الكتاب: الفوائد الرجالية
المؤلف: السيد بحر العلوم
الجزء: ١
الوفاة: ١٢١٢
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند الشيعة
تحقيق: تحقيق وتعليق : محمد صادق بحر العلوم ، حسين بحر العلوم
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٣٦٣ ش
المطبعة: آفتاب
الناشر: مكتبة الصادق - طهران
ردمك:
ملاحظات:

مكتبه العلمين: الطوسي وبحر العلوم
في نجف الأشرف - 5 -
رجال السيد بحر العلوم
" المعروف بالفوائد الرجالية "
تأليف
سيد الطائفة آية الله العظمى السيد محمد المهدى بحر العلوم الطباطبائي قدس سره
" 1155 - 1212 ه‍ "
" 1742 - 1798 م‍ "
حققه وعلقه عليه
محمد صادق بحر العلوم - حسين بحر العلوم
الجزء الأول
1

الكتاب: رجال السيد بحر العلوم
المؤلف: السيد مهدى بحر العلوم
الناشر: مكتبة الصادق طهران
العدد: ثلاثة آلاف نسخه
المطبعة: آفتاب الطبعة الأولى
التاريخ: 1 / 9 / 1363
2

المقدمة
3

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين
4

وانطلقت أشواط مكتبتنا العامة " مكتبة العلمين في النجف الأشرف "
المؤسسة منذ سنتين - تقريبا - تواصل السير - قدما - في سبيل تحقيق
ما تصبو إليه: من أهداف دينية، ونشاط فكري بناء، وتوعية للدعوة
الاسلامية الشاملة، وتجسيد للحقائق المهضومة، وابرازها على صعيد مخصب
بالحياة وفي أفق مشرق باليقظة والوعي.
وكان من أهدافها - كما نشرنا ذلك مرارا - أنها تعنى بتأليف ونشر وتحقيق
الكتب الاسلامية، واحياء التراث العلمي الاسلامي - على اختلاف نوعيته -.
ومن أهدافها أيضا: اهداء وتوزيع منشوراتها - وغيرها إن أمكن -
إلى المؤسسات الفكرية العامة في مختلف أنحاء العالم المتحضر، معتمدة في
مواصلة نشاطها على الله تعالى - أولا - وعلى أريحات رجال الخير والهداية
- ثانيا - كما نشير - أحيانا - إلى شكرهم وتقديرهم في بعض منشورات المكتبة.
ولم يمر على تأسيس " مكتبتنا " أكثر من سنتين وأشهر حتى نهضت
بأعباء رسالتها الاسلامية بأسرع مما يقتضيه الزمن القصير، والظروف الحاسمة
فحشدت قواها المستمدة من الله تعالى إلى المؤسسات الفكرية - خارج
العراق - حتى بلغ تسلسل إهدائها - حسبما يشير سجلها اليوم " 2285
كتابا اسلاميا " - على اختلاف بحوثها - ولا نزال نواصل السير، ونرجو
من الله التوفيق، ومن إخواننا المؤمنين جزيل الدعاء.
ولقد أتحفنا - بالأمس - المكتبة الاسلامية وقراءنا المسلمين - في عامة
الأصقاع - بأول نتاج مكتبتنا وباكورة نشاطها الفكري، وهو كتاب
" تلخيص الشافي لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي قدسه سره " وهو من
أروع الكتب العلمية المذهبية في طليعة القرن الخامس الهجري، من حيث
البساطة في العرض، والأصالة في البحث، والدقة في النقاش الحاسم
لخص فيه مؤلفه " شيخ الطائفة " كتاب أستاذه الأعظم علم الهدى الشريف
5

المرتضى - أعلى الله مقامهما - " الشافي في الإمامة " ذلك الكتاب الذي رد
فيه المرتضى على كتاب معاصره الحافظ الكبير عبد الجبار المعتزلي " المغنى "
- الجزء الخاص بالإمامة -.
يعالج كتاب " تلخيص الشافي " مشكلة الإمامة من الوجهتين: العامة
والخاصة، فيستعرض النصوص والأدلة العقلية المثبتة لامامة أمير المؤمنين
وأبنائه الأحد عشر عليهم السلام بالتدعيم، ويناقش لاجماع المزعوم
والنصوص المخالفة، ويذوب شخصية الخلافة المرتجلة على صعيد الكتاب
والسنة، والكفاءة الذاتية، إلي غير ذلك من مسائل الإمامة وتركيزها
العلمي، وما مرت بها من مفارقات.
ولقد تم طبعه بجمال من الاخراج، واتقان من التحقيق، وإبداع
من الروعة، في أربعة أجزاء. وقدم له، وحققه، وعلق عليه سماحة
العلامة الجليل - مؤسس مكتبتنا، وباعث النشاط في جهادها المتواصل -
السيد حسين نجل آية الله المعظم مثال الورع والتقوى السيد محمد تقي
بحر العلوم نفع الله المسلمين بطول بقائه.
ولمسنا أهمية الكتاب أكثر، وأدركنا مدى تأثيره على الأفق الاسلامي
أعمق، حينما تلقينا - ولا نزال - كتب التشجيع لجهودنا المتواضعة التي
بذلناها في سبيل اخراج هذا السفر القيم إلى أفق النور، ورسائل التقريظ
للكتاب ومؤلفه، ومحققه، واخراجه الرائع - من قبل كثير من العلماء
المحققين والأساتذة المفكرين، ورواد الفضيلة والأدب من عامة القراء.
وازددنا حيوية للعمل أكثر حينما رأينا انثيال القراء - في أنحاء العالم
الاسلامي - على اقتناء الكتاب، ومطالعته، والتنويه عنه، كما كتبت عنه عامة
الصحف والمجلات - في داخل العراق وخارجه -
هذا وشبهه من التشجيع والتأييد واعطاء الواقع حقه أدى إلى نفاد
6

نسخ الكتاب من الأسواق، بالرغم من ضخامة العدد المطبوع منه، ولعلنا
نعيد طبعه من جديد ان شاء الله...
ونحن - إذ نتقدم بالشكر الجزيل لقرائنا الكرام ولعامة المؤيدين
لحركة مكتبتنا الفكرية الاسلامية - على اختلاف طبقاتهم -:
نقدم لهم - اليوم - نتاجها الثاني من حقولها الفكرية الخصبة، ذلك
هو كتاب " رجال السيد بحر العلوم " العروف ب‍ " الفوائد الرجالية "
لسيد الطائفة، وصاحب الكرامات الباهرة، سيدنا " محمد المهدي بحر العلوم "
قدس سره.
ونقف - الآن - وقفتين بعرض بسيط - بين يدي الكتاب، وبين،
يدي مؤلفه الجليل:
7

بين يدي الكتاب
ومنذ أن فرغ مؤلفه الجليل من تسويده - حتى اليوم - لم يزل موردا
ومصدرا لرجال العلم ورواد الحديث - في عامة الأقطار الاسلامية - رغم
ندرة وجوده فنسخه - وان اشتهرت - فهي لا تزال قيد الخط.
يقطع الكتاب ثلاث مراحل، وملحقا لها:
يبحث - أولا - عن أهم البيوت الرجالية المكتظة بثقاة الرواة
ورجال الحديث، ويستعرضها بالتوثيق أو النقد والتمحيص الدقيق:
وهم: آل أبي رافع، آل أبي شعبة، آل أعين، آل أبي صفية
آل أبي أراكة، آل أبي الجعد، آل أبي الجهم، آل أبي سارة، آل
نعيم، آل حيان، بنو الحر، بنو الياس، بنو خالد، بنو عبد ربه
بنو يسار، بنو ميمون، بنو أبي سبرة، بنو سابور، بنو سوقة، بنو نعيم
بنو رباط، بنو فرقد، بنو الهيثم، بنو دراج، بنو عمار، بنو حكيم
بنو موسى...
ويبحث - ثانيا - عن أسماء الصحابة ورجال الحديث والرواة عن
النبي والأئمة المعصومين عليهم السلام، ويتسلسل في العرض على الحروف
الهجائية من الألف حتى الياء. يستعرض الشخص على ضوء ما كتب عنه
الرجاليون من قبل، ثم يعقب ذلك بابداء رأيه الا حاسم فيوافق أو يفند أقوال
السابقين على صعيد علمي دقيق، واستدلالي صارم، فلا يخرج من الاسم
حتى يعطيه ما يرتئيه من التوثيق أو الجرح والترجمة التي لها دخل في شخصيته
الروائية من حيث الأفق العلمي، وتضلعه في علم الفقه والدراية والحديث.
ويبحث - ثالثا - عن فوائد رجالية مهمة لا يستغنى عن دراستها أي
8

فقيه أو محدث أو متضلع في علوم الحديث والرواية والتاريخ - ولذلك سمي
واشتهر ب‍ " الفوائد الرجالية ".
واليك عرض الفوائد التي يستعرضها الكتاب - على الاجمال: رجال
الارشاد، تلامذة الشيخ، العدالة في الراوي، سلوك المشايخ الثلاثة أصحاب
الكتب الأربعة في كتبهم، " رواية الشيخ في " فهرست " عن جماعة، إجازة
العلامة الكبيرة لبني زهرة، تحقيق قول الشيخ في " الفهرست "
أو جماعة من أصحابنا، تحقيق أن أبا عبد الله الذي يروى عنه الشيخ في " الفهرست "
مشترك بين جماعة، إثبات أن صاحب كتاب نسب آل أبي صالب الذي ذكره
الشيخ في " الفهرست " من الامامية إلا من نص على خلافه، فيما ذكره
الشيخ من أصحاب الكتب والأصول وما يتعلق بذلك، تحقيق ان اشتمال
سند الرواية على جماعة من الفطحية لا يوجب الطعن بها، استعراض الوكلاء
الأربعة و ترجمتهم، تحقيق رجال سند رواية ذكرها الكافي، تحقيق سند
حديث رواه الشيخ في التهذيب، تحقيق حال محمد بن الفضيل الراوي،
توثيق الفضيل بن يسار، والقاسم، والعلاء، ومحمد بن القاسم، تحقيق
ما ذكره المير مصطفى في ترجمة أبي الصباح الكناني، تحقيق ما رواه الكليني
عن محمد بن يحيي العطار عن العمر كي، اثبات أن محمد بن قيس مشترك
بين الثقة وغيره، تحقيق ما حكاه الكشي من أن محمد بن خالد لم يلق أبا بصير
تحقيق اشكال مشهور على الشيخ في " كتال الرجال "، تحقيق حال احمد
ابن يحيى بن عمران الأشعري، تحقيق حال الحسن بن راشد الطفاوي،
تحقيق حال الحسين بن محمد الذي يروي الكليني عنه، تحقيق حال محمد بن أحمد
ابن جنيد، فيما يشير إلى عدم تواتر الكتب وتحرز مشايخنا عن الرواية
عن غير الموثوق بهم، تحقيق ان في رجال " كتاب النجوم " جماعة من بني
9

نوبخت، في أصحاب الجرح والتعديل، تحقيق نسب العقيقي - صاحب الرجال -
إلى الإمام عليه السلام، فيما يدل على أن ابن الغضائري هو أحمد بن الحسين
دون أبيه، تحقيق المراد من البرقي المتكرر في رجاله النقل عن سعد والمراد
من سعد، عرض جماعة من العلماء الفطحية.
ويلحق بالكتاب درج الإجازات التي اخذها سيدنا المؤلف قدس سره
من مشايخه وأساتذته العظام، والإجازات التي أعطاها لتلاميذه الفطاحل،
مع ترجمة بسيطة لكل من هؤلاء الاعلام، من قبل ذوي الحقيق.
ولقد عهدنا بتحقق وتعليق هذا السفر الجليل إلى سماحة الحجة المحقق
الثبت السيد محمد صادق بحر العلوم، وابن أخيه فضيلة العلامة الجليل
السيد حسن بحر العلوم، علما بأنهما أولى الناس بكتاب جدهما الأعلى
" سيد الطائفة بحر العلوم " " وصاحب الدار أدرى بالذي فيها " - كما يقول المثل المشهور -
وسيم الكتاب مع ملحقه في ثلاثة أجزاء متلاحقة الصدور ان شاء الله.
10

بين يدي المؤلف
لقد صح في الحديث النبوي: " إن العلماء هم ورثة الأنبياء ".
وذلك بحكم شمول الرسالة وشرف غايتها وصعوبة أدائها، وشدة الحيطة
في عامة أطرافها، من حيث أنها رسالة السماء إلى أبناء الأرض على اختلاف
نفسياتهم واستعدادهم في التقبل وعدمه.
ونحن الآن - بدورنا - نقف وقفة الهيبة والتقدير أمام أبرز وأصدق
مثال للحديث الشريف، وارث علوم جده سيد المرسلين بجدارة واستحقاق
وسيد الطائفة المحقة، وزعيمها على رأس القرن الثالث عشر الهجري.
تلك الشخصية الاسلامية العملاقة: هي أكبر وأوسع أفقا من أن
يحيط بها كاتب مهما أوتي من سعة الاطلاع وسلاسة اليراع، فان القلم
يأخذ أطراف الموضوع، ولا يستطيع أن يسبر الغور والكنه، فشخصية
(سيدنا المؤلف) أوضح مصداق لقول الشاعر:
أنت في منتهى الظهور خفي * ولدى منتهى الخفا في ظهور
ولقد كتب عن سيدنا - قدس سره - جميع من كتب في الرجال
والتراجم: من معاصريه، وممن جاء بعده. فأينما تصوب نضرك تجد - منذ ذلك
العهد حتى اليوم، وستجد بعد اليوم أيضا - هذه الشخصية الاسلامية الكبرى
تحتل المكانة السامية من كتب الفقه والأصول والحديث والتاريخ والتفسير
والأدب، وعامة الفنون الاسلامية، فلقد كان سيدنا - قدس سره -
من أولئك العلماء الذين لم يفتهم الاطلاع على كثير من العلوم التي لها
صلة بأداء رسالتهم الاسلامية - مهما كان نوعها -
وعليه، فنحن الآن - نحظى بشرف التحدث عن يسير من كثير
مما نعرفه عن شخصية سيدنا المترجم له، ونترك التفصيل والإحاطة لمن
11

يكتب عنه كتابا مستقلا، شأن غيره من عظماء التأريخ، وقادة الأمة
وموجهي الشرع المقدس. وسنعلن المسابقة لذلك، كما أعلنا المسابقة لمن
يكتب في " الشيخ الطوسي قدس سره " في أوائل هذا العام.
ولنستعرض العناوين البارزة من شخصية سيدنا قدس سره واحدة
تلو الأخرى:
نسب مشرق:
هو: السيد محمد المهدي ابن السيد مرتضى (1) ابن السيد محمد (2)

(1) يلتقى نسب السادة البروجرديين - في إيران في السيد مرتضى
حيث إن جد السادة البروجرديين الأعلى هو السيد جواد، وهو أخو السيد
بحر العلوم قدس سرهما.
(2) ولد السيد محمد في " أصفهان " ونشأ في " بروجرد " أيام شبابه ثم هاجر
إلى النجف الأشرف فتخرج على علمائها الاعلام برهة من الزمن فكان من
العلماء البارزين في عامة العلوم الدينية - يومئذ - وتلمذ عليه ممن تلمذ - الوحيد
البهبهاني قدس سره - الذي هو صهره على ابنته - شقيقه السيد المرتضى - وأم
السيد محمد بنت العلامة الكبير المولى محمد صالح المازندراني شارح " الكافي للكليني "
والمتوفي سنة 1081 ه‍. واخت العلامة المولى آغا هادي المازندراني المتوفى سنة
1135 ه‍. وأمها العالمة الفاضلة التقية كريمة المولى المجلسي الأول محمد تقي واخت
المولى محمد باقر المجلسي الثاني صاحب البحار. ولذا كان سيدنا بحر العلوم يعبر
عن المجلسي الأول بالجد وعن الثاني بالخال في مصنفاته.
وصنف كثيرا ومن مصنفاته. شرح المفاتيح جزآن، رسالة في الايمان
المعروفة ب‍ " تحفة الغري " رسالة في تاريخ المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام
الاعلام اللامعة في شرح الجامعة، رسالة في حكم صوم عاشوراء وغير ذلك
من الرسائل الصغار المخطوطة. توجد لدى مكتبة المغفور له آية الله البروجردي
في " قم ".
وبعد ان بلغ مرتبة الاجتهاد في النجف الأشرف، دعي من قبل أهالي
" كرمانشاه " و " بروجرد " للوقوف امام التيار الصوفي هناك: حيث تغلغل
هذا الانحراف العقائدي باغراء بعض الزعماء المتركزين يومئذ، فسار متوجها
إلى " بروجرد " وما ان وصل إلى " كرمانشاه " حتى انثال عليه أهلها - بجميع
طبقاتهم - يستنجدون به ويرجون منه البقاء عندهم لعلاج الأمراض النفسية
السائدة - عندهم فبقي هناك يواصل حركة الوعظ والارشاد ويصد الفتن والأهواء
مدة - غير قليلة - من الزمن.
وبعد ذلك انتقل إلى بروجرد بالحاح من أهاليها. فبقي فيها مدة قليلة
يواصل جهاده الاسلامي حتى توفاه الله فيها سنة 1201 ه‍. وقيل: توفي في
كرمانشاه ونقل جثمانه الشريف إلى بروجرد. وعلى كل فقبره الآن في
" بروجرد " مزار مشهور يتبرك به الزائرون وتشد إليه الرجال من أطراف
البلاد لقضاء الحوائج. ولقد جدد قبره - أخيرا - من قبل حفيده العظيم آية الله
العظمى سيدنا الحسين البروجردي الطباطبائي قدس سره.
12

ابن السيد عبد الكريم (1) ابن السيد مراد (2) ابن السيد شاه أسد الله

(1) عبد الكريم هذا: هو أخو الأمير أبي المعالي الكبير الطباطبائي جد
صاحب الرياض. وعليه فيجتمع نسب السادة الطباطبائيين في كربلا ونسب
السادة آل بحر العلوم في النجف الأشرف في السيد مراد والد كل من السيد
عبد الكريم والسيد أبي المعالي. (2) في السيد مراد - هذا - يجتمع نسب السادة آل الحكيم في النجف
الأشرف ونسب السادة آل بحر العلوم في النجف الأشرف وكربلا ومن أبرز
السادة " آل الحكيم " اليوم سيدنا الأكبر والمرجع الديني الأعلى الفقيه الورع
13

ابن السيد جلال الدين الأمير ابن السيد الحسن ابن السيد مجد الدين (1)
ابن السيد قوام الدين (2) ابن السيد إسماعيل ابن السيد عباد ابن السيد أبي
المكارم ابن السيد عباد ابن السيد أبي مجد (3) ابن السيد عباد ابن السيد
علي ابن السيد حمزة ابن السيد طاهر ابن السيد علي (4) ان السيد محمد (5)

الحجة السيد محسن الحكيم الطباطبائي - أدام الله ظله - فإنه ابن العلامة التقي
السيد مهدى ابن السيد صالح ابن السيد احمد ابن السيد محمود ابن السيد إبراهيم
- الطبيب - ابن الأمير السيد علي الحكيم ابن الأمير السيد مراد " إلى آخر -
نسبهم المنتهى إلى السيد إبراهيم طباطبا ".
(1) واسم مجد الدين - هذا - علي.
(2) واسم قوام الدين - هذا - محمد.
(3) واسم أبي المجد - هذا - احمد.
(4) وهو المكنى بابي الحسين، والملقب بشهاب الشاعر الأصفهاني ذكره
ابن عنبه النسابة في " عمدة الطالب: ص 162 " طبع النجف الأشرف سنة
1358 ه‍. وقال: " له ذيل طويل منهم السيد العالم النسابة أبو إسماعيل إبراهيم -
ابن ناصر ابن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن علي الشاعر المذكور - صاحب
كتاب المنتقلة في علم النسب ".
(5) وهو المكنى بأبي الحسن. الشاعر. صاحب المؤلفات القيمة ترجم له
الحموي في " معجم الأدباء: 6 / 284 " فقال: " شاعر مفلق، وعالم محقق
شائع الشعر، نبيه الذكر مولده بأصبهان وبها مات في سنة 322 ه‍. وله عقب
كثير في إصفهان فيهم علماء وأدباء ونقباء ومشاهير، وكان مذكورا بالذكاء والفطنة
وصفاء الفريحة وصحة الذهن وجودة المقاصد معروف بذلك مشهور به، وهو
مصنف كتاب عيار الشعر كتاب التهذيب الطبع كتاب العروض - لم يسبق إلى
مثله - كتاب في المدخل في معرفة المعمى من الشعر. كتاب في تقريظ الدفاتر "
14

ابن السيد احمد (1)

ثم ذكر الحموي كثيرا من اخباره وشعره إلى ص 293 فراجعه.
وترجم له أيضا ابن النديم في " الفهرست: ص 196 " بعنوان " ابن
طباطبا العلوي " وقال: " وله في الشعر والشعراء وله من الكتب كتاب
سنام المعالي كتاب عيار الشعر. كتاب الشعر والشعراء - اختياره - كتاب
ديوان شعره ".
وعده ابن شهرآشوب السروي في " معالم العلماء: ص 152 " من شعراء
الشيعة المتقين بعنوان " الشريف ابن طباطبا النسابة الأصفهاني "
وذكره أيضا ابن خلكان في (وفيات الأعيان: 1 / 40) وذكر بعض
شعره - من غير معرفة بشخصه - في ذيل ترجمة أبي القاسم أحمد بن محمد بن
إسماعيل بن إبراهيم طباطبا الحسني الرسي المصري المتوفى بها سنة 345 ه‍. وقال
(وجدته في ديوان أبي الحسن بن طباطبا ولا أدري من هذا - أبو الحسن - ولا
وجه النسبة بينه وبين أبي القاسم المذكور)
وترجم له أيضا صاحب (تاريخ قم ص 208) بعنوان: أبي الحسن محمد بن أحمد
بن طباطبا الشاعر.
وذكره صاحب نسمة السحر وأورد من شعره قوله:
يامن حكى الماء فرط رقته * وقلبه في قساوة الحجر
يا ليت حظي كحظ ثوبك من * جسمك يا واحد البشر
لا تعجبوا من بلا غلالته * قد زر أزراره على القمر
ولابن طباطبا - هذا ذكر في معاهد التنصيص ومعجم الشعراء للمرزباني
والذريعة لشيخنا الحجة الطهراني وعمدة الطالب وغيرها من المعاجم.
(1) هو الأمير الملقب ب‍ " فتوح الدين " المكنى بأبي عبد الله. وكان
شاعرا، توفي في قرية " غازيان " من توابع " جويبارة " من مضافات " إصفهان "
ذكره صاحب عمدة الطالب: ص 162.
15

ابن السيد محمد (1) ابن السيد أحمد (2) ابن السيد إبراهيم الملقب ب‍ " طباطبا " (3)

(1) - يكنى السيد محمد - هذا - بابي جعفر الأصفر ويعرف بابن
الخزاعية وكان شاعرا وله عقب بمصر ودفن عند جده - إبراهيم طباطبا -
بحميلان إصفهان ذكره صاحب عمدة الطالب (ص 162) وغيره من النسابين
(2) - يلقب السيد احمد - هذا - بالرئيس ويكنى بابي عبد الله وكان نزيل
إصفهان ذكره صاحب (عمدة الطالب: ص 162)
(3) - إلى السيد إبراهيم طباطبا - هذا - ينتهي نسب جميع السادة
الطباطبائيين المنتشرين في العراق وغيره من البلدان الاسلامية وهم كثيرون.
وفيهم العلماء والأمراء والنقباء والشعراء وغيرهم. ذكره صاحب (عمدة الطالب
النسابة ص 161) فقال: "... إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج، ولقب
(طباطبا) لأن أباه أراد أن يقطع له ثوبا - وهو طفل - فخيره بين قميص وقبا
فقال (طباطبا) يعنى: قباقبا. وقيل: بل السواد لقبوه بذلك و " طباطبا "
بلسان النبطية سيد السادات " نقل ذلك " أبو نصر البخاري عن الناصر للحق
وكان إبراهيم " طباطبا " ذا خطر وتقدم وأمه أم ولد " فأعقب " من ثلاثة
رجال: القاسم الرسي واحمد والحسن والقاسم الرسي - هذا - يكنى: ابا
محمد. وكان ينزل جبل الرس: وكان عفيفا زاهدا له تصانيف ودعا إلى الرضا
من آل محمد، وله عدة أولاد متقدمون وأعقب من سبعة رجال ذكر حميد
الدين اليماني في كتابه (الحدائق الوردية في أحوال الأئمة الزيدية): ان القاسم
- هذا - بايعه أصحابه سنة 220 إلى أن توفي مختفيا في جبل الرس سنة 246 ه‍. عن
سبع وسبعين سنة.
قال صاحب العمدة: " وكان لإبراهيم (طباطبا) عبد الله بن إبراهيم أيضا
كان له ذيل لم يطل " ومن ولده " أحمد بن عبد الله خرج بصعيد مصر سنة 270 ه‍.
فقتله أحمد بن طولون. وانقرض عقبه وعقب أبيه عبد الله بن إبراهيم أيضا "
ومن ولد إبراهيم طباطبا أيضا محمد بن إبراهيم، ويكنى: ابا عبد الله،
أحد أئمة الزيدية، خرج بالكوفة داعيا إلى الرضا من آل محمد، وخرج معه
أبو السرايا السري بن منصور الشيباني في أيام المأمون، فغلب على الكوفة ودعى
بالآفاق، ولقب بأمير المؤمنين، وعظم امره ثم مات فجأة سنة 199 ه‍.
قيل: سقاه أبو السرايا سما فمات منه. وانقرض عقبه " وكأن " من ولده
محمد بن الحسين بن جعفر بن محمد - هذا - خرج إلى الحبشة فما يعرف له خبر
" ومنهم " محمد بن جعفر بن محمد المذكور، قتلته الشراة ب‍ " كرمان "
وصلب، فأخذتهم الزلزلة أربعين يوما حتى انزل عن الخشبة، فسكنت الزلزلة
وعقب إبراهيم طباطبا من القاسم واحمد والحسن... "
وإبراهيم " طباطبا " ذكره الشيخ الطوسي - رحمه الله - (في رجاله ص 144)
من أصحاب الصادق عليه السلام. وذكره أيضا المولى الأردبيلي في " جامع الرواة
1 / 19 " وقال: " روى عنه علي بن حسان في " الكافي " في باب ان الجن
يأتيهم عليم السلام فيسألونهم. وذكره أيضا ابن حجر العسقلاني في " لسان
الميزان: 1 / 35 " وقال: " ذكره أبو جعفر الطوسي في رجال جعفر بن محمد
الصادق من الشيعة. وقال: كان فاضلا في نفسه سريا في قومه " وذكره أيضا
أبو نصر البخاري في " سر السلسلة العلوية ص 16 " طبع النجف الأشرف سنة
1382 ه‍. وله ذكر في أكثر كتب النسب وفي المعاجم الرجالية.
16

ابن سيد إسماعيل الديباج (1)

(1) - إسماعيل الديباج - هذا - ذكره صاحب " عمدة الطالب: ص 150 "
وقال: " والعقب من إبراهيم الغمر في إسماعيل الديباج - وحده - ويكنى:
ابا إبراهيم، ويقال له: الشريف الخلاص، والعقب منه في رجلين. الحس التج
وإبراهيم طباطبا... " وكان لإبراهيم الغمر أولاد غير إسماعيل الديباج إلا أنهم
لا بقية لهم " انظر: هامش عمدة الطالب: ص 150 ".
وكان إسماعيل الديباج مع بني الحسين الذين حبسهم المنصور بالهاشمية، ثم
هدم السجن عليهم فقتلهم، قال أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين " ص 199 " - طبع القاهرة سنة 1367 ه‍ ": " إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن
ابن علي بن أبي طالب عليه السلام، وهو الذي يقال له " طباطبا "، وقيل: إن
ابنه إبراهيم طباطبا، وأمه " ربيحة " بنت محمد بن عبد الله بن عبد الله أبي
أمية الذي يقال له: زاد الركب، أبو أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم
حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيي بن الحسن، قال: حدثنا إسماعيل بن
يعقوب، قال: حدثنا عبد الله بن موسى، قال: سألت عبد الرحمن بن أبي
الموالى - وكان مع بني الحسن بن الحسن في المطبق - كان صبرهم على ما هم
فيه؟ قال: كانوا صبراء، وكان فيهم رجل مثل سبيكة الذهب، كلما أوقد عليها النار
ازدادت خلاصا، وهو إسماعيل بن إبراهيم، كان كلما اشتد عليه البلاء
ازداد صبرا ".
وقال أبو نصر البخاري في " سر السلسلة العلوية: ص 16 ": " ولد
إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن " إبراهيم " بن إسماعيل بن إبراهيم لام ولد
وإبراهيم هو المعروف بطباطبا - " والحسن بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن
ابن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام هو الملقب ب‍ " التج " - " بالتاء
المثناة الفوقانية والجيم المشددة - ويعرف الحسن التج - هذا - بابن الهلالية، ويقال
لولده: بنو التج " خرج مع الحسين بن علي بفخ فحبسه الرشيد، وبقي في
الحبس نيفا وعشرين سنة حتى خلاه المأمون وهلك - هو - ابن ثلاث وستين
سنة. ويكنى: ابا علي. له الحسن بن الحسن بن إسماعيل بن إبراهيم لا عقب له
إلا منه، وولد للحسن بن الحسن بن إسماعيل - هذا - محمد، وإبراهيم، وعلي
وإسماعيل بنو الحسن بن الحسن بن إسماعيل بن إبراهيم، من أمهات أولاد
أعقبوا جميعا ". -
17



-
وكان إسماعيل الديباج مع بني الحسين الذين حبسهم المنصور بالهاشمية، ثم
هدم السجن عليهم فقتلهم، قال أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين " ص 199 " - طبع القاهرة سنة 1367 ه‍ ": " إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن
ابن علي بن أبي طالب عليه السلام، وهو الذي يقال له " طباطبا "، وقيل: إن
ابنه إبراهيم طباطبا، وأمه " ربيحة " بنت محمد بن عبد الله بن عبد الله أبي
أمية الذي يقال له: زاد الركب، أبو أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم
حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيي بن الحسن، قال: حدثنا إسماعيل بن
يعقوب، قال: حدثنا عبد الله بن موسى، قال: سألت عبد الرحمن بن أبي
الموالى - وكان مع بني الحسن بن الحسن في المطبق - كان صبرهم على ما هم
فيه؟ قال: كانوا صبراء، وكان فيهم رجل مثل سبيكة الذهب، كلما أوقد عليها النار
ازدادت خلاصا، وهو إسماعيل بن إبراهيم، كان كلما اشتد عليه البلاء
ازداد صبرا ".
وقال أبو نصر البخاري في " سر السلسلة العلوية: ص 16 ": " ولد
إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن " إبراهيم " بن إسماعيل بن إبراهيم لام ولد
- وإبراهيم هو المعروف بطباطبا - " والحسن بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن
ابن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام هو الملقب ب‍ " التج " - " بالتاء
المثناة الفوقانية والجيم المشددة - ويعرف الحسن التج - هذا - بابن الهلالية، ويقال
لولده: بنو التج " خرج مع الحسين بن علي بفخ فحبسه الرشيد، وبقي في
الحبس نيفا وعشرين سنة حتى خلاه المأمون وهلك - هو - ابن ثلاث وستين
سنة. ويكنى: ابا علي. له الحسن بن الحسن بن إسماعيل بن إبراهيم لا عقب له
إلا منه، وولد للحسن بن الحسن بن إسماعيل - هذا - محمد، وإبراهيم، وعلي
وإسماعيل بنو الحسن بن الحسن بن إسماعيل بن إبراهيم، من أمهات أولاد
أعقبوا جميعا ".
ثم قال أبو نصر البخاري: " ولد إبراهيم طباطبا (محمد) بن إبراهيم الذي
خرج مع أبي السرايا بالكوفة " وإسماعيل بن إبراهيم " أمهما أم الزبير بنت
عبد الله المخزومية، فاما محمد بن إبراهيم مات - رضي الله عنه - في أول ليلة من
رجب سنة 199 ه‍، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، ودفن بالكوفة، " وعبد الله
واحمد " ابني إبراهيم طباطبا، أمهما جميلة بنت موسى بن عيسى بن عبيد الرحيم
ابن العلاء " والقاسم والحسن " ابني إبراهيم، أمهما هند بنت عبد الملك بن سهل
ابن مسلم ".
وانظر: ص 17 من (سر السلسلة) الامام القاسم الرسي بن إبراهيم
طباطبا، وأولاده، وأحفاده، ومن أعقبوا.
18

ابن السيد إبراهيم الغمر (1)

(1) ذكر إبراهيم الغمر - هذا - صاحب (عمدة الطالب: ص 149)
فقال: (ولقب ب‍ - الغمر - لجوده، ويكنى: ابا إسماعيل، وكان سيدا شريفا
روى الحديث، وهو صاحب الصندوق الكوفة، يزار قبره، وقبض عليه
أبو جعفر المنصور مع أخيه، وتوفي في حبسه سنة 145 ه‍ وله تسع وستون سنة
(وقال ابن خداع) مات قبل الكوفة بمرحلة وسنه سبع وستون سنة، وكان
السفاح يكرمه (فيروى) ان السفاح كان كثيرا ما يسأل عبد الله المحض عن ابنيه
محمد، وإبراهيم، فشكا عبد الله ذلك إلى أخيه إبراهيم الغمر، فقال له إبراهيم:
إذا سألك عنهما نقل: عمهما إبراهيم اعلم بهما، فقال له عبد الله: وترضى بذلك
قال نعم، فسأله السفاح عن ابنيه - ذات يوم - فقال: لا علم لي بهما، وعلمهما
عند عمهما إبراهيم، فسكت عنه، ثم خلا بإبراهيم فسأله عن ابني أخيه، فقال
له يا أمير المؤمنين أكلمك كما يكلم الرجل سلطانه أو كما يكلم ابن عمه؟ فقال بل كما
يكلم ابن عمه، فقال: يا أمير المؤمنين أرأيت إن كان الله قد قدر أن يكون لمحمد
وإبراهيم من هذا الامر شئ أتقدر - أنت وجميع اهل الأرض - على دفع ذلك؟
قال لا ولله، قال: ورأيت إن لم يقدر لهما من ذلك شئ أيقدران - ولو أن
اهل الأرض معهما - على شئ منه؟ قال: لا، قال: فما لك تنغص على هذا الشيخ
النعمة التي تنعمهما عليه؟ فقال السفاح: والله لا ذكرتهما بعد هذا، فلم يذكر
شيئا من امرهما حتى مضى لسبيله).
وذكره أيضا أبو نصر البخاري في (سر السلسلة العلوية: ص 15) فقال:
" وأبو إسحاق إبراهيم الغمر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه
السلام، وأمه فاطمة بنت الحسين عليه السلام، كان أشبه الناس برسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم، توفى في سنة 145 ه‍، في حبس المنصور، وهو ابن سبع وستين
سنة، وهو أول من مات من أولاد الحسن في حبس المنصور.
ولد إبراهيم بن الحسن: (إسحاق وإسماعيل ويعقوب) أمهم (ربيحة)
بنت عبد الله بن أمية المخزومي - لا عقب لإسحاق ويعقوب - (محمد) بن
إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط عليه السلام من أم ولد تدعى (عالية)
كان يقال له: الديباج الأصغر، لحسنه، نظر إليه المنصور قال: أنت الديباج
الأصغر؟ فقال: نعم، قال: اما والله لأقتلنك قتلة ما قتلها أحد من أهلك. ثم
امر باسطوانة، فافرج عنها بنيت عليه - لا عقب له - (وعلي) بن إبراهيم
وقال: العمري النسابة: لا عقب له ".
وذكره أيضا أبو الفرج الأصفهاني في (مقاتل الطالبيين: ص 187) فقال
" إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، ويكنى: ابا الحسن
وأمه فاطمة بنت الحسين عليه السلام، كان إبراهيم أشبه الناس برسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم - ثم روى بسنده عن عيسى بن عبد الله - قال: (مر الحسن
ابن الحسن علي إبراهيم بن الحسن وهو يعلف إبلا له، فقال: أتعلف إبلك
وعبد الله بن الحسن محبوس -؟ أطلق عقلها يا غلام، فأطلقها، ثم صاح في
ادبارها، فذهبت، فلم يوجد منها واحدة، وتوفي إبراهيم بن الحسن بن الحسن
في الحبس بالهاشمية في شهر ربيع الأول سنة 145 ه‍ وهو أول من توفي منهم
في الحبس، وهو ابن سبع وستين سنة (قال): هؤلاء الثلاثة من ولد الحسن
ابن الحسن لصلبه قتلوا وماتوا في الحبس " يعنى: عبد الله بن الحسن بن الحسن
وأخويه حسنا، وإبراهيم، وذلك: لما قبض المنصور على عبد الله بن الحسن
وأولاده واخوته بسبب اختفاء ولديه: محمد وإبراهيم، وكان المنصور بايع لمحمد
في دولة بني أمية، ثم قتل المنصور محمدا وإبراهيم بعد ما حبس أباهما ومن معه
ثم قتلهم. (والهاشمية) مدينة كان بناها المنصور بقرب الكوفة قبل بناء بغداد. وقبر إبراهيم الغمر بين الكوفة والنجف الأشرف - والى الكوفة أقرب
- عليه قبة وهو مزار معروف حتى اليوم، وكان آية الله الفقيه المرحوم السيد محمد
كاظم اليزدي الطباطبائي يتعاهده بالزيارة بين آونة وأخرى، ويعلن للزائرين معه
انه قبر جده السيد إبراهيم الغمر، ولعل بعض الغيارى من الأثرياء المؤمنين يقوم
بتجديده أسوة بغيره من أولياء الله وابطال العلم والعقيدة، (فمن يعمل مثقال ذرة
خيرا يره).
19

ابن الحسن المثنى (1) ابن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب عليهما السلام.

(1) - الحسن المثنى - هذا - ذكره الشيخ المفيد رحمه الله في (الارشاد)
فقال (واما الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام، فكان جليلا، رئيسا، فاضلا
ورعا، وكان يلي صدقات أمير المؤمنين عليه السلام في وقته، وله مع الحجاج
- لعنة الله - خبر ذكره الزبير بن بكار، وكان حضر مع عمه الحسين عليه السلام
الطف فلما قتل الحسين عليه السلام، واسر الباقون من اهله، جاءه أسماء بن
خارجة فانتزعه من بين الأسراء
وذكره أيضا صاحب (عمدة الطالب: ص 84) وقال: " يكنى ابا محمد
وأمه خولة بنت منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن سمي
ابن مازن بن فزارة بن ذبيان، وكانت تحت محمد بن طلحة بن عبيد الله، فقتل
عنها يوم الجمل، ولها منه أولاد، فتزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام
وكان (الحسن بن الحسن) قد خطب إلى عمه الحسين عليه السلام احدى بناته
فأبرز له فاطمة، وسكينة، وقال: يا بن أخي، إختر أيهما شئت؟ فاستحى
الحسن، وسكت، فقال الحسين عليه السلام: قد زوجتك فاطمة، فإنها أشبه
الناس بأمي فاطمة بنت رسول الله (ص).
... وكان الحسن بن الحسن يتولى صدقات أمير المؤمنين عليه السلام
ونازعه فيها زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام، ثم سلمها له... وكان الحسن
ابن الحسن شهد الطف مع عمه الحسين عليه السلام وأثخن بالجراح، فلما أرادوا
أخذ الرؤوس وجدوا به رمقا، فقال أسماء بن خارجة بن عيينة بن خضر بن حذيفة بن
بدر الفزاري: دعوه لي، فان وهبه الأمير عبيد الله بن زياد لي، وإلا رأى رأيه فيه،
فتركوه له، فحمله إلى الكوفة، وحكموا ذلك لعبيد الله بن زياد، فقال: دعوا لأبي
حسان ابن أخته، وعالجه أسماء حتى برئ، ثم لحق بالمدينة، وكان عبد الرحمن بن
الأشعث قد دعا إليه وبايعه، فلما قتل عبد الرحمن توارى الحسن، حتى دس إليه
الوليد بن عبد الملك من سقاه سما، فمات - وعمره إذ ذاك خمس وثلاثون سنة
وكان يشبه برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وأعقب الحسن بن الحسن من خمسة رجال: عبد الله المحض، وإبراهيم
الغمر، والحسن المثلث، وأمهم فاطمة بنت الحسين بن علي عليه السلام، ومن
داود، وجعفر، وأمهما أم ولد رومية تدعى (حبيبة) فعقبه خمسة أسباط "
ان ما ذكره صاحب (العمدة): من أن الذي دس إلى الحسن المثنى السم
خارجة فانتزعه من بين الاسراء -
الوليد بن عبد الملك - لا يصح، والصحيح ان الذي سمه هو سليمان بن عبد الملك،
ذلك لان الحسن - هذا - قد دس إليه السم سنة (97) والوليد مات سنة (96)
وبويع بعده أخوه سليمان، فدس إليه السم.
وما ذكره من انه كان عمر الحسن المثنى عنه موته خمسا وثلاثين سنة لا يصح
أيضا، لأنه مات بعد والده الحسن المجتبى عليه السلام بثمان وأربعين سنة، فكيف
يكون عند موته ابن خمس وثلاثين سنة،
فالذي يغلب على الظن ان في العبارة تحريفا
- من الناسخ - وان الصحيح ان عمره كان عند موته ثلاثا وخمسين سنة لا خمسا
وثلاثين، فلاحظ.
وحبيبة أم داود بن الحسن المثنى - المذكورة في عبارة صاحب (العمدة) -
هي التي علمها الإمام الصادق عليه السلام الدعاء المعروف بدعاء " أم داود "
وكان به خلاص ابنها داود من الحبس.
وكان للحسن المثنى ابن آخر اسمه محمد، وبنتان هما رقية، وفاطمة، أمهم
رملة بنت سعيد بن زيد بن نفيل العدوي، ولا بقية لمحمد بن الحسن المثنى، ذكر
ذلك النسابة السيد جعفر ابن السيد محمد ابن السيد جعفر ابن السيد راضي
الحسيني الأعرجي الكاظمي، المتوفى سنة 1332 ه‍، في كتابه (مناهل الضرب)
المخطوط. وتوجد نسخته عند شيخنا المحقق الحجة الشيخ آغا بزرك الطهراني
صاحب كتاب (الذريعة) أدام الله وجوده.
وانظر أيضا ترجمة ضافية للحسن المثنى في (سر السلسلة العلوية
لأبي نصر البخاري: ص 4 الخ) وأكثر بني الحسن السبط عليه السلام من
صلب الحسن المثنى هذا. وله ذكر في أكثر كتب النسب والمعاجم الرجالية.
21

هذه السلسة الذهبية من النسب العلوي المشرق وجدت بخط سيدنا
" بحر العلوم " قدس سره في بعض آثاره المخطوط لدى أسرته الكرام
ولقد ذكر هذا النسب كل من ترجم للسيد، أو لأحد أفراد أسرته - قدس
الله أسرارهم. -
نسب كأن عليه من شمس الضحى ألقا، ومن فجر الصباح عمودا
ولقد نظم هذا النسب الشريف - رجزا - أحد مفاخر هذه الأسرة
الكريمة سماحة الحجة المحقق السيد محمد صادق بحر العلوم - دام تأييده -
والأرجوزة كبيرة، نقتضب، منها ما يلي:
وبعد جاء في الصحيح المسند * عن النبي المصطفى محمد
بان كل سبب ونسب * ينبت الا سببي ونسبي
فاستمعن يا أيها الخل الوفي * نظم الفقير الفاطمي الأشرف
أرجوزة سمت على الجوزاء * إذا قد حوت لنسب الآباء
أنهيت فيها لعلي نسبي * أربعة بعد ثلاثين أبي
مبتدئا بوالدي المهذب * وفقه الله لنيل الإرب
وهو سمي المجتبي الزاكي (الحسن) * ذا شبل " إبراهيم " صاحب المنن
نسل " الحسين بن " الرضا " بن " المهدي " * حليف سؤدد، ربيب المجد
(بحر العلوم) صاحب المناقب * سيد أهل الفضل، ذي التجارب
محقق المعقول والمنقول * مدقق الفروع والأصول
فكم كرامات له مشتهرة * وقد غدت في عصره مزدهرة
كآية الحجاز والغمامة * فإنها لفضله علامة
وآية السهلة، والاعرابي * وآية التشييع، والسرداب
وآية الرؤية للامام * في حالة النهوض للقيام
وآية الضم دليل مرتضى * لشبل حجة الأنام " المرتضى "
24

نسل " محمد " سمي المصطفى * وهو التقي المتعالى شرفا
نسل الفتى " عبد الكريم " الفاضل * نسل " مراد " نسل " شاه " الكامل
ذا " أسد الله " حليف السؤدد * نسل " جلال الدين " نسل الأوحدي
وهو ربيب المكرمات " الحسن " * قامت فروضها به، والسنن
نسل حليف المجد " مجد الدين " * نسل فتى العليا " قوام الدين "
سليل " إسماعيل " نسل الأنجب * " عباد " نسل الفذ عالي الرتب
وهو المكنى ب‍ " أبي المكارم " * سليل " عباد " ابن خير عالم
وهو " أبو المجد " بن " عباد " السنن * نسل (علي) القدر صاحب المنن
نسل الزكي " حمزة " بن (طاهر) * نسل (علي) وهو ذو المفاخر
نسل (محمد) سليل (احمد) * نسل (محمد) الهمام الأمجد
نسل الرئيس (احمد) النبيل * فخر الورى ذي الشرف الأصيل
سليل (إبراهيم) أزكى النجبا * وهو الذي لقبه (طباطبا)
سليل (إسماعيل الديباج) * من فضله كالكوكب الوهاج
سليل (إبراهيم) نسل (الحسن) * وهو المثنى ابن (الإمام الحسن)
نسل الامام صاحب الفضل الجلي * أمير اهل الحق مولانا (علي)
والده المرتضى: ولقد أعقب السيد محمد جد سيدنا المترجم له - أربعة من الأولاد:
السيد مرتضى، والسيد علي، والسيد رضي، والسيد رضا، وبنتا واحدة.
توفى السيد علي في إيران سنة 1201 ثم توفي السيد رضي ثم السيد
رضا، وكان شابا فاضلا، ودفنا في قبر أبيهما في بروجرد عند رجليه.
وتزوج البنت الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني قدس سره.
وأما السيد مرتضى - وهو أكبر أولاده - فقد ولد في النجف الأشرف
25

- على الأصح - وأمه بنت المقدس العلامة الأمير أبي طالب ابن العلامة
الأمير أبى المعالي الكبير، وأم الأمير أبي طالب بنت المولى محمد صالح
المازندراني شارح الكافي للكليني - التي أمها الفاضلة العالمة (آمنة بيكم)
بنت العلامة المجلسي الأول المولى محمد تقي واخت العلامة المحدث المولى
محمد باقر المجلسي الثاني صاحب البحار، ولذا يعبر السيد بحر العلوم في مصنفاته
عن المجلسي الأول ب‍ (الجد) وعن المجلسي الثاني ب‍ (الخال).
ونشأ السيد مرتضى - في كربلا نشأة علمية علي أيدي علمائها العظام
واخذ يتردد على النجف أيضا، ويمتاز من علومها الفياضة، حتى أصبح
من العلماء الذين يشار إليهم بالبنان، وفي مرتبة سامية من الورع والتقوى
وما إن انقضت أيام شبابه في العراق حتى غادرها إلى بلاد أبيه
(بروجرد) في إيران، فبقي هناك مرجعا دينيا كبيرا، ورئيسا اجتماعيا
- غير منازع - مدة من الزمن.
ورجع إلى النجف الأشرف - مسقط رأسه - سنة 1199، فاحتفى
به أهل النجف بعامة طبقاتها، وعقدوا له المهرجانات والنوادي الترحيبية
وانثال عليه شعراء عصره يزفون البشرى بقدومه المبارك إلى نجله سيدنا المهدي
قدس سره.
فمن ذلك قصيدة للسيد أحمد العطار البغدادي المتوفى سنة 1215 ه‍ ومطلعها
بشرى فبدر سماء المجد قد طلعها * ونور شمس نهار السعد قد سطعا
إلى قوله:
ليهن سيدنا المهدى طلعته * التي بضوء سناها الكون قد سطعا
ليبتهج، وله البشرى برجعته * التي بها غائب الأفراح قد رجعا
قرت عيون البرايا حين أقبل بل * قرت عيون العلى والمكرمات معا
إذ قر عينا به مهدي آل رسول * الله أصدع من بالحق قد صدعا
26

عماد سمك العلى من قام كاهله * بحمل أعباء دين المصطفى يفعا
يا من يحاول تاريخ اجتماعهما * بعد افتراق به خرق العلى اتسعا
أيا تجد فاتل تاريخي عليه وقل * لجمع شملك شمل المجد قد جمعا
أو قل إذا شئت تاريخ: اجتماعهما * لجمع شملكما شمل العلى جمعا
أو شئت آخر فاسمع ما نظمت وما * أرخت بدران في برج العلا اجتمعا
تخرج عليه - في فترة بقائه في النجف الأشرف بعد عودته من
إيران - كثيرا من علماء عصره من مفاخرهم ولده الأعظم سيدنا المهدي
قدس سره.
ولم نعرف له من المؤلفات سوى " شرح كفاية السبزواري " جزءين
كبيرين، لا يزال مخطوطا.
توفي في كربلاء سنة 1204 ه‍ وكان ليوم وفاته حدت عظيم وفاجعة
كبرى على العلم والعلماء. فصلى عليه ولده " المهدي " ودفنه في جوار
جده الحسين عليه السلام في الرواق المطهر مما يلي قبور الشهداء رضوان الله
عليهم. ووضع على قبره صندوقا خشبيا خاصا به. وبعد ذلك بسنة توفي
أستاذ السيد بحر العلوم الوحيد البهبهاني غمره الله برحمته، فدفنه السيد إلى
جنب أبيه " المرتضى " في نفس القبر. وظل هذا الصندوق يعرف بالسيدين
العظمين: المرتضى والوحيد مدة من الزمن وفي سنة 1231 ه‍ توفي " صاحب
الرياض " - رحمه الله - فاستجاز آل الطباطبائي في كربلاء من آل بحر العلوم
في النجف الأشرف أن يدفن صاحب الرياض مع السيدين في نفس القبر
فكان ذلك باتفاق من الأسرتين.
إذن فالصندوق الموجود - حاليا - عن يمين الداخل إلى الحرم من باب الشهداء
يضم ثلاثة من الأعاظم: المرتضى، والوحيد، وصاحب الرياض - قدس الله
أسرارهم - وكان منقوشا على الصندوق السابق أسماء هؤلاء الأعلام الثلاثة
27

ولكن - من المؤسف جدا أخيرا - ان تلعب يد الأغراض الملتوية، فتجدد
الصندون - الحالي - وتهمل اسم صاحب المرقد القديم سيدنا المرتضى - قدس
سره - وتنوه باسم الوحيد، وصاحب الرياض فقط.
ولقد أثار هذا الموضوع حفيظة سيدنا المغفور له آية الله
العظمى السيد آغا حسين البروجردي - يومئذ - فكتب بهذا الشأن
كتابا إلى ابن عمه سماحة آية الله الورع السيد محمد تقي آل بحر العلوم
الطباطبائي - دام ظله - يستنكر هذا الفعل، ويستعينه على اصلاح الموضوع
فاهتم سيدنا " التقى " بالأمر، ووعده القوم بالاصلاح، واعتذر بعض
أحفاد آل السيد صاحب الرياض إليه بأن ذلك من فعل شذاذ العشيرة
وأطفالهم. وظل الموضوع قيد المداولة والاعتذار - حتى اليوم - ولابد للتاريخ من عودة إلى رشد، والتجاء إلى الواقع...
ولقد عقدت على روح سيدنا المرتضى مجالس الفاتحة في كربلاء والنجف
الأشرف، وانطلقت شعراء عصره - من مختلف الأنحاء - لرثائه، وتعزية
ولده الأعظم " مهدي آل محمد " واليك أسماء بعض الشعراء، ومطالع
قصائدهم - بغية الاختصار - وللتفصيل مظانه من المجاميع المخطوطة والمصادر
الأدبية المطبوعة:
الشيخ محمد علي الأعسم المتوفى سنة 1233:
خطب ألم فضاق بي رحب فضا * وعرا، فاضرم في الحشا نار الغضا
ومن تاريخها:
وأتي بتاريخ بغير " تلعثم " (1) * أشجى جميع الناس فقد المرتضى

(1) يشير إلى أن التاريخ هو مجموع عجز البيت بعد طرح عدد حروف
(تلعثم) الأبجدية منه.
28

وله أيضا:
قد بات مقروح الحشا متململا * مدثرا بهمومه مزملا
ومن تاريخها:
فسررت مأجورا، فقلت مؤرخا * قد سر جارا للشهيد بكربلا
السيد أحمد العطار البغدادي المتوفى سنة 1215: لله خطب جلل من عظمه * قلوبنا باتت على جمر الغضا
ومن تواريخها:
فليغتبط وليهنه ما قد أتى * تأريخه: حاز من الله الرضا
وحين حط بالحسين رحله * نال به شفاعة لن تدحضا
وأعطي الفردوس منأى عن لظى * تاريخه: نال النعيم المرتضى (1)
وحين لم يلق عذابا أرخوا: * جاور مولانا الحسين المرتضى (2)
وللشاعر نفسه:
وغداة اغتدى مع الشهداء الغر، أرخت: فاز فوزا عظيما
وله:
وبشر بالجنان فقلت: أرخ * لقد أوتيت سؤلك بالجنان
وله:
فنعى وما قصرت في تأريخه * قد أوهن الاسلام فقد المرتضى (3)
الشيخ محمد رضا النحوي: المتوفى سنة 1226 ه‍.

(1) يشير إلى أن لفظة (الفردوس) تحسب حروفها مع التاريخ ومن المجموع
يطرح عدد حروف لفظة (لظى) الأبجدية. (2) يشير إلى أن التاريخ المذكور يطرح منه عدد حروف لفظة
(عذابا) الأبجدية.
(3) يشير إلى أن التاريخ المذكور يطرح منه عدد حروف قصرت (الأبجدية)
29

ولما نحا دار المقامة أرخوا: * أبو الصالح المهدي إلى الجنة اهتدى
السيد إبراهيم العطار المتوفى سنة 1230
أرأيت هذا اليوم ما صنع الردى * بدعائم التقوى وأعلام الهدى
ومن تاريخها:
ان رمت تاريخ الشريف المرتضى * فهلم أرخ: قد قضى علم الهدى
الشيخ مسلم ابن الشيخ عقيل المتوفى سنة 1230 ه‍
خطب ألم فسار في الآفاق * فرمى بدور سما العلى بمحاق
يا مرتضى، فقدوه من تأريخه * أحسن بذكر مرتضى لك باقي (1)
الشيخ هادي النحوي: المتوفى سنة 1235 ه‍
واها لدهر سددا * سهما أصاب به الهدى
ومن تأريخها:
المرتضى أودى، فأرخ: * قد قضى علم الهدى
أخوه وشقيقته:
ولم يخلف سيدنا المرتضى سوى ولدين وبنتا واحدة:
السيد محمد مهدى بحر العلوم - وهو صاحب الترجمة -
والسيد جواد المتوفى سنة 1248، وهو أصغر من أخيه " المهدي "
وكان من عيون العلماء الأبرار، وهو الجد الأعلى للسادة البروجرديين في
إيران، وكان - ولن يزال - بيتهم العلمي حاشدا بمفاخر العلماء وذوي
السيادة والزعامة الدينية والاجتماعية في عامة انحاء إيران - خصوصا - بلاد
بروجرد. ومن مفاخرهم العظام: العالم المحقق والزعيم الديني في عصره والمجتهد

(1) يشير إلى أن التاريخ المذكور يطرح منه عدد حروف (مرتضى)
الأبجدية.
30

الجليل السيد محمود ابن السيد على نقي ابن السيد جواد صاحب كتاب
" المواهب السنية " في شرح الدرة النجفية للسيد بحر العلوم (والمتوفى سنة
1300 ه‍) ومن مفاخرهم المتأخرين أيضا سيدنا آية الله العظمى مرجع الشيعة
- في وقته - المغفور له السيد آغا حسين الطباطبائي البروجردي المولود
سنة 1292 والمتوفى سنة 1380 ه‍
وأما البنت، فقد كانت من ذوات الفهم والقدسية، وربيبة علم
وأدب وشرف وتقوى. تزوجها العالم الجليل السيد أحمد القزويني المتوفى
سنة 1199 ه‍ أحد تلامذة السيد بحر العلوم وجد السادة القزوينيين في الحلة
وتوفيت في النجف الأشرف ودفنت فيه سنة وفاة والدها المرتضى 1204 ه‍
بعد وفاة أبيها بأشهر. ورثاها المرحوم السيد أحمد العطار البغدادي، وأرخ
وفاتها بقوله:
عز على الأشراف فقدان من * عزت، فعز الصبر من بعدها
هد قوى الفخز أساها وقد * برح بالمجد جوى فقدها
وكيف لا، وهي ابنة المرتضى * واحد آل المرتضى، فردها
شقيقة " المهدي " مهدي أهل الحق، هاديها إلى، رشدها
ومن هو الغرة من جبهة * العلياء والدرة من عقدها
قد حكم الله بخير لها * وزادها سعدا إلى سعدها
إذ حطت الرجل بأحمى حمى * به أنيلت منتهى قصدها
وحين حلت في حمى المرتضى * أرخت: لاذت بحمى جدها
مولده المبارك:
ولد في كربلاء، قبيل الفجر من ليلة الجمعة في غرة شوال سنة
1155 ه‍ ويحدثنا الذين كتبوا عن شخصية سيدنا المترجم له - قدس سره -
31

أن والده المرتضى رأى - في منامه - ليلة ولادة ولده المهدي الإمام الرضا
عليه السلام وهو يناول شمعة كبيرة إلى محمد بن إسماعيل بن بزيع التلميذ
الإمام وخادمه - فيشعلها محمد - بدوره - على سطح دار السيد، فيعلو
سناها إلى عنان السماء ويطبق الخافقين، فينتبه السيد من نومه قبيل
الفجر، وإذا بالحلم بتحقق، وتفاؤل الإمام الرضا عليه السلام يتجسد إلى عالم
الحقيقة، يرمي الإمام عليه السلام بتفاؤله: أن المولود السعيد سوف يطبق
نوره عامة المعمورة بفيض علمه وسنا إرشاداته وتعاليمه. وفعلا كان الذي
يهدف إليه الإمام عليه السلام، فقد قيل في ولادته: " لنصرة آي الحق
قد ولد المهدي ".
ومهما قيل في الأحلام من تآويل بعيدة أو قريبة فان رؤية الإمام
عليه السلام في الحلم لا تخضع للتأويل فقد روى عنهم عليهم السلام: " من رآنا
فقد رآنا فان الشيطان لا يتمثل بنا " أو بقريب من هذا اللفظ.
نشأته في كربلاء:
تربى في أحضان والده العطوف تربية عز وشرف وأدب وكرامة
فكان يعتني منه كثيرا لما ينتظره من مستقبله الطموح - حسبما حدثته به
أحلامه ليلة ولادته - فكان يصحبه معه - وهو يدرج - إلى مرقد جده
الإمام الشهيد عليه السلام، وإلى مواضع البحث والتدريس، وإلى مظان
العبادة، فاستقى من هذا وذاك روح الايمان وواقعيته كما تشاؤه ذاته الطيبة
وكفاءته النشطة، ونبهاته العلوية.
وتعلم القراءة ولكتابة - قبل اجتياز السابعة من عمره الشريف - فأخذ
يزدلف إلى مجالس العلماء، ويتشوق ويصغي إلى محاضراتهم العلمية كما
يصغي بقية التلاميذ إليها بتأمل.
32

وحضر أولياته وسطوحه من النحو والصرف وبقية العلوم العربية
والمنطق والأصول، والفقه ولتفسير وعلم الكلام وغيرها على فضلاء عصره
والمتخصصين في هذه العلوم، فأكمل تلك الأوليات في ظرف ثلاث
أو أربع سنين وعمره لم يتجاوز الثانية عشرة -
وبعد ذلك حضر " خارج " الأصول على والده المرتضى، وعلى
أستاذ الكل الوحيد البهبهاني قدس سرهما، وخارج الفقه على الفقيه الكبير
الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق المتوفى سنة 1186 ه‍ رحمه الله
تعالى - وأخذ يزدلف إلى هذه الينابيع العلمية الثرة زهاء خمسة أعوام،
حتى بلغ درجة الاجتهاد، وشهد له بذلك أساتيذه الثلاثة، ولمع نجمه في
كربلاء، مع وجود هؤلاء الأقطاب الثلاثة، واعترف بفضله الخاص والعام
- وهو بعد لم يبلغ الحلم - فلله دره من طاقة متفجرة بالفهم والذكاء
وزيتونة مباركة يكاد زيتها يضئ.
إلى النجف الأشرف:
وحتى إذا اتسع أفقه العلمي، وأخصب ذهنه الوقاد وتفجر بالعلوم
العقلية والنقلية، استأثرت جامعة النجف الأشرف بشخصيته الفذة، واستأثر
هو أيضا بها، ليكمل أشواطه الباقية في الجهاد والاجتهاد الفكريين، فانتقل
من كربلاء إلى النجف الأشرف سنة 1169 ه‍ موفور العلم، ثقيل الميزان
ملاك الألسن، ومشار البنان، فحضر هنالك على فطاحل علمائها المبرزين
- يومئذ - كالشيخ مهدي الفتوني المتوفى سنة 1183 ه‍، والشيخ محمد تقي
الدورقي المتوفى سنة 1186 ه‍ والشيخ محمد باقر الهزار جريبي ابن محمد باقر
الهزار جريبي المتوفى سنة 1205 ه‍ وغيرهم من الحجج والاعلام كما سنستعرضهم
في عنوان خاص.
33

وفي خلال ذلك كان مجدا في التدريس والتأليف وإدارة القضايا
الدينية، وحسم الدعاوي الاجتماعية، ورعاية شؤون الفقراء والمعوزين حتى
تسنم مراقي الزعامة الدينية، واستوفى حظه الأوفى من عامة العلوم الاسلامية
وأصبح قطب رحى العلم والفضيلة، واليه تشير الزعامة الدينية المطلقة ببنانها
وعلى مدحه وثنائه ملاك لسانها في حين ان عمره المبارك بعد لم
يتجاوز الثلاثين:
هو بحر العلوم بحر المعالي * فالورى وارد إليه وصادر
إلي إيران:
وفي شهر ذي القعدة من سنة 1186 دعي من قبل بعض علماء إيران
وزعمائها إلى زيارة الإمام الرضا عليه السلام، فخرج من النجف - مودعا
من عامة طبقاتها - في طريقه إلى إيران، وتوقف مدة قليلة في " كرمانشاه "
أفاد في خلالها علماؤها وفضلاؤها من ينبوع علمه وانتهلوا من طامي بحره
وحتى إذا وصل إلى " خراسان " خرج أهلها لاستقباله - على بكرة أبيهم -
فكان ليوم مقدمه المبارك تاريخ مشهود، وبقي هناك موضع الحفاوة والترحيب
من عامة طبقاتها العلمية والاجتماعية والسياسية زهاء سبع سنين اختص في
خلالها بالفيلسوف الاسلامي الأكبر السيد ميرزا مهدي الأصفهاني الخراساني
رحمه الله فأكمل عليه علوم الفلسفة والكلام بأوسع آفاقهما حتى طار
به الأستاذ عجبا فلقبه ب‍ " بحر العلوم " كما ستعرف، فرجع إلى النجف
الأشرف أواخر شعبان سنة 1193 ه‍ بعد أن ترك في كل بلاد مربها
ذكريات طافحة بالعلم والتقوى لا يزال تاريخ إيران يحتفظ ويعتز بها،
واندفع أهالي النجف الأشرف لاستقباله - كما ودعوه - بشكل يتناسب
ومدى شوقهم ولهفهم إليه، حتى كان يوم وروده أشبه بأيام الأعياد
والأفراح.
34

إلى بيت الله الحرام:
وفي أواخر تلك السنة بالذات يتشرف بحج بيت الله الحرام
لا لقصد الحج فحسب، بل لإقامة مشاعر الحج وإصلاح بعض مواقفه
وتأسيس بعض مواقيته، وبقي في مكة أكثر من سنتين موضع حفاوة
وعناية من عامة طبقاتها، حتى أنه كان يوضع له كرسي الكلام فيحاضر
بالمذاهب المختلفة ويحضر مجلسه العلمي أرباب المذاهب كلها، فكان
لسيطرته علي موضوعية البحث يرتئيه كل مذهب لنصرته، ويدعيه لنفسه
وكان يخفى مذهبه عليهم، ويستعمل " التورية " والتغطية ان سئل عن
ذلك كقوله:
أحمد جدي، وأما والدي * مالكي، لكن ديني شافعي (1)
واعتقادي حنفي، وأنا * شافعي بدليل قاطع (2)
وأرى الحق مع السنة في * كل ما قالوا بأمر جامع (3)

(1) يقصد بالفقرات الثلاث - في هذا البيت -: ان " احمد المصطفى ص) "
جده النسبي، وان والده يملكه ويملك تصرفاته بحكم الحديث القائل:
" أنت وما تملك لأبيك "، وان دينه - الاسلام - هو الذي يشفع له يوم القيامة
ويقربه إلى الله زلفى.
(2) يريد بالفقرتين - في هذا البيت -: ان اعتقاده في الدين " الحنيف "
وهو الاسلام: وأنه يقول ب‍ " الشفاعة يوم القيامة ببركة النبي والأئمة الأطهار
عليهم الصلاة والسلام.
(3) وهذا الحكم طبيعي، فان الحق مع " سنة " رسول الله ص،
وانها - بضميمة روايات أهل البيت المعصومين (ع) - أحد الثقلين اللذين خلفهما
نبينا (ص) من بعده حجة على المسلمين كافة.
35

علي رابع. للخلفا * أرتضيهم لا لخوف مانعي (1)
وأنا ألعن من يلعنهم * وهو عندي كافر بالصانع (2)
حتى إذا أكمل أشواطه الاسلامية وأقام المشاعر، وصحيح المواقف
وركز المواقيت على ضوء الطريقة الشرعية الحقة، وانهى جميع مهماته الدينية
وأدى رسالته التي من أجلها بقي مدة سنتين أو أكثر، بعد ذلك أظهر
مذهبه وأعلن به فازدحم عليه علماء المذاهب يناقشونه، ويناقشهم حتى
أذعنوا له بالفضل عليهم والتفوق، وقال له بعضهم - وقد از دلفوا لتوديعه -
" ان كان للشيعة مهدي ينتظر فأنت ذلك المهدي المنتظر بلا ريب "
ورجع إلى النجف الأشرف في أخريات سنة 1195، فاستقبل من
قبل أهالي النجف - على اختلاف طبقاتهم - استقبالا منقطع النظير
واز دلفوا إليه بقلوبهم وأفكارهم، وتسابقت الشعراء للترحيب به والتشرف
بمدحه، وقيل في تاريخ قدومه: " ظهر المهدي ".
المثل الأعلى في الاخلاق:
وإنما الأمم الأخلاق إن بقيت * فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ولقد كان سيدنا المترجم له - بحكم قيادته للأمة - على جانب عظيم
من الاخلاق المحمدية، والصفات الكمالية، والمثل الاسلامية، فكأنما تمثلت
فيه شخصية جده خاتم المرسلين (ص) من حيث الأخلاق الفضلة والشرف

(1) والقصد الواقعي من " علي " هنا: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
عليهم السلام، فإنه رابع الأئمة المعصومين - على اعتقاد الشيعة الإمامية -
(2) وهذا الحكم واضح أيضا، فان لاعتقاد بخلفاء النبي بحق - وهم الأئمة
الاثنا عشر سلام الله عليهم - من ضروريات المذهب، فكل من لعن أحدهم
فهو خارج عن رقبة الاسلام، وهو ملعون وكافر بالله والمبدأ.
36

الباذخ، والتواضع الرفيع، والرحمة والعطف والحنان والدعة، والمرونة
والأريحية، وحفض الجنان وكل ما يرفع بالإنسان - وهو يعيش في الأرض
- إلى مرتبة الملك - وهو في السماء - ونستطيع القول: بأنه كان مدرسة
أخلاق وتربية بالإضافة إلى كونه مدرسة علم وتقوى، يدرس الأمة فصولا
من سلوكه الآلهي وخلقه النبوي، وسيره الاجتماعي الرفيع بين الناس - على
اختلاف طبقاتهم - فينال كل انسان لديه ما ينتظره من العناية والرعاية:
بحيث يفارقه بالثناء الجميل والشكر الجزيل فكان - قدس سره - مثلا
أعلى للاخلاق الاسلامية لا يجارى، منارا شاهقا للنبل والكرامة
لا يدرك شأوه.
قد تكهرب بسلوكه الأخلاقي عامة تلاميذه ومن يتصل بواقعيته
وأخذوا عن ذاته المقدسة دروسهم العلمية من حيث فنا الذات في حظيرة
الواقع، حتى قال فيه تلميذه الأكبر - كاشف الغطاء - من قصيدة كبيرة:
جمعت من الاخلاق كل فضيلة * فلا فضل إلا عن جنابك صادر
هيبة وجلالة:
يغضي حياء ويغضى من مهابته * فلا يكلم الا حين يبتسم
يحدثنا الذين كتبوا عنه: أنه كان قليل الكلام - إلا في مسألة عملية
أو ذكر الله تعالى - طويل الصمت، دائب التفكير، عميق الإطراقة
نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء، إذا جلس بين الناس فكهيئة
المتشهد للصلاة، واضعا يديه على فخذيه، مطرقا برأسه، وبين آونة
وأخرى يرفع بصره إلى الملأ ليجيبهم على سؤال وجه إليه، أو ليقول لهم
أمرا يريد تنفيذه. وإذا مشى فعلى هيبة ووقار بحيث لا يلتفت إلى ورائه
أو بين يديه إلا لأمر ضروري، قصير الخطو، متزن النقل، كأنما يريد
37

أن يربط خطواته بسلسلة تفكيره العميق. وكانت هيبته وجلالة قدره
تسيطران على المجتمع بحيث تردهم هالة عظمته عن أن يقتحموه في مسائلهم
وحوائجهم الدينية والاجتماعية، فالتفت - قدس الله سره - إلى هذه الظاهرة
وان ذلك يؤدي إلى مالا تهدف إليه ذاته السخية، ونفسيته المعطاء. فكان
يشير إلى أحد خواصه - تلقائيا - أن يفتح للناس باب الكلام والمسألة
فكان الناس يسألونه بواسطة أحد الملازمين لخدمته ومنهم صهره على ابنة
أخته العلامة المحقق السيد مرتضى، الطباطبائي، ومنهم تلميذه المقدس الحجة
المولى زين العابدين السلماسي، فإنهما كانا من الملازمين لخدمته في السفر
والحضر، ويقضون معه أغلب أوقاتهم.
ومن عظمته وجلالة قدره - كما يقول التأريخ: أن الشيخ الأكبر
الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس سره - مع ما هو عليه من الجلالة والزهد -
كان يمسح تراب خفه بحنك عمامته، تبركا به.
وليس ذلك بغريب على تلميذ مثل كاشف الغطاء بالنسبة إلى أستاذ
مثل " بحر العلوم " فان العلماء أدري وأعرف بمغزى المثل المشهور " من علمني
حرفا ملكني عبدا "
زهده وتقواه:
قيل في المثل القديم: " ليس الزهد أن لا تملك شيئا، وإنما هو
أن لا يملك شئ " وعلى هذا الغرار نهج سيدنا المترجم له، فكان لا يهتم بالقشور
الاعتبارية وملاذ الدنيا - وان أغدقت عليه خيراتها - وليس متقشفا في
ملبسه ومطعمه بل هو بالعكس: كان مترف اللباس حسن المأكل والمشرب
والمسكن ومن ذوي الشرف والحشمة، ولكنه إلى جانب ذلك كله كان
متفانيا في ذات الله بأبعد معنى التفاني والوصول إلى حظيرة الواقع وكان
38

من أولئك الذين ندب إليهم الحديث القدسي: " عبدي أطعني تكن مثلي
تقول للشئ كن فيكون " ومن أولئك الذين عبدوا الله عبادة الأحرار
" لا خوفا من ناره ولا طمعا في جنته ". ومن أولئك الذين قيل في حقهم
وإذا حلت الهداية قلبا * نشطت للعبادة الأعضاء
فكان يقضي النهار في أفضل ما يعبد به الله: التدريس والتأليف
والقضاء بين الناس وحل مشاكلهم الدينية والاجتماعية حتى أنه كان يراه
الناس أبا رحيما لهم وحمى يستجيرون به عند الملمات وهاديا ومرشدا للحق
وسنين الرشاد.
أما إذا جنه الليل، وانصرم قسم من أوائله في شؤون البحث
والتدريس والاجتهاد والتحقيق في شؤون التشريع الاسلامي، إذا فرغ من
ذلك كله طوى الحياة الدنيا ولوازمها إلى هدف اسمى، وتركيز أعمق
ووصول إلى مراقي اليقين والطمأنينة فإذا به - ويرافقه غلس الليل، وطمأنينة
الضمير - يجد السير من النجف الأشرف إلى مسجد الكوفة ماشيا على قدميه
رغم وقاره واتزانه - فربما وصل في منتصف الليل أو قبيل الفجر إلى
المسجد، فيفتح بيت الله العظيم له صدره الرحب، لأنه من أولئك الذين
يعمرون مساجد الله - كما يريده الله تعالى - فيظل في بيت الله طوال ليله
يواصل السير في عالم الملكوت بالتهجد والعبادة والأذكار المأثورة، والتي
كان يرتجلها لنفسه عند المثول امام خالقه العظيم.
ومن جملة الأدعية التي كان يواضب على حملها وقرائتها: دعاء السيفي
المشهور بنسخته الخاصة، وأسانيده الصحيحة المعتبرة عنده، وتلك النسخة
كان يعتز بها لنفسه، وبقيت - بعد وفاته - يتوارثها آله الكرام
ونسخوا عليها نسخا متعددة، ولا تزال في مكتبات ذوي الفضل منهم.
وحتى إذا انهى جميع أوراده وتهجده بين يدي الله وفى بيته الحرام
39

عاد إلى النجف الأشرف - كما أتى - قبيل الفجر، يرافقه الواقع الذي
يعيشه، وروحانية الله التي تحيطه، فينطلق - بدوره - إلى حظيرة الحرم
العلوي المطهر، فيرد الحرم ورود ولد بار إلى والده العطوف، فهنالك
اللقاء الواقعي، وهنالك التوجه النفسي، والفناء الروحي، بحيث قال عنه
المترجمون له إنه كان كثيرا ما يسأل الإمام عليه السلام عما يختلج في نفسه من
أمور الدين، وقضايا الساعة فيجاب بلا ستر وحجاب.
وعلى هذا اللون وشبهه كان يقضي غلب لياليه - خصوصا في أخريات
أعوامه - ومن ذلك اشتهرت كراماته الباهرة، كقصة تشرفه بلقاء الحجة
صاحب الأمر عليه السلام في مسجد السهلة. وقصة فتح باب الصحن والحرم
الشريف له حين وروده إليه، وغير ذلك من الكرامات التي ذكرها عامة
من ترجم له واشتهرت على السنة التأريخ في كل صوب وحدب.
هكذا، فليكن من عظم الخالق في نفسه، وصغر ما دونه في عينه.
مركزه الاجتماعي:
إن إدارة المجتمع - بحكم اختلاف طبقاته واتجاهاته - تحتاج إلى
ذهنية حساسة، ومزاج خاص، وسلوك نموذجي دقيق، وهذه المؤهلات
ربما لا ينهض بها إلا الأوحدي من الناس، فليست القصة. قصة علم وتقوى
وشرف وسؤدد، وكرم وسخاء ولباقة وشجاعة فحسب.
وان قيادة المجتمع - وأخص القيادة الاسلامية - أن تتوفر بالقائد
تلك الصفات النبيلة، بالإضافة إلى تحسسه العطوف بآلام المجتمع، وتفاؤله
البناء لآماله وبالتالي فان حجر الزاوية، والسبب الأخير هو الفناء في الله
- قولا وعملا - فان للقدر الحاسم واليد الغيبية أعمق الأثر في تركيز الزعيم
الروحي في المجتمع الاسلامي " فالله اعلم حيث يجعل رسالته ".
40

ولقد حاز سيدنا المترجم له على هذا الشرف المؤبد وملك ذلك الميدان
الواسع بجدارة واستحقاق وواقعية وايمان، وطدت علاقته بالمجتمع بعد
أن شبكت أواصره بالجانب الآلهي، والآفاق الروحية.
فكان الزعيم الروحي المطلق غير النازع وسيد الطائفة المحقة ومرجع
الشيعة على رأس القرن الثالث عشر الهجري، فحنت الدنيا له خضوعا
وانطوت المؤهلات الدينية والاجتماعية بين يديه وطبق صيته الآفاق الاسلامية
وغير الاسلامية حتى كان نارا على علم، وحسب التاريخ أن يقول " بحر
العلوم " وكفى.
وحينما ألقيت مقاليد الأمور إليه شاء ان يسير الوضع الاجتماعي والزعامة
الدينية بنظام أكمل وسلوك أفضل، وواقعية انبل، فرص الصفوف العلمية
في النجف الأشرف، ونظم القضايا والاحكام.
فركز - بعد وفاة أستاذه الوحيد البهبهاني - تلميذه الأكبر الحجة
الشيخ جعفر كاشف الغطاء للتقليد والفتوى، حتى قيل: إنه - قدس سره -
اجازه لأهله وذويه تقليد الشيخ جعفر الكبير، تمشيا مع التنظيم والتركيز
وعين المقدس الحجة الزاهد الشيخ حسين نجف للإمامة والمحراب
فكان يقيم الجماعة في " جامع الهندي " ويؤمه الناس - على اختلاف طبقاتهم -
بارشاد من السيد بحر العلوم، وكان يحترمه السيد كثيرا لأنه على جانب
عظيم من القدسية والايمان حتى ربما نقلت في حقه الكرامات الكثيرة التي
إن دلت على شئ فإنما تدل على مدى علاقته بالمبدأ الأعلى وصفاء نفسه
وستعرف ان السيد قدس سره كان يتمنى أن يصلي الشيخ حسين على جنازته
حيث كان يعلم أن الذي سوف يصلي عليه غيره.
وعين الحجة الثبت الشيخ شريف محي الدين للقضاء والخصومات،
وحسم الدعاوى بين الناس، فكان يرشد إليه في ذلك، علما منه بمهارته
41

في القضاء، وتثبته في الدين، وسعة صدره لتلقى الدعاوي والمخاصمات.
أما هو - قدس سره - فاضطلع بأعباء التدريس، والزعامة الكبرى
وإدارة شؤونها العامة والخاصة، علما منه بما تحتاجه المرجعية الواسعة من
صلة تامة بواقع الحياة، وتوغل دقيق في شؤون المجتمع، والمام كبير
بعامة الأمور الدينة والدنيوية.
وجرت الأمور على ذلك التنظيم بأحسن ما يرام، وأخصب حقل
الشريعة الاسلامية - في أيامه - بأروع وأبهج ظرف يمر عليها - رغم
الطوارئ الحاسمة، والمفارقات المذهبية التي كادت - لولا حنكته - أن
تقضي على الأخضر واليابس من شؤون المسلمين.
وهكذا تكون نتيجة التنظيم الاجتماعي: الخصب، والثروة ومزيدا
من الانتاج، بفضل السقي الحكيم، والرعاية الدقيقة، والاصرار المتواصل
" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " صدق الله العظيم،
بحر العلوم:
إننا لنقف - وقوف المتهيب المستعظم على ضفاف ذلك " البحر "
الخضم والتيار الطامي في عامة العلوم الاسلامية: الفقه، وأصوله، والتفسير
والفلسفة، والكلام، وعلم الاخلاق، والحديث، وغيرها من مختلف
العلوم الاسلامية.
حسبنا شاهدا على ما نقول: انحصار التدريس والبحث، وإدارة
الحوزة العلمية في النجف الأشرف بوجوده المبارك، خضوع فطاحل
العلماء ونبغاء عصره لمقامه العلمي الرفيع، وتلميذهم على منبره المعطاء السخي
- كما ستقرأ في عنوان تلامذته - فكانوا يحفون به " كالبدر حين
تحف فيه الأنجم " استضاءة بنور علمه الفياض، واستهداء بمنار هداه الشاهق.
42

ولقد شهد له المخالف والمؤالف بذلك - حسبما كتب عنه المترجمون له -
في مقامات كثيرة: كاعتراف علماء المذاهب بفضله " في مكة " حينما كانوا
يجلسون إلى محاضراته، واعتراف علماء اليهود في مناظرته لهم في " ذي
الكفل " وغيرهما كثير مما عرفت وتعرف من مقامه العلمي الشامخ.
وأما لقبه ب‍ " بحر العلوم " من الوجهة التاريخية فذلك أنه حين سافر
إلى إيران، وأقام في " خراسان " ستا من الأعوام - تقريبا - يدرس
الفلسفة الاسلامية على يد رائدها ومدرسها الأوحد الفيلسوف الكبير الشهير
الشهيد السيد الميرزا محمد مهدي الأصفهاني نزيل خراسان " 1153 - 1217 "
فأعجب به السيد الأستاذ لشدة ذكائه وسرعة تلقيه وهضمه المشاكل
والمسائل الفلسفية، وعرف منه غزارة العلم، وسعة الأفق - حينما وقف على
ذلك كله أستاذه الفيلسوف الكبير أطلق عليه ذلك اللقب الضخم وقال له
- يوما وقد الهب إعجابه - أثناء الدرس: " انما أنت بحر العلوم " فاشتهر
سيدنا - أعلى الله مقامه - بذلك اللقب منذ تلك المناسبة. وظل معروفا به
على مدى التأريخ " وقد صدق الخبر الخبر " واشتهر أبناؤه الكرام بآل
بحر العلوم، حتى اليوم ولا يزال " بحرهم " الفياض يتموج بالعلم والعلماء
والأدب والأدباء - كما ستقرأ ذلك بعنوان " آل بحر العلوم "
آيات الثناء عليه:
ولقد اعترف عامة علماء عصره، والمتأخرين عنه بعظمته العلمية
وشخصيته العملاقة في أفق التاريخ الاسلامي، ولنقتبس من أقوالهم المأثورة
غيضا من فيض للتدليل على ما نقول:
قال أستاذه آية الله الوحيد البهبهاني قدس سره - من إجازته له -
"... وبعد فقد استجازني الولد الأعز الأمجد المؤيد الموفق المسدد، والفطن
43

الأرشد، والمحقق المدقق الأسعد، ولدي الروحاني، العالم الزكي، والفاضل
الذكي والمتتبع المطلع الألمعي، للسيد السند، النجيب الأيد، محمد مهدي
ولد العالم الكامل الدين، والسيد الأنجب المتدين الفضل المقتدى، الأمير
السيد مرتضى الطباطبائي - أدام الله تعالى توفيقهما وتأييدهما -... ".
وفي إجازة الأستاذ الحجة الشيخ عبد النبي القزويني اليزدي قدس سره
"... وبعد فلما وفقني الله تعالى لشرف خدمة السيد المطاع السند، اللازم،
الاتباع غوث أهل الفضل والكمال، وعون أولى العلم والافضال، غرة ناصية
أرباب الفضيلة وبدر سماء أرباب الكمالات النبيلة، المحقق في المسائل،
المدقق في الدلائل خلاصة الأفاضل، وسلالة العلماء الأكامل، السيد الأجل
الأبجل، الأمير محمد مهدى الحسني الحسيني - أدام الله ظله - وأحسن
أمره كله وجله، فوجدته " بحرا " لا ينزف، ووسيع علم لا يطرف.
ما من فن من الفنون إلا وقد حقق وما من علم من العلوم النظرية، إلا وقد
أصاب الحق. وذلك - مع كونه في أول الشباب، وأترابه لم يصلوا إليه
مع اكبابهم على العلوم في باب من الأبواب... "
وفي إجازة أستاذه الجليل آية الله الشيخ محمد باقر الهزار جريبي
قدس سره "... أما بعد فان الولد الأعز الأجل الأوحد، والعالم العامل
الكامل السيد السند، المحقق المدقق الألمعي، والتقي والنقي، الذكي الزكي
اللوذعي، قدوة الفضلاء والمتبحرين في زمانه، وفريد عصره في معانيه
وبيانه، المسدد المؤيد بالتأييد الآلهي، السيد محمد مهدي الطباطبائي. زاد
الله تعالى علمه وفضله، وكثر في علماء الفرقة الناجية مثله، ممن رقى
في الكلام على سنامه، وفاق في الفضائل الأدبية والعلوم العقلية والنقلية
أبناء دهره وزمانه بسهر لياليه وكد أيامه... "
ومن إجازة الأستاذ الحقق السيد حسين الخوانساري: "... وبعد، فقد استجاز
44

مني السيد السند، الفاضل المستند، العالم العلام، ظهر الأنام، ومقتدى
الخاص والعام، مقرر المعقول والمنقول، المجتهد في الفروع والأصول
وحيد العصر وفريد الدهر السيد محمد مهدي الحسني الحسيني الطباطبائي أدام
الله تأييده وتسديده... "
وقال الشيخ أبو علي الحائري في منتهى المقال: "... السيد السند، والركن
المعتمد مولانا السيد مهدي ابن السيد مرتضى ابن السيد محمد الحسني الحسيني
الطباطبائي النجفي - أطال الله بقاه، وأدام علوه ونعماه، الامام الذي لم تسمح
بمثله الأيام، الهمام الذي عقمت عن انتاج شكله الأعوام، سيد العلماء
الاعلام، وولي فضلاء الاسلام، علامة دهره وزمانه، ووحيد عصره وأوانه
ان تكلم في المعقول قلت: هذا الشيخ الرئيس، فمن بقراط وافلاط
وارسططاليس، وان باحث في المنقول قلت: هذا العلامة المحقق لفنون
الفروع والأصول. وما رأيته يناظر في الكلام الا قلت: هذا والله علم
الهدى، وإذا فسر القرآن المجيد - وأصغيت إليه - ذهلت وخلت كأنه
الذي أنزله الله عليه... "
وقال العلامة الجليل المتتبع الخوانساري في " روضات الجنات ":
"... هذا العلم المفضال، والعالم المسلم أيده الله في أنواع فنون الكمال
بل صاحب السحر الحلال، والسكر الخالص عن الضلال في حل الاشكال
ورفع الإعضال، وقمع مفارق الابطال في مضامين المناظرة والجدال، وحسب
الدلالة على نبالته في جميع الأقطار والتخوم تلقبه - من غير المشاركة مع غيره إلى
الآن - ب‍ " بحر العلوم "... "
وقال الحجة الثبت الحاج ميرزا حسين النوري في " خاتمة مستدرك
الوسائل ":... آية الله (بحر العلوم) صاحب المقامات العالية والكرامات
45

الباهرة... وقد أذعن له جميع علماء عصره ومن تأخر عنه بعلو المقام
والرئاسة في العلوم النقلية والعقلية وسائر الكمالات النفسانية، حتى أن الشيخ
الفقيه الأكبر الشيخ جعفر النجفي - مع ما هو عليه من الفقاهة والزهادة
والرئاسة - كان يمسح تراب خفه بحنك عمامته. وهو من الذين تواترت
عنه الكرامات، ولقائه الحجة صلوات الله عليه، ولم يسبقه في هذه
الفضيلة أحد فيما اعلم إلا السيد رضي الدين علي بن طاووس. وقد ذكرنا
جملة منها بالأسانيد الصحيحة في كتابنا " دار السلام " و " جنة المأوى "
و " النجم الثاقب " لو جمعت لكانت رسالة حسنة.. "
وقال الحجة السيد حسن الصدر الكاظمي في " تكملة أمل الآمل "
"... أما وفور تبحره وتوسع علمه واحاطته بالفنون وحقائقها، وتوغله
في تنقير أعماق المطالب وكشف دقائقها، فشئ يبهر العقول، كما هو
ظاهر لمن راجع " مصابيحه " في الفقه حتى قال تلميذه العلامة السيد
صدر الدين العاملي - عند ذكره -: وهو عند أهل النجف أفضل من
الأستاذ الأكبر. قال تلميذه الآخر في " المقابيس " عند ذكر مشايخه: ومنهم -
الأستاذ الشريف، غرة الدهر، وناموس العصر. وروضة العلم وقاموس
الفضل والفجر، سراج الأمة وشيخها وفتاها، ومبدأ الفضائل والفواضل
ومنتهاها، واحد نوع الانسان، عين الأفاضل الأعيان، أفضل الفقهاء
والمتبحرين أكمل الحكماء والمتكلمين والعرفاء والمفسرين. خلاصة العلماء
المتقدمين. والمتأخرين، سلالة الأئمة النجباء الامناء الغر المتنجبين الطاهرين
المطهرين، أبو المكارم والمفاخر الزاهرة الظاهرة للنائي والداني رب المناقب والمآثر
الباهرة المشتهرة عند الأعالي والأداني. شيخي وأستاذي وسيدي وسندي وعمادي
العلامة العلم العلوي السيد محمد مهدي بن مرتضى الحسني الحسيني الطباطبائي... "
46

وقال المحقق الجليل الميرزا محمد التنكابني في " قصص العلماء ":
"... بحر العلوم محيي آداب ورسوم، عين علماء روزگار، نادره دهر
دوار، أعجوبة چرخ كج مدار، فاتح أغلاق معاضل، محقق مسائل
مبين مشاكل، داراي فنون بسيار خورشيد فلك سيادت وسعادت وزهادت
وتقاوت وكرامت، معقولش چون شيخ الرئيس، منقولش مانند محقق أول
بلكه أفضل بدون شائبه ريب وتلبيس. واگر در تفسير سخن ميراند
گويا همان أسلاف أشراف كه بر إيشان قرآن نازل.. "
وقال الحجة الثبت الشيخ عباس القمي في " الكنى والألقاب ":
"... سيد علماء اعلام ومولى فضلاء الاسلام، علامة دهره وزمانه
ووحيد عصره وأوانه... "
وعن كتاب " نجوم السماء " للمولوي الميرزا محمد علي - ما هذا تعريبه:
"... ذكر عن المولوي - السيد دلدار علي أحد علماء الهند، قال: في
زيارتي للمشاهد المشرفة اجتمعت مع أحد السادة العظام من سادات بلدة
" بادقار " وكان من أهل الفضل اسمه السيد حسن وكان مجاورا للروضة
الغروية مدة من الزمان، فتكلمت معه بخصوص السيد (أي بحر العلوم)
فقال: إذا ادعى السيد العصمة في هذا الزمان فلا مجال لاحد ان يقدح
أو يجرح فيه "
وقال الحجة السيد محمود البروجردي في كتابه " المواهب السنية في شرح
الدرة الغروية ": "... كان ركنا من أركان هذه الطائفة، وعمادها ومن أروع
نساكها وعبادها، هو بحر العلوم المؤيد بتأييدات الحي القيوم محيي مدارس
الرسوم، لسان المتأخرين، كاشف أسرار المتقدمين، متمم القوانين العقلية
مهذب القواعد والفنون النقلية، علامة العلماء الاعلام، فخر فقهاء الاسلام
47

وهو الحبر العلام، والبحر القمقام، والأسد الضرغام، مفتى الفرق، الفاروق
بالحق حامي بيضة المذاهب والدين، ماحي آثار المفسدين بترويج مراسم
أجداده الطاهرين، نور الهداية في الظلم، كنار على علم، أبو المكارم
والمزايا الظاهرة في علماء الايمان والإسلام بحيث كل عن تعدادها لسان القلم
حتى فاق بها على العلماء البارعين، فظلت أعناقهم له خاضعين... "
وقال المحدث الميرزا محمد النيشابوري الاخباري في كتاب رجاله
الكبير: "... كان فقيها، محققا، مدققا ثقة، ورعا، نادرة عصره.
انتهت إليه رئاسة الامامية في آخر عمره، واتفقت الطائفة على فقهه وعدالته "
وقال تلميذه العلامة الشيخ محمد بن يونس بن الحاج راضي الطويهري
النجفي في مقدمة كتابه (مناهج الاحكام) الذي هو شرح لدرة شيخه السيد (قدس سره): "... شيخنا وسيدنا الأعظم، والامام المعظم السيد محمد
المهدي الحسني الحسيني الطباطبائي الذي أذعنت بفضله جهابذة العلماء، وتحيرت
في تحقيقاته والبلغاء، وبرز عن دقيق أفكاره ما زل عنه قلم المحدثين والفقهاء
وكان لمطالب العلم بمنزلة قطب من الرحى، وظهرت أنوار أفكاره ظهور
الشمس في وقت الضحى، وخص من بين العالم بجمع الأضداد، وحاز ما لم
يحزه أعاظم العباد، الطود الأشم حلما واصطبارا والبحر الخضم علما
واقتدارا، محط رجال الأفاضل المتبحرين، ومناخ ركاب العلماء المناظرين
الأوحد في الآفاق، وأفاضل العلماء على الاطلاق، عين عيون الأعيان،
ونادرة أهل هذا الزمان البحر المتلاطم، والعارض التمراكم، مظهر الحقائق
ومبدع الدقائق ودليل الخلائق، ومحيي الآثار، والجامع شمل الاخبار،
مصباح الأمة، والمنصوب من قبل الأئمة عليهم السلام قطب الشيعة ومقيم
48

الشريعة، العلم الظاهر، والمتبحر الماهر، والبحر التيار، واليم الزخار
والملجأ في الحرام والحلال، والسند عند اختلاف الأقوال، والحجة عند
اعتراك الآراء والبرهان عند تشعب الأهواء والحبر الذي أتته من الله العناية والالطاف
وسارت إليه الركبان من الأمصار والأقطار والأطراف، وأتت تهرع
الخلق إليه من كل فج عميق، وكم قطعوا نحوه أوعر سبيل وطريق
فكم من جبابرة أتته منقادة، وكم أشراف ذلت له، وسادة، وكم أرغم
أنوفا شامخة بحسام الشريعة، وكم هتك أستارا للجهل والضلال بعد أن
كانت بحصون منيعة، الذي رفع رايات العلم بعد أن نكست، وأعلام
الدين بعد أن طمست، معالم الهدى بعد أن درست، ونكست رايات
الضلال بعد أن رفعت، وأباد جنود الجهالة يعد ترفعها وعلوها، ودمر
عساكر الضلال بعد ظهورها وبدوها.
ولا زال منصور اللواء مظفرا * يجدل من ناواه بالطالع السعد
ولا برحت أيامه مستنيرة * مواصلة أيام سيدنا المهدى
هو الليث إلا أنه ليس ينثني * هو البحر إلا أنه دائم المد
فيا أغزر الدنيا علوما وسؤددا * وأخشاهم والله من فضله يهدى
مناظراته العلمية: كان - قدس الله سره - قوي المناظرة، عميق الغور في الاستدلال
يعطى المسألة حقها في البحث والتنقيب. فكان إذا سئل عن سؤال ذي
فرع واحد يستخلص منه فروعا كثيرة، فيظل يستعرضها بالجواب.
وله - في عدة أسفاره - مناظرات مسجلة لمدى الكثير من تلاميذه
وذويه، وربما تجدها في غضون مؤلفاته، وأماليه، ومجالس درسه كالمناظرات
المذهبية والعلمية في " مكة " أيام بقائه هناك لبناء وتعيين المشاعر والمواقف
49

قرابة الثلاث سنوات، وكمناضراته مع علماء " خراسان " أيام اقامته فيه
قرابة السبع سنوات، كان يزدلف فيها إلى مجلس الفيلسوف الأكبر الميرزا
محمد مهدي الأصفهاني الخراساني قدس سره، حتى لقبه ب‍ " بحر العلوم ".
وهناك مناظرة حاسمة مع علماء اليهود في " ذي الكفل " حضرها
قرابة الثلاثة آلاف من مختلف طبقات اليهود، وعلى اثرها أسلم الجمع
كله تدريجا، فكان لذلك الموقف أثره البالغ في المجتمع الاسلامي بحيث
ارتفع رصيد علماء الشيعة - وعلى رأسهم زعيمهم وسيدهم سيدنا المترجم له -
في العالم الاسلامي إلى أبعد الحدود، حتى أذعن لمقامه الرفيع الخاص والعام.
ولقد سجل نص المناظرة كثير من تلامذته الذين كانوا بخدمته
حينئذ - ورآها وصححها شيخنا المجاهد آية الله الثبت الحجة الشيخ
محمد جواد البلاغي قدس سره.
ونحن - للنفع العام - ندرج نص المناظرة - بتسجيل تلميذه الجليل
الحجة السيد محمد جواد العاملي صاحب " مفتاح الكرامة "
مناظرته مع اليهود:
" بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين الذي بعث محمدا
سيد المسلمين خاتما لرسله أجمعين، بأوضح الدلائل وأقوى البراهين، وأيده
بابن عمه علي أمير المؤمنين عليه السلام، وجعل في ذريته الإمامة إلى يوم
الدين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد، فمما اتفق في أيام علامة العلماء الراشدين العاملين وفهامة الفضلاء
المتبحرين فذلكة المؤيدين المسددين، أعلم العلماء من أرباب المعقول والمنقول
وأفضل الفضلاء من اهل الفروع والأصول، حامي الاسلام، كهف المسلمين
مؤيد الايمان وظهر المؤمنين، شمس الملة والدين مبيد بدع المبتدعين الضالين، العالم
50

الرباني، الهيكل الصمداني، فريد الأوان ووحيد الزمان، نادرة الدوران في
العلم والعمل وحل المشكل وكشف كل معضل، من لا تعد فضائله على تمادي
الأيام والدهور، ولا تحصى مزاياه على تتابع الأزمنة والشهور السيد السند
والركن المعتمد الحسيب النسيب السيد مهدي نجل السيد مرتضى ابن السيد
محمد الحسني الحسيني الطباطبائي
نسب كأن عليه من شمس الضحى * نورا ومن فلق الصباح عمودا
متع الله تعالى بوجوده الوجود، ورفع الله بدوام سعوده ألوية السعود
ولا زال كاسمه مهديا، وأبقاه الله تعالى حتى يلقى له من الأئمة سميا
وذلك حين سفره من المشهد الغروي إلى زيارة جده الحسين عليه السلام، في
شهر ذي الحجة الحرام من السنة الحادية عشرة بعد الألف المائتين من
الهجرة النبوية، على مشرفها الف الف سلام، والف الف تحية. وكان
معه - يومئذ - جماعة غفيره من تلامذته المحصلين فعبر بهم الطريق
على محل " ذي الكفل " - وكان فيه يومئذ جماعة من اليهود زهاء
ثلاثة آلاف نفس - فبلغهم وروده - أيده الله تعالى - عليهم، وقد سمعوا
ما سمعوا من شائع فضله، وبلغهم ما بلغهم، من ساطع شرفه ونبله، وفيهم
من يدعي العرفان، ويظن أنه على بينة مما هو عليه وبرهان. فلحقه
جماعة من عرفائهم للسير مجدين، ولأثره للمناظرة تابعين، حتى وصلوا إلى
" الرباط " الذي أمر سلمه الله تعالى ببنائه للزوار والمترددين. فوردوا ثمة ساحة
جلاله، وجلسوا متأدبين بين يديه وعن يمينه وعن شماله، فكانوا كالخفافيش
في الشمس إذ لا قرار لهم إلا في ظلمة الدمس فرحب بهم - كما هو من عاداته
واخلاقه المرضية المستقيمة - وقال لهم قولا لينا عسى أن يتذكر أحد
منهم أو يخشى وكان فيهم رجلان يدعيان المعرفة: أحدهما - داود والآخر - عزرا.
51

فابتدأ داود بالكلام وقال: نحن - ومعاشر الاسلام - من دون سائر
الملل موحدون وعن الشرك مبرؤون، وباقي الفرق والأمم - كالمجوس
والنصارى - بريهم مشركون، وللأصنام والأوثان عابدون، ولم يبق على
التوحيد سوى هاتين الطائفتين.
فقال له السيد المؤيد - أدامه الله تعالى -: كيف ذلك - وقد اتخذ
اليهود العجل وعبدوه " ولم يبرحوا عليه عاكفين. حتى رجع إليهم
موسى " عليه السلام من ميقات ربه، وأمرهم في ذلك أشهر من أن يذكر
واعرف من أن ينكر، ثم انهم عبدوا الأصنام في زمان " يربعام بن نباط "
وهو أحد غلمان سليمان بن داود عليهما السلام. ومن قصته: أن سليمان
كان قد تفرس منه طلب الملك، وتوسم فيه امارات الرئاسة والسلطنة.
وقد كان (أخيا الشيلوني) قد أخبر (يربعام) بذلك وشق عليه ثوبا
جديدا كان عليه، وقطعه اثنتى عشرة قطعة، وأعطاه منها عشرة قطع
وقال له: ان لك بعدد هذه القطع من بني إسرائيل عشرة أسباط تملكهم
ولا يبقى بعد سليمان مع ابنه " رحبعام " وأولاده غير سبطين، وهما:
(يهوذا، وبنيامين) فهم سليمان بقتل " يربعام " فهرب (يربعام بن نباط)
من سليمان إلى (شيشاق) عزيز مصر، وبقي عنده حتى توفي سليمان (ع)
فرجع إلى الشام، واجمع رأيه ورأي بني إسرائيل جميعا على نصب (رحبعام)
ابن سليمان (ع) ملكا، فملكوه عليهم، ثم أتوه واستعطفوه في وضع الآصار
والمشاق التي كانت عليهم في أيام سليمان (ع) فقال لهم (رحبعام) إن
خنصري أمتن من خنصر أبي، لئن كان أبي وضع عليكم أمورا صعبة
وحملكم التكاليف الشاقة فأنا أحملكم واضع عليكم ما هو أشق وأصعب
فتفرقوا عنه، ونصبوا (يربعام) بن نباط وملكوه عليهم، فاجتمعت
عليه عشرة أسباط من بني إسرائيل. وانفرد " رحبعام " بن سليمان بسبطين
52

منهم في بيت المقدس. ولما كان بنو إسرائيل يحجون إلى بيت المقدس
في كل سنة خاف " يربعام " على ملكه إن اذن لهم في الحج إليه من
" رحبعام " واتباعه ان يصرفوهم عنه، أو ان يميلوا إليه، فصنع لهم
عجلين من ذهب، وضعهما في (دان) و " بيت إيل " وقال: هو
ذا آلهتك يا إسرائيل الذين أصعدوك من أرض مصر، وأمر الناس بعبادتهما
والحج إليهما، فأطاعوه، وصاروا بذلك مشركين شركا آخر بعد
عبادة العجل.
فكيف تقول - يا أخا اليهود -: إن اليهود ما أشركوا بالله تعالى وما اتخذوا
إلها غير الله تعالى، وانهم كانوا موحدين، وعن غير الله معرضين؟..
فاعترفوا - حينئذ - بما ذكر من عبادتهم للأصنام بنحو ما ذكره
وعجبوا من اطلاعه على ما لم يطلع عليه أحد من أمرهم.
ثم قال لهم - أيده الله تعالى - وحينئذ كيف جاز لسليمان أن يهم
بقتل " يربعام " قبل جنايته ولا يجوز ذلك في شريعة موسى عليه السلام
ولا في شريعة غيره من الأنبياء عليهم السلام، وكان سليمان على شريعة
موسى (ع) ولو جاز له ما لم يكن جائزا لموسى (ع) كن النسخ جائزا
- وأنتم تنكرون النسخ - فسكتوا.
وقال كبيرهم داود: كلامكم - يا سيدنا - على العين والرأس.
فقال لهم - أيده الله تعالى: - أخبروني: هل كان بينكم - يا معاشر
اليهود - خلاف، أو في كتبكم تباين واختلاف؟
فقالوا: لا.
فقال لهم: كيف ذلك - وقد افترقتم على ثلاث فرق، تشعب
منها احدى وسبعون فرقة وهذه " السامرة " فرقة عظيمة من اليهود، تخالف
اليهود في أشياء كثيرة، والتوراة التي في أيديهم مغايرة لما في أيدي باقي اليهود.
53

فقالوا: لا ندرى: لم وقع هذا الاختلاف؟ لكنا نعلم بمخالفة كتاب
(السامرة) لكتابنا وكذلك مخالفتهم لنا في أمور كثيرة.
فقال لهم أيده الله تعالى: فكيف تنكرون الاختلاف، وتدعون
اتفاقكم على شئ واحد.
ثم قال لهم - سلمه الله تعالى -: هل زيد في التوراة التي أنزلها الله
تعالى على موسى عليه السلام شئ أم نقص منها شئ؟
فقالوا: هي على حالها إلى الآن، لا زيادة فيها ولا نقصان.
فقال لهم أيده الله تعالى: كيف يكون ذلك - وفي التوراة التي في
أيديكم أشياء منكرة ظاهرة القبح والشناعة، منها ما وقع في قصة العجل من
نسبة اتخاذه إلها لبني إسرائيل إلى هارون النبي عليه السلام، وهذه ترجمة
عبارة التوراة في فصل. " نزول الألواح واتخاذ العجل " وهو الفصل
العشرون من السفر الثاني: " ولما رأى القوم أن موسى (ع) قد أبطأ
عن النزول من الجبل تحرفوا إلى هارون، وقالوا: قم فاصنع لنا آلهة
يسيرون قدامنا، فان ذلك الرجل - موسى - الذي أصعدنا من بلد مصر
لا نعلم ما كان منه، فقال لهم هارون: فكوا شنوف الذهب التي في آذان
نسائكم وأبنائكم وبناتكم، وأتوني بها. ففعل ذلك القوم، ونزعوا أقراط
الذهب التي كانت في آذانهم، وأتوا بها إلى هارون، فاخذها منهم
وصورها بقالب، وجعلها عجلا مسبوكا، فاتخذوه آلها وعبدوه، ثم إنه
لما جاء موسى (ع) من ميقات ربه، فاعتذر إليه، فقال: لا تلمني على ذلك
فما فعلته الا خشية تفرق بني إسرائيل ".
فهذا دليل قاطع على أن التوراة التي عندكم محرفة، وان فيها زيادة
على التوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام، لأن مثل هذا العمل
54

لا يصدر من جاهل غبي، فكيف يصدر عن مثل هارون النبي عليه السلام،
وكيف تأتي له ذلك الاعتذار عند موسى (ع) وتفرق بني إسرائيل - على
تقديره - أهون من تصوير هارون لهذه الصورة، واتخاذها آلها يعبد
فكيف خشي على بني إسرائيل من التفرق، ولم يخش عليهم من الكفر
والشرك، وقد قال له موسى: " يا هارون أخلفني في قومي وأصلح ولا
تتبع سبيل المفسدين "؟.
فقال داود - ومن معه من اليهود -: وأي مانع من ذلك وقد أعان
ذلك أيضا جبرئيل (ع) وقصته مذكورة في التوراة كقصة هارون (ع)
فقال لهم - أيده الله تعالى -: إن جبرئيل لم يعن على ذلك، ولا في التوراة
شئ مما هنالك، وانما السامري وجد أثر الحياة من اثر فرس جبرئيل، فأغوى
القوم بهذه الوسيلة، وما على جبرئيل من ذلك شئ، ولا على الله سبحانه
وتعالى حيث خلق السبب الذي به وقعت الفتنة، كما خلق أسباب الزنا
والقتل، وغيرهما من المعاصي، فإنها لا تقع إلا لأسباب وآلات مخلوقة
وليس ذلك من باب الإعانة على الكفر والمعصية، تعالى الله عن ذلك
علوا كبيرا.
وفى الفصل الرابع من السفر الخامس في ذكر العجل وتوبيخ بني
إسرائيل على عبادته - قال " وعلى هارون توجد الله وجدا، وكاد ينفذه
فاستغفر له أيضا في ذلك ".
وهذا صريح في شناعة هذا العمل وفظاعته، وان الله قد توجد به
على هارون فكيف تقولون انه لا مانع منه؟
ويقرب من هذه القصة في الشناعة والفظاعة ما وقع في التوراة من
قصة لوط مع ابنتيه، فان في الفصل الثالث والعشرين من السفر الأول
من التوراة: " إن لوطا لما صعد من " صوغر " وأقام في الجبل وابنتاه
55

معه، وقد هلك قومه - قالت الكبرى منهما: للصغرى: أبونا شيخ
كبير، وليس في الأرض رجل يدخل علينا كسبيل أهل الأرض، تعالى
نسقي أبانا خمرا، ونضاجعه، ونستبغي منه نسلا، فسقتاه خمرا في تلك
الليلة وجاءت الكبرى فاضطجعت مع أبيها، ولم يعلم بنومها وقيامها. فلما
كان من الغد، قالت الكبرى للصغرى: هو ذا قد ضاجعت البارحة أبى
تعالي فنسقيه خمرا - الليلة - وادخلي فاضطجعي معه، فسقتاه خمرا في
هذه الليلة أيضا، فقامت الصغرى فضاجعته ولم يعلم بنومها ولا قيامها
فحملت ابنتا لوط - من أبيهما، وولدت الكبرى ابنا، وسمته " مواب "
هو أبو " بني مواب " إلى هذا اليوم، وولدت الصغرى ابنا، وسمته
" عمون " وهو أبو " بني عمون " إلى هذا اليوم "؟.
هذا نص التوراة التي بيد اليهود، وترجمتها حرفا حرفا. وهذا كذب
صريح، وبهتان قبيح، ومن الممتنع في العقول وقوع مثل هذا العار والشنار
من رسل الله وأنبيائه، وابتلاء بناتهم وأبنائهم بما تبقى شناعته مدى الدهر
وما بقي هذا النسل.
ومواب، وعمون: أمتان عظيمتان بين " البلقاء " و " جبال الشراة "
وقد كانت جدة سليمان وداود من بني " مواب " فيكون هذا النسل كله
- عند اليهود - زنيمين لعدم حصوله من نكاح صحيح، فان تحريم
البنت على الأب مما اتفقت عليه جميع الشرائع والأديان. وقد كانت الأخت
محرمة في الملل السابقة. ولذا قال إبراهيم عليه السلام - لما سأله المصريون عن
" سارة ": إنها أختي، حتى لا يظن أنها زوجته، فيقتلوه. ولا ريب
أن البنت أولى بالتحريم من الأخت.
ومن المستبعد - في العادة - ايلاد الطاعن في السن في ليلتين متعاقبتين
مع السكر المفرط - الذي ادعوه - وقد كان " لوط (ع) " من بعد قضية
(سدوم) قد قارب المائة - كما قيل -
56

ثم كيف ظنت البنتان خلو العالم عن الرجال - مع علمهما بأن الهالك هم قوم
لوط خاصة وقد علمتا أن إبراهيم عليه السلام وقومه في قرية " جيرون " ولم
يكن بينهما وبينه إلا مقدار فرسخ واحد، وأن البلية لم تصبهم، وأن
جميع العالم - سوى قوم لوط - منها سالمون. فهذا كذب ممزوج بحماقة
مفرطة. ولو لم يكن إلا علمهما باطلاع أبيهما - على جلالة شأنه وقرب
مكانه - لكفى ذلك حاجزا عن ارتكابهما لهذا الأمر الفظيع - على تقدير
امكانه - فهذا ومثله مما وقع في توراتكم - يا معاشر اليهود - دليل على
وقوع التحريف والزيادة فيها.
ولو أردنا تفصيل ما وقع في هذه التوراة من التناقض والاختلاف
ومالا يليق بالباري عز وجل من الجسم، والصورة، والندم، والأسف
والعجز والتعب، لطال الكلام ولم يسعه المقام.
ولكن أخبروني يا معاشر اليهود -: هل تخلو شريعة من الشرائع عن الصلاة؟.
فقالوا: لا، إن الصلاة ثابتة في جميع الشرائع، وما خلت شريعة منها
فقال: أيد الله تعالى -: أخبروني عن صلاتكم هده: ما أصلها
ومن أين مأخذها - وهذه التوراة، وهي خمسة أسفار قد سبرناها وعرفنا
ما فيها سفرا، سفرا، فلم نحد للصلاة في شئ منها اسما ولا ذكرا.
فقال بعضهم: قد علم أمرها من فحوى الكلام، لا من صريحه
فان التوراة قد اشتملت على الأمر بالذكر والدعاء.
فقال لهم - أيده الله تعالى - ليس الكلام في الذكر والدعاء، بل
في خصوص هذه الصلاة المعهودة عندكم في ثلاثة أوقات: الصبح
والعصر، والعشاء، وهي التي تسمونها: " تفلاه شحريت " و " تفلاه
منحا " و " تفلاه عرب ". وأما الذكر والدعاء فكلاهما أمر عام لا يختص
57

بوقت دون وقت، ولا جهة دون أخرى، وأنتم تتوجهون في هذه
الصلاة إلى بيت المقدس، وليس ذلك شرطا في مطلق الذكر والدعاء.
ويلزمكم في اشتراط التوجه إلى بيت المقدس محذور آخر لا أركم
تخلصون منه. وهو: أن بيت المقدس خطه داود، وبناه ابنه سليمان
- عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام - وكان بين موسى وسليمان أكثر من
خمسمائة عام. فكيف كانت صلاة موسى ومن بعده من الأنبياء إلى زمان
سليمان (ع) وبنائه لبيت المقدس.
ومثل ذلك يلزمكم في أمر الحج، فان الحج عندكم - إلى بيت المقدس -
ولم يكن موجودا في زمن موسى عليه السلام ومن بعده من الأنبياء إلى
زمن سليمان، فهل ذلك شئ اخترعتموه أنتم من قبل أنفسكم، أم لكم
على ذلك بينة وبرهان؟ " فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ".
فقالوا: قد علمنا ذلك من كلام الأنبياء من بعد موسى عليه السلام
وكتبهم، وتفسير علمائنا للتوراة.
فقال لهم - أيده الله تعالى -: إن الأنبياء من بعد موسى كلهم
على شريعته، متبعون له في أحكامه، يحكمون بما في التوراة، لا يزيدون
عليها شيئا ولا ينقصون.
وأيضا. فإنكم - معشر اليهود - لا تجيزون النسخ في الشرائع فكيف
جاز لكم إحداث هذه الأشياء التي لم تكن في زمن موسى عليه السلام
وكيف جاز لعلمائكم تفسير التوراة بما هو خارج من شريعة موسى عليه السلام
وكيف ادعيتم على الأنبياء: أنهم وضعوا هذه الشرايع الخارجة عن التوراة
فبهتوا من هذا الكلام، وانقطعوا، وعجبوا من غزارة علمه واطلاعه
على حالهم، ووقوفه على مذاهبهم ومقالاتهم،
ثم جسر أحدهم فقال: نحن نقول: ما كان في زمن موسى
58

عليه السلام صلاة، فما الذي يلزمنا إن قلنا بذلك؟
فقال لهم - أيده الله تعالى -: أنتم - الآن - اعترفتم: بأن الصلاة
ثابتة في جميع شرائع، فكيف تخلو منها شريعة موسى عليه السلام التي
هي - عندكم - من أعظم الشرائع وأتمها، ومع ذلك، فما الذي دعاكم
إلى تجشم فعل هذه الصلاة التي لم تكن في زمن نبيكم، ولا أتى بها كتابكم
فانقطعوا عن الجواب وخجلوا من معارضاتهم ومناقضاتهم في أقوالهم
في مجلس واحد.
ثم قال للسيد: ليس في القرآن تفصيل الصلاة التي تصلونها أنتم - معاشر
المسلمين - فكيف عرفتم ذلك مع خلوه منه؟
فأجاب - أيده الله تعالى - إن الصلاة مذكورة في عدة مواضع
من القرآن، وقد عرفنا أعدادها، وقبلتها، وكثيرا من أحكامها من
القرآن، وعلمنا سائر أحكامها وشرائطها من البيانات النبوية، والأخبار
المتواترة. فلسنا - نحن وأنتم - في هذا الامر سواء إن كنتم تفقهون.
ثم قال - أيده الله تعالى -: إن التوراة قد اشتملت على أحكام
كثيرة لا تعملون بها - الآن - كأحكام التطهير والتنجيس بمغيب الشمس
وغيره عند مسيس الذائب، والحائض، والمنزل، والأبرص، وجملة من
الحيوانات، وسراية الحيض من النساء إلى الرجال فيحيض الرجل بمسهن
سبعة أيام كحيضهن، وقد اشتمل على هذه الأحكام الفصل التاسع
والعاشر والحادي عشر من السفر الثالث، ومواضع أخر من التوراة فارجعوا
إليها إن كنتم لا تعلمون.
فقالوا: نعم، كل ذلك حق وكلامكم على العين وفوق الرأس.
فقال لهم - أيده الله تعالى - فلم لا تعملون بذلك - وهو مذكور في
نص التوراة تدعون أنها هي التي أنزلت على موسى عليه السلام
59

من غير تحريف، ولا تبديل، والحكم فيها عام لجميع الناس، شامل لجميع
الأزمنة، ولم يقع فيها نسخ، ولا أتى من بعد موسى (ع) نبي ناسخ
لشريعته إلا عيسى (ع) ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأنتم لا تقولون
بنبوتهما، ولا بنسخ شريعة موسى (ع) في حال من الأحوال.
فقالوا: ان هذا كله من باب الأوامر، والأمر يجوز تغييره بحسب
الأزمنة بخلاف النهي، والأمر لجلب الثواب، والنهي لدفع العقاب فاختلفا
فقال - أيده الله تعالى -. لا فرق بين الأمر والنهي في وجوب
الطاعة والاتباع وامتناع النسخ بغير ناسخ ولا داع، والأمر إذا كان
للإيجاب فهو كالنهي لدفع العقاب مع جلب الثواب وما ادعيتم: ان جميع
هذه الأحكام من باب الأوامر، فليس كذلك. فان عبارات التوراة في
تلك المقامات قد جاءت بلفظ الأمر وغيره كالنهي والتحريم والطهارة
والنجاسة، فاتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين.
فانتقلوا من هذا البحث إلى غيره.
فقال كبيرهم: كيف لا تحكمون - يا معاشر المسلمين - بحكم
التوراة - وفي القرآن: " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ".
فقال - أيده الله تعالى - إنه لما ثبت عندنا - نبوة نبينا (ص)
ونسخه للشرائع السابقة كان الواجب علينا اتباع هذه الشريعة الناسخة دون
الشرائع المنسوخة، فهذا مثل ما وجب عليكم من اتباع الشريعة موسى (ع)
والعمل بما في التوراة، دون ما تقدمها من الأديان والشرائع والكتب وقد
بقي جملة من أحكام التوراة لم تنسخ، كأحكام الجراح والقصاص وغيرها
فنحن نحكم بها لوجودها في القرآن، لا لوجودها في التوراة.
فقال: ما معنى قوله: " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير
منها أو مثلها " وأي فرق بين النسخ والإنساء، وما الفائدة في نسخ الشئ
60

والاتيان بمثله؟
فقال - أيده الله تعالى -: الفرق بين النسخ والإنساء: أن النسخ
رفع الحكم، وان بقي لفظه، والإنساء: رفعه برفع لفظه الدال عليه
وانساؤه: محوه من الخاطر بالكلية والمراد بالمثل: هو الحكم المماثل
للأول بحسب المصلحة، بحيث يساوي مصلحته في زمانه مصلحة الأول في
زمانه، لا أن تتساوى المصلحتان في زمن واحد، حتى يلزم خلو النسخ
عن الفائدة.
فضحكوا وتعجبوا من جودة جوابه وحسن محاوراته في خطابه.
ثم قال لهم - أيده الله تعالى -: يا معاشر اليهود، لو علينا لكم
ميلا واعتناء بطلب الحق لأتيناكم بالحجج الباهرة والبراهين القاهرة، لكني
أنصحكم لاتمام الحجة، وأوصيكم بالانصاف وترك التقليد، واتباع
الآباء والأجداد، وترك العصبية والحمية والعناد، فان الدنيا فانية منقطعة
وكل نفس ذائقة الموت، ولابد لعباد الله من لقاء الله تعالى، وهو يوم
عظيم ليس بعده إلا نعيم مقيم أو عذاب أليم، والعاقل من استعد لذلك
اليوم واهتم به وشمر في هذه الدار التصحيح العقائد والقيام بما كلف به
من الاعمال وتأمل في هذه الملل المختلفة والمذاهب المتشعبة، وأن الحق
لا يكون في جهتين متناقضتين، ولا عذر لأحد قى تقليد أب ولا جد ولا
الأخذ بمذهب أو ملة بغير دليل ولا حجة، فالناس من جهة الآباء
والأجداد شرع سواء فلو كان ذلك منجيا لنجا الكل وسلم الجميع.
ويلزم من ذلك بطلان الشرائع والأديان، وتساوي الكفر والايمان، فان
الكفار وعباد الأوثان يقتفون آثار آبائهم، ولا عذر لهم في ذلك، ولا
ينجيهم التقليد من العطب والمهالك فانقذوا أنفسكم من عذاب النار
وغضب الجبار، يوم تبلى السرائر وتهتك الاستار ولا ينفع هنالك شفيع
61

ولا حميم ولا ناصر ولا مجير، فعليكم بالتخلية عن الأغراض المانعة من
التوجه إلى الحق، والعلل الصارفة عن الرشد، ونزع النزوع إلي مذاهب
الآباء والأجداد، والتوجه إلى رب العباد، والاجتهاد في طلب ما ينجى
من عذاب يوم المعاد، وذلك يحتاج إلى رياضة للنفس نافعة، ومجاهدة لها
ناجعة، وقد قال الله تعالى: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا "
وبذلك نطق كل كتاب منزل، وجاء به كل نبي مرسل، ودل عليه كل
عقل سليم وهدي إليه كل نظر ثاقب مستقيم، فالله الله في عقائدكم
فأصلحوها وفي أعمالكم فصححوها، وفي أنفسكم فانقذوها ولا تهلكوها
فما لأحد غير نفسه عند فراق روحه وحلوله في رمسه، وما أريد بكلامي هذا
الا النصح لكم ما استطعت، وان كنتم لا تحبون الناصحين.
فقالوا: كلامكم على أعيننا وفوق رؤوسنا، ونحن طالبون للحق
راغبون في الصواب والصدق
فقال لهم - أيده الله تعالى -: فما الباعث لكم على اختيار الملة اليهودية
وترجيحها على الملة الاسلامية؟
فقالوا قد اتفق أصحاب الملل - وهم اليهود والنصارى والمسلمون -
على نبوة موسى عليه السلام، وثبوت شريعته ونزول التوراة عليه
واختلفوا في نبوة عيسى، ونبوة محمد (ص) وفي الإنجيل، والقرآن، فنحن
أخذنا بالذي اتفق عليه الجميع، وتركنا ما اختفوا فيه.
فقال لهم - أيده الله تعالى -: إن المسلمين ما اعتقدوا بنبوة موسى وصدقه
في دعواه إلا باخبار نبيهم الصادق الأمين، وذكره في كتابهم: القرآن
المبين، ولولا ذلك ما اعترفوا بنبوة موسى وعيسى، ولا بالتوراة ولا
بالإنجيل، وأيضا، فأنتم لا تقبلون شهادة النصارى، ولا المسلمين في شئ
من الأشياء. فكيف تقبلون شهادتهم - وهم يشهدون عليكم بالكفر والزيغ
62

عن الحق - فلم تبق لكم الا شهادتكم لأنفسكم، وهي غير مجدية لكم نفعا
فتحيروا من كلامه المبين، وتحقيقه البليغ المتين، ونظر بعضهم إلى
بعض وأمسكوا - طويلا -
فقال عزيز - وهو الشاب الذي كان بينهم -: يا سيدي ألا أقول
لك كلاما مختصرا نافعا من باب النصح والمحبة؟ فاستمع وتأمل فيه
وأنصف فهو حجة عليك.
فقال - أيده الله تعالى -: نعم ما هذا المقال
فقال: ان في كتابنا - وهو التوراة - مجئ نبي بعد موسى، إلا
أنه من بني إخواننا، لامن بني إسماعيل.
فقال دام ظله -: هذه البشارة قد جاءت بها التوراة في الفصل
الثاني عشر من السفر الخامس، وترجمتها: " إنه تعالى قال لموسى: إني
أقيم لهم - أي لبنى إسرائيل - نبيا من بني إخوانهم مثلك، فليؤمنوا به
وليسمعوا له " واخوان بني إسرائيل هم بنو إسماعيل، فان إسرائيل هو
يعقوب بن إسحاق أخي إسماعيل فالنبي الموعود به هو من ولد إسماعيل
وهذه حجة لنا، لا علينا.
فخجل عزيز، وتلون ألوانا، وعض على أنامله، وما تكلم بشئ
بعد ذلك. ثم أعاد عليهم النصح، فقال لهم: قد علمتم اطلاعي على
كتبكم ومذاهبكم وعلمي بطريقة سلفكم وخلفكم، وإني أريد قطع معاذيركم
بإزالة شبهكم فإن كان فيكم من هو أعلم منكم، فارجعوا إليه، واحصوا
ما عنده، وآتوني به ولكم المهلة في ذلك إلى سنة كاملة، فارجعوا إلى
الحق، ولا تتمادوا في الغي.
فقالوا: نحن نعتقد بنبوة موسى بالمعجزات الباهرات، والآيات
الظاهرات فقال لهم دام ظله -: هل كنتم في زمن موسى، ورأيتم -
63

بأعينكم - تلك المعجزات والآيات؟.
فقالوا: قد سمعنا ذلك.
فقال لهم - دام ظله - أو ما سمعتم أيضا بمعجزات محمد (ص) وبراهينه
وآياته وبيناته؟ فكيف صدقتم تلك، وكذبتم هذه مع بعد زمان موسى
وقرب زمانه؟ ومن العلوم: أن السماع يختلف قوة وضعفا بحسب الزمان
قربا وبعدا، فكلما طال المدى كان التصديق أبعد، وكلما قصر كان
أقرب وأما نحن - معاشر المسلمين - فقد أخذنا بالسماعين، وجمعنا
بين الحجتين، وقلنا بنبوة النبيين، ولم نفرق بين أحد من رسله وكتبه
ولم نقل - كما قلتم -: نؤمن ببعض، ونكفر ببعض. فالحمد لله
الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل
ربنا بالحق. "
ثم قال لهم - أيده الله -: لو سألكم إبراهيم عليه السلام، وقال: لم
تركتم ديني وملتي، وصرتم إلى ملة موسى ودينه " فما كنتم تقولون في
جوابه؟ قالوا: كنا نقول لإبراهيم: أنت السابق، وموسى اللاحق
ولا حكم للسابق بعد اللاحق.
فقال لهم - أيده الله -: فلو أن محمد (ص) قال لكم: لم - لم
تتبعوا ديني - وأنا اللاحق، وموسى السابق -؟ وقد قلتم: لا حكم للسابق
بعد اللاحق، وقد أتيتكم بالآيات الظاهرات، والمعجزات الباهرات والقرآن الباقي مدى الزمان، فما كان جوابكم عن ذلك؟.
فانقطعوا، وتحيروا، ولم يأتوا بشئ يذكر، فبهت الذي كفر.
ثم عطف - أيده الله تعالى - على كبيرهم، وقال: إني أسألك عن شئ
فأصدقني ولا تقل الا حقا. هل سعيت في طلب الدين، وتحصيل العلم واليقين
من أول تكليفك إلى هذا الحين؟
64

فقال: الانصاف، إني - إلى الآن - ما كنت بهذا الوادي ولا خطر
ذلك في ضميري وفؤادي، غير اني اخترت دين موسى لأنه كان نبينا
ولم يظهر لنا دليل على نسخ نبوته، ولم نفحص عن دين محمد حق الفحص
ولم نبحث عما جاء به حق البحث، ونحن نتأمل في ذلك، وتأتيك أخبارنا
فيما يحصل لدينا مما هنالك.
وعلى ذلك انطوى المجلس. وانقطع الكلام، والحمد لله أهل الفضل
والإنعام، والصلاة والسلام على محمد سيد الأنام، وعلى آله الأئمة
البررة الكرام.
قال العالم الفاضل السيد محمود الطباطبائي في كتابه " المواهب السنية "
في أثناء ذكره للسيد رحمه الله: " أما الزاماته للمخالفين ولكفار في النواحي
والأقطار فأشهر من أن يخفى. وقد دخل من بركاته في دين الاسلام ما هو
اعرف من أن يذكر، ومن عتقائه اليوم من أولادهم من شاهدناه من
من صلحاء الزمان "
وقال - أيضا -: قد تكلم جمع كثير من اليهود في " ذي الكفل "
حتى استقل منهم بالكلام من فضلائهم اثنان يقال لهما: عزيز وداود.
فألزمهم بما نقله لهم من أسفار التوراة وأثبت وقوع التحريف فيها إلى
أن انقطعوا عن المقال، فبالغ لهم في النصح، حتى اعترفوا بالعجز وطلبوا
الإمهال - إلى أن قال - سمعت من بعض الأفاضل: أن أحدهما جاء
لزيارة السيد رحمه الله. انتهى
وذكر الفاضل السيد محمد باقر في كتابه " روضات الجنات " عند
ذكره السيد رحمه الله: " إن تفصيل محاججته - قدس سره - مع جماعة
الأحبار من اليهود، وانجرار الأمر بميامن أنفاسه الشريفة إلى
هداية تلك النكود، وإذعانهم بالحق، وإقرارهم بنبوة نبينا المحمود، أمر
65

بين ليس يلحقه خمول ولا خمود، ولا يفتقر اثباته إلى إقامة البينة والشهود... "
وتوجد النسخة الخطية من المناظرة بتصحيح الحجة المرحوم الشيخ محمد
جواد البلاغي في مكتبة الحجة الثبت السيد محمد صادق بحر العلوم.
ولقد ذكرها المرحوم سماحة الحجة السيد علي البحر العلوم في كتابه
" اللؤلؤ المنظوم ".
أساتذته:
ولقد أخذ الفقه، وأصوله، والفلسفة، والحديث عن أساطين العلماء
في عصره المتخصصين في تلك الفنون، أما بقية العلوم التي أثرت عنه
فقد أخذها من تلقاء المطالعة ولبحث والتنقيب، وبحكم حدة ذكائه وسرعة
تلقيه، وصفاء روحه.
أما استعراض أسماء أساتذته العظام فهم - على ما نعرف:
الوحيد الآغا محمد باقر البهبهاني " سنة 1118 - سنة 1205 ه‍ "
الشيخ محمد باقر ابن المرحوم محمد باقر الهزار جريبي "... - 1205 ه‍ "
السيد حسين ابن أبي القاسم جعفر الموسوي الخوانساري "... - 1191 ه‍ "
السيد حسين ابن الأمير محمد إبراهيم بن محمد معصوم الحسيني القزويني
"... - 1208 ه‍ "
الشيخ عبد النبي القزويني الكاظمي "... - 1213 ه‍ تقريبا "
السيد عبد الباقي الحسيني الخاتون آبادي "... - 1193 ه‍ "
الشيخ محمد مهدي الفتوني العاملي "... - 1183 ه‍ "
والده السيد مرتضى الطباطبائي "... - 1204 ه‍ "
الشيخ يوسف البحراني - صاحب الحدائق - 1107 - 1184 "
الشيخ محمد تقي الدورقي "... - 1186 ه‍ "
66

الفيلسوف السيد ميرزا مهدي الأصفهاني نزيل خراسان المولود " سنة
1153 - والمتشهد سنة 1217 "
تلاميذه ومدرسته العلمية:
ولقد انحصرت إدارة الحوزة العلمية بسيدنا قدس سره، وظل يدير
المحاضرات - بمختلف العلوم الاسلامية - طيلة أكثر من عشرة أعوام
حتى نشأ على يديه السخيتين جمع غفير من رواد الفضيلة وطلاب العلوم
والآداب، فكانوا - بعد وفاته - من عيون العلماء ومفاخر الأدباء. ونستعرض
أسماء يسير منهم مما توصلنا إليه - على الترتيب -:
الشيخ احمد النراقي - صاحب المستند - المتوفى سنة 1245
المولى إسماعيل العقدائي حدود " 1340 "
الشيخ احمد حفيد الوحيد البهبهاني المتولد سنة 1191 والمتوفى سنة 1235
السيد أحمد بن السيد حبيب آل زوين الحسني المولود سنة 1193
والمتوفى بعد سنة 1267.
الشيخ أبو علي الحائري صاحب منتهى المقال في الرجال (1216)
الشيخ أسد الله التستري صاحب المقابيس (1234)
الأمير أبو القاسم حفيد الأمير محمد باقر الخاتون آبادي (1202)
السيد احمد العطار البغدادي (1215)
السيد إبراهيم العطار والد السيد حيدر - جد الحيدريين في الكاظمية (1230)
الشيخ إبراهيم بن يحيي العاملي الطيبي المولود سنة 1154 والمتوفى سنة 1214
السيد أبو القاسم جد صاحب الروضات (1240)
المولى الشيخ أحمد الخوانساري ساكن ملاير.
السيد باقر ابن السيد احمد القزويني المتوفى سنة 1246
67

الشيخ تقي ملا كتاب النجفي المتوفى سنة 1250 ه‍
الشيخ جعفر الكبير كاشف الغطاء (1228)
الشيخ حسين نجف (1251)
الشيخ حسن بن محمد نصار النجفي
السيد حسين بن أبي الحسن موسى بن حيدر الشقرائي العاملي (1230)
السيد حيدر الموسوي اليزدي حدود (1260)
السيد دلدار علي الهندي (1235)
الشيخ رفيع بن محمد رفيع الجيلاني الأصفهاني حدود سنة 1245 ه‍
المولى زين العابدين السلماسي (1266)
الشيخ زين العابدين - جد آل الزين العامليين (1212)
الشيخ سليمان ابن الشيخ احمد القطيفي (1266)
السيد صدر الدين العاملي (1263)
السيد صادق الفحام (1204)
الشيخ شمس الدين بن جمال الدين البهبهاني صاحب الحواشي (1248)
الشيخ عبد علي البحراني الخطي المتوفى سنة 1213
السيد علي آل السيد حسين الغريفي البحراني (1246)
السيد مير علي الطباطبائي - صاحب الرياض - (1231)
الشيخ عبد علي بن أميد علي الغروي المتوفى بعد سنة (1226)
السيد عبد الله شبر (1242)
الشيخ قاسم بن محمد آل محي الدين الحارثي العاملي (1237)
السيد محمد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة (1226)
السيد محمد علي العاملي المتوفى سنة 1237 ه‍
المولى محمد شفيع الاسترآبادي المتوفى بعد سنة 1238
68

السيد محمد المجاهد صاحب المناهل (1242)
الشيخ محمد مهدي النراقي (1209)
السيد محسن الأعرجي الكاظمي صاحب المحصول (1227)
الشيخ محمد إبراهيم الكلباسي (1261)
السيد محمد رضا شبر المتوفى حدود (1230)
الميرزا محمد الاخباري (1233)
المولى الشيخ محمد رضا القاري المتوفى بعد سنة (1232)
السيد محمد الحائري (1227)
الحاج سيد محمد شفيع الجابلقي (1280)
السيد محمد باقر الرشتي (1260)
الشيخ محمد تقي الأصفهاني صاحب الحاشية على المعالم (1248)
الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم الجزائري
المولى الشيخ محمد علي هزار جريبي (1245)
السيد محمد القصير الرضوي (1255)
الشيخ محمد علي البروجردي
المولى محمد علي الأردكاني النحوي
الشيخ محمد علي حفيد الشيخ حسن البلاغي النجفي المتوفى بعد سنة 1228
الشيخ محمد علي ابن الشيخ محمد حسين الشهير بالزيني العاملي النجفي
المتوفى سنة 1235
الشيخ ميرزا حسن الزنوزي
السيد مرتضى الطباطبائي صهر السيد بحر العلوم
المولى أسد الله بن عبد الله البروجردي الشهير بحجة الاسلام والمتوفى سنة 1271
الشيخ محمود السلطان آبادي
69

المولى محمد علي الكلبايكاني
الحاج سيد محمد باقر السلطان آبادي
الحاج محسن العراقي السلطان آبادي
الشيخ ميرزا ضياء الدين نزيل بروجرد
الشيخ محمد بن جعفر بن يونس ابن الحاج راضي بن شويهي الحميدي
الطويهري النجفي المتوفى بعد سنة 1228 ه‍
الشيخ محمد رضا ابن الشيخ أحمد النحوي المتوفى سنة 1226 ه‍
الشيخ محمد علي الأعسم النجفي المتوفى سنة 1233 ه‍
الشيخ محمد رضا الأزري المتوفى سنة 1240
الآقا محمد بن محمد صالح اللاهيجي
المولى محمد حسن ابن الحاج معصوم القزويني الحائري المتوفى
سنة 1240
الشيخ عبد النبي القزويني اليزدي المتوفى سنة 1200
الشيخ عبد الرحيم البروجردي نزيل طهران
الشيخ عبد الرحيم ساكن المشهد الرضوي
الشيخ علي البحراني
المولى محمد علي المحلاتي ساكن شيراز
المولى محمد تقي الكلبايكاني المتوفى في النجف الأشرف
السيد محمد زيني آل العطار المتوفى سنة 1216
وكثير من هؤلاء وغيرهم يروون عنه بالإجازة، وسنثبت في آخر الكتاب
نصوص إجازاتهم.
70

صاحب الكرامات:
في الحديث القدسي: "... يا بن آدم أنا غني لا أفتقر، أطعني فيما
أمرتك أجعلك غنيا لا تفتقر، يا بن آدم أنا حي لا أموت، أطعني فيما
أمرتك أجعلك حيا لا تموت، يا بن آدم أنا أقول للشئ: كن فيكون
أطعني فما أمرتك أجعلك تقول للشئ: كن فيكن " - كما عن عدة
الداعي لابن فهد الحلي - وغيره.
ولقد بلغ سيدنا المترجم له الغاية القصوى من رياضة النفس، ومعارضة
الهوى، والوقوف عند الشبهات فضلا عن المحرمات فكان - قدس سره -
يقطع الليل بالعبادة والتهجد ومناجاة الخالق والفناء في ذات العالم الأقدس
ولا يرى في النهار إلا متكلما في مسألة علمية أو مناظرة أو حل مشكلة
اجتماعية، أو غير ذلك من شؤون المسلمين.
فبذلك وشبهه من السلوك الآلهي استطاع - قدس سره - أن يصل
إلى مرحلة " اليقين " والفناء في الله.
فلا عجب - إذن - إذا ذكر عامة من عاصره أو تأخر عنه من
علماء الرجال والتاريخ: أنه كان يفتح له باب الصحن الشريف والحرم
الأقدس حينما يقبل عليهما قبيل الفجر. وأنه كان يتصل بالامام أمير المؤمنين
عليه السلام - في الحرم الشريف - ويسأله عن المسائل فيجاب مباشرة، ويخلو
بشخص الإمام عليه السلام، فيتناجيان...
ولا عجب - أيضا - إذا اشتهر على ألسنة المترجمين له: أنه - في عدة مناسبات أحصيت - كان يتحدث مع إمام الزمان الحجة عجل الله تعالى
فرجه، ويتحدث الإمام إليه في مسائل شرعية واجتماعية: منها - في مسجد
السهلة عند صلاة الفجر، ومنها - في سامراء في الروضة المشرفة، ومنها -
71

في مكة أيام اقامته هناك لإقامة مشاعر الحج والعمرة وبناء المواقيت، إلى غيرها
من المناسبات التي أحصاها عامة من ترجم له..
ونقلت عنه كرامات آخر خارقة للأسلوب الطبيعي تكاد تلحق
بالمعجزات، كقصة تظليل الغمامة له في الصيف القائظ - في طريق كربلا -
وكان بصحبته جمع من اجلاء تلامذته كالشيخ الزاهد الشيخ حسين نجف
- قدس سره - لا يسع استعراضها هذا المقام. حتى اشتهر - قدس سره -
ب‍ " صاحب الكرامات الباهرة " فكان هذا من ألقابه المعروفة أيام حياته.
وقال تلميذه الجليل الحجة السيد محمد جواد العاملي صاحب " مفتاح الكرامة " -
- من قصيدة له في مدحه -:
لك المعجزات البينات أقلها * يقيم على ساق الهدى كل مقعد
رعايته للفقراء:
وكان على جانب عظيم من العطف والرحمة على فقراء الأمة وضعاف
المسلمين بحيث يتحسس مشاكلهم وينفذ إلى واقعهم المؤلم، فيرعاهم
رعاية شاملة تقوى نفوسهم، وتغني نفسياتهم أمام المجتمع. وله في هذا
المضمار قصص ومواقف جمة أحصاها المترجمون له. نشير إلى واحدة منها
كنموذج لبقيتها:
ذكروا: ان الحجة السيد محمد جواد العاملي صاحب " مفتاح الكرامة "
- قدس سره - وكان من أعاظم تلاميذه - كان يتعشى - ذات ليلة -
إذ بعث إليه السيد بحر العلوم - قدس سره - يدعوه للحضور بسرعة،
فترك عشاءه وحضر بين يدي أستاذه. فلما رآه السيد رحمه الله أخذ
يؤنبه بكلمات شديدة. وذكر له: أن أحدا من إخوانه وجيرانه
72

من اهل العلم - وسماه له - كان يأخذ كل ليلة من البقال (قسبا) لقوت عياله
ولهم قرابة الأسبوع لم يذوقوا الحنطة والأرز. وفي هذا اليوم ذهب إلى
البقال ليأخذ القسب، فامتنع البقال من اعطائه لثقل دينه، فظل - هذه اللية -
هو وعياله وأطفاله بلا عشاء، فأخذ السيد محمد جواد يعتذر إلى السيد - قدس
سره - بعدم علمه بالموضوع، فقال له السيد رحمه الله: " لو علمت بحاله -
وتعشيت ولم تلتفت إليه - كنت يهوديا - أو قال -: كافرا. وانما
أغضبني عليك عدم تجسسك عن إخوانك وعدم علمك بحالهم ".
فأمر له السيد رحمه الله " بصينية " كبيرة فيها أنواع الأكل " وصرة "
من المال على أن يوصلها إلى ذلك الرجل، ويتعشى معه ويستقر، ويأتيه
بالخبر حتى يتعشى السيد، وبقي عشاؤه أمامه لم يتناول منه شيئا، حتى
رجع " السيد العاملي " من ذلك الرجل، وأخبره باستقراره وفرحه بالطعام
والمال، لأنه كان مدينا بقدر المال - تقريبا - فعند إذ تناول السيد عشاءه
وجرت القصة إلى بعد منتصف الليل. والقصة مفصلة هذا مجملها.
هذه من علاه احدى المعالي * وعلى هذه فقس ما سواها
مساجلاته الأدبية:
وبالرغم من عظمته في العلم، ووصوله الغاية القصوى في الزهد
والتقوى، كان - قدس سره - على جانب كبير من أريحية الأدب ولطف
المساجلة والإخوانيات.
فمن ذلك: أنه دفع - يوما - لتلميذه الحجة السيد محمد جواد العاملي
" شاميين " - من نقود زمانه - ليدفعهما إلى أحد المحتاجين. فامتثل السيد
العاملي، وجاء إلى دار السيد ليخبره بامتثاله. فوجده داخل حرمه المقدس
فكتب إليه - عجلا - في رقعة: " الشاميين قد دفعهما " ومهر الرقعة
73

معكوسا، فجاء الجواب من قبل السيد رحمه الله:
المبتدأ المرفوع جاء منتكس * والمهر في الكتاب جاء منعكس
فأجابه السيد العاملي على ذلك:
قد عكس المهر اختلال وهمي * إذ لم يكن لي فيهما من سهم
والمبتدأ المرفوع لما عرضا * على الإمام العلوي انخفضا
ومن ذلك: أن المولى النراقي - صاحب جامع السادات - كتب إليه
من " كاشان " بهذين البيتين:
الأقل لسكان أرض الغري * هنيئا لكم في الجنان الخلود
أفيضوا علينا من الماء فيضا * فانا عطاشى وأنتم ورود (1)
فأجابه سيد - قدس سره -:
الأقل لمولى يرى من بعيد * ديار الحبيب بعين الشهود
لك الفضل من شاهد غائب * على شاهد غائب بالصدود
فنحن - على القرب - نشكو الظما * وفزتم - على بعدكم - بالورود
ومن ذلك: المعركتان الأدبيتان، بينهما زمان يسير:
المعركة الأول:
يضم أحد النوادي الأدبية المنعقد على شرف أحد أعيان إيران الأديب
الكبير الميرزا أحمد النواب (2) جماعة من الشعراء كالشيخ محمد رضا النحوي

(1) الظاهر: ان البيتين من قصيدة لشاعر قديم هو خلف بن أحمد القيرواني
المتوفى سنة 414 ه‍ واستشهد بهما النراقي في ضمن رسالته لسيدنا المترجم له
- قدس سرهما -.
(2) الميرزا احمد النواب: أديب كبير، كان يقيم في كربلا في عصر السيد
بحر العلوم رحمه الله، ولا يعرف عنه شئ اليوم، ويتحمل أن يكون من آل النواب
74

وغيره من أقطاب هذه المعركة. فيستعرض الجماعة قصيدة العلامة الكبير الشاعر
السيد نصر الله الحائري المستشهد سنة 1156، وهي التي قالها في مدح تربة
كربلا، ومطلعها:
يا تربة شرفت بالسيد الزاكي * سقاك دمع الحيا الهامي وحياك...
ومنها قوله:
أقدام من زار مغناك الشريف غدت * تفاخر الرأس منه، طاب مثواك
فاعترض بعض الأدباء الحاضرين على قافية هذا البيت وادعى انها
نابية، وبدلها بكلمة " حين وافاك " غير أن " النواب " لم يرتض التبديل
مدعيا صحة القافية الأولى، وكان لكل فريق، وطال الشجار بين الفريقين
فاقترح النواب تحكيم سيدنا المترجم له بالأمر وأن قوله هو الفصل
فصوت الحاضرون - بالاجماع - على هذا الاقتراح. وقال النواب للنحوي:
أكتب إليه: " إنا جعلناك - يا أقضى الورى - حكما " فأجازه النحوي
بقوله:
إنا جعلناك يا اقضي الورى حكما * فأنت أعدل من بالعدل قد حكما
انا اجتمعنا ببيت قد علا شرفا * هام الثريا بمن قد حله، وسما
وقد حوى من علا " النواب " بدر علا * ومن بهاء ابنه نجما سما ونما
وضم كل أخي علم وذي أدب * حتى غدا حرما للعلم والعلما
وعاد سفليه علوي كل علا * وأرضه من نجوم الفضل - وهي سما -
فأنشدوا بيت شعر فيه قافية * أتم فيها نظام البيت من نظما

" في يزد " وهم أسرة علوية من بقايا الصفوية، ويحتمل كونه من الأسرة
الهندية التي كانت تستوطن كربلا، واليها ينسب بعض العقار إلى الآن، وهم غير
آل النواب الذين يسكنون بغداد، فأولئك أسبق هجرة من سكان بغداد (عن
أعيان الشيعة، ج 10 ص 311).
75

فقال ذو أدب منهم ومعرفة: * لو بدلت صح نسج البيت وانسجما
فثم بدلها من كان بدلها * بغيرها، فاستقام النظم وانتظما
فمذ رآها أديب منهم فطن * ما زال يستخدم القرطاس والقلما
سما بترجيحه الأولى، وقال: هي الأول، فأكرم به من حاكم حكما
والكل منهم غدا يدلي بحجته * فيها، ويزعم أن الحق ما زعما
فاعتاص ظاهرها عنهم وباطنها * وباعدت ما غدا من أمرها أمما
والتاث منطقهم عنها ومنطقها * عنهم، ومعربها قد عاد منعجما
وكلما استنطقوها أظهرت خرسا * وكلما أسمعوها جددت صمما
فاكشف نقاب الخفا عن وجهها وأمط * عن عينها - لا لقيت السوء - كل عمى
اختر لذا البيت من هاتين قافية * يغدو بها مثل سمط الدر منتظما
فأنت عون لنا إن أزمة أزمت * وأنت غوث لنا إن حادث هجما
وامنن بعفو إذا طال الخطاب، * فعادات المحبين أن لا يوجزوا الكلما
كما لموسى العصا، حال السؤال له * عنها، فأسهب وصفا بالذي علما
هذي عصاي التي فيها التوكؤ لي * وقد أهش بها في رعيي الغنما
ولي مآرب أخرى، كي يسائله * عنها، فيظهر فيها كلما كتما
فلما عرضت هذه القصيدة على سيدنا المترجم له، أمر أن تكون
المحاكمة على روي وقافية قصيدة الحائري جريا على نسق واحد، فانبعث
الشيخ النحوي، وقال: يا نبعة من أحمد الزاكي * ونفحة نفحت من عرفه الذاكي
ومن غدت قبلة للقصد وجهته * ونجعة روضها غض لهلاك
ومن برى خلقه الباري لمعدلة * وأخذ حق من المشكو للشاكي
76

إنا إليك تقاضينا فأنت فتى * منزه الحكم عن شك وإشراك
قد ضمنا منزل قد زيد منزلة * بباسم في وجوه الوفد مضحاك
" صدر الممالك " محمود المسالك، خواض المهالك، غوث الضارع الباكي
قد زينت علماء العصر ناديه * كأنهم في ذراه شهب أفلاك
فعاد منه ومنهم حين ضمهم * وضمه ربع أملاك وإملاك
فأنشدوا بيت شعر في مديح فتى * دقت معاليه عن حس وادراك
أعني ابن فاطمة المولى الشهيد ومن * لرزئه المجد أمسى طرفه باكي
من قطعة من علاه كان مطلعها * " يا تربة شرفت بالسيد الزاكي "
" أقدام من زاره مغناك الشريف غدت * تفاخر الرأس منه طاب مثواك "
فعاب قافية البيت الأخير فتى * مبرأ قوله عن إفك أفاك
فقال: لو بدلت صح النظام بها * وعاد كالدر منظوما بأسلاك
فبدلت فاستقام البيت حين حكى * باقي البيوت، وكان الفضل للحاكي
" اقدام من زار مغناك الشريف غدت * تفاخر الرأس منه حين وافاك "
فمذ رأى الحال " صدر الملك " مال لترجيح القديمة عن حذق وادراك
وكر للبحث في تحقيق مطلبه * بمقول مثل حد السيف بتاك
وللأخيرة ذاك الحبر رجح عن * رأي لسر الخفايا أي دراك
وقام يملي عليها من أدلته * كالغيث ان جاد لا يمني بإمساك
وطال بينهما فيها النزاع وقد * كرا بعزم - يروض الصعب - فتاك
وكلما قرباها منهما بعدت * كالصيد منفلتا من قيد اشراك
وكلما أسمعوها أظهرت صمما * عن قول كل بليغ القول سفاك
وارتج الباب حتى ليس يفتحه * سكاك فتح ولا " مفتاح " سكاكي
فوجهوها إلى علياك وانتظروا * والكل يرنو بطرف شاخص شاكي
وأرسلوها وهم في أسرها ثقة * منهم بمولى لقيد الأسر فكاك
77

فافلق برأيك عن ظلمائها فلقا * واكشف دجى شكها عن كل شكاك
واختر لذا البيت من هاتين قافية * يغدو بها كعروس حال إملاك
وخذ صفايا العلا واترك نفاوتها * فأنت أفضل أخاذ وتراك
ولا تزال بك الأيام صالحة * يذكو شذى عرفها من عرفك الذاكي
ولا تزال الليالي فيك باسمه * رضا وطرف العدى من غيظهم باكي
فأجاب سيدنا المترجم له بقوله:
ملكتما في القوافي غير ملاك * ولا محكك رأي فيك سفاك
وقلتما: اختر لنا من (تين) قافية * حتى نميز به الا زكى من الزاكي
كلتاهما نسج داود وناسجها * مقدر السرد في نظم بأسلاك
وللأخيرة في فن القريض سمت * بحسن حبك فتى للنظم حباك
فتى إذا قال بذ القائلين، وإن * يمسك فعن كرم يدعو لإمساك
ما قدم الصدر " صدر الملك " زيد علا * أولاهما، فهو في غلواء إدراك
لكن حمى ضعفها إذ لاث لوثتها * وهو الحمى للضعيف الضارع الشاكي
مهما شككت - وليس الشك من خلقي - * فإنني لست في حكمي بشكاك
لكنني لا أرى للبيت قافية * مثل التي ليس يحكى فضلها حاكي
" أقدام من زار مغناك الشريف غدت * تفاخر الرأس إذ أرست بمغناك "
أضحت تطاول شأوا كل ذي أدب * وان سما رتبة من فوق املاك
استغفر الله ما قصدي الفخار ولا * فخري القوافي وان خصت بأملاك
فقرضها العلامة الشيخ محمد على الأعسم بقوله:
ما ذات ضوء جبين مشرق حاكى * شمسا تجلت لنا من فوق أفلاك
حيية ما رآها غير حليتها * ولم يذق ريق فيها غير مسواك
ولو تمر على النساك لافتتنوا * وأصبحوا في هواها غير نساك
يوما بأبهى سنا من قطعة نظمت * فيها محاكمة ما بين املاك
78

لما وقفت عليها طرت من فرح * لكن تداركني صحبي بإمساك
إن قلت سحرا وحاشى ليس يشبهها * سحر فما أنا في قولي بأفاك
تحكى بأحسن نظم " وقعة " عجزوا * عنها بنثر وكان الفضل للحاكي
تبدي اختلافا وشكوى والرضا معهم * ولا اختلاف ولا شكوى ولا شاكي
ولا نكير إذا خاضوا بمعضلة * لم يدركوها وكانوا أهل إدراك
والحق ينتظر " المهدي " فيه إذا * أعيى على كل نقاد ودراك
فقف على الشيخ نجل الشيخ ثم وقل * " يا نبعة نبعت من احمد الزاكي (1)
ويا ذبالته من نوره اتقدت * " ونفحة نفحت من عرفه الذاكي "
ملكتم النظم والنثر البديع، وكم * سما لدعواه قوم غير ملاك
وكم لكم آية غراء بان لها * نهج لهدى لم تدع شكا لشكاك
فامنن بعفو فلسنا من فوارسها * ونحن عزل وكل منكم شاكي
وقال الشيخ هادي ابن المرحوم الشيخ أحمد النحوي أيضا:
أكرم بحاكم عدل منصف الشاكي * أمن المروع أمان الخائف الباكي
أكرم به رب آراء وإدراك * لكل معجمة غماء دراك
فكاك معضلة حلال مشكلة * أكرم بحلال إشكال، وفكاك
حكمتما عادلا في حكم ثقة * لم يبق شكا لمرتاب وشكاك
وليس تأخذه في الله لائمة * لا زال ينتصف المشكو للشاكي
منزها في القضايا عن مداهنة * مبرء ما حكى في عرضه حاكى
يقضي القضا لا يحابي عنده أحدا * ما زال يرضى به المشكو والشاكي
حاشاه من أن يحابي في القضاء وأن * يديل في الحكم مشكوا على شاكي
كم قد هدى برشاد الحق كل أخي * غي، وكم رد من إفك وأفاك
وكم أنار لنا طخياء مظلمة * منارها لم يبن يوما لسلاك

(1) يقصد الشيخ محمد رضا ابن الشيخ احمد النحوي، وفيه تورية:
79

أماط عنها قناع المشكلات كما * قد صان حوزتها عن هتك هتاك
وراض كل شماس من عزومتها * بطرف فكر لما قد ند دراك
وكلما جنحت تبغي المطار غدت * مصفودة مثل صيد وسط أشراك
غمت على العلماء الراسخين كما * التاثت على كل ذي لب وإدراك
أعيت على الكل حتى قال قائلهم * سدت على طرق آرائي وادراكي
قد فات كل أهالي عصرهم سيما * من قد تقدم منهم عصر " سكاكي "
فكم قضيت لنا بالحق معدلة * كأنما صدرت عن وحي أملاك
حكيت جدك اقضي العالمين، وذا * فضل به انفرد المحكي والحاكي
كم مقفلات علوم قد فتحت فما * كادت لتغلق يوما دون اسلاك
وكم أفضت على الدنيا هدى وندى * كانا حياة لضلال وهلاك
ما فاته أبدا - حاشاه - ذو كرم * كلا ولا فاته نسك لنساك
ولا شآه اقتحام يوم ملحمة * بل قد شأى كل مقدام وفتاك
كل من الفتك والجدوى إليه غدا * يهمي بعارض سفاح وسفاك
من جده حيدر الكرار من عجبت * من كره كل أملاك بأفلاك
قد غادر الشوس والبهم الكماة على * نشز من الأرض صرعى بين دكداك
مجزرين على الآكام تحسبهم * هديا تقرب فيه كف نساك
كم رقعة هدمت دين الضلال وكم * يوم به كثر المبكي والباكي
ببارق قد محا ليل القتام كما * به محا ليل إلحاد وإشراك
تخاله في السنا فجرا وكم فجرت * به دماء لمرتابين شكاك
كم بات شاكي جراح منه كل فتى * مدجج مستعد للوغى شاكي
وكم بخطيه قد شك مهجة ذي * خطا بدين الهدى والحق شكاك
لا بدع أن راح يحكيه ويشبهه * بحد بأس لعمر الجود بتاك
يغشى الهياج بوجه ضاحك وإذا * جن الدجى بات فيه خائفا باكي
يحيى الدجى يرقب الاصباح تحسبه * ينظم النجم من فجر بأسلاك
80

قد حاز كل مزايا الفخر في كرم الاخلاق لم يبق من أزكى ولا زاكي
ود النسيم بأن يحكى خلائقه * فأصبح الفضل للمحكي لا الحاكي
سر الدقائق، مصداق الحقائق، مأمون البوائق عز الضارع الشاكي
من معشر قد زكت أعراقهم وذكت * أعرافهم، حذا الزاكي على الذاكي
ذكوا فهوما كما قد شاء عرفهم * يا طيب ذلك من ذاك على ذاكي
ذكوا فروعا نمت في المكرمات فلا * تعجب لفرع نما من اصله الزاكي
طوبى لها دوحة في الخلد منبتها * طوباك من دوحة في الخلد طوباك
الله طهرهم عما يدنسهم * من شوب شرك، ومن أثواب إشراك
وقبل: أوحى إلى آبائه كرما لولا علا كم لما فلكت أفلاكي
فضائل انتشرت رغما لكاتمها * هل فحبكم من لظى في الحشر فكاكي
بمجدهم وبهم أجو الفكاك غدا * فحبهم لفكاكي جد فكاك -
قد ارتضى لي لطفا بي إمامتهم * وما ارتضى لي هلاكا بين هلاك
إلى آخر القصيدة وهي طويلة، يستعرضها كل من كتب عن المعركة.
المعركة الثانية:
وتعرف ب‍ " معركة الخميس " وهي أشهر من الأولى وأعضاؤها: السيد بحر العلوم
وفريق من تلاميذه وهم: الشيخ جعفر كاشف الغطاء، الشيخ حسين نجف
السيد صادق الفحام، السيد أحمد العطار، الشيخ علي زين الدين، الشيخ محمد
رضا النحوي، الشيخ محمد علي الأعسم، الحاج محمد رضا الأزري، ملا
يوسف الأزري، السيد إبراهيم العطار، الشيخ محمد بن يوسف الجامعي
السيد أحمد القزويني، الشيخ مسلم بن عقيل الجصاني، السيد محمد زيني
البغدادي: -
81

يمر الجامعي محمد بن يوسف على دار الزيني - وكان غائبا ببغداد -
فتذكر مجلسه ومناظراته فارتجل أبيات بعثها إليه وهي:
بما بيننا من خالص الود لا نسلو * وغير أحاديث الصبابة لا نتلو
مررت على مغناك لا زال آهلا * فهاج غرامي والغرام بكم يحلو
وعيشك إني ما توهمت آنفا * بعادك عنى أو رباع الهوى تخلو
وما " جعفر " في وده الدهر صادق * وما " صادق " من لم يكن في الهوى يغلو
وفي البيت الأخير تعريض بالشيخ جعفر والسيد صادق، وهما اللذان
عرفا باخلاصهما للزين من قبل فاستثار ذلك الشيخ جعفر بأبيات بعثها
إلى الزيني وهي:
لساني أعيى في اعتذاري وما جرى * وإن نال حظا في الفصاحة أوفرا
ولكنني شفعت في مودتي * ومحضي للاخلاص سرا ومجهرا
فلو أنني أهديت مالي بأسره * وما الورى - طرا - لكنت مقصرا
فدع عنك شيخا يدعي صفو وده * فما كل من يرعى الاخلاء جعفرا
يريك " بأيام الخميس " مودة * وفي سائر الأيام ينسخ ما يرى
فلا تصحبن غيري فإنك قائل * بحق، وكل الصيد في جانب الفرا
فلو رمت من بعدي - وحاشاك - صاحبا * فإياك أن تعدو " الرضا " خيرة الورى
فتى شارع للصحب أوضح منهج * وجار مع المصحوب من حيث ما جرى
وان تهجر المجموع منتصرا لنا * لبست من الأثواب ما كان أفخرا
فأجابه " الجامعي " بقوله:
ألا من لخل لا يزال مشمرا * لجلب وداد الخلق سرا ومجهرا
أحاط بود الانس والجن فانثنى * بأعلى ثنا الاملاك ودا، وأبهرا
ونال من الرحمن أسنى مودة * فيا لك ودا ما أجل وأكبرا
يجاذبني ود الشريف ابن أحمد * سلالة زين الدين، نادرة الورى
82

وهيهات ان يحظى بصفو وداده * وان كان " بحرا " في العلوم " وجعفرا "
أمستجلبا ود الرجال بنطقه * أظنك ألهمت الطماعة أصغرا
تروم محالا في طلابك رتبة * بها خصني الباري واكرم من برا
فمهلا " أبا موسى " سيحكم لي " الرضا " * وتكسب بالالحاح انك لن ترى
ألا فاجتهد ما شئت في نقض خلتي * فمحكم ابرامي يريك المقصرا
فيا أيها المولى الخليط الذي بغى * سينصفني " المهدى " منك فتحصرا
فقم سيدي للحكم انك أهله * فديتك أنصفني فقد أحرج المرا
يشير الجامعي إلى استنجاده بسيدنا المترجم له ويأخذ بحيفه من
الشيخ جعفر.
فقال سيدنا " بحر العلوم " يلاطفهما:
أتاك كوحي الله أزهر أنورا * قضاء فتى باريه للحكم قد برى
فتى ليس يخشى من ملامة لائم * إذا ما رعى عرفا وأنكر منكرا
يظاهر مجنيا عليه إذا شكا * وينصره في الله نصرا مؤزرا
" محمد " يا ذا المجد لا تكترث ولا * يرو عن منك القلب شيخ تذمرا
فما هي إلا من نوادره التي * عرفن له مذ كان أصغر أكبرا
وانك أولى الناس كهلا ويافعا * بحبك نجل الطاهرين المطهرا
سمي وفي " صادق " الوعد والهوى * خصيص به مذ قسم الود في الورى
كفتك شهادات " الخميس " على الولا * ترد خميسا كلما كر أدبرا
وليس ببدع ذاك فالخلطاء كم * جرى بينهم من بينهم مثل ما جرى
وفي مثل هذا الخطب داود قد قضى * على صاحبيه إذ عليه تسورا
وما كان هذا بالذي يمترى به * فللنص حكم لا يدافع بالمرا
فخذ يا سمي الطهر " جعفر " صادقا * من القول حقا غير منفصم العرى
وانك أنت النفس مني وانما * تعاظمها ما كان عندي ليصغرا
83

ولست أخال الحق ثقلا على فتى * لنضرته مذ كان كان مشمرا
أقمنا على النفس الشهادات حسبما * أمرنا به في الذكر نصا مقررا
وان كان ما جئنا كبيرا فإننا * رأينا جهاد النفس في الله أكبرا
فانطلق الشيخ جعفر مميزا للحكم بقوله:
جرا الحكم من مولاي في حق رقه * ولست لما أمضاه مولاي منكرا
ولكنها في البين تعرض شبهة * يزيد دقيق الفكر فيه تحيرا
إذا كنت نفسا منك أدعى ومهجة * فكيف أراني الكيد أصغرا أكبرا
وكيف يدانيني الرجال بمفخر * وقد نلت من علياك ما كان أفخرا
فلست أرى في النفس عذرا موجها * سوى أن كسر النفس امرا تقررا
فدع - سيدي - ذا الحكم في مداعبا * بل احكم بمر الحق يا خيرة الورى
وانبرى " الجامعي " المحكوم له فأيد الحكم بقوله:
عذيري من شيخ ألم به المرا * فعاد إلى أن بات لا يألف الكرى
يخاصمني كل الخصام فأر تأي * واثبت بعد الرأي حجة ما أرى
يحاول نقض الحكم بعد نفوذه * وهل ينقض الحكم المسجل إن جرى
ويلهج: إن الحكم كان دعابة * ولكنه الجد المصمم أزهرا
أيحكم لي " المهدى " أعدل من قضى * فيثقل حكم الحق فيه ويكبرا
وحكم " الرضا " و (الصادق) القول قبله * صريح بنصري لو تأمل أو درى
فأيها - بغاة الحق - اني الحائر * لما قد دهى الانصاف من حادث عرا
وكأن الحكم قد استفز " الفحام " فانتصر للشيخ جعفر بقوله:
جرى ما جرى بين الخليلين وانتهى * وان كان معروفا لما كان منكرا
فاحفظ مولى لم يزل ذا حفيظة * لمخلصه عن ساعد الجد شمرا
فأغرى حكيما بانتصار فألبا * عليه من التأنيب واللوم عسكرا
كلام له ظهر وبطن ولم يكن * سوى محض ود بطن ما كان أظهرا
84

مداعبة الاخوان تدعى عبادة * لعمرك ما هذا الحديث بمفترى
فلا يستفز الشيخ برق غمامة * بدا خلبا في عارض ليس ممطرا
ولا يصرف المهدي عن عادل القضا * شقاشق ما كانت تجد لتهدرا
قضى، فتعاطى مذهب الشعر في القضا * فكان قضا عادلا قاطع المرا
ولو يتعاطى مذهب الشرع لم يكن * ليقضي أن الصبح لم يك مسفرا
ولما رأى سيدنا بحر العلوم تطور الخصومة أمر الشيخ (النحوي) أن
يقف وموقف الصلح فتحسم به الدعوى، فقال النحوي:
لعمري لقد ثارت إلا أفق السما * عجاجة حرب حولت نحوها الثرى
وجاءت بميدان الخصام فوارس * تماروا على أمر، وليس بهم مرا
وذلك أن الشيخ شيخ زمانه * عنيت به بحر المعارف جعفرا
(هو البحر من أي النواحي اتيته) * تجد منهلا في كل ناحية جرى
فرده ولا تعدل به ري غيره * ترد موردا لا تبتغي عنه مصدرا
تعمد من بغداد إنفاذ رقعة * تضمن معنى يخجل الروض مزهرا
بنظم حكى الدر النظيم مفصلا * بنثر حكى الروض الوسيم منورا
وأعرب عن دعوى وداد (محمد) * سلالة زين الدين نادرة الورى
ولاغرو في دعوى وداد هو المنى * فيا لك ودا ما أجل وأكبرا
ولكنه مذ قارب الجور وادعى * اختصاص هوى كل له قد تشطرا
فكان عظيما ما ادعى سيما على * ذوي وده من كل ذمر تذمرا
ولا سيما الشيخ الذي خلصت له * مودته مذ كان مذ كان أصغر أكبرا
فتى أشرقت في وجهه غرة الهدى * ومن نوره صبح الحقائق أسفرا
فقال: إلى كم ذا تحاول رتبة * بها خصني الباري وأكرم من برا
كبرت ولم تقنع بما يكتفى به * أظنك ألهمت الطماعة أصغرا
تجاذبني الود القديم وليس من * تقدم في ود كمن قد تأخرا
85

فقال: نعم، لكن قضت لي مودتي * ومضي للاخلاص سرا ومجهرا
واني أرعى منه للود خلة * (وما كل من يرعى الاخلاء جعفرا)
واني أمت اليوم في صدق قوله * بحقي (كل الصيد في جانب الفرا) -
- ولست كمن يرميه بالهجر حقبة * وما كان ذو ود بحال ليهجرا
(يزيد بأيام الخميس مودة * وفي سائر الأيام ينسخ ما أرى)
فطال نزاع منهما فتشاجرا * معا وأقلا من - نزاع - وأكثرا
ومذ سئما طول النزاع ترافعا * إلى (حكم) باريه للحكم قد برا
هو الحجة (المهدي) من نور حكمه * (أتاك كوحي الله أزهر أنورا)
فتى ينصف المظلوم في شد أزره * وينصره في الله نصرا مؤزرا
فتى عن أبيه (المرتضى) ورث القضا * فكان لما يخفى من الحق مظهرا
وآتاه رب العرش - مذ شب - حكمه * وعلمه فصل الخطاب وبصرا
فأضحى بنور الله ينظر، ما هفا * بحكم ولا في معضل قد تحيرا
فيا ليت شعري ما أقول، وكلما * أطلت أراني في علاه مقصرا
هنالك قصا ما عليه تنازعا * عليه، وبثا عنده كلما جرى
وكل غدا يدلي بحجته وما * ألاقي احتجاج منه جهدا وقصرا
واجلب كل خيله ورجاله * على خصمه والكل للكل شمرا
فلما رأى المهدي - والهدي ما رأى - * وابصر من ذي الحال ما كان أبصرا
درى ان ذالا عن خصام وكم وكم * لسر خفي مثل ذا قبل ذا درى
وأيقن ان الشيخ - زيد علاؤه - * أراد اختبار الشيخ فيما له انبرى
ليظهر ما أخفاه من صفو وده * وما كان ذاك الود يخفى فيظهرا
وأيقن أن ليست لذاك حقيقة * ولكن كلام، واللسان به جرى
وقال: هما خصمان في البغي أشبها * خصيمين للمحراب قبل تسورا
جرى حكمه وفقا لداود إذ جرى * وقدر كان داود قدرا
86

وما كان هدا الحكم الا مشاكلا * لدعواهما عند امرئ قد تبصرا
فلا الشيخ مقضي عليه حقيقة * ولا الشيخ مقضي له، لو تفكرا
كفى شاهدا في الصدق لي قول صادق * فتى قد سما في مجده شامخ الذرى
وأعلى له الرحمن فوق عباده * " لعمرك ما هذا الحديث بمفترى "
وحررتها طوعا لأمر أخي علا * لخدمته - مذ كنت - كنت محررا
وذي حلبة جلت جميع جيادها * ولكنني كنت السكيت المقصرا
وبعثت صورة المعركة إلى السيد محمد زيني ببغداد، فانطلق قائلا:
أتاني كتاب مستطاب بطيه * خطاب كنشر المسك فاح معطرا
خطاب سرى في كل قلب سروره * خطاب بما تهوى الأماني مبشرا
وذاك كتاب الشيخ جعفر الذي * لديه يود " البحر " لو كان جعفرا
فشاهدت " قسا " " باقلا " عند نطقه * وان نال حظا في الفصاحة أوفرا
يصرح تصريح الحمام بوده * فروض عافي منزل القلب ممطرا
وقد خصني بالود من دون غيره * وان كان هذا الود قد شمل الورى
وأنكر ود الشيخ أعني: محمدا * حميد السجايا أطيب الناس عنصرا
يزر على حسن السجايا قميصه * كما هو بالمجد ارتدى وتأزرا
وقال: بأن الشيخ لم يرع خلة * " وما كل من يرعى الاخلاء جعفرا "
ومن خص في (يوم الخميس) وداده * نراه بأن يعزى إلى الهجر أجدرا
وما لقديم الود عندي مزية * وكم من قديم ساده من تأخرا
وكم جريا في حلبة الشوق والهوى * واحرز كل غاية السبق إذ جرى
هناك استفز الشيخ، أعني: محمدا * فجلى - مجيبا - حين نظم جوهرا
دعا شوقه يا ناصر الشوق دعوة * فلباه ذو أمر من الله أمرا
مجيب الندا، مردي العدا، أيد القوى * قريب الندى، نائي المدى، سامق الذرى
هو السيد المهدي، بورك هاديا * بنور سناه يهتدي من تحيرا
87

فآزره بالحكم، بل كان عونه * وناصره في الله نصرا مؤزرا
بنظم بحبات القلوب مفصل * تخال نثير النجم منه تنثرا
جريت على النهج القويم مجاوبا * وقد سألوني عن حقيقة ما جرى
فقلت: أراني أن أزيد مسرة * واحمد رب العالمين وأشكرا
لي الفخر أنى قد عززت عليهما * وحسبي عزا في الأنام ومفخرا
ولكنما الاسلام دين محمد * وطاعته فيمن عن الله أخبرا
ولي مذهب ما زلت أبديه قائلا * " تجعفرت باسم الله فيمن تجعفرا "
اتخذتهما للعين نورا وللحشا * سرورا وللأيام درعا ومغفرا
فهذا حسامي حين أسطو على العدى * وهذا سناني إذ أقابل عسكرا
فكانا - وقد أصبحت أعزي إليهما - * هما سيدا مولى له قد تشطرا
فبعتهما صافي المودة خالصا * ومحضي للاخلاص سرا ومجهرا
فنلنا بسوق الشوق ربحا معجلا * فيا نعم ما بعنا ويا نعم من شرى
أدامهما الرحمن لي ولمعشري * وللناس طرا ما حديثهما جرى
وختمت المعركة
من شعره:
وكان - قدس سره - بالإضافة إلى مقامه العلمي الرفيع على جانب
كبير من الأدب والشعر، يحتكم عنده الشعراء فيحكم لهم بالشعر - كما
مر عليك في " معركة الخميس " ويقول الشعر في كثير من المناسبات الدينية،
وأغلب شعره في مدح ورثاء أهل البيت عليهم السلام واليك نموذجا منه:
قصيدة تناهز الثلاثمائة بيت يناقش فيها قصيدة مروان بن أبي حفصة -
شاعر الرشيد - حيث مدح الرشيد وضمنه الحديث المكذوب من غضب
88

النبي (ص) على أمير المؤمنين (ع) حين أراد أن يتزوج بنت أبي جهل
في حياة الزهراء عليها السلام ومن قصيدة مروان
سلام على جمل وهيهات من جمل * ويا حبذا جمل وان صرمت حبلى
إلى قوله:
علي أبوكم كان أفضل منكم * أباه ذو والشورى، وكانوا ذوي فضل
وساء رسول الله إذ ساء بنته * بخطبته بنت اللعين أبي جهل
فذم رسول الله صهر أبيكم * على منبر بالمنطق الصادع الفصل
وحكم فيها حاكمين، أبوكم * هما خلعاه خلع ذي لنعل للنعل
وقد باعها من بعده الحسن ابنه * فقد أبطلا دعواكم الرثة الحبل
وضيعتموها وهي في غير أهلها * وطالبتموها حين صارت إلى الأهل
فأجاب سيدنا المترجم:
ألا عد عن ذكرى بثينة أو جمل * فما ذكرها عندي يمر ولا يحلي
إلى قوله:
وقل للذي خاض الضلالة والعمى * ومن خبط العشواء في ظلمة الجهل
ومن باع بالأثمان جوهرة الهدى * كما باع بالخسران جوهرة العقل
هجوت أناسا في الكتاب مديحهم * وفي العقل بان الفضل منهم وفي النقل
ولفقت زورا كادت السبع تنطوي * له، والجبال الشم تهوي إلى السفل
علوا حسبا من أن يصابوا بوصمة * فيدفع عن أحسابهم أنا أو مثلي
ولكن أبت صبرا نفوس أبية * وأنف حمي لا يقر على الذل
فأصغ إلى قولي، وهل انا مسمع * غداة أنادي الهائمين مع الوعل
علي أبونا كان كالطهر جدنا * له ماله إلا النبوة من فضل
وذو الفضل محسود لذي الجهل والعمى * لذا حسد الهادي النبي أبو جهل
لئن كانت " الشورى " أبته وقبلها * " سقيفتهم " أصل المفاسد والختل
89

فقد أنكرت خير البرية " ندوة " * وضلت رجال الرحلتين عن السبل
أبوا حيدرا إذ لم يكونوا كمثله * وما الناس إلا مائلون إلى المثل
أبوه ويأبى الله إلا الذي أبوا * وهل بعد حكم الله حكم لذي عدل
إلى قوله:
وزوجه المختار بضعته وما * لها غيره في الناس من كفوء عدل
فأكرم بزوجين الإله ارتضاهما * جليلين، جلا عن شبيه وعن مثل
لذلك ما هم الوصي بخطبة * حياة البتول الطهر فاقدة المثل
بذا أخبر المختار، والصدق قوله * أبو حسن ذاك المصدق في النقل
فاضحي بريئا والرسول مبرء * " وقد أبطلا دعواكم الرثة الحبل "
بذلك فاعلم جهل قوم تحدثوا * " بخطبته بنت اللعين (أبي جهل)
نعم رغبت مخزوم فيه وحاولت * بذلك فضلا لو أجيبت إلى الفضل
فلما أبى الطهر الوصي ولم يجب * رمته بما رامت ومالت إلى العذل
وساعدها الرجسان فيه وحاولا * إثارة بغضاء من الحقد في الأهل...
إلى قوله:
وما ضر مجد المرتضى ظلمهم له * ولا " فلتة " منهم و " شورى " ذوي خذل
ولا ضره جهل " ابن قيس " وقد هوى * وولاه عمرو العاص في المدحض الزل
وقد بان عجز الأشعري وغره * وما كان بالمرضي والحكم العدل
نهاهم عن التحكيم والحكم بالهوى * فلم ينتهوا حتى رأوا سبة الجهل
إلى قوله:
وما شان شأن المجتبى سبط أحمد * مصالحة الباغي القوي على دخل
فقد صالح المختار من صالح ابنه * وصد عن البيت الحرام إلى الحل
والقصيدة تناهز الثلاثمائة بيت يستوعب فيها عامة فضائل علي عليه
السلام وفظائع أعدائهم.... توجد في ديوانه المخطوط لدينا.
90

وله في الحجة القائم (ع)
قالوا: سمعنا بالذي قلتم فلم * لم يستبن حتى يراه الناظر
قلنا لهم: سر الإله ونوره * جمعا به فهو الخفي الظاهر
وله مشطرا بيتي الشافعي:
" يا أهل بيت رسول الله حبكم " * حب الرسول ومن بالحق أرسله
أجر الرسالة عند الله ودكم * " فرض من الله في القرآن أنزله "
" كفاكم من عظيم القدر انكم " * قد أكمل الدين فيكم يوم أكمله
وانكم بشهادات الصلاة لكم * " من لم يصل عليكم لا صلاة له "
وله في تخميس بيتي أبي الحسن التهامي:
تطوف ملوك الأرض حوله جنابه * وتسعى لكي تحظى بلثم ترابه
فكان كبيت الله بيت علا به * تزاحم تيجان الملوك ببابه
ويكثر عند الاستلام ازدحامها
اتته ملوك الأرض طوعا وأملت * مليكا سحاب الأرض منه تهللت
ومهما دنت زادت خضوعا به علت * إذا ما رأته من يعيد ترجلت
وان هي لم تفعل ترجل هامها
وله مشطرا لهما:
تزاحم تيجان الملوك ببابه " * ليبلغ من قرب إليه سلامها
ويستلم الأركان عند طوافها * " ويكثر عند الاستلام ازدحامها "
" إذا ما رأته من بعيد ترجلت " * ليعلو فوق الفرقدين مقامها
فان فعلت هاما على هامها علت * " وان هي لم تفعل ترجل هامها "
وله مجاريا ورادا على كثير عزة:
شجاني منهم ربع خلاء * تعفته السوافي فالسماء
91

إلى قوله: ولاح قد لحا فيهم بجهل * فقلت: أبرح، فقد برح الخفاء
" ألا إن لائمة من قريش " * ثمانية وأربعة سواء
كما الأسباط والنقباء نصا * من المختار ليس به خفاء
إلى قوله:
بهم فتح المهيمن كل حق * يختم حين ينكشف الغطاء
يكاشف كل كرب إذ ينادى * ويأتيه من الله النداء
فيدعى بالعزيمة: قم بأمري * وعجل فيه إذ عظم البلاء
فيظهر، والإله له ظهير * (يقود الجيش يقدمه اللواء)
مؤلفاته:
كان سيدنا المترجم - قدس سره - على عظمته في العلم والتحقيق
- قليل التأليف لعدة أمور: لانشغاله بالتدريس والزعامة الدينية، ولكثرة
أسفاره في سبيل أداء رسالته الإسلامية، وواجبات الشرع الحنيف ولشدة
احتياطه ودقة مسلكه وتثبته في مباحث النظر والاجتهاد، ولأنه كان يهدف
إلى الابتكار في التصنيف والإبداع فيه.
وبالرغم من هذا وذاك، فقد احتفظ التأريخ العلمي له بيسير من
المؤلفات المختلفة المواضيع هي:
1 - كتاب المصابيح، في العبادات والمعاملات من الفقه، وهو
سفر جليل قيم، وقد أكثر النقل عنه كبار الفقهاء والمحققين منذ عصره
حتى اليوم. توجد نسخة منه في (مكتبة العلمين العامة) في النجف
الأشرف، ولدى آله الكرام أيضا، وسوف يبرز إلى أفق الطبع - بعدة
أجزاء - ان شاء الله تعالى - بعد أن يكمل تحقيقه والتعليق عليه من قبل
92

لجنة التحقيق في (المكتبة).
2 - الدرة النجفية، منظومة في بابي الطهارة، والصلاة من الفقه يتجاوز عدد
أبياتها الألفين، وقد أكمل بعض مواضيع الصلاة منها - نظما - المغفور له حجة
الاسلام السيد محمد باقر الحجة الطباطبائي آل صاحب الرياض طبعت عدة
مرات، وشرحت من قبل كثيرين شروحا عديدة نظما ونثرا منها المواهب
السنية للميرزا محمود الطباطبائي البروجردي (المطبوع) بعضه ولها تكملات
وقد أطبق العلماء والأدباء على أنها لا يوجد لها نظير فيما قبل، فلا غرو
أن يقال فيها إنها معجزة علمية وآية بينة، أعيت عن معارضتها الأقلام
وعنت دونها الوجوه خاضعة، وقد أكثر شيخ الفقهاء وعلامة المجتهدين
في كتابه (الجواهر) من الاستشهاد بأبياتها، وكذا غيره من أساطين الفن
وكان الشروع في نظمها سنة 1205 أي قبل وفاته بسبع سنين كما أرخه
هو - رحمه الله - في أولها بقوله:
غراء قد وسمتها بالدرة * تاريخها عام الشروع (غرة)
ولقد تهافت عليها الباحثون فحفظوها عن ظهر الصدور وكتبوا لها
الحواشي والشروح الكثيرة لا يسع استقصاءها المقام فهي كما قال فيها تلميذه
الحجة الشيخ محمد علي الأعسم رحمه الله:
درة علم هي ما بين الدرر * فاتحة الكتاب ما بين السور
ولقد أخذت - ولا تزال - دورا هاما في الأوساط العلمية في النجف
وإيران، بحيث أخذ العلماء يتداولونها بالحفظ والتدريس، حتى اليوم
وسوف يعاد طبعها - مع تكملتها من قبل الحجة السيد محمد باقر الطباطبائي -
باخراج وتحقيق لجنة التحقيق في (مكتبة العلمين) ان شاء الله
3 - مشكاة الهداية، هي منثور (الدرة) لم يبرز منها إلا كتاب
الطهارة. وقد شرحها تلميذه الأكبر الحجة الشيخ جعفر - صاحب كشف
93

الغطاء - بأمر من السيد نفسه.
4 - تحفة الكرام في تاريخ مكة والبيت الحرام. وتوجد نسخة
منها في مكتبة كاشف الغطاء.
5 - رسالة في العصير العنبي، مدرجة في كتابه (المصابيح).
6 - شرح باب الحقيقة والمجاز من كتاب الوافية للفاضل التوني
7 - شرح جملة من أحاديث (تهذيب الشيح الطوسي).
8 - الفوائد الأصولية، مطبوعة جمعها ولده الرضا بعد وفاته.
9 - رسالة في تحريم العصير الزبيبي.
10 - رسالة في مناسك الحج والعمرة.
11 - رسالة في حكم قاصد الأربعة في السفر، أوردها بتمامها تلميذه
الجليل الحجة العاملي في كتابه " مفتاح الكرامة ".
12 - حاشية وشرح على طهارة " شرائع المحقق الحلي "
13 - رسالة في قواعد أحكام الشكوك.
14 - حاشية على ذخيرة الحجة السبزواري.
15 - رسالة في تحقيق معنى (أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم)
16 - رسالة في انفعال ماء القليل.
17 - رسالة في الفرق والملل.
18 - رسالة في الأطعمة والأشربة.
19 - رسالة في تحريم الفرار من الطاعون.
20 - الدرة البهية في نظم بعض المسائل الأصولية.
21 - رسالة في مناظرته لليهود، وهي التي أدرجناها - آنفا -
22 - ديوان شعر كبير، يناهز الألف بيت، أغلبه في مدح ورثاء أهل البيت (ع)
23 - الفوائد الرجالية - وهو هذا الكتاب الذي نحن بين يديه -
94

يحتوي على كثير من الفوائد والتحقيقات الرجالية القيمة، وعلى تراجم
عدد كبير من رجال الحديث والرواية من أصحاب النبي والأئمة عليهم
الصلاة والسلام، وقد بلغ من الشهرة - وهو مخطوط - إلى درجة كبيرة
قل أن يبلغها أي كتاب مطبوع غيره - فلقد تناقله رجال الحديث كافة
منذ عصر مؤلفه، حتى اليوم. وسيتم في ثلاث مجلدات ضخام بتحقيق
قيم وإخراج جميل.
هذا ما وصلنا إليه - بعد الجهد - من معرفة مؤلفاته ورسائله، ولقد
وقفنا على كثير منها في مكتبات آله الكرام، ولا تزال مخطوطة نسأل
الله تعالى أن يخرجها إلى أفق الطبع، ليعم الانتفاع بها.
وأما تقريرات تلاميذه، فهي كثيرة، منها - تقريرات تلميذه
الجليل الحجة صاحب مفتاح الكرامة، في الفقه ومنها - تقريرات تلميذه
الآخر المحقق الآغا محمد علي النجفي ابن الآغا محمد باقر الهزارجريبي، قدس
الله أسرارهم.
وهناك بعض الرسائل الصغار، ربما نسبت إلى السيد قدس سره
منها رسالة السير والسلوك الفارسية، ولكن لا يعضدها التأريخ، ولا يوافقها
طريقة السيد رحمه الله وسلوكه الطافح على سائر مؤلفاته وكتاباته - كما
يشهد بذلك - كل من واكب قلمه الشريف في عامة مؤلفاته، والله اعلم.
مآثره وآثاره:
كان - رحمه الله - بالإضافة إلى مرجعيته العلمية والدينية الكبرى
وكثرة مشاغله الاجتماعية - دائب التفكير والعمل والانجازات من حيث
المشاريع الخيرية، والصدقات الجارية. نشير إلى يسير من ذلك كما يلي:
1 - تعيين وتثبيت مشاعر الحج ومواقيت الإحرام على الوجهة
95

الشرعية الصحيحة، وكانت قبل ذلك مغفلة مهملة، فبقي - قدس سره -
قرابة الثلاث سنوات في مكة في هذا السبيل. ولا يزال عمل الشيعة - اليوم -
على نموذج تعيينه للمشاعر والمواقيت.
2 - تصديه واهتمامه في طم أرض " مسجد الكوفة " بالتراب
الطاهر - لتسهيل تطهيره - وكانت أرضه مساوية في العمق لأرض " لسفينة "
اليوم وبناء سور المسجد، وتركيز وبناء مقاماته - على أسس قديمة -
ووضع الشاخص للزوال " الرخامة " المنصوبة في مقام النبي (ص) وبناء
حجرات في المسجد لإيواء المعتكفين - على ما هي اليوم - وغير ذلك من
تعميرات في عامة نواحي المسجد، وحواليه.
3 - تعيين وتشييد " مقام الحجة المهدي (ع) في مسجد السهلة، وبناء
قبة من الكاشي الأزرق عليه - كما هو اليوم - وكان بين مكان المقام
الذي عينه السيد رحمه الله وبين مكانه السابق أكثر من عشرة أمتار
فنقض ذلك، وأشاد هذا بعد قصة تشرفه بالمقام السامي ورؤيته للحجة
الغائب (ع) - كما ينقله عامة من كتب عنه، برواية الميرزا القمي صاحب
القوانين رحمه الله. 4 - تعيين قبر المختار بن أبي عبيدة الثقفي رحمه الله - المعروف اليوم -
من حيث قبر مسلم بن عقيل سلام الله عليه، ولم يكن قبل ذلك معروف.
5 - تعيين وتشييد مرقدي: هود، وصالح (ع) في وادي السلام
في النجف الأشرف وكان مكان قبرهما - قبل ذلك - يبعد عن مكانهما
بتعيينه - كما هو اليوم - بعشرات الأمتار، فأمر - قدس سره - بنقض
الأول، وبناء غيره في مكان آخر
6 - تعيين وإشادة " مقام المهدي (ع) " في وادي السلام، كما
هو المعروف الآن.
96

7 - بناء " مئذنة " الصحن العلوي الشريف الجنوبية وتعمير جدران
الصحن وغرفه، وذلك أنه حينما رأى - قدس سره - تضعضع تلك المواضع
كتب إلى السلطان فتح علي شاه القاجاري في إيران ان يرسل أموالا طائلة
بتصرف في ذلك، فامتثل السلطان أمر السيد، وأرسل فورا ما يكفي لذلك
المشروع بتمامه.
8 - تجديد بناء جامع الشيخ الطوسي - قدس سره - وإضافة المساحة
- خارج الحرم الآن - وتعيين مرافق ضرورية للمجامع، كما أشير ذلك
في مقدمة كتاب " تلخيص الشافي " للشيخ الطوسي، المطبوع - في أربعة
اجزاء - بتقديم وتحقيق سماحة العلامة الجليل السيد حسين نجل آية الله
الورع (التقي) من آل بحر العلوم، أيده الله لتحقيق مشاريعه الإسلامية النافعة
هذا يسير من كثير من إنجازات ومشاريع سيدنا (بحر العلوم) فلقد
ترك لنا بهذا وشبهه من آثاره الحية ما يستحق أن يخلده الزمن على مدى
التاريخ والأجيال: -
لك آثارنا تدل علينا * فاسألوا بعدنا عن الآثار
من ثناء الأدب والشعر:
ومن مظاهر عظمة سيدنا المترجم - له أعلى الله مقامه -: انثيال الأدباء
والشعراء وتبركهم بمدحه والثناء عليه اعترافا بماله من مقام رفيع، ومكانة
سامية، واليك يسيرا من كثير لا يسعه المقام:
قال الشيخ مسلم بن عقيل الجصاني المتوفى سنة 1230 - على طريقة
البند: " بدا لي أنني أعرض ما يفرض، من خير دعاء حسن حسن
الرضا، ناداه من شوق إليه، والاجابات دعته، وغدت تحمله ريح قبول
بيد الاقبال، إذ أقبل، تحدوه نسيمات الهوى ولمشوق شوقا، وثناء يتثنى
97

عطفه عطفا، تثني غصن البان بوادي الأيك، من رامة والأبرق والجزع
وسلع، بتحيات حسان وقرنا خير قران، كقران الشمس بالسعد، فزيدت
شرفا، حينئذ بين يدي مولاي، بل مولى الوري خير فتي يهدى إليه
المدح هذا القائم الهادي، بأنوار سنا غرته الحاضر والبادي، ومن ضاء
جبينا، ضوء مصباح بمشكاة، وقد ضاع شذى كالند والمسك به النادي
وهذان دعائي وثنائي، وتحياتي التي تحي بها موتي الصبابات، الأولى أيدي
الجوى والوجد والحب، وأصابتهم بأسهام غرام، فقضوا نحبهم أو كربوا
لما رموا بالكرب من بعد الأحيباب، ومن بعد الأصيحاب، أنا الصب
الكئيب المغرم المضني الفؤاد، الدنف القلب المشوق لواله المعاني الذي ما بلغ
البغية من أحبابه وصلا، ولم يدرك مني " لا، بل أنا العبد الأقل الخاطئ
الجاني الذي آلمه لما ألم الشوق والوجد به، طول الجفا والصد والهجران
. أهديها إلى خدمته العليا التي شرفت بها، واكتسبوا منها البها
أعني به سيدنا الزاكي النجار، الماجد الحاوي الفخار، السند الحامي الذمار
الطيب الأعراق عالي النسب الشهم، الكريم الحسب القرم، الرفيع التب
الندب الكثير الأدب، المصقع قس الفهم، قاموس لغات العرب السبر
الذي ما قيس قس الرأي في العقل له الحبر، الكيس الفطن، العلامة البحر
بعيد القعر، لا يقذف غير الدر، من فاق على البدر سناء وسنى، زين الصفات
الطيب الذات، الذي يفعل فعلا حسنا مجتهد العصر، عزيز المصر والواحد
في الدهر، سمى القدر، والسؤدد والفخر، ابن طه المصطفى الطهر
الزكي الأصل والنجر، الذكي، الألمعي اللوذعي، الندس الحاذق غيث
الكرم المندي، ولي النعم المجدي، ومن جود يديه وأياديه الولي، المغدق
الهامر والهامي، عظيم الشأن ذو القدر الرفيع الشامخ السامي جميل الخلق
هدي الخلق، طود الحلم بحر العلم، وهو العلم (المهدي) عماد المسلمين
98

الثقة البر الأمين، ابن الميامين، الخبير الحاكم الشرع، فتى قد أحكم
الحكمة والأحكام، من رتبته نيط بها العرش، وكيل القائم (المهدي)، في
الناس أخو الفضل، حميد الفعل ذو الاحسان والعدل، الهلال، قمر أشرق
في أوج العلى بدر كمال، قطب عز وجلال، بحر جود ونوال، محرز
في حلبات الفجر، في يوم رهان قصبات السبق، لا يدرك شأوا، حائز
حسن الثنا، رب المعالي، وارث العلم الإلهي، من المختار طه، جده أحمد
ممدوح السجايا، وهو المحمود ما بين البرايا، ذو الجناب الأقدس الأشرف
من قد خلق المجد به، ذو الورع الصالح، أهل الكرم الماتح، رب النسك
والتقوى، خليل الجود والجدوى، حليف الرشد والزهد، سحاب الطول
والرفد، ومن أضحى وأمسى لحجيج الأمل الطلاب، حاجاتهم كعبة
قصد ومنى، سلمه الله تعالى وكفاه، وأطال الله للناس بقاه ووقاه
علينا من لطفا بلقاه، وبرشف اليد ذات اليد منه شرفا رب السماوات
حبانا وكسانا بوصال اليد البادي السنا ثوبي سرور وهنا "
ومن الشعر غدق كثير لا يسع المقام استعراض جميعه فنقتطف منه ما تيسر.
من ذلك أبيات لتلميذه الأكبر آية الله الشيخ جعفر الكبير (قدس سره)
على ما ذكره صاحب الواهب السنية وغيرها من المجاميع المخطوطة قال:
لساني عن إحصاء فضلك قاصر * وفكري عن إدراك كنهك حاسر
جمعت من الأخلاق كل فضيلة * فلا فضل إلا عن جنابك صادر
يكلفني صحبي نشيد مديحكم * لزعمهم اني على ذاك قادر
فقلت لهم هيهات لست بقائل * لشمس الضحى: يا شمس نورك ظاهر
وما كنت للبدر المنير بناعت * له ابدا بالنور والليل عاكر
ولا للسما: بشراك أنت رفيعة * ولا للنجوم الزهر: أنت زواهر
99

وله أيضا: إليك إذا وجهت مدحي وجدته * معيبا وان كان السليم من العيب
إذ المدح لا يحلو إذا كان صادقا * ومدحك حاشاه من الكذب والريب
وله في برئه من مرض الم به مؤرخا:
الحمد لله على عافية * كافية الخلقة كافيتك
قد ذاب قلب الوجد من تاريخها * شفاء داء الناس في عافيتك
وللحجة السيد محمد جواد العاملي - تلميذه - صاحب مفتاح الكرامة
يلتمس منه ملاحظة كتابه مفتاح الكرامة.
إليك زمام الخلق يا خير مرشد * وأنت نظام الكون في كل مشهد
وأنت امين الله قمت بأمره * على الدين والدنيا بأمر محمد
وحجته العصماء من كل وصمة * وآيته الكبرى على اليوم والغد
وانك جنب الله خازن علمه * وأنك وجه الله في كل مقصد
تعاليت عن كل الأنام ولا أرى * إلى كل سر ثاقب الذهن يهتدي
وتباين فيك الناس إذ بنت عنهم * فاضحوا وهم ما بين غاو ومهتدى
وبين أناس حائرين وانني * لعاذرهم في ذاك غير مفند
ففي كل سر من علاك وظاهر * دليل لكل نحو مبدأه يهتدي
لك المعجزات البينات أقلها * يقيم على ساق الهدى كل مقعد
ألست الذي أصمى اليهود بمعجز * فخروا عناء للجران ولليد
وأضحوا جميعا مسلمين وإنهم * جهابذ، فيهم كل حبر مسود
يضيقون عن عد، وتلك بيوتهم * بجنح الدجى معمورة بالتجهد
وقاضي قضاة القوم أرشدت امره * وقد كان صعبا لا يلين لمرشد
وقومت زيغ " التركمان " وكم لكم * بمكة آيات بكل موحد
وطائفة نهج الطريقة قد عدت * وآزرها في غيها كل معتدى
100

فحين رأت ما يقطع العذر منكم * تجلى عماها بعد طول تردد
وكم فرقه ضلت فروع أصولها * رددتم إلا إلى الأصيل والموصد
وللجن والأملاك شأن لديكم * فسل مسجدا في الأرض كوفان ترشد
وقد حل ما قد حل فيه نكاية * بقائد جيش السوء من خاتم اليد
وكم فيك سر لا أبوح بذكره * مخافة خب طائش اللب سمهد
وفي درسك الميمون أعدل شاهد * على سرك الخزون في كل مشهد
تدير كؤوس العلم من كل غامض * على كل حبر بالفضائل مرتدي
وعلامة ندب، إماما زمانه * ومجتهد في كل فن مصمد
هم القوم كل القوم الا لديكم * فإنهم ما بين بكم ولمد
فيا جبلا من قدرة الله باذخا * وبحر ندى نادى الوجود به ندى
مدحتك لا أني رجوتك للغنى * وان غاض وفري من طريف ومتلد
ولكني عاينت فيك شمائلا * عرفت بها عرف النبي محمد
وقد صنف المومى كتابا بيمنكم يفوق جميع الكتب في كل مقصد
وكم قمت للارشاد بالباب راجيا * صلاح كتابي: والكتابة في يدي
فان تلحظوه زاد نبلا ورفعة * وبالغيث يغدو ممرعا كل فدفد
ولا زالت الأيام يا بن بهائها * تروح عليكم بالسرور وتغتدي
وللسيد جواد العاملي أيضا في مدحه بمناسبة تشرفه بزيارة الإمام موسى
بن جعفر عليه السلام قصد الاستشفاء من مرض ألم به.
عليك سلام الله موسى بن جعفر * سلام محب يرتجي أحسن الرد
ويرجوك محتاجا لأعظم حاجة * هي النعمة الكبرى على الحر والعبد
فهذا امام العصر بعد إمامه * إمام الورى طرا سليلكم المهدي
أتاكم على بعد الديار يزوركم * يجوب فيافي البيد وخدا على وخد
إلى قوله:
فيا لك جسما صح في الله قلبه * فعاد مريضا واهن العظم والجلد
101

ففي القلب أشواق تقود إليكم * وفي الجسم أدواء تصد عن القصد
وقد قاده الشوق الملح إليكم * فحنوا عليه بالشفاء وبالرفد
وما الرفد كل الرفد إلا لمثله * وللرفد أسباب تضيق عن العد
وقد جمعت فيه جميعا بفضلكم * فكان بحمد الله واسطة العقد
وله أيضا في مدحه وقد أرسلها له إلى كربلا ومطلعها:
غرام وما تخفى الجوانح لا يخفى * وكيف وقد أودى به الوجد أو أشفى
إلى قوله:
ولكنه لله في الدهر سنة * ففي كل قرن مد من فضله لطفا
إمام هدى يهدي إلى الحق أهله * وينفي انتحالا كان لولاه لا ينفى
وناجم هذا العصر مشكاة نوره * أجل الورى عرفا وأطيبهم عرفا
هو السيد المهدي من طاب محتدا * ونفسا على مرضاة بارئه وقفا
فلله ما افنى، ولله ما اقتنى * ولله ما أبدى، ولله ما اخفى
وكل امرئ في الناس يسعى لنفسه * ويبسط في غفاتها الزند والكفا
وقد جل عن هذا، وجلت صفاته * وقد جاوز الإغراق واستغرق الوصفا
ولست بمحصي النزر من ذر فضله * ولو كنت أملى من فضائله صحفا
وللشيخ إبراهيم العاملي: الطيبي المولود سنة 1154 والمتوفى سنة 1214)
وقد أرسلها إليه من الشام:
سقى حيكم يا جيرة العلم الفرد * ملث الحيا من غير برق ولا رعد
ولا زالت الأرواح تهدي إليكم * حديثا عن القيصوم والشيخ والرند
تحية مشتاق يحن إلى اللقا * ولا عجب ان حن صاد إلى الورد
ويسألكم رد التحية فاعطفوا * على سائل ما زال يقنع بالرد
وبين ضلوعي غلة لا يبلها * سوى وصلكم بعد القطيعة والصد
ولست ترى أشفى لداء بنى الهوى * من القرب يأتي بعد لي من البعد
102

ولاح لحاني في هواكم، وربما * يكون خطاء المخطئين على عمد
يفندني في حبكم، ومدامعي * تخبره أن الملامة لا تجدي
وينقض عهدي أو أرى نقض عهدكم * على رسله، إني مقيم على العهد
وأيسر خطب في الهوى عذل عاذل * ولابد دون الورد من حسك الورد
إذا كنت تهوى الشهد فاصبر على الأذى * من النحل أو فاغسل يديك من الشهد
ولولا الهوى ما لان عودي لغامز * وكيف يكون اللين في الحجر الصلد
ولكنه غي عرفت به الهوى * ولا شك أن الضد يعرف بالضد
وكيف التصابي بعد ما قوض الصبا * ونادى المنادي بالرحيل وبالوخد
وصوح نبت العارضين كليهما * وهل بعد تصويح الزروع سوى الحصد
وكم لفؤادي من دم قد أضاعه * نزوع إلى هند، وميل إلى دعد
ولي كبد مقروحة لو رفعتها * إلى حاكم سل الحسام على هند
وأعجب شئ أن يميل أخو النهى * وان عصفت ريح الضلال عن الرشد
وكيف يضل المرء في الزمن الذي * أطل عليه وجه سيدنا (المهدي)
سليل الامام المجتبى وابن فاطم * وأفضل من يختال في حلل المجد
هو السيد الندب الذي لو رأيته * رأيت كريم النفس والأب والجد
هو العالم الحبر الذي شاع فضله * وسار مسير الشمس في الغور والنجد
هو العلم الفرد الذي أوضح الهدى * وكان الهدى أخفى من الجوهر الفرد
فتى طبق الدنيا علوما ونائلا * فما زال يهدي طالب الخير أو يسدي
وأعلى منار الدين شرقا ومغربا * فللجبل العالي نصيب وللوهد
فصرح بالإيمان من كان صامتا * من الخوف حتى لا يعيد ولا يبدي
واخفى غوي غيه في فؤاده * فلا برح الإلحاد في ذلك اللحد
بعيد مناط الفخر يلتف برده * على بضعة من جده صاحب السؤد
تقي رأى الباري عظيما فخصه * بتعظيمه لا للوعيد ولا الوعد
103

يصد عن الدنيا عفافا وإنها * لو اختارها أدنى ما الكف للزند
تنكبها وهي الودود ولم يكن * كمن زهدت فيه فمال إلى الزهد
فصيح يبذ القائلين إذا جروا * إلى غاية جري المسومة الجرد
بلفظ كمنثور الجمان وراءه * معان كما ارفض الشرار من الزند
وقد نسج الناس الدروع وأتقنوا * ولكن لداود الفضيلة في السرد
حليم إذا أحرجته طاب قوله * كما طاب عرف المندلي على الوقد
وأبلج فياض اليدين بنانه * إذا أكدت السحب المواطر لا يكدي
ترى الجود يجري في أسارير وجهه * كأن عليه رونق الصارم الهندي
إذا قابل المحتاج نور جبينه * ولو أنه في الطيف أيقن بالرفد
حوى الفضل - كل الفضل - كهلا ويافعا * فكان أحق الناس بالشكر والحمد
لقد ناب في الدنيا مناب سميه * وأبلى بلاء السيف والسيف في الغمد
وساس أمور العالمين بعلمه * فما لسواه منصب الحل والعقد
تخير خير الأرض دارا لمجده * فكان كبدر التم في دارة السعد
والقى عصاه في الغري مجاورا * أباه " الامام المرتضى " غاية القصد
وطاب له المثوى فليس براحل * فكيف رحيل المرء من جنة الخلد
فيا بن الإمام المجتبي، هاك غادة * لها مبسم يفتر عن شنب الود
تلهبت الأشواق فيها فأبرزت * يد النار مكنون الأريج من الند
هي الشمس: أما نورها فهو منكم * عطاء، وأما حرها فهو من وجدي
تقر بها عين الولي، وربما * أضرت - وقاك الله - بالأعين الرمد
قضيت بها حقا لكم لا يضيعه * كريم، وللمولى حقوق على العبد ب‍
ولا أبتغى - والله - إلا رضاكم * وما لخطير المال في خطر عندي
ولكنني أرجو من الله حاجة * تجول بها خيل الدموع على خدي
ولا غرو إن أو ليتني دعوة بها * جدي جدكم سبط الجميل إلى الجعدي
104

فلله عقد من عباد أعزة * وأنت - بحمد الله - واسطة العقد
ولا مثل خطب قد حماني من الحمى * وأنزلني بين الأساود والأسد
فأصبحت فردا في الشآم وليس لي * بها مفزع إلا إلى الواحد الفرد
أدير كؤوس الود بين معاشر * أحق بهجر من " سواع ومن ود "
وأسهر تقريض قوم غنيهم * عن الفضل والحسان أنوم من فهد
وأعظم ما يبلى به الحر قربه * من الضد مع بعد المزار من الند
خلا أنني فيها وجدت عصابة * مآثرهم عندي تزيد عن العد
تلظى علي الدهر، فاخترت قربهم * فأصبحت من هم في سلام وفي برد
ولا زلت يا بدر العلوم وبحرها * عليها مديد النور، متصل المد
تروح وتغدو في رياض من العلى * يعيش الورى في ظل أغصانها الملد
وللشيخ محمد رضا النحوي في رجوع السيد من بيت الله الحرام
إلى النجف -: سنة 1195
أعيد من الحمد المضاعف ما أبدي * وأهدي إلى المهدى من ذاك ما أهدي
وليس الهدايا قدر ما أهديت له * ولكنها تأتي على قدر المهدي
ولو أنني أهديت ما ينبغي له * لسقت له ما في المثاني من الحمد
على أن ذا في ذاك تحصيل حاصل * ولكن ذا جهدي وغاية ما عندي
بدا للهدى بدرا يجلي دجى العمى * وحسبك بدرا من ظلام العمى يهدي
له نسب في آل أحمد معرق * كمنظوم عقد الدر ناهيك من عقد
هم القوم ماز الله فيهم عباده * فبين هدى منج، وبين هوى مردى
هم القوم لطف الله يرجى بلطفهم * وليس ينال الرشد الامن الرشد
أساريره تبدو سرائر قدسهم * عليها وللآباء سر على الولد
تأخر عنهم لا لنقض يرده * عن السبق، حاشاه من النقض والرد
ولكن أتى من بعد أن قد تكاملوا * عديدا وكم في ذاك من شرف عد
105

لكي لا يجوز الناس عن قصدهم به * غلوا به، والله يدعو إلى القصد
وكي لا يقولوا - وهو أهل لقولهم - * بعصمته، لولا مجاوزة الحد
على أنه لم يجتمع - قط - نائب * لنا ومنوب عنه من سالف العهد
وكم فيه سر للإله محجب * أبى الله أن يبدو، فمن ذاله يبدي
به الغيبة الكبرى تجلى ظلامها * وأشرق في آفاقها قمر السعد
وأعشب واديها ورفت رياضها * وأو راقها عادت لأغصانها الملد
وسار على اسم الله سيرة " صاحب الزمان " يبسط العدل والهدي والرشد
ولولا سمات عندنا قد تميزت * بمعرفة المهدي، قلنا: هو المهدي
عطاء بلا من، خلوص بلا ريا * سحاب بلا رعد سخاء بلا وعد
حقائق يخفيها فتبدو وحسبها * ظهورا لها: أن الإله لها مبدى
سما الزهد أعلى رتبة لانتسابه * إليه فما في الزهد - إذ ذاك - من زهد
ولولا علوم بثها لاغتدى الورى * بحالك ليل من دجى الجهل مسود
أضاق فسيح القول غامض كنهه * فماذا عسى يبدى المقال بما يبدى
وكيف يحيط الواصفون بوصف من * له سؤدد عد يجل عن العد
وقالوا: غلا في المدح فيه وعنفوا * ولاموا لو أن اللوم في مثله يجدي
ولو أنصفوني فيه قالوا مقصر * ولا قصر في باعي، ولكن ذا جهدي
ولو أن لي في كل عضو لمدحه * لسانا يبث الحمد قل له حمدي
تعالى به جدي وطالت به يدي * وقام به حظي ودام به سعدي
فشكرا لدهر قد سخا لي به فكم * به من يد للدهر ظاهرة عندي
فمن مبلغ الأحياء عنى أنني * بلغت به سؤلي، ونلت به قصدي
واني قد سيرت فيه شواردا * تجاوزن من قبلي وأتعبن من بعدي
على أنني لم اقض معشار حقه * فيا ليت شعري ما اعتذاري إلى المجد
سعى ليحج البيت، والحج بيته * فكم عاكف باد معيد الثنا مبدى
106

فلو كان يدرى البيت من كان أمه * إذا أمه شوقا ولم يأل من جهد
عساه إذا وافاه مستقبلا له * يزيد له بالابن ما كان بالجد
وكر من الركن اليماني راجعا * إلى جده أكرم بأحمد من جد
وقد بان في أرض الغري ظهوره * لذلك قد أرخته " ظهر المهدي "
وللنحوي أيضا في برئه من مرض ألم به: سنة 1298
يا أيها المولى الذي * ورد الشرائع صافيه
يا من بنشر علومه * أحيى رسوما عافيه
وأبان كل خفية * لولاه كانت خافيه
وقفا النبي وحق أن * يمسى ويصبح قافيه
لله كم من نعمة * لله عندك وافيه
بورود عافية أتت * لك من إلهك شافيه
وافتك، بل كانت * لكل العالمين موافيه
كفي الأنام جميعهم * بكفاية لك كافيه
نبسوا - وقد ألبستها - * حلل المسرة ضافيه
فهناك قد أرختها * ألبست ثوب العافية
وله في شفائه من مرض ألم به أيضا:
لقد مرض الناس لما مرضت، وما ذاك بدعا نراه جليلا
حللت من العالمين القلوب، فلا شخص الا وأمسى عليلا
وللشيخ محمد علي الأعسم المتوفى سنة 1233 مجاريا النحوي في
قصيدته بمدحه:
أعد ذكر من أهواه ان كنت ذا ود * فانى أرى ذكراه أحلى من الشهد
فما التذ سمعي قط من صوت منشد * كما التذ من مدح به ذكر " المهدي "
يفوز " الرضا " فيه من الله بالرضا * فما قاله - حاشاه - ميلا إلى الرفد
107

أفاض علينا من بديع جواهر * كأن لآليها تناثر من عقد
ثناء وددنا لو نوفيه حقه * فنكتبه بالنور في جبهة المجد
حوى مدح من تحيى القلوب بذكره * وتشفي صدور المؤمنين ذوي الود
مدائح لو تتلى على قبر ميت * لأنعشه إنشادها وهو في اللحد
أصابت محلا للمديح، فزانها * فيا سؤددا يكسو الثنا حلل الحمد
وفاقت كما فاق الذي أهديت له * وجلت كما جل المحل عن الند
ووافت، فما استوفت، فكان اعتذارها * بأن المزايا لا يقفن على حد
وأنى توفي حق من هو للعلى * بمنزلة الكف المتمة للزند
به تتحلى المكرمات جميعها * كما يتحلى موضع النحر بالعقد
به اعتز أهل الدين، علما بأنه * أشد على الأعدا من الصارم الهندي
وقام مقام الغائب المرتجى الذي * يؤازره من كلم الناس في المهد
أمولاي، إن يجهلك أهل العناد، لم * يضرك، وان الجهل صاحبه يردي
عسى أمركم يبدو، فيستأصل العدى * ولا يقطع الصمصام ما دام في الغمد
مدحتك مع علمي بأنك في عنى * ولكن للمولى حقوقا على العبد
وأهديتها عذراء، لولا حياؤها * لقبلت الاقدام فضلا عن الأيدي
أتتك ترجى أن يكون قبولها * رضاك تحييه، وحاشاك، بالرد
وللأعسم أيضا - وقد عوفي من مرض ألم به ببركة دعاء السيد له -:
لقد كنت في حالة، لا يكاد * يعيد الحياة إلى المسيح
تمس فؤادي يد الاختبار، لتعلم: هل مت، أوفي روح..
فعالجت دائي بمدح الكرام، فاذهب ما في منها المديح
فكان الدواء، وكان الغداء، وكان الغبوق به والصبوح
ولكن يقول امرؤ ما يقول، وينمى إلى العي، وهو الفصيح
وقد يعذر المتشكي المريض، بما ليس يعذر فيه الصحيح
108

فيا من سماة النبوة فيه، وسمت الإمام عليه يلوح
جمعت محاسن لو جسمت * إذا لم يسعها الفضاء الفسيح
خلقت لتشرح حال الإمام، بسمت يرى لم تفده الشروح
كأن حل فيك الامام فبان * دليل لأهل الحلول صريح
فخار كشمس الضحى واضح * وعن صفة الشمس يغنى الوضوح
فيا رتبة لم ينلها سواه، * ولا امتد طرف إليها طموح
أراح المجاري يأس اللحاق، * وذو اليأس من همه مستريح
وللشيخ حمادي نوح المتوفى سنة 1325 - بمناسبة قران السيد أحمد
ابن الصالح بن المهدى القزويني المتوفى سنة 1324 - يخاطب آل القزويني:
وخالكم الفتى الحسيني فيه * لآل طباطبا كمل الركون
إلى " بحر العلوم " سرين وخدا * تؤم سداد مرشدها الظعون
وحول أبي " الرضا " الركبان طافت * طواف البيت فيه، والحجون
وشاد بمكة الأعلام حتى * رست، وبها المناسك تستبين
وصرف للمشاعر كل نسك * فبر الحج، وابتهج الحزين
وأغدق مكة بنداه حتى * بإمرته الخلاف مضى يدين
محيط بالفضائل لم يفته * شريف الفكر ان يغشاه هون
وللسيد أحمد العطار - معزيا له بوفاة صهره على شقيقته العلامة السيد
أحمد القزويني المتوفى سنة 1199 - ومطلع القصيدة:
أفي كل يوم فادح يتجدد * ولاعج وجد ناره تتوقد
إلى قوله في مدح السيد:
أمهدي أهل البيت، يامن أقامه * الإله منارا للعباد ليهتدوا
ويا بن الرضي " المرتضى " علم الهدى * ومن جده هادي الأنام " محمد "
تعز، وان عز العزاء لمثله * وكن صابرا في الله، فالصبر أحمد
109

فما مات من قد قمت أنت بأمره * وان كان من تحت الصفائح يلحد
ولا يتمت أولاده بعده، وهل * تعد يتامى من لها أنت مرفد
فإنك أحنى من أبيهم عليهم * على أنه ذاك الأب المتودد
أدام لهم ذو العرش ظلك ما أوى * إلى البدر نجم نوره يتوقد
وللشيخ حسن ابن الشيخ محمد نصار يمدحه في مرضه:
تعاليت عن مثل، وما زلت ترتقي * مراقي لا يرقي إلى مثلها مثل
وأنى يضاهي من له الذات صورت * من الفضل بل من ذاته صور الفضل
ومن قددنا من ساحة اللطف فاكتسى * جلابيب قدس ليس يدركها العقل
فأنت مع الاملاك في مركز العلى * وما عندنا الا مثالك والشكل
ورثت من الآباء ما قد ورثته * وكنت لهم اهلا كما هم له أهل
حويت مزايا المكرمات كما حووا * وهيهات يخلو الفرع مما حوى الأصل
إذا كنت من قوم حووا ذروة العلى * ومن بهم من قبل يفتخر الرسل
فلا غرو ان دانت لك الناس واقتدى * بك العالمون العاملون وان جلوا
تخالف في ادراك كنهك معشر * ولكن على أوصافك اتفق الكل
ومن عجب ان تعتري لك علة * وأنت شفاء العالمين إذا اعتلوا
وله قصيدة أخرى في مدحه، مطلعها:
بارتك في المجد أمجاد فما لحقوا * ومن يباريك سدت دونه الطرق
وقال السيد صادق الفحام المتوفى سنة 1205 وقد جاء لزيارته فوجد
على الباب ازدحاما:
تزاحم أقدام الغراث ببابه * ويكثر في وقت العشي زحامها
إذا ما رأته من بعيد تبادرت * إليه حفافا: فذها وتوامها
تروم امتلاء من رواسي قدوره * وأحر بها أن لا يخيب مرامها
تلم بدار قد تهيأ حسبة * بها للعفاة المسنتين طعامها
110

وللشيخ على ابن الشيخ محمد حسين آل زيني مادحا وطالبا منه كتاب
" أنوار الربيع ":
مولاي يا بن السادة الغر الأولى * فرض من الله لهم عقد الولا
المصطفى، والمرتضى، وفاطم * والمجتبى، والسبط ظامي كربلا
والعابد السجاد، والباقر * العلم له الصادق في القول تلا
والكاظم الغيظ، وتاليه الرضا * ثم الجواد، وابنه هادي الملا
والعسكري، وابنه خاتمهم * قائمهم فينا بأمر ذي العلى
صلى عليهم من لهم على الورى * أوجب فرض الود مذ قالوا (بلى)
وخص علياك بقربى رحم * منهم، وناهيك به فخرا على
كنت وعدت المخلص الجاني ب‍ * " أنوار الربيع " قبل في عصر خلا
والوعد دين، أنت أولى مقتد * فيه بقول الله: إن الله لا...
ولي هموم رغبة مجموعة * فيه، وأنت للمهم ابن جلا
وان تكن نسيت، يا انسان عين * الدهر ما وعدت فيه أولا
فهذه تذكرة نافعة * والله " ذكر " بالكتاب أنزلا
هذا حديثي، ولك الامر، ولا * زلت لمن أصفى الولاء موئلا
ودمت ما أسفر وجه آمل * أمل جدواك، وما تهللا
وللشاعر نفسه في نفس الطلب:
إليك ابن البتول الطهر أشكو * هموما أشرقتني بالدموع
أرى الاجمال فيها فاعف عني * عن التفصيل يا حسن الصنيع
وأعظمها انفرادي ليس ترضى * مراجعتي، ولا يجدي رجوعي
أضعت حقوق اخوان أضاعوا * حقوقي فاعتزلت عن الجميع
فعاد لي الكتاب خليص أنس * أروض به الفؤاد عن النزوع
فجد - يا روض من وافاك راج - * على الجاني ب‍ " أنوار الربيع "
111

وللشاعر أيضا في طلب كتاب في الجفر اسمه " الجامعة "
يا سيد أسياف أسلافه * لشوكة الشرك غدت قامعه
ومن هو المهدي أنوار * أسرار الهدى في وجهه لامعه
ويا سماء الفضل من لم تزل * على البرايا سحبه هامعه
إليك يشكو الهم ذو همة * ضالعة دون المدى خامعه
أسير بلوى رغبة لم تصخ * للنصح منها أذن سامعه
أضحت بعلم " الحرف " آماله * منوطة في سره طامعه
جن بعلم الجفر، يا سيدي * فأدرك المجنون ب‍ " الجامعة "
وللشيخ محمد رضا النحوي المتوفى سنة 1226 معزيا له بوفاة العلامة
الأديب السيد صادق الفحام من قصيدة مطلعها:
خليلي عوجا بالديار وسلما * وحوما معي طيرا على ذلك الحمى
إلى قوله في مدحه:
عزاء ب‍ جحجاح به يحسن العزا * ويعدى على عادي الردى - رام أو رمى -
فتى قرن الباري سلامة خلفه * وصحتهم في أن يصح ويسلما
هو " الخلف المهدي " بورك هاديا * وبورك مهديا، إذا النهج أبهما
فان به عن كل غاد ورائح * لكل على العلات مغنى ومغنما
فتى لم تزل تهتزه أريحية * إلى المجد حتى بات بالمجد مغرما
تبلج عن وجه تبلج عن ندى * إذا عبس الدهر الكلوح تبسما
فكان لوجه الدهر للدهر غرة * أضاء لها العيش الذي كان أظلما
تكفل بالأيتام، فهو لهم أب * وحامى عن الاسلام، فهو له حمى
فتى كلما ابدى الجميل أعاده * وان صنع المعروف زاد وتمما
فيا بن النبي المصطفى ووصيه * ومن رفع البيت الحرام وقوما
112

عزاء - وان عز العزاء - وسلوة * عليه، وان خلت السلو محرما
وغيض - فدتك النفس - من فيض عبرة * أبى الوجد إلا أن يفيض فتسجما
وللنحوي أيضا في مدحه:
رد الروض، لا تبعث على الروض رائدا * فقد كلل الأقطار بالزهر القطر
وعجها ب‍ " سامراء " فالنور ناجم * بها، وأريض الروض وشحه الزهر
وأضحكت الخضراء غبراء أرضها * فمغبر وجه الأرض بالثبت مخضر
كأن نجوم الزهر في جنباتها * - وقد فتقت أكمامه - أنجم زهر
وقد ضاع نشر المندلي مع الصبا * فلم يبق قطر ما أصيغ به قطر
وطاب شذى الدنيا كأن بعثت به * إليك من " المهدي " أخلاقه الغر
فتى عشق العلياء عاشقة به * خليلا صفاء، ما لو صلهما هجر
فخذت على " البحر " الخضم، ولاتني * فلا حرج فيما أتيت، ولا نكر
تدفق لي - والدهر هيمان - سيبه * فلا أختشي ظمأ ومن حولي " البحر "
وشاهدت ربع الجود ما عنه حاجب * يصد، وباب العرف ما دونه ستر
سأشكر - لا أني أجاريه - نعمة * بأخرى، ولكن كي يقال له: شكر
وأذكر أيامي لديه وطيبها * وآخر ما يبقى من الذاكر الذكر
وله يمدحه ويهنيه بعيد الفطر، ويؤرخه سنة 1210:
مولاي فيك لنا ذا العيد عيدان * ثانيهما أول، والأول الثاني
وما عليك له في السبق سابقة * ما آدم ورسول الله سيان
العيد: يوم، وثانيه، وثالثه * وأنت في كل آن عيدنا الآني
العيد ذا فضله المعهود فيه، بلا * زيادة يتعداها ونقصان
وأنت ما زلت مزدادا إلى شرف * جمعته شرفا في كل إبان
العيد كم عاد في الدنيا بسيئته * ولم تزل عائدا فيها باحسان
العيد يثنيه عيد في فضيلته * وأنت في الفضل فرد ماله ثاني
113

وكيف يختص باسم العيد منفردا * بالفضل - من سائر الأيام - والشان
وكل ما مر من يوم بطلعتك العيد * الجديد، برغم الحاسد الشاني
إن نال فضلا فمن شهر تقدمه * وأشهر، أخرت عنه، وأزمان
وأنت سدت بنفس منك كاسية * بالفضل، عارية من كل نقصان
ونلت ما نلت عن جد ومجتهد * ضما إلى شرف من آل عدنان
ونسبة - برسول الله - معرقة * حطت برفعتها أعراف كيوان
العيد أصبح عيدا بالورود على * علياك لم يثنه في حالة ثاني
فنال ما نال من قدر ومنزلة * وكم سما برفيع القدر من دان
ليس المفضل لم يدرك حقائق ما * له من الفضل في قاص وفي دان
مثل الفضل عن علم ومعرفة * وشوق قلب إلى العلياء ولهان
فكيف نقرنه بالفضل منك وما * له الذي لك من قدر ومن شان
لكن يرقونه عن قدر رتبته * ظنا بأنكما في الفضل مثلان
لذاك قالوا وأرخنا: " مقالتهم * مولاي فيك لنا ذا العيد عيدان "
ولقد خمس الشاعر النحوي هذا مقصورة ابن دريد اللغوي، وحولها
إلى مدح السيد بحر العلوم (قدس سره) وقدم لها مقدمة نثرية رائعة
نشرها - مع مقدمتها - الأستاذ الخاقاني في " شعراء الحلة: الجزء الخامس
ص 105 " ومن أبياتها:
محمد المهدى من تسورا * بنفسه وقومه كل ذرى
هم الشآبيب المخلاة العرى * هم الشناخيب المنيفات الذرى
والناس أدخال سواهم وهوى
أكرم بها من نسبة عليها * يتبعه في هديه مهديها
هم السيول عامر آتيها * هم البحور زاخر آذيها
والناس ضحضاح ثعاب وأضى
114

كفاني " المهدى " عن مدحي الملا * بما به من المعالي قد علا
ذاك الذي إن قال قولا فعلا * ذاك الذي زال يسمو للعلى
بفعله حتى علا فوق العلى
من زين الوجود في وجوده * وشقت السعود من سعوده
يصعد حتى قيل في صعوده: * لو كان يرقى أحد بجوده
ومجده إلى السماء لارتقى
وللشيخ محمد رضا الأزري البغدادي المتوفى سنة 1240 يمدحه بقصيدة
كل شطر منها تأريخ لسنة إهدائها وهي سنة 1205 مطلعها:
هي الدار من سعدي سقى جارها القطر * وراق على عليائها المن والبشر
إلى قوله في مدحه:
فكيف وقد طالت عمادا وهيبة * بذي حكم جلى بها النهي والأمر
هو السيد " المهدي " كساب فضلها * نبيل له أمر السيادة والصدر
نبيه بتاج العلم أمسى متوجها * وأكرم بملك تاجه العلم لا الدر
عزيز ذرى لا يحلل الهون بابه * على الدهر أو ينحاش للحمل النسر
من الحي: أما جدهم فهو أفخر * وأما هداهم فهو ما دله الذكر
مصاليت طلابون كل بديعة * لها عنت الأفلاك والبر والبحر
له النسب الوضاح كلله النهى * وحبره مرطا الجلالة والبر
فزان مقام المجد في العلم والتقى * لقد زان أبراج السما الشمس والبدر
بعيد مناط الهم، أفخر بحزمه * أبي له تحنو الشواهق والزهر
هو السيد ابن السيد الناطق الذي * تفوق على " قس الأيادي به فهر
علي رفيع البيت عز جواره * علاء على الشعرى يجل له قدر
وحسبي عدولي عن عذول مكادح * لمدح نجيب زانه المجد والفخر
فلا تطمع الاشعار ان نلن وصفه * حليم به القرآن جاء، فما الشعر؟
115

وقال لي اليوم الحميد مؤرخا * بمهدي أهل البيت عاودنا البشر (1)
فقرضها الشيخ محمد علي الأعسم بأبيات تحاكيها - وزنا وقافية
وتأريخا - وهي:
بدائع مدح، كل بيت قصيدة * وحل استماعا للورى وبه السحر
كسته من الممدوح أكمل بهجة * محاسن أشباه بها يحسن الشعر
وفي كل مصراع شهدن حروفه * بأن لمن أزجى الينا به الفخر
ولتلميذه السيد حسين ابن السيد أبي الحسن موسى ابن السيد حيدر
العاملي الشقرائي النجفي المتوفى سنة 1230 يطلب من السيد معاودة حضوره
للتدريس:
الأقل لمهدي الورى السيد المهدي * إذا غبت عنا - يا هدانا - فمن يهدي
ومن لأحاديث النبي وآله * إذا أنت لا تبدو لغامضها يبدي
تنوب عن المهدي للناس في الهدى * وتحجب عنهم مثلما حجب المهدي
وفاته:
وبعد لم يكمل سيدنا المترجم له أشواطه في الجهاد في سبيل الله
وإحياء تراث جده سيد المرسلين (ص) اختطفه القدر المحتم - وهو في
السابعة والخمسين من عمره - وذلك في شهر رجب من سنة 1312، فكان
ليوم وفاته الأثر البالغ في العالم الاسلامي، بحيث صك نعيه المسامع، وطبق
الآفاق، مجلجلا بالأسى والأسف حتى لقد سمع في ذلك اليوم هتاف ونعي
في السماء - بعد ما ألحد في قبره الشريف -:
لله قبرك من قبر تضمنه * علم النبيين من نوح إلى الخلف

(1) لم يطابق بعض أشطر القصيدة تاريخ 1205. ولعل ذلك من
اختلاف النسخ.
116

ففي حياتك إشراع لما شرعوا * وفى مماتك موتك موت الدين والشرف
وهرع الناس - على اختلاف طبقاتهم - إلى بيته الشريف (1) فحملوا
الجثمان المطهر وانطلقوا به يطوفون في أطراف المدينة بالتهليل والتكبير
واللطم والبكاء والعويل، حتى جاؤوا به إلى الصحن الشريف، ينتظرون
من يصلي عليه - وكان ولده الرضا (قدس سره) ساعة إد مسافرا
خارج النجف - وكانت أنظار الناس متوجهة إلى المقدس الزاهد الحجة
الشيخ حسين نجف - قدس سره - حيث كان معتمد السيد من حيث الورع
والتقوى حتى عينه - كما عرفت - للإمامة العامة. وفي أثناء ذلك وشبهه
من الانتظار، إذ انطلقت الجماهير الغفيرة إلى جهة السوق الكبير - حيث
مدخل البلد - يستقبلون الآية العظمى - أحد المهادي الأربعة - السيد ميرزا
محمد مهدي الشهرستاني الحائري، فلقد بغله مرض السيد، فجاء لعيادته، وقارون
وصوله في ذلك الحين. فهنا نسب العلماء الحاضرون كافة تقديمه للصلاة
على الجثمان الشريف، فتقدم لذلك وأتم العلماء به مع عامة المشيعين (2)

(1) وهو البيت الكبير الواقع في شارع الطوسي، الذي يقام فيه
- كل عام - مجلس عزاء ضخم في العشرة الأولى من المحرم ويتبرك بالحضور
فيه عامة النجفيين من مختلف الطبقات، ويقصده - في أيامه الثلاثة الأخيرة - من عامة بلدان العراق، وتعقد له الندور، وتشد إليه الرجال للتبرك والاستشفاء
وطلب الحاجات.
(2) إن هذه المصادفة التاريخية تعتبر من احدى كرامات سيدنا
" بحر العلوم " حيث إنه أخبر بذلك في حياته، حينما جاء عائدا إلى
شقيقته " الحبابة " قبيل وفاتها، فوجدها متألمة من شدة المرض، فبشرها
بان الذي سوف يصلى على جنازتها الزاهد الورع الشيخ حسين نجف
وانه يتأسف لحرمانه من ذلك. فكان الامر كما أخبر به، حسبما سجله
تاريخ القصتين.
117

فكان للمنظر الإلهي الرائع أثره المسيطر على النفوس، حيث أنهم يودعون
أباهم الروحي - بما لهذه الكلمة من مفهوم -
وبعد أن صلي عليه وجددوا به زيارة جده أمير المؤمنين عليه السلام
انقلبوا بالجثمان المقدس إلى مثواه الأخير - حيث مرقده الشريف اليوم -
بجوار شريكه في العلم والتقوى والجهاد الاسلامي، شيخ الطائفة أبي جعفر
الطوسي (قدس سره) فلله در هذه البقعة الطاهرة، كيف استطاعت - على
صغرها - ان تضم زعيمين من أعظم زعماء الاسلام: شيخ الطائفة، وسيدها
على الاطلاق...؟
مرقده الشريف:
ولقد خصص له - قدس سره - ولأولاده الصلبيين مقبرة خاصة
بنيت من بعده، وألحقت بها ساحة كبيرة ومرافق، حسبما كتب ذلك - تفصيلا -
سماحة العلامة المفضال السيد حسين نجل آية الله " التقي " من آل بحر العلوم
في مقدمة كتاب " تلخيص الشافي " لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي (قدس سره)
وكانت المقبرة ذات قبتين: كبيرة باسم السيد بحر العلوم، وصغيرة
باسم ولده " الرضا " ولكن بعد البناء الحالي أصبحت قبة واحدة كبيرة
باسم زعيم الأسرة " سيدنا بحر العلوم " (قدس سره) وكتب على واجهتها
- من حيث ساحة المجامع - هذان البيتان: (1)
بنفسي إمام حل في خير مشهد * بقبته زهر الكواكب تهتدي
وقدست أرضا قلت فيك مؤرخا * يغيب بها مهدي آل محمد
ولقد أصبحت هذه القبة الزاهرة - منذ ان ربض تحتها أسد الاسلام

(1) كما كانا مكتوبين - من قبل - على واجهة المقبرة من حيث الزقاق
الخلفي. وهما للعلامة الشاعر المرحوم السيد رضا الهندي (1290 - 1362)
118

وبطل الحق ومهدي آل محمد (ص)، ولا تزال -: موئل ذوي الحاجات
والمهمات ومستجابا للدعاء، ومتوسلا للضارعين السائلين، ومزارا يقصد
لقضاء الحوائج وكشف الملمات.
رثاء وتأبين:
وما إن ألحد - سيدنا المترجم له - في رمسه الطاهر، حتى تزاحمت
الناس - على اختلاف طبقاتها - يعزون ولده " السيد رضا " - وقد حضر بعد
الدفن من سفر له - وذويه الكرام، ونصبت على روحه الطاهرة عشرات
الفواتح والمجالس العزائية، وعطلت الأسواق أياما، حدادا عليه وانطلقت
حناجر الشعراء بالعزاء والتأبين من كل صوب وحدب، ولم يحتفظ لنا
التاريخ إلا باليسير مما قيل في رثائه.
فمن ذلك قصيدة مفتخرة العلماء تلميذه الأكبر شيخنا الحجة الشيخ
جعفر كاشف الغطاء (قدس سره) وهي:
إن قلبي لا يستطيع اصطبارا * وقراري أبى - الغداة - القرارا
غشى الناس حادث فترى الناس * سكارى، وما هم بسكارى
غشيتهم من الهموم غواش * هشمت أعظما، وقدت فقارا
لمصاب قد أورث الدين حزنا * وصغارا وذلة وانكسارا
وكسا رونق النهار ظلاما * بعد ما كانت الليالي نهارا
ثلم الدين ثلمة ما لها سد * وأولى العلوم جرحا جبارا
لمصاب العلامة العلم " المهدي " * من بحر علمه لا يجارى
خلف الأنبياء، زبدة كل الأصفياء * الذي سما أن يبارى
واحد الدهر، صاحب العصر، * ماضي الأمر، في كنه ذاته الفكر حارا
كيف يسلوه خاطري، وبه قمت * مقامي، وفيه ذكري طارا..؟
119

كيف ينفك مدحه عن لساني * وهو - لولاه في فمي ما دارا..؟
وارتضاني أخا له، منة، * والرق شأني إذا أردت اعتبارا
خصني بالجميل من بعد أن * عم البرايا، وطبق الأقطارا
وحباني عزا به بعد ذل * وكساني جلالة ووقارا
ما هديت الرشاد - لولاه - * والأحكام لم أدرها، ولا الأخبارا
من ترى يدفع الملمات، أو يصرف * صرف الزمان، ان هو جارا..؟
سيدي، ماتت العلوم ووارى الدين * في الرمس من لك اليوم وارى
من يرد الهود إن أبرزوها * مشكلات بردها الكل حارا
كنت تتلو توراتهم، فيردون * عن الغي للهدى استبصارا
من لأعلام مكة، وجماهير * الحجاز انتحوا إليك بدارا
طالبين الحجاج، والكل قد * ثقف للبحث أملدا خطارا
فحججت، الجميع بالحجج الغر *، فدانت لك الخصوم صغارا
ولكم معجز بهرت به الخلق *، به حالك الظلام أنارا
صدني أن أقول: أنت نبي * أودع الله كنهه الأسرارا
إن رب العباد قد ختم الرسل * بطه المختار جل اختيارا
سيدي نجلك " الرضا " مستطار * القلب، لا يستطيع قط قرارا
جاء يطوي الفلا إليك من البعد *، ويفري سباسبا وقفارا
قارب الدار راجيا، فأتى الناعي *، إليه، فطاش لبا، وطارا
كيف أزمعت غيبة قبل أن يأتي *، فيطفي كل بكل أوارا
كلما أبصر المنازل قد أوحشن *، أذكت له المنازل نارا
أو رأى منك مجلس الدرس خلوا * عج يبكي سرا، وطورا جهارا
صهرك " المرتضى " إليك بربع * الدار كم طرفه إليك أدارا
وبنو احمد بنوك أسارى فاثن * عودا، وفك تلك الأسارى
120

كيف أيتمتهم؟ فأضحوا صغارا * وتراهم - مل ء العيون - كبارا
سيدي، لو رأيتهم، وعليهم * نفض اليتم في الوجوه غبارا
وللشيخ صالح التميمي المتوفى سنة 1267 في رثائه أيضا:
تعوضت عنك الصبر رغما على أنفي * لفقدك داء ماله عوض يشفى
كفى جزعي لم يجد نفعا فما درى * أخو الحزن عند الخطب أيهما يكفى
فيا غيبه المهدي أمطرت بالأسى * سحائب قد جادت بو كف على وكف
ألا إن يوما جاء نعيك للورى * وناهيك من يوم غي عن الوصف
كيوم انقطاع الوحي للخلق رنة * وكم برزت عذرا من الخدر والسجف
قضيت فوا لهفي على العلم مذ قضى * وكم قائل مثلي: على العلم وا لهفي
سرى نعشك السامي على كاهل الرضا * ويكبر قدرا أن يسير على الكتف
به قمر من هاشم حان خسفه * ولا بد للبدر المنير من الخسف
تحف به غر كرام وشيعة * وكل تمنى أن يقيه من الحتف
ألا يا بن خير الخلق أو دعت جمرة * بقلب التقى والدين ليس لها يطفي
ألا لا يكف الدهر بعدك صرفه * فانا رجوناه لأجلك بالكف
- أمولاي، طب نفسا، فإلفك قد مضوا * ولا خير في هذي الحياة بلا إلف -
- نظرت إلى الدنيا بعين محارب * فأقهرتها بالذم والصدم والصرف -
- وأعرضت عن لذاتها وحطامها * على انها ما أعرضت عنك في حرف -
- وقد أسرفت ميلا إليك فلم تمل * لها بل تعد الميل نوعا من السرف -
- وسافرت عنها غير شاك فراقها * وكم خطرت تختال بالقرط والشنف -
- حلفت برب العرش حلفة صادق * ويحنث غيرى في يمين وفي حلف -
- لكم في سبيل الله صف مقاتل * على الدين وفت نعته سورة الصف -
- قديما حديثا لا تزال رماحكم * وأقلامكم مقسومة الفئ بالنصف -
- لقد سابقتكم للمعالي عصابة * قصار الخطى تمشي ضلالا إلى الخلف -
121

- سموتم على من رام يسمو لمجدكم * سمو الجبال الراسيات عن الحقف -
- وهل جاء في اخبار آل محمد * لنا خير عن (ظاهري) وعن (كشفي) -
- وما ذاك إلا عن رجال تنابزت * لعمري بألقاب تؤول إلى السخف -
- هم الشرعة الغراء ما شان طرفها * قذى، والقذى ينبي على علة الطرف -
- عن المصطفى النور المبين مؤيدا * بنص صريح جاء في محكم الصحف -
- يدا بيد عن صادق بعد صادق * لقد نزهوا ما قد رووه عن الضعف -
والقصيدة طويلة تجدها في ديوانه المطبوع في النجف الأشرف سنة 1367 ه‍
وللحجة تلميذه المقرب السيد محمد جواد العاملي - صاحب مفتاح
الكرامة:
- يا بقعة بزغت كالشمس في أفق * قد ضم خير سراة الأرض ناديك -
- أصبحت في فرح، والناس في ترح * تبارك الله مرضينا ومرضيك -
- أصبحت كالبيت - بيت الله - محتشدا * فالجن والانس والأملاك تأتيك -
- لله من سبب بالله متصل * وبحر علم أصاب اليوم واديك -
- قد ذاب فيك فؤاد الدين من حزن * فأرخوا: غاب مهدي الهدى فيك (1) -
وللعالم الشاعر السيد أحمد العطار البغدادي:
- عزيز على المهدي فقد سميه * أجل، وعلى هادي الأنام إلى الرشد -
- فقدناه فقد الأرض صوب عهادها * وفقد السما للبدر، والنحر للعقد -
- أصيب به الاسلام حزنا، فأرخوا * أثار مصاب القائم السيد المهدى -
وللأديب الشيخ محمد هادي النحوي المتوفى سنة 1235 في رثائه

(1) في قوله: قد ذاب فيك فؤاد الدين، إشارة إلى اسقاط عشرة
من مادة التاريخ، وهي رقم الياء في الحساب " الأبجدي " فإنها وسط كلمة " دين "
والفؤاد كناية عن الوسط.
122

قصيدة طويلة جدا، ومنها:
- مضى السيد المهدي، فليبك من بكى، من الدين والإسلام والمجد والفخر -
- وكل المزايا الغاليات فإنها * به انحصرت - دون الورى - أيما حصر -
- فتى لم يدع منها اليسير لطالب * تفرد عن زيد بهن وعن عمرو -
- فتى أودع الدين الحنيفي قرحة * وجرح أسى أعيى الأساة عن السبر -
- فتى أودع الاسلام وجدا ولوعة * وخلف في أهليه قاصمة الظهر -
- فتى قد حوى العلم الإلهي يافعا * وما بلغت منه سنوه إلى العشر -
- إلى الله أشكو ما أجن من الأسى * وبرح جوى بين الجوانح والصدر -
- ونيران وجد لا يخف ضرامها * وحر بأحشائي يمد لظى الجمر -
- فلو تشهد الخنساء وجدي ولو عتي * لعلمتها كيف البكاء على صخر -
- إذا لم أرح والشجو دائي وديدني * فلا در - فيما بين أهل الوفا - دري -
- وحق الوفاء الصدق والود لم أبع * ودادا له - كلا - ولست به أشري -
- إذا كنت ممن يستفز فؤاده * سلو، فماذا عند صدق الوفا عذري -
- وان أنا لم أندب زمانا قضيته * بظل علاه، ظلت أندب: واحسري -
- سقى الله ذاك العصر عراصة الحيا * مواصلة التهتان دائمة الثر -
- وحيى ربوعا لم تزل فيه للورى * ربيعا، أسح الغيث أم شح بالقطر -
- نعمت بها مذ كان دهري سالمي * وعيشي طليق، والحوادث في أسري -
- بظل فتى لو أمحل القطر لم يجد * به القطر، جادتنا أياديه بالتبر -
- فآها على ذاك الزمان الذي به * تقضى، وواشقاه للزمن البكر -
- مضى قمر الاسلام، مصباح جوه * وشمس سماء الفضل كوكبه الدري -
- لئن انا إذ صيرت وجدي وديدني * ولم أشف فيه غلة أوغلت صدري -
- فاني لأشكو بث حزني ومحنتي * لربي، له فوضت فيه ما كان من أمري -
- مضى من ملا الدنيا جلالا وهيبة * ومن لو يشاء الجود جاد على الدهر -
123

- ومن بث ما بين البرية بره * ومعروفه في غير بر وفي بر -
- ومن ذكر الأكوان رزء محمد * وأنسى الورى ذكر المسرة والبشر -
- فماذا عسى فيه أقول من الثنا * وكل الورى ما عمروا مدة العمر -
- إذا قلت: سر الله في الخلق لم أكن * لأخفى صواب القول في السر والجهر -
- لعمري رب العرش أبداه رحمة * لدينا، فقصرنا ولم نعن بالشكر -
- فعاجلنا بالسوء من سوء حظنا * إلى العالم العلوي في الملأ الغر -
- فيا ضيعة الاسلام والدين والتقى * لفقد مشيد الدين والعالم الحبر -
- ليبك عليه العلم والحلم والحجى * وما رسموا في الكتب للعلم من سطر -
- فمن لليتامى أن يكون لها أبا * سواه به تنسى جفا اليتم والضر -
- فهيهات - لا والله - لم تلق غيره * مفيد الورى في السر طورا وفي الجهر -
- فقدناك يا فرد الزمان ووتره * كما فقدت - من سالف - ليلة القدر -
- فقدنا الذي لما يزل يلحظ الهدى * بعين الرضا، والجور بالنظر الشزر -
- فقدنا الذي كان الشجى في فم الشقا * وكان على الطاغوت من أعظم الإصر -
- فقدنا أخا المحراب قوام ليله * يناجي به الرحمن ذا الشفع والوتر -
- وصوام أيام الهجير ومن إذا * تحرى مقالا لم يفه قط بالهجر -
- فتبا لدهر سادرتنا خطوبه * وكر علينا بالمساءة والشر -
- فما ينبغي بالدهر نرجو بقاءه * وقد غاب عنا عنوة صاحب العصر -
- أيا قبره كيف اغتديت مواريا * علوما بأدناها يضيق فضا القبر -
- وكيف حجبت البدر يا قبر لم أخل * بأن بدور التم تحجب في القبر -
- وكيف ضممت الجود والمجد والعلى * وسرا من اللاهوت قدس من سر -
- وكيف وسعت البحر - والبحر مفعم - * من العلم ذا أمر يهول ذوي الحجر -
- إلى أن قال:
- تكلفت هذا الشعر، أنى لفاقد * وجود حياة أن يكلف بالشعر -
124

- كأن البرايا يوم جاء نعيه * حمام فقدن الورد، أو حمن عن وكر -
- تراهم لما هم فيه من دهشة الورى * سكارى، وما مروا بحان ولا خمر -
- فكم من جيوب قد شققن وأوجه * خمشن، ودمع مثل صوب الحيا يجري -
- وكم من شعور قد نشرن وأدمع * نثرن، فروين السهول مع الوعر -
- وكم ذات نوح ساعدتها على البكا * " عيون المها بين الرصافة والجسر " -
- وكم من حصان ذات خدر تبذلت * إلى الناس لم تشعر بستر ولا خدر -
وللسيد محمد زين الدين رحمه الله مؤرخا:
- اليوم جدد رزء آل محمد * وقضى بحزن للأنام مجدد -
- حاولت أعلى القول في تأريخه * لمصيبة المهدي ناح المهتدي -
- وقصدت ثاني ما نظمت مؤرخا * ودعت - يا مهدي - شرع محمد -
آل بحر العلوم: وهم من أعرق البيوت العلوية نسبا، وأوضحهم حسبا، فإلى العلم
والسيادة والتقوى والزهادة، والشرف والنجدة، والمجد والإصالة، والأدب
والشعر، والاجتماع والسياسة، وما إلى ذلك وشبهه من صفات ذاتية
وكمالية..
كان أجدادهم الأوائل يسكنون الحجاز، والمدينة، والكوفة، والبصرة
وغيرها من البلدان العربية. متنقلين بين هذه الأصقاع يقارعون الظلم والسلطة
الحاكمة - يومئذ - من بنى أمية، وبني العباس، وغيرهم من الأمراء والحكام.
وأخيرا - وبحكم الضغط السياسي على العلويين، خصوصا الحسنيين
منهم - التجأوا إلى سكنى " إيران " بلاد الشيعة ودولتهم - حتى اليوم -
فأخذوا يتنقلون من هنا وهناك حتى استقر بهم المقام في " إصفهان " أولا
ثم في " بروجرد " أخيرا. ولا يزال لهم هنالك بنو أعمام يشرقون
125

في أفق الفضل والكرامة، ويغمرون سجل التاريخ بالمجد والسيادة.
وفي طلايع القرن الثاني عشر الهجري - كما مر عليك - يتحول تأريخ
هذه الأسرة الكريمة من " إيران " إلى " العراق " - بلاد أجدادهم وأمجادهم
وتأريخهم - حيث يستقر ركبهم العلمي والاجتماعي في كربلا المقدسة، والنجف
الأشرف منذ ذلك التاريخ حتى اليوم.
ومنذ وفاة سيد هذا البيت الجليل وباني قواعد مجده المؤثل " مهدي
آل محمد " حتى اليوم لم يخل - على مدى الزمن - من مجتهد فقيه، وسياسي
محنك، وزعيم اجتماعي، وأديب كبير، وشاعر مفلق، وعبقري فذ.
وإجمالا، فان هذا البيت يمتاز عن بقية البيوت العلمية في العراق: أنه
لا يزال محلقا بأجنحته الخفاقة مع الزمن من حيث العلم والشرف والسؤدد
وحسن السلوك مع المجتمع.
إذا ما بناء شاده العلم والتقى تهدمت الدنيا، ولم يتهدم
ولنتحدث - بدورنا الآن - عن أفراد هذه الأسرة - بإيجاز - على
ضوء طبقات متسلسلة، وأفراد كل طبقة على نسق الحروف الهجائية:
الطبقة الأولى:
لم يخلف سيدنا المترجم له سوى بنت واحدة تزوجها الحجة السيد
محمد المجاهد ابن صاحب الرياض والمتوفى سنة 1242. وولدين: هما
السيد محمد، والسيد محمد رضا.
1 - السيد محمد ابن السيد بحر العلوم (1197 - 1200).
وكان آية في الذكاء والفطنة - على صغر سنه - أرخ ولادته العالم
الشاعر السيد حسين ابن السيد أبي الحسن الشقرائي العاملي المتوفى سنة 1230
بقوله - من قصيدة -:
126

- أرخته: بعث الإله * محمد من آل هاشم -
توفي - وهو ابن ثلاث سنين - ودفن في المقبرة التي كان قد أعدها
السيد له ولولده من بعده. وأوصى السيد أن يدفن إلى جنب ولده - هذا -
لفرط حبه له. وفعلا كان الذي أراد، فلم يدفن - في السرداب الخاص -
مع السيد وولده الصغير - حتى الآن - أحد من الأسرة.
ولسبب وفاته قصة مفصلة، ملخصها: أن السيد - رحمه الله - يقصد
السفر - ذات يوم - إلى زيارة جده الحسين عليه السلام في وقت قائظ
من شدة الحر. وما إن تهيأ للركوب على راحلته، حتى تعلق " الطفل "
بأطراف ثيابه يريد الذهاب معه فامتنع السيد من أخذه شفقة عليه من
عناء الطريق، فانطلق الطفل بالبكاء، وقال لأبيه بمضمون: إن لم أذهب
معك سوف لا تجدني عند رجوعك. فلم يعتن السيد بكلامه، وسار
موكبه الجليل إلى غايته. فمرض الطفل - بعد أبيه - وتوفي قبل رجوعه
فلما أقبل السيد بعد أيام وأخبر بوفاة " طفله العزيز " انفجر بالحزن
والبكاء والرثاء. فمن رثائه قصيدته المثبتة في ديوانه المخطوط، ومطلعها:
- عش ما تشاء، فغاية الأحياء * موت، وما الدنيا بدار بقاء -
ومنها
- ينبي عن الأمر الخفي كأنما * يلقى إليه الأمر بالإيحاء -
- لو كنت شاهده لقلت: محدث * مستودع لسرائر الأنباء -
- لا ينقضي عجبي له إذ قد نعى * لي نفسه في لوعة وبكاء -
- إذ جاء يعدو من ورائي صارخا * متعلقا من شجوه بردائي -
- قال: اصطحبني حيث تذهب إنني * من بعد نأيك لست في الأحياء -
- أشفقت من عنف المسير، ومن أذى * حر الهجير، وشدة الرمضاء -
- فتركته، والنفس موقنة بما * حكم القضاء به من الإمضاء -
إلى قوله في تاريخ وفاته:
127

أودى عقيب فطامه حولين لم * يكملهما إذ مر في الأثناء -
- درر تناثر حينما أرخته: * إني ادخرت محمدا لرجائي (1) - كما رثاه أيضا كثير من الشعراء، كالعلامة السيد صادق الفحام
والعلامة الشيخ علي ابن الشيخ محمد حسين آل زيني، وغيرهما مما لا
يسعه المقام.
2 - السيد محمد رضا ابن السيد بحر العلوم (1189 - 1253).
وهو أبو الأسرة. ولد في النجف الأشرف، وأرخ ولادته كثير من
شعراء عصره، منهم الشيخ محمد رضا النحوي بقوله - من قصيدة -:
- قد طاب أصلا وميلادا وتربية * لذاك أرخت: قد طاب الرضا ولدا -
ونشأ - رحمه الله - نشأة علمية على يد أبيه " بحر العلوم ". وتلمذ
- أيضا - على العلماء البارزين - يومئذ - كالشيخ الأكبر الشيخ جعفر
كاشف الغطاء، والشيخ محمد سعيد الدينوري القرجه داغي، والشيخ
محمد تقي ملا كتاب، والسيد محمد القصير الخراساني.
وتسنم الزعامة العلمية والاجتماعية - أبيه - وجعل يقوم بأعبائها
أحسن قيام، رغم وجود أساتذته وقرنائه.
أجازه عامة أساتذته، فمن ذلك إجازة أستاذه الدينوري القرجه
داغي: "... وبعد، فقد استجاز مني أعجوبة الزمان، ونادرة العصر
والأوان، أفضل الفضلاء واعلم العلماء على الاطلاق، المشهور المشتهر
في الآفاق، ظهر الأنام، مقتدى الخاص والعام، مقرر المعقول والمنقول
المجتهد في الفروع والأصول، شمس فلك النقابة، وبدر سماء الشرف
والسيادة، السيد السند، والحبر المستند، السيد محمد رضا ابن المغفور له

(1) في قوله " درر تناثر " إشارة إلى اسقاط (404) من مادة التاريخ.
وهو العدد الأبجدي لكلمة " درر ".
128

السيد محمد مهدي الطباطبائي أعلى الله درجته. وهو لأن يستجاز منه
أجدر من أن يجاز... ".
ومن ذلك إجازة أستاذه القصير الخراساني "... استجازني مولانا
المفخم وسيدنا المحترم، العالم النبيه، والفقيه الوجيه، المتحلي بالورع
والتقوى، قطب دائرة العلم من الرحى، سيدنا السيد محمد رضا الطباطبائي
الغروي مسكنا وموطنا، وكان أهلا - وفوق ذلك - لذلك... ".
وله من المؤلفات - في الأصول -: رسائل في الأصول، كشف
القناع في أصحاب الاجماع - وفي الفقه -: شرح اللمعتين، جزءان
كبيران، يشرح بعض أبواب اللمعة وشرحها للشهيدين - قدس سرهما -
في غاية الدقة في المضمون، والبساطة في العرض والاستدلال، وكثيرا ما ينقل
آراء والده " بحر العلوم " ويعير عنه ب‍ " أستاذي الوالد ". ولا تزال
مؤلفاته مخطوطة، وتوجد لدى مكتبات " الأسرة ".
توفى في النجف الأشرف سنة 1253 ه‍، ودفن إلى جنب والده
- قدس سرهما - ورثاه عامة شعراء عصره، كالسيد مهدي ابن السيد
داود الحلي المتوفى سنة 1289، والشيخ حسين بن محمد بن مبارك المتوفى
سنة 1289، والشيخ حسن قفطان المتوفى سنة 1277.
وخلف - من البنين - سبعة: السيد حسين: والسيد عبد الحسين
والسيد محمد تقي، والسيد علي، والسيد كاظم، والسيد محمد علي، والسيد
جواد، ومن البنات ثلاثا: زوجة الفقيه الأكبر الحجة - صاحب الجواهر -
وزوجة الحجة السيد علي نقي حفيد السيد المجاهد الطباطبائي - ابن صاحب
الرياض - وزوجة الحاج ميرزا داود ابن حجة الاسلام الحاج ميرزا أسد الله
البروجردي - قدس الله أسرارهم -.
وأمهم: الفقيهة الفاضلة العلوية بنت العلامة السيد آقا اليزدي -
129

متولي أوقاف يزد - المدفون في الصحن الشريف في الحجرة التي دفن
فيها - بعد حين - الحجتان الورعان: الشيخ الأنصاري، والشيخ محمد طه
نجف - رحمهم الله -.
الطبقة الثانية:
وهم أولاد السيد محمد رضا - والد الأسرة - السبعة. ولنستعرضهم
على الترتيب:
1 - السيد جواد بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (... حدود 1320)
ولد في النجف الأشرف، وكان من ذوي الفضل والورع والسيادة
والشرف، وعاش في كربلا، وتوفي فيها، ودفن في مقبرة اختصت - بعد
ذلك - بأسرة آل بحر العلوم القاطنين في كربلا، وآل صاحب الرياض.
خلف - من زوجته شقيقة الحجة السيد ميرزا على نقي الطباطبائي
آل صاحب الرياض -: ولدين: السيد محمد - ولم يعقب ذكرا - والسيد
حبيب، ومنه العقب.
2 - السيد حسين بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1221 - 1306)
ولد في النجف الأشرف، ونشأ فيها. وكان آية في العلم، وروعة
في الأدب ومثالا أسمى للزهد والتقوى، ورئيسا من رؤساء الشيعة، وعلما
من أعلام الشريعة.
قال عنه العلامة الشيخ على كاشف الغطاء - رحمه الله - في (الحصون
المنيعة) المخطوط: "... كان علامة زمانه، وفهامة أوانه، محققا،
مدققا فقيها، أصوليا، لغويا، أديبا، لبيبا، شاعرا، ماهرا، حسن
النظم والنثر... "
وقال العلامة الشيخ جعفر نقدي - رحمه الله - في (الروض النضير)
130

المخطوط "... العالم العلم، والأديب الأريب، النبيه، من أعاظم العلماء
وأكابر الفقهاء، محيطا بأنواع الفضائل، سيما العلوم الأدبية... "
وقال سيدنا الحجة الصدر - رحمه الله - في (تكملة أمل الآمل) المخطوط "... كان من أكبر فقها ء، عصره وأعلمهم، وأحد أركان
الطائفة تفقه على صاحب الجواهر، وصار من صدور تلامذته، مرشحا
للتدريس العام... ".
وقال شيخنا السماوي - رحمه الله - في (الطليعة): المخطوط
"... كان أحد مجتهدي الزمن الذين انتهى إليهم أمر التقليد، وكان
مشاركا في أغلب العلوم، ناسكا، ورعا... ".
وقال سيدنا الحجة الأمين - رحمه الله - في (أعيان الشيعة): "
... كان فقيها، ماهرا، أصوليا، أديبا، شاعرا، جليلا، نبيلا
زاهدا، ورعا... ".
وقال العلامة الجليل الشيخ محمد رضا الشبيبي - حفظه الله - في بعض
مجاميعه الخطية: "... الفقيه الأديب، اخذ الفقه عن صاحب الجواهر
ويروي بالإجازة عنه، وانفرد بالتدريس بعده، وأخذ عنه جماعة... ".
هذا يسير من كثير مما كتب عنه بلسان الإعظام والتبجيل لمقامه
العلمي الشامخ.
أخذ الأصول، والفقه، وعلم الكلام عن علماء عصره البارزين كالشيخ
شريف العلماء المازندراني، والشيخ حسن نجل الشيخ الأكبر الشيخ جعفر
كاشف الغطاء - ويروي عنهما إجازة، وتخصص بالفقه لدى مفخرة الفقهاء
والمجتهدين - صاحب الجواهر - أعلى الله مقامه - فكان هو المقرر الوحيد
لبحث أستاذه، وكثيرا ما كان يناقشه أثناء الدرس، فيستجيب الأستاذ
لآرائه، وكان يعرض عليه مطالب " الجواهر " قبل أن يدونها، فيكتب
131

ما وافقه عليه، ويدع ما لم يوافقه.
وحضر عليه جميع غفير من فطاحل العماء، نذكر منهم: السيد ميرزا
جعفر الحائري آل صاحب الرياض الطباطبائي، والسيد محمد بن إسماعيل
الموسوي الساروي، المتوفى سنة 1310 والسيد مرتضى الكشميري النجفي
والشيخ فضل الله المازندراني الحائري، والشيخ آقا ميرزا صادق التبريزي
والميرزا محمد الهمداني - صاحب فصوص اليواقيت - والشيخ عباس الملا
علي البغدادي النجفي.
وبعد وفاة الشيخ صاحب الجواهر، انثالت آراء العلماء حوله لقيادة
الحوزة وللزعامة الدينية والمرجعية الكبرى، غير أنه أعرض عن ذلك زهدا
منه، وفرارا بواقعيته عن المظاهر المنسرحة. وظل موردا لاستفادة الخصوصيين من أهل العلم، ومرجعا لتقليد أماثل الناس.
وأصيب - بعد وفاة أستاذه - صاحب الجواهر - بوجع في عينيه أدى
بهما إلى " الكفاف " فأيس من معالجة أطباء العراق، وذكر له أطباء
إيران، فسافر إلى طهران سنة 1284 ه‍ وآيسه أيضا أطباء طهران، فعرج
إلى " خراسان " للاستشفاء ببركة الإمام الرضا صلوات الله عليه.
وفعلا تم الذي أراد، فمنذ أن وصل إلى " خراسان " انطلق
- بدوره - إلى الحرم الشريف، ووقف قبالة القبر المطهر، وأنشأ
قصيدته المشهورة - وهو في حالة حزن وانكسار - وهي طويلة مثبتة في
ديوانه المخطوط، مطلعها:
- كم أنحلتك - على رغم - يد الغير * فلم تدع لك من رسم ولا أثر -
إلى قوله:
يا نيرا فاق كل النيرات سنى * فمن سناه ضياء الشمس والقمر -
- قصدت قبرك من أقصى البلاد ولا * يخيب - تالله - راجي قبرك العطر -
132

- رجوت منك شفا عيني وصحتها * فامنن علي بها، واكشف قذى بصري -
- حتام أشكو - سليل الأكرمين - أذى * أذاب جسمي وأوهى ركن مصطبري -
- صلى الإله عليك - الدهر - متصلا * ما إن يسح سحاب المزن بالمطر -
وما إن أنهى إنشاء القصيدة، حتى انجلى بصره، وأخذ بالشفاء قليلا
قليلا، فخرج من الحرم الشريف إلى بيت أعد لاستقراره، وصار يبصر
الأشياء الدقيقة بشكل يستعصى على كثير من المبصرين وذلك ببركة ثامن
الأئمة الأمام الرضا صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين.
وبقي مدة في خراسان. ثم قفل راجعا إلى العراق - مسقط رأسه -
وجعل طريقه على بلاد " بروجرد " فألح عليه أهلها بالبقاء للتشرف
بخدمته وللانتهال من بحره الزخار، فظل هناك سنتين أو أكثر درس عليه
- في أثنائها - عامة علماء بروجرد وأهل الفضل منهم.
وخرج منها إلى العراق، فوصل النجف الأشرف سنة 1287 ه‍
فاستقبله عامة أهاليها بالحفاوة والتقدير. وظل مواظبا على التدريس وإقامة
الجماعة، والزهد حليفه، لا يفتر عن ذكر الله حتى لفظ النفس الأخير من
حياته سنة 1306 ه‍، وذلك في أول الزوال من يوم الجمعة الخامس والعشرين
من ذي الحجة، وسبب وفاته: أنه أراد النزول من سطح داره عند الفجر
فزلت قدمه، فهوى على رأسه إلى الأرض فشج رأسه، وبقي إلى الزوال
ففاضت نفسه الزكية، تغمده الله برحمته.
وما إن أذيع نعيه المؤلم في البلاد حتى جزع وهلع لرزئه عامة
طبقاتها، وأقيمت له الفواتح، في كل صوب وحدب، واتصلت فاجعته بفاجعة جده سيد الشهداء عليه السلام، ودفن بمقبرة جده السيد بحر العلوم
- مقبرة الأسرة اليوم -.
له من المؤلفات: رسائل في الفقه، والأصول، وشرح منظومة
133

جده " بحر العلوم " بنحو الرجز أيضا، وديوان شعر كبير أغلبه في مدح
ورثاء أهل البيت عليهم السلام.
ورد مدحه على ألسنة شعراء عصره، كعبد الباقي العمري المتوفى
سنة 1278، والشيخ عباس الملا علي البغدادي المتوفى سنة 1276، والشيخ
موسى شريف آل محي الدين المتوفى سنة 1281، والسيد صالح القزويني
البغدادي المتوفى سنة 1306، والشيخ حسن قفطان المتوفى سنة 1277، والشيخ
أحمد قفطان المتوفى سنة 1293، وغيرهم.
كما رثاه عامة الشعراء، كالشيخ كاظم الهر المتوفى سنة 1330،
وولده السيد إبراهيم الطباطبائي المتوفى سنة 1319، وحفيده السيد حسن
بحر العلوم المتوفى سنة 1355، والسيد محمد سعيد الحبوبي المتوفى سنة
1333، وغيرهم. تزوج - رحمه الله - زوجتين: إحداهما - شقيقة الشاعر الجزل الشيخ
عباس الملا علي البغدادي، ولم ينجب منها. والثانية - بنت الحاج حسن
دخيل، جد آل دخيل - الأسرة الكبيرة المحافظة في النجف اليوم - وأنجب
منها - من الذكور - أربعة (1): السيد موسى، والسيد عبد الحسين - ولم
يعقبا - والسيد محسن، والسيد إبراهيم - ومن الإناث - خمسة: الأولى -
زوجة السيد محمد باقر ابن السيد علي بحر العلوم - صاحب البرهان - والثانية
زوجة الشيخ حسين ابن الشيخ محمد ابن الشيخ " صاحب الجواهر " -
والدة الشيخ محمد والشيخ مير أحمد - والثالثة - تزوجها الشيخ حسين -
هذا - بعد وفاة أختها. ولدت منه الشيخ حسن والد الشيخ جواد، والشيخ

(1) ولقد اشتبه صاحب (معارف الرجال) حيث يقول (ج 1 ص 289)
طبع النجف الأشرف: " أعقب ولدين أظهرهما السيد إبراهيم الشاعر "
مع أنه من معاصريه، والعصمة لله وحده.
134

مهدي والشيخ عبد الحسين. والرابعة - زوجة السيد آغا مير الرشتي المقتول
في إيران - والد كل من السيد جواد المقتول مع أبيه، والسيد مهدي،
والسيد حسن - والخامسة - زوجة السيد جعفر ابن السيد محمد علي حفيد السيد
بحر العلوم - والد السيد حمود -.
3 - السيد عبد الحسين بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (... بعد 1330) ه‍
كان من أهل الفضل والكرامة، ومن الذوات المحترمة، عاش في كربلا
وتوفي فيها ودفن في مقبرة " آل بحر العلوم وآل صاحب الرياض في كربلا "
تزوج بنت المرحوم العلامة السيد إبراهيم القزويني - صاحب الضوابط -
وأنجب منها ولدين هما: السيد مهدي، والسيد ميرزا - وماتا ودفنا في
كربلا، ولم يعقبا ذكرا - وبذلك ينقطع نسل السيد عبد الحسين - هذا -
من جهة الذكور.
4 - السيد علي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1224 - 1298)
ولد في النجف الأشرف، ثاني شهر رجب من سنة 1224 ونشأ،
فيها، وكان من نوابغ الزمن من حيث الفطنة والذكاء. ولع في علم
الفقه منذ نشأته فدرس والف فيه كثيرا، حتى أنه كان لم يفتر عن
التأليف والكتابة في حضره وسفره.
حضر - في الأصول - على الحجة الكبير الملا مقصود علي الكاظمي -
وفي الفقه - على الحجتين العلمين: الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر
المتوفى سنة 1266 والشيخ علي بن الشيخ جعفر الكبير المتوفى سنة 1253
كما وتلمذ عليه جمع غفير من عيون العلماء ولفضلاء، يضيق المقام
باستعراضهم.
انتهت إليه زعامة الحوزة العلمية في النجف الأشرف، وأنيط به
كيان التدريس - يومئذ - وكان مهيب الجانب من السلطة الحاكمة، ومن
135

طبقات المجتمع - كافة -
ألف وكتب في الأصول والفقه - كثيرا - وأبرز مؤلفاته " البرهان القاطع "
في شرح المختصر النافع - يقع في ثلاث مجلدات ضخام، طبع حجري
في إيران، من أهم المصادر الفقهية، والمراجع الاستدلالية، بحيث لا يستغني
عنه طلاب العلم ورواد الفضيلة، وهو مجموعة أماليه على تلاميذه صباح
كل يوم.
توفي - رحمه الله - في النجف الأشرف، ليلة السبت ثاني جمادى
الثانية سنة 1298. وكان ليوم وفاته أثر بالغ في أنحاء البلاد، وصلى عليه
أخوه " الحسين " ودفن في مقبرة خصصها له ولزوجته " الحاجية بيبي " التي هي
من ذرية الآغا محمد باقر الهزار جريبي أستاذ السيد بحر العلوم. وتقع على
يسار الداخل إلى الصحن الشريف من جهة شارع الطوسي. ودفنت - بعده -
في نفس المقبرة ابنته زوجة السيد هادي ابن السيد جواد الكليدار الرفيعي
ثم بعد ذلك دفن فيها أيضا الحجة السيد علي ابن السيد هادي بحر العلوم
مدحه عامة شعراء عصره البارزين، كالسيد صالح القزويني، والشيخ
إبراهيم صادق العاملي، والشيخ، جابر الكاظمي، وشقيقه الحجة " الحسين "
وابن أخيه السيد إبراهيم الطباطبائي، والسيد موسى الطالقاني النجفي، وغيرهم
كما ورثاه من الشعراء: الشيخ محمد سعيد الإسكافي البغدادي،
والسيد محمد عباس الهندي اللكهنوي، والشيخ جابر الكاظمي، والشيخ ميرزا
محمد الهمداني، وغيرهم.
خلف - من البنين - ثلاثة: السيد محمد باقر، والسيد هاشم،
والسيد حسين - ومن الإناث - تسعة على الظاهر -: زوجة السيد محسن
وزوجة السيد إبراهيم - ولدي أخيه الحسين - وزوجة السيد ميرزا جعفر
الطباطبائي آل صاحب الرياض، وزوجة ابن أخيه السيد محمد بحر العلوم
136

- صاحب البلغة - وزوجة السيد هادي ابن السيد جواد الرفيعي الكليدار
وزوجة السيد محمد مهدي ابن الميرزا أبي القاسم الطباطبائي آل صاحب
الرياض، وزوجة السيد حسين البزاز الكربلائي، واثنتين أخريين لا نعرف زوجيهما
5 - السيد كاظم بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (... - 1288)
ولد في النجف الأشرف، ونشأ فيها، وكان من العلماء الأتقياء
حسن المنظر والمخبر. وتوفي في النجف الأشرف، ودفن في " مقبرة
الأسرة " ورثاه من الشعراء: الشيخ أحمد قفطان وبعض العلماء. وتزوج
بنت الحجة الأكبر " بصاحب الجواهر " ولكنه لم يعقب منها مطلقا.
6 - السيد محمد تقي ابن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1219 - 1289)
ولد في النجف الأشرف، ودرج في بيت علم وسيادة وأدب وفضل
ودرس العلم والأدب على مدرسة والده " الرضا " وغيره من مبرزي
عصره في الفضل، حتى انتهت إليه الزعامة الدينة - والاجتماعية - بعد أبيه -
فأخذ يتصدى لإعالة الفقراء والمعوزين. وحل المشاكل الاجتماعية والدينية
فلقد ترأس جماعة العلماء - حينئذ - لحل مشكلة التجنيد الاجباري، فاقترح
على السلطة الحاكمة - يومئذ - الإقراع في العدد المطلوب، فكان
يدفع للدولة عمن ظهرت القرعة باسمه - من عامة الناس - البدل المالي الضخم
وذلك عب ء ثقيل لا ينهض به إلا أمثاله من الذين يتحسسون مشاكل المجتمع
بعواطفهم الانسانية العامة.
قال سيدنا الصدر - رحمه الله - نقلا عن يتيمة ابن عمه السيد محمد علي
العاملي -: "... السيد السند، والكهف المعتمد، الحاوي شمائل جده
ومن بلغ الغاية من الورع والفضل بجده ولقد حاز ما حاز أبوه وزيادة
ونال في النشأتين السعادة، فهو أيضا جليل في الأنظار، مواظب على
الطاعات في الليل والنهار، رئيس في بني الأعصار ما على يده يد
137

من جميع ملوك الأبد، وكل من في العلم قد اجتهد... "
وقال أخوه الحجة السيد علي بحر العلوم - في آخر المجلد الأول من
البرهان -: "... كان لي ظهرا ظهيرا، وكهفا منيعا، بل كان جل
أهل الحمى في كنفه آمنين، وفى ظله راقدين لجلالة قدره، وعظم شأنه
ونفوذ أمره... ".
ولقد مدحه عامة الشعرا كأخيه الحجة " الحسين " بحر العلوم
والشيخ موسى شريف العاملي والشيخ حسين ابن الشيخ أحمد الدجيلي
والشيخ محمد النقاش، والشيخ موسى " الأصفر " الحائري، الشيخ أحمد قفطان، والسيد جعفر الحلي، وغيرهم.
توفي - قدس سره - في كربلا 21 رمضان سنة 1289 فنقل جثمانه
المطهر إلى النجف الأشرف محمولا على الأعناق والرؤوس، واستقبله أهالي
النجف الأشرف - على بكرة أبيهم - بالمواكب واللطم على الصدور
فكان يوم وفاته من أيام التاريخ المشهورة، ودفن في (مقبرة الأسرة)
وأقيمت له الفواتح العديدة في مختلف أنحاء العراق من مختلف الطبقات.
ورثاه عامة الشعراء، كابن أخيه السيد إبراهيم الطباطبائي، والسيد
أحمد القزويني، والسيد حيدر الحلي، والشيخ أحمد قفطان، والسيد محمد
الهندي والسيد راضي القزويني البغدادي، وغيرهم كثير.
من مؤلفاته: قواعد الأصول، قال شيخنا الحجة الطهراني - أيده
الله - في (أعلام الشيعة 2 / 218): "... رأيت من آثاره: قواعد
الأصول بخطه الشريف، فرغ منه يوم الغدير 1245، يوجد في مكتبة
الميرزا محمد الطهراني العسكري " ويوجد أيضا عند بعض أحفاده الكرام.
خلف - رحمه الله - من زوجته بنت الحجة السيد مير علي الطباطبائي
- الحائري صاحب الرياض -: السيد حسن، والسيد علي نقي، والسيد
138

محمد صاحب البلغة: وبنتين هما: زوجة السيد هاشم ابن السيد علي
بحر العلوم - صاحب البرهان - وزوجة الحجة السيد ميرزا أبي القاسم
الطباطبائي آل صاحب الرياض - ومن زوجته الأخرى بنت العلامة السيد
مطر العلاق النجفي -: السيد حسين، وبنتين أخريين هما: زوجة السيد
حسن ابن السيد إبراهيم بحر العلوم الطباطبائي - والدة كل من الحجتين:
السيد محمد صادق، والسيد محمد تقي البحر العلوم - وزوجة السيد حسين
ابن السيد علي بحر العلوم - صاحب البرهان -.
7 - السيد محمد علي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(... حدود سنة 1300 ه‍)
ولد في النجف الأشرف، وكان من أهل الفضل والسيادة ومن ذوي
الأخلاق الكريمة، وتوفي في النجف الأشرف ودفن في (مقبرة الأسرة). وخلف
ولدا فاضلا هو السيد جعفر. ولم نعرف عنه أكثر من ذلك.
الطبقة الثالثة:
1 - السيد إبراهيم ابن السيد حسين بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(1248 - 1319)
ولد - قدس سره - في النجف الأشرف من أبوين كريمين معرقين
في الشرف والسيادة، وتلمذ على أبيه في عامة العلوم الاسلامية: التفسير
والفقه، والأصول، والكلام، وأخذ الأدب والشعر عن أبيه أيضا. وحتى
إذا اشتد شبابه، وقارب - أو تجاوز - العشرين من سنيه نهض في العلوم
الأدبية، وتضلع بها، وتعمق في اللغة والمعاني والبيان، والشعر وحتى
أصبح - نسيج وحده - في ذلك كله، فكأنه - حين يتكلم - يفرغ عن
لغة القرآن والسنة.
139

قال تلميذه الشيخ على الشرقي في مقدمة ديوانه المطبوع: "... نشأ
وفيه ميل فطري للآداب، فعكف عليها في إبان شبابه وكان مغرى بغريب
اللغة وشواردها، ذا حافظة قوية للغاية، مفضلا لأسلوب الطبقة الأولى
- طبقة البداوة - على الأساليب الصناعية الحادثة، ولم تمض برهة حتى طار
ذكره في البلاد، واشتهر في شغره بطريقته العربية الصرفة، التي أحياها
بعد اندراسها، حتى تألف لها حزب من أدباء العراق على عهده
وتعصب لها قوم تخرج جماعتهم عليه، وهو أكثر رجالات الأدب المتأخرين
تعهدا لمن يستفيد منه، وحرصا على تخريج من يأخذ عنه، ولذلك كانت
له حلقة تلتف حوله من عشاق مسلكه، ولا يزال الناس يذكرون حلقته
هذه، ويصفون لهجته في كلامه وحسن تصويره للخاطر الذي يختلج في
باله حتى كأنه يشير إلى شئ محسوس في الخارج ".
وقال عنه السيد حيدر الحلي في " العقد المفصل ": "... هو
أصدق أهل الفضل روية وأملكهم لعنان الفصاحة، وأدلهم على الصعب
من المعاني كيف يروض جماحه الكاسي من أبهى حبر البداوة، العاري
عن زبرج الحضارة... ".
وذكره صاحب الحصون المنيعة في الجزء السابع قال "... كان
فاضلا، كاملا، أديبا، شاعرا ماهرا، وله الشعر الرائق في الفنون المختلفة من
المديح والرثاء والغزل والنسيب. وكان يحذو في شعره حذو السيد الرضي،
والأبيوردي الأموي... "
ومثله ما في طليعة تلميذه السماوي رحمه الله بزيادة قوله: "... من
أكبر بيت شيد بالفضل والأدب، وهو يتلقى ذلك عن أب فأب... ".
وذكره صاحب كتاب " حلى الزمن العاطل " فقال: "... من
أشهر شعراء هذا لعصر، بل من أفراد الدهر، وهو - على ما خوله الله
140

من شرف الحسب والنسب - الركن العراقي لكعبة الفضل والأدب
وأبيات قصائده مقام " إبراهيم " الذي ينسلون إليه من كل حدب، يكتبون
دعوته في ذلك الميقات، ويشاهدون ما فيه من الآيات البينات، فخفض
أبيات الكميت أن يرفع إبراهيم سورة إبراهيم... "
وقال السيد الأمين العاملي في أعيان الشيعة: "... كان المترجم له
شاعرا مجيدا، تلوح عليه آثار السيادة وشرف النسب، أبي النفس، عالي
الهمة، حسن المعاشرة، كريم الأخلاق، لم يكتسب بشعره، ولم يمدح
أحدا لطلب بره، رأيناه في النجف وعاشرناه فكان من أحسن
الناس عشرة... "
وقال شيخنا الإمام الحسين كاشف الغطاء - قدس سره - في تعليقته
على ديوان السيد جعفر الحلي ص 440 بمناسبة مدح السيد جعفر له: "...
هذا هو سيد الأدباء والشعراء في عصره بل هو عميدهم المقدم، وإمامهم المبجل
الذي تنعقد عليه الخناصر وتتصاغر لديه الأكابر. وحقا له ذلك. وهو
- مع ما فيه من سعة الفضل وطول الباع في النظم وآداب العربية - جمع بين
شرفي الحسب والنسب والتليد من المجد والطريف، فهو شريف ابن شريف
وحسيب ابن حسيب. كان له ولع بالشعر وانقطاع في الأغلب إليه على
شرفه ووقاره وعلو مقداره. وكانت تلازمه عدة ممن يحاول النظم وملكة
الأدب ليقتبس من مقباسه، ويأخذ من أنفاسه، حتى تربى على مدرسة
ملازمته وتخرج على تلقي تعاليمه جملة من أدباء العصر في العراق... "
وقال معاصره العلامة الشيخ محمد حرز الدين النجفي - رحمه الله - في
(معارف الرجال: 1 / 32): " كان من الفضلاء البارزين، والأدباء
الشهيرين والشعراء المحلقين، قوي الذاكرة، فكورا مع حلم ودماثة
أخلاق، لين العريكة على جانب عظيم من التقى والصلاح وشرف النفس
141

والإباء. صحبته سنينا فلم أر فيه غير الصفات العالية، والكمالات النفسية
وتدربت عليه في الشعر، وحدثني بأمور كثيرة... وقد منحه الله سرعة
الحافظة، فكان يحفظ، أكثر شعره، ينظم القصيدة الكثيرة الأبيات في
نفسه فيمليها دفعة واحدة ثم يكتبها، وكان لا يحب أن يستعمل الألفاظ
المبتذلة في الشعر... "
وإن لسيدنا المترجم له مدرسة خاصة للأدب والشعر تعنى بغزارة
المعنى وجزالة اللفظ، تخرج منها جم غفير من كبار العلماء وفطاحل الأدباء
والشعراء، نخص بالذكر منهم: الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء، والشيخ
محمد حرز الدين، والشيخ محمد رضا الشبيبي، والشيخ عبد الحسين الحويزي
والشيخ على الشرقي والشيخ محمد السماوي، والشيخ عبد المحسن الكاظمي
- نزيل مصره - والشيخ محمد حسين الكاظمي...
كان قوي الحافظة، جزل الأداء، يرتجل الشعر، وربما دعي لمناسبة
مفاجأة فيقول القصيدة - بطولها - ويمليها بعد حين على كاتبه الخاص
باسترسال طبيعي كأنه السيل المنحدر.
ورد مدحه على ألسنة عامة الشعراء المعاصرين له، كالسيد جعفر ابن
السيد أحمد الخرسان النجفي، والشيخ سلمان الفلاحي، والشيخ محمد السماوي
والشيخ إبراهيم صادق العاملي، والشيخ عبد الحسين الحويزي، والسيد محمد
سعيد الحبوبي، والسيد جعفر الحلي، والسيد موسى الطالقاني، والشيخ
محسن الخضري، وغيرهم...
من آثاره: ديوان شعر كبير يحتوى على مختلف فنون الشعر، جمعه
ولده العلامة السيد حسن بحر العلوم، وطبع قسم منه باختيار تلميذه الشيخ
علي الشرقي في صيدا بمطبعة العرفان سنة 1332 ه‍ ونفدت نسخة وسوف
142

يعاد طبعه على النسخة الأصلية - الكاملة - من قبل " مكتبة العلمين "
ان شاء الله تعالى.
توفي - قدس سره - في النجف الأشرف يوم الثلاثاء السادس من
محرم الحرام سنة 1319 ه‍ فضاعفت مصيبته مصاب جده الحسين عليه
السلام ورثاه كثير من شعراء عصره، أمثال تلميذه الشيخ عبد الحسين
الحويزي - رحمه الله -
خلف - من زوجته بنت الحجة السيد علي بحر العلوم صاحب البرهان -:
ولدين فقط، هما: السيد حسن، والسيد محمد.
2 - السيد جعفر ابن السيد محمد علي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(... بعد 1325)
ولد في النجف لأشرف، ودرس على علماء عصره، حتى كان من
عيون الفضلاء، وتوفي في النجف الأشرف ودفن في " مقبرة الأسرة " وأعقب
من الذكور: السيد حمود - من ابنة عمه السيد حسين -
3 - السيد حبيب ابن السيد جواد بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(... - 1345)
ولد في كربلا، ونشأ فيها. وكان يعد من زعماء كربلاء الروحيين
وممن تحل ببركته عقد النوائب والمشاكل الاجتماعية.
وتوفى في كربلاء 24 شوال سنة 1345 ه‍، ودفن في " مقبرة آل بحر العلوم
وآل صاحب الرياض في كربلا " ورثاه شعراء عصره، أمثال الشيخ
عبد الحسين الحويزي.
خلف - ره - من الذكور - ثلاثة: السيد جواد والسيد مهدي، والسيد جعفر.
4 - السيد حسن ابن السيد محمد تقي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (... - 1298)
143

ولد في النجف الأشرف من أبوين عريقين بالفضل والكرامة
فأبوه التقي، وأمه العلوية كريمة الحجة السيد الطباطبائي صاحب (الرياض)
ونشأ نشأة علمية، وبرع في العلم، والف فيه، حتى كان يعد من الأجلاء
الأكابر، وسكن - في أواسط عمره - كربلا، وتلمذ - هناك - على " الفاضل
الأردكاني " قدس سره، فكان من عيون تلامذته.
وتوفي في النجف الأشرف - عام الطاعون - ودفن في " مقبرة
آل بحر العلوم ". ورثاه من الشعراء الشيخ محمد سعيد الإسكافي رحمه الله
خلف - من زوجته بنت الحجة السيد ميرزا جعفر آل صاحب الرياض -
ولدا هو السيد محمد مهدي، وبنتا واحدة.
5 - السيد حسين ابن السيد محمد تقي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(... - 1311)
ولد في النجف الأشرف، وكان من اهل العلم والكياسة، ومن
الزعماء السياسيين، والاجتماعيين - يومئذ - بحيث كان يترسم خطاه في
القضايا الاجتماعية وأمور الزعامة الدينية ابن أخيه المغفور له السيد محمد علي
بحر العلوم، وعامة المبرزين من ذوي الكياسة والفكر، أمه كريمة العلامة
السيد مطر العلاق النجفي.
6 - السيد حسين ابن السيد علي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(1290 - 1361)
ولد في النجف الأشرف 27 صفر سنة 1290، ونشأ فيها، وتلمذ
في عامة العلوم الاسلامية على أبيه - العيلم - صاحب البرهان، فشب وكهل
على الفضل والأدب، حتى أصبح من المرموقين فيهما.
توفي في طهران في شهر جمادي الثانية سنة 1361 - في طريقة إلى
زيارة جده الرضا عليه السلام - ودفن في جوار مرقد " الشاه عبد العظيم الحسني " - ره -
144

خلف - من ابنة عمه السيد محمد تقي - ولدا صغيرا، وبنتا توفيا
في حياته - ومن زوجته الأخرى -: السيد عباس وقد توفي بعد وفاة أبيه
وبنتا لا تزال في قيد الحياة.
7 - السيد علي نقي ابن السيد محمد تقي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(... - 1294)
ولد في النجف الأشرف من أبوين عريقين في الشرف والسيادة، فأمه
كريمة (صاحب الرياض) قدس سر. ونشأ للعلم والزعامة والشرف
والسؤدد، حتى أصبح الزعيم الروحي المطلق في كربلا، والنجف الأشرف
جم الأيادي والفضل على هذين البلدين، ما عرضت عليه مشكلة سياسية
أو اجتماعية أو اقتصادية أو دينية - إلا وتنفرج على يديه السخيتين، وتتقشع
بنور فكره الوضاء. وكان أيضا من الأدباء الشعراء وله شعر كثير مدون
في بعض المجاميع الخطية الموجودة لدى آله الكرام.
ورد مدحه على ألسنة كثير من شعراء عصره، منهم الشيخ جواد محي الدين، والشيخ حسين الدجيلي، والشيخ محسن الخضري، والسيد أحمد
السيد راضي القزويني، والشيخ محمد النقاش، والشيخ أحمد قفطان، وابن
عمه السيد إبراهيم الطباطبائي، والشيخ محمد سعيد الإسكافي (1)

(1) ومن الجدير بالذكر: ان الشيخ محمد سعيد الإسكافي يمدحه بموشحة
طويلة مطلعها:
- عج على الوادي بجرعاء الحمى * واحبس الركب بوادي الأجرع -
يستعرضها الأستاذ الخاقاني في (شعراء الغري 9 / 98) وفى هامش
الصفحة يقول... - عن الممدوح -: هو ابن السيد رضا ابن السيد محمد مهدي
بحر العلوم... ويأتي على ترجمة السيد علي - صاحب البرهان - بعنوان
السيد علي نقي. وذلك من شطحات السرعة وعدم التثبت.
145

قتل في كربلا برصاصة خائنة أطلقها عليه بعض أشرار النجفيين
لقاء عواطف شخصية، وذلك في ليلة القدر من الشهر المبارك سنة 1294
فكان للحادثة الأليمة وقع ممض في النفوس، وحمل جثمانه الشريف إلى النجف
الأشرف على الأعناق. واستقبله النجفيون وشيعوه إلى مثواه الأخير في
" مقبرة الأسرة " وعقدت له مجالس الفاتحة في كربلا والنجف الأشرف من عامة
الطبقات. ورثاه كثير من الشعراء، كالشيخ حسين الدجيلي، والشيخ محمد
سعيد الإسكافي، والشيخ ميرزا محمد الطهراني، وغيرهم.
خلف ولدين: السيد هادي، والسيد محمد علي، وبنتين: زوجة
الحجة المفضال السيد محمد باقر الطباطبائي آل صاحب الرياض، وزوجة
العلامة السيد محمد مهدي ابن الحجة المحقق السيد محمد بحر العلوم - صاحب البلغة -
8 - السيد عبد الحسين ابن السيد حسين بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(... حدود 1325) ولد في النجف الأشرف، ودرس العلم والأدب حتى برع فيهما.
وتزوج امرأة من " بيت معلة " من النجفيين ولكنه توفي، ولم يعقب، ودفن
في " مقبرة الأسرة ".
9 - السيد موسى ابن السيد حسين بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
"... حدود 1320 ".
ولد في النجف الأشرف، ودرس العلم في مدارسها الزاخرة وتزوج
امرأة إيرانية لم يعقب منها، توفي في النجف الأشرف، ودفن في " مقبرة الأسرة "
10 - السيد محسن ابن السيد حسين بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(1226 - 1318)
ولد في النجف الأشرف، ونشأ على مدرسة أبيه العلمية والأدبية
والأخلاقية، فجاء نموذجا واضحا لأبيه من حيث الفضل والأدب والورع
146

وحسن السلوك.
تلمذ في الأصول والفقه على أئمة المسلمين وقادة العلم - يومئذ -
كأبيه الحجة الحسين، وعمه الفقيه صاحب البرهان، والحجة المجدد شيخنا
الأنصاري، والمرجع الأعلى السيد الشيرازي - قدس الله أسرارهم - حتى
عد في طليعة المجدين المجتهدين في انتهال تلكم المناهل الثرة، ومن المرموقين
في أفق العلم والأدب. مدحه كثيرا من شعراء عصره، منهم الشيخ محمد صالح
محي الدين المتوفى سنة 1337.
توفي في النجف الأشرف 21 محرم الحرام سنة 1318، ودفن في
(مقبرة الأسرة)
خلف - من ابنة عمه الحجة السيد علي صاحب البرهان -: السيد
محمد مهدي: وبنتا واحدة.
11 - السيد محمد ابن السيد جواد بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(... - 1349)
ولد في كربلا، ونشأ في كنف أبيه حيث الفضيلة، والزعامة
والتقوى. وتزوج بنت الحجة السيد أبي القاسم الطباطبائي آل صاحب
الرياض - رحمه الله - ولم يعقب منها ذكرا.
توفي في النجف الأشرف، ودفن في " مقبرة الأسرة ". ورثاه شعراء
عصره، منهم الشيخ عبد الحسين الحويزي، وغيره.
12 - السيد محمد ابن السيد محمد تقي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(1261 - 1326)
ولد في النجف الأشرف ليلة الأحد 24 من محرم الحرام سنة 1261 ه‍
من أبوين عريقي مجد ونسب، وكان آية في العلم، مفخرة في الذكاء،
ملاكا في القدسية، روعة في الأخلاق الاسلامية. تلمذ في الأصول والفقه
147

على الحجج الأعلام: عمه السيد علي بحر العلوم صاحب البرهان - ويروى
عنه بالإجازة - والفقيه الشيخ راضي، والسيد حسين الترك الكوه كمري.
وفي سطوح الأصول: على الميرزا عبد الرحيم النهاوندي. واختص في العلوم
العقلية والفلسفية بالحكيم الآلهي الميرزا محمد باقر النجفي.
وما ان بلغ العشرين من عمره الشريف حتى أصبح يشار إليه بالبنان
من حيث الفضل والأدب والأخلاق السامية.
وتولى - بعد وفاة عمه السيد علي صاحب البرهان - زعامة الحوزة
العلمية في النجف الأشرف وأنيط به أمر التدريس والبحث العلمي، فاستقل
بالزعامة المطلقة، والمرجعية في التقليد.
وله أياد جمة على أهالي النجف الأشرف عامة، وعلى أهل العلم
خاصة، من حيث كان يعول بكثير من بيوت الفقراء ويرعى الأيتام والأرامل
ويحل المشاكل الاجتماعية بحيث كانت داره عامرة بوجوه النجفيين من عامة
الطبقات، وينحني أمام عظمته كل مفرق رفيع، وحتى أرباب الدولة كانت
ترجو رضاه وتطلب عفوه، من حيث أثره الاجتماعي في النفوس.
وهو الذي فرض على الدولة - يومئذ - قانون إعفاء طالب العلم عن الخدمة
العسكرية، فكان كل من يحمل توقيعه الشريف من أهل العلم يعفى عن ذلك.
كان مجدا في التدريس والبحث والتأليف، حتى أنه ما كان يفتر
عن ذلك وشبهه من الأمور الدينية والاجتماعية، ليل نهار. وربما كان
يقطع الليل كله في المطالعة والتحقيق والتأليف حتى فقد بصره - في
أخريات حياته -.
وكان محيطا بعامة العلوم العقلية والنقلية. قال السيد الأمين في " أعيان
الشيعة ": "... سمعته - مرة - يقول نظرت في أكثر العلوم حتى
الطب، ثم تركت النظر فيه، لأنه ليس لي فرصة للتعمق فيه... "
148

كانت عنده مكتبة ضخمة من أعظم مكتبات العراق من حيث
احتوائها على صنوف الكتب، وأنواع المخطوطات، ولقد كتب عن أهميتها
جرجي زيدان في " آداب اللغة العربية ج 4 " وقال عنها سيدنا الأمين في
" أعيانه ": " ولم يكن في العراق أجمع منها لكتب الفقه والأصول والحديث ".
وبعد وفاته تبعثرت بالبيع والإهمال، حتى لم يبق لها عين ولا أثر.
من آثاره - رحمه الله -: مجموعة محاضراته اليومية في أبواب متفرقة
من الفقه، جمعها باسم " بلغة الفقيه ". وهي - حقا - من أعظم الكتب
العلمية الحاوية لأهم الأبواب الفقهية الدقيقة. طبعت في إيران ونفدت نسخها
وسيعاد طبعها من قبل " مكتبة العلمين " بتحقيق وتعليق سماحة آية الله
الورع السيد محمد تقي بحر العلوم - أيده الله تعالى -.
وكان - بالإضافة إلى مؤهلاته العلمية - أريحي الطبع، مرن السلوك
بهي المنظر، مترف اللباس، مترف الأخلاق، يملأ المجلس بالهيبة والوقار.
مدحه عامة شعراء عصره - نثرا وشعرا -، أمثال: السيد محمد علي
ابن السيد أبي الحسن الحائري العاملي، والشيخ عباس الصفار الزيوري
البغدادي، الشيخ طاهر الدجيلي، والشيخ محمد صالح محي الدين، والشيخ
عبد الحسين الحويزي، والسيد رضا الهندي، والسيد باقر الهندي، والشيخ
إبراهيم اطيمش، والشيخ جواد الشبيبي، والسيد أحمد القزويني، والشيخ
محمد سعيد الإسكافي، والسيد جعفر الحلي، والخطيب الشيخ كاظم سبتي
والسيد موسى الطالقاني، والشيخ محمد زاهد، والشيخ محمد شرع الاسلام
وغيرهم كثير ممن لا يسعه المقام - تغمدهم الله برحمته -.
توفي - رحمه الله - ليلة الخميس 22 شهر رجب سنة 1326 ه‍ بموت
الفجأة، فكان لموته وقع ممض في عامة أنحاء العراق من عامة الطبقات.
ودفن في " مقبرة الأسرة " في النجف الأشرف. وعطلت لفقده الأبحاث
149

العلمية أياما، وأقيمت على روحه الطاهرة عشرات الفواتح، ورثاه عدد
غفير من شعراء عصره، أمثال: الشيخ يعقوب ابن الحاج جعفر النجفي
والشيخ محمد حسين سميسم، والشيخ عبد الحسين الحويزي، والشيخ حسن
ابن الشيخ علي الحلي، والسيد رضا الهندي - رحمهم الله تعالى -
خلف - قدس سره - من الذكور خمسة: السيد مهدي، والسيد مير علي
والسيد جعفر - من ابنة عمه الحجة السيد علي صاحب البرهان - والسيد
عباس، والسيد حسن - من زوجتين أخريين - ومن الإناث ثلاثا: زوجة
السيد هادي، وزوجة السيد محمد علي - ولدي السيد علي نقي بحر العلوم -
وزوجة السيد محمد مهدي ابن السيد حسن ابن السيد محمد تقي بحر العلوم
13 - السيد محمد باقر ابن السيد علي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(... - 1291)
ولد في النجف الأشرف، وتربى في مدرسة والده - العيلم - وتلمذ
في الفقه والأصول عليه، وعلى علماء عصره المبرزين، حتى كان من عيون
الفضلاء المرموقين في الحوزة العلمية.
عاجله القدر المحتوم - في حياة والده - فتوفي في " طهران " - في طريقه إلى زيارة الإمام الرضا عليه السلام - ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف
حيث مثواه الأخير (في مقبرة الأسرة).
ورثاه شعراء عصره، أمثال: الشيخ محمد سعيد الإسكافي، وابن
عمه السيد إبراهيم بحر العلوم الطباطبائي، والسيد أحمد بن السيد ميرزا صالح
القزويني، والشيخ أحمد قفطان، وغيرهم.
خلف - رحمه الله - من بنت عمه السيد حسين -: ولده السيد جعفر
وبنتا تزوجها الشيخ حسن حفيد الشيخ (صاحب الجواهر) رحمه الله.
14، 15 - السيد مهدي، والسيد ميرزا، ولدا السيد عبد الحسين
150

ابن الرضا ابن السيد بحر العلوم (توفيا - متعاقبين - بعد سنة 1325).
ولدا في النجف الأشرف، بسنين متقاربة، وأكبرهما السيد مهدي
ونشآ في كربلا، وتوفيا فيها، ودفنا في مقبرة (آل بحر العلوم وآل صاحب
الرياض). وتزوجا، ولم يعقبا مطلقا - تغمد هما الله برحمته -
16 - السيد هاشم ابن السيد علي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(1255 - 1284)
ولد في النجف الأشرف 23 ذي القعدة سنة 1255 ه‍ وتربى على
مدرسة أبيه الزاخرة بالعلم والأدب. وحضر على الإمام الحجة السيد الحسن
الشيرازي - قدس سره - فكان من عيون تلاميذه، ومن طلايع مقرري بحثه.
من آثاره المخطوط: رسالة في الأصول، وتقريرات بحث أستاذه
الشيرازي، ورسائل أخر في الأصول والفقه.
قال الحجة الثبت السيد محمد صادق بحر العلوم - حفظ الله -: في
" الدرر البهية ":... رأيت له تقريرات أستاذه المذكور (أي
الشيرازي) في جملة من مباحث الأصول، كمبحث مقدمة الواجب، ومبحث
الاجزاء، ومبحث دلالة النهي على الفساد، ومبحث مفهوم الشرط، ومبحث
جواز العمل بالعام، ومبحث القطع ومبحث حجية ظواهر الألفاظ، ومبحث
الاجماع المنقول، ومبحث الشهرة الفتوائية، ومبحث مخصصات العام
ومبحث الخبر الواحد، ومبحث الضد، وكان أستاذه الكبير يستحسنها، وأمر
المولى محمد تقي القمي بنسخها... "
وقال الحجة الثبت العلامة المتتبع السيد الحسن الصدر الكاظمي
في (تكملة أمل الآمل): " رأيت له رسالة حجية الظن تدل على كمال في
فضله وغوره ".
عاجله القدر المتاح - في حياة والده - فكان لفقده الأثر المحسوس
151

على الحوزة العلمية في النجف الأشرف، ودفن في (مقبرة الأسرة) ورثاه
جملة من شعراء عصره، أمثال: الشيخ صادق الأعسم، والشيخ محسن
الخضري، والشيخ علي المطيري الحلي، والشيخ حسين الدجيلي، والسيد
صالح الغريفي البحراني، والشيخ محمد سعيد الإسكافي العطار، والشيخ أحمد
قفطان والخطيب الشيخ كاظم سبتي - رحمهم الله -
ولد له - من ابنة عمه السيد محمد تقي بحر العلوم -: أربعة أولاد
السيد زين العابدين، والسيد صادق، والسيد أسد - ماتوا في حياة أبيهم -
والسيد جواد - مات بعد أبيه بقليل - فانقطع لذلك عقبه.
الطبقة الرابعة:
1 - السيد حسن ابن السيد إبراهيم ابن السيد حسين بن الرضا ابن
السيد بحر العلوم (1282 - 1355)
ولد في النجف الأشرف أواخر ذي الحجة سنة 1282 ه‍ ونشأ في
رعاية أبيه - العيلم - حيث الفضل والأدب والخلق السامي.
حضر على أبيه العلوم الأدبية، وفي الفقه والأصول تلمذ على مراجع
شرع الحنيف - يومئذ - أمثال: شيخ الشريعة الأصفهاني، والسيد محمد
كاظم اليزدي الطباطبائي، والشيخ عبد الله المازندراني - رحمهم الله -
وبرع واشتهر بالأدب والشعر وولع أكثر بأدب التاريخ، فكان
فارسه المجلي في عامة حلباته.
ولقد ورث عامة أخلاق أبيه الشامخة، من عزة وإباء، وعفة وورع
وسخرية بفضول الحياة وقشور المجاملات الفارغة، فكان صلب الواقعية
خشن العارضة، لا تأخذه تجاه الحق لومة لائم.
ولقد مدحه أبوه (مفخرة الشعراء) والشاعر الجزل السيد جعفر الحلي
152

والشيخ محمد صالح محي الدين، النجفي، وغيرهم بمناسبة زفافه.
من آثاره: ديوان شعر صغير يناهز الألف بيت، أغلبه في أدب
التاريخ ورثاء أهل البيت عليهم السلام، توجد نسخته الخطية في مكتبة
ولده الحجة المحقق السيد محمد صادق بحر العلوم - حفظ الله -
توفي في النجف الأشرف 19 جمادى الأول سنة 1355 ه‍ ودفن في
(مقبرة الأسرة)، وأقيمت له الفواتح العديدة، ورثاه كثير من الشعراء
أمثال العلامتين الأديبين: الشيخ جعفر نقدي رحمه الله، والسيد علي نقي النقوي
اللكهنوي - حفظ الله -
خلف - رحمه الله - من ابنة عمه الحجة السيد محمد تقي بحر العلوم -:
السيد محمد باقر، والسيد محمد صادق، والسيد محمد تقي، وبنتا واحدة
تزوجها ابن عمها السيد رضا ابن السيد محمد بحر العلوم.
2 - السيد حسن ابن السيد محمد ابن السيد محمد تقي بن السيد رضا
ابن السيد بحر العلوم (... - 1377 ه‍)
ولد في النجف الأشرف، ونشأ فيها ودرس بعض المقدمات، ثم
هاجر إلى طهران، فتعين هناك في أحد مناصب الحكومة المرموقة، وظل
إلى أن توفاه الله في جمادى الثانية من سنة 1377 ه‍، ودفن في مقبرة
الشاه عبد العظيم الحسني، ولم يعقب من النسل شيئا.
3 - السيد جعفر ابن السيد محمد باقر ابن السيد علي ابن الرضا ابن
السيد بحر العلوم (1289 - 1377) ولد في النجف الأشرف 29 محرم من سنة 1281 - كما وجد بخط
جده السيد على بحر العلوم - صاحب البرهان - ومات أبوه - وهو طفل
صغير - فرباه جده السيد علي، وناهيك بتلك التربية من حيث العلم
والأخلاق الاسلامية، والسيادة والشرف والكرامة، والمجد، والايمان والتقوى
153

حضر في الفقه والأصول على علماء عصره الفطاحل، ومراجع التقليد
-
يومئذ - نخص بالذكر من بينهم آيات الله العظام: السيد كاظم اليزدي
الطباطبائي - صاحب العروة - والسيد محمد آل بحر العلوم - صاحب البلغة -
والشيخ محمد كاظم الخراساني - صاحب الكفاية وله كتابات وتقريرات بحثي
الطباطبائي، والخراساني في الفقه والأصول. وعنده من السيد اليزدي والسيد محمد
- صاحب البلغة - إجازة رواية، واجتهاد توجد صورتها في مجاميع آله الخطية.
كان - قدس سره - دمث الاخلاق، جامعا، حاويا لعامة العلوم
الاسلامية، مطلعا، على التاريخ وتراجم الرجال، وله اطلاع واسع في علم
الدراية والحديث.
من مؤلفاته المطبوعة: كتاب تحفة العالم في شرح خطبة المعالم
جزءان ضخمان جامعان لكثير من المعلومات والمواضع القيمة بحيث لاغناء
للباحث والعالم عنها، وكتاب أسرار العارفين في شرح دعاء كميل بن زياد
وكتاب بغية الطالب في حكم اللحية والشارب.
ومن مؤلفاته المخطوطة: شرح نجاة العباد في المواريث، جزءان، وهو
كتاب نفيس، وكشكول حاو لعامة المعارف، وهو من التحف النادرة
وغيرهما من المؤلفات الجليلة والرسائل النفيسة، لا تزال مخطوطة.
وكانت عنده مكتبة ضخمة من أجمع وأنفس مكتبات العراق
- يومئذ - من حيث اشتمالها على نفائس المخطوطات، وأضافها ولده المرحوم
فضيلة السيد هاشم بحر العلوم، فجاءت كأعظم وأفخم مكتبة يمكن
الاستفادة منها. وهي موجودة - حتى اليوم -
توفي - قدس سره - يوم الاثنين 5 ربيع الأول سنة 1377 ه‍ فأثر
فقده في الأفق العلمي تأثيرا بالغا بحيث عطلت لفقده الدروس والأبحاث
الخارجية ثلاثة أيام، وشيع جثمانه بأفخم تشييع، ودفن في " مقبرة الأسرة "
154

وأقيمت له الفواتح العديدة من عامة طبقات النجفيين.
خلف من الذكور: السيد هاشم، والسيد مهدي، ومن الإناث: بنتا
واحدة، هي زوجة الحجة الجليل السيد علي ابن آية الله السيد محمد كاظم
اليزدي الطباطبائي - رحمه الله عليهما -
4 - السيد جعفر ابن السيد محمد ابن السيد محمد تقي بن الرضا ابن
السيد بحر العلوم (... - 1334)
ولد في النجف الأشرف، ونشأ على أبيه، وأخذ يمتار من علومه
الزخارة أكثر من عامة ولده وتلاميذه، لأن أباه السيد محمد صاحب البلغة
كان يعتمد عليه في إملاء دروسه، ومراجعاته العلمية، فكان ولده السيد
جعفر - هذا - عين أبيه الناظرة، ويده المحررة، ولسانه الناطق، بل كان
هو الكل في الكل في إدارة شؤون أبيه العلمية، والاجتماعية، والدينية.
فما إن ناهز العشرين من سنه حتى عرف في الأوساط العلمية بالجد
والاجتهاد، والتدريس والبحث، والتأليف، والتحقيق، والتدقيق، بحيث
أصبح ثقلا علميا لا يوازن بنظائره، وعينا من عيون العلماء، وروعة من
روائع التأريخ من حيث الذكاء والفطنة ومزيد الكمال والإحاطة بعامة
العلوم الاسلامية.
ولقد حوى شرفي السيادة والكمال من أبويه، فأبوه الحجة العيلم
- صاحب البلغة - وأمه بنت الحجة السيد علي صاحب البرهان.
ولم تطل - ويا للأسف - أيامه حتى اختطفه القدر في النجف الأشرف
سنة 1334 ه‍ ودفن في " مقبرة الأسرة " تغمده الله برحمته.
خلف - من العلوية بنت السيد محمد طاهر صهر الشيخ مرتضى الأنصاري -
من الذكور: السيد موسى، ومن الإناث: بنتين: زوجة السيد محمد صالح
ابن السيد مهدي ابن السيد محسن بحر العلوم، وزوجة السيد ميرزا علي
155

ابن السيد عباس بن السيد محمد بحر العلوم - صاحب البلغة -. 5 - السيد جعفر ابن السيد حبيب ابن السيد جواد بن الرضا بن السيد
بحر العلوم.
ولد في كربلا سنة 1343 ه‍، ولا يزال فيها من أهل العلم والسيادة
وربما يزاول الكسب والتجارة في الخفاء، وله مكانة اجتماعية بين الكربلائيين
وله من الأولاد ثلاثة: السيد هاشم، والسيد ضياء، والسيد محمد،
وهم في طريقهم إلى التخرج من الصفوف الثانوية.
6 - السيد جواد ابن السيد حبيب ابن السيد جواد بن الرضا بن السيد
بحر العلوم.
ولد في كربلا سنة 1335 ه‍ ولا يزال فيها يزاول تحصيل العلوم
الدينية، ومكانته الاجتماعية بين الكربلائيين محترمة.
أولاده ثلاثة: السيد محمد رياض، والسيد محمد صلاح، والسيد
محمد علي، ولا يزالون يواصلون دراستهم في المدارس الابتدائية والثانوية
7 - السيد حمود ابن السيد جعفر ابن السيد محمد على ابن الرضا
ابن السيد بحر العلوم.
ولد في النجف الأشرف، ونشأ فيها نشأة علمية وتوفى فيها، ودفن في " مقبرة الأسرة " أمه بنت الحجة السيد حسين ابن السيد رضا بن السيد
بحر العلوم. وتزوج، ولكنه لم يعقب مطلقا.
8 - السيد عباس ابن السيد حسين ابن السيد علي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
ولد في إيران، وجاء إلى النجف الأشرف زائرا، ورجع إلى طهران
وتوفي بعد سنة 1350 ه‍، ودفن في مقابر السيد عبد العظيم الحسني (ره) تزوج في طهران، ولكنه لم يعقب ذكرا، وانقطع بذلك نسله
156

9 - السيد عباس ابن السيد محمد ابن السيد محمد تقي بن الرضا ابن
السيد بحر العلوم (1302 - 1343)
ولد في النجف الأشرف في بيت علم وسيادة، ودرس فيها مقدمات
العربية والمنطق والأصول والفقه على أيدي المتخصصين في ذلك، فعد من
الفضلاء ثم هاجر - أيام شبابه - إلى مصر، وسكن القاهرة مدة تزيد على
العشرة أعوام ورجع إلى النجف، فبقي فيها مدة سنة، ثم قضى أيام حياته
في كربلا إلى أن توفى فيها يوم 21 رمضان سنة 1343 ودفن عند رجلي
الشهداء محاذيا لقبر جده السيد مرتضى والد السيد بحر العلوم، قدس سره.
خلف من الذكور ثلاثة: السيد ميرزا علي، والسيد فاضل - من
زوجته الأولى بنت السيد أحمد سبط الشيخ الأنصاري - والسيد محمد حسن - من زوجته المصرية -
10 - السيد محمد ابن السيد إبراهيم ابن السيد حسين بن الرضا بن
السيد بحر العلوم (... - 1345)
ولد في النجف الأشرف، ونشأ فيها نشأة علمية على يد أبيه وأعمامه
الكرام، وقرأ مقدمات الفقه والأصول والعلوم العربية، وذلك في إبان شبابه
وشاءت الصدف الحسنة أن يتزوج بنت " الشيخ ستار " - زعيم آل
عباس فرع بني حسن في الهندية - يومئذ - بطلب وإلحاح من الزعيم نفسه
عليه وعلى أبيه السيد إبراهيم الطباطبائي، قصدا للتشرف بهذه الصلة العلوية
كما وان الزعيم - هذا - زوج بنته الأخرى إلى العالم الوجيه السيد هادي
ابن السيد صالح القزويني في الهندية، ولقد أعطى السيد محمد - هذا -
- تكريما إلى بنته - جملة غير قليلة - من الأراضي والبساتين.
وبعد أن تزوج سيدنا السيد محمد، وتملك الأراضي والبساتين أصبح
- بحكم الضرورة - مقيدا بها وبإدارتها، فانتقل - بدوره - من النجف
157

الأشرف إلى أراضيه الكائنة بين كربلا وطويريج من نواحي (الهندية) فبنى
هناك داره المعمورة بالكرم والحفاظ، وظل يرشد الملأ، ويعلمهم المفاهيم
الاسلامية، ويقول لهم كلمة الحق، ورسالة الشرع، محترم الجانب، مهيبا
قوي العارضة، كريم الطبع والنفس واليد، كثير الكرامات، يتبركون
بداره، ويخشون غضبه، ويرجون رضاه. وظل يتردد إلى النجف كثيرا
إلى أن توفاه الله يوم السبت 21 جمادى الأولى سنة 1345 عن عمر يناهز
السبعين، فكان لموته أثر بالغ في تلك النواحي العربية وهرعت تلك الجموع
الغفيرة لتشييعه إلى النجف الأشرف ودفن في " مقبرة الأسرة " وأقيمت
له الفواتح في النجف والهندية، تغمده الله برحمته.
خلف من الذكور: السيد رضا، والسيد علي، ومن الإناث زوجة
السيد محمد صادق، وزوجة السيد محمد تقي - ولدي أخيه السيد حسن - وبنتا أخرى توفيت في حياة أبيها.
11 - السيد مير علي ابن السيد محمد ابن السيد محمد تقي بن الرضا
ابن السيد بحر العلوم.
ولد في النجف الأشرف، ونشأ على يد والده الحجة العيلم، ودرس
العلوم الإسلامية على علماء عصره - يومئذ - وكان آية في الذكاء، وأعجوبة في
هضم المسائل العلمية وتلقى العويصات من المشاكل، وكان - هو وأخوه
المهدي - محل اعتماد أبيهما في تحرير أبحاث (البلغة) حتى فقدهما في حياته
- وبعد لم يكملا شوطهما الأخير في جهادهما العلمي - فقد ولده السيد
مير علي هذا بعد أخيه المهدي، ورثاهما معا في آخر رسالة الولاية من
كتاب " البلغة " فقال: " فمما أصبت به - عند اشتغالي بالولاية أن فجعت
بولد وأي ولد، روح له اللطف جسد، علي الاسم والسمة. لم اسمع في
حبه لا ولا لمه، نشأ أكرم منشأ، ويعرف حسن المنتهى بحسن المبدأ،
158

غاص في بحار الفقه على الخفايا، وبجودة الفكر أبرزها وجال في ميادين
العلم لاحراز الغاية فأحرزها، ورثاه بعض العلماء (1) بقصيدة أولها:
- ألم يكف بالمهدي ما فعل الردى * فثنى وأشجى في علي محمدا -
فأقام فقده وأقعد، وغار الحزن بقلبي وأنجد.
- ما غاب عني أنما شوقه * يمثله عندي على شكله -
- فأطلق الدمع لفقدانه * وأحبس القلب على ثكله -
- ما كنت بالجازع لو لم أكن * فجعت بالمهدي من قبله -
- لا يبرأ الأسوان جرح الحشى * إن وقع الجرح على مثله -
أصبت به - ولما يندمل جرح أخيه، وحصلت منهما على ضد ما أرتجيه
كنت ارتجى أن يكونا أكرمي خلف عن أكرم سلف، يستكملان تليد الفضل
والطريف، ويرفعان قواعد الدين الحنيف:
- فكان غير الذي قدرت من أمل * " ماكل ما يتمنى المرء يدركه " -
- وطنت نفسي لما يجرى القضاء به * رضا بما يفعل المولى ويتركه -
- قد يصعب المهر أحيانا وفارسه * يلوي الشكيم على شدقيه يعركه -
12 - السيد محمد على ابن السيد على نقى ابن السيد محمد تقي بن
الرضا بن السيد بحر العلوم (1287 - 1355)
ولد في النجف الأشرف، ونشأ في بيت أبيه - بيت العز والسيادة
ومنهل العلم والأدب - وترعرع في بلاد الغري، التربة الطاهرة الثائرة على
الأعداء والمستعمرين، فشب - وهو ثورة على المستعمرين والمستغلين -
وما إن درس مقدمات العلم والأدب علي أيدي المتخصصين - يومئذ -

(1) المقصود: هو العلامة الشاعر الورع السيد رضا ابن السيد محمد
الهندي النجفي المتوفى سنة 1362 ه‍
159

حتى انصرف إلى الزعامة السياسية، والقيادة الاجتماعية فأعطاهما، حقهما من
حيث العمل والاستمرار، والفناء في الواقع المرير، والمصير الحاسم.
وظل في النجف الأشرف زعيما كبيرا من زعمائه السياسيين والاجتماعيين
محترم الجانب رهيب السيطرة من عامة طبقات المجتمع، تعنو لعظمته
الرقاب، وتهفو له القلوب والآراء، فما تكون مشكلة اجتماعية أو دينية
إلا وهو لها ولحسمها قبل كل أحد.
وما إن تحل " ثورة العشرين " أي سنة 1340 ه‍، إلا وهو القائد
الأعظم ضد الانگليز يحمل العلم الخفاق، والجيش من خلفه، فلم يمر
طرف من تأريخ الثورة الوطنية، إلا ولسيدنا الأثر البالغ والدخل الصميم
في شؤونها وسيرها، بحيث لا نستطيع استعراض المستمسكات لضيق المجال
وفى كتب التاريخ كفاية عن العرض.
وعند احتلال الانكليز هذه التربة الطاهرة ضيقت الخناق على سيدنا
- أبى ضياء - حتى كبل بالحديد أياما، وسجن أشهرا عديدة، وسفر
- مثلها - إلى خارج العراق وجيئ به إلى النجف الأشرف، فحكم عليه
بالاعدام مع من حكم عليه، وعفي عنه أخيرا.
ويتأسس الحكم الوطني - بعد ثورة العشرين - بتوقيع واستشارة من
عيون الزعماء الوطنيين، وقادة الثورة - وفى طليعتهم زعيمنا الديني الكبير -
فينتدب لعضوية " مجلس الأعيان العراقي " - بعد حين - فوافق باصرار
من العلماء عليه ليكون رصيدا ضخما للقضايا الدينية والاجتماعية في بغداد
وفعلا، كان الذي أرادوا، فإذا، " أبو ضياء " الصلة الوحيدة بين علماء
النجف الأشرف وعامة طبقات الشعب، وبين جهاز الدولة في بغداد.
مدحه عامة شعراء عصره، أمثال: الشيخ علي الشرقي، والسيد
هادي ابن السيد صالح القزويني، والسيد عباس البصري العبدلي
160

والشيخ عبد الحسين الحويزي
توفى في بغداد في العشرة الأولى من محرم سنة 1355 ه‍ فارتج
لفقده العراق بأسره، وحزن له القريب والبعيد، وشيع في بغداد من
مختلف طبقاتها. ونقل إلى النجف الأشرف، وعطلت النجف أسواقها ثلاثة
أيام، وخرجت لاستقبال نعشه إلى خارج البلد - على بكرة أبيها - وشيعت
زعيمها العطوف ووالدها الحنون بمواكب العزاء واللطم والعويل إلى حيث
مثواه الأخير في " مقبرة الأسرة ".
وحزن عليه " مجلس الأعيان العراقي " وأوقف جلسته خمس دقائق
حدادا لركنه المنهد وعضوه الفعال، وبعث إلى آله الكرام باسم الرئيس
برقية التعزية التالية:
ديوان مجلس الأعيان
الرقم: 174
التاريخ: 8 محرم 1355 - 31 آذار 1936
بعد التحية - الموضوع -
أوقف " مجلس الأعيان " جلسته المنعقدة في 30 آذار سنة 1936
خمس دقائق، حدادا على وفاة المرحوم السيد محمد علي آل بحر العلوم.
وقد حزن أشد الحزن للخسارة التي مني بها بفقد أحد أعضائه العاملين
الذي ترك بيننا أحسن الذكر، وأطيب الأثر، فقرر أن ينيب مقام الرئاسة
في تحرير هذا الكتاب، معبرا عن شعور جميع أعضائه، وأسفهم لهذه
الفجيعة. فنحن نبتهل إلى الله تعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويلهم
أفراد أسرته - جميعا - الصبر الجميل.
رئيس مجلس الأعيان
الصدر
161

وأقيمت له عشرات الفواتح في عامة أنحاء العراق، ورثاه كثير من
الشعراء، كالحجة المرحوم الشيخ محمد رضا المظفر، والحجة الشيخ محمد
طاهر آل شيخ راضي، والحجة السيد محمد جمال الهاشمي، والأديب
الفاضل السيد محمد الأعرجي، والخطيب اللامع الشيخ جواد قسام، وفضيلة
الشاعر السيد أحمد الهندي، والشاعر السيد محمد الهندي، وشيخ الشعراء
الشيخ عبد الحسين الحويزي، وغيرهم كثير ممن لا يسعنا ذكره.
خلف - رحمه الله - ثلاثة أولاد، وثلاث بنات: السيد ضياء الدين
- من زوجته الأولى بنت عمه السيد محمد صاحب البلغة - والسيد شمس الدين
والسيد غياث الدين، وزوجة ابن أخيه السيد ميرزا ابن السيد هادي بحر العلوم
وزوجة الدكتور السيد محمد باقر ابن السيد مهدي بحر العلوم، وثالثة
لا تزال غير متزوجة - كل أولئك من زوجته الثانية بنت العلامة المرحوم
السيد ميرزا الطالقاني النجفي.
13 - السيد محمد مهدي ابن السيد حسن ابن السيد محمد تقي بن
الرضا ابن السيد بحر العلوم (1283 - 1351).
ولد في كربلا، وانطلق إلى دراسة العلم والأدب وبعض المعارف
الأخرى. واشتراك في " ثورة العشرين ". وعين بعد ذلك وزيرا للمعارف
في وزارة عبد الرحمن النقيب وبقي - بعد سقوط وزارة النقيب - في كربلا
زعيما اجتماعيا مسموع الكلمة، إلى أن توفاه الله سنة 1351 ه‍، ودفن
في (مقبرة آل بحر العلوم وآل الطباطبائي) في كربلا. ورثاه جملة من
الشعراء، كالشيخ عبد الحسين الحويزي، وابن عمه السيد حسن ابن السيد
إبراهيم بحر العلوم الطباطبائي.
خلف - رحمه الله - ولدا واحدا فقط، هو السيد محمد صالح
بحر العلوم.
162

14 - السيد مهدي ابن السيد محسن ابن السيد حسين بن الرضا ابن
السيد بحر العلوم (1302 - 1335)
ولد في النجف الأشرف، ونشأ فيها نشأة علمية، وأدبية، ودرس
الفقه والأصول والتفسير وعلوم العربية على علماء عصره، منهم الحجة السيد
محمد - صاحب البلغة - والحجة الشيخ عبد الهادي الهمداني المعروف ب‍
(الشيخ عبد الهادي شليلة) والشيخ الآخوند الخراساني، وكان من أبرز
تلاميذ هؤلاء العلماء الفطاحل.
يمتاز بفهم وقاد وذهنية عجيبة وعبقرية تكاد تلحقه بالأفذاذ النوادر
وكان كثير التدريس والمناقشة والمحاورة بحيث إذا جلس في مجلس غير
مجراه إلى مدرسة وبحث ومناقشة، وكان كثير التلاميذ يتهافتون على
التشرف بدرسه، والأخذ بعلومه الزاخرة وآدابه الرفيعة.
من مؤلفاته - وهي كثيرة -: حاشية على المعالم في الأصول، ومنظومة
في الأصول مع شرحها.
توفي في النجف الأشرف في العشرة الأولى من شهر محرم 1335
بمرض الاستسقاء ودفن في (مقبرة الأسرة) فقيد اليقظة والفتوة والعلم.
خلف - من زوجته بنت السيد هادي بحر العلوم - السيد محمد صالح
وبنتا واحدة، هي زوجة الأستاذ السيد جواد ابن المرحوم السيد محمد العاملي النجفي
15 - السيد مهدي ابن السيد محمد تقي بن الرضا ابن
السيد بحر العلوم (... - 1313)
ولد في النجف الأشرف، ونشأ فيها، وتلمذ على والده - العيلم -
وعلى بعض علماء عصره، حتى إذا أصبح معدودا في المرموقين من أهل
الفضل والأدب انتقل إلى " سامراء " أيام السيد الشيرازي - قدس سره -
فتلمذ عليه مدة - غير قليلة - وكان هناك من المدرسين العظام، وممن
163

يعتمد عليهم السيد الشيرازي في عامة شؤونه:
وحين توجه والده إلى زيارة الإمام الرضا عليه السلام، استدعاه
إلى النجف الأشرف ليقوم مقامه في إدارة شؤونه العلمية والاجتماعية والعائلية
فرجع امتثالا لأمر أبيه، وبقي في النجف الأشرف مجتهدا مجدا في الدرس
والتدريس إلى آخر حياته
مدحه شعراء عصره الفطاحل كالشيخ عبد الحسين الجواهري، والسيد
جعفر الحلي، والشيخ جواد الشبيبي، والسيد أحمد القزويني، والشيخ باقر
حيدر - تغمدهم الله برحمته -
توفي في بغداد - بمرض في رجليه - فشيع في بغداد تشييعا فخما
ودفن في صحن الكاظميين عليهما السلام في " الحجرة " التي على يسار
الداخل إلى الصحن الشريف من جهة صحن قريش، فحزن عليه والده العظيم
حزنا بالغا يظهر أثر وقعة في تأبينه العاطفي له ولأخيه السيد مير علي
كما ذكرناه بنصه في ترجمة السيد مير علي. وأقيمت له عشرات الفواتح
في النجف وكربلا وبغداد والكاظمية.
ورثاه كثير من شعراء عصره البارزين نذكر منهم: السيد رضا الهندي، والسيد مهدي البغدادي، والشيخ محمد سعيد الإسكافي، والشيخ
عبد الحسين الحويزي، والسيد جعفر الحلي، وابن عمه السيد إبراهيم بحر العلوم
الطباطبائي، والشيخ موسى ابن الشيخ محمد القرملي، وغيرهم، رحمهم الله تعالى.
تزوج بنت عمه العلامة السيد علي نقي بحر العلوم، وخلف منها
بنتا فقط توفيت بعده، فانقطع عقبه.
16 - السيد مهدي ابن السيد حبيب ابن السيد جواد بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1341 -...)
ولد في كربلا، ودرس في المدارس الابتدائية والثانوية، وانتقل
164

إلى بغداد لمواصلة دراسته. وهو - اليوم - يشغل رئاسة " جمعية العدالة
الاسلامية " ورئاسة " الجمعية الاستهلاكية لوزارة الاشغال والإسكان في
بغداد وهو من مفاخر هذه الأسرة من حيث الإيمان، والخلق، والنخوة
والكرامة، كلل الله مساعيه بالنجاح.
له من الأولاد: هاشم، وهادي، وهذال، لا يزالون في سلك التثقيف
في المدارس الابتدائية والمتوسطة.
17 - السيد هادي ابن السيد على نقي ابن السيد محمد تقي بن
الرضا ابن السيد بحر العلوم -... - 1322)
ولد في النجف الأشرف ربيب مجد وسيادة وعلم وأدب، ودرس
أولياته " سطوح " الفقه والأصول، والعلوم العربية، والمنطق على يد
أبيه، وأعمامه، وبعض علماء عصره المبرزين، حتى عد من المرموقين
في الفضل والأدب. فازدلف إلى الزعامة الاجتماعية، يحل المشاكل والمعضلات
التي كانت تنتخي بأريحيته المرنة، وتلوذ بكنفه السخي، وترسو على ضفاف
فكره الزخار.
وتوفي في النجف الأشرف سنة 1322 ه‍ ودفن في " مقبرة الأسرة "
خلف - من ابنة عمه السيد محمد بحر العلوم صاحب البلغة -: السيد
ميرزا، والسيد علي، وبنتا واحدة، تزوجها السيد مهدي ابن السيد محسن
بحر العلوم.
الطبقة الخامسة: 1 - السيد محمد باقر ابن السيد حسن ابن السيد إبراهيم ابن السيد
حسين بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1313 - 1350)
ولد في النجف الأشرف ودرس مقدمات العلوم لعربية والأدبية،
165

ثم هاجر إلى " إيران " وهو في ريعان شبابه - فأخذ يتنقل هناك بين
ذويه ومعارفه حتى مرض - وهو في سن الكهولة - فرجع إلى النجف الأشرف
- مسقط رأسه - وقد أبلته الأسقام، وتوفى فيها أواخر شهر ذي القعدة
من سنة 1350 ه‍ ودفن في " مقبرة الأسرة " ولم يتزوج.
2 - السيد محمد تقي ابن السيد حسن ابن السيد إبراهيم ابن السيد
حسين بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1318 -...)
ولد - سماحته - في النجف الأشرف، ودرج في بيته الحاشد بالعلم
والأدب والاخلاق السامية، وتعلم القراءة والكتابة - على أيدي الكتاتيب -
وعمره لم يتجاوز السابعة.
تلمذ في أولياته: النحو والصرف والبلاغة وبعض العلوم الرياضية
على العلماء المتخصصين - يومئذ - كالشيخ مهدي الظالمي، والشيخ قاسم
محي الدين، والشيخ علي ثامر - رحمهم الله - وهو في عقده الثاني من العمر -
وأخذ " معالم الأصول " على الحجة المفضال الشيخ محمد تقي صادق
- أيده الله - و " القوانين " على المرحوم الحجة السيد محسن قزويني. والرسائل: على الحجة المرحوم الشيخ رفيع الرشتي اللاهيجي، وشرح
اللمعة: على المرحوم الحجة السيد هادي الصائغ.
وفي أواخر عقده الثاني بدأ يكمل نهاية أشواطه في " سطوحه " كالمكاسب
وأخريات الرسائل على آيتي الله الحجتين المرجعين: السيد الحكيم الطباطبائي
والسيد الشاهرودي - مد ظلهما -
وما ان توسط (العقد الثالث) من عمره المبارك، حتى أكمل جميع
" سطوحه " بحثا وتحقيقا، فامتطى صهوة " البحث الخارج " وهو في
أخريات " عقده الثالث " فحضر على أساطين العلم وأزمة الفضيلة ومراجع الأمة:
فقد حضر على أستاذ الأساتيذ المجدد شيخنا المحقق النائيني - رحمه الله -
166

الأصول، والفقه أكثر من عشر سنين، وحضر " الأصول " على الحجتين
المحققين الآيتين: الشيخ ضياء الدين العراقي، والشيخ محمد حسين الأصفهاني
- رحمهما الله - وأخذ الفقه على الآية العظمى الفقيه الكبير مرجع الشيعة
- يومئذ - السيد أبو الحسن الأصفهاني - رحمه الله -
ولازم - أخيرا - أستاذيه الجليلين مثالي الورع والتقوى آيتي الله
الفقيهين: الشيخ محمد رضا آل ياسين، والسيد عبد الهادي الشيرازي - تغمدهما
الله برحمته -
وحضر عليه جمع غفير من رواد العلم وأرباب الفضل من العرب
والفرس، بحيث لا يمكن حصرهم، فان سيدنا - أيده الله - كثير التدريس
باللغتين: العربية والفارسية، فقل أن تجد من فضلاء العصر - اليوم - إلا
وقد حضر عليه قسما من دروسه الأصولية، أو الفقهية.
ولو استعرضنا بعض تلاميذه لاسترسل القلم إلى حجج الاسلام وعيون
الفضلاء، أمثال: السيد موسى بحر العلوم، والشيخ محمد تقي الإيرواني
والشيخ محمد تقي الجواهري، والشيخ محمد آل الشيخ راضي، والشيخ حسين
زاير دهام، والشيخ عيسى الطرفي، وغيرهم كثير..
ولقد أصبح - اليوم - " سيدنا التقي " من مراجع الشيعة، وفقهاء
الشريعة، ويعترف بمكانته العليا في العلم والتقوى عامة أهل العلم ورواد الفضيلة
بحيث تعقد الأمة عليه آمالها في زعامة المذهب، وقيادة الحوزة العلمية في
النجف الأشرف، وتدور على قطب وجوده المبارك رحى المرجعية العامة.
يتمتع " سيدنا التقي " - إضافة إلى عظمته في العلم والفقاهة - بقدسية
وورع، منقطعي النظير، بحيث لا يختلف اثنان - من عامة الطبقات - في
أنه مثال الورع والتقوى، وأنه " التقي " لفظا ومعنى. ولقد سمعنا بعض
167

العلماء المعاصرين في النجف الأشرف يقول: (إنا نتبرك بالصلاة خلف
سيدنا التقى من آل بحر العلوم).
قسم يومه وليله: للبحث والتدريس، والمطالعة والكتابة، والعبادة
والتهجد، ولا ينام من الليل إلا قليلا،، فهو مجاهد بقلمه، ولسانه، وسلوكه
وضميره النقي الطهور.
وهو - أيضا - من أروع الأمثلة الحية لأجداده الطاهرين في حسن
الاخلاق الاسلامية: متواضع، لين الجانب، دمث الاخلاق، واضح السيرة
والسريرة، يتحدث إلى جليسه بكله، ويستمع إليه بكله، يحترم الفضل - من
أي جهة كان - ويعترف بالحق، ولو على نفسه، يحب الخير ويسعى إليه
- مهما كلفه ذلك من نصب وعناء - يرمي إلى الغاية والهدف، وبحيث
لا يستهين بالطريق والأسلوب، يربط أعماله في الدنيا بأهدافه في الآخرة
وبالتالي، فان سلوكه الاجتماعي مدرسة أخلاقية اسلامية جامعة.
نهج - أيده الله - منهج أستاذيه الأخيرين: الشيخ آل ياسين والسيد
الشيرازي - قدس سرهما - من حيث الاتزان والتعقل، والتورع: عن التسرع
المرتجل، والطفرات المفاجأة، والتهالك على الخطوة الثانية قبل تركيز الأولى
ومن تواضعه وقدسيته: أنه - حتى الآن - لم يطبع رسالته - رغم
رجوع الكثير له بالتقليد - وإصرارهم عليه بذلك.
ومن تواضعه: أنه جعل مركز أبحاثه في داره، ويأبى الخروج إلى
الأمكنة العامة.
ومن منهجه المتواضع: زهده في ملبسه، ومأكله، ومسكنه، فهو
لا يناول من الحقوق الشرعية إلا بمقدار الضرورة. ولا يرى ذلك السلوك
زهدا، وانما هي ذاته وطبيعته، روضها - منذ صغره - على التقوى والورع
عن حطام الدنيا، وفضول الحياة.
168

يقيم صلاة الجماعة - صباحا وليلا - في جامع الشيخ الطوسي رحمه الله
وظهرا في جامع الشيخ الأنصاري - رحمه الله - وتكاد تكون " جماعته "
في الأوقات الثلاثة منقطعة النظير من حيث الكم والكيف، والروعة والقدسية.
كتب وألف في الفقه، وأصوله، وغيرهما: تقريرات أساتذته العظام
وتعليقة على مكاسب الشيخ الأنصاري، وتعليقة على رسالة المرحوم آية الله
العظمى السيد عبد الهادي الشيرازي، وكتاب " واقعة الطف " تأريخها
وتحقيقها، على شكل " مجالس " وتعليقة ضافية على كتاب " بلغة الفقيه "
تأليف آية الله المحقق المغفور له سيدنا السيد محمد بحر العلوم. وسيطبع
- هذا الأخير - من قبل " مكتبة العلمين " بعد هذا الكتاب ان شاء الله تعالى.
له - من ابنة عمه السيد محمد ابن السيد إبراهيم الطباطبائي - ثلاثة أولاد
فقط: السيد حسين، والسيد عباس، والسيد جعفر.
أما السيد عباس " وولادته سنة 1359 " ففي طريقه إلى التخرج
من الصنف الخامس الثانوي، واما السيد جعفر (وولادته سنة 1362) فهو
في الصف الثالث الثانوي، وهما من الشباب المحافظين الملازمين على الأخلاق
المستقيمة، والسلوك الديني. وفقهما الله الإكمال دراستهما الثقافية.
وأما السيد حسين بحر العلوم - وهو أكبر أنجاله - فولادته سنة 1348 ه‍
وتربى تربية فضل وأدب وأخلاق سامية على مدرسة أبيه الحاشدة بالفضل
وفي كنف أعمامه الكرام.
ودخل مدرسة " منتدى النشر " - وعمره في العاشرة - بقي فيها
خمسة أعوام، يواصل دراسته المنهجية للعلوم العربية، والبلاغة، والمنطق
والرياضيات، والعقائد، ومبادئ الأصول والفقه: على أساتذتها الأجلاء من
عيون العلماء والفضلاء، كالمرحوم الشيخ محمد رضا المظفر، والشيخ علي ثامر
- قدس سرهما - والشيخ محمد الشريعة، والشيخ محمد تقي الإيرواني
169

وأضرابهم حفظهم الله. في أثناء ذلك كان يواصل دراسته لأولياته من
" المقدمات " خارج " منتدى النشر " على أيدي الفضلاء المتخصصين لذلك.
ومنذ أن بلغ عمره الخامسة عشرة أخذ يقرأ " سطوح الأصول ":
المعالم - على سماحة الحجة الشيخ محمد تقي الجواهري - والقوانين - على الحجة
الشيخ أبو القاسم الطهراني - والجزء الأول من الكفاية - على سماحة حجة
الاسلام والمسلمين السيد محمد الروحاني - الجزء الثاني منها - على الحجة
المفضال الشيخ محمد أمين زين الدين - ورسائل الشيخ - على سماحة حجة
الاسلام الشيخ مجتبى اللنكراني.
وقرأ " سطوح الفقه ": - الشرائع - على الحجة الشيخ عيسى الطرفي
والجزء الأول من اللمعة - على سماحة حجة الاسلام الحاج الشيخ ميرزا
علي الفلسفي - والجزء الثاني منها - على المرحوم حجة السلام السيد أحمد
الاشكوري - وطهارة الشيخ - على المرحوم آية الله الحاج الشيخ ميرزا
حسن اليزدي - وأوليات مكاسب الشيخ على سماحة حجة لاسلام والمسلمين
السيد الروحاني - وأخرياتها - على سماحة آية الله المغفور له شيخنا المحقق
الشيخ عبد الحسين الرشتي.
وقرأ " سطوح علم الكلام ": - شرح التجريد للعلامة - على سماحة
الحجة المفضال الشيخ محمد أمين زين الدين - وشرح منظومة السبزواري -
على سماحة آية الله المحقق الشيخ محمد طاهر آل شيخ راضي - رحم الله
الماضين منهم، وحفظ الباقين -.
وفي أثناء ذلك أضاف إلى تلك الدروس: دراسة التفسير، والأدب
على أيدي المتخصصين من عيون العلماء والأدباء - يومئذ -.
وما إن بلغ " الثالثة والعشرين " من عمره، حتى أنهى جميع
" سطوحه " دراسة وتحقيقا، وتسنم مراقي " البحث الخارجي ".
170

فأول حضوره - في الأصول - على آيتي الله: السيد ميرزا حسن البجنوردي
والشيخ ميرزا باقر الزنجاني، وحضر دورة الأصول - كاملة - وكتبها -
على سماحة آية الله العظمى المحقق سيدنا الخوئي - أيدهم الله جميعا -.
كما حضر - خارج الفقه - أولا - على آية الله والده - دام ظله -
وكتب تقريراته " شرح تبصرة العلامة ". واختص - أخيرا - بالحضور
- في شرح العروة - على آيتي الله المرجعين: سماحة سيدنا الحكيم الطباطبائي
وسماحة سيدنا الخوئي - أيدهم الله جميعا -.
وهو إضافة إلى مقامه العلمي - أديب كبير، وشاعر فطحل
وعبقري فذ، مجد دؤوب، صريح القول والعمل، جرئ الوقفة تجاه
الزيف - بأي ألوانه - خفيف الروح، عذب الأسلوب، مرن الطبيعة
يملأ المجلس بلطف حديثه، وسلاسة أخلاقه، كبير الهمة، واسع الرجاء
متواصل السير: يحضر أبحاثه " الخارجية " ويكتبها، ويدرس تلاميذه
- بأوقات مختلفة ومواضيع مختلفة - أيضا -: الأصول، والفقه، وعلم
الكلام، ويحاضر في التفسير، والأدب: في " العطل الأسبوعية "، ويكتب
ويؤلف، ويحقق... إلى غير ذلك من أعماله الجبارة.
ومن إنجازاته الضخمة: هذا البناء الشامخ ل‍ (جامع الشيخ الطوسي)
قدس سره، بأمر سماحة آية الله والده المعظم - دام ظله - ومساعدة -
سماحة العلامة الجليل الحاج شيخ نصر الله الخلخالي - وفقه الله -.
ومن مشاريعه الحية: تأسيسه ل‍ " مكتبة العلمين في النجف الأشرف "
وهي لا تزال منطلق الفكر الاسلامي في التأليف والتحقيق والنشر إلى عامة
أنحاء العالم المتحضر.
كتب، ونظم، ونشر كثيرا - في مختلف الصحف والمجلات العراقية
- في عامة المواضيع -.
171

وطبع له: تقديم وتحقيق على كتاب (تلخيص الشافي لشيخ الطائفة)
بأربعة أجزاء ضخام. وسيكمل له - باشتراكه مع سماحة الحجة عمة الجليل -
تحقيق " رجال السيد بحر العلوم " - هذا الكتاب - في ثلاثة أجزاء ضخام.
ومن مؤلفاته المخطوطة: شرح تبصرة العلامة - تقرير بحث والده
المعظم - تقريرات بحث أستاذه السيد الخوئي في الأصول، شرح موجز
لمنظومة جده " السيد بحر العلوم "، تعليقة على شرح التجريد للعلامة
شرح ديوان جده " بحر العلوم "، شرح ديوان جده " السيد حسين
بحر العلوم " شرح ديوان جده " السيد إبراهيم بحر العلوم "، كتاب أدب
الطف، جعفر الطيار، ديوان شعره، رياض وجميلة - مسرحية شعرية -
مجموعة في الأدب باسم " كل شئ ". ولا يزال قلمه المبارك ينضح
الفكر والتحقيق في كل حين.
3 - السيد رضا ابن السيد محمد ابن السيد إبراهيم ابن السيد حسين
ابن السيد رضا ابن السيد بحر العلوم.
(1320 -...)
ولد في " الهندية " محل سكنى أبيه ومزرعته، وأخذ يتردد على
النجف الأشرف أيام طفولته. فتعلم بذلك القراءة والكتابة على أيدي
الكتاتيب، وانقطع بعدها إلى مساعدة أبيه حيث مشتبك العشائر العربية
هناك، والشغل الشاغل من حيث رعاية أراضيه الزراعية واستثمارها.
وبعد وفاة أبيه - أي سنة 1345 ه‍ - تسنم الزعامة العربية، يحل
مشاكل العشائر المحيطة به، ويقول كلمته الحاسمة في الدعاوي الاجتماعية.
وتحل سنة 1384 ه‍، فيضيق صدره من سكنى ذلك المكان حيث
تفرق العشائر وتصدع كلمتهم فينتقل بثقله كله إلى النجف الأشرف - مركز
أسرته الكريمة - ولا يزال فيها.
172

له - من ابنة عمه العلامة السيد حسن بحر العلوم - ولد هو السيد محمد
وابنتان: إحداهما زوجة العلامة المفضال السيد حسين نجل آية الله التقي من
آل بحر العلوم، والثانية غير متزوجة - ومن زوجته العربية - ثلاث بنات، لا زلن غير متزوجات
والسيد محمد ولده - هذا - ولد سنة 1358، وهو من شباب
" الأسرة " الطيبين، ولا يزال يواصل السير لإكمال صفوفه " الثانوية "
وفقه الله لتحقيق آماله الخيرة.
4 - السيد رياض ابن السيد جواد ابن السيد حبيب ابن السيد جواد
ابن الرضا بن السيد بحر العلوم (1368 -...) ولد في كربلا، ولا يزال فيها يواصل دراسته " الثانوية وفقه الله
5 - السيد شمس الدين ابن السيد محمد علي ابن السيد علي نقي ابن
السيد محمد تقي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1327 -...) ولد في النجف الأشرف، ودرس فيها مقدمات الدروس العربية
ثم ترك - أخيرا -
له - من زوجته بنت السيد مهدي ابن الحجة المرحوم السيد جعفر
بحر العلوم - ولدان - هما: السيد علي، والسيد زهير - وابنتان:
إحداهما - زوجة الأستاذ محمد باقر الچلبي، والأخرى - غير متزوجة -.
ولا يزال ولده " السيد علي " مجدا في طريقه إلى التخرج من
كليات بغداد. وولده السيد زهير في طريقه إلى التخرج من صفوفه (الثانوية)
6 - السيد محمد صادق ابن السيد حسن ابن السيد إبراهيم ابن السيد
حسين بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1315 -...)
ولد في النجف الأشرف في العشرة الأولى من ذي القعدة سنة 1315 ه‍
ونشأ على أبيه - مفخرة العلم والأدب - وأخذ بعض المقدمات البدائية على
173

فضلاء عصره المختصين. وتلمذ - في علم المعاني والبيان - على ابن عم أبيه
العلامة الكبير السيد مهدي ابن محسن بحر العلوم، وفي علم الأصول
والفقه على العلامة الجليل الشيخ شكر بن أحمد البغدادي، وعلى الحجة
الفقيه السيد محسن ابن السيد حسين القزويني، وعلى الحجة المحقق الشيخ
ميرزا أبو الحسن المشكيني، والحجة الشيخ ميرزا فتاح التبريزي، وآية الله
السيد محمود الشاهرودي، والحجة الشيخ محمد علي الخراساني الكاظمي
والحجة الشيخ الزاهد الشيخ إسماعيل المحلاتي، والحجة الشيخ محمد حسن المظفر
وحضر بحثي الآيتين الحجتين: الميرزا النائيني، والسيد أبو الحسن الأصفهاني
كما وأخذ علم التفسير على الحجة المجاهد الامام البلاغي - قدس سره -
وعلم الدراية والحديث على الحجة المقدس الشيخ أبو تراب الخوانساري
النجفي، رحمهم الله جميعا.
وفي سنة 1353 ه‍ سافر إلى ربوع سوريا ولبنان، للاستجمام،
والتطلع العلمي، فاجتمع هناك مع كبار علمائهم، وفطاحل أدبائهم، وله
معهم مناقشات علمية ومساجلات أدبية، سجلها سيدنا المترجم له في مجموعة
خطية يحتفظ بها في مكتبته الخاصة.
ورجع إلى النجف الأشرف في آخر سنة 1353 فحضر عند ذلك درس
الامام آية الله الحكيم دام ظله، ولازم شيخ الأساتذة والأدباء المرحوم الشيخ
محمد ابن الشيخ طاهر المساوي - تلميذ جده الشاعر الكبير السيد إبراهيم
الطباطبائي - استفاد من معلوماته الأدبية، ومن مكتبته الغاصة بالمخطوطات
المختلفة الشئ الكثير، الأمر الذي جعله يتعشق هواية جمع الكتب، ونسخ
المخطوطات، حتى جمعت مكتبته - اليوم - أكثر من خمسة آلاف مجلد من
مختلف المواضيع والبحوث، ومن المخطوطات: العشرات العديدة، وان أغلبها
بخط يده المباركة.
174

وفي سنة 1367 ه‍ عين من قبل الدولة العراقية قاضيا للشرع الحنيف
في لواء العمارة، فبقي فيها زهاء ست سنوات، ثم نقل إلى البصرة لكفاءته
ولطلب من أهلها، فبقي قرابة سبع سنوات، ثم أحيل على التقاعد برغبة
منه لظروف استثنائية حاسمة، وذلك في سنة 1380 ه‍ ورجع إلى النجف الأشرف يزاول نشاطه العلمي وتحقيقاته وتأليفاته القيمة، لا يعرف الملل ولا يخطر بباله السأم في الجد والاجتهاد.
أجازه - رواية - كثير من فطاحل العلماء، والباحثين، ورواد الحديث
أمثال: السيد محسن الأمين، والسيد حسن الصدر، والسيد أبو تراب الخوانساري
والحجة النائيني، والشيخ أسد الله الزنجاني، والشيخ ميرزا هادي الخراساني
الحائري، والشيخ ميرزا محمد الطهراني، والحجة الثبت الشيخ " آغا بزرك
الطهراني " وعمه الحجة السيد جعفر بحر العلوم، والسيد ناصر حسين اللكهنوي.
وصور إجازات هؤلاء الاعلام كلهم بخطوطهم موجودة لديه
مكتبته الخاصة.
مؤلفاته المطبوعة: دليل القضاء الشرعي: أصوله وفروعه، طبع
منه ثلاثة أجزاء ضخام. والكتاب يستعرض المراحل التي مر بها القضاء منذ
نشأته وتطوره تحت ظل الخلافة الاسلامية إلى أيامنا هذه، ويستعرض أيضا
اجتهادات المذاهب المختلفة من الفريقين، مع تمحيص للآراء المتباينة.
والمخطوطة منها: المجموع الرائق - مجموع شعري كبير - قرظه كبار
أدباء النجف وكربلا. الشذور الذهبية، مجموع من الشعر المهمل،
الإجازات الروائية، وهي التي كتبها عن خطوط المجيزين، مع التعليق
عليها، وثلاثة أجزاء أخر لكتابه أقيم " دليل القضاء الشرعي "، تعليقة
على كتاب كشف الظنون للچلبي، تعليقة على كتاب مكاسب الأنصاري
تعليقة على فرائد الأصول للأنصاري، تعليقة على " كفاية الأصول للآخوند "
175

الدرر البهية في علماء الإمامية، الصكوك الشرعية، وهي مجموع القرارات الصادرة
منه طيلة إشغاله منصب القضاء، والمصدقة من هيئة مجلس التمييز الشرعي.
السلاسل الذهبية - مجموع - اللئالي المنظومة - كشكول -، ديوان شعره.
كما أنه قدم، وحقق لطائفة كبيرة منن المطبوعات النجفية، واليك أسماءها:
تاريخ الكوفة للبراقي - تحقيق وإضافات -.
تاريخ أحمد بن أبي يعقوب - تحقيق وتعليق -.
كتاب الحجة على الذاهب لتكفير أبي طالب - تحقيق وتعليق -
شذور العقود في ذكر النقود للمقريزي - تحقيق -
فرق الشيعة للنوبختي - تحقيق وتعليق -
شرح ديوان شيخ الأبطح أبي طالب - تحقيق وتعليق -
كتاب البلدان لليعقوبي - تحقيق -
عمدة الطالب في الأنساب للداودي - تحقيق وتعليق -
كفاية الطالب للكنجي - تحقيق وتعليق -
أنساب القبائل العراقية - تحقيق وتعليق -
فهرست الشيخ الطوسي - تحقيق وتعليق -
رجال الشيخ الطوسي - تحقيق وتعليق وتقديم -
الكواكب السماوية للسماوي - تعليق -
لؤلؤة البحرين للشيخ يوسف البحراني - تحقيق وتعليق -
رجال السيد بحر العلوم - وهو هذا الكتاب - تحقيق وتعليق -
سر السلسلة العلوية في الأنساب - تحقيق وتعليق -
غاية الاختصار في الأنساب لابن زهرة - تحقيق وتعليق
معالم العلماء لابن شهرا شوب - تحقيق وتعليق -
وله سوى ذلك مقدمات، وتعليقات جمة على كثير من المطبوعات
176

- لم يذكر اسمه عليها - ونشرت له طائفة كبيرة من المجلات العراقية - قديما -
وإن لسيدنا - أبي المهدي - مكانة سامية في الأوساط العلمية وتأثيرا
بالغا في عالم التحقيق والتأليف، يرجع إليه - وإلى معلوماته الزاخرة ومكتبته
الضخمة - عامة المؤلفين العراقيين. فنجده يقضي أكثر من ثلثي وقته
بالمطالعة والتأليف والتحقيق، وإفادة الواردين على " بحره الطامي "
ثم إنه - حفظه الله - أديب كبير وشاعر من النمط العالي نشر
بعض شعره في بعض المجلات العراقية.
له - من ابنة عمه السيد محمد ابن السيد إبراهيم بحر العلوم -:
ولد، وبنت، فقط. أما ولده - وهو السيد مهدي فولادته سنة 1345
وهو من الشباب المستقيم دينا وأخلاق وسلوكا. ولا يزال موظفا في
" دائرة الطابو " في كركوك. وأما بنته، فهي زوجة الأستاذ المؤمن
الحاج عبد الغفار ابن الشيخ مير أحمد الجواهري.
7 - السيد محمد صالح ابن السيد مهدي ابن السيد محسن ابن السيد حسين
ابن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1328 -...)
ولد في النجف الأشرف، ونشأ بها، وتوفي أبوه - وعمره خمس
سنوات تقريبا - ورعاه وكفله خاله المرحوم الحجة السيد علي ابن السيد
هادي بحر العلوم، فرباه تربية علم وثقافة وأدب وأخلاق.
شاعر يرتجل الشعر بكل جرأة وإقدام، دون أن يأخذه خجل أو تلكؤ
ويطرق المواضع الحساسة في شعره: من سياسة واجتماع ووطنيات ونقد
لاذع وغير ذلك، فهو بهذه المواضيع من أبرز وأبرع شعراء العراق
- اليوم - سيطرة على الأسلوب والمدلول، وأخذا بالجوانب الاجتماعية.
طبع له في سنة 1937 م ديوان العواطف، وأقباس الثورة في
سنة 1959 م، وله ديوان مخطوط يتجاوز الخمسة آلاف بيت من الشعر.
177

له - من ابنة الحجة السيد جعفر ابن السيد محمد - صاحب
البلغة -: أولاد أربعة هم: السيد ناظم، والسيد سالم، والسيد مهدي
والسيد حسن، ولا يزالون على أبواب التخرج من كليات بغداد - وبنتان
الأولى - زوجة السيد مهدى ابن الحجة السيد محمد صادق بحر العلوم،
والثانية - لا تزال غير متزوجة.
8 - السيد محمد صالح ابن السيد محمد مهدي ابن السيد
حسن ابن السيد محمد تقي بن رضا ابن السيد بحر العلوم
(1331 -...)
ولد في كربلا، ونشأ فيها نشأة عز وسيادة وزعامة وكرامة في ظل
أبيه كريم قومه وشخصيتم المرموقة. ودخل المدارس التثقيفية * واستمر
مجدا مواصلا، حتى تخرج من كلية الحقوق سنة 1940 ميلادية -
تقريبا -
وأخذ يزاول المحاماة في بغداد وكربلا والنجف الأشرف حليفه انجاح
والفوز في مساعيه، ودخل ميدان السياسة - وهو في عنفوان شبابه -
حتى إذا تشكل (حزب الأمة) بقيادة زعيمه الأستاذ صالح جبر، كان
لسيدنا - أبي المهدي - اثر بالغ في تأسيس الحزب وتركيزه بحكم لباقته
ولياقته وجدارته ومهارته.
ويمتاز بأريحية وعطف ولطف وكرم يد، وشرف نفس، وكبرياء
وشمم، شأن الذوات وأبناء الذوات من الذين تحدروا من أصلاب شامخة
ونشأوا في حجور رفيعة.
ولد له: ثلاثة أولاد أكبرهما السيد مهدي، وهو شاب ذكي لامع
لا يزال يواصل دراسته في المعاهد العالية في خارج العراق.
9 - السيد صلاح ابن السيد جواد ابن السيد حبيب ابن السيد جواد
ابن الرضا ابن السيد بحر العلوم.
178

ولد في كربلا، ولا يتجاوز عمره الآن - الخامسة عشرة، وهو في
طريقه إلى التخرج من الصفوف الثانوية.
10 - السيد ضياء ابن السيد جعفر ابن السيد حبيب ابن السيد جواد
ابن الرضا ابن السيد بحر العلوم.
ولد في كربلا سنة 1364، ولا يزال فيها - في طريقه إلى التخرج
من الصفوف الثانوية.
11 - السيد ضياء الدين بن السيد محمد علي ابن السيد علي نقي ابن
السيد محمد تقي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1322 -...)
ولد في النجف الأشرف، ودرج في مدارج العلم والأدب والتقوى
- شأن أبناء عمومته من آل بحر العلوم - وترك ما كان عليه والده المعظم
من عظمة الزعامة وشؤونها، حتى نال درجة سامية في العلوم والآداب،
وأنهى " سطوحه " ومراحله الدراسية الأولى للفقه والأصول والتفسير
وعلم الكلام والمنطق والعلوم العربية والأدبية على حلقات المبرزين من العلماء
الأعلام والمدرسين العظام، كالسيد محمد تقي بحر العلوم، والشيخ قاسم محي الدين
والشيخ ميرزا أبي الحسن مشكيني، والشيخ عبد الصاحب الجواهري، والشيخ
عبد الرسول الجواهري، والسيد هادي الصائغ، والسيد محسن القزويني.
وقبيل وفاة والده لازم ابن عمه المغفور له سماحة الحجة السيد علي
بحر العلوم فكان يعتمد والده عليهما في الشؤون الاجتماعية ونواحي الزعامة
وبعد وفاة والده - أي سنة 1355 ه‍ عين قاضيا شرعيا من قبل
الحكومة العراقية في لواء كربلا، ثم عين عضوا في مجلس التمييز الجعفري
في بغداد، ثم رئيسا للمجلس، وبعد أن الغي مجلس التمييز الجعفري - بعد
ثورة تموز - عين عضوا لمحكمة التمييز المدني - شعبة الشرعيات - ولا يزال
179

يشغل هذا المنصب بجدارة واستحقاق، حتى اليوم.
وان شخصية سيدنا - أبي نور الدين - بالإضافة إلى مكانتها العلمية
والقانونية - شخصية لامعة ذات طابع خاص يمتاز بالذاتية والأصالة
والتعمق الفكري والتحسس الاجتماعي والسلوك الديني الواضح، ولقد وقف
- ولا يزال - برأيه الصلب في وجه تشريع قانون الأحوال الشخصية
المخالفة لكتاب الله وسنة نبيه، وللمذاهب الاسلامية كافة، وله - في كل
حين - مناقشات شرعية مع زملائه أعضاء مجلس التمييز المدني في بغداد
تظهر طابعه الديني المتميز امام الحاضرين.
له - من زوجته بنت الوالي " قلى خان " زعيم لورستان - يومئذ -
ولد هو السيد نور الدين، وبنت تزوجها - في هذا العام - الدكتور السيد
عباس ابن السيد ميرزا علي بحر العلوم.
ولد السيد نور الدين بحر العلوم سنة 1345 ه‍ وواصل دراسته في
المدارس الرسمية، حتى تخرج من كلية الحقوق سنة 1951 م وعين بعد
ذلك حاكما في قضاء الكاظمية، ولا يزال يشغل منصب الحكم والقضاء
باستمرار وأمانة ومحافظة. وهو - بالإضافة إلى تضلعه القانوني والشرعي -
يمتاز بشرف وسيادة، وخلق ونبل، وعقلية وتدبير، وديانة كافية لأمثاله
من الشباب الطالع، وفقه الله لمراضيه.
12 - السيد علي ابن السيد محمد ابن السيد إبراهيم ابن السيد حسين
ابن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1330 - 1355)
ولد في " الهندية - الجدول الغربي " مكان أبيه ومحل مزرعته ومكانته
الاجتماعية ونشأ نشأة عربية واضحة، وأخذ يتردد على أولاد عمه في النجف
وكربلاء حتى تعلم القراءة والكتابة وكان آية في العطف واللطف على
الفقراء والفلاحين والأطفال والأرامل، ولم يمهله القدر الغاشم حتى صرعه
180

عن مرض ألم به - في عنفوان شبابه، وذلك في أخريات شهر شعبان من
سنة 1355 ه‍، فخسره الشباب الغض، والخلق النبيل، والايمان العربي
الصريح والعطف والحنان...
تزوج - من بنات أخواله آل عباس - ورزق ولدا مات في حياته
فانقطع بذلك نسله.
13 - السيد علي ابن السيد هادي ابن السيد علي نقي ابن السيد محمد تقي
ابن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1314 - 1380) ولد - قدس سره - في النجف الأشرف، ودرج مدارج أبناء
البيوتات الدينية الرفيعة، فدرس مقدمات العلوم العربية والمنطق والأدب أيام
شبابه على أيدي المخصصين من المدرسين، وواصل دراسته " خارج الفقه
والأصول " على مدرسة فطاحل العلماء والمراجع - يومئذ - كالشيخ عبد الكريم
الجزائري، والشيخ ميرزا حسين النائيني، والسيد أبو الحسن الأصفهاني
- قدس الله اسرارهم -
ولكنه - بعد وفاة عمه المرحوم الزعيم السيد محمد علي بحر العلوم -
انشغل عن مواصلة جهاده العلمي بالزعامة الاجتماعية وحل مشاكل المجتمع
الدينية وإدارة شؤونهم الحاسمة، فكان يعد مجلسه الحاشد - كل يوم - من
طليعة مجالس البيوت النجفية من حيث الشرف والحشمة، والسؤدد والكرامة
رحل المشاكل وحسم القضايا المعقدة لعامة الطبقات - مهما كلف الأمر من
تعب وعناء وبذل وتضحية -
وكان - رحمه الله - منذ أيام شبابه حتى وافاه القدر - وهو ابن
نيف وسبعين - دائب الحركة في الصالح العام، يواصل جهاده السياسي
والاجتماعي والديني - بلا هوادة -
ففي الحرب العالمية الأولى كان من الشباب المتحمسين مع صفوف
181

المجاهدين من العلماء وذوي القيادة الفكرية والحنكة السياسية كالسيد الحبوبي
وشيخ الشريعة والزعيمين: السيد محمد على بحر العلوم، والشيخ جواد الجواهري
وله في الثورة الوطنية - ضد الانكليز - موقف الصامد الثبت في
قيادة الزعيم لديني الأعلى - يومئذ - الحجة الشيرازي قدس سره.
وموقفه العقلي " المرن " في حركات سنة 1956 م حيث كان اللولب
التفكيري والأداة الوحيدة بين الحكومة، والكيان العلمي في النجف الأشرف
حتى هدأ الموقف " الفائر " بعض الشئ، ونضج بعض النضج، لولا
بعض التطفل والفضول من هنا وهناك.
وأخيرا موقفه المشرف في العهد الشيوعي البغيض - بعد ثورة
تموز - وانطلاقه الديني صارخ مع قادة الشرع الحنيف في فتواهم الحاسمة: " الشيوعية كفر وإلحاد ".
وبالجملة: لقد كان سيدنا المترجم له - قدس سره - مثالا صحيحا
للعالم الديني والزعيم الاجتماعي من حيث فنائه فيما يرضي الله، وما يحقق
الصالح العام حتى آخر لحظة من أنفاسه الطاهرة.
وافاه القدر الغاشم في بغداد - في المستشفى الجمهوري يوم الجمعة
27 محرم سنة 1380 ه‍، فكان لفقده الأثر البالغ في عامة أنحاء بغداد
ونعاه الأثير، وهرعت المجموع الغفيرة لتشييعه من المستشفى إلى " جسر
الخر " مشيا على الأقدام. ومن ثم توجه الركب الحزين - في السيارات -
إلى " المحمودية " ومن ثم إلى " المسيب ". ومن ثم إلى كربلا، ومن
ثم إلى النجف الأشرف: فهرع النجفيون - على بكرة أبيهم - في اليوم
الثاني من وفاته لاستقبال أبيهم الروحي، ومركز ثقلهم الاجتماعي، فكان
الموقف الجليل، والتشييع الضخم، والمواكب العزائية الحاشدة، بحيث
لم يسبق له نظير إلا لتشيع مراجع التقليد العظام.
182

ودفن - قدس سره - في مقبرة الحجة، السيد علي بحر العلوم
- صاحب البرهان - في مدخل الصحن الشريف من حيث شارع الطوسي.
وأقيمت له عشرات الفواتح في عامة أنحاء العراق، وفي عدة من نواحي
إيران، والكويت، وانثالت على ولده الأفذاذ وآله الكرام مئات البرقيات
للتعزية من قبل: " شاه إيران " ومن مختلف شخصيات العراق وإيران
والبحرين، والكويت، ولبنان، وسوريا. كما نعته عامة صحف العراق
ومجلاته، وصحف إيران ومجلاتها أيضا
وأبنه من العلماء، والكتاب، والشعراء ونخص بالذكر من بينهم:
سماحة المغفور له حجة الاسلام الشيخ عبد الكريم الجزائري، وسماحة آية الله
الشيخ حسين الحلي، وسماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي
وسماحة حجة الاسلام الشيخ محمد تقي صادق العاملي، وسماحة الحجة
المغفور له الشيخ محمد رضا المظفر، وسماحة الحجة السيد علي نقي النقوي
اللكهنوي وسماحة الحجة الجليل السيد موسى بحر العلوم وسماحة الحجة
المفضال السيد محمد جمال الهاشمي، والخطيب الكبير الشيخ محمد علي
اليعقوبي، وفضيلة الأستاذ الشيخ محمد الخليلي، وسماحة العلامة الجليل
السيد حسين بحر العلوم، والدكتور الأستاذ عبد الرزاق محي الدين، وفضيلة
الأستاذ اللامع السيد مصطفى جمال الدين، وفضيلة العلامة الشيخ عبد الغني
الحضري، وفضيلة الخطيب السيد علي الهاشمي، وفضيلة الأستاذ الشيخ
محمد حسين الصغير... وغير هؤلاء كثير ممن حفلت بكلماتهم وقصائدهم
صحف العراق ومجلاته مما لا يسع المقام لتفصيله.
وله كتاب " اللؤلؤ المنظوم في أحوال بحر العلوم " جزءان
لا يزال مخطوطا.
خلف - من ابنة خاله حجة الاسلام المغفور له السيد محمد باقر
183

الطباطبائي آل صاحب الرياض - من الذكور أربعة: السيد محمد، والسيد
علاء الدين، والسيد عز الدين، والسيد مهدي، وبنات ثلاثا: زوجة
حجة الاسلام الورع السيد محمد باقر الطباطبائي آل الرياض،
وزوجة سماحة العلامة الجليل السيد جعفر نجل حجة الاسلام السيد موسى
بحر العلوم، وزوجة ابن عمها الأستاذ المهذب السيد هادي بحر العلوم.
ولد السيد محمد - أكبر أنجاله - سنة 1347 ه‍ ونشأ ربيب فضل
وأدب. ودرس - وأكمل - سطوح الأصول، والفقه، والكلام على أيدي
المخصصين من العلماء. ودخل كلية الفقه وتخرج منها، وأكمل دراسته
في " معهد الدراسات الاسلامية " في هذا العام. وهو في طريقه إلى أخذ
شهادة " الماجستير " وتقديم أطروحته " الاجتهاد: أصوله وأحكامه ". ألف وكتب، وحقق، وقال الشعر - كثيرا - فمن كتبه المطبوعة:
الكندي، أضواء على قانون الأحوال الشخصية، رجال العقيدة، مواقف
حاسمة، تحقيق وتعليق على كتاب الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب
ومن المخطوطات: الدولة الفاطمية جزآن، العزير بالله الفاطمي، حدوث
العالم وقدمه في الفلسفة الاسلامية، فلسفة الكندي، ديوان الصاحب.
ابن عباد - جمع وتحقيق - نساء في أفق العقيدة، المطر في الشعر العربي،
ديوان شعر، آراء عن الشعر الحر. ولا يزال - أيده الله - في استمرار
على التأليف، والتحقيق، والنشر في عامة صحف العراق ومجلاته. ويمتاز
قلمه المشرق بالعرض الواسع، والخيال الخصب، والأصالة في الموضوع.
وهو - بالإضافة إلى ذلك - ذو مكانة اجتماعية مرموقة لدى عامة
الطبقات، ولا يتأخر عن السير في حاجة أو مشكلة دينية أو اجتماعية - مهما
كلفه الامر من صعوبات - فهو - من هذه الجهة - مثال صحيح لوالده
الحجة - تغمده الله برحمته -.
184

وولد السيد علاء الدين سنة 1350 ه‍، وتربى تربية علمية محضة
ودرس المقدمات باتقان، وبعد إنهاء " سطوحه " ومقدماته على أيدي
المتخصصين من العلماء، حضر أصول الفقه على آيتي الله الحجتين: السيد
أبو القاسم الخوئي، والشيخ حسين الحلي - دام ظلهما - وحضر الفقه على
آية الله العظمى المرجع الديني الأعلى السيد الحكيم دام ظله. وكتب
- ولا يزال يكتب - محاضرات أساتيذه العظام. وطبع له الجزء الأول من
تقريرات أستاذه " الخوئي " باسم " مصابيح الأصول " وله كتب وتقريرات
في الأصول، والفقه لا تزال قيد الخط. وله ولع خاص بباب (المواريث)
من علم الفقه، فقد حقق وكتب فيه كثيرا، ولديه في ذلك " مشجرة "
مصورة مخطوطة. وأخيرا: فهو ذو طاقة علمية حية وسلوك خلقي رفيع، وإيمان
وقدسية ظاهرتين على سلوكه في الحياة، وعليه تعقد الحوزة العلمية في
النجف الأشرف مستقبلها القريب ان شاء الله.
أما السيد عز الدين، فولادته سنة 1352 ه‍ ونشأ نشأة أخويه وأولاد
عمومته من حيث العلم والاخلاق الفاضلة، والسلوك مع المجتمع. ولقد
أنهى " سطوحه " في الفقه والأصول، وحضر " خارجهما " مع أخيه السيد
علاء الدين على الأساتذة آيات الله العظام، ومراجع الأمة: السيد الطباطبائي
الحكيم، والسيد الخوئي، والشيخ الحلي - أيدهم الله بتأييده - كما كتب
تقريراتهم أيضا. وطبع له " بحوث فقهية " تقريرات أستاذه الأعظم
شيخنا " الحلي " دام ظله، في مسائل جديدة من الفقه، مع تنقيح وزيادة
منه، وبراعة في الأسلوب. وله كتاب " المعجزة في نظر العلم " لا يزال
مخطوطا، وربما نشر له في بعض المجلات العراقية مواضيع اسلامية حية.
ويمتاز - هذا الأخير - بذهنية وقادة، وحنكة وتدبير، وتصريف
185

لمشكلات الأمور الاجتماعية... إلى غير ذلك من الكمالات النفسية.
وولده الرابع السيد مهدي، فقد ولد سنة 1356 وتخرج في هذا
العام من دراسته " الثانوية " وهو من الشباب المتدين المحافظ على كرامة
بيته - بالرغم من سكناه في بغداد -.
14 - السيد غياث الدين ابن السيد محمد علي ابن السيد علي نقي
ابن السيد محمد تقي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم.
(1331 -...)
ولد في النجف الأشرف ربيب مجد وكرامة، وسؤدد وحفاظ.
تدرج في دراسته من المدارس الابتدائية، إلى الثانوية، إلى كلية الحقوق
وتخرج من الحقوق سنة 1937 ميلادية، وأخذ يزاول المحاماة - منذ ذلك
الحين حتى اليوم - داخل النجف وخارجها. فهو من أقدم المحامين في
النجف الأشرف، ومن أفقههم بأصول المحاماة، وأساليب القانون، خصوصا
في " الجزائيات ". ولقد شهدت له محاكم العراق وحكامه بتسلطه على
القانون، وقوة عارضته ومهارة لباقته في استخلاص النتائج من عرض
الدعاوى ومفارقاتها، وله في ذلك كتابات، طبع بعضها.
ثم إنه - بالإضافة إلى تفوقه العلمي في القانون - مطلع على كثير
من المعلومات الاسلامية الأخرى، ومسلط على تفهم القضايا الاجتماعية
والسياسية، فقد اشتغل - مدة من الزمن - مع المرحوم الأستاذ صالح جبر
في الحقل السياسي " في حزب الأمة " وهو ذو إباء وكبرياء ذاتيين بحيث
عرضت عليه - مرارا - مناصب حكومية محترمة، فلم يقبلها، اعتزازا بواقعه العتيد، وقدمه في العلم والقانون والشرف.
وله من بنت الوجيه الحاج الشيخ محمد حسن آل الشيخ راضي -:
رياض ونزار، وحيدر، وابنتان صغيرتان.
186

15 - السيد فاضل ابن السيد عباس ابن السيد محمد ابن السيد محمد تقي
ابن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1343 -...)
ولد في كربلا - بعد وفاة أبيه بأشهر، وقضى مدة شبابه فيها. وبعد
ان أنهى دراسته في الصفوف الثانوية هاجر إلى إيران، وأخذ يتنقل في
الوظائف الحكومية هناك. وأخيرا، شغل وظيفة محترمة في " البنك الإيراني
البريطاني " ولا يزال كذلك.
ولد له: محمد، وأحمد، ولا يزالان يوصلان دراستهما في
مدارس طهران.
16 - السيد محمد حسن ابن السيد عباس ابن السيد محمد ابن السيد
محمد تقي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1342 -...)
ولد في " مصر " أثناء هجرة والده المرحوم إليها، ونشأ هناك يتدرج
في مدارسها ويتغذى من معاهدها وكلياتها، حتى تخرج - قبل مدة -
دكتورا في الحقوق والهندسة. وأصبح اليوم أستاذا في كلية الهندسة في
القاهرة في وفقه الله للعلم والعمل الصالح.
له من الأولاد: السيد رضا، والسيد حسين، لا يزالان يواصلان
سيرهما الثقافي في
القاهرة في ظل والدهما
17 - السيد موسى ابن السيد جعفر ابن السيد محمد ابن السيد محمد
تقي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(1327 -...)
ولد في النجف الأشرف، نشأ نشأة آله الكرام، وحذا حذوهم من حيث
العلم والتقوى. وتعلم القراءة والكتابة في مدارس الحكومة الابتدائية وحتى إذا
نشط في قراءته وكتابته وأحاط بقسم من الرياضيات وبعض المعلومات الحديثة
187

انطلق وراء بغيته السامية: والجد والاجتهاد في تحصيل المعارف والعلوم الاسلامية
- شأن آله وذويه - فأكمل أولياته وسطوحه لدى أساتذته المتخصصين في
ذلك. نخص بالذكر منهم: سماحة آية الله السيد تقي بحر العلوم.
وما إن دخل في العقد الرابع من عمره إلا وهو من عيون الفضلاء
المشار إليهم بالبنان، فحضر - عند ذلك - " خارج " الفقه، والأصول
لدى العلماء الاعلام، ومراجع الاسلام. نخص بالذكر من بينهم: سماحة
الامام آية الله الحكيم الطباطبائي، وسماحة آية الله الشيخ حسين الحلي
وسماحة آية الله السيد ميرزا حسن بجنوردي، حفظهم الله وأيدهم.
وتمحض - أخيرا - بالحضور لدى سماحة الامام الحكيم حفظه الله
ويعد - اليوم - من العلماء البارزين في الحوزة العلمية، وممن تعقد عليه
آمال المستقبل القريب. ولمكانته العلمية والدينية رغب إلى سماحته أهالي
الكوفة بعامة طبقاتهم أن يقيم صلاة الجماعة في المسجد الأعظم " مسجد
الكوفة " وأن يكون لهم مرشدا دينيا واجتماعيا. وفعلا كان الذي طلبوه
فقد استأنس سماحة آية الله الحكيم بهذا الموضوع، بحكم اللياقة والقابلية، فأكد
طلبهم، ولا يزال سيدنا أبو علي ممثلا لسماحة الحكيم في الكوفة: للمحراب والمنبر، والقول، والعمل.
وبالإضافة إلى مكانته العلمية السامية، فهو من المتفوقين في العلوم
الأدبية أيضا. وله كلمات وشعر من النوع الراقي، وتولع في موضوع
التاريخ الشعرى، حتى برع فيه بحيث لا يلحقه في ذلك لاحق ممن نعرف
اليوم، ولا مجال لعرض الأمثلة والشواهد، لضيق المجال.
ثم هو يتمتع بصفات نفسية كريمة - بالإضافة إلى شخصيته العلمية
والأدبية - الأمر الذي حببه إلى عامة طبقات الناس، ومن مختلف
الوسط الاجتماعي.
188

له - من ابنة عمه السيد عباس - من الذكور خمسة: السيد علي
والسيد جعفر، والسيد حسن، والسيد محمد حسين، والسيد رضا. ومن
الإناث خمس أيضا: زوجة سماحة العلامة السيد محمد إبراهيم نجل آية الله
العظمى المغفور له السيد ميرزا عبد الهادي الشيرازي، وزوجة الأستاذ
السيد عبود ابن السيد مهدي ابن السيد جعفر بحر العلوم، وزوجة الأستاذ
ناصر ابن الشيخ محمد البهمداني الغروي، وبنتان غير متزوجتين.
أما ولده السيد علي - كأخويه السيد محمد حسين والسيد رضا -
فلا يزالون مستمرين في دراستهم في الصفوف الثانوية، وعلى أبواب التخرج
وولده الآخر السيد حسن - وولادته سنة 1361 ه‍ - هو اليوم في
ميدان التحصيل والاشتغال، ومن الفضلاء. ويقيم صلاة الجماعة في مسجد
الجمهورية من أطراف النجف الأشرف - حفظه الله -
وأما ولده العلامة الجليل سيدنا السيد جعفر، فقد ولد في النجف
الأشرف سنة 1353 ه‍ ودرس مقدماته وسطوحه على حلقات ذوي الفضل
والتخصص من عيون الحوزة العلمية في النجف الأشرف، وحضر " خارج
الأصول " على أستاذ الأصول سيدنا آية الله الخوئي دامت بركاته. كما
وحضر " خارج الفقه " على فقيه العصر المرجع الديني الأعلى السيد الطباطبائي
الحكيم دامت إفاضاته. وكتب ما تلقاه عن كل من هذين الأستاذين العظيمين
على شكل " تقريرات ".
وجمع إلى تفوقه العلمي - اطلاعا واسعا في الأدب والتاريخ وعامة
المواضيع الاسلامية الأخر حتى أصبح يعد - اليوم - من مفاخر الفضلاء
وعيون الحوزة العلمية.
ولسمو مقامه العلمي، وتركزه الاجتماعي وسعة إطلاعه في المواضيع
الاسلامية، رشح لأن يمثل علماء النجف الأشرف في بلدة " المشخاب "
189

وبإلحاح من مختلف طبقاتها - وبحكم استعداده وكفاءته لأكثر من ذلك -
وافق للقيام بهذا العب ء الثقيل، فهو - اليوم - يحتمل القيادة الاسلامية في بلاد
" المشخاب " مرشدا دينيا ومرجعا اجتماعيا وداعيا للاسلام. وبحكم المرجعية
الكبرى والقيادة العامة، فهو يمثل سماحة الامام آية الله الحكيم الطباطبائي دامت
بركاته في تلك البلاد، ويقول عنه ويقول عنه وينطق باسمه، " فضل الله المجاهدين
على القاعدين أجرا عظيما "
18 - السيد ميرزا ابن السيد هادي ابن السيد علي نقي ابن السيد محمد تقي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم. (1311 - 1368)
ولد في النجف الأشرف ربيب عز وشرف، وسيادة وكرامة.
ودرس مقدماته وأولياته لدى علماء عصره، وأهل الفضل والأدب من آله
وذويه، وكثرت أسفاره إلى خارج العراق - وهو في ريعان شبابه - فانصرف
عن تحصيله إلى تدبير معاشه وتيسير أموره فأخذ يضرب بأسفاره فجاج
الأرض لا يستقر في النجف من كل عام إلا أشهرا قليلة، لا يختلط فيها
بالمجتمع النجفي إلا بمقدار الضرورة، وكان عنده جنف وابتعاد عن المجتمع بحكم انطوائه على السأم واليأس ومرارة الحياة وشظف العيش
والتواء التقاليد السائدة.
وأخيرا توفاه الله - غريبا عن آله وذويه - في (قم) من بلاد إيران، آخر
رجب سنة 1368 ه‍ ودفن في مقابر العلماء هناك، وأقام له سماحة المرجع الديني
الأعلى - يومئذ - آغا حسين البروجردي الطباطبائي (ره) مجلس الفاتحة
وبعث سماحته ببرقية تعزية إلى أخيه المرحوم سماحة الحجة السيد على بحر العلوم
وإلى آله الكرام فأقيمت له الفاتحة في النجف الأشرف من قبل " أسرة آل
بحر العلوم " تغمده الله برحمته ورضوانه.
خلف - من ابنة عمه سماحة الزعيم السيد محمد علي بحر العلوم - ولدا
190

واحدا يناهز عمره - اليوم - الثلاثين عاما، وهو السيد هادي - وهو اليوم
محاسب في دوائر الزراعة ومن الشباب اللامعين، وبنات أربعا: زوجة
سماحة العلامة السيد مهدي نجل الامام الحكيم دام ظله، وزوجة ابن عمها
فضيلة العلامة الجليل السيد عز الدين نجل المغفور له سماحة الحجة السيد
علي بحر العلوم، واثنتين غير متزوجتين.
19 - السيد ميرزا علي ابن السيد عباس ابن السيد محمد ابن السيد
محمد تقي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1324 -...)
ولد في النجف ونشأ فيها، ودخل المدارس الابتدائية والثانوية
وتخرج منها، وسكن طهران بعد ذلك، فدخل كلية الاقتصاد، وتخرج
منها بشهادة " ليسانس " وعين موظفا كبيرا في السفارة الإيرانية، وأخيرا
أحيل على التقاعد بحكم تجاوز سنة القانونية، فهو - اليوم - يسكن الكاظمية
ويقضى جل أوقاته في شؤونه العائلية، ويتمتع بوعي وتفكير وانتظام في
سلوكه وخلقه وديانته وكرامته إلى حد يتناسب مع سلوكه الخاص
واتصاله البسيط بالمجتمع.
له من ابنة عمه السيد جعفر ابن السيد محمد - صاحب البلغة -
ولدان: السيد عباس، والسيد پرويز. تخرج الأول من جامعة طهران
بشهادة " دكتور " والثاني في طريقه إلى التخرج، وبنتان، إحداهما -
زوجة ابن عمها السيد نور الدين ابن السيد ضياء الدين بحر العلوم - حاكم
بداءة الكاظمية اليوم - والثانية غير متزوجة
20 - السيد مهدي ابن السيد جعفر ابن السيد محمد باقر ابن السيد
علي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1330 -...)
ولد في النجف، ونشأ فيها، وتعلم القراءة والكتابة، ودخل الصفوف
الأولى من مدارس التعليم، وانشغل - بحكم زواجه من زعماء الحميدات
191

في الشامية - بتجارة الحبوب وإدارة الأراضي الزراعية، وانشغل أيضا بإدارة
أراض زراعية تعود إلى أبيه السيد جعفر بالإرث في بعض قرى إيران
وظل كثير السفر بين إيران والعراق، ودائب المواصلة في مراجعة شؤونه
الخاصة من حيث الزراعة والتجارة، بعيد الاتصال - حتى عن آله وذويه
إلا في المناسبات الضرورية. ولا يزال كذلك مستمرا على سلوكه الخاص
له من الأولاد ثلاثة: الأول - السيد محمد باقر، وولادته سنة 1346 ه‍
وتدرج في المدارس الحكومية حتى تخرج - من كلية الطب - سنة 1954 م
ولا يزال طبيبا إنسانيا في بغداد. وهو ذو إيمان وعقيدة والتزام بالوظائف
الشرعية إلى حد يلحقه بالمقدسين.
الثاني - السيد عبود: وولادته سنة 1349 هو لا يزال في طريقه إلى
التخرج من الصفوف الثانوية، ويشغل وظيفة محترمة في " البنك التجاري في
النجف الأشرف " وهو ذو خلق ونبل وكرامة وأريحية.
والثالث - هو السيد عدنان، وولادته سنة 1357 ه‍ ذكي لبق مجد
في دراسته في المدارس التثقيفية، حتى تخرج في هذا العام من " كلية العلوم
السياسية " وفقه الله لاكمال أشواطه الخيرة.
21 - السيد هاشم ابن السيد جعفر ابن السيد محمد باقر ابن السيد
علي بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
(1212 - 1379)
ولد في النجف الأشرف، ونشأ فيها نشأة درس وتحصيل، فقرأ أولياته
على فقهاء عصره حتى عد من الفضلاء المرموقين في العلم والأدب، ومن
المجدين في تحصيل العلوم.
وانشغل عن مواصلة تحصيله لعدة أمور، لعل أهمها: انه صار ذا
هواية وولع في جمع الكتب وانتقاء المخطوطات، حتى كانت مكتبته - في الأواخر -
192

من أهم المكتبات في النجف الأشرف من حيث احتوائها على مختلف
الكتب المطبوعة ونفائس المخطوطات، لأنه ورث مكتبة أبيه الحجة السيد
جعفر - وهي من عيون مكتبات النجف - يومئذ - وأخذ يضيف عليها
من حيث العدد والكيف حتى أصبحت تقصد من عامة أنحاء العراق
وكتب عنها في مختلف الصحف والمجلات العراقية.
ولكنه - يا للاسف - أصبحت - بعد وفاته ضحية العواطف والأهواء
لا ينتفع بها، ولا يمكن أن يطلع عليها أي انسان، مبعثرة غير منظمة
توفي رحمه الله في بغداد 22 ذي الحجة سنة 1379، ونقل جثمانه
إلى النجف الأشرف، ودفن في داره الكائنة في شارع الطوسي على جانب
" جامع الطوسي " قريب من انتهاء الشارع. ولم يخلف مطلقا
21 - السيد هاشم ابن السيد جعفر ابن السيد حبيب ابن السيد جواد ابن الرضا ابن السيد بحر العلوم (1364 -...)
ولد في كربلا، ولا يزال يواصل سيره الثقافي في الصفوف الثانوية
22 - 25 - السيد هاشم، والسيد هادي، والسيد هذال: أبناء
السيد مهدي ابن السيد حبيب ابن السيد جواد بن الرضا ابن السيد بحر العلوم
لا يزالون في سن الطفولة يواصلون السير في المدارس الابتدائية والثانوية
والحمد لله رب العالمين. وبذلك ينتهي سيرنا الموجز في هذه المقدمة
ولو أردنا التفصيل لاستغرقت مجلدا كاملا. فما أكثر المصادر المطبوعة
والمخطوطة - التي اعتمدنا عليها في عرض الوقائع والتواريخ - وندرج - فيما
يلي - قائمة بسيطة لبعض المصادر وهي الموجودة في " مكتبتنا العامة ".
النجف الأشرف 1 / 3 / 1385 إدارة
مكتبة العلمين
193

مصادر البحث في المقدمة
الامام الحكيم للسيد أحمد الحسيني
البابليات للشيخ محمد علي اليعقوبي
البرهان القاطع للسيد علي بحر العلوم
إجازة السيد عبد الله سبط السيد الجزائري
إجازة الوحيد البهبهاني للسيد بحر العلوم
- مخطوط -
إجازة الهزار جريبي للسيد بحر العلوم
- مخطوط -
إجازة الشيخ عبد النبي للسيد بحر العلوم
القزويني - مخطوط -
إجازة السيد حسين للسيد بحر العلوم الخوانساري - مخطوط -
أحسن الوديعة للسيد محمد مهدي
الأصفهاني الكاظمي
الحصون المنيعة للشيخ علي كاشف الغطاء
آداب اللغة العربية لجرجي زيدان
تاريخ قم لحسن بن محمد القمي
- مخطوط -
الدرر البهية للسيد محمد صادق بحر العلوم
- مخطوط -
الذريعة للشيخ أغا بزرك الطهراني
رجال الشيخ الطوسي
الروض النضير للشيخ جعفر نقدي
الرجال للميرزا محمد الأخباري
الروضة البهية للسيد محمد شفيع الجابلقي
الرحيق المختوم للسيد أبي الحسن اللكهنوي
- مخطوط -
السلاسل الذهبية للسيد محمد صادق
بحر العلوم - مخطوط -
الطليعة للشيخ محمد السماوي - مخطوط -
أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين
العقد المفصل للسيد حيدر الحلي
العراقيات للشيخ علي الشرقي
أعلام طبقات الشيعة للشيخ أغا بزرك
الطهراني
الفوائد الرضوية للشيخ عباس القمي
الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي
اللؤلؤ المنظوم للسيد علي بحر العلوم
- مخطوط -
المقابيس للشيخ أسد الله التستري
المواهب السنية للسيد محمود الطباطبائي
المجموع الرائق للسيد محمد صادق بحر العلوم
- مخطوط -
النجم الثاقب للحاج ميرزا حسين النوري
194

آية الله بروجردي لعلي دواني
بلغة الفقيه للسيد محمد بحر العلوم
تحفة العالم للسيد جعفر بحر العلوم
تحفة العالم للشيخ عبد اللطيف شوشتري
تكملة أمل الآمل للسيد حسن الصدر
الكاظمي
جامع الرواة للأردبيلي
جنة المأوى للحاج ميرزا حسين النوري
خاتمة مستدرك الوسائل للميرزا حسين
النوري
حلى الدهر العاطل للشيخ أغا رضا الأصفهاني
دار السلام للحاج ميرزا حسين النوري
ديوان السيد بحر العلوم - مخطوط -
ديوان السيد حسين بحر العلوم - مخطوط -
ديوان السيد إبراهيم الطباطبائي
ديوان الشيخ جابر الكاظمي
ديوان الشيخ محسن الخضري
ديوان السيد جعفر الحلي
ديوان الشيخ يعقوب الحلي
ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي
روضات الجنات لمحمد باقر الخوانساري
سر السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري
شهداء الفضيلة للشيخ عبد الحسين الأميني
شعراء الغري للشيخ على الخاقاني
شعراء الحلة للشيخ على الخاقاني
شعراء بغداد للشيخ على الخاقاني
شعراء آل بحر العلوم - مجموعة خطية -
عدة الداعي لابن فهد الحلي
عمدة الطالب لابن عنبة النسابة
قصص العلماء للعلامة التنكابني
لؤلؤ الصدف للسيد عبد الله الأصفهاني
مجلة النجف
مجلة الهدى
مجموعة خطية للشيخ محمد رضا الشبيبي
ماضي النجف وحاضرها للشيخ جعفر محبوبة
مشهد الامام لمحمد على جعفر
مقاتل الطالبيين لأبى الفرج الأصفهاني
معارف الرجال للشيخ محمد حرز الدين
معالم العلماء لابن شهرآشوب
معجم الأدباء للحموي
معجم الشعراء للمرزباني
معاهد التنصيص لعبد الرحيم العباسي
مناهج الاحكام للشيخ محمد الطويهري
- مخطوط -
وفيات الأعيان لابن خلكان
وحيد بهبهاني لعلي دواني
195

كلمتنا...
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
وبعد، فان لعلم رجال الحديث أثرا بالغا في كيان الفقه، ومخض
الاجتهاد الاسلامي حيث أن السنة - وهي أحد الأركان الأربعة للاجتهاد -
إنما تعتبر دليلا بعد تصفيتها من جانبي: الدلالة، والسند،
ولا تنكشف
واقعية السند إلا على ضوء " علم الرجال " فإنه الضمين الوحيد لتمحيص
رجال سند الحديث من حيث الوثاقة وعدمها. ومن ثم يكون البحث
عن مدى دلالة الحديث على المسألة الشرعية.
ولقد كتب في هذا الباب علماؤنا السابقون - كأبي الحسن علي بن أحمد
العقيقي ووالده أحمد بن علي، وأبي العباس النجاشي، وأبي جعفر الطوسي
وأمثالهم من مفاخر القرن الثالث والرابع والخامس الهجري، رحمهم الله تعالى.
ويتحفنا - أخيرا - " سيدنا بحر العلوم " قدس سره - بتحقيقاته
الرجالية، في كتاب رجاله المعروف ب‍ (الفوائد الرجالية) وهو مما لم يسبق
له نظير في احتوائه على فوائد رجالية وتحقيقات في علم الحديث.
والكتاب - بأجزائه الثلاثة - يحتوي على فصول أربعة:
الأول - يبحث عن البيوت والأسر الرجالية، وتمحيص أفرادها.
الثاني - يستعرض تراجم الرواة على نسق الحروف الهجائية
الثالث - يبحث عن فوائد وتحقيقات رجالية مهمة.
الرابع - يلحق بالكتاب: إجازاته من أساتذته وإجازاته لتلامذته.
ونحن - بحكم تلمسنا لحاجة رواد الفقه، وذوي الاجتهاد إلى تهيئة
هذا الصعيد البدائي لهم - رأينا أن نتحفهم بهذا السفر الجليل بعد تحقيقه
وتصحيحه ومقابلته على نسخ كثيرة مصححة. واعتمدنا أكثر على نسختين
من الكتاب، وهما اللتان أشرنا إليهما فيما يلي: -
النجف الأشرف محمد صادق بحر العلوم وحسين بحر العلوم
196

الصفحة الأولى من نسخة الحجة السيد محمد صادق بحر العلوم
197

الصفحة الأخيرة من نسخة الحجة السيد محمد صادق بحر العلوم
198

الصفحة الأولى من نسخة مكتبة آية الله الحكيم
199

الصفحة الأخيرة من نسخة مكتبة آية الله الحكيم
200

رجال السيد بحر العلوم
" المعروف بالفوائد الرجالية "
201

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على
محمد وآله أجمعين صلاة دائمة، إلى
القيامة قائمة
202

باب ما صدر بالآل
(آل أبي رافع) من أرفع بيوت الشيعة، وأعلاها شأنا، وأقدمها
إسلاما وإيمانا.
كان أبو رافع - رحمه الله - مولى رسول (ص)، كان للعباس
ابن عبد المطلب رضي الله عنه، فوهبه للنبي (ص) فلما بشره بإسلام العباس
أعتقه (1)

(1) أبو رافع - هذا - ترجم له ابن الأثير الجزري في (أسد
الغابة: 1 / 41) طبع مصر، فقال: " إبراهيم أبو رافع مولى رسول
الله (ص) قال ابن معين: اسمه إبراهيم، وقيل، هرمز وقال علي بن المديني
ومصعب: اسمه أسلم. قال علي: ويقال: هرمز، وقيل: ثابت. وكان قبطيا
وكان للعباس - راضي الله عنه - فوهبه للنبي (ص)، وكان إسلامه بمكة
مع اسلام أم الفضل فكتموا إسلامهم، وشهد أحدا والخندق، وكان على
ثقل النبي (ص) ولما بشر النبي باسلام العباس اعتقه وزوجه مولاته سلمى
وشهد فتح مصر، وتوفى سنة أربعين، قاله ابن مأكولا، وقيل غير
ذلك " ثم قال ابن الأثير: " توفى أبو رافع في خلافة عثمان، وقيل في
خلافة علي، وهو الصواب، وكان ابنه عبيد الله كاتبا لعلي - رضي الله عنه -
ذكره أبو عمر في (أسلم)، وأخرجه ابن مندة وأبو نعيم هاهنا "
وترجم له أيضا ابن عبد البر في (الاستيعاب) في باب (أسلم)
ترجمة مفصلة، ثم قال: " وعقب أبي رافع اشراف بالمدينة وغيرها عند
الناس، وزوجه رسول الله (ص) سلمى مولاته فولدت له عبيد الله بن أبي رافع،
وكانت سلمى قابلة إبراهيم ابن النبي (ص) وشهدت معه خيبر، وكان
عبيد الله بن أبي رافع خازنا وكاتبا لعلي عليه السلام، وشهد أبو رافع
أحدا، والخندق، وما بعدهما من المشاهد، ولم يشهد بدرا، وإسلامه
قبل بدر إلا أنه كان مقيما بمكة - فيما ذكروا - وكان قبطيا... روى عنه
ابناه: عبيد الله، والحسن، وعطاء بن يسار " وذكره - أيضا - في
باب الكنى.
وذكره سيدنا الحجة السيد حسن الصدر الكاظمي رحمه الله في
رسالته: (وفيات الأعلام) وقال: هو أول من دون علم الحديث، مات
في أول خلافة علي عليه السلام سنة 35 ه‍ على الصحيح.
وترجم له أيضا ابن حجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب): 12 / 92)
في باب الكنى، طبع حيدر آباد دكن، وذكر قريبا مما ذكره ابن الأثير
ثم قال: " وكان إسلامه قبل بدر، ولم يشهدها، وشهد أحدا، وما
بعدها، روى عن النبي (ص) وعن ابن مسعود، وروى عنه أولاده
الحسن، ورافع وعبيد الله والمعتمر - ويقال المغيرة - وسلمى
وأحفاده: الحسن وصالح وعبيد الله - أولاد علي بن أبي رافع - وعلي بن
الحسين بن علي (عليه السلام) وأبو سعيد المقبري، وسليمان بن يسار
وأبو غطفان بن طريف المري، وعمرو بن الشريد بن سويد الثقفي
وحصين والد داود، وسعيد بن أبي سعيد مولى ابن حزم، وشرحبيل
ابن سعد، وغيرهم ".
وترجم له أيضا ابن حجر المذكور في باب الكنى من (الإصابة:
4 / 67) طبع مصر، وزاد على ما ذكره في تهذيب التهذيب.
وترجم له أيضا الخزرجي الأنصاري في (خلاصة تهذيب الكمال: 378)
طبع مصر سنة 1322 ه‍، وقال: " له ثمانية وستون حديثا إنفرد البخاري
بحديث، ومسلم بثلاثة، روى عنه ابنه عبيد الله، وسليمان بن يسار " ولأبي رافع
ذكر في أكثر المعاجم الرجالية، لا يسعنا استعراضها.
203

واختلف في اسمه: فقيل: إبراهيم، وقيل أسلم.
أسلم بمكة قديما، وهاجر الهجرتين: مع جعفر بن أبي طالب (رض)
إلى الحبشة ومع رسول الله (ص) إلى المدينة.
204

وصلى القبلتين (1) وبايع البيعتين بيعة العقبة وبيعة، الرضوان وشهد مع
النبي (ص) مشاهده.
ولزم أمير المؤمنين (ع) بعده. وكان من خيار شيعته. وخرج
معه إلى الكوفة، وهو شيخ كبير، له خمس وثمانون سنة، وشهد معه
حروبه. وكان صاحب بيت ماله بالكوفة. ولم يزل معه حتى استشهد
فرجع مع الحسن عليه السلام إلى المدينة ولا دار له بها ولا أرض، وقد كان
باعهما في خروجه إلى الكوفة مع أمير المؤمنين (ع) فقسم له الحسن (ع)
دار علي بنصفين، واقطعه أرضا، باعها ابنه عبيد الله بمائة الف وسبعين ألفا
وكان أبو رافع - رحمه الله - من العلماء، ومن سلفنا الصالح المتقدمين
في التصنيف، له كتاب: السنن ولأحكام والقضايا، يرويه عن أمير المؤمنين
عليه السلام: قاله النجاشي (2)

(1) كانت قبلة المسلمين - إلى ما بعد الهجرة بأشهر - بيت المقدس
ثم نسخت وحولت إلى الكعبة بقوله تعالى: "... فلنولينك قبلة ترضاها
فول وجهك شطر المسجد الحرام... "
(2) بهذا المضمون في (كتاب الرجال ص 3 - 4) ط بمبئ
والنجاشي - هذا - هو أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس. وكان
معاصرا للشيخ الطوسي، والسيد المرتضى، واحد تلامذة المفيد - رحمهم الله - وهو ينتسب إلى " النجاشي " الذي ولي الأهواز، وصاحب الرسالة
إلى الإمام الصادق عليه السلام، وهي مشهورة، ذكرها عامة علماء الرجال
ولد في شهر صفر سنة 372، وتوفى في " مطر آباد " في جمادي الأولى
سنة 450 ه‍. ترجم له عامة من كتب في الرجال وتستقرأ له ترجمة ضافية
من قبل سيدنا " بحر العلوم " في هذا الكتاب.
205

وقال العلامة: " ثقة... أعمل على روايته " (1)
وابنا أبي رافع: - عبيد الله وعلي - صحبا أمير المؤمنين عليه
السلام، وكانا كاتبيه.
وكان عبد الله من خواصه - كما في الاختصاص (2) وغيره له:

(1) راجع: (خلاصة الأقوال في معرفة الرجال: 3) وطبع باسم
(رجال العلامة) في النجف الأشرف سنة 1381 ه‍.
ومؤلفه: هو جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي
ابن المطهر الحلي المشهور ب‍ " العلامة الحلي " وهو جليل القدر، عظيم
الشأن، لا نظير له في الفنون والعلوم العقلية والنقلية. وفضائله أكثر من أن
تحصى انتهت إليه زعامة المذهب في المعقول والمنقول. ومؤلفاته كثيرة
جدا ربما تجاوزت الثمانين، ذكرها كل من كتب في الرجال واستعرضها
هو - قدس سره - في (رجاله هذا) وقال: إن مولده تاسع عشر
رمضان سنة 648 ه‍، ووفاته في " الحلة " ليلة السبت 11 محرم سنة 762 ه‍
ونقل جثمانه الطاهر إلى النجف الأشرف، فدفن في حجرة خاصة على
يمين الداخل إلى الحضرة الشريفة من جهة الشمال. وقبره ظاهر معروف
يزار - كل يوم - ذكره عامة أرباب المعاجم الرجالية - من الفريقين -
وستقرأ له ترجمة ضافية في هذا الكتاب من قبل سيدنا " بحر العلوم " قدس سره
(2) الاختصاص: تأليف أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري
البغدادي المعروف ب‍ " الشيخ المفيد " (336 - 413) طبع في طهران سنة 1379 ه‍
والشيخ المفيد أشهر من أن يذكر، ولقد تسنم - في عصره -
زعامة المسلمين كافة. وكان يوضع له كرسي الكلام، فيحاضر على المذاهب
الخمسة، له من المؤلفات - في المواضيع المختلفة - ما يناهز المائتي كتاب.
ولقد ابنه الحجة القائم - بعد دفنه - كما كتب عنه - بقوله:
- لا صوت الناعي بفقدك انه * يوم على آل الرسول عظيم -
- ان كنت قد غيبت في جدث الثرى * فالعدل والتوحيد فيك مقيم -
- والقائم المهدي يفرح كلما * تليت عليك من الدروس علوم -
ترجم له عامة من كتب في التاريخ والتراجم والرجال. وله ترجمة
ضافية من قبل سيدنا " بحر العلوم " في رجاله هذا - كما سيأتي -
قال الشيخ المفيد: في الاختصاص: ص 4: " عبيد الله بن أبي
رافع من خواص أمير المؤمنين عليه السلام، وكان كاتبه... "
وترجم لعبيد الله - هذا - بن حجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب
7 / 10) ووثقه، فقال: " عبيد الله بن أبي رافع المدني مولى النبي
صلى الله عليه وآله وسلم - روى عن أبيه - وأمه سلمى - وعن علي - وكان
كاتبه - وأبي هريرة، وشقران - مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم -
وروى عنه أولاده: إبراهيم، وعبد الله، ومحمد، والمعتمر - والحسن بن
محمد ابن الحنفية، وعلي بن الحسين (عليه السلام) وسالم أبو النضر، وابن
الكندر، وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (ع) وبسر بن سعيد، والحكيم
ابن عتيبة، والأعرج، وعبد الله بن الفضل الهاشمي، وعاصم بن عبيد الله
والزبير، ومعاوية - ابنا عبد الله بن جعفر - وجعفر بن محمد بن علي بن
الحسين (عليه السلام)، وآخرون " - ثم قال -: "... قال أبو حاتم
والخطيب: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقاة " - ثم قال -: "... قلت:
وقال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث " وذكره ابن حجر - أيضا - في
" تقريب التهذيب " وقال: " انه من الثالثة - اي توفى بعد المائة - ".
وذكره أيضا في (الإصابة - في باب عبيد الله مصغرا - " فقال: "...
ذكره البغوي وغيره في الصحابة ".
وقال عنه ابن قتيبة في (المعارف) "... لم يزل كاتبا لعلي بن أبي
طالب في خلافته كلها ".
وقال ابن الأثير الجزري في (أسد الغابة: 3 / 338) "... عبيد الله
مصغر مضاف إلى اسم الله تعالى -: هو ابن (أسلم) مولى رسول الله (ص)
يعد في الكوفيين ". ثم روى رواية عن بكر بن سوادة عنه: ان
رسول الله (ص) كان يقول لجعفر بن أبي طالب: اشبهت خلقي وخلقي
- ثم قال -: أخرجه أبو نعيم وأبو موسى.
وانظر - أيضا -: (مجالس المؤمنين: 1 / 248) طبع إيران و (معالم
العلماء لابن شهرآشوب: 77) ط النجف الأشرف.
وفي (جامع المقال للطريحي) و (هداية المحدثين للكاظمي): "... عبيد الله مشترك بين ثقة، وغيره، ويمكن استعلام انه ابن أبي رافع
كاتب أمير المؤمنين عليه السلام - برواية محمد بن عبيد الله - ابنه - عنه "
206

كتاب قضايا أمير المؤمنين (ع) وكتاب من شهد معه.
207

وعلي أخوه - من خيار الشيعة (1) حفظ - كثيرا وجمع كتابا في فنون

(1) علي بن أبي رافع - هذا - ذكره العلامة في (رجاله) والاسترابادي
في (منهج المقال) وأبو علي في (منتهى المقال).
وفى (روضات الجنات للخوانساري ص 346 ط إيران) "... إن أول فقه صنف في الشيعة كتاب علي بن أبي رافع التابعي، الذي جمع
فنونا من الفقه: الوضوء، والغسل، وسائر الأبواب ".
وذكر الشيخ الطوسي - قدس سره - في باب أصحاب علي بن
الحسين عليه السلام من كتاب (رجاله) ابنا لعلي ابن أبي رافع - هذا -
اسمه (الحسن) وله ابن اسمه (أيوب) بن الحسن بن علي بن أبي رافع
وتبعه الاسترآبادي صاحب (منهج المقال) وذكر ذلك الأردبيلي - أيضا -
في (جامع الرواة)
وقال ابن حجر في القسم الثاني من الإصابة: " علي بن أبي رافع
مولى النبي (ص) ولد في عهد النبي (ص) وسماء (عليا) قال المحاملي
في (أماليه): حدثنا أحمد بن سعيد، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا
فائد، حدثنا مولاي عبيد الله بن علي بن أبي رافع - مولى رسول الله (ص)
وكان رسول الله (ص) سماه (علي) حدثني جدي أبو رافع... فذكر حديثا "
208

الفقه: الوضوء، والصلاة، وسائر الأبواب. ذكر ذلك النجاشي (1)
وروى كتابه بطرق متعددة. وفي بعضها: إنه كان يعظمونه ويعلمونه (2)
وله ابن اسمه (عبيد الله) روى عن أبيه - علي - هذا الكتاب (3)
ولعبيد الله بن أبي رافع ابنان: عون، ومحمد (4) من رواة الحديث
روى عون عن أبيه - عبيد الله - كتاب تسمية من شهد مع أمير المؤمنين

(1) في نسخة: قاله النجاشي.
(2) راجع - بهذا المضمون -: النجاشي ص 5 ط بمبئ.
(3) وقد عرفت - آنفا - روايته عن أبيه علي في تسمية النبي (ص) له
عليا - برواية ابن حجر - وترجم له ابن حجر - أيضا - في (تقريب
التهذيب).
(4) محمد بن عبيد الله - هذا - ذكره ابن حجر العسقلاني في (تهذيب
التهذيب: 9 / 321) فقال: " محمد بن عبيد الله بن أبي رافع الهاشمي - مولاهم
الكوفي، روى عن أبيه، وأخيه عون، وزيد بن أسلم، وداود
بن الحصين، وأبي عبيدة بن محمد بن عمار، وعمر بن علي بن الحسين (عليه السلام)
وجماعة، وروى عنه ابناه: معمر، والمغيرة، ومندل بن علي، واخوه
حبان بن علي، وابن لهيعة، وعلي بن غراب، وعلي بن هاشم بن البريد
وغيرهم... وقال ابن عدي: هو في عداد شيعة الكوفة... وذكره
ابن حبان في الثقات "
وذكره الخزرجي الأنصاري في (تلخيص تذهيب تهذيب الكمال: 288)
وقال: "... يروي عن أبيه. ويروي عنه ابنه معمر ".
وقال عنه المولى محمد امين الكاظمي في كتابه (تمييز المشتركات):
"... روى عن أبيه عبيد الله عن أبيه أبي رافع ".
وترجم ابن حجر - أيضا - في المصدر الآنف - ص 254: لمحمد
ابن عبد الله بن أبي رافع - مولى علي عليه السلام - فقال: "... روى
عن أبيه عن عمه عبيد الله بن أبي رافع عن علي عليه السلام - قال -
روى عنه إسرائيل حديثه بهذا السياق في مسند البزاز "
فيظهر ان لأبي رافع ولدا آخر اسمه عبد الله - مكبرا - ولعبد الله
ولدا اسمه محمد. ولكن ابن حجر - بعد أن ذكر محمدا هذا - قال:
" قال ابن القطان: لا يعرف ".
209

عليه السلام. وروى عنه محمد: كتابه الآخر. قاله الشيخ - رحمه الله -
في (الفهرست) (1)
وروى النجاشي - بإسناده عن محمد بن عبيد الله ابن أبي رافع -
عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السلام: أنه كان إذا صلى قال
في أول الصلاة - وذكر كتاب أبي رافع بابا بابا - الصلاة والصيام والحج
والزكاة والقضايا (2).
ولمحمد بن عبيد الله ابن يسمى (عبد الرحمن) (3) ويكنى:
أبا محمد، قد روى الحديث:

(1) راجع: ص 107 ط النجف الأشرف سنة 1356.
(2) رجال النجاشي: ص 5 ط بمبئ.
(3) عبد الرحمن بن محمد - هذا - ذكره الشيخ فخر الدين الطريحي
في (جامع المقال) فقال: " عبد الرحمن بن محمد مشترك بين ثقة، وغيره
ويمكن استعلام انه ابن محمد بن عبيد الله الثقة برواية زكريا بن يحيى عنه
ورواية يوسف بن الحرث عنه ".
ويرى الشيخ محمد امين الكاظمي في كتابه (تمييز المشتركات) المسمى
(هداية المحدثين): ان عبد الرحمن - هذا - هو ابن محمد بن عبيد الله
العرزمي، لا حفيد أبي رافع. فلاحظ ذلك.
وذكره - أيضا - الميرزا محمد الاسترآبادي في (منهج المقال) ضمن
ترجمة علي بن أبي رافع. - في طريق رواية الوضوء المذكورة -.
210

قال النجاشي - رحمه الله - أخبرني أبو الحسن التميمي، قال: حدثنا أحمد
ابن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن القاسم البجلي - قراءة عليه -
قال حدثني أبو الحسن علي بن إبراهيم بن المعلى البزاز، قال: حدثنا
عمر بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين، قال: حدثني أبو محمد عبد الرحمن
ابن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع - وكان كاتب أمير المؤمنين (ع) - انه كان
يقول: " إذا توضأ أحدكم للصلاة، فليبدأ باليمين قبل الشمال من جسده
وذكر الكتاب " (1). وفي الرواية دلالة على وجوب الترتيب بين الرجلين (2)
والمراد ب‍ (الكتاب): كتاب علي بن أبي رافع الموضوع في فنون الفقه
كما يدل عليه كلام النجاشي قبل هذا الحديث وبعده، فإنه في ذكر هذا

(1) راجع ص 5 ط بمبئ سنة 1317.
(2) كما عليه جمع غفير من القدماء، بل نسب إلى " الخلاف " دعوى
الاجماع عليه. ويشهد له - مضافا إلى رواية المتن - الوضوءات البيانية
ومصحح ابن مسلم عن أبي عبد الله (ع) "... وامسح على القدمين
وابداء بالشق الأيمن... " ولكن جماعة - غير قليلة - من القدماء
والمتأخرين اختاروا عدم الترتيب، عملا باطلاق الآية، وبالتوقيع المروي
عن الاحتجاج، عن محمد بن عبد الله الحميري عن صاحب الزمان عليه السلام
" كتب إليه يسأله عن المسح على الرجلين: بأيهما يبدأ باليمين أو بمسح
عليهما جميعا معا فأجاب يمسح عليهما جميعا معا، فان بدأ بإحداهما قبل
الأخرى فلا يبدأ إلا باليمين ".
211

الكتاب وبيان الطرق إليه، ويشير إليه ذكر الوضوء في أوله (1) فإنه
المناسب له لا لكتاب أبي رافع.
وكيف كان، ففي السند سهو أو إرسال باسقاط الواسطة بين عبد الرحمن
ابن محمد بن عبيد الله، وبين أمير المؤمنين عليه السلام، لبعده عنه وعدم
ظهور إدراك أبيه إياه، فضلا عنه.
(ومن آل أبي رافع) إسماعيل بن الحكم الرافعي، له كتاب، روى
عنه إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين، قاله النجاشي في
ترجمته (2)
وروى في ترجمة أبي رافع بإسناده عن إسماعيل الرافعي (3)

(1) ففي كتاب النجاشي " ص 5 ": وجمع كتابا في فنون من الفقه:
الوضوء، والصلاة وسائر الأبواب.
كتاب الرجال 0 / 20 ط بمبئ وروى الحديث المذكور صاحب
مجالس المؤمنين القاضي نور الله التستري (ج 1 ص 248) عن رجال النجاشي.
إسماعيل بن الحكم الرافعي - هذا - ذكره الشيخ الطوسي في
الفهرست وقال: له كتاب رواه إسماعيل بن محمد عنه.
وذكره أيضا الطريحي في جامع المقال في الرجال، وتلميذه الشيخ
محمد امين الكاظمي في كتاب تمييز المشتركات، وذكر كلاهما رواية إسماعيل بن محمد
عنه، وذكره أيضا صاحب منتهى المقال أبو علي الرجالي والمولى الأردبيلي
في جامع الرواة (ج 1 / ص 95) والاسترابادي في (منهج المقال في الرجال).
212

عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده: قال: " دخلت على
رسول الله (ص) - وهو نائم أو يوحى إليه - وإذا حية في جانب البيت، فكرهت
أن أقتلها فأوقظه، فاضطجعت بينه وبين الحية حتى إذا كان منها سوء
يكون إلي دونه، فاستيقظ، وهو يتلو هذه الآية: " إنما وليكم الله ورسوله
والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " ثم قال:
الحمد الله الذي أكمل لعلي منيته، وهنيئا لعلي بتفضيل الله إياه. ثم التفت
فرآني إلى جانبه فقال: ما أضجعك ههنا يا أبا رافع؟ فأخبرته خبر الحية
فقال: قم إليها، فاقتلها، فقتلتها ثم أخذ رسول الله (ص) بيدي فقال: يا أبا رافع، كيف أنت وقوما يقاتلون عليا (ع) هو على الحق، وهم
على الباطل، يكون في حق الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم، فبقلبه
فمن لم يستطع فليس وراء ذلك شئ، فقلت: ادع الله لي إن أدركتهم
أن يعينني الله ويقويني على قتالهم، فقال: اللهم ان أدركهم فقوه وأعنه
ثم خرج إلى الناس، فقال: يا أيها الناس، من أحب أن ينظر إلى أميني
على نفسي وأهلي، فهذا أبو رافع أميني على نفسي.
قال عون بن عبيد الله بن أبي رافع: فلما بويع علي (ع) وخالفه
معاوية بالشام، وسار طلحة والزبير إلى البصرة، قال أبو رافع: هذا
قول رسول الله (ص): " سيقاتل عليا قوم يكون حقا في الله جهادهم " فباع
أرضه بخيبر، وداره، ثم خرج مع علي (ع) وهو شيخ كبير له خمس
وثمانون سنة، وقال: الحمد لله لقد أصبحت ولا أحد بمنزلتي، لقد
بايعت البيعتين: بيعة العقبة، وبيعة الرضوان، وصليت القبلتين وهاجرت
الهجر الثلاث، قلت له: وما الهجر الثلاث؟ قال: هاجرت مع جعفر بن
أبي طالب - رحمة الله عليه - إلى أرض الحبشة، وهاجرت مع رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة وهذه الهجرة مع علي بن أبي طالب (ع)
213

إلى الكوفة. فلم يزل مع علي حتى استشهد علي (ع) فرجع أبو رافع إلى
المدينة مع الحسن (ع) ولا دار له ولا أرض، فقسم له الحسن (ع) دار
علي (ع) بنصفين، وأعطاه سنح (1) أرض أقطعه إياها، فباعها عبيد الله
ابن أبي رافع من معاوية بمائة الف وسبعين ألفا (2)
وفي صدر الرواية دلالة على أن لعبيد الله بن أبي رافع ابنا ثالثا اسمه
عبد الله، لكن يظهر من قوله - في أثنائها - " قال عون بن عبيد الله ":
أن الراوي هو عون. ولعله الصواب، فاني لم أجد لعبد الله بن عبيد الله ذكرا إلا هنا.
وعن الاستيعاب لابن عبد البر: أنه طرق الرواية إلى زيد بن عبيد الله
ابن أبي رافع عن أبيه عن جده، ولم أجده في كتب أصحابنا (3)
(آل أبي شعبة الحلبيون) خير شعبة من شعب الشيعة، وأوثق
بيت اعتصم بعرى أهل البيت المنيعة.
كان أبو شعبة من أصحاب الحسن والحسين عليهما السلام. وابناه:
علي وعمر (4) وبنو علي وهم: عبيد الله، ومحمد، وعمران، وعبد الأعلى
كلهم من أصحاب الصادق عليه السلام. ويحي بن عمران من أصحاب
الصادق والكاظم عليهما السلام. وأحمد بن عمر بن أبي شعبة من أصحاب

(1) السنح - بضم السين وسكون النون، أو بضمهما معا - موضع
بعوالي المدينة (عن مجمع البحرين) و (نهاية ابن الأثير).
(2) رجال النجاشي ص 4 ط بمبئ سنة 1317.
(3) انا لم نجد لزيد بن عبيد الله هذا ذكرا في الاستيعاب المطبوع
ولا ذكرا للرواية المذكورة. والمؤلف - رحمه الله - نقلها عن الاستيعاب
بالواسطة ولم يشاهدها بنفسه، والعهدة على المنقول عنه، فلاحظ.
(4) اما علي بن أبي شعبة، فقد ذكره المولى الأردبيلي في (جامع
الرواة ج 1 / ص 551) وذكره أيضا الاسترآبادي في (منهج المقال)
واما عمر بن أبي شعبة فقد ذكره أيضا الأردبيلي في (جامع الرواة
ج 1 / ص 630) والاسترابادي في (منهج المقال). واما عبيد الله بن علي بن أبي شعبة، فقد ترجم له أيضا كل من
الأردبيلي في (جامع الرواة ج 1 ص 529) والاسترابادي في (منهج المقال)
واما محمد بن علي بن أبي شعبة فقد ذكره أيضا الأردبيلي في (جامع
الرواة: ج 2 / ص 151) وقال له روايات عن أبي عبد الله الصادق " ع "
في (من لا يحضره الفقيه) و (التهذيب) و (الاستبصار) و (الكافي)
في موارد عديدة، وترجم له أيضا الاسترآبادي في (منهج المقال).
واما عمران بن علي بن أبي شعبة فقد ذكره كل من صاحب (جامع
الرواة ج 1 ص 643) وصاحب (منهج المقال.
واما عبد الأعلى بن علي بن أبي شعبة، فقد ذكره أيضا صاحب (جامع
الرواة ج 1 ص 436) وصاحب (منهج المقال).
واما يحيى بن عمران بن علي بن أبي شعبة فقد ذكره الأردبيلي في (جامع
الرواة ج 2 ص 233) وذكر له روايات عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام
في الكافي، والتهذيب، والاستبصار، وترجم له أيضا صاحب (منهج المقال)
واما أحمد بن عمر بن أبي شعبة فقد ذكره أيضا صاحب (جامع
الرواة: ج 1 ص 56) وقال: ان له روايات عن أبي الحسن الرضا
وعن أبيه الكاظم - من قبل - عليهما السلام في (الكافي) و (من لا
يحضره الفقيه) و (التهذيب) و (الاستبصار) وترجم له الاسترآبادي
في (منهج المقال)، وجاء إطراء آل أبي شعبة في أكثر المعاجم.
214

الكاظم والرضا عليهما السلام. ذكرهم النجاشي - رحمه الله - فقال:
" أحمد بن عمر بن أبي شعبة الحلبي ثقة، روى عن أبي الحسن الرضا وعن
أبيه (ع) من قبل، وهو ابن عم عبيد الله وعبد الأعلى وعمران ومحمد
215

الحلبيين. روى أبوهم عن أبي عبد الله عليه السلام وكانوا ثقات. لأحمد
كتاب رواه عنه (1) الحسن بن علي بن فضال "
ثم قال: " عبيد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبي، مولى بني تيم
اللات بن ثعلبة، أبو علي، كوفي، كان يتجر - هو وأبوه وأخوته
إلى حلب، فغلبت عليهم النسبة إلى حلب. وآل أبي شعبة بالكوفة بيت
مذكور من أصحابنا. وروى جدهم أبو شعبة عن الحسن والحسين عليهما
السلام، وكانوا جميعهم ثقات، مرجوعا إلى ما يقولون، وكان عبيد الله
كبيرهم ووجههم. وصنف الكتاب المنسوب إليه، وعرضه على أبي عبد الله
عليه السلام، وصححه قال - عند قراءته -: أترى لهؤلاء مثل هذا "؟ (2)
روى ابن أبي عمير عن حماد عنه. وقال - بعد ذلك - محمد بن
علي بن أبي شعبة الحلبي أبو جعفر، وجه أصحابنا، وفقيههم، والثقة
الذي لا يطعن عليه، هو وإخوته عبيد الله وعمران وعبد الأعلى. له كتاب
التفسير. روى عنه صفوان، وكتاب مبوب في الحلال والحرام، روى عنه
ابن مسكان " (3).
ثم قال: " يحيى بن عمران بن علي بن أبي شعبة الحلبي. روى عن
أبي عبد الله، وأبي الحسن عليهما السلام، ثقة، ثقة، صحيح الحديث، له
كتاب روى عنه ابن أبي عمير " (4)

(1) في النجاشي 72 ط بمبئ بعد هذه الجملة هكذا: "... جماعة
أخبرنا محمد بن علي عن أحمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا سعد قال حدثنا
محمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن فضال عن أحمد بن عمر بكتابه "
(2) راجع: ص 160 ط بمبئ.
(3) راجع ص 228 ط بمبئ - بحذف بعض الأسانيد -
(4) راجع ص 310 ط بمبئ - بحذف الأسانيد -
216

وفى رجال البرقي: " عبيد الله بن علي الحلبي، عم يحيى بن عمران
الحلبي، كوفي. وكان متجره إلى حلب، فغلب عليه هذا اللقب، مولى
ثقة، صحيح، له كتاب، وهو أول كتاب صنفه الشيعة " (1)
وذكر الشيخ - رحمه الله - في " الفهرست " محمد بن علي بن أبي شعبة
ووثقه (2)
وعبيد الله بن علي، وقال: " له كتاب مصنف معول عليه. وقيل:
إنه عرض على الصادق عليه السلام فلما رآه استحسنه، وقال: ليس لهؤلاء
(يعني المخالفين) مثله " (3)
وابن أخيهما يحيى بن عمران، وقال: " له كتاب روى عنه النضر
ابن سويد " (4)
وذكر في كتاب الرجال: عمر بن أبي شعبة (5) وعبد الله (6)
وعمران ابني علي بن أبي شعبة (7) في أصحاب الصادق عليه السلام.
وعد من أصحاب أبي جعفر الباقر (ع) أحمد بن عمران الحلبي (8)
وهو غير معروف في الحلبيين. ومع ذلك فيبعد أن يكون

(1) كتاب الرجال لأبي جعفر أحمد بن أبي عبد الله البرقي ص 23
ط دانشكاه طهران.
(2) راجع: ص 130 ط النجف سنة 1356.
(3) راجع ص 106 ط النجف سنة 1356.
(4) راجع: ص 177 ط النجف سنة 1356، باسقاط الأسانيد.
(5) راجع: ص 251 برقم (459) ط النجف سنة 1381.
(6) راجع: ص 229 برقم (104) ط النجف سنة 1381.
(7) راجع: ص 256 برقم (532) ط النجف سنة 1381.
(8) راجع: ص 107 برقم (47) ط النجف سنة 1381.
217

من أصحاب الباقر عليه السلام ولم يذكر أبوه عمران ولا جده على من أصحابه
والظاهر أن هذا هو أحمد بن عمر. والزيادة سهو من القلم. وهو من
أصحاب أبي جعفر الثاني، لا الأول. ومنشأ الشبهة اشتراك الكنية وانصرافها
عند الاطلاق إلى الباقر عليه السلام.
وقد ظهر مما قاله النجاشي - رحمه الله - توثيق بنى علي الأربعة
في ثلاثة مواضع من كتابه، وتوثيق أحمد بن عمر ويحيى بن عمران في ترجمتهما
وأنهم - خصوصا عبيد الله ومحمدا ويحيى - في غاية الثقة والجلالة.
وأما غيرهم، فقد صرح العلامة رحمه الله، والشهيد الثاني (1)
في شرح الدراية، وجماعة ممن تأخر عنهما بتوثيق أبي شعبة وابنه علي
وكأنهم أخذوا ذلك من قول النجاشي في ترجمة أحمد بن عمر: " وكانوا
ثقات " (2) وفي عبيد الله بن علي: " وكانوا جميعهم ثقات " (3) واستظهر في (المنهج) من العبارة الأخيرة توثيق عمر بن أبي شعبة أيضا (4)

(1) الشهيد الثاني: هو الشيخ الجليل زين الدين بن علي بن أحمد بن
محمد بن جمال الدين بن تقي الدين بن صالح المعروف بابن الحجة، والمشهور
بالشهيد الثاني. كان من أعيان هذه الطائفة ورؤسائها وأعاظم فضلائها وثقاتها
ومن المجاهدين في نشر معالم الدين ومحاسنه أكثر من تحصى وتستقصى. وقد
صنف تلميذه الشيخ محمد بن علي بن الحسن بن العودي العاملي كتابا في حياته
نقل منه أكثر اهل المعاجم، واخبار الشهيد الثاني كثيرة. وقصة شهادته
ذكرها أكثر المؤرخين وأرباب المعاجم، ولد " 13 " شهر شوال سنة 911 ه‍
وتوفي - شهيدا - سنة 966 ه‍، وشرح الدراية له طبع في إيران
والنجف الأشرف.
(2) راجع ص 72 ط بمبئ 1317.
(3) راجع: ص 160.
(4) راجع (الوسيط) لصاحب المنهج الاسترآبادي في ترجمة عمر.
218

واحتمل ذلك صاحب (النقد) قال: " وربما يفهم توثيقه من توثيق
آل أبي شعبة مجملا " (1) والعبارتان محتملتان، فان ضمير الجمع في
الأولى يحتمل الرجوع إلى الاخوة الأربعة - خاصة - كما يقتضيه ظاهر
الضمير في قوله " أبوهم " و " كانوا " والا لزم التفكيك، واليهم مع
أبيهم، لذكره قبل التوثيق. ولولا دخوله فيه لأخره عنه، وهذا أقرب
ويحتمل دخول عمهم أيضا، اما لذكره تبعا، أو لدخوله في " أبيهم "
تغليبا أو تعميما بدخول أحمد فيهم، وهو بعيد.
وأما العبارة الأخيرة فيحتمل عود الضمير فيها إلى المذكورين أولا
وهم: عبيد الله وأبوه وإخوته، فيدخل في التوثيق علي دون أبيه وأخيه
والى جميع المذكورين مفصلا، فيشمل التوثيق أبا شعبة وابنه عليا، دون
عمر، وإلى آل أبي شعبة، فيخرج أبو شعبة عنه. (والمراد ب‍ (الآل):
إما مطلق الأولاد، فيدخل فيه علي وعمر وأولاد هما، أو خصوص الأحفاد
بقرينة قوله: " روى جدهم " وقوله: " وكان عبيد الله كبيرهم ووجههم "
فيخرج ابنا أبي شعبة - كأبيهما - عنه، وإلى آل أبي شعبة (2) وجدهم
فيتناوله التوثيق، ويتبع ولداه تفسير الآل، وما مر فيه من الاحتمال.
والظاهر عود الضمير إلى الآل مع جدهم المذكور معهم قبل التوثيق
بالاستقلال، وأن المراد ب‍ " الآل " مطلق الأولاد - كما يقتضيه عموم
اللفظ وبعد تخصيصه بالأحفاد، وظهور قصد التعميم بعد التخصيص من
هذا الكلام مع عموم البيت المذكور، وعدم اختصاصه ببعض أهله

(1) نقد الرجال للسيد مصطفى التفريشي الحسيني ص 252 ط
إيران سنة 1318.
(2) هذه العبارة من متعلقات ما قبلها اي: ويحتمل عود الضمير إلى
آل أبي شعبة وجدهم، فلاحظ.
219

ودخول علي في التفصيل، فيدخل في الاجمال. ولا ينافي ذلك قوله: " جدهم "
فإنه تغليب شائع، ولا قوله: " كان عبيد الله كبيرهم " لاحتمال أن يراد
به كبيرهم رتبة وقدرا لا سنا، ويكون قوله " ووجههم " كالمفسر له
وقد ظهر مما قلنا، دلالة كلام النجاشي على توثيق الجميع، ودخول
علي في العبارتين، ودخول أبيه وأخيه في الثانية، وأن ما فهمه العلامة
- رحمه الله - وغيره من هذه العبارة: هو الصواب في هذا الباب، وان داخله
- بادئ الرأي - بعض الارتياب.
وروى أبو عمرو الكشي عن خلف بن حماد، قال: حدثني أبو سعيد
الآدمي قال: حدثني أحمد بن عمر الحلبي (1) قال: دخلت على الرضا
عليه السلام بمنى: فقلت له: جعلت فداك، كنا أهل بيت غبطة وسرور
ونعمة، وأن الله تعالى قد أذهب ذلك كله حتى احتجنا إلى من كان يحتاج
الينا، فقال لي: يا أحمد، ما أحسن حالك يا أحمد بن عمر!! فقلت له:
جعلت فداك، حالي ما أخبرتك، فقال لي: يا أحمد أيسرك أنك على
بعض ما عليه هؤلاء الجبارون، ولك الدنيا مملوة ذهبا؟ فقلت له: لا والله

(1) أحمد بن عمر بن أبي شعبة الحلبي: ترجم له كل من ابن داود
في القسم الأول من كتاب رجاله، والجزائري في (الحاوي) والمجلسي
في (الوجيزة) والبحراني في (البلغة) والشيخ الحر العاملي في (كتاب رجاله)
والطريحي في (جامع المقال) ومحمد امين الكاظمي في (هداية المحدثين)
وغيرهم. روى عنه كل من الحسن بن علي بن فضال، والحسن بن علي
الوشا، ويعقوب بن يزيد، وأحمد بن محمد، وعبيد الله الدهقان، وعبد العزيز
ابن عمر الواسطي، ويونس بن عبد الرحمن، وعبد الله الحجال، وعبد الله
ابن محمد، ووقع في طريق روايات (الكافي)، ومن لا يحضره الفقيه
والتهذيب والاستبصار.
220

يا بن رسول الله، فضحك، ثم قال: ترجع من ها هنها إلى خلف، فمن
أحسن حالا منك - وبيدك صناعة لا تبيعها بملء ء الدنيا ذهبا، ألا أبشرك؟
فقد سرني الله بك وبآبائك " فقال لي أبو جعفر عليه السلام: قول الله
عز وجل: " وكان تحته كنز لهما " لوح من ذهب فيه مكتوب:
" بسم الله الرحمن الرحيم لا إله الا الله، محمد رسول الله، عجبت لم
أيقن بالموت كيف يفرح، ومن يرى الدنيا وتغيرها بأهلها كيف يركن
إليها، وينبغي لمن عقل عن الله ألا يستبطئ الله في رزقه، ولا يتهمه في
قضائه " ثم قال: رضيت يا أحمد؟ قال قلت عن الله تعالى وعنكم
أهل البيت (1)
وفي سند الرواية خلف بن حماد، والظاهر توثيقه، وأبو سعيد
الآدمي وهو سهل بن زياد، وفيه قول بالتوثيق.
وفي قول الرضا عليه السلام: " ألا أبشرك، فقد سرني الله بك
وبآبائك " دلالة ظاهرة على حسن حال أحمد بن عمر وأبيه وجده، بل
عمه علي أيضا بدخوله في " آبائه " تغليبا وترجيحا لظاهر الهيئة هنا على
المادة. وليس سروره عليه السلام به وبآبائه إلا لاتباعهم أهل البيت
وحسن عاقبتهم ووجود مثلهم في الشيعة.
وفى قوله عليه السلام: - يا أحمد، ما أحسن حالك، يا أحمد
ابن عمر!! " بصيغة التعجب - ما يدل على بلوغه الغاية في ذلك. ويستفاد منه
حسن حال أبيه حيث نسبه إليه في مقام حسن الحال، ولم يكتف بذكره
- وحده - أولا، على ما يدركه الذوق السليم من مثل هذا لكلام. وقد
يلوح ذلك أيضا من الآية التي ضربها أبو جعفر (ع) له مثلا، مع قوله
تعالى فيها: " وكان أبوهما صالحا " والكنز المدخر له - على هذا - هو

(1) رجال الكشي: ص 367 طبع بمبئ.
221

الايمان والعمل الصالح اللذان ورثهما من أبيه.
والمراد بأبي جعفر (ع): أبو جعفر الثاني عليه السلام. والظاهر: أن
هذا الكلام منه قد وقع - وهو صغير - بحضرة أبيه قبل أن يخرج إلى
خراسان، ولذا لم يعد النجاشي احمد من أصحاب الجواد عليه السلام (1) (آل أعين): أكبر بيت في الكوفة، من شيعة أهل البيت علهم
السلام، وأعظمهم شأنا، وأكثرهم رجالا وأعيانا، وأطولهم مدة وزمانا.
أدراك أوائلهم السجاد والباقر والصادق (ع) وبقي أواخرهم إلى أوائل
الغيبة الكبرى (2) وكان فيهم العلماء والفقهاء، والقراء والأدباء، ورواة
الحديث.
(ومن) مشاهيرهم: حمران، وزرارة (3) وعبد الملك، وبكير

(1) بل عده من أصحاب الرضا وابيه الكاظم عليهما السلام - كما
سبق آنفا -.
(2) وتبدأ بسنة وفاة آخر السفراء " السمري " وهي سنة 328، أو 329 ه‍
(3) ذكر آل أعين ابن النديم - المتوفى سنة 385 ه‍ - في الفهرست
(ص 322) في الفن الخامس من المقالة السادسة تحت عنوان (آل زرارة
ابن أعين) فقال زرارة لقب، واسمه عبد ربه، أخوه حمران بن أعين
وكان نحويا، وابناه حمزة بن حمران، ومحمد بن حمران، وبكير بن أعين
وابنه عبد الله بن بكير، وعبد الرحمن بن أعين، وعبد الملك بن أعين
وابنه ضريس بن عبد الملك، من أصحاب أبي جعفر محمد بن علي - عليه
السلام - وكان أعين بن سنبس عبدا روميا لرجل من بني شيبان تعلم القرآن
ثم اعتقه، فعرض عليه ان يدخل في نسبه فأبى أعين ذلك، وقال: أقرني
على ولائي، وكان سنبس راهبا في بلد الروم، ويكنى بكير: ابا الجهم
وزرارة يكنى ابا علي أيضا، وزرارة أكبر رجال الشيعة فقها وحديثا
ومعرفة بالكلام والتشيع، ومن ولده الحسين بن زرارة، والحسن بن
زرارة من أصحاب جعفر بن محمد عليه السلام، روى عن زرارة بن أعين
عبيد بن زرارة، وكان أحول ".
222

بنو أعين، وحمزة بن حمران، وعبيد بن زرارة، وضريس بن عبد الملك
وعبد الله بن بكير، ومحمد بن عبد الله بن زرارة، والحسن بن الجهم
ابن بكير، وسليمان بن الحسن بن الجهم، وأبو طاهر محمد بن سليمان
ابن الحسن، وأبو غالب أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان (1)

(1) أبو غالب: أحمد بن محمد بن أبي طاهر محمد بن سليمان بن
الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين بن سنسن الزراري الكوفي، نزيل
بغداد، جليل القدر كثير الرواية، ثقة، روى عنه التلعكبري وسمع منه
سنة 340، ذكره الشيخ الطوسي - رحمه الله - في كتاب رجاله، وفى الفهرست
وعدد مصنفاته، وقال: مات سنة 368 ه‍، أو سنة 367 ه‍، ولكن في
(الفهرست) جزم بوفاته سنة 368 ه‍. وترجم له النجاشي في كتاب رجاله ص 61
- وبعد ان ذكر نسبه - قال: " وقد جمعت اخبار بني سنسن، وكان
أبو غالب شيخ العصابة في زمنه ووجههم، له كتب " ثم أورد كتبه، ثم قال:
" مات أبو غالب رحمه الله سنة 268 ه‍ وانقرض ولده إلا من ابنة ابنه، وكان
مولده سنة 285 ه‍. اما العلامة الحلي رحمه الله، فقد ترجم له ولكن اسقط
(محمدا) الثاني قائلا " أحمد بن محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن
بكير بن أعين بن سنسن - بالسين غير المعجمة المضمومة قبل النون الساكنة
وبعدها والنون الأخرى أخيرا - أبو غالب الزراري، وهم البكريون
وبذلك كانوا يعرفون إلى إلى أن خرج توقيع من أبي محمد (العسكري)
عليه السلام فيه ذكر أبى طاهر الزراري " واما الزراري رعاه الله " فذكروا
أنفسهم بذلك، وكان شيخ أصحابنا في عصره وأستاذهم ونقيبهم، ومات
سنة 368 " ولكن الذي يظهر من رسالة أبي غالب إلى ابن ابنه أبى طاهر
محمد بن عبيد الله بن أحمد في ذكر آل أعين: ان نسبتهم إلى زرارة مقدمة
على زمان أبي طاهر محمد بن سليمان، وان أول من نسب منهم إليه سليمان
ابن الحسن بن الجهم، للتوقيعات الواردة عن مولانا أبي الحسن علي بن
محمد الهادي - عليه السلام - بذلك، قال: " وأول من نسب منا إلى زرارة
جدنا سليمان نسبه إليه سيدنا أبو الحسن علي بن محمد صاحب العسكر - عليه
السلام - كان إذا ذكره في توقيعاته إلى غيره، قال: (الزراري) تورية
عنه، وسترا له، ثم اتسع ذلك وسمينا به. وكان عليه السلام يكاتبه في أمور
له بالكوفة وبغداد ". وقد جاء في المطبوع بإيران من (خلاصة الأقوال)
للعلامة الحلي: (الرازي) بدل (الزراري) ونقل عنها بعض اهل المعاجم
الرجالية من دون التفات إلى أن ما جاء في المطبوع من غلط الطابع أو الناسخ
وقد صححنا المطبوع من نسختنا على نسخة مصححة على نسخة مخطوطة
صحيحة، وفيها (الزراري) وطبعت " الخلاصة " في النجف أخيرا
على نسختنا المصححة، وقد ذكر الشيخ أبو الحسن سليمان بن عبد الله
الماحوزي البحراني الأوالي المتوفى 17 رجب سنة 1121 ه‍ في كتابه
(معراج العلوم) انه وجد في آخر رسالة أبى غالب المذكورة حكاية عن
الشيخ الجليل الحسين بن عبيد الله الغضائري من قوله: " توفي احمد
ابن محمد الزراري الشيخ الصالح رحمه الله في جمادى الأولى سنة 368 ه‍
وتوليت جهازه، وحملته إلى مقابر قريش على صاحبها السلام، ثم إلى الكوفة
وأنفذت ما أوصى بإنفاذه وأعانني على ذلك هلال بن محمد رضي الله عنه "
هكذا جاء في (تنقيح المقال في الرجال) للعلامة الحجة المامقاني رحمه الله ولأبي غالب - هذا - مكاتبة إلى الامام الثاني عشر الحجة عليه السلام
بتوسط الحسين بن روح - في امر ضيعته، وأخرى في امر زوجته كما
يظهر من كتاب (غيبة الطوسي: ص 11) من طبع تبريز سنة 1323 ه‍
223

وكان أبو غالب رحمه الله شيخ علماء عصره وبقية آل أعين.
224

وله في بيان أحوالهم ورجالهم رسالة (1) عهد فيها إلى ابن ابنه محمد بن
عبيد الله بن أحمد. وهو آخر من عرف من هذا البيت. وقد أجاز له
جده في رسالته إليه جميع ما رواه من الكتب.
وذكر طريقه إلى أصحابها، وهي رواية الشيخ الفقيه أبي عبد الله
الحسين بن عبيد الله الواسطي الغضائري (2) شيخ الشيخ رحمه الله، والنجاشي
وقد ألحق بها جمله من أحوال آل أعين، وبعض ما لم يقع منها لشيخه
أبي غالب رضي الله عنه.
قال أبو غالب رحمه الله: إنا اهل بيت أكرمنا الله جل وعز
بدينه، واختصنا بصحبة أوليائه وحججه من أول ما نشأنا إلى وقت الفتنة

(1) هذه الرسالة كتبها لابن ابنه في ذي القعدة سنة 356 ه‍ وجددها
في رجب سنة 367 ه‍ كما ذكر ذلك في آخر الرسالة، وكان مولد ابن ابنه
محمد بن عبيد الله بن أحمد سنة 352 ه‍ كما صرح بذلك لحفيده المذكور في
الرسالة فقال: " وكان مولدك في قصر عيسى ببغداد في يوم الأحد لثلاث خلون
من شوال سنة 352 ه‍ "
(2) أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري ذكره الشيخ الطوسي
في كتاب رجاله في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام، فقال: " كثير السماع
عارف بالرجال، وله تصانيف ذكرناها في (الفهرست) سمعنا منه وأجاز
لنا بجميع رواياته، مات سنة 411 ه‍ " ومن الغريب انه لم يرد له ذكر
في (الفهرست) الذي بأيدينا، المخطوط منه والمطبوع، ولا ذكر
ذلك أرباب المعاجم، ولعل ذلك صدر سهوا إما من الشيخ رحمه الله، أو من
الناسخين للفهرست، فراجع،
وترجم لابن الغضائري - هذا - النجاشي في (كتاب رجاله)
بعنوان: الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري أبو عبد الله الغضائري
ثم قال: " شيخنا رحمه الله له كتب " ثم ذكر كتبه، ثم قال " أجازنا
جميعها وجميع رواياته عن شيوخه، ومات رحمه الله في نصف صفر سنة 411 ه‍ ".
وترجم له - أيضا - العلامة الحلي رحمه الله في (الخلاصة في القسم الأول)
وقال: " كثير السماع عارف بالرجال وله تصانيف ذكرناها في كتابنا الكبير
شيخ الطائفة، سمع الطوسي - رحمه الله - منه وأجاز له جميع رواياته
مات - رحمه الله - في منتصف صفر سنة 411 ه‍، وكذا أجاز للنجاشي ".
وذكره الذهبي في (ميزان الاعتدال: ج 1 ص 541) طبع مصر
سنة 1382 ه‍، فقال: " الحسين بن عبيد الله، أبو عبد الله الغضائري
شيخ الرافضة، يروي عن الجعابي، صنف كتاب يوم الغدير " وترجم له
ابن حجر العسقلاني في (ج 2 ص 288 من لسان الميزان) طبع حيدر آباد
فقال: " الحسين بن عبد الله (مكبرا) بن إبراهيم العطاردي الغضائري
من كبار شيوخ الشيعة، كان ذا زهد وورع وحفظ، ويقال: كان من
احفظ الشيعة بحديث أهل البيت، روى عنه أبو جعفر الطوسي وابن النحاس،
ويروي عن الجبائي وسهل بن أحمد الديباجي وأبي المفضل محمد بن عبد الله
الشيباني... توفي في منتصف صفر سنة 411 ه‍ ". وترجم له مرة أخرى
في (ج 2 ص 297) بعنوان: الحسين بن عبيد الله (مصغرا) وقال: " شيخ
الرافضة، روى عن الجعابي، صنف كتاب يوم الغدير، مات سنة 411 ه‍
كان يحفظ شيئا كثيرا وما أبصر " ثم قال: " وقد ذكره الطوسي في رجال
الشيعة ومصنفيها، وبالغ في الثناء عليه وسمى جده إبراهيم، وقال: كان
كثير الترحال كثير السماع خدم العلم، وكان حكمه انفذ من حكم الملوك
وله كتاب: أدب العاقل وتنبيه الغافل في فضل العلم، وله كتاب كشف التمويه
والنوادر في الفقه، والرد على المفوضة، وكتاب مواطن أمير المؤمنين
وكتاب في فضل بغداد، والكلام على قول (علي خير هذه الأمة بعد
نبيها) ثم قال: " وقال ابن النجاشي في مصنفي الشيعة، وذكر له تصانيف
كثيرة، وقال: طعن عليه بالغلو، ويرمى بالعظائم، وكتبه صحيحة
وروى عنه أحمد بن يحيى "
تأمل ان ابن حجر نسب إلى النجاشي والشيخ الطوسي في كتابيهما أشياء
لا توجد في الكتابين المذكورين، لا المطبوع منهما ولا المخطوط، ولا ندري من
أين جاءنا بهذه العبارات، فراجع، وستأتي له ترجمة من سيدنا (بحر العلوم)
رحمه الله في باب الحاء.
وابن الحسين الغضائري - هذا - هو أحمد بن الحسين بن
عبيد الله المصنف الكتاب الرجال الموجود في الأيدي، وهو الذي ذكره
الشيخ الطوسي في مقدمة (الفهرست: ص 1) بقوله: "... إلا ما قصده
أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله - رحمه الله - فإنه عمل كتابين
أحدهما ذكر فيه المصنفات، والآخر ذكر فيه الأصول واستوفاهما على مبلغ
ما وجده وقدر عليه، غير أن هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا واخترم هو رحمه الله وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما
من الكتب على ما حكى بعضهم عنه ". ولأحمد بن الحسين - هذا - ذكر في
كثير من المعاجم الرجالية. انظر التعريف برجال ابن الغضائري في الذريعة
للحجة شيخنا الطهراني (ج 10 ص 88) و (ج 4 ص 288) الهامش، وانظر.
الرواشح السماوية للمير داماد ص 111 ط إيران سنة 1311 ه‍.
225

التي امتحنت بها الشيعة، فلقي عمنا (حمران) سيدنا وسيد العابدين
226

علي بن الحسين عليه السلام.
وكان حمران من أكابر مشائخ الشيعة المفضلين الذين لا يشك فيهم.
وكان أحد حملة القرآن، ومن يعد ويذكر اسمه في كتب القراء
227

وروى: أنه قرأ على أبي جعفر عليه السلام محمد بن علي. وكان - مع ذلك -
عالما بالنحو واللغة. ولقي حمران - وجدانا: زرارة وبكير - ابا جعفر محمد
ابن علي وأبا عبد الله جعفر بن محمد عليهم السلام. ولقي بعض إخوتهم
وجماعة من أولادهم - مثل حمزة بن حمران وعبيد بن زرارة ومحمد بن
حمران وغيرهم - أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام. وكان عبيد
وافد الشيعة بالكوفة عند وقوع الشبهة في أمر عبد الله بن جعفر. وله
في ذلك أحاديث كثيرة قد ذكرت في الكتب.
(وآل أعين) أكبر أهل البيت في الشيعة وأكثرهم حديثا وفقها، وذلك
موجود في كتب الحديث، ومعروف عند رواته.
وكان عبد الله بن بكير فقيها، وكثير الحديث. ولقي عبيد (1) بن
زرارة وغيره من بني (أعين) أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام.
وكان جدنا الأدنى الحسن بن جهم من خواص سيدنا أبي الحسن
الرضا عليه السلام. وله كتاب معروف.
وكان للحسن بن جهم -: سليمان، ومحمد والحسين.
ولم يبق لمحمد والحسين ولد.
وقد روى محمد بن الحسن بن جهم الحديث.
وكانت أم الحسن بن الجهم ابنة عبيد بن زرارة. ومن هذه الجهة
نسبنا إلى زرارة. ونحن من ولد بكير. وكنا قبل ذلك نعرف ب‍ (ولد الجهم)
وأول من نسب منا إلى زرارة جدنا سليمان " نسبه إليه سيدنا
أبو الحسن علي بن محمد صاحب العسكر (ع) كان إذا ذكره في توقيعاته
إلى غيره قال: (الزراري) تورية عنه وسترا له، ثم اتسع ذلك وسمينا

(1) في رسالة أبي غالب المطبوعة سنة 1373 ه‍ (عبد الله بن زرارة)
بدل (عبيد بن زرارة) فراجع.
228

به. وكان عليه السلام يكاتبه في أمور له بالكوفة وبغداد.
قال: وكاتب الصاحب (ع) جدي محمد بن سليمان (1) بعد موت
أبيه إلى أن وقعت الغيبة. وقل رجل إلا وقد روى الحديث.
وحدثني أبو عبد الله بن الحجاج رحمه الله - وكان من رواة الحديث -:
أنه قد جمع من روى الحديث من آل أعين فكانوا ستين رجلا.
وحدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن لاحق الشيباني عن مشائخه:
أن بني أعين بقوا - أربعين سنة - أربعين رجلا لا يموت منهم رجل إلا ولد
فيهم غلام، وهم على ذلك يستولون على دور بني شيبان في خطة بني
سعد بن همام. ولهم " مسجد الخطة " يصلون فيه. وقد دخله سيدنا
أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، وصلى فيه. وفي هذه المحلة دور
بني أعين متقاربة.

(1) توفي محمد بن سليمان - هذا - جد أبي غالب أول يوم من المحرم
سنة 300 ه‍ كما صرح بذلك في رسالته قائلا: " ومات جدي محمد سليمان
- رحمه الله - في غرة المحرم سنة 300 ه‍ فرويت عنه بعض حديثه وسمعني
من عبد الله بن جعفر الحميري، وقد كان دخل الكوفة في سنة 297 ه‍
وجدت هذا التاريخ بخط عبد الله بن جعفر في كتاب الصوم للحسين بن
سعيد، ولم أكن حفظت الوقت للحداثة، وسني - إذ ذاك - اثنتا عشرة
سنة وشهور ". واما ابنه محمد بن محمد بن سليمان اي والد أبي غالب فقد توفي سنة
290 ه‍ كما ذكر ذلك في رسالته قائلا " ومات أبي محمد بن محمد بن سليمان وسنه
نيف وعشرون سنة وسنى إذ ذاك خمس سنين وأشهر، وكان مولدي ليلة
الاثنين لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر سنة 285 ه‍ ". واما سليمان جد
والد أبي غالب، فقد توفي في طريق مكة بعد سنة 250 ه‍ كما ذكره
في الرسالة.
229

قال أبو غالب رحمه الله: وكان (أعين) غلاما روميا اشتراه
رجل من بني شيبان من حلب، فرباه وتبناه وأحسن تأديبه، فحفظ القرآن
وعرف الأدب، وخرج بارعا أديبا، فقال له مولاه: أستلحقك؟ فقال
لا، ولائي منك أحب إلي من النسب، فلما كبر قدم عليه أبوه من بلاد
الروم، وكان راهبا اسمه (سنسن) وذكر: أنه من غسان ممن دخل
بلد الروم في أول الاسلام. وقيل: إنه كان يدخل بلاد الاسلام بأمان
فيزور ابنه (أعين) ثم يعود إلى بلاده.
فولد أعين - على ما حدثني به أبو طالب الأنباري، قال حدثني
محمد بن الحسن بن علي بن الصباح بن سلام المدائني، قال: حدثني
أبي وعمي محمد، قالا: حدثنا أحمد بن الحسن بن علي بن فضال
عن ولد أعين قال -: ولد أعين: عبد الملك، وحمران، وزرارة
وبكير، وعبد الرحمن - بنى أعين، هؤلاء كبراؤهم معروفون - وقعنب
ومالك، ومليك - من بني أعين غير معروفين - فذلك ثمانية أنفس.
وبغير هذا الاسناد: " ولهم أخت يقال لها: (أم الأسود) ويقال
إنها أول من عرف هذا الأمر منهم من جهة أبي خالد الكابلي رحمه الله (1)

(1) في رسالة أبي غالب المطبوعة: ص 64 - بعد هذا الكلام ما هذا
نصه: " وبالاسناد الأول قال: ولد زرارة: والحسين، ويحيى، ورومي،
والحسن، وعبيد الله، وعبد الله، فذلك ستة أنفس، وولد بكير: عبد الله
وعبد الحميد، وعبد الأعلى، والجهم - بنى بكير -. فذلك خمسة أنفس "
هكذا جاء في الرسالة المطبوعة، ولا ريب ان فيها سقطا وتحريفا
وحيث إن ولد بكير ستة بإضافة (عمر وزيد) كما سيذكرهم في الأصل قائلا
- بعد تعدادهم - ذكرهم الشيخ رحمه الله عند ذكر أبيهم بكير
في أصحاب الباقر عليه السلام - فيكون إذا الساقط اسم عمر وزيد
والمحرف خمسة أنفس والصحيح ستة أنفس فلاحظ.
ثم إنه جاء في الرسالة المذكورة: ص 64 ما يلي: " وولد حمران
- حمزة وعقبة، وبغير هذا الاسناد - ومحمدا، وولد عبد الملك: محمدا
وضريسا، وعليا، - بني عبد الملك - فذلك ثلاثة أنفس، وولد عبد الرحمن
ابن أعين: عبد الرحمن، وسميعا، وعباسا، وإبراهيم، وإسحق - بني
عبد الرحمن - فذلك ستة أنفس، وولد عبد الله بن بكير: رحبان، وكان
اسمه محمدا، والحسين وعليا - بني عبد الله بن بكير. قال أبو غالب:
وسقط بقية النسب من كتاب أبى جعفر بن الصباح ". وأبو خالد الكابلي الذي ذكره في (الأصل) هو الأصغر واسمه
وردان، روى عن الامامين الباقر والصادق عليهما السلام، وعده الشيخ
الطوسي في (رجاله) من أصحاب الباقر عليه السلام فراجعه.
230

وروي: إن أول من عرف هذا الأمر عبد الملك عرفه من صالح بن ميثم
ثم عرفه حمران عن أبي خالد الكابلي - رحمه الله -.
وكان بكير يكنى: أبا الجهم، وحمران: أبا حمزة، وزرارة
أبا علي.
وذكر الجاحظ زرارة في (كتاب الحيوان) وروي عنه شعرا نسبه
إليه في ذكر المهدي (1)

(1) في ص 121 من الجزء السابع ط مصر سنة 1364: " قال أبو
السرى الشميطي - وهو معدان المكفوف المديبري -:
- يا سمي النبي، والصادق الوعد، * وجد الصبى ذي الخلخال -
- صاحب النومة التي لم يشنها * بعد حرس مثاقب اللآل -
- مهدته العنقاء وهي عقيم * رب مهد يكون فوق الهلال -
يوم تصغي له النعامة والأحناش - طرا - لشدة الزلزال -
وقال زرارة بن أعين مولى بني أسعد بن همام وهو رئيس الشميطية
وذكر هذا الصبي الذي تكفله العنقاء فقال:
- وأول ما يحيا نعاج وأكبش * ولو شاء أحيا ربها وهو مذنب -
- ولكنه ساعي بأم وجدة * وقال: سيكفيني الشقيق المقرب -
- وآخر برهاناته قلب يومكم * وإلجامه العنقاء في العين أعجب -
- يصيف بساباط ويشتو بآمد - * وذلك سر لو علمناه معجب -
- أماع له الكبريت والبحر جامد * وملكه الأبراج والشمس تجنب -
- فيومئذ قامت شماط بقدرها * وقام عسيب القفر يثني ويخطب -
- وقام صبي دردق في قماطه * عليهم بأصناف اللسانين معرب -
231

وروى له أيضا شعرا في (كتاب النساء) (1) وذكر له بيتا في
كتاب (العرجان الاشراف) (2) ولا أدري: صدق الجاحظ في ذلك،
أم لا؟.
وقال في كتاب الحيوان: " قال زرارة بن أعين مولى بني أسعد
ابن همام - وكان رئيس الشميطية (3)
قال أبو غالب رحمه الله: " وروي أن زرارة كان وسيما، جسيما
أبيض، فكان يخرج إلى الجمعة - وعلى رأسه برنس أسود، وبين عينيه
سجادة، أبيض، فكان يخرج له الناس سماطين ينظرون إليه لحسن هيئته
فربما رجع عن طريقه، وكان خصيما جدلا، لا يقوم أحد بحجته، إلا أن

(1) لم نجد في المطبوع من (كتاب النساء) للجاحظ: اثر الشعر
زرارة مطلقا. ولعل ذلك موجود في نسخة السيد المخطوط.
(2) بالرغم من تتبعنا الكثير لم نجد هذا الاسم في مؤلفات الجاحظ، ولعل
له وجودا في نسخ السيد المخطوطة.
(3) راجع: الجزء السابع ط مصر سنة 1384.
والشميطية: فرقة تنسب إلى رئيسها احمر بن شميط، وكان صاحب
المختار، وقد قتلهما معا مصعب بن الزبير انظر الفرق للبغدادي 36
39، ومفاتيح العلوم 22، والكامل للمبرد 633 والملل والنحل 2 - 3.
232

العبادة شغلته عن الكلام، والمتكلمون من الشيعة تلاميذه. يقال: إنه
عاش سبعين سنة (1)
ولآل أعين من الفضائل، وما روي فيهم أكثر من أن اكتبه لك
وهو موجود في كتب الحديث. وحدثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن
داود، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن حبشي بن قوني، قال حدثني
الحسين بن أحمد بن فضال، قال: حدثني جدك الحسين بن يوسف بن
مهران - قال أبو غالب: هو جده لامه لان أمه أم علي بنت الحسين بن يوسف
بن مهران، وهم أهل بيت يعرفون ب‍ (بني السفاتجي) قال ابن فضال
وكان جدك أليفا لبني فضال وجارهم. وقال: خرج الحسن بن علي بن
فضال، فقال لي: قم يا حسين حتى نمضي إلى مليك بن أعين فهو (2)
عليل فقمت معه، فاعتمد، علي، فدخلنا على مليك، وهو يجود بنفسه
فقال له الحسن: ما حاجتك؟ فقال: أوصى إليك أو أعهد إليك، فقال
له: ما تقول فيهما؟ فقال: ما تسمح نفسي أن أقول ألا خيرا. فضرب
بيده إلى يدي، فنسلها، وقال: قم يا حسين: ثم التفت إليه، فقال:
مت أي ميتة شئت.

(1) في الرسالة المطبوعة ص 66: تسعين سنة. ويقول سيدنا الحجة
السيد حسن الصدر الكاظمي - رحمه الله - في رسالته (وفيات الأعلام):
إن زرارة بن أعين توفي سنة 150 ه‍، وفيها توفي أبو خالد الكابلي.
(2) في الرسالة المطبوعة ص 66 - فهو عليل (وقد جاءني رسوله)
فقمت معه. ولعل العبارة المذكورة سقطت من الناسخ.
233

وكان مليك وقعنب - ابنا أعين - يذهبان مذهب العامة مخالفين لأخوتهم
قال ابن فضال - في هذا الحديث -: وخلف أعين: حمران
وزرارة، وبكيرا، وعبد الملك، وعبد الرحمن، ومالكا، وموسى، وضريسا
ومليكا، وكذا قعنب. فذلك عشرة أنفس. هذا من هذه الرواية. وقد
ذكرت الأصل الذي كنت أعرفه مما رواه لي أبو طالب الأنباري.
وروى ابن المغيرة عن أبي محمد الحسن بن حمزة العلوي (1)

(1) هو الحسن بن حمزة بن علي بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن
الحسين ابن الإمام علي بن الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب عليهم
السلام، المرعشي الطبري.
ترجم له النجاشي في كتاب رجاله، وقال: " كان من اجلاء هذه
الطائفة وفقهائها، قدم بغداد ولقيه شيوخنا سنة 356 ه‍، ومات سنة 358 ه‍
ثم ذكر كتبه وطريق روايته إليها.
وترجم له الشيخ الطوسي في كتاب رجاله ص 465 ط النجف، إلا أنه
قال وكان سماعهم منه سنة 354 ه‍ وعند ذكره في الفهرست ص 52
ط النجف سنة 1380 ه‍ قال: إن روايتهم عنه سنة 356 ه‍ والجماعة الذين
يروون عنه في الفهرست - هم عينهم - الذين يروون عنه في كتاب الرجال
وترجم له أيضا العلامة الحلي في (الخلاصة ص 21) إلا أنه نقل
عن الشيخ الطوسي ان سماعهم منه سنة 364 ه‍ ثم نقل وفاته سنة 358 ه‍
عن النجاشي ثم قال: وهذا لا يجامع قول الشيخ الطوسي رحمه الله
وكأن العلامة رحمه الله راجع رجال الشيخ الطوسي - فقط - وكانت الخمسون
في نسخته من الرجال مصحفة بالستين، فنقل ذلك وأبدى التنافي بين
تاريخي السماع والوفاة. كذا ذكر العلامة الحجة المامقاني في (تنقيح المقال)
فلاحظ ذلك.
ثم إنه مما ينبغي ملاحظته (أولا) إن الشيخ في (الفهرست) ذكره
بعنوان الحسن بن حمزة العلوي الطبري - كما في رجال النجاشي - وتبعه
العلامة في الخلاصة، وصاحب عمدة الطالب، وغيرهما، بينما ذكره الشيخ في (كتاب رجاله) بعنوان الحسن بن محمد بن حمزة المرعشي الطبري " اي
بزيادة محمد بين الحسن وحمزة، وتبعه ابن داود في رجاله: ص 117.
وفي هامش (نقد الرجال للتفريشي ص 88) - بعد نقل عبارة رجال الشيخ
- رحمه الله - ما نصه " الظاهر أن توسط محمد بين الحسن وحمزة سهو
ولعل منشأه ان كنيته أبو محمد فصحفت ابن محمد، كذا قال الشهيد الثاني
في حاشيته على الخلاصة ".
ولكن الذي وجدناه في حاشية الشهيد الثاني على الخلاصة - في هذا
الموضع - ما هذا نصه: " في كتاب ابن داود الحسن بن محمد بن حمزة
والصواب ما هنا - أي في الخلاصة لموافقته لكتب الرجال والنسب "
فكأن الشهيد رحمه الله ينسب الشيخ - رحمه الله - في كتاب رجاله إلى
الاشتباه في زيادة (محمد).
(وثانيا) إن العلامة - رحمه الله - في (الخلاصة: ص 21) في القسم
الأول ترجم للحسن بن حمزة، ومما قال: "... روى عنه التلعكبري وكان
سماعه منه أولا سنة 328 ه‍، وله منه إجازة لجميع كتبه ورواياته، قال
الشيخ - رحمه الله -، أخبرنا جماعة منهم الحسين بن عبيد الله، وأحمد بن
عبدون، ومحمد بن محمد بن النعمان، وكان سماعهم منه سنة 364 ه‍ وقال
النجاشي: مات - رحمه الله - سنة 358 ه‍، وهذا لا يجامع قول الشيخ الطوسي
- رحمه الله - ". هذا كلام العلامة في القسم الأول من (الخلاصة: ص 21) وقد
علق هنا (على خلاصة العلامة) شيخنا الشهيد الثاني - رحمه الله - بما نصه:
" أقول: ما نقله المصنف - رحمه الله - عن الشيخ الطوسي وجدته بخط
ابن طاووس في نسخة كتاب الشيخ الموجود، وفي كتاب الرجال للشيخ
بنسخة معتبرة: ان سماعهم منه سنة 354 ه‍، وفي " كتاب الفهرست " له
- رحمه الله - انه مات سنة 356 ه‍، وعليهما يرتفع التناقض بين
التاريخين ".
وانظر - زيادة توضيح لذلك - (منهج المقال للمحدث الاسترآبادي)
والوسيط له مخطوط، و (رجال أبي علي الحائري) و (تنقيح المقال)
للعلامة المامقاني، وغيرها من المعاجم الرجالية المبسوطة.)
234

عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي (1) المشهور بكثرة
الحديث: أنهم سبعة عشر رجلا، إلا أنه لم يذكر أسماءهم، وما يتهم
في معرفته، ولا شك في علمه.

(1) الحافظ أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن زياد بن
عبد الله بن عجلان، مولي عبد الرحمن بن سعيد بن قيس السبيعي الهمداني
أبو العباس المعروف بابن عقدة، صاحب كتاب الرجال، ترجم له النجاشي
فقال: " هذا رجل جليل في أصحاب الحديث مشهور بالحفظ، والحكايات
تختلف عنه في الحفظ وعظمه. وكان كوفيا زيديا جاروديا على ذلك حتى
مات، وذكره أصحابنا لاختلاطه بهم ومداخلته إياهم، وعظم محله وثقته
وأمانته " ثم عدد مصنفاته، ثم ارخ وفاته بالكوفة سنة 333 ه‍.
وترجم له أيضا الشيخ الطوسي في " الفهرست " بمثل ما ذكره النجاشي
كما ذكره في كتاب رجاله في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام، وقال: " كان
زيديا جاروديا إلا أنه روى جميع كتب أصحابنا وصنف لهم وذكر أصولهم
وكان حفظة. سمعت جماعة يحكون أنه قال: احفظ مائة وعشرين الف
حديث بأسانيدها، وأذاكر بثلاثمائة الف حديث... ومولده سنة 249 ه‍ ومات
سنة 332 ه‍، هكذا ذكر وفاته هنا، ولكنه في (الفهرست) عين وفاته
سنة 333 ه‍، كما ذكره أكثر أرباب المعاجم.
وترجم له أيضا العلامة الحلي، وذكر مثل ما ذكره النجاشي، والشيخ
الطوسي.
وترجم له ابن حجر العسقلاني في (لسان الميزان: 1 / 263) ترجمة
مفصلة، ومما قاله: " كان ابن عقدة ورعا ناسكا، وروى أبو الفضل ابن
خنزابة الوزير عن الدارقطني، قال: اجمع اهل الكوفة انه لم ير من
زمن ابن مسعود احفظ من أبي العباس بن عقدة، وقال أحمد بن الحسن
ابن هرثمة: كنت بحضرة ابن عقدة اكتب عنه - وفي المجلس هاشمي
فجرى حديث الحفاظ، فقال أبو العباس: انا أجيب بثلاثمائة الف حديث
من اهل بيت هذا سوى غيرهم. وضرب بيده على الهاشمي.. وقال عبد الغني
ابن سعيد: سمعت الدارقطني يقول ابن عقدة يعلم ما عند الناس ولا يعلم
الناس ما عنده ".
ثم قال ابن حجر: مات ابن عقدة سنة 332 ه‍ عن أربع وثمانين سنة
236

وقال الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري - فيما ألحقه
برسالة شيخه أبي غالب رضي الله عنه -: وجدت فيما ذكره الحسن بن
حمزة بن علي بن عبد الله العلوي الطبري، قال: سمعت محمد بن أو ميذوار
الطبري يقول: حضرت مجلس الحسن بن علي الموسوم ب‍ (الناصر) صاحب
(طبرستان) (1) وقد روى حديثا عن حمران بن أعين. قال أبو جعفر
ابن أو ميذوار: فنظر إلى الشيخ، ثم أومأ بيده إلى: هكذا الأخوان
يعني: حمران، وزارة، وقدر أنهما اخوان فقط، لا ثالث لهما.

(1) طبرستان بفتحتين وكسر ثالثه -: مدينة في تخوم (قومس)
وأستان: الموضع أو الناحية، والنسبة إلى هذا الموضع (طبري). وهي
بلدان واسعة كثيرة، يشملها هذا الاسم. خرج من نواحيها من لا يحصى
كثرة من اهل العلم والأدب، والفقه. والغالب على هذه النواحي الجبال، فمن
أعيان بلدانها: دهستان. وجرجان، واستراباذ، وآمل - وهي قصبتها -
وسارية وهي مثلها - وشالوش - وهي مقاربة لها. وربما عدت (جرجان)
من خراسان، إلى غير ذلك من البلدان... وقال أبو العلاء السروي يصف
(طبرستان) - فيما كتبنا عن أبي منصور النيسابوري -:
- إذا الريح فيها جرت الريح أعجلت * فواختها في الغصن ان تترنما -
- فكم طيرت في الجو وردا مدنرا * تقلبه فيه، ووردا مدرهما -
- وأشجار تفاح كأن ثمارها * عوارض ابكار يضاحكن مغرما -
- فان عقدتها الشمس فيها حسبتها * خدودا على القضبان فردا وتوأما -
- ترى خطباء الطير فوق غصونها * تبث على العشاق وجدا معتما -
(عن معجم البلدان مادة طبرستان)
وفتحت (طبرستان) من قبل عثمان بن عفان وعلى يد سعيد بن
العاصي بن أمية الكوفي سنة 29 ه‍. (عن فتوح البلدان للبلاذري).
والناصر صاحب طبرستان هذا - هو أبو محمد الحسن بن
علي بن الحسن بن عمر الأشرف ابن الإمام زين العابدين عليه السلام
ولد سنة 225 ه‍، وهو ثالث ملوك الدولة العلوية بطبرستان، كان شيخ
الطالبيين وعالمهم. اتفق الزيدية والامامية على نعمته بالإمامة، وتجاذباه، ولي
الإمامة بعد مقتل سلفه (محمد بن زيد) سنة 287 ه‍، وكانت (طبرستان)
قد خرجت من يده، فلم يستطع المترجم له الإقامة فيها، فخرج إلى بلاد
الديلم، فأقام ثلاث عشرة سنة، وكان أهلها مجوسا، فأسلم منهم عدد وفير
وبني في بلادهم المساجد، ونشر بينهم المذهب الزيدي، ثم الف منهم
جيشا وزحف به إلى (طبرستان) فاستولى عليها سنة 301 ه‍، ولقب
بالناصر، وكان يدعى (الأطروش) لصمم اصابه من ضربة سيف في
معركة من معارك محمد بن زيد، وكان شاعرا مفلقا، علامة إماما في
الفقه والدين، صفت له الأيام ثلاث سنوات، وتوفي بطبرستان سنة 329 ه‍
قال الطبري في حوادث سنة 301 ه‍: " لم ير الناس مثل عدل (الأطروش)
وحسن سيرته وإقامته الحق. له تفسير في مجلدين إحتج فيه بألف بيت من
الف قصيدة، وله البساط (مخطوط) في علم الكلام، وتنسب إليه كتب أخرى "
انظر - في ترجمته - تاريخ الكامل لابن الأثير حوادث سنة 301 ه‍
ج 8: / 26 وما بعدها - وتاريخ الطبري: 11 / 408 وتاريخ
ابن خلدون 4 / 25 و 4 / 114، والدر الفاخر: ص 246، وفيه: " أسلم
على يده نحو مائتي الف من الديلم والجيل، وغيرهما، وقيل: مؤلفاته تزيد
على ثلاثمائة كتاب ". وانظر - أيضا - (روضات الجنات: ص 167) وذكره كل من النجاشي في رجاله، والعلامة الحلي في الخلاصة، وصاحب منتهى
المقال، والزركلي في الاعلام، وغير هؤلاء من أصحاب المعاجم الرجالية
وكتب الأنساب.
237

قال الحسن بن حمزة: فكنت على هذا دهرا إلى أن اجتمعت مع
238

أبي جعفر أحمد بن أبي عبد الله البرقي، ومحمد بن جعفر المؤدب (1)

(1) محمد بن جعفر بن بطة المؤدب، أبو جعفر القمي، ترجم له
النجاشي، وقال: " كان كبير المنزلة بقم، كثير الأدب والفضل والعلم
يتساهل في الحديث، ويعلق الأسانيد بالإجازات، وفى فهرست ما رواه
غلط كثير " " ثم ذكر مصنفاته.
وترجم له كل من العلامة الحلي في الخلاصة، وابن داود الحلي في
كتاب رجاله، وغيرهم.
239

فجاريتهما ما كان جرى إلي مع أبي جعفر بن أوميذوار، فقال: ولا
رد عليك، بل هم اثنا عشر أخا، فكنت على هذا - دهرا - إلى أن
اجتمعت مع أبي العباس بن عقدة في سنة ثمان وعشرين وثلثمائة، فجرى
بيني وبينه ما تقدم ذكره، فقال لي: يا أبا محمد، هم ستة عشر أخا
وسماهم، أو سبعة عشر - قال أبو محمد: الشك مني - ثم حدثني عن
آل أعين، قال: كل منهم كان فقيها يصلح أن يكون مفتي بلد، ما خلا
عبد الرحمن بن أعين. فسألته عن العلة فيه؟ فقال: يتعاطى الفتوة إلى
أيام الحجاج، فلما قدم الحجاج العراق، قال: لا يستقيم لنا الملك - ومن
آل أعين رجل تحت الحجر - فاختفوا وتواروا، فلما اشتد الطلب عليهم
ظفر بعيد الرحمن هذا - المتفتي بين إخوته - فأدخل على الحجاج، فلما
بصر به قال: لم تأتوني بآل أعين وجئتموني بزبارها. ثم خلى سبيله
قال الشيخ أبو عبد الله (1) وجدت في المنتخبات التي أجازناها جعفر
ابن قولويه (2) عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد

(1) الشيخ أبو عبد الله - هذا - هو الحسين بن عبيد الله الغضائري
المتقدم، والذي ترجمنا له في تعليقتنا السابقة ضمن تراجم آل أعين، فراجعها
(2) أبو القاسم جعفر بن محمد جعفر بن موسى بن قولويه القمي
أستاذ الشيخ المفيد - رحمه الله - والفقيه الجليل صاحب كامل الزيارات
المطبوع في النجف الأشرف.
ترجم له النجاشي في كتاب رجاله، وقال: " كان أبو القاسم من
ثقات أصحابنا واجلائهم في الحديث والفقه: روى عن أخيه عن سعد
(اي سعد بن عبد الله الأشعري) وقال: ما سمعت من سعد إلا أربعة
أحاديث، وعليه قرأ شيخنا أبو عبد الله الفقه ومنه حمل، وكل ما يوصف
به الناس من جميل وفقه فهو فوقه، له كتب حسان " ثم ذكر كتبه، وقال
" قرأت أكثر هذه الكتب على شيخنا أبي عبد الله وعلى الحسين بن
عبيد الله "
وذكره أيضا الشيخ الطوسي في الفهرست، وفي كتاب رجاله، وقال:
" روى عنه التلعكبري وأخبرنا عنه محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد الله
وأحمد بن عبدون وابن عزور، مات سنة 368 ه‍ ".
وذكره أيضا العلامة الحلي في الخلاصة، وابن داود في كتاب رجاله
وترجم له صاحب مستدرك الوسائل في الخاتمة: ص 523، وذكر مشايخه
الذين يروي عنهم.
وكانت وفاة ابن قولويه في بغداد. ودفن - رحمه الله - في الرواق
الكاظمي عند رجلي الإمام (ع)، وقبره، - اليوم - محاذ لقبر تلميذه الشيخ
المفيد - رحمه الله - يزار ويتبرك به.
240

عن الحسن بن علي بن يقطين عن مروك بن عبيد عن محمد بن مقرن
الكوفي، قال: حدثنا المشائخ من أصحابنا أن حمران وزرارة وعبد الملك
وبكيرا وعبد الرحمن - بني أعين - كانوا مستقيمين، فمات منهم أربعة
في زمن أبي عبد الله عليه السلام، وكانوا من أصحاب أبي جعفر عليه السلام
وبقي زرارة إلى أن مات أبو عبد الله، وكان أفقههم، فلقي من الناس
ما لقي. وكان له أخوان ليسا في شئ من هذا الامر: مالك، وقعنب
قال: ووجدت بخط أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود (1) القمي (ره)

(1) محمد بن أحمد بن داود بن علي أبو الحسن القمي، ذكره
النجاشي في كتاب رجاله، وقال: " شيخ الطائفة وعالمها وشيخ القميين في
وقته وفقيههم، حكى أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله: انه لم ير أحدا
احفظ منه، ولا أفقه ولا اعرف بالحديث، وأمه أخت سلامة بن محمد الأرزني
ورد بغداد وأقام بها، حدث وصنف كتبا " ثم ذكر كتبه، ثم قال: " مات
أبو الحسن بن داود سنة 368 ه‍ ودفن بمقابر قريش ".
وذكره أيضا الشيخ الطوسي في الفهرست، وابن داود في كتاب
رجاله، وغيرهم من أرباب المعاجم.
241

قال: حدثنا أبو علي محمد بن علي (1) بن همام - رحمه الله -، قال:
حدثني أبو الحسن علي بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين
المعروف ب‍ (الزراري): ان بنى أعين كانوا عشرة: عبد الملك وعبد
الأعلى، وحمران، وزرارة، وعبد الرحمن، وعيسى، وقعنب، وبكير
وضريس، وسميع. وأنكر أن يكون منهم مالك.
وقال مالك بن أعين الجهني، وذكر أن أعين كان رجلا من الفرس
فقصد أمير المؤمنين عليه السلام ليسلم على يده ويتوالى إليه. فاعترضه في
طريقه قوم من بني شيبان، فلم يدعوه حتى توالي إليهم.
قال أبو عبد الله - رحمه الله -: وهذا الحديث الذي ذكره ابن

(1) أبو علي محمد بن علي بن همام بن سهيل الإسكافي البغدادي ويعرف
بمحمد بن همام نسبة إلى جده همام وكنية همام: أبو بكر، روى عنه التلعكبري
وسمع منه أولا سنة 323 ه‍، وله منه إجازة وتوفي سنة 332 ه‍.
ترجم له الشيخ الطوسي في كتاب رجاله - في باب من لم يرو عنهم
عليه السلام، وفى الفهرست، والعلامة في الخلاصة، وقال: " شيخ أصحابنا
ومقدمهم له منزلة عظيمة كثير الحديث جليل القدر ثقة ".
وترجم له النجاشي مفصلا وقال " مات يوم الخميس لاحدى عشرة
ليلة بقين من جمادى الآخرة سنة 336 ه‍ "، وكان مولده يوم الاثنين لست
خلون من ذي الحجة سنة 258 ".
وتاريخ وفاته هنا يخالف ما ذكره الشيخ الطوسي في رجاله من أنها
سنة 323 ه‍.
242

همام لم يقع لأبي غالب رضي الله عنه. ولو وقع إليه أو كان سمعه من
عم أبيه لحدثنا به، ولذكره في هذه الرسالة، لأنه كان شديد الحراص
على جمع ما يجد من آثار أهله. وكان أيضا يكره (سنسنا) جد بكير
وآل أعين، وولاء بني شيبان، وأنه من الروم، وانما وجدت هذا بعد
وفاته - رحمه الله - في سنة ثلاث.
وقد علم مما ذكره الشيخان: أبو غالب وأبو عبد الله - رحمهما
الله -: اختلاف الروايات في عدة بني أعين وفي تسميتهم.
والمعلوم من بني أعين - الذي لا يشك فيهم - ستة، وهم: حمران
وزرارة، وبكير، وعبد الملك، وعبد الرحمن، وقعنب. والاختلاف فيما
زاد عليهم:
ففي رواية المنتخبات لمحمد بن جعفر بن قولويه المتقدمة زيادة مالك
ابن أعين، فيكون عدتهم سبعة. وقد ذكرهم الشهيد الثاني - رحمه الله -
في (شرح الدراية) (1) عند ذكر الاخوة والأخوات من العلماء والرواة
في مثال الثمانية بزيادة أختهم (أم الأسود) وعدهم من رواة الصادق
عليه السلام، وما زاد على هذا العدد فنادر، ولذا وقف عليه الأكثر.

(1) عبارة الشهيد الثاني - رحمه الله - في شرح الدراية طبع النجف
الأشرف سنة 1379 ه‍ - هكذا: "... ومثال الثمانية (اي الثمانية
الاخوة) زرارة، وبكير، وحمران، وعبد الملك، وعبد الرحمن، ومالك
وقعنب، وعبد الله - بنو أعين - من رواة الصادق عليه السلام، وفي
بعض الطرق: نجم بن أعين، فيكون من أمثلة التسعة، ولو أضيف إليهم
أختهم أم الأسود صاروا عشرة، وما زاد على هذا العدد نادر، فلذا
وقف عليه الأكثر " وذكر بعضهم عشرة، وهم أولاد العباس بن عبد المطلب:
الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن، وقثم، ومعبد
وعون، والحرث وكثير، وتمام، بالتخفيف وكان أصغرهم " إلى هنا عبارة
الشهيد الثاني في الدراية، وقد ذكر سيدنا صاحب المتن - رحمه الله - بعض
كلمات الشهيد الثاني، ومراده ان بعض الرواة ذكر إخوة عشرة كبني
عين العشرة المذكورين، وهم أولاد العباس بن عبد الطلب، وقد عد
العشرة الذين أولهم الفضل (الخ) فلاحظ ذلك وكان الأولى عدم ذكر جملة
" وذكر بعضهم.. الخ " إذ لا ربط لها بمراد السيد صاحب الأصل.
243

وذكر بعضهم عشرة، وهم: أولاد العباس بن عبد المطلب
الفضل، وعبد الله وعبيد الله، وعبد الرحمن، وقثم، ومعبد، وعون
والحرث، وكثير، وتمام.
وفي رواية أبي طالب الأنباري زيادة مليك على السبعة المذكورين
فيكونون ثمانية إخوة ذكورا، وهي التي اعتمدها أبو غالب أولا، وجعلها
رواية الأصل.
وفى رواية محمد بن أحمد بن داود المروية في الرسالة: انهم عشرة
إخوة بزيادة: موسى، وضريس.
وفي روايته الأخرى المروية في الملحقات (1) عشرة بزيادة ضريس
وسميع وعيسى وعبد الأعلى على الستة المتقدمة، والمجتمع منهما ثلاثة عشر
بدخول موسى ومالك ومليك. ولعل من قال: إنهم اثنا عشر أسقط
من هؤلاء واحد أو بنى على اتحاد مالك ومليك. والظاهر تغايرهما ودخولهما
في بني أعين، وإن لم يذكرهما الزراري، بل صرح بنفي مالك، لاشتهار
الرواية بذلك، وقد ذكرا معا في روايتي أبي طالب ومحمد بن أحمد بن داود
المتقدمتين. وفيهما ضبط الأسماء بالعدد، ولا يتم إلا بالتغاير، ويدخل

(1) يعني الملحقات التي ألحقها أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله
الغضائري برسالة شيخه أبي غالب - كما تقدم - ذكر ذلك في (الأصل) فراجعه
244

فيهم ضريس، لوجوده في روايتي ابن داود، وموسى لوجوده في إحديهما
وعيسي وسميع وعبد الأعلى، لذكرهم في الأخرى تقديما للاثبات الصريح
على ظاهر النفي.
وقد ذكر البرقي في رجاله (1) والشيخ رحمه الله (2) في كتاب
الرجال) عيسى بن أعين الشيباني في أصحاب الباقر عليه السلام. وصرح
الشيخ رحمه الله بأنه أخو زرارة.

(1) هو أبو جعفر أحمد بن أبي عبد الله محمد بن خالد بن عبد الرحمن
ابن محمد بن علي البرقي، ينسب إلى (برق رود) قرية من سواد (قم)
توفي سنة 274 ه‍ أو سنة 280 ه‍.
توجد ترجمته في عامة كتب الرجال، وستقرأ له ترجمة ضافية من قبل
سيدنا " بحر العلوم " قدس سره.
(2) الشيخ - هذا - هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن
الحسن الطوسي، شيخ الامامية ووجههم، ورئيس الطائفة، جليل القدر
عظيم المنزلة، عارف بالأخبار والرجال والفقه والأصول والكلام والأدب
وجميع الفضائل تنسب إليه، صنف في كل فنون الاسلام، وهو المهذب
للعقائد في الأصول والفروع، الجامع لكمالات النفس هي العلم والعمل.
ولد في (طوس) في شهر رمضان سنة 385 ه‍ وهاجر إلى العراق
فنزل بغداد سنة 408، وهو في الثالثة والعشرين من عمره، وتلمذ على
زعيم المذهب الجعفري - يوم ذاك - الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان
البغدادي العكبري، وبقي على اتصاله بشيخه المذكور حتى توفى شيخه ببغداد
ليلة الثالث من شهر رمضان سنة 413 ه‍، ولما توفي الشيخ المفيد - رحمه
الله - انتقلت زعامة الدين ورياسة المذهب إلى اعلم تلامذته علم الهدى السيد
المرتضى أبى القاسم علي بن الحسين الموسوي - رحمه الله - فانحاز إليه ولازمه
وارتوى من منهله العذب، وعني به أستاذه السيد المرتضى، وبالغ في
توجيهه أكثر من سائر تلامذته لما شاهد فيه من اللياقة التامة، وبقي ملازما
له طيلة ثلاث وعشرين سنة حتى توفي أستاذه المذكور لخمس بقين من شهر
ربيع الأول سنة 436 ه‍، فاستقل الشيخ بالزعامة الدينية وأصبح علما من
اعلام الشيعة وزعيما لهم، وكانت داره - في كرخ بغداد - مأوى الأمة
ومقصد الوفاد يأمونها لحل مشاكلهم وأيضا مسائلهم، وقد قصده العلماء
وأولو الفضل من كل حدب وصوب للتلمذة عليه والحضور تحت منبره
حتى بلغ عدد تلامذته أكثر من ثلاثمائة من مجتهدي الشيعة ومن اهل السنة
مالا يحصى كثرة، وبلغ به الأمر من العظمة والشخصية العلمية الفذة ان
جعل له خليفة زمانة القائم بامر الله عبد الله بن القادر بالله احمد - الخليفة
العباسي كرسي الكلام والإفادة، وكان لهذا الكرسي يومذاك عظمة
وقدر فوق ما يوصف إذ لم يسمح به الا لمن بلغ في العلم المرتبة السامية
وفاق على اقرانه، ولم يكن في بغداد يوم ذاك من يفوقه قدرا، ويفضل
عليه علما، فإذا كان هو المتعين لهذا الشرف ولهذا الكرسي العلمي، ولم
يزل - رحمه الله - في بغداد مأوى للإفادة ومرجعا للطائفة حتى ثارت
القلاقل الطائفية وحدثت الفتن وأحرقت مكتبة الشيعة التي أنشأها أبو نصر
سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي المتوفى سنة 416، ولما رأى
الشيخ الطوسي - رحمه الله - الخطر محدقا به - بعد أن احرقوا كتبه
وكرسيه الذي يجلس عليه ونهبت داره بالكرخ - هاجر بنفسه إلى النجف
الأشرف سنة 449 ه‍، فأصبحت النجف الأشرف تشد إليها
الرجال وصارت مهبط العلم وقام فيها بناء صرح الاسلام، فهي أعظم جامعة في
العالم الاسلامي حتى اليوم، ولم يزل - رحمه الله - في النجف الأشرف
مشغولا بالتدريس والتأليف والهداية والارشاد وبث الأحكام الشرعية مدة
اثنتي عشرة سنة حتى أدركته المنية ليلة الاثنين (22) المحرم سنة 460 ه‍
ودفن في داره بوصية منه، وتحولت الدار بعده مسجدا في موضعه اليوم
حسب وصيته أيضا، وهو اليوم مزار يتبرك به، وموقع المسجد
المذكور في (محلة المشراق) من الجهة الشمالية للصحن العلوي الشريف
وسمي باب الصحن الشريف المنتهى إلى مرقده (بباب الطوسي) وبنى
آية الله " بحر العلوم " - رحمه الله - لنفسه مقبرة في جواره دفن فيها
مع أولاده وجملة أحفاده ولا تزال هذه المقبرة مدفنا لموتاهم حتى اليوم
(ملخص عن مقدمة: رجال الطوسي، ومقدمة: تلخيص الشافي، ط
النجف، وترجم له سيدنا " بحر العلوم " ترجمة ضافية كما ستقرأها.
245

وفي الاختصاص (1) " عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه، قال:
كان عيسى بن أعين إذا حج فصار إلى الموقف أقبل على الدعاء لإخوانه
حتى يفيض الناس، فقيل له: تنفق مالك وتتعب بدنك حتى إذا صرت
إلى الموضع الذي تبث فيه الحوائج إلى الله أقبلت على الدعاء لإخوانك
وتترك نفسك؟ فقال: إني على يقين من دعاء الملك لي وفي شك من الدعاء
لنفسي " والظاهر أنه عيسى بن أعين الشيباني، إذ ليس لغيره ذكر في الأخبار
وكتب الرجال
وذكر الشيخ في (الرجال): عبد الجبار بن أعين، وعده من أصحاب
الباقر عليه السلام. وقال: إنه أخو زرارة الشيباني.
فيجتمع - بهذا وما تقدم من بني أعين - أربعة عشر رجلا، وهم
زرارة، وحمران، وبكير، وعبد الملك، وعبد الرحمن، وعبد الأعلى
وعبد الجبار، وموسى، وعيسى، وضريس، وسميع، ومليك، ومالك
وقعنب.

(1) انظر الرواية في (الاختصاص) للشيخ المفيد رحمه الله ص 68
طبع (طهران) سنة 1379 ه‍، وانظرها أيضا في الكافي للكليني (ج 4
- ص 465) طبع (طهران) سنة 1377 ه‍.
247

وعد الشيخ رحمه الله في أصحاب الصادق عليه السلام: محمد بن
أعين الكاتب، وفي أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام: أيوب بن
أعين مولى بني ظريف أو بني رياح
وروى في (التهذيب) - عند ذكر المفيد حكم الصلاة على القبر (1)
" عن جعفر بن عيسى: قال: قدم أبو عبد الله (ع) مكة، فسألني عن
عبد الله بن أعين، فقلت: مات، قال: مات؟ قلت نعم، قال: فانطلق
بنا إلى قبره حتى نصلى عليه، قلت: نعم، فقال: لا، ولكن نصلى
عليه ههنا، فرفع يديه يدعو، واجتهد في الدعاء. وترحم عليه " (2)
وفي المنهج: هذه الرواية (3) بعينها في عبد الملك بن أعين، نقلا
عن التهذيب، وهو الموافق لما رواه الكشي (4) رحمه الله، وذكره غيره

(1) انظر: الرواية في (التهذيب للشيخ الطوسي ج 3 ص 202) طبع النجف الأشرف سنة 1378 ه‍.
(2) وذكر الشيخ " ره " والنجاشي شعيب بن أعين الحداد ووثقاه
وعده في (جش) من أصحابنا (ق) ويقرب في هذا وفي محمد بن أعين الكاتب
ان يكونا من بني أعين الشيباني (من المصنف رحمه الله).
وفى الخلاصة: نجم بن أعين، روى العقيقي عن أبيه عن عمران
ابن ابان عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام انه يجاهد
في الرجعة. ولا يبعد فيه أن يكون أخا زرارة (من المصنف رحمه الله)
(3) انظر هذه الرواية - نقلا عن تهذيب الشيخ الطوسي رحمه الله
في منهج المقال للميرزا محمد الاسترآبادي (ص 215) طبع إيران سنة 1306 ه‍
(4) انظر (رجال الكشي: (ص 117) طبع بمبئ.
248

فاثبات عبد الله (في بني أعين) بمجرد هذا الخبر لا يخلو من نظر. وكذا
كون محمد وأيوب من (بني أعين) الشيباني - خصوصا الثاني - فان ظاهر كلام
الشيخ (1) - رحمه الله - ينفي كونه مولى بني شيبان، لكن في دخول هؤلاء في
بني أعين تصديق لما قاله ابن عقدة: من أن بني أعين سبعة عشر رجلا.
وأما سائر آل أعين من أولاد أولاده فهم كثيرون، منهم -
بنو زرارة، وهم: الحسن، والحسين، ويحيى، ورومي، وعبد الله، وعبيد الله
وهو عبيد المعروف بغير إضافة. وربما قيل: انه غير عبيد الله. ومحمد ذكره
الشيخ في (الرجال) في أصحاب الصادق عليه السلام (2) وكذا أبو عبد الله
الحسين بن عبيد الله (3). وروى باسناده عنه عن أبيه زرارة بن أعين عن
أبي عبد الله عليه السلام، قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس
فقال في خطبته: انا الجانب والجنب، والآخر والأول، والحافظ والرادع
وروى أبو غالب - رحمه الله - عن أبي طالب الأنباري باسناده
المتقدم: أن ولد زرارة: الحسين، ويحيى، ورومي، والحسن، وعبيد الله
وعبد الله، - ثم قال -: فذلك ثمانية أنفس.

(1) انظر: (رجال الشيخ الطوسي: ص 151 وص 343) طبع
النجف الأشرف، فإنه - رحمه الله - صرح في الموضعين: ان أيوب بن
أعين مولى بني طريف أو بني رياح، وهو ينافي كونه شيبانيا بالولا..
(2) انظر: ص 288 من كتاب الرجال - باب أصحاب الصادق
عليه السلام - وقال فيه: روى عنه علي بن عقبة.
(3) ذكر الشيخ في كتاب رجاله في باب أصحاب الصادق عليه
السلام (ص 182). (الحسين بن زرارة أخو الحسن) كما أنه ذكر
في ص 166 (الحسن بن زرارة بن أعين الشيباني الكوفي) من أصحاب الصادق
عليه السلام وأبو عبد الله الحسين بن عبيد الله - هذا - هو الغضائري.
249

فلعل الساقط محمد، وعبيد، بناء على مغايرته لعبيد الله. وليس منهم
قيس بن زرارة، فإنه مولى كندة - كما قاله الشيخ في الرجال - (1)
ومن ولد زرارة: محمد بن عبد الله بن زرارة، مشهور، كثير
الحديث (2).
وبنو حمران: حمزة، وعقبة، ومحمد، ذكرهم علماء الرجال.
ومنهم: إبراهيم بن محمد بن حمران، ذكره أبو غالب، وقال:
إنه روى عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام.
وبنو عبد الملك: وهم: محمد وعلي، وضريس، معروفون، ويونس
ابن عبد الملك. روى أبو غالب - رحمه الله - عن كتاب الصابوني (3)

(1) انظر: ص 275 من كتاب الرجال - باب أصحاب الصادق
عليه السلام -.
(2) انظر: رسالة أبي غالب، فإنه قال فيها: " ومن ولد زرارة محمد
ابن عبد الله بن زرارة، وكان كثير الحديث وروى عنه علي بن الحسين بن
فضال حديثا كثيرا "
(3) الصابوني - هذا -: هو محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان
أبو الفضل الجعفي الكوفي المعروف بالصابوني والمشهور عند الفقهاء بصاحب
الفاخر وبالجعفي، عده الشيخ الطوسي في كتاب رجاله من أصحاب الهادي
عليه السلام، وترجم له في الفهرست في باب الكنى، وقال: " اسمه محمد
ابن أحمد بن إبراهيم بن سليمان الجعفي، وكان من اهل مصر، وعد
من كتبه: كتاب الفاخر ". وذكره النجاشي، وقال: " سكن مصر وكان
زيديا ثم عاد الينا، وكان له منزلة بمصر " ثم عد كتبه الكثيرة، ومنها كتاب
الفاخر. وترجم له العلامة الحلي في القسم الأول من الخلاصة، وابن داود في الباب الأول من كتاب رجاله، وترجم له الأفندي في (رياض العلماء)
وستأتي ترجمة له في باب الميم من (الأصل) فانتظر.
250

- وهو الفقيه المشهور بين المتأخرين ب‍ (الجعفي) صاحب الفاخر -: أنه
ممن روى عن الصادق عليه السلام من آل أعين.
وغسان بن عبد الملك، حكى أبو عبد الله (1) - رحمه الله - عن
أبي الحسن علي بن أحمد العقيقي (2) في رجاله: أنه أحد (آل أعين)
الذين رووا عن أبي عبد الله - عليه السلام -.
ومن آل أعين: غسان بن مالك بن أعين، وجعفر بن قعنب بن
أعين. ذكرهما الشيخ - رحمه الله - في أصحاب الصادق عليه السلام (3)

(1) أبو عبد الله - هذا -: هو الحسين بن عبيد الله الغضائري -
صاحب الملحقات برسالة شيخه أبي غالب الزراري - والذي سبق ذكره
في تراجم آل أعين في الهامش.
(2) هو علي بن أحمد بن علي بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن
الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام - العقيقي، ترجم له
الشيخ الطوسي في كتاب رجاله قائلا: " علي بن أحمد العقيقي، روى عنه ابن أخي
طاهر، مخلط ". وذكره - أيضا - في الرجال باب (من لم يرو عنهم عليهم السلام).
وذكره أيضا في (الفهرست) وعد من كتبه: كتاب الرجال، وقال:
" قال أحمد بن عبدون: وفى أحاديث العقيقي مناكير ".
وروى الصدوق - رحمه الله في كتاب إكمال الدين - في الباب الذي
عقده لذكر التوقيعات الواردة عن القائم عليه السلام -: حديثا صريحا في
جلالته، وعلو منزلته وذلك حين قدم بغداد في سنة 298 ه‍ إلى علي بن عيسى بن الجراح
- وهو يومئذ وزير - في ضيعة له، فراجعه.
(3) راجع في غسان: ص 269 رقم 7، وفى جعفر: ص 162 رقم
9 من (كتاب الرجال) ط النجف الأشرف.
251

ويونس بن قعنب بن أعين، روى أبو غالب عن الصابوني: أنه
ممن روى عنه عليه السلام.
قال العقيقي - رحمه الله -: وكان ولد قعنب بالفيوم من أرض مصر (1)
وفيها قبر غسان بن عبد الملك بن أعين.
وفي الرسالة - عن الصابوني -: بها قبر عثمان بن مالك بن أعين
وفيه تصحيف وإسقاط على الظاهر (2).
ومن آل أعين - على ما يظهر من الرسالة -: حمران بن عبد الرحمن
ابن أعين، وعبد الرحمن بن حمران بن عبد الرحمن، ومحمد بن عبد الرحمن
ابن حمران بن عبد الرحمن.
ومنهم: بنو بكير، وهم: الجهم، وعبد الله، وعبد الحميد
وعبد الأعلى، وعمر، وزيد، ستة: ذكرهم الشيخ - رحمه الله - عند
ذكر أبيهم: بكير في - أصحاب الباقر عليه السلام - (3)

(1) الفيوم - بالفتح وتشديد ثانيه -: وهي في موضعين: أحدهما
- بمصر، والآخر - موضع قريب من (هيت) بالعراق. فاما التي بمصر
فهي ولاية غربية، بينها وبين (الفسطاط) أربعة أيام، بينهما مفازة
لا ماء بها ولا مرعى، مسيرة يومين، وهي في منخفض الأرض كالدارة
(عن معجم البلدان للحموي).
(2) الموجود في رسالة أبي غالب - المطبوعة - هكذا: " وجدت
في كتاب الصابوني المصري: يونس بن عبد الملك بن أعين، وجعفر بن
قعنب بن أعين ممن روى عن أبي عبد الله عليه السلام، وذكر في الكتاب:
ان ولد جعفر بالفيوم من ارض مصر، فيها قبر عثمان بن مالك بن أعين
ويونس بن قعنب بن أعين " وقد عرفت التصحيف والاسقاط فيها.
(3) رجال الشيخ: ص 109 برقم 17 ط النجف. وبكير - هذا
توفي في حياة الصادق عليه السلام.
252

وقال النجاشي: " عبد الله بن بكير بن أعين بن سنسن - أبو على -
الشيباني مولاهم، روى عن أبي عبد الله عليه السلام. واخوته: عبد الحميد
والجهم، وعمر وعبد الأعلى. روى عبد الحميد عن أبي الحسن موسى
عليه السلام. وولد عبد الحميد: محمد، والحسين، وعلي، رووا الحديث "
انتهى (1).
ومن بنى الجهم بن بكير: الحسن بن الجهم، وسليمان، ومحمد،
والحسين - أبناء الحسن بن الجهم - وأحمد، ومحمد، وعلي، والحسن
والحسين، وجعفر - بنو سليمان بن الحسن -.
مات أحمد في حياة أبيه. وكان محمد أسن أولاده واعرفهم، وهو
المعروف ب‍ (أبي طاهر الزراري) جد أبي غالب (2)
وأعقب محمد: محمد بن محمد. ومحمد بن محمد: أحمد بن محمد، وهو أبو غالب

(1) راجع: ص 154 طبع بمبئ سنة 1317 ه‍.
(2) جاء في (رسالة أبي غالب) المطبوعة هكذا: " وكان جدي
أبو طاهر أحد رواة الحديث، قد لقي محمد بن خالد الطيالسي فروى عنه:
كتاب عاصم بن حميد، وكتاب سيف بن عميرة، وكتاب العلاء بن رزين
وكتاب إسماعيل بن عبد الخالق، وأشياء غير ذلك، وروى عن محمد بن
الحسين بن أبي الخطاب شيئا كثيرا، منه كتاب أحمد بن أبي نصر البزنطي
وكانت روايته عنه هذا الكتاب في سنة 257 ه‍، - وسنه إذ ذاك - عشرون
سنة، وروى عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي، وعن رجال غيره ".
وترجم لأبي طاهر هذا النجاشي (ص 245) ط بمبئ وقال: مولده سنة
237 ه‍، ووفاته سنة 301 ه‍. وتبعه العلامة الحلي في الخلاصة، وغيره.
253

وابنه عبيد الله، وابن ابنه محمد، وهو أبو طاهر الأصغر (1)
قال النجاشي: " محمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن سليمان
ابن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين، أبو طاهر الزراري كان أديبا
وسمع - وهو ابن أبي غالب - شيخنا، له كتب " (2).
والصواب: أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان - كما صرح به
أبو غالب في رسالته - والنجاشي في ترجمة: أحمد بن محمد (3)
ومحمد بن عبيد الله: هو آخر ولد بنى أعين الذكور، ولم يذكر
بعده أحد من ذكورهم.
فهؤلاء جملة ممن يحضرني الآن من أهل هذا البيت، وهم نيف وخمسون
رجلا. وعلى القول بأن بني أعين سبعة عشر، وبني زرارة ثمانية، فهم
نيف وستون.
والخارج منهم عن الاستقامة في أمر الإمامة: مالك، ومليك،

(1) وأبو طاهر الأصغر محمد بن عبيد الله بن أبي غالب احمد: هو
الذي كتب له رسالته المذكورة، وكانت ولادته في قصر عيسى ببغداد
في يوم الأحد لثلاث خلون من شوال 352 ه‍ - كما ذكر ذلك في الرسالة
المذكورة - وقد ترجم له - بعد النجاشي رحمه الله - العلامة الحلي في
(الخلاصة)، والاسترابادي في (منهج المقال) والمير مصطفى في نقد الرجال
والمجلسي في (الوجيزة) وأبو علي الحائري في (منتهى المقال) وغيرهم.
(2) في رجال النجاشي / 283 ط بمبئ: " وهو ابن أبي غالب "
بدل " ابن ابن أبي غالب " عبارة الأصل. والأصح: عبارة الأصل
ولعل الاشتباه من نساخ رجال النجاشي أو الطابعين. وسار على هذا الاشتباه
كثير من مؤلفي الرجال المتأخرين بلا تحقيق.
(3) قال في رجاله ص 61 ط بمبئ. أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان بن
الحسين.. الخ.
254

وقعنب. كانوا على طريقة العامة (1) وعبد الله بن بكير، فإنه فطحي، فاسد
المذهب، غير أنه ثقة، معدود من أصحاب الاجماع.
والممدوح بالتوثيق الصريح معه من آل أعين: زرارة وأبناؤه
وعبيد، وعبد الله، ورومي، وضريس بن عبد الملك، والحسن بن الجهم
ومحمد بن سليمان بن الحسن، وأخوه أبو الحسن علي بن سليمان، وابن
ابنه أبو غالب أحمد بن محمد، فهؤلاء عشرة من آل أعين، منصوص
على توثيقهم. ولهم - عدا ضريس - ولحمزة بن حمران وأخيه محمد
وعبد الرحمن بن أعين ومحمد بن عبيد الله بن أحمد - كتب مصنفة ذكرها
الأصحاب.
وقد جاء في مدح حمران بن أعين وجلالته وعظم محله، أخبار
كادت تبلغ التواتر (2) وفيما تقدم من كلام أبي غالب - رضي الله عنه - ما يقرب

(1) جاء في كتاب رجال الكشي ص 120 ط بمبئ في بني أعين: مالك
وقعنب - ما نصه: " حدثني حمدويه قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن
الحسن بن علي بن يقطين قال: كان لهم غير زرارة وإخوته - اخوان ليسا
في شئ من هذا الأمر: مالك، وقعنب " وانظر أيضا ذلك في (منهج
المقال) للاسترابادي، وفى (الخلاصة) للعلامة الحلي رحمه الله.
(2) ذكر كثيرا من هذه الأخبار - الكشي في كتاب رجاله: ص
117 ط بمبئ منها " حمدويه قال: حدثني محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير
عن هشام بن الحكم، عن حجر بن زائدة، عن حمران بن أعين، قال:
قلت لأبي جعفر عليه السلام: إني أعطيت الله عهدا أن لا اخرج عن المدينة
حتى تخبرني عما أسألك، قال: فقال لي: سل قال قلت: امن شيعتكم انا؟ قال:
نعم في الدنيا والآخرة " (ومنها) " محمد، قال حدثني محمد بن عيسى، عن زياد الكندي
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في حمران - " إنه رجل من
اهل الجنة ". (ومنها) محمد بن شاذان، عن الفضل بن شاذان
قال: روي عن ابن أبي عمير عن عدة من أصحابنا، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: كان يقول حمران بن أعين مؤمن لا يرتد - والله - ابدا "
(ومنها) " حدثني محمد بن الحسين البرناني وعثمان بن حامد، قالا: حدثنا
محمد بن يزداد، عن محمد بن الحسين، عن الحجال، عن العلا بن رزين
القلا، عن أبي خالد الأخرس، قال: حمران بن أعين لأبي جعفر
عليه السلام: جعلت فداك إني حلفت أن لا أبرح المدينة حتى اعلم ما انا
قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: فتريد ماذا يا حمران؟ قال: تخبرني
ما انا، قال: أنت لنا شيعة في الدنيا والآخرة ".
255

توثيقه، بل يقضي به، وفيه مدح (آل أعين) عموما وخصوصا.
وفى الصحيح عن الصادق عليه السلام: أنه قال في بكير - بعد موته
" والله لقد أنزله الله بين رسوله (ص) وبين أمير المؤمنين ع " (1) وهذه
منزلة عظيمة لا شئ فوقها.
ومن الممدوحين - بالخصوص -: عبد الملك، وعبد الرحمن - ابنا
أعين - والحسن والحسين - ابنا زرارة - ومحمد بن عبد الله بن زرارة.
وتوثيقه قريب.

(1) روى هذا الخبر - الكشي رحمه الله - في كتاب رجاله ط النجف
الأشرف ص 16، قال " حدثنا حمدويه، قال حدثنا يعقوب بن يزيد
عن ابن أبي عمير، عن الفضيل وإبراهيم ابني محمد الأشعريين، قالا: إن
ابا عبد الله عليه السلام - لما بلغه وفاة بكير بن أعين - قال: (وأورد
الخبر المذكور). وقد وصف الخبر بالصحيح، لان رجال سنده من
الموثوق بهم عند أرباب الفن.
256

وفي المعتبر - عن ثعلبة بن ميمون عن بعض رجاله - قال قال ربيعة
الرأي لأبي عبد الله عليه السلام: ما هؤلاء الأخوة الذين يأتونك من العراق
ولم أر في أصحابك خيرا منهم ولا أبهى ولا أهيأ؟ قال " أولئك أصحاب
أبي ". - يعني: ولد أعين (1)
ومدائح آل أعين خصوصا زرارة - كثيرة وقد روى فيه وفيهم
- تبعا له - ذموم لها محامل ذكرها الأصحاب، ودلت عليها الأخبار
المعتبرة عنهم عليهم السلام، نذكرها في أحوال زرارة، ان شاء الله تعالى

(1) روى هذا الخبر الكشي في كتاب رجاله (ص 107) ط بمبئ
عن حمدويه بن نصير، قال حدثني يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي
ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن بعض رجاله (ثم أورد الخبر
المذكور) ووصفه بالمعتبر لأن رجال سنده ممن اتفق أرباب الفن على وثاقتهم
257

(آل أبي صفية)
واسمه دينار
أبو حمزة الثمالي ثابت بن دينار، وأبناؤه: محمد، وعلي، والحسين
ثقات جميعا. قال الكشي - رحمه الله -: " سألت أبا الحسن حمدويه بن
نصير عن علي بن أبي الثمالي، والحسين بن أبي حمزة، ومحمد أخويه
وأبيه؟ فقال: كلهم ثقات فاضلون " (1) والطريق صحيح.
وأبو حمزة الثمالي جليل في الطائفة، عظيم المنزلة عند الأئمة عليهم
السلام لقي السجاد، والباقر، والصادق، والكاظم - عليهم السلام -. وروى عنهم - على خلاف في الأخير -. له كتب، منها - كتاب التفسير
والظاهر أنه أول من صنف فيه من أصحابنا (2)

(1) راجع: ص 256 ط بمبئ المطبعة المصطفوية.
(2) ذكر ابن النديم في (فهرسته (ص 50) ط مصر سنة 1348 ه‍
أسماء جماعة من التابعين الذين صنفوا في تفسير القرآن، وعد منهم ابا حمزة
الثمالي فقال "... وكتاب تفسير أبي حمزة الثمالي، واسمه ثابت بن دينار
وكنية دينار أبو صفية وكان أبو حمزة من أصحاب علي بن الحسين عليه السلام
من النجباء الثقات وصحب ابا جعفر عليه السلام ".
وتوفي أبو حمزة سنة 150 ه‍ وترجم له ابن حجر العسقلاني في
(تهذيب التهذيب: ج 2 ص 7) فقال: " ثابت بن أبي صفية دينار
- وقيل سعيد - أبو حمزة الثمالي الأزدي الكوفي مولى المهلب. روى
عن انس، والشعبي، وأبى إسحاق، وزاذان أبى عمر، وسالم بن أبي
الجعد، وأبى جعفر الباقر (عليه السلام) وغيرهم. وروى عنه الثوري
وشريك، وحفص بن غياث، وأبو أسامة، وعبد الملك بن أبي سليمان
وأبو نعيم، ووكيع، وعبيد الله بن موسى، وعدة... وقال ابن سعد:
توفى في خلافة أبى جعفر، وقال يزيد بن هارون: كان يؤمن بالرجعة
وعده السليماني في قوم من الرافضة... وحديثه عند ابن ماجة في كتاب
الطهارة ".
وذكره سيدنا العلامة الفقيه الحجة السيد الحسن الصدر الكاظمي
- رحمه الله - في كتابه (تأسيس الشيعة: ص 327) طبع بغداد،
وعده من التابعين المفسرين، من الشيعة، وقال: " مقدم في التفسير
والحديث مصنف فيهما " ثم قال " وذكر الثعلبي تفسيره في (تفسيره) واعتمد
عليه واخرج الكثير من روايته "
والثمالي: نسبة إلى ثمالة - بالثاء المثلثة المضمومة - وهو لقب عوف
ابن أسلم بن أحجن بن كعب بن الحرث بن كعب بن عبد الله بن مالك
ابن نصر بن الأزد - أبى بطن من الأزد - وهم رهط أبى حمزة، وإنما
لقب عوف بالثمالي لأنه أطعم قومه وسقاهم لبنا بثمالته اي برغوته.
وترجم لأبى حمزة الثمالي أكثر أرباب المعاجم وله ذكر في طرق
الروايات كثيرا.
258

روى عنه كثير من الأجلاء، قال الكشي - رحمه الله -: " قال
الفضل بن شاذان: سمعت الثقة يقول: سمعت الرضا عليه السلام يقول:
أبو حمزة الثمالي في زمانه كسلمان الفارسي في زمانه، وذلك أنه خدم
أربعة منا: علي بن الحسين (ع) ومحمد بن علي (ع)، وجعفر بن محمد
259

عليه السلام، وبرهة من عصر موسى عليه السلام " (1) ووثقه الشيخ
- رحمه الله - في (الفهرست) (2)
وقال النجاشي: " كان من خيار أصحابنا وثقاتهم ومعتمديهم
في الرواية والحديث. وأولاده: نوح، ومنصور، وحمزة، قتلوا مع زيد
ابن علي (ع) ولم يذكر من أولاده غيرهم " (3)
ومراده - كما قاله الشهيد (4) الثاني رحمه الله - ذكر أولاده

(1) رجال الكشي ص 133 ط بمبئ بدل (سلمان) " لقمان " ولكن
المحقق الرجالي الميرزا محمد في رجاله (منهج المقال ص 74) ط إيران - بعد
ذكره للعبارة المذكورة عن الكشي - قال: " الذي رايته في كتاب الكشي
في ترجمة يونس عبد الرحمن ما هذا لفظه: قال الفضل بن شاذان سمعت الثقة
يقول سمعت الرضا " ع " يقول أبو حمزة الثمالي في زمانه كسلمان الفارسي في زمانه... "
ثم قال " وهذا هو الصواب " ومن ذلك يعلم مناقضة المطبوع من الكشي
في الموردين وهذا التعبير مذكور في رجال النجاشي عن أبي عبد الله " ع "
(2) راجع: ص 41 ط النجف سنة 1356 ه‍.
(3) رجال النجاشي / 83 ط بمبئ سنة 1317 ه‍
(4) ذكر الشهيد الثاني في (دراية الحديث: ص 135) طبع النجف
الأشرف: ان من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام محمدا وعليا والحسين
- بني أبي حمزة الثمالي - كما ذكرهم الكشي - رحمه الله - وذكر أيضا
الشهيد الثاني - رحمه الله - في تعليقته (المخطوطة) على قول العلامة
الحلي في (الخلاصة: ص 26): " ويجوز أن يكون (اي الحسين)
ابن ابنة أبي حمزة وغلبت عليه النسبة إلى أبي حمزة بالبنوة " ما هذا
نصه: " لم يظهر من جميع ما ذكر ما ينافي ما شهد فيه حمدويه - الثقة
الجليل - للحسين بن أبي حمزة بالثقة، لأن كلام النجاشي دل على ذكر
من قتل مع زيد، وظاهر انه غير مناف لغيرهم، وكلام ابن عقدة يدل
على وجود الحسين بن أبي حمزة الثمالي، وان شاركه غيره في الاسم.
وقول النجاشي: ان الحسين بن حمزة الليثي ابن بنت أبي حمزة لا ينافي
كون أبى حمزة له ولد اسمه الحسين ".
260

المقتولين مع زيد، فلا ينافي ما قاله حمدويه من وجود الثلاثة الأول
وثقتهم (1)
وعلي بن أبي حمزة: مشترك بين الثمالي، والثقة (2) والبطائني
الضعيف (3) والاطلاق ينصرف إلى الثاني لاشتهاره وكثرة أخباره.
ومحمد بن أبي حمزة: مشترك بين الثمالي الثقة، والتيملي الذي ذكره

(1) - كما عرفت آنفا من عبارة الكشي رحمه الله، فراجعها.
(2) تقدم في ترجمة أبيه أبى حمزة - توثيقه فيما رواه الكشي
من قوله: " سألت أبا الحسن حمدويه بن نصير عن علي بن أبي حمزة
الثمالي والحسين بن أبي حمزة ومحمد اخويه وابيه، فقال: كلهم ثقات
فاضلون ".
(3) علي بن أبي حمزة سالم البطائني، ضعفه أرباب المعاجم الرجالية
وقد عده الشيخ الطوسي - رحمه الله - في كتاب رجاله: تارة - من
أصحاب الصادق عليه السلام، وأخرى - من أصحاب الكاظم عليه السلام
وقال: " إنه واقفي المذهب، له أصل ".
وترجم له النجاشي في كتاب رجاله قائلا: " علي بن أبي حمزة واسم
أبي حمزة: سالم البطائني أبو الحسن مولى الأنصار، كوفي، وكان قائد أبى بصير
يحيى بن القاسم، وله اخ يسمى جعفر بن أبي حمزة، روى عن أبي الحسن موسى
عليه السلام وعن أبي عبد الله عليه السلام، ثم وقف، وهو أحد عمد
الواقفة، وصنف كتبا عدة " ثم عدد كتبه.
وقال ابن الغضائري: " علي بن أبي حمزة - لعنه الله - أصل الوقف
وأشد الخلق عداوة للمولى - يعني الرضا عليه السلام - بعد أبي إبراهيم
عليه السلام " هكذا نقل العلامة الحلي كلام ابن الغضائري. وروى الكشي
في رجاله روايات عديدة صريحة في ذمه، فراجعها.
261

الشيخ - رحمه الله - في أصحاب الصادق عليه السلام (1) من غير توثيق *
وينصرف الاطلاق إلى الأول. بل لا يبعد أن يكون التيملي تصحيفا للثمالي
فيرتفع الاشتراك.
وقد وثقه ابن داود. ورد بأنه ليس في غيره. والظاهر - كما
استظهره الأمير مصطفى - اتحادهما وانه لا اشتراك بينهما. وعلى تقدير
الاشتراك يمكن تعيين انه الثمالي برواية ابن أبي عمير وأيوب بن نوح
عنه، وروايته عن علي بن يقطين.
(منه رحمه الله)

(1) رجال الشيخ الطوسي: ص 306 ط النجف سنة 1381 ه‍، وقال
السيد المير مصطفى التفريشي - رحمه الله - في كتابه (نقد الرجال:
ص 283) - عند ترجمته لمحمد بن أبي حمزة التيملي -: " لم أجد
توثيقه في كتب الرجال أصلا، والظاهر أن محمد بن أبي حمزة التيملي -
والذي يجئ بعنوان محمد بن أبي حمزة الثمالي - واحد، لأنه ليس في
كتب الرجال ما يدل على تعدده ولعل منشأ الاثنينية تصحيف الثمالي بالتيملي "
ولكن الوحيد البهبهاني - رحمه الله - في تعليقته على رجال الاسترآبادي
المطبوعة معه تأمل في اتحادهما، ولعل منشأ التأمل هو ان الجزم بكون
التيملي تصحيف الثمالي من دون شاهد عليه مما لا ينبغي ان يلتفت إليه،
وتعدد العنوان في كلام بعض أرباب الفن كاف في الدلالة على التعدد، وحينئذ
فهذا ثقة وذاك امامي مجهول.
ونفى المجلسي - رحمه الله - في الوجيزة تعددهما وقال: ومحمد بن أبي
حمزة الثمالي ثقة والتيملي تصحيف الثمالي.
262

وأما الحسين بن حمزة الليثي الذي ذكره النجاشي ووثقه (1) فهو
ابن بنت أبي حمزة الثمالي، والحسين بن أبي حمزة خاله. وتوهم الاتحاد
والاشتراك فيه ظاهر الفساد.

(1) كما في رجاله ص 40 ط بمبئ، وانظر: تعليقتنا السابقة، وما ذكرناه
عن دراية الشهيد الثاني - رحمه الله -.
263

(آل أبي أراكة)
مولى كندة
واسمه ميمون، وهو غير ميمون بن الأسود والد عبد الله بن ميمون
القداح المكي، مولى بني مخزوم.
وكان ابنا ميمون الكندي: - بشير، وشجرة. وأبناؤهما: إسحاق
ابن بشير، وعلي بن شجرة، والحسن بن شجرة - من بيوت الشيعة
وممن روى عن الأئمة عليهم السلام، وفيهم الثقات.
قال النجاشي - رحمه الله -: " علي بن شجرة بن ميمون بن أبي
أراكة النبال - مولى كندة - روى أبوه عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما
السلام. وأخوه الحسن بن شجرة روى... وكلهم ثقاة، وجوه جلة
ولعلي كتاب، روى عنه الحسن بن علي بن فضال " (1)
وفي الفهرست: " له كتاب، روى الحسن بن محمد بن سماعة
والقاسم بن إسماعيل القرشي عنه " (2)
وعد - رحمه الله - في الرجال: بشير النبال في أصحاب الباقر
والصادق عليهما السلام (3) وكذا البرقي في " رجاله " وقال: إنه

(1) رجال النجاشي: ص 196 ط بمبئ.
(2) راجع: ص 94 ط النجف سنة 1356 ه‍
(3) رجال الشيخ ص 108 و 156 منه ط النجف سنة 1381 ه‍ -
264

شيباني (1) وذكرا في أصحاب الباقر عليه السلام إسحاق بن بشير النبال (2)
وفي رجال الكشي - في بشير النبال وأخيه شجرة -: " عن طاهر
ابن عيسى الوراق عن جعفر بن محمد بن أيوب عن صالح بن أبي حماد
الرازي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن
محمد بن زيد الشحام - قال: رآني أبو عبد الله عليه السلام - وأنا
أصلي - فأرسل إلى ودعاني، فقال: من أنت؟ قلت: من مواليك
قال: فأي موالي؟ قلت: من الكوفة، قال من تعرف من الكوفة؟
قلت: بشير النبال وشجرة، قال: وكيف صنيعهما إليك؟ فقلت:
ما أحسن صنيعهما إلي!!، قال خير المسلمين من وصل وأعان ونفع
- الحديث " (3)
وفي رجال الشيخ - باب أصحاب الباقر عليه السلام -: " بشير

(1) رجال البرقي: ص 13 وص 18 منه ط إيران 1383.
(2) راجع: رجال الشيخ / 106 ط النجف، ورجال البرقي / 10 ط إيران.
(3) راجع: ص 235 منه ط بمبئ. وتكملة الحديث: ما بت ليلة
قط والله - وفي مالي حق يسألنيه - ثم قال: اي شئ معكم من الفقه؟
قلت: عندي مائتا درهم، قال: أرنيها، فأتيته بها، فزادني فيها ثلاثين
درهما ودينارين، ثم قال: تعش عندي: فجئت فتعشيت عنده. قال:
فلما كان من القابلة لم اذهب إليه، فأرسل إلي فدعاني من غده، فقال
مالك لم تأتني البارحة قد شفقت علي؟ فقلت: لم يجئني رسولك، فقال
فأنا رسول نفسي إليك ما دمت مقيما في هذه البلدة. اي شئ تشتهى من
الطعام؟ قلت: اللبن، فاشترى من أجلي شاة لبونا، قال: فقلت له:
علمني دعاء، قال: اكتب: " بسم الله الرحمن الرحيم، يا من أرجوه
لكل خير، وآمن سخطه عند كل عثرة، يامن يعطي الكثير بالقليل
ويا من أعطى من سأله تحننا منه ورحمة، يامن أعطى من لم يسأله ومن لم يعرفه
صل على محمد وأهل بيته، وأعطني بمسألتك خير الدنيا وجميع خير الآخرة
فإنه غير منقوص لما أعطيت، وزدني من سعة فضلك يا كريم. ثم رفع يديه
فقال: يا ذا المن والطول يا ذا الجلال والاكرام يا ذا النعماء والجود، ارحم
شيبتي من النار. ثم وضع يديه على لحيته، ولم يرفعهما إلا وقد امتلأ ظهر كفيه دموعا "
265

- بغير ياء - بن ميمون الوابشي الهمداني النبال الكوفي، وأخوه شجرة
وهما ابنا أبي أراكة، واسمه ميمون مولى بني (وابش) وهو ميمون بن
سنجار " (1) ولعل الأصوب ما تقدم.
والظاهر: أن أبا أراكة - هذا - هو أبو أراكة البجلي الكوفي
ذكره الشيخ - رحمه الله - في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام (2).
وعده البرقي في أصحابه من اليمن مع جماعة من خواص أصحابه، مثل
الأصبغ بن نباتة، ومالك بن الحرث الأشتر، وكميل بن زياد (3)
وبجيلة - كسفينة -: حي، باليمن من (معد). والنسبة إليه (بجلي)
بالتحريك. وبلا لام أبو حي، والنسبة إليه (بجلي) بالاسكان، قاله
في القاموس. ولا ينافي ذلك ما تقدم عن النجاشي: أنه مولى كندة (4) فان كندة

(1) راجع: ص 108 ط النجف سنة 1381 ه‍
(2) رجال الشيخ / 63 ط النجف.
(3) رجال البرقي: ص 6 ط طهران وعده العلامة الحلي أيضا - في آخر
القسم الأول من الخلاصة - من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام الأصفياء
مثل كميل بن زياد ومالك الأشتر والأصبغ بن نباتة وزيد وصعصعة ابني صوحان
(4) كما عرفت - آنفا - في ترجمة علي بن شجرة - ص 196 من
رجال النجاشي.
266

- بالكسر -: أبو حي باليمن، واسمه: ثور بن عفير (1) والأحياء يدخل
بعضهم في بعض، وبجيلة من كندة *.
ولأبي أراكة قصة مع رشيد الهجري، ذكرها صاحب الاختصاص:
" روى عن جعفر بن الحسين عن محمد بن الحسن (2) عن محمد بن
الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن

(1) جاء في " تاج العروس شرح القاموس للزبيدي، بمادة كند " ما لفظه: " وكندة - بالكسر لقب ثور بن عفير بن عدي بن الحرث
ابن مرة بن أدد، أبو حي من اليمن، كذا لابن الكلبي والرشاطي
وقال الهمداني: هو ثور بن مرتع بن معاوية، وقيل: ثور بن عبيد
ابن الحرث بن مرة. وفى شرح الشفا للخفاجي - نقلا: عن العباب -:
ثور بن عنبس بن عدي. وفى روض السهيلي: إن كندة بنو ثور بن
مرة بن أد بن زيد، ويقال: إنهم بنو مرتع بن ثور. وقد قيل: إن
ثورا هو مرتع، وكندة أبوه، وقال ابن خلكان: إن مرتعا كمحدث
هو والد ثور، وان ثور بن مرتع هو كندة: وفي الصحاح: هو كندة
ابن ثور، قال شيخنا: والذي جزم به أكثر شراح الحماسة وديوان
امرئ القيس: ان ثورا ولد كندة، لا لقبه، والله اعلم. قال ابن دريد:
سمى به لأنه كند أباه النعمة أي كفرها ولحق بأخواله. وقال أبو جعفر:
اصله من قولهم ارض كنود أي لا تنبت شيئا، وقيل: لكونه كان بخيلا
وقيل: لكونه كند أباه اي: عقه "
* يظهر ذلك من حديث مسلم رحمه الله: "... حتى خرج إلى
دور بني بجيلة من كندة " (منه قدس سره.)
(2) هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمي المتوفى
سنة 343 ه‍. وقد ترجم له أكثر أرباب المعاجم الرجالية.
267

محبوب عن عبد الكريم، رفعه إلى رشيد الهجري، قال: لما طلب زياد
- أبو عبيد الله - رشيد الهجري، اختفى رشيد، فجاء - ذات يوم إلى
أبي أراكة - وهو جالس على بابه في جماعة من أصحابه - فدخل منزل
أبي أراكة، ففزع لذلك أبو أراكة وخاف، فقام فدخل في إثره، فقال:
ويحك قتلتني وأيتمت ولدي وأهلكتهم! قال: وما ذاك؟ قال: أنت
مطلوب، وجئت حتى دخلت داري " وقد رآك من كان عندي. فقال: ما رآني أحد منهم، قال: وتسخر بي أيضا؟ فأخذه وشده كتافا، ثم
أدخله بيتا، وأغلق عليه بابه، ثم خرج إلى أصحابه، فقال لهم: إنه خيل إلى أن رجلا شيخا قد دخل - آنفا - داري، قالوا: ما رأينا
أحدا، فكرر ذلك عليهم، كل ذلك يقولون: ما رأينا أحدا، فسكت
عنهم، ثم إنه تخوف أن يكون قد رآه غيرهم، فذهب إلى مجلس زياد
ليتجسس: هل يذكرونه؟ فان هم أحسوا بذلك أخبرهم أنه عنده، ودفعه
إليهم (قال): فسلم على زياد، وقعد عنده، وكان بينهما لطف (قال):
فبينما هو كذلك إذ أقبل رشيد على بغلة أبي أراكة مقبلا نحو مجلس زياد
(قال): فلما نظر إليه أبو أراكة تغير لونه، وأسقط في يده، وأيقن
بالهلاك، فنزل رشيد عن البلغة، وأقبل على زياد، فسلم عليه، فقام إليه
زياد، فأعتنقه وقبله، ثم أخذ يسأله: كيف قدمت ومن خلفت، وكيف
كنت في مسيرك؟ وأخذ يحييه، ثم مكث هنيئة، ثم قام فذهب. فقال
أبو أراكة لزياد: أصلح الله الأمير، من هذا الشيخ؟ قال: هذا
أخ من إخواننا من أهل الشام، قدم علينا زائرا. فانصرف أبو أراكة إلى منزله، فإذا رشيد الهجري بالبيت كما تركه، فقال له أبو أراكة:
أما إذا كان عندك من العلم كما أرى، فاصنع ما بدا لك، وادخل علينا
كيف شئت " (1)

(1) يستعرض القصة - بطولها - الشيخ المفيد - رحمه الله - في
(الاختصاص: 78) طبع طهران سنة 1379 ه‍. ونقلها - أيضا - شيخنا
المجلسي في (البحار: 9 / 633) ط إيران القديم.
268

آل أبي الجعد
رافع الغطفاني *
الأشجعي، مولاهم الكوفي، مخضرم، وقيل: له صحبة. قال في
(التقريب): وثقه ابن حبان (1)
وأبناؤه: سالم، وعبيد، وزياد، بنو أبي الجعد، ذكرهم الشيخ في
أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام (2) والبرقي في خواص أصحابه من
مضر، وكذا العلامة - رحمه الله في آخر القسم الأول من كتابه، وفيهما:
سالم وعبيدة، وزياد بنو الجعد الأشجعيون (3)

* الغطفاني - بفتح اوله وثانيه وثالثه - نسبة إلى قبيلة كبيرة من
قيس عيلان، كما في الباب وغيره.
(1) تقريب التهذيب للعسقلاني 1 / 242 ط مصر سنة 1380 برقم " 19 "
وذكره أيضا في تهذيب التهذيب " ج 3 ص 232 " وقال: " روى عن علي
رضي الله عنه، وابن مسعود (رض) وعنه ابنه سالم بن أبي الجعد، والشعبي
وذكره ابن حبان في الثقات، وروى له مسلم حديثا واحدا في القرين
من الجن. قلت: وقال أبو القاسم البغوي: يقال: إنه أدرك النبي (ص)
ذكره أبو نعيم وابن عبد البر وغيرهما في الصحابة " وذكره الجزري أيضا
في (أسد الغابة في معرفة الصحابة) وذكر إخوته أيضا، فراجعه.
(2) راجع رجال الطوسي ط النجف ص 43 و 48 و 42 للأسماء الثلاثة.
(3) رجال البرقي ص 5 ط طهران دانشكاه، وخلاصة العلامة ص 93
ط إيران.
269

وفى رجال الشيخ الطوسي: زياد بن الجعد، وعبيد بن الجعد، وسالم بن
أبي الجعد (1)
والصواب: أبو الجعد في الجميع، قال النجاشي: (رافع بن سلمة
ابن زياد بن أبي الجعد الأشجعي، مولاهم، كوفي، روى عن أبي جعفر
وأبي عبد الله عليهما السلام، ثقة من بيت الثقات وعيونهم، له كتاب، عنه
بكير بن سالم) (2)
وظاهر كلامه - رحمه الله - توثيق أهل هذا البيت جميعا، ولا أقل
من دلالته على وثاقة الأعيان والمعروفين منهم.
وفي التقريب: " سالم بن أبي الجعد رافع الغطفاني الأشجعي مولاهم
الكوفي، ثقة، وكان يرسل كثيرا، من الثالثة. مات سنة سبع أو ثمان
وتسعين، وقيل: مائة، أو بعد ذلك، ولم يثبت انه جاوز المائة " (3)
" وعبيد بن أبي الجعد الغطفاني - بفتح المعجمة - صدوق من
الثالثة " (4)
" وزياد أبي الجعد رافع الكوفي، مقبول من الرابعة " (5)
" ورافع بن سلمة بن زياد بن أبي الجعد، مولاهم البصري، ثقة

(1) راجع في زياد: ص 42، في وعبيد: 48، وفي سالم: 43
من طبع النجف.
(2) رجال النجاشي ص 121 ط بمبئ.
(3) تقريب التهذيب 1 / 278 ط مصر برقم " 3 " وذكره في تهذيب
التهذيب أيضا، كما ذكر كلا من عبيد بن أبي الجعد، وأخيه زياد، ورافع
ابن سلمة بن زياد بن أبي الجعد، ويزيد بن زياد بن أبي الجعد، فراجعه
(4) المصدر نفسه ص 542 برقم " 1539 ".
(5) المصدر نفسه ص 266 برقم " 94 ".
270

من السابعة " (1)
" ويزيد بن زياد بن أبي الجعد الأشجعي الكوفي، صدوق من
السابعة " (2) وفى تهذيب الكمال: " عبيد بن أبي الجعد الغطفاني، أخو سالم بن
أبي الجعد واخوته، روى عن جابر بن عبد الله، وأخيه زياد بن أبي الجعد
عنه: سلمة بن كهيل، وسليمان الأعمش، ومنصور بن المعتمر، وابن
أخيه يزيد بن زياد بن أبي الجعد. ذكره ابن حبان في الثقات " (3)
وذكر الشيخ - رحمه الله - في رجاله من أصحاب الباقر (ع): يزيد
ابن زياد الكوفي، وفي أصحاب الصادق (ع) سلمة بن زياد مولى بني أمية
وفي أصحاب الكاظم (ع) إبراهيم بن محمد الجعدي (4) ولم يصرح بأنهم
من آل أبي الجعد.

(1) المصدر نفسه: ص 241 برقم " 12 "
(2) نفس المصدر: " 1 / 364 برقم 251 "
(3) بهذا المضمون في تهذيب التهذيب لابن حجر ج 7 ص 62 ط حيدر آباد واصله (تهذيب الكمال) الذي هو لأبي الحجاج يوسف بن الزكي المري، وهو
المتوفى سنة 742 ه‍، غير مطبوع.
(4) راجع في الأول: ص 140، وفى الثاني ص 211 وفي الثالث
ص 343 من طبع النجف الأشرف.
271

(آل أبي الجهم)
القابوسي اللخمي
من ولد قابوس بن النعمان بن المنذر، بيت كبير، جليل بالكوفة.
منهم - أبو الحسين سعيد بن أبي الجهم، وأبناؤه: الحسين بن سعيد
والمنذر بن سعيد، ومحمد بن المنذر بن سعيد، والمنذر بن محمد بن المنذر
ابن سعيد *
قال النجاشي: " سعيد بن أبي الجهم القابوسي اللخمي (1) أبو الحسين
من ولد قابوس بن النعمان بن المنذر، كان سعيد ثقة في حديثه، وجها
بالكوفة. وآل أبي الجهم بيت كبير بالكوفة.
روى عن أبان بن تغلب فأكثر عنه. وروى عن أبي عبد الله وأبي الحسن
عليهما السلام. له كتاب في أنواع من الفقه والقضايا والسنن
أخبرناه أحمد بن محمد بن هارون، قال: حدثنا أحمد بن محمد
ابن سعيد، قال: حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم
قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عمي الحسين بن سعيد، قال: حدثنا أبي سعيد (2) "
ثم قال - رحمه الله -: " المنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد بن

* محمد بن أبي الجهم الثمالي الآوي الكوفي الأزدي (ق، جخ)
وليس منهم. (منه قدس سره)
(1) اللخمي - باللام المفتوحة والخاء المعجمة الساكنة والميم والياء -:
نسبة إلى أبي حي باليمن اسمه لخم بن عدي بن الحرث بن مرة بن
أدد، قاله ابن هشام والهمداني وابن الكلبي، وقيل غير ذلك. راجع كتب
الأنساب، وعن الأزهري: ان ملوك لخم كانوا نزلوا الحيرة وهم آل المنذر.
(2) رجال النجاشي (ص 128) طبع بمبئ.
272

أبي الجهم القابوسي من ولد قابوس بن النعمان بن المنذر (ناقلة) * إلى
الكوفة. ثقة من أصحابنا من بيت جليل، له كتب، منها: كتاب جامع
الفقه. أخبرنا محمد بن جعفر وأحمد بن محمد، قالا: حدثنا أحمد بن
محمد بن سعيد قال: حدثنا المنذر بن محمد القابوسي " (1)
وفي رجال الكشي: " محمد بن مسعود عن عبد الله بن محمد بن
خالد، قال: حدثنا منذر بن قابوس، وكان ثقة " (2).
وهذا السند مشكور (3) والظاهر أن هذا هو المنذر بن محمد بن
المنذر بن سعيد، لا المنذر بن سعيد، لبعد الطبقة (4)
وفيه: " حمدويه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد
ابن سنان عن الحسين بن المنذر، قال: كنت عند أبي عبد الله (ع)

* ناقلة: الذي انتقل من البادية إلى الأمصار: ومنهم من رأى
" ناقله " بالإضافة إلى هاء الضمير. اي ناقل (القابوس) إلى غري الكوفة
ودفنه فيه. وفيه ما فيه (منه قدس سره).
(1) رجال النجاشي 297 ط بمبئ.
(2) راجع ص 350 ط بمبئ
(3) اي: رجاله مشكورون، وقد ذكر علماء دراية الحديث: ان
قولهم في وصف الراوي: " مشكور " من صفات المدح. وابن طاووس
- رحمه الله - في (تحرير الطاووسي) - بعد نقل هذه الرواية - قال
" إن السند مشكور " وكذا العلامة الحلي - رحمه الله - في القسم الأول
من (خلاصة الأقوال: ص 84) ط إيران.
(4) ولأن المنذر بن سعيد (الجد) ليس من الرواة حتى تنطبق عليه
الرواية، ويشهد لذلك رواية عبد الله بن محمد بن خالد عنه، فإنه إنما يروى
عن المنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد، وعليه بالنسبة في عبارة الكشي
إلى الجد، وهو متعارف حتى اليوم.
273

جالسا، فقال لي (معتب): خفف عن أبي عبد الله، فقال له أبو عبد الله " ع "
دعه، فإنه من فراخ الشيعة " (1)
والظاهر: ان هذا هو الحسين بن المنذر القابوسي، لا ابن أبي طريفة
عم أبي محمد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة (مؤمن الطاق)
فإنه من أصحاب علي بن الحسين، والباقر، والصادق عليهم السلام - كما في
رجال النجاشي - (2) فيكون في زمان الصادق (ع) شيخا كبيرا، لامن
فراخ الشيعة.
ومن بني قابوس اللخمي: نصر بن قابوس القابوسي، روى عن
أبي عبد الله، وأبي إبراهيم، وأبي الحسن الرضا عليهم السلام، وكان ذا منزلة
عندهم، خيرا، فاضلا، وتوكل للصادق عليه السلام عشرين سنة، ولم
يعلم أنه وكيل.
وعده المفيد - رحمه الله - من خاصة الكاظم (ع) وثقاته، ومن
أهل الورع والعلم والعفة من شيعته، وممن روى النص على الرضا " ع " (3)
قال النجاشي: " له كتاب، الحسن بن نصر عن أبيه محمد بن
علي بن نصر، روى عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام " (4)
ومقتضاه: رواية الحسن بن محمد بن علي بن نصر عن أبيه، عن
جده، عنه. وعلي بن نصر من أصحاب الجواد عليه السلام - كما في
رجال الشيخ الطوسي (5) ولم يتبين حاله ولا حال محمد بن علي، والحسن

(1) رجال الكشي: ص 237 ط بمبئ.
(2) ص 228 ط بمبئ.
(3) راجع: ارشاد المفيد، فصل من روى النص على الرضا " ع " -
(4) رجال النجاشي 301 ط بمبئ.
(5) راجع: ص 404 برقم " 15 " ط النجف.
274

ابن محمد، ولم يظهر كونهم من آل أبي الجهم، ليعمهم المدح
الوارد فيهم.
ومن بني قابوس: نعيم القابوسي، ذكره المفيد (ره) في إرشاده
وقال فيه مثل ما قال في نصر بن قابوس. (1)

(1) إرشاد المفيد - فصل من روى النص على الرضا " ع " -
275

(آل أبي سارة)
الحسن بن أبي سارة، وأخوه مسلم، وابنه محمد بن الحسن. وابنا
أخيه: عمرو بن مسلم، ومعاذ بن مسلم الهراء، ويقال له: الفراء. وابنه
الحسين بن معاذ *
قال النجاشي - رحمه الله -: " محمد بن الحسن بن أبي سارة
أبو جعفر، مولى الأنصار يعرف ب‍ " الرواسي " أصله كوفي، سكن
- هو وأبوه قبله - النيل. روى هو وأبوه عن أبي جعفر وأبى عبد الله
عليهما السلام. وابن عم محمد بن الحسن: معاذ بن مسلم بن أبي سارة
وهم أهل بيت فضل وأدب. وعلى معاذ ومحمد تفقه الكسائي (1) علم

* محمد بن أبي سارة من أصحاب الباقر عليه السلام، كما في رجال
الشيخ الطوسي - رحمه الله - محمد بن أبي سارة من أصحاب الصادق
عليه السلام، والظاهر أنه أخو الحسن ومسلم المذكورين.
(من المصنف رحمه الله)
ولعله هو محمد بن الحسن بن أبي سارة الذي ذكره الشيخ الطوسي
- رحمه الله - من أصحاب الصادق عليه السلام (ص 284 برقم 62)
وإنما ذكره مرة أخرى (ص 306 برقم 424) بعنوان: محمد بن أبي سارة
لشهرة نسبه إلى جده أبى سارة، والانتساب إلى الجد متعارف مشهور.
(1) ترجم لمعاذ بن مسلم - هذا - ابن خلكان في (وفيات الأعيان)
فقال: " أبو مسلم معاذ بن مسلم الهرا النحوي الكوفي، من موالي محمد بن
كعب القرظي، قرأ عليه الكسائي وروى عنه، وحكيت عنه في القراءات
حكايات كثيرة، وصنف في النحو كثيرا، ولم يظهر له شئ من التصانيف
وكان يتشيع، وله شعر كشعر النحاة، وكان في عصره مشهورا بالعمر
الطويل، وكان له أولاد وأولاد أولاد فمات الكل وهو باق... وكان
معاذ المذكور صديقا للكميت بن زيد الشاعر المشهور... وسأل شخص
معاذا عن مولده، فقال ولدت في أيام يزيد بن عبد الملك أو في أيام عبد الملك
وتوفي سنة 190 ه‍، وقيل في السنة التي نكب فيها البرامكة وهي سنة 187 ه‍
وهو الأصح. وكان يزيد بن عبد الملك قد تولى بعد موت عمر بن عبد العزيز
في شهر رجب سنة 101 ه‍، وتوفي في شعبان سنة 105 ه‍ فهذه المدة هي أيامه.
واما أبوه عبد الملك فإنه تولى بعد أبيه مروان في شهر رمضان المعظم سنة 65 ه‍
ومات سنة 86 ه‍، فهذه مدته، وتوفي معاذ سنة 187 ه‍، وهو الأصح
- رحمه الله - وكان يكنى (ابا مسلم) فولد له ولد سماه: عليا، فصار
يكنى به، والهرا - بفتح الهاء وتشديد الراء وبعدها الف مقصورة - وإنما
قيل له ذلك، لأنه كان يبيع الثياب الهروية، فنسب إليها ".
وترجم لمعاذ - أيضا - السيوطي في (بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة) فقال: " معاذ بن مسلم الهراء أبو مسلم - وقيل أبو على - ابن علي من موالي
محمد بن كعب القرظي، وعم محمد بن أبي سارة الرؤاسي من قدماء النحويين
ولد أيام عبد الملك بن مروان... وكان معاذ شيعيا مات سنة 187 ه‍،
وقيل سنة 190 ه‍ ببغداد، وكان يشد أسنانه بالذهب من طول ما عمر
ومات أولاده وأولاد أولاده وهو باق " (ثم قال السيوطي) في البغية:
" وفي تذكرة اليغموري: معاذ بن مسلم بن رجاء مولى القعقاع بن شور
روى عن جعفر الصادق، وله كتب في النحو، مات سنة 187 ه‍ وقيل سنة 190
وقد عاش مائة وخمسين سنة " ثم نقل السيوطي عن تاريخ بغداد لابن النجار
انه " كان من أعيان. النحاة، اخذ عنه أبو الحسن الكسائي، وغيره
وصنف كتبا في النحو، وروى الحديث عن جعفر الصادق، وعطاء بن السائب
وروى عنه عبد الرحمن المحاربي، والحسن بن الحسين الكوفي، وكان يبيع الثياب
الهروية، فلذلك قيل له: الهرا ".
وقد ترجم لمعاذ أيضا ابن الأنباري في (نزهة الألباء) وابن الأثير في
(الكامل) وابن العماد الحنبلي في (شذرات الذهب) والزبيدي في (طبقات
النحاة) وابن النديم في (الفهرست) والسيوطي في (المزهر) والقفطي في
(انباه الرواة) وغير هؤلاء من أرباب المعاجم. وذكروا: انه أول من وضع
(التصريف). واما محمد بن الحسن بن أبي سارة، فقد ترجم له السيوطي في (بغية
الوعاة) فقال: " محمد بن الحسن بن أبي سارة الرؤاسي النيلي النحوي
أبو جعفر ابن أخي معاذ الهرا، سمي الرؤاسي لأنه كان كبير الرأس، وهو
أول من وضع من الكوفيين كتابا في النحو، وهو أستاذ الكسائي والفراء
وكان رجلا صالحا... وله من الكتب: الفيصل، معاني القرآن، التصغير
الوقف والابتداء الكبير، الوقف والابتداء الصغير ". ثم قال السيوطي في
البغية: " وذكره أبو عمرو الداني في (طبقات القراء) وقال: روى
الحروف عن أبي عمر، وهو معدود في المقلين عنه، وسمع الأعمش
وهو من جملة الكوفيين، وله اختيار في القراءة تروى، سمع الحروف
منه خلاد بن خالد المنقرى، وعلي بن محمد الكندي، وروى عنه الكسائي
والفراء. وقال الزبيدي: كان أستاذ اهل الكوفة في النحو، اخذ
عن عيسى بن عمر، وله كتاب: الافراد والجمع، قال الصلاح الصفدي:
وله شعر مقبول ". وترجم له أيضا العلامة الحلي في الخلاصة (ص 75) وقد ترجم له - أيضا - ابن النديم في (الفهرست) والزبيدي
في (طبقات النحاة) وابن الأنباري في (نزهة الألباء) وذكره صاحب
كشف الظنون في باب الكاف تحت عنوان (كتاب الوقف) وقال:
" كان أستاذ الكسائي، وله كتابان في الوقف: كبير، وصغير، " كما ترجم
له البغدادي في (هدية العارفين: ج 2 ص 7) وقال: " توفي في
حدود سنة 170 ه‍ ".
وقال سيدنا الحجة الحسن الصدر الكاظمي في (وفيات الأعلام)
بعد أن ترجم له " توفي سنة 101 " ه‍.
276

العرب واللسان. والقراء، يحكون عنه في كتبهم - كثيرا -. (قال أبو جعفر
277

الرواسي محمد بن الحسن) (1) وهم ثقات لا يطعن فيهم بشئ. ولمحمد
هذا كتب، عنه خلاد بن عيسى الصيرفي ".
وروى الكشي: " عن حمدويه وإبراهيم - ابني نصير - عن يعقوب بن
يزيد عن ابن أبي عمر عن حسين بن معاذ عن أبيه معاذ بن مسلم النحوي
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: بلغني انك تقعد في الجامع فتفتي
الناس؟ قال قلت: نعم، وقد أردت ان أسألك قبل أن اخرج: إني
اقعد في المجامع، فيجئ الرجل، فيسألني عن الشئ، فإذا عرفته بالخلاف لكم
أخبرته بما يقولون، ويجئ الرجل اعرفه بمحبتكم أو بمودتكم فأخبره بما
جاء عنكم ويجئ الرجل لا أعرفه ولا أدري من هو، فأقول: جاء عن
فلان كذا، وجاء عن فلان كذا، فأدخل قولكم فيما بين ذلك؟ قال فقال لي:
اصنع كذا، فاني كذا اصنع قال الكشي: معاذ وعمرو - ابنا مسلم - كوفيان " (2)

(1) لا يخفى ان ما وضعناه بين القوسين من قوله: (قال أبو جعفر
الرواسي محمد بن الحسن) هو محكى القراء في كتبهم كثيرا، وعبارة:
" وهم ثقات... الخ " من كلام النجاشي انظر: (ص 227) من
رجاله طبع بمبئ.
(2) انظر: رجال الكشي (ص 164) طبع بمبئ " ولكن الموجود
فيه (عمر) بدون واو.
279

كذا في " المجمع " (1) وفى غيره: عمر، مكان عمرو.
وقال الصدوق - في نوادر الصوم من الفقيه -: " معاذ بن كثير يقال
له: معاذ بن مسلم الهراء " (2).
ونحوه قال الشيخ في (قضاء التهذيب)، قال: وكان أبو عبد الله
عليه السلام يسميه: النحوي " (3)
وقد عد المفيد - رحمه الله - في (الارشاد): معاذ بن كثير من شيوخ
أصحاب أبي عبد الله عليه السلام وخاصته وبطانته، وثقاته الفقهاء الصالحين (4)

(1) الظاهر أن المجمع هذا هو (مجمع الرجال) للمولى عناية الله
القهبائي النجفي - تلميذ المقدس المولى احمد الأردبيلي المتوفى سنة 993 ه‍
وتلميذ المولى عبد الله التستري المتوفى سنة 1021 ه‍، وتلميذ الشيخ البهائي
العاملي المتوفى سنة 1031 ه‍
ومجمع الرجال هذا جمع فيه مؤلفه المذكور تمام ما في الأصول الخمسة
الرجالية: النجاشي، والكشي، وفهرست الشيخ الطوسي، وكتاب رجاله
ورجال ابن الغضائري الضعفاء، الذي استخرجه أستاذه المولى عبد الله
من كتاب (رجال السيد ابن طاووس بغير إسناد) وما ترك شيئا منه
حتى الخطبة. وقد فرغ منه سنة 1016 ه‍ ونسخة خط المؤلف كانت عند
شيخنا المحقق الحجة الطهراني (صاحب كتاب الذريعة) وقد سمح بها
شيخنا لبعض اعلام إصفهان لطبعها، وقد صدر من المطبوع - حتى الآن -
جزءان، ويستمر في طبع بقية اجزائه الخمسة.
(2) انظر: من لا يحضره الفقيه (2 / 110) طبع النجف الأشرف
(3) راجع: تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي 6 / 225، برقم 539
طبع النجف سنة 1380 ه‍
(4) راجع: فصل (النص على إمامة موسى بن جعفر من أبيه
الصادق " ع " ط إيران من الارشاد).
280

فعلى تقدير اتحاده بمعاذ بن مسلم يلزم توثيق ابن مسلم من ذلك
لكنه بعيد جدا، وقد علم توثيقه مما حكيناه عن النجاشي - رحمه الله -
وكذا توثيق محمد بن الحسن بن أبي سارة وأبيه. وأما سائر آل أبي
سارة فلا يستفاد توثيقهم من تلك العبارة، فان الضمير في قوله (وهم
ثقات) راجع إلى الثلاثة المذكورين. وأما غيرهم، فمنهم من لا ذكر له
في الكلام أصلا كعمرو بن مسلم، والحسين بن معاذ، ومنهم من ذكر
تبعا بإضافة غيره إليه لبيان النسب، وهو مسلم في قوله: معاذ بن مسلم
والمحدث عنه هو معاذ، فلا يدخل أبوه في ضمير الجمع، كما لم يدخل
أبو سارة فيه، مع ذكره تبعا لابن ابنه محمد *
وقد وثق الحر - رحمه الله - في (رجاله) مسلم بن أبي سارة
واستند في ذلك إلى النجاشي. وكأنه جعل الضمير راجعا إلى (آل أبي
سارة) المفهوم من الكلام، وإن لم يصرح به، أو إلى البيت أو أهل
البيت، وهو ممكن، لكنه يتوقف على القرينة الصارفة عن الظاهر
وهي منتفية.
وفى الوجيزة: " مسلم بن أبي سارة ممدوح " (1) وهذا جيد
لأنه الظاهر من قوله: " وهم أهل بيت فضل وأدب " وان كان الضمير
فيه راجعا إلى خصوص المذكورين كما في قوله: " وهم ثقات " فان
وصفهم بكونهم: أهل بيت فضل وأدب، يتضمن وصف البيت بأنه بيت
الفضل والأدب، فيدخل فيه غير المذكورين من أهل هذا البيت. ألا

* عباس بن علي بن أبي سارة: كوفي ثقة، له كتاب، الحسين
ابن عبيد الله عن أحمد بن جعفر... عن عباس - كما في رجال النجاشي
ولم يتحقق عندي انه منهم (منه قدس سره)
(1) الوجيزة للشيخ المجلسي: ص 167 ط إيران سنة 1312 ه‍
281

ترى أنك إذا قلت - مشيرا إلى جماعة معينة -: هؤلاء أهل بيت جود
وكرم، أو أهل بيت فضل وعلم، فهم من ذلك ثبوت الوصف لأهل
هذا البيت - مطلقا - حتى في غير المشار إليهم، بخلاف ما إذا قلت:
هؤلاء أجواد كرام، أو علماء فضلاء. فان ذلك لا يقتضي تحقق الصفات
في غيرهم بوجه. وبهذا ظهر الفرق في قوله: " وهم أهل بيت فضل
وأدب " وقوله " وهم ثقات لا يطعن عليهم بشئ " وان كان مرجع
الضمير فيهما واحدا، وهو خصوص المذكورين، فان العموم في الأول
يستفاد من كون البيت بيت فضل وأدب، وإن كان اخبارا عن معين
كما يعطيه ظاهر الكلام، وقد يتخلف ذلك، كما في قولك بنو هاشم
أهل بيت النبوة، وأهل بيت العصمة - وأنت تريد أن فيهم النبي (ص)
والمعصوم - لا أن كلهم كذلك.
ولذلك قلنا - فيما تقدم - ان مثل قول النجاشي في ابن أبي الجعد:
ثقة من بيت الثقات، ظاهر في توثيق الجمع، لا صريح فيه، لاحتمال
أن يكون المراد: ان فيهم الثقات، لا ان كلهم ثقات، وقد سبق
تحقيق ذلك.
وإذ علمت ظهور العبارة الأولى في مدح بيت أبى سارة - مطلقا -
بالفضل والأدب، تبين الحسن في مسلم، وابنه عمرو، وابن ابنه الحسين.
ويزيد الأخير حسنا: رواية ابن أبي عمير عنه في الصحيح - كما سبق - (1)

(1) يعني: سبق في رواية الكشي عن حمدويه وإبراهيم ابني نصير
الخ... لأن محمد بن أبي عمير قد اجمع الأصحاب على تصحيح ما يصح عنه
وعدت مراسيله مسانيد، وكانت وفاته سنة 217 ه‍، واخباره كثيرة
انظرها في المعاجم الرجالية.
282

آل نعيم الأزدي الغامدي
بيت كبير جليل بالكوفة.
منهم: عبد الرحمن بن نعيم. وأبناؤه: محمد، وشديد، وعبد السلام
وأولادهم: بكر بن محمد، وموسى بن عبد السلام والمثنى بن عبد السلام
وجعفر بن المثنى.
قال النجاشي رحمه الله: " بكر بن محمد بن عبد الرحمن بن نعيم
الأزدي الغامدي (1) أبو محمد، وجه هذه الطائفة، من بيت جليل بالكوفة

(1) الغامدي: نسبة إلى (بني غامد) بطن من أزد شنوءة، واسم
غامد: عمر بن عبد الله. وقيل: عبد بن كعب بن الحرث بن كعب بن
عبد الله بن مالك بن نصر بن أزد (قاله الزبيدي في تاج العروس) بمادة
(غمد) وبكر بن محمد - هذا - ذكره الشيخ الطوسي - رحمه الله - في
(الفهرست) وقال: " له أصل ". وذكره أيضا في كتاب رجاله " ص 157 " في باب أصحاب الصادق عليه السلام قائلا: " بكر بن محمد، أبو محمد
الأزدي الكوفي، عربي " وذكره - أيضا - في باب أصحاب الكاظم
عليه السلام (ص 344) بعنوان بكر بن محمد. وقال: " له كتاب " وذكره
أيضا في باب أصحاب الرضا عليه السلام (ص 370) وقال: " له كتاب
من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام " وذكره - أيضا - في باب من
لم يرو عنهم عليهم السلام (457) وقال: " روى عنه العباس بن
معروف، فهو قد أدرك ثلاثة من الأئمة عليهم السلام لأنه عمر عمرا طويلا
كما ذكره النجاشي ".
وذكره أيضا العلامة الحلي رحمه الله في القسم الأول من الخلاصة
(ص 14) فقال: بكر بن محمد بن عبد الرحمن بن نعيم الأزدي
الغامدي، أبو محمد، وجه في هذه الطائفة من بيت جليل في الكوفة " وكان
ثقة وعمر عمرا طويلا ".
وذكره أيضا ابن داود في كتاب رجاله في القسم الأول (ص 73)
فقال " بكر بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي - بالزاي - الغامدي -
بالغين المعجمة - أبو محمد، وجه جليل ثقة كوفي ".
وقد روى عنه أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، وإبراهيم بن
هاشم، وأحمد بن محمد بن عيسى، والعباس بن معروف، وأبو طالب
عبد الله بن الصلت.
وذكر الأردبيلي في (جامع الرواة) رواية الحسن بن علي بن
يقطين عنه، وكذا رواية عثمان بن عيسى ومحمد بن عبد العزيز عنه، وقال:
" إنه وقع في طريق روايات في الكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والتهذيب
والاستبصار " فراجع ذلك.
وترجمه ابن حجر العسقلاني في (ج 2 ص 57) من لسان الميزان
نقلا عن النجاشي، وعن رجال الشيخ الطوسي، ولم يزد على ذلك
وترجم له ابن شهرآشوب في (معالم العلماء ص 28) ط النجف الأشرف
283

من آل نعيم الغامديين. عمومته: شديد، وعبد السلام. وابن عمه:
موسى بن عبد السلام. وهم بيت كبير. وعمته غنيمة، روت عن
أبي عبد الله، وعن أبي الحسن عليهما السلام. ذكر ذلك أصحاب الرجال.
كان ثقة، له كتاب، عنه أحمد بن إسحاق، وأحمد بن محمد " (1)
ثم قال: " جعفر بن المثنى بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن
نعيم الأزدي العطار، ثقة من وجوه أصحابنا الكوفيين، ومن بيت آل نعيم

(1) رجال النجاشي ص 78 طبع بمبئ.
284

له كتاب نوادر. عنه القاسم بن محمد بن الحسين بن خازم " (1)
وروى الكشي - رحمه الله -: " عن القتيبي عن الفضل عن ابن أبي عمير عن
بكر بن محمد الأزدي: قال: زعم لي زيد الشحام، قال: إني لأطوف
حول الكعبة - وكفي في كف أبي عبد الله عليه السلام ودموعه تجري على
خديه - فقال: يا شحام، ما رأيت ما صنع ربي إلي؟ ثم بكى ودعا، ثم
قال: يا شحام، إني طلبت إلى إلهي في سدير، وعبد السلام بن عبد الرحمن
وكانا في السجن، فوهبهما لي، وخلي سبيلهما " (2)
وتقدم عن النجاشي (شديد) بالمعجمة. ولا يبعد أن يكون أحدهما
تصحيفا للآخر وهو في الحديث أقرب. والأولى إبقاؤهما على حالهما، على
أن يكون الحديث في سدير بن حكيم الصيرفي، فقد ذكر الشيخ: سدير

(1) رجال النجاشي: ص 87، طبع بمبئ. وترجم لجعفر بن
مثنى أيضا العلامة الحلي - رحمه الله - في الخلاصة في القسم الأول منه
(ص 17) بمثل ما ذكره النجاشي إلى قوله: " من وجوه أصحابنا
الكوفيين " وترجمه له أيضا ابن داود الحلي في كتاب رجاله في القسم
الأول منه (ص 87) إلا أنه عده ممن لم يرو عنهم عليهم السلام. وترجم
له أيضا المير مصطفى التفريشي في نقد الرجال (ص 72) ونقل الترجمة
عن النجاشي ولم يزد. ولجعفر بن المثنى - هذا - ذكر في كثير من
المعاجم الرجالية، وقد ترجم له أيضا ابن حجر العسقلاني في (لسان الميزان):
ج 2 ص 121) فقال " جعفر بن المثنى بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن نعيم
الأزدي العطار، ذكره الطوسي، وقال: روى عن حسين بن عثمان الرواسي
روى عنه الحسن بن المثنى ومحمد بن الحسن بن عبد الله " ولكنا لم نجد
ذكره في كتاب رجال الشيخ الطوسي، ولا في (فهرسته) المطبوعين
(2) رجال الكشي: ص 137 ط بمبئ.
285

ابن حكيم - بالسين المهملة - وشديد بن عبد الرحمن بالشين المعجمة (1)
لكن قال الكشي - رحمه الله -: " بكر بن محمد الأزدي هو ابن أخي
سدير الصيرفي " (2) فراجع ذلك.
وقد ذكر النجاشي " محمد بن أحمد النعيمي، وقال: " أبو المظفر
رجل من أصحابنا أخباري، سمع الحديث والأخبار وأكثر " (3) ولم ينسبه إلى
آل نعيم الغامدي.
وقال الشيخ - في أصحاب الصادق عليه السلام من رجاله -: " زيد
ابن عبيد الأزدي الغامدي " (4) ولم ينسبه إلى آل نعيم.
ومن الغامديين: لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف الأزدي الغامدي
أبو مخنف (5) شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة. وليس من آل نعيم.

(1) رجال الشيخ ط النجف الأشرف الأول في ص 125 من أصحاب
الباقر " ع " والثاني في ص 218 من أصحاب الصادق " ع ".
(2) رجال الكشي: ص 365 ط بمبئ. وراجع - في تحقيق ذلك
أيضا - (كتاب تنقيح المقال في أحوال الرجال: ص 180 ج 1)
تأليف العلامة الحجة المامقاني، طبع النجف الأشرف.
(3) رجال النجاشي ص 281 ط بمبئ.
(4) رجال الشيخ ص 195 ط النجف الأشرف.
(5) أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سلم الأزدي
الغامدي، ترجم له الشيخ الطوسي - رحمه الله - في كتاب رجاله: تارة
في باب أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: ص 57
ط النجف قائلا " لوط بن يحيى الأزدي، يكنى: ابا مخنف، هكذا
ذكر الكشي، وعندي ان هذا غلط، لأن لوط بن يحيى لم يلق
أمير المؤمنين عليه السلام، وكان أبوه يحيى من أصحابه عليه السلام "
وذكره تارة ثانية في باب أصحاب الحسن عليه السلام ص 70 - قائلا -:
" لوط بن يحيى يكني: ابا مخنف صاحب السير "، وذكره ثالثة - في
باب أصحاب الحسين عليه السلام: ص 79 قائلا " لوط بن يحيى يكنى ابا مخنف "
وذكره رابعة - في باب أصحاب الصادق عليه السلام -: ص 279 قائلا:
" لوط بن يحيى أبو مخنف الأزدي الكوفي ". وترجم له أيضا الشيخ الطوسي
في (الفهرست) وذكر كتبه التي ألفها، وعد منها: كتاب مقتل الحسين
عليه السلام، وكتاب اخبار المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وكتاب مقتل
محمد بن أبي بكر رضي الله عنه، وكتاب مقتل عثمان، وكتاب الجمل
وكتاب صفين. ثم ذكر طريقه إلى روايتها بسنده إلى هشام بن محمد
الكلبي عنه، ثم ذكر من كتبه الخطبة الزهراء لأمير المؤمنين عليه السلام
وذكر طريقه إلى روايتها بسنده المنتهى إلى نصر بن مزاحم عن أبي مخنف
عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه، قال خطب أمير المؤمنين عليه
السلام - وذكر الخطبة بطولها -. وترجم له النجاشي في كتاب رجاله
(ص 224) وقال: " شيخ أصحاب الاخبار بالكوفة ووجههم. وكان
يسكن إلى ما يرويه، روى عن جعفر بن محمد عليه السلام، وقيل: انه
روى عن أبي جعفر عليه السلام، ولم يصح، وصنف كتبا كثيرة " ثم
استعرض كتبه، وأنهاها إلى ثمانية وعشرين كتابا. ثم ذكر طريقه إلى
روايتها عنه.
وترجم له - أيضا - العلامة الحلي - رحمه الله - في (القسم الأول
من الخلاصة: ص 66 وذكر مثل ما ذكره النجاشي، سوى انه لم يعد
مؤلفاته المذكورة.
وترجم له أيضا ابن داود الحلي في القسم الأول من (كتاب رجاله:
ص 282) ناقلا ما ذكره النجاشي والشيخ الطوسي، ولم يزد.
ولوط بن يحيى أبو مخنف لا ينبغي الشك في كونه شيعيا إماميا كما
صرح به جماعة من أرباب المعاجم.
وقد ترجم له ابن حجر العسقلاني في (لسان الميزان ج 4 ص 492)
فقال: " لوط بن يحيى أبو مخنف اخباري تالف، لا يوثق به، تركه أبو حاتم
وغيره، وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال يحيى بن معين: ليس بثقة، وقال مرة: ليس بشئ
وقال ابن عدي: شيعي محترق صاحب اخبارهم (قلت): روى عن
الصعق بن زهير وجابر بن جعفي ومجالد. روى عنه المدائني وعبد الرحمن
ابن مغراء، ومات قبل السبعين (إنتهى) وقال أبو عبيد الآجري:
سألت أبا حاتم عنه فنفض يده، وقال أحد يسأل عن هذا؟ وذكره
العقيلي في الضعفاء ".
وما ذكره صاحب (لسان الميزان)، هو نفس ما ذكره الذهبي في
(ميزان الاعتدال) إلى قوله: " مات قبل السبعين ". وما بعده من
زيادة صاحب لسان الميزان. ومن كلامهما تعرف: ان ابا مخنف شيعي.
ومن الغريب ما ذكره ابن الحديد في شرحه لنهج البلاغة -
كما عن شيخنا المامقاني في تنقيح المقال - من قوله " وأبو مخنف من
المحدثين وممن يرى صحة الإمامة بالاختيار، وليس من الشيعة، ولا معدودا من
رجالها " كيف وقد صرح جماعة من اعلام السنة بتشيعه، وجعل بعضهم تشيعه
سببا لرد روايته كما هي عادتهم غالبا. وقد جاء في القاموس بمادة (خنف) وشرحه تاج العروس ما نصه: " وأبو مخنف لوط بن يحيى اخباري شيعي
تالف متروك " ونقله الجوهري فقال: " هو من نقلة السير ". وقال الذهبي
في الديوان: تركه ابن حبان وضعفه الدارقطني ". وابن أبي الحديد - الذي
نفى تشيعه - روى لأبي مخنف اشعارا في أن عليا عليه السلام وصي رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: ذكرها أبو مخنف في كتاب
(وقعة الجمل)، فان نقله لتلك الاشعار شاهد لتشيعه، وإلا لم يكن يرويها
كما هي عادة اهل السنة - غالبا - وبالجملة ان كون أبي مخنف شيعيا إماميا
مما لا ينبغي الريب فيه.
وقد ترجم - له أيضا - ابن شاكر الكتبي في (فوات الوفيات)
في باب اللام، وذكر كثيرا من مؤلفاته، وقال: انه توفى سنة 157 ه‍
كما ترجم له الحموي في باب اللام من (معجم الأدباء) وذكر نسبه
هكذا: " لوط بن يحيى بن مخنف بن سليمان بن الحرث بن عوف بن
ثعلبة بن عامر بن ذهل بن مازن بن ذبيان بن ثعلبة بن سعد مناة بن
غامد، واسم غامد: عمر بن عبد الله بن كعب بن الحرث بن كعب بن
عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد، يكنى ابا مخنف، ومخنف بن سليمان
من أصحاب علي بن أبي طالب عليه السلام. وقد روى عن النبي صلى الله
عليه وسلم، مات لوط سنة 157 ه‍ وكان راوية اخباريا صاحب تصانيف
في الفتوح وحروب الاسلام " ثم ذكر مؤلفاته الكثيرة، فراجعها.
وجاء في (دائرة المعارف الاسلامية 1 / 399 " صنف (32) رسالة
في التاريخ عن حوادث مختلفة وقعت في إبان القرن الأول للهجرة، وقد
حفظ لنا الطبري معظمها في تاريخه. اما المصنفات التي وصلت الينا منسوبة
إليه فهي من وضع المتأخرين ".
وله ترجمة أيضا في (فهرست ابن النديم ص 136) طبع مصر
سنة 1348 ه‍.
286

آل حيان التغلبي
مولى بني تغلب، بيت كبير في الشيعة، كوفيون، صيارفة، معروفون
بهذه الصنعة، وبالنسبة إلى تغلب..
منهم: إسحاق بن عمار بن حيان الصيرفي التغلبي (1). وإخوته:
إسماعيل، وقيس، ويوسف، ويونس، وأولادهم: محمد، ويعقوب
- ابنا إسحاق - وبشير، وعلي، - ابنا إسماعيل - وعبد الرحمن بن بشير
ومحمد بن يعقوب بن إسحاق، وعلي بن محمد بن يعقوب.

(1) جاء ذكر إسحاق بن عمار - كثيرا - في الروايات، وكتب الاخبار
وقد اختلف أرباب المعاجم الرجالية من المحققين: في أن إسحاق ابن عمار واحد
أو متعدد، وان أحدهما إسحاق بن عمار بن حيان الصيرفي التغلبي الثقة، والآخر
إسحاق بن عمار بن موسى الساباطي الفطحي: فذهب إلى كل فريق من
الأعلام، وقد الف رسالة ثمينة في هذا الموضع العلامة الكبير حجة
الاسلام السيد محمد باقر الأصفهاني المتوفى سنة 1301 ه‍ طبعت بإيران
سنة 1314 ه‍، ضمن رسائل في تراجم بعض الرواة الذين وقع الكلام
فيهم، فراجعها.
وقد ترجم لإسحاق بن عمار - هذا - النجاشي في كتاب (رجاله:
ص 55) ط إيران بقوله: " إسحاق بن عمار بن حيان مولى بني تغلب أبو يعقوب
الصيرفي، شيخ من أصحابنا، ثقة، واخوته: يونس، ويوسف، وقيس
وإسماعيل، وهو في بيت كبير من الشيعة، وابنا أخيه: علي بن
إسماعيل، وبشير بن إسماعيل - كانا من وجوه من روى الحديث،
روى إسحاق عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ذكر ذلك احمد
ابن محمد بن سعيد (أي ابن عقدة) في رجاله. له (كتاب نوادر) يرويه عنه عدة
من أصحابنا " ثم ذكر النجاشي روايته الكتاب المذكور بسنده عن غياث
ابن كلوب بن قيس البجلي عن إسحاق.
وذكره أيضا الشيخ الطوسي في (كتاب رجاله في باب أصحاب
الصادق عليه السلام: ص 149) قائلا: " إسحاق بن عمار الكوفي
الصيرفي "، وفى باب أصحاب الكاظم عليه السلام ص 342 - قائلا -:
" إسحاق بن عمار ثقة له كتاب "، ولم يذكره في (الفهرست) الذي
كان قد الفه قبل كتاب رجاله. وإنما ذكر إسحاق بن عمار الساباطي فقط
فقال (ص 15): " إسحاق بن عمار الساباطي، له أصل، وكان
فطحيا إلا أنه ثقة، واصله معتمد عليه " ثم ذكر روايته للأصل بسنده عن
ابن أبي عمير عنه.
(قيل) إنما ذكر في الفهرست إسحاق بن عمار الساباطي فقط ولم
يذكر إسحاق بن عمار الكوفي الصيرفي، لعدم اطلاعه على غير الساباطي حين
تصنيف الفهرست واطلاعه عليه حين تصنيف: كتاب الرجال، ولكن
بعض أرباب المعاجم استبعد هذا التعليل. انظر تفصيل ذلك في رسالة الحجة
الأصفهاني المذكورة.
وقال بعض أرباب المعاجم: " ان إسحاق بن عمار بن موسى الساباطي
لا وجود له في أسانيد الأخبار، وان الموجود فيها: هو إسحاق بن عمار
ابن حيان فالمحكوم بالفطحية غير موجود في الأسانيد، والموجود في
الأسانيد غير محكوم بالفطحية، بل محكوم بالوثاقة، فلا اشكال ".
وترجم لإسحاق بن عمار - هذا - ابن حجر العسقلاني قى (لسان
الميزان ج 1 ص 367)، ونقل عن (رجال الشيخ الطوسي) ثم قال:
" وذكره ابن عقدة في رجال الشيعة، وقال له مصنف، وكان ثقة
روى عنه غياث بن كلوب بن قيس البجلي، والحسن بن محبوب، وعبد الله
ابن المغيرة، وغيرهم ".
ثم إنه يظهر مما ذكره النجاشي والشيخ الطوسي وسيدنا صاحب (الأصل)
ان لإسحاق بن عمار أربعة اخوة، هم يونس، وإسماعيل، ويوسف
وقيس، وان لإسماعيل - أحد الأخوة - ولدين: عليا، وبشرا (أو بشيرا)
ولإسحاق بن عمار ابنا اسمه محمد، وابنا آخر اسمه يعقوب، له ولد اسمه
محمد، وله ولد اسمه علي ولكل من هؤلاء روايات عن الأئمة عليهم السلام
الذين عاصروهم، ذكرت في الكتب الأربعة، وغيرها (انظرها في رسالة
الحجة الأصفهاني المذكورة) وبعض هؤلاء ذكرت لهم تراجم في المعاجم
الرجالية، وبعضهم لم تذكر لهم تراجم، اما أبوهم عمار بن حيان، فيروي
عنه عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في (الكافي)
في باب البر بالوالدين، فراجعه.
وقد ذكر الحجة الأصفهاني - رحمه الله - في رسالته المذكورة:
ان لعمار بن حيان ثلاثة اخوة علي بن حيان، وجعفر بن حيان، وهذيل
ابن حيان، والأخوة الأربعة من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.
اما هذيل بن حيان فقد ذكر الكليني - رحمه الله في باب هدية الغريم
من معيشة الكافي - رواية له عن الصادق عليه السلام، ولم يذكر لهذيل
- هذا - الشيخ الطوسي في كتاب رجاله ترجمة مستقلة في باب الهاء
ولكن ذكره في باب الجيم، حيث ذكر جعفر بن حيان في ثلاثة مواضع
من ذلك الباب وذكر في الباب الأخير: انه أخو هذيل، فقال في (ص 162
برقم 10)
" جعفر بن حيان الكوفي " وفي (ص 165 برقم 73) " جعفر بن
حيان الصيرفي، أخو هذيل ". واما علي بن حيان فقد ذكره أيضا في
(باب أصحاب الصادق عليه السلام: ص 244) فقال: " علي بن حيان
الصيرفي، واخوه جعفر "، وذكر في باب أصحاب الكاظم عليه السلام
(ص 346) جهم بن جعفر بن حيان. وقال: إنه واقفي. كما ذكره
العلامة الحلي في القسم الثاني من الخلاصة (ص 101) وضبطه بالجيم
المضمومة. وفي بعض نسخ كتاب رجال الشيخ الطوسي - التي نقل عنها
الاسترآبادي في منهج المقال والمير مصطفى التفريشي في النقد وغيرهما:
(جهيم) بالتصغير، فلاحظ.
290

وأبوهم: عمار بن حيان من أصحاب الحديث. روى عن الصادق
عليه السلام. وهو غير عمار الساباطي - الآتي في بني موسى -.
ويشترك البيتان في بعض الأسماء ك‍ (عمار)، ويصرف اطلاقه في
الأخبار إلى (الساباطي) و ك‍ (قيس) بن عمار، وإسحاق بن عمار
- على كلام فيه - وستعرفه.
291

وإسحاق بن عمار بن حيان من المشاهير الأعيان. وكان هو - وأخوه
إسماعيل - وجهين موسرين.
روى الكشي: " عن محمد بن مسعود عن محمد بن نصير عن محمد
ابن عيسى عن زياد القندي، قال: كان أبو عبد الله عليه السلام إذا
رأى إسحاق بن عمار، وإسماعيل بن عمار، قال: " وقد يجمعهما لأقوام "
292

يعني: الدنيا والآخرة " (1)
وفي التهذيب * والعلل: " في الصحيح: عن إسحاق بن عمار
قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فخبرته: أنه ولد لي غلام

(1) (رجال الكشي ص 258) طبع بمبئ
* اللفظ للتهذيب، وفي العلل اختلاف يسير والسند أحمد بن
محمد عن جعفر بن يحيى الخزاعي عن أبيه يحيى بن أبي العلاء عن إسحاق
ابن عمار، وفي العلل: يحيى بن العلاء، وهو الأصوب. والظاهر أن
جعفر بن يحيى بن العلاء الخزاعي: هو جعفر بن يحيى بن العلا الرازي
قاضي الري، وثقه النجاشي ووثق أباه. وانما قيل له (الرازي) لأنه
سكن الري، وهو عربي من خزاعة. وفي قوله عليه السلام: " لا تسلمه
صيرفيا " - مع ما سيأتي في محمد بن إسحاق انه صيرفي - ما يؤذن بالمخالفة
وتوجيهها هين. وفى المنع من تسليمه صيرفيا - مع عدم منع أبيه عن
صنعته - إشعار بسلامته من محذور الصرف، فتدبر (منه قدس سره)
293

فقال: ألا سميته محمدا؟ قال: قلت: قد فعلت. قال: فلا تضربن
محمدا ولا تشتمه، جعله الله قرة عين لك في حياتك وخلف صدق من
بعدك. قلت: جعلت فداك: في أي الاعمان أضعه؟ قال: إذا
عدلته عن خمسة أشياء، فضعه حيث شئت: لا تسلمه صيرفيا، فان الصيرفي
لا يسلم من الربا " (1) (الحديث) وهو مشهور. ذكره الفقهاء في
الصنائع المكروهة.
وفي التهذيب - في آخر باب المكاسب - عن إسحاق بن عمار عن
الصادق عليه السلام - في حديث - قال عليه السلام: " ولولا انا نخاف
عليكم ان يقتل رجل منكم برجل منهم - ورجل منكم خير من الف رجل
منهم ومائة الف منهم - لأمرناكم بالقتل لهم، ولكن ذلك إلى الامام " (2)

(1) تهذيب الشيخ (6 / 362 ط النجف) وفى علل الشرائع (ص 530
باب 314) ط النجف لا تسلمه إلى صيرفي... الخ - باختلاف بسيط
في بعض ألفاظ الحديث - وتكملة الحديث. " ولا تسلمه بياع الأكفان فان
صاحب الأكفان يسره الوباء إذا كان، ولا تسلمه بياع طعام فإنه لا يسلم
من الاحتكار، ولا تسلمه جزارا فان الجزار تسلب منه الرحمة، ولا تسلمه
نخاسا فان رسول الله (ص) قال شر الناس من باع الناس ".
(2) تهذيب الشيخ الطوسي (6 / 387) ط النجف الأشرف. ومقدمة
الحديث: "... مال الناصب - وكل شئ يملكه - حلال لك الا امرأته،
فان نكاح اهل الشرك جائز، وذلك أن رسول الله (ص) قال: لا تسبوا
اهل الشرك، فان لكل قوم نكاحا... ".
294

وفي عيون الأخبار: عن عبد الرحمن بن نجران، وصفوان بن
يحيى عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: يا إسحاق
ألا أبشرك؟ قلت: بلى - جعلني الله فداك يا بن رسول الله (ص) - فقال:
وجدنا صحيفة باملاء رسول الله وخط أمير المؤمنين (ع)، وفيها:
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز العليم... "
ثم ذكر الصحيفة التي رواها جابر بن عبد الله الأنصاري في الخبر
المتقدم على هذه الرواية، وفيها أسماء الأئمة عليهم السلام على الترتيب
والتفصيل من أمير المؤمنين إلى القائم عليه السلام (1). ثم قال الصادق (ع):
" يا إسحاق هذا دين الملائكة والرسول، فصنه عن غير أهله، يصنك الله ويصلح
بالك - ثم قال: - من دان بهذا أمن من عقاب الله عز وجل " (2)
وفي كامل الزيارة لابن قولويه - بإسناده عن إسحاق بن عمار:
" أنه رأى في مشهد الحسين عليه السلام ليلة عرفة نحوا من ثلاثة آلاف
أو أربعة آلاف رجل، جميلة وجوههم، شديد بياض ثيابهم، يصلون الليل
أجمع، وأنه كان يريد أن يأتي القبر، ويقبله ويدعو، فلا يصل إليه
من كثرة الخلق، فلما طلع الفجر، ورفع رأسه من السجود، لم ير أحدا
منهم. فحكى ذلك للصادق عليه السلام، فقال: انهم الملائكة الموكلون

(1) راجع - نص الصحيفة بطولها - في المصدر المذكور (ج 1 / ص 42)
طبع (قم) سنة 1377 ه‍
(2) عيون أخبار الرضا 1 / 45 ط قم سنة 1377 ه‍.
295

بقبر الحسين عليه السلام " (1)
وفي الكافي - في باب بر الوالدين - في الصحيح: " عن ابن مسكان
عن عمار بن حيان، قال: خبرت أبا عبد الله عليه السلام ببر إسماعيل ابني
بي، فقال: لقد كنت أحبه، وقد ازددت حبا له " (2)
وفي باب الدعاء للعلل وشدة ابتلاء المؤمن: " في الصحيح عن يونس
ابن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: - جعلت فداك - هذا الذي ظهر
بوجهي، يزعم الناس ان الله جل وعز لم يبتل به عبدا له فيه حاجة
قال فقال، لي: لا، لقد كان مؤمن آل فرعون مكنع (3) الأصابع، وكان
يقول هكذا، ويمد يده، ويقول: " يا قوم اتبعوا المرسلين " - ثم قال - إذا
كان الثلث الأخير من الليل في أوله فتوضأ وقم إلى صلاتك التي تصليها
فإذا كنت في السجدة الأخيرة من الركعتين الأوليين، فقل - وأنت ساجد - " يا علي يا عظيم، يا رحمن يا رحيم، يا سامع الدعوات، ويا معطي الخيرات
صل على محمد وآل محمد، وأعطني من خير الدنيا، والآخرة ما أنت
أهله، واصرف عني من شر الدنيا والآخرة ما أنت أهله، وأذهب عني هذا الوجع
- وتسميه - فإنه قد غاظني وأحزنني وألح في الدعاء. قال: فما وصلت إلى
الكوفة حتى اذهب الله - جل وعز - عني كله " (4)
وفى باب الدعاء على العدو: " في الصحيح عن يونس بن عمار، قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن لي جارا من قريش من آل محرز قد

(1) راجع ص 115 باب 39 ط النجف الأشرف سنة 1356
باختصار الحديث.
(2) أصول الكافي (2 / 161 ط طهران سنة 1381)
(3) مكنع الأصابع - بالتشديد - مشنجها ومنقبضها من اليبس.
(4) أصول الكافي (2 / 565 ط طهران)
296

نوه باسمي وشهرني، كلما مررت به قال: هذا الرافضي يحمل الأموال
إلى جعفر بن محمد، قال فقال لي: أدع الله عليه، إذا كنت في صلاة
الليل - ساجد في السجدة الأخيرة من الركعتين الأوليين - فاحمد الله
- عز وجل - ومجده، وقل: " اللهم، ان فلان بن فلان قد شهرني
ونوه بي وغاظني وعرضني للمكاره، اللهم اضربه بسهم عاجل تشغله به
عني، اللهم، وقرب أجله، واقطع أثره، وعجل ذلك يا ربي الساعة الساعة "
قال: فلما قدمنا الكوفة قدمنا ليلا، فسألت أهلنا عنه، قلت: ما فعل
فلان؟ فقالوا: هو مريض، فما انقضى آخره كلامي حتى سمعت الصياح
من منزله، وقالوا: قد مات " (1)
وفيه (2) " عن إسحاق بن عمار قال: شكوت إلى أبي عبد الله (ع)
جارا لي وما القى منه، قال: فقال لي أدع عليه، قال: ففعلت،
فلم أر شيئا، فعدت إليه، فشكوت إليه، فقال لي: ادع عليه، قال
فقلت: جعلت فداك، قد فعلت فلم أر شيئا، قال: فكيف دعوت
عليه؟ فقلت: إذا لقبته دعوت عليه، فقال: أدع عليه إذا أقبل
واستدبر، ففعلت، فلم البث حتى أراح الله منه " (3)
وهذه الأخبار تشهد بحسن حال محمد بن إسحاق بن عمار وأبيه

(1) أصول الكافي (2 / 512) ط طهران.
(2) أصول الكافي (2 / 511) ط طهران.
(3) وفى الكافي: علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن
رجل عن إسحاق بن عمار، قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ان رجلا
استشارني في الحج، وكان ضعيف الحال، فأشرت عليه أن لا يحج، فقال:
ما أخلقك ان بمرض سنة، قال فمرضت سنة، وهو بين المدح والذم
فتدبر (منه قدس سره).
297

وجده وعمه: إسماعيل، ويونس. واختصاصهم بالصادق عليه السلام
وكرامتهم عليه.
وقال النجاشي: " إسحاق بن عمار بن حيان مولى بنى تغلب
أبو يعقوب الصيرفي، شيخ من أصحابنا * ثقة. واخوته: يونس، ويوسف
وقيس، وإسماعيل. وهو في بيت كبير من الشيعة. وابنا أخيه: علي بن
إسماعيل، وبشير بن إسماعيل كانا من وجوه من روى الحديث. روى
إسحاق عن أبي عبد الله، وأبي الحسن عليهما السلام، وذكر ذلك أحمد بن
محمد بن سعيد في " رجاله ". له كتاب النوادر يرويه عنه عدة من أصحابنا
أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال:
حدثنا سعيد عن محمد بن الحسين، قال: حدثنا غياث بن كلوب بن
قيس البجلي عن إسحاق به " (1)
ثم قال: " محمد بن إسحاق بن عمار بن حيان التغلبي الصيرفي
ثقة، عين. روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام، له كتاب كثير
الرواة " (2) ذكر منهم محمد بن بكر بن جناح.
وعد المفيد - رحمه الله - في الارشاد: محمد بن إسحاق بن عمار
من خاصة الكاظم عليه السلام، وثقاته، وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته
وممن روى النص على الرضا عليه السلام (3)

* ظاهر النجاشي - هاهنا - وفى ترجمة غياث - انه من أصحابنا
ويلوح من كلام الشيخ (ره) في العدة: انه فاسد المذهب (منه قدس سره)
(1) رجال النجاشي ص 51 - 52 ط بمبئ.
(2) رجال النجاشي: ص 256 ط بمبئ.
(3) ارشاد المفيد باب ذكر الإمام القائم بعد أبي الحسن موسى " ع "، فصل
من روى النص على الرضا (ع).
298

وذكره الشيخ - رحمه الله - في (الفهرست) وذكر كتابه. ورواه
عن صفوان بن يحيى، وغيره (1)
وعد في كتاب الرجال من أصحاب الصادق عليه السلام: إسحاق بن عمار
الكوفي الصيرفي، وإسماعيل بن عمار الصيرفي الكوفي، ويونس بن عمار
الصيرفي التغلبي الكوفي، وبشر بن إسماعيل الكوفي، وأحمد بن بشر بن عمار
الصيرفي، وعبد الرحمن بن بشر التغلبي الكوفي (2)
وقال - في أصحاب الكاظم عليه السلام: " إسحاق بن عمار ثقة
له كتاب " (3)
وفي باب (من لم يرو عنهم (ع) من رجال الشيخ): " علي بن
محمد بن يعقوب بن إسحاق بن عمار الصيرفي الكسائي الكوفي العجلي.
ورى عنه التلعكبري " (4)
وذكر البرقي - في رجال الصادق عليه السلام - إسحاق وإسماعيل ويونس
- بني عمار - ووصف كلا منهم ب‍ (الصيرفي التغلبي). وزاد في الأخير:

(1) الفهرست للشيخ الطوسي 149 ط النجف سنة 1356 ه‍ برقم 631
(2) راجع الأسماء على الترتيب في: (رجال طوسي ط النجف)
ص 149 و 148 و 337 و 155 و 142 و 232.
(3) رجال الطوسي ص 342 ط النجف.
(4) رجال الطوسي ص 481 ط النجف، وزاد قوله: " وسمع
منه سنة 325 ه‍، وله منه إجازات، مات سنة 332 ه‍ ". وزاد المولى
الأردبيلي في (جامع الرواة: ج 1 ص 602): رواية محمد بن علي بن
الفضل عنه في (التهذيب) في - باب علامة أول شهر رمضان - مرتين، ورواية
محمد بن أحمد بن داود عنه فيه.
299

أنه بجلى كوفي (1) وأعاد إسحاق في أصحاب الكاظم عليه السلام (2)
وعد من أصحابه أيضا: علي بن إسماعيل بن عمار (3)
وظاهر كلام الجماعة: سلامة مذهب الجميع، بل المستفاد من قول
النجاشي: " وهو في بيت كبير من الشيعة " استقامة جميع أهل هذا البيت
في المذهب.
وقد علم من كلامه وكلام الشيخين - رحمهم الله - توثيق إسحاق
ابن عمار، ومحمد بن إسحاق، وجلالتهما في الطائفة (4) والموثق لإسحاق
- فما تقدم من عبارة النجاشي -: هو النجاشي، لا أحمد بن محمد بن
سعيد بن عقدة الزيدي. والمشار إليه في قوله: " ذكر ذلك احمد ": هو
رواية إسحاق عن الامامين عليهما السلام، دون ما تقدمه من الكلام. مع
احتمال إرادة الجميع، فيبتني الحكم بتوثيقه من ذلك على قبول توثيق الموثق
ويبعده اختلاف الأصحاب في ذلك، مع اتفاقهم على توثيق إسحاق
واستنادهم فيه إلى هذه العبارة. وكذا قوله: " شيخ من أصحابنا "
وقوله: " وهو في بيت كبير من الشيعة " فإنهما مسوقان للمدح المتعلق

(1) ط طهران مع رجال ابن داود (ص 2 - ص 29).
(2) راجع - من المصدر نفسه - ص 47.
(3) راجع من المصدر نفسه - ص 50.
(4) روى الكليني في الكافي - باسناده - عن ابن أبي عمير عن
محمد بن إسحاق بن عمار: قال قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام:
الا تدلني إلى من اخذ عنه ديني؟ فقال " ع " ان أبي اخذ بيدي فأدخلني
إلى قبر رسول الله (ص) فقال يا بني ان الله عز وجل قال: " اني
جاعل في الأرض خليفة " وان الله عز وجل إذا قال قولا وفى به.
(منه رحمه الله)
300

بالمذهب. ولو كانا من كلام ابن عقدة الزيدي لما أفادا ذلك.
وفى قوله في على وبشير ابني إسماعيل -: " كانا من وجوه أهل
الحديث " مع ظاهر لهما بالخصوص، مضافا إلى مدح أهل البيت على
العموم. بل لا يبعد عده توثيقا، بناء على أوجه الوجهين في (الوجه)
و (الوجوه) أو على دلالة كونهما من وجوه أهل الحديث، على اعتبار
أصحاب الحديث، وفيهم الثقات لحديثهما، وهو إمارة التوثيق.
واما إخوة إسحاق: فليس في الكلام تصريح بتوثيقهم ولا بمدحهم
بغير المدح العام. وقوله فيه: " ثقة، وإخوته يونس... الخ " (1)
لا يقضي توثيق اخوته، لاحتمال أن يكون يونس، وما بعده، خبرا
عن الاخوة، لا بدلا. نعم، لو قال " ثقة واخوته " واقتصر على ذلك
أو قال: " ثقة هو واخوته " لدل على ذلك.
وفي (رجال ابن داود) عن النجاشي، والكشي: " ثقة هو
وإخوته " (2) والوهم فيه ظاهر، إذ ليس في الكشي من ذلك شئ
والموجود في النجاشي ما حكيناه، لا ما حكاه.
ووثق العلامة - رحمه الله - من هؤلاء: يوسف بن عمار (3) قيل:
وكأن المأخذ عبارة النجاشي.
ويبعده - مع انتفاء الدلالة - انه توقف في رواية إسماعيل حتى يثبت
توثيقه (4) وقال في (قيس): " قريب الأمر " (5) ولم يحكم بتوثيقه

(1) كما مر عليك - آنفا - عن (رجاله ص 51 - 52).
(2) طبع دانشكاه طهران ص 52 برقم 161.
(3) خلاصة الأقوال للعلامة ص 8 ط إيران.
(4) قال العلامة في الخلاصة ص 96 /: "... والأقوى عندي التوقف
في روايته حتى تثبت عدالته ".
(5) الخلاصة ص 66 ط إيران.
301

وأهمل يونس، فلم يذكره في كتابه. ولو كان المأخذ ذلك لوثق الجميع.
وأشهر رجال بني حيان: إسحاق وإسماعيل، ومحمد بن إسحاق
وقد سمعت مدح الثلاثة، وتوثيق إسحاق وابنه. ومقتضى المدح المذكور
واطلاق التوثيق استقامتهم في المذهب، كما قلناه. وقد قيل فيهم:
غير ذلك:
قال السروي في (المعالم): " إسحاق بن عمار ثقة من أصحاب
الصادق عليه السلام، وكان فطحيا له أصل " (1)
وقال: " إسماعيل بن عمار من أصحاب الصادق عليه السلام، وكان
فطحيا، إلا أنه ثقة، له أصل " (2)
وما قاله في إسماعيل فهو شئ قد انفرد به، ولم يشاركه أحد من
علماء الرجال، فإنهم - بأسرهم - ذكروا إسماعيل بن عمار، ولم يقل أحد
منهم: إنه كان فطحيا ثقة، ولا ان له أصلا. ولا ريب في كون
ذلك وهما (3)

(1) معالم العلماء لابن شهرآشوب السروي: ص 26 ط النجف 1380
والسروي: هو الحافظ الشهير محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني
المتوفى سنة 588 ه‍. وهو (صاحب المناقب) المطبوع.
(2) المصدر نفسه: ص 10.
(3) واحتمل بعض أرباب المعاجم ان ابن شهرآشوب السروي إنما
رمى إسماعيل بن عمار - هذا - بالفطحية، لزعمه انه أخو إسحاق بن
عمار الساباطي الفطحي باعتبار كون (بيت الساباطي) بيت الفطحية، ولكن
هذا وهم، لما سبق من أن إسحاق بن عمار الصيرفي التغلبي غير إسحاق
ابن عمار الساباطي وانهما اثنان، ولرواية الكشي السابقة من أن الصادق
عليه السلام كان إذا رأى إسحاق بن عمار الصيرفي واخاه إسماعيل، قال:
وقد يجمعهما الأقوام " يعني الدنيا والآخرة، لعدم تعقل شهادة الإمام عليه السلام
بكون الفطحي أو الامامي غير العدل من اهل الجنة، ولا سيما
بعد تأيد ذلك بما تقدم من رواية الكليني في (الكافي) في الصحيح في
- باب بر الوالدين - عن سيف بن عميرة عن عبد الله بن مسكان عن صفوان
عن عمار بن حيان قال: " أخبرت ابا عبد الله ببر إسماعيل - ابني - بي
فقال عليه السلام: لقد كنت أحبه، وقد ازددت حبا له " فإنه لا يعقل
حب الامام للفطحي، لان حبهم وبغضهم يتبع إطاعة الله ومعصيته بلا شبهة
فتحقق من ذلك كله: ان إسماعيل بن عمار من الثقات وغير فطحي. وحديثه
من الصحاح.
302

وأما إسحاق: فالكلام فيه طويل، والوهم فيه وقع من جليل بعد جليل.
وجملة القول فيه: ان النجاشي رحمه الله ذكر في كتابه - كما سبق - (1)
إسحاق بن عمار بن حيان أبا يعقوب الصيرفي، مولى بنى تغلب، وقال:
" إنه شيخ من أصحابنا، ثقة في بيت كبير من الشيعة، روى عن الصادق
والكاظم عليهما السلام. له كتاب نوادر. روى عنه غياث بن كلوب
ولم يذكر في كتابه غير ذلك.
وقال الشيخ في الفهرست: " إسحاق بن عمار الساباطي، له أصل
وكان فطحيا، إلا أنه ثقة، وأصله معتمد عليه. روى عنه ابن أبي
عمير " (2) ولم يذكر فيه إسحاق بن عمار بن حيان.
فحكم العلامة - رحمه الله - وابن داود، وأكثر من تأخر عنهما:
بأن إسحاق بن عمار رجل واحد، وهو فطحي ثقة.
وحكى العلامة - رحمه الله - ذلك عن النجاشي والشيخ - معا -

(1) رجال النجاشي: ص 55 ط إيران.
(2) راجع: ص 15 برقم 52 ط النجف 1356 ه‍
303

قال في القسم الثاني من الخلاصة: " إسحاق بن عمار بن حيان مولى بني
تغلب، أبو يعقوب الصيرفي، كان شيخا في أصحابنا، ثقة، روى عن
الصادق والكاظم عليهما السلام، وكان فطحيا، قال الشيخ: إلا أنه
ثقة وأصله معتمد عليه. وكذا قال النجاشي. والأولى عندي. التوقف
فيما ينفرد به " (1)
ومثل ذلك صنع ابن داود، إلا أنه ذكره في البابين، وحكى
مذهبه عن الشيخ خاصة، ونسبه - في الأول - إلى عمار بن حيان التغلبي
الصيرفي - كما قاله النجاشي (2) فهو كالعلامة في البناء على الاتحاد.
وقد سبقهما إلى ذلك شيخهما السيد ابن طاووس، ففي (التحرير) (3):

(1) الخلاصة للعلامة ص 96 ط إيران.
(2) راجع من رجاله ط طهران - في الأول: ص 426، وفي
الثاني: ص 52.
(3) التحرير - هذا -: هو التحرير الطاووسي، وقد ذكره
شيخنا الحجة الشيخ آغا بزرك الطهراني - أدام الله وجوده - في (ج
3 ص 385 من الذريعة) فقال: " التحرير الطاووسي لكتاب الاختيار
من كتاب أبي عمرو الكشي، لصاحب المعالم الشيخ أبي منصور الحسن
ابن الشيخ زين الدين الشهيد العاملي المتوفى سنة 1011 ه‍ قال في اوله
- بعد الخطبة -: (هذا تحرير كتاب الاختيار من كتاب أبي عمرو
الكشي في الرجال، انتزعته من كتاب السيد الجليل أحمد بن طاووس)
ومراده من كتاب السيد: هو كتاب (حل الاشكال في معرفة الرجال) الذي
الفه السيد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس الحسني
المتوفى سنة 673 ه‍، اخ السيد رضي الدين علي بن طاووس مؤلف (الاقبال)
وغيره، وقد عمد السيد في كتابه المذكور إلى جمع ما في الأصول الخمسة
الرجالية: النجاشي، والفهرست، ورجال الشيخ، ورجال الضعفاء لابن
الغضائري، وكتاب الاختيار من كتاب أبي عمرو الكشي، وكان السيد
قد حرر كتاب الاختيار، وهذب اختياره متنا وسندا، ووزعها في طي
الكتاب - حسب ما رتب فيه تراجم الرجال - كل في ترجمته، ولما ظفر
(صاحب المعالم) بهذا الكتاب للسيد ابن طاووس، ورآه مشرفا على
التلف فانتزع منه ما حرره السيد ابن طاووس، ووزعه في أبواب كتابه
هذا من خصوص (كتاب الاختيار من كتاب الكشي) وسماه ب‍ (التحرير
الطاووسي) وأورد صاحب المعالم في أول التحرير: بعض ما ذكره السيد
في أول كتابه (حل الاشكال) عند ذكره الكتب الخمسة التي جمعها فيه، فقال
" من كتب خمسة: كتال الرجال لشيخنا أبي جعفر محمد بن الحسن
الطوسي (رض)، وكتاب فهرست المصنفين له، وكتاب اختيار الرجال من كتاب
الكشي أبى عمر ومحمد بن عمر بن عبد العزيز له، وكتاب أبى الحسين احمد
ابن العباس النجاشي الأسدي، وكتاب أبي الحسين أحمد بن الحسين بن
عبيد الله الغضائري في ذكر الضعفاء خاصة - إلى قوله -: ولى بالجميع
روايات متصلة، عدا كتاب ابن الغضائري " وكذا أورد صاحب المعالم في
آخر التحرير ما أورده السيد في آخر كتابه من الروايات السبع التي بدأ
بها الشيخ الطوسي في اختياره آخر تلك الروايات - كتابة الإمام الهادي عليه
السلام، وهي: (فاصمدا في دينكما على كل مسر في حبنا، وكل كثير التقدم
في امرنا، فإنهم كافوكما إن شاء الله تعالى). ثم نقل (صاحب المعالم)
كلام السيد في تاريخ فراغه بعين لفظه فقال: " كان الفراغ منه في اليوم
الثالث عشر من ربيع الآخر من سنة 644 ه‍ مجاورا لدار الجد الشيخ
الصالح ورام بن أبي فراس " توجد نسخة عصر المؤلف في (الخزانة
الرضوية) - كما في فهرسها - وهي بخط الشيخ موسى بن علي بن محمد
الجبعي في سنة 1011 ه‍، الموافقة لسنة وفاة المؤلف، ولعل الكاتب من تلاميذه ".
304

أنه قال - فيما روي عن الصادق عليه السلام فيه وفي أخيه: (وقد
يجمعهما لأقوام): " يبعد أن يقول الصادق (ع) هذا لأن إسحاق بن
عمار كان فطحيا، وفي طريق الرواية ضعف بالعبيدي وزياد بن مروان
القندي " - ثم قال -: " وبالجملة فالمشهور عنه أنه فطحي كما أسلفت "
305

وأنت خبير بأن منشأ الشهرة هو كلام الشيخ في (الفهرست) والمذكور فيه: " إسحاق بن عمار الساباطي " وفي بعض النسخ: " إسحاق بن عمار
ابن موسى الساباطي " (1) فهو غير إسحاق بن عمار بن حيان التغلبي الكوفي.
والمغايرة بينهما ظاهرة من جهة النسب والبلد والاخوة والأولاد والعشيرة.
وإدخال ابن حيان في (بني موسى) يقتضي أن يكون إخوته:
إسماعيل، ويوسف، ويونس، وقيس، وأولاده، وأولاد أولاده، وإخوته
محمد، ويعقوب، وعلي، وبشير، وغيرهم ممن تقدم ذكرهم بأسرهم
وأولاد عمار الساباطي " وفيه تحويل هذا البيت إلى بيت (بني موسى)
بل جعل حيان وموسى رجلا واحدا، وفساده واضح جلي.
كيف - وبنو حيان كوفيون صيارفة من موالي بني تغلب معروفون
في الأخبار، وفي كلام علماء الرجال بذلك، وبالانتساب إلى حيان، ولا
كذلك بنو موسى: عمار وأخواه: قيس، وصباح. وعمار الساباطي
منسوب إلى (ساباط قرية بالمدائن) ولم يذكر فيه ولا في أخويه: أنهم
تغلبيون أو صيارفة، ولا كان لعمار الساباطي من يسمى بإسماعيل وقيس ويونس
ويوسف، ولا في أولاد أولاده بقية إلى زمان التلعكبري. كما أنه ليس
لعمار بن حيان من يسمى بقيس وصباح.
ومن ثم ذهب جماعة من المتأخرين إلى أن إسحاق بن عمار اثنان:

(1) في طبع النجف ص 15 برقم " 52 ".
306

أحدهما - إسحاق بن عمار بن حيان الكوفي التغلبي الصيرفي، والآخر - إسحاق
ابن عمار الساباطي: والأول ثقة من أصحابنا - كما قاله النجاشي (1)
والثاني فطحي موثق - كما قاله الشيخ (2).
ومما يشير إلى المغايرة: اختلافهما في المذهب، ونسبة الكتاب إلى
الأول، والأصل إلى الثاني، وهما متغايران في اصطلاح علماء الرجال، كما
يدل عليه كلام الشيخ في أول (الفهرست) (3) وغيره وأن الراوي عن
الأول غياث بن كلوب، وعن الثاني ابن أبي عمير.
وكذا ما قاله الشيخ في أصحاب الكاظم عليه السلام من كتاب " الرجال:
" ان إسحاق بن عمار ثقة له كتاب " (4) فان الظاهر: ان هذا هو ابن حيان

(1) رجال النجاشي: ص 51 ط بمبئ.
(2) فهرست الشيخ: ص (15 برقم 52) ط النجف.
(3) انظر: ما ذكره الشيخ الطوسي في أول (الفهرست: ص 2)
من قوله: "... عمدت إلى كتاب يشتمل على ذكر المصنفات والأصول
ولم أفرد أحدهما عن الآخر لئلا يطول الكتابان، لان في المصنفين " من له
أصل، فيحتاج إلى أن يعاد ذكره في كل واحد من الكتابين فيطول "
وقوله أيضا: "... فإذا ذكرت في كل واحد من المصنفين، وأصحاب الأصول "
وقوله أيضا: "... فإنه يطلع على أكثر ما عمل من التصانيف، والأصول "
وقوله أيضا: "... فان تصانيف أصحابنا، وأصولهم لا تكاد تضبط "
فان هذه العبارات ظاهرة أو صريحة في أن المصنفات - اي الكتب - غير
الأصول، ويؤيد ذلك أنه - رحمه الله - يترجم بعض الرجال، ويقول:
له كتاب، ويترجم بعضا آخر، ويقول: له أصل، وذلك صريح في تغايرهما.
(4) انظر: رجال الشيخ الطوسي (ص 342) طبع النجف الأشرف
سنة 1381 ه‍.
307

الذي ذكره النجاشي، وعده من أصحابنا، وأثبت له كتابا. والذي في
(الفهرست): هو الساباطي صاحب الأصل.
وأول من تنبه للمغايرة وحكم بالاشتراك في هذا الاسم: شيخنا
المحقق البهائي - رحمه الله - فإنه قال - في حاشية الخلاصة عند ذكر عبارته
المتقدمة -: " هذا وهم من المصنف. وقد اقتفى اثره ابن داود " (1)
والحق: أن المذكور في كلام النجاشي " امامي ثقة " (2) والمذكور في فهرست
الشيخ: " فطحي ثقة " (3). وهذا مما لا يشتبه على من له أدنى مسكة، إذا
تتبع الكلامين المذكورين ".
وقال - في مقدمات مشرق الشمسين -: "... قد يكون الرجل متعددا فيظن أنه واحد، كما اتفق ذلك للعلامة - رحمه الله - في إسحاق بن عمار،
فإنه مشترك بين اثنين: أحدهما - من أصحابنا، والآخر - فطحي، كما
يظهر للمتأمل " (4)
وتبعه على ذلك تلامذته المحدثون المحققون: الفاضل القاساني صاحب

(1) جملة (وقد اقتفى اثره ابن داود) من كلام المحقق البهائي
- رحمه الله - أي وقد اقتفى اثر العلامة الحلي - في القول باتحاد الاسمين
وانهما رجل واحد لا رجلان - ابن داود في رجاله، في القسم الأول
(ص 52) اما حاشية البهائي على الخلاصة، فهي مخطوطة ولا توجد لدينا اليوم
(2) كما عرفت في كتاب رجاله (ص 55) طبع إيران.
(3) قال - رحمه الله - في (ص 39) طبع النجف الأشرف: "... وكان فطحيا إلا أنه ثقة... ".
(4) راجع: (ص 11) من مشرق الشمسين، طبع إيران الحجري
سنة 1314 ه‍.
308

الوافي (1) والشيخ الفقيه علي بن سليمان البحراني (2) والمولى البدل التقى

(1) الفاضل القاساني هو الشيخ محمد بن مرتضى المعروف بالملا محسن
الكاشاني، وقد ترجم له صاحب أمل الآمل، وقال: " كان عالما فاضلا ماهرا
حكيما متكلما محدثا فقيها محققا شاعرا أديبا حسن التصنيف من المعاصرين له كتب
منها كتاب (الوافي) جمع فيه الكتب الأربعة مع شرح أحاديثها المشكلة إلا أن
فيه ميلا إلى بعض طريقة الصوفية، وكذا جملة من كتبه " ثم ذكر بعض كتبه، ثم
قال: " وقد ذكره السيد علي بن الميرزا احمد في السلافة وأثنى عليه ثناء بليغا ".
وترجم له أيضا الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق في لؤلؤة
البحرين (ص 80) طبع إيران سنة 1269 ه‍، وقال: " كان فاضلا محدثا
اخباريا صلبا، كثير الطعن على المجتهدين لا سيما في رسالته سفينة النجاة...
وقد تلمذ في الحديث على السيد ماجد البحراني في بلدة شيراز، وفى الحكمة
والأصول على السيد صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي الشهير ب‍ (صدرا)
وقد كان صهره على ابنته. ولذا ان كتبه في الأصول كلها على قواعد الصوفية
والفلاسفة " (ثم ذكر مؤلفاته التي أفردها هو في فهرست على حدة، والتي
طبعت في هامش أمل الآمل الملحق برجال أبي علي الحائري والمطبوع
بإيران سنة 1302 ه‍).
يروى الفاضل الكاشاني عن جماعة من الاعلام كالمولى صدر الدين
الشيرازي، عن المولى الأمير محمد باقر الداماد، عن خاله الشيخ عبد العالي
عن والده المحقق الشيخ علي بن عبد العالي الكركي العاملي، ويروي أيضا
عن الشيخ البهائي، والمولى محمد صالح، والسيد ماجد، والمولى محمد طاهر
القمي، والمولى خليل، والشيخ محمد ابن صاحب المعالم، وغير هؤلاء.
وكانت وفاته سنة 1091 ه‍، ببلدة كاشان، ودفن بها.
(2) الشيخ علي بن سليمان بن حسين بن سليمان بن درويش بن حاتم
البحراني القدمي الملقب بزين الدين، ترجم له صاحب لؤلؤة البحرين
(ص 11) وقال: هو أول من نشر علم الحديث في بلاد البحرين وقد
كان قبله لا اثر له ولا عين، وروجه وهذبه، وكتب الحواشي والقيود
على كتابي التهذيب والاستبصار، ولشدة ملازمته للحديث وممارسته له اشتهر
- في ديار العجم - بأم الحديث، وكان رئيسا في بلاد البحرين مشارا
إليه، تولى الأمور الحسبية وقام بها أحسن القيام، وقمع أيدي الحكام
وذوي الفساد في تلك الأيام، وبسط بساط العدل بين الأنام، ورفع
بدعا عديدة قد جرت عليها الظلمة.
وكانت وفاته سنة 1064 ه‍. ومن مصنفاته: رسالة في الصلاة، ورسالة
في جواز التقليد، وحاشية على كتاب المختصر النافع، صغيرة مختصرة. وقبره
مزار معروف بقرية القدم، وهو قد كان تلمذ على الشيخ محمد بن حسن
ابن رجب، ثم إنه بعد أن سافر إلى العجم اتصل بالشيخ البهائي واخذ
علم الحديث عنه ورجع إلى البحرين ونشره فيها... " الخ.
وانظر ترجمته أيضا في (أنوار البدرين ص 119) والكشكول للشيخ
يوسف البحراني، والدر المنثور للشيخ علي العاملي سبط الشهيد الثاني
- رحمه الله - وهو من معاصريه. وكانت بينهما مباحثات. وترجم له في
أكثر المعاجم.
309

شارح الفقيه (1) وبعدهم: الفاضل الباذل عنايته في هذا الفن: عناية الله

(1) المولى التقى - هذا - هو الشيخ محمد تقي بن مقصود علي
الأصفهاني المعروف بالمجلسي الأول والد المجلسي الثاني المولى محمد باقر (صاحب
البحار)، وكان فاضلا محدثا ورعا ثقة، أورد له صاحب لؤلؤة البحرين
ترجمة (ص 40) وقال مما قال: " ونسب إلى التصوف كما اشتهر بين جملة
ممن يقول بهذا القول، إلى أن ابنه المتقدم ذكره - يعني صاحب البحار
قد نزهه عن ذلك في بعض رسائله، وظني انه رسالة الاعتقادات أو شرح رسالة والده في المقادير، فقال: وإياك ان تظن بالوالد انه من الصوفية
وإنما كان يظهر انه منهم لأجل التوصل إلى ردهم عن اعتقاداتهم الباطلة
مع كلام هذا حاصله ". ثم ذكر مؤلفاته التي منها شرحه (من لا يحضره الفقيه)
بالفارسية اسمه: اللوامع القدسية، طبع بإيران في مجلدين كبيرين، وآخر
بالعربية، وشرح الصحيفة السجادية. توفى - رحمه الله - سنة 1070 ه‍
بأصفهان.
وترجم له صاحب أمل الآمل وقال: " إنه من المعاصرين ". وترجم
له في أكثر المعاجم الرجالية.
310

ابن شرف الدين علي بن محمود القهبائي - صاحب كتاب مجمع الرجال (1)
والشيخ المولى أبو الحسن الشريف العاملي (2) - في حواشي هذا الكتاب -
وجماعة من مشايخنا المحققين، رضوان الله عليهم أجمعين.
وعلى هذا، فمتى ورد في الحديث: إسحاق بن عمار - ولم يعلم انه
ابن حيان بنسبته إليه أو بوصفه بالصيرفي أو التغلبي أو برواية من يختص به
أو يلائمه من الرواة - وقفت الرواية، لثبوت الاشتراك، مع انتفاء المائز

(1) أسلفنا للمولى عناية الله القهبائي صاحب مجمع الرجال ترجمة في
بعض هوامشنا (ص 280) فراجعها.
(2) المولى أبو الحسن بن محمد بن طاهر بن عبد الحميد بن موسى
ابن علي بن معتوق بن عبد الحميد الفتوني النباطي العاملي الأصبهاني الغروي
المتوفى سنة 1138 ه‍.
ترجم له صاحب (روضات الجنان ص 658) ط إيران القديم ووصفه بكونه من
أعاظم فقهائنا المتأخرين وأفاخم نبلائنا المتبحرين، وذكره أيضا المحدث
النوري في (خاتمة مستدرك الوسائل ج 3 ص 385). وسيدنا الحجة
الحسن صدر الدين الكاظمي في (تكملة أمل الآمل). له من المؤلفات
(الفوائد الغروية) في أصول الفقه والأدلة الشرعية، توجد نسخته المخطوطة
في مكتبتنا، وله أيضا تفسير مرآة الأنوار إلى أواسط سورة البقرة، وكتاب
ضياء العالمين في الإمامة. وكانت أمه أخت السيد الجليل الأمير محمد صالح
الخواتون آبادي الذي هو صهر العلامة المجلسي على ابنته، والمولى
أبو الحسن هو جد شيخ الفقهاء الشيخ محمد حسن صاحب (جواهر الكلام)
من طرف أم والده المرحوم محمد باقر، وهي آمنة بنت المرحومة
فاطمة بنت المولى أبي الحسن المترجم له.
وقد اجازه المولى محمد باقر المجلسي (صاحب البحار) بإجازتين (الأولى)
تاريخها شهر رمضان سنة 1096 ه‍ (والثانية) تاريخها ثالث ربيع الأول
سنة 1107 ه‍، ذكرهما شيخنا الحجة في الذريعة (ج 1 ص 149)
وللمولى أبي الحسن المذكور شيوخ آخرون أيضا يروي عنهم، وجماعة يروون
عنه، ذكرهم السيد عبد الله آل السيد نعمة الله الجزائري في إجازته الكبيرة
وذكرهم أيضا صاحب روضات الجنات، وصاحب مستدرك الوسائل، وغيرهم
311

فيتبع الأدنى، كما هو المقرر (1) وقيل: بل يتعين أنه ابن حيان الامامي
الثقة بروايته عن أحد الامامين: الصادق، والكاظم، عليهما السلام، لأن الأصل
في ثبوت الساباطي هو الشيخ - رحمه الله - في (الفهرست) ولم يذكر
فيه: أنه من أصحابهما أو من أصحاب أحدهما وهو - وهو وان كان في طبقتهم -
إلا أنه لا يلزم من ذلك اللقاء، فضلا عن الرواية.

(1) ولكن الذي حكى عن المجلسي الأول المولى محمد تقي الأصفهاني
- رحمه الله - في شرح (من لا يحضره الفقيه) في شرح طريقه إلى إسحاق
ما هذا لفظه: " والظاهر أنهما رجلان. ولما أشكل الأمر بينهما فهو في
حكم الموثق " لأن النتيجة تتبع أخس المقدمتين وترتيب آثار الموثق، حيث إن
إسحاق بن عمار مشترك بين الصيرفي الذي هو ثقة وصحيح المذهب - والساباطي
الذي هو ثقة فطحي واصله معتمد عليه كما ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست
فلو وردت روايتان متعارضتان في طريق إحداهما إسحاق بن عمار الصيرفي
وفى طريق الثانية إسحاق بن عمار الساباطي، ترجح الأولى على الثانية نظرا
لكون الأوثقية من المرجحات المنصوصة، وعلى هذا فلا وجه للتوقف في
الرواية التي تنتهي إليه لأن اعتبار العدالة في الراوي ليس من باب التعبد
بل من باب تحصيل الوثوق والاطمئنان الذي هو المرجع عند العقلاء كافة
في أمور معاشهم ومعادهم، والوثوق بإسحاق بن عمار الساباطي حاصل
بقول الشيخ الطوسي في الفهرست كما ذكرنا. ولو كانت العدالة معتبرة في
الراوي من باب الموضوعية للزم عدم العمل بروايات بني فضال، مع التنصيص
من الإمام العسكري عليه السلام بالأخذ بما رووا وترك ما رأوا، فاعتبار
العدالة في الراوي على وجه الموضوعية كالاجتهاد في قبال نص العسكري عليه
السلام. (فالحق) ان إسحاق بن عمار الساباطي موثق معتمد على اصله
معمول بخبره، فما صدر من جمع من الفقهاء من التأمل في الفقه في رواياته
لا وجه له. هكذا ذكره شيخنا المحقق الفقيه المامقاني - رحمه الله - في
(تنقيح المقال) في ترجمة إسحاق بن عمار الكوفي الصيرفي، وترجمة إسحاق
ابن عمار الساباطي، ثم ذكر كثيرا من الذين يروون عن إسحاق بن عمار
وبعد ان أورد أسماءهم قال: " ان رواية هؤلاء عن إسحاق إنما تفيد تمييزه
عن غيره، واما أحد المسميين بإسحاق فلا يتميز عن الآخر فيلزم المستنبط
الفحص ذلك حتى يتميز عنده الحديث الصحيح بإسحاق بن عمار الصيرفي
عن الموثق بإسحاق بن عمار الساباطي. وان عجز عن التمييز يلزمه اتباع
النتيجة لأخس المقدمتين وترتيب آثار الموثق على تلك الرواية " ثم قال: " من
جملة المميزات رواية غياث بن كلوب - الذي نقل الكشي روايته عن الصيرفي -
أو رواية أحد ممن جعلهم المولى الوحيد مائزا للصيرفي لالتفاته إلى تعدد
الرجلين، قال رحمه الله (اي الوحيد البهبهاني): (ومن القرائن المعينة
للصيرفي رواية زكريا المؤذن عنه، أو غياث بن كلوب، وكذا بشر، وكذا أحد
إخوته أو أحد من نسابته، أو روايته عن عمار بن حيان، إلى غير ذلك من الامارات
التي تظهر للمجتهد المتتبع المتأمل في الرجال وغيره، وربما يحصل الظن
بان الراوي عن الصادق عليه السلام مطلقا هو)... ".
312

ومنهم من قطع بذلك إذا كانت الرواية عن الصادق عليه السلام
والوجه فيه غير ظاهر. وقد يضعفهما عدم ذكر الشيخ له في (باب من
لم يرو عنهم عليهم السلام). وكذا ما تقدم عن السروي بأن: إسحاق
ابن عمار الفطحي من أصحاب الصادق " ع " (1). وربما قيل: بتعيين ابن
حيان برواية صفوان بن يحيى عنه. وكذا برواية يونس بن عبد الرحمن
وعبد الله بن سنان، وحماد بن عيسى، وحماد بن عثمان، والحسن بن محبوب
وداود بن النعمان، ومعاوية بن وهب، ويحيى بن عمران الحلبي، وعلي بن
رئاب، وسيف بن عميرة، وعبد الله بن مسكان، وعبد الله بن المغيرة
وأبي أيوب الخزاز، وثعلبة بن ميمون، وحفص بن البختري، وغيرهم
ممن في طبقتهم، بناء على أنهم أعلى طبقة وأقدم زمانا من إسحاق بن
عمار الساباطي.
ويضعفه رواية ابن أبي عمير عنه، وهو في طبقة يونس وصفوان
وكثير ممن ذكر. وكذا رواية صفوان عن محمد بن إسحاق بن عمار.

(1) انظر: معالم العلماء لابن شهرآشوب السروي: (ص 26)
طبع النجف الأشرف.
314

وقد روى الشيخ أصل الساباطي عن المفيد عن الصدوق عن شيخه
محمد بن الحسن عن الصفار عن محمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عنه (1)
وقد تقدم رواية النجاشي: كتاب ابن حيان عن محمد بن علي عن أحمد
بن محمد بن يحيى عن سعد عن محمد بن الحسين عن غياث بن كلوب
عنه (2).
وقد روى الصدوق في (الفقيه) عن أبيه الحميري عن علي بن
إسماعيل عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار. والطرق متقاربة. بل
طريق الشيخ أبعد، فلا يبعد رواية هؤلاء عن الساباطي، ولا يتعين ابن
حيان بروايتهم عنه. وبذلك يخرج أكثر أخبار إسحاق بن عمار عن
الصحة (3).
والوجه عندي: أن إسحاق بن عمار رجل واحد، وهو إسحاق بن
عمار بن حيان الامامي الثقة، لخلو الأخبار عن إسحاق بن عمار الساباطي
- بالمرة - وعدم ذكره فيها إلا مطلقا أو مقرونا بما يدل على أنه ابن حيان

(1) انظر: فهرست الشيخ الطوسي: ص 15 ط النجف.
(2) انظر: كتاب رجال النجاشي: ص 51.
(3) لأن الرواية الموصوفة - في اصطلاح علماء فن دراية الحديث -
يشترط فيها أن يكون جميع سلسلة السند فيها عدولا إماميين، اما إذا لم تكن
كذلك - بأن كان فيها رجل غير امامي، ولكنه نص الأصحاب على توثيقه -
فتوصف الرواية بالموثقة، وحيث كان الراوي هنا مرددا بين إسحاق بن
عمار بن حيان الصيرفي - العدل الامامي - وإسحاق بن عمار الساباطي -
الفطحي الذي نص الشيخ الطوسي على توثيقه - فلا توصف الرواية بالصحة
بل توصف بالموثقة، لأن النتيجة تتبع أخس المقدمتين كما سبق في تعليقتنا
الآنفة عن المجلسي الأول المولى محمد تقي شارح (من لا يحضره الفقيه)
ووالد المجلسي الثاني صاحب (بحار الأنوار).
315

ولو كان في رجال الحديث إسحاق بن عمار الساباطي، لذكر فيها كذلك
بمقتضى العادة، كما يذكر فيها عمار، مقرونا بالساباطي غالبا، ولأن الشيخ
والنجاشي - رحمهما الله - قد وضعا فهرستهما لاستقصاء أصحاب الأصول
والكتب، كما صرحا به في خطبة الكتابين، وكررا ذلك في أثنائهما.
ولو كان إسحاق بن عمار مشتركا بين اثنين، كل منهما مصنف، له أصل
أو كتاب، لذكراهما معا، ولم يهمل الشيخ إسحاق بن عمار بن حيان الثقة
الامامي الجليل صاحب الكتاب المعتمد عند الأصحاب، ولا أهمل النجاشي
إسحاق بن عمار الموثق، صاحب الأصل المشهور المروي عن مثل ابن أبي عمير
وإن كان فطحيا فاسد المذهب، فان كتابه مشحون بذكر الفطحية
والواقفية وغيرهم من أصحاب الأصول والكتب. وقد قال في ترجمة محمد
ابن عبد الملك بن محمد التبان: " قد ضمنا أن نذكر كل مصنف ينتمي
إلى هذه الطائفة " (1)
وقد وضع الشيخ - رحمه الله - (كتاب الرجال) لذكر أصحاب
النبي " ص " والأئمة " ع " ومن لم يرو عن أحد منهم، سواء عاصرهم
أو لم يعاصرهم، ولم يذكر إسحاق بن عمار الساباطي، لا في الأول، ولا
في الثاني، وانما ذكر في أصحاب الصادق " ع " إسحاق بن عمار الكوفي
الصيرفي وأخويه: إسماعيل ويونس، وجملة من أهل هذا لبيت، مصرحا
فيهم بأنهم كوفيون صيارفة، كما تقدم (2)
وكذا البرقي. فإنه قال: " إسحاق بن عمار الصيرفي مولى بني
تغلب كوفي ". وذكر نحو ذلك في إسماعيل ويونس (3)

(1) رجال النجاشي: ص 288 بمبئ
(2) راجع آنفا: ص 290 من الكتاب. وراجع في هذه الأسماء -:
رجال الشيخ باب أصحاب الصادق " ع ".
(3) رجال البرقي: ص 28 - 29 ط طهران دانشكاه.
316

وذكر الكشي (رحمه الله) إسحاق وإسماعيل - ابني عمار - وساق الروايات
فيهما (1) والمعلوم من العنوان والروايات الموردة فيه: ان إسحاق هذا -:
هو أخو إسماعيل بن عمار بن حيان الصيرفي الكوفي. وأما الساباطي فلم
يذكره ولم يشر إليه بوجه من الوجوه.
وروى الصدوق في (الفقيه) وسائر كتبه عن إسحاق بن عمار
حديثا كثيرا.
وذكر في (مشيخة الفقيه): " أن ما كان فيه عن إسحاق بن عمار فقد
رواه عن أبيه عن الحميري عن علي بن إسماعيل عن صفوان ابن يحيى عن إسحاق
ابن عمار " (2) ولم يذكر إلا رجلا واحدا، وطريقا واحدا. ولو كان مشتركا
بين اثنين لذكر طريق إليهما أو ميز الذي روى عنه بهذا الطريق حتى يعلم
أنه أيهما، مع بعد إهماله الآخر، وتركه الرواية عنه في جميع كتبه، وان
كان الساباطي الفطحي، فقد روى عن كثير من الفطحية وأورد الطرق
إليهم في (المشيخة) ومنهم عمار الساباطي، فإنه قد افتتح المشيخة بذكر
الطريق إليه، وذكر بعده إسحاق بن عمار بفاصلة علي بن جعفر (3)
فهؤلاء أساطين العلماء المتقدمين العارفين بهذا الفن لم يذكر أحد منهم
- حيث ذكر - إسحاق بن عمار إلا رجلا واحدا، ولم يثبت الساباطي
منهم إلا الشيخ - خاصة - في خصوص هذا الموضع من " الفهرست ". وقد
قال في غياث بن كلوب: " له كتاب عن إسحاق بن عمار " (4). وهذا

(1) رجال الكشي: ص 257 ط بمبئ.
(2) راجع: شرح المشيخة (ص 5) المطبوع في ذيل الجزء الرابع
من كتاب (من لا يحضره الفقيه) ط النجف الأشرف.
(3) راجع: (ص 4 ص 5) من شرح المشيخة - آنف الذكر -
(4) راجع: (ص 123) من الفهرست، طبع النجف الأشرف.
317

يشير إلى أنه هو ابن حيان الذي روى النجاشي كتابه عن غياث.
وأما المتأخرون كابن طاووس، والعلامة، وابن داود - رحمهم الله -
وسائر المصنفين في الرجال، فقد اتفقت كلمتهم على الاتحاد الا من شذ.
وجعل العلامة وغيره العنوان: " إسحاق بن عمار بن حيان الصيرفي
الكوفي مولى بني تغلب " وأوردوا ما قاله النجاشي، والشيخ فيه. وجمعوا
بين كلاميهما على المعهود في الرجل الواحد إذا اختلفت فيه أقوال علماء الرجال.
وأسقط الفاضلان وشيخهما (1) لفظ (الساباطي) المذكور في كلام
الشيخ، وهو مناط المغايرة، وكأنهم حملوه على الوهم في ذلك، لعدم
ثبوت الساباطي في الأخبار والرجال، وأبقوا ما ذكره من كونه فطحيا
وإن حصل الوهم في كونه ساباطيا.
والظاهر أن الوهم نشأ من اشتهار عمار الساباطي، وكثرة دورانه
في الأخبار والرجال، وانصراف الاطلاق إليه فيهما، فظن الشيخ في هذا
الموضوع أن إسحاق هذا هو ابن عمار الساباطي، وحكم عليه بالفطحية

(1) الفاضلان - هنا - المراد بهما: العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن علي
ابن المطهر المولود سنة 648 ه‍ والمتوفى سنة 726 ه‍، وابن داود الحلي: تقي الدين
الحسن بن علي بن داود - صاحب كتاب الرجال - المولود سنة 647 ه‍ خامس
جمادى الثانية كما ذكره هو في رجاله (المطبوع) في ترجمة نفسه، وعد فيه نحوا من ثلاثين
كتابا - نظما ونثرا من تصانيفه، اما سنة وفاته فلم يضبطها أرباب المعاجم
ولكنها بعد سنة 707 ه‍، لأنه فرغ من كتاب رجاله في السنة المذكورة
واما شيخهما، فهو جمال الدين أحمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد
بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله محمد الملقب بطاووس، العالم
الفاضل الفقيه الورع المحدث صاحب التصانيف الكثيرة، والمتوفى سنة 673 ه‍
ترجم له في أكثر المعاجم الرجالية.
318

وألحقه بأبيه في المذهب، لما روي: أنه لم يبق على الفطحية الأعمار
الساباطي وأصحابه، وطائفة عمار وأصحابه - كما في الكافي - (1)
ثم سرى الوهم إلى السروي، وزاد: " إن إسماعيل بن عمار كان فطحيا " (2) فجعله كأبيه وأخيه، مع القطع بفساد الوهم فيه.
ويشهد لما قلناه: أن الشيخ قد ذكر في أصحاب الكاظم عليه السلام
من رجاله: إسحاق بن عمار كما تقدم، وقال: " إنه ثقة، له كتاب " (3)
ولم يذكر أنه ساباطي، ولا انه فطحي، مع ظهور كلامه فيه، وفى غيره
في الاتحاد. فهذا عدول منه عما قاله في (الفهرست) فإنه متأخر التصنيف
عنه، لإحالته فيه على (الفهرست) - كثيرا - ومنه يظهر أن مصنف
إسحاق بن عمار كتاب، لا أصل. مع سهولة الخطب في ذلك، فان
الكتاب قد يشتبه بالأصل، وقد يطلق اسم أحدهما على الأخر.
ولا ريب أن الأخذ بما قاله الشيخ هنا - وهو المطابق لكلام الجماعة -
أولى من الأخذ بما انفرد به في " الفهرست " مع ظهور كلامه فيه كغيره
في اتحاد هذا الرجل وعدم اشتراكه.

(1) انظر ذلك فيما حكاه الكليني - رحمه الله - في " أصول الكافي
باب ما يفصل به دعوى المحق والمبطل " فإنه روى عن هشام بن سالم أنه قال
: " ثم لقينا الناس أفواجا فكل من دخل عليه (اي على موسى بن
جعفر عليه السلام) قطع عليه إلا طائفة عمار وأصحابه، وبقي عبد الله
لا يدخل عليه إلا قليل من الناس ". والمراد ان من قال بعبد الله بن جعفر
الأفطح بعد أبيه الإمام الصادق عليه السلام رجعوا عنه إلا طائفة عمار وأصحابه
(2) راجع: معالم العلماء لابن شهرآشوب السروي (ص 10) طبع
النجف الأشرف.
(3) رجال الشيخ الطوسي (ص 342) طبع النجف الأشرف سنة 1381 ه‍
319

وبالجملة، فالمستفاد من تتبع الأخبار وكلام علماء الرجال كافة
- عدا من شذ -: اتحاد إسحاق بن عمار، وقد ثبت إسحاق بن عمار بن
حيان الثقة الامامي الجليل من كلام الجميع حتى الشيخ - رحمه الله - فينتفي
الساباطي الفطحي.
وبذلك ظهر صحة روايات إسحاق بن عمار حيث سقط الفطحي من
البين، واتضح اتضاح الصبح لذي عينين. وعليك بإمعان النظر في هذا
المقام، فقد زلت فيه أقدام كثير من الاعلام.
وأما محمد بن إسحاق بن عمار، فقد حكى العلامة، وابن داود
عن أبي جعفر بن بابويه: أنه واقفي (1) ولذا توقف العلامة في حديثه (2)
وعده العلامة المجلسي موثقا (3)
والظاهر استناد الصدوق - رحمه الله - في ذلك إلى ما رواه في
(العيون) في أبواب دلائل الرضا عليه السلام - في الدلالة العشرين -:
" عن الدقاق عن محمد بن أبي عبيد الله الكوفي عن جرير بن حازم عن
أبي مسروق قال: دخل على الرضا عليه السلام جماعة من الواقفة، فيهم
علي بن أبي حمزة البطائني، ومحمد بن إسحاق بن عمار، والحسين بن
مهران، والحسن بن أبي سعيد المكاري، فقال له على ابن أبي حمرة:
جعلت فداك أخبرنا عن أبيك عليه السلام ما حاله؟ فقال له: انه قد مضى

(1) خلاصة العلامة ص 77 ط إيران، ورجال ابن داود ص 297
و 499 ط طهران دانشكاه
(2) فإنه قال - بعد ترجمته له (ص 77) " وقال أبو جعفر بن
بابويه انه واقفي، فانا في روايته من المتوقفين ".
(3) كتاب " الوجيزة " ص 163 ط إيران الملحق: بخلاصة
الرجال للعلامة.
320

فقال: فإلى من عهد؟ فقال: إلى، فقال إنك لتقول قولا ما قاله
أحد من آبائك: علي بن أبي طالب، فمن دونه. قال لكن قد
قاله خير آبائي رسول الله " ص "، فقال له: أما تخاف هؤلاء على نفسك؟
فقال: لو خفت عليها كنت عليها معينا. إن رسول " ص " أتاه أبو لهب
فهدده، فقال رسول الله " ص " إن خدشت من قبلك خدشة فأنا كذاب
فكانت أول آية نزع بها رسول الله " ص " وهي: أول آية انزع بها
لكم، ان خدشت خدشا من قبل هارون فأنا كذاب. فقال له الحسين بن مهران:
قد أتانا ما نطلب ان أظهرت هذا القول، فقال: فتريد ماذا؟ أتريد ان
أذهب إلى هارون، فأقول له: إني إمام وإنك لست في شئ؟ ليس
هكذا صنع رسول الله في أول امره، انما قال ذلك لأهله ومواليه ومن
يثق به، خصهم به دون الناس، وأنتم تعتقدون الإمامة لمن كان قبلي من
آبائي، ولا تقولون: إنه إنما يمنع علي بن موسى أن يخبر أن أباه حي
تقية، فاني لا أتقيكم في أن أقول: إن أبي إمام، فكيف أتقيكم في
أن أدعي: إنه حي لو كان حيا " (1)
وفي طريق الرواية جرير بن حازم، وهو مجهول، ومحمد بن أبي
عبد الله الكوفي وهو كذلك، غير أن له كتابا. والراوي - وهو أبو مسروق -
لم يثبت توثيقه. ووقف محمد بن إسحاق انما جاء من قبله. وليس في
قول الرضا عليه السلام ما يصرح بذلك. والذي تولى الكلام معه من الجماعة
علي بن أبي حمزة، والحسين بن مهران.
وقد روى الكشي نحو هذا الحديث عن إسماعيل بن سهل
قال: " حدثني بعض أصحابنا، وسألني أن اكتم اسمه، قال: كنت
عند الرضا عليه السلام فدخل عليه علي بن أبي حمزة، وابن السراج، وابن

(1) عيون أخبار الرضا للصدوق (2 / 213) ط قم سنة 1377.
321

المكاري " (1) وذكر القصة مع زيادة، وليس فيها دخول محمد بن إسحاق
مع الجماعة. ولعله هو الراوي الذي سأل كتمان اسمه، وكان عند الرضا
عليه السلام، فاشتبه على أبي مسروق، وظن أنه دخل معهم.
وكيف كان فلا يصلح لمعارضة ما تقدم من توثيق المفيد، والنجاشي
ومدحهما له بما ينفي هذا الوهم.
وشهد له روايته عن الرضا عليه السلام، وروايته النص عليه من أبيه
صلوات الله عليه، وعدم ذكر الشيخ وغيره فساد مذهبه. وكذا ما سبق
في الصحيح من قول الصادق عليه السلام لأبيه لما أخبره بولادته: " جعله
الله قرة عين لك في حياتك، وخلف صدق من بعدك ". وأي فضل في
خلف فاسد المذهب يعادي ولي الله...؟
وقد يلوح من بعض الأخبار نوع اختصاص له بابن أبي حمزة
الواقفي المذكور، وكأن ذلك هو الذي أدخل الوهم والاتهام بالوقف،
فظن فيه ذلك، وهو برئ منه.

(1) رجال الكشي ص 288 - 289 ط بمبئ.
322

باب ما صدر بالابن
بنو الحر الجعفي
مولى جعفي (1) وهم: أديم، وأيوب، وزكريا من أصحاب
الصادق عليه السلام، ذكرهم النجاشي - رحمه الله - وأثبت لأديم وأيوب
أصلا، ووثقهما (2) ولزكريا كتابا، وقال: " هو أخو أديم وأيوب " (3)
وأيوب يعرف ب‍ (أخي أديم) (4) ووثقه الشيخ في (الفهرست) وجعل

(1) " جعفي ككرسي، وهو ابن سعد العشيرة بن مذحج أبو حي
باليمن، والنسبة إليه (جعفي) أيضا - كما في الصحاح - وأنشد للبيد:
- قبائل جعفي بن سعد كأنما * سقى جمعهم ماء الزعاف منيم -
وقال ابن بري: فإذا نسبت إليه قدرت حذف الياء المشددة وإلحاق
ياء النسب مكانها، قال الصاغاني: وقد غلط الليث حيث قال: جعف: حي
من اليمن، والنسبة إليه: جعفي، اي: ان الصواب أن الاسم والمنسوب
إليه واحد... قلت: أعقب جعفي من ولديه: مران، وصريم. فمن ولد
مران: جابر بن يزيد الفقيه، ومن صريم: عبيد الله بن الحذاء
والفاتك، وغيرهما ". (انظر تاج العروس شرح القاموس بمادة " جعف ").
(2) راجع: في أديم: ص 77، وفي أيوب: ص 75 من رجال النجاشي
طبع بمبئ.
(3) راجع: (ص 124 من رجال النجاشي). ط بمبئ.
(4) راجع - في ترجمة أيوب -: (ص 75 من النجاشي).
323

أصله كتابا (1).
وقد يوجد في بعض النسخ: ابن أبجر، مكان: ابن الحر. والصواب
ما تقدم. وذكر النجاشي - في أول كتابه -: عبيد الله بن الحر الفارس
الفاتك الشاعر، وعده من سلفنا الصالحين المتقدمين في التصنيف، وقال
له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام (2) وعبيد الله هذا: هو عبيد الله بن الحر بن المجمع بن خزيم الجعفي
من أشراف الكوفة، عربي صميم، وليس من إخوة أديم، موالي جعفي
لما ذكرناه (3) مع بعد الطبقة (4).
والعجب منه - رحمه الله - كيف عد هذا من سلفنا الصالح - وهو
الذي خذل الحسين، وقد مشى إليه يستنصره، فأبى أن ينصره، وعرض عليه
فرسه لينجو عليها - فأعرض عنه الحسين عليه السلام، وقال: " لا حاجة
لنا فيك ولا في فرسك " وما كنت متخذ المضلين عضدا " (5)

(1) راجع: (ص 73) برقم (297) من (فهرست الشيخ
الطوسي) طبع النجف الأشرف سنة 1356 ه‍. *
(2) راجع (ص 6 من رجال النجاشي).
(3) يريد بقوله: (لما ذكرناه): ما ذكره - قريبا - من قوله:
(عربي صميم) فان العربي الصميم غير الذي من الموالي - كما هو واضح -.
(4) فان عبيد الله بن الحر بن المجمع المذكور كان في عصر الحسين
عليه السلام - كما ستعرف - واخوه أديم بن الحر في عصر الصادق عليه
السلام، وكم بين عصريهما من البعد؟ فلاحظ.
(5) ذكر القصة - تفصيلا - الصدوق ابن بابويه في (المجلس الثلاثين
ص 94 من أماليه، طبع إيران سنة 1300 ه‍) راويا لها عن الصادق عليه السلام:
قال: "... ثم سار الحسين عليه السلام حتى نزل (القطقطانية)، فنظر
إلى فسطاط مضروب. فقال لمن هذا الفسطاط؟ فقيل لعبيد الله بن الحر الجعفي،
فأرسل إليه الحسين عليه السلام، فقال: ايها الرجل إنك مذنب خاطي، إن الله
عز وجل آخذك بما أنت صانع، إن لم تتب إلى الله تبارك وتعالى في ساعتك
هذه فتنصرني ويكون جدي شفيعك بين يدي الله تبارك وتعالى، فقال:
يا بن رسول الله، والله، لو نصرتك لكنت أول مقتول بين يديك، ولكن
هذا فرسي خذه إليك فوالله ما ركبته قط - وانا أروم شيئا - إلا بلغته، ولا
أرادني أحد إلا نجوت عليه، فدونك فخذه، فأعرض عنه الحسين عليه السلام
بوجهه، ثم قال: لا حاجة لنا فيك ولا في فرسك. " وما كنت متخذ المضلين
عضدا " ولكن فر، فلا لنا ولا علينا، فإنه من سمع واعيتنا أهل البيت
ثم لم يجبنا، كبه الله على وجهه في نار جهنم "
وذكر - قريبا منه - الشيخ المفيد - رحمه الله - في (الارشاد في فصل
واقعة كربلا). وذكره أيضا أكثر أرباب المقاتل.
وانظر اخبار عبيد الله بن الحر هذا في (ذوب النضار في شرح الثار
في أحوال المختار) لجعفر بن محمد بن نما الحلي المطبوع في آخر المجلد العاشر
من بحار المجلسي (ص 292) طبع تبريز سنة (1303) ه‍، و (الدر
النظيم) لجمال الدين يوسف بن حاتم الفقيه الشامي، مخطوط، و (خزانة
الأدب) لعبد القادر بن عمر البغدادي: (ج 1 ص 296 - ص 299)، وتاريخ
ابن الأثير الجزري في وقائع سنة 68 ه‍، وهي السنة التي مات فيها عبيد الله
ابن الحر. وانظر أيضا: تاريخ الطبري في حوادث سنة 68 ه‍، وتاريخ
ابن خلدون (ج 3 ص 148)، ورغبة الأمل (ج 8 ص 42) وغيرها
من كتب التاريخ والمعاجم.
324

ثم إنه قام مع المختار في طلب الثار، ورجع مغاضبا لإبراهيم بن الأشتر
حيث استقل العطاء، وأغار على سواد الكوفة، فنهب القرى، وقتل العمال
325

وأخذ الأموال، ومضى إلى مصعب بن الزبير، وقصته معروفة (1)
وله في ذلك أشعار يتأسف فيها ويتلهف على ما فاته من نصر الحسين

(1) مجمل اخبار عبيد الله الحر الجعفي وقصته - كما ذكره أرباب
التاريخ -: انه كان قائدا من الشجعان الابطال، وكان من أصحاب عثمان
ابن عفان، فلما عثمان انحاز إلى معاوية، فشهد معه صفين، وأقام
عنده إلى أن قتل علي عليه السلام، فرحل إلى الكوفة، فلما كانت فاجعة
الحسين - عليه السلام - تغيب، ولم يشهد الوقعة - لما ذكرناه في الهامش
السابق مما رواه ابن بابويه الصدوق - رحمه الله - فسأل عنه ابن زياد
(أمير الكوفة) فجاءه بعد أيام. فعاتبه على تغيبه واتهمه بأنه كان يقاتل
مع الحسين عليه السلام، فقال لو كنت معه لرؤي مكاني، ثم خرج
فطلبه ابن زياد فامتنع بمكان على شاطئ الفرات، والتف حوله جمع ولما
قدم مصعب بن الزبير قصده عبيد الله بمن معه، وصحبه في حرب المختار
الثقفي، ثم خاف مصعب ان ينقلب عليه عبيد الله، فحبسه وأطلقه بعد أيام
بشفاعة رجال من (مذحج) فحقدها عليه وخرج مغاضبا، فوجه إليه
مصعب رجالا يراودونه على الطاعة، ويعدونه بالولاية، وآخرين يقاتلونه
فرد أولئك وهزم هؤلاء. واشتدت عزيمته، وكان معه ثلاثمائة مقاتل
فامتلك تكريت، وأغار على الكوفة وأعيى مصعبا امره. ثم تفرق عنه
جمعه بعد معركة، وخاف ان يؤسر، فألقى نفسه في الفرات، فمات غريقا
وكان شاعرا فحلا، ثابت الايمان. قال لمعاوية يوما إن عليا على الحق
وأنت على الباطل. وهذا يدل على صحة اعتقاده لا سيما ما أظهره من شدة
ندمه وتحسرة - نظما ونثرا - على تركه لنصرة الحسين عليه السلام ليفوز
بجنات النعيم وطيبها (انظر تفصيل أحواله واخباره في تاريخ ابن الأثير
الجزري في حوادث سنة 68 ه‍).
326

عليه السلام، ومن أخذه بالثار مع المختار (1) قالوا: وتداخله من الندم
شئ عظيم حتى كادت نفسه تفيض.
والرجل صحيح الاعتقاد، سئ العمل. وقد يرجى له النجاة بحسن عقيدته

(1) يحدثنا ابن الأثير الجزري في حوادث سنة 68 ه‍ من تاريخه
الكامل فيقول: ".. فخرج (اي من مجلس ابن زياد) فركب فرسه
ثم طلبه ابن زياد، فقالوا: ركب الساعة، فقال علي به فأحضر الشرط خلفه
فقالوا: أجب الأمير، فقال أبلغوه عني لا آتيه طائعا ابدا، ثم اجرى فرسه
واتى منزل أحمد بن زياد الطائي فاجتمع إليه أصحابه، ثم خرج حتى أتى
كربلا، فنظر إلى مصارع الحسين (عليه السلام) ومن قتل معه، فاستغفر
لهم ثم مضى إلى المدائن، وقال في ذلك:
- يقول أمير غادر وابن غادر * الا كنت قاتلت الحسين بن فاطمه -
- ونفسي على خذلانه واعتزاله * وبيعة هذا الناكث العهد لائمه -
- فيا ندمي أن لا أكون نصرته * الا كل نفس - لا تسدد - نادمه -
- إني لأني لم أكن من حماته * لذو حسرة أن لا تفارق لازمه -
- سقى الله أرواح الذين تبادروا * إلى نصره سحا من الغيث دائمه -
- وقفت على أجداثهم ومحالهم * فكاد الحشى ينقض، والعين ساجمه -
- لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى * سراعا إلى الهيجا، حماة خضارمه -
- تأسوا على نصر ابن بنت نبيهم * بأسيافهم آساد غيل ضراغمه -
- فان يقتلوا في كل نفس بقية * على الأرض قد أضحت لذلك واجمه -
- وما ان رأى الراؤن أفضل منهم * لدى الموت سادات وزهر قماقمه -
- يقتلهم ظلما ويرجو ودادنا * فدع خطه ليست لنا بملائمه -
- لعمري لقد راغمتونا بقتلهم * فكم ناقم منا عليكم وناقمه -
- أهم مرارا ان أسير بجحفل * إلى فئة - زاغت عن الحق - ظالمه -
- فكفوا وإلا زدتكم بكتائب * أشد عليكم من زحوف الديالمه
وقال الشيخ نجم الدين - من أحفاد بن نما الحلي - في رسالته
" ذوب النضار شرح الثار ": وكان عبيد الله بن الحر بن المجمع بن خزيم
الجعفي من اشراف الكوفة، وكان قد مشى إليه الحسين عليه السلام وندبه
إلى الخروج معه، فلم يفعل ثم تداخله الندم حتى كادت نفسه تفيض، فقال:
- فيا لك حسرة ما دمت حيا * تردد بين حلقي والتراقي -
- حسين حين يطلب بذل نصري * على اهل الضلالة والنفاق -
- غداة يقول لي بالقصر قولا: * أتتركنا وتزمع بالفراق -
- ولو اني أواسيه بنفسي * لنلت كرامة يوم التلاق -
- مع ابن المصطفى نفسي فداه * تولى ثم ودع بانطلاق -
- فلو فلق التلهف قلب حي * لهم اليوم قلبي بانفلاق -
- فقد فاز الأولى نصروا حسينا * وخاب الآخرون إلى النفاق "
327

وبحنو الحسين عليه السلام وتعطفه عليه، حيث أمره بالفرار من مكانه حتى
لا يسمع الواعية، فيكبه الله على وجهه في النار. والله أعلم بحقيقة حاله.
328

بنو الياس البجلي الكوفي
منهم - أبو إلياس عمرو بن إلياس، من أصحاب الباقر، والصادق
عليهما السلام. روى عنهما. له كتاب. عنه ابن جبلة (1).
وابنه - إلياس بن عمرو -: شيخ من أصحاب الصادق عليه السلام

(1) عمرو بن إلياس الكوفي، عده الشيخ الطوسي - رحمه الله - في
(رجاله: ص 247) من أصحاب الصادق عليه السلام، هو وابنه إلياس
وذكر إلياس أيضا بعنوان مستقل (ص 153).
وترجم النجاشي لعمرو بن إلياس الكوفي في (رجاله: ص 205) ط بمبئ
وقال: " روى عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام " وقال:
" وهو أبو إلياس بن عمرو، روى عنه ابن جبلة له كتاب " ثم ذكر
طريقه إلى رواية الكتاب عنه بواسطة ابن جبلة.
كما ترجم لحفيده عمرو بن إلياس بن عمرو بن إلياس البجلي الكوفي
(ص 205) أيضا، وقال: " هو ابن ذاك، روى عن أبي عبد الله
عليه السلام، روى عنه الطاطري، وهو ثقة هو وأخواه يعقوب ورقيم.
وقال: له كتاب ". وذكر في (ص 121) رقيم بن إلياس بن عمرو
البجلي وقال: " كوفي ثقة، روى هو وأبوه وأخواه يعقوب وعمرو عن أبي
عبد الله عليه السلام ". ثم قال: " وهو خال الحسن ابن علي بن بنت
إلياس، له كتاب ". وذكر هؤلاء في (خلاصة العلامة الحلي)، وفي
رجال ابن داود، وفى الوجيزة للمجلسي صاحب البحار، والبلغة، والحاوي
وجامع الرواة، وغيرها من المعاجم الرجالية.
329

متحقق بهذا الامر، له كتاب. عنه الحسن بن علي الأشعري، وهو جد
الحسن بن علي بن بنت إلياس المعروف بذلك، و ب‍ (الوشا) و (الخزاز).
وأولا إلياس بن عمرو: عمرو، ويعقوب، ورقيم - ثقات، رووا
عن أبي عبد الله عليه السلام - أيضا -.
قال النجاشي: " رقيم بن إلياس بن عمرو البجلي، كوفي، ثقة
روى - هو وأبوه وأخواه: يعقوب وعمرو - عن أبي عبد الله عليه السلام
له كتاب، عنه علي بن الحسن الطاطري " (1)
ثم قال بعد ترجمة أبي إلياس عمرو بن إلياس -: " عمرو بن إلياس
بن عمرو بن إلياس البجلي أيضا ابن ابن ذاك. روى عن أبي عبد الله عليه
السلام، عنه الطاطري، وهو ثقة، هو وأخواه: يعقوب ورقيم " (2)
وقد علم من كلامه مدح الجماعة وتوثيق بني إلياس بن عمرو الثلاثة
كما يظهر من تكرير الضمير في قوله: وهو ثقة هو وأخواه - في ترجمة
عمرو - وتوثيق رقيم - مع ذلك - في ترجمته.

(1) رجال النجاشي: ص 128 ط إيران.
(2) نفس المصدر: ص 222.
330

بنو خالد البرقي القمي
أبوهم: خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي، كوفي من موالي
أبي الحسن الأشعري. وقيل: مولى جرير بن عبد الله.
قتل يوسف بن عمر - والي العراق - جده محمد بن علي بعد قتل
زيد - رضي الله عنه - فهرب خالد - وهو صغير - مع أبيه عبد الرحمن
إلى (برق رود) قرية في سواد (قم) على واد هناك يعرف بذلك -
فنسبوا إليها. وهم أهل بيت علم، وفقه، وحديث، وأدب.
منهم: أبو عبد الله محمد بن خالد، وأخواه: أبو على الحسن
وقيل: الحسين، وأبو القاسم الفضل، وابنه أبو جعفر أحمد بن محمد
ابن خالد، ويعرف - أيضا - بأحمد بن أبي عبد الله. وابن ابن ابنه
أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن خالد *. وابن ابن أخيه علي
ابن العلا بن الفضل بن خالد.
ذكرهم النجاشي - رحمه الله - وقال في الحسن بن خالد: " ثقة

* ويحتمل أن يكون - هذا - هو: أحمد بن عبد الله ابن بنت
أحمد بن أبي عبد الله - كما يأتي في كلام الشيخ - رحمه الله - حيث
روى كتب أحمد بن أبي عبد الله عن أحمد بن عبد الله - ابن بنته - لكن
النجاشي روى كتب محمد بن خالد عن أحمد عبد الله بن أحمد بن أبي
عبد الله. والجمع بين الكلامين يقتضي أن يكون عبد الله اثنين: أحدهما -
ابن احمد، والآخر - صهره. وله صهر آخر: هو محمد بن أبي القاسم
(ماجيلويه) وان بنته منه هو علي بن محمد بن أبي القاسم (ماجيلويه)
فتأمل. (منه قدس سره)
331

له كتاب نوادر " (1) وفي محمد: " انه كان أديبا، حسن المعرفة بالأخبار
وعلوم العرب، ضعيفا في الحديث، له كتب...
روى أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله محمد بن خالد
قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه " (2) وفي أحمد بن محمد:
" انه كان ثقة في نفسه، يروي عن الضعفاء، واعتمد المراسيل، وصنف
كتبا كثيرة " (3)

(1) (رجال النجاشي ص 48) طبع إيران.
(2) المصدر نفسه: ص 258.
(3) المصدر نفسه ص 59 ولزيادة الاطلاع راجع: مقدمة (محاسن
البرقي) المطبوع في النجف الأشرف سنة 1384 ه‍، والرسالة التي ألفها حجة
الاسلام السيد محمد باقر الرشتي - المتوفى سنة 1260 ه‍. في تحقيق حال
أحمد بن محمد بن خالد البرقي - هذا - المطبوعة بإيران سنة 1314 ه‍ ضمن
رسائل في تحقيق حال جماعة من الرواة الذين كثر الكلام فيهم من أرباب
المعاجم الرجالية، وما ذكره العلامة المحدث النوري - رحمه الله - في الفائدة
الخامسة من خاتمة مستدرك الوسائل (ج 3 ص 552) ضمن
بيان صحة طرق الشيخ الصدوق القمي - رحمه الله - إلى الرواة الذين
روى عنهم في كتابه (من لا يحضره الفقيه) فقد أفاض الكلام في ترجمته
والتعريف بكتابه (المحاسن) وقال: " وبالجملة فهو من اجلاء رواتنا وقد
نقل عن جامعه الكبير المسمى بالمحاسن كل من تأخر عنه من المصنفين
وأرباب الجوامع، بل منه اخذوا عناوين الكتب، خصوصا ابا جعفر الصدوق
- رحمه الله - فان من كتب المحاسن: كتاب ثواب الاعمال، كتاب عقاب
الاعمال، كتاب العلل، كتاب القرائن. وعليه بنى - رحمه الله - كتاب
الخصال " (ثم قال صاحب المستدرك): " وكفى في جلالة قدره ان عقد له
ثقة الاسلام الكليني - رحمه الله - في الكافي عدة منفردة وأكثر من الرواية
عنه. وعد الصدوق - رحمه الله - في أول (من لا يحضره الفقيه) كتاب
المحاسن، وروى عنه اجلاء المشائخ في هذه الطبقة، مثل محمد بن الحسن
الصفار، ومحمد بن يحي العطار، وسعد بن عبد لله، ومحمد بن علي
ابن محبوب، والحسن بن متيل الدقاق وعلي بن إبراهيم بن هاشم
وابيه إبراهيم، وأحمد بن إدريس الأشعري، ومحمد بن الحسن بن الوليد
ومحمد بن جعفر بن بطة، ومحمد بن أحمد بن يحيى، وعلي بن الحسين السعد
آبادي، ومحمد بن عيسى، ومحمد بن أبي القاسم عبد الله (أو عبيد الله)
ابن عمران الجنائي البرقي - صهره على ابنته - وغيرهم ".
وذكر البرقي - هذا - المولى الأردبيلي الغروي الحائري في (جامع الرواة
ج 1 ص 63) ثم عد أسماء من رووا عنه، زيادة على ما ذكره العلامة
النوري في المستدرك.
وذكره أيضا العلامة الجليل الشيخ محمد امين الكاظمي - رحمه الله - في (هداية المحدثين) المعروف (بتمييز المشتركات) وقال: " باب أحمد بن محمد
المشترك بين جماعة أكثرهم دورانا في الاسناد أربعة: أحمد بن محمد بن الوليد
وأحمد بن محمد ابن أبي نصر، وأحمد بن محمد بن خالد، وأحمد بن محمد بن عيسى
والأربعة ثقات أخيار.. وإن عسر التمييز فلا اشكال بعد العلم بالتوثيق "
وذكره أيضا ابن شهرآشوب المازندراني في (معالم العلماء) ص 11)
طبع النجف الأشرف، والسيد مصطفى التفريشي في (نقد الرجال ص 30)
طبع إيران سنة 1318 ه‍.
وترجم له العلامة الوحيد البهبهاني الحائري في (تعليقته) على منهج
المقال للفاضل المحدث الاسترآبادي (ص 43 طبع إيران) ثم قال: " وبالجملة
التوثيق ثابت من العدول، والقدح غير معلوم، بل ولا ظاهر، غاية ما ثبت
الطعن في طريقته. وغير خفي ان هذا قدح بالنسبة إلى رواية بعض القدماء.
ومما يؤيد التوثيق ويضعف الطعن رواية محمد بن أحمد عنه كثيرا، وعدم
استثناء القميين رواياته مع أنهم استثنوا ما استثنوه، وكذا إعادته إلى (قم)
والاعتذار منه، ومشي احمد في جنازته بتلك الكيفية من الجهة المذكورة
ومما يؤيده ملاحظة (محاسنه) وتلفي الأعاظم إياه بالقبول، وإكثار المعتمدين
من المشائخ من الرواية عنه والاعتداد بها.. ".
وقد عد البرقي - هذا - المسعودي في مقدمة كتابه (مروج الذهب)
ممن الف الاخبار والتاريخ. كما عد أباه محمد بن خالد البرقي - صاحب
التبيان - ممن الف في التاريخ والاخبار.
وذكره أيضا ابن النديم في (الفهرست: ص 324) وأورد له كتبا
وذكر أباه محمد بن خالد (ص 323) وأورد له كتبا، وعد منها (المحاسن)
مع أن المتفق عليه: ان (المحاسن) لابنه احمد، لا له.
وممن ترجم البرقي - من اعلام السنة - ابن حجر العسقلاني في
(لسان الميزان ج 1 ص 262) طبع حيدر آباد دكن، قال: " احمد
ابن محمد بن خالد البرقي اصله كوفي من كبار الرافضة، له تصانيف جمة
أدبية، منها (كتاب اختلاف الحديث) و (العيافة والقافة) وأشياء، كان
في زمن المعتصم ".
وقد ذكره أيضا وذكر أباه، الحموي في (معجم الأدباء: ج 1
ص 160) تحت عنوان أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم أبي بكر البرقي
قال: " وقد ذكرنا فيما بعد برقيا آخر اسمه محمد بن أحمد، وهو أيضا
من برقة قم " (ثم قال): " وفي كتاب إصبهان لحمزة في الفصل الذي ذكر
فيه اهل الأدب واللغة قال: أحمد بن عبد الله البرقي، وكان من (رستاق
برق رود) وهو أحد الرواة اللغة والشعر، واستوطن (قم) فخرج ابن
أخيه أبو عبد الله البرقي هناك، ثم قدم أبو عبد الله إصبهان فاستوطنها
قرأت في كتاب (جمهرة النسب) قال ابن حبيب: أخبرني أبو عبد الله
البرقي - وكان اعلم اهل قم بنسب الأشعريين... " (الخ)
وذكره الحموي أيضا في معجم الأدباء ج 2 ص 30) الطبعة الثانية
مرجليوث بمصر: " قال أحمد بن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمان بن محمد
ابن علي البرقي، أبو جعفر الكوفي الأصل ". ثم نقل عن فهرست الشيخ
الطوسي - رحمه الله - بقية الترجمة وتعداد كتبه.
وذكره الحموي أيضا في (معجم البلدان) بمادة (برقة) قال: " برقة
أيضا من قرى (قم) من نواحي الجبل، قال أبو جعفر - فقيه الشيعة
أحمد بن أبي عبد الله محمد بن خالد بن عبد الرحمان بن محمد بن علي
البرقي، اصله من الكوفة، وكان جده خالد قد هرب من يوسف بن عمر مع أبيه
عبد الرحمان إلى برقة قم فأقاموا بها ونسبوا إليها ".
ونقل الحموي العبارة المذكورة من (فهرست الشيخ الطوسي) ولكنه
حرف بعض الكلمات - ثم قال الحموي - " ولأحمد بن أبي عبد الله
- هذا - تصانيف على مذهب الإمامية، وكتاب في السير تقارب تصانيفه
ان تبلغ مائة تصنيف، ذكرته في كتاب الأدباء، وذكرت تصانيفه ". وقد
ذكر التصانيف في (ج 2 ص 31) الطبعة الثانية مرجليوث، ثم قال الحموي
" وقال حمزة بن الحسن الأصبهاني تاريخ إصبهان أحمد بن عبد الله
البرقي كان من رستاق برق روذ، قال: وهو أحد رواة اللغة والشعر
واستوطن قم، فخرج ابن أخيه أبو عبد الله البرقي هناك، ثم قدم أبو عبد الله
إلى إصبهان واستوطنها ".
وكان أحمد بن أبي عبد الله البرقي - هذا - على جانب عظيم من
الأدب - كما عرفت - وتخرج عليه جماعة في الأدب واللغة والشعر، كأحمد
ابن فارس اللغوي، وأبي الفضل العباس بن محمد النحوي الملقب (عرام)
شيخي الصاحب بن عباد.
وذكر النجاشي في رجاله - عند ترجمته لأحمد بن إسماعيل بن سمكة
النحوي - " انه كان إسماعيل بن عبد الله من غلمان أحمد بن أبي عبد الله
البرقي وممن تأدب عليه ".
وقد ذكر للبرقي - هذا - الحسن بن محمد بن الحسن القمي في
(تاريخ قم) الفارسي: ص 277 طبع طهران - في ذيل حديث الجفنة -
أبياتا من الشعر في مدح قحطان ومفاخره، وقال: انها من قصيدة
معروفة، وهي:
- وجبريل قرانا إذ اتينا * النبي المصطفى مستهنئينا -
- فأتحفنا بمائدة فضلنا * بمفخرها جميع المطعمينا -
- وقال محمد هذي مثال * لمائدة ابن مريم وهو فينا -
- كتلك فيهم فكلوا هنيئا * من الرحمان خير الرازقينا -
اما وفاته - رحمه الله - فقد كانت بقم سنة 274 أو سنة 280 ه‍
فان النجاشي ذكر في (رجاله: ص 56) بعد ترجمته وذكر كتبه - ما هذا
نصه: " قال أحمد بن الحسين - رحمه الله - في تاريخه توفى أحمد بن أبي
عبد الله البرقي في سنة 274 ه‍، وقال علي بن محمد ماجيلويه توفى
سنة 280 ه‍ ". وليس لقبره اليوم اثر ككثير من قبور العلماء والمحدثين.
نقل شيخنا المرحوم المحدث الشيخ عباس القمي في (الكنى والألقاب ج 2
ص 70) طبع صيدا - عن العلامة المحدث المجلسي - رحمه الله - ان
مقابر قم مملوءة من الأفاضل والمحدثين، وإكرامهم إكرام الأئمة الطاهرين.
واما سنة ولادته فلم يعينها لنا التاريخ لكن الذي يظهر من عد الشيخ
الطوسي - رحمه الله - في (كتاب رجاله) المترجم له من أصحاب
الإمام الجواد عليه السلام المتوفى سنة 220 ه‍ ومن أصحاب الإمام الهادي
عليه السلام المتوفى سنة 254 ه‍، ومن تحير البرقي - بعد وفاة الإمام الحسن
العسكري عليه السلام سنة 260 - في وجود صاحب الزمان عليه السلام
يظهر لنا من كل ذلك - بعد ملاحظة تاريخ إمامة الجواد عليه السلام التي
ابتداؤها بعد وفاة أبيه الرضا عليه السلام - ان المترجم له (البرقي) عاش
بعد وفاة الإمام العسكري عليه السلام أربع عشرة سنة. وقيل: عشرين سنة -
كما ذكره المحدث النوري في خاتمة مستدرك الوسائل وذكره غيره من أرباب
المعاجم وتوفي - كما عرفت سنة 280 ه‍ أو سنة 274، فيكون عمره في حدود الثمانين
سنة، فلاحظ ذلك.
332

قال: " ولابن الفضل ابن يعرف ب‍ " علي " بن العلاء بن الفضل بن
خالد، فقيه " (1)
وذكر: ان صهر احمد علي ابنته محمد بن أبي القاسم الملقب (ماجيلويه)
سيد من أصحابنا القميين، ثقة، عالم، فقيه عارف بالأدب والشعر والغريب
أخذ العلم والأدب عن أحمد بن أبي عبد الله " (2)
وكان ابنه علي محمد من بنت احمد، وهو ثقة فاضل، أديب
فقيه. رأى جده أحمد بن محمد البرقي، وتأدب عليه " (3)

(1) المصدر نفسه: ص 236 ط بمبئ في ترجمة محمد. (2)
المصدر نفسه (ص 250) ط بمبئ
(3) المصدر نفسه (ص 184) بنفس المضمون.
337

وذكر البرقي في (رجاله) أباه محمدا في أصحاب الكاظم، والرضا
والجواد عليهم السلام (1)
وذكر نفسه في أصحاب الجواد والهادي عليهما السلام (2) وكان
في زمان العسكري عليه السلام، وذكر أصحابه، ولم يعد نفسه فيهم
وكأنه لم يلقه أو لم يتفق له الرواية.
وكذا صنع الشيخ - رحمه الله - في (الرجال) ووثق محمد بن خالد
عند ذكره في أصحاب الرضا عليه السلام، ولم يطعن فيه بشئ (3) وذكر الشيخ في (الفهرست) محمدا (4) وأخاه الحسن (5) وابنه
أحمد (6) وذكر لكل منهم كتابا، أو كتبا. وروى كتب احمد عن
جماعة، منهم أحمد بن عبد الله ابن بنت (البرقي) عن جده احمد، وقال
في أحمد بن محمد: "... كان ثقة في نفسه، غير أنه أكثر الرواية عن
الضعفاء، واعتمد المراسيل " (7)
واختلف القول في أحمد بن محمد وأبيه:
أما أحمد فقد توافق الشيخان (8) رحمهما الله على توثيقه في نفسه

(1) راجع: ص 50 وص 54 وص 55 ط طهران.
(2) راجع: ص 57 وص 59 ط طهران.
(3) رجال الشيخ: ص 386 برقم 4 ط النجف.
(4) راجع: ص 148 برقم 628 ط النجف.
(5) المصدر نفسه: ص 49 برقم 158.
(6) المصدر نفسه ص 20 برقم 55.
(7) راجع ص 20 برقم 55 ط النجف الأشرف سنة 1356 ه‍.
(8) الشيخان: - في اصطلاح الرجاليين -: هما النجاشي، والشيخ
الطوسي - رحمهما الله -.
338

وروايته عن الضعفاء، واعتماده المراسيل، وتبعهما العلامة رحمه الله في ذلك.
وذكره في الباب الأول من كتابه، قال وقال ابن الغضائري
طعن عليه القميون، وليس الطعن فيه، وانما الطعن فيمن يروي عنه، فإنه
كان لا يبالي عمن أخذ على طريقة أهل الأخبار. وكان أحمد بن محمد بن
عيسى أبعده عن (قم) ثم أعاده إليها، واعتذر إليه، وقال: وجدت كتابا
فيه وساطة بين أحمد بن محمد بن عيسى، وأحمد بن محمد بن خالد. ولما
توفي مشى أحمد بن محمد بن عيسى في جنازته حافيا حاسرا ليبرئ نفسه
مما قذفه به ". - ثم قال العلامة - رحمه الله - " وعندي: إن روايته
مقبولة * (1)
وذكره ابن داود في باب الضعفاء، وعلله بطعن ابن الغضائري.
ورد بأنه لم يطعن فيه. بل دفع الطعن عنه (2) وكأنه أراد نقله الطعن
عن القميين، أو ذكره لما يطعن به غالبا من الرواية عن الضعفاء، وإن لم
يطعن به هنا.
والحق: أن الرواية عن الضعفاء لا تقتضي تضعيف الراوي، ولا ضعف
الرواية إذا كانت مسندة عن ثقة. وكذا اعتماد المراسيل، فإنها مسألة اجتهادية
والخلاف فيها معروف. ورواية الأجلاء عن الضعفاء كثيرة. وكذا إرسالهم
للروايات. واحتمال الارسال - باسقاط الواسطة لقلة المبالاة - ينفيه توثيق
الشيخين - رحمهما الله - له في نفسه، وكذا اسقاطها بناء على مذهبه من جواز
الاعتماد على المراسيل، فإنه تدليس ينافي العدالة
وقول ابن الغضائري: " طعن عليه القميون، وليس الطعن فيه

* وحكم في (المختلف) بصحة روايته. (منه قدس سره)
(1) الخلاصة: ص 8 - 9 ط إيران، القسم الأول، الباب 7
(2) رجال ابن داود: ص 421 برقم 36 ط طهران.
339

بل فيمن يروي عنه " يحتمل وجهين: أحدهما - أن طعن القميين ليس فيه
نفسه، بل فيمن يروي عنه، فيكون توجيها لطعن القميين، وبيانا لمرادهم
فإنه في نفسه سالم من الطعن عند الجميع. وثانيهما - انهم وإن طعنوا فيه -
إلا أن ما طعنوا به انما يقضى الطعن في الرواية، لا فيه نفسه. وهذا أقرب.
وقد عرفت أن ذلك ليس طعنا في روايته أيضا إلا إذا روى عن
مجهول أو روى مرسلا. وقد مر تحقيق ذلك في محله.
وروى الكليني - رحمه الله - في باب ما جاء من النص على الأئمة
عليهم السلام بعد أبواب المواليد -: حديث الخضر عليه السلام المشتمل على
شهادته بإمامتهم واحدا بعد واحد بحضرة أمير المؤمنين عليه السلام (1)

(1) (في الكافي ج 1 ص 525 برقم " 1 " ط طهران سنة 1381)
نص الحديث المذكور: " 1 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد
البرقي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري عن أبي جعفر الثاني عليه
السلام، قال: اقبل أمير المؤمنين عليه السلام، ومعه الحسن بن علي " ع "
وهو متكئ على يد سلمان - فدخل المسجد الحرام، فجلس، إذ اقبل
رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أمير المؤمنين " ع " فرد عليه السلام
فجلس ثم قال: يا أمير المؤمنين، أسألك عن ثلاث مسائل، ان أخبرتني
بهن علمت ان القوم ركبوا من امرك ما قضى عليهم، وان ليسوا بمأمونين
في دنياهم وآخرتهم، وان تكن الأخرى، علمت انك وهم شرع سواء
فقال له أمير المؤمنين " ع ": سلني عما بدا لك؟ قال: أخبرني عن الرجل
إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل
كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين " ع " إلى الحسن
عليه السلام، فقال: يا أبا محمد أجبه، قال: فأجابه الحسن، فقال الرجل
اشهد أن لا إله إلا الله، ولم أزل اشهد بها، واشهد ان محمدا رسول الله
ولم أزل اشهد بذلك، واشهد انك وصى رسول الله " ص " والقائم بحجته
- وأشار إلى أمير المؤمنين " ع " - ولم أزل اشهد بها. واشهد انك
وصيه والقائم بحجته - وأشار إلى الحسن " ع " - واشهد ان الحسين بن
علي وصيي أخيه والقائم بحجته بعده، واشهد على علي بن الحسين انه القائم
بأمر الحسين بعده، واشهد على محمد بن علي انه القائم بأمر علي بن الحسين.
واشهد على جعفر بن محمد بأنه القائم بامر محمد، واشهد على موسى بن جعفر
انه القائم بأمر جعفر بن محمد، واشهد على علي بن موسى انه القائم
بأمر موسى بن جعفر، واشهد على محمد بن علي انه القائم بأمر علي بن
موسى، واشهد على علي بن محمد بأنه القائم بامر محمد بن علي، واشهد
على الحسن بن علي بأنه القائم بامر علي بن محمد، واشهد على رجل من
ولد الحسن لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر امره، فيملأها عدلا كما ملئت
جورا. والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. ثم قام فمضى
فقال أمير المؤمنين " ع ": يا أبا محمد اتبعه، فانظر أين يقصد. فخرج الحسن
ابن علي " ع " فقال: ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد، فما
دريت أين اخذ من ارض الله، فرجعت إلى أمير المؤمنين " ع " فأعلمته
فقال: يا أبا محمد، أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين اعلم قال
هو الخضر عليه السلام.
340

ثم قال: " وحدثني محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد
بن أبي عبد الله عن أبي هاشم: مثله، سواء، قال محمد بن يحيى:
فقلت لمحمد بن الحسن: يا أبا جعفر، وددت أن هذا الخبر جاء من غير
جهة أحمد بن أبي عبد الله، قال فقال: لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين " (1)
وهذا القول من محمد بن يحيى والاعتذار من الصفار يعطيان تضعيفهما
341

لأحمد بن أبي عبد الله، وأنه لم يكن عندهما في مقام عدالة. ورأيت جماعة من الناظرين في الحديث قد تحيروا في معنى (الحيرة)
الواقعة في هذا الخبر، فاحتملوا أن المراد تحير أحمد بن محمد في المذهب
أو خرافته، وتغيره في آخر عمره، أو حيرته بعد اخراجه من (قم)
أو حيرة الناس فيه بعد ذلك:
واعتمد أكثرهم على الأول. وضعفوه بتوقفه في المذهب. وذلك غفلة
عن الاصطلاح المعروف في الحيرة، فان المراد بها: حيرة الغيبة، ولذلك
يسمى زمان الغيبة (زمان الحيرة) لتحير الناس فيه، من جهة غيبة الإمام عليه السلام
، أو لوقوع الاختلاف والشك وتفرق الكلمة بعد غيبته.
وفي الحديث عن أبي غانم، قال: " سمعت أبا محمد يقول: في
سنة مائتين وستين تفترق شيعتي. قال أبو غانم: وفيها قبض عليه السلام
وتفرقت شيعته: فمنهم من انتهى إلى جعفر، ومنهم من تاه وشك، ومنهم
من وقف على الحيرة ومنهم من ثبت على دين الله " (1)
وقول محمد بن يحيى: " وددت أن هذا الخبر جاء من غير
جهة أحمد بن أبي عبد الله " جار على المعهود من القميين من طعنهم في
احمد بعدم مبالاته في الرواية واعتماده المراسيل، وأخذه من الضعفاء. وكذا
اعتذار الصفار بأنه قد حدثه بهذا الحديث قبل الحيرة بعشر سنين، فإنهما
من مشايخ (قم) ووجوه القميين، وقد كانوا سيئي الرأي في أحمد بن
أبي عبد الله. وبناء الاعتذار: إما على أن تغيره عندهم قد كان بعد
الغيبة، فلا يقدح في المروي عنه قبلها، أو على أن احتمال عدم صحة
هذا الخبر انما تأتي لو أخبر به بعد الغيبة، أما قبلها فلا، فان في الحديث:

(1) رواه الصدوق - رحمه الله - في كتابه " اكمال الدين وإتمام
النعمة ص 228 ط إيران سنة 1301) باختلاف بسيط في بعض ألفاظ الحديث
342

" وأشهد على رجل من ولد الحسن عليه السلام لا يكنى ولا يسمى، حتى
يظهر أمره فيملأها عدلا كما ملئت جورا " وهذا غيب لا يجترئ عليه
عاقل قبل وقوعه مخافة الشنعة والتكذيب.
وكيف كان، فليس المراد حيرته في الإمامة، وتوقفه فيمن توقف
وإلا لنقل ذلك عنه، وكان من أكبر الطعون فيه.
وروايته لهذا الحديث وغيره من النصوص على الاثني عشر عليهم
السلام، تنافي ذلك وتخالف غرضه، لو كان متوقفا في القائم عليه السلام.
وقد يوهم القدح فيه - من غير جهة القميين المتسرعين إلى الطعن
بأدنى سبب - كتاب أبي العباس أحمد بن علي بن نوح السيرافي رحمه الله
إلى النجاشي - وقد كتب إليه يسأله تعريف الطرق إلى كتب الحسين بن
سعيد الأهوازي - قال: والذي سألت تعريفه من الطرق إلى كتب الحسين
ابن سعيد، فقد روى عنه أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري
القمي، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي، والحسين بن الحسن
ابن أبان، وأحمد بن محمد بن الحسن السكن القرشي البردعي، وأبو العباس
أحمد بن محمد الدينوري. قال: فأما ما عليه أصحابنا والمعول عليه، ما رواه
أحمد بن محمد بن عيسى. ثم ذكر طريقه، وسائر الطرق إلى الحسين.
فهذا يعطي الطعن في أحمد بن محمد بن خالد، وعدم تعويل أبي العباس
ابن نوح الثقة عليه، وهو طعن من غير القميين.
وفيه منع ظاهر، إذ لعل المراد: أن ما عليه جميع أصحابنا والمعول
عليه عند كلهم: هو طريق ابن عيسى، دون غيره كابن خالد، لوجود
الخلاف فيه من القميين، فيعود إلى طعن المنقول عنهم. وليس في الكلام
تصريح بعدم تعويله نفسه.
على أنه لو كان المراد ذلك أمكن أن يكون الوجه ضعف الواسطة
343

وهو محمد بن جعفر بن بطة، فقد ضعفه جماعة.
والحق - وفاقا لأكثر الأصحاب، خصوصا المتأخرين - توثيق احمد
ابن محمد بن خالد.
وممن وثقه وقطع بتوثيقه العلامة المجلسي - رحمه الله - في (الوجيزة) (1)
وكذا والده (التقي) في (الروضة) (2) وقبلهما شيخنا الشهيد الثاني في
(الدراية) قال: " أحمد بن محمد مشترك بين جماعة: منهم - احمد
ابن محمد بن عيسى، وأحمد بن محمد بن خالد، وأحمد بن محمد بن
أبي نصر، وأحمد بن محمد بن الوليد، وجماعة أخر من أفاضل أصحابنا
في تلك الأعصار. ويتميز عند الاطلاق بقرائن الزمان... ويحتاج ذلك
إلى فضل قوة وتمييز واطلاع على الرجال ومراتبهم، ولكنه - مع الجهل -
لا يضر، لأن جميعهم ثقات " (3)
وقال شيخنا البهائي في مفتتح كتاب (مشرق الشمسين): احمد
ابن محمد مشترك بين جماعة يزيدون على ثلاثين، ولكن أكثرهم اطلاقا
وتكررا في الأسانيد أربعة ثقات: ابن الوليد القمي، وابن عيسى الأشعري
وابن خالد البرقي، وابن أبي نصر البزنطي. والأول يذكر في أوائل السند
والأوسطان في أواسطه. والأخير في أواخره. وأكثر ما يقع الاشتباه بين
الأوسطين ولكن حيث انهما - معا - ثقتان لم يكن في البحث عن تعيينه

(1) راجع: ص 144، طبع إيران سنة 1312.
(2) هي الروضة البهية لشرح مشيخة كتاب (من لا يحضره الفقيه)
للمولى محمد تقي المجلسي الأول المتوفى سنة 1070 ه‍ - والد المولى المحدث
محمد باقر المجلسي الثاني - صاحب البحار - المتوفى سنة 1111 ه‍، وكتاب
(الروضة) - هذا - لا يزال مخطوطا.
(3) راجع: ص 128، طبع النجف الأشرف سنة 1379 ه‍
344

فائدة يعتد بها " (1)
وقد جرى في (الحبل المتين) على ذلك، فوصف الروايات التي في
طريقها أحمد بن محمد بن خالد البرقي بالصحة (2)
وكذا المحقق الشيخ - رحمه الله - في " المنتقى " (3) وهو مذهب المتأخرين - كافة - إلا من شذ.
وأما أبوه محمد بن خالد، فقد سمعت توثيق الشيخ - رحمه الله -
له في (كتاب الرجال) من دون طعن فيه، ولا غمز. وما قاله النجاشي
- رحمه الله -: إنه كان ضعيفا في الحديث مع مدحه بالأدب، وحسن
معرفته بالأخبار وكلام العرب (4) وقال العلامة: " قال ابن الغضائري: حديثه يعرف وينكر، ويروي
عن الضعفاء كثيرا ويعتمد المراسيل ".
ثم قال: " والاعتماد - عندي - على قول الشيخ الطوسي - رحمه
الله - من تعديله " (5)

(1) راجع: ص 11، طبع إيران سنة 1319 ه‍، وهو ملحق بالحبل
المتين تأليفه أيضا.
(2) راجع: ص 39 وص 136 وص 146، طبع إيران سنة 1319 ه‍
(3) منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان، تأليف الشيخ حسن
ابن زين الدين الشهيد الثاني. وقد توفي في قرية (جبع) من قرى جبل
عامل سنة 1011، وقبره قريب من قبر ابن أخته السيد محمد صاحب المدارك
المتوفى سنة 1009. وكلا القبرين مزاران مشهوران - حتى اليوم - وقد
ترجم له سيدنا " بحر العلوم " في كتاب رجاله - كما سيأتي.
(4) رجال الشيخ الطوسي ص 386 طبع النجف الأشرف، ورجال
النجاشي ص 236 ط بمبئ.
(5) انظر (الخلاصة) ص 67، طبع إيران.
345

قال الشهيد الثاني في حواشي (الخلاصة): " الظاهر أن قول
النجاشي لا يقتضي العطن فيه نفسه، بل فيمن يروي عنه. ويؤيده كلام
ابن الغضائري. وحينئذ، فالأرجح قبول قوله: لتوثيق الشيخ له، وخلوه
عن المعارض ". لكنه في (نكاح المسالك) - في مسألة التوارث بالعقد
المنقطع - أورد رواية سعيد بن يسار في ذلك، وقال: " فهي أجود
ما في الباب دليلا، ولكن في طريقها البرقي وهو مشترك بين ثلاثة: محمد
ابن خالد، وأخيه الحسن، وابنه احمد، والكل ثقات على قول الشيخ
أبي جعفر الطوسي - رحمه الله - ولكن النجاشي ضعف محمدا. وقال ابن الغضائري: حديثه يعرف وينكر، ويروي عن الضعفاء كثيرا. وإذا
تعارض الجرح والتعديل، فالجرح مقدم. وظاهر حال النجاشي أنه أضبط
الجماعة وأعرفهم بحال الرجال. وأما ابنه احمد، فقد طعن عليه كما طعن
على أبيه - من قبل - وقال ابن الغضائري: كان لا يبالي عمن أخذ. ونفاه
أحمد بن محمد بن عيسى عن (قم) لذلك ولغيره - قال -: وبالجملة
فحال هذا النسب المشترك مضطرب، لا يدخل روايته في الصحيح، ولا في
معناه " (1)
هذا كلامه (2) وأنت خبير بما فيه، فان توثيق الحسن بن خالد

(1) انظر: (ج 1) من المسالك، شرح الشرايع طبع إيران في شرح (السابع)
من احكام العقد المنقطع عند قول المصنف - رحمه الله - " لا يثبت
بهذا العقد ميراث بين الزوجين - شرطا سقوطه أو اطلقا - " (الخ) ورواية
سعيد بن يسار - المشار إليها في الأصل - هي: "... عن الصادق (ع)
قال: سألته عن الرجل يتزوج المرأة متعة ولم يشترط الميراث؟ قال: ليس
بينهما ميراث - اشترط أولم يشترط ".
(2) اي: كلام الشهيد الثاني في نكاح المسالك في مسألة التوارث
بالعقد المنقطع.
346

انما عرف من النجاشي، لا الشيخ، وكلام الشيخ والنجاشي في احمد واحد
غير مختلف، فإنهما وثقاه في نفسه، وقالا: انه يروي عن الضعفاء، ويعتمد
المراسيل. وهذا لا يقتضى التضعيف، بل عنده: أن قولهم: " ضعيف
في الحديث " ليس تضعيفا، فكيف هذا. ولو كان تضعيفا، كان منهما
لا من النجاشي - خاصة - وما حكاه عن ابن الغضائري مقتطع من كلامه
المتقدم، وهو مسوق لدفع الطعن، لا للطعن، ونفي ابن عيسى له من
(قم) مندفع بإعادته ومشيه في جنازته حافيا حاسرا ليبرئ نفسه مما قذفه
به. وقد صرح فيما تقدم عنه (1) في شرح الرسالة - بتوثيقه - قاطعا
بذلك. ورجح في حاشية الخلاصة قبول رواية أبيه محمد، لتوثيق الشيخ
وخلوه عن المعارض، بناء على أن مراد النجاشي من قوله: " كان ضعيفا
في الحديث " ضعف من روى عنه، لا ضعفه. وحمل كلام ابن الغضائري
على ذلك، وجعله مؤيدا للمعنى الذي فهمه.
وأما تقديم قول الجارح، فليس ذلك على اطلاقه، وكذا تقديم النجاشي
على الشيخ وعلى تقديره فهو فرع التعارض، وهو منتف - هنا - للفرق
بين الضعيف، وضعيف الحديث، فان الثاني أعم من الأول، أو مباين له.
فالمتجه توثيق محمد - كولده - وفاقا للعلامة - رحمه الله - وأكثر
من تأخر عنه. ويؤيده كثرة روايته وسلامتها، واكثار ثقة الاسلام
والصدوق الرواية، عنه ووجود طريق في (الفقيه) إليه (2). وكونه

(1) انظر: ما نقله العلامة الحلي في الخلاصة عن ابن الغضائري من
قوله: " وقال ابن الغضائري طعن عليه القميون وليس الطعن فيه وانما الطعن فيمن
يروي عنه " (الخ) والذي ذكره سيدنا صاحب الأصل فيما تقدم آنفا (ص 339).
(2) انظر (ص 68 ج 4) من مشيخة (من لا يحضره الفقيه)
الملحق بآخره فإنه قال فيها " وما كان فيه عن محمد بن خالد البرقي فقد
رويته عن محمد بن الحسن - رضي الله عنه - عن محمد بن الحسن الصفار
عن محمد بن خالد البرقي ".
347

من رجال " نوادر الحكمة " (1) ولم يستثن فيمن استثنى منهم، وكذا
رواية كثير من الأجلاء - كأحمد بن محمد بن عيسى، وابنه أحمد بن محمد بن
خالد، ومحمد بن عبد الجبار، وإبراهيم بن هاشم، وغيرهم - عنه.
وفى البحار عن العياشي - رحمه الله - مرسلا عن صفوان - قال: " استأذنت لمحمد بن خالد على أبي الحسن الرضا عليه السلام، وأخبرته: أنه
ليس يقول بهذا القول، وأنه قال: والله لا أريد لقاءه إلا لأنتهي إلى
قوله فقال: أدخله، فدخل، فقال له: جعلت فداك: إنه كان
فرط مني شئ، وأسرفت على نفسي - وكان فيما يزعمون: أنه كان
يعيبه - فقال: وأنا أستغفر الله مما كان مني، فأحب أن تقبل عذري
وتغفر لي ما كان منى، فقال: نعم أقبل إن لم اقبل كان إبطال ما يقول
هذا وأصحابه - وأشار بيده إلى - ومصداق ما يقول الآخرون - يعنى المخالفين -
قال الله لنبيه (ص): " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف

(1) نوادر الحكمة، تأليف أبى جعفر محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن
عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري القمي، وهو يشتمل على كتب جماعة
أولها: كتاب التوحيد، وكتاب الوضوء، وكتاب الصلاة، وكتاب الزكاة، وكتاب الصوم
وكتاب الحج، وكتاب النكاح، وكتاب الطلاق (إلى اثنين وعشرين كتابا)
ترجم له الشيخ الطوسي - رحمه الله - في (الفهرست: ص 144) وعد
كتبه، وأنهاها إلى اثنين وعشرين كتابا (ثم قال): " أخبرنا بجميع
كتبه، ورواياته عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة القمي عن
محمد بن أحمد بن يحيى (وأخبرنا) بها أيضا الحسين بن عبيد الله وابن
أبي جيد - جميعا - عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عن محمد بن أحمد
ابن يحيى (وأخبرنا) بها جماعة عن أبي جعفر بن بابويه عن أبيه، ومحمد
ابن الحسن عن أحمد بن إدريس، محمد بن يحيى عنه (قال أبو جعفر
ابن بابويه): إلا ما كان فيها من غلو أو تخليط، وهو الذي يكون طريقه
محمد بن موسى الهمداني، أو يرويه عن رجل، أو عن بعض أصحابنا
أو يقول: وروي، أو يرويه عن محمد بن يحيى المعاذي، أو عن أبي
عبد الله الرازي الجاموراني، أو عن السياري، أو يرويه عن يوسف بن
السخت، أو عن وهب بن منبه، أو عن أبي علي النيشابوري، أو أبى
يحيى الواسطي، أو محمد بن علي الصيرفي، أو يقول: وجدت في كتاب ولم اروه
أو عن محمد بن عيسى بن عبيد باسناد منقطع ينفرد به، أو عن الهيثم بن عدي
أو عن سهل بن زياد الآدمي، أو عن أحمد بن هلال، أو عن محمد بن علي
الهمداني، أو عن عبد الله بن محمد الشامي، أو عبد الله بن أحمد الرازي
أو عن أحمد بن الحسين بن سعيد، أو عن أحمد بن بشر الرقي، أو محمد
ابن هارون، أو عن ممويه بن معروف، أو عن محمد بن عبد الله بن مهران
أو ينفرد به الحسن بن الحسين بن سعيد اللؤلؤي، أو جعفر بن محمد
الكوفي، أو جعفر بن محمد بن مالك، أو يوسف بن الحارث
أو عبد الله بن محمد الدمشقي ".
وترجم له الشيخ أيضا في (رجاله في باب من لم يرو عنهم عليهم
السلام ص 493) - قائلا -: " محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري
صاحب (نوادر الحكمة) وقد ذكرناه في الفهرست، روى عنه سعد
ومحمد بن يحيى، وأحمد بن إدريس "
وترجم له النجاشي أيضا في (رجاله: ص 245) وقال: " كان ثقة في الحديث الا ان أصحابنا قالوا: كان يروي عن الضعفاء، ويعتمد
المراسيل، ولا يبالي عمن اخذ، وما عليه في نفسه طعن في شئ، وكان
محمد بن الحسن يستثنى من رواية محمد بن يحيى ما رواه عن محمد بن
موسى الهمداني، أو ما رواه عن رجل - أو يقول: بعض أصحابنا " (ثم
أدرج أسماء الذين استثنوا كما ذكر في فهرست الشيخ) - ثم قال -: "
وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد في ذلك كله، وتبعه
أبو جعفر بن بابويه على ذلك إلا في محمد بن عيسى بن عبيد، فلا أدري
ما رابه فيه لأنه كان على ظاهر العدالة والثقة " - ثم قال النجاشي -: " ولأحمد بن محمد بن يحيى كتب منها كتاب (نوادر الحكمة) وهو كتاب
حسن كبير يعرفه القميون بدبة شبيب، قال: وشبيب (فامي) - الفامي
بياع الفوم - كان بقم له (دبة) - إناء من جلد معروف - ذات بيوت
يعطي منها ما يطلب منه من دهن، فشبهوا هذا الكتاب بذلك. وله كتاب
الملاحم، وكتاب الطب، وكتاب مقتل الحسين عليه السلام، وكتاب الإمامة
وكتاب المزار، (أخبرنا) الحسين بن موسى (قال حدثنا) جعفر بن محمد
(قال حدثنا) محمد بن جعفر الرزاز (قال حدثنا) محمد بن أحمد بنوادر
الحكمة (وأخبرنا) أحمد بن علي وابن شاذان وغيرهما عن أحمد بن
محمد بن يحيى عن أبيه عنه بسائر كتبه ".
وترجم له أيضا العلامة الحلي - رحمه الله - في القسم الأول من
(الخلاصة: ص 71) ط إيران. وذكره أيضا ابن داود الحلي في (رجاله
في الباب الأول منه: ص 297) واقتصر على ما ذكره الشيخ الطوسي في
فهرسته ورجاله " ولم يزد. وذكره أيضا المير مصطفى التفريشي في (نقد
الرجال: ص 290) واقتصر على ما ذكره النجاشي في رجاله، والشيخ
في الفهرست، وكتاب الرجال ولم يزد. وذكر أيضا في أكثر المعاجم
الرجالية.
348

عنهم واستغفر لهم، وشاورهم في الأمر " (1) ثم سأله عن أبيه، فأخبره:
أنه قد مضى، واستغفر له ".
فهذا الحديث - مع إرساله وعدم صراحته في محمد بن خالد البرقي
وعدم ظهور مضمونه فيه من كتب الرجال والأخبار - قد تضمن رجوعه
عما كان عليه من الوقف وغيره، فلا يقتضي طعنا فيه، بعد أن ظهرت
توبته، وقبله الرضا عليه السلام، ورضي عنه، واستغفر له، فان كثيرا من
أعاظم الأصحاب وثقاتهم وقفوا، ثم رجعوا وعادوا إلى الحق، ولم يتوقف
فيهم أحد.

(1) سورة آل عمران / 160
351

بنو عبد ربه
شهاب، ووهب، وعبد الرحيم، وعبد الخالق، وإسماعيل بن عبد الخالق
قال النجاشي: " إسماعيل بن الخالق بن عبد ربه بن أبي ميمونة
ابن يسار، مولى بني أسد، وجه من وجوه أصحابنا وفقيه من فقهائنا
وهو من بيت الشيعة.
عمومته: شهاب، وعبد الرحيم، ووهب. وأبوه عبد الخالق، كلهم
ثقات. رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام * وإسماعيل نفسه
روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (ع). له كتاب روى عنه جماعة: منهم -
محمد بن خالد " (1)
وفي بعض النسخ مكان (إسماعيل نفسه) (وإسماعيل ثقة) والتصحيف
في مثله قريب. وفي النفس - من التأكيد ب‍ - النفس هنا - شئ، غير

* إسماعيل بن عبد الخالق لحقه، وعاش إلى أيام أبى عبد الله عليه
السلام، ين، جخ (منه رحمه الله) يريد الشيخ - قدس سره - بقوله
(لحقه) أي لحق أيام الإمام علي بن الحسين عليه السلام وعاش إلى
أيام الامام أبي عبد الله الصادق عليه السلام، فقد ذكره الشيخ الطوسي
- رحمه الله - بهذه العبارة في باب أصحاب علي بن الحسين عليه السلام
من رجاله (ص 83 - برقم 18) طبع النجف الأشرف، وذكره أيضا
في باب أصحاب الباقر عليه السلام، (ص 105 - برقم 22) بعنوان
" إسماعيل بن عبد الخالق الجعفي " كما ذكره في باب أصحاب الصادق
عليه السلام أيضا (ص 147 - برقم 89) بعنوان " إسماعيل بن عبد الخالق
الأسدي " ولا ينافي كونه جعفيا أصلا ومنتسبا بالولاء إلى بني أسد، فلاحظ
(1) راجع: رجال النجاشي (ص 20) طبع بمبئ.
352

ان ذلك هو الموجود في أكثر النسخ، والموافق لما عندنا من كتب الرجال
كالكبير: (1) والمجمع (2) والنقد (3) وغيرها. يؤيدها، ما

(1) هو رجال الميرزا محمد الاسترآبادي المطبوع بإيران سنة 1306 ه‍
والمعروف بالرجال الكبير، إلا أن الاسترآبادي بعد انهاء كلامه قال: " وفى
جش - اي رجال النجاشي - ثقة " انظر (ص 57) طبع إيران في ترجمة
إسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربه، ولكن نسخ النجاشي المطبوعة في
بمبئ وإيران فيها كلمة (نفسه) بدل (ثقة) ويحدثنا العلامة الحجة المامقاني
- رحمه الله - في رجاله - في ترجمة إسماعيل بن عبد الخالق - ان لديه
نسخة مخطوطة فيها كلمة (ثقة) بدل (نفسه) كما أن ابا علي الحائري
صاحب منتهى المقال - في ترجمة إسماعيل بن عبد الخالق - نقل عن رجال
النجاشي الترجمة وجاء فيها: وإسماعيل (ثقة) إلى أن قال: "... فان كلمة
(ثقة) موجودة في رجال النجاشي - كما ذكرنا - ونقلها أيضا في
(الحاوي) ولذا ذكره في الثقات، إلا أن في (الوجيزة): ثقة على
الأظهر، وقيل: حسن، وهو يشير إلى سقوط الوثاقة من نسخته فتتبع "
وجملة القول ان نسخ النجاشي مختلفة عند أرباب المعاجم، فلاحظ
(2) المجمع: هذا، هو " مجمع الرجال " للمولى عناية الله القهبائي
طبع - أخيرا - منه جزءان، ويستمر في طبع بقية أجزائه بإيران على
نسخة خط المؤلف التي هي في مكتبة الحجة الثبت شيخنا الشيخ آغا بزرك
الطهراني صاحب " الذريعة " أدام الله وجوده، انظر تعليقتنا (ص 280)
السابقة.
(3) هو كتاب نقد الرجال للعلامة الكبير الآغا مير مصطفى التفريشي
الحسيني، وقد الفه سنة 1015، طبع بطهران سنة 1308 ه‍، وكان مؤلفه
حيا سنة 1044 ه‍، ولم تضبط سنة وفاته.
353

في (الخلاصة) " أما إسماعيل فإنه روى.. - " (1)
ثم قال النجاشي: " وهب بن عبد ربه بن أبي ميمونة بن يسار
الأسدي، مولى بني نصر بن قعين، أخو شهاب بن عبد ربه، وعبد الخالق
ثقة، له كتاب يرويه جماعة، منهم الحسن بن محبوب " (2)
وقال في شهاب: له كتاب، رواه ابن أبي عمير (3)
وذكره الشيخ، وجعل كتابه أصلا (4)
وقال الكشي: " شهاب، وعبد الرحيم، وعبد الخالق، ووهب -
ولد عبد ربه - من موالي بني أسد، من صلحاء الموالي " (5)
وقال - أيضا -: حدثني أبو الحسن حمدويه بن نصير، قال:
سمعت بعض المشائخ يقول: وسألته عن وهب وشهاب وعبد الرحمان
ابن عبد ربه وإسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربه، قال: كلهم خيار
فاضلون، كوفيون " (6)
والظاهر: ان عبد الرحمان هو عبد الرحيم يسمى بهما، والأول سهو (7)
وذكر الشيخ - في رجال الصادق عليه السلام - عبد ربه بن أبي ميمونة

(1) وتكملة عبارة (الخلاصة) " عن الصادق والكاظم عليهما السلام "
راجع: (ص 6) طبع إيران سنة 1310 ه‍،
(2) راجع: (ص 303) طبع بمبئ.
(3) راجع: (ص 139) طبع بمبئ.
(4) راجع: فهرست الشيخ الطوسي (ص 83 - برقم 345) طبع النجف
الأشرف.
(5) راجع: (ص 260) طبع بمبئ.
(6) راجع: (ص 261) بترجمة وهب بن عبد ربه، طبع بمبئ.
(7) ترجم العلامة الحلي - رحمه الله - في القسم الأول من (الخلاصة)
(ص 56)، لعبد الرحمن بن عبد ربه، ثم ترجم لعبد الرحيم بن عبد
ربه، ثم قال: " قال الكشي شهاب، وعبد الرحيم، وعبد الخالق
ووهب - ولد عبد ربه من موالي بني أسد، من صلحاء الموالي، قال:
وحدثني أبو الحسن حمدويه بن نصير، قال سمعت بعض المشايخ يقول -
وسألته عن وهب وشهاب وعبد الرحيم بني عبد ربه، وإسماعيل بن عبد الخالق
ابن عبد ربه - فقال - كلهم خيار فاضلون كوفيون ".
354

الأسدي، مولاهم الكوفي وقال: انه والد شهاب (1)
وقد ظهر مما قاله النجاشي توثيق (بني عبد ربه) الأربعة صريحا
في ترجمة إسماعيل، وتوثيق وهب في ترجمته. فعد حديثهم من الحسن
- كما اتفق لجماعة - ليس بحسن. واما إسماعيل، ففي استفادة توثيقه من
كلامه - على أشهر النسختين (2) نظر، فان الضمير في قوله: " كلهم
ثقات " راجع إلى أبيه وعمومته. وادخال إسماعيل معهم بعيد، يأباه
قوله: " رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، وإسماعيل نفسه
روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن " لكن قوله فيه: " وجه من وجوه
أصحابنا وفقيه من فقهائنا " مدح يقرب من التوثيق. بل قد يعد ذلك
توثيقا، بناء على أحد الوجهين في " الوجه " (3) وظهور الفقاهة، مع
انتفاء القدح في الاعتماد.

(1) راجع: رجال الشيخ الطوسي (ص 239 - برقم 257) طبع
النجف الأشرف.
(2) وهي النسخة التي فيها كلمة " وإسماعيل نفسه " - كما عرفت آنفا -
واما على النسخة القائلة " وإسماعيل ثقة " فلا اشكال في توثيقه.
(3) وهو العدالة والوثاقة، واما المعنى الثاني فهو المال والجاه والسلطان
والاعتبارات الأخر مما يوجب توجه الناس إليه، ولا يعد ذلك توثيقا
355

ويعضده ثبوت الكتاب ورواية الجماعة (1) وما رواه الكشي فيه وفي
غيره: إنهم خيار فاضلون، وما يظهر من الأخبار والرجال من جلالة
إسماعيل، بل كونه أجل أهل هذا البيت.
هذا مع ما عرفت من قرب التصحيف هنا، وضعف التأكيد، فإنه
يرجح النسخة التي فيها التوثيق.
وذكر الشيخ * في رجال الصادق عليه السلام -: عبد الغني
ابن عبد ربه (2) وشعيب بن عبد ربه - صاحب الطيالسي (3) ودخولهما
هنا غير معلوم. بل ظاهر كلام النجاشي والكشي ينفي ذلك. ولو دخلا
لم يتناولهما التوثيق ولا المدح، الا الدخول في " بيت الشيعة ".
وليس منهم سكين بن عبد ربه المحاربي، فإنه عربي من بني محارب (4)
أو مولى لهم (5) لا لبني أسد، ولا قيس بن عبد ربه، وعبد الرحمن
ابن عبد ربه اللذان هما من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام.

(1) يريد بذلك ما ذكره عن النجاشي - آنفا - من قوله: " له
كتاب روى عنه جماعة... ".
* الحسين بن شهاب بن عبد ربه، ق، جخ، (منه قدس سره)
(2) راجع: رجال الشيخ (ص 239 - برقم 259) ط النجف الأشرف
(3) راجع: رجال الشيخ (ص 217 - برقم 10) طبع النجف الأشرف.
(4) محارب بطن من عبد القيس، هو محارب بن عمرو بن وديعة
ابن لكيز بن عبد القيس، ويطلق أيضا على بطن من قريش، فهو محارب
ابن فهر بن مالك بن نضر بن كنانة، ويطلق ثالثا على محارب بن خصفة بن
قيس عيلان. (تاج العروس، مادة حرب).
(5) كما عليه الشيخ في رجاله، فإنه قال (ص 214 - برقم 192):
" سكين بن عبد ربه المحاربي الكوفي مولاهم ".
356

ولا الحسين بن عبد ربه، وعلي بن الحسين بن عبد ربه - وكيل
العسكري عليه السلام - " لبعد الطبقة، مع ظاهر كلام الجماعة في تسمية
اهل هذا البيت (1)

(1) اي تسمية بني عبد ربه بأسمائهم ولم يعدوا هؤلاء منهم، فلاحظ.
357

بنو يسار
أبو القاسم الفضيل بن يسار النهدي البصري المشهور، وابناه: العلا
والقاسم، ومحمد بن القاسم بن الفضيل - ثقات جميعا.
قال النجاشي: ومحمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار الهندي، ثقة
هو وأبوه، وعمه العلا، وجده الفضيل، روى عن الرضا عليه السلام
له كتاب. روى أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عنه " (1)
واتفق الجماعة على توثيق الفضيل، وفضله وجلالته، وعظم محله،
وهو أحد الفقهاء الذين عدهم الكشي من أصحاب الاجماع (2). وقد روى

(1) راجع: ص 256 ط بمبئ.
في ص 155 من كتاب (رجال الكشي) ط بمبئ: " قال الكشي:
اجتمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر عليه
السلام، وأصحاب أبي عبد الله عليه السلام، وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا:
أفقه الأولين ستة: زرارة، ومعروف بن خربوذ، وبريد، وأبو بصير
الأسدي، والفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم الطائفي... " وذكره الشيخ
الطوسي في (رجاله ص 132 من أصحاب الباقر عليه السلام) قائلا: " فضيل
ابن يسار بصري ثقة "، وذكره أيضا فيه (ص 271) - من أصحاب
الصادق عليه السلام - قائلا: " الفضيل بن يسار النهدي مولى، واصله كوفي
نزل البصرة، مات في حياة أبي عبد الله عليه السلام "، كما ذكر
الشيخ في (رجاله: ص 391): محمد بن القاسم بن الفضيل من غير وصف
من أصحاب الرضا عليه السلام، وذكره أيضا في (الفهرست: ص 155)
وقال: " له كتاب رويناه بهذا الاسناد عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه
عنه " وذكر أيضا في (رجاله ص 274): القاسم بن الفضيل بن يسار
البصري، وعده من أصحاب الصادق عليه السلام.
358

في فضله اخبارا كثيرة سالمة عن المعارض (1) وقل ما اتفق في الاجلاء
مثل ذلك. وكرر النجاشي توثيقه وتوثيق ولديه: - القاسم، والعلا - في تراجمهم
وأثبت لكل منهم كتابا (2) وقال في الفضيل: " إنه عربي صميم " (3)
وهو ظاهر كلامه في محمد بن القاسم وأبيه، لكنه صرح في العلا بن
الفضيل بأنه مولى (4) ويوافقه كلام الشيخ في (الرجال) فإنه قال:
" العلا بن الفضيل بن يسار النهدي مولى، وابنه القاسم بن العلا " (5)
ولم أجد للقاسم بن العلا ذكرا إلا في هذا الموضع..

(1) كقول الإمام الصادق عليه السلام: ".. من أحب ان ينظر
إلى رجل من اهل الجنة، فلينظر إلى هذا " وقوله عليه السلام: " ان
الأرض لتسكن إلى الفضيل بن يسار " وقوله (ع): "... رحم الله الفضيل
ابن يسار، وهو منا أهل البيت " وكقول الباقر عليه السلام - حينما دخل
عليه الفضيل - "... بخ بخ بشر المخبتين مرحبا بمن تأنس به الأرض "
راجع: ص 139 - 140 ط بمبئ.
(2) قال في ص 219 ط بمبئ - في ترجمة الفضيل - ثقة... له
كتاب يرويه جماعة " وفي ص 221 - في ترجمة القاسم -: " ثقة، روى
عن أبي عبد الله عليه السلام، له كتاب يرويه محمد بن أبي عمير " وفي
ص 211 - في ترجمة العلاء -: " ثقة له كتاب يرويه جماعة ".
(3) ص 219 ط بمبئ.
(4) راجع: ص 211 بمبئ.
(5) رجال الشيخ: ص 245 ط النجف الأشرف
359

بنو ميمون
مولى بني شيبان. وقيل: مولى كندة. وقيل: عربي منها يكنى
أبا عبد الله، تابعي (1) روى عن ابن عباس وابن عمرو والبراء بن عازب
حدث عنه: كثير النوى، وسلمة بن كهيل، وخالد الحذاء، وشعبة
وعوف بن أبي جميلة، وابنه عبد الر حمن بن أبي عبد الله البصري. وأصله

(1) ذكر ميمونا - هذا - ابن حجر العسقلاني في (تهذيب
التهذيب: ج 10 ص 393) فقال: " ميمون أبو عبد الله البصري الكندي
ويقال: القرشي " مولى ابن سمرة، روى عن البراء بن عازب، وزيد
ابن أرقم وابن عباس وعبد الله بن بريدة، وعدة، وعنه ابناه:
محمد، وعبد الرحمن، وقتادة، وخالد الحذاء، وعوف الأعرابي، وشعبة
وغيرهم... وذكره ابن حبان في الثقات... وزعم عبد الغني بن سعيد
في (ايضاح الاشكال) ان ابا بلج روى عنه عن ابن عباس حديثا في فضل
علي، فقال: عن عمرو بن ميمون غلط فيه ". وذكره أيضا في " تقريب
التهذيب " وقال: إنه من الرابعة، اي: توفى بعد المائة، وترجم له
الحافظ صفي الدين الخزرجي في (خلاصة تذهيب الكمال ص 338)
طبع مصر، فقال: " ميمون الكندي أبو عبد الله البصري، عن زيد
ابن أرقم والبراء، وعنه ابنه محمد، وقتادة قال احمد: أحاديثه مناكير
وقال ابن حبان في الثقات: كان القطان سئ الرأي فيه ".
وذكره أيضا الذهبي في (ميزان الاعتدال ج 4 ص 235) رقم
(8971) ط مصر سنة 1363 ه‍ - فقال: " ميمون (ت، س، ق)، مولى
عبد الرحمن بن سمرة - غندر، حدثنا شعبة عن ميمون أبي عبد الله عن
زيد بن أرقم - مرفوعا: (من كنت مولاه فعلي مولاه) غندر، حدثنا
عوف عن ميمون أبى عبد الله عن زيد بن أرقم والبراء " ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لعلي: (أنت مني كهارون من موسى غير انك
لست بنبي).
قال علي: كان يحيى القطان لا يحدث عن ميمون أبي عبد الله، وقال
احمد: أحاديثه مناكير، معتمر، عن عوف: سمعت ميمون ابا عبد الله
يقول: حدثنا زيد بن أرقم: " انه كان لنفر من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم أبواب شارعة في المسجد، وان رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال يوما: (سدوا هذه الأبواب غير باب علي) فتكلم في ذلك
أناس، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، وقال:
" اما بعد فاني امرت بسد هذه الأبواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم
واني ولله ما فتحت شيئا ولا سددته، ولكني امرت بشئ فاتبعته " قال
العقيلي - عقيبه - وقد روى من طريق اصلح من هذا، وفيها لين أيضا ".
360

من الكوفة. وكان ختن (1) الفضيل بن يسار من أصحاب الصادق عليه
السلام (2) روى عنه سبعمائة مسألة، وابن عبد الرحمن همام، وابن ابنه
أبو همام إسماعيل بن همام، ثقات جميعا.
قال النجاشي - رحمه الله -: " إسماعيل بن همام بن عبد الرحمن
ابن أبي عبد الله ميمون البصري، مولى كندة. وإسماعيل يكنى: ابا همام
روى إسماعيل عن الرضا عليه السلام (3) ثقة - هو وأبوه وجده - له

(1) الختن - بفتحتين - ابوا امرأة الرجل وأخو امرأته، وكل من كان
من قبل امرأته، والجمع اختان، والأنثى ختنة. (لسان العرب، مادة ختن)
(2) جملة (من أصحاب الصادق عليه السلام) تعريف للفضيل بن
يسار الذي تقدم ذكره آنفا في بني يسار (ص 358) لا لميمون، فلاحظ.
(3) إسماعيل بن همام - ذكره الشيخ الطوسي في " رجاله: ص 368 "
من أصحاب الرضا عليه السلام، فقال: " إسماعيل بن همام مولى لكندة
وهو أبو همام ". وذكره أيضا في باب الكنى من (الفهرست ص 187)
وقال: " له مسائل، أخبرنا بها جماعة عن أبي المفضل عن ابن بطة عن أحمد
بن محمد بن عيسى عنه ".
وقد جاء إسماعيل هذا في طريق الصدوق رحمه الله في باب ابتدا الكعبة
وذكره أيضا العلامة في (الخلاصة في القسم الأول: ص 6) طبع
إيران وقال: " روى عن الرضا عليه السلام، ثقة هو وأبوه وجده ".
وذكره - أيضا - الأردبيلي في (جامع الرواة: ج 1 ص 104)
وقال - بعد الترجمة له -: " روى عنه يعقوب بن يزيد في (التهذيب)
في باب العمل ليلة الجمعة ويوما من أبواب الزيادات في الجزء الثاني، وفي
باب الزيادات في فقه النكاح. وفى (الاستبصار) في باب: الرجل
يتزوج امرأة هل يجوز ان يتزوج ابنة ابنتها، وروى عنه أحمد بن محمد
ابن عيسى في (من لا يحضره الفقيه) في باب الوصية بالعتق والصدقة وجاء
في (مشيخة من لا يحضره الفقيه) في طريقه، وفي (التهذيب) في باب
الوصية المبهمة - مرتين - (إلى آخر ما ذكره الأردبيلي) فراجعه.
وذكر الطريحي، والكاظمي: رواياته عن مشايخه، ومن روى
عنه وترجم له في أكثر المعاجم.
361

كتاب، يرويه عنه جماعة، منهم أحمد بن محمد بن عيسى " (1)
وفى رجال الشيخ: " أبان بن عبد الرحمن أبو عبد الله البصري
أسند عنه " (2) من أصحاب الصادق عليه السلام.

(1) راجع: ص 22 طبع بمبئ.
(2) راجع: ص 151 برقم 183، طبع النجف الأشرف، وقول
الشيخ - رحمه الله - (أسند عنه) بالبناء للمجهول كما هو المشهور، والمراد
به انه عنه الشيوخ واعتمدوا عليه، وهو كالتوثيق. وقد تقرا الجملة
بالبناء للفاعل وارجاع ضمير (عنه) إلى الامام الذي صاحب الترجمة من
أصحابه، - وهو الصادق ع -. نقل ذلك عن المحقق الشيخ محمد، والفاضل
الشيخ عبد النبي في (الحاوي)، وقد فسره المحقق الداماد - على القراءة
الثانية - بعدم السماع من الإمام عليه السلام، بل يروي عن أصحابه
الموثقين، والجملة اصطلاح من الشيخ - رحمه الله - ودلالة الجملة على المدح
بناء على القراءة الأولى، انظر (مقياس الهداية) للحجة المامقاني الملحق بالجزء
الثالث من تنقيح المقال ص 75.
362

بنو أبى سبرة
قال النجاشي: " بسطام بن الحصين بن عبد الرحمن الجعفي ابن أخي
خيثمة، وإسماعيل. كان وجها في أصحابنا، وأبوه وعمومته. وكان
أوجههم إسماعيل، وهم بيت بالكوفة، من (جعفي) يقال لهم: بنو
أبي سبرة، منهم - خيثمة بن عبد الرحمن - صاحب عبد الله بن مسعود - له
كتاب. روى عنه محمد بن عمرو بن النعمان الجعفي " (1)
وذكر الشيخ: إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي الكوفي - في أصحاب
الباقر، والصادق عليهما السلام - وقال: " إنه تابعي، سمع أبا الطفيل

(1) راجع: (ص 80) طبع بمبئ، وذكر ابن داود الحلي في
رجاله القسم الأول (ص 142) خيثمة بن عبد الرحمان - هذا -
وقال فيه: " قريب الحال لأن العقيقي قال: إنه فاضل. وهو إمارة العدالة "
وذكره المولى الأردبيلي في (جامع الرواة) (ج 1 - ص 299)
وقال: " روى عنه علي بن عطية في (الكافي) في باب: إطلاق القول
بأنه شئ، وفى باب. من وصف عدلا وعمل بغيره، وروى عنه بكر بن
محمد عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في باب سويق الحنطة من أبواب
الأطعمة، (اي من الكافي) وروى عنه ابن مسكان في باب زيارة الاخوان "
اي من الكافي.
وترجم لخيثمة - هذا - ابن حجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب:
ج 3 ص 178) فقال: " خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة - واسمه
يزيد - بن مالك بن عبد الله بن ذويب الجعفي الكوفي، لأبيه ولجده
صحبة، وفد جده أبو سبرة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ومعه
ابناه سبرة، وعزيز - روى عن أبيه، وعلي بن أبي طالب، وابن
عمر، وابن عمرو، وابن عباس، والبراء بن عازب، وعدي بن حاتم
والنعمان بن بشير، وغيرهم من الصحابة والتابعين. وعنه زر بن حبيش
وأبو إسحاق السبيعي، وطلحة بن مصرف، وعمرو بن مرة الجملي، وقتادة
والأعمش، ومنصور، وغيرهم، قال ابن معين والنسائي: ثقة، وقال
العجلي: كوفي تابعي، ثقة، وكان رجلا صالحا، وكان سخيا، ولم ينج
من فتنة ابن الأشعث إلا هو وإبراهيم النخعي، وقال مالك بن مغول عن
طلحة بن مصرف ما رأيت بالكوفة أحدا أعجب إلي منهما. قال البخاري
مات قبل أبي وائل، وقال غيره: مات بعد سنة ثمانين. قلت: وأرخه ابن
قانع سنة 80 ه‍، وذكره ابن حبان في الثقات، وساق بسنده إلى نعيم
ابن أبي هند قال: رأيت أبا وائل في جنازة خيثمة، وقال عبد الله بن أحمد
عن أبيه: لم يسمع خيثمة من ابن مسعود، وكذا قال أبو حاتم
وقال أبو زرعة: خيثمة عن عمر مرسل، وقال ابن القطان: ينظر في
سماعه من عائشة ".
364

عامر بن واثلة " (1) واخاه خيثمة في أصحابهما عليهما السلام. كناه

(1) راجع رجال الشيخ الطوسي (ص 104 - برقم 15) طبع النجف
الأشرف - باب أصحاب الباقر عليه السلام، (وص 147 - برقم 84) باب
أصحاب الصادق (ع) وقال فيه " إسماعيل بن عبد الرحمان الجعفي الكوفي تابعي
سمع من أبي الطفيل، مات في حياة أبي عبد الله عليه السلام. وكان
فقيها، وروى عن أبي جعفر عليه السلام أيضا "
ويروي عن إسماعيل - هذا - جميل بن دراج، وحماد بن عثمان
وابن سماعة، وصفوان بن يحيى ومحمد بن سنان، ذكر ذلك المولى
الأردبيلي في (جامع الرواة - ج 1 - ص 98) وقال: له روايات في
مواضع عديدة من الكتب الأربعة.
365

أبا عبد الرحمن (1) وبسطام * بن الحصين في أصحاب الصادق عليه
السلام (2)
وقال العلامة - رحمه الله - في إسماعيل: " نقل ابن عقدة: أن
الصادق عليه السلام ترحم عليه. وحكى عن ابن نمير: أنه قال: ثقة
- قال -: وبالجملة، فحديثه، اعتمد عليه " (3)
وقال في خيثمة: " قال علي بن أحمد العقيقي: إنه كان فاضلا.
وهذا لا يقتضي التعديل وان كان من المرجحات " (4).
قلت: وما قاله النجاشي يقرب من التوثيق.

(1) راجع: (ص 120 - برقم 3) باب أصحاب الباقر عليه السلام
و (ص 187 - برقم 40) باب أصحاب الصادق عليه السلام، طبع النجف
الأشرف.
* محمد بن بسطام الجعفي مولاهم ق، جخ. (منه قدس سره)
(2) راجع: (ص 159 - برقم 76) طبع النجف الأشرف.
(3) راجع: خلاصة الأقوال (ص 5) الباب الثاني، طبع إيران
وراجع أيضا: رجال ابن داود (ص 57).
(4) راجع: خلاصة الأقوال (ص 33) الباب الثاني، طبع إيران
366

بنو سابور
قال النجاشي: " بسطام بن سابور الزيات، أبو الحسين الواسطي
مولى، ثقة. واخوته: - زكريا، وزياد، وحفص - ثقات كلهم
رووا عن الصادق، والكاظم عليهما السلام، ذكرهم أبو العباس وغيره
في (الرجال) * له كتاب. روى عنه صفوان " (1) *

* والظاهر أن التوثيق من النجاشي لامن أبي العباس المشترك بين
ابن عقدة الزيدي وابن نوح، مع أن توثيق ابن عقدة لا يخلو من اعتبار.
خصوصا مع انضمام غيره وتعدده. وقيل: اطلاق أبي العباس في النجاشي
ينصرف إلى ابن نوح. وهو قريب. (منه قدس سره)
(1) راجع: رجال النجاشي (ص 86) طبع إيران، وذكر بسطام
- هذا - الشيخ الطوسي في رجاله (ص 159) و (ص 160) بعنوانين
في باب أصحاب الصادق عليه السلام، وفى الفهرست أيضا (ص 40 - برقم
121) طبع النجف الأشرف سنة 1356 ه‍، تارة بعنوان: بسطام
ابن زيات، يكنى ابا الحسين الواسطي له كتاب روى عنه صفوان بن يحيى
وتارة أخرى في (ص 40) أيضا، برقم 122، بعنوان بسطام بن
سابور له كتاب، روى عنه النهيكي، والظاهر اتحادهما، إذ قد يقال:
بسطام بن سابور الزيات، ويقال أيضا بسطام بن الزيات.
انظر ترجمة له في (منهج المقال) للاسترابادي، وفي (جامع الرواة)
للمولى الأردبيلي (ج 1 - ص 120) وفى (تنقيح المقال) للحجة المامقاني
(ج 1 - ص 169) وغيرها من المعاجم الرجالية.
* يحيى بن سابور القائد (ق جخ) روى له الكليني مدحا، وفي
كونه من بني سابور نظر (منه رحمه الله). وذكر يحيى بن سابور
القائد - هذا - أيضا المولى الأردبيلي في (جامع الرواة: ج 2 ص 328)
فقال " يحيى بن سابور القائد (ق) في (الكافي) - في الروضة - في حديث
محاسبة النفس، في الصحيح عن بدر بن الوليد الخثعمي قال: دخل يحيى
ابن سابور على أبي عبد الله عليه السلام ليودعه فقال أبو عبد الله عليه السلام
اما والله انكم لعلى الحق، وان من خالفكم لعلى غير الحق، والله ما أشك
لكم في الجنة وإني أرجو ان يقر الله بأعينكم إلى قريب " - ثم قال
الأردبيلي -: " عنه معاوية بن وهب في (الكافي) في باب ما يعاين المؤمن
والكافر "، وروى الحديث المذكور صاحب البحار عن (محاسن البرقي)
عن أبي النضر عن يحيى الحلبي عن عبد الله بن مسكان عن بدر بن الوليد
الخثعمي قال: " دخل يحيى بن سابور (إلى آخر الحديث) ذكر
ذلك عن البحار العلامة المحقق المامقاني في (تنقيح المقال ج 3 ص 316)
وذكره أيضا المجلسي - رحمه الله - في (الوجيزة: ص 169) وجعل
حديثه من الحسان.
وذكره أيضا الاسترآبادي في (منهج المقال) وقال: " قد تقدم في
زكريا بن سابور ما يدل على مدحه بل على توثيقه، وفيه نظر " فكأنه
يجعله من بني سابور المذكور، وانه أخو زكريا بن سابور، فراجعه.
367

ومن بني سابور: الحسين بن بسطام، وأخوه: أبو عتاب عبد الله
لهما كتاب، جمعاه في الطب.
حكى النجاشي في الحسين بن بسطام عن أبي عبد الله بن عياش:
أنه قال: " هو الحسين بن بسطام بن سابور الزيات، له ولأخيه أبي
عتاب كتاب جمعاه في الطلب، كثير الفوائد والمنافع على طريقة الطب في
الأطعمة ومنافعها والرقى والعوذ " (1) وفي عبد الله بن بسطام نحو ذلك (2)

(1) راجع: (ص 30) طبع إيران.
(1) قال في (ص 161) طبع إيران "... أخو الحسين بن بسطام
- المقدم - ذكره في باب الحسين - الذي له ولأخيه كتاب الطب ".
368

بنو سوقة
حفص، وزياد، ومحمد - أبناء سوقة - ثقات جميعا.
قال النجاشي: " حفص بن سوقة العمرى، مولى عمرو بن حريث
المخزومي، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام، ذكره أبو العباس
ابن نوح في رجالهما (1). أخواه: زياد، ومحمد - ابنا سوقة - أكثر منه
رواية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، وثقات، روى محمد

(1) عبارة النجاشي في رجاله - المطبوع والمخطوط - " ذكره
أبو العباس بن نوح في رجالهما " بدون (واو) - كما في المتن - وكل من
نقل عبارته في ترجمة حفص بن سوقة من أصحاب المعاجم - المطبوعة والمخطوطة -
نقلها كما هنا. وأبو العباس بن نوح - هذا - هو أحمد بن محمد بن نوح أبو العباس
السيرافي ساكن البصرة، ذكره الشيخ الطوسي في (الفهرست: ص
37) ووثقه في روايته، وقال: " له كتاب الرجال الذين رووا عن أبي
عبد الله عليه السلام، وزاد على ما ذكره ابن عقدة. كثيرا " ثم قال
الشيخ " وأخبرنا عنه جماعة من أصحابنا بجميع رواياته، ومات عن قرب
إلا أنه كان بالبصرة ولم يتفق لقائي إياه " وذكره الشيخ - أيضا - في
(رجاله: ص 456) في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام وقال " يكنى
ابا العباس ثقة " وترجم له أيضا ابن شهرآشوب في (معالم العلماء: ص
22) وذكر في أكثر المعاجم أيضا.
وعليه فيكون ضمير التثنية في كلمة " رجالهما " الواردة في رجال
النجاشي راجعا إلى أبي عبد الله (الصادق) وأبي الحسن (الكاظم) عليهما السلام.
ولكن ذكر صاحب (قاموس الرجال ج 3 ص 359): " ان الذي
جاء في رجال النجاشي: " ذكره أبو العباس وابن نوح " اي بزيادة
الواو العطفة، وقال: ان الضمير مرجعه ابن عقدة، وابن نوح " وجعل
شاهده ما ذكره العلامة الحلي في الخلاصة - في حين ان الذي فيها بلا واو
أيضا كما في ص 30 من طبعة إيران - وقال " سقطت الواو من نسخنا "
غير أن عبارة طبعة النجف سنة 1381 ه‍ - مع الواو، وهي مصححة على
نسختنا المطبوعة في إيران - المصححة على نسخة المغفور له المجاهد الكبير
الحجة الشيخ محمد جواد البلاغي النجفي - أيام حياته - وقد كتب هو
- رحمه الله - في آخرها العبارة التالية: " بلغ مقابلة - بحمد الله
ومنه - على نسخ متعددة مع بذل الجهد في التصحيح والتنقيح في ليلة الثالث من
محرم سنة 1323 ه‍ ". يكون إذا ما ذكره صاحب (قاموس الرجال) متجها
فلاحظ ذلك.
وابن عقدة - هذا - هو أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد السبيعي
الهمداني الحافظ المعروف بابن عقدة الذي ترجم له في أكثر المعاجم الرجالية
وكان زيديا جاروديا، قال فيه الشيخ الطوسي (الفهرست: ص 28)
" امره في الثقة والجلالة وعظم الحفظ أشهر من أن يذكر ". ثم عد من
كتبه كتاب من روى عن جعفر بن محمد عليه السلام، وذكره النجاشي أيضا
في رجاله، والعلامة في الخلاصة في القسم الثاني، وقال " له كتاب أسماء
الرجال الذين رووا عن الصادق عليه السلام أربعة آلاف رجل، واخرج
فيه لكل رجل الحديث الذي رواه ".
ولد سنة 249 ه‍، وتوفي بالكوفة سنة 333 ه‍ - وترجم له أيضا ابن داود
الحلي في القسم الثاني من كتاب رجاله ص 422.
واما ابن نوح فهو أبو العباس أحمد بن محمد بن نوح السيرافي
البصري - المتقدم ذكره - وحفص بن سوقة - هذا - ذكره الشيخ الطوسي
في (الفهرست: ص 62) وعامة أرباب المعاجم.
369

ابن سوقة عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن علي عليه السلام: حديث (تفرقة
هذه الأمة) (1) وروى زياد عن أبي جعفر عليه السلام (لا تصلوا خلف
الناصب) (2) لحفص كتاب، عنه محمد بن أبي عمير (3)
وذكر الشيخ (رحمه الله) في رجال الصادق -: عثمان بن سوقة الكوفي
وزيد بن سوقة البجلي مولى جرير بن عبد الله، ابا الحسن الكوفي (4)
والظاهر كونهما من اخوة حفص. ولا يبعد أن يكونه زيد وزياد
واحدا (5)

(1) وهو الحديث المشهور - وهو طويل - وفي آخره: " وستفترق
أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة ناجية والباقون في النار... " راجع
هامش (ج 3 ص 5) من كتاب تلخيص الشافي للشيخ الطوسي - طبع
النجف الأشرف.
(2) بهذا النص مضمون روايات كثيرة حفلت بها كتب الأخبار كالوسائل
وغيرها - في باب صلاة الجماعة، عدم جواز الاقتداء بالمخالف - فراجعها.
(3) راجع (ص 98) طبع بمبئ.
(4) راجع في عثمان (ص 260 برقم 609) اما الموجود في الرجال المطبوع
(ص 197 برقم 30) زياد لا زيد، غير أن أرباب المعاجم ينقلون عن رجال
الشيخ (زيد) كما ذكر زياد في الرجال (ص 89) برقم (3) في باب أصحاب
علي بن الحسين (ع) وص 122 برقم 3 في باب أصحاب الباقر عليه السلام.
(5) ذكرنا - آنفا -: انه لا يوجد لزيد بن سوقة ذكر في رجال
الشيخ المطبوع، ولا في اصله المخطوط - الموجود عندنا - وانما نقل السيد
مصطفى التفريشي في (نقد الرجال) والعلامة المامقاني رحمه الله في (تنقيح
المقال) والمولى الأردبيلي في (جامع الرواة) والسيد رحمه الله - هنا -
هذا الاسم عن رجال الشيخ - رحمه الله - فقط. ولعل له ذكرا في نسخهم
من رجال الشيخ - رحمه الله - بل لم نجد لزيد - هذا - ذكرا في
المعاجم المشهورة كرجال النجاشي، ورجال العلامة الحلي، ومنهج المقال
للاسترابادي، ورجال الوسيط له، ورجال أبي داود، ورجال البرقي، ومنتهى
المقال لابي علي الحائري، ورجال الخوئي، وغيرها من المعاجم. وهذا مما
يؤيد ما ذكره السيد - رحمه الله - من أن زيادا وزيدا واحد. فلاحظ ذلك
371

وفي رجال الشيخ من أصحاب علي بن الحسين زين العابدين (ع)
" زياد بن سوقة الجريري مولاهم الكوفي " وقال: " وأخواه: محمد
وحفص " (1)

(1) راجع: (ص 89 برقم 3) من رجال الشيخ - رحمه الله -
طبع النجف الأشرف، في باب أصحاب الإمام علي بن الحسين عليه السلام
فقد ذكره بعنوان: " زياد بن سوقة الجريري مولاهم، كوفي، وأخواه
محمد، وحفص "، كما ذكره أيضا (ص 122 برقم 3) بعنوان: " زياد
ابن سوقة البجلي الكوفي، مولى تابعي، يكنى ابا الحسن، مولى جرير
ابن عبد لله "، وذلك في باب أصحاب الإمام الباقر عليه السلام، وذكره
أيضا (ص 197 برقم 30) في باب أصحاب الصادق عليه السلام بعنوان
" زياد بن سوقة البجلي، مولى جرير بن عبد الله، أبو الحسن، مولاهم
كوفي ".
وذكره أيضا بعنوان زياد بن سوقة الجريري، المولى الأردبيلي
- رحمه الله - في (جامع الرواة ج 1 ص 336) وقال " روي عنه
محمد بن أبي عمير في مشيخة (من لا يحضره الفقيه) في طريقه، وعنه علي
ابن رئاب في (التهذيب) في باب ما تجوز الصلاة فيه من أبواب الزيادات
وفى باب: حكم الحيض، وفى (الاستبصار) في باب: الانسان يصلي
محلول الأزرار، وفى (الكافي) في باب: الصلاة في ثوب واحد، وفي
باب: معرفة دم الحيض والعذرة. وعنه هشام بن سالم في (من لا يحضره
الفقيه) في باب القود ومبلغ الدية، وفى باب: دية الأصابع " ومرتين
في (التهذيب) في باب ديات الأعضاء. وعنه جميل بن صالح في باب
ما يحرم من النكاح من الرضاع، وفي (الكافي) في باب: ان الأئمة
عليهم السلام محدثون مفهمون، وفى (الاستبصار) في باب مقدار ما يحرم
من الرضاع ".
وليلاحظ ان النجاشي جعل: حفص بن سوقة - كما عرفت - مولى
عمرو بن حريث المخزومي. واما الشيخ - رحمه الله - فقد جعل كلا من
اخويه: محمد وزياد مولى جرير بن عبد الله البجلي، ويعتقد صاحب (قاموس
الرجال: ج 3 ص 359) ان أحدهما اشتباه ولكن فيما ذكره نظر فلاحظ.
372

بنو نعيم الصحاف
محمد، وعلي، والحسين، وعبد الرحمن.
قال النجاشي: " الحسين بن نعيم الصحاف، مولى بني أسد، ثقة
وأخواه: علي، ومحمد. رووا عن أبي عبد الله عليه السلام.
له كتاب. روى عنه ابن أبي عمير. قال عثمان بن حاتم المنتاب: قال
محمد بن عبدة: وعبد الرحمن بن نعيم الصحاف مولى بنى أسد أعقب
وأخوه الحسين كان متكلما مجيدا. له كتاب بروايات كثيرة، منها رواية
ابن أبي عمير (1)
وقال الشيخ - في باب العين -: " علي بن نعيم الصحاف الكوفي
وأخواه: حسين ومحمد (2) وفي (الميم): " محمد بن نعيم الصحاف، وأخواه: الحسين وعلي ق " (3)

(1) راجع: (ص 39 - ص 40) طبع بمبئ.
(2) راجع: (ص 244 برقم 331) طبع النجف باب أصحاب
الصادق عليه السلام.
(3) راجع: المصدر نفسه: (ص 302 برقم 354) باب أصحاب
الصادق عليه السلام.
وذكر الحسين بن نعيم - هذا - الشيخ في (الفهرست ص 56) برقم (207)، وقال: " له كتاب، رويناه بالاسناد الأول عن ابن أبي
عمير عنه " وأراد بالاسناد الأول " عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن
ابن بطة عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان... ".
374

وفي الخلاصة، ورجال ابن داود: " علي بن نعيم ثقة " (1)
وكأنهما استفادا توثيقه من كلام النجاشي، وليس نصا فيه، لاحتمال
أن يكون علي ومحمد خبرا، لا بدلا - كما مر مثله في بني حيان - (2)
ويقرب إرادة التوثيق فيهما: إفراد عبد الرحمن، وعدم ذكره معهما
والا، لقال: وإخوته علي، ومحمد، وعبد الرحمن. ويحتمل أن يكون ذلك
لعدم ثبوت روايته عن الصادق عليه السلام، أم عدم ثبوته من أصله إلا من
رواية ابن عبدة.
وبالجملة، فالحكم بالتوثيق من هذه العبارة محل نظر، وعلى تقديره
فلا يختص بعلي *

(1) راجع: الخلاصة ص 51 ط إيران - اخر باب علي - وابن داود
ص 253 برقم 1076 ط طهران.
(2) اي خبر لكلمة " وأخواه " لا بدل منها، والخبر محذوف يدل
عليه كلمة " ثقة ".
* في رجال الشيخ باب أصحاب الصادق عليه السلام: عبد الرحمان
ابن نعيم الأزدي، والحسين بن عطية بعد ذكر الحسن بن عطية الكوفي
" منه قدس سره "
375

بنو عطية
محمد، وعلي، والحسن، وجعفر، أولاد عطية. والثلاثة الأول ثقات.
قال النجاشي: الحسن بن عطية الحناط كوفي، مولى، ثقة، وأخواه
أيضا محمد وعلي. وكلهم رووا عن أبي عبد الله عليه السلام. وهو الحسن
ابن عطية الدغشى المحاربي أبو ناب. ومن ولده: علي بن إبراهيم بن
الحسن، روى عن أبيه عن جده. ما رأيت أحدا من أصحابنا ذكر له
تصنيفا " (1)
ثم قال: " محمد بن عطية الحناط أخو الحسن وجعفر، كوفي.
روى عن أبي عبد الله عليه السلام، وهو صغير، له كتاب، عنه ابن أبي عمير " (2)
وقال الشيخ في (الفهرست): " علي بن عطية له كتاب. عنه
ابن أبي عمير (3)
وفى باب من لم يرو عنهم عليهم السلام من كتاب الرجال -: " علي
ابن إبراهيم الخياط. روى عنه حميد أصولا. مات سنة سبع ومائتين،
وصلى عليه إبراهيم بن محمد العلوي، ودفن عند مسجد السهلة " (4)

(1) راجع: ص 34 ط بمبئ، وذكر الشيخ في رجاله في باب
أصحاب الصادق عليه السلام (ص 167 برقم 20) الحسن بن عطية هذا
ثم ذكره مرة ثانية في هذا الباب (ص 182 برقم 297).
(2) راجع: ص 252 ط بمبئ، وذكره أيضا الشيخ في رجاله في باب
أصحاب الصادق عليه السلام (ص 295 برقم 246).
(3) راجع: ص 97 برقم 410 ط النجف.
(4) راجع: ص 480 برقم 21 ط النجف.
376

ولعل هذا هو علي بن إبراهيم بن الحسن بن عطية الحناط المتقدم
في كلام النجاشي - وما في نسخ الرجال - من (الخياط) بالمعجمة والياء
تصحيف (الحناط) بالمهملة والنون.
وذكر العلامة، وابن داود: محمد بن عطية في القسم الثاني، وضعفاه
وقالا - في موضع (صغير) من عبارة النجاشي -: " ضعيف " (1)
وهو تصحيف - كما نبه عليه في النقد - ويؤيده توثيق العلامة - رحمه الله -
له في القسم الأول (2)

(1) راجع: الخلاصة - القسم الثاني -: ص 125 ط إيران،
ورجال ابن داود: ص 506 برقم 452، ط إيران.
(2) قال التفريشي في (نقد الرجال: ص 320) ط إيران " محمد
ابن عطية أخو الحسن وجعفر، كوفي، روى عن الصادق عليه السلام وهو
صغير - إلى قوله -: وما ذكره العلامة في (الخلاصة) في باب الضعفاء
عبارة النجاشي بعينها إلا أنه ذكر في موضع " وهو صغير ": " وهو
ضعيف " وكذا ذكره ابن داود. ولعله تصحيف. ويؤيده ان النجاشي
وثقة عند ترجمة أخيه الحسن حيث قال: الحسن بن عطية الحناط، كوفي
مولى ثقة، وأخواه أيضا: محمد وعلي... ".
وقال العلامة في الخلاصة - القسم الأول - ص 81 طبع إيران، " محمد بن
عطية ثقة ".
377

بنو رباط
أهل بيت كبير بالكوفة من (بجيل) أو من مواليهم، منهم الرواة
والثقات، أصحاب. المصنفات
ومن مشاهيرهم: عبد الله، والحسن، وإسحاق، ويونس أولاد
رباط، ومحمد بن عبد الله بن رباط، وعلي بن الحسن، وجعفر بن محمد
ابن إسحاق بن رباط، ومحمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن رباط
وهو من رجال الغيبة، وآخر من يعرف من هذا البيت.
قال النجاشي: " الحسن بن رباط البجلي كوفي، روى عن أبي
عبد الله عليه السلام. وإخوته: إسحاق، ويونس، وعبد الله، له كتاب عنه
الحسن بن محبوب " (1)
ثم ذكر محمد بن عبد الله، وعلي بن الحسن، وجعفر بن محمد
ومحمد بن محمد. وأثبت لهم كتبا، ووثقهم في تراجمهم، ووثق عبد الله
ابن رباط في ترجمة ابنه محمد بن عبد الله (2).

(1) راجع: ص 34 ط بمبئ.
(2) قال في ص 253 ط بمبئ في ترجمة محمد -: "... وكان هو
وأبوه ثقتين، له كتاب نوادر ". وفي ص 176 - في ترجمة علي -:
"... أبو الحسن كوفي، ثقة، معول عليه له كتاب الصلاة " وفى ص
88 - في ترجمة جعفر -: ".. شيخ ثقة. كوفي من أصحابنا، له كتاب
الرد على الواقفة، كتاب الرد على الفطحية، كتاب نوادر " وفى ص 280
- في ترجمة محمد بن محمد - "... وكان ثقة، فقيها، صحيح العقيدة، له
كتاب الفرائض، وكتاب الطلاق ".
378

وقال الكشي: " قال نصر بن الصباح: بنو رباط كانوا أربعة
إخوة: الحسن، والحسين، وعلي، ويونس، كلهم أصحاب أبي عبد الله
عليه السلام، وله أولاد كثيرة من حملة الحديث (1)
وذكر البرقي: " عبد الله بن رباط، ويونس بن رباط الكوفي
وعلي بن رباط الكوفي مولى (بجيلة) في أصحاب الصادق عليه السلام (2)
وفي (الفهرست): " الحسن الرباطي، له أصل " (3) و " علي
ابن الحسن بن رباط " له كتاب، رواه الحسن بن محبوب عن علي بن
الحسن بن رباط " (4)
وفي أصحاب الصادق (ع) من كتاب رجال الشيخ -: " الحسن
ابن رباط البجيلي الكوفي، وعبد الله بن رباط البجلي الكوفي، وأخوه يونس

(1) راجع: الكشي (ص 234) طبع بمبئ وليلاحظ: ان الوحيد
البهبهاني في تعليقته على الرجال الكبير للفاضل الاسترآبادي في ترجمة (الحسن بن
رباط) - عند ذكره لعبارتي النجاشي والكشي - قال: " بين ظاهر هذا
(اي ما ذكره النجاشي) وما ذكره ابن الصباح (اي في عبارة الكشي)
تناف، مع أنه سيجئ (عبد الله بن رباط) عن النجاشي، والشيخ في
رجال الصادق عليه السلام، والعلامة في الخلاصة، وغيرهم، وإسحاق ليس
له ذكر في الرجال في غير هذا الموضع، كما أن الحسين الذي ذكره نصر
(اي ابن الصباح) أيضا كذلك، وعلي الذي ذكره نصر له أيضا ذكر
كما سيجئ في موضعه ".
(2) راجع: رجال البرقي: (ص 22) و (ص 25) و (ص 29)
طبع إيران.
(3) راجع: (ص 49 برقم 164) طبع النجف الأشرف سنة 1356 ه‍.
(4) راجع: المصدر نفسه: (ص 90 برقم 377).
379

وعلي بن رباط مولى بجيلة كوفي " (1)
وفي أصحاب الباقر (ع) من رجال الشيخ -: " علي بن رباط " (2)
وقيل: وكذا في أصحاب الرضا (ع) (3) ولم أجد فيه، وكأنه ساقط
عن النسخة (4).
واحتمل في (علي بن رباط) أن يكون هو علي بن الحسن بن رباط
نسب إلى جده: ويؤيده: ما تقدم عن النجاشي، والشيخ في الفهرست (5)
وعدم ذكر الشيخ والبرقي لعلي بن الحسن في رجالهما، وكذا عدم ذكر
الشيخ لعلي بن رباط في أصحاب الكاظم عليه السلام، مع ذكره في أصحاب
الصادق، والرضا عليهما السلام.
والظاهر: أن المذكور في أصحاب الرضا (ع) - ان ثبت -: هو
علي بن الحسن بن رباط، كما يشهد به مراعاة الطبقة * وكذا ما حكاه النجاشي

(1) راجع في الحسن. ص 167 رقم 28، وفي عبد الله ويونس: ص 225
رقم 36 واما علي بن رباط، فلم يوجد في المطبوع من كتاب الرجال ولعله
سقط منه، وكل من ذكره من أرباب المعاجم نسبه إلى رجال الشيخ
- رحمه الله -.
(2) راجع: (ص 130 رقم 51 ط النجف.
(3) راجع: ص 384 برقم 60 ط النجف.
(4) في النسخة المطبوعة - كما عرفت - موجود ذكره، ولعله سقط
من نسخة السيد - قدس سره -.
(5) راجع: رجال النجاشي: ص 176 ط بمبئ، والفهرست:
ص 90 ط النجف.
* وفي كتاب الأخبار في كتاب الخلع: الذي اعتمده وأفتى به ان
المختلعة لابد فيها من أن تتبع بالطلاق، وهو مذهب جعفر بن محمد بن
سماعة، والحسن بن محمد بن سماعة، وعلي بن رباط، وابن حذيفة - من
المتقدمين، وفيه دلالة على فقاهة علي بن رباط. ولعله علي بن الحسن بن
رباط الثقة المعول عليه الذي ذكره النجاشي، وقال: له كتاب، روى
عنه الحسن بن محمد بن سماعة الحضرمي (منه قدس سره).
380

عن الكشي في (علي بن الحسن): أنه من أصحاب الرضا عليه السلام (1)
وأما المذكور في أصحاب الباقر، والصادق (ع) فالأقرب أنه أخو الحسن
ابن رباط، كما حكاه الكشي عن نصر بن الصباح (2) ولا يمنع من ذلك
شئ يعتد به حتى يلجأ إلى دعوى الاتحاد.
وأما الحسين بن رباط، فلم يذكره أحد الا نصر، والكتب خالية
منه بالمرة.
وذكر الشيخ في باب (من لم يرو عنهم عليهم السلام): محمد بن محمد
ابن رباط الكوفي، وحكى عنه: أنه روى بواسطتين عن أبي محمد - صاحب
العسكر - عليه السلام: الدعاء على العدو في الوتر (3)
وليس هذا ابن ابن رباط، قطعا. ولا يثبت به ل‍ (رباط) من اسمه
محمد، وانما هو محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن رباط الذي
ذكره النجاشي (4). وقد نسبه الشيخ إلى جده (رباط) وأسقط الوسائط
بين أبيه وبينه، اعتمادا على الظهور.

(1) حيث قال - كما في ص 176 ط بمبئ - "... قال الكشي: إنه من
أصحاب الرضا. "
(2) كما عرفت - آنفا - من عبارته: " بنو رباط كانوا أربعة
اخوة... ".
(3) راجع: رجال الطوسي ص 507 رقم 88 ط النجف.
(4) ص 280 من رجاله، ط بمبئ.
381

بنو فرقد
داود، ويزيد، وعبد الرحمن، وعبد الحميد، وعبد الملك.
قال النجاشي - رحمه الله -: " داود بن فرقد مولى آل أبي السمال الأسدي
النصري. وفرقد، يكنى: أبا يزيد، كوفي، ثقة. روى عن أبي عبد الله
وأبي الحسن عليهما السلام. وإخوته: يزيد، وعبد الرحمن، وعبد الحميد.
قال ابن فضال: داود ثقة، ثقة له كتاب، رواه عنه عدة من أصحابنا
منهم - صفوان بن يحيى، وإبراهيم بن أبي السمال " (1)
وذكره الشيخ في (الفهرست) وروى كتابه عن أحمد بن محمد
ابن أبي نصر (2) وفي رجال الصادق والكاظم عليهما السلام، ووثقه (3)
وذكر يزيد، وعبد الحميد، وعبد الملك - أبناء فرقد - في أصحاب الصادق
عليه السلام. وقال - في عبد الملك -: إنه أخو داود. وفي يزيد: إنه
نهدي (4)

(1) راجع: ص 114 ط بمبئ.
(2) راجع: ص 68 برقم 274 ط النجف.
(3) راجع: رجال الشيخ: ص 189 برقم 4، وص 349 برقم
2 طبع النجف.
(4) راجع - في يزيد - ص 338، وفي عبد الحميد -: ص 235
وفي عبد الملك -: ص 267 من (رجال الشيخ) ط النجف.
382

بنو الهيثم المجلسي
محمد بن الهيثم، وأحمد بن محمد، والحسن بن أحمد، وثقات.
قال النجاشي: " الحسن بن أحمد بن محمد بن الهيثم أبو محمد
ثقة، من وجوه أصحابنا، وأبوه وجده ثقتان، وهم من اهل الري،
جاور - في آخر عمره - بالكوفة، ورأيته بها، وله كتب " (1)
بنو دراج
جميل بن دراج، وأخوه نوح، وابن أخيه أيوب.
قال النجاشي: " جميل بن دراج - ودراج يكنى ب‍ (أبي الصبيح) -
ابن عبد الله أبو علي النخعي. وقال ابن فضال: أبو محمد - شيخنا
ووجه الطائفة، ثقة، روى عن أبي عبد الله، وأبي الحسن عليهما السلام.
أخذ عن زرارة.
وأخوه نوح بن دراج القاضي (2) كان أيضا من أصحابنا، وكان

(1) راجع: ص 48 ط بمبئ.
(2) ترجم لوح بن دراج - هذا - ابن حجر في (تهذيب التهذيب:
ج 10 ص 482) فقال: " نوح بن دراج النخعي مولاهم، أبو محمد الكوفي
القاضي، روى عن إسماعيل بن أبي خالد، وهشام بن عروة، وفطر بن
خليفة، وابن إسحاق، وأبي حنيفة، والأعمش، وغيرهم. روى عنه
سعيد بن منصور، وعثمان بن أبي شيبة، وأبو نعيم ضرار بن صرد
وإسماعيل بن موسى الفزاري، وعلي بن حجر، وغيرهم قال العجلي:
ضعيف الحديث، وكان له فقه، ولي القضاء بالكوفة، وكان أبوه بقالا
قال وحكم ابن شبرمة بحكم، فرده نوح وكان من أصحابه، فرجع
إلى قوله وأنشد:
- كادت تزل به من حالق قدم * لولا تدركها نوح بن دراج " -
وفى هامش التهذيب: " زاد في تهذيب الكمال
- لما رأى هفوة القاضي فأخرجها * من معدن الحكم نوح اي اخراج " -
ثم إن ابن حجر نقل عن جماعة: الطعن في حديثه، وانه يروي
الموضوعات، ولعل ذلك لتشيعه - كما هو ديدنه في أمثاله من الشيعة ثم
نقل عن ابن زرعة ان نوحا " كان قاضي الكوفة وأرجو أن لا يكون
به بأس " ثم قال: " وقال جعفر الفريابي عن محمد بن عبد الله بن نمير:
ثقة. قال البخاري عن عبد الله بن شيبة: مات نوح بن دراج سنة 182 ه‍ - وكذا قال الزيادي زاد: وهو قاضي الجانب الشرقي ".
وذكره الشيخ الطوسي في كتاب رجاله (ص 323 برقم 3) وعده
من أصحاب الصادق عليه السلام. وروى الكشي في (رجاله: ص 163)
ط بمبئ قال: " قال محمد بن مسعود: سألت أبا جعفر حمدان بن أحمد
الكوفي عن نوح بن دراج، فقال: كان من شيعة، وكان قاضي كوفة
فقيل له: لم دخلت في اعمالهم؟ فقال لم ادخل في اعمال هؤلاء حتى سألت
جميلا يوما، فقلت لم لا تحضر المسجد؟ فقال: ليس لي إزار. وقال
حمدان: مات جميل عن مائة الف، قال حمدان: كان دراج بقالا، وكان
نوح مخارجه من الذين يقتتلون في العصبية التي تقع بين المجالس، قال:
وكان يكتب الحديث، وكان أبوه يقول: لو ترك القضاء لنوح، اي رجل
كان ثقة ".
وترجم لنوح - هذا - العلامة - رحمه الله - في (الخلاصة في القسم
الأول: ص 85) وكأنه يعتمد على رواياته، كما ذكر في أول (الخلاصة: ص 3)
من انه لا يذكر في القسم الأول الا من يعتمد على روايته أو يترجح
عنده قبول قوله. وقد اعتمد على قول رواية نوح بن دراج بعض اهل
المعاجم، وإن لم يصفوه بكونه ثقة.
383

يخفى أمره، وكان أكبر من نوح، وعمي في آخر عمره، ومات في أيام
الرضا عليه السلام. له كتاب روى عنه ابن أبي عمير " (1)
ووثقه الشيخ في (الفهرست) وجعل كتابه أصلا (2)
وعده الكشي - رحمه الله - في أصحاب الاجماع (3) وحاله في الثقة
والجلالة شهير.
وكذا ابن أخيه أيوب، روى عن العسكري عليه السلام توثيقه (4)

(1) راجع: (ص 92) طبع بمبئ.
(2) راجع: (ص 44 برقم 143) طبع النجف الأشرف، وذكره
أيضا الشيخ في كتاب (رجاله - في باب أصحاب الصادق عليه السلام -:
ص 163 برقم 39) وفي باب أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه السلام:
(ص 346 برقم 4) وذكره أيضا ووثقه: كل من العلامة الحلي في القسم
الأول من الخلاصة، وابن داود الحلي في القسم الأول من رجاله، والمجلسي
في الوجيزة، والمحدث البحراني في بلغة المحدثين، غير هؤلاء من أرباب
المعاجم. وروى الكشي في (رجاله: ص 163) روايات عديدة دالة
على مدحه، فراجعها. وقد روى عن جماعة، وروى عنه كثيرون.
انظرهم في (تمييز المشتركات) للكاظمي، وفي (جامع الرواة) للعلامة الأردبيلي.
(3) راجع: (ص 239) طبع بمبئ.
(4) العسكري: لقب الإمام علي الهادي عليه السلام، ويلقب به
- أيضا - ولده الإمام الحسن بن علي عليه السلام، لسكناهما محلة في سامراء
تسمى (العسكر). وقد روى الكشي في (رجاله ص 345) ط بمبئ
عن " محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد، قال حدثني محمد بن أحمد
عن محمد بن عيسى عن أبي محمد الرازي، قال كنت - انا - وأحمد ابن
أبي عبد الله البرقي بالعسكر، فورد علينا رسول من الرجل (عليه السلام)
فقال لنا. الغائب العليل ثقة، وأيوب بن نوح، وإبراهيم بن محمد الهمداني
وأحمد بن حمزة، وأحمد بن إسحاق ثقات جميعا ". والمراد بالرجل في هذه
الرواية إمام الإمام أبو الحسن الهادي أو الإمام أبو محمد الحسن العسكري عليهما
السلام، إذ كل منهما يلقب به تقية. والمراد بالغائب العليل: هو علي بن
جعفر الهماني - كما في تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال للاسترابادي -
385

ووثقه الشيخ - رحمه الله - (1) وقال النجاشي: " أيوب بن نوح النخغي أبو الحسين، كان وكيلا
لأبي الحسن، وأبي محمد عليهما السلام، عظيم المنزلة عندهما، مأمونا. وكان
شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في رواياته، وأبوه نوح بن دراج كان

(1) ذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا عليه السلام: (ص 368
برقم 20) ووثقه، كما ذكره من أصحاب الجواد عليه السلام: (ص 398
برقم 11) ووثقه. وذكره أيضا من أصحاب الهادي عليه السلام (ص 410
برقم 13) ووثقه، وذكره أيضا في (الفهرست: ص 16 برقم 49)
ووثقه، وقال: له كتاب وروايات ومسائل عن أبي الحسن الثالث عليه السلام.
وذكره أيضا في (كتاب الغيبة: ص 226) طبع إيران سنة 1323 ه‍
فقال: " ذكر عمرو بن سعيد المدايني - وكان فطحيا - قال كنت عند
أبي الحسن العسكري عليه السلام ب‍ (صريا) إذ دخل أيوب بن نوح
ووقف قدامه، فأمره بشئ ثم انصرف، والتفت إلي أبو الحسن عليه
السلام، وقال: يا عمرو ان أحببت ان تنظر إلى رجل من اهل الجنة
فانظر إلى هذا ".
386

قاضيا بالكوفة، وكان صحيح الاعتقاد... روى أيوب عن جماعة من
أصحاب الصادق عليه السلام، ولم يرو عن أبيه، وعن عمه شيئا " (1)
وفي (العدة) ما يشعر بفساد مذهب نوح (2) ولذا عده في (الوجيزة)

(1) راجع (رجال النجاشي: ص 74) طبع بمبئ.
(2) قال الشيخ الطوسي - رحمه الله - في (عدة الأصول: ص 56)
طبع بمبئ سنة 1318 ه‍: " واما العدالة المراعاة في ترجيح أحد الخبرين
على الآخر، فهو أن يكون الراوي معتقدا للحق مستبصرا، ثقة في دينه
متحرجا عن الكذب، غير متهم فيما يرويه اما إذا كان مخالفا في الاعتقاد
لأصل المذهب، وروى مع ذلك عن الأئمة عليهم السلام، نظر فيما يرويه
فإن كان هناك من طرق الموثوق بهم ما يخالفه وجب اطراح خبره، وإن
كان هناك ما يوافقه وجب العمل به، إن لم يكن هناك من الفرقة المحقة خبر
يوافق ذلك ولا يخالفه ولا يعرف لهم قول فيه وجب أيضا العمل به، لما
روى عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون
حكمها فيما روى عنا فانظروا إلى ما رووه عن علي عليه السلام فاعملوا به "
ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه: حفص بن غياث، وغياث بن كلوب
ونوح بن دراج، والسكوني، وغيرهم من العامة - عن أئمتنا عليهم السلام
فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه.. ".
وما ذكره الشيخ رحمه الله - في العدة -: من كونه من العامة
يخالف ما ذكره الكشي في رجاله - في ترجمة أخيه جميل - من قوله:
" عن محمد بن مسعود قال سألت أبا جعفر حمدان بن أحمد الكوفي عن
نوح بن دراج، فقال: كان من الشيعة وكان قاضي الكوفة " وكذا يخالف
ما ذكره النجاشي - في ترجمة أخيه جميل - من قوله: " واخوه نوح بن
دراج القاضي كان أيضا من أصحابنا وكان يخفى امره " وكذا ما ذكره
العلامة في القسم الأول من الخلاصة: من انه كان من الشيعة، راجع
تعليقتنا - الآنفة - في ترجمة (نوح هذا).
387

موثقا، (1) وكأنه يريد أنه في حكم الموثق، للاتفاق على العمل برواياته
وفي العيون - فيما جرى بين الكاظم عليه السلام وهارون - ماله تعلق
بهذا المقام (2)
ومن بني دراج: الحسن بن أيوب بن نوح، وهو أحد الشهود
الأربعين على وكالة عثمان بن سعيد، وممن رأى القائم عليه السلام، وروى
النص عليه (3)

(1) (الوجيزة في الرجال) للمجلسي الثاني. وهو ملحق برجال
العلامة الحلي المطبوع بإيران سنة 1310 ه‍. والوجيزة طبعت سنة 1312 ه‍
وقد رمز فيها (ص 168) لنوح بن دراج بحرف (ق) وذكر في مقدمة
الوجيزة بان حرف (ق) رمز لكون الرجل ثقة غير إمامي، فلاحظ.
(2) (عيون أخبار الرضا عليه السلام) تأليف ابن بابويه الصدوق
رحمه الله - (ج 1 ص 81 - ص 85) الباب السابع برقم (9) طبع إيران
(قم) سنة 1377 ه‍ - والقصة في الإرث بالعصبة، ولم يفت به نوح بن دراج
بل أفتى بعدمه اخذا بقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من انه
ليس مع ولد الصلب - ذكرا كان أم أنثى - لأحد سهم إلا للأبوين والزوج
والزوجة. وقد استشهد - بفتوى نوح - الإمام الكاظم عليه السلام، وفيها
ان نوح بن دراج كان قد ولاه الرشيد المصرين: الكوفة والبصرة، والقصة
طويلة، فراجعها هناك، ومنها يتحقق لنا: ان نوح بن دراج من الشيعة الإمامية
، لأن عدم القول بالإرث بالعصبة مما اختصوا به، بخلاف العكس
فإنه من شعار العامة.
(3) قال الشيخ الطوسي - رحمه الله - في (كتاب الغيبة ص 231)
ط إيران سنة 1323 ه‍: "... وقال جعفر بن محمد الفزاري البزاز عن جماعة
من الشيعة، منهم علي بن بلال، وأحمد بن هلال، ومحمد بن معاوية بن
حكيم، والحسن بن أيوب بن نوح (في خبر طويل مشهور) قالوا جميعا:
اجتمعنا إلى أبي محمد الحسن بن علي - عليهما السلام - نسأله عن الحجة
من بعده، وفي مجلسه - عليه السلام - أربعون رجلا " فقام إليه عثمان بن
سعيد بن عمرو العمري، فقال له: يا بن رسول الله، أريد ان أسألك عن
امر أنت اعلم به منى، فقال له: اجلس يا عثمان، فقام مغضبا ليخرج
فقال لا يخرجن أحد، فلم يخرج منا أحد إلى أن كان بعد ساعة فصاح
- عليه السلام - بعثمان، فقام على قدميه، فقال: أخبركم بما جئتم؟ قالوا
نعم يا بن رسول الله، قال: جئتم تسألوني عن الحجة من بعدي قالوا
نعم، فإذا غلام كأنه قطع قمر، أشبه الناس بابي محمد عليه السلام، فقال:
هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم، أطيعوه، ولا تتفرقوا من بعدي
فتهلكوا في أديانكم، الا وإنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم
له عمر، فاقبلوا من عثمان ما يقوله، وانتهوا إلى امره، واقبلوا قوله
فهو خليفة إمامكم، والامر إليه " - في حديث طويل -.
والحسن بن أيوب بن نوح - هذا - ذكره الوحيد البهبهاني في
تعليقته (على منهج المقال للاسترابادي) وقال: " سيجئ في آخر الكتاب
ما يظهر منه كونه من رؤساء الشيعة ". وذكره أيضا أبو علي الحائري، والخوئي
عن التعليقة المذكورة.
388

بنو عمار البجلي الدهني
مولاهم الكوفي، والد معاوية بن عمار المشهور. يكنى به.
واختلف في اسم أبيه: فقيل: معاوية، وقيل: أبو معاوية خباب
ابن عبد الله - بالمعجمة والبائين.
قال النجاشي - رحمه الله -: " كان عمار بن أبي معاوية خباب
ابن عبد الله الدهني، ثقة في العامة، وجها " (1)
وقال الشيخ في (الفهرست): " عمار بن معاوية الدهني له كتاب
ذكره ابن النديم " (2).

(1) ذكره النجاشي في ترجمة ولده معاوية بن عمار: (ص 292)
طبع بمبئ. وسيدنا - رحمه الله - قدم واخر في عبارة النجاشي، فلاحظ
قال الزبيدي في (تاج العروس شرح القاموس بمادة دهن): " وبنو
دهن - بالضم -: حي من بجيلة، وهم: بنو دهن بن معاوية بن أسلم
ابن أحمص بن الغوث. منهم: معاوية بن عمار بن معاوية بن دهن الدهني
أبوه عمار يكنى: ابا معاوية. روى عن مجاهد، وأبي الفضل، وعدة، وعنه
شعبة، والسفيانان، وكان شيعيا، ثقة، مات سند 133 ه‍. وقال ابن حبان
عداده في اهل الكوفة، قال: وكان راويا لسعيد بن جبير، وربما أخطأ
وولده معاوية - هذا - روى عن أبي الزبير، وجعفر بن محمد (عليه السلام)
وعنه: معبد بن راشد " وقتيبة، ثقة، وقال أبو حاتم لا يحتج به. ومن
ولده: أحمد بن معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار، سمع ابن عقدة
وقال: مات سنة 292 ه‍ - وله ثمان وستون سنة ".
(2) انظر: (ص 118 برقم 516) من (فهرست الشيخ الطوسي)
طبع النجف الأشرف سنة 1356 ه‍. وانظر - أيضا -: (فهرست ابن
النديم: ص 322) طبع مطبعة الاستقامة بالقاهرة، فقد ذكره في الفن الخامس
من المقالة السادسة تحت عنوان (فقهاء الشيعة ومحدثوهم وعلماؤهم) فقال
- عند عد الكتب المصنفة لهم -: " كتاب عمار بن معاوية الدهني العبدي
الكوفي، كتاب معاوية بن عمار الدهني ".
390

وعده في الرجال من أصحاب الصادق عليه السلام، وقال: " عمار
ابن خباب أبي معاوية العجلي الدهني الكوفي " والعجلي فيه تصحيف البجلي (1)
وظاهر كلام النجاشي: ان عمارا هذا ليس منا (2) وهو خلاف ظاهر
الشيخ في كتابيه، خصوصا (الفهرست)، فإنه موضوع لذكر المصنفين
من أصحابنا.
وقد ذكره علماء العامة، ومدحوه، ووثقوه، ونسبوه الينا:
ففي التقريب: عمار بن معاوية الدهني - بضم اوله وسكون الهاء

(1) في المطبوع من (رجال الشيخ الطوسي) في النجف الأشرف
(ص 250) كما في المخطوطتين اللتين هما الأصل للمطبوع (البجلي) لا
(العجلي). وقد عرفت في (عبارة تاج العروس): انه من بجيلة
كما هو كذلك في المعاجم الرجالية، ولعل التصحيف كان في نسخة السيد
- رحمه الله - من رجال الشيخ الطوسي - رحمه الله - فلاحظ ذلك.
(2) كأنه - رحمه الله - يشير إلى ما في عبارة النجاشي المتقدمة من
قوله " ثقة في العامة " ولكن لا يظهر من العبارة المذكورة انه ليس من
الشيعة الإمامية - كما توهمه بعض أرباب المعاجم - بل المراد: انه " ثقة "
بين عامة العلماء وغيرهم، و " وجه " فيهم وإلا فكونه من بيوت الشيعة
المعروفين في الكوفة مما لا ريب فيه، كما عرفت من الزبيدي في تاج العروس
ومن غيره من أرباب المعاجم.
391

بعدها نون - أبو معاوية البجلي الكوفي، صدوق، يتشيع، من الخامسة
مات سنة ثلاث وثلاثين - اي بعد المائة " (1)
وفي تهذيب الكمال: " عمار بن معاوية، ويقال: ابن أبي معاوية
وابن صالح، وابن خباب الدهني البجلي الكوفي، مولى الحكم بن نفيل
ووالد معاوية بن عمار. ودهن: هو ابن معاوية بن أسلم بن أحمس بن
الغوث بن أنمار. وفى عبد القيس - دهن بن عذرة - قال عبد الله بن أحمد
ابن حنبل عن أبيه، وإسحاق بن منصور عن يحيى بن معين، وأبو حاتم
والنسائي: ثقة. وذكره ابن حبان في كتاب الثقات. وقال علي ابن المدائني
عن سفيان: قطع بشر بن مروان. عرقوبيه، فقلت: في أي شئ؟ قال:
في التشيع، مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة. روى له الجماعة سوى البخاري.
وفيه: انه روى عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، وسالم بن الجعد
وسعيد بن جبير، وأبي الطفيل عامر بن واثلة، وعبد الرحمن بن القاسم
ابن محمد بن أبي بكر، وغيرهم. وعنه جمع كثير: منهم - الأجلح
الكندي، وجابر الجعفي، وابنه معاوية بن عمار الدهني. وفيمن روى عنه
وروى عنهم شهادة بحق حاله. وكذا في عدم رواية البخاري له، مع
توثيق أساطين الجرح والتعديل عندهم إياه " (2)

(1) راجع: تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني (2 / 48 برقم
451) طبع مصر.
(2) تهذيب الكمال للحافظ الشهير أبي الحجاج يوسف بن زكي المزي
المتوفى سنة 742 ه‍ - وهو غير مطبوع، غير انا وجدنا هذا المضمون في كتاب
(تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني 7 / 306 ط حيدر آباد) الذي هو
ملخص تهذيب الكمال. وفي كتاب (خلاصة تذهيب تهذيب الكمال لصفي الدين
الخزرجي / 237 طبع مصر المطبعة الخيرية سنة 1322 ه‍).
392

وأما ولده معاوية بن عمار، فهو من جلة أصحابنا وفاضل علمائنا
ذكره الشيخ في " فهرست " المصنفين من هذه الطائفة، وذكر كتبه
ورواها عن ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، ومحمد بن سكين (1)
وذكره السروي في (معالم العلماء) (2) وعده في (المناقب) من
خواص الصادق عليه السلام، وابتدأ به وقدمه على مثل زيد الشحام، ومؤمن
الطاق، وأبي حمزة الثمالي، وعبد الله بن أبي يعفور، وغيرهم من الأجلاء (3)
وأشار إليه الكشي - رحمه الله - في موضع من كتابه (4) وأورده البرقي
والشيخ في رجال الصادق عليه السلام (5)
وروى المفيد في (الارشاد) حديثا عنه عن الباقر عليه السلام (6)
وقال النجاشي - رحمه الله -: معاوية بن عمار بن أبي معاوية خباب

(1) فهرست الشيخ: ص 166 - برقم 725 ط النجف.
(2) لابن شهرآشوب المازندراني المتوفى سنة 588 ه‍، راجع: ص
122 برقم 815 ط النجف.
(3) راجع: ج 3 ص 400 ط النجف سنة 1376 ه‍.
(4) راجع: ص 26 برقم 136 ط النجف.
(5) راجع: رجال البرقي: 33 ط إيران، ورجال الشيخ ص 310
رقم 481 ط النجف.
(6) في أحوال الإمام محمد الباقر (ع). ونص الحديث: " أخبرني
الشريف أبو محمد الحسن بن محمد، قال: حدثني جدي، قال: حدثني
شيخ من اهل الري قد علت سنه، قال: حدثني يحيى بن عبد الحميد
الحماني عن معاوية بن عمار الدهني عن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام
في قوله جل اسمه: " فاسألوا اهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " قال:
نحن اهل الذكر ".
393

ابن عبد الله الدهني، ودهن: من (بجيلة) كان وجها في أصحابنا
ومقدما كبير الشأن، عظيم المحل، ثقة... روى عن أبي عبد الله عليه السلام
وأبي الحسن موسى - عليه السلام -. وله كتب، منها - كتاب الحج
رواه عنه جماعة كثيرة من أصحابنا. منهم أبي أبي عمير... ومات معاوية
سنة خمس وسبعين ومائة " (1)
وذكر العلامة - رحمه الله - في (الخلاصة) نحو ذلك. ثم حكى
عن علي بن أحمد العقيقي: أنه قال: لم يكن معاوية بن عمار - عند
أصحابنا - بمستقيم. كان ضعيف العقل، مأمونا في حديثه (2).
قلت: ويضعف ما قاله: - من ضعف عقله - مع ما تقدم - اعترافه
بكونه مأمون الحديث. وهو لا يكاد يجتمع مع ضعف العقل. وأما ما ذكره
من عدم استقامته عند أصحابنا، فان أراد انه لم يكن مستقيم المذهب عندهم
فالظاهر دخول الشبهة عليه من شدة التقية، ومداراة القوم. وقد سمعت
ما صنع بأبيه على التشيع.
وفي (التقريب): " معاوية بن عمار بن أبي معاوية الدهني، صدوق
من الثامنة " (3) وهو يؤيد ما قلناه.
ويشهد لاستقامته: ما قاله النجاشي - رحمه الله - في (عبد الله بن
القاسم الحارثي): " أنه صحب معاوية بن عمار، ثم خلط، وفارقه " (4)
وكانت أخت معاوية بن عمار (منية) بنت عمار الدهني، أم
يونس بن يعقوب البجلي الدهني، من خواص الصادق، والكاظم، والرضا

(1) رجال النجاشي: ص 322 ط إيران.
(2) راجع: القسم الأول، الباب الثالث (ص 81 - 82) طبع إيران
(3) راجع: (ج 2 ص 260 برقم 1236) طبع مصر.
(4) راجع: (ص 156) طبع بمبئ.
394

عليهم السلام. قاله النجاشي في ترجمة يونس (1). وقال الكشي: " وقال
علي بن الحسن: إنها كانت تدخل علي أبي عبد الله عليه السلام... " (2)
وابن معاوية ممن روى الحديث، ولم يذكره علماء الرجال في أصحاب
الأئمة - عليهم السلام -. وهو غير حكيم بن معاوية الذي ذكره الشيخ
في أصحاب الباقر - عليه السلام - (3) لبعد الطبقة، فإنه قد ذكر أباه
وجده من أصحاب الصادق - عليه السلام - (4) فكيف يكون هو من أصحاب
الباقر عليه السلام؟.
وابنه معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار، ثقة جليل، من أصحاب
الرضا - عليه السلام - قاله النجاشي، وذكر له كتبا رواها عنه (5). وكذا
الشيخ في (الفهرست) (6). وعده في (الرجال) من أصحاب الجواد
والهادي - عليهما السلام -. ثم ذكره في باب: من لم يرو عنهم - عليهم
السلام - (7)
وقال الكشي - رحمه الله -: " محمد بن وليد الخزاز، ومعاوية بن
حكيم، ومصدقة بن صدقة، ومحمد بن سالم بن عبد الحميد، هؤلاء كلهم

(1) راجع: (ص 311) طبع بمبئ.
(2) رجال الكشي: ص 246) طبع بمبئ بعنوان (يونس بن يعقوب)
(3) ذكره في رجاله (ص 118) برقم (48) طبع النجف الأشرف
(4) راجع: (ص 310) من رجال الشيخ، طبع النجف الأشرف.
(5) راجع: (ص 293)، طبع بمبئ.
(6) راجع: (ص 165) برقم (724) طبع النجف الأشرف
(7) راجع: في أصحاب الجواد عليه السلام: (ص 406)، وفى
أصحاب الهادي عليه السلام (ص 424)، وفي باب من لم يرو عنهم
عليهم السلام: (ص 515) طبع النجف الأشرف.
395

فطحية، وهم من أجلة: العلماء والفقهاء والعدول " (1).
وفي فطحيته، وبقائه عليها نظر، لما روي أنه لم يبق عليها إلا عمار وطائفته (2)
ولما قاله الشيخ - في باب عدة اليائسة من التهذيب -: " إن الذي ذكرناه

(1) راجع: (رجال الكشي ص 348) طبع بمبئ
(2) الرواية ذكرها الكليني - رحمه الله - في أصول الكافي في
كتاب الحجة - باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في امر الإمامة
(ج 1 ص 351) طبع طهران الجديد سنة 1381 ه‍، والرواية طويلة سنذكرها
في تعليقتنا الآتية تحت عنوان (بنو موسى) وقد رواها (عن محمد بن يحيى
عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم
قال: كنا بالمدينة - بعد وفاة أبى عبد الله عليه السلام - انا وصاحب
الطاق، والناس مجتمعون على عبد الله بن جعفر (اي الأفطح) انه صاحب
الأمر بعد أبيه إلى أن قال -: ثم لقينا الفضيل وأبا بصير، فدخلا
عليه (اي على أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام) وسمعا كلامه
وسألاه، وقطعا عليه بالإمامة ثم لقينا الناس أفواجا فكل من دخل
عليه وقطع إلا طائفة عمار وأصحابه، وبقي عبد الله (اي الأفطح) لا يدخل
عليه إلا قليل من الناس... " الخ.
وهذه الرواية - كما سمعت - تدلنا على أن معاوية بن حكيم بن معاوية
لم يبق على الفطحية - لا هو ولا غيره - إلا طائفة عمار وأصحابه. والمراد
عمار بن موسى الساباطي، لأنه المشهور في كتب الأخبار والرجال، فينصرف
الاطلاق إليه، وهذا هو منشأ نظر سيدنا - قدس سره - في بقاء معاوية
ابن حكيم على فطحيته كما قطع به الكشي بقوله: (هؤلاء كلهم فطحية)
ولعل وصف الكشي معاوية بن حكيم بالفطحية، حيث كان عليها قبل
رجوعه عنها إلى القول بامامة أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام فلاحظ.
396

هو مذهب معاوية بن حكيم من متقدمي أصحابنا " (1) وفي الكافي: " وكان
معاوية بن حكيم يقول: ليس عليهن عدة " (2)
ولأن الشيخ والنجاشي لم يطعنا فيه، مع تأخرهما عن الكشي. وقول
النجاشي: " ثقة جليل في أصحاب الرضا - عليه السلام - " (3) قد يأبى ذلك
وهو من رجال (نوادر الحكة) (4) ولم يستثنه أحد.
وروى الكشي: " عن معاوية بن حكيم بن عمار عن أبيه عن
جده: ان ابا الخطاب زحف حتى ضرب بيده إلى لحية أبي عبد الله - عليه
السلام " - (5) ثم قال: "... لقد أتى معاوية بشئ منكر لا تقبله العقول وذلك

(1) وفى بعض النسخ: محمد بن حكيم (منه قدس سره)
(2) انظر فروع الكافي للكليني - رحمه الله - (ج 6 - ص 86) طبع
طهران سنة 1381 - كتاب الطلاق - باب طلاق التي لم تبلغ والتي يئست
من المحيض.
(3) كما قد عرفت سابقا ص 395.
(4) ذكرنا في هامشنا السابق (ص 348) المراد من كلمة (رجال
نوادر الحكمة) فراجعه وراجع، أيضا - ص 656: خاتمة مستدرك الوسائل
الفائدة الخامسة (ج 3 ص 655 - ص 656).
(5) وتفصيل الحديث كما عن " رجال الكشي: ص 190 "
طبع بمبئ -: "... قال: بلغني عن أبي الخطاب أشياء. فدخلت على أبي
عبد الله عليه السلام، فدخل أبو الخطاب - وانا عنده أو دخلت وهو
عنده فلما ان بقيت انا وهو في المجلس، قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -:
إن ابا الخطاب روى عنك كذا وكذا. قال: كذب قال: فأقبلت
اروى ما روى شيئا فشيئا مما سمعناه وأنكرناه، فما بقي شئ الا سألت عنه. فجعل
يقول عليه السلام: كذب، وزحف أبو الخطاب، حتى ضرب بيده إلى
لحية أبي عبد الله - عليه السلام - فضربت يده فقلت: خل يدك عن
لحيته... " الخ.
397

أن مثل أبي الخطاب لا يحدث نفسه أن يضرب بيده إلى أقل عبد لأبي
عبد الله - عليه السلام - فكيف يتوصل إليه " (1).
وفيه طعن على معاوية وقد ذكرنا: أنه من أجلة الفقهاء. والعدول
(قيل) وفى نسبة المنكر إليه إشعار بارتضاء باقي السند (2) وفيه نظر.
ومن بني عمار: محمد بن معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار، وهو من
أصحاب العسكري - عليه السلام - وممن روى النص على الحجة القائم
- عليه السلام - وعلى توكيل عثمان بن سعيد العمرى - رحمه الله -. وقد روي: " أنه كان في الشهود على ذلك أربعون رجلا من
رؤساء الشيعة " (3) ويعطي ذلك جلالة محمد ورئاسته. وهو آخر من
يعرف من بني عمار.

(1) وعبارة الكشي - قبل هذه الجملة -: " قال أبو عمرو الكشي:
هذا غلط ووهم في الحديث ان شاء الله... "، راجع: (ص 190).
(2) القائل: هو الوحيد البهبهاني - رحمه الله - في تعليقته على
(منهج المقال للاسترابادي: ص 323) في ترجمة محمد بن مقلاص أبي
الخطاب، قال - رحمه الله -: " في نسبة الكشي الاتيان بالمنكر إلى معاوية
الثقة دون غيره إشعار بارتضاء باقي سلسلة السند، فتأمل ".
(3) وقد تقدم ذكر الرواية في هامش ص 389.
398

بنو حكيم الأزدي المدائني
حديد، ومحمد، ومرازم. قال النجاشي رحمه الله: " حديد بن
حكيم أبو علي الأزدي المدائني، ثقة، وجه، متكلم. روى عن
أبي عبد الله، وأبي الحسن عليهما السلام، له كتاب رواه محمد بن خالد " (1)
ثم قال: " مرازم بن حكيم الأزدي المدائني، مولى، ثقة. وأخواه
محمد بن حكيم، وحديد بن حكيم. يكني: أبا محمد. روى عن
أبي عبد الله وأبي الحسن - عليهما السلام -، ومات في أيام الرضا - عليه السلام -
وهو أحد من بلي باستدعاء الرشيد له، وأخوه، أحضرهما الرشيد مع
عبد الحميد بن عواض، فقتله وسلما. ولهم حديث ليس هذا موضعه
له كتاب. عنه علي بن حديد (2)
وذكر الشيخ في (الفهرست) مرازم بن حكيم، وروى كتابه عن
علي بن حديد (3) ووثقه في رجاله: باب أصحاب الكاظم - عليه السلام - (4)
وفي أصحاب الصادق عليه السلام: " محمد بن حكيم الساباطي وله
إخوة * محمد، ومرازم، وحديد... " (5)

(1) راجع: (رجال النجاشي: ص 108) طبع بمبئ.
(2) راجع: (رجال النجاشي: ص 300) طبع بمبئ.
(3) راجع: (فهرست الشيخ الطوسي ص 170) برقم (744)
طبع النجف الأشرف.
(4) راجع: (رجال الشيخ ص 359) برقم (6) طبع النجف الأشرف.
* كأنه وهم إخوة (منه قدس سره)
(5) راجع: رجال الشيخ الطوسي. باب أصحاب الصادق عليه السلام
(ص 285) برقم 78، طبع النجف الأشرف.
399

ويحتمل أن يكون محمد بن حكيم - هذا - هو: محمد بن حكيم
المتكلم الذي روى عن الكاظم عليه السلام: أنه رخص له في الكلام، وأمره
به، وكان يرضيه كلامه. (1) فهو ممدوح.
وما تقدم عن النجاشي لا يدل على توثيقه، وان احتمله.
ومن بني حكيم: محمد بن مرازم الثقة. قال النجاشي: " محمد
ابن مرازم بن حكيم الساباطي الأزدي ثقة، له كتاب يرويه عنه جماعة
منهم محمد بن خالد البرقي، ومنهم علي بن حديد بن حكيم (2)
وقد ضعفه الشيخ في كتابي الأخبار (3) وقال في باب الربا. من التهذيب: -

(1) ذكر الكشي في رجاله (ص 280 - ص 281) طبع بمبئ
ما نصه: " حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، قال: حدثني يونس
ابن عبد الرحمن عن حماد، قال: كان أبو الحسن عليه السلام يأمر
محمد بن حكيم ان يجالس اهل المدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وان يكلمهم ويخاصمهم. حتى كلمهم في صاحب القبر، فكان إذا انصرف
إليه قال له: ما قلت لهم؟ وما قالوا لك؟ ويرضى بذلك منه ".
(2) راجع: رجال النجاشي (ص 258) طبع بمبئ.
(3) هما: الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، وقد طبع أولا في
لكهنؤ (الهند) سنة 1307 ه‍ - وطبع - أخيرا - في النجف الأشرف بأربعة
اجزاء، وتهذيب الأحكام في شرح المقنعة للمفيد - رحمه الله -، طبع
أولا في طهران (إيران) في جزئين سنة 1317 ه‍، وطبع - أخيرا -
في النجف الأشرف في عشرة اجزاء. وهذان الكتابان لشيخ الطائفة
أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي - رحمه الله - المتوفى سنة 460 ه‍. وهما
من الكتب الأربعة المعتمد عليها عند الشيعة، ثالثهما - الكافي للكليني
والرابع - من لا يحضره الفقيه للصدوق ابن بابويه القمي، وهما مطبوعان
طبعات عديدة.
400

" علي بن حديد ضعيف جدا لا يعول على ما ينفرد به " (1)

(1) أورد الشيخ الطوسي - رحمه الله - في التهذيب (ج 7 - ص 100
- برقم 434) طبع النجف الأشرف - طائفة من الأخبار الصحيحة الدالة
على عدم جواز بيع الذهب بالفضة نسيئة - بتفاضل - ثم عقب ذلك باخبار
اخر تدل - بمضمونها - على عدم جواز بيع الدينار الواحد بأكثر
نسيئة، منها ما نصه: " عنه عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد عن
جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، قال: لا بأس ان
يبيع الرجل الدينار نسيئة بمائة، وأقل وأكثر ". ثم اخذ يجيب - رحمه
الله - عن الطائفة الثانية من الاخبار المجوزة المعارضة لتلك الطائفة الأولى
المانعة، فمما أجاب به عن هذا الخبر المذكور قوله: "... واما خبر زرارة
فالطريق إليه علي بن حديد وهو ضعيف جدا لا يعول على ما ينفرد بنقله ".
وكذا ما رواه في (ج 1 - ص 239 - برقم 693) في باب
تطهير المياه من النجاسات، فقال: " أحمد بن محمد بن عيسى عن علي
ابن حديد عن بعض أصحابنا، قال كنت مع أبي عبد الله عليه السلام في
طريق مكة، فصرنا إلى بئر، فاستقى غلام أبي عبد الله عليه السلام دلوا، فخرج
فيه فأرتان، فقال: أبو عبد الله عليه السلام: ارقه، قال: فاستقى آخر
فخرجت فيه فأرة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ارقه، قال: فاستقى
الثالث، فلم يخرج فيه شئ، فقال: صبه في الاناء، فصبه في الاناء ". ثم قال
الشيخ - بعد أن أورد الحديث المذكور - " فأول ما في هذا الحديث
ان علي بن حديد رواه عن بعض أصحابنا ولم يسنده، وهذا مما يضعف
الحديث... ".
وقال - رحمه الله - في الاستبصار (ج 3 - القسم الأول - ص 95)
في باب النهي عن بيع الذهب بالفضة نسيئة - بعد أن أورد الخبر المذكور
في التهذيب - واما خبر زرارة فالطريق إليه علي بن حديد، وهو ضعيف
جدا لا يعول على ما ينفرد بنقله ".
401

وقال الكشي - رحمه الله -: " قال نصر بن الصباح: علي بن حديد
ابن حكيم فطحي من أهل الكوفة " (1) وذكره العلامة، وابن داود
في قسم الضعفاء، ونقلا عن الشيخ ونصر بن الصباح ما تقدم (2)
وقال المحقق في (المعتبر): " علي بن حديد ضعيف جدا " (3)
وهي عبارة الشيح.
وفي (التحرير) عن السيد بن طاووس، أن نصرا لا يثبت قوله:
ولكن قد قيل فيه من غير طريقه ما يشهد بضعفه (4).
ولعله إشارة إلى ما قاله الشيخ، ويلوح منه تضعيف هذا القول.

(1) راجع: رجال الكشي (ص 477 - برقم 461) ط النجف الأشرف
(2) راجع: رجال العلامة الحلي - القسم الثاني - (ص 234)
باب علي، طبع النجف الأشرف، ورجال ابن داود الحلي (ص 482 -
برقم 324) طبع إيران.
(3) روى المحقق الحلي - رحمه الله - في كتاب (المعتبر) في باب
مسألة نجاسة القليل من الماء الراكد بالملاقاة - رواية عن الصادق عليه السلام
وهي التي ذكرناها آنفا عن التهذيب (ج 1 - ص 239 برقم 693). ثم قال
المحقق: "... على أن في طريق هذه الرواية علي بن حديد عن بعض
أصحابنا، وعلي بن حديد ضعيف جدا، مع إرساله الرواية "، وقد عرفت
- آنفا - ان عبارة المحقق - رحمه الله - - هذه - هي عبارة الشيخ
الطوسي في كتابيه: التهذيب، والاستبصار.
(4) تقدم ان التحرير هو (التحرير الطاووسي)، راجع تعليقتنا
(ص 304).
402

وبالجملة، فالأصل في تضعيف هذا الرجل واشتهاره بذلك: هو
الشيخ في كتابي الأخبار. وقد ذكره في كتاب الرجال في أصحاب الرضا
والجواد - عليهما السلام - ولم يطعن عليه بشئ (1) وفى (فهرست المصنفين)
من أصحابنا، وقال: " له كتاب. روى عنه أبو محمد عيسى بن محمد
ابن أيوب الأشعري " (2)
وقال النجاشي: " علي بن حديد بن حكيم المدائني الأزدي الساباطي
روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام، له كتاب، روى عنه علي بن
فضال " (3) ولم يشر فيه إلى قدح.
وذكره السروي في (معالم العلماء) وأشار إلى كتابه من دون طعن (4)
وروى الكشي فيه عدة اخبار تشير إلى اعتباره وسلامة مذهبه:
ففي ترجمة هشام بن الحكم: " عن علي بن محمد عن أحمد بن محمد
عن أبي علي بن راشد عن أبي جعفر الثاني عليه السلام، قال: قلت:
جعلت فداك، قد اختلف أصحابنا، فأصلى خلف أصحاب هشام بن الحكم؟
قال: عليك بعلي بن حديد. قلت: فآخذ بقوله؟ فقال: نعم. فلقيت
علي بن حديد، فقلت له: نصلى خلف أصحاب هشام بن الحكم؟
قال: لا " (5)

(1) قال الشيخ في (ص 372) من رجاله المطبوع في النجف الأشرف:
" علي بن حديد بن حكيم، مولى الأزد. وكان منزله ومنشأه في المدائن "
(2) راجع: فهرست الشيخ (ص 89 - برقم 372) طبع النجف
الأشرف سنة 1356 ه‍
(3) راجع: رجال النجاشي (ص 210) طبع طهران: مصطفوي
(4) قال السروي في (ص 63 - برقم 428) طبع النجف الأشرف:
" علي بن حديد المدائني له كتاب ".
(5) رجال الكشي: ص 237 - 238 ط النجف الأشرف.
403

وليس في الطريق من يتوقف فيه إلا علي بن محمد، وهو علي بن
محمد بن قتيبة النيسابوري. وقال النجاشي - رحمه الله -: " عليه اعتمد
أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال، وهو أبو الحسن صاحب الفضل بن
شاذان ورواية كتبه، له كتب " (1)
وصرح ابن طاووس، والعلامة - رحمه الله - بصحة حديث القتيبي
في ترجمة يونس بن عبد الرحمن وغيره (2). فالحديث إذا صحيح.
وروى - في ترجمة - يونس بن عبد الرحمن: " عن آدم بن محمد
القلانسي البلخي، عن علي بن محمد القمي، عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن يعقوب بن يزيد، عن أبيه يزيد بن حماد، عن أبي الحسن عليه السلام
قلت له: اصلى خلف من لا أعرف؟ قال: لا تصل إلا خلف من تثق
بدينه، فقلت له: أصلى خلف يونس وأصحابه؟ فقال: يأبى ذلك عليكم
علي بن حديد، قلت: آخذ بقوله في ذلك؟ قال: نعم - قال -:
فسألت علي بن حديد عن ذلك؟ فقال: لا تصل خلفه، ولا خلف أصحابه.
وعن علي بن محمد القتيبي قال: حدثنا الفضل بن شاذان، قال:
كان أحمد بن محمد بن عيسى تاب واستغفر الله من وقيعته في يونس
لرؤيا رآها. وقد كان علي بن حديد يظهر في الباطل الميل إلى يونس
وهشام - رحمهما الله - " (3)
قال الكشي - بعد نقل ذلك عن الفضل بن شاذان -: "... ولعل هذه

(1) رجال النجاشي: 197 ط إيران - في ترجمة علي بن محمد بن قتيبة
(2) انظر: خلاصة الرجال للعلامة الحلي - رحمه الله - (ص 89)
طبع إيران، اما التحرير الطاووسي (المخطوط) فلا يوجد لدينا، في الوقت
الحاضر انظر هامشنا (ص 304).
(3) رجال الكشي ص 418 ط النجف الأشرف.
404

الروايات - يعني أخبار الطعن في يونس - كانت من احمد - قبل رجوعه
ومن علي، - يعني: علي بن حديد - مداراة لأصحابه " * (1)
وهذا الكلام من الكشي - رحمه الله - ومن الفضل في الدفاع عن يونس
أوضح شاهد على الوثوق بعلي بن حديد، كأحمد بن محمد بن عيسى.
ولو كان علي ضعيفا أو متهما، لما احتيج إلى هذا الاعتذار، وهو ظاهر
عند التأمل.
ومما يشير إلى الوثوق به - مع كثرة رواياته وسلامتها -: رواية
الثقات والأجلاء عنه كابن أبي عمير، وأحمد بن محمد بن عيسى، والحسين
ابن سعيد، وعلي بن مهزيار، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، ومحمد
ابن عبد الجبار، وغيرهم. وكذا رواية علي بن الحسن بن فضال لكتابه
وقد قال النجاشي: " إنه قل ما روى عن ضعيف " (2)

* وروى الكشي أيضا في ترجمة محمد بن بشير الغالي ماله تعلق بهذا
الموضع، فراجع ذلك (منه قدس سره)
ولزيادة التوضيح، انظر ترجمته في رجال الكشي (ص 405) رقم
350، طبع النجف الأشرف.
(1) وقبل هذه الجملة: " فلينظر الناظر، فيتعجب، من هذه الأخبار
التي رواها القميون في يونس، وليعلم انها لا تصح في العقل، وذلك: ان
أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن حديد قد ذكرا الفضل من رجوعهما عن
الوقيعة في يونس. ولعل هذه الروايات... " (الخ). راجع: ص 419
طبع النجف الأشرف.
(2) وقبل هذه الفقرة: "... كان فقيه أصحابنا بالكوفة ووجههم
وثقتهم، وعارفهم بالحديث، والمسموع قوله فيه، سمع منه شيئا كثيرا
ولم يعثر له على زلة فيه، ولا يشينه... " راجع رجال النجاشي (ص
195) طبع إيران بعنوان: علي بن الحسن بن علي بن فضال.
405

وأما الطعن عليه ب‍ (الفطحية) فإنما جاء من نصر بن صباح، وهو
غال - كما شهد به الكشي وغيره - (1) فلا اعتداد بقوله. وقد تقدم
ما يضعف الطعن بها، لرجوع الفطحية عن مقالتهم إلا نادرا بعد بقائهم
عليها مع اعترافهم بامامة الكاظم عليه السلام، ومن بعده، وظهور
إنكارهم لامامة عبد الله بن جعفر.

(1) انظر: (رجال النجاشي: ص 334 طبع إيران) في ترجمة
نصر بن صباح، وانظر أيضا: (رجال الكشي: ص 12 وص 207
طبع بمبئ) فإنه قال: " حدثني أبو القاسم نصر بن الصباح وكان غاليا ".
وانظر - أيضا - (رجال ابن داود ص 522 القسم الثاني، طبع إيران)
برقم 517 فإنه حكم بكونه غاليا.
406

بنو موسى
" عمار بن موسى الساباطي، أبو الفضل مولى، وأخواه: قيس
وصباح. رووا عن أبي عبد الله، وأبي الحسن عليهما السلام. وكانوا ثقات
في الرواية... " قاله النجاشي (1)
وعمار فطحي - كما حكم به الكشي (2) وحكاه عن العياشي (3)

(1) انظر: (رجال النجاشي ص 223) طبع إيران، بعنوان: عمار
ابن موسى الساباطي.
(2) انظر رجال الكشي ص 218 برقم 130 طبع النجف الأشرف
بعنوان: عمار بن موسى الساباطي.
(3) راجع (رجال الكشي: ص 294 برقم 189) طبع النجف
الأشرف، فإنه روى عن محمد بن مسعود العياشي ما هذا لفظه: " قال
محمد بن مسعود: عبد الله بن بكير وجماعة من الفطحية هم فقهاء أصحابنا، منهم
ابن فضال - يعني الحسن بن علي - وعمار الساباطي، وعلي بن أسباط
وبنو الحسن بن علي بن فضال علي وأخواه، ويونس بن يعقوب، ومعاوية
ابن حكيم، وعد عدة من أجلة الفقهاء العلماء ".
وابن مسعود - هذا - هو محمد بن مسعود بن محمد بن عياش السلمي
السمرقندي المكنى بابي النضر، والمعروف بالعياشي، المؤلف لما يزيد على
مائتي كتاب في عدة فنون الحديث، والرجال، والتفسير، والنجوم
وغيرها، وهو من مشايخ الكشي. ومن طبقة ثقة الاسلام الكليني، ويروي
كتبه عنه ولده جعفر بن محمد بن مسعود، ولم يذكر أرباب المعاجم تاريخ
ولادته ووفاته. وذكره الشيخ الطوسي - في باب من لم يرو عنهم عليهم
السلام من كتاب رجاله ص 497 برقم 32 طبع النجف الأشرف - فقال
"... أكثر اهل المشرق علما وفضلا وأدبا وفهما ونبلا في زمانه
صنف أكثر من مائتي مصنف، ذكرناها في (الفهرست) وكان له مجلس
للخاص ومجلس للعام - رحمه الله - " وذكره الشيخ أيضا في (الفهرست
ص 136 رقم 593 طبع النجف) فقال: " محمد بن مسعود العياشي. من
اهل سمرقند. وقيل إنه من بني تميم. يكنى ابا النضر. جليل القدر
واسع الأخبار، بصير بالروايات مطلع عليها. له كتب كثيرة تزيد على مائتي
مصنف ". ثم ذكر بعض كتبه عن فهرست ابن النديم - وقال - " أخبرنا
بجميع كتبه ورواياته جماعة من أصحابنا عن أبي المفضل عن جعفر بن محمد
ابن مسعود العياشي عن أبيه ".
وترجم له أيضا النجاشي في (رجاله ص 270) طبع إيران فقال:
"... ثقة صدوق عين من عيون هذه الطائفة. وكان يروي عن
الضعفاء كثيرا. وكان في أول امره عامي المذهب وسمع حديث العامة فأكثر
منه، ثم تبصر وعاد إلينا. وكان حديث السن. سمع أصحاب علي بن الحسن
ابن فضال، وعبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي، وجماعة من شيوخ الكوفيين
والبغداديين والقميين " - ثم قال النجاشي -: " قال أبو عبد الله الحسين
ابن عبيد الله (اي الغضائري): سمعت القاضي ابا الحسن علي بن محمد:
قال لنا أبو جعفر الزاهد: أنفق أبو النضر على العلم والحديث تركة أبيه سائرها.
وكانت ثلاثمائة الف دينار. وكانت داره كالمسجد بين ناسخ أو مقابل أوقار
أو معلق، مملوءة من الناس. وصنف أبو النضر كتبا " ثم عد النجاشي
مائة وأربعة وخمسين كتابا، وذكر طريقه إلى روايتها عن ابنه محمد
ابن مسعود.
وترجم له ابن النديم في (الفهرست ص 288) ط مطبعة الاستقامة بالقاهرة
وقال: " أبو النضر محمد بن مسعود العياشي، من اهل سمرقند. وقيل:
إنه من بني تميم. من فقهاء الشيعة الإمامية. أوحد دهره وزمانه في غزارة
العلم. ولكتبه في نواحي خراسان شأن من الشأن ". ثم عد مائة وخمسة وسبعين
كتابا من كتبه.
والموجود من تفسير العياشي جزءان إلى آخر سورة الكهف، ولا
يوجد غيرهما في الأيدي، وطبعا بمدينة (قم) من بلاد إيران سنة 1380 ه‍
وسنة 1381 ه‍.
وترجم للعياشي في أكثر المعاجم الرجالية، منها: رجال ابن داود الحلي
والوجيزة للمجلسي، وبلغة المحدثين للبحراني، وغيرها.
407

وقطع به الشيخ (1) ونقله عن جماعة من اهل النقل (2). وروى الكليني
- رحمه الله - في باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل: " عن
محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن
هشام بن سالم - في حديث طويل: ذكر فيه دخول الناس على عبد الله
ابن جعفر، وموسى بن جعفر (ع)، وامتحانهما بالمسائل - قال: فكل

(1) راجع: فهرست الشيخ (ص 117 - رقم 515) طبع النجف
الأشرف سنة 1356 ه‍.
(2) انظر: التهذيب للشيخ الطوسي (ج 7 ص 101) طبع النجف
الأشرف، في كتاب البيع - باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك
وما يجوز منه وما لا يجوز، فإنه قال: "... وهذه الأخبار أربعة منها
الأصل فيها عمار بن موسى الساباطي، وهو واحد قد ضعفه جماعة من
اهل النقل، وذكروا ان ما ينفرد بنقله لا يعمل به لأنه كان فطحيا
غير انا لا نطعن عليه بهذه الطريقة لأنه، وان كان كذلك، فهو ثقة في
النقل لا يطعن عليه فيه ".
409

من دخل عليه - أي على أبي الحسن موسى - عليه السلام - قطع، إلا طائفة
عمار وأصحابه " * (1)

* قوله: إلا طائفة عمار، يحتمل: الإضافة وكون المستثنى طائفة
عمار وأصحاب عمار، والقطع عما بعده، فالمستثنى عمار وأصحابه.
(منه قدس سره)
(1) ولنذكر الحديث بتمامه تبركا به كما في الجزء الأول من
(أصول الكافي: ص 351) طبع إيران الجديد: " محمد بن يحيى عن أحمد
ابن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم، قال:
كنا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد الله الصادق عليه السلام. - انا وصاحب الطاق -
والناس مجتمعون على عبد الله بن جعفر: انه صاحب الامر بعد أبيه
فدخلنا عليه - انا وصاحب الطاق - والناس عنده، وذلك: انهم رووا
عن أبي عبد الله (ع): أنه قال: إن الأمر في الكبير ما لم تكن به عاهة
فدخلنا عليه نسأله عما كنا نسأل عنه أباه، فسألناه عن الزكاة، في كم تجب؟
فقال: في مائتين خمسة، فقلنا ففي مائة؟ فقال: درهمان ونصف.
فقلنا: والله ما تقول المرجئة هذا، قال: فرفع يده إلى السماء، فقال:
والله ما أدرى ما تقول المرجئة.
قال: فخرجنا من عنده ضلالا. لا ندري إلى أين نتوجه - انا
وأبو جعفر الأحول - فقعدنا في بعض أزقة الكوفة، باكين حيارى لا ندري
إلى أين نتوجه، ولا من نقصد، ونقول: إلى المرجئة، إلى القدرية
إلى الزيدية، إلى المعتزلة، إلى الخوارج؟ فنحن كذلك، إذ رأيت
رجلا شيخا لا اعرفه، يومئ إلى بيده، فخفت أن يكون عينا من عيون
أبي جعفر المنصور، وذلك: انه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون إلى
من اتفقت شيعة جعفر عليه السلام عليه، فيضربون عنقه، فخفت أن يكون
منهم، فقلت للأحول:: تنح فاني خائف على نفسي وعليك، وانما يريدني
لا يريدك، فتنح عنى لا تهلك وتعين على نفسك، فتنحى - غير بعيد -
وتبعت الشيخ. وذلك: اني ظننت اني لا أقدر على التخلص منه، فما
زلت اتبعه - وقد عزمت على الموت - حتى ورد بي على باب أبي الحسن
عليه السلام، ثم خلاني ومضى " فإذا خادم بالباب، فقال لي: ادخل
- رحمك الله - فدخلت، فإذا أبو الحسن موسى عليه السلام، فقال لي
- ابتداء منه -: لا إلى المرجئة، ولا إلى القدرية، ولا إلى الزيدية
ولا إلى المعتزلة، ولا إلى الخوارج، إلي، إلي. فقلت: جعلت فداك
مضى أبوك؟ قال: نعم، قلت: مضى موتا؟ قال: نعم. قلت: فمن
لنا من بعده؟ فقال: إن شاء الله ان يهديك هداك، قلت: جعلت فداك
إن عبد الله يزعم: انه من بعد أبيه. قال: يريد عبد الله أن لا يعبد الله
قال: قلت: جعلت فداك، فمن لنا من بعده؟ قال: إن شاء الله ان
يهديك هداك. قال: قلت: جعلت فداك فأنت هو؟ قال: لا، ما أقول
ذلك. قال - فقلت في نفسي -. لم أصب طريق المسألة، ثم قلت له:
جعلت فداك، عليك إمام؟ قال: لا، فداخلني شئ لا يعلم إلا الله
عز وجل إعظاما له وهيبة أكثر مما كان يحل بي من أبيه إذا
دخلت عليه. ثم قلت له: جعلت فداك، أسألك عما كنت اسأل أباك؟
فقال: سل تخبر ولا تذع، فان أذعت فهو الذبح. فسألته فإذا هو
بحر لا ينزف. قلت: جعلت فداك، شيعتك وشيعة أبيك ضلال، فألقي
إليهم وادعوهم إليك - وقد اخذت علي الكتمان -؟ قال: من آنست منه
رشدا فالق إليه، وخذ عليه الكتمان، فان أذاعوا فهو الذبح - وأشار
بيده إلى حلقه -.
قال: فخرجت من عنده، فلقيت ابا جعفر الأحول، فقال لي:
ما وراءك؟ قلت: الهدى، فحدثته بالقصة. قال ثم لقينا الفضيل
وأبا بصير، فدخلا عليه، وسمعا كلامه، وسألاه، وقطعا عليه بالإمامة
ثم لقينا الناس أفواجا، فكل من دخل عليه، قطع إلا طائفة عمار وأصحابه
وبقي عبد الله لا يدخل إليه إلا قليل من الناس... ".
410

وفي ارشاد المفيد: " عن ابن قولويه عن الكليني - بالاسناد - عن
هشام بن سالم، قال: "... وكل من دخل عليه قطع عليه، إلا طائفة
عمار الساباطي " (1)
وفي المناقب - مرسلا - مثله. (2)
وفي رجال الكشي: " عن جعفر بن محمد عن الحسن بن علي بن
النعمان عن أبي الحسن عن هشام بن سالم، قال: وكان كل من دخل
عليه قطع عليه " إلا طائفة مثل عمار وأصحابه " (3).
وربما كان في هذه الأخبار - خصوصا على رواية الأخير - إشعار
بفطحية أخوي عمار: قيس وصباح.
ويؤيده قول النجاشي: " وكانوا ثقات في الرواية " (4) فإنه يعطي
عدم الوثوق بمذهبهم. لكن العلامة - رحمه الله - ذكرهما في القسم

(1) راجع: (ص 310 من الارشاد) باب طرف من دلائل
أبي الحسن موسى عليه السلام، طبع إيران.
(2) راجع: مناقب ابن شهرآشوب السروي (ج 3 ص 5. 4) طبع
النجف الأشرف سنة 1375 ه‍ - باب إمامة موسى بن جعفر عليه السلام -
فصل اخباره بالمغيبات.
(3) راجع: (ص 239) بعنوان: هشام بن سالم، طبع النجف
الأشرف، فإنه يستعرض الحديث المزبور بطوله.
(4) كما مر عليك آنفا (ص 407)
412

الأول، وحكم بتوثيقهما، ولم يتعرض للمذهب (1)
وصرح الشهيد الثاني: بأن صباحا لم يكن فطحيا كأخيه عمار.
وليس لذلك مأخذ ظاهر غير عبارة النجاشي، ولا دلالة فيها على صحة المذهب
بل جمعهما مع أخيهما عمار - المشهور بفساد المذهب في هذه العبارة المشعرة
به - يعطي فساد مذهب الجميع.
ومن بني موسى: إسحاق بن عمار الساباطي الفطحي - على ما ذكره
الشيخ (2) وتقدم القول فيه (3) *

(1) قال في (الخلاصة) ص 135، طبع النجف الأشرف: " قيس
أخو عمار الساباطي ثقة " وفي (ص 88): " صباح أخو عمار ثقة "
(2) انظر: فهرست الشيخ الطوسي (ص 15 - برقم 52).
(3) تقدم (ص 307 فراجعه.
* إلى هنا ينتهي الفصل الأول من الكتاب المتضمن للبيوت والأسر
الرجالية، وفيما يلي يبدأ الفصل الثاني في تراجم الرواة على نسق الحروف
الهجائية.
413

باب الألف
إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي
ابن أبي طالب عليهم السلام، قال المفيد - في الارشاد - والطبرسي في - إعلام
الورى -: " كان إبراهيم بن موسى شيخا، سخيا، شجاعا، كريما
وتقلد الإمرة على اليمن في أيام المأمون من قبل محمد بن زيد بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب - عليه السلام - الذي بايعه أبو السرايا
بالكوفة، ومضى إليها ففتحها، وأقام بها مدة إلى أن كان من امر أبي
السرايا ما كان، فأخذ له الأمان من المأمون - قالا - ولكل من ولد
أبي الحسن موسى فضل ومنقبة مشهورة " (1)

(1) انظر: إرشاد المفيد - باب ذكر عدد أولاده - عليه السلام -
واعلام الورى (ص 301) طبع إيران الجديد. ونقل ابن شدقم في
تحفة الأزهار) - مخطوط - عن جده: " ان إبراهيم كان عالما فاضلا
كاملا من أئمة الزيدية، وكان شيخا كبيرا كريما ".
ولما ثار أبو السرايا السري بن منصور الشيباني - في زمن الأمين
والمأمون - كان أول ما ثار في الكوفة سنة 199 ه‍ - من جمادي الثانية، كما
يقول ابن خلدون في تاريخه، ويقول أبو الفرج الأصفهاني، إنه ثار في شهر
جمادي الأولى من السنة المذكورة، وقام الثوار باحتلال الكوفة. وهجموا
على واليها الفضل بن عيسى فنهبوا جميع ما في قصره، ولكن ابا السرايا
- كما قيل - لم يكن راضيا بذلك وأمر بإعادة المنهوبات إلى أهلها، وانهزم
الفضل بن عيسى فقوي امر أبي السرايا واحرز نصرا رائعا، وكان إبراهيم
ابن موسى بن جعفر عليه السلام في الطليعة من رجال الثورة، فقد أسند
أبو السرايا له الولاية على اليمن. ولما مضى إليها أذعن له أهلها بعد
اصطدام يسير وقع بينه وبينهم، كما يحدثنا أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل
الطالبيين (ص 533 - ص 534) طبع مصر (سنة 1368 ه‍، وقتل
من أهالي اليمن جماعة كثيرة حتى لقب بالجزار. وبعد ان قتل الحسن بن سهل السرخسي - وزير المأمون العباسي -
ابا السرايا امر بصلب رأسه في الجانب الشرقي من بغداد، كما امر بصلب
بدنه في الجانب الغربي منها، وكانت المدة بين خروجه وقتله عشرة أشهر
كما يحدثنا الطبري في تاريخه (ج 10 - ص 231) طبع القاهرة سنة 1323 ه‍
وكان مقتله يوم الخميس لعشر خلون من ربيع الأول سنة 200 ه‍، ولما بلغ
إبراهيم بن موسى عليه السلام قتل أبى السرايا - وكان أميرا بمكة المشرفة -
ظهر بها سنة 201 ه‍، ودعا الناس لنفسه فاستجاب له كثير من الناس، فقام
بالأمر وقتل خلقا كثيرا ممن كانوا على رأي العباسية، " فخاف منه المأمون
العباسي فخادعه باستخلافه على اليمن، فقدم صنعاء وكان فيها ابن ماهان
فخاذله حتى اسره، كما ذكر ابن شدقم في (تحفة الأزهار)، ويقال: انه
حارب المأمون وانكسر جيشه ففر هاربا إلى مكة. ولما جاء المأمون إلى بغداد
جاء إبراهيم إليه فأمنه. ويقول ابن شدقم في (تحفة الأزهار): إن الإمام الرضا
عليه السلام قد تشفع فيه عند المأمون لما كان في خراسان فشفعه فيه
وأطلق سراحه.
وكانت وفاته في بغداد سنة 213 ه‍، كما ذكره ابن الساعي في (مختصر
اخبار الخلفاء) طبع مصر، وقيل: سنة 210 ه‍، وكاد ان يتفق المترجمون
له انه مات مسموما وان المأمون هو الذي دس إليه السم، وقد شيع جثمانه
بتشييع فخم، ودفن بالقرب من قبر أبيه الكاظم عليه السلام، كما ذكره
أكثر المؤرخين.
414

وفي (الوجيزة): إبراهيم بن موسى بن جعفر، ممدوح (1) وكأنه أخذ
المدح من هاهنا (2) وقد كان أبو الحسن موسى - عليه السلام - أوصى
إلى ابنه علي - عليه السلام - وأفرده بالوصية في الباطن، وضم إليه في
الظاهر: إبراهيم، والعباس، والقاسم، وإسماعيل، واحمد، وأم احمد
وفي حديث وصيته - عليه السلام - على ما في الكافي، والعيون -:
" وانما أردت بادخال الذين أدخلت معه من ولدي، التنويه بأسمائهم
والتشريف لهم، وأن الامر إلى علي (عليه السلام) إن رأى أن يقر
إخوته الذين سميتهم في كتابي هذا، أقرهم، وان كره، فله أن يخرجهم
فان آنس منهم غير الذي فارقتهم عليه، فأحب ان يردهم في ولاية
فذاك له ".
وفي هذا الحديث: أن إخوة الرضا عليه السلام نازعوه وقدموه إلى
أبي عمران الطلحي، قاضي المدينة، وابرزوا وجه أم احمد في مجلس
القاضي. وكان العباس بن موسى هو الذي تولى خصومته، وأسماء الأدب
معه ومع أبيه، وفض خاتم الوصية الذي نهى عليه السلام عن فضه ولعن
من يفضه. وقال للرضا عليه السلام - في آخر كلامه -: " ما أعرفني
بلسانك، وليس لمسحاتك عندي طين ". وفيه منتهى الذم للعباس وإخوته
الذين وافقوه على خصومة الرضا عليه السلام، ومخالفته ومنازعته (3)

(1) انظر (وجيزة المجلسي) الملحق بالخلاصة للعلامة الحلي (ص 145)
طبع إيران سنة 1312 ه‍.
(2) اي مما ذكره آنفا الشيخ المفيد في الارشاد، والطبرسي في
إعلام الورى.
(3) والحديث طويل نذكره بنصه: توضيحا للقصة - كما في أصول
الكافي: 1 / 316 ط إيران -: " 15 - أحمد بن مهران عن محمد بن
علي، عن أبي الحكم، قال: حدثني عبد الله بن إبراهيم الجعفري وعبد
الله بن محمد بن عمارة، عن يزيد بن سليط، قال: لما أوصى أبو إبراهيم
عليه السلام، اشهد: إبراهيم بن محمد الجعفري وإسحاق بن محمد الجعفري
وإسحاق بن جعفر بن محمد، وجعفر بن صالح، ومعاوية الجعفري، ويحيى بن
الحسين بن زيد بن علي، وسعد بن عمران، الأنصاري، ومحمد بن الحارث
الأنصاري، ويزيد بن سليط الأنصاري، ومحمد بن جعفر بن سعد الأسلمي
- وهو كاتب الوصية الأولى - أشهدهم: انه يشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وان الساعة آتية لا ريب
فيها، وان الله يبعث من في القبور، وان البعث بعد الموت حق، وان
الوعد حق، وان الحساب حق، والقضاء حق، وان الوقوف بن يدي
الله حق وان ما جاء به محمد (ص) حق، وان ما نزل به الروح الأمين
حق. على ذلك أحيى وعليه أموت، وعليه ابعث ان شاء الله. وأشهدهم:
ان هذه وصيتي بخطي، وقد نسخت وصية جدي أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب عليه السلام، ووصية محمد بن علي - قبل ذلك - نسختها حرفا
بحرف، ووصية جعفر بن محمد على مثل ذلك.
وإني قد أوصيت إلى علي، وبني - بعد - معه، إن شاء وآنس
منهم رشدا وأحب ان يقرهم. فداك له، وان كرههم وأحب ان يخرجهم
فذاك له، ولا امر لهم معه. وأوصيت إليه بصدقاتي وأموالي وموالي
وصبياني الذين خلفت وولدي، وإلى إبراهيم والعباس وقاسم وإسماعيل واحمد
وأم احمد. وإلى علي امر نسائي دونهم، وثلث صدقة أبي وثلثي، يضعه
حيث يرى، ويجعل فيه ما يجعل ذو المال في ماله. فان أحب ان يبيع
أو يهب أو ينحل أو يتصدق بها على من سميت له، وعلى غير من سميت
فذاك له. وهو انا في وصيتي في مالي وفى أهلي وولدي، وان رأى أن
يقر إخوته الذين سميتهم في كتابي هذا، أقرهم، وإن كره فله ان
يخرجهم غير مثرب عليه ولا مردود، فان انس منهم غير الذي فارقتهم
عليه فأحب ان يردهم في ولاية، فذاك له، وان أراد رجل منهم ان يزوج
أخته فليس له ان يزوجها إلا باذنه وأمره، فإنه اعرف بمناكح قومه.
وأي سلطان أو أحد من الناس كفه عن شئ أو حال بينه وبين شئ مما
ذكرت في كتابي هذا أو أحد ممن ذكرت، فهو من الله ورسوله برئ
والله ورسوله منه براء، وعليه لعنة الله وغضبه ولعنة اللاعنين والملائكة
المقربين، والنبيين والمرسلين وجماعة المؤمنين. وليس لأحد من السلاطين
ان يكفه عن شئ، وليس لي عنده تبعة ولا تباعة، ولا لأحد من ولدي
له قبلي مال، فهو مصدق فيما ذكر، فان أقل فهو أعلم، وان أكثر فهو
الصادق كذلك. وانما أردت بادخال الذين أدخلتهم معه من ولدي التنويه
بأسمائهم والتشريف لهم. وأمهات أولادي من أقامت منهن في منزلها وحجابها
فلها ما كان يجري عليها في حياتي إن رأى ذلك. ومن خرجت منهن
إلى زوج، فليس لها ان ترجع إلى محواي، إلا أن يرى علي غير ذلك.
وبناتي بمثل ذلك، ولا يزوج بناتي أحد من اخوتهن من أمهاتهن ولا
سلطان ولا عم، الا برأيه ومشورته. فان فعلوا غير ذلك فقد خالفوا الله
ورسوله، وجاهدوه في ملكه، وهو اعرف بمناكح قومه، فان أراد أن
يزوج زوج، وان أراد أن يترك ترك. وقد أوصيتهن بمثل ما ذكرت
في كتابي هذا، وجعلت الله عز وجل عليهن شهيدا. وهو وأم احمد
شاهدان، وليس لأحد ان يكشف وصيتي، ولا ينشرها، وهو منها
على غير ما ذكرت وسميت " فمن أساء فعليه ومن أحسن فلنفسه، وما
ربك بظلام للعبيد " وصلى الله على محمد وعلى آله. وليس لأحد من سلطان
ولا غيره ان يفض كتابي هذا الذي ختمت عليه الأسفل. فمن فعل ذلك
فعليه لعنة الله وغضبه ولعنة اللاعنين والملائكة المقربين وجماعة المرسلين
والمؤمنين من المسلمين، وعلى من فض كتابي هذا.
وكتب، وختم أبو إبراهيم والمشهود، وصلى الله على محمد وعلى آله.
قال أبو الحكم: فحدثني عبد الله بن آدم (والظاهر عبد الله بن
إبراهيم) الجعفري عن يزيد بن سليط، قال: كان أبو عمران الطلحي
قاضي المدينة، فلما مضى موسى، قدمه إخوته إلى الطلحي القاضي، فقال
العباس بن موسى: أصلحك الله وأمتع بك، إن في أسفل هذا الكتاب
كنزا وجوهرا. ويريد ان يحتجبه ويأخذه دوننا، ولم يدع أبونا - رحمه
الله - شئ إلا الجأه إليه، وتركنا عالة، ولولا أني اكف نفسي لأخبرتك
بشئ على رؤوس الملأ. فوثب إليه إبراهيم بن محمد، فقال: إذا والله
تخبر بما لا نقبله منك ولا نصدقك عليه، ثم تكون عندنا ملوما مدحورا
نعرفك بالكذب صغيرا وكبيرا، وكان أبوك اعرف بك لو كان فيك خير
وان كان أبوك لعارفا بك في الظاهر والباطن، وما كان ليأمنك على
تمرتين. ثم وثب إليه إسحاق بن جعفر عمه فأخذ بتلابيبه، فقال له: إنك
لسفيه ضعيف أحمق، اجمع هذا مع ما كان بالأمس منك. واعانه القوم أجمعون.
فقال أبو عمران القاضي لعلي: قم يا أبا الحسن، حسبي ما لعنني
أبوك اليوم، وقد وسع لك أبوك، ولا والله ما أحد اعرف بالولد من
والده، ولا والله ما كان أبوك عندنا بمستخف في عقله ولا ضعيف في
رأيه، فقال العباس للقاضي: أصلحك الله، فض الخاتم، واقرأ ما تحته
فقال أبو عمران: لا أفضه، حسبي ما لعنني أبوك اليوم، فقال العباس:
فانا أفضه، فقال: ذاك إليك ففض العباس الخاتم، فإذا فيه اخراجهم، وإقرار
على لها وحده، وإدخاله إياهم في ولاية علي ان أحبوا أو كرهوا، واخراجهم
من حد الصدقة وغيرها. وكان فتحه عليهم بلاء وفضيحة وذلة، ولعلي (ع)
خيرة. وكان في الوصية التي فض العباس تحت الخاتم هؤلاء الشهود: إبراهيم
ابن محمد وإسحاق بن جعفر، وجعفر بن صالح، وسعيد بن عمران. وابرزوا وجه
أم احمد في مجلس القاضي، وادعوا انها ليست إياها حتى كشفوا عنها وعرفوها
فقالت - عند ذلك -: قد - والله - قال سيدي هذا: انك ستؤخذين
جبرا وتخرجين إلى المجالس. فزجرها إسحاق بن جعفر، وقال: اسكني
فان النساء إلى الضعف، ما أظنه قال من هذا شيئا.
ثم إن عليا (ع) التفت إلى العباس، فقال: يا أخي، إني اعلم أنه
إنما حملكم على هذه: الغرائم الديون التي عليكم، فانطلق يا سعيد، فتعين
لي ما عليهم، ثم اقض عنهم. ولا والله - لا ادع مؤاساتكم وبركم ما مشيت على
الأرض، فقولوا ما شئتم، فقال العباس: ما تعطينا الا من فضول أموالنا وما لنا عندك
أكثر. فقال قولوا ما شئتم، فالعرض عرضكم، فان تحسنوا فذاك لكم
عند الله، وان تسيئوا، فان الله غفور رحيم، والله إنكم لتعرفون انه
مالي - يومي هذا - ولد ولا وارث غيركم، ولئن حبست شيئا مما تظنون أو
ادخرته، فإنما هو لكم ومرجعه إليكم، والله ما ملكت - منذ مضى أبوكم
رضي الله عنه - شيئا إلا وقد سيبته حيث رأيتم. فوثب العباس فقال:
والله ما هو كذلك، وما جعل الله لك من رأى علينا، ولكن حسد
أينا لنا وإرادته ما أراد مما لا يسوغه الله إياه ولا إياك. وانك لتعرف اني
اعرف صفوان بن يحيى - بياع السابري بالكوفة - ولئن سلمت لأغصصنه
بريقه، وأنت معه، فقال علي عليه السلام: لا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم. اما انى - يا إخوتي - فحريص على مسرتكم، الله يعلم.
اللهم إن كنت تعلم انى أحب صلاحهم، واني بار بهم، واصل لهم رفيق
عليهم، أعني بأمورهم ليلا ونهارا، فاجزني به خيرا، وإن كنت على غير
ذلك، فأنت علام الغيوب فاجزني به ما انا اهله - إن كان شرا فشرا:
وإن كان خيرا فخيرا - اللهم أصلحهم وأصلح لهم، واخسأ عنا وعنهم
الشيطان، وأعنهم على طاعتك، ووفقهم لرشدك. اما انا - يا أخي -
فحريص على مسرتكم، جاهد على صلاحكم، والله على ما نقول وكيل.
فقال العباس: ما أعرفني بلسانك، وليس لمسحاتك عندي طين. فافترق
القوم على هذا... ".
وانظر نص الوصية المذكورة - أيضا - بطولها في عيون أخبار الرضا
عليه السلام، لابن بابويه الصدوق - رحمه الله - (ج 1 ص 33 - 37)
باب (5) طبع إيران (قم) سنة 1377 ه‍، مع اختلاف يسير.
416

وفي حديث آخر - في الكافي -: ان اخوته عليه السلام كانوا يرجون
أن يرثوه، فلما اشترى يزيد بن سليط للرضا أم الجواد - عليهما
السلام - عادوه من غير ذنب. ثم كان من بغيهم: أنهم هموا بنفيه
420

عن أبيه حتى قضت (القافة) بالحاقة به. والقصة في ذلك مشهورة أوردها الكليني في الكافي، وغيره (1)
فما ذكره المفيد - رحمه الله - هنا وتبعه غيره: - من الحكم بحسن
حال أولاد الكاظم عليه السلام - عموما - محل نظر، وكذا في
خصوص إبراهيم:
ففي الكافي - في باب ان الامام متى يعلم ان الامر قد صار إليه -:
" عن الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن علي بن أسباط، قال قلت
للرضا عليه السلام:

(1) انظر القصة في (أصول الكافي ج 1 ص 322) طبع إيران
(قم) سنة 1377 ه‍.
421

إن رجلا عني أخاك إبراهيم، فذكر له: أن أباك في الحياة، وأنك
تعلم من ذلك ما يعلم، فقال: سبحان الله!! يموت رسول الله، ولا يموت
موسى، قد - والله - مضى كما مضى رسول الله، ولكن الله تبارك وتعالى لم يزل
- منذ قبض نبيه هلم جرا - يمن بهذا الدين على أولاد الأعاجم، ويصرفه
عن قرابة نبيه (ص) هلم جرا، فيعطى هؤلاء، ويمنع هؤلاء. لقد قضيت
عنه في هلال ذي الحجة الف دينار، بعد أن أشفى على طلاق نسائه، وعتق مماليكه ولكن قد سمعت ما لقي يوسف من اخوته " (1)
وفي العيون: " عن الهمداني عن علي عن أبيه عن بكر بن صالح، قال قلت
لإبراهيم بن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: ما قولك في أبيك؟
قال: هو حي، قلت: فما قولك في أخيك أبي الحسن عليه السلام؟ قال
هو ثقة صدوق، قلت: فإنه يقول: ان أباك قد مضى، قال: هو
أعلم وما يقول، فأعدت عليه، فأعاد علي، قلت: فأوصى أبوك؟ قال
نعم، قلت: إلى من أوصى؟ قال: إلى خمسة منا، وجعل عليا المتقدم
علينا " (2)
وفى الكافي - في مولد أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام -:
" عن علي بن محمد عن محمد بن إبراهيم المعروف ب‍ (ابن الكردي)
عن محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى بن جعفر عليه السلام، قال:
ضاق بنا الامر، فقال لي أبي: امض بنا حتى نصير إلى هذا الرجل - يعني:
ابا محمد - فإنه قد وصف لي عنه سماحه، فقلت: تعرفه؟ قال ما اعرفه
ولا رأيته قط. قال: فقصدناه، فقال لي أبي - وهو في طريقه -:

(1) أصول الكافي: ج 1 / 380 ط إيران الجديد.
(2) انظر: عيون أخبار الرضا عليه السلام (ج 1 ص 39) طبع
إيران (قم) سنة 1377 ه‍.
422

ما أحوجنا إلى أن يأمر لنا بخمسمائة درهم: مائتا درهم للكسوة، ومائتا
درهم للدين، ومائة للنفقة، فقلت في نفسي: ليته امر لي بثلثمائة درهم
مائة اشتري بها حمارا، ومائة للنفقة، ومائة للكسوة، وأخرج إلى الجبل. قال:
فلما وافينا الباب خرج الينا غلامه، فقال: يدخل علي بن إبراهيم ومحمد
ابنه، فلما دخلنا عليه وسلمنا، قال لابي: يا علي، ما خلفك عنا إلى هذا
الوقت؟ فقال: يا سيدي استحييت ان ألقاك على هذه الحال. فلما خرجنا
من عنده، جاءنا غلامه، فناول أبي صرة، فقال: هذه خمسمائة درهم:
مائتان للكسوة، ومائتان للدين، ومائة للنفقة. وأعطاني صرة، فقال:
هذه ثلثمائة درهم: اجعل مائة في ثمن حمار، ومائة للكسوة، ومائة للنفقة
ولا تخرج إلى الجبل، وصر إلى (سوراء). فصار إلى (سوراء) (1)
وتزوج بامرأة منها، فدخله اليوم ألفا دينار، ومع هذا يقول بالوقف.
فقال محمد بن إبراهيم الكردي، فقلت له: ويحك!! أتريد أمرا أبين
من هذا؟ فقال: هذا أمر قد جرينا عليه " (2)
وفي الارشاد: " عن ابن قولويه عن محمد بن يعقوب: نحوه
إلا أن فيه: فدخله اليوم أربعة آلاف دينار، ومع هذا يقول بالوقف
فقال محمد بن إبراهيم الكردي: أتريد امرا أبين من هذا؟ فقال: صدقت

(1) سوراء - بضم اوله وسكون ثانيه ثم راء والف ممدودة -:
موضع يقال هو إلى جنب بغداد. وقيل: هو بغداد نفسها.
ويروى بأقصر. قيل: سميت ب‍ (سوراء) بنت (اردوان) بن
باطي الذي قتله كسرى أردشير وهي بنتها. وقال الأديبي: سوراء: موضع
بالجزيرة. وذكر ابن الجواليقي: انه مما تلحن العامة بالفتح، فقالت.
سوراء (معجم البلدان: مادة سوراء).
(2) أصول الكافي - نفس الباب ج 1 ص 6 - 5 ط إيران الجديد.
423

ولكنا على أمر قد جرينا عليه " (1)
وظاهره: جريانه وجريان أبيه وجده جميعا عليه.
وإبراهيم بن موسى هو جد المرتضى والرضي - رضي الله عنهما -
فإنهما ابنا أبي احمد النقيب، وهو الحسين بن موسى بن محمد بن موسى
ابن إبراهيم بن موسى بن جعفر عليهما السلام.
وظاهر الأكثر - كالمفيد في الارشاد، والطبرسي في الاعلام، والسروي
في المناقب، والأربلي في كشف الغمة -: أن المسمى ب‍ (إبراهيم) من
أولاد أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: رجل واحد، فإنهم ذكروا
عدة أولاده عليه السلام، وعدوا منهم: إبراهيم ولم يذكروا غير رجل (2)

(1) ارشاد المفيد: باب ذكر طرف من اخبار أبي محمد (ع)
- ص 366 ط إيران سنة 1308 ه‍. ولكن فيه: فدخله اليوم ألفا دينار
... فلاحظ.
(2) ففي ارشاد المفيد - باب ذكر أولاد الكاظم (ع) - ص 323
ط إيران سنة 1308 ه‍ - " وكان لأبي الحسن موسى عليه السلام سبعة
وثلاثون ولدا - ذكرا وأنثى - منهم علي بن موسى الرضا عليه السلام
وإبراهيم، والعباس، والقاسم - لأمهات أولاد - وإسماعيل، وجعفر
وهارون، والحسن - لأم ولد - واحمد، ومحمد، وحمزة - لأم ولد -
وعبد الله، وإسحاق، وعبيد الله، وزيد، والحسن، والفضل، والحسين
وسليمان - لأمهات أولاد - وفاطمة الكبرى، وفاطمة الصغرى، ورقية
وحكيمة " وأم أبيها، ورقيه الصغرى، وأم جعفر، ولبابة، وزينب وخديجة
وعلية، وآمنة، وحسنة، وبريهة، وعائشة " وأم سلمة، وميمونة، وأم كلثوم
- لأمهات أولاد ".
وراجع (إعلام الطبرسي: ص 301) طبع إيران سنة 1379 ه‍ - و (مناقب
ابن شهرآشوب: ج 3 ص 438) طبع النجف الأشرف سنة 1375 ه‍
وكشف الغمة: 3 / 27 ط إيران.
424

وقال صاحب عمدة الطالب: " ان موسى الكاظم عليه السلام ولد
ستين ولدا: وسبعا وثلاثين بنتا، وثلاثة وعشرين ابنا، درج منهم خمسة
لم يعقبوا بغير خلاف، وهم: عبد الرحمن، وعقيل والقاسم، ويحيى، وداود
ومنهم ثلاثة لهم إناث وليس لاحد منهم ولد ذكر، وهم: سليمان
والفضل، واحمد، ومنهم خمسة في أعقابهم خلاف وهم: الحسين
وإبراهيم الأكبر، وهارون، وزيد، والحسن، ومنهم عشرة أعقبوا بغير
خلاف، وهم: علي وإبراهيم الأصغر، والعباس (1) وإسماعيل، ومحمد، وإسحاق

(1) العباس - هدا -: هو الذي ادخله والده الإمام الكاظم عليه السلام
في وصيته التي أوردنا نصها عن الكافي للكليني في تعليقتنا آنفا (ص 416 - 421)
وهو الذي تجاسر على أخيه الرضا عليه السلام - كما سبق - امام قاضي
المدينة أبي عمران الطلحي، فقال له: " ما أعرفني بلسانك وليس لمسحاتك
عندي طين ".
ومن عقبه: القاسم، قال ابن عنبة النسابة في (عمدة الطالب:
ص 219) طبع النجف الأشرف: " والعقب - من العباس بن موسى
الكاظم عليه السلام - من القاسم المدفون بشوشى - وحده - وهم قليل.
قال الشيخ رضى الدين حسن بن قتادة للحسين الرسي النسابة: سألت الشيخ
جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد الموسوي النسابة: عن المشهد
الذي بشوشى، المعروف بالقاسم، فقال: سألت والدي فخارا عنه، فقال:
سألت السيد جلال الدين عبد الحميد التقى عنه فقال: لا اعرفه إلا أني
- بعد موت السيد عبد الحميد - وقفت على مشجرة في النسب قد حملها
بعض بني كتيلة إلى السيد مجد الدين محمد ابن معية وهي جمع المحسن الرضوي
النسابة وخطه، يذكر فيها القاسم بن العباس بن موسى الكاظم عليه السلام
قبره بشوشى في سواد الكوفة، والقبر مشهور، وبالفضل مذكور ".
وفى النفحة العنبرية للسيد محمد كاظم الموسوي اليماني النسابة (مخطوط):
" إن القاسم بن العباس بن الكاظم عليه السلام دفن بشوشى في سواد الكوفة "
ومثله ما في تحفة الأزهار لابن شدقم (مخطوط).
وكذلك ذكر سيدنا الحجة السيد مهدي القزويني الحلي المتوفى سنة
1300 ه‍ - في كتابه (فلك النجاة) في الفصل السادس (ص 336) طبع إيران
سنة 1297 ه‍، فقال: - عند ذكره لأولاد الأئمة عليهم السلام الذين
تستحب زيارة قبورهم: " والقاسم بن العباس بن الكاظم عليه السلام
المدفون في شوشى من قرى الكوفة مما يقرب من ذي الكفل ".
وكأنه مما ذكرنا اخذ (البراقي النجفي) صاحب تاريخ الكوفة، فقال
(ص 57)، طبع النجف الأشرف سنة 1356 ه‍: " القاسم بن
العباس بن الكاظم عليه السلام قبره بشوشى في سواد الكوفة، وهو بقرب
مقام زيد بن علي بن الحسين عليه السلام قريب من قرية ذي الكفل، وهو
الذي تغرب وزرع البقل، وارسل ابنته إلى المدينة، وهو صاحب القصة
التي ينسبونها الخطباء على المنابر - اشتباها - إلى القاسم بن الكاظم عليه
السلام، ويزيدون عليها عبارات من عند أنفسهم ".
ولكن الذي جاء في (مراصد الاطلاع بمادة: شوشة) ما نصه:
" شوشة قرية بأرض بابل، أسفل من حلة بني مزيد، بها قبر القاسم بن
موسى بن جعفر، وبالقرب منها قبر ذي الكفل، وهو حزقيل في
بر ملاحة ". ومثله ما في (معجم البلدان للحموي بمادة " شوشة ").
وفي (تاج العروس شرح القاموس للزبيدي): " وشوشة موضع
وفى التكملة: قرية بأرض بابل أسفل من الحلة بقربها قبر ذي الكفل
عليه السلام * قلت: وبهذه القرية قبر القاسم بن موسى بن جعفر الصادق
ابن محمد - رضي الله عنهم - من آل البيت ويتبرك به ".
وكأن سيدنا الحجة السيد الحسن الصدر الكاظمي - رحمه الله - لذلك قال
- في رسالته المخطوطة (تحية اهل القبور بالمأثور): إن " القاسم ابن الإمام
موسى جعفر عليه السلام قبره قرب نهر الجربوعية من اعمال
الحلة، جرت سيرة العلماء الأجلاء الحجج على شد الرحال لزيارته من
النجف وكربلا "، فلاحظ.
425

وحمزة، وعبد الله، وعبيد الله، وجعفر.
هكذا قال الشيخ أبو نصر البخاري، وقال الشيخ تاج الدين: أعقب
موسى الكاظم عليه السلام من ثلاثة عشر ولدا رجلا، منهم أربعة
مكثرون، وهم: علي الرضا عليه السلام، وإبراهيم المرتضى، ومحمد العابد
وجعفر. وأربعة متوسطون، وهم زيد النار، وعبد الله، وعبيد الله، وحمزة
وخمسة مقلون، وهم: العباس، وهارون، وإسحاق، وإسماعيل، والحسن ". (1)
وقد ظهر مما قال: إن المسمى ب‍ (إبراهيم) من أولاد الكاظم اثنان:

(1) راجع: عمدة الطالب لابن عنبة النسابة (ص 185 - 187)
طبع النجف الأشرف سنة 1358 ه‍. ولكن الموجود في المطبوع منه
(ص 187) - نقلا عن الشيخ تاج الدين - في تعداد الخمسة المقلين (الحسن
والحسين) بدل (إسماعيل والحسن)، فلاحظ.
وأبو نصر البخاري المذكور الذي ينقل عنه صاحب (العمدة)
هنا وفي غير هذا الموضع من كتابه، هو النسابة الشهير أبو نصر سهل بن
عبد الله بن داود بن سليمان بن ابان بن عبد الله البخاري، من اعلام
القرن الرابع الهجري، وكان حيا سنة 341 ه‍، وهو صاحب كتاب
(سر السلسلة العلوية) المطبوع في النجف الأشرف سنة 1382 ه‍.
واما الشيخ تاج الدين المذكور الذي ينقل عنه أيضا صاحب (العمدة) كثيرا
فهو أستاذه كما صرح بذلك في (ص 158) من المطبوع في النجف الأشرف
و (ص 156) من المطبوع في لكهنؤ (الهند)، فقال: " شيخي
المولى السيد العالم الفقيه الحاسب النسابة المصنف تاج الدين محمد، إليه انتهى
علم النسب في زمانه، وله فيه الاسنادات العالية، والسماعات الشريفة، أدركته
- قدس الله روحه - شيخا، وخدمته قريبا من اثنتى عشرة سنة، قرأت
فيها ما أمكن حديثا ونسبا وفقها وحسابا وأدبا وتواريخ وشعرا، إلى غير
ذلك، وصاهرته - رحمه الله - على ابنة له ماتت طفلة، فأجاز لي ان
الأزمة ليلا، فكنت الأزمة ليالي من الأسبوع اقرأ فيها ما لا يمنعني فيه
النوم... ". ثم عد مؤلفاته في النسب وغيرها، ثم قال: " وتعداد
فضائل النقيب تاج الدين محمد - رحمه الله - يحتاج إلى بسط لا يحتمله هذا
المختصر، وتوفي - رحمه الله - عن بنات ".
وكانت وفاته في الحلة ثامن ربيع الأول سنة 776 ه‍، ونقل إلى
مشهد الامام أمير المؤمنين عليه السلام، ووالده هو جلال الدين أبو جعفر
القاسم بن الحسين بن القاسم بن الزكي الأول ابن معية الحسني.
انظر نسبه - المنتهى إلى الإمام الحسن ابن الإمام علي بن أبي طالب
عليهما السلام - في (العمدة).
427

إبراهيم الأكبر (1) وفي عقبه خلاف.

(1) كان في صحن حرم الكاظمين عليهما السلام قبران - وقد هدما
أخيرا - يزورهما الزائرون. وينسبون أحدهما إلى إبراهيم الأكبر ابن الإمام موسى
الكاظم عليه السلام الذي هو صاحب أبي السرايا، على الأشهر، فإنه
قد حارب المأمون وكسر وفر إلى مكة، ولما جاء المأمون إلى بغداد - بعد
موت الإمام الرضا عليه السلام - جاء إبراهيم إلى بغداد فأمنه المأمون
ومات ببغداد، ودفن قرب قبر أبيه الكاظم عليه السلام. واما القبر الثاني
الذي إلى جنبه فالمشهور - عند الناس - انه قبر إسماعيل ابن الإمام الكاظم
عليه السلام، وليس بمحقق لأن المشهور عند النسابين والمؤرخين ان قبر
إسماعيل المذكور بمصر (القاهرة)، وقد ذكره ابن شهرآشوب في
(معالم العلماء: ص 7) طبع النجف الأشرف سنة 1380 ه‍، وقال: " سكن
مصر وولده بها " ثم ذكر مؤلفاته. وإسماعيل هذا هو صاحب كتاب (الجعفريات)
المعول عليه عند الفقهاء ومن الأصول الاصطلاحية المخصوصة بالذكر في الإجازات
وهي الف حديث باسناد واحد مرتبة على كتب الفقه، ذكرها النجاشي
والشيخ في الفهرست، وقد رواها إسماعيل ابن الإمام موسى بن جعفر
عليه السلام عن أبيه موسى عن أبيه جعفر الصادق عن آبائه عليهم السلام
ولذا يقال لها (الجعفريات). ويرويها أيضا عن الشريف إسماعيل، ولده
أبو الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عليه السلام، ويرويها
عن أبي الحسن موسى الشيخ أبو علي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي، ولذا
يقال لها (الأشعثيات).
وقد طبعت بإيران سنة 1370 ه‍، في (251) صفحة، ملحقة بكتاب
(قرب الإسناد) لعبد الله بن جعفر الحميري (راجع: ج 2 ص 109)
وج 5 - ص 112 من (كتاب الذريعة) لشيخنا الحجة الطهراني - أدام
الله وجوده.
428

وإبراهيم الأصغر (1) ويلقب ب‍ (المرتضى) وهو ذو العقب بلا خلاف.
قال: " والعقب من إبراهيم المرتضى بن موسى الكاظم عليه السلام، وهو

(1) إبراهيم الأصغر - هذا - الملقب بالمرتضى، قبره خلف ضريح
الحسين عليه السلام في كربلاء بستة أذرع، وهو المعقب المكثر، جد السيدين:
المرتضى والرضي، وجد الأشراف الموسوية. ومعه جماعة من أولاده كموسى
أبي شجة وأولاده، والحسين القطعي، وقبر السيدين: المرتضى، والرضي
وأبيهما وجدهما موسى الأبرش، وقبر جماعة من أولاد الحسين القطعي، في
سردابين متصلين خلف الضريح المقدس، وكانت قبورهم ظاهرة، ولما عمر
الحرم المطهر التعمير الأخير محوا آثارهم، راجع في ذلك (رسالة تحية
اهل القبور بالمأثور - المخطوطة) تأليف سيدنا الحجة السيد حسن الصدر
الكاظمي - رحمه الله -.
429

الأصغر (1) وأمه أم ولد نوبية اسمها (نجية) قال الشيخ أبو الحسن
العمري: ظهر (2) باليمن أيام أبي السرايا.
وقال أبو نصر البخاري، ان إبراهيم الأكبر ظهر باليمن، وهو
أحد أئمة الزيدية، وقد عرفت حاله، وانه لم يعقب "

(1) هكذا في (الأصل) ولكن الذي في (عمدة الطالب) المطبوع
(ص 190) جاء - من غلط الطابع -: (وهو الأكبر) بدل (وهو الأصغر)
فلاحظ.
(2) اي: ظهر إبراهيم الأصغر الملقب بالمرتضى. وأبو الحسن العمري
المذكور هو نجم الدين علي بن أبي الغنائم محمد بن علي الصوفي النسابة
المعروف بابن الصوفي العمري من ولد عمر الأطرف ابن الإمام علي بن أبي
طالب عليه السلام، صاحب: انساب الطالبيين، والمجدي، والمبسوط
والمشجر، وكلها في الأنساب. وقد اجتمع بالسيد المرتضى علم الهدى
- رحمه الله - ببغداد سنة 425 ه‍، وكان حيا إلى ما بعد سنة 443 ه‍
انظر: (الذريعة - ج 13 ص 9) لشيخنا الحجة الطهراني، والدرجات الرفيعة
للسيد علي خان المدني (ص 484) طبع النجف الأشرف سنة 1381 ه‍
وعمدة الطالب لابن عنبة (ص 361) طبع النجف الأشرف سنة 1358 ه‍. -
430

قال في العمدة: " وأعقب إبراهيم (1) المرتضى بن الكاظم عليه السلام
من رجلين: موسى أبي شجة (2) وجعفر. وأعقب موسى أبو شجة من
ثمانية، منهم محمد الأعرج. وأعقب محمد الأعرج من موسى الأصغر
وحده، ويعرف ب‍ (الأبرش). وأعقب موسى الأصغر من ثلاثة منهم
أبو أحمد الحسين بن موسى النقيب الطاهر، والد السيدين المرتضى والرضي

(1) جاء في (عمدة الطالب): المطبوع (ص 190) " وأعقب
إبراهيم الأصغر المرتضى بن الكاظم عليه السلام ". ولعله قد سقطت كلمة
(الأصغر) من نسخة (العمدة) التي نقل عنها سيدنا - رحمه الله - ذلك
لأن إبراهيم الأصغر. هو الملقب بالمرتضى، وهو الذي أعقب من رجلين
موسى أبى شجة وجعفر، وهو الذي أمه أم ولد نوبية اسمها نجية، فلاحظ.
(2) أبو شجة: - بالشين المعجمة المفتوحة والجيم - كما ضبطه أكثر النسابين
ولكن جاء في المطبوع من (العمدة) بالنجف الأشرف سنة 1358 ه‍
أبو سبحة: بضم السين المهملة وسكون الباء الموحدة ثم الحاء المهملة.
وجاء في هامش النسخة - التي هي بخط العلامة الكبير السيد حسين بن
مساعد بن حسن بن مخزوم بن أبي القاسم بن عيسى الحسيني الحائري والتي فرغ
من نسخها (29) شهر ربيع الأول سنة 893 ه‍ - وعلق عليها تعليقات ثمينة
وذكر في آ خرها: انه كتبها على نسخة كتبت على نسخة بخط المؤلف،
فرغ من كتابتها غرة شهر رمضان سنة 812 ه‍ (اي قبل وفاة المؤلف
ب‍ (16) سنة) وكانت - هذه النسخة من ممتلكات السيد محمد كاظم الشريف
الحسيني العريضي النجفي الحائري، كتب في آخرها صورة تملكه (29
جمادى الثانية سنة 1164 ه‍) وله عليها تعليقات ثمينة كتبها بخطه في مواضع
عديدة. نقلنا أكثرها في هوامشنا على مطبوعة النجف الأشرف ورمزنا
لها ب‍ (عن هامش المطبوعة) وهي اليوم في بعض مكتبات النجف الأشرف.
جاء في هامش هذه المخطوطة ما هذا نصه:
" رأيت مكتوبا بخط علي النسابة ابن الحسين الرضا بن محمد بن علي
ابن أبي جعفر محمد ابن السيد المرتضى - رضي الله عنه -: انما سمي موسى
سبحة لكثرة تسبيحه بسبحة لون في يده، والله سبحانه اعلم ".
وهكذا جاء في تحفة الأزهار لابن شدقم (المخطوط)، وغيره
من كتب النسب.
وعلي النسابة بن الحسن - المذكور - ذكره صاحب عمدة الطالب
(ص 195)، فراجعه.
431

- رضي الله عنهما - انتهى - ملخصا - (1)
والظاهر: تعداد إبراهيم، كما نص عليه صاحب (العمدة) وغيره
من علماء الأنساب، فإنهم اعلم من غيرهم بهذا الشأن، وليس في كلام
غيرهم ما يصرح بالاتحاد، فلا يعارض النص على التعدد.
وعلى هذا فالروايات المتقدمة الدالة على وقف إبراهيم - نصا وظاهرا -
تبقى مجملة في إرادة الأكبر أو الأصغر، فلا يمكن الاستناد إليها في وقفهما.
والظاهر: ان المسؤول عن أبيه والمخبر بحياته في الخبرين الأولين:
هو إبراهيم الأكبر، وهو المسمى في الوصية مع كبار إخوته، وهو جد
محمد بن علي بن إبراهيم المذكور في الخبر الثالث، فان علماء النسب ضبطوا
العقب من أولاد إبراهيم الأصغر، وقالوا: إنه أعقب من موسى وجعفر
لا غير. ومنهم من زاد احمد، وإسماعيل، ولم يذكر أحد منهم عليا في أولاده
فيكون من ولد إبراهيم الأكبر، ويكون الحديث مؤيدا للقول بثبوت عقبه.
وبهذا يسلم إبراهيم الأصغر الملقب ب‍ (المرتضى) - وهو جد المرتضى -
من الوقف. وليس عليه من الذم المتقدم في أولاد الكاظم عليه السلام شئ
أيضا، فإنه في أولاده الكبار الذين خاصموا الرضا عليه السلام، وأساؤا

(1) إلى هنا نقل سيدنا - رحمه الله - ملخص ما في عمدة الطالب،
راجع: (ص 191 - ص 192) ط النجف الأشرف.
432

الأدب معه. وإبراهيم الأصغر ليس منهم. والله اعلم.
وقد بقي الكلام في إبراهيم الخارج باليمن أيام أبي السرايا: أنه هو
الأكبر أو الأصغر وقد عرفت الخلاف في ذلك. وقد قال أبو نصر:
إنه الأكبر، وذكر أنه أحد أئمة الزيدية (1) وفي الجمع بينة وبين ما سبق

(1) قال أبو نصر البخاري في (سر السلسلة العلوية: ص 37 - ص 38)
طبع النجف الأشرف سنة 1382 ه‍: " سر: وإبراهيم بن موسى الأكبر
توقفوا في عقبه. وأكثرهم على أنه لم يعقب، وباليمن وغيره عدة من
المنتسبين إليه، وهو إبراهيم الأكبر الخارج باليمن أيام المأمون أحد أئمة
الزيدية، واما إبراهيم الأصغر فلا شك في عقبه ".
ويحدثنا الطبري في تاريخه - في حوادث سنة 200 ه‍ - فيقول " خرج
إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب (عليهم السلام) باليمن وكان بمكة حين خرج أبو السرايا، فلما
بلغه خبره خرج من مكة مع من كان معه من اهل بيته يريد اليمن. ووالي
اليمن يومئذ المقيم بها من قبل المأمون إسحاق بن موسى بن عيسى بن
موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، فلما سمع باقبال إبراهيم
وقربه من صنعاء خرج منصرفا عن اليمن وخلاها له وكره قتاله... ".
وانظر اخبار أبي السرايا سري بن منصور الشيباني، وإبراهيم بن
موسى - هذا - في تاريخ ابن الأثير حوادث سنة 200 ه‍، وانظر أيضا مقاتل
الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني (ص 517 وص 533 وص 534) طبع
القاهرة، والبداية والنهاية لابن كثير (ج 10 ص 244)، وأبو السريا
قتله الحسن بن سهل سنة 200 ه‍ - وبعث برأسه إلى المأمون ونصبت جثته
على جسر بغداد.
وجاء في (غاية الاختصار في البيوتات العلوية الخالية من الغبار) للسيد
تاج الدين ابن حمزة الحسيني نقيب حلب (ص 87) طبع النجف الأشرف
سنة 1382 ه‍، ما هذا نصه: " جد آل المرتضى موسى بن إبراهيم كان
صالحا متعبدا ورعا فاضلا، يروي الحديث، قال: رأيت له كتابا في
سلسلة الذهب، يروي عنه المؤالف والمخالف، كان يقول: أخبرني أبي
إبراهيم، قال: حدثني أبي موسى الكاظم، قال: حدثني الإمام الصادق
جعفر بن محمد، قال: حدثني محمد الباقر، قال: حدثني أبي زين العابدين
قال: حدثني أبي الامام شهيد كربلا، قال: حدثني أبي أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب - عليهم السلام - قال: حدثني رسول الله - صلى الله
عليه وآله - حدثني جبرائيل عن الله - تعالى - أنه قال: لا إله إلا الله
حصني، فمن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني امن عذابي ".
ثم قال (صاحب غاية الاختصار) توفى أبو شجة (اي موسى بن
إبراهيم بن موسى بن جعفر عليه السلام) ببغداد، وقبره بمقابر قريش
مجاورا لأبيه وجده - عليهما السلام - فحصت عن قبره فدللت عليه، وإذا
موضعه في دهليز حجيرة صغيرة ملك منازل الجوهري الهندي. وأبوه الامام
الأمير إبراهيم المرتضى كان سيد ا أميرا جليل نبيلا عالما فاضلا. يروى
الحديث عن آبائه - عليهم السلام - مضى إلى اليمن وتغلب عليها في أيام
أبي السرايا، ويقال: إنه ظهر داعيا إلى أخيه الرضا - عليه السلام -
فبلغ المأمون ذلك فشفعه فيه وتركه، توفى في بغداد، وقبره بمقابر قريش
عند أبيه - عليه السلام - في تربة مفردة معروفة - قدس الله روحه،
ونور ضريحه -.
وما ذكره صاحب (غاية الاختصار) من أن قبر إبراهيم وقبر ابنه
موسى أبي شجة بمقابر قريش في بغداد ينافي ما ذكره سيدنا الحجة الصدر
الكافي - رحمه الله - من أن قبريهما في كربلا خلف ضريح الحسين
عليه السلام، انظر هامشنا الآنف الذكر (ص 429 - 430).
ولعلهما نقلا إلى كربلا بعد دفنهما بمقابر قريش كنقل السيد المرتضى
والرضي إلى كربلا بعد دفنها في مقابر قريش كما ذكره النسابون والمؤرخون.
وانظر (تحفة الأزهار) للسيد ضامن بن شدقم الحسيني المدني
(مخطوط) فإنه ذكر في الفصل الثالث: إبراهيم بن موسى بن جعفر عليه
السلام ولقبه بالمجاب وبالمرتضى، وجعله صاحب أبي السرايا، وقال: " توفي
ببغداد وقبر بمقابر قريش، وقال: العقب منه في رجلين أبي الحسن موسى
- يعرف بابي سبحة، وجعفر ".
فقد عرفت اختلاف النسابين والمؤرخين في إبراهيم بن موسى بن
جعفر عليه السلام.
433

من وقفه اشكال (1) فتأمل.
إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن موسى الكاظم عليه السلام.
قال السيد الشريف النسابة أحمد بن علي بن الحسين الحسيني في كتابه
المعروف ب‍ (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب): " وقبر إبراهيم
المجاب في " الحائر " معروف مشهور " (2)

(1) فكان وجه الاشكال: هو ان الواقفية غير الزيدية، لاختلاف
عقيدتيهما، راجع: كتب (الفرق).
(2) بهذا اللفظ لم يوجد في كتاب (عمدة الطالب) المطبوع بالنجف
الأشرف، ولكنه - بعد ذكر إبراهيم هذا وذكر عقبه - قال: " وهؤلاء
كلهم في الحائر "، وكذا في النسختين المطبوعتين في بمبئ، ولكهنؤ (الهند)
والنسخ التي بأيدينا.
والظاهر أن سيدنا - قدس سره - نقل نص العبارة المذكورة
من نسخة (العمدة) التيمورية. فان ابن عنبة الف ثلاث نسخ من
(العمدة)
(أولاها) النسخة الكبرى المعروفة بالتيمورية، ألفها في حياة (تيمور)
الذي ولد سنة 736 ه‍، وفتح بلاد إيران سنة 782 ه‍، وفتح بغداد
سنة 795 ه‍، وفتح أنقرة سنة 807 ه‍، ثم توفى سنة 807 ه‍. وصرح
- في أول هذه النسخة - بأنه اخذه من مختصر شيخه أبى الحسن علي بن
محمد بن علي ابن الصوفي النسابة، ومن تأليف شيخه أبي نصر سهل بن
عبد الله البخاري، وضم إليه فوائد من أماكن أخرى. وأهداه إلى
تيمور كوركان. اوله: (الحمد لله الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا
وصهرا...) ولم يكن مرتبا على أصول وفصول، بل شرع - أولا -
في ذكر أبي طالب، وقال في آخره: " وإذ قد يسر الله سبحانه إتمام
هذا الكتاب وفق ما أردناه، وسهل لنا ترتيب أشرف الأنساب طبق ما
وعدناه، فلنحمد الله جل جلاله على قديم نعمه... " إلى أن سمى نفسه
بعنوان: شهاب الدين أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن مهنأ بن عنبة
الأصغر بن علي بن معد بن عنبة بن محمد الحسنى.
توجد نسخة منه - كتبت في المدينة يوم الأحد (18) شوال سنة
969 ه‍ - في مكتبة جامعة طهران، ونسخ أخرى في مكتبات طهران كتب
بعضها عن هذه النسخة بتاريخ (27) جمادي الأول سنة 1304 ه‍، وبعضها
عن نسخة مكتوبة في المدينة المنورة يوم الأحد (18) شوال سنة 1019 ه‍.
وهذه النسخة (التيمورية) هي التي وصفها صاحب (كشف الظنون)
في باب العين بقوله: " اخذه من مختصر شيخه أبي الحسن علي بن محمد
ابن علي الصوفي النسابة، ومن تأليف شيخه أبي نصر سهل بن عبد الله
البخاري. وضم إليهما فوائد علقها من عدة أماكن موشحا ذاكرا لأخبار
الولادة والوفاة... وأهداه إلى تيمور كوركان. اختصره الشهاب أحمد بن
الحسين ابن عنبة الحسني ".
(وثانيها) النسخة الصغرى المعروفة ب‍ (الجلالية)، كتبها لجلال
الدين الحسن بن علي بن الحسن بن محمد الحسيني سنة (812) ه‍، كما
صرح في أولها - فحذف من النسخة الأولى غير المنظمة بقدر ثلثها. ورتبها
على مقدمة وثلاثة أصول، وفى كل أصل فصول، أولها: " الحمد لله الذي
خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا... ".
وآخرها: " وليكن هذا آخر ما أردنا إيراده في هذا المختصر
وقد جمع على فوائد لم تجمعها المبسوطات، وضوابط تفرقت في أثناء المطولات
والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه ".
وقد طبعت هذه النسخة أولا في لكهنؤ الهند سنة 1302 ه‍، ثم طبعت
ثانيا في بمبئ سنة 1318 ه‍ - ثم طبعت ثالثا في النجف الأشرف سنة
1358 ه‍، وقد علقنا عليها تعليقات مفيدة، وفي آخر هذه النسخة رسالة
في " اصطلاحات النسب ".
وتوجد نسخة منها - في احدى مكتبات النجف الأشرف - بخط
السيد حسين بن مساعد بن حسن بن مخزوم بن أبي القاسم بن عيسى الحسيني
الحائري، كتبها عن نسخة مكتوب عليها: انها نقلت عن نسخة عليها
- بخط المؤلف - انه فرغ من التأليف في غرة شهر رمضان المبارك في
سنة 812 ه‍، وفرغ السيد حسين من الكتابة (25) ربيع الأول في
سنة 893 ه‍، وهي نسخة نفيسة عليها حواشي من الكاتب. تاريخ بعضها
سنة 917 ه‍، وهي حواشي مفيدة.
ويظهر منها: انه اختصرها مما الفه - أولا - لتيمور كوركان، الذي قال فيه
صاحب (كشف الظنون): " انه اختصره الشهاب أحمد بن الحسين ابن عنبة "
ظنا منه انه غير صاحب (العمدة) لكن المختصر له أيضا هو صاحب العمدة
نفسه -، وأحمد بن الحسين ابن عنبة نسبة إلى جده، فلاحظ، ذلك.
(وثالثها) النسخة الصغرى أيضا المعروفة ب‍ (المشعشعية)، كتبها
- كما قيل - للسلطان الشريف الملقب بالمهدي محمد بن فلاح المشعشعي الموسوي
- جد الولاة السادة بالحويزة - الذي توفى سنة 866 ه‍، أو لوالده السيد
فلاح المتوفى سنة 854 ه‍، أولها: " الحمد لله الذي خص نبيه محمدا المصطفى
بخير البيوت كما خصه بخير النفوس - إلى قوله - وسميته عمدة الطالب في
انساب آل أبي طالب... "، وفي آخرها خاتمة في " اصطلاحات النسب "
فرغ منها في عاشر صفر سنة 827 كما كتب في آخرها بقوله: " كتب
مؤلفه أقل المساكين أحمد بن علي بن مهنأ بن عنبة الحسني أحسن الله
إليه، وكان اتمامه في عاشر صفر في سبع وعشرين وثمانمائة هجرية "
فيظهر انه كتبها قبل وفاته بسنة واحدة، حيث إنه توفي في سابع صفر
سنة 828 ه‍، في بلدة كرمان. (ملخص عن الذريعة لشيخنا الطهراني:
ج 15 ص 336 - 339).
435

وانما لقب أبوه محمد ب‍ (العابد) لكثرة عبادته وصومه وصلاته
- كما ذكره المفيد، طاب ثراه - في (الارشاد) وغيره (1)

(1) راجع: إرشاد المفيد - في باب أولاد موسى بن جعفر عليه
السلام - وكشف الغمة للأربلي 3 / 26، طبع إيران الجديد سنة 1381 ه‍
ومراد سيدنا - قدس سره - ان المفيد في الارشاد ذكر كثرة عبادته
لا أنه قال: إن ذلك كان سبب تلقيبه ب‍ (العابد). وكذا الأربلي في
كشف الغمة، راجع الكتابين المذكورين، اما سبب تلقيب إبراهيم بالمجاب
فيقال: انه سلم على الحسين عليه السلام فأجيب من القبر، والله اعلم.
وإبراهيم المجاب كان يسكن الكوفة ثم جاور الحائر مع ولده فمات
بها، ويعرف بإبراهيم الضرير.
وآل إبراهيم - هذا -: هم أول من سكنوا (الحائر) بعد أبيهم
ولم يسكن أحد منهم بالحائر قبلهم من العلويين، فان علماء النسب ينسبون
ابنه محمد بالحائري.
ودفن إبراهيم المجاب في الزاوية الشمالية الغربية من الرواق، وهو معروف بقبره، وعليه ضريح لطيف الصنع، يزوره الشيعة ويتبركون به
وهذا هو المتفق عليه بين أرباب النسب والتاريخ، ذكر ذلك سيدنا الحجة
المحقق السيد الحسن صدر الدين الكاظمي - رحمه الله - في كتابه (نزهة
اهل الحرمين في عمارة المشهدين) - المخطوط - ثم قال - رحمه الله -:
" وقد رأيت في بعض المشجرات في النسب تلقيب إبراهيم الصغير ابن الإمام موسى
الكاظم عليه السلام ب‍ (المجاب) أيضا "، وكذلك ذكر السيد ضامن
ابن شدقم الحسيني المدني في كتابه (تحفة الأزهار) المخطوط فإنه لقبه
بالمجاب وبالمرتضى، وانه صاحب أبي السرايا، وانه توفى ببغداد ودفن بمقابر
قريش، وقال: العقب منه في رجلين، موسى أبي سبحة، وجعفر.
اما قبر محمد العابد - والد إبراهيم المجاب - فهو في (شيراز) في محلة
(بإزار مرغ) - اليوم - كما دفن أخوه احمد المعروف ب‍ (شاه جراغ)
في تلك المحلة، وبين قبريهما مسافة لا تقل عن مائة ذراع، وقبراهما - اليوم -
مزاران مشهوران يتبرك بهما الزائرون من الشيعة، وأحمد بن موسى
عليه السلام ستأتي ترجمته من سيدنا - رحمه الله -.
قال العلامة المحدث السيد نعمة الله الجزائري في (الأنوار النعمانية:
ص 127) طبع إيران - بعد ترجمتهما - " وهما مدفونان في شيراز
والشيعة تتبرك بقبريهما. وتكثر زيارتهما، وقد زرنا هما كثيرا ".
وترجم له أبو علي الحائري في (منتهى المقال) وقال - نقلا عن
حمد الله المستوفى في نزهة القلوب - " إنه مدفون - كأخيه شاه جراغ -
في شيراز ".
وذكره أيضا سيدنا الجليل الحجة السيد جعفر آل بحر العلوم - رحمه
الله - في تحفة العالم: (ج 2 ص 31) فقال: "... يقال إنه في أيام
الخلفاء العباسية دخل شيراز واختفى بمكان. ومن أجرة كتابة القرآن أعتق
الف نسمة... وكيف كان فمرقده في شيراز معروف بعد أن كان مخفيا إلى
زمان أتابك بن سعد بن زنكي (المتوفى سنة 659 ه‍) فبنى له قبة في
محلة (باغ قتلغ) وقد جدد بناؤه مرات عديدة، منها في زمان السلطان
نادر خان، وفى سنة 1296 ه‍ - رمثه (أي أصلحه) النواب أويس ميرزا
ابن النواب الأعظم العالم الفاضل شاه زادة فرهاد ميرزا القاجاري ".
وذكره أيضا الفاضل السيد ميرزا محمد نصير الحسيني الشهير ب‍ (ميرزا
فرصت) المتوفى سنة 1339 ه‍، في كتابه (آثار عجم) أو (شيرازنامة)
- وهو كتاب فارسي في تواريخ فارس وآثارها العجيبة، فرغ من تأليفه
سنة 1313 ه‍، وطبع في بمبئ سنة 1314 ه‍ - قال في (ص 448) - بعد أن
ذكر بعض أحواله - ما تعريبه: "... وفي عهد الخلفاء جاء إلى
شيراز واختفى فيه... وعلى كل حال فبقعته المنورة مطاف ومزار ومحل
الفيوضات، وكثير من السادات والأخيار والصلحاء والأبرار مدفون في
جوار قبره "،
وذكره أيضا حمد الله المستوفي القزويني المتوفى سنة 750 في (نزهة
القلوب: ص 138) طبع إيران سنة 1336 ه‍، فقال ما ترجمته:
"... وفى شيراز مزارات متبركة لأولاد الأئمة مثل مزار محمد، واحمد
- ابني موسى الكاظم - رضي الله عنهم، ومزار الشيخ أبى عبد الله الخفيف
هي التي عمرها أتابك الزنكي السلغري، ووقف لها وقفا معينا، ورممها
الشيخ بهلول ".
ولكن ابن بطوطة الرحالة المتوفى سنة 779 ه‍ - الذي زار شيراز مرتين
في سنة 727 و 748. لم يتعرض لقبر محمد العابد حين دخوله إلى شيراز
ولم يصف إلا قبر أخيه أحمد بن موسى، ولعله لم تكن في ذلك التاريخ
آثار لقبر محمد العابد
(انظر رحلة ابن بطوطة: ج 1 ص 133) طبع مصر سنة 1322 ه‍
تحت عنوان (ذكر بعض المشاهد بشيراز)، وقد كان ابتداء رحلته سنة
725 ه كما (في ص 4) واناهاؤها سنة 754 كما في (ص 206
ولكن الضي عرغناه من عبارة صاحب (نزهة القلوب ص 138)
_ المذكورة آنفا _: إن أتابك الزنكي عمره؛ ووقف له وقفا معينا.
ووفاة أتابك الزنكي سنة 659 ه؛ فكان القبر في التاريخ المذكور ظاهرا
مشهورا؛ ولم يذكر لنا الوؤرخون أنه هدم بعد ذلك ومحيت آثاره حتى
لم يجده الوؤرخ الرحالة ابن بطوطة في سنة زيارته لشيراز. ولم يذكر عنه
شيئا؛ فلاحظ ذلك.
وقد ذكر محمد العابد _ أيضا _ الخوانساري صاحب روضات الجنات
(ج 1 ص 97) الطبعة الجديدة سنة 1382 ه؛ انظرها وانظر هامش
الصفحة المذكورة للعلامة المحقق السيد محمد علي (الروضاتي) وفقه الله
وذكره أيضا (الروضاتي) المذكور في كتابه (جامع الأنساب)
ج 1 ص 108؛ طبع أصفهان سنة 1376 ه _ بعد أن ذكر أن قبر
محمد بن موسى عليه السلام في شيراز في محلة (بإزار مرغ) معروف
ومشهور _ قال: إن معين الدين أبا القاسم جنيد الشيرازي ذكره في
كتابه " شد الأزار عن خط الأوزار في زوار المزار؛ ص 209 "
فقال: "... السيد محمد بن موسى؛ يقال أنه أخوه (يعني أخو أحمد بن
موسى عليه السلام) وهو مزار متبرك يسكن فيه السادة الأخيار؛ والصلحاء
الأبرار؛ يعقد له النذور؛ وفيه لرجال الغيب حصور وحبور؛ وتاريخه
يعلم من تاريخ أخيه؛ من يتتبعه؛ رحمة الله عليهم "
وقال (الروضاتي) المذكور في هامش (ص 75): " إن كانت
(شد الأزار) ألفه مؤلفه المذكور سنة 791 ه؛ وحققه العلامة المؤرخ
المحقق الميرزا محمد خان القزويني المولود سنة 1294 ه والمتوفى سنة 1368 ه
وعلق عليه الميرزا عباس خان اقبال الآشتياني المولود سنة 1314 ه‍ - والمتوفى
سنة 1375 ه‍، وطبع في طهران سنة 1368 ه‍.
وذكر محمد العابد وولده إبراهيم المجاب - أيضا - السيد ضامن بن
شدقم الحسيني المدني الذي كان حيا سنة 1088 كما يظهر ذلك عند ذكره
لجعفر الحجة - قال في (تحفة الأزهار) المخطوط: " محمد العابد خلف
ابنين: تاج الدين ابا محمد إبراهيم الضرير - يعرف بالمجاب - وأبا جعفر
محمد الزاهد، والسبب في تلقيبه بالمجاب (قيل) انه قصد زائرا قبر جده
أمير المؤمنين عليه السلام، فأجابه الامام من الضريح (وقيل) غير ذلك
ويقال لولده: (آل الحائر)... ". وذكر محمد العابد وولده إبراهيم
المجاب في أكثر كتب الأنساب، فراجعها.
438

إبراهيم بن هاشم أبو إسحاق الكوفي، ثم القمي، من أصحاب الرضا
والجواد عليهما السلام، كثير الرواية، واسع الطريق، سديد النقل، مقبول
الحديث، له كتب. روى عنه أجلاء الطائفة وثقاتها، كأحمد بن إدريس
القمي، وسعد بن عبد الله الأشعري، وعبد الله بن جعفر الحميري، وابنه
علي بن إبراهيم، ومحمد بن أحمد بن يحيى، ومحمد بن الحسن الصفار
ومحمد بن علي بن محبوب، ومحمد بن يحيى العطار. وروى عن خلق
كثير، منهم إبراهيم بن أبي محمود الخراساني وإبراهيم بن محمد الوكيل
الهمداني، وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وجعفر بن محمد بن يونس
والحسن بن الجهم، وأحمد، والحسن بن علي الوشا، والحسن بن محبوب، وحماد
ابن عيسى، وحنان بن سدير، والحسين بن سعيد، والحسين بن يزيد
النوفلي، والريان بن الصلت، وسليمان بن جعفر الجعفري، وسهل بن
اليسع، وصفوان بن يحيى، وعبد الرحمن بن الحجاج، وعبد الله بن جندب
وعبد الله بن المغيرة، وعبد الله بن ميمون القداح، وفضالة بن أيوب
ومحمد بن أبي عمير، ومحمد بن عيسى بن عبيد، ويحيى بن عمران الحلبي
والنضر بن سويد، وغيرهم.
439

ذكره الفاضلان في القسم الأول (1)

(1) الفاضلان: هما العلامة، وابن داود الحليان. راجع: خلاصة
الأقوال (ص 3 - 4) طبع إيران، ورجال ابن داود (ص 20) برقم 34
طبع طهران دانشكاه.
وقد ترجم لإبراهيم بن هاشم - هذا - أكثر المعاجم الرجالية وهو
والد علي بن إبراهيم القمي - صاحب التفسير المشهور المطبوع بإيران، ويروي
عنه: محمد بن الحسن الصفار، وسعد بن عبد الله، ومحمد بن أحمد بن
يحيى، وأحمد بن إسحاق بن سعد وابنه علي بن إبراهيم القمي، وعلي
ابن الحسن بن فضال، ومحمد بن علي بن محبوب، ومحمد بن يحيى العطار
والحسن بن متيل، وعبد الله بن جعفر الحميري.
وذكر الشيخ محمد امين الكاظمي - رحمه الله - في (هداية المحدثين)
- مخطوط -: انه " وقع في (الكافي) - وتبعه عليه الشيخ في التهذيب -
سند صورته هذه: (علي بن إبراهيم عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن صدقات أهل الذمة وما يؤخذ منهم (الحديث). وهذا
غلط بين، والصواب عن أبيه عن حماد عن حريز عن محمد بن مسلم ".
وله ذكر في طريق روايات (من لا يحضره الفقيه) للصدوق و (التهذيب)
للشيخ الطوسي. راجع جامع الرواة للمولى الأردبيلي (ج 1 ص 38).
وانظر تفصيل ترجمة إبراهيم بن هاشم في (تنقيح المقال) للفقيه
الحجة المامقاني - رحمه الله - (ج 1 ص 39 إلى 42) وفي مستدرك
الوسائل في الفائدة الخامسة من الخاتمة (ج 3 ص 551).
443

وقال العلامة - رحمه الله - "... ولم أقف لأحد من أصحابنا على
قول في القدح فيه، ولا على تعديله بالتنصيص، والروايات عنه كثيرة.
والأرجح قبول روايته " (1)
وحكى الشيخان (2) عن الأصحاب: انه أول من نشر حديث
الكوفيين ب‍ (قم) (3)
وحكى النجاشي عن الكشي: " أنه تلميذ يونس، من أصحاب
الرضا عليه السلام - ثم قال -: وفيه نظر " (4).

(1) راجع: رجال العلامة - القسم الأول - (ص 3 ص 4)
طبع إيران
(2) الشيخان - في مصطلح الرجاليين - النجاشي، والشيخ الطوسي
- رحمهما الله -.
(3) راجع - بهذا المضمون -: فهرست الشيخ الطوسي (ص 4)
طبع النجف الأشرف سنة 1356 ه‍ - ورجال النجاشي (ص 13) طبع
طهران (إيران).
(4) راجع: رجال النجاشي (ص 13) طبع طهران، وراجع
في وجه تنظر الكشي - رحمه الله -: رجال الحجة المامقاني (ج 1 ص 39).
444

ولعل وجهه عدم ثبوت رواية له عن يونس وأنه لو كان تلميذا
له وخصيصا به لم يتمكن من نشر الحديث بقم، فان القميين كانوا أشد
الناس على يونس. والظاهر من قول الكشي:: " من أصحاب الرضا (ع) " (1)
التعلق بيونس، دون إبراهيم، وعلى الثاني - فربما كان وجه النظر عدم
تحقق رواية لإبراهيم عن الرضا عليه السلام، لكن الشيخ في (كتاب الرجال)
عده في جملة أصحابه (2) وقال في (الفهرست): وذكروا أنه لقي
الرضا عليه السلام (3)
ولعل الأقرب: أنه لقيه، ولم يرو عنه، وإنما روى عن الجواد
عليه السلام: -
ففي (التهذيب) في باب زيادات الخمس: وروى إبراهيم بن
هاشم قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام، إذ دخل عليه صالح
ابن محمد بن سهل - وكان يتولى له الوقف ب‍ (قم) - فقال: يا سيدي
اجعلني من عشرة آلاف درهم في حل، فاني أنفقتها؟ فقال له: أنت في
حل، فلما خرج صالح، قال أبو جعفر عليه السلام: " يثب أحدهم
على أموال آل محمد وأيتامهم ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم، فيأخذها
ثم يجئ، فيقول: اجعلني في حل!! أتراه ظن أني أقول: لا أفعل؟
والله ليسألنهم الله تعالى عن ذلك يوم القيامة سؤالا حثيثا " (4)
وفي الكافي: " علي بن إبراهيم عن أبيه، قال: كنت عند

(1) كما مر عليك آنفا - حكاية النجاشي عنه.
(2) راجع: ص 369 برقم 30 ط النجف 1381 ه‍
(3) راجع: ص 27 رقم 6 ط النجف سنة 1380 ه‍
(4) راجع: " ج 4 ص 140 تسلسل 397 " ط النجف.
ويمكن أن يكون الجمع بين طرفي الحديث: انه عليه السلام جعله
في حل من حقه الخاص وحق اهل بيته أو من جهة التقية، أو الحياء - كما
يظهر من الحديث - والمأخوذ حياء كالمأخوذ غصبا - كما يقولون، والمسؤولية
امام الله تعالى من الوجهة العامة، من حيث تجرئه على حقوق غيره من
المعوزين. وهذه مسألة كثيرة الفروع تبحث في باب الخمس من الموسوعات
الفقيهة، وقد ذكره الشيخ - رحمه الله - هذه الرواية في الاستبصار
(ج 2 ص 60) طبع النجف الأشرف، وذكر وجه الجمع بينها وبين
اخبار الخمس الدالة على الرخصة منهم - عليهم السلام - لشيعتهم في تناوله
والتصرف فيه، فراجع ذلك.
445

أبي جعفر الثاني عليه السلام إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل... "
الحديث (1)
وهو صريح في لقائه للجواد عليه السلام، وروايته عنه.
وقد ذكر ابن داود: أنه كان من أصحابه (2) ولم يذكر ذلك
غيره. ولم يحضرني - الآن - رواية له عن الرضا عليه السلام.
ومن الغريب ما وقع في الكافي، والتهذيب: من رواية إبراهيم بن
هاشم عن الصادق عليه السلام، والحديث هكذا:
" علي بن إبراهيم عن أبيه، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
صدقات أهل الذمة، وما يؤخذ من ثمن خمورهم، ولحم خنازيرهم؟ فقال
عليه السلام: عليهم الجزية في أموالهم... " الحديث (3)

(1) أصول الكافي: ج 1 ص 538 ط إيران، باب الفئ والأنفال
وتفسير الخمس.
(2) رجال ابن داود: / 20 رقم 43 ط إيران، الجديد.
(3) راجع الكافي: 3 / 568 كتاب الزكاة، ط إيران الجديد. وفيه
اهل الجزية) بدل (أهل الذمة). والتهذيب 4 / 114 باب الجزية
طبع النجف الأشرف.
446

ولا ريب في أن ذلك هو بعض السند، والباقي ساقط، كما يدل
ممارسة الحديث والرجال. ومن تصدى لتصحيح ذلك على وجهه، فقد
ارتكب شططا من القول.
وقد روى الشيخ هذا الحديث بعينه في باب الجزية من التهذيب -
" عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن محمد بن مسلم
قال: سألت: أبا عبد الله عليه السلام عن صدقات أهل الذمة.. " الحديث (1) وهو صريح فيما قلناه.
وقد يوجد في بعض الأسانيد رواية إبراهيم بن هاشم عن حريز.
والظاهر: سقوط الواسطة بينهما، وهو حماد بن عيسى، كما هو المعهود
من روايته. وأما روايته عن حماد بن عثمان فقد وقع في عدة من أسانيد
الكافي (2) والتهذيب، مصرحا بالنسبة، وفي جملة منها عن حماد عن
الحلبي (3) وهو حماد بن عثمان، فإنه الراوي عن الحلبي.
لكن الصدوق قال - في آخر مشيخة الفقيه -: " وما كان فيه
من وصية أمير المؤمنين عليه السلام، لابنه محمد ابن الحنفية فقد رويته عن أبي
رضي الله عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عمن
ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام، ويغلط أكثر الناس في هذا الاسناد
فيجعلون مكان (حماد) بن عيسى: (حماد) بن عثمان. وإبراهيم بن
هاشم لم يلق حماد بن عثمان، وإنما لقي حماد بن عيسى، وروى عنه " (4)

(1) التهذيب 4 / 114 باب الجزية تسلسل 333 طبع النجف.
(2) كما في الكافي ج 1 ص 410، وص 442، وج 2 ص 469
وج 3 ص 46، وغير ذلك، ط إيران الجديد.
(3) كما في أصول الكافي ج 1 ص 451، و 546، و 548، ط إيران
الجديد، والتهذيب ج 1 ص 363 ط النجف.
(4) راجع: من لا يحضره الفقيه: 4 / 125 ط النجف سنة 1378 ه‍
447

وتبعه على ذلك العلامة (1) وابن داود (2) والمحقق الشيخ حسن بن
الشهيد الثاني رحمه الله ووالده - على ما حكي عنه - وغيرهم من أصحاب الفن
وحمل ما ورد من ذلك - على كثرته - على التبديل، أو سقوط
الواسطة بين حماد والحلبي. لا يخلو عن اشكال، وان كان الأقرب ذلك.
واختلف الأصحاب في حديث إبراهيم بن هاشم: فقيل: إنه حسن
وعزا ذلك جماعة إلى المشهور، وهو اختيار الفاضلين (3) والسيدين (4)
والشيخ البهائي، وابن الشهيد (5) وغيرهم. وزاد بعضهم ما يزيده على
الحسن، ويقربه من الصحة.
ففي (الوجيزة): " إنه حسن كالصحيح (6)
وفي المسالك - في وقوع الطلاق بصيغة الأمر: "... ان إبراهيم
ابن هاشم من أجل الأصحاب وأكبر الأعيان. وحديثه من أحسن مراتب
الحسن " (7)، وفي عدم التوارث بالعقد المنقطع إلا مع الشرط - بعد نقل

(1) كما في رجاله ص 4 ط النجف فإنه قال: "... وذكروا
انه لقي الرضا عليه السلام ".
(2) فقد قال في رجاله ص 20 ط إيران: "... من أصحاب الرضا ".
(3) العلامة، وابن داود (منه قدس سره).
(4) السيد المصطفى، والآميرزا محمد (منه قدس سره).
(5) هو الشيخ حسن صاحب المعالم، ولعله ذكر ذلك في المنتقى
فراجعه، والشيخ حسن - هذا - ترجم له سيدنا - قدس سره - كما سيأتي
في باب الحاء.
(6) الوجيزة للمجلسي (قدس سره) " أول باب الهمزة: إبراهيم... "
(7) المسالك للشهيد الثاني - في شرح الشرائع - الجزء الثاني
كتاب الطلاق، باب (لو قال: اعتدي ونوى الطلاق) حيث يستدل
للقائل بوقوع الطلاق بذلك - كابن الجنيد - بحسنة الحلبي عن أبي عبد الله
عليه السلام: " الطلاق أن يقول لها اعتدي أو يقول لها أنت طالق "
وبروايات اخر، ثم يقول الشهيد - رحمه الله -: " وأنت خبير بأن
الأصحاب يثبتون الأحكام بما هو أدنى مرتبة من هذه الروايات واضعف
سندا، فكيف بالحسن الذي ليس في طريقه خارج عن الصحيح سوى إبراهيم
ابن هاشم، وهو من أجل الأصحاب... ".
448

حديث أحمد بن محمد بن أبي نصر، الدال على ذلك -: " وهو من أجود
طرق الحسن، لأن فيه من غير الثقات -: إبراهيم بن هاشم القمي، وهو
جليل القدر كثير العلم والرواية، ولكن لم ينصوا على توثيقه مع المدح
الحسن فيه... " (1)
وفي شرح الدروس - في مسألة مس المصحف -: " إن حديث
إبراهيم بن هاشم مما يعتمد عليه كثيرا، وإن لم نص الأصحاب على توثيقه
لكن الظاهر أنه من أجلاء الأصحاب وعظمائهم، المشار إلى عظم منزلتهم
ورفع قدرهم في قول الصادق عليه السلام: " إعرفوا منازل الرجال بقدر
روايتهم عنا " (2)

(1) المسالك: جزء كتاب النكاح، نكاح المنقطع ط إيران. والحديث
الذي يستدل به على ثبوت الإرث مع الاشتراط - عن الرضا (ع)
" قال: تزوج المتعة على نكاح بميراث، ونكاح بغير ميراث، إن اشترطت
الميراث كان، وإن لم تشترط لم يكن ". قال الشهيد: " وهذا الحديث
كما دل على ثبوت الإرث فيه مع شرطه، دل على نفيه بدونه. فهو نص
فيهما. وهو من أجود طرق الحسن ".
(2) كتاب الدروس الشرعية في فقه الإمامية للشهيد الأول المقتول سنة 786 ه‍، وقد شرح شروحا عديدة - كاملة وناقصة - من قبل كثير
من العلماء، كالشيخ جواد الكاظمي - تلميذ البهائي - وهو مخطوط
والمحقق الآغا حسين الخوانساري المتوفى سنة 1099 المسمى ب‍ (مشارق
الشموس " وهو مطبوع. ويستعرض شيخنا المحقق الطهراني في (الذريعة)
لهذا الكتاب شروحا كثيرة - مطبوعة ومخطوطة - بعضها متأخر عن عصر
سيدنا " بحر العلوم " وبعضها متقدم عليه. ولقد راجعنا المطبوع منها
- وهو مشارق الشموس - فلم نجد فيه هذه العبارة. ولعل السيد - رحمه
الله - يشير إلى شرح للدروس مخطوط لم نعثر عليه.
449

وقال السيد الداماد في (الرواشح): " الأشهر - الذي عليه
الأكثر - عد الحديث من جهة إبراهيم بن هاشم أبي إسحاق القمي - في
الطريق حسنا، ولكن في أعلى درجات الحسن، التالية لدرجة الصحة لعدم
التنصيص عليه بالتوثيق. والصحيح الصريح عندي: أن الطريق من جهته
صحيح، فأمره أجل وحاله أعظم من أن يعدل بمعدل أو يوثق بموثق " (1)
ثم حكى القول بذلك عن جماعة من أعاظم الأصحاب، ومحققيهم (2)

(1) الرواشح السماوية في شرح أحاديث الامامية للسيد محمد باقر
الداماد - رحمه الله - المتوفى سنة 1041 ه‍، الراشحة الرابعة ص 48 طبع
إيران سنة 1311 ه‍.
قال - بعد كلامه السابق -: " كيف. وأعاظم أشياخنا الفخام
كرئيس المحدثين، والصدوق، والمفيد، وشيخ الطائفة، ونظرائهم ومن
في طبقتهم ودرجتهم ورتبتهم ومرتبتهم من الأقدمين والأحدثين، شأنهم أجل
وخطبهم أكبر من أن يظن بأحد منهم انه قد احتاج إلى تنصيص ناص
وتوثيق موثق، وهو شيخ الشيوخ، وقطب الأشياخ ووتد الأوتاد، وسند
الاسناد، فهو أحق وأجدر بأن يستغني عن ذلك، ولا يحوج إلى مثله.
على أن مدحهم إياه بأنه: أول من نشر حديث الكوفيين ب‍ (قم) وهو
تلميذ يونس بن عبد الرحمن، لفظة شاملة وكلمة جامعة (وكل الصيد في
جوف الفرا) ثم ما في (فهرست الشيخ) - في ترجمة يونس بن عبد الرحمن
وهو قوله: قال أبو جعفر ابن بابويه: سمعت ابن الوليد: أنه يقول:
كتب يونس بن عبد الرحمن التي هي الروايات، كلها صحيحة يعتمد عليها
إلا ما يتفرد به محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس، ولم يروه غيره - تنصيص
على أن مرويات إبراهيم بن هاشم التي ينفرد هو بروايتها عن يونس
صحيحة. وهذا نص صريح في توثيقه. وبالجملة، فمسلكي ومذهبي جعل الطريق
من جهته صحيحا. وفى أعاظم الأصحاب ومحققيهم من يؤثر في ذلك سننا
آثرته، فها شيخنا المحقق الفريد الشهيد - قدس الله نفسه الزكية - يقول
في (شرح الارشاد) - في كتاب الايمان -: انه لا يمين للعبد مع
مالكه، وهو مستفاد من أحاديث، منها - صحيحة منصور بن حازم: ان
الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص) لا يمين للولد مع والده
ولا للملوك مع مولاه، ولا للمراة مع زوجها، وفي طريقها إبراهيم بن
هاشم، ولذلك يعدها أكثر المتأخرين حسنة، والعلامة - رحمه الله -
قد حكم في كتبه على عدة من أسانيد الفقيه، والتهذيب بالصحة - وهو في
الطريق - ولهذا عد طريق الصدوق إلى كردويه والى إسماعيل بن مهران
- مثلا - من الصحاح، وطريقه - رضي الله عنه - إليهما من إبراهيم بن
هاشم. وقال شيخ الطائفة في (الفهرست): أصحابنا ذكروا انه لقي
الرضا (ع). وفي (كتاب الرجال) - أيضا - أورده في أصحاب الرضا
عليه السلام، فقال: إبراهيم بن هاشم القمي تلميذ يونس بن عبد الرحمن.
وقال في باب (لم): إسماعيل بن مرار روى عن يونس بن عبد الرحمن
وروى عنه إبراهيم بن هاشم. وفي (التهذيب، والاستبصار) في أحاديث
الخمس: انه أدرك ابا جعفر الثاني عليه السلام. وذكر النجاشي - في
ترجمة محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد الهمداني -: ان إبراهيم بن هاشم
روى عن إبراهيم بن محمد الهمداني عن الرضا عليه السلام... ".
450

وعن شيخنا البهائي عن " أبيه: " إنه كان يقول: إني لأستحي أن
لا أعد حديثه صحيحا " (1)
وقال المحقق الأردبيلي - رحمه الله - في (كتاب الصوم من زبدة
البيان): "... والظاهر أنه يفهم توثيق إبراهيم بن هاشم من بعض
الضوابط " (2)

(1) يقال: ان الحاكي ذلك عن الشيخ البهائي عن أبيه، هو المولى
مراد بن علي خان التفريشي، المولود سنة 965 ه‍، والمتوفى سنة 1051 ه‍
في (التعليقة السجادية) التي هي شرح وحاشية على كتاب (من لا يحضره
الفقيه) تأليف الشيخ ابن بابويه الصدوق القمي - رحمه الله - والتعليقة
السجادية ذكرها شيخنا الطهراني في (الذريعة ج 4 ص 224 - 225)
وقال: إن التفريشي المذكور بعد إتمام شرحه لمن لا يحضره الفقيه، شرع
في شرح مشيخته على طرق مؤلفه، وأكثر ما نقل فيه من كتاب (تلخيص
الأقوال) للميرزا محمد الاسترآبادي، ومن كتاب (نقد الرجال) لمعاصره
السيد مصطفى التفريشي، ثم بعد اتمام شرح المشيخة عمل فهرسا لأسماء
الرجال المذكورين في المشيخة، ورتبهم على الحروف الهجائية.
ولا توجد لدينا - في الوقت الحاضر - التعليقة السجادية لنطلع عليها
وان وجدت في بعض مكتبات العراق. وقد نقل عنها العلامة المحدث النوري
- رحمه الله - في آخر الفائدة الخامسة من (خاتمة مستدرك الوسائل ج 3
ص 717) فراجعه.
(2) راجع: زبدة البيان في آيات الأحكام (ص 85) طبع إيران
سنة 1305 ه‍. والعبارة هذه مفرعة على توثيق إبراهيم - هذا - في حديثه:
" بإسناده عن الباقر عليه السلام: في الرجل يمرض ويدركه شهر رمضان
ويخرج عنه - وهو مريض ولا يصح حتى يدركه شهر رمضان آخر - قال:
يتصدق عن الأول ويصوم الثاني، وإن كان صح فيما بينهما ولم يصم حتى
أدركه شهر رمضان آخر، صامهما جميعا ويتصدق عن الأول ".
452

وعن المحقق البحراني عن بعض معاصريه: أنه نقل توثيقه عن جماعة
وقواه (1)
وفي الوسائل: " وقد وثقه بعض علمائنا ".

(1) المحقق البحراني: هو الشيخ أبو الحسن سليمان بن عبد الله
الماحوزي الأوالي الحراني المتوفى سنة 1121 ه‍، وقد ترجم في أكثر
المعاجم الرجالية، ولعل ما نقله البحراني عن بعض معاصريه إنما نقله في
كتابه (المعراج) في شرح فهرس الشيخ الطوسي - رحمه الله - الذي لم يتم
وانما خرج منه باب الهمزة وباب الباء والتاء المثناة، ولم يزل مخطوطا
- ولا يوجد لدينا اليوم - ويحتمل أن يكون نقل ذلك في كتابه الآخر
(بلغة المحدثين) في الرجال، وهو على حذو (الوجيزة) للمجلسي الثاني
صاحب البحار، ولا يزال مخطوطا، ولم يصل بأيدينا - اليوم - أيضا قال شيخنا
الطهراني في (الذريعة ج 3 ص 146): " البلغة في الرجال على حذو
الوجيزة التي ألفها العلامة المجلسي - رحمه الله - في بيان ما يختاره من
أحوال الرجال، ثقة وضعفا، للشيخ أبي الحسن سليمان بن عبد الله الماحوزي
الأوالي البحراني، المتوفى 17 رجب سنة 1121 ه‍، اوله (الحمد لله الذي
جعل تفاوت مراتب الرجال وارتقاءهم على مراتب الكمال) فرغ منه 16 ربيع
الثاني سنة 1107 في قرية (صهيمكان) من اعمال (جهرم) في المدرسة الشمسية
كما نقل صورة خط المصنف كذلك في آخر ما رايته من النسخة بخط الشيخ
لطف الله بن محمد البحراني في سنة 1165 ه، وأصح من هذه النسخة
ما في خزانة كتب سيدنا أبي محمد الحسن صدر الدين، وهي بخط تلميذ
المصنف الشيخ عبد الله السماهيجي الذي توفى سنة 1135 ه‍، ولعل كتابتها
في عصر المؤلف، وعليها حواش (منه) كثيرة، صرح فيه بان اسمه
(بلغة المحدثين) وذكر في آخره طريق روايته عن العلامة المجلسي
- رحمه الله -، عن والده التقى، عن الشيخ البهائي، عن والده الشيخ
عز الدين حسين، عن الشهيد الثاني، بالإجازة المفصلة منه ".
453

ويفهم توثيقه من تصحيح العلامة طرق الصدوق (1)، ومن أول
تفسير ولده علي بن إبراهيم (2)
وظاهره اختيار القول بالتوثيق، وهو خيرة " التعليقات " (3)
و (الفوائد الطبرية) (4) وغيرهما.

(1) راجع: (ص 140) من (خلاصة العلامة) طبع إيران.
(2) قال - رحمه الله - في أول تفسيره - الذي في هامشه تفسير
الحسن العسكري عليه السلام - (ص 4) طبع تبريز سنة 1315 ه‍:
" ونحن ذاكرون ومخبرون بما انتهى إلينا، ورواه مشايخنا وثقاتنا عن
الذين فرض الله طاعتهم وأوجب ولايتهم ولا تقبل إلا بهم، وهم
الذين وصفهم الله - تبارك وتعالى - وفرض سؤالهم والأخذ منهم... " الخ.
(3) الظاهر أن المراد: هي (التعليقات) على كتاب الدروس للشهيد
الأول، وهي تأليف الشيخ عز الدين الحسن بن الحسين بن مطر الجزائري
الأسدي - تلميذ الشيخ أحمد بن فهد الحلي المتوفى سنة 841 ه‍ - وقد
توفي المؤلف بعد سنة 849 ه‍، وهي مخطوطة، ولا توجد لدينا - اليوم -
وقد ذكرها شيخنا الطهراني في (الذريعة ج 4 ص 225).
(4) لم يوصلنا التحقيق إلى معرفة كتاب (الفوائد الطبرية) ولا إلى
معرفة مؤلفه. ولعله من المخطوطات النادرة أو التالفة - والله العالم.
454

وربما قيل: إن حديثه صحيح، وإن لم يثبت توثيقه، لأنه من
مشائخ الإجازة، كأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، وأحمد بن محمد
ابن يحيى العطار، ومحمد ابن إسماعيل النيسابوري، وغيرهم ممن لم يوثق في
الرجال، ويعد مع - ذلك - حديثه صحيحا، لكونه مأخوذا من الأصول
وذكره المشائخ لمجرد اتصال السند، لا لكونهم وسائط الرواية.
ويضعف هذا بتصريح الشيخين والسروي (1): بأن له كتبا منها -
كتاب النوادر، وغيره فلعل الرواية مأخوذة منها، فيكون واسطة في النقل.
وقد اضطرب كلام العلامة - رحمه الله - والشهيدين، والمحقق الشيخ
علي، وصاحب المدارك، وأكثر من يعد حديثه حسنا في ذلك: فتارة
يصفونه ب‍ (الحسن) وهو الغالب في كلامهم، وأخرى ب‍ (الصحة)
وهو أيضا كثير، إلا أنه دون الأول.
فالعلامة في " الخلاصة " وصف ب‍ (الحسن) بطريق الصدوق إلى
بكير بن أعين، وجعفر بن محمد بن يونس، وحريز بن عبد الله - في الزكاة - وذريح المحاربي، وريان بن الصلت، وسليمان بن خالد، وسهل بن اليسع
وصفوان بن يحيى، وعاصم بن حميد، وعبد الله بن المغيرة، ومحمد بن
قيس، ومعمر بن خلاد، وهاشم الحناط، ويحيى بن حيان، وأبي الأغر
النحاس. والسبب في ذلك كله: وجود إبراهيم بن هاشم في السند (2)
ومع ذلك، فقد وصف بالصحة: الطريق إلى عامر بن نعيم القمي
وكردويه الهمداني، وياسر الخادم، وهو موجود فيها، والطريق منحصر فيه (3)

(1) يقصد: النجاشي، وشيخ الطائفة، وابن شهرآشوب. راجع:
(رجال النجاشي ص 13) ط إيران و (فهرست الشيخ ص 4 رقم 6
ط النجف). و (معالم العلماء ص 3 رقم 3) ط إيران.
(2 - 3) راجع: الخلاصة ص 137 و 138 ط إيران.
455

وفى التذكرة، والمختلف، والدروس، وجامع المقاصد: في حديث الحلبي
عن الصادق عليه السلام - في جواز الرجوع في الهبة ما دامت العين باقية -:
الحديث صحيح (1) - وفي طريقه إبراهيم بن هاشم -
وفي غاية المراد - في عدم الاعتداد بيمين العبد مع مولاه -:
بأن ذلك مستفاد من الأحاديث الصحيحة، منها - صحيحة منصور بن
حازم - وفيه إبراهيم بن هاشم (2)
وفي المسالك - في كتاب الصوم -: وصف رواية محمد بن مسلم

(1) ونص الحديث - في مقام الاستدلال على جواز الرجوع بالهبة
ما دامت العين باقية -: " إذا كانت الهبة قائمة بعينها فله ان يرجع. والا
فليس له ". راجع: التذكرة للعلامة (ج 2: كتاب الهبة، المطلب الثاني
فيما إليه يرجع الواهب)، ومختلف الشيعة للعلامة (ج 2 ص 29) طبع
إيران - في آخر مسألة: اختلف علماؤنا في تصرف المتهب... والدروس
الشرعية للشهيد ص 238 ط إيران سنة 1269، وجامع المقاصد في شرح
القواعد للمحقق الكركي: كتاب الهبة - في أوائله -.
(2) غاية المراد ونكت الارشاد للشهيد الأول - أوائل كتاب الايمان -
ونذكر تمام الموضوع لاتمام الفائدة: " قوله - رحمه الله - في النذور: ولو نذر
المملوك قبل الاذن لم يقع - وان تحرر - ولو أجاز المالك فاشكال، أقول:
ينشأ من عموم وجوب الايفاء بالنذر، خرج منه ما إذا منع السيد، فيبقى
غيره، ولأن الظاهر أن إذن السيد شرط في اللزوم، لا في الجواز
ومن نص الأصحاب: انه لا يمين للعبد مع مالكه، وهو مستفاد من
أحاديث: منها - صحيحة منصور بن حازم: ان الصادق (ع) قال:
قال رسول الله (ص): لا يمين لولد مع والده، ولا لمملوك مع مولاه
ولا لامرأة مع زوجها... ".
456

وفيها إبراهيم بن هاشم، بالصحة (1)
وفيه (2)، وفي الرضة (3)، وحواشي الارشاد (4)

(1) مسالك الأفهام في شرح شرائع الاسلام للشهيد الثاني باب حكم من
استمر مرضه إلى رمضان آخر، قال " والذي ذهب إليه الصدوقان
وقواه في (الدروس) ودلت عليه الأخبار الصحيحة كخبر زرارة ومحمد بن
مسلم، وغيرهما - وجوب القضاء مع الفدية على من قدر على القضاء، فلم
يقض حتى دخل رمضان الثاني، سواء عزم على القضاء أم لا... ".
والرواية التي يشير إليها - في المتن - هي كما - في وسائل الحر العاملي
كتاب الصوم، باب حكم من كان عليه شئ من قضاء شهر رمضان، فأدركه
شهر رمضان آخر -: " محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه
عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر
وأبى عبد الله (ع) قال: سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه
رمضان آخر؟ قالا: إن كان برئ ثم تواني قبل أن يدركه رمضان آخر
صام الذي أدركه، وتصدق عن كل يوم بمد من طعام على مسكين، وعليه
قضاؤه، وإن كان لم يزل مريضا حتى أدركه رمضان آخر، صام الذي
أدركه، وتصدق عن الأول لكل يوم مد على المسكين، وليس عليه قضاؤه ".
(2) اي: في مسالك الشهيد الثاني في شرح (شرائع المحقق) راجع:
أوائل كتاب الزكاة تعليقا على قول المحقق " ولا تعد السخال مع الأمهات ".
(3) الروضة للشهيد الثاني في شرح اللمعة للشهيد الأول. راجع:
أوائل كتاب الزكاة - التعليق على قول المصنف: " وللسخال حول بانفرادها
بعد غنائها بالرعي ".
(4) الحواشي على ارشاد الأذهان - تأليف العلامة الحلي رحمه الله -
كثيرة أوردها شيخنا الحجة الطهراني في (ج 6 ص 14 إلى ص 17)
من الذريعة. ولعل المقصود منها - هنا - حواشي الشهيد الثاني زين الدين
- رحمه الله - فراجع.
457

والقواعد (1)، كما في المناهج السوية (2): التصريح بصحة رواية زرارة المتضمنة
لكون مبدأ الحول في السخال من حين النتاج، مع وجوده في الطريق.
وأورد سبطه الفاضل في (المدارك) سند الحديث، ثم قال: " قال
الشارح (قدس سره): إن هذا الطريق صحيح، وإن العمل برواية
متجه. قال: وما ذكره: من اتجاه العمل بالرواية، جيد، لأن الظاهر
الاعتماد على ما يروي إبراهيم بن هاشم، كما اختاره العلامة في (الخلاصة)
وباقي رجاله ثقات، لكن طريقة الشارح: وصف رواية إبراهيم بالحسن
لا الصحة " (3).

(1) قواعد الاحكام للعلامة الحلي: كتاب الزكاة، الفصل الثاني في
الشرائط الخاصة بالأنعام.
(2) المناهج السوية في شرح الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية، وهو
تأليف الفاضل الهندي المولى بهاء الدين محمد بن تاج الدين الحسن بن محمد
الأصفهاني، المولود سنة 1062 ه‍، والمتوفى - كما هو مثبت على لوح قبره
بأصفهان - سنة 1137 ه‍، وهو في أربع مجلدات (مخطوط) ذكره
شيخنا الجليل المحقق الطهراني في الذريعة (ج 13 ص 265) فراجعه.
(3) راجع: أوائل كتاب الزكاة - في مسألة السوم - بعنوان
(قوله لا سوم في السخال الا إذا استغنت عن الأمهات بالرعي ". والحديث
الذي أشار إليه في المتن: ".. ويدل عليه ما رواه الكليني عن
علي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن
زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: " ليس في صغار الإبل شئ
حتى يحول عليها الحول من يوم تنتج ".
458

ومع هذا فقد وصف السيد في (المدارك) جملة من الأحاديث المشتملة
أسنادها على إبراهيم - بالصحة، ومنها - رواية محمد بن مسلم في الترتيب
بين الرجلين (1) وغيرها. وهو كثير في كتابه.
وقد اتفق لجده (قدس سره): من الايراد على من تقدمه في مثل
ذلك ثم الوقوع في مثله - مثل ما وقع له معه (قدس سره) فإنه رحمه الله
في (المسالك) حكى عن العلامة، والشهيد، والمحقق الكركي - في مسألة
الهبة -: وصفهم لرواية الحلبي بالصحة. واعترض عليهم: " بأن الحق
أنها من الحسن، لأن في طريقها إبراهيم بن هاشم، وهو ممدوح خاصة، غير
معدل. وقد وصفه العلامة في (المختلف) بالحسن في مواضع كثيرة منه
موافقا للواقع.
والعجب من تبعية هذين الفاضلين له أكثر " (2).

(1) قال السيد في المدارك في باب أفعال الوضوء - بعنوان: قوله:
وليس بين الرجلين ترتيب -: " هذا هو المشهور بين الأصحاب تمسكا باطلاق
الآية الشريفة. ونقل عن ابن الجنيد وابني بابويه: وجوب تقديم اليمنى
للوضوء البياني، وعن آخرين: جواز المعية خاصة. والأظهر: وجوب
الترتيب - لا لما ذكره - بل لما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي
عبد الله عليه السلام: انه ذكر المسح فقال: إمسح على مقدم رأسك
وامسح على القدمين، وابدأ بالشق الأيمن. والأمر للوجوب ".
(2) مسالك الأفهام للشهيد الثاني (قدس سره) الجزء الأول: كتاب الهبة
مسألة جواز الرجوع بالهبة ما دامت عينها باقية. والمقصود من الفاضلين
هما: الشهيد الأول، والمحقق الكركي حيث تبعا العلامة في التذكرة، والمختلف
في وصف رواية الحلبي - القائلة: " إذا كانت الهبة قائمة فله ان يرجع فيها
... " الخ: بالصحة.
459

قلت: ومن هذا كلامه، فالعجب من وقوعه في مثل ما أورده على
على غيره أكثر وأشد، وبالجملة فكلام الجماعة في هذا المقام مضطرب جدا
بل لم أجد أحدا منهم استقام على وصف حديث إبراهيم بن هاشم بالحسن
- ولم يختلف قوله - الا القليل. ومنه يظهر أن دعوى الشهرة في ذلك
محل نظر وتأمل. نعم بناء الأكثر - في الأكثر - على ذلك، وهو
خلاف الشهرة المشهورة. والجمع بين كلماتهم في ذلك مشكل، فان الحسن
- في اصطلاحهم - مباين للصحيح.
وقد يتكلف للجمع بحمل " الصحيح " على مطلق الحجة أو نحوه
على خلاف الاصطلاح مجازا، أو بحمل " الحسن " على مطلق الممدوح
رجال سنده بالتوثيق أو غيره، أو حمل الوصف بالحسن على ما يقتضيه ظاهر
الحال في إبراهيم بن هاشم، لفقد النص على توثيقه، والصحة على التحقيق
المستفاد مما له من النعوت.
وهذه الوجوه متقاربة في العبد عن الظاهر. وعلى الأخيرين تنعكس الشهرة
وهما - كالأول - أولى من حمل الحكم بالصحة على الغلط والاشتباه، وأولى من
الكل: إبقاء كل من اللفظين على معناه، على أن يكون السبب اختلاف النظر
ومثله غير عزيز في كلامهم. وبذلك تنكسر سورة الشهرة المشتهرة.
وقد يفهم من قول العلامة - طاب ثراه -: " والأرجح قبول روايته " (1)
وكذا من مناقشة صاحب (المدارك) وغيره في بعض رواياته، كروايته
في تسجية الميت تجاه القبلة، وغيرها -: احتماله عدم القبول: إما لأن
اشتراط عدالة الراوي ينفي حجية الحسن مطلقا، أو لأن ما قيل في مدحه
لا يبلغ حد الحسن المعتبر في قبول الرواية.
وهذا الاحتمال ساقط بكلا وجهيه:
أما الأول - فلان التحقيق أن (الحسن) يشارك (الصحيح) في

(1) انظر خلاصة العلامة رحمه الله (ص 4) طبع إيران.
460

أصل العدالة، وانما يخالفه في الكاشف عنها، فإنه في الصحيح هو التوثيق
أو ما يستلزمه (1) بخلاف الحسن فان الكاشف فيه: هو حسن الظاهر
المكتفى به في ثبوت العدالة - على أصح الأقوال. وبهذا يزول الاشكال في
القول بحجية الحسن، مع القول باشتراط عدالة الراوي، كما هو المعروف
بين الأصحاب.
وأما الثاني - فالامر فيه واضح، فان الحسن هو أقل المراتب في
حديث إبراهيم بن هاشم، وأسباب مدحه وحسن حديثه - مما هو معلوم
أو منقول - كثيرة ظاهرة ككونه: شيخا، فقيها، محدثا، من أعيان الطائفة
وكبرائهم وأعاظمهم، وأنه كثير الرواية، سديد النقل، وقد روى عنه ثقات
الأصحاب وأجلاؤهم، واعتنوا بحديثه، وأكثر عنه ثقة الاسلام الكليني
والصدوق، والشيخ، وغيرهم، كما يعلم من النظر إلى الكافي، وسائر
الكتب الأربعة، وغيرها من كتب الصدوق، فإنها مشحونة بالنقل عنه
أصولا وفروعا. وكذا من تفسير ولده الثقة الجليل علي بن إبراهيم، فان
أكثر رواياته فيه عن أبيه، وقل ما يروي فيه عن غيره (2) وقد عرفت: أن العلامة وابن داود ذكراه في القسم الأول من
كتابيهما، ونص العلامة - رحمه الله - على قبول روايته.
وذكر غير واحد من الأعاظم: ان حديثه متلقى بالقبول بين الأصحاب
وهذا ظاهر من طريقة الفقهاء في كتب الفقه - من كتاب الطهارة إلى الديات -
فإنهم عملوا برواياته في جميع الأبواب، وأفتوا بها، بل قدموها في كثير
من المواضع على أحاديث الثقات.
وقد حكى الشيخ والنجاشي وغيرهما من الأصحاب: أنه أول

(1) أو في معناه (في ل).
(2) كما يتضح ذلك لمن يراجع تفسيره المطبوع.
461

من نشر أحاديث الكوفيين ب‍ (قم). وهذا يقتضي القبول من القميين - ومنهم
الجم الغفير من الفقهاء ونقاد الحديث - بأبلغ الوجوه، فان نشر الحديث
لا يتم إلا بالاعتماد والقبول.
ومع ذلك، فهو من رجال (نوادر الحكمة) (1) ولم يستثنه القميون
منهم فيمن استثنوا من ضعيف أو مجهول.
هذا كله، مع سلامته من الطعن والقدح والغمز حتى من القميين
وابن الغضائري وغيرهم من المتسرعين إلى القدح بأدنى سبب. وقل ما اتفق
ذلك، خصوصا في المشاهير. وهذه مزية ظاهرة لهذا الشيخ الجليل.
ولقوة هذه الأسباب وتعاضدها وتأيد بعضها ببعض قالوا: إن حديثه
حسن في أعلى درجات الحسن. وهذا القدر مما لا ريب فيه، وانما الكلام
في توثيقه وصحة حديثه.
والأصح - عندي -: إنه ثقة، صحيح الحديث. ويدل على ذلك وجوه
الأول - ما ذكره ولده الثقة الثبت المعتمد (في خطبة تفسيره المعروف) (2)
فإنه قال: " ونحن ذاكرون ومخبرون بما انتهي الينا، ورواه ومشايخنا وثقاتنا
عن الذين فرض الله طاعتهم وأوجب ولايتهم " ثم إنه روى معظم كتابه
هذا عن أبيه - رضي الله عنه - ورواياته كلها: حدثني أبي، وأخبرني أبي
إلا النادر اليسير الذي رواه عن غيره (3). ومع هذا الاكثار لا يبقى الريب

(1) تقدم في هامش (ص 348) المقصود من كلمة (نوادر الحكمة)
وانظر أيضا: خاتمة مستدرك الوسائل للمحدث النوري - الفائدة الخامسة -
(ج 3 ص 655 ص 656).
(2) راجع تفسيره - المطبوع بتبريز سنة 1315 بهامشه تفسير الإمام العسكري
عليه السلام - (ص 4).
(3) كما يتضح ذلك لمن راجع تفسيره المطبوع.
462

في أنه مراد في عموم قوله: " مشائخنا وثقاتنا " فيكون ذلك توثيقا له
من ولده الثقة، وعطف الثقات على المشائخ من باب تعاطف الأوصاف
مع اتحاد الموصوف، والمعنى: مشايخنا الثقات. وليس المراد به المشايخ
غير الثقات، والثقات، غير المشائخ، كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام.
الثاني - توثيق كثير من المتأخرين - كما سبق النقل عنهم - ولا يعارضه
عدم توثيق الأكثر، لما عرفت من اضطراب كلامهم، ولأن غايته عدم
الاطلاع على السبب المقتضى للتوثيق، فلا تكون حجة على المطلع، لتقدم
قول المثبت على النافي.
ودعوى حصر الأسباب ممنوعة، فان (في الزوايا خبايا) وكثيرا ما يقف
المتأخر على ما لم يطلع عليه المتقدم. وكذا الشأن في المتعاصرين. ولذا
قبلنا توثيق كل من النجاشي، والشيخ لمن لم يوثقه الآخر، أو لم يوثقه من
تقدم عليهما. نعم يشكل ذلك مع تعيين السبب وخفاء الدلالة. لأن أكثر
الموثقين هنا لم يستند إلى سبب معين، فيكون توثيقه معتبرا.
الثالث - تصحيح حديث من أصحاب الاصطلاح كالعلامة والشهيدين
وغيرهما في كثير من الطرق المشتملة عليه، كما أشرنا إلى نبذ منها، ولا
ينافيه الوصف ب‍ (الحسن) منهم في موضع آخر، فان اختلاف النظر
من الشخص الواحد في الشئ الواحد كثير الوقوع، ونظر الاثبات مقدم
على نظر النفي، وهو - في الحقيقة - من باب تقدم المثبت على النافي
فإنه أعم من اختلافهما بالذات، أو الاعتبار.
الرابع - اتفاق الأصحاب على قبول روايته، مع اختلافهم في حجية
الحسن، وفي الاكتفاء في ثبوت العدالة بحسن الظاهر، فلا بد من وجود
سبب مجمع على اعتباره يكون هو المنشأ في قبول الكل أو البعض، وليس
إلا التوثيق.
463

الخامس - ما ذكره الأصحاب في شأنه: أنه أول من نشر أحاديث
الكوفيين بقم ". وهذا الوجه - وان رجع إلى سابقه، فان التقريب فيه تلقي
القميين من أصحابنا أحاديثه بالقبول - إلا أن العمدة فيه ملاحظة أحوال
القميين وطريقتهم في الجرح والتعديل وتضييقهم أمر العدالة، وتسرعهم إلى
القدح والجرح والهجر والاخراج بأدنى ريبة. كما يظهر من استثنائهم
كثيرا من رجال (نوادر الحكمة) وطعنهم في يونس بن عبد الرحمن
مع جلالته وعظم منزلته، وإبعادهم لأحمد بن محمد بن خالد من (قم)
لروايته عن المجاهيل، واعتماده على المراسيل، وغير ذلك مما يعلم بتتبع
الرجال، فلولا أن إبراهيم بن هاشم عندهم بمكان من الثقة والاعتماد، لما
سلم من طعنهم وغمزهم بمقتضى العادة: ولم يتمكن من نشر الأحاديث
التي لم يعرفوها إلا من جهته في بلدهم *
ومن ثم قال في (الرواشح): " ومدحهم إياه: بأنه أول من
نشر حديث الكوفيين بقم، كلمة جامعة، وكل الصيد في جوف الفرا " (1)
ولعل قول العلامة - رحمه الله - فيما تقدم نقله عنه: " ولا على
تعديله بالتنصيص " إشارة إلى استفادة تعديله منه، فإنه حكى ذلك عن
الأصحاب، ثم عقبه بهذا الكلام، فان نشر الحديث - وإن لم يكن صريحا
في التوثيق - إلا أنه مستفاد منه بالتقريب الذي ذكرناه. والمدار على فهم
التوثيق، وإن لم يصرح بلفظه.

* في كتاب الكافي - باب البدع -: أحمد بن عبد الله العقيلي
عن إبراهيم بن هاشم. وفي الرواية ما ينبه على حسن اعتقاده.
(منه قدس سره)
(1) تقدم آنفا في هامشنا ص 450 - 451) نقل هذه العبارة عن (الرواشح)
في الراشحة الرابعة (ص 48)، فراجعها.
464

وهذه الوجوه التي ذكرناها - وان كان كل منها كافيا في إفادة
المقصود - إلا أن المجموع، مع ما أشرنا إليه من أسباب المدح كنار
على علم.
أبي بن كعب: أبو المنذر، سيد القراء، وكاتب الوحي عقبي (1)
بدري، فقيه، قار، أول من كتب للنبي (ص) من الأنصار، وهو من
فضلاء الصحابة ومن أعيانهم.
وروى الجمهور عن النبي (ص): أنه قال: " أقرؤكم أبي ".
وكفى دليلا على فضله وجلالته قوله (ص): " ان الله أمرني أن اقرأ
عليك " وقوله (ص): " ليهنئك العلم أبا (المنذر).
مات في زمن عمر، فقال عمر - يوم مات -: مات اليوم سيد
المسلمين " (2)

(1) أي من أصحاب بيعة العقبة الثانية. وهي متأخرة عن العقبة
الأولى. بقليل ويبتني نصابها على اثنى عشر نقيبا: تسعة من الخزرج، وثلاثة
من الأوس. وعدد الذين شهدوا العقبة ثلاثة وسبعون رجلا، وامرأتان.
وقد بايع الحاضرون كلهم رسول الله (ص) على السمع والطاعة في العسر
واليسر، وان لا ينازعوا الامر اهله، وان يقولوا بالحق أينما كانوا، وان
لا يخافوا لومة لائم (راجع في تفصيل ذلك - السيرة النبوية لابن هشام.
وراجع أيضا (تحفة الأزهار) للسيد ضامن بن شدقم الحسيني المدني.
(مخطوط).
(2) تجد هذه الأحاديث وأمثالها في كتاب (الإصابة لابن حجر)
وغيرها من عامة كتب التراجم والحديث. واختلف في سنة وفاته: ففي
(الإصابة: حرف الألف): "... قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى
ابن معين: يقول: مات أبي بن كعب سنة عشرين أو تسع عشرة. وقال
الواقدي: ورأيت آل أبي، وأصحابنا يقولون مات سنة اثنتين وعشرين
فقال عمر: اليوم مات سيد المسلمين. قال: وقد سمعت من يقول: مات
في خلافة عثمان سنة ثلاثين، وهو أثبت الأقاويل. وقال ابن عبد البر:
الأكثر على أنه في خلافة عمر (قلت): وصحح أبو نعيم: انه مات في
خلافة عثمان سنة ثلاثين. واحتج له بأن زر بن حبيش لقيه في خلافة عثمان
وروى البغوي عن الحسن - في قصة له -: انه مات قبل قتل عثمان
بجمعة. وقال ابن حبان: مات سنة ثنتين وعشرين في خلافة عمر، وقد
قيل: انه بقي إلى خلافة عثمان "، وانظر طبقات القراء للجزري ج 1
ص 32 طبع مصر سنة 1351 ه‍.
465

ذكره أبو الحسين في (الايضاح) عند ذكر الدرجات، فيمن له
درجة العلم بالكتاب (1) وذكره العلامة، وابن داود في القسم الأول من كتابيهما (2)
وهو من الاثنى عشر الذين أنكروا على أبي بكر تقدمه وجلوسه
في مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (3)

(1) لم يوصلنا التحقيق إلى معرفة أبي الحسين - هذا - والا إلى كتابه
(الايضاح) فليلاحظ.
(2) راجع: رجال العلامة: الباب التاسع ص 22 ط النجف، ورجال
ابن داود ص 21 برقم 48 ط إيران.
(3) وهم ستة من المهاجرين، وستة من الأنصار، اما المهاجرون فهم:
أبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وخالد بن سعيد بن العاص، والمقداد
الأسود، وبريدة الأسلمي، وعمار بن ياسر، واما الأنصار فهم: خزيمة
ابن ثابت، وسهل بن حنيف، وأبو الهيثم بن التيهان، وقيس بن سعد
ابن عبادة الخزرجي، وأبي بن كعب، وأبو أيوب الأنصاري.
قال البرقي في (رجاله: ص 63 - بعنوان: أسماء المنكرين
على أبي بكر): "... وكان أول من تكلم يوم الجمعة -: خالد بن سعيد
ابن العاص، فقال: يا أبا بكر، أذكرك قول رسول الله (ص) يوم
قريظة: " يا معشر قريش، احفظوا وصيتي: إن عليا إمامكم بعدي، بذلك
انبأني جبرئيل عن ربي - عز ذكره - الا إنكم إن لم تؤتوه أموركم
اختلفتم، وتولى عليكم أشراركم. الا ان اهل بيتي هم الوارثون لي
والقائمون من أمتي. اللهم من أطاعهم فثبته، ومن نصرهم فانصره، ومن
خالف امري - وأقام إماما لم أقمه، وترك اماما أقمته ونصبته - فأحرمه جنتك
والعنه على لسان أنبيائك " أتعرف هذا القول، يا أبا بكر؟ قال: لا.
ثم قال له عمر: اسكت. فلست من اهل المشورة، فقال: بل اسكت
أنت يا بن الخطاب، فإنك تنطق بغير لسانك، وتفوه بغير فيك، وانك
لجبان في الحرب، ما وجدنا لك في قريش فخرا.
ثم قام أبو ذر فقال: يا معشر قريش، قد علم خياركم ان رسول
الله (ص) قال: " هذا الامر لعلي بعدي ولولده من بعده " فلم تتركون
قوله، وتخالفون امره؟ أنسيتم أم تناسيتم، أو ضللتم واتبعتم الدنيا الفانية
رغبة عن نعمة الآخرة، حذو من كان قبلكم، حذو النعل بالنعل، والقذة
بالقذة، فعما قليل ترون غب رأيكم، وترون وبال امركم، وما الله يريد
ظلما للعباد
ثم قام سلمان. فقال: يا أبا بكر، إلى من تسند امرك إذا الموت
نزل بك، والى من تفزع إذا سئلت عن احكام الأمة عما لا تعلم؟ أتكون
اماما لمن هو أعلم منك. قدم من قدمه الله، وقدمه رسول الله في حياته
وأوعز إليه فيك وقت وفاته، أنسيت قوله وما تقدم من وصيته؟ انه لا
ينفعك الا عملك، ولا تحصل الا ما تقدم، فان رجعت نجوت، فقد
سمعت ما سمعنا، وأنكرت وأقررنا، فترد ونرد، وما الله بظلام للعبيد.
ثم قام المقداد، فقال: يا أبا بكر، ارجع على غمك، ويسر يسرك
بعسرك، والزم بيتك، واردد الأمر إلى حيث جعله الله ورسوله، وسلم
الحق إلى صاحبه، فان ذلك أسلم في آجلك وعاجلك، فقد نصحت وبذلت
ما عندي، والسلام.
ثم قام بريدة الأسلمي، فقال: يا أبا بكر، أنسيت أم تناسيت
أم خادعت نفسك؟ فان الله خادعك. الم تعلم ان رسول الله (ص) امرنا
فسلمنا عليه ب‍ (امرة المؤمنين) والرسول فينا؟ فالله، الله في نفسك
أدركها قبل أن لا تدركها، وأبعدها من هلكها، ورد هذا الامر إلى من
هو أحق به منك، ولا تتماد في غيك، فتهلك بطغيانك، وما الله بغافل
عما قصدت. الا إننا ننصح لك، ولن نهدي من نحب، ولكن الله يهدي
من يشاء.
ثم قام عمار بن ياسر، فقال: يا أبا بكر، لا تجعل لنفسك حق
غيرك، فقد أول من عصى رسول الله، [كذا في النسخ وكأن فيه سقطا]
وأنت تجازى بعملك، فانصح لنفسك أودع، فكل نفس بما كسبت رهينة.
ثم قام قيس بن سعد بن عبادة، فقال: يا معشر قريش، قد علم
خياركم: ان اهل بيت رسول الله (ص) أحق بمكانه في سبق سابقة وحسن
عناء وقد جعل الله هذا الامر لعلي بمحضر منك وسماع أذنيك، فلا
ترجعوا ضلالا فتنقلبوا خاسرين.
ثم قام خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، فقال: الست تعلم يا أبا بكر:
ان رسول الله (ص) قبل شهادتي - وحدي -؟ قال: بلى، قال: فانى
اشهد بما سمعته منه، وهو قوله: " إمامكم بعدي علي لأنه الأنصح لامتي
والعالم فيهم ".
ثم قام أبو الهيثم بن التيهان، فقال: انا اشهد ان رسول الله (ص)
أقام عليا، فقال: " إن اهل بيتي يتقدمونكم، ولا تتقدموا عليهم "
وفى قوله كفاية.
ثم قام سهل بن حنيف، فقال: اشهد على رسول الله صلى الله
عليه وآله أنه قال: " اهل بيتي فرق بين الحق والباطل، وهم الأئمة
يقتدي بهم أمتي ".
وتكلم أبي، فقال: اشهد اني سمعت رسول الله (ص) يقول:
" علي بن أبي طالب إمامكم بعدي وهو الناصح لأمتي ".
ثم قام أبو أيوب الأنصاري، فقال: اتقوا الله، وردوا الامر إلى
اهل بيت نبيكم، فقد سمعتم ما سمعنا ان القائم مقام نبينا بعده علي بن أبي
طالب (ع) وانه لا يبلغ عنه إلا هو، ولا ينصح لأمته غيره.
قال: فنزل أبو بكر من المنبر. فلما كان يوم الجمعة المقبلة، سل
عمر سيفه، ثم قال: لا اسمع رجلا يقول مثل مقالته - تلك - إلا ضربت
عنقه. ثم مضى هو وسالم ومعاذ بن جبل وأبو عبيدة، شاهرين سيوفهم
حتى اخرجوا ابا بكر، وأصعدوه المنبر ".
وانظر أيضا: احتجاج أبي بن كعب في الدرجات الرفيعة للسيد علي خان
المدني الشيرازي المتوفى سنة 1120 ه‍، (ص) 324) طبع النجف الأشرف
نقله عن الطبرسي في كتاب الاحتجاج، مرفوعا عن ابان بن تغلب عن أبي
عبد الله الصادق عليه السلام، وانظره أيضا في الإحتجاج للطبرسي
(ص 41) طبع إيران سنة 1302 ه‍.
466

قال له: يا أبا بكر، لا تجحد حقا جعله الله لغيرك، ولا تكن أول
من عصى رسول الله (ص) في وصيه وصفيه، وأول من صدف عن أمره
أردد الحق إلى أهله تسلم، ولا تتماد في غيك فتندم، وبادر بالأمانة
يخف وزرك، ولا تخصص بهذا الامر الذي لم يجعله الله لك نفسك فتلقى
وبال عملك، فعن قليل تفارق ما أنت فيه، وتصير إلى ربك، فيسألك عما
جنيت، وما ربك بظلام للعبيد.
467

وفي مناقب ابن شهرآشوب: " أنه لما قال له النبي (ص): إن الله
أمرني أن أقرأ عليك، قال أبي: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، وقد
ذكرت هناك؟ قال: نعم، باسمك ونسبك، فأرعد أبي، فالتزمه
رسول الله (ص) حتى سكن. وقال: " قل بفضل الله وبرحمته، فبذلك
فليفرحوا، هو خير مما يجمعون " (1)
.

(1) لم نجد هذه الرواية في مناقب ابن شهرآشوب المطبوع رغم التتبع
ولكن ابن عبد البر الحافظ القرطبي المالكي المتوفى سنة 463 ه‍، روى في
الاستيعاب - حرف الألف القسم الأول باسناده: " عن أبي بن كعب
قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: امرت ان اقرأ عليك
القرآن. قال قلت يا رسول الله سماني لك ربك؟ فقال: نعم، فقرأ علي: "
قال بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون " بالتاء جميعا
قال أبو عمر رضي الله عنه وقد روى عنه انه قراهما جميعا بالياء ".
وروى أيضا "... عن قتادة عن انس ان النبي - صلى الله عليه وسلم -
دعا أبيا فقال: إن الله امرني ان اقرأ عليك، قال: الله سماني لك؟
قال: نعم، فجعل أبي يبكى. قال انس: ونبئت انه قرأ عليه: " لم
يكن الذين كفروا ".
وروى أيضا: ".. عن عمار بن أبي عمار قال: سمعت أبا حبة
البدري قال لما نزلت " لم يكن الذي كفروا من أهل الكتاب " إلى آخرها
قال جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن ربك يأمرك ان تقرئها أبيا
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي: إن جبريل امرني ان أقرئك
هذه السورة، قال أبي: أو ذكرت ثم يا رسول الله؟ قال نعم، فبكى أبي "
وروى مثله الجزري في (أسد الغابة: ج 1 ص 49) طبع مصر
(بولاق). ثم ذكر الاختلاف في سنة وفاته.
وروى مثله أيضا ابن سعد في (الطبقات الكبرى: ج 2 ص 340)
طبع بيروت سنة 1376 ه‍.
470

إلى هنا ينتهي الجزء الأول ويليه الجزء الثاني وأوله:
أحمد بن جعفر الدينوري.
471