقرئ
وأما حديث ابن وهب
فأخبرناه أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب وأبو الحسن علي بن أحمد بن
قبيس الفقيه قالا حدثناه أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق قال أنبأ أبو
بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب
وأخبرناه أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الكشمهيني وأبو أحمد
محمد بن محمد بن أبي أحمد السوسقاني (1) وأبو القاسم يحيى بن محمد بن محمد
الأرشابندي (2) المراوزة قالوا أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن أبي الحسن العارف
الميهني (3)
وأخبرناه أبو طاهر محمد بن محمد السنجي أنا أبو علي نصر الله بن أحمد
الخشنامي قالوا أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري (4) بنيسابور نا
أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم نا ابن
وهب أنبأ هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب
يقول لولا أني أترك الناس ببانا لا شئ لهم ما فتحت قرية إلا قسمناها كما قسم
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خيبر (5)
أخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي أنا محمد بن عبد الله الحافظ
أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس نا عثمان بن سعيد الدارمي نا
سعيد بن أبي مريم أن محمد بن جعفر المديني أخبرهم أخبرني زيد بن أسلم عن أبيه
أنه سمع عمر بن الخطاب يقول أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببانا ليس

(1) هذه النسبة إلى سوسقان، من قرى مرو على أربعة فراسخ منها على طرف البرية، يقال لها: شاوشكان.
(2) كذا، وفي الأنساب: الأرسابندي نسبة إلى أرسابند من قرى مرو على فرسخين منها.
(3) الميهني بكسر الميم هذه النسبة إلى ميهنة وهي إحدى قرى خابران، ناحية بين سرخس وأبيورد (الأنساب).
(4) بالأصل وخع " الحرس " والمثبت والضبط عن الأنساب وهذه النسبة إلى الحيرة محلة مشهورة بنيسابور منها
القاضي أبو بكر...
(5) بعدها في الأصل وخع: " ورواه " مقحمة حذفناها.
189

لهم شئ ما افتتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خيبر ولكن أتركها
لهم خراثة (1)
رواه البخاري عن ابن (2) أبي مريم
أنبأنا أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان ثم أخبرنا أبو البركات
عبد الوهاب بن المبارك بن الحسن الأنماطي أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد
قالا أنا أبو علي بن شاذان أنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي (3)
وأخبرنا أبو البركات الأنماطي أنا طراد بن محمد الزينبي أنا أحمد بن
علي بن الحسين بن الباذا (4) أنا حامد بن محمد بن عبد الله الرفاء قالا أنا علي بن
عبد العزيز
وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور وعلي بن المسلم السلمي
الفقيهان قالا أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد أنا جدي أبو
بكر أنبأ أبو بكر محمد بن جعفر الخرايطي أنا نصر بن داود قالا ثنا أبو عبيد نا
أبو الأسود عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر كتب إلى سعد بن أبي
وقاص يوم افتتح العراق أما بعد فقد بلغني كتابك أن الناس سألوا أن نقسم بينهم
غنائمهم وما أفاء الله عليهم فانظر ما أجلبوا (5) به عليك في العسكر من كراع أو مال
فاقسمه بين من حضر من المسلمين واترك الأرضين وقال نصر في حديثه الأرض
والأنهار لعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين فإنا إن قسمناها بين من حضر لم
يكن لمن بعدهم شئ (6)
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني وأبو الحسن علي بن أحمد بن

(1) في خع: حراته " وفي مختصر ابن منظور 1 / 231: حراثة وفي المطبوعة 1 / 578 خزانة.
(2) عن خع، سقطت من الأصل.
(3) زيادة عن خع.
(4) كذا بالأصل وخع: الباذا بالذال المعجمة، وقد تقدم بالدال المهملة.
(5) في مختصر ابن منظور: ما أجلب الناس به عليكم.
(6) راجع تاريخ بغداد 1 / 9 وفتوح البلدان ص 265.
190

منصور الغساني وأبو (1) منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيباني
قالوا أخبرنا أبو بكر الخطيب أنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران
المعدل نا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار نا الحسن بن علي بن عفان نا
يحيى بن آدم نا ابن المبارك عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال كتب عمر
إلى سعد حين افتتح العراق أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أن الناس سألوك أن تقسم
بينهم مغانمهم وما أفاء الله عز وجل عليهم فإذا أتاك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس
به عليك إلى العسكر من كراع أو مال فاقسمه بين من حضر من المسلمين واترك
الأرضين والأنهار لعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين فإنك إن قسمتها بين من
حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شئ
أنبأنا أبو علي بن نبهان ثم أخبرنا أبو البركات الأنماطي أنا أبو طاهر أحمد بن
الحسن قالا أنا أبو علي بن شاذان أنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم
وأخبرنا أبو البركات أنا طراد الزينبي أنا أحمد بن علي بن الحسين أنا
حامد بن محمد بن عبد الله قالا أنا علي بن عبد العزيز نا أبو عبيد القاسم بن
سلام نا هشيم بن بشير أخبرنا العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي (2) قال
لما افتتح المسلمون السواد قالوا لعمر تقسمه (3) بيننا فإنا فتحناه عنوة فأبى وقال فما
لمن جاء بعدكم من المسلمين وأخاف إن قسمته أن تفاسدوا بينكم في المياه قال
فأقر أهل السواد في أرضهم وضرب على رؤوسهم الجزية وعلى أرضيهم الطسق (4)
قال أبو عبيدة يعني بالطسق الخراج
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الحسن علي بن أحمد بن منصور قالا
وأبو منصور عبد الرحمن بن زريق قال أخبرنا أبو بكر الخطيب أنا الحسين بن
شجاع الصوفي أنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف نا محمد بن عبدوس بن

(1) كذا بالأصل وخع وفي المطبوعة 1 / 579: قالا: ثنا أبو منصور... قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب.
(2) في مختصر ابن منظور 1 / 232 السلمي.
(3) في مختصر ابن منظور: " اقسمه " وفي خع: نقسمه.
(4) بالأصل وخع: " الطشق " والمثبت عن مختر ابن منظور، والطسق: بالفتح مكيال، أو ما يوضع من
الخراج على الجربان أو شبه ضريبة معلومة وكأنه مولد أو معرب (قاموس).
191

كامل ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة قالا نا أبو بكر بن أبي شيبة نا حميد بن
عبد الرحمن عن حنش عن مطرف عن بعض أصحابه قالا اشترى طلحة بن
عبيد الله أرضا من النشاشك (1) نشاشك بني طلحة هذا الذي عند السبلجين (2) فأتى
عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فقال إني اشتريت أرضا معجبة فقال له عمر ممن
اشتريتها من أهل الكوفة من أهل القادسية فقال طلحة وكيف اشتريها (3) من أهل
القادسية كلهم قال إنك لم تصنع شيئا إنما هي فئ
قال وأنا الحسن بن رزق وأبو الحسين بن بشران قالا أنا إسماعيل بن
محمد نا الحسن نا يحيى نا قيس عن إسماعيل عن الشعبي عن عتبة بن
فرقد قال اشتريت عشرة أجربة من أرض السواد على شاطئ الفرات لقضب (4)
لدوابي فذكرت ذلك لعمر فقال لي اشتريتها من أصحابها قلت (5) نعم قال رح
إلي فرحت إليه فقال يا هؤلاء أبعتموه شيئا قالوا لا قال ابتغ (6) مالك حيث
وضعته
وأما ما روي عن علي فأنبأنا أبو علي بن نبهان ثم أخبرنا أبو البركات الأنماطي
أنبأ أحمد بن الحسن بن أحمد (7) قالا أنا أبو علي بن شاذان أنا عبد الله بن
إسحاق بن إبراهيم
وأخبرنا أبو البركات أنبأ طراد بن محمد أنا أحمد بن علي بن الحسين أنا
حامد بن محمد بن عبد الله قالا أنا علي بن عبد العزيز
وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور وعلي بن المسلم السلمي
الفقيهان قالا أنا أبو الحسن بن أبي الحديد أنبأنا جدي أبو بكر أنا محمد بن جعفر بن

(1) في خع: النشكشك.
(2) كذا بالأصل وخع، والصواب: السيلحين، وهي قرية بسواد بغداد (معجم البلدان).
(3) بالأصل وخع: " أشريتها ".
(4) بالأصل وخع: " لقصب " والمثبت عن مختصر ابن منظور، والقضب: شجر ترعاه الإبل (اللسان)، وبالأصل: " لدواني " والمثبت عن خع والمختصر.
(5) عن المختصر، وبالأصل وخع: فكتب.
(6) عن المختصر وبالأصل وخع: اتبع.
(7) بالأصل: " حمد " والثبت عن خع.
192

محمد بن سهل الخرايطي نا نصر بن داود قالا نا أبو عبيد نا إسماعيل بن جعفر
عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن عمر أنه أراد أن يقسم
السواد بين المسلمين فأمر أن يحصوا فوجد الرجل نصيبه ثلاثة من الفلاحين فشاور في
ذلك فقال له علي بن أبي طالب دعهم يكونوا مادة للمسلمين فتركهم وبعث عليهم
عثمان بن حنيف فوضع عليهم ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثني عشر
زاد علي بن عبد العزيز قال وبهذا كان يأخذ سفيان بن سعيد الثوري وهو
معروف من قوله إلا أنه كان يقول الخيار في أرض العنوة إلى الإمام إن شاء جعلها
غنيمة فخمس وقسم وإن شاء جعلها فيئا عاما للمسلمين ولم يخمس ولم يقسم
قال أبو عبيد وليس الأمر عندي إلا على ما قال سفيان إن الإمام مخير في العنوة
بالنظر للمسلمين والحيطة (1) عليهم بين أن يجعلها غنيمة أو فيئا
وأما ما روي عن معاذ فأنبأنا أبو علي بن نبهان ثم أخبرنا أبو القاسم علي بن
إبراهيم الخطيب أنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت
وأخبرنا أبو البركات الأنماطي أنا أحمد بن الحسن بن أحمد قالوا أخبرنا أبو
علي بن شاذان أنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي
وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ومحمد بن سعدون العندري (2) نا طراد بن
محمد أنا أحمد بن علي بن الحسين أنا حامد بن محمد بن عبد الله قالا أنا
علي بن عبد العزيز
وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور وعلي بن المسلم الفقيهان
قالا أنا أبو الحسن بن أبي الحديد أنا جدي أبو بكر (3) أنبأ أبو بكر محمد بن
جعفر الخرايطي نا نصر بن داود قالا نا أبو عبيد نا هشام بن عمار الدمشقي
عن يحيى بن حمزة حدثني تميم بن عطية العنسي أخبرني عبد الله بن أبي قيس أو
عبد الله بن قيس زاد علي بن عبد العزيز الهمذاني وقالا شك أبو عبيد قال قدم

(1) عن مختصر ابن منظور 1 / 232 وبالأصل وخع: والحنطة.
(2) في المطبوعة: العبدري.
(3) بالأصل: " أنا أحمد بن أبي بكر " والمثبت عن خع.
193

عمر الجابية فأراد قسم الأرضين وقال الخطيب وتصير الأرضين بين المسلمين فقال
له معاذ والله إذا ليكونن ما تكره إنك إن قسمتها اليوم صار وفي حديث نصر كان
الريع العظيم في أيدي القوم ثم يبيدون فيصير ذلك إلى الرجل الواحد أو المرأة ثم
يأتي من بعدهم قوم يسدون إلى الإسلام مسدا وهم لا يجدون وقال نصر ما
يجدون شيئا فانظر أمرا يسع أولهم وآخرهم انتهى حديث الخطيب
وقال الباقون قال هشام فحدثني الوليد بن مسلم عن تميم بن عطية عن
عبد الله بن قيس أو ابن أبي قيس أنه سمع عمر يكلم الناس في قسم الأرض ثم ذكر
كلام معاذ إياه فصار عمر إلى قول معاذ
وأما ما روي عن الزبير فأخبرنا أبو القاسم الشحامي أنبأ أبو بكر البيهقي أنبأ
أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن الحسن
وأخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر (1) الكشميهني وأبو
أحمد محمود بن محمد بن أبي أحمد السوسقاني وأبو القاسم يحيى بن محمد بن
محمد الأرسابندي المراوزة قالوا أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن أبي الحسن
العارف
وأخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي (2) أنبأ أبو علي
نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي (3) قالا أنبأ أبو بكر الحيري قالا نا أبو
العباس الأصم أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنا ابن وهب أخبرني ابن
لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن من سمع عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة يقول
سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول إنا لما فتحنا مصر بغير عهد قام الزبير بن
العوام فقال اقسمها يا عمرو بن العاص فقال عمرو لا أقسمها زاد البيهقي
والخشنامي فقال الزبير والله لتقسمنها كما قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خيبر فقال عمرو والله
لا أقسمها ثم اتفقوا فقالوا حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إليه عمر بن الخطاب

(1) زيادة عن خع.
(2) هذه النسبة إلى سنج، قرية كبيرة من قرى مرو، على سبعة فراسخ منها (الأنساب).
(3) بالضم والسكون هذه النسبة إلى خشنام، اسم جد (الأنساب).
194

أقرها حتى يغزو منها حبل الحبلة (1)
وأخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو بكر بن الحسن وأبو
زكريا بن أبي إسحاق
وأنبأنا أبو الفتح وأبو أحمد وأبو القاسم المراوزة أنا أبو الفضل العارف
وأخبرنا أبو طاهر السنجي أنا أبو علي الخشنامي قالا أنا أبو بكر الحيري
قالا نا أبو العباس الأصم أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنبأ ابن وهب
أخبرني ابن لهيعة حدثني خالد بن ميمون عن عبد الله بن المغيرة عن سفيان بن
وهب بهذا إلا أنه قال فقال عمرو لم أكن لأحدث فيها شيئا حتى أكتب إلى عمر بن
الخطاب فكتب إليه بهذا
وأخبرنا أبو القاسم بن الحصين أنبأ أبو علي بن المذهب
وأخبرنا أبو علي الحسن بن المظفر بن السبط (2) أنا أبو محمد الجوهري
قالا أنا أبو بكر بن مالك ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي نا عتاب
يعني ابن زياد نا عبد الله يعني ابن المبارك أخبرني عبد الله بن عقبة وهو
عبد الله بن لهيعة بن عقبة حدثني يزيد بن أبي حبيب عن من سمع عبد الله بن
المغيرة بن أبي بردة يقول سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول لما افتتحنا مصر
بغير عهد قام الزبير بن العوام فقال يا عمرو بن العاص اقسمها فقال عمرو لا
أقسمها فقال الزبير والله لتقسمنها كما قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خيبر فقال عمرو والله
لا أقسمها (3) حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إلى عمر فكتب إليه عمر أن
أقرها حتى يغزو منها حبل الحبلة
وأما ما روي عن بلال فأخبرناه أبو القاسم الشحامي أنبأنا أبو بكر البيهقي
أنبأ أبو نصر بن قتادة أنبأ أبو الفضل بن خميرويه أنا أحمد بن محمد نا الحسن بن

(1) يعني: حتى يغزو أولاد الأولاد كما في النهاية، وزيد في اللسان: حتى يكون عاما في الناس (حبل) وانظر
فتوح البلدان للبلاذري ص 211.
(2) بالأصل وخع " الشط " تحريف.
(3) الزيادة عن خع.
195

الربيع نا عبد الله بن المبارك عن جرير بن حازم سمعت نافعا مولى ابن (1) عمر
يقول أصاب الناس فتح بالشام فيهم بلال وأظنه ذكر معاذ بن جبل فكتبوا إلى
عمر بن الخطاب أن هذا الفئ الذي أصبنا لك خمسه ولنا ما بقي ليس لأحد منه شئ
كما صنع النبي (صلى الله عليه وسلم) بخيبر فكتب عمر ليس علي ما قلتم ولكني (2) أقفها للمسلمين
فراجعوه الكتاب وراجعهم يأبون ويأبى فلما أبوا (3) قام عمر فدعا عليهم فقال
اللهم اكفني بلالا وأصحاب بلال قال فما حال الحول عليهم حتى ماتوا جميعا
قال البيهقي قوله إنه ليس علي ما قلتم ليس يريد إنكار ما احتجوا به من قسمة
خيبر فقد رويناه عن عمر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ويشبه أن يريد به ليست المصلحة فيما
قلتم وإنما المصلحة في أن أقفها للمسلمين وجعل يأبى قسمتها لما كان يرجو من
تطييبهم ذلك له وجعلوا يأبون لما كان لهم من الحق فلما أبوا لم يبرم الحكم عليهم
بإخراجها من أيديهم ووقفها ولكن دعا عليهم حيث خالفوه فيما رأى من المصلحة
وهم لو وافقوه وافقه أفناء (4) الناس وأتباعهم والحديث مرسل والله أعلم
أخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي
أنبأنا أبو بكر زكريا بن (5) أبي إسحاق وأبو بكر بن الحسن
وأخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني وأبو أحمد محمود بن
محمد بن أبي أحمد السوسقاني وأبو القاسم يحيى بن محمد بن محمد الأرسابندي
المراوزة قالوا أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد العارف (6)
وأخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي أنا أبو علي نصر الله بن
أحمد بن عثمان الخشنامي قالا أنا أبو بكر الحيري قالا ثنا أبو العباس الأصم أنا

(1) الأصل وخع ومختصر بن منظور 1 / 233 وفي المطبوعة: مولى عمر ".
(2) الأصل وخع: " ولكونها " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 233.
(3) بالأصل: " يأتون ويأتي، فلما أتوا " والصواب عن خع ومختصر ابن منظور، وقد صححت اللفظات في
الخبر أينما وقعت.
(4) الزيادة عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 233.
(5) عن خع وفيها: " أبو زكريا " وفي المطبوعة: " أنبأ زكريا بن أبي إسحاق " ومر فيها " أبو زكريا بن إسحاق "
(6) زيادة عن خع.
196

محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنا ابن وهب أنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم
أن عمر بن الخطاب لما افتتح الشام قام إليه بلال فقال لتقسمنها أو لنضار بن عليها
بالسيف فقال عمر لولا أني أترك يعني الناس ببانا لا شئ لهم وما فتحت من قرية
إلا قسمتها سهمانا كما قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خيبر زاد البيهقي والخشنامي إلى آخر
الحديث ولكن اتركها لمن بعدهم جزية (1) يقتسمونها
أنبأنا أبو علي بن نبهان ثم أخبرنا أبو البركات الأنماطي أنا أحمد بن الحسن أبو
طاهر قالا أنا أبو علي بن شاذان أنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي
وأخبرنا أبو البركات أنبأ طراد بن محمد النقيب أنبأ أحمد بن علي بن
الحسين أنبأ حامد بن محمد بن عبد الله قالا أنا علي بن عبد العزيز نا أبو عبيد
ثنا سعيد بن سليمان عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ثنا الماجشون قال
قال بلال لعمر بن الخطاب في القرى التي افتتحوها عنوة اقسمها بيننا وخذ خمسها
فقال عمر لا هذا عين المال ولكني أحبسه فيئا تجري عليهم وعلى المسلمين فقال
بلال وأصحابه اقسمها بيننا فقال عمر اللهم اكفني بلالا وذويه قال فما حال
الحول ومنهم عين تطرف (2)
قال قال عبد العزيز وأخبرني زيد بن أسلم قال قال عمر (3) تريدون أن
يأتي آخر الناس ليس لهم شئ قال أبو عبيد يعني بالشام
قال أبو عبيد وبهذا كان يأخذ مالك بن أنس كذلك يروى عنه
أخبرنا أبو القاسم الشحامي أنبأ أبو بكر البيهقي قال وفي كل ذلك يعني
أحاديث عمر التي لم ير (4) بها القسمة دلالة على أن عمر كان يرى من المصلحة إقرار
الأراضي وكان يطلب استطابة قلوب الغانمين وإذا لم يرضوا بتركها فالحجة في
قسمه (5) قائمة بما ثبت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في قسمة خيبر وقد خالف الزبير بن العوام

(1) عن خع ومختصر ابن منظور، وبالأصل: " جرية " وفي المطبوعة 1 / 585 خزنة.
(2) عن خع وبالأصل: نظرت.
(3) الزيادة عن خع.
(4) بالأصل: " يري " وفي خع: " يرى " والصواب ما أثبت، وانظر مختصر ابن منظور 1 / 234.
(5) عن مختصر ابن منظور 1 / 234 وبالأصل وخع قسمة.
197

وبلال وأصحابه ومعاذ على شك من الراوي عمر فيما رأى والله أعلم
وقد روينا عن عمر في فتح السواد وقسمه بين الغانمين حين استطاب قلوبهم بالرد
ما يوافق قول غيره
قرأت بخط أبي الحسين محمد بن عبد الله أخبرني أبو محمد عبيد الله بن
أحمد بن بنت أبي زرعة
أنبأ جدي أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو (1) قال حضرت عند أبي الحسن
أحمد بن محمد بن مدبر أحضر ذلك المجلس هشام بن عمار ودحيما ومحمود بن
خالد وعبد الله بن ذكوان وأحضرني فيمن أحضر فقال إنكم لا تتهمون (2) على
الفئ وإنما يتهم عليه أهل البدع لأنكم تعلمون أنه ينفق في بيضة الإسلام وفي حج
البيت ومجاهدة العدو وأمن السبل فتكلم يومئذ أحمد بن محمد بن مدبر في ذلك
فأبلغ وقال أخبرني عن مدائن الساحل هل ترون في مستغلها حقا للفئ فقالوا لا
حق في مستغلها وأعلموه أن دمشق فتحت صلحا وأن صلح حصونها بصلحها من
أجل أنها الأم وأن ساحلها تبع لها
قال أبو زرعة وأعلمته يومئذ أن بعلبك صلح وأن الوليد بن مسلم قد أثبت
صلحها مع إسماعيل بن عياش فقال ابن مدبر للمشيخة هكذا (3) تقولون قالوا
نعم فقبل ذلك منهم
قال أبو زرعة وسألني ابن مدبر عن بيع الكلأ فأعلمته أن الأوزاعي يقول
الناس فيه أسوة فتظلم إلي ابن مدبر رجل من الرعية على رجل رعى كلأ له فلم يعده
وقال فقيه أهل الشام لا يرى لك حقا
قال أبو زرعة ورأيت أحمد بن محمد بن مدبر شديدا في الأرض مذهبه بها
مذهب السلف في إيقافها
قال فحدثته بحديث أخبرني به محمد بن عبد الله بن معاذ عن أبيه عن

(1) عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 234 وسقطت من الأصل.
(2) عن مختصر ابن منظور وخع، وبالأصل: " تهمون ".
(3) بالأصل: هذا يقولون " والصواب عن مختصر ابن منظور.
198

الهيثم بن عمران قال كتب هشام بن عبد الملك إلى كلثوم بن عياض وبلغه أن خالدا
القسري اشترى أرضا من أرض الغوطة بغير إذنه فقال أيشتري أرضا بغير إذني فأمر
سالما الكاتب أن يكتب إلى كلثوم بن عياض عزمت عليك أن (1) تضع كتابي من يدك
حتى تغرم الوليد بن عبد الرحمن عاملي على الغوطة أربعمئة دينار وتبعث بها إلي إذا
اشتريت ارض (2) بغير إذنه وكتب إلى كلثوم أن اضرب وكيلي القسري مائة مائة وأطف
بهما ومر من ينادي عليهما هذا جزاء من اشترى أرضا بغير إذن أمير المؤمنين وذلك
أنه وجد فيما وضع عمر بن عبد العزيز حين استخلف قال (3) هل نهت الولاة قبلي
عن شري الأرض من أهل الذمة (4) قالوا لم ينهوا قال فإني قد سلمت لمن
اشترى ولكن من اليوم أنهى عن بيعها إنها من أرض المسلمين دفعت إلى أهل الذمة
على أن يأكلوا منها ويؤدوا خراجها وليس لهم بيعها ومن اشترى بعد اليوم فيعاقب
البائع والمشتري وترد الأرض إلى النبطي ويؤخذ الثمن من المسلم فيجعل في بيت
المال لما انتهكوا من المعصية ويدخل المال الذي أخذ النبطي بيت مال المسلمين لما
وضع عمر في ذلك الديوان فهي المدة ما كان قبل المدة يعني قبل عمر بن
عبد العزيز وما كان بعد المدة يعني بعد عمر
قال أبو زرعة فاستحسن أحمد بن محمد بن مدبر هذا الحديث وأنكر العقوبة
فقلت له لا تنبذ له رأيه وأخبرته بحدث حدثنيه هشام بن عمار نا يحيى بن حمزة
حدثني بعض مشيختنا عن إسحاق بن مسلم وكان عاملا لعمر بن عبد العزيز على خراج
الأردن فكتب إلى عمر
أما بعد فإني وجدت أرضا من أرض أهل الذمة بأيدي ناس من المسلمين فما
يرى أمير المؤمنين فيها فكتب إليه إن تلك أرض أوقفها أول المسلمين على آخرهم
فامنع (5) ذلك البيع إن شاء الله والسلام

(1) الأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور 1 / 235 " ألا تضع " وفي المطبوعة 1 / 587 أن لا تضع.
(2) بالأصل: " إذا اشترى أرضا " ومثله في خع، والمثبت عن مختص بابن منظور.
الزيادة عن مختصر ابن منظور.
(4) بالأصل و خ: " المدينة والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(5) عن خع ومختصر ابن منظور وبالأصل " فامتنع ".
199

وحدثته أن هشاما حدثني قال حدثي يحيى بن حمزة عن القاسم بن زياد
وكان عاملا لعمر بن عبد العزيز على الغوطة فكتب إلى عمر أما بعد فإن قبلنا أرضا
من أرض أهل الذمة بالغوطة بأيدي ناس من المسلمين قد ابتاعوها منهم وهم يؤدون
العشر مما يخرج منها أفضل مما كان عليها فما يرى أمير المؤمنين قال وأنا أريد بدا
وذوات بدا أرضا من ارض الجبل اتخذها عمر فكتب إليه عمر إن تلك أرضا حبسها
أول المسلمين على آخرهم فليس لأحد أن يتمولها دونهم فامنع ذلك البيع إن
شاء الله
قال أبو زرعة فحدثت بهذا الحديث عبد الملك بن الأصبغ من أصحاب الوليد بن
مسلم فأخبرني أن عمر بن عبد العزيز لم يمت عن ضيعة بقيت في يده غير مدا
وجرين (1) بأرض بعلبك وإنه أورثها عشرا وعدلها على ذلك أبو جعفر المنصور
فصارت بأيدي ورثة عمر
قال أبو زرعة فقال لي أحمد بن محمد بن مدبر قد جاء فيها من أخذ أرضا
بجزيتها فقد أتي بما يأتي به أهل الكتاب من الذل والصغار
فأما قول الثوري فأخبرناه أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الحسن علي بن
أحمد بن منصور وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق قال حدثنا أبو بكر
الخطيب أنبأ عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري أنبأ إسماعيل بن محمد
الصفار نا الحسن بن علي نا يحيى بن آدم نا ابن (2) المبارك عن سفيان بن سعيد
قال إذا ظهر على بلاد العدو فالإمام بالخيار إن شاء قسم البلاد والأموال والسبي
بعدما يخرج الخمس من ذلك وإن (3) شاء من عليهم فترك الأرض والأموال وكانوا
ذمة للمسلمين كما صنع عمر بن الخطاب بأهل السواد فإن تركهم صاروا عهدا
توارثوا وباعوا أرضهم
قال يحيى وسمعت حفص بن غياث يقول تباع ويقضى بها الدين وتقسم في

(1) كذا بالأصل، وفي خع: " مدا وحرين " وفي مختصر ابن منظور: " بدا وحزين " وبهامشه: ولعله: جبرين "
قرية بين دمشق وبعلبك، وفي المطبوعة: " بدا وجزين ".
(2) سقطت من الأصلين.
(3) بالأصل: " إن " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 236.
200

المواريث
وأما قول مالك فأخبرناه أبو محمد هبة الله بن سهل بن عمر الفقيه أنبأ أبو
عثمان سعد بن محمد بن أحمد البحيري (1) أنا أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي نا
أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي نا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر
الزهري قال قال مالك بن أنس الأصبحي أما أهل الصلح فمن أسلم منهم فهو أحق
بماله وأرضه وأما أهل العنوة الذين أخذوا عنوة فمن أسلم منهم فإن أرضه وماله
للمسلمين لأن أهل (2) العنوة قد غلبوا على بلادهم (2) وصارت فيئا للمسلمين (2)
وأما أهل الصلح فإنما (3) هم قد منعوا أموالهم وأنفسهم حتى صالحوا عليها فليس
عليهم إلا ما صالحوا عليه
أخبرنا أبو القاسم الحسني وأبو الحسن بن قبيس وأبو منصور بن زريق قال
أخبرنا أبو بكر الخطيب أنبأ الحسن بن أبي بكر نا عبد الله بن إسحاق نا علي بن
عبد العزيز نا أبو عبيد قال حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير قال قال مالك كل
أرض فتحت صلحا فهي لأهلها لأنهم منعوا بلادهم حتى صالحوا عليها وكل بلاد
أخذت عنوة فهي فئ للمسلمين
قال الخطيب أنبأ علي بن محمد بن عبد الله المعدل نا إسماعيل بن محمد
الصفار نا الحسن بن علي بن عفان نا يحيى بن آدم قال كل أرض كانت لعبدة
الأوثان من العجم أو لأهل الكتاب من العجم أو العرب ممن تقبل منهم الجزية فإن
أرضهم أرض خراج إن صالحوا على الجزية على رؤوسهم والخراج على أرضهم فإن
ذلك يقبل منهم وإن ظهر عليهم المسلمون فإن الإمام يقسم جميع ما أجلبوا به في
العسكر من كراع أو سلاح أو مال بعدما يخمسه وهي الغنيمة التي لا يوقف شئ منها
وذلك قوله عز وجل " ما غنمتم من شئ فإن لله خمسه " (4) وأما القرى والمدائن
والأرض فهي فئ كما قال الله عز وجل " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى " (5)

(1) بالأصل وخع: " البحتري " تحريف والصواب عن الأنساب، وهذه النسبة إلى بحير، اسم جد، وذكره باسم
" سعيد " راجع الأنساب: البحيري).
(2) الخبر في مختصر ابن منظور 1 / 236 والزيادات مستدركة عنه.
(3) في مختصر ابن منظور: فإنهمه قوم منعوا...
(4) سورة الأنفال، الآية: 40.
(5) سورة الحشر، الآية: 6.
201

فالإمام بالخيار في ذلك إن شاء وقفه وتركه للمسلمين وإن شاء قسمه بين من حضره
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الحسن علي بن أحمد وأبو
منصور بن زريق قالوا قال لنا الشيخ أبو بكر الخطيب (1) اختلف الفقهاء في
الأرض التي يغنمها المسلمون ويقهرون العدو عليها فذهب بعضهم إلى أن الإمام
بالخيار بين أن يقسمها على خمسة أسهم فيعزل منها السهم الذي ذكره الله تعالى في
آية الغنيمة فقال " واعلموا أن ما غنمتم من شئ فإن لله خمسه " الآية ويقسم السهام
الأربعة الباقية بين الذين افتتحوها فإن لم يختر (2) ذلك وقف جميعها كما فعل عمر
رضي الله عنه في أرض السواد
وممن ذهب إلى هذا القول سفيان بن سعيد الثوري وأبو حنيفة النعمان بن
ثابت
وقال مالك تصير الأرض وقفا بنفس الاغتنام ولا خيار فيها للإمام
وقال محمد بن إدريس الشافعي ليس للإمام إنفاقها (3) وإنما يلزمه قسمتها
فإن اتفق المسلمون على إيقافها ورضوا أن لا تقسم جاز ذلك
واحتج من ذهب إلى هذا القول بما روي أن عمر بن الخطاب قسم أرض
السواد بين غانميها وحائزها (4) ثم استنزلهم بعد ذلك عنها واسترضاهم منها فوقفها
فأما الأحاديث التي تقدمت فإن عمر لم يقسمها فإنها محمولة على أنه امتنع من
إمضاء القسم فاستدامته بأن انتزع الأرض من أيديهم أو أنه لم يقسم بعض السواد
وقسم بعضه ثم رجع فيه
* فأما حكم الدور التي هي داخل السور *
فأخبرنا جدي أبو المفضل يحيى بن علي بن عبد العزيز القرشي قاضي

(1) انظر تاريخ بغداد 1 / 9.
(2) عن تاريخ بغداد ومختصر ابن منظور 1 / 237 وبالأصل وخع: يجيز.
(3) في تاريخ بغداد ومختصر ابن منظور: إيقافها.
(4) عن مختصر ابن منظور، وبالأصل: وحازها.
202

دمشق وابنه أبو المعالي محمد بن يحيى بن علي خالي الأكبر قاضي دمشق
وأبو العشائر محمد بن خليل بن فارس القيسي قالوا أنبأنا أبو القاسم علي بن
محمد بن أبي العلاء أنبأ أبو محمد بن أبي نصر أنبأ أبو الحسن أحمد بن سليمان
نا خالد بن روح نا عبد الرحمن نا الوليد نا عبد الرحمن بن عامر أخو عبد الله
قال حدثتني ابنة واثلة قالت سمعت رجلا يقول لواثلة أرأيت هذه المساكن التي
أقطعها الناس (1) يوم فتحوا مدينة دمشق أماضية هي لأهلها قال نعم قال فإن
ناسا (2) يقولون هي لهم سكنى وليس لهم بيعها ولا إتلافها بوجه من الوجوه من صدقة
ولا مهر ولا غير ذلك فقال واثلة ومن يقول ذلك بل هي لهم ملك ثابت يسكنون
ويمهرون ويتصدقون
أنبأنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب ثم أخبرنا أبو البركات
عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي أنا أحمد بن الحسن بن أحمد قالا أنا أبو علي بن
شاذان أنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي
وأخبرنا أبو البركات الأنماطي أنبأ طراد بن محمد أبو الفوارس النقيب
الزينبي أنا أحمد بن علي بن الحسن بن البادا أنبأ حامد بن محمد بن عبد الله
قالا أنبأ علي بن عبد العزيز نا أبو عبيد (3) قال وحدثنا الإمام (4) عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
والخلفاء بعده قد جاءت في افتتاح الأرضين بثلاثة أحكام أرض أسلم عليها أهلها
فهي لهم ملك أيمانهم وهي أرض عشر لا شئ عليهم (5) فيها غيره (6) وأرض
افتتحت صلحا على خراج معلوم وهي على ما صولحوا عليه لا يلزمهم أكثر منه
وأرض أخذت عنوة وهي التي اختلف فيها المسلمون فقال بعضهم سبيلها سبيل
الغنيمة تخمس ويقسم فيكون أربعة أخماسها خططا بين الذين افتتحوها خاصة
ويكون الخمس الباقي لمن سمى الله تعالى وقال بعضهم بل حكمها والنظر فيها

(1) الزيادة عن خع.
(2) بالأصل: ناس.
(3) كتاب الأموال لأبي عبيد ص 31.
(4) كذا بالأصل وخع، وعلى هامش الأصل: الآثار، وفي كتاب الأموال، وجدنا الآثار.
(5) زيادة عن الأموال.
(6) يعني ليس عليهم في أرض من شئ إلا زكاة الخارج منها، يعنى العشر، إذا كانت تسقى بماء السيح، أو
نصفه إذا كانت تسقى بالسقاية.
203

إلى (1) الإمام إن رأى أن يجعلها غنيمة فيخمسها (2) ويقسمها كما فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
بخيبر فذلك له وإن رأى أن يجعلها فيئا فلا يخمسها ولا يقسمها ولكن تكون موقوفة
على المسلمين عامة ما بقوا كما صنع عمر بالسواد فعل ذلك
* وأما القطائع *
قرأت (3) على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي محمد
عبد العزيز بن أحمد التميمي أنبأ أبو نصر محمد بن هارون بن الجندي وأبو القاسم
عبد الرحمن بن الحسين بن أبي العقب قالا أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي
العقب أنا أحمد بن إبراهيم القرشي نا محمد بن عايذ قال قال الوليد وأخبرني
أبو عمرو وغيره أن عمر وأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أجمع رأيهم على إقرار ما كان
بأيديهم من أرضهم يعمرونها ويؤدون منها خراجها إلى المسلمين فمن أسلم منهم رفع
عن رأسه الخراج وصار ما كان في يده من الأرض وداره بين أصحابه من أهل قريته
يؤدون عنها ما كان يؤدى من خراجها ويسلمون له ماله (5) ورقيقه (6) وحيوانه
وفرضوا له في ديوان المسلمين وصار من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ولا
يرون أنه وإن أسلم أولى بما كان في يديه (7) من أرضه (8) بين أصحابه من أهل بيته

(1) عن الأموال، وبالأصل " ان ".
(2) عن الأموال ومختصر ابن منظور، وبالأصل " فيحبسها ".
(3) قبله سقط من الأصل وخع خبر، واستدرك في متن المطبوعة 1 / 593 وقد استدركه محققها عن هامش
الأصل الذي اعتمده في تحقيقه، نستدركه نحن أيضا عنها:
فأخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد، وأبو الفضل أحمد بن الحسن بن
خيرون، قالا: أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف، نا أبو جعفر
محمد بن عثمان بن أبي شيبة، نا أبي، نا وكيع، عن سفيان، عن عامر قال:
أول من أقطع القطائع عثمان.
وبالاسناد عن عامر قال:
لم يقطع أبو بكر ولا عمرو ولا علي. وأول من أقطع القطائع عثمان وبيعت الأرضون.
(4) بالأصل: " سيد ".
(5) زيادة عن مختصر ابن منظور 1 / 239.
(6) عن المختصر وبالأصل: دقيقة.
(7) الزيادة عن خع.
(8) في مختصر ابن منظور: " من ".
204

وقرابته ولا يجعلونها ضيافة (1) للمسلمين وسموا من ثبت منهم على دينه وقربته ذمة
للمسلمين ويرون أنه لا يصلح لأحد (2) من المسلمين شري ما في أيديهم من
الأرضين كرها لما احتجوا به على المسلمين من أضيافهم كان عن قتالهم وتركهم
مظاهرة عدوهم من الروم عليهم فهاب ذلك أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وولاة الأمر
قسمهم وأخذ ما كان في أيديهم من تلك الأرضين وكرهوا للمسلمين أيضا
شراءها صونا لما كان من ظهور المسلمين على البلاد وعلى من كان يقاتلهم
عنها ولتركهم وكان البعثة إلى المسلمين وولاة الأمر في طلب الأمان قبل ظهورهم
عليهم
قالوا وكرهوا شراءها منهم طوعا بما كان من إيقاف (4) عمر وأصحابه الأرضين
محبوسة على آخر هذه الأمة من المسلمين المجاهدين لا تباع ولا تورث قوة على
جهاد من لم يظهروا عليه بعد (5) من المشركين ولما ألزموه أنفسهم من إقامة
فريضة (5) الجهاد قوله عز وجل " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " (6) إلى تمام
الآية
فقلت لغير واحد من مشيختنا ممن كان يقول هذه المقالة فمن أين جاءت هذه
القطائع التي بين ظهراني القرى الراخية والمزارع التي بيد (7) غير واحد من الناس
فقال إن بدء هذه القطائع أن ناسا من بطارقة الروم إذ كانت ظاهرة على الشام كانت
هذه القرى التي منها هذه القطائع (8) كانت من الأرضين التي كانت بأيدي أنباط
القرى فلما هزم الله الروم هربت تلك البطارقة عما كان في أيديها من تلك المزارع
فلحقت بأرض الروم ومن قتل منها في تلك المعارك التي كانت بين المسلمين

(1) الأصل وخع وفي مختصر ابن منظور: صافية.
(2) بالأصل: " لامن المسلمين " والمثبت عن خع.
(3) في مختصر ابن منظور: طوعا.
(4) عن خع وبالأصل: " إيقان ".
(5) زيادة عن مختصر ابن منظور.
(6) سورة البقرة، الآية: 193.
(7) عن المختصر وبالأصل وخع: شد.
(8) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وخع واستدرك عن المختصر 1 / 239.
205

والروم فصارت تلك المزارع والقرى صافية للمسلمين موقوفة يقبلها والي المسلمين
كما يقبل (1) الرجل مزرعته
قالوا فمنها أندركيسان يعني بدمشق وقبيس بالبلقاء وما على باب حمص من
جبعانا (2) وغيرها
قالوا فلم تزل تلك المزارع موقوفة مقبلة تدخل قبالتها بيت المال فيخرج نفقة
مع ما يخرج من الخراج حتى كتب معاوية في إمرته على الشام إلى عثمان أن الذي
أجراه عليه من الرزق في عمله ليس يقوم بمؤن من يقدم عليه من وفود الأجناد ورسل
أمرائها ومن يقدم عليه من رسل الروم ووفودها ووصف في كتابه هذه المزارع
الصافية وسماها له يسأله أن يقطعه إياها ليقوى ها على ما وصف له وإنها ليست من
قرى أهل الذمة ولا الخراج فكتب إليه عثمان بذلك كتابا
قالوا فلم تزل بيد معاوية حتى قتل عثمان وأفضى إلى معاوية الأمر فأقرها
على حالها ثم جعلها من بعده حبسا على فقراء أهل بيته والمسلمين
قالوا ثم أن ناسا من قريش وأشراف العرب سألوا معاوية أن يقطعهم من بقايا
تلك المزارع التي لم يكن عثمان أقطعه إياها ففعل فمضت لهم أموالا يبيعون
ويمهرون ويورثون
فلما أفضى الأمر إلى عبد الملك بن مروان وقد بقيت من تلك المزارع بقايا لم
يكن معاوية أقطع منها أحد شيئا سأله اشراف الناس القطائع منها ففعل
قالوا ثم أن عبد الملك سئل القطائع وقد مضت تلك المزارع لأهلها فلم يبق
منها شئ فنظر عبد الملك إلى أرض من أرض الخراج قد باد أهلها ولم يتركوا عقبا
أقطعهم منها ورفع ما كان عليها من خراجها عن أهل الخراج ولم يحمله أحدا من
أهل القرى وجعلها عشرا ورآه جائزا له مثل إخراجه من بيت المال الجوائز للخاصة
قالوا فلم يزل يفعل ذلك حتى لم يجد من تلك الأرض شيئا فسأل الناس

(1) قبل العالم تقبيلا، وتقبله العامل: تكافل (اللسان: قبل).
(2) في خع: " جيعانا " وفي المختصر: " جبعاثا ".
206

عبد الملك والوليد وسليمان قطائع من أرض القرى التي بأيدي أهل الذمة فأبوا (1) ذلك عليهم ثم سألوهم أن يأذنوا لهم في شري الأرض من أهل الذمة فأذنوا لهم
على إدخال أثمانها بيت المال وتقوية أهل الخراج به على خراج سنتهم مع ما
ضعفوا عن أدائه وأوقفوا ذلك في الدواوين ووضعوا خراج تلك الأرض عن من
باعها منهم وعن أهل قراهم وصيروها لمن اشتراها تؤدي العشر يبيعون ويمهرون
ويورثون
قالوا فلما ولي عمر بن عبد العزيز أعرض (2) من تلك القطائع أقطعها عثمان
معاوية رضي الله عنهما ومعاوية وعبد الملك والوليد وسليمان فلم يردها عمر على ما
كانت عليه صافية ولم يجعلها خراجا وأمضاها لأهلها تؤدي العشر
قال وأعرض عمر عن تلك الأشرية فالإذن (3) لأهلها فيها لاختلاط الأمور
فيها لما وقع فيها من المواريث ومهور النساء وقضاء الديون فلم يقدر على تخليصه
ولا معرفة ذلك قال وأعرض عن الأشرية التي اشتراها المسلمون بغير إذن ولاة
الأمر لما وقع في ذلك من المواريث واختلاط الأمر وجعل الأشرية وغير (4)
الأشرية سواء وأمضاه لأهله ولمن كان في يده (5) كالقطائع للأرض عشرا ليس
عليها ولا على من صارت إليه بميراث أو شراء جزية
قالوا وكتب بذلك كتابا قرئ على الناس في سنة مائة وأعلمهم أنه لا جزية
عليها وإنها أرض عشر وكتب أن من اشترى شيئا بعد سنة مائة فإن بيعه مردود
وسمى سنة مائة المدة فسماها المسلمون بعده المدة فأمضى ذلك في بقية ولايته ثم
أمضاه يزيد وهشام ابنا عبد الملك
قالوا فتناها الناس عن شرائها بعد سنة مائة بسنيات (6) ثم اشتروها أشرية

(1) بالأصل وخع: فأتوا والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 240.
(2) عن المختصر وبالأصل وخع: أرض.
(3) في المختصر: " بالاذان " وهي مناسبة أكثر.
(4) ما بين معكوفتين زيادة عن مختصر ابن منظور 1 / 241.
(5) في مختصر ابن منظور: يديه.
(6) زيادة عن مختصر ابن منظور.
207

كثيرة كانت بأيدي أهلها يؤدون العشر ولا جزية عليها
فلما (1) أفضى الأمر إلى أبي جعفر عبد الله بن محمد أمير المؤمنين رفعت
إليه تلك الأشرية وإنها تؤدي العشر ولا جزية عليها وإن ذلك أضر بالخراج
وكسره فأراد ردها إلى أهلها قيل له قد وقعت في المواريث والمهور واختلط
أمرها بعث المعدلين إلى كور الشام سنة أربعين أو إحدى وأربعين منهم
عبد الله بن يزيد إلى حمص وإسماعيل بن عياش إلى بعلبك في أشياء لهم فعدلوا
تلك الأشرية على من هي بيده شري أو ميراث أو مهر فعدلوا ما بقي بيد (2) الأنباط
من بقية الأرض على تعديل مسمى ولم تعدل الغوطة في تلك السنة وكان من كان
بيده شئ من تلك الأشرية (3) من أهل الغوطة يؤدي العشر حتى بعث أمير المؤمنين
عبد الله بن محمد هضاب بن طوق ومحرز بن رزيق فعدلوا الأشرية وأمرهم أن لا
يضعوا على شئ من القطائع القديمة ولا الأشرية خراجا وأن يمضوها لأهلها عشرية
ويضعوا الخراج على ما بقي منها بأيدي الأنباط
قال ونا ابن عايذ نا الوليد بن مسلم حدثني سليمان بن عتبة أن أمير
المؤمنين عبد الله بن محمد سأله في مقدمه الشام سنة ثلاث أو أربع وخمسين ومائة
عن سبب الأرضين التي بأيدي أبناء الصحابة ويذكرون أنها قطائع لآبائهم قديمة
فقلت يا أمير المؤمنين إن الله تبارك وتعالى (4) لما أظهر المسلمين على بلاد الشام
وصالحوا أهل دمشق وأهل حمص كرهوا أن يدخلوها دون أن يتم ظهورهم وإثخانهم
في عدو الله عسكروا في مرج بردا ما بين المزة وبين مرج شعبان جنبتي (5) بردى
وكانت مروجا مباحة فيما بين أهل دمشق وقراها ليست لأحد منهم فأقاموا بها حتى
أوطأ الله المشركين ذلا وقهرا وأحيا كل قوم محلتهم وهيأوا (6) فيها بناء فرفع ذلك

(1) زيادة عن مختصر ابن منظور.
(2) كذا بالأصل، وعلى هامشه: " بأيدي " ومثله في المختصر.
(3) ما بين معكوفتين زيادة عن المختصر.
(4) الزيادة عن خع.
(5) بالأصل " خشي " وفي خع " خسي " وفي المختصر: جنبي " والمثبت عن المطبوعة.
(6) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.
208

إلى عمر بن الخطاب فأمضاه لهم فبنوا الدور ونصبوا الشجر ثم أمضاه عثمان ومن
بعده إلى ولاية أمير المؤمنين فقال قد أمضيناه لأهله
* وأما الصوافي التي استصفيت عن بني أمية *
فأخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن سمعت الشجري أنا أبو صاعد
يعلى بن هبة الله الفضيلي نا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أبي (1)
شريح الأنصاري أنا أبو عبد الله محمد بن عقيل بن الأزهر بن عقيل البلخي الفقيه
ببلخ قال سمعت سليمان بن الربيع بن هشام الربعي النهدي قال سمعت همام بن
مسلم قال سئل مالك بن أنس عن دار من دور الصوافي أسكنها قال ما أدري
وسألت ابن أبي ذيب فقال ما أدري وسئل عباد بن كثير فقال في هذا ما فيه
وسئل سفيان الثوري فقال لا تنزلها فقال الرجل له فإن أبي في صافية ويأبى (2) أن
يخرج منها فقال سفيان فارق أباك قيل فإن كان فيها مسجد قال فلا تصل فيه
قال فإن كان فيها مريض قال فإن كان (3) فيها مريض قال فلا تعده قلت فإن
كنت أعرف أهلها أشتريها منهم قال نعم
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم الداراني أنا أبو
الفرج الإسفرايني أنا أبو بكر الخليل (4) بن هبة الله بن الخليل (4) أنبأ عبد الوهاب
الكلابي نا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب المشغراني (5) نا أحمد بن أبي
الحواري نا بعض أصحابنا قال قال سفيان الثوري إن كانت يعني الصوافي
لبني أمية حلالا فهي على بني هاشم حرام وإن كانت على بني أمية حراما فهي على
بني هاشم أحرم وأحرم

(1) زيادة عن خع.
(2) عن مختصر ابن منظور 1 / 243.
(3) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.
(4) بالأصل وخع " الجليل " والصواب عن المطبوعة.
(5) بالأصل: " الشعراني " وفي خع: " المشعراني " وكلاهما تحريف، والصواب ما أثبت، وهذه النسبة إلى:
" مشغري " انظر معجم البلدان.
209

" باب
ذكر بعض ما ورد من الملاحم والفتن
مما له تعلق بدمشق في غابر الزمن "
أخبرنا أبو المظفر بن القشيري أنبأ سعيد بن محمد بن أحمد البحيري (1)
أنا أبو علي زاهر بن أحمد أنبأ أبو القاسم عبد الله بن محمد
وأخبرنا أبو القاسم الشحامي قالا قرئ على سعيد بن محمد بن أحمد
البحيري (1) أنبأ أبو أحمد الحافظ أنبأ أبو القاسم البغوي زاد ابن القشيري
إملاء ثنا علي بن الجعد قال ثنا
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي وأبو عبد الله محمد بن طلحة بن علي
الرازي ثم البغدادي الصوفي قالا أنبأ أبو محمد الصريفيني أنا أبو القاسم بن
حبابة نا أبو القاسم البغوي ثنا علي بن الجعد أنبأ زاهر (2) وهو ابن معاوية
عن سهيل وفي حديث القشيري عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
منعت العراق درهمها وقفيزها ومنعت الشام مدها ودينارها ومنعت مصر إردبها
ودينارها وعدتم من حيث بدأتم [457] قالها ثلاثا شهد على (3) ذلك لحم أبي هريرة
ودمه
الصواب مديها (4) قال القشيري لفظهما سواء

(1) بالأصل " البحتري " والصواب ما أثبت عن خع وانظر الأنساب.
(2) كذا بالأصل وهو خطأ والصواب: " زهير " أبو خيثمة الجعفي الكوفي، نزيل الجزيرة (انظر تقريب
التهذيب).
(3) زيادة عن خع.
(4) بالأصل وخع: " الصوت: مدتها " والصواب عن المطبوعة 1 / 599.
210

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا أبو بكر البيهقي قال وقال أبو عبيد
الهروي (1) في هذا الحديث قد أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) بما لم يكن وهو في علم الله كائن
فخرج لفظه على لفظ الماضي لأنه ماض في علم الله عز وجل وفي إعلامه بهذا قبل
وقوعه ما دل على إثبات نبوته ودل على رضاه من عمر ما وظفه على الكفرة من الجزي
في الأمصار وفي تفسير المنع وجهان أحدهما أن النبي (صلى الله عليه وسلم) علم أنهم سيسلمون
ويسقط عنهم ما وظف عليهم بإسلامهم فصاروا مانعين بإسلامهم ما وظف عليهم
والدليل على ذلك قوله في الحديث وعدتم من حيث بدأتم لأن بدأهم في علم الله
تعالى وفيما قدر وفيما قضى أنهم سيسلمون فعادوا من حيث بدؤوا وقيل في قوله
منعت العراق درهمها [458] أنهم يرجعون عن الطاعة وهذا وجه والأول أحسن
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال أنبأنا أبو طاهر أحمد بن
محمود الثقفي أنا أبو بكر بن المقرئ ثنا ابن قتيبة نا حرملة نا ابن
وهب أنا ابن لهيعة عن عبد الله الفهري عن (3) سهيل عن أبيه عن أبي هريرة
قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لا تقوم الساعة حتى يغلب أهل القفيز (4) على
قفيزهم وأهل المد على مدهم وأهل الإردب على إردبهم وأهل الدينار على دينارهم
وأهل الدراهم على دراهمهم (5) ويرجع الناس إلى بلادهم [459]
خالفه أبو الأسود النصر بن عبد الجبار المصري عن ابن لهيعة فقال عن
عباس بن عباس (6) بدل عبد الله الفهري
أخبرناه أبو الحسن علي بن المسلم السلمي الفقيه ثنا أبو الفتح نصر بن
إبراهيم المقدسي لفظا وأبو القاسم بن أبي العلاء قراءة قالا أنا أبو الحسن
محمد بن عوف أنا أبو العباس محمد بن موسى بن الحسين بن السمسار أنبأ أبو

(1) صاحب كتاب الأموال،، انظر دلائل النبوة للبيهقي 6 / 329 والأموال لأبي عبيد ص 101.
(2) عن خع وبالأصل: " الثقفي ".
(3) بالأصل وخع " بن " تحريف، والصواب عن المطبوعة 1 / 600.
(4) القفيز " مكيال معروف لأهل العراق، مقدار ثمانية مكاكيك، واحدها مكوك ويساوي صاعا ونصف.
(5) في مختصر ابن منظور: وأهل الدرهم على درهمهم.
(6) في خع: عياش بن عياش.
211

بكر محمد بن خريم ثنا حميد بن زنجويه نا أبو الأسود نا ابن لهيعة عن
عياش بن عباس عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال لا تقوم الساعة حتى يغلب أهل المدي على مديهم وأهل
القفيز على قفيزهم وأهل الإردب على إردبهم وأهل الدينار على دينارهم وأهل
الدرهم على درهمهم ويرجع الناس على بلادهم [460]
قال أبو عبيد فمعناه (1) والله أعلم أن هذا كائن وأنه سيمنع بعد في آخر
الزمان فاسمع قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الدرهم والقفيز كما فعل عمر بأهل السواد فهو
عندي الثبت
وفي تأويل قول عمر أيضا حين وضع الخراج ووظفه على أهله من العلم أنه
جعله عاملا (2) عاما على كل من لزمته المساحة (3) وصارت الأرض في يده من رجل أو
امرأة أو صبي أو مكاتب أو عبد فصاروا متساويين فيها لم يستثن أحد دون أحد ومما
يبين ذلك قول عمر في دهقانة نهر الملك (4) حين أسلمت فقال دعوها في أرضها
يؤدى عنها الخراج فأوجب عليها ما أوجب على الرجال
وفي تأويل حديث عمر من العلم أيضا أنه إنما جعل الخراج على الأرضين التي
تغل من ذوات الحب والثمار والتي تصلح للغلة من العام والعامر (5) وعطل منها
المساكن والدور التي هي منازلهم فلم يجعل عليهم فيها شيئا
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين أنا أبو علي بن المذهب أنا أبو بكر بن
مالك نا عبد الله بن أحمد حدثني أبي نا إسماعيل هو ابن علية عن
الجريري (6)

(1) يفهم من العبارة التالية أن أبا عبيد يفسر الحديث السابق، إنما هو تفسير للحديث الذي قبله " منعت العراق "
وما جاء بعد الحديث مباشرة نقلا عن أبي عبيد، ليس في كتاب الأموال، إنما ذكره البيهقي في دلائله
6 / 329 نقلا عن أبي عبيدة، انظر الأموال ص 101 و 102.
(2) كذا بالأصل وخع وفي مختصر ابن منظور والأموال: شاملا.
(3) عن الأموال والمختصر، وبالأصل وخع: المشاحة.
(4) عن خع وبالأصل: " شهر " ونهر الملك: كورة واسعة ببغداد (ياقوت).
(5) في مختصر ابن منظور: العامر والغامر.
(6) عن خع وبالأصل: الحريري.
212

وأخبرتنا فاطمة بنت ناصر العلوية المكناة قالت قرئ على إبراهيم بن
منصور السلمي وأنا حاضرة أنبأ أبو بكر بن المقرئ أنبأ أبو يعلى ثنا زهير هو
ابن حرب أبو خيثمة نا إسماعيل نا الجريري عن أبي نضرة (1) قال كنا عند
جابر بن عبد الله فقال يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم درهم ولا قفيز قالوا
مما ذاك يا أبا عبد الله قال من قبل العجم يمنعون ذلك ثم قال يوشك أهل الشام
أن لا يجبى إليهم (2) دينار ولا مدي قلنا من أين ذاك قال من قبل الروم زاد ابن
الحصين يمنعون (3) ذلك وقالا عمر اسكت هنته (4) ثم قال قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يكون في آخر الزمان خليفة يحثي (5) المال حثيا لا يعده عدا [461]
قال الجريري فقلت لأبي نضرة وأبي العلاء أتريانه انه عمر بن عبد العزيز
فقالا لا
أخرجه مسلم عن زهير (6)
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني أنبأ رشأ بن نظيف المقرئ أنا
الحسن بن إسماعيل بن محمد بن أحمد بن مروان المالكي نا يحيى بن أبي
طالب نا عبد الوهاب نا الجريري عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله أنه قال
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والذي نفس محمد بيده ما خرج أحد من المدينة رغبة
عنها (7) إلا أبدلها الله خيرا منه (8) أو مثله [462]
وقال جابر يوشك أن لا يجبى من العراق دينار ولا درهم قالوا ومما ذاك يا

(1) عن مختصر ابن منظور 1 / 245 ودلائل البيهقي 6 / 330 وبالأصل وخع " نصرة ".
(2) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وخع واستدرك عن دلائل النبوة للبيهقي 6 / 330 ومختصر ابن منظور
1 / 245 واللفظ له.
(3) الزيادة عن خع.
(4) كذا بالأصل وخع، وفي المختصر: ثم أسكت هنيهة " وعبارة المطبوعة أوضح: قالا: ثم سكت هنيهة ثم
قال.
(5) الحثو: الحضن باليدين للكثرة المال.
(6) صحيح مسلم كتاب الفتن 4 / 2234.
(7) عن خع وبالأصل: منها.
(8) عن دلائل النبوة للبيهقي 6 / 331 وبالأصل وخع: منها.
213

أبا عبد الله قال تمنعهم العجم قال ثم سكت ساعة ثم قال يوشك أن لا يجبى
من الشام دينار ولا درهم ولا مدي قالوا ومن أين ذاك يا أبا عبد الله قال تمنعهم
الروم وقال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يكون في آخر هذه الأمة خليفة يحثي المال
حثيا [463]
قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن بن البنا عن أبي محمد الجوهري
وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن الأبنوسي إجازة وحدثني عنه أبو
المعمر الأنصاري قال أنا أبو محمد الجوهري نا أبو عمر محمد بن العباس أنا
أحمد بن جعفر بن محمد بن المنادي حدثني العباس بن الفضل بن رشيد
الطبرستاني نا هوذة بن خليفة نا عوف الأعرابي عن خالد أنه قال لا يذهب
الليل والنهار حتى يطرد (1) الروم أهل الشام فيموت منهم ناس كثير من العيال بالغلاة
جوعا وعطشا
قال أحمد أظنه خالد بن أبي الصلت الذي يروي عن عبد الملك بن عمير
ويروي عنه المبارك بن فضالة
قرأت بخط أبي الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الرازي أنا أحمد بن
عمير بن يوسف نا أحمد بن عتود نا أبو اليمان الحكم بن نافع نا صفوان بن
عمرو عن شريح بن عبيد عن أبي الدرداء أنه قال ليخرجنكم الروم من الشام كفرا
كفرا حتى يوردونكم البلقاء كذلك الدنيا تميد (2) وتفنى والآخرة تدوم وتبقى
قال وأنا أحمد بن عمير بن يوسف نا أحمد بن عبود (3) نا (4) أبو اليمان
نا صفوان بن عمرو عن حاتم بن حريث يرده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أنه
قال ليخرجنكم الروم من الشام كفرا كفرا حتى يوردونكم حسمى (5) جذام حتى

(1) عن خع وبالأصل " تطرد ".
(2) في خع ومختصر ابن منظور 1 / 246 " تبيد " وهي أصح.
(3) الأصل وخع، وتقدم " عتود " (4) زيادة عن خع.
(5) بالأصل " خدام " والمثبت عن مختصر ابن منظور، وحسمي لجذام: جبال وأرض أيلة وجانب تيه بني
إسرائيل (ياقوت).
214

يجعلوكم في ظنبوب (1) من الأرض
قال وأخبرنا علان المصري نا عمرو بن سواد أخبرني ابن وهب أخبرني
جرير بن حازم عن علي بن الحكم عن أبي الحسن رجل من أهل الرقة عن أبي
أسماء الرحبي عن أبي هريرة قال يا أهل الشام ليخرجنكم الروم منها كفرا كفرا
حتى تلحقوا بسنبك (2) من الأرض قيل وما ذاك السنبك قال حسما جذام (3) ولتسيرن
الروم على كوادنها (4) متعلقي جعابها بين بارق ولعلع (5)
أخبرنا أبو البركات بن خميس إذنا فيما أرى قال أنبأ أبو نصر أحمد بن
عبد الباقي بن الحسن بن طوق الموصلي إجازة أنا أبو الحسين عبد الله بن
القاسم بن سهل بن جوهر الصواف نا بعض أصحابنا نا محمد بن مخلد العطار نا
أحمد بن محمد علام جليل (6) نا أحمد بن محمد عبد الرحمن وعبد العزيز بن
عبد الله عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك بن مزاحم قال هلاك دمشق نزول
السفياني بين أظهركم ثم الروم في حديث طويل ذكره في الفتن
وأخبرنا أبو القاسم حاتم بن خالد بن عبد الواحد التاجر بأصبهان أنا أبو
الطيب عبد الرزاق بن عمر بن شمة (7) وأنا حاضر أنبأ أبو بكر بن المقرئ نا
محمد بن رمان (8) نا محمد بن رمح أنا الليث عن يزيد عن أبي الخيرات
الصنابحي حدثه أنه سمع كعبا يقول ستعرك العراق عرك الأديم وتفت مصرفت
البعر (9)

(1) أصل الظنوب حرف العظم اليابس من الساق (النهاية).
(2) بالأصل وخع: " بشنيك " والصواب عن مختصر ابن منظور 1 / 246.
(3) بالأصل " حذام " وفي خع: " خدام " وقد تقدمت قريبا.
(4) بالأصل " كواديها " والمثبت عن مختصر ابن منظور، والكوادن: البراذين الهجن.
(5) بارق: مواضع كثيرة، (انظر معجم البلدان).
ولعلع: منزل بين البصرة والكوفة بينه وبين بارق عشرون ميلا (معجم البلدان).
(6) في المطبوعة: غلام خليل.
(7) بالأصل " سمه " تحريف، تقدم قريبا.
(8) في المطبوعة: زبان.
(9) بالأصل: شعرك بالعراق... نفث مضرفه النعم " كذا، والصواب عن مختصر ابن منظور.
215

قال الليث وحدثني رجل عن وهب المعافري أنه قال وتشق الشام شق
الشعرة
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي أنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم
المقدسي وأبو محمد عبد الله بن عبد الرزاق بن فضيل (1)
وأخبرنا أبو الحسن علي بن زيد بن علي السلمي أنبأ أبو الفتح نصر الله بن
إبراهيم قالا أنا أبو الحسن محمد بن عوف أنا أبو علي الحسن بن منير أنا أبو
بكر محمد بن خزيم حدثنا هشام بن عمار نا القاسم بن عمران قال سمعت
عمر بن يزيد النصري يقول يقتل أصيهب (2) قريش في دمشق ومعه سبعون صديقا
قرأت على أبي عبد الله يحيى بن الحسن بن البنا عن أبي (3) تمام
علي بن محمد بن الحسن عن أبي عمر محمد بن العباس بن حيوية أنا أبو الطيب
محمد بن القاسم بن جعفر الكوكبي نا ابن أبي خيثمة نا عبد الوهاب بن نجدة نا
جنادة بن مروان عن أبيه سمعت الأشياخ يقولون (4) أسعد الناس بالرايات السود من
أهل الشام أهل حمص وأشقا الناس بالرايات السود من أهل الشام أهل دمشق وأشقا
الناس بالرايات من أهل الشام أهل حمص
أخبرنا أبو الحسين الخطيب أنبأ جدي أبو عبد الله أنبأ أبو علي الأهوازي
أنبأ عبد الوهاب بن الحسن نا أحمد بن عبد الله بن نصر نا محمد بن
عبد الرحمن بن الأشعث نا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم نا معاوية بن يحيى
حدثني أرطأة بن المنذر عن سنان بن قيس سمعت خالد بن معدان يقول يهزم
السفياني الجماعة مرتين ثم يهلك
وسمعته يقول لا يخرج المهدي حتى يخسف بقرية بالغوطة (5) تسمى حرستا (6)

(1) زيادة عن خع.
(2) عن خع وبالأصل " نصيب " وفي المطبوعة: " أصهب ".
(3) عن خع.
(4) بالأصل: يقول.
(5) الزيادة عن خع.
(6) بالأصل وخع " حرسنا " بالنون خطء، والمثبت والضبط بالتحريك عن معجم البلدان وفيه: قرية كبيرة عامرة.
وسط بساتين دمشق على طريق حمص بينها وين دمشق أكثر من فرسخ.
216

قرأت على أبي غالب أحمد بن الحسن بن البنا عن أبي محمد الجوهري
وكتب إلي أبو محمد بن الآبنوسي وحدثني أبو المعمر الأنصاري أنا الجوهري أنا
أبو عمر بن حيوية أنا أحمد بن جعفر بن المنادي قال كان مما بقي في كتابي عن
محمد بن داود القنطري مكتوبا ثنا عبد الله بن صالح قال وحدثني معاوية بن
صالح عن سيار (1) بن قيس عن خالد بن معدان قال يهزم السفياني الجماعة
مرتين ثم يهلك ولا يخرج المهدي حتى يخسف بقرية بالغوطة تسمى حرستا

(1) كذا، وقد تقدم أنه " سنان ".
217

" باب
ذكر بعض أخبار الدجال
وما يكون عند خروجه من الأهوال "
قرأت بخط أبي الحسين محمد بن عبد الله الرازي أخبرني أبو دنافة (1)
أسلم بن محمد بن سلامة نا محمد بن هارون بن بكار نا هشام بن عمار نا
صدقة بن خالد نا هاشم بن عفيف حدثني راشد اليماني مولى عبد الملك وكان من
المصلين العابدين أن كعب الأحبار خرج من دمشق يريد بيت المقدس ومعه نفر من
أهل دمشق يشيعونه فخرج من باب الجابية فلما بلغ موضع دار (2) الحجاج نظر عن
يمينه وشماله فتبسم فذكر حديثا وقال فيه فسئل فقال أما نظري حين خرجت من
باب الجابية عن يميني وشمالي فإنه يبنى هناك دار تكون للدجال منزلا
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وأبو المظفر عبد المنعم بن
عبد الكريم القشيري وأبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قالوا أخبرنا أبو عثمان
سعيد بن محمد بن أحمد البحيري (3) أنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه أنا أبو
جعفر (4) أحمد بن محمد بن إسحاق العنزي نا علي بن جعفر نا الوليد وعبد الله بن
عبد الرحمن عن عبد الله بن يزيد بن جابر حدثني وقال أبو المظفر حدثنا
يحيى بن جابر الطائي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي عن أبيه أنه
سمع النواس بن سمعان الكلابي يقول ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الدجال ذات غداة فخفض

(1) في المطبوعة: أبو دفاعة.
(2) في ياقوت: قصر الحجاج، وهو محلة كبيرة في ظاهر باب الجابية من مدينة دمشق منسوب إلى الحجاج بين
عبد الملك مروان نقله ياقوت عن ابن عساكر.
(3) بالأصل ورد " البحتري " والصواب ما أثبت. انظر الأنساب.
(4) الأصل وخع وفي المطبوعة: حجر.
218

فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل فلما رحنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عرف ذلك فينا
فقال ما شأنكم قال قلنا يا رسول الله ذكرت الدجال الغداة فخفضت فيه
ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل فقال غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج
وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامروء حجيج نفسه والله
خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط عينه طافية كأن يشبه بعبد العزى بن نظير (1)
فمن رآه فليقرأ فواتح سورة أصحاب الكهف (2) ثم قال إنه يخرج من خلة بين
الشام والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله أثبتوا قال قلنا يا رسول الله ما
لبثه في الأرض قال أربعون يوما يوما كسنة ويوما كشهر ويوما كجمعة وسائر
أيامه كأيامكم قال قلنا يا رسول الله ما سرعته (3) في الأرض قال كالغيث
استدبرته الريح قال فيأتي على القوم فيدعو عليهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر
السماء فتمطر ويأمر الأرض فتنبت فروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى
وأسبغه (4) ضروعا وأمده خواصر قال ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله
فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شئ ثم يمر بالخربة فيقول لها
أخرجي كنوزك فيتبعه كنوزها كأنها يعاسيب النحل ثم يدعو شابا ممتلئا شبابا فيضربه
بالسيف فيقطعه جزلتين ومنه (5) العرض ثم يدعوه فيقبل فيتهلل وجهه يضحك فبينما
هو كذلك إذ بعث الله عيسى بن مريم ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين
مهروذتين (6) واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه
جمان كاللؤلؤ ولا يحل لكافر يجد ربح نفسه إلا مات (7) ونفسه ينتهي حين ينتهي
طرفه فيطلبه حتى يدركه عند باب لد (8) فيقتله ثم يأتي نبي الله عيسى قوما قد
عصمهم الله منه فتمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم قال فبينما هو كذلك إذ

(1) كذا بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور 1 / 248: فطن.
(2) زيادة عن خع.
(3) بالأصل وخع: " وشرعيته " والمثبت عن المطبوعة وفي مختصر ابن منظور إسراعة.
(4) عن مختصر ابن منظور، وبالأصل " واستعد " وفي خع: " واسعة.
(5) الأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: رمية الغرض.
(6) الثوب المهرود (بالدال المهملة) مصبوغ بالورس ثم بالزعفران (اللسان: هرد).
(7) الزيادة عن مختصر ابن منظور، سقطت من الأصلين. (8) بلد في فلسطين.
219

أوحى الله إلى عيسى أني أخرجت وقال القاسم ومحمد قد أخرجت عبادا لي لا يد
لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور فيبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل
حدب ينسلون فيمر أولهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ثم يمر آخرهم
فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء ويحاصر نبي الله وأصحابه حتى يكون رأس الثور
فيهم خيرا لأحدهم من مائة دينار لأحدهم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى
الله فيرسل الله النغف (1) في رقابهم فيصبحون فرسى (2) موتى كموت نفس واحدة
فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه (3) إلى الله فيرسل إليهم طيرا كأعناق البخت فيحملهم
فيطرحهم حيث شاء الله ثم يرسل عليهم مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل
الأرض حتى يتركها كالزلقة (4) وقال أبو المظفر كالزلفة ثم يقال للأرض انبتي
ثمرتك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في
الرسل حتى أن اللقحة من الإبل ليكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر لتكفي
القبيلة واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ فبينما هم كذلك إذ بعث الله عز وجل ريحا
طيبة تأخذ تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم وتبقي شرار الناس يتهارجون كما
تتهارج وقال أبو القاسم تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة [464]
أخرجه مسلم والترمذي والنسائي عن علي بن حجر ورواه أيوب بن سويد
عن ابن جابر
أخبرناه أبو سهل محمد بن إبراهيم بن محمد بن سعدويه أنبأ عبد الرحمن بن
أحمد الرازي نا أبو القاسم جعفر بن عبد الله بن فناكي الرازي نا أبو بكر محمد بن
هارون الروياني نا الربيع بن سليمان نا أيوب بن سويد (5) الرملي نا
عبد الرحمن بن جابر حدثني يحيى بن جابر حدثني عبد الرحمن بن جبير
الحضرمي أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي يقول ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الدجال

(1) النغف، جمع نعفته، وهي دود تكون في أنوف الإبل والغنم (النهاية).
(2) بالأصل وخع: " إلى فيرسل الله ".
(3) فرسي: هلك وقتل ى، جمع فريس، من فرس الذئب الشاة وافترسها.
(4) يعني المرأة. وانظر النهاية زلف).
(5) بالأصل " سليمان " وقد شطبت، وكتب على هامشه: سويد وإلى جنبها علامة صح.
220

فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل فقال غير الدجال أخوفني عليكم إن
يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله
خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط عينه قائمة يشبه عبد العزى بن قطن فمن
رآه منكم فليقرأ فاتحة الكتاب وفواتح سورة أصحاب الكهف ثم قال إنه يخرج من
خلة ما بين الشام والعراق فعاث يمينا وشمالا يا عباد الله أثبتوا قلنا يا رسول الله ما
لبثه في الأرض قال أربعين يوما يوم كسنة ويوم كشهر يوم كجمعة وسائر أيامه
كأيامكم قلنا يا رسول الله ما إسراعه إلى الأرض قال كالغيث استدبرته الريح
فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر ويأمر
الأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه (1) ضرعا وأمده
خواصر ثم يأتي على القوم فيدعوهم ويردون عليه قوله فيتصرف عنهم بتبعه
أموالهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شئ يمر بالخربة فيقول لها اخرجي
كنوزك فينطلق فيتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه
بالسيف ويقطعه حتى جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل يتهلل وجهه يضحك
فبينا هو كذلك إذ بعث المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام ينزل عند المنارة
البيضاء شرقي دمشق بين مهروذتين أو مبرودتين واضع كفيه على أجنحة ملكين إذا
طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه كجمان لؤلؤ لا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا
مات ونفسه ينتهي حين ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه عند باب لد فيقتله الله ثم
يأتي عيسى بن مريم قوما قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم
بدرجاتهم في الجنة فبينا هو كذلك إذ أوحى الله يا عيسى قد أخرجت عبادا بدان
لأحد بقتالهم فجوز عبادي إلى الطور فيبعث الله يأجوج ومأجوج من كل حدب
ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة الطبرية فيشربون ما فيها فيمر آخرهم فيقولون لقد
كان في هذه ماء مرة فيحذر (2) نبي الله عليه السلام حتى يكون رأس الثور خيرا (3)
لأحدهم من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل
الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة فيهبط نبي الله

(1) عن خع وبالأصل " واسعة ".
(2) الأصل وخع وفي المطبوعة: فيحصر.
(3) عن خع وبالأصل " خير ".
221

عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون موضع شبر إلا وقد ملأه زهمهم
وهنهم (1) ودماؤهم فيرغب نبي الله صلى الله عليه وسلم عيسى وأصحابه إلى الله
فيرسل عليهم طيرا كأعناق البخت تحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ثم يرسل الله
مطرا لا يكن فيه بيت مدر ولا وبر يغسل الأرض حتى تتركها كالزلقة ثم يقال
للأرض انبتي ثمرك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها
ويبارك في الرسل حتى اللقحة من الإبل ليكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر
لتكفي القبيل واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ فبينا هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة
تأخذ تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم وتبقي شرار الناس يتهارجون كما يتهارج
الحمر فعليهم تقوم الساعة [465]
أخبرنا أبو المظفر بن القشيري أنا أبو سعد الجنزرودي أنا أبو عمرو بن
حمدان
وأخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر العلوية قالت قرئ على إبراهيم بن
منصور السلمي أنا أبو بكر بن المقرئ قالا أنا أبو يعلى الموصلي نا
عبد الله بن معاوية الجمحي نا حماد بن سلمة عن الحجاج عن عطية زاد ابن
حمدان العوفي عن أبي سعيد زاد ابن المقرئ الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
قال إنه لم يكن نبي إلا قد أنذر الدجال قومه وإني أنذركموه إنه أعور ذو حدقة
جاحظة ولا تخفى كأنها نخاعة في خبب (2) جدار وعينه اليسرى كأنها كوكب دري
ومعه مثل الجنة والنار وقال ابن المقرئ ومثل النار فجنته غبراء ذات (3) دخان
وناره (4) روضة خضراء وبين يديه رجلان ينذران (5) أهل القرى كلما خرجا من قرية
دخل أوائلهم فيسلط على رجل لا يتسلط على غيرهم فيذبحه ثم يضربه بعصا وقال
ابن حمدان بعصاه ثم يقول قم فيقوم (6) فيقول لأصحابه كيف ترون ألست بربكم

(1) كذا بالأصل، وفي خع: وبينهم، وفي مختصر ابن منظور والمطبوعة: ونتنهم.
(2) كذا بالأصل، وفي خع ومختصر ابن منظور 1 / 249: جنب.
(3) بالأصل وخع: " ذاب " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(4) عن مختصر ابن منظور وبالأصل: " ونار ".
(5) الأصل وخع: يبدران والمثتب عن مختصر ابن منظور.
(6) سقطت من الأصل وخع واستدركت عن مختصر ابن منظور. وقوله: " فيقول " عن خع وبالأصل:
" فقيل ".
222

فيشهدون له بالشرك فيقول الرجل المذبوح يا أيها الناس زاد ابن حمدان ها
وقالا إن هذا المسيح الدجال الذي أنذرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيعود أيضا فيذبحه ثم
يضربه بعصاه فيقول له قم فيقول وفي حديث ابن المقرئ فيقوم فيقول
لأصحابه كيف ترون ألست بربكم فيشهدون له بالشرك فيقول المذبوح يا أيها
الناس ها إن هذا المسيح الدجال الذي أنذرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما زادني زاد ابن
حمدان هذا وقالا إلا بصيرة فيعود فيذبحه الثالثة ويضربه بعصاه فيقول قم زاد
ابن المقرئ فيقوم وقالا فيقول لأصحابه كيف ترون ألست بربكم فيشهدون
له (1) بالشرك فيقول يا أيها الناس إن هذا المسيح الدجال الذي أنذرنا
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما زادني هذا فيك إلا بصيرة ثم يعود فيذبحه الرابعة فيضرب الله
تعالى على خلقه بصفيحة من نحاس فلا يستطيع ذبحه [466] قال أبو سعيد فوالله ما
دريت ما النحاس وقال ابن حمدان ما رأيت النحاس إلا يومئذ قال فيغرس
الناس بعد ذلك ويزرعون (2)
قال أبو سعيد كنا نرى ذلك الرجل عمر بن الخطاب لما نعلم من قوته
وجلده
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي ثنا أبو محمد عبد العزيز بن
أحمد أنا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الرازي أنبأ أبو الحسن خيثمة بن
سليمان الأطرابلسي إملاء في ربيع الآخر من سنة أربعين وثلاث مائة نا أبو عتبة
أحمد بن الفرج الحجازي بحمص نا ضمرة بن ربيعة نا الشيباني عن عمرو بن
عبد الله الحضرمي عن أبي أمامة الباهلي قال خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكان أكثر
خطبته ما يحدثنا عن الدجال ويحذرناه فكان من قوله يا أيها الناس إنها لم تكن فتنة
على وجه الأرض أعظم من فتنة الدجال إن الله لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال
وأنا آخر الأنبياء وأنتم خير الأمم وهو خارج فيكم لا محالة فإن يخرج فيكم وأنا
فيكم فأنا حجيج عن كل مسلم وإن يخرج بعدي فكل مؤمن (3) حجيج نفسه والله

(1) زيادة عن خع.
(2) عن مختصر ابن منظور وبالأصل وخع: يذرعون.
(3) في خع ومختصر ابن منظور 1 / 250 والمطبوعة 1 / 612: امرئ.
223

خليفتي على كل مسلم إنه يخرج بين خلتين (1) الشام والعراق فيبعث (2) يمينا
ويبعث (2) شمالا يا عباد الله أثبتوا فإنه يأتي يبتدئ فيقول أنا نبي ولا نبي بعدي ثم
يبتدي فيقول أنا ربكم ولن تروا ربكم حتى تموتوا وأنه أعور وأن ربكم ليس
بأعور وأنه مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن فمن لقيه منكم فليتفل في
وجهه وإن من فتنته أن معه جنة ونارا (3) فناره جنة وجنته نار فمن ابتلي بناره فليقرأ
فواتح سورة الكهف وليستغث بالله يكن عليه بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم عليه
الصلاة والسلام وإن من فتنته أن معه شياطين تتمثل على صور الناس فيأتي الأعرابي
فيقول أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول نعم فيتمثل له
شيطانه على صورة أبيه وأمه فيقولان له يا بني اتبعه فإنه ربك وإن من فتنته أن
يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها وأن تعود بعد ذلك وأن يصنع (4) ذلك بنفس
غيرها يقول انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه الآن يزعم أن له ربا غيري فيبعثه فيقول
له من ربك فيقول ربي الله عز وجل وأنت عدو الله الدجال وإن من فتنته أن يقول
للأعرابي أرأيت إن بعثت لك أمك أتشهد أني ربك فيقول نعم فيمثل له شيطانه
على صورة أبيه وأن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت
فتنبت وأن من فتنته أن يمر بالحي (5) فيكذبوه فلا يبقى لهم سائمة إلا هلكت ويمر
بالحي (5) فيصدقوه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت فتروح
عليهم مواشيهم من يومهم هذا أعظم ما كانت وأسمنه خواصر وأدره ضروعا وإن أيامه
أربعون يوما فيوم كالسنة ويوم دون ذلك يوم كالشهر ويوم دون ذلك ويوم
كالجمعة ويوم دون ذلك ويوم كالأيام ويوم دون ذلك وآخر أيامه كالشرارة في
الجريدة يضحي الرجل بباب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتى تغرب الشمس قالوا
يا رسول الله فكيف نصلي في تلك الأيام القصار قال تقدروا (6) في الأيام القصار

(1) في خع: خلة، وفي مختصر ابن منظور: " خلة بين الشام... " والخلة: الطريق.
(2) كذا بالأصل، وفي خع: " فيغيب.. ويغيب " وكلاهما تحريف والصواب ما في مختصر ابن منظور - وقد
تقدم -: فيعيث... ويعيث.
(3) بالأصل: نار.
(4) الأصل وخع " يضع " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(5) كذا بالأصل وخع ومختصر ابن منظور 1 / 251 وفي المطبوعة 1 / 312: بالحجر.
(6) الأصل وخع، وهو خطأ والصواب: تقدرون " كما في مختصر ابن منظور.
224

كما تقدروا (1) في الأيام الطوال ثم تصلون (2) وأنه لا يبقى شئ من الأرض إلا وطئه
وغلب عليه إلا مكة والمدينة فإنه لا يأتيها من نقب من أنقابها إلا لقيه ملك مصلت
بالسيف فينزل عند الضرب الأحمر عند منقطع السبخة عند مجتمع السيول ثم
ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا صرخ (3) فينفي
المدينة يومئذ خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد يدعا ذلك اليوم يوم الإخلاص
فقالت أم شريك يا رسول الله فأين المسلمون قال ببيت المقدس يخرج حتى
يحاصرهم وأمام المسلمين يومئذ رجل صالح فيقال له صل الصبح فإذا كبر ودخل
في الصلاة نزل عيسى بن مريم عليه السلام (4) قال فإذا رآه ذلك الرجل عرفه فيرجع
يمشي القهقري ليتقدم (5) عيسى عليه السلام فيضع يده بين كتفيه ثم يقول صل
فإنما أقيمت الصلاة لك فيصلي عيسى عليه السلام (6) وراءه فيقول افتحوا الباب
فيفتحوه ومع الدجال يومئذ سبعون ألف يهودي كلهم ذو سلاح وسيف محلى
فإذا (7) نظر إلى عيسى عليه السلام ذاب كما يذوب الرصاص في النار وكما يذوب
الملح في الماء ثم يخرج هاربا فيقول عيسى إن لي فيك ضربة لن تفوتني بها
فيدركه عند باب الشراب فيقتله فلا يبقى شئ مما خلق الله عز وجل يتوارى به
يهودي إلا أنطق الله عز وجل ذلك الشئ لا شجرة ولا حجر ولا دابة إلا قال يا
عبد الله بن المسلم هذا يهودي فاقتله إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق قال
الشيخ شوك يكون بناحية بيت المقدس قال ويكون عيسى في أمتي حكما عدلا
وإماما مقسطا فيقتل الخنزير ويدق الصليب ويضع الجزية ولا يسعى على شاة ولا
بعير فترفع الشحناء والبغضاء والتباغض وتنزع حمة كل ذي دابة حتى يلقى الوليدة

(1) الأصل وخع، وهو خطأ والصواب: " تقدرون " كما في مختصر ابن منظور.
(2) بالأصل " تصلوا " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(3) الأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: خرج.
(4) على هامش الأصل: صلى الله عليه وسلم.
(5) بالأصل: " فيرجع مشي القهقري يستقدم " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(6) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع.
(7) عن مختصر ابن منظور وبالأصل: محلافا.
(8) كذا، وفي خع: " الشري " وفي مختصر ابن منظور: " باب الشرقي " وفي المطبوعة: باب لد الشرق.
225

الأسد فلا يضرها ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها (1) ويملأ الأرض من الإسلام
ويسلب الكفار ملكهم فلا يكون ملك إلا الإسلام وتكون الأرض كقانور (2) الفضة
تنبت نباتها كما كانت على عهد آدم عليه الصلاة والسلام يجتمع النفر على القطف
فيشبعهم ويجتمع النفر على الرمانة ويكون الثور بكذا وكذا من المال وتكون
الفرس بالدريهمات [467]
أخبرتنا أم المجتبي فاطمة بنت ناصر العلوية قالت قرئ على إبراهيم بن
منصور السلمي وأنا حاضرة أنا أبو بكر بن المقرئ أنبأ أبو يعلى الموصلي ثنا
عبد الله بن معاوية الأموي نا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة
قال أتينا عثمان (3) بن أبي العاص يوم الجمعة لنعرض على مصحفه مصحفا فلما
حضرت الجمعة أمر لنا بماء فاغتسلنا وطيبنا ثم رحنا إلى الجمعة فجلسنا إلى رجل
يحدث ثم جاء عثمان بن أبي العاص فتحولنا إليه فقال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
يقول يكون للمسلمين ثلاثة أمصار مصر بملتقى البحرين (4) ومصر بالحيرة ومصر
بالشام فيفزع الناس ثلاث فزعات فيخرج الدجال في أعراض جيش فينهزمون من قبل
المشرق فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين فيصير أهله ثلاث فرق فرقة
تنزل الشامة وتنظر ما هو وفرقة تلحق بالأعراب وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم
ومعهم سبعون ألفا عليهم التيجان وأكثر تبعه اليهود والنساء حتى يأتي المصر الذي
يليهم ثم يأتي الشام فينحاز (5) المسلمون إلى عقبة أفيق (6) فيبعث المسلمون بسرح
لهم فيصاب سرحهم فيشتد عليهم (7) ويصيبهم مجاعة شديدة وجهد حتى أن
أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من الشجر (8) يا أيها

(1) عن خع وبالأصل " كلها ".
(2) الأصل وخع وكلاهما تحريف والصواب: كفا ثور كما في مختصر ابن منظور 1 / 252.
والفاثور: الطست أو الخوان من رخام أو فضة أو ذهب.
(3) بالأصل وخع: " عمر " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(4) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.
(5) عن خع وبالأصل " فيجازي ".
(6) بلدة بين حوران والغور.
(7) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 252 وفيه: فيشهد.
(8) كذا بالأصل وخع وفي مختصر ابن منظور: من السحر.
226

الناس أتاكم الغوث فيقول بعضهم لبعض إن هذا لصوت رجل شبعان فينزل عيسى
عليه السلام الفجر فيقول له أمير المؤمنين الناس تقدم يا روح الله فصل بنا
فيقول إنكم معشر هذه الأمة أمراء بعضكم على بعض فتقدم أنت فصل بنا فيتقدمه
أمير الناس فيصلي بهم فإذا انصرف أخذ عيسى (1) عليه السلام حربته ثم ذهب
نحو (2) الدجال فإذا رآه ذاب كما يذوب الرصاص ويضع حربته بين ثندوته (3)
فيقتله فيهزم أصحابه فليس شئ يومئذ يجن (4) منهم حتى الشجرة تقول يا مؤمن
هذا كافر ويقول الحجر يا مؤمن هذا كافر [468]
كذا قال الأموي وإنما هو الجمحي كما تقدم وهذا الحديث أخرجه أحمد بن
حنبل في مسنده عن يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة (5)
حدثني أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي لفظا أنا أبو حامد أحمد بن
الحسن بن محمد الأزهري أنبأ أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون التاجر
أنبأ أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي نا أبو عبد الله محمد بن
يحيى الذهلي نا عبد الرزاق أنبأ معمر عن الزهري أخبرني عمرو بن أبي
سفيان الثقفي أنه أخبره رجل من الأنصار عن بعض أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) قال ذكر
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الدجال فقال يأتي سباخ المدينة وهو محرم عليه أن يدخل نقابها
فينتقض المدينة بأهلها نقضة أو نقضتين وهي الزلزلة فيخرج إليه منها كل منافق
ومنافقة ثم تولى الدجال قبل الشام حتى يأتي بعض جبال الشام فيحاصرهم وبقية
المسلمين يومئذ معتصمون بذروة جبل من جبال الشام فيحاصرهم الدجال نازلا
بأصله حتى إذا طال عليهم البلاء قال رجل من المسلمين حتى أنتم متى هكذا (6)
وعدو الله نازل بأصل جبلكم هذا هل أنتم إلا بين إحدى الحسنيين بين أن
يستشهدكم الله أو يظهركم فيتبايعون على الموت بيعة فعلم الله أنها الصدق من

(1) عن خع.
(2) عن مختصر ابن منظور وبالأصل: يجي.
(3) عن مختصر ابن منظور وبالأصل: " تدوته ".
(4) عن مختصر ابن منظور وبالأصل " نحن ".
(5) مسند أحمد بن حنبل 4 / 216.
(6) كذا بالأصل وخع، والعبارة في المطبوعة 1 / 615: يا معشر المسلمين، حتى متى أنتم هكذا؟
227

أنفسهم ثم تأخذهم ظلمة لا يبصر امرؤ فيها كفه فينزل ابن مريم فيحسر عن أبصارهم
وبين أرجلهم علة لأمته يقولون من أنت يا عبد الله فيقول أنا عبد الله ورسوله
وروحه وكلمته عيسى بن مريم اختاروا بين إحدى ثلاث بين أن يبعث الله على
الدجال وعلى جنوده عذابا من السماء أو يخسف بهم الأرض أو يسلط عليهم
سلاحكم ويكف سلاحهم عنكم فيقولون هذه يا رسول الله أشفا لصدورنا ولأنفسنا
فيومئذ يرى اليهودي العظيم الطويل الأكول الشروب لا تقل يده سيفه من الرعدة
فينزلون إليهم فيسلطون عليهم ويذوب الدجال حين يرى ابن مريم كما يذوب
الرصاص حتى يأتيه أو يدركه عيسى فيقتله [469]
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو عبد الله إسحاق بن
محمد بن يوسف السوسي نا أبو العباس محمد بن يعقوب أنا العباس بن
الوليد أنا أبي نا الأوزاعي حدثني قتادة بن دعامة السدوسي (1) نا أبو العباس
محمد بن يعقوب حدثني شهر بن حوشب حدثتني أسماء بنت يزيد بن السكن وهي
ابنة عم معاذ بن جبل قالت أتاني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في طائفة من أصحابه فذكر الدجال
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن قبل خروجه ثلاث سنين تمسك السماء يعني السنة الأولى
ثلث قطرها والأرض ثلث نباتها والسنة الثانية تمسك السماء ثلثي قطرها والأرض
ثلثي نباتها والسنة الثالثة تمسك السماء ما فيها والأرض ما فيها حتى يهلك كل ذي
ضرس وظلف وإن من أشد فتنته أن يقول للأعرابي (2) أرأيت إن أحييت لك إبلك
عظيمة ضروعها طويلة أسنمتها تجتر تعلم أني ربك قال فيقول نعم قال فيمثل
له الشياطين قال ويقول للرجل أرأيت إن أحييت لك أباك وأخاك وأمك أتعلم أني
ربك قال فيقول نعم قال فيمثل له الشياطين قالت ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
لحاجته فوضعت له وضوءا فانتحب القوم حتى ارتفعت أصواتهم فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
بلحي الباب فقال مهيم فقلت يا رسول الله خلعت قلوبهم بالدجال فقال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه وإن مت فالله خليفتي على كل
مؤمن فقلت يا رسول الله وما يجزي المؤمنين يومئذ قال يجزيهم ما يجزي أهل

(1) بالأصل وخع: السوسي، والصواب عن تقريب التهذيب.
(2) زيادة عن خع.
228

السماء التسبيح والتقديس [470]
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا عيسى بن علي
الوزير أنبأ عبد الله محمد البغوي نا محمد بن عبد الواهب نا حشرج عن
سعيد بن جمهان عن سفينة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد
حذر أمته الدجال إنه أعور عينه اليسرى بعينه اليمنى ظفرة غليظة عليها مكتوب
بين عينيه كافر معه واديان أحدهما جنة والآخر نار معه ملكان يشبهان نبيين من
الأنبياء لو شئت سميتهما بأسمائهما وأسماء آبائهما أحدهما عن يمينه والآخر عن
شماله فيقول الدجال ألست بربكم أحيي وأميت فيقول أحد الملكين كذبت لا يسمعه
أحد من الناس إلا صاحبه فيقول له صدقت فيسمعه الناس فيظنون أنه صدق فذلك
ثم يسير حتى يأتي المدينة فلا يؤذن له فيها فيقول هذه قرية ذلك الرجل ثم يسير حتى
يأتي الشام فيهلكه الله عز وجل عند عقبة أفيق [471]
أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد بن محمد بن ماهان أنبأ شجاع بن
علي بن شجاع أنبأ محمد بن إسحاق بن مندة أنا محمد بن قريش المرورودي نا
إسماعيل بن أبي كثير الفارسي نا يحيى بن موسى البلخي نا سعيد بن محمد
الوراق نا حلام بن صالح نا سليمان بن شهاب العبسي قال نزل علي عبد الله بن
مغنم رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فزعم أنه ذكر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال إن الدجال
ليس به خفاء يجئ من قبل المشرق فيدعو إلى نفسه فيتبع ويقاتل ناسا فيظهر
عليهم لا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة فيظهر عليهم [472]
قال ابن مندة رواه علي بن المديني عن سعيد بن محمد الوراق هذا
مختصر (3)
وأخبرناه بتمامه أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد أنا أبو بكر
الخطيب أنبأ أبو بكر البرقاني (4) نا أبو بكر الإسماعيلي أخبرني الحسن بن

(1) بالأصل: إلا وحذر " والمثبت عن خع.
(2) بالأصل وخع " معتمر " تحريف، والصواب عن الإصابة 2 / 372، انظر ترجمته، وذكر حديثه عن الدجال.
(3) الزيادة عن خع.
(4) عن خع وبالأصل: " " الثرواني ".
229

سفيان قال ذكر يحيى بن موسى الختلي نا معبد بن محمد الوراق الكوفي نا
حلام أبو صالح أخبرني سليمان بن شهاب العبسي قال نزل علي عبد الله بن مغنم
من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فزعم أنه ذكر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال إن الدجال ليس بذي خفاء
إنه يجئ من قبل المشرق فيدعو إلى حق فيتبع وينتصب له ناس يقاتلونه
يظهروا (1) عليه فلا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة فيظهر دين الله ويعمل به ويحث
عليه ويقول بعد إني نبي فيفزع لذلك كل ذي لب فيفارقه ويمكث بعد ذلك ثم
يقول أنا الله فتطمس عينه اليمنى ويصمغ أذنه ويكتب بين عينيه كافر فلا
يخفى على مسلم ويفارقه كل أحد في قلبه مثقال ذرة (2) من خردل من إيمان فيفارقه
ويكون أصحابه وجنوده هذه اليهود والمجوس والنصارى وأعاجم المشركين ثم
يدعو برجل فيما يرون فيأمر به فيقتل ثم يقطع عظامه كل عظمة على حدة ويفرق
بينها حتى إذا رأى الناس ذلك يجمعون ثم يضربه بعصا فإذا هو قائم ويقول
أنا أحيي وأميت وذلك سحر يسحر الناس وليس يصنع من ذلك شيئا قال الخطيب
مغنم بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وبنون
كذا قال في الأصل الختلي وإنما هو الختي البلخي وهو يحيى بن
موسى خت (3)
أخبرنا أبو القاسم الحصين أنا أبو علي بن المذهب أنا أبو بكر بن مالك
نا عبد الله بن أحمد حدثني أبي نا روح يعني ابن عبادة نا سعيد بن أبي عروبة
وعبد الوهاب أنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب أن
نبي الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقول إن الدجال خارج وهو أعور عين الشمال عليها ظفرة غليظة
وإنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويقول للناس أنا ربكم فمن قال أنت
ربي فقد فتن ومن قال ربي الله حتى يموت فقد عصم من فتنته ولا فتنة عليه
بعد (4) ولا عذاب فيلبث في الأرض ما شاء الله ثم يجئ عيسى بن مريم من قبل

(1) كذا بالأصل وخع، والصواب: فيظهرون.
(2) في خع: حبة.
(3) انظر تقريب التهذيب، ترجمته، وخت لقبه، وفي المطبوعة: " الحثي... حث " تحريف في اللفظتين.
(4) سقطت من الأصل وخع واستدركت الزيادة عن مسند أحمد 5 / 13.
230

المغرب مصدقا لمحمد (1) (صلى الله عليه وسلم) وعلى ملته فيقتل الدجال ثم إنما هي قيام
الساعة [473]
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسن عاصم بن الحسن بن محمد
الصاصمي أنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي أنا أبو العباس أحمد بن
محمد بن عقدة نا أحمد بن يحيى الصوفي نا عبد الرحمن بن شريك نا أبي عن
محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبد الرحمن بن زيد بن حارثة (2) عن
مجمع بن حارثة (2) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول يقتل الدجال بين باب اللد
بسبع عشرة ذراعا واللد بالرملة بأرض الشام [474]
صوابه عبد الرحمن بن يزيد بزيادة ياء
وهذا باب كثير ويأتي فيه حديث كثير اقتصرت منه على اليسير طلبا للتخفيف
والتيسر

(1) في مسند أحمد: بمحمد.
(2) كذا بالأصل، والصواب " جارية " كما في تقريب التهذيب، انظر ترجمتهما فيه.
(3) في المطبوعة: آخر الجزء العاشر.
231

" باب
مختصر في ذكر يأجوج ومأجوج "
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي الفقيه أنبأنا أبو بكر البيهقي
الحافظ أنبأنا أبو نصر بن قتادة أنبأنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج أنبأنا
مطين أنبأنا أبو صالح عبد الحميد بن صالح البرجمي
(1) أنبأنا أبو شهاب عن
سفيان عن أبي إسحاق عن وهب بن جابر عن عبد الله بن عمرو قال أراه رفعه
قال يأجوج ومأجوج من ولد آدم قال نعم ومن ورائهم ثلاث أمم تأويل وتاريس
والمنسك (2) يلد الرجل من صلبه ألفا (3)
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي أنبأنا أحمد بن علي بن
الحسن بن أبي عثمان وأحمد بن محمد بن إبراهيم القصاري
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم القصاري أنا
أبي نا (4) ابن طاهر أحمد بن محمد قالا
أنبأنا إسماعيل بن الحسن بن عبد الله الصرصري (5)
وأخبرنا أبو منصور سعد بن محمد بن عمر نا أبو الطيب سعيد بن
يحلف (6) بن ميمون الكناني وأبو الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل

(1) بالأصل " الترحمي " والمثبت عن تقريب التهذيب بضم الموحدة والجيم بينهما راء ساكنة.
(2) عن خع وبالأصل " والمسك ".
(3) بالأصل وخع " ألف ".
(4) سقط من الأصلين، واستدركت عن المطبوعة 2 / 1.
(5) هذه النسبة إلى صرصر قرية قرب بغداد.
(6) في خع: يخلف.
232

الأنصاري وعلي بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب وأبو غالب المبارك بن
عبد الوهاب بن محمد بن منصور المسدي وأبو البيضاء سعد بن عبد الله الحبشي
الجمحي قالوا
أخبرنا نصر بن أحمد بن نصر بن عبد الله البطن حينئذ
وأخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن طاوس
أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان قالا أنبأنا أبو
عبد الله عبيد الله بن يحيى قالا أنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي
أنبأنا محمد بن عمرو بن حنان أنبأنا (1) يحيى بن سعيد أنبأنا محمد بن
إسحاق عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن يأجوج
ومأجوج فقال يأجوج ومأجوج فيأجوج أمة ومأجوج أمة كل أمة أربع مائة ألف
أمة لا يموت الرجل حتى ينظر إلى ألف ذكر بين يديه من صلبه كلهم قد حمل
السلاح قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم ثلاثة أصناف صنف منهم مثل الأرز
قلت وما الأرز قال شجر بالشام طول كل شجرة عشرون ومائة ذراع في السماء
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد وصنف منهم يفترش
أذنه ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل إلا أكلوه ومن مات منهم
أكلوه مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية [476]
وأخبرنا أبو عبد الله الخلال أنبأنا أبو القاسم إبراهيم بن منصور الجبار
أنبأنا أبو بكر بن المقرئ قالا أنبأنا أبو يعلى الموصلي قال سمعت أبي يحدث
عن قتادة أن أبا رافع حدث وقال ابن المقرئ حدثه عن أبي هريرة أن
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال يحفرون كل يوم حتى يكادوا يرون شعاع الشمس فيقولون
نرجع إليه غدا فيرجعون وهو أشد ما كان فإذا بلغت مدتهم وأراد الله تبارك وتعالى
أن يبعثهم على الناس قالوا نرجع إليه غدا إن شاء الله فيرجعون إليه كهيئة ما تركوه
فيحفرونه أو كما قال قال فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيفر الناس منهم في حصونهم أو
كما قال

(1) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع، والاسناد في المطبوعة 2 / 2 مضطرب.
(2) في المطبوعة: يحفرون السد.
233

قال المعتمر وقال أبي عن قتادة أنهم يرمون في السماء سهما وقال ابن حمدان
بسهام فترجع إليهم كأن فيها دما (1) فيقولون ظهرنا على الأرض وقهرنا
أهل السماء أو كما قال
وزاد ابن المقرئ قال وقالا فيبعث الله عليهم النغف (2) في أقفائهم
فيقتلهم فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى إن دوابهم تسمن وقال ابن المقرئ لتسمن
فتنظر (3) مما يأكل لحومهم أو كما قال [477]
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا محمد بن عبد الله
الحافظ أنبأنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد أنبأنا الحسن بن مكرم
البزاز أنبأنا يزيد بن هارون أنبأنا العوام بن حوشب عن جبلة بن سحيم بن
عفازة (4) عن عبد الله بن مسعود قال لما أسري ليلة أسري بالنبي (صلى الله عليه وسلم) لقي إبراهيم
وموسى وعيسى فتذاكروا الساعة فبدأوا بإبراهيم فسألوه عنها فلم يكن عنده منها
علم ثم موسى فلم يكن عنده منها علم فتراجعوا الحديث إلى عيسى قال عيسى
عهد الله إلي فيما دون وحينها يعني أما وحثها (5) فلا نعلمها قال فذكر من خروج
الدجال فأهبط فأقتله وترجع الناس إلى بلادهم فسيقتلهم (6) يأجوج ومأجوج وهم
من كل حدب ينسلون فلا يمرون بماء إلا شربوه ولا يمرون بشئ إلا أفسدوه
فيحارون إلى الله تبارك وتعالى فيدعو الله تعالى فيميتهم فتحار الأرض إلى الله من
ريحهم (7) فيجأرون (8) إلي فأدعو فترسل السماء بالماء فتحمل أجسامهم
فيقذفونها في البحر ثم تنسف الجبال وتمد الأرض مد الأديم فعهد الله تبارك

(1) بالأصل " دم ".
(2) الغنف: دود في أنوف الإبل والغنم، الواحدة: نغفة، محركة.
(3) في مختصر ابن منظور 1 / 253 " وتبطر ".
(4) سحيم بمهملتين مصغرا، انظر تقريب التهذيب، وفي خع: سجيم تحريف.
(5) كذا وردت العبارة في الأصل وخع، والعبارة في مختصر ابن منظور 1 / 253: فيما دون وجبتها، يعني:
أما وجبتها فلا نعلمها.
(6) كذا بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور والمطبوعة 2 / 3: " فيستقبلهم " وهي أصوب.
(7) ما بين معكوفتين سقط من الأصل والمطبوعة، واستدرك عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 253 واللفظ له.
وفي خع: " فيجاوزون " والحور: الرجوع (قاموس).
(8) كذا بالأصل، وفي خع: " فيجاوزون " وفي مختصر ابن منظور والمطبوعة: فيحارون.
234

وتعالى إلي إذا كان ذلك قال الساعة من الناس كالحمائل (1) المتم (2) لا يدري أهلها
متى تفجأهم بولادها ليلا أو نهارا قال عبد الله فوجدت تصديق ذلك في القرآن
" حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق " (3)
الآية
قال وجمع الناس من كل مكان جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الأديب أنبأنا أبو القاسم
إبراهيم بن منصور السلمي أنبأنا أبو بكر بن المقرئ أنبأنا أبو يعلى الموصلي
أنبأنا عبد الله بن معاوية أنبأنا حماد بن سلمة أخبرنا عاصم عن أبي صالح عن أبي
هريرة قال يأجوج ومأجوج يحفران كل يوم أبواب (4)

(1) الأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور، والمطبوعة: " كالحامل ".
(2) المتم: هي الحامل التي شارفت الوضع (النهاية).
(3) سورة الأنبياء، الآية: 96 - 97.
(4) في المطبوعة: يحفرون كل يوم الأبواب.
235

" باب
ذكر شرف المسجد الجامع بدمشق وفضله
وقول من قال أنه لا يوجد في الأقطار مثله "
أخبرنا أبو الفضائل ناصر بن محمود بن علي أنبأنا أحمد بن زهير نا
علي بن محمد بن شجاع أنبأنا تمام بن محمد أنبأنا أحمد بن سليمان بن
حذلم نا أبي نا سليمان بن عبد الرحمن نا ابن عياش نا سليمان بن
سليمان عن يحيى بن جابر عن يزيد بن ميسرة قال أربعة أجبل مقدسة بين
يدي الله تبارك وتعالى طور زيتا وطور سينا وطور تينا وطور (1) تيمنانا
قال فطور زيتا بيت المقدس وطور سينا طور موسى وطور تينا مسجد دمشق
وطور تيمنانا مكة
ورواه سليمان أيضا عن ابن عياش عن صفوان بن عمرو عن الحارث بن
محماية (2) كان يقول أربعة أجبل مقدسة فذكر نحوه
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة السلمي قالا
أنبأنا عبد العزيز أنبأنا تمام بن محمد وعبد الوهاب الميداني قالا أنبأنا أبو
الحارث أحمد بن محمد بن عمارة بن أبي طالب بن أبي الخطاب يحيى بن
عمرو بن عمارة الليثي أنبأنا أحمد بن المعلى بن يزيد الأسدي
قال تمام وأخبرنا أبو إسحاق بن سنان إجازة أنبأنا أحمد أنبأنا محمد أنبأنا
أحمد بن المعلى

(1) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 255.
(2) كذا بالأصل وخع وفي المطبوعة: عن الحارث أن يزيد.
236

قال تمام وأخبرني أبو بكر يحيى بن عبد الله بن الحارث أنبأنا
عبد الرحيم بن عمر المازني أنبأنا أحمد بن المعلى قال وأخبرني سليمان بن
عبد الرحمن أنا عيسى بن موسى بن عيسى القرشي حدثنا خليد بن دعلج (1)
وسعيد بن بشير جميعا عن قتادة قال أقسم الله تبارك وتعالى بمساجد أربعة قال
" والتين " وهو مسجد دمشق " والزيتون " وهو مسجد بيت المقدس " وطور سينين "
وهو حيث كلم الله تعالى موسى " والبلد الأمين " وهو مكة
قالوا وأنبأنا أحمد بن المعلى أخبرني هشام بن خالد أنبأنا محمد بن
شعيب قال سمعت عثمان بن أبي العاتكة عن أهل العلم أنهم كانوا يقولون
" والتين " مسجد دمشق
قال وأخبرني أبو مروان أنبأنا محمد بن شعيب سمعت غير واحد من
قدمائنا يذكرون أن التين مسجد دمشق وأنهم قد أدركوا فيه شجرا من تين قبل أن يبنيه
الوليد
أبو مروان هو أحمد بن عبد الباقي
كذلك رواه (2) أبو شيبة محمد بن أحمد بن المعلى عن أبيه
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي محمد عبد العزيز بن
أحمد أنبأنا تمام الرازي أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج بن البرامي (3)
حدثنا أبي عبد الله بن الفرج أنبأنا القاسم بن عثمان الجوعي (4) سمعت
مروان بن محمد يقول في قول الله تبارك وتعالى قال " التين والزيتون " مسجد دمشق
قال التين مسجد دمشق والزيتون مسجد بيت المقدس
قال وأنبأنا ابن البراني (5) نبأنا إبراهيم بن مروان قال سمعت أحمد بن

(1) خليد بالفتح، ودعلج بفتح فسكون ففتح (المغني).
(2) زيادة عن المطبوعة.
(3) البرامي بكسر الباء، في استدراك ابن نقطة.
(4) الجوعي بضم الجيم وسكون الواو هذه النسبة إلى الجوع، قال في الأنساب: لعله كان يبقى جائعا كثيرا. (5) الأصل وخع، وفي المطبوعة: ابن أنس.
237

إبراهيم بن ملاس يقول سمعت عبد الرحمن بن إسماعيل (1) بن عبيد الله بن أبي
المهاجر قال كان (2) خارج باب الساعات صخرة يوضع عليها القربان فما
تقرب (3) منه جاءت نار فأخذته وما لم يتقبل بقي على حاله
صوابه يحيى بن إسماعيل
أخبرنا أبو الفضائل ناصر بن محمود أنبأنا علي بن أحمد أنبأنا علي بن
محمد أنبأنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر أنبأنا ابن فضالة أنبأنا أبو بكر بن
معاذ وهو محمد بن عبد الله أنبأنا هشام بن عمار أنبأنا الحسن بن يحيى
الخشني (4) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ليلة أسري به (5) صلى في موضع مسجد دمشق
هذا منقطع
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم السلمي قالا أنبأنا
عبد العزيز التميمي أنا تمام بن محمد وعبد الوهاب بن جعفر المدائني (6) قالا أنبأنا
أبو الحارث أحمد بن محمد
قال تمام وأخبرني أبو إسحاق بن سنان إجازة أنبأنا ابن المعلى أخبرني
صفوان بن صالح أنبأنا عبد الخالق بن زيد يعني ابن واقد عن أبيه عن
عطية (7) بن قيس الكلابي قال قال كعب الأحبار ليبنين في دمشق مسجد يبقى
بعد خراب الدنيا أربعين عاما
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز بن أحمد أنبأنا

(1) في المطبوعة: عن عبد الله بن أبي المهاجر.
(2) زيادة عن مختصر بن منظور 1 / 255.
(3) في مختصر ابن منظور وخع: تقبل.
(4) الخشني ضبطت عن تقريب التهذيب، هذه النسبة إلى خشين بن النمر كما في المغني، وبالأصل وخع:
" الخشي " تحريف.
(5) عن مختصر ابن منظور وبالأصل: بي.
(6) الأصل وخع وفي المطبوعة: الميداني.
(7) بالأصل وخع " عكية " تحريف، والمثبت عن تقريب التهذيب، وقيل الكلاعي بالعين المهملة بدل الموحدة.
(في الكلابي).
238

تمام أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج بن البرامي أنبأنا أبو شبيب
محمد بن أحمد بن المعلى أنبأنا محمد بن هارون يعني ابن محمد بن بكار بن
بلال أنبأنا عباس بن الوليد يعني الخلال أنبأنا عبد الرحمن بن يحيى بن
إسماعيل أنبأنا الوليد بن مسلم أنبأنا عثمان بن أبي عاتكة عن علي بن يزيد
عن القاسم بن عبد الرحمن قال أوحى الله تبارك وتعالى إلى جبل قاسيون أن هب
ظلك وبركتك لجبل بيت المقدس قال ففعل فأوحى الله تعالى إليه أما إذ فعلت
فإني سأبني لي في حضنك (1) بيتا قال عبد الرحمن قال الوليد في حضنك (1)
أي في وسطه وهو هذا المسجد يعني مسجد دمشق اعبد فيه بعد خراب الدنيا
أربعين عاما ولا تذهب الأيام والليالي حتى أرد عليك ظلك (2) وبركتك قال فهو
عند الله تعالى بمنزلة المؤمن الضعيف المتضرع
قال وأنبأنا أبو بكر بن البرامي أنبأنا محمد بن أحمد يعني أبا شبيب (3)
حدثني عمرو بن عبد الرحمن بن إبراهيم قال سمعت أبي يقول خيطان مسجد
دمشق الأربع من بناء هود عليه السلام وما كان الفسيفساء إلى فوق فهو من بناء
الوليد بن عبد الملك
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة قالا
(4) أنبأنا
عبد العزيز أنبأنا تمام بن محمد وعبد الوهاب بن جعفر قال أنبأنا أبو الحارث
أحمد بن محمد بن عبادة (5) بن أبي الخطاب الليثي أنا أحمد بن المعلى
قال تمام وأخبرني أبو بكر يحيى بن عبد الله بن الحارث أنبأنا
عبد الرحيم بن عمر المازني نبأنا ابن (6) المعلى قال وأخبرني أبو تقي (7)
هشام بن عبد الملك أنبأنا الوليد قال لما أمر الوليد بن عبد الملك ببناء مسجد

(1) عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 255 وبالأصل: حصنك بالصاد المهملة.
(2) زيادة عن خع ومختصر بن منظور.
(3) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: أبا شيبة.
(4) بالأصل " قال " والمثبت عن خع.
(5) الأصل وخع، وفي المطبوعة: عمارة.
(6) عن المطبوعة. (7) عن خع وبالأصل " نقية " تحريف، والنظر التبصير وتقريب التهذيب.
239

دمشق وجدوا في حائط المسجد القبلي لوحا من حجر فيه كتاب نقش فأتوا به الوليد
فبعث إلى الروم فلم يستخرجوه ثم بعث إلى العبرانيين فلم يستخرجوه ثم بعث إلى
مكان (1) بدمشق من بقية الأشنان (2) فلم يستخرجوه فدل على وهب بن منبه فبعث
إليه فلما قدم عليه أخبره بموضع ذلك اللوح فوجدوه في ذلك الحائط ويقال ذلك
الحائط بناء (3) هود النبي (صلى الله عليه وسلم) فلما نظر إليه وهب وحرك (4) رأسه وقرأه فإذا هو
بسم الله الرحمن الرحيم ابن آدم لو رأيت (5) يسير ما بقي من أجلك لزهدت
في طويل ما ترجو من أملك وإنما تلقى ندمك لقد زلت بك قدمك وأسلمك أهلك
وحشمك وانصرف عنك الحبيب وودعك القريب ثم صرت تدعا فلا تجيب فلا
أنت إلى أهلك عائد ولا في عملك زائد فاعمل لنفسك قبل يوم القيامة وقبل
الحسرة والندامة وقبل أن يحل بك أجلك وتنزع منك روحك فلا ينفعك مال
جمعته ولا ولد ولدته ولا أخ تركته ثم تصير إلى برزخ الثرى ومجاورة المولى
فاغتنم الحياة قبل الموت والقوة قبل الضعف والصحة قبل السقم قبل أن تؤخذ
بالكظم (7) ويحال بينك وبين العمل
وكتب في زمان سليمان ابن داود عليهما السلام (8)
أخبرنا أبو الفضائل بن محمود أنبأنا علي بن أحمد بن زهير أنبأنا
علي بن شجاع أنبأنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر أنبأنا محمد بن عبد الله

(1) كذا بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور 1 / 256 " من كان ".
(2) لأصل وخع وفي مختصر ابن منظور: الأشبال.
(3) لأصل وخع ومختصر ابن منظور، وفي المطبوعة 2 / 9: " من بناء ".
(4) الأصل وخع " وحرك " وفي مختصر ابن منظور: حرك بدون واو.
(5) في مروج الذهب 3 / 193 " لو عاينت ما بقي من يسير أجلك. " وفي الأصل وخع: " يسر " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(6) بالأصل: " مالا... ولدا " والصواب ما أثبت.
(7) الكظم: مخرج النفس من الحلق.
(8) الكتاب في مروج الذهب 3 / 193 باختلاف بعض ألفاظه وتعابيره، وعقب المسعودي بعد إيراد نصه:
فأمر الوليد أن يكتب بالذهب على الأزورد في حائط المسجد: ربنا الله لا نعبد إلا الله، أمر ببناء هذا
المسجد، وهدم الكنيسة التي كانت فيه، عبد الله الوليد أمير المؤمنين في ذي الحجة سنة سبع وثمانين.
وهذا الكلام مكتوب بالذهب في مسجد دمشق إلى وقتنا هذا، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.
240

الربعي أنبأنا علي أنبأنا محمد بن يوسف أنبأنا أحمد بن إبراهيم الغساني
أنبأني أبي عن أبيه عن زيد بن واقد قال وكلني الوليد على العمال في بناء جامع
دمشق فوجدنا فيه مغارة فعرفنا الوليد ذلك فلما كان الليل وافى (1) وبين يديه
الشمع فنزل فإذا هي كنيسة لطيفة ثلاثة أذرع في ثلاثة أذرع وإذا فيها صندوق
ففتح الصندوق فإذا فيه سبط (2) وفي السبط رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام
مكتوب عليه هذا رأس يحيى بن زكريا فأمر به الوليد فرد إلى المكان وقال
اجعلوا العمود الذي فوقه مغيرا من الأعمدة فيجعل عليه عمود مسبك مسفط (3)
الرأس
قال ونبأنا علي ونبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر الإمام نبأنا ابن
حبيب أنبأنا أبو عبد الملك نبأنا مهدي بن جعفر أنبأنا الوليد بن سالم نبأنا
زيد بن واقد قال رأيت رأس يحيى بن زكريا حيث أرادوا بناء مسجد دمشق
أخرج من تحت ركن من أركان القبة وكانت البشرة والشعر (4) على رأسه لم تتغير
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة قالا أنبأنا أبو
محمد الكتاني أنبأنا تمام الرازي وعبد الوهاب الميداني قالا أنبأنا أبو (5)
الحارث أحمد بن محمد بن عمارة أنبأنا أحمد بن المعلى حينئذ
قال تمام وأخبرنا أبو إسحاق بن سنان إجازة أنبأنا أبو المعلى قال تمام
وأخبرني يحيى بن عبد الله بن الحارث أنبأنا عبد الرحمن بن عمر المازني أنبأنا
أبو المعلى قال أخبرني القاسم بن عثمان (6) قال سمعت الوليد بن مسلم وسأله
رجل يا أبا العباس أين بلغك رأس يحيى بن زكريا قال بلغني أنه ثم وأشار بيده
إلى العمود المسفط الرابع من الركن الشرقي

(1) الأصل وخع " وأقاد بين " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 257.
(2) كذا في الأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: فيه سفط، وفي السفط.
(3) بالأصل " سبط " وفي خع: " مبسط " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(4) الأصل وخع ومختصر ابن منظور، وفي المطبوعة: والشعرة.
(5) عن هامش الأصل وخع.
(6) الخبر في خع والمطبوعة 2 / 10 باختلاف في لاسناد، وقد كرر الخبر في الأصل وخع، فحذفنا التكرار
الوارد بحيث أصبح المثبت يوافق عبارة مختصر ابن منظور 1 / 257 والمطبوعة 2 / 10.
241

قال ابن المعلى وأخبرني إسماعيل بن أبان (1) حدثني محمد بن عائذ حدثني
الوليد بن مسلم حدثني زيد (2) بن واقد قال حضرت رأس يحيى بن زكريا وقد
أخرج من الليطة (3) القبلية الشرقية التي عند مجلس بجيلة فوضع تحت عمود
السبط (4) السكاسك
رواه غيره عن ابن المعلى
يقال البلاطة بدل الليطة
قال ابن المعلى وأنبأنا هشام بن عمار أنبأنا محمد بن شعيب قال دخلت
مع شداد بن عبد الله (5) من هذا الباب فقال لي أترى ما هنا كتابا بالرومية قلت
نعم فصلى ركعتين وقال هاهنا رأس يحيى بن زكريا
رواه غيره عن هشام فقال من باب الدرج
قرأت على أبي محمد عبد الكريم عن عبد العزيز بن أحمد أنبأنا تمام
أنبأنا أحمد بن عبد الله بن الفرج بن البرامي أنبأنا أبي نا القاسم بن عثمان
أنبأنا الوليد قال سألت الأوزاعي قلت يا أبا عمرو أين بلغك رأس يحيى بن زكريا
قال بلغنا أنه في العمود الرابع المسفط (6)
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي (7) أنبأنا أبو بكر
محمد بن عبد الله بن عبد العزى الهوي أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن
محمد بن أبي شريح أنبأنا أبو جعفر محمد بن عبد الجبار الرازي أنبأنا حميد بن
زنجويه النسائي أنبأنا هشام بن عمار أنبأنا أبو البركات الدمشقي أنبأنا رزيق (8)

(1) عن خع وبالأصل: أيار.
(2) بالأصل وخع هنا: " يزيد " وقد تقدم.
(3) عن خع وبالأصل " الليلة " تحريف، والليلة " تحريف، والليطة: كل شئ له صلابة ومتانة.
(4) سقطت من مختصر ابن منظور والمطبوعة.
(5) عن تقريب التهذيب: " عبد الله " وهو أبو عمار الدمشقي، ثقة، وبالأصل وخع " عبيد الله " تحريف.
(6) عن خع وبالأصل " المفسط
". (7) بضم الفاء وفتح الراء، هذه النسبة إلى فراوة بليدة على الثغر مما يلي خوارزم يقال لها رباط فراوة.
(8) بالأصل: " زريق " ومثله في المطبوعة، تحريف، والصواب رزيق الراء قبل الزاي كما في خع وتقريب التهذيب
" والكفاني " كذا بالأصل وخع، وفي تقريب التهذيب الألهاني. بفتح الهمزة. وهذه النسبة إلى ألهان من
مالك أخي حمدان.
242

أبو عبد الله الأكفاني عن أنس بن مالك قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
صلاة الرجل في بيته صلاة وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين
وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمس مائة صلاة وصلاة في المسجد الأقصى
بخمسة (1) آلاف صلاة وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف [478]
كذا قال وأسقط ذلك ذكر مسجد النبي (صلى الله عليه وسلم)
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة
أنبأنا أبو القاسم حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدي الحافظ أنبأنا
عبد الصمد بن عبد الله ومحمد بن بشر القزاز وعبد الرحمن بن إسحاق الغامدي
الدمشقيون قالوا أنبأنا هشام بن عمار أنبأنا أبو (2) الخطاب الدمشقي أنبأنا
رزيق (3) أبو عبد الله عن أنس بن مالك قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلاة الرجل
في بيته بصلاة واحدة وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة وصلاته في
المسجد الذي يجمع فيه بخمس وعشرين صلاة وصلاته في المسجد الأقصى بخمسة
آلاف وصلاته في مسجدي بخمسين ألفا وصلاته في المسجد الحرام بمائة
ألف [479]
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل السوسي أنبأنا جدي أنبأنا أبو
علي الحسن بن إبراهيم الأهوازي أنبأنا أبو الفرج الهيثم بن أحمد بن محمد
القرشي أنبأنا أبو بكر أحمد بن سعيد بن فطيس أنبأنا أحمد بن أنس بن مالك أنا
حبيب المؤذن أنبأنا أبو زياد الشعقاني (4) وأبو أمية الشغفاني (4) قال كنا بمكة

(1) بالأصل وخع: " بخمس ألف " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 257.
(2) عن المطبوعة، سقطت من الأصل وخع.
(3) بالأصل: " زريق ومثله في المطبوعة، تحريف، والصواب رزيق الراء قبل الزاي كما في خع وتقريب
التهذيب.
" والأكفاني " كذا بالأصل وخع، وفي تقريب التهذيب الألهاني. بفتح الهمزة. وهذه النسبة إلى ألهان من مالك أخي حمدان.
(4) كذا بالأصل وخع، وفي الأنساب: أبو أمية الشعباني، نسبة إلى شعبة " قبيلة " وأبو أمية اسمه يحمد.
وفي مختصر ابن منظور: أبو زياد الشعباني أو أبو أمية الشعباني.
243

فإذا رجل في ظل الكعبة (1) وإذا هو سفيان الثوري فقال رجل يا أبا عبد الله ما
تقول في الصلاة في هذه البلد قال بمائة ألف صلاة قال ففي مسجد
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال بخمسين ألف قال ففي بيت المقدس قال أربعين ألف
صلاة قال ففي مسجد دمشق قال بثلاثين ألف صلاة
رواه (2) أنبأنا أبو بكر حمزة بن عبد الله بن البرامي عن أحمد بن أنس عن
أبي حبيب بن زياد وأبي أمية بغير شك وسيأتي في ترجمة حبيب إن شاء الله
أخبرنا أبو عبد الله بن أبي مسعود الصاعدي أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله
العدوي أنبأنا أبو محمد الشريحي أنبأنا محمد بن أحمد بن عبد الجبار
الرياني (3) أنبأنا حميد بن زنجويه أنبأنا حميد الصايغ أنبأنا عيسى بن ميمون
عن معاوية بن قرة قال قال عمر (4) بن الخطاب من صلى صلاة مكتوبة في
مسجد من الأمصار كانت له حجة متقبلة وإن صلى تطوعا كانت كعمرة مبرورة
قال وأنبأنا حميد بن زنجويه أنبأنا سعيد بن عمير عن عبد الله الشامي
عن رجل عن كعب قال من صلى في مسجد مصر من الأمصار صلاة فريضة
فتكون (5) حجة متقبلة ومن صلى صلاة تطوع فتعدل عمرة متقبلة فإن أصيب في وجهه
ذلك حرم لحمه ودمه على النار (6) أن تطعمه وذنبه على (7) من قتله
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز بن أحمد أنبأنا
تمام الرازي أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن عبد الملك والمغيرة المقرئ
حدثني أبي عن أبي عبيدة (8) تقدم إلى القوام ليلة من الليالي فقال إني أريد أن

(1) بالأصل: " في كل ركعة " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(2) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: رواه، فقط، والعبارة إلى آخرها سقطت منها.
(3) بتشديد الراء وتخفيف الباء هذه النسبة إلى ريان إحدى قرى نسا، ولا يعرفها أهل نسا إلاى مخففة.
(4) بالأصل وخع: " غير " تحريف.
(5) عن المطبوعة وبالأصل وخع " فتقول ".
(6) الزيادة عن مختصر ابن منظور 1 / 258 وسقطت من الأصل وخع.
(8) كذا ورد إسناد الخبر بالأصل وخع والاضطراب بين فيه وقد قومه محقق المطبوعة 2 / 13 كما يلي:
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة، عن عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا تمام بن محمد الرازي، أنبأ أبو
بكر أحمد بن عبد الله، ثنا إبراهيم بن عبد الملك بن المغيرة المقرئ، حدثني أبي عبد الملك عن أبيه
المغيرة أن الوليد بن عبد الملك تقدم.
والخبر في مختصر ابن منظور 1 / 258 منسوبا للوليد بن عبد الملك، وقد حذف إسناد.
244

أصلي الليلة في المسجد فلا تتركوا فيه أحدا حتى أصلي الليلة ثم إنه أتى إلى باب
الساعات فاستفتح الباب ففتح له فدخل من باب الساعات فإذا رجل قائم يصلي بين
باب الساعات وباب الخضراء (1) الذي يلي المقصورة قائما يصلي وهو أقرب إلى
باب الخضراء منه إلى باب الساعات فقال للقوام ألم آمركم ألا تتركوا أحدا يصلي
الليلة في المسجد فقال له بعضهم يا أمير المؤمنين هذا الخضر عليه السلام يصلي
في المسجد كل ليلة
قال وأنبأنا ابن البرامي أنبأنا أحمد بن أنس أنبأنا أبو بكر محمد بن
محمد بن معاذ أنبأنا أبو مسهر عبد الأعلى أنبأنا ابن المنذر بن نافع أم عمرو
بنت مروان (2) عن رجل قد سماه أن واثلة بن الأسقع خرج من باب المسجد الذي
في (3) باب جيرون فلقي كعب الأحبار فقال له أين تريد فقال له واثلة بن الأسقع
يريد بيت المقدس فقال له تعال (4) حتى أريك موضعا في هذا المسجد من صلى فيه
فكأنما صلى في بيت المقدس قال فذهب به فأراه ما بين الباب الأصغر (5) الذي
يخرج منه الوالي إلى الحنية (6) يعني القنطرة الغربية قال من صلى فيما بين هذين
فكأنما (7) صلى في بيت المقدس
قال واثلة إنه لمجلسي ومجلس قومي قال (7) هو ذاك
رواه صفوان بن بسرة بن صفوان عن أبي مسهر عن المنذر بن نافع عن
أبيه قال خرج واثلة سيأتي في ترجمة نافع

(1) لأصل وخع: " الخضر " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
ما بين معكوفتين مثبت بالأصل وخع وساقط بن المطبوعة.
(3) الأصل وخع والمطبوعة، وفي مختصر ابن منظور " يلي ".
(4) الأصل وخع " تعلى " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(5) في المختصر: الأصفر.
(6) رسمت في الأصل وخع: " الخبية " والمثبت عن المختصر.
(7) الزيادة في الموضعين عن المختصر 1 / 258
245

أنبأنا أبو علي الحداد في كتابه حدثني عبد الرحيم بن علي الأصبهاني عنه
أنبأنا عبد الرحيم بن محمد بن أحمد الركواني (1) أنبأنا أبو محمد عبد الله بن
محمد بن جعفر بن حيان أنبأنا إسحاق قال سمعت أبا زرعة يقول مسجد دمشق
خطه أبو عبيدة بن الجراح وكذلك مسجد حمص وأما مسجد مصر فإنه خطه
عمرو بن العاص زمن عمر (2)
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة قالا أنبأنا
عبد العزيز بن أحمد أنبأنا تمام الرازي وعبد الوهاب الميداني قالا أنبأنا أبو
الحارث أحمد بن محمد بن عمارة أنبأنا أحمد بن المعلى قال أنبأنا تمام
وأنبأنا أبو إسحاق بن سنان (3) إجازة أنبأنا ابن المعلى
قال تمام وأخبرني يحيى بن عبد الله بن الحارث نبأنا عبد الرحمن بن
عمر المازني أنبأنا أحمد بن المعلى أنبأنا أبو أمية أنبأنا أحمد بن الجواري (4)
أنبأنا الوليد بن مسلم عن ابن ثوبان قال ما ينفعني (5) أن يكون أحد أشد شوقا
إلى الجنة من أهل دمشق لما يرون من حسن مسجدها
قرأت على أبي محمد عبد الكريم عن أبي محمد عبد العزيز الكتاني أنبأنا تمام
الرازي أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج البرامي نبأنا أحمد بن
إبراهيم بن عبد الوهاب أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن هشام بن ملاس أخبرني
أبي (6) عن أبيه قال لما قدم المهدي يريد بيت المقدس دخل مسجد دمشق ومعه
أبو عبيد الله الأشعري كاتبه فقال يا أبا عبيد الله سبقنا بنو أمية بثلاث قال وما هن

(1) كذا بالأصل ورد اسمه ونسبه، وفي خع: الزكواني، وكله تحريف، فاسمه: عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الذكواني،
من أهل أصبهان، كما في الأنساب، وهذه النسبة بفتح الذال المعجمة وسكون الكاف.
إلى ذكوان، اسم بعض الأجداد.
(2) بالأصل: " بن عمر " ومثله في خع، واللفظتان سقطتا من المطبوعة، والصواب المثبت " زمن عمر " عن مختصر ابن منظور.
(3) في خع: بينان.
(4) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: الحواري، وهو أحمد بن أبي الحواري.
(5) كذا، وفي خع ومختصر ابن منظور 1 / 258 ما ينبغي.
(6) سقطت من الأصل وخع واستدركت عن المطبوعة 2 / 15.
246

يا أمير المؤمنين قال بهذا البيت يعني المسجد لا أعلم على ظهر الأرض مثله
أبدا وبنبل الموالي فإن لهم موالي ليس لنا مثلهم وبعمر بن عبد العزيز لا يكون
والله فينا مثله أبدا (1) ثم أتى بيت المقدس فدخل الصخرة فقال يا أبا عبيد الله
وهذه رابعة
قال وأنبأنا ابن البرامي أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن هشام (2) حدثني أبي
قال لما دخل المأمون مسجد دمشق ومعه أبو إسحاق المعتصم ويحيى بن أكثم
فقال ما أعجب ما في هذا المسجد فقال له أبو إسحاق ذهبه وبقاؤه فإنا نهيئه في
قصورنا فلا يمضي به العشرون سنة حتى يتغير قال ما ذاك أعجبني منه فقال
يحيى بن أكثم تأليف رخامه فإني رأيت فيه عقدا ما رأيت مثلها قال ما ذاك
أعجبني فقالا له ما الذي أعجبك قال بنيانه على غير مثال متقدم
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال كتب إلينا أبو تمام علي بن محمد
الواسطي يذكر أن أبا عمر بن حيوية أخبرهم إذنا أنا محمد بن خلف أنبأنا
الحسن بن إبراهيم بن الحسن الخوارزمي قال سمعت أبي يقول قال المأمون
لقاسم التمام (3) اختر لي اسما حسنا أسمي به جاريتي هذه قال سمها (4) مسجد
دمشق فإنه أحسن شئ
كتب إلي أبو عبد الله الفراوي وقبل أن ألقاه يخبرني عن أبي بكر أحمد بن
الحسين الحافظ أنبأنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو تواب الذكر وهو أحمد بن
محمد الطوسي أنبأنا أبو محمد بن المنذر بن سعيد أنبأنا أبو محمد جعفر بن
أحمد قال سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم يقول سمعت الشافعي
يقول عجائب الدنيا خمسة أشياء أحدها منارتكم (5) هذه يعني منارة ذي القرنين

(1) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدركت عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 259 واللفظ له، فثمة بعض
التحريف في خع.
(2) الأصل وخع وفي المطبوعة: ملاس.
(3) الأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور 1 / 259 التمار.
(4) بالأصل وخع: " سميها " خطأ، والصواب عن المختصر.
(5) بالأصل " متأذنكم " وفي خع: فنادتكم " والمثبت عن المختصر 1 / 259.
247

والثاني أصحاب الرقيم الذين هم بالروم اثنا (1) عشر رجلا أو ثلاثة عشر رجلا
والثالث مرآة ببلاد الأندلس معلقة (2) على باب مدينتها الكبيرة فإذا غاب الرجل من
بلادهم على مسافة مائة فرسخ في مائة فرسخ فإذا جاء أهله إلى تلك المرآة المنارة
فقعد تحتها ونظر في المرآة يرى صاحبه بمسافة مائة فرسخ والرابع مسجد دمشق
وما يوصف من الانفاق عليه والخامس الرخام والفسيفساء فإنه لا يدرى لهما
موضع ويقال إن الرخام كلها معجونة والدليل على ذلك أنها لو وضعت على النار
لذابت
وذكر إبراهيم بن أبي الليث الكاتب وكان قدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين
وأربعمائة في رسالة له قال ثم أمرنا بالانتقال إلى البلد فانتقلت منه إلى بلد تمت
محاسنه ووافق ظاهره (3) باطنه أزقته أزجة وشوارعه فرجة فحيث ما شئت
شممت طيبا وأين سعيت (4) رأيت منظرا عجيبا وأفضيت إلى جامعه فشاهدت منه ما
ليس في استطاعة الواصف أن يصفه ولا الرائي أن يعرفه وجملته أنه بكر الدهر
ونادرة الوقت وأعجوبة الزمان وغريبة الأوقات ولقد أبقت أمية به ذكرا به يدرس
ولا (5) وخلفت أثرا لا يخفى ولا يدرس

(1) بالأصل: اثني.
(2) بالأصل وخع: معلق، والصواب عن مختصر ابن منظور.
(3) عن خع، وبالأصل: ظاهر.
(4) في الأصل وخع: أسعيت.
(5) لقطة " ولا " سقطت من المطبوعة.
248

" باب
معرفة ما ذكر من الأمر الشائع الزائغ
من هدم الوليد بقية من كنيسة مريحنا وإدخاله إياها في الجامع "
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد وعبد الكريم بن حمزة قالا أنبأنا
عبد العزيز بن أحمد أنبأنا تمام بن محمد وعبد الوهاب الميداني قالا أنبأنا أبو
الحارث أحمد بن محمد بن عمارة نا (1) أحمد بن المعلى قال أنبأنا تمام وأنبأنا
أبو إسحاق بن سنان إجازة أنبأنا أبو المعلى
قال تمام وأخبرني يحيى بن عبد الله بن الحارث أنبأنا عبد الرحمن بن
عمر المازني أنبأنا أبو المعلى أخبرني هشام بن خالد أنبأني الوليد أنبأنا ابن
لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن كعب في قول الله تبارك وتعالى " يا أيها الذين
آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم " (2) فقال إذا هدمت كنيسة
دمشق فبنيت مسجدا وظهر لبس القصب (3) فحينئذ تأويل هذه الآية (4)
قرأت على أبي محمد السلمي عن عبد العزيز التميمي أنبأنا تمام بن محمد
أنبأنا أحمد بن عبد الله بن الفرج أنبأنا محمد بن أحمد هو ابن المعلى أنبأنا
محمد بن هارون هو ابن بكار أنبأنا عبد الرحمن بن إبراهيم أنبأنا أيوب بن
سويد حدثني يحيى بن أبي عمرو أن كعبا سئل عن هذه الآية " يا أيها الذين آمنوا
عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم " قال يقع تأويلها إذا هدمت كنيسة
دمشق

(1) بالأصل وخع " بن " تحريف.
(2) سورة المائدة، الآية: 105.
(3) بالأصل وخع " العقب " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 260.
(4) كذا، ولم أهتد إلى هذا التأويل.
249

قال يحيى فهدمها الوليد بن عبد الملك
أخبرنا أبو محمد (1) هبة الله بن أحمد وعبد الكريم بن حمزة قالا أنبأنا
عبد العزيز بن أحمد أنبأنا تمام الرازي وعبد (2) الوهاب الميداني قالا أنبأنا
أحمد بن محمد بن عمارة أنبأنا أحمد بن المعلى
قال تمام وأنبأنا أبو إسحاق بن سنان إجازة أنبأنا أبو المعلى قال أنبأنا
تمام وأنبأنا يحيى بن عبد الله بن الحارث أنبأ (3) عبد الرحمن بن عمر المازني
أنبأنا أبو المعلى أخبرني أحمد بن محمد ومعاوية بن صالح قالا أنبأنا محمد بن
عايذ (4) أنبأنا خالد بن يزيد بن أبي مالك أن معاوية أراد أن يبني مسجد دمشق
فقال له كعب ذاك أحسن (5) قريش وما اجتمع أبواه
قرأت على أبي محمد السلمي عن عبد العزيز بن أحمد أنبأنا تمام بن محمد
أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن البرامي أنبأنا محمد بن أحمد أنبأنا أبي أنبأنا
أحمد بن المعلى أنبأنا أبو مروان أنبأنا أحمد بن محمد ومعاوية بن صالح قالا
أنبأنا محمد بن عايذ أنبأنا خالد بن يزيد بن (6) أبي مالك أن معاوية بن أبي سفيان
أراد أن يبني مسجد دمشق فقال له كعب ذلك أخنس قريش (7) وما اجتمع أبواه
فلما كان الوليد بن عبد الملك بعث إلى النصارى وقال لهم في كنيستهم وسألهم (8)
إياها فأبوا فقال لهم ائتونا بالعهد فأتوه به فقال لهم قد رضيتم فأنا أسجل البعض
عليكم (8) فنظرا فإذا كنيسة كذا وكنيسة كذا وكنيسة كذا وكنيسة كذا ورضوا بأن
أعطوا الكنيسة وكف (8) عن كنائسهم

(1) بالأصل وخع: أبو محمد بن هبة الله.
(2) بالأصل وخع: " عبد " بدون الواو، تحريف.
(3) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وخع، واستدرك عن المطبوعة 2 / 18 وفيها " عبد الرحيم " بدل
" عبد الرحمن ".
(4) بالأصل: " محمد بن صالح عايد " والمثبت عن خع.
(5) كذا، وفي خع: " أخشي " وفي المختصر: " أخنس قريش ".
(6) سقطت من الأصل وخع واستدركت عن المطبوعة.
(7) بالأصل وخع: " فرش " والمثبت عن المختصر.
(8) بالأصل مطموسة، والمثبت عن خع.
250

قال وأنبأنا ابن البرامي قال سمعت أبا الفتح ابن أخت طيب الوراق واسمه
محمد بن هارون بن نصر يقول سمعت مشايخنا يقولون إن معاوية بن أبي سفيان
كان يخرج إلى الصلاة في المسجد من الموضع الذي يصلي فيه الغرباء عند باب
جيرون (1) من عند الزجاجة الخضراء فجعلت الزجاجة علامة لما سد الباب من شرقي
المسجد خارج الباب
أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن علي البصري أنبأنا أبو الحسن
محمد بن علي السيرافي أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن إسحاق النهاوندي أنبأنا
أحمد بن عمران بن موسى بن زكريا أنبأنا أبو عمرو خليفة بن خياط قال (2) وفيها
يعني سنة سبع وثمانين بنا الوليد بن عبد الملك مسجد دمشق يعني شرع فيه
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا أبو بكر بن الطبري أنبأنا أبو
الحسين بن الفضل أنبأنا عبد الله بن جعفر أنبأنا يعقوب بن سفيان قال (3) سألت
هشام بن عمار عن قصة مسجد (4) دمشق وهدم الكنيسة قال كان الوليد قال
للنصارى من أهل دمشق ما شئتم إن أخذنا كنيسة توما عنوة وكنيسة الداخلة صلحا
فأنا أهدم كنيسة توما
قال هشام وتلك أكبر من هذه الداخلة قال فرضوا أن أهدم كنيسة الداخلة
وأدخلها في المسجد
قال وكان بابها قبلة المسجد اليوم المحراب الذي يصلى فيه قال وهدم
الكنيسة في أول خلافة الوليد سنة ستة (5) وثمانين وكانوا في بنائه سبع (6) سنين
حتى مات الوليد ولم يتم فأتمه هشام من بعده كذا قال هشام والصواب سليمان
قرأت على أبي محمد السلمي عن عبد العزيز بن أحمد وأنبأنا أبو محمد بن

(1) بالأصل وخع: حيرون.
(2) تاريخ خليفة ص 300 حوادث سنة 87.
(3) المعرفة والتاريخ 3 / 335.
(4) الزيادة عن المعرفة والتاريخ.
(5) كذا، الصواب " ست ".
(6) في المعرفة والتاريخ: تسع سنين.
251

الأكفاني (1) ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني حدثني أبي عن
جدي يحيى بن يحيى قال لما اهتم (2) الوليد بن عبد الملك بهدم كنيسة مريحنا
ليهدمها ويزيدها في المسجد دخل الكنيسة ثم صعد منارة ذات الأضالع المعروفة
بالساعات وفيها راهب يأوي إلى صومعة له فأحدره من الصومعة فأكثر الراهب
كلامه فلم تزل يد الوليد في قفاه حتى أحدره من المنارة
انتهى حديث عبد الكريم زاد ابن الأكفاني ثم هم بهدم الكنيسة فقال له
جماعة من نجاري النصارى ما نجسر على أن نبدأ في هدمها يا أمير المؤمنين
نخشى أن نفترا (3) أو يصيبنا شئ فقال الوليد تحذرون وتخافون يا غلام هات
المعول ثم أتي بسلم فنصبه على محراب المذبح وصعد فضرب المذبح حتى أثر فيه
أثرا كثيرا (4) ثم صعد المسلمون فهدموه وأعطاهم الوليد مكان الكنيسة التي
في المسجد الكنيسة التي تعرف بحمام القاسم بحذاء دار أم البنين في الفراديس فهي
تسمى مريحنا مكان هذه التي في المسجد وحولوا شاهدها فيما يقولون هم إليها
إلى تلك الكنيسة
قال يحيى بن زكريا (5) انا رأيت الوليد بن عبد الملك فعل ذلك بكنيسة (6)
دمشق
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة السلمي قالا
أنبأنا عبد العزيز بن أحمد أنبأنا تمام الرازي وعبد الوهاب الميداني قالا أخبرنا
أحمد بن محمد أنبأنا أحمد بن المعلى
قال تمام وأنبأنا أبو إسحاق بن سنان إجازة قال ابن المعلى

(1) بالأصل وخع: " بن يحيى بن يحيى وقالا الأكفاني وقالا الغساني " والمثبت موافق لما في المطبوعة
2 / 20.
(2) الأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور 1 / 261 هم.
(3) الأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: " أن نعز " وفي المطبوعة: " نعتري ".
(4) الأصل وخع، وفي المطبوعة: " نعتري ".
(4) الأصل وخع، وفي المختصر: كبيرا.
(5) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: يحيى.
(6) بالأصل وخع: بكنيسة مسجد دمشق.
252

قال تمام وأنبأنا يحيى بن عبد الله أنبأنا عبد الرحيم (1) بن أحمد المازني
أنبأنا ابن المعلى أخبرني أحمد بن أبي العباس أنبأنا ضمرة عن علي بن أبي
حملة (2) قال كان موضع مسجد دمشق كنيسة من كنائس العجم فكان المسلمون
يصلون في ناحية منها والنصارى في ناحية منها فلم يزالوا كذلك منذ فتحت حتى ولي
الوليد بن عبد الملك فقال لهم هل لكم (3) أن تأخذ نصف (4) هذه الكنيسة فنبني لكم
كنيسة حيث شئتم (5) من دمشق فأبوا فهجم عليهم فهدمها وبناها مسجدا فسألوه
أن يعطيهم ما دعاهم إليه فأبى
قال ابن المعلى وأخبرني معاوية يعني ابن صالح أنبأنا سليمان بن
عبد الرحمن نا (6) خالد بن يزيد بن أبي مالك أنه حدثه عن أبيه أن الوليد بن
عبد الملك أرسل إليه حين أراد أن ينقض الكنيسة ويبني المسجد فأتاه النصارى
فقالوا كنيستنا لا تهدمها قال فإني أتركها وأهدم كنيسة توما وأبني المسجد فيها
لأنها لم تكن في العهد فلما رأوا ذلك قالوا إنا نتركها لكم وتدع لنا كنيسة توما
قال فصعد الوليد وصعدنا معه فكان أول من ضرب بفأس في هدمها الوليد ثم
هدم الناس بعده فأراد أن يبني المسجد ضطوانات (7) إلى الكوى يعني الطاقات
فدخل بعض البنائين فقال لا ينبغي أن يبنى كذا ولكن ينبغي أن يبنى فيه قناطر
وتعقدان (8) بعضها إلى بعض ثم تجعل أساطين ويجعل عمد ويجعل فوق العمد قناطر
تحمل السقف وتخف عن العمد البناء ويجعل بين كل عمودين ركن
قال فبني كذلك
قال ابن المعلى وأخبرني معاوية حدثني محمد بن سهم أن الوليد بن مسلم

(1) بالأصل وخع: " عبد الرحمن " والمثبت عن الأنساب، والمازني هذه النسب إلى مازن أحد أجداد.
(2) ضبطت بفتحتين عن التبصير 1 / 266.
(3) الزيادة عن خع، وفي المطبوعة: أري.
(4) في لأصل وخع: " نفض ".
(5) الزيادة عن خع.
(6) زيادة اقتضاها السياق.
(7) الأصل وخع وفي مختصر ابن منظور: استطوانات.
(8) الأصل وخع وفي المختصر: وأن تعقد.
253

حدثهم عن ابن جابر وغيره قالوا لما كان الوليد وقال تمام لما كان ولاية الوليد
وأراد بناء المسجد فقال إنا نريد أن نزيد في مسجدنا كنيستكم هذه كنيسة يوحنا
ونعطيكم موضع الكنيسة حيث شئتم وإن شئتم أعطيناكم ثمنها وأضعف لهم في الثمن
وأرفع ذلك فأبوا وقالوا لا نبيع ولا نأذن في هدمها ولنا ذمة وعهد والله إنا لنجد ما
يهدمها أحد إلا جن قال فأنا أول من يهدمها فقام وعليه قباء أصفر فرفع نوقته (1) ثم
ضرب وهدم الناس معه فزاد من ناحية شرق المسجد المقصورة كلها من كنيستهم
وأقاموا على ما هم حتى كان (2) عمر بن عبد العزيز
قال ابن المعلى وأخبرني شيبة (3) بن الوليد القرشي حدثني أبي قال كنت أمر
بعبد الرحمن بن عامر اليحصبي وهو شيخ كبير أزرق وهو جالس بالروضة فيقول
ألا تأتي حتى أكتب لك أن (4) تحاز جدك وهو يضرب بالفأس في الكنيسة بعد الوليد
قلت نعم ولكن حدثني الحديث فقال إنه لما عزم الوليد على هدم الكنيسة قالوا له
إنه لا يهدمها أحد إلا جن فقام جدك يزيد بن تميم فجمع له وجوه أهل البلد وأمر له
الوليد أن يتخذ فأسا صغيرة ففعل وخرج الوليد ومعه وجوه أهل البلد حتى علا
الكنيسة ثم التفت إلى يزيد فقال أين الفأس فأتاه به فقال إن هؤلاء الكفرة يزعمون
أن أول من هدمها (5) يجن وأنا أول من يجن في الله تعالى فأخذ برقة قبائه فوضعها في
منطقته ثم أخذ الفأس فضرب به ضربات ثم ناوله جدك فضرب به بعده ثم ناوله أبا
ناتل رباح الغساني فضرب به وكان على شرطه وتناوله كل من حضر ولم يجدوا من
ذلك بدا إذ فعله أمير المؤمنين
وصاح النصارى على الدرج (6) وولولوا فالتفت إلى أبي ناتل فقال لأعلمن منهم
اثنين (7) ثم التفت إلى يزيد بن تميم وهو على خراجه وقال ابعث إلى اليهود حتى

(1) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: فرفعة بخرقة.
(2) عن خع وبالأصل: مضي " وفي المطبوعة: حتى ولي.
(3) بالأصل: شبيبة " والمثبت عن خع.
(4) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: ارتجاز.
(5) في خع: يهدمها.
(6) بالأصل " الروح " والمثبت عن خع.
(7) بالأصل وخع: اثنان.
254

يأتوا على هدمها ففعل فجاء اليهود فهدموها
قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي (1) محمد التميمي أنبأنا تمام الرازي أنبأنا
أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج البرامي أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الملك بن
المغيرة المقرئ مولى الوليد بن عبد الملك حدثني أبي عبد الملك بن المغيرة عن
أبيه المغيرة بن عبد الملك (2) أنه دخل يوما على الوليد بن عبد الملك بن مروان فرآه
مغموما فقال له يا أمير المؤمنين ما سبيلك (3) قال فأعرض عنه ثم عاوده فقال يا
أمير المؤمنين ما سبيلك (3) قال فقال له يا مغيرة إن المسلمين قد كثروا وقد ضاق
بهم المسجد وقد بعثت إلى هؤلاء النصارى أصحاب هذه الكنيسة لندخلها في المسجد
فأبوا علينا وقد أقطعتهم قطائع كثيرة وبذلت لهم مالا فامتنعوا فقال له المغيرة يا
أمير المؤمنين لا تغتم قد دخل خالد من باب الشرقي بالسيف وباب الجابية دخل منه
أبو عبيدة بن الجراح في الأمان فنماسحهم (4) إلى أي موضع بلغ السيف فإن يكن لنا
فيه حق أخذناه وإن لم يكن لنا فيه حق داريناهم حتى نأخذ باقي (5) الكنيسة فندخله في
المسجد فقال له فرجت عني فتول أنت هذا فتولاه فبلغت المسحة (6) إلى سوق
الريحان (7) من القنطرة الكبيرة أربعة أذرع وكسر بالذراع القاسمي (8) فإذا باقي
الكنيسة قد دخل في المسجد فبعث إليهم فقال لهم هذا حق قد جعله الله تبارك وتعالى
لنا لنصلي فيه لم يصل المسلمون (9) في غصب ولا ظلم لم نأخذ حقنا (10) الذي
جعله الله تعالى لنا فقالوا له يا أمير المؤمنين قد أقطعتنا أربع كنائس وبذلت لنا من
المال كذا وكذا فإن رأيت يا أمير المؤمنين أن تتفضل به علينا فافعل فامتنع عليهم حتى

(1) بالأصل وخع " ابن " تحريف.
(2) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة، والخبر في مختصر ابن منظور 1 / 261 عن المغيرة بن عبد الملك.
(3) عن خع والمختصر، وبالأصل: ما سلك.
(4) في خع " فتماسحهم " وفي المختصر: " فماسحهم ".
(5) بالأصل وخع: تأخذنا في " والمثبت عن المختصر.
(6) عن لمختصر وفي خع:: " المسحة " وبالأصل: " المسجد.
(7) سقطت من الأصل واستدركت عن خع، وفي الأصل وخع: " حاد " بدل " حاذي " والمثبت عن المختصر.
(8) عن المختصر وبالأصل: القاسي.
(9) بالأصل: " لم يصلي المسلمين " والمثبت عن المختصر 1 / 262.
(10) عن خع وبالأصل: خففا.
255

سألوه وطلبوا إليه فأعطاهم كنيسة حميد بن درة وكنيسة أخرى جنب سوق الجبن
وكنيسة وكنيسة مريم وكنيسة الصلبية (1)
قال ثم أن الوليد بعث إلى المسلمين حتى اجتمعوا لهدم الكنيسة واجتمع
النصارى فقال للوليد بعض الأقساء والفأس (2) على كتفه وعليه قباء سفرجلي وقد
شد برقة (3) قبائه إني أخاف عليك من الشاهد يا أمير المؤمنين فقال له ويلك ما
أضع فأسي إلا في رأس الشاهد ثم إنه صعد فأول من وضع فأسه في هدم الكنيسة
الوليد وتسارع الناس في هدم الكنيسة وكبر الناس ثلاث تكبيرات وزادها في
المسجد
فهذا ما كان من خبر المسجد وخبر هدم الكنيسة

(1) في خع: " صليب " وفي المختصر والمطبوعة: المصلبة.
(2) بالأصل وخع: " والناس " والمثبت عن المختصر.
(3 في المختصر: " برقبة قبائه وفي المطبوعة: بخرقة.
256

" باب
ما ذكر في بناء المسجد الجامع
واختيار بانيه وموضعه على سائر المواضع "
ذكر أبو الحسن محمد بن عبد الله الرازي قال قرأت في هذا الكتاب الذي فيه
أخبار الأوائل أن هذه الدار المعروفة بالخضراء مع الدار المعروفة بالكبق (1) مع الدار
المعروفة بدار الخيل مع المسجد الجامع أقاموا وقت بنائها يأخذون لها الطالع ثماني
عشرة سنة وقد حفر (2) أساس الحيطان حتى وافاهم الوقت الذي طلع فيه الكوكبان
اللذان أرادوا أن المسجد لا يخرب أبدا ولا يخلو من العبادة وأن هذه الدار إذا بنيت لا
تخلو من أن تكون دار الملك والسلطنة والضرب والحبس وعذاب الناس والقتل والجند
والعساكر والبلاء (3) والفتنة فبني على هذا والله تعالى أعلم وكانت في ذلك الزمان
كلها (4) دارا (5) واحدة
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني وعبد الكريم السلمي قالا أنا عبد العزيز بن
أبي طاهر التميمي أنا تمام الرازي وعبد الوهاب بن جعفر الميداني قالا أنبأ أبو
الحارث أحمد بن محمد بن عمارة أنبأ أحمد بن المعلى
قال تمام وأخبرني أبو إسحاق بن سنان إجازة أنبأ ابن المعلى
قال تمام وأخبرني أبو بكر يحيى بن عبد الله بن الحارث أنبأ عبد الرحمن
والصواب عبد الرحيم بن عمر المازني أنبأ ابن المعلى قال أخبرني همام بن

(1) كذا بالأصل والمطبوعة، وفي خع " الكسق " وفي مختصر ابن منظور 1 / 263: المطبق.
(2) بالأصل " أحفر " والمثبت عن المختصر، وفي خع: حفروا.
(3) عن خع والمختصر، وفي الأصل " والبلاد ".
(4) سقطت من المطبوعة.
(5) بالأصل وخع: " دار " والمثبت عن المختصر.
257

محمد بن عبد الباقي القرشي حدثني أبي حدثني مروان بن عبد الملك بن
عبد الله بن عبد الملك بن مروان قال
لما (1) أراد الوليد بن عبد الملك بناء مسجد دمشق احتاج إلى صناع كثير (2)
فكتب إلى الطاغية أن وجه إلي بمائتي صانع من صناع الروم فإني أريد أن أبني
مسجدا (3) لم يبن من مضى (4) قبلي (5) ولا يكون بعدي مثله فإن أنت لم تفعل غزوتك
بالجيوش وخربت الكنائس في بلدي وكنيسة بيت المقدس وكنيسة الرها وسائر
آثار الروم في بلدي (6)
فأراد الطاغية أن يفضه عن بنائه ويضعف عزمه فكتب إليه
والله لئن كان أبوك فهمها فأغفل عنها إنها لوصمة عليه ولئن كنت فهمتها
وغيبت عن أبيك إنها لوصمة عليك وأنا موجه ما سألت
فأراد أن يعمل له جوابا فجلس له عقلاء الرجال في حظيرة المسجد يفكرون (7)
في ذلك فدخل عليهم الفرزدق فقال ما بال الناس أراهم مجتمعين حلقا حلقا فقيل
له السبب كيت وكيت فقال أنا أجيبه من كتاب الله تبارك وتعالى قال الله تعالى
" ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما " (8) فسري عنهم (9)
رواه أبو شبيب محمد بن أحمد المعلى عن أبيه فقال همام بن أحمد
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أبي نعيم
النسوي أنبأنا أبو محمد بن أبي نصر أنبأنا عيسى أبو علي محمد بن القاسم بن

(1) الخبر في مختصر ابن منظور 1 / 263 والبداية والنهاية 98 / 146.
(2) كذا بالأصل وخع والمختصر، وفي المطبوعة 2 / 26. كثيرة.
(3) بالأصل: مسجد.
(4) في المطبوعة: في مصر.
(5) بالأصل " قبل " والمثبت عن خع والمختصر.
(6) زيادة عن المختصر.
(7) بالأصل وخع " فيكرون " والمثبت عن المختصر.
(8) سورة الأنبياء، الآية: 78.
(9) في المطبوعة: عنه.
258

بمعروف أنبأنا علي بن أبي بكر عن ابن الخليل وهو أحمد أنبأنا عمر بن عبيدة
قال حدثنيه عبد الله بن محمد بن حكيم نبأنا خالد بن سعيد بن عمرو (1) بن
سعيد بن العاص عن أبيه قال
لما هدم الوليد بن عبد الملك كنيسة دمشق كتب إليه ملك الروم
إنك هدمت الكنيسة التي رأى أبوك تركها فإن كان حقا فقد خالفت أباك وإن
كان باطلا فقد أخطأ أبوك
فلم يدر ما جوابه فكتب إلى الكوفة والبصرة وسائر البلدان أن يجيبوه فلم يجبه
أحد فوثب الفرزدق فقال أنا أبو فراس (2) أصلح الله الأمير قد رأيت رأيا فإن يك
حقا فخذه وإن يك خطأ فدعه (3) وهو قول الله عز وجل " وداود وسليمان إذ يحكمان
في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان " (4)
قال فكتب به الوليد إلى ملك الروم فلم يجبه فأنشأ الفرزدق يقول (5)
فرقت بين النصارى في كنائسهم * والعابدين مع (6) الأسحار والعتم
وهم جميعا إذا صلوا وأوجههم (7) * شتى إذا سجدوا لله والصنم
وكيف يجتمع الناقوس يضربه * أهل الصليب له (8) القراء لم تنم
فهمك الله تحويلا لبيعتهم * عن مسجد فيه يتلى طيب الكلم
فهمت تحويلها عنه كما فهما (9) * إذ يحكمان له في الحرث والغنم

(1) بالأصل وخع " عمر " تحريف.
(2) بالأصل وخع: " أبو قراش " والمثبت عن المطبوعة.
(3) عن المطبوعة وبالأصل وخع " فمتي " والزيادة الثانية عن المطبوعة أيضا.
(4) سورة الأنبياء، الآية: 78 - 79.
(5) الأبيات من قصيدة قالها الفرزدق يذكر هدم بيعة دمشق التي هدمها الوليد بن عبد الملك وجعلها مسجدا
ديوانه 2 / 209 ومطلعها:
إني لينفعني بأسي فيصرفني * إذا أتى دون شئ مرة الوذم
(6) بالأصل " من " والمثبت عن الديوان.
(7) صدره في الديوان:
وهم معا في مصلاهم وأوجههم
(8) في الديوان: " مع ".
(9) بالأصل: " كفاهمها " والمثبت عن الديوان: وفيه:: عنهم بدل عنه.
259

داود والملك المهدي إذ جززا (1) * أولادها (2) واجتزاز الصوف بالجلم والله ما من أب في الناس نعلمه (3) * خير بنين ولا خير من الحكم
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة قالا أنبأنا
عبد العزيز بن أبي طاهر أنبأنا تمام بن محمد الرازي وعبد (4) الوهاب الميداني قالا
أنبأنا أحمد بن محمد بن عمارة بن أبي الخطاب أنبأنا أحمد بن المعلى
قال تمام وأخبرني أبو إسحاق بن سنان إجازة أنبأنا ابن المعلى
قال تمام وأخبرني أبو عبد الله بن الحارث أنبأنا عبد الرحمن (5) بن عمر
المازني أنبأنا ابن المعلى
قال وأخبرني سليمان بن محبوب بن عبد الرحمن أنبأنا الحسن بن يحيى
أنبأنا أبو حفص
أن هودا النبي عليه الصلاة والسلام أسس الحائط الذي قبلة مسجد دمشق
قال ابن المعلى وأخبرني سليمان بن محبوب أنه سمع عبد الرحمن بن إبراهيم
يقول
إن الوليد بن عبد الملك بنى كل ما كان داخل حيطان المسجد وزاد في سمك
الحيطان
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز بن أحمد أنبأنا تمام
الرازي أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج البرامي أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن
عبد الوهاب أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن (6) هشام بن ملاس الغساني حدثني أبي عن
أبيه عن جده قال

(1) في الديوان: حكما.
(2) بالأصل: " ولادها " والمثبت عن الديوان.
(3) صدره في الديوان:
مامن أب حملته الأرض نعلمه
(4) في الأصل وخع: " بن عبد " تحريف.
(5) كذا، وتقدم أن صوابه: عبد الرحيم.
(6) في المطبوعة: " عن ".
260

بنى الوليد بن عبد الملك القبة يعني قبة مسجد دمشق فلما استقلت وتمت
وقعت فشق ذلك عليه فأتاه رجل من البنائين (1) فقال أنا أتولى بناءها على أن
تعطيني عهد الله أن لا يدخل معي أحد في بنائها ففعل ذلك فحفر موضع الأركان حتى
بلغ الماء ثم بناها فلما استقلت على وجه الأرض غطاها بالحصر وهرب عن الوليد
فأقام يطلبه فلا يقدر عليه فلما كان بعد سنة لم يعلم الوليد إلا وهو على بابه قال ما
دعاك إلى ما صنعت قال تخرج معي حتى أريك فخرج الوليد والناس معه حتى
كشف الحصر فوجد البنيان قد انحط حتى صار مع وجه الأرض ثم قال من هذا كنت
تؤتى ثم بناها ببنائها الذي بنيت عليه حتى قامت
ابن ملاس نميري وليس بغساني والله تعالى أعلم
أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني أنبأنا أبو محمد عبد العزيز بن الكتاني أنبأنا تمام
الرازي أنبأنا أحمد بن عبد الله بن الفرج أنبأنا أبو بكر عبد الرحمن بن محمد بن
العباس أنبأنا أبو تمام عتبة بن سلامة بن ربيح أنبأنا محمد بن عتبة ثنا يحيى بن
حمزة نبأنا عمر بن الدرفس (2) الغساني قال
رأيت قبة مسجد دمشق وقد حفر لأركانها حتى بلغ الحفر إلى الماء وألقي على
الماء جران الكرم وبني الأساس عليه
قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي أنبأنا تمام أنبأنا أبو بكر
البرامي
قال وأنبأنا هشام قال وأنبأنا أبو شبيب محمد بن أحمد أنا أحمد بن
المعلى أنبأنا إسماعيل بن أبان أنبأنا أبو مسهر عن جده
أنه شرب من أركان القبة ماء
قال وأنبأنا ابن البرامي أنبأنا محمد بن أحمد بن عدوان أنبأنا محمد بن
هارون بن بلال حدثني يزيد بن أحمد بن غزوان حدثني يزيد بن أحمد قال

(1) في المطبوعة: فأتاه بناء.
(2) الدرفس بفتح المهملة والراء وسكون الفاء، تقريب التهذيب. ويقال اسمه: عمرو.
261

سمعت إبراهيم بن أبي حوشب النصري (1) يذكر أن جده كان أحد (2) قومة
المسجد في بنائه قال حدثت أن الوليد بن عبد الملك بعث إليه يوما عند فراغه من
القبة الكبيرة فلم يبق منها (3) إلا عقد رأسها فقال له إني عزمت على (4) أن أعقدها
بالذهب قال فقال له (5) يا أمير المؤمنين اختلطت هذا شئ نقدر عليه قال فقال
له يا ماجن (6) تقول لي هذا فأمر به فشق عنه وضرب خمسين سوطا ثم قال
اذهب فافعل ما أمرت به قال فذكر لي أنه عمل لبنة من ذهب فحملها (7) إليه فلما
نظرت إليها وعرف ما فيها وما تحتاج القبة إلى مثلها قال هذا شئ لا يوجد في الدنيا
ورضي عنه وأمر له بخمسين (8) دينارا
وقال ابن البرامي أنبأنا محمد بن العباس بن الدرفس أنبأ هشام بن عمار أنبأنا
أيوب بن سليمان الطائي عن رجل حدثه قال
لما قطع الوليد بن عبد الملك بالرصاص (9) لمسجد دمشق لأهل الكور (10) كانت
كورة الأردن أكثرهم في ذلك فطلبوا الرصاص من النواويس (11) العادية فانتهوا إلى قبر
حجارة في داخله قبر من رصاص فأخرجوا الميت الذي فيه فوضعوه فوق الأرض
فوقع رأسه في هوة من الأرض فانقطع عنقه فسال من فيه دم فهالهم ذلك فسألوا
عنه فكان فيمن سألوا عنه عبادة بن نسي (12) الكندي فقال لهم هذا القبر قبر طالوت
الملك

(1) في المطبوعة " النضري " وفي الأصل وخع رسمت: " النصر به له أحدها " كذا، والذي أثبت عن المختصر 1 264.
(2) عن المختصر، وبالأصل وخع: أخذ.
(3) في المطبوعة: " ولم يبق إلا ".
(4) زيادة عن المطبوعة.
(5) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة.
(6) عن المختصر وبالأصل وخع: يا نصر.
(7) في المطبوعة: فجاء بها.
(8) الزيادة عن مختصر ابن منظور 1 / 264.
(9) الزيادة عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 264.
(10) عن المختصر وبالأصل وخع: الكوفة.
(11) عن المختصر وبالأصل وخع: " النواد من ".
(12) ضبط عن التقريب، وهو أبو عمر الشامي، قاضي طبرية.
262

كذا قرأناه على عبد الكريم ورأيته بخط عبد العزيز في نسخة أخرى داود بن
سليمان بدل أيوب
أنبأناه أبو محمد بن الأكفاني ثنا عبد العزيز فالله تعالى أعلم
قرأت على أبي محمد التميمي أنبأنا تمام الرازي أنبأنا أبو بكر بن البرامي قال
سمعت أبي يقول سمعت بعض مشايخنا يقول
لما فرغ الوليد بن عبد الملك من بناء المسجد قال له بعض ولده أتعبت الناس
في طينه كل سنة ويخرب سريعا فأمر أن يسقف بالرصاص فطلب الرصاص في كل بلد
وصل (1) إليه فبقي عليه موضع لم يجد له رصاصا فكتب إلى عماله يحرضهم في
طلبه فكتب إليه بعض عماله
إنا قد وجدنا عند امرأة منه شيئا وقد أبت أن تبيعه إلا وزنا بوزن فكتب إليه
الوليد أن افعل فلما كلمها العامل قالت هو مني هدية للمسجد فقال كيف ذلك
وقد أبيت أن تبيعيه إلا وزنا بوزن (2) شحا منك أفتهدينه إلى المسجد فقالت أنا
فعلت ذلك ظننت أن صاحبكم يظلم الناس في بنائه ويأخذ رحالهم فلما رأيت الوفاء
منكم علمت أنه لم يظلم فيه أحدا ثم ويبتاع (3) وزنا بوزن فكتب إلى الوليد في ذلك
فأمر أن يعمل في صفائحه لله ولم يدخل في جملة ما عمله فهو إلى اليوم مكتوب
عليه لله طبع بطابع على السقف
وسمعت أبا الحسن علي بن أحمد بن منصور الفقيه يذكر عن مشايخه معنى هذه
الحكاية ويذكر أن المرأة كانت يهودية وأنه كتب على الرصاص التي (4) أعطتهم
الإسرائيلية وذكر أنه رأى منه شيئا قبل الحريق عليه الإسرائيلية

(1) في المطبوعة: فوصل إليه.
(2) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وخع واستدرك عن المطبوعة، والعبارة في مختصر ابن منظور 1 / 265:
فكتب إليه بعض عماله، أن قد وجدنا عند امرأة منه شيئا، وقد أبت أن تبيعه إلا وزنا بوزن، فكتب إليه:
خذه، وإن أبت إلا وزنا بوزن. فأخذه منها وزنا بوزن، وفاها قالت له: هو هدية مني للمسجد.
انظر معجم البلدان (دمشق 2 / 466)
(3) عن المختصر وبالأصل: ويتبع.
(4) في المختصر والمطبوعة: الذي.
263

قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد الكتاني أنبأنا تمام الرازي أنبأنا
ابن البرامي أنبأنا محمد بن غزوان أنبأنا أحمد بن المعلى أخبرني أبو تقي هشام بن
عبد الملك اليزني (1) أنا الوليد بن مسلم قال
لما أراد الوليد بن عبد الملك بناء مسجد دمشق كان سليمان بن عبد الملك هو
المقيم (2) مع الصناع
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني وعبد أنبأنا الكريم بن حمزة قالا (3) أنبأنا
عبد العزيز الكتاني أنبأنا تمام بن محمد وعبد الوهاب الميداني قالا أنبأنا أحمد بن
محمد بن عمارة أنبأنا أحمد بن المعلى
قال تمام وأخبرني يحيى بن عبد الله بن الحارث أنبأنا عبد الرحيم (4) بن
عمر أنبأ ابن المعلى قال
وجدت في كتاب لبعض أهل دمشق أقيمت القبة الرخام التي فيها فوارة الماء في
سنة تسع وستين وثلاث مئة
وقرأت بخط إبراهيم بن محمد الحنائي أنشئت الفوارة المنحدرة وسط جيرون
في سنة ست عشرة وأربعمائة وجرت ليلة الجمعة لسبع ليال خلون من شهر ربيع الأول
سنة سبع عشرة بقي وأربعمائة مما (5) أمر بجر القصعة من ظاهر قصر (6) حجاج إلى
جيرون وأجرى (7) ماءها الشريف القاضي فخر الدولة أبو يعلى حمزة بن الحسن بن
العباس الحسيني (8) جزاه الله تعالى على ذلك خيرا

(1) زيادة للايضاح.
(2) الأصل وخع وفي المختصر: القيم.
(3) بالأصل وخع: قال.
(4) بالأصل وخع " عبد الرحمن " وتقدم تصويب ما أثبتناه.
(5) في المختصر: " بما " وفي المطبوعة: وأمر.
(6) قصر حجاج: محلة كبيرة في ظاهر باب الجابية من مدينة دمشق، منسوب إلى حجاج بن عبد الملك بن
مروان (معجم البلدان).
(7) بالأصل: " وجري " والمثبت عن المطبوعة، وفي المختصر: وإجراء مائها.
(8) بالأصل " العياش " والمثبت والزيادة عن المختصر وخع.
264

وتحته بخط محمد بن أبي نصر الحميدي وسقطت في صفر سنة سبع
وخمسين وأربع مائة من جمال تحاكت بها فأنشئت كرة أخرى
ثم سقطت عمدها وما عليها في حريق اللبادين ورواق دار الحجارة ودار
خديجة في شوال سنة اثنتين وستين وخمسمائة (1)

(1) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وخع واستدرك عن مختصر ابن منظور 1 / 265.
265

" باب
كيفية ما رخم وزوق
ومعرفة كمية المال الذي عليه أنفق "
أخبرنا أبو الحسن الخطيب أنبأنا جدي أبو عبد الله أنبأنا أبو (1) علي
الأهوازي أنبأنا عبد الوهاب بن الحسن نا أبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبادل (2)
قال سمعت أحمد بن إبراهيم بن هشام قال سمعت أبي يقول
ما في مسجد دمشق من الرخام شئ إلا رخامتا المقام فإنه يقال إنهما من عرش
سبأ وأما الباقي فكله مرمر
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة قالا أنبأنا
عبد العزيز أنبأنا تمام بن محمد وأبو محمد عبد الوهاب بن الميداني قالا أنبأنا
أحمد بن محمد بن عمارة (3) أنبأنا أحمد بن المعلى
قال تمام وأخبرني أبو إسحاق بن سنان إجازة نا أحمد بن المعلى
قال وأخبرني سليمان بن عبد الرحمن أنبأنا الحسن بن يحيى قال
سمعت أبا جعفر يقول هاتان الرخامتان اللتان في جانبي المقام من عرش سبأ
المقام هو (4) المقام الغربي
قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد الأكفاني أنبأنا تمام الرازي أنبأنا

(1) سقطت من الأصل واستدركت عن خع.
(2) بالأصل " عياذل " وفي خع: " عيادل ".
(3) بالأصل وخع " غفارة " تحريف، والصواب ما أثبت وقد تقدم مرارا.
(4) الزيادة عن المطبوعة للايضاح.
266

أحمد بن عبد الله بن الفرج (1) أنبأنا أحمد بن عامر ومحمد بن بشر قالا أنبأنا
هشام بن عمار أنبأنا الحسن بن يحيى الخشني (2) أنبأنا عثمان بن أبي العاتكة قال
ليس في مسجد دمشق من الرخام إلا اللتان عند المقام هما من عرش بلقيس
أخبرنا أبو محمد الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة قالا أنبأنا عبد العزيز
أنبأنا تمام الرازي وعبد الوهاب بن جعفر الميداني قالا أنبأنا أحمد بن المعلى قالا
أنبأنا تمام وأنبأنا يحيى بن عبد الله بن الحارث أنبأنا عبد الرحيم (3) بن عمر
المازني أنبأنا أحمد بن المعلى
قال وأنبأنا أحمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم أنبأنا الوليد أنبأنا مروان بن
جناح عن أبيه
قال كان في مسجد دمشق اثنا عشر ألف مرخم
وقال أبو تقي هشام بن عبد الملك أنبأنا الوليد بن مسلم قال
لما أخذ الوليد بن عبد الملك في بناء مسجد دمشق وظهر من تزويقه وبنائه وعظم
مؤونته ما (4) ظهر تكلم الناس فقالوا أينفق فينا (5) ويتلف ما في بيوت أموالنا في
نقش الخشب وتزويق الحيطان ثم كأنه حرمنا أعطياتنا واعتل علينا بذهاب المال وقلته
فبلغ الوليد كلامهم والذي قالوا من ذلك فصعد المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه
ثم قال
يا أيها الناس قد بلغني مقالتكم وانتهى إلي ما خفتم من حبس (6) أعطياتكم
ودفعكم عن حقوقكم وليس الأمر على ما ظننتم ألا وإني أمرت بإحصاء ما في بيوتكم

(1) عن خع وبالأصل " الفرخ ".
(2) بالأصل وخع: " الخشي " والصواب ما أثبت، انظر الأنساب " الخشني " بضم الخاء وفتح الشين.
(3) بالأصل وخع " عبد الرحمن " تحريف، والصواب ما أثبت، وقد تقدم.
(4) سقطت من الأصل وخع واستدركت عن المطبوعة.
(5) في المطبوعة: ينفق في البناء.
(6) بالأصل " حسن " والصواب عن المطبوعة 2 / 34.
267

من الماء فأصبت (1) فيه عطاءكم ست (2) عشرة سنة مستقبلة من يومي هذا
زاد ابن الميداني ثم نزل
ورواه غيره عن أحمد بن المعلى عن إسماعيل بن أبان حدثني محمد بن عائذ
قال
لما أخذ الوليد في بناء مسجد دمشق فذكر الحكاية
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل أنبأنا جدي أنبأنا أبو علي
الأهوازي أنبأنا ابن الخزرج بشير بن نعمان الأنصاري أنبأنا أبو بكر أحمد بن
عبد الله بن عمر بن صفوان النضري (3) أنبأنا أبو قصي إسماعيل بن محمد بن إسحاق
العذري (4) أنبأنا الوليد بن مسلم
عن عمرو بن مفاخر الأنصاري قال إنهم حسبوا ما أنفق على الكرمة التي قبلة
مسجد دمشق فكان (5) سبعين (6) ألف دينار
قال أبو قصي أنفق على مسجد دمشق أربع مئة صندوق في كل صندوق أربعة
عشر ألف دينار في الصندوقين ثمانية وعشرون ألف دينار (7)
كذا قال
وأخبرنا أبو العشاير محمد بن الخليل بن فارس العبسي (8) أنبأنا أبو القاسم بن
أبي العلي أنبأنا الوليد بن مسلم

(1) عن خع وبالأصل " فأصيب ".
(2) بالال وخع " ستة عشر " خطأ.
(3) في خع: " النصري " وهذه النسبة إلى جد (الأنساب).
(4) العذري: بالضم فسكون الذال، هذه النسبة إلى عذرة بن زيد اللات بن رفيدة... بن قضاعة. قبيلة معروفة.
(الأنساب).
(5) زيادة عن مختصر ابن منظور 1 / 266.
(6) بالأصل " سبعون " صححناها بعد الزيادة.
(7) في مختصر ابن منظور 1 / 266 وحسبوا ما أنفقوا على مسجد فكان أربعمئة صندوق في كل صندوق ثمانية
وعشرون ألف دينار. وسترد هذه الرواية عن عمرو بن مهاجر.
(8) الأصل وخع وفي المطبوعة: " العنسي " وسيرد بعد أسطر القيسي.
268

عن عمرو بن مهاجر وكان على بيت مال الوليد بن عبد الملك أنهم حسبوا ما
أنفقوا وقال القيسي (1) ما أنفق على الكرمة التي في قبلة مسجد دمشق فكان سبعين
ألف دينار
قال أبو قصي وحسبوا ما أنفقوا على مسجد دمشق فكان أربع مائة صندوق في
كل صندوق ثمانية وعشرون ألف دينار وأتاه حرسيه فقال يا أمير المؤمنين إن أهل
دمشق يتحدثون أن الوليد أنفق الأموال في غير حقها فنادى بالصلاة جامعة وخطب
الناس فقال ألا إنه بلغني حرسي أنكم تقولون إن الوليد أنفق الأموال في غير حقها
ألا يا عمرو (2) بن مهاجر قم فأحضر ما تملك (3) من الأموال من بيت المال قال
فأتت البغال تدخل بالمال وتصب في القبة على الأنطاع (4) حتى لم يبصر من في الشام
من في القبلة ولا من في القبلة من في الشام
وقال (5) الموازين فأتت الموازين يعني القبابين فوزنت الأموال وقال
لصاحب الديوان أحضر من قبلك ممن يأخذ رزقنا فوجدوا ثلاث مئة ألف ألف في
جميع الأمصار وحسبوا ما يصيبهم فوجدوا عنده رزق ثلاث سنين ففرح الناس
وكبروا وحمد الله تعالى وقال إلى ما يذهب هذه زاد القيسي (6) الثلاث وقالا
السنين قد أتى وقال القيسي قد أتانا الله بمثله ومثله ألا وإني رأيتكم يا أهل دمشق
تفخرون على الناس بأربع خصال فأحببت أن يكون مسجدكم الخامس (7) فانصرفوا
شاكرين
زاد ابن الأكفاني داعين
وقرأت على عبد الكريم عن عبد العزيز أنبأنا تمام أنبأنا أبو بكر البرامي
أنبأنا محمد بن أحمد بن هارون يعني العاملي أنبأنا خالد بن تبوك

(1) كذا.
(2) بالأصل وخع: " عمر " والصواب عن مختصر ابن منظور 1 / 266.
(3) في خع والمختصر: ما قبلك.
(4) بالأصل: الامطاع، والمثبت عن المختصر.
(5) بالأصل وخع: وقالت، والمثبت عن المختصر.
(6) الزيادة عن خع وهامش الأصل وبجانبها علامة صح.
(7) بعدها في المختصر: فاحمدوا الله.
269

حدثني شيخ من أهل العلم أن عبد الملك (1) اشترى العمودين الأخضرين
الكبيرين اللذين تحت النسر من حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية بألف وخمس مئة
دينار
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا أبو بكر بن الطبري أنبأنا أبو
الحسين بن الفضل (2) أنا عبد الله بن جعفر قال
قال أبو يوسف يعقوب بن سفيان (3) وقرأت في صفائح في قبلة مسجد دمشق صفائح مذهبة بلازورد
" بسم الله الرحمن الرحيم الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم
له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم
وما خلفهم " إلى آخر الآية (4)
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا نعبد إلا إياه ربنا الله وحده وديننا
الإسلام ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)
أمر ببنيان هذا المسجد وهدم الكنيسة التي كانت فيه عبد الله الوليد أمير المؤمنين
في ذي القعدة من سنة ست وثمانين
في ثلاث صفائح وفي الرابعة
" الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين " إلى آخر السورة ثم
" النازعات " إلى آخرها ثم " عبس " إلى آخرها ثم " إذا الشمس كورت "
قال أبو يوسف وقدمت بعد ذلك فرأيت هذا قد محي وكان هذا قبل (5)
المأمون

(1) الأصل وخع، وفي المختصر: الوليد بن عبد الملك.
(2) المطبوعة: " أبو الحسن بن الفضيل " خطأ.
(3) الخبر في المعرفة والتاريخ 3 / 334.
(4) سورة البقرة، الآية: 255.
(5) كذا ورد بالأصل هنا، انظر ما لاحظناه صفحة 258.
(على الكتاب الذي وجد في أصل الحائط القبلي وتعقيب المسعودي بعد إيراده نصه وقوله:
وهذا الكلام مكتوب بالذهب في مسجد دمشق إلى هذا في سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمئة.
هذا يضعف رواية أبي يوسف إن لم يدحضها كليا ويوهمها.
270

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني وعبد الكريم قالا أنبأنا عبد العزيز بن أحمد
وعبد الوهاب الميداني قالا أنبأنا أبو الحارث أحمد بن عمارة أنبأنا أحمد بن
المعلى
قال تمام وأخبرني يحيى بن عبد الله بن الحارث أنبأنا عبد الرحيم (1) بن
عمر أنبأنا ابن المعلى حدثني أحمد بن عبد الواحد أنبأنا أبو مسهر قال
عملت المقصورة لسليمان بن عبد الملك حين استخلف
أنشدني بعض أهل الأدب لبعض المحدثين (2) في جامع دمشق عمره الله
دمشق قد شاع حسن جامعها * وما حوته ربى ربائعها (3)
بديعة المدن (4) في الكمال لما * يدركه الطرف من بدائعها
طيبة أرضها مباركة * باليمن والسعد أخذ طالعها
جامعها جامع المحاسن قد * فاقت به المدن في جوامعها
بنية بالإتقان قد وضعت * لا ضيع الله سعي واضعها
تذكر في فضله ورفعته * أخبار (5) صدق راقت لسامعها
قد كان قبل الحريق مدهشة * فغيرته (6) نار بلاقعها
فأذهبت بالحريق بهجته * فليس يرجى إياب راجعها
إذا تفكرت في الفصوص وما * فيها تيقنت حذق راصعها
أشجارها لا تزال مثمرة * لا تذهب الريح في مدافعها (7)
كأنها من زمرد غرست * في أرض تبر تغشى بفاقعها (8)

(1) بالأصل وخع: " عبد الرحمن " خطأ، والصواب ما أثبت.
(2) هو الصاحب صفي الدين كما في منتخبات تواريخ دمشق 3 / 1028 وانظر البداية والنهاية 9 / 174.
بتحقيقنا.
(3) البداية والنهاية: مرابعها.
(4) البداية والنهاية: الحسن.
(5) البداية والنهاية: آثار.
(6) البداية والنهاية: فغيرت ناره.
(7) البداية والنهاية:
لا ترهب الريح من مدافعها
(8) البداية والنهاية: بنافعها.
271

فيها ثمار تخالها ينعت * وليس يخشى فساد يانعها
تقطف باللحظ لا بجارحة الأيدي * ولا تجنى (1) لبائعها
وتحتها من رخامة قطع * لا قطع الله كف قاطعها
أحكم ترخيمها المرخم (2) قد * بان عليها إحكام صانعها
وإن تفكرت في قناطره * وسقفه بان حذق رافعها
وإن تبينت حسن قبته * تحير اللب في أضالعها (3)
تخترق الريح في مخارمها (4) * عصفا فتقوى على زعازعها
وأرضه بالرخام قد فرشت * ينفسح (5) الطرف في مواضعها
مجالس العلم فيه متقنة (6) * ينشرح الصدر في مجامعها
وكل باب عليه مطهرة * قد أمن الناس دفع (7) مانعها
يرتفق الخلق (8) من مرافقها * ولا يصدون عن منافعها
ولا تزال المياه جارية * فيها لما شق من مشارعها
وسوقها لا تزال آهلة * يزدحم الناس في شوارعها
لما يشاؤون من فواكهها * وما يريدون من بضائعها
كأنها جنة معجلة * في الأرض لولا سرى فجائعها
دامت برغم العدى مسلمة * وحاطها الله من قوارعها

(1) بالأصل وخع والبداية والنهاية: " تجتنى " أثبتناه رواية المطبوعة 2 / 39.
(2) عن خع والبداية والنهاية وفي الأصل " الموخر ".
(3) في منتخبات تواريخ دمشق: أصانعا.
(4) البداية والنهاية: منافذها.
(5) عن البداية والنهاية وبالأصل وخع: بنفسج.
(6) في خع والبداية والنهاية: مونقة.
(7) عن البداية والنهاية وبالأصل وخع: رفع.
(8) البداية والنهاية: الناس.
272

" باب
ذكر ما كان عمر بن عبد العزيز هم برقم رده
على النصارى حين قاموا في طلبه "
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة قالا أنبأنا
عبد العزيز بن أحمد (1) أنبأنا أحمد بن محمد بن عمارة أنا أحمد (2) بن المعلى
قال تمام وأخبرني يحيى بن عبد الله بن الحارث أنبأنا عبد الرحيم (3) بن عمر
أنبأنا ابن المعلى أنا أحمد بن العباس أنا ضمرة (4) عن علي بن أبي حملة (5)
أنه لما ولي عمر بن عبد العزيز قالوا يعني نصارى دمشق يا أمير المؤمنين قد
علمت حال كنيستنا قال إنها صارت ما ترون فعوضهم كنيسة من كنائس دمشق لم
تكن في صلحهم يقال لها كنيسة توما
قال ابن المعلى وبلغني عن الوليد بن مسلم عن ابن جابر وغيره
أن النصارى رفعوا إلى عمر بن عبد العزيز ما أخذوا عليه العهد في كنائسهم لا
تهدم ولا تسكن وجاؤوا بكتابهم إليه وكلمهم عمر ورفع (6) لهم في الثمن حتى بلغ مائة
ألف دينار فأبوا فكتب عمر إلى محمد بن سويد الفهري (7) أن يدفع إليهم كنيستهم إلا

(1) بالأصل وخع: حمزة تحريف.
(2) بالأصل وخع: حمزة خطأ.
(3) بالأصل وخع: " عبد الرحمن " خطأ، وقد تقدم مرارا.
(4) بالأصل وخع: حمزة، خطأ، وهو ضمرة بن ربيعة، انظر تقريب التهذيب.
(5) بالأصل " ملة " وفي خع: " مملة " وكلاهما تحريف، والصواب م أثبت عن التبصير، وعنه ضبطت.
1 / 266.
(6) بالأصل " ووقع " والمثبت عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 268.
(7) بالأصل وخع: " النهري " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
273

أن يرضوا برضاهم فأعظمه ذلك وأعظم الناس وفيهم يومئذ بقية من أهل الفقه
فشاورهم محمد بن سويد فقالوا (1) هذا أمر عظيم ندفع (2) إليهم مسجدنا وقراؤنا فيه
وقد أذنا فيه (3) بالصلاة وجمعنا فيه يهدم فيعاد كنيسة فقال رجل منهم هاهنا
خصلة لهم كنائس عظام حول مدينتهم دير مران (4) وباب توما والراهب وغيرها إن
أحبوا أن نعطيهم كنيستهم ولا يبقى حول مدينة دمشق كنيسة ولا بالغوطة إلا هدمت
وإن شاؤوا تركت لهم كل كنيسة بالغوطة ونسجل (5) لهم بها سجلا وتركوا ما يطلبون
فعرض ذلك عليهم فقالوا انظرونا ننظر في أمرنا فتركهم ثلاثا فقالوا نحن نأخذ
الذي عرضت علينا وتكتب (6) إلى الخليفة تخبره (7) إنا قد رضينا بذلك ويسجل (8)
الخليفة من قبله سجلا منشورا بأمان على ما بالغوطة من (9) كنيسة من أن تهدم أو
تسكن فكتب إلى عمر بن عبد العزيز بذلك فسره وسجل لهم في كنائسهم التي خارج
مدينة دمشق والغوطة أنهم آمنون أن تخرب أو تسكن وأشهد لهم شهودا (10)
أخبرنا أبو المعلى قال تمام وأخبرنا أبو إسحاق إجازة أنبأنا أبو المعلى
قال تمام وأخبرني يحيى بن عبد الله أنبأنا عبد الله (11) بن عمر قال أنبأنا ابن
المعلى قال أخبرني صفوان بن صالح أملاه علي أنبأنا الوليد بن مسلم أنا
محمد بن مهاجر قال سمعت أخي عمرو بن مهاجر قال
سمعت عمر بن عبد العزيز وذكر مسجد دمشق فقال
رأيت أموالا أنفقت في غير حقها فأنا مستدرك ما استدركت منها وقال

(1) بالأصل وخع: قال " والصواب عن المختصر
(2) عن المختصر، وبالأصل وخع " نرفع ".
(3) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وخع واستدرك عن المختصر.
(4) في البداية والنهاية 9 / 173: بسفح قاسيون، وهي بقرية المعظمية.
(5) عن المختصر وبالأصل " سجل ".
(6) عن المختصر وبالأصل وخع " وكتب ".
(7) بالأصل وخع: بخبره.
(8) عن المختصر وبالأصل وخع: وسجل.
(9) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع والمختصر.
(10) الخبر في البداية والنهاية بتحقيقنا 9 / 172 - 173 باختصار.
(11) كذا بالأصل والمطبوعة، وفي خع: عبد الرحمن، وكله تحريف والصواب " عبد الرحيم " وقد تقدم مرارا.
274

الميداني أدركت منها (1) فراده (2) في بيت المال أعمد إلى ذلك الفسيفساء والرخام
فأقلعه وأطينه (3) وأنزع تلك السلاسل وأجعل مكانها حبالا وأنزع تلك البطائن فأبيع
جميع (4) ذلك وأدخله بيت المال فبلغ ذلك أهل دمشق فاشتد عليهم فخرج إليه
أشرافهم فيهم خالد القسري (5) فقال لهم ائذنوا لي حتى أكون أنا المتكلم فأذنوا له
فلما أتوا إلى دير سمعان استأذنوا على عمر فأذن لهم فلما دخلوا سلموا عليه فقال له
خالد يا أمير المؤمنين بلغنا أنك هممت في مسجدنا بكذا وكذا قال رأيت أموالا
أنفقت في غير (6) حقها وأنا مستدرك (7) ما أدركت فراده (8) إلى بيت المال فقال له
والله ما ذلك لك (9) يا أمير المؤمنين فقال عمر لمن هو لأمك الكافرة وغضب عمر
وكانت أمه نصرانية أم ولد رومية فقال خالد إن تك نصرانية فقد ولدت مؤمنا
فاستحيى عمر وقال صدقت فما قولك ما ذاك لي قال إنا كنا معشر أهل الشام
وإخواننا من أهل مصر والعراق نغزو فيفرض على الرجل منا أن يحمل من أرض الروم
قفيزا (10) بالصغير من فسيفساء وذراعا (11) في ذراع من رخام فيحمله أهل العراق
وأهل حلب إلى حلب ويستأجر على ما حملوه إلى دمشق ويحمل (12) أهل حمص إلى
حمص ويستأجر على ما حملوا إلى دمشق ويحمل أهل دمشق ومن وراءهم حصتهم
إلى دمشق فذلك قولي ما ذاك لك فسكت عمر
ثم جاءه بريد من مصر من واليها يخبره أن قاربا ورد عليه من رومية فيه عشرة من

(1) ما بين معكوفتين ساقط من المطبوعة.
و 2) عن مختصر ابن منظور 1 / 269 وبالأصل وخع: فرار.
(3) بالأصل: " والرخا وما قلعه وأطيبه " والصواب عن المختصر، وفي خع: والرخام ما قلعه وأصيبه ".
(4) سقطت من المطبوعة.
(5) بالأصل: " التسري " وفي خع: " التسنوي " والصواب عن المختصر، وهذه النسبة إلى قسر، بطن من قيس.
وقيس بطن من بجلية.
(6) سقطت من الأصل واستدركت عن خع.
(7) عن خع وبالأصل: أستدرك.
(8) بالأصل وخع: " فراره " والمثبت عن المختصر.
(9) بالأصل وخع: " مالك لك " والمثبت عن المختصر.
(10) بالأصل: " قيسما بالقصر " والمثبت عن المختصر.
(11) بالأصل وخع " وذراع " والمثبت عن المختصر.
(12) بالأصل وخع: " ويحمله " والمثبت عن المختصر والمطبوعة 2 / 43.
275

الروم عليهم رجل منهم يريدون الوفد إلى أمير المؤمنين فكتب إليه أن وجههم (1) إلي
ووجه معهم عشرة من المسلمين عليهم رجل منهم كلهم يحسن الكلام (2) بالرومية
ولا يعلمونهم بذلك حتى يحملوا إلي كلامهم فساروا حتى نزلوا دمشق خارج باب
البريد فسأل الروم رئيس العشرة من المسلمين أن يستأذن لهم الوالي (3) في دخول
المسجد فأذن لهم فمروا في الصحن حتى دخلوا من الباب الذي يواجه القبة فكان
أول ما استقبلوا المقام ثم رفعوا رؤوسهم إلى القبة فخر رئيسهم مغشيا عليه فحمل
إلى منزله فقام ما شاء الله أن يقيم ثم أفاق فقالوا له بالرومية ما قصتك عهدنا بك من
الرومية (4) وما ننكرك (5) وصحبتنا في طريقنا فما أنكرناك فما الذي عرض لك حين
دخلت هذا المسجد قال إنا معشر أهل رومية نتحدث أن بقاء العرب قليل فلما رأيت
ما بنوا علمت أن لهم مدة سيبلغونها (6) فلذلك أصابني الذي أصابني فلما قدموا على
عمر أخبروه بما سمعوا منه فقال عمر ألا أرى مسجد دمشق غيظا على الكفار فترك ما
كان هم به من أمره
رواه محمد بن عبيدة بن فياض عن صفوان بن صالح بإسناده وقال فيه
فدخلوا عليه ومعهم فتى من ولد خالد بن عبد الله القسري وهو وهم
وقال أبو زرعة حدثني أحمد بن إبراهيم بن هشام حدثنا أبي عن أبيه عن
جده (8)
قال لما استخلف عمر بن عبد العزيز أراد أن يجرد ما في قبلة مسجد (9) دمشق

(1) بالأصل وخع: " زوجهم " والصاب عن المختصر 1 / 269.
(2) سقطت من الأصول واستدركت عن المطبوعة 2 / 43.
(3) سقطت من المطبوعة.
(4) في المختصر: " بالرومية " وفي المطبوعة: من رومية.
(5) الأصل وخع " وينكرك " والمثبت عن المختصر.
(6) الأصل وخع: " سيلقونها " والمثبت عن المختصر.
(7) في المطبوعة: فقدموا.
(8) ما بين معكوفتين ساقط من الأصل، وفي بياض قد كلمتين، والزيادة المستدركة عن المطبوعة
2 / 44.
(9) سقطت من الأصل وخع واستدركت عن المطبوعة.
276

من الذهب وقال إنه يشغل الناس (1) عن الصلاة فقيل له يا أمير المؤمنين إنه أنفق
عليه مال (2) المسلمين وأعطياتهم وليس يجتمع منه شئ ينتفع (3) به فأراد أن يبيضه
بالجص فقيل له تذهب النفقات فيه فأراد أن يستره بالخزف فقيل له (4) تضاهي
الكعبة فبينا هو كذلك إذ ورد عليه وفد الروم فاستأذنوا في دخول المسجد فأذن لهم
وأرسل معهم من يعرف الرومية وقال لا تعلموهم إنكم تعرفون بالرومية واحفظوا ما
يقولون فلما وقفوا تحت القبة قال رئيسهم كم للإسلام قالوا مئة سنة (5) قال
فكيف تصغرون أمرهم ما بنى هذا البنيان إلا ملك عظيم وأتى الرسول عمر فأخبره
فقال أما إذ هو غائظ للعدو فدعه
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي الفقيه أنبأنا أبو الفتح نصر بن
إبراهيم المقدسي الزاهد وأبو محمد عبد الله بن عبد الرزاق بن فضيل قالا أنا أبو
الحسن (6) أحمد بن عوف أنا هشام بن عمار أنا ابن أبي السائب وهو عبد العزيز بن
الوليد بن سليمان قال
سمعت أبي يذكر أن عمر بن عبد العزيز أراد أن يمحو الذهب الذي في المسجد
فقيل له إنه إذا جرد لم يكن له ثمن فتركه

(1) سقطت من المطبوعة.
(2) عن المطبوعة، وفي المختصر: " عدني ".
(3) عن خع، وبالأصل " تنتفع " وفي المختصر: فينتفع.
(4) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع والمختصر.
(5) زيادة عن خع والمختصر.
(6) بالأصل وخع: أبو الحسن بن عوف بن أحمد بن عوف.
277

" باب
ذكر ما كان في الجامع من القناديل والآلات
ومعرفة ما عمل فيه وفي البلد بأسره من الطلسمات "
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن أحمد
أنبأنا تمام بن محمد أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الفرج بن البرامي أنبأنا أبي أنبأنا أبو
القاسم بن عثمان أنبأنا ابن أبي السائب يعني عبد العزيز بن الوليد قال سمعت أبا
بكر يذكر عن مكحول أنه كان إذا أطفئت قناديل المسجد يعني مسجد دمشق سد
أنفه وقال يعتري من رائحته المسك
قال وأنبأنا ابن البرامي أنا إسماعيل بن إبراهيم بن زياد وأنبأنا ابن المنفق
أنبأنا أبي عن عبد الرحيم الأنصاري وسمعته يقول سمعت الأعراب وهم يزورون
المسجد يقولون لا صلاة بعد القائلة (1) يعني الدرة (2) قلت له أرأيت القليلة فقال
نعم كانت تضئ مثل السراج قلت من أخذها قال ما سمعت المثل منصور سرق
القلة وسليمان شرب المرة
منصور الأمير وسليمان صاحب الشرطة سليمان هو الأمير وهو ابن المنصور
ومنصور صاحب شرطته (3) كذا هو في نسخة أخرى بخط عبد العزيز
وذلك أن الأمير (4) كان يحب البلور فكتب إلى صاحب شرطة والي دمشق أن ينفذ
إليه القليلة فصرفها ليلا (5) ووجهها إليه فلما قتل المأمون الأمين رد القليلة إلى دمشق

(1) في المختصر 1 / 271 القليلة.
(2) الزيادة عن المطبوعة، سقطت من الأصل وخع.
(3) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة 2 / 45.
(4) كذا بالأصل وخع وفي المختصر 1 / 271 الأمين.
(5) في المختصر: " فسرقها ليلا " وفي المطبوعة: فصر فها ليلة.
278

ليشنع بذلك على الأمين وكانت هذه القليلة في محراب الصحابة فلما ذهبت جعل
موضعها برنية (1) من زجاج رأيتها ثم انكسرت بعد فلم يجعل في مكانها شئ
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني وعبد الكريم قالا أنبأنا عبد العزيز أنبأنا تمام
وعبد الوهاب قال أنبأنا أحمد بن محمد بن المعلى نا تمام وأخبرني يحيى بن
عبد الله أنبأنا عبد الرحمن (2) بن عمر أنبأنا ابن المعلى قال كنا نستر مسجد دمشق
في الشتاء بلبود أحسبه (3) قال في عهد الوليد فدخلته الريح فهزته فثار الناس فخرقوا
اللبود
قرأت على أبي محمد السلمي عن عبد العزيز التميمي أنبأنا تمام الرازي أنبأنا
ابن البرامي قال سمعت أبا مروان عبد الرحيم وهو ابن عمر المازني يقول لما كان
في أيام الوليد بن عبد الملك وبنائه المسجد احتفروا فيه موضعا فوجدوا بابا من حجارة
مغلقا فلم يفتحوه وأعلموا به الوليد فخرج من داره حتى وقف بين يديه فإذا دخله
مغارة فيها تمثال إنسان من حجارة على فرس من حجارة في يد التمثال الواحدة الدرة
التي كانت في المحراب وفي يده الأخرى (4) فأس (5) بها فكسرت فغذا فيها
حبتان حبة قمح وحبة شعير فسأل عن ذلك فقيل له لو تركت اللف لم تكسره لم
يسوس (6) في هذه البلدة قمح ولا شعير
رواه عبد العزيز مرة أخرى فقال مقبوضة (7) وهو الصواب
أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني أنبأنا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله المدني
قال وحدثني الشيخ أحمد الحافظ الوراق قال وكان قد عمر مائة سنة قال سمعت
بعض الشيوخ يقول إنه لما دخل المسلمون دمشق وقت فتحها فوجدوا على العمود

(1) البرنية: إناء من خزف (قاموس).
(2) كذا بالأصل وخع وهو خطأ، وقد جرى تصويبه " عبد الرحيم " مرارا.
(3) الأصل وخع والمختصر، وفي المطبوعة: " حسنة " تحريف.
(4) بياض بالأصل وخع قدر كلمة، وفي المختصر: ويده الأخرى مقبوضة، فأمر بها فكسرت. " وفي
المطبوعة: ويده الأخرى مطبوقة، فكسرت.
(5) كذا، انظر الحاشية السابقة.
(6) عن المختصر وبالأصل: " يسيرين ".
(7) إشارة إلى الرواية: بأن يده الأخرى مطبوقة. وفي رواية: مقبوضة، في مكان البياض الذي مر بالأصل.
279

الذي في المقسلاط على السفود (1) الحديد الذي في أعلاه صنما مادا يده بكف منطبقة
فكسروه فإذا في كفه حبة قمح فسألوا عن ذلك فقيل لهم هذه الحبة القمح جعلها
خلفاء (2) اليونانين وفي كف هذه الصنم الشعير (3) حتى لا يسوس القمح ولو أقام سنين
كثيرة
وقد رأيت أنا (4) هذا السفود على عمود قائم بالمقسلاط وطرح في سنة أربع
وستين وخمسمائة وعمل منه أسكفة (5) لباشورة الباب الصغير
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني شفاها أنبأنا تمام بن أحمد أنبأنا أبو نصر
أنبأنا أبو سليمان محمد بن عبد الله بن زبر (6) الحافظ حدثني أبي عبد الله بن أحمد بن
زبر القاضي قال إنما سمي باب الساعات لأنه عمل هناك بركار (7) الساعات يعلمه بها
كل ساعة تمضي من النهار عليها عصافير من نحاس وحية من نحاس وغراب من
نحاس فإذا تمت الساعة خرجت الحية فصفرت العصافير وصاح الغراب وسقطت
حصاة (8)
أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني أنبأنا عبد العزيز الكتاني أنبأنا عبد الوهاب بن
جعفر الميداني أنبأنا أبو سليمان بن زبر (9) حدثني أبي قال إنما سمي باب الجامع
القبلي باب الساعات لأنه كان عمل هناك ساعات يعلم بها كل ساعة تمضي من النهار
عليها صورة عصافير وحية وغراب فإذا تمت الساعة خرجت الحية فصاحت العصافير
وصاح الغراب وسقطت حصاة في الطست (10)

(1) بالأصل " النقود " والمثبت عن المختصر 1 / 272.
(2) في المختصر: حكماء.
(3) في المختصر: طلسما.
(4) بالأصل " أن ".
(5) الأسكفة: عتبة الباب التي يوطأ عليها. (اللسان سكف).
(6) بالأصل: " زيد ".
(7) عن المطبوعة 2 / 47 وبالأصل " به كان " وفي خع: " بيكار " وفي البداية والنهاية 9 / 180 بلشكار.
(8) بعدها في المختصر والبداية والنهاية وخع: " في البداية والنهاية: فيعلم الناس أنه قد
ذهب من النهار ساعة، وكذلك سائرها.
(9) بالأصل: " زيد " ومثله في خع، والمثبت عن البداية 9 / 180 والمطبوعة 2 / 47.
(10) قال ابن كثير في البداية والنهاية 9 / 180 بتحقيقنا:
قلت: هذا يحتمل أحد شيئين إما أن تكون الساعات كانت في الباب القبلي من الجامع، وهو الذي يسمى
باب الزيادة، ولكن قد قيل إنه محدث بعد بناء الجامع ولا ينفي ذلك إلى الساعات كانت عنده في زمن
القاضي ابن زبر، وإما أنه قد كان في الجامع في الجانب الشرقي منه في الحائط القبلي باب آخر في محاكاة
باب الزيادة وعنده الساعات ثم نقلت بعد هذه كله إلى باب الوراقين اليوم، وهو باب الجامع من الشرق.
280

سمعت جدي أبا الفضل يحيى بن علي القاضي يذكر أنه أدرك في الجامع قبل
حريقه طلسمات لسائر الحشرات معلقة في السقف فوق البطائن مما يلي السبع وإنه لم
يكن يوجد في الجامع شئ من الحشرات قبل الحريق فلما احترقت الطلسمات
وجدت
وكان حريق الجامع ليلة النصف من شعبان بعد العصر سنة إحدى وستين
وأربعمائة
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسني عن أبي محمد عبد العزيز التميمي
عن أبي نصر عبد الوهاب عن عبد الله المزني قال سمعت جماعة من شيوخ أهل دمشق
يقولون إن العمود الحجر الذي بين سوق الشعير وبين سوق أم حكيم الذي يحفره مسجد
الطباخين صنم مكسور على القنطرة للحاجات إذا دخل إنسان فيه لحاجة لم تقض
قال وكان أبي ينهاني عن الدخول فيه إذا كنت في حاجة
وفي سقف مسجد الجامع طلاسم عينها (1) الحكماء في السقف مما يلي الحائط
القبلي فيها (2) طلسم للصنونيات لا يدخله ولا يعشش فيه من جهة الأوساخ التي تكون
منها ولا يدخله غراب وطلسم للحيات والفأر والعقارب وما أبصر الناس فيه من هذا
شيئا إلا الفأر ويوشك أن يكون بعير طلسمها وطلسم للعنكبوت لا ينسج في زواياه
ويركبه الغبار والوسخ

(1) في خع والمختصر 1 / 273 عملها.
(2) في المختصر: " فمنها " وفي المطبوعة: منه
281

" باب
ما ورد في أمر السبع
وكيف كان ابتداء الحضور فيه والجمع "
أنبأنا أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي وأبو الحسن علي بن
عبيد الله بن أبو نصر بن الزاغوني (1) قالا أنبأنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد أنبأنا
محمد بن سويد (2) بن يعقوب بن إسحاق الصيدلاني أنبأنا عمر بن محمد بن سيف
أنبأنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث أنبأنا أبو عامر موسى بن عامر المري (3) أنبأنا
الوليد قال قال أبو عمرو هو الأوزاعي عن حسان بن عطية قال الدراسة (4)
محدثة أحدثها هشام بن إسماعيل المخزومي في قدمته على عبد الملك فحجبه
عبد الملك فجلس بعد الصبح في مسجد دمشق وعبد الملك في الخضراء فأخبر
أن عبد الملك يقرأ في الخضراء فقرأ هشام بن إسماعيل فجعل عبد الملك (5) يقرأ
بقراءة هشام فقرأ بقراءته مولى له فاستحسن ذلك من يليه من أهل المسجد فقرأ
بقراءته
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه أنبأنا نصر بن إبراهيم الزاهد
وعبد الله بن عبد الرزاق بن فضيل قالا أنبأنا محمد بن عوف (6) أنبأنا الحسن بن

(1) الزاغوني: هذه النسبة إلى زاغوني من أعمال بغداد (اللباب).
(2) كذا بالأصل، وفي خع: " سعيد ".
(3) بالأصل وخع " المزني " تحريف والصواب عن تهذيب التهذيب والكاشف للذهبي والبداية والنهاية 9 / 181 وفيها " أبو عباس " بدل " أبو عامر " وهو تحريف.
(4) بالأصل " الدواسة " وفي خع: " الدراسة " كلاهما تحريف والصواب عن مختصر ابن منظور 1 / 274 والبداية
والنهاية 9 / 181.
282

منير أنبأنا محمد بن خريم (1)
وقرأت على أبي محمد السلمي عن عبد العزيز التميمي أنبأنا تمام الرازي أنبأنا
أبو الحسين أنبأنا محمد بن جعفر بن محمد بن هشام بن ملاس (2) أنبأنا الحسن بن
محمد بن بكار قالا أنبأنا هشام بن عمار أنبأنا أيوب بن حسان أنبأنا الأوزاعي
أنبأنا خالد بن دهقان قال أول من أحدث الدراسة بدمشق وقال ابن خريم في مسجد
دمشق هشام بن إسماعيل بن هشام بن المغيرة المخزومي (3) وأول من أحدث
الدراسة في فلسطين الوليد بن عبد الرحمن الجرشي فممن حفظ لنا اسمه ممن كان
يحضر الدراسة أو من يوصف بالعلم أو بالرياسة هشام بن إسماعيل المخزومي الذي
تقدم ذكره وقد ولاه عبد الملك بن مروان أمر المدينة ورافع مولاه وإسماعيل بن
عبيد الله بن أبي المهاجر (4) وقد ولي أفريقية لهشام بن عبد الملك وابناه عبد الرحمن
ومروان ابنا (5) إسماعيل
ومن القضاة أبو إدريس عايذ الله بن عبد الله الحراني (6) ونمير بن أوس
الأشعري ويزيد بن أبي مالك الهمداني وسالم بن عبد الله المحاربي ومحمد بن
عبد الله بن لبيد الأسدي
ومن الفقهاء والمحدثين والحفاظ المقرئين (7) أبو عبد الرحمن القاسم بن
عبد الرحمن مولى إلى (8) معاوية وأبو عبد الله مكحول وأبو أيوب سليمان بن
موسى الأشدق وعبد الله بن العلاء بن زبر الربعي (9) وأبو إدريس الأصغر

(1) بالأصل وخع " حريم " بالحاء المهملة، تحريف.
(2) عن خع وبالأصل " قلاس ".
(3) كان نائبا لعبد الملك على المدينة النبوية، وهو الذي ضرب سعيد بن المسيب لما امتنع من البيع للوليد بن
عبد الملك قبل أن يموت أبوه، ثم عزله عنها الوليد وولى عليها عمر بن العزيز.
(4) بالأصل وخع: " الهاجر " تحريف والصواب عن البداية والنهاية 9 / 181. وفيها " أبو عباس " بدل " أبو عامر " وهو تحريف.
(4) بالأصل " الدواسة " وفي خع: " الدراسة " كلاهما تحيف والصواب عن مختصر ابن منظور 1 / 274 والبداية
والنهاية 9 / 181.
(5) الزيادة في الموضعين عن البداية والنهاية للايضاح، وقد سقطت من الأصول ومن مختصر ابن منظور.
(6) عن خع وبالأصل " عون " خطأ.
283

عبد الرحمن بن عوال (1) وعبد الرحمن بن عامر اليحصبي (2) أخو عبد الله بن
عامر (3) ويحيى بن الحارث الذماري (4) وعبد الملك بن النعمان المزني وأنس بن
أنيس العذري وسليمان بن بزيع القارئ وسليمان بن داود الخشني ونمران أو (5)
هزان بن حكيم القرشي ومحمد بن خالد بن أبي ظبيان الأزدي ويزيد بن
عبيدة (6) بن أبي المهاجر وعياش (7) بن دينار وغيرهم وسيأتي ذكر كل واحد منهم
إن شاء الله تعالى في موضعه بذكر أخباره وقد روي عن بعضهم أنه كره (8) اجتماعهم
وأنكره ولا وجه لإنكاره
أنبأنا أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد القاهر وأبو الحسن علي بن عبيد الله بن
نصر قالا أنبأنا أبو الحسن علي بن المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الحضامي أنبأنا
أبو بكر محمد بن سعيد بن يعقوب بن إسحاق الصيدلاني أنا عمر بن محمد بن سيف
أنبأنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث أنبأنا عمر (9) بن عثمان أنبأنا الوليد عن
عبد الله بن العلاء قال سمعت الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب (10) ينكر هذه
الدراسة ويقول ما رأيت ولا سمعت وقد أدركت أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) قال وأنبأنا
محمد بن وزير أنبأنا الوليد قال سألت عنها عبد الله بن العلاء فقال كنا ندرس في
مجلس يحيى بن الحارث في مسجد دمشق في خلافة يزيد بن عبد الملك إذ خرج
علينا أمير دمشق (11) الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب (12) الأشعري (13) من الخضراء

(1) الأصل وخع وفي البداية والنهاية: غراك.
(2) بالأصل " التجبي " وفي خع " الشخص " والصواب عن البداية والنهاية
(3) بالأصل وخع " عمر " تحريف، انظر البداية والنهاية.
(4) بالأصول والبداية والنهاية " الدماري " تحريف، والمثبت والضبط عن تقريب التهذيب.
(5) بالأصل " و " وفي البداية والنهاية: وعران أو هران.
(6) عبيدة بفتح العين " تقريب التهذيب ".
(7) في خع والبداية والنهاية: " وعباس ".
(8) الزيادة عن خع والمختصر والبداية والنهاية.
(9) في البداية والنهاية: عمرو.
(10) ويقال: عرزم، وفي البداية والنهاية: " عروب " تحريف.
(11) الزيادة عن المطبوعة 2 / 52 وفي المختصر: أميرنا الضحاك.
(12) بالأصل وخع " عزرب " بتقديم الزاي، والصواب ما أثبت بتقديم الراء.
(13) عن المختصر وبالأصل وخع " بن ".
284

فأقبل علينا منكرا لما نصنع فقال ما هذا أو ما أنتم فقلنا ندرس كتاب الله فقال
أتدرسون كتاب الله تبارك وتعالى إن هذا شئ ما سمعته ولا رأيته ولا سمعت أنه كان
قبل ثم دخل الخضراء وكان الضحاك بن عبد الرحمن أميرا على دمشق في خلافة
عمر بن عبد العزيز رحمه الله
285

" باب
ذكر معرفة مساجد البلد وحصرها
بذكر التعريف لها والعدد "
قرئ على أبي محمد بن الأكفاني وأنا أسمع عن عبد العزيز بن أحمد أنبأنا
عبد الوهاب بن جعفر الميداني أنبأنا أبو الحارث أحمد بن محمد عمارة بن أبي
الخطاب الليثي الدمشقي أنبأنا أبو سهل سعيد بن الحسن الأصبهاني أنا محمد بن
أحمد بن إبراهيم أنبأنا هشام بن خالد أنبأنا الوليد أنبأنا ابن جابر عن عبد الله بن
عامر عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ستكون دمشق في آخر الزمان
أكثر المدائن أهلا وأكثره أبدالا وأكثره مساجدا وأكثره زهادا وأكثره مالا ورجالا
وأقله (1) كفارا وهي معقل (2) لأهلها [480]
أخبرناه أبو الفضائل ناصر بن محمود علي القرشي نبأنا علي بن أحمد بن زهير
لفظا أنبأنا علي بن محمد بن شجاع نبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر الإمام
نبأنا أبو الحسن محمد بن عبد الله نبأنا محمد بن أحمد بن أبي الخطاب نبأنا أبي
نبأنا محمد بن إبراهيم (3) نبأنا هشام بن خالد (4) الأزرق نبأنا الوليد بن مسلم نبأنا
ابن جابر عن ابن عامر عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ستكون
دمشق أكثر المدن أبدالا وأكثرها زهادا وأكثرها مساجد (5) هي لأهلها معقل وأكثر
المدن أهلا وأكثرها مالا ورجالا [481]

(1) في المطبوعة: " أكثرها... وأكثرها... وأقلها " والأصل كخع والمختصر.
(2) عن خع وبالأصل " معتل ".
(3) بالأصل وخع: " أبو أهشيم.
(4) بالأصل وخع: " خليد " تحريف والصواب عن تقريب التهذيب.
(5) بالأصل وخع: مساجدا.
286

قال أنبأنا علي بن محمد بن شجاع قال ونبأنا تمام بن محمد نبأنا ابن يعقوب
إسحاق بن إبراهيم نبأنا محمد أنبأنا هشام بن خالد نبأنا الوليد نبأنا ابن جابر عن
ابن عمار عن واثلة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ستكون دمشق في آخر الزمان أكثر
المدن أهلا وهي لأهلها معقل وأكثرها أبدالا وأكثرها مساجد وأكثرها زهادا
وأكثرها مالا وأكثرها رجالا وأقلها كفارا [482]
محمد هو ابن أحمد بن إبراهيم كذا قال والصواب حديث أحمد بن محمد وهو
ابن عمارة بن أحمد بن أبي الخطاب نبأنا أبي نبأنا محمد بن أحمد بن إبراهيم
أخبرنا ابن سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه أنبأنا إبراهيم بن منصور
السلمي أنبأنا أبو بكر بن المقرئ أنبأنا أبو يعلى الموصلي أنبأنا أحمد بن عيسى
المصري أنبأنا عبد الله بن وهب أخبرني (1) عمرو أبو بكير حدثه أن عاصم بن
عمر بن قتادة حدثه أنه سمع عبيد الله الخولاني يذكر أنه سمع عثمان بن عفان حين بني
مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إنكم قد أكثرتم إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من بنى
مسجدا قال بكير حسبت أنه قال يبتغي به وجه الله تبارك وتعالى بنى الله تعالى له
مثله في الجنة [483] خرجه مسلم عن أحمد بن عيسى
وأخبرنا أبو إسماعيل بن سعدويه أنبأنا أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن
الحسن الرازي أنبأنا أبو القاسم جعفر بن عبد الله بن يعقوب نبأنا أبو بكر محمد بن
هارون الروياني نبأنا العباس بن محمد نبأنا أحمد بن عبد الله بن يونس نبأنا أبو
بكر بن عياش عن الأعمش عن إبراهيم التميمي عن أبيه عن أبي ذر عن النبي (صلى الله عليه وسلم)
قال من بنى لله تعالى مسجدا ولو مثل مفحص (2) قطاة بني له بيتا في الجنة [484] أو
قال بنى الله تعالى له بيتا في الجنة
قال أحمد بن عبد الله بن يونس قيل لأبي بكر بن عياش إن هذا لم يرفعه غيرك
قال سمعته من الأعمش وهو شاب

(1) في المطبوعة 2 / 54 " أخبرني عمرو أن بكير بن عبد الله، حدثه " وفي خع كالأصل.
(2) مفحص كمفعل من الفحص كالأفحوص وجمعه مفاحص، وهو حيث تفرخ القطاة فيه من الأرض
(اللسان).
287

أخبرنا أبو عبد الله الخلال أنبأنا إبراهيم بن منصور السلمي أنبأنا أبو بكر بن المقرئ
نبأنا أبو يعلى الموصلي أنبأنا بشر هو ابن الوليد نبأنا سليمان هو ابن داود
اليماني نبأنا يحيى بن كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
من بنى بيتا ليعبد الله فيه من حلال بنى الله تعالى له بيتا في الجنة من در
وياقوت [485]
أخبرنا أبو سعد منصور بن عبد علي بن عبد الرحمن الحجري البوشنجي (1)
بها أنبأنا أبو منصور أسعد بن عبد المجيد البوشنجي (1) أنبأنا أبو الحسين أحمد بن
محمد بن منصور العالي الخطيب نبأنا أبو عبد الله محمد بن الحسن البندجاني (2) وأبو
القاسم منصور بن العباس الفقيه قال نبأنا أبو سليمان داود بن إبراهيم بن أيوب
بن سليمان البوشنجي (1) نبأنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ نبأنا مروان بن معاوية
الفزاري نبأنا كثير (3) المؤذن حدثني عطاء بن أبي رباح عن عائشة قالت قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " من بنى مسجدا ولو قدر مفحص قطاة بنى الله تعالى له بيتا في الجنة "
قال قلت يا رسول الله وتلك المساجد التي في طريق مكة قال وتلك [486]
وهذا الحض على المساجد وبنيانها يدل على خطر علاها وعظم ثنائها (4) فأولها
من قبلة الشرق (5) وأنت داخل من باب الجابية
مسجد معلق يعرف بمسجد السقطيين له سلم حجارة وقد جعل له سلم خشب
آخر من شامه له إمام ومؤذن ووقف (6) ومسجد كبير

(1) بالأصل وخع " البوسنجي " والمثبت عن الأنساب، وهذه النسبة إلى بوشنج وهي بلدة على سبعة فراسخ من
هراة يقال لها بوشنك، ويقال لها فوشنج.
والحجري بفتح الحاء والجيم وهذه النسبة إلى حجر الذي معناه الحجارة والمشهور بها جماعة من أهل
فوشج " الأنساب).
(2) كذا بالأصل وفي الأنساب " البندكاني بضم الباء الموحدة وسكون النون وضم الدال هذه النسبة إلى بندكان
إحدى قرى مرو على خمسة فراسخ.
(3) الأصل و خ، وفي المطبوعة " بكير ".
(4) في المختصر 1 / 275: " خطر محلها وعظم شأنها ".
(5) الأصل وخع، وفي المختصر: قبلة السوق ".
(6) في المطبوعة: وهو مسجد.
288

مسجد (1) في درب المدنيين سفل فيه (2) شجرة زيتون له (3) إمام ومؤذن
وله خزانة ووقف لطيف
مسجد سفل عند رأس درب عرقل وسوقة (4) الحجامين يعرف بمسجد
الضمر حتى (5) وكان يعرف قديما بمسجد الشجرة له إمام ومؤذن ووقف وعلى بابه
سقاية (6)
مسجد ابن طغان بالفسقان حذاء درب القطاعين (7) يصعد إليه بدرجة له إمام ومؤذن ووقف وعند قبلته طاقات
مسجد في درب القطاعين سفل عن يسار الداخل مستجد بناه أبو سعيد
العجمي الكبخي (8) له إمام ومؤذن وعنده قناة (9)
مسجد آخر بناه ابن البيطار في غربي الشارع
مسجد بناه الحسن بن الأمير (10) يوسف سفل له وقف في القطاعين (7) أيضا
مسجد سفل عند دار محمد بن النقار الكاتب
مسجد قديم سفل فيها أيضا عند زقاق عطاف هو مسجد أيمن بن خريم بن
فاتك الأسدي الصحابي (11)
مسجد آخر سفل لطيف فيها أيضا
مسجد (12) عند دار ابن الخياط الكاتب معلق له إمام ومؤذن ووقف فيها أيضا

(1) عن خع وبالأصل " بمسجد ".
(2) عن خع وبالأصل " في ".
(3) بالأصل " لها ".
(4) في المطبوعة: وسويقة.
(5) في المطبوعة: الصهرجتي.
(6) بالأصل: كسقاية والمثبت عن خع.
(7) كذا بالأصل وخع تحريف، والصواب " القصاعين ".
(8) كذا وفي المطبوعة: الكجي.
(9) بالأصل قناته.
(10) بالأصل: " المش بن الأثير ".
(11) بالأصل وخع: " الضماني " والمثبت عن المطبوعة.
(12) بالأصل وخع: مسجدا.
289

ثلاثة مساجد عند دار سند قرا (1) واحد سفل ومسجدان معلقان لأحدهما إمام
ومؤذن
مسجد في سوق الفسقار (2) كبير يعرف بابن حميد له إمام ومؤذن
مسجد بن لبيد بالفسقار (3) أيضا كبير له إمام ومؤذن وفيه منارة وعلى بابه
سقاية الشيخ وقناية الشيخ
مسجد عند طاحونة السجن لطيف
مسجد في سوق الفسقار (4) يعرف بابن حفاظ له إمام ووقف
مسجد الفرجة عند القطانين ورأس القلانسيين (5) يعرف (6) بسقاية الشيخ
مسجد مقابل دار الوكالة كبير يعرف بمسجد الديوان له إمام ووقف ومؤذن
مسجد في سوق القلانسيين (7) المعلق على باب الخواصين له إمام ومؤذن
ووقف
ومسجد القلانسيين في طريق سوق السراجيين الذي جعل سوقا للبر له إمام ووقف
ومؤذن (8)
مسجد الطريقيين (9) في سوق السراجين هذا له إمام ومؤذن
مسجد ملاصقه بابه إلى سوق علي
مسجد كان زيادة يعلم فيها الصبيان فجعلت مسجدا
مسجد في درب السوسي له إمام ووقف

(1) عن خع وبالأصل: سندفرا.
(2) عن خع وبالأصل: التستقار.
(3) بالأصل: " بالتسار " والمثبت عن خع.
(4) عن خع وبالأصل: التستار.
(5) بالأصل: التلانسيين " والمثبت عن خع.
(6) في المطبوعة: " بقرب ".
(7) عن خع، سقطت من الأصل، وفي المطبوعة: " معلق " بدل " المعلق ".
(8) عن المطبوعة: 2 / 57.
(9) في المطبوعة: الطرايفيين.
290

مسجد في دار ابن محذور (1) قديم هو مسجد مروان بن الحكم بن أبي
العاص (2) له إمام ووقف
مسجد لطيف عند قناة الزلاقة له إمام ووقف
مسجد عن دار ابن ريش قبلة الزلاقة له إمام ووقف ويقال إنه مسجد واثلة بن
الأسقع
مسجد الجلادين وهو الذي يعرف اليوم بمسجد الرماحين كبير له إمام ومؤذن
ووقف
مسجد بالمقسلاط كان يعرف بمسجد الطريقين (3) له منارة محدثة وله إمام
ومؤذن وعنده سقاية وقناة
مسجد عند مشبك (4) الحديد يعرف بابن القصيعة (5) الفامي له إمام
مسجد واثلة على رأس درب الزلاقة يجلس عند الجنائزيون (6) كبير له إمام
ووقف ومؤذن وعلى بابه قناة وله منارة محدثة
مسجد في سويقة باب الصغير لطيف يعرف بابن أبي العود له إمام ومؤذن
ووقف
مسجد في درب العبسي عن يسار الخارج إلى باب الصغير لطيف
مسجد الرطابين في طرف (7) المقسلاط خلف سوق الصرف له إمام ومؤذن
ووقف
مسجد بقرب حمام أبي نصر في الطريق (8)

(1) في المطبوعة: محرز.
(2) بالأصل وخع: القاصر، عن المطبوعة.
(3) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: الطريفيين.
(4) في المطبوعة: سبك.
(5) عن خع، وبالأصل: القضيعة -
(6) عن المطبوعة، وبالأصل وخع: الجنايزون.
(7) بالأصل " طرفه " " وفي خع: " طرقة " والمثبت عن المطبوعة.
(8) بالأصل وخع: مسجد يعرف حمام بن أبي نصر في الحريق، والمثبت عن المطبوعة.
291

مسجد (1) بناه معالي المدني له إمام ومؤذن ووقف
مسجد في طرف الحبالين (2) عند رأس درب الريحان من السوق الكبير سفل
يعرف بمسجد الريحان وهو مسجد فضالة بن عبيد الأنصاري الصحابي قاضي دمشق
عند بابه قناة
مسجد معلق يعرف الآن بمسجد الجلادين فيه منارة وله إمام (3) ومؤذن
ووقف
مسجد لطيف عند رأس درب البزوريين وسوق الأكافين (4) له وقف وعنده
قناة
مسجد في طرف (5) درب البزوريين القبلي لطيف بشباك
مسجد في درب دينار عند رأس درب القرشيين
مسجد (6) بناه أبو بكر العميد
مسجد في درب القرشيين قبلي القناة لطيف بشباك بناه الأمير سليمان
الجندي
مسجد آخر بقربه لطيف له إمام ووقف وهو قديم
مسجد في رأس (7) درب القرشيين الذي ينفذ إلى درب النخلة معلق بناه أبو
غالب بن الكوفي البزار (8)
مسجد في السوق الكبير عند رأس درب الريحان لطيف بشباك

(1) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وخع واستدركت عن المطبوعة 2 / 59.
(2) بالأصل وخع: " في طريق الحبالق " والمثبت عن المطبوعة.
(3) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة.
(4) بالأصل وخع، الكافيين والمثبت عن المطبوعة.
(5) الزيادة عن المطبوعة.
(6) الأصل وخع، وفي المطبوعة: " مستجد " يعني المسجد الذي فوقه في درب دينار.
292

مسجد في قبة الحنفي (1) يعرف بمسجد الكف له بابان وله مؤذن وإمام
ووقف
مسجد في درب فندق البيعي (2) له إمام ووقف وعند طاقات
مسجد في زقاق الشعر قبل أن تصل إلى درب الناقديين
مسجد عنده عمود مخلق (3) في زقاق النهر بين درب القرشيين ودرب
الناقديين له إمام ووقف
مسجد في درب الناقديين قديم
مسجد آخر في هذا الدرب عند طاقات ويعرف بابن المقانعية (4)
مسجد في السوق الكبير يعرف بمسجد الزينبي ويعرف قديما بمسجد قاسم
كبير (5) له إمام ومؤذن
مسجد في رأس درب البقل يعرف بابن عنقود له إمام ووقف
مسجد لطيف بشباك يعرف بابن النتاش (6) له إمام و (7) وقف (8)
مسجد لطيف بشباك في أول حارة الخاطب (9) عند دار ابن أبي الخوف
مسجد في رحبة الخاطب بناه بركات الزراد سفل لطيف له منارة خشب وله
إمام ومؤذن ووقف
مسجد الطباخين عند قنطرة أم (10) حكيم برأس سوق العلبيين كبير له إمام
ومؤذن ووقف

(1) الأصل وخع وفي المطبوعة: قبة اللحم.
(2) كذا بالأصل، وفي خع: " السعي " وفي المطبوعة: البيع.
(3) بالأصل وخع: " مخلف " والمثبت عن المطبوعة 2 / 60.
(4) بالأصل " الناقعية " وفي خع: " القانعية " والمثبت عن لا مطبوعة.
(5) بالأصل وخع: كبيرا.
(6) في المطبوعة: ابن المنتاش.
(7) سقطت من المطبوعة.
(8) كرر هذا المسجد والذي قبله بالأصل وخع.
(9) بالأصل وخع الخطيب، والمثبت عن المطبوعة.
(10) الزيادة عن المطبوعة.
293

مسجد عند رأس درب الجبن (1) ملاصق للحمام وعلى بابه قناة قديم كبير
جدده الرئيس أبو الذؤاد المفرج بن الصوفي
مسجد عند رأس دار الشريف الجعفري ويعرف اليوم بدار خطلخ البالسي
سفل (2) لطيف بناه أكشوك بن خطلخ البالسي
مسجد داخل درب الجبن (3) عند درب الديلم له إمام ومؤذن ووقف
مسجد الحدادين له إمام ومؤذن ووقف
وقبلته مسجد عند رأس درب العدس بينهما الطريق كبير له إمام ومؤذن
ووقف
مسجد معلق يعرف بمسجد سوق اللؤلؤ كبير له إمام ومؤذن ووقف وعنده
سقاية واحترق منذ أعوام وقد شرع في تجديده والله سبحانه وتعالى يسهل في
إتمامه فهو من المساجد القديمة المشهورة وقد تم والحمد لله رب العالمين
مسجد داخل درب العدس سفل لطيف
مسجد (3) لطيف في رأس سوق الطير سفل بشباك
مسجد قبلية عند رأس درب الحبالين يعرف بمسجد سوق الطير له إمام ووقف
ومؤذن
مسجد في درب سوق الحبالين معلق له إمام ومؤذن ووقف
مسجد داخل درب الحبالين قبلي النهر عند دار ابن مقلد الشواسفل لطيف
مسجد في درب الدرفس (4) عند بستان القط سفل قديم جدده أبو الفهم
عبد الرحمن بن أبي العجائز
مسجد عند رأس درب بني نصر سفل لطيف بشباك

(1) بالأصل وخع: درب الحسين " والمثبت عن خع.
(2) سقطت من المطبوعة.
(3) الزيادة عن المطبوعة، وقد سقطت من الأصل وخع.
(4) عن المطبوعة وبالأصل وخع: الدرقس.
294

مسجد الأبريين معلق كبير له وقف ومؤذن وإمام
مسجد عند رأس درب (1) التميمي في سوق دار البطيخ لطيف بشباك له
وقف وإمام
مسجد دار البطيخ المعلق كبير له وقف وإمام ومنارة ومؤذن وله بابان عند
أحدهما قناة
مسجد يعرف بمسجد الإجابة في سوق دار البطيخ (2) ينزل إليه بدرج قديم
له إمام ومؤذن ووقف
مسجد في درب الفراش مستجد (3) بناه أبو يعلى النصراني عامل القسمة (4)
عنده قناة (5)
مسجد داخل منه كبير سفل له منارة خشب يعرف ببني علان له إمام ووقف
مسجد الخشابين بين فنادق الخشب حضرة سوق البقل (6) ومشبك (7)
الزجاج كبير له إمام ومؤذن
مسجد في الزقاقين يعرف بمسجد السكاكين قديم كبير له وقف وإمام
ومؤذن
مسجد معلق عند حمام اللؤلؤ المعروف قديما بحمام البريديين يعرف بمسجد
الرأس كبير له وقف ومؤذن (8)
مسجد الكوشك (9) الذي فوق الأعمدة كانت دارا فبناه الملك العادل نور الدين

(1) الزيادة عن المطبوعة.
(2) بالأصل وخع: " بطيخ " والمثبت عن المطبوعة.
(3) بالأصل وخع " مسجد " والمثبت عن المطبوعة.
(4) عن خع وبالأصل " الفتنة ".
(5) الزيادة عن المطبوعة، سقطت من الأصل وخع.
(4) عن خع وبالأصل " الفتنة ".
(5) الزيادة عن المطبوعة، سقطت من الأصل وخع.
(6) عن خع وبالأصل: النبل.
(7) في المطبوعة: ومسبك.
(8) سقط من خع من أول مسجد معلق إلى هنا.
(9) الأصل وخع، وفي المطبوعة: الكشك.
295

رحمه الله تعالى مسجدا وبنى له منارة له إمام ومؤذن ووقف
مسجد في درب شداد قبلة الكوشك (1) كان قديما لطيفا فزاد فيه أبو غالب بن
الشريجي ووسعه
مسجد السلالين عند رأس درب التبان سفل قديم كبير له إمام ووقف وفيه
بئر
مسجد في درب التبان سفل لطيف كان خرابا فجدده خالد أبو المكارم
رحمة الله تعالى عليه (2) ثم غير بعده وبني بحائط
مسجد داخل منه لطيف معلق يعرف بيوسف بلغني أنه تغلب عليه وخرب
مسجد ملاصق لكنيسة اليهود على النهر سفل لطيف
مسجد معلق فوقه فيه منارة بناه نور الدين رحمة الله تعالى عليه
مسجد عند باب المدبغة سفل لطيف بناه الشريف أبو الحسن بن الجعفري له
إمام ومؤذن ووقف
مسجد صدقة الملاصق لكنيسة مريم معلق له منارة وفيه إمام ومؤذن ووقف
ويقال إن صدقة كان شوا نصرانيا فأسلم وحسن إسلامه وبنى هذا المسجد
مسجد آخر تحته سفل معطل لا يفتح (3)
مسجد في آخر درب كنيسة مريم عند معصرة الشيرج (4) قديم له وقف وإمام
مسجد الثلاج في سوق كنيسة مرين كبير له وقف وإمام ومؤذن وفيه منارة
خشب مستجدة
مسجد في درب الفراتي ويعرف اليوم بدرب الشيخ سفل لطيف شباك
مسجد بقربه من الجانب الشرقي قديم

(1) الأصل وخع، وفي المطبوعة: الكشك.
(2) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة.
(3) كرر هذا المسجد والذي قبله بالأصل وخع.
(4) بالأصل وخع: " مقصورة الشير يبح " أثبتنا رواية المطبوعة.
296

مسجد (1) عند دار محمد بن القلانسي (2) في درب شحنون سفل لطيف له
إمام ووقف
مسجد في السوق الذي بين سوق كنيسة مريم وسوق درب الحجر يعرف بمسجد
عقيل كبير له وقف وإمام ومؤذن
مسجد قبليه عند موقف (3) الشيخ قديم (4) يقال إن النذر فيه فضيلة
مسجد في درب البلاغة لطيف سفل قديم جدده ابن الفسيتقة
مسجد كبير في هذا الدرب كان قديما كنيسة لليهود ثم جعل مسجدا ويعرف
اليوم بمسجد ابن الشهرزوري (5) لأنه كان يعقد فيه مسجد الوعظ
مسجد كليلة في درب كليلة في حارة اليهود قبلي درب البلاغة والدرب
يعرف قديما بكليل الفامي (6) فقيل درب كليلة
وقول العامة إن التي بنته امرأة يهودية اسمها كليلة يصح
مسجد درب الحجر كبير سفل قديم له منارة ووقف وإمام ومؤذن له بابان
وعلى أحدهما سقاية وعلى الآخر قناة
مسجد العميد بن الجسطار كبير له إمام ومؤذن وعلى بابه سقاية وقناة
مسجد في درب كيبان (7) المعروف اليوم بدرب الفواخير مقابل الفرن لطيف
له وقف وإمام
مسجد آخر قبلته لطيف
مسجد آخر معلق كبير له وقف وإمام ومؤذن

(1) بالأصل وخع: مستجد، أثبتنا رواية المطبوعة.
(2) بالأصل وخع " القلانس ".
(3) بالأصل وخع: " موقد " أثبتنا عبارة المطبوعة.
(4) سقطت من المطبوعة.
(5) في خع: السهروردي، وفي المطبوعة سقطت ابن.
(6) في خع: الفاني.
(7) في المطبوعة: كيسان.
297

مسجد ملاصق لباب كيبان (1) له منارة وإمام ومؤذن ووقف (2)
مسجد يعرف بابن الأعمى الفاخوري بقرب درب نمير لطيف
مسجد في سويقة (3) الباب الشرقي يعرف بمسجد موسى الكردي قديم
جدده موسى وعنده قناة
مسجد لطيف خفي في دهليز دار نمير الذي يدخل إليه من درب ربيع
مسجد آخر في صدر درب غير لطيف سفل
مسجد آخر في سويقة الباب الشرقي قديم جدده أبو الفوارس الصوفي له إمام
ووقف (4)
مسجد آخر شرقيه يعرف بالوزير في السويقة وبقربه سقاية مجدده
مسجد في أول درب الأندر سفل صغير بناه ناصر السائق
مسجد داخل منه يعرف بابن باقي سفل لطيف له وقف وإمام
مسجد داخل الباب الشرقي كبير يعرف بمسجد الفتوح له وقف وإمام ومؤذن
هذه المساجد الذي قبلي السوق الأوسط
فأما مساجد الناحية الشامية عن يمنة الداخل من الباب الشرقي فمن
ذلك مسجد في درب خلاد (5) له إمام ووقف
مسجد يعرف بمسجد الحرادنة (6) بقرب الكنيسة المصلبة قديم له وقف
مسجد في درب كشكشة سفل لطيف له وقف وإمام جدده أبو عبد الله بن ناجية
مسجد آخر فيه لطيف سفل

(1) في المطبوعة: كيسان.
(2) زيادة عن المطبوعة.
(3) عن خع وبالأصل سونية.
(4) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن المطبوعة: ابن خلاد.
(6) في خع: الحراذنة " وفي المطبوعة: الحراقلة.
298

مسجد النيبطن (1) سفل كبير له منارة وإمام ومؤذن ووقف وعلى بابه سقاية وقناة
وكان عنده مسجد صيفي يصعد إليه بدرجة فعطل
مسجد في درب الداراني له وقف
مسجد في درب بن صامت خراب
مسجد عند معصرة الزيت بقرب دار ابن المهار (2) النصراني
مسجد يعرف بابن العرو (3) له إمام ومؤذن (4) ووقف
مسجد (5) في خربة التواب (6) سفل لطيف
مسجد آخر فيها يعرف بابن عطاف سفل لطيف بشباك عند رأس درب الحجر
مسجد في وسط درب الحجر
مسجد كان قريبا (7) فجعله أبو المواهب بن الشراني (8) مسجدا له إمام ومؤذن
وفيه منارة خشب
مسجد عند رأس المربعة طرف درب الحجر له إمام ومؤذن ووقف
مسجد في أول قنطرة سنان كبير (9) له إمام ومؤذن
مسجد آخر معلق في طرف قنطرة سنان من الشرقي
مسجد عند رأس درب المظلمة من رحبة خالد يعرف بمسجد المظلمة لطيف له
وقف

(1) كذا، وهو في محلة النبيطون، راجع معجم البلدان.
(2) في خع: ابن المهاجر.
(3) في المطبوعة: بأبي الصرف.
(4) الزيادة عن المطبوعة.
(5) الزيادة عن خع، سقطت من الأصل.
(6) في خع: البواب.
(7) الأصل وخع وفي المطبوعة: فرنا.
(8) في المطبوعة: الشيرازي.
(9) بالأصل وخع: كبيرا.
299

مسجد عند قنطرة بن مدلج ويعرف بمسجد القطيط له إمام ومؤذن وعلى بابه قناة
تعرف بالمحندرة (1)
مسجد الزينبي في سويقة باب توما له إمام ومؤذن وعلى بابه قناة قديمة وسقاية
مستجدة
مسجد عند باب توما يعرف بصعلوك النجار عند بابه قناة
مسجد معلق عن يسار الداخل من باب توما عند المعصرة يعرف بمسجد البرزي
ملاصق للسور معطل
مسجد عند دار عضب الدولة بن لطيف في درب حمام العلوي
مسجد في مربعة القزسفل كبير بناه الشريف الزيدي له وقف وإمام
مسجد بحذاء دار الأمير نوح التي تعرف بدار بن عفصد النصراني كان متبنا فجعله
نوح مسجدا
مسجد في زقاق الحيش (2) طباقه مسجد علو لها منارة تعرف بمسجد عبدة
القزاز (3) مسجد في رحبة خالد قديم سفل على بابه قناة
مسجد قبلة كنيسة اليعقوبيين (4) سفل لطيف له منارة
مسجد آخر شامي الكنيسة كبير له إمام ومؤذن ووقف وعنده قناة وسقاية
مسجد عند رأس درب طلحة من سويقة باب توما يعرف بمسجد بن عمير سفل
كبير له إمام ومؤذن ووقف
مسجد شرقيه في السويقة لطيف في سقيفة بن عمير بشباك يعرف بالفراش (5)
مسجد عند دار الشريفة التي تعرف اليوم بابن بزوي خان (6) على بابه قناة

(1) في المطبوعة: بالمنحدرة.
(2) في خع: الحبش.
(3) في المطبوعة: الفران.
(4) عن المطبوعة وبالأصل وخع: اليعفرين.
(5) كذا بالأصل وخع وفي المطبوعة: بابن الفراش.
(6) في المطبوعة: ابن بوري حسان.
300

مسجد عند الشلاحة في درب السوسي له منارة مستجدة وله إمام ووقف
مسجد في رأس سوق الغزل عند قناة درب العلق يعرف بابن البياعة له إمام
ووقف (1)
مسجد آخر في سوق الغزل فيه شجرة توت وعنده سقاية جدده نور الدين رحمة
الله تعالى عليه يعرف بأصحاب الشافعي فتغلب عليه وجرت فيه منازعة
مسجد مربعة القطن ويعرف بمسجد الشريف قديم جدده الشريف خير الهاشمي
المحتسب
مسجد بن أبي الحديد المعلق فوق القناة كبير قديم له منارة ومؤذن وإمام
ووقف وعند درجته مسجد سفل مهجور
مسجد بن عوف في سوق القناديل عند حمام حديد سفل لطيف له وقف
وإمام
مسجد بشباك وفوقه مسجد معلق له منارة وإمام ومؤذن يعرف بمسجد فيروز
ومنارة فيروز
مسجد عند قناة بن المثالي (2) كبير سفل لطيف له إمام ومؤذن ووقف كان كنيسة
للنصارى فجعل مسجدا
مسجد عند قناة صالح بقرب درب كراز بن (3) الفوريق معلق لطيف وتحته قناة
صالح
مسجد في درب حميد بن درة عند الزقاقين (4) لطيف قديم له وقف
وفوقه مسجد بناه ابن الصقيل (5) وخرب
مسجد عند رأس درب الشاشة (6) كان كنيسة للنصارى ثم خربت فجعل بعد ذلك

(1) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن المطبوعة.
(2) في المطبوعة: الماشكي.
(3) في المطبوعة: كراز من الفورنق.
(4) بالأصل: الرقاقين " وفي خع " الرفافين " والمثبت عن المطبوعة.
(5) في المطبوعة: ابن الصيقل.
(6) في خع: النقاشة.
301

مسجدا له منارة خشب وإمام ومؤذن ووقف
مسجد عند رأس درب كراب (1) يعرف بابن اكمجري (2) له إمام ووقف
مسجد في الفوريق (3) الذي يعرف اليوم بالخبيق (4) كبير كان كنيسة للنصارى
فجعل مسجدا وجدده يوسف الخادم على يدي أبي اليمن المغربي متولي الشام (5) الشرطة فعرف به على بابه سقاية مستجدة بناها الأمير نور الدين رحمة الله تعالى عليه
مسجد داخل الجنيق بقرب الشلاحة في درب شابور كان قديما فخرب فجدده
أبو طالب بن محسن النامي (6)
مسجد في الخييق (7) أيضا يعرف بمسجد الخييق (7) له إمام ووقف ومؤذن
مسجد في شآمي سوق الكبير (8) بناه القاضي أبو الحاج (9) له وقف وإمام وعنده
قناة
مسجد في الديماس عند (10) عمود مخلوق لطيف
مسجد في زقاق صفوان لطيف
مسجد عند حمام أبي الطيب بناه ابن فيروز
مسجد الأوزاعي مقابل دار ابن البري قديم جددته ابنة (11) الريس أبي الذؤاد
المفرج بن الصوفي وبنت فيه منارة له إمام ووقف
302

مسجد ابن حماز في درب عجلان خلف قيسارية الفرش قديما له إمام ووقف
ومؤذن
مسجد سوق الأحد يعرف بمسجد العباسي (1) قبلة المطرزيين قديم له بابان على
أحدهما سقاية وقناة وعلى الآخر قناة أخرى عندها مسجد لطيف بشباك
مسجد (2) في الجينق يعرف بخواجة (3) يعقوب له وقف وإمام
مسجد عند دار ابن الشحارة جدد على الشنباشي له وقف وإمام
مسجد في طرف سوق اللؤلؤ في درب بن شفور بشباك
مسجد في سوق أم حكيم لطيف بشباك له قناة
مسجد رحبة البصل كبير له بابان وعنده سقاية وقناة
مسجد في دار الوزير المزدقاني معلق أنشأه الوزير أبو علي المزدقاني
مسجد في رأس عقبة الصوف معلق له منارة مستجدة أنشأها الوزير المزدقاني
له بابان
مسجد في عقبة الصوف في دار ابن الأعيرج سفل لطيف
مسجد السراجين المعلق عند رأس الأساكفة العتق الملاصق بحصن جيرون له
إمام ومؤذن
مسجد سوق الصفارين له بابان إلى الصفارين وإلى الأساكفة وله إمام
ووقف
مسجد عند حمام من كلي سفل
مسجد في دار الماء خلف الحصن سفل (4) مستجد
303

مسجد مقابل باب السلامة (1) سفل له إمام ووقف
مسجد في باب العلي سفل لطيف بشباك قديم يقال له مسجد أوس بن أوس الثقفي
الصحابي
مسجد في جيرون بين الناس سفل لطيف بشباك يقال (2) إن فيه ذبح يحيى بن
زكريا عليهما السلام ويقال إن الدعاء فيه مستجاب
مسجد فوقه معلق له إمام ووقف
مسجد في سقيفة القطعي داخل جيرون بشباك عنده قناة (3) بقرب المدرسة
مسجد بالمدرسة المعروفة بدار طرخان وهي كانت قديمة للشريف أبي
عبد الله بن أبي الحسن فوقفها سنقر الموصلي وجعلها مدرسة لأصحاب أبي حنيفة
مسجد في طرف درب خفيف سفل بناه الفقيه أبو البركات بن عبد في داره (4)
مسجد آخر في درب خفيف سفل لطيف
مسجد آخر في درب خفيف لطيف بشباك مقابل دار أبي الفهم بن الشيرحي
مسجد عند باب المسجد الجامع يعرف بمشهد الرأس فيه قناة يقال إن رأس
الحسين بن علي عليهما السلام وضع فيه حين أوتي به إلى دمشق له إمام ووقف
مسجد على الدرج يعرف بمسجد عمر رضي الله تعالى عنه بناه رجل من العجم
لرؤيا رأيت له له إمام
مسجد في درب كشك عند الأطباقين وكان الدرب قديما يعرف بقراقروت (5) الحجري سفل صغير بشباك

(1) بعدها في المطبوعة: يعرف بمسجد تميس.
(2) بالأصل: فقال.
(3) بالأصل وخع: كنا.
(4) ما بين معكوفتين زيادة عن المطبوعة 3 / 72.
(5) المطبوعة: قراقرون.
304

مسجد آخر داخل هذا الدرب كان قد نقلت إليه
وجعل مبيتا فرده أنر بن عبد الله مسجدا وهو قديم مسجد في مدرسة الحنابلة عند قناة جيرون مسجد باب
الفراديس داخل الباب ملاصق السور له منارة وفيه قناة مسجد في درب قليد عند سوق
الكبير بناه العابد دلال سفل لطيف مسجد ابن عبدان في درب الريحان له سفل له وقف
وإمام مسجد آخر في درب الريحان لطيف سفل بشباك له وقف وإمام مسجد آخر في درب
الريحان لطيف سفل بشباك يقال إن أحدهما مسجد يزيد بن نبيشة القرشي الصحابي مسجد
لطيف سفل بشباك عند باب درب بن مترود عند حمام سويد مسجد في سوق القمح مقابل
قيسارية الوزير سفل كبير له إمام مسجد آخر في سوق القمح عند باب الحمام الجديد النوري
لطيف سفل له إمام وعلى بابه قناة وكان فيه كأس يجري فيه الماء فعطل مسجد عند
زقاق الدر في الطريق النافذ إلى قيسارية السلطان سفل مستجد بناه ابن العكبري له إمام
ومؤذن ووقف مسجد في دار بن بشر الذي يعرف اليوم بدرب الغيبان مسجد في
المدرسة الأمينية التي مقابل دار الخيل بناه كمشتكين بن عبد الله المعروف بأمين الدولة
305

مسجد في المدرسة النورية التي في القبابين بقرب الخواصين
مسجد مستجد في درب بعز (1) صغير بشباك
مسجد في مدرسة ابن (2) مير الكردي التي كانت دار الشريف القاضي بن أبي
الجن (3)
مسجد عند القباب عند القنطرة (4) يرف بمسجد عائشة سفل لطيف له إمام ولم
تدخل عائشة رضي الله تعالى عنها الشام قط
مسجد في المدرسة الصادرية التي تعرف على باب الجامع مما يلي باب البريد
بناها الأمير صادر
مسجد بحضرة حمام العقيقي كبير سفل على بابه سقاية وقناة له إمام
مسجد بالأقريس سفل لطيف له إمام
مسجد في درب الكتان (5) سفل صغير بشباك
مسجد آخر في درب دار الكتان (6) يعرف بابن القابتي (7) سفل صغير
مسجد في المدرسة التي أوقفها الأمير أكز في محلة الكنيسة
مسجد معلق قبل هذه المدرسة أنشأه الشريف أبو (8) الدولة أبو القاسم بن أبي
الجن (3)
مسجد صغير جدا بشباك في رأس حارة البلاطة
مسجد معلق مستجد بناه مشرف العرضي في حارة البلاطة له إمام ومؤذن

(1) في الدارس: " معين " وفي المطبوعة معن.
(2) في الدارس 2 / 255: بزان بن يامين.
(3) بالأصل: " ابن أبي الحسن " خطأ والصواب عن الدارس.
(4) بالأصل: " المققر المقفرة " والصواب عن الدارس.
(5) في الدارس والمطبوعة: اللبان.
(6) في لادارس: في طرف درب اللبان.
(7) في الدارس: القاشي.
(8) في الدارس: ولي الدولة.
306

مسجد في حجر الذهب أسفل عند دار ابن يغمور (1) على بابه قناة يقال له إمام
وعنده شجرة توت
مسجد في رأس درب الأنصار على طريق باب البريد سفل لطيف عنده قناة
مسجد عند قصر الثقفيين عند المدرسة (2) سفل
مسجد في المدرسة المعينية في قصر الثقفيين
مسجد عند حمام القصير لطيف كان سفلا فجعل علوا له إمام وعلى بابه قناة
مسجد في المدرسة النورية التي داخل باب الفرج الآن ملاصقة لزقاق العسل
والسور عند حمام القصير
مسجد صغير داخل باب الفرج لم يحوط عليه بحائط خرب (3)
مسجد في درب الهاشمي من حجر الذهب عند دار الأمير حكك (4) له إمام
ووقف
ومسجد فوق عين (5) التفليسي من (6) حجر الذهبي له إمام ووقف
مسجد في المدرسة النورية التي أوقفها على المالكية من حجر الذهب
مسجد سفل لطيف عند باب دار الشريف السيد من (6) حجر الذهب بناه الأمير أكز (7)
مسجد شآم هذه الدار سفل له إمام بناه سنقر الموصلي
مسجد في درب الشغارين سفل لطيف

(1) عن الدارس للنعيمي وبالأصل: " يعمود " وفي خع: " يعمور ".
(2) في الدارس: المدرسة النورية.
(3) زيادة عن الدارس للنعيمي 2 / 257.
(4) في الدارس: كجك.
(5) بالأصل " غير " والمثبت عن المطبوعة، وفي الدارس: " نهر ".
(6) عن الدارس وبالأصل " بن ".
(7) عن الدارس وبالأصل: كنر ".
307

مسجد بباب الجابية يعرف بمسجد بن عطية رأس درب الأسديين سفل كبير له
منارة ووقف وإمام مسجد لطيف في حارة الغرباء مسجد عند باب اصطبل العمارة سفل
لطيف خلف باب الحمار المسدد مسجد في دار محله عند النهر سفل لطيف له وقف
وإمام أنشأه محمد النائب وفي القلعة المحروسة المسجد الكبير الذي أنشأه
الملك العادل نور الدين أدام الله تعالى سلطانه فيه منارة وبركة وعلى بابه سفله
وله إمام ومؤذن ووقف مسجد عند الدركاة لطيف سفل مسجد في الدركاة لطيف
سفل أنشأه نور الدين مسجد آخر قبلي القلعة فيه عريش وله إمام واحد مسجد
داخل باب القلعة معلق تحته سقاية فهذه مساجد البلد المحصاة بالتعريف
والعدد ومبلغها اثنان وأربعون مسجدا فأما ما عداها من المساجد التي في أرباضه
فظاهرة مما ليس في قرية مسكونة أو معمورة من ظواهره فالتي منها من ناحية القبلة
مسجد على باب الصغير ملاصق للسور كبير يعرف بباب شجاع له منارة خربت ووقف
308

ومؤذن وإمام وفيه بئر وعلى بابه مطهرة مسجد يعرف بعبد الملك لطيف بالشاغور
عند بابه السقاية مسجد العناية بالشاغور عند دار ابن أبي الفدا كبير له إمام
ووقف مسجد الجوزة في حارة بين النهرين له إمام ووقف مسجد زقاق الموقف
المعروف بمهود له إمام ووقف مسجد عند زقاق بن باقي يعرف بنصر الله مسجد كبير
معلق على المزاز له وقف وإمام مسجد عند زقاق الجوز مسجد الفقيه عند دار
عبد الرحمن القطني مسجد عند دار باب القشر له إمام مسجد يعرف بقبيبة
النور خارج باب الشاغور وقبله القشر مسجد بين حجيرا وراوية على قبر مدرك
بن زياد الذي يقال إن له صحبة ولم يذكره أهل العلم في كتبهم مسجد راوية مستجد
على قبر أم كلثوم وأم كلثوم هذه ليست بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
التي كانت عند عثمان لأن تلك ماتت في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) ودفنت
بالمدينة ولا هي أم كلثوم بنت علي من فاطمة التي تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى
عنه لأنها ماتت هي وابنها زيد بن عمر بالمدينة في يوم واحد ودفنا بالبقيع
وإنما
309

هي امرأة من أهل البيت سميت بهذا الاسم ولا يحفظ نسبها ومسجدها مسجد بناه
رجل قرقوبي من أهل حلب
مسجد الجنائز بباب الصغير بسوق الغنم كبير قديم خرب فجدده جراح
المنيحي فيه بئر (1)
مسجد خارج سوق الغنم في طرف المقبرة بناه رجل اسمه مظلوم
مسجد في فندق أبي طاهر بن عفيف الفارقي شآم المقبرة
مسجد يعرف بمسجد سكينة في وسط المقبرة بقرب قبر بلال رضي الله تعالى عنه
مسجد في شرقي المقبرة محاذي قبة العقيقي بناه نصير (2) الحفار
مسجد في بستان بن الشيرجي في طرف المقبرة من الشرق بناه أبو غالب بن
الشيرجي
مسجد يعرف بمسجد الخضر وبمسجد سكينة فيه بئر وعلى بابه (3) وله منارة لطيفة
مسجد الصفصافة قبلي مسجد الخضر فيه بئر (4)
مسجد السماقة شرقي الشاغور بقرب الخندق بناه رجل أعجمي وفيه بئر (4)
مسجد قراما (5) قرية كانت خربت قبلي مقابر اليهود خرب لم يبق منه غير
المحراب
مسجد كشار (6) قبل فذايا قرية كانت فخربت وبقي المسجد
والتي منها من ناحية الشرق
فمسجد على باب شرقي يعرف بمسجد الجنائز على بابه بئر وليس له سقف

(1) زيادة عن الدارس 2 / 261.
(2) في الدارس: نصر.
(3) بياض قدر كلمة بالأصل وخع، وقوله: " على بايه " ليست في الدارس.
(4) عن الدارس وبالأصل " فيه بين ".
(5) في الدارس: " فذايا " انظر ياقوت.
(6) في الدارس: " كنانة " وفي المطبوعة: " كثار ".
310

مسجد على ضفة نهر المجدول
مسجد (1) عطاء الحاجب في الخامس فيه بئر
مسجد شرقية يعرف بلاسق (2) المكردي
مسجد عند المائدة والحجر (3) في طريق الغياض بناه الملك العادل أدام الله تعالى
سلطانه نور الدين
مسجد أبي صالح مسجد قديم كان يلزمه أبو بكر بن سيد حمدية (4) الزاهد وخلفه
فيه أبو صالح صاحبه فنسب إليه سكنه جماعة من الصالحين فيه بئر وله وقف وإمام
مسجد شرقية بقرب الرحا الأحد عشرية
مسجد بناه أبو القاسم بن الفسيتقة
مسجد قبلي أندر الباب الشرقي بقرب الخندق مستجد وفيه بئر
مسجد في مقبرة أبي المغيرة المعروف بعضب الدولة (5)
مسجد في مقبرة باب (6) توما عند نهر المجدول وبقرب الصوفانية (7) يعرف
بخالد بن الوليد لأنه صلى فيه وقت الحصار وهو أول مسجد صلي فيه بدمشق
وأما التي من ناحية الشام بشرق
فمسجد على باب توما ملاصق بالسور على يمين الخارج له منارة وإمام وعلى بابه
سقاية وقناة
مسجد على النهر يعرف بمسجد الكنيسة كان كنيسة للنصارى فجعل مسجدا
مسجد في عقب الجسر (8) عن يمين الخارج يعرف بمسجد التبكير على بابه قناة

(1) الزيادة عن خع، سقطت من الأصل.
(2) كذا بالأصل وخع: وفي الدارس 2 / 262 ببلاشو الكردي.
(3) في الدارس: المائدة الحجر، بدون الواو.
(4) في الدارس: حمدويه " وفي المطبوعة: حمدونة.
(5) في الدارس 2 / 263 مسجد في مقبرة آبق المعروف بعضد الدولة.
(6) بالأصل: با.
(7) في الدارس: الصفوانية.
(8) عن الدارس وبالأصل: الحسن.
311

مسجد آخر عند باب الجسر عن يسار الخارج بناه رجل يعرف بالبلبل
مسجد السبعة أنابيب له منارة خشب وعنده سقاية مسجد في الجزرية مقابل حمام عصفور ليس له سقف
مسجد على ضفة نهر داعية قبل عين الكند مسجد بقبة غربي رحا الأشنان بالخشبيين
مسجد آخر شرقي رحى الأشنان مسجد آخر أيضا شرقيه بنته امرأة
مسجد عند رحا السمرية لم يتمم مسجد عند رحا بن أبي الحديد بقرب دير السروري
مسجد يعرف بمسجد النبي (صلى الله عليه وسلم) في أرض المصيصة له منارة
مسجد المصيصة كانت قرية عامرة فخربت شرقي بيت لهيا مسجد لطيف في طريق بيت
لهيا عند مستظل قناة الزنيني مسجد عند جسر نورة قبل أن يصل إلى مسجد العباسي
استجده إبراهيم بن محمد السني مسجد العباسي على طريق حرستا مسجد عند قبر عنده
قبة ومصنع في طريق حرستا وإبراهيم المعروف مسجد عند الناعمة على الجسر على طريق
312

برزة مسجد شطرا قرية كانت فخربت بين البساتين يقرب من بيت لهيا مسجد عند جسر
فروا على نهر تورة خراب السقف مسجد عند رأس زقاق شطرا يعرف بمسجد القصب على
بابه قناة قديم مسجد عند حرتعلة عند النهر أنشأه أبو طاهر بن البيضاوي مسجد
في الدباغة خارج باب توما مسجد على باب طاحونة الدباغة صغير مسجد عن عقب جسر
باب السلامة على النهر مسجد عند عين كمشتكين والوراقة القديمة مسجد في زقاق
الزمان بقرب العقيبة له منارة مسجد كبير خارج باب الفراديس في عقب الجسر
على يمين الخارج فيه بركة وسقاية وله إمام ووقف ووظائف وطاقات إلى النهر
أنشأه الأمير بزان بن يامين الكردي مسجد على الجسر أيضا عن يسار الخارج
لطيف وله شباك على نهر بردا مسجد في العقيبة عند الفرن لطيف مسجد
الجوزة بالعقيبة فيه بركة وله إمام ووقف وعلى بابه سقاية مسجد صغير على
النهر جوار دف المغربل بناه رجل كلاس مسجد الزيتونة مسجد قديم تنسب إليه
أراضي حوله مسجد آخر بالعقيبة على طريق المقبرة يعرف بجعفر الضرير فيه بئر
313

مسجد في رأس العقيبة عند مفرق الطرق
مسجد فيروز في المقابر كان مسجدا قديما يصلى فيه على الجنائز فخرب
وجددته امرأة الحاجب فيروز (1) فيه بركة ومنارة وعلى بابه قناة
مسجد في غربي المقبرة على النهر لطيف أنشأه أبو محمد بن طاوس المقرئ
خطيب جامع دمشق (2)
مسجد لطيف في شرقي المقبرة بقرب (3) بستان ابن صدقة
مسجد في عقب الجسر (4) عند الرحى الزبيرية يعرف بمسجد سواقة
مسجد عند قصر اللباد وهو دير مسكون
مسجد عند بيت أبيات يعرف بمسجد آدم عليه السلام قديم جدده الحاجب عطاء
مسجد الميطور (5) بناه السلار (6) إسماعيل بن عمر بن بختيار
مسجد عند الميطور (5) بناه حسن العماني القصاب
مسجد في غربي العقيبة عند رحى المنشر (7) يعرف بمسجد الخادم له شبابيك على نهر بردا
مسجد عند طرف أندر بن عقيل ودار أم البنين بناه أبو عامر الآجري له منارة لم يتمم
مسجد في مقبرة الأمير قرواش (8) عند دار ابن الحكاك

(1) عن الدارس 2 / 267 وبالأصل: قيرون.
(2) الزيادة عن الدارس 2 / 267.
(3) عن الدارس وبالأصل: يعرف.
(4) عن الدارس وبالأصل: " الحسن ".
(5) عن الدارس وبالأصل وخع: المطيور.
(6) عن خع وبالأصل " السلام " وانظر الدارس 2 / 267.
(7) بالأصل " الميشر " وفي خع: " رخا المبشر " والمثبت عن الدارس.
(8) الزيادة عن الدارس 2 / 268.
314

مسجد الصرف في غربي مقبرة الفراديس على النهر له منارة
مسجد عند عقب جسر نهر يزيد عند طريق المغارة له وقف (1)
مسجد لطيف شرقيه بناه الفقيه إبراهيم بن منجا عند قبره
مسجد قبر سمعان (2) له منارة
مسجد آخر شامه بنته امرأة تعرف بالحاجة (3)
مسجد في البستان (4) بني لأجل عبد الرحمن الحلحولي (5) الزاهد رحمه الله
تعالى قبر فيه لما (6) استشهد
مسجد آخر في سفح الجبل على طريق المغارة بنته عائشة الزاهدة
مسجد آخر في طريق المغارة أنشأه أبو المجد المطرز (7)
مسجد مغارة الدم
مسجد الدير الذي (8) كان لرهبان النصارى فجعل مسجدا وخرب (8)
مسجد غربي بابه لطيف بقبة
مسجد آخر فوق المغارة
مسجد على ضفة نهر المجدول بقرب باب الفراديس يعرف بجناح الدولة حسين
ثم عرف بابن البغدادي له وقف
مسجد غربيه يعرف بمسجد الدهان يتطرق إلى كل منهما بجسر
مسجد عند عقب جسر باب الحديد أنشأه نور الدين

(1) بعد زيادة في الدارس: بنته أم البنين ابنة الأمير حسن خان.
(2) في الدارس: دير شعبان.
(3) في الدارس: بالحاجبية.
(4) عن الدارس وبالأصل " اليسار ".
(5) في الأصل: الحاجولي " وفي الدارس: الجلجولي " والمثبت عن المطبوعة 2 / 86.
(6) زيادة عن الدارس، وفي الأصل: " استهر " والمثبت عن الدارس أيضا 2 / 269.
315

مسجد خاتون المغنية تحت القلعة المحروسة تعرف جسر باب الجديد
مسجد في عقب جسر الوزير صغير بناه رجل أعجمي له وقف مسجد في عقب جسر الحمام
والبيمارستان النوري الجديد مسجد عند مقبرة المعين أنر لطيف مسجد عند عين
القصارين التي عند عوينة الحمى مسجد شرقي عين القصارين قبل أن يصعد إلى عوينة الحمى
مسجد عوينة الحمى كبير له منارة مسجد بجنبيه من الغرب لطيف مسجد الوزير المزدقاني
عند رأس زقاق الأرزة كبير له منارة وإمام وفيه سقاية وبركة وعلى بابه سقاية
مسجد ترمس من غربيه لطيف مسجد خطلخ من شامه بينهما الطريق مسجد في مقبرة الأكراد
بناه رجل بغدادي اسمه علي كان جمالا ثم زهد مسجد في طرف مقبرة الأكراد صغير
بابه من البستان مسجد الأرزة قرية كانت عامرة فخربت كبير له وقف وفيه منارة
316

مسجد عند الجسر الأبيض على نهر ثوره من قبلته على منارة خشب مسجد من شامه في
عقب الجسر بناه زيد العاملي مسجد عند دير أبي العباس عند عقب جسر نهر يزيد
على طريق الكهف مسجد آخر بقربه من الشرق مسجد آخر بقربهما مسجد آخر
بقربهم لم يسقف مسجد الكهف في الجبل بقرب مغاير شداد مسجد مغارة الجوع في
لحف الجبل مسجد في دير الحوراني بقبة مسجد بناه أبو الحزم بن صعلوك
العسقلاني لأحمد الجماعيلي مسجد بناه رجل أعجمي كان قد ضمن دار الوكالة بقربه
مسجد شعبان لطيف كان قديما فخرب فجدده أبو البقاء بن البيطار مسجد آخر
غربي مسجد شعبان وأما التي في غربه فمسجد باب الحديد المعروف بمرج
الأشعريين ويعرف بمسجد الإجابة ومسجد من شامه على الطريق يعرف كادم يعرف
بعزيز الدولة مسجد في شآم المرج يعرف بمسجد الخفاني مسجد كبير مستجد في
قبة قبر الملك دقاق المعروفة بقبة الطواويس في الرباط بنته خاتون أم
دقاق مسجد من غربه يشرف على عين الديباج التي عند باب الميدان بناه سالم الفراش
317

مسجد آخر الميدان من شامه بناه رجل جندي (1)
مسجد عند قصر شمس الملوك بقرب السمانين (2) بناه الحاج نصر الفراش
مسجد في النيرب (3) الأسفل بناه أبو محمد بن منصور النهراني (4)
مسجد في السهم عند بستان ابن الشحاذة (5) مقابل جسر تورة
مسجد النيرب من مساجد القرى
مسجد الديلمي
مسجد أنشأه العالم الزاهد عند فم القنوات مقابل الربوة
مسجد باب الجنان (6) المسدود تحت القلعة كان قديما فشعث فجددته امرأة
الحاجب إسرائيل
مسجد بقبة (7) عند باب بستان ابن خواجة (8) على نهر بأناس (9) بنته امرأة من
نساء الجند (10) اسمها قرة (11) فيه مقبرة (12)
مسجد غربيه قبلي نهر بأناس (8) على الطريق بناه المحاضري (13)
مسجد من شآم النهر من قبلة الميدان صغير بناه الملك العادل نور الدين
أدام الله تعالى سلطانه

(1) زيادة عن الدارس.
(2) عن الدارس وبالأصل: الشحابين.
(3) عن الدارس وبالأصل وخع: البيوت.
(4) الزيادة عن الدارس 2 / 272.
(5) عن الدارس وبالأصل وخع: السجادة.
(6) عن الدارس 2 / 274 وبالأصل " الجمان " وفي خع: الحنان.
(7) بالأصل وخع: بقية، والمثبت عن الدارس.
(8) في الدارس: خواجة مكي.
(9) في الدارس: نهر بانياس.
(10) عن الدارس وبالأصل وخع: الخيل.
(11) بالأصل وخع: " قمر " والمثبت عن الدارس.
(12) في الدارس جعله مسجدين: الأول بقرب نهر بانياس، والثاني على نهر بانياس.
(13) الأصل وخع، وفي الدارس: المجامري.
318

مسجد غربيه كبير بناه الأمير الاسفهسلار (1) شيركوه
مسجد في موضع القبة المعروفة بقبة مودود (2) بناه الملك العادل
مسجد في علو الرحى في الرباط الذي وقفه الملك العادل
مسجد يشرف على نهر بأناس يعرف بمسجد الفراش بناه محمد فراش
خاتون (3)
مسجد خاتون زمرد الكبير الذي بني في موضع تل (4) الثعالب محاذي صنعاء له
منارة ووقف وإمام ومؤذن وفيه سقاية
مسجد عند زيتون المساكين من أرض المزة (5) على نهر القنوات
مستجد (6) بناه عمر النجار
مسجد معلق على باب الجابية ملاصق السور لطيف بشباك
مسجد معلق عند الحمام والسقاية خارج باب الجابية بناه الأمير شيركوه (7)
مسجد معاوية من أرض قينية على طريق المزة وداريا فيه بئر (8)
مسجد في طرف زقاق الحصا يعرف بمسجد الكرومية (9)
مسجد خواجة على طريق كفرسوسيا (10) من أرض قريو الحميريين
مسجد السلاسل مسجد كوفي شامي وفي الحميرين مسجد السلسلا قبل أن نصل
إلى النهر

(1) بالأصل: " الاسفهسلان " والمثبت عن الدارس. وفي: الاسفهسلاني.
(2) في خ: " موروز " وفي الدارس: ممدود.
(3) الزيادة عن الدارس.
(4) بالأصل وخع " بل " والصواب عن الدارس.
(5) الزيادة عن الدارس.
(6) كذا، وفي الدارس " مسجد " وجعله مسجدا مستقلا.
(7) الأصل وخع: " شبروك " والمثبت عن الدارس وفيه: الأمير أسد الدين شيركوه.
(8) بالأصل وخع " بين " والمثبت عن الدارس.
(9) في الدارس: الكرامية.
(10) عن الدارس.
319

مسجد آخر عند النهر بالحميريين لطيف
مسجد قرية الحميريين كبير كان يقام فيه الجمعة قبل أن تخرب قرية الحميريين
مسجد بني ملهم بقبة عند الديلميات بناه الأمير أبو المكارم بن هلال
مسجد في قصر حجاج كبير على بابه قناة بناه الأمير
علي كرد وجدده ابنه الأمير أبو طالب له إمام ووقف
مسجد بني ملهم في حارة الفلاحين
مسجد خلف السور من قصر الحجاج
مسجد في حارة الكوزيين
مسجد آخر بقربه
مسجد منصور المؤذن في السوق
مسجد في حارة الميدان المعروفة بالمنية
مسجد آخر فيها
ومسجد آخر فيها
مسجد على الطريق العظمى إلى جانبه بابين
مسجد على النهر بقرب باب الجابية
مسجد آخر على النهر يعرف بحامد
مسجد بقرب أويس القرني وفندق ابن العنازة بنته امرأة
مسجد يعرف بمسجد الكشك عند جسر سوق الدواب
مسجد في شرقي الجسر يعرف بالخزرية
مسجد آخر من القبلة لم يتم
320

مسجد الحجر ويعرف بمسجد النارنج (1) قبلة المصلى من شرقيه كبير فيه
بئر وسقاية وله منارة
مسجد في قصر الجنيد غربي المصلى
مسجد قبلي الميدان على طريق حوران يعرف بمسجد فلوس هو بناه وفيه قبره
على بابه بئر
مسجد يعرف بالمسجد الجديد (2) في موضع محلة السفليين بناه رجل قرقوبي
فيه بئر وعلى بابه بئر وله منارة
مسجد في القطائع شرقي المسجد الجديد في الأندر (3)
مسجد في القطائع أيضا
مسجد القديم بقرب غالية وعويلية قديم جدده أبو البركات محمد بن الحسن بن
طاهر وفيه قبر جد أبيه لأمه أبي الحسن بن البران (4) الواعظ الزاهد له منارة
ووقف ويقال إن قبر موسى عليه الصلاة والسلام فيه وفيه بئر وعلى بابه بئر
وهذا ما عرفت من مساجدها والذي وقفت عليه من مشاهدها وكثرتها تدل على
اهتمام أهلها بالدين وكثرة المصلين فيها والمتعبدين
فأما ما أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن المسلم السلمي الفقيه
أنبأنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني
وأخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد أنبأنا جدي أبو عبد الله الحسن قالا
أنبأنا أبو بكر محمد بن خريم (5) أنبأنا هشام بن عمار أنبأنا المغيرة بن المغيرة
أنبأنا عثمان بن عطاء عن أبيه قال لما افتتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه البلدان

(1) بالأصل: التاريخ.
(2) بالأصل " والحريس " وفي خع " الحرير " والمثبت عن الدارس.
(3) بالأصل " الأبدان " والمثبت عن الدارس.
(4) كذا وفي الدارس " أبي الحسن علي بن المواعظ " وفي خع: " أبي الحسن بن البراز " وفي المطبوعة: " أبي
الحسن بن... الواعظ ".
(5) بالأصل وخع: " خزيم " تحريف.
321

كتب إلى أبي موسى الأشعري وهو على البصرة يأمره أن يتخذ للجماعة مسجدا
ويتخذ للقبائل مساجد (1) فإذا كان يوم الجمعة انضموا إلى مسجد الجماعة فشهدوا
الجمعة
وكتب إلى سعد بن أبي وقاص وهو على الكوفة بمثل ذلك (2)
وكتب إلى عمرو بن العاص وهو على مصر بمثل ذلك
وكتب إلى أمراء أجناد (3) الشام ألا يتبدوا إلى القرى ويتركوا المدائن وأن
يتخذوا في كل مدينة مسجدا واحدا ولا يتخذوا للقبائل (4) مساجد كما اتخذ أهل
الكوفة والبصرة وأهل مصر
وكان الناس ممسكين (5) بأمر عمر وعهده
وأنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب وأنبأنا أبو بكر أنبأنا أبو محمد
عبد العزيز بن أحمد أنبأنا عبد الرحمن بن عثمان أنبأنا أبو الميمون بن راشد أنبأنا
يزيد يعني علي بن محمد بن عبد الصمد أنبأنا أبو مسهر أنبأنا أبو محمد بن
عطاء عن أبيه قال لما قدم عمر الشام أمر أن لا يتخذ في المدينة مسجدان وإنما
أراد عمر رضي الله تعالى عنه بذلك المسجد الأعظم الذي تقام فيه الجمعة وإنما فرق
بين مدائن الشام وبين الكوفة والبصرة في الحكم لأن مدائن الشام ممصرة قبل
الإسلام فلا تقام في مصر واحد أكثر من جمعة فأما الكوفة والبصرة (6) فكل منزل
نزلته قبيلة واختطته فهو بمنزلة مصر مفرد ولم يرد بذلك (7) عمر النهي عن اتخاذ
المساجد التي لا تقام فيها الجمعة فأما مصر فإنها وإن كانت قبل الإسلام فإن
المسلمين لما افتتحوها تفرقت القبائل فيها واختطت بها خططا نسبت إليها فاشتبه
حكمها بحكم البصرة والكوفة والله تعالى أعلم

(1) بالأصل: مساجدا.
(2) الزيادة عن خع.
(3) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه وبجانبها كلمة صح.
(4) عن المطبوعة، وبالأصل " القبائل " وفي المختصر: " ولا يتخذ القبائل ".
(5) الأصل وخع، وفي المختصر: متمسكين.
(6) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة.
(7) بالأصل وخع: " ذلك " والصواب عن المختصر.
322

" باب
ذكر فضل المساجد المقصودة بالزيارة (1)
كالربوة ومقام إبراهيم وكهف جبريل والمغارة "
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ أنبأنا محمد بن
حمدان بن أحمد بن علي بن شكرويه أنبأنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه أنبأنا
أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا أبو المثنى معاذ بن المثنى بن
معاذ العنبري أنبأنا مسدد أنبأنا يحيى هو ابن سعيد القطان عن عبد الله قال أبو
المثنى أراه ابن العيزار (2) سمعت رجلا يقول سمعت عبد الله بن عمرو يقول
ما من مسلم يأتي زيارة (3) من الأرض أو مسجدا بني بأحجار فصلى فيه إلا قالت
الأرض سل الله تعالى في أرضه واشهد لك يوم تلقاه
قد تقدم في باب ذكر الإيضاح والبيان عما ورد في فضل دمشق من القرآن (4) ما
نقل عن العلماء من أهل القدرة من أن ربوة دمشق هي التي سماها الله تبارك وتعالى في
كتابه بالربوة (5)
قرأت على أبي محمد عبد (6) الكريم بن حمزة عن عبد العزيز بن أحمد
أنبأنا تمام الرازي أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج البرامي أنبأنا أبو

(1) بالأصل وخع: " بالزيادة " والمثبت عن المختصر 1 / 277.
(2) في الأصل: " الغيرار " وفي خع: " العذار ".
(3) بالأصل: زيادة.
(4) انظر المجلد الأول من كتابنا.
(5) إشارة إلى قوله تعالى: المؤمنون: 50: (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين). انظر مختلف الأقوال في
هذه الآية في الباب المذكور، في المجلد الأول.
(6) بالأصل وخع: عبيد.
323

إسحاق بن عبد الرحيم دحيم أنبأنا هشام بن عمار أنبأنا الوليد بن مسلم أنبأنا
الأوزاعي عن حسان بن عطية أن ملكا من ملوك بني إسرائيل حضره الموت وأوصى
الملك لرجل حتى يدرك ابنه فكانوا يؤملون أن يدرك ابنه فتملكوه (1) ويكون مكان
أبيه
فأتى عليه فقبض قال فخرجوا (2) عليه فلما خرج (3) بجنازته وفيهم
عيسى بن مريم عليه السلام فدنا من أمه فقال أرأيت إن أنا أحييت لك ابنك أتؤمنين
بي وتتبعيني (4) قالت نعم فدعا الله تعالى فجعلت أكفانه تتحلل (5) عنه استوى
جالسا فقال هذا عمك (6) بن الساحرة وطلبوه حتى انتهى إلى شعب النيرب (7)
فاعتصم منهم بقلعة (8) على صخرة متعالية فأتاه إبليس (9) لعنه الله تعالى فقال
جئتك وما اعتذر إليك من شئ هذا أنت لم تنافسهم في دنياهم ولا بشبر (10) من
الأرض صنعوا بك ما صنعوا فلو ألقيت نفسك من هذا المكان فتلقاك روح القدس
فيذهب بك إلى ربك فنستريح منهم فقال عيسى عليه الصلاة والسلام يا غوي
الطويل الغواية إني أجد فيما علمني ربي تبارك وتعالى أن لا أجرب (11) ربي حتى أعلم
أراض عني أم ساخط علي قال وزجره الله تعالى عنه فأقبلت عليهم (12) أم الغلام
فقالت يا معشر بني إسرائيل كنتم تبكون وتشقون ثيابكم جزعا عليه فلما أحياه
الله تعالى لكم أردتم قتله قالوا فما تأمرينا به قالت ايتوه فآمنوا به (13) فأتوه

(1) الأصل وخع، وفي المختصر 1 / 277 " فيملكوه " وفي المطبوعة: فيملكونه.
(2) في المختصر: فجزعوا.
(3) كذا بالأصل وخع، والصواب " فخرجوا " كما في المختصر.
(4) الأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: " وتتبعينني ".
(5) عن خع والمختصر، وبالأصل: تتخل.
(6) في المختصر: " عمل " وخع كالأصل.
(7) بالأصل وخع: " الترب " والمثبت عن المختصر.
(8) عن المختصر وبالأصل وخع: نقلته.
(9) عن خع والمختصر، ساقط من الأصل.
(10) عن المختصر وبالأصل وخع: شبر.
(11) عن المختصر، بالأصل وخع: جرب.
(12) في المطبوعة 2 / 98 عليه.
(13) زيادة عن مختصر ابن منظور.
324

فقالوا له خصلة بيننا وبينك فإن أنت فعلتها (1) آمنا بك واتبعناك قال (2) وما هي
قالوا تحيي لنا عزيرا قال دلوني على قبره فنزل عيسى معهم (3) حتى انتهوا إلى
قبره قال فتوضأ وصلى ركعتين ودعا قال فجعل قبره ينفرج (4) عنه التراب
فخرج قد ابيض نصف رأسه ولحيته وهو يقول هذا فعلك يا ابن مريم قال لم
أصنع بك هذا فعل قومك زعموا أنهم لا يؤمنون بي ولا يتبعوني حتى أحييك لهم
وهذا في هدي قومك يسير قال فأقبل عليهم يعظهم ويأمرهم بالإيمان به واتباعه
قال فقال له قومه عهدناك وأنت أسود الرأس واللحية فما لنصف رأسك (5) قد
ابيض قال إني سمعت الصيحة فظننت أنها دعوة الداعية حتى أدركني ملك فقال
إنما هي دعوة ابن مريم فانتهى الشيب إلى ما ترى
قرأت بخط أبي محمد بن صابر فيما نقله من خط أبي الحسين الرازي أخبرني
أبو العباس محمد بن جعفر بن محمد (6) بن يحيى بن حمزة الحضرمي أنبأنا جدي
أحمد أنبأنا أبي عن أبيه حدثني زفر بن عاصم بن يزيد الهلالي عن عروة بن رويم
قال حدثني رجل من أهل المدينة (7) يقال له حبيب بن عبد الرحمن (8) عن
حفص بن (9) عاصم بن عمر بن الخطاب وسألني عن دمشق وما حولها فقال
الشرق (10) مصلى الخضر عليه السلام
قرئ على أبي محمد بن الأكفاني عن عبد العزيز الكتاني أنبأنا أبو الحسين
عبد الوهاب بن جعفر بن علي الميداني أنبأنا أبو الحارث أحمد بن محمد بن عمارة

(1) بالأصل: " افعلتها " وفي خع: " أفعلتها " وفي المطبوعة: " قبلتها " والمثبت عن المختصر
(2) عن المختصر، بالأصل وخع: قالوا.
(3) عن المختصر، بالأصل وخع: معه.
(4) بالأصل: يتفرج " والمثبت عن المختصر.
(5) بالأصل " لحيتك " وقد شطبت: وعلى هامشه: رأسك وبجانبها كلمة صح وفي خع: رأسك.
(6) كذا بالأصل وخع وهو خطأ، والصواب " أحمد " وكما سيأتي مباشرة.
(7) في خع: الكوفة.
(8) بالأصل وخع: بن " تحريف.
(9) سقطت من الأصل وخع.
(10) عن المطبوعة ورسمها بالأصل " السييرت " وفي خع: " البيرت " كلاهما غير واضح، ويقصد بالشرق شرق
الجامع الأموي (هامش المطبوعة).
325

الليثي حدثنا أبو سهل سعيد بن الحسن الأصبهاني أنبأنا محمد بن أحمد بن
إبراهيم أنبأنا هشام بن عمار أنبأنا الوليد عن سعيد بن مكحول عن ابن عباس أنه
قال ولد إبراهيم بغوطة دمشق في قرية يقال لها برزة في جبل يقال له قاسيون
قرأت على أبي محمد عبد (1) عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز بن أحمد
أنبأنا تمام بن محمد أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن يعقوب أنبأنا يحيى بن
محمد بن سهل أنبأنا محمد بن يعقوب بن حبيب الغساني قال قلت
لعبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله أنبأنا محمد حدثني محمود بن
خالد عن الوليد عن الأوزاعي عن حسان بن عطية في قصة مسجد إبراهيم فقال
لي ليس كما قال إنما حدثنا به الوليد بن مسلم أنبأنا سعيد بن عبد العزيز قال
بلغني أن حسان بن عطية قال أغار ملك نبط هذا الجبل على لوط فسباه وأهله فبلغ
ذلك إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام فأقبل في طلبه في عدة من أهل بدر
ثلاثمائة وثلاثة عشر فالتقى هو وملك الجبل في صحراء يعفور فعبى (2) إبراهيم
ميمنة وميسرة وقلبا وكان أول من عبى (3) الحرب هكذا فاقتتلوا فهزمه إبراهيم
فاستنقذ (4) لوطا وأهله فأتى هذا الموضع الذي في (5) برزة الذي ينسب إلى مسجد
إبراهيم فصلى فيه
ثم قال هكذا حدثنا به الوليد
أخبرنا أبو الفضائل ناصر بن محمد القرشي قال حدثنا علي بن أحمد بن
زهير أنبأنا علي بن محمد بن شجاع قال وعن الزهري أنه قال مسجد إبراهيم
عليه الصلاة والسلام في قرية يقال لها برزة فمن صلى فيه أربع ركعات خرج من ذنوبه
كيوم ولدته أمه ويسأل الله تعالى ما شاء فإنه لا يرده خائبا
قرأت بخط أبي محمد بن عبد (6) الرحمن بن أحمد بن صابر فيما ذكر أنه وجده

(1) بالأصل وخع: " ع لي أبي عبيد الكريم " تحريف والصواب ما أثبت.
(2) عن مختصر ابن منظور 1 / 278 وبالأصل وخع: فعنى.
(3) عن مختصر ابن منظور وبالأصل وخع: عنى.
(4) عن المختصر، وبالأصل وخع: عنى.
(4) عن المختصر، وبالأصل وخع: " الذي بزرة ".
(6) بالأصل وخع: " أبي محمد بن عبيد. " خطأ.
326

بخط أبي الحسين الرازي قال وحدثني أبو الحسن أحمد بن حميد (1) بن أبي العجائز
الدمشقي قال سمعت أبي يقول قال أحمد بن سليمان البيهقي سمعت شيوخنا
الدمشقيين قديما يذكرون أن الآثارات التي بدمشق في برزة عند مسجد إبراهيم عليه
السلام التي في الجبل عند الشق إنه مكان إبراهيم وإن الآثارات التي فوق في الجبل
هي موضع رأي إبراهيم الكوكب الذي ذكر الله تعالى في كتابه " فلما رأى كوكبا قال
هذا ربي " (2) أنه كان في الجبل في ذلك الموضع وهو معروف فمن قصده
ويصلي (3) فيه ركعتين ودعا أجابه الله تعالى في دعائه وأن ذلك الجبل كان فيه لوط
النبي (صلى الله عليه وسلم) وجماعة من الأنبياء وآثارهم في مواضع من الجبل بالقرب من مسجد
إبراهيم
قال وأدركت الشيوخ يقصدونه ويقيمون فيه ويصلون ويدعون الله تعالى وهو
نافع لقوة القلب وكثرة الذنوب وأن بعض الشيوخ جاء من مكة فصلى (6) بالموضع
الذي فوق الشق الذي يقال إنه رأى إبراهيم عليه السلام فيه الكوكب وذكر (5) أنه
رأى الموضع الذي رأى فيه إبراهيم الكوكب (5) وذكر أنه رأى في نومه إن أحببت أن
ترى الموضع الذي رأى فيه إبراهيم الكوكب فاقصد دمشق واقصد موضعا يقال له
برزة عند مسجد إبراهيم فوق الجبل فصل فيه ركعتين ثم ادع بما شئت يجاب لك
فقصدت الموضع
قال وقال أحمد بن صالح فأدركت الشيوخ بدمشق قديما وهم يفضلون
مسجد إبراهيم عليه الصلاة والسلام ويقصدونه ويصلون فيه ويقرؤون ويدعون
ويذكرون أن الدعاء فيه مجاب وهو موضع شريف قديم عظيم ويذكرون عن شيوخهم (7)

(1) بالأصل وخع: " محمود " خطأ، وتقدم مرارا.
(2) سورة الأنعام، الآية: 76.
(3) في خع والمختصر 1 / 279: صلى.
(4) في خع ومختصر ابن منظور: لقسوة.
(5) هذه العبارة بين معكوفتين من المختصر والمطبوعة 2 / 101.
(6) بالأصل: فصلى.
(7) كذا وردت العبارة بالأصل وخع، وفي المختصر 1 / 279 " شيوخهم ومن أدركوا " وفي المطبوعة:
شيوخهم الذين أدركوا.
327

أدركوا من أهل العلم أنهم (1) يصححونه ويفضلونه ويقولون إنه مسجد
إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأن الشق الذي في الجبل خارج باب المسجد هو
الموضع الذي اختبأ فيه إبراهيم من النمرود الذي كان ملك دمشق في وقت إبراهيم
والدعاء فيه مجاب فمن قصد الله تعالى في ذلك الموضع ودعا فيه بنية خالصة رأى
الإجابة
قال أبو الحسين الرازي مسجد إبراهيم عليه الصلاة والسلام أحدهما في
الأشعريين والآخر في برزة
قرأت على أبي محمد بن الأكفاني عن عبد العزيز الكتاني أنبأنا عبد الوهاب
الميداني أنبأنا أبو الحارث أحمد بن محمد بن عمارة الليثي أنبأنا أبو سهل سعيد بن
الحسن الأصبهاني أنبأنا محمد بن أحمد بن إبراهيم أنبأنا الوليد عن ابن
جريج (2)
وقرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز بن أحمد عن (3)
تمام الرازي أنبأنا أبو الحارث أحمد بن محمد بن عمارة قرأت عليه حدثني أبي
أنبأنا محمد بن إبراهيم عن الوليد بن مسلم عن ابن جريج عن عروة بن رويم
عن أبيه قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول حينئذ
وأخبرنا أبو الفضائل بن محمود أنبأنا علي بن أحمد (4) بن زهير أنبأنا
علي بن محمد بن شجاع أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر الإمام أنبأنا يعقوب
الأذرعي (5) أنبأنا محمود (6) بن إبراهيم أنبأنا هشام بن خالد عن الوليد بن
مسلم عن ابن جريج عن عروة عن أبيه قال سمعت علي بن أبي طالب يقول
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسأله رجل عن دمشق وقال تمام عن الآثارات بدمشق

(1) الزيادة عن مختصر ابن منظور 1 / 279.
(2) عن خع وبالأصل " حريج ".
(3) بالأصل " بن " تحريف.
(4) بالأصل وخع " محمد " تحريف والصواب " أحمد.
(5) الأصل، " الأزرعي " خطأ والمثبت عن خع.
(6) الأصل وخع، وفي المطبوعة: محمد.
328

فقال بها وقال تمام لها جبل يقال له قاسيون فيه قتل ابن آدم أخاه وفي أسفله
في الغرب ولد (1) إبراهيم وفيه آوى الله تعالى عيسى بن مريم ولم يقل الميداني
ابن مريم من وقالوا وأمه من اليهود وما من عبد أتى معقل روح الله فاغتسل فصلى
ودعا ولم يقل الميداني ودعا لم يرده الله تعالى خائبا فقال رجل يا رسول الله
صفه لنا قال هو بالغوطة مدينة يقال لها دمشق وهو جبل وقال تمام وأزيدكم
أنه جبل كلمه الله تعالى فيه ولد أبي إبراهيم فيمن أتى وقال ابن الأكفاني هذا
الموضع فلا يعجز في الدعاء فقام وقال ابن الأكفاني رجل قالوا قال يا
رسول الله أكان ليحيى زاد ناصر بن زكريا العلاء (3) قال نعم احترس فيه
يحيى من هذا الرجل من عاد وقال ابن الأكفاني احترس فيه يحيى من رجل من
قوم عاد في الغار الذي تحت دم ابن آدم المقتول وفيه احترس إلياس من ملك قومه
وفيه صلى إبراهيم ولوط وموسى وعيسى وأيوب فلا تعجزوا في الدعاء (4) فيه فإن الله
تعالى أنزل علي " ادعوني أستجب لكم " (5) زاد ابن الأكفاني وربنا يسمع
الدعاء [487] قالوا وكيف ذلك فأنزل الله تعالى " وإذا سألك عبادي عني فإني
قريب " وقالا فقال رجل يا رسول الله ربنا سمع الدعاء أم كيف ذلك فأنزل الله
تعالى " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان " (6)
رواه تمام بن محمد عن (7) يعقوب الأذرعي (8) إجازة عن محمد بن إبراهيم
عن الوليد بن مسلم ولم يذكر هشاما
وقال تمام والأشهر عن معاوية

(1) غير واضحة بالأصل وخع، والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 279، وفي المطبوعة 2 / 102 " قبلة
إبراهيم ".
(2) كذا بالأصل وخع ويبدو أن هناك سقطا بعد: فمن أتى وفي المطبوعة: ذلك الموضع.
(3) في مختصر ابن منظور: معقلا.
(4) بالأصل وخع: " فلا يعجزوا في الدنيا " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 280.
(5) سورة المؤمن، الآية: 60.
(6) سورة البقرة، الآية: 186.
(7) بالأصل: بن " تحريف.
(8) بالأصل وخع: الأوزاعي " والصواب ما أثبت، وقد تقدم.
329

وأخبرنا أبو الفضائل بن محمود أنبأنا علي بن أحمد (1) بن زهير أنبأنا علي
ابن محمد بن شجاع أنبأنا تمام بن محمد الحافظ أنبأنا يعقوب الأذرعي أنبأنا
محمد عن هشام بن خالد عن الوليد بن مسلم عن سعيد عن مكحول عن كعب
الأحبار أنه قال إنه موضع الحاجات والمواهب من الله تبارك وتعالى لا يرد
سائلا فيه
قال وأنبأنا يعقوب نبأنا محمد عن أبيه عن جده عن سعيد عن مكحول
قال قال لي كعب اتبعني فاتبعته حتى وصلنا إلى غار (2) في جبل يقال له قاسيون (2)
فصلى فيه فصليت معه فسمعته يجتهد في الدعاء ثم أشار إلى مسجد أسفل الجبل
فنزل وصلى وصليت معه فسمعته يقول ويجتهد في الدعاء ثم سار حتى دخلنا
المدينة من باب الفراديس فسمعته يقول يا أيها الناس أنا كعب الأحبار وجدت
في ألواح شيث بن آدم مرتين يقول الفراديس جنتي وإليها يجتمع أهل محبتي
قرأت على أبي محمد بن الأكفاني عن عبد العزيز الكتاني أنبأنا عبد الوهاب
الميداني أنبأنا أبو الحارث حدثني سعيد بن الحارث بن الحسن أنبأنا محمد بن
أحمد بن إبراهيم
وأخبرنا أبو الفضل أنبأنا أبو الفضائل بن محمود نبأ علي حدثنا قال
وأخبرنا تمام الرازي أخبرني أبو الحارث بن عمارة حدثني أبي نبأنا محمد بن
أحمد أنبأنا هشام عن الوليد عن سعيد عن مكحول قال قال لي كعب
الأحبار اتبعني فاتبعته حتى وصلنا إلى جبل في غار يقال له قاسيون فصلى وصليت
فسمعته يجتهد في الدعاء ثم خرج حتى وصلنا إلى موضع قتل ابن آدم أخاه فصلى
وصليت معه فسمعته يجتهد في الدعاء ثم سار حتى دخلنا المدينة من باب
الفراديس فسمعته يقول يا أيها الناس أنا كعب الأحبار وجدت في ألواح شيث بن
آدم أن الله تبارك وتعالى يقول الفراديس جنتي وإليها يجتمع أهل محبتي وأهل
عنايتي فقلت سمعتك تدعو مجتهدا فما وقال الأكفاني فمما ذاك قال سألت

(1) بالأصل وخع " محمد " تحريف.
(2) بالأصل وخع: " عاد... فاسيون " خطأ والصواب ما أثبت.
330

الله عز وجل أن يصلح بين هذين الرجلين علي ومعاوية وسألته أن يرزقني كفافا
وولدا ذكرا
ثم لقيته بعد ذلك فسألته فقال قد والله استجاب الله تعالى لي ورزقني ولدا
ذكرا وبعث إليه معاوية بألف درهم وكسوة وكتب معاوية إلى علي فسأله الصلح
والكف عن الحرب فاصطلحا وتكاتبا على ذلك
كذا نقلته من خط الهمداني عن أبي الحارث عن معمر عن سعيد بن الحسن
عن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن جده عن سعيد وخالفه
تمام عن أبي الحارث فقال عن أبيه بدل عن سعيد بدل عن أبيه عن جده
وهذا حديث منكر مكحول لم يدرك كعبا لأن كعبا مات في آخر خلافة
عثمان وكعب لم يبق إلى فتنة على ومعاوية وفي إسناده رجل مجهول وهو
محمد بن أحمد وأبوه وجده ضعيفان والله تعالى أعلم وهشام بن خالد ثقة لا
يجهل مثل هذا
قرأت على أبي محمد السلمي عن عبد العزيز التميمي أنبأنا تمام الرازي
أنبأنا أحمد بن عبد الله بن الفرج بن البرامي أنبأنا أحمد بن أنس أنبأنا هشام بن
عمار أنبأنا إبراهيم بن أعين أنبأنا طلحة بن زيد عن عبد الله بن يزيد الباقاني (1)
عن المخارق بن ميسرة الطائي عن عمر بن خير الشعباني (2) قال كنت مع كعب
الأحبار على جبل دير المران قال فرأى لمعة سائلة في الجبل فقال هاهنا قتل ابن
آدم أخاه وهذا أثر دمه جعله الله عز وجل آية للعالمين وويل لأربع قريات
من قريات دار الغوطة داريا (3) وبيت الآبار (4) والمزة (5) وبيت لهيا ولتفنيين أربع قبائل فلا

(1) بالأصل وخع: " الباقاني غير منقوط، والمثبت عن المطبوعة، ولم أعثر هذه النسبة إلى أي شئ. وفي
المطبوعة: " عبد " بدل " عبد الله ".
(2) الشعباني هذه النسبة إلى شعبان اسم قبيلة من قيس. الأنساب) وعقب ابن الأثير على ما ذكره السمعاني
انظر اللباب. وقال: شعبان قبلية من حمير.
(3) بالأصل: " دارنا " خطأ انظر معجم البلدان.
331

يبقى لها داعية عك وسلامان وخشين (1) وسليمان (2) وشعبان
أخبرنا أبو الفضائل بن محمود أنبأنا علي بن أحمد بن زهير أنبأنا علي بن
محمد (3) بن شجاع أنبأنا تمام أخبرنا الحارث بن عمارة حدثني أبي أنبأنا
محمد بن إبراهيم أنبأنا هشام يعني ابن خالد وقال سمعت الوليد يقول سمعت
سعيد بن عبد العزيز وقال حدثني مكحول أنه صعد مع عمر بن عبد العزيز إلى
موضع الدم يسأل الله تبارك وتعالى أن يسقينا فسقانا
قال مكحول وخرج معاوية والمسلمون إلى موضع الدم يستسقون فلم يزل
فلم يبرحوا (4) حتى سالت الأودية
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني فيما قرئ عليه عن عبد العزيز بن (5)
أحمد أنبأنا عبد الوهاب بن جعفر بن علي أنبأنا أبو (6) الحارث أحمد بن
محمد بن عمارة الليثي حدثني أبو سهل سعيد بن الحسن الأصبهاني أنبأنا أحمد بن
محمد بن إبراهيم قال قال هشام بن عمار سمعت الوليد يقول قال سعيد
وحدثني مكحول أنه صعد مع عمر بن عبد العزيز إلى موضع الدم يسأل الله تبارك
وتعالى أن يسقينا فسقانا
قال مكحول وخرج معاوية والمسلمون يستسقون فلم يبرحوا حتى سالت
الأودية
قال مكحول وسمعت كعب الأحبار يذكر أنه موضع الحاجات والمواهب من
الله تبارك وتعالى وأنه لا يزال (7) سائلا في ذلك الموضع

(1) بالأصل: " وحسين " وفي خع: " وحين " كلاهما تحريف - والصواب ما أثبت: وخشين من قضاعة من
القحطانية راجع معجم قبائل العرب.
(2) كذا وقد أقحمت، ولم ترد في خع ولا في المطبوعة. والصواب حذفها.
(3) بالأصل " أحمد " خطأ، والمثبت عن خع.
(4) عن خع وبأصل: يترخوا.
(5) سقطت من الأصل وخع ع.
(6) سقطت من الأصل وخع واستدركت عن المطبوعة 2 / 105.
(7) كذا بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور 1 / 280: لا يرد.
332

قال هشام وسمعت الوليد يقول سمعت سعيد بن عبد العزيز قال صعدنا في
خلافة هشام إلى موضع قتل ابن آدم أخاه فسأل الله تعالى أن يسقينا فسقانا فأتى مطر
فأقمنا في الغار الذي تحت الدم ثلاثة أيام
قال وحدثني سعيد حدثنا محمد قال قال هشام بن عمار وصعدت مع أبي
وجماعة من أهل دمشق نسأل الله تعالى سقيانا إلى موضع قتل ابن آدم أخاه فأرسل الله
تبارك وتعالى علينا مطرا غزيرا حتى أقمنا في الغار تحت الدم فدعونا الله تبارك
وتعالى فارتفع عنا وقد رويت الأرض
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي محمد عبد العزيز بن
أحمد أنبأنا تمام الرازي أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج حدثني
محمد بن يوسف الهروي قال سمعت أبا زرعة عبد الرحمن بن عمرو (1) يقول
سألت أبا مسهر عن مغارة الدم فقال مغارة الدم موضع الحمرة موضع الحوائج
يعني بذلك الدعاء فيها والصلاة
قال وأنبأنا محمد بن يوسف قال سمعت يزيد بن محمد وأبا زرعة وأحمد بن
المعلى وسليمان بن أيوب بن حذلم (2) ومحمد بن إسحاق ومحمد بن إبراهيم
ومحمد بن يزيد ومحمد بن هارون وغيرهم من مشايخنا يقولون سمعنا هشام بن
عمار يقول (3) وهشام بن خالد، وأحمد بن أبي الحواري، وسليمان بن مسلم
يقول: سمعت ابن عباس يقول كان أهل دمشق إذا احتبس عليهم المطر أو غلا
سعرهم أو جار عليهم سلطان أو كانت لأحدهم حاجة صعد (4) إلى موضع ابن
آدم المقتول فيسألون الله تبارك وتعالى فيعطيهم ما سألوا
قال هشام ولقد صعدت مع أبي وجماعة من أهل دمشق نسأل الله تعالى سقيا
فأرسل عليهم المطر مطرا غزيرا حتى أقمنا في الغار الذي تحت الدم ثلاثة أيام ثم
دعونا أن يرفع فرفع وقد رويت الأرض

(1) بالأصل خع: " عمر " تحريف.
(2) بالأصل وخع: " حذكم " خطأ.
(3) في المطبوعة: " يقول: سمعت هشام ".
(4) الأصل وخع وفي المطبوعة: يصعدون.
333

قال هشام سمعت الوليد بن مسلم يقول سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول
صعدنا في خلافة هشام بن عبد الملك إلى موضع دم ابن آدم نسأل الله تعالى سقيا
فسقانا فأتانا مطر فأقمنا في الغار ستة أيام
وقال ابن (1) مكحول صعدت مع عمر بن عبد العزيز إلى موضع الدم يسألون
الله تعالى سقيا فسقاهم
وقال إن معاوية (2) خرج إلى موضع الدم يستسقون الله تعالى سقيا فسقاهم فلم
يبرحوا حتى جرت الأودية
وروي عن أحمد بن كثير قال صعدت إلى موضع دم ابن آدم عليه السلام في
جبل قاسيون بدمشق نسأل (3) الله تبارك وتعالى الحج فحججت وسألته الجهاد
فجاهدت وسألته الزيارة والصلاة في بيت المقدس وعسقلان وعكا والرباط في جميع
السواحل فرزقت ذلك كله وسألته يغنيني عن الأسواق والبيع فرزقت ذلك ولقد
رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما وهابيل بن آدم فقلت له أسألك بحق
الواحد الصمد وبحق أبيك آدم النبي عليه الصلاة والسلام هذا دمك فقال أي
والواحد الصمد هذا دمي جعله الله تعالى آية للناس وإني دعوت الله عز وجل
فقلت اللهم رب أبي (4) آدم وأمي حواء وهذا النبي المصطفى الأمي اجعل دمي
مستغاثا لكل نبي وصديق ومن دعا فيه فتجيبه وسألك فتعطيه فاستجاب الله تبارك
وتعالى دعائي وجعله طاهرا آمنا وجعل معه من الملائكة بعدد نجوم السماء يحفظونه
من أتاه لا يرد (5) إلا الصلاة فيه فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد فعل وزاد كرما وإحسانا
وإني آتيه كل خميس وصاحباي وهابيل نصلي (6) فيه فقلت يا رسول الله ادع الله تعالى

(1) كذا بالأصل وخع " ابن مكحول " وسقطت " ابن " من المطبوعة.
(2) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: إن معاوية والمسلمين.
(3) الأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور 1 / 280 فسألت.
(4) بالأصل وخع: " ابن " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 281.
(5) في مختصر ابن منظور: لا يريد.
(6) عن مختصر ابن منظور وبالأصل " يصلي " وسقطت العبارة بأكملها من خع مما أدي إلى اضطراب المعنى
فيها.
334

أن أكون مستجاب الدعوة وعلمني دعاء لكل ملمة (1) وحاجة فقال لي افتح فاك
ففتحته فتفل فيه فقال لي رزقت قلزم رزقت قلزم (2)
أخبرنا أبو الفضائل بن محمود أنبأنا علي بن أحمد بن زهير أنبأنا
علي بن محمد بن شجاع أخبرنا عبد الرحمن بن عمر أنبأنا أبو يعقوب
الأذرعي (3) أنبأنا يزيد بن عبد الصمد وأحمد بن المعلى وسليمان بن أيوب
وأحمد بن إبراهيم ومحمد بن يزيد ومحمد بن هارون وأحمد بن محمد بن
عثمان ومحمد بن سعيد وغيرهم من مشايخنا يقولون سمعنا هشام بن عمار
وهشام بن خالد وسليمان بن عبد الرحمن وأحمد بن أبي الحواري والقاسم بن
عثمان الجوعي وعياش (4) بن عثمان ومحمود بن خالد يقولون سمعنا الوليد بن
مسلم يقول سمعت ابن عباس يقول كان أهل دمشق إذا احتبس القطر أو غلا
السعر (5) أو جار عليهم سلطان أو كانت لأحدهم حاجة صعدوا موضع دم ابن آدم
المقتول فيسألون الله تبارك وتعالى فيعطيهم ما سألوا
قال هشام صعدت مع أبي وجماعة من أهل دمشق نسأل الله تعالى سقيا فأرسل
الله تبارك وتعالى مطرا غزيرا حتى أقمنا في الغار الذي تحت الدم ثلاثة أيام ثم دعونا
أن يرفع (6) عنا وقد رويت الأرض
قال هشام سمعت الوليد بن مسلم يقول سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول
صعدت (7) في خلافة هشام بن عبد الملك إلى موضع دم ابن آدم عليه السلام نسأل
الله تعالى سقيا فأتانا فأقمنا في الغار ستة أيام

(1) عن المختصر وخع، وبالأصل " مسلمة " وعلى هامشه " مملة ".
(2) كذا بالأصل وفي خع: " رزقت فلزم " ولم تكرر، وفي المختصر: " رزقت فالزم " ومثله في
المطبوعة.
(3) بالأصل وخع: " الأزرعي " بالزاي، تحريف.
(4) الأصل وخع، وفي المطبوعة: " عباس " وهو الصواب عباس بن عثمان بن محمد البجلي، أبو
الفضل الدمشقي المعلم. (تقريب التهذيب).
(5) في خع: الشعر تحريف. وفي المختصر: " غلا بيعهم ".
(6) بالأصل: " ترفع " والمثبت عن المختصر.
(7) كذا بالأصل وخع، والصواب " صعدنا " كما سيأتي، وانظر مختصر ابن منظور 1 / 280.
335

قال الوليد قال سعيد أخبرني (1) مكحول قال وسمعت من يذكر أن معاوية
خرج بالمسلمين إلى موضع الدم يسألون الله تبارك وتعالى أن يسقيهم فلم يبرحوا حتى جرت
الأودية
قال مكحول وسمعت كعب الأحبار يقول إنه موضع الحاجات والمواهب من
الله تبارك وتعالى وأنه لا يرد سائلا في ذلك الموضع
قال هشام بن عمار وسمعت من يذكر عن (2) كعب أنه قال إن إلياس اختبأ من
ملك قومه في الغار الذي تحت الدم عشر سنين حتى أهلك الله تعالى الملك ووليهم
غيره فأتاه إلياس فعرض عليه الإسلام فأسلم وأسلم من قومه خلق عظيم غير عشرة
آلاف منهم فأمر بهم فقتلهم عن آخرهم
قال هشام وسمعت من يرجع (3) الحديث إلى وهب بن منبه أنه قال سمعت
ابن عباس يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول اجتمع الكفار يتشاورون في أمري
فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) يا ليتني بالغوطة بمدينة يقال لها دمشق حتى آتي الموضع مستغاث
الأنبياء حيث قتل ابن آدم أخاه فأسأل الله تعالى أن يهلك قومي إنهم ظالمون [488]
فأتاه جبريل فقال يا محمد أيت بعض جبال مكة فأو إلى (4) بعض غاراتها فإنها
معقلك من قومك قال فخرج النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر حتى أتيا الجبل فوجدا غارا كثير
الدواب فذكره
وعن مكحول عن ابن عباس قال موضع الدم في جبل قاسيون موضع شريف
كان يحيى بن زكريا وأمه فيه أربعين عاما وصلى فيه عيسى بن مريم والحواريون

(1) بالأصل وخع نقص، وتمام العبارة كما استدرك في المطبوعة:
قال الوليد: قال سعيد: بهذا الحديث حدثني مكحول عن نفسه أنه صعد مع عمر بن العزيز إلى موضع
دم ابن آدم يسأل الله سقيا تسقيهم فسقاهم.
قال مكحول: وسمعت...
(1) بالأصل وخع:: " وسمعت من يذكر أن عمار وسمعت من يذكر أن كعب " خلط حذفنا ما أقحم وزدنا " عن "
فوافقت العبارة ما ورد في المطبوعة 2 / 109.
(3) الأصل وخع، وفي المطبوعة: يرفع.
(4) زيادة اقتضاها السياق.
336

فلو كنت سألت الله أن يغفر الله (1) تعالى لعبده ابن عباس يوم يحشر البشر فمن أتى ذلك
الموضع فلا يقصر عن الصلاة والدعاء فيه فإنه موضع الحوائج ومن أراد أن
يرى " وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين " (2) فليأت النيرب (3) الأعلى بين النهرين
وليصعد إلى الغار في جبل قاسيون فيصلي فيه فإنه بيت عيسى وأمه (4) وهو كان
معقلهم من اليهود ومن (5) أراد أن ينظر إلى إرم فليأت نهرا في حفر (6) دمشق يقال له
بردا ومن أراد أن ينظر إلى المقبرة التي فيها مريم ابنة عمران وابنها والحواريون
فليأت مقبرة الفراديس
وروي عن الزهري أنه قال لو يعلم الناس ما في مغارة الدم من (7) الفضل لما
هناهم (8) طعام ولا شراب إلا فيها
وذكر أبو الفرج محمد بن عبد الله بن المعلم وسمعت أبي أنبأنا محمد بن
الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين يذكر أن بيننا وبينه قرابة وأن الأرض التي
لنا ببيت سابا (9) كانت له وإنها انتقلت إلينا بالأدب منه فلم أسأله عن وجه القرابة
بيننا وبينه لصغري فذكر أبو الفرج أنه ابتدأ بناء الكهف في سنة سبعين وثلاثمائة
قال وبالله اعتصم من الكذب وأسأله أن ينطق لساني بالصدق رأيت جبريل عليه
السلام في المنام فقال لي إن الله تعالى يأمرك (10) أن تبني مسجدا يصلى فيه له
ويذكر اسمه وهو هذا فقلت وأين هذا الموضع فسار إلى هذا الموضع الذي
سميته أنا كهف جبريل قلت أنى لي بذلك قال إن الله تبارك وتعالى سيوفق لك
من يعينك عليه

(1) كذا بالأصل وخع، ولم ترد في المختصر.
(2) سورة المؤمنون، الآية: 50.
(3) بالأصل وخع رسمها: السرب، والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(4) سقطت من الأصلين واستدركت عن مختصر ابن منظور 1 / 282.
(5) بالأصل وخع: " من " والمثبت مع الواو عن مختصر.
(6) الحفر المكان الذي حفر كخندق أبو بئر (قاموس) وفي المطبوعة: 2 / 110 في حضن دمشق.
(7) عن المختصر وبالأصل وخع " في ".
(8) كذا بالأصل وخع، وفي المختصر: " هنأ بهم " وفي المطبوعة: هنأ لهم.
(9) بيت سابا: من إقليم بيت الابار عند جرمانوس، كانت ليزيد بن معاوية (معجم البلدان نقلا عن ابن
عساكر).
(10) زيادة عن المختصر 1 / 282.
337

قال أبو الفرج وإنما سميته كهف جبريل عليه السلام ومسجد محمد (صلى الله عليه وسلم) لأني
رأيتهما في المنام فيه وموضع يرى فيه جبريل ومحمد (صلى الله عليه وسلم) من أجل بقاع الأرض
وجبل دمشق هكذا ما نبت شجرة قط ولا ظهر فيه ثمرة (1) فلما رأيت جبريل
ومحمد عليهما الصلاة والسلام أنبت الله تبارك وتعالى ببركتهما الشجر وظهر فيه
الثمر (2) وأكل الناس ما لم يؤكل فيه قط وصار مسجدا من مساجد الله تبارك وتعالى
يذكر فيه اسمه ولو تمكنت ما كنت أقيم إلا فيه ولا أدفن إلا فيه ولا أحشر إلا
منه
قال فمن كانت له حاجة فليغسل جسده بالماء ويلبس ثوبا طاهرا ثم يقصد
إلى الكهف فيصلي فيه ركعتين يقرأ في كل ركعة بالحمد وسبع مرات قل هو الله
أحد فإذا فرغ من صلاته يقول اللهم صل على جبريل الروح الأمين وعلى محمد
خاتم النبيين سبع مرات ويسجد ويقول اللهم إني أتوسل إليك بجبريل الروح الأمين
وبمحمد خاتم النبيين إلا قضيت حاجتي ويذكرها فإن الله سبحانه وتعالى يقضيها له
إن شاء الله تعالى
أنشد بعض الصالحين لبعض المتأخرين في مدح جبل قاسيون
يا صاح كم في قاسيون وسفحه * من مشهد يستوجب التعظيما
فالربوة العلياء يفضلها الذي * أضحى بتفسير الكتاب عليما
والنيرب المشهور يعرف فضله * من زاره أو ذاق فيه تنعيما
ومغارة الدم فضلها متواتر * ما زلت أسمعه هديت عظيما
والكهف جبريل الأمين بفضله (3) * مذكورة وقعت إلي قديما
ومغارة الجوع الشريفة تحته * كم عابد فيها ابن مقيما
ومقام برزة ليس ينكر فضله * أعني مقام أبيك إبراهيما

(1) بالأصل وخع: تمرة " والمثبت عن المختصر.
(2) بالأصل وخع: " التمر " والمثبت عن المختصر.
(3) الأصل وخع وصدره في المطبوعة 2 / 112: ولكهف جبريل الأمين فضيلة.
338

ولكم مكان فيه ليس بمسجد * أضحى على المتعبدين كريما
رأى النبي مصليا في سفحه * صلوا عليه وسلموا تسليما
وبه قبور (1) الأنبياء فمن مضى * ليزورهم فقد ابتغى التكريما
فأدم زيارته وواظب قصده * لتنال أجرا في الجنان جسيما
قرأت بخط أبي محمد بن صابر فيما نقله من خط أبي الحسين الرازي في معرفة
الآثارات بمدينة دمشق وغوطتها مما ترجى إجابة الدعاء فيها مسجد القدم عند
القطيعة يقال إن هناك قبر موسى بن عمران (صلى الله عليه وسلم)
ومسجد الباب الشرقي الصحيح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن فيه ينزل عيسى بن مريم
عليهما الصلاة والسلام
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن (2) حمزة عن عبد العزيز بن أحمد
أنبأنا تمام الرازي أنبأنا أحمد بن عبد الله بن الفرج أنبأنا أحمد بن أنس
يعني ابن مالك أنبأنا محمود بن خالد أنبأنا مروان بن محمد أنبأنا
سعيد بن عبد العزيز عن قاسم مولى ابن يزيد قال أتى يعني يحيى بن زكريا وهو
قائم يصلي عند جبريل (3) جيرون (4) قال محمود وهو المسجد الذي عند باب
جيرون (4) فقطع رأسه
قرأت بخط أبي محمد عبد المنعم بن علي بن البحتري (5) قال وكان قد بنى
رجل حائك (6) من أهل مصر في قبة اللحم مسجدا وبنى له مئذنة صغيرة فلما كان
ليلة الجمعة لليلتين بقيتا من شهر رمضان من هذه السنة يعني سنة أربع وأربعمائة
ذكر أنه رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) وعليا عليه السلام في هذا المسجد وأنه قال لهما أريد علامة
يصدقني الناس أنكما جئتما إلى هاهنا فكبش (7) أمير المؤمنين علي عليه السلام على

(1) يشير إلى ما يزعم أنه مات بمغارة الجوع أربعون نبيا (انظر معجم البلدان: قاسيون).
(2) بالأصل وخع: عبد الكريم بن عبد العزيز بن حمزة.
(3) كذا بالأصل وخع: عند جبريل حيرون.
(4) بالأصل وخع: " حيرون " بالحاء المهملة خطأ.
(5) في خع: " النجوي " وفي المطبوعة: النحوي " ولم يطمئن محققها لاثباتها.
(6) عن خع وبالأصل: حايل.
(7) الأصل وخع وفي المطبوعة 2 / 114 فكبس.
339

عمود حجر كان في هذا المسجد فأثرت كفه في العمود وأصبح الناس يوم الجمعة
يهرعون إلى هذا المسجد ويبصرون الكف في الحجر قد غاصت وبلغني أنه قيل لهذا
الرائي أي يد وضع في الحجر فقال اليمنى فنظروا فإذا أثر كف اليسرى
وذكروا أن الرائي كان قد نقر في الحجر ذلك الأثر فالله تعالى أعلم
قرأت بخط أبي محمد بن الأكفاني قال أراني عبد العزيز الصوفي بمسجد
واثلة بن الأسقع داخل الذلاقة (1) على النهر وهو مسجد صغير
ومسجد فضالة بن عبيد في سوق الكبير (2) جائز مسجد الريحان بين
الدكاكين وهو مسجد سفل صغير وداره بذلك الموضع ويعرف اليوم بدار
التمارين
ومسجد أوس بن أوس في درب القلي وهو مسجد صغير
وذكر أبو الحسين (3) محمد بن عبد الله الرازي عن شيوخه الدمشقيين (4) أن
المسجد الذي على باب زقاق عطاف كان مسجد أيمن بن خريم
قال ومسجد سوق الريحان مسجد يزيد بن نبيشة صحابي (5) قرشي من بني
عامر بن لؤي
وذكر غير أبي الحسين أن دار أبي عبيدة بن الجراح في حجر الذهب
ومسجده بالسقيقة التي عند (6) بني عبد الصمد
ودار خالد بن الوليد ومسجده عند باب توما
ذكر أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الحنائي (7) فيما نقلته من خطه قال

(1) كذا بالأصل وخع، وفي المختصر: الزلاقة.
(2) بالأصل " كثير " والمثبت عن خع والمختصر.
(3) بالأصل وخع: " أبو الحسن " خطأ، وسيرد صوابا بعد أسطر.
(4) بالأصل وخع: الدمشقيون.
(5) بالأصل وخع: " صاحبي " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(6) بالأصل وخع: " إلى عبد " والمثبت " التي عند " عن مختصر ابن منظور 1 / 283.
(7) بالأصل وخع الجبائي تحريف، وهذه النسبة إلى بيع الحناء وهو نبت يخضبون به الأطراف (الأنساب).
340

أخبرني أبو الفرج أحمد بن عمرو إمام مسجد باب الشرقي وأبو الفرج صدقة بن
المظفر الأنصاري قالا سمعنا أبو بكر بن الفريابي (1) يقول لما أراد أبو بكر بن سيد
حمدوية (2) بناء مسجده المعروف اليوم بأبي صالح وجد في المحراب لوح من فخار
عليه مكتوب هذا مسجد الأولياء فأصبحنا ولم نره وغيبه الشيخ وقال هذا
شهر (3)

(1) بالأصل: " الفرنابي " وفي خع " القرماني ".
(2) كذا بالأصل وخع والمختصر، وفي المطبوعة: حمدونة.
(3) كذا، وفي خع والمختصر: " شهرة " وفي المطبوعة: أشهر.
341

" باب
في فضل مواضع بظاهر دمشق وأضاحيها (1)
وفضل جبال تضاف إليها ونواحيها "
قرأت بخط علي أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان عن عبد العزيز بن
أحمد الكتاني أنبأنا علي بن الحسن بن علي الربعي أنبأنا عبد الوهاب بن
الحسن بن الوليد الكلابي أنبأنا أحمد بن عمير بن يوسف أنبأنا أبو عامر المري
أنبأنا أبو الوليد بن مسلم حدثني شيخ من القبائل قال سمعت الوضين (2) بن
عطاء يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه من تكفل لي ببيت في الغوطة أتكفل له
ببيت في الجنة [489]
هذا منقطع وفيه من جهل حاله
قرأت على أبي القاسم الشحامي عن أبي سعد محمد بن عبد الرحمن أنبأنا
الحاكم أبو أحمد الحافظ أنبأنا أحمد أنبأنا محمد بن سليمان قال أنبأنا
هشام بن عمار أنبأنا أبو الوليد بن مسلم أنبأنا يزيد بن السمط عن رجل عن
القاسم بن محمد عن عائشة قالت قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خلق الله تبارك وتعالى
جمجمة (3) جبريل عليه السلام على قدر الغوطة [490]
قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي محمد عبد العزيز بن
أحمد أنبأنا تمام الرازي أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج بن البرامي أنبأنا

(1) الأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور 1 / 284: " وضواحيها " وهي المناسب.
(2) بالأصل " الوصين " وفي خع: " الأمين " والصواب ما أثبت عن مختصر ابن منظور. وانظر تقريب التهذيب:
بفتح أوله وكسر المعجمة.
(3) عن مختصر ابن منظور 1 / 284 ورسمها بالأصل وخع: " حمحة " وفي المطبوعة 2 / 116 أجنحة.
342

أحمد بن أنس أنبأنا هشام بن خالد قال قال الوليد وبلغني أن غنم يعقوب كانت
ترعى في مرج (1) بالغوطة
أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني أنبأنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي
الحديد
وأخبرنا أبو الفضائل بن محمود أنبأنا علي بن أحمد بن زهير أنبأنا علي بن
محمد بن شجاع قالا أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان أنبأنا أبو علي
الحسن بن حبيب أنبأنا أبو بكر بن الأشعث أنبأنا أبو توبة أنبأنا ابن مهاجر
يعني محمد عن ابن حلبس يعني يونس بن ميسرة قال أشرف عيسى بن مريم
على الغوطة فقال يا غوطة وقال الأكفاني الغوطة إن عجز الغني أن يجمع منك
كنزا لم يعجز المسكين أن يشبع منك خبزا ولم يقل ابن الأكفاني منك في
الموضعين
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الفراوي أنبأنا سهل بن بشر
الإسفرايني أنبأنا أبو بكر الخليل بن هبة الله بن الخليل أنبأنا عبد الوهاب الكلابي
أنبأنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب المشغرائي (2) أنبأنا العباس بن
الوليد (3) بن صالح أنبأنا أبو مسهر (4) سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول إنما
سميت ثنية (5) العقاب براية خالد بن الوليد حين أشرف عليها بالراية العقاب
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني حدثنا عبد العزيز بن الكتاني أنبأنا أبو
محمد بن نصر أنبأنا أبو القاسم بن أبي العقب أنبأنا أبو عبد الملك أحمد بن
إبراهيم القرشي أنبأنا محمد بن عايذ عن الوليد نا إسحاق بن أبي (6) فروة أن

(1) عن مختصر ابن منظور، وبالأصل وخع " برج ".
(2) بالأصل " المغرابي " وفي خع: " المشعراني " وفي المطبوعة: " المغربي " والصواب ما أثبتناه، وهذه النسبة
إلى مشغري قرية من قرى دمشق من ناحية البقاع (معجم البلدان - الأنساب).
(3) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: أنا العباس بن الوليد، عن الوليد بن صالح.
(4) بالأصل وخع، " أبو مشهور " تحريف والصواب عن مختصر ابن منظور 1 / 284 والمطبوعة 2 / 117.
(5) عن مختصر ابن منظور وبالأصل وخع: ببيت.
(6) كذا بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور 1 / 284 والمطبوعة 2 / 118 إسحاق بن فروة بإسقاط " أبي ".
343

راية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) السوداء صارت إلى خالد بن الوليد فقاتل بها بني حنيفة ومسلمة
ثم مضى إلى الجزيرة ثم أتى الشام فقاتل بها في وقائع الشام
قال وأنبأنا محمد بن عايذ حدثني ابن (1) أبي الرجال عن محمد بن
عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم قال كانت راية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) التي يسير فيها
تسمى العقاب راية الأنصار فقلت له يا عبد الملك سوداء قال لا ولكنها
خضراء
ذكر أبو بكر أحمد بن يحيى البلاذري هذا المعنى (2) ثم قال وقوم يقولون
إنها سميت بعقاب من الطير كانت ساقطة عليها وسمعت من يقول كان هناك مثال
عقاب من حجارة والخبر الأول أصح (3)
أخبرنا أبو القاسم الشحامي أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد السجاني أنبأنا
أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد الدوري أنبأنا أبو حاتم محمد بن حباب
أنبأنا عمران بن موسى بن مجاشع أنبأنا هدبة (4) بن خالد نبأنا همام بن يحيى
قال قال قتادة وحدثني رجل عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو قال
أرواح المؤمنين تجمع بالجانبين وأرواح الكفار تجمع ببرهوت وفي سفحه
لحضرموت (5)
قال أبو حاتم الجانبين اليمن وبرهوت من ناحية اليمن ولا أدري تفسير
أبي حاتم للجانبين محفوظا والله تعالى أعلم
رواه معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن ابن المسيب نفسه من قوله
أخبرنا أبو بكر محمد بن أبي نصر اللفتواني أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن
محمد بن مسدد أنبأنا الحسين بن محمد بن أحمد أنبأنا أحمد بن محمد بن

(1) زيادة عن خع، سقطت من الأصل.
(2) انظر فتوح البلدان ص 115.
(3) يعني أنها سميت باسم راية رسول الله صلى الله عليه وسلم والعرب تسمى الراية عقابا. انظر فتوح البلدان ص 115.
(4) بالأصل وخع " هدية " والمثبت والضبط عن تقريب التهذيب.
(5) كذا بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور 1 / 285 وفي سبخة بحضرموت.
344

عمير الليثي أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا أنبأنا عبيد الله بن عمر الحسمي (1) أنبأنا
معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال أرواح المؤمنين
بأرض الجابية وأرواح الكفار بسبخة بحضرموت
وكذا رواه محمود بن خالد عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن
قتادة عن (2) ابن المسيب من قوله
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا أبو القاسم حمزة بن يوسف بن
إبراهيم أنبأنا أبو محمد عدي بن الحافظ أنبأنا الحسين بن عبد الله الحافظان
نبأنا هشام بن عمار أنبأنا الوليد بن مسلم عن إسماعيل بن رافع عن المقبري
عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خلق الله تعالى آدم من طين الجابية وعجنه
بماء الجنة [491]
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي عن أبي سعد الجنزرودي (3)
أنبأنا أبو الحكم أحمد بن محمد أنبأنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي
أنبأنا هشام بن (4) عمار أنبأنا الوليد (5) عن إسماعيل بن رافع عن سعيد بن
أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خلق الله تعالى آدم من
طين الجابية (6) وعجنه بماء من ماء الجنة وقال من ماء زمزم [492]
قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحصين بن عبدان عن عبد العزيز بن
أحمد الكتاني أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن بن أبي زروان الحافظ أنبأنا عبد
الوهاب بن الحسن أنبأنا أحمد بن عمير بن يوسف نبأنا أبو عامر (7) موسى بن

(1) ضبطت عن التبصير بضم ففتح، وهذه النسبة إلى حسم بن ربيعة بن الحارث بن سامة بن لؤي (الاكمال
2 / 102.
(2) سقطت من الأصل وخع، واستدراكها ضروري.
(3) بالأصل وخع: " ابن سعيد الجيرودي " تحريف، والصواب ما أثبتناه، وهذه النسبة إلى جنزرود، قرية من
قرى نيسابور (معجم البلدان).
(4) بالأصل وخع: " أنبأنا " خطأ والصواب " بن ".
(5) بالأصل وخع: " ابن الوليد " خطأ، وهو الوليد بن مسلم. تقدم.
(6) كذا بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور والمطبوعة: الجنة.
(7) بالأصل وخع: " أبو عامر بن موسى: تحريف.
345

عامر أنبأنا الوليد بن مسلم قال وحدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وغيره
أن جند حمص الجند المقدم (1) وإن (2) كانت يومئذ ثغرا وأن الناس
كانوا يجتمعون بالجابية لقبض العطاء وإقامة البعوث من أرض دمشق في زمن عمر
وعثمان حتى نقلهم إلى معسكر دابق (3) معاوية بن أبي سفيان لقربه من الثغور قال
فكان والي الصافية (4) وإمام العامة في أهل دمشق لأن من تقدمهم من أهل حمص
وأهل قنسرين وأهل الثغور مقدمة لهم وإلى أهلها يولون إن كانت لهم جولة من
عدوهم
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة أنبأنا أبو
القاسم حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدي (5) أنبأنا بهلول بن إسحاق بن
بهلول أنبأنا إسماعيل بن أبي أويس (6) أنبأنا كثير المزني عن أبيه عن جده
قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أربعة أجبل من جبال الجنة وأربعة أنهار من أنهار الجنة
وأربعة ملاحم من ملاحم الجنة قيل فما الأجبل يا رسول الله قال أحد جبل
يحبنا ونحبه جبل من جبال الجنة وطور جبل من جبال الجنة ولبنان جبل من جبال
الجنة والأنهار النيل والفرات وسيحان وجيحان والملاحم بدر وأحد وخيبر
والخندق [493]
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي أنبأنا أبو الفضل
أحمد بن الحسن بن خيرون (7) أنبأنا أبو القاسم عبد الملك بن بشران أنبأنا أبو
علي محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف أنبأنا أبو جعفر محمد بن عثمان بن
أبي شيبة أنبأنا إبراهيم بن محمد بن ميمون أنبأنا داود بن الزبرقان البصري (8)

(1) في مختصر ابن منظور 1 / 285 " المتقدم ".
(2) بياض بالأصل وخع قدر كلمة. وفي مختصر ابن منظور: " وإنها كانت ".
(3) بالأصل و خ: " دانق " خطأ والصواب ما أثبتناه، ودابق قرية شمال حلب (انظر معجم البلدان.
(4) كذا بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: " الصائفة " وهي الصواب.
(5) الكامل في الضعفاء لابن عدي 6 / 59.
(6) عن ابن عدي. وبالأصل " ابن أبي أوس " ومثله في خع والمطبوعة 2 / 120 وكله خطأ.
(7) بالأصل وخع: " جيرون " خطأ.
(8) في المطبوعة: " الرقاشي. " وانظر تقريب التهذيب وفيه: الرقاشي البصري.
346

عن حماد بن سلمة عن أبي جهضم عن ابن عباس أنه كتب إلى أبي (1) الخالد يسأله
عن أشياء (2) من البيت فكتب إليه إن البيت أسس على خمسة أحجار (3) حجر من
أحد وحجرين من طور سيناء ولبنان وحجر من تين وحجر من حراء
قال وأنبأنا محمد بن عثمان أنبأنا إبراهيم أنبأنا داود عن أبي
عبد الوهاب عن مجاهد قال بني البيت من أربعة أجبل من حراء وطور زيتا
وطور سينا ولبنان
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي وأبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد بن
عبد الله المقرئ قالا أنبأنا أبو الحسين بن النقور
أخبرتنا أم الفتح أمة السلام بنت أحمد بن كامل بن خلف القاضي قالت
حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن علي البندار (4) المعروف بالبصلاني (5) أنبأنا
محمد بن يحيى أنبأنا أبو بكر القطيعي أنبأنا عبد الأعلى أنبأنا سعيد عن قتادة
قال ذكر لنا أن قواعد البيت من حراء وذكر لنا أن البيت بني من خمسة أجبل من
حراء ولبنان والجودي وطور سينا وطور زيتا
حدثنا أبو الحسن علي بن المسلمة (6) الفقيه لفظا أنبأنا أبو القاسم بن أبي
العلاء أنبأنا أبو محمد أنبأنا أبو محمد بن أبي نصر
وأخبرنا أبو القاسم بن عبدان أنبأنا أبو القاسم بن العلاء أنبأنا أبو محمد بن
أبي نصر وأبو نصر محمد بن هارون بن الجندي قالا أنبأنا أبو القاسم علي بن
يعقوب بن أبي العقب (7) أنبأنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم أنبأنا ابن عايذ

(1) في المختصر والمطبوعة: إلى خالد.
(2) عن خع والمختصر: أشياء " وبالأصل " أشياخ ".
(3) بالأصل: " حجر من طرا، وحجر من طور سينا ولبيان وحجر من تين وحجرا حرا " كذا ومثله في خع،
وصوبنا العبارة مع زيادات عن مختصر ابن منظور 1 / 286 والمطبوعة 2 / 120.
(4) بالأصل وخع: " الميندار " والمثبت عن اللباب لابن الأثير " البصلاني ".
(5) بالأصل وخع والمطبوعة: " البضلاني " تحريف، والمثبت والضبط بفتحتين عن التبصير 1 / 162 وفي
اللباب لابن الأثير البصلاني هذه النسبة إلى البصيلة وهي محلة ببغداد.
(6) في خع والمطبوعة: المسلم.
(7) كررت ثلاث مرات بالأصل وخع.
347

أنبأنا الوليد (1) قال فأخبرني سعيد بن بشير (2) عن قتادة وذكر قول الله تبارك
وتعالى " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت " (3) قال قتادة هذا حرم الله قد طاف به آدم
ومن بعده فلما كان إبراهيم أراه الله تعالى مكانة البيت فاتبع منه أثرا قديما فبناه من
طور زيتا وطور سينا ومن جبل لبنان من أحد وحراء (4) وجعل قواعده من حراء (4)
ثم قال " وأذن في الناس بالحج " (5)
أخبرنا أبو البركات الأنماطي أنبأنا أبو الفضل بن خيرون (6) أنبأنا
عبد الملك بن بشران أنبأنا محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف أنبأنا أبو جعفر
محمد بن عثمان بن أبي شيبة أنبأنا إبراهيم بن محمد بن ميمون أنبأنا داود بن
الزبرقان عن مطر الوراق وسعيد عن قتادة في قول الله تبارك وتعالى " وإذ يرفع
إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل " (7) قال قتادة ذكر لنا أنهما بنياه على أمر قديم
كان قبلهما فبنياه من خمسة أجبل من حراء (4) ولبنان أو لدبنان والجودي وطور
سينا وطور زيتا وبنيا القواعد (8) من حراء
قال وأنبأنا ابن أبي شيبة قال أنبأنا أحمد بن عبد الله بن مؤنس (9) أنبأنا
داود القطان عن ابن جريج قال بني أساس الكعبة من خمسة أجبل من طور سينا
ومن طور زيتا ومن لبنان ومن الجودي (10) ومن حراء
قرأت بخط أبي محمد بن صابر فيما نقله من خط أبي الحسين محمد بن
عبد الله الرازي حدثني أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن الحجاج بن رشدين

(1) بالأصل وخع " ابن الوليد " خطأ، حذفنا " ابن " وهو الوليد بن مسلم.
(2) بالأصل وخع: " بشر خطا.
(3) سورة الحج، الآية: 26.
(4) بالأصل وخع: " حرى ".
(5) سورة الحج، الآية: 27.
(6) بالأصل وخع: " جيرون " خطأ.
(7) سورة البقرة، الآية: 127.
(8) عن مختصر ابن منظور 1 / 287 وبالأصل " قواعد " وفي خع " قواعد ".
(9) في خع: " يونس " وفي المطبوعة: " مويس ".
(10) في خع: الحوري.
348

سعد المصري أنبأنا يحيى بن عثمان بن صالح السهمي أنبأنا أبي أنبأنا
عبد الله بن لهيعة عن أبي قبيل عن كعب قال أربعة أجبل جبل الخليل ولبنان
والطور والجودي يكون كل واحد منهم يوم القيامة لؤلؤة بيضاء تضئ ما بين السماء
والأرض يرجعن إلى بيت المقدس حتى (1) تجعل في زواياه ويضع الجبار جل
جلاله (2) عليها كرسيه حتى يقضي بين أهل الجنة والنار " وترى الملائكة حافين
من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب
العالمين " (3)
قال أبو الحسين الرازي حدثني الفضل بن مهاجر أنبأنا إبراهيم بن خلف
أنبأ محمد بن مخلد عن ابن مطيع عن أبي معاوية بن يحيى عن صفوان بن
عمرو عن حدير بن كريب عن كعب قال جبل لبنان (4) كان عصمة الأنبياء عليهم
الصلاة والسلام
قال وقال كعب لبنان (3) أحد الثمانية أجبل تحمل العرش يوم القيامة
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز بن أحمد التميمي
أنبأنا تمام بن محمد الرازي أنبأنا أبي أبو الحسين أنبأنا محمد بن جعفر بن
ملاس نبأنا الحسن بن محمد بن بلال نبأنا هشام بن عمار نبأنا بن عياش
نبأنا صفوان بن عمرو عن أبي الزاهرية قال أنبئنا جبل لبنان أحد حملة العرش
الثمانية يوم القيامة
قال أبو الحسين وأخبرني بكر بن عبد الله أنبأنا إبراهيم بن ناصح أنبأنا
نعيم بن حماد أنبأنا محمد بن حمير عن الوضين (5) بن عطاء أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
قال جبل الخليل جبل مقدس وأن الفتنة لما ظهرت في بني إسرائيل أوحى الله
تعالى إلى أنبيائهم أن يفروا بدينهم إلى جبل الخليل [494]

(1) بالأصل " جعل يجعل في زواياه " وفي: " حتى في زواياه " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 287.
(2) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وخع واستدرك عن المختصر.
(3) سورة الزمر، الآية: 75.
(4) بالأصل وخع: " لبيان " خطأ والتصحيح عن مختصر ابن منظور.
(5) بالأصل وخع " الوصين " والصواب بالضاد المعجمة. انظر تقريب التهذيب.
349

وحكى بعض أهل العلم قال سمعت مشايخ أهل الشام يزعمون أن جبل الخليل
إنما سمي بذلك لأن الله تبارك وتعالى لما أوحى إلى الجبال إني أريد أن أتجلى إلى
موسى على بعضك تطاولت وشمخت غير جبل الخليل فإنه استخزى (1) وتطامن
فسمي بذلك جبل الخليل
وجدته في بعض الكتب القديمة
أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن
هشام بن سوار أنبأنا أبو محمد بن أبي نصر أنبأنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم
الأذرعي (2) نبأنا الحسن بن عرفة أنبأنا عروة بن مروان أنبأنا إسماعيل بن عياش
عن الأحوص (3) بن حكيم عن أبي الزاهرية في قول الله تبارك وتعالى " ويحمل
عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية " (4) قال جبل لبنان (5) أحد حملة العرش يوم
القيامة
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي الصوري ونقلته من كتاب أنبأ الشريف أبو
الفضل جعفر بن أبي النضر الحسيني بعكا (6) أنبأنا القاضي أبو الفتح عبيد الله بن
الحسين بن أبي مطر أنبأنا الحسين بن عمر بن الحسن بن أبي إسحاق الفقيه أنبأنا
عبد الرحمن بن عمرو بن عثمان بن سعيد أنبأنا أبو نصر بن مطروح بن محمد بن
شاكر حدثنا هانئ بن المتوكل عن محمد بن عياض أنبأنا أبو عمر أنبأنا أبو بكر
الهذلي عن طاووس عن أبي هريرة (7) وأبي الدرداء لقي أنس أبا الدرداء وأبا
هريرة وابن مسعود (8) مقبلين من سلسلة وسلسلة حصن (9) يكون من ساحل دمشق فيه

(1) عن مختصر ابن منظور وبالأصل " استخذى " وفى خع " استحذي ".
(2) في خع: " الأدرعي " وفي المطبوعة: الأزرعي.
(3) سورة الحاقة، الآية: 17.
(4) سورة الحاقة، الآية: 17.
(5) بالأصل وخع: " لبيان ".
(6) في المطبوعة: بوكا تحريف.
(7) قوله: " عن أبي هريرة " سقط من المطبوعة.
(8) بالأصل وخع: " وأبي مسعود " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(9) كذا ولم أعثر عليه. وفي المطبوعة: " لكورة " بدل " يكون.
350

منبر قال فأقمت بسلسلة (1) وذلك أن جبريل عليه السلام عرض على
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذكر سواحل الشام فعرض عليه سلسلة فوجدها مكتوب في أسفله بأن
غدر وفي جنة المأوى (2)
قال عبد الله بن مسعود أقمت فيها ثلاثا اقتصرت (3) الصلاة والقصر فيها
كمن أتم الصلاة سبعين سنة
قال أبو الدرداء فصليت فيها أربع ركعات قرأت في الركعة الأولى
الحمد لله (4) وقل هو الله أحد (5) وفي الثانية الحمد لله وإذا جاء نصر الله (6) وفي
الثالثة الحمد لله وقل يا أيها الكافرون (7) وفي الرابعة الحمد لله وإذا زلزلت الأرض
زلزالها (8) وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذكره وحدث به
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني (9) أنبأنا عبد العزيز بن أحمد
الكتاني أنبأنا أبو محمد بن أبي نصر أنبأنا أبو علي الحسن بن يحيى القرشي
أنبأنا إبراهيم اليماني (10) قال قدمت من اليمن فأتيت سفيان الثوري فقلت يا أبا عبد
الله إني جعلت في نفسي أن أنزل جدة فأرابط بها كل سنة وأعتمر في كل شهر
عمرة وأحج في كل سنة حجة وأقرب من أهلي (11) أحياء أحب إليك أم آتي الشام
فقال لي يا أخا أهل اليمن عليك بسواحل أهل الشام عليك بسواحل أهل الشام
عليك بسواحل أهل الشام فإن هذا البيت يحجه في كل عام مائة ألف ومائتا ألف

(1) عن مختصر ابن منظور 1 / 288 وبالأصل وخع: سلسلة.
(2) كذا وردت العبارة بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: " فوجدها مكتوبة في أسكفة باب عدن وهي جنة
المأوى " وفي المطبوعة: " فوجدها مكتوب في أسفلها بأنها عدن وهي جنة المأوى.
(3) في مختصر ابن منظور: فقصرت.
(4) سورة الفاتحة.
(5) سورة الاخلاص.
(6) سورة النصر.
(7) سورة الكافرون.
(8) سورة الزلزلة.
(9) بالأصل وخع: " الحسين " والصواب عن المطبوعة.
(10) بالأصل وخع " التمامي " تحريف والصواب عن مختصر ابن منظور.
(11) بالأصل وخع: " أهل " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 289.
351

وثلاثمائة ألف وما شاء الله تعالى من التضعيف لك (1) مثل حجتهم وعمرتهم
ومناسكهم
أنبأنا أبو القاسم الحسيني (2) أنبأنا عبد العزيز التميمي أنبأنا أبو محمد بن
أبي نصر وأنبأنا أبو محمد بن الأكفاني أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد أنبأنا أبو
نصر أنبأنا أبو علي نبأنا محمد بن أحمد يعني ابن عبدوس الصوري أنبأنا
يعقوب بن كعب أنبأنا خالد بن يزيد أنبأنا فهيد بن يزيد أنبأنا فهيد بن
مطرف عن خليد بن دعلج عن أبي علي عن كعب قال يا أهل الشام يا أهل
الشام من أراد منكم الرفق في المعيشة (3) مع العبادة فعليه ببيسان (4) ومن أراد
منكم السعة في الرزق والسلامة في الدين فعليه بعرقة (5) ومن أراد منكم أن يجمع له
دينه ودنياه فعليه بصور

(1) كذا بالأصل وخع، وفي المختصر: " إلى " وفي المطبوعة: لكل.
(2) في المطبوعة: الحسين " تحريف.
(3) بالأصل " العيشة " والمثبت عن خع والمختصر.
(4) عن المختصر وبالأصل وخع: " نيسان " خطأ.
(5) بالأصل والمطبوعة: بعرفة تحريف. والمثبت عن خع ومختصر ابن منظور. وعرقة بكسر فسكون بلد من
العواصم في شرقي طرابلس وهي آخر عمل دمشق (معجم البلدان).
352

" باب
ذكر عدد كنائس أهل الذمة
التي صالحوا عليها من سلف من هذه الأمة "
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة السلمي قالا
أنبأنا عبد العزيز بن أحمد الصوفي أنبأنا أبو القاسم تمام بن محمد وأبو محمد
عبد العزيز (1) عبد الوهاب بن جعفر قالا أنبأنا أبو الحارث أحمد بن محمد بن
عمارة أنبأنا أحمد بن المعلى قال أنبأنا تمام وأخبرني أبو إسحاق بن سنان
إجازة أنبأنا أبو المعلى (2) قال تمام وأخبرني يحيى بن عبد الله بن الحارث
أنبأنا عبد الرحمن بن عمر أنبأنا أبو المعلى أخبرني عمر بن محمد بن الغاز
الجرشي أنبأنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة أن عمر بن عبد العزيز قال إنه كان في
عهد دمشق خمس عشرة (3) كنيسة
قال ابن المعلى فأخبرني إسماعيل بن أبان حدثني عبد الرحمن بن إبراهيم
حدثني أبو مسهر قال أقام بعد فتح دمشق من بطارقة الروم بدمشق اثنا عشر (4)
بطريقا فأقروا في منازلهم وكان لكل بطريق منهم في منزله يعني كنيسته فأقاموا
بها حينا ثم بدا لهم فهربوا من دمشق وتركوا تلك المنازل فأقطعها قوم من أشراف
دمشق منهم بحدل (5) وابن مدلج العذري وغيرهما فلما ولي عمر بن عبد العزيز
أخرج أولادهم منها وردها على الأعاجم فلما مات عمر ردت إلى أولاد الذين
أقطعوها

(1) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: تمام بن محمد وعبد الوهاب بن جعفر.
(2) في المطبوعة: أنبأ يعلى.
(3) بالأصل وخع: " خمس عشر ".
(4) الزيادة عن خع، وبالأصل: اثنى.
(5) عن خع وبالأصل " نجدل " وفي مختصر ابن منظور: ابن بحدل.
353

قال وأخبرني عمرو بن محمد بن الغاز الجرشي نبأنا ضمرة عن رجاء بن
أبي سلمة قال خاصم النصارى حسان بن مالك الكلبي إلى عمر بن عبد العزيز في
كنيسة بدمشق فقال له عمر إن كانت من الخمسة عشر (1) كنيسة التي في عهدهم فلا
سبيل لك إليها
قال ابن المعلى حدثني عمر بن محمد أنبأنا ضمرة عن علي بن أبي حملة
قال خاصمت العرب في كنيسة بدمشق يقال لها كنيسة ابن نصر (2) كان معاوية
أقطعهم إياها فأخرجهم عمر بن عبد العزيز منها فدفعها إلى النصارى فلما ولي يزيد
ردها إلى بني نصر
قال ابن المعلى وقرأت كتاب سجل (3) من يحيى بن حمزة لتينك (4) نصارى
قصبة (5) دمشق أنه ذكروا له أنه شجر (6) بينهم وبين رئيسهم في دينهم وجماعتهم من
أهل القرى وعتاقة العرب (7) والغرباء اختلاف وفرقة وأنهم غلبوهم على كنائسهم
وسألوا الوفاء لهم (8) بما في عهدهم وكتابه الذي كتبه لهم خالد بن الوليد عند فتح
مدينتهم فدعوتهم بحجتهم فأتوني (9) بكتاب خالد بن الوليد لهم فيه
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق يوم فتحها
أعطاهم أمانا لأنفسهم ولأموالهم وكنائسهم لا نهدمنه ولا نسكننه (10) لهم على ذلك
ذمة الله وذمة الرسول عليه الصلاة والسلام وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين ألا يعرض
لهم أحد إلا بخير إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية

(1) الصواب: الخمس عشرة.
(2) عن خع وبالأصل " نضر " وفي مختصر ابن منظور: بني نصر.
(3) بالأصل وخع: " سحل بن يحيى " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 290.
(4) كذا بالأصل وخع، وفي المختصر: " لبنك " وبقي مكانها بياضا في المطبوعة.
(5) عن المختصر، وبالأصل: " قصة " وفي خع: " قضية " وبقيت بياضا في المطبوعة.
(6) عن المختصر والمطبوعة، وبالأصل وخع: سحر.
(7) عن خع، وبالأصل " والعرب " وسقطت اللفظة من المطبوعة.
(6) عن المختصر والمطبوعة، وبالأصل وخع: سحر.
(7) عن خع، وبالأصل " والعرب " وسقطت اللفظة من المطبوعة.
(8) عن المختصر والمطبوعة، وبالأصل وخع: بهم.
(9) عن خع وبالأصل: " فأتوا بي " تحريف.
(10) عن المختصر وبالأصل وخع: تسكنه.
354

شهد هذا الكتاب يوم كتب عمرو بن العاص وعياض بن غنم ويزيد بن أبي
سفيان وأبو عبيدة بن الجراح ومعمر بن غياث (1) وشرحبيل بن حسنة
وعمير بن سعيد ويزيد بن نبيشة وعبد الله (2) بن الحارث وقضاعي بن عامر
وكتب في شهر ربيع الأول سنة خمس عشرة
(3) وقرأت كتابهم فوجدته خاصة لهم وفحصت (4) عن أمرهم فوجدت فتحها بعد
حصار ووجدت ما وراء حيطانها (5) لرفعة الجبل ومن كثرة الرماح (5) ونظرت في
جزيتهم (6) فوجدتها وظيفة عليهم خاصة دون غيرهم فقضيت لهم بكنائسهم حين
وجدتهم أهل هذا العهد وأبناء البلد بنكا تلدا ووجدت من نازعهم لفيفا طرقاء (7)
عليهم وذلك لو أنهم أسلموا بعد فتحها كان لهم صرفها ومساجد ومساكن فلهم
في آخر الدهر ما في أولهم (8) وقضيت لمن نازعهم بما كان لم فيها من خلية أو أبنية أو
كنيسة أو كسوة أو بناء أو عرصة (9) أضافوا ذلك إليها يدفع ذلك إليهم بأعيانه إن قدر
عليه أو قيمة عدل يوم ينظر فيه شهده
عدد كنائس النصارى التي دخلت في صلحهم بدمشق خمس عشرة (10) كنيسة
في قبلة المدينة كنيسة اليعقوص (11) وكنيسة بحضرة وكنيسة المقسلاط وكنيسة
بحضرة ذكر (12) بن أبي حكيم وكنيسة بحضرة سوق الفاكهة وكنيسة بحضرة بني

(1) لم أجده، وفي المختصر: معمر بن عتاب.
(2) في المطبوعة: عبيد الله.
(3) في أسد الغابة 4 / 105 في ترجمة قضاعي بن عامر الديلي، بعد ذكره كتاب الأمان... وفي آخره: شهد أبو
عبيدة بن الجراح وشر حبيل بن حسنة وقضاعي بن عامر، وكتب سنة ثلاث عشرة.
وعقب ابن الأثير: في هذا نظر.
(4) بالأصل وخع: " ومحصت " والمثبت عن المختصر.
(5) كذا وردت العبارة بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: حيطانها لدفعة الخيل ومركز الرماح.
(6) بالأصل وخع: " خرفتهم " والمثبت والزيادة عن مختصر ابن منظور 1 / 291.
(7) في مختصر ابن منظور طرؤوا عليهم.
(8) الأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: " أوله ". وفي المطبوعة: مالهم في أوله.
(9) في مختصر ابن منظور: من حلية أو كسوة أو بناء أو عرصة.
(10) بالأصل: " خمسة عشر ". (11) الأصل وخع، وفي المطبوعة: اليعقوبيين.
(12) الأصل وخع، وفي المطبوعة: دار.
355

لجلاح (1) وكنيسة مريم وكنيسة اليهود
وفي شآم المدينة كنيسة القلانس (2) وكنيسة يوحنا (3) التي بنيت مسجدا
وكنيسة حميد بن درة وكنيسة بحضرة دار ابن زرناق (4) وكنيسة المصلبة ومما
وجدت كنيسة بناها أبو جعفر المنصور لبني قطيطا في الفوريق ومما وجدت أيضا
كنيسة العباد
أما كنيسة اليعقوبيين (5) فهي التي كانت خلف الحبس الجديد (6) يدخل إليها
من الأكافين التي هي اليوم من سوق علي الدرب الذي فيه أقمين حمام الأكافين
ومن درب السوسي قد بقي من بنائها بعضه وقد خربت منذ دهر (7)
وأما كنيسة المقسلاط فخربت أيضا وقد كان بقي من قناطرها وعمدها بعضها
فنقلت أصخارها (8) فجعلت في العمارات وأما التي عند زين (9) أبي حكيم فهي
التي في رأس درب القرشيين (10) وهي صغيرة بعضها باقي إلى اليوم وقد تشعث
وأما التي بسوق الفاكهة فكانت في دار سطح (11) فخربت
وأما التي بحضرة دار بني لجلاح فهي التي كانت في درب بني نصر من (12)
درب الحبالين ودرب التميمي وأدركت من بنائها بقايا خربت أكثرها
وأما كنيسة مريم فمعروفة باقية وأكبر ما بقي من الكنائس

(1) كذا بالأصل، وفي المطبوعة: بحضرة دار بني لجلاج " ولم ترد في خع.
(2) قبلها في المطبوعة: " كنيسة بولص " سقطت من الأصل وخع.
(3) بالأصل: " موحا ".
(4) عن خع وبالأصل: ززناق.
(5) بالأصل وخع: " العيقوس " والمثبت عن المطبوعة.
(6) بالأصل وخع: " الحديد ".
(7) بالأصل وخع: دهرا.
(8) في خع: أحجارها.
(9) كذا، وقد تقدم " ابن أبي حكيم.
(10) بالأصل: " القرشين " وفي خع: القرنين.
(11) الأصل وخع وفي المطبوعة: البطيح.
(12) عن المطبوعة وبالأصل: بني قضرس.
356

وكنيسة اليهود عند الخير باقية وقد كانت لهم كنيسة أخرى في درب البلاغة لا
ذكر لها في كتاب الصلح جعلت مسجدا
وأما كنيسة مريض (1) فكانت غربي القيسارية الفخرية (2) خربت وأدركت من
بنائها بعض أساس الحنية
وأما كنيسة القلانس (3) فكانت في موضع دار الوكالة فخربت
وأما كنيسة يوحنا فهي الجامع المعمور اليوم بقي لهم نصفه (4) كنيسة إلى أن
أخذهما منهم الوليد بن عبد الملك كما تقدم
وأما كنيسة حميد بن (5) درة فهي باقية إلى اليوم وقد خربت أكثرها في
درب حميد وحميد هو ابن عمرو بن مساحق القرشي العامري وأمه درة بن أبي
هاشم خال معاوية بن أبي سفيان وهو أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة كان الدرب
إقطاعا له فنسبت الكنيسة إليه وهو مسلم
وأما الكنيسة التي عند دار ابن زرناق (6) فهي المعروفة اليوم بكنيسة اليعاقبة في
نواحي باب توما بين رحبة خالد بن أسيد بن أبي العاص وبين درب طلحة بن
عمرو (7) بن مرة الجهني
وأما كنيسة المصلبة فهي باقية لهم إلى اليوم بين باب الشرقي وباب توما بقرب
الفسطس (8) عند السور وقد خربت أكثرها وبعد ذلك هدمت بعد الثمانين (9)

(1) كذا بالأصل، وفي خع: " بريص " وهي كنيسة بولص كما في المطبوعة، وقد سقطت قبلا من الأصلين.
وأشرنا إليها في مكانه.
(2) عن المطبوعة وبالأصل وخع: الفيساوية البحرية.
(3) مكانها هنا بياض بالأصل وخع، وما أثبتناه ينسجم مع ما سبق.
(4) بالأصل وخع " بصفة " والمثبت عن المطبوعة.
(5) سقطت من الأصل وخع.
(6) الصواب زرناق بتقديم الزاي كما أثبت، الأصل: زرناق.
(7) الأصل وخع: " عمر ".
(8) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: " النبيطن ".
(9) كذا، وهذه العبارة من إضافات النساخ على ما يبدو لان ابن عساكر توفي قبل هذا التاريخ.
357

وأما الذي كانت أحدثت في الفورنق فهي التي جعلت مسجدا عند درب
كرار (1) ويسمى اليوم مسجد الجينيق (2)
وأما كنيسة (3) العباد فهما اللتان أحدهما عند دار ابن الماشكي وقد جعلت
مسجدا والأخرى التي في رأس درب النقاشين قد جعلت مسجدا

(1) بياض بالأصل وخع واستدركت عن المطبوعة.
(2) بالأصل: الخينيق، والمثبت بالجيم عن خع والمطبوعة، وزيد فيها بعدها: ويعرف بمسجد أبي اليمن.
(3) كذا بالأصل وخع والصواب " كنيستا " كما يفهم من العبارة.
358

" باب
ذكر بعض الدور التي كانت داخل السور "
أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني أنبأنا الكتاني أبو محمد (1) عبد العزيز أنبأنا
تمام بن محمد الرازي أنبأنا محمد بن سليمان أنبأنا محمد بن الفيض أنبأنا
إبراهيم بن هشام بن يحيى حدثني أبي عن جدي قال لما استخلف
عبد الملك بن مروان طلب من (2) خالد بن يزيد بن معاوية شري الخضراء (3)
وهي دار الإمارة (4) بدمشق فابتاعها منه بأربعين ألف دينارا وأربع ضياع بأربعة أجناد
الشام اختارهن فاختار من فلسطين عمواس ومن الأردن قصر خالد ومن دمشق
أندر (5) ومن حمص دير زكي (6)
قال قال وأنبأنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى حدثني أبي عن
جدي قال لما بنى معاوية الخضراء بدمشق وهي دار الإمارة بالطوب فلما فرغ
منها قدم عليها (7) رسول الملك الروم فنظر إليها فقال له معاوية كيف ترى هذا
البنيان قال أما أعلاه فللعصافير وأما أسفله فللفأر (8) قال فنقضها معاوية
وبناها بالحجارة (9)

(1) بالأصل وخع: " أبو محمد بن عبد العزيز " خطأ.
(2) بالأصل وخع: " بن " والصواب عن مختصر ابن منظور 1 / 292.
(3) عن المختصر، وبالأصل وخع: الخضر.
(4) بالأصل وخع: " الاسارة " والمثبت عن المختصر.
في المختصر: أندر كيسان.
(6) انظر معجم البلدان، فلا دير زكى ي حمص!.
(7) في مختصر ابن منظور: عليه.
(8) بالأصل وخع: " فللقار " والمثبت عن المختصر.
(9) بالأصل: " صفتها معاوية زيناها بالحجارة " والعبارة المثبتة عن مختصر ابن منظور والمطبوعة 2 / 134.
359

ذكر أبو الحسين محمد بن عبد الله الرازي فيما نقلته من كتابه قال أخبرنا
أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصا (1) الدمشقي أنبأنا الهيثم بن
مروان بن الهيثم بن عمران العبسي حدثني خالد بن (2) محمد بن عبد الله بن
عايذ ببعض ذلك وحدثني أحمد بن عبد الله بن حميد بن سعيد بن أبي العجائز
الدمشقي عن عمه وغيره من مشايخ أهل دمشق عن من تقدم من شيوخهم ببعض
ذلك وحدثهم أبو الحارث إسماعيل بن إبراهيم بن إسحاق المزي الدمشقي قال
جمعت هذا من كتب جماعة من (2) شيوخنا الدمشقيين ببعض ذلك قال أبو (2)
الحسين فجمعت هذا كله في هذا الكتاب فذكره قال
زقاق عطاف هو عطاف المعلم (3) كان ينسب إلى أيمن بن خريم بن فاتك
الأسدي
دار واثلة بن الأسقع الليثي هي قبلة (4) دار بن البقال والمسجد الذي على
رأس درب ابن البقال شامها الشارع على النهر مسجد واثلة بن الأسقع
الفندق مع حمام الجمحي مع دار بن سيل (5) كلها كانت دار جرير بن
عبد الله البجلي الصحابي
دار أبي الخلاس الصغير في زقاق أبي الخلاس موضع الفندق سكنها أبو
عبيدة بن الجراح مدة
الدار التي على شارع دار البطيخ الكبيرة التي فيها البناء القديم يعرف بدار
بني نصر كانت كنيسة النصارى فنزلها ملك بن عوف النصري (6) أول ما فتحت
دمشق

(1) بالأصل وخع: " خوصا ".
(2) الزيادات عن المطبوعة.
(3) بالأصل وخع: " رفاق غطاف، وهو غطا المعلم " والمثبت عن المطبوعة.
(4) بالأصل وخع: " قبيلة " خطأ.
(5) كذا، وفي خع: " سبك " وبقي مكانها بياضا في المطبوعة.
(6) النصري هذه النسبة إلى بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن.
360

فقال (1) بعضهم إن الدار المعروفة بابن الدجاجة في غرب سقيفة (2) جناح
دار أبي قحافة ومعاوية ابني (3) عفيف ولهما صحبة
دار ملك بن هبيرة السكوني دار خلف باب الشرقي معروفة إذا دخلت من
باب الشرقي بالعوامين يعني في قنطرة سنان
قال ويقولون إن الدار التي بحذائها يفتح بابها قبلة إلى الطريق التي يأخذ إلى
باب شرقي (4) وقنطرة سنان دار عقبة بن عامر الجهني الصحابي
دار بني الأكشف يعني بقنطرة سنان كان جدهم الأزري صحابيا (5) وكانت لهم
هذه الدار أنزلها
دار النخلة في النيبطن كانت لأبي عزيز الأزدي وهو صحابي في أول ما فتحت
دمشق
دار تعرف اليوم ببني بحشل بالنيبطون كانت لوابصة (6) يعني ابن معبد
الصحابي مع ضيعة تعرف بالوابصي إقطاع له بعد الفتح
دار طلحة التي في الزقاق المعروف ببني طلحة (7) بحضرة مسجد ابن عمير
ومنزلهم هو طلحة بن عمرو بن مرة الجهني كانت لأبيه عمرو بن مرة الجهني
وهو صحابي اقطاع له
الدار والحمام (8) المعروفان بخالد في رحبة خالد هو خالد بن أسيد الذي
ولاه النبي (صلى الله عليه وسلم) مكة
الدار المعروفة بدار واثلة في رحبة حمام خالد وهي دار واثلة بن الخطاب

(1) في خع: وقال ".
(2) عن المطبوعة 2 / 135 وبالأصل وخع بنفيقة.
(3) عن خع وبالأصل " بن ".
(4) في خع: " إلى بابرقي ".
(5) بالأصل وخع: " صحابي " وفي المطبوعة: الأزدي بد الآزري.
(6) بالأصل " بشحل " والمثبت عن المطبوعة، والزيادة عنها لتستقيم العبارة. وسقطت العبارة بأكملها من خع.
بالأصل وخع: بني.
(8) بالأصل وخع: الدار الحمام، بسقوط الواو بينهما خطأ.
361

العدوي عدي قريش وهو صحابي من رهط عمر بن الخطاب
دار الأنصار عند دار بني حيان في نواحي السوق من باب توما ويقال إنها
كانت دار عوف بن مالك الأشجعي
الدار المعروفة ببني صميد (1) مع التي تليها من القبلة والمسجد كانت دار
أبي الغادية (2) وهي من الصوافي يعني في ناحية سوق الطير (3)
دار بني هبار القرشي يعني بناحية الديماس هي دار هبار بن الأسود
الصحابي (4)
وذكر عن الرازي أن الدار التي في سقيفة كروس كانت لعبد الله بن عمرو بن
العاص
الدار التي في سوق الدقيق شرقي الطريق التي على بابها المسجد كانت دار
أوس بن أوس الثقفي الصحابي
الدار التي في سوق القمح عند أصحاب الكهف وتعرف اليوم بفندق بن موسى
وفندق ابن حية (5) دار فضالة بن عبيد الأنصاري (6)
الدار المعروفة نبيشة في سوق الريحان وسوق نبيشة النجارين (7) دار
يزيد بن نبيشة أمير معاوية على دمشق وهو الذي حجبه معاوية حين سود لحيته وهو
أحد الشهود في أهل دمشق حتى فتحت وهو جد أبي بكر القرشي ويزيد بن نبيشة
صحابي (8) قرشي من بني عامر بن لؤي

(1) في خع: حميد.
(2) عن المطبوعة، وبالأصل " في المعادية " وي خع: " في العارية " وكلاهما تحريف، وانظر ترجمة أبي
الغادية المزني في أسد الغابة.
(3) عن الدارس للنعيمي 2 / 240 وبالأصل وخع " الطير.
(4) انظر ترجمته في الإصابة 6 / 280 وأسد الغابة 4 / 608.
(5) في خع: ابن جنة، والعبارة.
(6) العبارة من " الدار التي في سوق القمح... إلى هنا كذا بالأصل، وستتكرر بعد ذكر الدار التالية.
(7) كذا بالأصل، وفي خع: " البخاري بن " وترك مكانها بياضها في المطبوعة، ونبه محققها إلى رواية النسخة
الظاهرية ونسخة كامبردج.
(8) انظر الإصابة: ترجمته 3 / 663 وما ورد فيه نقلا عن ابن عساكر.
362

الدار التي في سوق القمح عند أصحاب الكهف وتعرف اليوم بفندق ابن
موسى وفندق بن حية دار فضالة بن عبيد الأنصاري الصحابي ودار ابن سعد
الأنصاري الصحابي عم (1) حرام بن حكيم الأنصاري يعني عبد الله وذكر غير
الرازي أن فضالة كانت له دار بباب البريد أيضا
الدار التي تحد باب الريح وغرب سوق القمح والفرن والدار التي تعرف
بالسلي (2) كما تدور كلها كانت دار عبد الله بن عامر بن كريز بن حبيب بن
عبد شمس بن عبد مناف وعبد الله بن عامر صحابي
الدار التي نزلها يزيد بن أبي سفيان يعني السجن اليوم والخضراء (3) التي
كان (4) فيها معاوية بن أبي سفيان من بناء أهل الجاهلية من البناء القديم
الدار المعروفة بابن أمية شآم دار سبل (5) دار عبد الرحمن بن سمرة بن
حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف وكانت مرة ديوانا غربي المسجد الجامع بينهما
الطريق وهي التي بناها ايديز عياش (6) أمير دمشق انتهى
الدار المعروفة بدار أبي الدرداء في باب البريد كانت دار أبي الدرداء
عويمر بن عامر الأنصاري الصحابي كانت لمعاوية بن أبي سفيان فلما قدم أبو
الدرداء من حمص أنزله معاوية معه في الخضراء ثم حوله إلى هذه الدار ووهبها له
التي (7) تعرف بدار العزي
الدار التي في سوق الطرائف المعروفة بدار الخالديين دار الحجاج بن علاط
السلمي الصحابي ثم صارت لابنه خالد بن الحجاج بن علاط فعرفت الدار
والسوق بالخالديين

(1) عن أسد الغابة، ترجمه عبد الله بن سعد الأنصاري، وبالأصل وخع: " عمر " خطأ
(2) كذا رسمها بالأصل، ورسمت في خع: " بالتعلبي " وفي المطبوعة: بالتفليسي.
(3) بالأصل " والخضر ".
(4) بالأصل وخع: كانت.
(5) كذا بالأصل وخع، وقد سقطت اللفظتان من المطبوعة.
(6) كذا بالأصل، وفي خع: " ابن يزيد بن عباس " وفي المطبوعة: " ابن يدغباش ". وسيرد قريبا صوابا.
(7) بالأصل: " التي يعني التي تعرف.
363

الدار المتحدرة على لسانك (1) وأنت مار إلى حجر الذهب كانت دار أبي
عبيدة بن الجراح الصحابي أمير الأمراء (2) بالشام وجددها من القرية (3) التي بحذاء
دار بني نهيك وديوان الغوطة مادا إلى الدار التي كانت لابن يدعباش (4) مادا إلى الطريق المربعة التي تنفذ إلى زقاق الهاشميين وباب الجابية (5) وغيرها
دار بني عبد المطلب الهاشميين من أول الزقاق وأنت داخل عن يمينك والدار
الكبيرة مادا إلى الزقاق الضيق تعرف بدار بني عبد المطلب وعبد المطلب هذا
صحابي هو عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن
عبد مناف قدم عبد المطلب دمشق في خلافة عمر بن الخطاب وولاية معاوية بن أبي
سفيان فأقطعه معاوية هذه الدار وهذه الدار دار عبد المطلب التي كان فيها
لعمر (6) بن الخطاب قصة في الجاهلية يعني مع البطريق الذي سحره (7)
الدار المعروفة بدار الضحاك وحمام الضحاك في حجر الذهب هي دار
الضحاك بن قيس الصحابي أمير معاوية ويزيد على دمشق وهي مما يتلي حائط
المدينة وفيها من دارهم دار رسهل بن الحنظلية الأنصاري الصحابي هي دار
الضحاك بن قيس الفهري (8) كانت لسهل فتوفي سهل ولا عقب له فكتب معاوية إلى
عمر بن الخطاب فأقطعه إياها فوهبها معاوية للضحاك وهي غرب حمام الضحاك
ووجدت في موضع آخر دار الضحاك هي الدار المشرفة على بردا كانت لأبي
الدرداء ففائضة بموضع دار أبي الدرداء والله تعالى أعلم
دار حبيب بن مسلمة الفهري إلى جانب دار بني طلحة من القبلة عند حمام

(1) كذا بالأصل وخع، وبقي مكانها بياضا بالمطبوعة.
(2) بالأصل وخع: " أمير المؤمنين أمير الامراء ".
(3) بالمطبوعة: وحدودها من القرنة.
(4) كذا بالأصل، وفي خع: " لابن يد عباس " وفي المطبوعة: لابن ايدغباش.
(5) بالأصل: " الخانية " وفي خع: " الخابية " كلاهما تحريف.
(6) بالأصل وخع: " بعمر.
(7) كذا بالأصل وخع وفي المطبوعة 2 / 14 شجره.
(8) في خع: النهري.
364

طلحة وهي الدار المشرفة على نهر بردا عند طاحونة الثقفية يعني طاحونة القلعة
الدار المعروفة بني كودب في الفسطين (1) التي تنفذ إلى حمام الهاشميين كانت
دار عمرو بن العاص بن وائل (2) السلمي السهمي الصحابي وهي من حدود بن (3)
الشعارين إلى زقاق الهاشميين كما تدور وكان لعمرو بن العاص دار أخرى في
جيرون عند (4) سقيفة كردوس
الدار المعروفة بالشعارين كانت دار بسر (5) بن أبي أرطأة القرشي الصحابي جد أبي
عبد الملك وكان من ولده محدثون بالبصرة منهم محمد بن الوليد البسري (6) الذي
يروي عن غندر عن شعبة ومنهم من سكن البصرة أحمد بن بكار روى عن
الوليد بن مسلم
وحدود هذه الدار من عند دار بني كردل ودار الشعارين كلها إلى الدار التي كان
فيها أبو زرعة النصري إلى الحمام التي إلى الجعفري مادا إلى القيسارية التي بناها
الجعفري السور كله وشرق زقاق الأسديين
الدار المعروفة بالأسديين (8) في شآم زقاق الأسديين الذي عند باب الجابية (9)
الذي على يمينك وأنت خارج من باب الجابية في صدر الزقاق هي دار سبرة بن
فاتك الأسدي الصحابي أخي خريم بن فاتك الأسدي ويقال إنها كانت دار سارية

(1) في خع: السفطين.
(2) بالأصل وخع: وائل بالثاء المثلثة. تحريف.
(3) كذا بالأصل وخع، و " بن " مقحمة سقطت من المطبوعة.
(4) بالأصل وخع " عن ".
(5) بالأصل وخع " بشر " تحريف، انظر تقريب التهذيب والإصابة.
(6) بالأصل " البشري " بالشين تحريف، والصواب بالمهملة نسبة إلى بسر بن أبي أرطاة (انظر الأنساب).
(7) بالأصل وخع " البصري " تحريف والصواب " النصري " واسمه عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله بن صفوان النصري، أبو زرعة الدمشقي. (تقرب التهذيب).
(8) بالأصل " الاسدين " في الموضعين، والمثبت عن خع.
(9) بالأصل " الخابية " في الموضعين، تحريف.
(10) بالأصل: أخو.
365

الأسدي (1) صاحب عمر بن الخطاب الذي ناداه به وهو بحلوان وهو (2) فحرب المجوس يا سارية الجبل
فهذا ذكر الدار (3) التي لها ذكر وأصحابها صحابة لهم منزلة وقدر دون ما
عداها من دور بني أمية ومن سواهم من الرعية التي يطول الكتاب بذكرها (4) ولا سبيل إلى تحقيق أمرها لتغيرها عن أوضاعها لكثرة نواحيها وأصقاعها
فأما ما كان من البنيان خارجا عن السور من الأبنية والدور والمنازل
والقصور
فقرأت بخط أبي الحسين الرازي
أخبرنا أبو دقاقة أسلم بن محمد أنبأنا محمد بن هارون بن بكار بن بلال
عن (5) هشام بن عمار أنبأنا صدقة بن خالد نا هاشم (6) بن عفيف قال حدثني
راشد اليماني (7) وكان من المصلين العابدين أن كعب الأحبار خرج من دمشق ومعه
نفر يشيعونه فخرج من باب الجابية حتى إذا كان عند الثنية من دير بن أوفى وقف ثم
نظر إلى خلفه ثم سار حتى جاوز الكسوة فلما ودعوه سألوه عن ذلك قال أما نظري
حين خرجت من باب الجابية ووقوفي على الثنية فإن البنيان يتصل إليها حتى يسير
السائر في ضوء السراج حتى ينتهي إليها
قال وأخبرني محمد بن جعفر بن محمد أنبأنا أبي عن أبيه يحيى بن
حمزة أنبأنا إسحاق بن يحيى بن عبد الله بن طلحة عن عبد الله بن ضمرة (8)

(1) كذا بالأصل وخع، انظر عامود نسبه في أسد الغابة، ووقع بالأصل وخع " شاربة " بالشين المعجمة
تحريف.
(2) حلوان: عدة مواضع، منها هذه حلوان العراق، وهي آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد (معجم البلدان.
(3) كذا بالأصل وخع، والصواب: الدور.
(4) بالأصل وخع: ذكرها.
(5) بالأصل وخع " بن ".
(6) في المطبوعة: هشام.
(7) عن خع، وبالأصل " الثماني ".
(8) غير واضحة بالأصل، أثبتنا ما ورد في المطبوعة 2 / 142.
366

قال لقيت شيخا بدمشق قد جالس كعب الأحبار فقال سمعت كعبا يقول يتصل
العمران ما بين باب (1) الجابية إلى البضيع (2)
قال سمعت جدي مصر (3) بن العلاء يقول إنه كان يعرف من رأس زقاق
فذايا (4) إلى قرية تعرف بواسط (5) في الغوطة حوانيت ومنازل وإن جده مطر بن
العلاء حكى عن شيوخه أن العمران يتصل بهذا حتى يصير سوق القمح في
قرحتا (6)
وسمعت بعض شيوخنا يحكي عن أبي القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء
عمن حدثه أنه جلس على جسر نهر يزيد ليلة قعد بضعة عشر (7) من قدور مما حمل
إلى ساكني تلك البلد لكثرة من كان يسكن بها
وبلغني أنه كان على نهر يزيد (8) رواشن مشرفة على النهر وكان أكثر ظاهر
البلد منازل للقبائل وقرى متصلة وأبنية (9) متقاربة فخرب أكثر ذلك في الفتن
والحروب والحصارات وباد (10) أهلوه وتمادى عليه الخراب إلى الآن وكل موضع
حفر إلا وجد فيه أثر العمارة من سائر نواحي البلد من قبليه وشرقيه وشاميه وغربيه
والله يحرس ما بقي منها ويحميه بمنه ولطفه
فمما سمي لنا من منازلها القبلية
فندق بني عبد المطلب عند سوق (11) الدواب اليوم

(1) زيادة عن مختصر ابن منظور 1 / 292.
(2) جبل بالكسوة يسمى اليوم المضيع (معجم البلدان).
(3) في خع ومختصر ابن منظور 1 / 293 " مطر " وفي المطبوعة: مضر.
(4) بالأصل وخع: تدانا " والمثبت عن مختصر ابن منظور، وفذايا قرى من القرى الدائرة في غوطة دمشق،
كانت في جنوب مقابر اليهود بدمشق.
(5) قرية جنوبي دمشق بعد قرية فذايا.
(6) من قرى الغوطة، (معجم البلدان).
(7) عن خع، وبالأصل: " بقعة عش " وفي المطبوعة: " فعد كثيرا من القدور ".
(8) الزيادة عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 293، وفي المطبوعة: على النهر رواشن.
(9) عن مختصر ابن منظور وبالأصل: " واسه ".
(10) عن مختصر ابن منظور، وبالأصل " ونادا اهلموء ".
(11) عن خع وبالأصل " موت ".
367

والراهب قبلة المصلي عن يسار الماء قبل المسجد الجديد بعد مسجد فلوس
ومحلة السفلين عند المسجد الجديد
والشماسية عند مسجد القدم
وعالية وعويلية قبلة مسجد القدم والقطائع وبج (1) حوران قبلي الشاغور
وغير ذلك
ومن شامه شطرا (2) والفراديس والأوزاع والصدف ومقري وشعبان
ومرج (3) الأشعريين وغير ذلك
ومن الغرب لؤلؤة الكبير ولؤلؤة الصغيرة وقينية وصنعاء والحميريين
ومنازل بني رعين وغير ذلك
سوى ما كان من شرقيه من قرى الغوطة والمرج من القصور والديورة والمنازل
المعروفة والأماكن المذكورة مما عفي رسمه وبقي ذكره واسمه

(1) بالأصل وخع: " ريح " والمثبت عن المطبوعة 2 / 143. (2) في خع: سطرا.
(3) عن خع، وبالأصل " وسرج ".
368

" باب
ما جاء في ذكر الأنهار
المحتفرة للشرب وسقي الزرع والأشجار "
أخبرنا أبو القاسم (1) بن هبة الله بن عبد الملك بن أحمد الواسطي أنا أبو بكر
أحمد بن علي بن ثابت الخطيب أخبرني عبد العزيز بن أحمد الكتاني نا تمام بن
محمد بن عبد الله الرازي الحافظ أخبرني أبي وأبو العباس أحمد بن عتبة بن مكين
الأطروش قالا أنا أبو القاسم عمار بن الخزر بن عمار الجسريني بجسرين (2) نا
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن يزيد بن زفر الأحمري البعلبكي بدمشق قال قال
أبي عبد الله حدثني أبي يزيد عن جدي زفر قال سألت مكحولا عن نهر يزيد
وكيف كان قصته قال (3) سألت مني (4) خبيرا أخبرني الثقة أنه كان نهرا نباطيا
يجري شيئا يسقي ضيعتين في الغوطة لقوم يقال لهم بنو فوقا ولم يكن فيه لأحد
شئ غيرهم فماتوا في خلافة معاوية ولم يبق لهم وارث فأخذ معاوية ضياعهم
وأموالهم فلم يزل كذلك حتى مات معاوية في رجب سنة ستين وولي ابنه يزيد فنظر
إلى ارض واسعة ليس لها ماء وكان مهندسا فنظر إلى النهر فإذا هو صغير فأمر
بحفره ومنعه من ذلك أهل الغوطة ودافعوه فلطف بهم على أن ضمن لهم خراج
سنتهم من ماله فأجابوه إلى ذلك فاحتفر نهرا في سعة ستة أشبار وعرضه وعمقه ستة
أشبار وله ملء جنبتيه وكان على ذلك كما شرط لهم فهذه قصة نهر يزيد

(1) بالأصل وخع: أبو القاسم بن هبة الله.
(2) بالأصل: الحسريني بحسرين خطأ والصواب بالجيم في اللفظتين: وجسرين بكسر الجيم والراء قرية من
قرى دمشق (معجم البلدان).
(3) بالأصل: قالت:.
(4) بالأصل: خيرا.
369

ومات في رجب سنة أربع وستين حتى ولي هشام بن عبد الملك فسأله أهل قرية
حرستا (1) شرب شفاههم وماء لمسجدهم فكلم فاطمة ابنة عاتكة ابنة يزيد في ذلك
فأجابته على أنه احتفر نهرا صغيرا يجري إلى مسجدهم للشرب لا لغيره وفتح الحجر
الذي يمر منه الماء بقرية حرستا فترا في (2) فتر مستدير يجري لهم من الأرض على
مقدار شبر من ارتفاع بطن النهر
وسأله عبد العزيز مولى هشام أن يجري له شيئا يسقي ضيعته فأجابه بعد أن
سأل في أمره يوم الأربعاء وصيرت له ماصية فتحها شبر في (3) أصغر من شبر
ثم سأله خالد على أن يسقي ضيعته فأجابه إلى يوم الخميس فهيئت عليه ماصية
كحكاية هذه الماصية
وأقام رجل من أهل دمشق يقال له جرجة بن قعرا عند سليمان بن عبد الملك
شاهدين يشهدان له في النهر قناة تجري إلى حمام له يديره وزعم أنها كانت عجمية
فسجل له سليمان بذلك سجلا وهي رطل من الماء يجري في سيلون في ديره
وقل الماء في ولاية سليمان بن عبد الملك حتى لم يبق في بردا إلا شئ يسير
فشكوا ذلك إلى سليمان فأرسل سليمان (4) عبيد بن أسلم مولاه إلى أصل العين
لكرايتها فدخلوا لكرايتها فبينما هم كذلك إذا هم بباب من حديد مشبك يخرج (5)
الماء من كوى فيه يسمعون داخلها صوت ماء كثير ويسمعون صوت اضطراب
السمك فيها فكتبوا (6) إلى سليمان بذلك فأمرهم أن لا يحركوا شيئا وأن يكروا (7)
بين يديه فأكروا

(1) بالتحريك، وسكون السين، قرية كبيرة، عامرة وسط بساتين دمشق على طريق حمص، بينها وبين دمشق أكثر
من فرسخ (معجم البلدان).
(2) بالأصل وخع: " فترقي " والمثبت عن المطبوعة.
والفتر ما بين طرف الابهام وطرف المشيرة (اللسان).
وقال الجوهري: ما بين طرف السبابة والابهام إذا فتحتهما.
(3) بالأصل: شرحي، والصواب عن خع.
(4) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع.
(5) بالأصل: " يخرج إلى الماء: حذفنا " إلى " فوافقت العبارة خع.
(6) عن خع وبالأصل: فكتبوا.
(7) عن خع وبالأصل: كدورا.
370

ولم يزل كذلك إلى زمن (1) ولاية هشام بن عبد الملك لم يكن فيه شئ أكثر
من ذلك فشكا أهل بردا قلة الماء إلى هشام بن عبد الملك فأمر القاسم بن زياد (2)
أن يماز لهم الأنهار فمازها فأعطى أهل نهر يزيد ست عشرة مسكبة والفرق الكبير
خمس مساكب والفرق الصغير أربع مساكب ونهر داريا ست عشر مسكبة (3) ونهر
ثورة اثنتين (4) وأربعين مسكبة ونهر بأناس ثلاثين مسكبة ومسكبة فيه حملت فيه
تصب ليزيد بن أبي مريم مولى سهل بن الحنظلية وثلاث مساكب للفضل بن صالح
الهاشمي حملت فيه من بعده ونهر مجذول اثنتي عشرة مسكبة ونهر داعية ثلاث
عشرة مسكبة ونهر حياة وهو نهر الزلف اثنتي عشرة مسكبة ونهر التومة العليا
خمس مساكب ونهر التومة السفلى أربع مساكب ونهر الزابون أربع مساكب ونهر
الملك أربع مساكب والقنا لم تماز يومئذ تأخذ ملء جنبتيها
وكان الوليد بن عبد الملك لما بنى المسجد اشترى ماء من نهر السكون يقال له
الوقية فجعله في القناة إلى المسجد والحجر شبر ونصف في شبر ونصف وثقب
الثقب شبرا في أقل من شبر على أنه إذا انقطعت القناة أو اعتلت ليس لأحد أن يأخذ
من ماء الوقية شيئا ولا لأصحاب القساطل فيها حق فإذا جرت يأخذ كل ذي حق حقه
ويفتح القساطل على الولاء
وقال يزيد أنا أدركت القناة يدخل فيها الرجل يسير فيها وهي مسقوفة يمد
يديه فلا ينال سقفها وليس فيها شئ مثلوم ومات يزيد بن معاوية في رجب سنة
أربع وستين فهذه قصة نهر يزيد
وولي سليمان بن عبد الملك سنة ست وتسعين وتوفي سليمان يوم الجمعة
لعشر خلون من صفر سنة تسع وتسعين وسجل سليمان بن عبد الملك لجرجة بن
قعرا سجلا واشهد فيه شهودا ونسخة سجله بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب كتبه

(1) بالأصل " أين " والمثبت عن المطبوعة، وسقطت اللفظة من خع.
(2) كان عاملا لعمر بن عبد العزيز على الغوطة، وبقي إلى أيام هشام بن عبد الملك، وكان صاحب المساحة.
وإليه ينسب الذراع القاسمي.
(3) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة 2 / 147.
(4) بالأصل: اثنين.
371

سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين لجرحة بن قعرا بثبات قناته في نهر يزيد إلى ديره
لما قامت البينة
وشهد له عبد العزيز (1) بن عبد الرحيم اليحصبي (2) وعبد الله بن
الحصين بن المبارك الهمداني وزيد بن أسلم بن عبد الله القرشي ومحمد بن
عبد الرحيم بن الفضل بن العباس الهاشمي وكتب شهادته بخطه على سليمان بن
عبد الملك بما في هذا الكتاب يوم الخميس في شهر رمضان سنة ثمان وتسعين
وكتب سليمان بن عبد الملك بخطه وأشهد الله على نفسه وكفى بالله شهيدا
بحضرة جماعة من أهل دمشق وغوطتها منهم عبد الرحيم بن محمد بن عبد الله
البكري ويزيد بن محمد بن القاسم الهمداني وعبيد الله بن شبل الفهري (3)
وحكيم بن عبد الله بن المبارك الحجبي (4) والفضل بن عبد الكريم القرشي
وعبد الله بن المبارك النميري من أهل الغوطة من قرية طرميس (5) وذكوان بن
عبد الله مولى عبد الملك بن مروان ومحمد بن يزيد بن عبد الله مولى عبد الملك
والفضل بن القاسم (6) مولى بني هاشم
ومات هاشم بن عبد الملك يوم الأربعاء لست خلون من شهر ربيع الآخر سنة
خمس وعشرين ومائة
رواه غيره فقال أحمد بن عبيد الله بن يزيد
قرأته على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن أحمد
الكتاني (7) أنا تمام الرازي أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الفرج بن البرامي نا
أبو بكر محمد بن خريم نا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن حدثني أبو عبد الله

(1) في خع: عبد الملك بن عبد الرحمن اليحصبي.
(2) هذه النسبة إلى يحصب، قبيلة من حمير (الأنساب).
(3) بكسر الفاء، هذه النسبة إلى فهر بن مالك بن النضر بن كنانة (الأنساب).
(4) في المطبوعة: الجمحي.
(5) من قرى الغوطة، كانت في أرض جوبر.
(6) في خع: اقسام.
(7) في خع: الكتابي، تحريف.
372

أحمد بن عبيد الله بن يزيد حدثني أبي عبيد الله بن يزيد حدثني أبي يزيد بن
زفر عن أبيه زفر قال سألت مكحولا عن نهر يزيد كيف قصته قال سألت (1) مني
خبيرا أخبرني الثقة أنه كان نهرا صغيرا نباطيا يجري فيه شئ يسير يسقي ضيعتين
في الغوطة لقوم يقال لهم بنو فوقا ولم يكن لأحد فيه شئ (2) غيرهم فماتوا في
خلافة معاوية بن أبي سفيان ولم يبق لهم وارث فأخذ معاوية ضياعهم وأموالهم فلم
يزل كذلك حتى مات معاوية في رجب سنة ستين وولي ابنه يزيد فنظر إلى أرض
واسعة ليس لها ماء وكان مهندسا فنظر إلى النهر فإذا هو صغير فأمر بحفره فمنعه
من ذلك أهل الغوطة ودافعوه فلطف بهم على أن ضمن لهم خراج سنتهم من ماله
فأجابوه إلى ذلك فاحتفر نهرا سعته ستة أشبار في عمق ستة أشبار على أن له ملء
جنبتيه وكان كما شرط لهم فهذه قصة نهر يزيد ومات يزيد (4) في رجب سنة
أربع وستين
فلم يزل كذلك حتى استخلف (5) سليمان بن عبد الملك فأقام عنده رجل من
أهل الذمة يقال له جرجة بن قعرا لشاهدين يشهدان أن له في النهر قناة تجري إلى
حمام له يديده (6) وزعم أنها كانت عجمية تجري في سيلون إلى ديره وهو رطل
من الماء فسجل له سليمان بذلك سجلا وأشهد شهودا ونسخته
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب كتبه سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين
لجرجة بن قعرا بثبات قناة في نهر يزيد إلى ديره (7) لما قامت له البينة وفيه من
الشهود وشهد له (8) عبد العزيز بن عبد الرحمن اليحصبي وعبد الله بن
الحصين بن المبارك الهمداني ويزيد بن أسلم بن عبد الله القرشي وعبد الله بن
عبد الرحمن بن عبد الملك من أهل الغوطة ومحمد بن عبد الرحمن وكتب شهادته

(1) الزيادة عن خع.
(2) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع.
(3) بالأصل وخع: " جنبته " والمثبت عن المطبوعة 2 / 150.
(4) الزيادة عن خع.
(5) في المطبوعة: ولي.
بالأصل: " يريده " والمثبت عن خع.
(7) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وخع واستدرك عن المطبوعة 2 / 150.
(8) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع، وفي المطبوعة مكان هذه العبارة: وأشهد له بذلك.
373

سليمان بن عبد الملك يأمره في هذا الكتاب يوم الخميس في شهر رمضان من سنة
ثمان وتسعين
وكتب سليمان بن عبد الملك بخطه وأشهد الله على نفسه وكفى بالله شهيدا
وقل الماء في خلافة سليمان بن عبد الملك حتى لم يبق في بردا إلا شئ
يسير فشكوا إلى سليمان فوجه مولاه عبيدة (1) بن أسلم إلى أصل الماء العين
ليكريها فدخلوا ليكروها فبينما هم كذلك إذا هم بباب حديد مشبك يخرج الماء من
كوى فيه يسمعون داخلها صوت اضطراب السمك فيها فكتبوا بذلك إلى سليمان
فأمرهم أن لا يحركوا شيئا وأن يكروا بين يديها
فلم يزل كذلك في خلافة سليمان بن عبد الله حتى ولي هشام بن عبد الملك
فسألوه (2) أهل قرية حرستا ماء لشرب شفاههم في مسجدهم فكلم فاطمة بنت
عبد الملك يعني ابنة عاتكة وعاتكة ابنة يزيد في ذلك فأجابته (3) على أن
يحفر نهرا صغيرا يجري إلى مساجدهم (4) للشرب لا لغيره وفتح الحجر (3) الذي
أمر به فترا في فتر (5) مستدير يجري من الأرض على قدر شبر من ارتفاع الأرض
وسأله مولاه عبد العزيز أن يجري له شيئا يسقي به أرضه فأجابه بعد أن سأله في
أمره يوم الأربعاء فصير له ماصية فتحها شبر في أقل من شبر
ثم سأله خالد أن يسقي ضيعته فأجابه كإجابته هذه الماصية
ثم شكا أهل بردا قلة الماء إلى هشام بن عبد الملك فأمر القاسم بن زياد أن
يماز لهم الأنهار فمازها فأعطى نهر يزيد ست عشرة مسكبة وأعطى الغور الكبير
عشر مساكب والغور الصغير خمس مساكب ونهر داريا ست عشرة مسكبة وأعطى
نهر ثورة اثنتين وأربعين مسكبة وفيه يومئذ أربع عشرة ماصية يسقي ليس عليها رحا كذا بالأصول، وتقدم قريبا: " عبيد ".

(1) كذا بالأصول، وتقدم قريبا: " عبيد ".
(2) كذا بالأصلين.
(3) الزيادة عن المطبوعة.
(4) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: مسجدهم.
(5) بالأصل وخع: " قبر " والصواب ما أثبتناه، وقد تقدمت الرواية قريبا.
374

ونهر قينية إحدى عشرة مسكبة ونهر بأناس ثلاثين مسكبة ومسكبة حملت فيه
ليزيد بن أبي مريم مولى بني الحنظلية وثلاث مساكب للفضل بن صالح بن
صالح (1) الهاشمي حملت فيه من بعد ونهر مجذول اثنتي عشرة (2) مسكبة ونهر
داعية ثلاث عشرة مسكبة ونهر حياة وهو نهر الزلف اثنتي عشرة (3) مسكبة
ونهر التومة العليا خمس مساكب ونهر التومة السفلى أربع مساكب ونهر الزابون
أربع مساكب ونهر الملك أربع مساكب والقناة لم تكن تماز يومئذ تأخذ ملء
جنبتيها (3) وكان الوليد بن عبد الملك لما بنى المسجد اشترى ماء من نهر السكون
يقال له الوقية فجعله في القناة إلى المسجد والحجر شبر ونصف والثقب شبر في
أقل من شبر على أنه إذا انقطعت القناة أو اعتلت ليس لأحد أن يأخذ من ماء
الوقية شيئا ولا لأصحاب القساطيل فيها حق فإذا جرت يأخذ كل ذي حق حقه وتفتح
القساطل على الولاء
وقال يزيد أنا أدركت القناة يدخل فيها الرجل يسير فيها وهي مسقوفة يمد يده
فلا ينال سقفها وليس فيها شئ معلوم
وحضر جماعة من أهل دمشق وغوطتها منهم هذا التماز الذي قسم القاسم بن
زياد سنة خمس عشرة ومائة منهم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله البكري
ويزيد بن محمد بن القاسم الهمداني وعبد الله بن شبيل (4) الفهري وحكيم بن
عبد الله بن المبارك الجمحي والفضل بن عبد الكريم القرشي وعبد الله بن
المبارك النميري من أهل الغوطة من أهل قرية طرميس (5) وذكوان بن عبد الله
مولى عبد الملك بن مروان ومحمد بن يزيد بن عبد الله مولى عبد الملك
والفضل بن القاسم مولى بني هاشم
ومات هشام بن عبد الملك يوم الأربعاء لست خلون من شهر ربيع الآخر سنة

(1) كذا بالأصل.
(2) بالأصل: اثني عشر.
(3) بالأصل وخع: جنبتها " والمثبت عن المطبوعة 2 / 151.
(4) تقدم أنه: عبيد الله بن شبل.
(5) بالأصل وخع: " طرمس ".
375

خمس وعشرين ومائة
فهذه الأنهار التي ينتفع بها الداني والقاصي وينقسم منها الماء إلى (1) الأرضين
في الجداول من المواصي ويدخل من بعدها إلى البلد في القني فينتفع به الناس
الانتفاع العام على الوجه الهني ويتفرق إلى البرك والحمامات ويجري في الشوارع
والسقايات وذلك من المرافق الهنية والمواهب الجزيلة السنية والفضيلة العظيمة
المبنية (2) التي اعتدت من فضائل هذه المدينة إذ الماء في أكثر البلاد لا ينال إلا
بالثمن وهو الذي تحصل به حياة النفوس وإزالة الدرن وقد جاء عن خاتم الأنبياء
في فضل سقي الماء
ما أخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي أنا أبو الحسين بن الفضل
القطان أنا أبو عمرو بن السماك نا محمد بن أحمد بن أبي العوام نا أبي أنا
داود بن عطاء عن يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي عن أبيه عن يزيد بن
خصيفة وعن يزيد بن رومان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم)
قال ليس صدقة أعظم أجرا من ماء [495]
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين أنا أبو علي بن المذهب أنا أبو بكر بن
مالك نا عبد الله بن أحمد حدثني أبي نا حجاج قال سمعت شعبة يحدث عن
قتادة قال سمعت الحسن يحدث عن سعد بن عبادة (3) أن أمه ماتت فقال يا
رسول الله إن أمي ماتت أفأتصدق عليها قال نعم قال فأي الصدقة أفضل قال
سقي الماء قال فتلك سقاية آل سعد (4) بالمدينة
صوابه أفأتصدق عنها (5) [496]
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا أبو بكر محمد بن عبد الله العمري أنا أبو
محمد عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري أنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار
الرذاني (6) أنا أبو أحمد حميد بن زنجويه النسوي نا محمد بن كثير العبدي نا

(1) في خع: " الماء إلى البلد في القني فينتفع به الناس... " وفي المطبوعة: في الأرضين.
(2) في المطبوعة: المبينة.
(3) في خع: " عمارة " والمثبت يوافق عبارة مسند أحمد 5 / 285.
(4) في الأصل وخع: " إلى مسعد " والمثبت " آل سعد " عن مسند أحمد، و " ال " سقطت من المطبوعة.
(5) وهذه رواية مسند أحمد.
(6) بفتح الراء والذال المعجمة المخففة، هذه النسبة إلى رذان قرية من قرى نسا، ويقال لها ريان بالياء أيضا.
376

عبيد بن واقد عن عرضي بن زياد السدوسي عن شيخ من عبد قيس عن عائشة أنها
قالت يا رسول الله ما لا يحل منعه قال الماء والملح والنار يا عائشة من سقا الماء
حيث يوجد فكأنما أعتق نفسا ومن سقى الماء حيث لا يوجد فكأنما أحيا نفسا ومن
أخذ من منزله ملح فطيب به طعام كان كمن تصدق بذلك الطعام على أهله ومن
أخذت من منزله نار لم ينتفع من تلك النار بشئ إلا كان له صدقة [497]
قال ونا حميد بن زنجويه نا حجاج بن نصير نا موسى الدقاق نا موسى
الصفار قال سألت ابن عباس أي الصدقة أفضل قال سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أي
الصدقة أفضل أو سئل أي الصدقة أفضل قال (1) اسق الماء ثلاث مرات اسق
الماء ثلاث مرات [498]
أخبرنا أبو القاسم الشحامي أنا أبو بكر البيهقي أنا علي بن أحمد بن عبدان
أنا أحمد بن عبيد نا تمتام نا محمد بن أبي بكر المقدمي نا موسى بن عبد العزيز
نا أبو موسى قال سألت ابن عباس أي الصدقة أفضل قال سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
فقال لي اسق الماء [499]
قال ثم قال ألم تر إلى أهل النار إذا استغاثوا يغاثوا (2) بماء كالمهل
قال " أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم " (3) [499]
فهذه الأحاديث الخمسة وغيرها من الأخبار تدل على أن (4) التصدق (5) بالماء
من القرب الكبار
وبدمشق قني لها أوقاف معينة وهي عند متولي الأوقاف معلومة مبينة وأكثرها
ليس لها أوقاف ولكن يجري عليها من المسلمين إسعاف فيحصل بجملتها الانتفاع

(1) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة.
(2) إشارة إلى قوله تعالى الكهف 29 (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه).
(3) سورة الأعراف، الآية: 49.
(4) زيادة عن خع ومختصر ابن منظور.
(5) في مختصر ابن منظور 1 / 295: الصدقة -
(5) في مختصر ابن منظور 1 / 295: الصدقة.
377

وتطيب بمجاورتها الأسقاع وأنا ذاكرها ومثبت عددها ليعرفها من أحب أن
يعددها (1)
فمن ذلك ما هو في الجانب القبلي
قناة ابن الفاخوري عند مسجد السقطيين وباب الجابية لها وقف
قناة عند باب درب القصاعين (2) تجديد الملك العادل
قناة في أول القصاعين (2) عن يمنة الداخل
قناة أخرى في القصاعين على باب دار ابن النقار
قناة أخرى فيها عند دار سندقرا
قناة أخرى عند دار ابن الخياط
قناة عند سقاية الشيخ
قناة في القيسارية الفخرية (3)
قناة القلانسيين عند (4) رأس الخواصين لها وقف
قناة في درب السوسي عند سوق علي
قناة عند طرف سوق علي وطرف المقسلاط يعرف بالجلادين لها وقف
قناة عند السجن الجديد والفنادق أنشأها الملك العادل
قناة عند مسجد واثلة يعرف بحسين الشنباشي كانت قد خربت فجددها
قناة الزلاقة لها وقف
قناة عند حمام أبي نصر
قناة الطويلة عند حمام ابن أبي نصر

(1) عن خع وبالأصل " يعدها ".
(2) عن خع في الموضعين، وبالأصل " القطاعي " في الموضعين.
(3) عن خع وبالأصل " الفجرية ".
(4) سقطت من الأصل وخع واستدركت عن المطبوعة 2 / 154.
378

قناة عند طرف سوق الصرف لها وقف (1)
قناة ابن القصيعة في السوق الكبير عند رأس البزوريين ودرب (2) الريحان
قناة الملح عند رأس وطرف الجلادين لها وقف
قناة في سوق البزوريين في الفندق
قناة عند فندق البيع
قناة في درب القرشيين
قناة في درب الناقديين
قناة عند دكان ابن مقلد الشوافي قبة اللحم (3)
قناة في درب البقل تعرف بابن عنقود
قناة في حارة الخاطب يعرف بابن عبد الرزاق المحتسب
قناة أخرى داخل حارة الخاطب
قناة عند حمام الجبن (4)
قناة سوق اللؤلؤ
قناة ابن شفون (5) في درب في (6) طرف سوق اللؤلؤ
قناة المناخليين والآبارين في سوق الطير بناها ابن لجاج لها وقف

(1) قوله: لها وقف " سقط من المطبوعة.
(2) بالأصل " البروريين " تحريف، وبالأصل " درب " بدون " بدون الواو، وفي خع: السوق الكبير عند رأس درب
الريحان.
(3) بالأصل وخع: " الشواي فيه اللحم " والمثبت عن المطبوعة 2 / 155.
(4) بعدها في خع:
" قناة عند دار الشريف الجعفري في درب الجبن.
قناة خمر دكين الصوري في درب الجبن ".
وقد سقط هذا من الأصل ومن المطبوعة.
(5) في المطبوعة 2 / 155 شفور.
(6) كذا بالاص وخع، وأبقي مكانها بياضا في المطبوعة.
379

قناة الثلاج عند باب دار بطيخ
قناة في أول درب الفراش عند دار سلمان
قناة في درب الفراش عند دار ابن علان
قناة أخرى في درب الفراش بناها أبو يعلى النصراني
قناة تحت الكوشك
قناة درب العلف
قناة سويقة كنيسة مريم
قناة درب الحجر
قناة أخرى في درب الحجر تعرف بابن خطية معطلة
قناة العميد (1) بن الجسطار عند مسجده
قناة في سويقة الباب الشرقي عند درب الداراني
قناة داخل الباب الشرقي
قناة أخرى خارج الباب الشرقي في ملاصق الباشورة
ومن شآمي البلد
قناة في درب الشعارين
قناة في درب الهاشميين عند الحمام الجديد
قناة أخرى (2) فيه عنده (3) أرجكة
قناة طبرا بن التنيسي (4) عند دار علي كرد
قناة في القلعة المحروسة عند الباب

(1) بالأصل: " الغميدين " وفي خع: " العميدين " والمثبت عن المطبوعة.
(2) عن المطبوعة، وبالأصل: " جرى " ومن هنا إلى " قناة أخرى قبلي القلعة " سقط من خع.
(3) في المطبوعة: عندها.
(4) عن المطبوعة وبالأصل: القنيسثي.
380

المذكور
قناة (1) عند طرف درب اللبان ومدرسة أكر أنشأها الملك العادل
قناة عند المدرسة تعرف بقناة السباع
قناة عند دار ناصح الدولة بقرب آخر زقاق اللبان
قناة عند دار يغمور (2) عند التوتة من حجر الذهب
قناة في رأس درب الأنصار ودار البابا (3)
قناة عند المدرسة المعينية
قناة على باب حمام القصير
قناة عند دار البسار وطاحونته
قناة عند دار إسماعيل الطبيب
قناة عند دار خضر (4) بن عمر بن بختيار السلار في الأفتريس (5)
قناة أخرى في الأفتريس (5) عند دار جناح الدولة
قناة ابن حزور عند باب الخواصين لها وقف
قناة في دهليز دار الشريف ابن أبي الجن
قناة ابن الحبوبي (6) في درب معز
قناة بزان الكردي عند باب مدرسته معطلة

(1) من هنا بقناة السباع سقط من المطبوعة.
(2) الأصل وخع المطبوعة: ابن يغمور.
(3) بالأصل وخع: " اليايا " والمثبت عن المطبوعة.
(4) عن خع وبالأصل " حضر ".
(5) عن خع، وبالأصل " الأقريس ".
(6) في خع: " الحموي.
381

قناة باب الخضراء عند المدرسة الأمينية
قناة في داخل الخضراء تحت المنارة الشرقية
قناتا (1) باب البريد
قناة عند باب الجامع الغربي عند سقاية باب البريد
قناة الطرائفيين تحت المنارة الغربية وعند البيمارستان
قناة عند دار الحكم
قناة أخرى بقربها عند دار أبي الحسن السلحدار
قناة عند دار صمد (2) في سويقة باب البريد
قناة في دهليز دار (3) إلى جانب دار العزي
قناة عند رباط النساء ودار ابن (4) زرعة
قناة عند حمام العقيقي
قناة خلف دار أتابك طغتكين
قناة في دهليز الشنباشي معطلة
قناة أخرى في هذا الدرب عند الفرن
قناة في دهليز دار الشريف أبي تراب ويعرف بابن منزوا
قناة في مسجد باب الفراديس داخل الباب
قناة عند دار السلار (5) ودار عطاء محاذي دار أتابك
قناة النطافين على باب الجامع
قناة عند دار العميد بن يعلى بن القلانسي

(1) في خع: قناة.
(2) الأصل وخع، وفي المطبوعة: صميد.
(3) كذا بالأصل وخع، وبعدها بياض في المطبوعة.
(4) في المطبوعة: أبي زرعة.
(5) بالأصل " السلاق " والمثبت عن خع.
382

قناة داخل دار السميساطي
قناة داخل درب بوقة عند باب النطافين
قناة خربوز عند مدرسة الحنابلة
قناة سوق القمح لها وقف
قناة ابن المغربي في درب الريحان
قناة في درب قليد
قناة في سوق أم حكيم وهو سوق العلبيين (1)
قناة الرحبة
قناة زقاق العجم لها وقف
قناة في مشهد الرأس على باب الجامع
قناة جيرون وتعرف بقناة القثاء لها وقف
قناة دار خديجة خربت
قناة في درب كشك (2)
وقناة أخرى فيه
قناة في درب خفيف عند دار ابن الشيرجي
قناة في سقيفة القطيعي (3) عند المدرسة التي في دار طرخان
قناة اللحامين على باب جيرون
قناة في عقبة الصوف
قناة أخرى في درب في عقبة الصوف معطلة
قناة عند باب قيسارية الفراء معطلة

(1) بالأصل وخع: " العيس " والمثبت عن الدارس للنعيمي 2 / 240.
(2) في خع: شكشك.
(3) بالأصل وخع: " القطعي " والمثبت عن الدارس للنعيمي 2 / 253.
383

قناة الوزير أبي (1) على المزدقاني على باب داره
قناة عند دار ابن أخته كريم الملك
قناة عند دار ابن المصيصي تعرف بسمنديار معطلة
قناة عند دار ابن البري ومسجد الأذرعي
قناة في زقاق صفوان
وفيه قناة أخرى معطلة
قناة في طرف الأساكفة العتق ورأس سوق الأحد
قناة عند دار ابن الشحاذة داخل باب السلامة
قناة داخل باب السلامة أيضا أنشأها الملك العادل بحضرة دار ابن التميس (2)
وإلى جانبها سقاية
قناة سوق الأحد قناة لها وقف
قناة سوق الغزل العتيق لها وقف
قناة ابن أبي الحديد
قناة صالح في الفورنق (3) لها وقف
قناة على باب الجينيق في السقاية
قناة خواجة يعقوب في الجينيق
قناة ابن الماشكي (4)
قناة عند دار الشريف أحمد هي دار ابن بوري خان

(1) بالأصل وخع: " الوزراني والمثبت " الوزير أبي علي... " عن الدارس للنعيمي 2 / 252، وانظر شذرات.
الذهب 4 / 66.
(2) في خع: النميس " وفي المطبوعة: " التمش ".
(3) بالأصل " الفويرق " وفي خع: " الفوريق " والمثبت عن المطبوعة.
(4) بالأصل وخع: " الماشلي ".
384

قناة في درب العلوي النافذ إلى المربعة عند دار صالح بن أسد الكاتب
وتعرف بدار عضب الدولة
قناة في رحبة خالد بن أسيد
قناة المنحدرة عند قنطرة ابن مدلج
قناة الزيني (1) في سويقة باب توما
قناة داخل الباب عند مسجد صعلوك معطلة
قناة عند دار ابن الشوائي داخل باب توما
قناة النيبطن (2)
فهذه قني البلد ومبلغها مائة ونيف وثلاثون (3) قناة
وفي ظاهر البلد من القبلة قناة بهاء الدولة عند جسر سوق الدواب
وقناة على الباب الصغير
وقناة في الشاغور
ومن شامه
قناة على باب توما ملاصقة للسور (4)
وقناة عند الجسر والسبع أنابيب وفيها أربعة عشر أنبوبا
وقناة في طرف زقاق الرمان عند مسجد القصب
وقناة على باب الفراديس عند السقاية
وقناة في عقب الجسر مقابل مسجد بزان

(1) الأصل وخع، وفي المطبوعة: الزينبي.
(2) بالأصل: " النبيطن " والمثبت عن خع، ويقال: النبيطون.
(3) كذا وقد اختلف العدد بين الأصل وخع والمطبوعة، فالذي في المطبوعة أقل من مئة وثلاثين قناة.
(4) من هنا سقط من خع.
385

وقناة في وسط العقيبة
وقناة على باب مسجد فيروز
وقناة في مسجد فيروز
قناة عند النهر في وسط مقبرة باب الفراديس
وقناة عند دار أم البنين
وقناة عند حمام راهب في العقيبة
وقناة عند مسجد الوزير
ومن غربيه
قناة في مسجد الجنان
وقناة على بابه وقناة على باب الجابية ملاصقة للباب
وقناة في قصر حجاج
فذلك تسع عشرة قناة
فأما الحمامات
فحمام القلعة المحروسة
وحمام القاضي عند باب الجابية
وحمام داخل القصاعين
وحمام داخل درب الهاشميين المعروف بالجديد (1) كان قديما فخرب فجدده
حسن الخادم
وحمام القصير
وحمام بنت (2) الأمير جاروخ لطيف

(1) بالأصل " بالحديد " والمثبت عن المطبوعة.
(2) في المطبوعة: بيت.
386

وحمام الشريف العقيقي
وحمام الديوان لطيف
وحمام القلانسيين عند القيسارية الفخرية
وحمام الأكافين الذي في سوق علي
وحمام نور الدين الجديد في سوق القمح
وحمام ابن أبي (1) نصر خلف سويقة الباب الصغير
وحمام درب النخلة عند باب الصغير وقفه نور الدين رحمه الله
وحمام الحجي (1) بقرب المقسلاط في درب الجمحي خرب وصار دارا (2)
لابن قوام
وحمام سويد عند دار ابن منزوا
وحمام السلم في زقاق السلم عند المسلخ
وحمام درب البقل
وحمام الرحبة
وحمام عند باب النطافين يعرف بالمؤيد
وحمام إلى جانبه يعرف بالسلارية
وحمام خفيف في درب خفيف بقرب باب الفراديس
وحمام ابن كلي عند دار طرخان
وحمام النحاسين بقرب سقيفة كروس على بئر
وحمام عنده يعرف بابن القطيطة على بئر أيضا
وحمام دار الوزير المزدقاني صغير

(1) كذا بالأصل، وفي المطبوعة: " الجمحي " ولعل الصواب: الحموي نسبة لعز الدين أيبك الحموي انظر
الدارس للنعيمي 2 / 200.
(2) بالأصل: " دار ".
387

وحمام الجبن في درب الجبن خلف الحدادين
وحمام ابن أبي هشام في درب الحبالين
وحمام التميمي في دار البطيخ فخرب وصار مساكن (1)
وحمام في الخريميين خلف سوق المطرزيين (2) على بئر
وحمام المطرزيين (2) خلف قناة سوق الأحد
وحمام اللؤلؤة كان قديما يعرف بحمام اليزيديين (3) وكان لطيفا على مدار
فكبر وسيقت له قناة والمدار باق إلى اليوم
وحمام ابن أبي الحديد عند منارة فيروز
وحمام العلوي خلف طريق العلوي في كنيسة مريم
وحمام درب الحجر كان على بئر فسيق إليه الماء
وحمام عند رأس قنطرة سنان
وحمام خطلبا بقرب كنيسة مريم
وحمام ابن عبادة بقرب حير قسام وسقيقة جناح
وحمام علي المنجنيقي عند الباب الشرقي
وحمام ابن صصري عند باب توما له قناة وله بئر
وحمام للشريف عند دار ابن بوري خان له قناة وله بئر
وفي الأرض (4)
حمام الأسد (5) على باب الجابية

(1) عن المطبوعة، وبالأصل: " ماد ".
(2) بالأصل: المطرزين.
(3) بالأصل: اليزيدين.
(4) في المطبوعة: وفي الربض.
(5) في المطبوعة الأسديين.
388

وحماما أبي المعالي بن تميم في العقيبة
وحمام ابن قرقين بقرب حمامي ابن تميم
وحمام بناه ابن زاكي بقرب قبة طرخان
وحمام توماس بقرب الرحا البرمكية
وحمام عند عوينة القصارين
وحمام يعرف براهب الكلاس في دار أم البنين
وحمام آخر بقرب عوينة الحمى
وحمام عند رأس بستان بكجور
وحمام آخر (1) إلى جانبه
وحمامان عند عين كمشتكين خارج باب السلامة
وحمام ابن معين الذي خارج باب توما بقرب السبع أنابيب
وحمام ابن صدقة في الشاغور خارج باب الصغير
وحمام ابن عبادة في الشاغور أيضا
وحمام القصر بالنيرب الأسفل
وحمام ابن العفيف بوادي النيرب
فمبلغها سبعة وخمسون حماما سوى حمامات القرى

(1) هذا الحمام سقط من المطبوعة.
389

" باب
ما ورد عن الحكماء والعلماء
في مدح دمشق بطيب الهواء وعذوبة الماء "
أخبرنا علي أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن
أحمد التميمي أنا تمام الرازي نا أبو محمد عبد الله بن أيوب الحافظ أنا
محمد بن أحمد بن عبد الله بن البنا الصنعاني نا أبي نا ميمون بن الحكم قال
الشيخ أبو محمد عبد الله يعني ابن عمرو بن كيسان قال وسمعت أبي يحدث
وأحسبه عن وهب
وأنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخطيب نا عبد العزيز بن أحمد الكتاني
انا عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر المري نا عبد الله بن محمد بن أيوب
القطان نا ابن البنا بصنعاء وهو عبد الله بن محمد بن الحسن الصنعاني
حدثني أبي عن عبد الله بن عمر بن كيسان عن أبيه قال أحسبه عن وهب بن منبه
قال لما أري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض لم يسأل إلا عن غوطة دمشق وعن
جنتي سبأ
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف المقرئ وأنبأنيه أبو القاسم علي بن
إبراهيم وأبو الوحش سبيع بن المسلم المقرئ عنه أنا أبو الفتح إبراهيم بن
علي بن إبراهيم بن سيبخت (1) البغدادي نا أبو بكر محمد بن يحيى بن العباس
الصولي حدثني ثعلب نا ابن شبيب يعني عبد الله حدثني عمر بن عباد المهلبي
قال كان الرشيد يقول الدنيا أربعة منازل قد نزلت ثلاثة منها أحدها الرقة والآخر

(1) في المطبوعة: سبخت. انظر التبصير.
390

دمشق والآخر الري (1) في وسطه نهر وعن جنبتيه أشجار ملتفة متصلة وفيما (2)
بينها سوق قال والمنزل الرابع سمرقند (3) وهو الذي بقي علي لم أنزله وأرجو أن
لا يحول الحول في هذا الوقت حتى أحل به
فما كان بين هذا وبين أن توفي إلا أربعة أشهر فقط
قرأت بخط أبي الحسين الرازي قال قال أحمد بن الخير الوراق الدمشقي لم
يزل ملوك بني العباس تخف إلى دمشق طلبا للصحة وحسن المنظر منهم المأمون
فإنه أقام بها وأجرى إليها قناة من نهر منين (4) في سفح جبلها إلى معسكره بدير
مران (5) وبنى القبة التي في أعلا جبل دي مران وصيرها مرقبا (6) يوقد في أعلاها النار
لكي ينظر إلى ما في عسكره إذا جن عليه الليل وكان ضوؤها وضياؤها يبلغ إلى ثنية
العقاب (7) وإلى جبل الثلج (8)
قال أبو الحسين الرازي أخبرني أبو الحسن أحمد بن حميد بن سعيد المعروف
بابن أبي العجائز نا محمد بن هارون بن محمد بن بكار بن بلال العاملي
نا محمد بن أبي (9) طيفور الجرجاني عن الفضل بن مروان أن (10) أمير المؤمنين
المأمون صار إلى دمشق وهو رقيق فغلظ (11) وأخذ بعض اللحم وكان أكله قبل ذلك
في كل يوم ثمان عشرة لقمة فلما أقام (12) بدمشق صار أكله في كل يوم أربعا وعشرين
لقمة زيادة الثلث

(1) انظر معجم البلدان.
(2) عن مختصر ابن منظور 1 / 296 وبالأصل: ومما.
(3) بلد معروف مشهور، قصبة الصغد (انظر معجم البلدان).
(4) منين " بالفتح، قرية في جبل سنير قريبة من دمشق (ياقوت).
(5) يشرف على الربوة غربي دمشق (غوطة دمشق: 267).
(6) عن مختصر ابن منظور 1 / 296 وبالأصل: مرقما.
(7) الجبل المطل على الغوطة والمرج (غوطة دمشق ص 180).
(8) هو جبل الشيخ (غوطة دمشق 180).
(9) سقطت من الأصل، وسيرد اسمه صوابا.
(10) سقطت من الأصل واستدركت عن مختصر ابن منظور 1 / 296.
(11) بالأصل: " فقلط " والمثبت عن المختصر 1 / 296.
(12) بالأصل " فقام " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 297.
391

وقال محمد بن أبي طيفور ويقال إن المأمون نظر يوما من بناء كان فيه (1)
إلى أشجار الغوطة وبنائها فحلف بالله أنها خير مغنا على وجه الأرض فقال بعض
المؤلفين لحسن الكلام:
نظر المأمون يوما * من دمشق من أباني
في رياض مونقات * بين أشجار حسان
فمشى شوقا إليها * ضاحكا بين غواني
ثم آلى بيمين * إنها خير المغاني
فرشت بالنور فرشا * تحت ظل وسواني
اخضر رف رفيفا * جاره أحمر قاني
قال محمد بن أبي طيفور ويقال إن المأمون قال يوما عجبت لمن سكن
غيرها كيف ينعم مع هذا المنظر الأنيق الذي ليس (2) يخلق مثله فقال في ذلك بعض
مؤلفي الكلام الحسن: ليس في الدنيا نعيم * غير سكنى في دمشق
تنظر (3) العينان منها * منظرا ليس لخلق
جنة يفجر منها * ماء عين ذات دفق
قال محمد بن أبي طيفور وبلغني أن المأمون كان بدمشق في طارمة (4) له
والثلج يسقط عليه فأصحر (5) يده للثلج ساعة التذاذا به
قال محمد بن أبي طيفور حدثني يحيى بن أكثم القاضي قال كنت بدمشق مع
المأمون وحضرت طعامه فقدم إليه طعام كثير من الفراريج فجعل المأمون يأكل من
تلك الفراريج ويتمطق (6) ويتلمظ ويتبسم وأنا لا أدري ما مقصده بتلمظه فلما

(1) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة.
(2) إلى هنا ينتهي النقص من نسخة خع.
(3) في خع: تبصر العينان.
(4) الطارمة بيت من خشب كالقبة، وهو دخيل أعجمي معرب (اللسان).
(5) أي أخرجها.
(6) التمطق: التذوق والتصويب باللسان والغار الاعلى (اللسان) ومثله التلمظ.
392

استحكم له طعم الفراريج وبلغ نهاية الاستتمام إلى غايته في ذوقه نظر إلى الطباخ
فقال بأي شئ سمنت هذه الفراريج وبما طيبتها فقال الطباخ هذه راعية دمشق
لم تسمن ولم تطيب فقال لي ما طعم من طعام (1) للطير ولا ريح من الروائح العذبة
إلا وقد خيل لي أنه في هذه الفراريج هذا والله أرخص لحما وأطيب طعما وريحا من
مسمن كشكر (2) ثم قال أوما علمت أن فراريج كسكر فيها ثقل كسكر وروائح
آجامها وكأنها من طير الماء فيها الطعم فإن لم تعالج بالأبازير وتطيب بالأفواه (3)
وتروا بالزيت المغسول لم يمكن النظر إليها فضلا عن أكله (4) وهي إذا عوينت بما
وصفت وعولجت ففيها بقايا سنخها (5) ولئن رجعت إلى العراق لا ذقت منها شيئا
البتة
قرأت بخط أبي الحسين (6) الرازي حدثني أبو القاسم عبد الرحيم بن محمد بن
أبي قربة الثقفي نا محمد بن هارون بن محمد بن بكار بن بلال العاملي نا محمد بن
أبي طيفور قال قال ابن أبي دؤاد (7) قال أمير المؤمنين المعتصم بالله ما شبهت
ساكن دمشق إلا بالصائم في شدة الكلف على الطعام فإنه جائع أبدا قال فقلت يا
أمير المؤمنين فنعمت النعمة هذه قال نعم خير بقاع الأرض إلا أنه تورث الشدة
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني وأبو الحسن علي بن أحمد بن
منصور الغساني (8) قالا نا وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن
خيرون أنا أبو بكر الخطيب أنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه نا إسماعيل بن
محمد بن إسماعيل بن زنجي الكاتب إملاء حدثني أبي نا عسل بن ذكوان قال

(1) في المطبوعة 2 / 168 من طعوم.
(2) كذا بالأصل وخع، والصواب " كسكر " كما في معجم البلدان وهي كورة واسعة قصبتها واسط بين الكوفة.
والبصرة.
(3) الأفواه: التوابل، جمع أفاويه (قاموس: فوه).
(4) في المطبوعة: " انظر إليها فضلا عن أكلها ".
(5) السنخ: أي زنخ الدهن (انظر القاموس واللسان).
(6) بالأصل وخع: " الحسن " خطأ.
(7) بالأصل وخع: " داود " تحريف.
(8) في خع: الغشابي.
393

قال الأصمعي أحسن الدنيا ثلاثة نهر الأبلة (1) وغوطة دمشق وسمرقند وقال
حشوش الدنيا عمان وأردبيل (2) وهيت (3)
قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي عن أبي بكر البيهقي أنا
الحاكم أبو عبد الله الحافظ حدثني أبو الحسين وهو محمد بن عبد الرحمن بن
محمد المذكر نا أحمد بن الخضر نا الرياشي عن الأصمعي قال جنان الدنيا في
ثلاثة مواضع نهر معقل (4) بالبصرة ودمشق بالشام وسمرقند بخراسان
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني نا عبد العزيز بن أحمد أن
عبد الوهاب بن عبد الله بن الجيان (5) نا عبد الله بن محمد بن أيوب الحافظ
القطان أنا أبو روق الهزاني (6) بالبصرة نا الرياشي عن الأصمعي
قال ح (7)
وقرأت على أبي محمد (8) عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن
أحمد أنا تمام الرازي نا عبد الله بن أيوب نا أبو روق الهزاني بالبصرة قال وذكر
عن الرياشي قال سمعت الأصمعي يقول وفي حديث ابن الجبان (9) نا
الرياشي عن الأصمعي قال جنان الدنيا ثلاث غوطة دمشق ونهر سمرقند ونهر
الأبلة
وقرأت بخط أبي العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن عيسى بن
ماهان البغدادي أنا أبو محمد الحسن بن رشيق بالفسطاط حدثني أبو القاسم
الحسن بن آدم بن عبد الله العسقلاني حدثني عبيد بن محمد بن إبراهيم

(1) الأبلة: بلدة على شاطئ دجلة عند البصرة، ونهر الأبلة نهر حفره زياد (انظر معجم البلدان).
(2) أردبيل: من أشهر مدن أذربيجان.
(3) هيت: بالكسر، بلدة على الفرات من نواتحى بغداد فوق الأنبار.
(4) نهل معقل ينسب إلى معقل بن يسار الصحابي (انظر معجم البلدان).
(5) كذا بالأصل وفي خع: " الجبان " وفي المطبوعة: ابن المري.
(6) الهزاني: بكسر الهاء وفتح الزاي المشددة، هذه النسبة إلى هزان، بطن من عتيك.
(7) الزيادة عن خع.
(8) سقطت من الأصل، وفي خع: وقرأت على عبد الكريم.
(9) في المطبوعة: المري.
394

الكشوري (1) حدثني سليمان بن داود النجراني (2) حدثني الحسن بن يحيى نا
محمد بن يحيى العدني عن محمد بن عثمان عن غيره قال في الدنيا ثلاث جنان
مرو من خراسان ودمشق من الشام وصنعاء من اليمن وجنة هذه الجنان صنعاء
وذكر بعض علماء المغاربة قال قال قوم من المشرقيين إن الله أسكنه يعني
آدم بناحية كيكدر من كورة الصين قال وهي التي تعرف في زماننا بمدينة لغبور
ويقولون الصين أطيب البلاد وأما الذي عليه العامة في الشق الغربي أن أطيب البلاد
صنعاء من اليمن ودمشق من الشام والري من خراسان ونجران من الحجاز (3)
وذكر أبو الطيب الوشاء أن الوليد بن عبيد البحتري (4) أنشده لنفسه (5): قد رحلنا عن العراق عن قيظها الومد (6)
حبذا العيش في دمشق إذا ليلها برد
حيث يستقبل الزمان (7) ويستحسن البلد
سفر جددت لنا اللهو أيامه الجدد
عزم الله للخليفة فيه على الرشد
وذكر أبو بكر أحمد بن كامل القاضي قال
وفي دخول المتوكل دمشق يقول أبو عبادة الوليد بن عبيد البحتري الطائي
قصيدة (8) اقتضبتها وأولها (9)

(1) بفتح الكاف، وقيل بالكسر والواو، هذه النسبة إلى كشور وهي قرية من قرى صنعاء اليمن. (الأنساب).
وذكره باسم عبيد الله، أبو محمد.
(2) هذه النسبة إلى نجران وهو موضع بناحية اليمن، وبهجر أيضا.
(3) كذا، وليس في الحجاز نجران، انظر نجران في معجم البلدان).
(4) في خع: " الحرني " كذا.
(5) الأبيات في ديوانه المطبوع، ط بيروت 1 / 16 - 17.
(6) في الديوان: وعن قطبها النكد.
(7) عن الديوان وخع وبالأصل: الدمان.
(8) زيادة اقتضاها السياق.
(9) الديوان ط بيروت 1 / 21 - 22.
395

العيش في ليل داريا إذا بردا * والراح تمزجها (1) بالماء من بردا
قل للإمام الذي عمت فواضله * شرقا وغربا فما نحصي (2) لها عددا
الله ولاك عن علم خلافته * والله أعطاك ما لم يعطه أحدا
وما بعثت عتاق العيس في سفر (3) * إلا تعرفت فيه اليمن والرشدا
أما دمشق فقد أبدت محاسنها * وقد وفى لك مطريها بما وعدا
إذا أردت ملأت العين من بلد * مستحسن وزمان يشبه البلدا
يمسي (4) السحاب على أجبالها فرقا * ويصبح النبت في صحرائها بددا
فلست تبصر إلا واكفا خضلا * أو يانعا خضرا أو طائرا غردا
فكأنما القيظ ولا بعد جيئته * أو الربيع دنا من بعد ما بعدا
ومما قاله فيها أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسن الحلبي المعروف
بالصنوبري وقد أنشدني بعض قوله الفقيه أبو الحسن علي بن المسلم السلمي وأبو
القاسم بن السمرقندي قالا أنا أبو نصر الحسين بن محمد بن طلاب قال أنشدنا أبو
الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن جميع قال أنشدني أبو بكر الصنوبري أبياتا له
غير هذه
أمر بدير مران فأحيا * وأجعل بيت لهوي بيت لهيا
وتبرد علتي بردا فسقيا * لأيامي على بردا ورعيا
تفيض جداول البلور منها (5) * خلال حدائق ينبتن وشيا
فمن تفاحة لم تعد خدا * ومن رمانة (6) لم تعد ثديا
ونعم الدار داريا ففيها * صفا لي العيش حتى صار أريا

(1) في خع: " يمزجها " وفي الديوان: نمزجها.
(2) عن خع والديوان، وبالأصل: تحصي.
(3) كذا بالأصل وخع، وفي ديوان:
وما بعثت عتاق الخيل في بلد
وفي المطبوعة 2 / 171.
وما تعنت عتاق الخيل في سفر.
(4) عن الديوان، وبالأصل: " تمسي " وفي خع " تمشي " وفي المطبوعة: يمشي.
(5) في معجم البلدان (دمشق)، و خ: " فيها ".
(6) في معجم البلدان: أترجة.
396

ولي في باب جيرون ظباء * أعاطيها الهوى ظبيا فظبيا
صفت دنيا دمشق لمصطفيها (1) * فلست أريد غير دمشق دنيا (2)
ويروى هي الدنيا دمشق لساكنيها
وما قاله فيها أبو محمد عبد المحسن بن محمد الصوري (3) وقد أنشدنا بعض
قوله الشريف أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد المتوكلي ببغداد أنشدنا
أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب أنشدنا أبو عبد الله محمد بن علي الصوري
قال أنشدنا أبو محمد عبد المحسن بن محمد بن أحمد بن غالب الصوري
كان ذم الشام مذ كنت شاني * فبهتني (4) عنه دمشق الشآم
بلد ساكنوه قد جعلوا الجنة * قبل الحساب دار مقام
ألبستها الأيام رونق حسن * ليس يفنى ولا مع الأيام
ظاهر طاهر الجمال كما البا * طن خلقا هما معا في تمام
غير أن الربيع يحكم في الظاهر * إذ كان أوضح الأحكام
برياض أوصافها أبد الدهر * يراها رياضة الأفهام
نثرت كلها يد الغيث فيها * فأفانين زهرها في انتظام
لم تفضل بطيبها جنة الخلد * عليها بل فضلت بالدوام
قسمت بين أهلها قسمة العدل * فعمتهم (5) يدا قسام (6)
ومما قاله فيها أبو المطاع ذو القرنين أبو محمد الحسن بن عبد الله بن
حمدان التغلبي (8) وقد أنشدني بعض قوله أبو الحسين أحمد بن محمد الفقيه

(1) في معجم البلدان: لقاطنيها.
(2) في معجم البلدان:
فلست ترى بغير دمشق دنيا.
(3) من شعراء القرن الخامس الهجري، ترجم له في وفيات الأعيان 2 / 232 ويتيمة الدهر 1 / 312 والنجوم
الزاهرة 4 / 269.
(4) في خع: فنهتني.
(5) في خع: فمتعهم. (6) هو قسام الحارثي التراب، كان واليا على دمشق (تاريخ ابن القلانسي 32).
(7) عن وفيات الأعيان 2 / 279.
(8) من شعراء الشام في القرن الخامس، ترجم له في وفيات الأعيان 2 / 379 ومعجم الأدباء 4 / 201.
397

السمناني بسمنان (1) أنشدنا أبو سعيد عبد الواحد بن عبد الكريم بن هوازن
القشيري أنشدنا الشريف أبو الحسن عمران بن موسى المغربي
أنشدنا أبو المطاع:
إني حننت حنين مكتئب * مترادف الأحزان والكرب
متذكر في دار شقوته * دار النعيم ومنزل الطرب
جمعت مآرب كل ذي إرب * فيها ونخبة كل منتخب
فهواؤها تحيا (2) النفوس به * وترابها كالمسك في الترب
تجري بها الأمواه فوق حصى * كرضاب ثغر بارد شنب
من كل عين كالمراة صفا * أو جدول كمهند القضب
يشتق أخضر كالسماء له * زهر كمثل الأنجم الشهب
هذا ومن شجر (3) تعطفه * يحكي انعطاف الخرد العرب
عشنا به زمنا نلذ به (4) * في غفلة من حادث النوب
في فتية فطنوا لدهرهم * فتناولوا اللذات من (5) كثب
ما شئت من جود ومن كرم * فيهم ومن ظرف ومن أدب
متواصلين على مناسبة * بالفضل تغنيهم عن النسب
كم روحة بدمشق رحت بهم * والشمس قد كادت ولم تغب
فكأنما صاغ الأصيل بها * لقصورها شرفا من الذهب
ومما قاله أيضا في دمشق:
سقى الله أرض الغوطتين وأهلها * فلي بجنوب الغوطتين شجون
وما ذقت طعم الماء إلا استخفني * إلى (6) برد ماء النيربين حنين

(1) بلدة بين الري ودامغان، وبعضهم يجعلها من قومس، وبنسا قرية يقال لها سمنان (معجم البلدان).
(2) في خع: يحيى.
(3) بالأصل " ومن شحر " وفي خع " ومن سحر " والمثبت عن المطبوعة 2 / 174.
(4) عن خع وبالأصل: بلذته.
(5) في المطبوعة: عن كتب.
(6) بالأصل: " إلى بردتا النيريين " والمثبت عن خع، وفي معجم البلدان (دمشق): إلى بردى والنيربين حنين.
398

وقد كان شكي في الفراق يروعني * فكيف أكون اليوم وهو يقين
فوالله ما فارقتكم قاليا لكم (1) * ولكن ما يقضى فسوف يكون
ومما قاله فيها أيضا
دعاني من أطلال برقة ثهمد * ولا تذكرا عيشا بصحراء أربد
فمالي من وجد بنجد وأهلها * ولا بي من شوق إلى أم معبد
محلة بؤس لا الحياة عزيزة (2) * لديها ولا عيش الكريم بأرغد
عدتني عنها من دمشق وأرضها (3) * مرابع ليس العيش فيها بأنكد
بحيث نسيم الغوطتين معطر * بأنفاس زهر في الرياض مبدد
يمر على أذكى من المسك نفحة * ويجري على ماء من الثلج أبرد
أنشدنا أبو المظفر محمد بن أسعد العراقي (4) الحنفي الفقيه لنفسه بدمشق:
دع الرسم لاح على يثرب * وعج بالمحصب (5) والأخشب (6)
فثم التي همت من أجلها * وضاقت بك الأرض عن مذهب
هي الريم ما رمت عن حبها * ولا رمت غير هوى الملعب
ومن يتناسى هوى داره * ويرغب عنها وفيها ربي
وهل يتبدى ممحل مجدب * ويبدل بالعشب المخصب
وقفت بها ذاكرا عهدها * أسائل في الربع عن زينب
وأعتب من هي مشدوهة * عن العتب والعاتب المغضب
بوجه كصبح بدا مشرقا (7) * وشعر تجعد كالغيهب
تقول وفي قولها منة * تأن علي ولا تعتب

(1) عن خع وبالأصل " قائلا لكم ".
(2) كذا بالأصل وقد شطبت، وعلى هامشه: لذيذة وبجانبها لفظة صح، وفي خع: لذيذة.
(3) في المطبوعة: " وأهلها " وفي خع كالأصل.
(4) انظر الدارس في المدارس للنعيمي 1 / 414.
(5) موضع بين مكة ومنى، وموضع رمي الجمار بمنى أيضا (ياقوت).
(6) الأخشب، انظر عنه معجم البلدان (الاخشبان).
(7) عن خع وبالأصل " مشرفا ".
399

ألست ببغداد عاهدتني * وكنت بها المترف المستبي
فأبعدت عنها على غرة * ولم تدر بعدك ما حل بي
فقلت أجل إنها جنة * وما ذمها قط إلا غبي
ولكن دعاني إلى تركها * محاسن تبهر بالنيرب
وبالمزة الجنة المستلذ بها العيش والشرف المعجب
وبالسهم ذي الثمر المشتهى * لجانيه والمشمش الطيب
ترنم من فوق أشجاره * طيور بلحن لها مطرب
فكم بلبل هاج بلبالنا * وكم من هزار ومن أخطب (1)
وكم معرب فيها عن شجى * وكم من مغن ومن مغرب
بصوت له مستلذ غدا * بديع الترنم مستعذب
لأزهارها نشر مسك إذا * نسيم بها هب أو زرنب (2)
وأنهار جلق تجري إلى * مساكنها عذبة المشرب
تعين فتى جن من مذهب * جنون المهوس والمذهب (3)
وجامعها ما له مشبه * بشرق البلاد ولا مغرب (4)
كمثل أهلها ليس مثل لهم * لدى القسط فأطرب لهم واعجب
إذا وصف المرء ما فيهم * من الدين (5) والخير لكم يكذب
فلا تطمعن (6) في فراقي لهم * فتلك (7) طماعية الأشعب
أنشدني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الحسين بن إسحاق بن النقار
الحميري (8) الكاتب لنفسه:

(1) عن خع وبالأصل " أحظب "، والأخطب: الشقراق، فيه سواد وبياض.
(2) الزرنب: شجر طيب الرائحة (قاموس).
(3) المهوس: من أصابه الهوس، وهو طرف من لاجنون (قاموس).
والمذهب: الذي ذهب عقله.
(4) في خع: ولا الغرب.
(5) في خ: " من الذي ".
(6) في خع: تطعمن.
(7) في خع: قبلك.
(8) من شعراء دمشق وكتابها، مات سنة 568 أو 569.
400

سقى الله ما تحوي دمشق وحياها * فما أطيب اللذات فيها وأهناها
نزلنا بها فاستوقفتنا محاسن * يحن إليها كل قلب ويهواها
لبسنا بها عيشا رقيقا رداؤه * ونلنا بها من صفوة اللهو أعلاها
ولم يبق فيها للمسرات بقعة * يفرح فيها القلب إلا نزلناها
وكم ليلة نادمت بدر تمامها * تقضت وما أبقت لنا غير ذكراها
فآها على ذاك الزمان وطيبه * وقل له من بعده قولتي آها (1)
فيا صاحبي إما حملت تحية (2) * إلى دار أحباب لنا (3) طاب مغناها
وقل ذلك الوجد المبرح ثابت * وحرمة أيام الصبا ما أضعناها
فإن كانت الأيام أنست عهودنا * فلسنا على طول المدى نتناساها
سلام على تلك المحاسن إنها * محط صبابات النفوس ومثواها
رعى الله أياما تقضت بقربها * فما كان أحلاها لدينا (4) وأمراها
وهذا باب لو استقصيته لطال وأكسب قارئه الملال وفي ذكر هذا القدر ما يدل
منها على جلالة القدر وقد جمع الأمير أبو الفضل إسماعيل بن الأمير أبي العساكر
سلطان بن علي بن منقذ الكناني في قصيدة له طولها محاسن دمشق التي ذكرها غيره من
الشعراء فأجملها فأتى بها مستقصاة وفصلها فشرفها بما قال فيها وجملها
أنشدنا الأمير أبو الفضل (5) لنفسه:
يا زائرا يزجي القروم (6) البزلا (7) * دع قصد بغداد وخل الموصلا
لا نزجها لسوى دمشق فإنه * سيطيل حزا من تعدى المفصلا
بلد جلا صدأ الخواطر فانثنت * كالمرهفات البيض وافت صيقلا
عوضته عن موطني فوجدته * أحلى وأعذب (8) في الفؤاد وأجملا

(1) في معجم البلدان " واها ".
(2) الأصل وخع، وفي ياقوت: رسالة.
(3) الأصل وخع وفي ياقوت: لها.
(4) الأصل وخع، وفي ياقوت: لديها.
(5) الزيادة عن خع.
(6) بالأصل وخع " القدوم " تحريف والصواب ما أثبت، والقروم جمع قرم وهو البعير.
(7) البزل جمع بازل وهي الناقة أو الجمل في تاسع سنية (القاموس).
(8) الأصل وخع، وفي المطبوعة: وأطيب.
401

لم التمس فيه لجسمي منزلا * حتى وجدت له بقلبي منزلا
ذو ربوة جاء القران (1) بذكرها * ومساجد بركاتها لن تجهلا
ومدارس لم تأتها في مشكل * إلا وجدت فتى يحل المشكلا
ما أمها مرء يكابد حيرة * وخصاصة إلا اهتدى وتمولا
وبها وقوف لا يزال مغلها * يستنقذ الأسرى ويغني العيلا
وأئمة تلقي الدروس وسادة * تشفي النفوس وداؤها قد أعضلا
ومعاشر تخذوا الصنائع مكسبا * وأفاضل حفظوا العلوم تجملا
وقبور قوم من دعا في مطلب * متعسر أضحى بها (2) متسهلا
من صالحين وتابعين وزمرة * شهداء شاهدت النبي المرسلا
قدحوا بزند هدى بطائر (3) سقطه * رشدا فأوعر في البلاد وأسهلا
وجحافل توفي على عدد الحصا * تذر المحرم بالسيوف محللا
لم يعل من رهج عليها عارض (4) * إلا أراك القطر نيلا مرسلا
تخشى جموع الشرك واحدها ولا * لوم لشرب قطا تخشى أجدلا (5)
كم أحرزوا مصرا وأردوا باسلا * وحووا مطهمة وحازوا (6) مطفلا (7)
ورموا عقيرا (8) بالصعيد مزملا (9) * وحوووا أسيرا بالحديد مكبلا
ومغل حوران كسيل دافق (10) * يأتم من أرجاء جلق موجلا (11)
وتكاثرت فيها القني (12) فغادرت * للواردين بكل درب منهلا

(1) في خع: القرار.
(2) الأصل وخع وفي المطبوعة " به ".
(3) الأصل وخع وفي المطبوعة: تطاير.
(4) قوله: الرهج يعني الغبار، والعارض: سحاب معترض في الأفق.
(5) في المطبوعة: " لسرب " والأجدل: الصقر.
(6) في خع: وجازوا.
(7) المطفل ذات الطفل من الانس والوحش (قاموس).
(8) العير " الجريج.
(9) المزمل: الملفوف، يقال: زمله بالشئ: لففه به (قاموس).
(10) في المطبوعة: " درافق " خطأ.
(11) المؤجل حفرة يستنقع فيها الماء.
(12) رسمها بالأصل " القلى " وفي خع " القبلي " وأثبتنا ما في المطبوعة.
402

وكأن جامعها البديع بناؤه * ملك يمير من المساجد جحفلا
ذو قبة رفعت فضاهت قلة * ومنابر بنيت فحاكت معقلا
تبدو الأهلة في أعاليها كما * يبدو (1) الهلال تعاليا وتهللا
ويريك سقفا بالرصاص مدثرا * يعلو جدارا بالرخام مزملا
قد الف الأقوام بين شكوله * فغدا الرخام بذاته متشكلا
لم يرض تجليلا بجص فانبرى * بالفص يعلوه النضار مجللا
يعشى (2) سوام اللحظ في أرجائه * من عسجد أرضا ومن فص خلا (3)
فإذا تذر الشمس فيه تخاله * برقا تألق أو حريقا مشعلا
فكأنما محرابه من سندس * أو لؤلؤ وزمرد قد فصلا
تلي القران به وراع بحسنه * فهدى المصيخ وحير المتأملا
وجداره القبلي رام (4) بناءه * هود فجاب له الصخور وأثلا
وتخال طاقات الزجاج إذا بدت * منه للحظك عبقريا مسدلا
وهوى إليه رأس يحيى بعد ما * عشاه من هوى الجريدة منصلا (5)
وأتاه كهلا جده بقضاء من * آتاه حكما قبل أن يتكهلا
وترى صبيحة كل يوم زمرة * في السبع يتلون الكتاب المنزلا
وبخط ذي النورين فيه مصحف * يجد الهداية من قراه ومن تلا
وله مصابيح لهن سلاسل * تحكي الأسنة والرماح الذبلا
تبدو القباب بصحنه لك مثلما * تبدو العرائس بالحلي لتجتلى
وعلت به فوارة من فضة * سالت فظنوها معينا سلسلا
وببابه حركات ساعات إذا * فتحت لها بابا تراجع مقفلا
ويريك بازيها (6) وكل قد رمى * من فيه بندقة (7) تصيب سجنجلا (8)

(1) بالأصل وخع: تبدو.
(2) عن خع وبالأصل " يغشي ".
(3) في المطبوعة: علا.
(4) عن خع وبالأصل " دام ".
(5) الأصل وخع وفي المطبوعة: غشاه من حب الخريدة منصلا.
(6) عن خع وبالأصل " باريها ".
(7) بالأصل " بقدقة " وفي خع: " بفرقة " كذا، وأثبتناه ما ورد في المطبوعة.
(8) السجنجل: المرآة.
403

يحوي إذا متع (1) النهار معاشرا * شتى الخلائق والطرائق والحلا
فإذا دجى لم يحو إلا خاضعا * متوكلا أو خاشعا متبتلا
أو خاليا متفكرا أو قارئا * متبصرا أو داعيا متوسلا
كل امرئ منهم تراه بمعزل * ومحله يعلو السماك الأعزلا
وترى السفيه إذا الخصام علا به * مثل الظليم رأى النعام فأرقلا (2)
وإذا مررت على المنازل معرضا * عنها قضى لك حسنها أن تقبلا
إن كنت لا تستطيع أن تتمثل الفردوس فانظرها (3) تكن (4) متمثلا
وإذا عنان (5) اللحظ أطلقه الفتى * لم يلق إلا جنة أو جدولا
أو روضة أو غيضة أو قبة * أو بركة أو ربوة أو هيكلا
أو واديا أو ناديا أو ملعبا * أو مذهبا أو مجدلا أو موئلا (6)
أو شارعا يزهو بربع قد غدا * فيه الرخام مجزعا ومفصلا
وفواكه متخالف أصنافها * مما يشوقك مطعما وتأملا
مصفر تفاح بدا في أحمر * يحكي المحب أتى الحبيب مقبلا
والورد مثل الخد يعلوه من الريحان صدغ شعره قد رجلا
وبنفسج كنفاضة (7) من إثمد * تبديه أجفان البكاء تذللا
وتخال نور الباقلاء إذا بدا * للواحظ الأبصار طرفا أحولا
نشرت مطارفه وجاءك نشرها * فحسبتها وشيا تأرج مندلا (8)
ويهز مر نسيمها أشجارها * فتخال غادات تشكت أفكلا (9)
وعلت غصون خلافه محمرة * وهفت بها ريح فضاهت مشعلا

(1) عن خع وبالأصل " منع ".
(2) بالأصل " فأرفلا " والمثبت عن خع، وأرقل: أسرع. والظليم: ذكر النعام.
(3) عن خع وبالأصل " تنظرها ".
(4) عن المطبوعة وبالأصل وخع: نصر.
(5) في خع: عيان.
(6) الموئل: الملجأ.
(7) النفاضة: ما سقط من المنفوض.
(8) المندل: أجود العود
(9) الافكل: الرعد (قاموس).
404

وإذا البلابل أسمعت ترجيعها السالي تراجع وجده (1) فتبلبلا
د ومتى هوى ورق الغصون وجدته * ذهبا وكان زمردا لما علا
وكأن واديها قراب أخضر * يستل من بردا حساما منصلا (2)
والمرج والميدان مأهولان من * أسد الشرى ائتلفوا بغزلان الفلا (3)
متماثلان وكل مثل منهما * تلفيه (4) من باقي البسيطة أمثلا
وكأنه من قوم كسرى إذ غدا * بلباسهم متأزرا متسربلا
ولطالما عاينت في قطريهما * خيلا رواتع أو خميسا مرقلا (5)
والشمس تبغي بالهلال النجم والضرغام يجتنب الغزالة والطلا (6)
وعلا عليها قاسيون كأنه * ببناه تاج بالجواهر كللا
دع ذا وخذ في وصف مشمشها الذي * أضحى على رطب العراق مفضلا
ولو أن قارونا شراه بكل ما * جمعت يداه من الكنوز لما غلا
لفحته نيران الهواجر فاغتدى * كالجمر إلا أنه لا يصطلى
خلع النضاج عليه لون معلل * أو مغرم فأبى له أن ينجلا
وتخالفت أفعاله فتحيرت * ألبابنا فغدا العيان تخيلا
تجنيه أيدي القوم جمرا مضرما * فيعود في الأفواه ماء سلسلا (7)
فإذا رآه الناس في أغصانه * قالوا نجوم دجنة لن تأفلا
ضاهت بواطنه الظواهر لذة * وعهدته عسلا تضمن حنظلا
ولو أنها ما جملت بصفاتها * لغدا لها من أهلها ما جملا
إن فاق أول عصرها فأخيره * يحلو لهم فبها يفوق الأولا
قد برزوا في المأثرات وأحرزوا * قصب المفاخر وارتقوا درج العلا

(1) في المطبوعة: وحده.
(2) في خع: ينصلا.
(3) في المطبوعة: ائتلفت بدل ائتلفوا.
(4) في المطبوعة: تلقاه.
(5) رتعت الماشية: أكلت ما شاءت وجاءت وذهبت في المرعى نهارا، وماشية رتع... ورواتع. (اللسان).
وأرقل: أسرع (اللسان).
(6) الطلا: ولد الظبي ساعة يولد (قاموس).
(7) أي الماء العذب.
405

ومحى الإخاء حقودهم فكأنها * طلل عفا بين الدخول فحوملا (1)
كلفوا بتجديد المودة والندى * لما رأوا أن الجديد إلى بلى
فتراكضوا خيل السماح بدعوة * أضحى دخان العود (2) فيها القسطلا (3)
من كل فاد عرضه بنضاره * يذر المؤمل راحتيه مؤملا (4) يبدي ندى يغني وحلما راجحا * وسجية ترضي وقولا فيصلا (5)
نعم الجليس فإن غدا في خلوة * فكأنه فيها يجالس (6) محفلا
مقت الروافض والخوارج وانثنى * يحبو القرابة والصحابة بالولا
متمسكا بالسنة البيضاء قد * أضحى لها متقبلا متقبلا
ولقد وجدت لها معاني جمة * لكن وجدت جوى (7) أحز المقولا
نزلت علي جبال هم أقلقت * قلبي بلا (8) لوم له إن أجبلا (9)
إن الزمان أدار لي من ريبه * كأسا جرعت بها السمام مثملا (10)
ما زال يطرقني بيوم (11) ايوم * حتى رأيت الصبح ليلا أليلا
وإذا غدا فكري أغم مجلحا * لم يغد لي (12) شعرا أغر محجلا
أهوى لنظمي أن يكون منخلا * والهم يأبى أن يجئ منخلا
تالله لست بآمن في وصفها * خطلا ولو إني فضلت الأخطلا
لما أتاني الأمر منك بوصفها * بادرت ممتثلا له متقبلا
ووجدت الزامي بذاك مع الأسى * عبئا فدحت به حسيرا مثقلا
فابسط بفضلك عذر خلك إن بدا * زلل فإنك لم تزل متفضلا
وغريب وصفي قد أتاك مفصلا * وسواه لا يأتيك إلا مجملا

(1) الدخول، وحومل: موضعان.
(2) في خع: العمود.
(3) عن خع وبالأصل (القنطلا " والقسطل: غبار الحرب.
(4) في المطبوعة: الممولا.
(5) القول الفيصل: الماضي، المحكم.
(6) في خع: تجالس.
(7) بالأصل " أحر " وفي خع: أخر " وأثبتنا ما جاء في المطبوعة.
(8) في خع: " فلا ".
(9) أي صعب عليه القول (القاموس).
(10) المثمل: السم المنقع (قاموس).
(11) عن خع وبالأصل " بنوم ".
(12) في خع: لم يعدل.
406

" باب
ذكر تسمية أبوابها ونسبتها إلى أصحابها أو أربابها "
الباب القبلي المعروف بالباب الصغير سمي بذلك لأنه كان أصغر أبوابها
حين بنيت
الباب الذي يليه من القبلة بشرق يعرف بباب كيسان ينسب إلى كيسان مولى
معاوية وذكر هشام بن محمد الكلبي أنه منسوب إلى كيسان مولى بشر بن
عبادة (1) بن حسان بن جبار بن قرط الكلبي الكليبي (2) وهو الآن مسدود
الباب الشرقي سمي بذلك لأنه شرقي البلد وكان ثلاثة أبواب باب كبير في
الوسط وبابان صغيران من جانبيه سد منها الكبير والباب الصغير الذي من قبلته
وبقي الصغير الشامي (3)
باب توما من شامي (4) البلد ينسب إلى عظيم من عظماء الروم اسمه توما (5)
وكانت له على بابه كنيسة جعلت بعد مسجدا
باب الجنيق (6) من الشام أيضا منسوب إلى محلة الجينيق وهي محلة كبيرة

(1) في خع: عمارة.
(2) كذا بالأصل: الكلبي الكليبي، ولم ترد الكليبي في خع ولا في المطبوعة. ولا في مختصر ابن منظور.
1 / 299.
(3) في المطبوعة: الشمالي.
(4) في المطبوعة: شمال.
(5) ذكره ياقوت في موضع: توماء بضم التاء أحد أبواب دمشق، وفي موضع آخر: توماء بالضم والمد أعجمي.
معرب اسم قرية بغوطة دمشق وإليها ينسب باب توماء من أبواب دمشق (انظر معجم البلدان: توماء - باب
توماء).
(6) في مختصر ابن منظور: " الجينيق " وفي المطبوعة: الجينيق من الشمال.
407

كانت بها كنيسة فجعلت بعد مسجدا وهو الآن مسدود
باب السلامة من يلي (1) شام البلد أيضا سمي بذلك تفاؤلا لأنه لا يتهيأ القتال
على البلد من ناحيته لما دونه من الأنهار والأشجار
باب الفراديس من شامه (2) أيضا منسوب إلى محلة كانت خارج الباب تسمى
الفراديس هي الآن خراب وكان للفراديس باب آخر عند باب السلامة فسد والفراديس
بلغة الروم البساتين
باب الفرج (3) من شامه أيضا محدث أحدثه الملك العادل نور الدين وسماه بهذا
الاسم تفاؤلا لما وجد من التفريج بفتحه وكان بغربه (4) باب يسمى باب العمارة فتح
عند عمارة القلعة ثم سد بعد وأثره باق في السور
باب الحديد من شامه أيضا هو الآن خاص للقلعة (5) التي أحدثت غربي البلد في
دولة الأتراك سمي بذلك لأنه كله حديد (6) فقيل الباب ثم تركت الألف واللام
تخفيفا
باب الجنان من غربي البلد سمي بذلك لما يليه من الجنان وهي البساتين وقد
كان مسدودا ثم فتح
باب الجابية من غربي البلد منسوب إلى قرية الجابية (7) لأن الخارج إليها يخرج
منه لكونه مما يليها وكان ثلاثة أبواب الأوسط منها كبير ومن جانبيه بابان صغيران
على مثال ما كان الباب الشرقي وكان من الثلاثة أبواب ثلاثة أسواق معقدة (8) من باب
الجابية إلى الباب الشرقي كان الأوسط من الأسواق للناس وأحد السوقين لمن يشرق

(1) كذا، ولم ترد في خع.
(2) بالأصل وخع " الفرح " والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(3) في المطبوعة: " من شماله " بدل " شامه ".
(4) في خع ومختصر ابن منظور: بقرية.
(5) في المطبوعة: بالقلعة.
(6) عن خع وبالأصل " حد ".
(7) قرية كانت من أعمال دمشق من عمل الجيدور من ناحية الجولان (ياقوت).
(8) كذا بالأصل وخع، وفي مختصر ابن منظور: ممتدة.
408

بدابة والآخر لمن يغرب بدابة (1) حتى أنه كان لا يلتقي فيها راكبان فسد الباب الكبير
والشامي (2) منها وبقي القبلي إلى الآن
وفي السور أبواب صغار غير ما ذكرنا تفتح عند وجود الحاجة إليها منها
باب في حارة الحاطب (3) يعرف بباب ابن إسماعيل
وباب في المربعة (4)

(1) في مختصر ابن منظور: " يشرق بدايته... بدابته ".
(2) في المطبوعة: والشمالي.
(3) في المطبوعة: الخاطب.
(4) في خع ومختصر ابن منظور: المدبغة.
409

" باب
ذكر فضل مقابر (1) أهل دمشق
وذكر من بها من (2) الأنبياء وأولي السبق "
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني أنا أبو عبد الله محمد بن علي بن
يحيى بن سلوان الماري (3) أنا الفضل بن جعفر التيمي نا عبد الرحمن بن
القاسم بن الفرج نا أبو مسهر نا خالد بن يزيد بن صالح (4) بن صبيح نا حبيب
الوصافي وعمير بن ربيعة أن كعب الأحبار كان يقول في مقبرة باب الفراديس يبعث
منها سبعون ألف شهيد يشفعون في سبعين كل إنسان في سبعين
أخبرناه أبو بكر محمد بن عبد الباقي الفرضي أنا إبراهيم بن سعيد الجمال أنا
أبو علي الحسين بن محمد بن علي الأنماطي المعروف بابن حبقة نا أبو أحمد
عبد الله بن محمد بن المفسر نا أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم بن الرواس نا أبو
مسهر نا خالد بن يزيد فذكره
أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة نا عبد العزيز بن أحمد نا تمام بن
محمد أنا أبو الحارث بن عمارة نا أبي وهو محمد بن عمارة بن أبي الخطاب
الليثي نا محمد بن أحمد بن إبراهيم عن هشام بن خالد عن الوليد بن مسلم
عن رجل عن مكحول عن كعب قال بطرسوس (5) من قبور الأنبياء عشرة
وبالمصيصة (6) خمسة وهي التي تغزوها الروم في آخر الزمان فيمرون بها فيقولون إذا

(1) عن خع ومختصر ابن منظور 1 / 301 وبالأصل " مغاير ".
(2) الزيادة عن خع.
(3) كذا بالأصل وخع وفي المطبوعة: المازري.
(4) عن تقريب التهذيب، وبالأصل وخع " صلح ".
(5) مدينة بثغور الشام بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم (ياقوت).
(6) المصيصة من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب طرسوس (ياقوت).
410

رجعنا من بلاد الشام أخذنا هؤلاء أخذا فيرجعون وقد تخلفت (1) بين السماء
والأرض
قال كعب وبالثغور وأنطاكية قبر حبيب النجار وبحمص ثلاثون قبرا
وبدمشق خمس مائة قبر وببلاد الأردن مثل ذلك
رواه غيره عن محمد عن هشام فسمى الرجل سعيد بن عبد العزيز
أخبرنا أبو الفضائل ناصر بن محمود بن علي نا علي بن أحمد بن زهير نا
علي بن محمد بن شجاع نا تمام بن محمد نا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم
الأذرعي نا محمد عن هشام بن خالد عن الوليد يعني ابن مسلم عن سعيد بن
عبد العزيز عن مكحول عن كعب فذكره وزاد فيه وبالثغور وبسواحل الشام من
قبور الأنبياء ألف قبر وقال بعد وببلاد الأردن مثل ذلك وبفلسطين مثل ذلك وببيت
المقدس ألف قبر وبالعريش (2) عشرة وقبر موسى بدمشق
قال ونا علي بن محمد أنا عبد الرحمن بن عمر أنا أبو يعقوب الأذرعي نا
شيخ ممن أثق به نا محمد بن أحمد بن إبراهيم عن الوليد بن مسلم عن شعبة عن
مكحول عن عبد الله بن سلام قال بالشام من قبور الأنبياء ألفا قبر وسبعماية قبر
وقبر موسى بدمشق وأن دمشق معقل الناس في آخر الزمان من الملاحم
وبه عن مكحول عن ابن عباس قال من أراد أن يرى الموضع الذي قال الله عز
وجل " وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين " (3) فليأت النيرب الأعلى بدمشق بين
النهرين وليصعد الغار في جبل قاسيون فيصلي فيه فإنه بيت عيسى وأمه وهو كان
معقلهم من اليهود ومن أراد أن ينظر إلى إرم فليأت نهرا في حفر (4) دمشق يقال له بردا
ومن أراد أن ينظر إلى المقبرة التي فيها مريم بنت عمران والحواريون فليأت مقبرة
الفراديس وهي (5) مقبرة دمشق قبور جماعة من الصحابة الأخيار

(1) في مختصر ابن منظور: " تحلقت ".
(2) العريش: مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم في وسط الرمل.
(3) سورة المؤمنون، الآية: 51.
(4) كذا بالأصل وخع وفي المطبوعة: حضن.
(5) كذا بالأصل، وفي خع ومختصر ابن منظور 1 / 302: " وفي " والعبارة في المطبوعة: وهي مقبرة دمشق،
فيها قبور.
411

وقد جاء في فضل المغائر (1) التي يدفنون فيها من الأخبار
ما أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو بكر بن الطبري أنا أبو الحسين بن
الفضل أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب بن سفيان حدثني محمد بن مقاتل
المروزي نا أوس وهو ابن عبد الله بن بريدة عن أخيه أظنه عن أبيه قال مات أبي
بمرو وقبره بحصين (2)
قال وقال لي أبي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من مات من أصحابي بأرض
فهو قائدهم يوم القيامة [500]
كذا رواه بالشك ورواه غيره عن أوس فلم يشك فيه
حدثناه أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني وأبو بكر محمد بن
عمر وأخبرني أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي توبة الكشميهني
وابناه أبو عبد الرحمن محمد وأبو المظفر منصور وأبو الفتح مسعود أنبأ محمد بن
أبي منصور المسعوديان وأبو العلاء صاعد بن منصور بن أحمد السرخسي وأبو
القاسم محمود بن ميمون بن عبد الله بن الدبوسي بمرو قالوا أنا أبو منصور
محمد بن علي بن محمود الكراعي (3) المروزي أنا جدي لأمي أبو غانم أحمد بن
علي بن الحسين (4) الكراعي أنا أبي أبو الحسن علي بن الحسين أنا أبو عبد الرحمن
عبد الله بن مسعود بن سليمان المروزي بمرو أخبرني أحمد بن عبد الله بن بشير نا
أوس بن عبد الله حدثني أخي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة قال قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيما رجل من أصحابي مات ببلدة فهو إمامهم يوم القيامة [501] هذا
إسناد غريب ورجاله كلهم مراوزة وقوله أوس بن عبد الله بن عبد الله وهم فهو أوس بن
عبد الله بن بريدة
وقد أخبرناه على الصواب عاليا من غير وهم أبو محمد بن الأكفاني نا
عبد العزيز الكتاني أنا عبد الوهاب بن جعفر الميداني نا أبو عبد الله محمد بن

(1) كذا بالأصل " المغائر " وفي خع ومختصر ابن منظور: " المقابر " وقد صوبناها في عنوان الباب.
(2) الحصين مصغر، بليدة على نهر الخابور، كذا في ياقوت؟!.
(3) الكراعي بضم الكاف وفتح الراء، هذه النسبة إلى بيع الأكارع والرؤوس.
(4) بالأصل والمطبوعة " الحسن " خطء، والصواب عن خع والأنساب (الكراعي).
412

إبراهيم بن مرزوق نا زكريا بن يحيى السجزي نا إسحاق بن إبراهيم نا أوس بن
عبد الله بن بريدة بن حصيب حدثني أخي سهل بن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة
قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنها ستبعث بعوث فكن في بعث خراسان ثم أسكن مدينة
مرو فإنه بناها ذو القرنين ودعا لها بالبركة ولا يصيب أهلها سوء أبدا [502]
وقد روي عن عبد الله بن بريدة من وجه آخر
أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الفقيه أنا أبي أبو العباس الفقيه
وأبو محمد عبد العزيز الكتاني والحسن بن علي بن محمد بن أبي الرضا وأبو
القاسم بن أبي العلاء وغنايم بن أحمد بن عبيد الله
وأخبرناه أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه نا عبد العزيز الكتاني وأبو
القاسم بن أبي العلاء وأبو نصر الحسين بن محمد بن طلاب وغنايم بن أحمد
وعلي بن الخضر بن عبدان
وأخبرناه أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن البري أنا عمي عبد الواحد بن
محمد (1) بن عبد الواحد
وأخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن السوسي وأبو يعلى (2) حمزة بن علي بن
الحسن التغلبي أنا أبو القاسم بن أبي العلاء قالوا أنا أبو محمد (3) بن أبي نصر أنا
إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت نا يحيى بن أبي طالب بن زيد بن حباب أنا
ابن ناجية نا أبو طيبة عبد الله بن مسلم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال
النبي (صلى الله عليه وسلم) ما أحد من أصحابي يموت بأرض إلا كان قائدا ونورا لهم يوم القيامة [503]
هو عثمان بن ناجية الخراساني
ورواه عنه أبو كريب الهمذاني كما رواه زيد بن الحباب (4) عنه

(1) بياض بالأصل، واستدركت عن خع، وقد بقي مكانها بياضا في في المطبوعة، وقال محققها في الهامش:
بياض في الأصول مقدار كلمة.
(2) عن خع وبالأصل: " المعلا ".
(3) في المطبوعة: أنا محمد، بحذف " أبو ".
(4) في خع: الخطاب، خطأ.
413

أخبرناه أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي إسماعيل الكروخي (1) أنا
أبو عامر محمود بن القاسم الأزدي وأبو بكر أحمد بن عبد الصمد الغذرجي (2) قالا
أنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي أنا أبو العباس محمد بن أحمد
المحبوبي أنا أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي نا أبو كريب نا عثمان بن
ناجية عن عبد الله بن مسلم أبي طيبة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما من أحد من أصحابي يموت بأرض إلا بعث قائدا ونورا لهم يوم
القيامة [504]
قال أبو عيسى هذا حديث غريب
وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن مسلم أبي طيبة عن ابن بريدة عن النبي (صلى الله عليه وسلم)
مرسلا (3) وهذا أصح
ورواه محمد بن الفضل بن عطية الخراساني عن أبي شيبة ووقع إلي عاليا من
حديثه
أخبرناه أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي نا عبد العزيز التميمي نا تمام
الرازي نا خيثمة بن سليمان إملاء
وأخبرناه أبو محمد بن طاوس وأبو يعلى حمزة بن الحسن بن المفرج قالا أنا
أبو القاسم بن أبي العلاء أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا خيثمة نا محمد بن عيسى بن
حيان المدائني بالمدائن نا محمد بن الفضل بن عطية عن عبد الله بن مسلم عن
ابن بريدة
وأخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن قيس المالكي وأبو منصور
عبد الرحمن بن محمد بن زريق قال علي حدثنا وقال عبد الرحمن أنا أبو بكر
الخطيب أنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحرسي (4) بنيسابور نا أبو
العباس محمد بن يعقوب الأصم

(1) هذه النسبة إلى الكروخ، بلدة بنواحي هراة، على عشرة فراسخ منها (الأنساب).
(2) كذا.
(3) بالأصل وخع " مرسل ".
(4) الأصل وخع وفي المطبوعة: الخرسي.
414

قال أبو بكر الخطيب وأنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل
وأخبرناه أبو القاسم الشحامي أنا أبو سعد أحمد بن إبراهيم بن موسى
المقرئ أنا الإمام أبو الحسن محمد بن علي بن سهل الماسرجسي بنيسابور نا أبو
العباس محمد بن يعقوب الأصم (1)
وقال أبو (2) قالا نا محمد بن عمرو بن البختري الرزاز زاد (3)
الماسرجسي ببغداد
وأخبرناه أبو الحسن علي بن قبيس وأبو منصور بن رزيق قال علي حدثنا
وقال أبو منصور أنا أبو بكر الخطيب (4)
وأخبرناه أبو محمد بن طاوس أنا أبو القاسم بن أبي العلاء قالا أنا
عبد الرحمن بن عبيد الله قال الخطيب الحربي وقال ابن أبي العلاء بن محمد
الحرمي
وأنبأناه أبو القاسم علي بن محمد بن بيان الرزار أنا أبو القاسم عبد الملك بن
محمد بن عبد الله بن بشران قالا أنا حمزة بن محمد بن العباس كناه ابن طاوس
أبا أحمد
وأخبرناه أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي المروزي وأبو محمد
بختيار بن عبد الله الهندي الضرير مولى ابن السمعاني بمرو قالا أنا أبو علي
الحسن بن محمد بن عبد العزيز بن إسماعيل التككي (5) أنا أبو علي الحسن بن
أحمد بن إبراهيم بن شاذان البزاز أنا عثمان بن أحمد بن السماك وحمزة بن محمد بن
العباس وأبو سهل بن زياد

(1) ما بين معكوفتين شطب فوقه بالأصل بخط، ولم ترد العبارة، ولم ترد العبارة في خع.
(2) كذا بالأصل، ولم يرد قوله: " وقال أبو " في خع، وموجود في المطبوعة وعقب محققها: هنا كلام ساقط.
في الأصول.
(3) كذا بالأصل وخع، وفي المطبوعة: " البختري الزراد الماسرجسي " تحريف. (انظر الأنساب: الرزاز).
والرزاز هذه النسبة إلى الرز وهو الأرز وهو اسم لمن يبيع الرز.
(4) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة.
(5) هذه النسبة إلى تكك وهي جمع تكة (الأنساب).
415

وأخبرناه أبو الحسن بن قبيس قال ونا أبو منصور بن زريق أنا أبو بكر
الخطيب أنا الحسن بن أبي بكر بن شاذان أنا مكرم (1) بن أحمد القاضي قالوا أنا
محمد بن عيسى بن حبان زاد بعضهم المدائني وقال تمام بالمدائن إملاء نا
وفي حديث تمام عن عبد الله بن مسلم
عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال من مات من أصحابي بأرض كان
نورهم وقائدهم يوم القيامة [505]
قال تمام عبد الله بن مسلم هو أبو طيبة المروزي حدث بهذا الحديث عنه
جماعة
وأخبرناه أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد بن محمد أنا شجاع بن علي بن
شجاع أنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة نا خيثمة بن سليمان نا محمد بن
عيسى بن حيان (2) نا محمد بن الفضل عن عبد الله بن مسلم عن عبد الله
بن بريدة عن أبيه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال ما من أرض يموت بها رجل من أصحابي إلا كان
قائدهم ونورهم يوم القيامة [506] وروي عن ابن بريدة من وجه آخر
أخبرناه أبو سعد محمد بن محمد بن المطرز الفقيه وأبو علي الحسن بن أحمد
المقرئ الحداد في كتابيهما قالا أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق
الحافظ نا عبد الله بن محمد بن جعفر نا أبو القاسم بن أبي العنبر نا محمد بن
يحيى الأزدي نا يحيى بن حريث العبدي (3) نا يحيى بن عباد نا أبو المنيب (4)
الخراساني وهو عبيد الله بن عبد الله العتكي (5) قال سمعت عبد الله بن بريدة عن
أبيه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من مات من أصحابي بأرض فهو شفيع لأهل تلك
الأرض [507]
وروي نحو هذا اللفظ من وجه آخر عن علي عن النبي (صلى الله عليه وسلم)

(1) بالأصل: " أبو مكرم " والمثبت عن خع.
(2) كذا، وقد تقدم قريبا " حبان ".
(3) سقطت من المطبوعة.
(4) بالأصل وخع: " ابن المنبت " خطأ والمثبت عن الأنساب العتكي.
(5) العتكي هذه النسبة إلى عتيك وهو بطن من الأزد.
416

أنبأناه أبو الغنائم محمد بن علي الكوفي أنا محمد بن علي بن الحسن
الحسني نا محمد بن جعفر بن محمد التميمي ومحمد بن الحسن بن أحمد الأسدي
قالا أنا أحمد بن محمد بن سعيد أخبرني محمد بن أحمد بن نصر التيملي قراءة
حدثني أبي نا موسى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن آبائه عن علي قال قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يموت أحد من أصحابي ببلد من البلدان إلا كان لهم نورا وبعثه الله
يوم القيامة سيد أهل ذلك البلد [508]
ثم قال لي موسى بن عبد الله هذه فضيلة لكم يا أهل الكوفة قد مات أمير
المؤمنين ببلدكم
وأنبأنا أبو الغنائم الكوفي أنا محمد بن علي بن الحسن نا محمد بن جعفر
ومحمد بن الحسن بن أحمد قالا أنا أحمد بن محمد بن سعيد حدثني محمد بن
الحسن بن مسعود حدثني موسى بن عبد الله حدثني أبي عبد الله بن موسى عن
أبيه عن جده عن عبد الله بن الحسن قال مات عامر يعني ابن الأكوع بوادي
القرى فقال يعني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنه لا يموت رجل من أصحابي ببلد من البلدان إلا
بعثه الله يوم القيامة سيد أهل ذلك البلد [509]
فأول (1) مقبرة دفن المسلمون فيها بدمشق
كما أخبرنا أبو الحسين (2) عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الحديد نا جدي أبو
عبد الله الحسن بن أحمد أنا أبو الحسن علي بن الحسن الربعي أنا أبو الفرج
العباس بن محمد بن حبان أنا أبو العباس بن الرقي أنا محمد بن محمد بن مصعب
نا محمد بن المبارك الصوري نا الوليد بن مسلم قال وأخبرني سعيد بن عبد العزيز
وغيره
أن المسلمين يومئذ نشبوا (3) القتال من تلك الناحية يعني من ناحية الباب الشرقي
يوم نزولهم على دمشق فقتل ناس من المسلمين فدفنوا في مقبرة باب توما فهي أول
مقبرة بدمشق للمسلمين

(1) بالأصل وخع: فاوا " والمثبت عن مختصر ابن منظور 1 / 303.
(2) الأصل وخع، وفي المطبوعة: أبو الحسن.
(3) في المطبوعة: بدأوا.
417

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز الكتاني أنا أبو محمد بن أبي
نصر أنا أبو الميمون بن راشد نا أبو زرعة الدمشقي قال ورأيت أهل العلم ببلدنا
يذكرون أن بمقبرة دمشق من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بلال مولى أبي بكر وسهل بن
الحنظلية (1) وأبو الدرداء (2)
قرأت بخط أبي محمد بن الأكفاني وأنبأنيه شفاها نا الشيخ الحافظ الثقة أبو
محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني رضي الله عنه قال لم يتفق المصران على معرفة عين
قبر نبي وصحابي غير قبر نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) وقبر صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
قال ابن الأكفاني أراني الشيخ أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قبور
الصحابة الذين بظاهر دمشق بباب الصغير أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
وفضالة بن عبيد وواثلة بن الأسقع وسهل بن الحنظلية وأوس بن أوس وهم داخل
الحظيرة مما يلي القبلة وأبو الدرداء خارج الحظيرة وأم الدرداء (3) خلف الحظيرة
وعبد الله بن أم حرام ويعرف بابن امرأة عبادة بن الصامت محاذي طريق الجادة
وجماعة يقولون أنه قبر أبي بن كعب وليس بصحيح وأم حبيبة (4) ابنة أبي سفيان أخت
معاوية رضي الله عنهم زوجة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على قبرها بلاطة مكتوب عليها اسمها في
جنب حظيرة الصحابة (5) وأختها على قبرها أيضا بلاطة مكتوب عليها وبلال بن رباح
مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على قبره أيضا بلاطة مكتوب عليها اسمه
قال وأراني (6) أيضا قبر الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين وأخيه مسلمة
خلف الحظيرة التي فيها قبور الصحابة مقابل مقبرة أمير الجيوش على الجادة
قال وأراني أيضا قبر بريهة ابنة الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم في
قبة وقبر سكينة ابنة الحسين بن علي بن أبي طالب في قبة

(1) الحنظلية أمه، وقيل أم جده، واسمه: سهل بن الربيع بن عمرو بن عدي بن زيد (أسد الغابة).
(2) اسمه عويمر بن عامر، ويقال: عيمر بن قيس بن زيد، انظر ترجمته في أسد الغابة.
(3) هي خيرة بنت أبي حدرد، أم الدرداء، الكبري، وقيل اسمها هجيمة، وهي زوج أبي الدرداء -، انظر أسد.
الغابة. (4) في مختصر ابن منظور 1 / 303 " أم حبيب " خطأ.
(5) الزيادة عن المطبوعة.
(6) عن مختصر ابن منظور وبالأصل: وأري.
418

قال ابن الأكفاني ورأيت في كتاب عتيق من رواية أبي علي محمد بن هارون بن
شعيب الأنصاري رواية الربيع بن عمرو بن الربيع الكلبي الدمشقي عنه حدثنا
محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري نا إبراهيم بن عبد الواحد العبسي
وعبد الملك بن محمود بن سميع القرشي قالا نا يزيد بن أحمد السلمي قال سمعت
الأشياخ العلماء من بلدنا يقولون دفن في مقبرة باب الصغير من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
كثير (1) وقالا (2) كبير المعروفون منهم معاوية بن أبي سفيان وفضالة بن عبيد
وأبو الدرداء وسهل بن الحنظلية وبلال بن حمامة مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ووابصة بن
معبد (3) وخريم بن فاتك ومعبد بن فاتك (4) وسبرة بن فاتك ورجال ونساء
كثير
قال وحدثني عمرو بن دحيم أيضا مثل ذلك
قرأت بخط أبي الحسن علي بن المسلم الفقيه قال نقلت من خط الحسين بن
محمد بن الوزير الحافظ نا الحسن بن حبيب بن عبد الملك
وقرأت بخط أبي محمد بن الأكفاني ورأيت بخط أبي أحمد الحسين بن محمد بن
الوزير الشروطي المعروف بابن الوزير الحافظ نا أبو علي الحسن بن حبيب قال
سمعت أبا زرعة عبد الرحمن بن عمرو يقول في مقبرة باب الصغير إلى باب الجابية
ستة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معاوية بن أبي سفيان رحمة الله تعالى عليه وأبو الدرداء
رحمه الله وفضالة بن عبيد رحمه الله زاد الفقيه وسهل بن الحنظلية رحمه الله
وواثلة بن الأسقع رحمه الله وبلال مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رحمه الله نزل داريا فتزوج بها
ومات بداريا وحمل حتى دفن هاهنا مع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
وقال أبو علي وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أيما أهل مقبرة أقبر بين أظهرهم رجل
من أصحابي جاء وافدهم يوم القيامة [510]

(1) بالأصل: كثيرا.
(2) بالأصل: وقال.
(3) في أسد الغابة: تحول إلى الرقة فأقام بها إلى أن مات بها.. وفي موضع آخر: وقبره عند منارة المسجد
الجامع بالرقة.
(4) سقط من المطبوعة.
419

قال ابن الأكفاني مدرك بن زياد الفزاري أحد أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورحمة الله
عليه قبره بقرية راوية (1) من غوطة دمشق قال وهو أول صحابي توفي بظاهر دمشق
سعد بن عبادة الأنصاري سيد الخزرج رضي الله عنه صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبره
بقرية المنيحة (2) من غوطة دمشق
إلى هنا قرأت بخط الأكفاني وكان أوس بن أوس ملحقا بخطه بين السطرين
بخط طري ولا أدري أذكره عن الكتاني أو عن نفسه
أما معاوية فيختلف في قبره فيقال إنه قبر خلف حائط المسجد الجامع موضع
دراسة السبع اليوم والأصح أن قبره خارج باب الصغير
وأما قبر عبد الله بن أبي فلم يرد ذلك من وجه يعتمد وإنما ذكر ذلك من طريق
الاستفاضة بين العامة وعبد الله كان يسكن بيت المقدس ولم أظفر بعد بدخوله
دمشق
وأما قبر أم حبيبة فيمكن أن يكون قبرها هاهنا لأنها قدمت الشام على أخيها
معاوية بعد ذكرها أبو زرعة في طبقاته فقال
ما أخبرنا أبو محمد الأكفاني نا عبد العزيز الكتاني أنا تمام الرازي أنا أبو
عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر نا (3) هشام الكندي نا أبو زرعة قال فيمن حدث
بالشام من النساء أم حبيبة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) اسمها رملة بنت أبي سفيان والأصح أن قبرها
بالمدينة
وأما بلال فقد اختلف في قبره قيل إنه بباب الصغير وهو أصح الأقاويل وقيل
بباب كيسان وقيل بداريا وقيل إنه بحلب وهو قول ضعيف وسنذكر هذه الأقاويل في
ترجمته إن شاء الله

(1) بالأصل: زاوية، والمثبت عن معجم البلدان، وفيه: قرية من غوطة دمشق بها قبر أم كلثوم وقبر مدرك بن
زياد الفزاري صحابي، وهو أول مسمل دفن بها، نقله عن ابن عساكر.
(2) المنيحة من قرى دمشق بالغوطة، وبها مشهد يقال إنه قبر سعد بن عبادة الأنصاري، والصحيح إن سعدا مات
بالمدينة (ياقوت)، وانظر الإصابة في أي مكان مات وأين دفن.
(3) بالأصل وخع " بن ".
420

وأما قبر بريهة فلا أدري القول في نسبها يصح لأن أصحاب النسب لم يذكروا في
أولاد الحسن بن علي ابنة اسمها بريهة
فأما قبر سكينة بنت الحسين فيحتمل لأنها تزوجت بالأصبغ بن عبد العزيز بن
مروان الذي كان بمصر ورحلت إليه فمات قبل أن تصل إليه فيحتمل أنها قدمت دمشق
وماتت بها والصحيح أنها ماتت بالمدينة وأمرهم الوالي أن لا يدفنوها حتى يحضرها
وركب إلى بعض أمواله بنواحي المدينة وكان اليوم حارا فتغيرت رائحتها واشتري لها
طيب كثير ليغلب الرائحة فلم يغلب ثم بعث إليهم أن ادفنوها فإني مشغول فدفنت ولم
يحضر
وأما وابصة بن معبد فيحتمل أن يكون صحيحا فقد قدم دمشق وسمع بها من
سبرة بن فاتك وكان مقام وابصة بالرقة (1) وبها ولده وحديثه
وأما خريم بن فاتك وسبرة بن فاتك فهما من الصحابة الذين كانوا بدمشق
وأما معبد أخوهما فلم أر له ذكرا في كتب أصحاب الحديث ولا في معاجم
الصحابة
وأما مدرك بن زياد فلم أجد له ذكرا إلا على اللوح المكتوب على قبره من وجه لا
يثبت مثله وسيأتي ذلك في ترجمته إن شاء الله
وأما سعد بن عبادة فإنه مات بحوران فيحتمل أنه حمل ودفن في المسجد (2)
والله أعلم
هذا آخر ما تيسر ذكره من الأبواب التي سهل الله ذكرها في صدر هذا الكتاب
ونشرع الآن في ذكر أسماء الرجال على حروف المعجم على الشرط السابق
والترتيب المتقدم

(1) الرقة: مدينة مشهورة على الفرات، بينها وبين حران ثلاثة أيام، معدودة في بلاد الجزيرة (ياقوت).
(2) في خع ومختصر ابن منظور 1 / 305 في المنيحة.
421