الكتاب: الرعاية في علم الدراية (حديث)
المؤلف: الشهيد الثاني
الجزء:
الوفاة: ٩٦٥
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند الشيعة
تحقيق: عبد الحسين محمد علي بقال
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤٠٨
المطبعة: بهمن
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم المقدسة
ردمك:
ملاحظات:

الرعاية
في: علم الدراية
تأليف
الفقيه المحدث الشهيد الثاني
زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي
911 ه‍ - 965 ه‍
إشراف
الأمين العام للمكتبة
الدكتور السيد محمود المرعشي
إخراج
وتعليق وتحقيق
عبد الحسين محمد علي بقال
1

كتاب: الرعاية في علم الدراية
تأليف: الشهيد الثاني
تحقيق: عبد الحسين محمد علي بقال
نشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم المقدسة
طبع: مطبعة بهمن - قم
تاريخ الطبع: 1408 ه‍ ق
العدد: 1000 نسخة
الطبعة الثانية:
السعر: 1600 ريال
2

الرعاية
في: علم الدراية
1 - في: أولياته
2 - في: علم الدراية
3 - في: الفهرست
3

الجهد الأول
في: أوليات الكتاب
الاهداء
التقديم
بين يدي الكتاب
المترجم له في سطور
الشرح لدى الظهور
5

(1) الاهداء
إلى الذين يشمرون عن سواعد الجد، من أجل خدمة أمتهم. وجيلهم، والأجيال
القادمة.
إلى الذين، عقدوا العزم على، رفع كاهل البؤس الروحي، والشقاء الفكري،
والتحلل الخلقي، عن واقع إنسانيتنا المعذبة.
إليهم، في كل زمان ومكان...
نقدم هذه الدراسة الموجزة، عن شخصية فذة، لعبت دورا مهما، في تاريخ المعرفة
يومها، ولا تزال.
ونيسر هذا النتاج الحديثي، لفقيه مرجع، لا زالت بحوثه تحتل الصدارة، في أروقة
العلم، وحلقات العلماء.
سائلا " من القدير، أن يتغمد الجميع برحمته، والشهيد بجنته، وان يوفقنا لان تسهم
الذكرى، لمثل هذه الشخصية، بعظيم نتاجها، في مزيد من الدراية كي يكون لنا فيها
لحاضرنا عظة، وفيما نرجوه لمستقبلنا عبرة.
بل، كي نتأكد، بأن عاقبة الأتقياء الفقهاء الشهداء، ليست فقط في حياتهم
الأولى، وإنما كما يقال: هي خالدة عطرة مع الأيام.
7

(2) التقديم
بقلم
آية الله الفقيه المرجع
أبو المعالي: شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي وفقنا لرواية آلائه، وشرفنا بدراية نعمائه
والصلاة والسلام على سيد رسله وأنبيائه وعلى آله
قرناء الكتاب و. زملائه.
وبعد غير خفي على من ألقى السمع وهو شهيد أن
من أشرف العلوم الاسلامية علم الدراية الذي هو
بمنزلة المقدمة لعلم الرجال وكلاهما من أهم علوم
الحديث وعليهما تدور رحى استنباط الاحكام ورد
الفروع إلى الأصول. فمن ثم توجهت همم فطاحل الرجال إلى التأليف
9

والتصنيف حولهما فلم يألوا الجهود في تنسيق
الزبر والاسفار فلله در أصحابنا شيعة آل الرسول
الأكرم (ص) حيث جادت أقلامهم وجالت يراعاتهم في
هذا الشأن فكم لهم من أثار في هذين العلمين.
كالعلامة الشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي صاحب كتابي
(المجلى والغوالي)
والعلامة الشيخ ضياء الدين علي العاملي نجل شيخنا
السعيد أبي عبد الله محمد بن مكي الشهيد الأول.
والعلامة الفاضل المقداد السيوري الحلي صاحب كنز العرفان.
10

والعلامة السيد أبي الرضا فضل الله الحسني الراوندي
الكاشاني.
والعلامة الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي والد
شيخنا البهائي.
والعلامة الحاج الميرزا أبو طالب الموسوي الزنجاني
نزيل طهران. من مشايخ والدي العلامة في الرواية
والعلامة الحاج الشيخ محمد الباقر البيرجندي صاحب
كتاب (الكبريت الأحمر في شرائط المنبر)
وهو من أجلة مشايخنا في الرواية.
والعلامة الأستاذ الحاج الشيخ عبد الله المامقاني
11

النجفي صاحب كتاب الرجال الكبير وهو من مشايخنا
في الرواية والدراية وغيرهم من الاعلام.
وكذا علماء أخواننا أهل السنة والجماعة فقد
الف الكثير من أفاضلهم في هذا الموضوع كالعلامة
ابن الصلاح صاحب المقدمة.
والحافظ ابن حجر الشافعي العسقلاني.
والعلامة الشيخ جلال الدين السيوطي.
والعلامة الشيخ زين الدين العراقي.
والعلامة شيخ الاسلام حفيد العلامة المولى
سعد الدين التفتازاني.
12

والعلامة الكتاني الحسني المغربي المراكشي من
مشايخنا في رواية الصحاح وغيرهم قد طوينا
عن ذكرهم كشحا روما للاختصار.
وممن وفقه المولى بالتأليف في علم الدراية
العلامة السعيد الشيخ زين الدين علي العاملي
الشهيد الثاني صاحب كتابي (المسالك وشرح اللمعة)
فإنه قدس سره وطاب رمسه جاء
بكتاب قد اخذ السبق في السباق وهو مع
صغر حجمه حاو لأكثر مسائل العلم. آجره ربه
اللطيف بهذه الخدمة للدين والمذهب.
13

وقد طبع وانتشر منذ طيلة سنين بحيث قد
نفدت نسخه إلى أن قام الشاب الفاضل الأستاذ النشيط
(عبد الحسين محمد علي البقال) النجفي. وشمر
الذيل في تجديد طبعه مع التحقيق حول محتويات
الكتاب فجاء بحمد الله فوق ما يؤمل ويراد.
ألا وجزاه البارئ الكريم جزاء من أحسن عملا "
وهباه من الرحمة بكفليها آمين آمين
وفي الختام أرجو من إخواني طلاب العلوم
الدينية ورواد الفضل المراجعة إلى الكتاب
والاستفادة من إفاداته والاستنارة من أنواره
14

رزقهم الله وإيانا والناشر في الدنيا زيارة مراقد
الأئمة البررة وفي الآخرة شفاعتهم.
والسلام على من اتبع الهدى ونأى بجانبه عن
الهوى.
أملأه العبد الكئيب الغريب في وطنه خادم
علوم أهل البيت عليهم السلام
أبو المعالي شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي
في بلدة قم المشرفة حرم الميامين وعش آل محمد
في أصيل يوم الخميس لتسع بقين من شهر الله رمضان
المبارك سنة 1401 ق حامدا " مصليا " مسلما " مستغفرا "
15

(3) بين يدي الكتاب
- 1 -
إن هذا الجهد الذي أقدمه لقرائنا الأعزاء، لم يكن نتاج حبالة طبيعية: وإنما هو
كغيره من كثر مخلفات شهدائنا الأبرار، قد مر بولادة عسيرة، وقد رافقته مخاضات
ومخاضات... لعل من آخرها محنة ما يسمى: التسفير!! هذا إن صح في شرعة القانون والانسان والاسلام والعربان، أنه تسفير.
أجل، تسفير بدون تفسير، أبان الحرب العراقية الإيرانية، في مطالع العقد الأول من
القرن الرابع بعد عشر قرون، من هجرة رسولنا الكريم، وأوائل العقد ما قبل الأخير، من القرن
العشرين، من ميلاد سيدنا المسيح.
هو ذا الجهد، تنقل مع من تنقل، بين مراكز التوقيف والتسفير،. مع قوافل ما يسمون:
بالمهجرين،. وجحافل ما يسمون: بالمعاودين،. وما يحلو لبعض أن يشير إليهم:
بالمطرودين...
هو ذا الجهد، طالما ترك على الأرض، كغيره من بقية نتاجات.، تلك الذي قد غفلت
عنها عيون وعيون، بعد أن رعتها عين ورحمة ذالكم الرقيب، الذي هو أقرب إلينا من حبل
الوريد.
أجل، وكان لذلك الجهد ان يجتاز حدود، ويتحول طينا، ويرتاد ثلوجا.، ويصعد جبالا "،
وينزل وهادا، ويقاسي من برد، ويصحب مأساة عائلة بأطفال، ويكابد من مطر، و
يتعرض لرياح، ويتحمل غبارا، ويصاحب مع الضعف الكبر، ويئن من كثرة مسير في
العراء إلا من أديم وغطاء السماء.
17

وكم حمل على الرؤوس...
وكم حمل على رقاب أعواد، أرعبتها الخشية والقلق، وهدها المرض، وأضناها
السهر، وأتعبها التنقال وآلمها نكران الجميل، وروعها تخلف الأحبة، من ولد وتلد من
أهل وأصدقاء وأبناء بلد.
بل، وعلى عود متآكل، عضته أنياب السنين، وقد ضاع منه فيما ضاع، في هذه
المحنة والمصيبة، الكثير الكثير من نتاجات العمر وحصائله.
بل، وعز عليه، مفارقة الوطن - وإن كان الاسلام وبلد الاسلام كله وطنا.
بل، وشق عليه، مغادرة الوطن، وطن الأنبياء، ومراقد الأئمة، ومدارس الأولياء، و
ملاعب دجلة والفرات.
ووطن، يا ما حلا العمر فيه، وسما النضال من اجله،...
أرض، يا ما حلا التجوال فيه، وطاب العيش له،...
بلد، يا ما صفت فيه مودة، وسلمت فيه طوية، رغم النكبات والنكبات، وطابت
عنده أمهات، أخوات زكيات مجاهدات...
أليس، هو مضجع (آدم) و (نوح) و (ذي الكفل) و (عزير)، و (يونس)...؟
أنه بلد (الغري) و (كربلاء) و (أربيل) و (حدباء)...
أنه مقبرة العظماء، من طوسيها، وكلينيها، ومحققها وعلامتها، وجواهريها و
أنصاريها، وغيرهم لا زالوا كثيرين كثيرين.
هو والله، يا ما حلا فيه شعر وكتاب وخطبة، ويا ما حن قريض و (حسچه).
- 3 -
إيه، كل هذا، وهو بعض من كل، وهل يقوى بعض من كل، وهل يقوى بعض
على ذكر ذلك الكل...؟
إيه إيه، وبعد هذا، كانت لنا إلى الشهيد عودة.، فعدنا نقلب أوراقه ونجدد تلك
المأثرة الحديثية، بما يناسبها من جهد، وبما يتسع لنا من مجهود.
عدنا، وكان من بين وريقات ذلك الزمان، زمان الوصل والوداد، زمان العراق و
ما ادراك ما العراق، زمان النجف الأشرف ومساجدها وحلقاتها،...
كان من بين تلك الورقات، ورقة تحمل تاريخ: 25 شوال، 1389 ه‍، 6 كانون
الأول 1970 م.
وكان في مقدمة تلك الورقات، أسطر كتبت يوم ذاك، كي تكون وريقة بين يدي
أوراق (دراية الشهيد).
18

- 4 -
كتبت يومها:
ما إن وقع نظري على كتاب (شرح البداية في علم الدراية)، في علم مصطلح
الحديث طبعة 1379 ه‍ - 1960 م، الصادرة من مطبعة النعمان، في النجف الأشرف، حتى
رحت أتصفح أوراقه، مطلعا " على مواضيعه، متنقلا " بين رواد آرائه.
فهالني!!
نعم، هالني ما رأيت فيه!! من عقم في الاخراج، وكثرة في الأخطاء المطبعية وشئ
من الساقطات النصية.
في حين أن هذا السفر الفرد ما أعظم ما يتضمنه، من مادة غزيرة، في علم الدراية
المقارن، قل أن تتوفر في غيره من فنه، على هذا الاختصار المستوعب، وبمثل هذه المتانة في
الأسلوب، وتلك الدقة في المنهجة،. على الأقل بحساب أيامه، وذلك الاتقان في التبويب
بلحاظ وسطه.، خاصة " إن هو نظر إليه على صعيد المجهودات الاسلامية، أو الامامية المعاصرة
على وجه الخصوص.
وإزاء هذه الحالة، لم أملك صبرا حيال ما رأيت.
حتى أخذت القلم، وبدأت القراءة، مصححا " مرقما " مخرجا ".، وكلي أمل: في أن
أجعل من هذا المقتنى، نسخة " شخصية معدة، صالحة " للاستفادة، أرجع إليها في مطالعاتي
الخاصة.
ولكن! هي المهمة لم تكمل، وأنا أقف بها عند هذا الحد.
وإنما، وجدتها ثرية " معطاءة "، حينما أوقفتها على إخراج من مثل، دراية الشهيد
هذه، إخراجا " يليق بمكانته العلمية، في مسار التاريخ الحديثي.، وحينما صيرتها خدمة " عامة "،
يرجع إليها طلبة العلم، ومحبي الدراسات الانسانية.
وها أنا!! وبحدود المستطاع، عمدت إلى إحياء هذا التراث، طباعة " أنيقة "، متوفرة "
على مستلزمات الاخراج، ومتطلبات التعليق، ودواعي التحقيق.
من توزيع لنصوصه، وتنقيط لفقراته، وترقيم لمطاليبه، وعنونة لموضوعاته، و
تبويب لمباحثه، وفهرسة لمفرداته.
من تخريج لآياته، وارجاع لأحاديثه، وترجمة لرجاله، وذكر لمصادر أقواله وبيان
لمعتمد لغاته.
من استعراض لنسخ مخطوطاته، والتعريف بها من حيث مكان وجودها، وتاريخ
19

كتابتها، وأطوال قياساتها، وغير ذلك.
فاعتماد على نص، يكون الأصح من بين نصوص تلك النسخ، وإلا فالصحيح، و
إلا فما يقاربه.، مع إشارة في هامشه إلى ما يخالفه - ومصدره - إن وجد.
واما التعريف بالشهيد الثاني: كعلم عيلم زين شهيد، كقطب من أقطاب البحوث
التشريعية، في القرن العاشر الهجري.، فأن ما كتبه عنه العلامة الشيخ محمد مهدي الآصفي،
في مقدمة كتاب (الروضة البهية) بطبعته الجديدة، تعتبر دراسة " موفقة في حينها، قد أتت على
الكثير من جوانب شخصيته.
هذا، ولا يفوتني هنا أن أذكر:
1 - أن طبعة النعمان، والتي هي الثانية، في تاريخ طبعات الكتاب على ما يبدو، و
بالرغم مما فيها من نقصان، فهي لا تخلو من جهد في توزيع النص، الذي بذله الناشر، العلامة
الشيخ محمد جعفر آل إبراهيم.
2 - وأن الطبعة الأولى قبلها، والتي هي الإيرانية، بالرغم مما فيها من إغفال تام
لفن الاخراج.، فهي تمتاز بالضبط الطباعي، كما أن لها فضل السبق، في ابراز هذا المجهود
الفكري، وجعله في متناول الأوساط العلمية.
هذا، ولا يفوتني هنا أن أذكر:
أن كتاب (علوم الحديث)، للدكتور صبحي الصالح، كان لنا خير عون، في
الرجوع إلى مصادر آراء قسم كبير، من أقطاب المدارس غير الامامية، والتي واكبت الحركة
الحديثية في أيامها الطالعة.
وفي الختام جزى الله خير الجزاء، أولئك الذين ساهموا، في بلورة هذا النتاج، و
تيسيره على مثل هذه الصورة.
- 5 -
واليوم أقول وأنا في طهران، عاصمة الجمهورية الاسلامية في إيران، وبعد ما يزيد على عشرة أعوام.
أقول: إن المسير في خط الله، ونيل العلم فيما يرضيه: انه يخلق من الرجال رجالا، و
يوجد من أفاضلهم روادا "، ويمنح عظماءهم عظمة، في أن يفوز أحدهم بلقب الشهيد.
وها نحن اليوم، نقف بين يدي تاريخ شهيد، سطر، وكم من سطر من ملاحم بطولية، في
مواكب الامامية، المليئة بالتضحيات والتضحيات، والمفعمة بأطايب الدماء الزاكيات.
نحن اليوم، نقف على مشارف نتاج شهيد.، وكم ترك وترك، من أسفار عرفانية في
20

تاريخ الإمامية.، الغزير بملفاته، الموسوعي في ثقافته.
نقف، لا لنكتب ترجمة " وتأريخا "، ونزيد العظيم عظمة ".، فيكفي ان المعني بالامر
شهيد.
نقف، لا لنعدد مآثره، ونلملم له بطولات.، فيكفي أنه صاحب (روضة)، ورائد
(مسالك) وصاحب (دراية) وحديث.
عجبا "،...
من قال: أن العظماء، حين يصبحون عظماء، هم بحاجة إلى تاريخ؟
من قال: ان العلماء، حين يكونون علماء، هم طلاب تعريف؟
من قال: ان الشهداء، حين يرافقون الشهداء، هم مفتقرون إلى إشهاد؟
لنكن واقعيين.
لنقل: بل، نحن الذين نبغي صحبتهم، ولو بعد فوات الأوان.، وإنما نبغي بذلك
الشهرة، ونطمح إلى الاستظلال بأفنان العظمة، ونسعى إلى الذكر الجميل والثناء الحسن.
لنقل: بل، نحن الذين نبغي قراءتهم، ولو بمستوى ما نفهم.، وإنما نريد بذلك بلوغ
بعض مكارمهم، والتجول تحت أفياء ظلالهم، والحصول على شئ من ثمرات أتعابهم.
نعم، هم الصفوة الأفذاذ فقط، ونحن التبع.، هم الذين وحدهم يواصلون المسيرة،
وعلى درب الريادة واستمزاج الخبرات ساروا على بصيرة.
عفوا "، ومع ذلك فهناك بقية من سعاة الخير...
عفوا "، وان كان للغالبية في مثل هذا المنحى غاية وأمل.، غير أن جيلنا وبفضل الله و
حمده، ما زال لم يعدم بعد أناسا "، يعملون الخير حبا " في الخير، ويجهدون لان يوظفوا بعض
أعمالهم - إن لم يكن كلها - لله قي الله.
- 6 -
وهكذا كان...
وكنت ممن وفق للوقوف على (أصول) ولد الشهيد، ولو من بعيد.
وكنت ممن كابد المعاناة والعناء كي يحضى بمرافقة ولد الشهيد، توصلا " إلى
حديث الأب الشهيد..
وكي يأمل في طلب مرضاة....، مرضاة من ليس تغني عن مرضاته مرضاة.
وهكذا كان، وعشت أياما " وأياما "، مع ابن الشهيد في (معالم الدين).
وهكذا كان.، لا عيش بعدها، قراءة " وكتابة "، مع الزين الشهيد في (شرح البداية).
21

فالحمد لله على ما أنعم، والرحمة لشهيدنا - وكل الشهداء - فيما خلف وقدم.
والحمد لله حيث مكنني - وإني منتظر لكل نقد - من مصاحبة هذا العملاق، في
بعض تراثه، في كتاب كم نحن من زمن إليه محتاجون، واليه في حوزتنا طالبون
- 7 -
على أن هناك تصرفات شكلية جمالية، قد سوغت لنفسي القيام بها، بغية إظهار
هذا الشرح.، بما يليق بمتطلبات العصرية، وما يساهم في تبسيط وتعميم الاستفادة منه، وما
يساعد على أبراز الهيكل العام وأساسياته ما أمكن.
قمت بها، وفي نفس الوقت أشير إليها:
1 - فعبارة (فالمقدمة في بيان أصوله واصطلاحاته، التي يحتاج طالبه إلى معرفتها، و
مدارها على المتن والسند والاسناد).، صيرتها إلى (المقدمة.، ومدارها على: الخبر، والمتن، و
السند، ونحوها).، وذلك، لأنه هو الذي يتلاءم وحداثة توزيع النص من جهة، ويتفق مع ما
يأتي من عناوين أساسية لقابل، مطالبه، من جهة ثانية.
2 - الحقل الأول في الخبر ومرادفه.، انتزعنا هذا العنوان من حديث ما بعده.
3 - كل ترقيم أبجدي أو عددي أوردناه، وكل حقل ورتبته.، فهو ليس مما في
الكتاب، وإنما هو عيال عليه تبنيناه بغية توزيع النص، وإبرازه على أحسن وأفيد ما يكون.
4 - كل نقطة أو جملة ندخلها على النص مما ليس فيه، نجعلها بين قوسين
مركنين، كي نميزها في زيادتها عن الأصل.
5 - وبما أن المتن والشرح، كلاهما لمازج واحد، فقد حذفنا التقويسات بينهما، و
اكتفينا بطبع صورة نسخة ثمينة من أصل المتن في بداية الكتاب، ثم وضع خطوط
أفقية حيال ألفاظه في الشرح، من جهة ثانية.، وأخيرا " الاهتمام فقط، بتقويس ما يخص
الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة، والأقوال المنقولة، من جهة ثالثة.، ذلك، لان كثرة
التقويس، مع أنها مدعاة للارباك والتشويش، فإنها أيضا " تقضي على جمال التنسيق،
وتلبس على القارئ ما هو للمؤلف بما هو ناقل فيه.
- 8 -
وحيث أن العادة جرت، في أن يخصص المحققون للتراث، صفحات تترجم
بمجهوداتهم، وتعرف بمن هو وراء محقق كتابهم.
ونظرا " للظروف الخاصة، التي أمر بها...
22

فإني سأكتفي بالقول: هو أن شهيدنا الجبعي قد أستأنس كثيرا " فيما يبدوا بمثل كتاب
(الخلاصة في أصول الحديث) للطيبي، وأنه نهج في شرحه المزجي، جريا " على ما تعورف به
في الوسط غير الامامي، كما ذكر لنا ذلك تلميذه العودي.
وهذا إن دل على شئ، فإنما يدل على مدى انفتاحه ومرونته، وإقراره لما هو
صحيح.، في نفس الوقت الذي هو فيه يعدل وينقص ويزيد ويجدد، لما يحتاج إلى تعديل أو نقص
أو زيادة أو تجديد حفاظا " منه بذلك على وحدة الثقافة، وإيمانا " بعدها بوحدة الكلمة و
الاسلام والمسلمين.
وأقول أيضا ": إنه ليس هو الأول، فيمن ألف في علم دراية الحديث من الشيعة،
كما ينقل ذلك الأب فردينان اليسوعي (1).، وإنما هناك كثيرون من الامامية، كما نوه على
بعضهم الحجة المرعشي في تقديمه.
نعم، هو أول من جدد واستوعب فأجاد وأحسن...

(1) ينظر: المنجد في الاعلام: ص 395.
23

(4) المترجم له
في سطور
يحق لمثل هؤلاء الابطال الشهداء: الذين نذروا أنفسهم لخدمة أخطر جانب
حياتي.، أعني: الميدان الثقافي، والتشريعي منه على وجه الخصوص، والحديثي بوجه أخص.
يحق لمثل هؤلاء.، ومنهم: شهيدنا هذا.، أن تدون حياتهم.، وتترجم شخصيتهم،
ترجمة " تليق بمكانتهم، متسعة " جميع أبعادها، شاملة " مختلف مجالاتها.
وبما أن مختلف الكتب الرجالية، قد ترجمت للشهيد، وبالخصوص الامامية منها.،
من قبيل: أمل الآمل، والوسائل للحر العاملي، ورياض العلماء للأفندي، ولؤلؤة البحرين
للبحراني، والفوائد الرجالية لبحر العلوم، وروضات الجنات للخوانساري، وأعيان الشيعة
للعاملي، والأعلام للزركلي وغيرها الكثير الكثير...
وبالإضافة إلى تلك الترجمة، التي أشرنا إليها سابقا "، في مقدمة (الروضة البهية).
وبالإضافة تلك التي نقلها أحد أحفاد الشهيد نفسه، عما كتبه العودي أحد
تلامذة الشهيد، والمذكورة قسم منها، في كتاب (الدر المنشور).
لذا، ولان المهم هو إحياء دراية الشهيد.، فإني سأكتفي بهذه الإشارة المقتضبة، و
أنتقل منها إلى اعطاء فكرة مناسبة، عن خصوصيات دفع (شرح البداية) إلى الظهور.
24

(5)
الشرح لدى الظهور
وحيث أن هذا الكتاب فريد من نوعه، ومهم في بابه، وعظيم في مؤلفه، فقد
انتشرت له نسخ خطية ثمينة.، كانت مكتبات إيران لها السهم الأوفى، من أمهات القديمة
منها، رغم أن كاتبه لبناني القطر، جبعي المسقط، عربي الموطن.
وحق لإيران.، أن تحتضن مثل هذا التراث وغيره، لأنها بلد إسلامي عريق
الحضارة، ومركز إمامي ثر النتاج، ومركز علمي كثير الكتاب والعلماء.
هذا، وإن مما يحضرني من معلومات حول نسخه.، هي:
أولا ": في إيران
1 - نسخة تاريخ تحريرها عام 961 ه‍، منقولة من نسخة المؤلف نفسه (قدس).، و
هي محفوظة الان في مكتبة آستان قدس، في مشهد الإمام الرضا عليه السلام، برقم 89.، كما
جاء ذلك، في فهرستها مجلد 6 ص 612، وهي مزدانة ببلاغات وتعليقات مهمة.
2 - نسخة تاريخ تحريرها عام 973 ه‍.، كما ورد ذلك في نفس الفهرس السابق
3 - نسخة تاريخ تحريرها عام 1087 ه‍، وهي ناقصة بمقدار سبعة أوراق من
الأول. غير أنها مكتوبة على نسخة الأصل، ومقرؤة على الشيخ علي بن الشيخ محمد بن
الشيخ حسن بن الشهيد الثاني، وعليها خطه، كما ورد ذلك في نفس الفهرس السابق.
4 - نسخة تاريخ تحريرها عام 969 ه‍، بخط المولى شريف بن شهاب الدين و
هي من موقوفات السيد المشكاة بطهران، ضمن مجموعة.
ثانيا ": في العراق
1 - نسخة تاريخ تحريرها 979 ه‍، بخط أحمد بن شريف، ضمن مجموعة بمكتبة
25

الميرزا محمد العسكري الطهراني، في مدينة الكاظمية.، ولست أدري أين صفا بها الدهر الان،
أم انها صودرت بقانون حفظ التراث.
2 - نسخة تاريخ تحريرها 1011 ه‍، كانت من مقتنيات الدكتور حسين علي
محفوظ، وقد استفدت من هوامشها، ولست الان على علم بمصيرها
3 - نسخ متعددة موجودة في مكتبات النجف الأشرف، وخاصة في مكتبة آية الله
السيد محسن الحكيم العامة.، غير أني أجهل اي شئ عن خصوصياتها، وأفتقد أي معلومات
عنها.
ثالثا ": مصر
حيث توجد نسخة في دار الكتب المصرية، مذكورة في (فهرست المخطوطات
المصورة) تصنيف فؤاد السيد، ج 1 ص؟، منسوخة في 1061 ه‍.
رابعا ": النسخة المعتمدة
وهي النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله المرعشي النجفي، والتي تفضل بتصويرها
لي سماحة العلامة السيد احمد الحسيني، امين المخطوطات فيها مشكورا ".
وهذه النسخة تقع في 97 ورقة، 194 صفحة، كل صفحة بمعدل 13 سطر غالبا "،
وبمقاس 11 سم طولا "، و 5 / 6 سم عرضا ".
وهي مكتوبة بخط واضح مقروء، أشبه ما يكون بخط القرآن الكريم، معلمة
بخطوط أفقية، أسفل كلمات (البداية).، وما بينها من جمل ومفردات هي شرح لها، كما
انها مزدانة بكثير من البلاغات، والتعليقات، ناهيك عن التصحيحات هنا وهناك.
وجاء في آخرها: (وقع الفراغ من كتابته بعون الله تعالى، يوم الجمعة خامس شهر
المحرم الحرام، عام أربع وسبعين بعد الألف.، بقلم أقل العباد: حسين بن علي، بن محمد،
بن الحسن، بن زين الدين العاملي، عاملهم الله بلطفه، وعفى عنه وعنهم بمنه، حامدا " مصليا " مسلما "
كذلك جاء في هامش نفس الصفحة ما يلي: (أنهاه قراءة " وسماعا " الولد الأعز
حسين، وأنه كاتب هذه الكلمات. وفقه الله لتحصيل مرتبتي العلم والعمل، في أوقات
آخرها ثامن شهر ذي الحجة، من شهور السنة 1074، وقد أجزت له روايته عني، بطريقي إلى
مؤلفه قدس الله روحه، وكذا رواية غيره مما صحت لي روايته، وكذا رواية ما ألفته وكتبته.،
أقل العباد: علي بن محمد، بن الحسن، بن مصنف هذا الكتاب، عفا الله عنهم. بمحمد وآله
صلوات الله عليهم).
وفي طرف آخر من هامش نفس الصفحة كتب آية الله شهاب الدين الحسني
26

المرعشي النجفي التعليقة التالية: (بسمه تعالى، لا يخفى ان هذه النسخة وما يليها، بخط
الشيخ حسين، بن الشيخ علي، حفيد الشهيد الثاني، وقد قرأها الكاتب على والده، والشيخ
حسين توفي قبل والده، كما في الدر المنثور لوالده.، وترجمته مذكورة هناك.، وقد أطرى
(قدس) في ترجمة ولده هذا.، ويظهر منها: انه توفي سنة 1078، في 21 ذي الحجة، وكانت
ولادته سنة 1056، وقبره بمشهد الرضا عليه السلام.، حرره الراجي شهاب الدين الحسيني
المرعشي النجفي، ببلدة قم المشرفة حرم الأئمة 1372 ه‍).
والآن وأخيرا ": أصبح واضحا " المسوغ الذي دعانا لاعتماد هذه النسخة بالذات وفي
مثل ظروفنا هذه، هو أنها بقلم عالم فقيه، من بيت علم وفقه وتقى، وابن فقيه عالم أديب،
تربطه بمؤلف الكتاب، العلقة النسبية، والمسيرة الامامية والدراسة الحوزوية الفقهية، و
حب الحديث...
وفي الختام، حق الرعاية تفرض علي شكر:
1 - آية الله العظمى، سماحة الحاج السيد أبو المعالي شهاب الدين المرعشي النجفي
دام ظله.، لتفضله بكتابة مقدمة لهذا الكتاب (الدراية) تليق وعظمة الشهيد، وتتناسب مع
مقام السيد الرفيع.
2 - صاحب السماحة، آية الله السيد موسى الزنجاني الشبيري: لتفضله بمباركة هذا
الجهد واطمئنانه لما جاء فيه، من خلال ملاحظته.
3 - الأخ الفاضل الحجة السيد احمد محمد علي المددي.، نظرا " لما وردني منه من
ملاحظات قيمة، جزاه الله عن الاسلام والمسلمين خيرا ".
سائلا " للجميع، ولكل من يتحفنا بملاحظاته، ويعمل على إحياء التراث، الموفقية و
حسن العاقبة، انه سميع مجيب.
27

المخطوطة الأولى
في: متن البداية
29

الصفحة الأولى من النسخة الخطية المرعشية المعتمدة
39

الصفحة الثانية من النسخة الخطية المرعشية المعتمدة
40

الصفحة ما قبل الأخيرة من النسخة الخطية المرعشية المعتمدة
41

الصفحة الأخيرة من النسخة الخطية المرعشية المعتمدة
42

الجهد الثاني
الرعاية
في علم الدراية
تأليف
الفقيه المحدث الشهيد الثاني
زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي
911 ه‍ - 965 ه‍
43

بسم الله الرحمن الرحيم
نحمدك اللهم، على حسن توفيق البداية، في علم الدراية والرواية، ونسألك حسن
الرعاية، في جميع الأحوال إلى النهاية.
ونصلي على: نبيك وحبيبك محمد، المنقذ للخلق من الغواية، المرشد لهم إلى
الحق وسبيل الهداية.
وعلى: آله الأطهار، وأصحابه الأخيار.
صلاة دائمة متصلة، لا يبلغ لها غاية ونسلم تسليما.
وبعد الحمد لله بما هو أهله، والصلاة على مستحقها.، فهذا كتاب مختصر، وضعناه في
علم دراية الحديث.
وهو علم يبحث فيه: عن متن الحديث، وطرقه من صحيحها وسقيمها وعللها وما
يحتاج إليه (1)، ليعرف المقبول منه والمردود.
وموضوعه: الراوي والمروي من حيث ذلك. (2)
وغايته: معرفة ما يقبل من ذلك ليعمل به، وما يرد منه ليتجنب.
ومسائله: ما يذكر في كتبه من المقاصد.، ويذكر بيان مصطلحاتهم في هذا العلم، من
المفهومات المنقولة عن معانيها اللغوية، أو المخصصة لها، كما سيرد عليك إن شاء الله تعالى.

(1) أي: ما يحتاج إليه من شرائط القبول والرد.
(2) علق الأخ الفاضل الحجة السيد احمد محمد علي المددي هنا بقوله: أي: من حيث معرفة الصحيح
والسقيم، والمقبول والمردود، من الحديث والرواية.
45

جعلنا وضعه: على وجه الايجاز والاختصار، دون الاطناب والاكثار، ليسهل
حفظه ويكثر نفعه.، فإن طباع أهل الزمان، لا تحمل أعباء الكثير من العلم، خصوصا " في هذا
الشأن.
وهو مرتب على: مقدمة، وأربعة أبواب.
سائلين من الله تعالى: الهام الحق، والدلالة على صوب الصواب.
46

المقدمة
ومدارها على: الحديث،
والمتن، والسند، ونحوها
47

الحقل الأول
في: الخبر، والحديث، والأثر
النظر الأول (1)
الخبر والحديث: مترادفان، بمعنى واحد (2)
- 1 -
وهو اصطلاحا ": كلام لنسبته خارج، في أحد الأزمنة الثلاثة.، أي يكون له في
الخارج، نسبة ثبوتية أو سلبية.
تطابق: أي تطابق تلك: النسبة ذلك الخارج: بأن يكون سلبيين أو
ثبوتيين.، أو
لا تطابقه: بأن يكون أحدهما ثبوتيا "، والاخر سلبيا " (3).
و (الكلام) في التعريف: بمنزلة الجنس.
وخرج (بقوله، لنسبته خارج): الانشاء (4).، فأنه وإن اشتمل على النسبة، إلا إنه
لا خارج له منها.، بل، لفظه سبب لنسبة غير مسبوقة بأخرى.
- 2 -
وتوضيح ذلك: أن الكلام.
أما أن تكون نسبته، بحيث تحصل من اللفظ، ويكون اللفظ موجدا " لها، من غير قصد
إلى كونها دالة، على نسبة حاصلة في الواقع بين الشيئين.، وهو الانشاء.
أو تكون نسبته بحيث يقصد أن لها نسبة خارجية.، أي ثابتة في نفس الامر، تطابقه
أو لا تطابقه.، وهو الخبر (5).

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 2 لوحة ب سطر 8: (الخبر والحديث
مترادفان) فقط: بدون: (الحقل الأول في الخبر والحديث والأثر النظر الأول).
(2) ينظر: كليات أبي البقاء: ص 152.
(3) ينظر: شرح المختصر للتفتازاني: ص 16.
(4) الذي في النسخة الخطية ورقة 3 لوحة أ سطر 1: الانشاء.، بدون ما يسمى بالهمزة المتطرفة،
كما أنها وردت هكذا بعد ذلك مرارا ".
(5) ينظر: شرح المخصر للتفتازاني: ص 16.
49

فإذا قلت مثلا ":، زيد قائم، فقد أثبت لزيد في اللفظ نسبة القيام إليه.، ثم، في نفس
الامر، لا بد ان يكون بينه وبين القيام، نسبة بالايجاب أو السلب.، فإنه في نفس الامر، لا يخلو
من أن يكون قائما " أو غير قائم.
بخلاف قولنا: قم، فإنه وإن اشتمل على نسبة القيام إليه (1)، لكنها نسبة حدثت
من اللفظ، لا تدل على ثبوت أمر آخر خارج عنها، يطابق أو لا.، ومن ثم، لم يحتمل الصدق
والكذب، بخلاف الخبر.
(النظر الثاني)
وهو: أي الخبر المرادف للحديث.، أعم من أن يكون: قول الرسول (صلى الله عليه وآله)
والإمام (ع)، والصحابي، والتابعي، وغيرهم من العلماء والصلحاء ونحوهم.، و
في معناه: فعلهم وتقريرهم.
هذا، هو الأشهر في الاستعمال، والأوفق لعموم معناه اللغوي.
- 1 -
وقد يخص الثاني - وهو الحديث -: بما جاء عن المعصوم.، من النبي، والامام.
ويخص الأول: وهو الخبر، بما جاء عن غيره.
ومن ثم، قيل لمن يشتغل بالتواريخ وما شاكلها: الاخباري: ولمن يشتغل بالسنة
النبوية: المحدث.، وما جاء عن الامام عندنا.، في معناه.
- 2 -
أو يجعل الثاني: وهو الحديث، أعم من الخبر مطلقا "، فيقال لكل خبر، حديث،
من غير عكس.
وبكل واحد من هذه الترديدات: قائل.
النظر الثالث
والأثر: أعم منهما مطلقا ".، فيقال لكل منهما: أثر، بأي معنى اعتبر.
وقيل إن الأثر مساو للخبر.

(1) أي: إلى زيد على تقدير كونه مخاطبا.، (خطية الدكتور حسين علي محفوظ ص 2).
50

وقيل: الأثر ما جاء عن الصحابي، والحديث ما جاء عن النبي، والخبر أعم منهما (1)
والأعرف: ما اخترناه (2).

(1) قال المددي: يبدو لي، بعد مراجعة المصادر الموثوق بها في هذا العلم،: أن هذه الاحتمالات و
الأقوال، إنما حدثت عند المتأخرين، خصوصا " بعد شيوع المنطق الأرسطي، في الأوساط العلمية الدينية.
وأما كتب المتقدمين.، فهي خالية عن هذه الاحتمالات والأقوال، إن صح التعبير بأنها أقوال.
كما أنه لا فائدة مهمة في تحقيق ذلك، وأنه متى ما دل الدليل على حجية الخبر، - وتحديدها -، فهو عام
بدلالته، وبالتالي يشمل الخبر، والحديث، والأثر، سواء تطابقت مفاهيمها أم تخالفت.
وأقول: ان تعبير (الأثر)، يبدو قديم الاستعمال عند أرباب الحديث.، وهناك من التسميات به:
(تهذيب الآثار)، لابن جرير.، كما ورد ذلك في كتاب (الحاوي للفتاوي) 2 / 205.
كذلك هناك كتاب آخر بعنوان: (الاقتصار بصحيح الآثار عن الأئمة الأطهار)، تأليف القاضي
أبو حنيفة نعمان بن محمد المصري، المتوفي سنة 367 ه‍، كما في فهرست مكتبة آية الله المرعشي العامة: ج 9،
ص 205.
هذا وقد جاء تعبير (الأثر) على لسان الإمام (عليه السلام)، كما في كتاب (الاحتجاج)
للطبرسي: ج 2 ص 162.
أضف إلى ذلك، أننا نجد الشيخ المفيد (قدس)، كثيرا " ما يستعمل هذا المصطلح في كتبه، كما في
كتابه (الارشاد) - طبعة بصيرتي -: ص 175.
(2) قال محمد جمال الدين القاسمي: والحديث: نقيض القديم، كأنه لوحظ فيه مقابلة القرآن، والحديث:
ما جاء عن النبي، والخبر: ما جاء عن غيره
وقيل: بينهما عموم وخصوص مطلق، فكل حديث خبر من غير عكس.
والأثر: ما روي عن الصحابة، ويجوز إطلاقه على كلام النبي أيضا ".
قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث: ص 61.
51

الحقل الثاني
في: متن الحديث (1)
والمتن لغة: ما اكتنف الصلب من الحيوان وبه شيه المتن من الأرض.
فمتن كل شئ: ما يتقوم به ذلك الشئ، ويتقوى به.، كما أن الانسان:
يتقوم بالظهر ويتقوى به.
ومتن الشئ: قوي متنه (2).، ومنه: حبل متين.
فمتن كل شئ: لفظ الحديث، الذي يتقوم به المعنى (3).، وهو: مقول النبي (صلى
الله عليه وآله)، وما في معناه (4).

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 3 لوحة ب سطر 10: (والمتن لغة)، فقط،
بدون: (الحقل الثاني في متن الحديث).
وقال المامقاني (قدس): وما ذكره لا يخلو من مناقشة، لان (المتن) في اللغة لم يستعمل فيما اكتنف
الصلب، وإنما المستعمل في ذلك (المتنان)، تثنية دون (المتن) مفردا "، كما لا يخفى على من
راجع كلماتهم.
وقال ابن فارس: المتنان: مكتنفا الصلب من العصب واللحم...
وقال (قدس) أيضا ": فيبعد أن يكون المتن مأخوذا " من متن الظهر.، كما في: مقباس الهداية: ص 4 - 5
وينظر: مجمل اللغة - طبعة معهد المخطوطات العربية -: 4 / 308، والمصباح المنير: 2 / 562.
(2) ينظر: تهذيب اللغة: 14 / 306.
(3) ينظر: قواعد التحديث.، ص 202.
(4) أي: قول الأئمة، (خطية الدكتور حسين علي محفوظ: ص 3).
52

الحقل الثالث
في: السند والاسناد (1)
- 1 -
والسند: طريق المتن.، وهو: جملة من رواه.، من قولهم: فلان سند.، أي: معتمد.
فسمي الطريق سندا "، لاعتماد العلماء في صحة الحديث وضعفه عليه (2).
وقيل: إن السند: هو الاخبار عن طريقه.، أي: طريق المتن (3)
والأول: أظهر، لان الصحة والضعف، إنما ينسبان إلى الطريق، باعتبار رواته لا
باعتبار الاخبار.
بل، قد يكون الاخبار بالطريق الضعيف: صحيحا "، بأن رواه الثقة الضابط بطريق
ضعيف.، بمعنى: صحة الاخبار بكون تلك الرواة طريقه، مع الحكم بضعفه.
- 2 -
والاسناد: رفع الحديث إلى قائله.، (4) من: نبي، أو إمام، أو ما في معناهما (5)
والأولى: رد المعنى الثاني للسند - وهو الاخبار عن طريق المتن - إليه.، أي: إلى
الاسناد أيضا ".، لا أن يجعل تعريفا " للسند.، لان الاخبار عن الطريق، في الحقيقة هو الاسناد،
كما يظهر من تعريفه.
- 3 -
وعليه (6)، فالسند والاسناد بمعنى (7).، وعلى الأول، هما غيران.

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 4 لوحة أ سطر 1: (والسند طريق المتن)، فقط.، بدون: (الحقل
الثالث في السند والاسناد).
(2) ينظر: تدريب الراوي: ص 5 - 6، وشرح الزرقاني على البيقونية: ص 9.، وحاشية لقط الدرر:
ص 4.
(3) ينظر قواعد التحديث: ص 202.
وقال المددي: الظاهر.، أنه تعريف ل‍ (الاسناد) دون (السند)؟ ولعل وحدة المادة الأصلية، هي
التي سببت الوقوع في مثل هذا الخطأ.، بل، قصد الاسناد، هو مراد المؤلف (قدس) مما سيأتي.
(4) ينظر قواعد التحديث: ص 202.
(5) كالصحابي والتابعي.، (خطية الدكتور محفوظ: ص 3).
(6) قال المددي: أي على صحة المعنى الثاني للسند، فالسند والاسناد متحدان معنى.، وأما لو فسرنا
السند بالمعنى الأول، فإنه على هذا يختلف معناه عن معنى الاسناد.، إذ هو بذلك يكون بمعنى الاخبار عن السند.
(7) ينظر: قواعد التحديث: ص 202.
53

الحقل الرابع
في: صدق الخبر وكذبه (1)
ثم الخبر بأي معنى أعتبر: منحصر في الصدق والكذب، على وجه منع الجمع و
الخلو، في الأصح من الأقوال.
وإنما قلنا: إنه منحصر فيهما، لأنه كما قد عرفت، يقتضي نسبة " في اللفظ، ونسبة " في
الواقع.
ثم، إن طابق الواقع المحكي باللفظ، فالأول، وهو الصدق.، والا يطابقه، فالثاني، و
هو الكذب.، وبذلك ظهر وجه الحصر.
ولا يرد على الأول، مثل قول من قال: محمد (2) ومسيلمة (3)، صادقان.، فإنه صادق من
إحدى الجهتين، وكاذب من أخرى.
لأنا إن جعلناه خبرا " واحدا "، فهو كاذب.
وإن جعلناه خبرين كما هو الظاهر، وهو صادق في أحدهما كاذب في الاخر.

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 4 لوحة أ سطر 13: (ثم الخبر بأي معنى)، فقط،
بدون: (الحقل
الرابع في صدق الخبر وكذبه).
(2) هو رسولنا رسول السلام، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، الصادق الأمين.، ولد صباح الجمعة في
مكة المكرمة، عام الفيل 17 ربيع الأول، بعث للنبوة وعمره الشريف أربعون عاما "، هاجر إلى
المدينة يوم الاثنين 12 ربيع الأول، على رأس سنة 54 من ولادته كانت آخر حجة له سنة
10 من الهجرة، وتسمى بحجة الوداع. بعد إتمام حجه قفل راجعا " إلى المدينة،
وفي غدير خم - أثناء الطريق، عقد بأمر من الله تعالى، لعلي بن أبي طالب - ع -
بالخلافة من بعده، وبايعه على ذلك عموم الحاضرين، من شيوخ المهاجرين والأنصار. مرض في أول صفر
سنة 11 ه‍ وتوفي يوم الاثنين 28 منه، ودفن في حجرته بعد أن غسله علي (ع). كان على جانب عظيم من
الخلق الانساني الرفيع، كما مدحه القرآن بذلك، بقوله (وانك لعلى خلق عظيم). من أحاديثه الشريفة:
(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، و (كلكم لآدم وآدم من تراب)، و (اطلب العلم من المهد إلى
اللحد).، ينظر: لمحات من تاريخ أهل البيت: ص 11 - 15.
(3) مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي، من المعمرين، ولد ونشأ باليمامة، نعته النبي
محمد (ص) بالكذاب.
قتل سنة 12 ه‍، في خلافة أبي بكر، على يد خالد بن الوليد.
ينظر: الأعلام للزركلي: 8 / 125 - 126.
والمشهور: إن الذي قتله هو وحشي.، وهو نفسه قاتل حمزة - عم النبي (عليه السلام) -.، حيث نقل عن
وحشي قوله: (قتلت بحربتي هذه خير الناس وشر الناس)، ينظر: الإصابة: 4 / 1564، وشرح الاخبار للقاضي
النعمان: 13 / 87 - 88، والكامل: 2 / 251.
54

(ونبه)
بقوله: في الأصح، على خلاف الجاحظ. (1)
حيث أثبت فيه: واسطة " بينهما.
وشرط: في صدق الخبر، مع مطابقته للواقع، اعتقاد المخبر أنه مطابق.، وفي كذبه
مع عدم مطابقته له، اعتقاد أنه غير مطابق.، وما خرج عنهما، فليس بصدق ولا كذب. (2)
وتحرير كلامه:
- 1 -
أن الخبر: إما مطابق للواقع أو لا.
وكل منهما: إما مع اعتقاد أنه مطابق، أو اعتقاد أنه غير مطابق، أو بدون
الاعتقاد.، فهذه ستة أقسام:
واحد منها: صادق، وهو المطابق للواقع، مع اعتقاد أنه مطابق.، وواحد.، كاذب،
وهو غير المطابق، مع اعتقاد أنه غير مطابق.
والأربعة الباقية وهي: المطابقة مع اعتقاد ألا مطابقه، أو بدون الاعتقاد، وعدم
المطابقة مع اعتقادها، أو بدون.، ليست بصدق ولا كذب.
فكل من الصدق والكذب: بتفسيره، أخص منه بتفسير الجمهور.
واستند الجاحظ - في قوله - إلى قوله تعالى: (أفترى على الله كذبا " أم به جنة) (3)؟
حيث حصر الكفار.، إخبار النبي (صلى الله عليه وآله) في: الافتراء، والاخبار حال الجنة.،
على سبيل منع الخلو. (4)
ولا شبهة في أن المراد بالثاني: غير الكذب، لانهم جعلوه قسيمه.، وهو يقتضي أن يكون.،
غيره، وغير الصدق أيضا ".، لانهم لا يعتقدون صدقه (ص). (5)

(1) عمرو بن بحر بن محبوب: الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ، كبير أئمة الأدب
، ورئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة، مولده ووفاته في البصرة، 163 - 255 ه‍، فلج في آخر عمره، و
كان مشوه الخلقة، ومات والكتاب على صدره، قتلته مجلدات من الكتب وقعت عليه، له تصانيف كثيرة،
منها: الحيوان، والبيان والتبين... ينظر: الأعلام للزركلي: 5 / 239.
(2) ينظر: شرح المختصر: ص 18.
(3) سورة سبأ، الآية 9.
(4) ينظر: شرح المختصر: ص 18 - 19.
(5) ينظر: المصدر نفسه: ص 19.
55

ولما كانوا: من أهل اللسان، عارفين باللغة، وقد أثبتوا الواسطة.، لزم أن يكون من
الخبر ما ليس بصادق، ولا كاذب.، ليكون: هذا منه بزعمهم (1).، وإن كان صادقا " في نفس
الامر.
وأجيب:
بأن الواسطة التي أثبتوها: إنما هي بين افتراء الكذب، والصدق.، وهو غير الكذب،
لأنه تعمد الكذب.
وحيث لا عمد للمجنون، كان خيره قسيما " للافتراء، الذي هو أخص من الكذب، و
إن لم يكن قسيما " للأعم، ومرجعه إلى حصر الخبر الكاذب في نوعيه وهما: الكذب عن عمد،
والكذب لا عن عمد. (2)
(ونبه)
بقوله سواء وافق اعتقاد المخبر، أم لا.، على خلاف النظام (3)
(تحرير كلامه:)
- 1 -
حيث جعل: صدق الخبر مطابقته لاعتقاد المخبر مطلقا "، وكذبه عدم المطابقة
كذلك.
فجعل قول القائل: السماء تحتنا، معتقدا " ذلك.، صدقا ".
وقوله: السماء فوقنا، غير معتقد ذلك.، كذبا ". (4)
- 2 -
محتجا " بقوله تعالى: (إذا جاءك المنافقون) (5).، إلى قوله (والله يشهد إن المنافقين

(1) ينظر: شرح المختصر: ص 19.
(2) ينظر: المصدر نفسه.
(3) الحسن بن محمد بن الحسين القمي النيسابوري، نظام الدين، مفسر، له اشتغال بالحكمة و
الرياضيات.، أصله من بلدة (قم): ومنشأه وسكنه في نيسابور.، له كتب منها: غرائب القرآن ورغائب الفرقان -
ط - في ثلاث مجلدات، يعرف بتفسير النيسابوري، ألفه سنة 828 ه‍، و (أوقاف القرآن) - ط -، و (لب
التأويل) - ط - و (شرح الشافية) - ط - في الصرف يعرف بشرح النظام، توفي بعد 850 ه‍.، ينظر: الأعلام للزركلي
: 2 / 234.
(4) ينظر: شرح المختصر: ص 17.
(5) سورة المنافقون، آية 1.
56

لكاذبون). (1)
حيث شهد الله تعالى عليهم: بأنهم كاذبون في قولهم: (إنك لرسول الله). (2) مع أنه
مطابق للواقع، حيث لم يكن موافقا " لاعتقادهم فيه ذلك. (3)
فلو كان الصدق: عبارة " عن مطابقة الواقع مطلقا "، لما صح ذلك.
وأجيب:
- 1 -
بأن المعنى: لكاذبون في الشهادة، وادعائهم: مواطاة قلوبهم لألسنتهم.
فالتكذيب راجع إلى قولهم: نشهد.، باعتبار تضمنه خبرا " كاذبا ": وهو أن شهادتهم
صادرة، عن صميم القلب وخلوص الاعتقاد.، بشاهد تأكيدهم الجملة ب‍: إن، و (اللام)، و
الجملة الاسمية. (4)
- 2 -
أو أن المعنى: لكاذبون في تسمية هذا الاخبار: شهادة.
أو في المشهود به.، أعني قوله: إنك لرسول الله - في زعمهم - لانهم يعتقدون أنه
غير مطابق للواقع، فيكون كذبا " عندهم، وإن كان صدقا " في نفس الامر، لوجود مطابقته فيه. (5)
أو في حلفهم: أنهم لم يقولوا: (لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا...) (6)
الخ.، بما روي عن زيد بن أرقم (7): أنه سمع عبد الله بن أبي (8) يقول ذلك، فأخبر النبي

(1) صورة المنافقون، آية 1.
(2) المصدر نفسه.
(3) أي: قول إنك لرسول الله.، (خطية الدكتور محفوظ: ص 5)
ويرى المددي أن التعليقة المناسبة هنا: أي لاعتقادهم في النبي - ص - الرسالة الإلاهية.
(4) ينظر: شرح المختصر: ص 18.
(5) ينظر: المصدر نفسه.، والمقصود بلفظة (فيه).، أي، في نفس الامر كما في: (خطية الدكتور محفوظ:
ص 5).
(6) سورة المنافقون، آية 7.
(7) زيد بن أرقم الخزرجي الأنصاري: صحابي: غزا مع النبي (ص) سبع عشرة غزوة، وشهد صفين مع
علي، ومات بالكوفة. روي له البخاري ومسلم 70 حديثا "، توفي سنة 68 ه‍.، ينظر: الأعلام للزركلي: 4 / 188.
(8) عبد الله بن أبي بن مالك الخزرجي، أبو الحباب، المشهور بابن سلول.، رأس المنافقين في الاسلام.،
من أهل المدينة، كان سيد الخزرج في آخر جاهليتهم، وأظهر الاسلام بعد وقعة بدر تقية ". ولما تهيأ النبي (ص)
لوقعة أحد، انعزل أبي وكان معه ثلاثمائة رجل، فعاد بهم إلى المدينة وفعل ذلك يوم التهيؤ لغزوة تبوك، و
كان كلما حلت بالمسلمين نازلة شمت بهم، وكلما سمع سيئة " نشرها، وله في ذلك أخبار.، ينظر: الأعلام للزركلي
: 4 / 188.
57

(صلى الله عليه وآله)، به، فحلف عبد الله أنه ما قال، فنزلت. (1)
(ونبه)
بقوله: وسواء قصد الخبر أم لا.، على خلاف: المرتضى. (2)
(تحرير كلامه:)
حيث ذهب إلى: أن الخبر لا يتحقق إلا مع قصد المخبر.
إستنادا " إلى وجوده من: الساهي، والحاكي، والنائم.، ومثل ذلك لا يسمى خبرا ".
(وأجيب:)
والمحققون على عدم اشتراطه: لأنه لفظ وضع للخبرية، فلا يتوقف على الإرادة،
كغيره من الألفاظ. (3)

(1) أخرج البخاري - وغيره - عن زيد بن أرقم قال: سمعت عبد الله بن أبي يقول لأصحابه: (...
لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، فلئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)، فذكرت ذلك
لعمي.، فذكر ذلك عمي للنبي صلى الله عليه وسلم، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته.، فأرسل
رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى عبد الله بن أبي وأصحابه.، فحلفوا ما قالوا.، فكذبني وصدقه.، فأصابني شئ
لم يصبني قط مثله، فجلست في البيت.، فقال عمي ما أردت إلا أن أكذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم و
مقتك.، فأنزل الله: (إذا جاءك المنافقون)، فبعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها.، ثم قال: إن الله
قد صدقك. له طرق كثيرة عن زيد.، وفي بعضها: أن ذلك في غزوة تبوك، وأن نزول السورة ليلا ".، لباب النقول
في أسباب النزول: ص 214.، وينظر: صحيح البخاري: 3 / 125 - 126، طبعة الميمنية، ورقم الحديث فيه:
2058، كما في فهارس صحيح مسلم: م 5 ص 297.، أما رقم الحديث - بهذا الصدد - عند مسلم فهو: 2772،
كما في صحيحه: م 4 ص 2140.، وينظر كذلك: مجمع البيان في تفسير القرآن: م 5 / 293 - 294، والدر المنثور:
6 / 222 - 223.، والبرهان: 4 / 337 - 338، وجامع البيان في تفسير القرآن: ج 26 ص 82، ولباب النقول في
أسباب النزول: ص 197 - 198.
(2) علي بن الحسين الموسوي، الملقب ذا المجدين علم الهدى.، ينتهي نسبه من جهة أبيه بالامام موسى بن
جعفر (ع) ومن جهة أمه بالامام زين العابدين. كان أوحد أهل زمانه فضلا " وعلما " وكلاما " وحديثا " وشعرا " و
خطابة " وجاها " وكرما ". ولد في رجب سنة 355 ه‍، له مصنفات كثيرة كثيرة، وديوان يزيد على عشرين ألف
بيت، وكانت وفاته قدس الله روحه، لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة 436 ه‍.، ينظر: روضات
الجنات: 4 / 294 - 312.
(3) وعلق المددي هنا بقوله: أقول: لعل نظر المرتضى - رحمه الله - في ذلك، إلى أن الدلالة
التصديقية تابعة للإرادة، كما نسب ذلك إلى الشيخ الرئيس أبي علي ابن سينا، والمحقق نصير الدين الطوسي، وجمع
ممن تأخر عنهما.
58

الحقل الخامس
في: القطع وخفائه (1)
ثم الخبر: إما ان يعلم صدقه قطعا "، أو كذبه كذلك، أو يخفى الأمران (2)
والعلم بهما: قد يكون ضروريا "، وقد يكون نظريا.
فهذه خمسة أقسام، أشار إلى تفصيلها بقوله: إن الخبر:
قد يعلم صدقه قطعا ":
1. ضرورة "
أ - كالمتواتر لفظا "، وسيأتي تفسيره.
- 1 -
والحكم بكون العلم به ضروريا، مذهب الأكثر.
ومستنده: أنه لو كان نظريا " لما حصل لمن لا يكون من أهله، كالصبيان والبله (3):
ولافتقر إلى الدليل، فلا يحصل للعوام (4).، لكنه، حاصل لهم، فيكون ضروريا ".

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 6 لوحة أ سطر 12: (ثم الخبر)، فقط.، بدون: الحقل الخامس في
القطع وخفائه.
(2) ينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي: ص 17.
(3) في الخبر: (أكثر أهل الجنة البله).، البله: جمع الأبله، وهو الذي فيه البله - بفتحتين -.، يعني:
الغفلة.، والمراد: الغافل عن الشر، المطبوع على الخير.
وقيل: البله - هنا -: هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور، وحسن الظن بالناس، لانهم غفلوا عن
دنياهم، فجعلوا حذق التصرف فيها، وأقبلوا على آخرتهم فشغلوا أنفسهم بها، واستحقوا أن يكونوا أكثر أهل
الجنة.، فاما الأبله: الذي لا عقل له، فليس بمراد.، مجمع البحرين: 6 / 343.
(4) العامة: خلاف الخاصة.، والجمع.، عوام مثل: دابة ودواب.، ومنه: (نتوب إليكم من عوام
خطايانا).، والنسبة إلى العامة: عامي.، والهاء في عامة: للتأكيد.، وقوله: (لا يعذب الله العامة بعمل الخاصة).،
أي: لا يعذب الأكثر بعمل الأقل.
وفي الحديث: خذ ما خالف العامة).، يعني أهل الخلاف، وقد ذهب عامة النهار.، أي: جميعه.، مجمع
البحرين: 6 / 124.
وأقول: العوام كذلك: من لم يبلغوا مرتبة الاجتهاد، كما في قوله عليه السلام:
(... وأما من كان من الفقهاء صائنا " لنفسه، حافظا " لدينه، مخالفا " على هواه، مطيعا " لأمر مولاه،
فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا كلهم)، ينظر: الإحتجاج للطبرسي: 2 / 263 - 264، و
وسائل الشيعة: 18 / 94، وتفسير العسكري: ص 141.
والنتيجة - فيما يبدو - ان العلوم: من هم دون المستوى المطلوب، ان في عمق ثقافتهم، وان في حذق
تصرفهم.، وبتعبير آخر: من هم في مهام الحياة: في مرحلة التقليد، لا التحقيق.
59

- 2 -
وذهب أبو الحسين البصري (1) - والغزالي (2) وجماعة - إلى: أنه نظري، لتوقفه
على مقدمات نظرية ك‍: انتفاء المواطاة، ودواعي الكذب، وكون المخبر عنه محسوسا " (3)
- 3 -
وهو لا يستلزم المدعي: لان الاحتياج إلى النظر في المقدمات البعيدة، لا يوجب
كون الحكم نظريا "، كلازم النتيجة.
ولان المقتضى لحصول هذه، العلم بالمخبر عنه، دون العكس.
2 - وما علم وجود مخبره - بفتح الباء -: كذلك.، أي بالضرورة، كوجود مكة.
ب. لا ضرورة
بمعنى (4): أو يعلم صدقه قطعا ": لكن، كسبا " لا ضرورة.، ك‍:
خبر الله تعالى، لقبح الكذب عليه، بالاستدلال.،
وخبر الرسول (ص) - أعم من خبر نبينا (صلى الله عليه وآله) -
وخبر الامام عندنا كذلك.، للعصمة المعتبرة فيهم (5)، بالدليل أيضا.
وخبر جميع الأمة.، باعتبار الاجماع الثابت حقيقة مدلوله بالاستدلال.

(1) محمد بن علي الطبيب، أبو الحسين، البصري.، أحد أئمة المعتزلة، ولد في البصرة، وسكن بغداد و
توفي بها سنة 346 ه‍.، قال الخطيب البغدادي: (له تصانيف وشهرة بالذكاء والديانة على بدعته).، من كتبه:
المعتمد في أصول الفقه - خ).، ينظر: الاعلام، 7 / 161.
(2) محمد بن محمد بن محمد بن الغزالي الطوسي، أبو حامد، حجة الاسلام. له نحو مئتي مصنف. مولده
ووفاته في الطابران 450 - 505 ه‍. رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد، فالحجاز، فبلاد الشام، فمصر، وعاد
إلى بلدته، نسبته إلى صناعة الغزل، عند من يقوله بتشديد الزاي.، أو إلى غزالة من قرى طوس لمن قال بالتخفيف.،
من كتبه في أصول الفقه.، شفاء الغليل - خ - والمستصفى - ط 7 والمنخول - خ.، ينظر الاعلام: 7 /
247 - 248.
(3) وقال المددي: للاطلاع على مذهب الغزالي في ذلك، يراجع المستصفى: 1 / 132 - 134، 140.،
فقد أعترف فيه، بأن حصول العلم بالمتواتر ضروري بمعنى، وإن كان غير ضروري بمعنى آخر.، وفي الحقيقة يفصل
بين معاني الضروري.
(4) في النسخة الخطية ورقة 6 لوحة ب سطر 11: (أو يعلم صدقه)، فقط.، بدون: (ب. لا ضرورة،
بمعنى).
(5) مرجع الضمير: الأنبياء والأئمة.، (خطية الدكتور محفوظ: ص 6).
60

والخبر المتواتر معنى: كشجاعة علي وكرمه (1)، وكرم حاتم (2)، فإنه قد روي وقايع
في شجاعته وكرمهما، وإن لم يتواتر كل واحد، لكن القدر المشترك متواتر.
والخبر المحتف بالقرائن: كمن يخبر عن مرضه عند الحكيم، ونبضه ولونه يدلان
عليه.، من يخبر عن موت أحد، والنياح والصياح في بيته، وكنا عالمين بمرضه.، و
أمثال ذلك كثيرة.، وإنكار جماعه (3) أصل العلم به، للتخلف عنه، خطأ.، لجواز عدم
الشرائط في صورت التخلف، خصوصا " مع عدم الضبط لهذه الجهات بالعبارات.
وما - أي: الخبر الذي - علم وجود مخبره: بالنظر.، كقولنا: محمد رسول الله.
وقد يعلم كذبه كذلك:
أي: بالضرورة، أو النظر.، وأمثلتهما تعلم بالمقايسة على السابق.
أ. فالمعلوم كذبه ضرورة ": مما خالف المتواتر.، وما علم عدم وجود مخبره ضرورة ":
حسيا "، أو وجدانيا "، أو بديهيا ".
ب. و (المعلوم كذبه) كسبا ": الخبر المخالف، لما دل عليه دليل قاطع بالكسب.،
ومنه الخبر الذي تتوفر الدواعي على نقله ولم ينقل، كسقوط المؤذن عن المنارة، ونحو ذلك (4).
وقد يحتمل الخبر الامرين:
الصدق والكذب.، لا بالنظر إلى ذاته، إذ جميع الاخبار تحتملها كذلك، كأكثر
الاخبار.، فإن الموافق منها للقسمين الأولين قليل، (5).

(1) هو ابن أبي طالب عليه السلام. ولد يوم الجمعة في 13 رجب، بعد ولادة النبي بثلاثين عاما ": أشهر
كناه: أبو الحسن: أشهر ألقابه: المرتضى: أول من آمن برسالة محمد (ص)، واختصه النبي بالاخوة حين
آخى بين المسلمين. أمره النبي (ص) في كثير من غزواته وسراياه. مدح في كثير من آيات القرآن العظيم،
على لسان النبي في أحاديثه الشريفة. بويع له بالخلافة في غدير خم، في يوم 18 ذي الحجة سنة 10 من الهجرة، و
تسلمها سنة 35 هجرية، وبعد ذلك بخمس سنوات استشهد في عاصمة حكمه الكوفة، سنة 40 للهجرة،
بضربة الخارجي عبد الرحمان ابن ملجم المرادي، ليلة 19 رمضان أثناء أداء فريضة الفجر.، ودفن في الغري.، من
كلماته: قيمة كل امرئ ما يحسنه، سرك دمك فلا تجرينه الا في أوداجك.، ينظر: لمحات من تاريخ أهل
البيت: ص 17 - 21.
(2) حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني: أبو عدي: فارس، شاعر، جاهلي، يضرب
المثل بجوده، كان من أهل نجد، وزار الشام، فتزوج ماوية بنت حجر الغسانية، ومات في عوارض - جبل في بلاد
طي - سنة 46 ق. ه‍، شعره كثير، ضاع معظمه، وبقي منه ديوان - ط - صغير.، ينظر: الاعلام: 2 / 151.
(3) قال المددي: منهم السيد المرتضى، اختاره في الذريعة إلى أصول الشريعة: 2 / 517 - 518.
(4) ينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية: ص 17.
(5) ينظر: المصدر نفسه: ص 18.
61

الحقل السادس
في: المتواتر وشروط تحققه
وينقسم الخبر مطلقا " - أعم من المعلوم صدقه وعدمه - إلى: متواتر، وآحاد.
أما الحديث في هذا الحقل فهو عن: المتواتر.، من حيث:
أولا ": شرايط مخبريه (1)
- 1 -
هو: ما بلغت رواته في الكثرة مبلغا "، أحالت العادة تواطؤهم - أي: اتفاقهم -
على الكذب.
واستمر ذلك الوصف، في جميع الطبقات حيث يتعدد.، بأن يرويه قوم عن قوم، و
هكذا إلى الأول.
فيكون أوله في هذا الوصف كآخره، ووسطه كطرفيه.، ليحصل الوصف: وهو
استحالة التواطي على الكذب، للكثرة في جميع الطبقات المتعددة. (2)
- 2 -
وبهذا، ينتفي التواتر عن كثير من الاخبار، التي قد بلغت رواتها في زماننا ذلك
الحد.، لكن، لم يتفق ذلك في غيره، خصوصا " في الابتداء.، وظن كونها متواترة "، من لم
يتفطن لهذا الشرط
- 3 -
ولا ينحصر ذلك: في عدد خاص، على الأصح.، بل، المعتبر: العدد المحصل
للوصف.، فقد يحصل في بعض المخبرين بعشرة وأقل، وقد لا يحصل بماءة.، بسبب قربهم
إلى وصف الصدق وعدمه.
وقد خالف في ذلك قوم فاعتبروا: اثني عشر، عدد النقباء (3).، أو عشرين، لآية

(1) الذي في النسخة المخطوطة ورقة 7 لوحة ب سطر 3: (والأول: هو ما بلغت...).، بدون: (أما
الحديث في هذا الحقل فهو عن: المتواتر.، من حيث أولا ": شرايط مخبريه).
(2) ينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية: ص 16.
(3) لقوله تعالى في سورة المائدة الآية 12: (وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا ").
62

العشرين الصابرين (1).، أو السبعين، لاختيار موسى لهم (2)، ليحصل العلم بخبرهم إذا رجعوا (3).،
أو ثلاثمائة وثلاثة عشر، عدد أهل بدر (4): ولا يخفى ما في هذه الاختلافات من فنون
الجزافات (5).
وأي ارتباط لهذا العدد بالمراد (6)؟ وما الذي أخرجه عن نظائره، مما ذكر في
القرآن من ضروب الاعداد (7)؟
ثانيا ": شروط سامعيه (8)
وشروط حصول العلم به - أي: بالخبر المتواتر -:

(1) لقوله تعالى في سورة الأنفال الآية 66: (إن يكن منكم عشرون صابرون، يغلبوا مئتين).
(2) قال الأب فردينان توتيل: موسى (القرن 13 ق. م): أشهر رجال التوراة.، ومن أكبر مشترعي
البشرية من سبط لاوي. ولد في مصر، وأنقذته ابنة فرعون من المياه، فتربى في قصر أبيها. بدا رسالته في سن
الأربعين، بعد أن لجا إلى برية سينا.، فأرسله الرب لينقذ بني إسرائيل، من مظالم فرعون.، فجاز معهم برية سينا
مدة أربعين سنة. تلقى من الرب على جبل حوريب: الوصايا العشر.، فسلمهم إياها، وسن لهم الشرائع الأدبية
والكهنوتية والاجتماعية، فكانت دستورهم الديني والمدني.، لهذا يعتبر موسى: المؤسس والمخلص والمشترع.،
لقب: ب‍: (كليم الله). مات ولم يدخل أرض الميعاد.، المنجد في الاعلام: ص 694.
(3) لقوله تعالى في سورة الأعراف الآية 156: (واختار موسى قومه سبعين رجلا " لميقاتنا).
(4) وعلق المددي هنا: (وقيل: بالأربعة، قياسا " على شهود الزنا.،
وقيل بالخمسة، قياسا " على اللعان - وتوقف فيه القاضي الباقلاني -.، وقيل: سبعة
قياسا " على غسل الاناء من ولوغ الكلب سبع مرات.، وقيل: عشرة، لقوله تعالى: (تلك
عشرة كاملة).، وقيل: أربعون، أما أخذا " من عدد الجمعة، واما لقوله - ص - خير السرايا أربعون.، وقيل:
خمسون، قياسا " على القسامة).، ينظر: المستصفى: 1 / 137 - 138، وفواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت: 2 / 116
- 117 (المطبوع بهامش المستصفى)، وتدريب الراوي - شرح تقريب النواوي: 2 / 177 (الهامش).
(5) وعلق فضيلته أيضا ": (يلاحظ هنا أمران):
1 - ان هذه الأقوال العجيبة - لعل الأصح التعبير عنها بالمختلقة -، لم تنسب إلى قائل معين.، بل، في
كل المصادر - في أصول الفقه ودراية الحديث -، تذكر هذه الأقوال مجهولة القائل.
2 - لعل الأصل في هذه الأقوال: أنها كانت من أهل التسنن غير الامامية، ثم تسربت إلى كتب
الامامية الاثني عشرية.، والا لم نجد في مصنف من مصنفاتنا شيئا " من هذه الأقوال.، بل: ولم يتوقف أحد منهم في
ترجيح قول، أو تضعيف آخر.
(6) قال ابن حجر: لا معنى لتعيين العدد على الصحيح.، ينطر: شرح النخبة: ص 3.
(7) كما في قوله تعالى في سورة الإسراء الآية 101: (ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات).، وفي سورة
المدثر الآية 30: (لواحة للبشر، عليها تسعة عشر).، وفي سورة (ص) الآية 23: (إن هذا أخي له تسع وتسعون
نعجة " ولي نعجة واحدة).، وفي سورة الكهف الآية 25: (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا).، و
هكذا في بقية آيات الاعداد القرآنية.
(8) الذي في النسخة الخطية ورقة 8 لوحة أ سطر 5: (وشرط حصول العلم به)، فقط.، بدون: (ثانيا ":
شروط سامعيه).
63

إنتفاؤه:
أي: انتفاء العلم المستفاد منه اضطرارا " - عن السامع (1).، لاستحالة تحصيل
الحاصل.
وتحصيل التقوية: أيضا " محال.، لان العلم يستحيل أن يكون أقوى مما كان.
وأن لا يسبق شبهة إلى السامع - أو تقليد - ينافي موجب خبره (2):
بان يكون معتقدا " نفيه.
وهذا شرط أختص به: السيد المرتضى - رحمه الله - وتبعه عليه جماعة من
المحققين.، وهو جيد في موضعه. (3)
- 1 -
واحتج عليه: بأن حصول العلم، عقيب خبر التواتر، إذا كان بالعادة.، جاز أن
يختلف ذلك باختلاف الأحوال.، فيحصل للسامع، إذا لم يكن قد اعتقد نقيض ذلك
الحكم، قبل ذلك.
ولا يحصل: إذا اعتقد ذلك.
وبهذا الشرط: يحصل الجواب، لمن خالف الاسلام، من الفرق، إذا ادعى عدم
بلوغه التواتر، بدعوى نبينا (صلى الله عليه وآله): النبوة، وظهور المعجزات على يده،
موافقة " لدعواه.، فإن المانع لحصول العلم لهم بذلك، دون المسلمين، سبق الشبهة إلى
نفيه.

(1) أي: يشترط انتفاء العلم الضروري عن السامع، كما لو أخبر عما شاهده.، فإنه لا يحصل حينئذ
العلم من الخبر، وإلا لزم تحصيل الحاصل، أو تقوية العلم الضروري، وكلاهما محالان.، (خطية الدكتور محفوظ:
ص 7).
(2) أي: موجب خبر التواتر.، (خطية الدكتور محفوظ: ص 8).
(3) قال السيد المرتضى - رحمه الله -: قلنا: لا بد من شرط نختص نحن به: وهو: أن يكون من أخبر
بالخبر... لم يسبق بشبهة - أو تقليد - إلى اعتقاد نفي موجب الخبر.
لان هذا العلم (يعني: الحاصل من التواتر)، إذا كان مستندا " إلى العادة، وليس بموجب عن سبب.، جاز
في شروطه النقصان والزيادة، بحسب ما يعلم الله تعالى من المصلحة.
وإنما احتجنا إلى هذا الشرط.، لئلا يقال لنا.، أي فرق بين خبر البلدان، والأخبار الواردة بمعجزات النبي
(صلى الله عليه وآله)، سوى القرآن.، كحنين الجذع، وانشقاق القمر وتسبيح الحصى، وما أشبه ذلك؟
وأي فرق - أيضا " - بين: أخبار البلدان، وخبر النص الجلي.، على أمير المؤمنين علي عليه السلام،
الذي تنفرد الامامية بنقله؟!.
وألا، أجزتم أن يكون العلم بذلك كله ضروريا ".، كما أجزتموه في أخبار البلدان...).، ينظر: الذريعة
2 / 491 - 492.، معالم الدين وملاذ المجتهدين.، ص 415.
64

- 3 -
ولولا الشرط المذكور، لم يتحقق جوابنا لهم عن غير معجزة القرآن.
وبهذا، أجاب السيد، عن نفي من خالفه تواتر النص (1)، على إمامة علي (عليه
السلام): حيث أنهم اعتقدوا نفي النص، لشبهة.
واستناد المخبرين إلى إحساس:
بأن يكون المخبر عنه: محسوسا " بالبصر، أو غيره من الحواس الخمس.، فلو كان
مستنده العقل: كحدوث العالم، وصدق الأنبياء، لم يحصل لنا العلم (2).

(1) يمكن لنا أن نقول - لمن خالف الاسلام من اليهود والنصارى -: بم أثبتم نبوة موسى وعيسى،
على نبينا وعليهم السلام.، بعد ثبوت نبوة الأنبياء المتقدمين عليهم السلام، عليهما - عليهما السلام -؟ فما جوابكم:
فهو جوابنا إثبات نبوة خاتم الأنبياء عليه السلام، عليكم كما لا يخفى، (م ح م د)، عفى عنه، (هامش المخطوطة
المعتمدة، ورقة 8 لوحة ب).
وطبعا "، معلوم أن المراد بعبارة: (من خالفه تواتر النص): من خالف السيد في القول بتواتر النص.، وإلا،
فيناسب أن يكون الفعل (خالف) مجردا " من الضمير.
(2) إن هذا الشرط - كما وافقني بذلك صاحب السماحة الزنجاني دام ظله -: هو من شروط
المخبر، وليس السامع.
وعليه، يظهر أن هناك اشتباها " قد حصل، وكانه من النساخ، كيف لا؟! ومما يؤيد الافادة قول
صاحب (المعالم).
قال ابن الشهيد: إن حصول العلم بالتواتر يتوقف على اجتماع شرايط بعضها في المخبرين، و
بعضها في السامعين.
فالأول: ثلاثة
الأول: أن يبلغوا في الكثرة حدا "، يمتنع معه في العادة، تواطؤهم على الكذب
الثاني: أن يستند علمهم إلى الحس، فإنه، في مثل حدوث العالم، لا يفيد قطعا ".
الثالث: استواء الطرفين والواسطة.، أعني: بلوغ جميع طبقات المخبرين، في الأول والاخر والوسط، بالغا "
ما بلغ عدد التواتر.
والثاني: أمران
الأول: إن لا يكونوا عالمين بما أخبروا عنه اضطرارا "، لاستحالة تحصيل الحاصل.
الثاني: أن لا يكون السامع قد سبق بشبهة - أو تقليد -، تؤدي إلى اعتقاد نفي موجب الخبر، وهذا الشرط
ذكره السيد المرتضى، وهو جيد....، معالم الدين وملاذ المجتهدين: ص 414 - 415.
وواضح بعد ذلك فيما أقول: كيف ان من مثل مطلب (الاخبار) يمثل حلقة الوصل بين: دراية
الحديث باعتباره من أهم مطالبه من جهة، وأصول الفقه باعتباره من مهم مطالبه من جهة ثانية.
وكيف أن ابن الشهيد، غاير الشهيد، في جعل شرطه الثالث من شروط السماع، شرطا " ثانيا " من شروط
مخبريه، ونحن مع ابن الشهيد - فما يبدو لنا -: أنه الأنسب.
65

ثالثا ": مصاديق تحققه (1)
وهو - أي: التواتر -: متحقق في أصول الشرايع.، ك‍: وجوب الصلاة اليومية، و
أعداد ركعاتها، والزكاة، والحج.، تحققا " كثيرا ".
- 1 -
وفي الحقيقة: مرجع إثبات تواترها، إلى المعنوي لا اللفظي، إذ الكلام في الأخبار الدالة
عليه كغيرها.
وقليل تحققه: في الأحاديث الخاصة، المنقولة بألفاظ مخصوصة.، لعدم اتفاق
الطرفين والوسط فيها، وإن تواتر مدلولها، في بعض الموارد.، كالاخبار الدالة على: شجاعة
علي (ع)، وكرم حاتم، ونظائرهما.
فإن كل فرد.، خاص من تلك الأخبار، الدالة على أن عليا " (ع)، قتل فلانا " وفعل
كذا، غير متواتر.، وكذا، الأخبار الدالة، على أن حاتما " أعطى الفرس الفلانية، والجمل
والرمح وغيرها.، إلا أن القدر المشترك بينها: متواتر، تدل تلك الجزئيات، المتعددة
آحادا " بالتضمن. (2).
وعلى هذا ينزل: ما ادعى المرتضى ومن تبعه تواتره، من الأخبار الدالة على
النص وغيره.
إذ لا شبهة، في أن كل واحد من تلك الأخبار، آحاد، وقد أوما إلى ذلك، في
مسائله التبانيات. (3)
- 2 -
ولم نتحقق إلى الآن: خبرا " خاصا "، بلغ حد التواتر، إلا ما سيأتي.، حتى قيل - و

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 8 لوحة ب سطر 9 - 10: (وهو أي التواتر)، فقط.، بدون (ثالثا ":
مصاديق تحققه).
(2) قال ابن الشهيد الثاني: قد تتكثر الاخبار في الوقايع وتختلف.، ولكن، يشتمل كل واحد منها، على
معنى مشترك بينه، بجهة التضمن والالتزام، فيحصل العلم بذلك القدر المشترك، ويسمى: المتواتر من جهة
المعنى.
وذلك، كوقايع أمير المؤمنين في حروبه: من قتله في غزوات بدر كذا، وفعله في أحد كذا، إلى غير
ذلك.
فإنه يدل بالالتزام على شجاعته، وقد تواتر ذلك منه، وإن كان لا يبلغ من ذلك الجزئيات
درجة القطع.، معالم الدين وملاذ المجتهدين: ص 415.
(3) التبانيات: واحدها التباني، وهو منسوب إلى التبان.، وهو: رجل بياع للتبن، وكان من اليمن،
سال منه (رض) هذه المسائل.، (خطية الدكتور محفوظ: ص 9).
66

القائل أبن الصلاح (1) -: (من سئل عن ابراز مثال لذلك أعياه طلبه (2)).، هذا مع كثرة
رواتهم، قديما " وحديثا "، وانتشارهم في أقطار الأرض.
قال: وحديث (إنما الأعمال بالنيات) (3).

(1) عثمان بن عبد الرحمان، المعروف بابن الصلاح، ولد في شرخان، قرب شهر زور، سنة 577 ه‍،
وانتقل إلى الموصل ثم إلى خراسان، فبيت المقدس، حيث ولي التدريس في الصلاحية، وانتقل إلى دمشق
ولاه الملك الأشرف في دمشق تدريس دار الحديث، وتوفي فيها سنة 643 ه‍، له كتاب (معرفة أنواع علوم
الحديث - ط) يعرف بمقدمة ابن الصلاح.، ينظر: الاعلام: 4 / 369.
(2) قال ابن الصلاح: (ومن سئل عن ابراز مثال لذلك من الحديث أعياه تطلبه).، مقدمة ابن
الصلاح: 393.
(3) هكذا ورد الحديث في صحيح البخاري: 1 / 2، ط 1 - 1304 ه‍، باب كيف كان بدء الوحي إلى
رسول الله.
وجاء فيه: حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال: أخبرني
محمد بن إبراهيم التيمي: أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على
المنبر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن
كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هجر إليه).
كما جاء في هذا البخاري أيضا ": حاشية للسندي، جد محترمة، حول قيمة هذا الحديث، وأوليته في
مقدمات الأعمال.، ينظر: صحيح البخاري 1 / 2 - 3.
هذا، وقد ورد الحديث أيضا " في صحيح مسلم: م 3 ص 1515 - 1516.، غير أن لفظ (النية)، جاءت
فيه بدلا " من (النيات).، وعبارة (لكل امرئ، بدلا " من (لامرئ).، وزيادة جملة: (فمن كانت هجرته إلى الله و
رسوله، فهجرته إلى الله ورسوله)، قبل جملة (ومن كانت هجرته لدنيا...).
نعم، الذي جاء في صحيح البخاري: 1 / 14، هو المطابق لما في صحيح مسلم: 3 / 1515 - 1516.
وقال خادم السنة - محمد فؤاد عبد الباقي في هامش صحيح مسلم: 3 / 1515:
(أجمع المسلمون على عظم موقع هذا الحديث، وكثرة فوائده وصحته.، قال الشافعي وآخرون: هو ثلث
الاسلام.، وقال الشافعي.، يدخل في سبعين بابا " من الفقه.، وقال آخرون: هو ربع الاسلام: وقال عبد الرحمان بن
مهدي وغيره: ينبغي لمن صنف كتابا "، أن يبدأ فيه بهذا الحديث، تنبيها " للطالب على تصحيح النية.، ونقل
الخطابي هذا عن الأئمة مطلقا ".، وقد فعل ذلك البخاري وغيره، فابتدأوا به قبل كل شئ.، وذكره البخاري في
سبعة مواضع من كتابه.، قال الحفاظ: ولم يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية عمر بن
الخطاب، ولا عن عمر إلا من رواية علقمة بن وقاص، ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم التيمي، ولا
عن محمد إلا من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري.، وعن يحيى انتشر، فرواه عنه أكثر من مائتي إنسان، أكثرهم
أئمة.، ولهذا قال الأئمة: ليس هو متواترا "، وإن كان مشهورا " عند الخاصة والعامة، لأنه فقد شرط التواتر في أوله.
وفيه طرفة من طرف الاسناد.، فإنه رواه ثلاثة تابعيون - بعضهم عن بعض - يحيى، ومحمد، وعلقمة.،
قال جماهير العلماء - من أهل العربية والأصول وغيرهم - لفظة (إنما) موضوعة للحصر، تثبت المذكور وتنفي
ما سواه.، فتقدير هذا الحديث: إن الأعمال تحسب إذا كانت بنية، ولا تحسب إذا كانت بلا نية...).
ويلاحظ أيضا ": فتح الباري: 1 / 8 - 9.
67

ليس منه - أي: من المتواتر (1) -.، وإن نقله الآن عدد التواتر وأكثر.، فإن جميع
علماء الاسلام، ورواة الحديث الآن يروونه.، وهم يزيدون عن عدد التواتر، أضعافا "
مضاعفة.
لان ذلك التواتر المدعى: قد طرأ في وسط إسناده إلى الآن، دون أوله.، فقد انفرد
به جماعة مترتبون، أو شاركهم من لا يخرج بهم عن الآحاد.
وأكثر ما ادعي تواتره من هذا القبيل: ينظر مدعي التواتر، إلى تحققه في زمانه، أو
هو وما قبله، من غير استقصاء جميع الأزمنة.، ولو أنصف: لوجد الأغلب، خلو أول الامر
منه بل، ربما صار الحديث الموضوع ابتداء، متواترا " بعد ذلك (2).، لكن، شرط التواتر،
مفقود من جهة الابتداء.
ونازع بعض المتأخرين في ذلك، وادعى وجود المتواتر بكثرة (3)، وهو غريب.
- 3 -
نعم، حديث: (من كذب علي متعمدا "، فليتبوأ مقعده من النار) (4)، يمكن ادعاء
تواتره.

(1) وحديث: (إنما الأعمال بالنيات) ليس من ذلك السبيل، وإن نقله عدد التواتر وزيادة.، مقدمة
ابن الصلاح.، ص 393.
(2) وعلق المددي:
كما في قوله: (إقرار العقلاء على أنفسهم).، فإنه أشتهر في ألسنة الفقهاء - سيما المتأخرين - إسناده إلى
النبي، صلى الله عليه وآله.
وادعى الجواهري في كتاب الأقراء، من كتب كتابه (جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام).، ادعى:
أنه مستفيض: بل: متواتر.
بل في السرائر - ص 391 -: (لاجماع أصحابنا المنعقد: أن إقرار العقلاء جائز فيما يوجب حكما " في شريعة
الاسلام).، فهو في الحقيقة معقد الاجماع، وهكذا عند الجماعة، حيث لم نجد عندهم هذا المتن، في مراجعهم
الحديثية، بكونه حديثا " ولو ضعيفا ".
(3) ينظر: قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث: ص 146، والتدريب: ص 190 - 191،
والحديث النبوي لمحمد الصباح: ص 246 - 248.، وينظر: الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة طبع مطبعة دار
التأليف - القاهرة.
(4) ينظر: صحيح البخاري: 1 / 22، ط 1، باب أثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم.،
حديث: 1، 2، 3، 4، 5.
وصحيح مسلم: 1 / 9 - 10، باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث: 1، 2، 3، 4.
68

فقد نقله عن النبي (ص) من الصحابة: الجم الغفير.، أي الجمع الكثير.، قيل -
الرواة منهم له -: أربعون.، وقيل: نيف - بفتح النون وتشديد الياء مكسورة وقد تخفف:
ما زاد على العقد إلى أن يبلغ العقد الاخر، والمراد هنا: اثنان - وستون صحابيا ".
ولم يزل العدد الراوي لهذا الحديث في ازدياد (1).
وظاهر، أن التواتر، يتحقق بهذا العدد.، بل، بما دونه.
الحقل السابع
في: الآحاد ودرجاته (2)
وهو: ما لم ينته إلى المتواتر منه - أي: من الخبر -: سواء كان الراوي واحدا "، أم
أكثر.
ثم هو: أي خبر الواحد.
مستفيض:
إن، زادت رواته عن ثلاثة في كل مرتبة (3)، أو زادت عن اثنين عند بعضهم.، مأخوذ
من فاض الماء يفيض فيضا " (4).

= وأصول الكافي: 1 / 62.، كتاب فضل العلم، باب اختلاف الحديث، حديث 1.
وينظر: من لا يحضره الفقيه: 3 / 372، باب معرفة الكبائر التي أوعد الله عليها النار، حديث 12.
والمصدر نفسه: 4 / 264. 7 باب النوادر، حديث 4.، وفيه: قال رسول الله (ص): يا علي من كذب علي
متعمدا " فليتبوأ مقعده من النار.
والاحتجاج للطبرسي: 1 / 393.
وهناك مصادر أخر أيضا ": مذكورة في هامش علوم الحديث: لصبحي الصالح: ص 20.
(1) ينظر: مقدمة ابن الصلاح: ص 394، وقواعد التحديث: 172 - 173.
والطبقات الكبرى - طبعة 1322 ه‍ -: ج 1 ق 2 ص 10.، وفيه... عن أبي سلمة، عن أبي هريرة...
فليتبوأ مقعده من النار..
ثم ج 1 ق 2 ص 12 - من نفس المصدر -.، وفيه:... سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله:
... إلا تبوأ مقعده من النار..
(2) الذي في المخطوطة ورقة 10 لوحة أ سطر 3: (وآحاد: وهو ما لم ينته...) فقط.، بدون: (الحقل
السابع في الآحاد ودرجاته).
(3) أي: في كل طبقة من الطبقات.، خطية الدكتور محفوظ: ص 9.، وينظر: الباعث الحثيث: ص 165
- 166.، هذا، وقد اختاره الشهيد، في (الذكرى): ص 4.
(4) ينظر: تهذيب اللغة للأزهري: 12 / 79.
69

ويقال له: المشهور أيضا "، حين تزيد رواته عن ثلاثة أو اثنين.، سمي بذلك.،
لوضوحه.
وقد يغاير بينهما.، أي بين المستفيض، والمشهور.، بأن يجعل المستفيض: ما
اتصف بذلك في ابتدائه وانتهائه، على السواء.، والمشهور: أعم من ذلك (1).
فحديث (إنما الأعمال بالنيات): مشهور غير مستفيض.، لان الشهرة إنما طرأت له
في وسطه، كما مر
وقد يطلق المشهور: على ما اشتهر على الألسنة، وإن اختص باسناد واحد.
بل ما لا يوجد له إسناد أصلا ".
وغريب:
إن انفرد به: راو واحد (2)، في أي موضع وقع التفرد به من السند.، وإن تعددت الطرق
إليه أو منه.
ثم، إن كان الانفراد: في أصل سنده، فهو الفرد المطلق.
وإلا فالفرد النسبي. (3)
وغيرهما:
أي ينقسم خبر الواحد إلى غير: المستفيض، والغريب.
وهو: ما عدا ذلك المذكور من الأقسام.
فمنه: العزيز
وهو: الذي لا يرويه أقل من اثنين، عن اثنين.، سمي عزيزا ": لقلة وجوده، أو لكونه
عز - أي: قوي - بمجيئه من طرق أخرى. (4)

(1) ينظر: شرح نخبة الفكر: ص 5، وتدريب الراوي: ص 368 - 369.
(2) وقد علق المددي هنا بقوله: (مثاله: ما انفرد به أحمد بن هلال العبرتائي.، وقد قال الشيخ في
التهذيب: 9 / 204. والاستبصار: 3 / 28.، قال قدس سره: (لا يلتفت إلى حديثه فيما يختص بنقله).
كما روي الشيخ في الاستبصار أيضا ": 3 / 351.، روي باسناد - فيه أحمد بن هلال - عن أبي الحسن عليه
السلام قال: عدة المرأة إذا تمتع بها ثم مات عنها زوجها خمسة وأربعون يوما ".
(3) سمي: نسبيا ".، لان التفرد به حصل بالنسبة إلى شخص معين، وإن كان الحديث في نفسه
مشهورا ".، (خطية الدكتور محفوظ: ص 10).، وينظر: قواعد في علوم الحديث للتهانوي: ص 33.
(4) ينظر: شرح نخبة الفكر: ص 5، وفتح المغيث للعراقي 4 / 2، وتدريب الراوي: 375، وقواعد في
علوم الحديث للتهانوي: 33.
70

ومنه: المقبول
وهو: ما يجب العمل به عند الجمهور.، ك‍: الخبر المحتف بالقرائن (1)، والصحيح
عند الأكثر، والحسن على قول.
والمردود
وهو: الذي لم يترجح صدق المخبر به (2)، لبعض الموانع (3). بخلاف التواتر: فكله
مقبول، لافادته القطع بصدق مخبره.
ومنه: المشتبه
حاله، بسبب اشتباه حال راويه.
وهو: ملحق بالمردود عندنا، نشترط ظهور عدالة الراوي، ولا نكتفي بظاهر
الاسلام أو الايمان (4).

= هذا وقد قال السيد الداماد (قدس): العزيز: هو الذي يرويه راو واحد فقط، في الطبقة الأولى.، ثم لا
أقل من اثنين في بقية الطبقات.، كما في الرواشح السماوية: ص 130.
وبالمناسبة.، فللسيوطي شعر جميل في تصريف (عز)، بلحاظ معانيها.، منه:
يا قارئا " كتب التصريف كن يقظا " * وحرر الفرق في الافعال تحريرا
عز المضاعف يأتي في مضارعه * تثليث عين بفرق جاء مشهورا
فما كقل وضد الذل مع عظم * كذا كرمت علينا جاء مكسورا
وما كعز علينا الحال: أي صعبت * فافتح مضارعه إن كان نحريرا.،
كما في الحاوي للفتاوي: ج 1 ص 51 - 52
(1) وقد علق المددي هنا بقوله: (يراد بالقرائن هنا عمل الأصحاب به، واعتمادهم عليه، واعتناؤهم
بشأنه.، بتدوينه في كتبهم، وذكره في أكثر المجاميع الحديثية.، هذا كله مضافا " إلى موافقته مع الكتاب العزيز، و
السنة الشريفة.، بأن تكون عليه شواهد من الكتاب والسنة.، فإن - كما في صحيحة محمد بن مسلم - على كل
حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا "، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فاطرحوه).
(2) قال التهانوي: المردود: وهو ما رجح كذب المخبر به قواعد في علوم الحديث: ص 33.
(3) كالفسق ونحوه.، (خطية الدكتور محفوظ: ص 10).
(4) وقد علق المددي هنا بقوله: (خلافا " لجمع من المحققين، حيث اكتفوا بظاهرهما، وكأنه مبني على:
أصالة العدالة)، في كل من لم يذكر بمدح ولا قدح، وهذا الاكتفاء، من المسائل الدقيقة الهامة.، حيث يبتنى عليه
جواز العمل بروايات كثيرة، جدا "، أو طرحها.
71

الحقل الثامن
في: حصر الاخبار (1)
والاخبار مطلقا ": متواترة كانت أم آحادا "، صحيحة " كانت أم لا.، غير منحصرة في
عدد معين، بحيث لا يقبل الزيادة عليه.، لإمكان وجود أخبار أخرى، بيد بعض الناس لم
تصل إلى الجامع. (2)
- 1 -
ومن بالغ في تتبعها، وحصرها في عدد.، كقول احمد (3): صح من الأحاديث
سبعماءة ألف وكسر، (4) فبحسب ما وصل إليه، لو سلم ذلك له.
وحصر أحاديث أصحابنا أبعد، لكثرة من روى عن الأئمة عليهم السلام، منهم.
وكان قد استقر أمر المتقدمين.، على أربعمائة مصنف، لأربعماية مصنف (5).،
سموها: الأصول.، وكان عليها اعتمادهم، ثم تداعت الحال إلى ذهاب معظم تلك
الأصول.

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 10 لوحة ب سطر 10: (والاخبار مطلقا ")، فقط.، بدون: (الحقل
الثامن في حصر الاخبار).
(2) قال ابن كثير: ثم إن البخاري ومسلما " لم يلتزما، باخراج جميع ما يحكم بصحته من الأحاديث،
فإنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما.، كما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري، تصحيح أحاديث ليست
عنده.، بل، في السنن وغيرها.، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث: ص 25: وينظر أيضا ": ص 26 -
36.
وقد علق المددي هنا بقوله: كما اطلعنا على روايات كثيرة للامامية، منثورة في كتب الزيدية.، من قبيل:
تيسير المطالب في أمالي الامام أبي طالب،...
وفي كتب غير الامامية، وهي مروية بطرق أصحابنا، ومأخوذة عن أصولنا الحديثية.، إلا أن أصحابنا لم
يذكروها في المجاميع الحديثية.
فتجد - مثلا " - روايات كثيرة، مروية " عن كتب البرقي، والصفار، والحسين بن سعيد، وغيرهم.، كما
في شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني.
(3) أحمد بن محمد بن حنبل، أبو عبد الله الشيباني الوائلي.، إمام المذهب الحنبلي، أصله من مرو، وكان
أبوه والي سرخس، ولد ببغداد سنة 164 ه‍ فنشأ منكبا " على طلب العلم.، وسافر في سبيله أسفارا " كبيرة " إلى:
الكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، واليمن، والشام، والثغور، والمغرب، والجزائر، وفارس، وخراسان، و
الجبال، والأطراف.، وصنف: المسند - ط، ستة مجلدات، يحتوي على ثلاثين الف حديث، وتوفي سنة 241 ه‍:
ينظر: الاعلام: 1 / 192 - 193.
(4) ينظر: تدريب الراوي: ص 8.
(5) ينظر: المعتبر في شرح المختصر، للحلي: ص 5، والوجيزة للشيخ البهائي: ص 183، والذريعة
للطهراني: 2 / 125 - 170، 6 / 301 - 374، وأعيان الشيعة للعاملي 1 / 262 - 263، وذكرى الشيعة في
أحكام الشريعة: 6.
72

ولخصها جماعة: في كتب خاصة، تقريبا " على المتناول.
وأحسن ما جمع منها: الكتاب (الكافي) (1) لمحمد بن يعقوب الكليني (2).، و
(التهذيب)، (3) للشيخ أبي جعفر الطوسي (4).، ولا يستغني بأحدهما عن الاخر.، لان الأول:
أجمع لفنون الأحاديث.، والثاني: أجمع للأحاديث المختصة بالأحكام الشرعية.
وأما (الاستبصار) (5): فإنه أخص من التهذيب غالبا "، فيمكن الغناء عنه به.، وإن
اختص بالبحث عن الجمع بين الاخبار المختلفة، فإن ذلك أمر خارج عن أصل الحديث.
فكتاب (من لا يحضره الفقيه) (6): حسن أيضا " إلا أنه لا يخرج عن الكتابين غالبا ".
وكيف كان: فأخبارنا ليست منحصرة فيها، إلا ان ما خرج عنها، صار الان غير
مضبوط، ولا يكلف الفقيه بالبحث عنه (7).

(1) قال الكليني: (وقلت: إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف، يجمع من جميع فنون علم
الدين، ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين، والعمل به بالآثار الصحيحة،
عن الصادقين عليهما السلام).، الكافي: 1 / 8.
وكان هذا الكتاب معروفا ": بالكليني.، ينظر: الرجال للنجاشي: ص 266.
ويسمى أيضا ": الكافي.، ينظر: الرجال للنجاشي: ص 266، والفهرست للطوسي: 135، ومعالم العلماء
لابن شهرآشوب: ص 88.
علما "، بأنه مؤلف في طبعته الثالثة - 1388 ه‍ - من: جزئين في الأصول، وخمسة في الفروع، وواحد
في الروضة.، فيكون المجموع: ثمانية.
(2) محمد بن يعقوب بن إسحاق، أبو جعفر الكليني، فقيه إمامي، من أهل كلين بالري، كان شيخ
الامامية بالري وبغداد، توفي في بغداد سنة 329 ه‍.، من كتبه (الكافي في علم الدين) - ط -، و (الرد على
القرامطة)، و (رسائل الأئمة)، و (كتاب في الرجال).، ينظر: الأعلام للزركلي: 8 / 17، ورجال النجاشي:
ص / 266.
(3) والمسمى في طبعته الثالثة - 1390 ه‍ -: تهذيب الأحكام.، وكما سماه مؤلفه أيضا ": في مقدمة
(الاستبصار): 1 / 2: وهو كتاب في شرح (المقنعة) للشيخ المفيد رضوان الله عليه.، وهو يقع في عشرة اجزاء.
(4) محمد بن الحسن بن علي الطوسي: مفسر، نعته السبكي بفقيه الشيعة ومصنفهم. ولد سنة 385 ه‍،
وانتقل من خراسان إلى بغداد سنة 408 ه‍. وأقام أربعين سنة، ورحل إلى الغري بالنجف. فاستقر فيها إلى
أن توفي سنة 460 ه‍.، من تصانيفه: البيان الجامع لعلوم القرآن - تفسير كبير مطبوع، والاستبصار فيما اختلف فيه
من الاخبار - ط -، والمبسوط في الفقه - ط، والعدة في الأصول - ط...، ينظر الأعلام للزركلي: 6 / 315.
(5) واسمه الكامل: الاستبصار فيما اختلف من الاخبار.، كما في: طبعته الثالثة، سنة 1390 ه‍. ق.
(6) كما سمي بذلك: من قبل مؤلفه، في مقدمته: ج 1 ص 3.، غير أن التسمية على الغلاف - في طبعته
الخامسة 1390 ه‍. ق - فقيه من لا يحضره الفقيه.، وهو في أربعة اجزاء.
(7) وقد علق المددي هنا بقوله: في مثل هذا الاطلاق تأمل.، يتضح بعد الاطلاع على الكتب الفقهية
الاستدلالية.
73

الحقل التاسع
في: تحديد البحث (1)
وأعلم: أن متن الحديث نفسه، لا يدخل في الاعتبار.، أي: اعتبار أهل هذا الفن،
إلا نادرا ".، وإنما يدخل في اعتبار الباحث عنه، بخصوصه.، كالفقيه في متون الأحاديث
الفقهية (2)، والشارح لها، حيث يبحث عما يتعلق به منها.
واستثني النادر: ليدخل مثل الحديث: المقلوب، والمصحف، والمضطرب،
والمزيد.، فإنه يبحث عنها في هذا العلم، مع تعلقها بالمتن.
بل يكتسب الحديث صفة " من القوة والضعف - وغيرهما من الأوصاف -:
بحسب أوصاف الرواة من: العدالة، والضبط، والايمان.، وعدمها: كغير ذلك
من الأوصاف (3).
أو بحسب الاسناد من الاتصال: والانقطاع، والارسال، والاضطراب، وغيرها.

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 11 لوحة ب سطر 1: (واعلم أن متن الحديث)، فقط.، بدون:
(الحقل التاسع: في تحديد البحث).
(2) قال أبو نصر حسين بن أحمد الشيرازي: (العالم: الذي يعلم المتن والاسناد جميعا ".، والفقيه: الذي
عرف المتن ولا يعرف الاسناد.، والحافظ: الذي يعرف الاسناد ولا يعرف المتن.، والراوي: الذي لا يعرف المتن
ولا يعرف الاسناد.، ينظر: تدريب الراوي: ص 5.
(3) الثقة والضعف (خطية الدكتور محفوظ: ص 11).، والذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 11 لوحة
ب سطر 7: (كبين ذلك). وأقول: يبدو لي الصحيح أن يقال هنا: الوثاقة والضعف.
74

الحقل العاشر
في: خطة البحث (1)
- 1 -
وتحرير البحث عن ذلك في هذا العلم: بذكر أوصافه، وتمييز بعضها عن بعض.
ينجر إلى: بيان أنواعه: من الصحة وأضدادها، من الحسن والثقة والضعف، و
غيرها.، حتى يقال: حديث صحيح، أو حسن، أو موثق، أو ضعيف.
وينجر إلى: بيان الجرح للرواة، والتعديل لهم.، فيقال: فلان ثقة، أو غير ثقة، أو
متهم، أو مجهول، أو كذوب، ونحو ذلك، ليترتب عليه، ما سبق من الأنواع.
- 2 -
وإذا نظر إلى حال الطالب: انجر النظر إلى كيفية أخذه.، وطرق تحمله من: القراءة، والسماع، والاجازة، والمناولة، وغيرها.
وينجر الكلام إلى البحث عن: أسماء الرواة المتفقة الاسم والمفترقة، و
أنسابهم، ونحو ذلك.
- 3 -
وهذا التقرير.، يناسب إفراد كل مطلب منها، بباب يخصه.
فها هنا أبواب أربعة:
الأول: في أقسام الحديث.
والثاني: في من تقبل روايته أو ترد.
والثالث: في طرق تحمله ومحله وكيفية روايته.
والرابع: في أسماء الرجال وطبقاتهم.

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 11 لوحة ب سطر 8: (وتحرير البحث) فقط.، بدون: (الحقل العاشر
في خطة البحث).
75

الباب الأول
في: أقسام الحديث
76

القسم الأول
في: الأحاديث الأصول.، وفيه: مسألتان.
المسألة الأولى
في درجات الأصول
وفيها حقول
الحقل الأول
في: الصحيح (1)
- 1 -
وهو: ما اتصل سنده إلى المعصوم، بنقل العدل الامامي عن مثله، في جميع
الطبقات، حيث تكون متعددة، (وإن اعتراه شذوذ) (2).
أ - فخرج باتصال السند: المقطوع في أي مرتبة اتفقت.، فإنه لا يسمى: صحيحا "، و
إن كان رواته، من رجال الصحيح.
ب - وشمل قوله (إلى المعصوم): النبي، والامام.
ج - وبقوله (بنقل العدل): الحسن.
د - - وبقوله (الامامي): الموثق.
ه‍ - وبقوله في (جميع الطبقات): ما اتفق فيه واحد بغير الوصف المذكور.، فإنه
بسببه، يلحق بما يناسبه من الأوصاف، لا بالصحيح.، وهو وارد على من عرفه من أصحابنا -
كالشهيد (3) في الذكرى - بأنه: (ما اتصلت روايته إلى المعصوم، بعدل إمامي) (4): فإن

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 12 لوحة أ سطر 7: (الأول: الصحيح)، فقط.، بدون (المسألة الأولى
في درجات الأصول وفيها حقول الحقل الأول في الصحيح).
(2) هذه العبارة أضفناها، وقد استفدناها من تنبيه المؤلف إليها.، حيث يجئ فيما بعد: (ونبه بقوله: وان
اعتراه شذوذ): ويحتمل أن تكون قد سقطت من قلم الناسخ.
(3) الشهيد الأول: 734 - 786 ه‍، 1333 - 1384 م، محمد بن مكي بن حامد العاملي النبطي
الجزيني....، ينظر: الاعلام،: 7 / 330.
(4) ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة: ص 4.
77

اتصاله بالعدل المذكور، لا يلزم أن يكون في جميع الطبقات، بحسب إطلاق اللفظ، وإن
كان ذلك مرادا ".
ونبه بقوله (وإن اعتراه شذوذ): على خلاف ما اصطلح عليه العامة من تعريفه.،
حيث اعتبروا سلامته من الشذوذ.، وقالوا في تعريفه: انه: (ما اتصل سنده، بنقل العدل
الضابط (1)، عن مثله، وسلم عن شذوذ وعله (2).
- 2 -
وشمل تعريفهم باطلاق العدل: جميع فرق المسلمين.، فقبلوا رواية المخالف
العدل، ما لم يبلغ خلافه حد الكفر (3)، أو يكن ذا بدعة ويروي ما يقوي بدعته، على أصح
أقوالهم (4).
وبهذا الاعتبار: كثرت أحاديثهم الصحيحة، وقلت أحاديثنا (الصحيحة)، مضافا "
إلى ما اكتفوا به في العدالة، من الاكتفاء بعدم ظهور الفسق، والبناء على ظاهر حال
المسلم (5).، فالاخبار الحسنة والموثقة عندنا، صحيحة عندهم، مع سلامتها من المانعين
المذكورين (6).
واحترزوا بالسلامة من الشذوذ: عما رواه الثقة، مع مخالفته ما روى الناس،
فلا يكون صحيحا ".
وأرادوا بالعلة: ما فيه أسباب خفية قادحة، يستخرجها الماهر في الفن.، و
أصحابنا لم يعتبروا في حد الصحيح: ذلك.

(1) المراد بالضابط: من يكون حافظا " متيقضا "، غير مغفل ولا ساه ولا شاك، حالة التحمل.، (خطية
الدكتور محفوظ: ص 13).
(2) الخلاصة في أصول الحديث: ص 35.، وينظر: الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث: ص 22.
(3) علق المددي هنا بقوله: ادعى النواوي الاتفاق على عدم الاحتجاج بحديث من كفر ببدعته من
المسلمين.، وتعقبه السيوطي كما في تدريب الراوي: 1 / 324، بعدم ثبوت الاتفاق.، قال: فقد قيل أنه يقبل
مطلقا "، وقيل: يقبل إن اعتقد حرمة الكذب، وصححه (صاحب المحصول).
(4) قال المددي: حكي عن مالك أنه لا يقبل أخبار أصحاب البدع والأهواء مطلقا ".، والثوري
والقاضي أبي يوسف وابن أبي ليلى: ما يوافق ما في المتن.، وعن أحمد بن حنبل وابن حبان والنواوي و
السيوطي: انه لا تقبل أخبار الداعية مطلقا "، وتقبل أخبار غير الدعاة.، وقيل: هذا قول الأكثر عندهم.، ينظر:
الكفاية للخطيب البغدادي: ص 194 - 195، وتدريب الراوي: 1 / 324 - 325.
(5) وعلق المددي هنا أيضا " بقوله: نسبه الخطيب في الكفاية: ص 141، إلى أهل العراق، مخالفين
بذلك الجمهور، القائلين بعدم الاكتفاء بظاهر حال المسلم.، وللتفصيل ينظر: تدريب الراوي: 1 / 316 -
320.
(6) قال المددي: أي: الشذوذ، والعلة.
78

والخلاف في مجرد الاصطلاح.، وإلا، فقد يقبلون الخبر الشاذ، والمعلل.، ونحن
قد لا نقبلهما، وإن دخلا في الصحيح، بحسب العوارض.
- 3 -
وقد يطلق الصحيح عندنا: على سليم الطريق من الطعن (1)، بما ينافي الامرين.، و
هما: كون الراوي - باتصال - عدلا " إماميا "، وإن اعتراه مع ذلك الطريق السالم إرسال أو
قطع (2)
وبهذا الاعتبار: يقولون كثيرا ": روي ابن أبي عمير (3) في الصحيح كذا، أو في
صحيحته كذا، مع كون روايته المنقولة كذلك مرسلة.
ومثله وقع لهم في المقطوع كثيرا ".
وبالجملة، فيطلقون الصحيح: على ما كان رجال طريقه، المذكورين فيه، عدولا "
إمامية "، وإن اشتمل على أمر آخر بعد ذلك.، حتى أطلقوا لصحيح: على بعض الأحاديث
المروية عن غير إمامي، بسبب صحة السند إليه.، فقالوا في صحيحة فلان: وجدناها
صحيحة بمن عداه.
وفي (الخلاصة) وغيرها: إن طريق الفقيه إلى معاوية بن ميسرة (5)، وإلى عائذ الأحمسي (6)،

(1) ذكرى الشيعة إلى أحكام الشريعة: ص 4.
وقد علق المددي هنا بقوله: بحسب إطلاق اللفظ.
إذ الظاهر من (الاتصال إلى المعصوم بعدل إمامي)، باعتبار العدالة والايمان في الراوي، عن المعصوم
مباشرة، ولا يدل على اعتبار العدالة والايمان في جميع الطبقات..
(2) ينظر: المصدر نفسه.
(3) محمد،....، لقي أبا الحسن موسى عليه السلام...، وروى عن الرضا عليه السلام، جليل القدر،
...، ينظر: معجم رجال الحديث: 14 / 295 - 311.
(4) قال المددي: هذه العبارات وقعت كثيرا "، في كلام من تأخر عن العلامة الحلي كثيرا ".، وأما قبله،
فلم يكن متعارفا " عند الأصحاب.
قال فخر المحققين - وهو نجل العلامة -: في (إيضاح الفوائد): 1 / 25 - 26، في مسألة العجين
النجس، وأنه هل يجوز بيعه أم لا؟
قال قدس سره ما نصه: (أقول: رواية البيع هي رواية محمد بن علي بن محبوب في الصحيح، عن محمد
ابن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا،...، قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام،: العجين يعجن من
الماء النجس كيف يصنع به؟ قال: يباع ممن يستحل أكل الميتة.
وروي محمد بن أبي عمير في الصحيح عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يدفن و
لا يباع...)
(5) ابن شريح بن الحارث الكندي القاضي، روي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام،....، ينظر:
رجال ابن داوود: ق 1، عمود 350 - 351.
(6) من أصحاب السجاد عليه السلام،...، ينظر: معجم رجال الحديث: 9 / 213 - 214.
79

وإلى خالد بن نجيح (1)، وإلى عبد الأعلى مولى آل سام (2)، صحيح (3).، مع أن الثلاثة
الأول: لم ينص عليهم بتوثيق ولا غيره.، والرابع: لم يوثقه، وإن ذكره في القسم الأول (4).
وكذلك، نقلوا الاجماع (5): على تصحيح ما يصح، عن أبان بن عثمان (6)، مع كونه
فطحيا ".
- 4 -
وهذا كله، خارج عن تعريف الصحيح، الذي ذكروه في التعريفين، خصوصا "
الأول المشهور.
- 5 -
ثم، في هذا الصحيح، ما يفيد فائدة الصحيح المشهور (8)، كصحيح أبان.
ومنه ما يراد منه وصف الصحة دون فائدتها (9): كالسالم طريقه مع لحوق الارسال
به، أو القطع، أو الضعف، أو الجهالة بمن اتصل به الصحيح.، فينبغي التدبر لذلك،
فقد زل فيه أقدام أقوام.

(1) من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام....، ينظر: معجم رجال الحديث: 7 / 38 - 40.
(2) من أصحاب الصادق عليه السلام،....، ينظر: معجم رجال الحديث: 9 / 265 - 267.
(3) ينظر: خلاصة الأقوال في معرفة الرجال: ص 277 - 278.
(4) ينظر: المصدر نفسه: ص 127.
وأضاف المددي هنا بقوله: لكن العلامة جعل القسم الأول مختصا " بالثقات.
(5) قال المددي: الناقل هو الكشي: حيث قال: أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن هؤلاء، و
تصديقهم كما يقولون، وأقروا لهم بالفقه...، ستة نفر: جميل بن دراج، وعبد الله بن مسكان، وعبد الله بن بكير، و
حماد بن عثمان، وحماد بن عيسى، وأبان بن عثمان.
وحول مغزى هذا الاجماع. وقعت أبحاث عميقة في كتب الرجال: ويعبر عنهم: ب‍ (أصحاب الاجماع).
(6) من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام...، ينظر: معجم رجال الحديث: 1 / 32 - 40.
(7) نسبة " إلى الفطحية.، وهذه الفرقة القائلة بامامة عبد الله بن جعفر...، سموا بذلك: لان عبد الله
كان أفطح الرأس.، وقال بعضهم: كان أفطح الرجلين...، كتاب المقالات والفرق: ص 87.
(8) قال المددي: أي.، يصح الاعتماد عليه، والاحتجاج به، كسائر الروايات الصحاح.
(9) وعلق المددي هنا بقوله: (يعني: هذا القسم، وإن صدق عليه أنه صحيح، إلا أنه لا يصح الاعتماد
عليه، والعمل به.، للارسال أو الضعف، أو غيرهما.، الطارئة له.
80

الحقل الثاني
في: الحس (1)
- 1 -
وهو: ما اتصل سنده كذلك - أي: إلى المعصوم - بإمامي ممدوح، من غير
نص على عدالته.
مع تحقق ذلك في جميع مراتبه.، أي، جميع (مراتب) رواة طريقه.
أو تحقق ذلك في بعضها: بأن كان فيهم واحدا " إمامي ممدوح غير موثق، مع كون
الباقي من الطريق من رجال الصحيح.، فيوصف الطريق بالحسن، لأجل ذلك الواحد.
- 2 -
وأحترز بكون الباقي من رجال الصحيح: عما لو كان دونه، فإنه يلحق بالمرتبة
الدنيا.
كما لو كان فيه واحد ضعيف، فإنه يكون ضعيفا ".
أو واحد غير إمامي عدل، فإنه يكون من الموثق.
وبالجملة، فيتبع أخس ما فيه من الصفات، حيث تتعدد.
وهذا كله: وارد على تعريف من عرفه من الأصحاب، كالشهيد رحمه الله.، بأنه:
(ما رواه الممدوح، من غير نص على عدالته) (2).
أ - فإنه يشمل: ما كان في طريقه، واحد كذلك (3)، وإن كان الباقي ضعيفا "،
فضلا " عن غيره.
ب - ويزيد: أنه لم يقيد الممدوح بكونه إماميا "، مع أنه مرادا ".
- 3 -
ويطلق الحسن أيضا " على، ما يشمل الامرين - وهما كون الوصف المذكور: في
جميع مراتبه، وفي بعضها.، بمعنى: كون رواته متصفين بوصف الحسن - إلى واحد
معين.
.

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 13 لوحة ب سطر 10: (الثاني الحسن)، فقط.، بدون: (الحقل الثاني
في الحسن).
(2) ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة: ص 4.
(3) أي: الامامي الممدوح: (خطية الدكتور محفوظ: ص 14)
81

ثم يصير بعد ذلك ضعيفا " أو مقطوعا " أو مرسلا ".، كما مر في الصحيح.
مع اتصاف رواته بالوصفين.، وهما: كون كل واحد إماميا "، وممدوحا " على وجه
لا تبلغ العدالة كذلك.
أي: كما أن الصحيح يطلق على سليم الطريق، مما ينافي الامرين - (وهما
كون الراوي: عدلا، إماميا ") - وإن لم يتصل.
- 4 -
ومن هذا القسم: حكم العلامة (1) وغيره: بكون طريق الفقيه (2)، إلى منذر بن
جبير (3)، حسنا ".، مع أنهم لم يذكروا حال منذر، بمدح ولا قدح.
ومثله: طريقه إلى إدريس بن يزيد (4).
وإن طريقه، إلى سماعة بن مهران (5)، حسن (6)، مع أن سماعة واقفي (7)، وإن كان
ثقة "، فيكون من الموثق، لكنه حسن بهذا المعنى.

(1) الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي: 648 ه‍ - 726 ه‍...، ينظر: الاعلام: 2 / 244.
(2) أي: طريق الصدوق: في كتاب: (من لا يحضره الفقيه).، ينظر: شرح مشيخة الفقيه: ج 4،
ص 99.
(3) ينظر: خلاصة الأقوال في معرفة الرجال: ص 280.، وفي مستدرك الوسائل: 3 / 688: (الصحيح:
أن منذر هو ابن جيفر) حيث قد قيل أيضا ": جعفر، وجيفر.
ويراجع كذلك معجم رجال الحديث: 18 / 380 - 381.
أما في نسختنا الخطية ورقة 14 لوحة ب سطر 2 فإنه: منذر بن جبير، بدلا من كل ما سبق.
(4) من أصحاب الصادق عليه السلام...، ينظر: معجم رجال الحديث: 3 / 14.، والذي في النسخة
المعتمدة ورقة 14 لوحة ب سطر 4: (إدريس بن زيد)، بدلا من إدريس بن يزيد.
(5) روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام،..، ينظر: معجم رجال الحديث: 8 / 299 -
304.
(6) ينظر: خلاصة الأقوال في معرفة الرجال: 277.
(7) نسبة " إلى الواقفة: سموا بذلك: لوقوفهم على موسى بن جعفر، أنه الإمام القائم، ولم يأتموا بعده،
ولم يتجاوزوا إلى غيره.، ينظر: كتاب المقالات والفرق: ص 90.
82

وقد ذكر جماعة من الفقهاء (1): أن رواية زرارة (2) - في مفسد الحج، إذا
قضاه.، أن الأولى حجة الاسلام (3) - من الحسن (4).، مع أنها مقطوعة (5).
ومثل هذا كثير، فينبغي مراعاته، كما مر في الصحيح.

(1) قال المددي: منهم المحقق الثاني.، كما في (جامع المقصد): 1 / 184.
(2) من أصحاب الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام،...، ينظر: معجم رجال الحديث: 7 / 218
- 240.
أما القول: بكونه من أصحاب الكاظم (ع)، كما ذهب إلى ذلك مثل الشيخ الطوسي: فإنما بلحاظ:
أنه أدرك زمانه صلوات الله عليه.
وأما من يذهب: إلى أنه لم يكن من أصحابه عليه السلام: فذلك بلحاظ: كونه لم يرو عنه عليه السلام.
(3) وقد علق المددي هنا بقوله: رواية زرارة، هي ما رواه الكليني - والشيخ عنه -، باسناده عن زرارة.،
في ذيلها (قلت: فأي الحجتين لهما؟ قال:.، الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا، والأخرى عليها عقوبة).، ينظر: جامع
أحاديث الشيعة: 11 / 177.
(4) وهنا علق المددي أيضا " بقوله: باعتبار اشتمال السند على: إبراهيم بن هاشم.، فهو: وإن كان
إماميا "، ممدوحا "، كثير الرواية، حتى أنه لا يوجد أكثر رواية منه، في الكتب.، إلا أنه لم ينص على توثيقه
صريحا ".، وبذلك تكون الرواية باعتباره حسنة.
(5) وقال المامقاني:... مع أنها مقطوعة، بسبب كونها مضمرة.
والاضمار: هو ما يطوي فيه ذكر المعصوم (عليه السلام)، في ذلك المقام بالضمير الغائب.، إما لتقية، أو
سبق ذكر في اللفظ، أو الكتابة.، ثم عرض القطع لداع.
وذلك.، كما لو قال: سألته، أو سمعته يقول، أو عنه، أو نحو ذلك.، وهو كسابقيه في عدم الحجية،
لاحتمال أن يكون المراد بالضمير، هو المعصوم (ع).
نعم، لو علم كون المراد به: الإمام (عليه السلام)، بأن سبق ذكره في الفقرة الأولى.، واقتصر في الفقرة
الثانية على ارجاع الضمير إليه (ع)، خرج ذلك عن عنوان الاضمار القادح.، مقباس الهداية: ص 60.، وينظر:
قواعد الحديث للغريفي: 213 - 229.
83

الحقل الثالث
في: الموثق (1)
- 1 -
سمي بذلك: لان راويه ثقة، وإن كان مخالفا ".، وبهذا، فارق الصحيح، مع
اشتراكهما في الثقة، ويقال له: القوي أيضا "، لقوة الظن بجانبه بسبب توثيقه.
وهو:
أولا:
ما دخل في طريقه: (من نص الأصحاب على توثيقه، مع فساد عقيدته) (2)، بأن
كان من إحدى المخالفة للامامية، وإن كان من الشيعة.
واحترز بقوله (3): (نص الأصحاب على توثيقه) لا، عما لو رواه المخالفون في
صحاحهم، التي وثقوا رواتها.، فإنها لا تدخل في الموثق عندنا.، لان العبرة بتوثيق أصحابنا
للمخالف، لا بتوثيق غيرنا.، لأنا لم نقبل إخبارهم بذلك (4).
وبهذا، يندفع ما يتوهم: من عدم الفرق بين رواية من خالفنا، ممن ذكر في كتب
حديثنا.، وما رووه في كتبهم.
وحينئذ، فذلك كله يلحق بالضعيف عندنا، لما سيأتي من صدق تعريفه عليه،
فيعمل منه بما يعمل به منه.
ثانيا ":
ولم يشتمل باقيه.، أي: باقي الطريق، على ضعف.، وإلا، لكان الطريق ضعيفا "،
فإنه يتبع الأخس كما سبق.

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 14 لوحة ب سطر 8: (الموثق)، فقط.، بدون: (الحقل الثالث
في الموثق).
(2) ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة: ص 4.
(3) فيما يبدو: أن مرجع الضمير: هو المعرف، وما شابه ذلك
(4) وقد علق المددي هنا بقوله: لان مرجع التوثيق، على ما هو المعروف عندهم، مرده إلى الشهادة.،
والعدالة معتبرة فيها.
84

وبهذا القيد: سلم مما يرد على تعريف الأصحاب له، بأن الموثق: ما رواه من نص
على توثيقه، مع فساد عقيدته (1).
فإنه يشتمل بإطلاقه، ما لو كان في الطريق واحد كذلك، مع ضعف الباقي، و
ليس بمراد كما مر.
- 2 -
وقد يطلق القوي: على مروي الامامي، غير الممدوح ولا المذموم (2).، ك‍: نوح بن
دراج (3).، وناجية بن أبي عمارة الصيداوي (4)، وأحمد بن عبد الله بن جعفر الحميري (5).، وغيرهم.،
وهم كثيرون.
وقولنا: غير الممدوح ولا المذموم.، خير من قول الشهيد رحمه الله وغيره في
تعريفه: (غير المذموم) (6): مقتصرين عليه.،. نه يشمل الحسن.
فان الامامي الممدوح: غير مذموم.، ولو فرض كونه: قد مدح وذم، كما اتفق
لكثير.، ورد على تعريف الحسن أيضا ".
والأولى: أن يطلب حينئذ الترجيح، ويعمل بمقتضاه.، فإن تحقق التعارض، لم يكن حسنا ".
وعلى هذا.، فينبغي زيادة تعريف الحسن: بكون المدح مقبولا ".، فيقال: ما اتصل
سنده، بإمامي ممدوح مدحا " مقبولا "... الخ.
أو غير معارض بذم.، ونحو ذلك.

(1) ينظر: ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة: ص 4.
(2) ينظر: المصدر نفسه.
(3) من أصحاب الصادق عليه السلام،..، ينظر: معجم رجال الحديث: 19 / 219 - 222.
(4) من أصحاب الباقر عليه السلام،...، ينظر: معجم رجال الحديث: 19 / 144 - 145.
(5) كان له مكاتبة،..، ينظر معجم رجال الحديث: 2 / 137.
(6) ويبدو أن في المقام اشتباها ": إما من الشهيد الثاني في نقله، وإما من قول الشهيد الأول في نسخه.
ذلك.، لان الذي ورد في الكتاب المطبوع: (ذكرى الشيعة إلى أحكام الشريعة): ص 4.، جاء فيه:
(وقد يراد بالقوي: مروي الامامي غير المذموم، ولا الممدوح.، أو مروي المشهور في التقدم غير الموثق.، والضعيف
يقابله: وربما قابل الضعيف: القبيح، والحسن والموثق).
85

الحقل الرابع
في: الضعيف (1)
وهو: ما لا يجتمع فيه شروط أحد الثلاثة المتقدمة.، بأن يشتمل طريقه على:
مجروح بالفسق ونحوه، أو مجهول الحال، أو ما دون ذلك.، كالوضاع.
ويمكن اندراجه في المجروح، فيستغنى به عن الشق الأخير. (2)
[1]. ودرجاته في الضعف: متفاوتة بحسب بعده عن شروط الصحة، فكلما بعد
بعض رجاله عنها، كان أقوى في الضعف.، وكذا ما كثر فيه الرواة المجروحون، بالنسبة إلى ما
قل فيه (3).
كما تتفاوت: درجات الصحيح، وأخويه الحسن والموثق، بحسب تمكنه من
أوصافها.، فما رواه الامامي الثقة الورع الضابط، كابن أبي عمير، أصح مما رواه من نقص
في بعض الأوصاف، وهكذا، إلى أن ينتهي إلى أقل مراتبه.
وكذلك، ما رواه الممدوح كثيرا ": كإبراهيم بن هاشم (4)، أحسن مما رواه من
هو دونه في المدح، وهكذا إلى أن يتحقق مسماه.
وكذا القول في الموثق: فإن ما كان في طريقه، مثل علي بن فضال (5)، وأبان
ابن عثمان (6)، أقوى من غيره، وهكذا...

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 15 لوحة ب سطر 7: (الرابع الضعيف)، فقط.، بدون
(الحقل الرابع في الضعيف).
(2) وقد علق المددي هنا بقوله: ولعل الأحسن إبقائه، للفرق الواضح بين خبر شارب الخمر، وخبر
الكذاب الوضاع.
(3) سيأتي مزيد بيان عن أنواع الحديث الضعيف.، في النظر الثاني من القسم الثاني من الباب الأول،
حسب الهيكل العام المعدل، الذي عملنا على رسمه.
(4) من أصحاب الرضا عليه السلام،...، ينظر: معجم رجال الحديث: 1 / 177 - 191.
(5) هو علي بن الحسن بن فضال البطحي،...، ينظر: معجم رجال الحديث: 12 / 123.
(6) وقد علق المددي هنا بقوله: أبان بن عثمان: ثقة جليل.، وقد عد من أصحاب الاجماع.، الا انه
نوقش في مذهبه.، فعن بعض نسخ الكشي.، وكان من الناووسية.
وعن المحقق - والعلامة في خاتمة الخلاصة -: أنه فطحي.
كما نسب إلى العلامة في محكي المختلف: أنه واقفي.
ولم يثبت: شئ من ذلك كله، وللتفصيل مجال آخر. لا يسعه هذا المختصر.
86

(ب). ويظهر أثر القوة: عند التعارض، حيث يعمل بالأقسام الثلاثة، ويخرج أحد
الأخيرين شاهدا " (1)، أو يتعارض صحيحان أو حسنان، حيث يجوز العمل به (2).
وكثيرا " ما يطلق الضعيف في كلام الفقهاء: على رواية المجروح خاصة، وهو
استعمال الضعيف في بعض موارده (3)، وأمره سهل (4).

(1) أي: الحسن أو الموثق، بأن جعله شاهدا " للصحيح، بدون العمل به.، (خطية الدكتور محفوظ:
ص 17).
(2) وقد علق المددي هنا بقوله: أي: بالقوي (الموثق).، فعند تعارض الصحيحين أو الحسنين، يرجع إلى
الموثق، ويعمل به.، ويكون مرجحا " لأحدهما على الاخر.
(3) قال التهانوي في كتابه كشاف اصطلاحات الفنون، نقلا " عن كتاب (خلاصة القول): أن
أقسام الحديث الضعيف هي:
1 - الموقوف، 2 - المقطوع، 3 - المرسل، 4 - المنقطع، 5 - المعضل، 6 - الشاذ، 7 - المنكر، 8 - المعلل،
9 - المدلس، 10 - المضطرب، 11 - المقلوب، 12 - الموضوع.
غير أن الشيخ جمال الدين القاسمي أضاف قسمين آخرين هما: المتروك والمختلق.
وأما الشيخ شانه چي.، فقد قال ما ترجمته: ولكن يمكن القول بأن أغلب الأقسام المذكورة اصطلاحا "،
هي متروكة.
وأيضا ".، فإن القسم الاخر، الذي هو مثل المنقطع والمرسل.، فهو مع وجود المعارض يعتبر من المتروك.
وأما بالنسبة للمختلق فهو اسم ثان للموضوع.
ينظر: قواعد التحديث: ص 40 و 120، ودراية الحديث لشانه چي: ص 47 - 48.
(4) ينظر: مقباس الهداية: ص 28 - 30.
87

المسألة الثانية
في: حجية العمل بها
وفيها: حقول
الحقل الأول
في: العمل بخبر الواحد (1)
واعلم: أن من منع العمل بخبر الواحد مطلقا "، كالسيد المرتضى، تنتفي عنده
فائدة البحث، عن الحديث غير المتواتر مطلقا ".، ومن جوز العمل بخبر الواحد، كأكثر
المتأخرين في الجملة.
فائدة القيد: التنبيه، على أن من عمل بخبر الواحد، لم يعمل به مطلقا ".
بل، منهم: من خصه بالصحيح.
ومنهم: من أضاف الحسن.
ومنهم: من أضاف الموثق.
ومنهم: من أضاف الضعيف على بعض الوجوه، كما سننبه عليه.
فالعامل بخبر الواحد على أي وجه كان: قطع بالعمل بالخبر الصحيح، لعدم المانع
منه.، فإن رواته عدول، صحيحو العقايد.، لكن لم يعمل به مطلقا ".، بل حيث لا يكون شاذا "،
أو معارضا " بغيره من الأخبار الصحيحة، فإنه حينئذ يطلب المرجح.
وربما عمل بعضهم: بالشاذ أيضا "، كما اتفق للشيخين (2)، في صحيحة زرارة،
في من دخل في الصلاة بتيمم ثم أحدث؟

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 16 لوحة ب سطر 10: (المسألة الثانية في حجية العمل بها، وفيها
حقول، الحقل الأول، في العمل بخبر الواحد)، غير موجود.، وإنما أضفناه للضرورة المنهجية والاخراجية.
(2) يقول الفقيه المقداد السيوري في مقدمة كتابه: (التنقيح الرائع لمختصر الشرائع)، وهو مخلوط
محفوظ، في مكتبة (آية الله الحكيم العامة) في النجف الأشرف، تحت رقم 306.، يقول المقداد: (المراد بالشيخ: هو
الطوسي رحمه الله.، وبالشيخين: هو مع المفيد.، والثلاثة: هما مع المرتضى.، وعلم الهدى: هو المرتضى).
88

إنه يتوضأ حيث الماء، ويبني على الصلاة، وإن خصاها بحالة الحدث ناسيا " (1). و
مثل ذلك كثير (2).

(1) قلت: صحيحة زرارة هذه إنما هي من الشاذ، بالتفسير الذي فسره به بعض العامة، وهو ما انفرد به
راو واحد.
وأما الشذوذ بالتفسير الذي ذكره أكثرهم، واعتمده الوالد قدس سره فيما يأتي، وهو ما رواه الثقة مخالفا "
لما رواه الأكثر، فليس ذلك بمتحقق فيها، إذ لم يرد بخلافها رواية، فضلا " عن رواية الأكثر له.
نعم، هي مخالفة للمعهود، في نظائر الحكم من منافيات الصلاة.، ولفظ التفسير كما لا يخفى، غير
متناول لمثل هذه المخالفة، فلينظر. حسن رحمه الله.، (هامش ورقة 16 لوحة ب.، والمقصود بعبارة:
(حسن رحمه الله): هو الشيخ حسن صاحب كتاب (المعالم)، وهو أبن الشهيد الثاني صاحب (الدراية).
الخطية المعتمدة:
و. ما بخصوص الصحيحة فينظر:
من لا يحضره الفقيه: 1 / 58، باب التيمم حديث 214 / 4.
تهذيب الأحكام - للشيخ الطوسي - في شرح (المقنعة) للشيخ المفيد -: 10 / 205.، باب التيمم و
أحكامه، حديث 595 / 69.
والاستبصار: 1 / 167: باب من دخل في الصلاة بتيمم ثم وجد الماء، حديث 580 / 6.
(2) وأقول: بخصوص حجية خبر الواحد.، سواء أكان صحيحا "، أم حسنا "، أم موثقا "، أم ضعيفا ".، فلأجل
التوسعة في بحثه ينظر:
مبادئ الوصول للعلامة: ص 205 - 207، ودراية الحديث لشانه چي: ص 34 - 36، (جمعا " بين المتن و
الهامش)، وكذلك: ص 100 - 102، 103 - 104، وتقريرات النائيني - طبعة قم 1368 ه‍ -:
ص 90 - 126.
89

الحقل الثاني
في: العمل بالخبر الحسن (1)
واختلفوا في العمل بالحسن.
- 1 -
فمنهم من عمل به مطلقا ": كالصحيح.، وهو الشيخ رحمه الله، على ما يظهر من
عمله.، وكل من اكتفى في العدالة بظاهر الاسلام، ولم يشترط ظهورها.
- 2 -
ومنهم من رده مطلقا "، وهم الأكثرون.، حيث اشترطوا في قبول الرواية: الايمان
والعدالة كما قطع به العلامة في كتبه الأصولية، وغيره.
والعجب، ان الشيخ رحمه الله: اشترط ذلك أيضا في كتب الأصول، ووقع له
في الحديث وكتب الفروع الغرائب.، فتارة " يعمل بالخبر الضعيف مطلقا "، حتى أنه يخصص
به أخبارا " كثيرة صحيحة، حيث تعارضه باطلاقها، وتارة " يصرح برد الحديث لضعفه.، و
أخرى يرد الصحيح، معللا " بأنه خبر واحد، لا يوجب علما " ولا عملا " كما هي عبارة المرتضى.
- 3 -
وفصل آخرون في الحسن: كالمحقق في المعتبر، والشهيد في الذكرى.، فقبلوا
الحسن بل الموثق.، وربما ترقوا إلى الضعيف أيضا "، إذا كان العمل بمضمونه مشتهرا " بين
الأصحاب.، حتى قدموه حينئذ على الخبر الصحيح، حيث لا يكون العمل بمضمونه مشتهرا ".

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 16 لوحة ب سطر 9: (الحقل الثاني، في العمل بالخبر الحسن)، غير
موجود.
90

الحقل الثالث
في: العمل بالخبر الموثق (1)
وكذا اختلفوا في العمل بالموثق، نحو اختلافهم في الحسن، فقبله قوم مطلقا "،
ورده آخرون، وفصل ثالث (بالشهرة وعدمها) (2).
- 1 -
ويمكن، اشتراك الثلاثة في دليل واحد، يدل على جواز العمل بها مطلقا ".، وهو:
أن المانع من قبول خبر الفاسق هو فسقه.، لقوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ،
فتبينوا...) (3).، فمتى لم يعلم الفسق، لا يجب التثبت عند خبر المخبر، مع جهل حاله.،
فكيف مع توثيقه ومدحه، وإن لم يبلغ حد التعديل؟ وبهذا احتج من قبل المراسيل.
- 2 -
وقد أجابوا عنه: بأن الفسق، لما كان علة التثبت، وجب العلم بنفيه، حتى يعلم
وجود انتفاء التثبيت فيجب التفحص عن الفسق، ليعلم.، أو عدمه، حتى يعلم التثبت أو
عدمه.
- 3 -
وفيه نظر: لان الأصل، عدم وجود المانع في المسلم.، ولان مجهول الحال،
لا يمكن الحكم عليه بالفسق.، والمراد في الآية: المحكوم عليه بالفسق.

(1) الذي في النسخة المعتمدة ورقة 17 لوحة أ سطر 9: (الحقل الثالث في العمل بالخبر الموثق)، غير
موجود.
(2) هذه الزيادة غير موجودة في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 17 لوحة ب سطر 10: وإنما هي موجودة
في طبعة النعمان المتداولة، وقد أثبتناها هنا لمزيد إيضاح وتوضيح.
(3) سورة الحجرات، آية 7.
91

الحقل الرابع
في: العمل بالخبر الضعيف (1)
- 1 -
وأما الضعيف: فذهب الأكثر: إلى منع العمل به مطلقا "، للامر بالتثبيت عند إخبار
الفاسق الموجب لرده.
وأجازه آخرون - وهم جماعة كثيرة: منهم من ذكرناه -: مع اعتضاده بالشهرة،
رواية ".، بأن يكثر تدوينها وروايتها: بلفظ واحد، أو ألفاظ متغايرة متقاربة المعنى، أو فتوى
بمضمونها في كتب الفقه، لقوة الظن بصدق الراوي في جانبها.، أي: جانب الشهرة وإن
ضعف الطريق.، فإن الطريق الضعيف، قد يثبت به الخبر، مع اشتهار مضمونه.
كما تعلم مذاهب الفرق الاسلامية كقول: أبي حنيفة (2)، والشافعي (3)، ومالك (4)، و
أحمد.، بإخبار أهلها - مع الحكم بضعفهم عندنا - وإن لم يبلغوا حد التواتر.
وبهذا.، اعتذر للشيخ رحمه الله، في عمله بالخبر الضعيف.
وهذه.، حجة من عمل بالموثق أيضا "، بطريق أولى.
- 2 -
وفيه نظر، يخرج تحريره عن وضع الرسالة، فإنها مبنية على الاختصار.
ووجهه على وجه الايجاز: إنا نمنع من كون هذه الشهرة التي ادعوها، مؤثرة في
جبر الخبر الضعيف.، فإن هذا إنما يتم، لو كانت الشهرة متحققة قبل زمن الشيخ رحمه الله.
والامر ليس كذلك.، فإن من قبله من العلماء، كانوا بين مانع من خبر الواحد
مطلقا "، كالمرتضى والأكثر، على ما نقله جماعة.، وبين جامع للأحاديث، من غير التفات
إلى تصحيح ما يصح، ورد ما يرد.
وكان البحث عن الفتوى مجردة - لغير الفريقين - قليلا " جدا "، كما لا يخفى على
من أطلع على حالهم.

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 17 لوحة ب سطر 6: (الحقل الرابع في العمل بالخبر
الضعيف) غير موجود.
(2) النعمان بن ثابت: 80 - 150 ه‍،...، ينظر: الاعلام: 9 / 4 - 5.
(3) محمد بن إدريس: 150 - 204 ه‍،...، ينظر: الاعلام: 6 / 249 - 250.
(4) مالك بن أنس: 93 - 179،...، ينظر: الاعلام: 6 / 128.
92

فالعمل بمضمون الخبر الضعيف، قبل زمن الشيخ، على وجه يجبر ضعفه، ليس
بمتحقق، ولما عمل الشيخ بمضمونه، في كتبه الفقهية، جاء من بعده من الفقهاء، واتبعه منهم
عليها الأكثر، تقليدا " له، إلا من شذ منهم.، ولم يكن فيهم: من يسبر الأحاديث، وينقب على
الأدلة بنفسه، سوى الشيخ المحقق ابن إدريس (1)، وقد كان لا يجيز العمل بخبر الواحد مطلقا.
فجاء المتأخرون بعد ذلك ووجدوا الشيخ ومن تبعه.، قد عملوا بمضمون ذلك
الخبر الضعيف، لأمر ما رأوه في ذلك، لعل الله تعالى يعذرهم فيه.، فحسبوا العمل به مشهورا "،
وجعلوا هذه الشهرة جابرة لضعفه.
ولو تأمل المنصف، وحرر المنقب، لوجد مرجع ذلك كله إلى الشيخ.، ومثل
هذه الشهرة، لا تكفي في جبر الخبر الضعيف.
ومن هنا، يظهر الفرق بينه، وبين ثبوت فتوى المخالفين، بإخبار أصحابهم. فإنهم
كانوا منتشرين في أقطار الأرض، من أول زمانهم، ولم يزالوا في ازدياد (2).
وممن أطلع على أصل هذه القاعدة - التي بينتها وتحققتها - من غير تقليد: الشيخ
الفاضل المحقق سديد الدين محمود الحمصي (3)، والسيد رضي الدين ابن
طاووس (4)، وجماعة.
قال السيد رحمه الله في كتابه (البهجة لثمرة المهجة): أخبرني جدي الصالح،
ورام بن أبي فراس قدس الله سره (5).، ان الحمصي حدثه: انه لم يبق للامامية مفت على
التحقيق.، بل، كلهم حاك.

(1) صاحب كتاب: (السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي)،...، ينظر: روضات الجنات: 6 / 274 - 290
(2) أي: العلم بمذاهب المخالفين وفتاويهم مستفاد من أصحابهم، وحيث لم يكونوا ثقة " عندنا، كان
إخبارهم بمذاهبهم، من باب الاخبار الضعيفة.
لكن، اعتبرها أصحابنا، وحكموا بأن هذا القول لأبي حنيفة، وهذا للشافعي، وغيرهما، استنادا " إلى
الشهرة التي أنجبر الضعيف بها.
وليس تلك الشهرة، كالشهرة التي ادعاها أصحابنا، في بعض الاخبار، لما عرفت أصلها.، (خطية
الدكتور محفوظ: ص 20).
(3) علامة زمانه في الأصولين، ورع ثقة،..، ينظر: روضات الجنات: 7 / 158 - 164.
(4) السيد الشريف: رضي الدين أبو القاسم علي، بن سعد الدين أبي إبراهيم موسى، بن جعفر، بن
محمد، بن أحمد، بن محمد، بن أحمد، بن أبي عبد الله محمد، بن محمد، بن الطاووس.، ينتهي نسبه الشريف إلى
الحسن المثنى،.. ينظر: البحار: 1 / 143 - 146.
وكذلك، له ترجمة إضافية، في مقدمة.، كشف المحجة لثمرة المهجة - المطبوع في النجف الأشرف -.،
بقلم البحاثة الكبير آغا بزرگ الطهراني.
(5) من أولاد مالك الأشتر النخعي، عالم فقيه،..، ينظر: روضات الجنات: 8 / 177 - 179.
93

وقال السيد عقيبه: (والآن، فقد ظهر أن الذي يفتى به ويجاب عنه، على سبيل ما
حفظ من كلام العلماء المتقدمين (1))، انتهى.
وقد كشف لك بذلك: بعض الحال، وبقي الباقي في الخيال.، وإنما يتنبه
لهذا المقال، من عرف الرجال بالحق، وينكره، من عرف الحق بالرجال (2).
وجوز الأكثر: العمل به - أي بالخبر الضعيف -.، في نحو: القصص، والمواعظ،
وفضائل الأعمال.، لا في نحو: صفات الله المتعال، وأحكام الحلال والحرام.
وهو حسن: حيث لا يبلغ الضعف، حد الوضع والاختلاق، لما اشتهر بين العلماء
المحققين، من التساهل بأدلة السنن، وليس في المواعظ والقصص غير محض الخير.
لما ورد عن النبي (ص) - من طريق الخاصة والعامة - أنه قال: (من بلغه عن
الله تعالى فضيلة "، فأخذها وعمل بما فيها، إيمانا " بالله ورجاء ثوابه، أعطاه الله تعالى
ذلك، وإن لم يكن كذلك) (3).
وروي هشام بن سالم - في الحسن (4) - عن أبي عبد الله (ع) قال: (من سمع
شيئا " من الثواب على شئ، فصنعه، كان له أجر، وإن لم يكن على ما بلغه) (5).

(1) وقد علق المددي هنا بقوله: إن كتاب (البهجة لثمرة المهجة)، لم يصل إلينا.، ولكن السيد ابن
طاووس، ذكر هذا الكلام بعينه، في كتابه: (كشف المحجة لثمرة المهجة): ص 127، المطبوع في النجف
الأشرف.
(2) هذه العبارة فيما يبدو: مستلهمة من قول أمير المؤمنين عليه السلام: (يا حار... إنه ملبوس عليك،
إن الحق لا يعرف بالرجال: فاعرف الحق، تعرف أهله)، وهذا من التضمين الجميل: ينظر: البيان والتبيين
للجاحظ: 3 / 136.
(3) ينظر: عدة الداعي: ص 4.
(4) وقد علق المددي هنا بقوله: وصفه بالحسن.، باعتبار ان الكليني رواه.، باسناد فيه إبراهيم بن هاشم،
وهو إمامي ممدوح: إلا أن البر في رواه المحاسن ص 25 -: بسند صحيح عن هشام بن سالم، مع اختلاف يسير
في الألفاظ.
وقال السيد ابن طاووس: ووجدنا هذا الحديث، في أصل هشام بن سالم، رواه عن الصادق
عليه السلام.، ينظر: البحار: 2 / 256.
(5) ينظر: الأصول من الكافي: 2 / 87، وعدة الداعي: ص 3، والبحار: 2 / 256، وجامع أحاديث
الشيعة: ج 1، المقدمات، الباب 9.
94

القسم الثاني
في: الأنواع والفروع
أما وقد عرفت تلك المعاني الأربعة (1)، التي هي أصول علم الحديث.، بقي هنا
عبارات لمعان شتى.
منها.، ما يشترك فيها الأقسام الأربعة، إما جميعها أو بعضها، بحيث لا يختص
بالضعيف.، ليدخل فيه المقبول، فإنه ليس من أقسام الصحيح، وإنما يشترك فيه الثلاثة
الأخيرة، على ظاهر الاستعمال.، وإن كان اطلاق مفهومه، قد يفهم منه كونه أعم من
الصحيح أيضا ".
وجملة المشترك: ثمانية عشر نوعا ".
ومنها ما يختص بالضعيف: وهو ثمانية.
فجملة الأنواع الفروع: ستة وعشرون.
ومع الأصول: ثلاثون نوعا ".
وذلك على وجه: الحصر الجعلي، أو الاستقرائي.، لامكان إبداء أقسام أخر (2).
(وعليه، ففي هذا القسم: مسألتان) (3).

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 19 لوحة ب سطر 2: (وإذ قد عرفت هذه المعاني الأربعة).،
بدلا " من: (القسم الثاني في الأنواع والفروع، أما وقد عرفت تلك المعاني الأربعة).
(2) قال أبو عمرو بن الصلاح بعد ذكر تعداد أنواع الحديث: وليس بآخر الممكن في ذلك، فإنه قابل
للتنويع إلى ما لا يحصى.، إذ لا تحصى: أحوال الرواة وصفاتهم، وأحوال متون الحديث وصفاتها.، ينظر: مقدمة
بن الصلاح: ص 81
وقال ابن كثير في تعقيبه على ابن الصلاح: وفي هذا كله نظر.، بل، في بسطه هذه الأنواع إلى هذا العدد
نظر.، إذ يمكن إدماج بعضها في بعض، وكان أليق مما ذكره.، (الباعث الحثيث): ص 21).
(3) هذه الزيادة غير موجودة، في النسخة الخطية المعتمدة، ورقة 19 لوحة ب سطر 10: وانما أثبتناها هنا
للضرورة المنهجية.
95

المسألة الأولى
في: أنواع المشترك
وفيها: حقول
الحقل الأول
في: المسند (1)
وهو: ما اتصل سنده مرفوعا "، من رواية إلى منتهاه، إلى المعصوم.
وأكثر ما يستعمل: في ما جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله) (2)
فخرج باتصال السند: المرسل، والمعلق، والمعضل.
وبالغاية: الموقوف، إذا جاء بسند متصل، فإنه لا يسمى في الاصطلاح مسندا ".
وربما أطلقه: بعضهم على المتصل مطلقا " (3).، وآخرون: على ما رفع إلى
النبي (ص)، وإن كان منقطعا ".

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 19 لوحة ب سطر 11: (فمن القسم الأول - وهو المشترك -
أمور أحدها المسند)، بدلا " من (المسألة الأولى وفي أنواع المشترك، وفيها حقول، الحقل الأول في المسند).، وهذا مما
وضعناه، للضرورة المنهجية.
(2) قال الحاكم: هو ما اتصل إسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الخطيب: هو ما اتصل إلى منتهاه.
وحكى ابن عبد البر: إنه المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كان متصلا " أو منقطعا ".
وقال أحمد محمد شاكر: وعلى تعريف الخطيب يدخل الموقوف - على الصحابة إذا روي بسند -: في
تعريف المسند.، وكذلك، يدخل فيه ما روي عن التابعين بسند أيضا ".، ولا يدخلان فيه على تعريف الحاكم و
ابن عبد البر.
ويدخل المنقطع والمعضل على تعريف ابن عبد البر.، ولا يدخل على تعريف الحاكم.، ينظر: الباعث
الحثيث: ص 44 - 45 (جمعا " بين المتن والهامش).، وينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية: ص 21، ومعرفة علوم
الحديث - مقدمة ابن الصلاح -: 17.
(3) وقد علق المددي هنا بقوله:
أي: سواء أكان مسندا " إلى رسول الله (ص)، أم إلى الصحابة.، وهو المسمى.، بالموقوف.
96

الحقل الثاني
في: المتصل (1)
ويسمى أيضا ": الموصول (2).
وهو: ما اتصل اسناده إلى المعصوم أو غيره، وكان كل واحد من رواته، قد سمعه
ممن فوقه.، أو ما هو في معنى السماع: كالاجازة، والمناولة.
وهذا القيد (3)، أخل به كثير.، فورد عليهم: ما تناوله.، سواء كان: مرفوعا " إلى
المعصوم، أم موقوفا " على غيره.
وقد يخص.، بما اتصل إسناده: إلى المعصوم، أو الصحابي، دون غيرهم.
هذا، مع الاطلاق.، أما مع التقييد، فجائز مطلقا " (و) واقع، كقولهم: هذا متصل
الاسناد بفلان، ونحو ذلك.
الحقل الثالث
في: المرفوع (4)
- 1 -
وهو: ما أضيف إلى المعصوم (5): من قول.، بأن يقول في الرواية: أنه عليه السلام
قال كذا.
أو فعل.، بأن يقول: فعل كذا.
أو تقرير.، بأن يقول: فعل فلان بحضرته كذا، ولم ينكره عليه، فإنه يكون قد أقره
عليه.، وأولى منه: ما لو صرح بالتقرير.

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 20 لوحة أ سطر 3: (وثانيها المتصل)، فقط.، بدون (الحقل
الثاني في المتصل).
(2) الخلاصة في أصول الحديث: ص 46.، وينظر: الباعث الحثيث: 45.
(3) أي: قوله: أو ما هو في معنى السماع، (خطية الدكتور محفوظ: ص 22.
(4) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 20 لوحة أ سطر 10: (وثالثها.، المرفوع)، فقط.، بدون:
(الحقل الثالث في المرفوع).
(5) وقد علق المددي هنا بقوله: وعند العامة: خصوص ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله.
97

سواء كان إسناده: متصلا " بالمعصوم بالمعنى السابق.، أم منقطعا ": بترك بعض
الرواة، أو إيهامه، أو رواية بعض رجال سنده عمن لم يلقه. (1)
- 2 - وقد تبين من التعريفات الثلاثة: أن بين الأخيرين منها، عموما " من وجه (2)
بمعنى: صدق منهما، على شئ مما صدق عليه الاخر، مع عدم استلزام صدق شئ
منهما صدق الاخر.
ومادة تصادقهما هنا: فيما إذا كان الحديث متصل الاسناد بالمعصوم، فإنه
يصدق عليه الاتصال والرفع، لشمول تعريفهما له.
ويختص المتصل: بمتصل الاسناد، على الوجه المقرر، مع كونه موقوفا " على غير
المعصوم.
ويختص المرفوع: بما أضيف إلى المعصوم، باسناد منقطع.
- 2 -
وتبين أيضا ": أنهما أعم من الأول مطلقا ".، بمعنى: استلزام صدقه صدقهما، من غير
عكس.
ووجه عمومهما كذلك، اشتراك الثلاثة، في الحديث المتصل الاسناد، على
الوجه السابق إلى المعصوم.
واختصاص المتصل: بحالة كونه موقوفا ".، والمرفوع: بحالة انقطاعه.

(1) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 46، والباعث الحثيث: ص 45.
قد علق المددي هنا بقوله: مثاله: ما رواه الشيخ في التهذيب: 9 / 26: بإسناده عن ابن أبي عمير، عن
زرارة، عن محمد بن مسلم....، فإن ابن أبي عمير، لم يلق زرارة، فحديثه عنه مرفوع.
(2) العموم المطلق، والعموم من وجه، والخصوص المطلق، والخصوص من وجه.، بل، كذلك العموم
والخصوص من وجه: كل هذه وغيرها اصطلاحات منطقية.، ينظر من مثل: (كتاب المنطق)، للشيخ المظفر.
ويظهر من هذا الحقل: كيف ان علم المنطق، يدخل في خدمة الحديث.، وكيف ان العلوم في مباحثها
بلحاظ ولحاظ متداخل..
98

الحقل الرابع
في: المعنعن (1)
وهو ما يقال في سنده: فلان عن فلان (2)، من غير بيان للتحديث والاخبار
والسماع.، وبذلك يظهر وجه تسميته: معنعنا ".
- 1 -
وقد اختلفوا في حكم الاسناد المعنعن:
(أ). فقيل: هو من قبيل المرسل (3) والمنقطع (4)، حتى يتبين إتصاله بغيره.، لان
العنعنة أعم من الاتصال لغة ".
(ب). والصحيح: الذي عليه جمهور المحدثين.، بل، كاد يكون إجماعا ".، أنه:
متصل إذا أمكن اللقاء - أي: ملاقاة الراوي بالعنعنة لمن رواه عنه - مع البراءة - أي:
براءته أيضا " من التدليس: بأن لا يكون معروفا " به (5) -.
وإلا، لم يكف اللقاء، لان من عرف بالتدليس، قد يتجوز في العنعنة، مع عدم
الاتصال.، نظرا " إلى ظهور صدقه في الاطلاق، وإن كان خلاف الاصطلاح، والمتبادر من معناه (6).
- 2 -
وقد استعمله - أي المعنعن - والمراد: استعمال المصدر، وهو العنعنة في
الأحاديث.
(نعم، قد استعمله) أكثر المحدثين، مريدين به: الاتصال.
وأكثرهم لا يقول بالمرسل (7).

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 20 لوحة ب سطر 12 - 13: (ورابعها المعنعن)، فقط.،
بدون.، (الحقل الرابع في المعنعن).
(2) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 47.
(3) ينظر: المصدر نفسه.
(4) ينظر: معرفة علوم الحديث: ص 28.
(5) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 47.
(6) التبادر والمتبادر: من الألفاظ المستعملة بكثرة، في مباحث أصول الفقه الامامية.، ينظر من مثل:
أصول الفقه للشيخ المظفر، والأصول العامة للفقه المقارن للسيد محمد تقي الحكيم.
(7) قال الحاكم: لا يسمى، مرسلا "، بل، منقطعا. "، (معرفة علوم الحديث: ص 47).
99

وزاد آخرون في الشرائط: كون الراوي، قد أدرك المروي عنه بالعنعنة، إدراكا "
بينا ".
وآخرون على ذلك: كونه معروفا " بالرواية عنه.
الأظهر: عدم اشتراطهما (1).

(1) الأظهر، إن هذه اللفظة، كثيرا " ما تستعمل في أوساط الفقه الامامية. وخاصة من لدن المحقق
الحلي، وحتى اليوم.، وقد جاء على بيان المراد منها، وأخوات لها، الشيخ المقداد السيوري، كما ذكرنا ذلك في
مقدمتنا لكتاب: شرائع الاسلام في مسائل الحلال والحرام.
وهنا قال المامقاني: (ثم إن أهل القول الأول اختلفوا:
فمنهم، من اكتفى بامكان اللقاء.، اختاره كثير من أهل الحديث.، بل، عن مسلم بن الحجاج من العامة:
ان القول الشايع المتفق عليه بين أهل العلم بالاخبار، قديما " وحديثا "، انه يكفي أن يثبت كونهما في عصر واحد، وإن
لم يأت في خبر قط انهما اجتمعا أو تشابها.
ومنهم، من شرط ثبوت اللقاء، ولم يكتف بامكانه.، حكي ذلك عن البخاري وابن المديني..
والأظهر من بين هذه الأقوال: هو القول الأول.، لأصالة عدم اشتراط أزيد من إمكان اللقاء، بعد ظهور
قوله عن فلان، في الرواية عنه بلا واسطة.
بل، الأظهر.، عدم كون امكان اللقاء شرطا "، حتى ينفي عنه الشك بالأصل، وإنما عدم اللقاء مانع، فما لم
يثبت عدم اللقاء، يبني على ظاهر اللفظ، ويطلق عليه المعنعن، فلا تذهل.، (مقباس الهداية: ص 38).
100

الحقل الخامس
في: المعلق (1)
- 1 -
وهو: ما حذف من مبدأ اسناده، واحد فأكثر.، (2) كقول الشيخ رحمه الله: محمد بن
أحمد (3)... الخ، أو محمد بن يعقوب، أو زرارة عن الباقر (ع) أو الصادق (ع)، أو قال
النبي (صلى الله عليه وآله) أو الصادق (ع)، أو نحو ذلك.
- 2 -
مأخوذ: من تعليق الجدار أو الطلاق، لاشتراكهما في قطع الاتصال.، ولم
يستعملوه: فيما سقط وسط إسناده، أو آخره.، لتسميتهما: بالمنقطع، والمرسل (4).
- 3 -
ولا يخرج المعلق عن الصحيح، إذا عرف المحذوف من جهة ثقة، خصوصا " إذا
كان العلم من جهة الراوي.
كقول الشيخ في كتابيه والصدوق في الفقيه: محمد بن يعقوب، أو أحمد بن
محمد (5) أو غيرهما ممن لم يدركه.، ثم يذكر في آخر الكتاب: طريقه إلى كل واحد، ممن
ذكر في أول الاسناد (6).

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 21 لوحة أ سطر 13: (وخامسها المعلق) فقط.، بدون:
(الحقل الخامس في المعلق).
(2) الخلاصة في أصول الحديث: ص 47.
(3) قال السيد الخوئي: وقع بهذا العنوان في إسناد كثير من الروايات تبلغ ثلاثمائة وسبعة وتسعون
موردا "...، ينظر: معجم رجال الحديث: 14 / 318 - 326.
(4) الخلاصة في أصول الحديث: ص 48.
(5) قال السيد الخوئي: وقع بهذا العنوان في إسناده عدة من الروايات تبلغ زهاء 7164 موردا "...، ينظر:
معجم رجال الحديث: 2 / 197.
(6) قال الشيخ الطوسي في مشيخته: (فما ذكرناه في هذا الكتاب، عن محمد بن يعقوب الكليني رحمه
الله: فقد أخبرنا به الشيخ: أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان رحمه الله، عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه
رحمه الله، عن محمد بن يعقوب رحمه الله).، ينظر: شرح مشيخة تهذيب الأحكام، ص 8 في نهاية كتاب تهذيب الأحكام
، طبعة دار الكتب الاسلامية.
101

وهو حينئذ - أي: حين يعلم المحذوف -: في قوة المذكور.، لان الحذف إنما
هو من الكتابة أو اللفظ، حيث تكون الرواية به، والقصد ما ذكر.
وإلا يعلم المحذوف من جهة ثقة، خرج المعلق عن الصحيح إلى الارسال (1). وما
في حكمه.

= وقال أيضا ": ومن جملة ما ذكرته عن لأحمد بن محمد بن عيسى: ما رويته بهذه
الأسانيد، عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى.
ومن جملة ما ذكرته عن أحمد بن محمد بن خالد: ما رويته بهذه الأسانيد، عن محمد بن يعقوب، عن عدة
من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد.، ينظر: المصدر السابق نفسه: ص 42 - 44.
ومثل ذلك قال الطوسي: في الاستبصار، طبعة دار الكتب الاسلامية: ينظر: سند الكتاب: 4 / 305 - 307، و 4 / 313 - 324.
كما قال الشيخ الصدوق في مشيخته: (وما كان فيه عن محمد بن يعقوب رحمة الله عليه، فقد رويته عن
محمد بن عصام الكليني، وعلي بن أحمد بن موسى، ومحمد بن أحمد السناني رضي الله عنهم، عن محمد بن يعقوب
كذلك).، ينظر: شرح مشيخة الفقيه: 116، في نهاية كتاب من لا يحضره الفقيه، طبعة دار الكتب
الاسلامية.
وقال أيضا ": (وما كان فيه أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي..).، ينظر: المصدر السابق نفسه:
ص 18.
وقال أيضا ": (وما كان فيه عن أحمد بن أبي عبد الله محمد البرقي...): ص 26.
وقال أيضا ": (وما كان فيه عن أحمد بن محمد بن عيسى..).، ص 112.
وقال أيضا ": (وما كان فيه عن أحمد بن محمد بن المطهر..) ص 119.
(1) وقد علق المددي هنا بقوله: كما أن الشيخ الصدوق - قدس سره - روي في الفقيه عن جماعة
كثيرة - يبلغ عددهم 120 راويا " - لم يذكر طريقه إليهم، فتصبح تلك الروايات مرسلة.، وللوقوف على أسمائهم
ينظر: المستدرك: 3 / 717 - 718.
102

الحقل السادس
في: المفرد (1)
وهو: قسمان
(أ) لأنه إما أن ينفرد به (رواية) عن جميع الرواة (2).، وهو: الانفراد المطلق (3)،
وألحقه بعضهم بالشاذ، وسيأتي أنه يخالفه.
(ب) أو ينفرد به بالنسبة إلى جهة: وهو النسبي (4)، كتفرد أهل بلد معين، كمكة و
البصرة والكوفة.، أو تفرد واحد من أهلها به.
ولا يضعف الحديث بذلك: من حيث كونه إفرادا "، إلا أن يلحق بالشاذ، فيرد
لذلك. (5)

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 21 لوحة ب سطر 12: (وسادسها: المفرد)، فقط.، بدون:
الحقل السادس في المفرد.
قال الأستاذ صبحي السامرائي: صنف الإمام أبو الحسن الدارقطني: المتوفي سنة 385 ه‍، كتابا " حافلا "
في الافراد، يوجد الجزء الثاني والثالث منه، في المكتبة الظاهرية.، وقد رتبه على الأطراف، الحافظ أبو الفضل بن
طاهر المقدسي في مجلدين مخطوط، نسخة منه في دار الكتب المصرية، رقم 697 حديث، وهو مهم جدا ".
والافراد لأبي حفص بن شاهين، المتوفي سنة 385 ه‍، يوجد منه أجزاء في الظاهرية.، ينظر: الخلاصة في
أصول الحديث: ص 49 (الهامش).
(2) من قبيل: (نحن معاشر الأنبياء، لا نورث دينارا " ولا درهما "، ما تركناه صدقه، حيث هذا الحديث لم
يرو إلا عن أبي بكر.، وأن ذيله: (ما تركناه صدقة)، هو ليس من الحديث.، بل مضاف إليه.
ينظر مكاتيب الرسول للشيخ الأحمدي: ص 592 وما بعدها.، ففيه مناقشة جيدة وعلمية.
(3) وقد علق المددي هنا بقوله: مثاله: ما انفرد بنقله أحمد بن هلال العبرتائي، فإن المشهور عدم العمل
بما ينفرد به من الروايات.
قال الشيخ في الاستبصار: 3 / 28 - ذيل الحديث 90 - ما نصه: (... لان راوية أحمد بن هلال، وهو
ضعيف فاسد المذهب، لا يلتفت إلى حديثه فيما يختص بنقله.، وقاله أيضا " في ذيل الحديث 812. من الجزء التاسع
من التهذيب.
(4) وقد علق المددي هنا بقوله: مثاله: ما ينفرد بنقله الفطحية.، فهناك روايات كثيرة بهذا السند:
(أحمد بن الحسن، بن علي، بن فضال.، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار الساباطي).، وهؤلاء
كلهم من الفطحية.، ولذا اشتهر حديثهم: ب‍ (حديث الفطحية).
(5) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 49.
103

الحقل السابع
في: المدرج (1)
وهو: ما أدرج فيه كلام بعض الرواة، فيظن لذلك أنه منه.، من الحديث.
أو يكون عنده متنان باسنادين، فيدرجهما في أحدهما (2) - أي: أحد إسنادي
الحديثين - ويترك الاخر.
أو يسمع حديث واحد، من جماعة مختلفين في سنده (3).، بأن رواه بعضهم بسند، و
رواه غيره بغيره.
أو مختلفين في متنه، مع اتفاقهم على سنده.، فيدرج روايتهم جميعا "، على الاتفاق
في المتن أو السند، ولا يذكر الاختلاف.
وتعمد كل واحد من الأقسام الثلاثة حرام (4).

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 22 لوحة أ سطر 3: (وسابعها: المدرج).، بدون: الحقل
السابع في المدرج.
وقال الأستاذ صبحي السامرائي: أفراد المدرج بالتأليف الخطيب البغدادي في كتابه الجليل: الفصل
للوصل المدرج في النقل، مخطوط، نسخة منه في مكتبة أحمد الثالث، رقم / 612، والسيوطي في كتابه المدرج إلى
المدرج، مخطوط، نسخة منه في دار الكتب المصرية، رقم 1885 حديث.، ينظر: الخلاصة في أصول الحديث:
ص 50 (الهامش).
(2) مثاله: رواية سعد بن أبي مريم، عن مالك، عن الزهري، عن أنس: أن رسول الله (ص) قال:
(لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تنافسوا)، الحديث.
فقوله: (لا تنافسوا).، أدرجه أبن مريم، في متن حديث أخر.، رواه مالك: عن أبي الزناد، عن
الأعرج، عن أبي هريرة.، وفيه: (ولا تجسسوا، ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا) ينظر: مقدمة. ابن الصلاح:
210، و (خطية الدكتور محفوظ: ص 25)، والخلاصة في أصول الحديث: 49، وصحيح البخاري: 8 / 23
كتاب الأدب.
(3) أي: يروي الراوي حديثا " عن جماعة بينهم اختلاف في اسناده، فلا يذكر الاختلاف، بل يدرج
روايتهم على الاتفاق.
مثاله: رواية عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن كثير العبدي.، عن الثوري، عن منصور والأعمش و
واصل الأحدب، عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعود، قلت: يا رسول الله.، أي الذنب أعظم؟
الحديث.
وواصل إنما رواه: عن أبي وائل، عن عبد الله.، من غير ذكر عمرو بن شرحبيل بينهما.
ينظر: مقدمة ابن الصلاح (209 - 210، و (خطية الدكتور محفوظ: 25).
(4) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 49 - 50.
104

الحقل الثامن
في: المشهور (1)
- 1 -
وهو ما شاع عند أهل الحديث خاصة، دون غيرهم، بأن نقله منهم رواة كثيرون (2).،
ولا يعلم هذا القسم، إلا أهل الصناعة. أو عندهم وعند غيرهم.، كحديث: (إنما الأعمال بالنيات.، وأمره واضح، وهو
بهذا المعنى أعم من الصحيح.
أو عند غيرهم خاصة، ولا أصل له عندهم، وهو كثير (3). - 2 -
قال بعض العلماء: أربعة أحاديث تدور على الألسن وليس لها أصل: (4)

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 22 لوحة أ سطر 9: (وثامنها: المشهور)، فقط.، بدون:
(الحقل الثامن في المشهور).
قال الأستاذ صبحي السامرائي.، ومن أراد الوقوف على الأحاديث المشتهرة، على الألسنة، فليراجع،
المقاصد الحسنة للسخاوي، طبع.، والتذكرة في الأحاديث المشتهرة، مخطوط.، والبدر المنير للامام الشعراني.، و
كشف الخفاء للعجلوني، مطبوع.، وأسنى المطالب للبيروني، طبع.، ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 51
(الهامش).، وينظر.، الباعث الحثيث: 165 - 166 (الهامش).
(2) الخلاصة في أصول الحديث: ص 50.
(3) وقد علق المددي هنا بقوله:
كحديث: (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز)، المشهور على ألسنة الفقهاء.، كما في الوسائل: 16 / 111.،
بل عده البعض من الحديث النبوي المستفيض أو المتواتر.، كما في جواهر الكلام: 35 / 3: مع أنه لا أصل له في كتب
الحديث، إطلاقا ".
بل، يبدو من (السرائر): أنه معقد إجماعهم).
وكذا، حديث: (الصلاة لا تترك بحال) فإنه مع شهرته على ألسنة الفقهاء.، إلا أنه لا أصل له.، بل، هو
ذيل لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام،...، وإلا فهي مستحاضة تصنع مثل النفساء، ثم تصلي ولا
تدع الصلاة على حال.
فهذه الجملة الأخيرة حرفت وأصبحت هكذا: (الصلاة لا تترك بحال).
(4) وقد روي عن الإمام أحمد انه قال: أربعة أحاديث تدور بين الناس في الأسواق، لا أصل لها: ينظر:
مقدمة ابن الصلاح: ص 389 - 390، والباعث الحثيث: ص 166.
وقد صرح السيوطي بوضعها فقال: وكلها باطلة لا أصل بها: ينظر: تدريب الراوي: ص 189.
105

(أ) من بشرني بخروج آذار (1) بشرته بالجنة (2).
(ب) ومن آذى ذميا " فأنا خصمه يوم القيامة (3)
(ج) ويوم نحركم يوم صومكم (4).
(د) وللسائل حق وإن جاء على فرس. (5)

(1) قيل: هو شهر صفر.، وقيل: هو اسم الأول من شهور الربيع بالسريانية.، نقلا " عن الخلاصة.، ينظر:
(خطية الدكتور محفوظ: ص 25).
وقال الأب لويس معلوف: آذار وآذار: شهر بعد شباط، قبل نيسان.، عدد أيامه: 31.، وهو: الثالث
من السنة الشمسية.، يقال له أيضا ": مارس.، وكلمة آذار: سريانية.، ينظر: المنجد في اللغة: ص 6
وقال المجمعيون اللغويون: آذار: الشهر السادس من الشهور السريانية.، يقابله: مارس من الشهور الرومية
(الميلادية): م 1 ص 1.
(2) ينظر: اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة: 1 / 484.
(3) قال الأستاذ احمد محمد شاكر في: الباعث الحثيث، شرح اختصار علوم الحديث: ص 166.، قال:
(هو بهذا اللفظ لا أصل له.، كما قال الإمام أحمد.، ولكن، ورد مهناه بأسانيد لا بأس بها.، أنظر الكلام عليه في
كشف الخفاء: ج 2 ص 218، برقم 2341).
(4) قال الأستاذ أحمد محمد شاكر في نفس المصدر السابق: (لفظه المعروف: يوم صومكم يوم نحركم، و
هو أصل له: أنظر: كشف الخفاء: ج 2، ص 398، برقم 3264).
(5) قال الأستاذ أحمد في المصدر السابق نفسه: (هذا الحديث له أصل: فقد رواه أحمد في المسند: ج 1
ص 201، برقم 1730. من حديث الحسين بن علي ورواه أبو داوود من حديثه أيضا ".، ومن حديث الحسن، عن
أبيه علي بن أبي طالب.
وانظر الكلام عليه في ذيل: القول المسدد في الذب عن المسند: ص 68 - 70.
وفي تعليقات: الأستاذ العلامة الشيخ محمد حامد الفقي، على منتقى الاخبار: ج 2، ص 144، برقم
2043.
106

الحقل التاسع
في: الغريب بقول مطلق (1)
- 1 -
وهو: إما غريب إسنادا " ومتنا " معا ".، وهو: ما تفرد برواية متنه واحد.
أو غريب إسنادا " خاصة لا متنا " - كحديث يعرف متنه عن: جماعة من الصحابة
مثلا "، أو ما حكمهم (2) - إذا انفرد واحد بروايته، عن آخر غيرهم (3)، ويعبر عنه: بأنه
غريب من هذا الوجه (4).، ومنه: غرائب الخرجين، في أسانيد المتون الصحيحة (5).
أو غريب متنا " لا إسنادا "، بالنسبة إلى أحد طرفي الاسناد، فإن اسناده متصف
بالغرابة في طرفه الأول، وبالشهرة في طرفه الاخر (6).
- 2 -
وحديث: (إنما الأعمال بالنيات)، من هذا الباب.
فإنه:
(أ) غريب: في طرفه الأول.،.، لأنه مما تفرد به من الصحابة عمر (7)، وإن كان قد خطب به على
المنبر، فلم ينكر عليه.، فإن ذلك أعم من كونهم سمعوه من غيره (أم لم يسمعوه (8).

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 22 لوحة ب سطر 4: (وتاسعها: الغريب بقول مطلق)،
فقط.، بدون: (الحقل التاسع في الغريب بقول مطلق).
(2) من أصحاب الأئمة عليهم السلام.، (خطية الدكتور محفوظ: ص 25).
(3) ينظر: مقدمة ابن الصلاح: 395.
(4) وقد علق المددي هنا بقوله: عبر الترمذي بهذا التعبير، عن قيمة كثير من الأحاديث في سننه.
(5) قال محي السنة: ما ذكرت في المصابيح - في آخر الأحاديث -: غريب: وهو: ما تفرد به واحد من
الرواة، ولم يروه غيره، وهو مع ذلك صحيح، لكون كل واحد من نقلته ثقة مأمونا ".، (خطية الدكتور محفوظ:
ص 25).
(6) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 51 - 52.
(7) ينظر: مقدمة ابن الصلاح: ص 174، 389.
(8) هذه الزيادة لم ترد في النسخة المعتمدة ورقة 23 لوحة أ سطر 2: وإنما وردت في طبعة النعمان المتداولة.
107

ثم تفرد به عنه، علقمة. (1)
ثم تفرد به عن علقمة: محمد بن إبراهيم (2).
ثم تفرد به يحيى بن سعيد (3): عن محمد.
(ب) مشهور في طرفه الاخر، لتعدد رواته بعد من ذكرنا، واشتهاره.، حتى قيل:
أنه رواه عن يحيى بن سعيد (4): أكثر من مئتي نفس.، وحكي عن إسماعيل الهروي (5): أنه
كتبه من سبعمائة طريق، عن يحيى بن سعيد.
- 3 -
وما ذكرناه: من تفرد الأربعة بهذا الحديث.، هو المشهور بين المحدثين.، ولكن،
ادعى بعض المتأخرين: أنه روي أيضا " عن: علي: (عليه السلام)، وأبي سعيد الخدري (6)،
وأنس (7) - بلفظه -، ومن حديث جمع من الصحابة: بمعناه.، وعلى هذا، فيخرج عن حد
الغرابة.
- 4 -
ونظائره في الأحاديث، كثيرة.، فإن كثيرا " من الأحاديث، ينفرد به واحد، ثم تتعدد
رواته، خصوصا " بعد الكتب المصنفة، التي يودع الحديث فيها (8)، كما لا يخفى.
- 5 -
وقد يطلق على الغريب: اسم الشاذ.
والمشهور: المغايرة بينهما، على ما ستعرفه في تعريف الشاذ.

(1) ابن أبي وقاص الليثي المدني التابعي.، ينظر: مقدمة ابن الصلاح: ص 174 (الهامش).
(2) ابن الحارث التيمي: تابعي صغير مدني. وثقة الجمهور، مات سنة 120 ه‍،.. ينظر: تذكرة
الحفاظ: ج 1 ص 124.
(3) من أكابر أهل الحديث، من أهل المدينة، توفي 143 ه‍،..، ينظر: الأعلام للزركلي: 9 / 181
(4) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 23 لوحة أ سطر 4: (محمد بن سعيد)، والظاهر: انه اشتباه
في النسخ.، والصحيح كما ذكرناه، اعتمادا " على ما ورد أعلاه.
(5) وقد علق المددي هنا بقوله: قال ابن حجر - في فتح الباري: 1 / 9 -: وروي أبو موسى المديني،
عن بعض مشايخه، مذاكرة عن الحافظ أبي إسماعيل الأنصاري الهروي.، كتبته من حديث سبعمائة من
أصحاب يحيى.
ثم قال ابن حجر: قلت: وأنا أستبعد صحة هذا، فقد تتبعت طرقه من الروايات المشهورة، وا؟ جزاء
المنثورة، منذ طلبت الحديث، إلى وقتي هذا، فما قدرت على تكميل المائة.
(6) سعد بن مالك بن سنان الخدري: 10 ق ه‍ - 74 ه‍،..، ينظر: الاعلام: 3 / 138.
(7) ابن مالك صاحب رسول الله: 10 ق ه‍ - 93 ه‍، ينظر: الاعلام: 1 / 365 - 366.
(8) الذي في النسخة الخطية ورقة 23 لوحة أ سطر 10: (التي يروغ الحديث فيها)، بدلا " مما أثبتناه: التي
يودع الحديث فيها.
108

الحقل العاشر
في: المصحف (1)
وهذا.، فن جليل، إنما ينهض بأعبائه الحذاق من العلماء (2).
(والتصحيف بعد: نوعان.
أ. اللفظي
وهو ما يكون: في اللفظ، وقد وقع) (3): - 1 -
في: الراوي.، كتصحيف مراجم، بالراء المهملة والجيم، أبو العوام.، بمزاحم
بالزاي (4) والحاء (5).
وتصحيف: حريز، بجرير.
وبريد، بيزيد.
ونحو ذلك.
وقد صحف العلامة في كتب الرجال كثيرا " من الأسماء.، من أراد الوقوف عليها
فليطالع (الخلاصة) له (6) و (إيضاح الاشتباه في أسماء الرواة) (7).، وينظر ما بينهما من الاختلاف.

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 23 لوحة أ سطر 12: (وعاشرها المصحف)، فقط.، بدون: (الحقل
العاشر في المصحف).
قال الأستاذ صبحي السامرائي: ووقفت على كتاب تصحيفات المحدثين للعسكري، ومخطوط، في
دار الكتب المصرية، رقم 2 مصطلح الحديث، وهو كتاب مهم.، ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 52
(الهامش).، وينظر: الباعث الحثيث: ص 171 (الهامش).
(2) ينظر: الخلاصة في لأصول الحديث: ص 52.
(3) الذي في خطبة المعتمدة ورقة 23 لوحة أ سطر 13: والتصحيف يكون "، فقط.
(4) سمى عذا الحرف في الغالب: زاي، بياء متطرفة: وقيل أحيانا ": زاء بهمزة متطرفة: لغة في زاي.،
ينظر: القاموس المحيط: 1 / 18
(5) ينظر: مقدمة ابن الصلاح: ص 410، والباعث الحثيث: ص 172، والخلاصة في أصول الحديث:
ص 52.
(6) أي: خلاصة الأقوال في معرفة الرجال للعلامة.
(7) وهو: للعلامة أيضا ".، حيث فيه - على سبيل المثال -: الحصين بن المخارق، بالصاد
المهملة.، بينما هو نفسه جاء في الخلاصة، بالضاد المجمعة.، ينظر: ايضاح الاشتباه - المخطوطة المرعشية
سنة 1012 ه‍ -: ورقة 118 لوحة أ سطر 17، وخلاصة الأقوال: ص 219 رقم 3، وفهرست الشيخ الطوسي:
ص 82 رقم 229، ورجاله: ص 145.
109

وقد نبه الشيخ تقي الدين بن داوود (1)، على كثير من ذلك (2)
- 2 -
وفي المتن.، كحديث: (من صام رمضان واتبعه ستا " من شوال)، صحفه بعضهم:
بالشين المعجمة.، ورواه كذلك) (3).
- 3 -
ومتعلقة.، أي التصحيف: إما البصر أو السمع.
والأول: كما ذكر من الأمثلة، متنا " وإسنادا ".، لان ذلك التصحيف، إنما يعرض
للبصر، لتقارب الحروف.، لا للسمع، إذ لا يلتبس عليه مثل ذلك.
والثاني: تصحيف بعضهم: عاصم الأحوال (4)، بواصل الأحدب (5).، فإن ذلك
لا يشتبه في الكتابة على البصر، واشتباه ذلك.

(1) مصنف كتاب (الرجال)، مولده خامس جمادي الآخرة سنة سبع وأربعين وستمائة...، ينظر:
كتاب الرجال: ق 1 عمود 111 - 113.
(2) ومما يجدر ذكره هنا: أن السيد مصطفى التفريشي، ذكر ابن داوود، وذكر اعتراضه على العلامة
فقال - بعد أن أثنى عليه -: وله في علم الرجال كتاب حسن الترتيب، الا أن فيه أغلاطا " كثيرة.، ينظر: كتاب
الرجال - لابن داوود -: ص 3.
ثم جاء بعد ذلك الحجة المامغاني ليقول: وأنت خبير بما فيه، فإن تعريضاته على العلامة أغلبها متين، و
ليست بأغلاط.
وإنما غرضه من الأغلاط: ما أشار إليه الحائري، من كون كتابه مشتملا " على الخبط وعدم الضبط.،
فإنك تراه كثيرا " ما يقول: (جش)، والذي ينبغي (كش).، أو يقو:: (كش)، وهو (جش) أو (جخ) أو
يقول: (جخ)، وليس منه فيه أثر.
وربما يستنبط المدح، بل الوثاقة، مما لا رائحة منه فيه.
وربما يستنبط من موضع آخر، وينسبه إليه، إلى غير ذلك.
ولعل خطه (ره)، كان رديا "، وكان كل ناسخ يكتب حسبما يفهمه منه، ولم تعرض النسخة عليه،
فبقيت سقيمة ولم تصحح.
وأما اعتراضاته وتعريضاته، فهي في تراجم الكلمات لا غير، وهو مصيب في جلها إن لم نقل في كلها، كما
يظهر من الايضاح وغيره، فلا اعتراض عليه من جهتها، ولا هي أغلاط، فافهم،...، ينظر: تنقيح المقال:
1 / 293.
(3) وعن الدارقطني أيضا ": ان أبا بكر الصولي أملي في الجامع حديث أبي أيوب: (من صام رمضان و
اتبعه ستا " من شوال)، فقال فيه: شيئا " بالشين والياء.، ينظر: مقدمة ابن الصلاح: / 412.، وينظر أيضا ": الخلاصة
في أصول الحديث: ص 52، وصحيح مسلم: ج 1 ص 822.
(4) عاصم بن سليمان الأحوال البصري، توفي 142 ه‍،..، ينظر: الاعلام: 4 / 13.
(5) ينظر: مقدمة ابن الصلاح: 413.
110

(ب. المعنوي
وهو ما يكون:) (1) في المعنى، كما حكي عن أبي موسى، محمد بن المثنى العنزي (2).،
أنه قال: نحن قوم لنا شرف.، نحن من عنزة، صلى إلينا رسول الله (صلى الله عليه وآله).
يريد بذلك ما روي: أنه (ص) صلى إلى عنزة.، وهي: حربة تنصب بين يديه، سترة ":
فتوهم انه (صلى الله عليه وآله): صلى إلى قبيلتهم بني عنزة (3).، وهو: تصحيف
معنوي عجيب.

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 23 لوحة ب سطر 11: (والتصحيف أيضا " يكون في اللفظ
كما ذكروا في المعنى)، بدلا " مما أثبتناه، مما تستدعيه ضرورة المنهجة والاخراج.
(2) أبو موسى العنزي: 167 ه‍ - 252 ه‍،...، ينظر: الاعلام: 7 / 240.
(3) ينظر: مقدمة ابن الصلاح: 412، وتدريب الراوي: ص 167، والخلاصة في أصول الحديث:
ص 52 - 53.
وفي الحديث: (كان رسول الله - صلى الله عليه وآله - يجعل العنزة بين يديه إذا صلى، وكان كذلك
ليستتر بها عن المارة.
العنزة - بالتحريك -: أطول من العصا، وأقصر من الرمح.، والجمع: عنز وعنزات.، كقصبة وقصبات وقصب.
قال بعض شراح الحديث: (وإنما كانوا يحملون العنزة معه - عليه السلام -.،. نه إذا أتى الخلاء أبعد
حتى لا تراه عيون الناظرين.
فيتخذون له العنزة: لمقاتلة عدو إن حضر، أو سبع، أو مدافعة هامة.، ثم لينبش الأرض إذا كانت
صلبة، لئلا يرتد إليه البول). مجمع البحرين: ج 4، ص 28.
وأقول: المراد من الاستتار بها فيما يبدو: هو جعلها علامة.، فمتى ما رآها المار، يعلم بوجود متخلي، فيبتعد
عن هذا المكان ويتجنبه.، هذا فضلا " عن توقع الاستفادة من مآربها الأخرى، كما مر.
111

الحقل الحادي عشر
في: العالي سندا " (1)
وهو: قليل الواسطة مع إتصاله (2).
وطلبه:
أي: طلب علو الاسناد، سنة عند أكثر السلف.، وقد كانوا يرحلون إلى المشايخ، في
أقصى البلاد لأجل ذلك (3).
فبعلوه:
أي: السند، يبعد الحديث عن الخلل، المتطرق إلى كل راو (من الرواة).، إذ ما من
راو من رجال الاسناد، إلا والخطأ جائز عليه. (4)
فكلما كثرت الوسائط وطال السند كثرت مظان التجويز، وكلما قلت قلت.
ولكن:
قد يتفق في النزول مزية ليست في العلو.، كأن يكون رواته أوثق أو أحفظ أو أضبط (5).

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 24 لوحة أ سطر 3: وحادي عشرها العالي سندا ")، فقط.،
بدون: (الحقل الحادي عشر في العالي سندا ").
(2) وقال البهائي: (وقصير السلسلة عال)، كما في الوجيزة في الدراية: ص 4 - 5.
وقال الطيبي، من قبيل: ثلاثيات البخاري، وهي الأحاديث التي يكون عدد رواتها إلى الصحابة ثلاثة رواة.
وقال الكناني: والثلاثيات للبخاري، هي اثنان وعشرون حديثا "، جمعها الحافظ ابن حجر وغيره، و
شرحها غير واحد.، (الرسالة المستطرفة: ص 97).
وقال السامرائي أيضا ": ولم أقف على كتاب ابن حجر، ولكني وقفت على ثلاثيات البخاري للصفار،
مخطوط، نسخة منه في المكتبة الظاهرية.، ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 53 (الهامش).
وعلق المددي هنا بقوله: من قبيل ثلاثيات الكليني.، فإنه يروي روايات بهذا الاسناد: (علي بن
إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام).، مع العلم، بأن الكليني توفي
بعد الإمام الصادق عليه السلام بمأة وثمانين عاما ".
ثم إن جماعة من أصحابنا، دونوا الأحاديث العالية.، أشهرهم: الثقة الجليل، عبد الله بن جعفر الحميري،
له كتاب (قرب الاسناد) وهو مطبوع.
(3) ينظر: الباعث الحثيث: ص 160 - 161.
(4) ينظر: مقدمة ابن الصلاح: ص 316. والخلاصة في أصول الحديث: ص 53.
(5) ينظر: تدريب الراوي: ص 180.
112

أو الاتصال فيه أظهر: للتصريح فيه بالقاء، واشتمال العالي على ما يحتمله وعدمه.،
كعن فلان.، فيكون النزول حينئذ أولى.
ومنهم، من رجح النزول مطلقا ".، إستنادا " إلى أن: كثرة البحث يقتضي المشقة،
فيعظم الاجر.، وذلك، ترجيح بأمر أجنبي، عما يتعلق بالتصحيح والتضعيف.
والعلو: أقسام
أعلاه وأشرفه: قرب الاسناد من المعصوم، بالنسبة إلى سند آخر، يروي به بذلك
الحديث بعينه بعدد كثير.، وهو: العلو المطلق.
فإن اتفق مع ذلك: أن يكون سنده صحيحا "، ولم يرجح غيره عليه بما تقدم.، فهو:
الغاية القصوى.
وإلا، فصورة العلو فيه موجودة، ما لم يكن موضوعا "، فيكون كالمعدوم.
- 2 -
ثم بعد هذه المرتبة في العلو: قرب الاسناد المذكور، من أحد أئمة الحديث (1).، ك‍:
الشيخ، والصدوق، والكليني، والحسن بن سعيد (2)، وأشكالهم.
- 3 -
ثم بعده، يتقدم زمان سماع أحدهما - أي: أحد الراويين في الاسنادين - على
زمان سماع الاخر.، وإن اتفقا: في العدد الواقع في الاسناد، أو في عدم الواسطة.، بأن كانا: فد
رويا عن واحد، في زمانين مختلفين.، فأولهما سماعا ": أعلى من الاخر، لقرب زمانه من المعصوم،
بالنسبة إلى الاخر.
والعلو، بهذه المعنيين: يعبر عنه بالعلو النسبي.، وشرف اعتباره: قليل، خصوصا "
الأخير.، لكن قد اعتبره جماعة من أئمة الحديث، فذكرناه لذلك.

(1) وقد علق المددي هنا بقوله: ويكثر ذلك في سلسلة إجازات العلماء، وطرفهم إلى مصنفات
الأصحاب وكتبهم.، كما يظهر من مراجعة: (إجازات) البحار، و (مستدرك الوسائل).
(2) من موالي علي بن الحسين عليه السلام: ثقة، روي عن الرضا وأبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث
عليهم السلام،..، ينظر: معجم رجال الحديث: 5 / 248 - 270.
113

- 4 -
وزاد بعضهم للعلو معنى رابعا ": وهو تقدم وفاة الراوي: فإنه أعلى من إسناد آخر،
يساويه في العدد، مع تأخر وفاة من هو في طبقته عنه. (1)
مثاله: ما نرويه بإسنادنا، إلى الشيخ الشهيد، عن السيد عميد الدين (2)، عن العلامة
جمال الدين بن المطهر.، فإنه أعلى مما نرويه.، عن فخر الدين بن المطهر (3)، عن
والده جمال الدين.، وإن تساوي الاسنادان في العدد، لتقدم وفاة السيد عميد الدين، على وفاة
فخر الدين، بنحو خمس عشرة سنة (4)
والكلام في هذا العلو: كالذي قبله وأضعف.

(1) قال ابن الصلاح: مثاله: ما أرويه عن شيخ: أخبرني به: عن واحد، عن البيهقي الحافظ، عن
الحاكم أبي عبد الله الحافظ.، أعلى من روايتي لذلك: عن شيخ أخبرني به عن واحد، عن أبي بكر عبد الله بن
خلف، عن الحاكم.، وإن تساوى الاسنادان في العدد، لتقدم وفاة البيهقي على وفاة ابن خلف، بنحو تسع و
عشرين سنة.، مقدمة ابن الصلاح: ص 235.
(2) عبد المطلب بن محمد بن علي، الأعرج الحسيني عميد الدين، ابن أخت العلامة، قدس سرهما.، له
كتاب: منية اللبيب في شرح التهذيب...، وفاته بعاشر شعبان سنة أربع وخمسين وسبعمائة..، ينظر: تنقيح
المقال: 2 / 227.
(3) كما لقبه بذلك: والده العلامة الحلي...، ينظر: روضات الجنات: 6 / 330.
(4) قال الشيخ المامقاني: (قلت: إنما يكون ما ذكره مثالا "، لو لم يكن للسبق مدة معينة.، كما عليه
بعضهم.
وأما بناء " على تحديده بمضي خمسين سنة، كما عن الحافظ أحمد بن عمير بن الجوصاء، أو بثلاثين سنة، كما
عن ابن منده، فلا يتم المقال.
نعم، لا وجه للتحديد، كما لا وجه لاعتبار أصل هذا القسم من العلو.، كما نبه عليه في البداية بقوله: و
الكلام في هذا العلو، كالذي قبله وأضعف).، مقباس الهداية: ص 45).
وأقول: هناك بحث مفصل في (الاتقان في علوم القرآن) - طبعة المكتبة الثقافية بيروت - ص 73 -
75، النوع الحادي والعشرون في معرفة العالي والنازل من أسانيده.
114

الحقل الثاني عشر
في: الشاذ (1)
وهو: ما رواه الراوي الثقة، مخالفا " لما رواه الجمهور - أي: الأكثر (2) - سمي شاذا ":
باعتبار ما قابله، فإنه مشهور.
ويقال للطرف الراجح: المحفوظ.
- 1 -
ثم، إن كان المخالف له الراجح، أحفظ أو أضبط أو أعدل، من راوي الشاذ
فشاذ مردود: لشذوذه ومرجوحيته، لفقد أحد الأوصاف الثلاثة.
وإن انعكس، فكان الراوي للشاذ أحفظ للحديث، أو أضبط له، أو أعدل من
غيره، من رواة مقابله، فلا يرد.، لان في كل منهما صفة راجحة، وصفة " مرجوحة "، فيتعارضان
فلا ترجيح.
وكذا، إن كان المخالف، أو راوي الشاذ مثله.، أي مثل الاخر في: الحفظ والضبط
والعدالة، فلا يرد.، لان ما معه من الثقة، يوجب قبوله، ولا رجحان للآخر عليه من تلك
الجهة.
- 2 -
ومنهم، من رده مطلقا ": نظرا " إلى شذوذه، وقوة الظن بصحة جانب المشهور.
- 3 -
ومنهم، من قبله مطلقا ": نظرا " إلى كون راويه ثقة في الجملة.
ولو كان راوي الشاذ المخالف لغيره: غير ثقة.، فحديثه منكر مردود.، لجمعه بين
الشذوذ وعدم الثقة.

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 25 لوحة أ سطر 6: (ثاني عشرها الشاذ)، فقط.، بدون:
(الحقل الثاني عشر في الشاذ).
(2) ينظر: ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة: ص 4، والخلاصة في أصول الحديث: ص 69.
وقال الشيخ البهائي: (ومخالف المشهور شاذ)، كما في الوجيزة: ص 5.
وقد علق المددي هنا بقوله: مثاله: ما رواه الشيخ في التهذيب والاستبصار، بأسانيد متعددة - بعضها
صحيح - عن أبي عبد الله عليه السلام.، أنه سئل عن رجل، كان في أرض باردة، فتخوف إن هو اغتسل أن يصيبه
عنت من الغسل، كيف يصنع؟ قال: يغتسل، وإن أصابه..، إلى آخر الحديث.، كما في جامع أحاديث الشيعة:
3 / 50 - 51
فإنه مع صحة سنده، وكثرة طرقه.، أعرض عنه الجمهور، ولم يفتوا بمضمونه.
115

ويقال لمقابله: المعروف.
- 4 -
ومنهم، من جعلهما - أي: الشاذ، والمنكر -: مترادفين (1).، بمعنى: الشاذ المذكور.
- 5 -
وما ذكرناه من الفرق أضبط (2).

(1) ينظر: الباعث الحثيث: ص 58.
(2) قال الدكتور نور الدين عتر: التحقيق: أن المنكر غير الشاذ، حتى قال ابن حجر: (وقد غفل من
سوى بينهما).
وقد درج المتأخرون على تقييدهما بالمخالفة، والتمييز بين مقابل الشاذ ومقابل المنكر، فيتحصل ها هنا
أربعة أنواع من علوم الحديث.
الشاذ: ما رواه الثقة، مخالفا " لمن هو أرجح منه.، لمزيد ضبط، أو كثرة عدد، أو غير ذلك من وجوه
الترجيح.
المحفوظ: مقابل الشاذ: هو الراجح على رواية الثقة، المخالف له.
المنكر: ما رواه الضعيف مخالفا " للثقات.
المعروف: مقابل المنكر: ما رواه الثقات، مخالفا " للراوي الضعيف.
ومثال المنكر: ما رواه ابن أبي حاتم، من طريق: (حبيب بن حبيب عن أبي إسحاق، عن العيزار بن
حريث، عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وحج، و
صام، وقرى الضيف.، دخل الجنة).
قال أبو حاتم: (هو منكر.، لان غيره من الثقات رواه عن أبي إسحاق موقوفا " وهو المعروف).
ينظر: علوم الحديث: ص 80 - 81 (الهامش)، ونخبة الفكر وشرح شرحها لعلي القارئ: ص 85 -
89، وتدريب الراوي: ص 152، ومقباس الهداية: ص 46.
116

الحقل الثالث عشر
في: المسلسل (1)
- 1 -
وهو: ما تتابع فيه رجال الاسناد على: صفة (2)، كالتشبيك بالأصابع (3)، أو حالة (4)،
كالقيام في الراوي للحديث. (5)
سواء كانت تلك الصفة أو الحالة.
قولا ":
كقوله: سمعت فلانا " يقول: سمعت فلانا " يقول، إلى المنتهى - أي: منتهى الاسناد -
أو أخبرنا فلان والله.، قال: أخبرنا فلان والله، إلى آخر الاسناد (6).
وكالمسلسل: بقراءة سورة الصف.
أو فعلا ":
كحديث التشبيك باليد. (7)
والقيام حالة الرواية (8).
والاتكاء حالته.

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 25 لوحة ب سطر 8: (ثالث عشرها المسلسل)، فقط.،
بدون: (الحقل الثالث عشر في المسلسل).
(2) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 54.
(3) قال الحاكم النيسابوري... شبك بيدي أحمد بن الحسين المقرئ وقال: شبك بيدي أبو عمر
عبد العزيز بن عمر بن الحسن بن بكر الشرود الصنعاني وقال: شبك بيدي أبي وقال...، ينظر: معرفة علوم
الحديث: ص 33 - 34 وتدريب الراوي: ص 380
(4) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 54.
(5) قال النيسابوري... منه: ما حدثناه أبو بكر محمد بن داوود بن سليمان الزاهد حدثنا أبو عبد الله
الشنابزي قال: قال لي أبو منصور: قم فصب علي حتى أريك وضوء منصور، فإن منصورا " قال لي: قم فصب علي
حتى أريك وضوء إبراهيم،...، ينظر: معرفة علوم الحديث: ص 30.
(6) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: 54.
(7) ينظر: معرفة علوم الحديث: ص 33 - 34.، كما مر سابقا ".
(8) ينظر: المصدر نفسه: ص 30.، كما مر سابقا ".
117

والعد باليد في حديث تعليم الصلاة على آل النبي (صلى الله عليه وآله). (1)
أو بهما: أي بالقول والفعل
1 - كالمسلسل بالمصافحة.، فإنه تضمن الوصف بالقول.
في قول كل واحد: صافحني بالكف التي صافحت بها فلانا ".
وقوله: فما مسست خزا " ولا حريرا " ألين من كفه.
والفعل.، وهو: نفس المصافحة، من كل واحد من رجال الاسناد.
2 - والمسلسل بالتقليم.، فإنه تضمن الوصف بالقول.، كقول كل واحد: لقمني
فلان بيده لقمة لقمة.
والفعل.، وهو: التلقيم.
3 - ومثله: المسلسل.، بقرب إلي جبنا " وجوزا ".
4 - والمسلسل.، أطعمني وسقاني.
5 - والمسلسل.، بالضيافة على الأسودين، التمر والماء.
أو حالة في الرواية:
كالحديث المسلسل بإتفاق: أسماء الرواة.، كالمسلسل بالمحمدين (2)، والأحمدين
وأسماء آبائهم.

(1) قال النيسابوري: من المسلسل ما عدهن في يدي أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، وقال لي،
عدهن في يدي علي بن أحمد بن الحسين العجلي، وقال لي: عدهن في يدي حرب بن الحسن الطحان، وقال لي:
عدهن في يدي يحيى بن المساور الحناط، وقال لي: عدهن في يدي عمرو بن خالد، وقال لي: عدهن في يدي زيد
ابن علي بن الحسين، وقال لي: عدهن في يدي علي بن الحسين، وقال لي: عدهن في يدي أبي الحسين بن علي، و
قال لي: عدهن في يدي علي بن أبي طالب.
وقال لي: عدهن في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عدهن في يدي جبريل. وقال جبريل: هكذا نزلت بهن من عند رب العزة: اللهم صلي على محمد وعلى
آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد...
ينظر: معرفة علوم الحديث: 32 - 33.، وينظر: تدريب الراوي: ص 380.
(2) من باب التغليب: كقوله: عن محمد، عن محمد، عن محمد، عن محمد، الخ.، (خطية الدكتور
محفوظ ص 29).
118

أو كناهم (1).
أو أنسابهم.
أو بلدانهم (2).
وتسلسل هذه المذكورات، وقع في جميع الاسناد.
- 2 -
وقد يقع التسلسل في معظم الاسناد دون جميعه.
كالمسلسل بالأولية، وهو: أول ما يسمعه كل واحد منهم، من شيخه من
الأحاديث.، فإن تسلسله بهذا الوصف، ينتهي إلى سفيان بن عيينة (3)، فقط.، وانقطع: في

(1) قال الصدوق: - في: كتاب الخصال: 1 / 29 -: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد
الأسواري قال: حدثنا أبو يوسف أحمد بن محمد بن قيس السجزي المذكر قال: حدثني أبو محمد عبد العزيز بن علي
السرخسي بمرور الروذ قال: حدثني أبو بكر أحمد بن عمران البغدادي.
قال: حدثنا أبو الحسن.، قال: حدثنا أبو الحسن.، قال: حدثنا أبو الحسن.، قال: حدثنا الحسن، عن
الحسن، عن الحسن: أن أحسن الحسن الخلق الحسن.
قال أبو الحسن الأول: فمحمد بن عبد الرحمان التستري.، وأما الحسن الثاني: فعلي بن أحمد البصري
التمار.، وأما أبو الحسن الثالث: فعلي بن محمد الواقدي.
وأما الحسن الأول: فالحسن بن عرفة العبدي.، وأما الحسن الثاني: فالحسن بن أبي الحسن البصري: وأما
الحسن الثالث: فالحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.
(2) قال مسلم - في صحيحه: 4 / 1994 -: (حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي، حدثنا
مروان (يعني: ابن محمد الدمشقي)، حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن
أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه (قال: يا عبادي! إني حرمت الظلم
على نفسي وجعلته بينكم محرما ". فلا تظالموا، يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم.، يا
عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي.، كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني
أكسكم. يا عبادي.، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا "، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي!
إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا ". فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي.، إنكم لن تبلغوا ضري
فتضروني: ولم تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على اتقى قلب
رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئا ". يا عبادي لو أن أولكم وآخركم. وإنسكم وجنكم، كانوا على
أفجر قلب رجل واحد. ما نقص ذلك من ملكي شيئا "، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم،
قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل انسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا
أدخل البحر، يا عبادي.، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم. ثم أوفيكم إياها. فمن وجد خيرا " فليحمد الله، ومن وجد
غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).
قال سعيد: كان أبو إدريس الخولاني، إذا حدث بهذا الحديث، جثا على ركبتيه.
قال أبو زكريا النواوي:.. فحديث أبي ذر: (.. يا عبادي كلكم..)، وقع لي مسلسلا " بالبلد، كلهم
دمشقيون، وأنا دمشقي.، وهذا نادر في هذه الأزمان...، ينظر: مقدمة ابن الصلاح: ص 401 (الهامش).
(3) محدث الحرم المكي 107 - 198 ه‍،..،..، ينظر: الأعلام للزركلي: 3 / 159.
119

سماعه من عمرو (1)، وفي سماعه من أبي قابوس (2) وفي سماعه من عبد الله، وفي سماعه من
النبي (صلى الله عليه وآله). ومن رواه مسلسلا " إلى منتهاه، فقد وهم.
- 3 -
وهذا الوصف
وهو: التسلسل، ليس له مدخل في قبول الحديث وعدمه، وإنما هو فن من فنون
الرواية، وضروب المحافظة عليها، والاهتمام بها.
وفضيلته: اشتماله على مزيد الضبط (3)، والحرص على أداء الحديث، بالحالة التي
اتفق بها من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وأفضله: ما دل على اتصال السماع (4)، لأنه أعلى مراتب الرواية على ما سيجئ. (5)
وقلما تسلم المسلسلات، عن ضعف في الوصف بالتسلسل، فقد طعن في وصف
كثير منها، لا في أصل المتن.
- 4 -
ومن الحديث المسلسل:
ما ينقطع تسلسله في وسط إسناده، كالمسلسل بالأولية، على الصحيح عند
الناقدين، وإن كان المشهور بينهم خلافه.

(1) ابن دينار الجمحي بالولاء، 46 - 126 ه‍،...، ينظر: الاعلام: 5 / 245.
(2) وقد علق المددي هنا بقوله:
رواه السيوطي - في: (بغية الوعاة: 2 / 396) -: حدثنا شيخنا الامام، نحوي العصر، تقي الدين أحمد
ابن محمد الشمني من لفظه - وهو أول حديث سمعته منه -.، حدثنا الشيخ الفقيه النحوي، ناصر الدين سليمان
ابن عبد الناصر الأبشيطي - وهو أول حديث سمعته منه -...، إلى أن يقول.، حدثنا سفيان بن عيينة - وهو
أول حديث سمعته منه، عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس - مولى عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عبد الله بن
عمرو بن العاص: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الراحمون يرحمهم الرحمان تبارك وتعالى. إرحموا من في
الأرض يرحمكم من في السماء...، ثم عقب عليه السيوطي بقوله: حديث صحيح، مسلسل بالأولية.
(3) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 56.
(4) ينظر: المصدر نفسه.
(5) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 26 لوحة ب سطر 9: (ومنه أي من الحديث المسلسل ما
ينقطع).، غير أننا حذفنا من المتن عبارة: (ومنه أي) لضرورة العنونة والتنسيق.
120

الحقل الرابع عشر
في: المزيد
بمعنى: المزيد على غيره من الأحاديث المروية في معناه.
والزيادة تقع:
في المتن، بأن يروي فيه كلمة زائدة، تتضمن معنى لا يستفاد من غيره (2).
وفي الاسناد (3).، كأن يرويه بعضهم بإسناد، مشتمل على ثلاثة رجال معينين مثلا ".،
فيرويه المزيد بأربعة (4)، (يتخلل الرابع بين الثلاثة (5).
والأول: وهو المزيد في المتن
- 1 -
مقبول: إذا وقعت الزيادة من الثقة.، لان ذلك لا يزيد على إيراد حديث مستقل،

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 26 لوحة ب سطر 11 - 12: (رابع عشرها المزيد على
غيره)، فقط.، بدون: (الحقل الرابع عشر في المزيد بمعنى المزيد).
(2) وقد علق المددي هنا بقوله: كحديث أم عطية الماشطة: فإن ابن أبي عمير رواه مرسلا " عن أبي
عبد الله.، وفي ذيله: (ولا تصلي الشعر بالشعر).
ورواه محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام، وليس فيه هذا الذيل.، ينظر: وسائل الشيعة: 12 / 92
- 94.
(3) وقد علق المددي هنا بقوله (مثاله: ما رواه الكليني في الكافي: 4 / 306): باسناده عن أيوب، عن
بريد العجلي.، ورواه الشيخ في التهذيب: 5 / 416: بإسناده عن أيوب، عن حريز، عن بريد العجلي... فزاد في
السند حريزا ".، وأمثال ذلك كثير في روايات حريز، وأبن أبي عمير، والبرقي، وغيرهم.
(4) قال ابن الصلاح، روي بعضهم: عن عبد الله بن المبارك، عن سفيان، عن عبد الله بن يزيد بن
جابر.، حدثني بسر بن عبد الله سمعت أبا إدريس يقول: سمعت واثلة بن الأسقع، سمعت أبا مرثد الغنوي يقول:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها.
ورواه آخرون عن ابن المبارك، فلم يذكروا (سفيان) وقال أبو حاتم الرازي، وهم ابن المبارك في
إدخاله أبا إدريس في الاسناد، وهاتان زيادتان.، ينظر: الباعث الحثيث: ص 176 - 177.
(5) هذه الزيادة وردت في طبعة النعمان المتداولة، وليست هي موجودة في النسخة الخطية المعتمدة
ورقة 27 لوحة أ سطر 2.
(6) قال الخطيب: مذهب الجمهور من الفقهاء وأهل الحديث: ان الزيادة من الثقة مقبولة إذا انفرد بها.،
كتاب الكفاية في علم الرواية ص 424.
121

حيث لا يقع المزيد منافيا "، لما رواه غيره من الثقات.
- 2 -
ولو كانت المنافاة في العموم والخصوص.، بأن يكون المروي بغير زيادة، عاما " بدونها،
فيصير بها خاصا " أو بالعكس.، فيكون المزيد حينئذ كالشاذ، وقد تقدم حكمه.
- 3 -
مثاله: حديث: (وجعلت لنا الأرض مسجدا "، وترابها طهورا ").، فهذه الزيادة: تفرد
بها بعض الرواة: ورواية الأكثر لفظها: (جعلت لنا الأرض مسجدا " وطهورا "). (1)
فما رواه الجماعة: عام.، لتناوله لأصناف الأرض، من الحجر والرمل والتراب وما
رواه المتفرد - بالزيادة - مخصوص بالتراب.، وذلك، نوع من المخالفة، يختلف
به الحكم. (3)
والثاني: وهو المزيد في الاسناد
- 1 -
كما إذا: أسنده وأرسلوه، أو وصله وقطعوه، أو رفعه إلى المعصوم ووقفوه على من دونه،
ونحو ذلك.
وهو: مقبول كالأول - (وهو) غير المنافي - لعدم المنافاة، إذ يجوز اطلاع:
المسند، والموصل، والرافع، على ما لم يطلع عليه غيره، أو تحريره لما لم يحرروه.، وبالجملة:
فهو كالزيادة غير المنافية، فيقبل.
وقيل: الارسال نوع قدح في الحديث بناء على رد المرسل.، فيرجع على الموصول، كما
يقدم الجرح على التعديل، عند تعارضهما.

(1) ينظر: دعائم الاسلام: ص 146، ومستدرك الوسائل: 1 / 156.، بابدال: (جعلت لي)، بدلا " من:
(جعلت لنا).
نعم، في لفظ الحديث اختلاف، يلاحظ في ذلك جامع أحاديث الشيعة: 3 / 53 - 56.
ورواه البخاري بلفظ: وجعلت لي الأرض مسجدا " وطهورا ".، صحيح البخاري: ج 1 ص 90، باب
التيمم.
وروي مسلم: أصل الحديث وزيادته.، صحيح مسلم: ج 1 ص 371، كتاب المساجد.
وينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية: ص 428.
(2) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 56.
122

وفيه - أي: في هذا الدليل -: منع الملازمة بين تقديم الجرح على التعديل، و
تقديم الارسال على الوصل، مع وجود الفارق بينهما.
فإن الجرح، إنما قدم على التعديل، بسبب زيادة العلم من الجارح على المعدل.،
لأنه بنى على الظاهر، واطلع الجارح على ما لم يطلع عليه المعدل.
وهي - أي: زيادة العلم التي أوجبت تقديم الجارح - هنا -.، أي: في صورة
تعارض الارسال والوصل - مع من وصل لا مع من أرسل (1).
لان من وصل، اطلع على أن الراوي للحديث، فلان عن فلان، الخ.
ومن أرسل، لم يطلع على ذلك كله، فترك بعض السند لجهله له.
وذلك، يقتضي ترجيح من وصل على من أرسل، كما يقدم الجارح على المعدل
بقلب الدليل.

(1) بمعنى: أن زيادة العلم التي أوجبت تقديم الجارح، في صورة تعارض الارسال والوصل، هي مع من
وصل لا مع من أرسل.
وقال الطيبي: - في: الخلاصة في أصول الحديث: ص 57 - قيل: الارسال نوع قدح في حديث
الواصل، فترجيحه وتقديمه، من قبيل تقديم الجرح على التعديل.
ويجاب عنه: بأن الجرح قدم، لما فيه من زيادة العلم، والزيادة ها هنا مع من وصل.
123

الحقل الخامس عشر
في: المختلف (1)
وصفه:
بالاختلاف.، نظرا " إلى صنفه، لا إلى شخصه، فإن الحديث الواحد نفسه ليس
بمختلف، إنما هو مخالف لغيره مما قد أدى معناه.
كما ينبه عليه قوله: وهو أن يوجد حديثان متضادان في المعنى ظاهرا ". (2)
قيد به (3): لان الاختلاف.، قد يمكن معه الجمع بينهما، فيكون الاختلاف ظاهرا "
خاصة ".، وقد لا يمكن، فيكون ظاهرا " وباطنا ".، وعلى التقديرين.، فالاختلاف - ظاهرا " -
متحقق.
وحكمه
أي: حكم الحديث المختلف:
الجمع بينهما حيث يمكن الجمع.
ولو بوجه بعيد يوجب: تخصيص العام منهما، أو تقييد مطلقه، أو حمله على خلاف
ظاهره. (4)
(المثال الأول:)
كحديث: لا عدوى... (5): وحديث: لا يورد - بكسر الراء - ممرض - باسكان

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 28 لوحة أ سطر 2: (وخامس عشرها المختلف) فقط.، بدون:
(الحقل الخامس عشر في المختلف).
(2) ينظر: تدريب الراوي: ص 197، والخلاصة في أصول الحديث: ص 59.
(3) مرجع الضمير فيما يبدو: كلمة (ظاهرا ").
(4) قال الأستاذ أحمد محمد شاكر: وقد كان الإمام أبو بكر بن خزيمة يقول: ليس ثم حديثان متعارضان
من كل وجه: ومن وجد شيئا " من ذلك، فليأتني لأؤلف له بينهما.، الباعث الحثيث: ص 175 (الهامش).
وقال الحسن الطيبي: قال أبن خزيمة: لا أعرف حديثين صحيحين متضادين، فمن كان عنده فليأتني
لأؤلف بينهما.، الخلاصة في أصول الحديث: ص 59.
(5) قال مسلم: حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى (واللفظ لأبي الطاهر).، قال: أخبرنا ابن وهب،
أخبرني يونس.، قال ابن شهاب: فحدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، حين قال رسول الله (ص):
(لا عدوى ولا صفر ولا هامة): فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء، فيجئ
البعير الأجرب فيدخل فيها فيجر بها كلها؟ قال: فمن أعدى الأول؟) صحيح مسلم: 4 / 1742 - 1743.، و
ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 73.، والكافي: 8 / 196.
124

الميم الثانية وكسر الراء - على مصح - بكسر الصاد - (1).
ومفعول يورد: محذوف.، أي: لا يورد إبله المراض.
فالممرض: صاحب الإبل (المريضة).، من أمراض الرجل: إذا وقع في ماله
المرض...
والمصح: صاحب الإبل الصحاح.
(1) فظاهر الخبرين: الاختلاف: من حيث دلالة: الأول على نفي العدوي، و
الثاني على اثباتها.
(2 -) ووجه الجمع:
بحمل الأول: على أن العدوي المنفية، عدوى الطبع.، بمعنى: كون المريض، يعدي
بطبعه، لا بفعل الله تعالى، وهو الذي يعتقده الجاهل.، ولهذا قال النبي (صلى الله عليه وآله)
فمن أعدى الأول.
والثاني: على الاعلام.، بأن الله تعالى، جعل ذلك سببا " لذلك، وحذر من الضرر
الذي يغلب وجوده عند وجوده، مع أن المؤثر هو الله تعالى (2).
(المثال الثاني)
ومثله قوله (ص): فر من المجذوم فرارك من الأسد (3).، ونهيه عن دخول بلد يكون فيه
الوباء (4).

(1) قال مسلم: وحدثني أبو الطاهر وحرملة (وتقاربا في اللفظ) قالا: أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس،
عن ابن شهاب: أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف حدثه: أن رسول الله (ص) قال: (لا عدوى).، ويحدث:
أن رسول الله قال: لا يورد ممرض على مصح.، صحيح مسلم: 4 / 1743.، وينظر: 4 / 89.
(2) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 59 - 60.
(3) قال أحمد: حدثنا عبد الله: حدثني أبي: حدثنا وكيع قال: حدثنا النهاس عن شيخ بمكة، عن أبي
هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فر من المجذوم فرارك من الأسد.، مسند أحمد بن حنبل:
ج 2، ص 443.، ورواه البخاري عن أبي هريرة: ج 7 ص 164، كتاب الطب.، ورواه عن ابن عمر: ج 7
ص 180، ورواه عن أنس: ج 7 ص 180.، وينظر: سفينة البحار: 1 / 147، ومن لا يحضره الفقيه: 2 / 258.
(4) قال ابن قتيبة: وقال: رسول الله (ص): إذا كان بالبلد الذي أنتم به فلا تخرجوا منه.
وقال أيضا ": إذا كان بلد فلا تدخلوه.
يريد بقوله: لا تخرجوا من البلد.، إذا كان فيه، كأنكم تظنون أن الفرار من قدر الله تعالى ينجيكم من
الله.
ويريد بقوله: وإذا كان ببلد فلا تدخلوه.، إن مقامكم بالموضع الذي لا طاعون فيه أسكن لأنفسكم و
أطيب بعيشكم.، (كتاب تأويل مختلف الحديث: ص 70 - 71).
125

ونحو ذلك.
وإلا يمكن الجمع بينهما
فإن علمنا: أن أحدهما ناسخ، قدمناه.، وإلا: رجح أحدهما بمرجحه المقرر في علم
الأصول.، من: صفة الراوي والرواية، والكثرة، وغيرهما (1).
وهو: أهم فنون علم الحديث.
لأنه يضطر إليه جميع طوائف العلماء، خصوصا " الفقهاء.
ولا يمكن القيام به: إلا المحققون من أهل البصائر.، الغواصون على المعاني والبيان،
المتضلعون - أي: المكثرون - بقوة من الفقه والأصول الفقهية (2).
وقد صنف فيه الناس كثيرا ".
وأولهم: الشافعي (3)، ثم ابن قتيبة.
ومن أصحابنا: الشيخ أبو جعفر الطوسي.، في كتاب: (الاستبصار فيما اختلف من
الاخبار).
وجمعوا بين الأحاديث: على حسب ما فهموه منه، وقلما يتفق فهمان على جمع واحد.
ومن أراد الوقوف على جلية الحال، فليطالع المسائل الفقهية الخلافية، التي ورد فيها
أخبار مختلفة ليطلع على ما ذكرناه (5).

(1) ينظر: كتاب الكفاية في علم الدراية: ص 433 - 437، والباعث الحثيث: ص 175 - 176
(الهامش)، والخلاصة في أصول الحديث: ص 60.
(2) ينظر: مقدمة ابن الصلاح: ص 414، والباعث الحثيث، ص 174، والخلاصة في أصول الحديث:
ص 59.
(3) قال الأستاذ أحمد محمد شاكر: (إن الشافعي كتب في الام كثيرا " من أبحاث اختلاف الحديث، و
ألف فيه كتابا " خاصا " بهذا الاسم.، وهو مطبوع بهامش الجزء السابع من الام وذكره محمد بن إسحاق النديم في
كتاب (الفهرست)، ضمن مؤلفات الشافعي (ص 295)، وابن النديم من أقدم المؤرخين الذين ذكروا العلوم و
المؤلفين، فإنه ألف كتاب (الفهرست)، حوالي سنة 377.، وقد ذكره الحافظ بن حجر في ترجمة الشافعي، التي
سماها (توالي التأسيس بمعالي ابن إدريس)، ضمن مؤلفاته التي سردها نقلا " عن البيهقي (ص 78)، والبيهقي من
أعلم الناس بالشافعي وكتبه، وذكره ابن حجر أيضا " في شرح النخبة).، الباعث الحثيث: ص 174.
(4) كتاب ابن قتيبة طبع في مصر سنة 1326.، باسم: تأويل مختلف الحديث.، وتنظر ترجمته في مثل:
الأعلام للزركلي: 4 / 280.
(5) من قبيل: الخلاف للشيخ الطوسي، وتذكرة الفقهاء للعلامة الحلي.
126

الحقل السادس عشر
في: الناسخ والمنسوخ (1)
فإن من الأحاديث: ما ينسخ بعضها بعضا "، كالقرآن.
والأول وهو الناسخ
ما - أي: حديث - دل على رفع حكم شرعي سابق.
فالحديث المدلول عليه ب‍: ما.، بمنزلة الجنس، يشمل الناسخ وغيره.، ومع ذلك،
خرج به ناسخ القرآن.
والحكم المرفوع: شامل للوجودي والعدمي.
وخرج بالشرعي - الذي هو صفة الحكم -: الشرع المبتدأ بالحديث، فإنه يرفع به
الإباحة الأصلية: لكن، لا يسمى شرعيا ".
وخرج بالسابق.، الاستثناء، والصفة، والشرط، والغاية الواقعة في الحديث.، فإنها قد
ترفع حكما " شرعيا "، لكن ليس سابقا ".
والثاني: هو المنسوخ
ما رفع حكمه الشرعي، بدليل شرعي متأخر عنه (2)
وقيوده تعلم بالمقايسة على الأول.
وهذا فن صعب مهم (3).، حتى أدخل بعض أهل الحديث فيه: ما ليس منه، لخفاء
معناه (4).

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 29 لوحة أ سطر 6: (وسادس عشرها: الناسخ والمنسوخ)،
فقط بدون: (الحقل السادس عشر في الناسخ والمنسوخ).
(2) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 60.
(3) قال الزهري: أعمى الفقهاء وأعجزهم، أن يعرفوا ناسخ الحديث من منسوخه؟ مقدمة أبن الصلاح:
ص 405.
(4) الخلاصة في أصول الحديث: ص 60.
وينظر: البيان في تفسير القرآن للفقيه الرجالي الخوئي - ط 8 -: ص 277 - 381.، بخصوص: المعنى
اللغوي واصطلاحي للنسخ، وامكان وقوعه، ووقوعه في التوراة، ثم وقوعه في الشريعة الاسلامية... الخ.
127

وطريق معرفته:
(1 -) النص من النبي (صلى الله عليه وآله) مثل: كنت نهيتكم عن زيارة
القبور، فزوروها... (1)
(2 -) أو نقل الصحابي.، مثل: كان آخر الامرين من رسول الله (صلى الله عليه
وآله) ترك الوضوء مما مست النار (2)
(3 -) أو التأريخ.، فإن المتأخر منهما، يكون ناسخا " للمتقدم (3).، لما روي عن
الضحاك (4): نعمل بالأحدث فالأحدث (5) -
(4 -) أو الاجماع.، كحديث: قتل شارب الخمر في المرة الرابعة (6).، نسخة: الاجماع
على خلافه، حيث لا يتخلل الحد.، والاجماع لا ينسخ بنفسه، وإنما يدل على النسخ.

(1) أخرجه الامام مالك ومسلم وأبو داوود والنسائي والترمذي.
ينظر: تيسير الوصول: 4 / 184، وناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين: ص 34، وشرح النخبة:
ص 16، ومسند أحمد بن حنبل: ط 2 ج 2 ص 1235، وصحيح مسلم: 2 / 672، 3 / 1564.، ورواه ابن ماجة عن
ابن مسعود: ج 1 ص 501، رقم الحديث 1571.، وينظر: جامع أحاديث الشيعة: 3 / 529.
(2) ينظر: مقدمة ابن الصلاح: ص 406.، ورواه أبو داوود: ج 1 ص 88 كتاب الطهارة، ورواه
النسائي: ج 1 ص 108، كلاهما عن جابر بن عبد الله.
(3) قال الحافظ ابن كثير: (كما سلكه الشافعي في حديث: (أفطر الحاجم والمحجوم)، وذلك قبل
الفتح، في شأن جعفر بن أبي طالب، وقد قتل بمؤتة، قبل الفتح بأشهر.، وقول ابن عباس: (احتجم وهو صائم
محرم)، وإنما ابن عباس مع أبيه في الفتح).، ينظر: الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث: ص 170،
ومقدمة ابن الصلاح: 407.، ورواه الإمام أحمد في مسنده: ج 5 ص 276.، وأبو داوود: كتاب الصوم: ج 2
ص 414، رقم الحديث 2367.، وينظر: صحيح البخاري: ج 3 ص 43، كتاب الصيام.
(4) في هامش النسخة الخطية المعتمدة ورقة 29 لوحة ب مقابل سطر 6.، عبارة كأنه الصحابة كنا.، وفي
طبعة النعمان: (لما روي عن الصحابة كنا نعمل بالأحدث فالأحدث).
(5) رواه الخطيب البغدادي عن الزهري، في الفقيه والمتفقه: 1 / 126.
ووقع نظيره في أحاديث أهل البيت عليهم السلام.، ينظر: جامع أحاديث الشيعة: 1 / 267 - 268،
المقدمات، الباب 6، ما يعالج به تعارض الروايات.
(6) رواه الإمام أحمد في المسند عن معاوية: ج 4 ص 93.، ورواه الشافعي والدارمي وابن المنذر وابن
حبان وأهل السنن عن معاوية.، ينظر: نيل الأوطار: ج 7 ص 325.
(7) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 61.
128

الحقل السابع عشر
في: الغريب لفظا " (1)
احترز به عن: الغريب المطلق، متنا " أو إسنادا ".، وقد تقدم (2).
وهو: ما اشتمل متنه، على لفظ غامض، بعيد عن الفهم، لقلة استعماله، في الشائع
من اللغة.
وهو: فن مهم من علوم الحديث، يجب أن يتثبت فيه أشد تثبت (3).، لانتشار اللغة، و
كثرة معاني الألفاظ العربية.، فربما ظهر معنى مناسب للمراد، والمقصود غيره مما لم يصل
إليه.
وقد صنف فيه، جماعة من العلماء.، أول من صنف فيه: النضر بن شميل (4) و
قيل: أبو عبيدة معمر بن المثنى (5)، وبعدهما: أبو عبيد القاسم بن سلام (6) ثم ابن قتيبة، ثم
الخطابي (7) فهذه أمهاته (8).
ثم تبعهم غيرهم: بزوائد وفوائد.، كابن الأثير (6)، فإنه قد بلغ (بنهاية) النهاية.، ثم
الزمخشري (10)، ففاق في (الفائق) كل غاية.، والهروي (11)، فزاد في (غريبة) غريب القرآن مع
الحديث.، وغير من ذكر من العلماء، شكر الله سعيهم.

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 29 لوحة ب سطر 8 - 9: (وسابع عشرها: الغريب لفظا ")،
فقط.، بدون: (الحقل السابع عشر في الغريب لفظا ").
(2) في صفحة...، الحقل التاسع، من النظر الأول، في القسم الثاني، أحد قسمي الباب الأول من
الكتاب.
(3) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 62.
(4) أحد الاعلام بمعرفة أيام العرب، ورواية الحديث، وفقه اللغة.، 122 ه‍ - 203 ه‍...، ينظر:
الأعلام للزركلي: 8 / 357 - 358.
(5) من أئمة العلم بالأدب واللغة.، 210 - 209 ه‍،..، ينظر: الاعلام: 8 / 191.
(6) من كبار العلماء بالحديث والأدب والفقه.، 157 - 224 ه‍،...، ينظر: الاعلام: 6 / 10.
(7) حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب: 319 - 388 ه‍، فقيه محدث...، ينظر: الأعلام للزركلي:
2 / 304.
(8) ينظر: الباعث الحثيث: ص 167، والخلاصة في أصول الحديث: ص 62، وكشف الظنون:
2 / 155 - 157، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 1 / 4 - 6، وفيه استعراض لأول من ألف، وتدرج
التأليف في غريب الحديث.
(9) المبارك بن محمد بن محمد، المحدث اللغوي الأصولي.، 544 - 606 ه‍،..، ينظر: الاعلام: 6 / 152.
(10) محمود بن عمر الخوارزمي.، 467 - 538...، ينظر: الاعلام: 8 / 55.
(11) أحمد بن محمد بن عبد الرحمان.، توفي سنة 401 ه‍،.. ينظر: الاعلام: 1 / 203.
129

الحقل الثامن عشر
في: المقبول (1)
- 1 -
وهو: ما - أي: الحديث الذي - تلقوه بالقبول، والعمل بالمضمون (2) - اللام:
عوض عن المضاف إليه.، أي: مضمونه -، من غير التفات إلى صحته وعدمها.
وبهذا الاعتبار، دخل هذا النوع، في القسم المشترك، بين الصحيح وغيره.
ويمكن جعله: من أنواع الضعيف.، لأن الصحيح مقبول مطلقا " إلا لعارض،
بخلاف الضعيف، فإن منه المقبول وغيره.
ومما يرجح دخوله في القسم الأول: أنه يشمل الحسن والموثق، عند من لا يعمل
بهما مطلقا ".، فقد يعمل بالمقبول منهما - حيث يعمل بالمقبول من الضعيف - بطريق أولى،
فيكون حينئذ من القسم العام، وإن لم يشمل الصحيح، إذ ليس ثم قسم ثالث.
- 2 -
والمقبول: كحديث عمر بن حنظلة (3)، في حال المتخاصمين من أصحابنا، وأمرهما
بالرجوع إلى رجل، قد روى حديثهم، وعرف أحكامهم (4).، الخبر.

(1) ينظر: ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة: ص 4.
(2) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 30 لوحة أ سطر 6: (وثامن عشرها المقبول)، فقط.، بدون:
(الحقل الثامن عشر في المقبول).
(3) عدة الشيخ تارة " من أصحاب الباقر (ع)، وأخرى في أصحاب الصادق (ع)...، ينظر: معجم رجال
الحديث: 13 / 31.
(4)... عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد الله (ع): عن رجلين من أصحابنا، بينهما منازعة في دين أو
ميراث، فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة.، أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل، فإنما تحاكم إلى
الطاغوت.، وما يحكم له فإنما يأخذ سحقا "، وإن كان حقا " ثابتا "، لأنه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر الله أن
يكفر به.
قال الله تعالى: (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به) (4 / 61).
قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا و
حرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما "، فإني قد جعلته عليكم حاكما "، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه،
فإنما استخف بحكم الله. وعلينا رد كالراد على الله، وهو على حد المشرك بالله.
أصول الكافي: 1 / 68 ك‍ 2 - ب 21، ح 10.، وينظر: وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة:
18 / 98.
130

وإنما وسموه، بالمقبول.، لان في طريقه.، محمد بن عيسى (1)، وداوود بن الحصين (2).، و
هما: ضعيفان.
وعمر بن حنظلة: لم ينص الأصحاب فيه، بجرح ولا تعديل، لكن.، أمره عندي سهل،
لأني حققت توثيقه من محل آخر، وإن كانوا قد أهملوه (3).
ومع ما ترى في هذا الاسناد.، قد قبلوا - الأصحاب - متنه، وعملوا بمضمونه.، بل،
جعلوه عمدة التفقه، واستنبطوا منه شرائطه كلها.، وسموه: مقبولا ": ومثله في تضاعيف
أحاديث الفقه: كثير.

(1) وقد علق المددي هنا بقوله: هو محمد بن عيسى اليقطيني، ثقة جليل القدر، وتوهم تضعيفه، من
كلام ابن الوليد، وليس كذلك، يراجع المعاجم الرجالية.
(2) كوفي ثقة، روي عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام..، ينظر: معجم رجال الحديث:
7 / 101.
وقد علق المددي هنا بقوله: هو أيضا " ثقة، وتضعيفه يرجع إلى مذهبه، لأنه واقفي، على ما قاله الشيخ
رحمه الله.، وإن قيل: لم يثبت وقفه.
(3) وقد علق المددي هنا بقوله: قال ابن المؤلف في منتقى الجمان: 1 / 17 - 18: ومن عجيب ما اتفق
لوالدي رحمه الله في هذا الباب.، أنه قال في شرح بداية الدراية: أن عمر بن حنظلة، لم ينص الأصحاب عليه
بتعديل ولا حرج، ولكنه حقق توثيقه من محل آخر.، ووجدت بخطه رحمه الله، في بعض مفردات فوائده، ما صورته:
(عمر بن حنظلة غير مذكور بجرح ولا تعديل.، ولكن، الأقوى عندي أنه ثقة، لقول الصادق عليه السلام في
حديث الوقت.، إذا " لا يكذب علينا).
والحال ان الحديث الذي أشار إليه: ضعيف الطريق، فتعلقه به في هذا الحكم - مع ما علم من انفراده
به - ضعيف.، ولولا الوقوف على الكلام الأخير، لم يختلج في الخاطر، أن الاعتماد في ذلك على هذه الحجة..
انتهى.
أقول: حديث الوقت - الذي أشار إليه - ضعيف بيزيد بن خليفة، فإنه لم يوثق.
نعم، قيل: بتوثيقه، لرواية صفوان عنه.
وينظر: معجم رجال الحديث: 13 / 31 - 32.
131

المسألة الثانية
في: أنواع الضعيف
إن ما يختص من الأوصاف بالحديث الضعيف يندرج في حقول:
الحقل الأول
في: الموقوف (1)
- 1 -
وهو قسمان: مطلق، ومقيد.
فإن أخذ مطلقا ": فهو ما روي عن مصاحب المعصوم (2)، من نبي أو إمام.، من قول أو
فعل أو غيرهما.، متصلا " مع ذلك سنده أم منقطعا ".
وقد يطلق في غير المصاحب للمعصوم: مقيدا ".، وهذا هو القسم الثاني منه.، مثل:
وقفه فلان على فلان، إذا كان الموقوف عليه غير مصاحب.
وقد يطلق على الموقوف: الأثر، إن كان الموقوف عليه صحابيا " للنبي (ص) (3).، ويطلق
على المرفوع: الخبر.، والمفصل لذلك (4): بعض الفقهاء.، وأما أهل الحديث: فيطلقون الأثر
عليهما (5)، ويجعلون الأثر أعم منه مطلقا "، وقد تقدم.
- 2 -
ومنه - أي: من الموقوف -: تفسير الصحابي لآيات القرآن، عملا " بالأصل.، و
لجواز التفسير، للعالم بطريقه من نفسه، فلا يكون ذلك قادحا ".
وقيل: هو (6) مرفوع، عملا " بالظاهر، من كونه شهد الوحي والتنزيل.، وفيه: أنه

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 30 لوحة ب سطر 9 - 10: (القسم الثاني ما يختص من الأوصاف
بالحديث الضعيف وهو أمور.، الأول: الموقوف)، وما جئنا به أعلاه أملته الضرورة المنهجية.
(2) ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة: ص 4.
(3) ينظر: المصدر نفسه.
(4) الذي في النسخة الخطية ورقة 31 لوحة أ سطر 3: (والمفصل كذلك).، ويبدو: انه اشتباه في
النسخ.
(6) أي: تفسير الصحابي: (خطية الدكتور محفوظ: ص 34): وينظر: الخلاصة في أصول الحديث:
ص 65. والباعث الحثيث: ص 47.
132

أعم، فلا يدل على الخاص.
وفصل ثالث: إذ قيد قول الرفع مطلقا "، بتفسير يتعلق بسبب نزول آية، يخبر به
الصحابي، أو نحو ذلك، فيكون مرفوعا "، وإلا فلا.، كقول جابر (1): كانت اليهود تقول: من
أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول 32).، فأنزل الله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فاتوا
حرثكم أنى شئتم) (3).، فيكون مثل هذا مرفوعا ".
وما لا يشتمل على إضافة شئ إلى رسول الله (ص)، فمعدود في الموقوفات (4).
- 3 -
وقوله - أي: قول الصحابي -: كنا نفعل كذا أو نقول كذا ونحوه، إن أطلقه فلم
يقيد بزمان، أو قيده ولكن لم يضفه إلى زمنه صلى الله عليه وآله، فموقوف.، لان ذلك،
لا يستلزم إطلاع النبي - صلى الله عليه وآله - عليه، ولا أمره به.، بل، هو أعم، فلا يكون
مرفوعا " على الأصح، وفيه قول نادر: أنه مرفوع.
- 4 -
وإلا يكن كذلك.، بل، أضافة إلى زمنه - صلى الله عليه وآله -، فإن بين
إطلاعه صلى الله عليه وآله - عليه، ولم ينكره، فهو مرفوع إجماعا " (5).
وإلا، فوجهان للمحدثين والأصوليين.، من حيث أن الظاهر، كونه صلى الله عليه
وآله اطلع عليه وقرره، فيكون مرفوعا ".، بل، ظاهره كون جميع الصحابة كانوا يفعلون، لان
الصحابي إنما ذكر هذا اللفظ، في معرض الاحتجاج.، وإنما يصح الاحتجاج، إذا كان فعل
جميعهم، لان فعل البعض لا يكون حجة.
وهذا، هو أصح القولين للأصوليين وغيرهم.

(1) ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي. صحابي من المكثرين في الرواية عن النبي (ص): 16
ق ه‍ - 78 ه‍،... ينظر: الاعلام: 2 / 92.
(2) ينظر: معرفة علوم الحديث: ص 20.
(3) سورة البقرة، آية 224.
(4) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 65.
(5) ينظر: المصدر نفسه.
133

قيل عليه: لو كان فعل جميع الصحابة، لما ساغ الخلاف بالاجتهاد، لامتناع مخالفة
الاجماع.، لكنه، ساغ، فلا يكون فعل جميع الصحابة.
وأجيب: بأن طريق ثبوت الاجماع ظني.، لأنه منقول بطريق الآحاد، فيجوز
مخالفته.
وهذا مبني على: جواز الاجماع في زمنه (صلى الله عليه وآله).، وفيه: خلاف، وإن
كان الحق جوازه.
- 6 -
وكيف كان الموقوف، فليس بحجة، وإن صح سنده على الأصح.، لان مرجعه إلى
قول من وقف عليه، وقوله ليس بحجة.
وقيل: هو حجة مطلقا "، وضعفه ظاهر. (1)

(1) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 65.
وقال المامقاني: (لأعمية التفسير.، من كونه بعنوان الرواية عنه (صلى الله عليه وآله).
وقيل بالتفصيل: بين التفسير المتعلق بسبب نزول الآية، يخبر به الصحابي مثل قول جابر: (كانت اليهود
تقول: من أتى امرأة من دبرها في قبلها، جاء الولد أحول).، فأنزل الله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم).
وبين غيره.، مما لا يشتمل على إضافة شئ إلى الرسول (صلى الله عليه وآله).
بكون الأول من المرفوع، والثاني من الموقوف.، لعدم إمكان الأول، إلا بالأخذ عن النبي (صلى الله عليه
وآله)، باخباره بنزول الآية، بخلاف الثاني).، مقباس الهداية: ص 59.
134

الحقل الثاني
في: المقطوع (1)
- 1 -
وهو: ما جاء عن التابعين.، ومن في حكمهم،: وهو تابع مصاحب الامام أيضا "، فإنه
في معنى التابعي لصاحب النبي (صلى الله عليه وآله) عندنا.، من أقوالهم - أي: أقوال
التابعين - وأفعالهم، موقوفا " عليهم.
ويقال له: المنقطع أيضا " (2).
- 2 -
وهو: مغاير للموقوف بالمعنى الأول.، لان ذلك يوقف على مصاحب المعصوم.، وهذا
على التابعي.
وأخص من معنى الموقوف المقيد.، لأنه حينئذ يشمل غير التابعي.، والمقطوع يختص
به.
وقد يطلق المقطوع على الموقوف، بالمعنى السابق الأعم، فيكون مرادفا " له.، وكثيرا " ما
يطلقه الفقهاء على ذلك.
- 3 -
وكيف كان معناه.، فليس بحجة، إذ حجة في قول من وقف عليه، من حيث هو
قوله، كما لا يخفى (3).

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 32 لوحة أ سطر 5: (الثاني المقطوع)، بدون: (الحقل
الثاني في المقطوع).
(2) وقال الحافظ ابن كثير: وقد وقع في عبارة الشافعي والطبراني، إطلاق المقطوع، على منقطع الاسناد
غير الموصول.، الباعث الحثيث: ص 46.
(3) أي، من حيث هو صحابي، أو تابعي، واحترز بالحيثية عما لو كان أحدهما إماما "، كزين العابدين
عليه السلام، فإنه يعد من التابعين.، وقوله حجة لا من حيث هو تابعي كما لا يخفى.، (خطية الدكتور محفوظ:
ص 36).
135

الحقل الثالث
في: المرسل (1)
- 1 -
وهو: ما رواه عن المعصوم: من لم يدركه (2).
والمراد بالادراك هنا: التلاقي (3) في ذلك الحديث المحدث عنه، بأن رواه عنه
بواسطة، وإن أدركه.، بمعنى: اجتماعه معه، ونحوه.، وبهذا المعنى.، يتحقق إرسال الصحابي عن
النبي (صلى الله عليه وآله)، بأن يروي الحديث عنه (صلى الله عليه وآله)، بواسطة
صحابي آخر (4):
سواء كان الراوي: تابعيا " أم غيره، صغيرا " أم كبيرا ".
وسواء كان الساقط: واحد أم أكثر.
وسواء رواه: بغير واسطة، بأن قال التابعي: قال رسول الله: (صلى الله عليه وآله)
مثلا "، أو بواسطة نسيها: بأن صرح بذلك، أو تركها مع علمه بها، أو أبهمها.، كقوله: عن
رجل، أو عن بعض أصحابنا، ونحو ذلك.
هذا، هو المعنى العام للمرسل، المتعارف عند أصحابنا.
وقد يختص المرسل: باسناد التابعي إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، من غير ذكر
الواسطة.، كقول سعيد بن المسيب (5): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كذا.، وهذا، هو
المعنى الأشهر له عند الجمهور (6).

(1) الذي في النسخة الخطية ورقة 32 لوحة أ سطر 13: (الثالث: المرسل) فقط.، بدون: (الحقل
الثالث: في المرسل).
(2) قال الشهيد الأول: المرسل: ما رواه عن المعصوم، من يدركه بغير واسطة، أو بواسطة، نسيها،
أو تركها، (ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة: ص 4).
(3) سيأتي تبيان كيفية التلاقي، في النهاية من هذا الحقل.
(4) وقد علق المددي هنا بقوله: كأحاديث ابن عباس، فإنه كان صغيرا " عند وفاة النبي صلى الله عليه
وآله.، فكل ما يرويه عن رسول الله، فإنما يرويه عن صحابي آخر، إلا أحاديث قليلة جدا ": يقال هي: سبعة، أو
أربعة، أو ثلاثة.، سمعها من النبي صلى الله عليه وآله.
(5) سيد التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة.، 13 - 94 ه‍،..، ينظر: الاعلام: 3 / 155.
(6) ينظر: معرفة علوم الحديث: 25، وكتاب الكفاية في علم الرواية: ص 21، والخلاصة في أصول
الحديث: ص 65.
136

وقيده بعضهم: بما إذا كان التابعي المرسل كبيرا " (1)، كابن المسيب.، وإلا، فهو
منقطع.
واختار جماعة منهم: معناه العام الذي ذكرناه (2).
- 3 -
ويطلق عليه - أي: على المرسل -:
(1 -). المنقطع والمقطوع أيضا ".، بإسقاط شخص واحد، من إسناده (3).
(2 -). والمعضل - بفتح الضاد المعجمة -.، بإسقاط أكثر من واحد (4).، قيل: انه
مأخوذ من قولهم، أمر عضيل، أي: مستغلق شديد.
ومثاله: ما يرويه تابع التابعي، أو من دونه (5)، قائلا " فيه: قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله).
- 4 -
والمرسل، ليس بحجة مطلقا ": سواء أرسله الصحابي أم غيره، وسواء أسقط منه
واحد أم أكثر، وسواء كان المرسل جليلا " أم لا.، في الأصح من الأقوال للأصوليين و
المحدثين (6).، وذلك، للجهل بحال المحذوف، فيحتمل كونه ضعيفا ".
- 5 -
ويزداد الاحتمال: بزيادة الساقط، فيقوى احتمال الضعف.، ومجرد روايته عنه،
ليست تعديلا ".، بل، أعم.
إلا، أن يعلم تحرز مرسله، عن الرواية عن غير الثقة، كابن أبي عمير من أصحابنا،

(1) أي: عالم وفاهم (خطية الدكتور محفوظ: 36).
(2) قال إمام الحرمين: والمرسل: ما لم يتصل إسناده، فإن كان من مراسيل غير الصحابة - رضي الله
عنهم - فليس بحجة، إلا مراسيل ابن المسيب، فإنها فتشت فوجدت مسانيد.
رسالة الاسلام: السنة الرابعة، العدد 3، 4، ص 78.، الورقات في أصول الفقه، لإمام الحرمين 419 -
478 ه‍ إخراج الدكتور حسين علي محفوظ.، وينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية: ص 404.
(3) ينظر: ذكرى الشيعة: ص 4
(4) ينظر: المصدر نفسه
(5) ينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية: ص 21
(6) قال ابن الصلاح: وما ذكرناه من سقوط الاحتجاج بالمرسل، والحكم بضعفه، هو الذي استقر عليه
آراء جماعة حفاظ الحديث، ونقاد الأثر، وتداولوه في تصانيفهم.
قال: والاحتجاج به مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما في طائفة، والله أعلم.، ينظر: الباعث
الحثيث: ص 48.
137

على ما ذكره كثير منهم (1).، وسعيد بن المسيب، عند الشافعي، فيقبل مرسله، ويصير في قوة
المسند. (2)
وفي تحقق هذا المعنى - وهو: العلم بكون المرسل، لا يروي إلا عن الثقة -: نظر (3).،
لان مستند العلم:
إن كان هو الاستقراء لمراسيله، بحيث يجدون المحذوف ثقة ".، فهذا، في معنى
الاسناد، ولا بحث فيه.
وإن كان لحسن الظن به.، في أنه لا يرسل إلا عن ثقة.، فهو، غير كاف شرعا " في
الاعتماد عليه، ومع ذلك غير مختص بمن يخصونه.
وان كان استناده، إلى إخباره بأنه لا يرسل إلا عن الثقة.، فمرجعه: إلى شهادته
بعدالة الراوي المجهول، وسيأتي ما فيه.، وعلى تقدير قبوله، فالاعتماد على التعديل.
- 6 -
وظاهر كلام الأصحاب.، في قبول مراسيل ابن أبي عمير.، هو: المعنى الأول.، ودون
إثباته، خرط القتاد (4).، وقد نازعهم صاحب (البشرى) (5) في ذلك، ومنع تلك الدعوى.
وأما الشافعية.، فاعتذروا عن مراسيل ابن المسيب، بأنهم وجدوها مسانيد من
وجوه أخر (6).
وأجابوا عما أورد عليهم - من أن الاعتماد حينئذ يقع على المسند دون المرسل،
فيقع لغوا " (7) -.، بأنه بالمسند يتبين صحة الاسناد، الذي فيه الارسال، حتى يحكم له مع

(1) قال الشهيد الأول: (..، وهذا قبل الأصحاب مراسيل: ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، و
أحمد بن أبي نصير البزنطي: لانهم لا يرسلون إلا عن ثقة).، ذكرى الشيعة: ص 4.
(2) قال الحافظ ابن كثير: (وأما الشافعي فنص على أن مرسلات سعيد بن المسيب: حسان.، قالوا:
لأنه تتبعها فوجدها مسندة، والله أعلم).، الباعث الحثيث: ص 48.
(3) قال ابن الصلاح: وما ذكرناه من سقوط الاحتجاج بالمرسل، والحكم بضعفه: هو الذي استقر
عليه آراء جماعة: حفاظ الحديث. ونقاد الأثر.، وتداوله في تصانيفهم.، مقدمة ابن الصلاح: ص 140
وقال الأستاذ أحمد محمد شاكر: لأنه حذف منه راو غير معروف، وقد يكون غير ثقة.، والعبرة في
الرواية: بالثقة، واليقين، ولا حجة في المجهول.، الباعث الحثيث: ص 48 (الهامش).
وينظر كذلك، ما ذكره السيد الخوئي في معجم رجال الحديث: 1 / 75 - 80.
(4) ينظر: المستقصى في أمثال العرب: ج 2 ص 82.
(5) للسيد الاجل أحمد بن طاووس رحمه الله.
(6) ينظر الخلاصة في أصول الحديث: ص 66.
(7) ينظر: مقدمة ابن الصلاح: ص 139.
138

إرساله بأنه: إسناد صحيح تقوم به الحجة (1).
وتظهر الفائدة: في صيرورتهما دليلين، يرجح بهما عند معارضة دليل واحد.
- 7 -
ونبه: بالأصح.، على خلاف جماعة من الجمهور، حيث قبلوا المرسل مطلقا "، إذا
كان مرسله ثقة ".
ونقله الرازي (2) في (المحصول) عن الأكثرين.، محتجين: بأن الفرع لا يجوز له أن
يخبر عن المعصوم (صلى الله عليه وآله)، إلا وله صحة الاخبار عنه.
وإنما يكون كذلك: إذا ظن العدالة.، وبأن علة التثبيت هو الفسق، وهي منتفية،
فيجب القبول.
وبأن المسند جاز أن يكون مرسلا ".، فإنه يحتمل أن يكون بين فلان وفلان،
رواة لم تذكر، فلا يقبل إلا أن ينفصل.
وأجيب (3): بأنه ليس حمل إخباره عنه (ص)، على أنه قال.، أولى من حمله، على أنه
سمع أنه قال.
وإذا احتمل الأمران: لم يظهر حمله على أحدهما.
وانتفاء علة التثبت: موقوف على ثبوت العدالة.
وقول الراوي عن فلان: يقتضي بظاهره الرواية عنه، بغير واسطة.، وقد نوزع في
ذلك، وادعى أن مثله غير متصل.، لكن.، الظاهر خلافه.
وطريق ما يعلم به الارسال في الحديث أمران: جلي، وخفي.
فالأول: بعدم التلاقي من الراوي والمروي عنه.
اما لكونه لم يدرك عصره، أو أدركه لكن لم يجتمعا.، وليست له منه إجازة، ولا
وجادة 24).

(1) ينظر: مقدمة ابن الصلاح: ص 139.
(2) الفخر الرازي: الامام المفسر، أو حد زمانه في المعقول والمنقول وعلوم الأوائل: 544 - 606 ه‍،
...، ينظر: الاعلام: 7 / 203.
(3) عن الأول، وهو قوله: بأن الفرع لا يجوز له أن يخبر عن المعصوم (ع).، (خطية الدكتور محفوظ:
ص 37).
(4) سيأتي تعريفهما فيما بعد.
139

ومن ثم، احتيج إلى التأريخ، لتضمنه تحرير مواليد الرواة ووفياتهم، وأوقات
طلبهم، وارتحالهم، وقد افتضح أقوام: ادعوا الرواية عن شيوخ، ظهر بالتاريخ كذب
دعواهم (1)
والثاني: أن يعبر في الرواية عن المروي عنه، بصيغة يحتمل اللقى.، وعدمه مع عدمه -
أي عدم اللقى -.، ك‍: عن فلان، وقال فلان: كذا.
فإنهما، وإن استعملا في حالة، يكون قد حدثه يحتملان كون حدث غيره.
فإذا ظهر بالتنقيب 3 كونه غير راو عنه، تبين الارسال.، وهو ضرب من التدليس، و
سيأتي.

(1) وقد علق الحجة المددي هنا بقوله:
منهم: عثمان بن خطاب: قال الذهبي - في الميزان: 3 / 33 -: حدث بقلة حياء بعد الثلثمائة، عن
علي بن أبي طالب، فافتضح بذلك، وكذبه النقاد.
ومنهم: إبراهيم بن هدبة، أبو هدبة.، قال الذهبي - في الميزان: 1 / 71 -: حدث بعد المأتين، عن أنس
بعجائب.
140

الحقل الرابع
في: الملل (1)
ومعرفته: من أجل علوم الحديث وأدقها.
- 1 -
وهو: ما فيه من أسباب خفية، غامضة قادحة في نفس الامر.، وظاهره: السلامة منها.،
بل، الصحة.
وإنما يتمكن من معرفة ذلك.، أهل الخبرة: بطريق الحديث، ومتونه (2)، ومراتب
الرواة الضابطة لذلك.، وأهل الفهم الثاقب في ذلك.
- 2 -
ويستعان على إدراكها - أي: العلل المذكورة -: بتفرد الراوي بذلك الطريق، أو
المتن الذي يظهر عليه قرائن العلة، وبمخالفة غيره له في ذلك.، مع انضمام قرائن تنبه العارف
على تلك العلة: من إرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث، أو
وهم وأهم، أو غير ذلك من الأسباب المعلة للحديث.، بحيث يغلب على الظن ذلك، ولا
يبلغ اليقين، وإلا لحقه حكم ما تيقن من إرسال أو غيره.
فيحكم به، أو يتردد في ثبوت تلك العلة، من غير ترجيح يوجب الظن، فيتوقف.
- 3 -
وهذه العلة عند الجمهور، مانعة من صحة الحديث، على تقدير كون ظاهرة الصحة،
لولا ذلك.
ومن ثم، شرطوا في تعريف الصحيح: سلامته من العلة (3).
وأما أصحابنا: فلم يشترطوا السلامة منها.، وحينئذ، فقد ينقسم الصحيح إلى: معلل
وغيره، وإن رد المعلل كما يرد الصحيح الشاذ.، وبعضهم وافقنا على هذا أيضا "، والاختلاف

(1) وقد ألف فيه من جهابذة الحديث جماعة.، منهم: الإمام أحمد، والبخاري، ومسلم، و
الترمذي...، ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: 73 - 74. والباعث الحثيث: ص 64 - 72 (جمعا " بين المتن
والهامش).
وفي النسخة الخطية المعتمدة ورقة 34 لوحة ب سطر 3: (الرابع: المعلل، فقط.، بدون: الحقل الرابع في
المعلل).
(2) قال الطيبي: ومثال العلة في المتن: ما انفرد مسلم بإخراجه، في حديث أنس، من اللفظ المصرح،
بنفي قراءة (بسم الله الرحمان الرحيم)..، الخلاصة في أصول الحديث: ص 72.
(3) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 35، والباعث الحثيث: ص 21.
141

في مجرد الاصطلاح.
واعلم، أن هذه العلة، توجد في كتاب التهذيب، متنا " وإسنادا "، بكثرة (1).
والتعرض إلى تمثيلها، يخرج إلى التطويل، المنافي لغرض الرسالة.

(1) وقد علق المددي هنا بقوله:
باعتبار ان الشيخ يروي في الكتاب المذكور أحاديث، عن الكتب المتقدمة عليه، كالكافي والبصائر
والمحاسن وغيرها..، إلا أنه يوجد اختلاف كثير، سواء في المتن أم الاسناد.، حتى قال المحدث البحراني - في
الحدائق: 4 / 209 -: والظاهر أن هذه الزيادة، سقطت من قلم الشيخ، كما لا يخفى على من له أنس بطريقته، سيما
في: التهذيب وما وقع له فيه من التحريف والتصحيف، والزيادة والنقصان في الأسانيد والمتون، بحيث أنه قلما
يخلو حديث من ذلك، في متنه أو سنده!! كما هو ظاهر للممارس.
وعلق أيضا " بقوله: هذا والذي يظهر لي بعد التأمل في أحاديث (التهذيب)، ان الاختلاف المذكور -
مع الاعتراض بقصور الانسان وخطأه مهما بلغ من الاتقان والتحقيق - يرجع إلى عوامل شتى.
فمن جهة.، يرجع إلى اختلاف نسخ الكتاب، فهناك أحاديث فيها خلل - سندا " ومتنا " - في نسخة منه،
وفي نسخة أخرى تخلو عنه.، بل، يبدو للمحقق المتتبع ان نسخة التهذيب، التي وصلت إلى صاحب الوافي،
وصاحب الوسائل، وغيرهما، كانت مختلفة.
ومن جهة أخرى: يرجع إلى اختلاف نسخ المصادر التي اعتمدها الشيخ، فحينما نرى اختلافا " بين التهذيب
والكافي - مع أن الأول نقل عن الثاني -، ليس معناه حتما " ان الشيخ سها عن ذلك.، بل، لعل نسخة الكافي
التي وصلت إلى الشيخ، كانت تختلف عن النسخ التي بأيدينا، وهكذا، في ساير موارد الاختلاف.
ومن جهة ثالثة: يرجع إلى تعدد المصادر وتغايرها: فقد نرى الشيخ يروي رواية وهي موجودة في الكافي
بعينها، إلا أن بينهما اختلافا "، سندا " أو متنا "، زيادة أو نقيصة، وهذا لا يعود إلى خطأ الشيخ.، بل. السر فيه: ان الشيخ
يرويها بطريق يخالف طريق الكافي، فالشيخ يرويها مثلا " عن كتاب أحمد بن محمد بن عيسى، بينما الكليني يرويها
عن الحسين بن سعيد.، فالرواية وإن كانت واحدة، إلا أنها من طريقتين متغايرتين.
ومن هذا القبيل أيضا ": أنه قد يروي الشيخ حديثا " في موضع من الكتاب، ويروي نفس الحديث في
موضع آخر، مع الاختلاف سندا " ومتنا "، والوجه ما ذكرنا.، يعني: أنه يرويه في الموضع الأول عن مصدر معين، و
في الموضع الثاني عن مصدر آخر.
والذي تحقق لي من مراجعة التهذيب: ان الشيخ الثقة الجليل - رحمه الله -، كان يراعي في نقل
الحديث كمال الدقة والاتقان، وهو بعلمه هذا يرشدنا أيضا " إلى اختلاف نسخ تلك المصادر، واختلافها فيما
بينهما، واحتفظ بشدة بنقل ما وقف عليه.، ولذا ينبغي أن يعد كتابه - والحق أقول - من أقل الكتب الحديثية،
تحريفا " وتصحيفا "، زيادة ونقصانا "، وأضبطها، وأشملها، وأتقنها، فلله دره وعليه أجره.
142

الحقل الخامس
في: المدلس (1)
تعريفه: (2)
المدلس - بفتح اللام -.، واشتقاقه من: الدلس بالتحريك.، وهو: اختلاط
الظلام.
سمي بذلك: لاشتراكهما في الخفاء.، حيث أن الراوي لم يصرح بمن حدثه،
وأوهم سماعه للحديث ممن لم يحدثه.، كما يظهر من قوله (3): وهو ما أخفي عيبه (4).
أنواع وقوعه: (5)
أما في الاسناد
وهو: أن يروي عمن لقيه أو عاصره، ما لم يسمعه منه، على وجه يوهم أنه سمعه
منه (6).
(أ -) ومن حقه.، أي: حق المدلس وشأنه، بحيث يصير مدلسا " لا كذابا ".، أن
لا يقول: حدثنا.، أولا: أخبرنا (7)، وما أشبههما، لأنه كذب.، بل، يقول: قال فلان، أو عن
فلان.، ونحوه: كحدث فلان، وأخبر، حتى يوهم أنه أخبره (8).، والعبارة أعم من ذلك، فلا
يكون كاذبا ".

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 35 لوحة أ سطر 9: (الخامس المدلس بفتح اللام)، فقط.،
بدون: (الحقل الخامس في المدلس تعريفه المدلس بفتح اللام).
(2) قال الأستاذ أحمد محمد شاكر: وقد ألف الحافظ برهان الدين سبط بن العجمي المتوفي سنة 841
رسالة في التدليس والمدلسين، طبعت في حلب، وكذلك الحافظ بن حجر المتوفي سنة 852 ألف رسالة طبعت
في مصر.، (الباعث الحثيث: ص 55 الهامش).
(3) يبدو: أن مرجع الضمير: هو الطيبي، لان الجملة التالية منقولة من كتابه.
(4) الخلاصة في أصول الحديث: ص 74.
(5) قال الخطيب البغدادي: والتدليس يشتمل على ثلاثة أحوال تقتضي...، كتاب الكفاية في علم
الرواية: ص 358.
وهذا العنوان: (أنواع وقوعه)، وضعناه للضرورة المنهجية.
(6) ينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية: ص 22.، والخلاصة في أصول الحديث: ص 74.، والباعث
الحثيث: ص 53.
(7) هكذا في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 35 لوحة ب سطر 2.، والصحيح هو: (أن لا يقول حدثنا ولا
أخبرنا).، لأنه ليس المقصود هنا.، الترديد وإنما النهي عن شيئين متعاطفين.
(8) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: 74.
143

(ب -) وربما لم يسقط المدلس شيخه الذي أخبره، ولا يوقع التدليس في ابتداء
السند.، لكن، يسقط من بعده، رجلا " ضعيفا " أو صغير السن، ليحسن الحديث بذلك (1).
وهذان النوعان، تدليس في الاسناد.
وأما التدليس في الشيوخ
لا في الاسناد.،
فذلك، بأن يروي عن شيخ، حديثا " سمعه منه، ولكن لا يحب معرفة ذلك
الشيخ، لغرض من الأغراض.، فيسميه، أو يكنيه باسم أو كنية غير معروف بهما (2)، أو ينسبه
إلى بلد أو قبيلة غير معروف بهما، أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف (3).
وأمره - أي: أمر القسم الثاني من التدليس -: أخف ضررا " من الأول.، لان
ذلك الشيخ من الاغراب به: إما أن يعرف، فيترتب عليه ما يلزمه، من ثقة أو ضعف.، أولا "
يعرف، فيصير الحديث مجهول السند، فيرد.
لكن، فيه تضييع للمروي عنه، وتوعير لطريق معرفة حاله، فلا ينبغي للمحدث
فعل ذلك.
ونقل: أن الحامل لبعضهم على ذلك، كان منافرة بينهما اقتضته، ولم يسع له ترك
حديثه، صونا " للدين.، وهو عذر غير واضح.
عود على بدء (4)
والقسم الأول من التدليس: مذموم جدا "، لما فيه من إيهام اتصال السند، مع كونه

(1) ينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية: ص 364.، والخلاصة في أصول الحديث 74.
(2) وقد علق المددي هنا بقوله: ولعل من هذا القبيل: ما يرويه محمد بن الحسن بن سماعة - وهو من
رؤوس الواقفة - عن ابن أبي عمير.، فهو إن كان يروي عنه كثيرا "، إلا أنه لا يذكره باسم (ابن أبي عمير)،
الذي اشتهر به إلا قليلا ": والغالب عليه أن يذكره بعنوان: (محمد بن زياد)، أو (محمد بن زياد بن عيسى).
ولعله - أي: ابن سماعة - كان يأبى أن يورد اسم أحد أعلام الامامية الاثني عشرية، في كتبه و
مصنفاته، والله العالم.
(3) وقال الحافظ ابن كثير (... فهو الاتيان باسم الشيخ أو كنيته، على خلاف المشهور به.، تعمية
لامره، وتوعيرا " للوقوف على حاله، ويختلف ذلك باختلاف المقاصد.، فتارة يكره، كما إذا كان أصغر سنا " منه،
أو نازل الرواية، ونحو ذلك: وتارة يحرم، كما إذا كان غير ثقة، فدلسه لئلا يعرف حاله، أو أوهم أنه رجل آخر
من الثقات على وفق أسمه أو كنيته).، الباعث الحثيث: ص 55.
وينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية: ص 22، والخلاصة في أصول الحديث: ص 74.
(4) هذا العنوان: (عود على بدء)، وضعناه للضرورة المنهجية.
144

مقطوعا "، فيترتب عليه أحكام غير صحيحة.، حتى قال بعضهم: التدليس أخو الكذب (1).
وفي جرح فاعله بذلك: قولان.، بمعنى: أنه إذا عرف بالتدليس، ثم روى
(حدثنا) غير ما دلس به، ففي قبوله خلاف.
- 1 -
فقيل: لا يقبل مطلقا "، لما ذكرناه، من الضرر المترتب على التدليس، الذي وقع منه.،
حيث أوجب وصل المقطوع، واتصال المرسل.، ويترتب عليه أحكام شرعية، كانت منتفية
لولاه، وذلك جرح واضح.
وقيل: لا يجرح بذلك.، بل، ما علم فيه التدليس يرد، وما لا فلا، لأن المفروض
كونه ثقة " بدونه.، والتدليس: ليس كذبا ".، بل، تمويها ".
- 2 -
والأجود: التفصيل.، وهو القبول لحديثه، إن صرح بما يقتضي الاتصال، كحدثنا و
أخبرنا.، دون المحتمل للامرين ك‍: (عن)، (قال).، بل، حكمه حكم المرسل (2).
ومرجع هذا التفصيل: إلى أن التدليس، غير قادح في العدالة.، ولكن، تحصل الريبة
في إسناده، لأجل الوصف.، فلا يحكم باتصال سنده، إلا مع إتيانه بلفظ لا يحتمل التدليس،
بخلاف غيره فإنه يحكم على سنده بالاتصال، عملا " بالظاهر، حيث لا معارض له.
- 3 -
واعلم، ان عدم اللقى الموجب للتدليس يعلم: باخباره عن نفسه بذلك، وبجزم عالم
مطلع عليه (3).
ولا يكفي أن يقع في بعض الطرق، زيادة راو بينهما، لاحتمال أن يكون من المزيد
ولا يحكم في هذه الصورة بحكم كلي، لتعارض الاتصال والانقطاع.

(1) والقائل: هو شعبة بن الحجاج.، ينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية: ص 355.، والباعث الحثيث:
ص 58.، والخلاصة في أصول الحديث: ص 74.، ومقدمة ابن الصلاح: ص 169.
(2) ينظر: مقدمة ابن الصلاح: ص 171، والخلاصة في أصول الحديث: ص 75، والباعث الحثيث:
ص 54.
(3) وقد علق المددي هنا بقوله:
كما حكي النجاشي عن يونس بن عبد الرحمن: ان حريز بن عبد الله لم يرو عن أبي عبد الله عليه السلام إلا
حديثين.
نعم، ناقش السيد الأستاذ - دام ظله - في ذلك.، ينظر: معجم رجال الحديث: 4 / 255 - 258.
145

الحقل السادس
في: المضطرب من الحديث (1)
وهو: ما اختلف راويه - المراد به: الجنس.، فيشمل: الراوي الواحد والأزيد -، فيه
- أي: في الحديث -، متنا " أو إسنادا ".، فيروي مرة على وجه، وأخرى على وجه آخر، مخالف
له، وهكذا...
- 1 -
وإنما يتحقق الوصف بالاضطراب: مع تساوي الروايتين، المختلفتين في الصحة و
غيرها، بحيث لم يترجح إحداهما على الأخرى، ببعض المرجحات.
أما لو ترجحت: إحداهما على الأخرى، بوجه من وجوهه.، كأن يكون راويها: أحفظ، أو
أضبط، أو أكثر صحبة " للمروي عنه، ونحو ذلك من وجوه الترجيح.، فالحكم للراجح من
الامرين أو الأمور، فلا يكون مضطربا " (2).

(1) قال الأستاذ السامرائي: أفرد الحافظ ابن حجر العسقلاني للمضطرب كتابا ": سماه المقترب من
بيان المضطرب: ذكره المستشرق هالورد في فهرست مكتبة برلين رقم 1141.، ينظر: الخلاصة في أصول الحديث:
ص 76. (الهامش)
وأقول: الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 36 لوحة ب سطر 9: (السادس المضطرب)، فقط.،
بدون: (الحقل السادس في المضطرب من الحديث).
(2) وقد علق المددي هنا بقوله:
مثاله: روي الشيخ - في التهذيب: 3 / 233 -: باسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن
فضالة، عن أبان بن عثمان، عن عمر بن يزيد.، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: وقت المغرب في السفر إلى ربع
الليل.
وهكذا رواه الكليني في الكافي: 3 / 281 (باب وقت المغرب والعشاء الآخرة).، عن محمد بن يحيى،
عن سلمة بن الخطاب، عن محمد بن الوليد، عن أبان بن عثمان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام.،
قال: قال وقت المغرب في السفر إلى ربع الليل.
ولكن رواه أيضا " في الكافي: 3 / 431، (باب وقت الصلاة في السفر والجمع بين الصلاتين).، عن
الحسين بن محمد، عن عبد الله بن عامر، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن أبان، عن عمر بن يزيد.،
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: وقت المغرب في السفر إلى ثلث الليل.، وروي أيضا " إلى نصف الليل.
قال ابن الشهيد الثاني في منتقى الجمان: 1 / 304: وربما يظن أنه من قبيل الاضطراب في المتن، فينافي
الصحة وليس كذلك.، لاشتراط الاضطراب بتساوي الروايتين المختلفتين كما مر، ولا مساواة هنا بين
الطريقين كما هو واضح.
ومراده - رحمه الله -: ان سند رواية الشيخ، أصح من طريق الكليني الثاني.، ويؤيده الطريق لاو ال
للكليني.
146

ويقع الاضطراب في السند: بأن يرويه الراوي، تارة " عن أبيه عن جده، مثلا "، وتارة "
عن جده بلا واسطة، وثالثة " عن ثالث غيرهما (1).
كما اتفق ذلك في رواية: أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالخط للمصلي، سترة "،
حيث لا يجد العصا (2).
- 3 -
ويقع الاضطراب في المتن دون السند، كخبر إعتبار الدم عند اشتباهه بالقرحة،

أقول: الظاهر أنها رواية واحدة.، رواها أبان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام.، إلا أنه
اختلف الرواة عن أبان: فرواها الحسين بن سعيد (كما في التهذيب)، ومحمد بن الوليد (كما في طريق الكليني
الأول) هكذا: (إلى ربع الليل).، ولكن رواها علي بن مهزيار (وهو الطريق الثاني للكليني) هكذا: (إلى ثلث
الليل).
ثم إن كتب علي بن مهزيار، وإن كانت من الكتب المشهورة، المتداولة بين الأصحاب، المعول عليها.، كما
يظهر: من النجاشي، والشيخ، والصدوق، والكشي، وغيرهم.، الا ان كتب الحسين بن سعيد، كانت أشهر.،
ولذا، شبهوا كتب علي بن مهزيار، بكتب الحسين بن سعيد.، فيمكن ترجيح رواية الحسين بن سعيد، مضافا " إلى
تأيدها برواية محمد بن الوليد.
(1) ينظر: تدريب الراوي.
(2) وقد علق المددي هنا بقوله:
رواه أبو داوود: (...، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا صلى أحدكم
فليجعل تلقاء وجهه شيئا "، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يجد فلينصب عصا "
، فإن لم يكن معه عصا "، فليخطط خطا " ثم لا يضره ما مر أمامه.،
كما في سنن أبي داوود: 1 / 183 - 184، كتاب الصلاة، باب الخط إذا لم يجد عصا.
ولأبي داوود كلام حول الحديث.، ينظر أيضا ": نصب الراية: 1 / 80 - 81.
وقال صاحب المعالم - نجل الشهيد الثاني مؤلف الكتاب - في شرح العبارة المذكورة أعلاه في المتن: و
صورة الاضطراب الواقع في سند الحديث المذكور - على ما حكاه بعض محققي أهل الدراية من العامة -
ان أحد رواته رواه تارة ": عن أبي عمرو محمد بن حريث، عن جده حريث بساير الاسناد.
وتارة ": عن أبي عمرو بن حريث، بالاسناد.
وثالثة ": عن أبي عمرو بن عمرو بن حريث، عن جده حريث بن سليم، بالاسناد.
ورابعة ": عن أبي عمرو بن حريث، عن جده حريث.
وخامسة ": عن حريث بن عمار، بالاسناد.
وسادسة ": عن أبي عمرو بن محمد، عن جده حريث بن سليمان.
وسابعة ": عن أبي محمد بن عمرو بن حريث، عن جده حريث رجل من بني عذرة.
ينظر: منتقى الجمان: 1 / 9 - 10، والنسخة المطبوعة لا تخلو من اضطراب أيضا ".
147

بخروجه من الجانب الأيمن، فيكون حيضا "، أو بالعكس.، فرواه في الكافي: بالأول (1).
وكذا في التهذيب: في كثير من النسخ (2).
وفي بعضها: بالثاني (3).
واختلفت الفتوى بسبب ذلك، حتى من الفقيه الواحد (4)، مع أن الاضطراب يمنع
من العمل بمضمون الحديث، مطلقا ".
وربما قيل: بترجيح الثاني (5)، ودفع الاضطراب.، من حيث عمل الشيخ في النهاية
بمضمونه (6)، فيرجح على الرواية الأخرى بذلك.، وبأن الشيخ أضبط من الكليني، وأعرف
بوجوه الحديث.

(1) (عن محمد بن يحيى، رفعه، عن أبان.، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: فتاة منا بها قرحة في
فرجها والدم سائل، لا تدري من دم الحيض، أو من دم القرحة؟ فقال: مرها، فلتستلق على ظهرها، ثم ترفع
رجليها، ثم تستدخل إصبعها الوسطى.
فإن خرج الدم من الجانب الأيمن، فهو من الحيض، وإن خرج من الجانب الأيسر، فهو من القرحة.، كما
في الكافي: 3 / 94 - 95.
(2) وقد علق المددي هنا بقوله: قال الشهيد الأول - في الذكرى ص 28 -: ذكره الكليني، وأفتى به
ابن الجنيد، وفي كثير من نسخ التهذيب الرواية بلفظها بعينه.
قال الصدوق والشيخ في النهاية: الحيض من الأيسر.، وقال ابن طاووس: هو في بعض نسخ التهذيب
الجديدة كذلك، وقطع بأنه تدليس.
(3) روى الشيخ في التهذيب: 1 / 385 - 386.، باسناده عن محمد بن يحيى، رفعه عن آبان.، نفس
الحديث السابق.، إلا ان في ذيله:
فإن خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض، وإن خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة.
وعلق المددي هنا بقوله:
وليلاحظ ان الشيخ ذكر في مشيخة التهذيب.، 10 / 33 - 34.، طريقين إلى محمد بن يحيى.، أحدهما:
بطريق الكليني.، والثاني: برواية ابنه عنه.
ولعل السر في اختلاف التهذيب والكافي، هو التعدد في الطريق، كما يحتمل انه - أي: الاختلاف -
نشأ من اختلاف نسخ التهذيب، كما في المتن.، وسنذكره عن ابن طاووس.
(4) وقد علق المددي هنا بقوله:
قال المحقق الثاني - في جامع المقاصد: 1 / 36 -: واختلف قول شيخنا الشهيد.، ففي بعض كتبه قال
بالأول: (الأيسر: حيض)، وفي بعضها: بالثاني.
(5) والقائل: هو المحقق الثاني.، كما في جامع المقاصد: 1 / 36.
(6) ينظر: النهاية: 24. وهكذا قال في المبسوط: 1 / 43.
148

وفيهما معا " نظر بين (1)، يعرفه من يقف على أحوال الشيخ، وطرق فتواه.، وأما تسمية
صاحب البشرى، مثل ذلك، تدليسا ".، فهو: سهو، أو اصطلاح غير ما يعرفه المحدثون.
- 4 -
ويكون الاضطراب من راو واحد، كهذه الرواية.، فإنها مرفوعة إلى أبان، في
الجهتين.
ومن رواة زيد من الواحد، فيرويه كل واحد بوجه، يخالف ما رواه الاخر.

(1) وقد علق المددي هنا بقوله:
أي: في أن عمل الشيخ مرجح، وأنه أضبط من الكليني.
أما الأول: فلانا " نجد الشيخ لا يعمل برواية - مثلا ": مرسلة -، بينما يعمل بمثلها في مكان آخر.، كما
ناقش في التهذيب: 8 / 257، ذيل الحديث 932، بأنه مرسل.، وما هذا سبيله، لا يعارض به الاخبار المسندة.
بينما قال هو في العدة: وإذا كان أحد الراويين مسندا "، والاخر مرسلا ": نظر في حال المرسل، فإن كان
ممن يعلم أنه لا يرسل إلا عن ثقة موثوق به، فلا ترجيح غيره على خبره.، ولأجل ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه
محمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وأحمد بن محمد بن نصر.، وغيرهم، من الثقات الذين عرفوا، بأنهم
لا يروون ولا يرسلون، إلا عمن يوثق به، وبين ما أسنده غيرهم..
وأما الثاني: فلما تقدم - في قسم المعلول: من أن التحريف والتصحيف والزيادة والنقصان، يوجد في
التهذيب بكثرة، كما تقدم مناقشتنا لذلك في التعليق.
149

الحقل السابع
في: المقلوب (1)
وهو: حديث ورد بطريق، فيروي بغيره.، إما بمجموع الطريق، أو ببعض رجاله.، بأن
يقلب بعض رجاله خاصة، بحيث يكون أجود منه، ليرغب فيه.
- 1 -
وقد يقع سهوا ".، كحديث يرويه محمد بن أحمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن
عيسى، وكثيرا " ما يتفق ذلك في إسناده التهذيب.
ومثله: محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبيه أحمد بن محمد بن يحيى، عن محمد بن يحيى.،
فيقلب الاسم، ونحوه من الأغراض الموجبة للقلب.
- 2 -
وقد يقع ذلك القلب من العلماء، بعضهم لبعض، للامتحان.، أي: امتحان،
حفظهم وضبطهم، كما اتفق ذلك لبعض العلماء، ببغداد (2).

(1) الذي في النسخة الخطية المعتمدة ورقة 37 لوحة ب سطر 6: السابع المقلوب، فقط.، بدون: (الحقل
السابع في المقلوب).
(2) قال الخطيب البغدادي - عن علماء بغداد حين قدم عليهم البخاري -... فإنهم اجتمعوا وعمدوا
إلى مئة حديث، فقبلوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا لاسناد آخر، واسناد هذا لمتن آخر.، ودفعوها إلى
عشرة أنفس، إلى كل رجل عشرة.، وأمروهم إذا حضروا المجلس، يلقون ذلك على البخاري، وأخذوا الوعد
للمجلس.
فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء: من أهل خراسان، وغيرهم من البغداديين.
فلما اطمأن المجلس بأهله، انتدب إليه رجل من العشرة، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث؟ فقال
البخاري: لا أعرفه.، فسأله عن آخر؟ فقال: لا أعرفه.، فما زال يلقي عليه واحدا " بعد واحد، حتى فرغ من عشرته، و
البخاري يقول: لا أعرفه.، فكان الفقهاء - ممن حضر المجلس - يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: فهم الرجل،
ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري: بالعجز، والتقصير، وقلة الفهم.
ثم أنتدب إليه رجل آخر من العشرة.، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة؟ فقال البخاري: لا
أعرفه.، فلم يزل يلقي عليه واحدا " بعد واحد، حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه.
ثم أنتدب إليه: الثالث والرابع، إلى تمام العشرة، حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة، و
البخاري لا يزيدهم على: لا أعرفه.
فلما علم البخاري: أنهم قد فرغوا.، ألتفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، و
حديثك الثاني فهو كذا، والثالث والرابع على الولاء.، حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن إلى إسناده، و
150

وقد يقع القلب في المتن.، كحديث السبعة الذين يظلهم الله في عرشه، ففيه: (ورجل
تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله...)
فهذا، مما انقلب على بعض الرواة.، وإنما هو: حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه: كما
ورد في الأصول المعتبرة (1).

كل إسناد إلى متنه.
وفعل بالآخرين مثل ذلك، ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها، وأسانيدها إلى متونها.، فأقر له
الناس بالحفظ، وأذعنوا بالفضل، الخ.
وقال الأستاذ أحمد محمد شاكر رحمه الله - في هامش الباعث الحثيث: ص 90 -: وهذا العمل محرم
أن يقصده العالم به، إلا إن كان يريد به الاختبار.، وشرط الجواز - كما قاله الحافظ ابن حجر - أن لا يستمر
عليه، بل ينتهي بانتهاء الحاجة.
وهذه القصة وردت بصورة مطولة وكاملة في: تاريخ بغداد: 2 / 20.، وينظر أيضا ": تدريب الراوي:
ص 106 - 107، وتوضيح المنتبه: 2 / 104.، وألفية السيوطي: ص 122 (الهامش).
(1) عبارة الحديث في هذه: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ
في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة
ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله عز وجل، ورجل تصدق بصدقة أخفاها حتى لا تعلم شماله ماذا تنفق
يمينه، ورجل ذكر الله خاليا " ففاضت عيناه.
ينظر: صحيح مسلم: 2 / 715.، حديث 1031.، وشرح النخبة: ص 22.، وتوضيح المنتبه: 2 / 106، و
الباعث الحثيث: ص 88 (الهامش).
151

الحقل الثامن
في: الموضوع (1)
وهو: المكذوب المختلق المصنوع.، بمعنى: أن واضعه اختلقه.، لا مطلق حديث
الكذوب، فإن الكذوب قد يصدق.
البحث الأول
في: معرفته
وهو (2): شر أقسام الضعيف، ولا تحل روايته للعالم، إلا مبينا " لحاله، من كونه
موضوعا "، بخلاف غيره من الضعيف المحتمل للصدق، حيث جوزوا روايته في الترغيب و
الترهيب، كما سيأتي.
- 1 -
ويعرف الموضوع: باقرار واضعه بوضعه.، فيحكم عليه حينئذ، بما يحكم على الموضوع
في نفس الامر.، لا بمعنى القطع بكونه موضوعا "، لجواز كذبه في إقراره، وإنما يقطع بحكمه، لان
الحكم يتبع الظن الغالب، وهو هنا كذلك.
ولولاه.، لما ساغ قتل المقر بالقتل، ولا رجم المعترف بالزنا.، لاحتمال أن يكونا
كاذبين فيما اعترفا به.
- 2 -
وقد يعرف أيضا ": بركاكة ألفاظه، ونحوها.
ولأهل العلم بالحديث ملكة قوية، يميزون بها ذلك.، وإنما يقوم به منهم: من
يكون اطلاعه تاما "، وذهنه ثاقبا "، وفهمه قويا "، ومعرفته بالقرائن الدالة على ذلك متمكنة.
- 3 -
وبالوقوف على غلطه.، ووضعه من غير تعمد، كما وقع لثابت بن موسى الزاهد (3).، في

(1) الذي في المخطوطة ورقة 38 لوحة أ سطر 5: الموضوع فقط.، بدون: (الحقل الثامن في).
(2) الذي في المخطوطة ورقة 38 لوحة أ سطر 7: وهو الموضوع شر.، بدون: (البحث الأول في معرفته وهو
شر).
(3) الكوفي.، قال عنه يحيى، كذاب، كما في ميزان الاعتدال: 1 / 367.، وقال ابن حبان.، إذا انفرد
لا يجوز الاحتجاج به، كما في المجروحين.، ورقة 51.، وقال ابن عدي: انفرد عن شريك، بخبرين منكرين،
أحدهما من كثرت صلاته.، كما في الكامل: المجلد الأول، ورقة 191.، وقال العقيلي: حديث باطل وليس له
أصل، كما في الضعفاء: لوحة 64 - أ.، الجميع نقلا " عن: الخلاصة في أصول الحديث: 79.
152

حديث: (من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار) (1).
فقيل: كان شيخ يحدث في جماعة، فدخل رجل حسن الوجه.، فقال الشيخ في أثناء
حديثه: (من كثرت صلاته بالليل..) الخ.، فوقع لثابت بن موسى: أنه من الحديث فرواه.

(1) ينظر: سنن ابن ماجة: 1 / 422، رقم الحديث 1333.، واللآلئ المصنوعة: 2 / 32.
(2) الخلاصة في أصول الحديث: ص 79.
وقد علق المددي هنا بقوله:
أقول: وردت أحاديث كثيرة بهذا المتن، أو بهذا المضمون.، عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، مرسلة و
مسندة، وبعضها معتبر سندا ".، ينظر: جامع أحاديث الشيعة: 7 / 109 - 110.
إذن، فالقول: بأن الحديث موضوع، في غير محله مضافا " إلى أن بعض العامة أيضا "، حكموا بأن حديث
ثابت بن موسى الضرير الزاهد معتبر.، ينظر: سنن ابن ماجة: 1 / 423، ذيل الحديث: 1333.
153

البحث الثاني
في: أصناف الوضاع (1)
والواضعون: أصناف.
- 1 -
منهم: من قصد التقرب به، إلى الملوك وأبناء الدنيا.، مثل: غياث بن إبراهيم (2).
دخل على المهدي ابن المنصور (3)، وكان يعجبه الحمام الطيارة الواردة من الأماكن
البعيدة.
فروى حديثا " عن النبي - صلى الله عليه وآله - قال: لا سبق إلا في خف، أو
حافر، أو نصل، أو جناح.
فأمر له بعشرة آلاف درهم.
فلما خرج، قال المهدي: أشهد أن قفاه قفا كذاب على رسول الله (صلى الله عليه و
آله).، ما قال رسول الله (ص): جناح.، ولكن هذا، أراد أن يتقرب إلينا.، وأمر بذبحها.، و

(1) الذي في المخطوطة ورقة 38 لوحة ب سطر 8: الواضعون أصناف فقط.، بدون: (البحث الثاني في
أصناف الوضاع).
(2) قال أحمد: ترك الناس حديثه: وقال يحيى: ليس بثقة: وقال البخاري: تركوه.، وقال الجوزجاني.، يضع
الحديث.، ينظر: ميزان الاعتدال: 3 / 337.، والاعلام: 7 / 91.
وقد علق المددي هنا بقوله:
وليعلم: أن غياث بن إبراهيم ورد في أحاديث كثيرة من أحاديثنا.، وقد اختلفت كلمات الأصحاب في
حقه.، والمشهور على توثيقه.، إستنادا " إلى قول النجاشي فيه.، حيث قال: (غياث بن إبراهيم التميمي الأسدي:
بصري، سكن الكوفة، ثقة.، روى عن: أبي عبد الله، وأبي الحسن عليهما السلام...
وربما يظهر التنافي بين وثاقته، وبين هذه القصة الدالة على أنه كان كذابا " وضاعا ".، ويمكن دفعه:
أولا ": نسبت هذه القصة كذلك، إلى أبي البختري وهب بن وهب - وكان كذابا " -...، كما ذكره
القرطبي في التفسير: 1 / 79 - 80، والتستري في قاموس الرجال: 9 / 271.
وثانيا ": يمكن القول بالتعدد.، فإن غياث بن إبراهيم - الذي تنسب إليه القصة - نخعي: كما في ميزان
الاعتدال وغيره.، وغياث بن إبراهيم - الذي ورد في كلام النجاشي - تميمي.، أسدي، بصري.
وللتفصيل ينظر: معجم رجال الحديث: 13 / 252 - 255.، وقاموس الرجال: 7 / 290.، ومستدرك
الوسائل: 3 / 642 - 643.
(3) محمد بن عبد الله المنصور: ثالث الخلفاء العباسين، ولد سنة 127 ه‍ / 744 م، أنشأ الطرق العامة، و
حسن جهاز البريد، فازدهرت التجارة في عهده.، تعقب الخوارج في خراسان، ولاحق الزنادقة.، حارب
البزنطيين، فتوغلت جيوشه حتى أنقرة والبوسفور، حكم من 158 - 169 ه‍.، ينظر: المنجد في الاعلام:
ص 690.
154

قال: أنا حملته على ذلك (1).
- 2 -
ومنهم: قوم من السؤال، يضعون على رسول الله صلى الله عليه وآله أحاديث،
يرتزقون بها.، كما اتفق لقاص بمحضر من (2): أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، في مسجد
الرصافة (3).

(1) ينظر: جامع الأصول لابن الأثير: 1 / 137.، وشرح النخبة: ص 20.، وتدريب الراوي: ص 103.،
والتوضيح: 2 / 76.
وللحديث أصل في: السنن الأربعة.، (إلا ان أصحابها، لم يذكروا لفظ: الجناح).، ينظر: لقط الدرر:
ص 82.
(2) الذي في المخطوطة ورقة 39 لوحة أ سطر 3: كما أتفق لأحمد.، بدون: (قاص بمحضر من أحمد بن
حنبل).
(3) روى ابن الجوزي بإسناده إلى أبي جعفر بن محمد الطيالسي قال: (صلى أحمد بن حنبل، ويحيى بن
معين، في مسجد الرصافة.، فقام بين أيديهم قاص فقال: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين.، قالا: حدثنا
عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة، عن أنس.، قال: قال رسول الله (ص): من قال لا آله إلا الله، خلق الله من
كل كلمة طيرا "، منقاره من ذهب، وريشه من مرجان.، وأخذ في قصته نحوا " من عشرين ورقة.
فجعل أحمد بن حنبل ينظر إلى يحيى بن معين، وجعل يحيى بن معين ينظر إلى أحمد.، فقال له: حدثته
بهذا؟! فيقول: ما سمعت هذا إلا الساعة.
فلما فرغ من قصصه، وأخذ العطيات، ثم قعد ينتظر بقيتها.، قال له يحيى بن معين بيده: تعال، فجاء
متوهما " لنوال.، فقال له يحيى: من حدثك بهذا الحديث؟ فقال: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين.
فقال: أنا يحيى بن معين، وهذا أحمد بن حنبل.، ما سمعنا بهذا قط، في حديث رسول الله (ص).
فقال: لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق، ما تحققت هذا إلا الساعة.، كأن ليس فيها يحيى بن معين،
وأحمد بن حنبل، غيركما.، وقد كتبت عن سبعة عشر: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين.
فوضع أحمد كمه على وجهه، وقال: دعه يقوم.، فقام كالمستهزئ بهما.
ينظر: شرح ألفية السيوطي في المصطلح: ص 87 - 88.، والباعث الحثيث: ص 86 (الهامش).، و
التوضيح: 2 / 76 - 77، والخلاصة في أصول الحديث: ص 80 / 81
155

البحث الثالث
في: أعظمهم ضررا "
وأعظمهم ضررا ": من انتسب إلى الزهد والصلاح بغير علم، فاحتسب بوضعه -
أي: زعم أنه وضعه - حسبة " لله وتقربا " إليه.، ليجذب بها قلوب الناس، إلى الله تعالى
بالترغيب والترهيب.
فقبل الناس موضوعاتهم، ثقة " بهم، وركونا " إليهم، لظاهر حالهم بالصلاح والزهد.
ويظهر لك ذلك: من أحوال الاخبار، التي وضعها هؤلاء في الوعظ والزهد، و
ضمنوها أخبارا " عنهم، ونسبوا إليهم أفعالا " وأحوالا "، خارقة " للعادة، وكرامات لم يتفق مثلها
لأولي العزم من الرسل.، بحيث، يقطع العقل بكونها موضوعة "، وإن كانت كرامات الأولياء،
ممكنة في نفسها.
- 1 -
ومن ذلك: ما روي عن أبي عصمة، نوح بن أبي مريم المروزي (2)، أنه قيل له:
من أين لك؟ عن عكرمة (3)، عن ابن عباس (4)، في فضائل القرآن.، سورة سورة وليس
عند أصحاب عكرمة هذا. فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة، ومغازي
محمد بن إسحاق (5).
فوضعت هذا الحديث حسبه (6).

(1) الذي في المخطوطة ورقة 39 لوحة أ سطر 4: وأعظمهم ضررا " فقط.، بدون: (البحث الثالث في
أعظمهم ضررا ").
(2) قال البخاري: منكر الحديث.، وقال الحاكم: وضع حديث فضائل القرآن الطويل.، ينظر: ميزان
الاعتدال: 4 / 279.
(3) عكرمة بن عبد الله البربري المدني، 25 - 105 ه‍، 645 - 723 م.، مولى عبد الله بن عباس، كان
من أعلم الناس بالتفسير والمغازي؟!..، ينظر: الاعلام: 5 / 43 - 44.
(4) عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، 3 ق ه‍ - 68 ه‍، 619 - 687 م، حبر
الأمة، الصحابي الجليل...، ينظر: الاعلام: 4 / 228 - 229.
(5) محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي بالولاء، المدني، توفي سنة 151.، من أقدم مؤرخي العرب..،
ومن حفاظ الحديث..، ينظر: الاعلام: 6 / 252.
(6) ينظر: تدريب الراوي: ص 102، والخلاصة في أصول الحديث: ص 79.
156

. كان يقال لأبي عصمة: هذا الجامع (1). فقال أبو حاتم بن حبان (2): جمع كل شئ إلا
الصدق.
- 2 -
وروى ابن حبان عن ابن مهدي (3) قال:
قلت لميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه الأحاديث؟ من قرأ كذا فله كذا؟
فقال: وضعتها أرغب الناس فيها (4).
- 3 -
وهكذا قيل: في حديث أبي الطويل (5)، في فضائل سورة القرآن، سورة سورة.
فروى عن المؤمل بن إسماعيل (6) قال: حدثني شيخ به.
فقلت للشيخ: من حدثك؟ فقال: حدثني رجل بالمدائن وهو حي، فصرت إليه.
فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ بواسطة وهو حي، فصرت إليه.
فقال: حدثني شيخ بالبصرة، فصرت إليه.

(1) إنما لقب بالجامع.، لأنه اخذ العلم عن: أبي حنيفة، وابن أبي ليلى.، والحديث عن: حجاج بن
أرطاة.، والتفسير عن: الكلبي، ومقاتل.، والمغازي عن: أبي إسحاق.، فكأنه جمع الكمالات.
قال فيه أبو حاتم: جمع فيه كل شئ الا الصدق.
هذا، وقد ولي نوح الجامع: قضاء مرو في خلافة المنصور.، ينظر: التوضيح: 2 / 81.
(2) محمد بن حبان بن أحمد بن معاذ بن معبد التميمي، أبو حاتم البستي.، ويقال له: ابن حبان.، مؤرخ
علامة، جغرافي، محدث...، ينظر: الاعلام: 6 / 306.
(3) عبد الرحمان بن مهدي: من شيوخ البخاري، وأحد صيارفة الحديث الأربعة، وأحد كبار الحفاظ و
أئمة الحديث، توفي سنة 198 ه‍.، ينظر: تذكرة الحافظ: 1 / 329.
(4) ينظر: الموضوعات: 1 / 241.
وقد علق المددي هنا بقوله:
رواه الذهبي في ميزان الاعتدال: 4 / 230: عن محمد بن عيسى الطباع.، قلت لميسرة بن عبد ربه..
وقال في نفس المصدر: ص 231: قال أبو زرعة: وضع (ميسرة بن عبد ربه) في فضل قزوين أربعين
حديثا "، وكان يقول: إني احتسب في ذلك!!
(5) وأبي: هو أبي بن كعب الصحابي المشهور.، والطويل: صفة للحديث.، أي: الحديث الطويل،
الذي رواه أبي بن كعب، في فضائل القرآن.، ينظر: علوم الحديث لابن الصلاح: ص 91.
(6) مؤمل بن إسماعيل العدوي، مولى آل الخطاب، أبو عبد الرحمان.، من رجال الحديث من أهل
البصرة، سكن مكة، ودفن كتبه، فحدث من حفظه، فوقع الخطأ في بعض ما رواه، توفي سنة 306 ه‍ سنة 822 م.،
ينظر الأعلام للزركلي.، 8 / 290 - 291.
157

فقال حدثني شيخ بعبادان، فصرت إليه.، فأخذ بيدي، فأدخلني بيتا "، فإذا فيه قوم من
المتصوفة، ومعهم شيخ، فقال: هذا الشيخ حدثني.
فقلت: يا شيخ، من حدثك؟ فقال: لم يحدثني أحد، ولكنا رأينا الناس قد رغبوا
عن القرآن، فوضعنا لهم هذا الحديث، ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن (1).
- 4 -
وكل من أودع هذه الأحاديث تفسيره: كالواحدي (2)، والثعلبي (3)، والزمخشري،
فقد أخطأ في ذلك (4).
ولعلهم لم يطلعوا على وضعه.، مع أن جماعة من العلماء، قد نبهوا عليه.
وخطب من ذكره مسندا " كالواحدي: أسهل.

(1) ينظر: الموضوعات: 1 / 241، وعلوم الحديث لابن الصلاح: ص 91، وتفسير القرطبي: 1 / 79.
(2) علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، الامام، أبو الحسن، المفسر، النيسابوري، المتوفي بها سنة
468.، من تأليفه: أسباب النزول في تبليغ الرسول، البسيط في تفسير القرآن..، ينظر: هدية العارفين: 1 / 692.
(3) أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أبو إسحاق.، مفسر، من أهل نيسابور، له اشتغال بالتاريخ.، من
كتبه: الكشف والبيان في تفسير القرآن...، توفي سنة 427 ه.، ينظر: الاعلام: 1 / 205 - 206.
(4) من قبيل أسطورة (الغرانيق)، التي نقلها المفسرون، مع أن أحاديثها مفتعلة مدسوسة.، ولعل خير
من كشف عوازها من المحدثين، الحجة البحاثة السيد مرتضى العسكري، في بحثه: (أسطورة الغرانيق)، في
حلقات متتابعة.
ينظر الارشاد - مجلة تصدر في مشهد، إيران -: السنة الأولى، 1400 ه‍، ص 7 - 19.، والعدد
الثاني: ص 16 - 26.، والعدد الأول، السنة الثانية 1401 ه‍، ص 7 - 14.، والعدد الثاني، السنة الثانية،
1401 ه‍، ص 9 - 13.
قال سماحته في العدد الثاني السنة الأولى: ص 22 - 24 ما يلي:
لست أدري كيف دون جمع من علماء المسلمين.، أمثال الطبري (ت 310 ه‍)، والواحدي (ت 468 ه‍)،
والزمخشري (ت 538 ه‍)، والبيضاوي (ت 791 ه‍)، والسيوطي (ت 911 ه‍)، والنووي (ت 1312 ه‍)،
إلى غيرهم.، هذه الأحاديث في تفاسيرهم، على أساس أنها اخبار تكشف عن الواقع.
158

البحث الرابع
في: فرق الواضعين (1)
- 1 -
ووضعت الزنادقة (2).، كعبد الكريم بن أبي العوجاء (3)، الذي أمر بضرب عنقه، محمد
ابن سليمان بن علي العباسي (4)، وبنان (5)، الذي قتله خالد القسري (6)، وحرقه بالنار.

(1) الذي في المخطوطة ورقة 40 لوحة أ سطر 4 - 5: ووضعت الزنادقة فقط.، بدون (البحث الرابع في:
فرق الواضعين).
(2) للتعرف على تاريخ مناسب مدروس عن: الزندقة، ووجه التسمية فيها، وأبرز رجالها، وأهم
الاحداث التي رافقتها، أو تلك التي خلفتها.، ينظر من مثل: كتاب خمسون ومائة صحابي مختلق، الجزء الأول،
بحوث تمهيدية - 2 -، ص 25 - 51.، تأليف الحجة البحاثة.، السيد مرتضى العسكري.
(3) وهو: خال معن بن زائدة الشيباني، الأمير المعروف.، كان في البصرة، من المشهورين بالزندقة، و
التهاون بأمر الدين.، ورد ذكر مناظرته في الدين، في كثير من كتب التاريخ والحديث.، ولعل من أخطرها تلك
التي جرت بينه، وبين الإمام أبو عبد الله الصادق عليه السلام، وكانت النتيجة فيها أن أفحم وأسكت،.. وفي
أواخر أيامه، في خلافة المهدي، قتله على الزندقة محمد بن سليمان، والي الكوفة.، ولما أيقن أنه مقتول قال قولته
الشهيرة: (أما والله، لئن قتلتموني، لقد وضعت أربعة آلاف حديث، أحرم فيه الحلال، وأحل فيه الحرام.، والله،
لقد فطرتكم يوم صومكم، وصومتكم في يوم فطركم..، ينظر: اللآلئ المصنوعة: 2 / 248.، وميزان الاعتدال:
2 / 642.، ولسان الميزان: 3 / 173، 4 / 52.، وتاريخ الطبري - طبعة أوربا -: 3 / 376.، وتاريخ ابن الأثير:
6 / 3.، وتاريخ ابن كثير: 10 / 113.، والبحار: 2 / 11، 14 - 15، 3 / 199، 4 / 18، 52، 141.
(4) محمد بن سليمان بن العباسي، 122 ه‍ - 173 ه‍.، أمير البصرة، وليها أيام المهدي،...،
ينظر: الاعلام: 7 / 19.
(5) بنان بن سمعان النهدي، من بني تميم، ظهر بالعراق بعد المائة، وادعى إلاهية أمير المؤمنين
عليه السلام.، ثم أدعى: أنه قد انتقل إليه الجزء الإلهي بنوع من التناسخ.، بل، إنه كتب إلى الإمام محمد باقر
عليه السلام، ودعاه إلى نفسه.، وفي كتابه: أسلم تسلم، وترتقي إلى سلم.، فأمر الباقر أن يأكل الرسول الكتاب
الذي جاء به فأكله فمات في الحال، وكان اسمه عمر بن عفيف.، ينظر: الملل والنحل:
1 / 103.، والخطط للمقريزي: 4 / 176، والباعث الحثيث: ص 84 (الهامش).
وأقول: ستأتي إشارة أخرى إلى بنان، في موضوع: المؤتلف والمختلف، (في الفصل الثاني من الباب
الرابع لهذا الكتاب) وأن صحيحه: بيان.
(6) خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد القسري، من بحيلة، أمير العراقين.، ولد سنة 66 ه‍.، وولي مكة
سنة 89 ه‍ للوليد بن عبد الملك، وولي الكوفة والبصرة سنة 105 ه‍ لهشام بن عبد الملك، وتوفي سنة 126 ه‍.،
ينظر: الاعلام: 2 / 338.
159

و (وضع) الغلاة من فرق الشيعة، كأبي الخطاب (1)، ويونس بن ظبيان (2)، ويزيد
الصائغ (3)، وأضرابهم.، جملة من الحديث.، ليفسدوا به الاسلام، وينصروا به مذهبهم.
روى العقيلي (5)، عن حماد بن زيد (6)، قال: وضعت الزنادقة على رسول الله (صلى
الله عليه وآله)، أربعة عشر ألف حديث (7).
وروي عن عبد الله بن زيد المقري، أن رجلا " من الخوارج رجع عن بدعته، فجعل
يقول: انظروا هذا الحديث عمن تأخذونه، فإنا كنا إذا رأينا جعلنا له حديثا " (8).

(1) محمد بن أبي زينب مقلاص الأجدع الأسدي.، عزا نفسه إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق، فلما
وقف الصادق على غلوه الباطل في حقه، تبرأ منه ولعنه وأخبر أصحابه بالبراء منه، وشدد القول في ذلك، و
بالغ في التبري منه واللعن عليه.، فلما اعتزل عنه الصادق، ادعى الامر لنفسه..، ينظر: تاريخ أبي الفداء:
3 / 2.، وتاريخ الطبري: 9 / 173.، والخطط للمقريزي: 4 / 174.، والملل والنحل: 1 / 103.
(2) قال أبو عمرو الكشي: قال الفضل بن شاذان في بعض كتبه: الكذابون المشهورون: أبو الخطاب، و
يونس بن ظبيان، ويزيد الصايغ، ومحمد بن سنان، وأبو سمينة أشهرهم.
وقال النجاشي: انه مولى ضعيف جدا "، لا يلتفت إلى ما رواه، كل كتبه تخليط.
وقال ابن الغضايري: يونس بن ظبيان، كوفي، غال كذاب، وضاع للحديث.، روى عن أبي عبد الله
عليه السلام، لا يلتفت إلى حديثه.
وقال العلامة في القسم الثاني من خلاصته: يونس بن ظبيان - بالظاء المعجمة المفتوحة، والباء المنقطة
تحتها قبل الياء، والنون أخيرا " -...، فأنا لا أعتمد على روايته، لقول هؤلاء المشايخ العظام فيه.
(3) ينظر: التعليقة رقم (2) السابقة.
(4) كالكاملية، والغرابية، والمغيرية، والمنصورية، والعليائية،..، ينظر: الملل والنحل: 1 / 101
- 103، والخطط: 4 / 175، وغيرهما..
(5) محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي المكي، توفي 322 ه‍ - 934.، أبو جعفر: من حفاظ
الحديث.، قال ابن ناصر الدين: له مصنفات خطيرة.، منها كتابة في: (الضعفاء - خ).،..، ينظر: الاعلام:
7 / 210.
(6) حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي، مولاهم، البصري، (98 - 179 ه‍).، أبو إسماعيل:
شيخ العراق في عصره.، من حفاظ الحديث المجودين، يعرف بالأزرق، أصله من سبي سجستان، ومولده ووفاته في
البصرة.، وكان ضريرا " طرأ عليه العمى، يحفظ أربعة آلاف حديث، خرج حديثه الأئمة الستة.، ينظر: الاعلام:
2 / 301.
(7) ينظر: تدريب الراوي: ص 103.
(8) ينظر: المصدر نفسه.
160

ثن نهض جهابذة النقاد - جمع جهبذ.، وهو: الناقد البصير (1) - بكشف عوارها (2) -
بفتح العين وضمها، والفتح أشهر، وهو: العيب -، ومحو عارها، فلله الحمد.
حتى قال بعض العلماء: (ما ستر الله أحدا " يكذب في الحديث) (3).

(1) الجهبذ - بالكسر - النقاد الخبير.، ينظر: القاموس المحيط: 1 / 352.
(2) العوار - مثلثة -: العيب.، ينظر: القاموس المحيط: 2 / 97.
(3) قال ابن الجوزي: أنبأنا عبد الوهاب، قال: أنبأنا ابن بكران الشامي، قال: أنبأنا أبو الحسن
العتيقي، قال: أنبأنا يوسف بن الدخيل، قال: حدثنا أبو جعفر العقيلي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي،
قال: حدثنا جمهور بن منصور، قال: حدثنا أبو الحارث الزبيدي، قال: سمعت سفيان يقول: ما ستر الله عز وجل
أحدا " يكذب في الحديث.، ينظر: الموضوعات: 1 / 48
161

البحث الخامس
في: شرعية الوضع (1)
وقد ذهبت الكرامية - بكسر الكاف وتخفيف الراء، أو بفتح الكاف وتشديد
الراء، أو بفتح الكاف وتخفيف الراء، على اختلاف نقل الضابطين لذلك -.، وهم:
الطائفة المنتسبون بمذهبهم إلى محمد بن كرام (2).
و (كذلك ذهب) بعض المبتدعة من المتصوفة:
- 1 -
إلى جواز وضع الحديث للترغيب والترهيب، ترغيبا " للناس في الطاعة، وزجرا " لهم
عن المعصية. (3)
واستدلوا بما روي في بعض طرق الحديث: (من كذب علي متعمدا " - ليضل به
الناس - فليتبؤا مقعده من النار) (4).
وهذه الزيادة: قد أبطلها نقلة الحديث.
وحمل بعضهم: (حديث من كذب علي)، على من قال: انه ساحر أو مجنون (5).
حتى قال بعض المخذولين: إنما قال: من كذب علي، ونحن نكذب له ونقوي
شرعه (6).

(1) والذي في النسخة الخطية ورقة 40 لوحة ب سطر 3: (وقد ذهبت الكرامية) فقط.، بدون: (البحث
الخامس في شرعية الوضع).
(2) محمد بن كرام بن عراق بن حزابة، أبو عبد الله، السجزي.، إمام الكرامية، من فرق الابتداع في
الاسلام.، كان يقول: بأن الله تعالى مستقر على العرش، وأنه جوهر.، ولد ابن كرام في سجستان، وجاور بمكة
خمس سنين، ورد نيسابور، فحبسه طاهر بن عبد الله.، ثم انصرف إلى الشام، وعاد إلى نيسابور، فحبسه محمد بن
طاهر، وخرج منها سنة 251 ه‍ إلى القدس، فمات فيها سنة 255 ه‍.، ينظر: الاعلام: 7 / 236.
(3) قال ابن الجوزي: قال أبو بكر محمد بن المنصور السمعاني: ذهب بعض الكرامية إلى جواز وضع
الأحاديث على النبي (ص)، فيما لا يتعلق به حكم من الثواب والعقاب، ترغيبا " للناس في الطاعة، وزجرا " لهم
عن المعصية..، ينظر: الموضوعات: 1 / 96.
وللتعرف على بعض آرائهم ومقالاتهم؟ ينظر كتاب: التبصير في الدين: ص 99.
(4) ينظر: الموضوعات: 1 / 96 - 97.
(5) ينظر: المصدر نفسه: 1 / 94.
(6) قال ابن الجوزي: إن بعض المخذولين، من الواضعين أحاديث الترغيب قال: إنما هذا الوعيد لمن
كذب عليه، ونحن نكذب له ونقوي شرعه، ولا نقوي، ما يخالف الحق: فإذا جئنا بما يوافق الحق، فكأن الرسول
عليه السلام قاله.، ينظر: الموضوعات.، 1 / 98
162

نسأل الله السلامة من الخذلان.
- 2 -
وحكى القرطبي (1) في (المفهم) عن بعض أهل الرأي: أن ما وافق القياس
الجلي، جاز ان يعزى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) (2).
ثم المروي: تارة " يخترعه الواضع، وتارة " يأخذ كلام غيره، كبعض السلف الصالح،
أو قدماء الحكماء أو الإسرائيليات، أو يأخذ حديثا " ضعيف الاسناد، فيركب له إسنادا "
صحيحا " ليروج (3).

(1) أحمد بن عمر بن إبراهيم، أبو العباس الأنصاري القرطبي.، فقيه مالكي، من رجال الحديث، كان
مدرسا " بالإسكندرية، وتوفي بها سنة 656 ه‍.، ومولده: بقرطبة سنة 578 ه‍.، من كتبه: (المفهم، في شرح
صحيح مسلم في الحديث،..، ينظر: الاعلام: 1 / 179.
(2) عبارته هذه عن فقهاء الرأي: نقلها عنه السخاوي، في شرحه ألفية العراقي، في مصطلح الحديث:
ص 111.
(3) وقد علق المددي هنا بقوله:
ويعبر عنه ب‍: (تركيب الأسانيد).، ومعرفته من أجل مباحث الحديث، وأغمضها: ولا يهتدي إليه، إلا
العارف الخبير الذي له إطلاع عميق على متون الأحاديث وأسانيدها، وإلمام واسع بطبقات الرواة وأحوالهم.
فمثلا ": إذا كان لأحد المحدثين، طريق صحيح إلى (كتاب) حريز بن عبد الله - الذي يعتبر من الكتب
المشهورة المعول عليها -، ثم وجد رواية عن حريز بسند ضعيف.، فعند ذلك يحذف السند، ويذكر الرواية مع
طريقه إلى حريز، وبذلك تصبح الرواية صحيحة السند!!
ثم إنه توجد بعض الأحاديث في كتب المشائخ العظام، مما ظاهرها أنها من هذا القبيل - أي: مركبة
الأسانيد - فيتوهم أنها موضوعة!.
ولكن الامر ليس كذلك.، إذ لعل الواقع كان كذلك.، بمعنى: أن الرواية كانت لها طرق عديدة
بعضها ضعيف وبعضها صحيح.، فذكر الضعيف في بعض المصادر، والصحيح في بعضها الاخر.، وليس بمعنى
ذلك أن الصحيح موضوع.
علما "، بأن الراوي للطريق الصحيح إن كان ثقة.، فوثاقته أقوى شاهد على ذلك.
نعم، لمثل هذه الأمور، يجدر بنا التثبت والتحقيق في (الموضوع)، وأن لا نحكم بشئ قبل المراجعة والتأمل.
163

البحث السادس
في: أشهر مصنفيه (1)
وقد صنف جماعة من العلماء كتبا " في بيان الموضوعات.
- 1 -
وللصغاني (2): الفاضل الحسن بن محمد، في ذلك.، كتاب: الدر الملتقط في تبيين
الغلط، جيد في هذا الباب.
- 2 -
ولغيره: كأبي الفرج ابن الجوزي (3) دونه في الجودة.
لان كتاب ابن الجوزي، ذكر فيه كثيرا " من الأحاديث، التي ادعى وضعها، لا دليل
على كونها موضوعة.، وإلحاقها بالضعيف أولى.، وبعضها قد يلحق بالصحيح والحسن عند أهل
النقد.، بخلاف كتاب الصغاني، فإنه تام في هذا المعنى، مشتمل على إنصاف كثير.
تتمة
لهذا القسم من الضعيف، لا لفرد الموضوع، تشتمل على مباحث كثيرة، من أحكام
الضعيف.
- 1 -
وإذا وجدت حديثا " باسناد ضعيف.، فلك أن تقول: هذا الحديث ضعيف يقول
مطلق.، وتعني به: ضعيف الاسناد.، أو تصرح بأنه ضعيف الاسناد.
لا، أن تعني بالاطلاق - أو تصرح - بأنه ضعيف المتن.، فقد يروي بصحيح،
يثبت بمثله الحديث.

(1) والذي في النسخة الخطية ورقة 41 لوحة أسطر 3: (وقد صنف جماعة)، فقط.، بدون (البحث
السادس في أشهر مصنفيه).
(2) الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري الصاغاني رضي الدين: أعلم أهل عصره في
اللغة، وكان فقيها " محدثا "..، له شرح صحيح البخاري.، 577 - 650 ه‍.، 1181 - 1252 م.، ينظر.، الاعلام:
2 / 232.
(3) عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، 508 - 597 ه‍، القرشي البغدادي، علامة عصره في
الحديث والتاريخ.، ينظر: الاعلام: 4 / 89.
164

وإنما يضعف - أي: يطلق عليه الضعيف - مطلقا "، بحكم إمام من أئمة الحديث،
مطلع على الاخبار وطرقها، مضطلع بها.، وأنه - أي: ذلك الحديث الموجود بطريق
ضعيف - لم يرو باسناد يثبت به، مصرحا " بهذا المعنى.
فإن أطلق ذلك المطلع ضعفه ولم يفسره.، ففي جوازه لغيره كذلك: وجهان،
مرتبان على أن الجرح هل يثبت مجملا "؟ أم يفتقر إلى التفسير؟ وسيأتي إنشاء الله تعالى.
- 3 -
وقد تقدم: أنه لا يجوز رواية الموضوع، بغير بيان حاله مطلقا ".
وأما غيره من أفراد الضعيف، فمنعوا روايته أيضا " في الاحكام والعقائد، لما يترتب
عليه من الضرر في الاحكام الدينية، فروعا " وأصولا ".
- 4 -
وتساهلوا في روايته بلا بيان، في غير الصفات الإلهية، والأحكام الشرعية، من
الترغيب والترهيب، والقصص وفضائل الأعمال، ونحوها، على المشهور بين العلماء.
ويمكن أن يستدل له: بحديث: (من بلغه شئ من أعمال الخير، فعمل به أعطاه
الله تعالى ذلك.، وإن لم يكن الامر على ما بلغه (1).، ونحوه من عباراته.
ومنهم: من منع العمل به مطلقا ".
- 5 -
ومريد رواية حديث ضعيف، أو مشكوك في صحنه، بغير إسناد.، يقول: روي أو
بلغنا، أو ورد، وجاء ونحوه من صيغ التمريض.
ولا يذكره بصيغة الجزم.، كقال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وفعل، ونحوها من
الألفاظ الجازمة.، إذ ليس ثم ما يوجب الجزم (2).
ولو أتى بالاسناد مع المتن، لم يجب عليه بيان الحال، لأنه قد أتى به عند أهل
الاعتبار.، والجاهل بالحال، غير معذور في تقليد ظاهره.، فالتقصير منه.
ولو بين الحال أيضا " كان أولى.

(1) الظاهر: أن هذا الحديث مما نقل بالمعنى.، وللتعرف على مصادره، بألفاظ أخر، يلاحظ: جامع
أحاديث الشيعة: 1 / 93، باب المقدمات.
(2) ينظر: الباعث الحثيث: ص 91.
165

بسم الله الرحمن الرحيم
بين يدي الباب الثاني (1)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وآله وصحبه المنتجبين
أجمعين
وبعد،...
فله المنة تعالى.، أن الأول من الكتاب، قد خرج من حيز الطبع إلى عالم
القراءة والدرس والتدريس، باقبال عليه كما كان متوقعا " له.
وله المنة جل وعلا.، أن نال الكتاب من التداول درجة، ضاعفت عيون الرعاية على
الرعاية.، فقامت هناك ملاحظات، ما كانت لتكون أثيرة.، لولا أن يبرز الكتاب، على هذا
المستوى.، من: التحقيق، والاخراج، والتخريج.
وحيث أن الكمال لله وحده.
وحيث أن المضي في طلب الحقيقة، يتطلب حلقات متواصلة من الاستدراكات.،
تلك التي تعمل جهود النقد، على نضجها وديمومة شعلتها.، وإنا لننتظر المزيد...
لذا.، فإني أورد هنا: ثبتا " بجملة الايرادات والمستجدات، التي أعقبت نشر الباب
الأول.، كي نستفيد منها، في تتمة الأبواب المتبقية، مع ما يجد من أمور مستقبلة.، يؤمل من
الجميع، أن تساهم في خدمة الحقيقة.، في أن تنير من خلال رعايتنا، سبل دراية الحديث.،
وتسهل مهمة البحث للدارسين والمدرسين.
أجل، أوردها على الوجه التالي:

(1) من هذه الصفحة وحتى صفحة 170، لم يكن أصلا " من الكتاب المحقق.، وإنما نحن تصديقنا
له، بناء " على نقد وجه إلى الباب الأول في طبعته المستقلة.، فأجبنا القول فيه.
علما ".، بأن البابين الأول والثاني المحققين، سبق وأن طبعا مستقلين مرة " واحدة من قبل هذه الطبعة.
166

1. مخطوطة رضوية
وهي النسخة: المحفوظة، في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام - كتابخانة آستانة
قدس -.، كما جاء في فهرستها: مجلد 6 ص 612..
غير أن هذه النسخة - مع الأسف -، قد لعبت بها عوادي الزمان.، فهي قد فقد منها:
صفحات ليست بالقليلة، في أماكن مختلفة منها.
إلا أن مما يهون الخطب.، أن هذه الرضوية، قد أكملت من قبل نساخ.، هم غالبا "
فيما يبدو: كانوا دقيقين في كتابتهم، عارفين بقيمة درايتهم، آتين على ما يلزم من تصحيح في
قراءتهم.
نعم، هذه النسخة تقع في: 58 ورقة - 116 صفحة -.، بضمنها: ورقة المكتبة
المعرفة لها.، غير أن الورقة المصورة، التي تحمل الرقم 8 مكررة.، وبذلك صارت الأرقام بعدها،
بفرق واحد زيادة لكل رقم، حتى الأخير.
أما الأسطر في تلكم الصفحات.، فهي تتراوح: بين 19، كالتي عليها الورقة 2 إلى 9.،
وبين 21، كالتي عليها الورقة 10 إلى 12.، وبين 23 كالتي عليها الورقة 11 إلى 13،...
وأما المقاس فهو غالبا ".، للأسطر المكتوبة: بين 1205 سم طولا "، و 7 سم عرضا ".،
وللصفحة كاملة مع بياضها: بين 19 سم طولا "، و 13 سم عرضا ".
ثم.، هي بعد: مكتوبة بخط واضح مقروء، أشبه ما يكون بخط النسخ.، ومعلمة
العناوين: بالخط الأحمر.، وبخطوط أفقية سوداء، أسفل كلمات (البداية).، تمييزا " لها عن
الجمل والمفردات التي هي شرح لها.
ناهيك عن كونها: مزدانة " بكثير من البلاغات.، بنص: (بلغ قراءة وفقه الله
تعالى).، وكونها مهمشة " بالتصحيحات، التي لا تكاد تخلو منها صفحة، إن لم تتكرر في أكثر
الصفحات.، بيد أني مع ذلك، لم أعثر فيها على إجازة، أو تنصيص بقراءة على شخص معين.،
اللهم، إلا عبارة: (للفقير عبد القادر بن مسعود الحسيني).، وبالتالي، فلا تتضح موقعية هذا
الرجل من الكتاب، إن كونه قارئا " أو مقروءا " عليه، أو غير ذلك.، وربما كان هناك إيضاح
يكشف المطلوب، قد ضاع مع تلكم الصفحات المفقودة، التي دونت فيما بعد من لدن نساخ
آخرين.
أعود فأقول: هي كذلك، لا تخلو من استعمال بعض الرموز.، من قبيل: (ح).، التي
تعني: اختصار (حينئذ).، والتي يمكن مشاهدتها في: ورقة 27 لوحة ب سطر 19.، وهي
بذلك مسربها مسرب النسخة المرعشية: ورقة 45 لوحة ب سطر 10.
167

أما بخصوص مستوى التعليقات.، فهي غنية من هذه الجهة.، علما "، بأن البعض منها،
هو مكتوب باللغة الفارسية.
هذا، وقد جاء في آخر الرضوية: (فرغ من نسخة لنفسه، العبد الفقير، المذنب الجاني،
محمود بن حسين الخطيب الرازي.، في 14 شهر ذي حجة الحرام، سنة 973.، اللهم اغفر
لصاحبه ولكاتبه ولقاريه، ولجميع المؤمنين والمؤمنات، برحمتك يا أرحم الراحمين).
وفي أولها كتبت صورة وقفية بأسم: (أمير الامراء العظام، علي مردان خان الحسيني،
وبتاريخ 15 من شعبان المعظم، سنة 1336 ه‍).
بقي أن أقول: أني صرت إلى الاستفادة، من هذه النسخة الرضوية أيضا "، في تحقيق
الأبواب المتبقية من شرح البداية، حيث هي على ما هي عليه، لا تخلو من فائدة، عند المقابلة.
إلا أن النسخة المرعشية، وبناءا على ما ذكرناه لها من مميزات، في بداية الكتاب،
فإنها ستبقى هي الخطية المعتمدة الأساسية.، ذلك أن الرضوية، مع كونها زمنيا " هي الأقدم.،
بيد أنها بلحاظ آخر: ناقصة ملفقة، ولا تخلو من سقط، فيما أكمل لها من صفحات، مما سنشير
إليه في مكانه.
ب. مستدركات ومؤاخذات
وهي كما يلي:
أولا " -
فيما يخص اسم الكتاب.، وانه على وجه الدقة: (الرعاية في علم الدراية).، كما لوح
بذلك نفس الشهيد (1)، وصرح به ولده ولد الشهيد (2).، ثم، ليس من شك في أن: صاحب البيت
أدرى بالذي فيه.، بيد اني أرجأت الرعاية هنا، حتى يكمل الكتاب، ويعاد طبعه ثانية "
إن شاء الله.، كي لا يحصل تشويش بين ما نحن فيه وما سبق.، ولأنه ليس هناك من فرق في
المضمون، بين شكلي العنوانين.
ثانيا " -
فيما يخص ما كتبته: (ثم وضع خطوط أفقية حيال ألفاظه في الشرح) (3).، حيث لم

(1) ينظر: شرح البداية في علم الدراية: ص 45.
(2) ينظر: معالم الدين - طبعة 1391 ه‍ -: ص 408.
(3) ينظر: شرح البداية في علم الدراية: ب 1 ص 22 سطر 23 - 24.
168

أعمل به عند التطبيق.، وأقول: المؤاخذة هنا حقة وواردة.
بيد أني، قد انصرفت عن هذا الالتزام - وإن فاتني أن ألغيه أو أشير إليه -.،
وذلك، لنفس الأسباب التي ذكرتها، وهي أن: المتن والشرح كلاهما لمازج واحد، وتلافيا "
للتشويش الحاصل جراء كثرة الخطوط والأقواس.، علما "، بأني عوضت عن هذه، بطبع نسخة
ثمينة من أصل المتن، محفوظة صورتها في المجمع العلمي الاسلامي، تجريش - طهران.
ثالثا " -
فيما يخص التعليقة على قول الشهيد: (الأثر ما جاء عن الصحابي، والحديث ما جاء
عن النبي، والخبر أعم منهما) (1).
التعليقة القائلة: (يبدو لي - بعد مراجعة المصادر الموثوق بها في هذا العلم - أن هذه
الاحتمالات والأقوال، إنما حدثت عند المتأخرين.، خصوصا " بعد شيوع المنطق الأرسطي، في
الأوساط العلمية الدينية.، وأما كتب المتقدمين، فهي خالية من هذه الاحتمالات والأقوال،
إن صح التعبير عنها بأنها أقوال) (2).
نعم، قد أورد على هذه التعليقة: بأن المسألة ليست لها علاقة بشيوع المنطق
الأرسطي، وإنما الامر فيها مرده إلى الاصطلاح.، ثم انه لا مشاحة في الاصطلاح كما يقولون.،
ناهيك عن أن التفرقة، قد ذكرت في كتب المتقدمين.، من قبيل (تدريب الراوي). علما "،
بأن البعض من الفضلاء ذكر لي شفاها ": بأن مثل هذه التفرقة، قد وردت في
أحاديث لنا.، غير أني لم أعثر بعد على مصدر يؤكد صدورها.
رابعا " -
أ - فيما يخص شروط السامعين.، فقد أورد عليها: بأنه كان الأجدر أن ترقم، فتصير
هكذا: (أولا ":) انتفاؤه، (ثانيا ":) وأن لا يسبق شبهة...، (ثالثا ":) واستناد المخبرين إلى
إحساس.
ب - ثم، أشكل هنا أيضا ": بأن الشرط الثالث، هو من شروط السامع، كما تفضل
الشهيد.، وليس من شروط المخبر، كما - في الهامش - حرره ولد الشهيد.

(1) ينظر: شرح البداية في علم الدراية ص 51.
(2) ينظر: المصدر نفسه.
169

وأقول: يبدو: أن الامر مرجعه إلى الزاوية المنظور منها إلى المسألة.، ومبعثه اللحاظ
الذي أخذ به.، وإن كان لا يعتقد: بأنها إلى المخبر، هي شرط ألصق وأقرب وأظهر.
ج - كذلك، ينبغي منا الإشارة: إلى أن الرقم الوسطي - 2 -، قد سقط أثناء
الطباعة سهوا ".، وهو ما يجب أن يوضع، نتيجة توزيع النص وإخراجه، بين السطر 12 و 13.
خامسا " -
فيما يخص لفظه (واسطة).، التي وردت في: ص 160، سطر 11، من الباب الأول
السابق.
وأقول: هي هكذا وردت بناء مربوطة - مدورة -.، في النسخة الخطية المعتمدة:
ورقة 39، لوحة ب، سطر 9.، بل، كذلك وجدناها هكذا في الرضوية: ورقة 24، لوحة ب،
سطر 3.
غير أنه فاتنا التنبيه على صحيحها في حينه.، حيث بعد الرجوع إلى مثل كتاب
الموضوعات 1 / 241، وتدريب الراوي: 1 / 288، ومعجم البلدان: مادة (واسط).، تأكد أن
الصحيح فيها بلا تاء.، ضف إلى كل هذا، فإنها باسم (محافظة واسط) تمثل اليوم إحدى
محافظات العراق الواسطي.، بعد أن كانت تعرف بمحافظة (الكوت).
سادسا " -
فيما يخص الأمثلة لموضوع (المختلف).، الوارد في ص 127 - 129، من الباب
الأول.
فلا بأس أن ينظر: تدريب الراوي: 1 / 198، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ من
الآثار للحافظ أبي بكر الحازمي: ص 8 - 22، وشرح العراقي على مقدمة ابن الصلاح: ص
245 - 250.
سابعا " -
فيما يخص سنة وفاة الشهيد الثاني (قدس).، فقد سئلت في المجمع الاسلامي، نهار
الخميس 9 ذي القعدة 1403؟
بأن سنة الوفاة هي: 966 ه‍، بفارق سنة واحدة.، بدليل ما في: الكنى والألقاب،
ومصفى المقال في مصنفي علم الرجال؟!
وهذا أمر لا ينبغي أن يقع، حفاظا " على ماجريات التاريخ.، في وجوب التأكد، من
170

زمنية وقوع أحداثه.
ولدى التحقيق.، تبين أن كلا " من المراجع: الكنى والألقاب: 2 / 384، وسفينة
البحار: 1 / 723، ومصفى المقال في مصنفي علم الرجال: ص 183، ومعجم رجال الحديث:
7 / 374.، وربما هناك أخرى غيرها.، يذهب أصحابها إلى أن سنة وفاة الشهيد هي: 966 ه‍.
ويبدو أن مدرك الجميع - فيما ذهبوا إليه - هو: كتاب (أمل الآمل: ق 1، ص
81).، كما صرح في بعضها بذلك.
وبعد مراجعة الامل تبين: أن صاحبه نقل بدوره عن التفريشي، من كتابه (نقد
الرجال) - كما في طبعة طهران: ص 145 -.، الذي قال فيه: (قتل أجل التشيع في
قسطنطينية سنة 966 ه‍).
ولكن.، مع ذلك، فإن سنة الوفاة هي 965 ه‍، كما ثبتناها.، وكما مثبتة أيضا "
في صفحة العنوان، من كتاب (الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية طبعة 1386 ه‍،
النجف الأشرف).
ذلك.، أننا لو رجعنا مثلا " إلى كتاب شهداء الفضيلة: ص 132.، لوجدنا الوفاة
هي كما أرخنا.
والى أعيان الشيعة: 33 / 292 - 293.، نجد أن الأمين يقول:
أ - وعن حسن بك روملو، في (أحسن التواريخ).، أنه قال: في سنة 965، في
أواسط سلطنة الشاه طهماسب الصفوي، استشهد.. الشيخ زين الدين العاملي.
ب - وعن خط السيد علي الصائغ - تلميذ الشهيد الثاني -: أنه رحمه الله أسر وهو
طائف حول الكعبة، واستشهد يوم الجمعة، في رجب..
ح‍ - وفي لؤلؤة البحرين: وجدت في بعض الكتب المعتمدة، في حكاية قتله رحمه
الله.، ما صورته: قبض شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه بمكة المشرقة، بأمر السلطان سليم..
ملك الروم، خامس شهر ربيع الأول سنة 965 ه‍.، وكان القبض عليه بالمسجد الحرام، بعد
فراغه من صلاة العصر، وأخرجوه إلى بعض دور مكة، وبقي محبوسا " هناك شهرا " وعشرة أيام،
ثم ساروا به على طريق البحر إلى قسطنطينية، وقتلوه بها في تلك السنة...)
وإلى روضات الجنات: 3 / 381.، لوجدنا ساكنها يقول:
المنقول عن خط الشيخ حسن المحقق - ولده - أنه استشهد في سنة خمس وستين
وتسعمائة
171

والى رياض العلماء وحياض الفضلاء: 2 / 376.، لقرأنا: (وقد رأيت بخط الشيخ
علي سبطه، نقلا " عن خط جده الشيخ حسن.، ان مولده يوم الثلاثاء، ثالث عشر شهر شوال،
سنة إحدى عشرة وتسعمائة.، واستشهد في سنة خمس وستين وتسعمائة.، ورأيت أيضا " نقلا " عن
خط السيد علي الصائغ - تلميذه -: أنه أسر (قده) وهو طائف حول البيت، واستشهد
يوم الجمعة، في رجب، تاليا " للقرآن على محبة أهل البيت.)
وإلى الأهم.، إلى الدر المنثور من المأثور وغير المأثور: 2 / 189.، حيث فيه: ورأيت
بخط جدي المبرور الشيخ حسن (قدس الله روحه) ما صورته: مولد الوالد قدس الله نفسه، في
يوم الثلاثاء، ثالث عشر شوال، سنة إحدى عشرة وتسعمائة.، واستشهد في سنة خمس
وستين وتسعمائة.
وللشيخ بهاء الدين (قدس الله روحه) تاريخ وفاته.، وهو قوله:
تاريخ وفاة ذلك الأواه * الجنة مستقره والله.
وفي صفحة 200 من نفس الجزء جاء:
أ - استشهد والده (قدس سره)، في سنة خمس وستين وتسعمائة.، كما تقدم نقله.
ب - وقد تقدم عن السيد علي الصائغ رحمه الله: أن وفاة والده كانت في شهر رجب.
عليه.، وحيث أن الولد على سر أبيه، وليس كالحسن أحسن وأطلع.، وبناءا على
ما نقله الشيخ يوسف البحراني: أنه قتل في نفس السنة.،
وثبته قبله السيد الصائغ صديق العائلة، ومن أوثق المقربين إلى الشهيد، وأستاذ
ولده.، بقوله: في جمعة من رجب.،
فإنه يترجح لدي إن لم أكن أعتقده جازما ": بأن الشهيد، سافر سفر حج عمرة، وليس
حج تمتع، مخصوصة في ذي الحجة.
وبالتالي.، فأغلب الظن، أن منشأ الاشتباه في نقل الناقل، بأنه (قدس) توفي سنة
966 ه‍.، هو الاعتقاد: بأنه سافر سفر حج التمتع.، بمعنى في: ذي الحجة.، وحيث انه حبس مدة شهر و
عشرة أيام، بعد إلقاء القبض عليه.، فبذلك - وليس كذلك - وقع قتله بعد ذي الحجة، وعلى
أحسن التقادير، في نهاية المحرم.، ومعلوم أن المحرم بداية سنة جديدة، وهنا يقع في عام 966 ه‍.
نعم، ذا فما أعتقد منشأ الخلط والاشتباه...
172

الباب الثاني
في: من تقبل روايته ومن ترد.
(وفيه: قسمان)
173

القسم الأول
في: جواز البحث ورجاله.، وفيه: مسائل ست
المسألة الأولى
في: مشروعية البحث
ومعرفة ذلك (1): من أهم أنواع علوم الحديث.
وبه - أي: بما ذكر من العلم بحال الفريقين (2) -: يحصل التمييز بين صحيح الرواية
وضعيفها.
وجوز ذلك البحث.، وإن اشتمل على القدح - في المسلم - المستور، واستلزم إشاعة
الفاحشة - في الذين آمنوا (3) -.، صيانة للشريعة (4) المطهرة، من إدخال ما ليس منها فيها، ونفيا "
للخطأ والكذب عنها.

(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 42، لوحة أ.، سطر 8: (ومعرفة ذلك) فقط.، وكذا الرضوية.،
وما عداه، فقد أضفته للضرورة المنهجية.
(2) أي: فريق من تقبل روايته، وفريق من ترد.
(3) هنا تضمين للآية الكريمة: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم).،
(سورة النور، آية 19).
(4) قال الطيبي: وجوز الجرح والتعديل، صيانة للشريعة.، ويجب على المتكلم التثبت فيه.، فقد أخطأ غير
واحد، بجرحهم بما لا يجرح).، (ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 88).
174

المسألة الثانية
في: مرويتين بالمناسبة (1).
- 1 -
وقد روي: أنه قيل لبعض العلماء: أما تخش (2) أن يكون هؤلاء - الذين تركت
حديثهم - خصماءك عند الله يوم القيامة؟
فقال: لئن يكونوا خصمائي، أحب إلي من أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله
خصمي.، ويقول لي (3): لم لم تذب الكذب عن حديثي (4)؟
- 2 -
وروي: أن بعضهم سمع من بعض العلماء شيئا " من ذلك.، فقال له: يا شيخ،
لا تغتاب العلماء.
فقال له: ويحك هذه النصيحة، ليس هذا غيبة (5).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 42، لوحة أ، سطر 13.، ولا الرضوية.، بل، نحن
أضفناه.
(2) والذي في الرضوية: ورقة 26، لوحة أسطر 7: (تخشى).، وهو الصحيح.
(3) والذي في الرضوية: ورقة 26، لوحة أ، سطر 9: (يقول لي)، بحذف الواو.
(4) وقد قيل ليحيى بن سعيد القطان: اما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماء ك‍
يوم القيامة؟ قال: لان يكون هؤلاء خصمائي أحب إلي من أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم خصمي
يومئذ.، يقول لي: لم لم تذب الكذب عن حديثي؟.، (الباعث الحثيث: ص 243).، والزيادة عن ابن الصلاح، في
مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح: ص 290).
(5) وقد سمع أبو تراب النخشبي أحمد بن حنبل: وهو يتكلم في بعض الرواة.، فقال له: أتغتاب العلماء؟
فقال له: ويحك! هذا نصيحة ليس هذا غيبة.، (الباعث الحثيث: ص 243).
175

المسألة الثالثة
في: وجوب معرفة الرواة (1)
وهذا أمر واضح، لا مرية فيه.
بل، يجب على المتكلم في ذلك، التثبيت في نظره وجرحه.، لئلا يقدح في برئ، غير
مجروح، بما ظنه جرحا ".، فيخرج سليما "، ويسم بريئا " بسمه سوء، تبقي عليه الدهر عارها.
فقد أخطأ في ذلك غير واحد، فطعنوا في أكابر من الرواة، إستنادا " إلى طعن ورد فيهم له محمل، أولا يثبت عنهم بطريق صحيح.
ومن أراد الوقوف على حقيقة الحال، فليطلع كتاب الكشي (رحمه الله) 03)، في
الرجال.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 42، لوحة ب سطر 5.، ولا الرضوية.
(2) قال العلامة: (أما بعد.، فإن العلم بحال الرواة، من أساس الأحكام الشرعية وعليه تبنى القواعد
السمعية.، يجب على كل مجتهد معرفته وعلمه، ولا يسوغ له تركه وجهله.، إذا أكثر الاحكام تستفاد من الاخبار
النبوية، والروايات عن الأئمة المهدية، عليهم أفضل الصلاة وأكرم التحيات.، فلا بد من معرفة الطريق إليهم...).،
ينظر: (خلاصة الأقوال: ص 2).
(3) محمد بن عبد العزيز الكشي، أبو عمرو، وكان ثقة "، عينا ".، وروى عن الضعفاء كثيرا "،
وصحب العياشي وأخذ عنه، وتخرج عليه، في داره التي كانت مربعا " للشيعة وأهل العلم.، له كتاب (الرجال):
كثير العلم، وفيه أغلاط كثيرة.، (رجال النجاشي: 263).
176

المسألة الرابعة
في: مصنفي علم الرجال (1)
وقد كفانا السلف الصالح، من العلماء بهذا الشأن، مؤونة الجرح والتعديل غالبا " (2)،
في كتبهم التي صنفوها
: في الضعفاء، كابن الغضائري (3).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 42، لوحة ب، سطر / 11، ولا الرضوية.
ينظر: مقدمة كتاب (تكملة الرجال) - تحقيق السيد صادق بحر العلوم (قدس) -: 1 / 42 - 43.،
وفيه: أن أبا محمد بن عبد الله بن جبلة بن حنان بن أبجر الكناني، المتوفي سنة 219 ه‍، هو أسبق من محمد بن سعد
كاتب الواقدي.، بل، ان عبيد الله بن أبي رافع، كاتب أمير المؤمنين (ع)، هو الاخر أقدم منهما (بتصرف).
وأقول: الحق.، ان لكل فضله وسبقه.، وعليه، فلئن تقدم أحدهم في جانب. فثانيهم تقدم في جانب آخر.،
هكذا دواليك، ومن دون ان نقلل في الوقت نفسه، من أهمية مقولة (الفضل لمن سبق).
هذا وإن كنت أتوقع ان الكتابة والتصنيف بهذا الخصوص، ولد وحصل في زمن الرسول (صلى الله عليه
وآله)...
(2) المتعارف اليوم أن تكتب (المؤونة): مؤونة، بما هو مهموز، وكلاهما صحيح.، حيث أن كثيرا " ما
تسهل الهمزة إلى واو.، على أن الذي في النسخة الرضوية: ورقة 26، لوحة أ.، سطر 19: (مؤونة) مهموزة.
(3) أحمد بن الحسين بن عبد الله الغضائري، من المشايخ الأجلة، والثقات الذين لا يحتاجون إلى التنصيص
بالوثاقة.، ويذكر المشايخ قوله في الرجال، ويعدون قوله في جملة الأقوال، ويأتون به في مقابلة أقوال أعاظم
الرجال.، (ينظر: روضات الجنات: 1 / 47 - 59).
وتوجد نسخة خطية من كتاب (الضعفاء)، في المكتبة المركزية لجامعة طهران، في 36 ورقة، تحت رقم عام هو 1071.
وينظر: قواعد الحديث: ص 198 - 212.
177

أو فيما معا " (1).، كالنجاشي (2)، والشيخ أبي جعفر الطوسي (3)، والسيد جمال الدين
أحمد بن طاووس (4) والعلامة جمال الدين بن المطهر (5)، والشيخ تقي الدين بن داوود (6).،
وغيرهم.

(1) مرجع الضمير فيما يبدو: من فحوى موضوع الباب، ومن عبارة الطيبي: (منها ما أفرد في
الضعفاء...، وما أفرد في الثقات، ومنها اشترك).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 88).، الطيبي الذي
باراه الشهيد في كتابه كما أسلفنا.
أجل: مرجع الضمير فيما يبدو: الضعفاء وغير الضعفاء، الضعفاء والثقات.
(2) أحمد بن العباس النجاشي الأسدي...، له: كتاب الجمعة وما ورد فيها من الأعمال، وكتاب
الكوفة وما فيها من الآثار والفضايل، وكتاب أنساب بني نصر بن قعين وأيامهم وأشعارهم، وكتاب مختصر الأنواء
ومواضع النجوم التي سمتها العرب.، (رجال النجاشي: 74).
(3) كما في كتابيه: الرجال، والفهرست.، المطبوعين.
(4) في كتابه المسمى: (حل الاشكال في معرفة الرجال).، والذي أحياه فيما بعد الشيخ حسن صاحب
المعالم، لما وجده قد شارف على التلف، فأضاف إليه في المتن والهامش فوائد كثيرة.، وأسماه: (التحرير
الطاووسي).
هذا.، وتوجد نسخة من التحرير، في مكتبة آية الله المرعشي، تحمل رقم 1457، ضمن مجموعة كتبت سنة
1010 ه‍، كما في (فهرست نسخة هاي خطي) - فهرست النسخ الخطية - ج 4 ص 246.، ونسخة أخرى
كتبت سنة 1060، كما في فهرست المكتبة نفسها: ج 8 ص 340، ضمن مجموعة تحمل الرقم 3111.
أما ما جاء في رياض العلماء للأفندي: ج 1 ص 233: (ثم اعلم أن التحرير الطاووسي، هو تحرير
لكتاب اختيار الكشي، تأليف السيد جمال الدين أحمد بن طاووس الحسني..).، ففيه اشتباه.
ذلك.، لان (التحرير)، هو تحرير لكتاب (حل الاشكال في معرفة الرجال).، واختيار الكشي، إنما هو
اختيار رجال الكشي، وصاحب الاختيار هو الشيخ الطوسي.، ثم إن (الاختيار) هذا هو أحد كتب خمسة
اعتمدها السيد ابن طاووس في كتابه (حل الاشكال)
ينظر: رياض العلماء: ج 1 ص 74، ج 2 ص 132 - 134، وقواعد الحديث: ص 198، 208 -
209، والذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج 3 ص 385 - 386، ج 4 ص 288.
(5) كما في كتابه: خلاصة الأقوال.، والمتداول اليوم باسم: رجال العلامة.
(6) كما في كتابه المشتهر باسم: رجال ابن داوود.
178

المسألة الخامسة
في: إعادة النظر مجددا " (1)
ولكن، ينبغي للماهر في هذه الصناعة، ومن وهبه الله تعالى أحسن بضاعة.، تدبر
ما ذكروه، ومراعاة ما قرروه (2).، فلعله يظفر بكثير مما أهملوه، ويطلع على توجيه - في المدح
والقدح - قد أغفلوه (3).، كما اطلعنا عليه كثيرا "، ونبهنا عليه في مواضع كثيرة، وضعناها على
كتب القوم (4)، خصوصا " مع تعارض الاخبار، في الجرح والقدح (5).
فإنه وقع لكثير من أكابر الرواة.، وقد أودعه الكشي في كتابه من غير ترجيح.، وتكلم
من بعده في ذلك، واختلفوا - في ترجيح أيهما على الاخر - (6) اختلافا " كثيرا ".

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 43، لوحة أ، سطر 2.، ولا الرضوية.
(2) وفي الرضوية: ورقة 26، لوحة ب.، سطر 2: (مراعاة)، بتاء طويلة.
(3) ينظر: خلاصة الأقوال: ق 2 ص 215.، بخصوص: ناصر الحق، الذي حكم عليه العلامة
بالضعف.، نتيجة قول النجاشي عنه: كان يعتقد الإمامة.
ثم ينظر: رياض العلماء: 1 / 291 - 293.، وتوجيه الأفندي لهذه العبارة، هذا بالإضافة إلى ما نقله من
توجيه الشيخ البهائي بهذا الصدد.
(4) ينظر: تكملة الرجال: 1 / 88، بشأن إبراهيم بن عبد الحميد، وموقف الشهيد الثاني من قول العلامة في
خلاصته: (فتركت روايته لذلك).
ثم 1 / 118، بشأن أحمد بن إسماعيل بن عبد الله.، و 1 / 286، بشأن الحسن بن حمزة بن علي.، و 1 / 293،
بشأن الحسن بن صدقه المدائني، و 1 / 306، بشأن الحسن بن علي بن فضال.، و 1 / 366، بشأن حمزة بن بزيع،
والمناقشة هنا لولد الشهيد.، ثم 2 / 451، بشأن محمد بن عيسى بن عبد الله، و 2 / 535، بشأن حجر بن زائدة، و
2 / 536، بشأن عبد السلام بن صالح أبي الصلت الهروي.
(5) للتوسع ينظر: قواعد الحديث: ص 55 - 58، و 189 - 194.
(6) مرجع الضمير في (أيهما) فيما يبدو: القول بأن الراوي الفلاني ضعيف.، والقول بأن الراوي الفلاني
نفسه - عند رجالي اخر - ثقة.، أو ممن ينخرط في قائمة من تقبل روايتهم.
وينظر بهذا الشأن على سبيل المثال: قاموس الرجال للشيخ التستري، حيث أورد الكثير من
الاعتراضات على الكشي.
كذلك ينظر: تكملة الرجال للكاظمي: 1 / 371 - الهامش.
و 1 / / 376، بشأن حنان بن سدير، وما وقع فيه الكشي بخصوصه
والرواشح السماوية: ص 61 - 63.
وخلاصة الأقوال للعلامة: ص 10، 18، 21 - 22، 23، 25، 26، 30، 32، 35، 49.، وغيرها.
179

المسألة السادسة
في: مراعاة الاجتهاد (1)
فلا ينبغي لمن قدر على البحث تقليدهم في ذلك،..
بل، ينفق مما آتاه الله، فلكل مجتهد نصيب (2).
فإن طريق الجمع بينهما (3) يلتبس على كثير، حسب اختلاف طرقه وأصوله.، في العمل
بالأخبار الصحيحة والحسنة والموثقة، وطرحها أو بعضها.
فربما لم يكن في أحد الجانبين حديث صحيح، فلا يحتاج إلى البحث عن الجمع بينهما.،
بل، يعمل بالصحيح خاصة.، حيث يكون ذلك من أصول الباحث (4).
وربما: يكون بعضها صحيحا "، ونقيضه حسنا " أو موثقا ".، ويكون من أصله العمل
بالجميع، فيجمع بينهما بما لا يوافق أصل الباحث الاخر.، ونحو ذلك.
وكثيرا " ما يتفق لهم التعديل، بما لا يصلح تعديلا ".، كما يعرفه من يطالع كتبهم، سيما
(خلاصة الأقوال) التي هي الخلاصة في علم الرجال (5).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 43، لوحة أ، سطر 9.، ولا الرضوية.
(2) وقال الحارتي: فلا ينبغي لمن قدر على التمييز التقليد.، (وصول الأخيار: ص 162).
(3) مرجع الضمير: القولان اللذان مرا في هامش الصفحة السابقة.
(4) لأمير المؤمنين علي (رضي الله عنه): كلام في تمييز الأحاديث الصحيحة، نقلا " عن النهج.، (ينظر:
ينابيع المودة: 3 / 176).
(5) للتوسع ينظر مثل كتاب: قواعد الحديث: ص 128 - 131.، وص 202 - 203 وموقف العلامة
من ابن الغضائري.
180

القسم الثاني
في: شروط القبول والرد.، وفيه: مسائل ثماني
المسألة الأولى
في: أوصاف الراوي
وفيها: أنظار
الأول
في: ما يشترط فيه
وحديثه حديث عن:
أولا ": مجمل الشروط
اتفق: أتمة الحديث (1)، والأصول الفقهية.، على اشتراط (2):
(أ) إسلام الراوي
حال روايته، وإن لم يكن مسلما " حال تحمله.
فلا تقبل رواية الكافر، وإن علم من دينه التحرز عن الكذب.، لوجوب التثبت عند
خبر الفاسق (3)

(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 43، لوحة ب.، سطر 4 - 5: (وفي هذا الباب مسائل ثماني.،
الأولى: اتفق أئمة الحديث)، فقط.، وكذا الرضوية.
وفي الرضوية: ورقة 26، لوحة ب.، سطر 16: (ثمان)، بدلا " من (ثماني).، و (اتفقوا)، بدلا " من
(اتفق).
(2) ينظر: تقريب النواوي: ص 197، والباعث الحثيث: ص 92، والخلاصة في أصول الحديث: ص
89، والكفاية: 78، ومعالم الدين - طبعه 1391 ه‍ -: ص 426 - 427، ومقدمة ابن الصلاح ومحاسن
الاصطلاح: 218.
(3) إشارة إلى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما " بجهالة
فتصبحوا على ما فعلتم نادمين):.، (سورة الحجرات، آية 6).
181

فيلزم: عدم اعتبار خبر الكافر، بطريق أولى.، إذ يشمل الفاسق الكافر (1).
وقبول شهادته في الوصية (2)، مع أن الرواية أضعف من الشهادة (3).، (فذلك، لان
اسلامية الراوي إنما اشترطت)، بنص خاص، فيبقى العام معتبرا " في الباقي.
ويمكن القائس هنا: اعتبار القياس أو تعديته، بالتنبيه بالأدنى على الأعلى.
وقريب منه: القول بقبول أبي حنيفة، شهادة الكفار بعضهم على بعض (4)، فيلزم مثله
في الرواية كذلك. فإنه لا يقبل روايتهم مطلقا ". وقيل: شهادتهم للضرورة،
صيانة ثابتة للحقوق (5).، إذ أكثر معاملاتهم لا يحضرها
مسلمان.
(ب.) وبلوغه
عند أدائها كذلك.

(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 43، لوحة ب، سطر 9: (أو يشمل..) وكذا في الرضوية: ورقة
26 لوحة ب سطر 20.، غير أنه في هامش السطر 20: (إذ يشمل...)
(2) أي: شهادة الكافر في الوصية، إذا لم يوجد من عدول المسلمين من يشهد بها.، ينظر.، مستدرك
الوسائل - كتاب الشهادات -: ب 34، ح 1، ص 213، والمحرر في الفقه - لأبي البركات من الحنابلة -:
2 / 272.، والمحلي -. بن حزم الظاهري -: م 6 ص 495.، والوسائل 18 / 287، ب 40، ح 1 - 4.
(3) وقد كتب العلامة القرافي: فصلا " بديعا "، للفروق بين الشهادة والرواية.، ينظر: (الفروق: ج 1 ص
22 - طبعة تونس).، و (تدريب الراوي: 1 / 331 - 334.، والخلاصة في أصول الحديث: ص 96.، ومقدمة أبن
الصلاح: ص 231 - 233.، ودراية الحديث لشانچي: ص 125 - 127.)
والفرق بين الرواية والشهادة.، تأليف: الشيخ محمد هادي بن عبد الرحيم الجليلي الكرمانشاهي
(1377).، رسالة استدلالية في عشرة أوراق يذهب المؤلف فيها إلى أنهما شيئان وليسا بشئ واحد، كما ظن
البعض.، تمت ليلة الاثنين 11 جمادي الأولى 1320.، توجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة السيد النجومي في
كرمانشاه.، كما في دليل المخطوطات: ج 1 ص 281.
نعم، حيث الرواية تخالف الشهادة في شرط: الحرية، والذكورة، وتعدد الراوي.، وغيرها،...
(4) وقد ذهب إلى هذا القول كثير من كبار الفقهاء.، منهم: محمد بن أبي ليلى من الأحناف.، كما في
المبسوط للسرخسي: 16 / 134، 17 / 49 - 50.
وأبو البركات من الحنابلة.، كما في المحرر في الفقه: 2 / 271 - 283.
والشيخ الطوسي من الامامية.، كما في الخلاف: 3 / 333.، والشهيد الثاني في المسالك: ص 336.
(5) وفي الرضوية: ورقة 27، لوحة أ.، سطر 4: (صيانة للحقوق) بحذف لفظة (ثابتة).
182

(ج) وعقله
فلا تقبل رواية: الصبي والمجنون مطلقا ".، لارتفاع القلم عنهما (1)، الموجب لعدم
المؤاخذة، المقتضي لعدم التحفظ من ارتكاب الكذب، على تقدير تمييزه.، ومع عدمه، لا عبرة
بقوله.
ثانيا: شرط العدالة (2).
وجمهورهم على اشتراط عدالته.
- 1 -
لما تقدم، من الامر بالتثبت عند خبر الفاسق، فصار عدم الفسق شرطا " لقبول
الرواية.
ومع الجهل بالشرط (3)، يتحقق الجهل بالمشروط، فيجب الحكم بنفيه (4)، حتى يعلم
وجود انتفاء التثبت.
كذا.، استدلوا عليه.
- 2 -
وفيه: نظر.
لان مقتضى الآية: كون الفسق مانعا " من قبول الرواية، فإذا جهل حال الراوي،
لا يصح الحكم عليه بالفسق.، فلا يجب التثبت عند خبره، بمقتضى مفهوم الشرط.

(1) عن أبي ظبيان قال: أتى عمر بامرأة مجنونة، قد فجرت، فأمر برجمها.، فمروا بها على علي بن أبي طالب
(عليه السلام).، فقال: ما هذه؟ قالوا: مجنونة فجرت، فأمر بها عمر أن ترجم.، قال: لا تعجلوا.، فأتى عمر فقال له:
- أما علمت أن القلم رفع عن ثلاثة؟ عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ.
ينظر: الجامع الصغير: 2 / 24، وكسف الخفاء: 1 / 434، وتذكرة الخواص: ص 87، وكنز العمال:
3 / 95، ومستدرك الحاكم: 2 / 59، 4 / 389، وتلخيص المستدرك للذهبي: 4 / 489، ومسند أحمد بن حنبل:
1 / 140، 154، 158، وفرائد السمطين: ج 1 ب 66، ومناقب الخطيب الموفق ابن أحمد الحنفي: ص 48،
والاستيعاب: 3 / 474، وينابيع المودة ص 75. وصحيح البخاري: باب لا يرجم المجنون والمجنونة، وإرشاد
الساري: 10 / 9 وفيض الغدير: 4 / 357، وتيسير الوصول للبيهقي: 7 / 264، وسنن ابن ماجة: 2 / 227، ومناقب
ابن شهرآشوب: 1 / 497، وبحار الأنوار: 9 / 483 - 489.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 44، لوحة أ، سطر 5.، ولا الرضوية.
(3) وفي الرضوية: ورقة 27، لوحة أ.، سطر 10: (مع الجهل بالشروط)، بحذف واو العطف.، ويبدو: أنه
اشتباه.
(4) وفي الرضوية: ورقة 27، لوحة أ.، سطر 10 (فيحب العلم بنفيه).
183

ولا نسلم: أن الشرط عدم الفسق.، بل، المانع ظهوره (1)، فلا يجب العلم بانتفائه حيث
يجهل.
والأصل: عدم الفسق في المسلم، وصحة قوله.
- 3 -
وهذا، بعض آراء شيخنا أبي جعفر الطوسي.، فإنه كثير ما يقبل خبر غير العدل،
ولا يبين سبب ذلك (2).
ومذهب أبي حنيفة: قبول رواية المجهول الحال، محتجا " بنحو ذلك.، وبقبول قوله:
في تذكية اللحم، وطهارة الماء، ورق الجارية.
والفرق - بين ما ذكر وبين الرواية - واضح.
ثالثا ": في معنى العدالة (3).
وليس المراد من العدالة: كونه تاركا " لجميع المعاصي.، بل، بمعنى كونه:

(1) أي: الشرط المانع هو: ظهور الفسق لا عدمه.، حيث التعامل شرعا "، إنما يقوم ويتم بناء " على الظاهر
ليس إلا.
(2) قال الشيخ الطوسي عن عمار بن موسى الساباطي كما في التهذيب: (وقد ضعفه جماعة من أهل
النقل، وذكروا أن ما ينفرد بنقله لا يعمل به، لأنه كان فطحيا ".، غير أنا لا نطعن عليه بهذه الطريقة، لأنه وإن كان
كذلك، فهو ثقة في النقل، ولا يطعن عليه).، ينظر: (نقد الرجال: ص 247).
(3) هذا العنوان: ليس من النسخة الأساسية: ورقة 44، لوحة ب، سطر 4.، ولا الرضوية.
وفي صحيفة الرضا (عيه السلام) - ص 97 رقم 31 - تحقيق مدرسة الإمام المهدي (ع) -: (..
وباسناده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم،
ووعدهم فلم يخلفهم.، فهو مؤمن: كملت مروته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوته، وحرمت غيبته).، هذا وفي
هامش الصحيفة. جملة مهمة من المصادر لهذا الحديث، وطرق عديدة..، كما ورد كذلك في الكفاية للخطيب:
ص 78.
وللتوسع ينظر: رسائل الشيخ الأنصاري - رسالة العدالة -، وجواهر الكلام: 13 / 275 - 308، و
32 / 102 - 115، ورجال بحر العلوم: 1 / 460، والكفاية للخطيب: ص 81 - 101، ومنهاج الصالحين للفقيه
الخوئي - ط 5 -: ص 9، 10، 13 وعلوم الحديث لصبحي الصالح: 130 - 133، ورسائل ثلاث - العدالة،
التوبة، قاعدة لا ضرر - من تقريرات أحاج سيد تقي الطباطبائي القمي.
وينظر: تكملة الرجال: 1 / 35.، وفيه: وقع الخلاف بينهم في العدالة من جهات.، مثل: ان العدالة هل
هي الملكة؟ أو حسن الظاهر؟ أو ظهور الاسلام مع عدم ظهور الفسق؟
184

(أ.) سليما " من أسباب الفسق
التي هي: فعل الكبائر، أو الاصرار على الصغائر (1).
(ب.) وخوارم المروة
وهي: الاتصاف بما يستحسن التحلي به عادة "، بحسب زمانه ومكانه وشأنه، فعلا "
وتركا "، على وجه يصير ذلك له ملكة.
وإنما لم يصرح لاعتبارها، لان السلامة من الأسباب المذكورة، لا يتحقق إلا
بالملكة، فأغنى عن اعتبارها.
(ج) وضبطه لما يرويه
بمعنى: كونه حافظا " له متيقظا "، غير مغفل إن حدث من حفظه.، ضابطا " لكتابه، حافظا "
له من الغلط والتصحيف والتحريف، إن حدث منه، عارفا " بما يختل به المعنى (2)، إن روى به -

(1) قال الذهبي: (ثم البدعة كبرى وصغرى.، روى عاصم الأحوال عن ابن سيرين قال: لم يكونوا
يسألون عن الاسناد، حتى وقعت الفتنة.، فلما وقعت، نظروا من كان من أهل السنة أخذوا حديثه، ومن كان من
أهل البدعة تركوا حديثه.، وروى هشام عن الحسن قال: لا تفاتحوا أهل الأهواء، ولا تسمعوا منهم...).، (ميزان
الاعتدال: 1 / 3).
وأقول: هل صحيح أن الاسناد لم يكن يسأل عنه قبل الفتنة؟ ومن هم أهل السنة على وجه التحقيق؟
ومن هم أهل البدعة على وجه الدقة؟ وهل الحكم يصدر بحق هذا أو ذاك بمجرد جرة قلم؟ أم أن الباب مفتوح،
بميزان التقوى والاعتدال، لدراية الدرس والتمحيص.، فيعتمد من كان مع القرآن، وسنة رسول الأنام.، ويترك من
كان مخالفا " للكتاب، ويحدث بغير مقياس ولا حساب.
وبخصوص مصاديق الصغائر والكبائر، وما قيل فيها وعنها من حيث ثبوتها وعدديتها، وبالنسبة للاصرار
وحقيقته.، ينظر: رسائل ثلاث: ص 28 - 35، شرائع الاسلام: 1 / 151، 198، 307، 4 / 115 - 117، منهاج
الصالحين - ط 5 -: ص 8، 9، 11، الباعث الحثيث: 101، تكملة الرجال: 1 / 201، 351، علوم الحديث و
مصطلحه: ص 135، النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين: ص 25.
وينظر: شرائع الاسلام: 4 / 117.، وفيه: الحسد معصية.، وكذا بغضة المؤمن.، والتظاهر بذلك قادح في العدالة.
وفي المصدر نفسه: 4 / 116.، قال المحقق (قدس): ولا يقدح في العدالة ترك المندوبات، ولو أصر مضربا "
عن الجميع.، ما لم يبلغ حدا " يؤذن بالتهاون بالسنن.
(2) وفي الرضوية: ورقة 27 لوحة ب.، سطر 5: (وعارفا " بما يحتمل المعنى).، غير أنه ذكر في الهامش:
كلمة (يختل)، وفوقها الرمز (ل)، إشارة إلى أنها نسخة بدل.
185

أي: بالمعنى، حيث نجوزه -.
وفي الحقيقة: اعتبار العدالة يغني عن هذا.، لان العدل لا يجازف برواية ما ليس
بمضبوط، على الوجه المعتبر (1).، وتخصيصه تأكيدا " (2) أو جري على العادة.
الثاني
في: ما لا يشترط فيه
وحديثه حديث عن:
أولا ": ما لا يشترط (3)
ولا يشترط في الراوي:
(أ.) الذكورة
لأصالة عدم اشتراطها، واطباق السلف والخلف، على الرواية عن المرأة (4).
(ب.) ولا الحرية
فتقبل رواية العبد.
ولقبول شهادتهما (4) - في الجملة - بالرواية أولى (5).
(ج.) ولا العلم بفقه وعربية
لان الغرض منه لا الدراية.، وهي تتحقق بدونهما.

(1) وفي الرضوية: ورقة 27، لوحة ب.، سطر 7: (لا يجازف بروايتها ليس بمضبوط على الوجه المعين).
(2) أي: تخصيصه بالضبط تأكيد.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 45، لوحة أ، سطر 1.، ولا الرضوية.
(4) حيث روي مثلا " عن: فاطمة بنت الحسين (عليه السلام)، وحبابة الوالبية (ره).، ينظر: الأصول
الستة عشر - أصل عاصم بن حميد الحناط -: ص 35، 40.
وينظر: الكفاية: ص 98، وتدريب الراوي في شرح تقريب النواوي: 1 / 321.
وفي شرائع الاسلام: 1 / 96.، قال المحقق (قدس): وأفضل ما رواه محمد بن مهاجر، عن أمه أم سلمة...
(5) مرجع الضمير: المرأة، والعبد.
(6) وفي الرضوية: ورقة 27، لوحة ب.، سطر 10: (فالرواية أولى).، ويبدو: أن هذا هو الصحيح.
186

ولعموم قوله صلى الله عليه وآله: (نضر الله امرءا " سمع مقالتي فوعاها، وأداها كما سمعها
فرب حامل فقه ليس بفقيه) (1).
ولكن، ينبغي مؤكدا ": (2) معرفته بالعربية، حذرا " من اللحن والتصحيف.
وقد روي عنهم عليهم السلام أنهم قالوا: (أعربوا كلامنا فإنا قوم فصحاء) (3).،
وهو يشمل إعراب القلم واللسان.
وقال بعض العلماء: جاءت هذه الأحاديث عن الأصل معربة.
وعن آخر: أخوف ما أخاف على طالب الحديث، إذ لم يعرف النحو.، أن يدخل في
جملة قول النبي صلى الله عليه وآله: (من كذب علي متعمدا " فليتبؤا مقعده من النار).
لأنه لم يكن يلحن (4).، فمهما روي عنه حديثا "، ولحن فيه، فقد كذب عليه (5).
والمعتبر حينئذ: أن يعلم قدرا " يسلم معه من اللحن والتحريف.
ثانيا ": ما لا يعتبر (6)
وكذا لا يعتبر فيه:
(أ.) البصر
فتصح رواية الأعمى.، وقد وجد ذلك في السلف والخلف.

(1) ينظر: سنن أبي داوود: 2 / 289، 3 / 438، وجامع الترمذي: 5 / 34، وتحف العقول - طبع
بيروت -: ص 36، وكشف الخفاء للعجلوني: 2 / 319، وتدريب الراوي: ص 190، وقواعد التحديث: ص
146، وشرح الألفية السيوطي: ص 48، والأصول الستة عشر - مختصر أصل علاء بن رزين -: ص 153، وجامع
بيان العلم وفضله: 1 / 38، وشرف أصحاب الحديث: ص 71 - أ، وسنن ابن ماجة: 1 / 230 - 231، والمحدث
الفاصل: ص 14.
(2) والمشهور اليوم أن يقال: (مؤكدا ")، بالهمز.، غير أن جاء بالواو، صحيح أيضا "، بناء " على قاعدة
التسهيل.
(3) ينظر: الكافي: 1 / 52.، كتاب العلم، ب 17، ح 13.
غير أن الذي في الأساسية: ورقة 45، لوحة أ.، سطر 9: (فصحا ")، بالقصر.، وهو صحيح أيضا ".
(4) وفي الرضوية: ورقة 27، لوحة ب.، سطر 18.، (لأنه صلى الله عليه لم يكن يلحن).
(5) قال الطيبي: (فائدة: عن الأصمعي يقول: إن أخوف ما أخاف على طالب العلم، إذا لم يعرف
النحو.، أن يدخل في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي فليتبوء مقعده من النار).، لأنه صلى الله
عليه وسلم، لم يكن يلحن، فمهما رويت عنه، ولحنت فيه، كذبت عليه).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص
121).
(6) هذا العنوان: ليس من النسخة الأساسية: ورقة 45، لوحة ب، سطر 1.
187

(ب.) ولا العدد
بناءا " على اعتبار خبر الواحد.
وعلى عدم اعتباره، لا يعتبر في المقبول منه، عدد خاص.، بل، ما يحصل به العلم.
فالعدد.، غير معتبر في الجملة مطلقا ".
الثالث
في: بقية الاعتبار (1)
وهل يعتبر مع ذلك أمر آخر؟ ومذهب خاص؟
أم لا يعتبر؟ فتقبل رواية جميع فرق المسلمين، وإن كانوا أهل بدعة.
أقول:
أحدهما: أنه لا تقبل رواية المبتدع مطلقا " لفسقه، وإن كان يتأول.، كما استوى - في
الكفر - المتأول وغيره.
والثاني: إن لم يستحل الكذب لنصرة مذهبه، قبل (2).، وإن استحله كالخطابية، من
غلاة الشيعة، لم يقبل (3).
والثالث: إن كان داعية " لمذهبه لم يقبل.، لأنه مظنة التهمة بترويج مذهبه (4).، وإلا،
قبل.، وعليه أكثر الجمهور.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 45، لوحة ب، سطر 5.، ولا الرضوية.
(2) قال الحافظ الذهبي في الميزان: ج 1 ص 4 - في ترجمة أبان بن تغلب الكوفي -: (شيعي جلد،
لكنه صدوق.، فلنا صدقه، وعليه بدعته).
(3) قال الشافعي: أقبل شهادة أهل الأهواء.، إلا الخطابية من الرافضة، لانهم يرون الشهادة بالزور
لموافقيهم.
وعقب ابن كثير على ذلك بقوله: (فلم يفرق الشافعي في هذا النص، بين الداعية وغيره.، ثم ما الفرق
في المعنى بينهما؟ وهذا البخاري، قد خرج لعمران بن حطان الخارجي، مادح عبد الرحمان بن ملجم - قاتل علي -.،
وهذا من أكبر الدعاة إلى البدعة، والله أعلم).، (ينظر: الباعث الحثيث: ص 99 - 100)
وينظر - بخصوص الخطابية - بالإضافة إلى ما ذكر في هامش الباب الأول: ص 163.، ينظر: اختيار
معرفة الرجال - المعروف برجال الكشي -: ص 290، 321، 323، 478 - 482.
(4) قال الشيخ المفيد: فروى الواقدي: عن هاشم بن عاصم، عن المنذين بن الجهم.، قال:
سألت عبد الله بن تغلبة: كيف كانت بيعة علي (عليه السلام)؟ قال: رأيت بيعة رأسها الأشتر يقول:
من لم يبايع ضربت عنقه..
188

والرابع - وهو المشهور بين أصحابنا -: اشتراط إيمانه (1)، مع ذلك المذكور من
الشروط.، بمعنى: كونه اماميا ".، قطعوا به في كتب الأصول الفقهية.، وغيرها.، لان من عداه
عندهم فاسق، وإن تأول كما تقدم.، فيتناوله الدليل.
الرابع
في: انجبار الضعيف (2)
هذا.، مع عملهم بأخبار ضعيفة، بسبب فساد عقيدة الراوي.، أو موثقة، مع فساد
عقيدته أيضا "، في كثير من أبواب الفقه.
معتذرين عن ذلك العمل (3).، المخالف لما أفتوا به - في أصولهم -: من عدم قبول
رواية المخالف.، بانجبار الضعف الحاصل للراوي (4)، بفساد عقيدته ونحوه.،..
- (أولا ":) بالشهرة
أي: شهرة الخبر، والعمل بمضمونه بين الأصحاب.، فيمكن اثبات المذهب به، وإن
ضعف طريقه.، كما يثبت مذهب أهل الخلاف، بالطريق الضعيف من أصحابهم (5).
(ثانيا ":) ونحوها
أي: الشهرة.، من الأسباب الباعثة لهم، على قبول رواية المخالف، في بعض الأبواب.

فأما الواقدي.، فعثماني المذهب، بالميل عن أمير المؤمنين (ع)، والذي رووا عنه ما رواه من اكراه
الناس على البيعة لأمير المؤمنين (ع) والتخرص عليه بإضافة الأباطيل إليه.
وقد ثبت: ان شهادة المشاجر مردودة بالاجماع، وحديث الخصم فيما قدح به عدالة خصمه مطروح
بالاتفاق، وقول المتهم الظنين غير مقبول بلا اختلاف.، فلا حجة في الحديث المذكور عن ابن تغلبة.، (الجمل: ص
53 - 54).
وأقول: يبدو الصحيح: عبد الله بن ثعلبة، وابن ثعلبة.، بالثاء.
كما أقول: كون الواقدي عثمانيا " مسألة فيها نظر، وهناك قول آخر بكونه شيعيا ".، ينظر: مقدمة كتاب
(المغازي) - تحقيق الدكتور مارسدن جونس -: ج 1 ص 16 - 18.
نعم، هو راوية على طريقه أهل الأخبار في نقوله، وقديما " قالوا: ناقل الكفر ليس بكافر.
(1) ينظر: روضة الواعظين: 1 / 43.، وفيه: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الايمان؟ فقال: الايمان
على أربعة دعائم...
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية ورقة 46، لوحة أسطر 2.، ولا الرضوية.
(3) وفي الرضوية: ورقة 28، لوحة أ.، سطر 3: (معتذرين من ذلك العمل).
(4) وفي الرضوية: ورقة 28، لوحة أ.، سطر 4: (بانجبار الضعيف الحاصل للراوي).
(5) للتوسع ينظر مثل: قواعد الحديث: ص 107 - 154.
189

كقبول ما دلت القرائن على صحته مع ذلك، على ما ذهب إليه المحقق في
(المعتبر).
وقد تقدم الكلام على هذا الدليل، في أول الرسالة.
وكيف كان.، فاطلاق اشتراط الايمان، مع استثناء من ذكر (1) ليس بجيد.
الخامس
في: النتيجة (2)
وحينئذ فاللازم - على ما قررناه عنهم - اشتراط أحد الامرين، من الايمان
والعدالة، والانجبار بمرجح.، لا إطلاق اشتراطهما - أي: الايمان، والعدالة -، المقتضي لعدم
قبول رواية غير المؤمن مطلقا ".، ولا يقولون به.
- 1 -
واقتصد قوم منا، فاعتبروا سلامة السند من ذلك كله، واقتصروا على الصحيح.،
ولا ريب انه أعدل.
ولا يقدح فيه قول المحقق في رده: من أن الكاذب قد يصدق، والفاسق قد يصدق (3).،
وإن في ذلك طعنا " في علمائنا وقدحا " في المذهب.
إذ لا منصف، إلا وقد يعمل بخبر المجروح، كما يعمل بخبر المعدل.، وظاهر، أن هذا
غير قادح.
- 2 -
ومجرد احتمال صدق الكاذب، غير كاف في جواز العمل بقوله، مع النهي عنه.

(1) والمشهور اليوم ان يقال: (استثناء) بالمد.، غير أن مقصوره صحيح أيضا ".
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 46، لوحة أ، سطر 12.، ولا الرضوية.
(3) والذي في الأساسية: ورقة 46، لوحة ب، سطر 4 - 5: (إن الكاذب والفاسق قد يصدق).، غير أنه
وضعت علامة على الباء، من كلمة (الكاذب).، وجعل مقابلها (قد يلصق)، ثم همشت بلفظة (صحيح).، بل،
ذكر في الهامش الجانبي: عبارة (يصدق في المعتبر)، وجعل فوقها رمز (ظ).، وذلك يعني فيما يبدو: الظاهر
يصدق كما في المعتبر.
على أن الشئ ذاته وقع في الرضوية: ورقة 28، لوحة ب، سطر 5.، حيث شطب في المتن على لفظ
(يلصق)، وجعل مكانها في الهامش (يصدق)، مذيلة بالرمز (ظ).
وعلى هذا، فالذي أثبتناه في المتن.، هو الذي يتفق والصحيح من جهة، وسلامة السياق من جهة ثانية.
أما ما في المعتبر - صفحة: 6 - فهو: بأن الفاسق والكاذب قد يصدقان.
190

والقدح في المذهب غير ظاهر.، فإن من لا يعمل بخبر الواحد من أصحابنا - كالسيد
المرتضى وكثير من المتقدمين (1) -، مصنفاتهم خالية عن خبر الثقة، على وجه التقليد، فضلا " عن
المجروح، إلى أن يبلغ حد التواتر.
والمصنفات المشتملة على أخبار المجروحين، مبنية على مذهب المفتي بمضمونها.
- 3 -
وإن كان ولا بد من تجاوز ذلك.، فالعمل على خبر المخالف الثقة، ليسلم من ظاهر
النهي، عن قبول خبر الفاسق ظاهرا "، ومنع اطلاقه على المخالف مطلقا "، وقد تقدمت الإشارة
إليه (2).
أما المنصوص على ضعفه، فلا عذر في قبول قوله، كما يتفق ذلك للشيخ (رحمه الله)،
في موارد كثيرة.
والله تعالى أعلم بحقائق أحكامه.

(1) قال السيد المرتضى: (اعلم: ان الصحيح: ان خبر الواحد لا يوجب علما "، وإنما يقتضي غلبة الظن
بصدقه إذا كان عدلا "...) ينظر: (الذريعة إلى أصول الشريعة: ق 2، ص 517).
وينظر: مقدمة كتاب (السرائر)، لابن إدريس الحلي.
(2) كما في: (الحقل الثالث: في الموثق).، ينظر: (شرح البداية: الباب الأول -: ص 86 - 87).
191

المسألة الثانية
في: تشخيص عدالته
وفيها: أنظار
النظر الأول
في: العدالة المعتبرة
تعرف العدالة المعتبرة في الراوي (1):
بتنصيص عدلين:
عليها (2).
أو بالاستفاضة.
بأن تشتهر عدالته، بين أهل النقل، أو غيرهم من أهل العلم.، كمشايخنا السالفين،
من عهد الشيخ محمد بن يعقوب الكليني، وما بعده، إلى زماننا هذا (3).
النظر الثاني
في: التزكية (4)
لا يحتاج أحد من هؤلاء المشايخ المشهورين.، إلى تنصيص على تزكية، ولا بينة على

(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 47، لوحة أ.، سطر 3 - 4: (الثانية: تعرف العدالة المعتبرة في
الراوي)، فقط.، وكذا الرضوية.
(2) قال الطيبي: (تعرف العدالة بتنصيص عدلين عليها، أو بالاستفاضة.، فمن اشتهرت عدالته بين أهل
النقل، أو غيرهم من العلماء، أو شاع الثناء عليه بها، كفى.، كمالك، والسفيانيين، والأوزاعي، والشافعي،
وأحمد.، وأشباههم).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 89).
وكما في: معارج الأصول: ص 150، ومنتقى الجمان: 1 / 14.
(3) قال المامقاني: (تثبت عدالة الراوي بشئ من أمور:
أحدها: الملازمة والصحبة المؤكدة، والمعاشرة التامة المطلعة على سريرته...
ثانيها: الاستفاضة والشهرة.، فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم، من أهل الحديث أو غيرهم، وشاع
الثناء عليه بها.، كفى في عدالته، ولا يحتاج مع ذلك إلى معدل ينص عليها...، مقباس الهداية: ص 87.
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 47، لوحة أ سطر 7.، ولا الرضوية.
وهناك رسالة في (تزكية الراوي)، للشيخ محمد بن أبي منصور جمال الدين الحسن بن زين الدين الشهيد
الثاني.، ينظر: تكملة الرجال: 1 / 37 - الهامش.
192

عدالة.، لما اشتهر في كل عصر، من ثقتهم وضبطهم وورعهم، زيادة " على العدالة (1).
وإنما يتوقف على التزكية، غير هؤلاء من الرواة، الذين لم يشتهروا بذلك ككثير ممن
سبق على هؤلاء، وهم طرق الأحاديث المدونة في الكتب غالبا ".
وفي الاكتفاء بتزكية الواحد العدل في الرواية: قول مشهور لنا ولمخالفينا.، كما يكتفي
به - أي: بالواحد - في أصل الرواية.
وهذه التزكية فرع الرواية.، فكما لا يعتبر العدد في الأصل، فكذا في الفرع (2).
وذهب بعضهم: إلى اعتبار اثنين.، كما في الجرح والتعديل، في الشهادات.
فهذا، طريق معرفة عدالة الراوي السابق على زماننا.، والمعاصر: يثبت بذلك،
وبالمعاشرة الباطنة المطلعة على حالة، واتصافه بالملكة المذكورة.
النظر الثالث
في: الضبط والاتفاق (3)
ويعرف ضبطه (4): بأن تعتبر روايته برواية الثقات، المعروفين بالضبط والاتقان.
فإن وافقهم في رواياته غالبا "، ولو من حيث المعنى.، بحيث لا يخالفها، أو تكون المخالفة
نادرة.، عرف حينئذ كونه ضابطا " ثبتا "
وإن وجدناه - بعد اعتبار رواياته برواياتهم - كثير المخالفة لهم.، عرف اختلاله -
أي: اختلال ضبطه، أو اختلال حاله في الضبط -، ولم يحتج بحديثه (5)
وهذا الشرط، إنما يفتقر إليه.، في من يروي الأحاديث من حفظه، أو يخرجها بغير
الطرق المذكورة في المصنفات. وأما رواية الأصول المشهورة (6)، فلا يعتبر فيها ذلك.، وهو واضح.

وفي شرائع الاسلام: 4 / 69.، قال المحقق (قدس): وينبغي أن يكون السؤال عن التزكية سرا "، فأنه أبعد
من التهمة..
(1) ينظر: مستدرك الوسائل: ج 3 ص 309.
(2) ينظر: قواعد الحديث: ص 59 - 63، 170 - 172.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية، ورقة 47، لوحة ب، سطر 4.، ولا الرضوية
(4) مرجع الضمير: الراوي المعاصر.، كما يستفاد من النظر السابق.
(5) قال الطيبي: (ويعرف ضبطه: بأن يعتبر روايته بروايات الثقات، المعروفين بالضبط والاتقان.، فإن
وافقهم غالبا "، وكانت مخالفته نادرة، عرفنا كونه ضابطا " ثبتا ".، وإن وجدناه كثير المخالفة لهم، عرفنا اختلال ضبطه،
ولم يحتج بحديثه).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 89).
(6) كالكتب الحديثة المتداولة المشهورة الأربعة: الكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والتهذيب،
والاستبصار.، وينظر: قواعد الحديث: ص 141 - 154.
193

المسألة الثالثة
في: الجرح والتعديل
وفيها: أنظار
الأول
في: ذكر السبب مع أيهما
- 1 -
التعديل (1): مقبول، من غير ذكر سببه، على المذهب المشهور.، لان أسبابه كثيرة،
يصعب ذكرها.، فإن ذلك يحوج المعدل إلى أن يقول: لم يفعل كذا؟ لم يرتكب كذا؟ فعل
كذا أو كذا.، وذلك شاق جدا ".
- 2 -
وأما الجرح، فلا يقبل إلا مفسرا "، مبينا " السبب الموجب له (2)، لاختلاف الناس
فيما يوجبه (3)
فإن بعضهم، يجعل الكبيرة القادحة، ما توعد عليها في القرآن بالنار.، وبعضهم، يعم
التوعد.، وآخرون، يعمون المتوعد فيه بالكتاب والسنة.، وبعضهم يجعلون جميع الذنوب كباير،
وصغر الذنوب وكبره عندهم إضافي (4).، إلى غير ذلك من الاختلاف (5).

(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 47، لوحة ب.، سطر 11: (الثالثة: التعديل)، فقط.، وكذا
الرضوية.
(2) وفي الرضوية: ورقة 29، لوحة أ.، سطر 17: (مبين السبب الموجب له).
(3) قال ابن كثير: (والتعديل مقبول، ذكر السبب أو لم يذكر، لان تعداده يطول، فقبل إطلاقه).
بخلاف الجرح، فإنه لا يقبل إلا مفسرا ".، لاختلاف الناس في الأسباب المفسقة.، فقد يعتقد الجارح شيئا "
مفسقا "، فيضعفه، ولا يكون كذلك في نفس الامر، فلهذا، اشترط بيان السبب في الجرح).،
(الباعث الحثيث: ص 94).
(4) وفي الرضوية: ورقة 29، لوحة أ.، سطر 21: (وصغير الذنب وكبيره).، ويبدو أن النص أعلاه.، لو
قيل فيه: (صغر الذنوب وكبرها)، لكان هو الصحيح المناسب.
(5) ينظر: الكفاية: ص 102 - 105: باب الكلام في الجرح وأحكامه.
194

الثاني
في: السبب الجارح (1)
- 1 -
فربما أطلق بعضهم: القدح بشئ، بناءا " على أمر اعتقده جرحا "، وليس بجرح في
نفس الامر، أو في اعتقاد الاخر.، فلا بد من بيان سببه، لينظر فيه، أهو جرح أم لا؟
وقد اتفق لكثير من العلماء (2)، جرح بعض.، فلما استفسر، ذكر ما لا يصلح جارحا ".
- 2 -
قيل لبعضهم: لم تركت حديث فلان؟ فقال: رأيته يركض على برذون.
وسئل آخر عن رجل من الرواة؟ فقال: ما أصنع بحديثه.، ذكر يوما " عند حماد،
فامتخط حماد (3).
الثالث
في: أسباب التعديل (4)
ويشكل: بأن ذلك آت في باب التعديل.، لان الجرح كما تختلف أسبابه.،
كذلك، فالتعديل يتبعه في ذلك.، لان العدالة تتوقف على اجتناب الكبائر مثلا ".
فربما، لم يعد المعدل بعض الذنوب كبائر، ولم يقدح عنده فعلها في العدالة، فزكى
مرتكبه بالعدالة، وهو فاسق عند الاخر، بناءا " على كونه مرتكبا " لكبيرة عنده.
الرابع
في: اعتبار التفصيل (5)
ومن ثم، ذهب بعضهم إلى اعتبار التفصيل فيهما.
ومن نظر إلى صعوبة التفصيل ونحوه، اكتفى بالاطلاق فيهما.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 48، لوحة أ سطر 6.، ولا الرضوية.
(2) والمشهور اليوم أن يقال: العلماء، بالمد.، غير أن مقصورة صحيح أيضا ".
(3) للتوسع ينظر: المجروحين: 1 / 30، الكفاية: ص 111 - 114، مقدمة ابن الصلاح: ص 221 -
222، والباعث الحثيث: ص 94 (الهامش).
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 48، لوحة أ سطر 11.، ولا الرضوية.
(5) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 48، لوحة ب، سطر 3.، ولا الرضوية.
195

أما التفصيل، باختلاف الجرح والتعديل في ذلك.، فليس بذلك الوجه.
نعم، لو علم اتفاق مذهب الجارح والمعتبر - بكسر الباء -.، وهو: طالب الجرح
والتعديل.، ليعمل بالحديث أو يتركه، في الأسباب الموجبة للجرح.، بأن يكون اجتهادهما، فيما به
يحصل الجرح والتعديل، واحدا ".، أو أحدهما مقلدا " للآخر.، أو كلاهما مقلدا " لمجتهد واحد.، اتجه
الاكتفاء بالاطلاق في الجرح كالعدالة.
وهذا التفصيل، هو الأقوى فيهما.
الخامس
في: مشكلة بيان السبب (1)
واعلم، انه يرد على المذهب المشهور - من اعتبار التفسير في الجرح -: إشكال
مشهور.
من حيث: أن اعتماد الناس اليوم، في الجرح والتعديل، (إنما هو (2) على الكتب
المصنفة فيهما.، وقل ما يتعرضون فيها لبيان السبب.، بل، يقتصرون على قولهم: فلان ضعيف، ونحوه.
فاشترط بيان السبب، يفضي إلى تعطيل ذلك، وسد باب الجرح في الأغلب (3).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 48، لوحة ب، سطر 10.، ولا الرضوية.
(2) هذه الجملة.، ليست من النسخة الأساسية: ورقة 48، لوحة ب، سطر 12.، وإنما أرى ضرورة إضافتها،
كي يستقيم الخلل، الذي بفعل التوزيع.
(3) ينظر: الباعث الحثيث: ص 94 - 95، وتدريب الراوي: ص 122، والخلاصة في أصول
الحديث: ص 90، ومقدمة ابن الصلاح: ص 222.
196

السادس
في: حل المشكل (1)
وأجيب: بأن ما أطلقه الجارحون في كتبهم، من غير بيان سببه، وإن لم يقتض
الجرح، على مذهب من يعتبر التفسير.
لكن، يوجب الريبة القوية في المجروح كذلك (2)، المفضية إلى ترك الحديث الذي
يرويه، فيتوقف عن قبول حديثه، إلى أن تثبت العدالة، ويتبين زوال موجب الجرح.
ومن انزاحت عنه تلك الريبة، بحثنا عن حاله بحثا "، أوجب الثقة بعدالته.، فقبلنا
روايته - ولم نتوقف - أو عدمها (3).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 49، لوحة أ، سطر 2، ولا الرضوية.
(2) وفي الرضوية: ورقة 30 لوحة أ.، سطر 3: (المجروح لذلك).
(3) ينظر: الباعث الحثيث: ص 94 - 95، وتدريب الراوي: ص 122، والخلاصة في أصول الحديث: ص 90.
قال ابن الصلاح: (ثم، من انزاحت عنه الريبة منهم، ببحث عن حاله أوجب الثقة بعدالته.، قبلنا حديثه
ولم نتوقف..).، (مقدمة ابن الصلاح: ص 222)
197

المسألة الرابعة
في: المعيار والتقديم
وفيها: أنظار
النظر الأول
في: شرط العدد (1)
يثبت الجرح في الرواة، بقول واحد كتعديله.، أي: كما يثبت تعديله في باب الرواية
بالواحد أيضا "، وقد تقدم على المذهب الأشهر.
وذلك، لان العدد لم يشترط في قبول الخبر، كما سلف.، فلم يشترط في وصفه، من
جرح وتعديل.، لأنه فرعه، والفرع لا يزيد على أصله.، بل، قد ينقص كما في تعديل شهود الزنا،
فإنه يكتفي فيه باثنين دون أصل الزنا.
واما ما خرج عن ذلك، وأوجب زيادة الفرع - أعني: الجرح والتعديل -، على
أصله.، كالاكتفاء في الدعوى بالشاهد واليمين دون التعديل.
ومذهب بعضهم في الاكتفاء - بشاهد واحد، رؤية هلال رمضان.، وشهادة الواحدة
في: ربع الوصية (2)، وربع ميراث المستهل (3).، فبديل خارج، ونص خاص (4)

(1) الذي في النسخة: ورقة 49، لوحة أ.، سطر 8: (الرابعة: يثبت الجرح..) فقط.، وكذا
الرضوية.
(2) وفي الوسائل: 18 / 261: (.. قضى أمير المؤمنين (عليه السلام): في وصية لم تشهدها إلا امرأة،
فقضى أن تجاز شهادة المرأة في ربع الوصية).، باب 24 حديث 16.
(3) للصوت الحاصل عند ولادته، ممن حضر عادة "، كتصويت من رآى الهلال.، فاشتق منه.، ينظر:
(الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية: 3 / 144)، وشرائع الاسلام: 4 / 126.
(4) وفي الوسائل: 18 / 259: (... سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل مات، وترك امرأته
وهي حامل.، فوضعت بعد موته غلاما "، ثم مات الغلام بعد ما وقع إلى الأرض.، فشهدت المرأة التي قبلتها أنه استهل
وصاح حين وقع إلى الأرض، ثم مات؟
قال: على الامام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام).، باب 24 حديث 6.
198

النظر الثاني
في: تقديم الجرح (1)
ولو اجتمع في واحد جرح وتعديل، فالجرح مقدم على التعديل.، وإن تعدد المعدل،
وزاد على عدد الجارح.، على القول الأصح.
لان المعدل مخبر عما ظهر من حاله.، والجارح، يشتمل على زيادة الاطلاع.، لأنه
يخبر عن باطن خفي على المعدل.، فإنه لا يعتبر فيه ملازمته، في جميع الأحوال.، فلعله ارتكب
الموجب للجرح في بعض الأحوال، التي فارقه فيها.، هذا إذا أمكن الجمع، بين الجرح والتعديل،
كما ذكروا.
النظر الثالث
في: ما لا يمكن معه الجمع (2)
- 1 -
وإلا يمكن الجمع، كما إذا شهد الجارح: بقتل انسان في وقت.، فقال المعدل: رأيته
بعده حيا ".
أو يقذفه فيه.، فقال المعدل: إنه كان ذلك الوقت نائما " أو ساكتا ".، ونحو ذلك.
تعارضا " (3).، ولم يكن التقديم، ولم يتم التعليل الذي قدم به الجارح.
- 2 -
ثم، وطلب الترجيح: إن حصل المرجح، بأن يكون أحدهما أضبط، أو أورع، أو
أكثر عددا "، ونحو ذلك.، فيعمل بالراجح ويترك المرجوح.
فإن لم يتفق الترجيح.، وجب التوقف للتعارض، مع استحالة الترجيح.، من غير
مرجح.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 49، لوحة ب، سطر 4.، ولا الرضوية.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 49، لوحة ب، سطر 10.، ولا الرضوية.
(3) هذه اللفظة هي جواب الشرط ل‍: (إلا يمكن الجمع).
199

المسألة الخامسة
في: حدود التزكية
وفيها أنظار
النظر الأول
في: تزكية الواحد
إذا قال الثقة (1): حدثني ثقة، ولم يبينه.، لم يكف ذلك الاطلاق والتوثيق، في العمل
بروايته.، وإن اكتفينا بتزكية الواحد.
- 1 -
إذ لا بد، على تقدير الاكتفاء بتزكية، من تعيينه وتسميته.، لينظر في أمره: هل أطلق
القوم عليه التعديل؟ أو تعارض كلامهم فيه؟ أو لم يذكروه؟
لجواز كونه ثقة " عنده.، وغيره قد اطلع على جرحه، بما هو جارح عنده - أي: عند هذا
الشاهد بثقته -.، وإنما وثقه بناءا " على ظاهر حاله.، ولو علم به، لما وثقه.
- 2 -
وأصالة عدم الجارح، مع ظهور تزكيته، غير كاف في هذا المقام.، إذ لا بد من البحث عن
حال الرواة، على وجه يظهر به أحد الأمور الثلاثة، من الجرح أو التعديل
أو تعارضهما، حيث يمكن.، بل إضرابه عن تسميته، مريب في القلوب.
- 3 -
نعم، يكون ذلك القول منه، تزكية، للمروي عنه.، حيث يقصدها.، بقوله: حدثني
الثقة، إذ يقصد به مجرد الاخبار من غير تعديل.، فإنه قد يتجوز في مثل هذه الألفاظ، في غير
مجلس الشهادة.
- 4 -
وهل ينزل الاطلاق على التزكية؟ أم لا بد من استعلامه؟ وجهان.، أجودهما: تنزيله
على ظاهره، من عدم مجازفة الثقة، في مثل ذلك.

(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 50، لوحة أ، سطر 3: (الخامسة: إذا قال الثقة)، فقط.، وكذا
الرضوية.
200

وعلى تقدير تصريحه بقصد التزكية، أو حمل الاطلاق عليها.، ينفع قوله مع ظهور عدم
التعارض، وإنما يتحقق ظهوره، مع تعيينه بعد ذلك، والبحث عن حاله.، وإلا، فالاحتمال
قائم كما مر.
النظر الثاني
في: كفاية قولة الثقة (1)
وذهب بعضهم إلى: الاكتفاء بذلك، ما لم يظهر المعارض أو الخلاف.، وقد ظهر
ضعفه.
ومثله: (ما لو قال: كل من رويت عنه فهو ثقة، وإن لم أسمه.، ثم روى عمن لم
يسمه، فإنه يكون مزكيا " له.، غير أنا لا نعمل بتزكيته هذه) (2)، كما قررناه (3).
النظر الثالث
في: صحيحة العالم (4)
وقول العالم: هذه الرواية صحيحة، في قوة الشهادة بتعديل رواتها.، فأولى بعدم
الاكتفاء بذلك.
ولو روى العدل عن رجل سماه.، لم تجعل روايته عنه تعديلا " له، على القول الأصح،
بطريق أولى.، لأنه يجوز أن يروي عن غير عدل.، وقد وقع من أكثر الأكابر، من الرواة
والمصنفين ذلك.، خلافا " لشذوذ من المحدثين، ذهبوا إلى اقتضاء ذلك التعديل.
وكذا عمل العالم، المجتهد في الاحكام.، وفتياه لغيره، بفتوى على وفق حديث.، ليس
حكما " منه بصحته.، ولا مخالفته له قدحا " فيه، ولا في رواية (5).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 50، لوحة ب، سطر 6.، ولا الرضوية.
(2) قال الخطيب: (وهكذا إذا قال العالم: كل من رويت عنه فهو ثقة.، وإن لم أسمه..، غير أنا لا نعمل
على تزكيته).، (الكفاية: ص 92).، وينظر: (مقدمة ابن الصلاح: ص 224).
(3) وفي الرضوية: ورقة 31، لوحة أ.، سطر 3: (لما قررناه).
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 50، لوحة ب، سطر 8.، ولا الرضوية.
(5) وفي الرضوية: ورقة 31، لوحة أ.، سطر 9: (ولا في رواية).
201

لأنه - أي: كل واحد من العمل والمخالفة -: أعم من كونه مستندا " إليه، أو قدحا "
فيه.، فيجوز في العمل: الاستناد إلى دليل آخر، من حديث صحيح أو غيره.، وفي المخالفة: كونها
لشذوذه، أو معارضته لما هو راجح منه، أو غيرهما.
والعام لا يدل على الخاص.
وقد تقدم الخلاف: في اشتراط عدالة الراوي مطلقا ".، فلعله قبل رواية غير العدل، لأمر
عارض (1).

(1) قال المامقاني (قدس): (.. الثالث: إن عمل المجتهد العدل في الاحكام، وفتياه لغيره
بفتوى على طبق حديث، ليس حكما " منه بصحته.، ولا مخالفته له قدحا " فيه، ولا في رواته.، كما صرح
بذلك جماعة، منهم ثاني الشهيدين (رهما) في البداية.، خلافا " لما حكي عن: التهذيب، والاحكام،
والمحصول، والمنهاج، والمختصر، وغيرها.، بل عن الاحكام دعوى الاتفاق عليه، وإن كان ظاهر الفساد.
حجة الأول: ان كل واحد، من العمل والمخالفة.، أعم من كونه مستندا " إليه، أو قادحا " فيه،
لامكان كون الاستناد في العمل، إلى دليل آخر، من حديث صحيح أو غيره.، أو إلى انجبار بشهرة أو قرينة
أخرى، توجب ظن الصدق، وامكان كون المخالفة، لشذوذه أو معارضته بما هو أرجح منه، أو غيرهما، والعام
لا يدل على الخاص.
وحجة الثاني: ما تمسك به جمع من أهل هذا القول، من أن الراوي الذي عمل العدل بروايته،
لو لم يكن عدلا ل ".، (ل‍) لزم العدل بخبر غير العدل، وهو فسق.، والتالي باطل، لأن المفروض عدالة
العامل، فبطل المقدم.
وفيه.، منع كون عمله بخبر غير العدل فسقا " مطلقا "، لما عرفت من إمكان استناد العمل، إلى قيام
قرنية من شهرة جابرة ونحوها بصدقه، مع فسق راويه.، فالقول الأول أظهر نعم، لو علم...).، (مقباس
الهداية: ص 103 - 104).
202

المسألة السادسة
في بيان: الألفاظ المستعملة
في الجرح والتعديل
بين أهل هذا الشأن (1)
لما كان المعتبر عندنا في الراوي: العدالة المستفادة من الملكة المذكورة.، ولم
نكتف بظاهر حال المسلم ولا الراوي.، فلا بد في التعديل، من لفظ صريح يدل على هذا المعنى.
وقد استعمل المحدثون وعلماء الرجال، ألفاظا " كثيرة في التزكية، بعضها دال على
المطلوب، وبعضها أعم منه.، فنحن نذكرها مفصلة، ونبين ما يدل منها عندنا عليه، وما لا يدل.،
فنقول:
النظر الأول
في: ألفاظ التعديل
وفيه: حقول
الحقل الأول
في: الصريحة الدلالة
إن ألفاظ التعديل الدالة عليه صريحا " هي:
(أ.) قول المعدل (2). هو عدل، أو هو ثقة (3).
وهذه اللفظة، وإن كانت مستعملة في أبواب الفقه، أعم من العدالة.، لكنها هنا لم
تستعمل إلا بمعنى العدل.، بل، الأغلب استعمالها خاصة.

(1) الذي في النسخة الأساسية ورقة 51، لوحة أ.، سطر 8: (السادسة)، فقط.، وكذا الرضوية.
وبخصوص مراتب الجرح والتعديل.، ينظر: خطبة تقريب التهذيب لابن حجر، والباعث الحثيث: 105
- 106، وتوضيح الأفكار: 2 / 261 - 271، ومقدمة كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، وعلوم الحديث
ومصطلحه: ص 139، ودراية الحديث لشانة چي: ص 112 - 114، والرواشح السماوية: ص 60، وتوضيح
المقال للشيخ كني: ص 36، وتدريب الراوي: ص 232، والخلاصة في أصول الحديث: ص 91 - 92، وتكملة
الرجال للكاظمي: 1 / 43 - 53.
(2) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 51، لوحة ب.، سطر 1: (ألفاظ التعديل الدالة عليه صريحا " قول
المعدل)، فقط.، وكذا الرضوية.
(3) كما في ترجمة: إبراهيم بن سليمان.، (ينظر: رجال النجاشي: ص 11).
203

وقد يتفق في بعض الرواة، أن يكرر في تزكيتهم لفظة الثقة (1)، وهو يدل على زيادة
المدح.
(ب.) وكذا قوله: هو حجة.، أي: ما يحتج بحديثه.، وفي إطلاق اسم المصدر عليه،
مبالغة ظاهرة في الثناء عليه بالثقة.
والاحتجاج بالحديث، وإن كان أعم من الصحيح، كما يتفق بالحسن والموثق.، بل،
بالضعيف على ما سبق تفصيله.، لكن الاستعمال العرفي لأهل هذا الشأن، لهذه اللفظة، يدل
على ما هو أخص من ذلك.، وهو التعديل وزيادة.
نعم، لو قيل: يحتج بحديثه ونحوه لم يدل على التعديل، لما ذكرناه.، بخلاف إطلاق
هذه اللفظة على نفس الراوي، بدلالة العرف الخاص.
(ج -) وكذا قوله: هو صحيح الحديث (2).، فإنه يقتضي كونه ثقة " ضابطا "، ففيه زيادة
تزكية.
وما أدى معناه: من الألفاظ الدالة على التعديل.
الحقل الثاني
في: غير الصريحة (3)
أما قوله (4):
(أ -) متقن ثبت (5)، حافظ، ضابط، يحتج بحديثه، صدوق، مبالغة في صادق -،

(1) كما في ترجمة: إبراهيم بن مهزم الأسدي.، (ينظر: رجال النجاشي: ص 16).
(2) كما في ترجمة: إبراهيم بن نصر.، (ينظر: رجال النجاشي: ص 15).
وقال أبو علي: (صحيح الحديث عند القدماء: هو ما وثقوا بكونه من المعصوم، أعم من أن يكون الراوي
ثقة " أم لا).، ينظر: (منتهى المقال:).
هذا.، وقد قال الشيخ عبد النبي الكاظمي (قدس): اعلم أن الصحة في لسان القدماء، يجعلونها صفة "
لمتن الحديث، على خلاف اصطلاح المتأخرين، حيث يجعلونها صفة " للسند، ويريدون به ما جمع شرائط
العمل..، وذهب الشهيد في الدراية إلى أن ذلك تعديل.، وهو فاسد لعدم
(وجود) دلالة من اللفظ، ولا من التوقيف.، بل، هو دال على ما قلناه..، (تكملة الرجال: ج 1 ص 50.
وينظر كذلك: مقدمة الاستبصار: ص 3 - 4 = طبعة 1375 ه‍ =، ومشرق الشمسين ص 3، طبع،
إيران 1319 ه‍.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 51، لوحة ب، سطر 13، ولا الرضوية.
(4) مرجع الضمير: المعدل.
(5) وفي الرضوية: ورقة 31، لوحة ب.، سطر 11: (وثبت).
204

محلة الصدق - بالخبرية أو الإضافة على التوسع -، يكتب حديثه، ينظر فيه - أي: في حديثه.،
بمعنى: أنه لا يطرح.، بل، ينظر فيه ويختبر حتى يعرف فلعله يقبل -، لا بأس به - بمعنى أنه ليس
بظاهر الضعف (1) -.
وقد اتفق هذا الوصف لجماعة.، منهم.، أحمد بن أبي عوف البخاري (2)، وابنه محمد (3).،
وذكرهما العلامة في قسم من يعتمد على روايته.
(ب.) شيخ جليل، صالح الحديث مشكور، خير فاضل.
(وقد) اتفق هذا الوصف لجماعة.، ك‍: إبراهيم ابن أبي الكرام (4)، والياس الصيرفي (5)، و
بيان الجزري (6)، وعلي بن القتيبي (7)، وعبد الرحمان بن عبد ربه (8)، وعنبسة العابد (9)، والقاسم بن
هشام (10)، وقيس بن عمار (11).
(ج -) ومنهم من جمع له بين اللفظين: خاص، ك‍: حيدر بن شعيب الطالقاني (12).،
ممدوح، ك‍: محمد بن قيس الأسدي (13).، زاهد عالم، ك‍: إبراهيم بن علي الكوفي (14).

= وقال الفيومي: (...، والاسم ثبت بفتحين.، ومنه قيل للحجة: ثبت.، ورجل ثبت - بفتحتين أيضا " -:
إذا كان عدلا " ضابطا ".، والجمع أثبات.، مثل: سبب، وأسباب).، (المصباح المنير: 1 / 99).
(1) للتوسع.، يراجع: منتهى المقال: ص 13، توضيح المقال: ص 36، الرواشح السماوية: ص 60.
مقباس الهداية: 106 - 131، ميزان الاعتدال: 1 / 3، علوم الحديث لابن الصلاح: ص 110، الجرح والتعديل
لابن أبي حاتم الرازي: 1 / 5 - 7، تدريب الراوي: ص 232.
(2) قال العلامة (ره): يكنى: أبا عوف، من أهل بخاري، لا بأس به.، (خلاصة الأقوال: ص 18)
(3) ينظر: خلاصة الأقوال في معرفة الرجال: ص 148.
(4) قال العلامة: (...، كان خيرا "، روى عن الرضا عليه السلام).، (خلاصة الأقوال: ص 6).
(5) قال العلامة: (...، خير، من أصحاب الرضا عليه السلام).، (خلاصة الأقوال: ص 23).
(6) قال العلامة: (...، كان خيرا " فاضلا ").، (خلاصة الأقوال: ص ص 28).
(7) قال العلامة: (علي محمد بن قتيبة.، ويعرف ب‍: القتيبي...، فاضل).، (خلاصة الأقوال: 94).
(8) قال العلامة: (...، إنه خير فاضل...).، (خلاصة الأقوال: ص 113).
(9) قال العلامة: (...، كان خيرا " فاضلا "...).، (خلاصة الأقوال: ص 129).
(10) قال العلامة: (...، فاضلا " خيرا "...).، (خلاصة الأقوال: ص 134).
(11) قال العلامة: (قيس بن عمار بن حبان قريب الامر).، (خلاصة الأقوال: ص 135).
وعليه فجعله من حملة أوصاف الفرع (ب)، اشتباه.
(12) قال العلامة: (حيدر بن شعيب الطالقاني خاصي).، (خلاصة الأقوال: ص 58).
(13) قال النجاشي: (وكان خصيصا " ب‍: عمر بن عبد العزيز، ثم يزيد بن عبد الملك...، وكان خصيصا "
ممدوحا "...).، (رجال النجاشي: ص 226).
(14) قال العلامة: (...، زاهد عالم...).، (خلاصة الأقوال: ص 7).
205

(د.) وأولى بالحكم ما لو انفرد أحدهما:
صالح.، ك‍: إبراهيم بن محمد الختلي (1).، وأحمد بن عايد (2).، وشهاب بن عبد ربه،
وأخويه عبد الخالق ووهب (3).
قريب الامر.، ك‍: الربيع بن سليمان (4)، ومصبح بن الهلقام (5)، وهيثم ابن أبي مسروق
النهدي (6).
مسكون إلى روايته.، ك‍: محمد بن بدران (7).
الحقل الثالث
في: علة نقصان الدلالة (8)
فالأقوى في جميع هذه الأوصاف: عدم الاكتفاء بها في التعديل، وإن كان بعضها
أقرب إليه من بعض.، لأنها أعم من المطلوب، فلا تدل عليه.
(أ -) أما الأربعة الأولى، فظاهر.، لان كل واحد منها، قد يجامع الضعف، وإن كان
من صفات الكمال.
(ب -) وأما الاحتجاج بحديثه.، فقد عرفت أنه قد يتفق بالضعيف، فضلا " عن الحسن
وما قاربه.

(1) قال العلامة: (...، وكان رجلا " صالحا ").، (خلاصة الأقوال: ص 7).
(2) وفي الرضوية: ورقة 31، لوحة ب.، سطر 21: (عابد).، وهو اشتباه بالتأكيد.، قال الكشي: (..،
صالح).، (اختيار معرفة الرجال: ص 362).
(3) قال الكشي: (شعاب وعبد الرحمن وعبد الخالق ووهب.، ولد عبد ربه.، من موالي بني أسد، من
صلحاء الموالي).، (اختيار معرفة الرجال: ص 413).
(4) قال العلامة: (...، وهو قريب الامر في الحديث).، (خلاصة الأقوال: ص 71).
(5) قال العلامة: (...، قريب الامر).، (خلاصة الأقوال: ص 173).
(6) وفي الرضوي: ورقة 32، لوحة أ.، سطر 2: (الهندي).، وهو اشتباه بالتأكيد.
وقال العلامة عن النهدي: (...، قريب الامر).، (خلاصة الأقوال: ص 179).
(7) قال العلامة: (يسكن إلى روايته).، (خلاصة الأقوال: ص 163).
وهناك أمثلة أخر: ففي منتهى المقال: ص 248 - 249: لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم
الأزدي الغامدي.، شيخ من أصحاب الاخبار بالكوفة ووجههم.، وكان يسكن إلى ما يرويه.
وفي فهرست الشيخ الطوسي: ص 32: أحمد بن محمد بن جعفر، أبو علي الصولي، بصري...، وكان ثقة
في حديثه، مسكونا " إلى روايته.، وينظر: رياض العلماء: 1 / 60، حيث نقل الشئ ذاته.
(8) هذا العنوان: ليس من النسخة الأساسية: ورقة 52، لوحة ب، سطر 2.، ولا الرضوية.
206

(ج) وأما الوصف بالصدق بلفظية (1).، فقد يجامع عدم العدالة أيضا ".، إذ شرطها
الصدق مع شئ آخر.
(د.) وأما كتبة حديثه والنظر فبه (2).، فظاهر أنه أعم من المطلوب.، بل، ظاهر في عدم
التوثيق.
(ه‍) وأما نفي البأس عنه.، فقريب من الخير لكن لا يدل على الثقة.، بل، من
المشهور: أن نفي البأس يوهم البأس (3).
وأما ما نقل عن بعض المحدثين، من أنه إذا عبر به، فمراده الثقة.، فذاك أمر
مخصوص باصطلاحه لا يتعداه، عملا " بمدلول اللفظ (4).
(و.) وأما شيخ.، فإنه وإن أريد به: التقدم في العلم (5)، ورياسة الحديث.، لكن، لا يدل
على التوثيق، فقد تقدم فيه من ليس بثقة (6).
(ز.) ومثله: جليل.
(ح.) وأما صالح الحديث.، فإن الصلاح أمر إضافي.، فالموثق بالنسبة إلى الضعيف
صالح، وإن يكن صالحا " بالنسبة إلى الحسن والصحيح.، وكذا الحسن بالإضافة إلى ما فوقه
وما دونه.
(ط.) وأما المشكور، فقد يكون الشكران على صفات، لا تبلغ حد العدالة ولا تدخل
فيها.
(ي.) وكذا خير، مع احتمال دلالة هاتين (7) على المطلوب.
(ك‍.) وأما الفاضل.، فظاهر عمومه.، لان مرجع الفضل إلى العلم.، وهو يجامع
الضعف بكثرة.

(1) وفي الرضوية: ورقة 32 لوحة أ.، سطر 7: (والوصف بالصدق بلفظيه).
(2) وفي الرضوية: ورقة 32، لوحة أ.، سطر 8: (وما كتبت حديثه)، بالتاء الطويلة.
(3) وفي الرضوية: ورقة 32، لوحة أ.، سطر 9: (وأما نفي البأس يوهم البأس).، وليس من شك في أن
هناك سقط، يبدأ من لفظة (عنه)، ويستمر إلى البأس الثانية.
(4) قال ابن معين: إذا قلت: (ليس به بأس).، فهو: ثقة.
وقال ابن أبي حاتم: (إذا قيل: صدوق، أو محله الصدق، أو لا بأس به.، فهو: ممن يكتب حديثه وينظر
فيه).، كما في: (الباعث الحثيث: ص 106).
(5) وفي الرضوية: ورقة 32، لوحة أسطر 12: (التقديم في العلم).
(6) وفي الرضوية: ورقة 32، لوحة أ.، سطر 12: (فقد يقدم فيه من ليس بثقة).
(7) هاتين: إشارة إلى صفتي المشكور والخير.، غير أني بغية التوضيح أكثر، فصلت بينهما أبجديا
207

(ل.) وأما الخاص.، فمرجع وصفه إلى الدخول مع إمام معين، أو في مذهب معين.،
وشدة التزامه به أعم من كونه ثقة في نفسه، كما يدل عليه العرف.
وظاهر كون الممدوح أعم.، بل، هو إلى وصف الحسن أقرب.
وكذا، الوصف بالزهد والعلم والصلاح (1)، مع احتمال دلالة الصلاح على العدالة
وزيادة.، لكن فيه، أن الشرط مع التعديل الضبط، الذي من جملته عدم غلبة النسيان.،
والصلاح يجامعه أكثريا ".
(م.) وأما قريب الامر.، فليس بواصل إلى حد المطلوب (2).، وإلا، لما كان قريبا " منه.،
بل، ربما كان قريبا " إلى المذهب، من غير دخول فيه رأسا ".
(ن.) والمسكون إلى روايته، قريب من صالح الحديث.
الحقل الرابع
في: خلاصة التعديل (3)
فقد ظهر أن شيئا " من هذه الأوصاف، ليس بصريح في التعديل، وإن كان بعضها
قريبا " منه.
نعم، كل واحد منها يفيد المدح، فيلحق حديثه - أي: حديث المتصف بها -
بالحسن، لما عرفت من أنه رواية الممدوح من أصحابنا، مدحا " لا يبلغ حد التعديل.، هذا، إذا
علم كون الموصوف بذلك من أصحابنا.
أما مع عدم العلم.، فيشكل بأنه قد يجامع الاتصاف ببعض المذاهب الخارجة عنا.،
خصوصا " من يدخل في حديثنا، كالواقفي والفطحي.
الحقل الخامس
في: منحى الجمهور (4)
وأما الجمهور.، فمن لا يعتبر منهم في العدالة تحققها ظاهرا ".، يكتفي - في المسلم - بها،
حيث لا يظهر خلافها، فيكتفي بكثير من هذه الألفاظ في التعديل.، خصوصا " مثل: العالم،
والمتقن، والضابط، والصالح، والفاضل، والصدوق، والتثبت. هذا ما يتعلق بألفاظ التعديل.

(1) وفي الرضوية: ورقة 32، لوحة أسطر 21: (بالزهد أو بالعلم والصلاح).
(2) وفي الرضوية: ورقة 32، لوحة ب.، سطر 3: (المط...) وهو رمز اختصار للفظ (المطلوب).
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 53، لوحة ب، سطر 2.، ولا الرضوية.
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 53، لوحة ب، سطر 8.، ولا الرضوية.
208

النظر الثاني
في: ألفاظ الجرح (1)
وألفاظ الجرح مثل: ضعيف.، كذاب.، وضاع للحديث من قبل نفسه - أي: يختلقه
ويكذبه -.، غال (2).، مضطرب الحديث.، منكره (3).، لينه - أي: يتساهل في روايته عن غير
الثقة -.، متروك في نفسه أو متروك الحديث.، مرتفع القول - أي: لا يعتبر قوله ولا يعتمد
عليه -.، متهم بالكذب أو الغلو، أو نحوهما من الأوصاف القادحة.، ساقط في نفسه
أو حديثه.، واه: اسم فعل من وهى - أي: ضعف في الغاية.، تقول: وهي الحائط: إذا
ضعف وهم بالسقوط.، وهو كناية عن شدة ضعفه، وسقوط اعتبار حديثه -.، لا شئ - مبالغة "
في نفي اعتباره -، أو لا شئ معتد به.، ليس بذلك الثقة، أو العدل، أو الوصف المعتبر في
ذلك، ونحو ذلك (4).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 53، لوحة ب، سطر 12.، ولا الرضوية.
(2) وفي الرضوية: ورقة 32، لوحة ب.، سطر 14: (يختلقه كذبا "، غالي).
(3) نقل ابن القطان: ان البخاري قال: (كل من قلت فيه: منكر الحديث، فلا تحل الرواية عنه).، كما
في (ميزان الاعتدال: 1 / 5).
(4) ينظر: الرواشح السماوية: ص 60، وتدريب الراوي: ص 233، والخلاصة في أصول الحديث:
ص 92، ومقدمة ابن الصلاح: ص 239.
209

المسألة السابعة
في: من اختلط وخلط (1)
- 1 -
من خلط بعد استقامته:
بخرق - بضم الخاء فسكون الراء -: وهو الحمق وضعف العقل (2).
وفسق، كالواقفة بعد استقامتهم (3)، في زمن الكاظم عليه السلام.، والفطحية (4)
كذلك، في زمن الصادق عليه السلام.
وكمحمد بن عبد الله أبي المفضل.، ومحمد بن علي الشلمغاني (5).، وأشباههم.
وغيرهما من القوادح.

(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 54، لوحة أسطر 7: (السابعة)، فقط.، ولا الرضوية.
(2) قال الأستاذ صبحي السامرائي: ألف العلماء في تراجم من اختلط من الرواة.، كبرهان الدين سبط
ابن العجمي.، وكتابه: (الاغتباط بمن روي بالاختلاط)، طبع حلب.
وكتاب: (الكواكب النيران فيمن اختلط من الرواة الثقات)، مخطوط.، نسخة منه في المكتبة القادرية،
في بغداد، بخط المصنف.، ينظر هامش: (الخلاصة في أصول الحديث: ص 93).
(3) مثل: سماعة بن مهران، وعلي بن أبي حمزة، وعثمان بن عيسى.، ينظر: بحوث في علم الرجال: ص
159.
(4) مثل: عبد الله بن بكير، وغيره.، ينظر: بحوث في علم الرجال ص 156.
(5) في الروضة البهية: 3 / 139 - 140: (ومن نقل عن الشيعة جواز الشهادة بقول المدعي إذا كان أخا "
في الله معهود الصدق، فقد أخطأ في نقله.، لاجماعهم على عدم جواز الشهادة بذلك.
نعم، هو مذهب محمد بن علي الشلمغاني العزاقري - نسبة إلى أبي العزاقر بالعين المهملة والزاي والقاف
والراء أخيرا " - من الغلاة لعنه الله.
ووجه الشبهة على من نسب ذلك إلى الشيعة: أن هذا الرجل الملعون، كان منهم أولا "، وصنف كتابا "
سماه كتاب (التكليف)، وذكر فيه هذه المسألة، ثم غلا.، وظهرت منه مقالات منكرة، فتبرأت الشيعة منه،
وخرج فيه توقيعات كثيرة من الناحية المقدسة، على يد أبي القاسم بن روح وكيل الناحية.، فأخذه السلطان وقتله.،
فمن رأى هذا الكتاب - وهو على أساليب الشيعة وأصولهم - توهم أنه منهم، وهم بريئون منه.، وذكر الشيخ المفيد
- رحمه الله -: أنه ليس في الكتاب ما يخالف، سوى هذه المسألة).
وبالمناسبة: فهناك كتاب (فصل القضا في الكتاب المشتهر بفقه الرضا)، تأليف أبي محمد الحسن بن
الهادي صدر الدين الكاظمي (1354).
210

- 2 -
يقبل ما روي عنه قبل الاختلاط، لاجتماع الشرائط، وارتفاع الموانع.
ويرد: ما روي عنه بعده، وما شك فيه هل وقع قبله أو بعده، للشك في الشرط،
وهو العدالة عند الشك في التقدم والتأخر.
وإنما يعلم ذلك: بالتأريخ.، أو بقول الراوي عنه: حدثني قبل اختلاطه.، ونحو
ذلك.
ومع الاطلاق وعدم التاريخ، يقع الشك، فيرد الحديث.

يثبت فيه أن الكتاب المشتهر ب‍ (فقه الرضا)، هو كتاب (التكليف) للشلمغاني، تم في 19 ربيع الأول
سنة 1323 ه‍.، توجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة السيد النجومي في كرمانشاه.، كما في دليل المخطوطات: ج 1 ص
242 - 243.
ولعله من المناسب - حول لائحة اتهام الشلمغاني - مراجعة: معجم الأدباء: 1 / 238 - 253.
وينظر كذلك: تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 391، والكامل لابن الأثير: 8 / 100، وفهرست ابن
النديم - طبعة تجدد -: ص 164، 225، 419، 425، وكتاب الغيبة للشيخ الطوسي - طبعة النجف
1385 ه‍ -: ص 239، وتكملة الرجال: 1 / 125، وبحوث في علم الرجال: ص 156.
211

المسألة الثامنة
في: قوادح القبول
وفيها: أنظار
النظر الأول
في.، منكر الرواية (1)
إذا روى ثقة عن ثقة حديثا "، ورجع المروي عنه في ذلك الحديث، فنفاه وأنكر
روايته.، فإن كان جازما " بنفيه.، بأن قال: ما رويته - على وجه القطع - أو كذب علي،
ونحوه.، تعارض الجزمان، والجاحد هو الأصل.
فحينئذ، وجب رد الحديث، ثم لا يكون ذلك جرحا " للفرع، ولا يقدح في باقي
رواياته عنه، ولا عن غيره.
وإن كان مكذبا " لشيخه في ذلك.، إذ ليس قبول جرح شيخ له، بأولى من قبول
جرحه لشيخه، فتساقطا.
النظر الثاني
في: غير المنكر (2)
وإن لم ينكر الرواية.، ولكن قال: لا أعرفه، أو لا أذكره (3)، ونحوه.، لم يقدح في رواية
الفرع على الأصح.، إذ لا يدل ذلك عليه بوجه.، لاحتمال السهو والنسيان من الأصل، والحال
أن الفرع ثقة جازم، فلا يرد بالاحتمال.
بل، كما لا تبطل رواية الفرع، ويجوز لغيره أن يروي عنه بعد ذلك، يجوز للمروي
عنه أولا " - الذي لا يذكر الحديث - رويته، عمن ادعى انه سمعه منه.، فيقول - هذا الأصل
الذي قد صار فرعا "، إذا أراد التحديث بهذا الحديث -: حدثني فلان عني: أني حدثته عن
فلان، بكذا وكذا.

(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 54، لوحة ب، سطر 3: (الثامنة)، فقط.، ولا الرضوية.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة المعتمدة: ورقة 54، لوحة ب، سطر 9 ولا الرضوية.
(3) والذي في الرضوية: ورقة 32، لوحة أ.، سطر 12: (ولا أذكره).
212

النظر الثالث
في: الأحاديث المنسية (1) - 1 -
وقد وقع من ذلك جملة أحاديث، لأكابر نسوها بعدما حدثوا بها.
منها حديث: ربيعة عن سهيل ابن أبي صالح، عن أبيه.، رفعه إلى النبي (صلى الله
عليه وآله): (انه قضا بشاهد ويمين) (2)
قال عبد العزيز بن محمد: (لقيت سهيلا " فسألته عنه، فلم يعرفه).، وكان يقول بعد
ذلك: حدثني ربيعة عن أبي، ويسوق الحديث (3).
- 2 -
وقد جمعها - أي تلك الأحاديث، التي نسيها راويها (4)، ورواها عمن رواها عنه -
بعضهم.، وهو الخطيب البغدادي، في كتاب مفرد (5).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة ب، سطر 3.، ولا الرضوية.
(2) المشهور اليوم أن يكتب: (قضى)، بالألف المقصورة.، غير أن الامتثال، لقاعدة وجوب مطابقة
المكتوب، لما هو منطوق، لا يمنع من ذلك.
(3) قال الحافظ ابن كثير: (..، وكحديث ربيعة عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.،
قضى بالشاهد واليمين.، ثم نسي سهيل، لآفة حصلت له.، فكان: يقول: حدثني ربيعة عني).، (الباعث الحثيث: ص
103).، وينظر: صحيح مسلم: 2 / 793.، ورواه أيضا " عن ابن عباس كما في: 3 / 1337.، وينظر: سنن
أبي داوود: 3 / 419.، ومقدمة ابن الصلاح: ص 234.
وقال الشيخ أحمد محمد شاكر: (ربيعة.، يعني: ابن أبي عبد الرحمن، الملقب بالرأي).، (الباعث الحثيث:
ص 103 - الهامش رقم 3).
(4) وفي الرضوية: ورقة 33، لوحة ب.، سطر 1: (رواتها).، وقد ذكر في الهامش لفظ (راويها).، وكتب
فوقها: (ل)، إشارة إلى نسخة بدل.
(5) قال الأستاذ صبحي السامرائي: (لم أقف على كتاب الخطيب.، بل، وقفت على كتاب (تذكرة
المؤتسي فيمن حدث ونسي)، للسيوطي، مخطوط في الظاهرية، وقد ذكر السيوطي:
أنه لخصه من كتاب الخطيب)، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 96 - الهامش رقم 138).
213

وبالجملة، فالمانع مفقود، والمقتضي للقبول موجود، وصيرورة الأصل فرعا " غير قادح
بوجه.، والله تعالى أعلم (1).

(1) قال الطيبي: (إذا روى ثقة " حديثا "، ورجع المروي عنه فنفاه، فإن كان جازما " بنفيه بأن قال:
ما رويته، أو كذب علي، أو نحوه، وجب رد ذلك الحديث، ولا يقدح ذلك في باقي روايته.
فإن قال: لا أعرفه، ولا أذكره، أو نحوه.، لم يقدح ذلك في هذا الحديث أيضا " على المختار.
ومن روى حديثا "، ثم نسيه.، لم يسقط العمل به عند جمهور: المحدثين، والفقهاء، والمتكلمين.
وقال بعض أصحاب أبي حنيفة: يجب اسقاطه.، وبنوا عليه ردهم حديث: (إذا نكحت المرأة بغير اذن
وليها فنكاحها باطل).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 96).
غير أن الأستاذ السامرائي علق على الحديث بقوله: (رواه أبو داوود: ج 2 ص 309، والترمذي: تحفة
الأحوذي: ج 4 ص 228.، وقال: حديث حسن).
214

الباب الثالث
في: تحمل الحديث وطرق نقله
(وكيفية روايته) (1)
وفيه: فصول

(1) وهذا العنوان.، مما أضفته للضرورة المنهجية، ودواعي توزيع النص.
215

الفصل الأول
في: أهلية التحمل
وفيها: مسألتان (1)
المسألة الأولى
في: ما يشترط
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: شرط أهلية التحمل (2)
وشرطه: التمييز إن تحمل بالسماع (3).، وما في معناه، ليتحقق في معناه (4).

(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة أ.، سطر 12: (الأول في أهلية التحمل)، فقط.،
وكذا، في الرضوية.
وأقول: التحمل: مصدر تحمل، في مادة حمل -.، ويراد به هنا: القيام بمهمة نقل الحديث من راويه،
بإحدى طرق التحمل المعهودة، إلى من هو طالب له.، مع المبالغة في الحفاظ على تنفيذ المهمة، بما تستوجبه من أمور،
يجدر توفرها في الحامل والمتحمل.
حيث إن التعبير ب‍: (التحمل)، يضم بين طياته، المبالغة في الحمل، بما يستدعيه من جهد وبذل،...،
هذا، والمبالغة شرط أساس، في مصاديق صيغة (فعل وتفعل).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة أ، سطر 12.، ولا، الرضوية.
(3) قال الدكتور صبحي: (هو أن يسمع المتحمل، من لفظ شيخه.، سواء أحدثه الشيخ من كتاب
يقرؤه، أم من محفوظاته.، وسواء أأملي عليه، أم لم يمل عليه).، (علوم الحديث ومصطلحه: ص 86).، وينظر:
(تدريب الراوي: ص 129).
(4) وما في معنى السماع: القراءة على الشيخ.، ليتحقق فيه: معنى التحمل.
216

الحقل الثاني
في: المراد بالتمييز (1)
- 1 -
والمراد بالتمييز هنا: أن يفرق بين الحديث - الذي هو بصدد روايته - وغيره (2).، إن
سمعه في أصل مصحح.
وإلا، اعتبر مع ذلك: ضبطه (3).
- 2 -
وفسره بعضهم: بفرقه بين البقرة والدابة والحمار (4)، واشتباه ذلك (5).، بحيث يميز:

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة أ، سطر 13.، ولا، الرضوية.
(2) وقال الدكتور صبحي: (وشرط العقل يرادف عند المحدثين: مقدرة الراوي على التمييز.، فيندرج
تحته: البالغ تحملا " وأداء، والصبي المميز تحملا " لا أداء.
فقد لوحظ في شرط العقل: البلوغ ضمنا ".، لان في وسع الصبي أن يتحمل الرواية، ولكنه لا يؤديها إلا بعد
بلوغه).، (علوم الحديث ومصطلحه: ص 127).، وينظر: الكفاية: ص 54.، وكذلك: ص 56، 76.
(3) مر بيان المراد ب‍: (الضبط)، عن الشهيد الثاني نفسه (قدس).، في الباب الثاني: ص 36، 50.
ويقول الدكتور عتر: (... هذه الصفة.، تؤهل الراوي لان يروي الحديث كما سمعه.
ومراد المحدثين ب‍: (الضبط).، أن يكون الراوي: (متيقضا " غير مغفل، حافظا " إن حدث من حفظه،
ضابطا " لكتابه إن حدث من كتابه.، وإن كان يحدث بالمعنى: اشترط فيه مع ذلك، أن يكون عالما " بما يحيل
المعاني).
ويعرف كون الراوي ضابطا ".، بمقياس: قرره العلماء، واختبروا به ضبط الرواة.
وهو كما لخصه ابن الصلاح: (أن نعتبر - أي: نوازن - رواياته بروايات الثقات، المعروفين بالضبط
والاتقان.
فإن وجدنا رواياته موافقة - ولو من حيث المعنى - لرواياتهم.، أو موافقة لها في الأغلب، والمخالفة نادرة.،
عرفنا حينئذ: كونه ضابطا ".
وإن وجدناه كثير المخالفة لهم.، عرفنا: اختلال ضبطه، ولم نحتج بحديثه).، (منهج النقد في علوم الحديث:
ص. 8).
وينظر: (الخلاصة في أصول الحديث: ص 89)، و (الباعث الحثيث ص 92)، و (وصول الأخيار: ص
187)، و (الفروق للقرافي: 1 / 22 - طبعة تونس -)، و (تدريب الراوي: ص 110).
(4) استعمال الشهيد الثاني (قدس): كلمة (فرقة) هنا.، هو من باب استعمال مصدر المجرد (فعل)،
بمعنى مصدره المزيد (تفعيل).، أي: تفريق، من فرق -
قال ابن كثير: (وقال بعضهم): (أن يفرق بين الدابة والحمار...).، (الباعث الحثيث: ص 108).
(5) كما نقل عن ابن الربيع: انه يذكر مجة مجها رسول الله في وجهه، كما سيأتي.
217

أدنى تمييز (1). والأول (2): أصح (3).
الحقل الثالث
في: قيد السماع (4)
واحترز ب‍: (تحمله بالسماع) (5).، عما لو كان بنحو الإجازة.، فلا يعتبر فيه: ذلك، كما
سيأتي (6).
الحقل الرابع
في: ما في معنى السماع (7)
والمراد بما في معنى السماع (8): (1 -) القراءة على الشيخ (9).، (2 -) ونحوها.

(1) وفي النسخة الرضوية: ورقة 33، لوحة ب.، سطر 9: (تمييز)، على وزن (تفعل).
(2) وفي نفس اللوحة.، سطر 9: (الأولى)، على وزن (فعلي).، والظاهر، اشتباه من النسخ.
(3) قال النووي وابن الصلاح: (والصواب: اعتبار التمييز.، فإن فهم الخطاب ورد الجواب، كان مميزا "
صحيح السماع، و (إن) لم يبلغ خمسا ".، وإلا، فلا.
وهذا ظاهر، ولا حجة فيما احتجوا به، من رواية محمود بن الربيع.، لان الناس يختلفون في قوة الذاكرة.، ولعل
غير محمود بن الربيع، لا يذكر ما حصل له وهو ابن عشر سنين.
وأيضا ".، فإن ذكره مجة "، وهو ابن خمس، لا يدل على أنه يذكر كل ما رأى أو سمع.
والحق.، ان العبرة في هذا، بأن يميز الصبي ما يراه ويسمعه، وأن يفهم الخطاب ويرد الجواب.
وعلى هذا، يحتمل ما روي عن موسى بن هارون الحمال.، فإنه سئل: (متى يسمع الصبي الحديث؟
فقال: إذا فرق بين البقرة والحمار.
وكذا.، ما روي عن أحمد بن حنبل.، فإنه سئل عن ذلك؟ فقال: (إذا عقل وضبط).، فذكر له عن رجل
انه قال: (لا يجوز سماعه حتى يكون له خمس عشرة سنة)؟ فأنكر قوله هذا وقال: (بئس القول.، فكيف يصنع
بسفيان ووكيع ونحوهما؟!).، (الباعث الحثيث: ص 108 - 109 الهامش).، وينظر: (علوم الحديث لابن
الصلاح: ص 115 - 116).، وترجمة الحمال في: (تذكرة الحفاظ: 2 / 479).
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة ب، سطر 4.
(5) حيث قال (قدس): وشرطه التمييز، إن تحمله بالسماع.
(6) وقال الشيخ عبد الله المامقاني (قدس): (وما ذكره موجه).، (مقباس الهداية: ص 159).
(7) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة ب سطر 5، ولا، الرضوية.
(8) وأقول: قد مرت الإشارة إليه، في هامش الحقل الأول.
(9) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة ب.، سطر 5: (القرآه)، خلافا " لما هو متداول اليوم.، حيث
يكتب: (القراءة). ولكن، يمكن توجيه الامر بتفسير: ان المد فيها يمثل: ألفا " ساكنة، متبوعة بهمزة متطرفة.
218

المسألة الثانية
في: مالا يشترط
وتفصيل البحث في حقلين:
الحقل الأول
في: تحمل الراوي
فلا يشترط فيه
: الاسلام (1):
فلو تحمل كافرا "، وأداه مسلما " (2).، قبل
وقد اتفق ذلك للصحابة (3).، ك‍:

(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة ب.، سطر 5: (... ونحوها، لا الاسلام...)، فقط.،
وكذا، في الرضوية: ورقة 33، لوحة ب، سطر 10 - 11.، وما زاد، فقد أضفته بناء " على الضرورة المنهجية، ودواعي
توزيع النص.
(2) قال الدكتور صبحي: (والأداء: هو رواية الحديث للتلميذ.، والمؤدي إلى من دونه كان متحملا "
حديث من هو فوقه.
فالشخص الواحد، يكون في الوقت نفسه، محتملا " ومؤديا ".، باعتبار الشيخ مرة "، والتلميذ مرة "
أخرى،...).، (علوم الحديث ومصطلحه: ص 104 - 105).
(3) قال الشيخ المامقاني (قدس): (لا يشترط في صحة تحمل الحديث بأقسامه: الاسلام، ولا الايمان،
ولا البلوغ، ولا العدالة.
فلو تحمله: كافرا "، أو منافقا "، أو صغيرا "، أو فاسقا ".، وأداه في حال استجماعه: للاسلام، والايمان، والبلوغ،
والعدالة.، قبل، كما صرح بذلك جمع.، بل، لا خلاف في ذلك ينقل، ولا إشكال يحتمل...).، (مقباس
الهداية: ص 159).
وقال الدكتور عتر: (ويتفرع على هذا: صحة سماع الكافر والفاسق.، بحيث يقبل منه بعد الاسلام والتوبة
النصوح، ما كان قد تحمله حال الكفر أو الفسق.
وهذه كتب السنة والسيرة.، فيها كثير من: سماعات الصحابة، لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم،
ومشاهداتهم لأحواله قبل أن يسلموا.
أما الكمال والدرجة العليا للسماع.، فمداره على التأهل للضبط الفقهي، والانتفاع بالعلم.، وذلك يحتاج لسن
كبير، يشغله بتحصيل القرآن ومبادئ العلوم).، (منهج النقد في علوم الحديث: ص 211 - 212).
219

(1 -) رواية جبير بن مطعم (1)، انه سمع النبي (صلى الله عليه وآله).، يقرأ في المغرب
ب‍: (الطور) (2).
وكان قد جاء في فداء أسارى (بدر) (3).، فتحمله كافرا "، ثم رواه بعد إسلامه (4).
(2 -) وكذلك رؤيته له (صلى الله عليه وآله) (5).، واقفا " ب‍ (عرفة)، قبل الهجرة (6).

(1) ينظر ترجمته في: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 15 / 12، ومعجم رجال الحديث: 4 / 36،
والإصابة: 1 / 225 - 226، والاستيعاب: 1 / 230.
(2) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة ب.، سطر 7: (يقرا)، في مكان (يقرأ)، وهو صحيح،
على لغة من يعل ما حقه الهمز.
(3) الذي في النسخة الأساسية: سطر 7 من نفس الصفحة: " جاء " في مكان (جاء).، والقول هنا،
كالتوجيه في (القراءة) السابقة.
وكذا.، سطر 8 من نفس الصفحة: (فدا)، في مكان (فدا).، وهو صحيح، على لغة من يقصر ما حقه
المد.
(4) وقال الدكتور صبحي: (... على أن الاسلام يشترط عند أداء الرواية، لا عند تحملها.
فقد قبلت رواية جبير بن مطعم: (انه سمع النبي (ص) يقرأ في المغرب بسورة: (الطور).، مع أنه كان
قد جاء في فداء أسرى بدر، ولم يكن قد أسلم بعد.
وقال: عن نفسه - كما في صحيح البخاري -: (وذلك، أول ما وقر الايمان في قلبي).، (علوم الحديث و
مصطلحه: ص 140).، وينظر: (الكفاية: ص 76).
وينظر: شرح التبصرة والتذكرة: 2 / 14 - 15، والاقتراح في بيان الاصطلاح: 239
وينظر: الحديث في:
صحيح البخاري في 64 كتاب المغازي - 12، باب شهود الملائكة بدرا " - رقم 4023 / فتح الباري:
7 ص 323.
وصحيح مسلم في 4 كتاب الصلاة - 35 باب القراءة في الصبح - رقم 463 - ح‍ 1 ص 338.
. والأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام: ص 164، والشفا للقاضي عياض: ح‍ 1 ص 274.
(5) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة ب.، سطر 8: (روية)، في مكان (رؤية).، وهي
صحيحة، على لغة من يسهل، ما عادته الهمز.
(6) ينظر: كتاب المغازي للواقدي: 3 / 1102.، وفيه: وقال جبير بن مطعم: رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقف بعرفة قبل النبوة، وكانت قريش كلها تقف بجمع، إلا شيبة بن ربيعة.
220

(3.) ورواية أبي سفيان (1).، في حديثه مع (هرقل) (2).
(4 -) وغيرها.
ولا البلوغ:
فيصح تحمل من دونه، على الأصح (3).

(1) يكنى: أبا حنظلة، بابنه الذي قتله علي يوم بدر.، وكان أيضا " من سادات قريش في الجاهلية، وعده
محمد بن حبيب من زنادقة قريش الثمانية، وكان رأسا " من رؤوس الأحزاب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في
حياته...، هذا، وقد دخل أبو سفيان في الاسلام عام الفتح...، ينظر: أحاديث أم المؤمنين عائشة للعسكري: ص
213 - 228
(2) وذلك.، حين بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) دحية بن خليفة الكلبي، بكتابه، إلى هرقل
ملك الروم.، يدعوه فيه إلى: الله تعالى، ودين الاسلام.
فلما وصل دحية إلى هرقل وأخذ هذا منه الكتاب.، ووجد عليه عنوان كتاب نبي الاسلام.، هنا قال
لاتباعه:
ان هذا الكتاب لم أره بعد (سليمان بسم الله الرحمن الرحيم)...
ثم دعا الترجمان الذي يقرأ بالعربية، وبعدها قال: انظروا لنا من قومه أحدا " نسأله عنه...
قال أبو سفيان - وكان كافرا " -: فدعيت في نفر من قريش...
ينظر: صحيح مسلم: ج 5 ص 163، والكامل في التاريخ: 20 / 80، وتاريخ الطبري: 2 / 290، والسنن
الكبرى للبيهقي: 9 / 177 - 178، ومسند أحمد بن حنبل: 1 / 262، وتهذيب تاريخ ابن عساكر: 1 / 139،
والسيرة الحلبية: 3 / 273، والطبقات الكبرى: 1 / 259، وسيرة زيني دحلان - على هامش الحلبية -:
1 / 158، وتاريخ أبي الفداء: 1 / 148، والأموال لأبي عبيد: ص 22 - 24، وبحار الأنوار - طبعة كمپاني -:
6 / 507 و 571، ومكاتيب الرسول - طبعة 1379 ه‍ -: 1 / 105 - 113.
(3) نعم، المسألة ليست مسألة سن، بقدر ما هي إرادة ودعم ومنحة إلهية، وبقدر ما هي ثمرة أسرة
وتربية ودين، وان كان السن هو المقياس في الغالب، وإن كان عقل مجة، هو أنموذج مقبول، على درب
الفطنة وان كان حفظ القرآن غيبا " - كالببغاء مثلا " -، هو أنموذج حي آخر، على قوة الحافظة.
نعم، هي الأسرة المسلمة.، وفي طليعتها النبوية الرسالية، بما لها من جذور ضاربة، في الأصلاب الشامخة
والأرحام المطهرة.، وبما لها من تربية واحدة موحدة، في خط السير القويمة، والقدوات الصالحة.
تلك كلها.، تعد بحق: المقومات الأساسية، في صياغة القيادات أعني: عند الأنبياء (عليهم السلام).،
كما هو الحال عند عيسى بن مريم (عليه السلام).، حيث أورد القرآن الكريم المعجز في قصته على الوجه التالي:
(فأشارت إليه.، قالوا: كيف نكلم من كان في المهد صبيا "؟ (29) قال: إني عبد الله اتاني الكتاب وجعلني
نبيا " (30) وجعلني مباركا " أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " (31) وبرا " بوالدتي ولم يجعلني جبارا "
شقيا " (32) والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا " (23) ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه
يمترون).، فهل هناك أعظم قدرا " من هذه المهام؟ وهل السن له اعتبار في مثل هذه الصورة لولا الإرادة الإلهية.،
فلنتدبر: إني عبد الله، آتاني الكتاب، جعلني نبيا... الخ.
221

أ - أمثلة المثبتين (1).
- 1 -
وقد اتفق الناس على: رواية جماعة من الصحابة، عن النبي (صلى الله عليه وآله).،
قبل البلوغ ك‍:

وأعني: عند الأئمة من أهل البيت، عليهم السلام.، والتي تتجلى آثارها لديهم: تقى وعلما " وخلقا " وخلقا "، في
جميع جوانب الشخصية، وعلى طول الخط، وفي مختلف الظروف.، جبلة " لا تكلفا "، طبعا " لا تطبعا ".
أجل، يتجلى فيهم عليهم السلام.، منذ نعومة أظفارهم، وباكورة سني حياتهم...
بل، نجد ان شرط السن عند غيرهم، ليس بشرط عند أحدهم (صلوات الله عليهم) وهو ما كشفت عنه
الأيام السود بضغوطها السياسية، وسجله التاريخ رغم التعتيم الاعلامي، ورغم السعي المتواصل لخلق كيانات
هزيلة بديلة...، فدرج على تثمينهم المنصفون من الاعلام، على مر الزمان وتتابع الحدثان.
وها هو المأمون - الخليفة العباسي - يتحدث عن الجواد.، فيقول: (ويحكم، ان أهل هذا البيت خصوا
من الخلق بما ترون من الفضل، وان صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال.
أما علمتم ان رسول الله (صلى الله عليه وآله): افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
(عليه السلام).، وهو ابن عشر سنين.، وقبل منه الاسلام، وحكم له به، ولم يدع أحدا " في سنه غيره.
وبايع الحسن والحسين (ع).، وهما ابنان دون ست سنين، ولم يبايع صبيا " غيرهما...).، (الارشاد في
معرفة حجج الله على العباد: ص 333).، وينظر: الصواعق المحرقة: ص 204، وكتاب الطبقات الكبير: ح‍ 1 ق 2
ص 33.
وها هو عبد الرحمن بن محمد الحنفي البسطامي.، يتحدث عن الصادق فيقول: (ازدحم على بابه العلماء،
واقتبس من مشكاة أنواره الأصفياء.، وكان يتكلم بغوامض الاسرار، وعلوم الحقيقة، وهو ابن سبع سنين...).،
(مناهج التوسل: ص 106).
وينظر فيما يخص أبا الأئمة علي بن أبي طالب (ع): (الارشاد: ص 161 - في ذكر بعض خوارق
عاداته).، وانه أول من أسلم، وهو ابن تسع سنين، كما في سنن الترمذي: 2 / 501، وتاريخ الطبري: 2 / 57.
وينظر نفس الارشاد فيما يخص بقية أهل البيت الإمام الحجة المنتظر (ع): ص 346 - في ذكر سنه عند
وفاة أبيه (ع).، و (إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات: 3 / 508 - بخصوص جوابه إلى كامل بن إبراهيم، وهو من
أبناء أربع سنين أو مثلها).
أجل، أليس هؤلاء هم الأئمة؟! وهم جميعهم: الشموع المنيرة في المدرسة الاسلامية؟!!
المدرسة الخالدة.، التي بذرها وسقاها وتعهدها رسول الانسانية.، الخاتم الكريم، الذي بعثه الرحمن، وخلقه
القرآن، وتناقلت معجزاته الركبان، منذ ولادته وهو يسبق الزمان، وإلى آخر الزمان.، وينظر على سبيل المثال:
(كتاب الطبقات الكبير: ح‍ 1 ق 1 ص 73، 75، 99، 100، 111 - طبعة ليدن سنة 1333 ه‍).
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة ب، سطر 10.، ولا، الرضوية.
222

(1 -) الحسنين (عليهما السلام) (1).
فقد كان سن الحسن (عليه السلام) (2)، عند موت النبي (صلى الله عليه وآله).،
نحو: الثمان سنين 23).
والحسين (عليه السلام).، نحو: السبع (4).
(ب -) وعبد الله بن عباس (5).
(ج -) وعبد الله بن الزبير (6).
(د -) والنعمان بن بشير (7).
(ه‍ -) والسايب بن يزيد (8).
(و -) والمسور بن مخرمة (9).

(1) والذي في النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة ب.، سطر 11: (عليبهما السلام).، باختزال الف
السلام. وفي الرضوية: ورقة 33، لوحة ب.، سطر 17: (عليهم السلام).، ب‍: (عليهم)، بدلا " من (عليه).
(2) والذي في النسخة الأساسية: ورقة 55، لوحة ب.، سطر 11: (عليه السلام).، باختزال الف السلام.،
وهكذا الحال عند كل تسليم يرد مستقبلا ".
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 33، لوحة ب.، سطر 18: (الثماني)، بدلا " من (الثمان).
(4) والذي في الرضوية.، نفس السطر: (والحسين (ع).، نحو: السبع سنين).
(5) مرت الإشارة إلى ترجمته.، في الباب الأول: ص 156
هذا.، وقد ذكر: ان النبي (عليه السلام) توفي وسن ابن عباس لا تزيد عن ثلاث عشرة سنة.، ينظر:
(توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الانظار: ج 1 ص 291).
(6) أبو خبيب: القرشي الأسدي.، أمه أسماء بنت أبي بكر...، كان الإمام علي يقول: ما زال الزبير منا
أهل البيت، حتى نشأ ابنه عبد الله...، روى عنه أصحاب الصحاح: 33 حديثا ".، ينظر: جوامع السيرة: 281.
(7) في النسخة الأساسية: ورقة 56، لوحة أ.، سطر 1.، (النعمن)، باختزال الألف بعد الميم، على
الطريقة القديمة.، وكذا، في الرضوية: ورقة 33، لوحة ب، سطر 19.
وهو خزرجي أنصاري.، وقد ذكر المامقاني عنه: (انه من المنحرفين عن علي، المحاربين له).، (تنقيح
المقال: ح‍ 3 ص 272، تحت رقم. 1249).، وكذلك تحت (رقم 12509).، وينظر: (وقعة صفين: ص 445
- 449).، و (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1 / 213).، و (تكملة الرجال للكاظمي: 2 / 560 - 562)،
وأسد الغابة: 5 / 22 - 23، والإصابة: 3 / 529 الرقم 8730.
(8) وهو من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله، وله رواية عنه.، ينظر: رجال الشيخ رقم 10،
ومعجم رجال الحديث: 8 / 32، والمنار المنيف: ص 90.
(9) عدة الشيخ تارة ": في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله).، وأخرى: في أصحاب علي
(عليه السلام) قائلا " المسور بن مخرمة الزهري، كان رسوله (عليه السلام) إلى معاوية.، ينظر: معجم رجال
الحديث: 18 / 161، وكنز العمال: 6 / 218، وأسد الغابة: 4 / 365.، وله ترجمة أيضا " في: طبقات ابن سعد،
والاستيعاب، والإصابة.
223

(ز -) وغيرهم (1).
- 2 -
وقبلوا روايتهم.، من غير فرق بين ما تحملوه: قبل البلوغ، وبعده.
ولم يزل الناس يسمعون الصبيان، ويحضرونهم مجالس التحديث.، ويعتدون بروايتهم
- لذلك -، بعد البلوغ (2).
2 - المخالفون قلة (3)
وخالف في ذلك: شذوذ.
فشرطوا فيه: البلوغ (4).
3 - العبرة في التمييز (5)
نعم، تحديد قوم سنهم، المسوغ للاسماع.، ب‍: عشر سنين، أو خمس سنين، أو أربع،
ونحوه، خطأ.

(1) قال الخطيب: (وممن كثرت الرواية عنه من الصحابة - وكان سماعه في الصغر -: أنس بن
مالك، وعبد الله بن عباس، وأبو سعيد الخدري.
وكان محمود بن الربيع يذكر انه عقل مجة " مجها رسول الله (ص)، في وجهه، من دلو كان معلقا " في
دارهم، وتوفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وله خمس سنين).، (الكفاية: ص 56).، وينظر: ص 76، و
(دراية الحديث لشانة چي: ص 139).
وقال ابن حجر عن محمود بن الربيع الأنصاري: (يعد من صغار الصحابة.، توفي رسول الله، وعمره 4
سنوات.، وروي عنه: انه عقل مجة مجها رسول الله في فيه).، ينظر: الإصابة: 3 / 366.
وقال ابن كثير: (.. واستأنسوا في ذلك، بحديث محمود بن الربيع.، انه عقل مجة "...، وهو ابن خمس
سنين.، رواه البخاري..
وفي رواية: وهو ابن أربع سنين).، (الباعث الحثيث: ص 108).
(2) ونقل الشئ ذاته الشيخ المامقاني في: (مقباس الهداية: ص 161).
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 56، لوحة أ، سطر 4.، ولا، الرضوية.
(4) قال الشيخ المامقاني: ونقل في (البداية) عن شاذ: اشتراط البلوغ في أهلية التحمل.، وهو
مردود: بعدم الدليل عليه.، وأصالة عدم الاشتراط تدفعه.، (مقباس الهداية: ص 160).
(5) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 56، لوحة أ، سطر 5.، ولا، الرضوية.
وقال ابن الصلاح: (التحديد بخمس، هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث المتأخرين.، فيكتبون لابن
خمس فصاعدا ": (سمع).، ولمن لم يبلغ خمسا ": (حضر)، أو (أحضر).
وقال القاضي عياض: (ولعلهم، إنما رأوا هذا السن.، أقل ما يحصل به: الضبط، وعقل ما يسمع، وحفظه
وإلا، فمرجوع ذلك للعادة.، ورب بليد الطبع، غبي الفطرة، لا يضبط شيئا " فوق هذا السن.، ونبيل الجبلة، ذكي
القريحة، يعقل دون هذا السن).
224

لاختلاف الناس في مراتب الفهم والتمييز.
فمن فهم الخطاب، وميز ما يسمعه.، صح سماعه، وإن كان دون خمس
ومن لم يكن كذلك، لم يصح، وإن كان ابن خمسين (1).
4 - زيادة في الأمثلة المثبتة (2)
(أ -) وقد ذكر الشيخ الفاضل - تقي الدين الحسن بن داوود -: ان صاحبه ورفيقه
السيد غياث الدين ابن طاووس، استقل بالكتابة، واستغنى عن المعلم، وعمره أربع
سنين) (3).
(ب -) وعن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: (رأيت صبيا " ابن أربع سنين.، قد حمل
إلى المأمون.، وقد قرأ القرآن، ونظر في الرأي.، غير أنه إذا جاع بكى) (4).

وقال الدكتور عتر: وهذا يفهمك.، معنى ما تجده على الكتب الخطية، في تسجيل سماعاتها على العلماء،
وبيان أسماء السامعين.، فيقولون: سمع هذا الكتاب فلان وفلان، وحضر فلان).، (منهج النقد في علوم الحديث:
ص 210 - 211).، وينظر: (الالماع في أصول الرواية والسماع: ص 62).
(1) قال الطيبي: (وقيل: الصواب أن يعتبر كل صغير بحاله.
فمن كان فهيما " للخطاب ورد الجواب، صححنا سماعه، وإن كان له دون خمس.، ونقل نحو ذلك عن:
أحمد بن حنبل، وأبو موسى الحمال.
وان لم يكن كذلك، لم يصح سماعه، وإن كان ابن خمسين سنة.، (الخلاصة في أصول الحديث: ص
91).
وقال الشيخ المامقاني: (وكما لأحد في الابتداء.، فكذا لأحد في الانتهاء.، فيصح تحمل الحديث ونقله لمن
طعن في السن.، غايته: ما دامت قواه مستقيمة.
نعم، ينبغي الامساك عن التحديث، لمن خشي التخليط لهرم أو خوف أو عمى.، حذرا " من الوقوع فيما
لا يجوز..).، (مقباس الهداية: ص 160).، وينظر: الكفاية: ص 54، 55.، والجامع لأخلاق الراوي وآداب
السامع: 4 / 71، وعلوم الحديث لابن الصلاح: ص 115 - 116.، والخلاصة في أصول الحديث: ص 99،
والباعث الحثيث: ص 108، وعلوم الحديث ومصطلحه: 126 - 128، ومنهج النقد في علوم الحديث: 211 -
212.، وغيرها
نعم، من هذه المصادر جميعا ".، يتعرف على: الحد الأدنى والأعلى لسن الرواية.، وعلى الفرق بين اعتبار
تحديد السن، واعتبار الحالة العقلية.، وباصطلاح علماء النفس: الفرق بين العمر الزمني، والعمر العقلي...
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 56، لوحة أ، سطر 8.، ولا، الرضوية.
(3) كتاب الرجال لابن داوود طبعة 1392 ه‍ -: ص 130.، وفيه: (... استقل بالكتابة واستغنى عن
المعلم، في أربعين يوما ".، وعمره إذ ذاك أربع سنين).
(4) ينظر: (الخلاصة في أصول الحديث: ص 99)، و (الباعث الحثيث: ص 108)، والكفاية
للخطيب: ص 64، وعلوم الحديث لابن الصلاح: ص 131 - تحقيق عتر -.، غير أن العراقي في شرح الألفية: ج 2
225

(ح‍ -) وقال أبو محمد عبد الله بن محمد الأصفهاني (1):
(حفظت القرآن، ولي خمس سنين.، وحملت إلى ابن المقري لأسمع منه، ولي أربع
سنين.

ص 46.، قال (والذي يغلب على الظن، عدم صحة هذه الحكاية...، وفي سندها أحمد بن كامل القاضي، وكان
يعتمد على حفظه فيهم.، قال الدارقطني: كان متساهلا ").
هذا، وفي النسخة الأساسية: ورقة 56، لوحة أ.، سطر 12: (.. وقد قرأ القرآن، ونظر في الرأي).، وكذا،
في الرضوية: ورقة 34، لوحة أ، سطر 9.، من غير همز.، بينما المشهور المتداول اليوم، على ألسنة الكتاب والمثقفين
هكذا: (قرأ)، و (الرأي).
وأقول: هذا، وقد يظن: ان الاستعمال من غير همز، استعمال عامي.، خاصة إذا نحن وجدناه متداولا "
بكثرة، بين العوام في منطقة الفرات الأوسط، من العراق الحبيب.، وفي لغة الناس الشعبية الدارجة، وفي النجف
الأشرف بالذات.
وها هو الشيخ عبد الأمير الفتلاوي في: (سلوة الذاكرين: ص 145).، يقول...
گالوا: إحسين انتخينه ألدفنته * ابكل جهدنه، اولا گدرنا الجثته
لا أمواراته، أولا من صحبته * الضايعة تحت الذواري أبدانها
گال: إحفروا هناه، والدفنة تهون * ابنوع مستعبر دمع، تجري العيون
گالوا: بلاية غسل ندفن شلون؟ * بلچي، يروه أمن الغسل عطشانها
گال: هذا الراي حگ، لاچن الراي * ناشدوني هاي عنها، الترك هاي
لو فرضنا، ايحصل للتغسيل ماي * وين شو كافورها وأچفانها؟
وأقول: لكن، ليس بمستبعد، أن يكون العكس هو الصحيح.
وإلا، فنحن نجد الكثير من المعاجم، ما نص فيه على صحة المهموز وغيره، مما هو في حروفه واحدة.
قال الجوهري: (... ابن السكيت.، قالت امرأة من العرب: (رثأت زوجي بأبيات، وهمزت.
قال الفراء: ربما خرجت بهم فصاحتهم: إلى أن يهمزوا.، ما ليس بمهموز.، قالوا: رثأت الميت - ولبأت
بالحج.، وحلات السويق تحلئة، وإنما هو من الحلاوة -: إذا كانت تنوح نياحة.
وامرأة رثاءة ورثاية.، فمن لم يهمز، أخرجه على أصله.، ومن همز، فلان الياء إذا وقعت بعد الألف
الساكنة، همزت.، وكذا القول في: سقاءة وسقاية، وما أشبهها). (الصحاح: 6 / 2352)
وينظر: الصحاح نفسه: 6 / 2278، 2297، 2302، 2308، 2319، 2325، 2326، 2328،
2335، 2417.
هذا، ما اقتضاه المقام، وبه نستغني عن الإشارة مستقبلا "، إلى ما يخصه من تنبيه وكلام.
(1) عبد الله بن محمد بن حبان، المتوفي سنة 369 ه‍، صاحب كتاب (طبقات المحدثين بأصبهان،
مخطوط في الظاهرية، وغيرها من كتب الحديث.، (الأعلام للزركلي: 4 / 264).
وأقول: الأصفهاني والإصبهاني، نسبة واحدة، إلى مدينة واحدة.، هي واحدة من مدن إيران المهمة.
غير أن التي بالفاء، استعمالها فارسي.، والتي بالباء، استعمالها استعمال عربي.
226

فقال بعض الحاضرين: لا تسمعوا له فيما قري، فإنه صغير (1).
فقال لي ابن المقري: اقرأ سورة (الكافرين) (2).، فقرأتها.
فقال: اقرأ سورة (التكوير).، فقرأتها.
فقال لي غيره: اقرأ سورة (والمرسلات).، فقرأتها، ولم أغلط فيها.
فقال ابن المقري: (سمعوا له، والعهدة علي) (3).
الحقل الثاني
في: تحمل المروي عنه (4)
1 -
ولا يشترط في المروي عنه:
أن يكون أكبر من الراوي سنا ".
ولا رتية " وقدرا " وعلما " (5).

(1) وفي النسخة الرضوية: ورقة 34، لوحة أ.، سطر 10: (فإنه صبي صغير).
(2) وفي نفس اللوحة.، مقابل سطر 11 - في الهامش -: (الكافرون)، وعليها إشارة نسخة بدل.
(3) الكفاية: ص 64 - 65، وعلوم الحديث لابن الصلاح - تحقيق عتر -: ص 131.
وقال المامقاني: (ولا يخفى عليك: ان الأخير دل على عدم اعتبار البلوغ في الأداء أيضا "، فضلا " عن
التحمل، ولا نقول به).، (مقباس الهداية: ص 160)
أقول: وهو يشير بذلك قدس سره إلى عبارة: (سمعوا له والعهدة علي).
نعم، نحن وإياهم، يمكن أن نتفق على عدم اعتبار البلوغ في الأداء.، بخصوص الأئمة من أهل البيت
(عليهم السلام).
أما نحن.، فلأننا نعتقدهم بالدليل: معصومين.
وأما هم.، فلأنهم يعتبرونهم رواة.، وربما عند بعضهم: كونهم من الطراز الأول.
وقال الدكتور عتر معقبا " على نص القاضي الأصبهاني:
(وهذا من أطرف ما يسمع في حفظ الصغير ونبوغه، في كل الأمم.، وإنه لدليل قاطع يثبت ما كانت
عليه تلك المجتمعات الاسلامية، من التنافس في تحصيل العلم، سيما علوم الشريعة، وعل رأسها القرآن
والحديث.، حتى أن ذلك، ليعتبر عندهم من الضرورة، بالمنزلة التي تفوق كل شئ).، (منهج النقد في علوم
الحديث: ص 213).
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 56، لوحة ب، سطر 5.، ولا، الرضوية.
(5) كما هو الحال عند الإمام الباقر (ع).، حين يروي عن الصحابي الجليل، جابر بن عبد الله الأنصاري.،
على رأي:
من يرى أنه تلميذه.، كما هو الحال عند غير الامامية.، ينظر: (علوم الحديث ومصطلحه: ص 16).
ومن يرى أنه يأتيه على الكرامة.، كما هو الحال عند الإمامية.
227

بل، يجوز أن يروي الكبير عن الصغير، بعد اتصافه بصفات الراوي (1).
وقد اتفق ذلك كثيرا " للصحابة (رضي الله عنه) فمن دونهم من التابعين
والفقهاء (2).

قال القطب في الخرائج والجرايح: (ان أبا عبد الله - عليه السلام - قال: إن جابر بن عبد الله، كان آخر
من بقي من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم.، وكان منقطعا " إلينا أهل البيت.، وكان يقعد في
مسجد رسول الله (ص)، معتجرا " بعمامة.، وكان يقول: يا باقر...، إلى أن قال: فلم يلبث أن مضى علي بن
الحسين - عليه السلام -.، فكان محمد بن علي - عليه السلام - يأتيه على الكرامة، لصحبته لرسول الله - صلى
الله عليه وآله وسلم -.
غير أن السيد محمد صادق بحر العلوم (ره) قال: (لا يوجد هذا الحديث في الخرايج والجرايح المطبوع.، ولعله
في المخطوط الذي يختلف مع المطبوع.، فقد ذكر شيخنا الحجة الطهراني في: (الذريعة: 7 / 146).، ما نصه:
رأيت نسخة بعنوان: (الخرائج)، في مكتبة (سلطان العلماء) - أي: بإيران -.، لكنها، تخالف
المطبوع.، وذكر كاتبها انه كتبها عن نسخة خط السيد مهنا بن سنان بن عبد الوهاب الحسيني، الذي فرغ من كتابة
نسخته سنة 748 ه‍...).، تكملة الرجال: ص 240 - 241 الهامش).
وينظر: رجال الكشي - اختيار رجال الكشي -: ص 43، وفي طبعة أخرى: ص 27.، حيث ذكر هذا
الحديث بطوله.، والكافي: 1 / 469، في باب مولد أبي جعفر محمد
بن علي (عليه السلام).، وبحار الأنوار: 11 / 64.، والاختصاص: 63.
ونقل الحر العاملي: (...، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: حدثني جابر عن رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - ولم يكن يكذب جابر -: ان ابن الأخ يقاسم الجد..).، (الوسائل، كتاب
الميراث،..، باب: ان أولاد الإخوة، يقومون مقام آبائهم عند عدمهم، ويقاسمون الجد وإن قرب وبعدوا، ويمنع
الأقرب منهم الأبعد...
(1) كما هو الحال عند الصحابي الجليل، جابر بن عبد الله الأنصاري.، الذي يروي عن الأئمة (ع)
فهو يروي عن: الرسول (صلى الله عليه وآله).، والأئمة (عليهم السلام): أمير المؤمنين، والحسن،
والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد الباقر).،، ومات سنة ثمان وسبعين للهجرة.
ينظر: رجال ابن داوود: ص 60 - 61، وتنقيح المقال: 1 / 199 - 201، وأسد الغابة: 1 / 256 -
257، وتقريب التهذيب: 1 / 122، وجوامع السيرة: ص 276، والاستيعاب: 2 / 464، والرياض النضرة:
2 / 284، وتاريخ الذهبي: 2 / 198، ومجمع الزوائد: 9 / 133.، وروى عن أصحاب الصحاح: 1540 حديثا "،
وتذكرة الحفاظ: 1 / 43، وطبقات ابن سعد: 5 / 344، وخلاصة الأقوال - رجال العلامة -: ص 35.
وقال الشيخ المامقاني: (كما صرح بذلك: جمع.، بل، لا شبهة فيه ولا ريب، لأصالة عدم الاشتراط).،
(مقباس الهداية: ص 160).
(2) وفي النسخة الأساسية: ورقة: 56، لوحة ب.، سطر 9: (الفقها)، من دون همزة متطرفة.، وكذا، في
الرضوية: ورقة 34، لوحة أ، سطر 16.، ويبدو: ان علامة المد فوق الألف، تقوم مقام الألف. والهمزة المتطرفة.
وقال الطيبي: (تجوز رواية الأكابر عن الأصاغر.، فلا يتوهم كون المروي عنه: أكبر وأفضل، لأنه
الأغلب.، وهو على أقسام:
228

والغرض من هذا النوع: أن لا يظن بناء " على الغالب -: كون المروي عنه، أكبر بأحد
الأمور دائما ".، فيجهل بذلك منزلتهما (1).
وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله): (أمرنا أن ننزل الناس منازلهم) (2).

الأول: أن يكون الراوي أكبر سنا "، وأقدم طبقة ".، كالزهري عن مالك.
والثاني: أن يكون أكبر قدرا " من المروي عنه.، بأن يكون حافظا " عالما "، والراوي عنه شيخا " راويا ".، ك‍:
مالك، عن عبد الله بن دينار.
والثالث: أن يروي العالم الشيخ، عن صاحبه أو تلميذه.، ك‍: عبد الغني عن الصوري، وكالبرقاني
عن الخطيب.، ومنه: رواية الصحابة عن التابعين، كالعبادلة وغيرهم عن كعب الأحبار).، (الخلاصة في أصول
الحديث: ص 99 - 100).
وينظر: صحيح مسلم: 1 / 208.، وتوضيح الأفكار: 2 / 474.، وتهذيب ابن عساكر: 5 / 202 - ترجمة
ابن دينار -.، وتذكرة الحفاظ: 3 / 1049 - ترجمة عبد الغني -.، والمصدر نفسه: 3 / 1075 - ترجمة الصوري -.،
والمصدر نفسه كذلك: 3 / 1075 - ترجمة البرقاني -.، والباعث الحثيث: ص 195 - 196.، ومنهج النقد في
علوم الحديث: ص 156.، وتهذيب التهذيب: ج 9 ص 354 - ترجمة محمد بن الحنفية -.، حيث يقول ابن حجر: (..
وروى عنه..، وحفيد أخيه، الإمام محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عليه السلام -..)
(1) مرجع الضمير فيما يبدو: التابعون، والفقهاء.
(2) قال الشيخ أحمد محمد شاكر: (جزم ابن الصلاح بصحته، تبعا " للحاكم في علوم الحديث، في النوع
السادس عشر منه.
وفيه: نظر.، فقد ذكره مسلم في مقدمة صحيحه، بغير اسناد بصيغة التمريض.، فقال: (وقد ذكر عن عائشة
رضي الله عنها أنها قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم...)، فذكره.
ورواه أبو داوود في سننه في أفراده، من رواية ميمون بن أبي شبيب، عن عائشة.، قالت: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: (أنزلوا الناس منازلهم).، ثم قال أبو داوود بعد إخراجه: (ميمون بن أبي شبيب، لم يدرك
عائشة)، فأعله بالانقطاع.
وقال البزار في مسنده - بعد أن أخرجه عن طريق ميمون هذا عن عائشة -: لا يعلم عن النبي (صلى
الله عليه وسلم)، إلا من هذا الوجه.، وتعقب البزار بما لا ينهض اه‍، ملخصا " من كلام العراقي في شرحه لعلوم
الحديث).، (الباعث الحثيث: ص 196 - 197 الهامش).
وقال الدكتور نور الدين عتر: (أخرجه أبو داوود في الأدب: 4 / 261، وأعله بالانقطاع.، وتساهل الحاكم،
فحكم بصحة الحديث، في المعرفة.، وتابعه على ذلك: ابن الصلاح، وابن كثير.
ونبه الحافظ العراقي على ضعف الحديث في نكته: ص 425 - طبع حلب).، منهج النقد في علوم
الحديث: ص 155 - الهامش).
وأقول: روى الكليني - رحمه الله - في أصول الكافي: 1 / 50، في كتاب فضل العلم - باب نادر -:
(عن محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن سنان، عن محمد بن مروان العجلي، عن علي بن حنظلة.، قال:
229

الفصل الثاني
في طرق التحمل للحديث
وفيه: مسائل سبع (1).

سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (اعرفوا منازل الرجال على قدر روايتهم عنا).
وينظر: اختيار رجال الكشي: ص 9 - طبع النجف الأشرف، ومجمع البحرين: (مادة: نزل).
والأصول الستة عشر - أصل زيد الزرد -: ص 4
(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 56، لوحة ب.، سطر 11 - 12: (الفصل الثاني في طرق التحمل
للحديث وهي سبعة).، وكذا، الرضوية.
وأقول: ان طرق تحمل الحديث:
أ - سبعة عند بعض.، كما عند الطيبي في: (الخلاصة في أصول الحديث: ص 100 - 114.، غير أنه
جاء في المتن - في صفحة 100 سطر 10 -: وهي ثمانية.، ويبدو ان في الامر اشتباه، حيث المذكور تفصيلا " سبعة.
وكذا، هي سبعة، عند الشهيد الثاني.، كما هو واضح، مما يأتي.
والامر كذلك، عند العسكري، في مقدمة مرآة العقول: 2 / 407 - 408.، ولكن، مع تقديم بينها
وتأخير.
وقال المامقاني: وهي سبعة عند جمع، وثمانية عند آخرين.، من دون نزاع معنوي.، فإن من عدها سبعة، أدرج
الوصية في الاعلام، وذيله بها.، ومن عدها ثمانية، عد الوصية قسما " مستقلا ".، (مقباس الهداية: ص 161).
ب - وثمانية عند بعض ثان.، كما عند ابن كثير في: الباعث الحثيث: ص 109 - 131، جاعلا "
(الوصية) القسم السابع منها.، وكذا الحارثي في: وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: ص 131 - 145.، وكذا
السيوطي في: تدريب الراوي: ص 129.، وصبحي في: علوم الحديث ومصطلحه: ص 86 - 104، وشانه چى
في: دراية الحديث: ص 132 - 139.، وعتر في: منهج النقد في علوم الحديث: ص 214.، وينظر: مقباس الهداية:
ص 161.
وبالمناسبة.، فقد قال الشيخ النوري (قدس): (انه قد شاع بين أهل العلم، ويذكر في بعض الإجازات،
وصرح به جماعة أولهم فيما أعلم الشهيد الثاني.، ان اتصال السلسة إلى الأئمة المعصومين عليهم السلام، وتحمل
الروايات بإحدى الطرق الثمانية، التي أسهلها وأكثرها الإجازة...).، مستدرك الوسائل: ج 3 ص 373).
ولكن، ها هو الشهيد الثاني في درايته يقول: وهي سبعة.
ح‍ - وتسعة عند بعض ثالث.، كما أشار إلى ذلك، الدكتور شانه چي، في دراية الحديث: ص 132.
230

المسألة الأولى
في: السماع من لفظ الشيخ
سواء أكان إملاء من حفظه، أم كان تحديثه من كتابه.
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: موقعية السماع (1)
- 1 -
وهو - أي: السماع من الشيخ -: أرفع الطرق الواقعة في التحمل، عند جمهور المحدثين (2).

(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 56، لوحة ب.، سطر 12 - 13: (أولها السماع، من لفظ الشيخ.،
سوا كان املا من حفظه، أم كان تحديثه من كتابه).، وكذا، في الرضوية.، هذا وقد كتبت: (سوا)، و (املا)،
بدون همزة متطرفة.
(2) وقال الدكتور نور الدين عتر: (السماع: وهو الوسيلة التي تلقى الحديث بواسطتها رعيل المحدثين
الأوائل، عن النبي صلى الله عليه وسلم.، ثم رووه بها للناس أيضا ".
فلا غرو أن يعتبر أعلى مراتب التلقي للحديث، و (أرفع درجات أنواع الرواية عند الأكثرين)، من
المحدثين وغيرهم.
والعمدة في هذا القسم على سماع لفظ الشيخ.، وذلك قد يكون بمجرد سرده للحديث، وقد يكون إملاء.،
سواء كان من حفظه، أو بالقراءة من كتابه.، فكل ذلك سماع عند المحدثين).، (منهج النقد في علوم الحديث: ص
214).، وما بين قوسين منقول من: (الالماع في أصول الرواية والسماع: ص 69).، ونحوه قاله ابن الصلاح في علوم
الحديث: ص 122، وغيره.
وأقول: هناك أمثلة من أمالي رسول الله (صلى الله عليه وآله..
(.. عن سليم بن قيس، عن أمير المؤمنين عليه السلام.، قال:
كنت: إذا سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أجابني، وإن فنيت مسائلي ابتدأني.، فما نزلت عليه
آية: في ليل ولا نهار، ولا سماء ولا ارض، ولا دنيا ولا آخرة، ولا جنة ولا نار، ولا سهل ولا جبل، ولا ضياء ولا ظلمة.،
إلا، أقرأنها، وأملاها علي، وكتبتها بيدي.، وعلمني تأويلها وتفسيرها ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها،
وكيف نزلت وأين نزلت وفيمن نزلت، إلى يوم القيامة.، دعا الله لي أن يعطيني فهما " وحفظا "، فما نسيت آية " من
كتاب الله، ولا على من أنزلت...).، (بصائر الدرجات: ص 198، حديث 3.، وينظر: (طبقات ابن سعد
- ترجمة علي بن أبي طالب -: 2 / 101 طبع أوربا).، وينظر كذلك: الكافي: 1 / 239، حديث 1،...، علما "،
بأن كتاب (بصائر الدرجات)، ثري بالأمثلة من هذا النوع.
231

لان الشيخ أعرف بوجوه ضبط الحديث وتأديته.
ولأنه خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسفيره إلى أمته.، و. الاخذ منه
كالأخذ منه (1).
ولان النبي (صلى الله عليه وآله): أخبر الناس أولا "، وأسمعهم ما جاء به.، والتقرير
على ما جرى بحضرته (صلى الله عليه وآله) أولى.
ولان السامع أربط جأشا "، وأوعى قلبا ".، وشغل القلب، وتوزع الفكر، إلى القارئ
أسرع.
- 2 -
وفي صحيحة عبد الله بن سنان.، قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يجيئني القوم فيسمعون مني حديثكم.، فأضجر
ولا أقوى؟
قال: فاقرأ عليهم من أوله حديثا "، ومن وسطه حديثا "، ومن آخره حديثا ") (2).

(1) قال الطيبي: (... الشيخ حينئذ خليفة رسول الله، وسفيره إلى أمته.، والاخذ منه كالأخذ منه
صلوات الله عليه).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 103).
والشئ ذاته قاله الشيخ الحارثي - مع تصرف يسير - في: وصول الأخيار: ص 131.
والشيخ المامقاني.، نقل عبارة البداية.، كما في: (مقباس الهداية: ص 161).
(2) الكافي - الأصول -: 1 / 52.، كتاب العلم، ب 17، ح 5.، 1 / 41.
وقال العالم الجليل الميرزا رفيع النائيني في شرح الكافي: (أي: يجيئني القوم، لسماع حديثكم مني،
فأقوم بقضاء حاجتهم، ويستمعون مني حديثكم، ولا أقوى على ما يريدون من سماع كل ما رويته من حديثكم
مني، وأضجر لعدم الاتيان بمرادهم.
فقال (ع) في جوابه: فاقرأ عليهم من أوله - أي: من أول كتاب الحديث - حديثا "، ومن وسطه حديثا "،
ومن آخره حديثا ".
والمعنى: انه إذا لم تقو على القيام بمرادهم - وهو السماع على الوجه الكامل -، فاكتف بما يحصل لهم فضل
السماع في الجملة.، وليعنعنوا بما به يجوز العمل والنقل، من الإجازة وإعطاء الكتاب وغيره، كما ورد في الاخبار
والأحاديث.
وبذلك صرح أيضا " الحجة المحقق الشيخ علي سبط الشهيد الثاني في شرحه.، وكذا المولى محمد صالح
الطبرسي في شرحه.، ينظر: المستدرك - الخاتمة: الفائدة الثالثة - باختصار).
232

فعدوله (ع) إلى قراءة هذه الأحاديث مع العجز، يدل على أولويته (1)، على قراءة
الراوي.، وإلا لأمر بها (2).
الحقل الثاني
في: عبارات التأدية
الأولى: (سمعت) (3).
فيقول الراوي بالسماع من الشيخ - في حالة كونه راويا " - لغير ذلك المسموع:
(سمعت فلانا "... الخ).

(1) يبدو.، ان مرجع الضمير هنا هو: السماع.
(2) وفي النسخة الرضوية: ورقة 34، لوحة ب.، سطر 8: (والامر بها).، بدلا " من: (وإلا، لأمر بها).
وقال الشيخ المامقاني: (وأقول: في دلالة الأخير تأمل لا يخفى).، (مقباس الهداية: ص 161)
وأقول: المقصود في عبارة: (دلالة الأخير).، هو قول الشهيد الثاني: (يدل على أولويته).
ثم قال الشيخ المامقاني: (ان هذا القسم على وجوه:
أحدها: أن يقرأها الشيخ من كتاب مصحح، على خصوص الراوي عنه.، بأن يكون هو المخاطب الملقى
إليه الكلام.
وثانيها: قراءته منه، مع كون الراوي أحد المخاطبين.
وثالثها: قراءته منه، مع كون الخطاب إلى غير الراوي عنه.، فيكون الراوي عنه مستمعا "، أو سامعا " صرفا ".
والرابع والخامس والسادس: ما ذكر، مع كون قراءته من حفظه.
وقيل: ان أعلى هذه الوجوه: الأول، ثم الثاني.، وهكذا على ترتيب الذكر...).، (مقباس الهداية: ص
161).
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 57، لوحة أ، سطر 11 ولا، الرضوية.
قال الدكتور عتر: (استعمال لفظ من ألفاظ الأداء، ينبغي أن يكون على مطابقة اللفظ، للصفة التي
تحمل بها الراوي حديثه الذي يرويه.
وقد ذكروا لكل طريقة من طرق التحمل، صيغا " خاصة بها في الأداء، تعبر عنها وتنبئ بها).، (منهج النقد
في علوم الحديث: ص 223).
وقال أيضا ": (ونود أن ننبه إلى أن قضية هذه الاصطلاحات، ليست مجرد ألفاظ تشرح، وقد مضى رمانها
كما يتوهم.، حتى إن بعض الناس، قد يغفلها ويتركها في زاوية الاهمال.، بل، إن لهذه الاصطلاحات، صلة قوية
بالهدف الأساسي لهذا العلم.، أي: معرفة المقبول والمردود.، ومن أوجه ذلك:
1 - انها تعرفنا الطريقة التي حمل بها الراوي حديثه الذي نبحثه.، فنعلم هل هي صحيحة، أو فاسدة.،
وإذا كانت فاسدة، فقد اختل أحد شروط القبول في الحديث.
2 - ان الراوي إذا تحمل الحديث بطريقة دنيا من طرق التحمل، ثم استعمل فيه عبارة " أعلى، كأن يستعمل فيما
تحمله بالإجازة: حدثنا أو أخبرنا، كان مدلسا "، وربما اتهمه بعض العلماء بالكذب بسبب ذلك.
233

وهي - أي: هذه العبارة -: أعلاها.، أي أعلى العبارات في تأدية المسموع.، لدلالته
نصا " على السماع، الذي هو أعلى الطرق (1).
الثانية: (حدثني وحدثنا) (2).
ثم بعدها في المرتبة.، أن يقول: (حدثني)، أو (حدثنا) (3).، لدلالتهما أيضا " على قراءة
الشيخ عليه.
لكنهما.، يحتملان الإجازة.، لما سيأتي: من أن بعضهم أجاز هذه العبارة في الإجازة
والمكاتبة. بخلاف: (سمعت).، فإنه لا يكاد أحد يقول: (سمعت)، في أحاديث الإجازة
والمكاتبة، ولا في تدليس ما لم يسمعه (4).

مثاله: أحمد بن محمد بن إبراهيم السمرقندي.، اتهم في أحاديثه الكثيرة، عن محمد بن نصر المروزي، وإنما
هو تدليس.، حصل على إجازة منه، وصار يستعمل صيغة حدثنا ونحوها.، وهذا تدليس.
وكذا إسحاق بن راشد الجزري.، كان يطلق حدثنا في الوجادة، فسلكوه في عداد المدلسين).، (منهج النقد
في علوم الحديث: ص 226).، وينظر: تعريف أهل التقديس: ص 4، والالماع في أصول الرواية والسماع: 119
(1) قال الطيبي: (أرفع العبارات في ذلك: (سمعت).، ثم حدثنا)، و (حدثني).، (الخلاصة في
أصول الحديث: ص 100).، وينظر: الباعث الحثيث: ص 109، وعلوم الحديث ومصطلحه: ص 89.
وقال المامقاني: (وقد وقع الخلاف في تعيين أعلى العبارات في تأدية المسموع على قولين:
أحدهما: ما عن الأكثر.، من أن أعلاها هو قول: (سمعت فلانا " يقول، أو يحدث، أو يروي، أو يخبر).،
لدلالته نصا " على السماع، الذي هو أعلى الطرق...
ثانيهما: ما أرسله في: (البداية) قولا ".، من أن (حدثني)، و (حدثنا)، أعلى من (سمعت فلانا " يقول).،
لأنه ليس في (سمعت) دلالة على أن الشيخ روى الحديث، وخاطبه به...، (مقباس الهداية: ص 162).
وقال عتر: (... العبارة عن التحمل بالسماع.، يسوغ فيه كل ألفاظ الأداء.، مثل: حدثنا، وأخبرنا،
وخبرنا، وأنبأنا، وعن، وقال، وحكى، وان فلانا " قال.، فإنها تطلق على إفادة السماع من المحدث.، كما صرح
بذلك القاضي عياض، وغيره.
وقد درج على هذا الاطلاق: أكثر رواة الحديث المتقدمين.، ثم وجد النقاد بعد انتشار التدوين والتلقي
بالإجازة ونحوها.، وجدوا فيه توسعا " يؤدي إلى اشتباه السماع بغيره.، لذلك رجحوا الأداء بلفظ يدل على السماع في
استعمال المحدثين.
وأرفع الألفاظ: (سمعت).، ثم (حدثنا وحدثني)، كما ذكر الخطيب في الكفاية).، (منهج النقد: ص
224.، وينظر: الالماع في أصول الرواية والسماع: ص 135، والكفاية: ص 284، وعلوم الحديث لابن الصلاح:
ص 119 - 121.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 57، لوحة ب، سطر 2.، ولا، الرضوية.
(3) في النسخة الرضوية: ورقة 34، لوحة ب.، سطر 11: (حدثني) و (حدثنا).، بتقديم وتأخير.
(4) قال الدكتور صبحي: (والأكثرون على تقديم لفظ: (سمعت)، على الألفاظ الباقية.، إذ لا يكاد
أحد يقولها في أحاديث الإجازة والمكاتبة، ولا في تدليس ما لم يسمعه.، فكانت لذلك أرفع من سواها).، (علوم
الحديث ومصطلحه: ص 89).
234

وروي عن بعض المحدثين: انه كان يقول: (حدثنا فلان).، ويتأول: انه حدث
أهل المدينة - وكان الراوي حينئذ بها -.، إلا أنه لم يسمع منه شيئا "، مدلسا " بذلك (1).
وكون (سمعت)، في هذه الطريق (2)، أعلى منهما.، مذهب الأكثر، لما ذكرناه.
وقيل: هما أعلى منها.، لأنه ليس في (سمعت)، دلالة على أن الشيخ روى له الحديث
وخاطبه به.، وفي (حدثنا) و (أخبرنا)، دلالة على أنه خاطبه، ورواه له (3).
وفيه، ان هذه وإن كانت مزية، إلا ان الخطب فيها أسهل، من احتمال الإجازة
والتدليس ونحوهما.، فيكون تحصيل ما ينفي ذلك، أولى من تخصيصه باللفظ، أو كونه من جملة
المقصودين به، إذ لا يفترق الحال في صحة الرواية، بهذه المرتبة، بين قصده وعدمه.
الثالثة: (أخبرنا) (4).
ثم، بعد (حدثني)، و (حدثنا) في المرتبة.، قوله في هذه الحالة: (أخبرنا).، لظهور
الاخبار في القول.
ولكنه، يستعمل في الإجازة والمكاتبة كثيرا "، فلذلك كان أدون (5).
الرابعة: (أنبأنا)، و (نبأنا) (6).
ثم، (أنبأنا)، و (نبأنا).، لان هذا اللفظ غالب في الإجازة.
وهو قليل الاستعمال هنا، قبل ظهور الإجازة، فكيف بعدها؟!

(1) قال الطيبي: (وروي عن الحسن انه كان يقول: (حدثنا أبو هريرة) ويتأوله: انه حدث أهل
المدينة - وكان الحسن إذ ذاك بها -.، إلا أنه لم يسمع منه شيئا ").، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 101).،
وينظر: الكفاية: ص 284.
(2) في النسخة الأساسية: ورقة 57، لوحة ب.، سطر 8: (في هذه الطريق).، وكذا، في الرضوية: ورقة
34، لوحة ب، سطر 16.، غير أن المتعارف استعماله اليوم: (في هذا الطريق)، أو (في هذه الطرق).
(3) قال ابن الصلاح: (حدثنا)، و (أخبرنا)، أرفع من (سمعت)، من جهة أخرى.
وهي انه ليس في (سمعت) دلالة على أن الشيخ روى الحديث، أو خاطبه به.
وفي (حدثنا)، و (أخبرنا).، دلالة على أنه خاطبه به، ورواه له.، (علوم الحديث: ص 120.، وينظر:
الخلاصة في أصول الحديث: ص 101، والباعث الحثيث: ص 110.
وأقول: في نقل الشهيد الثاني: (دلالة على أنه خاطبه).، يبدو كلمة (به) ساقطة.
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 58، لوحة أ، سطر 2.، ولا الرضوية: ورقة 35،
لوحة ب، سطر 1.
(5) قال الدكتور صبحي: ثم (أخبرنا وأخبرني).، مع ضرورة التمييز بين حالتي الافراد والجمع).، (علوم
الحديث ومصطلحه: ص 89).
(6) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 58، لوحة أ، سطر 5.، ولا الرضوية: ورقة 35،
لوحة أ، سطر 3.
235

الخامسة: (قال لنا)، و (ذكر لنا) (1)
وأما قول الراوي: (قال لنا)، و (ذكر لنا).، فهو من قبيل: (حدثنا).، فيكون أولى
من: (أنبأنا)، و (نبأنا).، لدلالته على القول - أيضا " - صريحا ".
لكنه، ينقص عن (حدثنا).، بأنه: بما سمع في المذاكرة في المجالس، والمناظرة بين
الخصمين، أشبه وأليق من (حدثنا).
لدلالتهما. على أن المقام لم يكن مقام التحديث، وإنما اقتضاه المقام (2).
السادسة: في أدنى العبارات (3).
- 1 -
وأدناها - اي: أدنى العبارات الواقعة في هذه الطريق -:
قول الراوي بالسماع: (قال فلان).، ولم يقل: (لي)، (لنا) (4).
لأنه بحسب مفهوم اللفظ: أعم من كونه سمعه منه.، أو بواسطة، أو بوسائط (5).
وهو مع ذلك، محمول على السماع منه عرفا "، إذا تحقق لقاؤه للمروي عنه.، لا سيما
ممن عرف: انه لا يقول ذلك إلا فيما سمعه (6).
- 2 -
وشرط بعضهم في حمله على السماع (7): أن يقع ممن عرف من عادته، انه لا يقول
ذلك، إلا فيما سمعه منه، حذرا " من التدليس. وهو أولى.، وإن كان عدم اشتراطه أشهر (8).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 58، لوحة أ، سطر 6، ولا الرضوية.
(2) وقد نقل الشئ ذاته الشيخ المامقاني بقوله - مع تصرف فيه -: (وأما قول الراوي: قال لنا أولي، أو
ذكر لنا أولي.، فهو ك‍: (حدثنا)...).، (مقباس الهداية: ص 162).، وينظر: تدريب الراوي: ص 130.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 58، لوحة أ، سطر 12.، ولا الرضوية.
(4) ينظر: الكفاية: ص 290
(5) إي: (أو وصل إليه بواسطة، أو وسائط).، (مقباس الهداية: ص 162).
(6) في النسخة الرضوية: ورقة: 35، لوحة أ.، في الهامش الأيمن - مقابل السطرين: 12، 13 -: (أن يقول ذلك)،
والظاهر: ان الساقط (لا) النافية، التي لا بد من وجودها، حتى يتحقق هنا الاستثناء.، في جملة:
(إلا فيما سمعه). وقال المامقاني: (لا سيما إذا كان الراوي.، ممن عرف من حاله، انه لا يقول ذلك، إلا فيما
سمعه).، (مقباس الهداية: ص 162).
(7) قال الطيبي: (وخصص الخطيب حمل ذلك على السماع..، (الخلاصة في أصول الحديث: ص
102).، وينظر: (مقباس الهداية: ص 162).
(8) قال الطيبي: (والمحفوظ المعروف: انه ليس بشرط، والله أعلم).، (الخلاصة: ص ص 102).
وقال المامقاني: (قلت: أولوية الاشتراط واضحة.، ولكن، المعروف بينهم عدم الاشتراط.
236

المسألة الثانية
في: القراءة على الشيخ
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: قديم التسمية (1)
ويسمى عند أكثر قدماء المحدثين: العرض (2).

وقد أفرط ابن مندة فقال: (حيث قال البخاري: (قال لنا)، فهو إجازة.، وحيث قال: (قال فلان)،
فهو تدليس. ورد العلماء عليه ذلك، ولم يقبلوه).، (مقباس الهداية: ص 162).
(1) وفي النسخة الأساسية: ورقة 58، لوحة ب.، سطر 5 (وثانيها القراءة على الشيخ)، فقط.، وكذا،
الرضوية: ورقة 35، لوحة أ، سطر 13.
(2) قال الدكتور صبحي: (لا حاجة بنا إلى تعريف القراءة، فمن الواضح: ان حقيقتها المستمدة من لفظها، هي قراءة
التلميذ على الشيخ، حفظا " من قلبه أو من كتاب ينظر فيه).، (علوم الحديث ومصطلحه: ص
92).، وينظر: تدريب الراوي: ص 130 - 131.
وقال الدكتور عتر: (سلك المحدثون هذا الطريق، بعد أن انتشر التدوين، وأصبحت كتابة الحديث أمرا "
شائعا ".، ومعنى العرض عندهم: القراءة على الشيخ من حفظ القارئ، أو من كتاب بين يديه).، (منهج النقد في
علوم الحديث: ص 214). وقال الفيومي: (عرضت الكتاب عرضا ": قرأته عن ظهر قلب).، (المصباح المنير: 2 / 59)
وقال المامقاني: (لان القارئ يعرض على الشيخ ما يقرأه، كما يعرض القرآن على المقرئ.
وقيل: ان القراءة أعم مطلقا " من العرض.، لان الطالب إذا قرأ، كان أعم من العرض وغيره.
ولا يصدق العرض إلا بالقراءة.، لان العرض عبارة: عما يعرض به الطالب أصل شيخه، معه أو مع غيره
بحضرته.، فهو أخص من القراءة.
قلت: إن ثبت لهم اصطلاح خاص في المقام.، وإلا، أمكن دعوى ان بينهما عموما " من وجه، إذ كما يمكن
القراءة من غير عرض، فكذا يمكن العرض من غير قراءة، كما لا يخفى).، (مقباس الهداية: ص 164).، وينظر:
التقفية في اللغة: 502، والصحاح: 3 / 1087، ولسان العرب - طبعة صادر -: 9 / 46، وتاج العروس: 5 / 50،
وديوان الشماخ: ق 5 / 2 ص 129، والمخصص: 13 / 5، وجمهرة اللغة: 3 / 947.
وأقول: وجدت في الكافي: 1 / 352 - 353 كتاب الحجة، ب 81، ح 8.، وجدت فيه: ما يدل على قدم
استعمال العرض عند أهل البيت (ع): (... قال: جعلت فداك: وما المعرفة؟ قال: اذهب فتفقه واطلب
الحديث.، قال: عمن؟ قال: عن فقهاء أهل المدينة، ثم اعرض علي الحديث...).، وينظر: تكملة الرجال:
1 / 295 - 296 ترجمة الحسن بن عبد الله - وتنقيح المقال: 1 / 288.
وكذلك: وجدت في رياض العلماء: 5 / 360، ترجمة يحيى بن زيد بن علي بن الحسين - عليهما السلام -،
حيث جاء فيه: (... فرمي صحيفتي التي دفعتها إليه، إلى غلام كان معه، وقال: اكتب هذا الدعاء بخط بين حسن،
واعرضه علي، لعلي أحفظه.، فاني كنت اطلبه من جعفر حفظه الله فيمنعنيه...)
237

لان القارئ يعرضه على الشيخ.
سواء كانت القراءة من الراوي أو من كتاب.
وسواء كان المقروء لما يحفظه الشيخ.، أو كان الراوي يقرأ، والأصل الذي يعارض به.،
بيده - أي يد الشيخ من غير أن يحفظه -، أو يد ثقة غيره (1). أما غير
الثقة، فلا يعتد بامساكه.، لاحتمال الغلط والتصحيف في مقرو الراوي،
وعدم رد غير الثقة (2)
واحتمال سهو الثقة نادر.، فلا يقدح، كما لا يقدح السهو لو قرأ الشيخ أيضا ".
الحقل الثاني
في: طريقة العرض ومستنده (3)
وهي - أي: هذه الطريقة -: رواية صحيحة.

(1) قال الطيبي: (ويسميها أكثر قدماء المحدثين: عرضا ".، لان القارئ يعرضه على الشيخ.، سواء قرأ هو
أم غيره وهو يسمع، وسواء قرأ من كتاب أم حفظ، وسواء كان الشيخ يحفظه أم لا - إذا كان يمسك أصله هو
أو ثقة غيره -.، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 102).
وقال الدكتور صبحي: (والقراءة من الكتاب أفضل.، لان العرض به أوثق من الحفظ وآمن.، ولذلك
يقول الحافظ ابن حجر: (ينبغي: ترجيح الامساك، في الصور كلها، على الحفظ.، لأنه خوان).، (علوم الحديث
ومصطلحه: ص 92).، وينظر: تدريب الراوي: ص 131.
(2) وقال الشيخ الحارثي: (ومتى كان الأصل بيد غير موثوق به، لم يصح السماع، إن لم يحفظه الشيخ).،
(وصول الأخيار: ص 133). (3) هذا العنوان.، ليس من المسخة الأساسية: ورقة 58 لوحة ب، سطر 12.، ولا.، الرضوية.
وقال ابن كثير: (ومستند العلماء: حديث ضمام بن ثعلبة.، وهو في الصحيح).، (الباعث الحثيث: ص
110).
وقال الشيخ احمد محمد شاكر - في هامش الباعث الحثيث: ص 111 -: (واستدل الحميدي - ثم قال
البخاري على ذلك -: بحديث ضمام بن ثعلبة.، لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إني سائلك
فمشدد عليك.، ثم قال: أسألك بربك ورب من قبلك: الله أرسلك؟ الحديث، في سؤاله عن شرائع الدين.
فلما فرغ قال: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي.
فلما رجع إلى قومه، اجتمعوا إليه، فأبلغهم فأجازوه - أي: قبلوا منه - وأسلموا.
وأسند البيهقي في المدخل عن البخاري قال: (أبو سعيد الحداد: عندي خبر عن النبي صلى الله
عليه وسلم في القراءة على العالم.، فقيل له؟ قال: قصة ضمام: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم.
وقد عقد البخاري لذلك بابا " في صحيحه في كتاب العلم.، وهو: (باب القراءة والعرض على المحدث).
وقال الحافظ علي بن حجر في الفتح - ج 1 ص 137 - 138 طبعه بولاق -: (وقد انقرض الخلاف في كون
القراءة على الشيخ لا تجزى.، وإنما كان بقوله بعض المتشددين من أهل العراق).
238

اتفاقا " من المحدثين (1). وإن خالف فيه من لا يعتد به (2).
الحقل الثالث
في: موقعية العرض (3)
- 1 -
ولكن، اختلفوا: في أن القراء على الشيخ، مثل السماع من لفظه.، في: المرتبة،
أو فوقه، أو دونه (4).
فالأشهر ما تقدم.، من أن السماع أعلى.، وقد عرفت وجهه.

(1) قال الطيبي: (وهي رواية صحيحة باتفاق، خلافا " لبعض من لا يعتد به).، الخلاصة في أصول
الحديث: ص 102).
وقال ابن كثير: (والرواية بها سائغة عند العلماء).، (الباعث الحثيث: ص 110).
وقال الشيخ الحارثي: (وهي رواية صحيحة بلا خلاف).، (وصول الأخيار: ص 132).
وقال السيوطي: (ومن الأئمة - يعني: القائلين بالصحة -: ابن جريح، والثوري، وابن أبي ذئب،
وشعبة، والأئمة الأربعة، وابن مهدي، وشريك، والليث، وأبو عبيد، والبخاري.، في خلق لا يحصون كثرة ".
وروي الخطيب عن إبراهيم بن سعد انه قال: لا تدعون تنطعكم يا أهل العراق.، العرض مثل السماع).،
(تدريب الراوي: ص 131).
وقال الدكتور عتر: (وهو طريق صحيحة في تلقي الحديث، والرواية به سائغة بالاجماع).، (منهج النقد في
علوم الحديث: ص 214).
(2) قال السيوطي: (... إن ثبت عنه، وهو أبو عاصم النبيل.، رواه الرامهرمزي عنه.
وروي الخطيب عن وكيع قال: (ما أخذت حديثا " قط عرضا ".
وعن محمد بن سلام: انه أدرك مالكا " والناس يقرؤن عليه، فلم يسمع منه لذلك.، وكذلك
عبد الرحمن بن سلام الجمحي، لم يكتف بذلك.، فقال مالك: أخرجوه عني).، (تدريب الراوي: ص 131)
وقال الشيخ المامقاني معقبا ": (وهو كما ترى لا دليل عليه).، (مقباس الهداية: ص 165).
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 59، لوحة أ، سطر 1.، ولا، الرضوية.
(4) هنا نفس ما جاء به الطيبي في: (الخلاصة في أصول الحديث: ص 103.، عدا إضافة كلمة
(لكن)، فقط.
وقال الشيخ الحارثي: (نعم، اختلفوا في مساواتها السماع، من لفظ الشيخ.، فبعضهم رجحها، وبعضهم
رجحه، وبعضهم ساوى بينهما).، (وصول الأخيار: ص 132).
وقال الشيخ المامقاني: (انهم اختلفوا في مساواة هذا الطريق، للسماع من لفظ الشيخ.، أو رجحان
أحدهما على الاخر.، على أقوال:...).، (مقباس الهداية: ص 165).
وقال الدكتور عتر: (لكن اختلفوا.، هل هو مثل السماع في المرتبة؟ أو دونه؟ أو فوقه؟
ويمكن أن نوفق فنقول: برجحان العرض فيما إذا كان الطالب، ممن يستطيع إدراك الخطأ فيما يقرأ،
والشيخ حافظ غاية الحفظ.، أما إذا لم يكن الامر كذلك، فالسماع أرجح.
239

وقيل: هو - أي: العرض -، كتحديثه - أي: تحديث الشيخ بلفظه سواء -.
وهو المنقول عن علماء الحجاز والكوفة.، لتحقق القراءة في الحالتين، مع سماع الاخر.،
وقيام سماع الشيخ مقام قراءته، في مراعاة الضبط.
وورد به حديث عن ابن عباس.، ان النبي (صلى الله عليه وآله).، قال: (قراءتك
على العالم وقراءة العالم عليك سواء) (1).

وقد وجدنا - بعد تقريرنا لذلك - الحافظ ابن عبد البر، أخرج عن مالك انه سئل: (أفيعرض عليك
الرجل أحب إليك أو تحدثه؟).، قال: (بل، يعرض إذا كان يثبت في قراءته، فربما غلط الذي يحدث
أو ينسى).، وهذا يفيد أنه إذا لم يبلغ هذه المرتبة، لا يفضل على السماع.، منهج النقد: ص 214 / 215.، وينظر:
جامع بيان العلم وفصله: 2 / 178 - وفيه (أن تحدثه)، وهو تصحيف مطبعي -.، وينظر تفصيل كلمة مالك
هذه في الالماع في أصول الرواية والسماع: ص 74، والمحدث الفاصل: ص 420، والكفاية: ص 274 وما بعد
وقال الطيبي: (والصحيح.، ترجيح السماع من لفظ الشيخ، وهو مذهب الجمهور من أهل المشرق).،
(الخلاصة في أصول الحديث: ص 103).، وينظر الباعث الحثيث: ص 110)، وتدريب الراوي: ص 132،
ومقباس الهداية: 165
وقال الدكتور صبحي: (والرأي المختار: أن القراءة دون السماع.، فهي تليها، في الدرجة الثانية).، (علوم
الحديث ومصطلحه: ص 93).
(1) قال الطيبي: (ويروى عن مالك وأصحابه وأشياخه من علماء المدينة: أنهما سواء.، وهو مذهب:
معظم علماء الحجاز، والكوفة، والبخاري).، (الخلاصة في أصول الحديث ص 103).
وقال ابن كثير: (وقيل: هما سواء.، يعزى ذلك: إلى أهل الحجاز والكوفة، وإلى مالك أيضا " وأشياخه
من أهل المدينة، وإلى اختبار البخاري).، (الباعث الحثيث: ص 110).
وقال السيوطي: (وهو رأي الامام مالك وأصحابه وأشياخه من علماء المدينة، ومعظم علماء الحجاز
والكوفة، وهو كذلك رأي الامام البخاري).، (التدريب: ص 132).
وذكر المامقاني في نفس عبارة الشهيد الثاني.، في: مقباس الهداية: ص 165.، عدا جملة (القراءة في
الحالين)، بدلا " من (في الحالتين).، ثم عقب (قدس) قائلا ": (والجواب:
أما عن التساوي في الضبط، فما مر.، مضافا " إلى وضوح كون قراءة العالم، أقوى في الضبط من القراءة عليه.،
لكون قراءته أبعد عن السهو من سماعه، كما هو الظاهر.
وأما النبوي (ص) فقد قيل: إن المراد به المساواة في صحة الاخذ بالقراءة على العالم، ردا " على من أنكرها.،
لا في إتحاد الرتبة).، (مقباس الهداية: ص 165).
وقال الدكتور صبحي: (لكن بعضهم يذهب إلى مساواتها السماع.، وهؤلاء لا يرون بأسا " أن يقول التلميذ
الذي قرأ على الشيخ عندما يريد أن يؤدي إلى غيره الرواية عنه: سمعت (مطلقا ").، من غير تقيدها بقوله: (قراءة
على الشيخ).، (علوم الحديث ومصطلحه: ص 93).
240

- 3 -
وقيل: العرض أعلى من السماع من لفظ الشيخ (1).
وما وقفت لهؤلاء على دليل مقنع (2).، إلا ملاحظة الأدب مع الشيخ.، في عدم تكليفه
القراءة التي هي بصورة أن يكون تلميذا " لا شيخا " (3)

(1) قال الطيبي: (فنقل عن أبي حنيفة ومالك وغيرهما: ترجيح القراءة على الشيخ).، (الخلاصة في
أصول الحديث: ص 103).
وقال ابن كثير: (وعن مالك وأبي حنيفة وابن أبي ذئب: انها أقوى).، (الباعث الحثيث: ص 110).
وقال السيوطي: وقد حكي هذا القول عن كثير من العلماء.، منهم: أبو حنيفة، وابن أبي ذئب.
وروى البيهقي في (المدخل).، عن مكي بن إبراهيم قال: كان ابن جريح، وعثمان بن الأسود،
وحنظلة ابن أبي سفيان، وطلحة بن عمرو، ومالك، ومحمد بن إسحاق، وسفيان الثوري، وأبو حنيفة، وابن أبي ذئب،
وسعيد بن أبي عروبة، والمثنى بن الصباح.، يقولون: (قراءتك على العالم خير من قراءة العالم عليك).، (تدريب
الراوي: 1 / 132).
وقال المامقاني: (حكي القول به عن: أبي حنيفة، وابن أبي ذئب، والليث بن سعد، وشعبة، وابن لهيعة،
ويحيى بن سعيد، ويحيى بن عبد الله بن بكير، والعباس بن الوليد بن مزيد، وأبي الوليد، وموسى بن داوود الضبي،
وأبي عبيد، وابن جريح، والحسن بن عمارة، وغيرهم.، من محدثي العامة).، (مقباس الهداية: ص 165).
وقال الدكتور صبحي: (وبالغ بعض المحدثين في شأن القراءة، فيقدمها على السماع).، (علوم الحديث و
مصطلحه: ص 93).
(2) قال المامقاني: واحتجوا: بأن الشيخ لو غلط، لم يتهيأ للطالب الرد عليه.
وفيه: ان غلط الشيخ في القراءة، أبعد من سهوه في صورة السماع من الراوي).، (مقباس الهداية: ص
165).
(3) قال المامقاني: (قلت: لا أظن أن أحدا " من هؤلاء نظر إلى ذلك، في اختيار القول الثالث.
ضرورة: ان كون من يقرأ ممنوع، مع أن الأدب غير عالم رتبة التحمل، كما لا يخفى.
ثم انه حكي عن صاحب (البديع) - بعد اختياره التسوية -: ان محل الخلاف، ما إذا قرأ الشيخ في
كتابه، لأنه قد يسهو، فلا فرق بينه وبين القراءة عليه.
أما إذا قرأ الشيخ من حفظه، فهو أعلى بالاتفاق.
وعن بعضهم: ان محل ترجيح السماع، ما إذا استوى الشيخ والطالب، أو كان الطالب أعلم، لأنه أوعى
لما يسمع.، فإن كان مفضولا "، فقراءته أولى، لأنها أضبط له.، ولهذا كان السماع من لفظه في الاملاء أرفع
الدرجات، لما يلزم منه من تحرير الشيخ والطالب).، (المقباس: ص 165).
241

الحقل الثالث
في: عبارات العرض
وهي على مراتب:
الرتبة الأولى (1):
- 1 -
والعبارة عن هذه الطريق - أن يقول الراوي إذا أراد رواية ذلك -:
أ - (قرأت على فلان)
ب. أو (قرئ عليه وأنا أسمع فأقر الشيخ به) (2).، أي: لم يكتف بالقراءة عليه، ولا بعدم
إنكاره، ولا بإشارته.، بل، تلفظ بما يقتضي الاقرار بكونه مروية.
- 2 -
وهذان، أعلى عبارات هذه الطريق.، لدلالتهما على الواقع صريحا "، وعدم احتمالهما
غير المطلوب (3).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 59، لوحة أ، سطر 10.، ولا الرضوية
وقال الدكتور عتر: (أسلم العبارات في ذلك أن يقول: (قرأت على فلان، أو قرئ على فلان وأنا
أسمع)، ثم أن يقول (حدثنا فلان قراءة " عليه)، ونحو ذلك.
أما إطلاق (حدثنا) و (أخبرنا) هذا، فقد ذهب إلى جواز استعمالهما في العرض.، الامام البخاري،
والزهري.، ومعظم الحجازيين، والكوفيين.
وذهب: الشافعي، والإمام مسلم، وأهل المشرق.، إلى التمييز بينهما.، والمنع من اطلاق (حدثنا).، واختيار
(أخبرنا).
وكل من (حدثنا) و (أخبرنا)، من حيث لسان العرب بمعنى واحد.، إنما اصطلح المحدثون على التمييز بينهما
في الاستعمال، ثم صار التفريق بينهما هو الشائع، الغالب على أهل الحديث).، (منهج النقد: ص 224).
(2) قال الطيبي: (العبارة في الرواية بهذا الطريق على مراتب:
أحوطها أن يقول: (قرأت على فلان)، أو (قرئ عليه وأنا أسمع فأقر الشيخ به).، (الخلاصة في أصول
الحديث: ص 103).، وينظر: (الباعث الحثيث: ص 111)، (وصول الأخيار: ص 132)، و (مقباس
الهداية: ص 165).
وقال الدكتور صبحي: (وعلى الرأي الصحيح المختار: ان للتلميذ عند أداء روايته.
أن يقول إن قرأ بنفسه: (قرأت على الشيخ وهو يسمع)
وإن كان القارئ سواه: قرئ على الشيخ وهو يسمع وأنا كذلك أسمع).، (علوم الحديث ومصطلحه:
ص 93).
(3) ونقل المامقاني نفس عبارة الشهيد الثاني هذه.، في (مقباس الهداية) ص 165).، عدا كلمة
(اعتبارات)، بدلا " من (عبارات).، ولعل الاختلاف منشأه خطأ مطبعي.
242

الرتبة الثانية:
وفيها: لحاظان
الأول: التقييد (1)
ثم، بعدهما في المرتبة.، أن يقول: أن يقول: (حدثنا)، و (أخبرنا)، مقيدين بقوله: (قراءة "
عليه)، ونحوه من الألفاظ الدالة عليه (2).
الثاني: الاطلاق (3)
- 1 -
أو مطلقين عن قوله: (قراءة " عليه)، على قول بعض المحدثين.
لان إقراره به، قائم مقام التحديث والاخبار.، ومن ثم جازا مقترنين بالقراءة عليه (4).
- 2 -
وقيل: لا يسوغ هنا الاطلاق.، لان الشيخ لم يحدث ولم يخبر، وان أقر.، وإنما سمع
الحديث.

(1) هذا العنوان: (الرتبة... التقييد).، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 59، لوحة ب، سطر 2.، ولا،
الرضوية.
(2) قال الطيبي: (ويتلوه قول (حدثنا)، أو (أخبرنا).، مقيدا " بقيد (قراءة عليه)، ونحو ذلك).،
(الخلاصة في أصول الحديث: ص 102).
وابن كثير أدمج ولم يفصل.، حيث قال: (فإذا حدث بها يقول: (قرأت)، أو (قرئ على فلان وأنا أسمع
فأقر به)، أو (أخبرنا)، أو (حدثنا قراءة " عليه)، وهذا واضح).، (الباعث الحثيث: ص 111).
وقال المامقاني: (ثم، يلي ذلك: عبارات السماع مقيدة " بالقراءة، لا مطلقة.، ك‍: (حدثني بقراءتي - أو
قراءته عليه - وأنا أسمع)، أو (أخبرنا بقراءتي - أو بقراءته عليه - وأنا أسمع)، أو (أنبأنا)، و (نبأنا)، أو
(قال لنا كذلك قراءة ").، (مقباس الهداية: ص 165).
وقال الدكتور صبحي: (وجوز كثير من أهل الحديث أن يقول التلميذ عند الأداء: (حدثنا الشيخ قراءة
عليه)، أو (أخبرنا قراءة " عليه)، أو سمعت من الشيخ قراءة " عليه).، بذكر هذا القيد الأخير الزاما "، لان عدم ذكره
يوهم حصول السماع، الذي هو أعلى صور التحمل على التحقيق).، (علوم الحديث ومصطلحه: ص 93 - 94).،
وينظر: تدريب الراوي: ص 132.
(3) هذا العنوان، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 59، لوحة ب، سطر 3.، ولا، الرضوية.
(4) وفي النسخة الرضوية: ورقة 35، لوحة ب.، سطر 13: (جاز)، (بدلا " من جازا)
وقال المامقاني: (وهو المحكي عن جمع من المحدثين.، منهم.، الزهري، ومالك بن أنس، وسفيان بن
عيينة، ويحيى بن سعيد القطان، والبخاري.
بل، قيل: ان عليه معظم الحجازيين والكوفيين.، لان إقرار الشيخ به، قائم...).، (مقباس الهداية: ص
166).
243

ولا يلزم من جوازهما مقترنين، جوازهما مطلقين.، لان الألفاظ المستعملة على وجه
المجاز، تقترن بغيرها من القرائن الدالة عليها.، ولا تطلق كذلك مقيدة " لمعناها (1).
- 3 -
وفي قول ثالث (2): تجويز إطلاق الثاني.، وهو (أخبرنا)، دون الأول - وهو حدثنا -
لقوة اشعاره بالنطق والمشافهة.، دون (أخبرنا)، فإنه يتجوز بها في غير النطق كثيرا ".
أو لان الفرق قد شاع بين أهل الحديث، وإن لم يكن بينهما فرق من جهة اللغة.،
ومن
فرق بينهما لغة "، فقد تكلف عنادا " (3).
والقول بالفرق.، هو الأظهر في الأقوال، والأشهر في الاستعمال (4).

(1) وهو المحكي عن: عبد الله بن المبارك، ويحيى بن يحيى التميمي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم.
بل، قيل: انه مذهب خلق كثير، من أصحاب الحديث.
وعللوا ذلك.، بأن الشيخ لم يحدث ولم يخبر،..).، (مقباس الهداية: ص 166).
(2) قال الطيبي: (واختلفوا في جواز استعمال: (حدثنا)، (أخبرنا).، مطلقين.
فمنع: ابن المبارك، وأحمد بن حنبل، والنسائي، وغيرهم.
وجوزهما: الزهري، ومالك، وسفيان بن عيينة، وغيرهم.، وهو مذهب البخاري.
والمذهب الثالث: انه يجوز اطلاق أخبرنا، ولا يجوز اطلاق حدثنا.، وهو مذهب: الشافعي وأصحابه،
ومسلم وجمهور أهل الشرق.، وهو الشائع الغالب الان، لان فيه اشعارا " بالنطق والمشافهة، بخلاف أخبرنا).،
(الخلاصة في أصول الحديث: 103).
وقال الحجة المامقاني: (وأفرط السيد المرتضى (ره) فيما حكي عنه.، حيث منع من الاستعمال:
مقيدين ب‍ (قراءة عليه) أيضا ".، محتجا ": بأنه مناقضة.، لان معنى الاخبار والتحديث: هو السماع منه.، وقوله: (قراءة "
عليه)، يكذبه.
وفيه.، ان جميع المجازات، وكثيرا " من المشتركات - المعنوية واللفظية -، كذلك.، حيث إن معانيها مع
فقد القرينة، تغايرها معها.، وحيث إن الكلام يتم بآخره، لا يكون قوله (قراءة " عليه)، مكذبا " لقوله (حدثنا)،
و (أخبرنا).، (مقباس الهداية: ص 166).
وقال الشيخ أحمد محمد شاكر: (يعني القول الثالث في الرواية: بالقراءة على الشيخ، وبماذا يعبر الراوي
عنها، عند الرواية).، (الباعث الحثيث: ص 112 - الهامش).
(3) قال ابن كثير: (وقد قيل: ان أول من فرق بينهما: ابن وهب.
قال الشيخ أبو عمرو: (وقد سبقه إلى ذلك ابن جريح، والأوزاعي).، (الباعث الحثيث: ص 112).
(4) قال ابن الصلاح: (الفرق بينهما صار هو الشائع الغالب، على أهل الحديث.، والاحتجاج لذلك من
حيث اللغة عناء وتكلف.
وخير ما يقال فيه: انه اصطلاح منهم، أرادوا به التمييز بين النوعين.، ثم خصص النوع الأول بقول
(حدثنا)، لقوة اشعاره بالنطق والمشافهة، والله أعلم.
ومن أحسن ما يحكى عمن يذهب هذا المذهب: ما حكاه الحافظ أبو بكر البرقاني، عن أبي حاتم محمد بن
244

الحقل الرابع
في: إقرار الشيخ نطقا " (1)
وإذا قال الراوي له - أي للمروي عنه -: (أخبرك فلان بكذا).، وهو ساكت
مصغ إليه، فاهم لذلك، فلم ينكر ذلك:
- 1 -
(أ.) صح الاخبار والتحديث عنه، وإن لم يتكلم بما يقتضي الاقرار به، على قول الأكثر (2).
لدلالة القرائن المتضافرة، على أنه مقر به.
ولان عدالته تمنع من السكوت عن إنكار ما ينسب إليه بغير صحة (3).

يعقوب الهروي - أحد رؤساء أهل الحديث بخراسان -: انه قرأ على بعض الشيوخ، عن الفربري، صحيح
البخاري.، وكان يقوله في كل حديث: (حدثكم الفربري).، فلما فزع من الكتاب، سمع الشيخ يذكر انه سمع
الكتاب من الفربري، قراءة " عليه.
فأعاد أبو حاتم قراءة الكتاب كله.، وقال له في جميعه: (أخبركم الفربري)، والله أعلم).، علوم الحديث
لابن الصلاح - تحقيق الدكتورة عائشة -: ص 143 - 144.، وفي تحقيق الدكتور عتر: ص 140.، وينظر:
الخلاصة في أصول الحديث: ص 104، ومقباس الهداية: ص 166، وعلوم الحديث ومصطلحه: ص 87 - 89.
وفي (الباعث الحثيث: ص - 112 الهامش): (وهذا تكلف شديد من أبي حاتم الهروي رحمه الله).
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 60، لوحة أ، سطر 1.، ولا، الرضوية.
(2) قال الطيبي: (إذا قرأت على الشيخ.، وقلت: (أخبرك فلان)، أو قلت: (أخبرنا فلان)، وهو
مصغ إليه فاهم، غير منكر له.، صح السماع، وجازت الرواية به، وإن لم ينطق الشيخ على الصحيح).، ينظر:
(الخلاصة في أصول الحديث: ص 104). وعلوم الحديث - تحقيق عتر -: ص 141.
وقال ابن كثير: (ولا يشترط أن يقر الشيخ بما قرئ عليه نطقا ".، بل، يكفي سكوته وإقراره عليه،
عند الجمهور).، (الباعث الحثيث: ص 112).
وقال الشيخ حسين: (وإذا قرئ على الشيخ قائلا ": (أخبرك فلان)، أو نحوه.، والشيخ مصغ فاهم غير
منكر، صح السماع وجازت الرواية.، (وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: (ص 132).
وأقول: الصحيح: (إذا قرأ على الشيخ قائلا "...)، بالبناء للمعلوم، كما هو الحال عند الشيخ المامقاني.
وقال المامقاني: (انه إذا قرأ على الشيخ.، وقال له: (أخبرك فلان بكذا، و (هو) مصغ إليه، فاهم له، غير
منكر.، ولكن لم يكن يتكلم بما يقتضي الاقرار به.، ففي صحة السماع، وجواز الرواية به، وجهان:
أولهما: خيرة الأكثر، كما في (البداية)، وبه قطع جماهير أصحاب فنون الحديث والفقه والأصول،...
وثانيهما: خيرة بعض الشافعيين.، كأبي إسحاق الشيرازي، وابن الصباغ، وسليم الرازي.، وبعض
الظاهريين، والمقلدين لداوود الظاهري).، (مقباس الهداية: ص 166).
وأقول: يبدو أن كلمة (هو)، قد سقطت طباعيا "...
(3) وقال الشيخ المامقاني الشئ ذاته في: (مقباس الهداية: ص 166).
245

(ب.) وشرط بعضهم: نطقه (1).
ليتحقق التحديث والاخبار.
ولان السكوت أعم من الاقرار.، ولهذا يقال: (لا ينسب إلى الساكت مذهب) (2).
- 2 -
فعلى الأول.، يجوز للراوي أن يقول كالأول: (حدثنا)، و (أخبرنا).، تنزيلا " لسكوته
- مع قيام القرائن على إقراره - منزلة إخباره.
- 3 -
وقيل: إنما يقول: (قرئ عليه وهو يسمع)، ونحوه.
ولا يجوز أن يقول: (حدثني)، لأنه كذب.، وحينئذ فله أن يعمل به، ويرويه
كذلك (3).

(1) قال الطيبي: وشرط بعض الشافعية.، ك‍: سليم، وأبي إسحاق الشيرازي، وابن الصباغ.، وبعض
الظاهرية، نطقه.
وشرط بعض الظاهرية: إقراره به عند تمام السماع).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 104).
وقال ابن كثير: (وقال آخرون من الظاهرية وغيرهم: (لابد من استناقه بذلك.، وبه قطع الشيخ
أبو إسحاق الشيرازي، وابن الصباغ، وسليم الرازي.
قال ابن الصباغ: إن يتلفظ لم تجز الرواية، ويجوز العمل بما سمع عليه).، (الباعث الحثيث: ص 112).
(2) قال الشيخ المامقاني: (وفيه منع الأعمية مطلقا "، حتى مع القرائن المشار إليها). (مقباس الهداية:
ص 166).
(3) قال الطيبي: (قال ابن الصباغ: وله أن يعمل به وأن يرويه قائلا ": (قرئ عليه وهو يسمع).، وليس
له أن يقول: (حدثني).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 104).
وقال الشيخ حسين: (ولا يشترط نطق الشيخ على الأصح عند الجمهور.، وقال بعضهم: ليس له أن يقول:
(حدثني)، لأنه كذب.، وله أن يعمل به وأن يرويه قائلا " (قرئ عليه وهو يسمع).، والحق: الأول، وانه يجوز
(أخبرنا) لان القراءة عليه، والسكوت في معرض النقل عنه، كالنطق).، (ووصول الأخيار: ص 133).
وقال الشيخ المامقاني: ثم على الأول.، فلا شبهة في أن للراوي أن يعمل به.، وأن يرويه بقوله: (قرأت
عليه)، أو (قرئ عليه وهو يسمع)، ولم ينكر.
وهل انه يجوز له في مقام التحديث أن يقول (حدثنا)، أو (أخبرنا).، تنزيلا " لسكوته مع قيام القرائن
على اقراره، منزلة اقراره أم لا.، لأنه كذب.، فإن السكوت مع القرائن تصحيح وإمضاء، لا تصريح وإخبار؟
وجهان.، بل، قولان:
أولهما: خيرة أكثر الفقهاء والمحدثين.
وثانيهما - وهو الأظهر -: وفاقا " لبعض أهل الفن، فتدبر).، (مقباس الهداية: ص 166 - 167).
246

الحقل الخامس
في: الافراد والجمع شكا " ويقينا " (1)
- 1 -
وما سمعه الراوي من الشيخ وحده.، أو شك: هل سمعه وحده أو مع غيره؟ قال عند
روايته لغيره: (حدثني)، و (أخبرني)، بصيغة المتكلم وحده.، ليكون مطابقا " للواقع مع تحقق
الوحدة.، ولأنه المتيقن مع الشك، لأصالة عدم سماع غيره معه.
وما سمعه مع غيره يقول: (حدثنا)، و (أخبرنا)، بصيغة الجمع، للمطابقة أيضا " (2).
- 2 -
وقيل: انه يقول مع الشك: (حدثنا)، لا (حدثني).، لأنها أكمل مرتبة " من
(حدثنا).، حيث إنه يحتمل عدم قصده.، بل، التدليس بتحديث أهل بلده: كما مر.
فليقتصر إذا شك على الناقص وصفا ".، لان عدم الزائد هو الأصل.
وهذا التفصيل.، بملاحظة أصل الافراد والجمع.، هو أولى (3).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 60، لوحة أ، سطر 9.، ولا، الرضوية.
(2) قال الحاكم: (الذي اختاره في الرواية، وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري.، أن يقول في الذي
يأخذه:
من المحدث لفظا " وليس معه أحد: (حدثني فلان).
وما يأخذه من المحدث لفظا " ومعه غيره، (حدثنا فلان).
وما قرأ على المحدث بنفسه: (أخبرني فلان).
وما قرئ على المحدث وهو حاضر: (أخبرنا فلان).
وقال ابن الصلاح: (وقد روينا نحو ما ذكره، عن عبد الله بن وهب صاحب مالك رضي الله عنهما، وهو
حسن رائق).، (علوم الحديث لابن الصلاح: ص 145 - 146).، وينظر: (الخلاصة في أصول الحديث: ص
104)، و (الباعث الحثيث: ص 113 - 114)، و (علوم الحديث ومصطلحه: ص 89 - 90).، و (مقباس
الهداية: ص 167).، و (تذكرة الحفاظ: 1 / 304 - ترجمة أبو محمد عبد الله بن وهب).
وقال الخطيب البغدادي: (وهذا الذي قاله ابن وهب مستحب، لا مستحق، عند أهل العلم كافة).،
(الكفاية: ص 294).
(3) قال ابن الصلاح نقلا " عن الحاكم: (فإن شك في شئ عنده انه.، من قبيل: (حدثنا)، أو
(أخبرنا).، أو من قبيل: (حدثني)، أو (أخبرني).، لتردده: انه كان عند التحمل والسماع، وحده أو مع غيره.
فيحتمل أن نقول: ليقل: (حدثني)، أو (أخبرني).، لان عدم غيره هو الأصل.
ولكن، ذكر علي بن عبد الله المديني الامام، عن شيخه يحيى بن سعيد القطان الامام - فيما إذا شك ان
الشيخ قال: (حدثني فلان)، أو قال: (حدثنا فلان) - انه يقول: (حدثنا)
247

ولو عكس الامر فيهما.، فقال في حالة الوحدة والشك: (حدثنا)، بقصد التعظيم.
وفي حالة الاجتماع: (حدثني)، نظرا " إلى دخوله في العموم، وعدم إدخال من معه في
لفظه.
جاز لصحته، لغة " وعرفا " (1).
الحقل السادس
في: نقل ما في الكتب المصنفة (2)
- 1 -
ومنع - أي: منع العلماء -.، في الكلمات الواقعة في المصنفات - بلفظ: (أخبرنا)،
أو (حدثنا) -، من إبدال إحداهما بالأخرى.، لاحتمال أن يكون من قال ذلك، لا يرى
التسوية بينهما، وقد يطابق مذهبة. وكذا، ليس له إبدال (سمعت)، بإحداهما،
ولا عكسه. وعلى تقدير أن يكون المصنف، ممن يرى التسوية بينهما.، فيبنى على الخلاف المشهور،
في نقل الحديث بالمعنى.، فإن جوزناه، جاز الابدال.، وإلا، فلا (3).

وهذا يقتضي فيما إذا شك في سماع نفسه في مثل ذلك أن يقول: (حدثنا).
وهو عندي يتوجه: بأن (حدثني)، أكمل مرتبة.، و (حدثنا)، أنقص مرتبة.، فليقتصر إذا شك على
الناقص، لان عدم الزائد هو الأصل، وهذا لطيف).، (علوم الحديث لابن الصلاح: ص 146)، وينظر:
(الخلاصة في أصول الحديث: ص 104)، و (الباعث الحثيث: ص 113 - 114)، و (مقباس الهداية: ص
167).
(1) وقال ابن الصلاح: (... فجائز.، إذا سمع وحده أن يقول: (حدثنا)، أو نحوه.، لجواز ذلك
الواحد، في كلام العرب.
وجائز.، إذا سمع في جماعة أن يقول: (حدثني) لان المحدث حدثه وحدث غيره).، (علوم الحديث لابن
الصلاح: ص 146).
وقال الشيخ المامقاني: (قلت: قد نقل بعضهم اتفاق العلماء على أولوية ما ذكر من التفصيل في التعبير،
وعدم تعينه، وهو ظاهر).، (مقباس الهداية: ص 167).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 60، لوحة ب، سطر 8.، ولا، الرضوية.
(3) قال الطيبي: (لا يجوز في الكتب المؤلفة إذا رويت ابدال: (حدثنا) ب‍ (أخبرنا)، ولا عكسه.، ولا
(سمعت) بأحدهما، ولا عكسه.، لاحتمال أن يكون من قال ذلك، ممن لا يرى التسوية بينهما.
وإن كان يرى ذلك.، فالابدال عنه التسوية، مبني على الخلاف المشهور في رواية الحديث.، هل يجب
أداء ألفاظه أو يجوز نقل معناه؟ فمن جوز أداء المعنى من غير نقل اللفظ، يجوز ابدال (حدثنا) ب‍ (أخبرنا)،
248

وأما المسموع منهما، من غير أن يذكر في مصنف.، فيبنى جواز تغييره بالآخر، على جواز الرواية بالمعنى وعدمه.
فإن قلنا به، جاز التغيير.
وإلا فلا.، سواء قلنا بتساويهما في المعنى، أم لا.، لأنه حينئذ يكون مختارا " لعبارة، مؤدية
لمعنى الأخرى، وإن كانت أعلى رتبة " أو أدنى (1).
الحقل السابع
في: جملة موانع الصحة (2)
- 1 -
ولا تصح الرواية.، والحال: ان السامع أو المستمع ممنوع منه.، أي: من السماع
بنسخ (3)، ونحوه من الموانع.، ك‍:

وعكسه.، ومن لم يجوز الابدال، وعلى هذا التفصيل ما سمعه من لفظ الشيخ).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص
105).، وينظر: (مقباس الهداية: ص 167).
وقال الشيخ أحمد محمد شاكر: (كتب المتقدمين لا يصح لمن يرويها.، لان يغير فيها ما يجده - من ألفاظ
المؤلف أو شيوخه، في قولهم (حدثنا) أو (أخبرنا) أو نحو ذلك -: بغيره.
وإن كان الراوي يرى التسوية بين هذه الألفاظ.، لاحتمال أن يكون المؤلف أو شيوخه، ممن يرون
التفرقة بينهما.، ولان التغيير في ذاته، ينافي الأمانة في النقل).، (الباعث الحثيث: ص - 114 - الهامش).
(1) قال الشيخ أحمد محمد شاكر: (وأما إذا روى الراوي حديثا " عن أحد الشيوخ - وهذا في غير الكتب
المؤلفة -:
فإن كان الشيخ.، ممن يرى التفرقة بين الاخبار والتحديث.، فإنه لا يجوز للراوي إبدال أحداهما من الاخر.
وإن كان الشيخ.، ممن يرى التسوية بينهما، جاز للراوي ذلك.، لأنه يكون من باب الرواية بالمعنى.
هكذا قال بعضهم.
وقال آخرون: بمنعه مطلقا ".، وهو الحق، لان هذا العمل ينافي الدقة في الرواية.، ولذا قال أحمد بن حنبل -
فيما نقله عنه ابن الصلاح: ص 146 -: (اتبع لفظ الشيخ في قوله: (حدثنا)، و (حدثني)، و (سمعت)،
و (أخبرنا).، ولا تعداه).، (الباعث الحثيث: ص 114 - الهامش).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 61، لوحة أ، سطر 5.، ولا الرضوية.
(3) قال ابن كثير: (اختلفوا في صحة سماع من ينسخ أو إسماعه.، فمنع من ذلك: إبراهيم الحربي، وابن
عدي، وأبو إسحاق الأسفرائيني).، (الباعث الحثيث: ص 115).
وقال الشيخ أحمد محمد شاكر: (قوله (ينسخ).، يعني: وقت القراءة.، كما قيده بذلك: ابن الصلاح).،
(الباعث الحثيث: ص 115 - الهامش).
249

(1 -) الحديث والقراءة.، المفرطة في: الاسراع، والخفية.، بحيث يخفى بعض الكلم.
(2 -) والبعد عن القارئ.
(3 -) ونحو ذلك (1).
- 2 -
والضابط: كونه بحيث لا يفهم المقروء.، لعدم تحقق معنى الاخبار والتحديث معه.
فلو اتفق.، قال: (حضرت).، (حدثنا)، و (أخبرنا) (2).
- 3 -
وقيل: يجوز، ويعفى عن اليسير من النسخ، ونحوه.، على وجه لا يمنع أصل السماع، وإن
منع وقوعه على الوجه الأكمل (3).
ويختلف ذلك.، باختلاف أحوال الناس: في حسن الفهم وعدمه، واندفاعه
بالشواغل.، فإن فيهم: من لا يمنعه النسخ ونحوه مطلقا "، ومنهم من يمنعه أدنى عائق.
- 4 -
وقد روي عن الحافظ أبي الحسن - الدارقطني (4) -: انه حضر في حداثته مجلس
الصفار (5)، وجلس ينسخ جزءا " كان معه، والصفار يملي
فقال له بعض الحاضرين: لا يصح سماعك وأنت تنسخ

(1) قال ابن كثير: (هذا هو الواقع في زماننا اليوم: أن يحضر مجلس السماع من يفهم ومن لا يفهم،
والبعيد من القارئ، والناعس، والمتحدث، والصبيان الذين لا ينضبط أمرهم - بل، يلعبون غالبا "، ولا يشتغلون
بمجرد السماع -.، وكل هؤلاء، قد كان يكتب لهم السماع بحضرة شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي رحمه الله).،
(الباعث الحثيث: ص ص 116).
(2) وكان أبو بكر أحمد بن إسحاق الصبغي يقول: (حضرت).، ولا يقول: (حدثنا)، ولا (أخبرنا).،
(الباعث الحثيث: ص 115).
وقال الشيخ احمد محمد شاكر: (وأبو بكر الصبغي: أحد أئمة الشافعين بخراسان.، وهو: بكسر الصاد
المهملة، وسكون الباء الموحدة، وبالغين المعجمة، ثم ياء النسبة في آخره).، (الباعث الحثيث: ص 115 - الهامش).
(3) وقال ابن كثير: (وجوزه موسى بن هارون الحافظ
وكان ابن المبارك ينسخ وهو يقرأ عليه).، (الباعث الحثيث: ص 115، 116).
(4) هو علي بن عمر بن أحمد بن مهدي.، أبو الحسن.، المشهور ب‍ (الدارقطني)، نسبة إلى دار القطن ببغداد،
أمير المؤمنين في الحديث، صاحب السنن.، توفي سنة 385.، (الرسالة المستطرفة: 19).
(5) ينظر: علوم الحديث لابن الصلاح - تحقيق عتر -: ص 145 - 146.، والأعلام للزركلي
- ط 3 - 1 / 321.، والصفار هنا هو: إسماعيل بن محمد بن إسماعيل، البغدادي، العالم بالنحو وغريب اللغة...
250

فقال: فهمي للاملاء خلاف فهمك.
ثم قال: تحفظ كم أملا الشيخ من حديث إلى الان؟ فقال: لا.
فقال الدارقطني: أملا (1) ثمانية عشر حديثا ".
فعدت الأحاديث فوجدت كما قال.
ثم قال أبو الحسن: الحديث الأول منها عن فلان، ومتنه كذا.، والحديث الثاني عن
فلان، عن فلان، ومتنه كذا.
ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونها، على ترتيبها في الاملاء، حتى أتى على
آخرها.
فتعجب الناس منه (2).
الحقل الثامن
في: استحباب إجازة المسموع أجمع (3)
وليجز الشيخ للسامعين: روايته - أي: رواية المسموع - أجمع، أو الكتاب
بعد الفراغ منه.، وإن جرى على كله اسم السماع.
وإنما كان الجمع أولى.، لاحتمال غلط القارئ، وغفلة الشيخ.، أو غفلة السامع عن
بعضه.، فيجبر ذلك بالإجازة لما فاته.
وإذا كتب لأحدهم خطه.، حينئذ كتب: (سمعه مني وأجزت له روايته عني).،

(1) هكذا في النسخة الأساسية: ورقة 61، لوحة أ، سطر 4 و 5.، وكذا، في الرضوية: ورقة 36، لوحة ب،
سطر 16.، ولكن المتداول اليوم، أن تكتب (أملى)، بألف مقصورة لا ممدودة.، بناء " على قاعدة: إذا كان الفعل
المعتل الاخر، فوق الثلاثي، فإن الفه تكتب مقصورة دائما ".، من قبيل: أبلى، وأسرى، وأهدى.
ولكن، هناك رأي آخر، يلتزم مطابقة المكتوب للملفوظ.، فتكتب الألف ممدودة لا مقصورة، وإن
كان ذاك الرأي اليوم رواده نادرون.، والرأي ذاك، يمكن التعرف عليه، في مثل أدب الكاتب لابن قتيبة.
ولكن، ما أحوجنا إلى مراعاة المطابقة، تخلصا " من واحدة من صور الازدواجية، وما أكثرها زماننا هذا،
والتي يعيشها الغالبية من أناس هذا اليوم.
(2) قال ابن كثير بعد ما نقل نسخ الدارقطني: (وكان شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي، تغمده الله
برحمته يكتب في مجلس السماع، وينعس في بعض الأحيان، ويرد على القارئ ردا " جيدا " بينا " واضحا ".، بحيث
يتعجب القارئ من نفسه: انه يغلط فيما في يده وهو مستيقظ، والشيخ ناعس وهو أنبه منه.، ذلك فضل الله يؤتيه
من يشاء).، (الباعث الحثيث: ص 116).
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 61، لوح ة ب، سطر 9.، ولا، الرضوية.
251

جمعا " بين الامرين (1).
الحقل التاسع
في: رواية سامع المستملي عن المملي (2)
وإذا عظم مجلس المحدث، وكثر فيه الخلق، ولم يمكن إسماعه للجميع.، فبلغ عنه
مستمل ففي جواز رواية سامعه: قولان.
الأول: الجواز
وهو: ما إذا (3).، روى سامع المستملي، عن المملي، عند بعض المحدثين.
لقيام القرائن الكثيرة بصدقه، فيما بلغه في مجلس الشيخ عنه.
ولجريان السلف عليه.
- 1 -
فقد كان كثير من الأكابر، يعظم الجمع في مجالسهم جدا "، حتى يبلغ ألوفا " مؤلفة.،
ويبلغ عنهم المستملون، فيكتبون عنهم بواسطة تبليغهم.
وأجاز غير واحد رواية ذلك عن المملي (4).

(1) قال الطيبي: (يستحب للشيخ ان يجيز للسامعين، رواية جميع الكتاب الذي سمعوه.، وإن كتب
لأحدهم خطه كتب: (سمعه مني وأجزت له روايته عني)، كما كان بعض الشيوخ يفعل).، (الخلاصة في
أصول الحديث: ص 105).
وقال المامقاني: (صرح جمع: بأنه يترجح للشيخ، أن يجيز السامعين رواية المسموع أجمع، أو الكتاب بعد
الفراغ منه.، وإن جرى على كله اسم السماع.
وإنما كان الجمع بين السماع والاجازة، لاحتمال غلط القارئ وغفلة الشيخ، أو غفلة السامع عن بعضه.،
فينجبر ذلك بالإجازة لما فاته.
وإذا أراد الشيخ أن يكتب لأحدهم الإجازة.، فليكتب: سمعه مني وأجزت له روايته عني، جمعا " بين
الامرين).، (مقباس الهداية: ص 163).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 61، لوحة ب، سطر 9.، ولا، الرضوية.
(3) جمله (ففي جواز... ما إذا).، ليست من النسختين الخطيتين، وإنما أضفناها للضرورة المنهجية.
(4) قال ابن كثير: (وقد كانت المجالس تعقد ببغداد، وبغيرها من البلاد، فيجتمع الفئام من الناس.،
بل، الألوف المؤلفة.، ويصعد المستملي على الأماكن المرتفعة، ويبلغون عن المشايخ ما يملون، فيحدث الناس عنهم
بذلك، مع ما يقع في مثل هذه المجامع من اللغط والكلام).، (الباعث الحثيث: ص 117).
وقال الطيبي: (وإذا عظم مجلس المحدث، فبلغ عنه المستملي.، فهل يجوز لمن سمع المبلغ دون المملي، أن
يروي ذلك عن المملي؟
ذهب جماعة من المتقدمين وغيرهم إلى: جواز ذلك.
ومنع ذلك: المحققون، وهذا هو الصواب).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 105).
وقال الحارثي: (وهو حق، إذا كان المبلغ ثقة "، وأمن التغيير بقرائن الحال).، (وصول الأخيار: 134).
252

وأكثر ما بلغنا في ذلك عن أصحابنا: أن الصاحب - كافي الكفاة إسماعيل بن
عباد (قدس الله سره) - لما جلس للاملاء، حضر خلق كثير (1).
فكان المستملي الواحد لا يقوم بالاملاء، حتى انضاف إليه ستة.، كل يبلغ صاحبه.
- 3 -
وروى أبو سعيد السمعاني - في أدب الاستملاء -: ان المعتصم وجه من يحرز
مجلس، عاصم بن علي بن عاصم، في رحبة النخل، في جامع الرصافة.
قال: وكان عاصم يجلس على سطح المسقطات (2)، وينتشر الناس في الرحبة وما يليها،
فيعظم الجمع جدا ".، حتى سمع يوما "، يستعاد اسم رجل في الاسناد (3)، أربع عشرة مرة، والناس
لا يسمعون.
فلما بلغ المعتصم كثرة الجمع، أمر من يحرزهم.، فحرزوا المجلس عشرين ألفا " وماية
الف.
ثم خمدت نار العلم، وبار، وولت عساكره الادبار.
فكأنه برق تألق بالحمى
ثم انطوى فكأنه لم يلمع

وقال المامقاني: (... لو عظم مجلس المحدث المملي، وكثر الخلق، ولم يمكن إسماعه للجميع.، فبلغ عنه
مستملي.، ففي جواز رواية السامع المستملي تلك الرواية عن المملي قولان:
أحدهما: الجواز.، وهو المعزى إلى جماعة من متقدمي المحدثين، لقيام القرائن...).، (مقباس الهداية: ص
163).
وأقول: جملة (رواية السامع المستملي) صحيحة.، ولكن، الأوضح أن يقال: (روى سامع المستملي)،
كما هو الحال عند الشهيد الثاني.
والصحيح أن يقال: (المعزى)، من (أعزى).، وليس (المعزى)، بتشديد الزاي، من عزى، كما في
المقباس المطبوع.، جعلها الله خاتمة السوء، وان لا يريكم بعدها مكروه.
(1) وفي النسخة الرضوية: ورقة 37، لوحة أ.، سطر 8: (كثير) ساقطه.
(2) وفي مقباس الهداية - صفحة 163 -: (المسقفات).
ويؤسفني: ان كتاب (أدب الاستملاء)، ليس بين يدي، حتى يمكنني التأكد، من ضبط اللفظة
الصحيحة.
(3) في النسخة الأساسية: ورقة 62، لوحة ب.، سطر 2: (استعاد).، وفي الرضوية: ورقة 37، لوحة أ،
سطر 13: (يستعاد).، ويبدو ان الرضوية هي الصحيحة التي يستقيم معها النص.، أو أن القمية كانت أصلا ":
(استعيد)، فوقع الاشتباه من الناسخ.
253

الثاني: المنع (1)
وقيل: لا يجوز لمن أخذ عن المستملي، أن يرويه عن المملي، بغير واسطة لمستملي
وهو: الأظهر.، لأنه خلاف الواقع (2).
الحقل العاشر
في: شرط الترائي
ولا يشترط في صحة الرواية - بالسماع والقراءة -: الترائي - بأن يرى الراوي
المروي عنه -.
بل، يجوز ولو من وراء حجاب: إذا عرف الصوت، إن حدث بلفظه.، (3) أو عرف
حضوره، إن قرئ عليه.، أو أخبره ثقة، انه هو فلان المروي عنه (4).
ومن ثم، صحت رواية الأعمى، كابن أم مكتوم.
وقد كان السلف يسمعون من أزواج النبي (صلى الله عليه وآله)، وغيرهن من
النساء، من وراء حجاب.، ويروونه عنهن، اعتمادا " على الصوت. (5)
* (هامش) * (1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 62، لوحة ب، سطر 6.
(2) قال الشيخ المامقاني: (ثانيهما: انه لا يجوز لمن أخذ من المستملي...، بل، قيل: ان عليه المحققين
والأولى: إن يبين حالة الأداء، ان سماعه لذلك، لبعض الألفاظ من المستملي).، (مقباس الهداية:
ص 163 - 164).
ويبدو لي: ان في المطبوع سقط.، والصحيح هكذا: (... ان سماعه لذلك جميعه، أو لبعض الألفاظ من
المستملي).، علما "، بأن الركن الأيسر من صفحة 163، يضم في نهايته كلمة (أو)، وهي غير مبتدأ بها في صفحة 163.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 62، لوحة ب، سطر 7.، ولا، الرضوية.
(4) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 37، لوحة أ.، سطر 19: (إذا عرف الصوت لها حدث بلفظه).، وهو
اشتباه من الناسخ فيما يبدو، لأنه لا يتفق وسلامة السياق.
(5) قال الطيبي: (يصح ممن هو وراء حجاب: إذا عرف صوته إن حدث بلفظه، أو عرف حضوره إن
قرئ عليه.
ويكفي في تعريفه ذلك: خبر ثقة.
هذا هو الصواب.، وقد كانوا يسمعون من: عائشة (رضي الله عنها)، وغيرها من أزواج رسول الله (صلى
الله عليه وسلم).، من وراء حجاب، ويروونه عنهن، اعتمادا " على الصوت.
واحتجوا بقوله (صلى الله عليه وسلم): ان بلالا " ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم
مكتوم)، (الخلاصة في أصول الحديث).، وينظر: (الباعث الحثيث: ص 118).
وقال المامقاني: (وفيه تأمل).، إذ لا دليل على حجية خبر الثقة، إلا إذا أفاد العلم.، أو انضم إليه خبر
مثله، لتتم البينة).، (مقباس الهداية: ص 167). (*)
254

واستدلوا عليه أيضا " بقوله (صلى الله عليه وآله): ان بلالا " يؤذن بليل، فكلوا
واشربوا، حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم (1).
- 2 -
وقيل: بل، يشترط الرؤية، لامكان المماثلة في الصوت.
وقد كان بعض السلف يقول (2): إذا حدثك المحدث، فلم تر وجهه، فلا تر وجهه، فلا ترو عنه.، فلعله
شيطان قد تصور في صورته.، يقول: (حدثنا)، و (أخبرنا) (3).
- 3 -
والحق.، إن العلم بالصوت يدفع ذلك.، واحتمال تصور الشيطان، مشترك بين
المشافهة ووراء الحجاب.

(1) وفي صحيح البخاري: ج 3 ص 37.، كتاب الصيام..
ان بلالا " ينادي بليل، فكلوا واشربوا، حتى ينادي ابن أم مكتوم.
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 37، لوحة ب.، سطر 3: (وقد كان السلف يقول)، من غير كلمة
(بعض).، وهو اشتباه من الناسخ فيما يبدو.
(3) قال ابن كثير: (وقال بعضهم عن شعبة: إذا حدثك من لا ترى شخصه، فلا ترو عنه، فلعله شيطان
قد تصور في صورته.، يقول (حدثنا)، (أخبرنا).، وهذا عجيب وغريب جدا ").، (الباعث الحثيث: ص
118).
وقال الشيخ المامقاني: (ورد.، بأن العلم بالصوت يدفع ذلك.، واحتمال تصور مشترك بين المشافهة
ووراء الحجاب.
مضافا " إلى أن الرواية لو كانت شرطا "، لم تصح رواية الأعمى، كابن أم مكتوم.، والتالي بين الفساد،
فكذا المقدم.، وأيضا ": قد كان السلف يسمعون من أزواج النبي (ص) وغيرهن من النساء من وراء حجاب،
وترويه عنهن اعتمادا " على الصوت.
واستدلوا على عدم الاشتراط أيضا ": بأن النبي (ص) أمر بالاعتماد على سماع صوت ابن أم مكتوم
المؤذن.، في حديث: ان بلالا " يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم - الحديث -.، مع غيبة
شخصه عمن يسمعه.، وأنت خبير: بان هذا الوجه أجنبي عن المطلوب، فإن الاذان غير الرواية المبحوث عنها، كما
لا يخفى).، (مقباس الهداية: ص 168).
وأقول: كلمة (ترويه) خطأ.، والصحيح (يروونه).، ولعله اشتباه مطبعي.
وان كلمة (الحديث)، بين أم مكتوم، و (مع غيبة شخصه) زائدة لا ضرورة لها، وقد تكون موهمة.، علما "
بأن (في الحديث) تصدرت قول الرسول (ص).
255

الحقل الحادي عشر
في: علم المحدث بالسامعين (1)
- 1 -
وكذا.، لا يشترط علمه - أي: علم المحدث بالسامعين -.
فلو اسمع من لم يعلمه.، بوجه من الوجوه المانعة من العلم، جاز للسامع مع أن يرويه عنه.،
لتحقق معنى السماع المعتبر.
- 2 -
ولو قال المحدث: (أخبركم ولا أجيز فلانا ").
أو خص قوما " بالسماع، فسمع غيرهم.
أو قال بعد السماع: (لا ترو عني) - والحال انه غير ذاكر خطأ للراوي، أوجب الرجوع
عن الرواية -
روى السامع عنه في الجميع.، لتحقق إخبار الجميع، وإن لم يقصد بعضهم (2).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة: الأساسية: ورقة 63، لوحة أ، سطر 6.، ولا، الرضوية.
(2) قال الطيبي: (إذا قال الشيخ بعد السماع: (لا تروه عني).، أو (رجعت عن إخبارك به)، أو نحو
ذلك.، ولم يسنده إلى: خطأ، أوشك، أو نحوه.، بل، منعه من روايته عنه، مع جزمه بأنه حديثه وروايته.، فذلك
غير مبطل لسماعه ولا مانع له من روايته عنه.
وعن النسائي: ما يؤذن بالتجوز منه.
ولو قال الشيخ: (أخبركم ولا أجيز فلانا "، لم يضره، وجاز له روايته).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص
106.، وفي النسخة: (لا تروي عني)، و (أخبركم ولا أخبرنا فلانا ")، وهو تصحيف مطبعي.
وقال ابن كثير: (إذا حدثه بحديث.، ثم قال: (لا تروه عني)، أو (رجعت عن إسماعك)، ونحو
ذلك.، ولم يبد مستندا " سوى المنع اليابس.
أو أسمع قوما " فخص بعضهم وقال: (لا أجيز لفلان أن يروي عني شيئا ").
فإنه لا يمنع من صحة الرواية عنه، ولا التفات إلى قوله.
وقد حدث النسائي عن الحارث بن مسكين، والحالة هذه، وأفتى الشيخ أبو إسحاق الأسفراييني
بذلك).، الباعث الحثيث: ص 118).
وأقول: يبدو ان الجملة (لا ترو عوني)، اشتباه من ناسخي المخطوطتين.، والصحيح.، (لا تروه عني).
256

حتى لو حلف: لا يخبر فلانا " بكذا، فأخبر جماعة " هو فيهم واستثناه، حنث.
بخلاف.، ما لو حلف لا يكلمه واستثناه.
- 4 -
وكذلك.، نهيه عن الرواية، لا يزيلها بعد تحققها.، لأنه قد حدثه، وهو شئ لا يرجع
فيه.
وفي معناه.، ما لو قال: (رجعت عن إخباري إياك به)، أو (لا آذان لك في
روايته) (1)، ونحو ذلك.
نعم، لو كان رجوعه، لتذكره خطأ في الرواية.، تعين الرجوع.، ويقبل قوله فيه (2).

(1) الذي في النسخة الرضوية: ورقة 37، لوحة ب.، سطر 14: (لا آذان في روايته)، حيث كلمة
(لك‍) ساقطة.
(2) وقال الشيخ أحمد محمد شاكر: (وكذلك، إذا رجع الشيخ عن حديثه.، بأن قال له: (رجعت عن
إخبارك)، أو (رجعت عن اعتمادي إياك فلا تروه عني).
لان العبرة في الرواية بصدق الراوي، في حكاية ما سمعه من الشيخ، وصحة نقله عنه.، فلا يؤثر في ذلك:
تخصيص الشيخ بعض الرواة دون بعض، أو نهيه عن روايته عنه.، لأنه لا يملك أن يرفع الواقع: من أنه حدث
الراوي، وان الراوي سمع منه.
وظاهر ان رجوع الشيخ لا يمنع من الرواية، إذا كان مع إقراره بصة روايته.
وأما إذا كان هذا.، على معنى شكه فيما حدث، وعلى معنى انه أخطأ فيما روى.، فهذا يؤثر في روايته.، ويجب
على الراوي، أن يمتنع من رواية ما رجع عنه شيخه، أو يذكر الرواية ورجوع الشيخ عنها، ليظهر للناظر ما فيها من
العلة القادحة).، (الباعث الحثيث: ص 118 - الهامش).
257

المسألة الثالثة
في: الإجازة (1)
وفيها حقول:
الحقل الأول
في: صرفها ولغتها (2)
- 1 -
وهي في الأصل: مصدر أجاز
وأصلها: اجوازة.، تحركت الواو، فتوهم انفتاح ما قبلها، فانقلبت ألفا "، وبقيت
الألف الزائدة التي بعدها.، فحذفت لالتقاء الساكنين.، فصارت: إجازة.
وفي المحذوف من الألفين (3) - الزايدة أو الأصلية -: قولان مشهوران.
الأول: قول سيبويه.
والثاني: قول الأخفش.

(1) هناك بحوث ممتعة، مفصلة ودقيقة، في بحار الأنوار، للمجلسي الثاني، في الاجزاء الخاصة بمتون
الإجازات.
من قبيل: إجازة العلامة لبني زهرة، في ج 107 ص 60.، والشهيد الثاني للشيخ الحارثي، في ج 108 ص
146، والمحقق الكركي لابن أخته المحقق الداماد، في ج 109 ص 86.، والشيخ عبد الله التستري لولده في ج 110
ص 20 - 21.، وغيرها الكثير الكثير المهم.
وينظر كذلك: مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل - الخاتمة -: ج 3 ص 373 - 531، والمناقب
لابن شهرآشوب: 1 / 6، و 11 - 12.
وبالمناسبة.، فإن المجلسي الأول (1003 - 1070 ه‍) يقول: (واعلم، ان طرق الإجازة التي اعتبرها
العلماء: أعلاها قراءة الشيخ على السامع.، وبعدها: العكس.، وبعدها: السماع حين القراءة على الشيخ.، وبعدها
- أو بعد الاحتمال على الاحتمال -: قراءة الشيخ على الراوي حديثا " من أول الكتاب، وحديثا " من وسطه،
وحديثا " من آخره...، وبعدها.، المناولة.، ثم الإجازة.، ثم الوجادة).، (روضة المتقين: 1 / 26).
وأقول: كيف يتم التوفيق.، بين ما يستكشف من قوله هذا، في ذهابه إلى أن الإجازة هي الأول في طرق
تحمل الحديث.، بل، كونها المقسم.، وبين قوله هذا نفسه، حيث يعد الإجازة، ثم الوجادة من أقسامها؟ أم ان
التفريق هنا وهناك.، مبني على اعتبار هنا بلحاظ، واعتبار هناك بلحاظ آخر.
(2) وفي النسخة الأساسية: ورقة 63، لوحة ب، سطر 4: (وثالثها: الإجازة)، وكذا الرضوية.
(3) وفي النسخة الرضوية: ورقة 37، لوحة ب.، سطر 18: (في المحذوف)، حيث (و) ساقطة.
258

- 2 - وهي مأخوذة من: جواز الماء، الذي يستقاه المال من الماشية والحرث
ومنه قولهم: استجزته فأجازني: إذا سقاك ماء "، لماشيتك أو أرضك (1).
- 3 -
فالطالب للحديث، يستجيز العالم علمه
أي: يطلب إعطاءه له، على وجه يحصل به الاصلاح لنفسه، كما يحصل للأرض
والماشية: الاصلاح بالماء، فيجيزه له.
- 4 -
وكثيرا " ما يطلق على العلم: اسم الماء.، وعلى النفس: اسم الأرض
وعليه بعض المفسرين.، لقوله تعالى: (وترى الأرض هامدة " فإذا أنزلنا عليها الماء
اهتزت وربت) (2).
- 5 -
وحينئذ.، أي: حين إذا كان أخذها من (3): الإجازة - التي هي الاسقاء -.، فيتعدى
إلى المفعول، بغير حرف جر، ولا ذكر رواية.
فتقول: أجزته مسموعاتي - مثلا " -.، كما تقول: أجزته مائي (4).
- 6 -
وقيل: هي - أي: الإجازة - إذن وتسويغ، وهو المعروف.

(1) ينظر: معجم مقاييس اللغة: ج 1 ص 46، والخلاصة في أصول الحديث: ص 106، ومقباس
الهداية: ص 168.
(2) سورة الحج، آية 5.
وينظر: مجمع البحرين: ج 3 ص 168.
(3) وفي النسخة الرضوية: ورقة 38، لوحة أ.، سطر 4: (أي: حين إذا كان أخذها من).
(4) قال الطيبي: (فعلى هذا.، يجوز أن يعدى الفعل، بغير حرف جر، ولا ذكر رواية.، فيقول: أجزت
فلانا " مسموعاتي).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 106).
وقال الشيخ المامقاني: (وحكى عن القسطلاني في (المنهج): ان الإجازة مشتقة من التجوز: وهو
التعدي.، فكأنه عدى روايته حتى أوصلها إلى الراوي عنه).، (مقباس الهداية: ص 168).
وأقول: التجوز: مصدر تجوز.، وهو من قبيل: تأول.، من تأول.، وتجول من تجول.، وتحول من تحول،...،
باعتبار: ان صيغة تفعل من تفعل.، وهذه بدورها تمثل: الفعل المزيد المطاوع من فعل.
وعليه، فهما مفترقان اشتقاقا "، وإن اتحدا في جذرهما الواحد.، هو: جاز -.
نعم، قد تستعمل ما، مكان صيغة أخرى من حيث معناها: فتلك مسألة ثانية.، شأنها شأن: عدل
في عادل، وخيرة في اختيار - كما يستعملها الشيخ المامقاني في المقباس -،....
259

وعلى هذا فتقول: أجزت له رواية كذا.، كما تقول: أذنت له وسوغت له.
وقد يحذف المضاف - الذي هو متعلق الاذن -.، فتقول: أجزت له مسموعاتي
- مثلا " -، من غير ذكر الرواية، على وجه المجاز بالحذف (1).
الحقل الثاني
في: العمل بالإجازة (2)
- 1 -
وإذا تقرر ذلك.، فاعلم:
ان المشهور بين العلماء - من المحدثين والأصوليين -: أنه يجوز العمل بها.، بل، ادعى
جماعة الاجماع عليه.، نظرا " إلى شذوذ المخالف (3).

(1) قال الطيبي: (وقيل: الإجازة: إذن.، فعلى هذا يقول: أجزت له رواية مسموعاتي)
وإذا قال: (أجزت له مسموعاتي).، فهو على حذف المضاف).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص
106).
وقال الدكتور عتر: (والاجازة هي إذن المحدث للطالب، أن يروي عنه حديثا " أو كتابا " أو كتبا "، من غير أن
يسمع ذلك منه أو يقرأه عليه.
كأن يقول له: أجزتك.، أو أجزت لك أن تروي عني صحيح البخاري، أو كتاب الايمان من صحيح
مسلم.، فيروي عنه بموجب ذلك، من غير أن يسمعه منه، أو يقرأه عليه).، (منهج النقد في علوم الحديث: ص
215).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 64، لوحة أ، سطر 9.، ولا، الرضوية.
(3) قال ابن كثير: (والرواية بها جائزة عند الجمهور).
وادعى القاضي أبو الوليد الباجي: الاجماع على ذلك.، ونقضه ابن الصلاح: بما رواه الربيع عن
الشافعي: انه منع من الرواية بها).، (الباعث الحثيث: ص 119.، وينظر: الأعلام للزركلي: 3 / 186 - ترجمة
سليمان الباجي -.
وأقول: ممن أجاز الإجازة من المتقدمين: الحسن البصري، ونافع مولى ابن عمر، والزهري، وربيعة بن أبي
عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري.، وغيرهم.، ينظر: الكفاية: ص 313، وعلوم الحديث لابن الصلاح: ص
152، وتدريب الراوي: ص 141.
وقال الدكتور عتر: وقد أجاز الرواية بها جمهور العلماء من أهل الحديث وغيرهم
وقد وجد المصنفون في هذا الفن غموضا " في الاستدلال لجواز الإجازة.، لكنا نوضحه لك فنقول:
إن العلماء اعتمدوا على الإجازة، بعد ما دون الحديث، وكتب في الصحف، وجمع في التصانيف، ونقلت
تلك التصانيف والصحف عن أصحابها، بالسند الموثوق الذي ينتهي بقراءة النسخة على المؤلف، أو مقابلتها
بنسخته.، فأصبح من العسير على العالم، كلما أتاه طالب من طلاب الحديث، أن يقرأ عليه الكتاب.، فلجأوا إلى
الإجازة.
فالإجازة.، فيها إخبار على سبيل الاجمال بهذا الكتاب أو الكتب انه من روايته.، فتنزل منزلة إخباره بكل
260

وقيل: وهو يعزى إلى: الشافعي في أحد قوليه.، وجماعة من أصحابه منهم: القاضيان
- حسين والماوردي -: لا تجوز الرواية بها (1).
استنادا " إلى أن قول المحدث: (أجزت لك أن تروي عني).، في معنى: (أجزت (2)
لك ما لا يجوز في الشرع).، لأنه لا يبيح رواية ما لم يسمع.، فكأنه في قوة: (أجزت لك أن
تكذب علي) (3).
- 3 -
وأجيب: بأن الإجازة عرفا "، في قوة الاخبار بمروياته جملة.، فهو، كما لو أخبره
تفصيلا "، والاخبار غير متوقف على التصريح نطقا "، كما في القراءة على الشيخ.
والغرض: حصول الافهام.، وهو يتحقق بالإجازة.
وبأن الإجازة، والرواية بالإجازة.، مشروطان بتصحيح لخبر من المخبر.، بحيث يوجد في
أصل صحيح، مع بقية ما يعتبر فيها.

الكتاب، نظرا " لوجود النسخ.، فإن دولة الوراقين، قد قامت بنشر الكتب، بمثل ما تفعله المطابع الان.
ولهذا، لا يجوز، لكمن حمل بالإجازة، أن يروي بها.، إلا بعد أن يصحح نسخته على نسخة المؤلف، أو على
نسخة صحيحة مقابلة على نسخة المؤلف، أو نحو ذلك مما نسخ وصحح على النسخة المقابلة المصححة.، (منهج
النقد في علوم الحديث: ص 215 - 216).، وينظر: الالماع في ما صح من الرواية والسماع: ص 89، وعلوم الحديث
لابن الصلاح: ص 135 - 136.
(1) قال الطيبي: (... منعه جماعة من أهل الحديث والفقه والأصول.، وهو إحدى الروايتين عن
الشافعي.، وقطع به من أصحابه القاضيان: حسين، والماوردي.، ومن المحدثين: إبراهيم الحربي، وأبو الشيخ
الأصبهاني).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 107)، والكفاية: ص 314 - 317، ومقباس الهداية: ص
168، وفتح المغيث للعراقي: 2 / 78.
(2) جملة: (بها استنادا " إلى... أجزت).، مكررة في النسخة الرضوية: ورقة 38، لوحة أ، بين سطري 13
و 14.
(3) ينظر: تدريب الراوي: ص 131، ومقباس الهداية: ص 168، والباعث الحثيث: ص 121 -
الهامش.
ونقل عن ابن جزم قوله: (انها بدعة، غير جائزة).، ينظر: علوم الحديث لقطب: ص 26.
وقال المامقاني: (وفصل بعض الظاهرية ومتابعوهم.، فأجازوا التحديث بها، ومنعوا من العمل بها،
كالمرسل.
وعن الأوزاعي: عكس ذلك.، فجوز العمل بها، دون التحديث.، (مقباس الهداية: ص 168 - 169).،
وفي النسخة: (وعكس)، بزيادة (و)، وهو تصحيف مطبعي.
261

لا، الرواية عنه مطلقا ".، سواء عرف أم لا، فلا يتحقق الكذب (1).
الحقل الثالث
في: الراجح الإجازة أم السماع (2)؟
- 1 -
ثم، اختلف المجوزون في ترجيح: السماع عليها، أو العكس.، على أقوال (3):
- 2 -
ثالثها (4): الفرق.، بين عصر السلف - قبل جمع الكتب المعتبرة التي يعول عليها ويرجع
إليها -.، وبين عصر المتأخرين.
- - 3 -
ففي الأول (5): السماع أرجح.، لان السلف كانوا يجمعون الحديث من: صحف
الناس، وصدور الرجال.، فدعت الحاجة إلى السماع، خوفا " من التدليس والتلبيس.

(1) قال الشيخ المامقاني:
أ. حجة المشهور: ان الإجازة عرفا " في قوة الاخبار...، وهو يتحقق بالإجازة المفهمة، وليس في الإجازة
ما يقدح في اتصال المنقول بها، وفي الثقة به، فيجري عليها حكم السماع من الشيخ.
ب. وحجة المانع: ان قول المحدث: (أجزت لك أن تروي عني... تكذب علي.، ورد: بأن الإجازة
والرواية بالإجازة، مشروطتان بتصحيح الخبر من المخبر..
ج - وحجة الظاهري: أما على جواز التحديث، فحجة المشهور.، وأما على المنع من العمل، فكونه
كالمرسل.، وضعفه ظاهر.، بل، هو تناقض، لاتحاد ملاك التحديث والعمل.
د - وحجة الأوزاعي: (أما على جواز العمل، فالوثوق بالصدور.
وأما على المنع من التحديث.، فحجة المانع وهو كسابقه...، (مقباس الهداية: ص 169 - باختصار).،
وينظر: الباعث الحثيث: ص 121 - 122 الهامش).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 64، لوحة ب، سطر 7.، ولا، الرضوية.
(3) قال المامقاني: (ففي ترجيح السماع عليها أو العكس أقوال:
أ - فالأشهر.، ترجيحه عليها مطلقا ".، لكون السماع أبعد عن الاشتباه، من الإجازة.
ب - وعن بعض المتقدمين: تفضيل الإجازة على السماع مطلقا ".
وعن أحمد بن ميسرة المالكي: ان الإجازة على وجهها خير من السماع الردي.
وعن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد - وأبيه وجده -: انهما على حد سواء.
ج - وعن الطوفي: التفصيل بين عصر السلف، قبل جمع الكتب المعتبرة، التي يعول عليها ويرجع إليها،
وبين عصر المتأخرين...)، (مقباس الهداية: ص 169).
(4) مرجع الضمير: الأقوال
(5) أي: عصر السلف.
262

بخلاف، ما بعد تدوينها.، لان فائدة الراوية حينئذ، إنما هي اتصال سلسلة
الاسناد (صلى الله عليه وآله وسلم)، تبركا " وتيمنا " (1).
* (هامش) (1) هناك اتجاهات ثلاثة في تحديد الفائدة من الإجازة:
الأول: لمجرد التبرك والتيمن.، ويقول الشيخ النوري: فيما اعلم، ان الشهيد الثاني، هو أول من صرح
بذلك.، ينظر: مستدرك الوسائل: 3 / 373.
والقول بالتيمن والتبرك كذلك: هو مبتنى ولد الشهيد الثاني.، كما في: (معالم الدين وملاذ المجتهدين
- الطبعة الحروفية الثانية - ص 263.
الثاني: انها تقسم إلى قسمين - كما يقول العالم الجليل السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة -:
قسم، للمحافظة على اليمن والبركة، والفوز بفضيلة الشركة، في النظم في سلسلة أهل بيت العصمة،
وخزان العلم والحكمة...، وهذا هو المعروف المألوف في هذه الأزمان لا غير.
وقسم، للمحافظة على الضبط، وقوة الاعتماد، والامن من التحريف والتصحيف، والسقط في المتن
والاسناد.، وهذا القسم يجري مجرى القراءة على الشيخ، والسماع من فلق فيه.، وهذا أمر معروف أيضا "، بين
الأقدمين، لا شك فيه.، ولذا، ترى المجازين يقولون - حيث يستجيزون الكتاب الذي نظره المجيز وعرف
صحته، وشهد بالاعتماد عليه -: حدثني وأخبرني).، من دون أن يقول: اجازة...، المستدرك: 3 / 378.
الثالث: انها طريقية تحملية.، وهذا الرأي اعتمده كثير من العلماء.، وجهد في إثباته الشيخ النوري، بكلام
طويل، احتل ثماني صفحات طوال، من خاتمة مستدركه: 3 / 373 - 382.
ومن أدلته: أ - ان التيمن الذي ذكروه.، هو دون المستحب الشرعي....، المستدرك: 3 / 374
ب - وبالجملة.، فلولا اعتقاد الحاجة أو الاحتياط، ولو لأمر تعبدي وصل إليهم.، لما كان لاجازاتهم في
هذا الصنف من الكتب، محل صحيح، يليق نسبته إلى مثل آية الله العلامة وأضرابه...، المستدرك: 3 / 377.
ح‍ - كما أن المتأخرين جرت عاداتهم.، بأن يقولوا: (قرأ علي المبسوط مثلا " قراءة مهذبة، وأجزت له أن
يروي عني).، بمعنى: اني ضمنت له صحت الكتاب، الذي قرأه علي، وأبحت له روايته..).، المستدرك:
3 / 378.
د - وأخبرنا به أيضا ": أحمد بن عبدون... عن أبي جعفر، محمد بن يعقوب الكليني، جميع مصنفاته
وأحاديثه، سماعا " وإجازة، ببغداد...، المستدرك: 3 / 380.
وهذا النص منقول كذلك.، في (بحوث في علم الرجال - الطبعة الثانية -: ص 248.، وفي الهامش
إشارة إلى وجوده في: الفهرست - للشيخ الطوسي -: ص 162.، ولكن لدى مراجعة المطبوع - الكثير الخطأ
والسقط -، لم أجد عبارة (سماعا " وإجازة ").
ه‍ - ومما يؤيد ما ذكرناه.، قصة ابن عيسى مع الوشا (... فسألته: أن يخرج لي كتاب...، فقلت أحب
أن تخبرنا هما لي.، فقال لي: يا رحمك الله، وما عجلتك، اذهب فاكتبهما واسمع من بعد.، فقلت: لا آمن
الحدثان...).، المستدرك: 3 / 381.، وينظر: رجال النجاشي: ص 28.
و - وأخيرا "، أنهى كلامه بجملة: وفي جميع ما ذكرناه، لعله كفاية لمن أمعن فيه النظر.، لعدم الحكم
الجزمي يعدم الفائدة للإجازة، وانحصارها في التبرك.، وان الاحتياط الشديد في أخذها).، المستدرك: 3 / 382. (*)
263

وإلا، فالحجة تقوم بما في الكتب.، ويعرف القوي منها والضعيف، من كتب الجرح
والتعديل.، وهذا قوي متين (1).
الحقل الرابع
في: عبارات الإجازة وأنواعها (2)
ثم، الإجازة تتنوع أنواعا " أربعة (3).، لأنها:

(1) قلت: والأقوى عندي: هو القول الأول.، ضرورة بعد السماع عن الشيخ، ثم القراءة عليه، عن
الاشتباه بما لا يوجد مثله في غير المقرر والمسموع منه، كما هو ظاهر).، (مقباس الهداية: ص 169).
وأقول: ويقصد الشيخ المامقاني بالقول الأول: ترجيحه عليها.، أي: ترجيح السماع على الإجازة.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 65، لوحة أ، سطر 2.، ولا، الرضوية.
وقال الدكتور عتر: اصطلح المتأخرون على اطلاق: (أنبأنا) في الإجازة "، وكان هذا اللفظ عند
المتقدمين، بمنزلة (أخبرنا)، فإن قال (أنبأنا إجازة أو مناولة)، فهو أحسن، ومما عبر به كثير من الرواة
المتقدمين والمتأخرين، قولهم: (أخبرنا فلان إذنا "، أو فيما أذن لي فيه، أو
فيما أطلق لي الحديث به عنه، أو فيما أجازنيه).،
وهي عبارات حسنة تفصل الإجازة والمناولة، عن السماع والعرض.
وكان الأوزاعي يخصص الإجازة بقوله: (خبرنا) بالتشديد.، (منهج النقد: ص 225).، وينظر:
الالماع في أصول الرواية والسماع: ص 128 - 132، وعلوم الحديث لابن الصلاح: ص 150 - 152.، والباعث
الحثيث: ص 124.
وينظر: رأي علم الهدى، ومناقشة العلامة الحلي، وولد الشهيد الثاني.، في: معالم الدين وملاذ المجتهدين:
ص 361 - 362.
(3) وأقول: تعددت الأقوال في أنواع الإجازة.، فمنهم من يراها:
أ - ثلاثة.، كالوليد بن بكر بن مخلد الأندلسي.، في كتابه (الإجازة في صحة القول بالإجازة).، حيث نقل
ذلك: الدكتور أحمد شلبي، في تاريخ التربية في الاسلام، ص 267 - 268.، عن نسخة مخطوطة، في مكتبة
المحامي عباس العزاوي، ببغداد.
ب - أربعة.، كابن كثير، في: (الباعث الحثيث: ص 119 - 120.، والدكتور صبحي، في: (علوم
الحديث ومصطلحه: ص 95).
ح‍ - خمسة.، كالخطيب، في: (الكفاية: ص 466 - 493).، والطيبي في: (الخلاصة في أصول
الحديث: ص 106 - 109).، وهو الظاهر من ابن حجر، في (نخبة الفكر: ص 218 - 220).
د - ستة.، كالقاضي عياض، في: (الالماع: ص 87 - 170).، وينظر: (منهج النقد: ص 216).
ه‍ - سبعة.، كابن الصلاح، في: (علوم الحديث: ص 134 - 144).، والحارثي، في: (وصول الأخيار:
ص 135 - 138).، وشانه چي، في: (دراية الحديث: ص 134 - 136).، والمجلس الأول، في: (روضة
المتقين: 1 / 26).
و - تسعة.، كالسيوطي، في: (تدريب الراوي: ص 255).
264

إما أن تتعلق بأمر معين، لشخص معين.، أو عكسه.
أو بأمر معين، لغيره.، أو عكسه.
النوع الأول (1):
وأعلاها: الأول.، وهو الإجازة لمعين، به - أي: بمعين - (2).
ك‍: (أجزتك الكتاب الفلاني)، أو (ما اشتمل عليه فهرستي هذا).
وإنما كانت أعلى.، لانضباطها بالتعيين.، حتى زعم بعضهم: انه لا خلاف في
جوازها، وإنما الخلاف في غير هذا النوع (3).

ز - بل، قد وصل بها - صورا " - المامقاني إلى خمسمائة.، حيث قال:
(إن الإجازة تتصور على أقسام كثيرة.، لأنها تارة " بالقول الصريح.، كقوله: (أجزت لك رواية الحديث
الفلاني عني.
وأخرى: بالقول الظاهر.، كقوله: (لا أمنع من روايتك الحديث الفلاني).
وثالثة: بالقول المقدر.، كقوله: (نعم، عند السؤال عنه - بقوله: أجزتني وأجزت فلانا "، أو أجزني، أو
أجزه).، وهكذا.
ورابعة: بالإشارة.
وخامسة: بالكتابة.
وعلى التقادير الخمسة.، فإما أن يكون المجاز حاضرا "، أو غائبا ".
وعلى التقادير العشرة، فإما أن يكون المجاز معينا "، أو غير معين، فهذه عشرون قسما ".
وعلى العشرة المتأخرة، فإما أن يكون غير المعين عاما " - كقوله: أجزت لكل من أراد أن يروي
عني -، أو داخلا " تحت عنوان خاص صنفا " - كعلماء العرب -.، أو قيدا " في العلم - كعلماء
الفقه -، أو مكانا " - كعلماء بلدة كذا -.، فهذه أربعون صورة.، وهي مع العشرة الأولى خمسون.
وعلى التقادير.، فإما أن يكون متعلق الرواية..، فتبلغ الصور: خمسمائة.
وقد تعارف بين أهل الدراية تقسيمها إلى: أربعة أضرب، أو سبعة، أو تسعة...، ونحن نتعرض للتسعة
فنقول...،).، (مقباس الهداية: ص 169 - 170).
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 65، لوحة أ، سطر 4.، ولا، الرضوية.
(2) جملة: (به أي بمعين...، وإنما الخلاف في غير هذا النوع أو الإجازة لمعين).، مكررة في النسخة
الرضوية: ورقة 38، لوحة ب.، بين أسطر: 11 و 13.
(3) قال المامقاني: (وادعى أبو الوليد الباجي وعياض: الاجماع على جواز الرواية والعمل بها.، وإن كان
في تعميم بعض المخالفين: المنع لهذا الضرب أيضا "، كما لا يخفى على من راجع كلماتهم).، (مقباس الهداية: 170).،
وقال الدكتور عتر: (وقد ذكروا للإجازة أنواعا " كثيرة.، اعتنى القاضي عياض بها، في (الالماع).،
وتقصاها بما لم يسبق إليه، وذكر لها ستة أنواع.، ثم جاء ابن الصلاح، ولخص كلامه، وزاد عليها نوعا " واحدا "، فبلغت
سبعة أنواع. وأعلاها: أن يجيز الشيخ لشخص معين، كتابا " معينا " أو كتبا " معينة " حال كونهما عالمين بهذا الكتاب.،
وهذا النوع، يتحقق فيه معنى الاخبار...).، (منهج النقد ص 216).، وينظر: (الخلاصة في أصول الحديث:
ص 106 - 107)، و (الباعث الحثيث: ص 119).
265

النوع الثاني (1):
أو الإجازة لمعين، بغيره - أي: بغير معين -.، كقولك: (أجزتك مسموعاتي أو
مروياتي)، وما أشبهه.
وهذا أيضا " جائز، على الأشهر.
ولكن، الخلاف فيه أكثر، من حيث عدم انضباط المجاز، فيبعد عن الاذن الاجمالي
المسوغ له.
ولو قيدت بوصف خاص.، كمسموعاتي من فلان - أو في بلد كذا - إذا كانت
متميزة.، فأولى بالجواز (2).
النوع الثالث (3).
ثم، بعدهما في المرتبة.، الإجازة، لغيره - أي: غير معين -.، ك‍: جميع المسلمين، أو كل
أحد، أو من أدرك زماني، وما أشبه ذلك (4).، سواء كان:
بمعين، كالكتاب الفلاني.
أو بغير معين.، كما يجوز لي روايته ونحوه.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 65، لوحة أ، سطر 7.، ولا، الرضوية.
(2) قال الطيبي: (الثاني: إجازة معين من غير معين.، كقول الشيخ: (أجزتك مسموعاتي أو مروياتي).،
والجمهور على جواز الرواية بها، ووجوب المل بها).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 107).
وقال ابن كثير: (2 - إجازة لمعين في غير معين.، مثل أن يقول: (أجزت لك أن تروي عني ما أرويه)، أو
(ما صح عندك، من مسموعاتي ومصنفاتي).، وهذا مما يجوزه الجمهور أيضا ": رواية "، وعملا ").، (الباعث
الحثيث: ص 119).
وقال الحارثي: (والخلاف فيه: أقوى من الأول.، ولكن، الجمهور أوجبوا العمل بها، وجوزوا الرواية لكل
ما ثبت عنده انه سمعه).، (وصول الأخيار: ص 135).
وقال المامقاني: (والجمهور من الطوائف: جوزوا الرواية بها، وأوجبوا العمل بما روي بها بشرطه).،
(مقباس الهداية: ص 170)
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 65، لوحة أ، سطر 12 ر ولا، الرضوية.
(4) قال الطيبي: (الثالث: إجازة العموم.، كقوله: (أجزت للمسلمين)، أو (لمن أدرك زماني)،
و (ما أشبهه).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 107 - 108).
وقال ابن كثير: (3 - الإجازة لغير معين.، مثل أن يقول: (أجزت للمسلمين)، أو (للموجودين)، أو
(لمن قال لا إله إلا الله).، وتسمى: (الإجازة العامة).، (الباعث الحثيث: ص 119).
وقال الحارثي: (الثالث: أن يجيز معينا " لغير معين.، بل، بوصف العموم.، ك‍: (أجزت هذا الحديث)،
أو (كتاب الكافي).، لكل أحد، أو لأهل زماني، أو لمن أدرك جزء " من حياتي).، (وصول الأخيار: ص 136).
266

وفيه أيضا ": خلاف، مرتب في القوة بحب المرتبتين.، فجوزه على التقديرين، جماعة
من الفقهاء والمحدثين (1).
- 2 -
وممن وقفت على اختياره لذلك - من متأخري أصحابنا -: شيخنا الشهيد (2).
وقد طلب من شيخه السيد تاج الدين بن معية: الإجازة له.، ولأولاده.، ولجميع
المسلمين - ممن أدرك جزء " من حياته: جميع مروياته.، فأجازهم ذلك بخطه.
- 3 -
ويقربه إلى الجواز.، تقييده بوصف خاص، كأهل بلد معين.، فإن جوزنا العام، جاز
هنا بطريق أولى.، وإلا، احتمل الجواز هنا، للحصر.

(1) وقال الطيبي: (واختلفوا في هذه.، فجوزها الخطيب مطلقا ".، فإن قيدت بوصف خاص، فأولى
بالجواز.، وجوزها القاضي أبو الطيب: لجميع المسلمين الموجودين عند الإجازة).، (الخلاصة: ص 108).
وقال ابن كثير: (وقد اعتبرها طائفة من الحفاظ والعلماء.، فممن جوزها: الخطيب البغدادي، ونقلها عن
شيخه القاضي أبي الطيب الطبري.، ونقلها أبو بكر الحازمي عن شيخه أبي العلاء الهمداني الحافظ، وغيرهم من
محدثي المغاربة رحمهم الله).، (الباعث الحثيث: ص 119 - 120).، وينظر: (تدريب الراوي: ص 141)، و
(علوم الحديث لابن الصلاح: ص 152).
وقال الحارثي: (وفيه: خلاف.، والأقوى: انه كالأولين، وقد استعمله أكابر علمائنا).، وصول الأخيار:
ص 136).
وقال المامقاني: (كالقاضي أبي الطيب الطبري، والخطيب البغدادي، وأبي عبد الله بن منده، وابن
عتاب، وأبي العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني من العامة.
والشهيد (ره) من أصحابنا...
ومنعه: آخرون.
ثم، ان بعض المالقين جوز ذلك، فيما إذا قيده بوصف خاص، ك‍: أجزت طلبة العلم ببلد كذا، ومن قرأ
علي قبل هذا. بل عن القاضي عياض انه قال: ما أظنهم اختلفوا في جواز ذلك، ولا رأيت منعه لأحد، لأنه
محصور موصوف.، كقوله: لأولاد فلان، أو أخوة فلان، انتهى).، (مقباس الهداية: ص 170).
وأقول: الصحيح أن تكتب (أبي عبد الله).، هكذا: (أبي عبد الله).، لان تلك من الأمالي الفارسية.،
والمقباس عربي.
كما يبدو لي: (ان الصحيح: (المالقيين)، على صورة الجمع، حيث مفردها: (ما لقي).، وهو ما يسمى
اليوم: (مالطي) عربيا "، نسبة " إلى (ملقه).، وهي تقع على البحر الأبيض المتوسط.، ينظر: المنجد في العلوم: ص
683.
(2) محمد بن مكي العاملي.، رائد (اللمعة الدمشقية)، وغيرها من أمهات المراجع الامامية.، ينظر.،
رياض العلماء: 5 / 185 - 191، ونقد الرجال: ص 334، وتنقيح المقال.، 3 / 191 - 192.
267

النوع الرابع (1):
- 1 -
وتبطل الإجازة: بمروي مجهول، أوله - أي: لشخص مجهول (2) -.
- 2 -
فالأول.، ك‍: (كتاب كذا)، وله - أي: للمجيز - مرويات كثيرة بذلك الاسم.
والثاني.، كقوله: (أجزت لمحمد بن فلان).، وله موافقون فيه - أي: في ذلك الاسم
والنسب -، ولا يعين المجاز له منهم.
- 3 -
وليس من هذا القبيل (3): اجازته لجماعة مسميين، معينين بأنسابهم، والمجيز
لا يعرف أعيانهم.
فإنه غير قادح، كإسماعهم.، أي: كما لا يقدح عدم معرفته بهم (4)، إذا حضروا في
السماع منه، كما تقدم.، لحصول العلم في الجملة، وتميزهم في التسمية هنا (5).
الحقل الخامس
في: الإجازة المعلقة (6)
وتعليق الإجازة على الشرط.، كقوله: أجزت.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 65، لوحة ب، سطر 8، ولا، الرضوية.
(2) قال الشيخ المامقاني: (وقد صرح ببطلان هذا الضرب جماعة، للجهالة).، (مقباس الهداية: ص
170).
(3) وفي النسخة الرضوية: ورقة 39، لوحة أ.، سطر 7: (وليست من هذا القبيل).
(4) وفي النسخة ذاتها: ورقة 39، لوحة أ.، سطر 9: (كما يقدح عدم معرفتهم بهم).
(5) قال ابن كثير: (الإجازة للمجهول بالمجهول: فاسدة.
وليس منها: ما يقع من الاستدعاء لجماعة مسميين.، لا يعرفهم المجيز، أولا يتصفح أنسابهم، ولا عدتهم.
فإن هذا سائغ شائع، كما لا يستحضر المسمع أنساب من يحضر مجلسه ولا عدتهم، والله أعلم).، (الباعث
الحثيث: ص 120).
(6) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 66، لوحة أ، سطر 2.، ولا، الرضوية
268

(1 -) (ولمن شاء فلان).، باطل لا يعتد بها عند جماعة، للجهالة والتعليق.، كقوله:
(أجزت لبعض الناس) (1).
وقيل: لا.، لارتفاع الجهالة، عند وجود المشية (2).، بخلاف، الجهالة الواقعة، في الإجازة
لبعض الناس (3).
(2 -) و (لمن شاء الإجازة)، أو (الرواية)، أو (لفلان إن شاء)، أو (لك إن
شئت).، تصح.
لأنها، وإن كانت معلقة.، إلا، انها في قوة المطلقة.
لان مقتضى كل إجازة: تفويض الرواية بها، إلى مشية المجاز له.
فكان هذا - مع كونه بصيغة التعليق -: في قوة ما يقتضيه الاطلاق، وحكاية
للحال.، لا تعليقا " حقيقة ".
حتى أجاز بعض الفقهاء: (بعتك إن شئت).، فقال: (قبلت) (4).

(1) أي.، ان قول القائل: (أجزت لمن شاء فلان).، كقوله: (أجزت لبعض الناس).
(2) هكذا في الخطيتين، وهي صحيحة.، غير أن المتداول اليوم أن يقال: (المشيئة).
(3) قال الشيخ المامقاني: (وفي بطلانها قولان:
فقطع بالبطلان: القاضي أبو الطيب الشافعي، للجهالة والتعليق.، قياسا " على الوكالة.، كقوله: (أجزت
لبعض الناس).
وصححها: أبو يعلى بن الفراء الحنبلي، وأبو الفضل محمد بن عبيد الله بن عمروس المالكي.، لارتفاع
الجهالة عند وجود المشيئة، ويتعين المجاز له عندها.، بخلاف الجهالة الواقعة، في الإجازة لبعض الناس.، مضافا "
إلى قول النبي (ص) - لما أمر زيدا " على غزوة مؤتة -: فإن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فابن رواحة.، حيث
علق (ص) التأمير.
والقياس على الوكالة: فاسد.، للفرق بينهما: بأن الوكيل ينعزل بعزل الموكل له، بخلاف المجاز).،
(مقباس الهداية: ص 171).
وقال الحارثي: (وبالجملة: التعليق مبطل على ما يتعارفه أهل الصناعة).، (وصول الأخيار: ص
136).
(4) قال المامقاني: الشئ ذاته.، غير أن هناك سقط وتبديل، وقع في المطبوع من المقباس: ص 171.
حيث جاء فيه: (فكان مع كونه بصفة التعليق).، والصحيح: (فكان هذا..).
و (بعتك إن شئت، إذا لحقه القبول).، مكان: (بعتك إن شئت.، فقال: قبلت).
269

الحقل السادس
في: الإجازة لمعدوم (1)
- 1 -
ولا تصح الإجازة لمعدوم.، كقوله: (أجزت لمن يولد الفلان).، كما لا يصح الوقف
عليه، ابتداء.
- 2 -
وقيل: بل، تصح الإجازة للمعدوم، إن عطف المعدوم على موجود.، ك‍: (أجزت لفلان
ومن يولد له) (2).، كالوقف (3)
- 3 -
ومنهم.، من أجازها للمعدوم، مطلقا ".، بناء على أنها إذن لا محادثة.
ورد: بأنها لا تخرج عن الاخبار، بطريق الجملة، كما سلف.، وهو لا يعقل للمعدوم،
ابتداء ولو سلم: كونها إذنا ".، فهي لا تصح للمعدوم كذلك، كما لا تصح الوكالة للمعدوم (4).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 66، لوحة أ، سطر 12.، ولا، الرضوية.
(2) وفي النسخة الرضوية: ورقة 39، لوحة أ، سطر 20: (كأجزت لفلان وعقبه ومن يولد له).
ويبدو أن: كلمة (وعقبه)، مقحمة زائدة.، وإلا، فعبارة (ومن يولد)، إن لم تكف، فينبغي أن تقدم على
عبارة (وعقبه).
(3) قال الطيبي: (اجازة المعلوم.، كقوله: (أجزت لمن يولد لفلان).
فأجازه: الخطيب.، وحكاه عن: ابن الفراء الحنبلي، وابن عمروس المالكي.، لأنها إذن.
وأبطلها: القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ.، وهو الصحيح، لأنها في حكم الاخبار، ولا يصح إخبار
معدوم).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 108).
وقال ابن كثير (....، وحكاه ابن الصباغ عن طائفة.
ثم، ضعف ذلك وقال: هذا يبنى على أن الإجازة إذن أو محادثة.
وكذلك، ضعفها ابن الصلاح).، الباعث الحثيث: ص 120)
وقال الحارثي: (والجمهور - منا ومنهم - لم يقبلوها.،).، (وصول الأخيار: ص 136 - 137).
وقال المامقاني: (فأن جمعا ": صححوها.، للأصل، ولأنها إذن لا محادثة، فتشمل المعدوم.
وآخرون: أبطلوها، قياسا " على الوقف على المعدوم ابتداء...).، (مقباس الهداية: ص 171).
(4) قال الطيبي: (وقولهم: إنها إذن، وإن سلمناه.، فلا يصح أيضا "، كما لا الوكالة للمعدوم.
أما لو عطفه على الموجود فقال: (أجزت لفلان ولمن يولد له)، أو (أجزت لك ولعقبيك ونسلك).، فقد
جوزه ابن أبي داوود، وهو أولى بالجواز من المعدوم المجرد، عند من أجازه.
270

الحقل السابع
في: غير المميز (1)
وتصح.، لغير مميز من: المجانين، والأطفال بعد انفصالهم.، بغير خلاف ينقل في
ذلك، من الجانبين (2).
- 1 -
وقد رأيت خطوط جماعة من فضلائنا، بالإجازة لأبنائهم عند ولادتهم، مع تاريخ
ولادتهم.
منهم.، السيد جمال الدين بن طاووس (3)، لولة غياث الدين.
وشيخنا الشهيد.، استجاز من أكثر مشايخه بالعراق، لأولاده الذين ولدوا بالشام،
قريبا " من ولادتهم.
وعندي الان.، خطوطهم له (4)، بالإجازة.

وأجاز أبو حنيفة ومالك في الوقف: القسمين.
وأجاز الشافعي: (الثاني دون الأول).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 108).
وقال المامقاني: (فالأولى: الاستدلال للبطلان، بما في (البداية).، من أنها لا تخرج عن الاخبار...).،
(مقباس الهداية: ص 171).
وأقول: في نسخة المقباس: (عن الاخبار).، هو تصحيف مطبعي.، حيث المراد أعلاه: المصدر، وليس
الجمع.
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 66، لوحة ب، سطر 4.، ولا، الرضوية.
(2) قال الخطيب: (وعليه، عهدنا شيوخنا، يجيزون الأطفال الغيب، ولا يسألون عن أسنانهم وتميزهم
ولأنها إباحة للرواية.، والإباحة تصح.، للعاقل، ولغير العاقل).، (الكفاية: ص 325).
وقال الطيبي: (والاجازة للطفل، الذي لا يميز، صحيحة.، قطع به القاضي أبو الطيب).، الخلاصة في
أصول الحديث: ص 108).
وقال المامقاني: (الإجازة لموجود فاقد لأحد شروط الرواية.، ك‍: الطفل، والمجنون، والكافر، والفاسق،
والمبتدع.، وغيرهم.
أما الطفل المميز.، فلا خلاف في صحة الإجازة له.، وكذا: المجنون، والطفل الغير المميز، على ما صرح به
جمع.، منهم: ثاني الشهيدين في البداية...).، (مقباس الهداية: ص 171).
(3) الغالب، أن تكتب (طاووس) بواو واحدة، والصحيح: بواوين.، لأنها، على وزن فاعول.، وصيغة
فاعول خماسية.
(4) وفي النسخة الرضوية: ورقة 39، لوحة ب.، سطر 7: (لهم).
271

- 2 -
وذكر الشيخ جمال الدين أحمد بن صالح السيبي (قدس سره):
ان السيد فخار الموسوي، اجتاز بوالده مسافرا " إلى الحج.، قال: فأوقفني والدي بين
يدي السيد.، فحفظت منه انه قال لي:
يا ولدي، أجزت لك ما يجوز لي روايته.
ثم، قال: وستعلم فيما بعد، حلاوة ما خصصتك به.
- 3 -
وعلى هذا.، جرى السلف والخلف (1)، وكأنهم رأوا الطفل أهلا " لتحمل هذا النوع، من
أنواع حمل الحديث النبوي.
ليؤدي به، بعد حصول أهليته.، حرصا " على توسع السبيل، إلى بقاء الاسناد، الذي
اختصت به هذه الأمة، وتقريبه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بعلو الاسناد (2).
الحقل الثامن
في: الحمل (3)
وفيها.، أي: في الإجازة للحمل - قبل وضعه -: وجهان.، بل، قولان:
بالصحة.، نظرا " إلى وجوده. وعدمه.، نظرا " إلى عدم تميزه.
وقد تقدم.، انه غير مانع فيتجه الجواز (4).

(1) الذي في النسخة الرضوية: ورقة 39، لوحة ب.، سطر 11: (أجزى) بدلا " من (جرى).
(2) ينظر: (وصول الأخيار: 137).، فقد نقل الشئ، ذاته، مع تصرف يسير وسقط.
وكذلك.، ينظر: (المستدرك: 3 / 375).، ولكن، بتقديم وتأخير.
وينظر أيضا ": (مقباس الهداية: ص 172).
وأقول: هنا بحث ممتع. بعنوان: (الاسناد من خصوصية أمة الاسلام).، بقلم: الدكتور محمد مبارك
السيد.، في مجلة: (التضامن الاسلامي.، مجلة سياسية، تصدرها وزارة الحج والأوقاف بمكة المكرمة، السنة
السادسة والثلاثون، الجزء الخامس، ذو القعدة، 1041 ه‍ - سبتمبر 1981 ه، ص 62 - 67).
ولكنه، مع ذلك، لا يخلو من مناقشة، فد البعض من صحائفه.
أما مصادره فهي - كما في هامش صفحة 67 -: مقدمة ابن الصلاح: 215، 257، وتدريب الراوي
للسيوطي: 2 / 140، 142، 144، 160، وفتح المغيث للسخاوي: والباعث الحثيث: 3 / 4: 189 - 190، وقواعد
التحديث للقاسمي: ص 201، والسنة ومكانتها في التشريع للسباعي: ص 106، ومقدمة الإمام مسلم. 1 / 84،
والآية رقم 6 من سورة الحجرات، والآية رقم 36 من سورة الإسراء.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 67، لوحة أ، سطر 6.
(4) ينظر: (وصول الأخيار: ص 137)، مع تصرف يسير.
272

الحقل التاسع
في: إجازة غير المرغوب (1)
- 1 -
وتصح: للكافر، كما يصح سماعه للأصل.
وتظهر الفايدة: إذا أسلم.، وقد وقع ذلك، في قريب من عصرنا، وحصل بها النفع.
- 2 -
وللفاسق والمبتدع، بطريق أولى.، فرجاء زوال فسق المسلم أقرب.
- 3 -
ورواية المبتدع.، تقبل على بعض الوجوه، وقد تقدم (2).
الحقل العاشر
في: ما لم يتحمله المجيز (3)
ولا تجوز الإجازة بما لم يتحمله المجيز من الحديث، ليرويه عنه إذا تحمله المجيز بعد ذلك.،
لما عرفت من أنها: في حكم الاخبار بالمجاز جملة "، أو إذن.
ولا يعقل، أن يخبر بما لم يخبر به (4).، ولا، أن يأذن فيما لا يملك.، كما لو وكل في بيع
العبد، الذي يريد أن يشتريه (5).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 67، لوحة أ 7 سطر 8.
(2) قال الشيخ المامقاني: (لكن، قد يخالجني الاشكال في صحة الإجازة لهما وللكافر.، بأنه قد تؤدي
الإجازة لهم، إلى الاغراء بالجهل، لأنه، إذا كان مجازا " من الشيخ، أوجب ذلك قبول غير العالم بحقيقة حالهم
لروايتهم، وذلك فساد عظيم.، فينبغي المنع من الإجازة لهم، سدا " لهذا الباب.
وأيضا "، فالإجازة لهم ركون إليهم.، ولا شبهة في كونهم من الظالمين.، وقد نهى الله تعالى عن الركون إلى الذين
ظلموا.
والتحمل غير الإجازة.
فالمنع في نظري القاصر، من الإجازة لهم أظهر.
ولا يوحشني الانفراد.، إذا ساعد مقالتي الدليل والاعتبار.
وعليك، بإمعان النظر، لعلك توافقنا فيما قلناه).، (مقباس الهداية: ص 172).
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 67، لوحة أ، سطر / 11، ولا، الرضوية.
(4) وقال الشيخ المامقاني: (الأول: بصيغة المعلوم.، والثاني: بصيغة المجهول - منه مذ ظله).، (مقباس
الهداية: 172).
(5) وقال الحارثي: (إجازة ما لم يتحمله....، وهي باطلة قطعا ").، (وصول الأخيار: ص 172).
273

وذهب بعضهم إلى جوازه، بناء " على جواز الاذن كذلك، حتى في الوكالة.، وحينئذ،
فيتعين الإجازة بجميع مسموعاته - مثلا " في الرواية (1)، ما يتحمله منها قبلها، ليرويه (2).
- 2 -
لكن، لو قال أجزت لك ما صح، ويصح عندك من مسموعاتي - مشلا -.، يصح
أن يروي بذلك عنه، ما صح عنده بعد الإجازة، انه سمعه قبل الإجازة (3).
- 3 -
وأجاز بعضهم إجازة، ما تتجدد من روايته (4)، مما لم يتحمله، ليرويه المجاز له، إذا
تحمله المجيز بعد ذلك.
وقد فعله جماعة من الأفاضل (5).
الحقل الحادي عشر
في: إجازة المجاز لغيره (6)
- 1 -
وتصح للمجاز له: إجازة المجاز لغيره.
فيقول: (أجزت لك مجازاتي)، أو (رواية ما أجيز لي روايته).
لان روايته إذا صحت لنفسه، جاز له أن يرويها لغيره (7).

(1) جملة: (فيتعين من يريد الإجازة بجميع مسموعاته مثلا " في الرواية تحقيق ما تحمله منها قبلها
ليرويه).، مكررة في النسخة الرضوية: 40، لوحة أ، سطر 3.
وعلى كلمة: (فيتعين)، إشارة تضبيب.، وفي الهامش مقابلها: (فيعتبر).
(2) قال المامقاني: (... فيتعين على من أراد أن يروي عن شيخ، أجاز له جميع مسموعاته.، أن يبحث،
حتى يعلم أن هذا مما تحمله شيخه، قبل الإجازة له، ليرويه).، (مقباس الهداية: ص 172).
(3) قال الحارثي: (وأما قولهم): (أجزت لك ما صح أو يصح عندك من مسموعاتي)، فصحيح،
يجوز الرواية به، لما صح عنده سماعة له قبل الإجازة، لا بعدها.
فعلى هذا.، يجب عليه البحث، ليعلم انه مما كان قد تحمله قبل الإجازة وإلا، لم يجز له روايته).،
(وصول الاخبار: ص 138).
(4) في النسخة الرضوية: ورقة 40، لوحة أ.، سطر 6: (ما تتجدد روايته)، باسقاط كلمة (من).
(5) وقال الشئ ذاته الشيخ المامقاني.، في (مقباس الهداية: ص 172).
(6) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 67، لوحة ب، سطر 9.
(7) قال الطيبي: (والصحيح الذي عليه العمل: جوازه.، وبه قطع الحفاظ الاعلام.
وكان أبو الفتح يروي بالإجازة.،. ربما والى بين إجازات ثلاث).، (الخلاصة في أصول الحديث:
ص 109) وقال ابن كثير (ولو قال:)
(أجزت لك أن تروي ما صح عندك مما سمعته وما سأسمعه).، فالأول: جيد.، والثاني: فاسد.
274

وقيل: لا يجوز إجازتها. وإنما يجوز للمجاز العمل بها، لنفسه خاصة. وهو متروك (1).
الحقل الثاني عشر
في: تأمل الرواية بالإجازة (2)
- 1 -
وينبغي لمن يروي بالإجازة: ان يتأملها.، أي: إجازة شيخ شيخه، التي أجازها له
شيخه.، ليروي المجاز الثاني: ما دخل تحتها، ولا يتجاوزها (3).

= وقد حاول ابن الصلاح ابن الصلاح تخريجه: على أن الإجازة إذن، كالوكالة.، وفيما لو قال: (وكلتك في بيع
ما سأملكه)، خلاف).، (الباعث الحثيث: ص 121).
(1) قال المامقاني: (وعن عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي: المنع من ذلك.
وإنه إنما يجوز له العمل بها لنفسه خاصة، وهو متروك.، حتى أن بعضهم لعدم الاعتناء بخلافه، ادعى
الاتفاق على الجواز).، (مقباس الهداية: ص 172).
وبالمناسبة أقول: أن الأنماطي هذا: هو أبو البركات محدث بغداد.، وهو أحد حفاظ الحنابلة، ولد سنة
462 ه‍، وقرأ على ابن الطيوري جميع ما عنده...، وهو راوي كتاب: (وقعة صفين)، لنصر بن مزاحم المنقري،
المتوفي سنة 212 ه‍.، تنظر ترجمته في مقدمة: (وقعة صفين: ص 1 - الهامش).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 67، لوحة أ، سطر 13.، ولا، الرضوية.
(3) تقريره: انه إذا كان مثلا " صورة إجازة شيخ شيخه لشيخه: (أجزت له ما صح عنده من مسموعاتي).
فرأى المجاز له الثاني: شيئا " من مسموعات شيخ شيخه.، فليس له أن يروي ذلك، عن شيخه عنه.، حتى
يتيقن: انه مما كان قد صح عند شيخه، كونه من مسموعات شيخه.
ولا يكتفي بعلمه هو بذلك، من دون أن يكون قد علم به شيخه.، لان الشرط الواقع في إجازة شيخ شيخه،
كونه معلوما " لشيخه المجاز له، لا لغيره - منه رحمه الله).، (النسخة الأساسية: ورقة 68، لوحة أ، مقابل سطر 1
- 6).
وقال الطيبي: (وينبغي لمن يروي، أن يتأمل كيفية إجازة شيخ شيخه.، لئلا يروي ما لم يندرج تحتها.
فإذا كان صورة إجازة شيخ شيخه: (أجزت له ما صح عنده من سماعي).، فرأى سماع شيخ شيخه،
فليس له أن يرويه عن شيخه عنه، حتى يستبين انه مما كان قد صح عند شيخه، كونه من مسموعات شيخه الذي
تلك اجازته.، وهذه دقيقة حسنة، والله أعلم).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 109).
وقال ابن كثير: (وأما الإجازة بما يرويه إجازة ".، فالذي عليه الجمهور: الرواية بالإجازة على الإجازة، وإن
تعددت. وممن نص على ذلك: الدارقطني، وشيخه أبو العباس ابن عقدة، والحافظ أبو نعيم الأصبهاني،
والخطيب، وغير واحد من العلماء.
قال ابن الصلاح: ومنع من ذلك: بعض من يعتد به من المتأخرين.
والصحيح الذي عليه العمل: جوازه، وشبهوا ذلك بتوكيل الوكيل).، (الباعث الحثيث: ص 121).،
وينظر: (تدريب الراوي: ص 141).
275

فإن أجيز شيخه، بما صح سماعه عنده من مسموعات شيخه.، لم يرو هذا المجاز الثاني
عن شيخه - وهو الأوسط -.، إلا ما يتحقق عند الراوي الأخير:
انه صح عند شيخه - وهو الأوسط -: انه سماع شيخه الأول.
ولا يكتفي بمجرد صحة ذلك عنده الان، من غير أن يكون قد صح سماعه عند شيخه.،
عملا " بمقتضى لفظه وتقييده.
فينبغي التنبيه لذلك وأشباهه (1).
الحقل الثالث عشر
في: علم المجيز بما أجاز (2)
- 1 -
وإنما تستحسن الإجازة.، مع علم المجيز بما أجاز، وكون المجاز له عالما " أيضا ". لأنها توسع
وترخيص (3).، يتأهل له أهل العلم، لمسيس حاجتهم إليها (4).

(1) قال المامقاني: (ينبغي لمن يروي بالإجازة عن الإجازة، أن يتأمل ويفهم كيفية إجازة شيخ
شيخه، التي أجاز له بها شيخه، ليروي المجاز الثاني، ما دخل تحتها، ولا يتجاوزها.
فربما قيدها بعضهم: بما صح عند المجاز له، أو بما سمعه المجيز،. ونحو ذلك.
فإن كانت إجازة شيخ شيخه: (أجزت له ما صح عنده من سماعي، فرأى سماع شيخه، فليس له
روايته عن شيخه عنه.، حتى يعرف انه صح عند شيخه، كونه من مسموعات شيخه.
. كذا، إن قيدها بما سمعه، لم يتعد إلى مجازاته.
ولو أخبر شيخه، بما صح سماعه عنده من مسموعات شيخه، لم يرو هذا المجاز الثاني عن شيخه - وهو
الأوسط -.، إلا، ما تحقق عند الراوي الأخير: انه صح عند شيخه - وهو الأوسط -: انه سماع شيخه الأول...
فينبغي التنبيه لذلك وأشباهه.، فقد زل في ذلك أقدام أقوام).، (مقباس الهداية: ص 173)
وأقول: في نسخة المقباس: (0 لم يتعد إلى مجازاته).، وهو تصحيف مطبعي فيما يبدو.، حيث الصحيح ينبغي
أن يقال: (لم يتعد إلى مجاوزته).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 68، لوحة أ.، سطر 7، ولا، الرضوية.
(3) وفي النسخة الرضوية: ورقة 40، لوحة أ.، سطر 16: (توسيع)، بدلا " من (توسع).
(4) قال الطيبي: (يستحسن الإجازة، إذا كان المجيز عالما " بما يجيزه، والمجاز له من أهل العلم.، لأنها
توسع يحتاج إليه أهل العلم.، وشرطه بعضهم، وحكي ذلك عن مالك).، (الخلاصة: ص 109).
وقال ابن الصلاح: (إنما تستحسن الإجازة.، إذا كان المحيز عالما " بما يجيز، والمجاز له من أهل العلم.، لأنه
توسع وترخيص، يتأهل له أهل العلم، لمسيس حاجتهم إليها).، (علوم الحديث: ص 145).
وعقب الدكتور عتر بقوله: (وهذا أقره المصنفون كافة).، منهج النقد: ص 216 - الهامش).
كما قال أيضا ": وقد قوى ذلك ابن عبد البر فقال في: (جامع بيان العلم وفضله: 2 / 180).
(تلخيص هذا الباب: ان الإجازة لا تجوز، إلا لماهر بالصناعة حاذق بها، يعرف كيف يتناولها، ويكون
276

- 2 - وقيل: يشترط العلم فيهما.
والأشهر.، عدمه (1).
- 3 -
وإذا كتب المجيز بها - أي: بالإجازة - وقصدها.، صحت الإجازة بغير تلفظ بها،
كما صحت الرواية بالقراءة على الشيخ، مع أنه لم يتلفظ بما قرئ عليه.
- 4 -
وبه - أي باللفظ مع الكتابة -، أولى منها بدون اللفظ.، ليتحقق الاخبار، الذي
متعلقة اللفظ أو الاذن (2).
- 5 -
والمقتصر على الكتابة، ينظر إلى تحقق الاذن والاخبار بالكتابة مع القصد، كما
تتحقق الوكالة بالكتابة مع قصدها، عند بعضهم.
حيث إن (3): الغرض مجرد الإباحة، وهي تتحقق بغير اللفظ، كتقديم الطعام إلى
الضعيف، ودفع الثوب إلى العريان ليلبسه، ونحو ذلك.
والاخبار يتوسع بها، في غير اللفظ عرفا ".

في شئ معين معروف لا يشكل اسناده، فهذا هو الصحيح من القول في ذلك).، وينظر: (منهج النقد: ص
217).، و (مقباس الهداية: ص 173)، و (الخلاصة في أصول الحديث: ص 109).
وقال المامقاني: (وقال عيسى بن مسكين: الإجازة رأس مال كبير).، (مقباس الهداية: ص 173).
(1) وقال الشيخ أحمد محمد شاكر: قال ابن عبد البر: (انها لا تجوز إلا من كل الأقوال).، (الباعث
الحثيث: ص 123 - الهامش).
(2) قال المامقاني: (صرح جمع ب‍: انه ينبغي للمجيز بالكتابة، أن يتلفظ بالإجازة أيضا "، ليتحقق
الاخبار والاذن، اللذين حقيقتهما التلفظ.
فإن اقتصر على الكتابة ولم يتلفظ مع قصد الإجازة.، صحت بغير لفظ، كما صحت الرواية بالقراءة على
الشيخ، مع أنه لم يتلفظ بما قرئ عليه عليه.
وأيضا ".، فهي إما إذن، وهو يتحقق بغير اللفظ، كتقديم الطعام إلى الضعيف، ودفع الثوب إلى العريان
ليلبسه، ونحو ذلك.
أو إخبار، وهو يتوسع به في غير اللفظ عرفا ".، غايته، ان الكتابة مع القصد من غير اللفظ، دون الملفوظ في
الرتبة.
وأما لو لم يقصد الكتابة بالإجازة، فالظاهر عدم الصحة).، (مقباس الهداية: ص 173).
(3) أقول: من كلمة (حيث)، فما بعد.، تبدل الخط في النسخة الرضوية: ورقة 40، لوحة ب.، حيث
الخط خشن، وعدد الأسطر في الصفحة الواحدة: 17 سطرا "، بينما في الصفحات اللاتي قبلها: 22 سطرا ".
277

المسألة الرابعة
في: المناولة
وتفصيل البحث في حقلين:
الحقل الأول
في: المناولة المقرونة بالإجازة
وهي ما نأتي عليها من خلال:
أولا ": درجتها (1):
- 1 -
وهي أعلى أنواعها - أي: أنواع الإجازة -، على الاطلاق
حتى أنكر بعضهم إفرادها عنها.، لرجوعها إليها.
- 2 -
وإنما يفترقان.، في أن المناولة تفتقر إلى: مشافهة المجيز للمجاز له، وحضوره.، دون
الإجازة.

(1) في النسخة الأساسية: ورقة 68، لوحة ب.، سطر 5 - 6: (رابعها: المناولة، وهي نوعان أحدهما
المناولة المقرونة بالإجازة)، فقط.، وكذا، الرضوية.
وقال العسكري في هامش مقدمة مرآة العقول: 2 / 407 - 408: (لقد جعلها الشهيدان رابعا "، وجعلا
الإجازة ثالثا ".، غير أن ما ذكرا في المناولة المقرونة بالإجازة: بأنها أعلى أنواع الإجازة على الاطلاق...،
جعلني اعتبرها: ثالثة.
وجعلت الإجازة بالكتابة: رابعة.، لقولهما فيها: هي في الصحة والقوة، كالمناولة المقرونة.
وذكرت الإجازة بعد هذه وجعلتها: خامسة في الترتيب...).
وقال الدكتور صبحي: (يريدون بالمناولة: أن يعطي الشيخ تلميذه: كتابا "، أو حديثا " مكتوبا ".، ليقوم
بأدائه وروايته عنه.
وهي على صور متعددة، تتفاوت قوة " وضعفا ".
فأعلى صورها وأقواها: أن يناول الشيخ تلميذه: الكتاب، أو الحديث المكتوب.، ويقول له: (قد ملكتك
إياه، وأجزتك بروايته.، فخذه مني، واروه عني).، (علوم الحديث ومصطلحه: ص 96).، وينظر: الباعث
الحثيث: ص 123.، ومنهج النقد: ص 217.
278

وقيل: إنها أخص من الإجازة.، لأنها إجازة مخصوصة، في كتاب بعينه (1).، بخلاف
الإجازة.
ثانيا ": مراتبها
حيث للمناولة المقرونة بالإجازة مرتبتان
الأولى: مع التمكين من النسخة (2).
- 1 -
منها.، أن يعطيه تمليكا " أو عارية ".، للشيخ أصله - أي: أصل سماع الشيخ -، ونحوه.
ويقول له: (هذا سماعي من فلان)، أو (روايتي عنه).، ف‍: (اروه عني)، أو
(أجزت لك روايته عني).
ثم بملكه إياه.، أو يقول: (خذه، وانسخه، وقابل به (3).، ثم رده إلي).، ونحو هذا.
- 2 -
ويسمى هذا: عرض المناولة.، إذ القراءة عرض يقال لها: عرض القراءة (4).
- 3 -
وهي - أي: المناولة المقترنة بالإجازة -: دون السماع في المرتبة، على الأصح.
لاشتمال القراءة على ضبط الرواية وتفصيلها، بما لا يتفق بالمناولة.

(1) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 40، لوحة ب.، سطر 8: (لتعينه).، وهو اشتباه من الناسخ فيما
يبدو.
(2) هذا العنوان - ثانيا "... من النسخة -.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 68، لوحة ب، سطر 11
- 12.، ولا الرضوية.
كل الذي موجود فيهما: (ثم لها مراتب).
وأقول أيضا ": قد جعل الدكتور عتر المناولة أنواعا " ثلاثة.، بيد أني وزعتها - جريا " مع مسيرة الشهيد
الثاني - إلى نوعين.، غير أن الأول منهما في قسمين.، لاعتقادي: ان ذلك أوقع في دقة التقسيم.، وينظر: (منهج النقد
في علوم الحديث: ص 217 - 218).
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 40، لوحة ب، سطر 11: (وقابل).، بدون كلمة: (به).
(4) قال الطيبي: (وسمى غير واحد - من أئمة الحديث - هذا: عرضا ".
وقد تقدم.، ان القراءة على الشيخ تسمى: عرضا " - أيضا " -.
فليسم: هذا عرض مناولة، وذلك عرض القراءة).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 110).
وأقول: توجيه التسمية هذه: ذهب إليها ذاتها، الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي.، في: (وصول
الأخيار: ص 139).
279

وقيل: ان المناولة مع الإجازة: مثله.، أي: مثل السماع (1).
من حيث: تحقق أصل الضبط من الشيخ (2)، ولم يحصل منه مع سماعه من الراوي -
إخبار مفصل (3).، بل، إجمالي.
فتكون المناولة بمنزلته.
الثانية: من غير تمكين من النسخة (4)
- 1 -
ثم، دون هذه المنزلة: أن يناوله سماعه، ويجيزه له، ويمسكه الشيخ عنده (5)،
ولا يمكنه منه.
فيرويه عنه.، إذا وجده وظفر به، أو بما قوبل به، على وجه يثق معه، بموافقته لما تناولته
الإجازة على ما هو معتبر في الإجازات، المجردة عن المناولة. (6)

(1) وقد قال الحاكم: إن هذا إسماع، عند كثير من المتقدمين.
وحكوه عن: مالك نفسه، والزهري، وربيعة، ويحيى بن سعيد الأنصاري.، من أهل المدينة.
ومجاهد، وأبي الزبير، وسفيان بن عيينة.، من المكيين.
وعلقمة، وإبراهيم، والشعبي.، من أهل الكوفة.
وقتادة، وأبي العالية، وأبي المتوكل الناجي.، من البصرة.
وابن وهب، وابن القاسم، وأشهب.، من أهل مصر.
وغيرهم.، من أهل الشام والعراق،...، ونقله عن جماعة من مشايخه.
قال ابن الصلاح: وقد خلط في كلامه: عرض المناولة، بعرض القراءة.
ثم قال الحاكم.، والذي عليه جمهور فقهاء الاسلام، الذين أفتوا في الحرام والحلال.، أنهم لم يروه سماعا ".،
وبه قال: الشافعي، وأبو حنيفة، واحمد، وإسحاق، والثوري، والأوزاعي، وابن المبارك، ويحيى بن يحيى،
والبويطي، والمزني.، وعليه عهدنا أئمتنا، وإليه ذهبوا، وإليه نذهب والله أعلم.، (معرفة علوم الحديث: ص
260). وينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 110، والباعث الحثيث: ص 123.
(2) ونقل الشئ ذاته الشيخ الحارثي.، في: (وصول الأخيار: ص 139).، ولكن، بتصرف يسير.
(3) والذي في النسخة الأساسية: ورقة 69، لوحة أ.، سطر 7: (مفصل).، كتبت هكذا: (مفطل)
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 69، لوحة أ، سطر 8.، ولا، الرضوية.
(5) قال الدكتور صبحي: وغني عن البيان: انه يريد بالامساك هنا: إمساك الأصل المكتوب.،
(علوم الحديث ومصطلحه: ص 93).
(6) وقال الشيخ الحارثي: (ومنها.، أن يناول الشيخ الطالب سماعه، ويجيزه له، ثم يمسكه الشيخ.،
وهذا دون ما سبق.
ويجوز روايته إذا وجد الكتاب، أو آخر مقابلا " به، موثوقا " بموافقته ما تناولته الإجازة.
ولا يظهر في هذه المناولة كثير مزية، على الإجازة المجردة في معين.
ولكن، شيوخ الحديث يرون لها مزية).، (وصول الأخيار: ص 139 - 140).
280

- 2 - وهذه المرتبة، تتقاعد عما سبق.، لعدم احتواء الطالب على ما تحمله، وغنيته عنه.
- 3 -
فلهذا.، لا يكاد يظهر لها مزية، على الإجازة الواقعة في معين كذلك، من غير مناولة.
إلا، ان المشهور: ان لها مزية على الإجازة المجردة، في الجملة.، باعتبار تحقق أصل
المناولة.
وقيل: لا مزية لها أصلا "، وهو قريب (1).
ثالثا ": أحكامها (2)
- 1 -
فإن أتاه - أي: أتى الطالب الشيخ - بكتاب.، فقال الطالب للشيخ: هذا
روايتك، فناولنيه وأجز لي روايته.، ففعل من غير نظر في الكتاب، وتحقيق لكونه رواه جميعه
أم لا؟
فباطل، إن لم يثق بمعرفة الطالب.، بحيث يكون ثقة " متيقضا ".
- 2 -
والأصح.، الاعتماد عليه، وكانت إجازة " جائزة، كما جاز في القراءة على الشيخ،
الاعتماد على الطالب، حتى يكون هو القارئ من الأصل، إذا كان موثوقا " به معرفة " ودينا ".
- 3 -
وكذا.، يجوز مطلقا ".، إن قال الشيخ: (حدث عني بما فيه، إن كان حديثي.، مع براءتي
من الغلط والوهم).
لزوال المانع السابق، مع احتمال بقاء المنع، للشك عند الإجازة، وتعليقها على
الشرط (3).

(1) قال الطيبي: (... ولا يظهر في هذه، كثير مزية على الإجازة المجردة في معين.، صرح بذلك جماعة،
من أهل الفقه والأصول.
وأما شيوخ الحديث، قديما " وحديثا ".، فيرون لها مزية " معتبرة ").، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 110).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 69، لوحة ب، سطر 3.، ولا، الرضوية.
(3) قال الطيبي: (ومنها: أن يأتيه الطالب بنسخة ويقول: هذه روايتك فناولنيه، وأجزني روايته.،
فيجيب إليه، من غير نظر وتحقق لروايته.، فهذا باطل.
فإن وثق بخبر الطالب ومعرفته.، اعتمده وصحت الإجازة.، كما يعتمد قراءته.
ولو قال له: حدث عني بما فيه، إن كان روايتي، مع براءتي من الغلط، كان جائزا ".، (الخلاصة في أصول
الحديث: ص 110 - 111).
281

الحقل الثاني
في: المناولة المجردة عن الإجازة
وهي ما نأتي عليها من خلال:
أولا ": صورتها (1)
بأن يناوله كتابا " ويقول: (هذا سماعي)، أو (روايتي).، مقتصرا " عليه.
أي: من غير أن يقول: (اروه عني)، أو (أجزت لك روايته عني)، ونحو ذلك.
وهذه، مناولة مختلة (2).
ثانيا ": حكمها (3)
فالصحيح.، انه لا يجوز له الرواية بها (4).
وجوزها - أي: الرواية بذلك -: بعض المحدثين.، لحصول العلم بكونه مرويا " له،
مع إشعارها بالاذن له في الرواية (5).

وقد نقل الشئ ذاته الشيخ الحارثي.، بعد أن أجرى تعديلا " على عبارة.، (ومعرفته، اعتمده...)، بصيغة:
(إلا، أن وثق بخبر الطالب وصدقه وديانته).، كما في (وصول الأخيار: ص 140).
ويبدو لي: الصحيح أن يقال: (إلا أن يثق...)، بدل (وثق)، حتى يستقيم النص.، ولعل منشأ
الاشتباه: خطأ مطبعي.
(1) وفي النسخة الأساسية: ورقة 69، لوحة ب.، سطر 13: (وثانيهما المناولة المجردة عن الإجازة)، فقط.،
وكذا، الرضوية.
(2) قال الدكتور عتر: وقد ذهب بعض أئمة الأصول، واختاره ابن الصلاح.، إلى أنه: لا تجوز الرواية
بذلك.، لأنه يجوز أن يكون فيه خلل يمنع روايته عنه.، ينظر: علوم الحديث لابن الصلاح: ص 156، والالماع في
أصول الرواية والسماع: ص 110، ومنهج النقد: ص 219.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 69، لوحة ب، سطر 13.، ولا، الرضوية.
(4) قال الطيبي: (وهو أن يناوله كتابا " ويقول: (هذا سماع)، مقتصرا " عليه.
فالصحيح: انه لا يجوز له الرواية بها.، وبه قال: الفقهاء، وأهل الأصول.، وعابوا من جوزه من المحدثين).،
(الخلاصة في أصول الحديث: ص 111).
(5) وعن أبي نعيم الأصبهاني والمرزباني وغيرهما: جوازه في الإجازة المجردة عن المناولة.، (الخلاصة في
أصول الحديث: ص 111).
وحكى الخطيب عن بعضهم: جوازها.، ينظر: الكفاية: 348، والالماع: ص 110، وتدريب الراوي: ص
279 - 280، والباعث الحثيث: ص 124.
وقال الشيخ الحارثي: (وقيل: بجوازها، وهو غير بعيد.، لحصول العلم بكونه مرويا " له، مع إشعارها بالاذن
له في الرواية).، (وصول الأخيار: ص 140).
282

ثالثا ": المدرك (1)
- 1 -
واستدل لها من الحديث: بما ورد عن ابن عباس: (ان النبي (صلى الله عليه وآله)
بحث بكتابه إلى كسرى، مع عبد الله بن حذافة.
وأمره: أن يدفعه إلى عظيم البحرين، ويدفعه عظيم البحرين إلى كسرى) (2).
- 2 -
وفي أخبارنا: روي في الكافي: (... باسناده إلى أحمد بن عمر الحلال (3) قال:

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 70، لوحة أ، سطر 5، ولا، الرضوية.
(2) قال البلقيني:: وأحسن ما يستدل به عليها.، ما استدل به الحاكم من حديث ابن عباس: (ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم، بعث بكتابه إلى كسرى، مع عبد الله بن حذافة...).، (الباعث الحثيث: ص 124 -
الهامش).
ويشير بقوله - (وأحسن...) - إلى ما نقله السيوطي في التدريب: ص 143 - وفي طبعة ص 268 -:
والأصل فيها: ما علقه البخاري في كتاب العلم: (ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، كتب لأمير
السرية كتابا ".، وقال: لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا.
فلما بلغ ذلك المكان.، قرأه على الناس، وأخبرهم بأمر النبي (صلى الله عليه وسلم).
(و) وصله البيهقي والطبراني بسند حسن.
قال السهلي: احتج به البخاري، على صحة المناولة.
فكذلك العالم، إذا ناول تلميذه كتابا ".، جاز له ان يروي عنه ما فيه.
قال: 00 وهو فقه صحيح).، ينظر صحيح البخاري: ح 1 ص 19، والالماع في أصول الرواية والسماع:
ص 81، والروض الانف: ج 2 ص 59، وارشاد الساري: 1 / 217، والباعث الحثيث: ص 123 - 124
الهامش، ودراية الحديث لشانة چي: ص 137، ومنهج النقد: ص 217.
(3) بالحاء غير المعجمة، والام المشددة.، أي: يبيع الحل.، وهو: الشيرج.
وضبطه ابن داوود: بالخاء المعجمة.، يبيع الخل.
وقال الشيخ عبد النبي الكاظمي: وهو خلاف المعروف من كتب الرجال.
وقد نص الشيخ على توثيقه، مع عدم ما يصلح للمعارضة.
ينظر: الفهرست للشيخ الطوسي: ص 60.، برقم 103.، وكتاب الرجال له: ص 368، برقم 19 - باب
أصحاب الرضا عليه السلام -.، وص 447، برقم 51 - باب من لم يرو عنهم عليهم السلام -.
ورجال ابن داوود: ص 35، برقم 104 - طبع طهران -.
وشرح أصول الكافي للمازندراني: 2 / 262.، كتاب فضل العلم، باب رواية الكتب والحديث.، و 7 / 88،
كتاب الحجة، باب فيه نكت من التنزيل في الولاية.
وتكملة الرجال: 1 / 141 - 142
283

قلت لأبي الحسن الرضا (ع): الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب.، ولا يقول: اروه
عني.، يجوز لي أن أرويه عنه؟
فقال عليه السلام: إذا علمت أن الكتاب له، فاروه عنه) (1).
- 3 -
رابعا ": الحكم مجددا " (2)
وسيأتي: ان منهم من أجاز الرواية.، بمجرد إعلام الشيخ الطالب: ان هذا الكتاب
سماعه من فلان (3).
وهذا يزيد على ذلك ويرجح، بما فيه من المناولة.، فإنها لا تخلو من إشعار بالاذن.
خامسا ": عبارات المناولة (4).
- 1 -
وإذا روي بها - أي: المناولة - بأي معنى فرض.، قال: (حدثنا فلان مناولة ")،
و (أخبرنا مناولة ").
غير مقتصر على: (حدثنا)، و (أخبرنا)).، لايهامه السماع أو القراءة.
- 2 -
وقيل: يجوز أن يطلق.، خصوصا "، في المناولة المقترنة بالإجازة.
لما عرفت: من أنها في معنى السماع (5).

(1) الكافي: 1 / 52.، كتاب العلم، ب 17، ح 6.
وعقب الشيخ الحسين بن عبد الصمد العاملي بقوله: ولو صحت هذه الرواية، لم يبق في المسألة إشكال).،
(وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: ص 140).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 70، لوحة أ، سطر 12.، ولا، الرضوية.
(3) قال ابن الصلاح: (ومن الناس من جوز الرواية.، بمجرد إعلام الشيخ الطالب: ان هذا سماعه،
والله أعلم).، كما نقله ابن كثير في: (الباعث الحثيث: ص 124).
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة: 7، لوحة ب، سطر 2.، ولا، الرضوية.
(5) جوز الزهري ومالك: اطلاق (حدثنا)، و (أخبرنا).، في المناولة.
وهو لائق بمذهب من جعل عرض المناولة المقرونة بالإجازة سماعا ".، (الخلاصة في أصول الحديث: ص
111).
وقال ابن كثير (... وقد تقدم النقل عن جماعة: انهم جعلوا عرض المناولة، المقرونة بالإجازة.، بمنزلة
السماع.
فهؤلاء يقولون: (حدثنا)، و (أخبرنا)، بلا إشكال).، (الباعث الحثيث: ص 124).
284

وجوزه - أي: اطلاق (حدثنا)، و (أخبرنا) - بعضهم: في الإجازة المجردة عنها -
أي: عن المناولة -.
- 4 -
والأشهر.، اعتبار ضميمة: القيد بالمناولة، أو الإجازة، أو الاذن، ونحوها (1).
سادسا ": عبارات الإجازة (2)
- 1 -
وكان قد خصص قوم الإجازة بعبارات، لم يسلموا فيها من التدليس.
كقولهم في الإجازة: (أخبرنا)، أو (حدثنا).، مشافهة "، إذا كان قد شافهه بالإجازة
لفظا ".
وكعبارة من يقول: (أخبرنا فلان كتابة ")، أو (فيما كتب إلي).، إذا كان قد أجازه
بخطه.
- 2 - وهذا ونحوه لا يخلو عن (3) التدليس.
لما فيه من: الاشتراك، والاشتباه، بما هو أعلى منه.، كما إذا كتب إليه ذلك
الحديث نفسه.

(1) قال الطيبي: (والصحيح.، الذي عليه الجمهور وأهل التحري: المنع من ذلك، وتخصيص ذلك
بعبارة تشعر بالإجازة.
كحدثنا: (اجازة ")، أو (مناولة ")، أو (إذنا ")، أو (ناولني)، أو (شبه ذلك).، (الخلاصة في أصول
الحديث: ص 111).
وقال ابن كثير: (والذي عليه جمهور المحدثين - قديما " وحديثا " -: انه لا يجوز اطلاق (حدثنا)، ولا
(أخبرنا).، بل، مقيدا ".
وكان الأوزاعي يخصص الإجازة بقوله: (خبرنا)، بالتشديد).، (الباعث الحثيث: 124).
وقال الحارثي: (جوز جماعة اطلاق (حدثنا)، وأخبرنا، في الرواية بالمناولة.، وهو مقتضى قول من
جعلها سماعا ".
وحكي عن بعض جوازهما في الإجازة المجردة أيضا ".
والصحيح: المنع فيها منهما، وتخصيصهما بعبارة مشعرة بهما.، ك‍: (حدثنا إجازة ")، أو (إذنا ")، أو (فيما
أطلق لي روايته).، (وصول الأخيار: ص 140).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 70، لوحة ب، سطر 8.، ولا، الرضوية.
(3) هكذا في النسخة المعتمدة: ورقة 70 لوحة ب سطر 12.، وكذا في الرضوية: ورقة 42 لوحة أ سطر 8.
285

ولأجل السلامة من ذلك:
خص بعضهم الإجازة شفاها " ب‍: (أنبأني).
وما كتب إليه المحدث من بلد كتابة " - ولم يشافهه بالإجازة - ب‍: (كتب إلي فلان
كذا) (1).
- 4 -
وبعضهم استعمل في الإجازة، الواقعة في رواية من فوق الشيخ المستمع.، بكلمة:
(عن).
فيقول أحدهم - إذا سمع على شيخ بإجازته عن شيخه -: (قرأت على فلان عن
فلان).
ليتميز عن السماع الصريح.، وإن كان (عن)، مشتركا " بين السماع والاجازة.
- 5 -
واعلم.، انه لا يزول المنع من إطلاق: (أخبرنا)، و (حدثنا).، في الإجازة.، بإباحة
المجيز لذلك، كما اعتاده قوم من المشايخ.
من قولهم في إجازتهم - لمن يجيزون لهم -: إن شاء قال: (حدثنا)، وإن شاء قال
(أخبرنا).
لان الإجازة، إذا لم تدل على ذلك، لم يفده إذن المجيز.

غير أن الاستعمال القرآني للفعل (خلا).، انه عدي بحروف الجر: إلى، في، ل‍، من.، دون الحرف
(عن).، ينظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: ص 245.
بل، انه كذلك عدي بالحرف (من)، عند المؤلف نفسه، قبل أسطر قليله.
(1) قال الشيخ الحارثي: (وبعض المتأخرين: اصطلح على إطلاق (أنبأنا): في الإجازة.
وبعضهم يقول: (أنبأنا إجازة ")، وهو الأجود.
وقال بعض المحدثين من العامة: المعهود بين الشيوخ أن يقول - فيما عرض على الشيخ، فأجازه شفاها " -:
(أنبأني).، (وصول الأخيار: ص 140 - 141).
ويبدو لي: الصحيح أن يكون التعبير هكذا: (المعهود بين الشيوخ أن يقال)، بدل (... أن يقول)،
حتى يستقيم النص.
ولعل منشأ الاشتباه: خطأ طباعي.
286

المسألة الخامسة
في: الكتابة (1)
وهي: أن يكتب الشيخ مرويه، لغائب أو حاضر، بخطه.
أو يأذن لثقة، يعرف خطه، يكتبه له.
أو مجهول، ويكتب الشيخ بعده، ما يدل على أمره بكتابته (2).
وتفصيل ابحث في حقلين
الحقل الأول
في: الكتابة المقرونة بالإجازة (4)
بأن يكتب إليه ويقول: (أجزت لك ما كتبته لك)، أو (كتبت به إليك).، ونحو
ذلك من عبارات الإجازة (5).
وهي - أي: المكاتبة بهذه الصفة -: في الصحة والقوة.، كالمناولة المقرونة بها - أي:
بالإجازة (6).

(1) والذي في النسخة الأساسية: ورقة 71، لوحة أ.، سطر 10: (وخامسها الكتابة).، وكذا،
الرضوية.
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 42، لوحة ب.، سطر 4.، (بما)، بدلا " من (ما).
وقال الدكتور صبحي: (المكاتبة: هي أن يكتب الشيخ بخطه، أو يكلف غيره.، بأن يكتب عنه بعض
حديثه، لشخص حاضر بين يديه، يتلقى العلم عليه.، أو لشخص غائب عنه، ترسل الكتابة إليه.
وقوة الثقة بها، لا يتطرق إليها شك بالنسبة إلى الحاضر المكتوب له.، لأنه يرى بنفسه خط الشيخ، أو خط
كاتبه بحضور الشيخ وإقراره.
وأما بالنسبة إلى الغائب المكتوب له.، فإن الثقة بالمكاتبة لا تضعف، خلافا " لما يتبادر إلى الذهن لأول
وهلة.
لان أمانة الرسول، كافية في إقناع المرسل إليه.، بأن المكتوب من خط الشيخ، أو خط الكاتب عن
الشيخ.
وفي هذه الحال، يشترط أن يكون الكاتب والرسول، ثقتين عدلين).، (علوم الحديث ومصطلحه:
ص 97).، وينظر: (توضيح الأفكار: 2 / 338)، و (تدريب الراوي: ص 146).
(3) هذه العبارة.، ليست من النسخة الأساسية: ورقة 71، لوحة أ سطر 13، ولا، الرضوية.
(4) والذي في النسخة الأساسية: ورقة 71، لوحة أ.، سطر 13.، (وهي أيضا " ضربان أحدهما أن تقع
مقرونة " بإجازة)، فقط.، وكذا، الرضوية.
(5) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 42، لوحة ب.، سطر 7.، (عباراة)، بالتاء المدورة.
(6) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 42، لوحة ب.، سطر 9: (أي: الإجازة)، بحذف الباء.
287

الحقل الثاني
في: الكتابة المجردة عن الإجازة
وهي ما نأتي عليها من خلال:
أولا ": حكمها (1)
- 1 -
وقد اختلف المحدثون والأصوليون، في جواز الرواية بها (2).
فمنعها قوم.، من حيث:
(1 -) ان الكتابة لا تقتضي الإجازة.، لما تقدم من أنها إخبار أو إذن.، وكلاهما لفظي
(2 -) ولان الخطوط تشتبه (3)، فلا يجوز الاعتماد عليها.
- 2 -
والأشهر بينهم.، جواز الرواية بها.، لتضمنها الإجازة معنى، وإن لم تقترن بها لفظا " (4).
لان الكتابة للشخص المعين، وإرساله إليه، أو تسليمه إياه.، قرينة قوية وإشارة
واضحة، تشعر بالإجازة للمكتوب.، وقد تقدم: ان الاخبار لا ينحصر في اللفظ.

(1) والذي في النسخة الأساسية: ورقة 71، لوحة ب.، سطر 4: (والثاني أن تقع مجردة عنها)، فقط.،
وكذا، الرضوية.
(2) ممن منعها: القاضي أبو الحسن المارودي الشافعي، والآمدي، وابن القطان.، وممن أجازها: أيوب
السختياني، ومنصور بن المعتمر، والليث بن سعد.، ينظر: الكفاية: ص 336، وفتح المغيث: 3 / 10، وتدريب
الراوي: ص 277.
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 42، لوحة ب.، سطر 12: (نسبية).
(4) قال أحمد محمد شاكر: (ولا يشترط في الكتابة أن تكون مقرونة بالإجازة...).، (الباعث الحثيث:
ص 125 - الهامش).، وينظر: (الخلاصة في أصول الحديث: ص 112).، والالماع: ص 86، والكفاية:
ص 345.
وقال الحارثي: (وقد وقع للأئمة عليهم السلام من ذلك، الكثير الذي لا ينكر.، مثل: (كتبت إليه
فكتب إلي)، و (قرأت خطه وأنا أعرفه).، ولم ينكر أحد منا جواز العمل به.، ولولا ذلك، كانت مكاتباتهم و
كتاباتهم عبثا ").، (وصول الأخيار: ص 141).
وقال الدكتور صبحي: (وقد تشدد بعضهم، فاشترط في (المكاتبة)، أن تكون مقرونة " ب‍ (الإجازة).،
وهو تشدد لا مبرر له، لان أكابر الرواة أخذوا بالمكاتبة وحدها غير مقرونة...).، (علوم الحديث ومصطلحه:
ص 97 - 98).، وينظر: (توضيح الأفكار: 2 / 339 - الهامش)، و (تدريب الراوي: ص 147)، و (الباعث
الحثيث: ص 125).
288

كما يكتفي في الفتوى الشرعية، بالكتابة من المفتي (1).، مع أن الامر في الفتوى أخطر،
والاحتياط فيها أقوى.
- 3 -
نعم، يعتبر معرفة الخط - أي: خط الكاتب للحديث (2) -.، بحيث يأمن المكتوب
إليه التزوير.
وشرط بعضهم: البينة على الخط، ولم يكتف بالعلم بكونه خطه.، حذرا " من المشابهة (3).،
إذ العلم في مثل ذلك عادي لا عقلي.
والأول: أصح، وإن كان هذا أحوط (4).
ثانيا ": درجتها (5)
- 1 -
ثم، على تقدير حجية المكاتبة.
فهي: أنزل من السماع، حتى يرجح ما روي بالسماع على ما روي بها، مع تساويهما
في الصحة وغيرها من المرجحات.
وإلا، فقد ترجح المكاتبة بوجوه أخر (6).

(1) في النسخة الرضوية: ورقة 42، لوحة ب.، سطر 17: (بالكتابة عن المفتي).
(2) في النسخة الرضوية: ورقة 43، لوحة أ.، سطر 1 - 2: (يعتبر معرفة الخط الكاتب للحديث).، ويبدو
ان في النسخ اشتباه.
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 43، لوحة أ.، سطر 4: (حذرا " عن المشابهة).
(4) قال الشيخ الحارثي: (وشرط بعضهم البينة، وهو ضعيف، إذ هو معروف، والاعتماد في ذلك
على الظن الغالب.، وهو حاصل مع معرفة الخط وأمن التزوير).، (وصول الأخيار: ص 142).
وقال الدكتور صبحي: (ومن الدقة في تعبيره أن يقول: (حدثني فلان.، أو أخبرني كتابة " بخطه أو بخط
فلان، الذي حمله إلي رسول له أو رسولي فلان، في مجلسه أو في مجلس سواه، بكذا وكذا).، (علوم الحديث و
مصطلحه: ص 98).، وينظر: (توضيح الأفكار: 2 / 341)، و (اختصار علوم الحديث: ص 139).
(5) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 72، لوحة أ، سطر 4.، ولا، الرضوية.
(6) قال الحارثي: (وإذا صحت المكاتبة، فهي أنزل من السماع، فيرجح ما روي به عليها، مع تساويهما
في الصحة).، (وصول الأخيار: ص 142).
وقال الأستاذ أحمد محمد شاكر: (والمكاتبة مع الإجازة أرجح من المناولة مع الإجازة.
بل، أرى انها أرجح من السماع وأوثق، وان المكاتبة بدون إجازة أرجح من المناولة بالإجازة، أو
بدونها).، (الباعث الحثيث: ص 125 - الهامش).
وكذا قال الدكتور صبحي: (ولا ريب.، ان المكاتبة مع الإجازة، أقوى من المكاتبة وحدها.
بل، يذهب بعضهم إلى ترجيح المكاتبة المقرونة بالإجازة، حتى على السماع نفسه).، (علوم الحديث و
مصطلحه: ص 98).
289

وقد وقع في مثل ذلك.، مناظرة بين الشافعي، وإسحاق بن راهويه.، في جلود الميتة
إذا دبغت.، هل تطهر أم لا؟ يناسب ذكرها ها هنا، لفوايد كثيرة.
قال الشافعي: (دباغها طهورها).
فقال إسحاق: ما الدليل؟
فقال: حديث ابن عباس.، عن ميمونة: هلا انتفعتم بجلدها؟ يعني: الشاة الميتة.
فقال إسحاق: (حديث ابن حكيم) (1): كتب إلينا النبي (صلى الله عليه وآله)
قبل موته بشهر -.
(لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب).، أشبه أن يكون ناسخا " لحديث ميمونة،
لأنه قبل موته بشهر.
فقال الشافعي: هذا كتاب، وذاك سماع.
فقال إسحاق: ان النبي (صلى الله عليه وآله).، كتب إلى كسرى وقيصر، وكان
حجة عليهم. فسكت الشافعي (2).

(1) هكذا، في النسخة الأساسية: ورقة 72، لوحة أسطر 11.، وكذا، الرضوية: ورقة 43، لوحة أ، سطر
12.، والصحيح كما يبدو مما يأتي: ابن عكيم.
(2) وأقول: قد أورد الشيخ السيوطي (رحمه الله) هذه الرواية.، ضمن بحث بعنوان: (تحفة الانجاب
بمسألة السنجاب).، في كتابه: الحاوي للفتاوي: 1 / 13 - 34.
وكان مما قاله: (... وأما حديث عبد الله بن عكيم، فأجاب عنه البيهقي وجماعة من الحفاظ: بأنه
مرسل، وابن عكيم ليس بصحابي.، وكذا قال أبو حاتم.
وقال ابن دقيق العيد: روي أن إسحاق بن راهويه، ناظر الشافعي وأحمد بن حنبل، في جلود الميتة إذا
دبغت.، فقال الشافعي: دباغها طهورها.، فقال له إسحاق: ما الدليل؟ فقال: حديث الزهري عن عبيد الله بن
عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة: (ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هلا انتفعتم بإهابها؟) فقال له
إسحاق: حديث ابن عكيم: (كتب إلينا النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر: إن لا تنتفعوا بشئ من الميتة
بإهاب ولا عصب).، فهذا يشبه أن يكون ناسخا " لحديث ميمونة.، لأنه قبل موته بشهر.، فقال الشافعي رضي الله
عنه: هذا كتاب، وذاك سماع.، فقال إسحاق: إن النبي صلى الله عليه وسلم: كتب إلى كسرى وقيصر،
فكانت حجة عليهم عند الله، فسكت الشافعي: فلما سمع ذلك أحمد، فذهب إلى حديث ابن عكيم، وأفتى به، و
رجع إسحاق إلى حديث الشافعي.
قال ابن دقيق العيد: كان والدي يحكي عن شيخه الحافظ أبي الحسن المقدسي - وكان من أئمة
المالكية -.، انه كا يرى أن حجة الشافعي باقية.، يريد، لان الكلام في الترجيح بالسماع والكتاب، لا في إبطال
الاستدلال بالكتاب...).، الحاوي للفتاوي: 19 - 20.، وينظر: صحيح مسلم: 1 / 277. وسنن الترمذي:
3 / 313.
290

ثالثا ": عبارتها (1)
- 1 -
وحيث يروي المكتوب إليه، ما رواه بالكتابة.، يقول فيها:
(كتب إلي فلان.، قال: حدثنا فلان).
أو (أخبرنا مكاتبة ") (2).، لا (حدثنا)، ولا (أخبرنا).، مجردا ".، ليتميز عن السماع،
وما في معناه.
- 2 -
وقيل: بل، يجوز اطلاق لفظهما (3).
حيث إنها (4): إخبار في المعنى.، وقد أطلق الاخبار لغة "، على ما هو أعم من اللفظ
كما قيل:
وتخبرني العينان ما القلب كاتم (5).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 72، لوحة ب، سطر 2.، ولا، الرضوية.
(2) وفي النسخة الرضوية: ورقة 43، لوحة ب.، سطر 1: (أو أخبرنا المكاتبة).
(3) قال ابن كثير: (وجوز الليث ومنصور في المكاتبة أن يقول: (أخبرنا)، و (حدثنا) مطلقا "
والأحسن الأليق: تقييده بالمكاتبة).، (الباعث الحثيث: ص 125).
وعقب الشيخ أحمد محمد شاكر على قيد المكاتبة: (أن يكتب الشيخ بعض حديثه.، لمن حضر عنده، أو
لمن غاب عنه - ويرسله إليه -.، وسواء كتبه بنفسه، أم أمر غيره أن يكتبه
وكفي أن يعرف المكتوب له خط الشيخ أو خط الكاتب عن الشيخ.
ويشترط في هذا.، أن يعلم أن الكاتب ثقة).، (الباعث الحثيث: ص 125 - الهامش).
(4) في النسخة الرضوية: ورقة 43، لوحة ب.، سطر 2 - 3: (إطلاق لفظها حيث أنها).، والصحيح
فيما يبدو: (بل، يجوز اطلاق لفظهما حيث إنهما).
(5) وقال الشيخ الحارثي: (وكيف كان.، ف‍: (أخبرنا) هنا، أقرب من (حدثنا).، ولأنها إخبار في
المعنى.، وقد أطلق الاخبار... كاتم).، (وصول الأخيار: ص 142).
وفي النسخة الرضوية: ورقة 43، لوحة ب.، سطر 4: (تخبرني في العينان..)، بدون واو العطف.
291

المسألة السادسة
في: الاعلام (1)
وهو أن يعلم الشيخ الطالب: ان هذا الكتاب أو هذا الحديث: روايته، أو سماعه من
فلان (2).
مقتصرا " عليه.، من غير أن يقول: اروه عني، أو أذنت لك في روايته.، ونحوه (3).
وتفصيل البحث في حقلين:
الحقل الأول
في: الاعلام
وفي جواز الرواية به أقوال:
أحدها: الجواز (4).
تنزيلا " له منزلة القراءة على الشيخ.
فإنه إذا قرأ عليه شيئا " من حديثه، وأقر بأنه روايته عن فلان.، جاز له أن يرويه عنه.،
وإن لم يسمعه من لفظه.، ولم يقل له: (اروه عني)، أو (أذنت لك في روايته عني).

(1) والذي في النسخة الأساسية: ورقة 72، لوحة ب.، سطر 7: (وسادسها: الاعلام).، وكذا.،
الرضوية.
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 43، لوحة ب.، سطر 5: (عن فلان).
(3) قال الطيبي: (وهو أن يعلم الشيخ الطالب: ان هذا الكتاب روايته، أو سماعه، مقتصرا "
عليه...).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 126).
وقال ابن كثير: ان هذا الكتاب سماعه من فلان، من غير أن يأذن له في روايتها عنه).، (الباعث الحثيث.،
ص 126).
وقال السيوطي: (يراد باعلام، اكتفاء الشيخ بإخبار تلميذه: بأن هذا الكتاب أو هذا الحديث، من
مروياته، أومن سماعه من فلان).، (تدريب الراوي: ص 148).
اما المامقاني.، فقد جعلها ضربا " ثانيا "، من ضربي المناولة: المقرونة، والمجردة.
وهذه هي المجردة عن الإجازة.، ينظر: (مقباس الهداية: ص 175).
وقال الدكتور عتر: وهو إعلام الراوي الطالب: ان هذا الحديث، أو هذا الكتاب، سماعه من فلان.
من غير أن يأذن له في روايته عنه.، أي: من غير أن يقول: (اروه عني، أو أذنت لك في روايته)، أو نحو
ذلك.
(4) في النسخة الأساسية: ورقة 72، لوحة ب.، سطر 10: (وفي جواز الرواية به قولان أحدهما الجواز).،
فقط.، وكذا، الرضوية. بيد أني أبدلت (القولان) إلى (أقوال).، لأنها هي التي تتفق والسرد، الذي أتى عليه
الشهيد الثاني (قدس).
292

وتنزيلا " لهذا الاعلام منزلة من سمع غيره يقر بشئ.، فله أن يشهد عليه، وإن لم
يشهده.، بل، وإن نهاه.
وكذا.، لو سمع شاهدا " شهد بشئ، فإنه يصير شاهد فرع، وإن لم يستشهده.، ولأنه
يشعر بإجازته له، كما مر في الكتابة، وان كان أضعف (1).
والثاني: المنع (2).
لأنه لم يجزه، فكانت روايته عنه كاذبة.
وربما قيس أيضا " على الشاهد، إذا ذكر في غير مجلس الحكم شهادته بشئ.، فإنه
ليس لمن سمعه أن يشهد على شهادته، إذا لم يأذن له، ولم يشهده على شهادته.
والأصل.، ممنوع.

وقال الطيبي: (فجوز الرواية به: كثير من أهل الفقه والحديث والأصول.، وأهل الظاهر - منهم -:
ابن جريح، وابن الصباغ.
حتى زاد بعض الظاهرية فقال: لو قال له الشيخ: هذه روايتي لا تؤدها عني، جاز له روايتها عنه.، كما
تقدم في السماع).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 112).، وينظر: (الباعث الحثيث: ص 126).
وقال المامقاني: وهو المحكي عن بعض المحدثين، كالرازي.، استنادا " إلى حصول العلم بكونه مرويا " له،
مع إشعارها بالاذن له في الرواية.، وإلى ما روي عن ابن عباس: ان النبي (ص) بعث بكتابه إلى كسرى، مع
عبد الله بن حذافة...،
وفي أخبارنا: (روي في الكافي.، باسناده إلى أحمد بن عمر الحلال قال: قلت لأبي الحسن الرضا
عليه السلام: الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب، ولا يقول: (اروه عني)، يجوز لي أن أرويه عنه؟ قال: فقال:
إذا علمت أن الكتاب له، فاروه عنه).
وأيضا "، سيأتي: ان منهم من أجاز الرواية.، بمجرد إعلام الشيخ الطالب: ان هذا الكتاب سماعه من
فلان.
وهذا يزيد على ذلك ويرجع، بما فيه من المناولة، فإنها لا تخلو من إشعار بالاذن)، (مقباس الهداية: ص 75).
وينظر الكافي: 1 / 52، و 7 / 260، ووصول الأخيار: ص 143، وعلوم الحديث ومصطلحه: ص 99،
ومعجم رجال الحديث: 2 / 450 - 452، ومعرفة الحديث: ص 104 - 105، وعلوم الحديث لابن الصلاح:
156، والالماع في أصول الرواية والسماع: ص 110، والكفاية: 348، وتدريب الراوي: 279 - 280، ومنهج
النقد في علوم الحديث: ص 219 - 220.
(1) وقال الحارثي: (وقد أوجب الكل العمل به إذا صح سنده.
وجوز الرواية به: كثير من علماء الحديث...).، (وصول الأخيار: ص 142).
(2) قال الطيبي: (والصحيح: انه لا يجوز الرواية بمجرد الاعلام.، وبه قطع بعض الشافعية، واختاره
المحققون.، لأنه قد يكون الكتاب سماعه، ولا يأذن في روايته، لخلل يعرفه.، لكن، يصح العمل به، إذا صح سنده
عنه).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 112).
293

والثالث: الرواية مع النهي (1).
وفي قول ثالث: له أن يرويه عنه، بالأعلام المذكور، وإن نهاه.
كما لو سمع منه حديثا ".، ثم قال: لا تروه عني، ولا أجيزه لك.، فإنه لا يضره ذلك.
والرابع: وهو الأقوى (2).
والأقوى: عدمه مطلقا ".
لعدم وجود ما يحصل به الاذن، ومنع الاشعار به.
بخلاف الكتابة إليه.

وقال الشيخ أحمد محمد شاكر: (استدل المانعون من الرواية بذلك، بقياسه على (الشهادة على
الشهادة).، فإنها لا تصح، إلا إذا أذن الشاهد الأول للثاني، بأن يشهد على شهادته.
وأجاب القاضي: بأن (هذا غير صحيح، لان الشهادة لا تصح إلا مع الاذن في كل حال.، والحديث
عن السماع والقراءة لا يحتاج فيه إلى إذن باتفاق.
وأيضا ".، فالشهادة تفترق عن الرواية في أكثر الوجوه).، (الباعث الحثيث: ص 126).، وينظر: (تدريب
الراوي: ص 148)، و (علوم الحديث لابن الصلاح: ص 156)، و (الالماع في أصول الرواية والسماع:
ص 110)، و (علوم الحديث ومصطلحه: ص 99)، و (منهج النقد: ص 219).
وقال الحارثي: (ومنعها بعضهم.، لعدم وجود ما يحصل به الاذن، ومنع الاشعار به، بخلاف الكتابة
إليه).، (وصول الأخيار: ص 143).
وقال المامقاني: (ولم أقف لهذا القول على مستند صالح.، فالأظهر، ما في خبر أحمد المذكور، من جواز
الرواية بها، إذا علم أن الكتاب للشيخ، دون ما إذا لم يعلم.
ولقد أجاد بعض الأجلة.، حيث قال: لا يعقل - للمنع من رواية ما تحمل بالمناولة المجردة - وجه. وأي
مدخل لاذن الشيخ بعد إذن الإمام عليه السلام.
بل، (هو) أمره وأمر الله تعالى، برواية الأحاديث.، بل، ضبطها ونشرها بين الشيعة، وفي المجالس.
ومنه يظهر: انه يلتفت إلى منعه، لو منع أيضا "، ما لم يكن منشأه خللا " في نقله أو ضبطه.
والعجب من الشهيد الثاني (ره) في الدراية.، حيث إنه مع مصيره إلى المنع، من غير ذكر وجهه.، روى
خبر أحمد بن عمر المذكور، الدال على الجواز، ولم يرده).، (مقباس الهداية: ص 175).، وينظر كذلك: ص 178
وأقول: صحيح ان الشهيد الثاني، روى خبر أحمد بن عمر المذكور.، ولكن، في قسم المناولة، لا في قسم
الاعلام.
وهو يفترق عن المامقاني في: جعله المناولة مقرونة ومجردة، وجعله الاعلام قسما " برأسه.
نعم، يفترق عنه.، في جعله الاعلام، قسما " برأسه، وليس مناولة مجردة، كما فعل المامقاني.
هذا، وإن المامقاني: أفرد ثانية " قسما " خاصا " بالأعلام.، بعد ما جعله ضربا " ثانيا "، من ضربي المناولة...
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 73، لوحة أ، سطر 8، ولا، الرضوية.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 73، لوحة أ، سطر 11.، ولا، الرضوية.
294

الحقل الثاني
في: ما في معناه
وهو ما نأتي عليه من خلال:
الأول: الوصية
وفي معناه - أي: معنى الاعلام (1) -:
ما لم أوصى له - عند موته، أو سفره -: بكتاب يرويه (2).
الثاني: الحكم (3)
وفيه: القولان (4).
ولكن الصحيح هنا: المنع.، لبعد هذا القسم جدا " عن الاذن.
حتى قيل: إن القول بالجواز:
إما زلة عالم (5).
أو متأول.، بإرادة الرواية، على سبيل الوجادة، التي تأتي.
وهو غلط.، فإن القائل بهذا النوع، دون الوجادة متحقق (6)

(1) والذي في النسخة الأساسية: ورقة 73، لوحة أ.، سطر 12: (وفي معناه أي معنى الاعلام)، فقط.، و
كذا، الرضوية.
(2) وقال الشيخ المامقاني: (الوصية.، وهي أن يوصي الشيخ عند موته أو سفره لشخص بكتاب يرويه
ذلك الشيخ).، (مقباس الهداية: ص 178).
وقال عتر: الوصية وسيلة ضعيفة من طرق التحمل.
وهي أن يوصي المحدث لشخص أن ترفع له كتبه عند موته أو سفره).، منهج النقد: ص 220).
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورق 73، لوحة أ، سطر 13.، ولا، الرضوية.
(4) أي: القول بالجواز، والقول بالمنع.
وقال الشيخ المامقاني: وقد جوز بعض السلف، كمحمد بن سيرين وأبي قلابة، للموصي له.، روايته
عنه، بتلك الوصية، لان في دفعه له نوعا " من الاذن، وشبها " من العرض والمناولة.، وانها قريبة من الاعلام.، وانها
ارفع رتبة من الوجادة بلا خوف.، وهي معمول بها عند جمع.، فهذه أولى.
ومنعه الأكثر.، لبعد هذا الضرب جدا "، عن الاذن.، وتشبيهه بالعرض والمناولة، اشتباه) (مقباس الهداية:
ص 178) وأقول: في نسخة المقباس: (أبو قلابة)، وهو تصحيف مطبعي.
(5) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 44، لوحة أ.، سطر 5: (إما زلة)، بدون كلمة (عالم)
(6) إي: ان القائل بان الوصية، هي دون الوجادة رتبة " ودرجة " ومنزلة.، فذلك حق.
نعم، الشهيد الثاني، لا يجيز قول من يقول: بأنها أرفع من الوجادة، وقارب بينها وبين الاعلام.، كما
نستفيده من قوله (قدس).
295

ووجهوه.، بأن في دفعه الكتاب إليه (1): نوعا " من الاذن، وشبها " من العرض والمناولة (2)
الثالث: الأمثلة (3)
وروى حماد بن يزيد، عن أيوب السختياني قال:
قلت لمحمد بن سيرين: ان فلانا " أوصى لي بكتبه.، أفأحدث عنه؟
قال: نعم (4).
قال حماد: وكان أبو قلابة يقول (5):
ادفعوا كتبي إلى أيوب، إن كان حيا ".، فاحرقوها (6)

(1) وفي النسخة الرضوية: ورقة 44، لوحة أسطر 7: (دفع الكتاب إليه).
(2) قال الشيخ المامقاني: (كما قيل:
من أن القول بالجواز: إما زلة عالم، أو متأول بإرادة الرواية على سبيل الوجادة التي تأتي مما لا وجه له.
لان القائل بهذا النوع دون الوجادة موجود.، ولما عرفت من عدم الخلاف في كونها أرفع من الوجادة،
فلا وجه للتأويل، بإرادة الرواية على سبيل الوجادة).، (مقباس الهداية: ص 178).
وقال الدكتور عنر: (وقد رخص بعض العلماء من السلف للموصى له، أن يرويه عن الموصي.، بموجب
تلك الوصية.، لان في دفعها له نوعا " من الاذن، وشبها " من العرض والمناولة.، وهو قريب من الاعلام.
لكن خالف في ذلك: ابن الصلاح.، وباعد جدا " بين الوصية وبين الاعلام، وأنكر ذلك على من قاله.، و
قال: (هذا بعيد.، وهو: إما زلة عالم، أو متأول على أنه أراد الرواية، على سبيل الوجادة التي يأتي شرحها).
وهو - فيما نرى - قول سديد قوي.، فأن الوصية، إنما تفيد تمليك النسخة.، فهي كالبيع.، وذلك أمر
آخر غير الاخبار بمضمونها.، (منهج النقد في علوم الحديث: ص 220).
وينظر: الالماع في أصول الرواية والسماع: ص 115، وفتح المغيث للعراقي: ص 232، وعلوم الحديث
لابن الصلاح: ص 157.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 73، لوحة ب، سطر 5.، ولا، الرضوية.
(4) وقال الخطيب البغدادي: (يقال: ان أيوب كان قد سمع تلك الكتب، غير أنه لم يحفظها.
فلذلك، استفتى محمد بن سيرين عن التحديث منها).، الكفاية: ص 352.
وينظر: المحدث الفاصل: فقرة 546، ومعجم البلدان: 1 / 414 - ترجمة السختياني -.
(5) وفي النسخة الرضوية: ورقة 44، لوحة أ.، سطر 9: (أبو فلانة يقول).، وهو اشتباه في النسخ.
وأقول: وأبو قلابة: هو عبد الله بن يزيد الجرمي البصري.
(6) ينظر: المحدث الفاصل: فقرة 547
وأقول: هناك أمثلة كثيرة بخصوص الرواية بالوصية من قبيل:
أ. علي بن النعمان.، الذي أوصى بكتبه إلى: محمد بن إسماعيل بن بزيع.، كما في: اختيار رجال الكشي
- طبع جامع مشهد -: ص 564.
ب. وداوود بن النعمان.، الذي أوصى بكتبه إلى: محمد بن إسماعيل بن بزيع.، كما في: اختيار رجال
الكشي - طبع جامعة مشهد -: ص 612.
296

المسألة السابعة
في: الوجادة
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: توليدها
- 1 -
الوجادة - بكسر الواو - (1).، وهي: مصدر وجد يجد.، مولد من غير العرب، غير مسموع
من العرب الموثوق بعربيتهم.
- 2 -
وإنما ولده العلماء بلفظ الوجادة: لما أخذ من العلم من صحيفة.، من غير سماع،
ولا إجازة ولا مناولة (2).
- 3 -
حيث وجدوا العرب.، قد فرقوا بين مصادر (وجد)، للتميز بين المعاني المختلفة.
فإنهم قالوا: وجد ضالته وجدانا " - بكسر الواو -، وإجدانا " - بالهمزة المكسورة -
ووجد مطلوبه وجودا ".
وفي الغضب: (موجدة)، و (جدة ").
وفي الغنى: وجد - مثلث الواو - ووجدة ".، وقرئ بالثلاثة في قوله تعالى: (اسكنوهن
من حيث سكنتم من وجدكم) (3).

ح‍. ويحيى بن زيد.، الذي أوصى بالصحيفة إلى: محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن بن
علي - عليهما السلام -.، كما في رياض العلماء: 5 / 363.
د. وأقول، قد يكون الدافع للوصية، إلى شخص مخصوص، أوذي مواصفات خاصة.، نتيجة ظروف
سياسية معينة.، كما هو الحال، في تسليم سليم بن قيس كتابه إلى أبان بن أبي عياش.، وتسليم ابن أبي عياش،
الكتاب نفسه، إلى عمر بن أذينة.، ينظر: تكملة الرجال: 1 / 452 - 468.
(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 73، لوحة ب.، سطر 8: (وسابعها: الوجادة)، فقط.، وكذا،
الرضوية.
(2) وقال الدكتور عتر: (الوجادة.، هي: أن يجد المرء حديثا " أو كتابا "، بخط شخص باسناده.
فله أن يروي عنه على سبيل الحكاية فيقول: (وجدت بخط فلان حدثنا فلان..).، وله أن يقول: (قال
فلان)، إذا لم يكن فيه تدليس يوهم اللقى).، (منهج النقد في علوم الحديث: ص 220).
(3) سورة الطلاق.، آية 6
297

وفي الحب: وجدا ".
- 4 -
فلما رأى المولدون: مصادر هذا الفعل مختلفة "، بسبب اختلاف المعاني.، ولدوا لهذا
المعنى: الوجادة، للتمييز (1).
الحقل الثاني
في: عباراتها (2)
- 1 -
وهو - أي: هذا النوع من أخذ الحديث ونقله -: أن يجد إنسان كتابا " أو حديثا "،
مروي إنسان بخطه، معاصر له أو غير معاصر.، ولم يسمعه منه هذا الواجد (3)، ولا له إجازة منه،
ولا نحوها. فيقول: (وجدت).
أو (قرأت بخط فلان).
أو (في كتاب فلان بخطه: حدثنا فلان).، ويسوق باقي الاسناد والمتن.
أو يقول: (وجدت بخط فلان عن فلان)... الخ (4).

(1) قال ابن الصلاح: (روينا عن المعافي بن زكريا النهرواني: ان المولدين فرعوا قولهم: (وجادة) فيما أخذ
من العلم من صحيفة، من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة.، من تفريق العرب بين مصادر (وجد)، للتميز بين
المعاني المختلفة. يعني قولهم: (وجد ضالته وجدانا ").، ومطلوبه: (وجودا ").، وفي الغضب: (موجدة).، وفي الغنى:
(وجدا ").، وفي الحب: (وجدا ").، (علوم الحديث لابن الصلاح: ص 167، وينظر: (تدريب الراوي
ص 147) وقال الشيخ المامقاني الشئ ذاته.، في: (مقباس الهداية: ص 178 - 79)
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 74، لوحة أ، سطر 5.، ولا، الرضوية.
وقال الدكتور عتر: يجوز لمن تحمل بالوجادة، أن يرويه على سبيل الحكاية فيقول: (وجدت بخط فلان:
حدثنا فلان).
ويقع هذا في مسند الإمام أحمد.، يقول ابنه عبد الله: (وجدت بخط أبي حدثنا فلان).، وله أن يقول:
(قال فلان).، وكذا: (ذكر فلان)، و (بلغني عن فلان).، (منهج النقد: ص 225 - 226).
(3) وفي النسخة الرضوية: ورقة 44، لوحة ب.، سطر 3: (ولم يسمعها..).، ويبدو انه اشتباه في النسخ.
الواجد، ولا له منه إجازة، ولا نحوها.، فله أن يقول: (وجدت)، أو (قرأت بخط فلان)، أو (في كتاب فلان
بخطه: حدثنا فلان).، ويسوق باقي الاسناد والمتن.
أو يقول: (وجدت)، أو (قرأت بخط فلان)، ويذكر الباقين).، (الخلاصة في أصول الحديث:
ص 113.، وفي النسخة: (لا له منه إجازة)، بدون واو العطف.، وهو تصحيف مطبعي.، وكذلك في النسخة:
(ويسوق في الاسناد والمتن)، وهو تصحيف مطبعي أيضا ".
وينظر: (وصول الأخيار: ص 143)، و (مقباس الهداية: ص 179).
298

هذا، الذي استقر عليه العمل، قديما " وحديثا ".
وهو: منقطع مرسل.
ولكن، فيه شوب اتصال.، بقوله: (وجدت بخط فلان).
وربما دلس بعضهم.، فذكر الذي وجد بخطه وقال فيه: (عن فلان)، أو (قال
فلان).، وذلك تدليس قبيح، إن أوهم سماعه منه.
وجازف بعضهم.، فأطلق في هذا: (حدثنا) (1)، و (أخبرنا).، وهو غلط منكر.
هذا كله.، إذا وثق بأنه: خط المذكور، أو كتابه (2).
- 3 -
فإن لم يتحقق الواجد: الخط.، قال: (بلغني عن فلان).
أو (وجدت في كتاب: أخبرني فلان: انه بخط فلان)، إن كان أخبره به أحد.
أو (في كتاب ظننت أنه بخط فلان).
أو (في كتاب ذكر كاتبه انه فلان).

(1) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 44، لوحة ب.، سطر 10: (حديثا ").، ويبدو انه اشتباه في النسخ.
(2) قال الطيبي: (هذا الذي استمر عليه العمل، قديما " وحديثا ".، وهو من باب المرسل، غير أنه أخذ شوبا "
من الاتصال.، بقوله: (وجدت بخط فلان).
وربما دلس بعضهم، فذكر الذي وجد بخطه.، وقال فيه (عن فلان)، أو (قال: فلان).
. وذلك تدليس قبيح، إن أوهم سماعه منه.
وجازف بعضهم.، فأطلق في هذا: (حدثنا)، و (وأخبرنا).، وأنكر هذا على فاعله).، (الخلاصة في
أصول الحديث: ص 113).، وفي النسخة المطبوعة: (فقوله)، وهو تصحيف مطبعي.، وكذلك في النسخة: (و
أجاز بعضهم)، وهو تصحيف مطبعي أيضا ".
وينظر: (وصول الأخيار: 143). و (مقباس الهداية: ص 179)، و (علوم الحديث لابن الصلاح:
ص 168)، و (الباعث الحثيث: ص 129 - 130 الهامش).
وقال الدكتور عتر: (أما روايته ب‍) حدثنا، أو (أخبرنا)، أو نحو ذلك.، مما يدل على اتصال السند،
فلا يجوز إطلاقا ".
ولا يعلم عن أحد - يقتدى به من أهل العلم - فعل ذلك.، ولا من يعده معدا مسند.، أي: المتصل
الاسناد).، (منهج النقد في علوم الحديث: ص 220 - 221).
وأقول: هناك أمثلة كثيرة على تطبيقات الوجادة.، كما في: رياض العلماء: 5 / 189، ورجال
النجاشي: ص 85.
299

أو (قيل إنه بخط فلان).
ونحو ذلك (1).
- 4 -
وإذا نقل من نسخة، موثوق بها في الصحة (2).، بأن قابلها هو أو ثقة، على وجه وثق بها،
لمصنف من العلماء (3).، قال فيه - أي: في نقله من تلك النسخة -:
(قال: فلان).، يعني: ذلك المصنف (4).
وإلا يثق بالنسخة قال: (بلغني عن فلان انه ذكر كذا وكذا).، أو (وجدت في نسخة
من الكتاب الفلاني)، وما أشبه ذلك من العبارات (5) و
وقد تسامح أكثر الناس في هذا الزمان، باطلاق اللفظ الجازم في ذلك، من غير
تحرز وتثبت.
فيطالع أحدهم كتابا " منسوبا " إلى مصنف معين، وينقل منه عنه.، من غير أن يثق
بصحة النسخة.، قائلا ": (قال فلان كذا).، و (ذكر فلان كذا).
وليس بجيد.، بل، الصواب ما فصلناه.

(1) قال الطيبي: (إذا وجد حديثا " في تأليف شخص، وليس بخطه.، فله أن يقول: (ذكر فلان)، أو
(قال فلان: أخبرنا فلان).، وهذا منقطع، لم يأخذ شوبا " من الاتصال.، هذا كله، إذا وثق بأنه خط المذكور، أو
كتابه.
فإن لم يكن كذلك فليقل: (بلغني عن فلان).، أو (وجدت عن فلان)، ونحوه.، أو (قرأت في كتاب:
أخبرني فلان: انه بخط فلان).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 113).
وقال الحارثي: (... وإلا، قال: (بلغني عمن نقل عنه)، أو (وجدت في كتاب أخبرني فلان: انه خط
فلان)، أو (أظن انه خطه)، أو (روايته).، لوجود آثار روايته له بالبلاغ ونحوه).، (وصول
الأخيار: ص 143 - 144).، وينظر: (مقباس الهداية: ص 179).
(2) وفي النسخة الرضوية: ورقة 44، لوحة ب.، سطر 14: (موثوق فيها من الصحة).
(3) وفي النسخة الرضوية: ورقة 44، لوحة ب.، سطر 15: (المصنف من العلماء).
(4) قال الطيبي: (وإذا أراد أن ينقل من كتاب منسوب إلى مصنف، فلا يقل: (قال فلان كذا).، إلا
إذا وثق بصحة النسخة: بأن قابلها هو، أو ثقة.، بأصول متعددة).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 113).
ونقل الشيخ المامقاني قول الشهيد الثاني الثاني نفسه.، عدا: (على وجه يوثق بها)، مكان (وثق بها).، و (قال
في نقله من تلك النسخة)، بدل (قال فيه - أي...).، و (سمى ذلك المصنف)، بدل (يعني ذلك
المصنف).، (مقباس الهداية: ص 179).
(5) قال الطيبي: (فإن لم يوجد ذلك ولا نحوه، فليقل: (بلغني عن فلان كذا)، و (وجدت في نسخة
من الكتاب الفلاني)، (ونحوه).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 113).، وينظر: (مقباس الهداية:
ص 179).
300

أن يكون الناقل، ممن يعرف الساقط من الكتاب، والمغير منه المصحف.، فإنه
إذا تأمل ووثق بالعبارة، يرجى له جواز إطلاق اللفظ الجازم، فيما يحكيه من ذلك.
والظاهر.، انه إلى هذا استروح كثير من المصنفين، فيما نقلوه من ذلك، والله أعلم (1).
الحقل الثالث
في: حكم نوعيها
وهو ما نأتي عليه من خلال:
أولا ": الوجادة المطلقة (2)
- 1 -
وفي جواز العمل بالوجادة الموثوق بها: قولان.، للمحدثين، والأصوليين.
فنقل عن الشافعي وجماعة من نظار أصحابه: جواز العمل بها.
ووجهوه: بأنه لو توقف العمل فيها على الرواية، لا نسد باب العمل بالمنقول.،
لتعذر شرط الرواية فيها (3).

(1) قال الطيبي: (وقد تسامح أكثر الناس في هذه الاعصار، باطلاق اللفظ الجازم في ذلك، من غير
تحر وتثبت.، فيطالع أحدهم كتابا " منسوبا " إلى مصنف، وينقل عنه من غير أن يثق بصحة النسخة قائلا ": (قال
فلان كذا).، فإن كان العالم عالما " فطنا "، لا يخفى عليه في الغالب الساقط والمحول من جهته.، رجونا أن يجوز له
إطلاق اللفظ الجازم في هذا.، وإلى هذا استروح كثير من المصنفين فيما نقلوه من كتب الناس).، (الخلاصة في
أصول الحديث: ص 113 - 114).، هذا، وهناك اختلافات طفيفة بين الخلاصة والدراية والمقباس.
(2) هذا العنوان - الحقل... المطلقة -.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 75، لوحة أ، سطر 8.، ولا،
الرضوية.
(3) قال الطيبي: العمل اعتمادا " على الوجادة.
نقل عن معظم المحدثين والفقهاء المالكيين وغيرهم: انه لا يجوز.
وعن الشافعي وطائفة من نظار أصحابه: جوازه.
وقطع بعض المحققين من الشافعيين: بوجوب العمل بها، عند حصول الثقة.
وهذا هو الصحيح.، الذي لا يتجه غيره، في هذه الأزمان، على الرواية، لا نسد بابه، لتعذر شروط
الرواية).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 114).، وواضح، ان في هذا النص المطبوع سقط وخطأ، يمكن
التأكد منه، كما في نص ابن الصلاح اللاتي.
قال ابن الصلاح: وهذا هو الذي لا يتجه غيره، في الاعصار المتأخرة.، لتعذر شروط الرواية في هذا الزمان.،
يعني: فلم يبق إلا مجرد وجادات
قلت: وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: أي الخلق أعجب إليكم إيمانا "؟
قالوا: الملائكة.، قال: وكيف لا يؤمنون وهم عند ربهم؟
وذكروا الأنبياء.، فقال: وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟
قالوا: فنحن؟ قال: وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟
301

- 2 -
وحجة المانع.، واضحة
حيث: لم يحدث به لفظا "، ولا معنى.
- 3 -
ولا خلاف بينهم.، في منع الرواية بها.

قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: قوم يأتون من بعدكم، يجدون صحفا " يؤمنون بما فيها)
وقال ابن كثير: وقد ذكرنا الحديث باسناده ولفظه في شرح البخاري، ولله الحمد.
فيؤخذ منه مدح من عمل بالكتب المتقدمة، بمجرد الوجادة لها.، والله أعلم).، (الباعث الحثيث:
ص 128 - 129.، وينظر: علوم الحديث لابن الصلاح: ص 169، وتدريب الراوي: 149 - 150، وتوضيح
الأفكار: 2 / 349، وتفسير ابن كثير - طبعة المنار -: 1 / 74 - 75، وعلوم الحديث ومصطلحه:
ص 103 - 104.
وأقول: للشيخ المامقاني (قدس): بحث طويل بهذا الخصوص، وهو على طوله شيق ومفيد.، ينظر:
(مقباس الهداية: ص 179 - 180.، ثم ذكر بعد ذلك صفحتين، فيها المهم، مما يصلح أن يذكر في طرق تحمل
الحديث.، كل في القسم المخصص له، فتكون الفائدة أجلى وأظهر وأوقع..
وقال الدكتور عتر: ثم اختلف أئمة الحديث والفقه والأصول: بما وجد من الحديث بالخط المحقق لامام، أو
أصل من أصول ثقة.، مع اتفاقهم على منع النقل والرواية، بحدثنا أو أخبرنا أو نحوهما.
فمعظم المحدثين والفقهاء من المالكية وغيرهم: لا يرون العمل به.
وحكي عن الشافعي: جواز العمل به.، وقالت به: طائفة من نظار أصحابه ومن أرباب التحقيق.
وهذا هو الراجح الذي يدل عليه الدليل.، لأننا مكلفون شرعا "، أن نعمل بما يثبت لدينا صحته.، وإذا ثبت
صحة الكتاب الذي وجدناه، وجب العمل به.، لا سيما، وقد أصبحت الضرورة تحتم ذلك، (في الاعصار
المتأخرة.، فأنه لو توقف العمل فيها على الرواية، لا نسد باب العمل بالمنقول، لتعذر شرط الرواية فيها).، (منهج
النقد في علوم الحديث: ص 221.، وينظر: الالماع في أصول الرواية: والسماع: ص 117، وفتح المغيث:
ص 235، وتوضيح الأفكار: 2 / 248، وغيرها.
302

لما ذكرناه: من عدم الاخبار (1).
ثانيا: الوجادة المقترنة (2).
ولو اقترنت الوجادة بالإجازة.
بأن يكون الموجود خطة: حيا " وأجازه، أو أجازه غيره عنه - ولو بوسائط -
فلا إشكال في جواز الرواية والعمل.، حيث يجوز العمل بالإجازة.

(1) وممن لا يرى طريقيتها: الشيخ عبد النبي الكاظمي.، حيث يقول: (... والوجادة ليست طريقا " إلى
تحمل الرواية).، (تكملة الرجال: 1 / 132).
وقال الدكتور عتر: وفي هذه المسألة طرافة يجب التنبيه إليها.، وهي الفرق بين صحة الرواية، وبين وجوب
العمل.
فلا تصح الرواية بالوجادة للكتاب.، أي: لا يصح أن يقول: أخبرني فلان، أو حدثني، أو غير ذلك.، لعدم
وجود طريقة التحمل التي تسمح بذلك.
لكن، يجب العمل بمضمونه عند حصول الثقة بنسبة الكتاب إلى صاحبه.، لان ذلك هو الذي يوجب
العمل...
وقد قال بمثل ذلك.، من منع الرواية بالأعلام.
ومن هنا فإننا نستطيع القول، بأن الدكتور الفاضل صبحي الصالح، قد تسامح حيث قال في كتاب
علوم الحديث ومصطلحه: ص 87:
(بل، لقد أمسى المتأخرون لا يجدون حاجة " للرحلة، ولا لتحمل مشاقها.، مذ أصبح حقا " لهم ولغيرهم، أن
يرووا كل ما يجدون من الكتب والمخطوطات، سواء ألقوا أصحابها، أم لم يلقوهم.)
فهذا القول باطلاقه، لم يحرر حكم الوجادة.، لان الرواية بها كما علمت، لا تعتبر صحيحة متصلة السند
إلى أصحابها.
لكن، يجب العمل بمضمونها، إذا حصلت الثقة به.، وذلك بملاحظة توفر الشروط المقررة، في تحقيق
المخطوط.، (منهج النقد: ص 221 - 222).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 75، لوحة أ، سطر 13.، ولا، الرضوية.
303

الفصل الثالث
في: كيفية رواية الحديث
وفيه: مسائل (1)
المسألة الأولى
في: الرواية الحجة (2)
اعلم.، ان العلماء بهذا الشأن، قد اختلفوا فيما يجوز به رواية الحديث.، فأفرط
قوم فيه، وفرط آخرون.
وقد تقدم - في باب الوجادة والاعلام والوصية - النقل، عمن فرط واجتزى
بروايته، بمثل ذلك.
الحقل الأول
في: من أفرط (3)
وأما من أفرط وشدد:
- 1 -
فمنهم.، من قال: لا حجة إلا فيما رواه الراوي من حفظه وتذكره.، وهذا
المذهب مروي عن: مالك، وأبي حنيفة، وبعض الشافعية.

(1) والذي في النسخة الأساسية: ورقة 75، لوحة ب، سطر 4 (الفصل الثالث في كيفية رواية
الحديث)، فقط.
والذي في النسخة الرضوية: ورقة 45، لوحة أ.، سطر 14: (الباب الثالث...).، وهو - الباب - اشتباه
في النسخ.
وقال المامقاني: (المقام الرابع.، في كيفية رواية الحديث.، ففرط فيه قوم وتساهلوا وجوزوا الرواية بكل
من الوجادة والاعلام والوصية كما مر.
وأفرط فيه آخرون، وبالغوا في التشديد وقالوا انه لا حجة إلا فيما رواه الراوي من حفظه وتذكره.، حكي
ذلك عن مالك وأبي حنيفة وبعض الشافعية.، وقد سئل مالك: أيؤخذ العلم ممن لا يحفظ حديثه وهو ثقة؟
فقال: لا يؤخذ عنه...).، (مقباس الهداية: ص 189).
(2) (هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 75، لوحة ب، سطر 4، ولا، الرضوية.
(3) (هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 75، لوحة ب، ولا، الرضوية.
304

ومنهم.، من أجاز الاعتماد على الكتاب، بشرط بقائه في يده.، فلو أخرجه عنها،
ولو بإعارة ثقة، لم تجز الرواية منه.، لغيبته عنه المجوزة للتغير، وهو دليل من يمنع
الاعتماد على الكتاب (1).
- 3 -
والحق.، المذهب الوسط
وهو: جواز الرواية بهما (2).
ولكن.، اكملها ما اتفق من حفظه، لا من التغير والتبديل (3).
ويجوز من كتابه وإن خرج من يده، مع أمن التغير (4). على الأصح.

(1) قال الطيبي: (... فقل بعض المشددين: لا حجة، إلا فيما رواه من حفظه.، روى ذلك عن: أبي
حنيفة، ومالك، والصيدلاني.
وقال بعضهم: يجوز إلا إذا خرج من يده)
.، (0 الخلاصة في أصول الحديث: ص 115)
وقال الحارثي: (... وقالوا: لا حجة، إلا فيما يروي من الحفظ.
وهو عنت بين، بغير نفع ظاهر.، بل، ربما كان أضر وأقبح.، لان الحفظ لصعوبته وعسره، يلزم منه الحرج
وتضيق الرواية وتقليلها، مع أنه يتطرق إليه النسيان والشك والوهم.
وذلك، لا يتأتي في الكتابة والمكاتبة، وإن تطرق إليها الزوير، لكنه شئ نادر الوقوع).، (وصول
الأخيار: ص 148).، وينظر: الباعث الحثيث: ص 139، ومقباس الهداية: ص 189)
(2) قال الحارثي: (والذي يعتمده علماؤنا ومحدثونا - وأكثر علماء العامة -: جواز كتابتها، والرواية
منها، إذا قام الراوي في الاخذ والتحمل، بما تقدم من الشروط.
فيجوز حينئذ: الرواية من أصله، إذا كان مصححا " مأمون التزوير، وإن أعاره أو غاب عن يده.، لان
التغير نادر الوقوع، ولا يكاد يخفى.
وقد ورد الامر من أئمتنا عليهم السلام.، بكتابة العلوم كلها، والحرص عليها.، ولا شبهة أن الأحاديث
من أجلها وأهمها.
فقد روينا بطرقنا.، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبي أيوب
المدني، عن ابن أبي عمير، عن حسين الأحمسي، عن أبي عبد الله عليه السلام يقول: (القلب يتكل على الكتابة).
وعنه....، قال: سمعت أبو عبد الله عليه السلام يقول: (اكتبوا، فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا)
وعنه...، قال أبو عبد الله عليه السلام: (احتفظوا بكتبكم، فإنكم سوف تحتاجون إليها).
وعنه...، قال أبو عبد الله عليه السلام: (اكتب وبث علمك في إخوانك، فإن مت فأورث كتبك
بنيك.، فإنه يأتي على الناس، زمان هرج ومرج، لا يأنسون فيه إلا بكتبهم).، ولا شبهة، إن كتابتها في زماننا هذا
واجبة، كما تقدم بيانه).، وصول الأخيار: 169 - 150.، والكافي: 1 / 52 - مكررا " أربع مرات -.
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 45، لوحة ب، سطر 6: (التغير)، بدل (التغيير).
(4) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 45، لوحة ب، سطر 7: (التغير)، بدل (التغيير).
305

لان الاعتماد في الرواية على غالب الظن، فإذا حصل أجزأ.
وقد عرفت: انه قد أفرط قوم، فأبطلوها من الكتاب مطلقا " أو بالقيد (1).
الحقل الثاني
في: من فرط (2)
وفرط آخرون.، فرووا من كتاب غير مقابل.، فجرحوا بذلك، وكتبوا في طبقات
المجروحين (3)
ومن طريف ما نقل عن بعض المتساهلين - وهو عبد الله بن لهيعة المصري -:
ان يحيى بن حسان (4)، رأى قوما " معهم جزء، سمعوه من ابن لهيعة، فنظر فيه، فإذا
ليس فيه حديث واحد من حديث ابن لهيعة.، فجاء إليه، فأخبره بذلك.
فقال: ما اصنع؟ يجيئوني بكتاب، فيقولون هذا من حديثك، فأحدثهم به.
وهذا.، خطأ عظيم (5)، وغفلة فاحشة.

(1) وقال المامقاني: (ورابع.، وهو جواز الاعتماد في رواة ما سمعه - ولم يحفظه - على الكتاب، وإن
خرج من يده، مع أمن التغير والتبديل والدس.، وعدم جواز الاعتماد، مع عدم أمن ذلك
وهذا، هو القول الفصل، الذي استقر عليه عمل الأكثر، وساعده الدليل.، فإن الاطمئنان مرجع كافة
العقلاء، في جميع أمور معاشهم ومعادهم.
ورواية الحديث من جملتها.، فيجوز بناؤه على ما يطمأن، بكونه مما سمعه من شيخه والتزام أزيد من
ذلك، يؤدي إلى العسر والحرج، وتعطيل الاحكام.، كما أن تجويز الرواية بدون ذلك، يؤدي إلى تضييع
الاحكام).، (مقباس الهداية: ص 189).، وفي النسخة: (بنائها على ما يطمئن)، وهو تصحيف مطبعي.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 76، لوحة أ، سطر 4.، ولا، الرضوية.
(3) قال الطيبي: (وقال بعض المتساهلين: تجوز الرواية من نسخ، غير قابلة بأصولهم.، فجعلهم الحاكم:
مجروحين).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 115).، وينظر: (الباعث الحثيث: ص 139).
ويقول الخطيب البغدادي: (ذلك.، بأن ابن لهيعة كان يتساهل في الاخذ.، وأي كتاب جاؤوه به
حدث منه، فمن هنا كثرت المناكير في حديثه).، (الكفاية: ص 152).
قال يحيى بن حسان: (جاء قوم ومعهم جزء فقالوا: سمعناه من ابن لهيعة، فنظرت فإذا ليس فيه حديث
واحد من حديث ابن لهيعة.، فجئت إلى ابن لهيعة فقلت: هذا الذي حدثت به، ليس فيه حديث من حديثك،
ولا سمعتها أنت قط؟ فقال: ما أصنع؟ يجيئوني بكتاب.، ويقولون: هذا من حديثك، فأحدثهم به).، (الكفاية:
ص 152).
وينظر: (مقباس الهداية: 189)، و (علوم الحديث ومصطلحه: ص 54 - 55).
(4) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 45، لوحة ب.، سطر 11: (نحو حسان).، وهو اشتباه في النسخ.
(5) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 45، لوحة ب.، سطر 15: (خطأ عظيم).
306

المسألة الثانية
في: رواية من لا يقرأ
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: رواية الضرير (1)
والضرير، إذا لم يحفظ مسموعه من فم من حدثه.، يستعين بثقة في ضبط كتابه،
الذي سمعه وحفظه.
ويحتاط إذا قرئ عليه على حسب حاله، حتى يغلب على ظنه عدم التغيير.
فتصح حينئذ روايته (2).، وهو أولى بالمنع، من الرواية بالكتاب من مثله.، أي:
المنع الواقع في البصير عند بعضهم.
الحقل الثاني
في: رواية الأمي (3)
وكذا القول.، في الأمي، الذي لا يقرأ الخط، ولم يحفظ ما رواه.
- 1 -
وإذا سمع كتابا "، ثم أراد روايته من غير حفظه (4).، فعليه أن يروي من نسخة فيها
سماعه، وهذا هو الأولى.، أو من نسخة قوبلت بها - أي: بنسخة سماعه (5) - مقابلة

(1) هذا العنوان - المسألة... الضرير -.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 76، لوحة أ.، سطر 10.،
ولا، الرضوية.
(2) قال الطيبي: (الضرير إذا لم يحفظ ما سمعه، فاستعان بثقة في ضبطه، وحفظ كتابه، واحتاط عند
القراءة عليه.، بحيث يغلب على ظنه سلامته من التغيير.، صحت روايته).، (الخلاصة في أصول الحديث:
ص 115).، ونقل الشئ ذاته الشيخ الحارثي في: (وصول الأخيار: 150)
وقال الشيخ المامقاني: (....، فيجوز للضرير: الذي عرضه عدم البصر والذي تولد غير بصير.، رواية
الحديث الذي تحمله وحفظه
ولو لم يحفظ الأعمى ما سمعه من فم محدثه، لم يجز له الرواية، إلا أن يستعين بثقة.، في ضبط سماعه، و
حفظ كتابه، عن التغير.، ويحتاط عند القراءة عليه، على حسب حاله، حتى يغلب على ظنه سلامته من التغير.، فإنه
تصح حينئذ روايته).، (مقباس الهداية: ص 189 - 190).
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 76، لوحة ب، سطر 1.، ولا، الرضوية.
(4) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 46، لوحة أ.، سطر 4: (حفظ)، بدون هاء الضمير.
(5) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 46، لوحة أ، سطر 5 (ومن نسخة قوبلت بها، أي نسخة
سماعه).، بجعل (و) بدل (أو) و (نسخة) بدل (بنسخة).
307

موثوقا " بها.، أو من نسخة سمعت على شيخه.، أو فيها سماع شيخه.، أو كتبت عنه.، إذا وثق
بكونها ليست مغايرة لنسخة سماعه، وسكنت نفسه إليها.، أو كان له من شيخه إجازة
عامة لمروياته.
وإلا.، فلا يجوز الرواية، من نسخة ليس فيها سماعه مطلقا ".، لامكان مخالفتها
لنسخة سماعه، وإن كانت مسموعة على شيخه ونحوه، أو كونها غير مصححة.
وكذا القول.، فيما إذا كانت النسخة مسموعة على شيخ شيخه، أو مروية عنه.،
فالمجوز لروايته منها، أن يكون له إجازة شاملة من شيخه لهذه النسخة، ولشيخه إجازة
شاملة من شيخه لها (1)، على الوجه السابق.، فتدبره (2).
- 2 -
وإذا خالف كتابه حفظه منه - أي: حفظ المستند إلى ذلك الكتاب -.، رجع
إليه - أي: إلى الكتاب -.، لأنه الأصل، وتبين ان الخطأ من قبل الحفظ.
وإن كان حفظه من شيخه، لا من كتابه، اعتمده - أي: اعتمد حفظه -.، دون
ما في كتابه إذا لم يتشكك.
وإن قال في روايته حينئذ: (حفظي كذا، وفي كتابي كذا)، منبها " على
الاختلاف بينهما، فحسن.
لاحتمال الخطأ على كل منهما، فينبغي التخلص بذلك.

(1) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 46، لوحة أ.، سطر 12: (من نسخة لها).
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 46، لوحة أ.، سطر 13: (فتدبر)، بدون هاء الضمير.
وقال الشيخ المامقاني: (إذا سمع الثقة كتابا "، ولم يحفظه، وأراد روايته.، فإن روى من النسخة التي
سمعها وقابلها وضبطها، فلا كلام.، وكذا، إن روى عن نسخة قوبلت بنسخة سماعه، مقابلة " موثوقا " بها.
وإن أراد الرواية من نسخة لم يسمعها بعينها، ولم تقابل بنسخة سماعه أيضا "، لكنها سمعت على شيخه
الذي سمع هو عليه.، أو فيها سماع شيخه على الشيخ الأعلى، أو كتبت عن شيخه، وسكنت
نفسه إليها. فإن كانت له من شيخه إجازة عامة لمروياته، فلا ينبغي
التأمل أيضا " في صحة روايته لها.، إذ ليس فيها
حينئذ أكثر من رواية الزيادة على مسموعاته، إن كانت بالإجازة.
وإن لم تكن إجازة عامة.، فإن وثق هو بعدم مغايرتها لنسخة سماعه، جازت له روايتها أيضا "، لعدم
المانع، وإن لم يثق بذلك، فالمعزى إلى عامة المحدثين، المنع من روايته لها، لاحتمال أن تكون فيها رواية ليست
في نسخة سماعه.، ومجرد كونها مسموعة عن شيخه، أو شيخ شيخه، لا ينفع بعد عدم إجازة عامة، تشمل روايته
لمثلها، حتى تسوغ له الرواية لها، فتدبر جيدا ").، (مقباس الهداية: ص 190).، وينظر: (وصول الأخيار:
ص ().، و (الخلاصة في أصول الحديث: ص 115).
308

وكذا، إن خولف ما يحفظه من بعض الحفاظ أو المحدثين (1).، من كتاب قال في
روايته على الأفضل: (حفظي كذا، وغيري - أو فلان - يقول كذا)، وشبه هذا من
الكلام.، ليتخلص من تبعته.
ولو أطلق، وروى ما عنده، جاز.، لكن الأول هو الورع (2).
- 3 -
وإذا وجد خطه، أو خط ثقة.، بسماع له، أو رواية بأحد وجوهها.، وهو لا يذكره.،
رواه على الأقوى، كما يعتمد على كتابه في ضبط ما سمعه.
فإن ضبط أصل السماع كضبط المسموع، فإذا " جاز اعتماده، وإن لم يذكره
حديثا " حديثا ".، فكذا هنا، إذا كان الكتاب مصونا "، بحيث يغلب على
الظن سلامته، من تطرق التزوير والتغيير، بحيث تسكن إليه نفسه، كما مر.
وقيل: لا يجوز له روايته، مع عدم الذكر.، وقد تقدم أنه قول أبي حنيفة، وبعض الشافعية (3).

(1) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 46، لوحة ب.، سطر 1: (بعض الحفاظ والمحدثين).
(2) قال الطيبي: (لو وجد في كتابه خلاف حفظه.، فإن حفظ منه رجع إليه: وإن حفظ من فم الشيخ،
اعتمد على حفظه إن لم يتشكك.، وحسن أن يذكرهما معا " فيقول: (حفظي كذا)، و (في كتابي كذا).
وإن خالفه فيه غيره قال: (حفظي كذا)، و (قال فلان كذا).، (الخلاصة في أصول الحديث:
ص 115 - 116).
وقال الشيخ المامقاني: (إذا وجد الحافظ للحديث في كتابه، خلاف ما في حفظه.
فإن كان مستند حفظه ذلك الكتاب، رجع إليه، لأنه الأصل، وتبين ان الخطأ من قبل الحفظ.
وإن كان حفظه من فم شيخه، اعتمد حفظه، إن لم يشك.، والأحسن، أن يجمع حينئذ بينهما في روايته.،
بأن يقول: (حفظي كذا، وفي كتابي كذا)، منبها " على الاختلاف.، لاحتمال الخطأ على كل منهما.، فينبغي أن
يتخلص بذلك.
وكذا، إن خالف ما يحفظه، لما يحفظه غيره من الحفاظ المضبوطين.، فالأولى أن يقول في روايته:
(حفظي كذا، وغيري - أو فلان - يقول كذا)، ليتخلص من تبعته.
ولو أطلق، وروى ما عنده، جاز.، لكن، الأول هو الورع).، (مقباس الهداية: ص 190).
(3) قال الطيبي (لو وجد سماعه في كتاب، ولم يذكره، فعن أبي حنيفة وبعض الشافعية: لا يجوز له
روايته.، ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه وأبي يوسف ومحمد: جوازها.، وهو الصحيح، بشرط أن يكون السماع
بخطه، أو بخط من يوثق به، والكتاب مصون يغلب على الظن سلامته من التغيير، بحيث تسكن إليه نفسه، والله
أعلم).، (الخلاصة في أصول الحديث: 116).، وينظر (الباعث الحثيث: ص 140 - 141).
وقال الشيخ المامقاني: (وإذا وجد الكتاب بخطه أو خط ثقة، بسماع له أو رواية بأحد وجوهها، وهو
لا يذكر سماع الحديث الذي في الكتاب.
فمن منع من الرواية لما لا يحفظه مطلقا "، كأبي حنيفة وغيره ممن مر، فلا كلام في منعه من الرواية.
309

المسألة الثالثة
في: الرواية بالمعنى
والتفصيل يتم في بحوث:
البحث الأول
في: غير المصنفات
وفيه: حقول
الحقل الأول
في: من يحق له الرواية
وهو ما نأتي عيه من خلال:
أولا ": من لا يعلم (1)
ومن لا يعلم مقاصد الألفاظ، وما يحيل معانيها (2)، ومقادير التفاوت بينهما.، لم يجز له
أن يروي الحديث بالمعنى.
بل، يقتصر على رواية ما سمعه (3)، باللفظ الذي سمعه، بغير خلاف (4).

ومن جوز رواية ما لا يحفظه مع الاطمينان، وهم الأكثر.، فالأقوى عنده: جواز أن يروي ما في الكتاب.،
إذ كما يعتمد على كتاب في ضبط ما سمعه، فكذا يعتمد عليه في ضبط أصل السماع.، فإن ضبط أصل السماع
كضبط المسموع.، فإذا جاء اعتماده عليه، وإن لم يذكره حديثا " حديثا "، فكذا هنا.، غايته انه يشترط كون الكتاب
بخطه أو بخط من يثق به، وكونه مصونا " بحيث يغلب على الظن سلامته من تطرق التزوير، وتسكن إليه نفسه،
وإن لم يذكر أحاديثه حديثا " حديثا ".
نعم، إن شك فيه، لم يجز الاعتماد عليه.، وكذا إذا لم يكن الكتاب بخط ثقة بلا خلاف.
وقد قال بعضهم: ان المعتمد عند العلماء قديما " وحديثا "، العمل بما يوجد من السماع والاجازة، مكتوبا " في
الطباق، يغلب على الظن صحتها، وإن لم يتذكر السماع ولا الإجازة، ولمن تكن الطبقة محفوظة عنده).، (مقباس
الهداية: ص 191).
(1) هذا العنوان - المسألة... من لا يعلم -.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 77، لوحة ب.، سطر 2.،
ولا، الرضوية.
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 46، لوحة ب.، سطر 11: (يختل)، بدل (يحيل).
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 46، لوحة ب.، سطر 13: (روايته).
(4) قال الحارثي: (وإذا لم يكن المحدث عالما " بحقائق الألفاظ ومجازاتها، ومنطوقها ومفهومها و
مقاصدها، خبيرا " بما يحيل معانيها.، لم يجز له الرواية بالمعنى، بغير خلاف.، بل، يتعين اللفظ الذي سمعه إذا تحققه.،
وإلا، لم يجز له الرواية...).، وصول الأخيار: ص 151.، وفي النسخة: (بما يختل معانيها)، وهو تصحيف مطبعي.، و
ينظر: علوم الحديث لابن الصلاح: ص 190 - 191، والباعث الحثيث: ص 141، ومقباس الهداية: ص 191،
ومنهج النقد: ص 227.
310

ثانيا ": من علم (1)
فأما إن علم بذلك.، جاز له الرواية بالمعنى، على أصح القولين.
(1 -) لان ذلك، (هو الذي تشهد به أحوال الصحابة، والسلف الأولين.،
وكثيرا " ما كانوا ينقلون معنى واحدا "، في أمر واحد، بألفاظ مختلفة.، وما ذاك، إلا لان
معولهم (2)، كان على المعنى دون اللفظ).
(2 -) ولأنه يجوز التغيير (3).، بالعجمية للعجمي.، فبالعربي أولى (4).
الحقل الثاني
في: جملة المدارك (5).
- 1 -
وفي صحيحة محمد بن مسلم قال:

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 77، لوحة ب.، سطر 5، ولا، الرضوية.
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 46، لوحة ب.، سطر 17: (مقولهم).
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 47، لوحة أ.، سطر 1.، (التعبير).
(4) وقال الدكتور عتر: (ثم اختلف السلف وأرباب الحديث والفقه والأصول، في تسويغ الرواية
بالمعنى.، لأهل العلم بمعاني الألفاظ، ومواقع الخطاب: فشدد كثير من السلف وأهل التحري، من المحدثين والفقهاء،
فمنعوا الرواية بالمعنى، ولم يجيزوا لأحد الاتيان بالحديث، إلا على لفظه نفسه.
وذهب جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة، إلى جواز الرواية بالمعنى، من مشتغل بالعلم، ناقد لوجوه
تصرف الألفاظ.، إذا انضم لاتصافه بذلك أمران: أن لا يكون الحديث متعبدا " بلفظه، ولا يكون من جوامع كلمه
صلى الله عليه وسلم.
وهذا هو الصحيح المعتمد.، لان الحديث إذا كان بهذه المثابة، كانت العمدة فيه على المعنى لا اللفظ.، فإذا رواه
العلم على المعنى، فقد أدى المطلوب المقصود منه.
يدل على ذلك.، اتفاق الأمة: على أنه يجوز للعالم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أن ينقل معنى خبره بغير
لفظه، وغير اللغة العربية.
وأيضا ".، فإن ذلك كما هو ظاهر: (هو الذي تشهد به أحوال الصحابة والسلف الأولين، كثيرا " ما كانوا
ينقلون معنى واحدا "... دون اللفظ).، (منهج النقد في علوم الحديث: ص 227 - 228).
وللتوسع.، ينظر: الالماع في أصول الرواية والسماع: ص 174 - 178، وكشف الاسرار: 774 - 779، و
شروح التوضيح: 2 / 13، وفواتح الرحموت: 2 / 167، وسرح التحرير لابن أمير حاج: 2 / 285 - 288، وشرح
العضد على مختصر ابن الحاجب: 2 / 70 - 71، وشروح جمع الجوامع: 2 / 106 - 107.
وينظر كذلك: الكفاية للخطيب: 198 - 203.، وتوجيه النظر للعلامة الشيخ طاهر الجزائري:
298 - 312، فقد استوفى الأقوال وأدلتها، وناقش الموضوع مناقشة جيدة.، وقواعد التحديث للقاسمي:
ص 222 - 225.، هذه المصادر كلها منقولة بواسطة منهج النقد: ص 227، 228.
(5) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 77، لوحة ب.، سطر 10.، ولا، الرضوية.
311

قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): (اسمع الحديث منك، فأزيد وأنقص؟
قال: إن كنت تريد معانيه، فلا بأس.
- 2 -
وعن داوود بن فرقد قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): (إني اسمع الكلام منك، فأريد أن أرويه
كما سمعته منك، فلا يجئ؟
قال: فتتعمد ذلك؟
قلت: لا.
فقال: تريد المعاني؟ قلت: نعم.
قال: (فلا بأس) (1).
- 3 -
وفي خبر آخر، عنه عليه السلام، حين سئل: (أسمع الحديث منك، فلعلي لا
أرويه كما سمعته؟
فقال: إذا حفظت الصلب منه، فلا بأس.، إنما هو بمنزلة: تعال، هلم.، واقعد،
واجلس) (2).
الحقل الثالث
في: حدود الجواز (3)
وقيل: إنما تجوز الرواية بالمعنى، في غير الحديث النبوي (4).

(1) الكافي: 1 / / 51.، كتاب العلم، ب 17، ح 2.، وينظر: (مقباس الهداية: 192).
(2) المصدر نفسه.،..، ب 17، ج 3.، وينظر: (مقباس الهداية: 193).
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 78، لوحة أ.، سطر 4.، ولا، الرضوية.
(4) قال الطيبي: (وقال قوم: لا يجوز في حديث النبي (صلى الله عليه وسلم)، ويجوز في غيره).
وقال أيضا ": (أقول: من ذهب إلى التفصيل هو الصحيح.، لأنه صلوات الله عليه، أفصح من نطق
بالضاد...، لو لم يراع ذلك...، إذ، لوضع كل موضع في الاخر، لفات المعنى الذي قصد به).، (الخلاصة في أصول
الحديث: ص 116، و 117).
وأقول: في الخلاصة المطبوعة: (صلوات الله عليه)، مكان (صلى الله عليه وآله) عند الشهيد الثاني.، و
كذلك، زيادة (ذلك)، بعد (لو لم يراع).، و (إذ لوضع... وسلم)، مكان (إذا وضع.. وآله).
أقول أيضا ": يبدو الصحيح: (إذ لو وضع كل موضع الاخر، لفات المعنى)، مكان ما هو مذكور في
النصين.
312

لأنه صلى الله عليه وآله: أفصح من نطق بالضاد.
وفي تراكيبه.، أسرار ودقايق، لا يوقف عليها ألا بها، كما هي.
فإن لكل تركيب من التراكيب معنى.، بحسب الفصل والوصل، والتقديم والتأخير.،
لو لم يراع، لذهب مقاصدها.
بل، لكل كلمة مع صاحبتها خاصية مستقلة.، كالتخصيص والاهتمام، وغيرهما.
وكذا، الألفاظ التي ترى: مشتركة، أو مترادفة.، إذا وضع كل موضع الاخر،
فات المعنى الذي قصد به (1).
- 2 -
ومن ثم قال (صلى الله عليه وآله):
(نضر الله عبدا " سمع مقالتي (2)، فحفظها، ووعاها، وأداها كما سمعها.
فرب حامل فقه غير فقيه.
(ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) (3).

(1) ينظر: وصول الأخيار: ص 151، ومقباس الهداية: ص 194).
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 47، لوحة أ.، سطر 14: (نصر الله...)
(3) ينظر: سنن ابن ماجة: 1 / 84 - 86، و 2 / 1015، وسنن الترمذي: 5 / 34، وسنن أبي داوود:
3 / 322، و 3 / 438، وكشف الخفاء: 2 / 319، وتحف العقول: 41 - 42، والكفاية للخطيب: ص 173.
غير أن الشيخ المامقاني قال: ورد:
أولا ": يمنع صحة السند.
وثانيا ": بأنها مضطربة المتن.، ففي (البداية) كما نقلناه.، وفي نسخة: نضر، بالضاد المعجمة.، وفي ثالثة:
بالصاد المهملة.، وفي رابعة: رحم الله، بدل (نضر الله).، ثم، إن جملة من النسخ، اقتصرت على الفقرة الأخيرة.، و
أخرى على التي قبلها، بتلك العبارة، أو بتغييرها إلى قوله (ص): فرب حامل فقه إلى من لا فقه له.
وثالثا ": بأنها قد تضمنت دعاء، ولا دلالة في ذلك على الوجوب.
ورابعا ": بمنع الدلالة على وجوب التأدية بلفظه.، لصدق التأدية كما سمعه عرفا "، بمجرد أداء المعنى كما هو،
من غير تفاوت.
وخامسا ": بأنها معارضة بما مر، مما هو أقوى منها سندا " ودلالة ".، وقضية الجمع تنزيلها على تأدية المعنى كما
سمع، أو على الاستحباب).، (مقباس الهداية: ص 193 - 194).، وينظر: تدريب الراوي: ص 374.
وينظر البحث الموسع في الحديث المتواتر، وتعليقات الشيخ العلامة محي الدين عبد الحميد (رحمه الله)
في توضيح الأفكار شرح تنقيح الانظار - للصنعاني -: 2 / 401 - 412.
313

ولا ريب.، انه أولى (1).
وإن كان الأصح: الأول، عملا " بتلك النصوص (2).
وهذه المحذورات.، تندفع بما شرطناه (3).
وإن بقي مزايا، لا يفوت معها الغرض الذاتي من الحديث.
- 4 -
وهذا كله في غير المصنفات (4).

(1) قال الحارثي: (نعم، لا مرية ان روايته بلفظه، أولى على كل حال.، ولهذا قدم الفقهاء المروي
بلفظه على المروي بمعناه).، (وصول الأخيار: ص 152).
(2) وقال المامقاني: (.. فتخلص من ذلك كله: ان القول المعروف بين الأصحاب، هو الحق المألوف
في هذا الباب).، (مقباس الهداية: ص 195).
(3) ينظر: (مقباس الهداية: ص 195 - 197.
وقال الحارثي (قدس): (والحق، ان كل ذلك خارج عن موضوع البحث.، لأنا، إنما جوزنا لمن: يفهم
الألفاظ، ويعرف خواصها ومقاصدها، ويعلم عدم اختلال المراد بها فيما أداه.
وقد ذهب جمهور السلف والخلف، من الطوائف كلها، إلى جواز الرواية بالمعنى، إذا قطع بأداء المعنى
بعينه.
لأنه من المعلوم: ان الصحابة، وأصحاب الأئمة عليهم السلام.، ما كانوا يكتبون الأحاديث عند سماعها.
ويبعد.، بل يستحيل عادة " حفظهم جميع الألفاظ على ما هي عليه، وقد سمعوها مرة " واحدة ".، خصوصا " في
الأحاديث الطويلة، مع تطاول الأزمنة.
ولهذا، كثيرا " ما يروى عنهم المعنى الواحد، بألفاظ مختلفة، كما لا ينكر).، (وصول الأخيار: ص 152).
(4) وقال الدكتور عتر: (ثمة أمر هام يجدر التنبيه إليه، والتيقظ له.، وهو ان هذا الخلاف في الرواية بالمعنى،
إنما كان في عصور الرواية قبل تدوين الحديث، اما بعد تدوين الحديث في المصنفات والكتب، فقد زال
الخلاف، ووجب اتباع اللفظ.، لزوال الحاجة إلى قبول الرواية على المعنى، (وقد استقر القول في العصور
الأخيرة، على منع الرواية بالمعنى عملا "، وإن أخذ بعض العلماء بالجواز نظرا ").، (منهج النقد في علوم الحديث:
ص 228).، وينظر: علوم الحديث لابن الصلاح: ص 191، وشرح الألفية: 2 / 50، والباعث الحثيث:
ص 143، وغيرها.
وأقول: أما التاريخ الامامي، فهو لم يعرف في تدوين الحديث، عصر ما قبل وما بعد.، وإنما سار بمسار
الرسالة واستمرارها.
وقال سيادته أيضا ": (فلا يسوغ لأحد الان، رواية الحديث بالمعنى، إلا على سبيل التذكير بمعانيه في
المجالس، للوعظ ونحوه.، فأما إيراده على سبيل الاحتجاج أو الرواية في المؤلفات، فلا يجوز إلا باللفظ.
وقد غفل عن هذا بعض من تصدر للحديث، من العصريين.، حيث عزا أحاديث كثيرة إلى مصادرها
بغير لفظها، زاعما " انها (ليست قرآنا " نتعبد بلفظه...!).، (منهج النقد: ص 228 - 229).
وأقول: الذي في النسخة الرضوية: ورقة 47، لوحة ب.، سطر 1: (هكذا في غير المصنفات)، بدون حرف
العطف (و).
314

البحث الثاني
في: المصنفات (1)
والمصنفات.، لا تغير أصلا "، وإن كان بمعناه
لأنه يخرج بالتغيير (2)، عن وضعه ومقصود مصنفه
ولان الرواية بالمعنى رخص فيها.، لما في الجمود على الألفاظ من الحرج (3).، وذلك
غير موجود في المصنفات المدونة في الأوراق (4).
البحث الثالث
في: احتياطات الرواية بالمعنى
وفيه: حقلان
الحقل الأول
في: جملة عبارات الاحتياط (5)
وينبغي أن يقول عقيب الحديث - المروي بالمعنى.، والمشكوك فيه: هل وقع
باللفظ أو المعنى -.، (أو كما قال) (6).، ونحوه من الألفاظ الدالة على المقصود (7).
لما فيه من التحرز من الزلل.، من حيث اشتمال الرواية بالمعنى، على الخطر (8).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 78، لوحة ب، سطر 3.، ولا، الرضوية.
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 47، لوحة ب.، سطر 2: (بالتغير).
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 47، لوحة ب.، سطر 3: (الجرح).
(4) وقال الشيخ المامقاني: (...، لان النقل بالمعنى، إنما رخص فيه، لما في الجمود على الألفاظ من
الحرج.، وذلك غير موجود في المصنفات، المدونة في الأوراق.
ولأنه، إن ملك تغيير اللفظ، فليس يملك تغيير تصنيف غيره، كما هو ظاهر.
نعم، لو دعي إلى النقل بالمعنى شئ.، ونبه على كونه نقله بالمعنى، جاز).، (مقباس الهداية:
ص 197).، وينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 117)، وعلوم الحديث لابن الصلاح: ص 189).
(5) هذا العنوان - البحث... الاحتياط -.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 78، لوحة ب، سطر.،
ولا، الرضوية.
(6) الذي في النسخة الرضوية: ورقة 47، لوحة ب.، سطر 5: (أن يتبعه بقوله: أو كما قال)
(7) الذي في النسخة الرضوية: ورقة 47، لوحة ب.، سطر 6: (نحوه.. المقصد).
(8) وقال الدكتور عتر: (ينبغي لمن يروي حديثا " بالمعنى، أن يراعي جانب الاحتياط.، وذلك، بأن
يتبعه بعبارة: (أو كما قال)، أو (نحو هذا)، وما أشبه ذلك من الألفاظ.
فعل ذلك: ابن مسعود، وأنس، وأبو الدرداء.، وغيرهم (رضي الله عنهم).، (منهج النقد في علوم
الحديث: ص 229).، وينظر: علوم الحديث لابن الصلاح: ص 191.
315

الحقل الثاني
في الأمثلة التطبيقية (1)
وقد روي فعل ذلك من الصحابة.، عن: ابن مسعود، وأبي الدرداء، وأنس.،
(رضي الله عنهم) (2).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 78، لوحة ب سطر 10.، ولا، الرضوية.
(2) قال الدكتور عتر:
عن عبد بن مسعود (رضي الله عنه).، انه حدث حديثا " فقال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم).، ثم أرعد وأرعدت ثيابه فقال: (أو شبيه ذا، أو نحو ذا).
وعن أبي الدرداء انه كان إذا حدث الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.، ثم فرغ منه قال:
(اللهم، إن لا هكذا.، فكشكله).
وكان أنس إذا فرغ من الحديث قال: (أو كما قال رسول الله عليه وسلم).، (منهج النقد:
ص 229).
وفي الهامش: انظر الروايات عن الصحابة وغيرهم.، في كتاب الكفاية: 205 - 206.
كما أن سيادته تحدث بما يقارب الصفحتين.، عن (شبهة حول الرواية بالمعنى)، وما يثيره المستغربون
وأساتذتهم المستشرقون... بهذا الخصوص، من مزاعم مغرضة.
وقد أجاد في الرد، وفقه الله لمراضيه.، ينظر: (منهج النقد: ص 229 - 230).
316

المسألة الرابعة
في: تجزئة الحديث وتوزيعه
وتفصيل البحث في حقلين:
الحقل الأول
في: أحكام التجزئة
وهو ما نأتي عليه من خلال:
أولا ": المجوزون بشرط (1)
ولم يجوز مانعو الرواية للحديث بالمعنى - وبعض مجوزيها أيضا " -: تقطيع الحديث،
بحيث يروي بعضه دون بعض.، إن لم يكن هذا المقطع (2)، قد رواه في محل آخر، أو رواه غيره
تماما " (3).، ليرجع إلى تمامه، من ذلك المحل (4).
ثانيا ": المانعون مطلقا " (5).
ومنهم.، من منعه: مطلقا ".
لتحقق: التغيير (6).، وعدم أدائه (7)، كما سمعه

(1) هذا العنوان - المسألة... بشرط -.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 78، لوحة ب، سطر 12، ولا،
الرضوية.
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 47، لوحة ب، سطر 10: (القطع).
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 47، لوحة ب.، سطر 10: (أو رواه غيره)، بدون (تماما ").
(4) قال المامقاني: (انه قد وقع الخلاف بين العلماء، في تقطيع الحديث واختصاره.، برواية بعض
الحديث الواحد، دون بعض.، على أقوال:
أحدها: المنع مطلقا ".، اختاره المانعون من رواية الحديث بالمعنى، لتحقق التغيير، وعدم أدائه كما سمعه.، و
به قال بعض مجوزي رواية الحديث بالمعنى أيضا ".
ثانيهما: المنع، المنع، إذا لم يكن هذا المقطع، قد رواه في محل آخر، أو رواه غيره تماما ".، ليرجع إلى تمامه من
ذلك المحل.، أرسله غير واحد قولا ".
ثالثها: الجواز مطلقا ".، اختاره بعضهم).، (مقباس الهداية: ص 198).، وينظر.، الخلاصة في أصول
الحديث: ص 119، ووصول الأخيار: ص 154، ومنهج النقد في علوم الحديث: ص 231.
(5) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 79، لوحة أ.، سطر 1.، ولا، الرضوية.
(6) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 47، لوحة ب.، سطر 11: (التغير).
(7) والذي في النسخة الأساسية: ورقة 79، لوحة أ.، سطر 2: (اداه).، وكذا، الرضوية.
317

ثالثا ": المجوزون مطلقا " (1)
وجوزه: آخرون، مطلقا ".
سواء كان قد رواه وغيره (2): على التمام، أم لا (3)؟
رابعا ": الرأي المختار (4)
وهذا القول: هو الأصح (5).، إن وقع ذلك، لمن عرف عدم تعلق المتروك منه،
بالمروي.
بحيث.، لا يختل البيان.، ولا تختلف الدلالة فيما نقله، بترك ما تركه.
فيجوز حينئذ.، وإن لم تجز الرواية بالمعنى.
لان المروي حينئذ، بمنزلة خبرين منفصلين.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 79، لوحة أ.، سطر 2.، ولا، الرضوية.
(2) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 79، لوحة أ.، سطر 3: (أم غيره).، هكذا يبدو لي عند قراءتها.، غير
أنها غير واضحة الكتابة.
والذي في النسخة الرضوية: ورقة 47، لوحة ب.، سطر 12: (وغيره).، وهذا هو الذي يتفق مع السياق
فيما يبدو.
(3) وقال الشيخ المامقاني (قدس): (وينبغي تقييد هذا القول، بما إذا لم يكن المحذوف متعلقا " بالمأتي
به، تعلقا " يخل بالمعنى حذفه، كالاشتباه والشرط والغاية، ونحو ذلك.
وإلا.، فالظاهر، عدم الخلاف في المنع منه.، وادعى بعضهم الاتفاق عليه.
ومن هنا.، يتحد هذا القول مع الرابع.، وهو: التفصيل بالجواز، أن وقع ذلك ممن يعرف تميز
ما تركه...).، (مقباس الهداية: ص 198).
وأقول: (كالاشتباه والشرط...).، صحيحه: (كالاستثناء والشرط).، حيث قال ابن الحاجب في
مختصره: (حذف بعض الخبر جائز عند الأكثر، إلا في الغاية والاستثناء ونحوه).، ينظر: الباعث الحثيث:
ص 144.
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 79، لوحة أ، سطر 3.، ولا، الرضوية.
(5) قال الطيبي (والصحيح: التفصيل.، وانه يجوز ذلك من العالم العارف، إذا كان ما تركه غير
متعلق بما رواه.، بحيث لا يختل البيان، ولا تختلف الدلالة فيما نقله بين بترك ما تركه.، فيجوز هذا، وإن لم تجز الرواية
بالمعنى.، لان المروي والمتروك، لخبرين متصلين ولا فرق أن يكون قد رواه قبل التمام، أو لم يروه.، هذا، إذا
كان رفيع المنزلة، بحيث لا يهتم بزيادة أولا "، أو نسيان ثانيا ".، لقلة ضبطه وغفلته، فلا يجوز له النقصان والله أعلم).،
(الخلاصة في أصول الحديث: ص 119).
وأقول: ان المحقق الأستاذ السامرائي، قد اشتبه في توزيع النص.، حيث أورده هكذا: (... هذا،
إذا كان رفيع المنزلة بحيث لا يتهم بزيادة أولا، أو نسيان ثانيا ".، لقلة ضبطه وغفلته،
فلا يجوز له النقصان والله أعلم) وأقول: ان المحقق الأستاذ السامرائي، قد اشتبه في
توزيع النص، حيث أورده هكذا: (... هذا، إذا كان رفيع المنزلة بحيث
لا يتهم بزيادة أو لا نسيان. ثانيا ": لقلة وغفلته، فلا يجوز له النقصان والله أعلم).
318

الحقل الثاني
في: تجزئة المصنف (1)
وأما تقطيع المصنف الحديث: فيه - أي: في مصنفه المدلول عليه بالاسم -.
بحيث: فرقه على الأبواب اللائقة به، للاحتجاج المناسب.، مع مراعاة ما سبق من
تمامية معنى المقطوع (2).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 79، لوحة أ.، سطر 7.، ولا، الرضوية.
وقال الطيبي (وأما تقطيع المصنف الحديث في الأبواب، للاحتجاج.، إلى الجواز أقرب.
قد فعله: مالك، والبخاري، ومن لا يحصى من الأئمة.
قال ابن الصلاح: ولا يخلو من كراهة.
قال الشيخ محي الدين: وما أظنه يوافق عليه.
أقول: أي، لا يوافقه أحد في هذه الكراهة.، لأنه قد استمر في جميع الاحتجاجات في العلوم، ايراد بعض
الحديث احتجاجا " واستشهاد.، سواء كان مستقلا " أولا.، كاستشهاد النحوين وغيرهم).، (الخلاصة في أصول
الحديث: ص 119 - 120)
وقال الحارثي (قدس): (أما تقطيع المصنفين الحديث في الأبواب، بحسب المواضع المناسبة، فأولى
بالجواز.، وقد استعملوه كثيرا "، وما أظن له مانعا ")، (وصول الأخيار: ص 155).
وقال الشيخ المامقاني: (انه صرح جمع بجواز تقطيع المصنف الحديث الواحد في مصنفه.، بأن يفرقه على
الأبواب اللائقة به، للاحتجاج المناسب في كل مسألة، مع مراعاة ما سبق، من تمامية معنى المقطوع...) (مقباس
الهداية: ص 198).، وفي النسخة: مراعاة، وهو تصحيف مطبعي.
وقال الدكتور شانه چي ما معناه: (وعلى أي حال.، فإن تقطيع الحديث، من وجهة نظر الشرع،
لا إشكال فيه.
ومن وجهة تسهيل عمل المصنفين، فهو أمر لازم).، دراية الحديث: ص 130.
وينظر: الكفاية للخطيب 190، وعلوم الحديث لابن الصلاح: ص 194، والباعث الحثيث:
ص 144، وتدريب الراوي: ص 316، وعلم الحديث لشانه چي: ص 94، وعلوم الحديث ومصطلحه:
ص 83.
(2) وأقول: قد ضرب السيد رضا ضيائي، مثالا " من الوسائل، كأنموذج على الاشتباه في تقطيع الحديث.، كما
في نص: (البيعان بالخيار ما لم يفترقا وصاحب الحيوان ثلاثة أيام)، في فصل خيار المجلس.
ثم، (صاحب الحيوان...،)، بدون واو العطف، في فصل خيار الحيوان.
الامر الذي يترتب عليه، اختلاف في الفتوى، كما يقول فضيلته).، ينظر: (اختلاف فتوى أزچيست:
ص 43 - 44 فارسي عربي) ولكن، لدى مراجعة الوسائل.، وجدت:
(1 - باب ثبوت خيار المجلس للبايع والمشتري ما لم يتفرقا...، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله و
سلم.، البيعان بالخيار حتى يفترقا، وصاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام).، ج 6 ص 345، حديث 1، الباب
الخامس.، وينظر: الكافي - الفروع -: 1 / 376.
319

فهو: أقرب إلى الجواز، لأجل الغرض المذكور.

ثم، (3 - باب ثبوت الخيار في الحيوان كله، من الرقيق وغيره ثلاثة أيام للمشتري خاصة، وإن لم
يشترط...، علي بن موسى الرضا عليه السلام: صاحب الحيوان المشتري بالخيار بثلاثة أيام.، ج 6 ص 349، حديث
2، الباب الثالث.، وينظر: تهذيب الأحكام: 2 / 136.
ووجدت التقطيع فيه سليما " لا غبار عليه.، وان الواو استئنافية.، وان ملاك الخيار في الأول: عدم
الافتراق.، وانه في الثاني.، مضي ثلاثة أيام.
بل، ان الحر (قدس) قد أبقى في المورد الأول، من الحديث جزء، يشار به ضمنا ".، إلى ما سوف يأتي في
المورد الثاني.، وإلى انهما أساسا " من حديث واحد.، مما حدث به الرضا عليه السلام، ومصدره الأول هو الرسول
صلى الله عليه وآله.
وهذا، إن دل على شئ.، فإنما يدل على مدى قدرة العاملي هنا، وحسن تنبهه، وعظم دقته في فنية
التجزئة - التقطيع - والتوزيع والتبويب.
علما ".، بأن الحديث، وإن سيق في باب خيار
المجلس، وهو يضم حكمين مختلفين.، لكن، يجمع بينهما في
الوقت نفسه.، انهما - كما أسلفت - من حديث واحد.، وأنهما أتيا في موضوع واحد هو الخيار.
هذا فضلا، عن أن متن الحكم الثاني.، يشبه أن يكون عضو ارتباط - حلقة وصل -، بين باب خيار
المجلس، وباب ما بعده.
وينظر بخصوص حديث: (البيعان...): صحيح البخاري - كتاب البيوع -: 3 / 76، 83، وصحيح
مسلم: 3 / 1164، ومسند أحمد: 3 / 402، والموطأ بشرح السيوطي: 2 / 79، والمنتقى - شرح الموطأ - للباجي:
5 / 55 - 56.
وهناك مثال آخر على التقطيع، مع مراعاة ما سبق من تمامية معنى المقطوع.، وفي الوسائل نفسه.،
كما يلي:
أ. (محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن
بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) برجل فقال: هذا
قذفني، ولم تكن له بينة.، فقال: يا أمير المؤمنين، استحلفه.
فقال: لا يمين في حد، ولا قصاص في عظم.
محمد بن الحسن.، باسناده عن: أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) مثله.
الوسائل: 18 / 335 كتاب الحدود والتعزيرات، باب 24 - باب انه لا يمين في حد وأن الحدود تدرأ "
بالشبهات -، من أبواب مقدمات الحدود وأحكامها العامة، حديث 1
ب. (محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن أبي نصر، عن بعض
أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام).، في حديث ان أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: لا يمين في حد، ولا
قصاص في عظم. ورواه الشيخ باسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي
عبد الله (عليه السلام). الوسائل: 18 / 102 - 103.، كتاب القصاص، باب 70 - باب انه لا قصاص في
عظم -، من أبواب دعوى القتل وما يثبت به، حديث 1. وبالمناسبة، فإن ما قاله فضيلة الشيخ القوچاني -
320

وقد فعله غير واحد من المحدثين، منا (1) ومن الجمهور (2).

محقق جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام - في ذيل صفحة 258 من المجلد الأربعين: (لم أعثر عليه في الوسائل
مع التتبع التام. نعم أشار إلى ذيله في الوسائل، في الباب 70، من أبواب القصاص في النفس، الحديث 1.، أقول:
في الامر اشتباه، وإنما هو موجود بتمامه سندا " ومتنا "، في نفس الوسائل: 18 / 335...
وينظر: الكافي - الفروع -: ج 7 ص 255 حديث 1، وتهذيب الاحكام: ج 10 ص 79 حديث 75.
(1) وقال الدكتور شانة چي ما معناه: (وجواز تقطيع الحديث منوط بشرطين:
أولا ": أن يكون متعرضا " لأحكام مختلفة، أو شاملا " لمواضيع متنوعة.
ثانيا ": أن يكون ممن له الصلاحية العلمية في فعل ذلك.
وضرب سيادته مثالا " على ذلك.، بحديث الأربعمائة، الذي نقله الصدوق (قدس).، في كتابه:
(الخصال).، كما في طبعة مكتبة الصدوق: ص 611.، وهو الحديث الذي عمله أمير المؤمنين (ع) لأصحابه.، في
مجلس واحد.، (دراية الحديث: ص 129 - 130). وينظر: الكفاية للخطيب: ص 193،
وعلوم الحديث لابن الصلاح: ص 193، والباعث الحثيث: ص 144، وعلوم الحديث ومصطلحه:
ص 83 - 84، ومنهج النقد: ص 231، والامام الترمذي والموازنة بين جامعة وبين الصحيحين: ص 102.
(2) ينظر: حديث من قاتل في سبيل الله فواق ناقة... الخ في: سنن الترمذي في: 23 كتاب فضائل الجهاد
- 21 باب ما جاء فيمن يكلم في سبيل الله - رقم 1657 - ج 5 ص 371..
وبعضه في سنن الترمذي أيضا " في: 23 كتاب فضائل الجهاد - 19 باب ما جاء فيمن سأل الشهادة -
رقم 1654 - ح‍ 5 ص 369...
321

المسألة الخامسة
في: مراعاة القواعد العربية
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: وجوب تولي المتقن (1)
- 1 -
ولا يروي الحديث بقراءة: لحان، ولا مصحف
بل، لا يتولاه إلا متقن للغة والعربية.
ليكون، مطابقا " لما وقع من النبي والأئمة (صلوات الله عليهم) (2).، ويتحقق أداؤه
كما سمعه.، امتثالا "، لأمر الرسول (صلى الله عليه وآله) (3).
- 2 -
وفي صحيحة جميل بن دراج قال:
قال أبو عبد الله (عليه السلام): (أعربوا حديثنا فإنا قوم فصحاء) (4)
- 3 -
ويتعلم من يريد قراءة الحديث، قبل الشروع فيه.، من العربية واللغة.، ما يسلم به

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 79، لوحة أ.، سطر 11.، ولا، الرضوية.
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 48، لوحة أ.، سطر 3 - 4: (... من النبي صلى الله عليه وآله
والأيمة صلوات الله عليهم أجمعين).
(3) قال الطيبي: (لا يروي بقراءة لحان أو مصحف).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 120).
وقال المامقاني: (انه صرج جمع: بأنه ينبغي للشيخ، أن يروي الحديث بقراءة لحان، ولا مصحف.
بل، لا يتولاه إلا متقن للغة العربية...).، (مقباس الهداية: ص 198).، وينظر: (وصول الأخيار:
ص 155).
(4) أصول الكافي: 1 / 52.، كتاب العلم، ب 17، ح 13.
وفي سفينة البحار: 2 / 172: (أعربوا كلامنا فإنا قوم فصحاء).
وفي رياض العلماء - نقلا " عن الكافي -: 1 / 230: (إعربوا أحاديثنا فإنا فصحاء) ونقل الخطيب
البغدادي عن الأوزاعي قوله: (أعربوا الحديث، فإن القوم كانوا عربا ").، (الكفاية:
ص 194). وفي تاريخ أبي زرعه الدمشقي: 1 / 265 رقم 376: حدثنا أبو زرعة، قال: حدثنا وليد بن عتبه، قال
حدثنا الوليد بن مسلم، قال: سمعت الأوزاعي يقول: إعربوا الحديث فإن القوم كانوا عربا ".
ونقل عن الباقر (ع) قوله: (لا بأس بالحديث إذا كان فيه اللحن أن يغير به).، ينظر: الكفاية:
ص 194، ودراية الحديث لشانه چي: ص 151، والجامع لأخلاق الراوي: 6 / 103 وجه أ
322

من اللحن (1).
الحقل الثاني
في: ملازمة أفواه العارفين (2)
- 1 -
ولا يسلم من التصحيف.، بذلك (3)
بل، بالأخذ من أفواه الرجال.، العارفين ب‍: أحوال الرواة: وضبط أسمائهم (4).
- 2 -
وما وقع في روايته.، من لحن وتصحيف.، وتحققه رواية " - أي: في الرواية -، رواه
هو صوابا ".، وقال: (روايتنا كذا).
- 3 -
أو يقدمها - أي: الرواية الملحونة أو المصحفة (5) -.، ويقول بعد ذلك: (وصوابه
كذا) (6).

(1) وقال الدكتور عتر: (فالعجب بعد هذا من أناس، لا يعلم أحدهم من العربية والنحو إلا الاسم.
بل، إنه لا يقيم الكلام المضبوط بالشكل على الصواب.
ثم، يتسورون أصعب المراقي، فيدعي أحدهم الاجتهاد في الحديث، والاجتهاد في الفقه.، ويقابل كل
مخالف لأهوائه بالشتم والسباب.، ينصر بذلك، السنة والدين، في زعمه الفاسد وخياله الغريب).، (منهج النقد:
ص 231 - 232).، وينظر: مقباس الهداية: ص 198).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 79، لوحة ب، سطر 4.، ولا، الرضوية.
(3) إشارة إلى ما قبله: (ويتعلم من يريد... ما يسلم به من اللحن).
(4) قال الطيبي: (وطريق السلامة: الاخذ من أفواه ذوي المعرفة والتحقيق).، (الخلاصة:
ص 120). وقال الحارثي: (وطريق السلامة من التصحيف والتحريف: الاخذ من أفواه الرجال).، (وصول
الأخيار ص 156).
وأضاف المامقاني بعد جملة: (وضبط أسمائهم): جملة (وبالروايات وضبط كلماتها).، (مقباس
الهداية: ص 198).
(5) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 48، لوحة أسطر 11: (أو تقدمها أي الرواية الملحن به
أو المصحفة).
(6) قال الطيبي: (والصواب: تقريره في الأصل على حاله، مع التضبيب عليه.، وبيان صوابه في
الحاشية، إذا كان التحريف في الكتاب.
وأما في السماع.، فالأولى: أن يقرأه على الصواب.، ثم يقول: (وفي روايتنا، أو عند شيخنا، أو في طريق فلان كذا).
وله.، أن يقرأ ما في الأصل، ثم يذكر الصواب).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 120).
323

وقيل - والقائل: ابن سيرين وجماعة -: يرويه كما سمعه، باللحن أو
التصحيف (1)، فقط.
وهو غلو في أتباع اللفظ، والمنع من الرواية بالمعنى (2).

وقال أيضا ": (التصحيح والتمريض والتضبيب، من شأن المتقنين...
والتضبيب - وقد يسمى: التمريض -: أن يمر خطأ، أوله كرأس الضاد، على ثابت نقلا " فاسد لفظا " أو
معنى، أو على ضعيف أو ناقص.، ومن الناقص: موضع الارسال أو الانقطاع.
وربما اقتصر بعضهم.، على الصاد المجردة، في علامة التصحيح، فأشبهت الضبة..).، (الخلاصة:
ص 149 - 150).
وقال الشيخ أحمد محمد شاكر: (ومن شأن المتقنين في النسخ والكتابة، أن يضعوا علامات، توضح ما
يخشى إيهامه.، فإذا وجد كلاما " صحيحا "، معنى " ورواية "، وهو عرضه للشك في صحته أو الخلاف فيه، كتب فوقه
(صح).
وإذا وجد ما صح نقله، وكان معناه خطأ.، وضع فوقه علامة التضبيب.، وتسمى أيضا ": (التمريض).، وهي
صاد ممدودة هكذا (ص).، ولكن، لا يلصقها بالكلام، لئلا يظن أنه إلغاء له وضرب عليه، كما قال أيضا "
(ره): (وفي عصورنا هذه، نضع الأرقام للحواشي، كما ترى في هذا الكتاب)، الباعث الحثيث:
ص 138 - الهامش، وينظر كذلك: 145، وعلوم الحديث لابن الصلاح: ص 181، و (وصول الأخيار
ص 156) وكذلك: ص 197 - 198، ومقباس الهداية: ص 198.
(1) والذي في النسخة الرضوية: (ورقة 48، لوحة أ، سطر 12: (باللحن والتصحيف)
(2) قال ابن كثير: (وحكي عن: محمد ابن سيرين، وأبي معمر عبد الله بن سخبرة.، انهما قالا: يرويه كما
سمعه من الشيخ ملحونا ").، (الباعث الحثيث: ص 145).، وينظر: (الكفاية: ص 178، 186).
وقال الشيخ أحمد محمد شاكر في ضبط سخبرة: (بفتح السين المهملة، وإسكان الخاء المعجمة، وفتح الباء
الموحدة).، (الباعث الحثيث: ص 145 - الهامش).
وقال ابن الصلاح: (وهذا غلو في مذهب أتباع اللفظ).، (الباعث الحثيث: ص 145).
وقال المامقاني: (وعن: ابن سيرين، وعبد الله بن سخيرة، وأبي معمر، وأبى عبيد القاسم بن سلام.، انه
يرويه كما سمعه باللحن والتصحيف الذي سمعه.
ورده ابن الصلاح وغيره: بأنه غلو في اتباع اللفظ، والمنع من الرواية بالمعنى.
وهناك قول ثالث - يحكي عن عبد السلام - وهو: ترك الخطاء والصواب، جميعا ".
أما الصواب.، فلأنه لم يسمع كذلك.
وأما الخطأ.، فلان النبي (ص) لم يقله كذلك.
وأقول: فالأولى: أن يروي كما سمعه.، وينبه على: كونه خطأ، وكون الصواب كذا وكذا، حتى يسلم
من شبهتي اخفاء الحكم الشرعي، ورواية ما لم يسمعه).، (مقباس الهداية: ص 198 - 199).
وأقول: (أبي معمر).، صحيحه: (أبي معمر)، بميم مخففة بعد العين الغير معجمة.
و (عبد الله بن سخيرة).، صحيحه: (عبد الله بن سخبرة)، بباء - قبل الراء - موحدة.
324

والأجود.، التنبيه عليه، كما سبق
الحقل الثالث
في: شرعية الاصلاح (1)
وجوز بعضهم: اصلاحه في الكتاب.، وهو يناسب مجوز الرواية بالمعنى (2).
وتركه في الأصل على حاله، وتصويبه حاشية - أي: صوابه في الحاشية -.،
أولى من إبقائه بغير تنبيه على حاله، وأجمع للمصلحة، وأنفى للمفسدة (3).

و (عبد الله بن سخيرة وأبي معمر).، صحيحه: (أبي معمر عبد الله بن سخبرة).، حيث هو علم واحد
بشقين: كنية، واسم.، كما ضبطه محقق الباعث الحثيث.، وعادة: صاحب البيت أدرى بالذي فيه، كما يقولون.
و (خطأ) التي تكررت ثلاث مرات.، صحيحها: (خطأ)، بنهاية الف مهموزة لا همزة متطرفة بعد
الف ساكنة.، علما "، بأن مثل هذه الكلمات، كثير ما يقع في الاشتباه بكتابتها، المتأثرون باللغة الفارسية.
وأقول: (وهو غلو في اتباع اللفظ)، اشتباه.، صحيحه: (وهو غلو في مذهب أتباع اللفظ)، كما يبدو.
وعليه.، فهنالك سقط في نص الشهيد الثاني، ومن نقل عنه. يتمثل في كلمة: (مذهب).
كذلك، هناك تصحيف في كلمة (اتباع)، بتشديد التاء.، والصحيح: (أتباع)، بألف وتاء
مخففة. ذلك.، لان: (اتباع)، مصدر (اتبع) - على صيغة افتعل -، من (تبع) الثلاثي: شأنها شأن
(اتجار): مصدر (أتجر)، من (تجر) الثلاثي.
أما (أتباع).، فهي: جمع (تابع)، من (تبع).، شأنها شأن (أنصار)، جمع (ناصر)، في (نصر).،
كذلك، فإنها هي الأنسب مجيئها مع (مذهب).
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 79، لوحة ب.، سطر 11.، ولا، الرضوية.
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 48، لوحة أ.، سطر 14: (وهو تناسب الرواية بالمعنى)
(3) قال الشيخ أحمد: (إذا وجد الراوي في الأصل حديثا "، فيه لحن أو تحريف.، فالأولى: أن يتركه على
حاله، ولا يمحوه.، وإنما يضبب عليه، ويكتب الصواب في الهامش.، وعند الرواية: يروي الصواب من غير خطأ.،
ثم يبين ما في أصل كتابه.
وإنما رجحوا إبقاء الأصل، لأنه قد يكون صوابا "، وله وجه لم يدركه الراوي، ففهم انه خطأ، لا سيما فيما
يعدونه خطأ من جهة العربية، لكثرة لغات العربية وتشعبها).، (الباعث الحثيث: ص 146 - الهامش).
وقال الحارثي: (والصواب إصلاحه في كتابه أيضا "، إذا تحقق المقصود، ولم يكن فيه احتمال.، وإلا، تركه
على حاله مع التضبيب عليه، وبيان الصواب على الحاشية، ثم يقرأه عند الرواية على الصواب.، ولو قال: (وفي
روايتي كذا)، لم يكن به بأس).، (وصول الأخيار: ص 156).
وقال المامقاني: (وأما اصلاح التحريف والتصحيف في الكتاب، وتغيير ما وقع فيه.، فجوزه بعضهم.
والأولى: ما ذكره جمع، من ترك والتصحيف في الأصل، على حاله، والتضبيب عليه، وبيان
صوابه في الحاشية.، فإن ذلك أجمع للمصلحة وأنفى للمفسدة، وقد يأتي من يظهر له وجه صحته.، ولو فتح باب
التغيير لجسر عليه من ليس بأهل).، (مقباس الهداية: ص 199).
325

وقد روي: ان بعض أصحاب الحديث.، رؤي في المنام: وكأنه قد ذهب شئ
من لسانه أو شفته.
فسئل عن سببه؟ فقال: لفظة من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيرتها
برأيي، ففعل بي هذا (1).
وكثيرا " ما نرى: ما يتوهمه كثير من أهل العلم خطأ، وهو صواب، ذو وجه صحيح
خفى.
- 3 -
هذا، إذا كان التحريف في الكتاب.
وأما في السماع.، فالأولى: أن يقرأه على الصواب (2).، ثم يقول: (وفي روايتنا)، أو
(عند شيخنا)، أو (في طريق فلان كذا).
وله، أن يقرأ ما في الأصل (3)، ثم يذكر الصواب كما مر.
- 4 -
وأحسنه - أي: أحسن الاصلاح -: إصلاحه (4)، بما جاء صحيحا ".، برواية أخرى،
إن اتفق (5).

(1) قال ابن الصلاح: (وقد روينا: ان بعض أصاب الحديث، رأي في المنام، وكأنه قد مر من شفته أو
لسانه شئ.، فقيل له في ذلك؟ فقال: لفظة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، غيرتها برأيي، ففعل بي
هذا).، (علوم الحديث لابن الصلاح: ص 196.، وينظر: (الخلاصة في أصول الحديث: ص 118)، و (مقباس
الهداية: ص 199).
وأقول: واضح، ان هناك فروقا " بين النقول أعلاه، ونص الشهيد الثاني.، في (صلى الله عليه وآله وسلم)
و (ذهب)، و (رؤي).
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 48، لوحة ب.، سطر 5: (أن يقرأ على الصواب).
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 48، لوحة ب.، سطر 6: (يقرأ).
(4) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 48، لوحة ب.، سطر 7: (وأحسنه الاصلاح اصلاحه).
(5) قال الطيبي: (وأحسن الاصلاح: إصلاحه بما جاء في رواية أخرى، أو حديث آخر).، (الخلاصة
في أصول الحديث: ص 120).
وقال الحارثي: (واو رآه صوابا " في حديث آخر، أو نسخة أخرى، وإن لم تكن مروية له.، وجب
الاصلاح على كل حال.
لتأكد القرينة في العلم بذلك، خصوصا " إذا غلب على ظنه انه من نفسه، أو من الناسخ لا من الشيخ).،
(وصول الأخيار: ص 156).
وقال المامقاني: (قالوا: وأحسن الاصلاح: أن يكون بما جاء في رواية أخرى أو حديث آخر، فإن ذاكره
آمن من النقول المذكورة).، (مقباس الهداية: ص 199).
326

ولو رآه في كتاب، وغلب على ظنه من الكتاب لا من الشيخ.، اتجه إصلاحه في
كتابه وروايته (1).
ويستثبت ما شك فيه (2).، لاندراس ونحوه، في الاسناد أو المتن.، ويصلحه من
كتاب غيره أو من حفظه، إذا وثق بهما (3).
وعلى كل حال
فالأولى: سد باب الاصلاح ما أمكن.، لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن، وهم
يحسبون انهم يحسنون صنعا " (4)، مع تبيين الحال (5).

وقال ابن الصلاح: (وأصلح ما يعتمد عليه في الاصلاح: أن يكون ما يصلح به الفاسد، قد ورد في
أحاديث أخر، فإن ذاكره آمن من أن يكون متقولا " على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل).، (علوم الحديث
لابن الصلاح: ص 192).
وأقول: أظن الان.، ان الفرق واضح بين: نص ابن الصلاح، ونص المامقاني.، وأيهما الأصل، وأيهما
الصحيح.
(1) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 48، لوحة ب.، سطر 9: (في كتاب وروايته).
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 48، لوحة ب.، سطر 9: يستثبت...)، بدون واو العطف.
(3) قال الطيبي: (فإن رآه في كتابه، وغلب على ظنه انه من كتابه لا من شيخه، اتجه اصلاحه في كتابه
وروايته.، كما لو اندرس من كتابه بعض الاسناد أو المتن، فإنه يجوز اصلاحه من كتاب غيره، إذا عرف صحته
ووثق به.، وهذا الحكم، في استثبات الحافظ ما شك فيه، من كتاب غيره أو حفظه).، (الخلاصة في أصول
الحديث: ص 121).
وقال المامقاني: (وأما لو رواه في كتاب نفسه، وغلب على ظنه ان السقط من كتابه لا من شيخه.، تجد
حينئذ اصلاحه في كتابه، وفي روايته عند تحديثه.، كما إذا درس من كتابه بعض الاسناد أو المتن، بتقطع أو بلل
ونحوه.، فإنه يجوز له استدراكه من كتاب غيره، إذا عرف صحنه، ووثق به بأن يكون أخذه عن شيخه وهو ثقة،
وسكنت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط.
ومنع بعضهم من ذلك، لا وجه له.
نعم، بيان - حال الرواية وكتابه - ان الاصلاح من نسخة موثوق بها، أولى.
وكذا الكلام، في استثبات الحافظ ما شك فيه.، من كتاب ثقة غيره، أو حفظه).، (مقباس الهداية:
ص 199).
(4) والذي في النسخة الرضوية: 48، لوحة ب.، سطر 12 - 13: (لئلا يحسن...، وهم
يحسنون..).
(5) قال ابن الصلاح: (والأولى: سد باب التغيير والاصلاح.، لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن، وهو
أسلم مع التبيين).، (علوم الحديث لابن الصلاح: ص 192).
327

المسألة السادسة
في: دمج الأسانيد
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: حالة اتفاق الرواية (1)
وما رواه الراوي من الحديث، عن اثنين فصاعدا "، واتفقا في الرواية معنى لا لفظا ".،
جمعها اسنادا ".، وساق لفظ أحدهما مبينا " (2):
فيقول: (أخبرنا فلان وفلان، واللفظ لفلان)
أو: (وهذا لفظ فلان قال) (3).
أو قالا: (أخبرنا فلان)
وما أشبه ذلك من العبارات.
الحقل الثاني
في: حالة تقارب اللفظ (4)
فإن تقاربا في اللفظ، مع اتفاق المعنى.، فقال في روايته: (قالا كذا).، جاز أيضا "،
على القول بجواز الرواية بالمعنى.، وإلا، فلا (5).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة. 8، لوحة ب.، سطر 2.، ولا، الرضوية.
(2) قال الطيبي: (إذا كان الحديث عنده، عن اثنين أو أكثر، وبين روايتهما تفاوت في اللفظ، والمعنى
واحد، فله جمعهما في الاسناد، ثم يسوق الحديث على لفظ أحدهما.، ويقول: (أخبرنا فلان واللفظ لفلان)، أو (هذا
لفظ فلان)، أو (قال)، أو (قالا: أخبرنا فلان)، وما أشبه من العبارات).، (الخلاصة في أصول الحديث:
ص 121).
وقال المامقاني: (انه إذا كان الحديث عنده، عن اثنين أو أكثر من الشيوخ، واتفقا في المعنى دون اللفظ.،
فله جمعهما أو جمعهم في الاسناد بأسمائهم، ثم يسوق الحديث على لفظ رواية أحدهما أو أحدهم مبينا ".، فيقول:
(أخبرنا فلان وفلان واللفظ لفلان)، أو (هذا لفظ فلان).، أو يقول: (أخبرنا فلان)، وما أشبه ذلك من
العبارات).، (مقباس الهداية: ص 199).
وأقول: (إن كان).، صحيحها: (إن كان).، حيث تلك طريقة فارسية في الكتابة.، كما وقع في المقباس.
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 48، لوحة ب.، سطر 16: (هذا لفظ فلان قال)، بدون واو
العطف.
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 80، لوحة أ، سطر 6.، ولا، الرضوية.
(5) قال الطيبي: (...، وأما إذا لم يخص، بل خلط اللفظين.، فقال: (أخبرنا فلان وفلان)، وتقاربا في
اللفظ قالا: (أخبرنا فلان)، فهو جائز، على تجويز الرواية بالمعنى).، ((الخلاصة: ص 121 - 122).
328

ولكن قوله: (تقاربا في اللفظ) (1)، ونحوه.، مما يدل على الاختلاف اليسير (2)، أولى
من إطلاق نسبته إليهما.
الحقل الثالث
في: مقابل على أصل دون أصل (3)
ومصنف ما سمع من جماعة.، إذا رواه عنهم من نسخة قوبلت بأصل بعضهم دون
بعض.، وأراد أن يذكر جميعهم في الاسناد، وذكره - أي: المقابل - بنسخته وحده.، بأن
يقول: (واللفظ لفلان) (4)، كما سبق.
فهذا فيه: وجهان.
الجواز كالأول.، لان ما أورده قد سمعه ممن ذكر انه بلفظه.
وعدمه.، لأنه لا علم عنده بكيفية رواية الآخرين، حتى يخبر عنها.، بخلاف
ما سبق، فإنه اطلع على رواية غير من نسب اللفظ إليه، وعلى موافقتها معنى، فأخبر
بذلك (5).

وقال المامقاني: (ولو لم يخص أحدهما بنسبة اللفظ إليه.، بل، أتى ببعض لفظ هذا، وبعض لفظ الاخر.،
فقال: (أخبرنا فلان وفلان)، وتقاربا في اللفظ، أو والمعنى واحد.، قالا: حدثنا فلان، جاز بناء " على جواز الرواية
بالمعنى، ولم يجز بناء " على عدم جوازهما.
ولو لم يقل: تقاربا ونحوه، فلا بأس به أيضا "، بناء " على جواز الرواية بالمعنى.، وإن كان الاتيان بقوله تقاربا
في اللفظ، أو ما يؤدي ذلك، أولى).، (مقباس الهداية: ص 199 - 200).
(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 80، لوحة أ.، سطر 8: (قولا " مقاربا " في اللفظ).
والذي في النسخة الرضوية: ورقة 49، لوحة أ.، سطر 1: (قوله تقاربا " في اللفظ).، ويبدو: انه هو الأصح.
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 49، لوحة أ.، سطر 2: (ليس).، وهو اشتباه بالتأكيد.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 80، لوحة أ.، سطر 9.، ولا، الرضوية.
(4) ومن القدماء.، وجدت ابن دقيق العيد، يستعمل هذا الأسلوب.، في كتابه:
(الاقتراح في بيان الاصطلاح).
ومن المحدثين.، وجدت السيد العسكري، يستعمل هذا الأسلوب.، في كتابه: (خمسون ومائة صحابي
مختلق). طبعا "، ما ذكرته على سبيل المثال، لا الحصر.
(5) قال المامقاني: (وإذا سمع من جماعة كتابا " مصنفا "، فقابل نسخته بأصل بعضهم دون الباقي، ثم رواه
عنهم كلهم، وقال: اللفظ لفلان المقابل بأصله.، ففي جوازه وجهان:
من أن ما أورده قد سمعه ممن ذكر انه بلفظه.
ومن انه لا علم عنده بكيفية رواية الآخرين، حتى يخبر عنها.، بخلاف ما سبق، فإنه اطلع على رواية غير
من نسب اللفظ إليه، وعلى موافقتها معنى، فأخبر بذلك.
وعن بدر بن جماعة من علماء العامة: التفصيل بين تباين الطرق بأحاديث مستقلة، وبين تفاوتها في ألفاظ
أو لغات أو اختلاف ضبط.، بالجواز في الثاني، دون الأول).، (مقباس الهداية: ص 200).
329

المسألة السابعة
في: اعتبار الزيادة والحذف
وتفصيل البحث في حقول
الحقل الأول
في: التمييز بهو ويعني (1)
- 1 -
ولا يزيد الراوي على ما سمع.، من نسب من فوق شيخه (2)، من رجال الاسناد،
على ما ذكره شيخه مدرجا " عليه.، أو وصفة له كذلك.، إلا، مميزا " ب‍: (هو) (3)، أو (يعني)،
ونحو ذلك.
- 2 -
مثاله: أن يروي الشيخ.، عن أحمد بن محمد
كما يتفق: للشيخ أبي جعفر الطوسي، والكليني (4).، كثيرا ".
- 3 -
فليس للراوي أن يروي عنهما.، ويقول: (قال: أخبرني أحمد بن محمد بن عيسى)
بل، يقول: (أحمد بن محمد هو ابن عيسى)، أو (يعني ابن عيسى) (5)، ونحوه.،
ليتميز كلامه وزيادته عن كلام الشيخ (6).

(1) هذا العنوان ليس من النسخة الأساسية: ورقة 81، لوحة أ.، سطر 3.، ولا، الرضوية.
(2) الذي في النسخة الرضوية: ورقة 49، لوحة أ.، سطر 9: (من نسب من بعد فوق شيخه).، بزيادة
(بعد).
(3) الذي في النسخة الرضوية: ورقة 49، لوحة أ.، سطر 12: (والكليني).
(4) ينظر: المحاسن للبرقي: ص 168.، وفيه: (محمد بن علي، عن عبيس بن هشام، عن عبد الكريم - و
هو كرام بن عمرو الخثعمي -، عن عمر بن حنظلة، قال: قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -..).
وص 422.، وفيه: (عنه، عن أبي سليمان، عن أحمد ين الحسن - وهو الجبلي -، عن أبيه، عن جميل
ابن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله - ع - يوما " يقول:..).
وطبعا ": إن مثل هذا الاستعمال والتحرز، إن دل على شئ، فإنما يدل على مدى الضبط والدقة في رواية
الحديث.، كذلك، هو في الوقت نفسه، يهدف إلى رفع الالتباس بين الأسماء المتحدة الصورة، كما يساهم في
إزالة الجهالة عن الأسماء المجردة. وعليه، فهو استعمال ليس لا إلى هدف.
(5) الذي في النسخة الرضوية: ورقة 49، لوحة أ.، سطر 14: (أو يعني به عيسى).
(6) قال الشيخ المامقاني: (انه صرح جمع: بأنه ليس للراوي أن يزيد، في نسب غير شيخه من رجال
السند، أو صفته.، مدرجا " ذلك.، حيث أقتصر شيخه على بعضه. إلا أن يميزه ب‍: (هو)، أو (يعني)، أو نحو ذلك.
330

الحقل الثاني
في: وصف الشيخ بما هو أهله (1)
وإذا ذكر شيخه في أول حديث.، نسبه إلى آبائه، بحيث يتميز.
ووصفه بما هو أهله (2).
ثم، اقتصر بعد ذلك.، على اسمه، أو بعض نسبه (3).

مثاله: أن يروي الشيخ عن أحمد بن محمد، كما يتفق للشيخ أبي جعفر الطوسي والكليني رحمهما الله تعالى
كثيرا ".، فليس للراوي أن يروي عنهما ويقول: قالا: أخبرني أحمد بن محمد بن عيسى.
بل، يقول: أحمد بن محمد، هو ابن عيسى.، أو يعني: ابن عيسى، ونحوه.
(ليتميز كلامه وزيادته عن كلام شيخه).، (مقباس الهداية: ص 200).
وأقول.، وهذا هو نفس نص الشهيد الثاني.، ولكن، مع تصرف يسير، وإن لم يشر إلى ذلك الشيخ
المامقاني، تساهلا " منه قدس سره.
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 81، لوحة أ.، سطر 10.، ولا، الرضوية.
(2) قال الطيبي: (ويستحب له الثناء على شيخه، في حالة الرواية عنه، بما هو أهل له.، فقد فعل ذلك،
غير واحد من السلف.
ولا بأس بذكره، بما يعرف به من لقب أو نسبة.، ولو إلى أم، أو صنعة، أو وصف في بدنه).، الخلاصة في
أصول الحديث: ص 144 - 145.
وقال ابن كثير: (وحسن أن يثني على شيخه.، كما كان عطاء يقول: حدثني الحبر البحر ابن عباس.، و
كان وكيع يقول: حدثني سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث.
وينبغي أن لا يذكر أحدا " بلقب يكرهه.، فأما لقب يتميز به، فلا بأس).، (الباعث الحثيث، ص 153).
وقال الشيخ أحمد محمد شاكر: (لا بأس أن يذكر الشيخ من يروي عنه.، بلقب، مثل: (غندر).، أو
وصف، نحو: (الأعمش).، أو حرفة، مثل: (الحناط).، أو بنسبته إلى أمه، مثل: (ابن علية).، إذا عرف الراوي
بذلك، ولم يقصد أن يعيبه، وإن كره الملقب به ذلك).، (الباعث الحثيث: ص 153 - الهامش).
وقال الحارثي: (قد جرت عادة المحدثين: أن يذكروا أسماء شيوخهم وأنسابهم، ويعرفونهم بما يقتضيه
الحال، ويرفع عنهم الجهالة.، في أول الحديث، إذا رووه مفردا ".
ولو كان كتابا " تاما ".، جاز استيفاء ذلك في أول الكتاب، والاقتصار في الباقي على ما يرفع اللبس.، حتى
الاضمار كاف مع أمنه.
وأما باقي الشيوخ.، فالواجب ذكر كل شيخ بما يرفع الجهالة عنه.، إلا، أن يكون كثير التكرر، بحيث يكفي
مجرد الاسم في فهمه.، فإن تكرير ذلك يستهجن، إذ هو تطويل بغير فائدة).، (وصول الأخيار: ص 160).
(3) وقال الشيخ المامقاني: (وإذا ذكر شيخه.، نسب شيخه بتمامه، أو وصفه بما هو أهله في أول
حديث.، ثم اقتصر في باقي أحاديث الكتاب على اسمه، أو بعض نسبه).، (مقباس الهداية: ص 200 -
باختصار).
وأقول: هناك أمثلة كثيرة.، كما في: رياض العلماء: 4 / 350، و 5 / 290 - 291.
331

الحقل الثالث
في: ملاحظة المحذوف خطا " (1)
ولم يكتبوا: (قال)، بين رجال الاسناد، في كثير من الأحاديث.، فيقولها القارئ
لفظا " (2).
وإذا وجد في الاسناد ما هذا لفظه: (قرئ على فلان: أخبرك فلان).، يقول
القارئ بلفظه: (قيل له: أخبرك فلان).
وإذا وجد: (قرئ على فلان: حدثنا فلان) (3).، يقول: (قال: حدثنا فلان).

وأقول: من يطلع على تلك الأمثلة، يجد قمة الأدب والتكريم، من قبل رواتنا أزاء شيوخهم.، كما يرى
المستوى الرفيع من الخلق، عند الأئمة عليهم السلام.، في روايتهم، عن آبائهم، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم).
وكمثال على ذلك: قول الإمام الرضا عليه السلام.
(... حدثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر.، قال:
حدثني أبي الصادق جعفر بن محمد.، قال:
حدثني أبي باقر علم الأنبياء محمد بن علي.، قال:
حدثني أبي سيد العابدين علي بن الحسين.، قال:
حدثني أبي سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي.، قال:
سمعت أبي سيد العرب علي بن أبي طالب.، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله.، يقول:
(الايمان معرفة بالقلب، واقرار باللسان، وعمل بالأركان).، (كشف الغمة للأربلي: 3 / 97).
وبالمناسبة.، فقد قال الدكتور عتر (... ورواية الرجل، عن أبيه، عن جده، مما يفخر به بحق، ويغبط
عليه الراوي.
يقول أبو القاسم منصور بن محمد العلوي: (الاسناد بعضه عوال، وبعضه معال.، وقول الرجل: حدثني أبي
عن جدي، من المعالي).، أي: المكارم التي يعتز بها.، (منهج النقد: ص 159.).
وأقول: كذلك في هذا الحديث، علو في الاسناد.، ينظر شروط العلو في: منهج النقد: ص 358 - 362.
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 81، لوحة أ.، سطر 12.، ولا، الرضوية.
(2) قال الدكتور عتر: (وذلك، كما ذكر ابن الصلاح وسائر العلماء: انه: (جرت العادة بحذف:
(قال)، و (ان)، ونحوهما.، فيما بين رجال الاسناد خطا ".، ولا بد من ذكره في حالة القراءة لفظا ".
مثل: (حدثنا أبو داود، ثنا الحسن بن علي.، عن شبابة قال...).، تقرأ هكذا: (حدثنا أبو داوود قال:
حدثنا الحسن بن علي، عن شبابة انه قال...).، (منهج النقد: ص 232).
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 49، لوحة ب، سطر 2: (... حديثا " فلان).
332

وإذا تكررت كلمة (قال).، كما في قوله عن زرارة قال: (قال الصادق عليه
السلام)، مثلا ".، فالعادة (1)، انهم يحذفون إحداهما خطا "، فيقولها القارئ (2).
وبحذفها يخل بالمعنى (3).، لان ضمير الأولى للراوي الأول، وهو الفاعل.، وفاعل الفعل
الثاني: هو الاسم الظاهر، الذي بعده (4).
فإذا اقتصر على واحدة، صار الموجود فعل الاسم الظاهر الثاني.، فلا يرتبط الاسناد
بالراوي السابق (5).

(1) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 49، لوحة ب.، سطر 4: (والعادة).
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 49، لوحة ب.، سطر 4: (فنقولها القارئ).
(3) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 49، لوحة ب، سطر 5: (وحذفها).، بدون الباء.
(4) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 49، لوحة ب، سطر 6: (الذ بعده).، حيث الياء ساقطة.
(5) قال الطيبي: (جرت العادة بحذف (قال)، ونحوه.، فيما بين رجال الاسناد خطا "، ولابد من
التلفظ به حال القراءة.
وإذا كان في أثناء الاسناد: (قرئ على فلان: أخبرك فلان).، أو فيه: (قرئ على فلان: حدثنا فلان).،
فينبغي للقارئ في الأول أن يقول: (قيل له: أخبرك فلان)، وفي الثاني: (قرئ على فلان: قال حدثنا فلان).،
وإذا تكررت كلمة (قال).، كقوله في كتاب البخاري: حدثنا صالح بن حبان قال: قال: عامر
الشعبي.، فإنهم يحذفون أحدهما في الخط، وعلى القارئ أن يلفظ بهما وسئل الشيخ في فتاواه: عن ترك
القارئ (قال)؟ فقال: هذا خطأ من فاعله، ولأنه يبطل السماع به لان حذف القول جائز اختصارا ".، وقد
جاء به القرآن العظم، والله أعلم).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 122).
وقال ابن كثير: (جرت عادة المحدثين إذا قرؤا يقولون: (أخبرك فلان.، قال: أخبرنا فلان.، قال: أخبرنا
فلان).، ومنهم، من يحذف لفظة (قال).، وهو سائغ عند الكثيرين).، (الباعث الحثيث: ص 147).
وقال الحارثي: (وأما ما في آخر السند، مثل قولهم: محمد بن مسلم: قال أبو عبد الله عليه السلام).
فهنا لفظة (قال) محذوفة قبل لفظة (قال) الموجودة، وفاعلها محمد بن مسلم.، أي: قال: محمد بن مسلم:
قال أبو عبد الله عليه السلام.، ولو تلفظ القارئ بها، إذا كانت محذوفة، كان أنسب.، مع أن حذفها قليل).،
(وصول الأخيار: 159).
وللتوسع.، ينظر: (مقباس الهداية: ص 201).
333

المسألة الثامنة
في: التفريق والاشتراك
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: تفريق الأحاديث
وهو ما نأتي عليه من خلال:
أولا (1). المجوزون.
- 1 -
وما اشتمل من النسخ أو الأبواب ونحوهما.، على أحاديث متعددة بإسناد واحد:
فإن شاء.، أن يذكره - أي الاسناد -: في كل حديث منها.، وذلك أحوط، إلا
أن فيه طولا ".
أو يذكره: أولا ".، أي: عند أول حديث منها.
أو في أول كل مجلس من مجالس سماعها.، ويقول بعد الحديث الأول: (و
بالاسناد).، أو يقول: (وبه) - أي: بالاسناد السابق -.، وذلك، هو الأغلب، الأكثر في
الاستعمال.
- 2 -
وعلى هذا.، فلو أراد من كان سماعه على هذا الوجه، تفريق تلك الأحاديث، و
رواية كل حديث منها، بالاسناد المذكور في أولها.، جاز له ذلك.
لان الجميع معطوف على الأول.
فالاسناد في حكم المذكور في كل حديث.، وهو بمثابة تقطيع المتن الواحد، في
أبواب (2)، باسناد المذكور في أوله (3).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 81، لوحة ب.، سطر 8.، ولا، الرضوية.
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 49، لوحة ب، سطر 17: (في الأبواب).
(3) قال المامقاني: (ان ما اشتمل من النسخ والأبواب ونحوها، على أحاديث متعددة.: وباسناد واحد:
فان شاء.، ذكر الاسناد في كل حديث.
وإن شاء.، ذكره عند أول حديث منها.
أو في كل مجلس من مجالس سماعها.
ويقول بعد الحديث الأول: (وبالاسناد).، أو يقول: (وبه) - أي: بالاسناد السايق -.، والأول
أحوط.، إلا أنه لطوله، كان الأغلب الأكثر في الاستعمال الثاني.
334

ثانيا " المانعون (1)
ومنهم.، من منع ذلك، إلا مبينا " للحال (2).
الحقل الثاني
في: الحديث المشترك باسنادين (3)
- 1 -
وإذا ذكر الشيخ حديثا " باسناد، ثم أتبعه إسناد آخر.، وقال عند انتهاء الاسناد:
(مثله).
لم يكن للراوي عنه: أن يروي المتن المذكور، بعد الاسناد الأول، بالاسناد
الثاني.، لاحتمال أن يكون الثاني، مماثلا " للأول في المعنى، ومغايرا " له في اللفظ.

ثم، من سمع هكذا، فأراد تفريق تلك الأحاديث، ورواية كل حديث منها بالاسناد المذكور في أولها.،
جاز له ذلك عند الأكثر.
لان الجميع معطوف على الأول.، فالاسناد في حكم المذكور في كل حديث.، وهو بمثابة تقطيع المتن
الواحد، في الأبواب.، باسناده المذكور في أوله).، (مقباس الهداية: ص 201، وينظر: الباعث الحثيث: ص 147
- 148، وعلوم الحديث ومصطلحه: ص 21 - 22، وتنقيح المقال: المجلد الثالث - الخاتمة - ص 83.، و
دراسات في الحديث والمحدثين: ص 140.
وقال الحجة السيد صادق بحر العلوم (ره).، (ليعلم ان ما وقع في أسناد بعض الأسماء في هذا الكتاب.،
من لفظ: (بهذا الاسناد)، أو (بالاسناد الأول).، فهو عبارة عن رواية أبي المفضل الشيباني هذا.
وهو محمد بن عبد الله، بن محد بن عبيد الله، بن البهلول، بن المطلب، بن همام، بن بحر، بن مطر، بن مرة،
الصغرى، ابن همام، بن مرة، بن ذهل، بن شيبان.
كذا عنونه النجاشي في رجاله).، (الفهرست للشيخ الطوسي: ص 40 - الهامش).
وأقول: إن ما ذكره الحجة بحر العلوم، يكشف عن واحد من استعمالات:
(بهذا الاسناد)، عند الشيخ الطوسي (قدس).، في كتابه: (الفهرست).
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 82، لوحة أ.، سطر 5.، ولا، الرضوية.
(2) وقال الشيخ المامقاني: (ولكن، المحكي عن أبي إسحاق الأسفراييني: المنع من ذلك، إلا مبينا "
للحال.، نظرا "، إلى أن ذلك، من دون بيان الحال، تدليس.، وهو كما ترى.
وأما إعادة بعض المحدثين الاسناد في آخر الكتاب أو الجزء، فلا يرفع هذا الخلاف، الذي يمنع إفراد كل
حديث بذلك الاسناد، عند روايتها.، لكونه، لا يقع متصلا " بواحد منها.
إلا أنه.، يفيد احتياطا "، ويتضمن إجازة بالغة " من أعلى أنواعها.، ويفيد سماعه لمن لم يسمعه أولا ").،
(مقباس الهداية: ص 201).
وينظر: الباعث الحثيث: ص 148، وتدريب الراوي: ص 168.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 82، لوحة أ.، سطر 6.، ولا، الرضوية.
335

وقيل: بل (1)، يجوز.، إذا عرف ان المحدث ضابط متحفظ، يميز الألفاظ المختلفة.،
وإلا، فلا.
- 3 -
وكان غير واحد من أهل العلم، إذا روى مثل هذا.، يورد الاسناد ويقول: (من
حديث قبله.، متنه: كذا وكذا).، ثم، يسوقه.
وكذلك.، إذا كان المحدث قد قال: (نحوه) (2).
الحقل الثالث
في: اسناد وبعض متنه (3)
- 1 -
وإذا ذكر المحدث: اسنادا "، وبعض متن.، وقال بعده: (وذكر الحديث).، أو قال:
(وذكر الحديث بطوله).
ففي جواز رواية الحديث السابق كله - بالاسناد الثاني -: القولان السابقان.، في
قوله: (مثله)، و (نحوه).
من حيث.، ان الحديث الثاني.، قد يغاير الأول في بعض الألفاظ، وإن اتحد المعنى.، و
من أن الظاهر: انه هو بعينه.

(1) الذي في النسخة الأساسية: ورقة 82، لوحة أ: سطر 10: (بلى) والذي في النسخة الرضوية: ورقة
5، لوحة أ.، سطر 4: (بل).، وهو الصحيح.
(2) قال ابن كثير: (إذا روى حديثا " بسنده، ثم أتبعه باسناد له آخر.، وقال في آخره: (مثله)، أو
(نحوه)، وهو ضابط محرر.
فهل يجوز روايته لفظ الحديث الأول باسناد الثاني؟ قال شعبة: لا.، وقال الثوري: نعم: حكاه عنهما
وكيع.
وقال يحيى بن معين: يجوز في قوله (مثله)، ولا يجوز في نحوه).،
قال الخطيب: إذا قيل بالرواية على هذا المعنى.، فلا فرق بين قوله: (مثله)، أو (نحوه).،
ومع هذا.، أختار قول ابن معين.، والله أعلم).، (الباعث الحثيث: ص 148 - 149).
وقال الحاكم: (إن مما يلزم الحديثي من الضبب والاتقان.، أن يفرق بين: أن يقول (مثله)، أو يقول
(نحوه)
فلا يحل له أن يقول: (مثله)، إلا بعد أن يعلم أنهما على لفظ واحد.
ويحل له أن يقول: (نحوه)، إذا كان على مثل معانيه).، (الباعث الحثيث: ص 149 - الهامش)، و
ينظر: (وصول الأخيار: ص 157)، و (مقباس الهداية: ص 201).
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 82، لوحة ب، سطر 1.، ولا، الرضوية.
336

وأولى بالمنع: هنا.، لأنه لم يصرح بالمماثلة (1).
ويمكن أن تكون اللام في الحديث (2): للعهد الذهني.، وهو الحديث الذي لم يكمله، و
إنما اقتصر عليه، لكونه بمعنى الأول.
والأولى، أن يبين ذلك.، بأن يقص ما ذكره الشيخ على وجهه.، ثم يقول: قال و
ذكر الحديث.، ثم يقول: والحديث هو كذا وكذا، ويسوقه إلى آخره (3).
الحقل الرابع
في: الحديث المبعض (4)
وإذا سمع بعض حديث عن شيخ، وبعضه عن شيخ آخر.، روى جملته عنهما، في
حال كونه مبينا " - أن بعضه عن أحدهما وبعضه عن الاخر.
ثم، يصير الحديث بذلك، مشاعا " بينهما.، حيث لم يبين مقدار ما روى منه، عن
كل منهما. فإن كانا ثقتين، فالامر سهل.، لأنه يعمل به على كل حال.
وإن كان أحدهما مجروحا ".، لم يحتج بشئ منه، لاحتمال كون ذلك الشئ
مرويا " عن المجروح، إذا لم يميز مقدار ما رواه عن كل منهما.، ليحتج بالجزء الذي رواه عن
الثقة إن أمكن، ويطرح الاخر (5). والله الموفق؟.

(1) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 5، لوحة أ.، سطر 12: (بالمماثل).
(2) والذي في النسخة الرضوية: ورقة 50، لوحة أ.، سطر 12: (ويمكن أو تكون...).، وهو تصحيف
من الناسخ فيما يبدو.
(3) قال ابن كثير: (أما إذا أورد السند وذكر بعض الحديث.، ثم قال: (الحديث)، أو (الحديث بتمامه)،
أو (بطوله)، أو (إلى آخره)، كما جرت به عادة كثير من الرواة.
فهل للسامع أن يسوق الحديث بتمامه على هذا الاسناد؟ رخص في ذلك بعضهم.
ومنع منه: آخرون.، منهم: الأستاذ أبو إسحاق الأسفراييني، الفقيه الأصولي...).، (الباعث الحثيث:
ص 149).، وينظر: (وصول الأخيار: ص 157).
وقال المامقاني: (انه إذا ذكر المحدث حديثا " بسنده ومتنه، ثم ذكر اسنادا " آخر وبعض المتن.، ثم قال بدل
إتمامه ما لفظه: (وذكر الحديث)، أو (ذكر الحديث بطوله).، أو قال: (بطوله)، أو (الحديث)، أو (الخبر)، و
أضمر كلمة (ذكر).، مشيرا " بذلك كله: إلى كون ذيله الذي تركه، كذيل سابقه.
فأراد السامع أو الواحد روايته عنه بكماله.، ففي جواز رواية الحديث السابق، بالاسناد الثاني، القولان
السابقان.، في قوله: (مثله)، و (نحوه)..).، (مقباس الهداية: ص 202).
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 82، لوحة ب، سي ر 11.، ولا، الرضوية.
(5) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث: ص 123، والباعث الحثيث: 150، ومقباس الهداية: ص 202 - 203.
337

الباب الرابع
في: أسماء الرجال
وطبقاتهم
وما يتصل به
وهو: فن مهم
يعرف به: المرسل، والمتصل، ومزايا الاسناد
ويحصل به: معرفة الصحابة، والتابعين، وتابع التابعين، إلى الاخر (1)
(وفيه: فصول)

(1) وفي النسخة الرضوية: ورقة 50، لوحة ب.، سطر 7: (تابعي بدلا " من (تابع)،
و (يحصل به) محذوفة.
338

الفصل الأول
في: معرفة الرعيل الأول
وفيه: مسائل ثلاث
المسألة الأولى
في: الصحابي
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: تعريف الصحابي (1)
الصحابي: من لقي النبي (صلى الله عليه وآله)، مؤمنا " به، ومات على الاسلام.،
وإن تخللت ردته: بين لقيه مؤمنا " به، وبين موته مسلما ".، على الأظهر (2).
- 1 -
والمراد باللقاء.، ما هو أعم من: المجالسة، والمماشاة، ووصول أحدهما إلى الاخر.، وإن
لم يكالمه، ولم يره

(1) هذه العناوين ومعنوناتها.، نحن أضفناها، وليست من النسخة الأساسية.، ولا الرضوية.
(2) الصحابي: هو واحد الصحابة، المحسوب في عدادهم.، كالنقابي الحاصل على عضوية النقابة.
قال الحسني: (الصحابي في اللغة: مشتق من الصحبة.، ويوصف بها كل من صحب غيره، طالت المدة أو
قصرت).، دراسات في الحديث والمحدثين: ص 67.
وقال ابن حجر: 00 الصحابي: من لقي النبي (صلى الله عليه وسلم).، مؤمنا " به، ومات على الاسلام.،
فيدخل في من لقيه: من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية "
ولم يجالسه، ومن لم يره لعارض (كالعمى).، (الإصابة في تمييز الصحابة: ح‍ 1 ص 10 - 11).، وهذا
التعريف مأخوذ من كلام البخاري في صحيحه - أول فضائل الصحابة -: 5 / 2.
وقال الدكتور عتر: الصحابة رضوان الله عليهم.، هم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، في نشر الدعوة
وحمل أعبائها.، ومن ثم لم يقع خلاف (بين العلماء، ان الوقوف على معرفة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،
من أوكد علم الخاصة، وأرفع علم الخبر، وبه ساد أهل السير).، (منهج النقد في علوم الحديث: ص 116.، وما بين
القوسين منقول عن: (الاستيعاب في أسماء الأصحاب: 1 / 8)، وينظر: الكفاية: ص 50، وعلوم الحديث
لابن الصلاح: ص 263.، والخلاصة في أصول الحديث: ص 124.، والباعث الحثيث 179، ومقباس الهداية: ص
206، ودراية الحديث لشانه چي: ص 17 - 18.
339

والتعبير (به).، أولى من قول بعضهم في تعريفه: انه من رأى النبي (صلى الله عليه
وآله).، لأنه يخرج منه الأعمى ك‍: ابن أم مكتوم، فإنه صحابي بغير خلاف (1).
- 2 -
واحترز بقوله (مؤمنا ").، عمن لقيه كافرا "، وإن أسلم بعد موته.، فإنه لا يعد من
الصحابة (2).
وبقوله (به).، عمن لقيه، مؤمنا " بغيره من الأنبياء.، ومن هو مؤمن بأنه سيبعث، ولم
يدرك بعثته، فأنه حينئذ لم يكن (صلى الله عليه وآله) نبيا ".، وأن حصل شك في ذلك،
فليزد التعريف - بعد قوله: لقي النبي -: بعد بعثته (3).
وبقوله: (ومات على الاسلام).، عمن ارتد ومات عليها.، كعبيد الله بن جحش،
وابن خطل (4).
وشمل قوله: (وإن تخللت ردته).، ما إذا رجع إلى الاسلام في حياته وبعده (5)، سواء
لقيه ثانيا " أم لا.

(1) وفي النسخة الرضوية: ورقة 50، لوحة ب.، سطر 12: (وإنه صحابي).، بدلا " من: (فإنه
صحابي).
وقال المامقاني: (وغرضهم بالعدول من التعبير بالرؤية، إلى التعبير باللقاء.، ادخال ابن أم مكتوم، المانع
عماه من رؤيته (ص).
ولعل من عبر بالرؤية.، أراد الأعم من رؤية العين.، كما يكشف عن ذلك: عدم الخلاف في كون ابن أم
مكتوم صحابيا ").، (مقباس الهداية: ص 206).
(2) قال المامقاني: (واحترزوا بقيد الايمان.، عمن لقيه كافرا "، وإن أسلم بعد وفاته (ص)، كرسول
قيصر.، ومن رآه بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) قبل الدفن، كخويلد بن خالد الهذلي.، فإنهما لا يعدان من
الصحابة في الاصطلاح...).، (مقباس الهداية: ص 206 - 207).
(3) وفي النسخة الرضوية: ورقة 50، لوحة ب.، سطر 17: (لقي النبي صلى الله عليه وآله).، بدلا " من
(لقي النبي).
(4) وفي مقباس الهداية (... وابن حنظل).
(5) في النسخة الأساسية: ورقة 83، لوحة ب.، سطر 8: (حياته).، وكذا، الرضوية: ورقة 51، لوحة أ،
سطر 5.، وتلك عادة قديمة، في كتابه كلمة (حياة).
340

ونبه ب‍: (الأصح) (1).، على خلاف كثير من تلك القيود.، ومنها: تخلل الردة.
فإن بعضهم اعتبر فيه: رواية الحديث (2).، وبعضهم: كثرة المجالسة، وطول الصحبة (3).،
وآخرون.، الإقامة سنة وسنتين، وغزوة معه وغزوتين (4).، وغير ذلك.
- 4 -
وتظهر فائدة قيد الردة.، في مثل: (الأشعث بن قيس).
فإنه كان قد وفد على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم ارتد، وأسر في خلافة
الأول.، فأسلم على يده، فزوجه أخته - وكانت عوراء -، فولدت له (محمد) الذي شهد قتل
الحسين عليه السلام (5).
فعلى ما عرفنا به.، يكون صحابيا ".، وهو: المعروف.، بل، قيل: انه متفق عليه (6).

(1) الذي مر في آخر تعريف الصحابي: هو عبارة (على الأظهر).
والذي في النسخة الأساسية: ورقة 83، لوحة ب.، سطر 9: (الأصح).، وكذا في الرضوية: ورقة 51،
لوحة أ، سطر 3.
ولكن، في النسخة الأساسية نفسها، في الهامش الأيسر للوحة ب، من ورقة 83، مقابل سطر 9.، توجد
عبارة: (تقدم الأظهر (ع ل).).
وقال الشيخ المامقاني: ونبهوا بقولهم (على الأظهر)، إلي رد ما سمعت من الأقوال.، (مقباس الهداية:
ص 207).
(2) قال ابن كثير: (وقال آخرون: لابد في إطلاق الصحبة مع الرؤية، أن يروي حديثا " أو حديثين).،
(الباعث الحثيث: ص 180)، وفتح المغيث: 4 / 32، والإصابة: 1 / 10 - 11.
(3) قال عتر: (أما الأصوليون.، فيراعي كثير منهم: دلالة العرف في معنى الصحبة.، فيطلقون اسم
الصحابي على (من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم، وكثرت مجالسته له على طريق التتبع له والاخذ
عنه).، (منهج النقد: ص 117).، وينظر: الكفاية: 51، وفتح المغيث: 4 / 31، والخلاصة في أصول الحديث: ص
124.
(4) وفي الرضوية: ورقة 51، لوحة أ.، سطر 6: (غروة معه وغرو بين)، وهو غفلة في النسخ قطعا ".
وهو مروي عن سعيد بن المسيب.، ينظر: الكفاية: 50 وعلوم الحديث لابن الصلاح: 264، والخلاصة في أصول
الحديث: ص 124، والباعث الحثيث: ص 180، وتدريب الراوي: 398، ومنهج النقد: 117، وتلقيح
فهو أهل الآثار: ص 27، ودراسات في الحديث والمحدثين: ص 67.
(5) ينظر: الايضاح لابن شاذان: ص 152، 161.، الإختصاص للمفيد: ص 236، ورجال الطوسي:
ص 4 رقم 23، ومعجم رجال الحديث: 3 / 216 رقم 1499، 15 / 112 رقم 10275، ومقباس الهداية: ص
207.
(6) ينظر: الباعث الحثيث: ص 181، والإصابة لابن حجر: 1 / 5، ومقباس الهداية: 207.
341

الحقل الثاني
في: مراتب الصحابة (1)
ثم، الصحابة على مراتب كثيرة.، بحسب: التقدم في الاسلام، والهجرة، والملازمة،
والقتال معه، والقتل تحت رايته، والرواية عنه، ومكالمته، ومشاهدته، ومماشاته.
وإن اشترك الجميع في شرف الصحبة (2).
الحقل الثالث
في: تشخيص الصحابي (3)
ويعرف كونه صحابيا " ب‍.
التواتر.
والاستفاضة.
والشهرة.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 84، لوحة أ، سطر 4.، ولا، الرضوية.
(2) قال الطيبي: (واختلف في عدد طبقاتهم.، والنظر في ذلك إلى: السبق بالاسلام، والهجرة، وشهود
المشاهد الفاضلة مع النبي (صلى الله عليه وسلم).، وجعلهم الحاكم اثنتي عشر طبقة.
وأفضلهم عند أهل السنة: الخلفاء الأربع، على الترتيب، ثم تمام العشرة، ثم أهل بدر، ثم أحد، ثم أهل
بيعة الرضوان، وممن له مزية أهل العقبتين...).، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 125).
وقال الشيخ أحمد محمد شاكر: (اختلفوا في طبقات الصحابة.، فجعلوا بعضهم خمس طبقات، وعليه عمل
ابن سعد في كتابه...، وجعلها الحاكم: اثنتي عشر طبقة.، وزاد بعضهم: أكثر من ذلك.
والمشهور: ما ذهب إليه الحاكم.، وهذه الطبقات هي...).، (الباعث الحثيث: ص 184 -
الهامش).، وينظر: معرفة علوم الحديث للحاكم: ص 22 - 24، وتدريب الراوي: 307 - 308 في طبعة، و
405 - 406 في طبعة أخرى، ودراسات في الحديث والمحدثين: ص 68.
وقال الدكتور عتر: (ومعرفة الصحابة لها فوائد مهمة في الدين والعلم.، منها:
1 - انهم هداة البشرية بهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم.، وهم أمثلة تطبيق الدين، سيرتهم تملأ
القلوب يقينا "، وتحث الهمم على الجهاد والعمل، وتلهب الحماس في النفوس.
2 - معرفة الحديث المرسل وتمييزه عن المنقطع والموصول.، فإذا لم نعرف الناقل للحديث: أهو صحابي
أو ليس بصحابي، لا يمكن لنا ذلك.، (منهج النقد في علوم الحديث: ص 117).
وأقول: سيأتي موقف الامامية من الصحبة والصحابة، وأفضلهم...
وأقول: لا شك ان معرفة القدوة الصالحة منهم، هو الأصل الذي تتبعه بقية الاحكام والمهام.
3 - هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 84، لوحة أسطر 7.، ولا، الرضوية.
342

وإخبار ثقة (1).
الحقل الرابع
في: عدالة الصحابة (2)
وحكمهم عندنا في العدالة: حكم غيرهم. (3)

(1) قال الطيبي: (وتعرف الصحبة ب‍: التواتر، والاستفاضة، أقول صحابي، أو قوله إذا كان عدلا ").،
(الخلاصة في أصول الحديث: ص 124).
وقال الدكتور عتر: (وقد ذكر العلماء ضوابط يعرف بها الصحابي...).، وقال أيضا ":
(5 - أن يقول هو عن نفسه انه صحابي.، وذلك بشرطين: أن يكون ثابت العدالة، وأن يكون في المدة
الممكنة، وهي مائة سنة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم...) منهج النقد: ص 118.، وينظر: تدريب الراوي:
ص 399، والإصابة: 1 / 13 - 14، 354، ومسند أبي داوود الطيالسي: ص 69، والسنة قبل التدوين: ص
394.
وأقول: على رأي من يقول: (الصحابة كلهم عدول.، سواء لابسوا الفتن أم لا، باجماع من يعتد بهم).، كما
في: (الخلاصة في أصول الحديث: ص 124)، وينظر: وصول الأخيار إلى وصول الاخبار: ص 162.
كيف يمكن التوفيق بين مقولتهم تلك.، ومقولة:
(... أو قول صحابي، أو قوله إذا كان عدلا ").، كما في تعبير الطيبي السابق.
و (... أن يكون ثابت العدالة).، كما في تعبير الدكتور عتر السابق.
ترى، ألا يعني ذلك: ان مفهوم هذين المنطوقين: ان من الصحابة من لم يكن عدلا "، ولا ثابت
العدالة؟!
وعليه.، فالذي يبدو: ان الكل إماميين وغير إماميين، يشترطون العدالة.
وإنما يفترقون في مدى الالتزام بها حين التطبيق.، حيث الغالبية من غير الامامية - وأغلب الظن لدوافع
سياسية -، يرونها ثانوية لا أساسية، إذا ما عرضت على مواقف الصحابة.، خاصة أولئك الذين تسنموا دفة الحكم
والسلطة، كسيدنا معاوية بن أبي سفيان.، أو من أساء إلى النبي، كمن رمى فراشه بالإفك.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 84، لوحة أ، سطر 8.، ولا، الرضوية.
(3) قال الشبخ المامقاني: (فمجرد كون الرجل صحابيا "، لا يدل على عدالته.، بل، لابد من إحرازها.
نعم، ثبوت كونه صحابيا "، مغن عن الفحص عن إسلامه، إلا أن يكون ممن ارتد بعد وفاة النبي (صلى
الله عليه وآله).
فما عليه جمع من العامة.، من الحكم بعدالة الصحابة كلهم، حتى من قاتل أمير المؤمنين (ع).، عنا محض،
يرده واضح الدليل).، ينظر: مقباس الهداية: ص 207.
343

وأفضلهم: أمير المؤمنين علي (عليه السلام) (1).، ثم، ولداه (2).
وهو: أولهم إسلاما ".
الحقل الخامس
في: آخر الصحابة موتا " (3)
- 1 -
وآخرهم موتا " على الاطلاق: أبو الطفيل، عامر بن واثلة و، مات سنة مائة من الهجرة. (4)
- 2 -
وبالإضافة إلى النواحي.، فآخرهم:
بالمدينة.، جابر بن عبد الله (5)، أو سهل بن سعد (6)، أو السائب بن يزيد (7).

(1) فهو: إمام المتقين، وعيبة علم النبيين، وباب مدينة علم سيد المرسلين.
حتى لا تكاد تجد علما " من العلوم الاسلامية، إلا وينتهي إليه.، ينظر مثلا ": مقدمة مرآة العقول: ج 1 ص
9.
(2) فضائل الحسن والحسين، عن كتاب الفضائل.، تأليف: أحمد بن حنبل: حديث 44، ص 23،
وطبقات ابن سعد: حديث 272، وتاريخ ابن عساكر: حديث 624، وذخائر العقبي: ص 147.، وينظر: مقدمة
مرآة العقول: 2 / 167 - متنا " وهامشا " -
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 84، لوحة أسطر 9.، ولا، الرضوية.
(4) أبو الطفيل: عامر بن واثلة الكناني الليثي، عد في صغار الصحابة.، ولد عام ((أحد) وكان من
أصحاب علي المحبين له.، وشهد معه مشاهد كلها.
غير الامامين قالوا في حقه: كان ثقة مأمونا "، إلا أنه كان يقدم عليا ".
وهو آخر من مات، ممن رأى النبي (صلى الله عليه وآله).، مات سنة 100 ه‍، وقيل: 116 ه‍.
هذا، وقد أخرج له أصحاب الصحاح الست: تسعة أحاديث.
وينظر: أسد الغاية: / 2 / 403، والباعث الحثيث: ص 190، ووصول الأخيار: ص 162، ومعجم رجال الحديث:
9 / 206، ومسند أحمد بن حنبل: 1 / 4 حديث 14، ومقدمة ابن الصلاح: ص 118، وفتح المغيث: 4 / 45 - 52،
وتدريب الراوي: ص 412 - 414، وينابيع المودة - طبعة اسلامبول -: ص 85.
ثم معلوم بعد ذلك.، ان اسم أبيه: (واثلة)، بالثاء المثلثة.، وما قيل من (وائلة) بالهمز، فهو محض اشتباه
وتصحيف.، ينظر: وقعة صفين - تحقيق عبد السلام هارون -: ص 309 (الهامش).
(5) ينظر: مقدمة مرآة العقول: 1 / 11، والباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: ص 207.
(6) ينظر: معجم رجال الحديث: 8 / 353، والباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: ص 207.
(7) ينظر: معجم رجال الحديث: 8 / 353، والباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: ص 207.
344

وبمكة.، عبد الله بن عمر (1) أو جابر.
وبالبصرة.، أنس (2).
وبالكوفة.، عبد الله بن أبي أوفى (3).
وبمصر.، عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي (4).
وبفلسطين.، أبو أبي بن أم حرام (5).
وبدمشق.، واثلة بن الأسقع (6).
وبحمص.، عبد الله بن بسر (7).
وباليمامة.، الهرماس بن زياد (8).
وبالجزيرة.، العرس بن عميرة (9).
وبإفريقية.، رويفع بن ثابت (10).
وبالبادية - في الاعراب -.، سلمة بن الأكوع. (11).
الحقل السادس
في: عدد الصحابة عند رحيله (ص) (12)
وقيل: قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله).، عن ماية وأربعة عشر ألف
صحابي (13). والله تعالى أعلم.

(1) ينظر: مقدمة مرآة العقول: 1 / 15، والباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: ص 207.
(2) ينظر: مقدمة مرآة العقول: 1 / 10، والباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: ص 207.
(3) ينظر: معجم رجال الحديث: 10 / 85، والباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: ص 207.
(4) ينظر: المنار المنيف: ص 145، والباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: ص 207.
(5) ينظر: الباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: ص 207.
(6) ينظر: مقدمة مرآة العقول: 1 / 20، ومعجم رجال الحديث: 19 / 187، والباعث الحثيث: ص
190، ومقباس الهداية: ص 207 - 208.
(7) ينظر: معجم رجال الحديث: 10 / 120، والباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: 207.
(8) ينظر: الباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: 208.
(9) ينظر الباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: 208.
(10) ينظر الباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: 208.
(11) ينظر: معجم رجال الحديث: 18 / 201، والباعث الحثيث: ص 190، ومقباس الهداية: ص 208.
(12) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 84، لوحة ب، سطر 5.، ولا، الرضوية.
(13) ينظر: فتح المغيث: 4 / 39، وتلقيح فهوم أهل الآثار: ص 28.
345

المسألة الثانية
في التابعين
وتفصيل البحث في حقلين:
الحقل الأول
في: تعريف التابعي (1)
والتابعي: من لقي الصحابة (2)، كذلك - أي: بالقيود المذكورة -.
واستثني منه: قيد الايمان به.، فذلك خاص بالنبي (صلى الله عليه وآله).
الحقل الثاني
في: الخلاف واشتراطاته (3)
والخلاف فيه.، كالسابق.
فإن منهم.، من اشترط فيه أيضا ": طول الملازمة، أو صحة السماع من الصحابي، أو
التمييز (4).

وقال المامقاني: (وقد حكي عن أبي زرعة انه قال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد قبض عن مائة
وأربعة عشر الف صحابي، ممن روى عنه وسمع منه.
فقيل له: أين مانوا وأين سمعوا؟ قال: أهل المدينة، وأهل مكة، ومن بينهما، ومن الاعراب.، ومن شهد
معه حجة الوداع.، كل رآه، وسمع منه بعرفة).، (مقباس الهداية: ص 208).، وينظر الخلاصة في أصول
الحديث: ص 125، والباعث الحثيث: ص 185.
(1) هذه العناوين ومعنوناتها.، نحن أضفناها، وليست من النسخة الأساسية.، ولا، الرضوية.
(2) قال الخطيب البغدادي: التابعي: من صحف الصحابي.
وفي كلام الحاكم.، ما يقتضي إطلاق التابعي، على من لقي الصحابي، وروى عنه، وإن لم يصحبه.،
(الباعث الحثيث: ص 191).
وقال الطيبي: وهو كل مسلم صحب صحابيا ".، وقيل: من لقيه.، وهو الأظهر.، (الخلاصة في أصول
الحديث: ص 126.
وقال ابن كثير: لم يكتفوا بمجرد رؤيته الصحابي، مؤمنا " بالنبي (ص)، ومات على الايمان.، وإن تخللت
ردته، بين كونه مؤمنا "، وبين موته مسلما ").، مقباس الهداية: ص 208.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 84، لوحة ب، سطر 8.، ولا، الرضوية.
(4) قال الشيخ المامقاني (قدس): واشترط بعضهم فيه: طول الملازمة، وآخر: صحة السماع، وثالث:
التميز.، والأول: أظهر.
346

المسألة الثالثة
في: المخضرمين
وتفصيل البحث في حقول
الحقل الأول
في: الالحاق والتعريف (1)
وبقي قسم ثالث: بين الصحابة والتابعي، اختلف في إلحاقه بأي القسمين.
وهم: المخضرمون (2).، الذين أدركوا الجاهلية والاسلام، ولم يلقوا النبي (صلى الله
عليه وآله).، سواء أسلموا في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)، كالنجاشي (3).، أم لا.
واحدهم: مخضرم، بفتح الراء.، كأنه خضرم - أي: قطع - عن نظرائه، الذين
أدركوا الصحبة (4).

ثم قال: والتابعيون أيضا " كثيرون.، وقد عد قوم منهم طبقة " لم
يلقوا الصحابة، فهم تابعوا التابعين.، وعد جمع في
التابعين جماعة، هم من الصحابة.
وأول التابعين موتا ": أبو زيد معمر بن زيد، قتل بخراسان.، وقيل: بآذربيجان، سنة ثلاثين.
وآخرهم موتا ": خلف بن خليفة، سنة ثمانين ومائة.، مقباس الهداية: 208.
وينظر: معرفة علوم الحديث: ص 41، ومقدمة ابن الصلاح: ص 123، والباعث الحثيث: ص 191،
وفتح المغيث: 2 / 52، وتدريب: ص 416.
(1) هذه العناوين ومعنوناتها.، نحن أضفناها، وليست من النسخة الأساسية.، ولا، الرضوية.
(2) ينظر: القاموس المحيط - مادة خضرم -: 4 / 108، ومعرفة علوم الحديث: ص 44، وتذكرة
الطالب: ص 7 وما بعدها.
(3) ملك الحبشة.، الذي آوى المسلمين ورحب بهم عند هجرتهم إليها.، ينظر: مروج الذهب: 2 / 52.
(4) قال الشيخ المامقاني (قدس): (... مخضرم - بفتح الراء -.، من قولهم: لحم مخضرم، لا يدري
من ذكر هو أو أنثى، كما في (المحكم) و (الصحاح).، وطعام مخضرم: ليس بحلو ولا مر، كما حكاه ابن الاعرابي.،
وقيل: من الخضرمة بمعنى القطع.، من خضرموا آذان الإبل: قطعوها.، لأنه اقتطع عن الصحابة وإن عاصر، لعدم
الرؤية.
أو من قولهم: رجل مخضرم: ناقص الحسب.، وقيل: ليس بكريم النسب.، وقيل: دعي.، وقيل: لا يعرف
أبواه.، وقيل: ولدته السراري، لكونه ناقص الرتبة عن الصحابة، لعدم الرؤية مع إمكانه.، وسواء أدرك في الجاهلية
لضعف عمره أم لا، إلى غير ذلك من الاحتمالات في وجه المناسبة.
وقال بعضهم: ان المخضرم في اصطلاح أهل اللغة: هو الذي عاش نصف عمره في الجاهلية، ونصفه في
الاسلام.، سواء أدرك الصحابة أم لا.
فبين اصطلاح المحدثين واللغويين، عموم وخصوص من وجه.، لان الأول عام من جهة شموله، لما إذا
كان إدراكه الجاهلية بنصف عمره أو أقل أو أكثر، دون الثاني.، والثاني عام من جهة شموله لمن رأى
النبي (ص) أم لا، دون الأول.
347

الحقل الثاني
في: عدد المخضرمين (1)
وذكرهم بعضهم.، فبلغ بهم: عشرين نفسا " (2).
منهم.، سويد بن غفلة، صاحب علي (عليه السلام).، وربيعة بن زرارة، وأبو مسلم
الخولاني (3)، والأحنف بن قيس (4).
الحقل الثالث
في: الرأي المختار (5)
والأولى: عدهم في التابعين بإحسان.

فحكم بن حزام مخضرم باصطلاح اللغة دون الحديث، وبشير بن عمرو مخضرم باصطلاح الحديث دون
اللغة. وقد وقع الخلاف.، في أن المخضرمين من الصحابة أو التابعين.، والأشهر الأظهر الثاني، لاعتبارهم فيه عدم
ملاقاة النبي (ص).، والصحابي من لاقاه (ص).، (مقباس الهداية: ص 208).
وينظر: علوم الحديث للحاكم: ص 44، وكشاف اصطلاحات الفنون: ص، ودراية الحديث
لشانه چي: 19، وعلوم الحديث لابن الصلاح - تحقيق عتر -: ص 303 - 304.
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 85، لوحة أ، سطر 1.، ولا، الرضوية
(2) قال الحافظ ابن كثير: وقد عد منهم مسلم نحوا " من عشرين نفسا ".، منهم أبو عمرو الشيباني،
وسويد بن غفلة، وعمرو بن ميمون، وأبو عثمان النهدي، وأبو الحلال العتكي، وعبد خير بن يزيد الخيواني، وربيعة بن
زرارة. وقال ابن الصلاح: وممن لم يذكره مسلم: أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب.، (الباعث الحثيث: ص
193).، وينظر: مقباس الهداية: ص 208، وتذكرة الطالب المعلم بمن يقال انه مخضرم - لسبط ابن العجمي -
وهي مطبوعة بحلب، وعلوم الحديث للحاكم: ص 19
وقال الأستاذ احمد محمد شاكر معقبا " على كلام ابن كثير بقوله: (زرارة).، بضم الزاي في أوله.
وربيعة هذا.، هو (أبو الحلال العتكي.، السابق ذكره.، كما نص عليه الدولابي في الكنى: ج 1 ص 156،
والذهبي في المشتبه: ص 192.، وقد ظن المؤلف: ان الاسم والكنية لشخصين مختلفين، وهو وهم منه.، ينظر:
الباعث الحثيث: ص 193 (الهامش).
(3) هو عبد الله بن ثوب - بضم الثاء المثلثة وفتح الواو -.، كما نص عليه الذهبي في المشتبه: ص 80،
وابن حجر في التقريب: ص 99.، ينظر: الباعث الحثيث: ص 193 (الهامش).
وينظر: وقعة صفين: ص 85 - 86.، وقيل: ابن أثوب بوزن أحمر.، ويقال: ابن عوف، وابن مشكم.،
ويقال: اسمه يعقوب بن عوف.
وينظر: اختيار معرفة الرجال - تعليق المير داماد -: 1 / 314، ومعجم رجال الحديث: 4 / 272،
22 / 51، والاعلام - ط 3 - للزركلي: 4 / 203.
(4) ينظر: الاعلام - ط 3 -: 1 / 262 - 263، ومعجم رجال الحديث: 2 / 370 - 372، ومروج
الذهب: 5 / 69، والكامل لابن الأثير: 4 / 231.
(5) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 85 لوحة أ، سطر 4.، ولا، الرضوية.
348

الفصل الثاني
في: اللقى والسن (1)
وفيه: مسائل...
المسألة الأولى
في: رواية الاقران
وتفصيل البحث في حقلين:
الحقل الأول
في: التعريف (2)
ثم الراوي والمروي عنه.، إن استويا في: السن، أو في اللقى - وهو الاخذ عن
المشايخ -.، فهو النوع من علم الحديث الذي يقال له: رواية الاقران.
لأنه حينئذ يكون راويا " عن قرينه (3).
الحقل الثاني
في: الأمثلة (4)
وذلك.، كالشيخ أبي جعفر الطوسي، والسيد المرتضى.، فإنهما أقران في طلب العلم
والقراءة على الشيخ المفيد.
والشيخ أبو جعفر.، يروي عن السيد المرتضى، بعد أن قرأ عليه مصنفاته.، ذكر ذلك
في كتاب (الرجال) (5). وله أمثال كثيرة.

(1) وأقول: يبدو لي أن يكون التقسيم هكذا:
أ. رواية الأصاغر عن الأكابر.
ب. رواية المتقاربي السن:
(1) رواية الاقران من وجه.
(2) رواية الاقران من وجهين - المدبج -
ح‍. رواية الأكابر عن الأصاغر.
(2) هذه العناوين ومعنوناتها.، نحن أضفناها، وليست من النسخة الأساسية.، ولا، الرضوية.
(3) قال المامقاني: وفائدة معرفة هذا النوع: أن لا يظن الزيادة في الاسناد، أو إبدال (عن) بالواو.،
(مقباس الهداية: ص 54).
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 85، لوحة أ، سطر 7.، ولا، الرضوية.
(5) قال الشيخ الطوسي في (رجاله: ص 484 - 485) في ترجمة السيد المرتضى بعد عد كتبه:
(وسمعنا منه أكثر كتبه وقرأناها عليه).
وقال أيضا " في (فهرسته: ص 125 - 126) بعد عده لكتبه: (قرأت هذه الكتب أكثرها عليه،
وسمعت سائرها يقرأ عليه دفعات كثيرة). (6) ينظر: شرح نخبة الفكر: ص 51، وتدريب الراوي: ص 269.
349

المسألة الثانية
في: المدبج
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: التعريف
أجل (1)، فإن روى كل منهما - أي: من القرينين - عن الاخر.، فهو النوع الذي يقال
له: المدبج، بضم الميم وفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة، وآخره جيم (2).
الحقل الثاني
في: وجه التسمية
وهو (3).، مأخوذ من ديباجتي الوجه.
كأن كل واحد من القرينين، يبذل ديباجة وجهه للآخر، ويروي عنه.

(1) هذه العناوين ومعنوناتها.، نحن أضفناها، وليست من النسخة الأساسية.، ولا، الرضوية.
(2) ينظر: الباعث الحثيث: ص 197، ووصول الأخيار إلى أصول الاخبار: ص 116، وعلوم الحديث
لابن الصلاح - تحقيق الدكتور نور الدين عتر -: ص 309 - 310.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 85، لوحة أ، سطر 14.، ولا، الرضوية.
(4) قال المامقاني: وفي وجه التسمية وجوه.
فقيل: انه مأخوذ من التدبيج، من ديباجي الوجه.، كأن كل واحد منهما، بذل ديباجة وجهه آخر، عند
الاخذ منه
وقيل: انه بمعنى المزين.، فكأنه يحصل برواية كل منهما عن الاخر، تزيين للاسناد.
وقيل: انه لنزول الاسناد، فيكون ذما ".، من قولهم: رجل مدبج: قبيح الوجه والهامة.
وقيل: إن القرينين الواقعين في المدبج، في طبقة واحدة بمنزلة واحدة، شبها " بالخدين.، إذ يقال لهما
الديباجتان.
والأول أقرب.، (مقباس الهداية: ص 54).
350

الحقل الثالث
في أقرانيته (1)
وهو - أي: المدبج -: أخص من الأول - وهو رواية الاقران - فكل مدبج
أقران، ولا ينعكس (2)
وذلك.، كرواية الصحابة بعضهم عن بعض من الطرفين (3).، وقد وقع ذلك لهم
كثيرا " (4).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 85، لوحة ب، سطر 2.، ولا، الرضوية.
(2) قال المامقاني: (...، فلو روى أحد القرينين عن الاخر، من دون رواية الثاني، لم يكن ذلك
مدبجا ".، بل، رواية الاقران فقط.
فالمدبج أخص من رواية الاقران.
فكل مدبج رواية أقران، ولا عكس.، (مقباس الهداية: ص 54).
(3) ومن أمثلة على ما ضرب:
أ. عائشة وأبو هريرة.، لرواية الاقران من الصحابة بعضهم عن بعض.
ب. عمر بن عبد العزيز والزهري.، لرواية الاقران من التابعين.
ج. مالك والأوزاعي.، لرواية الاقران من أتباع التابعين.
د. أحمد بن حنبل وعلي بن المدني.، لرواية الاقران من أتباع الاتباع.، ينظر: مقدمة ابن الصلاح - تحقيق
الدكتورة عائشة -: ص 462، والاقتراح في بيان الاصطلاح: ص 311.
(4) وينظر الكلام في المدبج في:
الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث: ص 197، شرح التبصرة والتذكرة وفتح الباقي: ج 3 ص
67، فتح المغيث للسخاوي: ج 3 ص 160، والتقريب وتدريب الراوي: ج 2 ص 246 - وفي طبعة أخرى: ص
218 -، ودراية الحديث لشانة چي: ص 68، شرح نخبة الفكر مع لقط الدرر: ص 128 - وفي طبعة أخرى: ص
51 -، تنقيح الانظار وشرحه توضيح الأفكار: ج 2 ص 475، ووصول الأخيار إلى أصول الاخبار: ص 116، و
مستدرك الوسائل: م 3 ص 376.
351

المسألة الثالثة
في رواية الأكابر عن الأصاغر
وتفصيل البحث في قسمين:
القسم الأول
في كونها من غير الاباء عن الأبناء
وفيه حقول:
الحقل الأول
في: التعريف
بلى (1).، وإن روى عمن دونه في: السن، أوفي اللقى، أو في المقدار (2).، فهو النوع
المسمى ب‍: رواية الأكابر عن الأصاغر (3).

(1) هذه العناوين ومعنوناتها.، نحن أضفناها، وليست من النسخة الأساسية.، ولا، الرضوية.
(2) من علم، أو إكثار رواية، ونحو ذلك.، فذلك لكثرته.، لأنه الغالب في الروايات، لم يخص باسم
خاص...، (مقباس الهداية: ص 54).
ومثال الرواية عمن دونه في المقدار.، هي رواية الباقر (ع)، عن عمه محمد بن الحنفية.، باعتبار ان الأول
معصوم، والثاني ليس بمعصوم.
قال جلال الدين السيوطي: واخرج ابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية، من طريق حرب بن
شريح (رضي الله عنه).، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين: أرأيت هذه الشفاعة التي يتحدث بها أهل
العراق أحق هي؟ قال: إي والله.، حدثني عمي محمد بن الحنفية، عن علي: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
قال: أشفع لامتي حتى يناديني ربي، أرضيت يا محمد؟ فأقول: نعم يا رب رضيت.، ثم أقبل علي فقال: انكم
تقولون يا معشر أهل العراق: ان أرجى آية في كتاب الله (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
ان الله يغفر الذنوب جميعا "). قلت: إنا لنقول ذلك.
قال: فكلنا أهل البيت نقول: ان أرجى آية في كتاب الله (ولسوف يعطيك ربك فترضى).، وهي
الشفاعة. (تفسير الدر المنثور: ج 6 ص 361).
وأقول: هذا المثال نفسه يصلح للتمثيل على رواية الأصاغر عن الأكابر، بلحاظ السن، حيث أن ابن
الحنفية أكبر سنا " من أبي جعفر (ع).
وينظر: الحقل الثاني من المسألة الثانية، من الباب الثالث في تحمل الحديث، حيث في الحقل الثاني أمثلة
أخرى من هذا النمط.
(3) قال الطيبي (ره): تجوز رواية الأكابر عن الأصاغر.، فلا يتوهم كون المروي عنه أكبر و
أفضل، لأنه الغالب.، وهو على أقسام:
352

الحقل الثاني
في: الأمثلة القبلية (1)
- 1 -
كرواية الصحابة عن التابعي.، وقد وقع منه رواية العبادلة (2) وغيرهم، عن كعب
الأحبار (3).
- 2 -
ورواية التابعي عن تابع التابعي.، كعمرو بن شعيب (4)، لم يكن من التابعين،
وروى عنه خلق كثير منهم.، قيل: انهم سبعون (5).

الأول: أن يكون الراوي أكبر سنا "، وأقدم طبقة ".، كالزهري عن مالك.
والثاني: أن يكون أكبر قدرا " من المروي عنه.، بأن يكون حافظا " عالما "، والراوي عنه شيخا " راويا ".،
كمالك عن عبد الله بن دينار.
والثالث: أن يروي العالم الشيخ عن صاحبه، أو تلميذه.، كعبد الغني عن الصوري، وكالبرقاني عن
الخطيب.
ومنه.، رواية الصحابة عن التابعين، كالعبادلة وغيرهم عن كعب الأحبار.، (الخلاصة في أصول
الحديث: ص 99 - 100).
قال ابن كثير: ومن أجل ما يذكر في هذا الباب، ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في
خطبته، عن تميم الداري.، مما أخبره به عن رؤية الدجال، في تلك الجزيرة التي في البحر.، والحديث في
صحيح مسلم.، ينظر: الباعث الحثيث: ص 195.
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 85، لوحة ب، سطر 6.، ولا، الرضوية.
(2) عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص.، ينظر:
مقباس الهداية: ص 54.
(3) هو كعب بن ماتع بن ذي هجن الحميري.، أبو إسحاق.، تابعي.
كان في الجاهلية من كبار علماء اليهود في اليمن.، وأسلم في زمن أبي بكر.، وقدم المدينة في دولة عمر.
فأخذ عنه الصحابة وغيرهم، كثيرا " من أخبار الأمم الغابرة.، وأخذ هو من الكتاب والسنة عن الصحابة.
وخرج إلى الشام، فسكن حمص، وتوفي فيها، عن مئة وأربع سنين.، (الاعلام - ط 3 -: 6 / 85).
(4) هو: عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي.، روى عن أبيه.،
وجل روايته عنه، وعن عمته زينب بنت محمد، وزينب بنت أبي سلمة، والربيع بنت معوذ، وطاووس،
وسليمان بن يسار، ومجاهد.، وآخرين.
وروى عنه: عطاء، وعمرو بن دينار، والزهري، ويحيى بن سعيد، وهشام بن عروة.، وآخرون
ثقة، صدوق، مات سنة 118 ه‍.، ينظر: تهذيب التهذيب: 8 / 48، تقريب التهذيب: 2 / 72.
(5) ينظر: الباعث الحثيث: ص 196.
353

الحقل الثالث
في الأمثلة البعدية (1)
- 1 -
وممن رأيت خطه من العلماء بذلك.، السيد تاج الدين بن معية الحسني الديباجي.
فإنه أجاز لشيخنا الشهيد رواية مروياته، وكان معدودا " من مشيخته.
واستجاز في آخر إجازته منه.
- 2 -
وهو يصلح مثالا " لهذا القسم.، من حيث: الكبر، والنسب، واللقى.
ومن قسم المدبج.، من حيث: العلم، وتعارض الروايتين (3)

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية.، ورقة 85، لوحة ب، سطر 9.، ولا، الرضوية.
(2) هو أبو عبد الله محمد بن القاسم بن معية الحسني الديباجي.، فاضل عالم جليل القدر شاعر أديب
يروي عنه الشهيد.، وذكر في بعض إجازاته: انه أعجوبة الزمان، في جميع الفضائل والمآثر...، (رياض العلماء:
5 / 152، 6 35 - 36.
(3) وينظر الكلام في رواية الأكابر عن الأصاغر:
مقدمة ابن الصلاح - تحقيق عائشة -: ص 459، والباعث الحثيث: ص 195، ومقباس الهداية: ص
54، ودراية الحديث لشانة جي: ص 69، والخلاصة في أصول الحديث: ص 99 - 100، ووصول الأخيار: ص
116، وشرح التبصرة والتذكرة وفتح الباقي: ج 3 ص 64.، وفتح المغيث للسخاوي: ج 3 ص 157، والتقريب
وتدريب الراوي: ج 2 ص 243، وشرح نخبة الفكر مع لقط الدرر: ص 129، وتنقيح الانظار وشرحه توضيح
الأفكار: ج 2 ص 473.
354

القسم الثاني
في كونها من الاباء عن الأبناء (1)
- 1 -
ومنه - أي من هذا القسم، وهو أخص من مطلقه -: رواية الاباء عن الأبناء
- 2 -
ومنه - من الصحابة -: رواية العباس بن عبد المطلب، عن ابنه الفضل.، أن
النبي (ص) جمع بين الصلاتين بالمزدلفة (2)
- 3 -
وروي عن معتمر بن سليمان التيمي (3) قال: حدثني أبي: قال: حدثتني أنت
عني (4)، عن أيوب، عن الحسن قال: ويح كلمة رحمة.
- 4 -
وهذا طريف يجمع أنواعا "، وغير ذلك.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 86، لوحة أ، سطر 1.، ولا، الرضوية.
(2) قال المامقاني: ثم، إن رواية الأكابر عن الأصاغر قسمان:
مطلق.، مثل ما مر
وخاص.، وهو رواية الاباء عن الأبناء.، كما صرح بذلك في الدراية.، قال: ومنه من الصحابة: رواية
العباس بن عبد المطلب، عن ابنه الفضل.، ان النبي جمع بين الصلاتين بالمزدلفة.، (مقباس الهداية: ص 54).
(3) غير أن الذي في النسخة الأساسية: ورقة 86، لوحة أ، سطر 4: (عن معمر بن سليمان التميمي)
وكذا في النسخة الرضوية: ورقة 52، لوحة ب، سطر 18.
أما في الباعث الحثيث: ص 200.، فالنص هكذا: (قال: روى العباس عن ابنيه: عبد الله والفضل
قال: وروى سليمان بن طرخان التيمي عن ابنه المعتمر بن سليمان)
ويبدو لي أن ما في الباعث الحثيث هو الصحيح.
ثم بخصوص ترجمة المعتمر.، ينظر الاعلام - ط 3 -: 8 / 179.
(4) وقال الطيبي: وقد روى كثير من الأكابر أحاديث سمعوها، فحدثوا بها عمن سمعها منهم.، فيقول
أحدهم: حدثني فلان عني حدثته.، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 96).
355

المسألة الرابعة
في: رواية الأبناء عن الاباء (1)
والأكثر.، العكس
وهو رواية الأبناء عن الاباء.، لأنه هو الجادة المسلوكة الغالبة (2)
وهو قسمان:
القسم الأول
في: رواية الابن عن أب فقط
أي (3): رواية الابن عن أبيه دون جده.
وهو كثير لا ينحصر (4).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 86، لوحة أ، سطر 6.، ولا، الرضوية.
(2) قال المامقاني: وأما عكس ذلك.، وهو رواية الأبناء عن الاباء، فلكثرته وشيوعه، وموافقته للحادة
المسلوكة الغالبة، وخلوه عن الغرابة مطلقا "، فغير مسمى بأسم.، وله أقسام كثيرة أيضا "، باعتبار تعدد الأب المروي
عنه.، (مقباس الهداية: ص 54 - 55).
(3) من عنوان (القسم الأول وإلى كلمة أي).، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 86، لوحة أ، سطر 8
ولا الرضوية.
(4) قال الحارثي: ثم قد تكون الرواية عن أبيه فقط، وهو كثير لا يحصر.، وقد تتصاعد في الأجداد.، (وصول
الأخيار إلى أصول الاخبار: ص 116).
وأقول: مثاله رواية الشيخ الثقة الجليل الأقدم، أحمد بن محمد بن خالد البرقي، في كتابه (المحاسن).، عن
أبيه الشيخ الثقة الجليل الأقدم محمد بن خالد البرقي.، حيث هو يروي عنه كثيرا " وكثيرا " جدا ".، الامر الذي يكشف
عن أن بيت البرقي كان بيت علم وفقه وحديث بالخصوص.
أما رواياته عن أبيه.، فهي في الأعم الأغلب، قد رواها عنه في حياته.، ثم إن البعض القليل منها رواها عنه
بعد مماته، حيث يترحم عليه فيها عند ذكره.، كما في المحاسن: ص 137، 150، 156، 184.، بقوله فيها جميعا ": عنه
عن أبيه رحمه الله...
كذلك هو في روايته عنه، يورده بضمير أبوته كثيرا ".، بقوله كما في ص 10، 13، 25، 26، 29، 30،
31، 35، 39، 41، 50، 51، 54، 55، وهكذا إلى عشرات الروايات.، بقوله فيها جميعا ": عنه، عن أبيه...
ثم يروي عنه كذلك تحت عنوان مدينته.، بقوله كما في ص: 82 - البرقي، ص 83 - أبيه البرقي، ص
83 - البرقي أبيه، ص 107 - البرقي، ص 117 - أبيه البرقي، ص 119 - أبيه البرقي، ص 122 - أبيه البرقي،
ص 123 - أبيه البرقي، وهكذا إلى آخر الكتاب.
ليس هذا فقط.، وإنما في بعض من الروايات، يأتي على أبيه بكنيته.، ففي ص 108 مثلا " يقول: عنه عن أبيه
أبي عبد الله البرقي، ص 215 يقول: عنه، عن أبي عبد الله، وهكذا في صفحات أخرى...
356

القسم الثاني
في: رواية الابن عن أبوين فأكثر
أي: روايته عن أكثر من أب من آبائه
وفيه:
حقول
الحقل الأول
في: رواية الابن عن أبوين فقط (1)
فروايته عن أبوين.، أعني: عن أبيه، عن جده (2).
وهو كثير أيضا " (3).، منه:
- 1 -
في رأس الاسناد: رواية زين العابدين (عليه السلام)، عن أبيه الحسين، عن أبيه
علي، عن النبي (صلى الله عليه وآله) (4)

ضف إلى ذلك.، انه يذكره باسمه صريحا ".، كما في ص 192، و 199، بقوله: عنه، عن محمد بن خالد.،
وفي ص 217، بقوله: عنه عن محمد بن خالد الأشعري.
بل، نجده.، كما أنه يروي عنه معظم مروياته على وجه الاستقلال.، فإنه كذلك في طائفة أخرى منها،
يروي عنه بمعية راو واحد أو أكثر.
فمثلا ".، في ص 133 يقول: عنه، عن أبيه وابن أبي نجران.، وفي ص 147 بقوله: عنه، عن أبيه ومحمد بن
عيسى.، وفي ص 180 بقوله: عنه، عن أبيه والحسن بن علي بن فضال جميعا ".، وفي ص 225 بقوله: عنه، عن أبيه
وموسى بن القاسم.، وفي ص 259 بقوله: عنه، عن أبيه ومحمد بن عيسى اليقطيني.، وفي ص 303 بقوله: عنه، عن
أبيه ومحمد بن علي.، وفي ص 329 بقوله: عنه عن أبيه ويعقوب بن يزيد جميعا ".، وفي ص 499 بقوله: عنه، عن أبيه
وعبد الله بن المغيرة.، وفي ص 537 بقوله: عنه، عن أبيه وبكر بن صالح.، وفي ص 539 بقوله: عنه، عن
أبيه وبكر بن صالح جميعا "..
(1) من عنوان (القسم الثاني وإلى فقط).، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 86، لوحة أ، سطر 10.،
ولا، الرضوية. وإنما نحن أضفناه لدواعي المنهجية. نعم، مكانه كان عبارة: (وروايته عن أزيد منه).
(2) قال أبو القاسم منصور بن محمد لعلوي: (الاسناد بعضه عوال، وبعضه معال.، وقول الرجل: حدثني أبي
عن جدي، من المعالي.، ينظر: الباعث الحثيث: ص 202 - الهامش، وعلوم الحديث لابن الصلاح - تحقيق
عتر -: ص 316 - 317.
(3) قال المامقاني: (فتارة " يروي عن أبيه، وهو عن أبيه.
وأخرى يزيد العدد.، وقد قيل: ان الممكن منه - ومن صور وجود ذلك، في الصدر أو الذيل أو الوسط، أو
المركب من اثنين أو ثلاثة.، وكذا من صور تخلل المختلف لرواية الابن عن الأب، كرواية ابن عن أبيه، وهو عن
أجنبي، وهو عن أبيه إلى غيره ذلك - يقرب إلى تعسر الضبط).، (مقباس الهداية: ص 55).
(4) هذا.، ورواية الابن عن أبيه عن جده، عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كثيرة.، منها على سبيل.
357

- 2 -
وفي طريق الفقهاء (1):

المثال لا الحصر:
1 - وعن الحسين، عن أبيه، عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)...، كما في اثبات الهداة: ج 1
ص 180.
2 -... عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)...، كما في
اثبات الهداة: ج 1 ص 295.، وينظر كذلك: 1 / 365.
3 -
... عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي (عليه السلام)، قال:...،
كما في اثبات الهداة: 1 / 507.، وينظر كذلك: 2 / 36، 2 / 490.
4 -... عن عبد الله عن شبرمة قال: ما أذكر حديثا " سمعته من جعفر بن محمد، إلا، كاد يتصدع قلبي.
قال: قال أبي، عن جدي، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
- قال ابن شبرمة: وأقسم بالله.، ما كذب أبوه على جده، ولا كذب جده على رسول الله صلعم -
فقال: قال رسول (صلى الله عليه وآله): من عمل بالمقائيس، فقد هلك وأهلك.، ومن أفتى الناس
وهو لا يعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه، فقد هلك وأهلك.، كما في المحاسن للبرقي: ص 206.، وينظر أمثلة
أخرى في: ص 16، 53، 293، 427، 446، 477، 574.، وينظر كذلك: اثبات الهداة: 1 / 259 - 260،
1 / 308، 1 / 309، 1 / 466، 1 / 467.
5 -... عن أبي الحسن موسى، عن أبيه، عن جده (ع)....، كما في المحاسن: ص 356.، وينظر
كذلك: ص 364، 374، 485، 504، 521، 593.
6 -... الرضا (ع) قال: حدثني أبي، عن جدي عن آبائه...، كما في اثبات الهداة: ج 1 ص 481.
7 -... قال: حدثنا محمد بن خالد البرقي، قال: حدثني سيدي أبو جعفر محمد بن علي، عن أبيه علي بن
موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر...، كما في اثبات الهداة ج 2 ص 26.
(1) هذا.، وأمثله هذا النوع من الروايات عند الفقهاء كثيرة وكثيرة جدا ".، منها:
1 -... عن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن جده (عليه السلام)...، كما في المحاسن: ص 47.
2 -... عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن جده...، كما في المحاسن: ص 135.، وينظر
كذلك: ص 202، 203، 266.
3 -... عن محمد بن عيسى، عن أبيه عن جده...، كما في المحاسن: ص 481.
4 -... عنه، عن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه...، كما في المحاسن: ص 586.
5 -... عن الحسن بن عبد الله، عن أبيه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (ع).، كما في اثبات
الهداة: 1 / 180.
6 -... عن عبد الرحمان بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده...، كما في اثبات الهداة: 1 / 196.
7 -... عن جعفر بن علي، عن أبيه، عن جده عبد الله بن المغيرة...، كما في المصدر نفسه: 1 / 196.
8 -... عن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جده...، المصدر نفسه: 1 / 200.
358

(أ -) رواية الشيخ فخر الدين - محمد بن الحسن يوسف بن المطهر - عن أبيه الشيخ
جمال الدين الحسن، عن جده سديد الدين يوسف (1).
(ب -) ومثله: الشيخ المحقق نجم الدين - جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد -.، فإنه
يروي أيضا " عن أبيه، عن جده يحيى.
وهو يروي (2) عن عربي بن مسافر العبادي، عن الياس بن هشام الحايري، عن أبي
علي بن الشيخ، عن والده الشيخ أبي جعفر الطوسي (3).

9 -... عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده...، المصدر نفسه: 1 / 258.
10 -... عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده...، المصدر نفسه: 1 / 278، 279، 604.
11 -... حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي
عبد الله البرقي...، المصدر نفسه: 1 / 283.، وينظر كذلك: 2 / 51، 289، 749.
12 -... عن عون بن عبد الله، عن أبيه، عن جده أبي رافع...، المصدر نفسه: 1 / 300.
13 -... عن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده...، المصدر نفسه 1 / 300.
14 -... عن إسماعيل بن اياس بن عفيف، عن أبيه، عن جده عفيف...، المصدر نفسه 1 / 350.
15 -... عن بشر بن عبد الله عمرو المزني، قال: حدثني أبي عن أبيه...، المصدر نفسه: 1 / 353.
16 -... عن أحمد بن محمد بن عبد الله العمري، عن أبيه، عن جده...، المصدر نفسه: 1 / 440.
17 -... حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا أبي، عن جدي...، المصدر نفسه:
1 / 484.، وينظر: ص 531.
18 -... عن عبد الملك بن هارون بن عنبر، عن أبيه، عن جده...، المصدر نفسه: 1 / 495.
19 -... عن عبد الملك عن عمرو الشيباني، عن أبيه، عن جده...، المصدر نفسه: 1 / 529.
20 -... عن سعيد بن المسيب، عن أبيه، عن جده...، المصدر نفسه 1 / 574.
21 -... عن عمران بن محمد بن سعيد، عن أبيه، عن جده...، المصدر نفسه: 1 / 575.
22 -... عن أبي عبيده بن محمد بن عمار، عن أبيه، عن جده عمار...، المصدر نفسه: 1 / 586.
23 -... عن زيد بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه...، المصدر نفسه: 2 / 73.
24 -... عن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده...، المصدر نفسه: 2 / 134.
25 -... عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده...، المصدر نفسه: 2 / 247.، وفيه قد صحف إلى بهرين
حليم.، وينظر: الاقتراح في بيان الاصطلاح - لابن دقيق العيد -: ص 31، والباعث الحثيث: ص 204 -
الهامش.
26 -... عن رفاعة بن اياس الضبي، عن أبيه، عن جده...، اثبات الهداة: 2 / 250.
27 -... عن الحسين بن الفضل بن الربيع، عن أبيه، عن جده...، اثبات الهداة: 3 / 98.
(1) ينظر: عوالي اللئالي: ج 1 ص 21.
(2) أي: جده يحي بن سعيد يروي...
(3) ينظر: رجال ابن داوود - طبعة النجف 1392 ه‍: ص 26.
359

الحقل الثاني
في: رواية الابن عن ثلاثة آباء تباعا " (1)
وروايته عن ثلاثة: كرواية محمد بن الشيخ نجيب الدين - يحيى بن أحمد بن يحيى
الأكبر ابن سعيد - فأنه يروي: عن أبيه يحيى، عن أبيه أحمد، عن أبيه يحيى الأكبر (2).
الحقل الثالث
في: رواية الابن عن أربعة آباء تباعا " (3)
وقد أتفق منه:
- 1 -
(أ -) رواية السيد الزاهد رضي الدين - محمد بن محمد بن محمد بن زيد بن الداعي

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 86، لوحة ب، سطر 5.، ولا، الرضوية.
(2) ينظر: مقباس الهداية: ص 55.
وبالنسبة لترجمة محمد بن الشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد.، ينظر: أمل الآمل: ق 2 ص 313 وأما بالنسبة
لترجمة يحيى بن أحمد بن يحيى الأكبر.، ينظر: أمل الآمل: ق 2 ص 346 - 347 وأما بالنسبة لترجمة يحيى الأكبر.،
ينظر: أمل الآمل: ق 2 ص 345.
ثم.، فيما يتعلق بالرواية عن ثلاثة آباء تباعا "، عند الأئمة (عليهم السلام).، فمثاله - كما روى الصدوق -:
(وقال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن
محمد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام).، عن أبيه محمد بن علي، عن
أبيه علي بن الحسين، عن أبيه حسين بن علي (ع)، قال:
سئل أمير المؤمنين (عليه السلام): عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): أني مخلف فيكم
الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، من العترة؟
فقال: انا والحسن والحسين والأئمة تسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله
ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الحوض.، اثبات الهداة: ج 1 ص 475.
والصدوق أيضا " روى وقال: (... عن موسى بن جعفر.، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين (عليهم
السلام)، قال: الامام منا لا يكون إلا معصوما "، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فتعرف بها.، وكذلك لا يكون إلا
منصوصا " (الحديث).، إثبات الهداة: ج 1 ص 493.
ثم.، فيما يتعلق بالرواية عن ثلاثة آباء تباعا "، عند فقهاء أهل البيت (ع).، فمثاله - كما قال البرقي
الابن -: (... عن موسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب.، عن أبيه، عن جده، عن علي (ع)، قال: الماء
سيد الشراب في الدنيا والآخرة).، المحاسن: ص 570.
و - كما نقل الحر العاملي -: (... عن الحسن بن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر، عن أبيه، عن جده،
عن علي بن جعفر...).، اثبات الهداة: ج 1 ص 445.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 86، لوحة ب، سطر 7.
نعم، مكانه كان عبارة: (وعن أربعة).
360

المعمر الحسيني -.، عن أبيه محمد، عن أبيه محمد، عن أبيه زيد، عن أبيه الداعي.
وهو يروي عن (1) الشيخ أبي جعفر الطوسي، والسيد المرتضى.، وغيرهما.
(ب.) والسيد رضي الدين المزيدي، عن الشيخ محمد بن أحمد بن صالح السيبي، عنه.
- 2 -
ومثله في الرواية عن أربعة آباء:
(أ.) رواية الشيخ جلال الدين - الحسن بن أحمد بن نجيب الدين محمد بن جعفر بن
هبة الله بن نما -، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه هبة الله بن نما.
وهو يروي عن (2): الحسين بن طحال المقدادي، عن الشيخ أبي علي، عن أبيه الشيخ
أبي جعفر الطوسي.
(ب.) وهذا الشيخ جلال الدين الحسن.، يروي عنه شيخنا الشهيد بغير واسطة (3).
الحقل الرابع
في: رواية الابن عن خمسة آباء تباعا " (4)
وقد اتفق لنا منه: رواية الشيخ الجليل بابويه بن سعد بن محمد بن الحسن بن
الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه، عن أبيه سعد، عن أبيه محمد، عن أبيه الحسن، عن أبيه
الحسين - وهو أخو الشيخ الصدوق أبي جعفر -، عن أبيه علي بن بابويه (5).

(1) أي: أبيه الداعي يروي عن...
(2) أي: أبيه هبة الله بن نما يروي عن...
(3) ينظر: مقباس الهداية: ص 55.
ثم.، فيما يتعلق بالرواية عن أربعة آباء تباعا "، عند الأئمة (عليهم السلام).، فمثاله - كما روى
الحر العاملي -: (... عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين، عن أبيه
الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال:...).، اثبات الهداة: ج 1 ص 549.
وعند فقهاء أهل البيت (ع).، فمثاله - كما روى الحر -: (... إسماعيل.، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه،
عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام)...، اثبات الهداة: ج 1 ص 485.
(4) هذا العنوان:.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 87، لوحة أ، سطر 6.، ولا، الرضوية.
نعم.، مكانه عبارة: (وعن خمسة آباء).
(5) ينظر: مقباس الهداية: ص 55.
361

الحقل الخامس
في: رواية الابن عن ستة آباء تباعا " (1)
(أ.) وقد وقع لنا منه أيضا ": رواية الشيخ منتجب الدين أبي الحسن علي بن عبيد الله بن
الحسن بن الحسين بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه.، فإنه يروي أيضا ":
عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه علي بن الحسين الصدوق بن بابويه (2).
(ب.) وهذا الشيخ منتجب الدين، كثير الرواية واسع الطرق، عن آبائه وأقاربه
وأسلافه.
(ح‍.) ويروي عن ابن عمه الشيخ بابويه المتقدم، بغير واسطة.
(د.) وأنا لي رواية عن الشيخ منتجب الدين بعدة طرق، مذكورة فيما وضعته من
الطرق في الإجازات (3).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 87، لوحة أ، سطر 10.، ولا، الرضوية.
نعم.، مكانه عبارة: (وعن ستة آباء).
(2) ينظر: مقباس الهداية: ص 55.
ثم.، فيما يتعلق بالرواية عن ستة آباء تباعا "، عند الأئمة (0 عليهم السلام).، فمثاله - كما
روى الحر العاملي -: (... عن محمد بن علي بن موسى، عن أبيه علي بن موسى، عن أبيه موسى بن
جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي بن
أبي طالب (عليهم السلام)، قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده أبي بن كعب، ثم ذكر
حديثا " طويلا " عنه...، قال: والذي بعثني بالحق نبيا ": ان الحسين بن علي، في السماء أكبر منه في الأرض..).،
اثبات الهداة: ج 1 ص 477 وينظر أمثلة أخرى في ص 482 و 741 من نفس الجزء من الاثبات.
وكذلك ينظر: صحيفة الرضا (ع): ص 78 - طبعة مؤسسة المهدي (ع) -
(3) هذا، وقد نقل المسعودي رواية عن ثمانية آباء، أخذا " من رواية أبي دعامة، عن علي الهادي
(عليه السلام)، عن آبائه الأئمة (عليهم السلام).، وهي في الوقت نفسه مسلسلة بعبارة (قال: حدثني أبي).
قال المسعودي في مروج الذهب: 4 / 85:
وحدثني محمد بن الفرج بمدينة جرجان - في المحلة المعروفة ببئر أبي عنان - قال: حدثني أبو دعامة، قال:
أتيت علي بن محمد بن علي بن موسى، عائدا " في علته التي كانت وفاته منها في هذه السنة.
فلما هممت بالانصراف قال لي: يا أبا دعامة قد وجب حقك.، أفلا أحدثك بحديث تسر به؟
قال: فقلت له: ما أحوجني إلى ذلك يا بن رسول الله.
قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال:
حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني
أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم).، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) اكتب يا علي.
قال: قلت: وما اكتب؟
362

الحقل السادس
في: رواية الابن عن تسعة آباء تباعا " (1)
- 1 -
وأكثر ما نرويه بتسعة آباء عن الأئمة (عليهم السلام): رواية (الحب لله والبغض في
الله).
فإنا نرويه بإسنادنا إلى مولانا أبي محمد - الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) -، عن أبيه، عن أبيه،
عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه علي بن أبي طالب،
عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال لبعض أصحابه ذات (2) يوم:
يا عبد الله!! أحبب في الله، وابغض في الله، ووال في الله، وعاد في الله.، فإنه لا تنال
ولاية الله إلا بذلك.، ولا يجد أحد طعم الايمان، وإن كثرت صلاته وصيامه، حتى يكون
كذلك، الحديث (3).
- 2 -
ونروي عن تسعة آباء بغير طريقهم.، باسنادنا إلى عبد الوهاب بن عبد العزيز بن
الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أكينة بن عبد الله
التميمي - من لفظه - قال:
سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت
أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول:
سمعت علي بن أبي طالب - وقد سئل عن الحنان المنان فقال -: (الحنان هو الذي يقبل على
من أعرض عنه.، والمنان هو الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال)
فبين عبد الوهاب وبين علي (عليه السلام)، في هذا الاسناد، تسعة آباء.، آخرهم
أكينة بن عبد الله، الذي ذكر انه سمع عليا " (عليه السلام) (4).

قال لي: (اكتب بسم الله الرحمن الرحيم.، الايمان ما وقرته القلوب، وصدقته الأعمال، والاسلام
ما جرى به اللسان، وحلت به المناكحة).
قال أبو دعامة: فقلت: يا ابن رسول الله، ما أدري والله أيهما أحسن، الحديث أم الاسناد؟ فقال: انها
لصحيفة بخط علي بن أبي طالب، باملاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نتوارثها صاغرا " عن كابر.
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 87، لوحة ب، سطر 5.، ولا، الرضوية.
(2) في النسخة الأساسية: ورقة 87، لوحة ب، سطر 12: (وان يوم با عبد الله).
وفي النسخة الرضوية: ورقة 53، لوحة ب، سطر 8: (وأنت قوم).
(3) ينظر: مقباس الهداية: ص 56.
(4) ينظر: مقباس الهداية: ص 56، وعلوم الحديث: ص 316 (تحقيق نور الدين عتر).
363

الحقل السابع
في: رواية الابن عن اثني عشر أبا " تباعا " (1)
ونروي بهذا الطريق أيضا " حديثا " متسلسلا " باثني عشر أبا "، عن رزق الله بن عبد الوهاب
المذكور، عن أبيه عبد الوهاب، عن آبائه المذكورين، إلى أبي أكينة (2) قال:
سمعت أبا الهيثم يقول: سمعت أبي عبد الله يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه
وآله) يقول:
(ما اجتمع قوم على ذكر، إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة)

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 88، لوحة أ، سطر 12.، ولا، الرضوية.
وينظر: مقباس الهداية: ص 56.
(2) هكذا في النسخة الأساسية: ورقة 88 لوحة ب سطر 1.، وكذا الرضوية.
ويبدو: الصحيح هو: (ابن أكينة)
364

الحقل الثامن
في: رواية الابن عن أربعة عشر أبا " تباعا " (1)
وأكثر ما وصل إلينا من الحديث المتسلسل بأربعة عشر أبا ".
وهو ما رواه الحافظ أبو سعيد بن السمعاني في الذيل.، قال:
أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي الامام بقراءتي، قال: حدثنا السيد
أبو محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب - من لفظه ببلخ -
حدثني سيدي ووالدي أبو الحسن علي بن أبي طالب، سنة ست وستين وأربعماية
حدثني أبي أبو طالب الحسن بن عبيد الله، سنة أربع وثلاثين وأربعماية.
حدثني والدي أبو علي عبيد الله بن محمد.
حدثني أبي محمد بن عبيد الله.
حدثني أبي عبيد الله بن علي.
حدثني أبي علي بن الحسن.
حدثني أبي الحسن بن الحسين.
حدثني أبي الحسين بن جعفر.، وهو أول من دخل بلخ من هذه الطائفة.
حدثني أبي جعفر الملقب بالحجة.
حدثني أبي عبيد الله.
حدثني أبي الحسين الأصغر.
حدثني أبي علي بن الحسين بن علي، عن أبيه، عن جده علي (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ليس الخبر كالمعاينة).
فهذا أكثر ما اتفق لنا روايته، من الأحاديث المسلسلة بالآباء.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 88، سطر 4.، ولا، الرضوية.
وينظر: مقباس الهداية: ص 56.
365

المسألة الخامسة
في: رواية السابق واللاحق
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: التعريف
بمعنى: إن اشترك اثنان عن شيخ (1) وتقدم موت أحدهما على الاخر (2).، فهو النوع
المسمى: السابق واللاحق (3).
الحقل الثاني
في: الأمثلة (4)
- 1 -
وأكثر ما وقفنا عليه في عصرنا من ذلك، ست وثمانون سنة.
فإن شيخنا المبرور نور الدين علي بن عبد العالي الميسي، والشيخ الفاضل ناصر بن
إبراهيم البويهي الأحسائي.، كلاهما يروي عن الشيخ ظهير الدين محمد بن الحسام، وبين
وفاتيهما ما ذكرناه.
لان الشيخ ناصر البويهي، توفي سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وشيخنا توفي سنة ثمان
وثلاثين وتسعماية.

(1) من عنوان (المسألة الخامسة وإلى كلمة شيخ).، بهذا الشكل.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة
89، لوحة أ، سطر 5.، ولا، الرضوية.
نعم.، مكانه عبارة: (وإن اشترك اثنان عن شيخ)، فقط.
والذي في مقباس الهداية: ص 56: إن اشترك اثنان في الاخذ عن شيخ.
(2) قال ابن الصلاح: (النوع السادس والأربعون: معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان، متقدم
ومتأخر، تباين وقت وفاتيهما تباينا " شديدا ".، فحصل بينهما أمد بعيد.، وإن كان المتأخر منهما غير معدود من معاصري
الأول وذوي طبقته.،
ومن فوائد ذلك: تقرير حلاوة علو الاسناد في القلوب). علوم الحديث: ص 317.
وقال الدكتور نور الدين عتر: ومن فوائده أيضا ": رفع توهم رفع الخطأ في الاسناد، علوم الحديث: ص 317
- هامش رقم 2.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 89، لوحة أ، سطر 6.، ولا، الرضوية.
366

- 2 -
وأكثر ما بلغنا قبل ذلك من طرق الجمهور، ما بين الراويين (1) في الوفاة، مائة
وخمسون سنة.
فإن الحافظ السلفي.، سمع منه أبو علي البرداني - أحد مشايخه - حديثا "، ورواه عنه.،
ومات على رأس الخمسمائة.
ثم كان آخر أصحاب السلفي في السماع، سبطه أبو القاسم عبد الرحمان بن مكي،
وكانت وفاته خمسين وستماية (2).
الحقل الثالث
في: كيفية وقوعه (3)
وغالب ما يقع من ذلك.، أن المسموع منه، قد يتأخر بعد أحد الراويين عنه زمانا "،
حتى يسمع منه بعض الاحداث، ويعيش بعد السماع منه دهرا " طويلا ".، فيحصل من مجموع
ذلك نحو هذه المدد (4).

(1) في مقباس الهداية: ص 56 (ما بين الروايتين).، ويبدو أنه اشتباه.
(2) ينظر: الباعث الحثيث: ص 205 (متنا " وهامشا ")، وكذلك: علوم الحديث لابن الصلاح: ص
318 (متنا " وهامشا ").
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 89، لوحة ب، سطر 4.، ولا، الرضوية.
(4) والذي في مقباس الهداية: ص 57: نحو هذه المدة.
كما أن هناك تقسيمات أخر ذكرها الحجة المامقاني بعد هذا الكلام استدراكا " عليه، كما في صفحة 57
من مقباسه
367

المسألة السادسة
في: رواية المتفق والمفترق
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: التعريف
وأقول (1): الرواة إن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم، فصاعدا " - واختلفت
أشخاصهم -.، سواء اتفق في ذلك اثنان منهم، أو أكثر.، فهو النوع الذي يقال له: المتفق
والمفترق.
أي: المتفق في الاسم، المفترق في الشخص (2)

(1) من عنوان: (المسألة السادسة والى كلمة وأقول).، بهذا الشكل.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة
89، لوحة ب، سطر 7.، ولا، الرضوية.
نعم.، مكانه حرف: (و)، فقط.
(2) قال الأستاذ شكر الله بن نعمة الله القوجاني في معرض تعريفه بأبي زرعة الدمشقي، في هامش رقم
(4) من صفحة 15 من مقدمته في كتاب (تاريخ أبي زرعة الدمشقي)، ح‍ 1.، ما يلي:
(اشترك مع أبي زرعة كذلك، في اسمه واسم أبيه، عدة اشخاص.، ذكر ابن أبي حاتم الرازي سبعة
منهم.
وأحدهم شاركه بالكنية أيضا ".، وهو أبو زرعة عبد الرحمان بن عمرو بن جرير الكوفي.، أحد التابعين، الذي
يروي عن الصحابة، وعن أبي هريرة بوجه خاص.
ومنهم.، عالم الشام الكبير، أبو عمرو عبد الرحمان الأوزاعي (88 - 157 ه‍).، وكذلك عبد الرحمن بن
عمرو الحراني، ممن عاصر أبا زرعة الدمشقي.
ينظر: تهذيب التهذيب: 6 / 235 - 242، الجرح والتعديل: ح‍ 2 ق 2 ص 265 - 267، خلاصة
تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال: ص 196 - 197. وينظر كذلك: دراية
الحديث لشانچي: ص 76، بخصوص أنواع الاشتراك.، من كونه في: اللقب، أو
الكنية، أو اسم الأب، أو الجد الأدنى، أو الجد الأوسط، أو الجد الأعلى، أو الراوي عن المشترك، أو المروي عنه، أو
الامام الذي روي عنه، أو مكان المشترك، أو قبيلته أو زمانه، أو ولاؤه...
368

الحقل الثاني
في: الفائدة (1)
وفائدة معرفته: خشية أن يظن الشخصان، شخصا " واحدا " (2).
الحقل الثالث
في: الأمثلة
المثال الأول (3) -:
وذلك.، كرواية الشيخ ((رحمه الله) - ومن سبقه من المشايخ -، عن أحمد بن
محمد (4).، ويطلق.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 89، لوحة ب، سطر 7.، ولا، الرضوية.
(2) قال الشيخ الكاظمي (قدس سره) في كتابه هداية المحدثين: ص 26.
(باب بنان.، المشترك بين مجهولين.
أحدهما: لعنه الصادق (عليه السلام).
والاخر: ابن محمد بن عيسى، أخو أحمد بن محمد بن عيسى.، ويعرف: برواية محمد بن علي بن محبوب
عنه.)
وأقول: 1 - ان الملعون على لسان الصادق (عليه السلام).، هو بيان، وليس بنان.، وإنما الثاني جاء
تصحيفا " للأول.
2 - وأنهما - على فرض عدم التصحيف في أولهما - بلحاظ ابتداء تسميتها بلفظ (بنان).، فهما
مشتركان، ولكن ليسا بمجهولين.
حيث المقصود ببنان المصحف هو: بيان بن سمعان النهدي الكوفي التبان، رأس
الفرقة البيانية.، والتي صحفت أيضا " إلي الفرقة البنانية.
والمقصود ببنان بن محمد بن عيسى هو: عبد الله بن محمد بن عيسى الأشعري.، ينظر: معجم رجال
الحديث: 10 / 311 رقم 7128.
وعليه.، فلا اشتراك هنا.
بل، ولعله من المناسب التمثيل بمن اسمه بيان.، والقصد بذلك: إرادة بيان بن سمعان النهدي في
أحدهما، وبيان الجزري الخير في ثانيهما.
(3) من عنوان: (الحقل الثالث وإلى المثال الأول).، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 89. لوحة ب،
سطر 11.، ولا، الرضوية.
(4) ينظر: معجم رجال الحديث: 2 / 194 رقم 776.
والمصدر نفسه: 2 / 194 - 223 رقم 777.، وفيه: وقع بهذا العنوان في اسناد عدة من الروايات، تبلغ
زهاء 7164 موردا "... والمصدر نفسه: 2 / 223 رقم 778.، ثم ص 453 - 590.
369

فإن هذا الاسم.، مشترك بين جماعة منهم: أحمد بن محمد بن عيسى (1)، وأحمد بن محمد
ابن خالد (2)، وأحمد محمد بن أبي نصر (3)، وأحمد بن محمد بن الوليد (4).، وجماعة أخرى من
أفاضل أصحابنا في تلك الاعصار (5).
- 2 -
ويتميز عند الاطلاق بقرائن الزمان.، فإن المروي عنه:
إن كان من الشيخ في أول السند أو ما قاربه (6) فهو: أحمد بن محمد بن الوليد.
وإن كان في آخره، مقاربا " للرضا (عليه السلام).، فهو: أحمد بن أبي نصر
البزنطي.
وإن كان في الوسط.، فالأغلب أن يريد به: أحمد بن محمد بن عيسى.، وقد يراد غيره.
- 3 -
ويحتاج في ذلك.، إلى فضل قوة وتمييز، وإطلاع على الرجال ومراتبهم (7).

(1) ينظر: معجم رجال الحديث: 2 / 223 رقم 78، و 2 / 295 رقم 897، و 2 / 296 رقم 898، و
2 / 317 رقم 901، و 2 / 318 رقم 902، و 21 / 91 رقم 14021.، علما "، بأن الجميع مسميات متعددة لمسمى
واحد.، غير أن الرجالي الفقيه الخوئي، فرقها تحت أرقام متعددة، وكأن كلا " منها مستقل بنفسه، وبمعزل عن الاخر.
(2) ينظر: معجم رجال الحديث: 2 / 15 رقم 381، و 2 / 30 رقم 412، و 2 / 34 رقم 413، و 2 / 109
رقم 549، و 2 / 226 رقم 789، و 2 / 229 رقم 796، و 2 / 230 رقم 797، و 2 / 260 رقم 857، و 2 / 61 رقم
858، و 2 / 390 - 412، و 2 / 412 - 415، و 2 / 591 - 624، و 628 - 649، ثم، 22 / 159 رقم
15032، و 23 / 64 رقم 15224 - المشترك بين البرقي الابن والبرقي الأب -، 23 / 318 - 325.، علما "، بأن
الجميع لشخص صاحب محاسن واحد، وأنه قد صحف اسمه في البعض منها.
(3) ينظر: معجم رجال الحديث: 2 / 36 رقم 422، و 2 / 231 رقم 800، و 2 / 243 رقم 801، و
2 / 244 رقم 802، و 2 / 244 رقم 803، و 2 / 294 رقم 893، 2 / 453 - 590، و 2 / 624 - 626، و
21 / 92 رقم 14023، و 22 / 145 رقم 15003، و 22 / 149 رقم 15004، و 22 / 149 رقم 15005، و
23 / 64 رقم 15225.
(4) ينظر: معجم رجال الحديث: 2 / 254 رقم 838، و 2 / 254 رقم 839، و 2 / 255 رقم 840، و
2 / 256 رقم 844، و 2 / 257 رقم 845، و 2 / 626 - 627، و 2 / 627 - 628.
(5) ينظر: تكملة الرجال: 1 / 167 - 168 - وفيه هناك ملاحظات مهمة -
(6) ينظر: هداية المحدثين: 174.، وفيه: (قارنه).
(7) ينظر: هداية المحدثين: ص 174 - 178، ومقباس الهداية: ص 51.
370

ولكنه مع الجهل، لا يضر.، لان جميعهم ثقات (1) والامر في الاحتجاج بالرواية سهل.
المثال الثاني (2):
- 1 -
وكروايتهم.، عن محمد بن يحيى مطلقا ".، فإنه أيضا " مشترك بين جماعة.
منهم، محمد بن يحيى العطار القمي (3).، ومنهم، محمد بن يحيى الخزاز (4) بالخاء
المعجمة والزاء قبل الألف وبعدها.، ومحمد بن يحيى بن سليمان الخثعمي الكوفي (5).
والثلاثة ثقاة.
- 2 -
وتمييزهم بالطبقة:
فإن محمد بن يحيى العطار، في طبقة مشايخ أبي جعفر الكليني.، فهو المراد عند اطلاقه
في أول السند محمد بن يحيى.
والآخرين.، رويا عن الصادق (عليه السلام)، فيعرفان بذلك (6).
المثال الثالث (7):
- 1 -
وكاطلاقهم الرواية.، عن محمد بن قيس.، فإنه مشترك بين أربعة:

(1) ينظر: تكملة الرجال: 1 / 151، بخصوص توثيق الشهيد الثاني لأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد،
ومستنده.، وكذا: 1 / 160.
و 1 / 165، بخصوص توثيق الشهيد الثاني لأحمد بن محمد بن يحيى العطار، ومستنده.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 90، لوحة أ، سطر 10، ولا، الرضوية.
(3) ينظر: معجم رجال الحديث: 18 / 7 - 25 رقم 11977، و 18 / 30 رقم 11982،
و 18 / 31 رقم 11985، و 18 / 40 رقم 12004، و 18 / 367 - 386، و 18 / 386 - 391، و 18 / 393 - 396.، علما بأن
هذه الأرقام جميعا "، هي مسميات متعددة لمسمى واحد.
(4) ينظر: معجم رجال الحديث: 18 / 29، رقم 11979، و 18 / 30 رقم 11980، و 18 / 30 رقم
11981، و 18 / 37 رقم 11997، و 18 / 74 رقم 12070، و 18 / 392 - 393.، حيث الجميع اسما " لمسمى
واحدا "، وما كان هناك ضرورة لهذا التعداد، الموهم لاستقلالية كل واحد منها عن الاخر.
(5) ينظر: معجم رجال الحديث: 18 / 33 رقم 11990، و 18 / 36 رقم 11995، و 18 / 391 - 393.
(6) ينظر: هداية المحدثين إلى طريقة المحدثين إلى طريقة المحمدين: ص 258 - 259.
(7) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 90، لوحة ب، سطر / 4، ولا، الرضوية.
371

اثنان ثقتان.، وهما: محمد بن قيس الأسدي أبو نصر (1)، ومحمد بن قيس البجلي أبو عبد الله (2)،
وكلاهما رويا عن الصادق (عليهما السلام). وواحد ممدوح من عير توثيق، وهو محمد بن قيس الأسدي (3) مولى بني
نصر.، ولم يذكروا عمن روى.
وواحد ضعيف.، محمد بن قيس أبو أحمد (4).، روى عن الباقر (عليه السلام) خاصة.
- 2 -
وأمر الحجية بما يطلق فيه هذا الاسم مشكل.
والمشهور بين أصحابنا رد روايته، حيث يطلق مطلقا ".، نظرا " إلى احتمال كونه
الضعيف (5) ولكن الشيخ أبو جعفر الطوسي، كثيرا " ما يعمل بالرواية من غير التفات إلى ذلك.،
وهو سهل على ما علم من حاله.
وقد يوافقه على بعض الروايات، بعض الأصحاب.، بزعم الشهرة.
- 3 -
والتحقيق في ذلك:
أ. أن الرواية، إن كانت عن الباقر (عليه السلام)، فهي مردودة.، لاشتراكه حينئذ
بين الثلاثة، الذين أحدهم الضعيف، واحتمال كونه الرابع، حيث لم يذكروا طبقته.
وإن كانت الرواية عن الصادق (ع)، فالضعف منتف عنها، لان الضعيف لم
يرو عن الصادق (عليه السلام)، كما عرفت.
ب. ولكنها محتملة، لان تكون من الصحيح، إن كان هو أحد الثقتين، وهو الظاهر.
لأنهما وجهان من وجوه الرواة، ولكل منهما أصل في الحديث، بخلاف الممدوح
خاصة.
ح‍. ويحتمل على بعد، أن يكون هو الممدوح.، فتكون الرواية من الحسن، فتبنى على
قبول الحسن في ذلك المقام وعدمه.

(1) ينظر: معجم رجال الحديث: 17 / 174 رقم 11631.
(2) ينظر: المصدر نفسه: 17 / 173 رقم 11629.
(3) ينظر: المصدر نفسه: 17 / 173 رقم 11628.
(4) ينظر: المصدر نفسه: 17 / 172 رقم 11626.
(5) ينظر: هداية المحدثين: ص 251، ومعجم رجال الحديث: 17 / 175 رقم 11632.
372

فتنبه لذلك.، فإنه مما غفل عنه الجميع، وردوا - بسبب الغفلة عنه - روايات،
وجعلوها ضعيفة ".
والامر فيها ليس كذلك (1).
المثال الرابع (2): - 1 -
وكروايتهم.، عن محمد بن سليمان.، فإنه أيضا " مشترك بين:
محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم.، الثقة العين (3)
ومحمد بن سليمان الأصفهاني.، وهو ثقة أيضا " (4).
. ومحمد بن سليمان الديلمي.، وهو ضعيف جدا " (5).
- 2 -
لكن الأول متأخر عن عهد الأئمة (عليهم السلام)، والثاني روى عن الصادق
(عليه السلام).، فيتميزان بذلك.
والثالث، لم أقف على تقرير طبقته.

(1) قال المامقاني: نعم، ليس للفقيه رد الرواية بمجرد الاتفاق في الاسم، مع الاشتراك بين ثقة وغيره،
بل، يلزمه الفحص والتميز والتوقف عند العجز.
وقد اتفق لجمع من الأكابر.، منهم.، ثاني الشهيدين (قدس) في المسالك، رد جملة من الروايات،
بالاشتراك في بعض رجالها، مع امكان التميز فيها.
ومن عجيب ما وقع له: رده في المسالك لبعض روايات محمد بن قيس عن الصادق (عليه السلام)،
بالاشتراك بين ثقة وغيره، مع تحقيقه في البداية كون الراوي عن الصادق (عليه السلام) هو الثقة.، حيث قال:
(ان محمد بن قيس مشترك بين أربعة... وامر فيها ليس كذلك).
بل، زاد عليه بعض المحققين: ان محمد بن قيس إن كان راويا " عن أبي جعفر (عليه السلام).، فإن كان
الراوي عنه: عاصم بن حميد، أو يوسف بن عقيل، أو عبيدا " ابنه.، فالظاهر أنه الثقة، لما ذكره
النجاشي، من أن هؤلاء يروون عنه كتاب القضايا. بل، لا يبعد كونه الثقة متى كان
راويا " عم أبي جعفر (عليه السلام)، عن علي (عليه السلام).، لان كلا "
من البجلي والأسدي صنف كتاب القضايا لأمير المؤمنين (عليه السلام) كما ذكره النجاشي.، وهما ثقتان،
فتدبر. (مقباس الهداية: ص 51 - 52).
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 91، لوحة أ، سطر 13.، ولا، الرضوية.
(3) ينظر: معجم رجال الحديث: 16 / 130 - 131 رقم 10874.
(4) ينظر: المصدر نفسه: 16 / 125 - 126 رقم 10870.
(5) ينظر: المصدر نفسه: 16 / 126 - 131 رقم 10873.
373

فترد الرواية عند الاطلاق بذلك (1).
الحقل الرابع
في: فضل التكلف (2)
وبالجملة.، فهذا باب واسع، ونوع جليل، كثير النفع في باب الرواية (3).
ويحتاج إلى فضل تكلف، وتتبعه إلى إطناب يخرج عن الغرض من الرسالة (4).

(1) ينظر: هداية المحدثين: ص 239.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 91، لوحة ب، سطر 5.، ولا، الرضوية.
(3) قال ابن دقيق العيد: وهو فن مهم.، لأنه قد يقع الغلط، فيعتقد أن أحد الشخصين هو الاخر.، وربما
كان أحدهما ثقة " والاخر ضعيفا ".
فإذا غلط من الضعيف إلى القوي، صحح ما لا يصح.، وإذا غلط من القوي إلى الضعيف، أبطل ما يصح.
وقد يقع هذا في الأنساب، كما يقع في الأسماء.، ويقع الاشكال فيه، إذا أطلق النسب من غير تسمية.
(الاقتراح في بيان الاصطلاح: ص 314 - 315).
(4) وللتوسع في حقول المتفق والمفترق ينظر:
شرح التبصرة والتذكرة وفتح الباقي: 3 / 200، وفتح المغيث للسخاوي: 3 / 245، والتقريب وتدريب
الراوي: 2 / 316، وهداية المحدثين - مقدمة المحقق -: 7 / 11، والباعث الحثيث: ص 227 - 229، والخلاصة
في أصول الحديث للطيبي: ص 133 - 135، وشرح نخبة الفكر بحاشية لقط الدرر: ص 145، ومقدمة ابن
الصلاح - تحقيق الدكتورة بنت الشاطئ -: ص 552 - 560، ومقباس الهداية: ص 51، ودراية الحديث
لشانچي: ص 77، و 155، وهدية المحصلين - لمروج الاسلام كرماني -: ص 69.
374

المسألة السابعة
في: رواية المؤتلف والمختلف
وتفصيل البحث في فصول:
الحقل الأول
في: التعريف (1)
وإن اتفقت الأسماء خطا "، واختلفت نطقا " (2).، سواء كان مرجع الاختلاف، إلى
النقط أم الثكل.، فهو النوع الذي يقال له: (المؤتلف والمختلف) (3).
الحقل الثاني
في: معرفته (4)
ومعرفته.، من مهمات هذا الفن (5).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 91 لوحة ب، سطر 8.، ولا، الرضوية.
(2) قال ابن دقيق العيد: وهو أن يشترك اسمان في صورة الخط، ويختلفا في النطق. (الاقتراح في بيان
الاصطلاح: ص 313).
وقال الطيبي: وهو ما يتفق في الخط دون اللفظ. (الخلاصة في أصول الحديث: ص 131).
وعرفه الحافظ ابن كثير: ما تتفق في الخط صورته، وتفترق في اللفظ صيغته. (الباعث الحثيث: ص 223).
(3) وللتوسعة ينظر: الاقتراح في بيان الاصطلاح: ص 313 - 314، مقدمة ابن الصلاح - تحقيق بنت
الشاطئ -: ص 528، والباعث الحثيث: ص 223 - 226، والخلاصة في أصول الحديث: ص 131 - 132،
والرواشح السماوية للداماد: ص 90 - 93، وشرح التبصرة والتذكرة وفتح الباقي: 3 / 128، وفتح المغيث
للسخاوي: 3 / 213، والتقريب وتدريب الراوي عليه: 2 / 297، وشرح نخبة الفكر بحاشية لقط الدرر: ص
147، ومع شرح على القاري: 224، وتدريب الراوي: ص 415، ودراية الحديث لشانچي: ص 77 - 79،
ومقباس الهداية: ص 52 - 54.
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 91، لوحة ب، سطر 10.، ولا، الرضوية.
(5) قال الطيبي: يجب للمؤلف معرفته، وإلا فيكثر خطأوه.، (الخلاصة في أصول الحديث: ص 131).
وقال الحافظ ابن كثير: قال ابن الصلاح: وهو فن جليل، ومن لم يعرفه من المحدثين، كثر عثاره ولم يعدم
مخجلا ". (الباعث الحثيث: ص 223)
وقال الأستاذ شانجي ما ترجمته: وهذا القسم في الواقع، هو أحد شعب التصحيف.، منتهاه انه يقع في
سلسلة سند الحديث لا متنه. (دراية الحديث: ص 77 - بتصرف)
375

حتى أن أشد التصحيف ما يقع في الأسماء.، لأنه شئ لا يدخله القياس، ولا قبله
شئ يدل عليه، ولا بعده.
بخلاف التصحيف الواقع في المتن (1).
الحقل الثالث
في: الواقع بخصوص الأسماء (2)
وهذا النوع منتشرا " جدا ".، لا يضبط تفصيلا " (3)، إلا بالحفظ
المثال الأول (1).
مثاله: جرير وحريز
- 1 -
الأول: بالجيم والراء (5)
والثاني: بالحاء والزاي
- 2 -
فالأول: جرير بن عبد الله البجلي، صحابي (6)
والثاني: حريز بن عبد الله السجستاني، يروي عن الصادق (عليه السلام) (7).
فاسم أبيهما واحد، واسمهما مؤتلف.، والمايز بينهما الطبقة، كما ذكرناه.
المثال الثاني (8) - 1 -
ومثل: بريد، ويزيد.

(1) اقتبس الشيخ المامقاني النص نفسه في مقباس الهداية: ص 53.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 91، لوحة ب، سطر 13.، ولا، الرضوية.
(3) في مقباس الهداية: ص 52: (مفصلا ").
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 92، لوحة أ، سطر 1.، ولا، الرضوية.
(5) في المخطوطة: ورقة 92، لوحة أ، سطر 1: بالرا، من دون همزة متطرفة.، والشئ ذاته فعل فيما يأتي،
في بقية حروف الهجاء المنتهية بهمزة كالتاء والثاء والحاء والخاء.. الخ.
(6) ينظر: معجم رجال الحديث: 4 / 41 رقم 2088، والإصابة: 1 / 132.
(7) ينظر: معجم رجال الحديث: 4 / 249 رقم 2637.
و 4 / 42 رقم 2089.، وفيه قد صحف إلى جرير بن عبد الله السجستاني.
(8) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 92، لوحة أ، سطر 5.، ولا، الرضوية.
376

الأول بالباء والراء
والثاني: بالياء المثناة والزاي.
- 2 -
وكل منهما يطلق على جماعة.، والمايز قد يكون من جهة الاباء.
(أ.) فإن بريد بالباء الموحدة: ابن معاوية العجلي (1).، وهو يروي عن الباقر والصادق
(عليهما السلام).، وأكثر الاطلاقات محمولة عليه.
وبريد أيضا " بالباء (2): الأسلمي، صحابي، فيتميز عن الأول بالطبقة.
(ب.) وأما يزيد بالمثناة من تحت.، فمنه:
1 - يزيد بن إسحاق شعر (3).
وما رأيته مطلقا "، فالأب واللقب مميزان
2 - ويزيد أبو خالد القماط (4)، يتميز بالكنية.
وإن شاركا (5) الأول في الرواية عن الصادق (عليه السلام).
- 3 -
وهؤلاء.، كلهم ثقات.
وليس لنا بريد الموحدة، في باب الضعفاء.

(1) ينظر: معجم رجال الحديث: 3 / 285 - 292 رقم 1673.، وفيه: مرة نقل عن النجاشي انه:
أبو القاسم البجلي.
ومرة نقل عن الشيخ انه: أبو القاسم العجلي.
وينظر: كذلك 3 / 283 رقم 1665.، وفيه: بريد = بريد بن معاوية. وكذا ينظر: 20 / 102 رقم
13628.، وفيه.، يزيد تصحيف بريد.
(2) ينظر: 3 / 284 رقم 1666.، وفيه.، بريد الأسلمي، يأتي في بريده.
و 3 / 293 رقم 1677.، وفيه: بريده (بريد) الأسلمي...
و 3 / 294 رقم 1678.، وفيه: بريده (بريد) بن الخصيب الأسلمي.، وقيل: أبو الخصيب...
وأقول: أساسا " هو بريده.، وليس بريد، بدون تاء مدورة.، ثم هو ابن الحصيب ولبس بابن الخصيب.
ينظر: فهرست كتاب المغازي للواقدي: 3 / 1142، والمنار المنيف: ص 129، وإثبات الهداة: 2 / 289،
وأسد الغابة: 1 / 175، وتقريب التهذيب: 1 / 96، وتجريد أسماء الصحابة: 1 / 50.
وأخيرا ".، ينظر: هداية المحدثين: ص 23 - 24.
(3) أي وإن شارك كل من يزيد بن إسحاق شعر ويزيد أبو خالد القماط، الأول الذي هو بريد بن
معاوية العجلي.، في الرواية عن الصادق (عليه السلام).
(4) ينظر: معجم رجال الحديث: 20 / 106 رقم 13637، و 20 / 106 رقم 13638، و 20 / 107 رقم
13639.
(5) ينظر: معجم رجال الحديث: 20 / 103 رقم 13631.
377

ولنا فيه يزيد متعددا " (1).، ولكن يتميز بالطبقة والأب وغيرهما.، مثل: يزيد بن
خليفة (2)، ويزيد بن سليط (3) - وكلاهما من أصحاب الكاظم (عليه السلام).
المثال الثالث (4)
ومثل: بنان، وبيان
الأول: بالنون بعد الباء.
والثاني: بالياء المثناة بعدها.
- 1 -
فالأول: غير منسوب.، ولكنه بضم الباء ضعيف، لعنه الصادق (عليه السلام) (5).
والثاني - بفتحها -: الجزري، كان خيرا " فاضلا " (6).

(1) ينظر: هداية المحدثين: ص 162 - 163.
(2) ينظر: معجم رجال الحديث: 20 / 111 رقم 13653.، وفيه: يزيد بن خليفة.
و 20 / 111 رقم 13654.، وفيه: يزيد بن خليفة الحارثي...
وعدة الشيخ... قائلا ": يزيد بن خليفة الحارثي الحلواني...
وأقول: يبدو الصحيح... الخولاني...
و 20 / 113 رقم 13655.، وفيه: يزيد بن خليفة الخولاني...
(3) ينظر: معجم رجال الحديث: 20 / 114 - 116 رقم 13661.
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 92، لوحة ب، سطر 3.، ولا، الرضوية.
(5) وأقول: من خلال مراجعة: فرق الشيعة للنوبختي: ص 28 - متنا " وهامشا " -، ومقباس الهداية:
ص 144، وهامش مقدمة: تكملة الرجال: 1 / 11.، وغيرها...
يتبين: أن الصحيح في اسم هذا الملعون، على لسان الصادق (عليه السلام).، هو: بيان.، والمقصود به: بيان
بن سمعان النهدي الكوفي التبان، الذي ادعى فيما ادعى به: أن محمد بن علي بن الحسين (ع) أوصى إليه...
وأما ما جاء من أن اسمه: بنان - بضم الباء.، فهو تصحيف.
وعلى كل حال.، فمن مجموع ما قيل فيه يحكم عليه: بأنه ضعيف مجروح، زنديق كما يعبر عنه.
وينظر كذلك: مقباس الهداية: ص 53.
(6) ينظر: معجم رجال الحديث: 3 / 371 رقم 1890.، وفيه: بنان الجزري، وهو تصحيف.
و 3 / 375 رقم 1904.، وفيه: بيان الجزري، بنان الجزري.، غير أنه لم يذكر فيه أيهما الواقع فيه التصحيف
ولا منشأة. نعم، يستفاد من الترجمة هناك: أن الرجالي الخوئي يختار البيان. اسما " للمترجم له.
وكذلك التصحيف وقع عند الجرجاني حيث يقول: (البنانية): أصحاب بنان بن سمعان التميمي.،
قال: الله تعالى على صورة انسان، وروح الله حلت في علي (رضي الله عنه)، ثم في ابنه (محمد بن الحنفية).، ثم في
ابنه (أبي هاشم)، ثم في بنان.، (كتاب التعريفات: ص 21).
وكذلك التصحيف وقع من قبلنا أيضا "، كما في هامش رقم 5، من الباب الأول: ص 162.
378

فمع الاشتباه.، نوقف الرواية.
المثال الرابع (1)
ومثل: حنان، وحيان
- 1 -
الأول: بالنون
والثاني: بالياء.
- 2 -
فالأول: حنان بن سدير، من أصحاب الكاظم (عليه السلام).، واقفي (2)
والثاني: حيان السراج.، كيساني، غير منسوب إلى أب (3).
وحيان العنزي (4).، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام).، ثقة.
المثال الخامس (5)
ومثل: بشار، ويسار
- 1 -
بالباء الموحدة، والشين المعجمة المشددة.
أو بالياء المثناة من تحت، والسين المهملة المخففة.
- 2 -
الأول: بشار بن يسار الضبيعي.، أخو سعيد بن يسار.
والثاني: أبوهما (6).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 92، لوحة ب، سطر 7.، ولا، الرضوية.
(2) ينظر: معجم رجال الحديث: 6 / 300 - 305 رقم 4101، و 6 / 299 - 300 رقم 4097.
(3) ينظر: معجم رجال الحديث: 6 / 308 رقم 4120، و 6 / 305 رقم 4102، و 6 / 310 رقم 4121.،
والكل واحد، غير أن بعضه جاء مصحفا ".
(4) والذي في النسخة الخطية: ورقة 92 لوحة ب سطر 9: حيان العبري.
ولكن في النسخة الرضوية: ورقة 55 لوحة ب سطر 12: وحيان العنزي، وهو الصحيح.
ويبدو أن المراد به هو: حيان بن علي العنزي، الثقة، الذي يروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).، حيث
ذكره النجاشي (قدس) في ترجمة أخيه (مندل).، ينظر: معجم رجال الحديث: 6 / 308 رقم 4118.
(5) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 92، لوحة ب، سطر 10.، ولا، الرضوية.
(6) ينظر: معجم رجال الحديث: 3 / 307 رقم 1713، و 3 / 308 رقم 1719.، كذلك ينظر: 8 / 360
رقم 5647، و 20 / 123 رقم 13690.
هذا بالإضافة إلى هداية المحدثين: ص 24 - 25.
379

المثال السادس (1)
ومثل: خثيم، وخيثم.
- 1 -
كلاهما بالخاء المعجمة
إلا أن أحدهما: بضمها وتقديم الثاء المثلثة، ثم الياء المثناة من تحت.
والاخر: بفتحها، ثم المثناة، ثم المثلثة.
- 2 -
فالأول: أبو الربيع بن خثيم، أحد الزهاد الثمانية (2).
والثاني: أبو سعيد بن خثيم الهلالي، التابعي (3).، وهو ضعيف.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 92، لوحة ب، سطر 13.، ولا، الرضوية.
(2) وقد اقتبس الشئ ذاته المامغاني في مقباس الهداية: ص 53.، ناقلا " نفس التسمية: (أبو الربيع بن
خثيم).، غير أنه في تنقيح المقال، لم يذكره في الكنى، وإنما ذكره فقط فيمن اسمه (الربيع بن خثيم)، في 1 / 424 -
426 رقم 4004.
والذي في اختيار معرفة الرجال: 1 / 313: الربيع بن خثيم، بدون لفظة (أبو).، وكذا في وقعة صفين: ص
115.، وفيه: وأتاه آخرون من أصحاب عبد الله بن مسعود، فيهم ربيع بن خثيم.، وكذا في الاشتقاق: ص 112،
وشرح الحيوان: 4 / 292، وشرح النهج: 1 / 283، ومعجم رجال الحديث: 7 / 168 رقم 4515.
وفي توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الانظار لمحمد بن إسماعيل الأمير الحسني الصنعاني - تحقيق محمد
محي الدين عبد الحميد، طبع القاهرة 1366 ه‍ -: 2 / 94.، وفيه: قال الربيع بن خثيم... فإن للحديث ضوءا "
كضوء النهار، تعرفه.، وظلمة كظلمة الليل، تنكره..
(3) هكذا، في النسختين الأساسية والرضوية.، حيث وردت التسمية فيهما: (أبو سعيد بن خيثم
الهلالي).
كما أن الشيخ المامقاني اقتبس الشئ ذاته في مقباس الهداية: ص 53.، بيد انه لم يترجح له في تنقيح
المقال، في قسم الكنى.، وإنما ترجم له في من اسمه: (سعيد بن خيثم الهلالي)، في 2 / 26 - 27 رقم 4830.
وينظر: دراية الحديث لشانچي: حيث قال في المتن: ص 78: ومثل خثيم وخيثم..، وفي الهامش قال
ما ترجمته بتصرف:
خثيم: أب خواجة ربيع، والذي كان من الزهاد الثمانية.
وخثيم: أب سعيد الهلالي، والذي كان من التابعين، وكان ضعيف الرواية
وينظر: معجم رجال الحديث: 8 / 18 رقم 5130، وتهذيب التهذيب: 4 / 22، وخلاصة تذهيب
الكمال: ص 116، وأسد الغابة: 3 / 545...
380

المثال السابع (1)
ومثل: أحمد بن ميثم.، بالياء المثناة، ثم الثاء المثلثة
أو التاء المثناة.
- 2 -
الأول: ابن الفضل بن دكين (2)
والثاني: مطلق، ذكره العلامة في الايضاح (3)
وأمثال ذلك كثير.
الحقل الرابع
في: النسبة والصنعة (4)
وقد يحصل الائتلاف والاختلاف، في النسبة والصنعة، وغيرهما.
المثال الأول (5)
كالهمداني، والهمذاني
- 1 -
الأول: بسكون الميم، والدال المهملة.، نسبة " إلى همدان، قبيله
والثاني: بفتح الميم والذال المعجمة.، اسم بلد (6).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 93، لوحة أ، سطر 4.، ولا، الرضوية.
(2) ينظر: معالم العلماء لابن شهر آشوب: ص 14، وخلاصة الأقوال للعلامة الحلي: ص 15، ومعجم
رجال الحديث: 2 / 346 رقم 986، و 2 / 346 رقم 987، و 2 / 347 رقم 988.
(3) وأقول: جاء في إيضاح الاشتباه في أسماء الرواة - المخطوطة المرعشية، المنسوخة في 12 جمادي
الاخر سنة 1012 ه‍ - ما يلي:
أ. (أحمد بن ميتم - بكسر الميم، وإسكان الياء الخاتمة، وفتح التاء المنقطة فوقها نقطتين - بن أبي
نعيم.، لقبه دكين - بضم الدال المهملة، وفتح الكاف، والنون بعد الياء -).، كما في: ورقة 111، لوحة ب،
سطر 10 - 11
ب. (أحمد بن ميثم - بكسر الميم، وإسكان الياء المنقطة تحتها نقطتين، وفتح الثاء المثلثة فوقها ثلاث
نقط -).، كما في: ورقة 112، لوحة ب، سطر 12 - 13.
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 93، لوحة أ، سطر 6.، ولا، الرضوية.
(5) وهذا أيضا ".، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 93، لوحة أ، سطر 8.، ولا، الرضوية.
(6) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث للطيبي: ص 131، والباعث الحثيث: ص 226، ومقباس
الهداية: ص 53، ودراية الحديث لشانچي: ص 78، والرواشح السماوية: ص 90 - 91.
381

(أ) فمن الأول: محمد بن الحسين بن أبي الخطاب (1)، ومحمد بن الأصبغ (2)،
وسندي بن عيسى (3)، ومحفوظ بن نصر (4).، وخلق كثير (5).
بل، هم أكثر المنسوبين من الرواة إلى هذا الاسم، لأنها قبيلة صالحة مختصة بنا.، من
عهد أمير المؤمنين (عليه السلام).، ومنها: الحارث الهمداني صاحبه (6)
(ب) ومن الثاني: محمد بن علي الهمذاني (7)، ومحمد بن موسى (8).
ومحمد بن علي بن إبراهيم وكيل الناحية، وابنه القاسم، وأبوه علي، وجده إبراهيم (9).
وإبراهيم بن محمد، وعلي بن المسيب، وعلي بن الحسين الهمذاني.
كلهم، بالذال المعجمة (10).
المثال الثاني (11)
ومثل: الخراز، والخزاز
- 1 -
الأول: براء مهملة وخاء.
والثاني: بزائين معجمتين.
- 2 -
فالأول: لجماعة.، منهم: إبراهيم بن عيسى أبو أيوب، وإبراهيم بن زياد.، على ما ذكره
ابن داوود (12).

(1) ينظر: معجم رجال الحديث: 15 / 291 رقم 10554.
(2) ينظر: المصدر نفسه: 15 / 113 رقم 10278.
(3) ينظر: المصدر نفسه: 8 / 317 رقم 5583.
(4) ينظر: المصدر نفسه: 14 / 197 رقم 9895.
(5) ينظر: على سبيل المثال: تاريخ أبي زرعه الدمشقي: 3 / 1027 (الفهرست).
(6) ينظر: معجم رجال الحديث: 4 / 186 رقم 2438، و 4 / 187 رقم 2443، و 4 / 196 رقم 2483، و
4 / 210 رقم 2527.، والحارث الهمداني في هذه الأرقام جميعا " واحد.
(7) من أصحاب العسكري (عليه السلام).، (الرواشح السماوية: ص 91).
(8) ينظر: معجم رجال الحديث: 17 / 282 رقم 11847، و 17 / 288 رقم 11864.
(9) ينظر: المصدر نفسه: 16 / 296 - 297 رقم 11258.
(10) ينظر: الرواشح السماوية: ص 91.
(11) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 93، لوحة ب، سطر 5.، ولا، الرضوية.
(12) ينظر: كتاب الرجال لابن داوود: ص 31 رقم 19.، وفي طبعة المحدث الأرموي: عمود 14، وتنقيح
المقال: 1 / 203.
382

ومن الثاني: محمد بن يحيى (1)، ومحمد بن الوليد (2)، وعلي بن فضيل (3)، وإبراهيم بن
سليمان (4)، وأحمد بن النضر (5)، وعمرو بن عثمان (6)، وعبد الكريم بن هلال (7) الجعفي (8).
المثال الثالث (9)
ومثل: الحناط، والخياط.
- 1 -
الأول: بالحاء المهملة والنون
والثاني: بالمعجمة والياء المثناة من تحت.
- 2 -
والأول: يطلق على جماعة.، منهم.، أبو ولاد الثقة الجليل (10)، ومحمد بن مروان (11)،
والحسن بن عطية (12)، وعمر بن خالد (13).
ومن الثاني: علي بن أبي صالح بزرج - بالباء الموحدة المضمونة، والزاي المضمونة،
والراء الساكنة، والجيم.، على ما ذكره بعضهم -.
والأصح.، أنه بالحاء والنون، كالأول (14).

(1) ينظر: رجال ابن داوود - طبعة الأرموي -: عمود 340 رقم 1499.
(2) ينظر: المصدر نفسه: عمود 512 رقم 475.
(3) ينظر: المصدر نفسه: ع 248 رقم 1050.
(4) ينظر: المصدر نفسه: ع 15 رقم 22
(5) ينظر: المصدر نفسه ع 47 رقم 139.
(6) ينظر: المصدر نفسه: ع 259 رقم 1106.
(7) في المخطوطة: ورقة 93، لوحة ب، سطر 9: هليل.
(8) ينظر: المصدر نفسه: ع 228 رقم 949.
(9) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 93، لوحة ب، سطر 9.، ولا، الرضوية.
(10) أي: الأصح في الخياط: الحناط.، وينظر: كتاب الرجال لابن داوود: ع 479 رقم 315.
(11) ينظر: كتاب الرجال لابن داوود - تحقيق المحدث الأرموي -: ع 128 رقم 496، ع 129 رقم؟، ع
406 رقم 92.
(12) ينظر: المصدر نفسه: ع 334 - 335 رقم 1468.
(13) ينظر: المصدر نفسه: ع 110 رقم 427.
(14) ينظر: المصدر نفسه: ع 258 رقم 1098.
383

المسألة الثامنة
في: المتشابه
وتفصيل البحث في حقلين:
الحقل الأول
في: التعريف (1)
وإن اتفقت الأسماء خطا " ونطقا ".، واختلفت الاباء نطقا "، مع ايتلافها خطا ".
أو بالعكس.، كأن تختلف الأسماء نطقا "، وتأتلف خطا "، وتأتلف الاباء خطا " و
نطقا ".
فهو النوع الذي يقال له: المتشابه (2).
الحقل الثاني
في: الأمثلة
المثال الأول (3)
فالأول: كبكر بن زياد.، بتشديد الياء (4).، على ما ذكره العلامة في (الايضاح) (5).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 94، لوحة أ، سطر 2.، ولا، الرضوية.
(2) وأقول: وهذا هو نفسه المتفق والمفترق بلحاظ، وان المفترق والمتفق هو هذا بلحاظ آخر.
وقال الشيخ المامقاني: والمتشابه سندا ": ما اتفقت أسماء سنده خطا " ونطقا ".، واختلفت أسماء آبائهم نطقا "،
مع الايتلاف خطا ".
أو بالعكس.، باتفاق، المذكور بأسماء الاباء.، والاختلاف المذكور بالأبناء.، كمحمد بن عقيل، بفتح
العين، النيسابوري وبضمها للفريابي، في الأول..، واللازم في الجميع الرجوع إلى المميزات الرجالية. مقباس
الهداية: ص 51.
وللتوسع ينظر: الخلاصة في أصول الحديث للطيبي: ص 133، ودراية الحديث لشانچي: ص 73 -
74، وهدية المحصلين لمروج: ص 69، والباعث الحثيث: ص 229 - 130.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 94، لوحة أ، سطر 5.، ولا، الرضوية.
(4) ينظر: معجم رجال الحديث: 3 / 341 رقم 1831.، غير أن الاسم فيه خال من التشديد.
(5) وأقول: الذي في إيضاح الاشتباه - المخطوطة المرعشية، نسخ 12 جمادي الاخر سنة 1012 ه‍.
- هكذا: (بكر - مكبرا " - بن أحمد بن إبراهيم بن زياد - بالزاء، والياء المنطقة تحتها نقطتين المشددة،
والدال المهملة -).، كما في: ورقة 113، لوحة أ، سطر 8 - 9.
بيد أني لدى مراجعة الكتب الرجالية المتيسرة لدي، لم أجد من ينص على مثل هذا التشديد، في
لفظ (زياد) خاصة.، ينظر على سبيل المثال: الفهرست للشيخ الطوسي: ص 64 رقم 128 رجال النجاشي:
ص 109 رقم 278، رجال ابن داوود: 724 رقم 255، ورجال العلامة الحلي: ص 208 رقم 4.
384

وسهل بن زياد.، بتخفيف الياء (1)، مع جماعة آخرين.
المثال الثاني (2)
وكمحمد بن عقيل، بفتح العين.
ومحمد بن عقيل، بضمها.
الأول: نيسابوري.
والثاني: فريابي (3)
المثال الثالث (4)
والثاني (5): كشريح بن نعمان.
وسريج بن النعمان.
الأول: بالشين المعجمة والحاء المهملة.، وهو تابعي، يروي عن علي (عليه السلام).
والثاني: بالسين المهملة والجيم.، وهو عامي أحد رواتهم (6).

نعم، وجدت ابن دقيق العيد يحسن التمثيل فيقول: إبراهيم بن زياد - بفتح الزاي، وتشديد آخر
الحروف - ابن فايد بن زياد - كالأول - ابن أبي هند الداري.، حدث عن أبي زياد. وأما إبراهيم بن زياد:
فجماعة.، كما في: الاقتراح في بيان الاصطلاح: ص 350.
وينظر: تبصير المنتبه: ج 2 ص 592، والاكمال لابن ماكولا: ج 4 ص 199.
(1) ينظر: كتاب الرجال لابن داوود: ع 460.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 94، لوحة أ، سطر 6.، ولا، الرضوية.
(3) للأسف لم اهتد بعد إلى مراجع تخص ترجمة هذين العلمين.، نعم، وجدت ما يلي:
أ. الحسن بن علي، المعروف بابن عقيل العماني - بالعين المهملة المضمونة -: الحذاء: ثقة، فقيه،
متكلم.، كما في مجمع البحرين: 5 / 428.
ب. عقيل بن خالد بن عقيل: أبو خالد الأموي ولاء، الأيلي (ت 144 ه‍).، أكثر الرواية عن الزهري.،
روى له أصحاب الكتب الستة.، ينظر: تاريخ أبي زرعة الدمشقي: ج 1 ص 165 رقم 42، وتذكرة الحفاظ:
1 / 161 - 162، وتهذيب التهذيب: 7 / 255 - 256
ح‍. قال النووي في أوائل شرح مسلم: عقيل كله بالفتح، إلا عقيل بن خالد عن الزهري، ويحيى بن
عقيل، وبني عقيل - بالضم -.، كما في هامش القاموس المحيط: ج 4 ص 20.
(4) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 94، لوحة أ، سطر 8.، ولا، الرضوية.
(5) قال (قدس سره) هنا: الثاني.، باعتبار ان المثالين القبليين يمثلان أنموذج الأول.
(6) ينظر: معجم رجال الحديث: 9 / 18 رقم 5703، والمنار المنيف: ص 20، 72، والباعث
الحثيث: ص 225.
385

الفصل الثالث
في: طبقات الرواة
وفيه: مسائل أربع
المسألة الأولى
في: فائدة معرفة الطبقات
- 1 -
ومن المهم في هذا الباب، معرفة طبقات الرواة.
- 2 -
وفائدته:
الامن من تداخل المشتبهين.
وإمكان الاطلاع على تبين التدليس.
والوقوف على حقيقة المراد من العنعنة (2).

(1) هذه العناوين ومعنوناتها.، نحن أضفناها، وليست من النسخة الأساسية.، ولا، الرضوية.
(2) للتوسع ينظر: معرفة علوم الحديث للحاكم: ص 42، والخلاصة للطيبي: ص 126 - 128،
وعلم الحديث لشانچي: ص 217، ودراية الحديث له أيضا ": ص 17، والباعث الحثيث: ص 245، ومقباس
الهداية: ص 209.
386

المسألة الثانية
في: المواليد والوفيات (1)
- 1 -
ومن المهم أيضا ".، معرفة مواليدهم ووفياتهم.
فبمعرفتها يحصل الامن من دعوى المدعي اللقاء - أي: لقاء المروي عنه -.،
والحال: أنه كاذب في دعواه، وأمره في اللقاء ليس كذلك (2).
- 2 -
وكم فتح الله علينا، بواسطة معرفة ذلك بالعلم، بكذب أخبار شايعة بين أهل
العلم، فضلا " عن غيرهم (3)، حتى كادت أن تبلغ مرتبة الاستفاضة، ولو ذكرناها لطال
الخطب.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 94، لوحة ب، سطر 2.، ولا، الرضوية.
(2) قال الشيخ عبد الله: ومن هنا تداولوا ذكر مواليد الأئمة (عليهم السلام) ووفياتهم، في أوائل كتب
الرجال.، ليتبين.، من أدرك الامام الفلاني (عليه السلام) من الرواة، ومن لم يدركه. (مقباس الهداية: ص
209).
وقال ابن كثير: ليعرف من أدركهم ممن لم يدركهم.، من كذاب أو مدلس، فيتحرر المتصل والمنقطع
وغير ذلك.
قال سفيان الثوري: لما استعمل الرواة الكذب، استعملنا لهم التاريخ.
وقال حفص بن غياث: إذا اتهمتم الشيخ، فحاسبوه بالسنين.
وقال الحاكم: لما قدم علينا محمد بن حاتم الكشي، فحدث عن عبد بن حميد.، سألته عن مولده؟ فذكر
أنه ولد سنة ستين ومائتين.
فقلت لأصحابنا: انه يزعم أنه سمع منه بعد موته بثلاث عشرة سنة.، (الباعث الحثيث: ص 237).
(3) وكمثال على ذلك.، فقد قال السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم: (.. قالوا في الرواية عن أمير المؤمنين
(عليه السلام): ما زلت مظلوما " منذ كنت صغيرا "، إن عقيل ليرمد فيقول: لا تذروني حتى
تذروا عليا "، فأضجع وأذري وما بي رمد.
لا أقرأ هذا الحديث، إلا ويأخذني العجب كيف رضي المفتعل بهذه الفرية البينة.، فإن أمير المؤمنين ولد
ولعقيل عشرون سنة.، وهل يعقل أحد أو يظن أن انسانا " له من العمر ذلك المقدار، إذا اقتضى صلاحه شرب
الدواء، يمتنع منه إلا إذا شرب مثله أخوه، البالغ سنة واحدة أو سنتين.، كلا لا يفعله أي أحد وإن بالغ في الخسة
والضعف.، فكيف بمثل عقيل المتربي بحجر أبي طالب، والمرتضع در المعرفة، خصوصا " مع من يشاهد من الآيات
الباهرة، من أخيه الامام منذ ولادته.
نعم، الضغائن والأحقاد حبذت لمن تخلق بها، التردد في العمى والخبط في الضلال، من دون روية أو
تفكير، (استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان، ألا أن حزب الشيطان هم
الخاسرون). العباس: ص 44 - 45، نقلا " عن نكت الهميان: ص 200.
387

والطبقة في الاصطلاح: عبارة عن جماعة، اشتركوا في السن، ولقاء المشايخ فهم طبقة،
ثم بعدهم طبقة أخرى.، وهكذا (1).

(1) قال المامقاني (قدس): الطبقة هي في الاصطلاح: عبارة عن جماعة اشتركوا في السن ولقاء المشايخ.،
فهم طبقة ثم بعدهم طبقة أخرى، وهكذا.، مأخوذة من طبقة البناء، لكونهم في زمان واحد، كما أن بيوت الطبقة
الواحدة في هواء واحد، أو من المطابقة، لموافقة بعضهم بعضا "، والاخذ من شيخ واحد. (مقباس الهداية: ص
158).
وقال الأستاذ شكر الله بن نعمة الله القوجاني: ومن المعلوم.، ان استعمال كلمة (الطبقات).، تعني: تقسيم
العلماء، ورواة الحديث، إلى أجيال - إن صح التعبير -.، تراعى فيها سنو أولئك ومعاصرة بعضهم لبعض.
(تاريخ أبي زرعة الدمشقي - مقدمة المحقق -: 1 / 54 - 55 المتن).
وقال أيضا ": (عن اصطلاح الطبقات انظر: لسان العرب مادة: (طبق)، و (قرن) روزنتال، علم
التاريخ عند المسلمين (الترجمة العربية): ص 133 وما بعدها، أكرم العمري، مقدمة طبقات خليفة بن خياط:
ص 41 وما بعدها.) (تاريخ أبي زرعة الدمشقي - مقدمة المحقق -: 1 / 54 هامش رقم 5.
كما قال أيضا ": (إن كلمة) (جيل) تعني عند القدماء إلى عهد الزبيدي (1154 - 1205 ه‍): القوم
أو الجنس أو العنصر.، كجنس العرب أو الترك.
وتستعمل اليوم بمعنى: الناس الذين عاشوا في (فترة) أو (طبقة) واحدة.، وهي محددة بفترة ربع قرن.،
انظر هذه الكلمة - جيل - في المعجمات القديمة والحديثة). (تاريخ أبي زرعة الدمشقي - مقدمة المحقق -:
1 / 55 هامش رقم 1
388

المسألة الثالثة
في: معرفة الموالي
وتفصيل البحث في حقول:
الحقل الأول
في: موالي الرق (1)
ومعرفة الموالي منهم، من أعلى ومن أسفل: بالرق
بأن يكون قد أعتق رجلا " فصار مولاه، أو أعتقه رجل فصار مولاه (2).
فالمعتق - بالكسر -: مولى من أعلى.
والمعتق (بالفتح): مولى من أسفل
الحقل الثاني
في: موالي الحلف (3)
وأصله: المعاقدة والمعاهدة، على التعاضد والتساعد والاتفاق.
ومنه الحديث: (حالف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين والأنصار

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 94، لوحة ب، سطر 7.، ولا، الرضوية.
(2) قال المامقاني: ولاطلاقه كيفيات.
فتارة " يقولون في الرجل: انه مولى فلان.
وأخرى مولى بني فلان.
وثالثة: انه مولى آل فلان.
وقد يضيفونه إلى ضمير الجمع، وقد يقطعونه عن الإضافة فيقولون مولى، وربما يقولون مولى فلان ثم مولى
فلان.
فمن الأول: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، أبو إسحاق مولى أسلم بن قصي، مدني.
ومن الثاني: أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار، أبي عبد الله، مولى بني أسد.
ومن الثالث: إبراهيم بن سليمان، أبي داحة المزني، مولى آل طلحة.، وإبراهيم بن محمد، مولى قريش.
ومن الرابع: إبراهيم بن عبد الحميد الأسدي، مولاهم.
ومن الخامس: أحمد بن رباح بن أبي نصر السكوني، مولى.، وأيوب بن الحر الجعفي، مولى.
ومن السادس: ثعلبه بن ميمون، مولى بني أسد، ثم مولى بني سلامه. (مقباس الهداية: ص 150 -
151).
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 94، لوحة ب، سطر 10.، ولا، الرضوية.، وإنما يوجد
بدله: (أو بالحلف - بكسر الحاء -).
389

مرتين).، أي: آخي بينهم.
فإذا حالف أحد آخر.، صار كل منهما مولى الاخر بالحلف (1).
الحقل الثالث
في: موالي الاسلام (2)
- 1 -
فمن أسلم على يد آخر، كان مولاه، يعني بالاسلام (3)
- 2 -
وفائدته: معرفة الموالي المنسوبين إلى القبائل بوصف مطلق.
فإن الظاهر في المنسوب إلى قبيلة - كما إذا قيل: فلان القرشي -: أنه منهم صليبة " (4)
- 3 -
وقد تكون النسبة بسبب انه مولى لهم بأحد المعاني.، والأغلب مولى العتاقة (5)

(1) قال الطيبي: كمالك ابن انس الامام، ونفره أصبحيون حميريون، صليبية، موالي ليتيم قريش
بالحلف (الخلاصة في أصول الحديث: ص 138)
وقال ابن كثير: وقد يكون بالحلف، كما يقال في نسب الامام مالك بن أنس، مولى التيميين، وهو
حميري أصبحي، صليبة.
ولكن كان جده مالك بن أبي عامر، حليفا " لهم.، وقد كان عسيفا " عند طلحة بن عبيد الله التيمي أيضا "،
فنسب إليهم كذلك. (الباعث الحثيث: ص 246).
والعسيف: الأجير.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 94، لوحة ب، سطر 13.، ولا، الرضوية.، وإنما يوجد
بدله: (أو بلاسلام).
(3) قال الطيبي: كالبخاري الامام، مولى الجعفيين ولاء الاسلام.، لان جده كان مجوسيا "، فأسلم على
يد اليمان الجعفي. (الخلاصة في أصول الحديث: ص 138).
(4) قال الزمخشري: وعربي صليب: خالص النسب. (أساس البلاغة: ص 257).
(5) قال الشيخ المامقاني: ومقتضاه: حمل المولى عند الاطلاق على مولى العتاقة، لكونه الأغلب.، وقد
يتأمل في أصل الانصراف، على فرض الغلبة والكثرة في بعض المعاني.، سواء كان هو الخامس الذي يقوله الوحيد
أو غيره، نظرا " إلى أن الانصراف الموجب لحمل الاطلاق على المنصرف إليه، إنما هو الوضعي الابتدائي، أو الحاصل
بعد الهجر لغيره من المعاني، بحيث بلغ حد الوضع الثانوي.
لا الانصراف الاطلاقي الابتدائي الزائل بعد التروي في الجملة، فإن ذلك لا يوجب الحمل عليه.، بل، هو
وغيره على حد سواء، لا يتعين أحدهما إلا بمعين.
وليس منه مطلق الغلبة، وإن أفادت الظن.، إذ لا دليل على اعتباره مطلقا ".، إذ غاية ما ثبت اعتبار الظن
بالمراد في باب الألفاظ بواسطة الوضع، وعدم نصب القرينة على خلاف الموضوع له.
390

الحقل الرابع
في: مولى الملازمة (1)
وقد يطلق المولى على معنى رابع.، وهو: الملازمة
كما قيل: مقسم، مولى ابن عباس، للزومه إياه (2)

أما فيما تعددت حقائقه، أو تعددت مجازاته بعد تعذر الحقيقة.، فلا دليل على تعيين بعضها بمطلق
الظن، ولو من غلبة ونحوها.
نعم، قد يقال: بأنه من جملة الامارات والقرائن المعينة للتنصيص على أحد المعاني في مورد.،
فإن ذلك قرينة على إرادة ذلك المعنى المنصوص عليه من لفظ المولى، في مورد آخر في كتاب واحد أو متعدد، لمصنف
واحد أو متعدد.، كما في إبراهيم بن أبي رافع.، فإنهم ذكروا انه كان مولى للعباس بن عبد المطلب، ثم وهبه للنبي
(صلى الله عليه وآله).، فلما بشر النبي (ص) باسلام العباس أعتقه، فإن ذلك قرينة على إرادة المملوك من المولى،
فتأمل. (مقباس الهداية: ص 151 - 152).
وأقول: الصحيح: إبراهيم أبو رافع.، وقيل: اسمه أسلم.، وقيل: هرمز.،..، ينظر: الدرجات الرفيعة:
ص 373.
(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 95، لوحة أ، سطر 4.، ولا، الرضوية.
(2) وقال الشيخ المامقاني: وكيف كان، فلا تفيد هذه اللفظة مدحا " يعتد به، في أي من معانيه استعمل.
نعم، لو استعمل في المصاحب والملازم والمملوك ونحوها، لم يبعد إفادته المدح، فيما إذا أضيف إلى المعصوم،
أو محدث ثقة جليل.
وذما ".، إذا أضيف إلى ملحد أو فاسق.، نظرا " إلى أن الطبع مكتسب من كل مصحوب، فتأمل. (مقباس
الهداية: ص 52).
وأقول: المراد بمقسم هنا هو:
مقسم بن بجرة.، ويقال: ابن نجده، أبو القاسم.، مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل.، ويقال له: مولى ابن
عباس، للزومه له.
روى عن: ابن عباس، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وعائشة.، وغيرهم.
كما حدث عنه: المقبري، وميمون بن مهران، والحكم بن عتيبة، وخصيف، وآخرون.
قالوا عنه: صدوق، وكان يرسل، مات سنة 101 ه‍.
له في البخاري حديث واحد، كما روى له الأربعة.
ينظر: الاقتراح في بيان الاصطلاح: ص 498 - 499، المستدرك على الصحيحين للحاكم: ح‍ 1 ص
461، تاريخ أبي زرعة الدمشقي: 2 / 582 رقم 1635، و 1636، و 1637، تقريب التهذيب: 2 / 273، تهذيب
التهذيب: 10 / 288، والجرح والتعديل: ح‍ 4 ق 1 ص 414، والمحاسن للبرقي: ص 480، والمنار المنيف: ص
138.
391

الحقل الخامس
في: من ليس بعربي (1)
وخامس.، وهو من ليس بعربي
فيقال: فلان مولى، وفلان عربي صريح.
وهذا النوع أيضا " كثير، ومرجع الجميع إلى نص أهل المعرفة عليه.
وفي كتب الرجال تنبيه على بعضه (2).

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 95، لوحة أ، سطر 6.، ولا، الرضوية.
(2) قال ابن كثير: وقد كان جماعة من سادات العلماء، في زمن السلف، من الموالي.
وقد روى مسلم في صحيحه: أن عمر بن الخطاب، لما تلقاه نائب مكة أثناء الطريق في حج أو عمرة قال
له: من استخلفت على أهل الوادي؟ قال: ابن أبزى.
قال: ومن ابن أبزى؟ قال: رجل من الموالي.
فقال: أما إني سمعت نبيكم (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إن الله يرفع بهذا العلم أقواما "، ويضع به
آخرين).
وذكر الزهري: أن هشام بن عبد الملك قال له: من يسود مكة؟ فقلت: عطاء.
قال: فأهل اليمن؟ قلت: طاووس.
قال: فأهل الشام؟ فقلت: مكحول.
قال: فأهل مصر؟ قلت: يزيد بن أبي حبيب.
قال: فأهل الجزيرة؟ فقلت: ميمون بن مهران.
قال: فأهل خراسان؟ قلت: الضحاك بن مزاحم.
قال: فأهل البصرة؟ قلت: الحسن بن أبي الحسن.
قال: فأهل الكوفة؟ فقلت: إبراهيم النخعي.
وذكر انه يقول له عند كل واحد: أمن العرب أم من الموالي؟ فيقول: من الموالي.
فلما انتهى قال: يا زهري، والله لتسودن الموالي على العرب، حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها.،
فقلت: يا أمير المؤمنين، إنما هو أمر الله وديته.، فمن حفظه ساد، ومن ضيعه سقط (الباعث الحثيث: ص 246 -
247)، وينظر: علوم الحديث لابن الصلاح - تحقيق عتر -: ص 402 - 403.
وأقول: نعم، فالمسألة مسألة دين، وليست مكاسب قومية، في مفاضلة بين أصول عرقية، عربية وغير
عربية.
وإلا، فالميدان كان، وفي ذلك الوقت بالذات، ثريا " بالأعراق الطاهرة العربية، متمثلة بالأئمة
المعصومين، كالباقر (عليه السلام)، ذوي المعطيات والقيم والمثل الرسالية.، وهم هم، بما في ذلك صحبهم
المنتجبين، كجابر الأنصاري مثلا "، بصرف النظر عن كونهم - والمقياس دين وتقوى - نتاج سيولة عربية - كما
أسلفت -، أو غير عربية.
392

المسألة الرابعة
في: معرفة الاخوة والأخوات
وتفصيل البحث في حقول
الحقل الأول
في: الفائدة
بمعنى (1): معرفة الاخوة والأخوات، من العلماء والرواة
وفائدة معرفته: زيادة التوسع في الاطلاع، على الرواة وأنسابهم
وقد أفردوه بالتصنيف، للاهتمام بشأنه لذلك (2).
الحقل الثاني
في: الأمثلة (3)
فمثال الأخوين من الصحابة:
- 1 -
عبد الله بن مسعود، وعتبه بن مسعود.، أخوان (4).

(1) هذا العنوان والزيادة.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 95، لوحة أ، سطر 5.، ولا، الرضوية.
(2) اقتبس الشئ ذاته المامقاني في مقباسه: ص 209.
هذا وقد صنف فيه جماعة.، منهم.، علي بن المديني، وأبو عبد الرحمان النسائي.، ينظر: الباعث الحثيث:
ص 189. وكذلك، صنف فيه أبو زرعه الدمشقي، الحافظ عبد الرحمان بن عمرو بن عبد الله بن صفوان النصري،
المتوفي سنة 281 ه‍.، واسم كتابه: (كتاب الاخوة والأخوات).
ذكره ابن عساكر في ترجمة (يحيى بن الحكم) بقوله: (قال أبو زرعه في كتاب الاخوة والأخوات...)،
كما في تاريخ دمشق (خ م): 12 / 500 ب، ومعجم بني أمية: ص 125.
كذلك.، ذكره ابن حجر، كما في كتابه تعجيل المنفعة: ص 219.، ينظر: تاريخ أبي زرعة الدمشقي
- مقدمة المحقق -: 1 / 65 - 66.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 95، لوحة أ، سطر 11.، ولا، الرضوية.
(4) ينظر: الباعث الحثيث: ص 198
وبخصوص عبد الله بن مسعود ينظر: الاستيعاب: 2 / 316، وأسد الغابة: 2 / 256، 3 / 259 - 260،
الإصابة: 2 / 368، تذكرة الحفاظ: 1 / 13، الحجة في القراءات السبع: ص 72، طبقات الفقهاء للشيرازي: ص
43، الباب في تهذيب الأنساب: 3 / 383، طبقات القراء: 1 / 459، المنار المنيف: 112، 146، معجم رجال
الحديث: 10 / 322 رقم 7160.
393

وزيد بن ثابت، ويزيد بن ثابت.، أخوان (1).
- 2 -
ومن أصحاب أمير المؤمنين: زيد وصعصعة، ابنا صوحان (2)
وربعي ومسعود ابنا خراش العنسيان (3)

(1) ينظر: الباعث الحثيث: ص 198.
وبخصوص زيد بن ثابت ينظر: غاية النهاية: 1 / 296، وصفة الصفوة: 1 / 294 ومعجم رجال الحديث:
7 / 336 رقم 4839.
(2) قال ابن سعد: صعصعة ابن صوحان بن حجر بن الحارث بن الهجرس بن صبرة..، وكان صعصعة
أخا زيد بن صوحان لأبيه وأمه.، وكان صعصعة يكنى أبا طلحة.، وكان من أصحاب الخطط بالكوفة، وكان خطيبا ".،
وكان من أصحاب علي بن أبي طالب، وشهد معه الجمل هو وأخواه زيد وسيحان أبنا صوحان، وكان سيحان
الخطيب قبل صعصعة، وكانت الراية يوم الجمل في يده، فقتل.، فأخذها زيد، فقتل.، فأخذها صعصعة.
وقد روى صعصعة عن علي بن أبي طالب قال: قلت لعلي: انهنا عما نهانا عنه رسول الله (صلى الله عليه
وآله).
وروى صعصعة أيضا " عن: عبد الله بن عباس.
وتوفي صعصعة بالكوفة، في خلافة معاوية بن أبي سفيان.، وكان ثقة قليل الحديث). طبقات ابن سعد
- طبعة أوربا -: ج 6 ص 154.
وأما بخصوص زيد بن صوحان.، فينظر: الجمل للمفيد: ص 134، واختيار معرفة الرجال - تعليقة
الداماد -: 1 / 284، وأسد الغابة: 2 / 233 - 234، وتاريخ ابن أعثم: ص 175، وجمهرة رسائل العرب:
1 / 379، والمعارف لابن قتيبة: ص 138،..
(3) هكذا هو النص في النسخة المرعشية: ورقة 95، لوحة أ، سطر 13.
وكذا هو في النسخة الرضوية: ورقة 56، لوحة ب، سطر 19 بنفس النص.
غير أنه جاء فيهما مصحفا ".، وصحيحه: ربعي ومسعود، ابنا حراش العبسيان.
وبخصوص ربعي بن حراش فهو كما قيل عنه: ربعي بن حراش بن جحشي العبسي، أبو مريم الكوفي، من
كبار التابعين، ومن عباد أهل الكوفة.، قال العجلي: تابعي ثقة من خيار الناس، لم يكذب كذبة " قط.، مات سنة
100 ه‍.، وقيل: غير ذلك.
ينظر: الاقتراح في بيان الاصطلاح: ص 367، وتقريب التهذيب 1 / 243، وتهذيب التهذيب:
3 / 236، ومشاهير علماء الأمصار: ص 102، وعلوم الحديث لابن الصلاح - تحقيق الدكتور نور الدين عتر -:
ص 351.
(وبخصوص مسعود بن حراش العبسي.، فينظر: معجم رجال الحديث: 18 / 143 رقم 12295.، غير أنه
ذكر فيه: مسعود بن خراش، بالخاء المعجمة وهو تصحيف.
394

ومن التابعين.، عمرو بن شرحبيل أبو ميسرة، وأرقم بن شرحبيل.، أخوان فاضلان من
أصحاب ابن مسعود (1)
وآخرين لا يحصى عددهم.
ومثال الثلاثة من الصحابة
- 1 -
سهل، وعباد، وعثمان.، بنو حنيف (2)
- 2 -
ومن أصحاب أمير المؤمنين: سفيان بن يزيد، وأخواه عبيد والحارث.، كلهم أخذ
رايته، وقتل في موقف واحد (3).

(1) وبخصوص عمرو بن شرحبيل الهمداني ينظر: الباعث الحثيث: ص 76، 198، وشرح نهج البلاغة:
4 / 97، وتكملة الرجال للكاظمي: 2 / 234 - 235، والغدير: 2 / 97، 6 / 253، 286، 9 / 25 وتفسير
الدر المنثور: 1 / 2، والإصابة: 2 / 535، وعلوم الحديث ومصطلحه: ص 263، ومنهج النقد في علوم الحديث:
ص 153 هذا، وقد صحف إلى عمر بن شرحبيل في معجم رجال الحديث: 13 / 40 رقم 8752.
وبخصوص الأرقم بن شرحبيل، ينظر: الباعث الحثيث: ص 198، وشرح نهج البلاغة: 13 / 33، 35،
ومعجم رجال الحديث: 3 / 20 رقم 1079.
(2) قال ابن كثير في موضوع (معرفة الاخوة والأخوات من الرواة)... ثلاثة إخوة: سهل، وعباد،
وعثمان.، بنو حنيف.، (الباعث الحثيث: ص 198).
وللتوسع.، ينظر: رجال البرقي - تحقيق الأرموي -: ص 66، ورجال الشيخ الطوسي: ص 20، 43،
واختيار معرفة الرجال - تعليقة الداماد -: 1 / 163 - 168، وخلاصة الأقوال: ص 81، وتهذيب التهذيب -
طبعة حيدر آباد دكن -: 4 / 251، ومعجم رجال الحديث: 8 / 335 رقم 5626.
وبخصوص عباد بن حنيف.، فلم أجد له ترجمة فيما بين يدي من المراجع.
نعم، في كتاب المغازي للواقدي: 3 / 1047.، أنه أحد المشتركين في بناء مسجد الضرار، الذي أمر رسول الله
(صلى الله عليه وآله) بهدمه وحرقه.
وبخصوص عثمان بن حنيف.، ينظر: مروج الذهب: 2 / 358، والجمل للمفيد: 147، 150، 152 -
153، واختيار معرفة الرجال - تعليقة الداماد -: 1 / 114، ورجال الشيخ الطوسي: ص 47، ورجال بحر العلوم.،
3 / 74 - 78، والإصابة - طبع مصر 1328 ه‍ -: 2 / 459، والاستيعاب - بهامش الإصابة -: 3 / 89، وتهذيب
التهذيب: 7 / 112، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال: ص 119، وتنقيح المقال: 2 / 245، ومعجم رجال
الحديث: 11 / 106 رقم 7575.
(3) هكذا هو النص في النسخة المرعشية: ورقة 95، لوحة ب، سطر 4.، وكذا هو نفسه في النسخة
الرضوية.
والنص، لا يخلو من نقص وتصحيف.، لعل سبق النظر والعجلة، هما علتا الوقوع فيه
395

وسال، وعبيدة، وزياد.، بنو الجعد الأشجعيون (1).
.

ثم سرى من بعد ثاني الشهيدين، كلا " أو بعضا "، إلى من اقتبس منه.
فالشيخ المامقاني اقتبسه هكذا: (ومن أصحاب أمير المؤمنين (ع): سفيان بن زيد.، وأخواه عبيد
والحرب، كلهم أخذ رايته، وقتلوا في موقع واحد). (مقباس الهداية: ص 210). علما "، بأني رجعت إلى تنقيح
المقال، فلم أجد ترجمة لأحد هؤلاء الثلاثة.
وأما بالنسبة للسيد الخوئي فالنص هكذا:
(سفيان بن يزيد.، أخذ الراية، ثم أخوه عبيد بن يزيد، ثم أخوه كرب بن يزيد، ثم أخذ الراية عميره بن
بشر، ثم أخوه الحارث بن بشر.، فقتلوا.، ثم أخذ الراية وهب بن كريب أبو القلوص - من أصحاب أمير المؤمنين -.،
رجال الشيخ: 25). معجم رجال الحديث: 8 / 161 رقم 5241.
ثم انه لم يترجم للحارث.، وقال عن عبيد بن يزيد: تقدم في أخيه سفيان بن يزيد، كما في: 11 / 60 رقم
7424.، وقال عن كرب بن يزيد: تقدم في ترجمة أخيه سفيان بن يزيد، كما في 14 / 113 رقم 9719.، وقال عن
عميره بن بشر: من أصحاب علي (عليه السلام): أخذ الراية بعد قتل كرب بن يزيد، وقتل - تقدم في سفيان بن
يزيد -، كما في: 13 / 159 رقم 9089.، وقال عن الحارث بن بشر: صاحب الراية، قتل في المعركة، من أصحاب
علي (عليه السلام)، ويأتي في سفيان بن يزيد كما في: 4 / 190 رقم 2449.، وقال عن وهب بن كريب
أبو القلوص، تقدم في ترجمة سفيان بن يزيد، كما في: 19 / 209 رقم 13195.
أما لو رجعنا إلى رجال الشيخ: ص 44 رقم 25 لوجدنا النص عنده هكذا: (سفيان بن يزيد، أخذ الراية
ثم أخوه عبيد بن يزيد، ثم أخوه كرب بن يزيد.، ثم أخذ الراية عميرة بن بشر، ثم أخوه الحارث بن بشر، فقتلوا، ثم أخذ
الراية وهب بن كريب أبو القلوص.
وإلى نفس الرجال، صورة النسخة الخطية المنسوخة سنة 533 ه‍، والمقروءة على جملة من العلماء الأفاضل،
العائدة إلى السيد العلامة المفهرس السيد عبد العزيز الطباطبائي، لوجدنا النص هكذا: (سفيان بن يزيد، أخذ الراية
ثم أخوه عبيد بن يزيد، ثم أخوه كرب بن يزيد.، ثم أخذ الراية عميرة بن بشر، ثم أخوه الحرث بن بشر، فقتلوا، ثم أخذ
الراية وهب بن كريب أبو القلوص.
، ورقة 16، لوحة أ، سطر 15 - 17.، ولوحة ب، سطر 1.
وعليه، فيبدو ان مرجع الشهيد الثاني، هو الشيخ الطوسي.، وأما الطوسي وكذا الخوئي الذي أخذ عنه،
فإن مرجعهما إلى المنقزي نصر بن مزاحم، على ما يظهر.
نعم، يبدو أن النص المنقول في رجال الشيخ، أساسا " قد أخذ بطريق الوجادة، من كتاب وقعة صفين
للمنقري.، والذي جاء فيه مسندا " وبشكل واضح جلي، له ما يعززه من مصداقية في تاريخ الطبري، كما همش
ذلك محقق الوقعة الأستاذ عبد السلام هارون، وفي شرح النهج لابن أبي الحديد: 5 / 201.، وفيه: زيد بدلا " من يزيد.
اجل.، النص في سنده هكذا: نصر، عن عمر، عن فضيل بن خديج، عن مولى الأشتر قال: لما انهزمت
ميمنة أهل العراق، أقبل علي..، ثم أخذ الراية سفيان بن يزيد، ثم عبد بن زيد، ثم كرب بن زيد، فقتل هؤلاء
الاخوة الثلاثة جميعا ".، ثم أخذ الراية عمير بن بشر، والحارث بن بشر، فقتلا.، ثم أخذ الراية وهب بن كريب
أبو القلوص..). وقعة صفين: 250 - 251 باختصار.
(1) هكذا المخطوطة المرعشية: ورقة 95، لوحة ب، سطر 4، الهامش الأيمن.، وكذا في النسخة
الرضوية: ورقة 57، لوحة أ، سطر 2.، كما أن الشئ ذاته في مقباس الهداية: ص 210
396

ومن أصحاب الصادق: الحسن، ومحمد، وعلي.، بنو عطيه الدغشي المحاربي (1)
ومحمد، وعلي، والحسين.، بنو أبي حمزة الثمالي (2)

ولكن.، يبدو الصحيح: بنو أبي الجعد.، وأبو الجعد هو: رافع الغطفاني الكوفي.، وفي ترجمته ينظر: تقريب
التهذيب - طبع مصر 1380 ه‍: 1 / 242 رقم 19، وتهذيب التهذيب: 3 / 232، وطبقات ابن سعد - طبعة
أوربا -: 6 / 139، والفوائد الرجالية - رجال السيد بحر العلوم -: 1 / 269، والغارات - تحقيق الأرموي -:
1 / 131، ومعجم رجال الحديث: 7 / 157 رقم 4487 و 4488.
وأما بخصوص زياد بن أبي الجعد.، فينظر: طبقات بن سعد: 6 / 203، رجال الشيخ الطوسي: ص 42،
تقريب التهذيب - طبع مصر -: 1 / 266 رقم 94، كتاب رجال البرقي - تحقيق الأرموي -: ص 5، وكتاب
الرجال لابن داوود: ع 162 رقم 640، الفوائد الرجالية - رجال بحر العلوم -: 1 / 269، 270، ومعجم رجال
الحديث: 7 / 300 رقم 4761، و 7 / 305 رقم 4772.
وأما بخصوص سالم بن أبي الجعد.، فينظر: الفوائد الرجالية - رجال بحر العلوم -: 1 / 269، 270، و
معجم رجال الحديث: 8 / 12 رقم 4933، و 8 / 13 رقم 4934، وتاريخ أبي زرعة الدمشقي: 1 / 293، ووقعة
صفين: ص 217، 219، والايضاح لابن شاذان: ص 66، والغارات: 1 / 131، والغدير: 3 / 93، و 8 / 291،
377، وشرح النهج: 3 / 98، 4 / 119، 6 / 372، وطبقات ابن سعد - طبعة أوربا -: 6 / 203،...
وأما بخصوص (عبيده)، على مثل هذه الصورة، تصغير (عبد) منته بتاء مربوطة.، فقد ورد هكذا في
النسخة المرعشية: ورقة 95، لوحة ب، سطر 4.، وكذا في النسخة الرضوية: ورقة 57، لوحة أ سطر 1.، وكذا في مقباس
الهداية - مقتبسا " -: ص 210.
غير أنه - فيما يبدو - في البين تصحيف.، وصحيحه (عبيد)، من دون تاء مدورة.، كما جاء ذلك في
رجال الشيخ - طبعة النجف -: ص 48.، وكذا في تقريب التهذيب - طبعة مصر -: 1 / 542 رقم 1539،
وتهذيب التهذيب - طبعة حيدر آباد -: 7 / 62، والفوائد الرجالية - رجال بحر العلوم -: 1 / 270 - 271.
وبالمناسبة.، فهو في رجال البرقي - تحقيق الأرموي -: عبيده.، كما في ص 5.
وفي معجم رجال الحديث: 10 / 86 رقم 6658، هو عبد الله بن أبي الجعد.، و 11 / 46 رقم 7388، وفيه:
عبيد بن الجعد، من دون لفظة (أبي).، و 11 / 61 رقم 7429، وفيه: عبيد النخعي.، و 11 / 92 رقم 7526، وفيه:
عبيده بن أبي الجعد.
أجل، الذي يظهر من الجميع، وبعد المقارنة - بين المصادر -.، أن الاسم الصحيح في هذا المجال هو:
عبيد.، والمقصود به: عبيد بن أبي الجعد، أخو سالم بن أبي الجعد وإخوته.
وأما بخصوص زياد بن أبي الجعد.، فينظر: معجم رجال الحديث: 7 / 300 رقم 4761، و 7 / 305 رقم
4772، والفوائد الرجالية: 1 / 269، 270، 271، وتقريب التهذيب: 1 / 266 رقم 94، وتهذيب التهذيب: 7 / 62
- طبع حيدر آباد -.
هذا، وقد صحف إلى زياد بن جعد، وزياد بن أبي الجعدة.
(1) بالنسبة إلى بني عطية الدغشي المحاربي ينظر: رجال بحر العلوم: 1 / 376 - 377.
(2) ينظر: الفوائد الرجالية - رجال بحر العلوم -: 1 / 258 - 263.
397

وعبد الله، وعبد الملك، وعريق.، بنو عطا بن أبي رباح (1).، نجباء
- 4 -
ومن أصحاب الرضا (ع) حما بن عثمان، والحسين، وجعفر - أخواه (2) -
وغيرهم.، وهم كثيرون أيضا ".
ومثال الأربعة - 1 -
عبيد الله، ومحمد، وعمران، وعبد الأعلى.، بنو علي بن أبي شعبه الحلبي.، ثقاة فاضلون.،
وكذلك أبوهم وجدهم (3)
- 2 -
وبسطام - أبو الحسين الواسطي -، وزكريا، وزياد، وحفص.، بنو شابور وكلهم ثقاة
أيضا " (4).
- 3 -
ومحمد، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب.، بنو الفضل بن يعقوب بن سعيد بن نوفل بن
حارث بن عبد المطلب.
وكل هؤلاء ثقاة من أصحاب الصادق (ع) (5)
- 4 -
وداوود بن فرقد.، وأخوته: يزيد، وعبد الرحمان، وعبد الحميد (6)
- 5 -
وعبد الرحيم، وعبد الخالق، وشهاب، ووهب.، بنو عبد ربه.
وكلهم خيار فاضلون (7)

(1) وبالنسبة إلى عطاء بن أبي رباح.، فينظر: تاريخ أبي زرعة الدمشقي: 1 / 247، ومعجم رجال
الحديث: 10 / 255 رقم 6991، و 11 / 25 رقم 7304، و 11 / 141 رقم 7674، و 11 / 143 رقم 7683، و
11 / 143 رقم 7684، و 11 / 144 رقم 7686، واختيار معرفة الرجال: 2 / 477.
(2) ينظر: اختيار معرفة الرجال - تعليقة الداماد -: 2 / 670 رقم 694، والجامع لرواة وأصحاب
الإمام الرضا (ع): ع 266 - 227 رقم 235.
(3) ينظر: الفوائد الرجالية: 1 / 214 - 222.
(4) ينظر: المصدر نفسه: 1 / 367 - 368.
(5) وقد أقتبس الشئ ذاته الشيخ الكاظمي في تكملة الرجال: 1 / 198.
(6) ينظر: الفوائد الرجالية: 1 / 382.
(7) ينظر: المصدر نفسه: 1 / 352 - 357.
398

- 6 - ومحمد، واحمد، والحسين، وجعفر.، بنو عبد عبد الله بن جعفر الحميري (1)
- 7 -
ومن غريب الاخوة الأربعة: بنو راشد، أبي إسماعيل السلمي.، ولدوا في بطن واحد،
وكانوا علماء.
وهم: محمد، وعمر، وإسماعيل، ورابع لم يسموه (2)
ومثال الخمسة
سفيان، ومحمد، وآدم، وعمران، وإبراهيم.، بنو عيينة، كلهم حدثوا (3)
ومثال الستة
من التابعين: أولاد سيرين: محمد المشهور، وأنس، ومعبد، وحفصة، وكريمة (4)
ومن رواة الصادق (عليه السلام): محمد، وعبد الله، وعبيد، وحسن، وحسين،
ورومي.، بنو زرارة بن أعين (5)
ومثال السبعة من الصحابة
بنو مقرن المزني.، وهم: النعمان، ومعقل، وعقيل، وسويد، وسنان، وعبد الرحمان،
وعبد الله.
وقيل: إن بني مقرن كانوا عشره (6)
ومثال الثمانية
زرارة، وبكير، وحمران، وعبد الملك، وعبد الرحمان، ومالك، وقعنب، وعبد الله.، بنو
أعين، من رواة الصادق (عليه السلام) (7).

(1) ينظر: رجال النجاشي - طبعة مؤسسة النشر الاسلامي بقم -: ص 304 - 355 رقم 949.
(2) ينظر: الباعث الحثيث: ص 198.
(3) ينظر: الباعث الحثيث: ص 198.
(4) ينظر: المصدر نفسه.
وهناك مثال آخر على الستة.، ينظر: وقعة صفين: ص 252.
(5) ينظر: الفوائد الرجالية: 1 / 222 - 257.
(6) ينظر: الباعث الحثيث: ص 199.
(7) ينظر: الفوائد الرجالية - رجال بحر العلوم -: 1 / 222 - 257، وتاريخ آل زرارة بن أعين
399

(ومثال التسعة) (1)
ويوجد في بعض الطرق: نجم بن أعين.، فيكون من أمثلة التسعة (2)
(ومثال العشرة) (3)
- 1 -
ولو أضيف إليهم أختهم أم الأسود، صاروا عشرة.
وما زاد على هذا العدد نادر.، فلذا وقف عليه الأكثر (4)
- 2 -
ومن أمثلة العشرة: أولاد العباس بن عبد المطلب.
وهم.، الفضل.، وعبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمان، وقثم، ومعبد، وعون، والحارث،
وكثير، وتمام - وكان أصغرهم -.
وكان العباس يحمله ويقول:
تموا بتمام فصاروا عشرة * يا رب فاجعلهم كراما " برره
واجعل لهم خيرا " ونم الثمرة (5)
وكان له ثلاث بنات: أم كلثوم، وأم حبيب، وأميمة.
والله تعالى أعلم.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 96، لوحة ب، سطر 2.، ولا، الرضوية.
(2) ينظر: الفوائد الرجالية: 1 / 222 - 257.
(3) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 96، لوحة ب، سطر 3.، ولا الرضوية.
(4) ينظر: الفوائد الرجالية: 1 / 222 - 257.
(5) في المخطوطة المرعشية ورقة 96، لوحة ب، سطر 9: (وأنم).
وينظر: الدرجات الرفيعة: ص 153.
400

المسألة الخامسة
في: معرفة الأوطان
وتفصيل البحث في حقول
الحقل الأول
في: فائدة المعرفة (1)
- 1 -
ومن المهم أيضا ": معرفة أوطانهم وبلدانهم.، فإن ذلك ربما يميز بين الاسمين المتفقين
في اللفظ
- 2 -
وأيضا ".، ربما يستدل بذكر وطن الشيخ، أو ذكر مكان السماع.، على الارسال بين
الراويين، إذا لم يعرف لهما اجتماع عند من لا يكتفي بالمعاصرة.
الحقل الثاني
في: علة الانتساب (2)
وقد كانت العرب تنسب إلى القبائل
وإنما حدث الانتساب إلى البلاد والأوطان، لما توطنوا فسكنوا القرى والمدائن،
وضاعت الأنساب.
فلم يبق لها غير الانتساب إلى البلدان والقرى، فانتسبوا إليها كالعجم، فاحتاجوا إلى
ذكرها (3).

(1) هذه العناوين ومعنوناتها.، نحن أضفناها، وليست من النسخة الأساسية.، ولا، الرضوية.
(2) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 96، لوحة ب، سطر 11، ولا، الرضوية.
(3) قال ابن الصلاح: وقد كانت العرب.، إنما تنتسب إلى قبائلها، فلما جاء الاسلام وغلب عليهم سكنى
القرى والمدائن، حدث فيما بينهم الانتساب إلى الأوطان، كما كانت العجم تنتسب.، وأضاع كثير منهم من أنسابهم،
فلم يبق لهم غير الانتساب إلى أوطانهم.، علوم الحديث: - تحقيق الدكتور عتر -: ص 404.
وبالمناسبة.، فقد ذكر الأستاذ شكر الله بن نعمة الله القوجاني، في معرض تعريفه بكتاب (الارشاد في
معرفة علماء البلاد)، للخليلي أبي يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد القزويني الحافظ (ت 446 ه‍).
قال سيادته: (من هذا الكتاب نسخة في تركيا - مكتبة أيا صوفيا رقم 2951، وعنها رقيقه في معهد
المخطوطات بالقاهرة -.، وطريقة المؤلف في التراجم فيه: هي تقسيم علماء الحديث على البلدان... تاريخ أبي زرعة
الدمشقي - مقدمة المحقق -: 1 / 2.
401

الحقل الثالث
في: كيفية النسبة (1)
- 1 -
فالساكن ببلد وإن قل - وقيل: يشترط سكناه أربع سنين -، بعد أن كان قد
سكن بلدا " آخر.، ينسب إلى أيهما شاء.، أو ينسب إليهما معا ".، مقدما " للأول من البلدين سكنى.
ويحسن عند ذلك: ترتيب البلد الثاني ب‍ (ثم).، فيقول مثلا ": البغدادي ثم
الدمشقي.
- 2 -
والساكن بقربة بلد ناحية إقليم.، ينسب إلى أيها شاء، القرية والبلد والناحية
والإقليم.
فمن هو من أهل جبع مثلا "، له أن يقول في نسبته: الجبعي، أو الصيداوي،
أو الشامي.
- 3 -
ولو أراد الجمع بينهما.، فليبدأ بالأعم.، فيقول: الشامي الصيداوي الجبعي.

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية: ورقة 97، لوحة أ، سطر 6.، ولا، الرضوية.
402

خاتمة (1)

(1) هذا العنوان.، ليس من النسخة الأساسية، وإنما نحن أضفناه للضرورة المنهجية.
403

- 1 -
فهذه جملة موجزة في الإشارة إلى مقاصد هذا العلم.، أعني.، دراية الحديث
وأنواعه، إجمالا.
ومن أراد الاستقصاء فيها، مع ذكر الأمثلة الموضحة لمطالبه.، فعليه بكتابنا
(غنية القاصدين في معرفة اصطلاح المحدثين).، فإنه قد بلغ في ذلك الغاية، وفق الله
تعالى لاكماله، بمحمد وآله.
والله تعالى الموفق للسداد، والهادي إلى سبيل الرشاد وهو حسبنا ونعم
الوكيل؟ - 2 -
فرغ من تسويد هذا التعليق، المنزل منزلة الشرح، للرسالة الموسومة ب‍ (البداية
في علم الدراية).، مؤلفها العبد الفقير إلى عفو الله تعالى (زين الدين علي بن أحمد
الشامي العاملي)، عامله الله بلطفه، وعفا عنه بمنه وفضله.، هزيع ليلة الثلاثاء،
خامس عشر شهري ذي الحجة الحرام، عام تسع وخمسين وتسعماية.، حامدا " مصليا " مسلما ".
404