الكتاب: الطبقات الكبرى
المؤلف: محمد بن سعد
الجزء: ٢
الوفاة: ٢٣٠
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند السنة
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: دار صادر - بيروت
الناشر: دار صادر - بيروت
ردمك:
ملاحظات:

الطبقات الكبرى 2
1

الطبقات الكبرى
لابن سعد
المجلد الثاني
في ذكر مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، و سراياه و في مرض
النبي ووفاته و دفنه و المراثي و ذكر من كان يفتي بالمدينة و جمع القرآن
من أصحاب رسول الله على عهده و بعده و ذكر من كان يفتي بالمدينة بعد
أصحاب الرسول من المهاجرين و الأنصار.
3

بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر عدد مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه
وأسمائها وتواريخها وجمل ما كان في كل غزاة وسرية منها
أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي أخبرنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن
بن سعيد بن يربوع المخزومي وموسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي ومحمد بن عبد الله بن مسلم بن أخي الزهري وموسى بن يعقوب
بن عبد الله بن وهب بن ربيعة بن الأسود و عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن
بن المسور بن مخرمة الزهري ويحيى بن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري
وربيعة بن عثمان بن عبد الله بن الهدير التيمي وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي
حبيبة الأشهلي و عبد الحميد بن جعفر الحكمي و عبد الرحمن بن أبي
الزناد ومحمد بن صالح التمار قال محمد بن سعد وأخبرني رؤيم بن يزيد
المقري قال أخبرنا هارون بن أبي عيسى عن محمد بن إسحاق وأخبرني
حسين بن محمد عن أبي معشر وأخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس
المدني عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة دخل حديث
بعضهم في حديث بعض قالوا كان عدد مغازي رسول الله صلى الله
عليه وسلم التي غزا بنفسه سبعا وعشرين غزوة وكانت سراياه التي بعث
5

بها سبعا وأربعين سرية وكان ما قاتل فيه من المغازي تسع غزوات بدر
القتال وأحد والمريسع والخندق وقريظة وخيبر وفتح مكة وحنين والطائف
فهذا ما اجتمع لنا عليه
وفي بعض روايتهم أنه قاتل في بني النضير ولكن الله جعلها له نفلا
خاصة وقاتل في غزوة وادي القرى منصرفه من خيبر وقتل بعض أصحابه
وقاتل في الغابة
قالوا وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حين هاجر
من مكة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول وهو
المجتمع عليه وقد روى بعضهم إنه قدم لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول
فكان أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمزة بن عبد المطلب
بن هاشم في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من مهاجر رسول الله صلى
الله عليه وسلم لواء أبيض فكان الذي حمله أبو مرثد كناز بن الحصين
الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم
في ثلاثين رجلا من المهاجرين
قال بعضهم كانوا شطرين من المهاجرين والأنصار والمجتمع عليه
أنهم كانوا جميعا من المهاجرين وليبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
أحد من الأنصار مبعثا حتى غزا بهم بدرا وذلك أنهم شرطوا له أنهم يمنعونه
في دارهم وهذا الثبت عندنا
وخرج حمزة يعترض لعير قريش قد جاءت من الشام تريد مكة وفيها
أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل فبلغوا سيف البحر يعني ساحله من
ناحية العيص فالتقوا حتى اصطفوا للقتال فمشى مجدي بن عمرو الجهني
وكان حليفا للفريقين جميعا إلى هؤلاء مرة وإلى هؤلاء مرة حتى حجز بينهم
ولم يقتلوا فتوجه أبو جهل في أصحابه وعيره إلى مكة وانصرف حمزة بن
عبد المطلب في أصحابه إلى المدينة
6

سرية عبيدة بن الحارث
ثم سرية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف إلى بطن رابغ
في شوال على رأس ثمانية أشهر من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
عقد له لواء أبيض كان الذي حمله مسطح بن أثاثة بن المطلب بن عبد مناف
بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ستين رجلا من المهاجرين ليس فيهم
أنصاري فلقي أبا سفيان بن حرب وهو في مائتين من أصحابه وهو على
ماء يقال له أحياء من بطن رابغ على عشرة أميال من الجحفة وأنت تريد
قديدا عن يسار الطريق وإنما نكبوا عن الطريق ليرعوا ركابهم فكان بينهم
الرمي ولم يسلوا السيوف ولم يصطفوا للقتال وإنما كانت بينهم المناوشة
إلا أن سعد بن أبي وقاص قد رمي يومئذ بسهم فكان أول سهم رمي به
في الاسلام ثم انصرف الفريقان على حاميتهم
وفي رواية بن إسحاق أنه كان على القوم عكرمة بن أبي جهل
سرية سعد بن أبي وقاص
ثم سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرار في ذي القعدة على رأس تسعة
أشهر من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد له لواء أبيض حمله
المقداد بن عمرو البهراني وبعثه في عشرين رجلا من المهاجرين يعترض لعير
قريش تمر به وعهد إليه أن لا يجاوز الخرار والخرار حين تروح من الجحفة
إلى مكة آبار عن يسار المحجة قريب من خم قال سعد فخرجنا على
أقدامنا فكنا نكمن النهار ونسير الليل حتى صبحناها صبح خمس فنجد
العير قد مرت بالأمس فانصرفنا إلى المدينة
7

غزوة الأبواء
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأبواء في صفر على رأس
اثني عشر شهرا من مهاجره وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب وكان
لواء أبيض واستخلف على المدينة سعد بن عبادة وخرج في المهاجرين
ليس فيهم أنصاري حتى بلغ الأبواء يعترض لعير قريش فلم يلق كيدا
وهي غزوة ودان وكلاهما قد ورد وبينهما ستة أميال وهي أول غزوة
غزاها بنفسه
وفي هذه الغزوة وادع مخشي بن عمرو الضمري وكان سيدهم في
زمانه على أن لا يغزو بني ضمرة ولا يغزوه ولا يكثروا عليه جمعا
ولا يعينوا عدوا وكتب بينه وبينهم كتابا
وضمرة من بني كنانة ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة وكانت غيبته خمس عشرة ليلة
أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس أخبرنا كثير بن عبد الله المزني
عن أبيه عن جده قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أول
غزوة غزاها الأبواء
غزوة بواط
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بواط في شهر ربيع الأول
على رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره وحمل لواءه سعد بن أبي وقاص
وكان لواء أبيض واستخلف على المدينة سعد بن معاذ وخرج في مائتين من
8

أصحابه يعترض لعير قريش فيها أمية بن خلف الجمحي ومائة رجل من
قريش وألفان وخمسمائة بعير فبلغ بواط وهي جبال من جبال جهينة من
ناحية رضوى وهي قريب من ذي خشب مما يلي طريق الشام وبين بواط
والمدينة نحو أربعة برد فلم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كيدا
فرجع إلى المدينة
غزوة طلب كرز بن جابر الفهري
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلب كرز بن جابر
الفهري في شهر ربيع الأول على رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره وحمل
لواءه علي بن أبي طالب وكان لواء أبيض واستخلف على المدينة زيد بن
حارثة وكان كرز بن جابر قد أغار على سرح المدينة فاستاقه وكان يرعى
بالجماء والسرح ما رعوا من نعمهم والجماء جبل ناحية العقيق إلى
الجرف بينه وبين المدينة ثلاثة أميال فطلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر وفاته كرز بن جابر فلم يلحقه
فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة (
غزوة ذي العشيرة
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا العشيرة في جمادي الآخرة
على رأس ستة عشر شهرا من مهاجره وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب
وكان لواء أبيض واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي
وخرج في خمسين ومائة ويقال في مائتين من المهاجرين ممن انتدب ولم
9

يكره أحدا على الخروج وخرجوا على ثلاثين بعيرا يتعقبونها خرج يعترض
لعير قريش حين أبدأت إلى الشام وكان قد جاءه الخبر بفصولها من مكة فيها
أموال قريش فبلغ ذا العشيرة وهي لبني مدلج بناحية ينبع وبين ينبع
والمدينة تسعة برد فوجد العير التي خرج لها قد مضت قبل ذلك بأيام وهي
العير التي خرج لها أيضا يريدها حين رجعت من الشام فساحلت على البحر
وبلغ قريشا خبرها فخرجوا يمنعونها فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ببدر فواقعهم وقتل منهم من قتل وبذي العشيرة كنى رسول الله صلى الله
عليه وسلم علي بن أبي طالب أبا تراب وذلك أنه رآه نائما متمرغا في البوغاء
فقال اجلس أبا تراب فجلس وفي هذه الغزوة وادع بني مدلج
وحلفاءهم من بني ضمرة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا
سرية عبد الله بن جحش الأسدي
ثم سرية عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة في رجب على رأس سبعة
عشر شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه في اثني عشر
رجلا من المهاجرين كل اثنين يتعقبان بعيرا إلى بطن نخلة وهو بستان بن عامر
الذي قرب مكة وأمره أن يرصد بها عير قريش فوردت عليه فهابهم أهل
العير وأنكروا أمرهم فحلق عكاشة بن محصن الأسدي رأسه حلقه عامر
بن ربيعة ليطمئن القوم فأمنوا وقالوا هم عمار لا بأس عليكم منهم
فسرحوا ركابهم وصنعوا طعاما وشكوا في ذلك اليوم أهو من الشهر الحرام أم لا
ثم تشجعوا عليهم فقاتلوهم فخرج واقد بن عبد الله التميمي يقدم المسلمين
فرمى عمرو بن الحضرمي فقتله وشد المسلمون عليهم فاستأسر عثمان بن عبد الله
بن المغيرة والحكم بن كيسان وأعجزهم نوفل بن عبد الله بن المغيرة
10

واستاقوا العير وكان فيها خمر وأدم وزبيب جاءوا به من الطائف فقدموا
بذلك كله على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقفه وحبس الأسيرين وكان
الذي أسر الحكم بن كيسان المقداد بن عمرو فدعاه رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى الاسلام فأسلم وقتل ببئر معونة شهيدا
وكان سعد بن أبي وقاص زميل عتبة بن غزوان على بعير لعتبة في هذه
السرية فضل البعير بحران وهي ناحية معدن بني سليم فأقاما عليه يومين
يبغيانه ومضى أصحابهم إلى نخلة فلم يشهدها سعد وعتبة وقدما المدينة بعدهم
بأيام ويقال إن عبد الله بن جحش لما رجع من نخلة خمس ما غنم وقسم
بين أصحابه سائر الغنائم فكان أول خمس خمس في الاسلام
ويقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف غنائم نخلة حتى
رجع من بدر فقسمها مع غنائم بدر وأعطى كل قوم حقهم وفي هذه
السرية سمى عبد الله بن جحش أمير المؤمنين
غزوة بدر
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر القتال ويقال بدر
الكبرى قالوا لما تحين رسول الله صلى الله عليه وسلم انصراف العير من
الشام التي كان خرج لها يريدها حتى بلغ ذا العشيرة بعث طلحة بن عبيد الله
التيمي وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يتحسسان خبر العير فبلغا التجبار من
أرض الحوراء فنزلا على كشد الجهني فأجارهما وأنزلهما وكتم عليهما
حتى مرت العير ثم خرجا وخرج معهما كشد خفيرا حتى أوردهما ذا المروة
وساحلت العير وأسرعت فساروا بالليل والنهار فرقا من الطلب فقدم طلحة
وسعيد المدينة ليخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر العير فوجداه قد
11

خرج وكان قد ندب المسلمين للخروج معه وقال هذه عير قريش فيها أموالهم
لعل الله أن يغنمكموها فأسرع من أسرع إلى ذلك وأبطأ عنه بشر كثير
وكان من تخلف لم يلم لأنهم لم يخرجوا على قتال إنما خرجوا للعير
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة يوم السبت لاثنتي عشرة
ليلة خلت من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهرا من مهاجره وذلك
بعدما وجه طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بعشر ليال وخرج من خرج
معه من المهاجرين وخرجت معه الأنصار في هذه الغزاة ولم يكن غزا بأحد
منهم قبل ذلك وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عسكره ببئر أبي
عنبة وهي على ميل من المدينة فعرض أصحابه ورد من استصغر وخرج
في ثلاثمائة رجل وخمسة نفر كان المهاجرون منهم أربعة وسبعين رجلا وسائرهم
من الأنصار وثمانية تخلفوا لعلة ضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بسهامهم وأجورها ثلاثة من المهاجرين عثمان بن عفان خلفه رسول الله
صلى الله عليه وسلم على امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكانت مريضة فأقام عليها حتى ماتت وطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد
بعثهما يتحسسان خبر العير وخمسة من الأنصار أبو لبابة بن عبد المنذر خلفه
على المدينة وعاصم بن عدي العجلاني خلفه على أهل العالية والحارث بن
حاطب العمري رده من الروحاء إلى بني عمرو بن عوف لشئ بلغه عنهم
والحارث بن الصمة كسر بالروحاء وخوات بن جبير كسر أيضا فهؤلاء
ثمانية لا اختلاف فيهم عندنا وكلهم مستوجب وكانت الإبل سبعين بعيرا
يتعاقب النفر البعير وكانت الخيل فرسين فرس للمقداد بن عمرو وفرس
لمرثد بن أبي مرثد الغنوي وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامه
عينين له إلى المشركين يأتيانه بخبر عدوه وهما بسبس بن عمرو وعدي
بن أبي الزغباء وهما من جهينة حليفان للأنصار فانتهيا إلى ماء بدر فعلما
الخبر ورجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بلغ المشركين بالشام
12

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرصد انصرافهم فبعثوا ضمضم بن
عمرو حين فصلوا من الشام إلى قريش بمكة يخبرونهم بما بلغهم عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم ويأمرونهم أن يخرجوا فيمنعوا عيرهم فخرج المشركون
من أهل مكة سراعا ومعهم القيان والدفوف وأقبل أبو سفيان بن حرب
بالعير وقد خافوا خوفا شديدا حين دنوا من المدينة واستبطؤوا ضمضما
والنفير حتى ورد بدرا وهو خائف من الرصد فقال لمجدي بن عمرو
هل أحسست أحدا من عيون محمد فإنه والله ما بمكة من قرشي ولا قرشية
له نش فصاعدا إلا قد بعث به معنا فقال مجدي والله ما رأيت أحدا
أنكره إلا راكبين أتيا إلى هذا المكان وأشار له إلى مناخ عدي وبسبس
فجاء أبو سفيان فأخذ أبعارا من بعيريهما ففته فإذا فيه نوى فقال علائف
يثرب هذه عيون محمد فضرب وجوه العير فساحل بها وترك بدرا يسارا وانطلق
سريعا وأقبلت قريش من مكة فأرسل إليهم أبو سفيان بن حرب قيس
بن امرئ القيس يخبرهم أنه قد أحرز العير ويأمرهم بالرجوع فأبت قريش
أن ترجع وردوا القيان من الجحفة ولحق الرسول أبا سفيان بالهدة وهي
على سبعة أميال من عسفان إذا رحت من مكة عن يسار الطريق وسكانها بنو
ضمرة وناس من خزاعة فأخبره بمضي قريش فقال وا قوماه هذا عمل
عمرو بن هشام يعني أبا جهل بن هشام وقال والله لا نبرح حتى نرد
بدرا وكانت بدر موسما من مواسم الجاهلية يجتمع بها العرب بها سوق
وبين بدر والمدينة ثمانية برد وميلان وكان الطريق الذي سلكه رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى بدر على الروحاء وبين الروحاء والمدينة أربعة أيام
ثم بريد بالمنصرف ثم بريد بذات أجذال ثم بريد بالمعلاة وهي خيف
السلم ثم بريد بالأثيل ثم ميلان إلى بدر وكانت قريش قد أرسلت فرات
بن حيان العجلي وكان مقيما بمكة حين فصلت قريش من مكة إلى أبي
سفيان يخبره بمسيرها وفصولها فخالف أبا سفيان في الطريق فوافى المشركين
13

بالجحفة فمضى معهم فجرح يوم بدر جراحات وهرب على قدميه ورجعت
بنو زهرة من الجحفة وأشار عليهم بذلك الأخنس بن شريق الثقفي وكان
حليفا لهم وكان فيهم مطاعا وكان اسمه أبي فلما رجع ببني زهرة
قيل خنس بهم فسمي الأخنس وكان بنو زهرة يومئذ مائة رجل
وقال بعضهم بل كانوا ثلاثمائة رجل وكانت بنو عدي بن كعب مع النفير
فلما بلغوا ثنية لفت عدلوا في السحر إلى الساحل منصرفين إلى مكة فصادفهم
أبو سفيان بن حرب فقال يا بني عدي كيف رجعتم لا في العير ولا في النفير
فقالوا أنت أرسلت إلى قريش أن ترجع ويقال بل لقيهم بمر الظهران
فلم يشهد بدرا من المشركين أحد من بني زهرة ولا من بني عدي ومضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان دون بدر أتاه الخبر بمسير
قريش فأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه واستشارهم
فقال المقداد بن عمرو البهراني والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك
الغماد لسرنا معك حتى ننتهي إليه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أشيروا علي وإنما يريد الأنصار فقام سعد بن معاذ فقال أنا أجيب عن
الأنصار كأنك يا رسول الله تريدنا قال أجل قال فامض يا نبي
الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه
معك ما بقي منا رجل واحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيروا
على بركة الله فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين فوالله لكأني أنظر إلى
مصارع القوم وعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الألوية وكان
لواء رسولا لله صلى الله عليه وسلم يومئذ الأعظم لواء المهاجرين مع
مصعب بن عمير ولواء الخزرج مع الحباب بن المنذر ولواء الأوس
مع سعد بن معاذ وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شعار المهاجرين
يا بني عبد الرحمن وشعار الخزرج يا بني عبد الله وشعار الأوس يا بني
عبيد الله ويقال بل كان شعار المسلمين جميعا يومئذ يا منصور أمت
14

وكان مع المشركين ثلاثة ألوية لواء مع أبي عزيز بن عمير ولواء مع
النضر بن الحارث ولواء مع طلحة بن أبي طلحة وكلهم من بني عبد الدار
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أدنى بدر عشاء ليلة جمعة لسبع عشرة
مضت من شهر رمضان فبعث عليا والزبير وسعد بن أبي وقاص وبسبس
بن عمرو يتحسسون خبر المشركين على الماء فوجدوا روايا قريش فيها
سقاؤهم فأخذوهم وبلغ قريشا خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه
قد أخذ سقاءهم فماج العسكر وأتي بالسقاء إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال أين قريش فقالوا خلف هذا الكثيب الذي ترى قال
كم هم قالوا كثير قال كم عددهم قالوا لا ندري قال كم
ينحرون قالوا يوما عشرا ويوما تسعا فقال صلى الله عليه وسلم القوم
ما بين الألف والتسعمائة فكانوا تسعمائة وخمسين إنسانا وكانت خيلهم
مائة فرس وقال الحباب بن المنذر يا رسول الله إن هذا المكان الذي أنت
به ليس بمنزل انطلق بنا إلى أدنى ماء إلى القوم فإني عالم بها
وبقلبها بها قليب قد عرفت عذوبة مائه لا ينزح ثم نبني عليه حوضا فنشرب ونقاتل
ونعور ما سواه من القلب فنزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال الرأي ما أشار به الحباب فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم
ففعل ذلك فكان الوادي دهسا فبعث الله تبارك وتعالى السماء فلبدت الوادي
ولم يمنع المسلمين من المسير وأصاب المشركين من المطر ما لم يقدروا أن يرتحلوا
معه وإنما بينهم قوز من الرمل وأصاب المسلمين تلك الليلة النعاس وبني
لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش من جريد فدخله النبي وأبو بكر
الصديق وقام سعد بن معاذ على باب العريش متوشحا بالسيف فلما أصبح
صف أصحابه قبل أن تنزل قريش وطلعت قريش ورسول الله صلى الله عليه
وسلم يصفف أصحابه ويعدلهم كأنما يقوم بهم القدح ومعه يومئذ
قدح يشير به إلى هذا تقدم وإلى هذا تأخر حتى استووا وجاءت
15

ريح لم يروا مثلها شدة ثم ذهبت فجاءت ريح أخرى ثم ذهبت فجاءت
ريح أخرى فكانت الأولى جبريل عليه السلام في ألف من الملائكة مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم والثانية ميكائيل عليه السلام في ألف من الملائكة عن
ميمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة
عن ميسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان سيماء الملائكة عمائم قد
أرخوها بين أكتافهم خضر وصفر وحمر من نور والصوف في نواصي
خيلهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه إن الملائكة قد
سومت فسوموا فأعلموا بالصوف في مغافرهم وقلانسهم وكانت الملائكة
يوم بدر على خيل بلق قال فلما اطمأن القوم بعث المشركون عمير بن
وهب الجمحي وكان صاحب قداح فقالوا أحزر لنا محمدا وأصحابه
فصوب في الوادي وصعد ثم رجع فقال لا مدد لهم ولا كمين القوم
ثلاثمائة إن زادوا زادوا قليلا ومعهم سبعون بعيرا وفرسان يا معشر قريش
البلايا تحمل المنايا نواضح يثرب تحمل الموت الناقع قوم ليست لهم منعة
ولا ملجأ إلا سيوفهم أما ترونهم خرسا لا يتكلمون يتلمظون تلمظ
الأفاعي والله ما أرى أن تقتل منهم رجلا حتى يقتل منا رجل فإذا أصابوا
منكم عددهم فما خير في العيش بعد ذلك فروا رأيكم فتكلم حكيم بن
حزام ومشى في الناس وأتى شيبة وعتبة وكانا ذوي تقية في قومهما فأشاروا على
الناس بالانصراف وقال عتبة لا تردوا نصيحتي ولا تسفهوا رأيي
فحسده أبو جهل حين سمع كلامه فأفسد الرأي وحرش بين الناس وأمر
عامر بن الحضرمي أن ينشد أخاه عمرا وكان قتل بنخلة فكشف عامر
وحثا على استه التراب وصاح وا عمراه يخزي بذلك عتبة لأنه حليفه من بين
قريش وجاء عمير بن وهب فناوش المسلمين فثبت المسلمون على صفهم ولم
يزولوا وشد عليهم عامر بن الحضرمي ونشبت الحرب فكان أول من
خرج من المسلمين مهجع مولى عمر بن الخطاب فقتله عامر بن الحضرمي
16

وكان أول قتيل قتل من الأنصار حارثة بن سراقة ويقال قتله حبان بن
العرقة ويقال عمير بن الحمام قتله خالد بن الأعلم العقيلي ثم خرج
شيبة وعتبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة فدعوا إلى البراز فخرج إليهم ثلاثة من
الأنصار بنو عفراء معاذ ومعوذ وعوف بنو الحارث فكره رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يكون أول قتال لقي فيه المسلمون المشركين في الأنصار
وأحب أن تكون الشوكة ببني عمه وقومه فأمرهم فرجعوا إلى مصافهم وقال
لهم خيرا ثم نادى المشركون يا محمد أخرج إلينا الأكفاء من قومنا فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني هاشم قوموا قتلوا بحقكم الذي
بعث الله به نبيكم إذ جاؤوا بباطلهم ليطفئوا نور الله فقام حمزة بن عبد
المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف
فمشوا إليه فقال عتبة تكلموا نعرفكم وكان عليهم البيض فقال حمزة
أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله فقال عتبة كفء كريم
وأنا أسد الحلفاء من هذان معك قال علي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث
قال كفآن كريمان ثم قال لابنه قم يا وليد فقام إليه علي بن أبي
طالب فاختلفا ضربتين فقتله علي ثم قام عتبة وقام إليه حمزة فاختلفا
ضربتين فقتله حمزة ثم قام شيبة وقام إليه عبيدة بن الحارث وهو يومئذ
أسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب شيبة رجل عبيدة
بذباب السيف يعني طرفه فأصاب عضلة ساقه فقطعها فكر حمزة وعلي
على شيبة فقتلاه وفيهم نزلت هذان خصمان اختصموا في ربهم ونزلت
فيهم سورة الأنفال أو عامتها يوم نبطش البطشة الكبرى يعني يوم
بدر وعذاب يوم عقيم وسيهزم الجمع ويولون الدبر قال فرأى
رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرهم مصلتا للسيف يتلو هذه الآية
وأجاز على جريحهم وطلب مدبرهم واستشهد يومئذ من المسلمين أربعة عشر
رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار فيهم عبيدة بن الحارث
17

بن المطلب بن عبد مناف وعمير بن أبي وقاص وعاقل بن أبي البكير
ومهجع مولى عمر بن الخطاب وصفوان بن بيضاء وسعد بن خيثمة
ومبشر بن عبد المنذر وحارثة بن سراقة وعوف ومعوذ ابنا عفراء
وعمير بن الحمام ورافع بن معلى ويزيد بن الحارث بن فسحم وقتل
من المشركين يومئذ سبعون رجلا وأسر منهم سبعون رجلا وكان في
من قتل منهم شيبة وعتبة ابنا ربيعة بن عبد شمس والوليد بن عتبة والعاص
بن سعيد بن العاص وأبو جهل بن هشام وأبو البختري وحنظلة بن أبي
سفيان بن حرب والحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف وطعيمة بن عدي
وزمعة بن الأسود بن المطلب ونوفل بن خويلد وهو بن العدوية
والنضر بن الحارث قتله صبرا بالأثيل وعقبة بن أبي معيط قتله صبرا بالصفراء
والعاص بن هشام بن المغيرة خال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وأمية بن
خلف وعلي بن أمية بن خلف ومنبه بن الحجاج ومعبد بن وهب
وكان في الأسارى نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب
وأبو العاص بن الربيع وعدي بن الخيار وأبو عزيز بن عمير والوليد بن
الوليد بن المغيرة و عبد الله بن أبي بن خلف وأبو عزة عمرو بن عبد الله
الجمحي الشاعر ووهب بن عمير بن وهب الجمحي وأبو وداعة بن
ضبيرة السهمي وسهيل بن عمرو العامري
وكان فداء الأسارى كل رجل منهم أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى
ألفين إلى ألف إلا قوما لا مال لهم من عليهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم منهم أبو عزة الجمحي وغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما أصاب منهم واستعمل على الغنائم عبد الله بن كعب المازني من الأنصار
وقسمها رسول الله بسير شعب بالصفراء وهي من المدينة على ثلاث ليال
قواصد وتنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفا ذا الفقار وكان
لمنبه بن الحجاج فكان صفيه يومئذ وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم
18

الغنيمة كلها للمسلمين الذين حضروا بدرا وللثمانية النفر الذين تخلفوا بإذنه
فضرب لهم بسهامهم وأجورهم وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
سهمه مع المسلمين وفيه جمل أبي جهل وكان مهريا فكان يغزو عليه
ويضرب في لقاحه وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة
بشيرا إلى المدينة يخبرهم بسلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين
وخبر بدر وما أظفر الله به رسوله وغنمه منهم وبعث إلى أهل العالية عبد الله
بن رواحة بمثل ذلك والعالية قباء وخطمة ووائل وواقف وبنو أمية بن زيد
وقريظة والنظير فقدم زيد بن حارثة المدينة حين سوي على رقية بنت رسول
الله صلى الله عليه وسلم التراب بالبقيع وكان أول الناس إلى أهل مكة
بمصاب أهل بدر وبهزيمتهم الحيسمان بن حابس الخزاعي وكانت وقعة
بدر صبيحة يوم الجمعة لسبع عشرة مضت من شهر رمضان على رأس تسعة
عشر شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا وكيع عن سفيان وإسرائيل وأبيه عن أبي إسحاق عن البراء وأخبرنا
عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال كانت
عدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ثلاثمائة وبضعة عشر
وكانوا يرون أنهم على عدة أصحاب طالوت يوم جالوت الذين جازوا النهر
قال وما جاز معه النهر يومئذ إلا مؤمن
أخبرنا وكيع بن الجراح عن ثابت بن عمارة عن غنيم بن قيس عن أبي
موسى قال كان عدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر
على عدة أصحاب طالوت يوم جالوت
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا مسعر عن أبي إسحاق عن
البراء قال كان عدة أهل بدر عدة أصحاب طالوت
أخبرنا عفان بن مسلم وأبو الوليد الطيالسي ووهب بن جرير بن حازم قالوا
أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء قال كان المهاجرون يوم بدر نيفا على
19

ستين وكانت الأنصار نيفا على أربعين ومائتين
أخبرنا الحسن بن موسى الأشيب أخبرنا زهير عن أبي إسحاق عن البراء
قال حدثني أصحاب محمد من شهد بدرا أنهم كانوا عدة أصحاب طالوت
الذين جازوا معه النهر بضعة عشر وثلاثمائة قال البراء لا والله ما جاز معه
النهر إلا مؤمن
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا هشام بن حسان حدثني محمد
بن سيرين حدثني عبيدة قال كان عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر أو
أربعة عشر سبعون ومائتان من الأنصار وبقيتهم من سائر الناس
أخبرنا نصر بن باب الخراساني عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن
بن عباس أنه قال كان أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر كان المهاجرون منهم
ستة وسبعين وكانت هزيمة أهل بدر يوم الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان
أخبرنا خالد بن خداش أخبرنا عبد الله بن وهب حدثني حيي عن أبي
عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو قال خرج رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم بدر بثلاثمائة وخمسة عشر من المقاتلة كما خرج طالوت فدعا
لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجوا فقال اللهم إنهم حفاة
فأحملهم اللهم إنهم عراة فاكسهم اللهم إنهم جياع فأشبعهم ففتح
الله يوم بدر فانقلبوا حين انقلبوا وما فيهم رجل إلا قد رجع بحمل أو
حملين واكتسوا وشبعوا
أخبرنا الحكم بن موسى أخبرنا ضمرة عن بن شوذب عن مطر قال
شهد بدرا من الموالي بضعة عشر رجلا فقال مطر لقد ضربوا فيهم بضربة
صالحة
أخبرنا عفان بن مسلم وسعيد بن سليمان قالا أخبرنا خالد بن عبد الله
أخبرني عمرو بن يحيى عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عامر بن ربيعة
البدري قال كان يوم بدر يوم الاثنين لسبع عشرة من رمضان
20

أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا عمر بن شبة عن الزهري قال
سألت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن ليلة بدر فقال ليلة
الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان
أخبرنا خالد بن خداش أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد
عن أبيه قال كانت بدر لسبع عشرة من رمضان يوم الجمعة
قال محمد بن سعد وهذا الثبت أنه يوم الجمعة وحديث يوم الاثنين شاذ
أخبرنا قتيبة بن سعيد أخبرنا بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن
معمر بن أبي حبيبة عن بن المسيب أنه سأله عن الصوم في السفر فحدثه
أن عمر بن الخطاب قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
رمضان غزوتين يوم بدر ويوم الفتح فأفطرنا فيهما
أخبرنا عبيد الله بن موسى أخبرنا موسى بن عبيدة
عن عبد الله بن عبيدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة بدر في شهر رمضان فلم
يصم يوما حتى رجع إلى أهله
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب
سمعت موسى بن طلحة يقول سئل أبو أيوب عن يوم بدر فقال إما لسبع
عشرة خلت أو لثلاث عشرة بقيت أو لإحدى عشرة بقيت أو لتسع
عشرة خلت
أخبرنا يونس بن محمد المؤدب أخبرنا حماد بن سلمة عن عاصم عن
زر عن بن مسعود قال كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير وكان أبو لبابة
وعلي زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا كانت عقبة النبي
قالا اركب حتى نمشي عنك فيقول ما أنتما بأقوى على المشي مني وما أنا
أغنى عن الاجر منكما
أخبرنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة بن
عبد الله عن أبيه قال لما أسرنا القوم يوم بدر قلنا كم كنتم قالوا كنا ألفا
21

أخبرنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة
عن أبيه قال أخذنا رجلا منهم يعني من المشركين يوم بدر فسألناه عن
عدتهم فقال كنا ألفا
أخبرنا هشيم بن بشير أخبرنا مجالد عن الشعبي قال كان فداء أسارى
بدر أربعة آلاف إلى ما دون ذلك فمن لم يكن عنده شئ أمر أن يعلن غلمان
الأنصار الكتابة
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا إسرائيل عن جابر عن عامر قال أسر
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر سبعين أسيرا وكان يفادي بهم على
قدر أموالهم وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة لا يكتبون فمن لم يكن
له فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة فعلمهم فإذا حذقوا فهو
فداؤه
أخبرنا محمد بن الصباح أخبرنا شريك عن قريش عن عامر قال كان
فداء أهل بدر أربعين أوقية أربعين أوقية فمن لم يكن عنده علم عشرة من
المسلمين الكتابة فكان زيد بن ثابت ممن علم
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا هشام بن حسان أخبرنا
محمد بن سيرين عن عبيدة أن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم
في أسارى بدر فقال إن شئتم قتلتموهم وإن شئتم أخذتم منهم الفداء واستشهد
قابل منكم سبعون قال فنادى النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه
فجاؤوا أو من جاء منهم فقال هذا جبريل يخيركم بين أن تقدموهم فتقتلوهم
وبين أن تفادوهم واستشهد قابل منكم بعدتهم فقالوا بل نفاديهم فنتقوى
به عليهم ويدخل قابل منا الجنة سبعون ففادوهم
أخبرنا الحسن بن موسى أخبرنا زهير أخبرنا سماك بن حرب قال
سمعت عكرمة يقول قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من
أهل بدر عليك بالعير ليس دونها شئ قال فناداه العباس أنه لا يصلح
22

ذلك لك قال لم قال لان الله تعالى وعدك إحدى الطائفتين فقد أعطاك
ما وعدك
أخبرنا محمد بن عبد الله أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن
حريث قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى يوم بدر ألا إنه
ليس لأحد من القوم عندي منة إلا لأبي البختري فمن كان أخذه فليخل
سبيله وكان رسول الله قد آمنه قال فوجد قد قتل
أخبرنا الحسن بن موسى أخبرنا زهير أخبرنا أبو إسحاق عن عمرو
بن ميمون عن عبد الله بن مسعود قال استقبل رسول الله صلى الله عليه
وسلم البيت فدعا على نفر من قريش سبعة فيهم أبو جهل وأمية بن خلف
وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وعقبة بن أبي معيط فأقسم بالله لقد رأيتهم
صرعى على بدر قد غيرتهم الشمس وكان يوما حارا
أخبرنا خلف بن الوليد الأزدي أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن
حارثة عن علي قال لما كان يوم بدر وحضر البأس اتقينا برسول الله صلى
الله عليه وسلم وكان من أشد الناس بأسا يومئذ وما كان أحد أقرب إلى
المشركين منه
أخبرنا خلف بن الوليد الأزدي أخبرنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة
حدثني إسماعيل بن أبي خالد عن البهي قال لما كان يوم بدر برز عتبة وشيبة
ابنا ربيعة والوليد بن عتبة فخرج إليهم حمزة بن عبد المطلب وعلي بن
أبي طالب وعبيدة بن الحارث فبرز شيبة لحمزة فقال له شيبة من أنت فقال
أنا أسد الله وأسد رسوله قال كفء كريم فاختلفا ضربتين فقتله حمزة
ثم برز الوليد لعلي فقال من أنت فقال أنا عبد الله وأخو رسوله فقتله
علي ثم برز عتبة لعبيدة بن الحارث فقال عتبة من أنت قال أنا
الذي في الحلف قال كفء كريم فاختلفا ضربتين أوهن كل منهما
صاحبه فأجاز حمزة وعلي على عتبة
23

قال أبو عبد الله محمد بن سعد والثبت على الحديث الأول أن حمزة
قتل عتبة وأن عليا قتل الوليد وأن عبيدة بارز شيبة
أخبرنا حجين بن المثنى وقتيبة بن سعيد قالا أخبرنا الليث بن سعد عن
خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن يزيد بن رومان أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لم يكن معه يوم بدر إلا فرسان فرس عليه المقداد بن
عمرو حليف الأسود خال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرس لمرثد
بن أبي مرثد الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب وكان مع المشركين يومئذ
مائة فرس قال قتيبة في حديثه كانت ثلاثة أفراس فرس عليه الزبير بن العوام
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة
أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عدي بن أبي الزغباء وبسبس بن
عمرو طليعة يوم بدر فأتيا الماء فسألا عن أبي سفيان فأخبرا بمكانه فرجعا
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا يا رسول الله نزل ماء كذا يوم
كذا وننزل نحن ماء كذا يوم كذا وينزل هو ماء كذا يوم كذا وننزل نحن
ماء كذا يوم كذا حتى نلتقي نحن وهو على الماء قال فجاء أبو سفيان حتى
نزل ذلك الماء فسأل القوم هل رأيتم من أحد قالوا لا إلا رجلين قال
أروني مناخ ركابهما قال فأروه قال فأخذ البعر ففته فإذا فيه النوى
فقال نواضح يثرب والله قال فأخذ ساحل البحر فكتب إلى أهل مكة
يخبرهم بمسير النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة
قال استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الناس فقال سعد بن
عبادة أو سعد بن معاذ يا رسول الله سر إذ شئت وانزل حيث شئت وحارب
من شئت وسالم من شئت فوالذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها حتى
تبلغ برك الغماد من ذي يمن تبعناك ما تخلف عنك منا أحد قال وقال
لهم يومئذ عتبة بن ربيعة ارجعوا بوجوهكم هذه التي كأنها المصابيح عن هؤلاء
24

الذين كأن وجوههم الحيات فوالله لا تقتلونهم حتى يقتلوا منكم مثلهم
فما خيركم بعد هذا قال وكانوا يأكلون يومئذ تمرا فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ابتدروا جنة عرضها السماوات والأرض قال وعمير بن
الحمام في ناحية بيده تمر يأكله فقال بخ بخ فقال له النبي صلى الله
عليه وسلم مه قال لن تعجز عني ثم قال لا أزيد عليكن حتى
ألحق بالله فجعل يأكل ثم قال هيه حبستني ثم قذف ما في يده وقام
إلى سيفه وهو معلق ملفوف بخرق فأخذه ثم تقدم فقاتل حتى قتل
وكانوا يومئذ يميدون من النعاس ونزلوا على كثيب أهيل قال فمطرت
السماء فصار مثل الصفا يسعون عليه سعيا وأنزل الله جل ثناؤه إذ
يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم
به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت
به الاقدام
قال وقال عمر لما نزلت سيهزم الجمع ويولون الدبر قال
قلت وأي جمع يهزم ومن يغلب فلما كان يوم بدر نظرت إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع وثبا وهو يقول سيهزم الجمع ويولون
الدبر فعلمت أن الله تبارك وتعالى سيهزمهم
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة
قال ونزلت هذه الآية واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض
قال نزلت في يوم بدر قال ونزلت هذه الآية إذا لقيتم الذين كفروا
زحفا فلا تولوهم الادبار قال نزلت في يوم بدر قال ونزلت هذه
الآية يسألونك عن الأنفال يوم بدر
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن زيد أخبرنا أيوب ويزيد
بن حازم أنهما سمعا عكرمة يقرأ فثبتوا الذين آمنوا قال حماد
وزاد أيوب قال قال عكرمة فاضربوا فوق الأعناق قال كان يومئذ
25

يندر رأس الرجل لا يدري من ضربه وتندر يد الرجل لا يدري من ضربه
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ اطلبوا أبا جهل فطلبوه
فلم يوجد فقال اطلبوه فإن عهدي به وركبته محوزة فطلبوه فوجدوه
وركبته محوزة قال وبلغ فداء أهل بدر يومئذ أربعة آلاف فما دون
ذلك حتى إن كان الرجل يحسن الخط ففودي على أن يعلم الخط
أخبرنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي قال أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن
بن موهب حدثني إسماعيل بن عون بن عبيد الله بن أبي رافع عن عبد الله
بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه محمد بن عمر عن علي بن أبي
طالب قال لما كان يوم بدر قاتلت شيئا من قتال ثم جئت مسرعا إلى النبي
صلى الله عليه وسلم لأنظر ما فعل فإذا هو ساجد يقول يا حي يا قيوم
يا حي يا قيوم لا يزيد عليهما ثم رجعت إلى القتال ثم جئت وهو ساجد
يقول ذلك ثم ذهبت إلى القتال ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك ففتح
الله عليه
أخبرنا سعيد بن منصور أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن
عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال تنفل رسول الله صلى الله عليه
وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر
أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا هشام بن
عروة عن عباد بن حمزة بن الزبير قال نزلت الملائكة يوم بدر عليهم عمائم
صفر وكان على الزبير يوم بدر ريطة صفراء قد اعتجر بها
أخبرنا عتاب بن زياد بن المبارك أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم الغساني
عن عطية بن قيس قال لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من قتال
أهل بدر أتاه جبريل على فرس أنثى حمراء عاقدا ناصيته يعني جبريل عليه
درعه ومعه رمحه قد عصم ثنيته الغبار فقال يا محمد إن الله تبارك وتعالى بعثني
26

إليك وأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى هل رضيت قال نعم رضيت
فانصرف
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن زيد قال سمعت أيوب عن
عكرمة إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى قال
وكان هؤلاء على شفير الوادي وهؤلاء على الشفير الآخر قال وهكذا قرأه
عفان بالعدوة
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا زهير أخبرنا جابر عن عامر
قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فاستخلف على المدينة
عمرو بن أم مكتوم
أخبرنا أبو المنذر البزاز أخبرنا سفيان عن الزبير بن عدي عن عطاء بن
أبي رباح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى بدر
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا زكريا بن أبي زائدة عن عامر قال
سمعته يقول إن بدرا إنما كانت لرجل يدعى بدرا قال يعني ميرا
قال محمد بن سعد قال محمد بن عمر وأصحابنا من أهل المدينة ومن
روى السيرة يقولون اسم الموضع بدر
سرية عمير بن عدي
ثم سرية عمير بن عدي بن خرشة الخطمي إلى عصماء بنت مروان
من بني أمية بن زيد لخمس ليال بقين من شهر رمضان على رأس تسعة عشر
شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت عصماء عند يزيد
بن زيد بن حصن الخطمي وكانت تعيب الاسلام وتؤذي النبي وتحرض
عليه وتقول الشعر فجاءها عمير بن عدي في جوف الليل حتى دخل عليها
27

بيتها وحولها نفر من ولدها منهم من ترضعه في صدرها فجسها
بيده وكان ضرير البصر ونحى الصبي عنها ووضع سيفه على صدرها حتى
أنفذه من ظهرها ثم صلى الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أقتلت ابنة مروان قال نعم
فهل علي في ذلك من شئ فقال لا ينتطح فيها عنزان فكانت هذه
الكلمة أول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه رسول
الله صلى الله عليه وسلم عميرا البصير
سرية سالم بن عمير
ثم سرية سالم بن عمير العمري إلى أبي عفك اليهودي في شوال على
رأس عشرين شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو عفك
من بني عمرو بن عوف شيخا كبيرا قد بلغ عشرين ومائة سنة وكان يهوديا
وكان يحرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول الشعر فقال
سالم بن عمير وهو أحد البكائين وقد شهد بدرا علي نذر أن أقتل أبا
عفك أو أموت دونه فأمهل يطلب له غرة حتى كانت ليلة صائفة فنام
أبو عفك بالفناء وعلم به سالم بن عمير فأقبل فوضع السيف على كبده ثم
اعتمد عليه حتى خش في الفراش وصاح عدو الله فثاب إليه ناس ممن
هم على قوله فأدخلوه منزله وقبروه
غزوة بني قينقاع
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قينقاع يوم السبت للنصف
28

من شوال على رأس عشرين شهرا من مهاجره وكانوا قوما من يهود حلفاء
لعبد الله بن أبي بن سلول وكانوا أشجع يهود وكانوا صاغة فوادعوا
النبي صلى الله عليه وسلم فلما كانت وقعة بدر أظهروا البغي والحسد
ونبذوا العهد والمرة فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه وإما تخافن من
قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أخاف بني قينقاع فسار إليهم بهذه الآية
وكان الذي حمل لواءه يومئذ حمزة بن عبد المطلب وكان لواء رسول الله
صلى الله عليه وسلم أبيض ولم يكن الرايات يومئذ واستخلف على المدينة
لبابة بن عبد المنذر العمري ثم سار إليهم فحاصرهم خمس عشرة ليلة إلى
هلال ذي القعدة فكانوا أول من عدر من اليهود وحاربوا وتحصنوا في حصنهم
فحاصرهم أشد الحصار حتى قذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم
أموالهم وأن لهم النساء والذرية فأمر بهم فكتفوا واستعمل رسول الله
صلى الله عليه وسلم على كتافهم المنذر بن قدامة السلمي من بني السلم
رهط سعد بن خيثمة فكلم فيهم عبد الله بن أبي سلول رسول الله صلى الله عليه
وسلم وألح عليه فقال خلوهم لعنهم الله ولعنه معهم وتركهم من القتل
وأمر بهم أن يجلو من المدينة وولى إخراجهم منها عبادة بن الصامت
فلحقوا بأذرعات فما كان أقل بقاءهم بها وأخذ رسول الله صلى الله عليه
وسلم من سلاحهم ثلاث قسي قوسا تدعى الكتوم كسرت بأحد
وقوسا تدعى الروحاء وقوسا تدعى البيضاء وأخذ درعين من سلاحهم
درعا يقال لها الصغدية وأخرى فضة وثلاثة أسياف سيف قلعي وسيف
يقال له بتار وسيف آخر وثلاثة أرماح ووجدوا في حصنهم سلاحا كثيرا
وآله الصياغة فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صفيه والخمس وفض
29

أربعة أخماس على أصحابه فكان أول خمس خمس بعد بدر وكان الذي
ولي قبض أموالهم محمد بن مسلمة
غزوة السويق
ثم غزوة النبي صلى الله عليه وسلم التي تدعى غزوة السويق خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحد لخمس خلون من ذي الحجة على
رأس اثنين وعشرين شهرا من مهاجره واستخلف على المدينة أبا لبابة بن
عبد المنذر العمري وذلك أن أبا سفيان بن حرب لما رجع المشركون من بدر
إلى مكة حرم الدهن حتى يثئر من محمد وأصحابه فخرج في مائتي راكب
في حديث الزهري وفي حديث بن كعب في أربعين راكبا فسلكوا النجدية
فجاؤوا بني النضير ليلا فطرقوا حيي بن أخطب ليستخبروه من أخبار رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأبى أن يفتح لهم وطرقوا سلام بن
مشكم ففتح لهم وقراهم وسقاهم خمرا وأخبرهم من أخبار رسول الله صلى
الله عليه وسلم فلما كان بالسحر خرج أبو سفيان بن حرب فمر بالعريض
وبينه وبين المدينة نحو من ثلاثة أميال فقتل به رجلا من الأنصار وأجيرا له
وحرق أبياتا هناك وتبنا ورأى أن يمينه قد حلت ثم ولى هاربا فبلغ ذلك
رسول الله صلى الله عليه وسلم فندب أصحابه وخرج في مائتي رجل من
المهاجرين والأنصار في أثرهم يطلبهم وجعل أبو سفيان وأصحابه يتخففون
فيلقون جرب السويق وهي عامة أزوادهم فجعل المسلمون يأخذونها فسميت
غزوة السويق ولم يلحقوهم وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة وكان غاب خمسة أيام
30

غزوة قرقرة الكدر
ويقال قرارة الكدر
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم قرقرة الكدر ويقال
قرارة الكدر للنصف من المحرم على رأس ثلاثة وعشرين شهرا من مهاجره
وهي بناحية معدن بني سليم قريب من الأرحضية وراء سد معونة وبين
المعدن وبين المدينة ثمانية برد وكان الذي حمل لواءه صلى الله عليه وسلم
علي بن أبي طالب واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم فكان بلغه
أن بهذا الموضع جمعا من سليم وغطفان فسار إليهم فلم يجد في المجال أحدا
وأرسل نفرا من أصحابه في أعلى الوادي واستقبلهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم في بطن الوادي فوجد رعاء فيهم غلام يقال له يسار فسأله عن الناس
فقال لا علم لي بهم إنما أورد لخمس وهذا يوم ربعي والناس قد ارتفعوا
إلى المياه ونحن عزاب في النعم فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد ظفر بالنعم فانحدر به إلى المدينة فاقتسموا غنائمهم بصرار على ثلاثة
أميال من المدينة وكانت النعم خمسمائة بعير فأخرج خمسه وقسم أربعة
أخماس على المسلمين فأصاب كل رجل منهم بعيران وكانوا مائتي
رجل وصار يسار في سهم النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه وذلك أنه
رآه يصلي وغاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة
سرية قتل كعب بن الأشرف
ثم سرية قتل كعب بن الأشرف اليهودي وذلك لأربع عشرة ليلة
مضت من شهر ربيع الأول على رأس خمسة وعشرين شهرا من مهاجر رسول
31

الله صلى الله عليه وسلم وكان سبب قتله أنه كان رجلا شاعرا يهجو النبي
صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويحرض عليهم ويؤذيهم فلما كانت
وقعة بدر كبت وذل وقال بطن الأرض خير من ظهرها اليوم فخرج
حتى قدم مكة فبكى قتلى قريش وحرضهم بالشعر ثم قدم المدينة فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم اللهم اكفني بن الأشرف بما شئت في إعلانه الشر
وقوله الاشعار وقال أيضا من لي بابن الأشرف فقد آذاني فقال محمد بن
مسلمة أنا به يا رسول الله وأنا أقتله فقال افعل وشاور سعد بن معاذ في
أمره واجتمع محمد بن مسلمة ونفر من الأوس منهم عباد بن بشر وأبو
نائلة سلكان بن سلامة والحارث بن أوس بن معاذ وأبو عبس بن جبر فقالوا
يا رسول الله نحن نقتله فأذن لنا فلنقل فقال قولوا وكان أبو نائلة أخا
كعب بن الأشرف من الرضاعة فخرج إليه فأنكره كعب وذعر منه فقال أنا
أبو نائلة إنما جئت أخبرك أن قدوم هذا الرجل كان علينا من البلاء حاربتنا
العرب ورمتنا عن قوس واحدة ونحن نريد التنحي منه ومعرجال من
قومي على مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فنبتاع منك طعاما وتمرا ونرهنك
ما يكون لك فيه ثقة فسكن إلى قوله وقال جئ بهم متى شئت فخرج
من عنده على ميعاد فأتى أصحابه فأخبرهم فأجمعوا أمرهم على أن يأتوه إذا
أمسى ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه فمشى معهم حتى
أتى البقيع ثم وجههم وقال امضوا على بركة الله وعونه قال وفي ليلة
مقمرة فمضوا حتى انتهوا إلى حصنه فهتف له أبو نائلة فوثب فأخذت
امرأته بملحفته وقالت أين تذهب إنك رجل محارب وكان حديث عهد
بعرس قال ميعاد علي وإنما هو أخي أبو نائلة وضرب بيده الملحفة وقال
لو دعي الفتى لطعنة أجاب ثم نزل إليهم فحادثوه ساعة حتى انبسط إليهم
وأنس بهم ثم أدخل أبو نائلة يده في شعره وأخذ بقرون رأسه وقال لأصحابه
اقتلوا عدو الله فضربوه بأسيافهم فالتفت عليه فلم تغن شيئا ورد بعضها
32

بعضا ولصق بأبي نائلة قال محمد بن مسلمة فذكرت مغولا كان في سيفي
فانتزعته فوضعته في سرته ثم تحاملت عليه فقططته حتى انتهى إلى عانته فصاح
عدو الله صيحة ما بقي أطم من آطام يهود إلا أوقدت عليه نار ثم حزوا
رأسه وحملوه معهم فلما بلغوا بقيع الغرقد كبروا وقد قام رسول الله صلى
الله عليه وسلم تلك الليلة يصلي فلما سمع تكبيرهم كبر وعرف أن قد
قتلوه ثم انتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أفلحت
الوجوه قالوا ووجهك يا رسول الله ورموا برأسه بين يديه فحمد الله
على قتله فلما أصبح قال من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه فخافت
اليهود فلم يطلع منهم أحد ولم ينطقوا وخافوا أن يبيتوا كما بيت بن الأشرف
أخبرنا محمد بن حميد العبدي عن معمر بن راشد عن الزهري في
قوله تعالى ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن
الذين أشركوا أذى كثيرا قال هو كعب بن الأشرف وكان يحرض
المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعني في شعره
يهجو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فانطلق إليه خمسة نفر من
الأنصار فيهم محمد بن مسلمة ورجل آخر يقال له أبو عبس فأتوه وهو في
مجلس قومه بالعوالي فلما رآهم ذعر منهم وأنكر شأنهم قالوا جئناك
في حاجة قال فليدن إلي بعضكم فليخبرني بحاجته فجاءه رجل
منهم فقالوا جئناك لنبيعك أدراعا عندنا لنستنفق بها فقال والله لئن فعلتم
لقد جهدتم مذ نزل بكم هذا الرجل فواعدوه أن يأتوه عشاء حين تهدأ عنهم
الناس فنادوه فقالت امرأته ما طرقك هؤلاء ساعتهم هذه لشئ مما
تحب قال إنهم حدثوني بحديثهم وشأنهم
أخبرنا محمد بن حميد عن معمر عن أيوب عن عكرمة أنه أشرف
عليهم فكلموه وقال ما ترهنون عندي أترهنوني أبناءكم وأراد أن
يسلفهم تمرا قالوا إنا نستحي أن يعير أبناؤنا فيقال هذا رهينة وسق
33

وهذا رهينة وسقين قال فترهنوني نساءكم قالوا أنت أجمل الناس ولا
نأمنك وأي امرأة تمتنع منك لجمالك ولكنا نرهنك سلاحنا وقد علمت
حاجتنا إلى السلاح اليوم قال نعم ائتوني بسلاحكم واحتملوا ما شئتم
قالوا فأنزل إلينا نأخذ عليك وتأخذ علينا فذهب ينزل فتعلقت
امرأته وقالت أرسل إلى أمثالهم من قومك يكونوا معك قال لو وجدوني
هؤلاء نائما ما أيقظوني قالت فكلمهم من فوق البيت فأبى عليها فنزل
إليهم تفوح ريحه فقالوا ما هذه الريح يا فلان قال عطر أم فلان لامرأته
فدنا بعضهم يشم رأسه ثم اعتنقه وقال اقتلوا عدو الله فطعنه أبو عبس في
خاصرته وعلاه محمد بن مسلمة بالسيف فقتلوه ثم رجعوا فأصبحت اليهود
مذعورين فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا قتل سيدنا غيلة
فذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم صنيعه وما كان يحض عليهم ويحرض
في قتالهم ويؤذيهم ثم دعاهم إلى أن يكتبوا بينه وبينهم صلحا أحسبه قال
وكان ذلك الكتاب مع علي رضي الله تعالى عنه بعد
غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم غطفان
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم غطفان إلى نجد وهي
ذو أمر ناحية النخيل في شهر ربيع الأول على رأس خمسة وعشرين شهرا
من مهاجره وذلك أنه بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعا من
بني ثعلبة ومحارب بذي أمر قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول
الله صلى الله عليه وسلم جمعهم رجل منهم يقال له دعثور بن الحارث
من بني محارب فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين وخرج
لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول في أربعمائة وخمسين رجلا
34

ومعهم أفراس واستخلف على المدينة عثمان بن عفان فأصابوا رجلا منهم
بذي القصة يقال له جبار من بني ثعلبة فأدخل على رسول الله صلى الله
عليه وسلم فأخبره من خبرهم وقال لن يلاقوك لو سمعوا بمسيرك هربوا
في رؤوس الجبال وأنا سائر معك فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى الاسلام فأسلم وضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلال ولم
يلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا إلا أنه ينظر إليهم في رؤوس
الجبال وأصاب رسول الله وأصحابه مطر فنزع رسول الله صلى الله عليه
وسلم ثوبيه ونشرهما ليجفا وألقاهما على شجرة واضطجع فجاء رجل
من العدو يقال له دعثور بن الحارث ومعه سيف حتى قام على رأس رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم قال من يمنعك مني اليوم قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم الله ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده
فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له من يمنعك مني قال
لا أحد أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ثم أتى قومه فجعل
يدعوهم إلى الاسلام ونزلت هذه الآية فيه يا أيها الذين آمنوا اذكروا
نعمة الله عليكم إذ هم قوم الآية ثم أقبل رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق كيدا وكانت غيبته إحدى عشرة ليلة
غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بني سليم
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بني سليم ببحران لست
خلون من جمادي الأولى على رأس سبعة وعشرين شهرا من مهاجره وبحران
بناحية الفرع وبين الفرع والمدينة ثمانية بر وذلك أنه بلغه أن بها جمعا
من بني سليم كثيرا فخرج في ثلاثمائة رجل من أصحابه واستخلف على المدينة
35

بن أم المكتوم وأغذ السير حتى ورد بحران فوجدهم قد تفرقوا في مياههم
فرجع ولم يلق كيدا وكانت غيبته عشر ليال
سرية زيد بن حارثة
ثم سرية زيد بن حارثة إلى القردة وكانت لهلال جمادي الآخرة على
رأس ثمانية وعشرين شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي
أول سرية خرج فيها زيدا أميرا والقردة من أرض نجد بين الربذة والغمرة
ناحية ذات عرق بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعترض لعير قريش
فيها صفوان بن أمية وحويطب بن عبد العزى وعبد الله بن أبي ربيعة ومعه
مال كثير نقر وآنية فضة وزن ثلاثين ألف درهم وكان دليلهم فرات بن
حيان العجلي فخرج بهم على ذات عرق طريق العراق فبلغ رسول الله
صلى الله عليه وسلم أمرهم فوجه زيد بن حارثة في مائة راكب فاعترضوا
لها فأصابوا العير وأفلت أعيان القوم وقدموا بالعير على رسول الله صلى
الله عليه وسلم فخمسها فبلغ الخمس فيه عشرين ألف درهم وقسم ما بقي
على أهل السرية وأسر فرات بن حيان فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم
فقيل له إن تسلم تترك فأسلم فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم
من القتل
غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا يوم السبت لسبع ليال
خلون من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من مهاجره قالوا لما رجع
36

من حضر بدر من المشركين إلى مكة وجدوا العير التي قدم بها أبو سفيان بن
حرب موقوفة في دار الندوة فمشت أشراف قريش إلى أبي سفيان فقالوا
نحن طيبو أنفس إن تجهزوا بربح هذه العير جيشا إلى محمد فقال أبو
سفيان وأنا أول من أجاب إلى ذلك وبنو عبد مناف معي فباعوها فصارت
ذهبا فكانت ألف بعير والمال خمسين ألف دينار فسلم إلى أهل العير رؤوس
أموالهم وأخرجوا أرباحهم وكانوا يربحون في تجارتهم للدينار دينارا وفيهم
نزلت إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله
وبعثوا رسلهم يسيرون في العرب يدعونهم إلى نصرهم فأوعبوا وتألب من
كان معهم من العر ب وحضروا فأجمعوا على إخراج الظعن يعني النساء معهم
ليذكرنهم قتلى بدر فيحفظنهم فيكون أحد لهم في القتال وكتب العباس
بن عبد المطلب بخبرهم كله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر
رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن الربيع بكتاب العباس وأرجف
المنافقون واليهود بالمدينة وخرجت قريش من مكة ومعهم أبو عامر الفاسق
وكان يسمى قبل ذلك الراهب في خمسين رجلا من قومه وكان عددهم
ثلاثة آلاف رجل فيهم سبعمائة دارع ومعهم مائتا فرس وثلاثة آلاف بعير
والظعن خمس عشرة أمرا وشاع خبرهم ومسيرهم في الناس حتى نزلوا ذا
الحليفة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عينين له أنسا ومؤنسا
ابني فضالة الظفريين ليلة الخميس لخمس ليال مضين من شوال فأتيا
رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبرهم وأنهم قد خلوا إبلهم وخيلهم في
الزرع الذي بالعريض حتى تركوه ليس به خضراء ثم بعث الحباب بن
المنذر بن الجموح إليهم أيضا فدخل فيهم فحزرهم وجاءه بعلمهم وبات
سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وسعد بن عبادة في عدة ليلة الجمعة
عليهم السلاح في المسجد بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرست
المدينة حتى أصبحوا ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة كأنه
37

في درع حصينة وكأن سيفه ذا الفقار قد انفصم من عند ظبته وكأن
بقرا تذبح وكأنه مردف كبشا فأخبر بها أصحابه وأولها فقال أما
الدرع الحصينة فالمدينة وأما انفصام سيفي فمصيبة في نفسي وأما البقر
المذبح فقتل في أصحابي وأما مردف كبشا فكبش الكتيبة يقتله الله إن
شاء الله فكان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يخرج من المدينة
لهذه الرؤيا فأحب أن يوافق على مثل رأيه فاستشار أصحابه في الخروج
فأشار عليه عبد الله بن أبي بن سلول أن لا يخرج وكان ذلك رأي الأكابر من
المهاجرين والأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم امكثوا في
المدينة واجعلوا النساء والذراري في الآطام فقال فتيان أحداث لم يشهدوا
بدرا فطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى عدوهم ورغبوا
في الشهادة وقالوا اخرج بنا إلى عدونا فغلب على الامر الذي يريدون
الخروج فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة بالناس ثم وعظهم
وأمرهم بالجد والجهاد وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا وأمرهم بالتهيؤ
لعدوهم ففرح الناس بالشخوص ثم صلى بالناس العصر وقد حشدوا وحضر
أهل العوالي ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته ومعه أبو بكر
وعمر فعمماه ولبساه وصف الناس له ينتظرون خروجه فقال لهم سعد بن
معاذ وأسيد بن حضير استكرهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم على
الخروج والامر ينزل عليه من السماء فردوا الامر إليه فخرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم قد لبس لامته وأظهر الدرع وحزم وسطها بمنطقة
من أدم من حمائل السيف واعتم وتقلد السيف وألقى الترس في ظهره فندموا
جميعا على ما صنعوا وقالوا ما كان لنا أن نخالفك فاصنع ما بدا لك فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى
يحكم الله بينه وبين أعدائه فانظروا ما أمرتكم به فافعلوه وامضوا على اسم
الله فلكم النصر ما صبرتم ثم دعا بثلاثة أرماح فعقد ثلاثة ألوية فدفع لواء
38

الأوس إلى أسيد بن حضير ودفع لواء الخزرج إلى الحباب بن المنذر ويقال
إلى سعد بن عبادة ودفع لواءه لواء المهاجرين إلى علي بن أبي طالب رضي
الله تعالى عنه ويقال إلى مصعب بن عمير واستخلف على المدينة عبد الله بن أم
مكتوم ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسه وتنكب القوس
وأخذ قناة بيده والمسلمون عليهم السلاح قد أظهروا الدروع فيهم مائة دارع
وخرج السعدان أمامه يعدوان سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وكل
واحد منهما دارع والناس عن يمينه وشماله فمضى حتى إذا كان بالشيخين
وهما اطمأن التفت فنظر إلى كتيبة خشناء لها زجل فقال ما هذه قالوا
حلفاء بن أبي من يهود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تستنصروا
بأهل الشرك على أهل الشرك وعرض من عرض بالشيخين فرد من رد وأجاز
من أجاز وغابت الشمس وأذن بلال المغرب فصلى النبي صلى الله عليه
وسلم بأصحابه وبات بالشيخين وكان نازلا في بني النجار واستعمل على
الحرس تلك الليلة محمد بن مسلمة في خمسين رجلا يطيفون بالعسكر
وكان المشركون قد رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث راح ونزل
فاجتمعوا واستعملوا على حرسهم عكرمة بن أبي جهل في خيل من المشركين
وأدلج رسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر ودليله أبو حثمة الحارثي
فانتهى إلى أحد إلى موضع القنطرة اليوم فحانت الصلاة وهو يرى المشركين
فأمر بلالا وأذن وأقام فصلى بأصحابه الصبح صفوفا وانخزل بن أبي من
ذلك المكان في كتيبة كأنه هيق يقدمهم وهو يقول عصاني وأطاع الولدان
ومن لا رأي له وانخزل معه ثلاثمائة فبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم
في سبعمائة ومعه فرسه وفرس لأبي بردة بن نيار وأقبل يصف أصحاب
ويسوي الصفوف على رجليه وجعل ميمنة وميسرة وعليه درعان ومغفر
وبيضة وجعل أحدا خلف ظهره واستقبل المدينة وجعل عينين جبلا
بقناة عن يساره وجعل عليه خمسين من الرماة واستعمل عليهم عبد الله بن
39

جبير وأوعز إليهم فقال قوموا على مصافكم هذه فاحموا ظهورنا فإن
رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وأقبل
المشركون قد صفوا صفوفهم واستعملوا على الميمنة خالد بن الوليد وعلى الميسرة
عكرمة بن أبي جهل ولهم مجنبتان مائتا فرس وجعلوا على الخيل صفوان
بن أمية ويقال عمرو بن العاص وعلى الرماة عبد الله بن أبي ربيعة وكانوا
مائة رام ودفعوا اللواء إلى طلحة بن أبي طلحة واسم أبي طلحة عبد الله بن
عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي وسأل رسول الله صلى الله عليه
وسلم من يحمل لواء المشركين قيل عبد الدار قال نحن أحق بالوفاء
منهم أين مصعب بن عمير قال هأنذا قال خذ اللواء فأخذه
مصعب بن عمير فتقدم به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان
أول من أنشب الحرب بينهم أبو عامر الفاسق طلع في خمسين من قومه
فنادى أنا أبو عامر فقال المسلمون لا مرحبا بك ولا أهلا يا فاسق
قال لقد أصاب قومي بعدي شر ومعه عبيد قريش فتراموا بالحجارة هم
والمسلمون حتى ولى أبو عامر وأصحابه وجعل نساء المشركين يضربن
بالاكبار والدفوف والغرابيل ويحرضن ويذكرنهم قتلى بدر ويقلن
نحن بنات طارق نمشي على النمارق
إن تقبلوا نعانق أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق
قال ودنا القوم بعضهم من بعض والرماة يرشقون خيل المشركين بالنبل
فتولى هواز فصاح طلحة بن أبي طلحة صاحب اللواء من يبارز فبرز له
علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فالتقيا بين الصفين فبدره علي فضربه على
رأسه حتى فلق هامته فوقع وهو كبش الكتيبة فسر رسول الله
صلى الله عليه وسلم بذلك وأظهر التكبير وكبر المسلمون وشدوا على كتائب
40

المشركين يضربونهم حتى نغضت صفوفهم ثم حمل لواءهم عثمان بن أبي
طلحة أبو شيبة وهو أمام النسوة يرتجز ويقول
إن على أهل اللواء حقا أن تخضب الصعدة أو تندقا
وحمل عليه حمزة بن عبد المطلب فضربه بالسيف على كاهله فقطع يده
وكتفه حتى انتهى إلى مؤتزره وبدا سحره ثم رجع وهو يقول أنا بن
ساقي الحجيج ثم حمله أبو سعد بن أبي طلحة فرماه سعد بن أبي وقاص
فأصاب حنجرته فأدلع لسانه إدلاع الكلب فقتله ثم حمله مسافع بن
طلحة بن أبي طلحة فرماه عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقتله ثم حمله الحارث
بن طلحة بن أبي طلحة فرماه عاصم بن ثابت فقتله ثم حمله كلاب بن طلحة
بن أبي طلحة فقتله الزبير بن العوام ثم حمله الجلاس بن طلحة بن أبي طلحة
فقتله طلحة بن عبيد الله ثم حمله أرطأة بن شرحبيل فقتله علي بن أبي
طالب ثم حمله شريح بن قارظ فلسنا ندري من قتله ثم حمله صواب
غلامهم وقال قائل قتله سعد بن أبي وقاص وقال قائل قتله علي بن أبي
طالب وقال قائل قتله قزمان وهو أثبت القول
فلما قتل أصحاب اللواء انكشف المشركون منهزمين لا يلوون على شئ
ونساؤهم يدعون بالويل وتبعهم المسلمون يضعون السلاح فيهم حيث شاؤوا
حتى أجهضوهم عن العسكر ووقعوا ينتهبون العسكر ويأخذون ما فيه من
الغنائم وتكلم الرماة الذين على عينين واختلفوا بينهم وثبت أميرهم عبد
الله بن جبير في نفر يسير دون العشرة مكانهم وقال لا أجاوز أمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم ووعظ أصحابه وذكرهم أمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقالوا لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا قد
انهزم المشركون فما مقامنا هاهنا فانطلقوا يتبعون العسكر ينتهبون معهم وخلوا
الجبل ونظر خالد بن الوليد إلى خلاء الجبل وقلة أهله فكر بالخيل وتبعه عكرمة
41

بن أبي جهل فحملوا على من بقي من الرماة فقتلوهم وقتل أميرهم عبد الله
بن جبير رحمه الله وانتقضت صفوف المسلمين واستدارت رحاهم وحالت
الريح فصارت دبورا وكانت قبل ذلك صبا ونادى إبليس لعنه الله أن
محمدا قد قتل واختلط المسلمون فصاروا يقتتلون على غير شعار ويضرب
بعضهم بعضا ما يشعرون به من العجلة والدهش وقتل مصعب بن عمير
فأخذ اللواء ملك في صورة مصعب وحضرت الملائكة يومئذ ولم تقاتل
ونادى المشركون بشعارهم يا للعزى يا لهبل وأوجعوا في المسلمين قتلا
ذريعا وولى من ولى منهم يومئذ وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما يزول يرمي عن قوسه حتى صارت شظايا ويرمي بالحجر وثبت معه عصابة
من أصحابه أربعة عشر رجلا سبعة من المهاجرين فيهم أبو بكر الصديق
رضي الله تعالى عنه وسبعة من الأنصار حتى تحاجزوا ونالوا من رسول الله صلى
الله عليه وسلم في وجهة ما نالوا أصيبت رباعيته وكلم في وجنتيه وجبهته
وعلاه بن قميئة بالسيف فضربه على شقه الأيمن واتقاه طلحة بن عبيد الله
بيده فشلت إصبعه وادعى بن قميئة أنه قد قتله وكان ذلك مما رعب
المسلمين وكسرهم
من قتل من المسلمين يوم أحد
وقتل يومئذ حمزة بن عبد المطلب رحمه الله قتله وحشي و عبد الله
بن جحش قتله أبو الحكم بن الأخنس بن شريق ومصعب بن عمير
قتله بن قميئة وشماس بن عثمان بن الشريد المخزومي قتله أبي بن خلف
الجمحي و عبد الله و عبد الرحمن ابنا الهبيب من بني سعد بن ليث ووهب
بن قابوس المزني وابن أخيه الحارث بن عقبة بن قابوس
42

وقتل من الأنصار سبعون رجلا فيهم عمرو بن معاذ أخو سعد بن
معاذ واليمان أبو حذيفة قتله المسلمون خطأ وحنظلة بن أبي عامر الراهب
وخيثمة أبو سعد بن خيثمة وخارجة بن زيد بن أبي زهير صهر أبي بكر
وسعد بن الربيع ومالك بن سنان أبو أبي سعيد الخدري والعباس بن عبادة
بن نضلة ومحذر بن زياد و عبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن
الجموح في ناس كثير من أشرافهم
وقتل من المشركين ثلاثة وعشرون رجلا فيهم حملة اللواء و عبد الله
بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى وأبو عزيز بن عمير
وأبو الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي قتله علي بن أبي طالب وسباع
بن عبد العزى الخزاعي وهو بن أم أنمار قتله حمزة بن عبد المطلب رضي
الله تعالى عنه وهشام بن أبي أمية
بن المغيرة والوليد بن العاص بن هشام وأمية بن أبي حذيفة بن المغيرة وخالد بن الأعلم العقيلي وأبي بن خلف
الجمحي قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وأبو عزة الجمحي
واسمه عمرو بن عبد الله بن عمير بن وهب بن حذافة بن جمح وقد كان
أسر يوم بدر فمن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا أكثر
عليك جمعا ثم خرج مع المشركين يوم أحد فأخذه رسول الله صلى الله عليه
وسلم أسيرا ولم يأخذ أسيرا غيره فقال من علي يا محمد فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين لا ترجع إلى مكة
تمسك عارضيك تقول سخرت بمحمد مرتين ثم أمر به عاصم بن ثابت
بن أبي الأقلح فضرب عنقه
فلما انصرف المشركون عن أحد أقبل المسلمون على أمواتهم وأتي رسول
الله صلى الله عليه وسلم بحمزة بن عبد المطلب فلم يغسله ولم يغسل الشهداء
وقال لفوهم بدمائهم وجراحهم أنا الشهيد على هؤلاء ضعوهم فكان حمزة
أول من كبر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ثم جمع إليه الشهداء
43

فكان كلما أتي بشهيد وضع إلى جنب حمزة فصلى عليه وعلى الشهيد حتى
صلى عليه سبعين مرة وقد سمعنا من يقول لم يصل رسول الله صلى الله
عليه وسلم على قتلى أحد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احفروا
وأعمقوا وأوسعوا وقدموا أكثرهم قرآنا فكان ممن نعرف أنه دفن في
قبر واحد عبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح في قبر وخارجة
بن زيد وسعد بن الربيع في قبر والنعمان بن مالك وعبدة بن الحسحاس في
قبر واحد فكان الناس أو عامتهم قد حملوا قتلاهم إلى المدينة فدفنوهم في
نواحيها فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوا القتلى إلى
مضاجعهم فأدرك المنادي رجلا واحدا لم يكن دفن فرد وهو شماس بن
عثمان المخزومي
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ فصلى المغرب
بالمدينة وشمت بن أبي والمنافقون بما نيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم
في نفسه وأصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن ينالوا منا مثل
هذا ليوم حتى نستلم الركن وبكت الأنصار على قتلاهم فسمع ذلك رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال لكن حمزة لا بواكي له فجاء نساء
الأنصار إلى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكين على حمزة فدعا
لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرهن بالانصراف فهن إلى اليوم
إذا مات الميت من الأنصار بدأ النساء فبكين على حمزة ثم بكين على ميتهن
أخبرنا جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن الشعبي قال مكر
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بالمشركين وكان ذلك أول يوم
مكر فيه
أخبرنا هشيم بن بشير قال أخبرنا حميد الطويل عن أنس بن مالك
أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج في جبهته
حتى سأل الدم على وجهه صلوات الله عليه ورضوانه ورحمته وبركاته فقال
44

كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم فنزلت هذه الآية
ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم
ظالمون
أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
قالت لما كان يوم أحد هزم المشركون فصاح إبليس أي عباد الله أخراكم
قال فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه
اليمان فقال عباد الله أبي أبي قالت والله ما احتجزوا حتى قتلوه
فقال حذيفة غفر الله لكم قال عروة فوالله ما زال حذيفة منه بقية
خير حتى لحق بالله
أخبرنا عفان بن مسلم قال أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت كأني
في درع حصينة ورأيت بقرا منحرة فأولت أن الدرع المدينة والبقر نفر
فإن شئتم أقمنا بالمدينة فإن دخلوا علينا قاتلناهم فيها فقالوا والله ما دخلت
علينا في الجاهلية فتدخل علينا في الاسلام قال فشأنكم إذا فذهبوا فلبس
رسول الله صلى الله عليه وسلم لامته فقالوا ما صنعنا رددنا على رسول
الله صلى الله عليه وسلم رأيه فجاؤوا فقالوا شأنك يا رسول الله فقال
الآن ليس لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى يقاتل
حدثنا محمد بن حميد العبدي عن معمر عن قتادة أن رباعية النبي
صلى الله عليه وسلم أصيبت يوم أحد أصابها عتبة بن أبي وقاص وشجه في
جبهته فكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل عن النبي صلى الله عليه وسلم
الدم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كيف يفلح قوم صنعوا هذا بنبيهم
فأنزل الله تبارك وتعالى ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم أو
يعذبهم إلى آخر الآية
أخبرنا محمد بن حميد عن معمر عن الزهري أن الشيطان صاح يوم
45

أحد إن محمدا قد قتل قال كعب بن ملك فكنت أنا أول من عرف
النبي صلى الله عليه وسلم عرفت عينيه تحت المغفر فناديت بصوتي الاعلى
هذا رسول الله فأشار إلي أن اسكت فأنزل الله تعالى جده وما محمد
إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل الآية
أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي أخبرنا ليث بن سعد عن عبد الرحمن بن
خالد عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن أبي بن خلف الجمحي أسر
يوم بدر فلما افتدي من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرسول الله
صلى الله عليه وسلم إن عندي فرسا أعلفها كل يوم فرق ذرة لعلي أقتلك
عليها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أنا أقتلك عليها إن شاء الله
فلما كان يوم أحد أقبل أبي بن خلف يركض فرسه تلك حتى دنا من رسول
الله صلى الله عليه وسلم فاعترض رجال من المسلمين له ليقتلوه فقال لهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم استأخروا استأخروا فقام رسول الله
صلى الله عليه وسلم بحربة في يده فرمى بها أبي بن خلف فكسرت الحربة
ضلعا من أضلاعه فرجع إلى أصحابه ثقيلا فاحتملوه حتى ولوا به وطفقوا
يقولون له لا بأس بك فقال لهم أبي ألم يقل لي بل أنا أقتلك إن شاء
الله فانطلق به أصحابه فمات ببعض الطريق فدفنوه قال سعيد بن المسيب
وفيه أنزل الله تبارك وتعالى وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى الآية
أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك عن سفيان بن عيينة
عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد أو غيره قال كانت على رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم أحد درعان
أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا بن المبارك قال أخبرنا سفيان بن عيينة قال
لقد أصيب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد نحو من ثلاثين
كلهم يجئ حتى يجثو بين يديه أو قال يتقدم بين يديه ثم يقول وجهي
لوجهك الوفاء ونفسي لنفسك الفداء وعليك سلام الله غير مودع
46

أخبرنا الحسن بن موسى الأشيب وعمرو بخالد المصري قالا أخبرنا
زهير بن معاوية أخبرنا أبو إسحاق عن البراء بن عازب قال لما كان يوم
أحد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة وكانوا خمسين رج
عبد الله بن جبير الأنصاري ووضعهم موضعا وقال إن رأيتمونا تخطفنا الطير
فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم وإن رأيتمونا قد هزمنا القوم وظهرنا
عليهم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم قال فهزمهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأنا والله رأيت النساء يشتددن على الجبل قد بدت أسؤقهن
وخلاخلهن رافعات ثيابهن فقال أصحاب عبد الله بن جبير الغنيمة أي
قوم الغنيمة قد ظهر أصحابكم فما تنظرون فقال عبد الله بن جبير
أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إنا والله لنأتين
الناس فلنصيبن من الغنيمة قال فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا
منهزمين فذلك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم فلم يبق مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلا فأصابوا منا سبعين رجلا وكان رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصاب من المشركين يوم بدر أربعين
ومائة سبعين أسيرا وسبعين قتيلا فأقبل أبو سفيان فقال أفي القوم محمد
ثلاث مرات قال فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه ثم
قال أفي القوم بن أبي قحافة أفي القوم بن أبي قحافة أفي القوم بن أبي
قحافة أفي القوم بن الخطاب أفي القوم بن الخطاب أفي القوم بن الخطاب
قال أبو إسحاق اتهم قال الحسن بن موسى أي ليس فوقهم أحد ثم أقبل
أبو سفيان على أصحابه فقال أما هؤلاء فقد قتلوا وقد كفيتموهم فما ملك
عمر نفسه أن قال كذبت والله يا عدو الله إن الذين عددت لاحياء كلهم
وقد بقي لك ما يسوءك قال فقال يوم بيوم بدر والحرب سجال ثم إنكم
ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني ثم جعل يرتجز ويقول أعل
هبل أعل هبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تجيبونه
47

قالوا يا رسول الله بماذا نجيبه قال قولوا الله أعلى وأجل قال أبو سفيان
لنا العزى ولا عزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تجيبوه
قالوا وبماذا نجيبه يا رسول الله قال قولوا الله مولانا ولا مولى لكم
أخبرنا خالد بن خداش أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم حدثني أبي
عن سهل بن سعد قال كسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم أحد وجرح وجهه وكسرت البيضة على رأسه فكانت فاطمة عليها السلام
تغسل جرحه وعلي يسكب الماء عليها بالمجن يعني الترس فلما رأت فاطمة
أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت فاطمة قطعة حصير فأحرقته فألصقته
على فاستمسك الدم
أخبرنا خالد بن خداش أخبرنا الفضل بن موسى السياني عن محمد
بن عمرو عن سعد بن المنذر عن أبي حميد الساعدي أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية الوداع إذا هو بكتيبة
خشناء فقال من هؤلاء قالوا هذا عبد الله بن أبي بن سلول في ستمائة
من مواليه من اليهود من أهل قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام قال
وقد أسلموا قالوا لا يا رسول الله قال قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين
بالمشركين على المشركين
أخبرنا أبو المنذر البزاز أخبرنا سفيان الثوري عن حصين عن أبي مالك
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد
غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمراء الأسد
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمراء الأسد يوم الأحد
لثماني ليال خلون من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من مهاجره قالوا
48

لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد مساء يوم السبت بات
تلك الليلة على بابه ناس من وجوه الأنصار وبات المسلمون يداوون جراحاتهم
فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح يوم الأحد أمر بلالا أن
ينادي أن رسول الله يأمركم بطلب عدوكم ولا يخرج معنا إلا من شهد القتال
بالأمس فقال جابر بن عبد الله إن أبي خلفني يوم أحد على أخوات لي
فلم أشهد الحرب فأذن لي أن أسير معك فأذن له رسول الله صلى الله عليه
وسلم فلم يخرج معه أحد لم يشهد القتال غيره ودعا رسول الله صلى الله
عليه وسلم بلوائه وهو معقود لم يحل فدفعه إلى علي بن أبي طالب ويقال
إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما وخرج وهو مجروح في وجهه ومشجوج
في جبهته ورباعيته قد شظيت وشفته السفلى قد كلمت في باطنها وهو
متوهن منكبه الأيمن من ضربة بن قميئة وركبتاه مجحوشتان وحشد أهل
العوالي ونزلوا حيث أتاهم الصريخ وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فرسه وخرج الناس معه فبعث ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم فلحق
اثنان منهم القوم بحمراء الأسد وهي من المدينة على عشرة أميال طريق العقيق
متياسرة عن ذي الحليفة إذا أخذتها في الوادي وللقوم زجل وهم يأتمرون
بالرجوع وصفوان بن أمية ينهاهم عن ذلك فبصروا بالرجلين فعطفوا عليهما
فعلوهما ومضوا ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حتى
عسكروا بحمراء الأسد فدفن الرجلين في قبر واحد وهما القرينان وكان
المسلمون يوقدون تلك الليالي خمسمائة نار حتى ترى من المكان البعيد
وذهب صوت معسكرهم ونيرانهم في كل وجه فكبت الله تبارك وتعالى
بذلك عدوهم فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فدخلها
يوم الجمعة وقد غاب خمس ليال وكان استخلف على المدينة عبد الله بن
أم مكتوم
49

سرية أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي
ثم سرية أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي إلى قطن وهو جبل
بناحية فيد به ماء لبني أسد بن خزيمة في هلال المحرم على رأس خمسة
وثلاثين شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أنه بلغ
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن طليحة وسلمة ابني خويلد قد سارا
في قومهما ومن أطاعهما يدعوانهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سلمة وعقد له لواء وبعث معه مائة
وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار وقال سر حتى تنزل أرض بني أسد
فأغر عليهم قبل أن تلاقى عليك جموعهم فخرج فأغذ السير ونكب عن
سنن الطريق وسبق الاخبار وانتهى إلى أدنى قطن فأغار على سرح لهم
فضموه وأخذوا رعاء لهم مماليك ثلاثة وأفلت سائرهم فجاؤوا جمعهم
فحذروهم فتفرقوا في كل ناحية ففرق أبو سلمة أصحابه ثلاث فرق في
طلب النعم والشاء فآبوا إليه سالمين قد أصابوا إبلا وشاء ولم يلقوا أحدا
فانحدر أبو سلمة بذلك كله إلى المدينة
سرية عبد الله بن أنيس
ثم سرية عبد الله بن أنيس
إلى سفيان بن خالد بن نبيح الهذلي بعرنة
خرج من المدينة يوم الاثنين لخمس خلون من المحرم على رأس خمسة وثلاثين
شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أنه بلغ رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن سفيان بن خالد الهذلي ثم اللحياني وكان
ينزل عرنة وما والاها في ناس من قومه وغيرهم قد جمع الجموع لرسول
50

الله صلى الله عليه وسلم فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله
بن أنيس ليقتله فقال صفه ليا رسول الله قال إذا رأيته هبته وفرقت
منه وذكرت الشيطان قال وكنت لا أهاب الرجال واستأذنت رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن أقول فأذن لي فأخذت سيفي و خرجت أعتزي إلى
خزاعة حتى إذا كنت ببطن عرنة لقيته يمشي ووراءه الأحابيش ومن ضوي
إليه فعرفته بنعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته فرأيتني أقطر
فقلت صدق الله ورسوله فقال من الرجل فقلت رجل من خزاعة
سمعت بجمعك لمحمد فجئتك لأكون معك قال أجل إني لأجمع له فمشيت
معه وحدثته واستحلى حديثي حتى انتهى إلى خبائه وتفرق عنه أصحابه حتى
إذا هدأ الناس وناموا اغتررته فقتلته وأخذت رأسه ثم دخلت غارا في الجبل
وضربت العنكبوت علي وجاء الطلب فلم يجدوا شيئا فانصرفوا راجعين
ثم خرجت فكنت أسير الليل وأتوارى بالنهار حتى قدمت المدينة فوجدت
رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فلما رآني قال أفلح الوجه
قلت أفلح وجهك يا رسول الله فوضعت رأسه بين يديه وأخبرته خبري فدفع
إلي عصا وقال تخصر بهذه في الجنة فكانت عنده فلما حضرته الوفاة
أوصى أهله أن يدرجوها في كفنه ففعلوا وكانت غيبته ثماني عشرة ليلة
وقدم يوم السبت لسبع بقين من المحرم
سرية المنذر بن عمرو
ثم سرية المنذر بن عمرو الساعدي إلى بئر معونة في صفر على رأس
ستة وثلاثين شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا وقدم
عامر بن مالك بن جعفر أبو براء ملاعب الأسنة الكلاني على رسول الله
51

صلى الله عليه وسلم فأهدى له فلم يقبل منه وعرض عليه الاسلام فلم يسلم
ولم يبعد وقال لو بعثت معي نفرا من أصحابك إلى قومي لرجوت أن يجيبوا
دعوتك ويتبعوا أمرك فقال إني أخاف عليهم أهل نجد فقال أنا لهم
جار إن يعرض لهم أحد فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين
رجلا من الأنصار شببة يسمون القراء وأمر عليهم المنذر بن عمرو الساعدي
فلما نزلوا ببئر معونة وهو ماء من مياه بني سليم وهو بين أرض بني عامر
وأرض بني سليم كلا البلدين يعد منه وهو بناحية المعدن نزلوا عليها
وعسكروا بها وسرحوا ظهورهم وقدموا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل فوثب على حرام فقتله واستصرخ
عليهم بني عامر فأبوا وقالوا لا يخفر جوار أبي براء فاستصرخ عليهم
قبائل من سليم عصية ورعلا وذكوان فنفروا معه ورأسوه واستبطأ المسلمون
حراما فأقبلوا في أثره فلقيهم القوم فأحاطوا بهم فكاثروهم فتقاتلوا فقتل أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم سليم بن ملحان والحكم بن كيسان
في سبعين رجلا فلما أحيط بهم قالوا اللهم إنا لا نجد من يبلغ رسولك
منا السلام غيرك فأقرئه منا السلام فأخبره جبرائيل صلى الله عليه وسلم
بذلك فقال وعليهم السلام وبقي المنذر بن عمرو فقالوا إن شئت آمناك
فأبى وأتى مصرع حرام فقاتلهم حتى قتل فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم أعنق ليموت يعني أنه تقدم على الموت وهو يعرفه وكان معهم
عمرو بن أمية الضمري فقتلوا جميعا غيره فقال عامر بن الطفيل قد كان
على أمي نسمة فأنت حر عنها وجز ناصيته وفقد عمرو بن أمية عامر
بن فهيرة من بين القتلى فسأل عنه عامر بن الطفيل فقال قتله رجل من بني
كلاب يقال له جبار بن سلمى لما طعنه قال فزت والله ورفع إلى السماء
علوا فأسلم جبار بن سلمى لما رأى من قتل عامر بن فهيرة ورفعه وقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الملائكة وارت جثته وأنزل عليين
52

وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر أهل بئر معونة وجاءه تلك الليلة
أيضا مصاب خبيب بن عدي ومرثد بن أبي مرثد وبعث محمد بن مسلمة
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا عمل أبي براء قد كنت لهذا كارها
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلتهم بعد الركعة من الصبح
فقال اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم سنين كسني يوسف اللهم
عليك ببني لحيان وعضل والقارة وزغب ورعل وذكوان وعصية فإنهم
عصوا الله ورسوله ولم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى ما
وجد على قتلى بئر معونة فأنزل الله فيهم قرآنا حتى نسخ بعد بلغوا
قومنا عنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم اللهم اهد بني عامر واطلب خفرتي من عامر بن الطفيل
وأقبل عمرو بن أمية سار أربعا على رجليه فلما كان بصدور قناة لقي رجلين
من بني كلاب قد كان لهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمان فقتلهما
وهو لا يعلم ذلك ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بمقتل
أصحاب بئر معونة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبت من بينهم
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل العامريين فقال بئس ما صنعت قد
كان لهما مني أمان وجوار لأدينهما فبعث بديتهما إلى قومهما
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن
قتادة عن أنس بن مالك أن رعلا وذكوان وعصية وبني لحيان أتوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم فاستمدوه على قومهم فأمدهم سبعين رجلا من
الأنصار كانوا يدعون فينا القراء كانوا يحطبون بالنهار ويصلون بالليل
فلما بلغوا بئر معونة غدروا بهم فقتلوهم فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه
وسلم فقنت شهرا في صلاة الصبح يدعو على رعل وذكوان وعصية وبني
لحيان قال فقرأنا بهم قرآنا زمانا ثم إن ذلك رفع أو نسي بلغوا عنا
قومنا أنا لقينا ربنا عنا وأرضانا
53

أخبرنا يحيى بن عباد أخبرنا عمارة بن زاذان حدثني مكحول
قال قلت لانس بن مالك أبا حمزة القراء قال ويحك قتلوا على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا قوما يستعذبون لرسول الله صلى
الله عليه وسلم ويحطبون حتى إذا كان الليل قاموا إلى السواري للصلاة
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان
عن بن شهاب أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ورجال
من أهل العلم أن المنذر بن عمرو الساعدي قتل يوم بئر معونة وهو الذي
يقال له أعنق ليموت وكان عامر بن الطفيل استنصر لهم بني سليم فنفروا
معه فقتلوهم غير عمرو بن أمية الضمري أخذه عامر بن الطفيل فأرسله
فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم أبت من بينهم وكان من أولئك الرهط عامر بن فهيرة قال
بن شهاب فزعم عروة بن الزبير أنه قتل يومئذ فلم يوجد جسده حين دفنوا
قال عروة كانوا يرون أن الملائكة هي دفنته
أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا مالك
بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال أنزل
في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن حتى نسخ بعد بلغوا قومنا أنا قد لقينا
ربنا فرضي عنا ورضينا عنه ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
على الذين قتلوهم ثلاثين غداة يدعو على رعل وذكوان وعصية عصت
الله ورسوله
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا سفيان بن عيينة عن عاصم قال
سمعت أنس بن مالك قال ما رأيت رسولا لله صلى الله عليه وسلم وجد
على أحد ما وجد على أصحاب بئر معونة
54

سرية مرثد بن أبي مرثد
ثم سرية مرثد بن أبي مرثد الغنوي إلى الرجيع في صفر على رأس ستة
وثلاثين شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عبد الله بن إدريس الأودي أخبرنا محمد بن إسحاق عن عاصم
بن عمر بن قتادة بن النعمان الظفري وأخبرنا معن بن عيسى الأشجعي
أخبرنا إبراهيم بن سعد عن بن شهاب عن عمر بن أسيد بن العلاء بن جارية
وكان من جلساء أبي هريرة قال قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم
رهط من عضل والقارة وهم إلى الهون بن خزيمة فقالوا يا رسول الله إن
فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهونا ويقرئونا القرآن ويعلمونا
شرائع الاسلام فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم عشرة رهط
عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ومرثد بن أبي مرثد و عبد الله بن طارق وخبيب
بن عدي وزيد بن الدثنة وخالد بن أبي البكير ومعتب بن عبيد وهو
أخو عبد الله بن طارق لامه وهما من بلي حليفان في بني ظفر وأمر عليهم
عاصم بن ثابت وقال قائل مرثد بن أبي مرثد فخرجوا حتى إذا كانوا
على الرجيع وهو ماء لهذيل بصدور الهدة والهدة على سبعة أميال منها
والهدة على سبعة أميال من عسفان فغدروا بالقوم واستصرخوا عليهم هذيلا
فخرج إليهم بنو لحيان فلم يرع القوم إلا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم
فأخذ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سيوفهم فقالوا لهم إنا
والله ما نريد قتالكم إنما نريد أن نصيب بكم ثمنا من أهل مكة ولكم العهد
والميثاق ألا نقتلكم فأما عاصم بن ثابت ومرثد بن أبي مرثد وخالد بن أبي
البكير ومعتب بن عبيد فقالوا والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا
فقاتلوهم حتى قتلوا وأما زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي وعبد الله بن
طارق فاستأسروا وأعطوا بأيديهم وأرادوا رأس عاصم ليبيعوه من سلافة
55

بنت سعد بن شهيد وكانت نذرت لتشربن في قحف عاصم الخمر وكان
قتل ابنيها مسافعا وجلاسا يوم أحد فحمته الدبر فقالوا أمهلوه حتى
تمسي فإنها لو قد أمست ذهبت عنه فبعث الله الوادي فاحتمله وخرجوا
بالنفر الثلاثة حتى إذا كانوا بمر الظهران انتزع عبد الله بن طارق يده من القران
وأخذ سيفه واستأخر عنه القوم فرموه بالحجارة حتى قتلوه فقبره بمر الظهران
وقدموا بخبيب وزيد مكة فأما زيد فابتاعه صفوان بن أمية فقتله بأبيه
وابتاع حجير بن أبي إهاب خبيب بن عدي لابن أخته عقبة بن الحارث
بن عامر بن نوفل ليقتله بأبيه فحبسوهما حتى خرجت الأشهر الحرم ثم أخرجوهما
إلى التنعيم فقتلوهما وكانا صليا ركعتين ركعتين قبل أن يقتلا خبيب
أو من سن ركعتين عند القتل
أخبرنا عبد الله بن إدريس حدثني عمرو بن عثمان بن عبد الله بن
موهب مولى الحارث بن عامر قال قال موهب قال لي خبيب وكانوا جعلوه
عندي يا موهب أطلب إليك ثلاثا أن تسقيني العذب وأن تجنبني ما
ذبح على النصب و أن تؤذني إذا أرادوا قتلي
أخبرنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن
قتادة أن نفرا من قريش فيهم أبو سفيان حضروا قتل زيد فقال قائل منها
يا زيد أنشدك الله أتحب أنك الآن في أهلك وأن محمدا عندنا مكانك
نضرب عنقه قال لا والله ما أحب أن محمدا يشاك في مكانه بشوكة تؤذيه
وأني جالس في أهلي قال يقول أبو سفيان والله ما رأيت من قوم قط أشد
حبا لصاحبهم من أصحاب محمد له
56

غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير في شهر ربيع
الأول سنة أربع على رأس سبعة وثلاثين شهرا من مهاجره وكانت منازل
بني النضير بناحية الغرس وما والاها مقبرة بني خطمة اليوم فكانوا حلفاء
لبني عامر
قالوا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم السبت فصلى في
مسجد قباء ومعه نفر من أصحابه من المهاجرين والأنصار ثم أتى بني النضير
فكلمهم أن يعينوه في دية الكلابين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري
فقالوا نفعل يا أبا القاسم ما أحببت وخلا بعضهم ببعض وهموا بالغدر به
وقال عمرو بن جحاش بن كعب بن بسيل النضري أنا أظهر على البيت
فأطرح عليه صخرة فقال سلام بن مشكم لا تفعلوا والله ليخبرن بما
هممتم به وإنه لنقض العهد الذي بيننا وبينه وجاء رسول الله صلى الله عليه
وسلم الخبر بما هموا فنهض سريعا كأنه يريد حاجة فتوجه إلى المدينة
ولحقه أصحابه فقالوا أقمت ولم نشعر قال همت يهود بالغدر فأخبرني
الله بذلك فقمت وبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن
مسلمة أن اخرجوا من بلدي فلا تساكنوني بها وقد هممتم بما هممتم به من
الغدر وقد أجلتكم عشرا فمن رئي بعد ذلك ضربت عنقه فمكثوا على
ذلك أياما يتجهزون وأرسلوا إلى ظهر لهم بذي الجدر وتكاروا من ناس من
أشجع إبلا فأرسل إليهم بن أبي لا تخرجوا من دياركم وأقيموا في حصنكم
فإن معي ألفين من قومي وغيرهم من العرب يدخلون معكم حصنكم فيموتون
عن آخرهم وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان فطمع حيي فيما
قال بن أبي فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لا نخرج من ديارنا
فاصنع ما بدا لك فأظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير وكبر
57

المسلمون لتكبيره وقال حاربت يهود فصار إليهم النبي صلى الله عليه
وسلم في أصحابه فصلى العصر بفضاء بني النضير وعلي رضي الله تعالى عنه
يحمل رايته واستخلف على المدينة بن أم مكتوم فلما رأوا رسول الله صلى
الله عليه وسلم قاموا على حصونهم معهم النبل والحجارة واعتزلتهم قريظة
فلم تعنهم وخذلهم بن أبي وحلفاؤهم من غطفان فأيسوا من نصرهم
فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطع نخلهم فقالوا نحن نخرج
عن بلادك فقال لا أقبله اليوم ولكن اخرجوا منها ولكم دماؤكم وما حملت
الإبل إلا الحلقة فنزلت يهود على ذلك وكان حاصرهم خمسة عشر يوما
فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم ثم أجلاهم عن المدينة وولى إخراجهم محمد
بن مسلمة وحملوا النساء والصبيان وتحملوا على ستمائة بعير فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء في قومهم بمنزلة بني المغيرة في قريش
فلحقوا بخيبر وحزن المنافقون عليهم حزنا شديدا وقبض رسول الله صلى
الله عليه وسلم الأموال والحلقة فوجد من الحلقة درعا وخمسين بيضة
وثلاثمائة سيف وأربعين سيفا وكانت بنو النضير صفيا لرسول الله صلى الله
عليه وسلم خالصة له حبسا لنوائبه ولم يخمسها ولم يسهم منها لاحد وقد
أعطى ناسا من أصحابه ووسع في الناس منها فكان ممن أعطي ممن سمي لنا
من المهاجرين أبو بكر الصديق بئر حجر وعمر بن الخطاب بئر جرم و عبد
الرحمن بن عوف سوالة وصهيب بسنان الضراطة والزبير بن العوام وأبو
سلمة بن عبد الأسد البويلة وسهل بن حنيف وأبو دجانة مالا يقال له مال
بن خرشة
أخبرنا محمد بن حرب المكي وهاشم بن القاسم الكناني قالا أخبرنا
الليث بن سعد عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم حرق نخل النضير وهي البويرة فأنزل الله تعالى ما قطعتم
من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها
58

أخبرنا هوذة بن خليفة أخبرنا عوف عن الحسن أن النبي صلى
الله عليه وسلم لما أجلى بني النضير قال امضوا فإن هذا أول الحشر وأن
على الأثر
غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر الموعد
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر الموعد وهي غير بدر
القتال وكانت لهلال ذي القعدة على رأس خمسة وأربعين شهرا من مهاجره
قالوا لما أراد أبو سفيان بن حرب أن ينصرف يوم أحد نادى
بيننا وبينكم بدر الصفراء رأس الحول نلتقي بها فنقتتل فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب قل نعم إن شاء الله فافترق الناس
على ذلك ثم رجعت قريش فخبروا من قبلهم بالموعد وتهيؤوا للخروج
فلما دنا الموعد كره أبو سفيان الخروج وقدم نعيم بن مسعود الأشجعي مكة
فقال له أبو سفيان إني قد واعدت محمدا وأصحابه أن نلتقي ببدر وقد
جاء ذلك الوقت وهذا عام جدب وإنما يصلحنا عام خصب غيداق
وأكره أن يخرج محمد ولا أخرج فيجترئ علينا فنجعل لك عشرين فريضة
يضمنها لك سهيل بن عمرو على أن تقدم المدينة فتخذل أصحاب محمد
قال نعم ففعلوا وحملوه على بعير فأسرع السير فقدم المدينة فأخبرهم بجمع
أبي سفيان لهم وما معه من العدة والسلاح فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم والذي نفسي بيده لأخرجن وإن لم يخرج معي أحد فنصر الله المسلمين
وأذهب عنهم الرعب واستخلف رسولا لله صلى الله عليه وسلم على
المدينة عبد الله بن رواحة وحمل لواءه علي بن أبي طالب وسار في المسلمين
وهم ألف وخمسمائة وكانت الخيل عشرة أفراس وخرجوا ببضائع لهم
59

وتجارات وكانت بدر الصفراء مجتمعا يجتمع فيه العرب وسوقا تقوم لهلال
ذي القعدة إلى ثمان تخلو منه ثم يتفرق الناس إلى بلادهم فانتهوا إلى بدر ليلة
هلال ذي القعدة وقامت السوق صبيحة الهلال فأقاموا بها ثمانية أيام وباعوا
ما خرجوا به من التجارات فربحوا للدرهم درهما وانصرفوا وقد سمع الناس
بسيرهم وخر أبو سفيان بن حرب من مكة في قريش وهم ألفان ومعهم
خمسون فرسا حتى انتهوا إلى مجنة وهي مر الظهران ثم قال ارجعوا
فإنه لا يصلحنا إلا عام خصب غيداق نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن
وإن عامكم هذا عام جدب فإني راجع فارجعوا فسمى أهل مكة ذلك
الجيش جيش السويق يقولون خرجوا يشربون السويق وقدم معبد بن
أبي معبد الخزاعي مكة بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وموافاته بدرا
في أصحابه فقال صفوان بن أمية لأبي سفيان قد نهيتك يومئذ أن تعد القوم
وقد اجترؤوا علينا ورأوا أن قد أخلفناهم ثم أخذوا في الكيد والنفقة والتهيؤ
لغزوة الخندق
أخبرنا حجاج بن محمد عن بن جريج عن مجاهد الذين قال لهم
الناس إن الناس قد جمعوا لكم قال هذا أبو سفيان قال يوم أحد
يا محمد موعدكم بدر حيث قتلتم أصحابنا فقال محمد صلى الله عليه وسلم
عسى فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم لموعده حتى نزلوا بدرا فوافقوا
السوق فذلك قول الله تبارك وتعالى فانقلبوا بنعمة من الله وفضل
لم يمسسهم سوء والفضل ما أصابوا من التجارة وهي غزوة بدر
الصغرى
60

غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات الرقاع
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات الرقاع في المحرم على
رأس سبعة وأربعين شهرا من مهاجره قالوا قدم قادم المدينة بجلب
له فأخبر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنمارا وثعلبة قد
جمعوا لهم الجموع فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستخلف
على المدينة عثمان بن عفان وخرج ليلة السبت لعشر خلون من المحرم في أربعمائة
من أصحابه ويقال سبعمائة فمضى حتى أتى محالهم بذات الرقاع وهو
جبل فيه بقع حمرة وسواد وبياض قريب من النخيل بين السعد والشقرة
فلم يجد في محالهم أحدا إلا نسوة فأخذهن وفيهن جارية وضيئة وهربت
الاعراب إلى رؤوس الجبال وحضرت الصلاة فخاف المسلمون أن يغيروا
عليهم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فكان ذلك أول
ما صلاها وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة فابتاع
من جابر بن عبد الله في سفره ذلك جمله بأوقية وشرط له ظهره إلى المدينة
وسأله عن دين أبيه وأخبره به فاستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم
في تلك الليلة خمسا وعشرين مرة وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
جعال بن سراقة بشيرا إلى المدينة بسلامته وسلامة المسلمين وقدم صرارا
يوم الأحد لخمس ليال بقين من المحرم وصرار على ثلاثة أميال من المدينة
وهي بئر جاهلية على طريق العراق وغاب خمس عشرة ليلة
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا أبان بن يزيد وحدثني يحيى بن أبي
كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال أقبلنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع كنا إذا أتينا
على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجاء
رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بشجرة
61

فأخذه فاخترطه وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتخافني قال لا
قال فمن يمنعك مني قال الله يمنعني منك قال فتهدده أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغمد السيف وعلقه قال فنودي بالصلاة
قال فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين
فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان
غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم دومة الجندل
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم دومة الجندل في شهر
ربيع الأول على رأس تسعة وأربعين شهرا من مهاجره قالوا بلغ رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن بدومة الجندل جمعا كثيرا وأنهم يظلمون
من مر بهم من الضافطة وأنهم يريدون أن يدنوا من المدينة وهي طرف
من أفواه الشام بينها وبين دمشق خمس ليال وبينها وبين المدينة خمس عشرة
أو ست عشرة ليلة فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس واستخلف
على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري وخرج لخمس ليال بقين من شهر ربيع
الأول في ألف من المسلمين فكان يسير الليل ويكمن النهار ومعه دليل له
من بني عذرة يقال له مذكور فلما دنا منهم إذا هم مغربون وإذا آثار
النعم والشاء فهجم على ماشيتهم ورعاتهم فأصاب من أصاب وهرب من هرب
في كل وجه وجاء الخبر أهل دومة فتفرقوا ونزل رسول الله صلى الله عليه
وسلم بساحتهم فلم يجد بها أحدا فأقام بها أياما وبث السرايا وفرقها فرجعت
ولم تصب منهم أحدا وأخذ منهم رجل فسأله رسول الله صلى الله عليه
وسلم عنهم فقال هربوا حيث سمعوا أنك أخذت نعمهم فعرض عليه
الاسلام فأسلم ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق
62

كيدا لعشر ليال بقين من شهر ربيع الآخر وفي هذه الغزاة وادع رسول الله
صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن أن يرعى بتغلمين وما والاه إلى المراض
وكان ما هناك قد أخصب وبلاد عيينة قد أجدبت وتغلمين من المراض على
ميلين والمراض على ستة وثلاثين ميلا من المدينة على طريق الربذة
غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم المريسيع
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم المريسيع في شعبان سنة خمس
من مهاجره
قالوا إن بني المصطلق من خزاعة وهم من حلفاء بني مدلج وكانوا
ينزلون على بئر لهم يقال لها المريسيع بينها وبين
الفرع نحو من يوم وبين الفرع والمدينة ثمانية برد وكان رأسهم وسيدهم الحارث بن أبي ضرار فسار
في قومه ومن قدر عليه من العرب فدعاهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأجابوه وتهيؤوا للمسير معه إليه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه
وسلم فبعث بريدة بن الحصيب الأسلمي يعلم علم ذلك فأتاهم ولقي
الحارث بن أبي ضرار وكلمه ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأخبره خبرهم فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إليهم فأسرعوا
الخروج وقادوا الخيول وهي ثلاثون فرسا في المهاجرين منها عشرة وفي الأنصار
عشرون وخرج معه بشر كثير من المنافقين ولم يخرجوا في غزاة قط مثلها
واستخلف على المدينة زيد بن حارثة وكان معه فرسان لزاز والظرب وخرج
يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان وبلغ الحارث بن أبي ضرار ومن معه مسير
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قد قتل عينه الذي كان وجهه ليأتيه
بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسئ بذلك الحارث ومن معه وخافوا
63

خوفا شديدا وتفرق من كان معهم من العرب وانتهى رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى المريسيع وهو الماء فاضطرب عليه قبته ومعه عائشة وأم
سلمة فتهيؤوا للقتال وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ودفع
راية المهاجرين إلى أبي بكر الصديق وراية الأنصار إلى سعد بن عبادة فرموا
بالنبل ساعة ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فحملوا حملة
رجل واحد فما أفلت منهم إنسان وقتل عشرة منهم وأسر سائرهم وسبى
رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء والذرية والنعم والشاء ولم
يقتل من المسلمين إلا رجل واحد وكان بن عمر يحدث أن النبي صلى
الله عليه وسلم أغار عليهم وهم غارون ونعمهم تسقى على الماء فقتل
مقاتلتهم وسبى ذراريهم والأول أثبت وأمر بالأسارى فكتفوا واستعمل
عليهم بريدة بن الحصيب وأمر بالغنائم فجمعت واستعمل عليها شقران
مولاه وجمع الذرية ناحية واستعمل على مقسم الخمس وسهمان المسلمين
محمية بن جزء واقتسم السبي وفرق وصار في أيدي الرجال وقسم
النعم والشاء فعدلت الجزور بعشر من الغنم وبيعت الرثة في من يزيد وأسهم
للفرس سهمان ولصاحبه سهم وللراجل سهم وكانت الإبل ألفي بعير والشاء
خمسة آلاف شاة وكان السبي مائتي أهل بيت وصارت جويرية بنت الحارث
بن أبي ضرار في سهم ثابت بن قيس بن شماس وابن عمر له فكاتباها على
تسع أواقي ذهب فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابتها وأداها
عنها وتزوجها وكانت جارية حلوة ويقال جعل صداقها عتق كل أسير
من بني المصطلق ويقال جعل صداقها عتق أربعين من قومها وكان السبي
منهم من من عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير فداء ومنهم من
افتدي فافتديت المرأة والذرية بست فرائض وقدموا المدينة ببعض السبي
فقدم عليهم أهلوهم فافتدوهم فلم تبق امرأة من بني المصطلق إلا رجعت إلى
قومها وهو الثبت عندنا وتنازع سنان بن وبر الجهني حليف بني سالم من
64

الأنصار وجهجاه بن سعيد الغفاري على الماء فضرب جهجاه سنانا بيده فنادى
سنان يا للأنصار ونادى جهجاه يا لقريش يا لكنانة فأقبلت قريش
سراعا وأقبلت الأوس والخزرج وشهروا السلاح فتكلم في ذلك ناس من
المهاجرين والأنصار حتى ترك سنان حقه وعفا عنه واصطلحوا فقال عبد الله
بن أبي لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ثم أقبل على من
حضر من قومه فقال هذا ما فعلتم بأنفسكم وسمع ذلك زيد بن أرقم فأبلغ
النبي صلى الله عليه وسلم قوله فأمر بالرحيل وخرج من ساعته وتبعه الناس
فقدم عبد الله بن عبد الله بن أبي الناس حتى وقف لأبيه على الطريق فلما
رآه أناخ به وقال لا أفارقك حتى تزعم أنك الذليل ومحمد العزيز فمر به
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دعه فلعمري لنحسنن صحبته ما
دام بين أظهرنا وفي هذه الغزاة سقط عقد لعائشة فاحتبسوا على طلبه
فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن الحضير ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر
وفي هذه الغزاة كان حديث عائشة وقول أهل الإفك فيها قال وأنزل الله
تبارك وتعالى براءتها وغاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاته هذه
ثمانية وعشرين يوما وقدم المدينة لهلال شهر رمضان
غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق وهي غزاة الأحزاب
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق وهي غزوة
الأحزاب في ذي القعدة سنة خمس من مهاجره
قالوا لما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النظير ساروا
إلى خيبر فخرج نفر من أشرافهم ووجوههم إلى مكة فألبوا قريشا ودعوهم
إلى الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاهدوهم وجامعوهم على
65

قتاله ووعدوهم لذلك موعدا ثم خرجوا من عندهم فأتوا غطفان وسليما
ففارقوهم على مثل ذلك وتجهزت قريش وجمعوا أحابيشهم ومن تبعهم من العرب
فكانوا أربعة آلاف وعقدوا اللواء في دار الندوة وحمله عثمان بطلحة بن أبي
طلحة وقادوا معهم ثلاثمائة فرس وكان معهم ألف وخمسمائة بعير وخرجوا
يقودهم أبو سفيان بن حرب بن أمية ووافتهم بنو سليم بمر الظهران وهم
سبعمائة يقودهم سفيان بن عبد شمس حليف حرب بن أمية وهو أبو أبي
الأعور السلمي الذي كان مع معاوية بصفين وخرجت معهم بنو أسد يقودهم
طلحة بن خويلد الأسدي وخرجت فزارة فأوعبت وهم ألف بعير يقودهم
عيينة بن حصن وخرجت أشجع وهم أربعمائة يقودهم مسعود بن رخيلة
وخرجت بنو مرة وهم أربعمائة يقودهم الحارث بن عوف وخرج معهم غيرهم
وقد روى الزهري أن الحارث بن عوف رجع ببني مرة فلم يشهد الخندق منهم
أحد و كذلك روت بنو مرة والأول أثبت أنهم قد شهدوا الخندق مع الحارث
بن عوف وهجاه حسان بن ثابت فكان جميع القوم الذين وافوا الخندق ممن
ذكر من القبائل عشرة آلاف وهم الأحزاب وكانوا ثلاثة عساكر وعناج
الامر إلى أبي سفيان بن حرب فلما بلغ رسولا لله صلى الله عليه وسلم
فصولهم من مكة ندب الناس وأخبرهم خبر عدوهم وشاورهم في أمرهم
فأشار عليه سلمان الفارسي بالخندق فأعجب ذلك المسلمين وعسكر بهم
رسولا لله صلى الله عليه وسلم إلى سفح سلع وجعل سلعا خلف ظهره وكان
المسلمون يومئذ ثلاثة آلاف واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ثم
خندق على المدينة وجعل المسلمون يعملون مستعجلين يبادرون قدوم عدوهم
عليهم وعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم بيده لينشط المسلمين
ووكل بكل جانب منه قوما فكان المهاجرون يحفرون من ناحية راتج إلى ذباب
وكانت الأنصار يحفرون من ذباب إلى بني عبيد وكان سائر المدينة
مشبكا بالبنيان فهي كالحصن وخندقت بنو عبد الأشهل عليها مما يلي راتج
66

إلى خلفها حتى جاء الخندق من وراء المسجد وخندقت بنو دينار من عند جربا
إلى موضع دار بن أبي الجنوب اليوم وفرغوا من حفره في ستة أيام ورفع
المسلمون النساء والصبيان في الآطام وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم الاثنين لثماني ليال مضين من ذي القعدة وكان يحمل لواءه لواء المهاجرين
زيد بن حارثة وكان يحمل لواء الأنصار سعد بن عبادة ودس أبو سفيان
بن حرب حيي بن أخطب إلى بني قريظة يسألهم أن ينقضوا العهد الذي بينهم
وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكونوا معهم عليه فامتنعوا من ذلك
ثم أجابوا إليه وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال حسبنا الله
ونعم الوكيل قال ونجم النفاق وفشل الناس وعظم البلاء واشتد الخوف
وخيف على الذراري والنساء وكانوا كما قال الله تبارك وتعالى إذ جاؤوكم
من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب
الحناجر ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وجاه العدو لا يزولون
غير أنهم يتعقبون خندقهم ويحرسونه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يبعث سلمة بن أسلم في مائتي رجل وزيد بن حارثة في ثلاثمائة رجل يحرسون
المدينة ويظهرون التكبير وذلك أنه كان يخاف على الذراري من بني قريظة
وكان عباد بن بشر على حرس قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع
غيره من الأنصار يحرسونه كل ليلة فكان المشركون يتناوبون بينهم فيغدو
أبو سفيان بن حرب في أصحابه يوما ويغدو خالد بن الوليد يوما ويغدو عمرو
بن العاص يوما ويغدو هبيرة بن أبي وهب يوما ويغدو ضرار بن الخطاب
الفهري يوما فلا يزالون يجيلون خيلهم ويتفرقون مرة ويجتمعون أخرى
ويناوشون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقدمون رماتهم
فيرمون فرمى حبان بن العرقة سعد بن معاذ بسهم فأصاب أكحله
فقال خذها وأنا بن العرقة فقال رسولا لله صلى الله عليه وسلم عرق
الله وجهك في النار ويقال الذي رماه أبو أسامة الجشمي ثم أجمع
67

رؤساؤهم أن يغدوا يوما فغدوا جميعا ومعهم رؤساء سائر الأحزاب و طلبوا
مضيقا من الخندق يقحمون منه خيلهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه
فلم يجدوا ذلك وقالوا إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تصنعها فقيل لهم
إن معه رجلا فارسيا أشار عليه بذلك قالوا فمن هناك إذا فصاروا إلى مكان
ضيق أغفله المسلمون فعبر عكرمة بن أبي جهل ونوفل بن عبد الله وضرار
بن الخطاب وهبيرة بن أبي وهب وعمرو بن عبد ود فجعل عمرو بن
عبد ود يدعو إلى البراز ويقول
ولقد بححت من النداء لجمعهم هل من مبارز
وهو بن تسعين سنة فقال علي بن أبي طالب أنا أبارزه يا رسول الله
فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه وعممه وقال اللهم أعنه
عليه ثم برز له ودنا من صاحبه وثارت بينهما غبرة وضربه علي
فقتله وكبر فعلمنا أنه قد قتله وولى أصحابه هاربين وظفرت بهم خيولهم
وحمل الزبير بن العوام على نوفل بن عبد الله بالسيف فضربه فشقه باثنين
ثم اتعدوا أن يغدوا من الغد فباتوا يعبئون أصحابهم وفرقوا كتائبهم ونحوا
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتيبة غليظة فيها خالد بن الوليد فقاتلوهم
يومهم ذلك إلى هوي من الليل ما يقدرون أن يزولوا من موضعهم ولا صلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ظهر أولا عصرا ولا مغربا
ولا عشاء حتى كشفهم الله فرجعوا متفرقين إلى منازلهم وعسكرهم وانصرف
المسلمون إلى قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام أسيد بن الحضير
في الخندق في مائتين من المسلمين وكر خالد بن الوليد في خيل من المشركين
يطلبون غر من المسلمين فناوشوهم ساعة ومع المشركين وحشي فزرق
الطفيل بن النعمان من بني سلمة بمزراقة فقتله وانكشفوا وصار رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى قبته فأمر بلالا فأذن وأقام الظهر فصلى ثم أقام
68

بعد كل صلاة إقامة وصلى هو وأصحابه ما فاتهم من الصلوات وقال
شغلونا عن الصلاة الوسطى يعني العصر ملا الله أجوافهم وقبورهم نارا
ولم يكن لهم بعد ذلك قتال جميعا حتى انصرفوا إلا أنهم لا يدعون يبعثون
الطلائع بالليل يطمعون في الغارة وحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأصحابه بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرئ منهم الكرب فأراد
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالح غطفان على أن يعطيهم ثلث
الثمرة ويخذلوا بين الناس وينصرفوا عنه فأبت ذلك الأنصار فترك ما كان
أراد من ذلك وكان نعيم بن مسعود الأشجعي قد أسلم فحسن إسلامه فمشى
بين قريش وقريظة وغطفان وأبلغ هؤلاء عن هؤلاء
كلاما وهؤلاء عن هؤلاء كلاما يري كل حزب منهم أنه ينصح له فقبلوا قوله وخذله عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم واستوحش كل حزب من صاحبه وطلبت قريظة
من قريش الرهن حتى يخرجوا فيقاتلوا معهم فأبت ذلك قريش واتهموهم
واعتلت قريظة عليهم بالسبت وقالوا لا نقاتل فيه لان قوما منا عدوا في
السبت فمسخوا قردة وخنازير فقال أبو سفيان بن حرب ألا أراني
أستعين بإخوة القردة والخنازير وبعث الله الريح ليلة السبت ففعلت بالمشركين
وتركت لا تقر لهم بناء ولا قدرا وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
حذيفة بن اليمان إليهم ليأتيه بخبرهم وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلي تلك الليلة فقال أبو سفيان بن حرب يا معشر قريش إنكم لستم بدار
مقام لقد هلك الخف والحافر وأجدب الجناب وأخلفتنا بنو قريظة ولقد لقينا
من الريح ما ترون فارتحلوا فإني مرتحل وقام فجلس على بعيره وهو معقول
ثم ضربه فوثب على ثلاث قوائم فما أطلق عقاله إلا بعدما قام وجعل الناس
يرحلون وأبو سفيان قائم حتى خف العسكر فأقام عمرو بن العاص وخالد
بن الوليد في مائتي فارس ساقة للعسكر ورداءا لهم مخافة الطلب فرجع حذيفة
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك كله وأصبح رسول الله
69

صلى الله عليه وسلم وليس بحضرته أحد من العساكر قد انقشعوا إلى بلادهم
فأذن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين في الانصراف إلى منازلهم فخرجوا
مبادرين مسرورين بذلك وكان فيمن قتل أيضا في أيام الخندق أنس بن أوس
بن عتيك من بني عبد الأشهل قتله خالد بن الوليد وعبد الله بن سهل الأشهلي
وثعلبة بن عنمة بن عدي بن نابئ قتله هبيرة بن أبي وهب وكعب بن زيد
من بني دينار قتله ضرار بن الخطاب وقتل أيضا من المشركين عثمان بن منبه
بن عبيد بن السباق من بني عبد الدار بن قصي وحاصرهم المشركون خمس
عشرة ليلة وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لسبع
ليال بقين من ذي القعدة سنة خمس
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا حميد الطويل عن أنس
بن مالك قال خرج المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق في غداة باردة فجعل
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إن الخير خير الآخرة فاغفر
للأنصار والمهاجرة فأجابوه نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت
عن أنس بن مالك أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون
وهم يحفرون الخندق نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا والنبي
صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إن الخير خير الآخرة فاغفر للأنصار
والمهاجرة وأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبز شعير عليه إهالة
سنخة فأكلوا منها وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما الخير خير الآخرة
أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم
عن أبيه عن سهل بن سعد قال جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن
نحفر الخندق وننقل التراب على أكتافنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق الهمداني
70

عن البراء بن عازب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب
ينقل معنا التراب وقد وارى التراب بياض بطنه ويقول
لا هم لولا أنت ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا * وثبت الاقدام إن لاقينا
إن الأولى لقد بغوا علينا * إذا أرادوا فتنة أبينا
أبينا يرفع بها صوته صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو الوليد الطيالسي أخبرنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد
بن جبير قال كان يوم الخندق بالمدينة قال فجاء أبو سفيان بن حرب
ومن معه من قريش ومن تبعه من كنانة وعيينة بن حصن ومن تبعه من
غطفان وطليحة ومن تبعه من بني أسد وأبو الأعور ومن تبعه من بني
سليم وقريظة كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فنقظوا
ذلك وظاهروا المشركين فأنزل الله تعالى فيهم وأنزل الذين ظاهروهم
من أهل الكتاب من صياصيهم فأتى جبريل عليه السلام ومعه الريح
فقال حين رأى جبريل ألا أبشروا ثلاثا فأرسل الله عليهم الريح فهتكت
القباب وكفأت القدور ودفنت الرحال وقطعت الأوتاد فانطلقوا لا يلوي أحد
على أحد فأنزل الله تعالى إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا
وجنودا لم تروها فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو بشر وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع
إلى منزله غسل جانب رأسه الأيمن وبقي الأيسر قال فقال ليعني جبريل
صلى الله عليه وسلم ألا أراك تغسل رأسك فوالله ما نزلنا بعد انهض فأمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن ينهضوا إلى بني قريظة
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني هشام بن حسان أخبرنا
محمد بن سيرين أخبرنا عبيدة أخبرنا علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه
71

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق ملا الله قبورهم وبيوتهم
نارا كما حبسونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس
أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي أخبرنا همام بن يحيى عن قتادة عن
أبي حسان عن عبيدة عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنهم لم يصلوا
يوم الأحزاب العصر حتى غربت الشمس أو قال آبت الشمس فقال النبي
صلى الله عليه وسلم اللهم املا بيوتهم نارا كما حبسونا عن الصلاة الوسطى
حتى غابت الشمس أو قال آبت الشمس قال فعرفنا أن صلاة الوسطى
هي العصر
أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن عاصم عن زر بن
حبيش عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق
ملهم ملا الله قبورهم نارا كما شغلونا عن صلاة الوسطى وهي العصر
أخبرنا محمد بن معاوية النيسابوري أخبرنا بن لهيعة عن يزيد بن أبي
حبيب عن محمد بن عبد الله بن عوف عن أبي جمعة وقد أدرك النبي صلى
الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى المغرب
فلما فرغ قال هل علم أحد منكم أني صليت العصر قالوا يا رسول
الله صلى الله عليك ما صليناها فأمر المؤذن فأقام الصلاة فصلى العصر
ثم أعاد المغرب
أخبرنا الحسن بن موسى أخبرنا زهير أخبرنا أبو إسحاق عن المهلب
بن أبي صفرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حفر الخندق
وخاف أن يبيته أبو سفيان فقال إن بيتم فإن دعواكم حم لا ينصرون
حدثنا الفضل بن دكين أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن المهلب
بن أبي صفرة قال حدثني رجل من أصحاب رسولا لله صلى الله عليه
وسلم قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الخندق وإني أرى
القوم إلا مبيتيكم الليلة كان شعاركم حم لا ينصرون
72

أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد قال
قال سعيد بن المسيب حاصر النبي صلى الله عليه وسلم المشركون
الخندق أربعا وعشرين ليلة
أخبرنا محمد بن حميد العبدي عن معمر عن الزهري عن أبي المسيب
قال لما كان يوم الأحزاب حصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرئ منهم الكرب وحتى قال النبي
صلى الله عليه وسلم اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك اللهم إنك إن تشأ
لا تعبد فبينا هم على ذلك أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى عيينة بن
حصن بن بدر أرأيت إن جعلت لكم ثلث ثمر الأنصار أترجع بمن معك
من غطفان وتخذل بين الأحزاب فأرسل إليه عيينة إن جعلت لي الشطر
فعلت فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة وسعد بن معاذ
فأخبرهما بذلك فقالا إن كنت أمرت بشئ فامض لأمر الله قال لو
كنت أمرت بشئ ما أستأمر بكما ولكن هذا رأي أعرضه عليكما قالا
فإنا نرى أن لا نعطيهم إلا السيف
قال محمد بن حميد قال معمر عن بن أبي نجيح فبينا هم على ذلك
إذ جاء نعيم بن مسعود الأشجعي وكان يأمنه الفريقان جميعا فخذل بين
الناس فانطلق الأحزاب منهزمين من غير قتال فذلك قوله وكفى الله المؤمنين
القتال
أخبرنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي البصري أخبرنا كثير بن زيد
قال سمعت عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال سمعت جابر بن عبد الله قال
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الأحزاب يوم الاثنين ويوم
الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين الظهر والعصر
فعرفنا البشر في وجهه قال جابر فلم ينزل بي أمر مهم غائظ إلا توخيت
تلك الساعة من ذلك اليوم فدعوت الله فأعرف الإجابة
73

أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا
إسماعيل بن أبي خالد أنه سمع عبد الله بن أبي أوفى يقول دعا رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب على المشركين فقال اللهم منزل الكتاب
سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم
غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة في ذي القعدة
سنة خمس من مهاجره قالوا لما انصرف المشركون عن الخندق ورجع
رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بيت عائشة أتاه جبريل فوقف عند
موضع الجنائز فقال عذيرك من محارب فخرج إليه رسول الله صلى
الله عليه وسلم فزعا فقال إن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة فإني عامد
إليهم فمزلزل بهم حصونهم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا
رضي الله تعالى عنه فدفع إليه لواءه وبعث بلالا فنادى في الناس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم يأمركم ألا تصلوا العصر إلا في بني قريظة واستخلف
رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ثم سار
إليهم في المسلمين وهم ثلاثة آلاف والخيل ستة وثلاثون فرسا وذلك يوم
الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة فحاصرهم خمسة عشر يوما أشد الحصار
ورموا بالنبل فانجحروا فلم يطلع منهم أحد فلما اشتد عليهم الحصار أرسلوا
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر
فأرسله إليهم فشاوروه في أمرهم فأشار إليهم بيده أنه الذبح ثم ندم فاسترجع
وقال خنت الله ورسوله فانصرف فارتبط في المسجد ولم يأت رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله توبته ثم نزلوا على حكم رسول الله
74

صلى الله عليه وسلم فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن
مسلمة فكتفوا ونحوا ناحية وأخرج النساء والذرية فكانوا ناحية واستعمل
عليهم عبد الله بن سلام وجمع أمتعتهم وما وجد في حصونهم من الحلقة والأثاث
والثياب فوجد فيها ألف وخمسمائة سيف وثلاثمائة درع وألفا رمح وألف
وخمسمائة ترس وحجفة وخمر وجرار سكر فأهريق ذلك كله ولم يخمس
ووجدوا جمالا نواضح وماشية كثيرة وكلمت الأوس رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن يهبهم لهم وكانوا حلفاءهم فجعل رسول الله صلى
الله عليه وسلم الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ فحكم فيهم أن يقتل كل من
جرت عليه المواسي وتسبى النساء والذرية وتقسم الأموال فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة
وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخميس لسبع ليال خلون
من ذي الحجة ثم أمر بهم فأدخلوا المدينة وحفلهم أخدودا في السوق وجلس
رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه وأخرجوا إليه رسلا رسلا
فضربت أعناقهم فكانوا ما بين ستمائة إلى سبعمائة واصطفى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ريحانة بنت عمرو لنفسه وأمر بالغنائم فجمعت فأخرج
الخمس من المتاع والسبي ثم أمر بالباقي فبيع في من يزيد وقسمه بين المسلمين
فكانت السهمان على ثلاثة آلاف واثنين وسبعين سهما للفرس سهمان ولصاحبه
سهم وصار الخمس إلى محمية بن جزء الزبيدي فكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يعتق منه ويهب منه ويخدم منه من أراد وكذلك صنع بما
صار إليه من الرثة
أخبرنا كثير بن هشام أخبرنا جعفر بن برقان أخبرنا يزيد يعني بن
الأصم قال لما كشف الله الأحزاب ورجع النبي صلى الله عليه وسلم
إلى بيته فأخذ يغسل رأسه أتاه جبريل عليه السلام فقال عفا الله عنك
وضعت السلاح ولم تضعه ملائكة الله إئتنا عند حصن بني قريظة فنادى
75

رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس أن ائتوا حصن بني قريظة ثم
اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم عند الحصن
أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي أخبرنا جويرية بن أسماء
عن نافع عن بن عمر أن الأحزاب لما انصرفوا نادى فيهم يعني النبي
صلى الله عليه وسلم لا يصلين أحد الظهر إلا في بني قريظة فتخوف ناس
فوت الصلاة فصلوا وقال آخرون لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم وإن فات الوقت قال فما عنف رسول الله صلى
الله عليه وسلم واحدا من الفريقين
أخبرنا شهاب بن عباد العبدي أخبرنا إبراهيم بن حميد الرؤاسي عن
إسماعيل بن أبي خالد عن البهي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لما
أتى قريظة ركب على حمار عري والناس يمشون
أخبرنا موسى بن إسماعيل أخبرنا جرير بن حازم عن حميد عن أنس بن
مالك قال كأني أنظر إلى الغبار ساطعا في زقاق بني غنم موكب جبريل عليه
السلام حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا عبد العزيز بن أبي سلمة أخبرني عمي
الماجشون قال جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم الأحزاب على فرس عليه عمامة سوداء قد أرخاها بين كتفيه على ثناياه
الغبار وتحته قطيفة حمراء فقال أوضعت السلاح قبل أن نضعه إن الله
يأمرك أن تسير إلى بني قريظة
أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن
سعيد بن المسيب قال حاصر نبي الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة أربع
عشرة ليلة
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا سفيان وأخبرنا عمرو بن الهيثم عن
شعبة جميعا عن عبد الملك بن عمير أخبرنا عطية القرظي قال كنت فيمن
76

أخذ يوم قريظة فكانوا يقتلون من أنبي ويتركون من لم ينبت فكنت فيمن
لم ينبت
أخبرنا عمرو بن عاصم أخبرنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال
قال كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريظة ولث من عهد فلما
جاءت الأحزاب بما جاؤوا به من الجنود نقضوا العهد وزاهروا المشركين على
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الله الجنود والريح فانطلقوا هاربين
وبقي الآخرون في حصنهم قال فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأصحابه السلاح فجاء جبريل صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله
عليه وسلم فخرج إليه فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متساند
إلى لبان الفرس قال يقول جبريل ما وضعنا السلاح بعد وإن الغبار لعاصب
على حاجبه انهد إلى بني قريظة قال فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم إن في أصحابي جهدا فلو أنظرتهم أياما قال يقول جبريل
عليه السلام انهد إليهم لأدخلن فرسي هذا عليهم في حصونهم ثم لأضعضعنها
قال فأدبر جبريل عليه السلام ومن معه من الملائكة حتى سطع الغبار في
زقاق بني غنم من الأنصار وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبله
رجل من أصحابه فقال يا رسول الله اجلس فلنكفك قال وما ذاك
قال سمعتهم ينالون منك قال قد أوذي موسى بأكثر من هذا قال
وانتهى إليهم فقال يا إخوة القردة والخنازير إياي إياي قال فقال
بعضهم لبعض هذا أبو القاسم ما عهدناه فحاشا قال وقد كان رمي أكحل
سعد بن معاذ فرقا الجرح وأجلب ودعا الله أن لا يميته حتى يشفي صدره من
بني قريظة قال فأخذهم من الغم في حصنهم ما أخذهم فنزلوا على حكم
سعد بن معاذ من بين الخلق قال فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى
ذراريهم قال حميد قال بعضهم وتكون الديار للمهاجرين دون الأنصار
قال فقالت الأنصار إخوتنا كنا معهم فقال إني أحببت أن يستغنوا
77

عنكم قال فلما فرغ منهم وحكم فيهم بما حكم مرت عليه عنز وهو
مضطجع فأصابت الجرح بظلفها فما رقأ حتى مات وبعث صاحب دومة
الجندل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببغلة وجبة من سندس فجعل
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبون من حسن الجبة فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن يعني
من هذا
سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء
ثم سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء خرج لعشر ليال خلون من
المحرم على رأس تسعة وخمسين شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه
وسلم بعثه في ثلاثين راكبا إلى القرطاء وهم بطن من بني بكر من كلاب
وكانوا ينزلون البكرات بناحية ضرية وبين ضرية والمدينة سبع ليال
وأمره أن يشن عليهم الغارة فسار الليل وكما النهار وأغار عليهم فقتل
نفرا منهم وهرب سائرهم واستاق نعما وشاء ولم يعرض للطعن وانحدر إلى
المدينة فخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به وفض على
أصحابه ما بقي فعدلوا الجزور بعشر من الغنم وكانت النعم مائة وخمسين بعيرا
والغنم ثلاثة آلاف شاة وغاب تسع عشرة ليلة وقدم لليلة بقيت من المحرم
غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بني لحيان
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بني لحيان وكانوا بناحية
عسفان في شهر ربيع الأول سنة ست من مهاجره قالوا وجد رسول الله
78

صلى الله عليه وسلم على عاصم بن ثابت وأصحابه وجدا شديدا فأظهر أنه
يريد الشام وعسكر لغرة هلال شهر ربيع الأول في مائتي رجل ومعهم عشرون
فرسا واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ثم أسرع السير حتى انتهى
إلى بطن غران وبينها وبين عسفان خمسة أميال حيث كان مصاب أصحابه
فترحم عليهم ودعا لهم فسمعت بهم بنو لحيان فهربوا في رؤوس الجبال فلم
يقدر منهم على أحد فأقام يوما أو يومين فبعث السرايا في كل ناحية فلم
يقدروا على أحد ثم خرج حتى أتى عسفان فبعث أبا بكر في عشرة فوارس
لتسمع به قريش فيذعرهم فأتوا الغميم ثم رجعوا ولم يلقوا أحدا ثم انصرف
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهو يقول آئبون تائبون عابدون
لربنا حامدون وغاب عن المدينة أربع عشرة ليلة
أخبرنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق حدثني عاصم بن عمر
و عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة
بني لحيان وأظهر أنه يريد الشام ليصيب منهم غرة فخرج من المدينة فسلك
على غراب ثم على مخيض ثم على البتراء ثم صفق ذات اليسار فخرج على
بيبن ثم على صخيرات الثمام ثم استقام به الطريق على السيالة فأغذ السير
ريعا حتى نزل على غران هكذا قال بن إدريس وهي منازل بني لحيان
فوجدهم قد تمنعوا في رؤوس الجبال فلما أخطأه من عدوه ما أراد قالوا
لو أنا هبطنا عسفان فنري أهل مكة أنا قد جئناها فخرج في مائتي راكب
من أصحابه حتى نزل عسفان ثم بعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كراع
الغميم ثم كرا وراح قافلا فكان جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول تائبون آئبون إن شاء الله حامدون لربنا
عابدون أعوذ بالله من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال
أخبرنا روح بن عبادة أخبرنا حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير عن
أبي سعيد مولى المهدي عن أبي سعيد الخدري قال بعث رسول الله صلى
79

الله عليه وسلم بعثا إلى بني لحيان من هذيل وقال لينبعث من كل رجلين
أحدهما والاجر بينهما
أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني حدثني إبراهيم بن عقيل
بن معقل عن أبيه عن وهب قال أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول أول ما غزا عسفان ثم رجع آئبون تائبون
عابدون لربنا حامدون
غزوة رسولا لله صلى الله عليه وسلم الغابة
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الغابة وهي على بريد من
المدينة طريق الشام في شهر ربيع الأول سنة ست من مهاجره
قالوا كانت لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عشرون
لقحة ترعى بالغابة كان أبو ذر فيها فأغار عليهم عيينة بن حصن ليلة
الأربعاء في أربعين فارسا فاستاقوها وقتلوا بن أبي ذر وجاء الصريخ فنادى
الفزع الفزع فنودي يا خيل الله اركبي وكان أول ما نودي بها وركب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج غداة الأربعاء في الحديد مقنعا
فوقف فكان أول من أقبل إليه المقداد بن عمرو وعليه الدرع والمغفر شاهرا
سيفه فعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء في رمحه وقال امض
حتى تلحقك الخيول إنا على أثرك واستخلف رسول الله صلى الله عليه
وسلم على المدينة عبد الله بن أم مكتوم وخلف سعد بن عبادة في ثلاثمائة
من قومه يحرسون المدينة قال المقداد فخرجت فأدركت أخريات العدو وقد
قتل أبو قتادة مسعدة فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسه وسلاحه
وقتل عكاشة بن محصن أثار بن عمرو بن أثار وقتل المقداد بن عمرو حبيب
80

بن عيينة بن حصن وقرفة بن مالك بن حذيفة بن بدر وقتل من المسلمين
محرز بن نضلة قتله مسعدة وأدرك سلمة بن الأكوع القوم وهو على رجليه
فجعل يراميهم بالنبل ويقول خذها
وأنا بن الأكوع اليوم يوم الرضع
حتى انتهى بهم إلى ذي قرد وهي ناحية خيبر مما يلي المستناخ قال
سلمة فلحقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس والخيول عشاء
فقلت يا رسول الله إن القوم عطاش فلو بعثتنا في مائة رجل استنقذت ما
بأيديهم من السرح وأخذت بأعناق القوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم
ملكت فأسجح ثم قال إنهم الآن ليقرون في غطفان وذهب الصريخ
إلى بني عمرو بن عوف فجاءت الامداد فلم تزل الخيل تأتي والرجال على أقدامهم
وعلى الإبل حتى انتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد فاستنقذوا
عشر لقائح وأفلت القوم بما بقي وهي عشر وصلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم بذي قرد صلاة الخوف وأقام به يوما وليلة يتحسس الخبر وقسم
كل مائة من أصحابه جزورا ينحرونها وكانوا خمسمائة ويقال سبعمائة
وبعث إليه سعد بن عبادة بأحمال تمر وبعشر جزائر فوافت رسول الله
صلى الله عليه وسلم بذي قرد والثبت عندنا أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أمر على هذه السرية سعد بن زيد الأشهلي ولكن الناس نسبوها
إلى المقداد لقول حسان بن ثابت
غداة فوارس المقداد
فعاتبه سعد بن زيد فقال اضطرني الروي إلى المقداد ورجع رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يوم الاثنين وقد غاب خمس ليال
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا عكرمة بن عمار العجلي أخبرنا إياس
بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال خرجت أنا ورباح غلام النبي صلى الله
81

عليه وسلم بظهر النبي صلى الله عليه وسلم وخرجت بفرس لطلحة بن
عبيد الله كنت أريد أن أنديه مع الإبل فلما أن كان بغلس أغار عبد
الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل راعيها وخرج
يطردها هو وأناس معه في خيل فقلت يا رباح اقعد على هذا الفرس فألحقه
بطلحة وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد أغير على سرحه
قال وقمت على تل فجعلت وجهي من قبل المدينة ثم ناديت ثلاث مرات
يا صباحاه ثم اتبعت القوم ومعي سيفي ونبلي فجعلت أرميهم وأعقر بهم
وذلك حين يكثر الشجر فإذا رجع إلي فارس جلست له في أصل شجرة ثم
رميت فلا يقبل علي فارس إلا عقرت به فجعلت أرميهم وأقول
أنا بن الأكوع واليوم يوم الرضع
فألحق برجل فأرميه وهو على رحله فيقع سهمي في الرجل حتى انتظمت
كبده فقلت خذها وأنا بن الأكوع واليوم يوم الرضع فإذا كنت
في الشجرة أحدقتهم بالنبل وإذا تضايقت الثنايا علوت الجبل فرميتهم بالحجارة
فما زال ذلك شأني وشأنهم أتبعهم وأرتجز حتى ما خلق الله شيئا من ظهر النبي
صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري واستنقذته من أيديهم ثم لم أزل
أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحا وأكثر من ثلاثين بردة يستخفون منها
ولا يلقون من ذلك شيئا إلا جعلت عليه حجارة وجمعته على طريق رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى إذا امتد الضحى أتاهم عيينة بن بدر الفزاري
مددا لهم وهم في ثنية ضيقة ثم علوت الجبل فأنا فوقهم قال عيينة
ما هذا الذي أرى قالوا لقينا من هذا البرح ما فارقنا بسحر حتى الآن
وأخذ كل شئ في أيدينا وجعله وراء ظهره فقال عيينة لولا أن هذا يرى
أن وراءه طلبا لقد ترككم ثم قال ليقم إليه نفر منكم فقام إلي
نفر منهم أربعة فصعدوا في الجبل فلما أسمعتهم الصوت قلت لهم أتعرفونني
82

قالوا ومن أنت قلت أنا بن الأكوع والذي كرم وجه محمد لا يطلبني
رجل منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني فقال رجل منهم إن ذا ظن
قال فما برحت مقعدي ذلك حتى نظرت إلى فوارس رسول الله صلى الله
عليه وسلم يتخللون الشجر وإذا أولهم الأخرم الأسدي وعلى أثره أبو قتادة
فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أثر أبي قتادة المقداد فولى
المشركون مدبرين وأنزل من الجبل فأعرض للأخرم فآخذ عنان فرسه قلت
يا أخرم انذر القوم يعني احذرهم فإني لا آمن أن يقتطعوك فاتئد حتى
يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال يا سلمة إن كنت
تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين
الشهادة فخليت عنان فرسه فيلحق بعبد الرحمن بن عيينة ويعطف عليه عبد
الرحمن فاختلفا طعنتين فعقر الأخرم بعبد الرحمن فطعنه عبد الرحمن
فقتله فتحول عبد الرحمن على فرس الأخرم فيلحق أبو قتادة بعبد الرحمن
فاختلفا طعنتين فعقر بأبي قتادة وقتله أبو قتادة وتحول أبو قتادة على فرس
الأخرم ثم إني خرجت أعدو في أثر القوم حتى ما أرى من غبار أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم شيئا ويعرضون إلى شعب فيه ماء يقال له ذو قرد
فأرادوا أن يشربوا منه فأبصروني أعدو وراءهم فعطفوا عنه وأسندوا في الثنية
ثنية ذي دبر وغربت الشمس فألحق رجلا فأرميه فقلت خذها
وأنا بن الأكوع واليوم يوم الرضع
فقال يا ثكل أمي أأكوعي بكرة قال قلت نعم يا عدو
نفسه فكان الذي رميته بكرة فاتبعته بسهم آخر فعلق فيه سهمان ويخلفون
فرسين فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على
الماء الذي حلاتهم عنه ذو قرد فإذا نبي الله في خمسمائة وإذا بلال
قد نحر جزورا مما خلفت فهو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من
83

كبدها وسنامها فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول
الله خلني فانتخب من أصحابك مائة فآخذ على الكفار بالعشوة فلا يبقى
منهم مخبر إلا قتلته قال أكنت فاعلا ذلك يا سلمة قلت نعم والذي
أكرمك فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيت نواجذه في
ضوء النار ثم قال إنهم الآن يقرون بأرض بني غطفان فجاء رجل من
غطفان فقال مروا على فلان الغطفاني فنحر لهم جزورا فلما أخذوا
يكشطون جلدها رأوا غبرة فتركوها وخرجوا هرابا فلما أصبحنا قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا اليوم
سلمة فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الراجل والفارس ثم
أردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة فلما كان بيننا وبينها قريبا
من ضحوة وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق جعل ينادي هل
من مسابق ألا رجل يسابق إلى المدينة فأعاد ذلك مرارا وأنا وراء رسول
الله صلى الله عليه وسلم مردفي فقلت له ما تكرم كريما ولا تهاب
شريفا قال لا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله
بأبي أنت وأمي خلني فلا سابق الرجل فقال إن شئت فقلت اذهب
إليك فطفر عن راحلته وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة ثم إني ربطت عليه
شرفا أو شرفين يعني أسبقيت نفسي ثم إني عدوت حتى ألحقه فأصك بين
كتفيه بيدي قلت سبقتك والله إلى فوزه أو كلمة نحوها قال فضحك
وقال إني إن أظن حتى قدمنا المدينة
سرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الغمر
ثم سرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الغمر غمر مرزوق وهو
ماء لبني أسد على ليلتين من فيد طريق الأول إلى المدينة وكانت في شهر ربيع
84

الأول سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا وجه
رسول الله صلى الله عليه وسلم عكاشة بن محصن إلى الغمر في أربعين
رجلا فخرج سريعا يغذ السير ونذر به القوم فهربوا فنزلوا علياء بلادهم
ووجدوا دارهم خلوفا فبعث شجاع بن وهب طليعة فرأى أثر النعم فتحملوا
فأصابوا ربيئة لهم فأمنوه فدلهم على نعم لبني عم له فأغاروا عليها
فاستاقوا مائتي بعير فأرسلوا الرجل وحدروا النعم إلى المدينة وقدموا على رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولم يلقوا كيدا
سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصة
ثم سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصة في شهر ربيع الآخر سنة ست
من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى
الله عليه وسلم محمد بن مسلمة إلى بني ثعلبة وبني عوال من ثعلبة وهم بذي
القصة وبينها وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا طريق الربذة في عشرة نفر
فوردوا عليهم ليلا فأحدق به القوم وهم مائة رجل فتراموا ساعة من الليل
ثم حملت الاعراب عليهم بالرماح فقتلوهم ووقع محمد بن مسلمة جريحا
فضرب كعبه فلا يتحرك وجردوهم من الثياب ومر بمحمد بن مسلمة رجل
من المسلمين فحمله حتى ورد به المدينة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبا عبيدة بن الجراح في أربعين رجلا إلى مصارع القوم فلم يجدوا أحدا ووجدوا
نعما وشاء فساقه ورجع
85

سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة
ثم سرية أبي عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة في شهر ربيع الآخر سنة
ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أجدبت بلاد بني
ثعلبة وأنمار ووقعت سحابة بالمراض إلى تغلمين والمراض على ستة وثلاثين
ميلا من المدينة فسارت بنو محارب وثعلبة وأنمار إلى تلك السحابة وأجمعوا
أن يغيروا على سرح المدينة وهو يرعى بها في موضع على سبعة أميال من المدينة
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في أربعين رجلا
من المسلمين حين صلوا المغرب فمشوا إليهم حتى وافوا ذا القصة مع عماية
الصبح فأغاروا عليهم فأعجزوهم هربا في الجبال وأصاب رجلا واحدا
فأسلم وتركه فأخذ نعما من نعمهم فاستاقه ورثة من متاعهم وقدم بذلك
المدينة فخمسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقسم ما بقي عليهم
سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم
ثم سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم في شهر ربيع الآخر سنة
ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله
صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى بني سليم فسار حتى ورد الجموم ناحية
بطن نخل عن يسارها وبطن نخل من المدينة على أربعة برد فأصابوا عليه
امرأة من مزينة يقال لها حليمة فدلتهم عن محله من محال بني سليم فأصابوا
في تلك المحلة نعما وشاء وأسرى فكان فيهم زوج حليمة المزنية فلما
قفل زيد بن حارثة بما أصاب وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم للمزنية
نفسها وزوجها فقال بلال بن الحارث في ذلك شعرا
لعمرك ما أخنى المسول ولا ونت حليمة حتى راح ركبهما معا
86

سرية زيد بن حارثة إلى العيص
ثم سرية زيد بن حارثة إلى العيص وبينها وبين المدينة أربع ليال
وبينها وبين ذي المروة ليلة في جمادي الأولى سنة ست من مهاجر رسول الله
صلى الله عليه وسلم قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عيرا
لقريش قد أقبلت من الشام فبعث زيد بن حارثة في سبعين ومائة راكب يتعرض
لها فأخذوها وما فيها وأخذوا يومئذ فضة كثيرة لصفوان بن أمية وأسروا
ناسا ممن كان في العير منهم أبو العاص بن الربيع وقدم بهم المدينة فاستجار
أبو العاص بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجارته ونادت في
الناس حين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر إني قد أجرت
أبا العاص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما علمت بشئ من هذا
وقد أجرنا من أجرت ورد عليه ما أخذ منه
سرية زيد بن حارثة إلى الطرف
ثم سرية زيد بن حارثة إلى الطرف في جمادي الآخرة سنة ست من
مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله
عليه وسلم زيد بن حارثة إلى الطرف وهو ماء قريب من المراض دون
النخيل على ستة وثلاثين ميلا من المدينة طريق البقرة على المحجة فخرج
إلى بني ثعلبة في خمسة عشر رجلا فأصاب نعما وشاء وهربت الاعراب وصبح
زيد بالنعم المدينة وهي عشرون بعيرا ولم يلق كيدا وغاب أربع ليال وكان
شعارهم أمت أمت
87

سرية زيد بن حارثة إلى حسمى
ثم سرية زيد بن حارثة إلى حسمى وهي وراء وادي القرى في جمادي
الآخرة سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أقبل
دحية بن خليفة الكلبي من عند قيصر وقد أجاره وكساه فلقيه الهنيد بن عارض
وابنه عارض بن الهنيد في ناس من جذام بحسمى فقطعوا عليه الطريق فلم
يتركوا عليه إلا سمل ثوب فسمع بذلك نفر من بني الضبيب فنفروا إليهم
فاستنقذوا لدحية متاعه وقدم دحية على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره
بذلك فبعث زيد بن حارثة في خمسمائة رجل ورد معه دحية فكان زيد يسير
الليل ويكمن النهار ومعه دليل له من بني عذرة فأقبل بهم حتى هجم بهم
مع الصبح على القوم فأغاروا عليهم فقتلوا فيهم فأوجعوا وقتلوا الهنيد وابنه
وأغاروا على ماشيتهم ونعمهم ونسائهم فأخذوا من النعم ألف بعير ومن الشاء
خمسة آلاف شاة ومن السبي مائة من النساء والصبيان فرحل زيد بن رفاعة
الجذامي في نفر من قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفع إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم كتابه الذي كان كتب له ولقومه ليالي قدم عليه
فأسلم وقال يا رسول الله لا تحرم علينا حلالا ولا تحل لنا حراما
فقال كيف أصنع بالقتلى قال أبو يزيد بن عمرو أطلق لنا يا رسول الله
من كان حيا ومن قتل فهو تحت قدمي هاتين فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم صدق أبو يزيد فبعث معهم عليا رضي الله تعالى عنه إلى زيد بن
حارثة يأمره أن يخلي بينهم وبين حرمهم وأموالهم فتوجه علي فلقي رافع بن
مكيث الجهني بشير زيد بن حارثة على ناقة من إبل القوم فردها علي على
القوم ولقي زيدا بالفحلتين وهي بين المدينة وذي المروة فأبلغه أمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم فرد إلى الناس كل ما كان أخذ لهم
88

سرية زيد بن حارث إلى وادي القرى
ثم سرية زيد بن حارثة إلى وادي القرى في رجب سنة ست من مهاجر
رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
زيدا أميرا سنة ست
سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل
ثم سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل في شعبان سنة ست من
مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا دعا رسول الله صلى الله
عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف فأقعده بين يديه وعممه بيده وقال أغز
بسم الله وفي سبيل الله فقاتل من كفر بالله لا تغل ولا تغدر ولا تقتل وليدا
وبعثه إلى كلب بدومة الجندل وقال إن استجابوا لك فتزوج ابنة ملكهم
فسار عبد الرحمن حتى قدم دومة الجندل فمكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الاسلام
فأسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي وكان نصرانيا وكان رأسهم وأسلم معه
ناس كثير من قومه وأقام من أقام على إعطاء الجزية وتزوج عبد الرحمن تماضر
بنت الأصبغ وقدم بها إلى المدينة وهي أم أبي سلمة بن عبد الرحمن
سرية علي بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفدك
ثم سرية علي بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكر بفدك في شعبان سنة
ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بلغ رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن لهم جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر فبعث
89

إليهم علي بن أبي طالب في مائة رجل فسار الليل وكمن النهار حتى انتهى
إلى الهمج وهو ماء بين خيبر وفدك وبين فدك والمدينة ست ليال فوجدوا
به رجلا فسألوه عن القوم فقال أخبركم على أنكم تؤمنوني فآمنوه
فدلهم فأغاروا عليهم فأخذوا خمسمائة بعير و ألفي شاة وهربت بنو سعد
بالظعن ورأسهم وبر بن عليم فعزل علي صفي النبي صلى الله عليه وسلم
لقوحا تدعى الحفذة ثم عزل الخمس وقسم سائر الغنائم على أصحابه وقدم
المدينة ولم يلق كيدا
سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة بوادي القرى
ثم سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة بناحية بوادي القرى على سبع
ليال من المدينة في شهر رمضان سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله
عليه وسلم قالوا خرج زيد بن حارثة في تجارة إلى الشام ومعه بضائع لأصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان دون وادي القرى لقيه ناس من فزارة
من بني بدر فضربوه وضربوا أصحابه وأخذوا ما كان معهم ثم استبل زيد
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فبعثه رسولا لله صلى الله
عليه وسلم إليهم فكمنوا النهار وساروا الليل ونذرت بهم بنو بدر ثم
صبحهم زيد وأصحابه فكبروا وأحاطوا بالحاضر وأخذوا أم قرفة وهي
فاطمة بنت ربيعة بن بدر وابنتها جارية بنت مالك بن حذيفة بن بدر فكان
الذي أخذ الجارية مسلمة بن الأكوع فوهبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فوهبها رسول الله بعد ذلك لحزن بن أبي وهب وعمد قيس بن المحسر إلى أم
قرفة وهي عجوز كبيرة فقتلها قتلا عنيفا ربط بين رجليها حبلا ثم
ربطها بين بعيرين ثم زجرهما فذهبا فقطعاها وقتل النعمان وعبيد الله ابني
90

مسعدة بن حكمة بن مالك بن بدر وقدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك فقرع
باب النبي صلى الله عليه وسلم فقام إليه عريانا يجر ثوبه حتى اعتنقه وقبله
وسايله فأخبره بما ظفره الله به
سرية عبد الله بن عتيك إلى أبي رافع
ثم سرية عبد الله بن عتيك إلى أبي رافع سلام بن أبي الحقيق النضري
بخيبر في شهر رمضان سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا كان أبو رافع بن أبي الحقيق قد أجلب في غطفان ومن حوله من مشركي
العرب وجعل لهم الحفل العظيم لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبعث رسول الله عبد الله بن عتيك و عبد الله بن أنيس وأبا قتادة والأسود بن
خزاعي ومسعود بن سنان وأمرهم بقتله فذهبوا إلى خيبر فكمنوا فلما
هدأت الرجل جاؤوا إلى منزله فصعدوا درجة له وقدموا عبد الله بن عتيك
لأنه كان يرطن باليهودية فاستفتح وقال جئت أبا رافع بهدية ففتحت
له امرأته فلما رأت السلاح أرادت أن تصيح فأشاروا إليها بالسيف فسكتت
فدخلوا عليه فما عرفوه إلا ببياضه كأنه قبطية فعلوه بأسيافهم قال بن
أنيس وكنت رجلا أعشى لا أبصر فأتكئ بسيفي على بطنه حتى سمعت
خشة في الفراش وعرفت أنه قد قضى وجعل القوم يضربونه جميعا ثم
نزلوا وصاحت امرأته فتصايح أهل الدار واختبأ القوم في بعض مناهر خيبر
وخرج الحارث أبو زينب في ثلاثة آلاف في آثارهم يطلبونهم بالنيران فلم يروهم فرجعوا ومكث القوم يومين حتى سكن الطلب ثم خرجوا
مقبلين إلى المدينة كلهم يدعي قتله فقدموا على رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال أفلحت الوجوه فقالوا أفلح وجهك يا رسول الله
91

وأخبروه خبرهم فأخذ أسيافهم فنظر إليها فإذا أثر الطعام في ذباب سيف عبد
الله بن أنيس فقال هذا قتله
سرية عبد الله بن رواحة إلى أسير بن زارم
رضي الله تعالى عنه ثم سرية عبد الله بن رواحة إلى أسير بن زارم اليهودي بخيبر في شوال
سنة ست من مهاجر رسولا لله صلى الله عليه وسلم قالوا لما قتل أبو
رافع سلام بن أبي الحقيق أمرت يهود عليهم أسير بن زارم فسار في غطفان
وغيرهم يجمعهم لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغ ذلك رسول
الله صلى الله عليه وسلم فوجه عبد الله بن رواحة في ثلاثة نفر في شهر رمضان
سرا فسأل عن خبره وغرته فأخبر بذلك فقدم على رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأخبره فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فانتدب له
ثلاث ورجلا فبعث عليهم عبد الله بن رواحة فقدموا على أسير فقالوا
نحن آمنون حتى نعرض عليك ما جئنا له قال نعم ولي منكم مثل ذلك
وقالوا نعم فقلنا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا إليك
لتخرج إليه فيستعملك على خيبر ويحسن إليك فطمع في ذلك فخرج وخرج
معه ثلاثون رجلا من اليهود مع كل رجل رديف من المسلمين حتى إذا كنا
بقرقرة ثبار ندم أسير فقال عبد الله بن أنيس وكان في السرية وأهوى
بيده إلى سيفي ففطنت له ودفعت بعيري وقلت غدرا أي عدوا الله فعل ذلك
مرتين فنزلت فسقت بالقوم حتى انفرد لي أسير فضربته بالسيف فأندرت
عامة فخذه وساقه وسقط عن بعيره وبيده مخرش من شوحط فضربني
فشجني مأمومة وملنا على أصحابه فقتلناهم كلهم غير رجل واحد أعجزنا
شدا ولم يصب من المسلمين أحد ثم أقبلنا إلى رسول الله صلى الله عليه
92

وسلم فحدثناه الحديث فقال قد نجاكم الله من القوم الظالمين
سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين
ثم سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين في شوال سنة ست من
مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا قدم نفر من عرينة ثمانية على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا واستوبأوا المدينة فأمر بهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى لقاحه وكانت ترعى بذي الجدر ناحية قباء قريبا
من عير على ستة أميال من المدينة فكانوا فيها حتى صحوا وسمنوا فغدوا
على اللقاح فاستاقوها فيدركهم يسار مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومعه نفر فقاتلهم فقطعوا يده ورجله وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى
مات وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر فبعث في أثرهم عشرين
فارسا واستعمل عليهم كرز بن جابر الفهري فأدركوهم فأحاطوا بهم وأسروهم
وربطوهم وأردفوهم على الخيل حتى قدموا بهم المدينة وكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم بالغابة فخرجوا بهم نحوه فلقوا بالزغابة بمجتمع السيول
وأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم فصلبوا هناك وأنزل على
رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جزاء الذين يحاربون الله
ورسوله ويسعون في الأرض فسادا الآية فلم يسمل بعد ذلك عينا
وكانت اللقاح خمس عشرة لقحة غزارا فردوها إلى المدينة ففقد رسول الله
صلى الله عليه وسلم لقحة تدعى الحناء فسأل عنها فقيل نحروها
سرية عمرو بن أمية الضمري
ثم سرية عمرو بن أمية الضمري وسلمة بن أسلم بن حريس إلى أبي
سفيان بن حرب بمكة وذلك أن أبا سفيان بن حرب قال لنفر من قريش
93

ألا أحد يغتال محمدا فإنه يمشي في الأسواق فأتاه رجل من الاعراب فقال
قد وجدت أجمع الرجال قلبا وأشده بطشا وأسرعه شدا فإن أنت قويتني
خرجت إليه حتى أغتاله ومعي خنجر مثل خافية النسر فأسوره ثم آخذ في
عير وأسبق القوم عدوا فإني هاد بالطريق خريت قال أنت صاحبنا
فأعطاه بعيرا ونفقة وقال اطو أمرك فخرج ليلا فسار على راحلته خمسا وصبح
ظهر الحرة صبح سادسة ثم أقبل يسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى دل عليه فعقل راحلته ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو في مسجد بني عبد الأشهل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إن هذا ليريد غدرا فذهب ليجني على رسول الله صلى الله عليه
وسلم فجذبه أسيد بن الحضير بداخلة إزاره فإذا الخنجر فسقط في يديه وقال
دمي دمي فأخذ أسيد بلبته فدعته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اصدقني ما أنت قال وأنا آمن قال نعم فأخبره بأمره وما جعل له
أبو سفيان فخلى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وبعث رسول
الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية وسلمة بن أسلم إلى أبي سفيان بن
حرب وقال إن أصبتما منه غرة فاقتلاه فدخلا مكة ومضى عمرو بن أمية
يطوف بالبيت ليلا فرآه معاوية بن أبي سفيان فعرفه فأخبر قريشا بمكانه فخافوه
وطلبوه وكان فاتكا في الجاهلية وقالوا لم يأت عمرو لخير فحشد له أهل
مكة وتجمعوا وهرب عمرو وسلمة فلقي عمرو عبيد الله بن مالك بن عبيد
الله التيمي فقتله وقتل آخر من بني الديل سمعه يتغنى ويقول
ولست بمسلم ما دمت حيا ولست أدين دين المسلمينا
ولقي رسولين لقريش بعثتهما يتحسبان الخبر فقتل أحدهما وأسر الآخر
فقدم به المدينة فجعل عمرو يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك
94

غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية خرج للعمرة في
ذي القعدة سنة ست من مهاجره قالوا استنفر رسول الله صلى الله عليه
وسلم أصحابه إلى العمرة فأسرعوا وتهيأوا ودخل رسول الله صلى الله عليه
وسلم بيته فاغتسل ولبس ثوبين وركب راحلته القصواء وخرج وذلك يوم
الاثنين لهلال ذي القعدة واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ولم
يخرج معه بسلاح إلا السيوف في القرب وساق بدنا وساق أصحابه أيضا
بدنا فصلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا بالبدن التي ساق فجللت ثم أشعرها
في الشق الأيمن وقلدها وأشعر أصحابه أيضا وهن موجهات إلى القبلة وهي
سبعون بدنة فيها جمل أبي جهل الذي غنمه يوم بدر وأحرم ولبى وقدم
عباد بن بشر أمامه طليعة في عشرين فرسا من خيل المسلمين وفيهم رجال
من المهاجرين والأنصار وخرج معه من المسلمين ألف وستمائة ويقال ألف
وأربعمئة ويقال ألف وخمسمئة وخمسة وعشرون رجلا وأخرج معه زوجته
أم سلمة رضي الله تعالى عنها وبلغ المشركين خروجه فأجمع رأيهم على صده
عن المسجد الحرام وعسكروا ببلدح وقدموا مائتي فارس إلى كراع الغميم
وعليهم خالد بن الوليد ويقال عكرمة بن أبي جهل ودخل بسر بن سفيان
الخزاعي مكة فسمع كلامهم وعرف رأيهم فرجع إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فلقيه بغدير الأشطاط وراء عسفان فأخبره بذلك ودنا خالد
بن الوليد في خيله حتى نظر إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم عباد بن بشر فتقدم في خيله فأقام بإزائه
وصف أصحابه وحانت صلاة الظهر وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بأصحابه صلاة الخوف فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لأصحابه تيامنوا في هذا العصل فإن عيون قريش بمر الظهران وبضجنان
95

فسار حتى دنا من الحديبية وهي طرف الحرم على تسعة أميال من مكة فوقعت
يدا راحلته على ثنية تهبطه على غائط القوم فبركت فقال المسلمون حل
حل يزجرونها فأبت أن تنبعث فقالوا خلات القصواء فقال النبي
صلى الله عليه وسلم إنها ما خلات ولكن حبسها حابس الفيل أما والله
لا يسألوني اليوم خطة فيها تعظيم حرمة الله إلا أعطيتهم إياها ثم زجرها
فقامت فولى راجعا عوده على بدئه حتى نزل بالناس على ثمد من أثماد
الحديبية ظنون قليل الماء فانتزع سهما من كنانته فأمر به فغرز فيها فجاشت
لهم بالرواء حتى اغترفوا بآنيتهم جلوسا على شفير البئر ومطر رسول الله صلى
الله عليه وسلم بالحديبية مرارا وكرت المياه وجاءه بديل بن ورقاء وركب
من خزاعة فسلموا عليه وقال بديل جئناك من عند قومك كعب بن لؤي
وعامر بن لؤي قد استنفروا لك الأحابيش ومن أطاعهم معهم العوذ والمطافيل
والنساء والصبيان يقسمون بالله لا يخلون بينك وبين البيت حتى تبيد خضراؤهم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نأت لقتال أحد إنما جئنا لنطوف
بهذا البيت فمن صدنا عنه قاتلناه فرجع بديل فأخبر بذلك قريشا فبعثوا عروة
بن مسعود الثقفي فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو مما كلم به
بديلا فانصرف إلى قريش فأخبرهم فقالوا نرده عن البيت في عامنا هذا
ويرجع من قابل فيدخل مكة ويطوف بالبيت ثم جاء مكرز بن حفص بن
الأخيف فكلمه بنحو مما كلم به صاحبيه فرجع إلى قريش فأخبرهم فبعثوا
الحليس بن علقمة وهو يومئذ سيد الأحابيش وكان يتأله فلما رأى الهدي
عليه القلائد قد أكل أوباره من طول الحبس رجع ولم يصل إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم إعظاما لما رأى فقال لقريش والله لتخلن بينه وبين
ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش قالوا فاكفف عنا حتى نأخذ لأنفسنا ما
نرضى به وكان أول من بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش
خراش بن أمية الكعبي ليخبرهم ما جاء له فعقروا به وأرادوا قتله فمنعه
96

من هناك قومه فأرسل عثمان بن عفان فقال اذهب إلى قريش فأخبرهم
أنا لم نأت لقتال أحد وإنما جئنا زوارا لهذا البيت معظمين لحرمته معنا الهدي
ننحره وننصرف فأتاهم فأخبرهم فقالوا لا كان هذا أبدا ولا يدخلها علينا
العام وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل فذلك حيث
دعا المسلمين إلى بيعة الرضوان فبايعهم تحت الشجرة وبايع لعثمان رضي الله
تعالى عنه فضرب بشماله على يمينه لعثمان رضي الله تعالى عنه وقال إنه ذهب في
حاجة الله وحاجة رسوله وجعلت الرسل تختلف بين رسول الله صلى الله
عليه وسلم وبين قريش فأجمعوا على الصلح والموادعة فبعثوا سهيل بن
عمرو في عدة من رجالهم فصالحه على ذلك وكتبوا بينهم هذا ما صالح عليه
محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو واصطلحا على وضع الحرب عشر سنين
يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض على أنه لا إسلال ولا إغلال
وأن بيننا عيبة مكفوفة وأنه من أحب أن يدخل في عهد محمد وعقده فعل
وأنه من أحب أن يدخل في عهد قريش وعقدها فعل وأنه من أتى محمدا منهم
بغير إذن وليه رده إليه وأنه من أتى قريشا من أصحاب محمد لم يردوه
وأن محمدا يرجع عنا عامه هذا بأصحابه ويدخل علينا قابلا في أصحابه فيقيم
بها ثلاثا لا يدخل علينا بسلاح إلا سلاح المسافر السيوف في القرب وشهد
أبو بكر بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب و عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي
وقاص وعثمان بن عفان وأبو عبيدة بن الجراح ومحمد بن مسلمة وحويطب
بن عبد العزى ومكرز بن حفص بن الأخيف وكتب علي صدر هذا الكتاب
فكان هذا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم وكانت نسخته عند سهيل بن
عمرو وخرج أبو جندل بن سهيل بن عمرو من مكة إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم يرسف في الحديد فقال سهيل هذا أول من أقاضيك عليه
فرده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا أبا جندل قد تم
الصلح بيننا وبين القوم فاصبر حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا ووثبت
97

خزاعة فقالوا نحن ندخل في عهد محمد وعقده ووثبت بنو بكر فقالوا
نحن ندخل مع قريش في عهدها وعقدها فلما فرغوا من الكتاب انطلق
سهيل وأصحابه ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم هديه وحلق
حلقه خراش بن أمية الكعبي ونحر أصحابه وحلق عامتهم وقصر الآخرون
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله المحلقين قالها ثلاثا
قيل يا رسول الله والمقصرين قال والمقصرين وأقام رسول الله صلى
الله عليه وسلم بالحديبية بضعة عشر يوما ويقال عشرين يوما ثم انصرف
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كانوا بضجنان نزل عليه إنا
فتحنا لك فتحا مبينا فقال جبريل عليه السلام يهنئك يا رسول الله
وهنأه المسلمون
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا شريك عن أبي إسحاق قال سمعت
البراء يقول كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة
أخبرنا سليمان بن داود أبو داود الطيالسي أخبرنا شعبة أخبرني
عمرو بن مرة سمعت عبد الله بن أبي أوفى صاحب رسول الله صلى الله
عليه وسلم وكان قد شهد بيعة الرضوان قال كنا يومئذ ألفا وثلاثمائة
وكانت أسلم يومئذ ثمن المهاجرين
أخبرنا سليمان بن داود الطيالسي قال أخبرنا شعبة عن عمرو بن مر
سمعت سالم بن أبي الجعد قال سألت جابر بن عبد الله كم كنتم يوم
الشجرة قال كنا ألفا وخمسمئة وذكر عطشا أصابهم قال فأتي
رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء في تور فوضع يده فيه فجعل الماء
يخرج من بين أصابعه كأنها العيون قال فشربنا ووسعنا وكفانا قال
قلت كم كنتم قال لو كنا مائة ألف لكفانا كنا ألفا وخمسمئة
وأخبرنا موسى بن مسعود أبو حذيفة النهدي أخبرنا عكرمة بن
عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه قال قدمنا الحديبية مع رسول الله
98

صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشرة مائة وعليها خمسون شاة ما ترويها
قال فعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جباها فإما دعا وإما
بزق قال فجاشت قال فسقينا واستقينا
أخبرنا عبيد الله بن موسى أخبرنا إسرائيل عن طارق قال انطلقت
حاجا فمررت بقوم يصلون فقلت ما هذا المسجد قالوا هذه الشجرة
حيث بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان فأتيت سعيد بن
المسيب فأخبرته فقال حدثني أبي أنه كان في من بايع رسول الله صلى
الله عليه وسلم تحت الشجرة قال فلما خرجنا من العام نسيناها
فلم نقدر عليها قال سعيد إن كان أصحاب محمد لم يعلموها وعلمتموها
أنتم فأنتم أعلم
أخبرنا قبيصة بن عقبة ومحمد بن عبد الله الأسدي قالا أخبرنا سفيان
عن طارق بن عبد الرحمن قال كنت عند سعيد بن المسيب فتذاكروا
الشجرة فضحك ثم قال حدثني أبي أنه كان ذلك العام معهم وأنه قد شهدها
فنسوها من العام المقبل
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي عن زياد بن الجصاص عن الحسن
عن عبد الله بن مغفل قال عبد الوهاب وأخبرني سعيد عن قتادة عن عبد
الله بن مغفل قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة
يبايع الناس وأبي رافع أغصانها عن رأسه
أخبرنا يونس بن محمد المؤدب وأحمد بن إسحاق الحضرمي قالا
أخبرنا يزيد بن بزيع عن خالد الحذاء عن الحكم بن عبد الله الأعرج عن
معقل بن يسار قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام
الحديبية وكان يبايع الناس وأنا أرفع بيدي غصنا من أغصان الشجرة عن
رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعهم على أن لا يفروا ولم يبايعهم
على الموت فقلنا لمعقل كم كنتم يومئذ قال ألفا وأربعمائة رجل
99

أخبرنا المعلى بن أسد أخبرنا وهيب عن خالد الحذاء عن الحكم
بن الأعرج عن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع
الناس عام الحديبية تحت الشجرة ومعقل بن يسار رافع غصنا من أغصان
الشجرة بيده عن رأسه فبايعهم على أن لا يفروا قال قلنا كم كنتم
قال ألفا وأربعمائة
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا عبد الله بن عون عن نافع قال
كان الناس يأتون الشجرة التي يقال لها شجرة الرضوان فيصلون عندها
قال فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فأوعدهم فيها وأمر بها فقطعت
أخبرنا وكيع بن الجراح و عبد الله بن نمير عن إسماعيل بن أبي خالد
عن عامر قال إن أول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان
أبو سنان الأسدي
قال محمد بن سعد فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر فقال هذا
وهل أبو سنان الأسدي قتل في حصار بني قريظة قبل الحديبية والذي
بايعه يوم الحديبية سنان بن سنان الأسدي
أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني حدثني إبراهيم بن عقيل
بن معقل عن أبيه عن وهب بن منبه قال سألت جابر بن عبد الله كم
كانوا يوم الحديبية قال كنا أربع عشرة مائة فبايعناه تحت الشجرة
وهي سمرة وعمر آخذ بيده غير جد بن قيس اختبأ تحت إبط بعيره
وسألته كيف بايعوه قال بايعنا على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت
وسألته هل بايع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة فقال لا
ولكن صلى بها ولم يبايع عند الشجرة إلا الشجرة التي بالحديبية ودعا النبي
صلى الله عليه وسلم على بئر الحديبية وأنهم نحروا سبعين بدنة بين كل
سبعة منهم بدنة
قال جابر وأخبرتني أم مبشر أنها سمعت النبي صلى الله عليه
100

وسلم يقول عند حفصة لا يدخل النار إن شاء الله أصحاب الشجرة
الذين بايعوا تحتها قالت حفصة بلى يا رسول الله فانتهرها فقالت
حفصة وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ثم ننجي الذين اتقوا
ونذر الظالمين فيها جثيا
وأخبرنا موسى بن مسعود النهدي أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن
البراء بن عازب قال صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين يوم
الحديبية على ثلاثة أشياء على أن من أتاه من المشركين يرد إليهم ومن
أتاهم من المسلمين لم يردوه إليهم وعلى أن يدخلها من قابل فيقيم بها
ثلاثة أيام ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف والقوس ونحوه فجاء أبو
جندل يحجل في قيده فرده إليهم
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة
قال لما كتب النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب الذي بينه وبين أهل
مكة يوم الحديبية قال اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم قالوا أما الله
فنعرفه وأما الرحمن الرحيم فلا نعرفه قال فكتبوا باسمك اللهم
قال وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفل الكتاب ولنا
عليكم مثل الذي الذي لكم علينا
أخبرنا موسى بن مسعود النهدي أخبرنا عكرمة بن عمار عن أبي
زميل عن بن عباس قال قال عمر بن الخطاب لقد صالح رسول الله
صلى الله عليه وسلم أهل مكة على صلح وأعطاهم شيئا لو أن نبي الله
أمر علي أميرا فصنع الذي صنع نبي الله ما سمعت له ولا أطعت وكان
الذي جعل لهم أن من لحق من الكفار بالمسلمين يردوه ومن لحق بالكفار
لم يردوه
أخبرنا أبو سهل نصر بن باب عن الحجاج عن أبي إسحاق عن البراء
101

بن عازب أنه قال اشترط أهل مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
من الحديبية ألا يدخل أحد من أصحابه مكة بسلاح إلا سلاحا في قراب
أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق أخبرنا شريك عن أبي إسحاق
عن البراء بن عازب قال اشترط المشركون على رسول الله صلى الله عليه
وسلم عام الحديبية ألا يدخلها بسلاح فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلا جلبان السلاح قال وهو القراب وما فيه السيف
والقوس
وأخبرنا محمد بن حميد العبدي عن معمر عن قتادة قال لما كان
سفر الحديبية صد المشركون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن
البيت فقاضوا المشركين يومئذ قضية أن لهم أن يعتمروا العام المقبل في
هذا الشهر الذي صدوهم فيه فجعل الله لهم شهرا حراما يعتمرون فيه مكان
شهرهم الذي صدوا فيه فذلك قوله الشهر الحرام بالشهر الحرام
والحرمات قصاص
أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي أخبرنا أبو عوانة عن حصين عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا سفيان بن حرب قال
حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الحديبية كان بينهم
وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد ألا يلج علينا بسلاح ولا يقيم
بمكة إلا ثلاث ليال ومن خرج منا إليكم رددتموه علينا ومن أتانا منكم
رددناه إليكم
أخبرنا أبو معاوية الضرير ومحمد بن عبيد قالا أخبرنا الأعمش عن
أبي سفيان عن جابر قال نحر النبي صلى الله عليه وسلم سبعين بدنة
عام الحديبية البدنة عن سبعة وزاد محمد بن عبيد في حديثه وكنا
يومئذ ألفا وأربعمائة ومن لم يضح يومئذ أكثر ممن ضحى
أخبرنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن إياس بن
102

سلمة الأكوع عن أبيه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
غزوة الحديبية فنحرنا مائة بدنة ونحن بضع عشرة مائة ومعهم عدة السلاح
والرجال والخيل وكان في بدنه جمل أبي جهل فنزل بالحديبية فصالحته
قريش على أن هذا الهدي محله حيث حبسناه
أخبرنا إسحاق بن عيسى أخبرني مالك بن أنس عن أبي الزبير عن
جابر بن عبد الله قال نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام
الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
عن جابر بن عبد الله قال نحر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم
الحديبية سبعين بدنة البدنة عن سبعة
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا أبو عوانة عن أبي بشر بن سليمان
بن قيس عن جابر بن عبد الله قال نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم الحديبية سبعين بدنة البدنة عن سبعة
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا سفيان الثوري عن أبي
الزبير عن جابر قال نحرنا يوم الحديبية سبعين بدنة البدنة عن سبعة
وقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشترك منكم النفر الهدي
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن
قتادة عن أنس بن مالك أنهم نحروا يوم الحديبية سبعين بدنة عن كل
سبعة بدنة
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
قال ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم الحديبية
فرأى رجالا من أصحابه قد قصروا فقال يغفر الله للمحلقين قالوا
يا رسول الله وللمقصرين قال ذلك ثلاثا وأجابوه بمثل ذلك فقال عند
الرابعة وللمقصرين
103

أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا هشام الدستوائي عن يحيى بن
أبي كثير عن أبي إبراهيم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم رأى أصحابه حلقوا رؤوسهم عام الحديبية غير عثمان بن عفان
وأبي قتادة الأنصاري فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين
ثلاث مرات وللمقصرين مرة
أخبرنا يونس بن محمد المؤدب أخبرنا أوس بن عبد الله النصري
أخبرنا بريد بن أبي مريم عن أبيه مالك بن ربيعة أنه سمع النبي صلى
الله عليه وسلم يقول اللهم اغفر للمحلقين فقال رجل وللمقصرين
فقال في الثالثة أو في الرابعة وللمقصرين قال وأنا محلوق يومئذ فما
سرني حمر النعم أو خطر عظيم
أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس عن مجمع بن يعقوب عن
أبيه أنه قال لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وحلقوا
بالحديبية ونحروا بعث الله ريحا عاصفا فاحتملت أشعارهم فألقتها في الحرم
حدثنا الفضل بن دكين عن شريك عن ليث عن مجاهد إنا
فتحنا لك فتحا مبينا قال نزلت عام الحديبية
أخبرنا الفضل بن دكين عن سفيان بن عيينة عن بن جريج عن مجاهد
إنا فتحنا لك فتحا مبينا إنا قضينا لك قضاء مبينا فنحر النبي صلى
الله عليه وسلم بالحديبية وحلق رأسه
أخبرنا هاشم بن القاسم الكناني أخبرنا شعبة عن قتادة سمعت أنس
بن مالك يقول نزلت هذه الآية حين رجع النبي صلى الله عليه وسلم
من الحديبية إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم
من ذنبك وما تأخر
أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان الثوري عن داود عن الشعبي
قال الهجرة ما بين الحديبية إلى الفتح والحديبية هي الفتح
104

أخبرنا يونس بن محمد المؤدب أخبرنا مجمع بن يعقوب حدثني
أبي عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن مجمع بن جارية قال شهدت الحديبية
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرفنا عنها إذا الناس يوجفون
الأباعر قال فقال الناس بعضهم لبعض ما للناس قالوا أوحي إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فخرجنا نوجف مع الناس حتى
وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا عند كراع الغميم فلما
اجتمع إليه بعض ما يريد من الناس قرأ عليهم إنا فتحنا لك فتحا مبينا
قال قال رجل من أصحاب محمد يا رسول الله أو فتح هو قال أي والذي
نفسي بيده إنه لفتح قال ثم قسمت خيبر على أهل الحديبية على ثمانية
عشر سهما وكان الجيش ألفا وخمسمائة فيهم ثلاثمائة فارس وكان للفارس
سهمان
أخبرنا مالك بن إسماعيل أخبرنا زهير أخبرنا أبو إسحاق قال
قال البراء أما نحن فنسمي الذي يسمون فتح مكة يوم الحديبية بيعة
الرضوان
أخبرنا علي بن محمد عن جويرية بن أسماء عن نافع قال خرج
قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بأعوام فما
عرف أحد منهم الشجرة واختلفوا فيها قال بن عمر كانت رحمة
من الله
أخبرنا عبد الله بن الوهاب بن عطاء العجلي قال أخبرنا خالد الحذاء
أخبرني أبو المليح عن أبيه قال أصابنا يوم الحديبية مطر لم يبل أسافل
نعالنا فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صلوا في
رحالكم
105

غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر في جمادي الأولى سنة
سبع من مهاجره وهي على ثمانية برد من المدينة قالوا أمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتهيؤ لغزوة خيبر ويجلب من حوله
يغزون معه فقال لا يخرجن معنا إلا راغب في الجهاد وشق ذلك على
من بقي بالمدينة من اليهود فخرج واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة
الغفاري وأخرج معه أم سلمة زوجته فلما نزل بساحتهم لم يتحركوا
تلك الليلة ولم يصح لهم ديك حتى طلعت الشمس وأصبحوا وأفئدتهم
تخفق وفتحوا حصونهم وغدوا إلى أعمالهم معهم المساحي والكرازين
والمكاتل فلما نظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا محمد
والخميس يعنون بالخميس الجيش فولوا هاربين إلى حصونهم وجعل
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله أكبر خربت خيبر إنا
إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ووعظ رسول الله صلى الله
عليه وسلم الناس وفرق بينهم الرايات ولم يكن الرايات إلا يوم خيبر إنما
كانت الألوية فكانت راية النبي صلى الله عليه وسلم السوداء من برد
لعائشة تدعى العقاب ولواءه أبيض ودفعه إلى علي بن أبي طالب وراية
إلى الحباب بن المنذر وراية إلى سعد بن عبادة وكان شعارهم يا منصور
أمت فقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين قاتلوه أشد
القتال وقتلوا من أصحابه عدة وقتل منهم جماعة كثيرة وفتحها حصنا
حصنا وهي حصون ذوات عدد منها النطاة ومنها حصن الصعب بن معاذ
وحصن ناعم وحصن قلعة الزبير والشق وبه حصون منها حصن أبي
وحصن النزار وحصون الكتيبة منها القموص والوطيح وسلالم وهو
حصن بني أبي الحقيق وأخذ كنز آل أبي الحقيق الذي كان في مسك
106

الجمل وكانوا قد غيبوه في خربة فدل الله رسوله عليه فاستخرجه
وقتل منهم ثلاثة وتسعين رجلا من يهود منهم الحارث أبو زينب ومرحب
وأسير وياسر وعامر وكنانة بن أبي الحقيق وأخوه وإنما ذكرنا هؤلاء
وسميناهم لشرفهم واستشهد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
بخيبر ربيعة بن أكثم وثقف بن عمرو بن سميط ورفاعة بن مسروح
وعبد الله بن أمية بن وهب حليف لبني أسد بن عبد العزى ومحمود بن
مسلمة وأبو ضياح بن النعمان من أهل بدر والحارث بن حاطب من أهل
بدر وعدي بن مرة بن سراقة وأوس بن حبيب وأنيف بن وائل ومسعود
بن سعد بن قيس وبشر بن البراء بن معرور مات من الشاة المسمومة
وفضيل بن النعمان وعامر بن الأكوع أصاب نفسه فدفن هو ومحمود بن
مسلمة في غار واحد بالرجيع بخيبر وعمارة بن عقبة بن عباد بن مليل
ويسار العبد الأسود ورجل من أشجع فجميعهم خمسة عشر رجلا وفي
هذه الغزاة سمت زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم رسول الله
صلى الله عليه وسلم أهدت له شاة مسمومة فأكل منها رسول الله صلى الله
عليه وسلم وناس من أصحابه فيهم بشر بن البراء بن معرور فمات منها
فيقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلها وهو الثبت عندنا وأمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغنائم فجمعت واستعمل عليها فروة
بن عمرو البياضي ثم أمر بذلك فجزئ خمسة أجزاء وكتب في سهم منها
لله وسائر السهمان أغفال وكان أول ما خرج سهم النبي صلى الله عليه
وسلم لم يتخير في الأخماس فأمر ببيع الأربعة الأخماس في من يزيد فباعها
فروة وقسم ذلك بين أصحابه وكان الذي ولي السهمان زيد بن ثابت
فأحصاهم ألفا وأربعمائة والخيل مئتي فرس وكانت السهمان على ثمانية عشر
سهما لكل مائة رأس وللخيل أربعمائة سهم وكان الخمس الذي صار إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطى منه على ما أراه الله من السلاح والكسوة
107

وأعطى منه أهل بيته ورجالا من بني عبد المطلب ونساء واليتيم والسائل
وأطعم من الكتيبة نساءه وبني عبد المطلب وغيرهم وقدم الدوسيون فيهم
أبو هريرة وقدم الطفيل بن عمرو وقدم الأشعريون ورسول الله صلى الله
عليه وسلم بخيبر فلحقوه بها فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه
فيهم أن يشركوهم في الغنيمة ففعلوا وقدم جعفر بن أبي طالب وأهل
السفينتين من عند النجاشي بعد أن فتحت خيبر فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما أدري بأيهما أنا أسر بقدوم جعفر أو بفتح خيبر وكانت
صفية بنت حيي ممن سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فأعتقها
وتزوجها وقدم الحجاج بن علاط السلمي على قريش بمكة فأخبرهم أن
محمدا قد أسرته يهود وتفرق أصحابه وقتلوا وهم قادمون بهم عليكم
واقتضى الحجاج دينه وخرج سريعا فلقيه العباس بن عبد المطلب فأخبره خبر
رسول الله صلى الله عليه وسلم على حقه وسأله أن يكتم عليه حتى يخرج
ففعل العباس فلما خرج الحجاج أعلن بذلك العباس وأظهر السرور
وأعتق غلاما يقال له أبو زبيبة
أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال أخبرنا هشام الدستوائي عن قتادة عن
أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى خيبر لثماني عشرة مضت من شهر رمضان فصام طوائف
من الناس وأفطر آخرون فلم يعب على الصائم صومه ولا على المفطر
فطره
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا حميد الطويل عن أنس
قال انتهينا إلى خيبر ليلا فلما أصبحنا وصلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم الغداة ركب وركب المسلمون معه فخرج وخرج أهل خيبر حين أصبحوا
بمساحيهم ومكاتلهم كما كانوا في أرضيهم فلما رأوا رسول الله صلى
الله عليه وسلم قالوا محمد والله محمد والجيش ثم رجعوا هرابا إلى
108

مدينتهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا
بساحة قوم فساء صباح المنذرين قال أنس وأنا رديف أبي طلحة وإن
قدمي لتمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا روح بن عبادة أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس
بن مالك عن أبي طلحة قال لما صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم
خيبر وقد أخذوا مساحيهم وغدوا إلى حروثهم وأرضيهم فلما رأوا نبي
الله صلى الله عليه وسلم ومعه الجيش نكصوا مدبرين فقال نبي الله صلى
الله عليه وسلم الله أكبر الله أكبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح
المنذرين
أخبرنا هوذة بن خليفة أخبرنا عوف عن الحسن قال لما نزل رسول
الله صلى الله عليه وسلم بحضرة خيبر فزع أهل خيبر وقالوا جاء محمد
وأهل يثرب قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى
فزعهم إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة أخبرنا ثابت عن أنس
قال كنت رديف أبي طلحة يوم خيبر وقدمي تمس قدم رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال فأتيناهم حين بزغت الشمس وقد أخرجوا مواشيهم
وخرجوا بفؤوسهم ومكاتلهم ومرورهم وقالوا محمد والخميس قال
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر الله أكبر إنا إذا نزلنا بساحة
قوم فساء صباح المنذرين قال فهزمهم الله
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس أن
النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بغلس وهو قريب من خيبر ثم
أغار عليهم فقال الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء
صباح المنذرين فدخل عليهم فخرجوا يسعون في السكك ويقولون محمد
والخميس محمد والخميس قال فقتل المقاتلة وسبى الذرية
109

أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة قال أخبرنا عبيد الله بن
عمر قال وأظنه عن نافع عن بن عمر قال أتى رسول الله عليه السلام
أهل خيبر عند الفجر فقاتلهم حتى ألجأهم إلى قصرهم وغلبهم على الأرض
والنخل فصالحهم على أن يحقن دماءهم ولهم ما حملت ركابهم وللنبي
صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة وهو السلاح ويخرجهم
وشرطوا للنبي صلى الله عليه وسلم أن لا يكتموه شيئا فإن فعلوا فلا
ذمة لهم ولا عهد فلما وجد المال الذي غيبوه في مسك الجمل سبى
نساءهم وغلب على الأرض والنخل ودفعها إليهم على الشطر فكان بن
رواحة يخرصها عليهم ويضمنهم الشطر
أخبرنا عبد الله بن نمير أخبرنا يحيى بن سعيد عن صالح بن كيسان
قال كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر مائتا فارس
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا وهيب أخبرنا سهيل عن أبيه
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر
لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ويفتح عليه
قال قال عمر فما أحببت الامارة قبل يومئذ فتطاولت لها واستشرفت رجاء
أن يدفعها إلي فلما كان الغد دعا عليا فدفعها إليه فقال قاتل ولا
تلتفت حتى يفتح الله عليك فسار قريبا ثم نادى يا رسول الله علام
أقاتل قال حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإذا
فعلوا ذلك فقد منعوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا عكرمة بن عمار أخبرني إياس
بن سلمة بن الأكوع قال أخبرني أبي قال بارز عمي يوم خيبر مرحب
اليهودي فقال مرحب
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
110

فقال عمي عامر
قد علمت خيبر أني عامر شاك السلاح بطل مغامر
فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر و ذهب عامر يسفل
له فرجع السيف على ساقه فقطع أكحله فكانت فيها نفسه قال سلمة
بن الأكوع فلقيت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا بطل عمل عامر قتل نفسه قال سلمة فجئت إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم أبكي فقلت يا رسول الله أبطل عمل عامر
قال ومن قال ذاك قلت أناس من أصحابك قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم كذب من قال ذاك بل له أجره مرتين إنه حين خرج
إلى خيبر جعل يرجز بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم
النبي يسوق الركاب وهو يقول
تالله لولا الله ما اهتدينا وما تصدقنا وما صلينا
إن الذين كفروا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا فثبت الاقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا قالوا عامر يا رسول
الله قال غفر لك ربك قال وما استغفر لانسان قط يخصه إلا
استشهد فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال يا رسول الله لوما
متعتنا بعامر فتقدم فاستشهد قال سلمة ثم إن نبي الله صلى الله عليه
وسلم أرسلني إلى علي فقال لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله
ويحبه الله ورسوله قال فجئت به أقوده أرمد فبصق رسول الله
صلى الله عليه وسلم في عينيه ثم أعطاه الراية فخرج مرحب يخطر بسيفه
فقال
111

قد علمت خيبر أني مرحب * شاك السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فقال علي صلوات الله عليه وبركاته
أنا الذي سمتني أمي حيدرة * كليث غابات كريه المنظرة
أكيلهم بالصاع كيل السندرة
ففلق رأس مرحب بالسيف وكان الفتح على يديه
أخبرنا بكر بن عبد الرحمن قاضي الكوفة حدثني عيسى بن المختار
بن عبد الله بن أبي ليلى الأنصاري عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى
الأنصاري عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال لما ظهر النبي
صلى الله عليه وسلم على خيبر صالحهم على أن يخرجوا بأنفسهم وأهليهم
ليس لهم بيضاء ولا صفراء فأتي بكنانة والربيع وكان كنانة زوج صفية
والربيع أخوه وابن عمه فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أين
آنيتكما التي كنتما تعيرانها أهل مكة قالا هربنا فلم تزل تضعنا أرض
وترفعنا أخرى فذهبنا فأنفقنا كل شئ فقال لهما إنكما إن كتمتماني
شيئا فاطلعت عليه استحللت به دماءكما وذراريكما فقالا نعم فدعا
رجلا من الأنصار فقال اذهب إلى قراح كذا وكذا ثم ائت النخل
فانظر نخلة عن يمينك أو عن يسارك فانظر نخلة مرفوعة فأتني بما فيها
قال فانطلق فجاءه بالآنية والأموال فضرب أعناقهما وسبى أهليهما وأرسل
رجلا فجاء بصفية فمر بها على مصرعهما فقال له نبي الله صلى الله عليه
وسلم لم فعلت فقال أحببت يا رسول الله أن أغيظها قال فدفعها
إلى بلال وإلى رجل من الأنصار فكانت عنده
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي
كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال لما كان
112

يوم خيبر أصاب الناس مجاعة فأخذوا الحمر الانسية فذبحوها وملؤوا
منها القدور فبلغ ذلك نبي الله صلوات الله عليه قال جابر فأمرنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم فكفأنا القدور وهي تغلي فحرم رسول الله
صلى الله عليه وسلم الحمر الانسية ولحوم البغال وكل ذي ناب من
السباع وكل ذي مخلب من الطير وحرم المجثمة والخلسة والنهبة
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن زيد أخبرنا عمرو بن
دينار عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر وأذن في لحوم الخيل
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا هشام بن حسان أخبرنا
محمد أخبرنا أنس بن مالك قال أتى آت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم خيبر فقال يا رسول الله أكلت الحمر ثم أتاه آت فقال يا رسول
الله أفنيت الحمر فأمر أبا طلحة فنادى إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم
الحمر فإنها رجس فأكفئت القدور
أخبرنا عفان بن مسلم وهاشم بن القاسم قالا أخبرنا شعبة عن أبي
إسحاق عن البراء بن عازب قال أصبنا حمرا يوم خيبر قال فنادى
منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اكفؤوا القدور
أخبرنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة أخبرنا عبد الله بن نمير عن
محمد بن إسحاق عن عبد الله بن عمرو بن ضمرة الفزاري عن عبد الله بن
أبي سليط عن أبيه أبي سليط وكان بدريا قال أتانا نهي رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر يوم خيبر وإنا جياع فكفأناها
أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاء الله عليه خيبر قسمها على ستة
وثلاثين سهما جمع كل سهم مائة سهم وجعل نصفها لنوائبه وما ينزل
به وعزل النصف الآخر فقسمه بين المسلمين وسهم النبي صلى الله عليه
113

وسلم فيما قسم بين المسلمين الشق ونطاة وما حيز معهما وكان فيما
وقف الوطيحة والكتيبة وسلالم وما حيز معهن فلما صارت الأموال
في يد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكن لهم من العمال ما يكفون
عمل الأرض فدفعها النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليهود يعملونها على
نصف ما يخرج منها فلم يزالوا على ذلك حتى كان عمر بن الخطاب وكثر في
يدي المسلمين العمال وقووا على عمل الأرض فأجلى عمر اليهود إلى الشام
وقسم الأموال بين المسلمين إلى اليوم
أخبرنا سليمان بن حرب قال أخبرنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد
عن بشير بن يسار قال لما افتتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر
أخذها عنوة فقسمها على ستة وثلاثين سهما فأخذ لنفسه ثمانية عشر سهما
وقسم بين الناس ثمانية عشر سهما وشهدها مائة فرس وجعل للفرس
سهمين
أخبرنا موسى بن داود أخبرنا محمد بن راشد عن مكحول أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم يوم خيبر للفارس ثلاث أسهم
سهمان لفرسه وسهم له
أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا بن لهيعة
عن محمد بن زيد أخبرني عمير مولى آبي اللحم قال غزوت مع سيدي
يوم خيبر فشهدت فتحها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته أن
يقسم لي معهم فأعطاني من خرثي المتاع ولم يقسم لي
أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا
بن لهيعة حدثني الحارث بن يزيد الحضرمي عن ثابت بن الحارث الأنصاري
قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر لسهلة بنت عاصم
بن عدي ولابنة لها ولدت
أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا محمد بن
114

إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن فلان الجيشاني أو قال عن أبي مرزوق
مولى تجيب عن حنش قال شهدت فتح جربة مع رويفع بن ثابت البلوي
قال فخطبنا فقال شهدت فتح خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فسمعته يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه زرع غيره
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقض على امرأة من السبي حتى
يستبرئها ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبع مغنما حتى يقسم
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركب دابة من فئ المسلمين حتى
إذا أعجفها ردها في فئ المسلمين أو يلبس ثوبا حتى إذا أخلقه رده في
فئ المسلمين
أخبرنا عفان بن مسلم وهاشم بن القاسم قالا أخبرنا شعبة قال
قال الحكم أخبرني عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله وأثابهم
فتحا قريبا قال خيبر وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله
بها قال فارس والروم
أخبرنا موسى بن داود قال أخبرنا ليث بن سعد إن شاء الله عن
سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه قال لما فتحت خيبر
أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم فقال النبي
صلى الله عليه وسلم اجمعوا من كان هاهنا من اليهود فجمعوا له فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إني سائلكم عن شئ فهل أنتم صادقي
عنه قالوا نعم يا أبا القاسم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أبوكم قالوا أبونا فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
كذبتم أبوكم فلان قالوا صدقت وبررت فقال هل أنتم صادقي
عسى إن سألتكم قالوا نعم يا أبا القاسم فإن كذبناك عرفت
كذبنا كما عرفته في أبينا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أهل النار فقالوا نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها فقال رسول الله
115

صلى الله عليه وسلم اخسؤوا فيها ولا نخلفكم فيها أبدا ثم قال لهم هل
أنتم صادقي عن شئ إن سألتكم عنه قالوا نعم يا أبا القاسم قال لهم
هل جعلتم في هذه الشاة سما قالوا نعم قال وما حملكم على ذلك
قالوا أردنا إن كنت كاذبا استرحنا منك وإن كنت نبيا لم يضررك
أخبرنا بكر بن عبد الرحمن قاضي أهل الكوفة أخبرنا عيسى بن
المختار عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن
بن عباس قال لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج
من خيبر قال القوم الآن نعلم أسرية صفية أم امرأة فإن كانت امرأة
فإنه سيحجبها وإلا فهي سرية فلما خرج أمر بسر فستر دونها
فعرف الناس أنها امرأة فلما أرادت أن تركب أدنى فخذه منها
لتركب عليها فأبت ووضعت ركبتها على فخذه ثم حملها فلما كان الليل
نزل فدخل الفسطاط ودخلت معه وجاء أبو أيوب فبات عند الفسطاط
معه السيف واضع رأسه على الفسطاط فلما أصبح رسول الله صلى الله
عليه وسلم سمع الحركة فقال من هذا فقال أنا أبو أيوب فقال
ما شأنك قال يا رسول الله جارية شابة حديثة عهد بعرس وقد
صنعت بزوجها ما صنعت فلم آمنها قلت إن تحركت كنت قريبا منك
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمك الله يا أبا أيوب
مرتين
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس
قال وقعت صفية في سهم دحية وكانت جارية جميلة فاشتراها رسول
الله صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس ودفعها إلى أم سليم تصنعها وتهيئها
وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وليمتها التمر والأقط والسمن
قال ففحصت الأرض أفاحيص وجئ
بالأنطاع فوضعت فيها ثم جئ بالأقط والسمن والتمر فشبع الناس قال وقال ما ندري أتزوجها
116

أم اتخذها أو ولد قال فقالوا إن حجبها فهي امرأته وإن لم يحجبها فهي
أم ولد قال فلما أراد أن يركب حجبها حتى قعدت على عجز البعير
قال فعرفوا أنه قد تزوجها
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال
كان في ذلك السبي صفية بنت حيي فصارت إلى دحية الكلبي ثم صارت
بعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقها ثم تزوجها وجعل عتقها
صداقها قال حماد قال عبد العزيز لثابتيا أبا محمد أنت قلت لانس ما
أصدقها قال أصدقها نفسها قال فحرك ثابت رأسه كأنه صدقه
سرية عمر بن الخطاب رحمه الله إلى تربة
ثم سرية عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إلى تربة في شعبان
سنة سبع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول
الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب في ثلاثين رجلا إلى عجز
هوازن بتربة وهي بناحية العبلاء على أربع ليال من مكة طريق صنعاء
ونجران فخرج وخرج معه دليل من بني هلال فكان يسير الليل ويكمن
النهار فأتى الخبر هوازن فهربوا وجاء عمر بن الخطاب محالهم فلم يلق
منهم أحدا فانصرف راجعا إلى المدينة
سرية أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه إلى بني كلاب بنجد
ثم سرية أبي بكر الصديق إلى بني كلاب بنجد ناحية ضرية في
شعبان سنة سبع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
117

أخبرنا هاشم بن القاسم الكناني أخبرنا عكرمة بن عمار أخبرنا
إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال غزوت مع أبي بكر إذ بعث النبي
صلى الله عليه وسلم علينا فسبى ناسا من المشركين فقتلناهم فكان شعارنا
أمت أمت قال فقتلت بيدي سبعة أهل أبيات من المشركين
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا عكرمة بن عمار أخبرنا إياس بن
سلمة بن الأكوع عن أبيه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبا بكر إلى فزارة وخرجت معه حتى إذا ما دنونا من الماء عرس أبو بكر
حتى إذا ما صلينا الصبح أمرنا فشننا الغارة فوردنا الماء فقتل أبو بكر
من قتل ونحن معه قال سلمة فرأيت عنقا من الناس فيهم الذراري
فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فأدركتهم فرميت بسهم بينهم وبين الجبل
فلما رأوا السهم قاموا فإذا امرأة من فزارة فيهم عليها قشع من أدم معها
ابنتها من أحسن العرب فجئت أسوقهم إلى أبي بكر فنفلني أبو بكر ابنتها
فلم أكشف لها ثوبا حتى قدمت المدينة ثم باتت عندي فلم أكشف لها ثوبا
حتى لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال يا سلمة
هب لي المرأة فقلت يا نبي الله والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا
فسكت حتى إذا كان من الغد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في
السوق ولم أكشف لها ثوبا فقال يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك قال
فقلت هي لك يا رسول الله قال فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى أهل مكة ففدى بها أسرى من المسلمين كانوا في أيدي المشركين
سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى فدك
ثم سرية بشير بن سعد إلى فدك في شعبان سنة سبع من مهاجر رسول
الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
118

بشير بن سعد في ثلاثين رجلا إلى بني مرة بفدك فخرج يلقى رعاء
الشاء فسأل عن الناس فقيل في بواديهم فاستاق النعم والشاء وانحدر
إلى المدينة فخرج الصريخ فأخبرهم فأدركه الدهم منهم عند الليل فأتوا
يرامونهم بالنبل حتى فنيت نبل أصحاب بشير وأصبحوا فحمل المريون
عليهم فأصابوا أصحاب بشير وقاتل بشير حتى ارتث وضرب كعبه فقيل
قد مات ورجعوا بن عمهم وشائهم وقدم علبة بن زيد الحارثي بخبرهم
على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قدم من بعده بشير بن سعد
سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى الميفعة
ثم سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى الميفعة في شهر رمضان سنة
سبع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله
صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله إلى بني عوال وبني عبد بن ثعلبة
وهم بالميفعة وهي وراء بطن نخل إلى النقرة قليلا بناحية نجد وبينها
وبين المدينة ثمانية برد بعثه في مائة وثلاثين رجلا ودليلهم يسار مولى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فهجموا عليهم جميعا ووقعوا وسط محالهم
فقتلوا من أشرف لهم واستاقوا نعما وشاء فحدروه إلى المدينة ولم يأسروا
أحدا وفي هذه السرية قتل أسامة بن زيد الرجل الذي قال لا إله إلا الله
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا شققت قلبه فتعلم صادق هو أم
كاذب فقال أسامة لا أقاتل أحدا يشهد أن لا إله إلا الله
119

سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى يمن وجبار
ثم سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى يمن وجبار في شوال سنة سبع
من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بلغ رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن جمعا من غطفان بالجناب قد واعدهم عيينة بن حصن
ليكون معهم ليزحفوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله
صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد فعقد له لواء وبعث معه ثلاثمائة رجل
فساروا الليل وكمنوا النهار حتى أتوا إلى يمن وجبار وهي نحو الجناب
والجناب يعارض سلاح وخيبر ووادي القرى فنزلوا بسلاح ثم دنوا
من القوم فأصابوا لهم نعما كثيرا وتفرق الرعاء فحذروا الجمع فتفرقوا
ولحقوا بعلياء بلادهم وخرج بشير بن سعد في أصحابه حتى أتى محالهم
فيجدها وليس فيها أحد فرجع بالنعم وأصاب منهم رجلين فأسرهما وقدم
بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلما فأرسلهما
عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم القضية
ثم عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم القضية في ذي القعدة
سنة سبع من مهاجره قالوا لما دخل هلال ذي القعدة أمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يعتمروا قضاء لعمرتهم التي صدهم
المشركون عنها بالحديبية وأن لا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية فلم
يتخلف منهم أحد إلا رجال استشهدوا منهم بخيبر ورجال ماتوا وخرج
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم من المسلمين عمارا فكانوا في
عمرة القضية ألفين واستخلف على المدينة أبا رهم الغفاري وساق رسول
120

الله صلى الله عليه وسلم ستين بدنة وجعل على هديه ناجية بن
جندب الأسلمي وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم السلاح
البيض والدروع والرماح وقاد مائة فرس فلما انتهى إلى ذا الحليفة
قدم الخيل أمامه عليها محمد بن مسلمة وقدم السلاح واستعمل عليه بشير
بن سعد وأحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب المسجد ولبى
والمسلمون معه يلبون ومضى محمد بن مسلمة في الخيل إلى مر الظهران
فوجد بها نفرا من قريش فسألوه فقال هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصبح هذا المنزل غدا إن شاء الله فأتوا قريشا فأخبروهم ففزعوا ونزل
رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران وقدم السلاح إلى بطن
يأجج حيث ينظر إلى أنصاب الحرم وخلف عليه أوس بن خولي
الأنصاري في مائة رجل وخرجت قريش من مكة إلى رؤوس الجبال
وخلوا مكة فقدم رسولا لله صلى الله عليه وسلم الهدي أمامه
فحبس بذي طوى وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته
القصواء والمسلمون متوشحون السيوف محدقون برسول الله صلى الله
عليه وسلم يلبون فدخل من الثنية التي تطلعه على الحجون و عبد الله بن
رواحة آخذ بزمام راحلته فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم
يلبي حتى استلم الركه بمحجنه مضطبعا بثوبه وطاف على راحلته
والمسلمون يطوفون معه قد اضطبعوا بثيابهم و عبد الله بن رواحة يقول
خلوا بني الكفار عن سبيله خلوا فكل الخير مع رسوله
نحن ضربناكم على تأويله كما ضربناكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله
يا رب إني مؤمن بقيله
فقال عمر يا بن رواحة إيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
121

يا عمر إني أسمع فأسكت عمر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إيها يا بن رواحة قال قل لا إله إلا الله وحده نصر عبده وأعز جنده
وهزم الأحزاب وحده قال فقالها بن رواحة فقالها الناس كما قال ثم
طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصفا والمروة على راحلته
فلما كان الطواف السابع عند فراغه وقد وقف الهدي عند المروة قال
هذا المنحر وكل فجاج مكة منحر فنحر عند المروة وحلق هناك
وكذلك فعل المسلمون فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا منهم
يذهبوا إلى أصحابهم ببطن يأجج فيقيموا على السلاح ويأتي الآخرون فيقضوا
نسكهم ففعلوا ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة
فلم يزل فيها إلى الظهر ثم أمر بلالا فأذن على ظهر الكعبة وأقام
رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثا وتزوج ميمونة بنت الحارث
الهلالية فلما كان عند ظهر من اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو وحويطب
بن عبد العزى فقالا قد انقضى أجلك فاخرج عنا وكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم لم ينزل بيتا بل ضربت له قبة من أدم بالأبطح
فكان هناك حتى خرج منها وأمر أبا رافع فنادى بالرحيل وقال لا يمسين
بها أحد من المسلمين وأخرج عمار بنت حمزة بن عبد المطلب من مكة
وأم عمارة سلمى بنت عميس وهي أم عبد الله بن شداد بن الهاد
فاختصم فيها علي وجعفر وزيد بن حارثة أيهم تكون عنده فقضى بها رسول
الله صلى الله عليه وسلم لجعفر من أجل أن خالتها عنده أسماء بنت
عميس وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل سرف وتتام
الناس إليه وأقام أبو رافع بمكة حتى أمسى فحمل إليه ميمونة بنت الحارث
فبنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف ثم أدلج فسار حتى
قدم المدينة
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن زيد وأخبرنا يحيى بن
122

عباد أخبرنا حماد بن سلمة جميعا عن أيوب عن سعيد بن جبير عن بن
عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا مكة يعني في القضية
فقال المشركون من قريش إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتم حمى يثرب
قال وقعدوا مما يلي الحجر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن
يرملوا الأشواط الثلاثة ليرى المشركون قوتهم وأن يمشوا ما بين الركنين
قال بن عباس ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها
إلا إبقاء عليهم فلما رملوا قالت قريش ما وهنتهم
سرية بن أبي العوجاء السلمي إلى بني سليم
ثم سرية بن أبي العوجاء إلى بني سليم في ذي الحجة سنة سبع من
مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله
صلى الله عليه وسلم بن أبي العوجاء في خمسين رجلا إلى بني سليم
فخرج إليهم وتقدمه عين لهم كان معه فحذرهم فجمعوا فأتاهم بن أبي
العوجاء وهم معدون له فدعاهم إلى الاسلام فقالوا لا حاجة لنا إلى
ما دعوتنا فتراموا بالنبل ساعة وجعلت الامداد تأتي حتى أحدقوا بهم من
كل ناحية فقاتل القوم قتالا شديدا حتى قتل عامتهم وأصيب بن أبي
العوجاء جريحا مع القتلى ثم تحامل حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقدموا المدينة في أول يوم من صفر سنة ثمان
123

سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح بالكديد
ثم سرية غالب بن عبد الله إلى بني الملوح بالكديد في صفر
سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عبد الله بن عمرو أبو معمر أخبرنا عبد الوارث بن سعيد
أخبرنا محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن مسلم بن عبد الله الجهني
عن جندب بن مكيث الجهني قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
غالب بن عبد الله الليثي ثم أحد بني كلب بن عوف في سرية فكتب فيهم
وأمرهم أن يشنوا الغارة على بني الملوح بالكديد وهم من بني ليث قال
فخرجنا حتى إذا كنا بقديد لقينا الحارث بن البرصاء الليثي فأخذناه فقال
إنما جئت أريد الاسلام وإنما خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلنا إن تكن مسلما لم يضررك رباطنا يوما وليلة وإن تكن على غير
ذلك نستوثق منك قال فشددناه وثاقا وخلفنا عليه رويجلا منا أسود
فقلنا إن نازعك فاحتز رأسه فسرنا حتى أتينا الكديد عند غروب
الشمس فكمنا في ناحية الوادي وبعثني أصحابي ربيئة لهم فخرجت حتى
أتيت مشرفا على الحاضر يطلعني عليهم حتى إذا أسندت عليهم فيه
علوت على رأسه ثم اضطجعت عليه قال فإني لأنظر إذ خرج رجل منهم
من خباء له فقال لامرأته إني أرى على هذا الجبل سوادا ما رأيته أول من
يومي هذه فانظري إلى أوعيتك لا تكون الكلاب جرت منها شيئا قال
فنظرت فقالت والله ما أفقد من أوعيتي شيئا قال فناوليني قوسي ونبلي
فناولته قوسه وسهمين معها فأرسل سهما فوالله ما أخطأ بين عيني قال
فانتزعته وثبت مكاني ثم أرسل آخر فوضعه في منكبي فانتزعته فوضعته
وثبت مكاني فقال لامرأته والله لو كانت ربيئة لقد تحركت بعد والله
لقد خالطها سهماي لا أبا لك فإذا أصبحت فانظريهما لا تمضغهما
124

الكلاب قال ثم دخل وراحت الماشية من إبلهم وأغنامهم فلما احتلبوا
وعطنوا واطمأنوا فناموا شننا عليهم الغارة واستقنا النعم قال فخرج
صريخ القوم في قومهم فجاء ما لا قبل لنا به فخرجنا بها نحدرها حتى
مررنا بابن البرصاء فاحتملناه واحتملنا صاحبنا فأدركنا القوم حتى نظروا
إلينا ما بيننا وبينهم إلا الوادي ونحن موجهون في ناحية الوادي إذ جاء الله
بالوادي من حيث شاء يملا جنبتيه ماء والله ما رأينا يومئذ سحابا ولا مطرا
فجاء بما لا يستطيع أحد أن يجوزه فلقد رأيتهم وقوفا ينظرون إلينا وقد
أسندناها في المسيل هكذا قال وأما في رواية محمد بن عمر قال أسندناها في
المشلل نحدرها وفتناهم فوتا لا يقدرون فيه على طلبنا قال فما أنسى
قول راجز من المسلمين وهو يقول
أبى أبو القاسم أن تعزبي في خضل نباته مغلولب
صفر أعاليه كلون المذهب
وزاد محمد بن عمر في روايته
وذاك قول صادق لم يكذب
قال فكانوا بضعة عشر رجلا قال عبد الوارث وحدثني هذا
الحرف رجل عن محمد بن إسحاق أنه حدثه رجل من أسلم أنه كان
شعارهم يومئذ أمت أمت
125

سرية غالب بن عبد الله الليثي أيضا إلى مصاب
أصحاب بشير بن سعد بفدك
ثم سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى مصاب بشير بن سعد بفدك
في صفر سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن الحارث بن الفضيل عن
أبيه قال هيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام وقال له
سر حتى تنتهي إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد فإن أظفرك الله بهم فلا
تبق فيهم وهيأ معهم مائتي رجل وعقد له لواء فقدم غالب بن عبد الله
الليثي من الكديد من سرية قد ظفره الله عليهم فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم للزبير اجلس وبعث غالب بن عبد الله في مائتي رجل
وخرج أسامة بن زيد فيها حتى انتهى إلى مصاب أصحاب بشير وخرج معه
علبة بن زيد فيها فأصابوا منهم نعما وقتلوا منهم قتلى
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أفلح بن سعيد عن بشير بن محمد بن
عبد الله بن زيد قال خرج مع غالب في هذه السرية عقبة بن عمرو أبو
مسعود وكعب بن عجرة وأسامة بن زيد الحارثي
أخبرنا محمد بن عمر حدثني شبل بن العلاء بن عبد الرحمن عن
إبراهيم بن حويصة عن أبيه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم
في سرية مع غالب بن عبد الله إلى بني مرة فأغرنا عليهم مع الصبح وقد
أوعز إلينا أمرنا ألا نفترق وآخى بيننا فقال لا تعصوني فإن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال من أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصاه
فقد عصاني وإنكم متى ما تعصوني فإنكم تعصون نبيكم قال فآخى
بيني وبين أبي سعيد الخدري قال فأصبنا القوم
126

سرية شجاع بن وهب الأسدي إلى بني عامر بالسي
ثم سرية شجاع بن وهب إلى بني عامر بالسي في شهر ربيع
الأول سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي
سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عمر بن الحكم قال بعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب في أربعة وعشرين رجلا
إلى جمع من هوازن بالسي ناحية ركبة من وراء المعدن وهي من المدينة
على خمس ليال وأمره أن يغير عليهم وكان يسير الليل ويكمن النهار حتى
صبحهم وهو غارون فأصابوا نعما كثيرا وشاء واستاقوا ذلك حتى قدموا
المدينة واقتسموا الغنيمة وكانت سهامهم خمسة عشر بعيرا وعدلوا البعير
بعشر من الغنم وغابت السرية خمس عشرة ليلة
سرية كعب بن عمير الغفاري إلى ذات أطلاح
ثم سرية كعب بن عمير الغفاري إلى ذات أطلاح وهي من وراء وادي
القرى في شهر ربيع الأول سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله
عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري قال
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن عمير الغفاري في خمسة عشر
رجلا حتى انتهوا إلى ذات أطلاح من أرض الشام فوجدوا جمعا من جمعهم
كثيرا فدعوهم إلى الاسلام فلم يستجيبوا لهم ورشقوهم بالنبل فلما رأى
ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلوهم أشد القتال حتى
127

قتلوا وأفلت منهم رجل جريح في القتلى فلما برد عليه الليل تحامل حتى
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فشق ذلك عليه وهم
بالبعث إليهم فبلغه أنهم قد ساروا إلى موضع آخر فتركهم
سرية مؤتة
ثم سرية مؤتة وهي بأدنى البلقاء والبلقاء دون دمشق في جمادي
الأولى سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن عمير الأزدي
أحد بني لهب إلى ملك بصرى بكتاب فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل
بن عمرو الغساني فقتله ولم يقتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم رسول
غيره فاشتد ذلك عليه وندب الناس فأسرعوا وعسكروا بالجرف وهم
ثلاثة آلاف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمير الناس زيد بن
حارثة فإن قتل فجعفر بن أبي طالب فإن قتل فعبد الله بن رواحة فإن
قتل فليرتض المسلمون بينهم رجلا فيجعلوه عليهم وعقد لهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم لواء أبيض ودفعه إلى زيد بن حارثة وأوصاهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير وأن يدعوا من
هناك إلى الاسلام فإن أجابوا وإلا استعانوا عليهم بالله وقاتلوهم وخرج مشيعا
لهم حتى بلغ ثنية الوداع فوقف وودعهم فلما ساروا من معسكرهم
نادى المسلمون دفع الله عنكم وردكم صالحين غانمين فقال بن رواحة
عند ذلك
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
قال فلما فصلوا من المدينة سمع العدو بمسيرهم فجمعوا لهم وقام فيهم
128

شرحبيل بن عمرو فجمع أكثر من مائة ألف وقدم الطلائع أمامه وقد نزل
المسلمون معان من أرض الشام وبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض
البلقاء في مائة ألف من بهراء ووائل وبكر ولخم وجذام فأقاموا ليلتين
لينظروا في أمرهم وقالوا نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فنخبره الخبر فشجعهم عبد الله بن رواحة على المضي فمضوا إلى مؤتة
ووافاهم المشركون فجاء منهم ما لاقبل لاحد به من العدد والسلاح والكراع
والديباج والحرير والذهب فالتقى المسلمون والمشركون فقاتل الامراء يومئذ
على أرجلهم فأخذ اللواء زيد بن حارثة فقاتل وقاتل المسلمون معه على
صفوفهم حتى قتل طعنا بالرماح رحمه الله ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي
طالب فنزل عن فرس له شقراء فعرقبها فكانت أول فرس عرقبت في الاسلام
وقاتل حتى قتل رضي الله تعالى عنه ضربه رجل من الروم فقطعه بنصفين
فوجد في أحد نصفيه بضعة وثلاثون جرحا ووجد فيما قيل من بدن جعفر
اثنتان وسبعون ضربة بسيف وطعنة برمح ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة
فقاتل حتى قتل رحمه الله فاصطلح الناس على خالد بن الوليد فأخذ اللواء
وانكشف الناس فكانت الهزيمة فتبعهم المشركون فقتل من قتل من المسلمين
ورفعت الأرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نظر إلى معترك
القوم فلما أخذ خالد بن الوليد اللواء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الآن حمي الوطيس فلما سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين تلقوهم
بالجرف فجعل الناس يحثون في وجوههم التراب ويقولون يا فرار
أفررتم في سبيل الله فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوا بفرار
ولكنهم كرار إن شاء الله
أخبرنا بكر بن عبد الرحمن قاضي الكوفة أخبرنا عيسى بن المختار عن
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى بن أبي الجعد عن أبي اليسر عن
أبي عامر قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشام فلما رجعت
129

مررت على أصحابي وهم يقاتلون المشركين بمؤتة قلن والله لا أبر اليوم
حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمرهم فأخذ اللواء جعفر بن أبي طالب ولبس السلاح
وقال غيره أخذ زيد اللواء وكان رأس القوم ثم حمل جعفر حتى إذا هم
أن يخالط العدو رجع فوحش بالسلاح ثم حمل على العدو وطاعن حتى قتل
ثم أخذ اللواء عبد الله بن
رواحة وطاعن حتى قتل ثم انهزم المسلمون أسوأ هزيمة رأيتها قط حتى
لم أر اثنين جميعا ثم أخذ اللواء رجل من الأنصار ثم سعى به حتى إذا كان
أمام الناس ركزه ثم قال إلي أيها الناس فاجتمع إليه الناس حتى إذا
كثروا مشى باللواء إلى خالد بن الوليد فقال له خالد لا آخذه منك أنت أحق
به فقال الأنصاري والله ما أخذته إلا لك فأخذ اللواء ثم حمل
على القوم فهزمهم الله أسوأ هزيمة رأيتها قط حتى وضع المسلمون أسيافهم
حيث شاؤوا وقال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فشق
ذلك عليه فصلى الظهر ثم دخل وكان إذا صلى الظهر قام فركع ركعتين
ثم أقبل بوجهه على القوم فشق ذلك على الناس ثم صلى العصر ففعل مثل
ذلك ثم صلى المغرب ففعل مثل ذلك ثم صلى العتمة ففعل مثل
ذلك حتى إذا كان صلاة الصبح دخل المسجد ثم تبسم وكان تلك الساعة
لا يقوم إليه إنسان من ناحية المسجد حتى يصلي الغداة فقال له القوم حين
تبسم يا نبي الله بأنفسنا أنت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الذي
رأيتم مني أنه أحزنني قتل أصحابي حتى رأيتهم في الجنة إخوانا على سرر
متقابلين ورأيت في بعضهم إعراضا كأنه كره السيف ورأيت جعفرا ملكا
ذا جناحين مضرجا بالدماء مصبوغ القوادم
130

سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل
ثم سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل وهي وراء وادي القرى
وبينها وبين المدينة عشرة أيام وكانت في جمادي الآخرة سنة ثمان من
مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعا من قضاعة
قد تجمعوا يريدون أن يدنوا إلى أطراف رسول الله صلى الله عليه وسلم
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص فعقد له لواء
أبيض وجعل معه راية سوداء وبعثه فثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار
ومعه ثلاثون فرسا وأمره أن يستعين بمن يمر به من بلي وعذرة
وبلقين فسار الليل وكمن النهار فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعا
كثيرا فبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
يستمده فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في مائتين وعقد له لواء وبعث معه
سراة المهاجرين والأنصار وفيهم أبو بكر وعمر وأمره أن يلحق بعمرو
وأن يكونا جميعا ولا يختلفا فلحق بعمرو فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس
فقال عمرو إنما قدمت علي مددا وأنا الأمير فأطاع له بذلك أبو عبيدة
وكان عمرو يصلي بالناس وسار حتى وطئ بلاد بلي ودوخها حتى أتى
إلى أقصى بلادهم وبلاد عذرة وبلقين ولقي في آخر ذلك جمعا فحمل
عليهم المسلمون فهربوا في البلاد وتفرقوا ثم قفل وبعث عوف بن مالك
الأشجعي بريدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بقولهم
وسلامتهم وما كان في غزاتهم
131

سرية الخبط
أميرها أبو عبيدة بن الجراح
ثم سرية الخبط أميرها أبو عبيدة بن الجراح وكانت في رجب
سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح
في ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار وفيهم عمر بن الخطاب إلى
حي من جهينة بالقبلية مما يلي ساحل البحر وبينها وبين المدينة خمس
ليال فأصابهم في الطريق جوع شديد فأكلوا الخبط وابتاع قيس بن سعد
جزرا ونحرها لهم وألقى لهم البحر حوتا عظيما فأكلوا منه وانصرفوا ولم
يلقوا كيدا
سرية أبي قتادة بن ربعي الأنصاري إلى خضرة
ثم سرية أبي قتادة بن ربعي الأنصاري إلى خضرة وهي أرض
محارب بنجد في شعبان سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله
عليه وسلم
قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة ومعه خمسة
عشر رجلا إلى غطفان وأمره أن يشن عليهم الغارة فسار الليل وكمن
النهار فهجم على حاضر منهم عظيم فأحاط بهم فصرخ رجل منهم
يخضرة وقاتل منهم رجال فقتلوا من أشرف لهم واستاقوا النعم
فكانت الإبل مائتا بعير والغنم ألفي شاة وسبوا سبيا كثيرا وجمعوا
الغنائم فأخرجوا الخمس فعزلوه وقسموا ما بقي على أهل السرية فأصاب
132

كل رجل منهم اثنا عشر بعيرا فعدل البعير بعشر من الغنم وصارت
في سهم أبي قتادة جارية وضيئة فاستوهبها منه رسول الله صلى الله عليه
وسلم فوهبها له فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحمية
بن جزء وغابوا في هذه السرية خمس عشرة ليلة
سرية أبي قتادة بن ربعي الأنصاري إلى بطن إضم
ثم سرية أبي قتادة بن ربعي الأنصاري إلى بطن إضم في أول شهر
رمضان سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا لما هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزو أهل مكة
بعث أبا قتادة بن ربعي في ثمانية نفر سرية إلى بطن إضم وهي فيما بين
ذي خشب وذي المروة وبينها وبين المدينة ثلاثة برد ليظن ظان أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه إلى تلك الناحية ولأن تذهب
بذلك الاخبار وكان في السرية محلم بن جثامة الليثي فمر عامر بن
الأضبط الأشجعي فسلم بتحية الاسلام فأمسك عنه القوم وحمل عليه
محلم بن جثامة فقتله وسلبه بعيره ومتاعه ووطب لبن كان معه فلما
لحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم نزل فيهم القرآن يا أيها الذين
آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى
إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند
الله مغانم كثيرة إلى آخر الآية فمضوا ولم يلحقوا جمعا فانصرفوا
حتى انتهوا إلى ذي خشب فبلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد توجه إلى مكة فأخذوا على بيبن حتى لحقوا النبي صلى الله عليه وسلم
بالسقيا
133

سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح
. 8 ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في شهر رمضان
سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا لما دخل شعبان على رأس اثنين وعشرين شهرا من صلح
الحديبية كلمت بنو نفاثة وهم من بني بكر أشراف قريش أن يعينوهم
على خزاعة بالرجال والسلاح فوعدوهم ووافوهم بالوتير متنكرين متنقبين
فيهم صفوان بن أمية وحويطب بن عبد العزى ومكرز بن حفص بن
الأخيف فبيتوا خزاعة ليلا وهم غارون آمنون فقتلوا منهم عشرين رجلا
ثم ندمت قريش على ما صنعت وعلموا أن هذا نقض للمدة والعهد الذي
بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج عمرو بن سالم الخزاعي
في أربعين راكبا من خزاعة فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
يخبرونه بالذي أصابهم ويستنصرونه فقام وهو يجر رداءه وهو يقول لا
نصرت إن لم أنصر بني كعب مما أنصر منه نفسي وقال إن هذا السحاب
ليستهل بنصر بني كعب وقدم أبو سفيان بن حرب على رسول الله صلى
الله عليه وسلم المدينة يسأله أن يجدد العهد ويزيد في المدة فأبى عليه فقام
أبو سفيان فقال إني قد أجرت بين الناس فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنت تقول ذلك يا أبا سفيان ثم انصرف إلى مكة فتجهز
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخفى أمره وأخذ بالأنقاب وقال
اللهم خذ أبصارهم فلا يروني إلا بغتة فلما أجمع المسير كتب
حاطب بن بلتعة إلى قريش يخبرهم بذلك فبعث رسول الله صلى
الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والمقداد بن عمرو فأخذا رسوله وكتابه
فجاءا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى من حوله من العرب فجلهم أسلم وغفار ومزينة
134

وجهينة وأشجع وسليم فمنهم من وافاه بالمدينة ومنهم من لحقه بالطريق
فكان المسلمون في غزوة الفتح عشرة آلاف واستخلف رسول الله صلى
الله عليه وسلم على المدينة عبد الله بن أم مكتوم وخرج يوم الأربعاء لعشر
ليال خلون من شهر رمضان بعد العصر فلما انتهى إلى الصلصل قدم أمامه
الزبير بن العوام في مائتين من المسلمين ونادى منادي رسول الله صلى الله
عليه وسلم من أحب أن يفطر فليفطر ومن أحب أن يصوم فليصم
ثم سار فلما كان بقديد عقد الألوية والرايات ودفعها إلى القبائل ثم
نزل مر الظهران عشاء فأمر أصحاب فأوقدوا عشرة آلاف نار ولم يبلغ
قريشا مسيره وهم مغتمون لما يخافون من غزوه إياهم فبعثوا أبا سفيان
بن حرب يتحسب الاخبار وقالوا إن لقيت محمدا فخذ لنا منه أمانا
فخرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء فلما رأوا
العسكر أفزعهم وقد استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة
على الحرس عمر بن الخطاب فسمع العباس بن عبد المطلب صوت أبي
سفيان فقال أبا حنظلة فقال لبيك فما وراءك فقال هذا رسول
الله في عشرة آلاف فأسلم ثكلتك أمك وعشيرتك فأجاره وخرج به
وبصاحبيه حتى أدخلهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا
وجعل لأبي سفيان أن من دخل داره فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن
ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في كتيبته الخضراء وهو
على ناقته القصواء بين أبي بكر وأسيد بن حضير وقد حبس أبو سفيان فرأى
ما لا قبل له به فقال يا أبا الفضل لقد أصبح ملك بن أخيك عظيما فقال
العباس ويحك إنه ليس بملك ولكنها نبوة قال فنعم وكانت
راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ مع سعد بن عبادة فبلغه عنه
في قريش كلام وتواعد لهم فأخذها منه فدفعها إلى ابنه قيس بن سعد
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة أن يدخل من كداء
135

والزبير من كدى وخالد بن الوليد من الليط ودخل رسول الله صلى
الله عليه وسلم من أذاخر ونهى عن القتال وأمر بقتل ستة نفر وأربع نساء
عكرمة بن أبي جهل وهبار بن الأسود وعبد الله بن سعد بن أبي سرح
ومقيس بن صبابة الليثي والحويرث بن نقيذ و عبد الله بن هلال بن خطل
الأدرمي وهند بنت عتبة وسارة مولاة عمرو بن هشام وفرتنا وقريبة
فقتل منهم بن خطل والحويرث بن نقيذ ومقيس بن صبابة وكل
الجنود لم يلقوا جمعا غير خالد بن الوليد لقيه صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو
وعكرمة بن أبي جهل في جمع من قريش بالخندمة فمنعوه من الدخول
وشهروا السلاح ورموا بالنبل فصاح خالد في أصحابه وقاتلهم فقتل أربعة وعشرين
رجلا من قريش وأربعة نفر من هذيل وانهزموا أقبح الانهزام فلما ظهر
رسولا لله صلى الله عليه وسلم على ثنية أذاخر رأى البارقة فقال ألم
أنه عن القتال فقيل خالد قوتل فقاتل فقال قضاء الله خير وقتل
من المسلمين رجلان أخطأ الطري أحدهما كرز بن جابر الفهري وخالد
الأشقر الخزاعي وضربت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبة من
أدم بالحجون فمضى الزبير بن العوام برايته حتى ركزها عندها وجاء رسول
الله صلى الله عليه وسلم فدخلها فقيل له ألا تنزل منزلك فقال وهل
ترك عقيل لنا منزلا ودخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة عنوة فأسلم
الناس طائعين وكارهين وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت
على راحلته وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فجعل كلما مر بصنم
منها يشير إليه بقضيب في يده ويقول جاء الحق وزهق الباطل إن
الباطل كان زهوقا فيقع الصنم لوجهه وكان أعظمها هبل وهو وجاه
الكعبي ثم جاء إلى المقام وهو لاصق بالكعبة فصلى خلفه ركعتين ثم جلس
ناحية من المسجد وأرسل بلالا إلى عثمان بن طلحة أن يأتي بمفتاح الكعبة فجاء
به عثمان فقبضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتح الباب ودخل الكعبة
136

فصلى فيها ركعتين وخرج فأخذ بعضادتي الباب والمفتاح معه وقد لبط
بالناس حول الكعبة فخطب الناس يومئذ ودعا عثمان بن طلحة فدفع إليه
المفتاح وقال خذوها يا بني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم أحد إلا
ظالم ودفع السقاية إلى العباس بن عبد المطلب وقال أعطيتكم ما ترزأكم
ولا ترزؤونها ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تميم بن أسد
الخزاعي فجدد أنصاب الحرم وحانت الظهر فأذن بلال فوق ظهر الكعبة
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تغزى قريش بعد هذا اليوم إلى
يوم القيامة يعني على الكفر ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالحزورة وقال إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي يعني مكة
ولولا أني أخرجت منك ما خرجت وبث رسول الله صلى الله عليه وسلم
ا لسرايا إلى الأصنام التي حول الكعبة فكسرها منها العزى ومناة وسواع
وبوانة وذو الكفين فنادى مناديه بمكة من كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فلا يدع في بيته صنما إلا كسره ولما كان من الغد من يوم الفتح خطب رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعد الظهر فقال إن الله قد حرم مكة يوم خلق
السماوات والأرض فهي حرام إلى يوم القيامة ولم تحل لي إلا ساعة من نهار
ثم رجعت كحرمتها بالأمس فليبلغ شاهدكم غائبكم ولا يحل لنا من غنائمها
شئ وفتحها يوم الجمعة لعشر بقين من شهر رمضان وأقام بها رسول الله
صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة يصلي ركعتين ثم خرج إلى حنين
واستعمل على مكة عتاب بن أسيد يصلي بهم ومعاذ بن جبل يعلمهم السنن
والفقه
وأخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن
محمد بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس قال خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشر مضين من رمضان عام الفتح من
المدينة فصام حتى إذا كان بالكديد أفطر فكانوا يرون أنه الآخر من أمر رسول
137

الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان عن
بن شهاب أن عبيد الله بن عبد الله أخبره أن بن عباس أخبره أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح فرمضان فصام حتى إذا كان
بالكديد واجتمع الناس إليه أخذ قعبا فشرب منه ثم قال أيها الناس من
قبل الرخصة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبلها ومن صام فإن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صام فكانوا يتبعون الأحدث فالأحدث
من أمره ويرون المحكم الناسخ
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا ليث بن سعد حدثني بن شهاب عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن بن عباس أنه أخبره أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ
الكديد ثم أفطر وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون
الأحدث فالأحدث من أمره
أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل عن سعيد بن عبد العزيز
التنوخي أخبرنا عطية بن قيس عن قزعة عن أبي سعيد الخدري قال
أذننا رسول الله صلى الله عليه وسلم لليلتين خلتا من شهر رمضان فخرجنا
ونحن صوام حتى إذا بلغنا الكديد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالفطر فأصبحنا شرجين منا الصائم ومنا المفطر حتى إذا بلغنا مر الظهران
أعلمنا أنا نلقى العدو وأمرنا بالفطر
وأخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي أخبرنا شعبة وأخبرنا مسلم بن إبراهيم
عن هشام الدستوائي قالا أخبرنا قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري
قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتحنا مكة لثماني
عشرة أو سبع عشرة من رمضان فصام بعضنا وأفطر بعضنا فلم يعب المفطر
على الصائم ولا الصائم على المفطر
138

أخبرنا هاشم بن القاسم قال أخبرنا شعبة عن الحكم عن مقسم عن
بن عباس قال صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة حتى
أتى قديدا فأتي بقدح من لبن فأفطر وأمر الناس أن يفطروا
أخبرنا طلق بن غنام النخعي أخبرنا عبد الرحمن بن جرجيس الجعفري
حدثني حماد عن إبراهيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح مكة
في عشر من رمضان وهو صائم مسافر مجاهد
أخبرنا يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة بثمانية آلاف أو
عشرة آلاف وخرج من أهل مكة بألفين إلى حنين
أخبرنا عمر بن سعد أبو داود الحفري عن يعقوب القمي عن جعفر بن
أبي المغيرة عن بن أبزى قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في
عشرة آلاف
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن كثير بن عبد الله عن أبيه
عن جده أنه قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح
ونحن ألف ونيف يعنى قومه مزينة ففتح الله له مكة وحنينا
أخبرنا معن بن عيسى وشبابة بن سوار وموسى بن داود قالوا أخبرنا
مالك بن أنس عن بن شهاب عن أنس بن مالك قال دخل رسول الله صلى
الله عليه وسلم مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر ثم نزعه قال معن وموسى
بن داود في حديثهما فجاء رجل فقال يا رسول الله بن خطل متعلق
بأستار الكعبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوه قال معن
في حديثه قال مالك ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ
محرما
أخبرنا إسماعيل بن أبان الوراق أخبرنا أبو أويس حدثني الزهري
أن أنس بن مالك حدثه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح
139

وعلى رأسه المغفر فلما نزعه عن رأسه أتاه رجل فقال يا رسول الله هذا
بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اقتلوه حيث وجدتموه
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا سفيان يعني الثوري عن بن جريج
عن رجل عن طاوس قال لم يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم
مكة إلا محرما إلا يوم الفتح دخل بغير إحرام
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا شريك عن عمار الدهني عن أبي
الزبير عن جابر قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وعليه
عمامة سوداء
حدثنا عفان بن مسلم وكثير بن هشام قالا أخبرنا حماد بن سلمة عن
أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة
وعليه عمامة سوداء
أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام عن
عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح
من أعلى مكة وخرج من أسفل مكة
أخبرنا سويد بن سعيد قال أخبرنا حفص بن ميسرة أبو عمر
الصنعاني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم دخل عام الفتح من كداء من الثنية التي بأعلى مكة
أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد السكري أخبرنا يحيى بن سليم
الطائفي عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كان يدخل مكة من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى
أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي وشبابة بن سوار وهاشم بن القاسم
أبو عمرو بن الهيثم أبو قطن قالوا أخبرنا شعبة عن عمرو بن دينار عن
عبيد بن عمير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة
140

لأصحابه إن هذا يوم قتال فأفطروا قال شبابة قال شعبة لم يسمع
عمرو بن دينار من عبيد بن عمير إلا ثلاثة أحاديث
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي قال أخبرنا محمد بن عمرو
عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قالا لما كان يوم فتح
رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة كان عبد الله بن أم مكتوم بين يديه
وبين الصفا والمروة وهو يقول
يا حبذا مكة من وادي أرض بها أهلي وعوادي
أرض بها أمشي بلا هادي أرض بها ترسخ أوتادي
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن
سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل بن أبي
سرح يوم الفتح وفرتنا وابن الزبعرى وابن خطل فأتاه أبو برزة وهو
متعلق بأستار الكعبة فبقر بطنه وكان رجل من الأنصار قد نذر إن رأى بن
أبي سرح أن يقتله فجاء عثمان وكان أخاه من الرضاعة فشفع له إلى النبي
صلى الله عليه وسلم وقد أخذ الأنصاري بقائم السيف ينتظر النبي متى يومئ
إليه أن يقتله فشفع له عثمان حتى تركه ثم قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم للأنصاري هلا وفيت بنذرك فقال يا رسول الله وضعت
يد ي على قائم السيف أنتظر متى تومئ فأقتله فقال النبي صلى الله عليه
وسلم الايماء خيانة ليس لنبي أن يومئ
أخبرنا أحمد بن الحجاج الخراساني أخبرنا عبد الله بن المبارك
قال أخبرنا معمر عن الزهري عن بعض آل عمر بن الخطاب قال
لما كان يوم الفتح ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة أرسل إلى
صفوان بن أمية بن خلف و إلى أبي سفيان بن حرب وإلى الحارث بن هشام
قال عمر قلت قد أمكن الله منهم أعرفهم بما صنعوا حتى قال النبي
141

صلى الله عليه وسلم مثلي ومثلكم كما قال يوسف لاخوته لا تثريب
عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين قال عمر
فانفضحت حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهية لما كان مني
وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال
أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني حدثني إبراهيم بن عقيل
بن معقل عن أبيه عن وهب عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم
أمر عمر بن الخطاب زمن الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو
كل صورة فيها ولم يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى محيت كل
صورة فيها
أخبرنا موسى بن داود أخبرنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار
عن بن عباس عن الفضل أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت
فكان يسبح ويكبر ويدعو ولا يركع
أخبرنا خالد بن مخلد البجلي أخبرنا سليمان بن بلال حدثني عبد
الرحمن بن الحارث بن عياش عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال
جلس النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح على در الكعبة فحمد الله
وأثنى عليه وقال فيما تكلم به لا هجرة بعد الفتح
أخبرنا موسى بداود بن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة قال كان
يوم الفتح بمكة دخان وهو قول الله عز وجل يوم تأتي السماء
بدخان مبين
أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي أخبرنا شعبه عن أبي إياس قال
سمعت عبد الله بن المغفل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يوم فتح مكة على ناقة وهو يسير ويقرأ سورة الفتح ويرجع ويقول لولا
أن يجتمع الناس حولي لرجعت كما رجع
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا أبو معشر عن العباس بن عبد الله بن
142

معبد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح
اذهبوا عنكم عبية الجاهلية وفخرها بآبائها الناس كلهم بنو آدم وآدم
من تراب
أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني أخبرنا إبراهيم بن عقيل
بن معقل عن أبيه عن وهب بن منبه قال سألت جابر بن عبد الله هل
غنموا يوم الفتح شيئا قال لا
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن علي بن زيد بن جدعان عن
أبي نضرة عن عمران بن حصين قال شهدت مع النبي صلى الله عليه
وسلم الفتح فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا سفيان عن يحيى بن أبي إسحاق قال
سمعت أنس بن مالك قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقصر حتى أتى مكة وأقمنا بها عشرا يقصر حتى رجع
أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
عام الفتح بمكة خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة حتى سار إلى حنين
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا المسعودي عن الحكم أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة لست مضين فسار سبعا
يصلي ركعتين حتى قدم مكة فأقام بها نصف شهر يقصر الصلاة ثم خرج
لليلتين بقيتا من شهر رمضان إلى حنين
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا شريك عن عبد الرحمن بن الأصبهاني
عن عكرمة عن بن عباس قال أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة
بعد الفتح سبعة عشر يوما يصلي ركعتين
أخبرنا محمد بن حرب المكي أخبرنا بكر بن مضر عن جعفر بن
ربيعة عن عراك بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمكة
143

عام الفتح خمس عشرة ليلة يصلي ركعتين ركعتين
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن
أبي نضرة عن عمران بن حصين قال أقام رسول الله صلى الله عليه
وسلم زمن الفتح بمكة ثماني عشرة يصلي ركعتين ركعتين
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا وهيب أخبرنا عمارة بن غزية
أخبرنا الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه قال خرجنا مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم عام الفتح فأقام خمس عشرة من بين يوم وليلة
أخبرنا كثير بن هشام أخبرنا الفرات بن سليمان عن عبد الكريم
بن مالك الجزري عن مجاهد عن مولاة لام هانئ أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة دعا بإناء فاغتسل ثم صلى أربع
ركعات
أخبرنا يحيى بن عباد أخبرنا فليح بن سليمان سمعت سعيد بن أبي
سعيد المقبري قال أخبرني أبو مرة مولا أم هانئ أن أم هانئ أخبرته
أنها دخلت منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح تكلمه في
رجل تستأمن له فقالت فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وقع
الغبار على رأسه ولحيته فستر بثوب فاغتسل ثم خالف بين طرفي ثوبه
فصلى الضحى ثماني ركعات
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا ليث بن سعد حدثني يزيد بن أبي
حبيب عن سعيد بن أبي هند أن أبا مرة مولى عقيل بن أبي طالب أخبره أن
أم هانئ بنت أبي طالب حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم
لما كان عام الفتح فر إليها رجلان من بني مخزوم فأجارتهما فدخل علي
عليها فقال لأقتلنهما قالت فلما سمعته يقول ذلك أتيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة فلما رآني رسول الله صلى الله
عليه وسلم رحب بي وقال ما جاء بك يا أم هانئ قلت يا نبي الله
144

كنت قد آمنت رجلين من أحمائي فأراد علي قتلهما فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم قد أجرنا من أجرت ثم قام رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى غسله فسترته بثوب ثم أخذ ثوبه فالتحف به ثم صلى
ثماني ركعات سبحة الضحى
أخبرنا أبو بكر بن محمد بن أبي مرة المكي حدثني سعيد بن سالم
المكي عن رجل قد سماه قال استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم
على سوق مكة حين افتتحها سعيد بن سعيد العاص بن أمية فلما أراد
النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج إلى الطائف خرج معه سعيد بن سعيد
فاستشهد بالطائف
أخبرنا أبو بكر بن محمد بن أبي مرة حدثني مسلم بخالد الزنجي
عن أبي جريج قال لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف
في عام الفتح استخلف على مكة هبيرة بن شبل بن العجلان الثقفي
فلما رجع من الطائف و أراد الخروج إلى المدينة استعمل عتاب بن أسيد على
مكة وعلى الحج سنة ثمان
أخبرنا محمد بن عبيد حدثني زكريا بن أبي زائدة عن عامر قال
قال الحارث بن مالك بن برصاء سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يوم الفتح يقول لا تغزى بعدها إلى يوم القيامة
سرية خالد بن الوليد إلى العزى
عز وجل ثم سرية خالد بن الوليد إلى العزى لخمس ليال بقين من شهر رمضان
سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة خالد
بن الوليد إلى العزى ليهدمها فخرج في ثلاثين فارسا من أصحابه حتى انتهوا
145

إليها فهدمها ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال
هل رأيت شيئا قال لا قال فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها
فرجع خالد وهو متغيظ فجرد سيفه فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ناشرة
الرأس فجعل السادن يصيح بها فضربها خالد فجزلها باثنين ورجع إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال نعم تلك العزى وقد يئست
أن تعبد ببلادكم أبدا وكانت بنخلة وكانت لقريش وجميع بني كنانة
وكانت أعظم أصنامهم وكان سدنتها بنو شيبان من بني سليم
سرية عمرو بن العاص إلى سواع
ثم سرية عمرو بن العاص إلى سواع في شهر رمضان سنة ثمان من
مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا بعث النبي صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة عمرو بن
العاص إلى سواع صنم هذيل ليهدمه قال عمرو فانتهيت إليه وعنده
السادن فقال ما تريد قلت أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن أهدمه قال لا تقدر على ذلك قلت لم قال تمنع قلت
حتى الآن أنت في الباطل ويحك وهل يسمع أو يبصر قال فدنوت
منه فكسرته وأمرت أصحابي فهدموا بيت خزانته فليجدوا فيه شيئا ثم
قلت للسادن كيف رأيت قال أسلمت لله
سرية سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة
ثم سرية سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة في شهر رمضان سنة ثمان من
مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
146

قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة سعد
بن زيد الأشهلي إلى مناة وكانت بالمشلل للأوس والخزرج وغسان فلما
كان يوم الفتح بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأشهلي
يهدمها فخرج في عشرين فارسا حتى انتهى إليها وعليها سادن فقال السادن
ما تريد قال هدم مناة قال أنت وذاك فأقبل سعد يمشي إليها
وتخرج إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها
فقال السادن مناة دونك بعض غضباتك ويضربها سعد بن زيد الأشهلي
وقتلها ويقبل إلى الصنم معه أصحابه فهدموه ولم يجدوا في خزانتها شيئا وانصرف
راجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك لست بقين من شهر
رمضان
سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة
ثم سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة وكانوا بأسفل
مكة على ليلة ناحية يلملم في شوال سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو يوم الغميصاء
قالوا لما رجع خالد بن الوليد من هدم العزى ورسول الله صلى
الله عليه وسلم مقيم بمكة بعثه إلى بني جذيمة داعيا إلى الاسلام ولم يبعثه
مقاتلا فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار وبني
سليم فانتهى إليهم خالد فقال ما أنتم قالوا مسلمون قد صلينا وصدقنا
بمحمد وبنينا المساجد في ساحاتنا وأذنا فيها قال فما بال السلاح عليكم
فقالوا إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة فخفنا أن تكونوا هم فأخذنا
السلاح قال فضعوا السلاح قال فوضعوه فقال لهم استأسروا
147

فاستأسر القوم فأمر بعضهم فكتف بعضا وفرقهم في أصحابه فلما كان
في السحر نادى خالد من كان معه أسير فليدافه والمدافة الاجهاز
عليه بالسيف فأما بنو سليم فقتلوا من كان في أيديهم وأما المهاجرون والأنصار
فأرسلوا أساراهم فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما صنع خالد فقال
اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد وبعث علي بن أبي طالب فودى لهم
قتلاهم وما ذهب منهم ثم انصرف إلى رسول الله فأخبره
أخبرنا العباس بن الفضل الأزرق البصري أخبرنا خالد بن يزيد الجوني
أخبرنا محمد بن إسحاق عن بن أبي حدرد عن أبيه قال كنت في الخيل التي
أغارت مع خالد بن الوليد على بني جذيمة يوم الغميصاء فلحقنا رجلا منهم
معه نسوة فجعل يقاتلنا عنهن ويقول
رخين أذيال الحقاء وأربعين * مشي حييات كأن لم تفزعن
إن يمنع القوم ثلاث تمنعن
قال فقاتل ثلاثا عنهن حتى أصعدهن الجبل
قال إذا لحقنا آخر معه نسوة قال فجعل يقاتل عنهن ويقول
قد علمت بيضاء حمراء الأطل يحوزها ذو ثلة وذو إبل
لأغنين اليوم ما أغنى رجل
فقاتل عنهن حتى أصعدهن الجبل
قال إذا لحقنا آخر معه نسوة فجعل يقاتل عنهن ويقول
قد علمت بيضاء ضربا تلهي العرسا * لا تملأ اللجين منها نهسا
لأضربن اليوم ضربا وعسا * ضرب المذيدين المخاض القعسا
فقاتل عنهن حتى أصعدهن الجبل فقال خالد لا تتبعوهم
148

أخبرنا العباس بن الفضل أخبرنا سفيان بن عيينة حدثني عبد الملك
بن نوفل بن مساحق القرشي عن عبد الله بن عصام المزني عن أبيه قال
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بطن نخلة فقال اقتلوا ما لم
تسمعوا مؤذنا أو تروا مسجدا إذا لحقنا رجلا فقلنا له كافر أو مسلم فقال
إن كنت كافرا فمه قلنا له إن كنت كافرا قتلناك قال دعوني أقض
إلى النسوان حاجة قال إذا دنا إلى امرأة منهن فقال لها اسلمي حبيش
على نفد العيش
أريتك إذ طالبتكم فوجدتكم بحلية أو أدركتكم بالخوانق
أما كان أهلا أن ينول عاشق تكلف إدلاج السرى والودائق
فلا ذنب لي قد قلت إذ نحن جيرة أثيبي بود قبل إحدى الصفائق
أثيبي قبل أن تشحط النوى وينأى أميري بالحبيب المفارق
فقالت نعم حييت عشرا وسبعا وترا وثمانيا تترى قال
فقربناه فضربنا عنقه قال فجاءت فجعلت ترشفه حتى ماتت عليه وقال
سفيان وإذا امرأة كثيرة النحض يعني اللحم
غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين وهي غزوة
هوازن في شوال سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحنين واد بينه وبين مكة ثلاث ليال
قالوا لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة مشت أشراف
هوازن وثقيف بعضها إلى بعض وحشدوا وبغوا وجمع أمرهم مالك بن
149

عوف النصري وهو يومئذ بن ثلاثين سنة وأمرهم فجاؤوا معهم بأموالهم
ونستئهم وأبنائهم حتى نزلوا بأوطاس وجعلت الامداد تأتيهم فأجمعوا
المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم رسول الله صلى
الله عليه وسلم من مكة يوم السبت لست ليال خلون من شوال في اثني عشر
ألفا من المسلمين عشرة آلاف من أهل المدينة وألفان من أهل مكة فقال
أبو بكر لا نغلب اليوم من قلة وخرج مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم ناس من المشركين كثير منهم صفوان بن أمية وكان رسول
الله صلى الله عليه وسلم استعار منه مائة درع بأداتها فانتهى إلى حنين
مساء ليلة الثلاثاء لعشر ليال خلون من شوال فبعث مالك بن عوف ثلاثة
نفر يأتونه بخبر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعوا إليه وقد
تفرقت أوصالهم من الرعب ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد
الله بن أبي حدرد الأسلمي فدخل عسكرهم فطاف به وجاء بخبرهم
فلما كان من الليل عمد مالك بن عوف إلى أصحابه فعبأهم في وادي حنين
فأوعز إليهم أن يحملوا على محمد وأصحابه حملة واحدة وعبأ رسول الله
صلى الله عليه وسلم أصحابه في السحر وصفهم صفوفا ووضع الألوية
والرايات في أهلها مع المهاجرين لواء يحمله علي بن أبي طالب وراية يحملها
سعد بن أبي وقاص وراية يحملها عمر بن الخطاب ولواء الخزر يحمله
حباب بن المنذر ويقال لواء الخزرج الآخر مع سعد بن عبادة ولواء الأوس
مع أسيد بن حضير وفي كل بطن من الأوس والخزرج لواء أو راية يحملها
رجل منهم مسمى وقبائل العرب فيهم الألوية والرايات يحملها قوم
منهم مسمون وكان رسول الله صلى بالله عليه وسلم قد قدم سليما من
يوم خرج من مكة واستعمل عليهم خالد بن الوليد فلم يزل على مقدمته
حتى ورد الجعرانة وانحدر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وادي
الحنين على تعبئة وركب بغلته البيضاء دلدل ولبس درعين والمغفر والبيضة
150

فاستقبلهم من هوازن شئ لم يروا مثله قط من السواد والكثرة وذلك في
غبش الصبح وخرجت الكتائب من مضيق الوادي وشعبه فحملوا حملة
واحدة وانكشفت الخيل خيل بني سليم مولية وتبعه أهل مكة وتبعهم
الناس منهزمين فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا أنصار
الله وأنصار رسوله أنا عبد الله ورسوله ورجع رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى العسكر وثاب إليه من انهزم وثبت معه يومئذ العباس بن عب
المطلب وعلي بن أبي طالب والفضل بن عباس وأبو سفيان بن الحارث بن
عبد المطلب وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وأبو بكر وعمر وأسامة بن
زيد في أناس من أهل بيته وأصحابه وجعل يقول للعباس ناد يا معشر
الأنصار يا أصحاب السمرة يا أصحاب سورة البقرة فنادى وكان
صيتا فأقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت على أولادها يقولون يا لبيك
يا لبيك فحملوا على المشركين فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم
فنظر إلى قتالهم فقال الآن حمي الوطيس أنا النبي لا كذب أنا بن
عبد المطلب
ثم قال للعباس بن عبد المطلب ناولني حصيات فناولته حصيات
من الأرض ثم قال شاهت الوجوه ورمى بها وجوه المشركين وقال
انهزموا ورب الكعبة وقذف الله في قلوبهم الرعب وانهزموا لا يلوي
أحد منهم على أحد فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل من
قدر عليه فحنق المسلمون عليهم يقتلونهم حتى قتلوا الذرية فبلغ ذلك
رسولا لله صلى الله عليه وسلم فنهى عن قتل الذرية وكان معه سيماء
الملائكة يوم حنين عمائم حمر قد أرخوها بين أكتافهم وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه وأمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب العدو فانتهى بعضهم إلى الطائف
وبعضهم نحو نخلة وتوجه قوم منهم إلى أوطاس فعقد رسول الله صلى
151

الله عليه وسلم لأبي عامر الأشعري لواء ووجهه في طلبهم وكان معه
سلمة بن الأكوع فانتهى إلى عسكرهم فإذا هم ممتنعون فقتل منهم أبو
عامر تسعة مبارزة ثم برز له العاشر معلما بعمامة صفراء فضرب أبا عامر
فقتله واستخلف أبو عامر أبا موسى الأشعري فقاتلهم حتى فتح الله عليه
وقتل قاتل أبي عامر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر
لأبي عامر واجعله من أعلى أمتي في الجنة ودعا لأبي موسى أيضا
وقتل من المسلمين أيضا أيمن بن عبيد بن زيد الخزرجي وهو بن
أم أيمن أخو أسامة بن زيد لامه وسراقة بن الحارث ورقيم بن ثعلبة بن
زيد بن لوذان واستحر القتال في بني نصر بن معاوية ثم في بني رباب فقال
عبد الله بن قيس وكان مسلما هلكت بنو رباب وقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم اللهم أجبر مصيبتهم ووقف مالك بن عوف على ثنية من
الثنايا حتى مضى ضعفاء أصحابه وتتام آخرهم ثم هرب فتحصن في قصر
بلية ويقال دخل حصن ثقيف وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالسبي والغنائم تجمع فجمع ذلك كله وحدروه إلى الجعرانة فوقف
بها إلى أن انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف وهم في
حظائرهم يستظلون بها من الشمس وكان السبي ستة آلاف رأس والإبل
أربعة وعشرين ألف بعير والغنم أكثر من أربعين ألف شاة وأربعة آلاف
أوقية فضة فاستأنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبي أن يقدم
عليه وفدهم وبدأ بالأموال فقسمها وأعطى المؤلفة قلوبهم أول الناس
فأعطى أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية ومائة من الإبل قال ابني
يزيد قال أعطوه أربعين أوقية ومائة من الإبل قال ابني معاوية
قال أعطوه أربعين أوقية ومائة من الإبل فأعطاه إياها وأعطى حكيم بن حزام مائة
من الإبل ثم سأله مائة أخرى فأعطاه إياها وأعطى النصر بن الحارث بن
كلدة مائة من الإبل وأعطى أسيد بن جارية الثقفي مائة من الإبل
152

وأعطى العلاء بن حارثة الثقفي خمسين بعيرا وأعطى مخرمة بن نوفل
خمسين بعيرا وأعطى الحارث بن هشام مائة من الإبل وأعطى سعيد بن
يربوع خمسين من الإبل وأعطى صفوان بن أمية مائة من الإبل وأعطى
قيس بن عدي مائة من الإبل وأعطى عثمان بن وهب خمسين من الإبل وأعطى سهيل بن عمرو مائة من الإبل
وأعطى حويطب بن عبد العزى
مائة من الإبل وأعطى هشام بن عمرو العامري خمسين من الإبل وأعطى
الأقرع بن حابس التميمي مائة من الإبل وأعطى عيينة بن حصن مائة
من الإبل وأعطى مالك بن عوف مائة من الإبل وأعطى العباس بن
مرداس أربعين من الإبل فقال في ذلك شعرا فأعطاه مائة من الإبل
ويقال خمسين وأعطى ذلك كله من الخمس وهو أثبت الأقاويل عندنا
ثم أمر زيد بن ثابت بإحصاء الناس والغنائم ثم فضها على الناس فكانت
سهامهم لكل رجل أربع من الإبل وأربعون شاة فإن كان فارسا أخذ اثني
عشر من الإبل وعشرين ومائة شاة وإن كان معه أكثر من فرس لم
يسهم له
وقدم وفد هوازن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربعة عشر
رجلا ورأسهم زهير بن صرد وفيهم أبو برقان عم رسول الله صلى
الله عليه وسلم من الرضاعة فسألوه أن يمن عليهم بالسبي فقال أبناؤكم
ونساؤكم أحب إليكم أم أموالك قالوا ما كنا نعدل بالاحساب شيئا
فقال أما ما لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وسأسأل لكم الناس فقال
المهاجرون والأنصار ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال الأقرع بن حابس أما أنا وبنو تميم فلا وقال عيينة بن حصن
أما أنا وبنو فزارة فلا وقال العباس بن مرداس أما أنا وبنو سليم فلا
وقالت بنو سليم مكان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
العباس بن مرداس وهنتمونو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
153

إن هؤلاء القوم جاؤوا مسلمين وقد كنت استأنيت بسبيهم وقد خيرتهم
فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئا فمن كان عنده منهم شئ فطابت نفسه أن
يرده فسبيل ذلك ومن أبى فليرد عليهم وليكن ذلك قرضا علينا ست
فرائض من أول ما يفئ الله علينا قالوا رضينا وسلمنا فردوا عليهم
نساءهم وأبناءهم ولم يختلف منهم أحد غير عيينة بن حصن فإنه أبى
أن يرد عجوزا صارت في يده منهم ثم ردها بعد ذلك
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كسا السبي قبطية
قبطية
قالوا فلما رأت الأنصار ما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم
في قريش والعرب تكلموا في ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا معشر الأنصار أما ترضون أن يرجع الناس بالشاء والبعير وترجعوا برسول
الله إلى رحالكم قالوا رضينا يا رسول الله بك حظا وقسما فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء
أبناء الأنصار وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقوا وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى الجعرانة ليلة الخميس لخمس
ليال خلون من ذي القعدة فأقام بها ثلاث عشرة ليلة فلما أراد الانصراف
إلى المدينة خرج ليلة الأربعاء لاثنتي عشرة بقيت من ذي القعدة ليلا فأحرم
بعمرة ودخل مكة فطاف وسعى وحلق رأسه ورجع إلى الجعرانة من ليلته
كبائت ثم غدا يوم الخميس فانصرف إلى المدينة فسلك في وادي الجعرانة
حتى خرج على سرف ثم أخذ الطريق إلى مر الظهران ثم إلى المدينة صلى
الله عليه وسلم
أخبرنا الضحاك بن مخلد الشيباني أبو عاصم النبيل قال أخبرنا
عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب الثقفي وأخبرني عبد الله بن
عباس عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى هوازن في اثني
154

عشر ألفا فقتل منهم مثل ما قتل من قريش يوم بدر وأخذ رسول الله
صلى الله عليه وسلم ترابا من البطحاء فرمى به وجوهنا فانهزمنا
أخبرنا محمد بن حميد العبدي عن معمر عن الزهري عن كثير بن
عباس بن عبد المطلب عن أبيه قال لما كان يوم حنين التقى المسلمون
والمشركون فولى المسلمون يومئذ فلقد رأيت رسول الله وما معه أحد إلا
أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب أخذ بغرز النبي صلى الله عليه وسلم
والنبي ما يألو ما أسرع نحو المشركين قال فأتيته حتى أخذت بلجامه وهو
على بغلة له شهباء فقال يا عباس ناد يا أصحاب السمرة قال وكنت
رجلا صيتا فناديت بصوتي الاعلى أين أصحاب السمرة فأقبلوا كأنهم
الإبل إذا حنت إلى أولادها يا لبيك يا لبيك يا لبيك وأقبل المشركون
فالتقوا هم والمسلمون ونادت الأنصار يا معشر الأنصار مرتين ثم
قصرت الدعوى في بني الحارث بن الخزرج فنادوا يا بني الحارث بن الخزرج
فنظر النبي وهو على بغلته كالمتطاول إلى قتالهم فقال هذا حين حمي الوطيس
ثم أخذ بيده من الحصى فرماهم بها ثم قال انهزموا ورب الكعبة قال
فوالله ما زال أمرهم مدبرا وحدهم كليلا حتى هزمهم الله فكأني أنظر
إلى النبي صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم على بغلة له
قال الزهري وأخبرني بن المسيب أنهم أصابوا يومئذ ستة آلاف
من السبي فجاؤوا مسلمين بعد ذلك فقالوا يا نبي الله أنت خير الناس وقد
أخذت أبناءنا ونساءنا وأموالنا فقال إن عندي من ترون وإن خير القول
أصدقه فاختاروا مني إما ذراريكم ونساءكم وإما أموالكم قالوا ما
كنا لنعدل بالأحساب شيئا فقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال
إن هؤلاء قد جاؤوا مسلمين وإنا قد خيرناهم بين الذراري والأموال فلم
يعدلوا بالأحساب شيئا فمن كان عنده منهم شئ فطابت نفسه أن يرده فسبيل
ذلك ومن لا فليعطنا وليكن قرضا علينا حتى نصيب شيئا فنعطيه
155

مكانه قالوا يا نبي الله قد رضينا وسلمنا قال إني لا أدري لعل فيكم
من لا يرضى فمروا عرفاءكم يرفعون ذلك إلينا فرفعت إليه العرفاء أن
قد رضوا وسلموا
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة أخبرنا يعلى بن عطاء
عن أبي همام عن أبي عبد الرحمن الفهري قال كنا مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم في غزوة حنين فسرنا في يوم قائظ شديد الحر فنزلنا تحت
ظلال الشجر فلما زالت الشمس لبست لامتي وركبت فرسي فانطلقت إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في فسطاطه فقلت السلام عليك
يا رسول الله ورحمة الله حان الرواح فقال أجل ثم قال يا بلال
فثار من تحت شجرة سمرة كأن ظله ظل طائر فقال لبيك وسعديك وأنا
فداؤك قال أسرج لي فرسي فأخرج سرجا دفاته من ليف ليس فيهما
أشر ولا بطر قال فأسرج فركب وركبنا فصاففناهم عشيتنا وليلتنا فتشامت
الخيلان فولى المسلمون مدبرين كما قال الله فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله ثم قال يا معشر المهاجرين
أنا عبد الله ورسوله قال ثم اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
فرسه فأخذ كفا من تراب فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني أنه ضرب به
وجوههم وقال شاهت الوجوه فهزمهم الله
قال يعلى بن عطاء فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا لم يبق
منا إلا امتلأت عيناه وفوه ترابا وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض
كإمرار الحديد على الطست الجديد
أخبرنا عفان بن مسلم وعمرو بن عاصم الكلابي قالا أخبرنا همام
أخبرنا قتادة عن الحسن عن سمرة أن يوم حنين كان يوما مطيرا قال
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى إن الصلاة
في الرحال
156

أخبرنا عمرو بن عاصم أخبرنا همام أخبرنا قتادة وأخبرنا هاشم
بن القاسم أخبرنا شعبة قال قتادة أخبرني عن أبي المليح عن أبيه قال
أصابنا مطر بحنين فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديه فنادى
إن الصلاة في الرحال
وأخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرني عبد
الرحمن المسعودي عن القاسم عن عبد الله بن مسعود قالوا نودي في الناس
يوم حنين يا أصحاب سورة البقرة فأقبلوا بسيوفهم كأنها الشهب فهزم
الله المشركين
سرية الطفيل بن عمرو الدوسي إلى ذي الكفين
ثم سرية الطفيل بن عمرو الدوسي إلى ذي الكفين صنم عمرو
بن حممة الدوسي في شوال سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله
عليه وسلم
قالوا لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى الطائف
بعث الطفيل بن عمرو إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة الدوسي
يهدمه وأمره أن يستمد قومه ويوافيه بالطائف فخرج سريعا إلى قومه فهدم
ذا الكفين وجعل يحش النار في وجهه ويحرقه ويقول
يا ذا الكفين لست من عبادكا * ميلادنا أقدم من ميلادكا
إني حششت النار في فؤادكا
قال وانحدر معه من قومه أربعمائة سراعا فوافوا النبي صلى الله
عليه وسلم بالطائف بعد مقدمه بأربعة أيام وقدم بدبابة ومنجنيق
157

وقال يا معشر الأزد من يحمل رايتكم فقال الطفيل من كان يحملها
في الجاهلية النعمان بن بازية اللهبي قال أصبتم
غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف في شوال سنة
ثمان من مهاجره
قالوا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين يريد
الطائف وقدم خالد بن الوليد على مقدمته وقد كانت ثقيف رموا حصنهم
وأدخلوا فيه ما يصلحهم لسنة فلما انهزموا من أوطاس دخلوا حصنهم
وأغلقوه عليهم وتهيأوا للقتال وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم
فنزل قريبا من حصن الطائف وعسكر هناك فرموا المسلمين بالنبل رميا شديدا
كأنه رجل جراد حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة وقتل منهم اثنا
عشر رجلا فيهم عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة وسعيد بن العاص ورمي
عبد الله بن أبي بكر الصديق يومئذ فاندمل الجرح ثم انتفض به بعد ذلك
فمات منه فارتفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع مسجد الطائف
اليوم وكان معه من نسائه أم سلمة وزينب فضرب لهما قبتين وكان
يصلي بين القبتين حصار الطائف كله فحاصرهم ثمانية عشر يوما ونصب
عليهم المنجنيق ونتر الحسك سقبين من عيدان حول الحصن فرمتهم
ثقيف بالنبل فقتل منهم رجال فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقطع أعنابهم وتحريقها فقطع المسلمون قطعا ذريعا ثم سألوه أن يدعها
لله وللرحم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أدعها لله وللرحم
ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما عبد نزل من الحصن
158

وخرج إلينا فهو حر فخرج منهم بضعة عشر رجلا منهم أبو بكرة نزل
في بكرة فقيل أبو بكرة فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه فشق ذلك على أهل
الطائف مشقة شديدة ولم يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في فتح
الطائف واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم نوفل بن معاوية
الديلي فقال ما ترى فقال ثعلب في جحر إن أقمت عليه أخذته وإن
تركته لم يضرك فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب
فأذن بالناس بالرحيل فضج الناس من ذلك وقالوا نرحل ولم يفتح
علينا الطائف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاغدوا على القتال
فغدوا فأصابت المسلمين جراحات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إنا قافلون إن شاء الله فسروا بذلك وأذعنوا وجعلوا يرحلون ورسول الله
صلى الله عليه وسلم يضحك وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
قولوا لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده
فلما ارتحلوا واستقلوا قال قولوا آئبون عابدون لربنا حامدون
وقيل يا رسول الله ادع الله على ثقيف فقال اللهم اهد ثقيفا
وأت بهم
أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي أخبرنا أبو الأشهب أخبرنا الحسن
قال حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف قال فرمي
رجل من فوق سورها فقتل فأتى عمر فقال يا نبي الله ادع على ثقيف
قال إن الله لم يأذن في ثقيف قال فكيف نقتل في قوم لم يأذن الله فيهم
قال فارتحلوا فارتحلوا
أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن
مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل
الطائف أربعين يوما
159

أخبرنا نصر بن باب عن الحجاج يعني بن أرطأة عن الحكم عن
مقسم عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
الطائف من خرج إلينا من العبيد فهو حر فخرج عبيد من عبيدهم فيهم
أبو بكرة فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المصدقين قالوا لما
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال المحرم سنة تسمن مهاجره
بعث المصدقين يصدقون العرب فبعث عيينة بن حصن إلى بني تميم يصدقهم
وبعث بريدة بن الحصيب إلى أسلم وغفار يصدقهم ويقال كعب بن
مالك وبعث عباد بن بشر الأشهلي إلى سليم ومزينة
وبعث رافع بن مكيث إلى جهينة وبعث عمرو بن العاص إلى بني
فزارة وبعث الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب وبعث بسر
بن سفيان الكعبي إلى بني كعب وبعث بن اللتبية الأزدي إلى بني
ذبيان وبعث رجلا من سعد هذيم على صدقاتهم وأمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم مصدقيه أن يأخذوا العف منهم ويتوقوا كرائم
أموالهم
سرية عيينة بن حصن الفزاري إلى بني تميم
ثم سرية عيينة بن الحصن الفزاري إلى بني تميم وكانوا فيما بين
السقيا وأرض بنو تميم وذلك في المحرم سنة تسع من مهاجر رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن
الفزاري إلى بني تميم في خمسين فارس من العرب ليس فيهم مهاجري
160

ولا أنصاري فكان يسير الليل ويكمن النهار فهجم عليهم في صحراء
فدخلوا وسرحوا مواشيهم فلما رأوا الجمع ولوا وأخذ منهم أحد عشر
رجلا ووجدوا في المحلة إحدى عشرة امرأة وثلاثين صبيا فجلبهم إلى
المدينة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحبسوا في دار رملة
بنت الحارث فقدم فيهم عدة من رؤسائهم عطارد بن حاجب والزبرقان بن
بدر وقيس بن عاصم والأقرع بن حابس وقيس بن الحارث ونعيم بن سعد
وعمرو بن الأهتم ورباح بن الحارث بن مجاشع فلما رأوهم بكى إليهم
النساء والذراري فعجلوا فجاؤوا إلى باب النبي صلى الله عليه وسلم فنادوا
يا محمد اخرج إلينا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بلال
الصلاة وتعلقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمونه فوقف معهم
ثم مضى فصلى الظهر ثم جلس في صحن المسجد فقدموا عطارد بن حاجب
فتكلم وخطب فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بن
شماس فأجابهم ونزل فيهم إن الذين ينادونك من وراء الحجرات
أكثرهم لا يعقلون فرد عليهم رسول الله الاسرى والسبي ثم
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى
بني المصطلق من خزاعة يصدقهم وكانوا قد أسلموا وبنوا المساجد
فلما سمعوا بدنو الوليد خرج منهم عشرون رجلا يتلقونه بالجزور والغنم
فرحا به فلما رآهم ولى راجعا إلى المدينة فأخبر النبي صلى الله عليه
وسلم أنهم لقوه بالسلاح يحولون بينه وبين الصدقة فهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم من يغزوهم وبلغ ذلك القوم فقدم
عليه الركب الذيم لقوا الوليد فأخبروا النبي الخبر على وجهه فنزلت هذه
الآية يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن
تصيبوا قوما بجهالة إلى آخر الآية فقرأ عليهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم القرآن وبعث معهم عباد بن بشر يأخذ صدقات أموالهم ويعلمهم
161

شرائع الاسلام ويقرئهم القرآن فلم يعد ما أمره رسول الله صلى الله
عليه وسلم ولم يضيع حقا وأقام عندهم عشرا ثم انصرف إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم راضيا
سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم
ثم سرية قطبة بن عامر إلى خثعم بناحية بيشة قريبا من
تربة في صفر سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قطبة بن عامر بن حديدة في عشرين
رجلا إلى حي من خثعم بناحية تبالة وأمره أن يشن الغارة عليهم
فخرجوا على عشرة أبعرة يتعقبونها فأخذوا رجلا فسألوه فاستعجم عليهم
فجعل يصيح بالحاضر ويحذرهم فضربوا عنقه ثم أمهلوا حتى نام الحاضر
فشنوا عليهم الغارة فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثر الجرحى في الفريقين
جميعا وقتل قطبة بن عامر من قتل وساقوا النعم والشاء والنساء إلى المدينة
وجاء سيل أتي فحال بينهم وبينه فما يجدون إليه سبيلا وكانت سهمانهم
أربعة أبعرة أربعة أبعرة والبعير يعدل بعشر من الغنم بعد أن أخرج
الخمس
سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب
ثم سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب في شهر ربيع
الأول سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا إلى القرطاء
162

عليهم الضحاك بن سفيان بن عوف بن أبي بكر الكلابي ومعه الاصيد
بن سلمة بن قرط فلقوهم بالزج زج لاوه فدعوهم إلى الاسلام فأبوا
فقاتلوهم فهزموهم فلحق الأصيد أباه سلمة وسلمة على فرس له في غدير
بالزج فدعا أباه إلى الاسلام وأعطاه الأمان فسبه وسب دينه فضرب
الأصيد عرقوبي فرس أبيه فلما وقع الفرس على عرقوبيه ارتكز سلمة
على رمحه في الماء ثم استمسك به حتى جاءه أحدهم فقتله ولم يقتله
ابنه
سرية علقمة بن مجزز المدلجي إلى الحبشة
ثم سرية علقمة بن مجزز المدلجي إلى الحبشة في شهر ربيع الآخر
سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا من الحبشة
تراياهم أهل جدة فبعث إليهم علقمة بن مجزز في ثلاثمائة فانتهى إلى
جزيرة في البحر وقد خاض إليهم البحر فهربوا منه فلما رجع تعجل بعض
القوم إلى أهلهم فأذن لهم فتعجل عبد الله بن حذافة السهمي فيهم فأمره
على من تعجل وكانت فيه دعابة فنزلوا ببعض الطريق وأوقدوا نارا
يصطلون عليها ويصطنعون فقال عزمت عليكم إلا تواثبتم في هذه النار
فقام بعض القوم فاحتجزوا حتى ظن أنهم واثبون فيها فقال اجلسوا إنما
كنت أضحك معكم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال من أمركم بمعصية فلا تطيعوه
163

سرية علي بن أبي طالب إلى الفلس صنم طئ ليهدمه
ثم سرية علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه إلى الفلس صنم طئ
ليهدمه في شهر ربيع الآخر سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه
وسلم
قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في
خمسين ومائة رجل من الأنصار على مائة بعير وخمسين فرسا ومعه راية
سوداء ولواء أبيض إلى الفلس ليهدمه فشنوا الغارة على محلة آل حاتم
مع الفجر فهدموا الفلس وخربوه وملأوا أيديهم من السبي والنعم والشاء
وفي السبي أخت عدي بن حاتم وهرب عدي إلى الشام ووجد في خزانة
الفلس ثلاثة أسياف رسوب والمخذم وسيف يقال له اليماني وثلاثة
أدراع واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على السبي أبا قتادة
واستعمل على الماشية والرثة عبد الله بن عتيك فلما نزلوا ركك اقتسموا
الغنائم وعزل للنبي صلى الله عليه وسلم صفيا رسوبا والمخذم ثم صار
له بعد السيف الآخر وعزل الخمس وعزل آل حاتم فلم يقسمهم حتى
قدم بهم المدينة
سرية عكاشة بن محصن الأسدي
إلى الجناب أرض عذرة وبلي
ثم سرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الجناب أرض عذرة
وبلي في شهر ربيع الآخر سنة تسع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه
وسلم
164

غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك
ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك في رجب سنة تسع
من مهاجره
قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الروم قد جمعت
جموعا كثيرة بالشام وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة وأجلبت معه
لخم وجذام وعاملة وغسان وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء فندب رسول
الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد
ليتأهبوا لذلك وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم وذلك في حر
شديد وأمرهم بالصدقة فحملوا صدقات كثيرة وقووا في سبيل الله وجاء
البكاؤون وهم سبعة يستحملونه فقال لا أجد ما أحملكم عليه
تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون
وهم سالم بن عمير وهرمي بن عمرو وعلبة بن زيد وأبو ليلى المازني
وعمرو بن عنمة وسلمة بن صخر والعرباض بن سارية
وفي بعض الروايات من يقول إن فيهم عبد الله بن المغفل ومعقل
بن يسار وبعضهم يقولوا البكاؤون بنو مقرن السبعة وهم من مزينة
وجاء ناس من المنافقين يستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم في
التخلف من غير علة فأذن لهم وهم بضعة وثمانون رجلا وجاء المعذرون
من الاعراب ليؤذن لهم فاعتذروا إليه فلم يعذرهم وهم اثنان وثمانون رجلا
وكان عبد الله بن أبي بن سلول قد عسكر على ثنية الوداع في حلفائه من اليهود
والمنافقين فكان يقال ليس عسكره بأقل العسكرين وكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم استخلف على عسكره أبا بكر الصديق يصلي بالناس
واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة محمد بن مسلمة
وهو أثبت عندنا ممن قال استخلف غيره فلما سار رسول الله صلى الله
165

عليه وسلم تخلف عبد الله بن أبي ومن كان معه وتخلف نفر من المسلمين
من غير شك ولا ارتياب منهم كعب بن مالك وهلال بن ربيع ومرارة
بن الربيع وأبو خيثمة السالمي وأبو ذر الغفاري وأمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم كل بطن من الأنصار والقبائل من العرب أن يتخذوا لواء
أو راية ومضى لوجهه يسير بأصحابه حتى قدم تبوك في ثلاثين ألفا من الناس
والخيل عشرة آلاف فرس فأقام بها عشرين ليلة يصلي بها ركعتين ولحقه
بها أبو خيثمة السالمي وأبو ذر الغفاري وهرقل يومئذ بحمص فبعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في أربعمائة وعشرين
فارسا في رجب سنة تسع سرية إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل
وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة وكان أكيدر من كندة وقد ملكهم
وكان نصرانيا فانتهى إليه خالد وقد خرج من حصنه في ليلة مقمرة إلى
بقر يطاردها هو وأخوه حسان فشدت عليه خيل خالد بن الوليد فاستأسر
أكيدر وامتنع أخوه حسان وقاتل حتى قتل وهرب من كان معهما فدخل
الحصن وأجار خالد أكيدر من القتل حتى يأتي به رسول الله صلى الله عليه
وسلم على أن يفتح له دومة الجندل ففعل وصالحه على ألفي بعير وثمانمائة
رأس وأربعمائة درع وأربعمائة رمح فعزل للنبي صلى الله عليه وسلم
صفيا خالصا ثم قسم الغنيمة فأخرج الخمس وكان للنبي صلى الله عليه
وسلم ثم قسم ما بقي بين أصحابه فصار لكل رجل منهم خمس فرائض
ثم خرج خالد بن الوليد بأكيدر وبأخيه مصاد وكان في الحصن وبما صالحه
عليه قافلا إلى المدينة فقدم بأكيدر على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأهدى له هدية فصالحه على الجزية وحقن دمه ودم أخيه وخلى سبيلهما
وكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا فيه أمانهم وما صالحهم عليه
وختمه يومئذ بظفره وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل على
حرسه بتبوك عباد بن بشر فكان يطوف في أصحابه على العسكر ثم انصرف
166

رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ولم يلق كيدا وقدم المدينة في شهر
رمضان سنة تسع فقال الحمد لله على ما رزقنا في سفرنا هذا من أجر وحسبة
وجاءه من كان تخلف عنه فحلفوا له فعذرهم واستغفر لهم وأرجأ أمر كعب
بن مالك وصاحبيه حتى نزلت توبتهم بعد وجعل المسلمون يبيعون أسلحتهم
ويقولون قد انقطع الجهاد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
فنهاهم وقال لا تزال عصابة من أمتي يجاهدون على الحق حتى يخرج
الدجال
أخبرنا عتاب بن زياد قال أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا
يونس عن الزهري أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال
سمعت كعب بن مالك يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قل
ما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول
الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا وغزو عدو
كثير فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم وأخبرهم بوجهه الذي
يريده
أخبرنا محمد بن حميد العبدي عن معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل
بن أبي طالب في قوله الذين اتبعوه في ساعة العسرة قال
خرجوا في غزوة تبوك الرجلان والثلاثة على بعير وخرجوا في حر شديد فأصابهم
يوما عطش شديد حتى جعلوا ينحرون إبلهم فيعصرون أكراشها ويشربون
ماءها فكان ذلك عسرة من الماء وعسرة من الطهر وعسرة من النفقة
أخبرنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي أخبرنا سليمان بن عبد
الرحمن بن عبد الله بن حنظلة الغسيل حدثني بن لعبد الرحمن بن عبد الله
أو بن لعبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده أن النبي
صلى الله عليه وسلم خرج إلى غزوة تبوك يوم الخميس وكانت آخر غزوة
غزاها وكان يستحب أن يخرج يوم الخميس
167

أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي أخبرنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي
عن يحيى بن أبي كثير قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوكا
فأقام بها عشرين ليلة يصلي بها صلاة المسافر
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا حميد الطويل عن أنس بن
مالك قال رجعنا من غزوة تبوك فلما دنونا من المدينة قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا
معكم قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة قال نعم حسبهم العذر
أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني حدثني إبراهيم بن عقيل
بن معقل عن أبيه عن وهب عن جابر قال سمعت النبي صلى الله عليه
وسلم يقول في غزوة تبوك بعد أن رجعنا إلى المدينة إن بالمدينة أقواما ما
سرتم من مسير ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حسبهم المرض
حجة أبي بكر الصديق بالناس
ثم حجة أبي بكر الصديق بالناس في ذي الحجة سنة تسع من مهاجر
رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق
رضي الله تعالى عنه على الحج فخرج في ثلاثمائة رجل من المدينة وبعث معه رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعشرين بدنة قلدها وأشعرها بيده عليها ناجية
بن جندب الأسلمي وساق أبو بكر خمس بدنات فلما كان بالعرج
لحقه علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه على ناقة رسول الله صلى الله
عليه وسلم القصواء فقال له أبو بكر استعملك رسول الله على الحج
قال لا ولكن بعثني أقرأ براءة على الناس وأنبذ إلى كل ذي عهد عهده
168

فمضى أبو بكر فحج بالناس وقرأ علي بن أبي طالب براءة على الناس يوم
النحر عند الجمرة ونبذ إلى كل ذي عهد عهده وقال لا يحج بعد العام مشرك
ولا يطوف بالبيت عريان ثم رجعا قافلين إلى المدينة
أخبرنا خالد بن خداش أخبرنا عبد الله بن وهب قال أخبرنا عمرو
بن الحارث عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال
بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه
وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون الناس يوم النحر أن لا يحج بعد
العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان فكان حميد يقول يوم النحرة يوم
الحج الأكبر من أجل حديث أبي هريرة
سرية خالد بن الوليد إلى بني عبد المدان بنجران
ثم سرية خالد بن الوليد إلى بني عبد المدان بنجران في شهر ربيع
الأول سنة عشر من مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم
سرية علي بن أبي طالب رحمه الله إلى اليمن يقال مرتين
ثم سرية علي بن أبي طالب إلى اليمن يقال مرتين إحداهما في شهر
رمضان سنة عشر من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى اليمن وعقد
له لواء وعممه بيده وقال امض ولا تلتفت فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم
حتى يقاتلوك فخرج في ثلاثمائة فارس وكانت أول خيل دخلت إلى تلك
البلاد وهي بلاد مذحج ففرق أصحابه فأتوا بنهب وغنائم ونساء
169

وأطفال ونعم وشاء وغير ذلك وجعل علي على الغنائم بريدة بن الحصيب
الأسلمي فجمع إليه ما أصابوا ثم لقي جمعهم فدعاهم إلى الاسلام فأبوا
ورموا بالنبل والحجارة فصف أصحابه ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان
السلمي ثم حمل عليهم علي بأصحابه فقتل منهم عشرين رجلا فتفرقوا
وانهزموا فكف عن طلبهم ثم دعاهم إلى الاسلام فأسرعوا وأجابوا وبايعه
نفر من رؤسائهم على الاسلام وقالوا نحن على من وراءنا من قومنا وهذه صدقاتنا
فخذ منها حق الله وجمع علي الغنائم فجزأها على خمسة أجزاء فكتب في
سهم منه لله وأقرع عليها فخرج أول السهام سهم الخمس وقسم علي
على أصحابه بقية المغنم ثم قفل فوافى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قد قدمها للحج سنة عشر
ذكر عمرة النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا هوذة بن خليفة وأحمد بن عبد الله بن يونس وشهاب بن عباد
العبدي قالوا أخبرنا داود بن عبد الرحمن العطار عن عمرو بن دينار عن
عكرمة عن بن عباس قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أربع عمر عمرة الحديبية وهي عمرة الحصر وعمرة القضاء من قابل
وعمرة الجعرانة والرابعة التي مع حجته
أخبرنا أحمد بن إسحاق الحضرمي أخبرنا وهيب أخبرنا عبد الله
بن عمر بن خثيم عن سعيد بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
اعتمر عام الحديبية في ذي القعدة واعتمر عام صالح قريشا في ذي القعدة
واعتمر مرجعه من الطائف في ذي القعدة من الجعرانة
أخبرنا حجاج بن نصير أخبرنا أبو بكر يعني الهذلي عن عكرمة
170

قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر في ذي القعدة
قبل أن يحج
أخبرنا موسى بن داود الضبي قال أخبرنا عبد الله بن المؤمل عن
بن أبي مليكة قال اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عمر كلها
في ذي القعدة
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا زكريا بن أبي زائدة عن عامر قال
لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة إلا في ذي القعدة
أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان يعني الثوري عن بن جريج
عن عطاء قال عمر النبي كلها في ذي القعدة
أخبرنا عفان بن مسلم وهشام أبو الوليد الطيالسي وعمرو بن عاصم
الكلابي قالوا أخبرنا همام عن قتادة قال قلت لانس بن مالك كم اعتمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربعا عمرته التي صده فيها المشركون
عن البيت من الحديبية في ذي القعدة وعمرته أيضا من العام المقبل حين
صالحوه في ذي القعدة وعمرته حين قسم غنيمة حنين من الجعرانة في
ذي القعدة وعمرته مع حجته
أخبرنا محمد بن سابق أخبرنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير
عن عتبة مولى بن عباس أنه قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
من الطائف نزل الجعرانة فقسم بها الغنائم ثم اعتمر منها وذلك لليلتين بقيتا
من شوال
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس عن داود بن عبد الرحمن عن بن
جريج عن مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله عن محرش الكعبي هكذا
قال قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا من الجعرانة ثم
رجع كبائت قال فلذلك خفيت عمرته على كثير من الناس قال داود
عام الفتح
171

أخبرنا موسى بن داود أخبرنا بن لهيعة عن عياض بن عبد الرحمن
عن محمد بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة
وقال اعتمر منها سبعون نبيا
أخبرنا محمد بن الصباح أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام
بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثلاثا عمرة في شوال وعمرتين في ذي القعدة
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا سفيان يعني الثوري عن
منصور عن إبراهيم قال ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا مرة
أخبرنا هشيم أخبرنا المغيرة عن الشعبي أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أقام في عمره ثلاثا
أخبرنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد قال قلت لعبد الله بن أبي
أوفى أدخل النبي البيت في عمره قال لا
حجة الوداع
رحمه الله ثم حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس سنة عشر من
مهاجره وهي التي يسمي الناس حجة الوداع وكان المسلمون يسمونها
حجة الاسلام
قالوا أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين
يضحي كل عام ولا يحلق ولا يقصر ويغزو المغازي ولا يحج حتى كان
في ذي القعدة سنة عشر من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأجمع الخروج إلى الحج وآذن الناس بذلك فقدم المدينة بشر كثير
172

يأتمون برسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته ولم يحج غيرها منذ
تنبئ إلى أن توفاه الله وكان بن عباس يكره أن يقال حجة الوداع ويقول
حجة الاسلام فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة مغتسلا
متدهنا مترجلا متجردا في ثوبين صحاريين إزار ورداء وذلك يوم السبت
لخمس ليال بقين من ذي القعدة فصلى الظهر بذي الحليفة ركعتين وأخرج
معه نساءه كلهن في الهوادج وأشعر هديه وقلده ثم ركب ناقته
فلما استوى عليها بالبيداء أحرم من يومه ذلك وكان على هديه ناجية
بن جندب الأسلمي واختلف علينا فيما أهل به فأهل المدينة يقولون
أهل بالحج مفردا وفي رواية غيرهم أنه قرن مع حجته عمرة وقال
بعضهم دخل مكة متمتعا بعمرة ثم أضاف إليها حجة وفي كل رواية
والله أعلم ومضى يسير المنازل ويؤم أصحابه في الصلوات في مساجد له
قد بناها الناس وعرفوا مواضعها وكان يوم الاثنين بمر الظهران فغربت
له الشمس بسرف ثم أصبح فاغتسل ودخل مكة نهارا وهو على راحلته
القصواء فدخل من أعلى مكة من كداء حتى انتهى إلى باب بني شيبة
فلما رأى البيت رفع يديه فقال اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما
وتكريما ومهابة وزد من عظمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتكريما
ومهابة وتعظيما وبرا
ثم بدأ فطاف بالبيت ورمل ثلاثة أشواط من الحجر إلى الحجر وهو
مضطبع بردائه ثم صلى خلف المقام ركعتين ثم سعى بين الصفا والمروة
على راحلته من فوره ذلك
و كان قد اضطرب بالأبطح فرجع إلى منزله فلما كان قبل يوم التروية
بيوم خطب بمكة بعد الظهر ثم خرج يوم التروية إلى منى فبات بها ثم
غدا إلى عرفات فوقف بالهضاب من عرفات وقال كل عرفة موقف
إلا بطن عرنة فوقف على راحلته يدعو فلما غربت الشمس دفع فجعل
173

يسير العنق فإذا وجد فجوة نص حتى جاء المزدلفة فنزل قريبا
من النار فصلى المغرب والعشاء بأذان وإقامتين ثم بات بها فلما كان
السحر أذن لأهل الضعف من الذرية والنساء أن يأتوا منى قبل حطمة الناس
قال بن عباس وجعل يلطح أفخاذنا ويقول أبني لا ترموا حتى تطلع
الشمس يعني جمرة العقبة فلما برق الفجر صلى نبي الله صلى
الله عليه وسلم الصبح ثم ركب راحلته فوقف على قزح وقال كل
المزدلفة موقف إلا بطن محسر ثم دفع قبل طلوع الشمس فلما بلغ
إلى محسر أوضع ولم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة ثم نحر الهدي
وحلق رأسه وأخذ من شاربه وعارضيه وقلم أظفاره وأمر بشعره وأظفاره
أن تدفن ثم أصاب الطيب ولبس القميص ونادى مناديه بمنى إنها
أيام أكل وشرب وفي بعض الروايات وباءة وجعل يرمي الجمار
في كل يوم عند زوال الشمس بمثل حصى الخذف ثم خطب الغد من
يوم النحر بعد الظهر على ناقته القصواء ثم صدر يوم الصدر الآخر وقال
إنما هن ثلاث يقيمهن المهاجر بعد الصدر يعني بمكة ثم ودع البيت
وانصرف راجعا إلى المدينة صلى الله عليه وسلم
أخبرنا هشيم بن بشير قال أخبرنا حميد الطويل أخبرني بكر
بن عبد الله المزني قال سمعت أنس بن مالك يحدث قال سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعا قال فحدثت بذلك بن
عمر قال فقال بن عمر لبى بالحج وحده قال فلقيت أنسا فحدثته
بقول بن عمر فقال أنس ما يعدوننا إلا كالصبيان سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول لبيك عمرة وحجا معا
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا محمد بن عمرو عن يحيى بن
عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن عائشة أنها قالت خرجنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أنواع منا من قرن بين عمرة وحج
174

ومنا من أهل بالحج ومنا من أهل بعمرة فأما من قرن بين عمرة
و حج فإنه لا يحل حتى يقضي المناسك كلها وأما من أهل بحج فإنه لا يحل
مما حرم عليه حتى يقضي المناسك ومن أهل بعمرة فإنه إذا طاف وسعى
حل من كل شئ حتى يستقبل الحج
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن
قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بهما جميعا
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا حميد عن أنس قال
لبى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمرة وحجة
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا وهيب أخبرنا أيوب عن أبي قلابة
عن أنس قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعا
ثم صلى العصر بذي الحليفة ركعتين وبات بها حتى أصبح فلما انبعثت به
راحلته سبح وكبر حتى استوت به على البيداء قال فلما قدمنا مكة
أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلوا فلما كان يوم التروية
أهلوا بالحج ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع بدنات بيده قياما
وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين
أخبرنا عفان أخبرنا وهيب أخبرنا أيوب عن السدوسي قال
سمعت بن عباس يقول قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
لصبح رابعة مهلين بالحج فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها
عمرة إلا من كان معه الهدي قال فلبست القمص وسطعت المجامر
ونكحت النساء
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة قال أخبرنا قيس
بن سعد عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال قدم رسول الله صلى الله عليه
وسلم لأربع خلون من ذي الحجة فلما طفنا بالبيت وبين الصفا والمروة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوها عمرة إلا من كان معه
175

الهدي فلما كان يوم التروية أهلوا بالحج فلما كان يوم النحر طافوا ولم
يطوفوا بين الصفا والمروة
أخبرنا عمرو بن حكام بن أبي الوضاح أخبرنا شعبة عن أيوب عن
أبي العالية البراء عن بن عباس قال أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالحج فقدم لأربع مضين من ذي الحجة فصلى بنا الصبح بالبطحاء ثم قال
من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها
أخبرنا الهيثم بن خارجة أخبرنا يحيى بن حمزة عن أبي وهب عن
مكحول أنه سئل كيف حج النبي صلى الله عليه وسلم ومن حج معه
من أصحابه فقال حج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن حج معه من
أصحابه معهم النساء والولدان قال مكحول تمتعوا بالعمرة إلى الحج فحلوا
فأحل لهم ما يحل للحلال من النساء والطيب
أخبرنا الهيثم بن خارجة أخبرنا يحيى بن حمزة عن النعمان أن مكحولا
حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالعمرة والحج جميعا
أخبرنا خلف بن الوليد الأزدي أخبرنا يحيى بن زكريا بن أبي
زائدة أخبرنا حجاج عن الحسن بن سعد عن بن عباس قال أنبأني أبو
طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين حجة وعمرة
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس عن محمد بن عبد الرحمن
بن نوفل عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد بالحج
أخبرنا معن بن عيسى ومطرف بن عبد الله عن مالك بن أنس عن عبد
الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أفرد بالحج
أخبرنا مطرف بن عبد الله أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم عن
جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم
أفرد بالحج
176

أخبرنا سعيد بن سليمان أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن الضحاك
عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لبيك اللهم
لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا
شريك لك
أخبرنا وكيع بن الجراح وهاشم بن القاسم الكناني عن الربيع بن صبيح
عن يزيد بن أبان عن أنس بن مالك قال حج رسول الله صلى الله عليه
وسلم على رحل رث وقطيفة قال وكيع يستوي أو لا يستوي أربعة
دراهم قال هاشم بن القاسم أراها ثمن أربعة دراهم فلما توجه قال
اللهم حجة لا رئاء فيها ولا سمعة
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا هشام بن أبي عبد الله عن
قتادة عن أبي حسان عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم
أهل بالحج عند الظهر من ذي الحليفة
أخبرنا محمد بن بكر البرساني أخبرني بن جريج أخبرني جعفر
بن محمد أنه سمع أباه محمد بن علي يحدث أنه سمع جابر بن عبد الله
يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى في حجته مائة بدنة وأمر
من كل بدنة بمضغة فجعلت في قدر فأكلا من لحمها وشربا من مرقها
قلت من الذي أكل مع النبي صلى الله عليه وسلم وشرب من المرق
قال علي جعفر يقوله لي يعني علي بن أبي طالب أكل مع النبي وشرب
من المرق قال وجعفر يقوله لابن جريج
أخبرنا موسى بن إسماعيل أخبرنا الوليد بن مسلم عن عمر بن أبي
العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن من أبصر النبي صلى
الله عليه وسلم سائرا إلى منى وبلال إلى جانبه وبيد بلال عود عليه
ثوبا وشئ يظله من الشمس
أخبرنا الهيثم بن خارجة أخبرنا يحيى بن حمزة عن الأوزاعي
177

عن يحيى بن أبي كثير أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
ارفع صوتك بالاهلال فإنه شعار الحج
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان الثوري عن عبد الله بن
أبي لبيد أخبرني المطلب بن عبد الله بن حنطب عن خلاد بن السائب عن
زيد بن خالد الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني
جبريل فقال لي ارفع صوتك بالاهلال فإنه من شعار الحج
أخبرنا الضحاك بن مخلد الشيباني أخبرنا بن جريج عن يحيى
بن عبيد عن أبيه عن عبد الله بن السائب قال رأيت النبي صلى الله عليه
وسلم يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود ربنا آتنا في الدنيا
حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا المسعودي حدثني محمد بن علي عن
أسامة بن زيد قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت
أخبرنا محمد بن عمر قال أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم عن
أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أسامة بن زيد وأخبرني محمد بن عمر
قال أخبرنا بن أبي ذئب عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر
عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة
ركعتين
أخبرنا محمد بن عمر حدثني قيس عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد
عن عبد الرحمن بن أمية قال سألت عمر كيف صنع رسول الله صلى
الله عليه وسلم في البيت قال صلى ركعتين
أخبرنا محمد بن عمر حدثني هشام بن سعد عن نافع عن بن عمر
قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت هو وبلال وقال بن
عمر فسألت بلالا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه قال
نعم في مقدم البيت بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع
178

أخبرنا محمد بن عمر حدثني سيف بن سليمان عن مجاهد عن بن
عمر قال أتيت فقيل لي هذا رسول الله قد دخل البيت قال فأقبلت
فوجدته قد خرج ووجدت بلالا قائما عند الباب فسألته فقال صلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ركعتين
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عمر بن قيس عن الوليد بن عبد الله بن
أبي مغيث قال لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل
الكعبة خلع نعليه
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا شيبان بن عبد الرحمن عن جابر عن
أبي يحيى عن قزعة عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول يوما ودخل البيت وعليه كآبة فقلت ما لك يا رسول الله
فقال فعلت اليوم أمرا ليتني لم أكن فعلته دخلت البيت ولعل الرجل
من أمتي لا يقدر أن يدخله فينصرف وفي نفسه حزازة وإنما أمرنا
بالطواف به ولم نؤمر بالدخول
أخبرنا موسى بن داود أخبرنا نافع بن عمر عن بن أبي مليكة
أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف قبل عرفة
أخبرنا هاشم بن القاسم الكناني أخبرنا شعبة عن بكير بن عطاء
الليثي قال سمعت عبد الرحمن بن يعمر قال سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم بعرفات قال الحج عرفات أو يوم عرفة من أدرك ليلة
جمع قبل الصبح فقد تم حجه وقال أيام منى ثلاثة فمن تعجل في
يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا شعبة أخبرنا عبد الله بن أبي السفر
قال سمعت الشعبي يحدث عن عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن
لام قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالمزدلفة فقلت يا رسول
الله هل لي من حج فقال من صلى الصلاة معنا هاهنا وقد شهد قبل ذلك
179

عرفات ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن
أبيه قال سئل أسامة وأنا جالس كيف كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يسير في حجة الوداع حين دفع قال كان يسير العنق
فإذا وجد فجوة نص
أخبرنا هشيم قال أخبرنا عبد الملك عن عطاء عن بن عباس
أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفات وردفه أسامة وأفاض من
جمع وردفه الفضل بن عباس قال ولبى حتى رمى جمرة العقبة
أخبرنا محمد بن بكر البرساني قال أخبرنا بن جريج أخبرني
عطاء أخبرني بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الفضل
بن عباس قال عطاء فأخبرني بن عباس أن الفضل أخبره أن النبي
صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرني بن جريج عن أبي الزبير
عن أبي معبد مولى عبد الله بن عباس عن بن عباس عن الفضل بن عباس
أن النبي صلى الله عليه وسلم عشية عرفة وغداة جمع حين دفعوا قال
عليكم السكينة وهو كاف ناقته حتى دخل منى حين هبط من محسر
فقال عليكم بحصى الخذف الذي ترمون به الجمرة وأشار النبي صلى
الله عليه وسلم كما يخذف الانسان
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا بن جريج عن أبي الزبير
عن جابر بن عبد الله قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي بمثل
حصى الخذف
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا عوف عن زياد بن حصين
عن أبي العالية الرياحي أخبرنا عبد الله بن عباس قال قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم غداة العقبة القط لي فلقطت له حصى الخذف
180

فلما وضعتهن في يده قال نعم بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو إنما هلك
من كان قبلكم بالغلو في الدين
و أخبرنا محمد بن بكر البرساني و عبد الوهاب بن عطاء عن بن جريج
قال وأخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول كان النبي
صلى الله عليه وسلم يرمي يوم النحر ضحى وأما ما بعد ذلك فبعد زوال
الشمس
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا بن جريج أخبرني أبو
الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم
يرمي على راحلته يوم النحر ويقول لنا خذوا مناسككم فإني لا أدري
لعلي لا أحج بعد حجتي هذه
أخبرني مطرف بن عبد الله اليساري أخبرنا الزنجي بن خالد عن
جعفر بن محمد عن أبيه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يرمي
الجمار ماشيا ذاهبا وراجعا
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا همام عن الحجاج عن الحكم عن
مقسم عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ثم حلق
أخبرنا محمد بن بكر البرساني أخبرنا بن جريج أخبرني موسى
بن عقبة عن نافع أن بن عمر أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم حلق
رأسه في حجة الوداع
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا زهير أخبرنا موسى
بن عقبة عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق
رأسه في حجة الوداع
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس
قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه وقد أطاف
به أصحابه ما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل
181

أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن بن جريج أخبرني بن شهاب
أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر فغدا غدوا قبل أن تزول
الشمس ثم رجع فصلى الصلوات بمنى قال بن جريج وقال عطاء ومن
أفاض فليصل الظهر بمنى قال وإني لأصلي الظهر بمنى قبل أن أفيض
والعصر بالطريق وكل ذلك أصنع
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن بن جريج أخبرني هشام بن
حجير وغيره عن طاوس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أصحابه أن يفيضوا نهارا وأفاض في نسائه ليلا وطاف بالبيت على ناقته ثم جاء
زمزم فقال ناولوني فنوول دلوا فشرب منها ثم مضمض فمج في الدلو
ثم أمر به فأفرغ في البئر يعني زمزم
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن بن جريج أخبرني عمرو بن مسلم
أن طاوسا حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على راحلته
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن بن جريج أخبرني هشام بن
حجير أنه سمع طاوسا يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى زمزم
فقال ناولوني فنوول دلوا فشرب منها ثم مضمض في الدلو ثم أمر بماء
في الدلو فأفرغ في البئر ثم مشى إلى السقاية سقاية النبيذ ليشرب فقال بن
عباس للعباس إن هذا ساطته الأيدي منذ اليوم وفي البيت شراب صاف
فأبى النبي أن يشرب إلا منه فشرب منه قال وكان طاوس يقول الشرب
من النبيذ من تمام الحج
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا بن جريج أخبرني
بن طاوس عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من النبيذ
ومن زمزم وقال لولا أن تكون سنة لنزعت
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن بن جريج قال أخبرنا حسين
بن عبد الله أن رجلا نادى بن عباس والناس حوله أسنة تبتغون
182

بهذا النبيذ أم هو أهون عليكم من العسل واللبن فقال بن عباس أتي النبي
صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه من المهاجرين والأنصار بعساس فيها
النبيذ فلما شرب صلى الله عليه وسلم عجل قبل أن يروى فرفع رأسه
فقال أحسنتم هكذا اصنعوا قال بن عباس فرضاء رسول الله صلى الله
عليه وسلم في ذلك أحب إلي من أن تسيل شعابها علينا عسلا
ولبنا
أخبرنا عبد الوهاب عن بن جريج عن عطاء أن النبي صلى الله
عليه وسلم لما أفاض نزع لنفسه بالدلو لم ينزع معه أحد فشرب ثم
أفرغ ما بقي في الدلو في البئر وقال لولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لم
ينزع منها أحد غيري قال فنزع هو نفسه الدلو التي شرب منها ولم يعنه
على نزعها أحد
أخبرنا الحسن بن موسى الأشيب حدثنا زهير أخبرنا أبو إسحاق
حدثني حارثة بن وهب الخزاعي وكانت أمه تحت عمر قال صليت
خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى والناس أكثر ما كانوا فصلى
بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين في حجة الوداع
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن
قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن عمرو بن خارجة
قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى وإني لتحت جران
ناقته وهي تقصع بجرتها وإن لعابها ليسيل بين كتفي فقال إن الله قسم
لكل إنسان نصيبه من الميراث فلا تجوز لوارث وصية ألا وإن الولد
للفراش وللعاهر الحجر ألا ومن ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه
رغبة عنهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي أخبرنا الوليد بن مسلم
أخبرنا هشام بن الغاز أخبرني نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه
183

وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فقال للناس أي
يوم هذا فقالوا يوم النحر قال فأي بلد هذا قالوا البلد الحرام
قال فأي شهر هذا قالوا الشهر الحرام فقال هذا يوم الحج الأكبر
فدماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة هذا البلد في هذا الشهر
في هذا اليوم ثم قال هل بلغت قالوا نعم فطفق رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اشهد ثم ودع الناس فقالوا هذه
حجة الوداع
أخبرنا خلف بن الوليد الأزدي أخبرنا يحيى بن زكريا بن أبي
زائدة حدثني أبو مالك الأشجعي حدثني نبيط بن شريط الأشجعي
قال إني لرديف أبي في حجة الوداع إذ تكلم النبي صلى الله عليه
وسلم فقمت على عجز الراحلة ووضعت رجلي على عاتقي أبي قال فسمعته
يقول أي يوم أحرم قالوا هذا اليوم قال فأي شهر أحرم قالوا
هذا الشهر قال فأي بلد أحرم قالوا هذا البلد قال فإن دماءكم
وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا هل
بلغت قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد اللهم اشهد اللهم
اشهد
أخبرنا يونس بن محمد المؤدب أخبرنا ربيعة بن كلثوم بن جبر
حدثني أبي عن أبي غادية رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العقبة قال يا أيها
الناس إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم
هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت قال قلنا نعم قال
اللهم اشهد ألا لا ترجعن بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض
أخبرنا سعيد بن سليمان أخبرنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق
حدثني يحيى بن أم الحصين والعيزار بن الحريث عن أم الحصين قالت
184

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة على بعير قائلا بردائه
هكذا وأشار أبو بكر ألقاه على عضده الأيسر من تحت عضده وأخرج
عضده الأيمن قالت فسمعته يقول يا أيها الناس اسمعوا وأطيعوا وإن أمر
عليكم عبد حبشي مجدع أقام فيكم كتاب الله
أخبرنا سعيد بن سليمان أخبرنا عبد الله بن المبارك عن سلمة بن نبيط
عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم عرفة على
جمل أحمر
أخبرنا عبد الله بن عمر وأبو معمر المنقري حدثني عبد الوارث
بن سعيد مولى بني العنبر أخبرنا حميد بن قيس المكي عن محمد بن
إبراهيم عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي قال وكان من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن
بمنى قال ففتحت أسماعنا حتى إن كنا لنسمع ما يقول ونحن في منازلنا
قال فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار فقال بحصى الخذف ووضع
إصبعيه السبابتين إحداهما على الأخرى ثم أمر المهاجرين أن ينزلوا في
مقدم المسجد وأمر الأنصار أن ينزلوا من وراء المسجد ثم نزل الناس بعد
وأخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا سفيان عن عاصم بن عبيد
الله عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أبيه قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أرقاءكم أرقاءكم أطعموهم
مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون وإن جاؤوا بذنب لا تريدون أن تغفروه
فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا عكرمة بن عمار حدثني الهرماس
بن زياد الباهلي قال كنت ردف أبي يوم الأضحى ونبي الله يخطب الناس
على ناقته بمنى
أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي أخبرنا عكرمة بن عمار أخبرنا
185

الهرماس بن زياد قال انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي
مردفي وراءه على جمل له وأنا صبي صغير فرأيت النبي صلى الله عليه
وسلم يخطب الناس على ناقته العضباء يوم الأضحى بمنى
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن أيوب عن محمد عن أبي
بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجته فقال ألا إن
الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر
شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم
ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان ثم قال أي يوم هذا قلنا
الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال أليس
اليوم النحر قلنا بلى قال أي شهر هذا قلبنا الله ورسوله أعلم
قال فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال أليس ذا الحجة
قلنا بلى قال أي بلد هذا قلنا الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا
أنه سيسميه بغير اسمه قال أليست البلدة الحرام قلنا بلى قال فإن
دماءكم وأموالكم قال وأحسبه قال وأعراضكم عليكم حرام
كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا وستلقون
ربكم فيسألكم عن أعمالكم ألا لا ترجعن بعدي ضلالا يضرب
بعضكم رقاب بعض ألا هل بلغت ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب
فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه ألا
هل بلغت
قال محمد قد كان ذاك قد كان بعض من بلغه أوعى له من بعض
من سمعه
أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي أخبرنا أبو عوانة عن أبي بشر عن
مجاهد قال حج أبو بكر ونادى علي بالاذان في ذي القعدة قال فكانت
الجاهلية يحجون في كل شهر من شهور السنة عامين فوافق حج نبي الله
186

صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة فقال هذا يوم استدار الزمان كهيئته
يوم خلق الله السماوات والأرض
قال أبو بشر إن الناس لما تركوا الحق نسأوا الشهور
أخبرنا يزيد بن هارون ومعن بن عيسى قالا أخبرنا بن أبي ذئب
عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة
على راحلته ينهى عن صيام أيام التشريق وقال إنهن أيام أكل وشرب
وذكر لله
قال معن في حديثه فانتهى المسلمون عن صومهن
أخبرنا عبيد الله بن موسى العبسي أخبرنا إسرائيل عن جابر عن
محمد بن علي عن بديل بن ورقاء قال أمرني رسول الله صلى الله عليه
وسلم أيام التشريق أن أنادي هذه أيام أكل وشرب فلا يصومهن
أحد
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن محمد بن إسحاق عن حكيم
بن حكيم عن مسعود بن الحكم الزرقي عن أمه قالت لكأني أنظر إلى علي
على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء حين وقف على شعب
الأنصار وهو يقول يا أيها الناس إنها ليست أيام صيام إنما هي أيام أكل
وشرب وذكر
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن بن جريج أخبرني عطاء عن
جابر بن عبد الله قال أهللنا أصحاب النبي بالحج خالصا ليس معه غيره
خالصا وحده فقدمنا مكة صبح رابعة مضت من ذي الحجة فأمرنا النبي
صلى الله عليه وسلم أن نحل فقال أحلوا واجعلوها عمرة فبلغه أنا
تقول لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نحل فنروح إلى منى
ومذاكيرنا تقطر من المني فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخطبنا
فقال قد بلغني الذي قلتم وإني لأبركم وأتقاكم ولولا الهدي لأحللت
187

ولو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت قال وقدم علي من
اليمن فقال له بم أهللت قال بما أهل به النبي قال فأهد وامكث
حراما كما أنت قال وقال له سراقة يا رسول الله أرأيت عمرتنا هذه
أهي لعامنا هذا أو للأبد قال بل للأبد قال إسماعيل هذا أو نحوه
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن يحيى بن أبي إسحاق عن أنس بن مالك
قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لبيك عمرة وحجا
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن حميد عن أنس بن مالك قال سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم يقول لبيك بعمرة وحج
وأخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال
نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم اليوم أكملت لكم دينكم
قال نزلت وهو واقف بعرفة حين وقف موقف إبراهيم واضمحل الشرك
وهدمت منار الجاهلية ولم يطف بالبيت عريان
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا ليث يعني بن أبي سليم عن طاوس
عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبى حتى رمى الجمرة
يوم النحر
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد
بن العاص عن أبيه قال صدرت مع بن عمر يوم الصدر فمرت بنا رفقة
يمانية رحالهم الادم وخطم إبلهم الجرر فقال عبد الله من أحب أن
ينظر إلى رفقة وردت الحج العام برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
إذ قدموا في حجة الوداع فلينظر إلى هذه الرفقة
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي وقبيصة بن عقبة قالا أخبرنا سفيان
عن ليث عن طاوس عن بن عباس أنه كره أن يقول حجة الوداع قال
فقلت حجة الاسلام قال نعم حجة الاسلام
أخبرنا الفضل بن دكين عن سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن
188

ميسرة قال كان طاوس يكره أن يقول حجة الوداع ويقول حجة الاسلام
أخبرنا الضحاك بن مخلد الشيباني عن بن جريج أخبرني إسماعيل
بن محمد بن سعد عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن السائب بن يزيد
بن أخت نمر عن العلاء بن الحضرمي قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا
أخبرنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي وعمرو بن عاصم
الكلابي قالا أخبرنا همام أخبرنا قتادة قال قلت لانس كم حجة حج
النبي صلى الله عليه وسلم قال حجة واحدة
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا سفيان عن بن جريج عن
مجاهد قال حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجتين قبل أن يهاجر
وبعدما هاجر حجة
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي قال أخبرنا بن عون عن
إبراهيم عن الأسود عن أم المؤمنين وعن القاسم عن أم المؤمنين قالا قالت
عائشة يا رسول الله يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك واحد قال انظري
فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي منه ثم ألقينا بجبل كذا وكذا قال
أظنه قال كذا ولكنها على قدر نصبك أو قال قدر نفقتك أو كما قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم
سرية أسامة بن زيد بن حارثة
ثم سرية أسامة بن زيد بن حارثة إلى أهل أبنى وهي أرض السراة
ناحية البلقاء
قالوا لما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى
189

عشرة من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم الناس بالتهيؤ لغزو الروم فلما كان من الغد دعا أسامة
بن زيد فقال سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا
الجيش فأغر صباحا على أهل أبنى وحرق عليهم وأسرع السير تسبق
الاخبار فإن ظفرك الله فأقلل اللبث فيهم وخذ معك الادلاء وقدم
العيون والطلائع أمامك فلما كان يوم الأربعاء بدئ برسول الله صلى الله
عليه وسلم فحم وصدع فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواء بيده
ثم قال أغز بسم الله في سبيل الله فقاتل من كفر بالله فخرج بلوائه وعقودا
فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الأسلمي وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من
وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزوة فيهم أبو بكر
الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص
و سعيد بن زيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم بن حريش فتكلم قوم
وقالوا يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين فغضب رسول الله صلى
الله عليه وسلم غضبا شديدا فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه
قطيفة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فما
مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ولئن طعنتم في إمارتي أسامة
لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله وأيم الله إن كان للامارة لخليقا وإن ابنه
من بعده لخليق للامارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإنهما لمخيلان
لكل خير واستوصوا به خيرا فإنه من خياركم ثم نزل فدخل بيته وذلك
يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول وجاء المسلمون الذين يخرجون مع
أسامة يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العسكر بالجرف
وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول أنفذوا بعث أسامة
فلما كان يوم الأحد اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فدخل
أسامة من معسكره والنبي مغمور وهو اليوم الذي لدوه فيه فطأطأ أسامة
190

فقبله ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتكلم فجعل يرفع يديه إلى السماء
ثم يضعهما على أسامة قال فعرفت أنه يدعو لي ورجع أسامة إلى معسكره
ثم دخل يوم الاثنين وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مفيقا صلوات
الله عليه وبركاته فقال له اغد على بركة الله فودعه أسامة وخرج إلى
معسكره فأمر الناس بالرحيل فبينا هو يريد الركوب إذا رسول أمه أم أيمن
قد جاءه يقول إن رسول الله يموت فأقبل وأقبل معه عمر وأبو عبيدة
فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت فتوفي صلى الله
عليه وسلم يحبها ويرضاها حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة
خلت من شهر ربيع الأول ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى
المدينة ودخل بريدة بن الحصيب بلواء أسامة معقودا حتى أتى به باب رسول
الله صلى الله عليه وسلم فغرزه عنده فلما بويع لأبي بكر أمر بريدة
بن الحصيب باللواء إلى بيت أسامة ليمضي لوجهه فمضى به بريدة إلى
معسكرهم الأول فلما ارتدت العرب كلم أبو بكر في حبس أسامة
فأبى وكلم أبو بكر أسامة في عمر أن يأذن له في التخلف ففعل فلما
كان هلال شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة خرج أسامة فسار إلى أهل أبنى
عشرين ليلة فشن عليهم الغارة وكان شعارهم يا منصور أمت فقتل
من أشرف له وسبى من قدر عليه وحرق في طوائفها بالنار وحرق منازلهم
وحروثهم ونخلهم فصارت أعاصير من الدخاخين وأجال الخيل في عرصاتهم
وأقاموا يومهم ذلك في تعبئة ما أصابوا من الغنائم وكان أسامة على فرس
أبيه سبحة وقتل قاتل أبيه في الغارة وأسهم للفرس سهمين ولصاحبه سهما
وأخذ لنفسه مثل ذلك فلما أمسى أمر الناس بالرحيل ثم أغذ السير
فوردوا وادي القرى في تسع ليال ثم بعث بشيرا إلى المدينة يخبر بسلامتهم
ثم قصد بعد في السير فسار إلى المدينة ستا وما أصيب من المسلمين أحد
وخرج أبو بكر في المهاجرين وأهل المدينة يتلقونهم سرورا بسلامتهم ودخل
191

على فرس أبيه سبحة واللواء أمامه يحمله بريدة بن الحصيب حتى انتهى إلى
المسجد فدخل فصلى ركعتين ثم انصرف إلى بيته وبلغ هرقل وهو بحمص
ما صنع أسامة فبعث رابطة يكونون بالبلقاء فلم تزل هناك حتى قدمت
البعوث إلى الشام في خلافة أبي بكر وعمر
ذكر ما قرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أجله
أخبرنا عفان بن مسلم عن شعبة وأخبرنا عبيد الله بن موسى العبسي عن
إسرائيل بن يونس جميعا عن أبي إسحاق قال سمعت أبا عبيدة بن عبد الله
يخبر عن أبيه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول سبحانك
اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي فلما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح
قال سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم
أخبرنا هوذة بن خليفة أخبرنا عوف عن الحسن قال لما أنزل على
النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس
يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه
كان توابا قال قرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أجله وأمر
بكثرة التسبيح والاستغفار
أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا إسرائيل عن جابر عن عون عن سعيد
بن جبير عن بن عباس إذا جاء نصر الله والفتح قال داع من
الله ووداع من الدنيا
وأخبرنا نصر بن باب عن داود بن أبي هند عن عامر عن مسروق عن
عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر عمره
يكثر من قوله سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه قالت فقلت
يا رسول الله إنك تكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه
192

ما لم تكن تفعله قبل اليوم قالت فقال إن ربي كان أخبرني بعلامة في أمتي
فقال إذا رأيتها فسبح بحمد ربك واستغفره فقد رأيتها إذا جاء نصر الله
والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا إلى آخر السورة
أخبرنا سعيد بن سليمان أخبرنا عباد بن العوام عن هلال يعني بن
خباب عن عكرمة عن بن عباس قال لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال إني نعيت إلي
نفسي قالت فبكيت فقال لا تبكي فإنك أول أهلي بي لحوقا
فضحكت وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء نصر الله والفتح
وجاء أهل اليمن هم أرق أفئدة والايمان يمان والحكمة يمانية
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان
عن بن شهاب أخبرني أنس بن مالك أن الله تبارك وتعالى تابع الوحي
على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفي وأكثر ما كان
الوحي في يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا المعلى بن أسد أخبرنا وهيب عن أيوب عن عكرمة قال
قال العباس لأعلمن ما بقاء رسول الله فينا فقال له يا رسول الله لو اتخذت
عرشا فإن الناس قد آخوك قال والله لا أزال بين ظهرانيهم ينازعوني
ردائي ويصيبني غبارهم حتى يكون الله يريحني منهم قال العباس فعرفنا
أن بقاء رسول الله فينا قليل
أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي أخبرنا شعيب بن إسحاق
والوليد بن مسلم وأخبرنا خالد بن خداش أخبرنا بشر بن بكر قالوا
أخبرنا الأوزاعي وحدثني ربيعة بن يزيد سمعت واثلة بن الأسقع قال خرج
علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتزعمون أني من آخركم وفاة
ألا وإني من أولكم وفاة وتتبعوني أقتادا يهلك بعضكم بعضا قال خالد
بن خداش في حديثه أفنادا
193

أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب
عن سالم بن أبي الجعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتيت
فيما يرى النائم بمفاتيح الدنيا ثم ذهب بنبيكم إلى خير مذهب وتركتم في
الدنيا تأكلون الخبيص أحمره وأصفره وأبيضه الأصل واحد العسل والسمن
والدقيق ولكنكم اتبعتم الشهوات
أخبرنا يونس بن محمد المؤدب أخبرنا حماد بن زيد عن غالب عن
بكر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حياتي خير لكم
تحدثون ويحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خيرا لكم تعرض علي
أعمالكم فإذا رأيت خيرا حمدت الله وإن رأيت شرا استغفرت الله لكم
أخبرنا هاشم بن القاسم الكناني أخبرنا محمد بن طلحة عن الأعمش
عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي
كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإن اللطيف
الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني
فيهما
ذكر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن على
جبريل واعتكافه في السنة التي قبض فيها
أخبرنا عبيد الله بن موسى أخبرنا إسرائيل عن أبي حصين عن أبي
صالح قال كان جبريل يعرض القرآن كل سنة مرة على رسول الله صلى
الله عليه وسلم فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه عليه مرتين وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في رمضان العشر الأواخر فلما
194

كانت السنة التي قبض فيها اعتكف عشرين يوما
أخبرنا يحيى بن خليف بن عقبة البصري وأخبرنا عبد الوهاب بن
عطاء قال أخبرنا بن عون عن محمد بن سيرين قال كان جبريل يعرض
القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم كل عام مرة في رمضان فلما كان
العام الذي توفي فيه عرضه عليه مرتين قال محمد فأنا أرجو أن تكون
قراءتنا العرضة الأخيرة
أخبرنا يعلى بن عبيد أخبرنا محمد بن إسحاق عن بن شهاب عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس قال كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يعرض الكتاب على جبريل في كل رمضان فإذا أصبح
النبي صلى الله عليه وسلم من ليلته التي يعرض فيها ما يعرض أصبح وهو
أجود من الريح المرسلة لا يسأل شيئا إلا أعطاه فلما كان الشهر الذي هلك
بعده عرضه عليه عرضتين
أخبرنا يحيى بن عباد عن إبراهيم بن سعد أخبرنا بن شهاب عن عبيد
الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حتى ينسلخ إذا
لقيه جبريل يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فكان رسول
الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا أبو معشر عن يزيد بن زياد قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة التي قبض فيها لعائشة إن
جبريل كان يعرض علي القرآن في كل سنة مرة فقد عرض علي العام
مرتين وإنه لم يكن نبي إلا عاش نصف عمر أخيه الذي كان قبله
عاش عيسى بن مريم مائة وخمسا وعشرين سنة وهذه اثنتان وستون سنة
ومات في نصف السنة
أخبرنا هاشم بن القاسم قال أخبرنا المسعودي عن القاسم يعني بن
195

عبد الرحمن قال كان جبريل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقرئه القرآن كل عام في رمضان مرة حتى إذا كان العام الذي قبض فيه
رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل جبريل فأقرأه القرآن مرتين قال
عبد الله فقرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك
العام والله لو أني أعلم أن أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلغينه الإبل
لركبت إليه والله ما أعلمه
ذكر من قال إن اليهود سحرت رسول
الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عفان أخبرنا وهيب أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر له حتى كان يخيل إليه أنه
يصنع الشئ ولم يصنعه حتى إذا كان ذات يوم رأيته يدعو فقال أشعرت
أن الله قد أفتاني فيما أستفتيه أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر
عند رجلي فقال أحدهما ما وجع الرجل فقال الآخر مطبوب
فقال من طبه فقال لبيد بن الأعصم قال فيم قال في مشط ومشاطة
وجب طلعة ذكر قال فأين هو قال في ذي ذروان قال
فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رجع أخبر عائشة فقال
كأن نخلها رؤوس الشياطين وكأن ماءها نقاعة الحناء فقلت يا رسول
الله فأخرجه للناس قال أما الله فقد شفاني وخشيت أن أثور على الناس
منه شرا
أخبرنا موسى بن داود قال أخبرنا بن لهيعة عن عمر مولى غفرة
أن لبيد بن الأعصم اليهودي سحر النبي صلى الله عليه وسلم حتى التبس
196

بصره وعاده أصحابه ثم إن جبريل عليه السلام وميكائيل أخبراه
فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف فاستخرج السحر من الجب
من تحت البئر ثم نزعه فحله فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعفا عنه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أبو مروان عن إسحاق بن عبد الله عن
عمر بن الحكم قال لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من
الحديبية في ذي الحجة ودخل المحرم جاءت رؤساء يهود الذين بقوا
بالمدينة ممن يظهر الاسلام وهو منافق إلى لبيد بن الأعصم اليهودي وكان
حليفا في بني زريق وكان ساحرا قد علمت ذلك يهود أنه أعلمهم بالسحر
وبالسموم فقالوا له يا أبا الأعصم أنت أسحر منا و قد سحرنا محمدا
فسحره منا الرجال و النساء فلم نصنع شيئا وأنت ترى أثره فينا وخلافه
ديننا ومن قتل منا وأجلى ونحن نجعل لك على ذلك جعلا على أن تسحره
لنا سحرا ينكؤه فجعلوا له ثلاثة دنانير على أن يسحر رسول الله صلى
الله عليه وسلم فعمد إلى مشط وما يمشط من الرأس من الشعر فعقد فيه عقدا
وتفل فيه تفلا وجعله في جب طلعة ذكر ثم انتهى به حتى جعله تحت
أرعوفة البئر فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا أنكره حتى يخيل
إليه أنه يفعل الشئ ولا يفعله وأنكر بصره حتى دله الله عليه فدعا جبير
بن إياس الزرقي وقد شهد بدرا فدله على موضع في بئر ذروان تحت
أرعوفة البئر فخرج جبير حتى استخرجه ثم أرسل إلى لبيد بن الأعصم فقال
ما حملك على ما صنعت فقد دلني الله على سحرك وأخبرني ما صنعت
قال حب الدنانير يا أبا القاسم قال إسحاق بن عبد الله فأخبرت عبد الرحمن
بن كعب بن مالك بهذا الحديث فقال إنما سحره بنات أعصم أخوات لبيد
وكن أسحر من لبيد وأخبث وكان لبيد هو الذي ذهب به فأدخله تحت
أرعوفة البئر فلما عقدوا تلك العقد أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم
197

تلك الساعة بصره ودس بنات أعصم إحداهن فدخلت على عائشة فخبرتها
عائشة أو سمعت عائشة تذكر ما أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من
بصره ثم خرجت إلى أخواتها وإلى لبيد فأخبرتهم فقالت إحداهن إن
يكن نبيا فسيخبر وإن يك غير ذلك فسوف يدله هذا السحر حتى يذهب
عقله فيكون بما نال من قومنا وأهل ديننا فدله الله عليه قال الحارث
بن قيس يا رسول الله ألا نهور البئر فأعرض عنه رسول الله صلى
الله عليه وسلم فهورها الحارث بن قيس وأصحابه وكان يستعذب منها
قال وحفروا بئرا أخرى فأعانهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على
حفرها حين هوروا الأخرى التي سحر فيها حتى أنبطوا ماءها ثم تهورت
بعد ويقال إن الذي استخرج السحر بأمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم قيس بن محصن
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن بن
المسيب وعروة بن الزبير قالا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول سحرتني يهود بني زريق
أخبرنا عمر بن حفص عن جويبر عن الضحاك عن بن عباس قال
مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عن النساء وعن الطعام والشراب
فهبط عليه ملكان وهو بين النائم واليقظان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر
عند رجليه ثم قال أحدهما لصاحبه ما شكوه قال طب يعني سحر
قال ومن فعله قال لبيد بن أعصم اليهودي قال ففي أي شئ
جعله قال في طلعة قال فأين وضعها قال في بئر ذروان تحت
صخرة قال فما شفاؤه قال تنزح البئر وترفع الصخرة وتستخرج
الطلعة وارتفع الملكان فبعث نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى علي
رضي الله تعالى عنه وعمار فأمرهما أن يأتيا الركي فيفعلا الذي سمع فأتياه
وماؤها كأنه قد خضب بالحناء فنزحاها ثم رفعا الصخرة فأخرجا طلعة
198

فإذا بها إحدى عشرة عقدة ونزلت هاتان السورتان قل أعوذ برب
الفلق وقل أعوذ برب الناس فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
كلما قرأ آية انحلت عقدة حتى انحلت العقد وانتشر نبي الله صلى الله
عليه وسلم للنساء والطعام والشراب
أخبرنا موسى بن مسعود أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن ثمامة
المحملي عن زيد بن أرقم قال عقد رجل من الأنصار يعني للنبي صلى
الله عليه وسلم عقدا وكان يأمنه ورمى به في بئر كذا وكذا فجاء الملكان
يعودانه فقال أحدهما لصاحبه تدري ما به عقد له فلان الأنصاري ورمى
به في بئر كذا وكذا ولو أخرجه لعوفي فبعثوا إلى البئر فوجدوا الماء قد
اخضر فأخرجوه فرموا به فعوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما
حدث به ولا رئي في وجهه
أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا
يونس بن يزيد عن الزهري في ساحر أهل العهد قال لا يقتل قد سحر
رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أهل الكتاب فلم يقتله
أخبرنا محمد بن عمر حدثني بن جريج عن عطاء قال وحدثني
بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم عفا عنه قال عكرمة ثم كان يراه بعد عفوه فيعرض
عنه
قال محمد بن عمر هذا أثبت عندنا ممن روى أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قتله
199

ذكر ما سم به رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو معاوية الضرير أخبرنا الأعمش عن إبراهيم قال كانوا
يقولون إن اليهود سمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمت أبا
بكر
أخبرنا عمر بن حفص عن مالك بن دينار عن الحسن أن امرأة يهودية
أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فأخذ منها بضعة
فلاكها في فيه ثم طرحها فقال لأصحابه أمسكوا فإن فخذها تعلمني
أنها مسمومة ثم أرسل إلى اليهودية فقال ما حملك على ما صنعت
قالت أردت أن أعلم إن كنت صادقا فإن الله سيطلعك على ذلك وإن
كنت كاذبا أرحت الناس منك
أخبرنا سعيد بن محمد الثقفي عن محمد بن عمر عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل الصدقة
ويأكل الهدية فأهدت إليه يهودية شاة مقلية فأكل رسول الله صلى
الله عليه وسلم منها هو وأصحابه فقالت إني مسمومة فقال لأصحابه
ارفعوا أيديكم فإنها قد أخبرتني أنها مسمومة فرفعوا أيديهم فمات بشر
بن البراء فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما حملك
على ما صنعت قالت أردت أن أعلم إن كنت نبيا لم يضررك وإن كنت
ملكا أرحت الناس منك فأمر بها فقتلت
أخبرنا سعيد بن سليمان أخبرنا عباد بن العوام عن هلال بن خباب
عن عكرمة عن بن عباس أن امرأة من يهود خيبر أهدت لرسول الله
صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة ثم علم بها أنها مسمومة فأرسل إليها
فقال ما حملك على ما صنعت قالت أردت أن أعلم إن كنت نبيا
فسيطلعك الله عليه وإن كنت كاذبا نريح الناس منك فكان رسول الله
200

صلى الله عليه وسلم إذا وجد شيئا احتجم قال فخرج مرة إلى مكة
فلما أحرم وجد شيئا فاحتجم
أخبرنا سعيد بن سليمان قال أخبرنا عباد بن العوام عن سفيان بن
حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي
هريرة مثله أو نحوه ولم يعرض لها رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي أخبرنا أبو عوانة عن حصين عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال طب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه
رجل فحجمه بقرن على ذؤابتيه
أخبرنا موسى بن داود أخبرنا بن لهيعة عن عمر مولى غفرة قال
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل المرأة التي سمت الشاة
أخبرنا أبو معاوية الضرير أخبرنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن
أبي الأحوص قال قال عبد الله لان أحلف تسعا أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة وذلك بأن الله اتخذه
نبيا وجعله شهيدا
أخبرنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة
عن داود بن الحصين عن أبي سفيان عن أبي هريرة وحدثني محمد بن
عبد الله عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن جابر
بن عبد الله وحدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن يونس بن يوسف
عن سعيد بن المسيب وحدثني عمر بن عقبة عن شعبة عن بن عباس
زاد بعضهم على بعض قالوا لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم
خيبر واطمأن جعلت زينب بنت الحارث أخي مرحب وهي امرأة سلام
بن مشكم تسأل أي الشاة أحب إلى محمد فيقولون الذراع فعمدت
إلى عنز لها فذبحتها وصلتها ثم عمدت إلى سم لا يطني وقد شاورت يهود
في سموم فأجمعوا لها على هذا السم بعينه فسمت الشاة وأكثرت في
201

الذراعين والكتف فلما غابت الشمس وصلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم المغرب بالناس انصرف وهي جالسة عند رجليه فسأل عنها فقالت
يا أبا القاسم هدية أهديتها لك فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فأخذت
منها فوضعت بين يديه وأصحابه حضور أو من حضر منهم وفيهم بشر
بن البراء بن معرور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادنوا
فتعشوا وتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراع فانتهش منها
وتناول بشر بن البراء عظما آخر فانتهش منه فلما ازدرد رسول الله
صلى الله عليه وسلم لقمته ازدرد بشر بن البراء ما في فيه وأكل القوم منها
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارفعوا أيديكم فإن هذه الذراع
وقال بعضهم فإن كتف الشاة تخبرني أنها مسمومة فقال بشر والذي
أكرمك لقد وجدت ذلك من أكلتي التي أكلت حين التقمتها فما منعني أن
ألفظها إلا أني كرهت أن أبغض إليك طعامك فلما أكلت ما في فيك
لم أرغب بنفسي عن نفسك ورجوت أن لا تكون ازدردتها وفيها بغي
فلم يقم شر من مكانه حتى عاد لونه كالطيلسان وماطله وجعه سنة
لا يتحول إلا ما حول ثم مات وقال بعضهم فلم يرم بشر من مكانه
حتى توفي قال وطرح منها لكلب فأكل فلم يتبع يده حتى مات
فدعا رسول الله زينب بنت الحارث فقال ما حملك على ما صنعت فقالت
نلت قومي ما نلت قتلت أبي وعمي وزوجي فقلت إن كان نبيا فستخبره
الذراع وقال بعضهم وإن كان ملكا استرحنا منه ورجعت اليهودية كما
كانت قال فدفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ولاة بشر بن
البراء فقتلوها وهو الثبت واحتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم
على كاهله من أجل الذي أكل حجمه أبو هند بالقرن والشفرة وأمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فاحتجموا أوساط رؤوسهم وعاش رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي قبض
202

فيه جعل يقول في مرضه ما زلت أجد من الاكلة التي أكلتها يوم خيبر
عدادا حتى كان هذا أوان انقطاع أبهري وهو عرق في الظهر وتوفي
رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيدا صلوات الله عليه ورحمته وبركاته
ورضوانه
ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى البقيع واستغفاره لأهله والشهداء
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس عن بن أبي علقمة عن
أمه أنها قالت سمعت عائشة تقول قام رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذات ليلة فلبس ثيابه ثم خرج فأمرت خادمتي بريرة فتبعته حتى إذا
جاء البقيع وقف في أدناه ما شاء الله أن يقف ثم انصرف فسبقته بريرة
فأخبرتني فلم أذكر له شيئا حتى أصبح ثم ذكرت ذلك له فقال إني بعثت
إلى أهل البقيع لأصلي عليهم
أخبرنا نوح بن يزيد المؤدب ومحمد بن الصباح قالا أخبرنا شريك
عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن عائشة قالت فقدت
النبي صلى الله عليه وسلم من الليل فتبعته فإذا هو بالبقيع فقال السلام
عليكم دار قوم مؤمنين أنتم لنا فرط وإنا بكم لاحقون اللهم لا تحرمنا
أجرهم ولا تفتنا بعدهم قالت ثم التفت إلي فقال ويحها لو تستطيع
ما فعلت
أخبرنا سعيد بن سليمان أخبرنا إسماعيل بن جعفر المدني وأخبرنا
خالد بن خداش أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي جميعا عن شريك
بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن عائشة قالت كان رسول الله
203

صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم
يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين إيانا
وإياكم ما توعدون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع
الغرقد
أخبرنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الرحمن
المخزومي عن أبيه عن عائشة قالت وثب رسول الله صلى الله عليه وسلم
من مضجعه من جوف الليل فقلت أين بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال
أمرت أن أستغفر لأهل البقيع قالت فخرج رسول الله صلى الله عليه
وسلم وخرج معه مولاه أبو رافع فكان أبو رافع يحدث قال استغفر
رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم طويلا ثم انصرف وجعل يقول
يا أبا رافع إني قد خيرت بين خزائن الدنيا والخد ثم الجنة وبين لقاء
ربي والجنة فاخترت لقاء ربي
أخبرنا محمد بن عمر حدثني إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل
يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فخرج
وخرجت معه حتى جاء البقيع فاستغفر لأهله طويلا ثم قال ليهنئكم ما
أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع
بعضها بعضا يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى ثم قال يا أبا مويهبة
إني قد أعطيت خزائن الدنيا والخلد ثم الجنة فخيرت بين ذلك وبين لقاء
ربي والجنة فقلت بأبي أنت وأمي فخذ خزائن الدنيا والخلد ثم الجنة
فقال يا أبا مويهبة قد اخترت لقاء ربي والجنة فلما انصرف ابتدأه وجعه
فقبضه الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا معن بن عيسى ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن هشام
204

بن سعد عن زيد بن أسلم وأخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أسامة بن زيد
بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أتي فقيل له اذهب فصل على أهل البقيع ففعل ذلك ثم رجع فرقد فقيل له
اذهب فصل على أهل البقيع فذهب فصلى عليهم فقال اللهم اغفر لأهل
البقيع ثم رجع فرقد فأتي فقيل له اذهب فصل على الشهداء فذهب إلى
أحد فصلى على قتلى أحد فرجع معصوب الرأس فكان بدء الوجع
الذي مات فيه صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا بن
لهيعة حدثني يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير حدثه أن عقبة بن عامر
الجهني حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى
أحد بعد ثماني سنين كالمودع للاحياء والأموات ثم اطلع المنبر فقال إني
بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض وإني لأنظر
إليه وأنا في مقامي هذا وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا ولكن أخشى
عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها
قال عقبة وكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ذكر أول ما بدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم
وجعه الذي توفي فيه
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان
عن بن شهاب قال قالت عائشة بدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم
شكوه الذي توفي وهو في بيت ميمونة فخرج في يومه ذلك حتى
205

دخل علي قالت فقلت وا رأساه فقال وددت أن ذلك يكون وأنا
حي فأصلي عليك وأدفنك قالت فقلت غيري أو كأنك تحب ذلك
لكأني أراك في ذلك اليوم معرسا ببعض نساء قالت فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم بل أنا وا رأساه ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى بيت ميمونة فاشتد وجعه
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة
قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة فقالت وا رأساه
فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أنا وا رأساه فكان أول وجعه الذي
مات فيه وكان لا يشكو وجعا ييجعه
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أبو معشر عن محمد بن قيس قال محمد
بن عمر وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده قال
أول ما بدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم شكوه يوم الأربعاء فكان
شكوه إلى أن قبض صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر يوما
ذكر شدة المرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الفضل بن دكين عن شيبان بن عبد الرحمن وأخبرنا مسلم
بن إبراهيم أخبرنا أبان بن يزيد العطار جميعا قالا أخبرنا يحيى بن أبي
كثير عن أبي قلابة عن عبد الرحمن بن شيبة عن عائشة أم المؤمنين أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وجع فجعل يشتكي ويتقلب على
فراشه قالت له عائشة يا رسول الله لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الفضل بن دكين إن الصالحين
وقال مسلم بن إبراهيم إن المؤمنين يشدد عليهم لأنه لا يصيب المؤمن
206

نكبة ولا شكوة فما فوقها قال مسلم ولا وجع إلا رفع الله له بها درجة
وحط لها عنه خطيئة وقال الفضل بن دكين فما فوقها إلا حط بها عنه
خطيئة
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا إسرائيل بن يونس عن
أشعث بن أبي الشعثاء عن أبي بردة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه
وسلم ويحسبها عائشة قالت مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
مرضا اشتد منه ضجره أو وجعه قالت فقلت يا رسول الله إنك
لتجزع أو تضجر لو فعلته امرأة منا عجبت منها قال أوما علمت
أن المؤمن يشدد عليه ليكون كفارة لخطاياه
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا أبو معاوية شيبان عن أشعث بن سليم
عن أبي بردة قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتد وجعه
حتى أعلزه فلما أفاق قالت له إحدى نسائه لقد اشتكيت في شكوك شكوى
لو أن إحدانا اشتكته لخافت أن تجد عليها قال أولم تعلمي أن المؤمن
يشدد عليه في مرضه ليحط به خطاياه
أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن
مسروق عن عائشة قالت ما رأيت أحدا كان أشد عليه الوجع من رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو معاوية الضرير ويعلى بن عبيد قالا أخبرنا الأعمش عن
إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن عبد الله قال دخلت على النبي
صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فمسسته فقلت يا رسول الله إنك لتوعك
وعكا شديدا فقال أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم قال
قلت إن لك لأجرين قال نعم والذي نفسي بيده ما على الأرض
مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به عنه خطاياه كما تحط
207

الشجرة ورقها
أخبرنا النضر بن إسماعيل أبو المغيرة عن الأعمش عن إبراهيم عن
علقمة قال دخل عبد الله بن مسعود على النبي صلى الله عليه وسلم فوضع
يده عليه ثم قال يا رسول الله إنك لتوعك وعكا شديدا قال أجل إني
لأوعك كما يوعك رجلان منكم قال قلت يا رسول الله ذلك بأن لك أجرين
قال أجل أما إنه ليس من عبد مسلم يصيبه أذى فما سواه إلا حط الله
به عنه خطاياه كما تحط هذه الشجرة ورقها
أخبرنا عبيد الله بن موسى العبسي عن موسى بن عبيدة الربذي عن زيد
بن أسلم عن أبي سعيد الخدري قال جئنا النبي صلى الله عليه وسلم
فإذا عليه صالب من الحمى ما تكاد تقر يد أحدنا عليه من شدة الحمى
فجعلنا نسبح فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس أحد أشد بلاء
من الأنبياء كما يشتد علينا البلاء كذلك يضاعف لنا الاجر إن كان النبي من
أنبياء الله ليسلط عليه القمل حتى يقتله وإن كان النبي من أنبياء الله ليعرى
ما يجد شيئا يواري عورته إلا العباءة يدرعها
أخبرنا خالد بن خداش أخبرنا عبد الله بن وهب عن هشام بن سعد
عن يزيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن أبا سعيد الخدري دخل على رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو موعوك عليه قطيفة فوضع يده عليه فوجد
حرارتها فوق القطيفة فقال ما أشد حماك فقال إنا كذلك يشدد علينا
البلاء ويضاعف لنا الاجر قال من أشد الناس بلاء قال الأنبياء
قال ثم من قال الصالحون لقد كان أحدهم يبتلى بالفقر حتى ما يجد
إلا العباءة يجوبها ويبتلي بالقمل حتى يقتله ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء
من أحدكم بالعطاء
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا أبو هلال أخبرنا بكر بن عبد الله
أن عمر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محموم أو مورود
208

قال فوضع يده عليه فقبضها من شدة حره قال فقال يا نبي الله ما أشد
وردك أو أشد حماك قال فإني قد قرأت الليلة أو البارحة بحمد الله سبعين
سورة فيهن السبع الطوال قال يا نبي الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك
وما تأخر فلو رفقت بنفسك أو خففت عن نفسك قال أفلا أكون
عبدا شكورا
أخبرنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ثابت يعني البناني
قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه يعرف فيه
الوجع فقال إني على ما ترون قد قرأت البارحة السبع الطوال
أخبرنا يزيد بن هارون والفضل بن دكين قالا أخبرنا مسعر عن
زياد بن علاقة قال الفضل عن المغيرة بن شعبة ولم يذكره يزيد إن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يقوم حتى ترم قدماه فقيل له لم تفعل هذا
وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلا أكون عبدا
شكورا
أخبرنا يزيد بن هارون وأبو أسامة عن هشام عن الحسن قال إن كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجتهد في الصلاة وفي الصيام فيخرج إلى
أصحابه فيشبه بالشن البالي قال يزيد في حديثه وكان أصح الناس
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا شيبان أبو معاوية عن عاصم عن مصعب
بن سعد عن أبيه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشد
الناس بلاء قال النبيون ثم الأمثل فالأمثل فيبتلى الرجل على حسب
دينه فإن كان صلب الدين اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على
حسب دينه فما تبرح البلايا على العبد حتى تدعه يمشي في الأرض ليست
عليه خطيئة
أخبرنا عبد الوهاب قال أخبرنا هشام الدستوائي عن عاصم
بن بهدلة عن مصعب بن سعد قال قال سعد بن مالك يا رسول الله
209

من أشد الناس بلاء ذكر مثل الحديث الأول
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا إسماعيل بن مسلم العبدي أخبرنا
أبو المتوكل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض حتى اشتد به
فصاحت أم سلمة فقال مه إنه لا يصيح إلا كافر
أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن
عبد الله بن أبي فروة عن رجل عن عائشة قالت لا أزال أغبط المؤمن
بشدة الموت بعد شدته على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يعوذ به ويعوذه جبريل
أخبرنا أبو معاوية الضرير أخبرنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن
عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ بهذه الكلمات
أذهب الباس رب الناس اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك
شفاء لا يغادر سقما قالت فلما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مرضه الذي مات فيه أخذت بيده فجعلت أمسحه بها وأعوذه بها قالت
فنزع يده مني وقال رب اغفر لي وألحقني بالرفيق قالت وكان هذا
آخر ما سمعت من كلامه
أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق أخبرنا هشام الدستوائي عن حماد
عن إبراهيم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضا
مسح بيده على وجهه وصدره وقال أذهب الباس رب الناس واشف
وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما قال فلما مرض
رسول الله صلى الله عليه وسلم تساند إلى عائشة فأخذت بيده فجعلت
210

تمسحها على وجهه وصدره وتقول هذه الكلمات فانتزع رسول الله
صلى الله عليه وسلم يده منها وقال اللهم أعلى جنة الخلد
أخبرنا معن بن عيسى القزاز أخبرنا مالك بن أنس عن بن شهاب
عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى
يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث قالت فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه
وأمسح عنه بيده رجاء بركتها
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم
عن الأسود عن عائشة قالت لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم أخذت
بيده فجعلت أمرها على صدره ودعوت بهذه الكلمات أذهب الباس
رب الناس فانتزع يده من يدي وقال أسأل الله الرفيق الاعلى الأسعد
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا معمر عن
الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مرضه الذي قبض فيه ينفث على نفسه بالمعوذات فلما ثقل عن ذلك
جعلت أنفث عليه بهن وأمسحه بيد نفسه
أخبرنا عارم بن الفضل وسليمان بن حرب وخالد بن خداش قالوا
أخبرنا حماد بن زيد عن عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء عن عائشة
قالت كنت أعوذ النبي صلى الله عليه وسلم بدعاء إذا مرض أذهب
الباس رب الناس بيدك الشفاء لا شافي إلا أنت اشف شفاء لا يغادر
سقما قالت فلما كان مرضه الذي مات فيه ذهبت أعوذه به فقال ارفعي
عني فإنها إنما كانت تنفعني في المرة
أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي أخبرنا عبيد الله بن عمرو عن إسحاق
بن راشد عن الزهري عن عروة عن عائشة أنها كانت تعوذ النبي بالمعوذتين
في مرضه وتنفث وتمسح وجهه بيده
أخبرنا أبو بكر بن محمد بن أبي مرة المكي حدثني نافع بن عمر
211

حدثني بن أبي مليكة قال كانت عائشة تمسح صدر رسول الله صلى
الله عليه وسلم وتقول اكشف الباس رب الناس أنت الطبيب وأنت
الشافي فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ألحقني بالرفيق ألحقني
بالرفيق
أخبرنا هاشم بن القاسم الكناني أخبرنا المسعودي عن القاسم قال
لسع النبي صلى الله عليه وسلم فدعا بماء وملح ثم أدخل يده فقرأ
قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب
الناس حتى ختمها
أخبرنا يحيى بن حماد أخبرنا أبو عوانة عن سليمان يعني الأعمش
عن أبي الضحى عن مسروق قال قالت عائشة كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا اشتكى الانسان منا مسحه بيمينه وقال أذهب الباس
رب الناس اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما
قالت فلما ثقل أخذت يمينه فمسحته بها وقلت أذهب الباس رب
الناس اشف وأنت الشافي فانتزع يده من يدي وقال اللهم اغفر لي
واجعلني في الرفيق الاعلى مرتين قالت فما علمت بموته حتى وجدت
ثقله
أخبرنا الحسن بن موسى أخبرنا شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن محمد
بن إبراهيم أن أبا عبد الله أخبره أن بن عائش الجهني أخبره أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بن عائش ألا أخبرك بأفضل ما
تعوذ به المتعوذون قال قلت بلى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أعوذ برب الناس وأعوذ برب الفلق هاتين السورتين
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا معاوية بن صالح عن أزهر بن سعيد عن
عبد الرحمن بن السائب الهلالي وكان بن أخي ميمونة زوج النبي صلى
الله عليه وسلم قال قالت لي ميمونة يا بن أخي تعال حتى أرقيك برقية
212

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت باسم الله أرقيك والله يشفيك
من كل داء فيك أذهب الباس رب الناس واشف لا شافي إلا أنت
أخبرنا علي بن عبد الله بن جعفر أخبرنا سفيان بن عيينة حدثني
عبد ربه بن سعيد عن عمرة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال في المرض باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا ليشفى
سقيمنا بإذن ربنا
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس وسعيد بن سليمان قالا أخبرنا
أبو شهاب عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال اشتكى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فرقاه يعني جبريل عليه السلام فقال بسم الله
أرقيك من كل شئ يؤذيك من كل حاسد وعين والله يشفيك
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس أخبرنا سليمان بن بلال
وأخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس أخبرنا عبد العزيز بن محمد
الدراوردي جميعا عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم أنها كانت تقول إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم
رقاه جبريل وقال بسم الله يبريك من كل داء يشفيك من شر كل
حاسد إذا حسد ومن شر كل عين ذي عين
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا بن جريج أخبرني
عطاء وعمرو بن شعيب وجبير بن أبي سليمان أن جبريل عليه السلام
كان يعوذ محمدا صلى الله عليه وسلم يقول بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك من شر كل ذي عين ونفس
حاسد وباغ يبغيك بسم الله أرقيك والله يشفيك
أخبرنا أبو عامر العقدي عن زهير بن محمد عن يزيد بن عبد الله بن
الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله
213

عليه وسلم إذا اشتكى رقاه جبريل فقال بسم الله يبريك من كل داء
يشفيك من شر حاسد إذا حسد ومن شر كل ذي عين
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا طلحة بن عمرو عن عطاء قال
بلغني أن التعويذ الذي عوذ به جبريل النبي صلى الله عليه وسلم حين
سحرته اليهود في طعامه بسم الله أرقيك بسم الله يشفيك من كل داء
يعنيك خذها فلتهنيك من شر حاسد إذا حسد
ذكر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
بأصحابه في مرضه
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة قال أخبرنا هشام
بن عروة عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان وجعا فدخل عليه أصحابه يعودونه فصلى بهم قاعدا وهم قيام فأومأ
إليهم أن اقعدوا فلما قضى صلاته قال إنما جعل الامام ليؤتم به
فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا قعد فاقعدوا
واصنعوا مثل ما يصنع الامام
أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري سمع أنس بن مالك يقول سقط
رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرس فجحش شقه الأيمن فدخلنا
عليه نعوده فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدا فصلينا خلفه قعودا فلما
قضى الصلاة قال إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع
فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك
الحمد وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعين
أخبرنا طلق بن غنام النخعي أخبرنا عبد الرحمن بن جريس
214

حدثني حماد عن إبراهيم قال أم رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس
وهو ثقيل معتمدا في الصلاة على أبي بكر
أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن عمر عن أبي سلمة عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الامام ليؤتم
به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده
فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين
ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه
أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن أبي
مليكة عن عبيد بن عمير الليثي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مرضه الذي توفي فيه أمر أبا بكر أن يصلي بالناس فلما افتتح أبو
بكر الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة فخرج فجعل
يفرج الصفوف فلما سمع أبو بكر الحس علم أنه لا يتقدم ذلك التقدم
إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فنخس
إلى الصف وراءه فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكانه
فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب أبي بكر وأبو بكر قائم
فلما فرغا من الصلاة قال أبو بكر أي رسول الله أراك أصبحت بحمد الله
صالحا وهذا يوم ابنة خارجة امرأة لأبي بكر من الأنصار في بني الحارث
بن الخزرج فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس رسول الله
صلى الله عليه وسلم في مصلاه أو إلى جانب الحجر فحذر الناس الفتن
ثم نادى بأعلى صوته حتى إن صوته ليخرج من باب المسجد فقال إني
215

والله لا يمسك الناس علي بشئ لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ولا أحرم
إلا ما حرم الله في كتابه ثم قال يا فاطمة بنت محمد ويا صفية عمة رسول
الله اعملا لما عند الله فإني لا أغني عنكما من الله شيئا ثم قام من مجلسه
ذلك فما انتصف النهار حتى قبضه الله
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن
كيسان عن بن شهاب أخبرني أنس بن مالك أن أبا بكر كان يصلي
بهم في وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه حتى إذا
كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة كشف رسول الله صلى الله
عليه وسلم ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة بمصحف
ثم تبسم رسول الله ضاحكا فبهشنا ونحن في الصلاة من الفرح بخروج رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف
وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج إلى الصلاة فأشار إليهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن أتموا صلاتكم قال ثم دخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرخى الستر قال فتوفي من يومه
صلى الله عليه وسلم
أخبرنا سعيد بن منصور أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري سمع
أنس بن مالك يقول آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم الاثنين كشف الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر
فلما رآه الناس تخشخشوا فأومأ إليهم أن امكثوا مكانكم فنظرت إلى وجهه
كأنه ورقة مصحف ثم ألقى السجف وتوفي من آخر ذلك اليوم
أخبرنا سعيد بن منصور أخبرنا سفيان بن عيينة أخبرنا سليمان بن
سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس عن أبيه عن بن عباس قال
كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف
أبي بكر قال إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها
216

المسلم أو ترى له إلا أني نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا فأما الركوع
فعظموا الرب فيه وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب
لكم
أخبرنا أحمد بن الحجاج قال أخبرنا عبد الله بن المبارك قال
أخبرنا معمر ويونس عن الزهري أخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر قال
لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه قال ليصل بالناس
أبو بكر فقالت له عائشة يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق كثير البكاء
حين يقرأ القرآن فمر عمر فليصل بالناس فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليصل بالناس أبو بكر فراجعته عائشة بمثل مقالتها فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ليصل بالناس أبو بكر إنكن صواحب يوسف
قال الزهري وأخبرني عبيد الله بن عبد الله أن عائشة قالت لقد
راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وما حملني على كثرة
مراجعته إلا أنه وقع في قلبي أنه لن يحب الناس رجلا بعده قام مقامه
وكنت أرى أنه لن يقوم مقامه أحد إلا تشاءم الناس به فأردت أن يعدل
ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر
أخبرنا أحمد بن الحجاج قال أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرني
معمر ويونس بن يزيد عن الزهري أخبرني أنس بن مالك الأنصاري أن
المسلمين بينما هم في صلاة الفجر يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بهم لم يفاجئهم
إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة فنظر
إليهم وهم صفوف في صلاتهم فتبسم يضحك فنكص أبو بكر على عقبيه
ليصل الصف وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى
الصلاة قال أنس وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله
صلى الله عليه وسلم حين رأوه فأشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بيده أن أتموا صلاتكم ثم دخل الحجرة فأرخى الستر بينه وبينهم قال
217

أنس وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم
أخبرنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي ومعاوية بن عمرو الأزدي
قالا أخبرنا زائدة بن قدامة عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله
بن عبد الله قال دخلت على عائشة فقلت لها حدثيني عن مرض رسول الله
صلى الله عليه وسلم قالت لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال أصلى الناس فقلت لا هم ينتظرونك يا رسول الله قال ضعوا
لي ماء في المخضب قالت ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم
أفاق فقال أصلى الناس فقلت لا هم ينتظرونك فقال ضعوا لي
ماء في المخضب قالت ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق
فقال أصلى الناس فقلت لا هم ينتظرونك فقال ضعوا لي ماء
في المخضب قالت ففعلنا فذهب فاغتسل فقال أصلى الناس فقلنا
لا هم ينتظرونك والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله
عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة قالت فأرسل رسول الله صلى الله
عليه و سلم إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس فأتاه الرسول فقال إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس فقال أبو بكر وكان
رجلا رقيقا يا عمر صل بالناس فقال عمر أنت أحق بذلك قالت
فصلى أبو بكر تلك الأيام ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم وجد من
نفسه خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس فصلى الظهر وأبو بكر
يصلي بالناس قالت فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي
صلى الله عليه وسلم أن لا يتأخر وقال لهما أجلساني إلى جنبه فأجلساه
إلى جنب أبي بكر قال فجعل أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي
صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه
وسلم قاعد
قال عبيد الله فدخلت على عبد الله بن عباس فقلت ألا أعرض عليك
218

ما حدثتني عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هات
فعرضت عليه فما أنكر منه شيئا غير أنه قال سمت لك الرجل الذي كان
مع العباس قال قلت لا قال هو علي بن أبي طالب
أخبرنا سعيد بن منصور أخبرنا فليح بن سليمان عن سليمان بن عبد
الرحمن عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت أوذن النبي صلى الله عليه
وسلم بالصلاة في مرضه فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس ثم أغمي
عليه فلما سري عنه قال هل أمرتن أبا بكر يصلي بالناس فقلت
يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق لا يسمع الناس فلو أمرت عمر قال
إنكن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس فرب قائل ومتمن
ويأبى الله والمؤمنون
أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي حدثني محمد بن عبد الله بن أخي
الزهري عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت لما
استعز رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مروا أبا بكر فليصل
بالناس فقلت يا نبي الله إن أبا بكر رجل رقيق ضعيف الصوت كثير
البكاء إذا قرأ القرآن فقال مروه فليصل بالناس قالت فعدت بمثل
قولي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكن صواحب يوسف
مروه فليصل بالناس قالت عائشة والله ما أقول ذلك إلا أني كنت أحب
أن يصرف ذلك عن أبي وقلت إن الناس لن يحبوا رجلا قام مقام
رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا وإنهم سيتشاءمون به في كل حدث
كان فكنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عبد الله
بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة عن عائشة قالت لما كانت ليلة الاثنين
بات رسول الله صلى الله عليه وسلم دنفا فلم يبق رجل ولا امرأة إلا
أصبح في المسجد لوجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء المؤذن
219

يؤذنه بالصبح فقال قل لأبي بكر يصلي بالناس فكبر أبو بكر في
صلاته فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستر فرأى الناس يصلون
فقال إن الله جعل قرة عيني في الصلاة وأصبح يوم الاثنين مفيقا فخرج
يتوكأ على الفضل بن عباس وعلى ثوبان غلامه حتى دخل المسجد وقد
سجد الناس مع أبي بكر سجدة من الصبح وهم قيام في الأخرى فلما رآه
الناس فرحوا به فجاء حتى قام عند أبي بكر فاستأخر أبو بكر فأخذ النبي
صلى الله عليه وسلم بيده فقدمه في مصلاه فصفا جميعا رسول الله
صلى الله عليه وسلم جالس وأبو بكر قائم على ركنه الأيسر يقرأ القرآن
فلما قضى أبو بكر السورة سجد سجدتين ثم جلس يتشهد فلما سلم صلى
النبي صلى الله عليه وسلم الركعة الآخرة ثم انصرف
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري
عن عبد الملك بن أبي بكر عن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن
زمعة بن الأسود قال عدت رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مرضه الذي توفي فيه فجاءه بلال يؤذنه بالصلاة فقال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم مر الناس فليصلوا قال عبد الله فخرجت
فلقيت ناسا لا أكلمهم فلما لقيت عمر بن الخطاب لم أبغ من وراءه
وكان أبو بكر غائبا فقلت له صل بالناس يا عمر فقام عمر في المقام
وكان عمر رجلا مجهرا فلما كبر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
صوته فأخرج رأسه حتى أطلعه للناس من حجرته فقال لا لا لا
ليصل بهم بن أبي قحافة قال يقول ذلك رسول الله صلى الله عليه
وسلم مغضبا قال فانصرف عمر فقال لعبد الله بن زمعة يا بن أخي
أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأمرني قال فقلت لا ولكني
لما رأيتك لم أبغ من وراءك فقال عمر ما كنت أظن حين أمرتني
إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بذلك ولولا ذلك ما صليت
220

بالناس فقال عبد الله لما لم أر أبا بكر رأيتك أحق من غيره بالصلاة
حدثنا محمد بن عمر حدثني عمر بن عقبة الليثي عن شعبة مولى بن عباس عن
بن عباس قال حضرت الصلاة فقال النبي صلى الله عليه
وسلم مروا أبا بكر يصلي بالناس فلما قام أبو بكر مقام النبي صلى
الله عليه وسلم اشتد بكاؤه وافتن واشتد بكاء من خلفه لفقد نبيهم
صلى الله عليه وسلم فلما حضرت الصلاة جاء المؤذن إلى النبي صلى الله
عليه وسلم فقال قولوا للنبي صلى الله عليه وسلم يأمر رجلا يصلي
بالناس فإن أبا بكر قد افتن من البكاء والناس خلفه فقالت حفصة زوج
النبي صلى الله عليه وسلم مروا عمر يصلي بالناس حتى يرفع الله رسوله
قال فذهب إلى عمر فصلى بالناس فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم
تكبيره قال من هذا الذي أسمع تكبيره فقال له أزواجه عمر بن
الخطاب وذكروا له أن المؤذن جاء فقال قولوا للنبي صلى الله عليه وسلم
يأمر رجلا يصلي بالناس فإن أبا بكر قد افتن من البكاء فقالت حفصة
مروا عمر يصلي بالناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكن
لصواحب يوسف قولوا لأبي بكر فليصل بالناس فلو لم يستخلفه ما
أطاع الناس
أخبرنا خلف بن الوليد أخبرنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة
حدثني أبي عن أبي إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل عن بن عباس قال
لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم مرضه الذي توفي فيه أمر أبا
بكر أن يصلي بالناس ثم وجد خفة فجاء فأراد أبو بكر أن ينكص فأومأ
إليه فثبت مكانه وقعد النبي صلى الله عليه وسلم عن يسار أبي بكر ثم
استفتح من الآية التي انتهى إليها أبو بكر
أخبرنا موسى بن إسماعيل أخبرنا جرير بن حازم عن الحسن قال
لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه أتاه
221

المؤذن يؤذنه بالصلاة فقال لنسائه مرن أبا بكر فليصل بالناس فإنكن
صواحب يوسف
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد الرحمن بن عبد العزيز و عبد العزيز
بن محمد عن عمارة بن غزية عن محمد بن إبراهيم قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو مريض لأبي بكر صل بالناس فوجد رسول
الله صلى الله عليه وسلم خفة فخرج وأبو بكر يصلي بالناس فلم يشعر
حتى وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده بين كتفيه فنكص أبو
بكر وجلس النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه فصلى أبو بكر وصلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته فلما انصرف قال لم يقبض
نبي قط حتى يؤمه رجل من أمته
أخبرنا هاشم بن القاسم الكناني أخبرنا أبو معشر عن محمد بن قيس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبض نبي قط حتى يؤمه
رجل من أمته
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي
سبرة عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن بن عمر قال كبر عمر فسمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيره فأطلع رأسه مغضبا فقال أين
بن أبي قحافة
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن
محمد بن عبد الله بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال
لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه إذا وجد خفة خرج
وإذا ثقل وجاءه المؤذن قال مروا أبا بكر يصلي بالناس فخرج من
عنده يوما لأمر يأمر الناس يصلون وابن أبي قحافة غائب فصلى عمر
بن الخطاب بالناس فلما كبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا لا أين بن أبي قحافة قال فانتقضت الصفوف وانصرف عمر قال
222

فما برحنا حتى طلع بن أبي قحافة وكان بالسنح فتقدم فصلى
بالناس
أخبرنا محمد بن عمر عن سعيد بن عبد الله بن أبي الأبيض عن المقبري
عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان في وجعه إذا خف عنه ما يجد خرج فصلى بالناس وإذا وجد ثقله
قال مروا الناس فليصلوا فصلى بهم بن أبي قحافة يوما الصبح فصلى
ركعة ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إلى جنبه فأتم
بأبي بكر فلما قضى أبو بكر الصلاة أتم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما فاته
أخبرنا محمد بن عمر عن موسى بن يعقوب حدثني أبو الحويرث
قال سمعت سعيد بن يسار أبا الحباب قال محمد بن عمر وأخبرنا سليمان
بن بلال و عبد الرحمن بن عثمان بن وثاب عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن
عن بن أبي مليكة عن عبيد بن عمير وحدثنا محمد بن عمر وأخبرنا موسى
بن ضمرة بن سعيد عن أبيه عن الحجاج بن غزية عن أبي سعيد الخدري
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه بصلاة أبي بكر
ركعة من الصبح ثم قضى الركعة الباقية قال محمد بن عمر ورأيت هذا
الثبت عند أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى خلف
أبي بكر
أخبرنا محمد بن عمر قال سألت أبا بكر بن عبد الله بن أبي سبرة
كم صلى أبو بكر بالناس قال صلى بهم سبع عشرة صلاة قلت
من حدثك ذلك قال حدثني أيوب بن عبد الرحمن بن صعصعة عن
عباد بن تميم عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال صلى بهم أبو بكر ذلك
أخبرنا محمد بن عمر عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن عبد
223

المجيد بن سهيل عن عكرمة قال صلى بهم أبو بكر ثلاثا
أخبرنا الحسين بن علي الجعفي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن أبي بردة
عن أبي موسى قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاشتد مرضه فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت عائشة يا
رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق وإنه إذا قام مقامك لم يكد يسمع
الناس فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحب يوسف
أخبرنا الحسين بن علي الجعفي عن زائدة عن عاصم عن زر عن عبد
الله قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار منا
أمير ومنكم أمير قال فأتاهم عمر فقال يا معشر الأنصار ألستم تعلمون
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر يصلي بالناس قالوا
بلى قال فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر قالوا نعوذ بالله أن
نتقدم أبا بكر
ذكر ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه
لأبي بكر رضي الله تعالى عنه
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا أبو بكر بن عياش عن أبي
المهلب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن
كعب بن مالك قال إن أحدث عهدي بنبيكم صلى الله عليه وسلم
قبل وفاته بخمس فسمعته يقول ويحرك كفه إنه لم يكن نبي قبلي إلا
وقد كان له من أمته خليل ألا وإن خليلي أبو بكر إن الله اتخذني
خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا
أخبرنا موسى بن داود أخبرنا نافع بن عمر الجمحي عن بن أبي
224

مليكة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه
ادعوا لي أبا بكر فقالت عائشة إن أبا بكر يغلبه البكاء ولكن إن شئت
دعونا لك بن الخطاب قال ادعوا أبا بكر قالت إن أبا بكر رجل
يرق ولكن إن شئت دعونا لك بن الخطاب فقال إنكن صواحب يوسف
ادعوا لي أبا بكر وابنه فليكتب إن يطمع في أمر أبي بكر طامع أو يتمن
متمن ثم قال يأبى الله ذلك والمؤمنون يأبى الله ذلك والمؤمنون قالت
عائشة فأبى الله ذلك والمؤمنون فأبى الله ذلك والمؤمنون
أخبرنا موسى بن داود عن نافع بن عمر عن محمد بن المنكدر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه ادعوا لي
أبا بكر فدعوه إلى بن الخطاب فأغمي عليه ثم أفاق فقال ادعوا لي
أبا بكر فدعوه إلى بن الخطاب فقال إنكن صواحب يوسف فقيل
لعائشة بعد ذلك ما لك لم تدعي أباك لرسول الله صلى الله عليه وسلم
كما أمركم قالت علمت أنهم سيقولون إذا سمعوا صوت أبي بئس
الخلف من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا يقولونها لعمر أحب
إلي من أن يقولوها لأبي
أخبرنا محمد بن عمر حدثني سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد
عن القاسم بن محمد عن عائشة قال محمد بن عمر أخبرنا هشام بن عمارة
عن إسماعيل بن أبي حكيم عن القاسم بن محمد عن عائشة وأخبرنا محمد
بن عبد الله عن الزهري عن عروة عن عائشة وأخبرنا الحكم بن القاسم عن
عفيف بن عمرو عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة دخل حديث
بعضهم في حديث بعض قالت بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم
في بيت ميمونة فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقول
وا رأساه فقال لو كان ذلك وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك وأكفنك
وأدفنك فقلت وا ثكلاه والله إنك لتحب موتي ولو كان ذلك لظللت
225

يومك معرسا ببعض أزواجك فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أنا
وا رأساه لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبيك وإلى أخيك فأقضي أمري
وأعهد عهدي فلا يطمع في الامر طامع ولا يقول القائلون أو يتمنى
المتمنون ثم قال كلا يأبى الله ويدفع المؤمنون أو يدفع الله ويأبى المؤمنون
وقال بعضهم في حديثه ويأبى الله إلا أبا بكر
أخبرنا محمد بن عمر عن الثوري عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن
قال قال أبو بكر يا رسول الله إني رأيت في المنام كأن علي ثوبي حبرة
وأنا أطأ في عذرات الناس وفي صدري رقمتين فقال أما الرقمتان
فتلي سنتين وأما الثوب الحبرة فما تحبر به من ولدك وأما العذرة
فما ينالك من أذاهم
أخبرنا محمد بن عمر عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن جبير
قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يذاكره في الشئ فقال
إن جئت فلم أجدك قال فأت أبا بكر قال محمد بن عمر يعني
بعد الموت
أخبرنا محمد بن عمر عن محمد بن عمرو الأنصاري سمعت عاصم بن
عمر بن قتادة قال ابتاع النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا من رجل إلى
أجل فقال يا رسول الله إن جئت فلم أجدك يعني بعد الموت قال
فأت أبا بكر قال فإن جئت فلم أجد أبا بكر يعني بعد الموت قال
فأت عمر فإن جئت فلم أجد عمر قال إن استطعت أن تموت
إذا مات عمر فمت
226

ذكر سد الأبواب غير باب أبي بكر رضي الله تعالى عنه
أخبرنا يحيى بن عباد وسعيد بن منصور ويونس بن محمد المؤدب قالوا
أخبرنا فليح بن سليمان حدثني أبو النضر سالم عن عبيد بن حنين وبسر
بن سعيد عن أبي سعيد الخدري قال خطب رسول الله صلى الله عليه
وسلم الناس فقال إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك
العبد ما عند الله قال فبكى أبو بكر قال فقلت في نفسي ما يبكي
هذا الشيخ أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرنا عن عبد
خير فاختار قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير
وكان أبو بكر أعلمنا به قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا أبا بكر لا تبك أيها الناس إن أمن الناس علي في صحبته وماله
أبو بكر ولو كنت متخذا من الناس خليلا كان أبو بكر ولكن أخوة الاسلام
ومودته لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر
أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي أخبرنا ليث بن سعد عن يحيى بن
سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أعظم الناس علي منا
في صحبته وذات يده أبو بكر فأغلقوا هذه الأبواب الشارعة كلها في المسجد إلا
باب أبي بكر
قال قتيبة بن سعيد قال الليث بن سعد قال معاوية بن صالح فقال
ناس أغلق أبوابنا وترك باب خليله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد بلغني الذي قلتم في باب أبي بكر وإني أرى على باب أبي بكر نورا وأرى
على أبوابكم ظلمة
أخبرنا إسحاق بن عيسى أخبرنا جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم
عن عكرمة عن بن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه في خرقة فقعد على المنبر فحمد الله
227

وأثنى عليه وقال إنه ليس أحد أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر بن
أبي قحافة ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا
ولكن خلة الاسلام أفضل سدوا عن كل خوخة في هذا المسجد غير
خوخة أبي بكر
أخبرنا أحمد بن الحجاج الخراساني قال أخبرنا عبد الله بن المبارك
عن يونس ومعمر عن الزهري أخبرني أيوب بن بشير الأنصاري عن بعض
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم خرج فاستوى على المنبر فتشهد فلما مضى تشهده كان أول كلام
تكلم به أن استغفر للشهداء الذين قتلوا يوم أحد ثم قال إن عبدا من
عباد الله خير بين الدنيا وبين ما عند ربه فاختار ما عند ربه ففطن لها
أبو بكر الصديق أول الناس فعرف أنما يريد رسول الله صلى الله عليه
وسلم نفسه فبكى أبو بكر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
على رسلك يا أبا بكر سدوا هذه الأبواب الشوارع في المسجد إلا باب
أبي بكر فإني لا أعلم أمرا أفضل عندي يدا في الصحابة من أبي بكر
أخبرنا محمد بن عمر حدثني الزبير بن موسى عن أبي الحويرث
قال لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواب لتسد إلا
باب أبي بكر قال عمر يا رسول الله دعني أفتح كوة أنظر إليك حين
تخرج إلى الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الرحمن بن الحر الواقفي عن
صالح بن أبي حسان عن أبي البداح بن عاصم بن عدي قال قال العباس
بن عبد المطلب يا رسول الله ما لك فتحت أبواب رجال في المسجد وما بالك
سددت أبواب رجال في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا عباس ما فتحت عن أمري ولا سددت عن أمري
228

ذكر تخيير رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا وكيع بن الجراح وروح بن عبادة عن شعبة عن سعد بن إبراهيم
عن عروة عن عائشة قالت كنت سمعت أنه لا يموت نبي حتى يخير بين
الدنيا والآخرة قالت فأصابت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحة شديدة
في مرضه فسمعته يقول مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فظننت أنه خير
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا كثير بن زيد عن المطلب بن
عبد الله بن حنطب قال قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول ما من نبي إلا تقبض نفسه ثم يرى الثواب ثم ترد إليه
فيخير بين أن ترد إليه إلى أن يلحق قالت فكنت قد حفظت ذلك منه
فإني لمسندته إلى صدري فنظرت إليه حتى مالت عنقه فقلت قد قضى
وعرفت الذي قال فنظرت إليه حتى ارتفع ونظر قالت قلت إذا والله
لا يختارنا فقال مع الرفيق الاعلى في الجنة مع الذين أنعم الله عليهم من
النبيين والصديقين و الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
أخبرنا محمد بن عمر عن أسامة بن زيد الليثي عن الزهري أخبرنا
سعيد بن المسيب في رجال من أهل العلم أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح
إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير قالت عائشة
فلما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه على فخذي غشي
عليه ساعة ثم أفاق فأشخص بصره إلى السقف سقف البيت ثم قال اللهم
الرفيق الاعلى قالت عائشة فقلت الآن لا يختارنا وعرفت أنه الحديث
الذي كان يحدثنا وهو صحيح فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها رسول الله
صلى الله عليه وسلم
229

أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن أبي
بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم قالت قلت رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن يخير إذا
لا يختارنا
أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة و عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة
عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول قبل أن يتوفى وأنا مسندته إلى صدري اللهم
اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس وأخبرنا المعلى بن
أسد أخبرنا عبد العزيز بن المختار جميعا عن هشام بن عروة عن عباد بن
عبد الله بن الزبير أن عائشة أخبرته أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
وأصغت إليه قبل أن يموت وهي مسندة إلى ظهره يقول اللهم اغفر لي
وارحمني وألحقني بالرفيق الاعلى
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس بلغني عن عائشة
قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من نبي يموت حتى يخير
قالت فسمعته وهو يقول اللهم الرفيق الاعلى فعرفت أنه
ذاهب
أخبرنا يعلى ومحمد ابنا عبيد قالا أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن
أبي بردة بن أبي موسى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد
أسندته عائشة إلى صدرها فأفاق وهي تدعو له بالشفاء فقال لا بل أسأل
الله الرفيق الاعلى الأسعد مع جبريل وميكائيل وإسرافيل
أخبرنا أنس بن عياض الليثي وصفوان بن عيسى الزهري ومحمد بن
إسماعيل بن أبي فديك المدني عن أنيس بن أبي يحيى عن أبي سعيد
الخدري قال بينما نحن جلوس في المسجد إذ خرج علينا رسول الله صلى
230

الله عليه وسلم في المرض الذي توفي فيه عاصبا رأسه بخرقة فخرج يمشي
حتى قام على المنبر فلما استوى عليه قال في حديث أبي ضمرة أنس بن
عياض وصفوان والذي نفسه بيده وفي حديث محمد بن
إسماعيل والذي نفسي بيده إني لقائم على الحوض الساعة إن رجلا
عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة فلم يعقلها من القوم أحد إلا
أبو بكر فبكى ثم قال أي رسول الله بأبي أنت وأمي بل نفديك بآبائنا
وأبنائنا وأنفسنا وأموالنا قال ثم نزل فما قام عليه حتى الساعة
ذكر قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بين نسائه في مرضه من نفسه
أخبرنا أنس بن عياض الليثي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يحمل في ثوب يطوف به على نسائه و هو مريض
يقسم بينهن
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن أيوب عن أبي قلابة أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيسوي بينهن ويقول
اللهم هذا ما أملك وأنت أولى بما لا أملك يعني الحب في القلب
ذكر استئذان رسول الله صلى الله عليه وسلم
نسائه أن يمرض في بيت عائشة
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان
عن بن شهاب قال لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه
231

استأذن نساءه أن يكون في بيت عائشة و يقال إنما قالت ذلك لهن
فاطمة فقالت إنه يشق على رسول الله صلى الله عليه وسلم الاختلاف فأذن
له فخرج من بيت ميمونة إلى بيت عائشة تخط رجلاه بين عباس ورجل
آخر حتى دخل بيت عائشة فزعموا أن بن عباس قال من الرجل
الآخر قالوا لا ندري قال هو علي بن أبي طالب
أخبرنا أحمد بن الحجاج قال أخبرنا عبد الله بن المبارك قال
أخبرنا معمر ويونس عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة
أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم لما ثقل رسول
الله صلى الله عليه وسلم واشتد وجعه استأذن أزواجه في أن يمرض
في بيتي فأذن له فخرج بين رجلين تخط رجلاه في الأرض بين بن
عباس تعني الفضل ورجل آخر قال عبيد الله فأخبرت بن
عباس بما قالت قال فهل ندري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة
قال قلت لا قال بن عباس هو علي إن عائشة لا تطيب له نفسا
بخير قالت عائشة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما دخل
بيتي واشتد وجعه أهريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن
لعلي أعهد إلى الناس قالت فأجلساه في مخضب لحفصة زوج النبي
صلى الله عليه وسلم ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب حتى جعل يشير
إلينا بيده أن قد فعلتم ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم
أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي عمران
الجوني عن يزيد بن بابنوس قال استأذنت أنا ورجل من أصحابي على
عائشة فأذنت لنا فلما دخلنا جذبت الحجاب وألقت لنا وسادة فجلسنا
عليها فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر ببابي يلقي
إلي الكلمة ينفع الله بها فمر ذات يوم فلم يقل شيئا ثم مر ذات يوم فلم
يقل شيئا فقلت يا جارية ألقي لي وسادة على الباب فألقت لي وسادة
232

فجلست عليها في طريقه وعصبت رأسي فمر بي رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال ما شأنك فقلت أشتكي رأسي فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنا وا رأساه ثم مضى فلم يلبث إلا يسيرا حتى جئ
به محمولا في كساء فأدخل بيتي فأرسل إلى نسائه فاجتمعن عنده فقال إني
أشتكي ولا أستطيع أن أدور بيوتكن فإن شئتن أذنتن لي فكنت في
بيت عائشة فأذن له فكنت وأنا أوصبه و لم أوصب مريضا قط قبله
أخبرنا محمد بن عمر حدثني حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد
عن أبيه قال لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم قال أين أنا غدا
قالوا عند فلانة قال فأين أنا بعد غد قالوا عند فلانة فعرف أزواجه
أنه يريد عائشة فقلن يا رسول الله قد وهبنا أيامنا لأختنا عائشة
أخبرنا محمد بن عمر حدثني الحكم بن القاسم عن عفيف بن عمرو
السهمي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه حتى استعز به وهو في بيت ميمونة
فعرف نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يحب أن يكون في بيتي
فقلن يا رسول الله يومنا الذي يصيبنا لأختنا يعنين عائشة
ذكر السواك الذي استن به رسول الله صلى الله
عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير
عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة
قالت لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم دخل
حجرتي فاضطجع في حجري فدخل علي رجل من آل أبي بكر في يده
233

أخضر فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وهو في يده
نظرا عرفت أنه يريده فقلت يا رسول الله تريد أن أعطيك هذا السواك
فقال نعم فأخذته فمضغته حتى لينته ثم أعطيته إياه فاستن به كأشد
ما رأيته استن بسواك قبله ثم وضعه
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن علقمة بن أبي
علقمة عن أمه عن عائشة قالت دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي
صلى الله عليه وسلم في شكوه وأنا مسندته إلى صدري وفي يد عبد الرحمن
سواك فأمرها أن تقضمه فقضمته ثم أعطته رسول الله صلى
الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر عن بن أبي
مليكة عن القاسم بن محمد قال سمعته يقول سمعت عائشة تقول كان
من نعمة الله علي وحسن بلائه عندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
مات في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري وجمع بين ريقي وريقه
عند الموت قال القاسم قد عرفنا كل الذي تقولين فكيف جمع بين
رقيك وريقه قالت دخل عبد الرحمن بن أم رومان أخي على النبي
صلى الله عليه وسلم يعوده وفي يده سواك رطب وكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم مولعا بالسواك فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يشخص بصره إليه فقلت يا عبد الرحمن اقضم السواك فناولنيه فمضغته
ثم أدخلته في في رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسوك به فجمع بين
ريقي وريقه
234

ذكر اللدود الذي لد به رسول الله صلى الله
عليه وسلم في مرضه
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني أبو يونس القشيري
يعني حاتم بن أبي صغيرة حدثني عمرو بن دينار أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم اشتكى فأغمي عليه فأفاق حين أفاق والنساء يلددنه فقال
أما إنكم قد لددتموني وأنا صائم لعل أسماء بنت عميس أمرتكم بهذا
أكانت تخاف أن يكون في ذات الجنب ما كان الله ليسلط علي ذات
الجنب لا يبقى في البيت أحد إلا لد كما لددتني غير عمي العباس
فوثب النساء يلد بعضهن بعضا
أخبرنا محمد بن الصباح أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام
يعني بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كانت تأخذ رسول الله صلى الله
عليه وسلم الخاصرة فاشتدت به جدا وأخذته يوما فأغمي على رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أنه قد هلك على الفراش فلددناه فلما
أفاق عرف أنا قد للدناه فقال كم ترون أن الله كان يسلط علي ذات
الجنب ما كان الله ليجعل لها علي سلطانا والله لا يبقى في البيت أحد إلا
لددتموه إلا عمي العباس قالت فما بقي في البيت أحد إلا لد فإذا
امرأة من بعض نسائه تقول أنا صائمة قالوا ترين أنا ندعك وقد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبقى أحد في البيت إلا لد فلددناها
وهي صائمة
أخبرنا محمد بن عمر حدثني سعيد بن عبد الله بن أبي الأبيض عن
المقبري عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت بدئ برسول الله
صلى الله عليه وسلم في وجعه في بيت ميمونة فكان إذا خف عنه ما يجد
خرج فصلى بالناس فإذا وجد ثقلة قال مروا الناس فليصلوا فتخوفنا
235

عليه ذات الجنب وثقل فلددناه فوجد النبي صلى الله عليه وسلم خشونة
اللد فأفاق فقال ما صنعتم بي قالوا لددناك قال بماذا قال قلنا بالعود
الهندي وشئ من ورس وقطرات زيت فقال من أمركم بهذا
قالوا أسماء بنت عميس قال هذا طب أصابته بأرض الحبشة لا يبقى
أحد في البيت إلا التد إلا ما كان من عم رسول الله يعني العباس
ثم قال ما الذي كنتم تخافون علي ذات الجنب قال ما كان الله
ليسلطها علي
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد
الأخنسي قال دخلت أم بشر بن البراء على النبي صلى الله عليه وسلم
في مرضه فقالت يا رسول الله ما وجدت مثل هذه الحمى التي عليك على أحد
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا
الاجر ما يقول الناس قالت قلت يقولون به ذات الجنب فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما كان الله ليسلطها على رسوله إنها همزة
من الشيطان ولكنها من الاكلة التي أكلتها أنا وابنك هذا أوان قطعت
أبهري
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس
عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس قال لما كان وجع
رسول الله صلى الله عليه وسلم لدوه فقال من أمركم بهذا أخفتم
أن تكون بي ذات الجنب ما كان الله ليسلطها علي أمرتكم بهذا أسماء
بنت عميس جاءت به من أرض الحبشة لا يبقى في البيت أحد إلا التد
إلا عمي العباس قال فجعل بعضهم يلد بعضا
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن أبي
بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال كانت أم سلمة وأسماء
بنت عميس هما لدتاه قال فالتدت يومئذ ميمونة وهي صائمة لقسم
236

النبي صلى الله عليه وسلم قال وكأنه منه عقوبة لهم
ذكر الدنانير التي قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مرضه الذي مات فيه
أخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم أخبرنا إسماعيل بن عبد الملك
أخبرنا بن أبي مليكة حدثتني عائشة قالت أصاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم دنانير فقسمها إلا ستة فدفع الستة إلى بعض نسائه فلم يأخذه
النوم حتى قال ما فعلت الستة قالوا دفعتها إلى فلانة قال ائتوني
بها فقسم منها خمسة في خمسة أبيات من الأنصار ثم قال استنفقوا
هذا الباقي وقال الآن استرحت فرقد
أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي أخبرنا عبد العزيز
بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن حنطب
أن رسولا لله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة وهي مسندته إلى صدرها
يا عائشة ما فعلت تلك الذهب قالت هي عندي قال فأنفقيها
ثم غشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على صدرها فلما
أفاق قال آنفقت تلك الذهب يا عائشة قالت لا والله يا رسول الله
قالت فدعا بها فوضعها في كفه فعدها فإذا هي ستة دنانير فقال ما
ظن محمد بربه أن لو لقي الله وهذه عنده فأنفقها كلها ومات من ذلك
اليوم
أخبرنا عبد الله بن مسلمة أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن أبي بكر بن
يحيى قال عبد الله أحسبه الزبيري عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لو أن أحدا ذاكم
237

عندي ذهبا لأحببت أن لا يأتي عليه ثلاثة أيام وعندي منه دينار وأجد
من يقبله مني صدقة إلا شئ أرصده في دين علي
أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل عن عمر بن سعيد بن أبي
حسين أخبرني بن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث قال انصرف رسول
الله صلى الله عليه وسلم من صلاة العصر فأسرع ولم يدركه أحد فعجب
الناس من سرعته فلما رجع إليهم عرف ما في وجوههم فقال كان
عندي تبر في البيت فكرهت أن أبيته عندي فأمرت بقسمه
أخبرنا هوذة بن خليفة أخبرنا عوف عن الحسن قال أصبح رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوما فعرف في وجهه أنه بات قد أهمه أمر
قال فقيل له يا رسول الله إنا لنستنكر وجهك فإنك قد أهمك الليلة أمر
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك من أوقيتين من ذهب
الصدقة باتتا عندي لم أكن وجهتهما
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي أخبرنا محمد بن عمر عن
أبي سلمة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في وجعه
الذي قبض فيه ما فعلت الا ذهب فقلت هي عندي يا رسول الله
قال ائتيني بها وهي ما بين السبعة والخمسة فجعلها في كفه ثم قال
ما ظن محمد بالله لو لقي الله وهذه عنده أنفقيها
أخبرنا يحيى بن إسحاق البجلي قال أخبرنا يحيى بن أيوب عن
أبي حازم عن أبي سلمة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لها في مرضه الذي مات فيه يا عائشة هلمي تلك الذهب قالت
فأتيته بها وهي أحد العددين تسعة أو سبعة فأخذها بيده فقال
ما ظن محمد لو لقي الله وهذه عنده
أخبرنا سعيد بن منصور أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن حدثني
أبي عن أبيه أو عبيد الله بن عبد الله شك يعقوب عن عائشة قالت أتت
238

رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية دراهم بعد أن أمسينا فلم يزل قائما
وقاعدا لا يأتيه النوم حتى سمع سائلا يسأل فخرج من عندي فما عدا أن
دخل فسمعت غطيطه فلما أصبح قلت يا رسول الله رأيتك أول الليل
قائما وقاعدا لا يأتيك النوم حتى خرجت من عندي فما عدا أن دخلت
فسمعت غطيطك قال أجل أتت رسول الله ثمانية دراهم بعد أن أمسى
فما ظن رسول الله أن لو لقي الله وهي عنده
أخبرنا سعيد بن منصور أخبرنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم
عن سهل بن سعد قال كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة
دنانير وضعها عند عائشة فلما كان في مرضه قال يا عائشة ابعثي بالذهب
إلى علي ثم أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وشغل عائشة
ما به حتى قال ذلك ثلاث مرات كل ذلك يغمى على رسول الله صلى الله
عليه وسلم ويشغل عائشة ما به فبعثت يعني به إلى علي فتصدق به
ثم أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الاثنين في جديد الموت
فأرسلت عائشة إلى امرأة من النساء بمصباحها فقالت اقطري لنا في مصباحنا
من عكتك السمن فإن رسول الله أمسى في جديد الموت
رحمه الله ذكر الكنيسة التي ذكرها أزواج رسول الله صلى الله عليه
وسلم في مرضه وما قال في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عبد الله بن نمير قال أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة أن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم تذاكران عنده في مرضه
كنيسة بأرض الحبشة يقال لها مارية فذكرن من حسنها وتصاويرها
وكانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة فقال رسول الله صلى الله
239

عليه وسلم أولئك قوم إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا
ثم صوروه في تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن
كيسان عن بن شهاب حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عائشة
و عبد الله بن عباس قالا لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم
طفق يلقي خميصة على وجهه فإذا اغتم كشفها عن وجهه فقال وهو
كذلك لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
يحذرهم مثل ما صنعوا
أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي عن عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي
أنيسة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث أخبرنا جندب أنه
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوفى بخمس يقول ألا
إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد فلا
تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك
أخبرنا عبد الله بن نمير أخبرنا محمد بن إسحاق عن صالح بن كيسان
عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه كان في آخر ما عهد
من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال قاتل الله اليهود اتخذوا
قبور أنبيائهم مساجد
أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل
بن أبي حكيم عن عمر بن عبد العزيز وأخبرنا معن بن عيسى أخبرنا
مالك بن أنس عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز
يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي مات فيه
قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان
بأرض العرب
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن
240

عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم لا تجعل
قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبياءهم
مساجد
أخبرنا مسلم بن إبراهيم وأبو هشام المخزومي قالا أخبرنا أبو عوانة
عن هلال بن أبي حميد الوزان عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه لعن الله اليهود والنصارى
فإنهم اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد فلولا ذلك لم يزوروا قبره ولكنه
خشي أن يتخذ مسجدا
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا عوف عن الحسن قال
ائتمروا أن يدفنوه صلى الله عليه وسلم في المسجد فقالت عائشة إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان واضعا رأسه في حجري إذ قال
قاتل الله أقواما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد واجتمع رأيهم أن يدفنوه
حيث قبض في بيت عائشة
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا أبو بكر بن عياش عن
أبي المهلب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة
عن كعب بن مالك قال إن أحدث عهدي بنبيكم صلى الله عليه وسلم
قبل وفاته بخمس فسمعته يقول إنه من كان قبلكم اتخذوا بيوتهم قبورا
ألا وإني أنهاكم عن ذلك ألا هل بلغت اللهم اشهد اللهم اشهد
أخبرنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن جامع بن شداد
عن كلثوم عن أسامة بن زيد قال دخلنا على رسول الله صلى الله عليه
وسلم نعوده وهو مريض فوجدناه قائما قد غطى وجهه ببرد عدني
فكشف عن وجهه فقال لعن الله اليهود يحرمون الشحوم ويأكلون
أثمانها
أخبرنا علي بن عبد الله بن جعفر أخبرنا سفيان يعني بن عيينة
241

أخبرنا حمزة بن المغيرة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم لا تجعل قبري وثنا
لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
ذكر الكتاب الذي أراد رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن يكتبه لامته في مرضه الذي مات فيه
أخبرنا يحيى بن حماد أخبرنا أبو عوانة عن سليمان يعني الأعمش
عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال اشتكى
النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخميس فجعل يعني بن عباس يبكي
ويقول يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم
وجعه فقال ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا
قال فقال بعض من كان عنده إن نبي الله ليهجر قال فقيل له ألا
نأتيك بما طلبت قال أو بعد ماذا قال فلم يدع به
أخبرنا سفيان بن عيينة عن سليمان بن أبي مسلم خال بن أبي نجيح
سمع سعيد بن جبير قال قال بن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس
قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه في ذلك اليوم فقال
ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فتنازعوا
ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما شأنه أهجر استفهموه فذهبوا
يعيدون عليه فقال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه وأوصي
بثلاث قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو
مما كنت أجيزهم وسكت عن الثالثة فلا أدري قالها فنسيتها أو سكت
عنها عمدا
242

أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني قرة بن خالد أخبرنا
أبو الزبير أخبرنا جابر بن عبد الله الأنصاري قال لما كان في مرض
رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه دعا بصحيفة ليكتب فيها
لامته كتابا لا يضلون ولا يضلون قال فكان في البيت لغط وكلام
وتكلم عمر بن الخطاب قال فرفضه النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا حفص بن عمر الحوضي أخبرنا عمر بن الفضل العبدي عن
نعيم بن يزيد أخبرنا علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم لما ثقل قال يا علي ائتني بطبق أكتب فيه ما لا تضل أمتي
بعدي قال فخشيت أن تسبقني نفسه فقلت إني أحفظ ذراعا من الصحيفة
قال فكان رأسه بين ذراعي وعضدي فجعل يوصي بالصلاة والزكاة
وما ملكت أيمانكم قال كذلك حتى فاضت نفسه وأمر بشهادة
لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله حتى فاضت نفسه من شهد بهما
حرم على النار
أخبرنا حجاج بن نصير أخبرنا مالك بن مغول قال سمعت
طلحة بن مصرف يحدث عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال كان
يقول يوم الخميس وما يوم الخميس قال وكأني أنظر إلى دموع بن
عباس على خده كأنها نظام لؤلؤ قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ائتوني بالكتف والدواة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا
قال فقالوا إنما يهجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن
أبيه عن عمر بن الخطاب قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم
وبيننا وبين النساء حجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغسلوني
بسبع قرب وأتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا
فقال النسوة ائتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحاجته قال عمر
243

فقلت اسكتهن فإنكن صواحبه إذا مرض عصرتن أعينكن وإذا صح
أخذتن بعنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هن خير
منكم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن يزيد عن أبي الزبير عن
جابر قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم عند موته بصحيفة ليكتب
فيها كتابا لامته لا يضلوا ولا يضلوا فلغطوا عنده حتى رفضها النبي
صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أسامة بن زيد الليثي ومعمر بن راشد
عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس قال لما حضرت
رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر بن
الخطاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هلم أكتب لكم كتابا
لن تضلوا بعده فقال عمر إن رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن
حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول قربوا
يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من يقول ما قال
عمر فلما كثر اللغط والاختلاف وغموا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال قوموا عني فقال عبيد الله فكان بن عباس يقول الرزية كل
الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين
أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة
عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال في مرضه الذي مات فيه ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم
كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقال عمر بن الخطاب من لفلانة وفلانة
مدائن الروم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بميت حتى
نفتتحها ولو مات لانتظرناه كما انتظرت بنو إسرائيل موسى فقالت
244

زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم ألا تسمعون النبي صلى الله عليه
وسلم يعهد إليكم فلغطوا فقال قوموا فلما قاموا قبض النبي صلى
الله عليه وسلم مكانه
ذكر ما قال العباس بن عبد المطلب لعلي بن أبي
طالب في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن
كيسان عن بن شهاب أخبرنا عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن
عباس أخبره أن علي بن أبي طالب خرج من عند رسول الله صلى الله
عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه فقال الناس يا أبا حسن كيف أصبح
رسولا لله صلى الله عليه وسلم قال أصبح بحمد الله بارئا قال بن
عباس فأخذ بيده العباس بن عبد المطلب فقال ألا ترى أنت والله
بعد ثلاث عبد العصا إني والله لأرى رسول الله صلى الله عليه
وسلم سيتوفى في وجعه هذا إني أعرف وجوه بني عبد المطلب عند
الموت فاذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنسأله فيمن هذا
الامر من بعده فإن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا كلمناه فأوصى
بنا فقال علي والله لئن سألناها رسول الله فمنعناها لا يعطيناها الناس
أبدا فوالله لا نسأله أبدا
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا زهير أخبرنا إسماعيل
بن أبي خالد عن عامر الشعبي قال قال رجل لعلي في المرض الذي
قبض فيه يعني النبي صلى الله عليه وسلم إني أكاد أعرف فيه الموت
فانطلق بنا فنسأله من يستخلف فإن استخلف منا فذاك وإلا أوصى
245

فحفظنا من بعده فقال له علي عند ذلك ما قال فلما قبض
النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي ابسط يدك أبايعك تبايعك الناس
فقبض الآخر يده
أخبرنا محمد بن عمر قال أخبرنا عمر بن عقبة الليثي عن شعبة مولى
بن عباس عن بن عباس قال أرسل العباس بن عبد المطلب إلى بني عبد المطلب
فجمعهم عنده قال وكان علي عنده بمنزلة لم يكن أحد بها فقال العباس
يا بن أخي إني قد رأيت رأيا لم أحب أن أقطع فيه شيئا حتى أستشيرك
فقال علي وما هو قال ندخل على النبي صلى الله عليه وسلم فنسأله
إلى من هذا الامر من بعده فإن كان فينا لم نسلمه والله ما بقي منا في
الأرض طارف وإن كان في غيرنا لم نطلبها بعده أبدا فقال علي يا عم
وهل هذا الامر إلا إليك وهل من أحد ينازعكم في هذا الامر قال
فتفرقوا ولم يدخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال
جاء العباس على النبي صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه
فقال علي بن أبي طالب ما تريد فقال العباس أريد أن أسأل رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يستخلف منا خليفة فقال علي لا تفعل
قال ولم قال أخشى أن يقول لا فإذا ابتغينا ذلك من الناس قالوا
أليس قد أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله بن أخي الزهري
سمعت عبد الله بن حسن يحدث عمي الزهري يقول حدثتني فاطمة بنت
حسين قالت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العباس
يا علي قم حتى أبايعك ومن حضر فإن هذا الامر إذا كان لم يرد مثله
والامر في أيدينا فقال علي وأحد يعني يطمع فيه غيرنا فقال
العباس أظن والله سيكون فلما بويع لأبي بكر ورجعوا إلى المسجد
246

فسمع علي التكبير فقال ما هذا فقال العباس هذا ما دعوتك إليه
فأبيت علي فقال علي أيكون هذا فقال العباس ما رد مثل هذا
قط فقال عمر قد خرج أبو بكر من عند النبي صلى الله عليه وسلم
حين توفي وتخلف عنده علي وعباس والزبير فذلك حين قال عباس
هذه المقالة
ذكر ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة
ابنته في مرضه صلوات الله عليهما وسلامه
أخبرنا سليمان بن داود الهاشمي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن
أبيه عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة
ابنته في وجعه الذي توفي فيه فسارها بشئ فبكت ثم دعا فسارها
فضحكت قالت فسألتها عن ذلك فقالت أخبرني رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه يقبض في وجعه هذا فبكيت ثم أخبرني أني أول
أهله لحاقا به فضحكت
أخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم أخبرنا زكريا بن أبي زائدة
عن فراس بن يحيى عن عامر الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت
كنت جالسة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت فاطمة تمشي
كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرحبا
بابنتي فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها شيئا فبكت ثم أسر
إليها فضحكت قالت قلت ما رأيت ضحكا أقرب من بكاء استخصك
رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه ثم تبكين قلت أي شئ أسر
إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ما كنت لأفشي سره
247

فلما قبض سألتها فقالت قال إن جبرائيل كان يأتيني كل عام فيعارضني
بالقرآن مرة وإنه أتاني العام فعارضني مرتين ولا أظن إلا أجلي قد حضر
ونعم السلف أنا لك قالت وقال أنت أول أهل بيتي لحاقا بي
قالت فبكيت لذلك ثم قال أما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه
الأمة أو نساء العالمين قالت فضحكت
أخبرنا محمد بن عمر حدثني موسى بن يعقوب عن هاشم بن هاشم
عن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
قالت لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة فناجاها
فبكت ثم ناجاها فضحكت فلم أسألها حتى توفي رسول الله صلى الله
عليه وسلم فسألت فاطمة عن بكائها وضحكها فقالت أخبرني صلى
الله عليه وسلم أنه يموت ثم أخبرني أني سيدة أهل الجنة بعد
مريم بنت عمران فلذلك ضحكت
أخبرنا محمد بن عمر عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي
جعفر قال ما رأيت فاطمة عليها السلام ضاحكة بعد رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلا أنه قد تمودي بطرف فيها
ذكر ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مرضه لأسامة بن زيد رحمه الله أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن عروة
بن الزبير قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث أسامة وأمره
أن يوطئ الخيل نحو البلقاء حيث قتل أبوه وجعفر فجعل أسامة وأصحابه
يتجهزون وقد عسكر بالجرف فاشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم
248

وهو على ذلك ثم وجد من نفسه راحة فخرج عاصبا رأسه فقال أيها الناس
أنفذوا بعث أسامة ثلاث مرات ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم
فاستعز به فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن يزيد بن قسيط عن أبيه عن
محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه قال بلغ النبي صلى الله عليه وسلم قول
الناس استعمل أسامة بن زيد على المهاجرين والأنصار فخرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
أيها الناس أنفذوا بعث أسامة فلعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم
في إمارة أبيه من قبله وإنه لخليق بالامارة وإن كان أبوه لخليقا بها
قال فخرج جيش أسامة حتى عسكروا بالجرف وتتام الناس إليه فخرجوا
وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام أسامة والناس ينتظرون ما
الله قاض في رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أسامة فلما ثقل
هبطت من معسكري وهبط الناس معي وقد أغمي على رسول الله صلى
الله عليه وسلم فلا يتكلم فجعل يرفع يده إلى السماء ثم يصبها علي
فأعرف أنه يدعو لي
حدثنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي قال أخبرنا العمري عن
نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيهم أبو
بكر وعمر واستعمل عليهم أسامة بن زيد فكان الناس طعنوا فيه أي في
صغره فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد
الله وأثني عليه وقال إن الناس قد طعنوا في إمارة أسامة وقد كانوا طعنوا
في إمارة أبيه من قبله وإنهما لخليقان لها وإنه لمن أحب الناس إلي آلا
فأوصيكم بأسامة خيرا
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس وخالد بن مخلد قالا
أخبرنا سليمان بن بلال وأخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي
249

أخبرنا عبد العزيز بن مسلم وأخبرنا معن بن عيسى قال أخبرنا مالك بن
أنس جميعا عن عبد الله بن عمر قال بعث النبي
صلى الله عليه وسلم بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد فطعن بعض الناس في
إمارته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم
تطعنون في إمارة أبيه من قبله وأيم الله إن كان لخليقا للامارة وإن كان
لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا وهيب وأخبرنا المعلى بن أسد
أخبرنا عبد العزيز بن المختار جميعا عن موسى بن عقبة حدثني سالم بن
عبد الله عن أبيه أنه كان يسمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين أمر أسامة بن زيد فبلغه أن الناس عابوا أسامة وطعنوا في إمارته
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فقال كما حدثني سالم
ألا إنكم تعيبون أسامة وتطعنون في إمارته وقد فعلتم ذلك بأبيه من قبل
وأيم الله إن كان لخليقا للامارة وإن كان لأحب الناس كلهم إلي وإن
ابنه هذا من بعده لأحب الناس إلي فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم
قال سالم ما سمعت عبد الله يحدث هذا الحديث قط إلا قال ما
حاشا فاطمة
ذكر ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه
الذي مات فيه للأنصار رحمهم الله
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا مسلمة بن عبد الله بن عروة عن أبي
الأسود عن عروة عن عائشة قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن نصب عليه من سبع قرب من سبع آبار ففعلنا فلما اغتسل وجد الراحة
250

فصلى بالناس ثم خطبهم واستغفر للشهداء من أصحاب أحد ودعا لهم
ثم أوصى بالأنصار فقال يا معشر المهاجرين إنكم أصبحتم تزيدون
وأصبحت الأنصار لا تزيد على هيئتها التي هي عليها اليوم هم عيبتي
التي أويت إليها أكرموا كريمهم وتجاوزوا عن مسيئهم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني معمر ومحمد بن عبد الله عن الزهري
عن عبد الله بن كعب عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عاصبا رأسه فقال يا معشر المهاجرين
إنكم أصبحتم تزيدون وأصبحت الأنصار لا تزيد على هيئتها التي هي عليها
اليوم وإن الأنصار عيبتي التي أويت إليها فأكرموا كريمهم وأحسنوا
إلى محسنهم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عاصم
بن عمر بن قتادة عن محمد بن لبيد عن أبي سعيد الخدري قال خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس مستكفون يتخبرون عنه فخرج
مشتملا قد طرح طرفي ثوبه على عاتقه عاصبا رأسه بعصابة بيضاء فقام
على المنبر وثاب الناس إليه حتى امتلأ المسجد قال فتشهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا فرغ قال يا أيها الناس إن الأنصار عيبتي ونعلي
وكرشي التي آكل فيها فاحفظوني فيهم اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا
عن مسيئهم
أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا يحيى بن سعيد أن النعمان بن
مرة أخبره أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه
الذي توفي فيه إن لكل نبي تركة أو ضيعة وإن الأنصار تركتي
أو ضيعتي وإن الناس يكثرون ويقلون فاقبلوا من محسنهم واعفوا عن
مسيئهم
أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق أخبرنا زكريا بن أبي زائدة عن
251

عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم إن عيبتي التي آوي إليها أهل بيتي وإن الأنصار كرشي فاعفوا
عن مسيئهم وأقبلوا من محسنهم
أخبرنا عبيد الله بن موسى العبسي قال أخبرنا بن أبي ليلى عن
عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم إن عيبتي التي آوي إليها أهل بيتي وإن كرشي الأنصار
فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم
أخبرنا عبيد الله بن موسى والفضل بن دكين وهشام أبو الوليد الطيالسي
قالوا أخبرنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل عن عكرمة عن بن عباس
وقال عبيد الله في حديثه أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له هذه
الأنصار في المسجد نساؤها ورجالها يبكون عليك قال وما يبكيهم
قالوا يخافون أن تموت ثم اجتمعوا في الحديث فقالوا جميعا في حديثهم
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس على المنبر مشتملا متعطفا
عليه ملحفة طارحا طرفها على منكبيه عاصبا رأسه بعصابة قال عبيد الله
وسخة وقال أبو نعيم وأبو الوليد دسماء فحمد الله وأثنى عليه ثم
قال يا معشر الناس إن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح
في الطعام فمن ولي من أمرهم شيئا فليقبل من محسنهم وليتجاوز عن
مسيئهم قال أبو الوليد في حديثه خرج في مرضه الذي مات فيه وكان
آخر مجلس جلسه حتى قبض صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا حميد عن أنس قال
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسه فتلقته الأنصار
بأولادهم وخدمهم فقال والذي نفسي بيده إني لأحبكم إن الأنصار
قد قضوا ما عليهم وبقي ما عليكم فأحسنوا إلى محسنهم وتجاوزوا عن
مسيئهم
252

أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي أخبرنا أبو الأشهب أخبرنا
الحسن أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال يا معشر الأنصار إنكم
تلقون بعدي أثرة قالوا يا نبي الله فما تأمرنا قال آمركم أن تصبروا
حتى تلقوا الله ورسوله
أخبرنا عبيد الله بن محمد التيمي أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن
زيد عن أنس أن مصعب بن الزبير أخذ عريف الأنصار فهم به قال
أنس فقلت أنشدك الله ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في
الأنصار قال وما أوصى به فيهم قال قلت أوصى أن يقبل من محسنهم
و أن يتجاوز عن مسيئهم قال فتمعك على فراشه حتى سقط على بساطه
وتمعك عليه وألصق خده على البساط وقال أمر رسول الله صلى الله
عليه وسلم على الرأس والعين أرسلاه أو قال دعاه
ذكر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مرضه الذي مات فيه
أخبرنا أسباط بن محمد القرشي عن سليمان التيمي عن قتادة عن أنس
بن مالك قال كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
حضره الموت الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل رسول الله صلى الله
عليه وسلم يغرغر بها في صدره وما كاد يفيض بها لسانه
أخبرنا وكيع بن الجراح عن سفيان الثوري عن سليمان التيمي عن من
سمع أنس بن مالك يقول كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو يغرغر بنفسه الصلاة وما ملكت أيمانكم
أخبرنا يزيد بن هارون وعفان بن مسلم قالا أخبرنا همام
253

بن يحيى عن قتادة عن أبي الخليل عن سفينة عن أم سلمة أن النبي
صلى الله عليه وسلم وهو في الموت جعل يقول الصلاة الصلاة وما
ملكت أيمانكم قال يزيد فجعل يقولها وما يفيض بها لسانه وقال
عفان فجعل يتكلم بها وما يفيض لسانه
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا أبو بكر بن عياش عن
أبي المهلب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة
عن كعب بن مالك قال أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة
ثم أفاق فقال الله الله فيما ملكت أيمانكم ألبسوا ظهورهم وأشبعوا
بطونهم وألينوا لهم القول
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد
الله بن عتبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر عهده أوصى
أن لا يترك بأرض العرب دينان
أخبرنا محمد بن عمر حدثني مالك بن أنس عن إسماعيل بن أبي
حكيم عن عمر بن عبد العزيز قال آخر ما تكلم به رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم
مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب
أخبرنا عبد الله بن نمير قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن صالح
بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عتبة أنه كان في
آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بالرهاويين الذين
هم من أهل الرهاء قال وأعطاهم من خير قال وجعل يقول لئن بقيت
لا أدع بجزيرة العرب دينين
أخبرنا هاشم بن القاسم الكناني أخبرنا المسعودي عن هزان بن سعيد
عن علي بن عبد الله بن عباس قال أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالداريين والرهاويين وبالدوسيين خيرا
254

أخبرنا محمد بن حازم أبو معاوية الضرير أخبرنا الأعمش عن أبي
سفيان عن جابر قال سمعت النبي قبل موته بثلاث وهو يقول ألا لا يموت
أحد منكم إلا وهو يحسن بالله الظن
أخبرنا كثير بن هشام قال أخبرنا جعفر بن برقان قال حدثني
رجل من أهل مكة قال دخل الفضل بن عباس على النبي صلى الله عليه
وسلم في مرضه فقال يا فضل شد هذه العصابة على رأسي فشدها ثم
قال النبي صلى الله عليه وسلم أرنا يدك قال فأخذ بيد النبي صلى
الله عليه وسلم فانتهض حتى دخل المسجد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
إنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم وإنما أنا بشر فأيما رجل كنت
أصبت من عرضه شيئا فهذا عرضي فليقتص وأيما رجل كنت أصبت
من بشره شيئا فهذا بشري فليقتص وأيما رجل كنت أصبت من ماله
شيئا فهذا مالي فليأخذ واعلموا أن أولاكم بي رجل كان له من ذلك
شئ فأخذه أو حللني فلقيت ربي وأنا محلل لي ولا يقولن رجل إني
أخاف العداوة والشحناء من رسول الله فإنهما ليستا من طبيعتي ولا من خلقي
ومن غلبته نفسه على شئ فليستعن بي حتى أدعو له فقام رجل فقال
أتاك سائل فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم قال صدق أعطها إياه يا فضل
قال ثم قام رجل فقال يا رسول الله إني لبخيل وإني لجبان وإني
لنؤوم فادع الله أن يذهب عني البخل والجبن والنوم فدعا له ثم
قامت امرأة فقالت إني لكذا وإني لكذا فادع الله أن يذهب عني ذلك
قال اذهبي إلى منزل عائشة فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى منزل عائشة وضع عصاه على رأسها ثم دعا لها قالت عائشة فمكثت
تكثر السجود فقال أطيلي السجود فإن أقرب ما يكون العبد من الله إذا
كان ساجدا فقالت عائشة فوالله ما فارقتني حتى عرفت دعوة رسول
الله صلى الله عليه وسلم فيها
255

أخبرنا محمد بن عمر حدثني سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن
القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في
مرضه الذي توفي فيه أيها الناس لا تعلقوا علي بواحدة ما أحللت
إلا ما أحل الله وما حرمت إلا ما حرم الله
أخبرنا محمد بن عمر حدثني سليمان بن بلال وعاصم بن عمر عن
يحيى بن سعيد عن بن أبي مليكة عن عبيد بن عمير قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه أيها الناس والله لا
تمسكون علي بشئ إني لا أحل إلا ما أحل الله ولا أحرم إلا ما حرم
الله يا فاطمة بنت رسول الله يا صفية عمة رسول الله اعملا لما عند الله
إني لا أغني عنكما من الله شيئا
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سعيد
بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني عبد مناف
لا أغني عنكم من الله شيئا يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله
شيئا يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا سلوني ما شئتم
أخبرني محمد بن عمر حدثني عبد الله بن جعفر عن بن أبي عون
عن بن مسعود أنه قال نعى لنا نبينا وحبيبنا نفسه قبل موته بشهر بأبي
هو وأمي ونفسي له الفداء فلما دنا الفراق جمعنا في بيت أمنا عائشة
وتشدد لنا فقال مرحبا بكم حياكم الله بالسلام رحمكم الله
حفظكم الله رزقكم الله نفعكم الله أداكم الله
وقاكم الله أوصيكم بتقوى الله وأوصي الله بكم أستخلفه عليكم وأحذركم
الله إني لكم منه نذير مبين ألا تعلوا على الله في عباده وبلاده فإنه
قال لي ولكم تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون
علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين وقال أليس في
جهنم مثوى للمتكبرين قلنا يا رسول الله متى أجلك قال
256

دنا الفراق والمنقلب إلى الله وإلى جنة المأوى و إلى سدرة المنتهى وإلى
الرفيق الاعلى والكأس الأوفى والحظ والعيش المهنى قلنا يا رسول الله
من يغسلك فقال رجال من أهلي الأدنى فالأدنى قلنا يا رسول الله
ففيم نكفنك فقال في ثيابي هذه إن شئتم أو ثياب مصر أو في حلة
يمانية قال قلنا يا رسول الله من يصلي عليك وبكينا وبكى فقال
مهلا رحمكم الله وجزاكم عن نبيكم خيرا إذا أنتم غسلتموني وكفنتموني
فضعوني على سريري هذا على شفة قبري في بيتي هذا ثم اخرجوا عني
ساعة فإن أول من يصلي علي حبيبي وخليلي جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل
ثم ملك الموت معه جنوده من الملائكة بأجمعه ثم ادخلوا فوجا فوجا
فصلوا علي وسلموا تسليما ولا تؤذوني بتزكية ولا برنة وليبتدئ بالصلاة
علي رجال أهلي ثم نساؤهم ثم أنتم بعد واقرؤوا السلام على من غاب من
أصحابي واقرؤوا السلام على من تبعني على ديني من قومي هذا إلى يوم القيامة
قلنا يا رسول الله فمن يدخلك قبرك قال أهلي مع ملائكة كثيرين
يرونكم من حيث لا ترونهم
ذكر نزول الموت برسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني الحكم بن القاسم عن أبي الحويرث
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشتك شكوى إلا سأل الله
العافية حتى كان في مرضه الذي توفي فيه فإنه لم يكن يدعو بالشفاء وطفق
يقول يا نفس ما لك تلوذين كل ملاذ
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أيوب بن سيار عن جعفر بن محمد
عن أبيه قال لما نزل بالنبي صلى الله عليه وسلم الموت دعا بقدح
257

من ماء فجعل يمسح به وجهه ويقول اللهم أعني على كرب الموت
قال وجعل يقول ادن مني يا جبريل ادن مني يا جبريل ثلاثا
أخبرنا يونس بن محمد المؤدب أخبرنا ليث بن سعد عن بن الهاد
عن موسى بن سرجس عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها قالت رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح فيه ماء وهو
يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول اللهم أعني على
سكرات الموت
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عمر بن محمد بن عمر عن أبيه قال
لما نزل بالنبي صلى الله عليه وسلم الموت كان عنده قدح فيه ماء
يمسح يده من ذلك الماء ثم يمسح بها وجهه ويقول اللهم أعني على
سكرات الموت
أخبرنا محمد بن عمر حدثني معمر عن الزهري عن عبيد الله بن
عبد الله بن عتبة عن بن عباس وعائشة قالا لما نزل بالنبي صلى الله
عليه وسلم الموت طفق يلقي خميصة على وجهه فإذا اغتم بها ألقاها عن
وجهه ويقول لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي قال حدثونا عن جعفر
بن محمد عن أبيه قال لما بقي من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثلاث نزل عليه جبريل فقال يا أحمد إن الله أرسلني إليك إكراما لك
وتفضيلا لك وخاصة لك يسألك عما هو أعلم به منك يقول لك كيف
تجدك قال أجدني يا جبريل مغموما وأجدني يا جبريل مكروبا فلما
258

كان اليوم الثاني هبط إليه جبريل فقال يا أحمد إن الله أرسلني إليك
إكراما لك وتفضيلا لك وخاصة لك يسألك عما هو أعلم به منك يقول لك
كيف تجدك فقال أجدني يا جبريل مغموما وأجدني يا جبريل مكروبا
فلما كان اليوم الثالث نزل عليه جبريل وهبط معه ملك الموت ونزل معه
ملك يقال له إسماعيل يسكن الهواء لم يصعد إلى السماء قط ولم يهبط إلى
الأرض منذ يوم كانت الأرض على سبعين ألف ملك ليس منهم ملك
إلا على سبعين ألف ملك فسبقهم جبريل فقال يا أحمد إن الله أرسلني
إليك إكراما لك وتفضيلا لك وخاصة لك يسألك عما هو أعلم به منك ويقول
لك كيف تجدك قال أجدني يا جبريل مغموما وأجدني يا جبريل مكروبا
ثم استأذن ملك الموت فقال جبريل يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن
عليك ولم يستأذن على آدمي كان قبلك ولا يستأذن على آدمي بعدك قال
ائذن له فدخل ملك الموت فوقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال يا رسول الله يا أحمد إن الله أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك
في كل ما تأمرني إن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها وإن أمرتني أن
أتركها تركتها قال وتفعل يا ملك الموت قال بذلك أمرت أن
أطيعك في كل ما أمرتني فقال جبريل يا أحمد إن الله قد اشتاق إليك
قال فامض يا ملك الموت لما أمرت به قال جبريل السلام عليك
يا رسول الله هذا آخر مواطئي الأرض إنما كنت حاجتي من الدنيا
فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية يسمعون الصوت
والحس ولا يرون الشخص السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته
كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة
إن في الله عزاء عن كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل ما
فات فبالله فثقوا وإياه فأرجو إنما المصاب من حرم الثواب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
259

أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي
ودخل عليه رجلان من قريش فقال ألا أخبركما عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قالا بلى حدثنا عن أبي القاسم قال لما كان قبل
وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام هبط إليه جبريل ثم
ذكر مثل الحديث الأول وقال في آخره فقال علي أتدرون من هذا
قالوا لا قال هذا الخضر
صلى الله عليه وسلم ذكر من قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لم يوص وإنه توفي ورأسه في حجر عائشة
أخبرنا وكيع بن الجراح وشعيب بن حرب عن مالك بن مغول عن
طلحة بن مصرف قال قلت لعبد الله بن أبي أوفى أوصى النبي صلى
الله عليه وسلم المسلمين بالوصية قال أوصى بكتاب الله قال مالك وقال
طلحة قال هزيل بن شرحبيل أبو بكر كان يتأمر على وصي رسول الله
صلى الله عليه وسلم ود أبو بكر أنه وجد من رسول الله صلى الله عليه
وسلم عهدا فخزم أنفه بخزامة
أخبرنا أبو معاوية الضرير و عبد الله بن نمير قالا أخبرنا الأعمش عن
شقيق عن مسروق عن عائشة قالت ما ترك رسول الله صلى الله عليه
وسلم دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا ولا أوصى بشئ
أخبرنا معاذ بن معاذ العنبري ومحمد بن عبد الله الأنصاري قالا
أخبرنا بن عون عن إبراهيم عن الأسود قال قيل لعائشة أوصى رسول
الله صلى الله عليه وسلم قالت كيف أوصى ولقد دعا بالطست ليبول
فيها فانخنث في حجري وما شعرت أنه مات وما مات إلا بين سحري
260

ونحري
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا وهيب أخبرنا بن عون عن إبراهيم
عن الأسود قال قيل لام المؤمنين عائشة أكان رسول الله صلى الله عليه
وسلم أوصى إلى علي قالت لقد كان رأسه في حجري فدعا بالطست
فبال فيها فلقد انخنث في حجري وما شعرت به فمتى أوصى إلى
علي
أخبرنا طلق بن غنام النخعي أخبرنا عبد الرحمن بن جريس
حدثني حماد بن إبراهيم قال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم
يوص وقبض وهو مستند إلى صدر عائشة
أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني
عن يزيد بن بابنوس عن عائشة قالت بينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم ذات يوم على صدري وقد وضع رأسه على عاتقي إذ مال رأسه
فظننت أنه يريد شيئا من رأسي وخرجت من فيه نطفة باردة فوقعت على
ثغرة نحري فاقشعر لها جلدي فظننت أنه قد غشي عليه
فسجيته بثوب
أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن بن أبي
مليكة قال قالت عائشة توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي
وبين سحري ونحري وكان جبريل يدعو له بدعاء إذا مرض فذهبت أدعو
له فرفع بصره إلى السماء وقال في الرفيق الاعلى قالت فدخل عبد الرحمن
بن أبي بكر وبيده جريدة رطبة فنظر إليها فظننت أن له بها حاجة قالت
فمضغت رأسها ونفضتها وطيبتها فدفعتها إليه فاستن بها كأحسن ما رأيته
مستنا ثم ذهب يتناولها فسقطت من يده أو سقطت يده فجمع الله
ريقي وريقه في آخر ساعة من الدنيا وأول يوم من الآخرة
أخبرنا محمد بن عمر حدثني مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير
261

عن عيسى بن معمر عن عباد بن عبد الله عن عائشة قالت إن من نعمة
الله علي أن نبي الله مات بين سحري ونحري وفي بيتي وفي دولتي ولم
أظلم فيه أحدا
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عمر بن أبي عاتكة عن أبي الأسود
عن عباد بن عبد الله عن عائشة قالت توفي رسول الله صلى الله عليه
وسلم بين سحري ونحري وفي دولتي ولم أظلم فيه أحدا
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن يحنس
عن زيد بن أبي عتاب عن عروة عن عائشة قالت توفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري وفي دولتي ولم أظلم فيه أحدا
فعجبت من حداثة سني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في
حجري فلم أتركه على حاله حتى يغسل ولكن تناولت وسادة فوضعتها
تحت رأسه ثم قمت مع النساء أصيح وألتدم وقد وضعت رأسه على الوسادة
وأخرته عن حجري
ذكر من قال توفي رسول الله صلى الله عليه
وسلم في حجر علي بن أبي طالب
أخبرنا محمد بن عمر قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن حرام
بن عثمان عن أبي حازم عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن كعب الأحبار
قام زمن عمر فقال ونحن جلوس عند عمر أمير المؤمنين ما كان آخر
ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر سل عليا
قال أين هو قال هو هنا فسأله فقال علي أسندته إلى صدري
فوضع رأسه على منكبي فقال الصلاة الصلاة فقال كعب كذلك آخر
262

عهد الأنبياء وبه أمروا وعليه يبعثون قال فمن غسله يا أمير المؤمنين
قال سل عليا قال فسأله فقال كنت أغسله وكان العباس جالسا
و كان أسامة وشقران يختلفان إلي بالماء
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي
بن أبي طالب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مرضه ادعوا لي أخي قال فدعي له علي فقال ادن مني فدنوت
منه فاستند إلي فلم يزل مستندا وإنه ليكلمني حتى إن بعض ريق النبي
صلى الله عليه وسلم ليصيبني ثم نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم
وثقل في حجري فصحت يا عباس أدركني فإني هالك فجاء العباس
فكان جهدهما جميعا أن أضجعاه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن محمد بن علي
عن أبيه عن علي بن حسين قال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
ورأسه في حجر علي
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أبو الجويرية عن أبيه عن الشعبي
قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه في حجر علي وغسله
علي والفضل محتضنه وأسامة يناول الفضل الماء
أخبرنا محمد بن عمر حدثني سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه
عن أبي غطفان قال سألت بن عباس أرأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم توفي ورأسه في حجر أحد قال توفي وهو لمستند إلى
صدر علي قلت فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت توفي رسول
الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري فقال بن عباس
أتعقل والله لتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه لمستند
إلى صدر علي وهو الذي غسله وأخي الفضل بن عباس وأبى أبي أن
يحضر وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا
263

أن نستتر فكان عند الستر
ذكر تسجية رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين توفي بثوب حبرة
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن
كيسان عن بن شهاب أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره أن عائشة أم
المؤمنين قالت سجي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات
بثوب حبرة
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس حدثني سليمان بن بلال
عن محمد بن عبد الله بن أبي عتيق التيمي عن بن شهاب الزهري حدثني
سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول لما توفي رسول الله صلى
الله عليه وسلم سجي ببرد حبرة
أخبرنا محمد بن عمر حدثني معمر بن راشد عن الزهري عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين توفي سجي ببرد حبرة
ذكر تقبيل أبي بكر الصديق رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته
أخبرنا وكيع بن الجراح ويعلى ومحمد ابنا عبيد الطنافسيان قالوا
أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن البهي أن النبي صلى الله عليه وسلم
264

لما قبض أتاه أبو بكر فقبله وقال بأبي أنت وأمي ما أطيب حياتك
وأطيب ميتتك
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا شريك عن بن أبي خالد عن البهي
أن أبا بكر لم يشهد موت النبي صلى الله عليه وسلم فجاء بعد موته فكشف
الثوب عن وجهه ثم قبل جبهته ثم قال ما أطيب محياك ومماتك
لأنت أكرم على الله من أن يسقيك مرتين
أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن أبي سلمة عن أبي عمران
الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة قالت لما توفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم جاء أبو بكر فدخل عليه فرفعت الحجاب فكشف
الثوب عن وجهه فاسترجع فقال مات والله رسول الله ثم تحول
قبل رأسه فقال وا نبياه ثم حدر فمه فقبل وجهه ثم رفع رأسه فقال
وا خليلاه ثم حدر فمه فقبل جبهته ثم رفع رأسه فقال وا صفياه
ثم حدر فمه فقبل جبهته ثم سجاه بالثوب ثم خرج
أخبرنا موسى بن داود أخبرنا نافع بن عمر الجمحي عن بن أبي
مليكة أن أبا بكر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم بعدما هلك
فقالوا لا إذن عليه اليوم فقال صدقتم فدخل فكشف الثوب
عن وجهه وقبله
أخبرنا أحمد بن الحجاج قال أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرني
معمر ويونس عن الزهري أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف
أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن أبا بكر أقبل على
فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى
دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى
ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله وبكى ثم قال
بأبي أنت والله لا يجمع الله عليك موتتين أبدا أما الموتة الأولى التي
265

كتبت عليك فقدمتها
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سعيد
بن المسيب قال لما انتهى أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وهو مسجى قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي
بيده صلوات الله عليك ثم أكب عليه فقبله وقال طبت حيا وميتا
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن أبي
سلمة عن بن عباس وعائشة قالا قبل أبو بكر بين عينيه يعنيان رسول
الله صلى الله عليه وسلم
ذكر كلام الناس حين شكوا في وفاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان
عن بن شهاب أخبرني أنس بن مالك قال لما توفي رسول الله صلى
الله عليه وسلم بكى الناس فقام عمر بن الخطاب في المسجد خطيبا فقال
لا أسمعن أحدا يقول إن محمدا قد مات ولكنه أرسل إليه كما أرسل إلى
موسى بن عمران فلبث عن قومه أربعين ليلة والله إني لأرجو أن يقطع
أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات
أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد أخبرنا أيوب عن
عكرمة قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إنما عرج
بروحه كما عرج بروح موسى قال وقام عمر خطيبا يوعد المنافقين
قال وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت ولكن إنما عرج
بروحه كما عرج بروح موسى لا يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم
266

حتى يقطع أيدي أقوام وألسنتهم قال فما زال عمر يتكلم حتى
أزبد شدقاه قال فقال العباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأسن كما
يأسن البشر وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات
فادفنوا صاحبكم أيميت أحدكم إماتة ويميته إماتتين هو أكرم على
الله من ذلك فإن كان كما تقولون فليس على الله بعزيز أن يبحث عنه
التراب فيخرجه إن شاء الله ما مات حتى ترك السبيل نهجا واضحا
أحل الحلال وحرم الحرام ونكح وطلق وحارب وسالم وما كان
راعي غنم يتبع بها صاحبها رؤوس الجبال يخبط عليها العضاه بمخبطه
ويمدر حوضها بيده بأنصب ولا أدأب من رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان فيكم
أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي عمران
الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة قالت لما توفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم استأذن عمر والمغيرة بن شعبة فدخلا عليه فكشفا
الثوب عن وجهه فقال عمر واغشيا ما أشد غشي رسول الله صلى
الله عليه وسلم ثم قاما فلما انتهيا إلى الباب قال المغيرة يا عمر مات والله
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر كذبت ما مات رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولكنك رجل تحوشك فتنة ولن يموت
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يفني المنافقين ثم جاء أبو بكر
وعمر يخطب الناس فقال له أبو بكر اسكت فسكت فصعد أبو بكر
فحمد الله وأثنى عليه ثم قرأ إنك ميت وإنهم ميتون ثم قرأ
وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو
قتل انقلبتم على أعقابكم حتى فرغ من الآية ثم قال من كان
يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت
قال فقال عمر هذا في كتاب الله قال نعم فقال أيها الناس هذا
267

أبو بكر وذو شيبة المسلمين فبايعوه فبايعه الناس
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس حدثني سليمان بن بلال
عن محمد بن عبد الله بن أبي عتيق التيمي عن بن شهاب الزهري حدثني
سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول دخل أبو بكر المسجد وعمر
بن الخطاب يكلم الناس فمضى حتى دخل بيت النبي صلى الله عليه
وسلم الذي توفي فيه وهو في بيت عائشة فكشف عن وجه النبي صلى
الله عليه وسلم برد حبرة كان مسجى به فنظر إلى وجهه ثم أكب عليه
فقبله فقال بأبي أنت والله لا يجمع الله عليك الموتتين لقد مت الموتة
التي لا تموت بعدها ثم خرج أبو بكر إلى الناس في المسجد وعمر يكلمهم
فقال أبو بكر اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس فكلمه أبو بكر
مرتين أو ثلاثا فلما أبى عمر أن يجلس قام أبو بكر فتشهد فأقبل الناس
إليه وتركوا عمر فلما قضى أبو بكر تشهده قال أما بعد فمن كان
منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان منكم يعبد الله فإن
الله حي لا يموت قال الله تبارك وتعالى وما محمد إلا رسول قد
خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم
ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله
الشاكرين فلما تلاها أبو بكر أيقن الناس بموت النبي صلى الله عليه
وسلم وتلقاها الناس من أبي بكر حين تلاها أو كثير منهم حتى قال
قائل من الناس والله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية أنزلت حتى
تلاها أبو بكر فزعم سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال والله
ما هو إلا أن سمعت أبا بكر يتلوها فعقرت وأنا قائم حتى خررت إلى الأرض
وأيقنت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس حدثني سليمان بن بلال
عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم
268

مات وأبو بكر بالسنح فقام عمر فجعل يقول والله ما مات رسول الله
صلى الله عليه وسلم قالت قال عمر والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك
وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف
عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم فقبله وقال بأبي أنت وأمي
طبت حيا وميتا والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا ثم خرج
فقال أيها الحالف على رسلك فلم يكلم أبا بكر وجلس عمر فحمد
الله أبو بكر وأثنى عليه ثم قال ألا من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد
مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال إنك ميت
وإنهم ميتون وقال وما محمد إلا رسول قد خلت من
قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن
ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين
فنشج الناس يبكون واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني
ساعدة فقالوا منا أمير ومنكم أمير فذهب إليهم أبو بكر وعمر وأبو
عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر فكان عمر يقول
والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا
يبلغه أبو بكر ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه
نحن الامراء وأنتم الوزراء فقال الحباب بن المنذر السلمي لا والله
لا نفعل أبدا من أمير ومنكم أمير قال فقال أبو بكر لا ولكنا الامراء
وأنتم الوزراء هم أوسط العرب دارا وأكرمهم أحسابا يعني
قريشا فبايعوا عمر وأبا عبيدة فقال عمر بل نبايعك أنت
فأنت سيدنا وأنت خيرنا وأحبنا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فأخذ
عمر بيده فبايعه فبايعه الناس فقال قائل قتلتم سعد بن عبادة فقال
عمر قتله الله
أخبرنا أحمد بن الحجاج أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرني معمر
269

ويونس عن الزهري أخبرني أنس بن مالك أنه لما توفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم قام عمر في الناس خطيبا فقال ألا لا أسمعن أحدا
يقول إن محمدا مات فإن محمدا لم يمت ولكنه أرسل إليه كما أرسل
إلى موسى فلبث عن قومه أربعين ليلة قال الزهري وأخبرني سعيد بن
المسيب أن عمر بن الخطاب قال في خطبته تلك إني لأرجو أن يقطع
رسول الله صلى الله عليه وسلم أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه قد
مات قال الزهري وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عائشة
زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه
بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة
فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى فكشف عن وجهه
ثم أكب عليه فقبله وبكى ثم قال بأبي أنت والله لا يجمع الله عليك
موتتين أبدا أما الموتة التي كتبت عليك فقدمتها قال أبو سلمة أخبرني
بن عباس أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال اجلس فأبى عمر أن
يجلس فقال اجلس فأبى أن يجلس فتشهد أبو بكر فمال الناس إليه وتركوا
عمر فقال أما بعد فمن كان منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات
ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت قال الله وما محمد إلا
رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على
أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي
الله الشاكرين قال والله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل
هذه الآية إلا حين تلاها أبو بكر قال فتلقاها منه الناس كلهم فما
تسمع بشرا إلا يتلوها قال الزهري وأخبرني سعيد بن المسيب أن
عمر بن الخطاب قال والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت
حتى والله ما تقلني رجلاي حتى هويت إلى الأرض وعرفت حين سمعته
تلاها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات قال الزهري أخبرني
270

أنس بن مالك أنه سمع عمر بن الخطاب الغد حين بويع أبو بكر في
مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم واستوى أبو بكر على منبر رسول
الله صلى الله عليه وسلم تشهد قبل أبي بكر ثم قال أما بعد فإني
قلت لكم أمس مقالة لم تكن كما قلت وإني والله ما وجدتها في كتاب
أنزله الله ولا في عهد عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني
كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كلمة يريد
حتى يكون آخرنا فاختار الله لرسوله الذي عنده على الذي عندكم
وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسولكم فخذوا به تهتدوا لما هدي
له رسول الله
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرني عوف عن الحسن قال لما
قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتمر أصحابه فقالوا تربصوا
بنبيكم صلى الله عليه وسلم لعله عرج به قال فتربصوا حتى
ربا بطنه فقال أبو بكر من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن
كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت
أخبرنا محمد بن عمر حدثني مسلمة بن عبد الله بن عروة عن زيد
بن أبي عتاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال اقتحم الناس على النبي
صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة ينظرون إليه فقالوا كيف يموت
وهو شهيد علينا ونحن شهداء على الناس فيموت ولم يظهر على الناس لا والله
ما مات ولكنه رفع كما رفع عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم
وليرجعن وتوعدوا من قال إنه مات ونادوا في حجرة عائشة وعلى
الباب لا تدفنوه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت
أخبرنا محمد بن عمر حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال
لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج العباس بن عبد المطلب
فقال هل عند أحد منكم عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم
271

في وفاته فيحدثانه فقالوا لا قال هل عندك يا عمر من ذلك
قال لا قال العباس اشهدوا أن أحدا لا يشهد على نبي الله صلى الله عليه
وسلم بعهد إليه بعد وفاته إلا كذاب والله الذي لا إله إلا هو
لقد ذاق رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت
أخبرنا محمد بن عمر حدثني القاسم بن إسحاق عن أمه عن أبيها
القاسم بن محمد بن أبي بكر أو عن أم معاوية أنه لما شك في موت النبي
صلى الله عليه وسلم قال بعضهم قد مات وقال بعضهم لم يمت
وضعت أسماء بنت عميس يدها بين كتفيه وقالت قد توفي رسول
الله صلى الله عليه وسلم قد رفع الخاتم من بين كتفيه ذكر كم مرض رسول الله صلى الله
عليه وسلم واليوم الذي توفي فيه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أبو معشر عن محمد بن قيس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكى يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة
بقيت من صفر سنة إحدى عشرة فاشتكى ثلاث عشرة ليلة وتوفي صلى
الله عليه وسلم يوم الاثنين لليلتين مضتا من شهر ربيع الأول سنة إحدى
عشرة
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي
بن أبي طالب عن أبيه عن جده قال اشتكى رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر سنة إحدى عشرة وتوفي يوم
الاثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول
أخبرنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن يزيد عن بن طاوس عن
272

أبيه عن بن عباس قال وحدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن عروة
عن عائشة قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين
لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول
أخبرنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن يزيد عن بن طاوس عن
أبيه عن بن عباس وحدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن عروة عن
عائشة قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي
عشرة مضت من ربيع الأول
أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب وسعيد بن منصور قالا أخبرنا
عبد العزيز بن محمد عن شريك بن أبي نمر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
وأخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس وخالد بن مخلد عن سليمان
بن بلال عن عبد الرحمن بن حرملة أنه سمع سعيد بن المسيب وأخبرنا
محمد بن عمر حدثني يحيى بن عبد الرحمن بن محمد بن لبيبة عن جده
وأخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه
عن جده عن علي قالوا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
الاثنين ودفن يوم الثلاثاء
أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة
قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين فجلس بقية
يومه وليلته ومن الغد حتى دفن من الليل
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد
الأخنسي قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين حين
زاغت الشمس ودفن يوم الأربعاء
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أبي بن عباس بن سهل عن أبيه عن
جده قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين فمكث
يوم الاثنين والثلاثاء حتى دفن يوم الأربعاء
273

أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بلغه أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان
عن بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين
حين زاغت الشمس
أخبرنا موسى بن داود الضبي أخبرنا بن لهيعة عن خالد بن أبي
عمران عن حنش الصنعاني عن بن عباس قال توفي نبيكم صلى
الله عليه وسلم يوم الاثنين
أخبرنا وكيع بن الجراح قال أخبرنا بن أبي خالد عن البهي قال
ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته يوما وليلة حتى ربا
قميصه ورئي في خنصره انثناء
أخبرنا محمد بن عمر حدثني قيس يعني بن الربيع عن جابر
عن القاسم بن محمد قال لم يدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
عرف الموت فيه في أظفاره اخضرت
أخبرنا مسلم بن إبراهيم أخبرنا جعفر بن سليمان أخبرنا ثابت
البناني عن أنس بن مالك قال لما كان اليوم الذي قبض فيه النبي صلى
الله عليه وسلم أظلم منها يعني المدينة كل شئ وما نفضنا عنه الأيدي
من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا
ذكر التعزية برسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا خالد بن مخلد البجلي أخبرنا موسى بن يعقوب الزمعي
قال أخبرنا أبو حازم بن دينار عن سهل بن سعد قال قال رسول الله
274

صلى الله عليه وسلم سيعزي الناس بعضهم بعضا من بعدي التعزية بي
فكان الناس يقولون ما هذا فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
لقي الناس بعضهم يعزي بعضا برسول الله صلى الله عليه
وسلم
أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي قال أخبرنا فطر بن خليفة عن
عطاء بن أبي رباح قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصيب
أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب
أخبرنا إسحاق بن عيسى قال أخبرنا مالك يعني بن أنس عن
عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ليعزي المسلمين في مصائبهم المصيبة بي
أخبرنا أنس بن عياض الليثي قال حدثونا عن جعفر بن محمد عن
أبيه قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت التعزية
يسمعون حسه ولا يرون شخصه قال السلام عليكم أهل البيت ورحمة
الله وبركاته كل نفس ذائقة الموت و إنما توفون أجوركم
يوم القيامة إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك
ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فأرجوا إنما المصاب
من حرم الثواب والسلام عليكم ورحمة الله
ذكر القميص الذي غسل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم
عز وجل أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس أخبرنا عبد الله بن
مسلمة بن قعنب وأبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس قالا أخبرنا سليمان
بن بلال جميعا عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه
275

وسلم غسل في قميص قال سليمان بن بلال في حديثه حين قبض
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس بلغه قال لما كان
عند غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرادوا نزع قميصه فسمعوا
صوتا يقول لا تنزعوا القميص فلم ينزع قميصه وغسل وهو عليه
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا حفص بن غياث عن أشعث عن
الشعبي قال نودوا من جانب البيت لا تخلعوا القميص فغسل و عليه
القميص
أخبرنا وكيع بن الجراح عن مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير
قال بينما هم يغسلون النبي صلى الله عليه وسلم إذ نودوا لا تجردوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي أخبرنا همام بن يحيى عن الحجاج
بن أرطأة عن الحكم بن عتبة أن النبي صلى الله عليه وسلم حيث
أرادوا أن يغسلوه أرادوا أن يخلعوا قميصه فسمعوا صوتا لا تعروا نبيكم
قال فغسلوه وعليه قميصه
أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان الثوري عن منصور قال
نودوا من جانب البيت ألا تنزعوا القميص
أخبرنا سريج بن النعمان أخبرنا هشيم قال أخبرنا مغيرة
أخبرنا مولى لبني هاشم قال لما أرادوا غسل النبي صلى الله عليه وسلم
ذهبوا أن ينزعوا عنه قميصه فنادى مناد من ناحية البيت ألا تخلعوا قميصه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير
عن عيسى بن معمر عن عباد بن عبد الله عن عائشة قالت لو استقبلت
من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساءه
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قبض اختلف أصحابه في غسله
فقال بعضهم اغسلوه وعليه ثيابه فبينما هم كذلك أخذتهم نعسة فوقع
276

لحي كل إنسان منهم على صدره قال فقال قائل لا يدرى من هو
اغسلوه وعليه ثيابه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين
عن أبي غطفان عن بن عباس قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه
وسلم اختلف الذين يغسلونه فسمعوا قائلا لا يدرون من هو يقول
اغسلوا نبيكم وعليه قميصه فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم
في قميصه
ذكر غسل رسول الله صلى الله عليه
وسلم وتسمية من غسله
أخبرنا وكيع بن الجراح و عبد الله بن نمير قالا أخبرنا إسماعيل بن
أبي خالد عن عامر قال غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي
بن أبي طالب والفضل بن العباس وأسامة بن زيد وكان علي يغسله ويقول
بأبي أنت وأمي طبت ميتا وحيا
أخبرنا وكيع بن الجراح و عبد الله بن نمير والفضل بن دكين عن
زكريا عن عامر قال كان علي يغسل النبي صلى الله عليه وسلم
والفضل وأسامة يحجبانه
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا حفص بن غياث عن أشعث عن
الشعبي قال غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس قاعد
والفضل محتضنه وعلي يغسله وعليه قميص وأسامة يختلف
أخبرنا الفضل بن دكين وعبيد الله بن موسى قالا أخبرنا إسرائيل
عن مغيرة عن إبراهيم قال غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس
277

وعلي والفضل قال الفضل بن دكين في حديثه والعباس يسترهم
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن صالح بن كيسان عن
بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي غسله العباس
بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب والفضل بن العباس وصالح مولى
رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن معمر عن الزهري
قال ولي غسل النبي صلى الله عليه وسلم وجنه العباس وعلي
بن أبي طالب والفضل وصالح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عبد الصمد بن النعمان البزاز قال أخبرنا كيسان أبو
عمر القصار عن مولاه يزيد بن بلال قال قال علي أوصى النبي صلى
الله عليه وسلم ألا يغسله أحد غيري فإنه لا يرى أحد عورتي إلا طمست
عيناه قال علي فكان الفضل وأسامة يناولاني الماء من وراء الستر وهما
معصوبا العين قال علي فما تناولت عضوا إلا كأنما يقلبه معي
ثلاثون رجلا حتى فرغت من غسله
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن
أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب قال لما أخذنا في
جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أغلقنا الباب دون الناس جميعا
فنادت الأنصار نحن أخواله ومكاننا من الاسلام مكاننا ونادت قريش
نحن عصبته فصاح أبو بكر يا معشر المسلمين كل قوم أحق بجنازتهم
من غيرهم فننشدكم الله فإنكم إن دخلتم أخرتموهم عنه والله لا يدخل
عليه أحد إلا من دعي
أخبرنا محمد بن عمر قال فحدثني عمر بن محمد بن عمر عن أبيه
عن علي بن حسين قال نادت الأنصار إن لنا حقا فإنما هو بن أختنا
ومكاننا من الاسلام مكاننا وطلبوا إلى أبي بكر فقال القوم أولى به فاطلبوا
278

إلى علي وعباس فإنه لا يدخل عليهم إلا من أرادوا
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن عبد
الله بن ثعلبة بن صعير قال غسل النبي صلى الله عليه وسلم علي
والفضل وأسامة بن زيد وشقران وولي غسل سفلته علي والفضل محتضنه
وكان العباس وأسامة بن زيد وشقران يصبون الماء
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سعيد
بن المسيب قال غسل النبي صلى الله عليه وسلم علي وكفنه أربعة
علي والعباس والفضل وشقران
أخبرنا محمد بن عمر حدثني هشام بن عمارة عن أبي الحويرث
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس قال غسل النبي صلى
الله عليه وسلم علي والفضل وأمروا العباس أن يحضر عند غسله فأبى
فقال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستتر
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عبد الله
بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال غسل رسول الله صلى الله
عليه وسلم علي والفضل بن عباس وكان يقلبه وكان رجلا أيدا
وكان العباس بالباب فقال لم يمنعني أن أحضر غسله إلا أنني كنت أراه
يستحي أن أراه حاسرا
أخبرنا محمد بن عمر حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي عن أبيه قال غسل النبي صلى الله عليه وسلم علي والفضل
والعباس وأسامة بن زيد وأوس بن خولي ونزلوا في حفرته
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد الله بن محمد عن أبيه عن جده عن
علي أنه غسل النبي صلى الله عليه وسلم وعباس وعقيل بن أبي
طالب وأوس بن خولي وأسامة بن زيد
أخبرنا محمد بن عمر حدثني الزبير بن موسى قال سمعت أبا بكر
279

بن أبي جهم يقول غسل النبي صلى الله عليه وسلم علي والفضل
وأسامة بن زيد وشقران وأسنده علي إلى صدره والفضل معه يقلبونه
وكان أسامة وشقران يصبان الماء عليه وعليه قميصه وكان أوس بن خولي
قال يا علي أنشدك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال له علي ادخل فدخل فجلس
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي قال أخبرنا بن جريج عن
أبي جعفر محمد بن علي قال غسل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث
غسلات بماء وسدر وغسل في قميص وغسل من بئر يقال لها الغرس
لسعد بن خيثمة بقباء وكان يشرب منها وولي علي غسلته والعباس
يصب الماء والفضل محتضنه يقول أرحني أرحني قطعت وتيني إني
أجد شيئا يتنزل علي مرتين
أخبرنا مالك بن إسماعيل أبو غسان النهدي عن مسعود بن سعد عن
يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث أن عليا لما قبض النبي
صلى الله عليه وسلم قام فأرتج الباب قال فجاء العباس معه بنو عبد
المطلب فقاموا على الباب وجعل علي يقول بأبي أنت وأمي طبت حيا
وميتا قال وسطعت ريح طيبة لم يجدوا مثلها قط قال فقال العباس
لعلي دع خنينا كخنين المرأة وأقبلوا على صاحبكم فقال علي ادخلوا
على الفضل قال وقالت الأنصار نناشدكم الله في نصيبنا من رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأدخلوا رجلا منهم يقال له أوس بن خولي يحمل
جرة بإحدى يديه قال فغسله علي يدخل يده تحت القميص والفضل
يمسك الثوب عليه والأنصاري ينقل الماء وعلى يد علي خرقة تدخل
يده وعليه القميص
أخبرنا محمد بن عمر قال أخبرنا عبد الله بن جعفر الزهري عن عبد
الواحد بن أبي عون قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن
280

أبي طالب في مرضه الذي توفي فيه اغسلني يا علي إذا مت فقال
يا رسول الله ما غسلت ميتا قط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إنك ستهيأ أو تيسر قال علي فغسلته فما آخذ عضوا إلا تبعني
والفضل أخذ بحضنه يقول أعجل يا علي انقطع ظهري
أخبرنا الفضل بن دكين عن سفيان عن بن جريج قال سمعت أبا
جعفر قال ولي سفلة النبي صلى الله عليه وسلم علي
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن
كيسان عن بن شهاب حدثني سعيد بن المسيب وأخبرنا محمد بن حميد
العبدي ومحمد بن عمر عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأخبرنا
يحيى بن عباد أخبرنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عن سعيد
بن المسيب قال التمس علي من النبي صلى الله عليه وسلم عند غسله
ما يلتمس من الميت فلم يجد شيئا فقال بأبي أنت وأمي طبت حيا
وميتا
ذكر من قال كفن رسول الله
صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب
أخبرنا وكيع بن الجراح و عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة قالت لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم كفن في
ثلاثة أثواب يمانية بيض كرسف ليس في كفنه قميص ولا عمامة قال
عروة في حديث عبد الله بن نمير فأما الحلة فإنها شبه على الناس فيها
أنها اشتريت للنبي صلى الله عليه وسلم ليكفن فيها فتركت وكفن
في ثلاثة أثواب بيض سحولية قالت عائشة فأخذها عبد الله بن أبي
281

بكر فقال أحبسها حتى أكفن فيها قال ثم قال لو رضيها الله لنبيه
صلى الله عليه وسلم لكفنه فيها فباعها وتصدق بثمنها
أخبرنا أنس بن عياض أبو صفرة الليثي عن عبيد الله بن عمر عن
نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة
أثواب بيض يمانية
أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ومحمد بن عمر قالا أخبرنا
عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن القاسم بن محمد قال محمد بن
عمر عن عائشة قالت كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة
أثواب سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب
سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا سفيان الثوري وأخبرنا هاشم بن
القاسم الكناني أخبرنا أبو جعفر الرازي جميعا عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة قالت كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب
سحولية كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد قال
بلغني أن أبا بكر الصديق قال لعائشة وهو مريض في كم كفن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قالت كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية
أخبرنا عبيد الله بن موسى بن عبيدة عن يعقوب بن زيد أن النبي
صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب سحولية وليس فيها قميص
ولا عمامة
أخبرنا سريج بن النعمان قال أخبرنا هشيم أخبرنا خالد الحذاء
عن أبي قلابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب
282

يمانية سحولية
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن خالد الحذاء عن أبي قلابة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب رياط يمانية
بيض
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي
عن أبيه عن جده عن علي قال كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في
ثلاثة أثواب من كرسف سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة
أخبرنا محمد بن عمر حدثني الثوري و عبد الله بن عمر عن عبد
الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قال محمد بن عمر وحدثنا عبد الله
بن جعفر عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عائشة
قالت كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب سحولية
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي
قلابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاث رياط بيض
أخبرنا مسلم بن إبراهيم أخبرنا سلام بن مسكين أخبرنا قتادة
أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب
أخبرنا أبو الوليد الطيالسي أخبرنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم
قال كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب قلت
من حدثكم قال سمعته من محمد بن علي قال شعبة يقول
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا شريك عن أبي إسحاق قال
دفعت إلى مجلس بني عبد المطلب وهم متوافرون فقلت في أي شئ
كفن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا في ثلاثة أثواب ليس فيها قباء
ولا قميص ولا عمامة
أخبرنا محمد بن عمر عن هشام بن الغاز عن مكحول قال كفن رسول
الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض
283

أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا منصور عن زكريا عن الشعبي قال
كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب غلاظ
ذكر من قال كفن رسول الله صلى الله عليه
وسلم في ثلاثة أثواب أحدها حبرة
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا سعيد بن أبي عروبة
أخبرنا قتادة عن سعيد بن المسيب وأخبرنا عفان بن مسلم عن همام عن قتادة
عن سعيد بن المسيب وأخبرنا وكيع بن الجراح ومسلم بن إبراهيم عن شعبة
عن قتادة عن سعيد بن المسيب وأخبرنا وهب بن جرير بن حازم ومسلم
بن إبراهيم قالا أخبرنا هشام الدستوائي عن قتادة عن سعيد بن المسيب
قال كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ريطتين وبرد
نجراني
أخبرنا محمد بن يزيد الواسطي أخبرنا سفيان بن حسين عن الزهري
عن سعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وأبي سلمة بن عبد الرحمن أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب ثوبين أبيضين
وبردة حبرة
أخبرنا وكيع بن الجراح ومحمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان الثوري
عن عبد الله بن عيسى عن الزهري عن علي بن حسين وأخبرنا يعقوب بن
إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان عن بن شهاب أن
علي بن حسين أخبره قال كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في
ثلاثة أثواب أحدها برد حبرة
أخبرنا أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى
284

الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب ثوبين صحاريين وثوب حبرة
وأوصاني والدي بذلك وقال لا تزيدن على ذلك شيئا جعفر يقول ذلك
محمد بن سعد يقول أحسب
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا زهير أخبرنا جابر عن
محمد بن علي أبي جعفر وأخبرنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل
عن جابر عن محمد بن علي قال كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم
في ثلاثة أثواب أحدها حبرة
أخبرنا بكر بن عبد الرحمن قاضي أهل الكوفة أخبرنا عيسى بن
المختار عن محمد بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن بن عباس وأخبرنا
الأحوص بن جواب الضبي أخبرنا عمار بن زريق عن محمد بن عبد الرحمن
بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن بن عباس وأخبرنا أحمد بن عبد الله
بن يونس عن زهير عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال كفن رسول
الله صلى الله عليه وسلم في ثوبين أبيضين وبرد أحمر
أخبرنا محمد بن عمر حدثني مخرمة بن بكير عن أبيه عن بسر
بن سعيد عن الطفيل بن أبي عن أبيه وأخبرنا محمد بن عمر حدثني سعيد
بن عبد العزيز عن الزهري قالا كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم
في ثلاثة أثواب منها برد حبرة
ذكر من قال كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم
في ثلاثة أثواب برود ومن قال كفن في قميص وحلة
أخبرنا عبد الله بن نمير والفضل بن دكين عن زكريا عن عامر قال
كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب برود يمانية غلاظ
إزار ورداء ولفافة
285

أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق قال أتيت
أشياخا لبني عبد المطلب فسألتهم في أي شئ كفن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قالوا في حلة حمراء وقطيفة
أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي قال أخبرنا همام بن يحيى أخبرنا
قتادة عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في قطيفة وحلة
حبرة
أخبرنا وكيع بن الجراح والفضل بن دكين قالا أخبرنا سفيان عن
حماد عن إبراهيم وأخبرنا طلق بن غنام النخعي أخبرنا عبد الرحمن
بن جريش الجعفري وحدثني حماد بن إبراهيم وأخبرنا سريج بن النعمان
أخبرنا هشيم وأبو عوانة عن مغيرة عن إبراهيم قال كفن رسول الله
صلى الله عليه وسلم في حلة وقميص قال الفضل وطلق في حديثهما
حلة يمانية
أخبرنا سريج بن النعمان أخبرنا هشيم قال أخبرنا يونس عن
الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في حلة حبرة
وقميص
أخبرنا سعيد بن سليمان أخبرنا صالح بن عمر عن يزيد بن أبي
زياد عن مقسم عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كفن في حلة حمراء نجرانية كان يلبسها وقميص
أخبرنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن أبي إسحاق عن الزبير بن
عدي عن الضحاك يعني بن مزاحم قال كفن رسول الله صلى الله
عليه وسلم في بردين أحمرين
أخبرنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق
أنه أتى صفة بني عبد المطلب بالمدينة فسأل أشياخهم فيم كفن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قالوا في ثوبين أحمرين ليس معهما قميص
286

أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة عن عبد الله بن محمد
بن عقيل عن محمد بن علي بن الحنفية عن أبيه أن النبي صلى الله عليه
وسلم كفن في سبعة أثواب
أخبرنا محمد بن كثير العبدي قال أخبرنا إبراهيم بن نافع أخبرني
بن أبي نجيح عن مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في
ثوبين من السحول قدم بهما معاذ من اليمن قال أبو عبد الله محمد بن
سعد و هذا عندنا وهل قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومعاذ باليمن
أخبرنا سليمان بن حرب وإسحاق بن عيسى الطباع قالا أخبرنا
جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد بن عمير أن النبي صلى الله عليه
وسلم كفن في حلة حبرة ثم نزعت وكفن في بياض فقال عبد الله
بن أبي بكر هذه مست جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
تفارقني حتى أكفن فيها فحبسها ما حبسها ثم قال لو كان فيها خير
لآثر الله بها نبيه لا حاجة لي فيها قال فعجب الناس من رأيه الأول ومن
رأيه الآخر
أخبرنا وكيع بن الجراح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت
لم يكن في كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامة
أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب قال أبو
قلابة ألا تعجب من اختلافهم علينا في كفن رسول الله صلى الله عليه
وسلم
287

ذكر حنوط النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي قال أخبرنا عوف عن الحسن
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حنط
أخبرنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح عن هارون
بن سعد قال كان عند علي مسك فأوصى أن يحنط به قال وقال علي
هو فضل حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن جابر قال
سألت محمد بن علي يعني أبا جعفر قلت أحنط رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال لا أدري
ذكر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي قال أخبرنا عوف عن
الحسن قال غسلوه وكفنوه وحنطوه صلى الله عليه وسلم ثم وضع
على سرير فأدخل عليه المسلمون أفواجا يقومون يصلون عليه ثم يخرجون
ويدخل آخرون حتى صلوا عليه كلهم
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس وخالد بن مخلد البجلي
عن سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن حرملة أنه سمع سعيد بن المسيب
يقول لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع على سريره
فكان الناس يدخلون عليه زمرا زمرا يصلون عليه ويخرجون ولم
يؤمهم أحد
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس أنه بلغه أن رسول
288

الله صلى الله عليه وسلم لما توفي صلى عليه الناس أفذاذا لا
يؤمهم أحد
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان
عن بن شهاب قال وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرير
فجعل المسلمون يدخلون أفواجا فيصلون عليه ويسلمون لا يؤمهم
أحد
أخبرنا الحكم بن موسى أخبرنا عبد الرزاق بن عمر الثقفي عن
الزهري قال بلغنا أن الناس كانوا يدخلون أفواجا فيصلون على رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولم يؤمهم في الصلاة عليه إمام
أخبرنا عفان بن مسلم والأسود بن عامر قالا أخبرنا حماد بن
سلمة قال أخبرنا أبو عمران الجوني أخبرنا أبو عسيم شهد ذلك
قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا كيف نصلي
عليه قالوا ادخلوا من ذا الباب أرسالا أرسالا فصلوا عليه وأخرجوا
من الباب الآخر
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا صالح المري أخبرنا أبو حازم
المدني قال إن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قبضه الله دخل
المهاجرون فوجا فوجا يصلون عليه ويخرجون ثم دخلت الأنصار على مثل
ذلك ثم دخل أهل المدينة حتى إذا فرغت الرجال دخلت النساء فكان
منهن صوت وجزع لبعض ما يكون منهن فسمعن هدة في البيت ففرقن
فسكتن فإذا قائل يقول في الله عزاء عن كل هالك وعوض من كل
مصيبة وخلف من كل ما فات والمجبور من جبره الثواب والمصاب
من لم يجبره الثواب
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أبي بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي
عن أبيه عن جده قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع
289

في أكفانه ثم وضع على سريره فكان الناس يصلون عليه رفقا رفقا ولا
يؤمهم عليه أحد دخل الرجال فصلوا عليه ثم النساء
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس
عن أبيه عن أمه قالت كنت في من دخل على النبي صلى الله عليه وسلم
وهو على سريره فكنا صفوفا نساء نقوم فندعو ونصلي عليه ودفن
ليلة الأربعاء
أخبرنا محمد بن عمر حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي قال وجدت هذا في صحيفة بخط أبي فيها لما كفن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ووضع على سريره دخل أبو بكر وعمر فقالا
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ومعهما نفر من المهاجرين
والأنصار قدر ما يسع البيت فسلموا كما سلم أبو بكر وعمر وصفوا
صفوفا لا يؤمهم عليه أحد فقال أبو بكر وعمر وهما في الصف الأول
حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إنا نشهد أن قد بلغ ما
أنزل إليه ونصح لامته وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت
كلماته فآمن به وحده لا شريك له فاجعلنا يا إلهنا ممن يتبع القول
الذي أنزل معه واجمع بيننا وبينه حتى يعرفنا ونعرفه فإنه كان بالمؤمنين
رؤوفا رحيما لا نبتغي بالايمان بدلا ولا نشتري به ثمنا أبدا فيقول الناس
آمين آمين ثم يخرجون ويدخل آخرون حتى صلوا عليه الرجال ثم النساء
ثم الصبيان فلما فرغوا من الصلاة تكلموا في موضع قبره
أخبرنا محمد بن عمر حدثني بن أبي سبرة عن عباس بن عبد الله
بن معبد عن أبيه عن عبد الله بن عباس قال أول من صلى عليه يعني
النبي صلى الله عليه وسلم العباس بن عبد المطلب وبنو هاشم ثم خرجوا
ثم دخل المهاجرون والأنصار ثم الناس رفقا رفقا فلما انقضى الناس دخل
عليه الصبيان صفوفا ثم النساء
290

أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا محمد بن عبد الله عن الزهري عن عروة
عن عائشة مثل حديث بن أبي سبرة
أخبرنا محمد بن عمر حدثني بن أبي سبرة عن عباس بن عبد الله
بن معبد عن عكرمة عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم على سريره من حين زاغت الشمس يوم الاثنين إلى أن زاغت
الشمس يوم الثلاثاء فصلى الناس على سريره يلي شفير قبره فلما أرادوا
يقبرونه نحوا السرير قبل رجليه وأدخل من هناك ودخل حفرته
العباس بن عبد المطلب والفضل بن عباس وقثم بن العباس وعلي بن أبي
طالب وشقران
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن
أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي قال لما وضع رسول الله صلى
الله عليه وسلم على السرير قال علي ألا يقوم عليه أحد لعله يؤم هو
إمامكم حيا وميتا فكان يدخل الناس رسلا رسلا فيصلون عليه صفا
صفا ليس لهم إمام ويكبرون وعلي قائم بحيال رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته اللهم
نشهد أن قد بلغ ما أنزل إليه ونصح لامته وجاهد في سبيل الله حتى أعز
الله دينه وتمت كلمته اللهم فاجعلنا ممن يتبع ما أنزل الله إليه وثبتنا
بعده واجمع بيننا وبينه فيقول الناس آمين آمين حتى صلى عليه الرجال
ثم النساء ثم الصبيان
أخبرنا محمد بن عمر فحدثني عمر بن محمد بن عمر عن أبيه قال
أول من دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو هاشم ثم المهاجرون
ثم الأنصار ثم الناس حتى فرغوا ثم النساء ثم الصبيان
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد
عن أبيه قال صلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إمام يدخل
291

عليه المسلمون زمرا زمرا يصلون عليه فلما فرغوا نادى عمر خلوا
الجنازة وأهلها
ذكر موضع قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قال
لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل أصحابه يتشاورون أين
يدفنونه فقال أبو بكر ادفنوه حيث قبضه الله فرفع الفراش ودفن
تحته
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال قال أبو بكر
أين يدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قائل منهم عند المنبر
وقال قائل منهم حيث كان يصلي يؤم الناس فقال أبو بكر بل
يدفن حيث توفى الله نفسه فأخر الفراش ثم حفر له تحته
أخبرنا أبو الوليد الطيالسي أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن
عروة عن أبيه عن عائشة قالت لما مات النبي صلى الله عليه وسلم
قالوا أين يدفن فقال أبو بكر في المكان الذي مات فيه
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن
داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس قال لما فرغ من جهاز رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وضع على سرير في بيته وكان المسلمون
قد اختلفوا في دفنه فقال قائل ادفنوه في مسجده وقال قائل ادفنوه مع
أصحابه بالبقيع قال أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول ما مات نبي إلا دفن حيث يقبض فرفع فراش النبي صلى الله
292

عليه وسلم الذي توفي عليه ثم حفر له تحته
أخبرنا محمد بن ربيعة الكلابي عن إبراهيم بن يزيد عن يحيى بن
بهماه مولى عثمان بن عفان قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال إنما تدفن الأجساد حيث تقبض الأرواح
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة
عن جعفر بن محمد عن بن أبي مليكة قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ما توفى الله نبيا قط إلا دفن حيث تقبض روحه
أخبرنا الفضل بن دكين قال أخبرنا عمر بن ذر قال قال أبو
بكر سمعت خليلي يقول ما مات نبي قط في مكان إلا دفن فيه قلت
لابن ذر ممن سمعته قال سمعت أبو بكر بن عمر بن حفص إن
شاء الله
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس أنه بلغه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لما توفي قال ناس يدفن عند المنبر وقال آخرون
يدفن بالبقيع فجاء أبو بكر فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول ما دفن نبي إلا في مكانه الذي قبض الله فيه نفسه قال
فأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المكان الذي توفي فيه
فحفر له فيه
أخبرنا يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال
قالت عائشة لأبي بكر إني رأيت في المنام كأن ثلاثة أقمار سقطن
حجرتي فقال أبو بكر خير قال يحيى فسمعت الناس يتحدثون
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قبض فدفن في بيتها قال لها
أبو بكر هذا أحد أقمارك وهو خيرها
أخبرنا هاشم بن القاسم أخبرنا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن
قال قالت عائشة رأيت في حجرتي ثلاثة أقمار فأتيت أبا بكر فقال ما
293

أولتها قلت أولتها ولدا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت
أبو بكر حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاها فقال لها
خير أقمارك ذهب به ثم كان أبو بكر وعمر دفنوا جميعا في بيتها
أخبرنا موسى بن داود سمعت مالك بن أنس يقول قسم بيت
عائشة باثنين قسم كان فيه القبر وقسم كان تكون فيه عائشة وبينهما
حائط فكانت عائشة ربما دخلت حيث القبر فضلا فلما دفن عمر لم
تدخله إلا وهي جامعة عليها ثيابها
أخبرنا سعيد بن سليمان أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان بن إبراهيم
قال سمعت أبي يذكر قال كانت عائشة تكشف قناعها حيث دفن
أبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دفن عمر تقنعت فلم
تطرح القناع
أخبرنا يحيى بن عباد أخبرنا حماد بن زيد سمعت عمرو بن دينار
وعبيد الله بن أبي يزيد قالا لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم على بيت النبي حائط فكان أول من بني عليه جدارا عمر بن الخطاب
قال عبيد الله بن أبي يزيد كان جداره قصيرا ثم بناه عبد الله بن الزبير
بعد وزاده فيه
ذكر حفر قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم واللحد له
أخبرنا وكيع بن الجراح والفضل بن دكين عن سفيان الثوري عن عثمان
بن عمير البجلي أبي اليقظان عن زاذان عن جرير بن عبد الله قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم اللحد لنا والشق لغيرنا وقال وكيع في
حديثه والشق لأهل الكتاب وقال الفضل بن دكين في حديثه
294

والشق لغيرنا
أخبرنا أنس بن عياض الليثي حدثني هشام بن عروة عن أبيه أنه
كان بالمدينة رجلان يحفران القبور يلحد أحدهما ويشق الآخر قال
فقالوا كيف نصنع برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم
انظروا أولهما يجئ فليعمل عمله فجاء الذي يلحد فلحد لرسول الله
صلى الله عليه وسلم
أخبرنا يزيد بن هارون وهشام أبو الوليد الطيالسي قال يزيد قال
أخبرنا وقال هشام أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة قالت كان بالمدينة قال يزيد حفاران وقال هشام قباران
أحدهما يلحد والآخر يشق فانتظروا أن يجئ أحدهما فجاء الذي يلحد
فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قالا أرسل إلى
أبي طلحة وإلى رجل من أهل مكة وأهل مكة يشقون وأهل المدينة يلحدون
فجاء أبو طلحة فحفر له وألحد
أخبرنا وكيع بن الجراح وحجين بن المثنى قالا أخبرنا عبد العزيز
بن عبد الله بن أبي سلمة عن محمد بن المنكدر قال لما قبض النبي صلى
الله عليه وسلم بعثوا إلى حافرين إلى الذي يشق وإلى
الذي يلحد فجاء الذي يلحد فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا وكيع بن الجراح عن العمري عن نافع عن بن عمر وعن عبد
الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم
ألحد له لحد
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا سفيان الثوري عن عبد
الرحمن بن القاسم عن القاسم قال كان بالمدينة رجل يشق وآخر يلحد
295

فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم فأرسلوا إليهما وقالوا اللهم خر له فطلع الذي
يلحد
أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي أخبرنا همام بن يحيى عن هشام بن
عروة عن أبيه أنه قال كان بالمدينة حفاران أحدهما يحفر الضريح والآخر
يحفر اللحد وأنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا
أيهما يسبق أمرناه فيحفر للنبي صلى الله عليه وسلم قال فسبق الذي
يحفر اللحد قال هشام فكان أبي يعجب ممن يدفن في الضريح وقد دفن
رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللحد
أخبرنا معن بن عيسى قال أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن
عروة عن أبيه أنه قال كان بالمدينة رجلان أحدهما يلحد والآخر لا يلحد
فقالوا أيهما جاء أولا عمل عمله فجاء الذي يلحد فلحد لرسول الله
صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا الأشعث بن عبد الملك عن
الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألحد له
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا إبراهيم بن المهاجر بن مسمار عن
صالح بن كيسان عن إسماعيل بن محمد بن سعد قال قيل لسعد نجعل لك
خشبا ندفنك فيه فقال لا ولكن الحدوا لي كما لحد لرسول الله
صلى الله عليه وسلم
أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حجاج عن نافع وأخبرنا عبيد
الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن يعقوب بن زيد وعمر
مولى غفرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لحد له
أخبرنا أنس بن عياض الليثي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن الذي
ألحد قبر النبي صلى الله عليه وسلم أبو طلحة
296

أخبرنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي وخالد بن مخلد
البجلي قالا أخبرنا عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن
مخرمة الزهري عن إسماعيل بن محمد بن سعد عن عامر بن سعد بن أبي
وقاص أن سعدا حين حضرته الوفاة قال الحدوا لي لحدا وانصبوا
نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم يعني اللبن
أخبرنا عبد الله بن نمير قال ذكر بن جريج عن بن شهاب عن علي
بن حسين أخبره أنه ألحد للنبي صلى الله عليه وسلم ونصب على
لحده لبن
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان
عن بن شهاب عن علي بن حسين أخبره أنه ألحد لرسول الله صلى الله
عليه وسلم ثم نصب على لحده اللبن
أخبرنا وكيع بن الجراح ومحمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان الثوري
عن عبد الله بن عيسى عن الزهري عن علي بن حسين قال لحد للنبي
صلى الله عليه وسلم لحد ونصب على لحده اللبن نصبا
أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي أخبرنا بن لهيعة عن أبي الأسود
أنه سمع القاسم بن محمد يقول لحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ونصب على لحده اللبن
أخبرنا سريج بن النعمان أخبرنا أبو عوانة عن عاصم الأحول عن
الشعبي قال لحد للنبي صلى الله عليه وسلم وجعل على لحده
اللبن
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا زهير أخبرنا عاصم
الأحول قال سألت عامرا عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال
هو بلحد
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا سفيان عن عاصم قال قلت للشعبي
297

أضرح للنبي صلى الله عليه وسلم ضريح أو ألحد له لحد
قال ألحد له لحد و جعل في قبره اللبن
أخبرنا طلق بن غنام النخعي أخبرنا عبد الرحمن بن جريس
الجعفري حدثني حماد بن إبراهيم أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ألحد له قبره وأدخل من قبل القبلة ولم يسل سلا
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا زهير أخبرنا جابر عن
محمد بن علي بن حسين والقاسم بن
محمد بن أبي بكر وسالم بن عبد الله بن
عمر أن هذه الأقبر الثلاثة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر
أبي بكر وقبر عمر كلها بلبن وبلحد وقبلة وجثا قال جابر
وكلهم جده فيه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة
عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس قال لما أرادوا أن يحفروا
لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة رجلان أبو عبيدة بن الجراح
يضرح حفر أهل مكة وكان أبو طلحة الأنصاري هو الذي يحفر لأهل
المدينة وكان يلحد فدعا العباس رجلين فقال لأحدهما اذهب إلى أبي
عبيدة وقال للآخر اذهب إلى أبي طلحة اللهم خر لرسولك فوجد
صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فألحد له
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عبد الله
بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرو بن عبد الله بن أبي طلحة
عن أبي طلحة قال اختلفوا في الشق واللحد للنبي صلى الله عليه وسلم
فقال المهاجرون شقوا كما يحفر أهل مكة وقالت الأنصار الحدوا
كما نحفر بأرضنا فلما اختلفوا في ذلك قالوا اللهم خر لنبيك ابعثوا
إلى أبي عبيدة وإلى أبي طلحة فأيهما جاء قبل الآخر فليعمل عمله قال
فجاء أبو طلحة فقال والله إني لأرجو أن يكون الله قد خار لنبيه صلى
298

الله عليه وسلم إنه كان يرى اللحد فيعجبه
ذكر ما ألقي في قبر النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا وكيع بن الجراح والفضل بن دكين وهاشم بن القاسم الكناني
قالوا أخبرنا شعبة بن الحجاج عن أبي جمرة قال سمعت بن عباس
يقول جعل في قبر النبي صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء قال وكيع
هذا للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة
أخبرنا أنس بن عياض الليثي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن الذي
ألقي القطيفة شقران مولى النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا الأشعث بن عبد الملك
الحمراني عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسط تحته
سمل قطيفة حمراء كان يلبسها قال وكانت أرضا ندية
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عدي بن الفضل عن يونس عن الحسن
عن جابر بن عبد الله قال فرش في قبر النبي صلى الله عليه وسلم سمل
قطيفة حمراء كان يلبسها
أخبرنا حماد بن خالد الخياط عن عقبة بن أبي الصهباء قال سمعت
الحسن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم افرشوا لي قطيفتي
في لحدي فإن الأرض لم تسلط على أجساد الأنبياء
أخبرنا مسلم بن إبراهيم أخبرنا سلام بن مسكين أخبرنا قتادة
أن النبي صلى الله عليه وسلم فرش تحته قطيفة
أخبرنا عارم بن الفضل وخالد بن خداش قالا أخبرنا حماد بن زيد
عن يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار أن غلاما كان يخدم النبي صلى
299

الله عليه وسلم فلما دفن صلى الله عليه وسلم رأى قطيفة كان
يلبسها النبي صلى الله عليه وسلم على ناحية القبر فألقاها في القبر وقال
لا يلبسها أحد بعدك أبدا فتركت
ذكر من نزل في قبر النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا الأشعث بن عبد الملك
الحمراني عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدخله
القبر بنو عبد المطلب
أخبرنا وكيع بن الجراح و عبد الله بن نمير عن إسماعيل بن أبي خالد
عن عامر قال دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم علي والفضل وأسامة
قال عامر وأخبرني مرحب أو بن أبي مرحب أنهم أدخلوا معهم
القبر عبد الرحمن بن عوف قال وكيع في حديثه قال الشعبي وإنما
يلي الميت أهله
أخبرنا وكيع بن الجراح والفضل بن دكين عن شريك عن جابر عن
عامر قال دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم أربعة قال الفضل في
حديثه أخبرني من رآهم
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا سفيان الثوري عن إسماعيل عن عامر
قال حدثني مرحب أو بن أبي مرحب قال كأني أنظر إليهم في قبر
النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أحدهم عبد الرحمن بن عوف
أخبرنا سريج بن النعمان أخبرنا هشيم قال أخبرنا يونس بن
عبيد عن عكرمة قال دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم علي والفضل
وأسامة بن زيد فقال لهم رجل من الأنصار يقال له خولي أو بن خولي
300

قد علمتم أني كنت أشهد قبور الشهداء فالنبي صلى الله عليه وسلم
أفضل الشهداء فأدخلوه معهم
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان
عن بن شهاب قال ولي وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره
هؤلاء الرهط الذين غسلوه العباس وعلي والفضل وصالح مولاه وخلى
أصحاب رسول الله بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله
فولوا إجنانه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي عن أبيه قال نزل في حفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم علي
والفضل بن العباس والعباس وأسامة بن زيد وأوس بن خولي
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن
أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي أنه نزل في حفرة النبي صلى الله
عليه وسلم هو وعباس وعقيل بن أبي طالب وأسامة بن زيد وأوس بن
خولي وهم الذين ولوا كفنه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني علي بن عمر عن جعفر بن محمد عن
أبيه قال نزل في حفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم علي والفضل
وأسامة ويقولون صالح وشقران وأوس بن خولي
أخبرنا محمد بن عمر ثم حدثني عمر بن صالح عن صالح مولى التوأمة
عن بن عباس قال نزل في حفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم علي
والفضل وشقران
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عبد الله
بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال سألته من نزل في حفرة
النبي صلى الله عليه وسلم قال أهله ونزل معهم رجل من الأنصار من
بلحبلى أوس بن خولي
301

أخبرنا محمد بن عمر حدثني عمر بن محمد عن أبيه عن علي بن
حسين قال قال أوس بن خولي يا أبا حسن ننشدك الله ومكاننا من
الاسلام ألا أذنت لي أنزل في قبر نبينا صلى الله عليه وسلم فقال
انزل فقلت لعلي بن حسين وكم كانوا قال علي بن أبي طالب والفضل
بن عباس وأوس بن خولي
ذكر قول المغيرة بن شعبة إنه آخر الناس عهدا
برسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا سريج بن النعمان أخبرنا هشيم قال أخبرنا مجالد
عن الشعبي عن المغيرة بن شعبة قال كان يحدثنا هاهنا يعني بالكوفة
قال أنا آخر الناس عهدا بالنبي صلى الله عليه وسلم لما دفن النبي
صلى الله عليه وسلم وخرج علي من القبر ألقيت خاتمي فقلت يا أبا حسن
خاتمي قال انزل فخذ خاتمك فنزلت فأخذت خاتمي ووضعت خاتمي
على اللبت وخرجت
أخبرنا سريج بن النعمان أخبرنا هشيم عن أبي معشر قال حدثني
بعض مشيختنا قال لما خرج علي من القبر ألقى المغيرة خاتمه في القبر
وقال لعلي خاتمي فقال علي للحسن بن علي ادخل فناوله
خاتمه ففعل
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني
أخبرنا أبو عسيم شهد ذاك قال لما وضع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في لحده قال المغيرة بن شعبة إنه قد بقي من قبل رجليه
شئ لو تصلحونه قالوا فادخل فأصلحه فدخل فمسح قدميه
302

صلى الله عليه وسلم ثم قال أهيلوا علي التراب فأهالوا عليه التراب حتى
بلغ ساقيه فخرج فجعل يقول أنا أحدثكم عهدا برسول الله
صلى الله عليه وسلم
أخبرنا عبيد الله بن محمد بن حفص التيمي قال أخبرنا حماد
بن سلمة عن هشام بن عروة عن عروة أنه قال لما وضع رسول الله
صلى الله عليه وسلم في لحده ألقى المغيرة خاتمه في القبر ثم قال
خاتمي خاتمي فقالوا ادخل فخذه فدخل ثم قال أهيلوا علي التراب
فأهالوا عليه التراب حتى بلغ أنصاف ساقيه فخرج فلما سوي على
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اخرجوا حتى أغلق الباب فإني
أحدثكم عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لعمري
لئن كنت أردتها لقد أصبتها
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد حدثني
أبي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال آخر الناس عهدا بالنبي
صلى الله عليه وسلم في قبره المغيرة بن شعبة ألقى في قبره خاتمه ثم قال
خاتمي فنزل فأخذه وقال ما ألقيته إلا لذلك
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عبد الله
بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن المغيرة بن شعبة ألقى في قبر
النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن خرجوا خاتمه لينزل فيه فقال علي
بن أبي طالب إنما ألقيت خاتمك لكي تنزل فيه فيقال نزل في قبر النبي
صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا تنزل فيه أبدا ومنعه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن
أبيه قال قال علي بن أبي طالب لا يتحدث الناس أنك نزلت فيه ولا
يتحدث الناس أن خاتمك في قبر النبي صلى الله عليه وسلم ونزل علي
وقد رأى موقعه فتناوله فدفعه إليه
303

أخبرنا محمد بن عمر حدثني حفص بن عمر عن علي بن عبد الله
بن عباس قال قلت زعم المغيرة بن شعبة أنه آخر الناس عهدا برسول
الله صلى الله عليه وسلم قال كذب والله أحدث الناس عهدا برسول
الله صلى الله عليه وسلم قثم بن العباس كان أصغر من كان في القبر
وكان آخر من صعد
ذكر دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن
كيسان عن بن شهاب قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين زاغت الشمس يوم الاثنين فشغل الناس عن دفنه بشبان الأنصار
فلم يدفن حتى كانت العتمة ولم يله إلا أقاربه ولقد سمعت بنو غنم
صريف المساحي حين حفر لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإنهم لفي
بيوتهم
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا صالح بن أبي الأخضر
أخبرنا الزهري حدثني رجل من بني غنم أنهم سمعوا صريف المساحي
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدفن ليلا
أخبرنا وكيع بن الجراح عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري قال
دفن النبي صلى الله عليه وسلم ليلا فقالت بنو ليث كنا نسمع صريف
المساحي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدفن بالليل
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس أنه بلغه أن أم سلمة
زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول ما صدقت بموت النبي
صلى الله عليه وسلم حتى سمعت بوقع الكرازين
304

أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عبد
الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة عن عائشة قالت ما علمنا بدفن رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي ليلة الثلاثاء في
السحر
أخبرنا محمد بن عمر حدثني معمر عن الزهري قال دفن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ليلا قال شيوخ من الأنصار في بني غنم سمعنا
صوت المساحي آخر الليل ليلة الثلاثاء
أخبرنا محمد بن عمر حدثني يحيى بن عبد الرحمن بن محمد بن
لبيبة عن جده قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين
حين زاغت الشمس ودفن يوم الثلاثاء حين زاغت الشمس
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن محمد بن عمر عن أبيه عن
جده عن علي مثله
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن
أبي الزناد عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب وأخبرنا محمد
بن عمر حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن شريك بن عبد
الله بن أبي نمر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال توفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء
أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان الثوري عن الحجاج بن أرطأة
عن رجل عن إبراهيم قال أدخل النبي صلى الله عليه وسلم من
قبل القبلة
أخبرنا نوح بن يزيد المؤدب قال سئل إبراهيم بن سعد كم نزل
النبي صلى الله عليه وسلم في الأرض قال ثلاثا
305

ذكر رش الماء على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا معن بن عيسى الأشجعي أخبرنا إسحاق بن أبي حرملة
عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن النبي صلى الله
عليه وسلم رش على قبره الماء
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن جعفر عن بن أبي عون
عن أبي عتيق عن جابر بن عبد الله قال رش على قبر النبي صلى الله
عليه وسلم الماء
ذكر تسنيم قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا الفضل بن دكين ومالك بن إسماعيل قالا أخبرنا الحسن بن
صالح عن أبي البراء قال مالك بن إسماعيل أظنه مولى لآل الزبير قال
دخلت مع مصعب بن الزبير البيت الذي فيه يعني قبر رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فرأيت قبورهم مستطيلة
أخبرنا سعيد بن محمد الوراق الثقفي عن سفيان بن دينار قال رأيت
قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر مسنمة
أخبرنا طلق بن غنام النخعي أخبرنا عبد الرحمن بن جريس
أخبرنا حماد عن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل على
قبره شئ مرتفع من الأرض حتى يعرف أنه قبره
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن
محمد عن أبيه قال كان نبث قبر النبي صلى الله عليه وسلم شبرا
أخبرنا محمد بن عمر حدثني الحسن بن عمارة عن أبي بكر بن
306

حفص بن عمر بن سعد قال كان قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي
بكر وعمر مسنمة عليها نقل
أخبرنا محمد بن عمر حدثني هشام بن سعد عن عمرو بن عثمان قال
سمعت القاسم بن محمد يقول اطلعت وأنا صغير على القبور فرأيت عليها
حصباء حمراء
أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي المكي أخبرنا مسلم بن خالد
حدثني إبراهيم بن نوفل بن سعيد بن المغيرة الهاشمي عن أبيه قال انهدم
الجدار الذي على قبر النبي صلى الله عليه وسلم في زمان عمر بن عبد
العزيز فأمر عمر بعمارته قال فإنه لجالس وهو يبنى إذ قال لعلي
بن حسين قم يا علي فقم البيت يعني بيت النبي صلى الله عليه وسلم
فقام إليه القاسم بن محمد فقال وأنا أصلحك الله قال نعم وأنت فقم
ثم قال له سالم بن عبد الله وأنا أصلحك الله قال اجلسوا جميعا وقم
يا مزاحم فقمه فقام مزاحم فقمه قال مسلم وقد أثبت لي بالمدينة
أن البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم بيت عائشة وأن بابه
وباب حجرته تجاه الشام وأن البيت كما هو سقفه على حاله وأن في
البيت جرة وخلق رحاله
أخبرنا سريج بن النعمان عن هشيم أخبرني رجل من قريش من
أهل المدينة يقال له محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال سقط حائط قبر
رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمن عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ
على المدينة في ولاية الوليد وكنت أول من نهض فنظرت إلى قبر رسول
الله صلى الله عليه وسلم فإذا ليس بينه وبين حائط عائشة إلا نحو من شبر
فعرفت أنهم لم يدخلوه من قبل القبلة
307

ذكر سن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قبض
أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي حدثني ربيعة بن أبي عبد
الرحمن أنه سمع أنس بن ملك وهو يقول توفي رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو بن ستين سنة
أخبرنا عبد الله بن عمر وأبو معمر المنقري أخبرنا عبد الوارث بن
سعيد أخبرنا أبو غالب الباهلي أنه شهد العلاء بن زياد العدوي يسأل أنس
بن مالك قال يا أبا حمزة سن أي الرجال كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوم توفي قال تمت له ستون سنة يوم قبضه الله كأشب
الرجال وأحسنه وأجمله وألحمه
أخبرنا الأسود بن عامر والحجاج بن المنهال قالا أخبرنا حماد
بن سلمة عن عمرو بن دينار عن عروة قال بعث النبي صلى الله عليه
وسلم وهو بن أربعين سنة ومات وهو بن ستين سنة
أخبرنا خالد بن خداش أخبرنا عبد الله بن وهب حدثني قرة
بن عبد الرحمن أن بن شهاب حدثه عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه تنبئ وهو بن أربعين سنة فمكث بمكة عشرا وبالمدينة
عشرا وتوفي وهو بن ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة
بيضاء
أخبرنا الأسود بن عامر أخبرنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار
عن يحيى بن جعدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا فاطمة إنه
لم يبعث نبي إلا عمر لذي بعده نصف عمره وإن عيسى بن مريم
بعث لأربعين وإني بعثت لعشرين
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش
عن إبراهيم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيش كل نبي
308

نصف عمر الذي قبله وإن عيسى بن مريم مكث في قومه أربعين عاما
أخبرنا روح بن عبادة أخبرنا زكريا بن إسحاق أخبرنا عمرو
بن دينار عن بن عباس وأخبرنا روح بن عبادة أخبرنا هشام بن حسان
أخبرنا عكرمة عن بن عباس وأخبرنا كثير بن هشام وموسى بن إسماعيل
وإسحاق بن عيسى والحجاج بن المنهال قالوا أخبرنا حماد بن سلمة عن
أبي جمرة الضبعي عن بن عباس وأخبرنا يزيد بن هارون وأنس بن عياض
و عبد الله بن نمير قالوا أخبرنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب وأخبرنا
أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس حدثني سليمان بن بلال عن يونس بن
يزيد الأيلي عن بن شهاب عن عروة عن عائشة وأخبرنا الفضل بن دكين
أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي السفر عن عامر عن جرير عن معاوية
وأخبرنا وهب بن جرير قال أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق عن عامر بن
سعد البجلي عن جرير أنه سمع معاوية يعني بن أبي سفيان وأخبرنا الفضل
بن دكين أخبرنا إسرائيل عن جابر عن أبي جعفر وأخبرنا عبيد الله بن
موسى قال أخبرنا إسرائيل عن سعيد بن مسروق عن مسلم بن صبيح
عن رجل من أسلم وأخبرنا مطرف بن عبد الله اليساري أخبرنا عبد العزيز
بن أبي حازم عن محمد بن عبد الله عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن
عائشة قال الزهري وقال أخبرنا سعيد بن المسيب وأخبرنا الفضل بن دكين
أخبرنا زهير عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن عتبة وأخبرنا الفضل بن دكين
عن شريك عن أبي إسحاق وأخبرنا المعلى بن أسد أخبرنا وهيب عن
داود عن عامر وأخبرنا نصر بن باب عن داود عن عامر وأخبرنا محمد بن
عمر حدثني عبد الله بن عمر العمري عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه
وأخبرنا محمد بن عمر وحدثني سليمان بن بلال عن عتبة بن مسلم عن علي
بن حسين قالوا جميعا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بن
ثلاث وستين سنة قال أبو عبد الله محمد بن سعد وهو الثبت
309

إن شاء الله
أخبرنا سعيد بن سليمان أخبرنا هشيم قال أخبرنا علي بن زيد
عن يوسف بن مهران عن بن عباس قال توفي رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو بن خمس وستين سنة
أخبرنا المعلى بن أسد أخبرنا وهيب عن يونس عن عمار مولى بني
هاشم قال سمعت بن عباس يقول توفي رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو بن خمس وستين سنة
أخبرنا خالد بن خداش أخبرنا يزيد بن زريع عن يونس بن عبيد
عن عمار مولى بني هاشم قال سألت بن عباس كم أتى لرسول الله صلى
الله عليه وسلم يوم مات قال ما كنت أرى مثلك من قومه يخفى
عليه ذلك قلت إني سألت عن ذاك فاختلف علي قال أتحسب
قلت نعم قال أمسك أربعين بعث لها وخمس عشرة سنة بمكة
يكامن ويخاف وعشر مهاجره بالمدينة
ذكر مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالمدينة بعد الهجرة إلى أن قبض
أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي عن ربيعة بن أبي
عبد الرحمن عن أنس بن مالك وأخبرنا عبد الله بن نمير عن حجاج عن
نافع عن بن عمر وأخبرنا روح بن عبادة قال أخبرنا هشام بن حسان عن
عكرمة عن بن عباس وأخبرنا أنس بن عياض ويزيد بن هارون و عبد الله
بن نمير قالوا أخبرنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب وأخبرنا الحجاج
بن المنهال وكثير بن هشام وموسى بن إسماعيل وإسحاق بن عيسى قالوا
310

أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي جمرة قال سمعت بن عباس وأخبرنا يحيى
بن عباد أخبرنا حماد بن سلمة أخبرنا عمار بن أبي عمار مولى بني
هاشم عن بن عباس وأخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب أخبرنا سليمان
بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن سمع أنس بن مالك قالوا جميعا
أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين قال بن عباس
في حديث أبي جمرة وأقام بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه
ذكر الحزن على رسول الله صلى الله عليه
وسلم ومن ندبه وبكى عليه
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس
قال لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب فقالت
فاطمة وا كرب أبتاه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ليس على
أبيك كرب بعد اليوم فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت
فاطمة يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه
يا أبتاه إلى جبريل ننعاه يا أبتاه من ربه ما أدناه قال فلما دفن
قالت فاطمة يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله
عليه وسلم التراب
أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة
قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكت أم أيمن فقيل
لها يا أم أيمن أتبكين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أما
والله ما أبكي عليه ألا أكون أعلم أنه ذهب إلى ما هو خير له من الدنيا
ولكن أبكي على خبر السماء انقطع
311

أخبرنا سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة عن عاصم بن محمد بن
زيد عن أبيه قال ما سمعت بن عمر يذكر النبي صلى الله عليه وسلم
إلا بكى
أخبرنا محمد بن عمر حدثني شبل بن العلاء عن أبيه أن النبي
صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة بكت فاطمة عليها السلام فقال لها
النبي لا تبكي يا بنية قولي إذا ما مت إنا لله وإنا إليه راجعون فإن
لكل إنسان بها من كل مصيبة معوضة قالت ومنك يا رسول الله
قال ومني
أخبرنا محمد بن عمر عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي
جعفر قال ما رأيت فاطمة ضاحكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا أنها قد تمودي في طرف فيها
أخبرنا محمد بن عمر قال أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثني بعض
آل يربوع عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع قال جاء علي بن أبي طالب
يوما متقنعا متحازنا فقال أبو بكر أراك متحازنا فقال علي إنه عناني
ما لم يعنك قال أبو بكر اسمعوا ما يقول أنشدكم الله أترون أحدا
كان أحزن على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سعيد
بن المسيب عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت عثمان بن عفان
يقول توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحزن عليه رجال من أصحابه
حتى كاد بعضهم يوسوس فكنت ممن حزن عليه فبينا أنا جالس في أطم
من آطام المدينة وقد بويع أبو بكر إذ مر بي عمر فلم أشعر به لما بي من
الحزن فانطلق عمر حتى دخل على أبي بكر فقال يا خليفة رسول الله
ألا أعجبك مررت على عثمان فسلمت عليه فلم يرد علي السلام فقام
أبو بكر فأخذ بيد عمر فأقبلا جميعا حتى أتياني فقال لي أبو بكر يا عثمان
312

جاءني أخوك فزعم أنه مر بك فسلم عليك فلم ترد عليه فما الذي حملك
على ذلك فقلت يا خليفة رسول الله ما فعلت فقال عمر بلى والله
ولكنها عبيتكم يا بني أمية فقلت والله ما شعرت أنك مررت بي
ولا سلمت علي فقال أبو بكر صدقت أراك والله شغلت عن ذلك
بأمر حدثت به نفسك قال فقلت أجل قال فما هو فقلت
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أسأله عن نجاة هذه الأمة
ما هو وكنت أحدث بذلك نفسي وأعجب من تفريطي في ذلك فقال
أبو بكر قد سألته عن ذلك فأخبرني به فقال عثمان ما هو قال أبو
بكر سألته فقلت يا رسول الله ما نجاة هذه الأمة فقال من قبل
مني الكلمة التي عرضتها على عمي فردها علي فهي له نجاة والكلمة
التي عرضها على عمه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا أرسله الله
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أسامة بن زيد عن أبيه عن عطاء بن
يسار قال اجتمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه في مرضه
الذي مات فيه فقالت صفية زوجته أما والله يا نبي الله لوددت أن الذي
بك بي فغمزتها أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأبصرهن النبي
فقال مضمضن فقلن من أي شئ يا رسول الله قال من تغامزكن
بصاحبتكن والله إنها لصادقة
أخبرنا عبيد الله بن محمد بن حفص التيمي قال أخبرنا حماد بن
سلمة عن علي بن يزيد عن القاسم بن محمد أن رجلا من أصحاب النبي
ذهب بصره فدخل عليه أصحابه يعودونه فقال إنما كنت أريدهما
لأنظر بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما إذ قبض الله
نبيه فما يسرني أن ما بهما بظبي من ظباء تبالة
أخبرنا أبو بكر بن محمد بن أبي مرة المكي أخبرنا نافع بن عمر
حدثني بن أبي مليكة قال كانت عائشة تضطجع على قبر النبي صلى
313

الله عليه وسلم قال فرأته خرج عليها في النوم فقالت والله ما هذا إلا
لشئ فتنت به ولا يخرج علي أبدا فتركت ذلك
ذكر ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ترك
أخبرنا عبد الله بن نمير أخبرنا عبد الله بن عمر عن بن شهاب عن
أبي بكر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنا لا نورث
ما تركنا صدقة
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا معمر ومالك وأسامة بن زيد عن الزهري
عن عروة عن عائشة وحدثني معمر وأسامة بن زيد و عبد الرحمن بن عبد
العزيز عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب
وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص
وعباس بن عبد المطلب قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
نورث ما تركناه فهو صدقة يريد بذلك رسول الله نفسه
أخبرنا خالد بن المخلد البجلي عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لا يقتسم ورثتي دينارا ولا درهما ما تركت بعد نفقة نسائي
ومؤونة عاملي فإنه صدقة
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة حدثني الكلبي عن
أبي صالح عن أم هانئ أن فاطمة قالت لأبي بكر من يرثك إذا مت
قال ولدي وأهلي قالت فما لك ورثت النبي دوننا فقال يا بنت
رسول الله إني والله ما ورثت أباك أرضا ولا ذهبا ولا فضة ولا غلاما ولا
مالا قالت فسهم الله الذي جعله لنا وصافيتنا التي بيدك فقال
314

إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما هي طعمة أطعمنيها
الله فإذا مت كان بين المسلمين
أخبرنا محمد بن عمر حدثني معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة
قالت إن فاطمة بنت رسول الله أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول
الله صلى الله عليه وسلم فيما أفاء الله على رسوله وفاطمة حينئذ تطلب
صدقة النبي التي بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو
بكر إن رسول الله قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد
في هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقات رسول الله عن حالها التي
كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعملن فيها بما
عمل فيها رسول الله فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت
فاطمة عليها السلام على أبي بكر فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت
بعد رسول الله ستة أشهر
أخبرنا محمد بن عمر حدثني هشام بن سعد عن عباس بن عبد الله
بن معبد عن جعفر قال جاءت فاطمة إلى أبي بكر تطلب ميراثها وجاء
العباس بن عبد المطلب يطلب ميراثه وجاء معهما علي فقال أبو بكر
قال رسول الله لا نورث ما تركنا صدقة وما كان النبي يعول فعلي فقال
علي ورث سليمان داود وقال زكريا يرثني ويرث من آل
يعقوب قال أبو بكر هو هكذا وأنت والله تعلم مثلنا أعلم فقال
علي هذا كتاب الله ينطق فسكتوا وانصرفوا
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه
قال سمعت عمر يقول لما كان اليوم الذي توفي فيه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بويع لأبي بكر في ذلك اليوم فلما كان من الغد جاءت
فاطمة إلى أبي بكر معها علي فقالت ميراثي من رسول الله أبي صلى الله
عليه وسلم فقال أبو بكر أمن الرثة أو من العقد قالت فدك
315

وخيبر وصدقاته بالمدينة أرثها كما يرثك بناتك إذا مت فقال أبو بكر
أبوك الله خير مني وأنت والله خير من بناتي وقد قال رسول الله لا
نورث ما تركنا صدقة يعني هذه الأموال القائمة فتعلمين أن أباك أن أباك أعطاكها
فوالله لئن قلت نعم لأقبلن قولك ولأصدقنك قالت جاءتني أم
أيمن فأخبرتني أنه أعطاني فدك قال فسمعته يقول هي لك فإذا قلت
قد سمعته فهي لك فأنا أصدقك وأقبل قولك قالت قد أخبرتك ما
عندي
أخبرنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن جابر عن عامر
قال مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يوص إلا بمسكن
أزواجه وأرض
أخبرنا الفضل بن دكين والحسن بن موسى قالا أخبرنا زهير
عن أبي إسحاق عن عمرو بن الحارث ختن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أخي امرأته جويرية قال والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه
وسلم عند موته درهما ولا دينارا ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا إلا بغلته
البيضاء وسلاحه وأرضا تركها صدقة
أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق أخبرنا سفيان يعني الثوري عن
أبي إسحاق عن عمرو بن الحارث بن المصطلق وأخبرنا عبيد الله بن موسى
عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو قال لم يترك رسول الله إلا بغلته
البيضاء وسلاحه وأرضا جعلها صدقة
أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق أخبرنا سفيان وأخبرنا هاشم بن
القاسم أخبرنا شيبان أبو معاوية وأخبرنا الفضل بن دكين ومحمد بن
عبد الله الأسدي قالا أخبرنا مسعر كلهم عن عاصم عن زر بن حبيش عن
عائشة أن إنسانا سألها عن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت
عن ميراث رسول الله تسألني لا أبا لك توفي رسول الله ولم يدع دينارا
316

ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شاة ولا بعيرا
أخبرنا الفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي قالا أخبرنا
مسعر عن عدي بن ثابت عن علي بن الحسين قال توفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولم يدع دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة
أخبرنا عفان بن مسلم قال أخبرنا ثابت أبو زيد قال أخبرنا
هلال بن خباب عن عكرمة عن بن عباس قال مات رسول الله وما ترك
دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا وليدة وترك درعه رهنا عند
يهودي بثلاثين صاعا من شعير
ذكر من قضى دين رسول الله
صلى الله عليه وسلم وعداته
أخبرنا هاشم بن القاسم الكناني أخبرنا أبو معشر المديني عن زيد بن
أسلم وعمر بن عبد الله مولى غفرة قالا لما قبض رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال أبو بكر لما جاءه مال من البحرين من كانت له
على النبي عدة فليأتني قال فجاءه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال
إن النبي وعدني إذا أتاه مال البحرين أن يعطيني هكذا وهكذا وهكذا
وأشار بكفيه فقال أبو بكر خذ فأخذ بكفيه فعده خمسمائة درهم
فأعطاه إياها وألفا ثم جاءه ناس كان وعدهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأخذ كل إنسان ما كان وعده ثم قسم ما بقي من المال فأصاب كل
إنسان منهم عشرة دراهم
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا بردان بن أبي النضر عن محمد بن
المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
317

لو قدم مال من البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا فلم يقدم به
حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم به على أبي بكر
قال من كانت له عدة عند رسول الله فليأت قال جابر قلت قد كان
وعدني إذا جاء مال البحرين أن يعطيني هكذا وهكذا وهكذا قال
خذ فأخذت أول مرة فكانت خمسمائة ثم أخذت الثنتين
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا سفيان يعني بن عيينة عن محمد بن
المنكدر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا جاءنا مال
البحرين أعطيتك كذا وكذا وكذا وأشار بيديه ثلاث فقدم على أبي بكر
فقال أبو بكر من كانت له عند رسول الله عدة فليأتنا قال جابر فأتيته
فقال لي خذ فأخذت غرفة فوجدتها خمسمائة وأخذت أخذتين
مثلها
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبيد الله بن عبد العزيز عن حكيم بن
حكيم بن حنيف عن أبي جعفر عن جابر أن أبا بكر خطب بعد
وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من كانت له عدة عند
رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقم فقام جابر بن عبد الله فقال
وعدني إذا جاء مال البحرين يحثى لي ثلاث مرات قال فحثا له
ثلاث مرات
أخبرنا محمد بن عمر حدثني سفيان يعني بن عيينة عن عمرو بن
دينار عن أبي جعفر عن جابر قال قال لي أبو بكر اغرف فغرفت أول غرفة
فوجدتها خمسمائة قال فقال عد واغرف مثلها ففعلت
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا الضحاك بن عثمان عن ضمرة بن سعيد
عن أبي سعيد الخدري قال سمعت منادي أبي بكر ينادي بالمدينة حين
قدم عليه مال البحرين من كانت له عدة عند رسول الله صلى الله عليه
وسلم فليأت فيأتيه رجال فيعطيهم فجاء أبو بشير المازني فقال إن
318

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أبا بشير إذا جاءنا شئ فأتنا
فأعطاه أبو بكر حفنتين أو ثلاثا فوجدها ألفا وأربعمائة درهم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن محمد بن عمر عن جعفر
بن محمد عن أبيه عن جابر قال قضى علي بن أبي طالب دين رسول الله
صلى الله عليه وسلم وقضى أبو بكر عداته
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن جعفر عن عبد الواحد بن
أبي عون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما توفي أمر علي
صائحا يصيح من كان له عند رسول الله عدة أو دين فليأتني فكان
يبعث كل عام عند العقبة يوم النحر من يصيح بذلك حتى توفي علي ثم
كان الحسن بن علي يفعل ذلك حتى توفي ثم كان الحسين يفعل ذلك
وانقطع ذلك بعده وسلامه قال بن أبي عون فلا يأتي
أحد من خلق الله إلى علي بحق ولا باطل إلا أعطاه
ذكر من رثى النبي صلى الله عليه وسلم
قال محمد بن عمر الواقدي عن رجاله قال أبو بكر الصديق يرثي
رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا عين فابكي ولا تسأمي وحق البكاء على السيد
على خير خندف عند البلاء أمسى يغيب في الملحد
فصلى المليك ولي العباد ورب البلاد على أحمد
فكيف الحياة لفقد الحبيب وزين المعاشر في المشهد
فليت الممات لنا كلنا وكنا جميعا مع المهتدي
319

قال الواقدي وقال أبو بكر الصديق أيضا
لما رأيت نبينا متجدلا ضاقت علي بعرضهن الدور
وارتعت روعة مستهام واله والعظم مني واهن مكسور
أعتيق ويحك إن حبك قد ثوى وبقيت منفردا وأنت حسير
يا ليتني من قبل مهلك صاحبي غيبت في جدث علي صخور
فلتحدثني بدائع من بعده تعيا بهن جوانح وصدور
قال الواقدي وقال أبو بكر أيضا
باتت تأوبني هموم حشد مثل الصخور فأمست هدت الجسدا
يا ليتني حيث نبئت الغداة به قالوا الرسول قد أمسى ميتا فقدا
ليت القيامة قامت بعد مهلكه ولا نرى بعده مالا ولا ولدا
والله أثني على شئ فجعت به من البرية حتى أدخل اللحدا
كم لي بعدك من هم ينصبني إذا تذكرت أني لا أراك بدا
كان المصفاء في الأخلاق قد علموا وفي العفاف فلم نعدل به أحدا
نفسي فداؤك من ميت ومن بدن ما أطيب الذكر والأخلاق والجسدا
وأنشدنا هشام بن محمد الكلبي عن عثمان بن عبد الملك أن عمران بن
بلال بن عبد الله بن أنيس قال سمعتها من مشيختنا قال قال عبد الله بن أنيس
يرثي النبي صلى الله عليه وسلم
تطاول ليلي واعترتني القوارع وخطب جليل للبلية جامع
320

غداة نعى الناعي إلينا محمدا وتلك التي تستك منها المسامع
فلو رد ميتا قتل نفسي قتلتها ولكنه لا يدفع الموت دافع
فآليت لا أثني على هلك هالك من الناس ما أوفى ثبير وفارع
ولكنني باك عليه ومتبع مصيبته إني إلى الله راجع
وقد قبض الله النبيين قبله وعاد أصيبت بالرزى والتبابع
فيا ليت شعري من يقوم بأمرنا وهل في قريش من إمام ينازع
ثلاثة رهط من قريش هم هم أزمة هذا الامر والله صانع
علي أو الصديق أو عمر لها وليس لها بعد الثلاثة رابع
فإن قال منا قائل غير هذه أبينا وقلنا الله راء وسامع
فيا لقريش قلدوا الامر بعضهم فإن صحيح القول للناس نافع
ولا تبطئوا عنها فواقا فإنها إذا قطعت لم يمن فيها المطامع
أخبرنا قتيبة بن سعيد أبو رجاء البلخي أخبرنا ليث بن سعد عن
خالد بن يزيد عن سعيد يعني بن أبي هلال أن حسان بن ثابت قال وهو
يرثي رسول الله صلى الله عليه وسلم
والله ما حملت أنثى ولا وضعت مثل النبي رسول الأمة الهادي
أمسى نساؤك عطلن البيوت فما يضربن خلف قفا ستر بأوتاد
مثل الرواهب يلبسن المسوح وقد أيقن بالبؤس بعد النعمة البادي
وقال حسان بن ثابت أيضا يرثي رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيما أنشدنا أبو عمرو الشيباني
321

آليت حلفة بر غير ذي دخل مني ألية حق غير إفناد
بالله ما حملت أنثى ولا وضعت مثل النبي نبي الرحمة الهادي
ولا مشى فوق ظهر الأرض من أحد أوفى بذمة جار أو بميعاد
من الذي كان نورا يستضاء به مبارك الامر ذا حزم وإرشاد
مصدقا للنبيين الألى سلفوا وأبذل الناس للمعروف للجادي
خير البرية إني كنت في نهر جار فأصبحت مثل المفرد الصادي
أمسى نساؤك عطلن البيوت فما يضربن خلف قفا ستر بأوتاد
مثل الرواهب يلبسن المسوح وقد أيقن بالبؤس بعد النعمة البادي
وقال أبو عمرو قال حسان يرثيه صلى الله عليه وسلم
ما بال عينك لا تنام كأنما كحلت مآقيها بكحل الأرمد
جزعا على المهدي أصبح ثاويا يا خير من وطئ الحصى لا تبعد
يا ويح أنصار النبي ورهطه بعد المغيب في سواء الملحد
جنبي يقيك الترب لهفي ليتني كنت المغيب في الضريح الملحد
يا بكر آمنة المبارك ذكره ولدته محصنة بسعد الأسعد
نورا أضاء على البرية كلها من يهد للنور المبارك يهتد
أأقيم بعدك بالمدينة بينهم يا لهف نفسي ليتني لم أولد
بأبي وأمي من شهدت وفاته في يوم الاثنين النبي المهتدي
فظللت بعد وفاته متلددا يا ليتني صبحت سم الأسود
أو حل أمر الله فينا عاجلا في روحة من يومنا أو من غد
322

فتقوم ساعتنا فنلقى سيدا محضا مضاربه كريم المحتد
يا رب فاجمعنا معا ونبينا في جنة تفقئ عيون الحسد
في جنة الفردوس واكتبها لنا يا ذا الجلال وذا العلا والسودد
والله أسمع ما حييت بهالك إلا بكيت على النبي محمد
ضاقت بالأنصار البلاد فأصبحوا سودا وجوههم كلون الأثمد
ولقد ولدناه وفينا قبره وفضول نعمته بنا لا تجحد
والله أهداه لنا وهدى به أنصاره في كل ساعة مسهد
صلى الاله ومن يحف بعرشه والطيبون على المبارك أحمد
قال قال أبو عمرو السيباني وقال حسان بن ثابت يرثي النبي
صلى الله عليه وسلم
يا عين جودي بدمع منك إسبال ولا تملن من سح وإعوال
لا ينفدن لي بعد اليوم دمعكما إني مصاب وإني لست بالسالي
فإن منعكما من بعد بذلكما إياي مثل الذي قد غر بالآل
لكن أفيضي على صدري بأربعة إن الجوانح فيها هاجس صالي
سح الشعيب وماء الغرب يمنحه ساق يحمله ساق بإزلال
حامي الحقيقة نسال الوديقة فكاك العناة كريم ماجد عال
على رسول لنا محض ضريبته سمح الخليقة عف غير مجهال
كشاف مكرمة مطعام مسغبة وهاب عانية وجناء شملال
عف مكاسبه جزل مواهبه خير البرية سمح غير نكال
323

واري الزناد وقواد الجياد إلى يوم الطراد إذا شبت بأجذال
ولا أزكي على الرحمن ذا بشر لكن علمك عند الواحد العالي
إني أرى الدهر والأيام يفجعني بالصالحين وأبقى ناعم البال
يا عين فابكي رسول الله إذ ذكرت ذات الاله فنعم القائد الوالي
قال أبو عمرو وقال حسان بن ثابت يرثي النبي صلى الله عليه
وسلم
نسب المساكين أن الخير فارقهم مع الرسول تولى عنه سحرا
من ذا الذي عنده رحلي وراحلتي ورزق أهلي إذا لم نؤنس المطرا
ذاك الذي ليس يخشاه مجالسه إذا الجليس سطا في القول أو عثرا
كان الضياء وكان النور نتبعه وكان بعد الاله السمع والبصرا
فليتنا يوم واروه بمخبئه وغيبوه وألقوا فوقه المدرا
لم يترك الله خلقا من بريته ولم يعش بعده أنثى ولا ذكرا
ذلت رقاب بني النجار كلهم وكان أمرا من الرحمن قد قدرا
قال أبو عمرو قال كعب بن مالك يرثي رسول الله صلى الله عليه
وسلم
يا عين فابكي بدمع ذرى لخير البرية والمصطفى
وبكي الرسول وحق البكاء عليه لدى الحرب عند اللقا
على خير من حملت ناقة وأتقى البرية عند التقى
على سيد ماجد جحفل وخير الأنام وخير اللها
324

له حسب فوق كل الأنام من هاشم ذلك المرتجى
نخص بما كان من فضله وكان سراجا لنا في الدجى
وكان بشيرا لنا ومنذرا ونورا لنا ضوءه قد أضا
فأنقذنا الله في نوره ونجى برحمته من لظى
قال وفيها أنشدنا الواقدي قالت أروى بنت عبد المطلب ترثي رسول
الله صلى الله عليه وسلم
ألا يا عين ويحك أسعديني بدمعك ما بقيت وطاوعيني
ألا يا عين ويحك واستهلي على نور البلاد وأسعديني
فإن عذلتك عاذلة فقولي علام وفيم ويحك تعذليني
على نور البلاد معا جميعا رسول الله أحمد فاتركيني
فإلا تقصري بالعذل عني فلومي ما بدا لك أو دعيني
لأمر هدني وأذل ركني وشيب بعد جدتها قروني
وقالت أروى بنت عبد المطلب أيضا
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا وكنت بنا برا ولم تك جافيا
وكنت بنا روفا رحيما نبينا ليبك عليك اليوم من كان باكيا
لعمرك ما أبكي النبي لموته ولكن لهرج كان بعدك آتيا
كأن على قلبي لذكر محمد وما خفت من بعد النبي المكاويا
أفاطم صلى الله رب محمد على جدث أمسى بيثرب ثاويا
أبا حسن فارقته وتركته فبك بحزن آخر الدهر شاجيا
325

فدا لرسول الله أمي وخالتي وعمي ونفسي قصرة ثم خاليا
صبرت وبلغت الرسالة صادقا وقمت صليب الدين أبلج صافيا
فلو أن رب الناس أبقاك بيننا سعدنا ولكن أمرنا كان ماضيا
عليك من الله السلام تحية وأدخلت جنات من العدن راضيا
قال وقالت عاتكة بنت عبد المطلب ترثي رسول الله صلى الله عليه
وسلم
عيني جودا طوال الدهر وانهمرا * سكبا وسحا بدمع غير تعذير
يا عين فاسحنفري بالدمع واحتفلي * حتى الممات بسجل غير منزور
يا عين فانهملي بالدمع واجتهدي * للمصطفى دون خلق الله بالنور
بمستهل من الشؤبوب ذي سيل * فقد رزئت نبي العدل والخير
وكنت من حذر للموت مشفقة * وللذي خط من تلك المقادير
من فقد أزهر ضافي الخلق ذي فخر * صاف من العيب والعاهات والزور
فاذهب حميدا جزاك الله مغفرة * يوم القيامة عند النفخ في الصور
وقالت عاتكة بنت عبد المطلب
يا عين جودي ما بقيت بعبرة * سحا على خير البرية أحمد
يا عين فاحتفلي وسحي واسجمي * وابكي على نور البلاد محمد
أنى لك الويلات مثل محمد في * كل نائبة تنوب ومشهد
فابكي المبارك والموفق ذا التقى * حامي الحقيقة ذا الرشاد المرشد
من ذا يفك عن المغلل غله بعد * المغيب في الضريح الملحد
326

أم من لكل مدفع ذي حاجة * ومسلسل يشكو الحديد مقيد
أم من لوحي الله يترك بيننا * في كل ممسى ليلة أو في غد
فعليك رحمة ربنا وسلامه يا * ذا الفواضل والندى والسودد
هلا فداك الموت كل ملعن * شكس خلائقه لئيم المحتد
وقالت عاتكة بنت عبد المطلب أيضا
أعيني جودا بالدموع السواجم على المصطفى بالنور من آل هاشم
على المصطفى بالحق والنور والهدى وبالرشد بعد المندبات العظائم
وسحا عليه وابكيا ما بكيتما على المرتضى للمحكمات العزائم
على المرتضى للبر والعدل والتقى وللدين والاسلام بعد المظالم
على الطاهر الميمون ذي الحلم والندى وذي الفضل والداعي لخير التراحم
أعيني ماذا بعدما قد فجعتما به تبكيان الدهر من ولد آدم
فجودا بسجل واندبا كل شارق ربيع اليتامى في السنين البوازم
قال وقالت صفية بنت عبد المطلب ترثي رسول الله صلى الله عليه
وسلم
لهف نفسي وبت كالمسلوب آرق الليل فعلة المحروب
من هموم وحسرة ردفتني ليت أني سقيتها بشعوب
حين قالوا إن الرسول قد أمسى وافقته منية المكتوب
إذ رأينا أن النبي صريع فأشاب القذال أي مشيب
إذ رأينا بيوته موحشات ليس فيهن بعد عيش حبيبي
327

أورث القلب ذاك حزنا طويلا خالط القلب فهو كالمرعوب
ليت شعري كيف أمسي صحيحا بعد أن بين بالرسول القريب
أعظم الناس في البرية حقا سيد الناس حبه في القلوب
فإلى الله ذاك أشكو وحسبي يعلم الله حوبتي ونحيبي
وقالت صفية بنت عبد المطلب
أفاطم بكي ولا تسأمي بصبحك ما طلع الكوكب
هو المرء يبكي وحق البكاء هو الماجد السيد الطيب
فأوحشت الأرض من فقده وأي البرية لا ينكب
فما لي بعدك حتى الممات إلا الجوى الداخل المنصب
فبكى الرسول وحقت له شهود المدينة والغيب
لتبكيك شمطاء مضرورة إذا حجب الناس لا تحجب
ليبكبك شيخ أو ولدة يطوف بعقوته أشهب
ويبكيك ركب إذا أرملوا فلم يلف ما طلب الطلب
وتبكي الأباطح من فقده وتبكيه مكة والأخشب
وتبكي وعيرة من فقده بحزن ويسعده الميثب
فعيني ما لك لا تدمعين وحق لدمعك يستسكب
وقالت صفية بنت عبد المطلب أيضا
أعيني جودا بدمع سجم يبادر غربا بما منهدم
أعيني فاسحنفرا واسكبا بوجد وحزن شديد الألم
328

على صفوة الله رب العباد ورب السماء وباري النعم
على المرتضى للهدى والتقى وللرشد والنور بعد الظلم
على الطاهر المرسل المجتبئ رسول تخيره ذو الكرم
وقالت صفية بنت عبد المطلب أيضا
أرقت فبت ليلي كالسليب لوجد في الجوانح ذي دبيب
فشيبني وما شابت لداتي فأمسى الرأس مني كالعسيب
لفقد المصطفى بالنور حقا رسول الله ما لك من ضريب
كريم الخيم أروع مضرحي طويل الباع منتجب نجيب
ثمال المعدمين وكل جار ومأوى كل مضطهد غريب
فإن تمس في جدث مقيما فقدما عشت ذا كرم وطيب
وكنت موفقا في كل أمر و فيما ناب من حدث الخطوب
وقالت صفية بنت عبد المطلب
عين جودي بدمعة تسكاب للنبي المطهر الأواب
واندبي المصطفى فعمي وخصي بدموع غزيرة الاسراب
عين من تندبين بعد نبي خصه الله ربنا بالكتاب
فاتح خاتم رحيم رؤوف صادق القيل طيب الأثواب
مشفق ناصح شفيق علينا رحمة من إلهنا الوهاب
رحمة الله والسلام عليه وجزاه المليك حسن الثواب
329

وقالت صفية بنت عبد المطلب أيضا
عين جودي بدمعة وسهود واندبي خير هالك مفقود
واندبي المصطفى بحزن شديد خالط القلب فهو كالمعمود
كدت أقضي الحياة لما أتاه قدر خط في كتاب مجيد
فلقد كان بالعباد رؤوفا ولهم رحمة وخير رشيد
رضي الله عنه حيا وميتا وجزاه الجنان يوم الخلود
وقالت صفية بنت عبد المطلب أيضا
آب ليلي علي بالتسهاد وجفا الجنب غير وطئ الوساد
واعترتني الهموم جدا بوهن لأمور نزلن حقا شداد
رحمة كان للبرية طرا فهدى من أطاعه للسداد
طيب العود والضريبة والشيم محض الأنساب واري الزناد
أبلج صادق السجية عف صادق الوعد منتهى الرواد
عاش ما عاش في البرية برا ولقد كان نهبة المرتاد
ثم ولى عنا فقيدا حميدا فجزاه الجنان رب العباد
وقالت هند بنت الحارث بن عبد المطلب ترثي رسول الله صلى الله
عليه وسلم
يا عين جودي بدمع منك وابتدري كما تنزل ماء الغيث فانثعبا
أو فيض غرب على عادية طويت في جدول خرق بالماء قد سربا
لقد أتتني من الانباء معضلة أن بن آمنة المأمون قد ذهبا
330

أن المبارك والميمون في جدث قد ألحفوه تراب الأرض والحدبا
أليس أوسطكم بيتا وأكرمكم خالا وعما كريما ليس مؤتشبا
قال وقالت هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف أخت
مسطح بن أثاثة ترثي النبي صلى الله عليه وسلم
أشاب ذؤابي وأذل ركني بكاؤك فاطم الميت الفقيدا
فأعطيت العطاء فلم تكدر وأخدمت الولائد والعبيدا
وكنت ملاذنا في كل لزب إذا هبت شامية برودا
وإنك خير من ركب المطايا وأكرمهم إذا نسبوا جدودا
رسول الله فارقنا وكنا نرجي أن يكون لنا خلودا
أفاطم فاصبري فلقد أصابت رزيئتك التهائم والنجودا
وأهل البر والأبحار طرا فلم تخطئ مصيبته وحيدا
وكان الخير يصبح في ذراه سعيد الجد قد ولد السعودا
وقالت هند بنت أثاثة
أيضا ألا يا عين بكي لا تملي فقد بكر النعي بمن هويت
وقد بكر النعي بخير شخص رسول الله حقا ما حييت
ولو عشنا ونحن نراك فينا وأمر الله يترك ما بكيت
فقد بكر النعي بذاك عمدا فقد عظمت مصيبة من نعيت
وقد عظمت مصيبته وجلت وكل الجهد بعدك قد لقيت
إلى رب البرية ذاك نشكو فإن الله يعلم ما أتيت
أفاطم إنه قد هد ركني وقد عظمت مصيبة من رزيت
331

وقالت هند بنت أثاثة أيضا
قد كان بعدك أنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وإبلها فاحتل لقومك وأشهدهم ولا تغب
قد كنت بدرا ونورا يستضاء به عليك تنزل من ذي العزة الكتب
وكان جبريل بالآيات يحضرنا فغاب عنا وكل الغيب محتجب
فقد رزئت أبا سهلا خليقته محض الضريبة والأعراق والنسب
وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل ترثي رسول الله صلى الله
عليه وسلم
أمست مراكبه أوحشت وقد كان يركبها زينها
وأمست تبكي على سيد تردد عبرتها عينها
وأمست نساؤك ما تستفيق من الحزن يعتادها دينها
وأمست شواحب مثل النصال قد عطلت وكبا لونها
يعالجن حزنا بعيد الذهاب وفي الصدر مكتنع حينها
يضربن بالكف حر الوجوه على مثله جادها شونها
هو الفاضل السيد المصطفى على الحق مجتمع دينها
فكيف حياتي بعد الرسول وقد حان من ميتة حينها
وقالت أم أيمن ترثي النبي صلى الله عليه وسلم
عين جودي فإن بذلك للدمع شفاء فأكثري م البكاء
حين قالوا الرسول أمسى فقيدا ميتا كان ذاك كل البلاء
332

وابكيا خير من رزئناه في الدنيا ومن خصه بوحي السماء
بدموع غزيرة منك حتى يقضي الله فيك خير القضاء
فلقد كان ما علمت وصولا ولقد جاء رحمة بالضياء
ولقد كان بعد ذلك نورا وسراجا يضئ في الظلماء
طيب العود والضريبة والمعدن والخيم خاتم الأنبياء
آخر خبر النبي صلى الله عليه وسلم
333

ذكر من كان يفتي بالمدينة ويقتدى به من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك
وإلى من انتهى علمهم
أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن خراش
عن حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقتدوا بالذين من
بعدي أبي بكر وعمر
أخبرنا وكيع بن الجراح والضحاك بن مخلد أبو عاصم الشيباني وقبيصة
بن عقبة قالوا قال أخبرنا سفيان الثوري عن عبد الملك بن عمير عن
مولى لربعي بن حراش عن حذيفة قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله
عليه وسلم فقال إني لست أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا بالذين من
بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر
أخبرنا وكيع بن الجراح ومحمد بن عبيد عن سالم أبي العلاء المرادي
عن عمرو بن هرم الأزدي عن ربعي بن حراش وأبي عبد الله رجل من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حذيفة قال كنا جلوسا عند النبي
صلى الله عليه وسلم فقال إني لست أدري ما بقائي فيكم فاقتدوا بالذين
من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا
بعهد أم عبد
أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي عن يحيى بن المغيرة بن عبد الرحمن
بن الحارث بن هشام عن عكرمة بن خالد المخزومي عن بن عمر أنه سئل
من كان يفتي الناس في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو
334

بكر وعمر ما أعلم غيرهما
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أسامة بن زيد بن أسلم عن مسلم بن سمعان
عن القاسم بن محمد قال كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يفتون على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة عن عبد الله بن المبارك عن يونس بن
يزيد عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم يقول بينا أنا نائم أتيت بقدح من لبن فشربت حتى
إني لأرى الري يجري في أظافيري أو قال أظفاري ثم أعطيت فضله
عمر قالوا فما أولت ذلك قال العلم
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أخبرنا عبد الرحمن بن أبي
الزناد عن الضحاك بن عثمان عن ختن خفاف بن إيماء عن خفاف بن إيماء
أنه كان يصلي الجمعة مع عبد الرحمن بن عوف فإذا خطب عمر سمعته
يقول أشهد أنك معلم فتعجب عبد الرحمن بن أبي الزناد منه
فقلت يا أبا محمد لم تعجب منه فقال إني سمعت بن أبي عتيق يحدث
عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي
إلا في أمته معلم أو معلمان وإن يكن في أمتي أحد فابن الخطاب إن
الحق على لسان عمر وقلبه
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن علية الأسدي ويزيد بن هارون
ويعلى بن عبيد قالوا أخبرنا محمد بن إسحاق عن مكحول عن غضيف
بن الحارث سمع أبا ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به
أخبرنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي أخبرنا نافع بن أبي
نعيم عن نافع بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله
جعل الحق على لسان عمر وقلبه
335

أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي حدثني هارون البربري عن رجل
من أهل المدينة قال دفعت إلى عمر بن الخطاب فإذا الفقهاء عنده
مثل الصبيان قد استعلى عليهم في فقهه وعلمه
أخبرنا أبو معاوية الضرير أخبرنا الأعمش عن شفيق قال قال عبد
الله بن مسعود لو وضع علم أحياء العرب في كفة وعلم عمر في كفة
لرجح بهم علم عمر قال أبو معاوية فقال الأعمش فحدثت بهذا الحديث
إبراهيم فقال قال عبد الله إن كنا لنحسب عمر قد ذهب بتسعة أعشار
العلم
أخبرنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن شمر قال قال حذيفة
لكأن علم الناس كان مدسوسا في جحر مع عمر
أخبرنا محمد بن الفضيل بن غزوان الضبي عن أشعث عن عامر قال
إذا اختلف الناس في أمر فانظر كيف قضى فيه عمر فإنه لم يكن يقضي
في أمر لم يقض فيه قبله حتى يشاور
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن أيوب عن محمد قال سألت
عبيدة عن شئ من الجد فقال ما تريد إليه لقد حفظت فيه مائة قضية عن
عمر قلت كلها عن عمر قال كلها عن عمر
أخبرنا حجاج بن محمد عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبيه قال
قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن مسعود ولأبي الدرداء ولأبي ذر ما هذا
الحديث عن رسول الله قال أحسبه قال ولم يدعهم يخرجون من
المدينة حتى مات
أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي أخبرنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه
عن محمود بن لبيد قال سمعت عثمان بن عفان على منبر يقول لا يحل
لاحد يروي حديثا لم يسمع به في عهد أبي بكر ولا عهد عمر فإنه لم يمنعني
أن أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أكون من أوعى أصحابه
336

عنه ألا أني سمعته صلى الله عليه وسلم يقول من قال علي ما لم أقل
فقد تبوأ مقعده من النار
علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه
أخبرنا يعلى بن عبيد أخبرنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي
البختري عن علي قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن
فقلت يا رسول الله بعثتني وأنا شاب أقضي بينهم ولا أدري ما القضاء
فضرب صدري بيده ثم قال اللهم اهد قلبه وثبت لسانه فوالذي فلق
الحبة ما شككت في قضاء بين اثنين
أخبرنا الفضل بن عنبسة الخزاز الواسطي قال أخبرنا شريك
عن سماك عن حنش بن المعتمر عن علي قال بعثني رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا فقلت يا رسول الله إنك ترسلني إلى قوم
يسألونني ولا علم لي بالقضاء فوضع يده على صدري وقال إن الله
سيهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا قعد الخصمان بين يديك فلا تقض
حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبين لك
القضاء فما زلت قاضيا أو ما شككت في قضاء بعد
أخبرنا عبيد الله بن موسى العبسي أخبرنا شيبان عن أبي إسحاق
عن عمرو بن حبشي عن حارثة عن علي وأخبرنا عبيد الله بن موسى وحدثني
إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة عن علي قال بعثني النبي صلى الله
عليه وسلم إلى اليمن فقلت يا رسول الله إنك بعثتني إلى قوم شيوخ ذوي
أسنان وإني أخاف أن لا أصيب فقال إن الله سيثبت لسانك ويهدي
قلبك
337

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا أبو بكر بن عياش عن
نصير عن سليمان الأحمسي عن أبيه قال قال علي والله ما نزلت آية
إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت إن ربي وهب
لي قلبا عقولا ولسانا طلقا
أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي أخبرنا عبيد الله بن عمرو عن معمر
عن وهب بن أبي دبي عن أبي الطفيل قال قال علي سلوني عن كتاب
الله فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار في سهل أم
في جبل
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب وابن عون عن محمد قال
نبئت أن عليا أبطأ عن بيعة أبي بكر فلقيه أبو بكر فقال أكرهت إمارتي
فقال لا ولكنني آليت بيمين أن لا أرتدي بردائي إلا إلى الصلاة حتى أجمع
القرآن قال فزعموا أنه كتبه على تنزيله قال محمد فلو أصيب ذلك
الكتاب كان فيه علم قال بن عون فسألت عكرمة عن ذلك الكتاب
فلم يعرفه
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك المدني عن عبد الله بن محمد بن
عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه أنه قيل لعلي ما لك أكثر أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فقال إني كنت إذا سألته
أنبأني وإذا سكت ابتدأني
أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي قال أخبرنا شعبة عن سماك بن
حرب قال سمعت عكرمة يحدث عن بن عباس قال إذا حدثنا ثقة
عن علي بفتيا لا نعدوها
أخبرنا وهب بن جرير بن حازم وعمرو بن الهيثم أبو قطن قالا
أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن علقمة عن عبد الله
قال كنا نتحدث أن من أقضى أهل المدينة بن أبي طالب
338

أخبرنا عبد الله بن نمير الهمداني أخبرنا إسماعيل عن أبي إسحاق أن
عبد الله كان يقول أقضى أهل المدينة بن أبي طالب
أخبرنا خالد بن مخلد البجلي حدثني يزيد بن عبد الملك بن المغيرة
النوفلي عن علي بن محمد بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن
أبي هريرة قال قال عمر بن الخطاب علي أقضانا
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا سيف بن سليمان عن قيس مولى
بن علقمة عن داود بن أبي عاصم الثقفي عن سعيد بن المسيب قال خرج
عمر بن الخطاب على أصحابه يوما فقال أفتوني في شئ صنعته اليوم
فقالوا ما هو يا أمير المؤمنين قال مرت جارية لي فأعجبتني فوقعت
عليها وأنا صائم قال فعظم عليه القوم وعلي ساكت فقال ما تقول
يا بن أبي طالب فقال جئت حلالا ويوما مكان يوم فقال أنت
خيرهم فتوى
أخبرنا عبيد الله بن عمر القواريري أخبرنا مؤمل بن إسماعيل أخبرنا
سفيان بن عيينة أخبرنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال كان
عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو حسن
أخبرنا يعلى بن عبيد و عبد الله بن نمير قالا أخبرنا الأعمش عن
حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال خطبنا عمر
فقال علي أقضانا وأبي أقرؤنا وإنا لنترك أشياء مما يقول أبي إن
أبيا يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أدع قول رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقد نزل بعد أبي كتاب
أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال أخبرنا شعبة عن حبيب بن الشهيد
عن بن أبي مليكة عن بن عباس قال قال عمر أقضانا علي وأقرؤنا
أبي
أخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم أخبرنا إسرائيل عن سماك عن
339

عكرمة عن بن عباس قال قال عمر علي أقضانا وأبي أقرؤنا وإنا لنرغب
عن كثير من لحن أبي
أخبرنا عبد الله بن نمير أخبرنا إسماعيل عن سعيد بن جبير قال
قال عمر علي أقضانا وأبي أقرؤنا
أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي أخبرنا عبد الملك عن عطاء قال كان
عمر يقول علي أقضانا للقضاء وأبي أقرؤنا للقرآن
عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن
الفضيل بن أبي عبد الله عن عبد الله بن دينار الأسلمي عن أبيه قال كان عبد
الرحمن بن عوف ممن يفتي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبي بكر وعمر وعثمان بما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم
أبي بن كعب رحمه الله
أخبرنا عبد الله بن نمير عن الأجلح عن بن أبزى عن أبيه عن أبي
بن كعب وأخبرنا مؤمل بن إسماعيل وقبيصة بن عقبة قالا أخبرنا سفيان
الثوري أخبرنا أسلم المنقري قال مؤمل عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى
وقال قبيصة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى قالا جميعا عن أبيه عن أبي
بن كعب وأخبرنا روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس
وأخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عمار
بن أبي عمار قال سمعت أبا حبة البدري وأخبرنا عفان أخبرنا همام
340

بن يحيى عن قتادة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأبي بن كعب أمرت أن أعرض عليك القرآن وقال بعضهم سورة
كذا وكذا قال قلت وقد ذكرت هناك وقال بعضهم سماني الله
لك فقال نعم فذرفت عيناه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فبفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون
قال عفان في حديثه عن همام عن قتادة عن أنس وأنبئت أنه قرأ عليه
لم يكن
أخبرنا خالد بن مخلد البجلي حدثني يزيد بن عبد الملك بن المغيرة
النوفلي سمعت يزيد بن خصيفة أخبرني أبي عن السائب بن يزيد قال
لما أنزل الله على رسوله اقرأ باسم ربك الذي خلق جاء النبي
صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب فقال إن جبريل أمرني أن آتيك حتى
تأخذها وتستظهرها فقال أبي بن كعب يا رسول الله سماني الله
قال نعم
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا وهيب بن خالد أخبرنا خالد الحذاء
عن أبي قلابة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقرأ
أمتي أبي بن كعب
أخبرنا المعلى بن أسد أخبرنا عبد الواحد بن زياد أخبرنا أبو فروة
سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول قال عمر بن الخطاب أبي أقرؤنا
341

عبد الله بن مسعود
أخبرنا أبو معاوية الضرير أخبرنا الأعمش عن أبي ظبيان عن بن
عباس قال أي القراءتين تعدون أولى قال قلنا قراءة عبد الله فقال
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض عليه القرآن في كل
رمضان مرة إلا العام الذي قبض فيه فإنه عرض عليه مرتين فحضره
عبد الله بن مسعود فشهد ما نسخ منه وما بدل
أخبرنا يحيى بن عيسى الرملي عن سفيان عن الأعمش عن أبي الضحى
عن مسروق قال قال عبد الله ما أنزلت سورة إلا وأنا أعلم فيما نزلت
ولو أعلم أن أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل أو المطايا لاتيته
أخبرنا أبو معاوية الضرير أخبرنا الأعمش عن إبراهيم قال قال
عبد الله أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين
سورة
أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال أخبرنا شعبة عن إبراهيم
بن مهاجر عن إبراهيم عن عبد الله وأخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم
أخبرنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن أبي الضحى عن عبد الله قال
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ علي فقلت كيف أقرأ
عليك وعليك أنزل قال إني أحب وقال وهب في حديثه إني أشتهي
أن أسمعه من غيري قال فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا بلغت
فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء
شهيدا قال أبو نعيم في حديثه فقال لي حسبك وقالا جميعا فنظرت
إليه وقد اغرورقت عينا النبي صلى الله عليه وسلم وقال من سره
أن يقرأ القرآن غضا كما نزل فليقرأه قراءة بن أم عبد
أخبرنا عبد الله بن نمير أخبرنا الأعمش عن مسلم بن صبيح عن
342

مسروق قال لقد جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدتهم
كالأخاذ فالأخاذ يروي الرجل والأخاذ يروي الرجلين والأخاذ
يروي العشرة والأخاذ يروي المائة والأخاذ لو نزل به أهل الأرض
لأصدرهم فوجدت عبد الله بن مسعود من ذلك الأخاذ
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا عبد الواحد بن زياد أخبرنا سليمان
الأعمش عن مالك بن الحارث عن أبي الأحوص قال كان نفر من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم أو قال عدة من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم في دار أبي موسى يعرضون مصحفا قال فقام عبد الله فخرج
فقال أبو مسعود هذا أعلم من بقي بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه
وسلم وفي موضع آخر قال فقال أبو موسى إن يكن كذلك فقد كان
يؤذن له إذا حجبنا ويشهد إذا غبنا
أخبرنا وكيع بن الجراح عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي عمرو
الشيباني قال قال أبو موسى الأشعري لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم
يعني بن مسعود
أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي أخبرنا شريك عن أبي حصين
عن أبي عطية الهمداني قال كنت جالسا عند عبد الله بن مسعود فأتاه
رجل فسأل عن مسألة فقال هل سألت عنها أحدا غيري قال نعم سألت
أبا موسى وأخبره بقوله فخالفه عبد الله ثم قام فقال لا تسألوني عن
شئ وهذا الحبر بين أظهركم
أخبرنا يحيى بن عباد أخبرنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة
عن زر بن حبيش عن بن مسعود قال أخذت من في رسول
الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا عبد الواحد بن زياد أخبرنا سليمان
الأعمش عن شقيق بن سلمة قال خطبنا عبد الله بن مسعود حين أمر في
343

المصاحف بما أمر قال فذكر الغلول فقال إنه من يغل يأت بما
غل يوم القيامة فغلوا المصاحف فلان أقرأ على قراءة من أحب
أحب إلي من أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت فوالذي لا إله غيره لقد
أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وزيد
بن ثابت غلام له ذؤابتان يلعب مع الغلمان ثم قال والذي لا إله غيره
لو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لاتيته قال ثم ذهب
عبد الله قال فقال شقيق فقعدت في الحلق وفيهم أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم وغيرهم فما سمعت أحدا رد عليه ما قال
أخبرنا أبو معاوية الضرير و عبد الله بن نمير قالا أخبرنا الأعمش
عن زيد بن وهب قال أقبل عبد الله ذات يوم وعمر جالس فلما رآه
مقبلا قال كنيف ملئ فقها وربما قال الأعمش علما
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا معاوية بن صالح عن أسد بن وداعة
أن عمر ذكر بن مسعود فقال كنيف ملئ علما آثرت به
أهل القادسية
أبو موسى الأشعري
أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة أو عن عمرة
عن عائشة وأخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن عائشة وأخبرنا عبد الله بن نمير عن مالك عن عبد الله بن بريدة عن أبيه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع قراءة أبي موسى الأشعري فقال
لقد أوتي هذا من مزامير آل داود
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس
344

أن أبا موسى الأشعري قام ليلة يصلي فسمع أزواج النبي صلى الله عليه
وسلم صوته وكان حلو الصوت فقمن يسمعن فلما أصبح قيل له
إن النساء كن يستمعن فقال لو علمت لحبرتكن تحبيرا ولشوقتكن
تشويقا وقد قال حماد لحبرتكم وشوقتكم
أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة ووهب بن جرير بن حازم ومسلم
بن إبراهيم قالوا أخبرنا هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس قال
بعثني الأشعري إلى عمر فقال لي عمر كيف تركت الأشعري فقلت له
تركته يعلم الناس القرآن فقال أما إنه كيس ولا تسمعها إياه
ثم قال لي كيف تركت الاعراب قلت الأشعريين قال لا بل أهل
البصرة قلت أما إنهم لو سمعوا هذا لشق عليهم قال ولا تبلغهم
فإنهم أعراب إلا أن يرزق الله رجلا جهادا قال وهب بن جرير في
حديثه في سبيل الله
أخبرنا سليمان بن حرب وموسى بن إسماعيل قالا أخبرنا حماد
بن زيد عن الزبير بن الخريت عن أبي لبيد لمازة بن زبار قال سليمان
أو غيره قال ما كان يشبه كلام أبي موسى إلا بالجزار الذي لا يخطئ
المفصل
أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن قتادة أن
أبا موسى قال لا ينبغي للقاضي أن يقضي حتى يتبين له الحق كما يتبين
الليل من النهار فبلغ ذلك عمر فقال صدق أبو موسى
345

مشايخ شتى
أخبرنا أبو معاوية الضرير ومحمد بن عبيد عن الأعمش عن عمرو بن
مرة عن أبي البختري قال أتينا عليا فسألناه عن أصحاب محمد صلى
الله عليه وسلم فقال عن أيهم قلنا حدثنا عن عبد الله بن مسعود
قال علم القرآن والسنة ثم انتهى وكفى بذلك علما قال قلنا حدثنا
عن أبي موسى قال صبغ في العلم صبغة ثم خرج منه قال قلنا حدثنا
عن عمار بن ياسر فقال مؤمن نسي وإذا ذكر ذكر قال قلنا
حدثنا عن حذيفة فقال أعلم أصحاب محمد بالمنافقين قال قلنا
حدثنا عن أبي ذر قال وعى علما ثم عجز فيه قال قلنا أخبرنا
عن سلمان قال أدرك العلم الأول والعلم الآخر بحر لا ينزح قعره
منا أهل البيت قال قلنا فأخبرنا عن نفسك يا أمير المؤمنين قال إياها
أردتم كنت إذا سألت أعطيت وإذا سكت ابتدئت
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي عن سعيد بن أبي عروبة عن
قتادة وأخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق الواسطي عن بن عون عن محمد بن
سيرين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي الدرداء عويمر سلمان
أعلم منك
أخبرنا وكيع بن الجراح عن الأعمش عن أبي صالح عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال ثكلتك سلمان أمه لقد أشبع من العلم
346

معاذ بن جبل رحمه الله
أخبرنا محمد بن عمر عن سليمان بن بلال والنعمان بن عمارة بن غزية
عن محمد بن كعب القرظي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يأتي معاذ بن جبل يوم القيامة أمام العلماء برتوة
أخبرنا أبو معاوية الضرير عن أبي إسحاق يعني الشيباني عن أبي عون
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بين يدي العلماء يوم
القيامة برتوة
أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن هشام يعني بن حسان عن
الحسن وأخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن الحسن
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل له نبذة بين
يدي العلماء يوم القيامة
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس المدني حدثني سليمان بن
بلال عن عمرو بن أبي عمرو عن محمد بن كعب القرظي قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إن معاذ بن جبل أمام العلماء رتوة
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا وهيب أخبرنا خالد عن أبي قلابة
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعلم أمتي
بالحلال والحرام معاذ بن جبل
أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا شعبة بن الحجاج عن أبي عون
محمد بن عبيد الله عن الحارث بن عمرو الثقفي بن أخي المغيرة أخبرنا
أصحابنا عن معاذ بن جبل قال لما بعثني رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى اليمن قال لي بم تقضي إن عرض قضاء قال قلت
أقضي بما في كتاب الله قال فإن لم يكن في كتاب الله قال قلت أقضي
بما قضى به الرسول قال فإن لم يكن فيما قضى به الرسول قال
347

قلت أجتهد رأيي ولا آلو قال فضرب صدري وقال الحمد لله الذي
وفق رسول الله لما يرضي رسول الله
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا إسحاق بن يحيى بن طلحة عن مجاهد
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف معاذ بن جبل بمكة حين
وجه إلى حنين يفقه أهل مكة ويقرئهم القرآن
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه قال
خطب عمر بن الخطاب بالجابية فقال من كان يريد أن يسأل عن الفقه
فليأت معاذ بن جبل
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أيوب بن النعمان بن عبد الله بن كعب
بن مالك عن أبيه عن جده قال كان عمر بن الخطاب يقول حين خرج
معاذ بن جبل إلى الشام لقد أخل خروجه بالمدينة وأهلها في الفقه وما
كان يفتيهم به ولقد كنت كلمت أبا بكر رحمه الله أن يحبسه
لحاجة الناس إليه فأبى علي وقال رجل أراد وجها يريد الشهادة فلا
أحبسه فقلت والله إن الرجل ليرزق الشهادة وهو على فراشه وفي بيته
عظيم الغنى عن مصره قال كعب بن مالك وكان معاذ بن جبل يفتي
بالمدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر
أخبرنا عبد الله بن نمير قال أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن شهر
بن حوشب قال قال عمر إن العلماء إذا حضروا يوم القيامة كان معاذ
بن جبل بين أيديهم قذفة بحجر
أخبرنا محمد بن الفضيل بن غزوان الضبي عن بيان عن عامر قال
قال بن مسعود إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين
قال فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن نسيتها قال لا ولكنا كنا نشبهه
بإبراهيم والأمة الذي يعلم الناس الخير والقانت المطيع
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن منصور بن عبد الرحمن عن
348

الشعبي حدثني فروة بن نوفل الأشجعي قال قال بن مسعود إن معاذ
بن جبل كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين فقلت غلط أبو
عبد الرحمن إنما قال الله إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا وما كان من
المشركين فأعادها علي فقال إن معاذ بن جبل كان أمة قانتا لله حنيفا
ولم يك من المشركين فعرفت أنه تعمد الامر تعمدا فسكت فقال أتدري
ما الأمة وما القانت فقلت الله أعلم فقال الأمة الذي يعلم
الناس الخير والقانت المطيع لله ولرسوله وكذلك كان معاذ كان يعلم
الناس الخير وكان مطيعا لله ولرسوله
أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق والفضل بن دكين قالا أخبرنا
زكريا بن أبي زائدة وأخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال أخبرنا
شعبة عن فراس ومجالد وأخبرنا الفضل بن دكين وقبيصة بن عقبة قالا
أخبرنا سفيان عن فراس كلهم عن الشعبي عن مسروق قالا كنا عند بن
مسعود فقال إن معاذ بن جبل كان أمة قانتا لله حنيفا قال له فروة بن
نوفل نسي أبو عبد الرحمن إبراهيم تعني قال وهل سمعتني ذكرت
إبراهيم إنا كنا نشبه معاذا بإبراهيم أو كان يشبه به قال وقال له
رجل ما الأمة فقال الذي يعلم الناس الخير والقانت الذي يطيع
الله ورسوله
أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي أخبرنا عبيد الله بن عمرو عن عبد
الملك بن عمير عن أبي الأحوص قال بينما بن مسعود يحدث أصحابه
ذات يوم إذ قال إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين
قال فقال رجل يا أبا عبد الرحمن إن إبراهيم كان أمة قانتا وظن
الرجل أن بن مسعود أوهم فقال بن مسعود هل تدرون ما الأمة
قالوا ما الأمة قال الذي يعلم الناس الخير ثم قال هل تدرون
ما القانت قالوا لا قال القانت المطيع لله
349

أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان عن ثور عن خالد بن معدان
قال كان عبد الله بن عمرو يقول حدثونا عن العاقلين فيقال من
العاقلان فيقول معاذ وأبو الدرداء
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا أبو شهاب عن الأعمش
قال قال معاذ خذ العلم أنى أتاك
باب أهل العلم والفتوى من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي أخبرنا جارية بن أبي عمران عن عبد
الرحمن بن القاسم عن أبيه أن أبا بكر الصديق كان إذا نزل به أمر يريد
فيه مشاورة أهل الرأي وأهل الفقه ودعا رجالا من المهاجرين والأنصار
دعا عمر وعثمان وعليا و عبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب
وزيد بن ثابت وكل هؤلاء كان يفتي في خلافة أبي بكر وإنما تصير
فتوى الناس إلى هؤلاء النفر فمضى أبو بكر على ذلك ثم ولي عمر فكان
يدعو هؤلاء النفر وكانت الفتوى تصير وهو خليفة إلى عثمان وأبي
وزيد
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن
موسى بن ميسرة عن محمد بن سهل بن أبي خيثمة عن أبيه قال كان
الذين يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر من
المهاجرين وثلاثة من الأنصار عمر وعثمان وعلي وأبي بن كعب ومعاذ
بن جبل وزيد بن ثابت
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن
350

الفضيل بن أبي عبد الله عن عبد الله بن دينار الأسلمي عن أبيه قال كان
عمر يستشير في خلافته إذا حزبه الامر أهل الشورى ومن الأنصار معاذ
بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد الرحمن بن عمران بن أبي أنس عن
أبيه عن سليمان بن يسار عن المسور بن مخرمة قال كان علم أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتهي إلى ستة إلى عمر وعثمان وعلي
ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا القاسم بن معن عن منصور عن مسلم
عن مسروق قال شاممت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فوجدت علمهم انتهى إلى ستة إلى عمر وعلي و عبد الله ومعاذ وأبي
الدرداء وزيد بن ثابت فشاممت هؤلاء الستة فوجدت علمهم انتهى إلى
علي و عبد الله
أخبرنا الحسن بن موسى الأشيب أخبرنا زهير بن معاوية أخبرنا
جابر عن عامر قال كان علماء هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
ستة عمر و عبد الله وزيد بن ثابت فإذا قال عمر قولا وقال هذان قولا
كان قولهما لقوله تبعا وعلي وأبي بن كعب وأبو موسى الأشعري فإذا قال
علي قولا وقال هذان قولا كان قولهما لقوله تبعا
أخبرنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا حسن بن صالح عن مطرف حدثني
عامر عن مسروق قال كان أصحاب الفتوى من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم عمر وعلي وابن مسعود وزيد وأبي بن كعب وأبو موسى
الأشعري
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا وهيب أخبرنا داود عن عامر قال
قضاة هذه الأمة أربعة عمر وعلي وزيد وأبو موسى الأشعري ودهاة
هذه الأمة أربعة عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان والمغيرة بن
351

شعبة وزياد
أخبرنا أبو معاوية الضرير أخبرنا الأعمش عن شقيق عن مسروق
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل
وسالم مولى أبي حذيفة
أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي و عبد الله بن نمير الهمداني
عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال لما قدم المهاجرون الأولون
من مكة إلى المدينة نزلوا العصبة والعصبة قريب من قباء قبل مقدم
رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان سالم مولى أبي حذيفة يؤمهم لأنه
كان أكثرهم قرآنا قال عبد الله بن نمير في حديثه فيهم عمر بن الخطاب
وأبو سلمة بن عبد الأسد
عبد الله بن سلام
أخبرنا حماد بن عمرو النصيبي أخبرنا زيد بن رفيع عن معبد الجهني
عن يزيد بن عميرة السكسكي وكان تلميذا لمعاذ أن معاذا أمره أن
يطلب العلم من أربعة عبد الله بن مسعود و عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي
وعويمر أبي الدرداء
أخبرنا أحمد بن إسحاق الحضرمي أخبرنا وهيب أخبرنا أيوب
عن أبي قلابة عن يزيد بن عميرة عن معاذ مثله
أخبرنا حماد بن عمرو النصيبي أخبرنا زيد بن رفيع عن معبد الجهني
قال كان رجل يقال له يزيد بن عميرة السكسكي وكان تلميذا لمعاذ
بن جبل فحدث أن معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة قعد يزيد عند رأسه
352

يبكي فنظر إليه معاذ فقال ما يبكيك فقال له يزيد أما والله ما أبكي
لدنيا كنت أصيبها منك ولكني أبكي لما فاتني من العلم فقال له معاذ
إن العلم كما هو لم يذهب فاطلب العلم من بعدي عند أربعة عند عبد الله بن
مسعود و عبد الله بن سلام الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو
عاشر عشرة في الجنة وعند عمر ولكن عمر يشغل عنك وعند سلمان
الفارسي قال وقبض معاذ ولحق يزيد بالكوفة فأتى مجلس عبد الله بن
مسعود فلقيه فقال له بن مسعود إن معاذ بن جبل كان أمة قانتا لله حنيفا
ولم يك من المشركين فقال أصحابه إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم
يك من المشركين فقال بن مسعود إن معاذ بن جبل كان أمة قانتا لله حنيفا
ولم يك من المشركين
أخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم أخبرنا سفيان عن رجل عن مجاهد
ومن عنده علم الكتاب قال اسمه عبد الله بن سلام
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس أخبرنا إسرائيل عن أبي يحيى
القتات عن مجاهد قال وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله
قال اسمه عبد الله بن سلام
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي وقبيصة بن عقبة قالا أخبرنا سفيان
عن عمرو بن قيس عن عطية في قوله تعالى أن يعلمه علماء بني
إسرائيل قال كانوا خمسة منهم عبد الله بن سلام وابن يامين وثعلبة بن
قيس وأسد وأسيد
353

أبو ذر
أخبرنا حجاج بن محمد عن بن جريج أخبرني أبو حرب بن أبي
الأسود عن أبي الأسود قال قال بن جريج ورجل عن زاذان قالا سئل
علي رضي الله تعالى عنه عن أبي ذر فقال وعى علما عجز فيه وكان شحيحا
حريصا شحيحا على دينه حريصا على العلم وكان يكثر السؤال فيعطى
ويمنع أما إن قد ملئ له في وعائه حتى امتلأ فلم يدروا ما يريد بقوله وعى
علما عجز فيه أعجز عن كشفه أم عن ما عنده من العلم أم عن طلب ما
طلب من العلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي أخبرنا الوليد بن مسلم
أخبرنا أبو عمرو يعني الأوزاعي حدثني مرثد أو بن مرثد عن أبيه
قال جلست إلى أبي ذر الغفاري إذ وقف عليه رجل فقال ألم ينهك
أمير المؤمنين عن الفتيا فقال أبو ذر والله لو وضعتم الصمصامة على
هذه وأشار إلى حلقه على أن أترك كلمة سمعتها من رسول الله صلى
الله عليه وسلم لأنفذتها قبل أن يكون ذلك
أخبرنا وكيع بن الجراح عن فطر بن خليفة عن منذر الثوري عن أبي
ذر قال لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يقلب طائر
جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علما
354

ذكر من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن يزيد الواسطي عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي
قال جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر
أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وزيد بن ثابت وسعد وأبو زيد
قال وكان مجمع بن جارية قد جمع القرآن إلا سورتين أو ثلاثا وكان
بن مسعود قد أخذ بضعا وتسعين سورة وتعلم بقية القرآن من
مجمع
أخبرنا عبد الله بن نمير ومحمد بن عبيد الطنافسي والفضل بن دكين
وإسحاق بن يوسف الأزرق عن زكريا بن أبي زائدة وأخبرنا محمد بن عبيد
عن إسماعيل بن أبي خالد جميعا عن عامر الشعبي قال جمع القرآن على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة رهط من الأنصار معاذ بن جبل
وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو الدرداء وأبو زيد وسعد بن عبيد قال
قد كان بقي على المجمع بن جارية سورة أو سورتان حين قبض النبي
صلى الله عليه وسلم
أخبرنا مسلم بن إبراهيم أخبرنا قرة بن خالد أخبرنا محمد بن
سيرين قال جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أبي بن
كعب وزيد بن ثابت وعثمان بن عفان وتميم الداري
أخبرنا مسلم بن إبراهيم أخبرنا قرة بن خالد قال سمعت قتادة
يقول قرأ القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب
ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد قال قلت من أبو زيد قال
من عمومة أنس
أخبرنا هوذة بن خليفة أخبرنا عوف عن محمد قال قبض رسول الله صلى
الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن من أصحابه غير أربعة نفر
355

كلهم من الأنصار والخامس يختلف فيه والنفر الذين جمعوه من الأنصار
زيد بن ثابت وأبو زيد ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب والذي يختلف
فيه تميم الداري
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا همام عن قتادة قال قلت لانس
من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أربعة
كلهم من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت ورجل
من الأنصار يقال له أبو زيد
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك قال
أخذ القرآن أربعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب
ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد
أخبرنا أحمد بن محمد الأزرقي أخبرنا مسلم بن خالد عن عبد الرحيم
بن عمر عن محمد بن كعب القرظي قال جمع القرآن في زمان رسول الله
صلى الله عليه وسلم خمسة من الأنصار معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت
وأبي بن كعب وأبو أيوب وأبو الدرداء
أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن
محمد قال جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة
أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد قال واختلفوا في
رجلين فقال بعضهم عثمان وتميم الداري وقال بعضهم عثمان وأبو
الدرداء
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن
مسلم بن يسار عن بن مرسا مولى لقريش قال عثمان بن عفان جمع
القرآن في خلافة عمر
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس حدثني سليمان بن بلال
عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن محمد بن كعب القرظي قال
356

جمع القرآن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم خمسة من الأنصار
معاذ بن جبل وعبادة بن صامت وأبي بن كعب وأبو أيوب وأبو الدرداء
فلما كان زمن عمر بن الخطاب كتب إليه يزيد بن أبي سفيان إن أهل
الشام قد كثروا وربلوا وملؤوا المدائن واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن
ويفقههم فأعني يا أمير المؤمنين برجال يعلمونهم فدعا عمر أولئك الخمسة
فقال لهم إن إخوانكم من أهل الشام قد استعانوني بمن يعلمهم القرآن
ويفقههم في الدين فأعينوني رحمكم الله بثلاثة منكم إن أجبتم فاستهموا
وإن انتدب ثلاثة منكم فليخرجوا فقالوا ما كنا لنتساهم هذا شيخ
كبير لأبي أيوب وأما هذا فسقيم لأبي بن كعب فخرج معاذ وعبادة
وأبو الدرداء فقال عمر ابدؤوا بحمص فإنكم ستجدون الناس على
وجوه مختلفة منهم من يلقن فإذا رأيتم ذلك فوجهوا إليه طائفة من الناس
فإذا رضيتم منهم فليقم بها واحد وليخرج واحد إلى دمشق والآخر إلى
فلسطين وقدموا حمص فكانوا بها حتى إذا رضوا من الناس أقام بها
عبادة وخرج أبو الدرداء إلى دمشق ومعاذ إلى فلسطين وأما معاذ عام
طاعون عمواس واما عبادة فصار بعد فمات بها وأما
أبو الدرداء فلم يزل بدمشق حتى مات
أخبرني روح بن عبادة و عبد الوهاب بن عطاء قالا أخبرنا هشام
بن أبي عبد الله عن برد أبي العلاء عن سليمان بن موسى وأخبرنا كثير بن
هشام عن جعفر بن برقان أن أبا الدرداء قال لا يكون عالما حتى يكون
متعلما ولا يكون عالما حتى يكون بالعلم عاملا
أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد وأخبرنا المعلى بن أسد
عن وهيب كلاهما عن أيوب عن أبي قلابة أن أبا الدرداء كان يقول
إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها
أخبرنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي أخبرنا شجاع بن أبي شجاع
357

أخبرنا معاوية بن قرة قال قال أبو الدرداء اطلبوا العلم فإن عجزتم فأحبوا
أهله فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم
أخبرنا يحيى بن عباد ومسلم بن إبراهيم قالا أخبرنا الحارث بن
عبيد عن مالك بن دينار قال قال أبو الدرداء من يزدد علما يزدد
وجعا قال يحيى بن عباد في حديثه قال وقال إن أخوف ما أخاف
أن يقال لي يوم القيامة علمت فأقول نعم فيقال فما عملت فيما
علمت أخبرت عن مسعر بن كدام عن القاسم بن عبد الرحمن قال
كان أبو الدرداء من الذين أوتو العلم وأخبرت عن معاوية بن صالح
الحضرمي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير قال قال معاوي ألا إن أبا
الدرداء أحد الحكماء ألا إن عمرو بن العاص أحد الحكماء ألا إن
كعب الأحبار أحد العلماء إن كان عنده لعلم كالثمار وإن كنا فيه
لمفرطين
زيد بن ثابت
أخبرنا يحيى بن عيسى الرملي أخبرنا الأعمش عن ثابت بن عبيد
الله عن زيد بن ثابت قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه
يأتيني كتب من أناس لا أحب أن يقرأها أحد فهل تستطيع أن تعلم كتاب
العبرانية أو قال السريانية فقلت نعم قال فتعلمتها في سبع
عشرة ليلة
أخبرنا محمد بن معاوية النيسابوري أخبرنا عبد الرحمن بن أبي
الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت قال لما قدم رسول
الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال لي تعلم كتاب اليهود فإني والله
358

ما آمن اليهود على كتابي قال فتعلمته في أقل من نصف شهر
أخبرنا إسماعيل بن أبان الوراق أخبرنا عنبسة بن عبد الرحمن
القرشي عن محمد بن زاذان عن أم سعد عن زيد بن ثابت قال دخلت
على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمل في بعض حوائجه فقال
ضع القلم على أذنك فإنه أذكر للممل
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا سفيان عن خالد الحذاء عن
أبي قلابة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أعلمهم بالفرائض زيد
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا وهيب أخبرنا خالد الحذاء عن أبي
قلابة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أفرض
أمتي زيد بن ثابت
أخبرنا محمد بن عمرو أخبرنا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس عن
أبيه عن سليمان بن يسار قال ما كان عمر ولا عثمان يقدمان على زيد بن
ثابت أحدا في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة
أخبرنا محمد بن عمر عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه قال
خطب عمر بن الخطاب بالجابية فقال من كان يريد أن يسأل عن الفرائض
فليأت زيد بن ثابت
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا عبد الواحد بن زياد أخبرنا الحجاج
بن أرطأة عن نافع قال استعمل عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على القضاء
وفرض له رزقا
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا جارية بن أبي عمران عن عبد الرحمن
بن القاسم عن أبيه قال كان عمر يستخلف زيد بن ثابت في كل سفر
أو قال سفر يسافره وكان يفرق الناس في البلدان ويوجهه في الأمور
المهمة ويطلب إليه الرجال المسمون فيقال له زيد بن ثابت فيقول
359

لم يسقط علي مكان زيد ولكن أهل البلد يحتاجون إلى زيد فيما يجدون
عنده فيما يحدث لهم ما لا يجدون عند غيره
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا محمد بن مسلم بن جماز عن عثمان بن
حفص بن عمر بن خلدة الزرقي عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة
قال كان زيد بن ثابت مترئسا بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض
في عهد عمر وعثمان وعلي في مقامه بالمدينة وبعد ذلك خمس سنين حتى
ولي معاوية سنة أربعين فكان كذلك أيضا حتى توفي سنة خمس
وأربعين
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا رزين بياع الرمان عن الشعبي
قال أخذ بن عباس لزيد بن ثابت بالركاب وقال هكذا يفعل
بالعلماء والكبراء
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا محمد بن عمر عن أبي
سلمة عن بن عباس أنه أخذ لزيد بن ثابت بالركاب فقال تنح يا بن
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هكذا نفعل بعلمائنا
وكبرائنا
أخبرنا عفان بن مسلم ووهب بن جرير بن حازم وأبو الوليد هشام بن
عبد الملك الطيالسي قالوا أخبرنا شعبة وأخبرنا الفضل بن دكين والحسن بن
موسى قالا أخبرنا زهير بن معاوية جميعا عن أبي إسحاق عن مسروق قال
قدمت المدينة فسألت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإذا زيد
بن ثابت من الراسخين في العلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد
الله بن الأشج قال جل ما أخذ به سعيد بن المسيب من القضاء وما كان
يفتي به زيد بن ثابت وكان قل قضاء أو فتوى جليلة ترد على بن
المسيب تحكى له عن بعض من هو غائب عن المدينة من أصحاب النبي
360

صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلا قال فأين زيد بن ثابت عن هذا إن
زيد بن ثابت أعلم الناس بما تقدمه من قضاء وأبصرهم بما يرد عليه مما
لم يسمع فيه شئ ثم يقول بن المسيب لا أعلم لزيد بن ثابت قولا
لا يعمل به مجمع عليه في الشرق والغرب أو يعمل به أهل مصر
وإنه ليأتينا عن غيره أحاديث وعلم ما رأيت أحدا من الناس يعمل بها
ولا من هو بين ظهرانيهم
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن
موسى بن ميسرة عن سالم بن عبد الله قال كنا مع بن عمر يوم مات
زيد بن ثابت فقلت مات عالم الناس اليوم فقال بن عمر يرحمه الله
اليوم فقد كان عالم الناس في خلافة عمر وحبرها فرقهم عمر في البلدان ونهاهم
أن يفتوا برأيهم وجلس زيد بن ثابت بالمدينة يفتي أهل المدينة وغيرهم من
الطراء يعني القدام
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي وخلاد بن يحيى قالا أخبرنا سفيان
عن إسماعيل عن الشعبي أن مروان أجلس لزيد بن ثابت رجلا وراء
الستر ثم دعاه فجلس يسأله ويكتبون فنظر إليهم زيد فقال يا مروان
عذرا إنما أقول برأيي
أخبرنا هوذة بن خليفة أخبرنا عوف قال بلغني أن بن عباس
قال لما دفن زيد بن ثابت هكذا يذهب العلم وأشار بيده إلى قبره
يموت الرجل الذي يعلم الشئ لا يعلمه غيره فيذهب ما
كان معه
أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي أخبرنا أبو عوانة عن قتادة قال
لما مات زيد بن ثابت ودفن قال بن عباس هكذا يذهب العلم
أخبرنا كثير بن هشام وعفان بن مسلم ويحيى بن عباد وموسى بن
إسماعيل قالوا أخبرنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار قال لما
361

مات زيد بن ثابت قعدنا إلى بن عباس في ظل القصر فقال هكذا ذهاب
العلم لقد دفن اليوم علم كثير
أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد
قال قال أبو هريرة حين مات زيد بن ثابت اليوم مات حبر هذه الأمة
ولعل الله أن يجعل في بن عباس منه خلفا
أبو هريرة
أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي حدثني عبد الله بن عبد
العزيز الليثي عن عمرو بن مرداس بن عبد الرحمن الجنذعي عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي ابسط ثوبك
فبسطته ثم حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم النهار ثم ضممت
ثوبي إلى بطني فما نسيت شيئا مما حدثني
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن بن أبي ذئب عن المقبري
عن أبي هريرة قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني سمعت
منك حديثا كثيرا فأنساه فقال ابسط رداءك فبسطته فغرف بيده فيه
ثم قال ضمه فضممته فما نسيت حديثا بعده
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن بن أبي ذئب عن سعيد
بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه قال حفظت من رسول الله
صلى الله عليه وسلم وعاءين فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته
لقطع هذا البلعوم
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس عن بن شهاب عن
الأعرج عن أبي هريرة قال إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة من الحديث
362

والله لولا آيتان في كتاب الله عز وجل ما حدثت حديثا ثم يقرأ
إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى حتى يبلغ
فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ثم يقول على أثرهما
إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وإن إخواننا
من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم وكان أبو هريرة يلزم رسول
الله صلى الله عليه وسلم على شبع بطنه فيسمع ما لا يسمعون ويحفظ
ما لا يحفظون
أخبرنا يحيى بن عباد أخبرنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن الوليد
بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنه حدث عن النبي صلى الله عليه
وسلم بالحديث من شهد جنازة فله قيراط فقال بن عمر انظر ما
تحدث به يا أبا هريرة فإنك تكثر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم
فأخذ بيده فذهب به إلى عائشة فقال أخبريه كيف سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول فصدقت أبا هريرة فقال أبو هريرة يا أبا
عبد الرحمن والله ما كان يشغلني عن النبي صلى الله عليه وسلم غرس
الودي ولا الصفق بالأسواق فقال بن عمر أنت أعلمنا يا أبا هريرة
برسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظنا لحديثه
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن بن أبي ذئب عن المقبري
عن أبي هريرة أنه قال إن الناس قد قالوا قد أكثر أبو هريرة من
الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلقيت رجلا فقلت
أية سورة قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في العتمة
فقال لا أدري فقلت ألم تشهدها قال بلى قال قلت ولكني
أدري قرأ سورة كذا وكذا
أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي أخبرنا عبد العزيز
بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة
363

أنه قال يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة قال لقد
ظننت يا أبا هريرة لا يسألني عن هذا الحديث أول منك لما رأيت من
حرصك على الحديث إن أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله
إلا الله خالصا من قبل نفسه
أخبرنا الوليد بن عطاء بن الأغر وأحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي
المكيان قالا أخبرنا عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي عن جده قال
قالت عائشة لأبي هريرة إنك لتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم
حديثا ما سمعته منه فقال أبو هريرة يا أمة طلبتها وشغلك عنها
المرآة والمكحلة وما كان يشغلني عنها شئ
أخبرنا كثير بن هشام أخبرنا جعفر بن برقان سمعت يزيد بن
الأصم يقول قال أبو هريرة يقولون أكثرت يا أبا هريرة والذي نفسي
بيده لو أني حدثتكم بكل شئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه
وسلم لرميتموني بالقشع يعني المزابل ثم ما ناظرتموني
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك وإسماعيل بن عبد الله بن أبي
أويس المدنيان وخالد بن مخلد البجلي عن محمد بن هلال عن أبيه عن
أبي هريرة أنه كان يقول لو أنبأتكم بكل ما أعلم لرماني الناس بالخرق
وقالوا أبو هريرة مجنون
أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا أبو هلال أخبرنا الحسن قال
قال أبو هريرة لو حدثتكم بكل ما في جوفي لرميتموني بالبعر قال
الحسن صدق والله لو أخبرنا أن بيت الله يهدم ويحرق ما
صدقه الناس
أخبرنا محمد بن مصعب القرقساني أخبرنا الأوزاعي عن أبي
كثير الغبري قال سمعت أبا هريرة يقول إن أبا هريرة لا يكتم
ولا يكتب
364

بن عباس
أخبرنا القاسم بن مالك المزني عن عبد الملك بن عطاء عن بن عباس
قال دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤتيني الله الحكمة
مرتين
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا إسماعيل بن مسلم
حدثني عمرو بن دينار عن طاوس عن بن عباس قال دعاني رسول
الله صلى الله عليه وسلم فمسح على ناصيتي وقال اللهم علمه
الحكمة وتأويل الكتاب
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس حدثني سليمان بن بلال
عن عمرو بن أبي عمرو عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله عن عكرمة
وأخبرنا خالد بن مخلد البجلي حدثني سليمان بن بلال حدثني
حسين بن عبد الله بن عبيد الله عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال اللهم أعط بن عباس الحكمة وعلمه التأويل
أخبرنا عفان بن مسلم وسليمان بن حرب قالا أخبرنا حماد بن سلمة
قال أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن بن عباس
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بيت ميمونة فوضعت له
وضوءا من الليل فقالت ميمونة يا رسول الله وضع لك هذا عبد الله بن عباس
فقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل
أخبرنا هشيم بن بشير قال أخبرنا أبو بشر عن سعيد بن جبير
عن بن عباس قال كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر ويأذن لي معهم
قال فذكر أنه سألهم وسأله فأجابه فقال لهم كيف تلومونني عليه بعد
ما ترون
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد الله بن الفضيل بن أبي عبد الله بن
365

أبيه عن عطاء بن يسار أن عمر وعثمان كانا يدعوان بن عباس فيشير
مع أهل بدر وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات
أخبرنا أبو معاوية الضرير والنضر بن إسماعيل قالا أخبرنا الأعمش
عن مسلم بن صبيح عن مسوق قال قال عبد الله لو أن بن عباس أدرك
أسناننا ما عشره منا رجل وزاد النضر في هذا الحديث نعم ترجمان
القرآن بن عباس
أخبرنا عبد الله بن نمير عن مالك بن مغول عن سلمة بن كهيل قال
قال عبد الله نعم ترجمان القرآن بن عباس
أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا جويبر عن الضحاك عن
بن عباس في قوله تعالى ما يعلمهم إلا قليل قال أنا من أولئك
القليل وهم سبعة
أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال كان بن
عباس إذا سئل عن الامر فإن كان في القرآن أخبر به وإن لم يكن في القرآن
وكان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر به فإن لم يكن في القرآن
ولا عن رسول الله وكان عن أبي بكر وعمر أخبر به فإن لم يكن في شئ
من ذلك اجتهد رأيه
أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة قال الأعمش حدثنا عن مجاهد قال
كان بن عباس يسمى البحر من كثرة علمه وأخبرت عن بن جريج
عن عطاء قال كان بن عباس يقال له البحر قال وكان عطاء يقول
قال البحر وفعل البحر
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي أخبرنا سفيان عن ليث عن طاوس
وأخبرنا قبيصة بن عقبة عن سفيان عن بن جريج عن طاوس قال ما
رأيت رجلا أعلم من بن عباس
أخبرنا إسماعيل بن أبي مسعود عن عبد الله بن إدريس عن ليث بن
366

أبي سليم قال قلت لطاووس لزمت هذا الغلام يعني بن عباس
وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
إني رأيت سبعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تدارؤوا
في شئ صاروا إلى قول بن عباس
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن زيد أخبرنا علي بن زيد
حدثني سعيد بن جبير ويوسف بن مهران أن بن عباس كان يسأل
عن القرآن كثيرا فيقول هو كذا وكذا أما سمعتم الشاعر يقول كذا
وكذا
أخبرنا عارم بن الفضل أخبرنا حماد بن زيد عن أبي الزبير عن
عكرمة قال كان بن عباس أعلمهما بالقرآن وكان علي أعلمهما
بالمبهمات
أخبرنا روح بن عبادة أو ثبت عنه عن بن جريج قال قال عطاء
كان ناس يأتون بن عباس للشعر وناس للأنساب وناس لأيام العرب
ووقائعها فما منهم من صنف إلا يقبل عليه بما شاء
أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي أخبرنا معتمر بن سليمان عن أبيه
عن الحسن قال أول من عرف بالبصرة عبد الله بن عباس قال وكان
مثجة كثير العلم قال فقرأ سورة البقرة ففسرها آية آية
أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا جرير بن حازم عن يعلى بن
حكيم عن عكرمة عن بن عباس قال لما قبض رسول الله صلى الله
عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار هلم فلنسأل أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فإنهم اليوم كثير قال فقال واعجبا لك يا بن
عباس أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم من فيهم قال فتركت ذلك وأقبلت أسأل أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحديث فإن كان ليبلغني الحديث
367

عن الرجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه تسفي الريح علي
التراب فيخرج فيراني فيقول لي يا بن عم رسول الله ما جاء بك ألا
أرسلت إلي فأتيك فأقول لا أنا أحق أن آتيك فأسأله عن الحديث
فعاش ذلك الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي ليسألوني
فيقول هذا الفتى كان أعقل مني
أخبرت عن محمد بن عمر عن أبي سلمة عن بن عباس قال
وجدت عامة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الأنصار فإن
كنت لآتي الرجل فأجده نائما لو شئت أن يوقظ لي لأوقظ فأجلس
على بابه تسفي على وجهي الريح حتى يستيقظ متى ما استيقظ وأسأله عما
أريد ثم أنصرف
أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي عن سفيان الثوري عن سالم بن أبي حفصة
عن أبي كلثوم قال لما دفن بن عباس قال بن الحنفية اليوم مات
رباني هذه الأمة
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال كان بن عباس قد فات الناس بخصال
بعلم ما سبقه وفقه فيما احتيج إليه من رأيه وحلم وسيب ونائل وما
رأيت أحدا كان أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
منه ولا أعلم بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه ولا أفقه في رأي منه
ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن ولا بحساب ولا بفريضة منه
ولا أعلم بما مضى ولا أثقف رأيا فيما احتيج إليه منه ولقد كان يجلس
يوما ما يذكر فيه إلا الفقه ويوما التأويل ويوما المغازي ويوما الشعر ويوما
أيام العرب وما رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له وما رأيت سائلا
قط سأله إلا وجد عنده علما
أخبرنا محمد بن عمر حدثني داود بن جبير قال سمعت بن المسيب
368

يقول بن عباس أعلم الناس
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن موسى
بن سعد عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال سمعت أبي يقول ما رأيت
أحدا أحضر فهما ولا ألب لبا ولا أكثر علما ولا أوسع حلما من بن عباس
ولقد رأيت عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات ثم يقول عندك قد جاءتك
معضلة ثم لا نجاوز قوله وإن حوله لأهل بدر من المهاجرين
والأنصار
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه
عن نبهان قال قلت لام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أرى
الناس على بن عباس منقصفين فقالت أم سلمة هو أعلم
من بقي
أخبرنا محمد بن عمر حدثني واقد بن أبي ياسر عن طلحة بن عبد الله
بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه عن عائشة أنها نظرت إلى بن عباس
ومعه الحلق ليالي الحج وهو يسأل عن المناسك فقالت هو أعلم من
بقي بالمناسك
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن
مروان بن أبي سعيد عن بن عباس قال دخلت على عمر بن الخطاب يوما
فسألني عن مسألة كتب إليه بها يعلى بن أمية من اليمن وأجبته فيها فقال
عمر أشهد أنك تنطق عن بيت نبوة
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن
عمرو بن أبي عمرو عن أبي معبد قال سمعت بن عمر يقول أعلمنا
بن عباس
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن
عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول
369

مولاك والله أفقه من مات وعاش
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا بن أبي وعلة عن الحكم بن أبان عن
عكرمة قال قال كعب الأحبار مولاك رباني هذه الأمة هو أعلم
من مات ومن عاش
أخبرنا محمد بن عمر حدثني معمر بن راشد عن بن طاوس عن
أبيه قال كان بن عباس من الراسخين في العلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني بشر بن أبي مسلم عن بن طاوس
عن أبيه قال كان بن عباس قد بسق على الناس في العلم تبسق النخل
السحوق على الودي الصغار.
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا معمر بن راشد عن عبد الكريم بن مالك
عن سعيد بن جبير قال إن كان بن عباس ليحدثني الحديث فلو يأذن
لي أن أقبل رأسه لفعلت
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن
أبيه عن مالك بن أبي عامر قال سمعت طلحة بن عبيد الله يقول لقد أعطي
بن عباس فهما ولقنا وعلما ما كنت أرى عمر بن الخطاب يقدم
عليه أحدا
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا مخرمة بن بكير عن أبيه عن بسر
بن سعيد عن محمد بن أبي بن كعب قال سمعت أبي أبي بن كعب
يقول وكان عنده بن عباس فقام فقال هذا يكون حبر هذه الأمة
أوتي عقلا وفهما وقد دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفقهه
في الدين
أخبرنا محمد بن عمر حدثني الثوري عن ليث بن أبي سليم عن
أبي جهضم عن بن عباس قال رأيت جبريل صلوات الله عليه مرتين
ودعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين
370

أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه
أن عمر بن الخطاب دخل على بن عباس يعوده وهو يحم فقال عمر
أخل بنا مرضك فالله المستعان
أخبرنا محمد بن عمر حدثني موسى بن عبيدة عن أبي معبد قال
سمعت بن عباس يقول ما حدثني أحد قط حديثا فاستفهمته فلقد
كنت آتي باب أبي بن كعب وهو نائم فأقيل على بابه ولو علم بمكاني
لأحب أن يوقظ لي لمكاني من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني
أكره أن أمله
أخبرنا محمد بن عمر حدثني فائد مولى عبيد الله بن علي عن عبيد
الله بن علي عن جدته سلمى قالت رأيت عبد الله بن عباس معه ألواح
يكتب عليها عن أبي رافع شيئا من فعل رسول الله صلى الله عليه
وسلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني قدامة بن موسى عن أبي سلمة الحضرمي
قال سمعت بن عباس يقول كنت ألزم الأكابر من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار فأسألهم عن مغازي رسول
الله صلى الله عليه وسلم وما نزل من القرآن في ذلك وكنت لا آتي
أحدا منهم إلا سر بإتياني لقربي من رسول الله صلى الله عليه وسلم
فجعلت أسأل أبي بن كعب يوما وكان من الراسخين في العلم عما
نزل من القرآن بالمدينة فقال نزل بها سبع وعشرون سورة وسائرها
بمكة
أخبرنا محمد بن عمر حدثني يحيى بن العلاء عن عبد المجيد بن
سهيل عن عكرمة قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول بن
عباس أعلمنا بما مضى وأفقهنا فيما نزل مما لم يأت فيه شئ قال عكرمة
فأخبرت بن عباس بقوله فقال إن عنده لعلما ولقد كان يسأل رسول
371

الله صلى الله عليه وسلم عن الحلال والحرام
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا سفيان عن أبي سلمة عن حبيب بن أبي
ثابت عن طاوس قال ما رأيت أحدا قط خالف بن عباس ففارقه حتى
يقرره
أخبرنا محمد بن عمر حدثني يحيى بن العلاء عن يعقوب بن زيد
عن أبيه قال سمعت جابر بن عبد الله يقول حين بلغه موت بن عباس
وصفق بإحدى يديه على الأخرى مات أعلم الناس وأحلم الناس ولقد
أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق
أخبرنا محمد بن عمر حدثني يحيى بن العلاء عن عمر بن عبد الله
عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال لما مات بن عباس قال
رافع بن خديج مات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب
في العلم
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن زياد
بن ميناء قال كان بن عباس وابن عمر وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة و
عبد الله بن عمرو بن العاص وجابر بن عبد الله ورافع بن خديج وسلمة
بن الأكوع وأبو واقد الليثي و عبد الله بن بحينة مع أشباه لهم من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتون بالمدينة ويحدثون عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا والذين
صارت إليهم الفتوى منهم بن عباس وابن عمر وأبو سعيد الخدري
وأبو هريرة وجابر بن عبد الله
372

عبد الله بن عمر
أخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم أخبرنا زهير بن معاوية عن محمد
بن سوقة عن أبي جعفر قال لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا أحذر
أن لا يزيد فيه ولا ينقص منه ولا ولا من عبد الله بن عمر بن الخطاب
أخبرنا أبو عبيد عن بن جريج عن عمرو بن دينار قال كان بن
عمر يعد من فقهاء الاحداث
وأخبرت عن مجالد عن الشعبي قال كان بن عمر جيد الحديث ولم
يكن جيد الفقه
عبد الله بن عمرو
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس المدني عن سليمان بن بلال
عن صفوان بن سليم عن عبد الله بن عمرو قال استأذنت النبي صلى الله
عليه وسلم في كتاب ما سمعت منه قال فأذن لي فكتبته فكان عبد الله
يسمي صحيفته تلك الصادقة
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا إسحاق بن يحيى بن طلحة عن مجاهد
قال رأيت عند عبد الله بن عمرو بن العاص صحيفة فسألت عنها فقال
هذه الصادقة فيها ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليس بيني وبينه فيها أحد
373

باب
أخبرت عن أبي الجراح الهمداني عن محمد بن سيرين قال كان عمران
بن الحصين يعد من ثقات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الحديث
وأخبرني من سمع ثور بن يزيد يخبر عن خالد بن معدان قال
لم يبق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشام أحد كان أوثق
ولا أفقه ولا أرضى من عبادة بن الصامت وشداد بن أوس
أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي قال أخبرنا شعبة قال ابتداء
سمعت علي بن الحكم يحدث عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعدوا يتحدثون كان
حديثهم الفقه إلا أن يأمروا رجلا فيقرأ عليهم سورة أو يقرأ رجل سورة
من القرآن
أخبرنا أبو عبيد عن حنظلة بن أبي سفيان عن أشياخه قالوا لم يكن
أحد من أحداث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أفقه من أبي
سعيد الخدري
عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني محمد بن مسلم بن جماز عن عثمان
بن حفص بن عمر بن خلدة عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة
قال كانت عائشة أعلم الناس يسألها الأكابر من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
374

أخبرنا عبيد الله بن عمر أخبرنا زياد بن الربيع أخبرنا خالد بن
سلمة حدثني أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه قال ما كان أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم يشكون في شئ إلا سألوا عنه عائشة فيجدون
عندها من ذلك علما
أخبرنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن مسلم عن مسروق أنه
قيل له هل كانت عائشة تحسن الفرائض قال إي والذي نفسي
بيده لقد رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر
يسألونها عن الفرائض
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي أخبرني أبي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال ما رأيت أحدا
أعلم بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أفقه في رأي إن
احتيج إلى رأيه ولا أعلم بآية فيما نزلت ولا فريضة من عائشة
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث
التيمي عن عبد الله بن كعب مولى آل عثمان عن محمود بن لبيد قال كان
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يحفظن من حديث النبي صلى
الله عليه وسلم كثيرا ولا مثلا لعائشة وأم سلمة وكانت عائشة تفتي في
عهد عمر وعثمان إلى أن ماتت يرحمها الله وكان الأكابر من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر وعثمان بعده يرسلان إليها فيسألانها
عن السنن
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد الله بن عمر بن حفص العمري
عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال كانت عائشة قد استقلت بالفتوى
في خلافة
أبي بكر وعمر وعثمان وهلم جرا إلى أن ماتت يرحمها الله
وكنت ملازما لها مع برها بي وكنت أجالس البحر بن عباس وقد جلست
مع أبي هريرة وابن عمر فأكثرت فكان هناك يعني بن عمر ورع
375

وعلم جم ووقوف عما لا علم له به
قال قال محمد بن عمر الأسلمي إنما قلت الرواية عن الأكابر
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم هلكوا قبل أن يحتاج
إليهم وإنما كثرت عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب لأنهما
وليا فسئلا وقضيا بين الناس وكل أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم كانوا أئمة يقتدى بهم ويحفظ عليهم ما كانوا يفعلون ويستفتون
فيفتون وسمعوا أحاديث فأدوها فكان الأكابر من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم أقل حديثا عنه من غيرهم مثل أبي بكر وعثمان وطلحة
والزبير وسعد بن أبي وقاص و عبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح
وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأبي بن كعب وسعد بن عبادة وعبادة
بن الصامت وأسيد بن الحضير ومعاذ بن جبل ونظرائهم فلم يأت عنهم
من كثرة الحديث مثل ما جاء عن الاحداث من أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم مثل جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة و عبد
الله بن عمر بن الخطاب و عبد الله بن عمرو بن العاص و عبد الله بن العباس
ورافع بن خديج وأنس بن مالك والبراء بن عازب ونظرائهم وكل هؤلاء
كان يعد من فقهاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان
يلزمون رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غيرهم من نظرائهم وأحدث
منهم مثل عقبة بن عامر الجهني وزيد بن خالد الجهني وعمران بن الحصين
والنعمان بن بشير ومعاوية بن أبي سفيان وسهل بن سعد الساعدي و عبد الله
بن يزيد الخطمي ومسلمة بن مخلد الزرقي وربيعة بن كعب الأسلمي وهند
وأسماء ابني حارثة الأسلميين وكانا يخدمان رسول الله صلى الله عليه
وسلم ويلزمانه فكان أكثر الرواية والعلم في هؤلاء ونظرائهم من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم بقوا وطالت أعمارهم واحتاج
الناس إليهم ومضى كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
376

قبله وبعده بعلمه لم يؤثر عنه بشئ ولم يحتج إليه لكثرة أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم
شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوكا وهي آخر غزاة
غزاها من المسلمين ثلاثون ألف رجل وذلك سوى من قد أسلم وأقام
في بلاده وموضعه لم يغز فكانوا عندنا أكثر ممن غزا معه تبوكا فأحصينا
منهم من أمكننا اسمه ونسبه وعلم أمره في المغازي والسرايا وما ذكر
من موقفه وقفه ومن استشهد منهم في حياة رسول الله صلى الله
عليه وسلم وبعده ومن وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم
رجع إلى بلاد قومه ومن روى عنه الحديث ممن قد عرف نسبه وإسلامه
ومن لم يعرف منهم إلا بالحديث الذي رواه عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ومنهم من قد تقدم موته قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وله نسب وذكر ومشهد ومنهم من تأخر موته بعد وفاة رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهم أكثر فمنهم من حفظ عنه ما حدث به عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من أفتى برأيه ومنهم من لم يحدث
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ولعله أكثر له صحبة ومجالسة
وسماعا من الذي حدث عنه ولكنا حملنا الامر في ذلك منهم على
التوقي في الحديث أو على أنه لم يحتج إليه لكثرة أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم وعلى الاشتغال بالعبادة والاسفار في الجهاد في سبيل الله حتى
مضوا ولم يحفظ عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ وقد
أحاطت المعرفة بصحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقيهم إياه
وليس كلهم كان يلزم النبي صلى الله عليه وسلم منهم من أقام معه
ولزمه وشهد معه المشاهد كلها ومنهم من قدم عليه فرآه ثم انصرف
إلى بلاد قومه ومنم من كان يقدم عليه الفينة بعد الفينة من منزله
بالحجاز وغيره وقد كتبنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
377

كل من انتهى إلينا اسمه في المغازي من قدم على رسول الله صلى الله عليه
وسلم من العرب ومن روى عنه منهم الحديث وبينا من ذلك ما أمكن
على ما بلغنا وروينا وليس كل العلم وعينا ثم كان التابعون بعد أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبناء المهاجرين والأنصار وغيرهم
فيهم فقهاء وعلماء وعندهم رواية الحديث والآثار والفقه والفتوى
ثم مضوا وخلف بعدهم طبقة أخرى ثم طبقات بعد إلى زماننا هذا
وقد فصلنا ذلك وبيناه
378

ذكر من كان يفتي بالمدينة بعد أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم من أبناء المهاجرين وأبناء الأنصار وغيرهم
عز وجل سعيد بن المسيب
أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي أخبرنا قدامة بن موسى الجمحي قال
كان سعيد بن المسيب يفتي وأصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم أحياء
أخبرنا يزيد بن هارون والفضل بن دكين قالا أخبرنا مسعر
بن كدام عن سعد بن إبراهيم عن سعيد بن المسيب قال ما بقي أحد
أعلم بكل قضاء قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر مني
قال يزيد بن هارون قال مسعر وأحسب قد قال وعثمان ومعاوية
أخبرنا محمد بن عمر قال أخبرنا جارية بن أبي عمران أنه سمع
محمد بن يحيى بن حبان يقول كان رأس من بالمدينة في دهره والمقدم
عليهم في الفتوى سعيد بن المسيب ويقال فقيه الفقهاء
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا ثور بن يزيد عن مكحول قال سعيد
بن المسيب عالم العلماء
أخبرنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أمية قال قال مكحول ما
حدثتكم به فهو عن المسيب والشعبي
أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي أخبرنا أبو المليح عن ميمون بن
مهران قال قدمت المدينة فسألت عن أفقه أهلها فدفعت إلى سعيد بن
المسيب فقلت له إني مقتبس ولست بمتعنت فجعلت أسأله وجعل
يجيبني رجل عنده فقلت له كف عني فإني أريد أن أحفظ عن هذا
الشيخ فقال انظروا إلى هذا الذي يريد أن لا يحفظ وقد جالست أبا هريرة
379

فلما قمنا إلى الصلاة قمت بينه وبين سعيد فكان من الامام شئ فلما
انصرفنا قلت له هل أنكرت من صلاة الامام شيئا قال لا قلت
كم من إنسان جالس أبا هريرة وقلبه في مكان آخر قال أرأيتك
ما أجبتك فيه هل خالفني سعيد بن المسيب قلت لا إلا في فاطمة بنت
قيس قال سعيد تلك امرأة فتنت الناس أو قال فتنت النساء
أخبرنا معن بن عيسى ومحمد بن عمر قالا أخبرنا مالك بن أنس قال
سئل القاسم بن محمد عن مسألة فقيل له إن سعيد بن المسيب قال فيها كذا
وكذا قال معن في حديثه فقال القاسم ذلك خيرنا وسيدنا وقال محمد
بن عمر في حديثه ذلك سيدنا وعالمنا
أخبرنا محمد بن عمر حدثني بن أبي ذئب عن أبي الحويرث
أنه شهد محمد بن جبير بن مطعم يستفتي سعيد بن المسيب
أخبرنا محمد بن عمر حدثني هشام بن سعد قال سمعت الزهري
يقول وسأله سائل عمن أخذ سعيد بن المسيب علمه فقال عن زيد
بن ثابت وجالس سعد بن أبي وقاص وابن عباس وابن عمر ودخل
على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وأم سلمة وكان قد سمع
من عثمان بن عفان وعلي وصهيب ومحمد بن مسلمة وجل
روايته المسندة عن أبي هريرة وكان زوج ابنته وسمع من أصحاب
عمر وعثمان وكان يقال ليس أحد أعلم بكل ما قضى به عمر
وعثمان منه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني هشام بن سعد حدثني الزهري
وسمعت سليمان بن يسار يقول كنا نجالس زيد بن ثابت أنا وسعيد
بن المسيب وقبيصة بن ذؤيب ونجالس بن عباس فأما أبو هريرة فكان
سعيد أعلمنا بمسنداته لصهره منه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني أبو مروان عن أبي جعفر قال سمعت
380

أبي علي بن حسين يقول سعيد بن المسيب أعلم الناس بما تقدمه من
الآثار وأفقههم في رأيه
أخبرنا محمد بن عمر حدثني سعيد بن عبد العزيز التنوخي قال
سألت مكحولا من أعلم من لقيت قال بن المسيب
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا جعفر بن برقان أخبرني ميمون
بن مهران قال أتيت المدينة فسألت عن أفقه أهلها فدفعت إلى سعيد بن
المسيب فسألته
أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا عمر بن الوليد الشني عن شهاب
بن عباد العصري قال حججت فأتينا المدينة فسألنا عن أعلم أهلها فقالوا
سعيد بن المسيب
أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا عمر بن الوليد الشني
حدثني شهاب بن عباد أن أباه حدثه قال أتينا المدينة فسألنا عن أفضل
أهلها فقالوا سعيد بن المسيب فأتيناه فقلنا إنا سألنا عن أفضل أهل المدينة
فقيل لنا سعيد بن المسيب فقال أنا أخبركم عمن هو أفضل مني مائة
ضعف عمرو بن عمر
أخبرنا معن بن عيسى أخبرنا مالك بن أنس أنه بلغه أن سعيد بن
المسيب قال إن كنت لأسير الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد
أخبرنا مطرف بن عبد الله أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد
قال سئل سعيد بن المسيب عن آية من كتاب الله فقال سعيد لا أقول في
القرآن شيئا قال مالك وبلغني عن القاسم بن محمد مثل ذلك قال محمد
بن سعد وأخبرت عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد قال كان يقال
إن بن المسيب راوية عمر
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا أبو مروان عن إسحاق بن عبد الله بن
أبي فروة عن مكحول قال لما مات سعيد بن المسيب استوى الناس
381

ما كان أحد يأنف أن يأتي إلى حلقة سعيد بن المسيب ولقد رأيت فيها
مجاهدا وهو يقول لا يزال الناس بخير ما بقي بين أظهرهم
أخبرنا معن بن عيسى عن مالك بن أنس قال كان عمر بن عبد العزيز
يقول ما كان بالمدينة عالم إلا يأتيني بعلمه وأوتي بما عند سعيد بن
المسيب
أخبرنا معن بن عيسى عن مالك بن أنس قال كان عمر بن عبد العزيز
لا يقضي بقضاء حتى يسأل سعيد بن المسيب فأرسل إليه إنسانا يسأله فدعاه
فجاء حتى دخل فقال عمر أخطأ الرسول إنما أرسلناه يسألك في
مجلسك
وأخبرت عن عبد الرزاق بن همام عن معمر قال سمعت الزهري
يقول أدركت من قريش أربعة بحور سعيد بن المسيب وعروة بن
الزبير وأبا سلمة بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا هشام بن سعد عن الزهري قال كنت
أجالس عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري أتعلم منه نسب قومي فأتاه
رجل جاهل يسأله عن المطلقة واحدة ثنتين ثم تزوجها رجل ودخل
بها ثم طلقها على كم ترجع إلى زوجها الأول قال لا أدري اذهب
إلى ذلك الرجل وأشار له إلى سعيد بن المسيب قال فقلت في نفسي هذا
أقدم من سعيد بدهر أخبرني أنه عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم
مج على وجهه فقمت فاتبعت السائل حتى سأل سعيد بن المسيب فلزمت
سعيدا فكان هو الغالب على علم المدينة والمستفتي هو وأبو بكر بن عبد الرحمن
بن الحارث بن هشام وسليمان بن يسار وكان من العلماء وعروة بن
الزبير بحر من البحور وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة فمثل ذلك أبو سلمة
بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد بن ثابت والقاسم وسالم فصارت الفتوى
إلى هؤلاء وصارت من هؤلاء إلى سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن
382

وسليمان بن يسار والقاسم بن محمد على كف من القاسم عن الفتوى إلا أن
لا يجد بدا وكان رجال من أشباههم وأسن منهم من أبناء الصحابة
وغيرهم ممن أدركت ومن المهاجرين والأنصار كثير بالمدينة يسألون ولا
ينصبون أنفسهم هيئة ما صنع هؤلاء وكان لسعيد بن المسيب عند الناس
قدر كبير عظيم لخصال ورع يابس ونزاهة وكلام بحق عند السلطان
وغيرهم ومجانبة السلطان وعلم لا يشاكله علم أحد ورأي بعد صليب
ونعم العون الرأي الجيد وكان ذلك عند سعيد بن المسيب رحمه الله من
رجل فيه عزة لا تكاد تراجع إلا إلى محك ما استطعت أن أواجهه
بمسألة حتى أقول قال فلان كذا وكذا وقال فلان كذا وكذا فيجيب
حينئذ
أخبرت عن مالك بن أنس عن الزهري قال كنت أجالس ثعلبة
بن أبي مالك قال فقال لي يوما تريد هذا قال قلت نعم قال عليك
بسعيد بن المسيب قال فجالسته عشر سنين كيوم واحد
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا مالك بن أبي الرجال عن سليمان بن عبد
الرحمن بن خباب قال أدركت رجالا من المهاجرين ورجالا من الأنصار
من التابعين يفتون بالبلد فأما المهاجرون فسعيد بن المسيب وسليمان بن
يسار وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وأبان بن عثمان بن عفان
و عبد الله بن عامر بن ربيعة وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله
بن عتبة وعروة بن الزبير والقاسم وسالم ومن الأنصار خارجة بن زيد بن
ثابت ومحمود بن لبيد وعمر بن خلدة الزرقي وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن
حزم وأبو أمامة بن سهل بن حنيف
أخبرنا أبو عبيد عن بن جريج قال كان الذين يفتون بالمدينة بعد
الصحابة السائب بن يزيد والمسور بن مخرمة و عبد الرحمن بن حاطب
و عبد الله بن عامر بن ربيعة وكانا جميعا في حجر عمر بن الخطاب وأبواهما
383

بدريان وعبد الرحمن بن كعب بن مالك
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال
كان السبعة الذي يسألون بالمدينة وينتهي إلى قولهم سعيد بن المسيب
وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعروة بن الزبير وعبيد الله
بن عبد الله بن عتبة والقاسم بن محمد وخارجة بن زيد وسليمان
بن يسار
سليمان بن يسار
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا عبد الله بن يزيد الهذلي سمعت سليمان
بن يسار يقول سعيد بن المسيب بقية الناس وسمعت السائل يأتي سعيد
بن المسيب فيقول اذهب إلى سليمان بن يسار فإنه أعلم من بقي اليوم
أخبرنا محمد بن عمر حدثني سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار
سمعت الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب يقول سليمان بن يسار أفهم
عندنا من بن المسيب
أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا سعيد بن بشير وخليد بن دعلج عن
قتادة قال قدمت المدينة فسألت من أعلم أهلها بالطلاق فقالوا سليمان
بن يسار
384

أبو بكر بن عبد الرحمن
أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا المسعودي عن جامع بن شداد
قال خرجنا حجاجا فقدمنا مكة فسألت عن أعلم أهل مكة فقيل عليك
بأبي بكر بن عبد الرحمن بن هشام
عكرمة
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن أيوب عن عمرو بن دينار
قال دفع إلي جابر بن زيد مسائل أسأل عنها عكرمة وجعل يقول
هذا عكرمة مولى بن عباس هذا البحر فسلوه
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن أيوب قال نبئت عن
سعيد بن جبير أنه قال لو كف عنهم عكرمة من حديثه لشدت إليه
المطايا
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن زيد أخبرنا أيوب عن
إبراهيم بن ميسرة عن طاوس قال لو أن مولى بن عباس هذا اتقى
الله وكف من حديثه لشدت إليه المطايا
أخبرنا مسلم بن إبراهيم أخبرنا سلام بن مسكين قال كان
عكرمة أعلم الناس بالتفسير
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب قال قال عكرمة إني لأخرج
إلى السوق فأسمع الرجل يتكلم بالكلمة فينفتح لي خمسون بابا من العلم
أخبرنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا شيبان عن أبي إسحاق قال
جاء عكرمة فحدث وسعيد بن جبير حاضر فعقد ثلاثين وقال أصاب
الحديث
385

أخبرنا عارم بن الفضل وأحمد بن عبد الله بن يونس قالا
أخبرنا حماد بن زيد عن الزبير بن الخريت عن عكرمة قال كان بن
عباس يضع في رجلي الكبل ويعلمني القرآن والسنن
أخبرنا موسى بن إسماعيل أخبرنا غسان بن مضر أبو مضر
عن سعيد بن يزيد قال كنا عند عكرمة فقال ما لكم أفلستم يعني
لا أراكم تسألوني
عطاء بن أبي رباح
أخبرنا محمد بن الفضيل بن غزوان الضبي أخبرنا أسلم المنقري
وأخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم أخبرنا بسام الصيرفي جميعا عن أبي
جعفر محمد بن علي بن حسين قال ما بقي أحد أعلم بمناسك الحج من
عطاء بن أبي رباح
أخبرنا علي بن عبد الله بن جعفر أخبرنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل
بن أمية قال كان عطاء يتكلم فإذا سئل عن المسألة فكأنما يؤيد
أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان عن بن جريج قال كان
عطاء إذا حدث بشئ قلت علم أو رأي فإن كان أثرا قال علم
وإن كان رأيا قال رأي
أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان عن أسلم المنقري قال
جاء أعرابي فجعل يقول أين أبو محمد يريد عطاء فأشاروا إلى سعيد فقال
أين أبو محمد فقال سعيد ما لنا هاهنا مع عطاء شئ
أخبرنا الفضل بن دكين أخبرنا سفيان عن سلمة قال ما رأيت
أحدا يريد بهذا العلم وجه الله غير هؤلاء الثلاثة عطاء وطاووس
ومجاهد
386

أخبرنا قبيصة بن عقبة أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت قال
قال لي طاوس إذا حدثتك حديثا قد آتيته لك فلا تسأل
عنه أحدا
عمرة بنت عبد الرحمن وعروة بن الزبير
أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن دينار
قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
أن انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سنة
ماضية أو حديث عمرة بنت عبد الرحمن فاكتبه فإني قد خفت دروس
العلم وذهاب أهله
أخبرت عن شعبة عن محمد بن عبد الرحمن قال قال لي عمر بن
عبد العزيز ما بقي أحد أعلم بحديث عائشة منها يعني عمرة قال وكان
عمر يسألها
وأخبرت عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم قال سمعت القاسم
يسأل عمرة
أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي من بني عامر بن لؤي حدثني
يوسف بن الماجشون أنه سمع بن شهاب يقول كنت إذا حدثني
عروة ثم حدثتني عمرة يصدق عندي حديث عروة فلما تبحرتهما إذا
عروة بحر لا ينزف
أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن زيد سمعت هشام بن عروة
قال كان أبي يقول أي شئ تعلموا فإنكم اليوم صغار وتوشكون
أن تكونوا كبارا وإنما تعلمنا صغارا وأصبحنا كبارا وصرنا
اليوم نسأل
387

بن شهاب الزهري
أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي حدثني إبراهيم بن سعد
عن أبيه قال ما أرى أحدا جمع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما جمع بن شهاب
أخبرنا سفيان بن عيينة قال قال لي أبو بكر الهذلي وكان قد
جالس الحسن وابن سيرين احفظ لي هذا الحديث لحديث حدث به
الزهري قال أبو بكر لم أر مثل هذا قط يعني الزهري
أخبرنا مطرف بن عبد الله سمعت مالك بن أنس يقول ما أدركت
بالمدينة فقيها محدثا غير واحد فقلت له من هو فقال بن شهاب
الزهري
أخبرت عن عبد الرزاق بن همام أخبرنا معمر قال قيل للزهري
زعموا أنك لا تحدث عن الموالي فقال إني لأحدث عنهم ولكن إذا
وجدت أبناء المهاجرين والأنصار أتكئ عليهم فما أصنع بغيرهم
أخبرت عن عبد الرزاق سمعت عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم
بن عمر بن الخطاب قال لما نشأت فأردت أن أطلب العلم فجعلت آتي
أشياخ آل عمر رجلا رجلا فأقول ما سمعت من سالم فكلما أتيت
رجلا منهم قال عليك بابن شهاب فإن بن شهاب كان يلزمه قال وابن
شهاب بالشام حينئذ قال فلزمت نافعا فجعل الله في ذلك خيرا
كثيرا
وأخبرت عن عبد الرزاق قال قال أخبرنا معمر أخبرني صالح
بن كيسان قال اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا نكتب
السنن قال وكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم
قال نكتب ما جاء عن الصحابة فإنه سنة قال قلت إنه ليس بسنة فلا
388

نكتبه قال فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت قال قال يعقوب
بن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال إنا ما سبقنا بن شهاب بشئ من العلم
إلا أنا كنا نأتي المجلس فيستنتل ويشد ثوبه عند صدره ويسأل عما
يريد وكنا تمنعنا الحداثة
وأخبرت عن عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال كنا نكره
كتاب العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء الامراء فرأينا أن لا يمنعه أحد
من المسلمين
وأخبرت عن وهيب عن أيوب قال ما رأيت أحدا أعلم من
الزهري
وأخبرت عن حماد بن زيد عن برد عن مكحول قال ما أعلم أحدا
أعلم بسنة ماضية من الزهري
وأخبرت عن عبد الرزاق قال سمعت معمرا قال كنا نرى أنا
قد أكثرنا عن الزهري حتى قتل الوليد فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب
من خزائنه يقول من علم الزهري
389