الكتاب: الفوائد الرجالية
المؤلف: السيد بحر العلوم
الجزء: ٤
الوفاة: ١٢١٢
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند الشيعة
تحقيق: تحقيق وتعليق : محمد صادق بحر العلوم ، حسين بحر العلوم
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٣٦٣ ش
المطبعة: آفتاب
الناشر: مكتبة الصادق - طهران
ردمك:
ملاحظات:

رجال السيد بحر العلوم
1

الكتاب: رجال السيد بحر العلوم
المؤلف: السيد مهدى بحر العلوم
الناشر: مكتبة الصادق طهران
العدد: ثلاثة آلاف نسخه
المطبعة: آفتاب الطبعة الأولى
التاريخ: 1 / 9 / 1363
2

مكتبة العلمين الطوسي وبحر العلوم
في النجف الأشرف 8
رجال السيد بحر العلوم
" المعروف بالفوائد الرجالية "
تأليف
سيد الطائفة آية الله العظمى السيد محمد المهدى بحر العلوم الطباطبائي قدس سره
" 1155 - 1212 ه‍ "
" 1742 - 1797 م‍ "
حققه وعلي عليه
محمد صادق بحر العلوم حسين بحر العلوم
الجزء الرابع
3

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين
4

باب النون
نعمان بن محمد بن منصور، قاضي مصر.
وقد كان في بدء أمره مالكيا، ثم انتقل إلى مذهب الإمامية (1)

(1) أبو حنيفة النعمان بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن أحمد بن حيون
التميمي المغربي، ويعرف لدى الإسماعيلية باسم (سيدنا القاضي النعمان) تمييزا بينه
وبين أبي حنيفة النعمان - صاحب المذهب الحنفي المشهور -. وقد اختلف المؤرخون
في تاريخ مولده، (فقال بعضهم): إنه ولد سنة 259 ه‍، (وقال بعضهم):
إنه ولد في العشر الأخير من القرن الثالث.
ويطلق عليه ابن خلكان في (وفيات الأعيان) ومؤلفو الشيعة الاثني عشرية
(أبا حنيفة الشيعي). كما أن ابن خلكان يرى: أنه كان مالكي المذهب، ثم اعتنق
مذهب الإمامية. وكذلك مؤرخو الشيعة الاثني عشرية وأرباب التراجم منهم،
ويرى البعض: إنه كان مالكي المذهب، ثم تحول إلى الشيعة الاثني عشرية، ثم انتقل
إلى الإسماعيلية الفاطمية، ويرى ابن تغري بردي في (النجوم الزاهرة ج 4 -
ص 222) انه كان حنفي المذهب قبل أن يعتنق المذهب الفاطمي.
وكيف كان، فقد نقل ابن خلكان عن المؤرخ ابن زولاق في كتابه: أخبار
قضاة مصر - في ترجمة أبي الحسن علي بن النعمان المذكور - ما نصه: "... وكان
أبوه النعمان بن محمد القاضي في غاية الفضل من أهل القرآن والعلم بمعانيه وعالما
بوجوه الفقه وعلم اختلاف الفقهاء واللغة والشعر الفحل والمعرفة بأيام الناس مع
عقل وإنصاف، وألف لأهل البيت من الكتب آلاف أوراق بأحسن تأليف،
وأملح سجع، وعمل في المناقب والمثالب كتابا حسنا، وله ردود على المخالفين له:
له رد على أبي حنيفة، وعلى مالك، والشافعي، وعلى ابن سريج، وكتاب اختلاف
الفقهاء، وينتصر فيه لأهل البيت - رضي الله عنهم - وله القصيدة الفقهية لقبها
بالمنتخبة... ".
دخل النعمان في خدمة الامام الإسماعيلي (عبد الله المهدي) واتصل بالقائم
بامر الله طوال مدة حكمه وولي قضاء مدينة طرابلس، ولما بنى المنصور بن القائم
ابن المهدي مدينته (المنصورية) كان النعمان أول من ولي قضاءها، وقد ولاه
المنصور القضاء على سائر مدن أفريقيا وأصبح شديد الصلة بالامام الإسماعيلي ومقربا
منه، وظل قاضي قضاة هذه المدن، وتحت إمرته قضاتها إلى أن ولي (المعز) الإمامة
فاشتدت صلة النعمان به، وكان يجالسه ويسايره وقل أن يفارقه، وضع النعمان
كتابه (المجالس والمسايرات) جمع فيه كل ما رآه وما سمعه من إمامه المعز، وفى
مؤلفات النعمان كثير من الدلائل تبين أنه كان يعرض كتبه على الامام المعز قبل
إذاعتها ونشرها بين الناس.
ويعتبر القاضي النعمان المشرع الإسماعيلي، لما له من أثر كبير في الحياة العقلية
للدولة الإسماعيلية في مصر، وتعتبر مؤلفاته من الدعائم القوية التي ركز عليها المذهب
الإسماعيلي، ولا تزال كتبه حتى يومنا - هذا - من أقوم الكتب لدى الإسماعيلية
لا سيما كتابه (مختصر الآثار فيما روي عن الأئمة الأطهار) وهو كتاب متداول
- الآن - بين طائفة (البهرة).
وأصبحت الكتب التي ألفها عمدة كل باحث في المذهب الإسماعيلي والأصل
الذي يستقي منه علماء المذهب، وقد أفاد الدعوة الإسماعيلية بكثرة مؤلفاته في الفقه
والمناظرة، والتأويل، والعقائد، والسير، والتاريخ، والوعظ. ومن الثابت أن النعمان
ألف بضعة وخمسين كتابا، بقي منها حتى اليوم نحو من عشرين كتابا، وضاع الباقي
وقيل: إن الامام المعز قال عنه: " من يؤدي جزء من مائة مما أداه النعمان
أضمن له الجنة بحوار ربه ".
(أنظر: كتاب عيون الاخبار للداعي إدريس عماد الدين: ج 6 ص 41
طبع مصر).
وقد ذكر الأستاذ إسماعيل غالب الإسماعيلي ترجمة مفصلة للنعمان في كتابه
(أعلام الإسماعيلية) ص 589 طبع بيروت سنة 1964 م وأورد قائمة بمؤلفاته
المتنوعة نقلا عن كتاب (المرشد إلى أدب الإسماعيلية) تأليف البرفسور إيفانوف
(ص 37 - ص 40).
وبعض هذه الكتب في خزائن أصحاب الدعوة الذين يحرصون عليها ويسترونها
أشد الستر.
ويقول الدكتور محمد كامل حسين في مقدمة (كتاب الهمة في آداب أتباع
الأئمة) الذي هو من مؤلفات القاضي النعمان: (ص 9 - طبع دار الفكر العربي بمصر)
ما هذا نصه:
"... وكل من تحدث عن النعمان من المؤرخين يذكرون فضله وعلمه
وتدلنا مؤلفاته العديدة على ما ذكره المؤرخون عنه، فلا غرابة أن رأينا كتبه عمدة
كل باحث في المذهب الفاطمي وأنها الأصل الذي استقى منه علماء المذهب بعده.
فلا أكاد أعرف عالما من علماء الدعوة اختلف مع النعمان في المسائل الفقهية. وربما
كان ذلك لان النعمان قال في كتابه (المجالس والمسايرات) أكثر من مرة: إن
الامام المعز لدين الله طلب إليه أن يلقي على الناس شيئا من علم أهل البيت. فألف
النعمان كتبه، وكان يعرضها على المعز فصلا فصلا، وبابا بابا، حتى أتمها. فهو
يقول - مثلا -: (أمدني المعز لدين الله بجمع شئ لخصه لي وجمعه، وفتح لي
معانيه، وبسط لي جملته، فابتدأت منه شيئا ثم رفعته إليه، واعتذرت من الابطاء
فيه لما أردته من إحكامه، ورجوته من وقوع ما جمعته منه بموافقته فطالعته بمقداره
فوقع إلي: يا نعمان لا تبال كيف كان القدر مع إشباع في إيجاز، فكلما أوجزت في
القول واستقصيت المعنى فهو أوفق وأحسن، والذي خشيت من أن يستبطأ في
تأليفه، فوالله لولا توفيق الله - عز وجل - إياك وعونه لك لما تعتقده من النية
ومحض الولاية لما كنت تستطيع أن تأتي على باب منه في أيام كثيرة، ولكن النية
يصحبها التوفيق).
إلى أمثال ذلك من النصوص الكثيرة التي تدل على أن المعز لدين الله كان
يدفعه إلى تأليف الكتب بعد أن يوضح له فكرتها، وأن النعمان كان يعرض كتبه
على المعز قبل أن ينشرها على الناس، كما طلب إليه المعز أن يقرأ مجالس الحكمة التأويلية
ولعل هذا هو السبب الذي من أجله لقبه المؤرخ ابن زولاق بالداعي - كما روى
عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان - وليس لدينا من النصوص ما يثبت أن النعمان
كان من الدعاة، فالداعي إدريس في كتابه (عيون الاخبار ج 6 ص 41) قال:
إن النعمان كان في مكانة رفيعة جدا قريبة من الأئمة، وأنه كان دعامة من دعائم
الدعوة، ولكنه لم يصرح بان النعمان كان داعيا أو حجة، مع ما نعرفه من الداعي
إدريس من إغداق المدح على كل من اتصل بالدعوة، ومهما يكن من شئ فالنعمان
كان داهية في سياسته التي قربته إلى الأئمة، فقد استطاع بعلمه أن يجذب إليه
قلوبهم فقربوه إليهم، وعرف أسرارهم ونواياهم، فوضع هذه الكتب العديدة
وادعى ان الأئمة هم الذين لقنوه إياها، بل لعلي لا أغالي إذا قلت: إن النعمان هو
أول من دون فقه المذهب الفاطمي، فلا أكاد أعرف فقيها من فقهاء المذهب قبله
كتب في هذا الفن ".
والخلاصة: لقد أدى القاضي النعمان للدعوة الإسماعيلية خدمات علمية جليلة
كان لها الفضل الأكبر في تركيز دعائم الدعوة، ولا غرو فقد كان اللسان الناطق
لأئمتهم فاستحق أن يتربع على عرش الدعوة العلمية وأن يورث أبناءه هذه الزعامة
وكانت وفاته بمصر في مستهل رجب سنة 363 ه‍، وصلى عليه المعز لدين الله.
وذكر العلامة المحدث النوري في خاتمة مستدرك الوسائل (ج 3 ص 313)
ترجمة للقاضي نعمان أسهب فيها وحقق في شرح حال (دعائم الاسلام) والتعريف
به تحقيقا رشيقا، وذكر وجوها كثيرة فيما صرح به أعلام الامامية من أن النعمان
أظهر الحق تحت ستار التقية، فراجعه.
وذكر الدكتور كامل حسين في مقدمته لكتاب (الهمة في آداب اتباع الأئمة)
أسماء جملة من مؤلفات القاضي النعمان، كما ترجم لكثير من أولاده وأحفاده، فراجعه
وقد ترجم للقاضي النعمان في كثير من المعاجم الرجالية، وذكرت أخباره
في أكثر كتب التاريخ، راجع: سير النبلاء للذهبي، والوافي بالوفيات للصفدي
وفوات الوفيات لابن شاكر الكتبي، ووفيات الأعيان لابن خلكان، ولسان الميزان
لابن حجر العسقلاني، ومرآة الجنان لليافعي، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي
وكشف الظنون لحاجي خليفة، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردي، وإيضاح
المكنون للبغدادي، والفوائد الرضوية للشيخ عباس القمي، والذريعة لشيخنا الشيخ
آغا بزرك الطهراني ج 8 - 197، وأمل الآمل للشيخ الحر العاملي، ومجالس المؤمنين
للقاضي نور الله التستري، وروضات الجنات للخوانساري وغيرها من المعاجم الرجالية.
والإسماعيلية يوافقون الامامية في الإمام الصادق - عليه السلام - ومن قبله
من الأئمة - عليهم السلام - ويخالفونهم في الكاظم - عليه السلام - ومن بعده من
الأئمة - عليهم السلام - ويقولون بامامة إسماعيل بن جعفر الصادق - عليه السلام -
وإليه ينسبون، ويرون أن في كل دور سبعة أئمة، إما ظاهر وإما مستور، لقول
أمير المؤمنين - عليه السلام -: " لن تخلو الأرض عن قائم لله بحججه "، ويلقبون أيضا
بالباطنية لقولهم: إن لكل ظاهر باطنا " الخ.
وكان الإمام الصادق - عليه السلام - يحب ولده إسماعيل حبا شديدا بحيث
شبه على خلق كثير من (الإسماعيلية) حتى أن قالوا بإمامته وأنه حي عند الله مرزوق
وكان أكبر إخوته، ومات في حياة أبيه فحزن عليه حزنا كثيرا، وكتب بخطه
على كفنه (إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله) الخ.
أنظر: تفصيل أحوال الإسماعيلية وعقائدهم في كتاب (أعلام الإسماعيلية)
لمصطفى غالب، طبع بيروت سنة 1364 ه‍.
5

وصنف على طريق الشيعة كتبا، منها: كتاب (دعائم الاسلام) (1)
وله فيه وفي غيره ردود على فقهاء العامة كأبي حنيفة ومالك والشافعي
وغيرهم.
وذكر صاحب (تاريخ مصر) عن القاضي نعمان: " أنه كان من

(1) كتاب دعائم الاسلام أقوم مصدر لدراسة القانون عند الفاطميين
وهذا الكتاب أهم كتاب خالد للنعمان، وهو الكتاب الذي أمر الظاهر الفاطمي بان
يحفظه الناس، وجعل لمن يحفظه ما لا جزيلا، فقد ذكر صاحب كشف الظنون
ما نصه: " وفي سنة 416 ه‍ أمر الظاهر (الخليفة الفاطمي) فاخرج من بمصر من
الفقهاء المالكيين وأمر الدعاة الوعاظ أن يعظوا من كتاب (دعائم الاسلام) وجعل
لمن حفظه مالا ".
ويشتمل هذا الكتاب على فقه الفاطميين كله، فدعائم الاسلام عندهم:
الولاية، والطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، ولكل فريضة
من هذه الفرائض أصول وفروع وآداب، تحدث عنها القاضي النعمان بشئ من الاطناب
ويروي ما ورد في كل فريضة من آيات قرآنية وأحاديث نبوية وما جاء عن
الأئمة الفاطميين، ويظهر من هذا الكتاب تأثر القاضي النعمان بمذهب مالك، فقل
أن تجد خلافا بين فقه مالك وما ورد في كتاب (دعائم الاسلام) إلا ما ورد عن
الولاية، وتظهر قيمة هذا الكتاب عند علماء المذهب: أن داعيين من أكبر دعاتهم
ذكراه في كتبهما، واعتمدا عليه، ونوها به، أما الداعي الأول فهو أحمد حميد الدين
ابن عبد الله الكرماني المتوفى سنة 412 ه‍ فقد ذكر في السور الأول من كتاب
راحة العقل (المطبوع بمصر) أسماء الكتب التي يجب أن تقرأ قبل قراءة (راحة
العقل) وذكر بينها كتاب (دعائم الاسلام). وأما الداعي الثاني فهو المؤيد في
الدين هبة الله بن موسى الشيرازي المتوفى سنة 470 ه‍، فقد ذكر في (السيرة المؤيدية)
- المطبوع بمصر - أنه كان يعقد مجلسا خاصا كل يوم خميس يقرأ فيه على السلطان
أبي كاليجار البويهي فصلا من كتاب (دعائم الاسلام).
ويعتبر هذا الكتاب الآن من أقوم كتب الإسماعيلية، ومن كتبهم السيرية
مع أنه في علم الظاهر - أي في العبادة العملية - ومع حرصهم على سريته فقد طبع
في جزءين، طبع الأول منهما بمصر سنة 1370 ه‍، بتحقيق وتقديم الأستاذ آصف
ابن علي فيضي، يقع في (466) صفحة، يتضمن كتاب الولاية، وكتاب الطهارة
وكتاب الصلاة، وكتاب الجنائز، وكتاب الزكاة، وكتاب الصوم والاعتكاف
وكتاب الحج، وكتاب الجهاد، وأما الجزء الثاني فقد طبع بمصر أيضا سنة 1379 ه‍
ويقع في (539) صفحة، يتضمن كتاب البيوع والاحكام فيها، وكتاب الايمان
والنذور، وكتاب الأطعمة، وكتاب الأشربة، وكتاب الطب، وكتاب اللباس والطيب
وكتاب الصيد، وكتاب الذبايح، وكتاب الضحايا والعقائق، وكتاب النكاح، وكتاب
الطلاق، وكتاب العتق، وكتاب العطايا، وكتاب الوصايا، وكتاب الفرائض
وكتاب الديات، وكتاب الحدود، وكتاب السراق والمحاربين، وكتاب الردة
والبدعة. وكتاب الغصب والتعدي، وكتاب العارية والوديعة، وكتاب اللقطة
واللقيطة والآبق، وكتاب القسمة والبنيان، وكتاب الشهادات، وكتاب الدعوى
والبينات، وكتاب آداب القضاة.
ويذكر الداعي إدريس عماد الدين في كتابه (عيون الاخبار ج 6 ص 41):
أن الامام المعز هو الذي حث القاضي النعمان على تأليف (دعائم الاسلام) عندما
مثل بين يديه مع كثير من الدعاة، فتناولوا الكلام على الأحاديث الموضوعة
والاختلاف في الرواية، فذكر لهم الامام المعز الحديث المشهور (إذا ظهرت البدع
في أمة فليظهر العالم علمه وإلا فعليه لعنة الله) ونظر المعز لدين الله إلى القاضي
النعمان بن محمد - رضوان الله عليه - فقال: أنت المعني في هذه الأوراق يا نعمان
ثم أمره بتأليف (دعائم الاسلام) وأصل أصوله، وفرع فروعه، وأخبره
بصحيح الروايات عن الطاهرين من آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
وأصبح كتاب (دعائم الاسلام) المرجع الإسماعيلي في الاحكام والفتوى، وفي
الحقيقة إن القاضي النعمان ترك للدعوة الإسماعيلية ثروة فكرية ثمينة بالرغم من ضياع
أكثر مؤلفاته.
ولم يكن اختلاف مهم بين فقيه الشيعة عامة، وبين ما ذكره النعمان في كتاب
(دعائم الاسلام) إلا في زواج المتعة، فقد روى فيه في (ج 2: ص 226)
الحديث ال (858) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنه حرم نكاح المتعة
وفي الحديث ال (859) عن جعفر بن محمد عليه السلام: إن رجلا سأله
عن نكاح المتعة، وقال صفه لي، قال يلقى الرجل المرأة فيقول: أتزوجك بهذا
الدرهم والدرهمين وقعة أو يوما أو يومين. قال: هذا زنا، وما يفعل هذا إلا فاجر.
وإبطال نكاح المتعة موجود في كتاب الله تعالى لأنه يقول سبحانه: " والذين هم
لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " فلم يطلق النكاح إلا على زوجة
أو ملك يمين.
وكتاب دعائم الاسلام - هذا - جعله المجلسي في (مقدمة بحاره) أحد مصادر
كتابه المذكور: فقال: " كان النعمان مالكيا أولا ثم اهتدى وصار إماميا: وأخبار
هذا الكتاب أكثرها موافق لما في كتبنا المشهورة، لكن لم يرو عن الأئمة بعد الصادق
عليه السلام خوفا من الخلفاء الإسماعيلية، وتحت ستر التقية أظهر الحق لمن نظر فيه
متعمقا، وأخباره تصلح للتأييد والتأكيد ".
وقد اعتمد عليه العلامة المحدث النوري - رحمه الله - فوزع أحاديثه في كتابه
مستدرك الوسائل باجزائه الثلاثة وذكر في (ج 3 ص 318): " إنه ما خالف
(أي النعمان) في فرع غالبا إلا ومعه موافق معروف، ولولا خوف الإطالة لذكرنا
نبذة من ذلك، نعم في مسالة المتعة لا موافق له، إلا أني بعد التأمل ظهر لي أنه
ذكر ذلك على غير وجه الاعتقاد وإن استند للحرمة إلى أخبار رواها تقية أو تحببا
إلى أهل بلاده، فإنها عندهم من المنكرات العظيمة، والشاهد على ذلك - مضافا
إلى بعد خفاء حليتها عند الإمامية عليه - أنه ذكر في كتاب الطلاق - في باب إحلال
المطلقة ثلاثا - ما لفظه: (وعنه - يعني جعفر بن محمد - عليهما السلام - أنه قال:
من طلق امرأته - أي ثلاثا - فتزوجت تزويج متعة لم يحلها ذلك له) ولولا جوازها
وعدم كونها الزنا المحض لم يكن ليوردها في مقام ما اختاره من الأحكام الثابتة
عنهم بالأثر الصحيح، وهذا ظاهر والحمد لله، ومثله ما ذكره في باب ذكر الحد
في الزنا ما لفظه: (وعن علي صلوات الله عليه: ولا يكون الاحصان بنكاح متعة)
ودلالته على ما ادعيناه أوضح ".
ثم استغرب العلامة النوري - رحمه الله - ما ذكره الخونساري في (روضات
الجنات): - من أن القاضي النعمان لم يكن من الامامية الحقة بقوله: " ولكن الظاهر
عندي أنه لم يكن من الامامية الحقة وإن كان في كتبه يظهر الميل إلى طريقة أهل
البيت - عليهم السلام - والرواية من أحاديثهم من جهة مصلحة وقته والتقرب إلى
السلاطين من أولادهم " الخ.
وقد رده العلامة النوري بوجوه خمسة، راجعها في المستدرك (ج 3 ص 318 - 319
10

العلم والفقه والدين والنبل على مالا مزيد عليه، (1) وكتاب (الدعائم)
كتاب حسن جيد، يصدق ما قد قيل فيه، إلا أنه لم يرو فيه عمن بعد
الصادق عليه السلام من الأئمة - عليهم السلام - خوفا من الخلفاء الإسماعيلية
حيث كان قاضيا منصوبا من قبلهم بمصر، لكنه قد أبدى - من وراء ستر
التقية - حقيقة مذهبه بما لا يخفى على اللبيب.

(1) صاحب تاريخ مصر - هذا - هو الأمير المختار عز الملك محمد بن أبي
القاسم عبيد الله بن أحمد الكاتب الحراني الأصل والمصري المولد وكانت ولادته
سنة 366 ه‍، ووفاته بمصر سنة 420 ه‍، ويعرف بمختار المسبحي، وكتابه (تاريخ
مصر) كتاب كبير في ثلاثة عش الف ورقة، فهو أوسع كتاب في تاريخ مصر
ينتهي بحوادث سنة 414 ه‍، يذر فيه أخبار مصر ومن حلها من الولاة والأمراء
والأئمة والخلفاء وما بها من العجائب والأبنية، وذكر نيلها وأحوال من حل بها
إلى الوقت الذي كتب فيه ذلك الكتاب، ويتخلل ذلك أشعار الشعراء، وأخبار
المغنين ومجالس القضاة والحكام والمعدلين والأدباء والمتغزلين وغيرهم، (مخطوط)
قال جرجي زيدان في (تاريخ آداب اللغة العربية ج 2 ص 321) بعد أن وصفه:
" يوجد بعضه في مكتبة الاسكوديال ":
والعبارة التي ذكرها سيدنا في (الأصل) أوردها ابن خلكان في (وفيات
الأعيان) عن المسبحي المذكور عند ترجمته للقاضي النعمان قائلا - بعد ذكر اسمه
ونسبه -: " أحد الأئمة الفضلاء المشار إليهم، ذكر الأمير المختار المسبحي في
تاريخه فقال: (كان من أهل العلم والفقه والدين والنبل على مالا مزيد عليه، وله
عدة تصانيف مها كتاب اختلاف أصول المذاهب وغيره) وكان مالكي المذهب
ثم انتقل إلى مذهب الإمامية... وكان ملازما صحبة المعز أبي تميم معد المنصور
ولما وصل من إفريقية إلى الديار المصرية كان معه ولم تطل مدته، ومات في مستهل
رجب سنة 363 ه‍ بمصر ".
14

باب الهاء
هارون بن مسلم بن سعدان الأنباري:
كوفي تحول إلى البصرة، ثم إلى بغداد، ومات بها، وكان قد
نزل بسر من رأى، يكنى: أبا القاسم، من أصحاب الهادي والعسكري
- عليها السلام - له كتب. ذكره الشيخ في كتابيه من غير جرح ولا
تعديل (1).
وقال النجاشي: " ثقة، وجه، وكان له مذهب في الجبر والتشبيه " (2)
وأورده العلامة في القسم الأول (3) وابن داود بن في الثاني (4) ووثقه

(1) راجع: من كتاب الرجال للشيخ الطوسي باب أصحاب العسكري (ع)
باب الهاء ص 437 طبع النجف الأشرف سنة 1381 ه‍، ومن كتاب الفهرست
له: باب هارون برقم 763 ص 176 طبع النجف الأشرف سنة 1356 ه‍.
(2) راجع: ص 342 من رجاله طبع إيران. والجبر: هو سلب المكلف
اختياره في مطلق أفعاله الخيرية والشرية - وبه تقول عامة الأشاعرة - مقابل القول
بالتفويض، وهو تفويض المرء أفعال نفسه لنفسه، والقول الحق هو قول الإمامية
الذي تقدم به الإمام الصادق عليه السلام، فقال: " لا جبر ولا تفويض بل هو امر
بين أمرين " أي نسبة فعل المكلف إلى الله تعالى بالتسبيب، والى المكلف بالمباشرة. وتفصيل
البحث في كتب الكلام من الفريقين. والتشبيه هو التجسيم بكل ألوانه المبحوثة في
كتب الكلام وبه يقول عامة الأشاعرة وتبرأ منه الامامية الاثنا عشرية.
(3) راجع: الخلاصة رجال العلامة: الباب الرابع (هارون) رقم 5 ص 180
طبع النجف الأشرف سنة 1381 ه‍.
(4) راجع: رجال ابن داود، القسم الثاني، باب الهاء برقم 526 ص 524
طبع طهران دانشكاه.
15

المجلسيان (1) وهو الوجه، لوجود التوثيق الصريح المؤكد

(1) وثقه المجلسي الثاني في (الوجيزة: ص 168) طبع إيران، كما وثقه والده
المجلسي الأول المولى التقي على ما نقله الوحيد البهبهاني في تعليقته على (منهج المقال
ص 387) طبع إيران سنة 1304 ه‍، فقال - مشيرا إلى قول النجاشي: له مذهب
في الجبر والتشبيه - ما نصه: " الظاهر أنه مجمل وربما يشعر بفساد العقيدة، وحمله
على أن له مذهبا في نفي الجبر والتشبيه بعيد " ثم نقل الوحيد - رحمه الله - عن جده
(يعني المولى التقي المجلسي الأول) أنه قال: " يصدق على من يقول: بأنه لا جبر
ولا تفويض بل أمر بين الامرين: أن له مذهبا في الجبر، ثم اعترض عليه بان كون
ذلك مذهب الأئمة وشيعتهم كان من الشهرة بحيث لا يخفى على المخالفين مع أنه
مذهب النجاشي وغيره من المشائخ، فكيف يقول: وكان له مذهب في الجبر
والتشبيه " ثم نقل الوحيد - رحمه الله - عن جده أنه قال: " وكذا إذا قال: إنه
تعالى جسم لا كالأجسام ولا يعرف معنى الجسم كما يقول: جوهر لا كالجواهر
وغرضه أنه شئ لا كالأشياء، يصدق عليه أن له مذهبا في التشبيه سيما بالنظر إلى
من لا يعرف اصطلاح الحكماء والمتكلمين " ثم تأمل فيه أيضا، ثم نقل عن جده
ما رضي به وهو أن " الظاهر أنهم ذكروا أخبار الجبر والتشبيه في كتبهم، والمتقدمون
ذكروا أن لهم مذهبا فيهما وتبعهم النجاشي والعلامة لأنه لم يكن لهم كتاب في
الاعتقادات غالبا حتى يفهم من كتبهم عقائدهم بل كان دأبهم نقل الروايات
وهي محمولة على المجاز الشائع كما في جميع الكتب الإلهية " ثم إن الوحيد - رحمه الله -
بعد أن ذكر كلام جده المذكور قال: " ويشهد على ذلك ما ذكره الصدوق
- رحمه الله - في أول كتابه التوحيد: أن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا: أني
وجدت قوما من المخالفين لنا ينسبون عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر لما وجدوه
في كتبهم من الاخبار التي جهلوا تفسيرها ولم يعرفوا معانيها، (إلى آخر ما قاله
الصدوق) ثم قال الوحيد - رحمه الله - " وفي محمد بن بحر الرهني
ومحمد بن جعفر بن عون، وأحمد بن محمد نوح ماله دخل في المقام ".
وقد وصف العلامة الحلي - رحمه الله - في الفائدة الثامنة من خاتمة (الخلاصة)
طريق ابن بابويه الصدوق - رحمه الله - إلى مسعدة بن زياد بالصحة وهارون بن
مسلم - هذا - في الطريق، وكذلك وصف طريقه إلى القاسم بن عروة وهارون في
الطريق، وهو قرينة على عدم كون قوله في الجبر والتشبيه منافيا لمذهب الامامية.
ويروي عن هارون بن مسلم - هذا -: أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم
وعبد الله بن جعفر الحميري - كما في فهرست الشيخ الطوسي - ويروي عنه أيضا
سعد بن عبد الله - كما في رجال النجاشي - وزاد صاحب (تمييز المشتركات)
الكاظمي: رواية محمد بن علي بن محبوب عنه، ثم نقل عن الكافي: روايته عن علي
ابن إبراهيم عنه، وعن التهذيب: روايته عن إبراهيم بن هاشم عنه، وزاد المولى
الأردبيلي في (جامع الرواة: ج 2 ص 307) نقل رواية الحسن بن علي بن فضال
وعلي بن الحسن بن فضال، ومحمد بن أحمد بن يحيى، وأحمد بن الحسن، وسهل
ابن زياد، وعلي بن يعقوب الهاشمي، وأحمد بن يوسف، وعلي بن مهزيار
وعبد الله بن عمر، وصالح بن أبي حماد، عنه، وروايته هو عن أبي محمد وأبي
الحسن - عليهما السلام - وعن الحسن بن موسى الحناط، وعبد الله بن هلال بن
خاقان، وبريد بن معاوية، ومسعدة بن صدقة، ومسعدة بن زياد العبدي، والقاسم
ابن عروة، وابن أبي عمير، وعلي بن الحكم، وعبيدة بن زرارة، وأبي البختري،
وأبي عبد الله الحراني، وعبد الله بن عمرو بن الأشعث، وعمران بن موسى. ومحمد بن جعفر بن عون، وأحمد بن محمد نوح ماله دخل في المقام ".
وقد وصف العلامة الحلي - رحمه الله - في الفائدة الثامنة من خاتمة (الخلاصة)
طريق ابن بابويه الصدوق - رحمه الله - إلى مسعدة بن زياد بالصحة وهارون بن
مسلم - هذا - في الطريق، وكذلك وصف طريقه إلى القاسم بن عروة وهارون في
الطريق، وهو قرينة على عدم كون قوله في الجبر والتشبيه منافيا لمذهب الامامية.
ويروي عن هارون بن مسلم - هذا -: أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم
وعبد الله بن جعفر الحميري - كما في فهرست الشيخ الطوسي - ويروي عنه أيضا
سعد بن عبد الله - كما في رجال النجاشي - وزاد صاحب (تمييز المشتركات)
الكاظمي: رواية محمد بن علي بن محبوب عنه، ثم نقل عن الكافي: روايته عن علي
ابن إبراهيم عنه، وعن التهذيب: روايته عن إبراهيم بن هاشم عنه، وزاد المولى
الأردبيلي في (جامع الرواة: ج 2 ص 307) نقل رواية الحسن بن علي بن فضال
وعلي بن الحسن بن فضال، ومحمد بن أحمد بن يحيى، وأحمد بن الحسن، وسهل
ابن زياد، وعلي بن يعقوب الهاشمي، وأحمد بن يوسف، وعلي بن مهزيار
وعبد الله بن عمر، وصالح بن أبي حماد، عنه، وروايته هو عن أبي محمد وأبي
الحسن - عليهما السلام - وعن الحسن بن موسى الحناط، وعبد الله بن هلال بن
خاقان، وبريد بن معاوية، ومسعدة بن صدقة، ومسعدة بن زياد العبدي، والقاسم
ابن عروة، وابن أبي عمير، وعلي بن الحكم، وعبيدة بن زرارة، وأبي البختري،
وأبي عبد الله الحراني، وعبد الله بن عمرو بن الأشعث، وعمران بن موسى. ومحمد بن جعفر بن عون، وأحمد بن محمد نوح ماله دخل في المقام ".
وقد وصف العلامة الحلي - رحمه الله - في الفائدة الثامنة من خاتمة (الخلاصة)
طريق ابن بابويه الصدوق - رحمه الله - إلى مسعدة بن زياد بالصحة وهارون بن
مسلم - هذا - في الطريق، وكذلك وصف طريقه إلى القاسم بن عروة وهارون في
الطريق، وهو قرينة على عدم كون قوله في الجبر والتشبيه منافيا لمذهب الامامية.
ويروي عن هارون بن مسلم - هذا -: أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم
وعبد الله بن جعفر الحميري - كما في فهرست الشيخ الطوسي - ويروي عنه أيضا
سعد بن عبد الله - كما في رجال النجاشي - وزاد صاحب (تمييز المشتركات)
الكاظمي: رواية محمد بن علي بن محبوب عنه، ثم نقل عن الكافي: روايته عن علي
ابن إبراهيم عنه، وعن التهذيب: روايته عن إبراهيم بن هاشم عنه، وزاد المولى
الأردبيلي في (جامع الرواة: ج 2 ص 307) نقل رواية الحسن بن علي بن فضال
وعلي بن الحسن بن فضال، ومحمد بن أحمد بن يحيى، وأحمد بن الحسن، وسهل
ابن زياد، وعلي بن يعقوب الهاشمي، وأحمد بن يوسف، وعلي بن مهزيار
وعبد الله بن عمر، وصالح بن أبي حماد، عنه، وروايته هو عن أبي محمد وأبي
الحسن - عليهما السلام - وعن الحسن بن موسى الحناط، وعبد الله بن هلال بن
خاقان، وبريد بن معاوية، ومسعدة بن صدقة، ومسعدة بن زياد العبدي، والقاسم
ابن عروة، وابن أبي عمير، وعلي بن الحكم، وعبيدة بن زرارة، وأبي البختري،
وأبي عبد الله الحراني، وعبد الله بن عمرو بن الأشعث، وعمران بن موسى.
16

بالوجه (1) وعدم ظهور القدح بما ذكر له من المذهب. وإجمال العبارة
التي أشير فيها إليه (2) وخلوها عن تعيينه، فلعله مما لا ينافي العدالة، ومع

(1) يريد - قدس سره - بالتوثيق الصريح المؤكد بالوجه: ما ذكره النجاشي
من أنه ثقة وجه - كما تقدم - وتبعه العلامة الحلي في القسم الأول من (الخلاصة).
(2) يريد - قدس سره - بالعبارة المجملة التي أشير إليها فيه قولهم:
مذهب في الجبر والتشبيه) وقد سبق ما نقلناه آنفا عن الوحيد البهبهاني مما له تعلق
بتوجيه إجمال العبارة المذكورة، فراجعه.
17

ذلك فليست نصا في الاستمرار عليه، بل ربما لاح منها العدول عنه
والحكم بأنه " ثقة وجه " مع ذلك يعطي عدم القصد إلى القدح (1).
هاني بن عروة المرادي المذحجي:
قال أبو الحسن علي بن الحسين بن علي الهذلي المعروف بالمسعودي
في (مروج الذهب): " كان هاني بن عروة المرادي شيخ (مراد)
وزعيمها يركب في أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجل، فإذا أجابتها
أحلافها من (كندة) وغيرها كان في ثلاثين الف دارع " (2) وفي (حبيب
السير): " إن هاني بن عروة كان من أشراف الكوفة وأعيان الشيعة.
- قال - وروي: أنه قد أدرك النبي (ص) وتشرف بصحبته. وكان
يوم قتل - ابن تسع وثمانين سنة " (3).

(1) يشير - قدس سره - بقوله: (والحكم بأنه ثقة وجه) إلى ما ذكره
النجاشي: والعلامة الحلي.
(2) راجع: الجزء الثالث ص 69 الطبعة الثانية بمصر سنة 1367 ه‍.
(3) انظر أخبار هاني بن عروة المذحجي في (حبيب السير) المجلد (2 ص 42
- 47) طبع طهران سنة 1333 شمسي، وهو كتاب تاريخ فارسي كبير في ثلاث
مجلدات، تأليف غياث الدين محمد بن همام الدين الحسيني المدعو بخواند مسير
والمولود حدود سنة 880 ه‍، والمتوفى سنة 941، أو سنة 942 ه‍ على الخلاف
بين أرباب المعاجم الرجالية، وهو شيرازي الأصل وهروي المنشأ وكانت وفاته
بمدينة مندو، ونقل إلى دهلي، ودفن بها - حسب وصيته - بجوار الشيخ نظام الدين
والأمير خسرو، بدأ بتأليفه سنة 927، وله يومئذ سبع أو ثمان وأربعون سنة الفه
بالتماس خراجه حبيب الله من أعيان دولة شاه إسماعيل بن حيدر الصفوي وفرغ
منه سنة 930 ه‍، وغياث الدين صاحب كتاب (حبيب السير) هو سبط مؤلف
روضة الصفا) الأمير خواند محمد بن برهان الدين خاوندشاه ابن السيد برهان
الدين ابن السيد كمال الدين محمود، الذي ينتهي نسبه إلى زيد الشهيد - رضي الله
عنه - كما صرح بذلك في (تكملة روضة الصفا) الذي هو من مؤلفاته، وكان
صاحب (حبيب السير) تلميذا لوالد أمه صاحب (روضة الصفا)، لا أنه ولده
الصلبي كما زعمه - خطا - الحلبي في (كشف الظنون) فإنه عند ذكره (حبيب السير)
قال: " لخصه من تاريخ والده المسمى (روضة الصفا)... " وعند ذكره (خلاصة
الاخبار) قال: " لخص فيه روضة الصفا لأبيه " فجعل مؤلفيهما ابن صاحب الروضة
مع أنه سبطه وابن بنته، فراجع ذلك، وانظر (ج 6 ص 244) من الذريعة
لشيخنا الامام الطهراني - أدام الله وجوده - تحت عنوان (حبيب السير في أخبار
أفراد البشر) مع تعليقته هناك و (ج 7 - ص 210) تحت عنوان (خلاصة
الاخبار في أحوال الأخيار).
18

قال المفيد - رحمه الله - في (الارشاد) (1) "... إن مسلم بن
عقيل - رحمه الله - لما قدم الكوفة نزل دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي
وهي الدار التي تدعى: دار مسلم بن المسيب... فلما سمع بمجيئ عبيد الله
ابن زياد - لعنه الله - وما أخذ به الناس والعرفاء من التجسس، خرج من
دار المختار حتى انتهى إلى دار هانئ بن عروة، فدخلها، فاخذت الشيعة تختلف
عليه في دار هاني على تستر واستخفاء من عبيد الله، وتواصوا بالكتمان
فدعا ابن زياد - لعنه الله - مولى له يقال له (معقل) فقال له: خذ ثلاثة

(1) أنظر من الارشاد للشيخ المفيد - رحمه الله -: الفصل الذي ذكر فيه
مختصر الاخبار التي جاءت بسبب دعوة الحسين - عليه السلام - وما أخذه على الناس
في الجهاد من بيعته، وذكر جملة من أمره في خروجه ومقتله، فإنك تجد فيه تفصيل
أخبار مسلم وهاني بن عروة، وقد طبع الارشاد طبعات عديدة.
19

آلاف درهم واطلب مسلم بن عقيل والتمس أصحابه، فإذا ظفرت بواحد
منهم أو جماعة فاعطهم هذه الثلاثة آلاف درهم، وقل لهم استعينوا بها
على حرب عدوكم. وأعلمهم أنك منهم، فإنك لو أعطيتهم إياها لقد
اطمأنوا إليك ووثقوا بك ولم يكتموك شيئا من أخبارهم، ثم أغد عليهم
ورح حتى تعرف مستقر مسلم بن عقيل وتدخل عليه. ففعل ذلك، وجاء
حتى جلس إلى مسلم بن عوسجة الأسدي في المسجد الأعظم - وهو يصلي -
فسمع قوما يقولون: هذا يبايع للحسين - عليه السلام - فجاء وجلس
حتى فرغ من صلاته، فقال: يا عبد الله، إني امرؤ من أهل الشام أنعم
الله علي بحب أهل البيت - عليهم السلام - وحب من أحبهم، وتباكى
له، وقال: معي ثلاثة آلاف درهم أردت بها لقاء رجل منهم بلغني انه
قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول الله (ص) فكنت أريد لقاءه، فلم
أجد أحدا يدلني عليه، ولا أعرف مكانه، فانى لجالس في المسجد
- الآن - إذ سمعت نفرا من المؤمنين يقولون: هذا رجل له علم باهل هذا
البيت وانى أتيتك لتقبض مني هذا المال، وتدخلني على صاحبك فانى أخ
من إخوانك وثقة عليك، وإن شئت اخذت بيعتي له قبل لقائه. فقال
له مسلم بن عوسجة: أحمد الله على لقائك، فقد سرني ذلك لتنال الذي
تحب، ولينصر الله بك أهل بيت نبيه - عليه وعليهم السلام - ولقد ساءني
معرفة الناس إياي بهذا الامر قبل أن يتم مخافة هذا الطاغي وسطوته. قال
له (معقل): لا يكون إلا خيرا، خذ البيعة علي، فاخذ بيعته، وأخذ
عليه المواثيق المغلظة ليناصحن وليكتمن، فأعطاه من ذلك ما أرضاه. ثم
قال: اختلف إلي - أياما - في منزلي، فاني طالب لك الاذن على صاحبك
وأخذ يختلف مع الناس، فطلب له الاذن، فاذن له، فاخذ مسلم بن
عقيل بيعته، وأمر أبا تمامة الصائدي بقبض المال منه، وهو الذي كان
20

يقبض أموالهم وما يعين به بعضهم بعضا ويشتري لهم السلاح، وكان
بصيرا وفارسا من فرسان العرب ووجوه الشيعة. وأقبل ذلك الرجل يختلف
إليهم، فهو أول داخل وآخر خارج حتى فهم ما احتاج إليه ابن زياد
فكان يخبره به وقتا، فوقتا ".
قال المفيد - رحمه الله -: " وخاف هاني بن عروة عبيد الله على
نفسه فانقطع عن حضور مجلسه وتمارض، فقال ابن زياد لجلسائه: مالي
لا أرى هانئا؟ فقالوا: هو شاك. فقال: لو علمت بمرضه لعدته.
ودعا محمد بن الأشعث وحسان بن أسماء بن خارجة وعمرو بن الحجاج الزبيدي -
وكانت رويحة بنت عمرو تحت هاني بن عروة وهي أم يحيى بن هاني -
فقال لهم: ما يمنع هاني بن عروة من إتياننا؟ فقالوا: ما ندرى، وقد قيل إنه
يشتكي، قال: قد بلغني أنه قد برئ، وهو يجلس على باب داره
فالقوه ومروه: ألا يدع ما عليه من حقنا فاني لا أحب أن يفسد عندي مثله
من أشراف العرب. فاتوه حتى وقفوا عليه عشية - وهو جالس على بابه -
وقالوا له: ما يمنعك من لقاء الأمير، فإنه قد ذكرك، وقال: لو أعلم
أنه شاك لعدته؟ فقال لهم: الشكوى تمنعني، فقالوا له: قد بلغه أنك
تجلس كل عشية على باب دارك، وقد استبطأك، والابطاء والجفاء لا يحتمله
السلطان، أقسمنا عليك لما ركبت معنا، فدعا بثيابه، فلبسها، وببغلته
فركبها، حتى إذا دنا من القصر كان نفسه أحست ببعض ما كان، فقال
لحسان بن أسماء بن خارجة: يا بن الأخ، إني - والله - لهذا الرجل لخائف
فما ترى؟ فقال: يا عم، والله ما أتخوف عليك شيئا، ولم تجعل على نفسك
سبيلا - ولم يكن حسان يعلم في أي شئ بعث إليه عبيد الله - فجاء هاني
حتى دخل على عبيد الله بن زياد - وعنده القوم - فلما طلع قال عبيد الله:
21

" أتتك بحائن رجلاه (1) " فلما دنا من ابن زياد - وعنده - شريح القاضي -
التفت نحوه، فقال:
أربد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مراد (2)
وقد كان أول ما قدم مكرما له، ملطفا، فقال له هاني: وما
ذاك - أيها الأمير؟ قال: إيه يا هاني بن عروة، ما هذه الأمور التي تتربص
في دارك لأمير المؤمنين وعامة المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته
دارك وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك، وظننت أن ذلك
يخفى علي؟ قال: ما فعلت ذلك، وما مسلم عندي، قال: بلى قد فعلت
فلما كثر الكلام بينهما، وأبى هاني الا مجاحدته ومناكرته، دعا ابن زياد
(معقلا) ذلك العين، فجاء حتى وقف بين يديه، وقال: أتعرف هذا؟
قال: نعم، وعلم هاني - عند ذلك - أنه كان عينا عليهم، وأنه قد أتاه

(1) قيل: أول من قال هذا المثل المشهور عبيد بن الأبرص حين عرض
للنعمان بن المنذر في يوم بؤسه بتسميحه العطاء فسأله النعمان عن سبب مجيئه - بغضب -
فقال عبيد: اتتك بحائن رجلاه، فأرسل مثلا. وقيل: أول من قاله الحارث بن
جبلة الغساني للحارث بن عيف العبدي - وكان ابن العيف قد هجاه والمراد بالحائن
- بالحاء المهملة - إما الأحمق، أو سمن الحسين وهو الهلاك، وعلى هذين الوجهين
يفسر المثل (راجع مجمع الأمثال للميداني).
(2) يروى " حياته " من الحياة، و " حباءه " من العطاء. وعذيرك - بالنصب -
أي: هات من يعذرك ولا يلومك، فهو: فعيل بمعنى الفاعل. والشعر لعمرو بن
معدي كرب الزبيدي قاله في ابن أخته قيس بن المكشوح المرادي حيث كانا
متباعدين وسبق أن قال قيس في حق خاله عمرو:
فلو لاقيتني لا قيت قرنا * وودعت الأحبة بالسلام
فرد عليه عمرو بذلك البيت (راجع: الإصابة ج‍ 3 ترجمة قيس هذا).
22

باخبارهم، فأسقط في يده ساعة، ثم راجعته نفسه، فقال: اسمع مني
وصدق مقالتي، فوالله لا كذبت، والله ما دعوته إلى منزلي ولا علمت
بشئ من أمره، حتى جاءني يسألني النزول، فاستحييت من رده وداخلني
من ذلك ذمام، فضيفته وآويته، وقد كان من أمره ما بلغت، فإن شئت
أن أعطيك - الآن - موثقا مغلظا أن لا أبغيك سوء ولا غائلة ولآتينك
حتى أضع يدي في يدك، وإن شئت أعطيك رهينة تكون في يدك حتى
آتيك، وانطلق إليه، فأمره أن يخرج من داري حيث شاء من الأرض
فاخرج من ذمامه وجواره، فقال له ابن زياد: والله لا تفارقني - أبدا -
حتى تأتيني به، قال: لا والله، لا أجيئك به - أبدا - أجيئك بضيفي
تقتله؟ قال والله لتأتيني به، قال: والله لا آتيك به. فلما كثر الكلام
بينهما قام مسلم بن عمرو الباهلي - وليس بالكوفة شامي ولا بصري غيره -
فقال: أصلح الله الأمير، خلني وإياه حتى أكلمه، فخلا به ناحية من
ابن زياد - وهما منه بحيث يراهما، فإذا رفعا أصواتهما سمع ما يقولان -
فقال مسلم: يا هاني، أنشدك بالله أن تقتل نفسك، وأن تدخل البلاء في
عشرتك، فوالله إني لأنفس بك عن القتل، إن هذا ابن عم القوم
وليسوا قاتليه ولا ضاريه، فادفعه إليهم فإنه ليس عليك في ذلك مخزاة
ولا منقصة، إنما تدفعه إلى السلطان، فقال: هاني والله إن علي في ذلك
الخزي والعار إن أدفع جاري وضيفي، وأنا حي صحيح أسمع وأرى شديد
الساعد كثير الأعوان، والله لو لم أكن إلا وحدي، وليس لي ناصر، لم
أدفعه حتى أموت دونه، فاخذ يناشده، وهو يقول: والله لا أدفعه إليه
أبدا. فسمع ابن زياد - لعنه الله - ذلك، فقال: ادنوه مني، فقال:
لتأتيني به أو لأضربن عنقك، فقال: إذا تكثر البارقة حول دارك، فقال
ابن زياد - لعنه الله -: والهفاه عليك أبا البارقة تخوفني؟ - وهو يظن أن
23

عشيرته يسمعونه - ثم قال: أدنه مني؟ فادني منه، فاعترض وجهه بالقضيب
فلم يزل يضرب به أنفه وجبينه وخده حتى كسر أنفه، وسالت الدماء
على وجهه ولحيته، ونثر لحم جبينه وخده على لحيته، حتى كسر القضيب
وضرب هاني يده على قائم سيف شرطي، وجاذبه الرجل ومنعه، فقال
عبيد الله - لعنه الله -: أحروري سائر القوم (1) قد حل لنا دمك، جروه
فجروه، فالقوه في بيت من بيوت الدار، وأغلقوا عليه بابه " فقال:
اجعلوا عليه حرسا، ففعل ذلك به. فقام إليه حسان بن أسماء، فقال:
أرسل غدر سائر اليوم؟ أمرتنا أن نجيئك بالرجل، حتى إذا جئناك به
هشمت وجهه وسيلت دماءه على لحيته، وزعمت أنك تقتله؟ فقال له
عبيد الله - لعنه الله -: وإنك لها هنا؟ فامر به فلهز وتعتع (2) واجلس
ناحية، فقال محمد بن الأشعث: قد رضينا بما رأى الأمير لنا كان أم
علينا، انما الأمير مؤدب.
وبلغ عمرو بن الحجاج: أن هانئا قتل، فاقبل في (مذحج) (3)
حتى أحاط بالقصر - ومعه جمع كثير - ثم نادى: أنا عمرو بن الحجاج

(1) الحرورية: فرقة من الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين عليه
السلام يوم صفين، وأصل المثل: أسائر اليوم، أصله: إن قوما أغير عليهم
فاستصرخوا بني عمهم، فلم يدركوهم حتى أسروا، ثم جاؤوا يسألون، فقال لهم
المسؤول: أسائر اليوم وقد زال الظهر؟ أي: أتطمعون فيما بعد، وقد تبين لكم الياس
فضربت مثلا لمن طلب شيئا بعد فوت وقته المناسب.
(2) اللهز: الضرب بجميع اليد. والتعتعة: الحركة العنيفة.
(3) مذحج - كمجلس -: أبو قبيلة كبيرة من قبائل اليمن، وهو مذحج بن
جابر بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبا كانوا يسكنون أطرافها. ومراد: بطن
من (مذحج)، وكان هاني بن عروة مراديا.
24

وهذه فرسان مذحج ووجوهها لم تخلع طاعة ولم تفارق جماعة، وقد بلغهم:
أن صاحبهم قد قتل، فأعظموا ذلك. فقيل لعبيد الله بن زياد: هذه
مذحج بالباب، فقال لشريح القاضي: أدخل على صاحبهم فانظر إليه
ثم أخرج وأعلمهم أنه حي لم يقتل، فدخل شريح فنظر إليه، فقال ماني
- لما رأى شريحا -: يا لله والمسلمين، أهلكت عشيرتي، أين أهل الدين
أين أهل المصر؟ - والدماء تسيل على لحيته - إذ سمع الصيحة على باب
القصر، فقال: إني لأظنها أصوات (مذحج) وشيعتي من المسلمين
إنه إن دخل على عشرة نفرا أنقذوني. فلما سمع كلامه شريح خرج إليهم
فقال: إن الأمير لما بلغه كلامكم ومقالتكم في صاحبكم أمرني بالدخول عليه
فاتيته، فنظرت إليه، فأمرني أن ألقاكم وأعرفكم: أنه حي، وأن الذي
بلغكم من قتله باطل. فقال عمرو بن الحجاج وأصحابه: أما إذا لم يقتل
فالحمد لله، ثم انصرفوا.
فخرج عبيد الله بن زياد - لعنه الله - فصعد المنبر - ومعه أشراف
الناس وشرطه وحشمه - وقال: إما بعد أيها الناس، فاعتصموا بطاعة
الله وطاعة أئمتكم، ولا تفرقوا فتهلكوا وتذلوا وتقتلوا وتجفوا وتحرموا،
إن أخاك من صدقك (1) وقد أعذر من أنذر (2) ثم ذهب لينزل، فما
نزل حتى دخلت النظارة (3) المسجد من قبل باب التمارين، يشتدون

(1) هو مضمون مثل مشهور، وهو " أخوك من صدقك النصيحة " وكذلك
ورد في الأحاديث " الرجل مرآة أخيه " أو: المؤمن مرآة أخيه المؤمن. أو: أخوك
من صدقك لامن صدقك. والكل متقارب المعنى.
(2) مثل مشهور، أي صار معذورا عندك من حذرك ما يحل بك من قبل.
(3) النظارة - بالتشديد -: القوم الذين يقعدون في مرتفع من الأرض ينظرون
منه القتال ولا يشهدونه.
25

ويقولون: قد جاء ابن عقيل. فدخل عبيد الله القصر - مسرعا - واغلق
أبوابه.
فقال عبد الله بن حازم: أنا والله رسول ابن عقيل إلى القصر لأنظر
ما فعل هاني، فلما ضرب وحبس ركبت فرسي، فكنت أول داخل الدار
على مسلم بن عقيل بالحبر فإذا بنسوة لمراد مجتمعات ينادين: يا غيرتاه،
يا ثكلاه. فدخلت على مسلم، فأخبرته، فأمرني أن أنادى في أصحابه -
وقد ملأ بهم الدور حوله - كانوا فيها أربعة آلاف رجل - فقال لمناديه
ناد: يا منصور أمت (1) فناديت، فتنادوا أهل الكوفة واجتمعوا، فعقد
مسلم لرؤوس الأرباع: كندة ومذحج وتميم وأسد ومضر وهمدان. وتداعى
الناس، فما لبثنا إلا قليلا حتى امتلأ المسجد والسوق من الناس. فما زالوا
يتواثبون حتى المساء. فضاق بعبيد الله أمره، وكان أكثر عمله أن يمسك
باب القصر، وليس معه إلا ثلاثون رجلا من الشرط وعشرون رجلا من
أشرف الناس....
فدعا ابن زياد كثير بن شهاب ومحمد بن الأشعث والقعقاع الذهلي
وشبث بن ربعي وحجار بن أبجر وشمر بن ذي الجوشن، وأمرهم أن يخرجوا
فيمن أطاعهم من عشائرهم ويخذلوا الناس عن مسلم بن عقيل ويخوفونهم
السلطان ويحذرونهم. ففعلوا ذلك ومنوا أهل الطاعة: الزيادة في العطاء والكرامة
وخوفوا أهل المعصية بالحرمان والعقوبة، فلما سمع الناس مقالة أشرافهم،
أخذوا يتفرقون عن مسلم بن عقيل، حتى أمسى مسلم وليس معه إلا ثلاثون

(1) هذا النداء شعار المحاربين حين احتدام القتال وتجمع الجموع، ذكره
الطبري في تاريخه، وابن الأثير في تاريخ الكامل وغيرهما في أخبار مسلم وهاني، فكأنهم
يتفألون بقولهم (يا منصور) أنهم سينصرون في الحرب، وقولهم (أمت) تحريض
لهم بإماتة أنفسهم في الحرب للغلبة على الأعداء.
26

نفرا في المسجد، فصلى ثم خرج، ولم يبق معه أحد، فكان من أمره
ما كان من القتل وإلقائه من فوق القصر - رحمة الله عليه - (1).
فقام محمد بن الأشعث إلى عبيد الله بن زياد، فكلمه في هاني بن
عروة، فقال: إنك قد عرفت موضع هاني من المصر وبيته من العشيرة.
وقد علم قومه أنى وصاحبي سقناه إليك، وأنشدك الله لما وهبته لي، فانى
اكره عداوة المصر وأهله. فوعده أن يفعل، ثم بدا له، وأمر بهانئ
- في الحال - فقال: أخرجوه إلى السوق فاضربوا عنقه. فاخرج هاني
حتى أتي به إلى مكان من السوق يباع فيه الغنم - وهو مكتوف - فجعل
يقول: وامذحجاه ولا مذحج لي اليوم، يا مذحجاه يا مذحجاه أين مذحج
فلما رأى أن أحدا لا ينصره، جذب يده فنزعها من الكتاف ثم قال: أما
من عصا أو سكين أو حجر أو عظم يحاجز به رجل عن نفسه؟
فوثبوا إليه فشدوه وثاقا، ثم قيل له: امدد عنقك، فقال: ما أنا
بسخي وما أنا بمعينكم على نفسي، فضربه مولى لعبيد الله بن زياد - لعنه
الله - يقال له: (رشيد) بالسيف فلم يصنع شيئا، فقال هاني: إلى الله المعاد
اللهم إلى رحمتك ورضوانك، ثم ضربه أخرى، فقتله (2).

(1) إلى هنا يلخص ويطوي سيدنا قصة بروز مسلم بن عقيل ومقاتلته لجيش
عبيد الله بن زياد، وما آل إليه آخر المطاف من قتله ورميه وجره ودفنه أخيرا
فقد فصلها الشيخ المفيد في الارشاد تفصيلا. فراجع ولكنه يعود لينقل نص كلام
المفيد بعد هذه العبارة فيما يخص الحديث عن هاني بن عروة.
(2) قال صاحب حبيب السير: إن هاني بن عروة كان قد أدرك النبي
- صلى الله عليه وآله وسلم - وتشرف بصحبته وكان يوم قتل ابن تسع وثمانين سنة
وكان قتله سنة 60 ه‍، وعده ابن حجر العسقلاني في الإصابة ممن أدرك النبي (ص)
ونقل الزركلي في هامش الاعلام (ج 9 - ص 51) - بعد أن ترجم لهانئ
ابن عروة - قال: " وفي صلة تاريخ الطبري (ص 62 من حوادث سنة 304 ه‍)
ورد إلى بغداد كتاب من خراسان يذكر فيه أنه وجد بالقندهار - في أبراج سورها
برج متصل بها فيه خمسة آلاف رأس، في سلال من حشيش، ومن هذه الرؤس
تسعة وعشرون رأسا، في أذن كل رأس منها رقعة مشدودة بخيط إبريسم باسم
رجل منهم، والأسماء: شريح بن حيان، خباب بن الزبير، الخليل بن موسى التميمي
الحارث بن عبد الله، طلق بن معاذ السلمي، حاتم بن حسنة، هاني بن عروة
- صاحب الترجمة - عمر بن علان، جرير بن عباد المدني، جابر بن خبيب بن الزبير
فرقد بن الزبير السعدي، عبد الله بن سليمان بن عمارة، مالك بن طرخان صاحب
لواء، عقيل بن سهيل بن عمرو، عمرو بن حيان، سعيد بن عتاب الكندي، حبيب
ابن أنس، هارون بن عروة، غيلان بن العلاء، جبريل بن عبادة، عبد الله البجلي
مطرف بن صبح ختن عثمان بن عفان، وجدوا على حالهم إلا أنهم قد جفت جلودهم
والشعر عليها بحالته لم يتغير ".
وهذه القصة غريبة جدا والعهدة على راويها، لان المذكور في كتب التاريخ:
أن بني مذحج - بعد أن قتل هاني بن عروة - أخذوا جثته بعد أن صلبه ابن زياد
منكوسا في سوق القصابين مع جثة مسلم - ثم دفنوها في موضعه المعروف الآن
مقابل قبر مسلم بن عقيل، وأهدى ابن زياد برأسه ورأس مسلم بن عقيل إلى يزيد
ابن معاوية فنصبهما على باب دمشق، فكتب إليه يزيد يشكره. هذا ما ذكره المؤرخون
فمن الذي أرسل رأس هاني إلى القندهار يا ترى؟ فلم نجد من يكشف لنا ذلك من
المؤرخين سوى ما ذكره صاحب صلة تاريخ الطبري عريب بن سعد القرطبي
المطبوع ذيلا لتاريخ الطبري الكبير بليدن سنة 1897 م، في مصر أيضا مع تاريخ
الطبري بجزء واحد سنة 1327 ه‍، فراجعه.
وقد ذكرت ترجمة هاني في أكثر المعاجم الرجالية وذكره المؤرخون وأرباب
المقاتل، راجع: تاريخ الأمم والملوك للطبري: وتاريخ الكامل لابن الأثير الجزري
ومقاتل الطالبيين لابي الفرج الأصفهاني والمحبر لمحمد بن حبيب الهاشمي البغدادي
ونقائض جرير والفرزدق لابي عبيدة معمر بن مثنى والتاج للجاحظ، ورغبة الآمل
للمرصفي وجمهرة الأنساب لابن حزم، وصلة تاريخ الطبري لعريب بن سعد
القرطبي، وتنقيح المقال للعلامة الحجة المامقاني، ومنتهى المقال لابي علي الحائري
وأعلام الورى للطبرسي، وبحار الأنوار للمجلسي الثاني: ومقتل الموفق الخوارزمي أخطب
خوارزم الحنفي طبع النجف الأشرف، وناسخ التواريخ الفارسي، وتاريخ أعثم
الفارسي، وغيرها كثير.
27

قال: وفي مسلم بن عقيل وهاني بن عروة يقول عبد الله بن الزبير
الأسدي (1):
فان كنت لا تدرين ما الموت فانظري * إلى هاني بالسوق - وابن عقيل (2)
إلى بطل قد هشم السيف وجهه * وآخر - يهوي من طمار - قتيل (3)
أصابهما أمر الأمير فأصبحا * أحاديث من يسري بكل سبيل
تري جسدا قد غير الموت لونه * ونضح دم قد سال كل مسيل
فتى كان أحيى من فتاة حيية * وأقطع من ذي شفرتين صقيل (4)
أيركب أسماء الهماليج آمنا * وقد طالبته مذحج بذحول (5)

(1) الزبير - بفتح الزاي وكسر الباء - كما عن الكامل لابن الأثير.
(2) وفي بعض كتب التاريخ - كمروج الذهب للمسعودي -: إذا كنت.
(3) الهشم: كسر العظام أو الوجه أو الانف - خاصة - وطمار - بالفتح
كقطام -: المكان المرتفع.
(4) حيية - فعيلة - من الحياء بمعنى الفاعل، وشفرتا السيف: حده.
(5) الهماليج: جمع هملاج، وهو نوع من البرذون. والذحول: جمع ذحل
وهو الثار، وطلب المكافاة لكل سوء.
29

تطوف حواليه (مراد) وكلهم * على رقبة من سائل ومسول (1)
فان أنتم لم تثأروا بأخيكم * فكونوا بغايا أرضيت بقليل
قال المفيد - رحمة الله -: " روى عبد الله بن سليمان والمنذر بن
المشمعل الأسديان، قالا: لما قضينا حجنا لم تكن لنا همة الا اللحاق بالحسين
- عليه السلام - في الطريق لننظر ما يكون من أمره، فأقبلنا ترقل بنا ناقتانا
مسرعين حتى لحقناه ب‍ " زرود " (2) فلما دنونا منه، إذا نحن برجل من
الكوفة، وقد عدل عن الطريق حين رأى الحسين - ع - فوقف الحسين
كأنه يريده، ثم تركه ومضى، ومضينا نحوه حتى انتهينا إليه وقلنا: ممن
الرجل؟ فقال: أسدي، قلنا له: ونحن أسديان، فمن أنت؟ قال:
بكر بن فلان، فانتسبنا له، ثم قلنا: أخبرنا عن الناس وراءك؟ قال:
نعم، لم أخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة
ورأيتهما يجران بأرجلهما إلى السوق، فأقبلنا حتى لحقنا بالحسين - ع - فسايرناه
حتى نزل ب‍ (الثعلبية) ممسيا (3) فجئناه حين نزل، فسلمنا عليه، فرد علينا
السلام، فقلنا له: يرحمك الله، إن عندنا خبرا إن شئت خيرناك به علانية

(1) أطاف به: ألم به وقاربه ومراد: بطن من قبيلة مذحج الواسعة. والرقبة
- بالفتح فالسكون - الارتقاب والانتظار. وبالكسر -: التحفظ.
(2) زرود - بفتح أوله -: رمال بين الثعلبية، والخزيمية بطريق الحاج من
الكوفة، وهي دون الحزيمية بميل، وفيها بركة وحوض، وفيها وقعة يقال لها:
يوم زرود - عن معجم البلدان للحموي -.
(3) الثعلبية - بفتح أوله -: مكان بعد (الشقوق) للذاهب من الكوفة إلى
مكة، سمي باسم رجل اسمه ثعلبة من بني أسد نزل هذا الموضوع واستنبط عينا.
(عن معجم البلدان للحموي).
30

وإن شئت سرا، فنظر الينا والى أصحابه، ثم قال: ما دون هؤلاء سر
فقلنا له: رأيت الراكب الذي استقبلته عشاء أمس؟ فقال: نعم أردت
مسألته، فقلنا له: - والله - قد استبرأنا لك خبره وكفيناك مسألته
وهو امرؤ منا ذو رأي وصدق وعقل، وانه حدثنا: أنه لم يخرج من
الكوفة حتى قتل مسلم وهاني، ورآهما يجران في السوق بأرجلهما. فقال (ع):
إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمة الله عليهما - يردد ذلك مرارا - فقلنا
له: تنشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلا انصرفت من مكانك، فإنه
ليس لك بالكوفة ناصر، بل نتخوف أن يكونوا عليك، فنظر إلى بني
عقيل، فقال: ما ترون؟ فقد قتل مسلم، فقالوا: لا والله لا نرجع حتى
نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق. فاقبل علينا الحسين - عليه السلام - فقال:
لا خير في العيش بعد هؤلاء، فعلمنا أنه قد عزم رأيه على المسير، فقلنا
له: خار الله لك، فقال: رحمكم الله، فقال له أصحابه: إنك - والله -
ما أنت مثل مسلم بن عقيل، ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع
فسكت، ثم انتظر حتى إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه: أكثروا الماء
فاستقوا وأكثروا وارتحلوا، فسار حتى انتهى إلى (زبالة) (1) فاتاه خبر
عبد الله بن يقطر، فاخرج إلى الناس كتابا، فقرأه عليهم:
" بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فقد أتانا خبر فظيع، قتل مسلم بن
عقيل وهاني بن عروة وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا فمن أحب منكم

(1) زبالة - بضم أوله - موضع معروف بطريق مكة بين واقصة والثعلبية،
بها بركتان، قال الشماخ:
وراحت رواحا من زرود فنازعت * زبالة جلبابا من الليل أخضرا
(عن مراصد الاطلاع)
31

الانصراف فلينصرف من غير حرج عليه ولا ذمام " (1).
وقال ابن شهرآشوب في (كتاب المناقب): " لما دخل مسلم
الكوفة سكن دار سالم بن المسيب، فبايعه اثنا عشر الف رجل... فلما

(1) وحكى ذلك - أيضا - الطبري في تاريخه، فراجعه، وروى أيضا عن
بكر بن مصعب المزني، قال: " كان الحسين - عليه السلام - لا يمر باهل ماء إلا
اتبعوه حتى انتهى إلى زبالة سقط إليه مقتل أخيه من الرضاعة عبد الله بن يقطر
وكان سرحه إلى مسلم بن عقيل من الطريق وهو لا يدري أنه أصيب " فتلقاه خيل
الحصين بن نمير بالقادسية فسرح به إلى عبيد الله بن زياد، فقال: اصعد فوق القصر
فالعن الكذاب ابن الكذاب ثم انزل حتى أرى فيك رأيي، قال فصعد فلما أشرف
على الناس قال: أيها الناس إني رسول الحسين ابن فاطمة بنت رسول الله (ص)
لتنصروه وتوازروه على ابن مرجانة ابن سمية الدعي، فامر به عبيد الله فألقي من
فوق القصر إلى الأرض فتكسرت عظامه وبقي به رمق فاتاه رجل يقال له عبد الملك
ابن عمير اللخمي فذبحه، فلما عيب عليه ذلك قال أردت أن أريحه " الخ.
وذكر مثله أخطب خوارزم الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي الحنفي في
المقتل (ج 1 ص 228 - وص 229) طبع النجف الأشرف سنة 1367 ه‍.
وما جاء في كلام الطبري وبعض المؤرخين: من أن عبد الله بن يقطر رضيع
الحسين - عليه السلام - ليس له صحة، بل كانت أم عبد الله بن يقطر حاضنة
للحسين - عليه السلام - وكان لدة الحسين - عليه السلام - كما ذكره ابن حجر في
الإصابة واللدة بكسر - اللام - الذي ولد مع الانسان في زمن واحد.
ولعله نقل - عليه السلام - مضمون ما في الكتاب الذي ورده بذلك الخبر وأكمله
بالفقرات الأخيرة من بيانه.
وفي بعض المصادر التاريخية: فخطب فيهم فقال امام بعد... الخ ولم يكن
لموضوع الكتاب ذكر في الحديث.
32

جاء ابن زياد، انتقل من دار سالم إلى دار هاني في جوف الليل، ودخل في
أمانه وكان يبايعه الناس حتى بايعه خمسة وعشرون الف رجل، فعزم على
الخروج، فقال هاني: لا تعجل... وكان شريك بن الحرث الأعور
الحمداني جاء من البصرة مع عبيد الله بن زياد، فمرض فنزل دار هاني بن
عروة - أياما - ثم قال لمسلم: إن عبيد الله يعودني واتي مطاوله الحديث،
فاخرج إليه بسيفك، واقتله، وعلامتك أن أقول: أسقوني ماء. ونهاه هاني
عن ذلك، فلما دخل عبيد الله على شريك، وسأله عن وجعه وطول سؤاله
ورأى أن أحدا لا يخرج، فخشي أن يفوته، أخذ يقول:
ما الانتظار بسلمى أن تحييها * كاس المنية بالتعجيل اسقوها
فتوهم ابن زياد، وخرج " (1).
وقال أبو الفرج الأصفهاني في (مقاتل الطالبيين) "... قال هاني
لمسلم: لا أحب أن يقتل في داري، لما خرج مسلم إلى شريك، قال له
ما منعك من قتله؟ قال: خصلتان: اما إحداهما - كراهية هاني أن
يقتل في داره. وأما الأخرى - فحديث حدثنيه الناس عن النبي (ص)
أنه قال: " ان الايمان قيد الفتك فلا يفتك مؤمن " فقال له شريك،
أما والله لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا كافرا " (2).

(1) راجع ذلك - باقتضاب في بعض الألفاظ - في باب إمامة الحسين عليه
السلام (ج 4 ص 91) طبع المطبعة العلمية بقم.
(2) راجع: مقاتل الطالبيين (ص 98 - ص 99) طبع القاهرة سنة 1368 ه‍
وذكر بعض الأساتذة الأفاضل في رسالته التي كتبها في حياة (سفير الحسين - عليه
السلام - مسلم بن عقيل) ص 64، طبع النجف الأشرف سنة 1360 ه‍، ما هذا
نصه: " وقد انتقد هذه السياسة - من مسلم بن عقيل - من لا إلمام له ولا تفكير
(وملخص الجواب): أن الفتك مرغوب عنه عقلا وشرعا وسياسة دينية (أما
العقل) فهو يكره الغيلة ويبغض الخديعة، ولان الاطمئنان بك ألزم أن تكون
نفس المطمئن إليك وديعة، والواجب العقلي حفظ الوديعة (وأما الشرع) فهذا
الحديث متفق على روايته ولا يرتكب أهل البيت - عليهم السلام - خطة تثلم الشرف
وتقدح في الدين (وأما السياسة الدينية) فلو أن مسلما - سلام الله عليه - أطاع
المؤتمر وطبق آراء أعضائه بالفعل لتنفرت الناس من أهل البيت - عليهم السلام -
وقالوا هم أناس طلاب ملك لا طلاب إصلاح يتوصلون إلى نجاح مقاصدهم بالمخادعة
والاحتيال ومن أجلى مظاهر الاحتيال الفتك ".
وبرأينا أن ما ذكره هذا الفاضل الخبير خير توجيه لسياسة مسلم في عدم الفتك
بابن زياد.
33

وفي تاريخ (روضة الصفا) و (حبيب السير): " إن مسلما دخل
دار هاني - ليلا - مستجيرا من غير إذن، فقال له هاني: أوقعتني في
عناء وتكليف، ولولا أنك دخلت داري لرددتك، وأما الآن، فلا أستطيع
ردك ولا الاعتذار منك، ووجب علي أن أحميك وأدافع عنك، وأخلى
له حجرة في حرمه، وجعلت الشيعة تختلف إلى مسلم في دار هاني - أفواجا -
ومسلم يأخذ منهم البيعة للحسين - عليه السلام - ويستوثق منهم بالمواثيق
والعهود ويوصيهم بالكتمان. وكان شريك بن الأعور - وهو من كبار
الشيعة - قد أتى من البصرة، ونزل على هاني بن عروة، وكان يحث هانيا
على تقوية أمر مسلم وتمشيته، فمرض شريك وسمع ابن زياد بمرضه
وأرسل إليه: أنه يريد أن يعوده، فقال شريك لمسلم: إن ابن زياد
يعودني - غدا - وإني لأشغله بالكلام، فاغتنم الفرصة واخرج واقتله
فتستقر لك إمارة الكوفة، ولئن عوفيت من مرضي لأسعى لك في تسخير
البصرة، فلما أتى ابن زياد أخرج مسلم سيفه من غمده وهم بقتله، فمنعه
هاني وناشده الله أن لا يقتل ابن زياد في داره، وقال له: إن في الدار
34

نساء وأطفالا كثيرة، وأخاف إن قتلته فيها أن تقطع قلوبهم من الخوف
فغضب مسلم من قوله ورمى السيف من يده، ولم يخرج حتى خرج ابن
زياد، فجعل شريك يلومه على عدم انتهاز الفرصة، ويلوم هانيا على منعه
إياه ويقول لمسلم: إن الله قد سهل لك قتل هذا الفاجر بأهون سعي
وقد فاتك ذلك وما أظن أن يعود لك مثله. وتوفي شريك بعد ثلاثة أيام
وصلى عليه ابن زياد - لعنه الله - " (1).
وقد روي في قصة هاني وامتناع مسلم من قتل ابن زياد غير ذلك:
قال الشيخ جعفر بن محمد بن نما في كتاب (مشير الأحزان):
" إن عبيد الله بن زياد لعنه الله لما خرج من دار هاني جاء مسلم والسيف
في يده، فقال له شريك: ما منعك من الامر؟ قال: هممت بالخروج،
فتعلقت بي امرأة وقالت: نشدتك الله إن قتلت ابن زياد في دارنا،
وبكت في وجهي، فرميت السيف وجلست، قال هاني: يا ويلها قتلتني
وقتلت نفسها والذي فرت منه وقعت فيه " (2).
وقال عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتابه المعروف بكتاب (الإمامة والسياسة)
" إن مسلم بن عقيل - رحمه الله - بايعه أكثر من ثلاثين ألفا من أهل الكوفة
فنهضوا يريدون عبيد الله بن زياد فجعلوا كلما أشرفوا على زقاق انسل منهم
أناس حتى بقي مسلم في شرذمة قليلة، فجعل الناس يرمونه بالآجر من

(1) راجع: روضة الصفا للسيد مير محمد ابن السيد برهان الدين خواندشاه
الشهير بمير خواند المتوفى ثاني ذي القعدة سنة 903 عن (66) سنة (ج 3 ص 121)
طبع طهران سنة 1379 ه‍، وراجع أيضا: حبيب السير (المجلد 2 ص 42) طبع
طهران سنة 1333 شمسي والكتابان باللغة الفارسية.
(2) راجع مثير الأحزان (ص 14) طبع إيران، و (ص 21) طبع النجف
الأشرف سنة 1369 ه‍.
35

فوق البيوت، فلما رأى ذلك دخل دار هاني بن عروة المرادي، وكان
له فيها رأي، فقال له هاني: إن لي من ابن زياد مكانا، وسوف
أتمارض له، فإذا جاء يعودني فاضرب عنقه، فقيل لابن زياد: إن هاني
ابن عروة شاك يقيئ الدم، وكان شرب (المغرة) (1) فجعل يقيئها،
فجاء ابن زياد يعوده، وقال هاني: إذا قلت لكم " أسقوني " فاخرج
إليه واضرب عنقه، فقال: أسقوني، فأبطأوا عليه، فقال: ويحكم أسقوني
ولو كان فيه ذهاب نفسي. فخرج عبيد الله، ولم يصنع مسلم شيئا،
وكان من أشجع الناس، ولكن أخذته كبرة (*) فقيل لابن زياد - لعنه الله -
والله إن في البيت رجلا مسلحا. فأرسل ابن زياد إلى هاني ابن عروة
يدعوه، فقال: إني شاك لا أستطيع، فقال: ائتوني به وان كان شاكيا
فاخرج له دابة، فركب، ومعه عصاه وكان أعرج، فجعل يسير قليلا
ويقف، ويقول: مالي أذهب إلى ابن زياد؟.. فما زال ذلك دأبه حتى
دخل على عبيد الله بن زياد، فقال له: يا هاني أما كانت يد زياد عندك
بيضاء؟ قال: بلى قال: فيدي؟ قال: بلى. فقال: يا هذا قد كانت
لكم عندي يد بيضاء، وقد أمنتك نفسي ومالك؟ وتناول العصا التي
كانت في يد هاني، فضرب بها وجهه حتى كسره بها، ثم قدمه وضرب
عنقه... " (2).
وفي (كتاب المقتل) للشيخ فخر الدين بن طريح - رحمه الله -:
الكبرة - بالكسر -: الرفعة في الشرف والعظمة والنجر كالكبرياء.
ولعل المراد: أنه أخذته رفعة عن الفتك، فإنه من ضعة (منه رحمه الله).
(2) راجع ذلك - باقتضاب - في (ج‍ 2 ص 5) طبع الحلبي بمصر، الطبعة
الثانية سنة 1377 ه‍. (*)

(1) بفتح فسكون أو بفتحتين - الطين الأحمر يصبغ به.
36

" إن ابن زياد - لعنه الله - لما دخل الكوفة وصعد المنبر ووعد الناس
وأوعدهم، جعل الناس ينظر بعضهم إلى بعض، ويقولون: ما لنا والدخول
بين السلاطين، فنقضوا بيعة الحسين - عليه السلام - وبايعوا عبيد الله بن
زياد، قيل: وكان ذلك يوم الجمعة، وكان مسلم بن عقيل موعوكا لم
يقدر على الحضور للاجتماع، فلما كان وقت صلاة العصر، خرج إلى
الجامع، فاذن وأقام الصلاة، وصلى وحده، ولم يصل معه أحد من أهل
الكوفة، فخرج فرأى رجلا، فقال: ماذا فعل أهل مصركم؟ قال:
يا سيدي نقضوا بيعة الحسين (ع) وبايعوا يزيد، فصفق مسلم بيديه وجعل
يخترق السكك والمحال هاربا حتى بلغ إلى محلة بني خزيمة، فرأى بابا شاهقا
في الهواء، وجعل ينظر إليها، فخرجت جارية، فقال لها: لمن هذه الدار؟
فقالت: لهاني بن عروة المذحجي، فقال لها: ادخلي فقولي له: إن
رجلا من أهل البيت واقف بالباب، فدخلت الجارية ثم خرجت وقالت
له: أدخل، وكان هاني - يومئذ - عليلا، فنهض ليعتنقه، فلم يطق
وجعلا يتحادثان إلى أن وصلا إلى ذكر عبيد الله بن زياد - لعنه الله -
فقال هاني: يا أخي إنه صديقي وسيبلغه مرضي، فإذا أقبل ليعودني، فخذ
هذا السيف واقتله، واحذر أن يفوتك، والعلامة بيني وبينك ان اقلع
عمامتي عن رأسي، فإذا رأيت ذلك فاخرج لقتله، قال مسلم: أفعل
إن شاء الله.
ثم إن هانئا أرسل إلى ابن زياد يستجفيه (1) فبعث إليه معتذرا:
اني رائح إليك - العشية - فلما صلى ابن زياد - لعنه الله - العشاء، أقبل
ليعود هانئا. فلما وصل واستأذن للدخول، قال هاني: يا جارية، ادفعي
هذا السيف لمسلم بن عقيل، فدفعته إليه، فدخل عبيد الله بن زياد - لعنه الله -

(1) استجفى الشخص - من الجفاء - أي: عده جافيا غير وصول.
37

- ومعه حاجبه - وجعل يحادثه ويسأله عن حاله - وهو يشكو حاله
ويستبطئ مسلما في خروجه، فقلع عمامته عن رأسه وتركها على الأرض
ثم رفعها - ثلاث مرات - ثم رفع صوته بشعر أنشده. كل ذلك يريد
إشعار مسلم وإعلامه. فلما كثرت الحركات والإشارات من هاني، أنكر
عليه ابن زياد، فنهض هاربا وركب جواده وانصرف، فلما خرج خرج مسلم
من المخدع، فقال له هاني: يا سبحان الله ما منعك من قتله؟ قال: كلام
سمعته من أمير المؤمنين - عليه السلام -: أنه لا إيمان لمن قتل مسلما بغير
جناية. فقال له هاني: والله لو قتلته لقتلت فاجرا كافرا.
ثم إن ابن زياد بعث في طلب مسلم وبذل على ذلك الجوائز الكثيرة
والعطايا الخطيرة، وكان ممن رغب في ذلك مولى له يقال له (معقل)
فخرج يدور في الكوفة ويتحيل على الاستطلاع على خبر مسلم إلى أن
وقع على خبره: أنه عند هاني بن عروة، أرشده إليه رجل يقال له:
مسلم بن عوسجة، قال: إني ثقة من ثقاته وعندي كتمان أمره، وقد
أحببت أن ألقاه لأبايعه، وحلف لذلك الرجل بالايمان المؤكدة، فلما أدخله
على مسلم وهاني أخذ أخبارهما على الحقيقة وأوصلها إلى ابن زياد. فبعث
ابن زياد في طلب هاني، فلما وصل إليه وسلم عليه أعرض عنه ولم يرد
عليه جوابا، فأنكر هاني أمره، فقال: لماذا - أصلح الله الأمير -؟
فقال: يا هاني خبيت مسلم وأدخلته في دارك وجمعت له الرجال والسلاح
وظننت أن ذلك يخفى علي؟ فقال هاني: معاذ الله أيها الأمير ما فعلت
ذلك، قال: بلى قد فعلته، فقال هاني: الذي بلغك عني باطل، فقال
ابن زياد: يا معقل، أخرج إليه وكذبه، فخرج معقل وقال يا هاني
ما تعرفني؟ فقال: نعم أعرفك فاجر غادر، ثم علم أنه كان عينا لابن
زياد فقال ابن زياد: يا هاني، إئتني بمسلم وإلا فرقت بين رأسك وجسدك
38

فغضب هاني من قوله، فقال: إنك لست تقدر على ذلك أو تهرق بنو
مذحج دمك، فغضب ابن زياد - لعنه الله - فضرب وجهه بقضيب كان
عنده، فضربه هاني بسيف كان عنده فقطع أطماره وجرحه جرحا منكرا
فاعترضه (معقل) فقطع وجهه بالسيف، فجعل هاني يضرب فيهم يمينا
وشمالا حتى قتل من القوم رجالا (*) وهو يقول: والله لو كانت رجلي
على طفل من أطفال أهل البيت ما رفعتها حتى تقطع، حتى تكاثر عليه
الرجال فاخذوه وأوثقوه وأوقفوه بين يدي ابن زياد - لعنه الله - وكان بيده
عمود من حديد فضربه فقتله - رحمه الله - وعذب قاتله وأصلاه جهنم
وبئس المصير (1).
وفي الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم (*) - عليهم السلام -:
" إن ابن زياد - لعنه الله - دفع إلى معقل أربعة آلاف درهم، وقال:
تعرف موضع مسلم بن عقيل، فإذا لقيته فادفع إليه المال، وقل له:
تستعين به على امرك، فخرج وفعل ذلك، ثم رجع فأخبره بتحول مسلم
إلى منزل هاني بن عروة.
ودخل على ابن زياد - لعنه الله - وجوه أهل الكوفة، ومعهم عمرو
ابن حريث ومحمد بن الأشعث وشريح بن هاني، فقال لهم: أين هاني
ابن عروة، فخرج عمرو بن حريث حتى أتى هانئا، وقال له: إن الأمير
قد ذكرك، فقال: مالي وللأمير، فلم يزل به حتى ركب إليه، فلما رآه

* وعن أبي مخنف: أنه قتل من القوم اثني عشر رجلا (منه رحمه الله).
(1) راجع المقتل المعروف بالمنتخب في أحوال مسلم وهاني، طبع
النجف الأشرف.
(*) اللهم واللهميم - بالكسر -: السابق الجواد من الخيل والناس، ويضم
(القاموس) (منه رحمه الله).
39

عبيد الله قال له: أين مسلم بن عقيل؟ فقال: والله ما دعوته، ولو كان
تحت قدمي ما رفعتها عنه، فرماه بعمود، فشجه، وبلغ إلى مسلم خبره
فخرج بمن عنده من الرجال فرأوا قومهم وأشرافهم عند ابن زياد
فانصرفوا عنه حتى ما أمسى معه إلا أربعمائة فجاء أصحاب ابن زياد فقاتلهم
مسلم قتالا شديدا حتى اختلط الظلام فتركوه وحده ". ثم ذكر تمام
القصة (1).
وفي (مروج الذهب): " ان ابن زياد وجه إلى هاني: محمد بن الأشعث

(1) أنظر القصة في أخبار مسلم وهاني - الفصل المعقود لمناقب الامام الشهيد
أبي عبد الله الحسين - عليه السلام -.
وكتاب الدر النظيم - هذا - تأليف الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي
العاملي المشغري تلميذ المحقق الحلي الذي توفي سنة 676 ه‍، والمجاز من السيد رضي
الدين علي بن طاووس الحلي الذي توفي سنة 664 ه‍، وهو كتاب جليل في بابه
ينقل فيه عن كتاب (مدينة العلم) للشيخ ابن بابويه الصدوق - رحمه الله - وكتاب
(النبوة) له أيضا، وينقل عن الدر النظيم العلامة المحدث المجلسي الثاني في البحار
كثيرا.
وترجم له الحر العاملي في (أمل الآمل) فقال: " يوسف بن حاتم الشامي
العاملي، كان فاضلا فقيها عابدا، له كتب منها كتاب الأربعين في فضائل أمير المؤمنين
- عليه السلام - عندنا منه نسخة، يروي عن المحقق جعفر بن الحسن بن سعيد
وعن ابن طاووس " وترجم له أيضا سيدنا الحجة الحسن الصدر الكاظمي - رحمه
الله - في (تكملة أمل الآمل)، ووصف كتابه (الدر النظيم) بأنه كتاب جليل في
بابه، وقال: " رأيت منه نسخة مصححة على نسخة الأصل مكتوبة في عصر
المصنف " وقال: " كان هذا الشيخ من أجلة العلماء في عصر المحقق نجم الدين
صاحب (الشرائع) وهو صاحب (المسائل البغدادية) التي أجاب عنها المحقق
قال ناسخها: تمت المسائل البغدادية للمحقق نجم الدين المنسوبة إلى سؤال جمال
الدين بن حاتم المشغري، (أقول) وكذلك صرح الشهيد في (الذكرى) عند نقله
عنها، ونقل أيضا فتوى جمال الدين في بعض مواضع (الذكرى) وقال في موضع
ما لفظه: وقد أورد على المحقق نجم الدين تلميذه جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي
(الخ) ويظهر من نسبة مسائله إلى بغداد - مع أنه من غيرها - أنه كان قد سكن
بغداد، ومنها أرسل يسال المسائل، وإلا فلا وجه لتسميتها بالبغدادية - تحقيقا -
فإنها عندي منسوخة عن خط السيد نصر الله الحائري بخط الشيخ قاسم بن حمزة
الملقب بالدلبزي، وله (مجموع) ينقل عنه صاحب (المجموع الرائق)، قال:
ومما نقلته عن مجموع جمال الدين يوسف بن حاتم الفقيه الشامي كتاب الأربعين في
فضائل أمير المؤمنين - عليه السلام - ثم ذكر المناقب ".
توجد نسخ الدر النظيم في بعض مكتبات العراق وإيران، راجع كتاب
(الذريعة: ج 8 ص 86).
40

بن قيس، فجاء به فسأله عن مسلم، فأنكر، فأغلظ له ابن زياد
القول، فقال له هاني: إن لزياد أبيك عندي بلاء حسنا، وإني أحب
مكافأتك، فهل لك في خير؟ قال ابن زياد: ما هو؟ قال: تشخص
إلى الشام أنت وأهل بيتك سالمين، فإنه قد حاء من هو أحق من حقك
وحق صاحبك. فقال ابن زياد: أدنوه مني، فأدنوه فضرب وجهه
بالقضيب حتى كسر أنفه... "؟ ساق الحديث بنحو ما رواه المفيد (1)
وهذه الأخبار - على اختلافها في أمور كثيرة - قد اتفقت وتطابقت
على أن هاني بن عروة قد أجار مسلما وحماه في داره وقام بامره وبذل
النصرة له وجمع له الرجال والسلاح في الدور حوله، وامتنع من تسليمه
لابن زياد - لعنه الله - وأبى عليه كل الاباء، واختار القتل على التسليم

(1) راجع: الجزء الثالث (ص 67) طبع مصر سنة 1367 ه‍.
41

حتى أهين وضرب وعذب وحبس وقتل صبرا على يد الفاجر اللعين.
وهذه جملة كافية في حسن حاله وجميل عاقبته ودخوله في أنصار
الحسين - عليه السلام - وشيعته المستشهدين في سبيله. وناهيك بقوله لابن
زياد - في بعضها -: " فإنه قد جاء من هو أحق من حقك وحق صاحبك "
وقوله " لو كانت رجلي على طفل من أطفال آل محمد (ص) ما رفعتها
حتى تقطع " ونحو ذلك مما مضى من كلامه مما يدل على أن ما فعله قد
كان عن بصيرة دينية، لاعن مجرد الحمية وحفظ الذمام ورعاية حق
الضيف والجار.
ويؤكد ذلك ويحققه: قول الحسين - عليه السلام - لما بلغه قتله
وقتل مسلم " رحمة الله عليهما " وتكرار ذلك مرارا متعددة، وقوله - عليه
السلام -: " قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة
وعبد الله بن يقطر " وما رواه السيد ابن طاووس في (كتاب الملهوف
على قتلى الطفوف): " أنه لما أتاه خبر عبد الله بن يقطر - وذلك بعدما
أخبر بقتل مسلم وهاني - استعبر باكيا، ثم قال: " اللهم اجعل لنا
ولشيعتنا منزلا كريما، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك إنك
على كل شئ قدير (1) ".
وقد ذكر أصحابنا - رضوان الله عليهم - لهاني بن عروة زيارة يزار
بها - إلى الآن - صريحة في أنه من الشهداء السعداء الذين نصحوا لله
ولرسوله، ومضوا في سبيل الله برحمة منه ورضوانه، وهي هذه:
" سلام الله العظيم وصلواته عليك يا هاني بن عروة، السلام عليك
أيها العبد الصالح الناصح لله ولرسوله ولأمير المؤمنين والحسن والحسين
(عليهم السلام) أشهد أنك قتلت مظلوما، فلعن الله من قتلك، واستحل

(1) راجع: الملهوف في أخبار مسلم وهاني، طبع إيران، والنجف الأشرف.
42

دمك وحشا قبورهم نارا، أشهد أنك لقيت الله - وهو راض عنك -
بما فعلت ونصحت. وأشهد أنك قد بلغت درجة الشهداء، وجعل روحك
مع أرواح السعداء بما نصحت لله ولرسوله مجتهدا، وبذلت نفسك في
ذات الله ومرضاته فرحمك ورضي عنك وحشرك مع محمد وآله الطاهرين
وجمعنا وإياك معهم في دار النعيم والسلام عليك ورحمة الله وبركاته " (1).
وذكروا له صلاة بعد الزيارة ووداعا بما يودع به مسلم بن عقيل
ويبعد أن يكون مثل هذا عن غير نص وارد وأثر ثابت، فلو لم يكن ذلك
منصوصا، ففيما ذكروه - رحمهم الله - شهادة منهم بشهادته وسعادته
ونبله وجلالته وحسن خاتمته.
وقد وجدنا شيوخ أصحابنا كالمفيد - رحمه الله - وغيره يعظمونه في
كتبهم ويعقبون ذكره بالترضية والترحم. ولم أجد أحدا من علمائنا طعن
عليه أو غمز فيه.
وما يظهر من الاخبار من دخول هاني على ابن زياد حين أتى الكوفة

(1) ذكر هذه الزيارة: العلامة الخبير شيخنا الشيخ عباس القمي - قدس سره -
في مفاتيح الجنان المطبوع بإيران، كما ذكر له صلاة ركعتين يصليهما الزائر ويهديهما
إلى روحه، ثم يودعه بألفاظ الوداع التي يودع بها أبو الفضل العباس - عليه السلام -
التي أولها: " استودعك الله وأسترعيك وأقرأ عليك السلام " الخ.
ولعله - قدس سره - نقل ذلك عن كتاب (مصباح الزائر) للعالم الزاهد
الفقيه السيد علي بن طاووس - رحمه الله - فإنه ذكر في كتابه المذكور نص الزيارة
التي ذكرها سيدنا (في الأصل) مع الصلاة بعد الزيارة والوداع بما يودع به مسلم
ابن عقيل - عليه السلام - وهو الوداع الذي يودع به أبو الفضل العباس - عليه السلام -
المذكور.
43

واختلافه إليه فيمن اختلف من أعيانها واشرافها حتى لجا إليه مسلم بن
عقيل - فلا يقتضي طعنا فيه، لان أمر مسلم كان مبنيا على التستر
والاستخفاء، وكان هاني رجلا مشهورا يعرفه ابن زياد ويصادقه، فكان
انزواؤه عنه يحقق عليه الخلاف، وهو خلاف ما كانوا عليه من التستر
فلذا لزمه الاختلاف إليه دفعا للوهم، فلما لجا إليه مسلم انقطع عليه خوفا
وتمارض حتى يكون المرض عذرا، فجاءه من الامر ما لم يكن في حسابه.
وأما نهيه (مسلم) عن التعجيل في الخروج، فلعله رأى أن المصلحة
في التأخير حتى يتكاثر الناس وتكمل البيعة ويصل الحسين - عليه السلام -
إلى الكوفة، ويتهيأ لهم الامر بسهولة، ويكون قتالهم مع الامام - عليه السلام -
مرة واحدة.
وأما منعه من قتل ابن زياد في داره، فقد عرفت اختلاف الاخبار
في ذلك، وفي بعضها: أنه هو الذي أشار بقتله وتمارض لابن زياد حتى
يأتيه عائدا، فيقتله (مسلم) وقد مضى اعتذار مسلم - تارة - بتعلق المرأة
به وبكائها في وجهه ومناشدتها في ترك ما هم به، وأخرى بحديث الفتك
وهذا هو المشهور عنه.
وقد ذكره السيد المرتضى في (تنزيه الأنبياء) مقتصرا عليه (1).
وأما قوله لابن زياد - وقد سأله عن مسلم -: " والله ما دعوته إلى
منزلي ولا علمت بشئ من أمره، حتى جاءني يسألني النزول، فاستحييت
من رده، وداخلني من ذلك ذمام " (2) فقد قال ذلك لابن زياد يريد
التخلص منه، ومن البعيد أن يأتيه مسلم على غير ميعاد ولا استباق ويدخل
في أمانه، وهو لا يدري به، ولم يعرفه ولم يختبره، وكذا عدم اطلاع

(1) راجع: تنزيه الأنبياء (ص 180) طبع طهران سنة 1290 ه‍.
(2) الذمام - بالكسر -: الحق والحرمة.
44

هاني - وهو شيخ المصر وسيده ووجه الشيعة - على شئ من أمره في تلك المدة
حتى دخل عليه بغتة وفاجأه باللقاء مرة.
ومن ذلك يعلم ما في (روضة الصفا) و (حبيب السير) من قوله:
" لقد أوقعتني في عناء وتكليف، ولولا انك دخلت داري لرددتك " (1)
مع أني لم أجد ذلك إلا في هذا الموضع، وسائر الكتب المعتبرة خالية عنه.
وقد ذكر ابن أبي الحديد في (شرح النهج) في هاني بن عروة
روايتين تدل إحداهما على مدحه، والأخرى على الطعن فيه.
أما رواية المدح، فقد أوردها - عند قول أمير المؤمنين - عليه السلام -
" والله إني لأول من صدقه فلا أكون أول من كذب عليه " قال:
" روى محمد بن موسى العنزي، قال: كان مالك بن ضمرة الرؤاسي من
أصحاب علي - عليه السلام - وممن استبطن من جهته علما كثيرا، وكان
أيضا ممن قد صحب أبا ذر - رحمه الله - وأخذ من علمه، وكان يقول
في أيام بني أمية: اللهم لا تجعلني أشقى الثلاثة، فيقال له: وما الثلاثة؟
فقال: رجل يرمى به من فوق طمار، ورجل تقطع يداه ورجلاه ولسانه
ويصلب، ورجل يموت على فراشه فكان من الناس من يهزأ به ويقول:
هذا من أكاذيب أبي تراب - قال -: وكان الذي رمى به من طمار:
هاني بن عروة، والذي قطع وصلب رشيد الهجري، ومات مالك - أي
مات حتف أنفه - على فراشه " (2) ولم يدرك الشهادة، وقد كان يتمناها ويدعو
أن لا يكون أشقى الثلاثة وفاز بها رشيد، وهاني.

(1) تقدم آنفا ص 34 ما ذكره صاحب روضة الصفا، وصاحب حبيب السير
فراجعه.
(2) راجع ذلك في: (ج 2 ص 295) طبع دار احياء الكتب العربية
سنة 1378 ه‍.
45

لكن المعروف في الاخبار: أن الذي رمي به من فوق طمار هو
مسلم بن عقيل، لا هاني بن عروة، وقد روي ذلك أيضا في عبد الله بن
يقطر، وكان الحديث غير منقول على وجهه.
وأما رواية القدح، فقد ذكر عند قوله - عليه السلام - في باب
المختار من كلماته القصار -: " آلة الرئاسة سعة الصدر ": أن معاوية بن
أبي سفيان كان واسع الصدر، كثير الاحتمال، وبذلك نال من الدنيا ما نال
وبلغ منها ما بلغ وإن كان مذموما في باب الدين، وأورد له في ذلك حكايتين:
الأولى -: " إن أهل الكوفة وفدوا على معاوية حين خطب لابنه
يزيد بالعهد بعده، وفي أهل الكوفة هاني بن عروة المرادي - قال -:
وكان سيدا في قومه، فقال - يوما - في مسجد دمشق - والناس حوله -:
العجب لمعاوية يريد أن يقسرنا على بيعة ابنه يزيد - وحاله حاله - وما
ذاك والله بكائن -، وكان في القوم غلام من قريش، فتحمل الكلمة إلى
معاوية، فقال له: معاوية أنت سمعت هانيا يقولها؟ قال: نعم قال:
فاخرج فات حلقته، فإذا خف الناس عنه فقل: أيها الشيخ، قد وصلت
كلمتك إلى معاوية، ولست في زمن أبي بكر وعمر، ولا أحب أن تتكلم
بهذا الكلام فإنهم بنو أمية، وقد عرفت جرأتهم وإقدامهم ولا يدعني
إلى هذا القول إلا النصيحة لك والاشفاق عليك، فانظر ماذا يقول، فاتني
به. فاقبل الفتى إلى مجلس هاني، فلما خف من عنده دنا منه فقص عليه
الكلام وأخرجه مخرج النصيحة له، فقال هاني: والله يا بن أخي ما بلغت
نصيحتك كلما اسمع، وإن هذا الكلام لكلام معاوية أعرفه، فقال الفتى
وما أنا ومعاوية والله ما يعرفني، فقال: ولا عليك، إذا لقيته فقل له:
يقول لك هاني: والله ما إلى ذلك من سبيل، انهض يا بن أخي راشدا
فقام الفتى فدخل على معاوية فاعلمه، فقال: نستعين بالله عليه
46

ثم قال معاوية بعد أيام للوفد: ارفعوا حوائجكم وهاني فيهم، فعرض
عليه كتابه فيه ذكر حوائجه، فقال: يا هاني ما صنعت شيئا زد. فلم يدع
حاجة عرضت له إلا وذكرها، ثم عرض عليه الكتاب فقال أراك قصرت
فيما طلبت، فقام هاني - ولم يدع حاجة لقومه ولا لأهل مصره إلا
ذكرها، ثم عرض عليه الكتاب، فقال: ما صنعت شيئا، زد، فقال:
يا أمير المؤمنين، حاجة بقيت، فقال: ما هي؟ فقال: أتولى أخذ البيعة
ليزيد بن أمير المؤمنين بالعراق، قال: افعل، فما زلت لمثل ذلك أهلا
فلما قدم هاني العراق قام بامر البيعة ليزيد بن معاوية بمعونة من المغيرة بن
شعبة، وهو الوالي بالعراق - يومئذ -.
وأما الحكاية الثانية، فقد قال: كان مال حمل اليمن إلى معاوية
فلما مر بالمدينة وثب عليه الحسين بن علي - عليه السلام - فاخذه، فقسمه
في أهله ومواليه، وكتب إلى معاوية:
(من الحسين بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان. أما بعد، فان
عيرا مرت بنا من اليمن تحمل مالا وحللا وعنبرا وطيبا إليك لتودعها خزائن
دمشق وتعل بها بعد النهل بيني أبيك واني احتجت إليها فاخذتها والسلام)
فكتب إليه معاوية: (من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الحسين
ابن علي، سلام عليك اما بعد، فان كتابك ورد علي تذكر أن عيرا
مرت بك من اليمن تحمل مالا وحللا وعنبرا وطيبا إلي، لأودعها خزائن
دمشق واعل بها بعد النهل (1) ببني أبي - وانك احتجت إليها فاخذتها،
ولم تكن جديرا باخذها إذ نسبتها إلي، لان الوالي أحق بالمال، ثم عليه
المخرج منه. وأيم الله لو تركت ذلك حتى صار إلي لم أبخسك حظك منه
ولكن قد ظننت - يا ابن أخي - أن في رأسك نزوة وبودي أن يكون

(1) العل والعلل - بالتشديد والتفكيك -: الشرب بعد الشرب بالتتابع.
والنهل - بفتحتين -: أول الشرب (عن القاموس).
47

ذلك في زماني فأعرف لك قدرك وأتجاوز عن ذلك، ولكنني - والله -
أتخوف أن تبتلي بمن لا ينظرك فواق ناقة (1) وكتب في أسفل كتابه:
يا حسين بن علي ليس ما * جئت بالسائغ يوما في العلل
أخذك المال ولم تؤمر به * إن هذا من حسين لعجل
قد أجزناها ولم نغضب لها * واحتملنا من حسين ما فعل
يا حسين بن علي ذا الامل * لك بعدي وثبة لا تحتمل
وبودي انني شاهدها * فإليها منك بالخلق الاجل
إنني ارهب أن تصلى بمن * عنده قد سبق السيف العذل
قال ابن أبي الحديد: وهذه سعة صدر وفراسة صادقة (2).
قلت: والحكاية الثانية - عندنا - من الأكاذيب الباطلة، فان مقام
الحسين - عليه السلام - يجل عن هذه الدنية ويأبى تصديق تلك القضية،
فان الدنيا كلها، وان كانت له وليس لمعاوية في العير ولا في غيرها فتيل
ولا نقير، إلا أن الحال قد كانت حال مسالمة وموادعة، والتوثب على اخذ
المال شنيع في مثل هذه الحال. وليس ذلك كتعرض النبي - ص - لعير
قريش، ولا كتعرضه (ع) للورس المحمول إلى يزيد من اليمن، فإنهما
قد وقعا حال المباينة والاختلاف، بخلاف الأولى، ولو لم يمنع من ذلك
إلا كف ألسنة المخالفين له والمبتغين سبيل الطعن عليه لكفى إلا أن يسلك
بذلك سبيل المطايبة والمعابثة. وفيه حزازة أخرى
وأما الحكاية الأولى المتعلقة بهاني، فالظاهر. أنها كذلك. وكيف يقول

(1) الفواق - كغراب - ما بين الحلبتين من الوقت أو ما بين فتح يدك وقبضها
على الضرع (القاموس) ويضرب مثلا للمبالغة في السرعة.
(2) راجع: الحكايتين بنصهما في (ج 18 ص 407 - 409) طبع دار احياء
الكتب العربية بمصر.
48

هاني بملأ من قومه وأهل الشام جهرا غير سر: " العجب من معاوية يريد
أن يقسرنا على بيعة يزيد - وحاله حاله - وما ذاك والله بكائن ". ويقول
للفتى: " إذا لقيت معاوية فقل له: يقول لك هاني: والله ما إلى ذلك من
سبيل " ثم يكون هو الطالب للقيام ببيعة يزيد في الكوفة؟ ولو لم يكن
له حاجز من تقوى الله لمنعه من ذلك تكذيبه لنفسه وانتقامه به عند قومه
وعند معاوية واتباعه بمضي حيلته فيه وخدعته له.
ثم إن هذه مجرد قصة قد سماها حاكيها ولم يعدها رواية. وقد
أوردها في غير اسناد ولا إضافة إلى كتاب، ولا موافق لها في كتب
التواريخ والسير المعدة لذكر مثل ذلك. فقد ذكر أصحاب الاخبار ما جرى
للناس في أخذ معاوية لهم بولاية العهد لابنه يزيد وما وقع فيه من الكلام
ممن رضي بذلك وأبى، ولم ينقل أحد منهم هذه القصة، ولو صحت لكانت
أولى بالنقل من غيرها لما فيها من الغرابة.
على أن ما ختم به لهاني - رحمه الله - من رده بيعة يزيد وقيامه بنصر
الحسين - عليه السلام - حتى قتل: يأتي على كل ما فرط منه قبل ذلك
- لو كان -.
وما أشبه حاله - حينئذ - بحال الحر - رحمه الله - إذ تاب فقبلت
توبته بعد ما وقع منه ما وقع، وصدر ما صدر. وقد كان الامر فيه أشد
وفي هاني أهون، فهو إلى القبول أقرب (1).

(1) ولسيدنا - قدس سره - قصيدة في رثاء مسلم بن عقيل وهاني بن عروة
توجد في ديوانه المخطوط عندنا مطلعها:
عين جودي لمسلم بن عقيل * لرسول الحسين سبط الرسول
لشهيد بن الأعادي وحيد * وقتيل لنصر خير قتيل
إلى أن يقول في رثاء هاني بن عروة: -
ثم ثني بشيخ مذحج هاني * سيد المصر كله والقبيل
ماجد وجه شيعة الآل بر * مخلص في ولائه مقبول
أدرك المصطفى ووالى عليا * وبينه الهداة ولد البتول
وحمى مسلما بأمنع جيل * وجوار ومنزل ومقيل
كان في ذاك حافظا لذمار * وذمام وحرمة للنزيل
ولقربى الرسول إذ كان فرضا * حبهم في كرائم التنزيل
فدعاه اللعين باللطف مكرا * ثم أبدى له ضمير محيل
طالبا مسلما فلما أباه * دع للسجن بعد خطب طويل
وأذيق الحتوف من بعد صبرا * مثل ما ذاق مسلم بن عقيل
فعلى مسلم وهاني سلام * يتنالى من السلام الجليل
نضر طيب يفوح شذاه * كل يوم ببكرة وأصيل
رضي الله عنهما برضاه * لرضاء الرسول وابن الرسول
وبنصر الحسين وهو بعيد * وبجهد على الوفا مبذول
وبما حل من جميل بلاء * وبصبر على البلاء جميل
سعد الفائزون بالنصر يوما * عز فيه النصير لابن البتول
أحسنوا صحبة الحسين وفازوا * أحسن الفوز بالحباء الجزيل
49

هاني بن هاني السبيعي: هو آخر رسول أرسله أهل الكوفة إلى
الحسين - عليه السلام - مع سعيد بن عبد الله الحنفي، يستدعونه إلى
الكوفة (1).

(1) ذكر الشيخ المفيد - رحمه الله - في الارشاد، والطبري في تاريخه،
وأبو المؤيد أخطب خوارزم للوفق بن أحمد للكي الخوارزمي الحنفي في كتابه
(مقتل الحسين عليه السلام ج 1 ص 195) طبع النجف الأشرف، وجميع أرباب
المقاتل والمؤرخون، قالوا: تلاقت الرسل عند الحسين - عليه السلام - فقرأ
الكتب، وسال الرسل عن أمر الناس، ثم كتب مع هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبد الله
الحنفي - من بنى حنيفة - وكان آخر الرسل: " بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين
ابن علي إلى الملا من المؤمنين والمسلمين، أما بعد فان هانيا وسعيدا قدما علي بكتبكم
وكانا آخر من قدم علي من رسلكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم
ومقالة جلكم إنه ليس علينا إمام فاقبل لعل الله يجمعنا بك على الهدى والحق، وقد
بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل وأمرته أن يكتب
إلي بحالكم وأمركم ورأيكم) الخ.
ولم يعلم حال هاني بن هاني السبيعي إلى أين انتهى، ولم يذكر في عداد أصحاب
الحسين - عليه السلام - الذين قتلوا معه في المعركة.
وأما سعيد بن عبد الله الحنفي، فقد ذكر أرباب المقاتل: انه لما أراد الحسين
- عليه السلام - أن يصلي صلاة الظهر - يوم عاشوراء - قال لزهير بن القين وسعيد
ابن عبد الله الحنفي: تقدما أمامي، فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه حتى
صلى بهم صلاة الخوف. (ورووا) أن سعيد بن عبد الله الحنفي تقدم أمام الحسين
- عليه السلام - فاستهدف له يرمونه بالنبل، فما أخذ الحسين - عليه السلام - يمينا
وشمالا إلا قام بين يديه، فما زال يرمى حتى سقط إلى الأرض وهو يقول: " اللهم
العنهم لعن عاد وثمود، اللهم أبلغ نبيك عني السلام، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح
فانى أردت بذلك نصرة ذرية نبيك " ثم مات - رحمه الله - فوجد به ثلاثة عشر
سهما سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح.
وجاء ذكر سعيد - هذا - في زيارة الناحية المقدسة من الحجة بن الحسن
- عليه السلام - فقد قال - عليه السلام -: " السلام على سعيد بن عبد الله الحنفي
القائل للحسين - عليه السلام - وقد أذن له بالانصراف: لا والله لا نخليك حتى يعلم
الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيك، والله لو أعلم أنى
أقتل، ثم أحيى، ثم أحرق، ثم أذرى ويفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك حتى
ألقى حمامي دونك، وكيف أفعل ذلك وإنما هي موتة أو هي قتلة واحدة ثم بعدها
الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا، فقد لقيت حمامك، وواسيت إمامك، ولقيت من
الله الكرامة، في دار المقامة، حشرنا الله معكم في المستشهدين، ورزقنا مرافقتكم
في أعلى عليين ".
50

وليس هاني - هذا - ابن هاني بن عروة، بل ابنه: يحيى بن هاني (1).
هشام أبو عبد الله ابن معاوية الضرير النحوي الكوفي.
صاحب (الكسائي) والآخذ عنه، وكان بارعا في الأدب. مات
سنة (209) ه‍ (2).

(1) يحيى بن هاني بن عروة المرادي العطيفي - نسبة إلى بنى عطيف بطن
من مراد -، وقد ذكر أرباب السير والمقاتل: أنه لما قتل هاني مع مسلم بن عقيل
فر ابنه يحيى - هذا - واختفى عند قومه خوفا من ابن زياد - لعنه الله - فلما سمع
بنزول الحسين - عليه السلام - بكربلاء جاء وانضم إليه ولزمه إلى أن شب القتال
يوم الطف، فتقدم وقتل من القوم رجالا كثيرة، ثم نال شرف الشهادة - رضوان
الله عليه -.
(2) هشام بن معاوية - هذا -؟ رجم له ابن خلكان في (وفيات الأعيان)
والحموي في (معجم الأدباء) وابن الأنباري في (نزهة الألباء) والسيوطي في
(بغية الوعاة) وابن النديم في (الفهرست) والصفدي في (الوافي للوفيات) وحاجي
خليفة في (كشف الظنون) والبغدادي في (إيضاح المكنون) وفي هدية العارفين
وغير هؤلاء، له مؤلفات في النحو منها: الحدود، والمختصر، والقياس.
52

باب الياء
يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور:
أبو زكريا الديلمي المعروف ب‍ (الفراء) الامام المشهور (1).
أخذ عن الكسائي، وهو من جلة أصحابه، وكان أبرع الكوفيين.
له مصنفات كثيرة مشهورة في النحو واللغة ومعاني القرآن، مات بطريق

(1) يحيى بن زياد - الأقطع - بن عبد الله بن مروان الديلمي الكوفي، وكان
إمامي العقيدة، وقطعت يد أبيه زياد بن عبد الله في (وقعة فخ) لأنه كان مع
الحسين بن علي بن الحسن المثلث - رضي الله عنه - حين ظهر أيام موسى الهادي
ابن المهدي بن المنصور العباسي، فقتل وقتل معه جماعة من أهل بيته ومن الشيعة،
وقطعت يد زياد حينئذ، والتشيع قديم فيهم.
ونقل ابن خلكان في (وفيات الأعيان) عن أبي عبد الله المرزبان في كتابه:
" أن زيادا - والد الفراء - كان أقطع لأنه حضر وقعة الحسين بن علي - رضي الله
عنهما - فقطعت يده في ذلك الحرب ".
فحسب ابن خلكان أن الحسين بن علي - هذا - هو الشهيد في كربلا ابن
علي بن أبي طالب - عليه السلام - فاستغرب من كلام ابن المرزبان، وأردف
كلامه بقوله: " وهذا عندي فيه نظر لان الفراء عاش ثلاثا وستين سنة فتكون
ولادته سنة 144 ه‍، وحرب الحسين كانت سنة إحدى وستين للهجرة، فبين حرب
الحسين وولادة الفراء ثلاث وثمانون سنة، فكم عاش أبوه؟ فإن كان الأقطع جده
فيمكن والله أعلم ".
هذا كلام ابن خلكان وما ندري من أين علم أن الحسين بن علي في كلام
ابن المرزبان هو الحسين بن علي بن أبي طالب شهيد كربلا - عليه السلام - وكم
لابن خلكان من هفوات؟ (وللغفلات تعرض للأريب).
وقد نص المولى عبد الله أفندي في (رياض العلماء) على أن الفراء - هذا -
من الشيعة الإمامية، قال: " وما قال السيوطي - يعني في بغية الوعاة - من ميل
الفراء إلى الاعتزال لعله مبني على خلط أكثر علماء العامة بين أصول الشيعة والمعتزلة
وإلا فهو شيعي إمامي ".
قال ابن خلكان: " كان الفراء أبرع الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة
وفنون الأدب، (حكي) عن أبي العباس ثعلب أنه قال: لولا الفراء لما كانت
عربية لأنه خلصها وضبطها، ولولا الفراء لسقطت العربية لأنها كانت تتنازع
ويدعيها كل من أراد، ويتكلم الناس فيها على مقادير عقولهم وقرائحهم فتذهب
وأخذ النحو عن أبي الحسن الكسائي، وهو والأحمر (أي علي بن المبارك) من أشهر أصحابه
وأخصهم به، وكان قد ورد بغداد في أيام المأمون فبقي يتردد على بابه مدة لا يصل إليه، فبينما
هو ذات يوم على الباب إذ جاء أبو بشر ثمامة بن الأشرس النمير المعتزلي - وكان خصيصا
بالمأمون - قال ثمامة: فرأيت أبهة أديب فجلست إليه ففاتشته عن اللغة فوجدته بحرا، وفاتشته
عن النحو فشاهدته نسيج وحده، وعن الفقه فوجدته رجلا فقيها عارفا باختلاف القوم،
وبالنجوم ماهرا، وبالطب خبيرا، وبأيام العرب وأشعارها حاذقا، فقلت له: من تكون؟
وما أظنك إلا الفراء، فقال: أنا هو، فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين المأمون فامر
باحضاره لوقته وكان سبب اتصاله به، (وقال قطرب) دخل الفراء على الرشيد
فتكلم بكلام لحن فيه مرآة، فقال جعفر بن يحيى البرمكي: إنه قد لحن
يا أمير المؤمنين، فقال الرشيد للفراء: أتلحق؟ فقال الفراء: يا أمير المؤمنين إن
طباع أهل البدو الاعراب وطباع أهل الحضر اللحن، فإذا تحفظت لم ألحن، وإذا
رجعت إلى الطباع لحنت، فاستحسن الرشيد قوله ".
وقال الخطيب في تاريخ بغداد: " إن الفراء لما اتصل بالمأمون أمره أن
يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما سمع من العربية، وأمر أن يفرد بحجرة من حجر
الدار ووكل به جواري وخدم يقمن بما يحتاج إليه حتى لا يتعلق قلبه ولا تتشوق
نفسه إلى شئ، حتى أنهم كانوا يؤذنونه بأوقات الصلاة، وصير له الوراقين
وألزمه الامناء والمنفقين، فكان يملي والوراقون يكتبون حتى صنف (الحدود)
في سنتين. وأمر المأمون بكتبه بالخزائن، فبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس
وابتدأ بكتاب (المعاني)، قال الراوي: وأردنا أن نعد الناس الذين اجتمعوا
لاملاء (كتاب المعاني) فلم نضبطهم، فعددنا القضاة فكانوا ثمانين قاضيا فلم
يزل يمليه حتى أتمه. ولما فرغ من (كتاب المعاني) خزنه الوراقون عن الناس ليكتسبوا
به، وقالوا: لا نخرجه إلا لمن أراد أن ننسخه له على خمس أوراق بدرهم، فشكا
الناس إلى الفراء، فدعا الوراقين فقال لهم في ذلك، فقالوا: إنما صحبناك لننتفع
بك، وكل ما صنفته فليس بالناس إليه من الحاجة ما بهم إلى هذا الكتاب فدعنا
نعيش به، فقال: فقاربوهم تنتفعوا وينتفعوا، فأبوا عليه، فقال: سأريكم، وقال
للناس: إني ممل كتاب معان أتم شرحا وأبسط قولا من الذي أمليت، فجلس
يملي، فأملى الحمد في مائة ورقة، فجاء الوراقون إليه وقالوا: نحن نبلغ الناس
ما يحبون، فنسخوا كل عشر أوراق بدرهم، وكان سبب إملائه (كتاب المعاني)
أن أحد أصحابه - وهو عمر بن بكير - كان يصحب الحسن بن سهل فكتب إلى
الفراء: إن الأمير الحسن لا يزال يسألني عن أشياء من القرآن لا يحضرني عنها جواب
فان رأيت أن تجمع لي أصولا وتجعل ذلك كتابا يرجع إليه فعلت؟ فلما قرأ الكتاب
قال لأصحابه: اجتمعوا حتى أملي لكم كتاب في القرآن وجعل لهم يوما، فلما حضروا
خرج إليهم، وكان في المسجد رجل يؤذن فيه وكان من القراء، فقال له: إقرأ
فقرأ فاتحة الكتاب ففسرها حتى مر في القرآن كله على ذلك، يقرأ الرجل والفراء
يفسره، وكتابه هذا نحو ألف ورقة، وهو كتاب لم يعمل مثله، ولا يمكن أحد
أن يزيد عليه ".
وقد طبع بمصر حديثا جزء ان من (كتاب المعاني) إلى سورة الزمر، ويستمر
في طبع بقية أجزائه. ومولد الفراء بالكوفة سنة 144 ه‍، وانتقل إلى بغداد
وجعل أكثر مقامه بها، وكان شديد طلب المعاش لا يستريح في بيته، وكان
يجمع طول السنة، فإذا كان في آخرها خرج إلى الكوفة فأقام بها أربعين يوما في
أهله يفرق عليهم ما جمعه ويبرهم.
وله من التصانيف: الكتابان المقدم ذكرهما، وهما: الحدود، والمعاني
وكتابان في المشكل، أحدهما أكبر من الاخر، وكتاب البهاء وهو صغير الحجم
(قال ابن خلكان): " وقفت عليه ورأيت فيه أكثر الألفاظ التي استعملها أبو العباس
ثعلب في (كتاب الفصيح) وهو في حجم الفصيح غير أنه غيره، ورتبه على صورة
أخرى، وعلى الحقيقة ليس لثعلب في (الفصيح) سوى الترتيب وزيادة يسيرة
وفى كتاب (البهاء) أيضا ألفاظ ليست في الفصيح قليلة، وليس في الكتابين
اختلاف إلى في شئ قليل، وله كتاب اللغات، وكتاب المصادر في القرآن،
وكتاب الجمع والتثنية في القرآن، وكتاب الوقف والابتداء، وكتاب المفاخر
وكتاب آلة الكتاب، وكتاب النوادر، وكتاب الواو، وغير ذلك من الكتب
وقال سلمة بن عاصم: أملى الفراء كتبه كلها حفظا لم يأخذه بيده نسخة إلا في كتابين
كتاب ملازم، وكتاب يافع ويفعه، قال أبو بكر الأنباري: ومقدار الكتابين
خمسون ورقة، مقدار كتب الفراء ثلاثة آلاف ورقة ".
والفراء - بفتح الفاء وتشديد الراء وبعدها الف ممدودة - وإنما قيل له: فراء
ولم يكن يعمل الفراء ولا يبيعها - لأنها كان يفري الكلام
وقد توفي سنة 207 ه‍ في طريق مكة وعمره ثلاث وستون سنة، راجع في
ترجمه أكثر المعاجم الرجالية لا سيما الكتب المؤلفة في طبقات النحويين.
53

مكة سنة مائتين وسبعة. (قاله في الطبقات) (1).
وقد يشتبه (الفراء) هذا، فيظن: أنه معاذ بن مسلم (2) وليس
بذاك، فان هذا تلميذ الكسائي، ومعاذ الفراء أحد شيوخه المتقدمين في
الطبقة على الكسائي، والفراء - إذا أطلق - فالمراد به: يحيى المذكور
دون معاذ.
يزيد الكناسي، أبو خالد يزيد القماط الثقة، الثقة.
ويؤيد الاتحاد: اتحاد الاسم والكنية ان الشيخ ذكر (الكناسي)
في (رجاله) ولم يذكر (القماط) (3) والنجاشي ذكر (القماط) ولم يذكر
(الكناسي) (4) مع كثرة روايتهما.
وعلى تقدير المغايرة فالحديث من جهة يزيد الكناسي حسن، لما حكاه
العلامة في (الايضاح) عن السيد الصفي محمد بن معد الموسوي عن الدارقطني
من محدثي العامة: أن يزيد الكناسي شيخ من شيوخ الشيعة، روى

(1) راجع: بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي في ترجمته طبع
مصر، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة (مخطوط)، وكتب طبقات
النحويين عديدة منها مطبوع ومنها مخطوط، ولا ندري أن سيدنا - قدس سره -
من اي طبقات منها نقل العبارة المذكورة، غير أن مضمون ما ذكره يوجد في كتب
الطبقات المطبوعة.
(2) ويلقب معاذ هذا - بالهراء - أيضا - من آل أبي سارة الكوفيين، سبقت
له ترجمة مفصلة في أصل وهامش (ج 1 ص 276 - 278) من هذا الكتاب.
(3) راجع رجال الشيخ الطوسي - في باب أصحاب الباقر - عليه السلام -
ص 140، طبع النجف الأشرف، ولكن في باب أصحاب الصادق ص 158 ذكره
في حرف الباء بعنوان (بريد الكناسي) يعني بالباء الموحدة بعدها الراء، فراجعه.
(4) راجع: رجال النجاشي (ص 351) طبع إيران.
57

عن أبي جعفر وأبى عبد الله - عليهما السلام - (1).

(1) قال العلامة الحلي في (إيضاح الاشتباه: ص 104) طبع طهران سنة
1319 ه‍، ما لفظه: " يزيد - بالباء المنقطة تحتها نقطتين قبل الزاي وبعدها -
أبو خالد القماط - بالقاف والميم المشددة - مولى بني عجيل بن لجيم - بالجيم ثقة، وجدت
بخط السعيد صفي الدين حاشية صورتها: إن أراد بيزيد - هذا - الكناسي فالذي
ذكره الدارقطني أنه بريد - بالباء المنقطة تحتها نقطة واحدة - قال: (وهو شيخ
من شيوخ الشيعة، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله - عليهما السلام - والشيخ
أبو جعفر الطوسي ذكره في رجال أبي جعفر وأبى عبد الله - عليهما السلام - وقال
يزيد - بياء منقطة نقطتين من تحتها - ذكر ذلك في كتاب الرجال، والله أعلم،
وكتب محمد بن معد الموسوي ".
لكنك عرفت أن الذي ذكره الشيخ في رجاله في باب أصحاب الصادق
- عليه السلام - إنما هو بعنوان (بريد الكناسي) أي بالباء الموحدة بعدها الراء
كما ذكره الدارقطني.
أما ما ذكره العلامة في (الخلاصة: ص 183) طبع النجف الأشرف فقد
قال: " يزيد أبو خالد القماط، قال حمدويه: واسم أبي خالد القماط يزيد مولى بني
عجل بن لجيم، كوفي ثقة، روى عن أبي عبد الله - عليه السلام - ناظر زيديا
فظهر عليه فأعجب الصادق - عليه السلام - وأشار العلامة بقوله: (ناظر زيديا)
إلى ما رواه الكشي في ترجمة أبى خالد القماط (ص 351) طبع النجف الأشرف،
فقد قال: " حدثني محمد بن مسعود قال: كتب إلي أبو عبد الله الشاذاني يذكر
عن الفضل قال: حدثني محمد بن جمهور القمي عن يونس بن عبد الرحمن عن
علي بن رئاب عن أبي خالد القماط قال: قال لي رجل من الزيدية - أيام زيد -:
ما منعك أن تخرج من زيد؟ قال: قلت له: إن كان أحد في الأرض مفروض
الطاعة فالخارج قبله هالك، وإن كان ليس في الأرض مفروض الطاعة فالخارج
والجالس موسع لهما، فلم يرد علي شيئا، قال: فمضيت من فوري إلى أبي عبد الله
- عليه السلام - فأخبرته بما قال لي الزيدي وبما قلت له، وكان متكئا فجلس ثم
قال: أخذته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته
ثم لم تجعل له مخرجا " ثم قال الكشي: " قال حمدويه: واسم أبى خالد القماط يزيد ".
وراجع في منهج المقال للاسترابادي (ص 373) طبع إيران ترجمة ليزيد
أبى خالد القماط، وراجع أيضا نقد الرجال للتفريشي (ص 376) طبع إيران
وراجع أيضا جامع الرواة للمولى الأردبيلي (ج 1 ص 116) في ترجمة بريد الكناسي
و (ج 2 - ص 341) في ترجمة يزيد أبو خالد الكناسي، وص 340 في ترجمة
يزيد أبو خالد القماط.
58

لكنه ضبطه (1) بالباء الموحدة والراء المهملة. وأيضا، فان الحسن بن
محبوب السراد يروي عنه كما اتفق في بعض روايات البلوغ، وقد عرفت أنه
ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه (2)
قال في (الوجيزة) في يزيد: " وأبو خالد الكناسي ممدوح " (3)
من جملة المشاهير المتكررين في الأسانيد وهذا يقتضي حسنا فيه.
" والحمد لله وسلام على محمد وآله "

(1) يعني الدارقطني، كما رواه عنه العلامة في إيضاح الاشتباه.
(2) راجع: رجال الكشي (ص 466) تحت عنوان: تسمية الفقهاء من
أصحاب أبي إبراهيم وأبى الحسن الرضا - عليهما السلام -.
(3) الذي ذكره المجلسي الثاني في الوجيزة (ص 169 طبع إيران): " يزيد
أبو خالد القماط ثقة، وأبو خالد الكناسي ممدوح " وذكر في الكنى (ص 170):
" أبو خالد القماط يزيد " وجملة " من جملة المشاهير المتكررين في الأسانيد " هي من كلام
سيدنا - قدس سره - في وصف يزيد، فلاحظ.
59

الفوائد الرجالية
61

(1) - فائدة في رجال الارشاد:
قال المفيد في (الارشاد): - في الفصل الذي عقده في النص على
موسى بن جعفر عن أبيه جعفر - عليهما السلام -: " فمن روى صريح
النص بالإمامة عن أبي عبد الله - عليه السلام - على ابنه أبي الحسن موسى
- عليه السلام - من شيوخ أصحاب أبي عبد الله، وخاصته وبطانته وثقاته
الفقهاء الصالحين - رحمة الله عليهم -:
الفضل بن عمر الجعفي، ومعاذ بن كثير، وعبد الرحمان بن
الحجاج، والفيض بن المختار ويعقوب السراج، وسليمان بن خالد، وصفوان
الجمال، وغيرهم ممن يطول بذكرهم الكتاب، وقد روى ذلك من إخوته
إسحاق وعلي ابنا جعفر - عليه السلام - وكانا من أهل الفضل والورع
على مالا يختلف فيه اثنان... " (1)
وقال - في الفصل الذي عقده في النص على الرضا - عليه السلام -
" فممن روى النص على الرضا: علي بن موسى - عليهما السلام - بالإمامة
عن أبيه، والإشارة إليه منه بذلك من خاصته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه
من شيعته: داود بن كثير الرقي، ومحمد بن إسحاق بن عمار، وعلي بن يقطين،
ونعيم القابوسي، والحسين بن المختار، وزياد بن مروان المخزومي، وداود بن سليمان،
ونصر بن قابوس، وداود بن زربي، ويزيد بن سليط، ومحمد بن سنان " (2)

(1) راجع - ذلك - في باب ذكر الإمام القائم بعد أبي عبد الله جعفر محمد
- عليهما السلام -.
(2) راجع - ذلك - في باب ذكر الإمام القائم بعيد أبي الحسن موسى
- عليه السلام -، وراجع في تراجم هؤلاء رجال النجاشي، والكشي، ورجال
الشيخ الطوسي، وفهرسته، وغيرها من المعاجم الرجالية.
63

وذكر في الكتاب عدة من أولاد الأئمة - عليهم السلام - ومدحهم
فقال - في زيد بن الحسن -: ".. إنه كان جليل القدر، كريم
الطبع، طيب النفس، كثير البر، ومدحه الشعراء، وقصده الناس من
الآفاق لطلب فضله... " (1) وفي الحسن بن الحسن -: " إنه كان
جليلا رئيسا فاضلا ورعا... " (2) وفي الحسين بن الحسن المعروف بالأثرم: -
" كان له فضل... " (3) وفي طلحة بن الحسن -: " إنه كان جوادا " (4)
وفي عمر والقاسم وعبد الله بني الحسن -: " إنهم استشهدوا بالطف مع
الحسين عليه السلام " (5).
وقال - في زيد بن علي بن الحسين - إنه " كان عين اخوته بعد
أبي جعفر - عليه السلام - وأفضلهم، وكان عابدا ورعا فقيها سخيا
شجاعا، وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويطلب بثارات
الحسين - عليه السلام -... ويدعو إلى الرضا من آل محمد، فظنوه يريد
بذلك نفسه ولم يكن يريدها له، لمعرفته باستحقاق أخيه الإمامة من قبله

(1) ارشاد المفيد: باب ذكر ولد الحسن بن علي - عليهما السلام - فصل:
واما زيد بن الحسن... وراجع أخباره في عمدة الطالب.
(2) المصدر نفسه: فصل: وأما الحسن بن الحسن...، وهذا هو الملقب
بالمثنى، ابن الحسن السبط راجع أخباره في عمدة الطالب لابن عنبة (ص 84 -
ص 87) طبع النجف الأشرف سنة 1358.
(3) المصدر نفسه - آخر الفصل - وذكره صاحب عمدة الطالب (ص 53)
وقال: إنه أعقب وانقرض عقبه سريعا.
(4) - (5) المصدر نفسه - آخر الفصل -.
64

ووصيته عند وفاته إلى ابنه " (1) وقال في الحسين بن علي بن الحسين
- عليه السلام -: " انه... كان فاضلا ورعا، وروى حديثا كثيرا عن
أبيه وعمته فاطمة بنت الحسين، وأخيه أبي جعفر - عليه السلام - " (2)
وقال - في عبد الله بن محمد بن علي الباقر - عليه السلام -: إنه

(1) المصدر نفسه: باب ذكر ولد علي بن الحسين عليهما السلام، وراجع
أخباره في عمدة الطالب (ص 245 - 248) وفي غيره من المعاجم الرجالية،
وأخباره وثورته ضد الطغيان مشهورة كثيرة. وقد كتب المؤرخون رسائل عديدة في
حياته بعضها مطبوع.
(2) نفس المصدر - آخر الباب المذكور - وقد ذكره صاحب (عمدة
الطالب: ص 304) في المقصد الخامس، فقال: "... الحسين الأصغر ابن زين
العابدين. وأمه أم ولد اسمها (ساعدة) وكان عفيفا محدثا فاضلا، يكنى:
أبا عبد الله، وتوفي سنة 157 ه‍، وله سبع وخمسون سنة، ودفن بالبقيع، وعقبه عالم
كثير بالحجاز والعراق والشام وبلاد العجم والمغرب، أعقب من خمسة رجال:
عبيد الله الأعرج، وعبد الله، وعلي، وأبي محمد الحسن، وسليمان... ".
وقال العمري في (المجدي) - مخطوط -: " ولد الحسين الأصغر ستة عشر
ولدا (البنات) منهم سبع، وهن: أميمة - خرجت إلى رجل محمدي علوي -
وأمينة - خرجت إلى عبد الله بن جعفر بن محمد ابن الحنفية، فولدت له جعفرا
الثاني، وآمنة - خرجت إلي بعض بني جعفر الطيار - وآمنة الكبرى، وزينب،
وزينب الوسطى - خرجت إلى علي بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن الحنفية - فولدت
له صفية، وزينب الصغرى. و (الرجال): عبيد الله، وعبد الله، وزيد، ومحمد
وإبراهيم، ويحيى، وسليمان، والحسن، وعلي (قال) شيخنا أبو الحسن محمد بن محمد
النسابة: العقب من ولد الحسين الأصغر من خمسة رجال - ثم سماهم - فقال: عبيد الله
وعبد الله وعلي، وسليمان، والحسن... ".
65

" كان يشار إليه بالفضل والصلاح " (1).
وقال - في إسحاق بن جعفر -: " انه كان من أهل الفضل والصلاح
والورع والاجتهاد. وروى عنه الناس الحديث والآثار، وكان ابن كاسب
إذا حدث عنه يقول: حدثني الثقة الرضا إسحاق بن جعفر... " (2) وفي
علي بن جعفر - عليه السلام -: انه " كان راوية للحديث، سديد الطريق
شديد الورع، كثير الفضل، ولزم أخاه، وروى عنه شيئا كثيرا " - ثم
قال فيه -: " وكان علي بن جعفر شديد التمسك بأخيه موسى - عليه
السلام - والانقطاع إليه، والتوفر على أخذ معالم الدين منه، وله مسائل
مشهورة عنه " (3).
وقال - في أحمد بن موسى: إنه " كان كريما جليلا ورعا، وكان
أبو الحسن موسى - عليه السلام - يحبه، ويقدمه " (4). وفي محمد بن
موسى - عليه السلام -: " انه كان من أهل الفضل والصلاح " (5) وفي
إبراهيم بن موسى: إنه " كان سخيا، كريما... " (6).

(1) نفس المصدر، وباب ذكر أولاد أبي جعفر عليه السلام، وعده الشيخ
الطوسي في (رجاله) من أصحاب الصادق (ع) وذكره أبو الفرج الأصفهاني في
(مقاتل الطالبيين).
(2) نفس المصدر، باب ذكر الإمام القائم بعد أبي جعفر محمد بن علي
- عليهما السلام -، فصل: وكان عبد الله بن جعفر...
(3) نفس المصدر - آخر الباب الآنف الذكر -، وباب ذكر الامام بعد
أبي عبد الله جعفر بن محمد - عليهما السلام -.
(4 - 5) نفس المصدر، باب ذكر أولاد الإمام موسى بن جعفر (ع)
فصل: أحمد بن موسى... وفصل: محمد بن موسى - عليه السلام -.
(6) نفس المصدر - آخر الباب المذكور -.
66

قال: " ولكل واحد من ولد موسى بن جعفر - عليه السلام -
فضل ومنقبة مشهورة " (1).
وقال - في باب ذكر إمامة أبي عبد الله جعفر بن محمد - عليهما
السلام -: " إن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات
على اختلافهم في الآراء والمقالات - فكانوا أربعة آلاف رجل من أصحابه " (2)
(2) - فائدة في تلامذة الشيخ الطوسي - قدس الله روحه -:
الشيخان الثقتان: أبو إبراهيم إسماعيل، وأبو طالب إسحاق - ابنا
محمد بن الحسن بن الحسين بن بابويه القمي - رحمه الله - والشيخ الفقيه
الثقة العدل آدم بن يونس بن أبي المهاجر النسفي، والشيخ الفقيه أبو الخير
بركة بن محمد بن بركة الأسدي الفقيه الدين، وأبو الصلاح التقي
الحلبي، والسيد الثقة المحدث أبو إبراهيم جعفر بن علي بن جعفر الحسيني
والشيخ الجليل الثقة العين أبو علي الحسن ابن الشيخ الطوسي، وشمس
الاسلام الفقيه الثقة الوجه الحسن بن الحسين بن بابويه القمي، والشيخ
الامام الثقة الوجه الكبير محي الدين أبو عبد الله الحسن بن المظفر الحمداني
والشيخ الفقيه الثقة أبو محمد الحسن بن عبد العزيز الجبهاني، والشيخ الامام
موفق الدين الفقيه الثقة الحسين بن الفتح الواعظ الجرجاني، والسيد الفقيه
أبو محمد زيد بن علي بن الحسين الحسيني، والسيد عماد الدين أبو الصمصام
ذو الفقار بن محمد الحسيني المروزي، والشيخ الفقيه الثقة أبو الحسن سليمان
الصهرشتي، والشيخ الفقيه الثقة صاعد بن ربيعة بن أبي غانم، والشيخ
الفقيه أبو الصلت محمد بن عبد القادر، والشيخ الفقيه المشهور سعد الدين
ابن البراج، والشيخ المفيد النيسابوري، والشيخ المفيد عبد الجبار الرازي

(1) نفس المصدر - آخر لباب المذكور -.
(2) نفس المصدر - أول الباب الآنف الذكر -.
67

والشيخ علي بن عبد الصمد، والشيخ عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن بابويه
والأمير الفاضل الزاهد الورع الفقيه غازي بن أحمد بن أبي منصور الساماني
والشيخ كردي علي بن كردي الفارسي الفقيه الثقة نزيل (حلب)، والسيد
المرتضى أبو الحسن المطهر الديباجي صدر الاشراف والعلم في فنون العلم
والشيخ العالم الثقة أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي فقيه الأصحاب، والشيخ
أبو عبد الله محمد بن هبة الله الوراق الفقيه الثقة، والشيخ أبو جعفر محمد بن
علي بن الحسن الحلبي، والشيخ أبو سعيد منصور بن الحسن الآبي، والشيخ
الامام جمال الدين محمد بن أبي القاسم الطبري الآملي، والسيد الثقة الفقيه
المحدث ناصر بن الرضا بن محمد الحسيني (1).
(3) - فائدة:
قال الشهيد الثاني - رحمه الله - في كتاب الدراية: " تعرف العدالة
المعتبرة في الراوي بتنصيص عدلين عليها، وبالاستفاضة، بان تشتهر عدالته
بين أهل النقل أو غيرهم من أهل العلم كمشايخنا السالفين من عهد الشيخ
محمد بن يعقوب الكليني - رحمه الله - وما بعده، إلى زماننا هذا
لا يحتاج أحد من هؤلاء المشائخ المشهورين إلى تنصيص على تزكيته ولا بنية
على عدالته، لما اشتهر في كل عصر من ثقتهم وضبطهم وورعهم زيادة
على العدالة، وانما يتوقف على التزكية غير هؤلاء من الرواة الذين لم يشتهروا
بذلك، ككثير ممن سبق على هؤلاء، وهم طرق الأحاديث المدونة في
الكتب غالبا " (2).

(1) راجع: في تراجم هؤلاء: المعاجم الرجالية كفهرست منتجب الدين
وأمل الآمل، والفوائد الرضوية، والذريعة، وغيرها، وراجع: مقدمة رجال
الشيخ الطوسي المطبوع في النجف الأشرف.
(2) راجع كتاب دراية الحديث (ص 69) طبع النجف الأشرف سنة 1379 ه‍
68

وقال ولده المحقق شيخ حسن - رحمه الله - في (المنتقى):
"... يروي المتقدمون من أصحابنا - رحمهم الله - عن جماعة من مشايخهم
الذين يظهر من حالهم الاعتناء بشأنهم، وليس لهم ذكر في كتب الرجال
والبناء على الظاهر يقتضي ادخالهم في قسم المجهولين. ويشكل بان قرائن
الأحوال شاهدة ببعد اتخاذ أولئك الاجلاء: الرجل الضعيف أو المجهول
شيخا يكثرون الرواية عنه، ويظهرون الاعتناء به. ورأيت لوالدي - رحمه الله -
كتابا في شان بعض مشائخ الصدوق - رحمه الله - قريبا مما قلناه. وربما
يتوهم أن في ترك التعرض لذكرهم في كتب الرجال إشعارا بعدم الاعتماد
عليهم. وليس بشئ، فان الأسباب في مثله كثيرة، وأظهرها أنه لا تصنيف
لهم، وأكثر الكتب المصنفة في الرجال لمتقدمي الأصحاب اقتصروا فيها على
ذكر المصنفين، وبيان الطرق إلى رواية كتبهم " (1).
ثم ذكر: " أن من هذا الباب رواية الشيخ عن أبي الحسين بن
أبي جيد، ورواية المفيد عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، ورواية
الصدوق عن محمد بن علي (ما جيلويه) وأحمد بن محمد بن يحيى العطار... " (2).
قال: " والعلامة يحكم بصحة الاسناد المشتمل على أمثال هؤلاء، وهو
يساعد ما قربناه " (3).
وقال الشيخ البهائي في (مشرق الشمسين): " قد يدخل في أسانيد
بعض الأحاديث من ليس له ذكر في كتب الجرح والتعديل بمدح ولا قدح
غير أن أعاظم علمائنا المتقدمين قد اعتنوا بشأنه وأكثروا الرواية عنه، وأعيان

(1) راجع: منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان - الفائدة التاسعة
(ج 1 ص 35) طبع إيران سنة 1379 ه‍
(2) راجع: المصدر نفسه (ص 36).
(3) راجع: المصدر نفسه (ص 37).
69

مشايخنا المتأخرين قد حكموا بصحة روايات هو في سندها، والظاهر أن
هذا القدر كاف في حصول الظن بعدالته ".
ثم ذكر: أن من ذلك: " أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد وأحمد بن محمد
ابن يحيى العطار والحسين بن الحسن بن أبان، وأبا الحسين علي بن أبي جيد "
- قال -: " فهؤلاء وأمثالهم من مشايخ الأصحاب لنا ظن بحسن حالهم
وعدالتهم. وقد عددت حديثهم في (الحبل المتين) وفي هذا الكتاب في
الصحيح، جريا على منوال مشايخنا المتأخرين، ونرجو من الله سبحانه أن
يكون اعتقادنا فيهم مطابقا للواقع " (1).
وقال السيد الداماد - رحمه الله - في (الرواشح السماوية): " هل
رواية الثقة الثبت عن رجل سماه: تعديل أم لا؟ قال في (شرح العضدي)
إن فيه مذاهب: أولها - تعديل، إذ الظاهر أنه لا يروى إلا عن عدل، والثاني
ليس بتعديل، إذا كثيرا نرى من يروى ولا يفكر ممن يروي، وثالثها
- وهو المختار - إنه إن علم من عادته أن لا يروي إلا عن عدل فهو تعديل
وإلا فلا. (وثقة ثقة، صحيح الحديث في اصطلاح أئمة التوثيق والتوهين من
أصحابنا - رضي الله عنهم -) تعبير عن هذا المعنى ثم إن لمشايخنا الكبراء
مشيخة يوقرون ذكرهم ويكثرون من الرواية عنهم والاعتناء بشأنهم ويلتزمون
إرداف تسميتهم ب‍ (الرضيلة عنهم) أو (الرحملة لهم) - البتة - فأولئك
أيضا ثبت فخماء وأثبات أجلاء، وذكروا في كتاب الرجال، أو لم يذكروا
والحديث من جهتهم صحيح، معتمد عليه، نص عليهم بالتزكية والتوثيق
أو لم ينص.
وهم: كأبي الحسين علي بن أحمد بن أبي جيد، وأبي عبد الله
الحسين بن عبيد الله الغضائري، وأبي عبد الله أحمد بن عبدون المعروف

(1) راجع: (ص 10 - 11) من مشرق الشمسين، طبع إيران سنة 1319 ه‍
70

بابن الحاشر، أشياخ شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي، والشيخ أبي العباس
النجاشي -. وشيخنا العلامة الحلي - رحمه الله - في (الخلاصة) عد طريق
الشيخ إلى جماعة كمحمد بن إسماعيل بن بزيع ومحمد بن علي بن محبوب،
ومحمد بن يعقوب الكليني وغيرهم - صحيحا (1) وأولئك الأشياخ في الطريق
واستصح في مواضع كثيرة عدة جمة من الأحاديث - وهم في الطريق -
وابن أبي جيد أعلى سندا من الشيخ المفيد، فإنه يروي عن محمد بن الحسن
ابن الوليد بغير واسطة، والمفيد يروي عنه بواسطة.
وكابن شاذان القاضي القمي أبي الحسن أحمد بن علي بن الحسن.
وابن الجندي أحمد بن محمد بن عمران بن موسى الجراح شيخي أبي العباس
النجاشي، يستند إليهما ويعظم ذكرهما كثيرا، وعلي بن أحمد بن العباس
النجاشي شيخه ووالده، ذكره في ترجمة الصدوق أبي جعفر بن بابويه
- رحمه الله - وطريقه إليه، وذكر أنه قرأ بعض كتب الصدوق عليه،
وكأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد وأبي علي أحمد بن جعفر بن سفيان
البزوفري - شيخي الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان - رحمه
الله - أمرهما أجل من الافتقار إلى تزكية مزك وتوثيق موثق.
وكأشياخ الصدوق ابن الصدوق عروة الاسلام أبي جعفر محمد بن
علي بن بابويه - رحمه الله -: الحسين بن أحمد بن إدريس أبي عبد الله
الأشعري، أحد أشياخ التلعكبري أيضا، ذكره الشيخ في (كتاب الرجال)
ومحمد بن علي ما جيلويه القمي، ذكره الشيخ في (كتاب الرجال) وأبي
العباس محمد بن إبراهيم ابن إسحاق الطالقاني وأحمد بن علي بن زياد ومحمد
بن موسى المتوكل، وأحمد بن محمد بن يحيى العطار أحد شيوخ التلعكبري

(1) ذكر ذلك في آخر (رجاله الخلاصة) الفائدة الثامنة: ص 276 طبع
النجف الأشرف سنة 1381 ه‍.
71

ذكره الشيخ في كتاب الرجال، وجعفر بن محمد بن مسرور، وعلي بن أحمد
ابن محمد بن عمران الدقاق، والمظفر بن جعفر بن المظفر العمرى العلوي
أحد أشياخ التلعكبري أيضا، ذكره الشيخ في (كتاب الرجال) ومحمد
ابن محمد بن عصام الكليني، وعلي بن أحمد بن موسى.
فهؤلاء كلما سمى الصدوق واحدا منهم في سند (الفقيه) وفي أسانيده المعنعنة
في كتاب (عيون أخبار الرضا) وفي كتاب (عرض المجالس) (1) وفي كتاب
(كمال الدين وتمام النعمة) - قال -: " رضي الله عنه "، وكلما ذكر
اثنين منهم أو قرن أحدا منهم بمحمد بن الحسن بن الوليد أو بأبيه الصدوق
قال: " رضي الله عنهما ". وكلما سمى ثلاثة منهم أو قرن أحدا منهم
بهما أو اثنين منهم بواحد منهما - قال: " رضي الله تعالى عنهم ".
وكذلك أشياخه: عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري والحسين
ابن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب، وحمزة بن محمد القزويني العلوي
الذي يروي عن علي بن إبراهيم ونظرائه، ذكره الشيخ - رحمه الله - في
(كتاب الرجال) والحسين بن إبراهيم بن تاتانة أو باباية - ومحمد بن أحمد
بن أحمد بن السناني.
ومن أشياخه: علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي
وعلي بن عبد الله الوراق وأبو محمد الحسن بن حمزة بن علي بن عبد الله بن محمد بن
الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع): المرعشي الطبري
الأديب العالم الفاضل الورع الزاهد الفقيه العارف، وهو أحد شيوخ التلعكبري

(1) عرض المجالس - هو الأمالي المطبوع بإيران، سنة 1300 ه‍ باسم امالي
الشيخ الصدوق، وهي سبعة وتسعون مجلسا في مطالب متفرقة وأحاديث كثيرة
متنوعة.
72

والشيخ المفيد، وابن الغضائري، وابن عبدون - أيضا - ذكره الشيخ في (كتاب
الرجال) وفي (الفهرست) ووقره وعظمه، وإن لم ينص عليه بالتوثيق
وجعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي، ومحمد بن أحمد
الشيباني، وتشهد بالنباهة والجلالة لابي محمد المرعشي - على الخصوص -
كتب النسب والتواريخ.
ولهم - جميعا -: تضاعيف الاخبار وطبقات الأسانيد، ومرادفة عروة
الاسلام (1) على الدعاء لهم - البتة - بالرضيلة والرحملة،
وكأشياخ رئيس المحدثين أبى جعفر الكليني - رحمه الله -: علي بن
الحسين السعد آبادي، وهو أبو الحسن القمي مؤدب شيخ العصابة ووجههم
في زمنه أبى غالب الزراري أحمد بن محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم
أورده الشيخ في (كتاب الرجال): في باب من لم يرو عنهم (ع)، وذكره
في (الفهرست) - في ترجمة أحمد بن أبي عبد الله البرقي، وكذلك ذكره
الشيخ النجاشي في ترجمة أحمد بن محمد البرقي، والحسين بن محمد بن عامر
الأشعري القمي أبى عبد الله، وعلي بن محمد بن إبراهيم بن أبان، وهو أبو
الحسن المعروف ب‍ (علان) الكليني خاله - على ما هو المشهور في عصرنا
- وابن خاله - كما هو الواقع - وغيرهم من مشيخته الذين يصدر بهم
الأسانيد (2).
(4) - فائدة:
قد سلك كل من مشايخنا الثلاثة - أصحاب الكتب الأربعة - رحمهم الله -

(1) عروة الاسلام: هو أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصدوق
القمي - رحمه الله - وقد لقبه به آنفا عند تعداده مشايخه.
(2) راجع: الراشحة الثالثة والثلاثين من الرواشح السماوية (ص 104 - ص
107) طبع إيران سنة 1311 ه‍.
73

في أسانيد كتابه مسلكا غير ما سلكه الآخر: (1)
فالشيخ الامام ثقة الاسلام الكليني - رحمه الله - جرى في (الكافي)
على طريقة القدماء: من ذكر جميع السند - غالبا - (2) وترك أوائل
الاسناد على سبيل الندرة، اعتمادا على ذكره في الاخبار المتقدمة عليه في
الباب، وقد يتفق له الترك بدون ذلك - أيضا - فإن كان للمبتدي بذكره
في السند طريق معهود متكرر في الكتاب كأحمد بن محمد بن عيسى وأحمد ابن
محمد بن خالد وسهل بن زياد، فالظاهر البناء عليه، وإلا كان الحديث
مرسلا، ويسمى مثله - في اصلاح المحدثين - (معلقا).
والصدوق رئيس المحدثين - رحمه الله - بنى في (الفقيه) من أول
الامر على اختصار الأسانيد وحذف أوائل السند (3) ووضع في آخره
مشيخة يعرف بها طريقه إلى من يروى عنه. فهي المرجع في اتصال سنده
في أخبار هذا الكتاب، وربما أخل فيها بذكر الطريق إلى البعض - نادرا -
فيكون السند باعتباره (معلقا).
وأما شيخ الطائفة - قدس سره - فاختلفت طريقته في ذلك، فإنه
قد يذكر في (التهذيب والاستبصار) جميع السند، كما في (الكافي)
وقد يقتصر على البعض بحذف الصدور، كما في (الفقيه) واستدرك
المتروك آخر الكتابين فوضع له مشيخته المعروفة، وهي فيهما واحدة غير مختلفة،

(1) أنظر في هذا الموضوع الفائدة الثالثة والفائدة الخامسة من مقدمة (المنتقى)
للشيخ حسن ابن الشيخ الشهيد الثاني (ص 21 وص 25) طبع إيران.
(2) مثلا هكذا: " علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن عبد الله
ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام... "
(3) مثلا هكذا: " قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: إذا دخل الوقت
وجب الطهور... ".
74

وقد ذكر فيها جملة من الطرق إلى أصحاب الأصول والكتب ممن صدر
الحديث بذكرهم، وابتدأ بأسمائهم ولم يستوف الطرق كلها، ولا ذكر
الطريق إلى كل من روى عنه بصورة التعليق، بل ترك الأكثر لقلة روايته
عنهم، وأحال التفصيل على (فهارس) الشيوخ المصنفة في هذا الباب
وزاد في (التهذيب) الحوالة على كتاب (الفهرست) الذي صنفه في هذا
المعنى، وقد ذهبت (فهارس) الشيوخ بذهاب كتبهم، ولم يبق منها
- الآن - إلا القليل، كمشيخة الصدوق، وفهرست الشيخ الجليل أبي غالب
الزراري. ويعلم طريق الشيخ منهما بوصل طريقه إليهما بطريقهما إلى المصنفين.
وقد يعلم ذلك من كتاب النجاشي، فإنه كان معاصرا للشيخ، مشاركا له
في أكثر المشايخ كالمفيد والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون وغيرهم
فإذا علم روايته للأصل أو الكتاب بتوسط أحدهم، كان ذلك طريقا
للشيخ والحاجة إلى (فهرست) الشيخ أو غيره متوفرة فيمن لم يذكره
الشيخ، في (المشيخة) لتحصيل الطريق إليه. وفيمن ذكره فيها لاستقصاء
الطرق والوقوف على الطريق الأصح أو الأوضح، والرجوع إليه في هذا
القسم معلوم بمقتضى الحوالة الناصة على إرادته، وكذا الأول لان الظاهر
دخوله فيها، كما يستفاد من فحوى كلامه في أول (المشيخة) وآخرها
مع أن ثبوت تلك الطرق له في معنى الإحالة عليها فيما رواه في الكتابين
وغيرهما. فلا يتوقف على التصريح بها، ولا يلزم من جواز الرجوع في
المتروك من السند جوازه مع الاستقصاء، لحصول الاشتباه معه في تعيين
الكتاب الذي أخرج منه الحديث، فإنه قد يخرجه من كتب من تقدم
من المحدثين، وقد يخرجه من كتب من تأخر، فلا يتميز المأخذ، ولا
يمكن الحكم بصحة الحديث إذا صح الطريق إلى البعض، ولو صح إلى
الكل ففي الصحة وجهان: من احتمال تلقى الحديث من أفواه الرجال،
75

ومن بعد هذا الاحتمال من عادة المصنفين، فان المعهود منهم أخذ الحديث
من الكتب، ولاستعلام الواسطة المتروكة طريق آخر: هو رد المتروك إلى
المذكور، بان يثبت للشيخ - مثلا - في أسانيد الكتابين طريق إلى صاحب
الأصل أو الكتاب، فيحكم بكونه طريقا في المتروك. وبمثله يمكن تحصيل
الطرق المتروكة في (الكافي) وغيره من كتب الحديث، وتصحيح أكثر
الروايات المروية فيها بحذف الاسناد لوجود الطرق الصحيحة إلى رجال
السند في تضاعيف الاخبار. ومثله تركيب الأسانيد بعضها مع بعض أو مع
الطرق الثابتة، وليس شئ منها بمعتمد، إذ قد يختص الطريق ببعض
كتب أصحاب الحديث، بل ببعض روايات البعض كما يعلم من تتبع
الإجازات والرجال، وبظهر من أحوال السلف في تحمل الحديث. فلا
يستفاد حكم الكل من البعض، لكنه لا يخلو من التأييد خصوصا مع الاكثار
وذهب جماعة من المتأخرين إلى عدم الحاجة إلى الطريق فيما روي
بصورة التعليق من أحاديث الكتب الثلاثة، لما قاله الصدوق في أول
كتابه: " أن جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول واليها
المرجع... " (1) وما صرح به الشيخ في " المشيخة ": أن ما أورده
بحذف الاسناد إلى أصحاب الأصول والكتب قد أخذه من أصولهم وكتبهم:
ففي (التهذيب). "... واقتصرنا من إيراد الخبر على الابتداء بذكر
المصنف الذي أخذنا الخبر من كتابه، أو صاحب الأصل الذي أخذنا
الحديث من أصله... " (2).

(1) راجع: (من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 3) طبع النجف الأشرف
سنة 1377 ه‍.
(2) راجع: شرح مشيخة تهذيب الأحكام، المطبوع في آخر الجزء العاشر
ص 4 طبع النجف الأشرف سنة 1382 ه‍
76

وفي (الاستبصار) نحو ذلك (1)
وعلى هذا فلا يضر الجهل بالطريق، ولا اشتماله على مجهول أو ضعيف
لان الاعتماد على نقل الشيخين لهذه الاخبار من تلك الأصول والكتب،
وقد كانت مشهورة معروفة في تلك الاعصار متواترة النسبة إلى أصحابها
عندهما كاشتهار كتبهما وتواترها - عندنا - والوسائط بينهما وبينهم كالوسائط
بيننا وبينهما، والجميع من مشائخ الإجازة، ولا يتوقف عليهم صحة الحديث
ولأنهم مع الذكر لا يقدح جهالتهم ولا ضعفهم، فمع الترك والتصريح بالمأخذ
أولى. ولذا لم يتعرض الشيخ في مقام الطعن في السند لرجال الواسطة،
ولو كانوا من الرواة لتعرض لهم في بعض الأحيان.
ويضعف هذا القول: إطباق المحققين من أصحابنا والمحصلين منهم
على اعتبار الواسطة والاعتناء بها، وضبط المشيخة وتحقيق الحال فيها والبحث
عما يصح وما لا يصح منها، وقدحهم في السند بالاشتمال على ضعيف أو مجهول
وقد أوردها العلامة - رحمه الله - وابن داود في كتابيهما منوعة إلى أنواع
الحديث: من الصحيح، والحسن، والموثق، والضعيف. مع بناء السند على
هذا التنويع. ووافقهما على ذلك سائر علماء الرجال والحديث والاستدلال
الا من شذ، ومقتضى كلام الشيخين في الكتب الثلاثة: أن الباعث على
حذف الوسائط قصد الاختصار مع حصول الغرض بوضع المشيخة، لا عدم
الحاجة إليها - كما قيل - وإلا لما احتيج إلى الاعتذار عن الترك، بل كان
الذكر هو المحتاج إلى العذر، فإنه تكلف أمر مستغنى عنه على هذا التقدير
وقد صرح الشيخ في (مشيخة التهذيب): بان إيراد الطريق لاخراج

(1) راجع: ص 304 باب ترتيب الكتاب وذكر أسانيده: طبع
النجف الأشرف.
77

الاخبار بها عن حد المراسيل وإلحاقها بالمسندات (1) ونص فيها وفى (مشيخة
الاستبصار) على أن الوسائط المذكورة طرق يتوصل بها إلى رواية الأصول
والمصنفات (2).
وفي كلام الصدوق ما يشير إلى ذلك كله، فلا يستغنى عن الوسائط
في أخبار تلك الكتب، ودعوى تواترها عند الشيخ والصدوق كتواتر كتبهما
- عندنا - ممنوعة، بل غير مسموعة كما يشهد به تتبع الرجال والفهارست
والظن بتواترها - مع عدم ثوبته - لا يدخلها في المتواتر، فإنه مشروط
بالقطع، والقطع بتواتر البعض لا يجدي مع فقد التمييز، وكون الوسائط
من شيوخ الإجازة فرع تواتر الكتب، ولم يثبت. وعدم تعرض الشيخ
- رحمه الله - لها في مقام التضعيف، وبما كان للاكتفاء بضعف غيرها،
أو لثبوت الاعتماد عليها لغير التوثيق، أو لعدوله عما قاله في (الفهرست)
و (الرجال) من الحكم بالضعف فان الشيخ قد يضعف الرجل في موضع
ويوثقه في آخر. وآراؤه في هذا وغيره لا تكاد تنضبط. على أنا لو سلمنا
تواتر جميع الكتب، فذلك لا يقتضي القطع بجميع ما تضمنته من الاخبار فردا
فردا، لما يشاهد من اختلاف الكتب المتواترة في زيادة الاخبار ونقصانها
واختلاف الروايات الموردة فيها بالزيادة والنقيصة والتغييرات الكثيرة في
اللفظ والمعنى، فالحاجة إلى الواسطة ثابتة في خصوص الاخبار المنقولة
بألفاظها المعينة وإن كان أصل الكتاب متواترا. وأيضا فالاحتياج إلى الطريق
إنما يرتفع لو علم أخذ الحديث من كتاب من صدر الحديث باسمه. وهذا
لا يفهم من كلام الصدوق - رحمه الله - فإنه إنما دل على اخذ الأحاديث
من الكتب المشهورة التي عليها المعول واليها المرجع، وهو غير الاخذ من

(1) راجع: المشيخة في آخر الجزء العاشر المطبوع في النجف الأشرف: ص 5
(2) المصدر الآنف، وص 297 من الجزء الرابع من الاستبصار.
78

كتاب الراوي الذي بدأ بذكره - كما ذكره الشيخ - ومن الجائز أن يكون
قد أخذ الحديث من كتاب من تأخر عنه ونسبه إليه، اعتمادا على نقله
له من كتابه، ثم وضع المشيخة ليدخل الناقل في الطريق ويخرج عن عهدة
النقل من الأصل، والاعتماد على الغير شائع معروف كثير الوقوع في نقل
الاخبار والأقوال، وهذا كما تقول: روى الشيخ في (التهذيب): كذا
تعويلا على ما نقله عنه في (الوافي) والوسائل، وقال في المبسوط كذا،
اعتمادا على نقله في (المعتبر) و (المختلف)، وليس ذلك تدليسا ممنوعا
فان العلماء لا يتناكرونه ولا يتحاشون منه، وعادتهم المستمرة في نقل الأقوال
والأدلة قاضية به، ولم يلتزم أحد منهم في النقل تتبع الأصول والاخذ
منها بغير واسطة، بل الكثير الغالب فيه الاستناد إلى الواسطة والوسائط،
والسبب فيه سهولة الاخذ والتناول من كتب المتأخرين ومصنفاتهم لحسن
وضعها وتأليفها وترتيبها على الكتب والأبواب والفصول، بخلاف مصنفات
القدماء، خصوصا الأصول الموضوعة على جمع المطالب المختلفة والاحكام
المتفرقة التي لا تعلق لبعضها ببعض، فان النقل منها في غاية العسر والصعوبة.
والمتأخرون في كل زمان قربوا البعيد من ذلك وسهلوا العسير منه بالترتيب
والتبويب وضم المنتشر وجمع المتفرق، ولذا ترى الشيخ والصدوق وغيرهما
ينقلون أحاديث الأصول من الكتب وأحاديث كتب القدماء من كتب
المتأخرين مع وجود الأصول وكتب القدماء عندهم، واحتمال أخذ حديث
المتقدم من كتاب المتأخر قائم في نقل الشيخ لهذه الاخبار، وإن كان
الظاهر من قوله: " أخذنا الخبر من كتابه والحديث من أصله " أخذه
من نفس الكتاب والأصل، فإنه مع بعد التزام الشيخ له ينافي تصريحه
بكون الواسطة طريقا يتوصل بها إلى رواية الحديث، وإنه بدونها يكون
مرسلا، لا مسندا، والتجوز في التوصل والاسناد والارسال ليس أولى من
79

حمل الاخذ على المعنى الأعم الحاصل بنقل الغير والاخذ منه، فان المنقول
من الشئ منقول من ذلك الشئ ومأخوذ منه، وكتاب المتأخر نسخة من
المتقدم، وبعض منه فيما اشتمل عليه من أخباره، ولا فرق إلا بمجرد
التسمية، أو قصد الكاتب أو المكتوب له، ولا يمنع ذلك من اطلاق الاخذ
منه مع القرينة الدالة عليه، ولا أقل من الاحتمال الناشئ من اختلاف
عبارات الشيخ، فلا يسقط اعتبار الطريق الذي وضعه لاخبار الكتابين،
بل يجب اعتباره، عملا بالأصل، وظاهر الوضع المقتضي للاحتياج مع
انتفاء القطع بخلافه.
ونحن نذكر إن شاء الله طريق الشيخ - رضي الله عنه - إلى من
روى عنهم في الكتابين بحذف الاسناد ممن ذكر الطريق إليه في (المشيخة)
أو (الفهرست)، ونختار منهما ما هو أولى بالاختيار وأقرب إلى الاعتبار
لحصول الغرض مع رعاية الاختصار، ونقتصر على المشيخة فيما لم يكن للفهرست
مزية كصحة السند ووضوحه وعلوه، فإن كان ذكرناه معها جعلنا العلامة
لها (خه) وله (ست) ولهما معا (خت) وأشرنا إلى صفة الطريق باعتبار
أنواعه الأربعة المعروفة، والى الخلاف والمختار في موضع الاختلاف واكتفينا
في الأسماء المتكررة في الطرق بالألقاب والنسب أو ذكر الاسم بغير إضافة
إلى الأب والجد حذرا من التطويل.
(فالمفيد) للشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، والحسين
للشيخ أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري، و (الشيخان)
لهما، و (ابن عبدون) للشيخ أبي عبد الله أحمد بن عبد الواحد بن
أحمد البزاز المعروف بابن الحاشر، وابن عبدون. و (الثلاثة): لهم
و (ابن أبي جيد): للشيخ أبي الحسين علي بن أحمد بن أبي جيد.
وهؤلاء الأربعة هم مشائخ الشيخ، وعليهم تدور طرق المشيخة، وأكثر
80

طرق (الفهرست)، وأشهرهم المفيد - رحمه الله - وأعلاهم سندا ابن
أبي جيد، فإنه أدرك محمد بن الحسن بن الوليد شيخ الصدوق، ولم يدركه
غيره من المشايخ فلذا يؤثر الشيخ الرواية عنه، طلبا للعلو الذي يتنافس
فيه أصحاب الحديث، وأدرك ابن عبدون: أبا الحسن علي بن محمد بن
الزبير القرشي، وكان علوا في الوقت، وروى عنه كتب علي بن الحسن
ابن فضال، ولم يشاركه في ذلك غيره من مشايخ الشيخ، و (الصدوق)
لابي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، و (ابن قولويه): لابي
القاسم جعفر بن محمد بن قولويه. و (الصيمري): لابي عبد الله أحمد
ابن إبراهيم بن أبي رافع. و (أحمد): لاحد بن محمد بن الحسن بن
الوليد. و (ابن الوليد) لأبيه محمد بن الحسن شيخ الصدوق.
و (ابن يحيى): لأحمد بن محمد بن يحيى العطار، و (التلعكبري):
لابي محمد هارون بن موسى، و (العلوي): لابي محمد الحسن بن حمزة
العلوي المرعشي الطبري، و (الكليني): لثقة الاسلام أبي جعفر محمد بن
يعقوب، و (الصفار): لمحمد بن الحسن الصفار. و (العطار): لمحمد
ابن يحيى العطار، و (ابن محبوب): لمحمد بن علي بن محبوب القمي،
و (ابن عيسى): لأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، و (ابن خالد)
لأحمد بن محمد بن خالد البرقي، و (ابن أبان): للحسين بن الحسن
ابن أبان.
واختلفوا في حديث ابن عبدون وابن أبي جيد وابن يحيى وابن أبان:
لعدم تصريح علماء الرجال بتوثيقهم واعتماد المشايخ الاجلاء على حديثهم
وحكمهم بصحته. والصحيح: الصحة لأنهم من مشايخ الإجازة وليس
لهم كتاب يحتمل الاخذ منه. ولذا اتفقوا على صحة حديث أحمد بن
محمد بن الحسن بن الوليد مع اعترافهم بعدم التنصيص على توثيقه.
81

والظاهر وثاقة الجميع - كما حققناه في محل آخر -.
وكذا الحسن بن حمزة العلوي، فقد ذكر علماء الرجال: أنه من
أجلاء هذه الطائفة وفقهائها، ووصفوه بالفضل والأدب والزهد والورع
وغيرها من النعوت التي لا تقصر عن التوثيق. ونحن نصحح حديثه لذلك
لا لكونه من مشايخ الإجازة، وان كان في طبقتهم فان له كتبا يحتمل
الاخذ منها، ولذا عد كثير منهم حديثه حسنا مع وصفهم أحاديث المشايخ
بالصحة وخلو أكثرهم من التصريح بهذه النعوت. وكذا الوجه في صحة
أحاديث الحسين بن عبيد الله فان حديثه يعد صحيحا مع احتمال اخذه من
كتبه. فالسبب في صحته هو التوثيق لا لكونه من المشايخ.
ومتى وصفنا الطريق بأنه صحيح - على الأصح - وأطلقنا ذلك فالوجه
فيه: اشتماله على أحد المذكورين ممن اختلف في حديثه، فإذا كان المنشأ
فيه غيرهم أشرنا إلى خصوص المنشأ.
ولا يذهب عليك أن للشيخ في ذكر الطريق إلى أصحاب الكتب
والأصول في (المشيخة) عبارتين، فإنه يقول - تارة - وهو الأكثر: " وما
ذكرته عن فلان فقد رويته عن فلان عن فلان إلى آخر الطريق " ويقول
- أخرى -: " ومن جملة ما ذكرته عن فلان فقد رويته إلى الآخر ".
وربما ظهر من العلامة وغيره: أن المعنى فيهما واحد. وليس كذلك
فان مقتضى الثانية: أن السند لبعض روايات ذلك الرجل لا أن الطريق
من بعض الطرق، فان هذا لا يكاد يفهم من العبارة، وتغيير الأسلوب
والعدول إلى هذا التعبير يشعر بعدم ارادته منها، وقد اتفق ذلك في الطريق
إلى ابن عيسى وابن خالد، واحمد، بن محمد غير منسوب إلى الجد، والحسن
ابن محبوب، والحسين بن سعيد والفضل بن شاذان لكنه ذكر لكل منهم
طريقا آخر إما على الاطلاق، كالعبارة الأولى، أو التقييد كالثانية. والسند
82

في صورة التقييد هو أحد السندين أو الأسانيد، والا لما كانت المشيخة
مقيدة للطريق إلى جميع روايات صاحب الكتاب أو الأصل، فلا بد
لتصحيح الحديث - حينئذ - من رعاية جميع الطرق، فان صحت صح
الطريق وإلا فلا، لاحتمال كونه من الضعيف، وأما مع الاطلاق فيكفي
صحة الطريق المطلق، ولم يكن للمقيد فائدة يعتد بها لعدم امتياز الرواية
المختصة به عن غيرها.
وبالجملة فهذه العبارة لا تخلو من التباس، وتحقيق الحال ليس بذلك
المهم لوجود الطرق المطلقة المعتبرة في مواضع وقوع هذه العيارة.
ونحن نكتفي عنها بتلك الطرق:
فطريق الشيخ - رحمه الله - في الكتابين إلى إبراهيم بن إسحاق
الأحمري: الشيخان عن التلعكبري عن محمد بن هوذة عنه (خه): ضعيف.
والى إبراهيم بن هاشم: الثلاثة عن العلوي عن علي بن إبراهيم عنه
(ست): حسن بالعلوي على المشهور صحيح على الأصح، وفي (النقد)
صحيح مع عدم توثيقه له. ويروي الشيخ - كثيرا - في الكتابين عن
المفيد عن ابن قولويه عن الكليني عن علي بن إبراهيم عنه، وهو من الصحيح
الواضح عنه، صحيح.
والى أحمد بن إدريس: الشيحان عن ابن قولويه عن الكليني عنه
(خه): صحيح.
والى أحمد بن الحسن بن علي بن فضال بن أبي جيد عن ابن الوليد
وهو محمد، عن الصفار عنه (ست): صحيح على الأصح.
والى أحمد بن داود القمي: الشيخان عن أبي الحسن محمد بن أحمد
ابن داود عنه (خه): صحيح.
والى أحمد بن محمد غير منسوب إلى الجد: من حملة ما ذكره عنه:
83

الثلاثة عن ابن الوليد عن أبيه عن الصفار عنه، ومن جملة أخرى: المفيد
عن ابن قولويه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عنه (خه)، والطريقان
صحيحان فلا يقدح الاشتباه.
والى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، من كتابه الجامع: عدة
من أصحابنا منهم، الثلاثة عن أحمد بن محمد بن سليمان الزراري قال:
حدثنا خال أبى محمد بن جعفر وعم أبي ثقة ثقة علي بن سليمان قالا:
حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عنه (ست): صحيح، ومن كتاب
النوادر: أحمد بن محمد بن موسى عن أحمد بن محمد بن سعيد عن يحيى
ابن زكريا بن شيبان عنه: (ست) ضعيف.
والى أحمد بن محمد بن خالد البرقي: المفيد عن ابن الوليد عن أبيه
عن سعد بن عبد الله عنه، ومن جملة ما ذكره عنه: الشيخان عن ابن قولويه
عن الكليني عن عدة من أصحابنا منهم علي بن إبراهيم عنه (خه) ولا
يقدح اختصاص الطريق الثاني بالبعض لعموم الأول (*).
وإلى أحمد بن محمد بن سعيد: أحمد بن محمد بن موسى الأهوازي
عنه (ست): صحيح على الظاهر، لان الأهوازي من شيوخ الإجازة
وفي النقد: ضعيف.
والى أحمد بن محمد بن عيسى من كتاب النوادر: الثلاثة وغيرهم
عن العلوي والبزوفري جميعا عن أحمد بن إدريس عنه، والغضائري وابن
أبي جيد عن ابن يحيى عن أبيه عنه، ومن جملة ما ذكره: الشيخان عن
ابن قولويه عن الكليني عن عدة من أصحابنا، وفيهم الثقات عنه، ومن
جملة أخرى: الغضائري - عن ابن يحيى عن أبيه عنه (خه)، وهذه

* لكن لا فائدة في ذكر الطريق الخاص مع فقد الامتياز وعدم حصول
جملة أخرى هنا بهما يحصل طريق آخر يعم الجميع (منه رحمه الله).
84

الطرق كلها صحيحة - على الأصح، فلا يقدح اشتباه المأخذ. وليس
لابن عيسى في الاحكام غير النوادر وكتاب المتعة كما يظهر من كتب الرجال
فإذا كان الحديث في غير المتعة فهو من النوادر فلذلك خصه الشيخ بالاسناد
وإلا لم يكن لذكره فائدة مع عدم التمييز، وفي (الفهرست): عدة من
أصحابنا عن ابن الوليد عن أبيه عن الصفار وسعد بن عبد الله عنه، والمفيد
داخل في (العدة) كما يظهر من (الفهرست)، وهذا الطريق أوضح
مما تقدم وأعم منه.
والى إسحاق بن عمار: الشيخان عن ابن بابويه عن محمد بن الحسن
ابن الوليد عن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن ابن أبي
عمير عن إسحاق بن عمار الساباطي (ست): صحيح إليه. وهو فطحي
ولم يذكر الشيخ في (الفهرست) إسحاق بن عمار بن حيان الثقة. وذكر
النجاشي هذا قال: " وله كتاب النوادر، وفي الطريق إليه غياث بن كلوب "
ولم يذكر الأول، وهو المراد في روايات الشيخ، وتوهم الاتحاد فيهما نشأ
من (الخلاصة) (1).
والى إسماعيل بن أبي زياد السكوني: ابن أبي جيد عن محمد بن
الحسن بن الوليد عن الصفار، والغضائري عن العلوي عن علي بن إبراهيم
جميعا عن إبراهيم بن هاشم عن الحسين بن يزيد النوفلي عنه (ست)
والمشهور ضعف السند بالنوفلي لضعفه أو جهالته.

(1) فإنه ذكر إسحاق بن عمار بن حيان مولى بني تغلب أبا يعقوب الصيرفي
في القسم الثاني من الخلاصة (ص 200) طبع النجف الأشرف، ونقله عن النجاشي
والشيخ الطوسي، وتوهم أنه متحد مع إسحاق بن عمار الساباطي، ثم قال:
" والأولى عندي التوقف فيما ينفرد به ". ولمزيد الاطلاع راجع (ج 1 - ص 290)
من هذا الكتاب بعنوان (آل حيان التغلبي) وص 407 بعنوان (بنو موسى).
85

والى أيوب بن نوح: عدة من أصحابنا عن ابن بابويه عن أبيه ومحمد
ابن الحسن عن سعد بن عبد الله، والحميري عنه (ست): صحيح.
وإلى جعفر بن محمد بن قولويه: الشيخان عنه (خه): صحيح
والى حريز بن عبد الله: عدة من أصحابنا عن ابن بابويه عن أبيه
عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر ومحمد بن يحيى وأحمد بن إدريس
وغيرهم عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد وعبد الرحمان بن أبي
نجران وغيرهما عن حماد بن عيسى الجهني عنه (ست): صحيح.
والى الحسن بن سعيد: عدة من أصحابنا عن ابن بابويه عن أبيه
ومحمد بن الحسن وغيرهما عن سعد بن عبد الله، والحميري عن ابن عيسى
عنه (ست): صحيح.
والى الحسن بن محبوب: عدة من أصحابنا عن ابن بابويه عن
أبيه (1) عن ابن عيسى ومعاوية بن حكيم والهيثم بن أبي مسروق عنه بجميع

(1) كذا في الأصل، والظاهر أن هنا سقطا والصحيح " عن أبيه عن سعد
ابن عبد الله، عن ابن عيسى " الخ، كما جاء في فهرست الشيخ عند ترجمته للحسن
ابن محبوب السراد، وكما سيأتي من سيدنا - قدس سره - قريبا نقلا عن الفهرست
- وقد جاء مكررا - ومن الواضح ان أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه
الصدوق القمي يروي عن أبيه علي بن الحسين عن سعد بن عبد الله - كما في الفهرست
في ترجمة سعد بن عبد الله وكما في مشيخة الاستبصار الملحق بآخره (ج 4 ص 318)
طبع النجف الأشرف، ومشيخة التهذيب الملحق بآخره (ج 10 ص 74) طبع
النجف الأشرف وفي مشيخة من لا يحضره الفقيه (ج 4 - ص 7) طبع النجف
الأشرف - وسعد بن عبد الله - هذا - يروي عن أحمد بن محمد بن عيسى عن
الحسن بن محبوب - كما في الفهرست - عند ترجمة أحمد بن محمد بن عيسى، وترجمة
العلاء بن رزين القلا، وغيرهما، وفي مشيخة من لا يحضره الفقيه (ج 4 ص 49)
وفي جامع الرواة للمولى الأردبيلي، وتمييز المشتركات للفخر الطريحي، وتمييزه
المشتركات للكاظمي، وغيرها، فلاحظ.
86

كتبه ورواياته (ست): صحيح. الثلاثة عن ابن الوليد عن أبيه عن
الصفار عن أحمد بن محمد ومعاوية والهيثم عنه بجميع كتبه ومصنفاته
(خه): صحيح، ومن جملة ما ذكره عنه ما رواه عن الغضائري وابن أبي
جيد عن ابن يحيى عن أبيه عن ابن عيسى عنه: صحيح - على الأصح -
ويغني عنه ما سبق (1) ومن جملة أخرى: الشيخان عن الكليني عن علي
ابن إبراهيم عن أبيه عنه.
وقال العلامة - رحمه الله -: " إن طريقه إلى الحسن بن محبوب
حسن واليه مما اخذه من كتبه ومصنفاته صحيح " ولا يخفى ما فيه (2)
والى الحسن بن محبوب السراد: عدة من أصحابنا عن أبي جعفر
محمد بن علي بن الحسين بن بابويه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد
ابن محمد بن عيسى والهيثم بن أبي مسروق ومعاوية بن حكيم جميعا عنه
بجميع كتبه وروايته (ست): وهو من الصحيح الواضح، لدخول المفيد
- رحمه الله - في (العدة) كما يظهر من طريق الشيخ إلى الصدوق (خه).
المفيد عن محمد بن علي بن بابويه عن أبيه وعن جعفر بن محمد بن
قولويه عن أبيه - جميعا - عن سعد بن عبد الله عن الحسن بن محبوب

(1) يشير - قدس سره - بقوله: (ما سبق) إلى ما ذكره آنفا بقوله: " وإلى
الحسن بن محبوب: عدة من أصحابنا عن ابن بابويه، عن أبيه عن ابن عيسى " الخ
(2) ذكر ذلك العلامة - رحمه الله - في الفائدة الثامنة من الفوائد التي جعلها
خاتمة (الخلاصة: ص 276) طبع النجف الأشرف، ولعل سيدنا - قدس سره -
يشير بقوله: " ولا يخفى ما فيه " إلى أن الحكم بحسن الطريق إلى الحسن بن محبوب
ينافي حكمه بصحة الطريق إليه مما أخذه من كتبه ومصنفاته، فلاحظ.
87

والحسين بن سعيد معا (خه). وهذا أوضح من الأول، وصحة الطريق
إليهما يقتضي صحته إلى كل منهما.
الحسين بن عبيد الله وأبو الحسين بن أبي جيد - جميعا - عن أحمد
ابن محمد بن يحيى العطار عن أبيه عن أحمد بن محمد بن عيسى عنه (خه)
المفيد والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون - جميعا - عن أبي
الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عن أبيه، وأبو الحسين ابن
أبي جيد عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن
أحمد بن محمد، ومعاوية بن حكيم، والهيثم بن أبي مسروق عنه فيما
أخذه من كتبه ومصنفاته (خه).
المفيد عن جعفر بن قولويه عن محمد بن يعقوب الكليني، والمفيد
والحسين بن عبيد الله، وأحمد بن عبدون كلهم عن أبي محمد الحسن بن
حمزة العلوي جميعا عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عنه (خه).
وقال العلامة - رحمه الله -: " الطريق إلى الحسن بن محبوب حسن
واليه مما أخذه من كتبه ومصنفاته صحيح " وهو ناظر إلى الطريقين
الأخيرين (1).
وقد عرفت عدم الانحصار فيهما مع صحة غيرهما، على أن الظاهر:
أن ذكر الكتب والمصنفات في الطريق الرابع (2) لقصد التعميم لا للاحتراز
عن الرواية من غيرهما، كما فهمه (3) لان الشيخ صرح بالأخذ من الكتب
(1) يشير - رحمه الله - إلى الطريقين السابقين إلى الحسن بن محبوب اللذين
ذكر أحدهما عن الفهرست والثاني عن المشيخة، وراجع تعليقتنا الآنف (ص 86 - 87)
(2) يشير إلى الطريق الآنف إلى الحسن بن محبوب الذي أوله: " المفيد
والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون " الخ.
(3) يعنى: كما فهمه العلامة - رحمه الله - بقوله المذكور. (*)
88

والمصنفات في كل ما رواه في الكتابين بحذف الاسناد، وقد مر نقل ذلك
في أول (المشيخة) (1).
والى الحسن بن محمد بن سماعة ابن عبدون عن أبي طالب الأنباري
عن حميد بن زياد عنه (خت).
وابن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير عن علي بن الحسن بن فضال
عنه (ست)، والثلاثة عن البزوفري عن حميد بن زياد عنه (خه).
والطرق الثلاثة غير نقية، والأول منها يحتمل الضعف بابي طالب
الأنباري، والأخيران موثقان، فان علي بن الحسن فطحي، وحميد بن
زياد واقفي.
وإلى الحسين بن سعيد: عدة من أصحابنا عن ابن بابويه عن أبيه
ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسى بن المتوكل عن سعد بن عبد الله، والحميري
عن ابن عيسى عنه (ست).
الثلاثة عن ابن الوليد عن أبيه عن الصفار عن أحمد بن محمد عنه (خه)
الثلاثة عن ابن الوليد عن أبيه عن الحسين بن الحسن بن أبان عنه (خه).
ابن أبي جيد عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الحسين بن الحسن بن
أبان عنه (خت). والطريق الأول صحيح واضح، وهو أصح الطرق،
وأعلاها الأخير، والمتوسطان متوسطان.
ومن جملة ما ذكره في (خه) عن الحسين بن سعيد والحسن بن محبوب
- معا - رواه عن الغضائري عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه
عن محمد بن علي بن محبوب عنهما.
ومن جملة ما ذكره عنهما ما رواه عن ابن أبي جيد عن محمد بن الحسن
ابن الوليد، وعن الثلاثة عن أحمد بن محمد بن الحسن عن أبيه عن الصفار

(1) راجع ص 76 من هذا الجزء.
89

عن أحمد بن محمد عنهما.
ومن جملة ما رواه عن المفيد عن الصدوق عن أبيه، وعن المفيد عن
جعفر بن محمد بن قولويه عن أبيه - جميعا - عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن
محمد عنهما - معا -.
وهذا الطريق موافق للطريق الأول المتقدم عن (ست) من رواية
(العدة) ومنهم المفيد - رحمه الله - عن الصدوق عن أبيه
عن سعد عن ابن عيسى، وهو المراد بأحمد بن محمد في هذه الطرق،
وطريق (الفهرست) عام في الروايات كلها، وليس مختصا بالبعض، ومثله
الطريق المتقدم عن (ست) في الحسن بن محبوب، فلا وجه للتخصيص
المفهوم من (خه) (1)
والى الحسين بن سفيان البزوفري: أحمد بن عبدون، والحسين بن
عبيد الله عنه (خه) صحيح إليه، وهو مجهول، ولا ذكر له في (الفهرست)
ولا في غيره من كتب الرجال، وليس من مشايخ الإجازة على تفسيرهم بمن
لا كتاب له، لذكر الشيخ له في (المشيخة) (2) الموضوعة لبيان الطرق
إلى أصحاب الأصول والكتب.
والى الحسين بن محمد: الشيخان عن جعفر بن محمد بن قولويه عن
الكليني عنه (خه): صحيح.
والى حفص بن البختري: عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن
بطة عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد عن ابن أبي عمير
عن حفص بن البختري (ست): ضعيف بابي المفضل وابن بطة.

(1) راجع: (ص 87) من هذا الجزء.
(2) راجع: مشيخة التهذيب الملحق بآخره (ج 10 ص 75 وص 87)
طبع النجف الأشرف.
90

والى حماد بن عيسى في (الفهرست) إليه طرق متعددة، وفي الكل
ضعف.
والى حماد بن عثمان: صحيح في (الفهرست).
والى حميد بن زياد: الشيخان عن ابن قولويه عن الكليني (خه)
صحيح إليه وهو موثق، ضبطه في (الايضاح) بالتصغير (1).
والى زرعة عن سماعة ما تقدم من الأسانيد إلى الحسين بن سعيد عن
زرعة عنه (خه): صحيح إليه، وزرعة وسماعة موثقان، والصواب -
كما في بعض النسخ - عن الحسين عن الحسن بن زرعة (2) وفي (ست):
إن الحسن بن سعيد روى جميع ما صنفه أخوه الحسين عن جميع شيوخه،
وزاد عليه بروايته عن زرعة عن سماعة فإنه يخص به الحسن، والحسين
انما يرويه عن أخيه عن زرعة. ويتساويان في الباقي.
والى سعد بن عبد الله: المفيد عن الصدوق عن أبيه وعن جعفر بن
محمد بن قولويه عن أبيه جميعا عنه (خه): صحيح.
والى سهل بن زياد: الشيخان عن ابن قولويه عن الكليني عن عدة
من أصحابنا منهم علي بن محمد وغيره عن سهل (خه): صحيح.
والى صفوان بن يحيى بالأسانيد إلى الحسين بن سعيد عن الحسين عنه
(خه): صحيح، وجماعة عن الصدوق عن محمد بن الحسن عن الصفار
وسعد بن عبد الله ومحمد بن يحيى وأحمد بن إدريس عن محمد بن الحسين
ويعقوب بن زيد عنه (ست).

(1) راجع: إيضاح الاشتباه في ضبط تراجم الرجال، تأليف العلامة الحلي
- رحمه الله - فرغ من تأليفه في (19) شهر ذي القعدة سنة 707 ه‍، طبع بطهران
سنة 1318 ه‍.
(2) راجع: مشيخة التهذيب (ص 66) طبع النجف الأشرف.
91

والى علي بن إبراهيم: الشيخان عن جعفر بن محمد بن قولويه عن
الكليني عنه (خه): صحيح.
والى علي بن جعفر (1): الغضائري عن أحمد بن محمد بن يحيى عن
أبيه عن العمركي بن علي النيسابوري البوفكي عنه (خه): صحيح
- على الأصح - وجماعة عن الصدوق عن أبيه عن محمد بن يحيى عن
العمركي عنه (ست): وهو أصح.
والى علي بن الحسين بن بابويه: المفيد عن الصدوق عنه (خه): صحيح (*).
وإلى علي بن الحسن بن فضال: أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر
سماعا منه وإجازة عن علي بن محمد بن الزبير عنه (خت)، وأهمله الفاضلان وضعفه
السيد في (النقد)، وفي الوجيزة: حسن كالصحيح على قاعدته في مشايخ الإجازة
مع تصريحه بأنهما منهم، ووصف العلامة في (المختلف) والمحقق الكركي والشهيد
الثاني وسبطه في مسالة الرضاع بالعدد: رواية عبيد بن زرارة بأنها موثقة، وهي
من هذا الباب، ومثلها رواية ابن بكير، ولم يذكرها الشهيد - رحمه الله - وعدها
غيره من الموثق - أيضا - والوصف به هنا متردد بين صحة الطريق وحسه للاتفاق
على استقامتهما في المذهب، وللشيخ أبى علي بن الحسن طريق صحيح في باب
آداب الاحداث وباب الجنابة وباب الحيض، وأثر الصحة إليه مع خروجه عن
عن الصحة به. (منه - قدس سره) (*)

(1) أبو الحسن علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
- عليهم السلام - العريضي لسكناه العريض من نواحي المدينة فنسب ولده إليها،
وهو أخو الإمام موسى الكاظم - عليه السلام - له كتاب ما سأله عن أخيه الإمام موسى
- عليه السلام - ذكره النجاشي في رجاله والشيخ في الفهرست، وفي كتاب
رجاله - باب أصحاب الصادق، وباب أصحاب الكاظم، وباب أصحاب الرضا
- عليهم السلام - وذكر في أكثر المعاجم الرجالية.
92

والى علي بن الحسن بن فضال: أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن
الزبير عنه (خه): صحيح على الأصح.
وإلى علي بن الحسن الطاطري: أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن
الزبير عن أبي الملك أحمد بن عمير بن كيسبة عنه (خه).
وإلى علي بن حاتم القزويني: المفيد وابن عبدون عن أبي عبد الله
الحسين بن علي بن شيبان القزويني عن علي بن حاتم (خه).
وإلى علي بن مهزيار: المفيد عن الصدوق عن أبيه ومحمد بن الحسن
عن سعد بن عبد الله، والحميري ومحمد بن يحيى وأحمد بن إدريس عن أحمد
بن محمد عن العباس بن معروف عنه (خه): صحيح.
وإلى فضالة بن أيوب بالأسانيد عن الحسين بن سعيد عن الحسين عنه
(خه): صحيح.
والى الفضل بن شاذان: الثلاثة عن العلوي عن علي بن إبراهيم عن أبيه
عنه (خه): حسن - عند الأكثر - صحيح - على الأصح -.
وإلى محمد بن أبي عمير: الشيخان عن جعفر بن قولويه عن أبي القاسم
جعفر بن محمد العلوي الموسوي عن عبد الله بن أحمد بن نهيك عن ابن أبي
عمير (خه): حسن.
والى محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري: الثلاثة عن العلوي والبزوفري
جميعا عن أحمد بن إدريس عنه، والغضائري عن أحمد بن محمد بن يحيى
عن أبيه عنه، وابن أبي جيد عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن
يحيى وأحمد بن إدريس جميعا عنه (خه).
والطرق كلها صحيحة على الأصح، وجماعة عن الصدوق عن أبيه
ومحمد بن الحسن عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عنه (ست).
وهو أصح.
93

والى محمد بن إسماعيل: الشيخان عن ابن قولويه عن الكليني عنه
(خه): صحيح.
وإلى محمد بن الحسن بن الوليد: المفيد عن الصدوق عنه (خه):
صحيح.
وإلى محمد بن علي بن بابويه: المفيد عنه (خه) صحيح.
وإلى محمد بن علي بن محبوب: الغضائري عن أحمد بن محمد بن
يحيى العطار عن أبيه عنه (خه): صحيح. وجماعة عن الصدوق عن
أبيه، ومحمد بن الحسن عن أحمد بن إدريس عن محمد بن علي بن محبوب
(ست): وهو أصح.
والى محمد بن يحيى العطار: الشيخان عن ابن قولويه عن الكليني
عنه، والغضائري وابن أبي جيد عن أحمد بن محمد بن يحيى عنه (خه)
والطريقان صحيحان، والأول أصح، والثاني أعلي.
والى محمد بن يعقوب الكليني: المفيد عن ابن قولويه عنه، والغضائري
عن أبي غالب الزراري وأبي محمد هارون بن موسى التلعكبري وأبي القاسم
جعفر بن محمد بن قولويه وغيرهم عنه (خه)، والطريقان صحيحان.
والى موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب: المفيد عن الصدوق عن
محمد بن الحسن بن الوليد عن الصفار وسعد بن عبد الله عن الفضل بن غانم
وأحمد بن محمد عن موسى بن القاسم (خه): صحيح.
والى النضر بن سويد بالأسانيد إلى الحسين بن سعيد عن الحسين عن النضر.
والى يونس بن عبد الرحمان: الثلاثة عن العلوي عن علي بن إبراهيم
عن محمد بن عيسى عن يونس: صحيح - على الأصح -.
94

(5) - فائدة:
روى الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي - رحمه الله - في
كتاب (الفهرست) عن جماعة قال فيهم: " أخبرنا " و " حدثنا "
ونحوهما (1).
منهم: الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان وهو الشيخ المفيد
والشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري، وأحمد بن عبدون
المعروف ب‍ (ابن الحاشر)، وأبو الحسين ابن أبي جيد. وسماه وكناه
في ترجمة أحمد بن الحسين بن سعيد، فقال: " أخبرنا أبو الحسين علي بن
أحمد بن محمد بن أبي جيد " (2).
وهؤلاء الأربعة هم المشايخ المتكرر ذكرهم في الكتاب، قد أكثر الشيخ
- رحمه الله - عنهم في (الفهرست) وفي (مشيخة التهذيب) و (الاستبصار)
وعليهم تدور روايته في الغالب. وإذا أطلق في كلامه (أبو عبد الله)
فالمراد به (المفيد)، وان كان مشتركا بينه وبين غيره، كما يعرف من
تتبع كتابه، فإنه إذا أطلقه على الحسين بن عبيد الله قرنه باسمه، وقد
يعبر عن الحسين بن عبيد الله ب‍ (الغضائري) كما في ترجمة أحمد بن عبيد الله
ابن جلين الدوري (3).
وقد روى الشيخ - رحمه الله - في (الفهرست) - كثيرا عن أحمد
ابن محمد بن موسى المعروف ب‍ (ابن الصلت) الأهوازي، وهو رواية

(1) أو كلمة (روينا) وكثيرا ما يقول بدل كلمة (جماعة): " عدة من
أصحابنا ".
(2) راجع: الفهرست ص 46 برقم 67 طبع النجف الأشرف سنة 1380 ه‍
(3) المصدر نفسه: ص 57 برقم 97.
95

أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ المشهور، وربما روى عن غير
هؤلاء الخمسة، وهو قليل جدا.
فمن جملة من روى عنه في هذا الكتاب: السيد الاجل المرتضى
- رحمه الله - ذكره في ترجمة إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي مع المفيد
وقدمه عليه (1) وفى ترجمة محمد بن يعقوب الكليني - رحمه الله - قال:
" أخبرنا الاجل المرتضى - رحمه الله - عن أبي الحسين أحمد بن علي بن
سعيد الكوفي عنه " (2) وذكر في (كتاب الرجال) لابي الحسين الكوفي
المذكور - ترجمة في باب (من لم يرو عنهم عليهم السلام) (3).
ومنهم الشريف أبو محمد المحمدي، ذكره في ترجمة إسماعيل بن علي
الخزاعي. (4) وسماه في ترجمة محمد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة الصفواني

(1) المصدر نفسه: ص 29 برقم 7.
(2) المصدر نفسه ص 162 برقم 603.
(3) راجع: ص 450 برقم (70) طبع النجف الأشرف سنة 1381 ه‍،
ولكن هنا ذكره هكذا: أحمد بن محمد بن علي الكوفي... وهو في بعض نسخ
الرجال التي نقل عنها كل من الميرزا محمد الاسترآبادي في منهج المقال، والشيخ
أبو علي الحائري في منتهى المقال، واستظهر اتحادهما، والمولى عناية الله القهبائي
في مجمع الرجال. ولكن في بعض نسخه المصححة: أحمد بن علي الكوفي، وهي
النسخة التي نقل عنها سيدنا - قدس سره - في الأصل، واستصوبها الاسترآبادي في
الوسيط (مخطوط) ويؤيده أن الموجود من طرق الشيخ في الفهرست هكذا:
" المرتضى - رحمه الله - عن أبي الحسين أحمد بن علي بن سعيد الكوفي عن محمد
ابن يعقوب " أنظر: ترجمة محمد بن يعقوب الكليني.
(4) راجع: الفهرست للشيخ الطوسي: ص 36 برقم 37 طبع النجف
الأشرف سنة 1380 ه‍.
96

قال: " أخبرنا عنه جماعة، منهم الشريف أبو محمد الحسن بن القاسم المحمدي
والشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان " (1). وقال - في ترجمة محمد
ابن علي بن الفضل بن تمام الكوفي -: " أخبرنا برواياته كلها الشريف
أبو محمد المحمدي - رحمه الله - وأخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن
موسى التلعكبري عنه " (2) ومنه يعلم علو سند هذا الشريف.
وروى الشيخ في ترجمة: إبراهيم بن إسحاق الأحمري عن أبي القاسم
علي بن شبل بن أسد (3). وفي ترجمة أبي عمرو ابن أخي السكوني البصري
عن أحمد بن إبراهيم القزويني (4) وفي ترجمة الحسين بن أبي غندر عن
الحسين بن إبراهيم القزويني (5). وفي ترجمة إسماعيل بن علي الخزاعي عن
هلال الحفار (6) وفي ترجمة ابن الجندي أحمد بن محمد بن الجراح عن
أبي طالب بن عزور (7) وفي ترجمة محمد بن علي بن بابويه عن أبي
الحسين جعفر بن الحسين بن حسكة القمي، وأبي زكريا محمد بن سليمان
الحمداني (8). وقال في ترجمة أبي منصور الصرام: " له كتاب بيان الدين
قرأت أكثره على أبي حازم النيسابوري، وكان قد قرأه عليه " (9) ولا

(1) المصدر نفسه: ص 159 برقم (600).
(2) المصدر نفسه: ص 188 برقم (712).
(3) المصدر نفسه: ص 30 برقم (9).
(4) المصدر نفسه: ص 214 برقم (825).
(5) المصدر نفسه: ص 84 برقم (236).
(6) المصدر نفسه: ص 36 برقم (37).
(7) المصدر نفسه: ص 57 برقم (97).
(8) المصدر نفسه: ص 186 برقم (709).
(9) المصدر نفسه: ص 221 برقم (873) باختلاف في بعض الكلمات
ويشير - قدس سره - بقوله (لا ذكر له في رواياته) أن الشيخ - رحمه الله - لم
يذكر أبا حازم النيسابوري من روايته في كتب الاخبار.
97

ذكر له في رواياته.
وقد ذكر - رحمه الله - في (كتاب الرجال في باب من يرو عنهم
- عليهم السلام -) روايته عن ابن عزور في ترجمة أحمد بن محمد بن سليمان
الزراري (1) وأحمد بن إبراهيم بن أبي رافع (2) وأحمد بن موسى بن
الجندي (3) وجعفر بن محمد بن قولويه (4) وروايته عن هلال الحفار في
ترجمة إسماعيل الخزاعي المتقدم (5) وعن ابن شبل الوكيل في ترجمة ظفر بن
محمد البادرائي (6) وعن أحمد بن إبراهيم القزويني في: محمد بن وهبان

(1) راجع: رجال الشيخ الطوسي ص 443 برقم 34 طبع النجف الأشرف
سنة 1381.
(2) المصدر نفسه: ص 445 برقم (41).
(3) المصدر نفسه: ص 456 برقم (106).
(4) المصدر نفسه: ص 458 برقم (5).
(5) المصدر نفسه: ص 452، برقم (82).
(6) المصدر نفسه: ص 477، برقم (1) ولكن الذي ذكره الشيخ نفسه
في الفهرست (ص 30) في ترجمة إبراهيم بن إسحاق الأحمري النهاوندي، هو ظفر
ابن حمدون بن شداد، وكذا النجاشي في رجاله، وابن الغضائري في كتاب رجاله، والعلامة
الحلي في الخلاصة، والاسترابادي في منهج المقال، وفي الوسيط، وأبو علي الحائري
في منتهى المقال، وابن داود الحلي في البابين من رجاله، والتفريشي في نقد الرجال
وغيرهم من أرباب المعاجم الرجالية، ولعل ما جاء في رجال الشيخ من تصحيف
الناسخ (حمدون) بمحمد، فراجع.
98

ابن محمد، وأبي عمرو بن أخي السكوني المتقدم (1) وذكر سماعه من ابن
المهدي في ترجمة أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة (2).
فهؤلاء جملة من مشايخ الشيخ في كتاب الرجال والحديث نذكرهم
بترتيب الحروف ليسهل استعلام أحوالهم:
أحمد بن إبراهيم القزويني، أحمد بن عبدون، أحمد بن محمد بن
موسى الأهوازي، جعفر بن الحسين بن حسكة القمي، الحسن بن القاسم
الشريف المحمدي العلوي، الحسين بن إبراهيم القزويني، الحسين بن عبيد الله
الغضائري، علي بن أحمد بن محمد بن أبي جيد، علي بن الحسين المرتضى
علي بن شبل بن أسد، محمد بن سليمان الحمداني، محمد بن محمد بن النعمان
المفيد، هلال الحفار، أبو طالب بن عزور، أبو علي بن شاذان. عدتهم
خمسة عشر نفرا (3).
(6) - فائدة:
قال العلامة - قدس سره الشريف - في آخر إجازته الكبيرة لبني
زهرة (4) " وأجزت لهم أدام الله أيامهم أن يرووا عني عن والدي - رحمه الله -
والسيد رضي الدين وجمال الدين ابني طاووس الحسيني عن السيد صفي الدين

(1) المصدر نفسه: ص 505، برقم (77) وص 518، برقم (2).
(2) المصدر نفسه: ص 442، برقم (30).
(3) راجع في مشائخ الشيخ الطوسي - رحمه الله -: مقدمة كتاب رجاله
المطبوع في النجف الأشرف سنة 1381 ه‍، وخاتمة مستدرك الوسائل (ج 3 ص 509)
للعلامة المحدث النوري - رحمه الله - ومقدمة كتاب تلخيص الشافي للشيخ الطوسي.
(4) راجع: الإجازة المذكورة في كتاب الإجازات، الملحق بآخر (بحار
الأنوار) للمحدث المجلسي الثاني (ص 21) طبع إيران سنة 1315 ه‍، وانظر:
الجملة المذكورة في (ص 28) من الإجازة المذكورة.
99

محمد بن معد الموسوي عن مشايخه المذكورين في هذه الإجازة متصلا عن
الشيخ أبي جعفر الطوسي - رحمه الله - جميع ما يرويه عن رجال العامة
منهم: أبو الحسين (1) بن سور المغربي، وأبو الفتح بن أبي الفوارس
الحافظ، ومحمد بن محمد بن سنان (2) وهلال بن محمد الحفار، وأبو علي
ابن شاذان المتكلم، وأبو محمد بن الفحام السر من رائي. ومن رجال
الكوفة: أبو الحسين حسنبش المقري، والقاضي أبو القاسم التنوخي، والقاضي
أبو الطيب الطبري الحويري، وأبو عمرو بن المهدي، روى عن ابن عقدة
وأحمد بن محمد بن الصلت الأهوازي، وروى أيضا عن ابن عقدة.

(1) الذي في الإجازة المطبوعة (أبو الحسين بن بشران المعدل) وقد ذكره
الشيخ في الأمالي أيضا (ص 251) طبع إيران سنة 1313 ه‍، وجعله من مشايخه
في الرواية.
وابن بشران - هذا - هو علي بن محمد بن بشران، ويعرف بابن بشران
المعدل، وقد توفي بعد سنة 411 ه‍، لان الشيخ الطوسي سمع منه في منزله ببغداد
في رجب سنة 411 ه‍، كما في الأمالي (ص 251) وروى عنه في مواضع عديدة
من الأمالي.
وأما أبو الحسين بن سوار المغربي فلم يوجد له ذكر في الإجازة المطبوعة،
ولكن العلامة المحدث النوري - رحمه الله - عده من مشائخه الذين يروي عنهم
في خاتمة مستدرك الوسائل (ص 509) فقال: " عده العلامة في الإجازة الكبيرة
من مشائخه العامة " ولعل في الإجازة المطبوعة سقطا، أو اختلفت نسخ الإجازة
فلاحظ.
(2) لا يوجد هذا الاسم في الإجازة المطبوعة، ولكن العلامة المحدث النوري في خاتمة
مستدرك الوسائل (ص 509) عده من مشائخه في الرواية، وقال: " عده العلامة
في الإجازة من مشائخه منهم " يعني: من العامة، ولعله سقط من المطبوعة، فلاحظ
100

ومن رجال الخاصة: محمد بن محمد بن النعمان المفيد - رحمه الله -. أبو عبد الله
الحسين بن عبيد الله الغضائري، أبو عبد الله أحمد بن عبدون المعروف
بابن الحاشر، أبو الحسن بن إسماعيل المعروف بابن الحمامي، أبو عبد الله
الحسين بن إبراهيم القمي المعروف بابن الخياط، أبو عبد الله ابن الفارسي
أبو طالب بن عزور، أبو الحسين جعفر بن حسكة القمي، أبو الحسن بن
الصفار، أبو الحسين أحمد بن علي النجاشي، أبو زكريا محمد بن سليمان
الحمداني من أهل طوس روى عن أبي جعفر بن بابويه، أبو محمد
عبد الحميد بن محمد المقري النيسابوري ابن شبل الوكيل، أبو عبد الله
أخو سروة، وكان يروي عن ابن قولويه. وكثير من كتب الشيعة
الصحيحة، فليرووا - أدام الله أيامهم - ذلك عني محتاطين في الرواية
عظم الله أجرهم ".
وبهذا قطع العلامة - زاد الله إكرامه - في (الإجازة) كلامه.
والقسم الأول الذي ذكر: انهم من رجال العامة، لا يحضري رواية
الشيخ عنهم في كتابي الرجال، إلا أبا علي بن شاذان، فقد روى عنه
في ترجمة يحيى بن الحسن صاحب كتاب النسب (1) وهلال الحفار، فإنه

(1) راجع: الفهرست للشيخ - رحمه الله - ص 208 - رقم (801) طبع
النجف الأشرف سنة 1381 ه‍، ويقصد بكتاب النسب: نسب آل أبي طالب، كما
صرح به الشيخ في الفهرست.
ويحيى - هذا - هو أبو الحسين العالم الفاضل الصدوق - كما قال النجاشي في
رجاله (ص 344) طبع إيران -، وقال: " يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله
ابن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام - روى عن
الرضا - عليه السلام - صنف كتبا منها كتاب نسب آل أبي طالب، كتاب المسجد "
وله كتاب المناسك عن علي بن الحسين - عليه السلام - كما في فهرست
الشيخ - رحمه الله - وذكر في أكثر المعاجم الرجالية، وذكر الشيخ روايته عن
أبي علي بن شاذان في رجاله ص 465، رقم (20) في ترجمة أبي محمد الحسن بن
محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن
علي بن أبي طالب - عليهم السلام - صاحب النسب، الملقب بابن أخي طاهر الذي
روى عنه التلعكبري وسمع منه سنة 327 ه‍، إلى سنة 355 ه‍، وله منه إجازة، وقد
ترجم له النجاشي في رجاله (ص 51) طبع إيران، وقال: روى عن جده يحيى
ابن الحسن وغيره، ومات في شهر ربيع الأول سنة 358 ه‍، ودفن في منزله بسوق
العطش (وهي من أكبر محلة كانت ببغداد بالجانب الشرقي بين الرصافة ونهر المعلى)
وذكر له النجاشي كتاب المثالب وكتاب الغيبة وذكر القائم - عليه السلام - وترجم له
أيضا العلامة الحلي أيضا في (الخلاصة) في القسم الثاني (ص 214) رقم (14)
بمثل ما ترجم له النجاشي، وترجم له الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (ج 7 -
421) والذهبي في ميزان الاعتدال (ج 1 - ص 242).
101

قال - في ترجمة إسماعيل بن علي بن علي أخي دعبل الخزاعي -: " أخبرنا
برواياته كلها: الشريف أبو محمد المحمدي، وسمعنا هلال الحفار يروى
عنه مسند الرضا - عليه السلام - فسمعناه منه وأجاز لنا باقي رواياته " (1)
ويبعد أن يكون هذا الرجل من العامة. ولم أجد له ذكرا في رجالهم.
وأما القسم الثاني، فظاهر كلامه - حيث لم يجعلهم من رجال العامة
ولا من الخاصة -: عدم ظهور مذهبهم، واحتمال كونه من العامة أو من
رجال الزيدية، وهو بعيد في أحمد بن محمد بن الصلت، فان النجاشي
قد روى عنه - كثيرا - وكذا الشيخ، وظاهرهما صحة مذهبه، بل
الاعتماد عليه.

(1) راجع رجال الشيخ ص 452، رقم (84) والفهرست له ص 36،
رقم (37).
102

قال الشيخ: " إنه كان معه خط أبي العباس بإجازته وشرح رواياته
وكتبه " (1).
ويحكى عن الذهبي: أنه قال - في ميزان الاعتدال -: " أحمد بن
محمد بن أحمد بن موسى بن الصلت الأهوازي، سمع المحاملي وابن عقدة،
وروى عنه الخطيب وكان صدوقا صالحا " (2).
وهذا ليس بقاطع عليه بالخلاف، إذ لعله قد اخفى مذهبه لشدة
التقية، على أنه اتفق له (3) ولغيره مدح رجال الشيعة كأبان بن تغلب
وغيره بأعظم من هذا.
ويؤيد كونه من الشيعة: روايته (كتاب الولاية) تصنيف ابن عقدة
وفيه ما لا يتوهم رواية العامة له.
نعم ذلك لا يمنع كونه (زيديا، جاروديا) (4) كشيخه ابن عقدة

(1) راجع: فهرست الشيخ الطوسي (ص 53) في آخر ترجمة أحمد بن
محمد بن سعيد السبيعي الهمداني المعروف بابن عقدة الحافظ، فقد قال فيها - بعد
أن عد كتبه -: (أخبرنا بجميع رواياته وكتبه أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى
الأهوازي (يعنى ابن الصلت)، وكان معه خط أبي العباس بإجازته وشرح رواياته
وكتبه عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد (يعني ابن عقدة).
(2) راجع: ميزان الاعتدال (ج 1 ص 132، رقم (533) طبع مصر
سنة 1382 ه‍.
(3) يعني للذهبي، فقد ذكر أبان بن تغلب الكوفي، (ج 1 ص 5) وقال
فيه: " شيعي جلد، لكنه صدوق فلنا صدقه وعليه بدعته).
وترجم لابن الصلت - هذا - ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان (ج 1
ص 255) طبع حيدر آباد.
(4) الجارودية هم اتباع أبي الجارود زياد بن المنذر الهمداني الأعمى السرحوبي
المتوفى بعد سنة 150 ه‍. وقد رويت في زياد - هذا - روايات كثيرة عن الإمام الصادق
- عليه السلام - تدل على انحرافه وكفره. راجع - عنه: فهرست ابن النديم
ورجال الكشي، وميزان الاعتدال للذهبي، وفرق النوبختي وغيرهم.
والجارودية - كما عن النوبختي - فرقة تقول بتفضيل علي بن أبي طالب - عليه السلام -
وأن منصب الخلافة خاص به بعد النبي (ص) وان الذي دفع عليا عن هذا المكان فهو
كافر، وأن الأمة كفرت وضلت في تركها بيعته، وجعلوا الإمامة بعده في الحسن
ابن علي - عليهما السلام - ثم في الحسين - عليه السلام - ثم هي شورى بين أولادهما
فمن خرج منهم مستحقا للإمامة فهو الامام. وان هذه الفرقة تنتحل أمر زيد بن
علي بن الحسين، وأمر زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب - عليهم السلام - ومنها
تشعبت صنوف الزيدية.
103

وأما كونه عاميا فلا يحتمل، مع روايته لهذا الكتاب.
وقد أشار العلامة إليه في (إجازته) ورى عنه عن شيخه بطريق
الخاصة حديث الغدير عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص
فلاحظ ذلك (1).
(7) - فائدة
قد تكرر من الشيخ في (الفهرست) قوله: " أخبرنا عدة من
أصحابنا " أو: " جماعة من أصحابنا ".
وربما توهم بعضهم جهالة الطريق بذلك، لعدم تسمية " العدة "
وعدم ظهور اصطلاح من الشيخ فيها. فيحتمل عدم اشتمالها على الثقة.
ويدفع هذا لوهم: ما أشرنا إليه مر أن روايات الشيخ - رحمه الله -
في هذا الكتاب وغيره إنما هي عن مشايخه الأربعة المعروفين - غالبا - ومنهم

(1) راجع: (ص 25) من كتاب الإجازات للمجلسي الملحق بآخر
(البحار) فقد ذكر ذلك العلامة الحلي في إجازته الكبيرة لبني زهرة الحلبيين.
104

المفيد المعلوم ثقته، والحسين بن عبيد الله، والمعروف من أصحابنا أنه ثقة
وكذا ابن عبدون، وابن أبي جيد - على الأظهر - وقد حققناه - في موضع
آخر - (1) ودخول أحد الأولين، بل أحد الأربعة كاف في الصحة.
على أن الباقين - كالأخيرين من الأربعة - من مشايخ الإجازة، وليس
لهم كتاب يحتمل الاخذ منه. فلا يخرج الحديث بهم عن الصحة خصوصا
مع اجتماع عدة منهم، فإنه لا يقصر عن إخبار ثقة واحد.
مع أن الممارسة والتتبع لكتاب الشيخ يقضيان بوقوع الاصطلاح من
الشيخ - رحمه الله - على ذلك، وانه متى أطلق " العدة " أو " الجماعة "
فإنه يريد بهم: المفيد مع غيره ممن تكمل به " العدة ":
ففي ترجمة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، قال الشيخ:
" له كتاب الجامع أخبرنا به عدة من أصحابنا منهم الشيخ أبو عبد الله " (2)
وفي ترجمة أحمد بن محمد بن خالد البرقي - بعد ذكر كتبه -:
" أخبرنا بهذه الكتب وبجميع رواياته عدة من أصحابنا منهم الشيخ أبو عبد الله
محمد بن محمد بن النعمان المفيد، وأبو عبد الله الحسين بن عبيد الله، وأحمد
ابن عبدون وغيرهم عن أحمد بن محمد بن سليمان الزراري. وأخبرنا
هؤلاء الثلاثة عن الحسن بن حمزة العلوي. وأخبرنا هؤلاء إلا الشيخ
أبا عبد الله وغيرهم عن أبي المفضل الشيباني، وأخبرنا بها ابن أبي جيد
عن محمد بن الحسن بن الوليد " (3)
وفي ترجمة أحمد بن محمد بن سيار: " أخبرنا بالنوادر وغيره

(1) راجع: الفائدة الخامسة (ص 95) من هذا الكتاب.
(2) راجع: الفهرست للشيخ الطوسي: ص 43 برقم 63 طبع النجف
الأشرف 1380.
(3) نفس المصدر: ص 45 برقم (65).
105

جماعة من أصحابنا منهم الثلاثة الذين ذكرناهم عن محمد بن أحمد بن
داود.. " (1).
وفي ترجمة أحمد بن الحسن الاسفراييني: " أخبرنا عدة من أصحابنا
منهم الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد والحسين بن عبيد الله
وأحمد بن عبدون وغيرهم... " (2).
وفي ترجمة جعفر بن محمد بن قولويه: " أخبرنا جماعة من أصحابنا
منهم الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد والحسين بن عبيد الله
وأحمد بن عبدون وغيرهم... " (3).
وذكر نحو ذلك في ترجمة الحسن بن حمزة العلوي، ومحمد بن
أحمد بن داود القمي، وإبراهيم بن هاشم، وعمر بن محمد بن مسلم
ابن البراء (4).
وقال - في محمد بن قيس البجلي -: " أخبرنا جماعة منهم محمد
ابن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد الله وجعفر بن الحسين بن حسكة

(1) نفس المصدر: ص 47 برقم (70).
(2) نفس المصدر: ص 52 برقم (84).
(3) نفس المصدر ص 67 برقم (141).
(4) راجع في هذه الأسماء: نفس المصدر - على الترتيب: ص 77 برقم
(195)، وص 162 برقم (604)، وص 27 برقم (6) وص 140 برقم (506)
ولكن جاء في المطبوع من الفهرست، والأمالي له ص 13، والأمالي للمفيد
(ص 7) (محمد بن سالم بن البراء)، وقد اختلف أرباب المعاجم في اسم جده،
فقيل: سالم، وقيل: سليم، وقيل: مسلم، وقيل: سلام، وأكثرهم سموه (سالم)
كما في المطبوع من الفهرست.
106

القمي... " (1).
وفي محمد بن علي بن بابويه: " أخبرنا جماعة من أصحابنا، منهم
الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان وأبو عبد الله الحسين بن عبيد الله
وأبو الحسين جعفر بن الحسين بن حسكة القمي وأبو زكريا محمد بن سليمان
الحمداني... " (2) إلى غير ذلك من المواضع.
وانما يدخل المفيد - رحمه الله - في " العدة " مع امكان دخوله.
فلو كانت الرواية عمن لم يلقه المفيد، كأحمد بن محمد بن يحيى العطار
ونحوه، كان خارجا بدلالة القرينة عليه. ولذا قال في ترجمة أحمد بن
محمد بن عيسى: "... عدة من أصحابنا منهم الحسين بن عبيد الله وابن
أبي جيد عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، وعدة من أصحابنا عن
أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد " (3) فاخرج المفيد عن " العدة "
الأولى دون الثانية (4).
والحاصل: من تتبع " الفهرست " عرف دخول المفيد - رحمه الله -
في " العدة " حيث يمكن دخول المشايخ الثلاثة فيها - غالبا - وانما ينفرد
ابن أبي جيد عنهم لعلو سنده، وروايته عن محمد بن الحسن بن الوليد
دون غيره من المشايخ الثلاثة. ويمكن التعيين في كلامه بالمروي عنه. - مثلا -:
إذا روى عن العدة عن ابن بابويه، فالمراد الأربعة الذين ذكروا في

(1) نفس المصدر: ص 157 برقم (591).
(2) نفس المصدر: ص 186 برقم (709).
(3) نفس المصدر: ص 49 برقم (75).
(4) ووجه عدم اخراجه عن العدة الثانية: هو أن أحمد بن محمد بن الحسن
ابن الوليد من مشايخ الشيخ المفيد ويروي عنه.
107

ترجمته (1) ولو قال: " العدة عن الزراري - أو العلوي، أو البزنطي
أو البرقي، فالمراد الثلاثة وغيرهم - كما علم مما ذكرناه -.
وبالجملة، فلا ينبغي التأمل في صحة الرواية عن " العدة " و " الجماعة "
في (الفهرست) الا إذا حصل الضعف من جهة أخرى.
8 - فائدة:
أبو عبد الله الذي يروي عنه الشيخ - رحمه الله - في (الفهرست)
مشترك بين: محمد بن محمد بن النعمان (المفيد)، والحسين بن عبيد الله
الغضائري، وأحمد بن عبدون، فان كلهم يكنى: (أبا عبد الله)، وقد
وقع إطلاق ذلك في كثير من المواضع، لكن الذي يقضي به تصفح
كلام الشيخ - رحمه الله - إرادة (المفيد) من ذلك حيث يطلق، فإنه
وإن ذكر غيره، إلا أنه على سبيل الندرة، فينصرف الاطلاق إلى الشائع
المعروف المعلوم من تتبع استعمالاته، مع أن هذا الاشتراك لا يضر، لاشتراك
الجميع في التوثيق عند التحقيق.
9 - فائدة:
روى الشيخ في (الفهرست) في ترجمة يحيى بن الحسن صاحب كتاب النسب

(1) يعني: في ترجمة محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي
الصدوق - رحمه الله - والأربعة الذين ذكروا في ترجمته هم الشيخ المفيد، والحسين
ابن عبيد الله، وأبو الحسين جعفر بن الحسين بن حسكة القمي، وأبو زكريا محمد
ابن سليمان الحمراني، لان هؤلاء الأربعة كلهم لقوا ابن بابويه القمي، ورووا عنه
بخلاف الرزاز والعلوي والبزنطي والبرقي وغيرهم ممن لم يلقهم الشيخ المفيد ولم يرو
عنهم فلاحظ ذلك.
108

نسب آل أبي طالب -: عن أبي علي بن شاذان (1) وليس هذا من أصحابنا
بل هو من العامة - كما صرح به العلامة - رحمه الله - في آخر إجازته لبني
زهرة، وقد تقدم نقله عنه (2) ولم أجد رواية الشيخ عنه إلا في هذا
الموضع.
وأما هلال الحفار ففي كونه من العامة تأمل (3) ولم أجد له ذكرا
في كتبهم، وسائر رجال العامة الذين ذكر العلامة - رحمه الله - رواية

(1) راجع: ص 208، برقم (801) من الفهرست، طبع النجف الأشرف
سنة 1380 ه‍، وراجع تعليقتنا في الفائدة السادسة (ص 99).
(2) تقدم نقله عنه في الفائدة السادسة ص 99 وقد تقدم في تعليقتنا هناك:
أن الشيخ يروى عنه أيضا في كتاب رجاله ص 465، برقم (20) في ترجمة الحسن
ابن محمد بن يحيى بن الحسن صاحب كتاب النسب، وتصريحه بأنه من العامة،
فراجع.
(3) هلال بن محمد بن جعفر بن سعدان بن عبد الرحمن بن ماهويه بن مهيار
ابن المرزبان، أبو الفتح الحفار - بفتح الحاء المهملة وتشديد الفاء، وفي آخرها راء
بعد الألف، اسم لمن يحفر القبور، وجاء في بعض المعاجم الرجالية الحديثة (الصفار)
بالصاد المهملة بدل الحاء، وهو خطا.
وهو من رجال الحديث، فارسي الأصل. من أهل بغداد، كان صدوقا.
روى عن أبي القاسم إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي كما في الأمالي (ص 230) وفي
مواضع أخرى، وسمع: إسماعيل بن محمد الصفار، وخلقا كثيرا، وسمع منه أبو بكر
البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر الخطيب البغدادي، وقد ترجم له في
تاريخ بغداد (ج 14: ص 75) طبع مصر، وقال: " قرأت نسبه هذا بخطه، سمع
الحسين بن يحيى بن عياش القطان، وإسماعيل بن محمد الصفار، ومحمد بن عمرو
الرزاز، وعلي بن محمد المصري، وأبا عمرو بن السماك، وأحمد بن عثمان بن يحيى
الادمي، ومحمد بن جعفر الادمي القارئ، وحمزة بن محمد الدهقان، وأحمد ابن
سلمان النجاد، وأبا علي بن الصواف. وأحمد بن يوسف بن خلاد، كتبنا عنه
وكان صدوقا، ينزل بالجانب الشرقي قريبا من الحطابين، وسألته عن مولده، فقال:
كان في ربيع الثاني سنة 322 ه‍، مات يوم الجمعة ثالث صفر سنة 414 ه‍ ".
ومن مؤلفاته: الأمالي، وجزء في الحديث، ذكره الچلبي في كشف الظنون
بعنوان (جزء هلال الحفار).
وترجم له ابن الأثير الجزري في لباب الأنساب (ج 1 ص 307) طبع مصر
وذكره السمعاني في الأنساب (ج 4 ص 193) طبع حيدر أباد دكن
فقال - بعد ذكر نسبه المذكور - "... من أهل بغداد، سمع أبا عبد الله الحسين
ابن يحيى بن عياش القطان، وأبا علي إسماعيل بن محمد الصفار، وأبا عمرو بن
السماك، وأبا جعفر محمد بن عمرو الرزاز، وأبا الحسن علي بن محمد المصري
وغيرهم، سمع منه أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، وأبو القاسم عبد الكريم بن
هوازن القشيري، وأبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، في جماعة آخرهم
أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي " - ثم قال -: " أثنى عليه أبو بكر
الخطيب، وقال: كتبنا عنه وكان صدوقا " وروى الشيخ الطوسي في (أماليه)
عنه أحاديث ربما توهم تشيعه، وترجم له أيضا إسماعيل باشا البغدادي في هدية
العارفين في (ج 2 ص 510)، وذكره شيخنا الطهراني في الذريعة (ج 2 ص 316)
ولم يتعرض المترجمون له إلى أنه من العامة أو الخاصة، فلاحظ.
109

الشيخ عنهم. فاني - مع التصفح التام - لم أجد نقلا، ولا رواية للشيخ
عنهم في هذا الكتاب (1) ولعله في موضع آخر.

(1) يقصد بهذا الكتاب: كتاب الفهرست للشيخ الطوسي - رحمه الله -.
ولكن الشيخ روى عن جماعة منهم في كتاب الأمالي المطبوع بإيران سنة
1313 ه‍ وترجم لبعضهم في كتب العامة.
(منهم) أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ، ص 192 إملاء
في مسجد الرصافة للجانب الشرقي ببغداد في ذي القعدة سنة 411 ه‍ وفي ص 193
(ومنهم) أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن داود بن الفحام السر من رائي
المتوفى سنة 408 ه‍، روى عنه في (ص 173) وفي مواضع كثيرة من الأمالي.
(ومنهم) أحمد بن محمد بن موسى بن هارون بن الصلت الأهوازي المولود
سنة 317 ه‍ والمتوفى - على ما ذكر اليافعي في مرآة الجنان - سنة 409 ه‍، روى
عنه في (ص 59) وفي (ص 211) سماعا منه في مسجده بشارع دار الرقيق ببغداد
في سلخ شهر ربيع الأول سنة 409 ه‍، وفي مواضع كثيرة من الأمالي، عن ابن عقدة
وقد ترجم لابن الصلت - هذا -: الذهبي في ميزان الاعتدال (ج 1 ص 132)
فقال - بعد ذكر اسمه ونسبه كما ذكرنا -: " سمع المحاملي وابن عقدة، وعنه الخطيب
وقال: كان صدوقا صالحا، وقال سمعت البرقاني يقول: ابنا الصلت ضعيفان "
ويقصد الذهبي بابن الصلت الثاني: هو أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت المجبر
شيخ البانياسي. وقد ترجم لهذا أيضا الذهبي (ص 132).
(ومنهم) القاضي أبو القاسم علي ابن القاضي أبي علي المحسن ابن القاضي أبي القاسم
علي بن محمد بن أبي الفهم داود بن إبراهيم بن تميم القحطاني التنوخي المعتزلي.
ترجم له الحموي في معجم الأدباء (ج 5 ص 301 طبع مصر سنة 1928 م)
وأثبت نسبه إلى قضاعة، وذكر أنه كان مقبول الشفاعة في شبابه، وان الخطيب
البغدادي سمع منه أنه ولد سنة 370 ه‍، وقال: إنه توفي سنة 447 ه‍.
وترجم له ابن شاكر الكتبي في (فوات الوفيات: ج 2 ص 138) وقال:
إنه ولد يوم الثلاثاء نصف شعبان سنة 355 ه‍ وتوفى في شهور سنة 447 ه‍، وقال:
كان شيعيا معتزليا.
وترجم له أيضا: الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (ج 2 ص 115)
وذكره ابن كثير الشامي في تاريخه، وقال: " كان صدوقا محتاطا إلا أنه
كان يميل إلى الاعتزال والرفض ".
وذكره ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان (ج 4 ص 252) ونقل عن
شجاع الذهلي: أنه كان يتشيع ويذهب إلى الاعتزال.
وذكره ابن تغري بردي في (النجوم الزاهرة: ج 5 ص 58) وقال:
" قيل: إنه كان معتزليا يميل إلى الرفض، وكان صدوقا محتاطا في الحديث، وسمع
الحديث الكثير، وصنف الكتب المفيدة، ومات في بغداد في المحرم سنة 447 ه‍ "
وترجم له ابن الجوزي في المنتظم (ج 8 ص 168) وقال: " ولد بالبصرة
في شعبان سنة 365 ه‍، وأول سماعه في شعبان سنة 370، وقبلت شهادته عند
الحكام في حداثته وكان محتاطا صدوقا إلا أنه كان معتزليا ويميل إلى الرفض، وتقلد
قضاء نواحي عدة، منها المدائن وأعمالها ودرزيجان والبردان وقرميسين، وتوفي
في محرم سنة 347 ه‍ ودفن في داره بدرب التل، وتنوخ الذين ينسب إليهم اسم
لعدة قبائل اجتمعوا قديما بالبحرين وتحالفوا على التوازر والتناصر وأقاموا هناك
فسموا تنوخا ".
وذكره أيضا الخوانساري في روضات الجنات (ص 477) ضمن ترجمة
جده أبي القاسم علي بن محمد بن داود بن إبراهيم التنوخي، فقال: " كان من
خواص أصحاب سيدنا المرتضى - رضي الله عنه - وعده الفاضل الصفدي (أي في
الوافي بالوفيات) من جملة علماء الشيعة حيث قال: بعد ما ذكر أنه سمع أبا الحسن
علي ابن أحمد بن كيسان النحوي وإسحاق بن سعد النسوي، وانه ولد سنة 335 ه‍
وتوفي سنة 447 ه‍، وانه ما زال يشهد من سنة (384) إلى أن توفى، وما وقف
له على زلة - كان شيعيا معتزليا ثقة في الحديث متحفظا في الشهادة محتاطا صدوقا
وتقلد قضاء عدة نواحي، منها المدائن وأعمالها ودرزيجان والبردان وقرميسين " الخ
وذكره الأفندي في (رياض العلماء) فقال: " الفاضل العالم الجليل الشاعر
الأديب المعروف بالقاضي التنوخي، كان من أصحاب المرتضى وأبي العلاء المعري
بل تلميذهما والراوي عنهما، وينقل عنه الخطيب البغدادي بل التبريزي أيضا، وهو
من أولاد يشجب بن يعرب بن قحطان، وكان هذا القاضي، وأبوه - صاحب
كتاب الفرج بعد الشدة - وجده الأعلى، وعمه القاضي أحمد بن محمد بن أبي الفهم
وسائر سلسلته وأقربائه، بل أكثر التنوخيين، من أهل بيت العلم والفضل، وهذا
القاضي وسائر هذه السلسلة قد عدهم أكثر العامة من علمائهم في كتبهم، وبعض
الخاصة عد خصوص هذا القاضي من علماء الشيعة، بل جعل والده وجده أيضا من
علماء الإمامية ".
وابن طاووس في أول (الطرائف) قال: " صنف القاضي أبو القاسم علي
ابن المحسن بن علي التنوخي - وهو من أعيان رجالهم (يعني العامة) - كتابا سماه
ذكر الروايات عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال لأمير المؤمنين - عليه
السلام -: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وبيان طرقها
واختلافها، رأيت نسخة من هذا الكتاب نحو ثلاثين ورقة عتيقة عليها رواية تاريخ
الرواية سنة 445 ه‍ ".
ولكن المحدث محيي الدين أبا محمد عبد القادر بن أبي الوفا القرشي الحنفي
المصري المولود سنة 696 ه‍ والمتوفى تاسع شهر ربيع الأول سنة 775 ه‍، أدرجه
في كتابه: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (ج 1 ص 369) طبع حيدر آباد
دكن سنة 1332 ه‍.
والقاضي التنوخي - - هذا - هو الذي نقل: أن كتب المرتضى كانت ثمانين
الف مجلد، سوى ما اخذه الأمراء، ونحو ذلك من أحوال المرتضى.
هذه أقوال أرباب المعاجم الرجالية فيه، فمنهم من جعله من العامة، ومنهم
من جعله من الخاصة، فراجع الأرجح من القولين، والذي يترجح في النظر
والاستقراء: أنه من الخاصة.
وممن ذكره العلامة الحلي من مشايخ الشيخ الطوسي، من العامة: أبو عمرو
عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي بن خشنام المتوفى (410) ه‍
وكانت ولادته سنة 318 ه‍، فقد روى عنه الشيخ في الأمالي (ص 161) في سنة 410
في منزله ببغداد في درب الزعفراني رحبة ابن مهدي، عن أبي العباس أحمد بن
محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن عقدة الحافظ، وروى عنه أيضا في مواضع عديدة
من الأمالي، فراجعه، وروى أبو عمرو بن مهدي أيضا سنة 410 ه‍ - كما في الأمالي
ص 169 - عن أبي العباس بن عقدة في يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة إملاء في
مسجد براثا لثمان بقين من جمادى الأولى سنة (330).
(ومنهم) أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد التمار الطبري الحويرى المتوفى
بعد سنة 408. فقد روى عنه في الأمالي (ص 1 - ص 4).
110

10 - فائدة
الظاهر أن جميع من ذكر الشيخ في (الفهرست) من الشيعة الإمامية
إلا من نص فيه على خلاف ذلك من الرجال: الزيدية، والفطحية،
والواقفية (1) وغيرهم، كما يدل عليه وضع هذا الكتاب، فإنه في فهرست
كتب الأصحاب ومصنفاتهم، دون غيرهم من الفرق.

(1) الزيدية: هم القائلون بامامة زيد بن علي بن الحسين - عليهم السلام -
ويجعلون الإمامة - من بعده - إلى من اجتمعت فيه الشروط الخمسة الآتية:
والشروط الخمسة في الامام - عندهم - هي:
1 - أن يكون من ولد علي وفاطمة - عليهما السلام - سواء كان من ولد
الحسن أم الحسين - عليهما السلام -.
ب - أن يكون عالما محيطا بالشريعة الاسلامية.
ج - أن يكون زاهدا ورعا.
د - أن يكون شجاعا قوى النفس.
ه‍ - أن ينهض ويدعو للدين بالسيف.
وأهم فرق الزيدية ثلاثة:
1 - الجارودية، وهم اتباع أبي الجارود زياد بن المنذر الهمداني الأعمى
قالوا: بالنص على الإمام علي بن أبي طالب - ع - بالوصف، لا بالتسمية، وأبطلوا
خلافة من تقدمه، وان الإمامة من بعده لولديه الحسن والحسين - عليهما السلام -
ثم هي شورى بين المسلمين على أن تكون في أولاد فاطمة - عليها السلام -
ب - السليمانية، وهم اتباع سليمان بن جرير، ولم يروا ضرورة النص على
علي - عليه السلام - نصا ووصفا، وربما صحح بعضهم، إمامة الشيخين، ولكنهم
أبطلوا خلافة عثمان. وقالوا: إن الإمامة شورى - مع الاحتفاظ بالشروط الخمسة -
ج - البترية، وهم أتباع بتير الئومي، وهم أقرب إلى (السليمانية) في مبانيهم
لكنهم توقفوا في خلافة (عثمان).
وتشترك هذه الفرق الثلاثة في الخطوط العامة للزيدية، وهي الشروط الخمسة
المذكورة.
ولزيادة التوضيح راجع: دليل القضاء الشرعي ج 3 للسيد محمد صادق بحر العلوم
ودائرة المعارف لفريد وجدي، وأعيان الشيعة للمحسن الأمين، والمواقف للعضدي
والعيون والمحاسن للمفيد، وفرق الشيعة للنوبختي، والامام زيد لابي زهرة.
والفطحية: قالوا: إن الإمامة في عبد الله (الأفطح) بعد أبيه الإمام الصادق
- عليه السلام - لأنه أكبر اخويه: إسماعيل وموسى الكاظم - عليه السلام -.
ولقب عبد الله ب‍ (الأفطح) لأنه كان أفطح الرأس، أو الرجلين وهو من
كان عريض ذلك.
وكان عبد الله (الأفطح) غير مرضى لدى أبيه الصادق - عليه السلام -
لمخالفته له في كثير من المعتقدات الدينية، ولأنه كان ربما يخالط (الحشوية) ويميل
إلى (المرجئة).
ولزيادة التفصيل راجع: الملل والنحل للشهرستاني، والفصل لابن حزم،
وكشف الغمة للأربلي، والفصول المختارة للمرتضى، وفرق الشيعة للنوبختي، وغيرها
والواقفية: انبثقت بعد وفاة الإمام الكاظم - عليه السلام - فمن قائل بامامة
ولده (الرضا عليه السلام) فحسب وانه هو المهدى المنتظر، ولم يسترسلوا إلى ولده
الجواد (ع) بل قالوا بامامة ثمانية أئمة فقط.
ومن واقف على الإمام الكاظم (ع) - بعد وفاته - ولم يعترفوا بامامة
الرضا - عليه السلام - بل قالوا بأئمة سبعة - فقط -.
وهؤلاء فرق:
منهم - من يرى أن الإمام موسى بن جعفر - عليه السلام - أماته الله تعالى
وسيبعثه لاصلاح الأرض ومن عليها متى شاء.
ومنهم - من يرى أنه لم يمت، ولكن رفعه الله إليه كما رفع عيسى ابن مريم،
وسيرده إلى الأرض لاصلاحها متى شاء.
ومنهم - من يرى أنه حي يرزق في الأرض، ولكنه اختفى عن أعين
الناس، وأوصى إلى محمد بن بشير - وكان من الغلاة - ومحمد هذا - بدوره أوصى
إلى ابنه (سميع)، والإمامة بعد سميع إلى من يوصى إليه. وهكذا حتى يظهر الله
الإمام موسى بن جعفر - عليه السلام - إلى العيان.
ولزيادة التوضيح راجع: فرق الشيعة للنوبختي، والفصول المختارة للمرتضى
والملل والنحل للشهرستاني، وغيرها من كتب الفرق والمقالات.
والملاحظ: أن عامة هذه الفرق المذكورة بادت في وقتها ولم يبق لها عين ولا أثر.
غير أن (الزيدية) لا تزال من الفرق المهمة في التاريخ، ولهم كتب ومناهج
مخطوطة ومطبوعة - ولا يزالون يقطنون في بعض البلدان العربية خصوصا (اليمن
وما والاها).
114

وكذا (كتاب النجاشي). فكل من ذكر له ترجمة في الكتابين، فهو
صحيح المذهب ممدوح بمدح عام يقتضيه الوضع لذكر المصنفين العلماء والاعتناء
بشأنهم وشان كتبهم، وذكر الطريق إليهم، وذكر من روى عنهم ومن
رووا عنه.
ومن هذا يعلم أن إطلاق الجهالة على المذكورين في (الفهرست)
و (رجال النجاشي) من دون توثيق أو مدح خاص، ليس على ما ينبغي.
وكذا الكلام فيمن ذكره الشيخ الجليل ابن شهرا شوب السروي في
116

كتاب (معالم العلماء) (1) ومن ذكره الشيخ الجليل علي ابن عبيد الله بن
بابويه في (فهرسته) (2) وهذا مما ينبغي أن يلحظ، فقد غفل أكثر
الناس عنه، فتأمل.

(1) ابن شهرآشوب - هذا -: هو الحافظ رشيد الدين أبو عبد الله محمد بن
علي بن شهرآشوب بن كياكي - الملقب بابي نصر - ابن أبي الجيش السروي - نسبة
إلى سارية مدينة بطبرستان - المازندراني، الفقيه المحدث المفسر المحقق، والأديب
البارع الجامع لفنون الفضائل، المولود سنة 489 ه‍ والمتوفى في (22) شعبان سنة
588 ه‍، عن عمر يبلغ تسعا وتسعين سنة.
راجع: تفصيل حياته في مقدمة كتابه (معالم العلماء) المطبوع في النجف
الأشرف سنة 1380 ه‍، الذي هو فهرست كتب الشيعة وأسماء المصنفين منهم
قديما وحديثا، وهو تتمة كتاب الفهرست للشيخ الطوسي كما صرح بذلك في اوله.
(2) هو الشيخ منتجب الدين علي بن موفق الدين عبيد الله القمي الشهير
بالشيخ منتجب الدين - ابن بابويه، المولود سنة 504 ه‍، والمتوفى بعد سنة 585 ه‍
راجع: ترجمته المبسوطة في تعليقتنا (ج 3 ص 8 - ص 10) من هذا الكتاب.
117

11 - فائدة:
ذكر الشيخ - رحمه الله - في (الفهرست) جماعة من أصحاب
الكتب والأصول، واقتصر على ذكر كتبهم وأصولهم، ولم يذكر الطريق
إليهم، وذكر آخرين وأشار إلى من ذكرهم أو روى عنه ولم يصل إسناده
فيه إلى من ذكر أو روى.
ونحن نذكر القسمين، ونشير إلى أسمائهم، ولعل المتتبع يجد الطريق
إليهم من سائر تراجم هذا الكتاب أو من محل آخر:
القسم الأول -: أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الكاتب النديم، أحمد بن
إسماعيل بن سمكة، أحمد بن الحسن الخزاز، أحمد بن داود بن سعيد
أبو يحيى الجرجاني، أحمد بن شعيب. أحمد بن عبد العزيز الجوهري
صاحب (كتاب السقيفة) أحمد بن عبد الله بن مهران، أحمد بن فارس
ابن زكريا، أحمد بن هلال العبرتائي، إسماعيل بن علي النوبختي، إسماعيل بن
محمد قنبرة، بندار بن محمد، ثابت الضرير، الحسن بن عيسى المعروف
بابن أبي عقيل - والظاهر أن الطريق إليه: المفيد عن جعفر بن محمد بن
قولويه، فإنه كتب إليه بإجازة كتبه - الحسن بن موسى النوبختي، الحسين
ابن حمدان، الحسين بن شاذويه، خالد بن سدير (1) - ولعله بنى على وضع

(1) لا يخفى، أن الموجود في الفهرست (ص 92، برقم (271) خالد
ابن عبد الله بن سدير، قال: " له كتاب، ذكر أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه
القمي عن محمد بن الحسن بن الوليد أنه قال: لا أرويه لأنه موضوع وضعه محمد
ابن موسى الهمداني ".
ولعل سيدنا - قدس سره - نسبه هنا إلى جده سدير، والنسبة إلى الجد شائعة
وقد ترجم له النجاشي في كتاب رجاله (ص 115) بعنوان (خالد بن سدير
ابن حكيم بن صهيب الصيرفي) وهو أخو حنان بن سدير، وقد صرح به الشيخ
رحمه الله - في التهذيب في باب الكفارات فيمن شق ثوبه على أبيه
أو على أمه أو على أخيه أو على قريب له، فإنه قال في (ج 8 ص 325) طبع
النجف الأشرف: " وذكر أحمد بن محمد بن داود القمي في نوادره قال: روى
محمد بن عيسى، عن أخيه جعفر بن عيسى، عن خالد بن سدير - أخي حنان بن
سدير، قال سالت أبا عبد الله - عليه السلام - عن رجل شق ثوبه على أبيه أو على
أمه أو على أخيه أو على قريب له، فقال: لا بأس بشق الجيوب... " الخ، فراجع.
والعلامة الحلي - رحمه الله - أورده في القسم الثاني من (الخلاصة ص 220)
برقم (2) فإنه - بعد ما أورد ما ذكره الشيخ في الفهرست - قال: " وهذا لا يدل
على جرح الرجل إلا أن كتابه المنسوب إليه لا يعتمد عليه "، وقد ترجم في أكثر
المعاجم الرجالية.
وقد ذكر حنان بن سدير - أخا خالد بن سدير - الشيخ الطوسي في (الفهرست)
وقال له " كتاب، وهو ثقة - رحمه الله - روينا كتابه بالاسناد الأول، عن ابن
أبي عمير، عن الحسن بن محبوب، عنه ".
وذكره أيضا: الكشي في رجاله (ص 465) طبع النجف الأشرف تحت
عنوان (ما روي في أصحاب موسى بن جعفر وعلي بن موسى - عليهما السلام -) فقال
" سمعت حمدويه ذكر عن أشياخه أن حنان بن سدير واقفي أدرك أبا عبد الله
- عليه السلام - ولم يدرك أبا جعفر - عليه السلام - وكان يرتضى به سديدا ".
وذكره أيضا ضمن ترجمة موسى بن أشيم، وذكر روايته عن أبي عبد الله
- عليه السلام -.
وذكره النجاشي في (رجاله: ص 112) فقال: " حنان بن سدير بن
حكيم بن صهيب، أبو الفضل الصيرفي، كوفي، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن
- عليهما السلام - له كتاب في صفة الجنة والنار... وكان دكان حنان في سدة
الجامع على بابه في موضع البزازين، وعمر حنان عمرا طويلا ".
ولحنان بن سدير روايات عديدة في الكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والتهذيب
والاستبصار، راجع ترجمة له في: جامع الرواة للمولى الأردبيلي (ج 1 ص 286)
طبع إيران.
118

الكتاب المنسوب إليه - داود بن أبي زيد، داود بن كورة، ربيع بن أبي
مدرك، زيد الزراد - ولعله بنى على وضع كتابه (1) سلامة بن محمد،
صالح بن أبي الأسود، طاهر غلام أبي الجيش، عبد العزيز بن إسحاق

(1) قال الشيخ في الفهرست (ص 97، برقم (301، 302): " زيد
النرسي وزيد الزراد لهما أصلان لم يروهما محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، وقال
في فهرسته: لم يروهما محمد بن الحسن بن الوليد، وكان يقول: هما موضوعان،
وكذلك كتاب خالد بن عبد الله بن سدير، وكان يقول: وضع هذه الأصول
محمد بن موسى الهمداني، كتاب زيد النرسي رواه ابن أبي عمير، عنه ".
وقال العلامة الحلي - رحمه الله في الخلاصة (ص 222، برقم (4) - بعد
إن ذكر ما ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست -: " وقال ابن الغضائري في زيد
الزراد كوفي وزيد النرسي رويا عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال أبو جعر بن
بابويه: إن كتابهما موضوع وضعه محمد بن موسى السمان، قال: وغلط أبو جعفر
في هذا القول فاني رأيت كتبهما مسموعة عن محمد بن أبي عمير ".
ثم قال العلامة: " والذي قاله الشيخ عن ابن بابويه، وابن الغضائري لا يدل
على طعن في الرجلين، فإن كان توقف ففي رواية الكتابين، ولما لم أجد لأصحابنا
تعديلا لهما ولا طعنا فيهما توقفت عن قبول روايتهما ".
وانظر ترجمة مفصلة لزيد الزراد في: تنقيح المقال للعلامة الفقيه المامقاني
(ج 1 ص 463) طبع النجف الأشرف، وانظر: رجال النجاشي (ص 132)
طبع إيران.
120

عبد العزيز بن يحيى الجلودي، عبد الله بن أحمد بن عامر، علي بن أحمد
الكوفي - كان مستقيما، ثم خلط - علي بن إسماعيل بن ميثم التمار، علي بن
عباس المقانعي، ليث المرادي أبو بصير، محمد بن الأصبغ، محمد بن
بحر المتهم بالغلو، محمد بن بشير الحمدوني، محمد بن جرير بن رستم
الامامي الطبري الكبير (1) محمد بن الحسن الصيرفي، محمد بن الخليل المعروف
بالسكاك، محمد بن قبة المتكلم الرازي، محمد بن النعمان مؤمن الطاق،
ابن أبي هراسة، ابن عبدك، ابن مملك المتكلم، ابن وضاح، أبو الحسن
المدائني، أبو الحسن الميموني، أبو طالب الرازي المتكلم أستاذ أبي محمد
العلوي (47).

(1) محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي: هو صاحب (كتاب غريب
القرآن) كما ذكره ابن النديم في الفهرست (ص 58) مطبعة الاستقامة بالقاهرة
والشيخ الطوسي في الرجال أيضا ص 514، برقم (125) في باب من لم يرو
عنهم - عليه السلام - قائلا: " محمد بن جرير بن رستم الطبري، وليس بصاحب
التاريخ " وهو صاحب كتاب (المسترشد في الإمامة) المطبوع في النجف الأشرف
الذي يرويه عنه الشريف الحسن بن حمزة الطبري المرعشي المتوفى سنة 358 ه‍
ووصفه بالكبير في قبال أبى جعفر محمد بن جرير الطبري الصغير الامامي المتأخر
عصره عن الكبير، والمعاصر للشيخ الطوسي والنجاشي، والراوي عن مشايخهما الذين
منهم أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري شيخ النجاشي ومنهم، أبو عبد الله
المعروف بابن الخياط القمي، من مشايخ الشيخ الطوسي، والطبري الآملي الامامي
الكبير - المذكور - هو متقدم عصرا على النجاشي والشيخ بطبقتين، فان النجاشي
يروي (المسترشد) عنه بواسطتين هما أحمد بن علي بن نوح، والشريف أبو محمد
الحسن بن حمزة الطبري المذكور.
والطبري الآملي الامامي الكبير المذكور هو معاصر لابي جعفر محمد بن جرير
ابن يزيد بن خالد الطبري الآملي العامي - (صاحب تاريخ الأمم، والتفسير) -
المطبوعين المولود بآمل من طبرستان سنة 224 ه‍، والمتوفى في شوال سنة 310 ه‍
عن سبع وثمانين سنة.
وقد ذكره الشيخ في الفهرست (ص 178، برقم 654) وقال: " يكنى
أبا جعفر، صاحب التاريخ، عامي المذهب، له (كتاب غدير خم) تصنيفه،
أخبرنا به أحمد بن عبدون عن أبي بكر الدوري، عن ابن كامل، عنه ". وذكره
أيضا النجاشي في رجاله (ص 246).
ولعل الطبري الامامي الكبير المذكور، هو الذي روى عنه الطبري الصغير
الامامي في كتابه في الإمامة تسع معجزات من الإمام العسكري - عليه السلام -
بسامراء، بعنوان: (قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: رأيت الحسن بن علي السراج
- عليه السلام...) الخ، يعني به العسكري، ووصفه بالسراج: إشارة إلى صدور
معجزة منه - عليه السلام - مذكورة في كتاب (مدينة المعاجز) للسيد هاشم البحراني
(المطبوع بإيران).
وترك النجاشي والشيخ في (فهرستيهما) ذكر أبي جعفر الطبري الصغير مع
أنه معاصر لهما، كما تركا تراجم كثيرين ممن عاصرهما، مل أبى الفتح الكراجكي
وسلار بن عبد العزيز، والقاضي بن البراج، ومحمد بن علي الطرازي، وغيرهم.
121

القسم الثاني - الحسين بن زياد، له كتاب الرضاع رواه عنه وليد بن
حماد، الحسين بن زيد له كتاب رواه عنه حميد عن إبراهيم بن سليمان، حميد
ابن الربيع له كتاب البحث والتمييز رواه أحمد بن محمد بن عمر، زيد
النرسي له كتاب رواه عنه ابن أبي عمير، السرى بن عاصم، له كتاب الديباج
رواه أبو بكر أحمد بن منصور، عبد الرحمان بن أبي هاشم له كتاب رواه عنه
القاسم بن محمد الجعفي وابن أبي حمزة، عبد الله بن محمد البلوي، له
122

كتب ذكره ابن النديم (1) عبد الله بن محمد بن قيس له كتاب رواه عنه
عباد بن يعقوب، علي بن إبراهيم بن يعلى له كتاب ذكره ابن النديم (2)
عمر بن أبي زياد الابزاري له كتاب ذكره ابن النديم (3) عمير اليماني له
كتاب رواه عبيس بن هشام، عيسى بن المستفاد له كتاب رواه عنه عبيد الله
ابن عبد الله بن الدهقان، مثنى بن الوليد الحناط له كتاب رواه عنه الحسن
ابن علي الخزاز، محمد بن الحسن العطار له كتاب ذكره ابن النديم (4)
محمد بن عبد الله الحضرمي له كتاب الصلاة رواه علي بن عبد الرحمان البكائي
المظفر بن محمد الخراساني، كان شيخنا أبو عبد الله قرأ عليه فاخذ عنه،
المعافى بن عمران له كتاب رواه محمد بن عبد الله بن عمار، يحيى بن الحجاج
له كتاب رواه محمد بن سليمان، يحيى العلوي أبو محمد النيسابوري المتكلم

(1) جاء ذكر البلوي في الفهرست للشيخ الطوسي: (ص 129، برقم
445) قال: " عبد الله بن محمد البلوي، وبلي قبيلة من أهل مصر، وكان واعظا
فقيها له كتب، منها كتاب الأبواب، وكتاب المعرفة، وكتاب الدين وفرائضه
ذكره ابن النديم ".
وابن النديم - هذا - هو أبو الفتح أو أبو الفرج محمد بن إسحاق النديم المتوفى
لعشر بقين من شعبان سنة 385 ه‍، وقد ترجم للبلوي المذكور في (فهرسته) بعين
ما ذكره الشيخ عن ابن النديم، (ص 287) طبع القاهرة مطبعة الاستقامة، وكان
الشيخ نقل الترجمة من فهرست ابن النديم بنصها.
(2) الذي جاء في (فهرست ابن النديم) المطبوع الطبعة الأولى ص 308
والثانية (ص 322): " علي بن إبراهيم بن معلى، بالميم في أوله بدل الياء التحتانية
المثناة " فراجع.
(3) راجع: المصدر المذكور (ص 322).
(4) راجع: المصدر نفسه (ص 322).
123

له كتب، لقيت جماعة ممن لقوه وقرأوا عليه، يحيى بن القاسم أبو بصير،
له كتاب رواه علي بن حمزة والحسين بن أبي العلا، وله مناسك الحج،
أبو بكر بن شيبة له كتاب الصلاة وكتاب الفرائض، رواهما ابن حصين
ثم قال: أبو بكر بن شيبة له كتاب، وذكر الطريق إليه عن أحمد بن ميثم
والظاهر: الاتحاد وتعدد الطريق، أبو الحسين بن معمر الكوفي له كتاب (1)
وأبو خالد بن عمرو بن خالد الواسطي له كتاب ذكرهما ابن النديم (2)
أبو عبد الله الحسني له كتب ذكره محمد بن إسحاق النديم (3) أبو منصور
الصرام قرأ الشيخ المصنف كتابه على أبي حازم النيسابوري، أبو هارون
المكفوف له كتب رواه عنه عبيس بن هشام، المسعودي له كتاب رواه
موسى بن حسان (28).
12 - فائدة:
كثيرا ما يطعن في سند الرواية لاشتماله على رجال الفطحية وهم في
السلسلة الذين رابعهم عمار الساباطي، فإنهم كانوا (فطحية) يقولون بامامة
عبد الله بن جعفر الأفطح، نص على ذلك علماء الرجال.
وفي حديث هشام بن سالم: " إن الفطحية رجعوا عن مقالتهم إلا
طائفة منهم عمار وأصحابه " (4).
وقد ذكر الشيخ في (الاستبصار): " أن عمارا هذا ضعيف فاسد

(1) راجع: المصدر نفسه (ص 226).
(2) راجع: المصدر نفسه (ص 322).
(3) راجع: المصدر نفسه (ص 287).
(4) راجع: ج 1 ص 407 تحت عنوان (بنو موسى) من هذا الكتاب
وراجع تعليقتنا - هناك -.
124

المذهب لا يعمل على ما يختص بروايته " (1).
والجواب عن ذلك: إن هؤلاء، وان كانوا فطحية فاسدي العقيدة
إلا أنهم ثقات في النقل معتمد عليهم في الرواية.
وقد نص علماء الرجال على توثيقهم وأنهم من أجلة العلماء والفقهاء،
كما نصوا على فساد مذهبهم، فالرواية - على هذا - من جهتهم موثقة،
والموثق - عندنا - حجة.
أما عمار، فمجمع على توثيقه وفضله وفقاهته وقبول روايته. قال الشيخ
في (الفهرست): " عمار بن موسى الساباطي له كتاب كبير جيد معتمد " (2)
وقال في (التهذيب): " إنه ثقة في النقل لا يطعن عليه فيه " (3)
وقال المحقق في (المعتبر): " إن الأصحاب عملوا بروايته " (4).
وحكى عن الشيخ: أنه قال في مواضع من كتبه -: إن الامامية
مجمعة على العمل بما يرويه السكوني وعمار ومن ماثلهما من الثقات (5).
ومن هذا يعلم أن ما ذكره الشيخ في (الاستبصار): من أن عمارا هذا
ضعيف فاسد المذهب لا يعمل على ما يخص بروايته، محمول على المنع من

(1) راجع: الاستبصار - باب السهو في صلاة المغرب - (ج 1 ص 372)
طبع النجف الأشرف سنة 1375 ه‍.
(2) راجع: ص 143 برقم 527 طبع النجف الأشرف سنة 1380.
(3) راجع: التهذيب للشيخ الطوسي (ج 7 ص 101) طبع النجف الأشرف
كتاب البيع - باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك، وما يجوز منه وما لا يجوز
(4) راجع: المعتبر (ص 14) مسالة نزح ماء البئر بالتراوح، طبع إيران
سنة 1318 ه‍.
(5) حكى ذلك المحقق الحلي في (المسائل العزية) - كما قبل -.
125

العمل بروايته مع وجود المعارض لا مطلقا، كما يستفاد من كلامه في (العدة) (1).
وقال أبو عمرو الكشي: " قال محمد بن مسعود العياشي: عبد الله
ابن بكير وجماعته من الفطحية هم فقهاء أصحابنا ".
وعد منهم: عمار بن موسى الساباطي وبني الحسن بن علي بن فضال
عليا وأخويه: أحمد بن الحسن ومحمد بن الحسن (2).
وذكر المفيد - رحمه الله - في (رسالته الهلالية): " إنه من أصحاب
الأصول المعروفة ومن جملة الفقهاء والرؤساء الاعلام المأخوذ عنهم الحلال
والحرام والفتيا والاحكام، الذين لا مطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد
منهم " (3).
وقال النجاشي: " عمار بن موسى الساباطي وأخواه: - قيس وصباح -
رووا عن أبي عبد الله وأبي الحسن - عليهما السلام - وكانوا ثقات في
النقل " (4) ولم يتعرض لذكر مذهبه.
والظاهر منه ومما حكيناه عن المفيد: استقامته في المذهب، أو رجوعه
إلى الحق كغيره من الفطحية.
ويشهد لذلك: ما رواه الكشي في (كتاب الرجال) بإسناده عن
مروك عن أبي الحسن الأول - عليه السلام - قال: " إني استوهبت عمار

(1) راجع: العدة في الأصول للشيخ الطوسي، بحث العدالة (ص 56) طبع
بمبئ 1312 ه‍.
(2) راجع: رجال الكشي في ترجمة عبد الله بن بكير بن أعين ص 294،
برقم (189) طبع النجف الأشرف.
(3) راجع: الفصل السابع من الرسالة الهلالية، (المخطوطة) وقد نقلنا نص
الجملة المذكورة عن الرسالة في تعليقتنا في (ج 3 ص 163) من هذا الكتاب
فراجعها، (4) راجع: رجال النجاشي: ص 223 طبع إيران.
126

الساباطي من ربي فوهبه لي " (1).
13 - فائدة:
الوكلاء الأربعة الممدوحون المتفق على عدالتهم وأمانتهم وجلالتهم،
أولهم - أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري، نص عليه الامامان الهمامان:
أبو الحسن علي بن محمد، وأبو محمد الحسن بن علي - عليهما السلام -.
توكل عن القائم - عليه السلام - بعد أن كان وكيلا لأبيه وجده لثمان
خلون من ربيع الأول سنة 232 ه‍ (2).

(1) راجع: رجال الكشي (ص 347 وص 425) طبع النجف الأشرف.
(2) يريد بهذا التاريخ: أول توكله عن الامامين الهادي والعسكري - عليهما
السلام - لا تاريخ توكله عن القائم - عجل الله فرجه - لان ولادة الإمام القائم - عليه
السلام - في نصف شعبان من سنة 256 ه‍ المطابق لكلمة (نور) بحساب (أبجد المشهور).
والملاحظ: إن للامام القائم - عجل الله فرجه - غيبتين: صغرى، وكبري
وتبدأ الغيبة الصغرى بعد وفاة الإمام العسكري - عليه السلام - أي بعد سنة
260 ه‍ وعمر القائم (ع) - حينئذ - قرابة الخمس سنين - وتنتهي بوفاة آخر الوكلاء
الأربعة وهو (السمري) سنة 328 أو (329) فتكون مدة الغيبة الصغرى زهاء
(68 سنة).
وكان للامام القائم (ع) - طيلة غيبته الصغرى - عدة وكلاء ونواب يتصلون
به في الخفاء، ليكونوا أداة وصل بينه وبين شيعته في أخذ المسائل وحل المشاكل
ولكن أعظمهم شانا وأوصلهم بواقع الإمامة هم الأربعة المعروفون نذكرهم
على الترتيب: أولهم: أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري - نسبة إلى عمرو بن عامر
ابن ربيعة - السمان - لأنه كان يتجر بالسمن، وهو المشار إليه في الأصل. ولعله
إنما خصه - وحده - بالذكر لعظم مقامه عند الأئمة الثلاثة: الهادي، والعسكري،
وصاحب الامر (عليهم السلام) الامر الذي رفعه لان يكون وكيلا عنهم
وبوابا لهم في الشؤون الدينية.
توفي في بغداد بعد وفاة الإمام العسكري (ع) بسنوات، ولعلها: سنة 264
أو 265 ه‍ ودفن في بغداد، وقبره - إلى اليوم - مزار معروف مشهور.
وثانيهم: ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان العمري، وكان يتولى السفارة
والوكالة عن الامامين: العسكري والحجة القائم - عليهما السلام - في أيام والده،
واستمرت وكالته زهاء (50 سنة).
توفي في بغداد سنة 304 أو 305 في آخر جمادى الأولى أو الآخرة، ودفن
فيها، ولا يزال قبره الشريف منارا للوافدين والزوار
وثالثهم: أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي. تولى السفارة بنص من
أبي جعفر محمد بن عثمان بامر الإمام القائم - عليه السلام - وذلك بعد وفاة (أبى جعفر
هذا).
توفي - رحمه الله - في بغداد في شعبان سنة 326 أو 320. ودفن فيها
- وقبره اليوم - مزار معروف ومشهد مقصود.
ورابعهم - وهو آخر السفراء الأربعة -: أبو الحسن علي بن محمد السمري
تولى السفارة بعد الحسين بن روح بنص منه وبأمر من الإمام الحجة - عليه السلام -
وختمت به السفارة في الغيبة الصغرى، بحكم كتاب الحجة - عليه السلام -
له قبيل وفاته. ونص الكتاب:
" بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمد السمري، أعظم الله أجر إخوانك
فيك، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك، ولا توص إلى أحد يقوم
مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور الا بعد اذن الله تعالى
ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلب، وامتلاء الأرض جورا... " الخ
توفي - رحمه الله - في نصف شعبان سنة 328 أو 329 ه‍. دفن في بغداد
وقبره لا يزال منارا مشهورا - على مر العصور والأجيال.
أما الغيبة الكبرى، فتبدأ - بعد تاريخ وفاة السمري - أي من (سنة 328 أو
سنة 329) ه‍ إلى أن يفرج الله لهذه الأمة المظلومة بأخذ ظلامتها على يد الإمام القائم
- عجل الله فرجه -.
وقد ذكرت - في كتب الفريقين - نصوص وعلامات لظهوره، وإشارات
وتلميحات لكمية ونوعية أنصاره، وكيفية ظهوره، وأخذ بثار أجداده الأئمة
المظلومين - عليهم السلام - وإعادة دين جده النبي - صلى الله عليه وآله - حيا بعد
الاندراس، وغضا بعد الانطماس جعلنا الله من المنتظرين للفرج، ومن أنصاره
وأعوانه.
وقد كتبت في غيبته كتب كثيرة مخطوطة ومطبوعة.
ولزيادة الاطلاع على ذلك راجع: الكتب المختصة بالغيبة وعلاماتها وتفاصيلها
كغيبة الشيخ الطوسي، والغيبة النعمانية ومنتخب الأثر، والجزء الثاني عشر من البحار
وغيرها كثير.
127

14 - فائدة:
في الكافي: " محمد عن أحمد، عن شاذان بن الخليل النيسابوري،
عن يونس، عن حماد، عن الحسين " (1).

(1) راجع: كتاب الطهارة - باب مسح الرأس والقدمين - الحديث الثالث
(ج 3 - ص 30) طبع طهران سنة 1377 ه‍.
وقد أورد الكليني - رحمه الله - في الكافي روايات كثيرة في طريق أسنادها
حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار.
وحماد بن عيسى - هذا - ذكره الشيخ في الرجال ص 174، برقم (152)
وقذ مات غريقا بوادي قناة وهو واد يسيل من الشجرة إلى المدينة وهو غريق الجحفة
سنة 209 وقيل سنة 208 وهو في طريقه إلى حجته الخمسين.
129

الظاهر أن الحسين - هذا - هو الحسين بن مختار القلانسي، وأن حمادا
هو حماد بن عيسى الجهني لما في (النجاشي) في ترجمة الحسين بن مختار:
" له كتاب يروى عنه حماد بن عيسى وغيره " (1) ولم يذكر رواية حماد
عن الحسين إلا ها هنا وهو دليل على تعيينهما معا. والحسين - هذا -
واقفي - كما ذكره الشيخ (2) ثقة - على ما صرح به المفيد في إرشاده - (3)
ونقله العلامة عن ابن عقدة عن علي بن الحسن (4) فروايته موثقة، فاحفظ
15 - فائدة:
روى الشيخ في (التهذيب) حديثا سنده الحسين بن سعيد عن معاوية
ابن عمار (5) والمعهود رواية الحسين بن سعيد عن أصحاب أبي عبد الله

(1) راجع: رجال النجاشي (ص 43) طبع إيران.
(2) راجع: رجال الشيخ - باب أصحاب الكاظم - عليه السلام - (ص
346، برقم (3)، وقد ذكره أيضا في باب أصحاب الصادق - عليه السلام -
(ص 169، برقم 68) طبع النجف الأشرف، ولم يذكر فيه أنه واقفي، كما أنه
ذكره في الفهرست (ص 80، برقم (206) طبع النجف الأشرف، ولم يذكر
فيه أنه واقفي.
(3) راجع: الارشاد - باب النص على إمامة الرضا - عليه السلام - من أبيه
الإمام موسى بن جعفر - عليه السلام - وقد جعله الشيخ المفيد - رحمه الله - من خاصة
أصحاب الرضا - عليه السلام - وثقاتهم وأهل العلم والورع والفقه.
(4) يعني: ونقل التوثيق العلامة، راجع (الخلاصة) ص 215، برقم
(1) فإنه نقل التوثيق فيها عن ابن عقدة وصرح بأنه واقفي.
وعلي بن الحسن الذي ذكره العلامة: هو علي بن الحسن بن فضال.
(5) راجع: التهذيب (ج 1 ص 87) طبع النجف الأشرف سنة 1378 ه‍
باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة والفضيلة فيه.
130

عليه السلام بواسطة أو وسائط، ولعل الرواية من باب اتصال الطبقة
لا اتحادها فان الحسين بن سعيد من أصحاب الرضا والجواد والهادي - عليهم
السلام - ومعاوية بن عمار من أصحاب الصادق والكاظم - عليهما السلام -
فلا يمتنع اللقاء، فاحفظ.
16 - فائدة:
محمد بن الفضيل الذي يروي عنه الحسين بن سعيد، ويروي هو
عن أبي الصباح الكناني: هو الصيرفي الضعيف، لا الضبي الثقة، لأنه
من أصحاب الصادق - عليه السلام - كالكناني، فيبعد أن يروي عنه مثله
ولان الحسين بن سعيد لا يروي عن أصحاب الصادق - عليه السلام - بلا
واسطة - غالبا - ولأنهم قالوا: له أصل رواه عنه محمد بن إسماعيل بن
بزيع والحسن بن علي بن فضال عن محمد بن الفضيل عنه، ورواه صفوان
ابن يحيى عنه. فإذا هو في طبقة صفوان بن يحيى، وهو من أصحاب
الرضا - عليه السلام - ولان المحقق في بحث العدد من (نكت النهاية)
ضعف محمد بن الفضيل الذي يروي عن أبي الصباح (1) وليس الضعيف
إلا هذا، فتأمل.

(1) راجع: باب العدد من كتاب الطلاق في المرأة المطلقة إذا كانت حاملا
ينفق عليها من نصيب ولدها الذي في بطنها.
ونكت النهاية طبع بإيران ضمن جوامع الفقه المطبوع بإيران سنة 1276 ه‍
والنهاية هي للشيخ الطوسي - رحمه الله - فان الشيخ عول على ما روي عن محمد بن
الفضيل عن أبي الصباح الكناني، فقال المحقق الحلي: والرواية التي يستند إليها الشيخ
رواية محمد بن الفضيل، وهو ضعيف كما ضعفه الشيخ الطوسي في باب أصحاب
الكاظم - عليه السلام - من رجاله (ص 360) برقم (25).
131

وما يظهر من (النجاشي): " أن أبا الصباح من أصاب الجواد
- عليه السلام - " لعله سهو (1) كما يستفاد من (الفهرست) فلاحظ (2).
17 - فائدة:
الفضيل بن يسار النهدي، والقاسم والعلا - ابناه - ومحمد بن القاسم
ثقات - جميعا - فاحفظ (3).

(1) الذي ذكره النجاشي في (رجاله: ص 16) طبع طهران قوله " رأى
أبا جعفر وروى عن أبي إبراهيم - عليهما السلام - " فقد أطلق كلمة (أبا جعفر
عليه السلام) وبقرينة سياق عبارته يكون المراد به أبا جعفر الباقر - عليه السلام -
ولا أقل من الاطلاق الذي لم يعلم انصرافه إلى الجواد - عليه السلام -.
وعليه فلا يظهر من النجاشي أن أبا الصباح من أصحاب الجواد - عليه السلام -
ومن البعيد جدا أن يخفى ذلك على النجاشي المتبحر، لان رؤيته للجواد - عليه السلام -
غير معقولة لأنه - عليه السلام - ولد سنة 195 ه‍، ومات أبو الصباح سنة 170 ه‍
وهو ابن نيف وسبعين سنة، فيكون موته قبل ولادة الجواد - عليه السلام - بخمس
وعشرين سنة. فلابد أن اللنجاشي أراد بأبي جعفر هو الباقر - عليه السلام - لا الجواد - عليه السلام -
وكل من ترجم لابي الصباح - كالشيخ في رجاله وغيره - جعله من أصحاب أبي
جعفر الباقر والصادق - عليهما السلام - ولم يذكر أنه رأى أبا جعفر الجواد - عليه
السلام - فكأنهم يرون أن عصره عصر الباقر والصادق - عليهما السلام - ولم يدرك
عصر الجواد - كما ذكرنا -.
(2) فان الشيخ - رحمه الله - في الفهرست (ص 216) في باب الكنى ذكر
أبا صباح الكناني، وقال: " له كتاب رواه الحسن بن علي بن فضال عن محمد بن
فضيل عنه، ورواه صفوان بن يحيى عنه " فإذا هو في طبقة صفوان بن يحيى وهو
من أصحاب الرضا - عليه السلام -.
(3) أما الفضيل بن يسار، فقد ذكره الشيخ في رجاله - باب أصحاب
الباقر - عليه السلام (ص 132، برقم (1) فقال: " فضيل بن يسار بصري
ثقة ". وذكره - أيضا - في باب أصحاب الصادق - عليه السلام - ص 271، برقم
(15) فقال: " الفضيل بن يسار النهدي مولى، وأصله كوفي نزل البصرة، مات في
حياة أبي عبد الله - عليه السلام ".
وذكره النجاشي في رجاله (ص 238) فقال: " الفضيل بن يسار النهدي
أبو القاسم، عربي بصري صميم ثقة روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله - عليهما السلام -
ومات في أيامه ".
وذكره الكشي في رجاله (ص 185) وأورد روايات عديدة في مدحه تدل
على وثاقته: (منها) قول الصادق - عليه السلام - إذا رأى الفضيل بن يسار -: " بشر
المخبتين، من أحب أن ينظر رجلا من أهل الجنة، فلينظر إلى هذا " (ومنها) قوله
- عليه السلام -: " إن الأرض لتسكن إلى الفضيل بن يسار " و (منها) قوله
- عليه السلام -: " إن فضيلا من أصحاب أبي وإني لأحب الرجل أن يحب أصحاب
أبيه " (ومنها) قوله - عليه السلام -: " رحم الله الفضيل بن يسار، وهو منا أهل
البيت " (ومنها) قول أبي جعفر الباقر - عليه السلام - إذا دخل عليه الفضيل بن
يسار - ": بخ بخ بشر المخبتين، مرحبا بمن تأنس به الأرض ".
وعده الكشي (ص 206 من رجاله) ممن أجمعت العصابة على تصديقهم
من أصحاب أبي جعفر، وأصحاب أبي عبد الله - عليهما السلام - وانقادوا لهم بالفقه
وقد ترجم له المولى الأردبيلي في جامع الرواة (ج 2 ص 11) وذكر أنه
وقع في طريق روايات عديدة في الكتب الأربعة: من لا يحضره الفقيه، والكافي،
والتهذيب، والاستبصار، وأنه روى عنه جماعة.
وأما القاسم بن فضيل بن يسار، فقد عده الشيخ الطوسي في: رجاله ص 274
برقم (17) من أصحاب الصادق - عليه السلام - واقتصر على قوله: " القاسم
ابن الفضيل بن يسار البصري ".
وذكره النجاشي في رجاله (ص 240) بقوله: " القاسم بن الفضيل بن يسار
النهدي البصري أبو محمد، ثقة روى عن أبي عبد الله - عليه السلام - ".
وذكر المولى الأردبيلي في (جامع الرواة ج 2 - ص 19) أنه وقع في طريق
روايات للشيخ الطوسي في كتابيه: التهذيب والاستبصار.
وأما العلا بن فضيل بن يسار، فقد عده الشيخ الطوسي في رجاله ص 245
برقم (354) من أصحاب الصادق - عليه السلام - مقتصرا على قوله: " العلا
ابن الفضيل بن اليسار النهدي مولى، وابنه القاسم بن العلا " كما ذكره في (الفهرست
ص 139) برقم (501) مقتصرا على قوله: " العلاء بن الفضيل له كتاب " ثم
ذكر طريقه إلى روايته.
وذكره النجاشي في (رجاله: ص 129) بقوله: " العلا بن الفضيل بن يسار
أبو القاسم النهدي مولى بصري ثقة، له كتاب يرويه جماعة ".
وذكر المولى الأردبيلي في جامع الرواة (ج 1 ص 543): أنه وقع في طريق
رواية للشيخ الطوسي في (التهذيب) ورواية للصدوق ابن بابويه في (من لا يحضره
الفقيه).
وأما محمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار، فقد ذكره الشيخ الطوسي في:
رجاله ص 391، برقم (55) من غير وصف. وذكره في الفهرست (ص 183
برقم (701) بقوله: " محمد بن القاسم له كتاب ".
وذكره النجاشي: ص 280 بقوله: محمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار
النهدي. ثقة هو وأبوه وعمه العلا وجده الفضيل، روى عن الرضا - عليه السلام -
له كتاب ".
وذكره المولى الأردبيلي في جامع الرواة (ج 2: ص 177) وقال: " إنه
وقع في طريق روايات كثيرة رواها الشيخ الطوسي في كتابيه التهذيب والاستبصار
ورواها الكليني في الكافي، والصدوق ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه " وذكر
رواية جمع كثير عنه وروايته عن جمع كثير.
ثم ذكر في آخر الترجمة ما نصه: " ومما يناسب ذكره في هذا المقام أن الصدوق
- رحمه الله - روى أخبارا كثيرة في (من لا يحضره الفقيه) معلقا عن محمد بن الفضيل
مطلقا وعن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني أيضا، وقد يتوهم أن محمد
ابن الفضيل هذا مجهول، وليس كذلك لان أكثر الاخبار التي روى عنه عن أبي
الصباح فيه وجدناها في كتاب آخر مثل (التهذيب) و (الكافي) رواها بعينها
رواة محمد بن القاسم بن الفضيل عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني على
ما أشرنا إلى بعضها في هذه الترجمة، وأيضا لما تتبعنا وجدنا روايته عن محمد بن القاسم بن
الفضيل فيه في موضعين، وعقد في (مشيخته) طريقا إليه بقوله: (وما كان فيه
عن محمد بن القاسم بن الفضيل فقد رويته عن فلان وفلان) الخ، فبعيد ن يعقد
إليه طريقا لاجل هذين الموضعين - فقط - فيظهر من مجموع هذه لقرائن: أن محمد
ابن الفضيل - الذي روى عنه فيه كثيرا -: هو محمد بن القاسم بن الفضيل الثقة،
والله أعلم، ومن نظر وتأمل في هاتين الترجمتين حق النظر والتأمل ظهر له أن محمد
ابن الفضيل الذي روى عنه الحسين بن سعيد، ومحمد بن إسماعيل بن بزيع وغيرهما
كثيرا في كتب الاخبار: هو محمد بن القاسم بن الفضيل الثقة ".
وأراد بالترجمتين: ترجمة محمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار النهدي، وترجمة
محمد بن الفضيل بن كثير الأزدي.
وقد سبق ذكر لبني يسار النهدي - في هذا الكتاب (ج 1 ص 358) فراجع.
132

18 - فائدة:
قال الفاضل (مصطفى) في (رجاله) - في ترجمة أبي الصباح الكناني -:
أنه " يحتمل أن يكون محمد بن الفضيل الذي يروي عن أبي الصباح:
محمد بن القاسم بن الفضيل الثقة لان الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه
135

روى - كثيرا - في (الفقيه) عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني
ثم قال في (مشيخته): وما كان فيه عن محمد بن القاسم بن فضيل البصري
صاحب الرضا (عليه السلام) فقد رويته... الخ. ولم يذكر في (المشيخة)
طريقه إلى محمد بن الفضيل " (1).
وقد سبقه إلى ذلك بعض شراح (التهذيب). والظاهر: انه
الشيخ علي، إلا أنه لم يوثق محمد بن القاسم بن الفضيل، بل قال: لم
أعرف في كتب الرجال من أصحاب الرضا (ع) من يوصف بالبصري
بل إنما وصف بالأزدي وبالكوفي، وضعف. ولعل ما في الرواية غير ما في
كتب الرجال.
وعلى ما ذكره يكون السند مشتملا على الجهالة، وعلى ما ذكره (مصطفى)
يكون صحيحا.
وفيهما نظر، لما عرفت فيما تقدم (2): أن الظاهر أن محمد بن الفضيل
هذا: هو محمد بن الفضيل بن كثير الصيرفي الأزدي الكوفي أبو جعفر
الأزدي الضعيف، مع أن رواية الصدوق عن محمد بن الفضيل عن الكناني
- دائما - فكيف يكون المراد منه محمد بن القاسم بن الفضيل من غير
تنبيه: على أن محمد بن الفضيل المذكور في الروايات هو محمد بن القاسم
ابن الفضيل المذكور في (المشيخة) أيضا.
فترك تعيين الطريق إلى محمد بن الفضيل لا يقتضي حمله على ابن القاسم
ابن الفضيل، لأنه قد ترك في (المشيخة) طريقه إلى جماعة منهم أبو الصباح
الكناني.

(1) راجع: نقد الرجال للسيد مير مصطفى التفريشي (ص 15) طبع
إيران سنة 1318 ه‍.
(2) تقدم في الفائدة السادسة عشرة السابقة: ص 131
136

ثم إنه لو كان المراد من محمد بن الفضيل: محمد بن القاسم بن
الفضيل، فلا وجه لما ذكره في (شرح التهذيب) من انه مجهول لان
محمد بن القاسم بن الفضيل: هو ابن فضيل بن يسار النهدي، وهو
بصري، كما يظهر من النجاشي، والشيخ في ترجمة أبيه، وعمه، وجده
فلاحظ (1)
19 - فائدة:
قد تكررت رواية الكليني عن محمد بن يحيى العطار عن العمركي (2)
وهذا يقتضي أن يكون العمركي قد أدرك زمان الغيبة حتى تصح رواية
محمد بن يحيى عنه (3) فإنه لم يدرك أحدا من الأئمة - عليهم السلام -.

(1) راجع: تعليقتنا - آنفة الذكر - وما نقلناه عن النجاشي والشيخ - في ترجمة
أبيه وعمه وجده -.
(2) العمركي - هذا -: هو ابن علي بن محمد البوفكي النيشابوري.
ذكره الشيخ الطوسي في (رجاله من أصحاب العسكري عليه السلام: ص
432) وقال: " يقال إنه اشترى غلمانا أتراكا بسمرقند للعسكري - عليه السلام - "
وبوفك: قرية من قرى نيشابور.
وترجم له النجاشي في (رجاله ص 233) وقال: " شيخ من أصحابنا ثقة،
روى عنه شيوخ أصحابنا منهم عبد الله بن جعفر الحميري، له كتاب الملاحم ".
وذكره المولى الأردبيلي في جامع الرواة (ج 1 ص 645) وقال: " وقع
في طريق روايات في الكافي، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه "
فراجعه.
(3) لان محمد بن يحيى العطار - أبا جعفر الأشعري القمي - ذكره الشيخ
الطوسي في رجاله - في باب من لم يرو عنهم - عليهم السلام - ص 495 قائلا: " محمد
ابن يحيى العطار روى عنه الكليني - رحمه الله - قمي كثير الرواية " كما ذكره
النجاشي (ص 273) قائلا: محمد بن يحيى أبو جعفر العطار القمي، شيخ
أصحابنا في زمانه ثقة عين كثير الحديث، له كتب منها كتاب مقتل الحسين، وكتاب
النوادر، أخبرني عدة من أصحابنا عن ابنه أحمد عن أبيه بكتبه ".
فظهر: أنه لم يدرك أحدا من الأئمة - عليهم السلام -.
وأورد له المولى الأردبيلي في جامع الرواة (ج 2 - ص 213) ترجمة، وقال:
له روايات كثيرة في الكافي، والتهذيب، والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه،
فراجع ذلك.
137

وقد وجد في بعض الروايات سند هكذا صورته: العدة عن أحمد
ابن شاذان بن الخليل النيسابوري عن العمركي عن معمر بن عمر عن
أبي جعفر - عليه السلام - والمراد: الباقر - عليه السلام - لتصريحهم بان معمر
ابن عمر من أصحاب الباقر والصادق - عليهما السلام -.
وذلك يقتضي أن العمركي أدرك عصر ستة من الأئمة - عليهم السلام -
وهذا مما لم يتعرض له أحد من علماء الرجال. وروايته عن علي بن
جعفر (1) لا تقتضي ذلك، فإنه أدرك عصر الجواد - عليه السلام - بخلاف
معمر، فلاحظ.
20 - فائدة:
محمد بن قيس مشترك بين الثقة، وغيره (2) لكن صرح علماء الرجال

(1) يعني: علي بن جعفر أخا الكاظم - عليه السلام - صاحب المسائل المعروفة
التي سأل عنها أخاه - عليه السلام -.
(2) محمد بن قيس أبو عبد الله البجلي، ترجم له النجاشي في (رجاله:
ص 247) فقال: " ثقة عين كوفي روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله - عليهما
السلام - له كتاب القضايا المعروف، رواه عنه عاصم بن حميد الحناط، ويوسف
ابن عقيل، وعبيد ابنه ".
وذكره أيضا الشيخ الطوسي في الفهرست (ص 157) برقم (591) وسمى
كتابه: كتاب قضايا أمير المؤمنين - عليه السلام - رواه عنه عاصم بن حميد، وقال
" له أصل أيضا رواه عنه ابن أبي عمير " وذكره في رجاله أيضا - باب أصحاب
الصادق - عليه السلام - ص 298، برقم (297) وقال: " كوفي أسند عنه،
صاحب المسائل التي يرويها عنه عاصم بن حميد، مات سنة 151 ه‍ ".
وقد عده الشيخ المفيد - رحمه الله - في رسالته في الرد على أصحاب العدد في
أيام شهر رمضان (المخطوطة) من جملة فقهاء أصحاب أبي جعفر محمد بن علي،
وأبي عبد الله جعفر بن محمد بن علي، وأبي الحسن علي بن محمد، وأبي محمد الحسن
ابن علي - عليهم السلام - ومن الاعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا
والاحكام الذين لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم، وهم أصحاب
الأصول المدونة والمصنفات المشهورة.
138

بتعيين إرادة البجلي منه برواية يوسف بن عقيل عنه.
وقد ذكر المحقق الشيخ حسن - رحمه الله - في (المنتقى): " أن
محمد بن قيس متى كان راويا عن أبي جعفر - عليه السلام - فالظاهر أنه
الثقة إن كان الناقل عنه عاصم بن حميد أو يوسف بن عقيل أو عبيد ابنه
أو كان راويا عن أبي جعفر عن أمير المؤمنين - عليهما السلام - وأما الراوي
عن أبي عبد الله - عليه السلام - فيحتمل أن يكون حديثه من الصحيح
أو من الحسن " (1).

(1) قال الشهيد الثاني في (شرح الدراية: ص 128) طبع النجف الأشرف
- فيما إذا اتفقت أسماء الرواة وأسماء آبائهم فصاعدا واختلفت أشخاصهم وأن
تميزهم بالطبقة أو بقرائن الزمان عند الاطلاق -:
"... وكاطلاقهم الرواية عن محمد بن قيس، فإنه مشترك بين أربعة: اثنان
ثقتان، وهما: محمد بن قيس الأسدي أبو نصر، ومحمد بن قيس البجلي أبو عبد الله
وكلاهما رويا عن الباقر والصادق - عليهما السلام - وواحد ممدوح، من غير
توثيق، وهو محمد بن قيس الأسدي مولى بني نصر، ولم يذكروا عمن روى،
وواحد ضعف وهو محمد بن قيس أبو أحمد، روى عن الباقر - عليه السلام - خاصة
وأمر الحجية بما يطلق فيه هذا الاسم مشكل، والمشهور بين أصحابنا رد
روايته حيث يطلق مطلقا، نظرا إلى احتمال كونه الضعيف، ولكن الشيخ أبا جعفر
الطوسي كثيرا ما يعمل بالرواية من غير التفات إلى ذلك، وهو سهل على ما علم
من حاله، وقد يوافقه على بعض الروايات بعض الأصحاب برغم الشهرة.
والتحقيق في ذلك أن الرواية: (إن كانت) عن الباقر - عليه السلام - فهي
مردودة لاشتراكه حينئذ بين الثلاثة الذين أحدهم الضعيف واحتمال كونه الرابع
حيث لم يذكروا طبقته، (وإن كانت) الرواية عن الصادق - عليه السلام - فالضعف
منتف عنها، لان الضعيف لم يرو عن الصادق - عليه السلام - كما عرفت - ولكنها
محتملة لان تكون من الصحيح إن كان هو أحد الثقتين، وهو الظاهر، لأنهما وجان
من وجوه الرواة، ولكل منهما أصل في الحديث، بخلاف الممدوح خاصة، ويحتمل
- على بعد - أن يكون هو الممدوح فتكون الرواية من الحسن فتبنى على قبول الحسن
في ذلك المقام وعدمه، فتنبه لذلك انه مما غفل عنه الجميع، وردوا بسبب الغفلة
عنه روايات وجعلوها ضعيفة، والامر فيها ليس كذلك ".
ولكن العلامة الشيخ محمد حسن البارفروشي المازندراني المتوفى سنة 1345 ه‍ - بعد
أن ذكر ملخص ما ذكره الشهيد الثاني - قال في كتابه نتيجة المقال في الرجال (ص 56)
معترضا عليه بقوله: "... وهو غير واضح بل الذي ينبغي تحقيقه أنه إن روى عن
الباقر - عليه السلام - فالظاهر أنه الثقة إن كان الراوي عنه عاصم بن حميد أو يوسف
ابن عقيل أو عبيد ابنه لان النجاشي ذكر أن هؤلاء يروون عنه كتابا، بل لا يبعد
كونه الثقة إذا روى عن الباقر عن علي - عليهما السلام - لان كلا من البجلي
والأسدي صنف كتاب القضاء لأمير المؤمنين - عليه السلام - كما ذكره النجاشي
ومع انتفاء هذه القرائن فإذا روى عن الباقر - عليه السلام - فهو مردود لما ذكره
وأما المروي عن الصادق - عليه السلام - فيحتمل كونه من الصحيح ومن الحسن
دون الضعيف - لما عرفت - ".
فكان المحدث البارفروشي اتبع ما ذكره الشيخ حسن بن الشهيد الثاني - رحمه
الله - في المنتقى. راجع: المنتقى (ج 2 ص 88، وص 173) طبع إيران سنة 1383 ه‍
139

21 - فائدة:
حكى الكشي عن بعض مشايخه: " أن محمد بن خالد لم يلق أبا بصير
وأما الواسطة بينهما القاسم بن حمزة " (1)
فان ظاهره توسط القاسم بين محمد بن خالد وأبي بصير في جميع
ما يرويه عنه، والقاسم بن حمزة مجهول، بل هو مهمل في كتب الرجال (2)
22 - فائدة:
من الاشكال المشهور: أن الشيخ - رحمه الله - في (كتاب الرجال)
قد يذكر الرجل في - باب من لم يرو عنهم - عليهم السلام - وفي غيره
من الأبواب. وقد قال في أول الكتاب: " إني قد أجبت إلى ما تكرر
من سؤال الشيخ الفاضل من جمع كتاب يشتمل على أسماء الرجال الذين
رووا عن النبي - صلى الله عليه وآله - وعن الأئمة - عليهم السلام - من
بعده إلى زمان القائم - عليه السلام ".
ثم إنه ذكر بعد ذلك -: من تأخر زمانه عن الأئمة - عليهم السلام -

(1) راجع: رجال الكشي ص (457) طبع النجف الأشرف.
(2) المصطلح عليه - عند أرباب المعاجم الرجالية -: أن المجهول من لم يذكر
في كتب الرجال بمدح ولا قدح، والمهمل: من لم يذكر في كتب الرجال - أصلا -
وأهمل ذكره فيها.
141

من رواة الحديث أو من عاصرهم ولم يرو عنهم
ولا يمكن أن يكون المراد ممن يذكرهم في الأبواب ما هو أعم من
أصحاب الرواية واللقاء والمعاصرة من دون رواية، لتصريحه بالرواية في
القسم الأول، وبذكر من عاصرهم ولم يرو عنهم في الثاني، إلا أن يراد
بالرواية: ما يعم الرواية بالمشافهة والكتابة، وبعدم الرواية: عدم الرواية
بخصوص المشافهة، وهو بعيد جدا، فان المقابلة قاضية بإرادة المعنى
الواحد في النفي والاثبات مع عدم ظهور اطراد هذا الوجه في مواضع
الاشكال.
وقد يحتمل أن يكون المراد في القسم الثاني: من عاصرهم ولم يرو
عنهم، أو روى عنهم وبقي بعدهم، بان يكون المراد ممن تأخر زمانه
أعم ممن وجد بعدهم أو بقي بعدهم وان روى عنهم، وهذا في البعد
كسابقه، فان الظاهر من قوله: " من تأخر زمانه عن الأئمة - عليهم السلام - "
عدم إدراكه لزمانهم: إما لعدم وجوده في ذلك الزمان، أو لصغره وعدم
قابليته للرواية عنهم.
وينقدح من هذا وجه آخر أقرب من سابقيه، وهو أن يكون قد
تحمل الرواية عنهم صغيرا، وأداها بعدهم كبيرا، فهو من أصحابهم
- عليهم السلام - وممن تأخر زمان روايته عنهم.
ويمكن أن يكون اختلاف كلام الشيخ - رحمه الله - لاختلاف العلماء
في شان أمثال هؤلاء الذين ذكروا في الموضعين، أو اختلاف نظر الشيخ
في ذلك أو تردده فيه.
ويظهر من كلام السيد في (الوسيط): وجهان آخران.
ذكر أحدهما - في ترجمة بكر بن محمد الأزدي، فإنه قال: " وأما
142

في (لم) (1) بكر بن محمد الأزدي روى عنه العباس بن معروف، فهو
اما سهو، أو بناء على أن العباس لم يرو عن بكر إلا ما رواه عن غيرهم
- عليهم السلام - " ثم قال - " وكثيرا ما وقع فيه مثل هذا ".
وثانيهما - في ترجمة ثابت بن شريح حيث ذكر عن (النجاشي):
أنه " روى عن أبي عبد الله وأكثر عن أبي بصير والحسين بن أبي العلا
قال: " ولاكثاره عن غيرهم - عليهم السلام - أورده الشيخ في (لم)... " (2)
والحق: ضعف هذه الوجوه كلها، وأن عبارة الشيخ - رحمه الله -
قاصرة في هذا الباب عن تأدية المراد.
ولصاحب النقد - رحمه الله - في ترجمة القاسم بن محمد الجوهري كلام
جيد كأنه أصاب المنحر، فليلحظ ذلك (3) والله اعلم
23 - فائدة:
أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري والد محمد بن أحمد بن يحيى -
صاحب نوادر الحكمة (4) مهمل في كتب الرجال، لكن روى الشيخ - رحمه الله -
في (التهذيب) في باب لباس المصلي عن محمد بن أحمد عن أبيه (5)

(1) يقصد بقوله: في (لم) ما ذكره الشيخ الطوسي - رحمه الله في (رجاله) -
في باب من لم يرو عنهم - عليهم السلام -.
(2) راجع: الوسيط (المخطوط) للسيد الميرزا محمد الاسترآبادي في ترجمة
بكر بن محمد الأزدي، وترجمة ثابت بن شريح الصائغ الأنباري.
(3) راجع: نقد الرجال للسيد المصطفى التفريشي (ص 271 - 272) طبع إيران
(4) راجع في التعريف بنوادر الحكمة وبمؤلفه: هامش (ج 1 ص 348)
من هذا الكتاب.
(5) راجع: التهذيب كتاب الصلاة - باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس
والمكان (ج 2 - ص 373) الحديث المرقم (1550 - 82) طبع النجف الأشرف
143

ولم يستثنه ابن الوليد (1) فيمن استثنى، فيدل على عدم ضعفه فتدبر.
24 - فائدة:
قال النجاشي: " الحسن بن راشد الطفاوي ضعيف، له كتاب نوادر حسن
كثير العلم، روى عنه علي بن السندي " (2)
وقال ابن الغضائري: " الحسن بن راشد الطفاوي البصري أبو محمد
روى عن الضعفاء، ويروون عنه، وهو فاسد المذهب، ولا اعرف له
شيئا يصلح فيه إلا رواية كتاب علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم وقد
رواه غيره " (3).

(6) ابن الوليد: هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد شيخ
القميين وفقيههم ومتقدمهم ووجههم، وقد توفي سنة 343 ه‍، وقد ترجم في
أكثر المعاجم الرجالية.
(2) راجع: رجال النجاشي (ص 29 - 30) طبع إيران.
(3) راجع: رجال ابن الغضائري (المخطوط).
ونقل هذه الجملة العلامة الحلي في (الخلاصة) ص 213 عن ابن الغضائري
في ترجمة الحسن بن راشد الطفاوي، ولكن سمى أباه أسدا لا راشدا، ناسبا ذلك
إلى ابن الغضائري، ثم قال: " والظاهر أن هذا الذي ذكرناه وأن الناسخ أسقط الراء
من أول اسم أبيه " ثم قال: " وقال ابن الغضائري: الحسن بن راشد مولى المنصور
أبو محمد، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسى - عليهما السلام - ضعيف في
روايته، وهاهنا ذكر الراء في الأول، والظاهر أن هذا ليس هو ذاك، وليس
هو الذي ذكرناه في القسم الأول من كتابنا عن الشيخ الطوسي - رحمه الله - فإنه
قال: الحسن بن راشد يكنى أبا علي مولى آل المهلب، بغدادي من أصحاب الجواد
- عليه السلام - ثقة ".
كما أن المولى القهبائي في مجمع الرجال (ج 2 ص 98) طبع إيران نقل
عين الجملة التي نقلها العلامة وسيدنا - قدس سرهما - عن رجال ابن الغضائري
بعنوان: الحسن بن أسد الطفاوي البصري أبو محمد، فراجع.
144

وفيه دلالة واضحة على أن علي بن السندي هو ابن إسماعيل الميثمي
الحسن الحال، فتدبر.
25 - فائدة:
الحسين بن محمد - وقد يقال: ابن محمد بن عامر الذي يروي عنه
الكليني كثيرا، ويروي هو عن عبد الله بن عامر وعن المعلى بن محمد:
هو الحسين بن محمد بن عمران بن أبي بكر الأشعري القمي، أبو عبد الله
الثقة ابن أخي عبد الله بن عامر.
فان النجاشي ذكر في ترجمة الحسين بن محمد بن عمران - هذا -:
أن له كتاب النوادر، روى عنه محمد بن يعقوب (1) وفي ترجمة عبد الله
ابن عامر قال: " له كتاب النوادر، أخبرنا الحسين بن عبيد الله عن جعفر
ابن محمد بن قولويه قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن عمه به " (2)
وفي ترجمة المعلى بن محمد قال: " له كتب روى عنه الحسين بن محمد
ابن عامر " (3).
26 - فائدة:
قال النجاشي - في ترجمة محمد بن أحمد بن الجنيد -: " وسمعت
شيوخنا الثقات يقولون عنه: أنه كان يقول بالقياس، وأخبرونا جميعا
بالإجازة لهم بجميع كتبه ومصنفاته " (4).

(1) راجع: رجال النجاشي (ص 52).
(2) راجع: المصدر نفسه (ص 162).
(3) راجع: المصدر نفسه (ص 328).
(4) راجع: المصدر نفسه (ص 302)، وراجع ترجمة مفصلة لابن الجنيد
- هذا - في (ج 3 - ص 205 - 224) من هذا الكتاب مع ما علقناه
هناك.
145

وهذه الصفة إن كانت للمدح لا للتخصيص دلت على توثيق جميع
شيوخه، وإلا فهم منها توثيق المشاهير منهم، فتدبر.
وقال في أبي المفضل محمد بن عبد الله بن محمد الشيباني: " كان في
أول أمره ثبتا ثم خلط، ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه - ثم قال -:
رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيرا، ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة
بيني وبينه ". (1)
ولعل المراد الاعتماد على رواية الواسطة عنه في حال التثبت.
ويستفاد من كلمات هذا الشيخ غاية التحرز في الرواية والتجنب عن
الضعفاء والمتهمين، ويظهر من ذلك اعتماده على كل من يروي من المشايخ
وهذا أصل نافع في التعويل على مشايخ النجاشي.
ولا ينافيه قوله - في ترجمة محمد بن أحمد بن الجنيد - " وسمعت
شيوخنا الثقات يقولون عنه انه كان يقول بالقياس " (2) لاحتمال أن يكون
الوصف للمدح لا للتخصيص.
ويؤيد ما قلناه من مجانبة الضعفاء: قوله في عبد الله بن سنان: " روى
هذه الكتب عنه جماعات من أصحابنا لعظمه في الطائفة وثقته وجلالته " (3)
وفي كتاب عبد الله بن علي الحلبي: " وقد روى هذه الكتب خلق كثير " (4)

(1) المصدر نفسه - ص 309.
(2) كما عرفت - آنفا - عن المصدر نفسه ص 302.
(3) المصدر نفسه: ص 158.
(4) المصدر نفسه: ص 171.
146

27 - فائدة:
مما يشير إلى عدم تواتر الكتب وتحرز مشايخنا عن الرواية عن الضعفاء
والمتهمين وأهل المذاهب الفاسدة إلا مع الوثوق بهم:
ما في (الفهرست) - في ترجمة علي بن مهزيار، قال: " إلا كتاب
المثالب فان العباس روى نصفه عن علي بن مهزيار ".
وفي علي بن إبراهيم بن هاشم: " إلا حديثا واحدا استثناه من كتاب
الشرايع في تحريم لحم البعير ".
وفي العلا بن رزين: " له كتاب وهو أربع نسخ روى كل نسخة
منه بطريق غير طريق الأخرى ".
وفي عيسى بن مهران المستعطف -: " أخبرنا بكتبه أحمد بن عبدون "
- ثم قال -: " وله كتاب المهدي (ع) ". وفي محمد بن الحسن الصفار: " إنه روى الصدوق كتبه إلا كتاب
البصائر ".
وفى محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري: " إلا ما كان فيها من تخليط "
- وذكر تفصيل ذلك -.
وفي محمد بن علي الصيرفي أبي سمينة: " إلا ما كان فيها من تخليط
أو غلو أو تدليس أو ينفرد به ".
وفي محمد بن الحسن بن الجمهور: " إلا ما كان من غلو أو تخليط ".
وفى يونس عن عبد الرحمان: " إلا ما ينفرد به محمد بن عيسى بن
عبيد ولم يروه غيره فإنه لا يعتمد عليه ولا يفتى به ".
وفى محمد بن علي الشلمغاني: " أخبرنا جماعة بكتاب التكليف إلا
حديثا واحدا في باب الشهادة ".
وفي ترجمة سعد بن عبد الله عن محمد بن بابويه في تحرزه عن الرواية
147

عن غير الثقات: ما ينبغي أن يلحظ.
وفي طاهر بن حاتم: " أخبرنا برواياته في حال الاستقامة جماعة عن
محمد بن علي بن بابويه ".
وفي محمد بن سنان ومحمد بن أورمة رواية كتبهما " إلا ما كان من
غلو أو تخليط ".
وفي طلحة بن زيد: " أنه عامي المذهب وكتابه معتمد ".
وفي علي بن الحسن الطاطري الواقفي الشديد العناد لأصحابنا الامامية:
" له كتب رواها عن الرجال الموثوق بهم وبروايتهم، ولأجل ذلك ذكرناها "
إلى غير ذلك مما يجده المتتبع (1).
وفي (النجاشي): " أحمد بن الحسن بن بكران أبو الحسين
العقرائي التمار (2) كثير السماع ضعيف في مذهبه، رأيته بالكوفة وهو مجاور

(1) راجع: ما ذكره في فهرست الشيخ الطوسي كلا في ترجمته حسب
الحروف الهجائية.
(2) هكذا في الأصل (أحمد بن الحسن بن بكران) ولكن الذي في نسخ
النجاشي المطبوعة بمبئ وبإيران وفي النسخ المخطوطة أيضا (إسحاق بن الحسن بن
بكران) كما أن كل من نقل الترجمة عن رجال النجاشي قبل طبعه عنونه بإسحاق
ابن الحسن وإن ذكر بعض أرباب المعاجم من المتأخرين: أنه وجد نسخة منه بعنوان
أحمد بن الحسن، وقال: إنها مرجوحة، ولا ريب أنها محرفة. راجع: النجاشي
(ص 57).
والعقراني - كما في بعض نسخ النجاشي - بالعين المهملة المفتوحة ثم القاف
الساكنة وبعدها الراء ثم الألف والنون، وفي بعض نسخ المعاجم بالهمزة بدل النون
وفي بعضها بالفاء بدل القاف، وفي بعض نسخ النجاشي بالباء الموحدة بدل النون
أو الهمزة، ولم نعلم وجه النسبة.
148

وكان يروي كتاب الكليني عنه، وكان في هذا الوقت علوا، فلم أسمع له
شيئا، له كتاب الرد على الغلاة وكتاب نفي السهو عن النبي - ص -
كتاب عدد الأئمة ".
وقال في أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عياش الجوهري
"... رأيت هذا الشيخ وكان صديقا لي ولوالدي، وسمعت منه شيئا كثيرا
ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا وكان من أهل العلم والأدب القوي وطيب
الشعر وحسن الخط - رحمه الله - وسامحه، مات سنة احدى وأربعمائة " (1).
وقال في ترجمة محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله أبي المفضل
الشيباني: " كان في أول أمره ثبتا ثم خلط، ورأيت جل أصحابنا يغمزونه
ويضعفونه " ثم قال: " رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيرا، ثم توقفت
عن الرواية عنه لا بواسطة بيني وبينه " (2)
ولعل المراد بالواسطة من روى عنه في حال التثبت، ويحتمل أن
يكون ذلك منه تقية من المضعفين له، والأول أقرب، والله اعلم.
وفي جهم بن حكيم: " له كتاب ذكره ابن بطة وخلط اسناده
تارة قال: حدثنا أحمد بن محمد البرقي عنه، وتارة قال: حدثنا أحمد
ابن محمد عن أبيه عنه " (3).

(1) المصدر الآنف نفسه: ص 67.
(2) المصدر نفسه (ص 309) قال الشيخ أبو علي الحائري في (منتهى
المقال) - بعد أن ترجم له -: " لا يخفى أن توقف النجاشي عن الرواية عنه إلا
بواسطة، يشير إلى عدم ضعفه عنده، وإلا فأي مدخل للواسطة، بل الظاهر أنه
مجرد تورع واحتياط عن اتهامه بالرواية عن المتهمين وإيقاعه فيما أوقعوا ذلك
ووقوعه فيه كما وقعوا فيه فتدبر ".
(3) راجع: نفس المصدر: ص 101 طبع إيران.
149

28 - فائدة:
في رجال كتاب النجوم للسيد الجليل علي بن طاووس - رحمه الله -
من علمائنا المنجمين: جماعة من بني نوبخت، منهم الحسن بن موسى النوبختي
ومن علماء المنجمين من الشيعة أحمد بن محمد بن خالد البرقي، وأحمد
ابن محمد بن أحمد بن طلحة والشيخ النجاشي قال: " ومن المذكورين بعلم
النجوم الجلودي البصري "، ثم قال: " ومنهم علي بن محمد بن العباس
ومحمد بن أبي عمير، ومحمد بن مسعود العياشي، وموسى بن الحسن بن
العباس من بني نوبخت والفضل بن أبي سهل بن نوبخت، ومنهم السيد
الفاضل علي بن أبي الحسن العلوي المعروف بابن الأعلم، ومنهم أبو الحسن
النقيب الملقب " ابا قيراط " ومنهم الشيخ الفاضل الشيعي علي بن الحسين
ابن علي المسعودي مصنف كتاب مروج الذهب، ومنهم أبو القاسم بن
يافع من أصحابنا للشيعي، ومنهم إبراهيم الفزاري صاحب القصيدة، ومنهم
الشيخ الفاضل أحمد بن يوسف بن إبراهيم المصري كاتب آل طولون،
ومنهم الشيخ الفاضل محمد بن عبيد الله بن عمير القمي، ومنهم الشيخ
الفاضل أبو الحسين ابن أبي الخصيب القمي، ومنهم أبو جعفر السقاء،
ومنهم محمد بن أحمد بن سليم الجعفي مصنف " كتاب الفاخر " (1).
29 - فائدة:
أصحاب الجرح والتعديل من القدماء: ابن فضال، ابن عقدة،
ابن نمير، ابن النديم، ابن نوح، محمد بن عبد الله، ابن أبي حكيمة، يروي

(1) راجع الباب الخامس فيمن كان عالما بالنجوم من الشيعة (ص 121)
من كتاب (فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم) تأليف رضي الدين أبي القاسم
السيد علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني المتوفى سنة 664 ه‍،
طبع النجف الأشرف سنة 1368 ه‍.
150

عن ابن نمير، يروي عنه ابن عقدة في الجرح والتعديل، ذكر ذلك العلامة
في ترجمة حماد بن شعيب الحماني (1)
وفي رجال الوسائل: ابن نمير، هو عبد الله ابنه محمد وهما من علماء العامة " (2).
وفي التقريب: " عبد الله بن نمير - بنون مصغرا -: الهمداني
أبو هشام الكوفي ثقة صاحب حديث من أهل السنة من كبار التاسعة، مات
سنة تسع وتسعين، وله أربع وثمانون " (3)
وقال: " محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني - بسكون الميم - الكوفي
أبو عبد الرحمان ثقة حافظ فاضل من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين " (4)
وقال في (رجال الوسائل) في ابن النديم: " هو أبو الفرح محمد
ابن إسحاق أو أحمد بن إبراهيم (5) ".
وفي (النقد): " أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود بن حمدون
الكاتب النديم شيخ أهل اللغة ووجههم وأستاذ أبى العباس، قرأ عليه ابن
الأعرابي، وكان خصيصا بابي محمد الحسن بن علي - عليهما السلام - وأبى
الحسن قبله، له كتب (جش ست دى كر جخ ") (6)

(1) راجع: الخلاصة: ص 57، برقم (7) القسم الأول طبع النجف الأشرف
(2) راجع: رجال الوسائل في آخر أجزائه المطبوعة بإيران.
(3) راجع: تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني (ج 1 ص 457) طبع
مصر سنة 1380 ه‍، والمراد: أنه توفي سنة 299 ه‍.
(4) راجع: تقريب التهذيب (ج 2 ص 180) والمراد: أنه توفي سنة 234 ه‍
(5) راجع: رجال الوسائل - باب الميم - الملحق بآخره.
(6) يشير بهذه الرموز إلى أنه: ذكره النجاشي في رجاله، والشيخ في
الفهرست، وفي كتاب رجاله في باب أصحاب الإمام الهادي والإمام العسكري
- عليهما السلام - راجع: نقد الرجال للتفريشي (ص 17).
151

ثم قال: " محمد بن إسحاق النديم له كتاب، كذا يظهر من آخر
(الفهرست) عند ترجمة أبى عبد الله الحسني، وهو المشهور بابن النديم
كما يظهر من آخر الفهرست أيضا عند ترجمة أبى الحسين بن معمر وغيره " (1)
30 - فائدة:
(الفطحية): قال أبو عمرو الكشي: " محمد بن الوليد الخزاز
ومعاوية بن حكيم ومصدق بن صدقة ومحمد بن سالم بن عبد الحميد، هؤلاء
كلهم فطحية وهم من أجلة العلماء والفقهاء والعدول، وبعضهم أدرك
الرضا - عليه السلام - وكلهم كوفيون " (2)
(جخ) في محمد بن سالم (3).
وفي (رجال الكشي): " قال محمد بن مسعود عن عبد الله بن
بكير وجماعة من الفطحية هم فقهاء أصحابنا منهم ابن بكير وابن فضال
يعني: الحسن بن علي وعمار الساباطي وعلي بن أسباط وبنو الحسن بن
علي بن فضال: علي وأخواه ويونس بن يعقوب ومعاوية بن حكيم، وعد
عدة من أجلة الفقهاء العلماء " (4)

(1) راجع: نقد الرجال (ص 292) ويقصد بالفهرست: فهرست الشيخ
الطوسي. أنظر: (ص 220، برقم 871) في ترجمة أبى عبد الله الحسني، و (ص
220) أيضا برقم (870) في ترجمة أبى الحسين بن معمر الكوفي.
(2) راجع: رجال الكشي (ص 471) طبع النجف الأشرف.
(3) ذكر الشيخ الطوسي في رجاله: جماعة من أصحاب الصادق - عليه السلام -
يسمون بمحمد بن سالم، وبعضهم من أصحاب الرضا - عليه السلام - ومنهم زيدي
ولم يصف واحدا منهم بالفطحية سوى محمد بن سالم بن عبد الحميد الكوفي الذي هو
من أصحاب الجواد - عليه السلام - والذي ذكره الكشي في رجاله - كما عرفت آنفا -.
(4) راجع: رجال الكشي (ص 294) طبع النجف الأشرف.
152

31 - فائدة:
العقيقي - صاحب الرجال -: هو أحمد بن علي بن محمد بن جعفر
ابن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليه
السلام - (1).
32 - فائدة:
في ترجمة أحمد بن علي الرازي الخضيب الأيادي: ما يدل على أن
ابن الغضائري صاحب الرجال: هو أحمد بن الحسين بن عبيد الله، دون

(1) العقيقي الرجالي - على ما ذكره أرباب المعاجم الرجالية - هما اثنان:
(الأول) أبو الحسن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن جعفر، صاحب
كتاب الرجال المعروف، برجال العقيقي، وهو المراد عند الاطلاق بالعقيقي.
وقد أكثر النقل عنه العلامة الحلي - رحمه الله - في (الخلاصة).
وحكى عنه النجاشي في ترجمة زياد بن عيسى (ص 129) بعنوان (العقيقي
العلوي).
كما ترجمه الشيخ الطوسي - رحمه الله - ترجمة مستقلة في (الفهرست)
ص 123، برقم (426) وذكر كتبه، وعد منها كتاب الرجال، المعروف اليوم
وقد نقل عن رجال العقيقي - هذا - الشيخ أبو علي الحائري المتوفى سنة
1216 ه‍ في كتابه (منتهى المقال) في الرجال، المطبوع المشهور برجال أبي علي،
وجعل رمزه (عق).
ويروي عن العقيقي - هذا -: ابن أخي طاهر المتوفى سنة 358 ه‍ وهو
أبو محمد الحسن بن محمد الأكبر بن يحيى النسابة بن الحسن بن جعفر الحجة بن عبيد الله
الأعرج بن الحسين الأصغر ابن الإمام السجاد علي بن الحسين - عليه السلام -.
حدث الصدوق ابن بابويه في (إكمال الدين واتمام النعمة) في الباب الذي
عقده لذكر التوقيعات الواردة عن القائم - عليه السلام - حديثا صريحا في جلالته
وعلو منزلته قال: " أخبرنا أبو محمد الحسين بن محمد بن يحيى العلوي ابن أخي
طاهر ببغداد طرف سوق العطش بداره، قال: قدم أبو الحسن علي بن أحمد بن
علي العقيقي بغداد سنة 298... " الخ.
والعقيقي (الثاني) هو المعروف عند المحدثين وهو والد العقيقي الأول، وهو
أحمد بن علي بن محمد، وكان أحد أئمة علم الرجال والتاريخ في الشيعة.
قال النجاشي (ص 63): "... كان مقيما بمكة وسمع أصحابنا الكوفيين
وأكثر منهم، صنف كتبا وقع الينا منها: كتاب المعرفة، كتاب فضل المؤمن،
كتاب تاريخ الرجال... ".
وترجم له أيضا الشيخ الطوسي في (الفهرست) ص 48، برقم (73)
وذكر كتبه وعد منها كتاب تاريخ الرجال.
وذكره أيضا ابن شهرآشوب في (معالم العلماء: ص 13) طبع النجف
الأشرف، وعد من كتبه تاريخ الرجال.
وهو يروي عن أبيه علي عن إبراهيم بن هاشم القمي، ويروي عنه ولده
أبو الحسن علي بن أحمد العقيقي.
وكان أحمد بن علي العقيقي المذكور قد أكثر علماؤنا في كتب الرجال من
النقل عنه واعتمدوا على روايته وجرحه وتعديله، وكان يكنى بابي طالب العلوي
والعقيق المنسوب إليه هو عقيق المدينة.
قال الحموي في (معجم البلدان) بمادة (العقيق): " والى عقيق المدينة
ينسب محمد بن جعفر بن عبد الله بن الحسين الأصغر ابن علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب، المعروف بالعقيقي، له عقب، وفي ولده رياسة، ومن ولده أحمد
ابن الحسين بن أحمد بن علي بن محمد العقيقي، أبو القاسم، كان من وجوه الاشراف
بدمشق، ومدحه أبو الفرج الوأواء، ومات بدمشق لأربع خلون من جمادى الأولى
سنة 378 ه‍، ودفن بالباب الصغير ".
ومحمد بن جعفر العقيقي - الذي ذكره صاحب المعجم -: هو جد أحمد بن علي
ابن محمد بن جعفر العقيقي، وجد أحمد بن الحسين بن أحمد بن علي بن محمد
العقيقي أبي القاسم الذي ذكره الحموي - كما عرفت -.
153

أبيه، فلاحظ (1).
وفي (الخلاصة) في ترجمة إبراهيم بن عمر اليماني الصنعاني: " قال
النجاشي: إنه شيخ من أصحابنا ثقة " - إلى أن قال - " وقال ابن
الغضائري: إنه ضعيف جدا، والأقوى عندي قبول روايته " (2).
قل الشهيد في (الحاشية): " أقول في ترجيح تعديله نظر: إما
أولا - فلتعارض الجرح والتعديل، والأول مرجح " (3).

(1) راجع: تفصيل ترجمة الحسين بن عبيد الله الغضائري وترجمة ابنه
أحمد بن الحسين في (ج 1 ص 225) و (ج 2 ص 295) من هذا الكتاب،
مع ما علقناه - هناك - فان فيهما ما يغنيك.
(2) راجع: الخلاصة (ص 6) برقم (15) طبع النجف الأشرف.
(3) لم ينقل - سيدنا - قدس سره - في الأصل عن حاشية الشهيد الثاني على
(الخلاصة) (المخطوطة) جميع عبارته التي لها تعلق بالموضوع واقتصر على بعضها
فقد ذكر الشهيد الثاني - تعليقا على قول العلامة في ترجمة إبراهيم بن عمر
اليماني الصنعائي - ما هذا نصه: " أقول في ترجيح تعديله نظر: (أما أولا) فلتعارض
الجرح والتعديل، والأول مرجح، مع أن الجارح والمعدل لم يذكر مستندا لننظر
في أمره (وأما ثانيا) فلان النجاشي نقل توثيقه وما معه عن أبي العباس وغيره،
والمراد بابي العباس - هذا - أحمد بن عقدة، وهو زيدي المذهب لا يعتمد على
توثيقه، أو ابن نوح، ومع الاشتباه لا يفيد، وغيره متهم لا يفيد فائدة يعتمد عليها
وأما غير هذين من مصنفي الرجال كالشيخ الطوسي وغيره، فلم ينصوا عليه بجرح
ولا تعديل، نعم قبول المصنف - رحمه الله - روايته أعم من تعديله كما يعلم من
قاعدته، ومع ذلك لا دليل عليها بوجه ".
155

أقول: يظهر منه توثيق ابن الغضائري، وإلا لم يعارض توثيق
النجاشي، ولعله بناء على إرادة الحسين بن عبيد الله - كما ذكره في
الإجازة - (1).
33 - فائدة:
رجال البرقي - وهو أحمد بن محمد بن خالد - ويتكرر فيه النقل
عن كتاب سعد، والظاهر أن سعدا هذا: هو سعد بن سعد الأشعري
الثقة، وهذا يدل على أن البرقي - هذا -: هو محمد، لان محمد بن خالد
يروى عنه كما يظهر من ترجمة سعد في الرجال.
وذكر للنجاشي لسعد بن سعد كتابين: مبوبا وغير مبوب، وقال:
" غير المبوب رواية محمد بن خالد البرقي " (2).
لكن ذكر (3) في أصحاب الرضا - عليه السلام - محمد بن خالد
البرقي. وهذا يدل على أن الكتاب لولده أحمد بن محمد بن خالد البرقي
فلاحظ ذلك، وقد ذكر (4): أحمد بن أبي عبد الله البرقي ينقل عن علي

(1) يقصد: إجازة العلامة الكبيرة لبني زهرة الحلبيين المذكورة في كتاب
الإجازات الملحق بآخر أجزاء البحار للمجلسي الثاني (ص 21) فراجعها.
(2) راجع: رجال النجاشي (ص 135) في ترجمة سعد بن سعد بن الأحوص
ابن سعد بن مالك الأشعري القمي الراوي عن الرضا وأبي جعفر الجواد - عليهما السلام -
(3) أي: ذكر البرقي في كتاب رجاله.
(4) أي: ذكر البرقي في كتاب رجاله.
156

ابن الحكم يعني: نفسه، وهو صريح في أن الكتاب له، لا لأبيه (1).
والحمد لله على الاتمام، والصلاة على نبيه وآله الكرام الذين
يكمل بهم الدين، ويختم بهم المرام، ولعنة الله على
أعدائهم إلى يوم القيام
تم في سنة 1212 ه‍

(1) راجع في ذلك كله: (رجال البرقي) المطبوع بطهران مطبعة دانشكاه
سنة 1383 ه‍، وكل من ترجم لأحمد بن محمد بن خالد البرقي من أرباب المعاجم
نسب له كتاب الرجال حتى أن الشيخ في الفهرست (ص 45) - بعد أن ترجم له
وعد كتبه - قال: " وزاد محمد بن جعفر بن بطة على ذلك كتاب طبقات الرجال.. "
157

" كلمتنا حول الكتاب "
بسم الله الرحمن الرحيم
وبهذا - والحمد لله - ينتهي كتاب (رجال السيد بحر العلوم المعروف
بالفوائد الرجالية) لمؤلفه سيد الطائفة، وصاحب الكرامات الباهرة آية الله
في الأنام سيدنا وجدنا السيد محمد المهدي بحر العلوم الطباطبائي، تغمده
الله برحمته، وحشرنا - يوم القيامة - بزمرته وشفاعة أجداده الأئمة
الطاهرين - سلام الله عليهم أجمعين -.
ولعمر الحق، إنه لكتاب كريم وسفر جليل، من أعظم وأدق
ما كتب في علم الرجال، والدراية، والحديث.
ولقد مضى على هذا الأثر العلمي النفيس زمن - غير قصير - وهو
مخطوط محصور النسخ - على كثرتها وتفرقها في عامة البلدان الاسلامية -
حتى شاءت الموفقية الإلهية أن نحظى بشرف تحقيقه وتصحيحه والتعليق عليه
ومقابلته على كثير من النسخ الموجودة في العراق وإيران، ونسختنا هي النسخة
المكتوبة على نسخة جدنا الكبير الحجة السيد الحسين حفيد السيد بحر العلوم
ونسخته مكتوبة على نسخة أبيه " الرضا " المنسوخة على مسودات نسخة
أبيه السيد بحر العلوم - قدس سره -.
والجدير بالذكر: أنه قد اتضح لدينا من مراجعة الكتاب وتحقيقه
ومقابلته على النسخ الكثيرة المخطوطة: أن الكتاب بقي على مسوداته السريعة
158

ولم يحظ من سيدنا المؤلف - قدس سره - النظرة الثانية ليخرج إلى المبيضة
الامر الذي يفسر لنا: الاقتضاب - أحيانا - فيما يحتاج إلى توفية وإشباع
وإهمال بعض ما يحتاج إلى الذكر.
ومع ذلك كله، فالكتاب - على اختصاره - جمع فأوعى: المهم
من الأسر والبيوت الرجالية، وركز على أعلام الرجال من عامة الطبقات
والذين يكثر جدل التاريخ حول توثيقهم وتعديلهم، وأخيرا: عرض
فوائد دقيقة في علم الرجال والدراية والحديث، فكانت مسك الختام لهذا
السفر الجليل.
ولقد أشير في المقدمة - من الجزء الأول - أن للكتاب ملحقا في الإجازات
التي أخذها السيد (بحر العلوم) من شيوخه وأساتذته، والإجازات التي
أعطاها لتلامذته ومستجيزيه.
أرجأنا طبع هذا الملحق إلى أجل آخر لاحتياجه إلى تراجم بسيطة
لأصحاب الإجازات، إكمالا للفائدة. وسيتم ذلك - قريبا - ويطبع في
كتاب مستقل - بعون الله تعالى - باسم " إجازات السيد بحر العلوم "
هذا، ونستميح القراء والمطالعين المحققين أن يغفروا لنا ما أخطأنا
أو نسينا فمن ألف فقد استهدف - كما قيل - وأن يثمنوا لنا جهودنا في تحقيق هذا
الكتاب - بتنبيهنا على مواضع وجهات النظر فيه، ليتسنى لنا تصحيح الخطأ
واثبات المنسي في الطبعة الثانية - قريبا - إن شاء الله تعالى.
ومن الله تعالى نسأل أن يوفقنا - باستمرار - لاحياء التراث العلمي
الاسلامي - على اختلاف المواضيع والبحوث - فذلك بعض القيام بالواجب
المقدس، انه سميع مجيب، والله من وراء القصد.
النجف الأشرف: محمد صادق بحر العلوم، حسين بحر العلوم
159

مكتبة العلمين العامة
نجف الأشرف
* لا تزال تواصل السير - قدما - في أداء بعض واجباتها الفكرية
المقدسة: من نشر وتحقيق وتأليف الكتب الاسلامية - على اختلاف بحوثها -
ولديها من الكتب المحققة الجاهزة للطبع: (1) إجازات السيد بحر
العلوم، (2) الاقتصاد في علم الاعتقاد للشيخ الطوسي (3) الشافي في الإمامة
للسيد المرتضى (4) المصابيح - موسوعة فقهية - للسيد بحر العلوم (5) الدرة
النجفية - منظومة السيد بحر العلوم - وملحقها للمرحوم الحجة السيد محمد باقر
الحجة (6) ديوان السيد بحر العلوم (7) ديوان السيد إبراهيم بحر العلو
الطباطبائي (8) رجال ملا علي الخليلي. وغير ذلك عدد كثير.
فالمكتبة - بدورها - ترحب بالتفاهم مع أي جهة - داخل العراق
وخارجه - ترغب في طبع عامة كتبها المنشورة، أو الجاهزة للطبع.
* لا تزال مستعدة لإهداء الكتاب الاسلامي - سواء من منشوراتها
أم من غيرها - إلى عامة المؤسسات الثقافية في أنحاء العالم المتحضر. ولقد
ناهز سجل إهدائها - إلى حين التاريخ - (8000 ثمانية آلاف كتاب)،
وذلك خدمة للواجب المقدس، وإرواء للأفكار الضامئة إلى التراث الاسلامي
معتمدة ي الاستمرار - بعد الاتكال على الله تعالى - على ريع مطبوعاتها
وأريحيات رجال الوعي والثراء من عباد الله المخلصين.
فالمكتبة ترجو من قرائها الأفاضل - مساهمة لجهادها الديني - تزويدها
ما يهتدون إليه من عناوين لهذا الغرض المقدس.
* لا تزال فاتحة صدرها الرحب (لكل سؤال جواب) فهي تتلقى
160

الأسئلة - ذات إطار الاسلامي - من مختلف أنحاء العالم، لتعهد بجواباتها
إلى جماعة خاصة من أهل العلم والفضل
* بحاجة إلى وكلاء توزيع لمنشوراتها - خارج العراق - فللراغبين
في ذلك مراجعة " المكتبة " ليتم الاتفاق بين الطرفين.
* ترجو من مشرتكيها الأفاضل - في هذا الكتاب - باعتبار صدور آخر
أجزائه الأربعة - إعلامها بتسلم الاجزاء كلها، أو نقصان بعضها لتلافي الامر
* تتقدم بجزيل الشكر وجميل الثناء لعامة أرباب الصحف والمجلات
وذوي الأقلام المؤمنة - أخل العراق وخارجه - لما تفضلوا بالنشر والتنويه
والنقد لمجموع منشورات " المكتبة " وبالخصوص: كتابها الأخير (رجال
السيد بحر العلوم).
* تتقدم - أيضا - بتثمين الفضل وتقدير اللطف لعامة الذوات
السخية - بمادتها ومعنوياتها - تجاه مشاريع " المكتبة " التي لا تزال تنبع من
المجتمع الاسلامي، وتصب فيه.
وتخص بالثناء والتقدير: مركز الثقل لمساعدة المكتبة - باستمرار -
حضرة الوجيه الجليل الحاج السيد حسن السيد حبيب الصراف (من النجف
الأشرف) لتبرعه - أخيرا - بمبلغ (145 دينارا).
وحضرة الزعيم المبجل الشيخ فليح الحسن (من المشخاب) لتبرعه
بمبلغ (75 دينارا).
وحضرة الشاب الموفق الأستاذ عفر شعبان علي (مدير معمل التوفيق
في النجف الأشرف) لتبرعه بمبلغ (20 دينارا) وفق الله العاملين للخير
والساعين إليه إنه سميع مجيب.
161