الكتاب: الفوائد الرجالية
المؤلف: الوحيد البهبهاني
الجزء:
الوفاة: ١٢٠٥
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند الشيعة
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر:
ردمك:
ملاحظات:

فوائد الوحيد البهبهاني
بما أن رجال جدنا المصنف (الخاقاني) طاب ثراه هو شرح
للفوائد الرجالية التي ذكرها (العلامة الوحيد البهبهاني الحائري) - قده -
والتي قد جعلها مقدمة لتعليقته على (رجال الميرزا محمد الاسترآبادي
الكبير)، وبما أن الشارح رحمه الله اقتضب من المتن المشروح
بعض جمله وكلماته وأوكل بعضها الاخر إلى القراء الكرام ولعل
بعضهم لم يتيسر له المتن بكامله ليعرف مواضع الشرح منه آثرنا طبع
الفوائد الخمس للوحيد البهبهاني الحاقا بالشرح المذكور ليكمل النفع للقراء
الكرام والله ولى التوفيق. (حفيد المصنف)
تعريف الكتاب 1

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين.
(وبعد) فيقول الأقل الأذل (محمد باقر بن محمد أكمل): (1)
انى لما تنبهت بفكري الفاتر على تحقيقات في الرجال وعثرت بتتبعي القاصر
على إفادات من العلماء العظام والأقوال وكذا على فوائد شريفة فيه وفى
غيره مثل انى وجدت توثيق بعض الرجال المذكورين فيه وغير المذكورين
فيه أو مدحه أو سبب قوة، قوله وجدتها من الرجال ومن غيره لم يتوجه
إليها علماء الرجال في الرجال أو توجهوا لكن في غير ترجمته فلم يتفطن
بها القوم إلى غير ذلك من الفوائد أحببت تدوينها وضبطها وجعلها علاوة
لما ذكروا وتتمة لما اعتبروا فلذا جعلت تدويني تعليقة وعلقت على
(منهج المقال) من تصنيفات الفاضل الباذل العالم الكامل السيد الأوحد

(1) توفى سنة 1206 ه‍ في كربلا وكانت ولادته سنة 1118 ه‍ ودفن
في الرواق الشرقي الحسيني مما يلي قبور الشهداء وكانت أمه بنت العلامة آغا
نور الدين ابن المولى الجليل العلامة الميرزا محمد صالح المازندراني شارح أصول
الكافي وأم آغا نور الدين المذكور هي الفاضلة (آمنة) بنت المولى التقى المجلسي
الأول ولذا يعبر (البهبهاني) في مؤلفاته عن المجلسي الأول بالجد وعن المجلسي
الثاني المولى محمد باقر صاحب البحار بالخال وقد ترجم له في أكثر المعاجم
الرجالية. (المحقق)
1

الأمجد مولانا (ميرزا محمد - قدس الله سره - لما وجدت من كماله وكثرة
فوائده ونهاية شهرته وهذه وان علقت عليه الا انها عامة النفع والفائدة
والله ولى العائدة ولنقدم فوائد:
(الفائدة الأولى) في بيان الحاجة إلى الرجال.
(إعلم) أن الأخباريين نفوا الحاجة إليه لما زعموا من قطعية صدور
الأحاديث، ونحن في رسالتنا في الاجتهاد والاخبار (1) قد أبطلناه بما
لا مزيد عليه وأثبتنا عدم حجية الظن من حيث هو بل والمنع عنه كذلك
وان ما ثبت حجيته هو ظن المجتهد بعد بذل جهده واستفراغ وسعه في
كل ماله دخل في الوثوق وعدمه وأزلنا الحجاب وكشفنا النقاب
فليرجع إليها من يطلب الصواب ولا شبهة ان الرجال له دخل فيها ولو
سلمت القطعية فلا شبهة في ظنيتها متنا مضافا إلى اختلالات كثيرة
ولا ريب ان رواية الثقة الضابط امتن وأقوى على أن جل الأحاديث
متعارضة ويحصل من الرجال أسباب الرجحان والمرجوحية ولم يجزم
بحجية المرجوح مع أن في الجزم بحجية المتعارض من دون علاج تأملا
ولذا ترى أصحاب الأئمة والقدماء من الفقهاء والمتأخرين منهم كانوا
يتحيرون عند الاطلاع على المعارض فيسعون في العلاج ثم يعملون ومن
هنا ترى الأصحاب كانوا يسألون الأئمة (ع) عن العلاج وكانوا يعالجونهم ثم
في الجزم بكون التخيير علاجا وتجويز البناء عليه مع التمكن من المرجحات

(1) الاجتهاد والاخبار هي رسالة في الرد على الأخباريين وذكر كيفية
الاجتهاد ومقدماته وأقسامه من المطلق والمتجزئ وغير ذلك فرغ من تأليفها
ثالث عشر شهر رجب سنة 1155 ه‍ طبعت بإيران سنة 1314 ه‍ منضمة مع
عدة الأصول للشيخ الطوسي رحمه الله. (المحقق)
2

من العدالة وموافقة الكتاب والسنة وغير ذلك أيضا تأمل وما دل عليه
فمع ضعف الدلالة معارض بما هو أقوى دلالة بل وسندا أيضا وهو
في غاية الكثرة والشهرة ثم إنه مع الضعف والمرجوحية غير معمول به
عند الرواة وأصحاب الأئمة عليهم السلام كما يظهر من الرجال؟؟ وكتب
الحديث بل وعند قدماء الفقهاء أيضا الا ما شذ منهم كالكليني لشبهة، بل
ولا يفهم كلامه عند ذكر شبهة لنهاية فساد ظاهره.
(هذا كله) مع المفاسد المترتبة على التخيير مطلقا سيما في المعاملات
مع أن الخبر المرجوح لم يجزم بحجيته على أن حجية المتعارض من دون
علاج وكون التخيير يجوز البناء عليه كما أشير إليه وكون المستند
ما دل عليه (دور).
(وبالجملة) بعد بذل الجهد واستفراغ الوسع في تحصيل الراجح
نجزم بالعمل وبدونه لا قطع على العمل فتأمل.
وتحقيق ما ذكر يطلب من الرسالة ويظهر بالتأمل فيها ووجه الحاجة
على ما قرر لا يتوجه عليه شئ من الشكوك التي أوردت في نفيها وهو
ظاهر من القدماء بل والمتأخرين أيضا الا انهم جعلوا عمدة أسباب
الوثوق التي تعرف من الرجال واصلها العدالة من حيث كونها عندهم
شرطا للعمل بخبر الواحد ولعل هذا هو الظاهر من كلام القدماء كما يظهر
من الرجال سيما وبعض التراجم مثل ترجمة إسحاق بن الحسن بن بكران
وأحمد بن محمد بن عبد الله العياشي وجعفر بن محمد بن مالك وسعد
ابن عبد الله ومحمد بن أحمد بن يحيى وأحمد بن محمد بن خالد إلى
غير ذلك وسنشير زيادة على ذلك في إبراهيم بن هاشم وقال الشيخ
في عدته من شرط العمل بخبر الواحد العدالة بلا خلاف
(فان قلت) اشتراطهم العدالة يقتضى عدم عملهم بخبر غير العادل
3

وذلك يقتضى عدم اعتبار غير العدالة من امارات الرجال وحينئذ تنتفى
الحاجة إلى الرجال فان تعديلهم من باب الشهادة فرع الفرع
غير مسموعة مع أن شهادة علماء الرجال على أكثر المعدلين من هذا
القبيل لعدم ملاقاتهم إياهم ولا ملاقاتهم من لاقاهم وأيضا كثيرا ما يتحقق
التعارض بين الجرح والتعديل وكذا يتحقق الاشتراك بين جماعة بعضهم
غير معدل وأيضا كثير من المعدلين والثقات ينقل انهم كانوا على الباطل
ثم رجعوا وأيضا لا يحصل العلم بعدم سقوط جماعة من السند من البين
وقد اطلع على كثير من هذا القبيل فلا يحصل للتعديل فائدة يعتد بها
وأيضا العدالة بمعنى الملكة ليست محسوسة فلا يقبل فيها شهادة
(قلنا) الظاهر أن اشتراطهم العدالة لاجل العمل بخبر الواحد من
حيث هو هو من دون حاجة إلى التفتيش والانجبار بشئ كما هو مقتضى
دليلهم ورويتهم في الحديث والفقه والرجال فان عملهم باخبار غير العدول
أكثر من أن يحصى وترجيحهم في الرجال قبولها منهم بحيث لا يخفى
حتى أنها ربما تكون أكثر من اخبار العدول التي قبلوها فتأمل.
والعلامة رحمه الله رتب خلاصته على قسمين الأول فيمن اعتمد
على روايته أو يترجح عنده قبول روايته كما صرح به في اوله ويظهر
من طريقته في هذا القسم من اوله إلى اخره ان من اعتمد به هو الثقة
ومن ترجح عنده هو الحسن والموثق ومن اختلف فيه الراجح عنده
القبول وسيجئ في حماد السمندي ان هذا الحديث من المرجحات لامن
الدلائل على التعديل وفى الحكم بن عبد الرحمن ما يفيد ذلك وكذا في
كثير من التراجم ونقل عنه في ابن بكير: " ان الذي أراه عدم جواز
العمل بالموثق الا ان يعتضد بقرينة وفى حميد ابن زياد فالوجه عندي
ان روايته مقبولة إذا خلت عن المعارض فربما ظهر من هذا فرق فتأمل
4

وسنذكر في إبراهيم بن صالح وإبراهيم بن عمر زيادة تحقيق
فلاحظ.
وأيضا من جملة كتبه كتاب (الدر والمرجان في الأحاديث الصحاح
والحسان) وأيضا قد أكثروا في الرجال بل وفى غيره أيضا من ذكر
أسباب الحسن أو التقوية أو المرجوحية واعتنوا بها وبحثوا عنها كما
اعتنوا وبحثوا عن الجرح والتعديل ونقل المحقق عن الشيخ أنه قال: " يكفى
في الراوي أن يكون ثقة متحرزا عن الكذب في الحديث وان كان فاسقا
بجوارحه وان الطائفة الحقة عملت بأحاديث جماعة هذه حالتهم وسنذكر
عن عدة الشيخ في الفائدة الثانية ما يدل على عملهم برواية غير العدول مع أنه
ادعى فيها الوفاق على اشتراط العدالة لاجل العمل فتأمل.
وعن المحقق في المعتبر أنه قال: " أفرط الحشوية في العمل بخبر
الواحد حتى انقادوا لكل خبر وما فطنوا لما تحته من التناقض فان من
جملة الاخبار قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ستكثر بعدي القالة علي)
وقول الصادق عليه السلام -: (ان لكل رجل منا رجلا يكذب عليه)
واقتصر بعض عن هذا الافراط فقال: كل سليم السند يعمل به وما علم أن
الكاذب قد يصدق والفاسق قد يصدق ولم يتنبه على أن ذلك طعن في
علماء الشيعة وقدح في المذهب إذ لا مصنف الا وهو قد يعمل بخبر المجروح
كما يعمل بخبر العدل وأفرط آخرون في طرق رد الخبر إلى أن قال
كل هذه الأقوال منحرفة عن السنن إلى اخر ما قال -
(فان قلت): مقتضى دليلهم التثبت في خبر غير العدل إلى أن
يحصل العلم.
(قلت): على تقدير التسليم معلوم انهم يكتفون بالظن عند العجز
عن العلم في مثل ما نحن فيه لدليلهم الاخر مع أن امارات الرجال ربما يكون
5

لها دخل في حصول العلم فتأمل، وحق التحقيق يظهر من الرسالة وسيجئ
بعض ما نشير في الفائدة الثانية وترجمة إبراهيم بن صالح وابن عمر وغير
ذلك ثم ما ذكرت من أن ذلك يقتضى عدم اعتبارهم غير العدالة (ففيه)
انه ربما يحتاج إليه للترجيح على انا نقول: لا بد من ملاحظة الرجال
بتمامه إذ لعله يكون تعديل أو جرح يظهران من التأمل فيه وما ذكرت
من تعديلهم من باب الشهادة فغير مسلم بل الظاهر أنه من اجتهادهم
أو من باب الرواية كما هو المشهور ولا محذور.
اما على الثاني فلان الخبر من الأدلة الشرعية المقررة واما على
الأول فلأن اعتماد المجتهد على الظن الحاصل منه من قبيل اعتماده على سائر
الظنون الاجتهادية وما دل على ذلك يدل على هذا أيضا مضافا إلى أن
المقتضى للعدالة لعله لا يقتضى أزيد من مظنونها وراجحها سيما بعد
سد باب العلم لأنه الاجماع والآية ولا يخفى على المطلع بأحوال القدماء
انهم كانوا يكتفون بالظن ولا يلزمون تحصيل العلم وأيضا كل واحد
منهم يوثق لاجل اعتماد غيره كما هو ظاهر على أنه لا يثبت من اجماعهم
أزيد مما ذكر واما الآية فلعدم كون مظنون الوثاقة والظاهر العدالة من
الافراد المتبادرة للفاسق بل ربما يكون الظاهر خلافه فتأمل وأيضا
القصر على التثبت لعله يستلزم سد باب أكثر التكاليف فتأمل ومع ملاحظة
الامر به في خبر الفاسق واشتراط العدالة من دون تثبت فتأمل.
ومما ذكر ظهر الجواب عما ذكرت من انه كثيرا ما يتحقق التعارض
إذ لا شبهة في حصول الظن من الامارات المرجحة والمعينة ولو لم يوجد
نادرا فلا قدح وبناؤهم على هذا أيضا وكذا لا شبهة في كون المظنون
عدم السقوط ولعل الروايات عمن لم يكن مؤمنا ثم آمن أخذت حال
6

إيمانه وببالي ان هذا عن (المحقق الأردبيلي رحمه الله) وعن غيره أيضا
ويشير إليه ما في اخبار كثيرة عن فلان في حال استقامته ومما ينبه ان
قولهم: فلان ثقة في الثقات مطلقا وكذا مدحهم في الممدوحين كذلك
انما هو بالنسبة إلى زمان صدور الروايات لا مطلقا وفى جميع أوقاتهم لعدم
الظهور بل ظهور العدم فكما انه ذكر لهم لان يعتمد عليهم كما لا يخفى
فكذا فيما نحن فيه لعدم التفاوت فتأمل على أنه لو لم يحصل الظن
بالنسبة إلى كلهم فالظاهر حصوله بالنسبة إلى مثل البزنطي ومن ماثله على
أنه يمكن حصوله من نفس روايتهم أو قرينة أخرى وسيجئ زيادة
على ما ذكر في الفائدة الثانية عند ذكر الواقفة وفى ترجمة البزنطي وأحمد ابن
داود بن سعيد ويونس بن يعقوب وسالم بن مكرم على أن
سوء العقيدة لا ينافي العدالة بالمعنى الأعم، وهي معتبرة عند الجل ونافعة
عند الكل كما سنشير فانتظر.
هذا مع أن معرفة هؤلاء من غيرهم من الرجال فلا بد من
الاطلاع على كلامهم على انا نقول: لعل عدم منعهم في حال عدالتهم
من رواياتهم المأخوذة في حال عدمها أخرجها من خبر الفاسق الذي لا بد
من التثبت فيه بل وأدخلها في رواية العادل فتأمل وما ذكرت من أن
شهادة فرع الفرع (إلى اخره) فيه: انهم لم يشهدوا على الشهادة
بل على نفس الوثاقة وعدم الملاقات لا ينافي القطع بها والقائل بكون
تعديلهم شهادة لعله يكتفى به في المقام كما يكتفى هو وغيره فيه وفي غيره
أيضا فان العدالة بأي معنى تكون ليست محسوسة مع أن الكل متفقون
على ثبوتها بها فيما هي معتبرة فيه وتحقيق الحال ليس هنا موضعه فظهر
عدم ضرر ما ذكرت بالنسبة إلى هذا القائل من المجتهدين أيضا فتأمل
وما ذكرت من أن العدالة بمعنى الملكة (الخ) ظهر الجواب عنه على التقديرين
7

(فان قلت) وقع الاختلاف في العدالة هل هي الملكة أم حسن
الظاهر أم ظاهر الاسلام مع عدم ظهور الفسق وكذا في أسباب الجرح
وعدد الكبائر فمن أين يطلع على رأي المعدل ومع عدم الاطلاع كيف
ينفع التعديل؟
(قلنا): إرادة الأخير من قولهم: ثقة وكذا من العدالة التي
جعلت شرطا لقبول الخبر لا خفاء في فساده مضافا إلى ما سيجئ في احمد
ابن إسماعيل بن سمكة واما الأولان فأيهما يكون مرادا ينفع القائل بحسن
الظاهر ولا يحتاج إلى التعيين كما هو ظاهر واما القائل بالملكة فقد قال
في (المنتقى) تحصيل العلم برأى جماعة من المزكين امر ممكن بغير
شك من جهة القرائن الحالية أو المقالية إلا أنها خفية المواقع متفرقة المواضع
فلا يهتدى إلى جهاتها ولا يقدر على جمع أشتاتها إلا من عظم في طلب
الإصابة جهده وكثر في التصفح في الآثار كده " انتهى (1).
(قلت): إن لم يحصل العلم فالظن كاف لهم كما هو دأبهم
ورويتهم نعم بالنسبة إلى طريقته لعله يحتاج إلى العلم فتأمل.
ويمكن الجواب أيضا بان تعديلهم لان ينتفع به الكل وهم انتفعوا
به وتلقوه بالقبول ولم نر من قدمائهم ولا متأخرهم ما يشير إلى تأمل من
جهة ما ذكرت بل ولا نرى المضايقة التي ذكرت في تعديلهم من التعديلات
مع جريانها فيها، وأيضا لو أراد العدالة المعتبرة عنده كأن يقول: " ثقة
عندي " حذرا من التدليس والعادل لا يدلس مع أن روايتهم كذلك
فتأمل

(1) راجع (منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان) ج 1 ص 19
لجمال الدين أبى منصور الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني المتوفى سنة 1011 ه‍
طبع إيران سنة 1379 ه‍ (المحقق)
8

وأيضا العادل أخبر بان فلانا متصف بالعدالة المعتبرة شرعا فيقبلون
ولا يتثبتون فتأمل.
وأيضا لم يتأمل واحد من علماء الرجال والمعدلين فيه في تعديل الاخر
من تلك الجهة أصلا ولا تشم رائحته مطلقا مع اكثارهم من التأمل من
جهات اخر وهم يتلقون تعديل الاخر بالقبول حتى أنهم يوثقون بتوثيقه
ويجرحون بجرحه فتأمل.
على أن المعتبر عند الجل في خصوص المقام العدالة بالمعنى الأعم كما
سنشير فلا مانع من عدم احتياج القائل بالملكة أيضا إلى التعيين.
(فان قلت): قد كثر الاختلاف بينهم في الجرح والتعديل ووقوع
الغفلة والخطأ منهم فكيف يوثق بتعديلهم؟
(قلت): ذلك لا يمنع حصول الظن كما هو الحال في كثير من
الامارات والأدلة مثل أحاديث كتبنا وقول الفقهاء ومشايخنا ومثل
الشهرة مع أنه (رب مشهور لا أصل له) والعام مع أنه ما من عام الا
وقد خص ولفظ (إفعل) وغير ذلك نعم ربما يحصل وهن لا انه
يرتفع الظن بالمرة والوجدان حاكم على انا نقول: أكثر ما ذكرت
وارد عليكم في عملكم بالاخبار بل منافاتها لحصول العلم أزيد وأشد بل
ربما لا يلائم طريقتكم ويلائم طريقة الاجتهاد بل أساسها على أمثال
ما ذكرت ومنشؤها منها: وأثبتناه في الرسالة مشروحا (1)
(فان قلت): جمع من المزكين لم تثبت عدالتهم بل وظهر عدم
ايمانهم مثل ابن عقدة وعلي بن الحسن بن فضال.

(1) يشير إلى (رسالة الاجتهاد والاخبار) التي ذكرنا التعريف بها (ص 2)
فراجع. (المحقق)
9

(قلت) من لم يعتمد على توثيق أمثالهم فلا اعتراض عليه ومن
اعتمد فلأجل الظن الحاصل منه وغير خفى على المطلع حصوله بل وقوته
وسنشير في علي بن الحسن إليه في الجملة وأيضا ربما كان اعتماده عليه
بناء على عمله بالروايات الموثقة فتأمل وسيجئ زيادة على ذلك في
الحكم بن عبد الرحمن ويمكن أن يكون اعتماده ليس من جهة ثبوت
العدالة بل من باب رجحان قبول الرواية وحصول الاعتماد والقوة كما
مر إليه الإشارة وسيجئ أيضا في إبراهيم بن صالح وغيره ومن هذا
اعتمد على توثيق ابن نمير ومن ماثله.
واعلم أن من اعتبر في الرواية ثبوت العدالة بالشهادة لعله يشكل عليه
الامر في بعض الايرادات الا ان يكتفى بالظن عند سد باب العلم فتأمل
(فان قلت) إذا كانوا يكتفون بالظن فغير خفى حصوله من قول
المشايخ: ان الاخبار التي رويت صحاح أو مأخوذة من الكتب المعتمدة
وغير ذلك فلم لم يعتبروه؟.
(قلت) ما اعتبروه لعدم حصول ظن بالعدالة المعتبرة لقول الخبر
عندهم مع انى قد بينت؟؟ في الرسالة: ان هذه الأقوال منهم ليست على
مقتضى ظاهرها أو لم تبق عليه.
(نعم) يتوجه عليهم ان شمول (نبا) في قوله تعالى (ان جاءكم
فاسق بنبأ) الآية لما نحن فيه لعله يحتاج إلى التأمل بملاحظة شان نزول
الآية والعلة المذكورة فيها وان البناء في الفقه جار على الظنون والاكتفاء
بها والاعتماد عليها وان العدول أخبرونا بالتثبت وظهر لنا ذلك والاجماع
منقول بخبر الواحد ولعل من ملاحظة حال القدماء لا يحصل العلم باجماعهم
بحيث يكون حجة فتأمل.
(فان قلت) النكرة في سياق الاثبات وإن لم تفد العموم الا انها
10

مطلقة ترجع إلى العموم في أمثال المقامات أو العبرة بعموم اللفظ والعلة
وان كانت مخصوصة الا انها توجب التخصيص ولا ترفع الوثوق في
العموم لان الظاهر عدم مدخلية الخصوصية وكون البناء في الفقه على
الظن لا يقتضى رفع اليد عما ثبت من العموم والاجماع من اشتراط العدالة
في الراوي واخبار العدول بالتثبت لا ينفع لجواز الخطأ فيحصل الندم
وناقل الاجماع عادل فيقبل قوله من دون تثبت.
(قلنا) في رجوع مثل هذا الاطلاق إلى العموم بحيث ينفع المقام
بملاحظة شان النزول تأمل سيما بعد ملاحظة ما علل به رجوعه إليه فتدبر
وخصوصا بعد كون تخصيص العمومات التي لا تأمل في عمومها من الشيوع
بمكان فضلا عن مثل هذا العموم وان ظواهر القرآن ليست على حد غيرها
في القوة والظهور كما حقق في محله وان كثيرا من المواضع يقبل فيه خبر
الفاسق من دون تثبت وان التبين في الآية معلل بعلة مخصوصة وهو
يقتضى قصره فيها ولا أقل من انه يرفع الوثوق في التعميم والتعدي
وظهور عدم مدخليته الخصوصية محل نظر فان قتل جمع كثير من المؤمنين
وسبى نسائهم وأولادهم ونهب أموالهم بخبر واحد وسيما أن يكون فاسقا
وخصوصا أن يكون متهما لعله قبيح خصوصا مع امكان التثبت وان
حصل منه ظن كما هو بالنسبة إلى المسلمين في خبر الوليد.
واما المسائل الفقهية فقد ثبت جواز التعبد بالظن وورد به الشرع
اما في أمثال زماننا فلا يكاد توجد مسألة تثبت بتمامها من الاجماع من دون
ضميمة أصالة العدم أو خبر الواحد أو أمثالها وكذا من الكتاب أو الخبر
القطعي لو كان مع أن المتن ظني في الكل سيما في أمثال زماننا.
و (بالجملة) المدار على الظن قطعا واما في زمان الشارع فكثير
منها كانت مبنية عليه مثل تقليد المفتين وخبر الواحد وظاهر الكتاب
11

وغير ذلك وأيضا الندم يحصل في قتل المؤمنين وسبيهم ونهبهم البتة لو
ظهر عدم صدق الخبر.
واما المسائل الفقهية فالمجتهد بعد مرعاة الشرائط المعتبرة واستنباطها
بطريقته المشروطة المقررة مكلف بظنه مثاب في خطائه سلمنا الظهور
لكنه من باب الاستنباط والعلة المستنبطة ليست بحجة عند الشيعة والمنصوصة
مخصوصة سلمنا لكن نقول الأمر بالتبين في خبر الفاسق ان كان
علته عدم الوثوق به كما هو مسلم عندكم وتقتضيه العلة المذكورة وظاهر
تعليق الحكم بالوصف فغير خفى انه مع احتمال كون أحد سلسلة السند
فاسقا لا يحصل من مجرد ظن ضعيف بان الكل عدول الوثوق وقد عرفت أن
المدار فيه على الظنون الضعيفة هذا ان أردت من الوثوق العلم أو الظن
القوى على أنه ان أردت العلم كما هو مقتضى ظاهر قوله: (فتبينوا)
والعلة المذكورة فلا يحصل من خبر العادل الثابت العدالة أيضا لاحتمال
فسقه عند صدوره واحتمال خطائه لعدم عصمته فتصير الآية من قبيل
الآيات الدالة على منع اتباع غير العلم لان تعليقه على وصف الفسق لا يقتضى
قبول قول العادل لان المفهوم مفهوم اللقب ومع ذلك لا يقاوم العلة
المذكورة كيف وان يترجح عليه مع أن في جريان التخصيص في العلة
وكونها في الباقي حجة لا بد من تأمل على أن قبول قول خصوص العادل
يكون حينئذ تعبدا وستعرف حاله وإن أردت الظن القوى (فأولا)
منع حصوله بالنسبة إلى كثير من العدول على حسب ما ذكرنا سيما على القول
بان العدالة حسن الظاهر أو عدم ظهور الفسق والانصاف انه لا يثبت
من قول المعدلين من القدماء أزيد من حسن الظاهر واما المتأخرون فغالب
توثيقاتهم من القدماء كما لا يخفى على المطلع مضافا إلى بعد اطلاعهم
على ملكة الرواة (وثانيا) انه يحصل الظن القوى من خبر كثير من الفساق
12

إلا أن يقال: الفاسق من حيث إنه فاسق لا يحصل الظن القوى منه فعلى
هذا نقول لا معنى لان يكون العادل - لحصول الظن القوى لا يحتاج إلى
التثبت والفاسق لعدم حصوله منه من حيث إنه فاسق وان كان
يحصل من ملاحظة امر آخر يحتاج إلى التثبت إلى أن يحصل العلم مع أن
الاحكام الفقهية الثابتة من الاخبار غير الصحيحة من الكثرة بمكان من
دون أن يكون هناك ما يقتضى العلم إلا أن يوجه التبين مما يكتفى فيه
بالظن القوى لكن هذا لا يكاد يتمشى في العلة ومع ذلك جل أحاديثنا
المروية في الكتب المعتمدة يحصل فيها الظن القوى بملاحظة ما ذكرناه في
هذه الفوائد الثلاث وفى التراجم وما ذكروه فيها وما ذكره المشايخ
من أنها صحاح وانها علمية وانه حجة فيما بينهم وبين الله وانها
مأخوذة من الكتب التي عليها المعول وغير ذلك مضافا إلى حصول الظن
من الخارج بأنها مأخوذة من الأصول والكتب الدائرة بين الشيعة المعمولة
عندهم وانهم ألفوها لهداية الناس ولان تكون مرجعا للشيعة وعملوا
بها وندبوا إلى العمل مع منعهم من العمل بالظن مطلقا أو مهما أمكن
وتمكنهم من الأحاديث العملية غالبا أو مطلقا على حسب قربهم من
الشارع وبعدهم ورأيهم في عدم العمل بالظن مع علمهم وفضلهم وتقواهم
وورعهم وغاية احتياطهم سيما في الاحكام واخذ الراوية إلى غير ذلك
مضافا إلى ما يظهر في المواضع بخصوصها من القرائن على أن عدم إيراث
ما ذكر هنا الظن القوي وإيراث ما ذكرنا في عدالة جميع سلسلة السند ذلك
فيه ما لا يخفى وإن أردت من الوثوق مجرد الظن كما هو المناسب لتعليق
الحكم على الوصف ولحكم المفهوم على تقدير أن يكون حجة وهو
الموافق لغرضكم بل تصرحون بان الفاسق لا يحصل من خبره ظن ففيه
انه وان اندفع عنه بعض ما أوردناه سابقا لكن ورود البعض الآخر
13

عليه أشد وحمل التبين والعلة على تحصيله أقبح وكذا منع حصوله مما
ذكرنا هنا وترجيح ما ذكر في عدالة سلسلة السند عليه على أن الفاسق
الذي لا يحصل الظن من خبره هو الذي لا يبالى في الكذب اما المتحرز
عنه مطلقا أو في الروايات فمنع حصوله منه مكابرة سيما الفاسق بالقلب
لا الجوارح وستعرف.
(فان قلت) جميع ما ذكرت هنا موجود في صحيحهم أيضا والعدول
إلى الأقوى متعين.
(قلت) وجود الجميع في الجميع غلط مع أنهم لم يعتبروا في
الصحيح شيئا منها فضلا عن الجميع ومع ذلك تكون العدالة حينئذ من
المرجحات ولا كلام فيه.
(فان قلت) يلزم مما ذكرنا جواز الحكم بشهادة الفاسق ومجهول
الحال إذا حصل منها ظن لاعتبار العدالة فيها أيضا.
(قلت) اعتبارها فيها من قبيل الأسباب الشرعية والأمور التعبدية
واما اعتبارهم إياها في الراوية فالظاهر منهم والمستفاد من كلماتهم انها
لاجل الوثوق وان عدم اعتبار رواية غيرهم من عدمه مع أن ما استدلوا
به له الآية وقد عرفت ظهورها بل وكونها نصا في ذلك سلمنا لكن
ظهورها في كون التبين في رواية الفاسق وعدمه في غيرها من باب التعبد
من أين؟ سلمنا لكن المتبادر من الفاسق فيها والظاهر منه هنا من عرف
بالفسق وسنذكر في علي بن الحسين السعد آبادي ما يؤكد ذلك ولو
سلم عدم الظهور فظهور خلافه ممنوع، فالثابت منها عدم قبول خبر المعروف
به واما المجهول فلا ونسب إلى كثير من الأصحاب قبوله منه ويظهر
من كثير من التراجم أيضا على أن المستفاد حينئذ عدم قبول خبر الفاسق
لا اشتراط العدالة والواسطة بينهما موجودة قطعا سيما على قولكم بأنها
14

الملكة وخصوصا بعد اعتبار اجتناب منافيات المروة وكذا بعد تخصيصها
بالمكلفين وكذا بالشيعة الاثنى عشرية لما ستعرف هذا حال الآية
على أنه على هذا لا وجه لاشتراط الضبط في الراوي كما شرطتم
واما الاجماع ففيه - بعد ما عرفت - ان الناقل الشيخ وهو صرح
بأنه يكفي كون الراوي متحرزا عن الكذب (إلى آخر ما ذكرناه عنه
سابقا) وما سنذكر عنه في الفائدة الثانية والثالثة وسنذكر عن غيره
أيضا ما ينافي هذا الاجماع أو تخصيصه بالعدالة بالمعنى الأعم فتأمل
ومع ذلك لا يظهر منه كون اعتبارها تعبدا بل ربما يظهر من كلماتهم
كونه لاجل الوثوق على أنه يمكن عدم كون المخطئ في الاعتقاد فاسقا
اما بالنسبة إلى غير المقصر فظاهر وسيجئ ما نشير في الفائدة الثانية
وفى أحمد بن محمد بن أبي نصر وابن نوح وزياد بن عيسى وغيرها
وبالجملة جميع العقائد التي من أصول الدين ليست جلية على جميع آحاد
المكلفين في جميع أوقاتهم كيف وأمر الإمامة التي من رؤسها كان مختلفا
بحسب الخفاء والظهور بالنسبة إلى الأزمنة والأمكنة والاشخاص وأوقات
عمرهم وهو ظاهر من الاخبار والآثار والاعتبار واما المقصر منهم
فبعد ظهور صلاحه وتحرزه عن الكذب والفسق بجوارحه مثل الحسن بن علي
ابن فضال ونظائره فنمنع كونه من الافراد المتبادرة له في الزمان الأول
أيضا للفظ الفاسق المذكور سيما بعد ملاحظة نص الأصحاب على توثيقه
وفاقا للمصطفى بعد المحقق الطوسي في تجريده وشيخنا البهائي في زبدته
وأيضا نرى؟؟ مشايخنا يوثقون المخطئ في الاعتقاد توثيق المصيبين من دون
فرق يجعل الأول موثقا والثاني ثقة كما تجدد عليه الاصطلاح ويعتمدون
على ثقات الفريقين ويقبلون قولهم فالعدالة المعتبرة عندهم هي المعنى
الأعم فظهر قوة الاعتماد على اخبار الموثقين وأيضا من أين علم أن
15

مرادهم من التوثيق التعديل مع أن الشيخ صرح بتوثيق الفاسق بأفعال
جوارحه كما مر وسنذكر في الفائدة الثانية وسيجئ توثيق مثل كاتب
الخليفة ومن ماثله إلا أن يقال اتفاق الكل على اشتراط العدالة في الراوي
على ما أشير إليه يقتضى عدم قبول غيرهم وغير خفي ان توثيقاتهم
لاجل الاعتماد وقبول القول وأيضا الاتفاق على اثبات العدالة من توثيقهم
وملاحظة بعض المواضع يدلان على ذلك وأيضا ذكر في علم الدراية
انه من ألفاظ التعديل وسيجئ بعض ما في المقام في الفائدة الثانية عن
قريب.
واما مثل كاتب الخليفة فيوجه ويصحح وسنذكر في الفائدة الثالثة
(وبالجملة) لعل الظاهر أن الثقة بمعناه اللغوي وأنه مأخوذ فيه مثل التثبت
والضبط والتدبر والتحفظ ونظائرها وانهم ما كانوا يعتمدون على من لم
يتصف بها ولعل مما اخذ فيه عندهم عدم الاعتماد على الضعفاء والمجاهيل
والمراسيل إلى غير ذلك مما سنشير إليه في قولهم " ضعيف " فمراد
الشيخ من توثيق الفاسق أمثال الأمور المذكورة مع التحرز عن الكذب
مطلقا أو في الروايات وأما توثيقات علم الرجال فلعله مأخوذ فيها العدالة
على ما أشير إليه مع أن الفاسق من حيث أنه فاسق لا يؤمن عليه ولو
اتفق اتصافه بالأمور المذكورة فليس فيه وثوق تام كما في العادل المتصف
على أنه على تقدير اعتماد بعضهم على مثله فلعله لا يعبر عنه بثقة على
الاطلاق بل لعله نوع تدليس وهم متحاشون عنه بل على تقدير
اعتماد الكل أيضا لعل الأمر كذلك فتأمل.
وسيجئ في الفائدة الثانية في بيان قولهم: " ثقة في الحديث " ما ينبغي
أن يلاحظ ومما ذكرنا ظهر أن عدم توثيقهم للرجال ليس لتأملهم في
عدالتهم سيما بالنسبة إلى أعاظمهم مثل الصدوق وثعلبة بن ميمون
16

والحسن بن حمزة ونظائرهم من الذين قالوا في شانهم ما يقتضى العدالة وما
فوقها أو يظهر ذلك من الخارج (وبالجملة) ليسوا ممن يجوز عليهم الفسق - العياذ
بالله - وهذا ظاهر لا تأمل فيه بل من قبيل ما قاله المحقق الشيخ محمد - رحمه الله -
وللعلامة أوهام يبعد زيادة بعد معها الاعتماد عليه وصدر أمثال ذلك من
غير واحد من غيره بالنسبة إليه والى غيره مع عدم تأمل أحد منهم في
عدالتهم بل في زهدهم أيضا وتقواهم وغزارة علمهم ومتانة
فكرهم بل وكونهم أئمة في علوم شتى من الفقه وغيره إلى غير ذلك
هذا ويمكن أن يكون عدم تنصيصهم على التوثيق بالنسبة إلى بعض
الأعاظم توكيلا إلى ظهوره مما ذكروه في شأنه وغير لازم أن يكون بلفظ
(ثقة) وصرح علماء الدراية بعدم انحصار ألفاظ التعديل فيه وفى (عدل)
فتأمل (1).
الفائدة الثانية
في بيان طائفة من الاصطلاحات المتداولة في الفن وفائدتها وغيرها
من المباحث المتعلقة بها.

(1) وجدنا في هذا الموضع تعليقة للمولى علي بن الميرزا خليل بن إبراهيم بن
محمد على الرازي الطهراني النجفي المتوفى سنة 1296 ه‍ - بخطه - وتوقيعه (على الرازي)
فأثرنا نقلها وصورتها هكذا: " فان قلت إن اهل الرجال صرحوا بتوثيق من
هو أعظم من هؤلاء فلم لم يكتفوا على ظهور الوثاقة فيهم؟ قلت ايكالهم الامر
إلى الوضوح لا يوجب عليهم الايكال في كل مورد وكثيرا ما نراهم يمدحون
الأعلى بما يمدحون به الأدنى ويوكلون الزيادة إلى الوضوح ".
(المحقق)
17

(منها قولهم ثقة) ومر بيانه مع ببعض ما يتعلق به وبقي بعض، قال
المحقق الشيخ محمد: " إن النجاشي إذا قال: (ثقة) ولم يتعرض إلى فساد
المذهب فظاهره انه عدل امامي لان ديدنه التعرض إلى الفساد فعدمه
ظاهر في عدم ظفره وهو ظاهر في عدمه لبعد وجوده مع عدم ظفره
لشدة بذل جهده وزيادة معرفته وان عليه جماعة من المحققين " انتهى.
لا يخفى ان الروية المتعارفة المسلمة (1) المقبولة انه إذا قال: " عدل
إمامي " النجاشي كان أو غيره " فلان ثقة " انهم يحكمون بمجرد
هذا القول بأنه عدل امامي كما هو ظاهر اما لما ذكر أو لأن الظاهر
من الرواة التشيع والظاهر من الشيعة حسن العقيدة أو لأنهم وجدوا
منهم انهم اصطلحوا ذلك في الامامية وان كانوا يطلقون على غيرهم مع
القرينة بان معنى ثقة " عادل " أو (عادل ثبت) فكما أن " عادل "
ظاهر فيهم فكذا " ثقة " أو لأن المطلق ينصرف إلى الكامل أو لغير ذلك (2).
على منع الخلو نعم في مقام التعارض بان يقول آخر بأنه فطحي مثلا

(1) في هذا الموضع أيضا تعليقة للمولى على الرازي الطهراني - رحمه الله -
بخطه وصورتها هكذا: " يظهر من (الأردبيلي) في بحث بيع السلاح لأعداء
الدين ان توثيق (الكشي) لا عبرة به لأن ظاهره الاخبار عن ورود الرواية بذلك
وهو لا يدل على التوثيق بشهادة وسيأتي في الفائدة الثالثة تأمل بعض في توثيق
العلامة وابن طاووس وتوثيق المفيد وحكى عن الشيخ البهائي الاشكال في
دلالة (ثقة) على ما ادعاه المصنف فكيف يكون من الروية المسلمة ".
(2) علق هنا المولى على الرازي الطهراني رحمه الله - بخطه ما لفظه: " ولعل
المراد من (غير ذلك) كون حذف المتعلق مفيدا للعموم ".
(المحقق)
18

يحكمون بكونه موثقا معللين بعدم المنافاة ولعل مرادهم عدم معارضة
الظاهر النص (1) وعدم مقاومته بناء على أن دلالة " ثقة " على الامامية
ظاهرة كما أن فطحي على اطلاقه لعله ظاهر في عدم ثبوت العدالة عند
قائله مع تأمل فيه ظهر وجهه وان الجامع مهما أمكن لازم فيرفع اليد
عما ظهر ويمسك بالمتيقن أعني مطلق العدالة فيصير فطحيا عادلا في
مذهبه فيكون الموثق سامح أو كلاهما وكذا لو كانا من واحد لكن
لعله لا يخلو عن نوع تدليس إلا أن لا يكون مضرا عندهم لكون حجية
خبر الموثقين اجماعيا أو حقا عندهم واكتفوا بظهور ذلك منهم أو غير ذلك
وسيجئ في أحمد بن محمد بن خالد ماله دخل أو يكون ظهر خلاف
الظاهر واطلع الجارح على ما لم يطلع عليه المعدل لكن ملائمة هذا للقول
بالملكة لا يخلو عن اشكال مع أن المعدل ادعى كونه عادلا في مذهبنا
فإذا ظهر كونه مخالفا فالعدالة في مذهبه من أين؟ الا ان يدعى ان الظاهر اتحاد
أسباب الجرح والتعديل في المذهبين سوى الاعتقاد بامامة امام لكن هذا لا يصح
بالنسبة إلى الزيدي والعامي ومن ماثلهما جزما واما بالنسبة إلى الفطحية والواقفية
ومن ماثلهما فثبوته أيضا يحتاج إلى تأمل مع أنه إذا ظهر (2) خطأ المعدل

(1) يريد بالظاهر قولهم: " عادل أو عادل ثبت، أو ثقة " فان هذه الألفاظ
كل واحد منها ظاهر في كونه اماميا ويريد بالنص قولهم: " فطحي " فان هذا
اللفظ نص في كونه غير إمامي
(المحقق)
(2) علق - هنا - المولى علي الرازي الطهراني - طاب ثراه - بخطه فقال:
" قوله: مع أنه إذا ظهر، الخ لا ريب ان ظهور الخطأ في شئ لا يوجب سقوط
قول العدل الا إذا كان امرا ظاهرا بدهيا فيرفع الخطأ فيه الوثوق بل ربما يقدح
في عدالة الرجل باعتبار كونه مبنيا عن تسامحه وعدم مبالاته ولا ريب ان مذاهب
الرواة من الوقف والفطحية كان امرا شائعا لا داعى على خفائه ".
19

بالنسبة إلى نفس ذلك الاعتقاد فكيف يؤمن عدمه بالنسبة إلى غيره وأيضا (1)
ربما يكون الجارح والمعدل واحدا كما في إبراهيم بن عبد الحميد وغيره
وأيضا (2) لعل الجارح جرحه مبنى على مالا يكون سببا في الواقع على
ما سنذكره في إبراهيم بن عمر ويقربه التأمل في هذه الفائدة عند ذكر الغلاة
والواقفة وقولهم " ضعيف " وغيرها وكذا في الفائدة الثالثة في مواضع
عديدة وسيجئ في إبراهيم ما ينبغي ان يلاحظ وكيف كان هل الحكم
والبناء المذكور عند التعارض مطلق أو مقيد بما إذا انحصر ظن المجتهد فيه
وانعدام الامارات والمرجحات إذ لعله بملاحظتها يكون الظاهر عنده
حقية أحد الطرفين ولعل الأكثر على الثاني وانه هو الأظهر كما سيجئ
في إبراهيم بن عمر وابن عبد الحميد وغيرهما مثل سماعة وغيره ويظهر
وجهه أيضا من التأمل في الفائدة الأولى وهذه الفائدة والفائدة الثالثة
على حسب ما أشير إليه.
ثم اعلم أن ما ذكر إذا كان الجارح والمعدل عدلا إماميا، وأما إذا
كان مثل علي بن الحسن فمن جرحه يحصل ظن وربما أقوى من

(1) قد يقال: " ان المعدل في حال تعديله لم يطلع على ما اطلع عليه حال
جرحه " هكذا علق - هنا - المولى علي الرازي الطهراني - رحمه الله - بخطه.
(2) علق - هنا - المولى الرازي - بخطه قائلا: " لعل مجرد الاحتمال وظهور
خلاف في موضع لا يوجب رفع اليد عن القاعدة المزبورة ".
(المحقق)
20

الامامي (1) كما أشير إليه فهو معتبر في مقام اعتباره وعدم اعتباره على
ما سيجئ في ابان بن عثمان وغيره بناء على جعله شهادة أو رواية ولم
يجعل منشأ قبولها الظن ولم يعتبر الموثقة وفيها تأمل
واما تعديله فلو جعل من مرجحات قبول الرواية فلا اشكال بل
يحصل منه ما هو في غاية القوة واما لو جعل من دلائل العدالة فلا يخلو من
اشكال ولو على رأى من جعل التعديل من باب الظنون أو الرواية
وعمل بالموثقة لعدم ظهور ارادته العدل الامامي أو في مذهبه أو الأعم
أو مجرد الوثوق بقوله ولم يظهر اشتراطه العدالة في قبول الرواية إلا أن
يقال: إذا كان الامامي المعروف مثل العياشي الجليل يسأله عن حال
راو فيجيبه بأنه ثقة على الاطلاق مضافا إلى ما يظهر من رويته من التعرض
للوقف والناووسية وغيرهما في مقام جوابه أو افادته له وأيضا ربما
يظهر من اكثاره ذلك أنه كان يرى التعرض لأمثال ذلك في المقام وكذا
فإنه ربما يظهر من ذلك إرادة العدل الامامي مضافا إلى أنه لعل الظاهر
مشاركة أمثاله مع الامامية في اشتراط العدالة وانه ربما يظهر من الخارج
كون الراوي من الامامية فيبعد خفاء حاله على جميعهم بل وعليه أيضا
فيكون تعديله بالعدالة في مذهبنا كما لا يخفى فلو ظهر من الخارج خلافه
فلعل حاله حال توثيق الامامي وأيضا بعد ظهور المشاركة احدى العدالتين
مستفادة فلا يقصر عن الموثق فتأمل فان المقام يحتاج إلى التأمل التام
وأشكل من ذلك ما إذا كان الجارح الامامي والمعدل غيره، وأما العكس

(1) لكونه من اهل الخبرة هكذا علق المولى الرازي الطهراني بخطه - على
هذا الموضع.
(المحقق)
21

فحاله ظاهر سواء قلنا بان التعديل من باب الشهادة أو الظنون هذا
واعلم أن الظاهر والمشهور ان قولهم: (ثقة ثقة) تكرر اللفظ (1)

(1) قال ابن داود الحلي في كتاب رجاله (ص 382) طبع طهران سنة
1383 ه‍: " ذكر جماعة قال (النجاشي) في كل منهم: " ثقة ثقة " مرتين " ثم
عد أسماءهم على ترتيب حروف الهجاء، وهم كما يلي:
إبراهيم بن مهزم الأسدي أحمد بن اليسع بن عبد الله القمي أحمد بن داود
ابن علي القمي إسحاق بن جندب أبو إسماعيل الفرائضي أبو خديجة سالم بن
مكرم أبو يحيى الجرجاني داود بن سعيد الفزاري، جارود بن المنذر، الحارث
ابن المغيرة النصري، حبيب المعلل الخثعمي، الحسين بن اسكيب، (الحسين بن
المغيرة البجلي أبو محمد) حميد بن المثنى أبو المغراء العجلي، داود بن أسد بن عفير
ابن الأحوص المصري، داو بن فرقد مولى آل أبي السمال سماعة بن مهران بن
عبد الرحمان الحضرمي سهل بن اليسع بن عبد الله بن سعد الأشعري صفوان بن
يحيى أبو محمد البجلي بيان السابري الكوفي الضحاك أبو مالك الحضرمي الكوفي
عبد الله بن أبي يعفور بالفاء والراء - عبد الله بن المغيرة عبد الله بن غالب الشاعر
عبيد بن زرارة بن أعين الشيباني عبد الله بن محمد الأسدي، عبد الله بن محمد بن
الحصين الحصيني الأهوازي، عبد الرحمن بن أبي نجران واسمه عمرو بن مسلم التميمي
عبد الرحمن بن الحجاج بياع السابري، عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم البجلي
أبو محمد بن عبد الصمد بن بشير العرامي علي بن خالد الأسدي أبو الحسن الفضل
ابن عثمان المرادي محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد نزيل قم محمد بن العباس
ابن علي بن مروان بن الماهيار أبو عبد الله البزاز المعروف بابن الجحام موسى بن
القاسم بن معاوية بن وهب البجلي أبو عبد الله يحيى بن عمران بن علي بن أبي شعبة
الحلبي - رحمهم الله تعالى أجمعين - وعدتهم أربعة وثلاثون رجلا وقد ذكرناهم
في أبوابهم ".
ثم قال ابن داود (ص 383): " أقول وقد ذكر ابن الغضائري في كتابه
خمسة رجال زيادة على ما قاله النجاشي كل منهم (ثقة ثقة) مرتين وهم علي بن
حسان الواسطي محمد بن قيس أبو نصر الأسدي (محمد بن الحسن بن الوليد
أبو جعفر) محمد بن محمد بن رباط هشام بن سالم الجواليقي ".
هذا ما ذكره ابن داود في كتاب رجاله ولكن عده الحسين بن المغيرة البجلي
ابا محمد في عدادهم كأنه وقع سهوا من ابن داود أو من الطابع، لان الحسين بن
المغيرة البجلي هذا - لم يترجم له النجاشي في كتاب رجاله كما أن ابن داود
- نفسه - لم يترجم له في كتاب رجاله أصلا واحتمال انه الحسين بن أحمد بن المغيرة
أبو عبد الله البوشنجي العراقي الذي ترجم له النجاشي وتبعه ابن داود لا وجه له
مضافا إلى أنه لم يوثقه الا مرة واحدة فما ذكره ابن داود من قوله: " وقد ذكرناهم
في أبوابهم " كأنه وقع سهوا منه كما أن ما ذكره عن ابن الغضائري من ذكره
محمد بن الحسن بن الوليد ابا جعفر وجعله زيادة على ما ذكره النجاشي كأنه وقع
سهوا من ابن داود فإنه نفسه - عده فيما ذكره النجاشي بعنوان محمد بن الحسن
ابن أحمد بن الوليد وهو عين ما ذكره عن ابن الغضائري سوى انه لم يذكر اسم
جده الأدنى (احمد) ونسبه إلى جده الأعلى (ابن الوليد) وذلك متعارف لدى أرباب
المعاجم فلاحظ ذلك.
22

تأكيدا وربما قيل: إن الثاني بالنون موضع الثاء (1).
(ومنها) قولهم ممدوح والبحث فيه من وجوه:

(1) علق - هنا - المولى الرازي الطهراني بخطه بما نصه: " قال في القاموس
في مادة (نقى): (وثقه نقة اتباع) ويقوى هذا الاحتمال عدم وقع تكرير لفظ
في مقام الجرح والتعديل للتأكيد واحتمال الاختصاص بلفظ الثقة بعيد جدا.
(المحقق)
23

(الأول) المدح في نفسه يجامع صحة العقيدة وفسادها، والأول
يسمى حديثه حسنا والثاني قويا وإذا لم يظهر صحتها ولا فسادها فهو
أيضا من القوى لكن نراهم بمجرد ورود المدح يعدونه حسنا ولعله
لان إظهار المدح مع عدم إظهار القدح ولا تأمل منهم ظاهر في كونه
اماميا مضافا إلى أن ديدنهم التعرض للفساد على قياس ما ذكر في التوثيق
ففي مقام التعارض يكون قويا مطلقا أو إذا انعدم المرجحات على قياس
ما مر والأولى في صورة عدم التعارض أيضا ملاحظة خصوص المدح
بعد ملاحظة ما في المقام ثم البناء على الظن الحاصل عند ذلك ومن التأمل
فيما ذكر في التوثيق وما ذكر هنا يظهر حال مدح علي بن الحسن بن فضال
وأمثاله وكذا المعارضة بين مدحه وقدح الامامي وعكسه وغير ذلك.
(الثاني) المدح منه ماله دخل في قوة السند وصدق القول مثل
(صالح) و (خير) ومنه مالا دخل له في السند بل في المتن مثل
(فهم) و (حافظ) ومنه مالا دخل له فيهما مثل (شاعر) و (قارئ)
ومنشأ صيرورة الحديث حسنا أو قويا هو الأول واما الثاني فمعتبر في
مقام الترجيح والتقوية بعد ما صار الحديث صحيحا أو حسنا أو قويا واما
الثالث فلا اعتبار له لاجل الحديث نعم ربما يضم إلى التوثيق وذكر
أسباب الحسن والقوة إظهارا لزيادة الكمال فهو من المكملات وقس
على المدح حال الذم هذا وقولهم: " أديب، أو عارف باللغة أو للنحو
وأمثالهما هل هو من الأول أم الثاني أم الثالث (1) الظاهر أنه لا يقصر عن الثاني

(1) علق هنا المولى على الرازي الطهراني رحمه الله بخطه بما هذا
نصه احتمال كون الأول من الأول وجيه ان أريد التأدب بالآداب الشرعية
بل لعله يشعر بالوثاقة حينئذ واما الثاني فالحاقه به لم أر له وجها ولا إشعار
بكونه مرجعا متحرزا عن الكذب فيهما واما وجه إلحاقهما بالثاني فلأن الأدب
والمعرفة باللغة والنحو له مدخلية تامة في صون المتن عن الخطأ سواء قلنا بتغايرهما
لكون ظاهر الأدب غير النحو واللغة أو كان ذلك من قبيل ذكر الخاص بعد
العام وقوله: " مع احتمال كونه من الأول " كأنه تكرار لقوله: " هل هو من
الأول ".
24

مع احتمال كونه من الأول ولعل مثل القارئ أيضا كذلك فتأمل (1)
(الثالث) المدح هل هو من باب الرواية أو الظنون الاجتهادية
أو الشهادة على قياس ما مر في التوثيق والبناء هنا على ملاحظة خصوص
الموضع وما يظهر منه أولى ووجهه ظاهر، وكذا الثمرة.
(الرابع) المدح يجامع القدح بغير فساد المذهب أيضا لعدم المنافاة
بين كونه ممدوحا من جهة ومقدوحا من أخرى ولو اتفق القدح المتنافى
فحاله يظهر مما ذكر في التعارض، ومع تحقق غير المتنافى فاما ان يكونا
مما له دخل في السند أو مما له دخل في المتن أو المدح من الأول والقدح
من الثاني أو بالعكس والأول لو تحقق بان ذكر له وصفان لا يبعد
اجتماعهما من ملاحظة أحدهما يحصل قوة لصدقه ومن الآخر وهن لا اعتبار
له في الحسن والقوة.
نعم لو كان المدح هاهنا في جنب قدحه بحيث يحصل قوة معتد

(1) وجه الحاقه بالأول ان القارئ لعله ظاهر في كونه مرجعا في علم القراءة
مركونا إليه فيه نظير مشايخ الإجازة فربما يكون مشعرا بالوثاقة ومن هنا ظهر
وجه الالحاق بالثاني ولعل وجه التأمل لدفع ما يرد من منافاة هذا لما جزم به أولا
من عدم اعتبار شاعر وقارئ لاجل الحديث بان منشأ الجزم الظهور وهو
لا ينافي الاحتمال.
(المحقق)
25

بها فالظاهر الاعتبار وقس على ذلك حال الثاني مثل أن يكون جيد
الفهم ردى الحافظة واما الثالث مثل أن يكون صالحا سئ الفهم
أو الحافظة فلعله معتبر في المقام وانه كما لا يعد ضررا بالنسبة إلى الثقات
والموثقين فكذا هنا مع تأمل فيه إذ لعل عدم الضرر هناك من نفى
التثبت أو من الاجماع على قبول خبر العادل والمناط في المقام لعله الظن
فيكون الامر دائرا معه على قياس ما سبق واما الرابع فغير معتبر في
المقام والبناء على عدم القدح وعد الحديث حسنا أو قويا بسبب عدم وجدانه
كما مر مضافا إلى أصل العدم.
(الخامس) مراتب المدح متفاوتة وليس أي قدر يكون معتبرا
في المقام بل القدر المعتد به في الجملة وسيشير إلى الشهيد في خالد بن
جرير وغيره وربما يحصل الاعتداد من اجتماع المتعدد، ويتفاوت العدد
والكثرة بتفاوت القوة كما أن المدائح في أنفسها متفاوتة فيها فليلاحظ
التفاوت وليعتبر في مقام التقوية والترجيح.
(ومنها) قولهم: ثقة في الحديث والمتعارف المشهور انه تعديل
وتوثيق للراوي نفسه ولعل منشأه الاتفاق على ثبوت العدالة وانه يذكر
لاجل الاعتماد على قياس ما ذكر في التوثيق وان الشيخ الواحد ربما يحكم
على واحد بأنه ثقة وفى موضع اخر بأنه ثقة في الحديث مضافا إلى أنه
في الموضع الأول كان ملحوظ نظره الموضع الاخر كما سيجئ في احمد
ابن إبراهيم بن أحمد فتأمل وربما قيل بالفرق بين الثقة في الحديث
والثقة وليس ببالي القائل ويمكن ان يقال بعد ملاحظة اشتراطهم
العدالة ان العدالة المستفادة من الأول هي بالمعنى الأعم، وقد أشرنا
وسنشير أيضا ان التي وقع الاتفاق على اشتراطها هي بالمعنى الأعم، ووجه
الاستفادة اشعار العبارة وكثير من التراجم مثل ترجمة أحمد بن أبي بشير
26

وأحمد بن الحسن وابيه الحسن بن علي بن فضال والحسين بن أبي
سعيد والحسين بن أحمد بن المغيرة وعلي بن الحسن الطاطري وعمار
ابن موسى وغير ذلك الا ان المحقق نقل عن الشيخ رحمه الله أنه قال
يكفى في الراوي أن يكون ثقة متحرزا عن الكذب في الرواية
وان كان فاسقا بجوارحه الخ فتأمل ومر في اخر الفائدة الأولى
ما ينبغي ان يلاحظ.
(منها) قولهم صحيح الحديث عند القدماء هو ما وثقوا بكونه
من المعصوم عليه السلام أعم من أن يكون منشأ وثوقهم كون الراوي
من الثقات أو امارات اخر ويكونوا قطعوا بصدوره عنه عليه السلام
أو يظنون ولعل اشتراط العدالة على حسب ما أشرنا إليه لاجل اخذ
الرواية عن الراوي من دون حاجة إلى التثبت وتحصيل امارات تورثهم
وثوقا اعتدوا به كما أن عند المتأخرين أيضا كذلك كما مر فتأمل.
وما قيل: من أن الصحيح عندهم قطعي الصدور قد بينا فساده في
الرسالة ثم إن بين صحيحهم والمعمول به عندهم لعله عموم من وجه لان
ما وثقوا بكونه عن المعصوم عليه السلام الموافق للتقية صحيح غير معمول
به عندهم وببالي التصريح بذلك في أواخر فروع الكافي وما رواه
العامة عن أمير المؤمنين عليه السلام مثلا لعله غير صحيح عندهم ويكون
معمولا به كذلك لما نقل عن الشيخ أنه قال في (عدته) ما مضمونه
هذا (رواية المخالفين في المذهب عن الأئمة عليهم السلام - ان عارضها
رواية الموثوق به وجب طرحها وان وافقتها وجب العمل بها وإن لم
يكن ما يوافقها ولا ما يخالفها ولا يعرف لهم قول فيها وجب أيضا العمل
بها لما روى عن الصادق عليه السلام (إذا نزلت بكم حادثة
لا تجدون حكمها فيما رووا عنا فانظروا ما رووه عن علي - عليه السلام -
27

فاعملوا به) ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث
ابن كلوب ونوح بن دراج والسكوني وغيرهم من العامة عن
أئمتنا ولم ينكروه ولم يكن عندهم خلاف انتهى (1) فتأمل.
وما ذكر غير ظاهر عن كل القدماء واما المتأخرون فإنهم أيضا
بين صحيحهم والمعمول به عندهم العموم من وجه وهو ظاهر وبين صحيحهم
وصحيح القدماء العموم المطلق وقد أثبتناه في الرسالة ولعل منشأهم
قصر اصطلاحهم في الصحة فيما رواه الثقات صيرورة الأحاديث ظنية وانعدام
الامارات التي تقتضي العمل بها بعنوان الضابطة ومثل الحسن والموثقية
واجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه وغير ذلك وان صار ضابطة
عند البعض مطلقا أو في بعض رأيه إلا أن ذلك البعض لم يصطلح اطلاق
الصحيح عليه وان كان يطلق عليه في بعض الأوقات بل لعل الجميع
أيضا يطلقون كذلك كما سنشير إليه في ابان بن عثمان حذرا من الاختلاط
ولشدة اهتمامهم في مضبوطية قواعدهم ولئلا يقع تلبيس وتدليس فتأمل
(وبالجملة) لا وجه للاعتراض عليهم بتغيير الاصطلاح وتخصيصه
بعد ملاحظة ما ذكرنا وأيضا عدهم الحديث حسنا منشؤه القدماء ولا خفاء
فيه مع أن حديث الممدوح عند القدماء ليس عندهم مثل حديث الثقة
والمهمل والضعيف البتة وكذا الموثق (نعم) لم يعهد منهم انه حسن
أو موثق أو غير ذلك والمعهود من المتأخرين لو لم يكن حسنا لم يكن
فيه مشاحة البتة مع أن حسنه غير خفي ثم إن مما ذكرنا ظهر فساد
ما توهم بعض من أن قول مشايخ الرجال: " صحيح الحديث " تعديل
وسيجئ في الحسن بن علي بن النعمان أيضا، نعم هو مدح فتدبر.

(1) يعنى انتهى ما ذكره الشيخ الطوسي في العدة.
(المحقق)
28

(ومنها) قولهم: اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه واختلف
في بيان المراد (فالمشهور): ان المراد صحة كل ما رواه حيث تصح الرواية
إليه فلا يلاحظ ما بعده إلى المعصوم عليه السلام وان كان فيه ضعف وهذا
هو الظاهر من العبارة (وقيل) لا يفهم منه الا كونه ثقة فاعترض عليه ان
كونه ثقة امر مشترك فلا وجه لاختصاص الاجماع بالمذكورين به وهذا
الاعتراض بظاهره في غاية السخافة إذ كون الرجل ثقة لا يستلزم وقوع
الاجماع على وثاقته إلا أن يكون المراد ما أورده بعض المحققين من انه
ليس في التعبير بها لتلك الجماعة دون غيرهم ممن لا خلاف في عدالته فائدة
(وفيه) انه ان أردت عدم خلاف من المعدلين المعروفين في الرجال
(ففيه أولا) انا لم نجد من وثقه جميعهم وإن أردت عدم وجدان خلاف
منهم (ففيه) ان هذا غير ظهور الوفاق مع أن سكوتهم ربما يكون
فيه شئ فتأمل (وثانيا) ان اتفاق خصوص هؤلاء غير اجماع العصابة
وخصوصا ان مدعى هذا الاجماع (الكشي) ناقلا عن مشايخه فتدبر
هذا مع أنه لعل عند هذا القائل يكون تصحيح الحديث امرا زائدا على
التوثيق فتأمل وإن أردت اتفاق جميع العصابة فلم يوجد الا في مثل
سلمان ممن هو عدالته ضرورية لا تحتاج إلى الاظهار واما غيرهم فلا يكاد
يوجد ثقة جليل سالما عن قدح فضلا عن أن يتحقق اتفاقهم على سلامته
منه فضلا عن أن يثبت عندك فتأمل.
واعترض أيضا هذا المحقق بمنع الاجماع لان بعض هؤلاء لم يدع
أحد توثيقه بل قدح بعض في بعضهم، وبعض منهم وان ادعى توثيقه
الا انه ورد منهم قدح فيه وهذا الاعتراض أيضا فيه تأمل وسيظهر
لك وجهه.
(نعم) يرد عليه ان تصحيح القدماء حديث شخص لا يستلزم
29

توثيقه منهم لما مر الإشارة إليه نعم يمكن ان يقال: يبعد؟؟ أن لا يكون
رجل ثقة ومع ذلك اتفق جميع العصابة على تصحيح جميع ما رواه
سيما بعد ملاحظة دعوى الشيخ رحمه الله الاتفاق على اعتبار العدالة
لقبول خبرهم وان ذلك ربما يظهر من الرجال أيضا كما مر وخصوصا مع
مشاهدة ان كثيرا من الأعاظم الثقات لم يتحقق منهم الاتفاق على تصحيح
حديثه وسيجئ في عبد الله بن سنان ما يؤكد ما ذكرنا (نعم) لا يحصل
منه الظن بكونه ثقة اماميا بل بأعم منه كما لا يخفى ويشير إليه نقل
هذا الاجماع في الحسن بن علي وعثمان بن عيسى وما يظهر من عدة
الشيخ وغيره ان المعتبر العدالة بالمعنى الأعم كما ذكرنا فلا يقدح
نسبة بعضهم إلى الوقف وأمثاله نعم النسبة إلى التخليط كما وقعت في
أبى بصير يحيى الأسدي ربما تكون قادحة فتأمل.
(فان قلت) المحقق في المعتبر ضعف ابن بكير (قلت) لعله لم
يعتمد على ما نقل من الاجماع أو لم يتفطن لما ذكرنا أو لم يعتبر هذا
الظن أو غرضه من الضعف ما يشمل الموثقية واعترض على المشهور بان
الشيخ رحمه الله ربما يقدح فيما صح عن هؤلاء بالارسال الواقع بعدهم
وأيضا المناقشة في قبول مراسيل ابن أبي عمير معروفة (وفيه) ان القادح
والمناقش ربما لم يثبت عندهما الاجماع أو لم يثبت وجوب اتباعه لعدم
كونه بالمعنى المعهود بل كونه مجرد الاتفاق أو لم يفهما على وفق المشهور
ولا يضر ذلك أو لم يقنعا بمجرد ذلك والظاهر هو الأول بالنسبة إلى
الشيخ لعدم ذكره إياه في كتابه كما ذكر (الكشي) وكذلك بالنسبة
إلى (النجاشي) وأمثاله فتدبر.
بقي شئ وهو انه ربما يتوهم بعض من عبارة اجماع العصابة وثاقة
من روى عنه هؤلاء وفساده ظاهر وقد عرفت الوجه نعم يمكن
30

ان يفهم منها اعتداد ما بالنسبة إليه فتأمل.
وعندي ان رواية هؤلاء إذا صحت إليهم لا تقصر؟؟ عن أكثر الصحاح ووجهه
يظهر بالتأمل فيما ذكرنا.
(ومنها) قولهم: أسند عنه قيل معناه سمع عنه الحديث ولعل
المراد على سبيل الاستناد والاعتماد والا فكثير ممن سمع عنه ليس ممن
أسند عنه وقال جدي رحمه الله المراد روى عنه الشيوخ واعتمدوا
عليه وهو كالتوثيق ولا شك ان هذا المدح أحسن من لا بأس به
انتهى قوله رحمه الله وهو كالتوثيق لا يخلو من تأمل (نعم) ان
أراد منه التوثيق بما هو أعم من العدل الامامي فلعله لا بأس به فتأمل
لكن لعله توثيق من غير معلوم الوثاقة اما انه روى عنه الشيوخ كذلك
حتى ظهر وثاقته لبعد اتفاقهم على الاعتماد على من ليس بثقة أو بعد
اتفاق كونهم بأجمعهم غير ثقات فليس بظاهر نعم ربما يستفاد منه
مدح وقوة لكن ليس بمثابة قولهم لا بأس به بل أضعف منه لو لم
نقل بإفادته التوثيق وربما يقال بايمائه إلى عدم الوثوق ولعله ليس
كذلك فتأمل.
(ومنها) قولهم: لا بأس به أي بمذهبه أو روايته والأول
أظهر ان ذكر مطلقا وسيجئ في إبراهيم بن محمد بن فارس لا بأس
به في نفسه ولكن ببعض من روى هو عنه وربما يوهم هذا كون المطلق
قابلا للمعنيين لكن فيه تأمل، والأوفق بالعبارة والأظهر انه لا بأس به
بوجه من الوجوه ولعله لهذا قيل بإفادته التوثيق واستقر بها المصنف في
متوسطة (1) ويومئ إليه ما في تلك الترجمة، وترجمة بشار بن يسار

(1) يريد بالمتوسط رجال الوسيط المسمى تلخيص الأقوال (مخطوط)
ومصنفه الميرزا محمد الاسترآبادي المتوفى سنة 1028 ه‍ صاحب (منهج المقال)
المطبوع الذي هو متن للتعليقة - هذه - (المحقق)
31

ويؤيده قولهم: " ثقة لا بأس به " منه ما سيجئ في حفص بن سالم والمشهور
انه يفيد المدح (وقيل) بمنع افادته المدح أيضا (وفى الخلاصة) عده
من القسم الأول فعنده انه يفيد مدحا معتدا به فتأمل.
(ومنها) قولهم: من أولياء أمير المؤمنين عليه السلام وربما
جعل ذلك دليلا على العدالة وسيجئ في سليم بن قيس ولعل غيره
من الأئمة عليهم السلام أيضا كذلك فتأمل فإنه لا يخلو أصل هذا
من تأمل نعم قولهم من الأولياء ظاهر فيها فتأمل.
(ومنها) قولهم: عين ووجه (قيل) هما يفيدان التعديل ويظهر
من المصنف في ترجمة الحسن بن زياد وسنذكر عن جدي في تلك
الترجمة معناهما واستدلاله على كونهما توثيقا وربما يظهر ذلك من المحقق
الداماد أيضا في الحسين بن أبي العلا وعندي انهما يفيدان مدحا معتدا
به وأقوى من هذين قولهم: وجه من وجوه أصحابنا مثلا فتأمل.
(ومنها) قولهم: له أصل وله كتاب وله نوادر وله مصنف
اعلم أن الكتاب مستعمل في كلامهم في معناه المتعارف وهو أعم مطلقا
من الأصل والنوادر فإنه يطلق على الأصل كثيرا منها ما سيجئ في
ترجمة أحمد بن الحسين المفلس وأحمد بن محمد بن سلمة وأحمد بن
محمد بن عمار وأحمد بن ميثم وإسحاق بن جرير والحسين بن أبي
العلاء وبشار بن يسار وبشير بن سلمة والحسن بن رباط وغيرهم وربما
يطلق الكتاب في مقابل الأصل كما في ترجمة هشام بن الحكم ومعاوية بن
الحكيم وغيرهما وربما يطلق على النوادر وهو أيضا كثير منها قولهم: له
32

كتاب النوادر وسيجئ في أحمد بن الحسين بن عمر ما يدل عليه وكذا
أحمد بن المبارك وغير ذلك وربما يطلق النوادر في مقابل الكتاب كما
في ترجمة ابن أبي عمير واما المصنف فالظاهر أنه أيضا أعم منهما فإنه
يطلق على الأصل و النوادر كما يظهر من ترجمة أحمد بن ميثم ويطلق
بإزاء الأصل كما في هشام بن الحكم وديباجة (الفهرست).
واما النسبة بين الأصل والنوادر فالأصل ان النوادر غير الأصل
وربما يعد من الأصول كما يظهر في أحمد بن الحسن بن سعيد وأحمد ابن
سلمة وحريز بن عبد الله.
بقي الكلام في معرفة الأصل والنوادر نقل ابن شهرآشوب في معالمه
عن المفيد رحمه الله ان الامامية صنفوا من عهد أمير المؤمنين عليه
السلام إلى زمان العسكري عليه السلام أربعمائة كتاب تسمى الأصول "
انتهى (1)
(أقول): لا يخفى ان مصنفاتهم أزيد من الأصول فلا بد من
وجه تسمية بعضها أصولا دون البواقي (فقيل): ان الأصل ما كان
مجرد كلام المعصوم عليه السلام والكتاب ما فيه كلام مصنفه أيضا
وأيد ذلك بما ذكره الشيخ رحمه الله في زكريا بن يحيى الواسطي:
له كتاب الفضائل وله أصل وفى التأييد نظر الا ان ما ذكره لا يخلو
عن قرب وظهور واعترض بان الكتاب أعم وهذا الاعتراض سخيف
إذ الغرض بيان الفرق بين الكتاب الذي ليس بأصل ومذكور في مقابله
وبين الكتاب الذي هو أصل وبيان سبب قصر تسميتهم الأصل في
الأربعمائة واعترض أيضا بان كثيرا من الأصول فيه كلام مصنفه وكثيرا
من الكتب ليس فيه ككتاب سليم بن قيس وهذا الاعتراض كما تراه

(1) راجع معالم العلماء (ص 3) طبع النجف الأشرف سنة 1380 ه‍
33

ليس إلا مجرد دعوى مع أنه لا يخفى بعده على المطلع بأحوال الأصول
المعروفة.
نعم لو ادعى ندرة وجود كلام المصنف فيها فليس ببعيد ويمكن
أن لا يضر القائل أيضا وكون كتاب سليم بن قيس ليس من الأصول
من أين؟ إذ بملاحظة كثير من التراجم يظهر ان الأصول ما كانت بجميعها
مشخصة عند القدماء هذا ويظهر من كلام الشيخ في أحمد بن محمد
ابن نوح ان للأصول ترتيبا خاصا (وقيل) في وجه الفرق: ان الكتاب
ما كان مبوبا ومفصلا والأصل مجمع أخبار وآثار (ورد) بان كثيرا من
الأصول مبوبة.
(أقول) ويقرب في نظري ان الأصل هو الكتاب الذي جمع فيه
مصنفه الأحاديث التي رواها عن المعصوم عليه السلام أو عن الراوي
والكتاب والمصنف لو كان فيهما حديث معتمد معتبر لكان مأخوذا من
الأصل غالبا وانما قيدنا بالغالب لأنه ربما كان بعض الروايات وقليلها
يصل معنعنا ولا يؤخذ من أصل وبوجود مثل هذا فيه لا يصير أصلا
فتدبر واما النوادر فالظاهر أنه ما اجتمع فيه أحاديث لا تضبط في باب
لقلته بان يكون واحدا أو متعددا لكن يكون قليلا جدا ومن هذا
قولهم في الكتب المتداولة نوادر الصلاة نوادر الزكاة وأمثال ذلك
وربما يطلق النادر على الشاذ ومن هذا قول المفيد في رسالته في الرد على
الصدوق في أن شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من النقص: ان
النوادر هي التي لا عمل عليها مشيرا إلى رواية حذيفة والشيخ في (التهذيب)
قال: لا يصح العمل بحديث حذيفة لان متنها لا يوجد في شئ من الأصول
المصنفة بل هو موجود في الشواذ من الاخبار والمراد من الشاذ عند
اهل الدراية ما رواه الراوي الثقة مخالفا لما رواه الأكثر وهو مقابل المشهور
34

والشاذ مردود مطلقا عند بعض مقبول كذلك عند اخر ومنهم من
فصل بان المخالف له ان كان احفظ وأضبط واعدل فمردود وان انعكس
فلا يرد لان في كل منهما صفة راجحة ومرجوحة فيتعارضان ونقل
عن بعض ان النادر ما قل روايته وندر العمل به وادعى انه الظاهر من
كلام الأصحاب ولا يخلو من تأمل.
ثم اعلم أنه عند خالي بل وجدي أيضا على ما هو ببالي ان كون
الرجل ذا أصل من أسباب الحسن وعندي فيه تأمل لان كثيرا من مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة وان كانت كتبهم
معتمدة على ما صرح به في أول (الفهرست) وأيضا الحسن بن صالح بن
حي بتري متروك العمل بما يختص بروايته على ما صرح به في (التهذيب)
مع أنه صاحب الأصل وكذلك علي بن أبي حمزة البطائني مع أنه ذكر
فيه ما ذكر إلى غير ذلك وقد بسطنا الكلام في المقام في الرسالة نعم
المفيد رحمه الله في مقام مدح جماعة في رسالته في الرد على الصدوق
قال: " وهم أصحاب الأصول المدونة لكن استفادة الحسن من هذا
لا يخلو من تأمل سيما بعد ملاحظة ما ذكرنا فتأمل مع أن في جملة
تلك الجماعة ابا الجارود وعمار الساباطي وسماعة ثم إنه ظاهر ان
أضعف من ذلك كون الرجل ذا كتاب من أسباب الحسن قال في (المعراج):
كون الرجل ذا كتاب لا يخرجه عن الجهالة الا عند بعض من لا يعتد
به (1) هذا والظاهر أن كون الرجل صاحب أصل يفيد حسنا لا الحسن

(1) راجع: المعراج (مخطوط) للشيخ أبى الحسن سليمان بن عبد الله بن علي
ابن الحسن بن أحمد بن يوسف بن عمار البحراني الستري الماحوزي المولود ليلة
النصف من شهر رمضان سنة 1075 ه‍ والمتوفى (17) شهر رجب سنة 1121 ه‍
و (المعراج) هذا هو شرح لفهرست الشيخ الطوسي الا انه لم يتم وقد خرج
منه باب الألف والباء والتاء وتجد ترجمة للشيخ سليمان هذا في (أنوار البدرين)
في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين تأليف الشيخ على ابن الشيخ حسن
البلادي البحراني المتوفى سنة 1340 ه‍ راجع (ص 150) برقم (69) طبع النجف
الأشرف سنة 1380 ه‍
(المحقق)
35

الاصطلاحي وكذا كونه كثير التصنيف وكذا جيد التصنيف وأمثال
ذلك بل كونه ذا كتاب أيضا يشير إلى حسن ما ولعل ذلك مرادهم
مما ذكروا وسيجئ عن (البلغة) في الحسن بن أيوب ان كون الرجل
صاحب الأصل يستفاد منه مدح انتهى (1) فلاحظ وتأمل
(ومنها) قولهم: مضطلع بالرواية أي قوى أو عال لها ومالك
ولا يخفى افادته المدح.
(ومنها) قولهم: سليم الجنبة (قيل) معناه سليم الأحاديث وسليم
الطريقة.
(ومنها) قولهم: خاصي وقد اخذه خالي رحمه الله مدحا
ولعله لا يخلو من تأمل لاحتمال إرادة كونه من الشيعة في مقابل قولهم:
عامي لا انه من خواصهم وكون المراد من العامي ما هو في مقابل
الخواص لعله بعيد فتأمل.
(ومنها) قولهم: قريب الامر، وقد اخذه اهل الدراية مدحا
ويحتاج إلى التأمل.

(1) راجع: بلغة المحدثين في الرجال على حذو الوجيزة للمجلسي الثاني صاحب
البحار (مخطوط) تأليف الشيخ سليمان البحراني المذكور وقد بلغ فيها إلى
أواخر الألف ذكر في أولها فوائد وقواعد لعلم الرجال مفيدة.
(المحقق)
36

(ومنها) قولهم: ضعيف ونرى الأكثر يفهمون منه القدح في
نفس الرجل ويحكمون به بسببه ولا يخلو من ضعف لما سنذكر في
داود بن كثير وسهل بن زياد وأحمد بن محمد بن خالد وغيرهم
وفى إبراهيم بن يزيد جعل كثرة الارسال ذما وقدحا وفى جعفر بن محمد
ابن مالك الرواية عن الضعفاء والمجاهيل من عيوب الضعفاء وفى محمد بن
الحسن بن عبد الله روى عند البلوى والبلوى رجل ضعيف إلى قوله مما يضعفه
وفى جابر روى عنه جماعة غمزوا فيهم (آه) إلى غير ذلك ومثل ما في
ترجمة محمد بن عبد الله ابن الجعفري والمعلى بن خنيس وعبد الكريم بن
عمر والحسن بن راشد وغيرهم فتأمل.
(وبالجملة) كما أن تصحيحهم غير مقصور على العدالة فكذا
تضعيفهم غير مقصور على الفسق وهذا غير خفى على من تتبع وتأمل
وقال جدي رحمه الله: " نراهم يطلقون الضعيف على من يروى
عن الضعفاء ويرسل الاخبار انتهى.
ولعل من أسباب الضعف عندهم قلة الحافظة وسوء الضبط والرواية
من غير إجازة والرواية عمن لم يلقه واضطراب ألفاظ الرواية وايراد
الرواية التي ظاهرها الغلو أو التفويض أو الجبر أو التشبيه وغير ذلك
كما هو في كتبنا المعتبرة بل هي مشحونة منها كالقرآن مع أن عادة
المصنفين ايرادهم جميع ما رووه كما يظهر من طريقتهم مضافا إلى
ما ذكره في أول (الفقيه) وغيره وكذا من أسبابه رواية فاسدي العقيدة
عنه وعكسه بل وربما كان مثل الرواية بالمعنى ونظائره سببا (وبالجملة)
أسباب قدح القدماء كثيرة وسنشير إلى بعضها وغير خفى ان أمثال
ما ذكر ليس منافيا للعدالة وسيجئ في ذكر الطيارة والمفوضة والواقفة
ما يزيد ويؤكد ويؤيد وكذا في ترجمة إبراهيم بن عمر وفى ذكر مضطرب
37

الحديث وغيره.
ثم اعلم أنه فرق بين ظاهر بين قولهم: ضعيف وقولهم: ضعيف
في الحديث فالحكم بالقدح منه أضعف وسيجئ في سهل بن زياد
وقال جدي رحمه الله الغالب في اطلاقاتهم انه ضعيف في الحديث
أي يروى عن كل أحد انتهى فتأمل.
(ومنها) قولهم: كان من اهل الطيارة ومن اهل الارتفاع وأمثالهما
والمراد انه كان غاليا (اعلم) ان الظاهر أن كثيرا من القدماء سيما القيمين
منهم (والغضائري) كانوا يعتقدون للائمة عليهم السلام منزلة خاصة
من الرفعة والجلالة ومرتبة معينة من العصمة والكمال بحسب اجتهادهم
ورأيهم وما كانوا يجوزون التعدي عنها وكانوا يعدون التعدي ارتفاعا
وغلوا حسب معتقدهم حتى أنهم جعلوا مثل نفى السهو عنهم غلوا بل
ربما جعلوا مطلق التفويض إليهم أو التفويض الذي اختلف فيه كما
سنذكر أو المبالغة في معجزاتهم ونقل العجائب من خوارق العادات
عنهم أو الاغراق في شانهم واجلالهم وتنزيههم عن كثير من النقائص
واظهار كثير قدرة لهم وذكر علمهم بمكنونات السماء والأرض ارتفاعا
أو مورثا للتهمة به سيما بجهة ان الغلاة كانوا مختفين في الشيعة مخلوطين بهم
مدلسين (وبالجملة) الظاهر أن القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية
أيضا فربما كان شئ عند بعضهم فاسدا أو كفرا غلوا أو تفويضا
أو جبرا أو تشبيها أو غير ذلك وكان عند اخر مما يجب اعتقاده أولا
هذا ولا ذاك وربما كان منشأ جرحهم بالأمور المذكورة وجدان الرواية
الظاهرة فيها منهم كما أشرنا آنفا وادعاه أرباب المذاهب كونه منهم
أو روايتهم عنه وربما كان المنشأ روايتهم المناكير عنه إلى غير ذلك
فعلى هذا ربما يحصل التأمل في جرحهم بأمثال الأمور المذكورة ومما ينبه
38

على ما ذكرنا ملاحظة ما سيذكر في تراجم كثيرة مثل ترجمة إبراهيم بن
هاشم وأحمد بن محمد بن نوح وأحمد بن محمد بن أبي نصر ومحمد
ابن جعفر بن عوف وهشام بن الحكم والحسين بن شاذويه والحسين
ابن يزيد وسهل بن زياد وداود بن كثير ومحمد بن أورمة ونصر بن
الصباح وإبراهيم بن عمر وداوود بن القاسم ومحمد بن عيسى بن
عبيد ومحمد بن سنان ومحمد بن علي الصيرفي ومفضل بن عمر
وصالح بن عقبة ومعلى بن خنيس وجعفر بن محمد بن مالك وإسحاق
ابن محمد البصري وإسحاق بن الحسن وجعفر بن عيسى ويونس
ابن عبد الرحمن وعبد الكريم بن عمر وغير ذلك وسيجئ في
إبراهيم بن عمر وغيره ضعف تضعيفات الغضائري فلاحظ وفى إبراهيم
ابن إسحاق وسهل بن زياد ضعف تضعيف أحمد بن محمد بن عيسى
مضافا إلى غيرهما من التراجم فتأمل.
ثم اعلم أنه والغضائري ربما ينسبان الراوي إلى الكذب ووضع الحديث
أيضا بعد ما نسباه إلى الغلو وكأنه لروايته ما يدل عليه ولا يخفى ما فيه
وربما كان غيرهما أيضا كذلك فتأمل.
(ومنها) رميهم إلى التفويض وللتفويض معان بعضها لا تأمل للشيعة
في فساده وبعضها لا تأمل لهم في صحته وبعضها ليس من قبيلهما والفساد
كفرا كان أولا ظاهر الكفرية أولا ونحن نشير إليها مجملا.
(الأول) سيجئ ذكره في آخر الكتاب عند ذكر الفرق.
(الثاني) تفويض الخلق والرزق إليهم ولعله يرجع إلى الأول وورد
فساده عن الصادق والرضا - عليهما السلام -.
(الثالث) تفويض تقسيم الارزاق ولعله مما يطلق عليه.
(الرابع) تفويض الاحكام والأفعال بان يثبت ما رآه حسنا ويرد
39

رآه قبيحا فيجيز الله اثباته ورده مثل اطعام الجد السدس وإضافة
ركعتين في الرباعيات والواحدة في المغرب والنوافل أربعا وثلاثين سنة
وتحريم كل مسكر عند تحريم الخمر إلى غير ذلك وهذا محل اشكال
عندهم لمنافاته ظاهر (وما ينطق عن الهوى) وغير ذلك لكن الكليني
رحمه الله قائل به والاخبار الكثيرة واردة فيه ووجه بأنها ثبتت
من الوحي الا ان الوحي تابع ومجيز فتأمل.
(الخامس) تفويض الإرادة بان يريد شيئا لحسنه ولا يريد شيئا
لقبحه كإرادته تغير القبلة فأوحى الله تعالى إليه بما أراد.
(السادس) تفويض القول بما هو اصلح له وللخلق وان كان الحكم
الأصلي خلافه كما في صورة التقية.
(السابع) تفويض امر الخلق بمعنى انه واجب عليهم طاعته في كل
ما يأمر وينهى سواء علموا وجه الصحة أولا بل ولو كان بحسب ظاهر
نظرهم عدم الصحة بل الواجب عليهم القبول على وجه التسليم وبعد
الإحاطة بما ذكر هنا وما ذكر سابقا عليه يظهر ان القدح بمجرد رميهم
إلى التفويض أيضا لعله لا يخلو عن اشكال وسيجئ في محمد بن
سنان ما يشير إليه بخصوصه فتأمل.
(ومنها) رميهم إلى الوقف اعلم أن الواقفة هم الذين وقفوا على
الكاظم عليه السلام كما سيجئ في اخر الكتاب عند ذكر الفرق وربما
يقال لهم الممطورة أيضا أي الكلاب المبتلة من المطر كما هو الظاهر
ووجه الاطلاق ظاهر وربما يطلق الوقف على من وقف على غير الكاظم
عليه السلام من الأئمة وسنشير إليه في يحيى بن القاسم لكن الاطلاق
ينصرف إلى من وقف على الكاظم عليه السلام ولا ينصرف إلى غيرهم
الا بالقرينة ولعل من جملتها عدم دركه للكاظم عليه السلام وموته
40

قبله أو في زمانه عليه السلام مثل سماعة بن مهران وعلي بن حيان
ويحيى بن القاسم لكن سيجئ عن المصنف في يحيى بن القاسم جواز
الوقف قبله عليه السلام وحصوله في زمانه وقال جدي رحمه الله
الواقفة صنفان صنف منهم وقفوا عليه في زمانه بان اعتقدوا كونه
قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لشبهة حصلت لهم مما
ورد عنه وعن أبيه صلوات الله عليهما انه صاحب الامر ولم يفهموا
ان كل واحد منهم صاحب الامر يعنى امر الإمامة ومنهم سماعة بن
مهران لما نقل انه مات في زمانه صلوات الله عليه وغير معلوم كفر
هذا الشخص لأنه عرف امام زمانه ولم يجب عليه معرفة الامام الذي بعده
نعم لو سمع ان الامام بعده فلان ولم يعتقد صار كافرا انتهى.
ويشير إلى ما ذكره ان الشيعة من فرط حبهم دولة الأئمة صلوات
الله عليهم وشدة تمنيهم إياها وبسبب الشدائد والمحن التي كانت عليهم
وعلى أئمتهم صلوات الله عليهم من القتل والخوف وسائر الأذيات
وكذا من بغضهم أعداءهم الذين كانوا يرون الدولة وبسط اليد والتسلط
وسائر نعم الدنيا عندهم إلى غير ذلك كانوا دائما مشتاقين إلى دولة
قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي يملأ الدنيا قسطا مسلين
أنفسهم بظهوره متوقعين لوقوعه عن قريب وهم عليهم السلام
كانوا يسلون خاطرهم حتى قيل: إن الشيعة تربى بالأماني ومما دل
على ذلك ما سنذكر في ترجمة يقطين فلاحظ ومن ذلك انهم كانوا كثيرا
ما يسألونهم عن قائمهم فربما قال واحد منهم صلوات الله عليهم -:
فلان يعنى الذي بعد وما كان يظهر مراده من القائم مصلحة لهم وتسلية
لخواطرهم سيما بالنسبة إلى من علم عدم بقائه إلى ما بعد زمانه كما وقع من الباقر
- عليه السلام - بالنسبة إلى جابر في الصادق عليه السلام كما سنذكره
41

في ترجمة عنبسة وربما كانوا يشيرون إلى مرادهم وهم من فرط ميل
قلوبهم وزيادة حرصهم ربما كانوا لا يتفطنون ولعل عنبسة وبعضا آخر
كانوا كذلك ومما يشير إلى ما ذكره أيضا التأمل فيما سيذكر في ترجمة
أبى جرير القمي وإبراهيم بن موسى بن جعفر وغيرهما ومر في الفائدة
الأولى ما ينبه على ذلك فتأمل.
هذا ولكن سنذكر في ترجمة سماعة ويحيى بن القاسم وغيرهما انهم
رووا ان الأئمة عليهم السلام اثنا عشر ولعل هذا لا يلايم ما ذكره
رحمه الله - ويمكن أن يكون نسبة الوقف إلى أمثالهم من أن الواقفة
تدعى كونه منهم إذ أكثروا من الرواية عنه كما قلنا في قولهم: ضعيف
وسيجئ في عبد الكريم بن عمرو واما من روايتهم عنه ما يتضمن الوقف
لعدم فهمهم روايته كما سيجئ في سماعة وأمثال ذلك وكيف كان
فالحكم بالقدح بمجرد رميهم إلى الوقف بالنسبة إلى الجماعة الذين لم
يبقوا إلى ما بعد زمان الكاظم عليه السلام ومن روى ان الأئمة عليهم
السلام - اثنا عشر لا يخلو من اشكال وكذا بالنسبة إلى من روى عن
الرضا عليه السلام ومن بعده لما سنذكر في إبراهيم بن عبد الحميد
انهم ما كانوا يروون عنهم عليهم السلام إلى غير ذلك من أمثال ما ذكر
فتأمل.
ومما ذكرنا ظهر أن الناووسية أيضا حالهم حال الواقفة وسيجئ
ذلك في الجملة عن المصنف في ابان بن عثمان ولعل مثل الفطحية أيضا
كان كذلك لما مر في الفائدة الأولى - وبالجملة - لابد في مقام القدح
من أن يتفطن بأمثال ما ذكر ويتأمل سيما بعد ملاحظة ما أشرنا في
ذكر الطيارة.
ثم اعلم أنهم ربما يقولون واقفي لم يدرك ابا الحسن - عليه السلام -
42

كما سيجئ في علي بن الحسان ومثل هذا يحتمل عدم بقائه إلى زمانه
كما بالنسبة إلى سماعة ومن ماثله وعدم جوده كبيرا في زمانه حتى يصل
إلى خدمته بل كان كذلك بعده كما سيجئ في حنان بن سدير ومجرد
عدم ملاقاته على بعد فلا بد من ملاحظة الطبقة وغيرها مما يعين بل
لعل الاحتمال الثاني أقرب فالمراد في علي بن الحسان هذا الاحتمال على
أي تقدير فتأمل.
(ومنها) قولهم ليس بذاك وقد اخذه خالي رحمه الله - ذما
ولا يخلو من تأمل لاحتمال ان يراد انه ليس بحيث يوثق به وثوقا تاما
وان كان فيه نوع وثوق من قبيل قولهم ليس بذاك الثقة ولعل هذا
هو الظاهر فيشعر على نوع مدح فتأمل.
(ومنها) قولهم مضطرب الحديث ومختلط الحديث وليس بنقي
الحديث ويعرف حديثه وينكر وغمز عليه في حديثه أو في بعض
حديثه وليس حديثه بذاك النقى وهذه وأمثالها ليست بظاهرة في القدح
في العدالة لما مر في قولهم ضعيف وسيجئ في أحمد بن محمد بن خالد وأحمد ابن
عمر وغيرهما فليست من أسباب الجرح وضعف الحديث على رواية
المتأخرين نعم هي من أسباب المرجوحية معتبرة في مقامها كما أشرنا
في الفائدة الأولى.
ثم لا يخفى ان بينهما تفاوتا في المرجوحية فالأول أشد بالقياس إلى
الثاني وهكذا وعلى هذا القياس غيرهما من أسباب الذم وكذا أسباب
الرجحان فتأمل.
(ومنها) قولهم القطعي وسيجيئ معناه مع ما فيه في الحسين
ابن محمد بن الفرزدق.
(ومنها) أبو العباس الذي يذكره النجاشي بالاطلاق قيل هو
43

مشترك بين ابن نوح وبين ابن عقدة وليس كذلك بل هو ابن نوح
كما ستعرف في إبراهيم بن عمر اليماني.
(ومنها) قول العلامة في (الخلاصة) (عندي فيه توقف) وسنذكر
ما فيه في بكر بن محمد الأزدي.
(ومنها) قولهم من أصحابنا وربما يظهر من عباراتهم عدم
اختصاصه بالفرقة الناجية كما سيجيئ في عبد الله بن جبلة ومعاوية بن
حكيم وقال الشيخ في أول الفهرست: " كثير من مصنفي أصحابنا
وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة ".
(ومنها) قولهم مولى وبحسب اللغة له معان معروفة واما في
المقام فسيجيئ في إبراهيم بن أبي محمود وعن الشهيد الثاني " انه يطلق
على غير العربي الخالص وعلى المعتق وعلى الحليف والأكثر في هذا
الباب إرادة المعنى الأول " انتهى، والظاهر أنه كذلك الا انه يمكن أن يكون
المراد منه النزيل أيضا كما قال جدي رحمه الله - في مولى الجعفي
فعلى هذا لا يحمل على معنى الا بالقرينة ومع انتفائها فالراجح لعله الأول
لما ذكر.
الفائدة الثالثة
في سائر إمارات الوثاقة والمدح والقوة.
(منها) كون الرجل من مشايخ الإجازة والمتعارف عده من
أسباب الحسن وربما يظهر من جدي - رحمه الله - دلالته على الوثاقة
44

وكذا من المصنف في ترجمة الحسن بن علي بن زياد وقال المحقق البحراني (1)
" مشايخ الإجازة في أعلى درجات الوثاقة والجلالة وما ذكروه لا يخلو
عن قرب الا ان قوله: في أعلى درجاتها غير ظاهر وقال المحقق الشيخ
محمد (2) " عادة المصنفين عدم توثيق الشيوخ " وسيجيئ في ترجمة محمد
ابن إسماعيل النيشابوري عن الشهيد الثاني ان مشايخ الإجازة لا يحتاجون إلى
التنصيص على تزكيتهم وعن المعراج (3) ان التعديل بهذه الجهة طريقة
كثير من المتأخرين إلى غير ذلك فلاحظ هذا وإذا كان المستجيز
ممن يطعن على الرجال في روايتهم عن المجاهيل والضعفاء وغير الموثقين
فدلالة استجازته على الوثاقة في غاية الظهور سيما إذا كان المجيز من
المشاهير وربما يفرق بينهم وبين غير المشاهير يكون الأول من الثقات
ولعله ليس بشئ ومر في الفائدة الأولى ماله دخل في المقام.
(ومنها) كونه وكيلا للائمة عليهم السلام - وسنذكر حاله في
ترجمة إبراهيم بن سلام.
(ومنها) أن يكون ممن يترك رواية الثقة أو الجليل أو تأول
محتجا بروايته ومرجحا لها عليها وكذا لو خصص الكتاب أو المجمع

(1) المحقق البحراني هو الشيخ أبو الحسن سليمان بن عبد الله البحراني الستري
الماحوزي راجع ما ذكره في كتابه (بلغة المحدثين) في الرجال (مخطوط).
(2) الشيخ محمد - هذا - هو ابن الشيخ حسن ابن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني
العاملي راجع ما ذكره في شرحه للاستبصار للشيخ الطوسي (مخطوط)
(3) المعراج: هو للشيخ سليمان بن عبد الله البحراني الستري الماحوزي المذكور
آنفا (مخطوط).
(المحقق)
45

عليه بها كما اتفق كثيرا وكذا الحال فيما ماثل التخصيص أو الكتاب
أو الاجماع من الأدلة.
(ومنها) ان يؤتى بروايته بإزاء روايتهما أو غيرها من الأدلة فتوجه
ويجمع بينهما أو تطرح من غير جهة وهذه كالسابقة كثيرة والسابقة
أقوى منها، فتأمل.
(ومنها) كونه كثير الرواية وهو موجب للعمل بروايته مع عدم
الطعن عند الشهيد - رحمه الله - كما سنشير إليه في ترجمة الحكم بن مسكين
وسنذكر في ترجمة علي بن الحسين آبادي عن جدي ان الظاهر أنه
لكثرة الرواية عد جماعة حديثه من الحسان وقريب من ذلك في الحسن
ابن زياد الصيقل وعن خالي في ترجمة إبراهيم بن هاشم انه من
شواهد الوثاقة وعن (العلامة) فيها انه من أسباب قبول الراوية (1)
ويظهر من كثير من التراجم كونه من أسباب المدح والقوة مثل عباس
ابن عامر وعباس بن هشام وفارس بن سليمان وأحمد بن محمد بن
عمار وأحمد بن إدريس والعلا بن رزين وجبرئيل بن أحمد
والحسن بن خوزاد؟؟ والحسن بن متيل والحسين بن عبيد الله وأحمد ابن
عبد الواحد وأحمد بن محمد بن سليمان وأحمد بن محمد بن علي بن
عمر وغيرها وكذا في الفائدة التاسعة المذكورة في آخر الكتاب وأولى
منه كونه كثير السماع كما يظهر من التراجم ويذكر في أحمد بن
عبد الواحد.
(ومنها) كونه ممن يروى عنه أو عن كتابه جماعة من الأصحاب

(1) راجع الخلاصة للعلامة الحلي في ترجمة إبراهيم بن هاشم القمي في
القسم الأول منها.
(المحقق)
46

ولا يخفى كونه من إمارات الاعتماد ويظهر مما سيذكر في عبد الله بن سنان
ومحمد بن سنان وغيرهما مثل الفضل بن شاذان وغيره بل بملاحظة
اشتراطهم العدالة في الراوي على ما مر - يقوى كونه من إمارات العدالة
سيما وأن يكون الراوي عنه كلا أو بعضا ممن يطعن على الرجال في روايتهم
عن المجاهيل والضعفاء بل الظاهر من ترجمة عبد الله عن (النجاشي) انه
كذلك فتأمل.
وما في بعض التراجم مثل صالح بن الحكم من تضعيفه مع ذكره
ذلك غير عزيز ولا يضر إذ لعله ظهر ضعفه عليه من الخارج وان كان
الجماعة معتمدين عليه والتخلف في الامارات الظنية غير عزيز ولا مضر
كما مر في الفائدة الأولى فتأمل
(ومنها) روايته عن جماعة من الأصحاب وربما يومئ ترجمة
إسماعيل بن مهران وجعفر بن عبد الله رأس المذري إلى كونه من المؤبدات
(ومنها) رواية الجليل عنه وهو إمارة الجلالة والقوة وسيذكر
عن الصدوق في ترجمة أحمد بن محمد بن عيسى وسيجيئ التحقيق في
محمد بن إسماعيل البندقي ونشير إليه في ترجمة سهل بن زياد وإبراهيم
ابن هاشم وغيرهما وإذا كان الجليل ممن يطعن على الرجال في الرواية
عن المجاهيل ونظائرها فربما يشير روايته عنه إلى الوثاقة
(ومنها) رواية الاجلاء عنه وفيه مضافا إلى ما سبق - انه من
إمارات الوثاقة أيضا كما لا يخفى على المطلع بروايتهم وأشرنا إلى وجهه
أيضا سيما وان يكونوا كلا أو بعضا ممن يطعن بالرواية عن المجاهيل
وأمثالها كما ذكر وإذا كان رواية جماعة من الأصحاب تشير إلى الوثاقة
- كما مر - فرواية اجلائهم بطريق أولى فتدبر.
(ومنها) رواية صفوان بن يحيى وابن أبي عمير عنه، فإنها امارة
47

الوثاقة لقول في (العدة) إنهما لا يرويان إلا عن ثقة وسيجيئ
عن المصنف في ترجمة إبراهيم بن عمر انه يؤبد؟؟ التوثيق رواية ابن أبي عمير
عنه ولو بواسطة حماد وفى ترجمة ابن أبي الأغر النخاس ان رواية ابن أبي
عمير وصفوان عنه ينبهان على نوع اعتبار واعتداد وعن المحقق
الشيخ محمد (1) قيل في مدحهما ما يشعر بالقبول في الجملة والفاضل
الخراساني في ذخيرته (2) جرى مسلكه على القبول من هذه العلة ونظير
صفوان وابن أبي عمير أحمد بن محمد بن أبي نصر لما ستعرف في
ترجمته وقريب منهم رواية علي بن الحسن الطاطري لما سيظهر في
ترجمته أيضا ومسلك الفاضل جرى على هذا أيضا.
(ومنها) رواية محمد بن إسماعيل بن ميمون أو جعفر بن بشير
عنه أو روايته عنهما فان كلا منهما امارة التوثيق لما ذكر في ترجمتهما
(ومنها) كونه ممن يروى عن الثقات فإنه مدح وامارة للاعتماد
كما هو ظاهر ويظهر من ترجمتهما وغيرها.
(ومنها) رواية علي بن الحسن بن فضال ومن ماثله عن شخص
فإنها من المرجحات لما ذكر في ترجمتهم.
(ومنها) اخذه معرفا للثقة أو الجليل مثل ان يقال في مقام

(1) الشيخ محمد - هذا - هو سبط الشهيد الثاني - رحمه الله - راجع شرحه
للاستبصار (مخطوط).
(2) الفاضل الخراساني هو المحقق المولى باقر بن محمد مؤمن السبزواري
المتوفى 1090 ه‍، صاحب (ذخيرة المعاد) في شرح الارشاد للعلامة الحلي (مطبوع)
بإيران في جزءين.
(المحقق)
48

تعريفهما إنه أخو فلان أو أبوه أو غير ذلك فإنه من المقويات وفاقا
للمحقق الشهير بالداماد على ما هو بخيالي
(ومنها) كونه ممن يكثر الرواية عنه ويفتى بها فإنه إمارة الاعتماد
عليه كما هو ظاهر وسنذكر عن المحقق رحمه الله - في ترجمة السكوني
اعترافه به وإذا كان مجرد كثرة الرواية يوجب العلم بروايته بل ومن
شواهد الوثاقة كما مر فما نحن فيه بطريق أولى وكذا رواية جماعة من
الأصحاب عنه تكون من إماراتها على ما ذكر فهنا بطريق أولى.
(ومنها) رواية الثقة عن شخص مشترك الاسم واكثاره منها، مع
عدم إتيانه؟؟ بما يميزه عن الثقة فإنه امارة الاعتماد عليه من عدم اعتنائه
سيما إذا كان الراوي ممن يطعن على الرجال بروايتهم عن المجاهيل أو كون
الرواية عنه كذلك من غير واحد من المشايخ فتدبر.
(ومنها) اعتماد شيخ على شخص وهو إمارة الاعتماد عليه كما
هو ظاهر ويظهر من (النجاشي والخلاصة) في علي بن محمد بن قتيبة
فإذا كان جمع منهم اعتمدوا عليه فهو في مرتبة معتد بها من الاعتماد وربما
يشير إلى الوثاقة سيما إذا كثر منهم الاعتماد خصوصا بعد ملاحظة ما نقل من اشتراطهم
العدالة وخصوصا إذا كانوا ممن يطعن في الرواية عن المجاهيل ونظائرها
(ومنها) اعتماد القميين عليه أو روايتهم عنه فإنه امارة الاعتماد
بل الوثاقة أيضا كما سيجيئ في إبراهيم بن هاشم سيما أحمد بن محمد
ابن عيسى منهم لما سيجيئ في إبراهيم بن إسحاق وابن الوليد لما
سيجيئ في ترجمته ويقرب من ذلك اعتماد الغضائري عليه أو روايته
عنه.
(ومنها) أن يكون رواياته كلها أو جلها مقبولة أو سديدة.
(ومنها) وقوعه في سند حديث وقع اتفاق الكل - أو الجل -
49

على صحته فإنه اخذ دليلا على الوثاقة كما سيجيئ في محمد بن إسماعيل
البندقي وأحمد بن عبد الواحد فتأمل.
(ومنها) وقوعه في سند حديث صدر الطعن فيه من غير جهته
فربما يظهر من بعض وثاقته ومن بعض مدحه وقوته ومن بعض عدم
مقدوحيته فتأمل.
(ومنها) اكثار (الكافي) وكذا (الفقيه) من الرواية عنه فإنه
أيضا اخذ دليلا على الوثاقة وسيجيئ في محمد بن إسماعيل البندقي
فتأمل.
(ومنها) قولهم معتمد الكتاب وربما جعل ذلك في مقام التوثيق
كما سنشير إليه في حفص بن غياث مع التأمل فيه.
(ومنها) قولهم بصير بالحديث والرواة فإنه من أسباب المدح
ويظهر من التراجم مثل أحمد بن علي بن العباس وأحمد بن محمد بن
الربيع وغيرهما.
(ومنها) قولهم صاحب فلان أي واحد من الأئمة - عليهم
السلام فان فيه اشعار بمدح كما يعترف به المصنف في ترجمة إدريس
ابن يزيد وغيرهما واخذه غيره - أيضا كذلك فان الظاهر أن إظهارهم ذلك
لاظهار كونه ممن يعتنى به ويعتد بشأنه وربما زعم بعض انه يزيد على
التوثيق وفيه نظر ظاهر.
(ومنها) قولهم مولى فلان أي واحد منهم - عليهم السلام
ولعل إظهار ذلك أيضا للاعتناء بشأنهم وسيجيئ في ترجمة معتب
ما يشير إلى ذم موالي الصادق عليه السلام الا ان في ترجمة مسلم مولى
الصادق عليه السلام ورد مدحه.
(ومنها) قولهم فقيه من فقهائنا وهو يفيد الجلالة بلا شبهة
50

ويشير إلى الوثاقة والبعض بل لعل الأكثر لا يعده من إماراتها إما
لعدم الدلالة عنده أو لعدم نفع مثل تلك الدلالة وكلاهما ليس بشئ
بل ربما يكون أنفع من بعض توثيقاتهم فتأمل ولاحظ ما ذكرناه في
الفائدتين وهذه الفائدة وعبارة (النجاشي) في إسماعيل بن عبد الخالق
تشير إلى ما ذكرناه فلاحظ وتأمل وقريب مما ذكر قولهم فقيه فتأمل
(ومنها) قولهم فاضل دين وسيجيئ في الحسن بن علي بن
فضال حاله.
(ومنها) قولهم أوجه من فلان أو أصدق أو أوثق ونظائرها
ويكون فلان ثقة وسيجيئ الإشارة إلى حاله في الحسين بن أبي العلا.
(ومنها) قولهم شيخ الطائفة وأمثال ذلك وإشارتها إلى الوثاقة
ظاهرة مضافا إلى الجلالة بل أولى من الوكالة وشيخية الإجازة وغيرهما
مما حكموا بشهادته على الوثاقة سيما بعد ملاحظة ان كثيرا من الطائفة ثقات
فقهاء فحول أجلة (وبالجملة) كيف يرضى منصف بان يكون شيخ الطائفة
في أمثال المقامات فاسقا ومر في الفائدة الأولى ماله دخل في المقام
فلاحظ.
(ومنها) توثيق ابن فضال وابن عقدة ومن ماثلهما ومر حاله في
الفائدة الأولى.
واما توثيق ابن نمير ومن ماثله فلا يبعد حصول قوة منه بعد
ملاحظة اعتداد المشايخ به واعتمادهم عليه كما سيجيئ في إسماعيل بن
عبد الرحمن وحماد بن شعيب وحميد بن حماد وجميل بن عبد الله وعلى
ابن حسان والحكم بن عبد الرحمن وغيرهم سيما إذا ظهر تشيع من
وثقوه كما هو في كثير من التراجم وخصوصا إذا اعترف الموثق بتشيعه
وقس على توثيقهم مدحهم وتعظيمهم.
51

(ومنها) توثيق العلامة وابن طاووس ونظائرهما، وتوقف المحقق
الشيخ محمد (1) في توثيقات العلامة وصاحب المعالم في توثيقاته وتوثيقات
ابن طاووس وكذا الشهيد ولا يبعد ان غيرهم أيضا توقف في
نظائرها أيضا ولعله ليس في موضعه لحصول الظن منها والاكتفاء به كما
مر في الفائدة الأولى واعترض جدي عليهم " بان العادل أخبرنا بالعدالة
أو شهد بها فلا بد من القبول " انتهى فتأمل، (نعم) لو كان في
مقام امارة مشيرة إلى توهم منهم فالتوقف فيه كما هو الحال في غيرها
وقصرهم توثيقهم في توثيقات القدماء غير ظاهر بل ربما يكون الظاهر
خلافه كما يظهر من غير واحد من التراجم مع أن ضرر القصر أيضا
غير ظاهر فتدبر
(ومنها) توثيقات ارشاد المفيد رحمه الله - وعندي ان استفادة
العدالة منها لا تخلو من تأمل كما لا يخفى على المتأمل في الارشاد في مقامات
التوثيق نعم يستفاد منها القوة والاعتماد وان كان ما سنذكر في محمد بن
سنان عنه ربما يأبى عنهما أيضا لكن يمكن العلاج وسيجيئ في ترجمته
هذا والمحقق الشيخ محمد أيضا تأمل فيها لكن قال في وجهه:
" لتحققها بالنسبة إلى جماعة اختص بهم من دون كتب الرجال بل وقع
التصريح بضعفهم من غيره على وجه يقرب الاتفاق ولعل مراده من
التوثيق امر آخر انتهى (2) وفى العلة نظر فتأمل.

(1) الشيخ محمد - هذا - هو سبط الشيخ زين الدين الشهيد الثاني العاملي
راجع شرحه للاستبصار (مخطوط).
(2) راجع شرح الاستبصار (مخطوط) للشيخ محمد سبط الشهيد الثاني
رحمه الله -.
(المحقق)
52

(ومنها) رواية الثقة الجليل عن غير واحد أو عن رهط مطلقا
أو مقيدا بقولهم: " من أصحابنا " وعندي ان هذه الرواية قوية غاية
القوة بل وأقوى من كثير من الصحاح وربما يعد من الصحاح بناء
على أنه يبعد أن لا يكون فيهم ثقة وفيه تأمل (1) وقال المحقق الشيخ
محمد (2): " إذا قال ابن أبي عمير عن غير واحد عد روايته في الصحيح
حتى عند من لم يعمل بمراسيله " وقال: في (المدارك): " لا يضر إرسالها
لان في قوله " في غير واحد " اشعارا بثبوت مدلولها عنده " وفى تعليله
تأمل فتأمل.
(ومنها) رواية الثقة أو الجليل عن أشياخه فان علم أن فيهم ثقة
فالظاهر صحة الرواية لان هذه الإضافة تفيد العموم والا فان علم أنهم
مشايخ الإجازة أو فيهم من جملتهم فالظاهر أيضا صحتها وقد عرفت
الوجه وكذا الحال فيما إذا كانوا أو كان فيهم من هو مثل شيخ
الإجازة وإلا فهي قوية غاية القوة مع احتمال الصحة لبعد الخلو عن الثقة
هذا ورواية حمدويه عن أشياخه من قبيل الأول لان من جملتهم
العبيدي وهو ثقة على ما نثبته في ترجمته وأيضا يروى عن يعقوب بن
يزيد الثقة وهو من جملة الشيوخ فتدبر.
(ومنها) ذكر الجليل شخصا مترضيا أو مترحما عليه وغير خفى
حسن ذلك الشخص بل جلالته واعترف به المصنف بل وغيره أيضا.
(ومنها) ان يروى عن رجل محمد بن أحمد بن يحيى ولم يكن
من جملة من استثنوه كما سيجيئ في ترجمته فإنه إمارة الاعتماد عليه

(1) قيل في وجه التأمل ان المدار على الظن وهو لا يحصل من مجرد الاستبعاد
(2) راجع: شرحه للاستبصار.
(المحقق)
53

بل ربما يكون إمارة لوثاقته على ما يشير إليه التأمل فيما يذكر في تلك
الترجمة وترجمة محمد بن عيسى وما سننبه عليه هناك وكذا ما ذكر
في سعد بن عبد الله وما نبهنا عليه في إبراهيم بن هاشم وإسماعيل بن
مراد وغيرهما وعلى كونه إمارة الاعتماد غير واحد من المحققين مثل
الفاضل الخراساني (1) وغيره.
(ومنها) أن يكون للصدوق طريق إلى رجل وعند خالي انه ممدوح
لذلك والظاهر أن مراده منه ما يقتضى الحسن منه بالمعنى الأعم لا المعهود
المصطلح عليه.
(ومنها) أن يقول الثقة لا احسبه إلا فلانا أي ثقة أو ممدوحا
وظاهرهم العمل به والبناء عليه وفيه تأمل لان حجية الظن من دليل
وما يظن تحقق مثله في المقام الاجماع وتحققه في غاية البعد كذا قال
المحقق الشيخ محمد وفيه تأمل ظاهر.
(ومنها) أن يقول الثقة حدثني الثقة وفى إفادته التوثيق المعتبر
خلاف معروف وحصول الظن منه ظاهر واحتمال كونه في الواقع
مقدوحا لا يمنع الظن فضلا عن احتمال كونه ممن ورد في قدح كما
هو الحال في سائر التوثيقات فتأمل وربما يقال الأصل تحصيل العلم
ولما تعذر يكتفى بالظن الأقرب وهو الحاصل بعد البحث ويمكن ان
يقال مع تعذر البحث يكتفى بالظن كما هو الحال في التوثيقات وسائر
الأدلة والامارات الاجتهادية وما دل على ذلك دل على هذا ومراتب
الظن متفاوته جدا وكون المعتبر هو أقوى مراتبه لم يقل به أحد مع

(1) الفاضل الخراساني هو الفاضل السبزواري صاحب الذخيرة شرح ارشاد
العلامة الحلي رحمه الله -
(المحقق)
54

انه على هذا لا يكاد يوجد حديث صحيح بل ولا يوجد - وتخصيص خصوص
ما اعتبرت من الحد بأنه إلى هذا الحد معتبر دون ما هو أدون وانى لك
باثباته مع أنه ربما يكون الظن الحاصل في بعض التوثيقات بهذا الحد
بل وأدون فتأمل.
(ومنها) أن يكون الراوي ممن ادعى اتفاق الشيعة على العمل
بروايته مثل السكوني وحفص بن غياث وغياث بن كلوب ونوح
ابن دراج ومن ماثلهم من العامة مثل طلحة بن زيد وغيره وكذا
مثل عبد الله بن بكير وسماعة بن مهران وبنى فضال والطاطريين
وعمار الساباطي وعلي بن أبي حمزة وعثمان بن عيسى من غير العامة،
فان جميع هؤلاء نقل الشيخ عمل الطائفة بما رووه وربما ادعى بعض
ثبوت الموثقية من نقل الشيخ هذا ولذا حكموا بكون علي بن أبي حمزة
موثقا وكذا السكوني ومن ماثله وربما جعل ذلك عن الشيخ شهادة منه
وقال المحقق الشيخ محمد: " الاجماع على العمل بروايتهم لا يقتضى التوثيق
كما هو واضح " (1).
(أقول) يبعد أن لا يكون ثقة على قياس ما ذكر في قولهم أجمعت
العصابة " وقال أيضا " قال شيخنا أبو جعفر في مواضع من كتبه -
ان الامامية مجمعة على العمل برواية السكوني وعمار ومن ماثلهما من الثقات
- ثم قال -: وأظن ان توثيق السكوني اخذ من قول الشيخ: " ومن
ماثلهما من الثقات " واحتمال ان يزيد من ماثلهما من مخالفي المذهب الثقات
لان السكوني ثقة ممكن وان بعد الا ان عدم توثيقه في الرجال يؤيده "

(1) راجع شرح الاستبصار للمحقق الشيخ محمد سبط الشهيد الثاني
رحمه الله -
(المحقق)
55

ولا يخفى ما فيه على أنه قال في (العدة): " يجوز العمل برواية الواقفية
والفطحية إذا كانوا ثقات في النقل وان كانوا مخطئين في الاعتقاد إذا
علم من اعتقادهم تمسكهم بالدين وتحرجهم عن الكذب ووضع الأحاديث
وهذه كانت طريقة جماعة عاصروا الأئمة عليهم السلام نحو عبد الله
ابن بكير وسماعة بن مهران ونحو بنى فضال من المتأخرين وبنى
سماعة ومن شاكلهم " انتهى.
ومر في الفائدة الأولى والثانية ما ينبغي ان يلاحظ على انا نقول:
الظن بالحاصل من عمل الطائفة أقوى من الموثقية بمراتب شتى ولا أقل
من التساوي وكون العمل برواية الموثق من جهة عدالته محل تأمل كما
مر الإشارة إليه وسيجيئ في السكوني وغيره منهم ما يزيد على ذلك.
(ومنها) وقوع الرجل في السند الذي حكم العلامة رحمه الله -
بصحة حديثه فإنه حكم بتوثيقه من هذه الجهة ومنهم المصنف في
ترجمة الحسن بن متيل وإبراهيم بن مهزيار وأحمد بن عبد الواحد
وغيرهم (وفيه) ان العلامة لم يقصر اطلاق الصحة في الثقات كما أشرنا
إليه الا ان يقال اطلاقه إياها على غيرها نادر وهو لا يضر لعدم
منع ذلك ظهوره فيما ذكرنا سيما بعد ملاحظة طريقته وجعله الصحة
اصطلاحا فيها لكن لا يخفى ان حكمه بصحة حديثه دفعة أو دفعتين
مثلا غير ظاهر في توثيقه بل ظاهر في خلافه بملاحظة عدم توثيقه
وعدم قصره نعم لو كان ممن أكثر تصحيح حديثه مثل أحمد بن
محمد بن يحيى وأحمد بن عبد الواحد ونظائرهما فلا يبعد ظهوره
في التوثيق واحتمال كون تصحيحه كذلك من أنهم مشايخ الإجازة فلا يضر
مجهوليتهم أو لظنه بوثاقتهم فليس من باب الشهادة (فيه) ما سنشير إليه
والغفلة ينفيها الاكثار مع أنه في نفسه، لا يخلو عن البعد هذا.
56

واعلم أن المشهور يحكمون بصحة حديث أحمد بن محمد المذكور
وكذا أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد والحسين بن الحسن بن ابان إذا
لم يكن في سنده من يتأمل في شانه فقيل في وجهه ان العلامة حكم بالصحة
كما ذكر وفيه ما مر الا ان يريدوا اكثاره الحكم بها (وفيه) ان إبراهيم
ابن هاشم وابن عبدون ونظائرهما وقع إكثاره الحكم بها فيهم أيضا مع أنهم
يعدون حديثهم من الحسان نعم حكم جمع بصحته الا ان يقولوا ان إكثاره
فيهم ليس بمثابة إكثاره في تلك الجماعة لكن لا بد من ملاحظة ذلك ومع
ذلك كيف يفيد ذاك التوثيق دون هذا وكون ذاك أقوى لا يقتضى قصر
الحكم فيه كما مر في الفائدة الأولى واعترض أيضا بان التوثيق
من باب الشهادة والصحيح ربما كان مبنيا على الاجتهاد (وفيه) ما لا يخفى
على المطلع بأحوال التوثيقات مضافا إلى ما مر في تلك الفائدة من الاكتفاء
بالظن والبناء عليه وقال جماعة في وجه الحكم بالصحة انهم مشايخ
الإجازة وهم ثقات لا يحتاجون إلى التوثيق نصا (وفيه) ان هذه ليست
من قواعد المشهور بل ظاهرهم خلافها مع أن مشايخ الإجازة كثيرون
سيما مثل إبراهيم وابن عبدون فلا وجه للقصر والاعتراض بان كثيرا من
مشايخ الإجازة كانوا فاسدي العقيدة مندفع بان ذلك ينافي العدالة بالمعنى
الأخص لا بالمعنى الأعم وخصوصية الأخص في بعض المشايخ تثبت
بانضمام ظهور كونه اماميا من الخارج فتأمل على أنه ربما يكون ظاهر
شيخية الإجازة حسن العقيدة الا ان يظهر الخلاف فتأمل وقال جماعة
أخرى في وجهه ان مشايخ الإجازة لا يضر مجهوليتهم لان حديثهم مأخوذ
من الأصول المعلومة وذكرهم لمجرد اتصال السند أو للتبرك (وفيه) ان
ذلك غير ظاهر مضافا إلى عدم انحصار ما ذكر في خصوص تلك الجماعة
فكم معروف منهم بالجلالة والحسن لم يصححوا حديثهم فضلا عن المجهول
57

على أنه لا وجه أيضا لتضعيف أحاديث سهل بن زياد وأمثاله من
الضعفاء ممن هو حاله في الوساطة للكتب حال تلك الجماعة مشايخ الإجازة
كانوا أم لا (وبالجملة) لا وجه للتخصيص بمشايخ الإجازة ولا من بينهم
بتلك الجماعة (ودعوى) ان غيرهم ربما يروى من غير تلك الأصول
والجماعة لا يروون عنه أصلا كان ذلك ظاهرا على العلامة بل ومن تأخر
عنه أيضا إلى حد لم يتحقق خلاف ولا تأمل منهم وان كان في أمثال
زماننا خفيا (لعله جزاف) بل خروج عن الانصاف على أن النقل عنها
غير معلوم اغناؤه عن التعديل لعدم معلومية كل واحد من أحاديثها
بالخصوص وكذا بالكيفية المودعة والقدماء كانوا لا يروونها الا بالإجازة
أو القراءة وأمثالها ويلاحظون الواسطة غالبا حتى في كتب الحسين بن
سعيد الذي رواية تلك الجماعة جلها عنه وسيجيئ في ترجمة أخيه الحسن
ما يدلك عليه وكذا في كتب كثير ممن ماثله من الاجلة مع أن هذه
الكتب أشهر وأظهر من غيرها وقد أثبتنا جميع ذلك في رسالتنا مشروحا
وسنشير في إبراهيم بن هاشم ومحمد بن إسماعيل البندقي اجمالا وربما
يقال في وجه الحكم بالصحة ان الاتفاق على الحكم بها دليل على الوثاقة
نشير إليه في ابن عبدون ومحمد بن إسماعيل البندقي (وفيه) ان الظاهر أن
منشأ الاتفاق أحد الأمور المذكورة والله يعلم.
(ومنها) ان ينقل حديث غير صحيح متضمن لوثاقة الرجل أو جلالته
أو مدحه فان المظنون تحققها فيه وإن لم يصل الحديث إلى حد الصحة
حتى يكون حجة في نفسه عند المتأخرين والظن نافع في مقام الاعتداد
والاكتفاء به وإذا تأيد مثل هذا الحديث باعتداد المشايخ ونقلهم إياه
في مقام بيان حال الرجل وعدم إظهار تأمل فيه الظاهر في اعتمادهم عليه
قوي الظن وربما يحكم بثبوتها بمثله كما سيجيئ في تراجم كثيرة هذا
58

وإذا تأيد بمؤيد معتد به يحكمون البتة.
(ومنها) ان يروى الراوي لنفسه ما يدل على الأمور المذكورة وهذا
أضعف من السابق ويحصل الظن منه بملاحظة اعتداد المشايخ وغيره واعتبر
مثل هذا في كثير من التراجم كما ستعرف.
(ومنها) أن يكون الراوي من آل أبي الجهم لما سيذكر في منذر
ابن محمد بن المنذر وسعيد بن أبي الجهم فلاحظ وتأمل ولعل ابا
الجهم هو ثوير بن أبي فاختة سنشير إليه في جهم بن أبي الجهم فتأمل
(ومنها) أن يكون من بيت آل أبي نعيم الأزدي لما يتذكر في
جعفر بن المثنى وبكر بن محمد الأزدي والمثنى بن عبد السلام فتأمل
(ومنها) أن يكون من آل أبي شعبة لما سنذكر في عمر بن أبي
شعبة فتأمل.
(ومنها) ان يذكره (النجاشي) أو مثله ولم يطعن عليه فإنه
ربما جعله بعض سبب قبول روايته منه على ما سيجيئ في الحكم بن
مسكين فتأمل.
(ومنها) أن يقول العدل: " حدثني بعض أصحابنا " قال المحقق:
" انه يقبل وإن لم يصفه بالعدالة إذا لم يصفه بالفسوق لأنه اخباره بمذهبه
شهادة بأنه من اهل الأمانة ولم يعلم منه الفسق المانع من القبول فان قال:
عن بعض أصحابه لم يقبل لإمكان ان يعنى نسبته إلى الرواة وأهل العلم
فيكون البحث فيه كالمجهول " انتهى وفيه نظر ظاهر مع أنه مر في
الفائدة الثانية في قولهم: من أصحابنا ما مر فتدبر - هذا -.
واعلم أن الامارات والقرائن كثيرة سيظهر لك بعضها في الكتاب
ومن القرائن لحجية الخبر وقوع الاتفاق على العمل به أو على الفتوى به
أو كونه مشهورا بحسب الرواية أو الفتوى أو مقبولا مثل مقبولة
59

عمر بن حنظلة أو موافقا للكتاب أو السنة أو الاجماع أو حكم
العقل أو التجربة مثل ما ورد في خواص الآيات والاعمال والأدعية
التي خاصيتها مجربة مثل قراءة آخر الكهف للانتباه في الساعة التي تراد
وغير ذلك أو يكون في متنه ما يشهد بكونه من الأئمة عليهم السلام
مثل خطب نهج البلاغة ونظائرها والصحيفة السجادية ودعاء أبى حمزة
والزيارة الجامعة الكبيرة إلى غير ذلك ومثل كونه كثيرا مستفيضا
أو عالي السند مثل الروايات التي رواها الكليني وابن الوليد والصفار
وأمثالهم بل والصدوق وأمثاله أيضا عن القائم عجل الله فرجه -
والعسكري عليه السلام بل والتقي والنقي أيضا عليهما السلام
ومنها التوقيعات التي وقعت في أيديهم منهم عليهم السلام - (وبالجملة)
ينبغي للمجتهد التنبيه لنظائر ما نبهنا عليه والهداية من الله.
(تذنيب) يذكر فيه بعض أسباب الذم
(ومنها) قدح الغضائري والقميين وغير ذلك مما مر وظهر في هذه
الفائدة المتقدمة عليها مثل قولهم يروى عن الضعفاء وغيره وقد
أشرنا إليها وإلى حالها فيهما أو يظهر بالقياس إلى ما ذكر في أسباب المدح
فيهما فراجع وكذا مثل كثرة رواية المذمومين عن رجل أو ادعائهم
كونه منهم وسيجيئ الكلام فيه في داود بن كثير وعبد الكريم
ابن عمرو.
(ومنها) ان يروى عن الأئمة عليهم السلام على وجه يظهر
منه اخذهم عليهم السلام رواة لا حججا كأن يقول عن جعفر
عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السلام أو عن الرسول صلى الله
عليه وآله وسلم - فإنه مظنة عدم كونه من الشيعة الا ان يظهر من
القرائن كونه منهم مثل أن يكون ما رواه موافقا لمذهبهم ومخالفا لمذهب
60

غيرهم أو انه يكثر من الرواية عنهم غاية الاكثار أو ان غالب رواياته
يفتون بها ويرجحونها على ما رواه الشيعة أو غير ذلك فيحمل كيفية
روايته على التقية أو تصحيح مضمونها عند المخالفين أو ترويجه فيهم
سيما المستضعفين أو غير الناصبين منهم أو تأليفا لقلوبهم أو استعطافا
لهم إلى التشيع أو غير ذلك فتأمل.
(ومنها) أن يكون رأيه - أو روايته - في الغالب موافقا للعامة وسيظهر
حالهما في الجملة في زيد بن علي عليهم السلام وسعيد بن المسيب وعليك
بالتأمل فيهما حتى يظهر الكل فتأمل ومر في الفائدة الأولى ما يؤيد
فلاحظ ويؤيد أيضا التأمل فيما سنذكره هنا في قولهم كاتب الخليفة (الخ)
وقولهم كانوا يشربون النبيذ مثلا (الخ) فتأمل كان الغالب (1) منه لا يضر
فغيره بطريق أولى سيما وأن يكون نادرا بل لا يكاد ينفك ثقة عنه فتأمل
(ومنها) قولهم كاتب الخليفة أو الوالي من قبله وأمثالهما فان
ظاهرها الذم والقدح كما اعترف به (العلامة) في ترجمة حذيفة (2) وسيجيئ
في ترجمة أحمد بن عبد الله بن مهران انه كان كاتب إسحاق (3) فتاب

(1) يعنى الموافقة للعامة في الغالب.
(2) حذيفة - هذا - هو ابن منصور بن كثير بن سلمة الخزاعي أبو محمد
فان العلامة بعد أن ترجم له في القسم الأول من (الخلاصة) قال: " والظاهر
عندي التوقف فيه، لما قاله هذا الشيخ (يعنى ابن الغضائري) ولما نقل عنه انه
كان واليا من قبل بنى أمية ويبعد انفكاكه عن القبيح " راجع (ص 60 - ص 61)
طبع النجف الأشرف. (المحقق)
(3) أحمد بن عبد الله بن مهران - هذا - هو المعروف بابن خائبة؟؟ أبو جعفر
ذكره الشيخ الطوسي في باب من لم يرو عنهم - عليهم السلام -، وكان من غلمان
يونس بن عبد الرحمن وكان من العجم وله مكاتبة إلى الرضا عليه السلام
كما ذكر ذلك النجاشي في رجاله (ص 266) في ترجمة ابنه محمد بن أحمد واما
إسحاق الذي ذكره فهو إسحاق بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب المصعبي
الخزاعي أبو الحسن صاحب الشرطة ببغداد أيام المأمون والمعتصم والواثق
والمتوكل وهو الذي قبض على إبراهيم بن المهدى العباسي واستخرجه لما استمر
وكذا استخرج الفضل بن الربيع وقبض عليه وله ذكر في كتاب الفرج بعد
الشدة للتنوخي وفى الكامل لابن الأثير وفى الديارات للشابشي وغيرها من التواريخ
والمعاجم توفي سنة 235 ه‍
(المحقق)
61

هذا مع انا لم نر من المشهور التأمل من هذه الجهة كما في يعقوب
ابن يزيد وحذيفة بن منصور وغيرهما ولعله لعدم مقاومتها التوثيق
المنصوص أو المدح المنافى باحتمال كونها بإذنهم عليهم السلام
أو تقية وحفظا لأنفسهم أو غيرهم أو اعتقادهم الإباحة أو غير ذلك
من الوجوه الصحيحة وتحقيق الامر فيها في كتاب التجارة من كتب الفقه
والاستدلال (وبالجملة) تحققها منهم على الوجه الفاسد بحيث لا تأمل في
فساده ولا يقبل الاجتهاد في تصحيحه بان تكون في اعتقادهم صحيحة
وان أخطأوا في اجتهادهم غير معلوم مع أن الأصل في أفعال المسلمين
الصحة وورد (كذب سمعك وبصرك ما تجد إليه سبيلا) وأمثاله كثيرة
وأيضا انهم - عليهم السلام - أبقوهم على حالهم وأقروا لهم ظاهرا من أنهم
كانوا متدينين بأمرهم عليهم السلام مطيعين لهم ويصلون إلى
خدمتهم ويسألونهم عن أحوال أفعالهم وغيرها وربما كانوا عليهم
السلام ينهون بعضهم فينتهى إلى غير ذلك من أمثال ما ذكر فتدبر
بل ربما ظهر مما ذكر ان القدح بأمثالها مشكل وإن لم يصادمها التوثيق
62

والمدح فتأمل (1) ومر آنفا ما يرشد ويؤيد.
(ومنها) ما ذكر في الاجلة من أنهم كانوا يشربون النبيذ مثل
ما سيجيئ في ثابت بن دينار وابن أبي يعفور أو يأكلون الطين كما في
داود بن القاسم وأمثال ذلك ولعلها لم تكن ثابتة أو كانوا جاهلين
بحرمتها ولعله ليس ببعيد بالنسبة إلى كثير وسننبه عليه في ترجمة
ثابت أو كان قبل وثاقتهم وجلالتهم فيكون حالهم حال الثقات والأجلة
الذين كانوا فاسدي العقيدة ورجعوا ومر الإشارة إليه وسنذكر اعذارا
اخر في ثابت وداود وغيرهما (وبالجملة) في المواضع التي ذكر أمثالها
فيها لعله نتوجه في خصوص الموضع منها إلى العذر المناسب والملائم ولو
لم نتوجه فلنعتذر بما ذكرناه أو أمثاله مما يقبله وذكر آنفا ان الأصل
في أفعال المسلمين الصحة وغير ذلك فتأمل.
(الفائدة الرابعة)
في ذكر بعض مصطلحاتي في هذا الكتاب (إعلم) انه إذا كان
رجل لم يذكر في كتاب الرجال وفى كتاب المصنف هذا الكتاب وانا
اطلعت على بعض أحواله من كتب الرجال أو من الخارج فانى أذكره
واجعل اسمه عنوانا بان أقول فلان وأشرع في بيان ما اطلعت عليه

(1) ذكر بعض أرباب المعاجم: " لعل وجه التأمل ان ظاهر الفعل القدح
ما لم تقم القرائن الصارفة فما لم يصادمه التوثيق والمدح ينبغي عده قادحا كما بنى
على ذلك بعض من تأخر ".
(المحقق)
63

كما هو دأب علماء الرجال وكذا لو كان مذكورا في كتابه هذا بالعنوان
الذي عنونه وانا أريد ذكره بعنوان آخر لغرض وفائدة اما لو كان
مذكورا في كتابه هذا بعنوانه ولم يكن له عنوان آخر أريد ذكره به أو كان
لكن اذكره به في موضع آخر وانا اطلعت على ما لم يطلع عليه ولم يذكره
فانى اجعل قوله عنوانا بان أقول قوله أي قول المصنف كذا ثم
أشرع في بيان ما اطلعت عليه كما هو طريقة الحواشي وإذا كان
ما اذكره في هذه التعليقة بما ذكروه في ترجمة رجل بان يكون اعتراضا
عليه أو شاهدا له أو غير ذلك فانى أقول قوله أي قول المصنف
في ترجمة فلان أو في فلان كذا وكذا سواء كان القول قول المصنف
أو كان حكاية عن غيره ثم أشرع في ذكر ما يتعلق به مما أريد ذكره
وربما أقول قوله في ترجمة فلان عن الكشي أو النجاشي مثلا كذا
ثم اذكر ما يتعلق به هذا واعلم أن مرادي من جدي على الاطلاق
هو العلامة المجلسي رحمه الله عمدة العارفين وزبدة الزاهدين العالم الفاضل
المتبحر الكامل الزكي التقى والبحر الملي مولانا محمد تقي رحمه الله - ومرادي من
خالي هو ولده الأمجد الأرشد الفاضل الماهر والعلامة المشتهر بين الأصاغر
والأكابر وعمدة علماء الأوائل والأواخر مولانا محمد باقر - رحمه الله -
ومرادي من الفاضل الخراساني (1) هو سميه قطب المحققين ورئيس
المدققين، نخبة المتبحرين وزبدة المتفقهين ومرادي من المحقق البحراني
هو الفاضل الكامل المحقق المدقق الفقيه النبيه نادرة العصر والزمان، المحقق

(1) تقدم آنفا أن المراد به المولى محمد باقر السبزواري صاحب ذخيرة المعاد
في شرح الارشاد للعلامة الحلي - رحمه الله -
(المحقق)
64

الشيخ سليمان (1) ومرادي من (البلغة) مختصر هذا الفاضل في الرجال
ومن (المعراج) شرحه على الفهرست (2) ولم يشرح منه إلا قليلا منه
على ما وجد وجعلت (مصط) رمزا عن (نقد الرجال) تصنيف قطب
دائرة الفضل والكمال والشرافة والجلالة الأمير مصطفى (3) وباقي
الاصطلاحات والرموز معروفة نسأل الله المعرفة بمحمد وآله.
(الفائدة الخامسة)
في طريق ملاحظة الرجال وما ذكرته انا - أيضا - لمعرفة حال الراوي
التماس منك - يا اخى - إذا أردت معرفة حال رجل وراو فانظر إلى
ما ذكروه في الرجال وما ذكرت انا أيضا فان لم تجده مذكورا
أصلا أو وجدته مهملا مذكورا فلاحظ ما ذكرته في الفوائد الثلاث السابقة
يظهر لك حاله مما ذكرت فيها أو يفتح عليك بالتأمل فيه وبالقياس
والنظر إليه فانى ما استوعبت جميع الامارات كما انى ما استوفيت للكلام؟؟

(1) تقدم آنفا ان المراد به الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني الستري
الماحوزي رحمه الله.
(2) تقدم آنفا التعريف بكتابي البلغة والمعراج والتعريف بمصنفهما.
(3) الأمير السيد مصطفى التفريشي ابن السيد حسين الحسيني كان حيا
سنة 1044 ه‍، وكان من تلامذة المولى عبد الله التستري الأصفهاني المتوفى سنة
1021 ه‍، وقد اجازه سنة 1019 ه‍ ونقد الرجال تصنيفه طبع بإيران سنة 1218 ه‍
وكان قد فرغ من تأليفه في شهر رمضان سنة 1015 ه‍، وهو مشهور متداول.
(المحقق)
65

فيما ذكرت أيضا بل الغرض التنبيه ووكلت الامر إلى التأمل ويا اخى
لا تقنع ببعض ما ذكرت فيها بل لاحظ الجميع من أول الفوائد إلى آخرها
حتى ينفتح لك حاله ويا اخى لا تبادر بان تقول: الرجل مجهول
أو مهمل ولا تقلد بل لاحظ الفوائد بالنحو الذي ذكرت ثم الامر
إليك وأيضا ربما وجدت الرجل في السند مذكورا اسمه مكبرا وفى الرجال
يذكر مصغرا وبالعكس وسيجيئ التنبيه عليه في خالد بن أوفى فلو لم
تجد مثلا سالم فانظر إلى سليم وكذا سلمان وأقسامه كثيرة فضلا عن
الاشخاص وربما وجدته مذكورا فيه بالاسم وفى الرجال باللقب مثلا
وبالعكس وربما وجدته فيه منسوبا إلى أبيه بذكر اسم الأب وفى الرجال
بذكر كنيته مثلا، وبالعكس وربما يظهر اسم الرجل من ملاحظة باب
الكنى مثلا وربما يذكر في موضع بالسين وفى موضع بالصاد كحسين
وحصين منه الحصين بن المخارق وربما يذكر في موضع هاشم وفى
موضع هشام كما سنشير إليه في هشام بن المثنى وربما يذكر في موضع
ابن فلان وفى موضع ابن أبي فلان بزيادة أو نقصان كما يشير إليه
ما سيجيئ في يحيى بن العلا وخالد بن بكار وغيرهما وربما يذكر في
موضع بالياء المثناة وفى موضع بالباء الموحدة كبريد ويزيد وبشار
ويسار ونظائر ذلك وربما يكتب بالألف وبدونه كالحرث والحارث
والقسم والقاسم ونظائر ذلك وأيضا ربما كانوا يرخمون كعبيد في
عبيد الله ونظائر ذلك وربما يشتبه صورة حرف بحرف كخالد بن
ماد وخالد بن الجواد إلى غير ذلك وربما ينسب في موضع إلى الأب
وفى آخر إلى الجد مثلا وهو كثير وربما يوجد بالمهملة وربما يوجد
بالمعجمة كما في رميلة ونظائره وربما يكتب المهملة قبل المعجمة وربما
يعكس كما في رزيق ونظائره وقس على ما ذكر أمثاله منها ان يكتب
66

بالحاء والهاء كما في زحر بن قيس وربما يتصرف في الألقاب والأسامي
الحسنة والردية بالرد إلى الآخر كما سنذكر في حبيب بن المعلل وربما
يشتبه ذو المركز بالخالي عنه كما سيجيئ في باب زيد ويزيد وسعد
وسعيد ونظائرهما وربما يكتب زياد زيدا وبالعكس وكذا عمر
وعمرو وكذا نظائرهما وربما تتعدد الكنية لشخص كالألقاب والأنساب
وسنذكر في محمد بن زياد وربما يكتب سلم مسلم ولعله كثير وبالعكس
منه ما سيجيئ في بشر بن سلم ثم إذا وجدته ووجدت حاله مذكورا
فانظر إلى ما ذكروه ثم انظر إلى ما ذكرته ان كان ولا تقنع أيضا بهما
بل لاحظ الفوائد من أولها إلى آخرها على النحو الذي ذكرت حتى يتضح
لك الحال فانى ما أتعرض في كل موضع إلى الرجوع إلى الفوائد وفى
الموضع الذي تعرضت ربما لا أتعرض إلى الرجوع إلى جميعها مع أنه
ربما كان لجميعها مدخل فيه ولو لم يتأمل في الكل لم يظهر ولم يتحقق
ما فيه ومع ذلك لاحظ مظان ذكره بعنوان آخر على حسب ما مر لعلك
تطلع على معارض أو معاضد ولا تنظر يا اخى - إلى ما فيه وفيما سأذكره
من الخطأ والزلل والتشويش والخلل لان الذهن قاصر والفكر فاتر
والزمان كلب عسر على ما سأشير إليه في آخر الكتاب
- ان شاء الله تعالى - نسأل الله مع العسر يسرا
بظهور من يملأ الدنيا عدلا بعدما ملئت جورا
طبعت هذه الفوائد مصححة على ثلاث نسخ بتمام بذل الجهد والطاقة
إلا ما زاغ عنه البصر والعصمة لله، وهو ولي التوفيق
67