الكتاب: الرسائل الرجالية
المؤلف: أبي المعالي محمد بن محمد ابراهيم الكلباسي
الجزء: ٢
الوفاة: ١٣١٥
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند الشيعة
تحقيق: محمد حسين الدرايتي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٢٢ - ١٣٨٠ش
المطبعة: سرور
الناشر: دار الحديث
ردمك: ٩٦٤-٧٤٨٩-١٠-٢
ملاحظات: دار الحديث للطباعة والنشر - قم - شارع آية الله المرعشي النجفي - قرب ساحة الشهداء / الهاتف : ٧٧٤١٦٥ ، ٧٧٤٠٥٢٣ - ص . ب : ٤٤٦٨ / ٣٧١٨٥

الرسائل الرجالية
لأبي المعالي محمد بن محمد إبراهيم الكلباسي
(1247 - 1315 ه‍. ق)
تحقيق
محمد حسين الدرايتي
الجزء الثاني
1

الكلباسي، محمد بن محمد إبراهيم، 1247 - 1315 ق.
الرسائل الرجالية / أبو المعالي محمد بن محمد إبراهيم الكلباسي؛ تحقيق: محمد حسين الدرايتي. - قم:
دار الحديث، 1422 ق. = 1380.
4 ج.
المصادر بالهامش.
1. حديث - علم الرجال. الف. العنوان. ب. الدرايتي، محمد حسين، 1343 ش -، المحقق.
5 ر 8 ك / 114 BP
264 / 297
شابك: 7 - 13 - 7489 - 964 ISBN: 964 - 7489 - 13 - 7
مؤسسة
دار الحديث الثقافية
الرسائل الرجالية / ج 2
تأليف: أبو المعالي محمد بن محمد إبراهيم الكلباسي
تحقيق: محمد حسين الدرايتي
المساعدون: عباس تبريزيان، عبد الحليم الحلي، عبد العزيز الكريمي
مقابلة النص: محمود سپاسي، مصطفى أوجي
نضد الحروف: فخر الدين جليلوند
الناشر: دار الحديث
الطبعة: الأولى، 1422 ق / 1380 ش
المطبعة: سرور
النسخ: 1500
الثمن: 2800 تومان
دار الحديث للطباعة والنشر - قم - شارع آية الله المرعشي النجفي - قرب ساحة الشهداء
الهاتف: 7741650 0251 - 7740523 0251 ص. ب 4468 / 37185
2

بسم الله الرحمن الرحيم
3

الفهرس الإجمالي
4 - رسالة في أصحاب الإجماع... 7
5 - رسالة في النجاشي... 195
6 - رسالة في ابن الغضائري... 369
7 - رسالة في الشيخ البهائي... 467
8 - رسالة في المحقق الخوانساري... 535
9 - رسالة في الصحيفة السجادية... 559
10 - رسالة في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري... 625
الفهرس التفصيلي... 641
5

4 - رسالة في أصحاب الإجماع
7

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
وبعد، فهذه رسالة في أصحاب الإجماع، المنقول في حقهم الإجماع في كلام
الكشي. وقد حررت الحال، في سوابق الأحوال، فيما حررت في الأصول من
الرجال، لكن قصدت في الحال تجديد المقال؛ ضبطا لما تخاطر في البال، في
بعض المحال بتكرار التذكار وتعميق الخيال، وعلى الله التوكل، ومنه المبدأ وإليه
المآل.
فنقول: إنه يتأتى الكلام في مقامات:
9

المقام الأول
في ذكر الجماعة المنقول في حقهم الإجماع
فنقول: إن الكشي جعل أصحاب الإجماع المشار إليهم على ثلاث طبقات:
[الطبقة الأولى من أصحاب الإجماع]
فقد جعل الطبقة الأولى من أصحاب الباقرين (عليهما السلام). قال في موضع:
في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام). أجمعت
العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر وأبي
عبد الله (عليهما السلام) وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأولين ستة: زرارة،
ومعروف بن خربوذ، وبريد، وأبو بصير الأسدي، والفضيل بن يسار،
ومحمد بن مسلم الطائفي. قالوا: أفقه الستة زرارة. وقال بعضهم، مكان
أبي بصير الأسدي: " أبو بصير المرادي " وهو ليث بن البختري (1).
وعن ابن شهرآشوب في المناقب أنه: " اجتمعت العصابة على أن أفقه الأولين
الستة المذكورة " (2).
وحكى الكشي في ترجمة محمد بن مسلم بسنده، عن عبد الرحمن بن

1. رجال الكشي 2: 507 / 431.
2. مناقب آل أبي طالب 4: 211، و 280.
11

الحجاج وحماد بن عثمان أنه: " ما كان أحد من الشيعة أفضل من محمد بن
مسلم " (1).
قوله: " على تصديق هؤلاء الأولين " ظاهر العبارة انعقاد إجماع العصابة على
تصديق جميع الفقهاء من أصحاب الباقرين (عليهما السلام)، وإنما ذكر ستة منهم أفقههم.
والظاهر أن التعبير ب‍ " الأولين " من جهة عدم اتفاق الفقهاء في أصحاب الأئمة
المتقدمين على الباقرين (عليهم السلام).
ومقتضى ما ذكر - من ظهور العبارة في (2) عموم الإجماع لجميع الفقهاء من
أصحاب الباقرين (عليهما السلام) - أن يعامل معاملة الإجماع مع كل من ذكر في ترجمته " أنه
فقيه " وهو من أصحاب الباقرين (عليهما السلام).
وربما جرى السيد الداماد - كما يأتي (3) - على ذلك، وعلى نظيره جرى في
الطبقتين الأخيرتين.
لكنه لا يتم في الطبقة الأخيرة، كما يظهر مما يأتي.
ويمكن أن يكون مقصوده ب‍ " هؤلاء الأولين " هو الستة المذكورة، والتعبير
ب‍ " الأولين " بملاحظة الطبقتين الأخيرتين.
إلا أنه خلاف ظاهر العبارة؛ مع أنه ينافي قوله: " فقالوا: أفقه الأولين ستة ".
لكن قوله: " في تسمية الفقهاء " إلى آخره، يرشد إلى ذلك؛ إذ المقصود
بالتسمية التعداد وليس المعدود ما عدا الستة.
[معنى " الأصحاب " لغة واصطلاحا]
قوله: " من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) " قد ذكر جماعة - منهم
التفتازاني في شرح التلخيص -: أن الأصحاب جمع صاحب، كطاهر وأطهار،

1. رجال الكشي 1: 391 / 280. وفيه: " أفقه " بدلا عن " أفضل ".
2. في " د " زيادة: " ترجمة ".
3. الرواشح السماوية: 63 - 65، الراشحة الرابعة عشر.
12

وشاهد وأشهاد (1).
وهو صريح المصباح، قال: " صحبته أصحبه، فأنا صاحب، والجمع صحب
وأصحاب وصحابة " (2).
وهو ظاهر القاموس، قال: " وهم أصحاب وأصاحيب وصحبان وصحاب
وصحابة وصحابة وصحب " (3)؛ حيث إن الظاهر من كلامه كون كل من الجموع
المذكورة جمعا لمفرد واحد، والظاهر أنه أحال حال المفرد على الظهور، وليس
غير الصاحب ما يليق بهذه المرحلة.
وهو ظاهر الحاشية المحكية عن الشهيد الثاني - عند شرح قول الشهيد الأول
في اللمعة، عند الكلام في طلاق العدة: " وقال بعض الأصحاب " - من قوله:
" استعمل الأصحاب لفظ الصاحب في غير الإمامي " (4).
وفي الصحاح والمجمع: أن جمع الصاحب صحب، مثل راكب وركب،
والأصحاب جمع صحب، مثل فرخ وأفراخ (5).
وقد حكم الخطائي في تعليقاته على الشرح المختصر على التلخيص بأن
الفاعل لا يجمع على أفعال؛ وفاقا لما نقله عن صاحب الكشاف، وجرى على أن
الأصحاب جمع صحب بالكسر كنمر وأنمار، أو صحب بالسكون كنهر وأنهار،
وجعل الأطهار جمع طهر بالضم مثل قفل وأقفال، وبنى على أن التوصيف بها
للمبالغة نحو: زيد عدل (6).

1. كتاب المطول: 9.
2. المصباح المنير 1: 333 (صحب).
3. القاموس المحيط 1: 95 (صحب).
4. حاشية الروضة البهية (الطبعة الحجرية) 1: 131.
5. الصحاح 1: 161؛ مجمع البحرين 1: 583 (صحب).
6. انظر أساس البلاغة: 249.
13

وربما احتمل بعض كون الأطهار جمع طهر - بالفتح - اسم جمع لطاهر،
كصحب اسم جمع لصاحب، وقيل: إن الأشهاد جمع شهد، كنهر وأنهار.
ثم إن أصحاب الإمام (عليه السلام) بين من روى عنه بالسماع عنه - وهو الظاهر من
الأصحاب - ومن روى عمن سمع من أصحابه - سواء كان المروي عنه موثوقا به
أم لا - ومن أدركه لكن لم يسمع منه شيئا، أو سمع منه شيئا قليلا.
فالأصحاب بين أصحاب الرواية وأصحاب اللقاء، وأصحاب الرواية بين
أصحاب السماع وغيرهم.
وربما يعبر عن الأخير ب‍ " أصحاب الإسناد " لكن عد من كان من الأخير في
الرجال من أصحاب الإمام نادر، ومنه قول النجاشي في ترجمة عبد الله بن
مسكان: " وكان من أروى أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) " (1) على أحد الاحتمالين، بل
الاحتمال الظاهر، ويظهر الحال بما يأتي (2).
بل فسر السيد الداماد قول الشيخ: " أسند عنه " في ترجمة جماعة أكثرهم
من أصحاب الصادق (عليه السلام) - والأكثر يبلغ مائة وسبعة وستين على ما قيل (3)، بل قيل:
إنه لم تتفق اللفظة المذكورة في ترجمة غير أصحاب الصادق (عليه السلام) (4)، إلا أنه مدخول
بأنه قال الشيخ في ترجمة حماد بن راشد - وهو من أصحاب الباقر (عليه السلام) -: " أسند
عنه " (5) كما أنه اتفقت تلك اللفظة من غير الشيخ أيضا؛ لأنه ذكرها العلامة في

1. رجال النجاشي: 214 / 559؛ وحكاه عنه في خلاصة الأقوال: 106 / 22.
2. في ص 45 وما بعدها. والمراد من " أحد الاحتمالين " هو حصر رواية ابن مسكان عن الصادق (عليه السلام) في
حديث إدراك المشعر.
3. انظر سماء المقال 2: 163 لترى ما وقع فيه ولد المصنف (رحمهما الله).
4. قد ادعى المرحوم الدربندي في القواميس: 120 (مخطوط) ما نصه: " إن كل من ذكر من علماء
الرجال في ترجمته: أنه ممن أسند عنه، فهو بحكم التتبع التام والاستقراء الكامل ليس إلا من أصحاب
الصادق (عليه السلام) ". انظر مقباس الهداية للمامقاني 2: 229.
5. رجال الشيخ: 117 / 39.
14

الخلاصة في ترجمة يحيى بن سعيد بن فيض الأنصاري (1) - بأن الغرض أن الراوي
لم يسمع من الصادق (عليه السلام)، لكن سمع من أصحابه الموثوق بهم وأخذ من أصولهم
المعتبرة (2).
لكنه ينقدح (3) بأنه قال الشيخ في ترجمة محمد بن مسلم: " أسند عنه " وقال:
" روى عنهما " (4) يعني: الباقرين (عليهما السلام)، بل روايته عنهما كثيرة.
مع أنه على ذلك لابد من العمل برواية من قيل في شأنه: " أسند عنه " مع أنه
لم يعهد من أحد، مضافا إلى عدم مساعدة لفظة " أسند عنه " بحسب المعنى
اللغوي لذلك، لو كانت معلومة.
وأما لو كانت مجهولة فلا معنى لها إلا وقوع الإسناد إلى الرواية عمن قيل في
شأنه: " أسند عنه " ولا دلالة لها على ذلك.
اللهم إلا أن يكون الأمر من باب الاصطلاح، لكنه بعيد.
[نظر السيد الداماد في " الأصحاب "]
قال السيد الداماد في الرواشح في الراشحة الرابعة عشر:
اصطلاح كتاب الرجال للشيخ في الأصحاب: أصحاب الرواية، لا أصحاب
اللقاء، ولذلك إنما ذكر محمد بن أبي عمير في أصحاب أبي الحسن
الثاني علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) (5)، ولم يذكر في أصحاب أبي الحسن
الأول موسى بن جعفر الكاظم (عليهما السلام) مع أنه ممن لقيه (عليه السلام)، وهو من أوثق
الناس عند الخاصة والعامة، وأنسكهم وأورعهم، وأعبدهم وأوحدهم

1. خلاصة الأقوال: 264 / 1.
2. الرواشح السماوية: 63 - 65، الراشحة الرابعة عشر.
3. أي: يقدح ويعاب، وهو استعمال لا تساعده معاجم اللغة.
4. رجال الشيخ: 300 / 317.
5. رجال الشيخ: 388 / 26.
15

جلالة وقدرا، واحد زمانه في الأشياء كلها، وممن أجمع أصحابنا على
تصحيح ما يصح عنه، وأقروا له بالفقه والعلم، وأفقه من يونس، وأصلح
وأفضل؛ لما قد قال في الفهرست: إنه أدرك أبا إبراهيم موسى بن
جعفر (عليه السلام) ولم يرو عنه (1)، ومراده: أنه قليل الرواية عنه (عليه السلام)، لا أنه لم يرو
عنه (عليه السلام) أصلا، ففي كتب الأخبار عموما - وفي التهذيب والاستبصار
خصوصا - روايات مسندة عن ابن أبي عمير عن أبي الحسن الكاظم (عليه السلام) (2).
وقال النجاشي في كتابه: إنه لقي أبا الحسن موسى (عليه السلام)، وسمع منه
أحاديث كناه في بعضها، فقال: " يا أبا أحمد " (3).
وأيضا لم يذكره في أصحاب أبي جعفر الجواد (عليه السلام) - مع أنه قد أدركه - لهذا
الوجه بعينه.
وبناء على هذا الاصطلاح ذكر في أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد
الصادق (عليهما السلام) القاسم بن محمد الجوهري (4)، وهو من أصحاب الكاظم (عليه السلام)
لقاء ورواية ولم يلق أبا عبد الله (عليه السلام) اتفاقا، فأورده في أصحاب الكاظم (عليه السلام)
على أنه من أصحاب اللقاء له والرواية عنه جميعا، فقال: القاسم بن
محمد الجوهري له كتاب، واقفي (5). وفي أصحاب الصادق (عليه السلام) على أنه
من أصحابه لالقاء له ولا سماعا منه، بل رواية بالإسناد عنه فقال:
القاسم بن محمد الجوهري مولى تيم الله، كوفي الأصل، روى عن
علي بن حمزة وغيره، له كتاب (6).

1. الفهرست: 142 / 617.
2. ستأتي إن شاء الله تعالى.
3. رجال النجاشي: 326 / 887.
4. رجال الشيخ: 276 / 49.
5. رجال الشيخ: 358 / 1.
6. رجال الشيخ: 276 / 49.
16

وقال في أصحاب الصادق (عليه السلام) في باب الغين: غياث بن إبراهيم أبو محمد
التميمي الأسدي، أسند عنه، وروى عن أبي الحسن (عليه السلام) (1). - ثم قال -:
وبالجملة، قد أورد الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السلام) جماعة جمة، إنما
روايتهم عنه (عليه السلام) بالسماع من أصحابه الموثوق بهم، والأخذ من أصولهم
المعول عليها، ذكر كلا منهم وقال: أسند عنه، فمنهم من لم يلقه ولم
يدرك عصره (عليه السلام)، ومنهم من أدركه ولقيه، ولكن لم يسمع منه رأسا أو إلا
شيئا قليلا، فإن اشتهيت فعليك بمراجعة كتاب الرجال وإحصاء ما فيه
على تدبر وتدرب وبصيرة، وكذلك أصحاب الباقر (عليه السلام) عدة من هذا
القبيل وعلى هذا السبيل، فإذن قد استبان من ذلك حق الاستبانة الفرق
هنالك بين أصحاب الرواية بالسماع منه وأصحاب اللقاء من دون
الرواية مطلقا، إلا أن ذلك المسلك في كتاب الرجال يبتدئ من لدن
أصحاب الباقر (عليه السلام). انتهى (2).
وقد حررنا الكلام في باب " أسند عنه " في بعض الفوائد المرسومة في ذيل
الرسالة المعمولة في رواية الكليني عن أبي داود.
[المقصود بأبي بصير هذا هو يحيى بن القاسم الأسدي]
قوله (3): " وأبو بصير الأسدي " الظاهر - بل بلا إشكال - أن المقصود به هو
يحيى بن القاسم - أو أبي القاسم - الأسدي، لا عبد الله بن محمد الأسدي؛ لأن
الأخير لم يثبت كونه من أصحاب الصادق (عليه السلام)، وغاية الأمر فيه كونه من أصحاب
الباقر (عليه السلام)، كما هو مقتضى كلام الشيخ في الرجال (4)، والمفروض أن الأول من

1. رجال الشيخ: 270 / 16.
2. الرواشح السماوية: 63 - 65، الراشحة الرابعة عشر.
3. أي: قول الكشي.
4. رجال الشيخ: 129 / 26.
17

أصحاب الباقرين (عليهما السلام).
إلا أن يقال: إن مقتضى كلام الكشي رواية الأخير عن الصادق (عليه السلام) (1)؛ فمقتضى
الجمع بين كلامه وكلام الشيخ هو كونه من أصحاب الباقرين (عليهما السلام)، إلا أن ما يقتضيه
كلام الكشي - من كونه من أصحاب الصادق (عليه السلام) - لا يتم كما حررناه عند الكلام في
أبي بصير فيما حررته في الرجال في الأصول.
مع أنه لو كان مقتضى كلامه كونه من أصحاب الصادق (عليه السلام) فينافيه (2) عده من
أصحاب الباقرين (عليهما السلام)، ولا يجدي الجمع بين كلامه وكلام الشيخ في تصحيح
كلامه من عده من أصحاب الباقرين (عليهما السلام).
إلا أن يقال: إن غاية ما يقتضيه كلامه في ترجمة عبد الله دعوى روايته عن
الصادق (عليه السلام) في الجملة، لا كونه من أصحابه فقط، فلا منافاة بينه وبين عده من
أصحاب الباقرين (عليهما السلام).
ولأن الأخير لم يوثقه أحد من أهل الرجال، بل عن بعض التصريح بكونه
مهملا (3) فيبعد أن يكون ممن أجمعت (4) العصابة على تصديقه؛ لبعد أن يقع
الإجماع على وثاقته ولا يصل توثيقه إلينا رأسا.
إلا أن يقال: إنه مبني على دلالة نقل الإجماع على التصديق، على وثاقة من
نقل الإجماع في حقه فقط أو مع من روى عنه.
لكن الأظهر الدلالة على وثاقة من نقل الإجماع في حقه، كما يأتي.
ولأن الظاهر أن التقييد بالأسدي لتعيين المراد، وكفايته في التعيين، ألا ترى أنه
لم ينتفع (5) بالمرادي في تعيين المراد بأبي بصير المرادي، وأتى بقوله: " وهو

1. رجال الكشي 1: 409 / 299.
2. في " ح ": " فينافي ".
3. انظر الرسائل الرجالية للشفتي: 150.
4. في " د ": " اجتمعت ".
5. في " د ": " يقع ".
18

ليث بن البختري "؟ ولا يتأتى التعيين إلا مع مجيء الانصراف - في صورة التقييد -
إلى معين، فالظاهر أن أبا بصير الأسدي كان منصرفا إلى معين، ولا انصراف إلى
عبد الله بن محمد؛ لأنه متروك الذكر في كتب الرجال، بل قال بعض أصحابنا: لم
نجد اسمه في كتب الأخبار، فلابد أن يكون الانصراف إلى يحيى.
ولأن الشيخ في الرجال في باب أصحاب مولانا الصادق (عليه السلام) قال: " يحيى بن
القاسم أبو محمد يعرف بأبي بصير الأسدي " (1)، فلابد أن يكون أبو بصير الأسدي
منصرفا إلى يحيى، وإلا لما كان يحيى يعرف بأبي بصير الأسدي.
ولأنه لو كان المراد هو عبد الله بن محمد، فكان ممن أجمع العصابة على
تصديقه وكونه من أفقه الأولين، لكان مقتضاه أن يكون صاحب الكتاب، ويروي
عنه راو، بل (2) يكون متكثر الرواية، مع أنه لم يذكر في ترجمة كتاب له ولا رواية
شخص عنه، وإن كان مقتضى كلام الكشي (3) رواية عبد الله بن وضاح عنه كما
يظهر مما يأتي نقلا وردا.
ولا كثرة في رواية عبد الله بن محمد الأسدي، بل قال بعض أصحابنا: " إنا
تتبعنا فلم نجد رواية نجزم أو نظن أنها رواية عبد الله بن محمد ".
نعم، في بعض الأسانيد رواية، إلا أنه محتمل للحجال، بل في بعض الأسانيد
التقييد به، وليس عبد الله بن محمد المكنى بأبي بصير هو الحجال وإن توهمه
بعض الأواخر (4).
هذا كله بعد الإغماض عن انصراف أبي بصير - بدون التقييد بالأسدي - إلى
يحيى الأسدي، وعدم تناوله لغيره، كما جرى عليه بعض الأصحاب (5)، وإلا

1. رجال الشيخ: 333 / 9.
2. في " د ": " بأن ".
3. انظر رجال الكشي 1: 409 / 299.
4. انظر الرسائل الرجالية للشفتي: 150.
5. الرسائل الرجالية للشفتي: 152 و 153.
19

فانصراف أبي بصير بدون التقييد بالأسدي إلى يحيى الأسدي أوضح.
وكذا على تقدير كون عبد الله بن محمد يكنى بأبي بصير، وأما على تقدير
عدمه فالأمر واضح.
وأما احتمال كون المقصود بأبي بصير هو يحيى بن القاسم الحذاء، أو
يحيى بن أبي القاسم الحذاء، فلا مجال له؛ لأنهما - بناء على تعددهما وتغايرهما
مع الأسدي كما هو الأظهر - فلا يكنى (1) واحد منهما بأبي بصير، وليس أحد منهما
أسديا.
[مغايرة أبي بصير الأسدي للمرادي]
قوله: (2) " وقال بعضهم مكان أبي بصير الأسدي: أبو بصير المرادي، وهو
ليث بن البختري ".
مقتضى هذا الكلام - وهو الصحيح - مغايرة الأسدي مع المرادي.
إلا أنه قد روى في ترجمة ليث المرادي روايتين متعلقتين بالأسدي،
ومقتضاه الاتحاد، قال:
محمد بن مسعود، قال: سألت علي بن الحسن بن فضال عن أبي بصير
قال: كان اسمه يحيى بن أبي القاسم، فقال: أبو بصير كان يكنى
أبا محمد، وكان مولى لبني أسد، وكان مكفوفا (3).
وقال أيضا:
حمدويه، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن شعيب
العقرقوفي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ربما احتجنا أن نسأل عن الشيء

1. في " د ": " فلا يكن ". والأولى حذف الفاء؛ لأنه خبر أن.
2. أي: قول الكشي.
3. رجال الكشي 1: 404 / 296.
20

فمن نسأل؟ قال: " عليك بالأسدي يعني أبا بصير " (1).
ونظيره حكاية رواية عبد الله بن وضاح، عن أبي بصير في ترجمة
عبد الله بن محمد حيث قال:
في أبي بصير عبد الله بن محمد الأسدي. طاهر بن عيسى، قال: حدثني
جعفر بن أحمد الشجاعي، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن
الحسن الميثمي، عن عبد الله بن وضاح، عن أبي بصير، قال: سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) عليه السلام عن مسألة في القرآن، فغضب وقال: " أنا رجل
تحضرني قريش وغيرهم، وإنما تسألني عن القرآن؟ " فلم أزل أطلب
إليه وأتضرع حتى رضي، وكان عنده رجل من أهل المدينة مقبل عليه،
فقعدت عند باب البيت على بثي وحزني، إذ دخل بشير الدهان فسلم
وجلس عندي، فقال لي: سله عن الإمام بعده، فقال: لو رأيتني مما قد
خرجت من هيئته لم تقل لي: سله، فقطع أبو عبد الله (عليه السلام) حديثه مع
الرجل، ثم أقبل فقال: " يا أبا محمد ليس لكم أن تدخلوا علينا في أمرنا،
وإنما عليكم أن تسمعوا وتطيعوا إذا أمرتم " (2).
حيث إن مقتضاه ثبوت إطلاق أبي بصير على عبد الله بن محمد الأسدي،
فمقتضاه تحقق رواية عبد الله بن محمد الأسدي عن الصادق (عليه السلام).
إلا أنه لا دليل على كون المقصود بأبي بصير في سند الرواية المذكورة هو
عبد الله بن محمد الأسدي، فلا يثبت إطلاق أبي بصير على عبد الله بن محمد
الأسدي، بل لا دليل على كون المقصود بأبي محمد في كلام الصادق (عليه السلام) في الرواية
المذكورة هو عبد الله بن محمد بعد تسليم ثبوت كون المراد بأبي بصير هو
عبد الله بن محمد الأسدي؛ لاحتمال كون المقصود بأبي محمد هو بشير الدهان،

1. رجال الكشي 1: 400 / 291.
2. رجال الكشي 1: 409 / 299.
21

فذكر الرواية من الكشي في طي عنوان أبي بصير عبد الله بن محمد الأسدي مبني
على كون المقصود بأبي بصير وأبي محمد هو عبد الله بن محمد، ولا دليل على
شيء منهما.
إلا أن يقال: إنه يكفي في صحة ذكر الرواية - المذكورة في طي العنوان
المذكور - ارتباط الرواية بالعنوان في الجملة بارتباط صدرها به، كما هو الحال
على تقدير كون المقصود بأبي بصير هو عبد الله بن محمد، ولا يلزم في صحة
ذلك ارتباط الرواية بالعنوان المذكور صدرا وذيلا، كما هو الحال على تقدير كون
المقصود بأبي محمد هو عبد الله بن محمد الأسدي.
[أبو بصير هو كنية ليث بن البختري المرادي أيضا]
وربما احتمل بعض أصحابنا - في الاعتذار عما يقتضيه كلام الكشي من اتحاد
أبي بصير الأسدي وأبي بصير المرادي؛ لأن عنوان الكشي - [وهو] " في أبي بصير
ليث بن البختري المرادي " - وذكر الروايتين المتقدمتين في طي هذا العنوان
يقتضي اتحاد أبي بصير الأسدي وأبي بصير المرادي - كون الأصل " في أبي بصير
وليث بن البختري المرادي " فسقطت الواو من قلم الكشي أو الشيخ أو الناسخين،
أو أسقطه الناظرون من سوء فهمهم.
لكنك خبير بأن مقتضى العبارة كون ليث غير مكنى بأبي بصير، وهو خلاف
ما يقتضيه كلام الكشي (1) والشيخ المفيد في الاختصاص (2) والشيخ الطوسي في
الفهرست (3) وفي الرجال في باب أصحاب مولانا الباقر والكاظم (عليهما السلام) (4)، بل هو خلاف
مقتضى ما في الأخبار التي رواها الكشي في ترجمة ليث المرادي، وغيرها،

1. رجال الكشي 1: 409 / 299.
2. الاختصاص: 83 باب تسمية من شهد مع الحسين بن علي (عليهما السلام) بكربلاء.
3. الفهرست: 130 / 574.
4. رجال الطوسي: 134 / 1 و 358 / 2.
22

كقول الصادق (عليه السلام) في رواية: " وأبو بصير ليث بن البختري " (1). وفي رواية أخرى:
" وأبو بصير ليث المرادي " (2).
وقول الكاظم (عليه السلام) في رواية: " وأبو بصير ليث بن البختري المرادي " (3).
وقول ابن أبي يعفور: " وفينا أبو بصير المرادي " (4).
وقول حماد بن عثمان: " قال أبو بصير المرادي " (5).
وقول بكير: " لقيت أبا بصير المرادي " (6).
وقول العقرقوفي: " فذكرت ذلك لأبي بصير المرادي " (7)؛ إذ المقصود
بأبي بصير المرادي هو ليث بن البختري، كما يظهر مما ذكر؛ حيث إنه قد روى
الكشي في ترجمة المرادي بالإسناد عن جميل بن دراج قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " بشر المخبتين بالجنة: بريد بن معاوية
العجلي، وأبا بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمد بن مسلم،
وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله في حلاله وحرامه، لولا هؤلاء لانقطعت
آثار النبوة واندرست " (8).
وروى في ترجمة زرارة بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام) يقول:
ما أحد أحيا ذكرنا وأحاديث أبي إلا زرارة، وأبو بصير ليث المرادي،
ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية العجلي، ولولا هؤلاء ما كان أحد

1. رجال الكشي 1: 398 / 286.
2. رجال الكشي 1: 348 / 219.
3. رجال الكشي 1: 45 / 20.
4. رجال الكشي 1: 398 / 285.
5. رجال الكشي 1: 403 / 294.
6. رجال الكشي 1: 399 / 288.
7. رجال الكشي 1: 402 / 293.
8. رجال الكشي 1: 398 / 286.
23

يستنبط هذا، هؤلاء حفاظ الدين، وأمناء أبي على حلال الله وحرامه،
وهم السابقون إلينا في الدنيا، والسابقون إلينا في الآخرة (1).
وروى في أوائل كتابه بالإسناد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام):
إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله (صلى الله عليه وآله)
إلى أن قال: ثم ينادي المنادي: أين حواري محمد بن علي، وحواري
جعفر بن محمد، فيقوم عبد الله بن شريك العامري، وزرارة بن أعين،
وبريد بن معاوية العجلي، ومحمد بن مسلم، وأبو بصير ليث بن
البختري المرادي (2).
وروى في الترجمة المتقدمة مرسلا قوله:
روي عن ابن أبي يعفور، قال: خرجت إلى السواد نطلب دراهم لنحج،
ونحن جماعة، وفينا أبو بصير المرادي، قلت له: يا أبا بصير اتق الله وحج
بمالك، فإنك ذو مال كثير، فقال: اسكت، فلو أن الدنيا وقعت
لصاحبك، لاشتمل عليها بكسائه (3).
وروى بالإسناد عن حماد بن عثمان، قال:
خرجت أنا وابن أبي يعفور وآخر إلى الحيرة أو إلى بعض المواضع،
فتذاكرنا الدنيا، فقال أبو بصير المرادي: أما إن صاحبكم لو ظفر بها،
لاستأثر بها، قال: فأغفى (4) فجاء كلب يريد أن يشغر (5) عليه، فذهبت
لأطرده، فقال ابن أبي يعفور: دعه، قال: فجاء حتى شغر في أذنه (6).

1. رجال الكشي 1: 348 / 219.
2. رجال الكشي 1: 40 / 20.
3. رجال الكشي 1: 397 / 285.
4. أي: " نام ". انظر الصحاح 6: 2448 (غفا).
5. شغر الكلب يشغر إذا رفع إحدى رجليه ليبول. الصحاح 2: 700 (شغر).
6. رجال الكشي 1: 403 / 294.
24

وروى بالإسناد عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن المكفوف، عن
رجل، عن بكير، قال:
لقيت أبا بصير المرادي، قلت: أين تريد؟ قال: أريد مولاك، قلت: أنا
أتبعك، فمضى معي، فدخلنا عليه وأحد النظر إليه وقال: " هكذا تدخل
بيوت الأنبياء وأنت جنب؟ "، فقال: أعوذ بالله من غضب الله وغضبك،
وقال: أستغفر الله ولا أعود (1).
وروى بالإسناد عن شعيب العقرقوفي، قال:
سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة لها زوج ولم يعلم، قال:
" ترجم المرأة، وليس على الرجل شيء إذا لم يعلم "، فذكرت ذلك
لأبي بصير المرادي، قال: قال لي والله جعفر: " ترجم المرأة ويجلد
الرجل " وقال بيده على صدره يحكها: أظن صاحبنا ما تكامل علمه (2).
وبعد فقد حكى في الخلاصة: أن ابن الغضائري حكى أن أصحاب
المرادي كانوا يختلفون في شأنه، وقال: " وعندي أن الطعن في دينه لا في
حديثه " (3). وهو يؤيد أن المقصود بأبي بصير الأسدي ليس عبد الله بن محمد
الأسدي.
[الطبقة الثانية من أصحاب الإجماع]
وقد جعل الطبقة الثانية من أصحاب الصادق (عليه السلام) فقال في موضع آخر:
تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام). أجمعت العصابة على
تصحيح ما يصح عن هؤلاء وتصديقهم لما يقولون، وأقروا لهم بالفقه

1. رجال الكشي 1: 399 / 288.
2. رجال الكشي 1: 402 / 293.
3. خلاصة الأقوال: 136 / 2.
25

من دون أولئك الستة الذين عددناهم وسميناهم، ستة نفر: جميل بن
دراج، وعبد الله بن مسكان، وعبد الله بن بكير، وحماد بن عيسى،
وأبان بن عثمان، وحماد بن عثمان. قالوا: وزعم أبو إسحاق الفقيه
- يعني: ثعلبة بن ميمون - أن أفقه هؤلاء جميل بن دراج، وهم أحداث
أبي عبد الله (عليه السلام) (1).
قوله: " من دون أولئك " إما تابع لقوله: " هؤلاء "، فقوله: " ستة نفر " بالجر تابع
أيضا لقوله: " هؤلاء "، فالإجماع مقصور على الستة، والفقهاء منحصر فيهم أيضا،
أو خبر مقدم لقوله: " ستة نفر "، فالإجماع غير مقصور على الستة، والفقهاء غير
منحصر فيهم أيضا.
لكن قوله: " تسمية الفقهاء " يرشد إلى الأول، كما يظهر مما مر.
قوله: " وحماد بن عثمان " الظاهر أن المقصود هو الملقب بالناب لا الفزاري،
بناء على تعدد حماد بن عثمان، كما جرى عليه غير واحد (2)، بل هو المحكي عن
أصحاب الرجال (3)؛ إذ الظاهر أن الملقب بالناب هو المشهور، بل ربما يقال: إنه لا
كلام في كونه مشهورا، لكن فيه كلام؛ إذ لم يتكثر التقييد بالناب في الأسانيد، بل
لم يتأت التقييد به فيها رأسا، لكن على هذا يتطرق الفتور في الظهور المذكور.
لكن في كلام ابن داود أنه يعرف بالناب (4)، ومقتضاه: اشتهار الملقب بالناب؛
إذ اشتهار الشيء بالشيء فرع اشتهار ذلك الشيء، وتكفي الشهرة في المقام بناء
على كفاية الشهرة في تعيين المشترك كما هو الأظهر، خلافا للمحقق القمي، لكن
زيفنا كلامه في محله.

1. رجال الكشي 2: 673 / 705.
2. تعليقة الوحيد البهبهاني: 124، وانظر منتهى المقال 3: 114 / 994.
3. انظر منتهى المقال 3: 114 / 994.
4. رجال ابن داود: 84 / 521.
26

ولعل الأظهر القول باتحاد حماد بن عثمان في الناب، وقد حررنا الحال في
الرسالة المعمولة في حماد بن عثمان.
قوله: " وهم أحداث أبي عبد الله (عليه السلام) " قال في الصحاح: " ويقال للفتى: حديث
السن، فإذا حذفت السن قلت: حدث - بفتحتين - وجمعه أحداث " (1).
[الطبقة الثالثة من أصحاب الإجماع]
وقد جعل الطبقة الثالثة من أصحاب الكاظمين (عليهما السلام)، فقال في موضع ثالث:
تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم الكاظم وأبي الحسن الرضا (عليهما السلام).
أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عن هؤلاء وتصديقهم، وأقروا لهم
بالفقه والعلم، وهم ستة نفر آخر دون الستة نفر الذين ذكرناهم في
أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام): منهم يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن
يحيى بياع السابري، ومحمد بن أبي عمير، وعبد الله بن المغيرة،
والحسن بن محبوب، وأحمد بن محمد بن أبي نصر.
وقال بعضهم مكان الحسن بن محبوب: الحسن بن علي بن فضال،
وفضالة بن أيوب. وقال بعضهم مكان فضالة: عثمان بن عيسى. وأفقه
هؤلاء يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى (2).
وهو قال في ترجمة يونس بن عبد الرحمن:
جعفر بن معروف، قال: حدثني سهل بن بحر، قال: سمعت الفضل بن
شاذان يقول: ما نشأ في الإسلام رجل من سائر الناس كان أفقه من
يونس بن عبد الرحمن (3).

1. هذا وارد بالنص في المصباح المنير 1: 174 (حدث) وانظر الصحاح 1: 278 (حدث).
2. رجال الكشي 2: 830 / 1050.
3. رجال الكشي 2: 780 / 914.
27

وقال في ترجمة محمد بن أبي عمير: " قال محمد بن مسعود: سمعت علي بن
الحسن بن فضال يقول: كان محمد بن أبي عمير أفقه من يونس وأصلح وأفضل " (1).
وقال السيد الداماد في الرواشح في الراشحة الرابعة عشر: " إن محمد بن
أبي عمير أفقه من يونس وأصلح وأفضل " (2).
قوله: " وهم " يمكن أن يكون راجعا إلى هؤلاء، وهو إشارة إلى الفقهاء، فيلزم
انحصار الفقهاء في الستة.
ويمكن أن يكون الضمير راجعا إلى اسم الإشارة، وهو إشارة إلى الستة،
فلا يفيد الكلام انحصار الفقهاء في الستة، لكنه يفيد اختصاص الإجماع بهم.
لكن قوله: " تسمية الفقهاء " يرشد إلى الأول كما يظهر مما مر.
ولا يذهب عليك أن الإجماع هنا منحصر في الستة بلا إشكال، فلا تظهر ثمرة
في انحصار الفقاهة فيهم، بخلاف الطبقتين الأوليين؛ فإن الإجماع فيهما يختص
بالستة على وجه دون وجه، فتظهر الثمرة في انحصار الفقاهة في الستة وعدمه،
ويظهر الحال بما مر.
[المراد من لفظة " هؤلاء "]
وتحرير المقال على وجه الكمال أن يقال: إن " هؤلاء " في الطبقة الأولى إما
أن يكون إشارة إلى الفقهاء، أو يكون إشارة إلى الفقهاء الستة.
وعلى الأول: لا ينحصر الإجماع ولا الفقهاء في الستة.
وأما على الأخير: فينحصر الإجماع في الستة دون الفقاهة.
وعلى الأول: الغرض من التعبير بالأولين هو عدم سبق الفقهاء في الأئمة
السابقين (عليهم السلام)، فالغرض الأولية في الفقاهة، ويمكن أن يكون التعبير المذكور

1. رجال الكشي 2: 855 / 1106.
2. الرواشح السماوية: 63، الراشحة الرابعة عشر.
28

بملاحظة الفقهاء في الطبقتين الأخيرتين، فالغرض الأولية في باب الإجماع،
ويمكن أن يكون الغرض من الأولية هو الأولية في الفقاهة والإجماع معا.
وعلى الأخير: الغرض الأولية بالنسبة إلى الطبقتين الأخيرتين، لكنه بالنسبة
إلى الستة، أي الأولية في الإجماع، وإن أمكن على البعد أن يكون الغرض الأولية
في الفقاهة أو مع الأولية في الإجماع.
وعلى أي حال ينافي رجوع " هؤلاء " إلى الستة قوله: " فقالوا: أفقه الأولين
ستة "؛ إذ توصيف الستة بالأولية ينافي كون الستة أفقه الأولين.
وأما الطبقة الثانية: ف‍ " هؤلاء " فيها أيضا إما أن يكون إشارة إلى الفقهاء، أو
يكون إشارة إلى الستة.
لكن على الأول إن كان قوله: " من دون أولئك " تابعا وكذا قوله " ستة " فينحصر
الإجماع والفقاهة في الستة، وإن كان قوله: " من دون أولئك " خبرا مقدما لقوله:
" ستة " لا يتأتى انحصار الإجماع ولا الفقاهة، لكن لا بأس بالوجه الأخير لو كان
المقصود بقوله: " من دون " هو النقص في الرتبة، وأما لو كان الغرض المغايرة بأن
كان قوله المذكور بمعنى " من غير " فلاوجه للوجه المشار إليه.
وأما على الأخير: فيتأتى انحصار الإجماع دون الفقاهة.
وأما الطبقة الأخيرة: ف‍ " هؤلاء " فيها أيضا إما أن يكون إشارة إلى الفقهاء، أو
يكون إشارة إلى الستة.
و " هم " على الأول راجع إلى الفقهاء. وعلى الأخير راجع إلى هؤلاء.
وعلى الأول ينحصر الإجماع والفقاهة في الستة. وأما على الأخير فينحصر
الإجماع في الستة دون الفقاهة.
فعلى تقدير رجوع " هؤلاء " إلى الفقهاء لا ينحصر الإجماع ولا الفقاهة في
الطبقة الأولى، وينحصران في الطبقة الأخيرة، ويتأتى الانحصار على وجه دون
وجه بملاحظة حال " من دون أولئك " و " ستة " في الطبقة الثانية.
29

وأما على تقدير الرجوع إلى " ستة " فينحصر الإجماع والفقاهة في الطبقة
الأخيرة فلا يختلف الحال مع الرجوع إلى الفقهاء وينحصر الإجماع دون الفقاهة
في الطبقتين الأوليين.
فعلى تقدير رجوع " هؤلاء " إلى " الستة " ينحصر الإجماع - بخلاف الفقاهة -
في الستة في جميع الطبقات.
وأما على تقدير الرجوع إلى الفقهاء فلا ينحصر الإجماع ولا الفقاهة في الستة
في الطبقة الأولى، وينحصران في الطبقة الأخيرة، ويختلف الحال بملاحظة قوله:
" من دون أولئك " وقوله: " ستة " في الطبقة الثانية.
وعلى أي حال لا تظهر ثمرة في انحصار الفقاهة في الستة وعدمه في الطبقة
الأخيرة؛ لاختصاص الإجماع فيها بالستة بلا إشكال بخلاف الطبقتين الأوليين،
ويظهر الحال بما مر.
قوله: " وأحمد بن محمد بن أبي نصر ".
عن أكثر نسخ كتاب الكشي أنه المعروف (1) بالبزنطي (2)، وهو المذكور في كلام
النجاشي (3)، وفي الخلاصة والإيضاح: البزنطي بفتح الباء المنقطة تحتها نقطة،
وفتح الزاي وإسكان النون وكسر الطاء المهملة (4)، وعن السرائر: " البزنط: ثياب
معروفة " (5).
قوله: " وفضالة بن أيوب "
قد احتمل فيه بعض الأعلام وجهين:
أحدهما: أن يكون عطفا على الحسن بن علي بن فضال.

1. في " ح ": " أنه المعروف بابن البزنطي وعن بعضها أنه المعروف بالبزنطي ".
2. انظر رجال الكشي 2: 852 / 1099، و 1100، و 1101.
3. رجال النجاشي: 75 / 180.
4. خلاصة الأقوال: 13 / 1؛ إيضاح الاشتباه: 95 / 44.
5. السرائر 3: 553.
30

واحتمل عليه وجهين:
أن يكون المراد قال بعضهم مكان الحسن بن محبوب: [الحسن بن] (1) علي بن
فضال. وقال بعض آخر مكانه: فضالة بن أيوب.
وأن يكون في العبارة حذف وتقدير، أي: قال بعضهم مكان الحسن بن
محبوب، وأحمد بن محمد بن أبي نصر: الحسن بن علي بن فضال، وفضالة،
بأن يكون الأول في مكان الأول، والثاني في مكان الثاني.
وثانيهما: أن يكون عطفا على " مكان " في قوله: " وقال بعضهم مكان الحسن "
أي قال بعضهم: فضالة أي: إنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه،
أي: زاده ذلك البعض على الستة المذكورة، وهو يصح على تقدير ذكر ابن
محبوب وابن فضال.
فاستظهر الاحتمال الأخير بالأخرة؛ تعليلا بقوله: " وقال بعضهم مكان فضالة "
قال: وإن كان الاحتمال الأول لا يخلو عن ظهور (2).
أقول: إن ما ذكره يرجع إلى ثلاث احتمالات كلها فاسدة باطلة.
أما الأول: فلأن مقتضى عطف فضالة بن أيوب على الحسن بن علي بن
فضال أن يكون البعض الذي قال مكان الحسن بن محبوب: الحسن بن علي بن
فضال متحدا مع البعض الذي قال مكان الحسن بن محبوب: فضالة بن أيوب،
فتغايرهما - كما هو مقتضى كلامه - باطل جدا، مع أنه غير ملائم لقول الكشي بعد
ذلك: " وقال بعضهم مكان فضالة: عثمان بن عيسى " والحسن بن محبوب قد
أبدل عنه تارة الحسن بن علي بن فضال وأخرى فضالة بن أيوب، وليس نسبة
الإبدال إلى فضالة أولى من نسبته إلى ابن فضال، فهي من باب الترجيح بلا مرجح.
وأما الثاني: فلما فيه من ارتكاب خلاف الظاهر من دون قيام قرينة تساعده،

1. لم يذكر " الحسن بن " في " ح " و " د " والظاهر أنه سقط، والصحيح ما أثبتناه.
2. نقله نجله في سماء المقال 2: 313 عن جده السيد العلامة.
31

فهو جزاف صرف، مع أنه غير ملائم أيضا لقول الكشي بعد ذلك: " وقال بعضهم
مكان فضالة: عثمان بن عيسى "؛ إذ على ذلك فضالة بدل عن أحمد بن محمد بن
أبي نصر، ومعنى جعل عثمان بن عيسى مكان فضالة على ذلك هو جعل عثمان
مكان أحمد بن محمد بن أبي نصر، فكان المناسب على ذلك أن يقال: وقال
بعضهم مكان أحمد بن محمد بن أبي نصر: عثمان بن عيسى.
وبوجه آخر: على ذلك فضالة بدل عن أحمد، فكان المناسب جعل عثمان
بدلا عن أحمد، لاعن بدله أعني فضالة؛ لما فيه من سلوك أبعد الطريقين، فبدل
البدل (1) وإن كان بدلا عن ذلك الشيء، إلا أن جعله بدلا عنه أولى من جعله بدلا عن
بدله؛ لما فيه من تكلف ظاهر وتعسف بين، فلا خفاء في فساد هذا الوجه أيضا.
وبما ذكرنا يظهر وجه آخر لفساد الوجه الأول غير ما مر؛ لأنه غير ملائم أيضا
لقوله: " وقال بعضهم مكان فضالة: عثمان بن عيسى "؛ إذ على ذلك فضالة بدل
عن الحسن بن محبوب، فكان المناسب جعل عثمان بن عيسى بدلا عنه، لا بدلا
عن بدله، أعني فضالة، وهذا هو الوجه في جعله الوجه الأخير أظهر من الوجه
الأول؛ لعدم لزوم ذلك المحذور فيه، كما لا يلزم فيه محذور الخلاف اللازم على
الوجه الثاني.
وأما الثالث: فلأنه إن كان المقصود اتحاد البعض في المعطوف والمعطوف
عليه - أي كان من قال مكان الحسن بن محبوب: الحسن بن علي بن فضال هو
من زاد فضالة - ففيه: أنه لاوجه للحكم بالاتحاد هنا، وبالتغاير في الوجه الأول،
مع أنه على هذا لو جعل العطف على الحسن، فمفاده متحد مع جعل العطف
على " المكان " والأول أنسب؛ لما في الأخير من لزوم عطف المفعول به على
المفعول فيه.

1. في " ح " زيادة: " عن الشيء ".
32

وإن كان المقصود تغاير البعض في المعطوف والمعطوف عليه - كما هو
الظاهر - فيظهر فساده بما مر في فساد الوجه الأول، مع لزوم عطف المفعول به
على المفعول فيه أيضا، كما سمعت آنفا.
ومع ذلك كله، فقوله: (1) " وهو يصح على تقدير ذكر ابن محبوب وابن فضال ".
فيه: أنه لا حاجة في صحة ما ذكره إلى ذكر ابن فضال، بل لاوجه لذكره؛ حيث إن
مفاد ما ذكره أن البعضين المتغايرين - كما هو الظاهر من كلامه - تصرف كل منهما
في الستة بوجه، فتصرف بعض بالإسقاط والإبدال، وتصرف بعض آخر بالزيادة
فقط، ولا يقتضي هذا زيادة ابن فضال.
والظاهر أن قوله (2): " وابن فضال " من باب سهو القلم، كيف؟ بزيادة واحد على
ستة لا يبلغ العدد ثمانية، ومقتضى كلامه أن العدد يبلغ بالزيادة المذكورة ثمانية.
نعم، دعوى توقف صحة زيادة فضالة على الستة على ذكر ابن محبوب في المحل.
هذا كله مبني على أنه ادعى توقف صحة المعنى على زيادة ابن فضال، وإلا
فلو كان ادعى احتمال كون المقصود زيادة فضالة على السبعة، أي الستة الأصلية
مع ابن فضال البدلي، لسلم مما ذكر، وإن كان فاسدا أيضا. وبالجملة، فلا مجال
لصحة شيء من الوجوه المذكورة.
نعم، الظاهر أن قوله: " وفضالة بن أيوب " عطف على الحسن بن علي بن
فضال، كما هو المدار في الوجه الأول، لكن مع اتحاد البعض في المعطوف
والمعطوف عليه.
فالمراد أن بعضهم قال مكان الحسن بن محبوب اثنين: الحسن بن علي بن
فضال، وفضالة بن أيوب، وبعضهم قال مكان فضالة: عثمان بن عيسى، بمعنى
أن هذا البعض جعل مكان الحسن بن محبوب اثنين أيضا، لكنه قال: إنهما

1. أي قول بعض الأعلام وقد تقدم في ص 31 وهو قول جده السيد العلامة.
2. أي قول بعض الأعلام الوارد في ص 31.
33

الحسن بن علي بن فضال، وعثمان بن عيسى، فكل من البعضين المبدلين أبدل
اثنين عن واحد، لكن باتفاقهما في واحد من الاثنين والاختلاف في آخر.
والظاهر أن عدم احتمال هذا الوجه من بعض الأعلام من جهة أن الظاهر
تطابق البدل والمبدل منه في الوحدة والتعدد، وعلى هذا الوجه يختلف الحال
بوحدة البدل وتعدد المبدل منه، وهو - أعني ظهور تطابق البدل والمبدل منه -
مسلم، وعليه جرى الأمر في الغالب، لكن مقتضى العبارة وحدة البعض
بلا إشكال، ومقتضاه اختلاف المبدل والمبدل منه في الوحدة والتعدد، وعلى هذا
الوجه يختلف الحال بحسب الوحدة والتعدد.
وهو - أعني الكشي - قد حكى في ترجمة فضالة، عن بعض الأصحاب، أنه
ممن أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عنهم، وإقرارهم لهم بالفقه (1).
فمحصول كلامه أن الأصحاب أجمعوا على قبول أخبار ثمانية عشر رجلا
من الرواة، ستة منهم من أصحاب الباقرين (عليهما السلام)، وستة منهم من أصحاب
الصادق (عليه السلام)، وستة منهم من أصحاب الكاظمين (عليهما السلام)، وأن ستة عشر منهم لا خلاف
في وقوع الإجماع في حقهم، لكن وقع الخلاف في اثنين منهم؛ واحد في الطبقة
الأولى، وواحد في الطبقة الثالثة، فعنده أنهما أبو بصير في الطبقة الأولى،
والحسن بن محبوب في الطبقة الثالثة. وعند بعض أن مكان الأول أبو بصير
المرادي وهو ليث بن البختري. وعند بعض آخر أن مكان الثاني الحسن بن
علي بن فضال وفضالة بن أيوب. وعند بعض ثالث أن مكان فضالة عثمان بن عيسى.
فالبعضان الأخيران متفقان على أن العدد في الطبقة الثالثة سبعة، وأنهما
متفقان - بعد الاتفاق على إسقاط الحسن بن محبوب - على زيادة الحسن بن
علي بن فضال على ما ذكره الكشي، لكنهما اختلفا في ازدياد فضالة وعثمان،

1. رجال الكشي 2: 830 / 1050.
34

فأحدهما زاد الأول، والآخر زاد الأخير.
فلا خلاف في الطبقة الثانية عددا وشخصا، ووقع الخلاف في الطبقة الأولى
شخصا لا عددا، ووقع الخلاف في الطبقة الثالثة عددا وشخصا؛ فمجموع
الأشخاص اثنان وعشرون، ستة عشر منهم لا خلاف في وقوع الإجماع في حقهم،
وستة منهم محل الخلاف: اثنان من الطبقة الأولى، وأربعة من الطبقة الثالثة.
[الكلام مع الفاضل الخواجوئي]
ومن العجيب ما وقع من الفاضل الخواجوئي في رجاله (1)، وفي رسالته
المعمولة في الكر (2)؛ حيث إنه لم يطلع على كلام الكشي في بيان الطبقة الثالثة،
فأورد على صاحب الذخيرة فيما ذكره - من أن الرواية المروية عن أبي جعفر (عليه السلام)
في وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3) في طريقها عثمان بن عيسى إلا أنه قيل: إنه ممن
أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه - بأن المقصود بالقائل هو الكشي،
وليس في كتابه عين ولا أثر من ذلك، بل ذكره الفاضل الأسترآبادي في رجاله
الأوسط في ترجمة عثمان بن عيسى، وهو منه غلط في الفهم، وتبعه غيره من غير
تأمل دقيق وفكر عميق فيما ذكره الكشي، فإن المذكور في كلامه هكذا:
ذكر نصر بن الصباح أن عثمان بن عيسى كان واقفيا، وكان وكيل موسى
أبي الحسن (عليه السلام)، وفي يده مال فسخط عليه الرضا (عليه السلام)، قال: ثم تاب
عثمان وبعث إليه بالمال وكان شيخا عمر ستين سنة، وكان يروي عن
أبي حمزة الثمالي، ولا يتهمون عثمان بن عيسى (4).

1. الفوائد الرجالية: 256.
2. رسالة في الكر للخواجوئي غير موجودة.
3. تهذيب الأحكام 1: 143، ح 95؛ ولا ربط لها بوضوء النبي (صلى الله عليه وآله).
4. رجال الكشي 2: 860 / 1117.
35

ففهم منه أنهم لا يتهمونه في رواياته مطلقا، فعبر عنه بقوله: " ونقل الكشي
قولا بأنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه " وليس هذا معناه، بل
معناه أنهم لا يتهمونه في روايته عن أبي حمزة الثمالي، فإنه أدركه حين إمكان
روايته عنه، بخلاف رواية الحسن بن محبوب عنه (1).
ومع ذلك الفاضل الأسترآبادي قد نقل عن الكشي ما نقله عن نصر بن الصباح
من نفي الاتهام وغيره، ثم نقل عنه نقل القول بأن عثمان بن عيسى من أهل
الإجماع (2)، ولو كان منشأ نقل (3) القول بأن عثمان بن عيسى من أهل الإجماع،
لاقتصر على ما نقله أولا أو ما نقله ثانيا حذرا عن الجمع بين نقل الناشئ (4) والمنشأ.
ثم إن مدار التفاوت في كلام الكشي - حيث جعل أهل الطبقة الثانية دون أهل
الطبقة الأولى، وأهل الطبقة الثالثة دون أهل الطبقة الثانية - على خصوص التفاوت
في الزمان أو مع التفاوت في الرتبة.
حكي الأول عن صاحب المعالم في بعض تعليقات المنتقى. وصرح بعض
بالأخير، وهو ظاهر السيد السند النجفي فيما يأتي من الأشعار المنسوبة إليه.
وابن داود جعل الطبقة الثانية ثالثة والثالثة ثانية (5). واحتمل في الرواشح كونه
بملاحظة جلالة يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى، ومحمد بن أبي
عمير (6)، والمدار على ذلك على خصوص التفاوت في الرتبة.

1. انتهى كلام الخواجوئي في الفوائد الرجالية: 257 إلا أن الرواية لم تخص وضوء رسول الله، بل هي
في مقام بيان حكم الجنب المغتسل قبل التبول.
2. منهج المقال: 220، ثم انظر: 41.
3. كلمة " نقل " لم ترد في " د ".
4. في " د ": " ونقل ".
5. رجال ابن داود: 209.
6. الرواشح السماوية: 46، الراشحة الثالثة.
36

[منظومة السيد بحر العلوم في ضبط أصحاب الإجماع]
وأيضا قد حكي عن السيد السند النجفي أشعار في ضبط الجماعة المتقدمة
المنقول في حقهم الإجماع في كلام الكشي يناسب ذكرها في المقام، قال (قدس سره):
قد أجمع الكل على تصحيح ما * يصح عن جماعة فليعلما
وهم أولو نجابة ورفعة * أربعة وخمسة وتسعة
فالستة الأولى من الأمجاد * أربعة منهم من الأوتاد
زرارة كذا بريد قد أتى * ثم محمد وليث يا فتى
كذا الفضيل بعده معروف * وهو الذي ما بيننا معروف
والستة الوسطى أولو الفضائل * رتبتهم أدنى من الأوائل
جميل الجميل مع أبان * والعبدلان ثم حمادان
والستة الأخرى هم صفوان * ويونس عليهم الرضوان
ثم ابن محبوب كذا محمد * كذاك عبد الله ثم أحمد
وما ذكرناه الأصح عندنا * وشذ قول من به خالفنا (1)
قوله: " قد أجمع الكل "
الظاهر - بل بلا إشكال - أن هذه الأشعار نظم لعبارات الكشي، فهذا الإجماع
المنقول هو الإجماع المنقول في كلام الكشي، وليس إجماعا منقولا آخر غير
الإجماع المنقول في كلام الكشي.
قوله: " أربعة منهم من الأوتاد "
المقصود بالأربعة: زرارة، وبريد بن معاوية، ومحمد بن مسلم، وليث بن

1. لم ترد الأبيات في منظومة السيد بحر العلوم، بل وردت في رجاله (1: 94): إن للسيد بحر العلوم
رسالة في تحقيق معنى أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم، فلعلها هناك. وانظر خاتمة
مستدرك الوسائل 7: 61، الفائدة السابعة.
37

البختري. وهو إشارة إلى ما رواه الكشي بسنده عن جميل بن دراج قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " أوتاد الأرض وأعلام الدين أربعة:
محمد بن مسلم، وبريد بن معاوية، وليث بن البختري المرادي،
وزرارة بن أعين " (1).
وكذا ما رواه الكشي كما مر بسنده عن جميل بن دراج أيضا قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " بشر المخبتين بالجنة: بريد بن معاوية
العجلي، وأبا بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمد بن مسلم،
وزرارة، أربعة نجباء، أمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء،
لانقطعت آثار النبوة " (2).
وغيرهما مما رواه الكشي مما يدل على رفع رتبة الأربعة مما مر وغيره.
قوله (عليه السلام): " بشر المخبتين "
قال البيضاوي في تفسير قوله سبحانه: (وأخبتوا إلى ربهم) (3): اطمأنوا إليه
وخشعوا له، من الخبت وهو الأرض المطمئنة (4).
وفي المجمع: (وأخبتوا إلى ربهم) أي اطمأنوا وسكنت قلوبهم ونفوسهم إليه،
ومثله قوله: (فتخبت لهو قلوبهم) (5) والإخبات الخشوع والتواضع " (6).
قوله: " ثم محمد " المقصود بمحمد هو محمد بن مسلم.
قوله: " وليث " المقصود به ليث بن البختري المرادي، كما يظهر مما مر، لكن
الكشي لم ينقل الإجماع في حقه، وإنما نقل الإجماع في حقه عن بعض بدل

1. رجال الكشي 1: 507 / 432.
2. رجال الكشي 1: 398 / 286.
3. هود (11): 23.
4. تفسير البيضاوي 2: 259.
5. الحج (22): 54.
6. مجمع البحرين 1: 617 (خبت).
38

من (1) نقل الكشي في حقه الإجماع أعني: أبا بصير الأسدي. وغرض السيد السند
المشار إليه ذكر الجماعة المنقول في حقهم الإجماع في كلام الكشي، ولو كان
غرضه الجري على ما جرى عليه من نقل الكشي عنه نقل الإجماع، لكان عليه
الجري على ما جرى عليه من نقل الكشي عنه نقل الإجماع في الطبقة الثالثة أيضا؛
إذ لا وجه للتفرقة، مع أن التخلف عن كلام الكشي غير مربوط بوجه يقتضيه.
قوله: " والعبدلان " المقصود عبد الله بن مسكان، وعبد الله بن بكير.
قوله: " كذا محمد " المقصود محمد بن أبي عمير.
قوله: " كذاك عبد الله " المقصود عبد الله بن المغيرة.
قوله: " ثم أحمد " المقصود أحمد بن محمد بن أبي نصر.
قوله: " وشذ قول من به خالفنا " الظاهر أنه استفاد من الكشي التمريض في
نقل الإجماع ممن نقل عنه نقل الإجماع، بناء على كون الأشعار نظما لعبارات
الكشي كما هو الظاهر كما سمعت، والغرض أن من جرى على عدم قبول الخبر
في بعض الجماعة شاذ، وإلا فلو اختلف شخصان في نقل الإجماع على أمر، فلا
معنى لنسبة الشذوذ من أحدهما إلى الآخر، وسيأتي تحقيق الحال.
وبعد هذا أقول: إن الظاهر منه - حيث لم يجر على اختلاف التعبير بالتصديق
والتصحيح، بل جرى على التعبير بالتصحيح بالنسبة إلى جميع الطبقات حتى
الطبقة الأولى - أنه جرى على اتحاد مفاد التصديق والتصحيح في كلام الكشي.
وليس بالوجه كما يظهر مما يأتي.
[نظر المصنف في تثليث الطبقات]
بقي أن مقتضى تثليث الطبقات عدم خروج شيء من أهل الطبقات عن طبقته

1. في " د ": " بدل أي ".
39

باختصاص أهل الطبقة الأولى بالرواية عن الباقرين (عليهما السلام) - حيث إن الظاهر أن
المقصود بالأصحاب هنا أصحاب الرواية بلا واسطة، كما يظهر مما مر، بل
لا إشكال في ذلك - واختصاص الطبقة الثانية بالرواية عن الصادق (عليه السلام)، واختصاص
الطبقة الثالثة بالرواية عن الكاظمين (عليهما السلام).
والظاهر أنه مبني على اعتقاده، وإلا فما في سائر كتب الرجال في تراجم
الجماعة المتقدمة ينافي ذلك؛ حيث إن الاستقراء في كتب الرجال وإن يقضي
بعدم دخول شيء من أهل الطبقة الثانية في الطبقة الأولى، لكنه يقضي بفساد
دعوى عدم دخولها في الطبقة الثالثة ولو في الجملة، أي الرواية عن الكاظم (عليه السلام)؛
حيث إن من أهل الطبقة الثانية جميل بن دراج، وقد صرح النجاشي (1) والشيخ في
الرجال (2) والعلامة في الخلاصة (3) بكونه من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام).
وأما " حماد بن عثمان " فقد جعله الشيخ في الرجال من أصحاب الصادق
والكاظم والرضا (عليهم السلام) (4).
وفي الخلاصة جعله من أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام) (5).
وأما " حماد بن عيسى " فقد جعله الشيخ في الرجال من أصحاب الصادق
والكاظم (عليهما السلام) (6).
وفي الخلاصة: أنه روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن والرضا (عليهم السلام)، ومات في
حياة أبي جعفر الثاني (عليه السلام) لكن قال: " ولم يحفظ عنه رواية عن الرضا ولا عن

1. رجال النجاشي: 126 / 328.
2. رجال الشيخ: 163 / 39 و 346 / 4.
3. خلاصة الأقوال: 34 / 1.
4. رجال الشيخ: 173 / 139 و 346 / 2 و 371 / 1.
5. خلاصة الأقوال: 56 / 3.
6. رجال الشيخ: 174 / 152 و 346 / 1.
40

أبي جعفر (عليهما السلام) " (1).
وأما " أبان بن عثمان " فقد ذكر النجاشي (2)، والشيخ في الفهرست أنه روى عن
الصادق والكاظم (عليهما السلام) (3)، وإن حكى ابن داود عن الكشي أنه ممن لم يرو (4)، في قوله:
أبان بن عثمان الأحمر لم " كش " من الستة التي اجتمعت العصابة على
تصديقهم وهم: جميل بن دراج، عبد الله بن مسكان، عبد الله بن بكير
حماد بن عيسى، حماد بن عثمان، أبان بن عثمان. وجميل بن دراج
أفقههم، وقد ذكر أصحابنا أنه كان ناووسيا فهو بالضعفاء أجدر، لكن
ذكرته هنا لثناء الكشي عليه وإحالته على الإجماع المذكور (5).
إلا أن " كش " في كلامه سهو غالبا عن " جش " كما نبه عليه غير واحد
أيضا (6)، لكن لا مجال هنا للسهو المذكور؛ لما ذكر من أن النجاشي ذكر أنه روى عن
الصادق والكاظم (عليهما السلام)، مع أن الكشي لا يتجاوز غالبا عن نقل الروايات المادحة
والقادحة، أو نقل التوثيق والتضعيف عن مشايخه؛ على أن الظاهر من الكشي أنه
روى عن الصادق (عليه السلام)؛ حيث إن الكشي روى بإسناده عن إبراهيم بن أبي البلاد،
قال:
كنت أقود أبي وقد كان كف بصره حتى صرنا إلى حلقة فيها أبان الأحمر،
فقال: عمن تحدث؟ قلت: عن أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: ويحه سمعت
أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: أما إن منكم الكذابين ومن غيركم المكذبين (7).

1. خلاصة الأقوال: 56 / 2.
2. رجال النجاشي: 13 / 8.
3. الفهرست: 18 / 62.
4. في " د ": " يرد ". والأولى إضافة " عنهم " لتكون: " لم يرو عنهم ".
5. رجال ابن داود: 30 / 6.
6. انظر منتهى المقال 2: 418 / 766.
7. رجال الكشي 2: 640 / 659.
41

مضافا إلى ما ذكره جماعة من كثرة اشتباهات ابن داود كالفاضل التستري (1)،
والسيد السند التفرشي (2)، وصاحب الحاوي (3) والسيد السند النجفي (4)، والفاضل
الخواجوئي (5).
وقد حررنا كلماتهم مع طائفة من اشتباهات ابن داود في بعض الفوائد
المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في أن معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة
متحدان أو مختلفان؟
لكن نقول: إن ما ذكر مبني على كون " كش " في كلام ابن داود حكاية لما سبق
عليه، ويحتمل أن يكون حكاية لما تأخر عنه كما يرشد إليه قوله: " لكن ذكرته هنا
لثناء الكشي عليه وإحالته على الإجماع المذكور "؛ إذ قوله: " وإحالته على
الإجماع " من باب التفسير لثناء الكشي، فقول ابن داود: " لم " إنما يكون من نفسه،
ولا يكون محكيا عن الكشي، فلا بأس بعدم وجود ذلك في كتاب الكشي أو
النجاشي، بناء على كون " كش " سهوا عن " جش ".
إلا أنه ينقدح الاحتمال المذكور - بعد مخالفته لما جرى عليه ابن داود في
سائر التراجم، بل مخالفته لما جرى سائر أرباب الرجال - ممن جرى على الرمز
في باب الرموز - من كون الرمز حكاية لما سبق، وإن جرى المولى التقي
المجلسي على أن ثقة " جش " مثلا من باب الدراية والرواية (6)، وليس بالوجه كما
حررناه في الرسالة المعمولة في " ثقة " (7) - بما مر في نقل النجاشي والشيخ في

1. حكاه عنه ولد المصنف في سماء المقال 1: 280.
2. نقد الرجال 2: 43 / 1321.
3. حاوي الأقوال في علم الرجال: 231 / 1232.
4. رجال السيد بحر العلوم 2: 234.
5. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 311.
6. روضة المتقين: 14.
7. الباء متعلق بقوله: " ينقدح ".
42

الفهرست رواية أبان عن الصادق والكاظم (عليهما السلام) (1).
وأما " عبد الله بن مسكان " فقد قال النجاشي: " روى عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)
وقيل: إنه روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) وليس يثبت " (2).
وقال الكشي:
محمد بن مسعود، قال: حدثني محمد بن نصير، قال: حدثني
محمد بن عيسى، عن يونس، قال: لم يسمع حريز بن عبد الله عن
أبي عبد الله (عليه السلام) إلا حديثا أو حديثين وكذلك عبد الله بن مسكان إلا
حديث " من أدرك المشعر فقد أدرك الحج "، وكان من أروى أصحاب
أبي عبد الله (عليه السلام).
ثم قال:
وزعم أبو النصر محمد بن مسعود أن ابن مسكان كان لا يدخل على
أبي عبد الله (عليه السلام) شفقة ألا يوفيه حق إجلاله، فكان يسمع من أصحابه
ويأبى أن يدخل عليه إجلالا له وإعظاما له (3).
قوله: " وكذلك عبد الله بن مسكان " إما من كلام يونس، أو محمد بن مسعود،
أو الكشي.
قوله: " وكان من أروى أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) " ينافي بظاهره حصر (4) رواية
عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث إدراك المشعر.
إلا أن يقال: إن الغرض كثرة الرواية مع الواسطة، فعد عبد الله بن مسكان من
أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) مبني على عموم أصحاب الإمام (عليه السلام) لأرباب الرواية مع
الواسطة.

1. رجال النجاشي: 13 / 8؛ الفهرست: 18 / 62.
2. رجال النجاشي: 214 / 559 وفيه: " ليس بثبت ".
3. رجال الكشي 2: 680 / 716.
4. في " ح ": " قصر ".
43

أو يقال: إن نسبة كثرة (1) الرواية باعتبار كثرة الرواية عن الكاظم، لكنه خلاف
الظاهر، كما هو ظاهر.
أقول: إن دعوى روايته عن الكاظم (عليه السلام) لا راد لها.
[روايات عبد الله بن مسكان عن الصادق (عليه السلام) مباشرة]
وأما إنكار روايته عن الصادق (عليه السلام) غير حديث إدراك المشعر - كما هو مقتضى
العبارة المتقدمة، وعليه جرى ابن داود في الفصل المعقود في أواخر الكتاب لذكر
جماعة ضبطت روايتهم بالعدد (2) - فيدفعه أنه قد وقع روايته عن الصادق (عليه السلام) في
روايات كثيرة؛ حيث إنه روى في التهذيب في باب آداب الأحداث الموجبة
للطهارة بالإسناد عن صفوان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3).
قال شيخنا البهائي في حاشية التهذيب:
هذا الحديث مما رواه عبد الله بن مسكان عن الصادق (عليه السلام)، وقد قالوا: إنه
لم يرو عنه إلا حديثا واحدا هو حديث " من أدرك المشعر فقد أدرك
الحج " (4) وعلى هذا يكون هذا الحديث مرسلا، وإلا فهو صحيح، والذي
يظهر لي أن حصر ما رواه في ذلك الحديث لم يثبت، وقد تضمن الكافي
وهذا الكتاب أيضا روايات كثيرة رواها عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وقد نبهت
عليها في مظانها، وفي بعضها - كما في الكافي -: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)
يقول كذا (5)، فلا مجال حينئذ لاحتمال الإرسال، بل في هذا الحديث
وأمثال ذلك لا مجال لذلك؛ لأن فتح هذا الباب يؤدي إلى عدم الوثوق

1. في " د " زيادة: " الواسطة ".
2. رجال ابن داود: 212.
3. تهذيب الأحكام 1: 33، ح 87، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة.
4. القائل هو الكشي راجع رجاله 2: 680 / 716.
5. مثل ما في الكافي 2: 297، ح 3، باب طلب الرئاسة.
44

بعدم إرسال أكثر الأحاديث (1).
قوله: " وقد قالوا " إلى آخره، فيه أنه لا يناسب إرجاع ضمير الجمع.
قوله: (2) " وكذلك عبد الله بن مسكان " إما من كلام يونس، أو محمد بن
مسعود، أو الكشي كما مر، وعلى أي حال فالمقالة من واحد، فمن العجيب
نسبتها منه إلى الجميع كما هو ظاهر ضمير الجمع، فقد بان العجب منه في حاشية
الحبل المتين في أول العنوان المعقود لغسل الميت؛ حيث نقل أنهم ذكروا أن ابن
مسكان لم يسمع من الصادق (عليه السلام) إلا حديث " من أدرك المشعر فقد أدرك الحج " (3).
[كلام للحبل المتين والعلامة ونقدهما]
ومن العجيب أيضا ما صنعه في الحبل المتين عند الكلام في آداب الخلوة تبعا
للخلاصة؛ حيث إنه نسب تلك المقالة إلى النجاشي بعد أن نسبها إلى بعض أعيان
علماء الرجال (4) المقصود به النجاشي بقرينة النسبة إليه فيما سمعت.
وبما ذكر ظهر فساد ما ذكره العلامة في الخلاصة في قوله: " وقال النجاشي: روي
أنه لم يسمع من الصادق (عليه السلام) إلا حديث " من أدراك المشعر فقد أدرك الحج " إلى
آخره، قال: " وكان من أروى أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) " (5)؛ حيث إن النجاشي لم يأت
بتلك المقالة، وإنما أتى بها الكشي، إلا أن المحكي عن بعض النسخ الصحيحة
" الكشي " مكان " النجاشي " لكن الكشي لم يقل: " روي " كما هو مقتضى العبارة.
نعم، روى عن يونس بتوسط جماعة بناء على كون تلك المقالة من يونس،

1. انتهى كلام الشيخ البهائي، وقد حكاه عنه الحجة باقر المجلسي في ملاذ الأخيار في فهم تهذيب
الأخبار 1: 152، وهذا المطلب بعينه مذكور في الحبل المتين: 35.
2. الضمير راجع إلى أحد الثلاثة من الكشي وابن مسعود ويونس، لا البهائي.
3. ما بين القوسين ليس في " د ".
4. الحبل المتين: 35.
5. خلاصة الأقوال: 106 / 22.
45

أو روى عن محمد بن مسعود بناء على كون تلك المقالة من محمد بن مسعود،
أو ذكرها الكشي من عند نفسه بناء على كون تلك المقالة منه، وقد سمعت
الاحتمالات المشار إليها، فالنجاشى سهو عن الكشي.
ويرشد إليه أنه قال قبل ذلك: " قال النجاشي: وقيل: إنه روى عن
أبي عبد الله (عليه السلام)، ولم يثبت "؛ إذ المناسب الإضمار في ذلك بأن يترك ذكر النجاشي
على تقدير كون تلك المقالة من النجاشي.
لكن لا يصلح الحال بذلك كما هو مقتضى كلام الفاضل التستري في حاشية
الخلاصة (1) وتلميذه السيد السند التفرشي (2)؛ لما سمعت من أن الكشي لم يقل
" روي " كما هو مقتضى العبارة، بل روى تلك المقالة عن يونس أو محمد بن
مسعود، بل لم يرو تلك المقالة، وإنما أتى بها من عند نفسه، والعجب من الفاضل
الأسترآبادي؛ حيث سكت عن تزييف ما صنعه العلامة (3).
وتتطرق المؤاخذة إلى (4) العلامة أيضا في قوله: " قال: وكان من أروى أصحاب
أبي عبد الله (عليه السلام) " (5)؛ لأن النجاشي لم يأت بهذا المقال، مع أنه لا يصلح الحال بذكر
الكشي قبل ذلك ورجوع الضمير إليه؛ لأن دعوى الأروئية والمقالة المتقدمة من
واحد، فلا مجال للتفكيك بنسبة المقالة المتقدمة إلى القائل ونسبة دعوى الأروئية
إلى الكشي.
قوله: (6) " فلا مجال حينئذ لاحتمال الإرسال " ظاهر الضعف؛ لظهور عدم
ممانعة التعبير المذكور عن الإرسال.

1. حاشية الخلاصة للتستري لم تطبع.
2. نقد الرجال 3: 143 / 3207.
3. انظر منهج المقال: 211 - 212.
4. في النسختين كليتهما: " عن ".
5. خلاصة الأقوال: 106 / 22.
6. أي: قول الشيخ البهائي.
46

[ذكر موارد أخرى من رواية عبد الله بن مسكان عن الصادق (عليه السلام) مباشرة]
وأيضا روى في الكافي والتهذيب عند الكلام في غسل الميت عن النضر بن
سويد، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1).
وأيضا روى في الكافي في باب " الرجل يقتل المرأة، والمرأة تقتل الرجل "،
وفضل دية الرجل على دية المرأة في النفس والجراحات بالإسناد عن يونس، عن
ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (2).
وأيضا روى في الكافي في باب " الجماعة يجتمعون على قتل واحد " بالإسناد
عن يونس، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (3).
وأيضا روى في الكافي في باب " الرجل يقتل مملوك غيره أو يجرحه،
والمملوك يقتل الحر أو يجرحه " بالإسناد عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (4).
وأيضا روى في الكافي في باب " المسلم يقتل الذمي أو يجرحه، والذمي
يقتل المسلم أو يجرحه أو يقتص بعضهم بعضا " عن يونس، عن ابن مسكان،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (5).
وأيضا روى في الكافي في الباب المذكور بالإسناد عن يونس، عن ابن
مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (6).

1. الكافي 3: 139، ح 2، باب غسل الميت؛ تهذيب الأحكام 1: 108، ح 281، باب الأغسال
المفترضات والمسنونات.
2. الكافي 7: 298، ح 1، باب الرجل يقتل المرأة.
3. الكافي 7: 283، ح 2، باب الجماعة يجتمعون على قتل واحد.
4. الكافي 7: 304، ح 5، باب الرجل يقتل مملوك غيره أو يجرحه.
5. الكافي 7: 309، ح 1، باب المسلم يقتل الذمي أو يجرحه.
6. الكافي 7: 309، ح 2، باب المسلم يقتل الذمي.
47

وأيضا روى في الكافي في كتاب الزي والتجمل في باب الحمام عن
محمد بن يحيى رفعه، عن عبد الله بن مسكان قال:
كنا جماعة دخلنا الحمام فلما خرجنا لقينا أبا عبد الله (عليه السلام)، فقال لنا: " من
أين أقبلتم؟ " فقلنا له: من الحمام، فقال: " أنقى الله غسلكم "، فقلنا له:
جعلنا فداك، وإنا جئنا معه حتى دخل الحمام، فجلسنا له حتى خرج،
فقلنا له: أنقى الله غسلك فقال: " طهركم الله " (1).
وأيضا روى في الكافي في باب أنه لا يكون شيء في السماء والأرض إلا
بسبعة، بالإسناد عن حريز بن عبد الله وعبد الله بن مسكان جميعا عن أبي
عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (2).
وأيضا روى في الكافي في باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل، ومن جحد
الأئمة أو بعضهم، ومن أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل بالإسناد عن صفوان، عن
ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (3).
وأيضا روى في الكافي في باب المكارم بالإسناد عن عثمان بن عيسى، عن
ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (4).
وأيضا روى في الكافي في باب الشكر بالإسناد عن عثمان بن عيسى، عن
ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (5).
وأيضا روى في الكافي في باب أن التواخي لم يقع على الدين وإنما هو

1. الكافي 6: 500، ح 20، باب الحمام.
2. الكافي 1: 149، ح 1، باب أنه لا يكون شيء في السماء والأرض إلا بسبعة.
3. الكافي 1: 373، ح 8، باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل، وفيه: " عن ابن مسكان قال: سألت
الشيخ ".
4. الكافي 2: 56، ح 2، باب المكارم.
5. الكافي 2: 98، ح 24، باب الشكر.
48

التعارف بالإسناد عن عثمان بن عيسى وسماعة جميعا، عن ابن مسكان، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (1).
وأيضا روى في الكافي في باب ما أخذه الله على المؤمن من الصبر على ما
يلحقه فيما ابتلي به بالإسناد عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (2).
وأيضا روى في الكافي في باب طلب الرئاسة بالإسناد عن عبد الله بن
المغيرة، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (3).
وأيضا روى في باب كيفية الصلاة وصفتها من أصل التهذيب بالإسناد عن
عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (4) إلى آخره.
وأيضا روى في باب الأذان والإقامة من زيادات التهذيب عند الكلام في
السعي بين الصفا والمروة بالإسناد عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (5).
وأيضا روى في التهذيب في باب " الحر إذا مات وترك وارثا مملوكا " بالإسناد
عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (6).
وأيضا روى في الاستبصار في باب ما ليس له نفس سائلة بالإسناد عن ابن
سنان، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (7).
وأيضا روى الصدوق في المجالس في المجلس الثاني بالإسناد عن محمد بن

1. الكافي 2: 169، ح 2، باب أن التواخي لم يقع على الدين.
2. الكافي 2: 249، ح 3، باب ما أخذه الله على المؤمن من الصبر.
3. الكافي 2: 225، ح 3، باب طلب الرئاسة.
4. تهذيب الأحكام 2: 75، ح 280، باب كيفية الصلاة وصفتها.
5. كذا.
6. تهذيب الأحكام 9: 336، ح 1210، باب " الحر إذا مات وترك وارثا مملوكا ".
7. الاستبصار 1: 26، ح 67، باب ما ليس له نفس سائلة.
49

سنان، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1).
وأيضا روى الصدوق في المجلس الثاني والعشرين بالإسناد عن فضالة بن
أيوب، عن ابن مسكان، عن الصادق (عليه السلام) جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)
إلى آخره (2).
وأيضا روى علي بن إبراهيم في تفسير سورة البقرة في تفسير آية (ويسئلونك
عن اليتمى قل إصلاح لهم خير) (3) عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) (4).
وأيضا روى علي بن إبراهيم في تفسير سورة آل عمران عن أبيه، عن ابن
أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (5).
وأيضا قد اتفق رواية ابن مسكان عن الصادق (عليه السلام) في غير ما ذكر من الأسانيد
كما يطلع عليه المتتبع (6).
وإن قلت: إنه لعل الحال في الروايات المذكورة مبنية على الإرسال.
قلت: إن احتمال الإرسال في مجموع تلك الروايات ضعيف الحال، كيف
ولو كان الأمر على هذا المنوال، لارتفع الوثوق بالإسناد في أسانيد المسانيد، كما
مر من شيخنا البهائي في باب السند المتقدم (7)، بل الاحتمال المذكور بالنسبة إلى
المجموع مقطوع العدم، فما عن العلامة البهبهاني في بعض تحقيقاته من حمل ما

1. الأمالي للصدوق: 387، المجلس 61، ح 8.
2. الأمالي للصدوق: 319، المجلس 52، ح 5.
3. سورة البقرة (2): 220.
4. تفسير علي بن إبراهيم القمي 1: 72.
5. تفسير علي بن إبراهيم القمي 1: 129.
6. انظر الفوائد الرجالية: 43 و 44.
7. تقدم في ص 44 وقلنا: قد حكاه عنه المجلسي في ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار 1: 152،
وانظر الحبل المتين: 35.
50

اتفق من رواية عبد الله بن مسكان عن الصادق (عليه السلام) على الإرسال (1)، كما ترى.
وإن قلت: إن ابن مسكان مشترك بين أربعة رجال: عبد الله، وعمران،
ومحمد، والحسين؛ فلعل المقصود بابن مسكان فيما كان بلفظ ابن مسكان واحدا
ممن عدا عبد الله من الثلاثة الباقية.
قلت: إن عبد الله أشهر وأكثر وقوعا ممن عداه في الأسانيد بلا شبهة، فيحمل
عليه ابن مسكان، وإن منع المحقق القمي عن الترجيح بالشهرة في باب المشترك؛
لكن زيفناه في محله.
فقد بان ضعف ما عن المقدس من التوقف في روايات ابن مسكان قضية
الاشتراك (2)، مع أنه لو كان الراوي عن ابن مسكان هو صفوان، فهو قرينة على
[كون] المقصود بابن مسكان هو عبد الله؛ لكثرة رواية صفوان عن عبد الله بن
مسكان، كما ذكره الفاضل الخواجوئي (3).
وإن قلت: إن المقصود من عدم الدخول في كلام العياشي (4) هو عدم كثرة
الدخول، لا تركه بالكلية، فلا ينافي رواية ابن مسكان عن الصادق (عليه السلام).
قلت: إنه خلاف الظاهر في الغاية، مع أن عدم كثرة الدخول وإن لا ينافي
الرواية، لكنه ينافي كثرة الرواية، والمفروض كثرة الرواية، كما يظهر مما مر.
وإن قلت: إن عدم الدخول لا ينافي الرواية؛ لإمكان كون الرواية بالسماع في
الطريق، أو في دار غير دار الصادق (عليه السلام) أو غيرهما.
قلت: إن كثرة الرواية على حسب الفرض تمانع عن كون الروايات كلها
بالسماع في مثل الطريق من غير دار الصادق (عليه السلام)، ومع ما ذكر قال الكشي:

1. تعليقة الوحيد البهبهاني: 212، ونقله عنه الحائري في منتهى المقال 4: 238.
2. قد صرح المقدس الأردبيلي باشتراك ابن مسكان في مواضع من مجمع الفائدة والبرهان منها في
1: 229 و 3: 247 و 6: 297.
3. الفوائد الرجالية: 43 و 44.
4. والمراد هو محمد بن مسعود. راجع ص 43.
51

وزعم يونس أن ابن مسكان سرح (1) مسائل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) يسأله عنها
وأجابه عليها، من ذلك ما خرج إليه مع إبراهيم بن ميمون كتب إليه يسأله
عن خصي دلس نفسه على امرأة، قال: " يفرق بينهما ويوجع ظهره "؛
وذكر أن ابن مسكان كان رجلا موسرا، وكان يتلقى أصحابه إذا قدموا،
فيأخذ ما عندهم (2).
إلا أن يقال: إن مقتضى قوله: " زعم يونس " تمريض مقالة يونس، ومع ما ذكر
قد حكى العلامة البهبهاني عن جده في شرح الفقيه أنه قد وقع رواية ابن مسكان
عن الصادق (عليه السلام) في ثلاثين رواية (3).
وبما مر يظهر ضعف ما ذكره في الذكرى من قلة رواية عبد الله بن مسكان عن
الصادق (عليه السلام) (4).
وأماما نقله الكشي عن ابن مسعود العياشي - من أن عبد الله بن مسكان كان
لا يدخل على أبي عبد الله (عليه السلام) شفقة ألا يوفيه حق إجلاله (5) - فبعد ظهور ضعفه بما
مر من الأسانيد الكثيرة التي لا تنفك عن كثرة التشرف بالحضور، يتطرق عليه
الإشكال بكثرة روايته عن الكاظم (عليه السلام)؛ حيث إنه لو كان يمتنع عن الدخول على
الصادق (عليه السلام)، لامتنع عن الدخول على الكاظم (عليه السلام) أيضا.
إلا أن يقال: إنه لعله تحصل له الترقي في العلم والعمل بحيث صار أهلا
للدخول على الكاظم (عليه السلام) وصار الدخول عليه سهلا؛ كما اعتذر به في الذكرى عند

1. في " د ": " شرح ".
2. رجال الكشي 2: 680 / 716، ونقله عنه في خلاصة الأقوال: 106 / 22.
3. تعليقة الوحيد البهبهاني: 212، وانظر روضة المتقين 14: 173، وحكاه عنه أيضا الحائري في
منتهى المقال 4: 238.
4. ذكرى الشيعة 3: 22.
5. رجال الكشي 2: 680 / 716، ونقله عنه في خلاصة الأقوال: 106 / 22.
52

الكلام فيما لو فقد الساتر للصلاة (1).
أو يقال: إن الامتناع عن الدخول على الصادق (عليه السلام) إنما كان بواسطة زيادة
سطوته (عليه السلام) بالأسباب الظاهرة الموجبة لمزيد العظم في قلب كل بر وفاجر، كما
يشاهد في نفوس الإنسان، ومنه التغليب في كلمات الفقهاء بالصادقين (عليهما السلام) مع أبوة
مولانا الباقر (عليه السلام).
[وفاة عبد الله بن مسكان]
ثم إنه قد حكى النجاشي أن عبد الله بن مسكان مات في أيام أبي الحسن (عليه السلام)
قبل الحادثة (2)، والمقصود بالحادثة إنما هو وفاة مولانا الكاظم (عليه السلام)، فالكلام المذكور
صريح في أن عبد الله بن مسكان مات في أيام حياة الكاظم (عليه السلام).
لكن ينافيه ما رواه في الكافي في باب مولد أبي الحسن موسى (عليه السلام) بالإسناد
عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: قبض موسى بن جعفر (عليهما السلام) - وهو ابن
أربع وخمسين سنة - في عام ثلاث وثمانين (3) ومائة، وعاش موسى بن جعفر (عليهما السلام)
خمسا وثلاثين سنة (4)؛ حيث إن مقتضاه تأخر موت عبد الله بن مسكان عن انتقال
روح الكاظم (عليه السلام) إلى دار السلام بكثير؛ قضية نقله تاريخ موته (عليه السلام) بتوسط أبي بصير.
اللهم إلا أن يقال: إن المقصود بأبي الحسن في الرواية المذكورة هو
الرضا (عليه السلام)، ويكون المقصود من الحادثة خروجه (عليه السلام) من المدينة إلى خراسان.
وأيضا قال في القاموس: " مسكان - بالضم - شيخ للشيعة واسمه عبد الله " (5)

1. ذكرى الشيعة 3: 22.
2. رجال النجاشي: 214 / 559.
3. في " ح " و " د ": " وثلاثين ".
4. الكافي 1: 486 ح 1، باب مولد أبي الحسن موسى (عليه السلام).
5. القاموس المحيط 3: 319.
53

وأنت خبير بأن مسكان ليس شيخا للشيعة و [ليس] اسمه عبد الله، فالأمر مبني
على الاشتباه بين الوالد والولد.
[روايات حريز عن الصادق (عليه السلام) مباشرة]
بقي الكلام فيما نقله الكشي عن العياشي من عدم رواية حريز عن الصادق (عليه السلام)
إلا حديثا أو حديثين (1)، وقد راقني التعرض له بالمناسبة من باب مزيد الفائدة.
فنقول: إن الاستقراء في الأسانيد يقضي بكثرة رواية حريز عن الصادق (عليه السلام)؛
حيث إنه قد روى في الكافي في كتاب الزكاة في باب من يلزم نفقته عن علي بن
إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى
آخره (2).
وأيضا روى في الكافي في كتاب الزكاة في نوادر الصدقات عن علي بن
إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (3).
وأيضا روى في الكافي في كتاب الحج في باب ما يجب لعقد الإحرام عن
علي، عن أبيه، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (4).
وأيضا روى في الكافي في باب ما يلبس المحرم من الثياب وما يكره له لباسه
عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (5).
وأيضا روى في الكافي في باب كفارة ما أصاب المحرم من الطير والبيض عن
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن

1. رجال الكشي 2: 680 / 716.
2. الكافي 4: 13، ح 1، باب من يلزم نفقته.
3. الكافي 4: 49، ح 13، كتاب الزكاة، باب النوادر.
4. الكافي 4: 326، ح 2، باب ما يجب لعقد الإحرام.
5. الكافي 4: 339، ح 3، باب ما يلبس المحرم لعقد الإحرام.
54

أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (1).
وأيضا روى في الفقيه في باب ما ينقض الوضوء عن حريز، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (2).
وأيضا روى في الفقيه في باب التهيؤ للإحرام عن حماد، عن حريز، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (3).
وأيضا روى في الفقيه في باب ما يجوز فيه الإحرام ومالا يجوز عن حماد، عن
حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (4).
وأيضا روى في الفقيه في الباب المذكور عن حماد، عن حريز، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (5).
وأيضا روى في الفقيه في باب ما جاء في طواف الأغلف عن حريز
وإبراهيم بن عمر قالا: قال أبو عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (6).
وأيضا روى في الفقيه في باب نتاج البدنة وحلابها وركوبها عن حماد، عن
حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (7).
وأيضا قال في الفقيه في نوادر الحج في رواية عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
إلى آخره (8).
وأيضا قال في الفقيه في أبواب القضايا في باب الحبس بتوجه الأحكام: وفي

1. الكافي 4: 389، ح 1، باب كفارة ما أصاب المحرم من الطير والبيض.
2. الفقيه 1: 38، ح 146، باب ما ينقض الوضوء.
3. الفقيه 2: 202، ح 922، باب التهيوء للإحرام.
4. الفقيه 2: 215، ح 976، باب ما يجوز الإحرام فيه ومالا يجوز.
5. الفقيه 2: 219، ح 1007، باب ما يجوز الإحرام فيه ومالا يجوز.
6. الفقيه 2: 250، ح 1205، باب ما جاء في طواف الأغلف.
7. الفقيه 2: 300، ح 1490، باب نتاج البدنة وحلابها.
8. الفقيه 2: 308، ح 1530، باب في نوادر الحج.
55

رواية حماد، عن حريز إلى آخره (1).
وأيضا روى في الفقيه في باب الصيد والذبائح عن حماد، عن حريز، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (2).
وأيضا روى في التهذيب في باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به
ومالا يجوز بالإسناد عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (3).
وأيضا روى في التهذيب في أوائل زيادات الطهارة عن حريز، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (4).
وأيضا روى في التهذيب في باب ميراث ابن الملاعنة بالإسناد عن سليم
مولى طربال، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (5).
وأيضا روى في الاستبصار في باب أنه لا يصح الظهار بيمين بالإسناد عن
حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (6).
وأيضا روى في الاستبصار في باب ذبائح الكفار بالإسناد عن حماد بن
عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (7).
وأيضا روى في الاستبصار في باب ما يختص به الولد الأكبر إذا كان ذكرا من
الميراث بالإسناد عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (8).

1. الفقيه 3: 20، ح 49، باب الحبس بتوجه الأحكام.
2. الفقيه 3: 202، ح 917، باب في الصيد والذبائح.
3. تهذيب الأحكام 1: 216، ح 625، باب في المياه وأحكامها.
4. تهذيب الأحكام 1: 348، ح 1201، أبواب الزيادات باب الأحداث الموجبة للطهارة.
5. تهذيب الأحكام 9: 347، ح 1246، باب ميراث ابن الملاعنة.
6. الاستبصار 3: 259، ح 929، باب أنه لا يصح الظهار بيمين.
7. الاستبصار 4: 89، ح 326، باب ذبائح الكفار.
8. الاستبصار 4: 144، ح 538، باب ما يختص به الولد الأكبر.
56

وأيضا روى في الاستبصار في كتاب الحدود في باب ما يحصن وما لا يحصن
عن يونس بن عبد الرحمن، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1).
وأيضا روى في الاستبصار في كتاب الحدود في باب ما يوجب التعزير عن
الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (2).
وأيضا روى في الاستبصار في باب حد المرتد والمرتدة عن الحسين بن
سعيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3).
وأيضا قد اتفق رواية حريز عن الصادق (عليه السلام) في أسانيد أخرى، كما يظهر
بالاستقراء.
والعجب من السيد السند النجفي؛ حيث إنه - مع إمامته في الرجال - قد جرى
في المصابيح على الطعن في بعض الأخبار الدالة على عدم انفعال الماء القليل
برواية حريز عن الصادق (عليه السلام)، وقد اشتهر بين علماء الرجال بأنه لم يرو عن
الصادق (عليه السلام) إلا حديثا أو حديثين، والطعن في بعض آخر من تلك الأخبار برواية
عبد الله بن مسكان عن الصادق (عليه السلام) (4) وصرح علماء الرجال بأن عبد الله بن مسكان
لم يرو عن الصادق (عليه السلام) إلا بواسطة.
وبالجملة، لم يبق في تلك الطبقة من يختص بها إلا ابن بكير؛ حيث إنه غير
مذكور في الرجال إلا في أصحاب الصادق (عليه السلام) (5).
وأما أهل الطبقة الأولى فثلاثة منهم مختصة بها، وهم:
معروف بن خربوذ؛ حيث إنه تعرض له الشيخ في الرجال وعده من أصحاب

1. الاستبصار 4: 204، ح 763، باب ما يحصن وما لا يحصن.
2. الاستبصار 4: 213، ح 796، باب ما يوجب التعزير.
3. الاستبصار 4: 255، ح 966، باب حد المرتد والمرتدة.
4. المصابيح مخطوط.
5. رجال النجاشي: 222 / 581.
57

الباقرين (عليهما السلام) (1).
وكذا بريد بن معاوية؛ حيث إنه تعرض له النجاشي (2)، والشيخ في الرجال
وعداه من أصحاب الباقرين (عليهما السلام) (3).
وكذا فضيل بن يسار؛ حيث إنه تعرض له النجاشي (4)، والشيخ في الرجال
أيضا وعداه من أصحاب الباقرين (عليهما السلام) (5).
وأما الثلاثة الباقية: فقد عد الشيخ في الرجال زرارة ومحمد بن مسلم من
أصحاب الباقر والصادق والكاظم (عليهم السلام) (6) (7).
وعد النجاشي والشيخ في الرجال أبا بصير الأسدي من أصحابهم أيضا (8).
وأما أهل الطبقة الأخيرة: فيونس بن عبد الرحمن، قال النجاشي: " إنه روى
عن الكاظم (عليه السلام)، وكان الرضا (عليه السلام) يشير إليه في العلم والفتيا " (9). وعده الشيخ في
الرجال من أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام) (10).
وعد النجاشي والشيخ عبد الله بن المغيرة من أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام) (11).
وعد الشيخ في الرجال الحسن بن محبوب من أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام) (12)

1. رجال الشيخ: 101 / 12 و 135 / 13 و 320 / 644.
2. رجال النجاشي: 112 / 287.
3. رجال الشيخ: 158 / 59.
4. رجال النجاشي: 309 / 846.
5. رجال الشيخ: 132 / 1.
6. رجال الشيخ: 350 / 1؛ الفهرست: 74 / 312.
7. رجال النجاشي: 300 / 317؛ و 358 / 1.
8. رجال النجاشي: 441 / 1187؛ رجال الشيخ: 140 / 2 و 364 / 18.
9. رجال النجاشي: 446 / 1208.
10. رجال الشيخ: 364 / 11 و 394 / 2.
11. رجال النجاشي: 215 / 561؛ رجال الشيخ: 355 / 21.
12. رجال الشيخ: 347 / 9 و 372 / 11.
58

وإن عده في الفهرست من أصحاب الرضا (عليه السلام) (1).
فهؤلاء الثلاثة مختصة بتلك الطبقة.
وأما الثلاثة الباقية: فابن أبي عمير منهم، قد عده النجاشي من أصحاب
الكاظم والرضا (عليهما السلام)، قال: " لقي أبا الحسن موسى (عليه السلام) وسمع منه أحاديث كناه في
بعضها، فقال: يا أبا أحمد، وروى عن الرضا (عليه السلام) " (2).
قوله: " كناه في بعضها، فقال: يا أبا أحمد " قد وقع التكني عنه بأبي أحمد
في بعض الأسانيد أيضا، كما في الاستبصار في باب تحريم ما يذبحه المحرم
من الصيد؛ حيث روى الشيخ بالإسناد عن أبي أحمد، عمن ذكره، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) (3).
قال المحقق الشيخ محمد: " أبو أحمد كنية ابن أبي عمير، واسمه زياد، كما
في كتب الرجال، لكن الضمير المجرور في هذه العبارة مبني على الاشتباه، أو
راجع إلى عمير " (4).
لكنه خلاف ما هو المتعارف في المحاورات من رجوع متعلقات الكلام إلى
المقصود بالأصالة كما حررناه في الرسالة المعمولة في " ثقة "؛ لكون اسم ابن
أبي عمير هو محمد كما هو المشهور، واسم أبي عمير هو زياد، كما نص على
الأمرين الشيخ في الفهرست في قوله: " محمد بن أبي عمير يكنى أبا أحمد، واسم
أبي عمير، زياد (5).
ويرشد إلى ما ذكر قول النجاشي: " محمد بن أبي عمير زياد بن عيسى

1. الفهرست: 46 / 161.
2. رجال النجاشي: 326 / 887.
3. الاستبصار 1: 215، ح 740، باب تحريم ما يذبحه المحرم من الصيد.
4. استقصاء الاعتبار لم يطبع.
5. الفهرست: 142 / 617.
59

أبو أحمد " (1).
وقد وقع التعبير عنه بمحمد بن زياد بن عيسى في طائفة من الأسانيد كما
رواه في الكافي في كتاب الصوم في باب الأهلة والشهادة عليها (2). وما رواه في
الكافي في كتاب الطلاق في باب تطليقة المرأة غير الموافقة (3). وما رواه في
التهذيب في باب ميراث الأولاد (4).
ووقع التعبير عنه بمحمد بن زياد في كثير من الأسانيد، كما اتفق في الكافي
في باب قضاء حاجة المؤمن في ثلاث أسانيد (5) وغير ذلك، والتعبير المذكور إنما
اتفق كثيرا في روايات ابن سماعة.
هذا بناء على كون المقصود بمحمد بن زياد هو ابن أبي عمير - كما جرى
عليه المولى التقي المجلسي (6)، وهو الأظهر - لا محمد بن زياد العطار كما اختاره
العلامة المجلسي (7)، ومال إليه الفاضل التستري وتلميذه السيد السند التفرشي (8).
وقد حررنا الحال في رسالة منفردة.
وربما وقع في بعض الأسانيد رواية أبي أحمد عن ابن أبي عمير، كما رواه
في التهذيب في كتاب القضاء في باب البينات (9). لكن إحدى الكنيتين غلط، كما
صرح به المولى التقي المجلسي (10).

1. رجال النجاشي: 326 / 887.
2. رجال النجاشي: 326 / 887.
3. الكافي 4: 77، ح 9، باب الأهلة والشهادة عليها.
4. تهذيب الأحكام 9: 279، ح 1012، باب ميراث الأولاد.
5. الكافي 2: 193، ح 2 - 4، باب قضاء حاجة المؤمن.
6. روضة المتقين 14: 433 - 437 و 492.
7. رجال العلامة المجلسي: 301 / 1650.
8. نقد الرجال 4: 174 / 4586؛ وانظر 207 / 4695.
9. تهذيب الأحكام 6: 250، ح 642، باب البينات.
10. روضة المتقين 14: 433 و 437 و 492.
60

وعده الشيخ في الرجال من أصحاب الرضا (عليه السلام) (1).
وقال في الفهرست: " إنه أدرك الأئمة الثلاثة: موسى بن جعفر (عليهما السلام) ولم يرو
عنه، وروى عن أبي الحسن الرضا والجواد (عليهما السلام) " (2). وقال السيد الداماد كما تقدم:
" إن في كتب الأخبار عموما، وفي التهذيب والاستبصار خصوصا روايات مسندة
عن ابن أبي عمير عن أبي الحسن الكاظم (عليه السلام) " (3).
وأما صفوان: فعده الشيخ في الرجال من أصحاب الكاظم والرضا
والجواد (عليهم السلام) (4).
وأما أحمد بن محمد بن أبي نصر: فقد عده الشيخ في الفهرست من أصحاب
الرضا (عليه السلام) (5)، وفي الرجال من أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام) (6)، وعده النجاشي من
أصحاب الرضا والجواد (عليهما السلام) (7).
ومع ما مر نقول: إنه قد روى ابن مسكان عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله (عليه السلام)
فيما رواه في الكافي في باب صلاة النوافل (8) كما يأتي، وروى حماد بن عثمان،
عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) فيما رواه في التهذيب في أواخر كتاب الحج (9)
كما يأتي أيضا، وابن أبي عمير معدود في كلام الكشي من أهل الطبقة الثالثة (10)، وكل
من حماد بن عثمان وعبد الله بن مسكان معدود في كلام الكشي من أهل الطبقة

1. رجال الشيخ: 388 / 26.
2. الفهرست: 142 / 617.
3. الرواشح السماوية: 63، الراشحة الرابعة عشر.
4. رجال الشيخ: 352 / 3 و 378 / 4.
5. الفهرست: 19 / 63.
6. رجال الشيخ: 336 / 2 و 344 / 34.
7. رجال النجاشي: 75 / 180.
8. الكافي 3: 443، ح 4، باب صلاة النوافل.
9. تهذيب الأحكام 5: 477، ح 333، باب الزيادات، في فقه الحج.
10. انظر رجال الكشي 2: 830 / 1050 و 852 / 1099 و 853 / 1100 - 1101.
61

الثانية (1)، ولا مجال لرواية من كان من أصحاب إمام عمن كان من أصحاب إمام لاحق.
نعم، لا بأس برواية مشاركي الطبقة، بأن كان بعض حاضرا وكان بعض آخر
غائبا، فسمع الحاضر ما لم يسمع الغائب، فروى الغائب عن الحاضر، أو اتفق،
إدراك بعض في مجلس شرف الحضور، فسمع منه من لم يتشرف بالحضور
للاشتغال بالأمور الدنيوية أو وجود بعض الموانع.
[كلام بعض الأعلام في جعل الطبقات سبعة والنقد عليه]
وبما مر ينقدح القدح فيما جرى عليه بعض الأعلام؛ جمعا بين كلمات
أرباب الرجال من جعل الطبقة على سبع طبقات:
الأولى: من أصحاب الباقرين (عليهما السلام)، وهم: معروف بن خربوذ، وبريد بن
معاوية، وفضيل بن يسار.
والثانية: من أصحاب الصادق (عليه السلام) وهي ابن بكير.
والثالثة: من أصحاب الباقر والصادق والكاظم (عليهم السلام)، وهم: زرارة، وأبو بصير
الأسدي، ومحمد بن مسلم.
والرابعة: من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام) وهم: جميل بن دراج، وأبان بن
عثمان، وعبد الله بن مسكان.
والخامسة: من أصحاب الصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام) وهم: حماد بن عيسى،
وابن أبي عمير، وحماد بن عثمان.
والسادسة: من أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام) وهم: يونس بن عبد الرحمن،
وعبد الله بن المغيرة، والحسن بن محبوب.
والسابعة: من أصحاب الكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام) وهم: صفوان بن يحيى،

1. رجال الكشي 2: 673 / 705.
62

والبزنطي (1).
حيث (2) إنه يتم لو كان كلام أرباب الرجال في الجماعة المذكورة خاليا عن
الاختلاف، مع أنه قد وقع في كلامهم الاختلاف فيها، مثلا ليس في هذه الطبقات
طبقة الرضا (عليه السلام) مع أن الشيخ في الفهرست قد عد الحسن بن محبوب من أصحاب
الرضا (عليه السلام) (3)، وإن عده في الرجال من أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام) (4). وعد أيضا
ابن أبي عمير في الرجال من أصحاب الرضا (عليه السلام) (5) وإن عده النجاشي من أصحاب
الكاظمين (عليهما السلام) (6)، وعده في الفهرست من أصحاب الرضا والجواد (عليهما السلام) (7)، وعد أيضا
البزنطي في الفهرست من أصحاب الرضا (عليه السلام) (8)، وإن عده في الرجال من أصحاب
الكاظم والرضا (عليهما السلام) (9)، وعده النجاشي من أصحاب الرضا والجواد (عليهما السلام) (10)؛ فمقتضى
بعض كلمات أرباب الرجال لزوم زيادة طبقة ثامنة، وإن لا يساعده غيره.
وأيضا إدخال بعض الجماعة في بعض الطبقات المذكورة بعد تعارض الكلمات
فيه إما غير مربوط بوجه يقتضيه فهو كما ترى، أو مبني على الترجيح بالاجتهاد.
وفيه: أن المناسب لضبط الطبقة، وكذا تعريف الشيء، وكذا شبههما أن
لا يكون انتهاضه مختصا ببعض الأقوال.

1. نقله ولد المصنف عن جده السيد العلامة في سماء المقال 2: 321، لكنه لم يذكر البزنطي في السابعة.
2. تعليل لانقداح القدح.
3. الفهرست: 46 / 161.
4. رجال الشيخ: 347 / 9 و 372 / 11.
5. رجال الشيخ: 388 / 26.
6. رجال النجاشي: 326 / 887.
7. الفهرست: 142 / 607.
8. الفهرست: 19 / 63.
9. رجال الشيخ: 344 / 34 و 366 / 2.
10. رجال النجاشي: 75 / 180.
63

ويمكن أن يقال: إنه لا بأس بما جرى عليه؛ حيث إنه مبني على الجمع
بوجه يقدم فيه المثبت على النافي، مثلا أحمد بن محمد بن أبي نصر قد
اتفق كلام النجاشي (1)، والشيخ في الرجال (2) والفهرست على كونه من أصحاب
الرضا (عليه السلام) (3) وظاهر الشيخ في الفهرست أنه من أصحابه (4) دون غيره، كما أن ظاهره
في الرجال أنه من أصحاب الكاظم (عليه السلام) أيضا (5) ليس إلا، وظاهر النجاشي أنه من
أصحاب الجواد (والرضا (عليهما السلام)) (6) ليس إلا.
فمقتضى الجمع مع تقديم المثبت على النافي هو القول بكونه من أصحاب
الكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام)، كما صنعه بعض الأعلام وذكره في الطبقة السابعة.
لكن مع ذلك كان ينبغي أن يعد ابن أبي عمير من طبقة ثامنة، أي ممن كان من
أصحاب الصادق والكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام)؛ حيث إنه من أصحاب الرضا كما
في رجال الشيخ (7)، بل من أصحاب الكاظم أيضا كما ذكره النجاشي (8)، بل من
أصحاب الجواد أيضا كما ذكره الشيخ في الفهرست (9) وإن ذكر فيه أنه لم يرو عن
الكاظم (عليه السلام)، لكن يظهر ضعفه بما يأتي.
وقد اعترف بعض الأعلام بكونه من أصحاب الصادق (عليه السلام) (10)؛ حيث عده من
أهل الطبقة الخامسة، ولا بأس به؛ لأن الصادق (عليه السلام) إنما قبض في سنة ثمان وأربعين

1. رجال النجاشي: 75 / 180.
2. رجال الشيخ: 366 / 2.
3. الفهرست: 19 / 63.
4. انظر الفهرست: 19 / 63.
5. انظر رجال الشيخ: 344 / 34.
6. في " د " بدل ما بين القوسين: " كالرضا والكاظم (عليهما السلام) ".
7. رجال الشيخ: 388 / 26.
8. رجال النجاشي: 326 / 887.
9. الفهرست: 142 / 617.
10. كابن داود في رجاله: 259 / 1272، والخواجوئي في فوائده: 43؛ وانظر سماء المقال 2: 322.
64

ومائة (1)، ومات ابن أبي عمير - على ما ذكره النجاشي - في سنة سبع عشرة
ومأتين (2)، والمدة المتخللة في البين تسع وستون، فلو كان عمر ابن أبي عمير
أربعا وثمانين سنة كان سنه حين وفاة الصادق (عليه السلام) خمس عشرة سنة، ولا ضير فيه.
[روايات ابن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام)]
وأيضا قد وقع روايته عن الصادق (عليه السلام) في أسانيد متعددة، كما رواه في الكافي
في باب وقت صلاة الجمعة ووقت صلاة العصر يوم الجمعة بالإسناد عن
القاسم بن عروة، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (3).
وما رواه في الكافي في باب صلاة النوافل بالإسناد عن ابن مسكان، عن ابن
أبي عمير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (4).
وما رواه في الكافي في باب من فاته الحج عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن
ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (5).
وما رواه في الكافي في باب الذبح من كتاب الحج بالإسناد عن الفضل بن
شاذان، عن صفوان وابن أبي عمير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (6)؛ ورواه في التهذيب
أيضا (7).
لكن روى في الكافي في باب المحرم يصيب الصيد في الحرم بالإسناد عن
الفضل بن شاذان، عن صفوان وابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن

1. الكافي 1: 475، ح 1، باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام).
2. رجال النجاشي: 327 / 887.
3. الكافي 3: 420، ح 4، باب وقت صلاة الجمعة ووقت صلاة الظهر يوم الجمعة.
4. الكافي 3: 443، ح 4، باب صلاة النوافل.
5. الكافي 4: 476، ح 6، وفيه زيادة: " عن بعض أصحابه ".
6. الكافي 4: 498، ح 6، باب الذبح.
7. تهذيب الأحكام 5: 221، ح 746، باب الذبح.
65

أبي عبد الله (عليه السلام) (1)، وكذا في باب الدعاء عند استقبال الحجر واستلامه (2)، وكذا في
باب المزاحمة على الحجر الأسود (3)، وكذا في باب الطواف واستلام الأركان (4)،
وكذا في باب تقصير المتمتع وإحلاله (5)، وكذا في باب دعاء الدم (6)، وكذا في باب
الإحرام يوم التروية (7)، وكذا في باب نزول منى وحدودها (8)، وكذا في باب الوقوف
بعرفة وحد الموقف (9)، وكذا في باب دخول الكعبة (10)، وكذا في غير ما ذكر، فالظاهر
سقوط معاوية بن عمار في السند المتقدم عن الكافي والتهذيب.
وروى في الفقيه في باب الجماعة وفضلها عن نوادر ابن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام) (11).
وروى في التهذيب في باب المسنون من الصلاة عن ابن مسكان، عن ابن
أبي عمير، عن أبى عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (12).
وروى في التهذيب في باب كيفية الصلاة وصفتها بالإسناد عن عبد الله بن
الصلت، عن ابن أبي عمير قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (13).
وروى في التهذيب في باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات عن

1. الكافي 4: 395، ح 4، باب " المحرم يصيب الصيد في الحرم ".
2. الكافي 4: 402، ح 1، باب الدعاء عند استقبال الحجر واستلامه.
3. الكافي 4: 404، ح 2، باب المزاحمة على الحجر الأسود.
4. الكافي 4: 406، ح 1، باب الطواف واستلام الأركان.
5. الكافي 4: 438، ح 1، باب تقصير المتمتع وإحلاله.
6. الكافي 4: 452، ح 1، باب دعاء الدم.
7. الكافي 4: 454، ح 1، باب الإحرام يوم التروية.
8. الكافي 4: 461، ح 1، باب نزول منى وحدودها.
9. الكافي 4: 463، ح 4، باب الوقوف بعرفة وحد الموقف.
10. الكافي 4: 528، ح 3، أبواب دخول الكعبة.
11. الفقيه 1: 263، ح 1200، باب الجماعة وفضلها.
12. تهذيب الأحكام 2: 5، ح 6، باب المسنون من الصلاة.
13. تهذيب الأحكام 2: 116، ح 433، باب كيفية الصلاة وصفتها.
66

أحمد بن محمد، عن صالح، عن السكوني، عن محمد بن أبي عمير، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (1).
وروى في التهذيب في باب ما يجوز فيه الصلاة من اللباس والمكان بالإسناد
عن صالح النيلي، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (2).
لكن النجاشي قد عد صالح النيلي ممن روى عن الصادق (عليه السلام) (3) إلا أنه لا بأس
بالرواية بلا واسطة ومع الواسطة، سواء كانت الرواية عن الإمام أو عن غيره.
وروى في التهذيب في أواخر باب الزيادات في فقه الحج عن صفوان، عن
حماد بن عثمان، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره (4).
وروى في التهذيب في أواخر باب ديات الأعضاء عن ابن أبي عمير
وصفوان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (5).
[رواية ابن أبي عمير عن الكاظم (عليه السلام)]
وقد وقع روايته عن الكاظم (عليه السلام) فيما رواه في حج الفقيه في باب افتتاح السفر
بالصدقة مرسلا عن ابن أبي عمير قال:
كنت أنظر في النجوم وأعرفها وأعرف الطالع، فيدخلني من ذلك شيء،
فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) فقال: " إذا وقع في
نفسك شيء فتصدق على أول مسكين، ثم امض، فإن الله يدفع عنك " (6).

1. تهذيب الأحكام 1: 274، ح 806، باب تطهير الثياب.
2. تهذيب الأحكام 2: 370، ح 1538، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس.
3. رجال النجاشي: 200 / 533.
4. تهذيب الأحكام 5: 477، ح 1687، باب من الزيادات في فقه الحج.
5. تهذيب الأحكام 10: 272، ح 1067، باب دية عين الأعور ولسان الأخرس واليد الشلاء والعين
العمياء وقطع رأس الميت.
6. الفقيه 2: 175، ح 3، باب افتتاح السفر بالصدقة.
67

لكن في المحاسن أنه رواه عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن
سفيان بن عمر (1)، وكذا ما عن التوحيد عن الفضل بن شاذان قال: سألت أبا الحسن
موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) " الشقي شقي في بطن أمه،
والسعيد سعيد في بطن أمه " (2).
[ابن أبي عمير من أصحاب الجواد (عليه السلام) أيضا أم لا؟]
ويمكن أن يقال: إن زيادة طبقة ثامنة مبنية على كون ابن أبي عمير من أصحاب
مولانا الجواد (عليه السلام) أيضا، ولم يذكره غير الشيخ في الفهرست (3)، ونسخ الفهرست
مختلفة: فبعضها مشتمل على قوله: " والجواد " كما تقدم، وهو مطابق لما حكاه عنه
غير واحد من أرباب الرجال، وبعضها - بل أكثرها كما في كلام بعض الأصحاب -
خال عن ذلك، وهو مطابق لما نقله العلامة في الخلاصة (4)، وكذا ابن داود (5)، وقال
الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة تعليقا على قول الشيخ: " أدرك من الأئمة ثلاثة ":
" هكذا في جميع نسخ الكتاب، وهو لفظ الشيخ في الفهرست، ولم يذكر الإمام
الثالث ".
وعن سبطه صاحب المدارك - بخطه في هامش نسخة صحيحة من الفهرست
تعليقا على قول الشيخ: " أدرك من الأئمة ثلاثة " - ما هذا لفظه: لم يذكر الإمام
الثالث، ولعله الصادق (عليه السلام) كما يوجد في بعض الأخبار، وذكره بعض علماء
الرجال، فلم يثبت كون " والجواد " من الشيخ، بل الظاهر أنه من زيادة بعض
الناظرين، فلم يثبت لزوم زيادة طبقة ثامنة.

1. المحاسن 2: 86، ح 1228.
2. التوحيد: 356، ح 3، باب السعادة والشقاوة. وفيه زيادة " من " قبل: شقي وسعيد.
3. الفهرست: 142 / 607.
4. خلاصة الأقوال: 140 / 17.
5. رجال ابن داود: 159 / 1272.
68

إلا أن يقال: إن وفاة مولانا الجواد (عليه السلام) في سنة عشرين ومائتين (1)، ووفاة ابن
أبي عمير في سنة سبع عشرة ومائتين، فهو قد أدرك أكثر أزمنة مولانا الجواد (عليه السلام).
ومن البعيد كمال البعد أن يكون ابن أبي عمير أدرك أكثر زمان مولانا
الجواد (عليه السلام) - حيث إنه لم يكن ما لم يدرك من زمانه إلا قليل - ولم يأخذ عنه، أو لم
يمكن له الأخذ؛ فهذا يرجح صحة النسخة المشتملة على " والجواد "، فالظاهر
ثبوت كونه من أصحاب الجواد (عليه السلام)، فيتأتى لزوم طبقة ثامنة.
وبعد هذا أقول: إن المناسب عد ابن أبي عمير من أصحاب الباقر والصادق
والكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام)، فالطبقة الثامنة من كان من أصحاب هؤلاء سلام الله
عليهم، وهو ابن أبي عمير.
أما الحال في غير مولانا الباقر (عليه السلام) فيظهر بما مر، وأما الحال في مولانا الباقر (عليه السلام)
فلما رواه في التهذيب في باب الذبح من كتاب الحج عن صفوان، وابن أبي عمير،
وجميل بن دراج، وحماد بن عيسى، وجماعة ممن رويناه من أصحابنا عن
أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) (2).
إلا أن يقال: إن الطبقة لا تساعد لرواية ابن أبي عمير عن مولانا الباقر (عليه السلام)؛ لأن
الباقر (عليه السلام) قد قبض في سنة أربع عشرة ومائة (3)، وابن أبي عمير مات - على ما مر - في
سنة سبع عشرة ومائتين (4)، والزمان المتخلل في البين ثلاث ومائة سنة، وبمزيد
خمس عشرة سنة قضية الصلاحية للرواية يلزم أن يكون عمر ابن أبي عمير ثمانية
عشر ومائة.
فالظاهر أن المقصود بالرواية عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) إنما هو على

1. كما في الكافي 1: 492، باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني (عليهما السلام).
2. تهذيب الأحكام 5: 221، ح 752، باب في الذبح.
3. انظر الكافي 1: 469، باب مولد أبي جعفر (عليه السلام)؛ تهذيب الأحكام 6: 77، باب 24، باب نسب أبي
جعفر... (عليه السلام)؛ والإرشاد للمفيد 2: 158.
4. رجال النجاشي: 327 / 887.
69

وجه الانفراد، أو الأعم من الانفراد والاجتماع.
[الكلام في حماد بن عيسى وعمره ووفاته]
وبعد هذا أقول: إنه كان ينبغي أن يعد حماد بن عيسى من طبقة تاسعة في من
كان من أصحاب الباقر والصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام).
أما كونه من أصحاب الصادق (عليه السلام) فلما مر من الشيخ في الرجال (1). وأما كونه من
أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام) فلما مر من الشيخ (2) والعلامة في الخلاصة (3). وأما كونه
من أصحاب الباقر (عليه السلام) فللرواية المذكورة آنفا.
إلا أن يقال: إن الباقر (عليه السلام) قبض في سنة أربع عشرة ومائة كما سمعت،
وحماد بن عيسى عاش نيفا وتسعين، وتوفي في سنة تسع ومائتين على ما ذكره
الكشي (4)، فلو روى عن الباقر (عليه السلام) يلزم أن يكون عمره قريبا من مائة وعشرين.
فالظاهر أن المقصود بالرواية المتقدمة ما تقدم، لكن صفوان من أصحاب
الصادق والكاظم والجواد (عليهم السلام) كما مر من الشيخ (5)، وجميل بن دراج من أصحاب
الصادق والكاظم (عليهما السلام) كما مر من النجاشي (6) والشيخ (7) والعلامة (8)؛ فينحصر من كان
راويا عن الباقر (عليه السلام) في الجماعة المدلول عليها بقوله: " وجماعة ممن روينا " (9) أو
يدخل فيهم.

1. رجال الشيخ: 174 / 152.
2. رجال الشيخ: 371 / 1.
3. خلاصة الأقوال: 256 / 2.
4. رجال الكشي 2: 604 / 572.
5. رجال الشيخ: 352 / 3 و 378 / 4.
6. رجال النجاشي: 126 / 328.
7. الفهرست: 44 / 153.
8. خلاصة الأقوال: 34 / 1.
9. أي: قول التهذيب المتقدم في ص 69.
70

ويمكن أن يقال: إنه قال الصادق (عليه السلام) لحماد بن عيسى في الصحيح المشهور:
" ما أقبح بالرجل منكم يأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة (1) " وكان الصادق (عليه السلام) قبض
في سنة ثمان وأربعين ومائة (2) كما مر، فلو فرضنا أن هذا المقال كان في آخر عمر
الصادق (عليه السلام)، وفرضنا كون عمر حماد حين ذلك المقال ستين سنة، يلزم أن يكون
حماد أدرك ستة وعشرين من زمان الباقر (عليه السلام) فلا بأس برواية حماد عن الباقر (عليه السلام).
لكنه يندفع: بأنه لو كان الأمر على ذلك، لكثر رواية حماد عن الباقر (عليه السلام)
بلا كلام.
إلا أن يقال: إن حماد بن عيسى كان محتاطا في الرواية؛ ولذا قد اقتصر فيما
سمعه عن الصادق (عليه السلام) - وهو سبعون حديثا - على عشرين حديثا. قال الشيخ في
الرجال نقلا: " قال - أي حماد بن عيسى -: سمعت عن أبي عبد الله (عليه السلام) سبعين
حديثا، فلم أزل أدخل الشك في نفسي حتى اقتصرت على هذه العشرين " (3).
لكنه يندفع بأن اقتصار حماد على عشرين حديثا إنما هو في الرواية عن
الصادق (عليه السلام)؛ لخصوص ما تطرق له من الشك فيما سمعه عن الصادق (عليه السلام)، ولذا لم
يتأت منه التعديد في روايته عن الكاظم والرضا (عليهما السلام).
ومع ذلك نقول: إنه على ما ذكر يلزم أن يكون عمر حماد مائة وإحدى
وعشرين سنة، وهذا - بعد شدة بعده - ينافي ما ذكره الكشي من أن حمادا عاش
نيفا وتسعين، فالظاهر أن قوله (عليه السلام): " ستون أو سبعون سنة " من باب المثال،
لا خصوص حماد، كيف ولو كان الغرض خصوص حماد، كان ينبغي تعيين أحد

1. الكافي 3: 311، ح 8، باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير...؛ تهذيب الأحكام 2: 81، ح 69، باب
كيفية الصلاة وصفتها....
2. الكافي 1: 472، باب مولد أبي عبد الله (عليه السلام)؛ تهذيب الأحكام 6: 78، باب 25، باب نسب أبي
عبد الله... (عليه السلام)؛ الإرشاد للمفيد 2: 179.
3. رجال النجاشي: 142 / 370.
71

الزمانين، بل لا مجال للإبهام من الإمام (عليه السلام).
وإن أمكن الذب عنه: بأن الترديد في الستين والسبعين بواسطة عدم الاطلاع
على حقيقة الحال بالأسباب الظاهرة؛ إذ العلم بالباطن كان غير معمول به من
النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام)، ولذا كانوا يطلبون البينة من المدعي، ومن ذلك البناء على
العموم في ترك الاستفصال عن حال الواقعة المتشخصة الداخلة في الوجود مع
الشك في علم الإمام التارك للاستفصال بحقيقة الحال.
لكن نقول: إن مقتضى ما ذكر في زمان وفاة الصادق (عليه السلام) وزمان وفاة ابن
أبي عمير أن يكون عمر حماد بن عيسى حين وفاة الصادق (عليه السلام) نيفا وثلاثين،
والتعبير عليه بشدة قبح عدم إقامة الصلاة بحدودها ممن مضى عليه ستون أو
سبعون سنة ركيك مستهجن.
إلا أن يقال: إنه لما كان الغالب في الأعمار هو الستين أو السبعين، فالغرض أنه
لو كان عمر حماد مضى على ما جرى عليه، لمضى عمره في ستين أو سبعين مع عدم
المعرفة بحال الصلاة بحدودها، فالتعبير بملاحظة آخر عمر حماد، لا عمره حال التعبير.
إلا أن يقال: إن الغالب عدم انتهاء الأعمار إلى السبعين بملاحظة العشرة
الميشومة، بل مقتضى عبارة العلامة في آخر القواعد في قوله: " بلغت من العمر
الخمسين، ودخلت في عشر الستين، وقد حكم سيد البرايا بأنها مبدأ اعتراك
المنايا " (1) كون العشرة الميشومة هي ما بين الخمسين والستين، فالغالب عدم انتهاء
الأعمار إلى الستين، وإن أمكن أن يكون المقصود إكمال عشر الخمسين والدخول
في عشر الستين، مع أن الغالب البلوغ إلى الستين، وعلى أي حال لا يتم التوجيه
المذكور ولو في باب السبعين.

1. قواعد الأحكام 2: 346.
72

المقام الثاني
في بيان معنى عبارة الكشي في نقل الإجماع
على التصديق والتصحيح المتقدم
[معنى " الإجماع " المذكور في عبارة الكشي]
فنقول: إن المقصود بالإجماع هو الاتفاق، أعني المعنى اللغوي (1)، وليس
المقصود به المعنى المصطلح عليه عند الأصوليين (2).
إلا أن يقال: إنه لم يتجدد الاصطلاح في الإجماع، بناء على طريقة العامة من
كون المدار في اعتبار الإجماع على الاتفاق (3)، وكذا لم يتجدد الاصطلاح على
طريقة الخاصة، بناء على اتحاد المقصود بالإجماع عندهم مع المقصود بالإجماع
عند العامة، غاية الأمر أن الاتفاق الكاشف الواقع من الكثير في حكم الإجماع،
كما جرى على القول بالاتحاد غير واحد (4).

1. المصباح المنير 1: 109 (جمع).
2. انظر مفاتيح الأصول للسيد المجاهد: 494.
3. انظر الرسالة للشافعي: 471؛ المستصفى 1: 173؛ المنخول: 303؛ أصول السرخسي 1: 295؛
الإحكام للآمدي 1: 170، وانظر العدة للطوسي 2: 602.
4. انظر تهذيب الأصول للعلامة: 65، والمعارج للمحقق 125 والوافية: 151.
73

نعم، بناء على تجدد الاصطلاح في الإجماع عند الخاصة في مطلق الاتفاق
الكاشف، يختلف المعنى اللغوي المقصود بالإجماع المنقول في المقام مع
المعنى المصطلح عليه.
إلا أن يقال: إنه ليس المدار في الإجماع بالمعنى اللغوي على اتفاق الكل، بل
المدار على مطلق الاتفاق، ولذا يصح أن يقال: " أجمع زيد وعمرو على كذا "
فيصدق الإجماع بالمعنى اللغوي على مطلق الاتفاق الكاشف من باب صدق
الكلي على الفرد، وإطلاقه عليه من باب إطلاق الكلي على الفرد.
إلا أن يقال: إن كثرة إطلاق الكلي على الفرد تتأدى إلى النقل من الأخص إلى
الأعم، كما هو الحال في " الله " بناء على كونه موضوعا لمطلق الذات المستجمع
لجميع صفات الكمال، وكذا الشمس بناء على كونها موضوعة لمطلق الكوكب
النهاري؛ لتساوي (1) إطلاق " الله " على الذات الخالق للذوات، وإطلاق الشمس على
الجرم المخصوص، ومن ذلك تجدد (2) النقل في لسان الأواخر.
[معنى التصديق والتصحيح واتحادهما]
وإنما الكلام في المقصود ب‍ " التصديق والتصحيح " فجرى بعض الأعلام (3)
على أن المراد بهما متحد، وهو قبول الخبر، أعني الحكم بصدق الحديث
وصحته، أي صدوره عن المعصوم، وذكر أن وجه الاختلاف في التعبير - بالتعبير
ب‍ " التصديق " في باب الطبقة الأولى والجمع بينه وبين " التصحيح " في باب الطبقتين
الأخيرتين - أن نشر الأحاديث لما كان في زمان الصادقين (عليهما السلام) ومن بعدهما من
الأئمة (عليهم السلام)، وكان المذكور في الطبقة الأولى من أصحابهما، كانت رواياتهم غالبا

1. في " د ": " لتادى ".
2. في " د ": " تحدد ".
3. انظر الرسائل الرجالية لحجة الإسلام الشفتي: 41.
74

عنهما بلا واسطة، فيكفي في الحكم بالصحة تصديقهم كما لا يخفى؛ مع ما في ذكر
التصحيح من إيهام (1) أن غالب (رواياتهم مع الواسطة، والأمر ليس كذلك، وما في
ذكر التصديق والتصحيح من الإشعار بعدم كون الغالب في) (2) رواياتهم عنهما كونها
بلا واسطة، بل عدم الجمع في المقام لا يحتاج إلى الدليل، والمحتاج إليه إنما هو
الجمع، فاكتفى بذكر التصديق اعتمادا على الغالب.
وأما المذكور في الطبقة الثانية والثالثة، فعلى ما ذكره لما كان من أصحاب
الصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام)، وكانت رواية الطبقة الثانية عن مولانا الباقر (عليه السلام)
بالواسطة، وعن مولانا الصادق (عليه السلام) بدونها، وكذا الطبقة الثالثة كانت رواياتهم عنهما
مع الواسطة، وعن الكاظم والرضا (عليهما السلام) بدون الواسطة، لم يكتف بذكر التصحيح؛
لئلا يتوهم أن غالب رواياتهم مع الواسطة، ولا بالتصديق؛ لئلا يتوهم أن غالبها
بدونها، بل ذكرهما للإشعار بأن بعض رواياتهم مع الواسطة، وبعضها بدونها.
للأول ذكر التصحيح؛ لعدم كفاية التصديق، وللثاني ذكر التصديق ولم يكتف
بالأول؛ لدفع الإيهام (3) المذكور، والإشعار بأن بعض أخبارهم بلا واسطة؛ فلا يكون
ذكر التصديق لغوا ولا تأكيدا في غير محله بواسطة عدم اقتضاء المقام للتأكيد، بل
ذكره من باب التأسيس وإفادة الفائدة (4).
ووافقه سيدنا (5)، ويظهر القول بذلك من السيد السند النجفي كما تقدم (6)، بل
هو الظاهر من السيد الداماد؛ حيث جرى على تسمية حديث كل واحد من

1. في " د ": " إبهام ".
2. ما بين القوسين ليس في " د ".
3. في " د ": " الإبهام ".
4. الرسائل الرجالية لحجة الإسلام الشفتي: 41، وانظر خاتمة المستدرك 7: 62.
5. حكاه ولد المصنف عن جده السيد العلامة، انظر سماء المقال 2: 330 و 347.
6. قد يكون نظره إلى ما تقدم من المنظوم المنقول عنه.
75

الأشخاص المنقول في حقهم الإجماع - حتى أهل الطبقة الأولى - ب‍ " الصحي " كما
يأتي (1).
وربما حكي القول بذلك - أعني اتحاد المراد - عن العلامة النجفي، لكن من
دون بيان للمراد المتحد من كون المراد صدق الإسناد أو صدق الحديث.
[نظرية الوالد الماجد في اختلافهما]
وجرى الوالد الماجد (رحمه الله) على اختلاف المراد بالتصديق والتصحيح بأن المراد
بالتصحيح هو الحكم بصدق الحديث وصدوره عن المعصوم، أي الصحة
باصطلاح القدماء، والمراد بالتصديق هو الحكم بصدق الرواية وصدق الإسناد
والنسبة، أي الحكم بصدور الإخبار عمن أخبر عنه ممن نقل في حقه الإجماع؛
فلو أرسل عن المعصوم بحذف الواسطة، كأن قال: " قال الصادق (عليه السلام) كذا " يلزم
الحكم بصحة الحديث؛ لحكاية (2) الإجماع على التصديق، وهو يستلزم الحكم
بصحة الحديث هنا.
وأما لو أرسل بإبهام الواسطة، كأن قال: " روى رجل عن الصادق (عليه السلام) " فمفاد
دعوى الإجماع الحكم بصدور الإخبار عن الواسطة المبهمة، لا الحكم بصحة
الحديث وصدوره عن المعصوم، فلا يكون الحديث صحيحا؛ فإن تصديق
المنقول في حقه الإجماع هنا لا يستلزم التصحيح مطلقا، بل في الجملة، بخلاف
التصحيح؛ فإنه يستلزم التصديق مطلقا.
وربما جرى السيد السند العلي في الرياض (3) على هذا المجرى على ما ببالي،
وجرى عليه المحقق القمي في بعض الجواب عن السؤال.

1. الرواشح السماوية: 47، الفائدة الثالثة.
2. في " د ": " كحكاية ".
3. نقله عنه تلميذه الحائري في منتهى المقال 1: 56، وانظر سماء المقال 2: 330 لمزيد الفائدة.
76

[معنى التصديق في الطبقات]
فقد بان أن في المراد بالتصديق قولين، وتحقيق الفرق بينهما: أن المدار في
القول الأول على جعل (1) المراد بالتصديق في الطبقتين الأخيرتين هو الحكم
بصدق النسبة إلى المعصوم بلا واسطة. وبعبارة أخرى: الحكم بصدور الخبر
المروي عن المعصوم بلا واسطة، قبال المراد بالتصحيح من الحكم بصدق النسبة
إلى المعصوم مع الواسطة. وبعبارة أخرى: الحكم بصدور الخبر المروي عن
المعصوم مع الواسطة (فالأمر من باب تعليق الحكم [على] حال الفرد من حيث
الخصوصية). (2) وجعل المراد بالتصديق في الطبقة الأولى هو الحكم بصدق النسبة
إلى المعصوم، وصدور الخبر عن المعصوم بلا واسطة، من باب تعليق الحكم على
الفرد من حيث الطبيعة، من باب التنبيه بالأخص على الأعم من باب الكناية، كما
في باب مفهوم الموافقة على التحقيق، بناء على دلالة النهي عن التأفيف (3) على
حرمة مطلق الأذية حتى مادون التأفيف.
فلا يتحد المراد بالتصديق والتصحيح، بل المراد بالتصديق ما يقابل
التصحيح، إلا أن الأمر من باب التنبيه بالأخص - أعني الحكم بصدق النسبة
بلا واسطة إلى المعصوم - على الأعم؛ (فالمراد بالتصديق في كل من الطبقة الأولى
والطبقتين الأخيرتين إنما هو الحكم بصدق الإسناد، إلا أن المرجع في الطبقتين
الأخيرتين إلى ما يقابل التصحيح لكون الأمر من باب تعليق الحكم على الفرد من
حيث الخصوصية، والمرجع في الطبقة الأولى إلى التصحيح لكون الأمر من باب
تعليق الحكم على الفرد من حيث الطبيعة) (4).

1. في " ح ": " فعل ".
2. ما بين القوسين لم يرد في " د ".
3. في قوله تعالى: (فلا تقل لهما أف).
4. ما بين القوسين ليس في " د ".
77

والمدار في القول الثاني على جعل المراد بالتصديق هو الحكم بصدق النسبة
بلا واسطة إلى المعصوم.
وأيضا المدار في القول الثاني على جعل المقصود بالتصديق هو الحكم
بالصدق في مطلق الإسناد، والمدار في القول الأول على جعل المقصود
بالتصديق الحكم بالصدق في الإسناد إلى المعصوم، وجعل الأمر من باب التنبيه
بالأخص على الأعم.
وأيضا المدار في القول الثاني على أن المراد بالتصديق هو الحكم بصحة
النسبة، والمدار في القول الأول على أن المراد بالتصديق الحكم بصحة الحديث
بتقريب: أن الصحة في صورة خلو النسبة إلى المعصوم عن الواسطة تستلزم
صحة الحديث، فالإجماع على الصدق يستلزم الإجماع على الصحة، والأمر في
الصحة من باب التنبيه بالأخص على الأعم، وتعليق الحكم على الفرد مع إلغاء
الخصوصية؛ وقد حررنا الكلام فيهما في البشارات.
[معنى التصحيح]
وأما المراد بالتصحيح ففيه أيضا قولان، لكن مرجع القولين إلى قولين في
المقصود بالموصول؛ لعدم اختلاف المقصود بالتصحيح على القولين.
فالمحكي في كلام الفاضل القاشاني - كما يأتي عن جماعة من المتأخرين (1)،
بل في كلام الشيخ علي سبط الشهيد الثاني عن المشهور، بل في كلام بعض
الأعلام عن الأكثر (2)، بل في كلام السيد الداماد عن الأصحاب (3) - أن المقصود بذلك
الحكم بصحة المروي وصدوره عن المعصوم.

1. الوافي 1: 27، المقدمة الثانية.
2. انظر الرسائل الرجالية للحجة الإسلام الشفتي: 41.
3. الرواشح السماوية: 47، الراشحة الثالثة.
78

فالمقصود بالموصول في قوله: " ما يصح " هو المروي، أي الحديث، فالمراد
أن الأصحاب اتفقوا على الحكم بصحة حديث صح عن هؤلاء، بمعنى أنه إذا
صح سلسلة السند بينهم وبين هؤلاء، اتفقوا على الحكم بصحة ذلك الحديث
وقبوله. وبعبارة أخرى: إذا ثبت وظهر لهم صدور الحديث عن أحدهم، أطبقوا
على الحكم بصحته.
وقد سمعت القول به من الوالد الماجد (رحمه الله) وبعض الأعلام وسيدنا (1)، وعليه
جرى السيد الداماد (2)، وكذا السيد السند العلي في الرياض (3)، وهو مقتضى ما عن
الشهيد في شرح الإرشاد في مسألة عدم جواز بيع الثمرة قبل ظهورها (4)، بل هو
المحكي عن جماعة كابن داود (5)، وشيخنا البهائي (6)، والمجلسيين (7) وصاحب
الذخيرة (8)، والعلامة البهبهاني (9)، ونقله السيد الداماد عن العلامة في غير موضع من
المختلف، والشهيدين (10). وسيأتي ما فيه.
وعن المحدث المحسن القاشاني أن المقصود بذلك الحكم بصحة الرواية
وصدق النسبة، أي الحكم بكون الجماعة صادقين متحرزين عن الكذب.
قال في أوائل الوافي نقلا:

1. حكاه ولد المصنف عن جده السيد العلامة في سماء المقال 2: 330.
2. الرواشح السماوية: 47، الراشحة الثالثة.
3. نقله عنه في منتهى المقال 1: 56.
4. غاية المراد في شرح نكت الإرشاد 2: 41.
5. رجال ابن داود: 209.
6. مشرق الشمسين: 34.
7. روضة المتقين 14: 19؛ كتاب الأربعين حديثا: 512.
8. انظر الكفاية: 100 عسى أن تستفيد المطلب.
9. تعليقة الوحيد على منهج المقال: 6.
10. الرواشح السماوية: 47، الراشحة الثالثة.
79

قد فهم جماعة من المتأخرين من قوله: " أجمعت العصابة أو الأصحاب
على تصحيح ما يصح عن هؤلاء " الحكم بصحة الحديث المنقول عنهم،
ونسبته إلى أهل البيت (عليهم السلام) بمجرد صحته عنهم من دون اعتبار العدالة في
من يروون عنه، حتى لو رووا عن معروف بالفسق أو بالوضع، فضلا
عما لو أرسلوا الحديث، كان ما نقلوه صحيحا محكوما بنسبته إلى أهل
العصمة صلوات الله عليهم.
وأنت خبير بأن هذه العبارة ليست صريحة في ذلك ولا ظاهرة؛ فإن
ما يصح عنهم إنما هو الرواية لا المروي، بل كما يحتمل ذلك يحتمل
كونها كناية عن الإجماع على عدالتهم وصدقهم، بخلاف غيرهم ممن
لم ينقل الإجماع على عدالته (1)؛ انتهى.
وهو راعى اختلاف التعبير بالعصابة والصحابة فذكرهما، بل راعى
الترتيب، فقدم العصابة على الأصحاب؛ لكون التعبير ب‍ " العصابة " (2) في
الطبقة الأولى والثانية، وب‍ " أصحابنا " في الطبقة الأخيرة، مع عدم ترتب ثمرة
على اختلاف التعبير المذكور، ولم يراع اختلاف التعبير بالتصديق والتصحيح، مع
إمكان ترتب الثمرة على هذا الاختلاف باختلاف المراد، كما قال به الوالد
الماجد (رحمه الله)، كما سمعت.
فالظاهر أنه غفل عن هذا الاختلاف، وربما نسبه الوالد الماجد (رحمه الله) إلى
التوقف، إلا أن الظاهر أنه بملاحظة ذيل التعليل، أعني قوله: " بل كما يحتمل
ذلك " (3) لكن مقتضى صدر التعليل الجزم.
والظاهر أن الترديد في الذيل من باب التنزل والمماشاة.

1. الوافي 1: 27.
2. في " د " زيادة: " على الأصحاب ".
3. في عبارة الوافي المتقدمة.
80

وحكي القول بذلك عن صاحب الاستقصاء (1) والسيد السند النجفي (2) وبعض
الأفاضل.
وهو المحكي عن السيد السند العلي صاحب الرياض، وقد يحكى عنه
أنه قال:
إني كنت في أول شرحي الكبير إلى آخر كتاب الديات معتقدا أن معنى
العبارة أنه لا يلزم النظر إلى من قبل الرجل الذي ادعي الإجماع في حقه،
وبنيت على هذا اجتهادي في هذا الكتاب، ولم أجد أحدا من العلماء
يوافقني، فراجعت وفكرت فوجدتها مخالفة لما اعتقدته، فرجعت عما
اعتقدت (3).
وربما يحكى عنه أنه - مع بنائه على جبر أصحاب الإجماع لضعف من
فوقهم في كثير من مصنفاته - بالغ في الإنكار، وادعى أنه لم يعثر في الكتب
الفقهية - من أول كتاب الطهارة إلى آخر كتاب الديات - [على] عمل فقيه من
فقهائنا بخبر ضعيف محتجا بأن في سنده أحدا من الجماعة، وهو إليه صحيح.
وقد يحكى القول بذلك عن الشيخ في التهذيبين؛ حيث إنه كثيرا ما يروي
الحديث ولا يعتمد عليه - مع أن فيه أحدا من الجماعة -؛ لضعف من فوق الجماعة
بالإرسال أو غيره (4)؛ انتهى.
ومنه ما صنعه في التهذيبين في أواخر العتق من القدح بالإرسال في مرسل
ابن أبي عمير، أعني ما رواه ابن أبي عمير عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

1. استقصاء الاعتبار مخطوط.
2. له رسالة في أصحاب الإجماع غير موجودة.
3. حكاه عنه تلميذه الحائري في منتهى المقال 1: 56.
4. حكاه عنه تلميذه الحائري في منتهى المقال 1: 56.
81

" السائبة وغير السائبة سواء في العتق " (1).
ومقتضى الكلام المحكي عن العلامة المجلسي في أربعينه أنه قول الأكثر (2).
وربما جنح إلى ذلك بعض الفحول (3).
والفرق بين المعنيين ظاهر؛ حيث إن المراد على الثاني الإسناد، أي أجمعت
العصابة على الحكم بصحة الإسناد الذي صح عنهم، بمعنى أنهم إذا أسندوا إلى
غيرهم شيئا، اتفقوا على الحكم بصحة ذلك الإسناد، وإن كان الناقل غير معتمد
عليه، فإذا قالوا: " أخبرني أو حدثني فلان " أو " سمعت منه " يحكمون بصدقهم.
والمراد على الأول الحديث، أي أجمعت العصابة على الحكم بصحة
الحديث الذي نقلوه، وإن كان الناقل أو المنقول عنه غير معتمد عليه، فلا يضر
على هذا التقدير في اعتبار الخبر ضعف بعض الجماعة الواقع في السند، أو
ضعف من قبله.
وقد ظهر فيما مر الفرق بما ذكر أيضا.
وبالجملة، فالمفاد على القول الأول من القولين في التصديق متحد مع المفاد
على القول الأول من القولين في التصحيح، مع جبر الضعف على القولين،
والمفاد على القول الثاني من القولين في التصديق متحد مع المفاد على القول
الثاني من القولين في التصحيح، مع عدم جبر الضعف على شيء من القولين،
والمفاد على القول الثاني من القولين في التصديق مختلف مع المفاد على القول
الأول من القولين في التصحيح؛ فيختلف الجبر نفيا على الثاني، وإثباتا على
الأول.

1. تهذيب الأحكام 8: 257، ذيل ح 932، باب العتق وأحكامه؛ الاستبصار 4: 27، ذيل ح 5، باب
ولاء السائبة.
2. الأربعون حديثا للعلامة المجلسي: 512.
3. انظر منتهى المقال 1: 55.
82

أقول: الظاهر أن المقصود بالإجماع على تصديق الجماعة هو الإجماع على
صدقهم. وما ذكره بعض الأعلام - من أن المقصود الإجماع على اعتبار الخبر،
والتعبير بالتصديق من جهة كون الغالب في هؤلاء الجماعة أهل الطبقة الأولى
روايتهم عن الصادقين (عليهما السلام) بلا واسطة - خلاف الظاهر.
وبوجه آخر: مرجع ما ذكره بعض الأعلام إلى أن التعبير بالتصديق وارد مورد
الغالب؛ لفرض غلبة كون الأخبار في الطبقة الأولى بلا واسطة والفرض اعتبار
الخبر.
لكنه لا دليل عليه، بل أرباب الرجال لم يراع في كلماتهم ما روعي في غيرها،
فضلا عن مراعاة الأمور الدقيقة، ويظهر الحال بالرجوع إليها (بل لو لم نقل بأن
الظاهر كون الأمر في التصديق من باب تعليق الحكم على الفرد من حيث
الخصوصية، فلا أقل من الإجمال بينه وبين كون الأمر من باب تعليق الحكم على
الفرد من حيث الطبيعة؛ فلا يتم البناء على التصحيح في الطبقة الأولى لو كان بعض
أصحاب الإجماع مسبوقا في الضعف في بعض من تقدم عليه) (1) فلا مجال للتعدي
في صحة الخبر عن صورة عدم الواسطة بصورة ثبوت الواسطة.
ومع ذلك، المفروض أن الإجماع على التصحيح في صورة خلو النسبة إلى
المعصوم عن الواسطة إنما يتأتى من باب استلزام التصديق للتصحيح؛ قضية
استلزام الصدق في تلك الصورة للصحة، فالأمر خارج عن الاختيار. والتنبيه
بالأخص على الأعم، أو تعليق الحكم على الفرد مع إلغاء الخصوصية إنما يتأتى
في صورة تعمد المتكلم بالاختيار.
فلو روى بعض من الجماعة - المنقول في حقهم الإجماع على التصديق -
عن المعصوم بتوسط واسطة ضعيفة، فلا يثبت من نقل الإجماع اعتبار الخبر،

1. ما بين القوسين ليس في " د ".
83

سواء كانت الواسطة مبينة - كما لو روى البعض عن شخص ضعيف عن
الصادق (عليه السلام) وهو الغالب - أو كانت الواسطة مبهمة بأن كان الأمر من باب الإرسال
بإبهام الواسطة، كما لو روى بعض الجماعة عن رجل عن الصادق (عليه السلام).
نعم، يثبت صدق البعض في الرواية عن الواسطة، كما أنه لو روى البعض
عن المعصوم بلا واسطة، أولم يكن قدح في من تأخر عن البعض، فلا إشكال في
اعتبار الخبر.
وأما لو روى البعض عن المعصوم بحذف الواسطة، بأن كان الإرسال من باب
الإرسال بحذف الواسطة، فقد حكم الوالد الماجد (رحمه الله) فيما مر بثبوت اعتبار الخبر
نظرا إلى أن نقل الإجماع على التصديق يستلزم هاهنا صحة الخبر.
لكن يمكن القدح فيه: بأن نقل الإجماع على التصديق إنما ينصرف إلى الفرد
الغالب المتعارف، وهو الإسناد على وجه الإسناد، أي ما يقابل الإرسال، كيف لا؟
وليس الإرسال بحذف الواسطة بالنسبة إلى الإسناد المقابل للإرسال إلا أقل قليل،
فالغرض الإجماع على الصدق في الإسنادات المتعارفة المقابلة للإرسال بحسب
الاصطلاح، وأما الإسناد بالمعنى اللغوي المتطرق في الإسناد بحذف الواسطة عن
المعصوم أو الراوي، فهو غير مشمول للإطلاق، ولا أقل من الشك في الشمول.
وبوجه آخر: الظاهر انصراف إطلاق الإجماع المنقول إلى الصور المتعارفة
التي يكون عهدة الكذب فيها على الراوي، كما في الإسناد بالمعنى المصطلح عليه
المقابل للإرسال. وأما الإرسال بحذف الواسطة فيمكن أن يكون الإسناد فيه
بالمعنى اللغوي من باب حوالة الحال على وضوح حذف الواسطة، وكون عهدة
الكذب على الواسطة، فلا يشمل الإطلاق المشار إليه.
نعم، حجية المرسل في صورة حذف الواسطة من الثقة أو المتحرز عن
الكذب مع الإسناد إلى المعصوم أو الراوي المعتبر - كما حررناه في بحث
المرسل - كلام آخر.
84

ومع ذلك حذف الواسطة لم يتفق في السند، لامن أواسطه ولا من آخره،
لامن الجماعة، ولا من غيرهم تعمدا، نعم ربما اتفق سقوط الواسطة في أواسط
السند نادرا من باب الاشتباه من الراوي أو بعض من دونه.
وأما الحذف من أول السند، فقد اتفق من الصدوق في الفقيه، والشيخ في
التهذيبين كثيرا (1)، بل كل منهما قد ذكر أكثر المحذوفين في المشيخة.
وربما قيل بحذف الواسطة من الكليني أيضا كثيرا، من أول السند، والظاهر
أنه خلاف المشهور، والمشهور هو المنصور، وقد حررنا الحال في الجميع في
الرسالة المعمولة في نقد الطرق، فلا جدوى في القول بكفاية الإجماع على
الصدق في اعتبار الخبر في الإرسال بحذف الواسطة.
وعلى هذا المنوال الحال بناء على ما يأتي من المختار في الطبقتين الأخيرتين
بعد شمول الإجماع المنقول فيهما على المختار للإرسال بحذف الواسطة. هذا
هو الكلام في الطبقة الأولى.
[معنى التصحيح في الطبقتين الأخيرتين]
وأما الطبقتان الأخيرتان، فللقول الأول من القولين في المقام - أعني القولين
في الصحة - التبادر؛ فإن المتبادر من الموصول هو الحديث دون الإسناد والرواية،
فالمفاد إجماع العصابة على صحة المروي. وشيوع استعمال الصحة عند
المحدثين، بل مطلقا في الحديث دون الرواية بمعنى الإسناد كما لا يخفى، أي
الغالب إضافة الصحة إلى الحديث، فالغلبة ترجح حمل الموصول على الحديث،
وتجعله أولى، فالظاهر أن المقصود بالموصول هو الحديث أيضا باعتبار أخذ
التصحيح والصحة في صلة الموصول، أعني " يصح ".
أقول: إنه لا معنى لحمل الموصول على الحديث؛ حيث إن الظاهر أن

1. في " د ": " لكن ".
85

المقصود الإجماع على صحة ما ثبت صدوره عن الجماعة بطريق صحيح، وما
صدر عن الجماعة إنما هو إسناد الجماعة إلى من فوقهم.
نعم، لو كان رواية الجماعة عن المعصوم بلا واسطة فيصدر عنهم الحديث،
كما أن الصادر عن المعصوم إنما هو السنة لكن لا كلام فيه، وإنما الكلام فيما
لو كانت رواية الجماعة عن المعصوم مع الواسطة.
وأما رواية الجماعة عن المعصوم بحذف الواسطة، فلا يشملها إطلاق
الموصول؛ لظهوره في الإسناد المقابل للإرسال قضية الغلبة.
ويظهر الحال بما تقدم، فحمل الموصول على الحديث لا مجال له في المقام؛
إذ لا معنى لصحة الحديث عن الجماعة، فالجار والمجرور يمانع عن حمل
الموصول على الحديث؛ فدعوى التبادر كما ترى.
وأما حديث غلبة استعمال الصحة في صحة الحديث، أي غلبة إضافة الصحة
إلى الحديث، فنقول: إنه قد تطلق الصحة في كلمات أرباب الرجال على الراوي،
كما يقال: " ثقة صحيح " إلا أنه يدور الأمر بين كون الأمر من باب الإضمار - بإضمار
المضاف إليه، أي صحيح الحديث، وإضمار غير المضاف إليه، بأن يكون
المحذوف هو لفظة - " في الحديث " - وكون الأمر من باب إطلاق الصحة على
الراوي باعتبار الخبر.
وقد تطلق الصحة في كلمات أرباب الرجال على بعض أجزاء السند، كما في
الإطلاق على الطريق بالمعنى المقابل للسند، أي بعض أجزاء السند، لا السند، كما
يطلق عليه أيضا، كطريق الصدوق والشيخ في التهذيب والاستبصار، وقد اتفق
للعلامة (1) وغيره شرح حال الطرق، والإطلاق المذكور قد وقع في كلمات الفقهاء
أيضا.
وعلى أي حال فالحديث المذكور - بعد الإغماض عن القدح فيه بما ينقدح

1. خلاصة الأقوال: 275، الفائدة الثامنة.
86

مما يأتي - مدفوع بأن في المقام ما يمنع عن صحة حمل الكلام على صحة
الحديث، أي حمل الموصول على الحديث.
فقد أجاد المحدث المحسن القاشاني؛ حيث زيف القول المزبور بأن ما يصح
عن الجماعة إنما هو الإسناد، لا المروي (1).
وبعد هذا أقول: إن كون المقصود بالموصول هو الحديث لا يستلزم كون
المفاد الإجماع على اعتبار الخبر؛ إذ ما يصح عن هؤلاء على هذا إنما هو الحديث
باعتبار الراوي عن الجماعة، فالمقصود بتصحيح هذا الحديث الجائي صحيحا
عن هؤلاء إما الحكم بصحته باعتبار نفس أهل الإجماع، أو باعتبارهم ومن
فوقهم، فيتأتى الإجمال؛ لدوران الأمر بين كون المقصود صحة الحديث المذكور
عن المعصوم، أو عمن فوق الجماعة.
وإن قلت: إنه إذا تعذر حمل الصحة في التصحيح على صحة الحديث باعتبار
جميع رجال السند، فلابد من الحمل على الصحة باعتبار أهل الإجماع ومن
فوقهم؛ قضية أنه إذا تعذرت الحقيقة فأقرب المجاز [ات] متعين.
قلت: إن المدار في القرب على العرف لا المرتبة، ومن هذا أن الحق حمل
الوجوب التعييني عند تعذر الحمل عليه على الاستحباب، لا الوجوب التخييري،
كيف لا؟ وملاحظة المرتبة من قبيل ملاحظة المصالح العقلية، ولا مسرح لهذه
المصالح في باب حمل اللفظ على المعنى والظن بإرادته، مع أن المفروض إضافة
الصحة في التصحيح إلى الحديث، وكون الكلام في التميز، أي كون الصحة
باعتبار أصحاب الإجماع ومن فوقهم، وكونها باعتبار أهل الإجماع بعد تعذر كون
التميز جميع رجال السند، والأمر على كل من التقديرين الأولين من باب الحقيقة،
كما هو الحال على تقدير كون التميز جميع رجال السند.
وإن قلت: إن معنى تصحيح الحديث هو الحكم بصدوره عن المعصوم؛

1. الوافي 1: 27.
87

حيث إن معنى صحة الحديث هو صدوره عن المعصوم.
قلت: إن معنى صحة الحديث وإن كان صدوره عن المعصوم، إلا أنه قد
استعمل صحة الحديث هنا في قوله: " ما يصح عن هؤلاء " في الصدور عن
الجماعة، فيضعف ظهور تصحيح الحديث في الحكم بصدوره عن المعصوم.
إلا أن يقال: إن الظاهر من تصحيح الحديث هو الحكم بصدوره عن
المعصوم بمقتضى ظهور صحة الحديث في الحكم بالصدور عن المعصوم؛
لظهور صحة الحديث في صدوره عن المعصوم.
ويندفع: بالمنع عن ظهور تصحيح الحديث في كلام أرباب الرجال في اعتبار
الخبر، حتى بالنسبة إلى من فوق من صحح حديثه، كيف لا؟ وفي ترجمة محمد بن
جعفر بن محمد بن عون الأسدي: أنه صحيح الحديث، إلا أنه روى عن الضعفاء (1).
[في قولهم: " صحيح الحديث " في وصف الراوي والكتاب] رسالة في أصحاب الإجماع
ومن ذلك أن قولهم: " صحيح الحديث " في بعض التراجم - كما في ترجمة
عبد السلام بن صالح الهروي (2)، وأحمد بن إسماعيل - لا يدل على اعتبار ما رواه
الشخص من الأخبار، ولو بالنسبة إلى من فوقه من الواسطة بينه وبين المعصوم،
بل مقتضاه كون الشخص متحرزا عن الكذب، موثوقا به في النقل، من دون دلالة
على عدالة الراوي أو حسن حاله (3) أو كونه إماميا، وإن حكم الشهيد الثاني في
الدراية بأن " صحيح الحديث " في وصف الراوي بمنزلة " ثقة " (4) بل استظهر منه
سبطه المحقق الشيخ محمد في رسالته المعمولة في تزكية أهل الرجال الاتفاق

1. رجال النجاشي: 373 / 1020.
2. رجال النجاشي: 245 / 643؛ خلاصة الأقوال: 117 / 2.
3. " أو حسن حال " ليس في " ح ".
4. الدراية: 76.
88

على ذلك (1).
لكنه ضعيف جدا.
وكذا حكم الفاضل الجزائري في ترجمة عبد السلام بأن قولهم: " صحيح
الحديث " ينافي كون الراوي عاميا (2).
لكن أورد عليه المحقق الشيخ محمد بأن الصحيح عند المتقدمين ليس
المراد به ما يرويه الإمامي، بل معناه ما ثبت بالأصل المأخوذ منه بأي نوع كان
من أنواع الثبوت.
وبمعناه ما أورد به الفاضل الكاظمي من أن الصحيح في كلام النجاشي في
الترجمة المشار إليها غير المصطلح عليه عند المتأخرين (3).
وهو في محله.
وبما ذكر يظهر ضعف ما يظهر من المحقق الشيخ محمد في بعض كلماته من
دلالة " صحيح الحديث " على عدالة من روى عنه الراوي، وكذا ما ينصرح عن
بعض الأعلام من دلالة " صحيح الحديث " على حسن حال من روى عنه الراوي (4).
وكذلك قولهم: " صحيح الحديث " في وصف الكتاب - كما في ترجمة
الحسن بن علي بن النعمان (5) - لا يقتضي اعتبار ما رواه صاحب الكتاب، ولو
بالنسبة إلى من فوقه من الواسطة بينه وبين المعصوم، بل مقتضاه كون أخبار
الكتاب مأمونة عن الكذب، من دون دلالة على عدالة صاحب الكتاب حال رواية
أحاديث الكتاب.

1. رسالته هذا غير موجودة.
2. حاوي الأقوال 2: 108 / 448.
3. عدة الرجال 1: 118. مؤقت.
4. حكاه عن قائل في عدة الرجال 1: 118 قال: " ولقائل أقصاه الصدق والضبط ".
5. رجال النجاشي: 40 / 81.
89

وإن حكم الفاضل الأسترآبادي بأن ذلك يقتضي عدالة الراوي حال رواية
أحاديث الكتاب (1).
لكن قد أجاد من أورد عليه بأن تصحيح الكتاب لا يستلزم عدالة الراوي؛ إذ
لعله عرف صحة أحاديث الكتاب من القرائن الخارجة.
ومزيد الكلام موكول إلى ما حررناه في الرسالة المعمولة في " تصحيح الغير "
وبعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في رواية الكليني عن
أبي داود.
ومما ذكرنا [ظهر] أن بعض أرباب الرجال جعل الأمر على القول الثاني من
القولين المتقدمين في المقام بمنزلة صحيح الحديث. وما ذكره بعض في وجه غير
بعيد - من دلالة صحة الحديث على اعتبار ما دونه الشخص وإن كان مرويا عن
المعصوم مع الواسطة - ليس بشيء، وإلا للزم أن يقول بدلالة الإجماع
على التصحيح على اعتبار الخبر باعتبار خبر من قيل في ترجمته: " صحيح
الحديث " وإن تطرق الضعف في من فوقه؛ لإخبار بعض أهل الخبرة باعتبار
الخبر، بناء على كفاية تصحيح الخبر في اعتباره، كما يأتي.
نعم، تصحيح الحديث بقول مطلق في كتب الفقهاء ظاهر في اعتبار الخبر،
بل وثاقة رجال السند بأسرهم لو كان التصحيح في كلام المتأخرين.
والظاهر أنه يلحق به ما لو قيل: " ما رواه فلان في الصحيح " إلا أنه لو قيل: " وفي
صحيح فلان " أو " في الصحيح عن فلان " فإنما يدل على اعتبار السند إلى الفلان،
ولا دلالة فيه على اعتبار الخبر باعتبار من فوق الفلان.
نعم، غاية الأمر الدلالة على اعتبار الفلان في الأول كما أنه تتعين الدلالة على
اعتباره فيه لو قيل: في صحيح فلان على الصحيح.

1. منهج المقال: 105.
90

وبالجملة، مرجع ما ذكرناه إلى أن مجرد كون المقصود بالموصول هو
الحديث لا يجدي في المقصود، بل لابد من دلالة إضافة الصحة على اعتبار تمام
أجزاء السند، وهذه الدلالة في كلمات أرباب الرجال غير ثابتة، وإن كانت ثابتة في
كلمات الفقهاء.
سلمنا، لكن نمنع دلالة تصحيح الحديث المقيد بشخص - كما في المقام بناء
على كون المقصود بالموصول هو الحديث - على اعتبار الحديث باعتبار من فوق
الشخص المقيد به الحديث، وإن كان تصحيح الحديث بقول مطلق دالا على
اعتباره باعتبار تمام أجزاء سنده.
ويمكن الدفع بأن المدار في صحة الحديث على اعتبار تمام أجزاء السند،
ولا ريب أن الصحة في " يصح " باعتبار من دون أصحاب الإجماع. وأما التصحيح
فالصحة فيه - بناء على القول الأول من القولين المتقدمين في المقام - إنما تكون
باعتبار أنفس أهل الإجماع ومن فوقهم، وهذا من باب خلاف الظاهر، فلا ترجيح
فيه على الحمل على صحة الحديث باعتبار أنفس أهل الإجماع، والمدار
في المقام على المقصود بالتصحيح.
إلا أن يقال: إن المدار في صحة الحديث عند القدماء على الظن بالصدور،
وإن كان بعض أجزاء السند خاليا عن الاعتبار، وعلى القول الأول تكون الصحة
محمولة على ظاهرها، بخلاف ما لو حملت على اعتبار الحديث باعتبار أنفس
أهل الإجماع.
إلا أن يقال: إن الظاهر أن الإجماع على التصحيح باعتبار عدالة أصحاب
الإجماع ومن فوقهم بناء على ما يأتي من دلالة نقل الإجماع على وثاقة الجماعة
ومن فوقهم، فحمل الصحة في التصحيح على اعتبار الحديث باعتبار أصحابه
الإجماع ومن فوقهم ليس أولى من الحمل على الاعتبار باعتبار أصحاب الإجماع
فقط.
91

إلا أن يقال: إن الأول أظهر، لكن نقول: إنه بعد تسليم كون الأول أظهر يتطرق
الفتور على الظهور بعطف " التصديق " على " التصحيح "، كما يظهر مما يأتي آنفا.
وبعد هذا أقول: إنه لو كان المقصود بالموصول هو الحديث، فلا مجال لأن
يكون الغرض الإجماع على صحة الحديث باعتبار جميع أجزاء السند؛ لفرض
صحة من دون أصحاب الإجماع؛ إذ على ذلك يلزم الإجماع على صحة
الصحيح، فلابد من كون الغرض الإجماع على صحة الحديث باعتبار أصحاب
الإجماع مع من فوقهم، أو باعتبار أصحاب الإجماع فقط، وليس الحمل على
الأول أولى من الحمل على الثاني، ودعوى ظهور الحمل على الأول تندفع بما
سمعت.
والفرق بين هذه المقالة والمقالة السابقة: أن المدار في المقالة السابقة على
عدم استلزام كون المقصود بالموصول هو الحديث صحة الحديث باعتبار جميع
أجزاء السند، والمدار في هذه المقالة على امتناع ذلك، وهو أولى وأحسن. هذا
ما كتبته سابقا.
وتحرير الحال: أنه إن كان المقصود بالموصول هو الحديث، فحمل
التصحيح على الحكم بصحة الحديث باعتبار جميع أجزاء السند يستلزم الحمل
على الحكم بصحة الحديث باعتبار الجزء الصحيح، أعني النصف التحتاني
- مثلا - أي من دون الجماعة، والحمل على الحكم بصحة الحديث باعتبار
النصف الفوقاني - أعني أنفس الجماعة ومن فوقهم - ليس أولى من الحمل على
الحكم بالصحة باعتبار أنفس الجماعة.
وبعد هذا أقول: إن عطف التصديق على التصحيح يدل دلالة قوية ويكشف
كشفا كاملا عن كون المقصود بالموصول هو الإسناد، أو كون المقصود بتصحيح
الحديث الذي صح عن هؤلاء هو الحكم بصحته ممن روى عنه هؤلاء من الإمام
أو الرواة بلا واسطة.
92

وما ذكره بعض الأعلام - من أن الجمع بين التصحيح والتصديق من جهة
الإشارة إلى كون روايات أهل الطبقتين الأخيرتين بعضها بلا واسطة، وبعضها مع
الواسطة كما مر - يضعف بأنه وإن كان تدقيقا رشيقا إلا أن مراعاة مثله في كلام
القدماء - ولا سيما أهل الرجال، ولا سيما الكشي - غير ثابتة، بل الظاهر عدمه.
فانظر اشتمال عبارات الكشي في المقام على وجوه من التفنن والتسامح؛
حيث إنه عنون الكلام في أهل الطبقة الأولى بقوله: " في تسمية الفقهاء " والكلام
في الطبقتين الأخيرتين بقوله: " تسمية الفقهاء ". وزاد قوله: " لما يقولون " في الطبقة
الثانية دون الأولى والأخيرة. وزاد قوله: " والعلم " في الطبقة الأخيرة دون الأولى
والثانية. وعبر بقوله: " أصحابنا " في الطبقة الأخيرة، وب‍ " العصابة " في الطبقتين
الأوليين. والظاهر أن الإشارات بقوله: " هؤلاء " في العبارات الثلاث راجعة إلى ما
تأخر عن الإشارة، أعني الجماعة المذكورة. ولا يخفى ما فيه من المسامحة، وإن
تداول مثله، كما يقال: فانظر إلى هذه العبارة، والعبارة مذكورة بعد الكلام
المذكور.
وإن قلت: إنه يلزم على ما ذكرت التأكيد في العطف، والتأسيس أولى من
التأكيد.
قلت: إن العطف التفسيري كثير غاية الكثرة، وهو المناسب للمقام؛ لغموض
المعنى في المعطوف عليه، بل لاخفاء عند التدبر في ظهور العطف هنا في
التفسير، مع أنه على تقدير حمل العبارة في المعطوف عليه على الإجماع على
اعتبار الخبر يلزم التأكيد، بناء على ظهوره في وثاقة الجماعة فقط، أو مع من
فوقهم، كما هو الأظهر مما يأتي.
وبعد هذا أقول: إنه ذكر الشيخ في الفهرست في ترجمة ابن أبي عمير أنه روى
عنه أحمد بن محمد بن عيسى كتب مائة رجل من رجال أبي عبد الله (1)، والظاهر

1. الفهرست: 142 / 617.
93

- بل المقطوع به الذي لا ينبغي الريب فيه من أحد - أن جميع ما في كتب مائة رجل
لم يكن أخبارا معتمدة، بل لو كان الأمر على هذا، لأشار إليه الشيخ قطعا؛ لكونه
مزية كاملة للراوي والمروي عنه، أعني محمد بن عيسى وابن أبي عمير.
وأيضا حكى الشيخ في الفهرست عن ابن بطة أن له - أعني ابن أبي عمير -
أربعة وتسعين كتابا (1).
ولاخفاء في بعد اعتبار جميع ما في الكتب الأربعة وتسعين كتابا، بل هذا - مع
قطع النظر عن بعده في نفسه - يبعده عدم الإشارة إليه من ابن بطة.
اللهم إلا أن يقال بعدم اطلاعه عليه، إلا أنه واضح الفساد؛ إذ من أجمع على
حاله العصابة كيف يخفى حاله عن شخص خبير ماهر من أهل الفن (2)؟!
إلا أن يقال: إنه لا بعد في عدم ثبوت الإجماع عنده، وأيضا صرح جماعة
- نقلا - بأن ابن أبي عمير لا يرسل إلا عن ثقة، بل عن جماعة دعوى اتفاق
الأصحاب على العمل بمراسيل ابن أبي عمير، بل صرح الشيخ في العدة بأن
ابن أبي عمير لا يرسل إلا عن ثقة (3).
إلا أن يقال: إنه على تقدير كون المقصود (4) بنقل الإجماع هو الإجماع على
اعتبار الخبر، لما كان حاجة إلى إظهار عدم الإرسال إلا عن ثقة، فضلا عن عدم
الرواية إلا عن ثقة.
إلا أن يقال: إنه - على تقدير كون المقصود بنقل الإجماع هو الإجماع على
اعتبار الخبر - لا يتأتى وثاقة الجماعة، ولا وثاقة من روى عنه الجماعة من الوسائط
المتوسطة بينهم وبين المعصوم؛ لكون المقصود صحة الخبر بمعنى الظن

1. الفهرست: 142 / 617.
2. في " ح ": " الظن ".
3. عدة الأصول 1: 154.
4. في " د ": " ولو كان المقصود ".
94

بالصدور ولو كان من القرائن، فلا منافاة بين كون المقصود به الإجماع على اعتبار
الخبر مع عدم وثاقة من روى عنه الجماعة، إلا أنه ضعيف بما يأتي من أن الأظهر
اقتضاء نقل الإجماع على اعتبار الخبر - على تقدير كونه هو المقصود بنقل
الإجماع - وثاقة الجماعة ومن رووا عنه من الوسائط.
كما أن الأظهر - على تقدير كون المقصود بنقل الإجماع هو الإجماع على
الصدق - اقتضاء نقل الإجماع وثاقة الجماعة.
وأيضا قد حكى في ترجمة بعض مجهول رواية بعض الجماعة عنه كما في
برد الإسكاف؛ حيث إنه ذكر الشيخ في الرجال أن له كتابا يرويه ابن أبي عمير
عنه (1)، وهو غير مذكور بمدح ولا توثيق، وكذا الحال في الحكم بن أيمن الحناط،
حيث ذكر النجاشي أن له كتابا يرويه ابن أبي عمير (2).
إلا أن يذب بما سمعت ضعفه آنفا، أو يذب بأنه لعله لم يثبت الإجماع عند
غير الشيخ، ومن هذا أنه لم يتفق ادعاؤه في كلام غيره.
وأيضا لو كان المقصود الإجماع على اعتبار الخبر، لاشتهر كل من الجماعة
بأنه لا يروي إلا عن ثقة، ولا أقل من الاشتهار بعدم الرواية إلا أخبارا معتمدة، مع أن
كلام الكشي وغيره في تراجم الجماعة خال عن جميع ما ذكر.
إلا أن يقال: إن كلام النجاشي وغيره خال من نقل الإجماع على صدق
الجماعة أيضا، ولعله لم يثبت الإجماع عند غير الكشي، فالإيراد مشترك الورود.
إلا أن يقال: إن المستدل هو من يريد الحكم بصحة الخبر، ولابد له من دفع
الإيراد ولا حاجة لنا إلى دفع الإيراد؛ إذ الإجماع على الصدق هو القدر المتيقن.
وبعد ما مر أقول: إنه يمكن أن يقال: إنه لو كان المقصود بنقل الإجماع هو
مجرد صدق الجماعة، فلاوجه لتخصيص الجماعة بالذكر؛ لاشتراك الصدق بينهم

1. رجال الشيخ: 158 / 58 و 109 / 21 و 84 / 4. ولم نجد فيها: " له كتاب يرويه ابن أبي عمير ".
2. رجال النجاشي: 137 / 107. وفيه: " الخياط ".
95

وبين أشخاص أخر لا تحصى.
وفيه: أن الغرض من ذكر الجماعة ليس بيان الأشخاص المتصفين بالصدق
فقط حتى ينتقض بأشخاص لا تحصى، بل الغرض بيان الأشخاص المتفق على
صدقهم كما لا يخفى، ولم يثبت تجاوز الاتفاق على الصدق عن الجماعة، فلم
يثبت انتقاض تخصيص الجماعة، فالاعتراض بالانتقاض المزبور في غاية
السقوط.
وقد يقال: إن المتفق على صدقه كثير ولا يختص بالجماعة، فلاوجه
لتخصيصها بالذكر.
وفيه: أن غاية ما يمكن إثباته إنما هو اتفاق جماعة من أرباب كتب الرجال
المعروفة، وأين هذا من اتفاق العصابة؟
سلمنا، لكن غاية الأمر ثبوت متفق على صدقه في الجملة وإن كان من أصحاب
النبي (صلى الله عليه وآله) أو سائر الأئمة (عليهم السلام). وأما ثبوت متفق على صدقه من أصحاب الباقرين أو
الصادق أو الكاظمين (عليهم السلام) المذكورين في كلام الكشي فدونه الكلام وأي كلام.
سلمنا، لكن ثبوت متفق على صدقه من فقهاء أصحاب الأئمة المذكورين
دونه خرط القتاد، والمذكور في كلام الكشي هو الجماعة المتفق على صدقهم من
أصحاب هؤلاء الأئمة المذكورين.
وقد يقال: إن حمل كلام الكشي على الإجماع على الصدق حمل لكلامه
على ما يتضمن خلاف الواقع؛ إذ بعض الجماعة لم يذكر في حقه مدح ولا توثيق،
كمعروف بن خربوذ.
وفيه: أن خلو كلام من تأخر عن الكشي عن المدح أو التوثيق لا ينافي صدق
دعوى الإجماع على الصدق من الكشي.
نعم، خلو كلام من تقدم عليه عن المدح أو التوثيق ينافي ذلك، بناء على
ظهور عبارة الكشي في دعوى الإجماع على وثاقة الجماعة، أو مع من فوقهم على
96

الأخير، أعني الخلو عن التوثيق، ومطلقا على الأول، أعني الخلو عن المدح، إلا
أنه لا يخرج به عن ظاهر كلامه ولا يرفع الظن بصدقه؛ فتدبر.
كما أن ظهور خطأ الكشي في بعض الجماعة بالنسبة إلى بعض العصابة
لا يوجب ارتفاع الظن من كلامه بالاتفاق في الباقي من الجماعة، بل لا يوجب
ارتفاع الظن باتفاق الباقي من العصابة في ذلك البعض من الجماعة، فلا أقل من
الشهرة بين العصابة فيه؛ فلا بأس بالتمسك بكلامه. وعلى أي حال ظاهر كلامه ما
ذكرناه.
وأيضا يتأتى الاعتراض المزبور على تقدير حمل كلامه على اعتبار الخبر
أيضا، بناء على اقتضائه وثاقة الجماعة فقط، أو مع من فوقهم، وأيضا دعوى كون
المعروف مجهولا ليست على ما ينبغي، كما يظهر مما يأتي.
ثم إنه قد ذكر شيخنا البهائي في حاشية منسوبة إليه - تعليقا على قوله في
أوائل مشرقه: " أو على تصحيح ما يصح عنهم كصفوان بن يحيى، ويونس بن
عبد الرحمن، وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي " بعد قوله: " ومنها وجوده
في أصل معروف الانتساب إلى الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم كزرارة،
ومحمد بن مسلم، والفضيل بن يسار " (1) -: أن الغرض من التصحيح هو عدم رواية
الجماعة إلا عن الثقة، أو عدم إرسالهم إلا عن الثقة، أو عدم اعتنائهم بغير الثقة،
والكل عجيب والمدار في الأول على عدالة خصوص من روى عنه الجماعة
بلا واسطة، لاعلى عدالة الجماعة، فضلا عن كل من توسط بين المعصوم (عليه السلام)
والجماعة على تقدير تعدد الواسطة، كما هو الحال على كون المقصود صحة
الحديث، بناء على كون الغرض عدالة الجماعة ومن فوقهم، ولا صحة الحديث فقط
كما هو الحال على القول المذكور، بناء على كون المقصود صحة الحديث فقط.

1. مشرق الشمسين: 27.
97

فالفرق بين ما ذكره وكون المقصود عدالة الجماعة ومن فوقهم، أو صحة
الحديث فقط ظاهر.
وأما الفرق بينه وبين كون المقصود عدالة الجماعة أو صدقهم، فلا خفاء فيه.
بقي أن الضمير المضاف إليه في نقل القول عن الأبعاض الثلاثة في قوله:
" وقال بعضهم " هو العصابة أو الأصحاب.
وربما يتوهم: أنه على هذا يلزم أن يكون الأبعاض ناقلين للإجماع على
الأبدال، ومن المجمعين على التصديق والتصحيح في حق المبدلين عنهم،
فالأبعاض لم يذكروا المبدلين عنهم في عداد الأشخاص الذين ادعوا الإجماع في
حقهم، مع كونهم من المجمعين في حقهم، أعني المبدلين، وإنما ذكروا الأبدال؛
وهو كما ترى.
ويندفع بأن الأمر على هذا من قبيل الاستثناء، فكأنه قيل: " أجمعت العصابة
إلا البعض " فإنه ذكر في موضع بعض الأشخاص شخصا آخر، فليس الأبعاض من
المجمعين.
98

المقام الثالث
[هل الإجماع يوثق خصوص الجماعة،]
[أو مع من رووا عنهم؟]
في أن نقل الإجماع المتقدم هل يفيد توثيق خصوص الجماعة المتقدمة
فقط، أو مع من رووا عنه من الوسائط المتوسطة بينهم وبين المعصوم، أولا ولا؟
وعلى تقدير إفادة التوثيق هل يفيد العدالة بالمعنى الأخص أو الأعم؟ وبعبارة
أخرى هل يفيد الإمامية، أو الأعم من سوء المذهب؟
والكلام في هذا المقام لا يبتني على شيء من القولين في المقام السابق، بل
يتأتى على كل منهما؛ إذ يمكن أن يقال بدلالة نقل الإجماع على صحة المروي
دون ثبوت عدالة المنقول في حقه الإجماع، ولا من هو روى عنه؛ لكون المقصود
بالصحة في المقام هو الصحة بالمعنى الذي جرى عليه القدماء، أي الظن
بالصدور، فلا يتأتى منه عدالة الجماعة ولا من هم رووا عنه.
كما أنه يمكن القول بدلالة نقل الإجماع على صحة المروي وعدالة كل من
المنقول في حقه الإجماع ومن روى هو عنه، بملاحظة أن الإجماع على قبول
الخبر بمجرد صدوره عن الجماعة وعدم الالتفات إلى حال من قبلهم، ليس إلا
لأجل معرفة العصابة والأصحاب بوثاقة الجماعة، وعدم روايتهم إلا الرواية
99

المروية بنقل الثقة عن الثقة؛ فرواية الجماعة تقتضي عدالة الوسائط المتوسطة
بينهم وبين المعصوم، فما رواه الجماعة - لو كان الوسائط المتوسطة بيننا وبين
الجماعة عدولا - محمول على عدالة الباقي من الجماعة ومن رووا عنه.
ويمكن القول بدلالة نقل الإجماع على صحة المروي وعدالة المنقول في حقه
الإجماع، دون من روى هو عنه، كما يظهر مما يأتي من القول بدلالة نقل الإجماع
على صحة المروي وعدالة المنقول في حقه الإجماع، دون من روى هو عنه.
لكن نقول: إنه يظهر فساد هذا القول، فلا مجال للقول بدلالة نقل الإجماع
على صحة المروي وعدالة المنقول في حقه الإجماع، دون من روى هو عنه.
ويمكن أيضا أن يقال بدلالة نقل الإجماع على صحة الرواية، دون عدالة
المنقول في حقه الإجماع؛ لكون المقصود بالصحة هو الظن بالصدور والصدق،
فلا يتأتى منه عدالة المنقول في حقه الإجماع ومن رووا عنه.
ويمكن القول بدلالته على العدالة؛ إذ الظاهر أن الذي أجمعت العصابة
والأصحاب على صحة جميع رواياته لا يكون إلا عدلا عادة، وإن أمكن عقلا أن
يكون فاسقا فلا أقل من الظن بالعدالة؛ وفيه الكفاية.
لكن لا مجال للقول بإفادة توثيق الجماعة ومن رووا عنه على القول بالدلالة
على مجرد الصدق في المقام السابق، فكل من الأقوال في هذا المقام يتأتى على
القول بالدلالة على اعتبار الخبر في المقام السابق، لكن على القول بالدلالة على
مجرد الصدق في المقام السابق إنما يتأتى في هذا المقام القول بعدم إفادة توثيق
الجماعة. والقول بإفادته دون القول بإفادة توثيق الجماعة ومن رووا عنه.
وعلى أي حال، فعن الشهيد في غاية المراد القول بالدلالة على توثيق
الجماعة ومن رووا عنه من الوسائط المتوسطة بينهم وبين المعصوم؛ حيث
إنه قال في مسألة عدم جواز بيع الثمرة قبل ظهورها بعد أن أورد الحديث
المشتمل سنده على الحسن بن محبوب، عن خالد بن حريز، عن أبي الربيع
100

الشامي (1): " وقد قال الكشي: أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن الحسن بن
محبوب " (2). ثم قال: " قلت: وفي هذا توثيق ما لأبي الربيع الشامي " (3).
وجرى بعض الأعلام على القول بالدلالة على توثيق الجماعة بالعدالة
بالمعنى الأخص، وعدم الدلالة على توثيق من روى عنه الجماعة، وارتضاه
سيدنا، إلا أنه قال بالدلالة على العدالة بالمعنى الأعم (4).
وحكي القول بالدلالة على توثيق الجماعة دون من رووا عنه عن بعض
الأفاضل أيضا (5)، بل عن قائل نسبته إلى الأكثر، والظاهر أنه مقالة الوالد الماجد (رحمه الله)
وهو ظاهر شيخنا السيد.
وصريح كلام السيد الداماد يقتضي القول بالدلالة على وثاقة الجماعة (6)، لكن
ليس في كلامه عين ولا أثر من القول بالدلالة على وثاقة من روى عنه الجماعة،
كما أنه لا دلالة في كلامه على كون الوثاقة المدلول عليها هي العدالة بالمعنى
الأخص، أو العدالة بالمعنى الأعم.
ويستفاد القول بالدلالة على وثاقة الجماعة من الفاضل الأسترآبادي أيضا؛
حيث إنه حكم في ترجمة أبان بن عثمان بأن الإجماع المنقول في كلام الكشي
ينفي كونه ناووسيا؛ لأن الظاهر - بل بلا إشكال - كونه مبنيا على دلالة نقل الإجماع
المذكور على عدالة الجماعة لغاية بعد القول بدلالته على الإيمان فقط (7)، ولم أظفر

1. الفقيه 3: 157، ح 960، باب بيع الثمار؛ تهذيب الأحكام 7: 87، ح 372، باب بيع الثمار؛
الاستبصار 3: 86، ح 392، باب متى يجوز بيع الثمار.
2. رجال الكشي 2: 830 / 1050.
3. غاية المراد 2: 41.
4. حكاه ولد المصنف في سماء المقال 2: 351 عن جده السيد العلامة.
5. حكاه السيد الحجة الإسلام الشفتي في رسائله الرجالية: 44.
6. الرواشح السماوية 47، الراشحة الثالثة.
7. منهج المقال: 17.
101

بمن صرح بالقول بعدم الدلالة رأسا لا على توثيق الجماعة، ولاعلى توثيق من
رووا عنه، لكن يظهر من المحقق القمي في بعض الجواب عن السؤال القول به.
واستدل بعض الأعلام على عدم إفادة توثيق من روى عنه الجماعة:
بأن الصحيح عند القدماء - ومنهم الكشي - عبارة عما ثبت صدوره عن المعصوم،
سواء كان ذلك من جهة مخبره، أو من جهة القرائن الخارجة (1).
فالمراد من تصحيح ما يصح عنهم الحكم بثبوته وصحته، وظاهر أن ذلك
لا يستلزم عدالة الوسائط؛ لجواز أن يكون ذلك لظهور أن هؤلاء لا يروون
إلا ما ثبت عندهم صدوره عن المعصوم بواسطة عدالة الراوي أو بالقرائن
الخارجة؛ فيكون أعم، والعام لا يدل على الخاص، فقبول أحاديث هؤلاء
لا يستلزم عدالة الواسطة، بل يستلزم صحة تلك الأحاديث، وصحتها أعم.
فإن قيل: ذكر الواسطة دليل على أن صحتها لعدالة الواسطة.
قلنا: فساده ظاهر؛ لظهور أن ذلك لاتصال السند بأهل العصمة والفرار من
الإرسال، فيذكرون الواسطة ولو كانت ممن لا يعول عليه؛ فالحكم بصحة
أحاديث (2) هؤلاء الأماجد لا يدل على عدالة من قبلهم.
وعلى إفادة توثيق الجماعة (3): بأن اتفاق الأصحاب على تصحيح حديث
شخص وقبوله بمحض صدوره عنه من غير تثبت والتفات إلى من قبله ليس
إلا من جهة شدة اعتمادهم عليه، كما لا يخفى على من سلك مسلك الإنصاف،
وعدل عن منهج الجور والاعتساف.
ومن البعيد غاية البعد شدة اعتماد الأصحاب على من كان من الفساق
ولم يكن من العدول، بل الظاهر من الإجماع المذكور كونهم في أعلى مراتب

1. استدل لهم الحجة الشفتي في رسائله الرجالية: 44.
2. " أحاديث " ليست في " ح ".
3. من هنا يبدأ استدلال الجد السيد العلامة كما حكاه عنه ولد المصنف في سماء المقال 2: 352.
102

الوثاقة والعدالة.
فإن قلت: المراد من الوثاقة المستفادة من الإجماع إما معناها الأخص، أي
الإمامي العادل الضابط، أو الأعم. وعلى التقديرين لا نسلم دلالة الإجماع عليها.
أما الأول: فلظهور أن جماعة ممن ادعي الإجماع في حقهم حكم في الرجال
بفساد عقيدتهم، كعبد الله بن بكير، والحسن بن علي بن فضال، فقد حكم شيخ
الطائفة وغيره بفطحيتهما (1)، وحكى الكشي عن محمد بن مسعود ذلك، قال: " قال
محمد بن مسعود: عبد الله بن بكير وجماعة من الفطحية هم فقهاء أصحابنا،
منهم ابن بكير، وابن فضال يعني الحسن بن علي " (2).
وكذا أبان بن عثمان، فقد حكى الكشي عن محمد بن مسعود، عن علي بن
الحسن بن فضال أنه كان من الناووسية (3).
وكذا عثمان بن عيسى، فقد حكم شيخ الطائفة بوقفه (4)، ودلت عليه جملة
من الروايات (5).
وأما الثاني: فلأنه لو دل عليه لزم توثيقهم لكل من ادعي الإجماع في حقه،
وهو باطل؛ لعدم توثيقهم لأبان بن عثمان وعثمان بن عيسى، ومنه يظهر أن
التوثيق في من وثقوه ليس لأجل الإجماع، بل من غيره، ومنه يظهر عدم دلالة
الإجماع عليه.
قلت: نختار الأول ونقول: إنه لم يثبت اعتقاد مدعي الإجماع فساد عقيدة من
ذكر، أما ابن فضال وعثمان بن عيسى فلم يحك الكشي الإجماع في حقهما، بل
إنما نقله عن البعض، ولم يثبت أنه ممن يعتقد فساد عقيدتهما.

1. الفهرست: 106 / 452 و 47 / 153.
2. رجال الكشي 2: 635 / 639.
3. رجال الكشي 2: 640 / 660.
4. رجال الشيخ: 355 / 28.
5. رجال الكشي 2: 860 / 1117؛ الغيبة: 63، ح 65.
103

وأما ابن بكير وأبان بن عثمان: وإن حكى الكشي الإجماع المذكور في حقهما (1)،
لكن لم يظهر منه الاعتراف بفساد عقيدتهما، بل إنما حكاه عن ابن مسعود في
عبد الله بن بكير، وابن (2) فضال في أبان؛ حيث حكى عنه الكشي أن أبانا كان من
الناووسية، وحكم غيره بذلك لا يضر فيما نحن بصدده من دلالة كلامه عليه.
وعلى فرض التسليم نقول: إن المدعى ظهور العبارة فيما ذكر، وثبوت
خلافه في بعض المواضع لدلالة أقوى غير مضر، وهذا كما يقال: إن لفظة " ثقة "
تدل على كون الموثق إماميا عادلا، ومع ذلك كثيرا ما يوصف من فسدت عقيدته
بذلك، كما لا يخفى (3).
ولم يستدل على إفادة الإمامية بشيء، إلا أن الدليل إما ظهور عبارة الكشي
فيه، أو ظهور شدة الاعتماد المستند إليه الإجماع على التصديق والتصحيح
المنقول في كلام الكشي في ذلك.
أقول: إنه لما جرينا في المقام السابق على عدم دلالة نقل الإجماع على اعتبار
الخبر، فنحن هنا في فسحة من الكلام في دلالة نقل الإجماع على عدالة من روى
عنه الجماعة، لكن يلزم علينا تشخيص دلالته على عدالة الجماعة وإن لو لم يثبت
هذا ليكفي الدلالة على الصدق لعدم اشتراط العدالة.
فنقول: إن الصحة وإن لا تستلزم عدالة الجماعة ولا من رووا عنه؛ لعدم
اختصاص الصحة في لسان القدماء - على ما هو المنقول عنهم - بما كان كل رجال
سنده عدلا إماميا، وعمومها لكل ما كان مظنون الصدور ولو كان بالقرائن الخارجة.
إلا أن الظاهر أن الإجماع لم يقع باعتبار اطلاع العصابة والأصحاب على مجرد
تحرز الجماعة عن الكذب وإن كان بعضهم أو كلهم فاسقا، بل الظاهر أنه باعتبار

1. رجال الكشي 2: 640 / 660.
2. مجرور بعن، لا في.
3. حكى ولد المصنف في سماء المقال 2: 352 هذا الاستدلال عن جده السيد العلامة.
104

اطلاعهم على كونهم في مرتبة عليا من الورع والتقوى، بحيث لا يسامح في أخذ
المسائل، ولا يرتكب ما يعرفه حراما، ولا يترك ما يعرفه واجبا عن عمد.
إلا أن يقال: إن الشيخ قد ادعى أيضا الإجماع في أشخاص وجماعات، ونقل
الإجماع منه ظاهر أيضا في التوثيق؛ لعدم اختصاص ظهور نقل الإجماع على
التصديق في التوثيق بنقل الإجماع من الكشي.
[الكلام في ابن أبي حمزة البطائني]
ومن الأشخاص المنقول في حقهم الإجماع في كلام الشيخ، علي بن
أبي حمزة البطائني (1). وحاله معروف، وإن قال العلامة في المنتهى في منزوحات
البئر عند الكلام فيما يوجب نزح أربعين: " وعلي بن أبي حمزة لا يعول على
روايته غير أن الأصحاب قبلوها " (2).
لكن يمكن أن [يكون] المقصود بالرواية هو خصوص الرواية المتقدمة،
لا مطلق الرواية؛ بل ذلك هو الظاهر، وعلى حسب حال الرواية حال مرجع
الضمير المؤنث المنصوب في " قبلوها ".
وقال بعض الأعلام: إنه يمكن القول بقبول روايته؛ لما قال شيخ الطائفة في
العدة من " أن الطائفة عملت بأخباره " (3)؛ ولقوله في الرجال: " له أصل " (4)؛ ولما حكي
عن ابن الغضائري من أنه قال في ترجمة ابنه الحسن: " إن أباه أوثق منه " (5)؛ ولرواية
كثير من الأعاظم عنه، كابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، والبزنطي وغيرهم.

1. عدة الأصول 1: 150.
2. منتهى المطلب 1: 86.
3. عدة الأصول 1: 150.
4. رجال الشيخ: 353 / 10.
5. خلاصة الأقوال: 212 / 7.
105

إلا أن يقال: إن ظهور خلاف ما يقتضيه ظاهر نقل الإجماع من ناقل بالنسبة
إلى بعض الأشخاص لا يوجب ارتفاع الظهور بالكلية، فظهور خلاف ما يقتضيه
ظاهر نقل الإجماع من ناقل بالنسبة إلى بعض الأشخاص لا يوجب ارتفاع الظهور
من نقل الإجماع من ناقل آخر بالفحوى.
وكيف كان، فكون الصحة في لسان القدماء أعم من العدالة - والعام لا يستلزم
الخاص - لا ينافي ما ذكرناه؛ إذ عدم الاستلزام لا ينافي الظهور، وما ذكرناه وادعيناه هو
الظهور، كيف والمطلقات ظاهرة في الأفراد الشائعة، ونظير ذلك ظهور العام الوارد في
مورد خاص في المورد الخاص بعد جواز خروج المورد، كما هو الأظهر.
ومن ذلك أن الأظهر أنه لو ورد خاص يعارض العام المشار إليه بالعموم
والخصوص المطلق، يكون النسبة من قبيل التباين، إلا أن الخاص يقدم على العام
من باب تقديم النص على الظاهر، كما أنه لو ورد عام يعارض العام المشار إليه
بالعموم والخصوص من وجه يقدم العام المشار إليه على العام المعارض له، لكن
ظهور العام المشار إليه يخالف ظهور المطلقات في الأفراد الشائعة باختصاص
المراد بالمطلقات في الأفراد الشائعة، دون العام المشار إليه، فإن الظاهر فيه دخول
المورد في المراد، دون اختصاص المراد بالمورد، بناء على عدم التخصيص
بالمورد مع عدم انصراف العام إلى المورد. وتفصيل الحال موكول إلى ما حررناه
في محله.
وأيضا الأظهر ظهور الاستعمال في الحقيقة؛ وفاقا للسيد المرتضى (1).
وما استدل به للقول بعدم الظهور - كما جرى عليه المشهور من أن الاستعمال
أعم من الحقيقة والمجاز، والعام لا يدل على الخاص (2) - مردود بأن المدعى هو
الظهور، وعدم الاستلزام لا ينافي الظهور.

1. الذريعة إلى أصول الشريعة 1: 13.
2. انظر مفاتيح الأصول للسيد المجاهد: 78.
106

[البحث في من فوق الجماعة]
وعلى ذلك المنوال الحال في من فوق الجماعة بناء على دلالة نقل الإجماع
على اعتبار الخبر؛ حيث إن الصحة وإن لا تستلزم عدالتهم - ويمكن أن يكون
الإجماع على الصحة باعتبار اطلاع العصابة والأصحاب على عدالة الجماعة
وعدم رواية الجماعة إلا ما كان مظنون الصدور لهم بواسطة اطلاعهم على تحرز
من رووا عنه عن الكذب، أو مساعدة القرائن الخارجة على حصول الظن
بالصدور فيما رووا عمن رووا عنه، والظاهر إصابتهم في ظنهم - إلا أن العمدة في
حصول الظن بالصدور إنما هي عدالة الراوي ولو بالمعنى الأعم.
مع أنه قد يضعف حديث الراوي في الرجال بروايته عن الضعفاء، على أن
حصول القرائن الموجبة للظن بالصدور للجماعة في كل مورد رووا فيه في كمال
البعد.
فالظاهر كون ركون الجماعة إلى رواية من فوقهم بواسطة اطلاعهم على كون
من فوقهم بمكان من الورع؛ بحيث لا يسامح أيضا في أخذ المسائل، ولا يرتكب
الحرام، ولا يترك الواجب عن تعمد؛ فالظاهر كون إجماع العصابة والأصحاب من
جهة الاطلاع على عدالة الجماعة واطلاعهم على عدم رواية الجماعة إلا المروي
الذي كان برواية ثقة عن ثقة، ولعل التفرقة في المقام بالدلالة على عدالة الجماعة
دون من فوقهم - كما جرى عليه المستدل بالاستدلال المزبور - غير مناسبة.
فقد بان دلالة نقل الإجماع على عدالة الجماعة، بل عدالة من فوقهم على
تقدير دلالته على اعتبار الخبر.
لكن لا دلالة فيه على كون الجماعة أو من فوقهم إماميا؛ حيث إن غاية الأمر
دلالة نقل الإجماع على كون الجماعة - بل ومن فوقهم - في مكان عال من الورع
والتقوى، لكن لا ظهور للعبارة في الإمامية، كما أنه لا ظهور لكون الشخص
107

في مكان عال من الورع والتقوى في كونه إماميا، كيف والحسن بن علي بن فضال
في كمال الوثاقة، وكذا ابنه - كما يظهر بالرجوع إلى الرجال (1) - وهما فطحيان، بل
قد تكثر من كان فاسد العقيدة واتفق في باب التوثيق، بل قد ادعى الشيخ في العدة
الإجماع في حق جماعات متعددة من أولي فساد العقيدة (2) كما يأتي، ونقل
الإجماع منه ظاهر أيضا في العدالة، وإن ثبت خلافه في بعض الأشخاص المدعى
في كلامه الإجماع في حقهم.
نعم، يمكن القول بأن الغالب في أصحاب الأئمة الإمامية، فالمشكوك فيه
يلحق بالغالب.
فقد ظهر ضعف دعوى الدلالة على عدالة الجماعة بالعدالة بالمعنى الأخص
في الاستدلال المزبور، والأظهر الدلالة على العدالة بالمعنى الأعم، إلا أن يقال: إن
غاية ما يتأتى مما تقدم إنما هي الإجمال (3) بين الأخص والأعم، لا الظهور في الأعم.
إلا أن يقال: إن الإجمال خلاف الظاهر؛ حيث إنه خلاف غالب ما يقع في
الكلمات، ولا سيما الإجمال بين الأخص والأعم، فإنه من أندر النوادر، فلما
لم يثبت الانصراف إلى الأخص يتأتى الظهور في الأعم.
وبعد، فما ذكره المستدل في الاستدلال المذكور - من قوله: " نقول: إن
المدعى ظهور العبارة فيما ذكر " (4) - يتطرق عليه الإشكال بأن مقتضى كلامه السابق
دعوى ظهور شدة الاعتماد المستند إليه الإجماع على التصديق والتصحيح أو
المستفاد من نقل الإجماع في العدالة بالمعنى الأخص؛ حيث إنه لم يدع دلالة
العبارة على العدالة، بل مقتضى كلامه أن الظاهر عند العقل كون شدة الاعتماد

1. انظر رجال النجاشي: 34 / 72 و 257 / 676.
2. عدة الأصول 1: 150.
3. في " د ": " الإجماع "، وفي " ح ": " الاعمال " والأنسب ما أثبتناه.
4. تقدم في ص 104.
108

المستند إليه الإجماع المذكور بحكم العقل أو المستفاد من نقل الإجماع من جهة
العدالة، فجعل المدعى ظهور العبارة في العدالة بالمعنى الأخص ليس على
ما ينبغي، نعم لو كان ادعى من وراء الادعاء المزبور ظهور العبارة في العدالة
بالمعنى الأخص، لكان هذا أمرا آخر، وإن كان محل المنع.
لكن نقول: إن مقتضى الكلام السابق من المستدل إنما هو دعوى الظهور
العقلي والظهور اللفظي معا، ولا ينحصر دعواه (1) في الأول فقط، (2) فلا يرد عليه
دعوى خلاف ما تقدم، بل الإيراد عليه أنه لم تنحصر الدعوى في الظهور اللفظي
كما هو مقتضى قوله: " المدعى ظهور العبارة ". وكان المناسب أن يقول: " المدعى
ظهور ما ذكر " لكي يشمل كلا من الظهور العقلي والظهور اللفظي.
لكن يمكن أن يقال: إن الظهور اللفظي إنما ادعاه بلفظة " بل " والظاهر منها في
أمثال المقام الترديد، فالعمدة فيما تقدم من الدعوى هي الظهور العقلي؛ فيرد
عليها الإشكال المذكور.
ويمكن الذب عن القول بلزوم توثيقهم لكل من ادعي الإجماع في حقه على
تقدير الدلالة على العدالة بالمعنى الأعم كما ذكر في السؤال المذكور، بما ذكره
سيدنا من أنه ليس بناء أهل الرجال على التوثيق بمثل ذلك، بل إنما يوثقون إذا
ثبتت الوثاقة بالطرق الجلية الواضحة، ومدعي الإجماع المذكور - أي الكشي -
ليس بناؤه على توثيق الرجال وجرحهم إلا نادرا، فعدم توثيقه لا ينافي الوثاقة،
ولعل الإجماع لم يثبت على غيره؛ فلذا لم يرتكب التوثيق.
والحاصل: أن الكشي الذي حكى الإجماع المذكور ليس بناؤه على التوثيق
في الغالب، فعدم التوثيق منه لا ينافي الوثاقة، وغيره لم يثبت ثبوت الإجماع
عنده، فلا يضر عدم توثيقه.

1. في " د ": " دعوته ".
2. في " د ": " ولا ".
109

وربما أورد سيدنا على دعوى الدلالة على العدالة بالمعنى الأخص - كما في
الاستدلال المتقدم - بأنه لا منافاة بين شدة الاعتماد وفساد العقيدة؛ إذ كم من فاسد
العقيدة يكون في غاية الاعتماد وأعلى درجات الوثاقة، مثل الحسن بن علي بن
فضال، وليس فساد العقيدة منافيا عندهم لقبول الخبر، ولذا عملت الطائفة بما رواه
العامة والفطحية كما ذكره الشيخ (1)، بل مدار أمر القبول عندهم على الاعتماد، وإذا
كان حاصلا في الراوي تقبل روايته، فالإجماع على القبول لا يستلزم صحة
العقيدة، فلا يدل على العدالة بالمعنى الأخص، بل غاية ما يستفاد منه العدالة
بالمعنى الأعم.
وهذا مستنده على دعوى كون العدالة المدلول عليها بالمعنى الأعم.
ويتطرق عليه الإيراد بأن مجرد عدم منافاة فساد العقيدة لشدة الاعتماد
لا ينافي القول بالدلالة على العدالة بالمعنى الأخص؛ إذ غاية الأمر حينئذ أن يقال:
إن شدة الاعتماد أعم من العدالة بالمعنى الأخص، ولا دلالة للعام على الخاص.
ويظهر ضعفه بما مر؛ حيث إن العام لا دلالة [له] على الخاص دلالة قطعية،
لكن ربما يكون ظاهرا فيه، كما في ظهور المطلقات في الأفراد الشائعة وغيره كما
مر؛ فلو ادعى المدعي للدلالة على العدالة بالمعنى الأخص ظهور شدة الاعتماد
- المستند إليه الإجماع على التصديق والتصحيح، المنقول في كلام الكشي - في
العدالة بالمعنى الأخص (وإن كان أعم منها، بمعنى أن الظاهر كون شدة الاعتماد
من جهة العدالة بالمعنى الأخص)، (2) أو ادعى ظهور عبارة الكشي في ذلك، فلا
يندفع بالإيراد بعدم المنافاة، نعم يندفع الإيراد بمنع الظهور كما ذكرناه.

1. عدة الأصول 1: 150.
2. ما بين القوسين ليس في " د ".
110

المقام الرابع
[الحديث المشتمل سنده على بعض الجماعة]
[هل يتصف بالصحة باصطلاح المتأخرين أم لا؟]
في أن الحديث المشتمل سنده على بعض الجماعة المتقدم نقل الإجماع في
حقهم - على تقدير إفادة نقل الإجماع المتقدم لتوثيق الجماعة ومن رووا عنه -
يتصف بالصحة باصطلاح المتأخرين أم لا؟
تحقيق الحال أن يقال: إن حال الجماعة لا يخلو عن أحوال ثلاثة: حيث إنهم
بين الإمامي الثقة، وهم من الأصول خمسة عشر نفرا غير أبي بصير الأسدي
وأبان وابن بكير، ومن الأبدال اثنان من الأربعة: ليث بن البختري، وفضالة، دون
عثمان بن عيسى، والحسن بن علي بن فضال.
لكن التعديد بخمسة عشر إنما يتم لو قلنا بوثاقة معروف بن خربوذ؛ حيث إنه
وثقه ابن داود (1). وعده بعض المتأخرين قريبا من الصواب (2). وعن الوجيزة توثيقه (3).

1. رجال ابن داود: 190 / 1576.
2. الحائري في منتهى المقال 6: 290 / 3008.
3. الوجيزة: 324 / 1897.
111

وعن بعضهم ذكره في باب الثقات (2)، وكذا بكونه إماميا، كما هو الظاهر
ممن وثقه؛ حيث إن السكوت عن المذهب من أكثر أهل الرجال من أصحابنا
ظاهر في الإمامية، ولا سيما في صورة التوثيق، بل جرى جماعة على القول بدلالة
التوثيق ب‍ " ثقة " على الإمامية (3)، وإن كان غير وجيه. وقد حررنا الحال في الرسالة
المعمولة في " ثقة ".
إلا أنه روى الكشي فيه مدحا (4) وقدحا (5)، لكن عن بعض القدح في طريق
القدح (6)، وأجاب عنه بعض آخر (7).
وغير إمامي مصرحا بالتوثيق، كعبد الله بن بكير من الأصول، فإنه فطحي
ومصرح بالتوثيق (8).
وكذا أبو بصير الأسدي من الأصول على القول بكون يحيى الأسدي
- المصرح بالتوثيق في كلام النجاشي (9) - متحدا مع يحيى الحذاء المصرح
بالوقف في كلام الشيخ في الرجال في باب أصحاب مولانا الكاظم (عليه السلام) (10) نقلا،
ونقله الكشي عن بعض أشياخ حمدويه بتوسط حمدويه (11)؛ وغير (12) المذكور

2. حاوي الأقوال: 154 / 616.
3. انظر منتهى المقال 1: 43، وعدة الرجال 1: 111.
4. رجال الكشي 2: 470 / 373؛ و 2: 507 / 431.
5. رجال الكشي 2: 471 / 375.
6. خلاصة الأقوال: 170 / 10؛ التحرير الطاووسي: 560 / 419؛ ونقله عنه الوحيد البهبهاني في
تعليقته: 336.
7. تعليقة الوحيد البهبهاني: 336.
8. الفهرست: 106 / 462.
9. رجال النجاشي: 441 / 1187.
10. رجال الشيخ: 364 / 16.
11. رجال الكشي 2: 772 / 901.
12. مجرور عطفا على " المصرح بالوقف " صفة ثانية ليحيى الحذاء.
112

بالمدح والتوثيق، وإلا فهو من الإمامي الثقة؛ لأنه المصرح بالتوثيق في
كلام النجاشي كما سمعت.
والظاهر منه كونه إماميا، بل كتابه موضوع لذكر الإماميين كما يرشد إليه ما ذكره
في أول كتابه من أن تأليف الكتاب لذكر سلف الإمامية ومصنفاتهم (1). وقد حررنا
الحال في ذلك فيما حررناه في أبي بصير في الأصول.
وكذا الحسن بن علي بن فضال من الأبدال، فإنه كان فطحيا، لكن حكي
رجوعه عند الموت (2)، وهو مصرح بالتوثيق، إلا أن السيد السند النجفي حكى في
رجاله عن جماعة من العلماء - منهم المقدس - منع كونه فطحيا؛ لخلو كلام الشيخ
في الكتابين عن ذكر كونه فطحيا (3)؛ بل عنه في حاشية مصابيحه في مسألة تحريم
عصير العنب بالغليان التصريح بصحة سند هو فيه (4).
وغير إمامي غير مصرح بالتوثيق كأبان بن عثمان من الأصول، بناء على كونه
من أولي العقيدة الفاسدة، لكن جعله بعض الأعلام من الإمامي الثقة، بل نقله عن
جماعة من المحققين (5)، بل هو الحق كما حررناه فيما حررناه في باب أبان بن
عثمان في الأصول.
وكذا عثمان بن عيسى من الأبدال؛ فإنه واقفي (6) غير مصرح بالتوثيق.
وحال كل من الجنبين: التحتاني - أعني الوسائط المتوسطة بيننا وبين
الجماعة - والفوقاني - أعني الوسائط المتوسطة بين الجماعة والمعصوم، على

1. انظر رجال النجاشي: 3.
2. انظر خلاصة الأقوال: 37 / 2.
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 256. وانظر مجمع الفائدة والبرهان 2: 28، و 5: 298.
4. المصابيح مخطوط.
5. انظر تعليقة الوحيد البهبهاني: 17، ومنتهى المقال 1: 150 / 16.
6. رجال الشيخ 355 / 28؛ رجال الكشي 2: 860 / 1117.
113

تقدير كون الحديث من المسند - لا يخلو عن أحوال خمسة؛ حيث إن رجال كل
من الجنبين لا يخلو كلا عن رجال الصحيح، أوكلا أو بعضا عن رجال (1) الموثق
والحسن والقوي والضعيف.
فحاصل ضرب الثلاثة في الخمسة، وضرب الحاصل - أعني الخمسة عشر -
في الخمسة يبلغ خمسة وسبعين.
[أحكام الصور]
لا إشكال في عدم اتصاف الحديث بالصحة، بل اتصافه بالضعف في
خمسة عشر منها، مضروب ما لو كان رجال الجنب التحتاني ضعيفا كلا
أو بعضا في الحالات الثلاث للجماعة المضروبة في الحالات الخمسة للجنب
الفوقاني.
وأما الستون البواقي، فعلى تقدير كون بعض الجماعة الواقع في السند إماميا
ثقة تكون الأقسام حينئذ عشرين، مضروب الحالات الأربع للجنب التحتاني في
الحالات الخمس للجنب الفوقاني.
ولا إشكال في الاتصاف بالصحة في واحد منها، وهو ما لو كان رجال كل من
الجنبين من رجال الصحيح.
ولا إشكال في عدم الاتصاف بالصحة، بل ثبوت الاعتبار بغيرها في خمسة
عشر منها، مضروب ما لو كان رجال الجنب التحتاني - ولو بعضا - من رجال
الموثق أو الحسن أو القوي في حالات الجنب الفوقاني الخمس.
ويتأتى الإشكال على تقدير الاختلاف، فإن كان رجال الجنب التحتاني - ولو
بعضا - من رجال الموثق، ورجال الجنب الفوقاني - ولو بعضا - من رجال الحسن،

1. في " ح ": " رجاله ".
114

فالحديث معتبر، والظاهر خروجه عن الموثق؛ لأن المعتبر في غير واحد من
حدود الموثق ثبوت توثيق جميع رجال السند، والمفروض عدم اتفاق التوثيق في
أرباب بعض رجال السند، نعم مقتضى بعض الحدود صدق الموثق بدخول فاسد
العقيدة المنصوص على توثيقه في رجال السند مع كون الباقي من الرجال إماميا
ممدوحا أو مصرحا بالتوثيق.
وأيضا الظاهر كون الحسن معتبرا فيه إمامية جميع رجال السند، مع كون الكل
ممدوحا، مع توثيق الباقي، ولافرق فيما ذكر بين أن يقال بكون الموثق أخس من
الحسن - كما جرى عليه السيد الداماد (1) - وأن يقال بكون الحسن أخس من الموثق
كما نقله السيد الداماد عن بعض (2). وهو الأظهر؛ لأن المدار في الحجية على الظن
بالصدور، وليس الإمامية أدخل في الظن، فالموثق مساو للصحيح، والقوي مساو
للحسن.
إلا أن يقال: إنه لو كان المدح بالتحرز عن الكذب، فحينئذ يتأتى التساوي بين
الموثق والحسن، وقس على ما ذكر حال العكس.
وإن كان رجال الجنب التحتاني - ولو بعضا - من رجال الموثق، ورجال
الجنب الفوقاني - ولو بعضا - من رجال القوي، فالحديث معتبر أيضا، إلا أن
الظاهر مساواة الموثق والقوي لو كان المدح بالتحرز عن الكذب وإلا فالموثق
أوثق، وقس عليه حال العكس.
وإن كان رجال الجنب التحتاني - ولو بعضا - من رجال الحسن، ورجال
الجنب الفوقاني - ولو بعضا - من رجال القوي فالحديث معتبر أيضا، إلا أن الظاهر
مساواة الحسن والقوي كما سمعت، وقس عليه حال العكس.

1. الرواشح السماوية: 47 الراشحة الثالثة، وانظر ص 116.
2. الرواشح السماوية: 47 الراشحة الثالثة، وانظر ص 116. وانظر مقباس الهداية 1: 170.
115

ويتأتى الكلام في أربعة من تلك الأقسام العشرين، مضروب ما لو كان رجال
الجنب التحتاني من رجال الصحيح فيما لو كان رجال الجنب الفوقاني غير رجال
الصحيح.
وعلى تقدير كون بعض الجماعة غير إمامي مصرحا بالتوثيق فالأقسام حينئذ
عشرون، لكن لا إشكال في عدم الاتصاف بالصحة مع ثبوت الاعتبار في خمسة
عشر منها، مضروب غير الصحيح والضعيف من أقسام الجنب التحتاني في أقسام
الجنب الفوقاني، وكيفية الاعتبار تظهر مما مر.
ويتأتى الكلام في خمسة منها، مضروب ما لو كان رجال الجنب التحتاني من
رجال الصحيح في أقسام الجنب الفوقاني الخمسة.
وعلى تقدير كون بعض الجماعة غير إمامي غير مصرح بالتوثيق فالأقسام
أيضا عشرون.
والكلام فيه على طبق الكلام في العشرين على التقدير السابق، فمجموع
ما يتأتى فيه الكلام من الأقسام أربعة عشر، وهو ما لو كان رجال الجنب التحتاني
من رجال الصحيح ولم يكن بعض الجماعة أو جنبه الفوقاني كذلك.
[نظر المصنف]
وتلخيص المقال: أنه لا يتأتى الكلام إلا فيما لو كان جميع رجال من دون بعض
الجماعة الواقع في السند من رجال الصحيح، وحينئذ لا يخرج حال البعض عن
أحوال ثلاثة، وأحوال رجال من فوقه عن أحوال خمسة؛ فالأقسام خمسة عشر.
ولا إشكال في الاتصاف بالصحة لو كان بعض الجماعة الواقع في السند من
رجال الصحيح، ومن فوقه من الرجال إماميا مصرحا بالتوثيق، فمورد الكلام أربعة
عشر قسما، ولو قلنا بعدم تحقق القسم الثالث المتقدم في أحوال الجماعة - أعني
غير الإمامي غير المصرح بالتوثيق - يصير الأقسام عشرة، واحد منها صحيح
116

بلا إشكال، وتسعة منها مورد الكلام.
وبالجملة، مقتضى ما نقله السيد الداماد من الأصحاب دخول الحديث في
هذه الأقسام الأربعة عشر في الصحيح، وجرى نفسه على تسمية الحديث
ب‍ " الصحي " لكنه لم يظهر منه القول بدلالة نقل الإجماع على وثاقة من روى عنه
الجماعة كما مر، ووافقه الوالد الماجد (رحمه الله) في فروعه، لكنه أنكر دلالة نقل الإجماع
على وثاقة من روى عنه الجماعة. وظاهره القول بالدلالة على وثاقة الجماعة
فقط، فظاهره التفصيل كما مر.
وقال السيد الداماد:
وبالجملة، هؤلاء - على اعتبار الأقوال في تعيينهم - أحد وعشرون، بل
اثنان وعشرون رجلا، ومراسيلهم ومرافيعهم ومقاطيعهم ومسانيدهم
إلى من يسمونه من غير المعروفين معدودة عند الأصحاب من الصحاح
من غير اكتراث منهم لعدم صدق حد الصحيح عليها، ومن ذلك ما في
المختلف للعلامة في مسألة ظهور فسق إمام الجماعة أن حديث
عبد الله بن بكير صحيح مع أنه فطحي استنادا إلى الإجماع المذكور (1)،
وكذا في فوائد خلاصة الرجال له: أن طريق الصدوق أبي جعفر
محمد بن بابويه عن أبي مريم الأنصاري صحيح، وإن كان في طريقه
أبان بن عثمان وهو فطحي، لكن الكشي قال: " إن العصابة أجمعت على
تصحيح ما يصح عنه (2) ".
وفي شرح الإرشاد لشيخنا المحقق الفريد الشهيد في كتاب الحج في
مسألة تكرر الكفارة بتكرر الصيد عمدا أو سهوا: " وصرح الصدوق (3)

1. مختلف الشيعة 2: 497، المسألة: 357.
2. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
3. المقنع: 79، الفقيه 2: 234، ح 9، باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد.
117

والشيخ في النهاية (1)، والاستبصار (2)، وابن البراج (3) بعدم التكرار عمدا؛
لقوله تعالى: (ومن عاد فينتقم الله منه) (4) والتفصيل قاطع للتشريك، فكما
لا انتقام في الأول فلا جزاء في الثاني؛ ولأن الصادق (عليه السلام) فسر الآية بذلك
في رواية ابن أبي عمير في الصحيح عن بعض أصحابه " (5).
وفي شرح الشرائع لبعض الشهداء من أصحابنا المتأخرين في مبحث
الارتداد: " لا تقتل المرأة بالردة وإنما تحبس دائما على تقدير امتناعها
من التوبة، فلو تابت قبلت منها، وإن كان ارتدادها عن فطرة عند
الأصحاب؛ لصحيحة الحسن بن محبوب، عن غير واحد من أصحابنا،
عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) " (6).
ونظائر ذلك في كتبهم وأقاويلهم كثيرة لا يحومها نطاق الإحصاء.
والحق الحقيق بالاعتبار عندي أن يفرق بين المندرج في حد الصحيح
حقيقة، وبين ما ينسحب عليه حكم الصحة، فيصطلح على تسمية الأول
صحيحا، والثاني صحيا، أي: منسوبا إلى الصحة ومعدودا في حكم
الصحيح، ولقد جرى ديدني واستمر سنني في مقالاتي ومقاماتي على
إيثار هذا الاصطلاح، وأنه بذلك لحقيق (7).
وقال في الحاشية: فأما ما يقال: " الصحي " ويراد به النسبة إلى المتكلم على
معنى الصحيح عندي، فلا يستقيم على قواعد العربية؛ إذ لا تسقط تاء الصحة إلا

1. النهاية: 226.
2. الاستبصار 2: 211، ذيل ح 3، باب من تكرر منه الصيد.
3. المهذب 1: 228.
4. المائدة (5): 95.
5. غاية المراد 1: 413.
6. مسالك الأفهام 2: 358، (الطبعة الحجرية).
7. الرواشح السماوية: 47، الراشحة الثالثة.
118

عند الياء المشددة التي هي للنسبة إليها، وأما الياء المخففة التي هي للنسبة إلى
المتكلم، فلا يصح معها إسقاط تاء الكلمة أصلا ك‍ " سلامتي " و " صحتي " و " كتابتي "
و " صنعتي " و " صحبتي " مثلا، فليعرف.
[نقد كلام السيد الداماد]
أقول: قوله: " أحد وعشرون بل اثنان وعشرون " فيه: أنه لا معنى للترقي في
المقام؛ إذ مجموع الأشخاص من الأصول والأبدال اثنان وعشرون بلا إشكال؛
حيث إن الأصول ثمانية عشر - مجموع الستة في كل من الطبقات الثلاث -
والأبدال أربعة؛ فالمجموع اثنان وعشرون بلا مرية.
قوله: " ومن ذلك ما في المختلف للعلامة " فيه: أن العلامة قال في المختلف:
" وما رواه فضالة في الصحيح عن عبد الله بن بكير " ثم ذكر أن عبد الله بن بكير وإن
كان فطحيا إلا أنه ثقة للإجماع المنقول في كلام الكشي (1)، ولا دلالة في قوله: " في
الصحيح " على صحة تمام السند المشتمل على ابن بكير بل مقتضاه الصحة إلى
ابن بكير على ما مر القول فيه.
قوله: " وكذلك في فوائد خلاصة الرجال " فيه: أن ما ذكره وإن كان عين عبارة
العلامة في الفائدة الثامنة المرسومة في آخر الخلاصة شرحا لطرق الفقيه
والتهذيبين (2)، لكن لا على وجه الاستيفاء، بل على تفصيل ذكره وحررناه في
الرسالة المعمولة في نقد الطريق. ومن العجيب غاية العجب تعرض العلامة
لشرح طرق الاستبصار بعد التعرض لشرح طرق التهذيب مع اتحاد طرق التهذيب
والاستبصار، وإن تكثر اشتباهات الخلاصة، وقد حررنا كثيرا منها في الرسالة

1. مختلف الشيعة 2: 497، المسألة: 357.
2. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
119

المعمولة في باب النجاشي. والمقصود بفوائد خلاصة الرجال إنما هو الفوائد
المرسومة في آخر الخلاصة.
لكن المراد بالصحة في كلام الكشي إنما هو الصحة باصطلاح القدماء.
ومن ذلك ما تقدم من عدم دلالة " صحيح الحديث " في وصف الراوي
أو " صحيح الكتاب " على عدالة الراوي في الأول، أو عدالة الراوي حال
رواية الكتاب ومن فوقه من الواسطة بينه وبين المعصوم في الثاني. وطريق
الصدوق إلى أبي مريم باصطلاح العلامة ومن تأخر عنه موثق (1) بناء على إفادة نقل
الإجماع من الكشي للتوثيق.
ومع هذا نقول: إنه لم يقل أحد بكون أبان فطحيا، حتى نفسه في الخلاصة في
ترجمة أبان (2)؛ إذ المذكور في الرجال أنه من الناووسية (3)، بل قد ادعى ابن داود
اتفاق الأصحاب عليه فيما مر من عبارته (4)، نعم جرى على القول بكونه فطحيا في
المنتهى في بحث صلاة العيدين أيضا كما يأتي من صريح الشهيد في الدراية (5)،
وظاهر شيخنا البهائي في الحاشية، لكنه أيضا فاسد كما أنه ذكر في المنتهى في
بحث الحلق والتقصير أنه واقفي (6). ولاوجه له بظاهره، إلا أنه ربما احتمل حمله
على من وقف على أحد الأئمة فيدخل فيهم الناووسية؛ لأنهم كانوا يقفون على
الصادق (عليه السلام)، لكنه خلاف الظاهر قطعا.
قوله: " في رواية ابن أبي عمير في الصحيح عن بعض أصحابه " فيه: أن هذه

1. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
2. انظر خلاصة الأقوال: 21 / 3.
3. رجال الكشي 2: 640 / 660؛ وانظر خلاصة الأقوال: 21 / 3.
4. رجال ابن داود: 12.
5. الدراية: 21؛ وانظر الرعاية: 80.
6. منتهى المطلب 2: 763، (الطبعة الحجرية).
120

العبارة لا تدل على انجبار [ضعف] الإرسال بوجود ابن أبي عمير وصحة الحديث
كما يظهر مما تقدم.
قوله: " لصحيحة الحسن بن محبوب " فيه: أنه لا دلالة في هذه العبارة على
انجبار ضعف الإرسال بوجود الحسن بن محبوب بعد تسليم دلالته على وثاقة
الحسن بن محبوب كما يظهر مما مر؛ فلا دلالة فيه أيضا على صحة السند بتمامه
وصحة الحديث، ولا يذهب عليك أن الحاجة في الإرسال في المقام إلى الانجبار
إنما تتأتى بعد اعتبار المستفيض، بناء على القول بكون المدار على ما فوق الثلاثة
كما عن ثلة (1)، وأما بناء على كون المدار في الاستفاضة على ما فوق الواحد - كما
عن بعض (2) - فلا حاجة إلى الانجبار.
وإن قلت: إن المدار في الاستفاضة على تعدد السند، والتعدد هنا في الراوي
عن المعصوم.
قلت: إن المدار في الاستفاضة وإن كان على تعدد السند، لكن العمدة تعدد
الراوي عن المعصوم، فيتأتى في تعدد الراوي عن المعصوم ما يتأتى في
الاستفاضة.
ويمكن أن يقال: إن غاية ما يقتضيه الكلام المذكور من السيد المشار إليه (3) إنما
هي كون التسمية بالصحيح من الأصحاب، وبالصحي من السيد فيما لو كان جهة
النقص (4) في من فوق بعض الجماعة الواقع في السند، لا فيما لو كان جهة النقص
في نفس بعض الجماعة؛ حيث إنه لا يتجاوز مفاد قوله: " ومراسيلهم ومرافيعهم
ومقاطيعهم ومسانيدهم إلى من يسمونه من غير المعروفين معدودة عند

1. انظر مقباس الهداية 1: 128.
2. انظر مقباس الهداية 1: 128.
3. أي الداماد.
4. في جميع الموارد في " د ": " النقض ".
121

الأصحاب من الصحاح " عن حكاية التسمية بالصحيح فيما لو كان جهة النقص في
من فوق الجماعة، وتسميته بالصحيح فيما حكي عن الأصحاب تسمية بالصحيح
فلا يتعدى تسميته ب‍ " الصحي " عما لو كان جهة النقص في نفس بعض الجماعة.
لكن يمكن الذب بأن الظاهر عدم الفرق عند الأصحاب - على تقدير ثبوت
التسمية بالصحيح منهم - بين ما لو كان جهة النقص في من فوق بعض الجماعة
الواقع في السند وما لو كان جهة النقص في نفس بعض الجماعة، مع أن مقتضى
ما نقله عن العلامة في المختلف (1) هو عموم التسمية بالصحيح والصحي لما لو كان
جهة النقص في نفس بعض الجماعة.
وأما ما قاله في الحاشية فالظاهر أن المقصود به التعريض على صاحب
المنتقى فيما جرى عليه من الاصطلاح بالصحي والصحر.
إلا أنه يندفع بأن المقصود ب‍ " الصحي " في كلام صاحب المنتقى (2) هو الصحيح
عندي قبال " الصحر " المقصود به الصحيح عند المشهور. ويمكن أن يكون
" الصحي " إشارة إلى صحيحي، و " الصحر " إشارة إلى صحيح المشهور، وربما
جعل السيد السند النجفي " الصحي " إشارة إلى صحيحي و " الصحر " إشارة إلى
الصحيح عند المشهور (3)، ولا دليل عليه بل هو بعيد، فالأمر في " الصحي "
و " الصحر " من باب الرمز والإشارة.
ويرشد إليه: أنه جعل صورة النون من باب الرمز والإشارة إلى الحسن، فليس
" الصحي " في كلام صاحب المنتقى بكسر الصاد وتخفيف الياء بمعنى الصحة
المضافة إلى المتكلم، كما زعمه السيد الداماد وحتى يرد ما أورد عليه، فالصحي
في كلام السيد بكسر الصاد وتشديد الياء، وفي كلام صاحب المنتقى بفتح الصاد

1. مختلف الشيعة 2: 497، المسألة: 357؛ وانظر الرواشح السماوية: 47.
2. منتقى الجمان 1: 46.
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 197.
122

وتخفيف الياء (1).
وقد ذكر شيخنا البهائي في مبادئ مشرقه ما سمعت من المختلف والمسالك (2)
في شرح ما وقع فيه الخروج عن الاصطلاح.
لكنك خبير بأن مدار تعليل الشهيدين على إطلاق الصحة على الخبر باعتبار
بعض أجزاء السند كما في المسالك (3) أو على بعض أجزاء السند كما هو ظاهر
شرح الإرشاد (4) لتذكير " الصحيح " بعد ذكر الرواية؛ إذ لو كان الغرض صحة الرواية،
لكان المناسب التأنيث، ولا يناسب كون التذكير باعتبار كون الموصوف المحذوف
هو الخبر بعد سبق الرواية، والغرض الصحة إلى ابن أبي عمير والحسن بن
محبوب، ولا دلالة في شيء من التعليلين على انجبار ضعف الإرسال بوجود
ابن أبي عمير، والحسن بن محبوب، وصحة السند أو الحديث.
وعلى المنوال المذكور حال ما في المختلف؛ لأنه قال: " وما رواه فضالة في
الصحيح عن عبد الله بن بكير " (5) لا صحة (6) الحديث أو صحة تمام السند، فالمرجع
إلى إطلاق الصحة على بعض أجزاء السند أو على الخبر باعتبار بعض أجزاء السند.
ومنشأ خيال الخروج عن الاصطلاح من السيد الداماد وشيخنا البهائي في
الموارد المذكورة كلام الشهيد في الدراية، وهو قد ذكر أنهم قالوا كثيرا: " روى
ابن أبي عمير في الصحيح عن بعض أصحابه " مع كون الرواية مرسلة، قال: " ومثله
وقع لهم في المقطوع كذلك " (1).

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 197.
2. مشرق الشمسين: 30.
3. مسالك الافهام 12: 39.
4. غاية المراد 1: 413.
5. مختلف الشيعة 2: 497، المسألة: 357.
6. مرفوع عطفا على خبر " الغرض " وهو: " الصحة إلى ابن أبي عمير ".
123

وأنهم قالوا: " في صحيحة فلان " مع كون الفلان غير إمامي.
وأنه قال في الخلاصة وغيرها: " إن طريق الفقيه إلى معاوية بن ميسرة، وإلى
عائذ الأحمسي، وإلى خالد بن نجيح وإلى عبد الأعلى مولى آل سام، صحيح مع
أن الثلاثة الأول لم ينص عليهم بتوثيق ولاغيره " (2). قال: " وكذلك نقلوا الإجماع
على تصحيح ما يصح عن أبان بن عثمان مع كونه فطحيا " (3).
ويظهر الكلام فيما ذكره من قولهم: " روى ابن أبي عمير في الصحيح عن
بعض أصحابه " أو " في صحيحة فلان " مع كون الفلان غير إمامي، وكلام (4) العلامة
في الخلاصة بما مر.
قوله: " ومثله وقع لهم في المقطوع كذلك " يعني أنهم قالوا كثيرا: " في صحيح
ابن أبي عمير، قال " مثلا، مع كون المدار في الصحيح على نقل السنة، ورجوع
القول هنا إلى ابن أبي عمير وكون المقال مقالته، لكن عهدته عليه وعليه الإثبات.
قوله " وكذلك نقلوا الإجماع على تصحيح ما يصح عن أبان بن عثمان مع
كونه فطحيا " قال شيخنا البهائي في الحاشية بخطه الشريف: " وكذلك نقلوا
الإجماع على تصحيح ما يصح عن عبد الله بن بكير ". وقد عد العلامة فيما لو ظهر
فسق الإمام روايته من الصحيح (5).
والظاهر أن مقصود الشهيد أنهم قد ادعوا الإجماع على صحة الخبر المحكي
صحيحا عن أبان بن عثمان، مع أن سوء مذهبه يمانع عن صحة الخبر؛ لكونه
فطحيا، لكن لم يعهد نقل الإجماع من المتأخرين، وإنما وقع من الكشي.
مع أنه مبني على حمل الموصول على الخبر، وأما بناء على حمله على

1. الدراية: 20.
2. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
3. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
4. مجرور عطفا على " قولهم " أو الموصول المجرور.
5. مختلف الشيعة 2: 497، المسألة: 357.
124

الإسناد - كما هو الأقرب إلى السداد كما مر - [و] يكون الغرض الإجماع على صحة
الإسناد المحكي صحيحا، أي: الإجماع على الصدق، فلا مجال لما ذكره، ولعله
كان الغرض الاستناد إلى الكلام المتقدم من العلامة في الخلاصة، ووقع ما وقع من
باب الاشتباه.
وأما ما ذكره شيخنا البهائي في الحاشية فيظهر فساد الاستناد إلى تطرق الإجماع
على التصحيح بما ذكر آنفا، وفساد الاستناد إلى كلام العلامة بما تقدم سالفا.
وأما ما صرح به الشهيد من كون أبان فطحيا - ويظهر من شيخنا البهائي في
كلامه المذكور تقريره - [ف‍] يظهر ضعفه بما تقدم، مضافا إلى ما يأتي من الشهيد في
المسالك من أن الأظهر كون أبان ناووسيا (1).
وقد حكى في المنتقى مشاركة الشهيد لجماعة من المتأخرين (2).
وبما مر بان أن ما اتفق فيه الخروج عن الاصطلاح مما مر إنما هو ما ذكره
العلامة في الخلاصة في شرح طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري (3)، ومثله
قول العلامة في شرح حال طرق الفقيه: " وعن زرعة صحيح وإن كان زرعة فاسد
المذهب إلا أنه ثقة " (4)، وكذا ما حكم به العلامة من صحة طريق الفقيه إلى
معاوية بن شريح (5) وإلى سماعة (6)، مع وجود عثمان بن عيسى في الطريق وهو
واقفي؛ حيث إن الظاهر أنه بملاحظة ما نقله الكشي عن بعض من نقل الإجماع
على التصديق والتصحيح في حق عثمان بن عيسى (1)، إلا أنه يمكن أن يكون

1. مسالك الافهام 12: 39.
2. منتقى الجمان 1: 15.
3. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
4. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
5. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
6. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
125

تصحيح الطريق إلى معاوية بن شريح من جهة صحة الطريق إلى معاوية بن
ميسرة، بناء على اتحاد معاوية بن شريح مع معاوية بن ميسرة (2)؛ لكن الأظهر
مغايرة معاوية بن شريح مع معاوية بن ميسرة، كما حررناه في رسالة منفردة.
وكذا ما ذكره الشهيد في المسالك - وهو أول من جرى على الكلام في اتفاق
الخروج عن الاصطلاح في الصحيح في كلماتهم - عند الكلام في حلية الغراب
وعدمها في قوله: " وفي طريق الرواية أبان، وهو مشترك بين جماعة منهم أبان بن
عثمان، والأظهر أنه كان ناووسيا، إلا أن العصابة أجمعت على تصحيح ما يصح
عنه، وهذا مما يصح سنده " (3).
وكذا ما ذكره العلامة الخونساري - في شرح قول المصنف الشهيد:
" والمستعمل في الاستنجاء طاهر ما لم يتغير أو يلاقه نجاسة أخرى " - من قوله:
" ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب في الصحيح عن محمد بن النعمان عن
أبي عبد الله (عليه السلام) ". وقال في الحاشية: " في طريق هذه الرواية أبان، وهو ممن
أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه؛ فلذا حكمنا عليها بالصحة " (4).
وإن يحتمل كون الغرض من الصحة في قوله: " في الصحيح " هو الصحة
باعتبار بعض أجزاء السند، أعني: من تقدم على محمد بن النعمان.
بل هو الظاهر، كما يظهر مما تسمع، لكنه حكم بصحة الرواية في قوله: " فلذا
حكمنا عليها بالصحة ". إلا أن يكون الضمير المجرور راجعا إلى الطريق لأنه يذكر
في لغة نجد ويؤنث في لغة الحجاز نقلا.

1. رجال الكشي 1: 238 / 431 و 375 / 705 و 556 / 1050.
2. قد استظهر اتحادهما جملة من علمائنا، منهم الأسترآبادي في تلخيص المقال (الوسيط): 347،
ومحمد طه نجف في إتقان المقال: 236، والوحيد البهبهاني في التعليقة 336، والمجلسي في روضة
المتقين 14: 270، وانظر خاتمة المستدرك 5: 275، الفائدة الخامسة.
3. مسالك الافهام 12: 39.
4. مشارق الشموس: 252.
126

لكن الظاهر (1) - بل بلا إشكال - أن حال البعض لا يختلف مع حال الكل
بالنسبة إلى أجزاء البعض، ومن هذا ما سمعت من خروج العلامة عن الاصطلاح
في تصحيح طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري (2) مع اشتماله على أبان،
وقوله: (3) " وعن زرعة صحيح وإن كان زرعة فاسد المذهب " (4) فلا مجال للحكم
بصحة ما تقدم من السند على محمد بن النعمان مع اشتماله على أبان.
وكذا ما ذكره صاحب الحدائق - عند الكلام في جواز المسح على الحائل
للضرورة - من صحة رواية أبي الولاد، مع أنه غير مصرح بالتوثيق؛ لسبق حماد بن
عثمان مع كونه من أهل إجماع العصابة (5).
وجرى شيخنا السيد تبعا لما يظهر من طريقة السيد السند العلي في الرياض (6)
- والظاهر أنه مأخوذ من المولى التقي المجلسي (7) - على أنه ينظر في نفس أهل
الإجماع ومن فوقه، فإن كان نفسه من رجال الصحة وفي من فوقه ضعف، يسمى
بالخبر كالصحيح، وإن كان في من فوقه ممدوح سيئ المذهب يسمى بالقوي
كالصحيح، أو ممدوح إمامي، فالحسن كالصحيح، أو موثق كذلك، فالموثق
كالصحيح.
وقس عليه من كان نفسه سيئ المذهب مصرحا بالتوثيق، كابن بكير،
وصنوف (1) أحوال من فوقه، ففي شيء من صوره الخمس لا يسكت عن التشبيه،

1. في " د ": " الأظهر ".
2. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
3. مجرور عطفا على " خروج ".
4. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
5. الحدائق الناضرة 2: 310. والرواية مروية في وسائل الشيعة 1: 321، أبواب الوضوء، الباب 38.
6. رياض المسائل 1: 235.
7. روضة المتقين 14: 19؛ ولا بأس بالنظر إلى سماء المقال 2: 366.
127

وكل يسمى بما يقتضيه المجموع منه وممن فوقه؛ ففي الضعيف الخبر، وفي
القوي القوي، وفي الموثق والصحيح الموثق.
وكذلك من كان نفسه ممدوحا سيئ المذهب كأبان وعثمان، فيسمى قويا في
أربع صور، وفي صورة واحدة ضعيفا.
لكن الظاهر منه القول بدلالة نقل الإجماع على عدالة الجماعة، دون من رووا
عنه، كما مر.
قوله: " يسمى بالخبر " هذا مبني على ما جرى عليه في الرياض من التعبير عن
الضعيف بالخبر (2).
قوله: " ففي الضعيف الخبر " إلى آخره، لم يذكر حال الحسن، إلا أنه يقال:
" الحسن كالصحيح بناء على كون الحسن أخس من الموثق، والموثق كالصحيح
بناء على كون الموثق أخس من الحسن ".
قوله: " وكذلك من كان نفسه ممدوحا سيئ المذهب " هذا مبني على ثبوت
المدح في حق أبان وعثمان، ويظهر مما تقدم منا الخلو عن المدح وإن كان أبان
مصرحا بالتوثيق كما يظهر مما مر.
قوله " ضعيفا " كان المناسب أن يقول " خبرا " بناء على طريقته.
[نظر المصنف في التسمية بالصحيح]
أقول: إن التسمية بالصحيح غير صحيحة على الإطلاق، على تقدير عدم دلالة
نقل الإجماع على توثيق من فوق الجماعة؛ لعدم صدق حد الصحيح - كما
لا يخفى - إما لوجود سيئ المذهب مع التوثيق أو بدونه لو كان بعض الجماعة غير
إمامي مصرحا بالتوثيق أو بالمدح، أو غير مصرح بالتوثيق ولا بالمدح، والأخير من
أقسام الضعيف، أو إماميا مصرحا بالمدح.

1. منصوب عطفا على مفعول " قس ".
2. رياض المسائل 1: 347؛ وانظر سماء المقال 2: 367.
128

وإما لعدم دلالة نقل الإجماع على توثيق من فوق الجماعة إماميا مصرحا
بالمدح، أو غير مصرح به، والأخير أيضا من أقسام الضعيف.
وعلى تقدير الدلالة، فالتسمية بالصحيح على الإطلاق غير صحيحة؛ حيث
إنه لا تصح فيما لو كان بعض رجال من فوق الجماعة غير إمامي، سواء كان مصرحا
بالتوثيق أم لا، فلا تصح فيما لو كان بعض من فوق الجماعة غير إمامي مصرحا
بالتوثيق ولا بالمدح، والأخير من أقسام الضعيف، فلا تصح في قسمين من الأقسام
الأربعة العشر المتقدمة وقسم من قسم منها، وكذا لو كان نفس بعض الجماعة غير
إمامي سواء كان مصرحا بالتوثيق أم لا، فلا تصح في أقسام عشرة من الأقسام
المشار إليها.
نعم، لو كان بعض رجال من فوق الجماعة إماميا مصرحا بالمدح أو
غير مصرح به، يصح التسمية بالصحيح، فيصح التسمية بالصحيح فيما لو كان
بعض من فوق الجماعة إماميا مصرحا بالمدح أو غير مصرح بالمدح ولا بالتوثيق.
والأخير من أقسام الضعيف، فتصح في قسم من الأقسام المشار إليها، وكذا في
قسم من قسم منها.
[نظر المصنف في التسمية بالصحي]
وأما التسمية بالصحي فقد يقال: إن معنى الصحي هو المنسوب إلى الصحة
والموصوف بها، والمفروض عدم اتصاف الحديث بالصحة؛ لعدم صدق حدها،
فكما لا يصح التسمية بالصحيح لا يصح التسمية بالصحي، فالتسمية بالصحي
لا تدفع المحذور المتطرق على التسمية بالصحيح.
ويمكن الذب عنه بأن استقرار الاصطلاح إنما هو في الصحيح لا الصحة، كما
أن الاصطلاح مستقر في الموثق لا التوثيق، فإن التوثيق يطلق كثيرا - وما أشد
كثرته - في رجال الصحيح، فالمقصود بالصحي هو الموصوف بالصحة المستفادة
129

من نقل الإجماع من الكشي، فلا بأس بالتسمية، لكنه لا تتم بالنسبة إلى أهل الطبقة
الأولى؛ لنقله الإجماع فيها على التصديق.
إلا أن يقال: إن الغرض الإشارة إلى أن (1) الصحة المستفادة من نقل الإجماع
ومدار التسمية على نقل الإجماع على التصديق على صحة الحديث أيضا، وليس
الغرض الإشارة إلى الصحة المذكورة في ضمن التصحيح؛ فلا بأس بتعميم التسمية.
[في التشبيه بالصحيح ورده]
وأما التشبيه بالصحيح، فتحرير الكلام في تشيينه: أنه إن قلنا بدلالة نقل
الإجماع على توثيق الجماعة ومن فوقهم، فالحديث قد يكون من الصحيح
ولاوجه للتشبيه، كما لو كان بعض من فوق الجماعة إماميا ممدوحا أو غير ممدوح
ولو قلنا بدلالة نقل الإجماع على العدالة بالمعنى الأعم لو قلنا بثبوت الإمامية من
جهة الغلبة.
وقد يكون من الموثق ولاوجه للتشبيه أيضا، كما لو كان بعض الجماعة أو
بعض من فوقهم غير إمامي مصرحا بالتوثيق؛ حيث إن سوء المذهب لا يتناقض
بنقل الإجماع، والنتيجة تابعة لأخس المقدمتين كما هو حديث معروف، كيف
ولو بلغت إحدى المقدمتين في القياس إلى حد القطع، وكانت المقدمة الأخرى
ظنية، لا تتجاوز النتيجة عن الظن، ودنو الموثق عن الصحيح - باعتبار سوء
المذهب عندهم، وهؤلاء - يرد عليه فتور بواسطة نقل الإجماع ولو بلغ في إفادة
التوثيق ما بلغ.
مع أن ظاهر التشبيه أن يكون الموثق المذكور أعلى رتبة من سائر الموثقات،
مع أنه غير مربوط بوجه يقتضيه؛ حيث إن التوثيق المستفاد من نقل الإجماع

1. كذا في النسختين.
130

لا يتجاوز عن التوثيق باللفظ الصريح، بل هذا التوثيق أقوى؛ لصراحته.
اللهم إلا أن يقال: إن التوثيق المستفاد في المقام وإن كان أضعف من التوثيق
ب‍ " ثقة " إلا أن الوثاقة المستفادة هنا هي الوثاقة التامة المتأكدة، ولذا يصير الموثق
المذكور أعلى رتبة من سائر الموثقات، فلا بأس بالتشبيه.
إلا أنه يندفع: بأنه لو كان الأمر على هذا، لصح بل لزم التشبيه بأن يقال:
الموثق كالصحيح فيما لو كان بعض رجال السند غير إمامي مصرحا بالتوثيق مع
تأكيد التوثيق، كما لو تعدد التوثيق، ولا سيما لو تكثر التأكيد والعدد، أو تأكد
الوثاقة، كما لو قيل في التوثيق: " ثقة بوثاقة تقرب العصمة ".
مع أنه لو كان الأمر على ذلك، للزم تقديم الموثق على الصحيح في صورة
تأكيد التوثيق أو تأكد الوثاقة.
وإن قلت: إن التشبيه باعتبار الموثق هنا عند الكل.
قلت: هذا المقال غير ثابت كما يظهر مما يأتي.
وبما ذكرنا يظهر الحال فيما لو كان بعض الجماعة غير إمامي غير مصرح
بشيء، كما هو الحال في عثمان بن عيسى (1) على ما مر، أو ممدوحا كما هو الحال
في أبان بن عثمان (2) على ما جرى عليه التقسيم؛ فإن الحديث من الموثق، ولا يصح
التشبيه.
وقد يتأتى الإشكال فيما لو كان بعض من فوق الجماعة غير إمامي غير مصرح
بشيء أو ممدوحا، بناء على دلالة نقل الإجماع على العدالة بالمعنى الأخص.
وبالجملة، فلو كان الاختلال من جهة بعض الجماعة، فالحديث من الموثق،
ولو كان الاختلال من جهة بعض من فوق الجماعة، فالبعض إما من رجال

1. انظر رجال النجاشي: 300 / 817، ورجال الكشي 2: 860 / 1117، والفهرست: 120 / 545،
ورجال الشيخ: 340 / 28.
2. انظر رجال النجاشي: 13 / 8، والفهرست: 18 / 62، ورجال الكشي 2: 640 / 660.
131

الصحيح أو الموثق أو الحسن أو القوي أو الضعيف، فالحديث على الأول والثاني
والرابع من الموثق، وعلى الثالث من الصحيح.
وكذا الحال على الأخير إن كان البعض إماميا أو مجهول الحال لو قلنا بثبوت
كونه إماميا بالغلبة، سواء قلنا بدلالة نقل الإجماع على العدالة بالمعنى الأخص أو
الأعم.
وكذا الحال لو كان غير مصرح بشيء لو قلنا بدلالة نقل الإجماع على العدالة
بالمعنى الأعم. وأما لو قلنا بالدلالة على العدالة بالمعنى الأخص فيتأتى الإشكال،
وإن قلنا بدلالة نقل الإجماع على توثيق الجماعة فقط، فلا يصح التشبيه،
والحديث من الموثق لو كان بعض الجماعة غير إمامي مصرحا بالتوثيق أو غير
مصرح بشيء أو مصرحا بالمدح.
وكذا الحال لو كان بعض من فوق الجماعة غير إمامي مصرحا بالتوثيق، وأما
لو كان غير إمامي مصرحا بالمدح، فالحديث من القوي، ولا يصح التشبيه
بالصحيح. نعم، يصح أن يقال: القوي كالموثق، وأما إن كان إماميا مصرحا
بالمدح، فلا بأس بالتشبيه بأن يقال: الحسن كالصحيح، وأما لو كان إماميا غير
مصرح بشيء، فلا بأس بالتشبيه بأن يقال: الخبر كالصحيح.
وعلى هذا المنوال الحال لو كان مجهول الحال وكونه إماميا بالغلبة، وأما لو
كان (1) امامي غير مصرح بشيء فلا يصح التشبيه بالصحيح، لكن لا بأس بأن يقال:
الخبر كالموثق.
وعلى هذا المنوال الحال لو كان مجهول الحال، ولم نقل بكونه إماميا من جهة
الغلبة.
وبالجملة، فالاختلال إن كان من جهة بعض الجماعة، فالحديث من الموثق
كما مر، لعدم اختلاف الحال في صورة كون الاختلال من جهة بعض الجماعة على

1. في " د " زيادة: " غير ".
132

القول بدلالة نقل الإجماع على توثيق من فوق الجماعة وعدمه.
وإن كان من جهة بعض الجماعة على القول بدلالة نقل الإجماع، فالبعض إما
من رجال الصحيح أو الموثق أو الحسن أو القوي أو الضعيف، فالحديث على
الأولين من الموثق كما سبق، وعلى الرابع من القوي؛ ولا يصح التشبيه بالصحيح
في شيء.
نعم، على الرابع يصح أن يقال: القوي كالموثق، وعلى الثالث يصح التشبيه
بأن يقال: الحسن كالصحيح، وعلى الأخير فإن كان إماميا غير مصرح بشيء فيصح
التشبيه بأن يقال: الخبر كالصحيح، وكذا الحال لو كان مجهول الحال لو لم نقل
بكونه إماميا من جهة الغلبة. وإن كان غير إمامي غير مصرح بشيء فيصح التشبيه،
لكن لا بالصحيح، بل بالموثق بأن يقال: الخبر كالموثق، وكذا الحال لو كان مجهول
الحال، لو لم نقل بكونه إماميا من جهة الغلبة.
وإن قلنا بعدم دلالة نقل الإجماع على العدالة رأسا، فالحال بالنسبة إلى من
فوق الجماعة كما ذكر، على القول بالدلالة على توثيق الجماعة فقط. وأما بالنسبة
إلى الجماعة، فإن كان غير إمامي مصرحا بالتوثيق، فالحديث من الموثق ولا يصح
التشبيه كما ذكر على القول بالدلالة (1) على توثيق الجماعة فقط لو كان بعض من
فوق الجماعة غير إمامي غير مصرح بشيء، بل تقدم عدم صحة التشبيه لو كان
بعض الجماعة مصرحا بالتوثيق على القول بدلالة نقل الإجماع على توثيق
الجماعة ومن فوقهم. وإن كان غير إمامي غير مصرح بشيء، فلا يصح التشبيه
بالصحيح. نعم، يصح أن يقال: القوي كالموثق. وإن كان غير إمامي مصرحا
بالمدح فلا يصح التشبيه بالصحيح أيضا. فالحال على الأخيرين على منوال ما لو
قلنا بدلالة نقل الإجماع على توثيق الجماعة فقط، وكان الاختلال من جهة بعض

1. في " د ": " بدلالة نقل الإجماع ".
133

من فوق الجماعة.
وتلخيص المقال: أنه إن قلنا بدلالة نقل الإجماع على توثيق الجماعة ومن
فوقهم، فالحديث بالنسبة إلى الجماعة من الموثق، وبالنسبة إلى من فوقهم من
الصحيح، أو الموثق، أو محل الإشكال.
وإن قلنا بالدلالة على توثيق الجماعة دون من فوقهم، فالحديث بالنسبة إلى
الجماعة من الموثق أيضا. وأما بالنسبة إلى من فوق الجماعة، فالحديث إما من
الموثق، أو الحسن كالصحيح، أو الخبر كالصحيح، أو الخبر كالموثق.
وإن قلنا بعدم الدلالة على التوثيق رأسا، فالحديث بالنسبة إلى من فوق
الجماعة كما ذكر، بناء على الدلالة على توثيق الجماعة فقط. وأما بالنسبة إلى
الجماعة، فالحديث إما من الموثق، أو القوي كالموثق.
فإذن الكلام الخالي عن الكلام أن يعبر بالمعتبر؛ لنقل الإجماع من الكشي،
أو بالرواية المجمع على تصحيحها، أو بالمعتبر؛ لنقل الإجماع، أو بالمجمع على
تصحيحه، أو بالمعتبر أو بمثل ذلك. لكن التعبير بالثاني أو الرابع إنما يتم على
الإطلاق على القول بكون التصديق في الطبقة الأولى بمعنى التصحيح.
وبما سمعت تعلم أنه في صورة تطرق الإرسال مثلا على الجنب الفوقاني
يجري على التشبيه بالصحيح أيضا من جرى على التشبيه بالصحيح، فيقول:
المرسل كالصحيح، كما أن من جرى على التعبير بالصحيح أو بالصحي يجري هنا
أيضا على التعبير بهما.
ثم إن الصور المتنازع فيها إنما كانت مبنية على كون رجال الجنب التحتاني
من رجال الصحيح كما مر التصريح به، ولا مجال للكلام لو كان بعض الرجال
المشار إليهم من رجال الضعيف. وأما لو كان من رجال الموثق أو الحسن أو القوي
فيبلغ أقسامه إلى خمسة وأربعين، بناء على كون أنفس الجماعة بين حالات ثلاث
بملاحظة ضرب الحالات الثلاث المذكورة في من دون الجماعة في الحالات
134

الثلاث التي لأ نفس الجماعة، وضرب الكل في الحالات الخمس التي لرجال من
فوق الجماعة.
فلو كان بعض رجال من دون الجماعة من رجال الموثق، فإن كان بعض
الجماعة من رجال الصحيح، فيقال: الخبر كالموثق، والموثق لو كان بعض رجال
من فوق الجماعة من رجال الموثق أو الصحيح أو الحسن بناء على كون الموثق
أخس من الحسن، والحسن كالموثق لو كان بعض رجال من فوق الجماعة من
رجال الحسن، بناء على كون الحسن أخس من الموثق.
وعلى هذا المنوال الحال لو كان بعض الجماعة من رجال الموثق.
وإن كان بعض الجماعة من رجال القوي، فيقال: الخبر كالموثق، والقوي
كالموثق في أربع صور.
وإن كان بعض الجماعة من رجال الضعيف، فيقال: الخبر كالموثق مطلقا.
ولو كان بعض رجال من دون الجماعة من رجال الحسن، فإن كان بعض
الجماعة من رجال الصحيح، فيقال: الخبر كالحسن، والقوي كالحسن، والحسن
لو كان بعض رجال من فوق الجماعة من رجال الصحيح أو الحسن أو الموثق، بناء
على كون الحسن أخس من الموثق، والموثق كالحسن لو كان بعض رجال من
فوق الجماعة من رجال الصحيح أو الحسن أو الموثق، بناء على كون الموثق
أخس من الحسن.
وإن كان بعض رجال الجماعة من رجال الموثق، فيقال: الخبر كالحسن أو
كالموثق، على الخلاف في كون الحسن أخس من الموثق أو بالعكس، والقوي
كالحسن أو كالموثق، على الخلاف المذكور، والحسن أو الموثق على الخلاف
المذكور لو كان بعض رجال من فوق الجماعة من رجال الصحيح أو الحسن أو
الموثق.
وإن كان بعض الجماعة من رجال القوي، فيقال: الخبر كالقوي، والقوي في
135

أربع صور.
وإن كان بعض الجماعة من رجال الضعيف، فيقال: الخبر كالقوي مطلقا.
ولو كان بعض رجال من دون الجماعة من رجال القوي، فيقال: الخبر
كالقوي، والقوي في أربع صور أيضا، سواء كان بعض الجماعة من رجال
الصحيح أو الموثق أو القوي أو الضعيف.
136

تنبيهات
[التنبيه] الأول
[في اعتبار الإجماع المنقول المتقدم في كلام الكشي]
أن الإجماع المنقول المتقدم حجة، وإن لم يكن من الإجماع بالمعنى
المصطلح كما مر؛ لإفادته الظن بالصدور في المقام على تقدير دلالته على اعتبار
الخبر بالدلالة على وثاقة الجماعة ومن فوقهم، أو وثاقة الجماعة فقط وكون
رواياتهم مظنون الصدور.
وأما على تقدير الدلالة على صدق الجماعة أو وثاقتهم، فيتأتى الظن
بالصدور أو الوثاقة، وفيه الكفاية.
[التنبيه] الثاني
[في عدم اعتبار الإجماع المنقول المتقدم في الجملة]
أن الظاهر - بل بلا إشكال - أنه لا يتم اعتبار الإجماع المنقول المتقدم على وجه
العموم والكلية، بناء على كون التزكية من باب الشهادة كما جرى عليه صاحب
المعالم (1). إذ بناء على ذلك لا مجال لاعتبار التزكية في صورة انتفاء الإيمان في

1. منتقى الجمان 1: 16.
137

المزكى له كما هو الحال في عبد الله بن بكير وغيره، كيف لا؟ واعتبار التزكية مبني
على اعتبار الإيمان والعدالة في الراوي، بل بناء على ذلك لابد من تعدد نقل
الإجماع، فلا يكفي نقل الإجماع من الكشي بعد ثبوت عدالته بتزكية عدلين، بل
قد أنكر صاحب المعالم إمكان الإجماع أو إمكان العلم به في أعصار الغيبة، إلا من
جهة كثرة النقل (1)، فكيف يجري على اعتبار نقل الإجماع من الكشي؟!
إلا أن يقال: إن صاحب المعالم فصل بين ما بعد زمان الشيخ وغيره من زمان
الشيخ وما قبله بإمكان الإجماع أو إمكان العلم به في الثاني، وعدم إمكان الإجماع
أو عدم إمكان العلم بالإجماع فيما بعد زمان الشيخ أو مطلقا، أي لا فيما بعد زمان
الشيخ، ولا في زمانه، ولا في الزمان السابق على زمانه، أو في الجملة في الأول،
والكشي سابق على الشيخ.
نعم، الظاهر عدم اعتبار الإجماع المنقول عند صاحب المعالم ولو بعد فرض
إمكان الإجماع وإمكان العلم به، كما يرشد إليه اشتراط الكثرة في نقل الإجماع في
استكشاف وقوع الإجماع فيما بعد زمان الشيخ (2).
وأيضا لا يتم اعتبار الإجماع المنقول المتقدم على وجه العموم والكلية، بناء
على اعتبار الإيمان في اعتبار الخبر، والظاهر أنه المشهور في من عد المتأخر من
المتأخرين، بل قد نقل الإجماع على اعتبار العدالة جماعة، والمقصود العدالة
بالمعنى الأخص.
وعلى ذلك المنوال الحال بناء على اعتبار العدالة في اعتبار الخبر كما سمعت
نقل الإجماع عليه لو قلنا بعدم ثبوت عدالة معروف بن خربوذ. (3)

1. المصدر.
2. المعالم: 175.
3. في النسختين كليتهما: " خربوز ".
138

[التنبيه] الثالث
[قد يكون الحكم المستفاد]
[من بعض روايات الجماعة مخالفا للإجماع]
أنه قد يكون الحكم المستفاد من بعض روايات الجماعة مخالفا للإجماع،
ولا تنافي بين هذا الإجماع والإجماع على اعتبار رواياتهم، بناء على دلالة نقل
الإجماع المتقدم على اعتبار الرواية بالدلالة على مطلق الصحة، أو الصحة من
جهة وثاقة الجماعة ومن فوقهم؛ لإمكان التقية وغيرها مما يحتمل حمل متن
الحديث عليه من خلاف الظاهر.
نعم، لو وقع الاتفاق على عدم صدور بعض روايات الجماعة (يتأتى التنافي،
لكن هذا الإجماع مقدم؛ لتقدم القطعي على الظن، بل الخاص على العام، إلا أن
هذا الفرض بمكان من البعد عن الوقوع به، ولا يرتفع الظن عن نقل الإجماع
المتقدم، ولو يحصل الظن بعدم صدور بعض روايات الجماعة) (1) في بعض
الموارد، فعليه المدار وبه الاعتبار.
[التنبيه] الرابع
[إشكال على التمسك بالإجماع المنقول المتقدم]
أنه ربما يشكل التمسك بالإجماع المنقول في حق الستة المختلف فيها،
حتى الاثنين المنقول في حقهما الإجماع في كلام الكشي (2)؛ لعدم ثبوت الإجماع
في حقهم من جهة وقوع الاختلاف.

1. ما بين القوسين ليس في " د ".
2. رجال الكشي 2: 556 / 1050.
139

إلا أن يقال: إن هؤلاء الستة وإن كان يظهر بادئ الرأي وقوع الخلاف فيهم،
لكن بعد التأمل يظهر أنه لا خلاف فيهم أيضا، بل بعضهم ادعى وقوع الإجماع في
بعض هؤلاء، وبعضهم في بعض آخر منهم، وليس كل واحد منهم ينفي ما ادعاه
الآخر، بل غايته عدم العلم به، فإن الظاهر من نقل الكشي قول غيره وعدم
تمريض القول وإبطاله أنه لا يعتقد بطلانه، بل إن قوله غير ثابت عنده، وظاهر أن
عدم الثبوت عند بعض لا يقدح في ادعاء الآخر؛ لجواز ثبوت الإجماع عند بعض
وعدم ثبوته عند آخر.
مع أن الكشي حكى في ترجمة فضالة عن بعض الأصحاب دعوى الإجماع
في حقه (1)، وحكايته هذه خالية عن الدلالة على التمريض بالكلية، ولا دلالة فيها
عليه بلا مرية.
هذا في الأربعة المنقول في حقهم الإجماع في كلام الأبعاض الثلاثة على
ما نقله الكشي.
وأما الاثنان المنقول في حقهما الإجماع من الكشي، فالإجماع المنقول في
حقهما من الكشي خال عن المعارض بالكلية؛ إذ لا مجال لاحتمال التمريض؛
حيث إن من قال المرادي مكان الأسدي لم يذكر الأسدي، فيحكي المرادي حتى
يتأتى احتمال التمريض، بل قد اقتصر في الذكر على ذكر المرادي.
إلا أن يقال: إنه يمكن أن يكون الإجماع المنقول في كلام الكشي قد نقله
بعض آخر ممن سبق على الكشي أيضا، فنقل الإجماع على الأسدي ثم جاء
بعض آخر وذكر المرادي، وقال: وقيل: الأسدي مكان المرادي.
إلا أن يقال: إنه بعيد، والظاهر أن البعض الذي نقل عنه الكشي نقل الإجماع
قد اقتصر على ذكر من ذكره، فيكون الاثنان والعشرون قد نقل في حقهم
الإجماع، ولا راد له؛ فيجب قبوله.

1. رجال الكشي 2: 830 / 1050.
140

ويمكن أن يقال: إن الإجماع المنقول في حق الاثنين في كلام الكشي وإن كان
الظاهر خلوه عن التمريض، لكن الإجماع المنقول في حق الأربعة في كلام
الأبعاض وإن كان دلالة كلام الكشي على تمريضه غير ثابتة، لكن دلالته على
التمريض (1) لا تكون ثابتة العدم؛ فيضعف نقل الإجماع من الأبعاض؛ لصيرورته
مشكوكا فيه بواسطة الشك في دلالة كلام الكشي على التمريض.
بل لو سلمنا ثبوت عدم الدلالة على التمريض، فنفس عدم ثبوت الإجماع
عند الكشي مع كونه من أهل الخبرة توجب ضعف دعوى الإجماع من الأبعاض،
فلا يتجه الاستناد إليه.
ويمكن الذب عنه: بأن غاية ما يتصور في الباب دلالة كلام الكشي على
تمريض نقل الإجماع من الأبعاض، لكن الظاهر أن مرجع الضمير في قوله:
" وقال بعضهم " في الطبقة الأولى هو العصابة، والمقصود بهم علماء الرجال، وفي
الطبقة الثالثة هو الأصحاب المقصود بهم أيضا علماء الرجال، فالظاهر أن
الأبعاض المحكي عنهم نقل الإجماع من أهل الخبرة والبصيرة، بل الظاهر من
اعتداد الكشي بهم في نقل قولهم كونهم ممن يعتمد عليه، ومن البعيد الاشتباه من
أهل الخبرة في نقل الإجماع - المقصود به اتفاق الجميع كما مر - في أصل الاتفاق
بأن لم يكن قول بما نقل عليه الاتفاق رأسا، بل غاية الأمر الاشتباه في اتفاق
الوصف، أعني اتفاق الجميع، فالظاهر ثبوت اتفاق الأكثر أو الكثير، فالظاهر
ثبوت الشهرة، وهو يكفي في المقام.
وربما يشكل التمسك بدعوى الإجماع ممن حكى عنه الكشي نقل الإجماع
أيضا، من جهة أن التعويل على نقل الإجماع إنما يتبع التعويل على الناقل، وهو
موقوف على المعرفة بحاله، وناقل الإجماع هنا مجهول الحال.
ويندفع بما يظهر مما مر من أن الظاهر من كلام الكشي كون الناقل من أهل

1. في " د " زيادة: " بل لو سلمنا ثبوت عدم الدلالة على التمريض ".
141

الخبرة والبصيرة؛ لظهور رجوع الضمير إلى العصابة والأصحاب، كما أن اعتداد
الكشي بالناقل في نقل قوله يقتضي كونه ممن يعتمد عليه، فالظاهر أن نقل
الإجماع صدر من أهل الخبرة والبصيرة في الرجال، وهو يوجب الظن، وفيه
الكفاية في المقام، بل لا أقل في المقام - بعد ظهور كون الناقل من أهل الخبرة
والبصيرة - من حصول الظن بالشهرة، وفيه الكفاية في المقام؛ فغاية الأمر أن
الجهل بحال الناقل يمانع عن حصول الظن بالإجماع، لكن بعد ظهور كونه من
أهل الخبرة، فلا أقل من الظن بالشهرة، وفيه الكفاية.
[التنبيه] الخامس
[في أن بعض أهل الإجماع]
[يروي عن بعض بواسطة أو بلا واسطة]
أنه قد يروي بعض أهل الإجماع عن بعض مع اتحاد الطبقة بلا واسطة، كما
في الحديث المعروف الذي رواه الكشي عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن
أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " بشر
المخبتين بالجنة " (1) بل نظيره غير عزيز في الأخبار الفقهية.
بل حكى الشيخ في الفهرست في ترجمة جميل: أن له أصلا روى عنه
ابن أبي عمير وصفوان (2).
وحكى الشيخ في الفهرست أيضا في ترجمة عبد الله بن مسكان: أن له كتابا
روى عنه ابن أبي عمير وصفوان.

1. رجال الكشي 1: 398 / 286.
2. الفهرست: 44 / 153.
142

وقد عد في ترجمة حماد بن عثمان ممن روى عنه ابن أبي عمير (1)،
وعد أيضا كالنجاشي في ترجمة أبان بن عثمان ممن روى عنه أحمد بن
محمد بن أبي نصر (2).
وعد النجاشي في ترجمة فضيل بن يسار ممن روى عنه حماد بن
عيسى (3).
وحكى السيد السند التفرشي رواية أبان بن عثمان عنه قال: " كما يظهر من
باب حكم الجنابة من التهذيب وغيره " (4).
وحكى في ترجمة ليث المرادي: أن عبد الله بن مسكان يروي عنه كثيرا كما
في التهذيب وغيره (5).
وقد يكون الرواية مع الواسطة مع اختلاف الطبقة، كما يرشد إليه ما في
ترجمة زرارة من أن له كتابا في الاستطاعة والجبر، روى ابن أبي عمير، عن بعض
أصحابه، عنه (6).
والظاهر أن الغرض رواية ابن أبي عمير للكتاب المذكور، وإن يحتمل كون
الغرض مطلق الرواية، وزرارة من أهل الطبقة الأولى، وابن أبي عمير من أهل

1. الفهرست: 60 / 240.
2. الفهرست: 18 / 62؛ رجال النجاشي: 13 / 8.
3. رجال النجاشي: 309 / 846.
4. نقد الرجال 1: 45 / 22؛ والرواية في تهذيب الأحكام 1: 128، ح 347، باب حكم الجنابة وصفة
الطهارة منها.
5. نقد الرجال 4: 76 / 4308؛ والروايات في تهذيب الأحكام 1: 258، ح 750، باب تطهير الثياب
وغيرها من النجاسات؛ تهذيب الأحكام 2: 118، ح 446، باب كيفية الصلاة وصفتها؛ الاستبصار 1:
279، ح 1014، باب أول وقت نوافل الليل.
6. الفهرست: 74 / 312.
143

الطبقة الثالثة، وقد تقدم رواية ابن مسكان، وحماد بن عثمان، عن ابن أبي عمير،
مع كون ابن مسكان وحماد بن عثمان من أهل الطبقة الثانية، وكون ابن أبي عمير
من أهل الطبقة الثالثة.
ثم إنه قد ذكر النجاشي في ترجمة حماد بن عيسى أنه روى (عن جعفر بن
محمد [(عليهما السلام)] وروى عن عبد الله بن المغيرة، وعبد الله بن سنان، وعبد الله بن
المغيرة)، (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2)، مع كون حماد بن عيسى من أهل الطبقة الثانية،
وعبد الله بن المغيرة من أهل الطبقة الثالثة.
لكن الظاهر أن قوله: " وعبد الله بن المغيرة " غلط، ويرشد إليه أنه ضرب على
ذلك في نسخة معتبرة.
وربما احتمل بعض الأعلام في إصلاح الكلام كون الغرض التنبيه على
رواية حماد بن عيسى عن الصادق (عليه السلام) تارة بلا واسطة، وأخرى بواسطتين،
وثالثة بواسطة واحدة، أشار إلى الأول بقوله: " روى عن جعفر بن محمد "،
وإلى الثاني بقوله: " روى عن عبد الله بن المغيرة وعن عبد الله بن سنان "
وإلى الثالث بقوله: " وعبد الله بن المغيرة عن أبي عبد الله (عليه السلام) " فعلى هذا يكون
قوله: " عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قيدا لكل من قوليه الأخيرين، وجعل الواو
في قوله: " وعبد الله بن سنان " بمعنى " عن "، ولذا جعل معنى قوله -: " روى عن
عبد الله بن المغيرة وعبد الله بن سنان " بعد جعل قوله: " عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قيدا
لكل من قوليه الأخيرين -: " أنه روى حماد بن عيسى، عن عبد الله بن المغيرة،
عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) "؛ إشارة إلى ما تكرر في الروايات من
رواية حماد بن عيسى عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن

1. ما بين القوسين ساقط من " د ".
2. رجال النجاشي: 142 / 370؛ وانظر منتهى المقال 3: 117 / 996.
144

أبي عبد الله (عليه السلام)، بل احتمل كون تخصيص عبد الله بن المغيرة بالذكر من بين من
روى عنه حماد بن عيسى من باب دفع توهم بعد رواية حماد بن عيسى عن
عبد الله بن المغيرة؛ لكون حماد بن عيسى فيما ذكره الكشي من أهل الطبقة
الثانية، وعبد الله بن المغيرة من أهل الطبقة الثالثة كما سمعت.
أقول: إنه قد استوفى المغني معاني الواو (1)، ولم يذكر مجيء الواو بمعنى
" عن "، وبعد فرض المجيء لم يعهد استعمال الألفاظ في المعاني النادرة في
مقامات البيان لا في الرجال ولا في غيره.
ومع هذا لم يعهد ذكر رواية الراوي عن المعصوم بواسطتين في
الرجال، كما هو الحال بناء على كون الواو في قوله: " وعبد الله بن سنان "
بمعنى " عن ".
ومع هذا قد اتفق رواية حماد عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) كما
في الفقيه في باب صلاة جعفر (2)، واتفق أيضا رواية حماد عن عبد الله بن سنان،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) كما في باب اشتراك العبيد والأحرار والنساء في القتل من ديات
التهذيب (3)، وباب المرأة تكون زوجة العبد من نكاح الكافي (4)، فليس جعل قوله:
" روى عن عبد الله بن المغيرة وعن عبد الله بن سنان " إشارة إلى رواية حماد بن
عيسى، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان أولى من جعله إشارة إلى
رواية حماد بن عيسى، عن عبد الله بن المغيرة، وكذا روايته عن عبد الله بن
سنان، سواء جعل قوله: " عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قيدا لكل من القولين الأخيرين أو

1. مغني اللبيب 1: 463.
2. لا وجود له في هذا الباب، انظر الفقيه 1: 347، باب صلاة الحبوة والتسبيح.
3. لا وجود له في هذا الباب، انظر تهذيب الأحكام 10: 244، باب اشتراك الأحرار والعبيد.
4. الكافي 5: 484، ح 2، باب المرأة تكون زوجة العبد...، وفيه: " عن حماد بن عيسى، عن
عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان... ".
145

القول الأخير.
ثم (1) إنه روى في الكافي في باب " النساء لا يرثن من العقار شيئا " بالإسناد عن
زرارة، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " النساء لا يرثن من الأرض
ولا من العقار شيئا " (2).
أقول: إنه مات زرارة ومحمد بن مسلم في سنة واحدة؛ قضية ما ذكره
النجاشي في ترجمة كل منهما (3) من أنه توفي في سنة خمسين ومائة، وكان زرارة
أكبر سنا من محمد بن مسلم بعشرين سنة؛ قضية أن الشيخ ذكر في الرجال في
ترجمة محمد بن مسلم أن له نحوا من سبعين سنة (4)، والمنقول عن رسالة
أبي غالب أن زرارة عاش تسعين سنة (5)، فرواية زرارة عن محمد بن مسلم بعيدة،
مع أنه لا أثر في الأسانيد من روايته عنه.
والظاهر أن حرف الجر سهو عن حرف العطف، أي كان الأصل " عن زرارة
ومحمد بن مسلم " بشهادة أن الرواية مذكورة في التهذيب (6)، والعبارة بحرف
العطف لا حرف الجر، مضافا إلى أنه روى في الكافي بعد ذلك بفاصلة ثلاث
روايات بالإسناد عن زرارة ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " لا يرث
النساء في عقار الأرض شيئا " (7).
وربما احتمل أن يكون المقصود بمحمد بن مسلم هو محمد بن مسلم

1. سقط من هنا إلى آخر هذا التنبيه من " د ".
2. الكافي 7: 127، ح 1، باب أن النساء لا يرثن من العقار شيئا.
3. رجال النجاشي: 175 / 463 و 323 / 882.
4. رجال النجاشي: 323 / 882.
5. رسالة أبي غالب الزراري: 66؛ ونقل السيد بحر العلوم في رجاله 1: 233 " سبعين سنة ".
6. تهذيب الأحكام 9: 298، ح 1066، باب ميراث الأزواج.
7. الكافي 7: 127، ح 4، باب أن النساء لا يرثن من العقار شيئا.
146

الزهري؛ نظرا إلى أن الزهري مات سنة أربع وعشرين ومائة، وكان له اثنتان
وسبعون سنة (1)، فيكون أكبر من زرارة.
وليس بشيء؛ لعدم وقوع محمد بن مسلم الزهري في الأسانيد، مع أن زرارة
- على ما ذكر - كان أكبر من محمد بن مسلم بثمانية، فيعود المحذور - المتطرق في
رواية زرارة عن محمد بن مسلم المعروف - في رواية زرارة عن محمد بن مسلم
الزهري، إلا بأقل قليل.
[التنبيه] السادس
[دعوى مردودة]
أنه روى في أوائل التهذيب والاستبصار بالإسناد عن ابن أبي عمير عن رهط
سمعوه يقول: " إن التبسم في الصلاة لا ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء، وإنما يقطع
الضحك الذي فيه القهقهة " (2) وقيل: لا يضر جهالة الرهط؛ لأن الراوي ابن أبي
عمير.
أقول: إنه لا حاجة في دفع إضرار جهالة الرهط برواية ابن أبي عمير - بناء على
كونها دافعة للإضرار - لكفاية الجمعية؛ بناء على اعتبار الخبر المستفيض، خصوصا
بناء على كون المدار في الاستفاضة على ما فوق الواحد، ومن هذا عدم إضرار
الإرسال فيما قد يقال: " عن رجاله " وكذا ما يقال: " جماعة " كما في طائفة من صدور
أسانيد الكافي، وكذا ما قد يقال: " عن غير واحد " بناء على حصول الاستفاضة
بما فوق الواحد، بل في الذخيرة عند الكلام فيما لو نسي تعيين الصلاة الفائتة:

1. رجال الشيخ: 299 / 316.
2. تهذيب الأحكام 1: 12، ح 24، باب الأحداث الموجبة للطهارة؛ الاستبصار 1: 86، ح 274، باب
الضحك والقهقهة.
147

وقوله: " عن غير واحد من أصحابنا " - يعني في رواية علي بن أسباط -
يدل على تعدد الرواية، وظهور صحة الخبر عنده، ومثل هذا الكلام عند
ضعف الرواة وعدم صحة التعويل على نقلهم لا يصدر عن الثقات
الأجلاء؛ لما فيه من التلبيس (1).
قوله: " ومثل هذا الكلام " إلى آخره، غرضه أن المرسل لو كان ثقة لا يأتي (2)
بإبهام الواسطة إلا في صورة اعتبار الخبر عنده، وإلا يلزم التدليس.
وأنت خبير بأن تلك الدعوى محل الإشكال.
[التنبيه] السابع
[في نقل الإجماع من الشيخ الطوسي وغيره]
أنه قد نقل الشيخ في العدة الإجماع على اعتبار روايات في جماعات
وأشخاص وصدق أخبارهم قال:
عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير وغيره، وأخبار
الواقفية مثل سماعة بن مهران، وعلي بن أبي حمزة، وعثمان بن
عيسى، ومن بعد هؤلاء بما رواه بنو فضال والطاطريون وغيرهم.
وقال أيضا: " عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث، وغياث بن كلوب،
ونوح بن دراج، والسكوني، وغيرهم من العامة عن أئمتنا " (3).
وحكى المحقق في أسئار المعتبر: أن الأصحاب عملوا برواية علي بن

1. ذخيرة المعاد: 384، ورواية علي بن أسباط في تهذيب الأحكام 2: 197، ح 774 و 775، باب
أحكام السهو في الصلاة.
2. في " د ": " لا يتأتى ".
3. عدة الأصول 1: 150.
148

أبي حمزة الواقفي، وعمار الفطحي. (1) لكنه في المعارج - بعد أن حكى عن الشيخ
نقل عمل الطائفة بخبر عبد الله بن بكير وسماعة وعلي بن أبي حمزة وعثمان بن
عيسى وبما رواه بنو فضال - أورد عليه بأنا لا نعلم إلى الآن أن الطائفة عملت بأخبار
هؤلاء (2)، لكن قيل: إنه بنفسه عمل بهذه الأخبار في مواضع، منها باب التراوح من
المعتبر (3).
وأيضا ربما يستفاد من النجاشي الاتفاق على اعتبار رواية محمد بن عيسى
اليقطيني وصدق خبره؛ حيث إنه في ترجمة محمد بن عيسى - بعد أن ذكر نقل
الصدوق عن شيخه ابن الوليد أن ما تفرد به محمد بن عيسى من كتب يونس
وحديثه لا يعتمد عليه - قال: " ورأيت أصحابنا ينكرون هذا القول ويقولون: من
مثل أبي جعفر محمد بن عيسى؟ " (4).
لكن حكم في الفهرست (5) والاستبصار في باب أنه لا يجوز العقد على امرأة
عقد عليها الأب والابن (6) بضعف روايته.
وحكى فيهما عن الصدوق أنه استثناه من رجال نوادر الحكمة وقال:
" وما يختص بروايته لا أرويه " (7) إلا أن المحكي عن المحققين من علماء الرجال
مقبولية روايته، بل وثاقته. لتحقيق الكلام مقام آخر.
وأيضا عن الشهيد الثاني وبعض المحققين نقل اتفاق أصحابنا - عدا

1. المعتبر 1: 94.
2. معارج الأصول: 149.
3. انظر المعتبر 1: 59 - 60.
4. رجال النجاشي: 333 / 896.
5. الفهرست: 140 / 611.
6. الاستبصار 3: 155، ح 4، باب أنه لا يجوز العقد على امرأة عقد عليها الأب.
7. الفهرست: 140 / 611؛ الاستبصار 3: 155، ح 4، باب أنه لا يجوز العقد على امرأة عقد عليها الأب
والابن.
149

ابن داود (1) - على صحة حديث محمد بن إسماعيل الذي روى عنه الكليني (2).
[نظر العلماء في وجود كتاب الكشي]
وأيضا قد حكى ابن داود عن الكشي نقل إجماع العصابة على تصحيح
ما يصح عن حمدان قال: " هو حمدان بن أحمد كش هو من خاصة الخاصة
أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، والإقرار له بالفقه في الآخرين " (3).
والظاهر أن المقصود به نقل الإجماع في كلام منفرد في ترجمة حمدان،
فما ذكره السيد السند التفرشي - من عدم وجدانه في كتاب الكشي عند ذكر جماعة
أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم (4) - لا ينافي ذلك، ولا أقل من احتمال
ما ذكرناه.
نعم، ذلك الكلام غير موجود في اختيار الشيخ المختصر من كتاب الكشي،
والمعروف في هذه الأعصار " من كتاب الكشي " كما صرح به السيد الداماد في
الراشحة الثامنة [عشر] من الرواشح (5)، وكذا صاحب رياض العلماء قال: " والآن
لم يوجد إلا اختيار الشيخ ولم نقف إلى الآن على أصل رجال الكشي " (6)
وكذا المحدث البحراني في اللؤلؤة قال: " وكتاب الكشي لم يصل إلينا، وإنما

1. رجال ابن داود: 306؛ وفيه: " إذا وردت رواية عن محمد بن يعقوب عن محمد بن إسماعيل
بلا واسطة ففي صحتها قول؛ لأن في لقائه له إشكالا فتقف الرواية؛ لجهالة الواسطة بينهما ".
2. حكاه عن الذكرى وغاية المراد المحقق الداماد في تعليقته على رجال الكشي 1: 38، وانظر منتهى
المقال 5: 356 / 2492، والرواشح السماوية: 70، الراشحة التاسعة عشر.
3. رجال ابن داود: 84 / 524، وانظر نقد الرجال 4: 117 / 4432، و 2: 159 / 1684. وفي المصدر:
" في آخرين ".
4. نقد الرجال 4: 117 / 4432.
5. الرواشح السماوية: 68، الراشحة الثامنة عشر.
6. نقله عن صاحب الرياض ولد المصنف في سماء المقال 1: 96.
150

الموجود المتداول كتاب اختيار الكشي للشيخ أبي جعفر الطوسي ". (1)
وكذا بعض المتأخرين قال: " والموجود في هذه الأزمان بل وزمان العلامة
وما قاربه إنما هو اختيار الشيخ لا الكشي الأصل " (2).
ويرشد إلى كون الموجود في هذه الاعصار هو الاختيار أنه قال في ترجمة
الفضل بن شاذان: " وقيل: إن للفضل مائة وستين مصنفا ذكرنا بعضها في
الفهرست " (3). ودلالته على انحصار الموجود في هذه الأعصار في الاختيار خالية
عن الاستتار.
وأيضا قال في ترجمة أبي يحيى الجرجاني: " قال أبو عمرو وأبو يحيى
الجرجاني: اسمه أحمد بن داود بن سعيد - إلى أن قال -: وسنذكر بعض
مصنفاته، فإنها ملاح ذكرناها نحن في الفهرست فنقلناها من كتابه " (4). والضمير في
" كتابه " راجع إلى أبي عمرو المقصود به الكشي، وهذه العبارة صريحة في أن
الكتاب المعروف بكتاب الكشي من الشيخ.
وأيضا قال في آخر الجزء الثاني: " تم الجزء الثاني من الاختيار من كتاب
أبي عمرو، محمد بن عمر بن عبد العزيز في معرفة الرجال " (5).
وأيضا قال في آخر الكتاب: " تم الجزء السابع من الاختيار، وتم الكتاب
بأسره " (6). لكن الظاهر أن " السابع " في العبارة اشتباه من السادس، لكن مقتضى ما
قاله في الذخيرة عند الكلام في الطريق الثاني من طرق معرفة الكر - من قوله:

1. لؤلؤة البحرين: 403.
2. انظر الرواشح السماوية: 68؛ ومجمع الرجال 1: 11.
3. رجال الكشي 2: 822 / 1029.
4. رجال الكشي 2: 814 / 1016.
5. رجال الكشي 182، وانظر ص 180 (في مجلد واحد، تحقيق حسن المصطفوي).
6. رجال الكشي 616، حاشية الرقم 2 (في مجلد واحد، تحقيق حسن المصطفوي).
151

" ويظهر ذلك من رجال النجاشي والكشي واختيار الرجال " (1) - أن كتاب الكشي
موجود في البين كاختيار الرجال.
وهو صريح الفاضل الأسترآبادي في الوسيط في ترجمة الحسين بن عبد الله
في قوله: " وهذا أصح ما وصل إلي من نسخ الكشي " وأورده السيد ابن طاووس،
ولم أجد نسخة من كش فيه هنا علي بن الحسين بن عبد ربه ".
نعم، الشيخ في كتاب الاختيار ذكر في الرواية الأخيرة بدل الحسين بن
عبد ربه علي بن الحسين بن عبد ربه.
وكذا في ترجمة علي بن إسماعيل في قوله: " هكذا في جميع ما وصل إلينا من
نسخ كش "، وهو المستفاد مما ذكره الفاضل الأسترآبادي المشار إليه في الرجال
المشار الكبير في الترجمة الأخيرة (2)، وينصرح القول به من المشار إليه في ترجمة
محمد بن إبراهيم الحضيني في قوله: " والذي وجدت في " كش " واختيار الشيخ
منه " (3).
ويظهر القول بذلك من الفاضل الشيخ محمد في ذيل كلام له: " وأما ما وقع
في الكشي من المخالفة لما في النجاشي، فالظاهر أنه من نسخ أغلاط الكشي
الموجودة الآن ". اللهم إلا أن يكون المقصود من قوله: " نسخ الكشي الموجودة
الآن " هو نسخ الاختيار.
ويندفع هذه الكلمات بما تقدم من الكلمات في ترجمة الفضل بن شاذان (4)
وأبي يحيى الجرجاني (5) وغيرها.

1. ذخيرة المعاد: 122.
2. منهج المقال: 226.
3. منهج المقال: 273.
4. رجال الشيخ: 545 / 1029.
5. رجال الكشي 2: 813 / 1016.
152

ومزيد الكلام موكول إلى ما حررناه في بعض الفوائد المرسومة في ذيل
الرسالة المعمولة في رواية الكليني عن الحسين بن محمد، وقد اعترف غير واحد
من الأصحاب بخلو الاختيار عن ذلك أعني: نقل الإجماع في باب حمدان، ولم
ينقل عن الكشي نقل الإجماع المشار إليه أحد ممن عدا ابن داود (1).
نعم، مقتضى ما يأتي من السيد الداماد - من أن سيرة الكشي أنه لا يطلق الفقيه
على شخص إلا مع كونه ممن أجمع الأصحاب على تصحيح ما يصح عنه (2) - هو
كونه من أهل الإجماع؛ حيث إن الكشي ذكر في ترجمة حمدان " أنه ثقة خير " (3)
لكن يأتي ما في الاستفادة المذكورة.
[نقل الإجماع من السيد الداماد]
وأيضا قد نقل السيد الداماد في الراشحة السادسة من الرواشح إجماع
الأصحاب على تصحيح ما يصح عن ثعلبة بن ميمون، بل استظهر نقل الإجماع
في حقه من كلام الكشي بانضمام سيرته في كتابه، قال:
" وقال أبو عمرو الكشي في ترجمته: ذكر حمدويه، عن محمد بن عيسى
أن ثعلبة بن ميمون مولى محمد بن قيس الأنصاري، وهو ثقة، خير،
فاضل، مقدم، معدود في العلماء والفقهاء والأجلة من هذه العصابة " (4).
قلت: والذي عهدناه من سيرة الكشي وسنته في كتابه أنه لا يورد الثقة
والعلم والفضل والتقدم من أجلة فقهاء العصابة وعلمائها إلا في من
يحكم بتصحيح ما يصح عنه. وبالجملة، في تضاعيف فهارس

1. رجال ابن داود: 84 / 524.
2. الرواشح السماوية: 52 الراشحة السادسة.
3. انظر رجال الكشي 1: 412 / 303 - 314.
4. رجال الكشي 2: 711 / 776.
153

الأصحاب وطرقهم وأصولهم وجوامعهم واستقصاء أحوال طبقات
الأسانيد ومراتبها ودرجاتها يستبين استصحاح ما يصح عن ثعلبة،
كأولئك المعدودين، فيبلغ من يقال بتصحيح ما يصح عنه؛ (1) انتهى.
فمقتضى كلامه إذعان الكشي بوقوع الإجماع في حق كل من أورد في
ترجمته ما ذكرناه غير الجماعة المتقدمة، والظاهر أن استفادته من سيرة الكشي
أنه لا يورد الثقة والفضل والتقدم في أجلة فقهاء العصابة وعلمائهم إلا في من
يحكم بتصحيح ما يصح عنه، من جهة أنه فهم من عبائر الكشي في بيان الطبقات
الثلاث كون الإجماع المدعى في حق الفقهاء لا خصوص الأشخاص المذكورين؛
حيث إنه قال في موضع آخر من الرواشح:
إلا أن يقال: إن المعهود من سيرة الكشي والمأثور من سنته أنه لا يطلق
القول بالفقه والثقة إلا في من يحكم بتصحيح ما يصح عنه، وينقل على
ذلك الإجماع (2).
وقال في الحاشية:
ألا ترى أنه عند ذكر طبقات المجمع على تصحيح ما يصح عنهم يقول:
في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، وتسميه
الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام)، وتسمية الفقهاء من أصحاب
أبي إبراهيم الكاظم وأصحاب الرضا (عليهما السلام) (3).
وقال تعليقا على قول الكشي في ترجمة ثعلبة بن ميمون -: " وهو ثقة خير
فاضل مقدم معدود في العلماء والفقهاء الأجلة من هذه العصابة " (4) -:
من ديدنه أنه إذا قال: " من الفقهاء الأجلة " أنه ممن أجمعت العصابة على

1. الرواشح السماوية: 51 و 52 الراشحة السادسة.
1 - 3. الرواشح السماوية: 70، الراشحة الثامنة عشر.
4. رجال الكشي 2: 711 / 776. وفيه: " معلوم في العلماء و... ".
154

تصحيح ما يصح عنهم كما قال: الفقهاء من أصحاب الصادق (عليه السلام) ستة،
فيكون ثعلبة ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، والقوم
غفلوا عن ذلك (1).
إلا أنه لا يتم في عبارة الكشي في الطبقة الثالثة؛ لظهور عبارته في اختصاص
الفقهاء المجمع على تصحيح ما يصح عنهم بالجماعة المذكورة، كما أنه لا تقتضي
عباراته انعقاد الإجماع في الفقيه ولو كان من أصحاب الجواد (عليه السلام) مثلا، فليته
لم يظهر مأخذ استفادته من سيرة الكشي حتى يتجه الجريان على ما ذكره من جهة
حسن الظن به والوثوق إلى مقالته، بل من ظهور فساد مأخذ استفادته من سيرة
الكشي يضعف دعوى الإجماع منه بنفسه.
ومقامنا يشبه ما صنعه الشهيد الثاني في باب عمر بن حنظلة؛ حيث قال في
الرعاية: " وعمر بن حنظلة لم ينص الأصحاب فيه بجرح ولا تعديل، لكن أمره
عندي سهل؛ لأني حققت توثيقه من محل آخر، وإن كانوا قد أهملوه " (2).
وهو قد ذكر في بعض فوائده - نقلا -: أنه ثقة؛ لقول الصادق (عليه السلام) في حديث
الوقت: " إذا لا يكذب علينا " (3).
ووافقه السيد السند الجزائري في غاية المرام، بل قال: " فهذا الحديث يستفاد
منه توثيق ابن حنظلة من غير شك ولا ريب " (4).
وقد أجاد في المنتقى في قوله: " لولا الوقوف على هذا الكلام لم يختلج في

1. الرواشح السماوية: 52، الراشحة السادسة.
2. الرعاية في علم الدراية: 131.
3. نقله عنه سبطه في منتقى الجمان 1: 19، والرواية في تهذيب الأحكام 2: 20، ح 56، باب أوقات
الصلاة.
4. غاية المرام في شرح تهذيب الأحكام للسيد نعمة الله الجزائري الموسوي التستري المتوفى
1112 ه‍. ق. في ثمان مجلدات، انظر الذريعة 16: 18 / 72.
155

الخاطر أن الاعتماد في ذلك على هذه الحجة " (1). ويأتي مزيد الكلام.
وأيضا قال السيد الداماد في الرواشح في الراشحة الرابعة والثلاثين:
في إن غير واحد من الواقفية والزيدية ليسوا من عداد جماعة قد انعقد
إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهم، ومع ذلك فإنا نرى
الأصحاب يركنون إليهم ويعتمدون على رواياتهم، وينزلون أحاديثهم
منزلة الصحاح؛ لما قد لاح لهم من فقههم وثقتهم وجلالة أمرهم
وأمانتهم في الحديث.
فذكر علي بن محمد بن علي بن عمر بن رباح بن قيس بن سالم، وعلي بن
الحسن بن محمد الطائي الجرمي المعروف بالطاطري وابن عقدة وابنه أبي نعيم (2).
وأيضا قد نقل عن بعض القول باعتبار روايات بني فضال من دون حاجة إلى
ملاحظة أحوالهم، ولا أحوال من رووا عنه بملاحظة ما رواه الشيخ في كتاب الغيبة
عن أبي محمد المحمدي، عن أبي الحسين، عن محمد بن الفضيل بن تمام، عن
عبد الله الكوفي خادم أبي القاسم الحسين بن روح قال:
سئل - يعني أبا القاسم - عن كتب ابن أبي العذافر الشلمغاني بعد
ما ذم لارتداده وخرج توقيعا مشتملا على لعنه، فقيل له: فكيف
نعمل بكتبه وبيوتنا منها ملاء فقال: أقول فيها ما قاله أبو محمد بن
علي العسكري (عليه السلام)، وقد سأله الناس عن كتب بني فضال، وقالوا:
كيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها ملاء فقال (عليه السلام): " خذوا ما رووا وذروا ما
رأوا " (3).
لكن الظاهر أن الغرض من الرواية المذكورة - بعد اعتبار سندها - عدم ممانعة

1. منتقى الجمان 1: 19، الفائدة الثانية.
2. الرواشح السماوية: 110، الراشحة الرابعة والثلاثون.
3. كتاب الغيبة: 420.
156

سوء مذهب ابن فضال عن جواز العمل برواياتهم؛ نظير قوله سبحانه: (فكلوا مما
أمسكن عليكم) (1) حيث إن الغرض منه عدم ممانعة الاصطياد عن جواز أكل الصيد.
وبعبارة أخرى: الغرض عدم كون الكلب موجبا لحرمة أكل الصيد، لا بيان حكم
الصيد؛ فتدبر.
[القول في كتاب ابن محبوب]
وأيضا مقتضى كلام السيد السند النجفي في صلاة المصابيح عند الكلام في
البلوغ أن كون الرواية في كتاب مشيخة الحسن بن محبوب - كما استطرفه في
آخر السرائر من مشيخة الحسن بن محبوب (2) - يوجب جبر ضعف الرواية باعتبار
من فوق الحسن بن محبوب، مع قطع النظر عن الحسن بن محبوب؛ نظرا إلى
ما ذكره في إعلام الورى من أن من جملة ثقات المحدثين والمصنفين من الشيعة
الحسن بن محبوب السراد، وقد صنف كتاب المشيخة الذي هو في أصول الشيعة
أشهر من كتاب المزني وأمثاله (3).
وما ذكره في آخر السرائر من أن مما استطرفه من كتب المشيخة المصنفين
والرواة المحصلين ما استطرفه من مشيخة الحسن بن محبوب السراد صاحب
الرضا (عليه السلام)، وهو ثقة عند أصحابنا، جليل القدر، كثير الرواية أحد الأركان الأربعة
في عصره (4).
ثم قال - بعد إيراد الروايات المستطرفة من المشيخة المشار إليها -: " تمت

1. المائدة (5): 4.
2. انظر السرائر 3: 600.
3. المصابيح مخطوط؛ إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 258، الباب الثالث، الفصل الأول، وفيه: " الزراد "
بدل " السراد ".
4. السرائر 3: 589.
157

الأحاديث المنتزعة من كتاب الحسن بن محبوب السراد الذي هو كتاب المشيخة،
وهو كتاب معتمد " (1).
لكن اشتهار الكتاب لا يقتضي بمجرده اعتبار أخبار الكتاب، وإلا للزم اعتبار
أخبار الكتب الأربعة بواسطة اشتهارها، ولم يقل به أحد؛ حيث إن من قال باعتبار
أخبار تلك الكتب لم يستند إلى اشتهار تلك الكتب. نعم ما ذكره في آخر السرائر
- من أن المشيخة المشار إليها كتاب معتمد - يقتضي جبر ضعف الرواية باعتبار
من فوق الحسن بن محبوب، ويتجه التعويل عليها لو لم يكن خلاف المشهور أو
خلاف الإجماع، والله العالم.

1. السرائر 3: 600.
158

[فوائد]
فائدة [ا]
[في الطبقات المرسومة في كلام ابن حجر]
قد أكثر ابن حجر في تقريبه - على ما ذكر كلماته الفاضل الأسترآبادي - القول
بكون الراوي من الثالثة أو الرابعة مثلا، ومبنى ذلك جعله الرواة على اثنتي عشرة
طبقة، قال نقلا:
أما الطبقات: فالأولى: الصحابة على اختلاف مراتبهم وتمييز من ليس
له منهم إلا مجرد الرؤية عن غيره.
الثانية: طبقة كبار التابعين، كابن المسيب.
الثالثة: الطبقة الوسطى من التابعين، كالحسن وابن سيرين.
الرابعة: طبقة تليها من الذين جل روايتهم عن كبار التابعين، كالزهري
وقتادة.
الخامسة: الطبقة الصغرى منهم الذين رأوا الواحد والاثنين، ولم يكن
لهم السماع من الصحابة، كالأعمش.
السادسة: طبقة عاصروا الخامسة، لكن لم يثبت لقاء أحد من الصحابة،
كابن جريح. (1)

1. في " ح ": " صريح ".
159

السابعة: كبار أتباع التابعين، كمالك والثوري.
الثامنة: الطبقة الوسطى منهم، كابن عيينة وابن عنبسة.
التاسعة: الطبقة الصغرى من أتباع التابعين، كزيد بن هارون،
والشافعي، وأبي داود، والطيالس، وعبد الرزاق.
العاشرة: كبار الآخذين عن تابع الأتباع ممن لم يلق التابعين، كأحمد بن
حنبل.
الحادية عشر: الطبقة الوسطى من ذلك، كالدهلي والبخاري.
الثانية عشر: صغار الآخذين عن تبع الأتباع، كالترمذي (1).
ومرجع ما ذكره إلى انقسام الطبقات إلى طبقة الصحابة كالأولى، وكبار التابعين
كالثانية، والوسطى منهم كالثالثة، والصغرى منهم كالخامسة، وكبار تابعي التابعين
كالسابعة، والوسطى منهم كالثامنة، والصغرى منهم كالتاسعة. لكن كون السابعة
كبار تابعي التابعين مبني على أن الظاهر كون أتباع كبار التابعين كبار أتباع التابعين،
وكبار الآخذين عن أتباع التابعين كالعاشرة والوسطى منهم كالحادية عشر،
والصغرى منهم كالثانية عشر.
وإنما يتأتى الإشكال في الرابعة في نفسها، والفرق بينها وبين السابعة، وكذا
يتأتى الإشكال في السادسة في نفسها، والفرق بينها وبين الخامسة، وكذا الفرق
بينها وبين السابعة.
فنقول: إن المدار في الرابعة على سماع أهل هذه الطبقة عن كبار التابعين في
جل رواياتهم، كما يقضي به صريح كلامه في شرح حال الرابعة (2)، فالفرق بين هذه
الطبقة والطبقة السابعة بالسماع عن بعض الصحابة، أعني الجل في هذه الطبقة،
وعدم السماع عن الصحابة في السابعة.

1. تقريب التهذيب 1: 26، مقدمة المؤلف.
2. تقريب التهذيب 1: 25، مقدمة المؤلف.
160

قوله: " تليها " الظاهر أن التلو باعتبار الشأن والمرتبة، بتقريب كون روايات
الطبقة الرابعة عن كبار التابعين؛ فإن أهل هذه الطبقة وإن خلت رواياتهم عن مزية
السماع عن الصحابة كما في الثالثة، لكن بواسطة كون رواياتهم عن كبار التابعين
تقرب للثالثة، وإن كانت رواياتهم حاوية لمزية السماع عن الصحابة.
والمدار في السادسة على عدم ثبوت لقاء أحد من أهل هذه الطبقة أحدا من
الصحابة بعد رواياتهم عن الصحابة مع الواسطة، إما من كبار التابعين أو أواسطهم
أو صغارهم، بناء على أن الظاهر كون المدار في التقسيم على طبقة الرواة؛ فالفرق
بين هذه الطبقة والخامسة بعدم ثبوت لقاء الصحابة في هذه الطبقة أعني السادسة
والطبقة السابعة، وثبوت لقاء بعض الصحابة مع عدم السماع منهم في الخامسة،
والفرق بين تلك الطبقة - أعني السادسة - والطبقة السابعة بثبوت عدم لقاء
الصحابة في السابعة وعدم ثبوت اللقاء في الطبقة السادسة.
فائدة [2]
[في عمر بن حنظلة]
قال الشهيد الثاني في الدراية: " وعمر بن حنظلة لم ينص الأصحاب عليه
بجرح ولا تعديل، لكن أمره عندي سهل؛ لأني حققت توثيقه من محل آخر، وإن
كانوا قد أهملوه " (1).
وقال في حاشية الروضة في كتاب الوكالة: " وأما عمر بن حنظلة فالأصحاب
وإن لم ينصوا عليه بجرح ولا تعديل، لكن عندي ثقة؛ لمدح رأيته في حقه من
الصادق (عليه السلام) ". (2)

1. الدراية: 44.
2. نقله عنه الوحيد البهبهاني في تعليقته: 249؛ وكذا نقله في بلغة المحدثين: 388 / 15 (المطبوع مع
معراج أهل الكمال)؛ وانظر الروضة البهية 2: 12 - 17 (الطبعة الحجرية).
161

قوله: " لمدح رأيته " إلى آخره، فيه: أن المدح لا يقتضي التوثيق.
وقال نجله في أول المنتقى:
من عجيب ما اتفق له - يعني والده الشهيد - أنه قال في شرح
بداية الدراية: أن عمر بن حنظلة لم ينص الأصحاب عليه بجرح
ولا تعديل، ولكنه حقق توثيقه من محل آخر، ووجدت بخطه في بعض
فوائده ما صورته: عمر بن حنظلة غير مذكور بجرح ولا تعديل، ولكن
الأقوى عندي أنه ثقة؛ لقول الصادق (عليه السلام) في حديث الوقت " إذا لا يكذب
علينا " (1) والحال أن الحديث الذي أشار إليه ضعيف الطريق، فتعلقه به في
هذا الحكم مع ما علم من انفراده به غريب، ولولا الوقوف على هذا الكلام
الأخير لم يختلج في الخاطر أن الاعتماد في ذلك على هذه الحجة (2).
وقد أجاد في الإيراد؛ حيث إن مقتضى حديث الوقت عدم الكذب وهو
لا يقتضي العدالة، كيف ومقتضاه عدم الكذب في أوان الإخبار، ومقتضاه أنه كان
يكذب قبل أوان الإخبار.
قوله: " في شرح بداية الدراية " منه يعلم أن المتن سمي ب‍ " البداية " وبه صرح
في آخر الشرح (3). وقد يحكى عن الشرح تعبيرا عنه ب‍ " الرعاية " لكن لم أظفر بذكر
تسمية الشرح ب‍ " الرعاية ".
وقال سبطه في تعليقات الاستبصار في باب نوافل الصلاة في السفر بالنهار:
وأما عمر بن حنظلة فلم يعلم من حاله ما يفيد توثيقا ولا مدحا يعتد به،
وما قاله جدي - قدس سره - في الدراية - من أن الأصحاب لم ينصوا عليه
بتوثيق ولا مدح وأنه عرف توثيقه - هو أعلم بمأخذه، وقد رأينا في أوائل

1. تهذيب الأحكام 2: 20، ح 56، باب أوقات الصلاة.
2. منتقى الجمان 1: 19.
3. الرعاية في علم الدراية: 404.
162

الخلاصة أن وجه توثيق عمر بن حنظلة قوله (عليه السلام) في حديث المواقيت
" أنه - يعني عمر بن حنظلة - لا يكذب علينا " (1). وهذا الحديث ضعيف،
وعلى تقدير الصحة فالتوثيق أمر آخر، ووجدت له في الروضة حاشية
على عمر بن حنظلة حاصلها: أن التوثيق من الخبر، ثم ضرب (2) على
ذلك وجعل عوضه لفظ " من محل آخر " والظاهر أن هذا الخبر ليس هو
المأخذ، وذلك غير بعيد؛ لأن هذا لا يختلج في بال آحاد الناس، فكيف
مثله، وما كتبه في الخلاصة كأنه في أول الأمر (3).
وقال سبطه في أوائل تعليقات الاستبصار: " وما قاله جدي في عمر بن حنظلة
من أنه حقق توثيقه وهم كما نبه عليه الوالد ".
وقال أيضا في باب حكم المذي والوذي:
إن عمر بن حنظلة غير معلوم الحال؛ إذ لم يرد ذكره في الرجال إلا على
الإهمال، وما ذكره جدي في الدراية أظنه توهما من حديث غير سليم
السند، ولا واضح الدلالة. وعن بعض نقل توثيقه عن النجاشي إلا أنه
لم يتعرض له النجاشي (4).
[ما استفيد منه حسن حاله]
وعن ظاهر العلامة البهبهاني الميل إلى وثاقته، وربما يدل على حسن حاله
بل وثاقته ما رواه في الكافي والتهذيبين بالإسناد عن عمر بن حنظلة قال، قلت

1. تهذيب الأحكام 2: 20، ح 56، باب أوقات الصلاة.
2. للضرب أنواع أجودها أن يمد الضارب خطا واضحا فوق الكلام الذي يريد إبطاله بحيث لا يخفى
حروفه، بل يكون ما تحته واضحا ممكن القراءة، انظر مقياس الهداية 3: 215، وخاتمة المستدرك
5: 43.
3. تعليقات الاستبصار مخطوط.
4. نقله عنه الوحيد البهبهاني في تعليقته: 249.
163

لأبي عبد الله (عليه السلام): القنوت يوم الجمعة فقال: " أنت رسولي إليهم في هذا إذا صليتم
جماعة ففي الركعة الأولى، وإذا صليتم وحدانا ففي الركعة الثانية " (1).
وما رواه في التهذيب في باب نوافل الصلاة بالإسناد عن عمر بن حنظلة، قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك إني سألتك عن قضاء صلاة النهار
بالليل في السفر، فقلت: " لا تقضها " وسألك أصحابنا، فقلت: " اقضوا "
فقال لي: " أفأقول لهم: لا تصلوا " أو " إني أكره أن أقول لهم: لا تصلوا،
والله ما ذاك عليهم " (2).
قوله: " أو إني أكره أن أقول لهم " الظاهر أن الترديد من الراوي.
قال الفاضل التستري: " فيه دلالة على جلالة عمر بن حنظلة؛ حيث استأمنه
على ماكره أن يقول لغيره إلا أنه من باب الشهادة على النفس ".
وما رواه في بصائر الدرجات بالإسناد عن عمر بن حنظلة قال، قلت
لأبي جعفر (عليه السلام):
أظن أن لي عندك منزلة قال: " أجل " قلت: فإن كان لي إليك حاجة؟ قال:
" وما هي؟ " قلت: فعلمني الاسم الأعظم (قال: " أتطيقه؟ " قلت: نعم،
قال: " فادخل البيت ". قال: فدخلت) (3) فوضع أبو جعفر (عليه السلام) يده على
الأرض فأظلم البيت، فارتعدت (4) فرائص عمر، فقال: " ما تقول
أعلمك؟ " قال، قلت: لا، فرفع يده فرجع البيت كما كان (5).
وما رواه في أواخر روضة الكافي عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

1. تعليقة الوحيد البهبهاني: 249 (ضمن منهج المقال)، والرواية في الكافي 3: 427، ح 3، وتهذيب
الأحكام 3: 16، ح 57.
2. تهذيب الأحكام 2: 17، ح 47، باب نوافل الصلاة في السفر. وفيه: " وإني " بدلا عن " أو إني ".
3. ما بين القوسين ليس في النسختين وإنما أضيف من المصدر.
4. في النسختين: " فأرعدت ".
5. بصائر الدرجات: 230، ح 1.
164

" يا عمر لا تحملوا على شيعتنا، وارفقوا بهم؛ فإن الناس لا يحتملون ما تحملون " (1).
لكن هذه الأخبار من باب الشهادة على النفس. (2)
وبما تقدم يظهر ضعف ما صنعه السيد السند الجزائري في غاية المرام عند
الكلام في أوقات الصلاة؛ حيث وافق الشهيد في الدلالة على التوثيق، بل قال:
" فهذا الحديث يستفاد منه توثيق ابن حنظلة من غير شك ولا ريب ". (3)
وربما حكي عن بعض أفاضل معاصريه دلالة الحديث على القدح؛ نظرا إلى
أن معنى " إن عمر بن حنظلة لا يكذب علينا إذا " أنه لا يكذب في خصوص هذا
الخبر الوارد في بيان الأوقات؛ لأنه من المشهورات التي لا يقبل [فيها] من أحد
الكذب علينا، ومفهومه حينئذ جواز الكذب عليه في غيره. وتنظر فيه بأن نفي
الكذب عن ابن حنظلة قبل بيان الوقت.
وما ذكره هذا الفاضل إنما يتم لو كان كلامه بعد بيان الراوي له، وهو في
محله؛ حيث إن يزيد بن خليفة - على ما رواه الكليني في باب وقت المغرب
والعشاء الآخرة - قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت قال، فقال
أبو عبد الله (عليه السلام): " إذا لا يكذب علينا " قلت، قال: وقت المغرب إذا غاب
القرص إلا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا جد به السير أخر المغرب ويجمع
بينها وبين العشاء فقال: " صدق " (4).
ومن الظاهر كمال الظهور عدم انعطاف نفي الكذب إلى الوقت المشهور؛
لكون ذكر الوقت بعد نفي الكذب.

1. الكافي 8: 334، ح 522، باب فضل آل محمد.
2. والأولى هنا وفيما مضى: " للنفس ".
3. غاية المرام غير موجود ونقله عنه ولد المصنف في سماء المقال 2: 150.
4. الكافي 3: 279، ح 6، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة.
165

نعم، الظاهر - بل بلا إشكال - أن " إذا " وقتية ظرفا للحال، وأصلها إذن، وقد
رسمت بالألف كما حكى في المغني: أن الجمهور يكتبون إذن بالألف، وكذا
رسمت في المصاحف. (1) والغرض نفي الكذب في زمان النفي، فمقتضاه صدور
الكذب في سوابق الأزمان.
واحتمال كون " إذا " تعليلية من شيخنا السيد في غاية العلة؛ لعدم سبق معلول
في المقام، مع أنه لم يذكر في " إذن " ولا في " إذا " كونها تعليلية (2).
وقال الفاضل التستري في حاشية التهذيب في أوائل الكتاب:
سيجيء في باب الأوقات رواية دالة على مدحه، - يعني عمر بن حنظلة -
وذكر في بعض كتب الرجال بدون جرح ولا تعديل، والذي يحضرني
من بعض المتأخرين أنه ذكر أنه وجد توثيقه في بعض المواضع، وأظن
أن ذلك الموضع ما أشرنا إليه، فإن كان نظره إلى ذلك ففيه شيء (3).
وأنت خبير بأن القناعة في تزييف الاستناد على التوثيق بحديث الوقت
بقوله: " ففيه شيء " في غير المحل، مضافا إلى أن الحكم بالدلالة على المدح في
الصدر ينافي التأمل في الدلالة على المدح في الذيل. (4)
وقال السيد الداماد في حاشية الاستبصار في باب آخر وقت الظهر والعصر
عند ذكر الرواية المذكورة آنفا يعني لما كان هو الراوي فلا يكذب، أو أنه لما روى
الوقت فلا يكذب؛ لأن خبر الوقت مشهور، ولا يتمكن من الكذب علينا، فلا يدل
على المدح والتوثيق، بل على الذم والتضعيف، (5) ولكنه بعيد.

1. مغني اللبيب 1: 31، المسألة الثالثة.
2. نقله ولد المصنف في سماء المقال 2: 150.
3. حاشية التهذيب غير موجودة.
4. وفيه أنه تأمل في الدلالة على التوثيق لا الدلالة على المدح، وليس بين التأمل في الدلالة على
التوثيق والحكم بالدلالة على المدح أي تناف.
5. حاشية الاستبصار غير موجودة.
166

ثم إنه قد حكم الفاضل التستري في حاشية التهذيب والاستبصار عند الكلام
في رواية علي بن حنظلة في تفسير القامة والقامتين في باب وقت صلاة الظهر
والعصر بالذراع والذراعين بأن علي بن حنظلة كأنه عمر بن حنظلة على ما ينبه
عليه الأخبار الواردة في طلاق المخالف (1)، ولكن ذكرهما الشيخ في الرجال
مختلفين (2).
وأورد عليه العلامة البهبهاني بأن التنبيه الذي ذكره غير ظاهر من الأخبار،
والأخبار عن علي في كتب الأخبار كثيرة، مع أن المعروف في طلاق المخالف
روايات علي (3)، وقد روى الشيخ هذا المضمون عن عمر بن حنظلة (4)، ولا داعي
إلى البناء على الاشتباه، ولو كان فالرواية عن عمر أولى بالاشتباه (5).
وهو في محله، وقد روى علي بن حنظلة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
سألته عن الركعتين الأخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال: " إن شئت فاقرأ
فاتحة الكتاب، وإن شئت فاذكر الله فهو سواء " قال، قلت: فأي ذلك
أفضل؟ فقال: " هما والله سواء، إن شئت سبحت، وإن شئت قرأت " (6).
قال الفاضل الخواجوئي: علي بن حنظلة لا قدح فيه ولا مدح، سوى أنه
كان من رواة الباقرين (عليهما السلام)، ولا يخفى أن سؤاله عن أفضلية أحدهما على الآخر

1. تهذيب الأحكام 8: 58، ح 190، باب أحكام الطلاق؛ والاستبصار 3: 289، ح 1022، باب من
طلق امرأته ثلاث تطليقات مع تكامل الشرائط في مجلس واحد.
2. حكاه عنه العلامة البهبهاني في تعليقته: 232 و 249 ضمن منهج المقال، وانظر منتهى المقال
4: 407 / 2010.
3. تهذيب الأحكام 8: 58، ح 190، باب أحكام الطلاق.
4. تهذيب الأحكام 7: 470، ح 1883، باب الزيادات في فقه النكاح؛ وج 8: 56، ح 183، باب
أحكام الطلاق؛ والاستبصار 3: 289، ح 1022، باب من يطلق امرأته ثلاث تطليقات.
5. تعليقة الوحيد البهبهاني: 232؛ وانظر منتهى المقال 4: 407 / 2010.
6. تهذيب الأحكام 2: 98، ح 369، باب كيفية الصلاة وصفتها.
167

بعد حكمه (عليه السلام) بأنهما متساويان في الفضيلة مما لا محل له، بل هو مما يدل
على سوء فهمه أو عدم إذعانه بما قال الإمام (عليه السلام)، ولذلك أكده بالقسم في قوله:
" هما والله سواء "، ومن هذا شأنه فالاعتماد على روايته مشكل، فروايته هذه مما
يقدح فيه.
فائدة [3]
[في اسم الشهيد الثاني]
قد اختلف في اسم الشهيد الثاني على أقوال:
أحدها: أن اسمه " زين الدين " فالاسم متحد مع اللقب، وهو مقتضى غير
واحد من كلماته، بل هو مقتضى أكثر كلماته، كما في رياض العلماء (1)، وهو
مقتضى عنوان السيد السند التفرشي (2)، وصاحب اللؤلؤة ب‍ " زين الدين " (3)، وكذا
عبارة ابن العودي تلميذ الشهيد الثاني في رسالته المعمولة في أحوال الشهيد
الثاني (4)، وقد نقل الرسالة في الدر المنثور قال:
الشيخ زين الملة والدين بن الشيخ الإمام نور الدين علي بن الشيخ
الفاضل أحمد بن جمال الدين بن تقي بن الصالح تلميذه (5) العلامة
ابن مشرف العاملي (6).

1. رياض العلماء 2: 365.
2. نقد الرجال 2: 292 / 2157.
3. لؤلؤة البحرين: 28.
4. حكاه عنه في لؤلؤة البحرين: 29؛ وروضات الجنات 3: 354؛ ورياض العلماء 2: 372.
5. في " د ": " تلميذ ".
6. الدر المنثور 2: 149، ونقل بعضها في رياض العلماء 2: 377.
168

قوله: " ابن مشرف " قال الشيخ علي في حاشية الدر المنثور:
وقع مكررا في خط والدي - طاب ثراه - " صالح بن مشرف " وكذا ما
رأيته بخط نجله صاحب المعالم في ظهري كتاب النجاشي وآخر
الجزء الأول من ذلك الكتاب في جملة كلماته " حسن بن زين الدين "،
وكذا ما رأيته في صورة خاتم نجله المشار إليه وهو: " بمحمد والآل
معتصم حسن بن زين الدين عبدهم "، وكذا ما رأيته بخط سبطه الشيخ
محمد في آخر الجزء الأول من المنهج، وقد كتبه بخطه وصورته، وكتبه
بمكة المشرفة - أعزها الله - على القرب من الصفا: " العبد محمد بن
حسن بن زين الدين "، وكذا ما رأيته بخط الشيخ على ظهر شرح
الاستبصار لوالده، وصورته: " هذا الكتاب من كتب والدي الشيخ
محمد بن الشيخ حسن بن الشيخ زين الدين ". ومقتضاه دخول " الشيخ "
في اسم الشهيد، وهو مقتضى ما مر في عبارة ابن العودي، إلا أنه يمكن
أن يكون المقصود بالشيخ في تلك العبارة هو المعنى اللغوي، لا
العلمي (1).
ثانيها: أن اسمه " علي " وقد جرى عليه صاحب رياض العلماء في بعض
كلماته (2)، بل نقله عن غير واحد من كلمات الشهيد، بل نقله عن أول الأربعين
لتلميذه والد شيخنا البهائي قال: " وهو أعرف؛ لأنه تلميذه " (3).
وهو مقتضى ما رأيت بخط المحدث الحر في إجازته لبعض. لكن يمكن أن
يكون من باب السهو في سقوط لفظ " بن " كما هو الحال في كلام والد شيخنا
البهائي، بل يتطرق فيه احتمال السهو بالسقوط من الكاتب. وكذا الحال في غير

1. الدر المنثور 2: 149؛ ونقله عنه في سفينة البحار 2: 894.
2. انظر رياض العلماء 2: 365.
3. انظر رياض العلماء 2: 366.
169

واحد من كلمات الشهيد الثاني مما يقتضي كون اسمه عليا على ما مر من صاحب
رياض العلماء.
ثالثها: أن اسمه " أحمد " وعليه جرى السيد الداماد، حيث إنه قد ذكر في
بعض فوائده في ذكر حرزا أن:
من طرق الحرز السيد الثبت المركون إليه في فقهه، المأمون في حديثه
علي بن الحسن العاملي بن زين أصحابنا المتأخرين زين الدين
أحمد بن محمد بن علي بن جمال الدين بن تقي الدين بن صالح بن
شرف العاملي رفع الله درجته في أعلى مقامات الشهداء والصالحين (1).
قوله: " أحمد بن محمد بن علي بن جمال الدين " هذا يخالف ما مر في عبارة
ابن العودي؛ لخلوها عن الواسطة عن أحمد، وكمال الدين، (2) بخلافه.
قوله: " صالح بن شرف " (3) يخالف المشرف المتقدم في عبارة ابن العودي،
والمسبوق بالنقل في كلام الشيخ علي عن خط والده مكررا.
رابعها: أنه " محمد " وهو مقتضى بعض الكلمات.
ثم إن في آخر إجازة الشهيد الثاني لوالد شيخنا البهائي - وهي معروفة -:
" كتب هذه الأحرف بيده الفانية زين الدين بن علي بن أحمد شهرة بابن الحاجة،
تجاوز الله عن سيئاته ووفقه لمرضاته ".
ومقتضاه كون الشهيد الثاني معروفا بابن الحاجة، وقد ذكر صاحب
رياض العلماء أنه قد يعرف بابن حجة (4). وقيل: الحجة بمعنى الحاج في لسان
أهل الشام.

1. حكاه عنه الأفندي في رياض العلماء 2: 366.
2. كذا. والظاهر: عن الواسطة بين أحمد وجمال الدين.
3. في " د ": " الشرف " وفي " ح ": " مشرف " وهو خطأ قطعا وإلا لم يكن مخالفا لما مر.
4. رياض العلماء 2: 365.
170

فائدة [4]
[في كلمة " مولى "]
كلمة " مولى " تطلق لغة - على ما ذكره في القاموس - على المالك، والعبد،
والمعتق، والمعتق، والصاحب، والقريب كابن العم ونحوه، والجار، والحليف،
والابن، والعم، والنزيل، والشريك، وابن الأخت، والولي، والرب، والناصر،
والمنعم، والمنعم عليه، والمحب، والتابع، والصهر (1).
وقد تعرض لها في الصحاح (2) والمصباح (3) والمجمع (4) أيضا، لكن كلام صاحب
القاموس أوفى من كلام غيره ويغني عنه.
وأما في كلمات أرباب الرجال، فقال الشهيد الثاني في الدراية:
معرفة الموالي منهم - يعني الرواة - من أعلى ومن أسفل بالرق بأن يكون
قد أعتق رجلا فصار مولاه، أو أعتقه رجل فصار مولاه، فالمعتق
- بالكسر - مولى من أعلى، والمعتق - بالفتح - مولى من أسفل؛ أو
بالحلف بكسر الحاء، وأصله المعاقدة والمعاهدة على التعاضد
والتصاعد والاتفاق، ومنه الحديث " حالف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين
المهاجرين والأنصار مرتين " أي آخى بينهم، فإذا حالف أحد آخر صار
كل منهما مولى الآخر بالحلف؛ أو بالإسلام فمن أسلم على يد آخر كان
مولاه، يعني بالإسلام (5).

1. القاموس المحيط 4: 401 (ولى).
2. الصحاح 6: 2529 (ولى).
3. المصباح المنير 2: 672 (ولى).
4. مجمع البحرين 2: 559 (ولى).
5. الدراية: 134، وأتممنا العبارة من المصدر.
171

ثم قال:
والأغلب مولى العتاقة. وقد يطلق على معنى رابع، وهو الملازمة، كما
قيل: مقسم مولى ابن عباس؛ للزومه إياه، وخامس وهو من ليس
بعربي، فيقال: فلان مولى وفلان عربي صريح، وهذا النوع كثير أيضا (1).
وقال في حاشية الخلاصة عند ترجمة إبراهيم بن أبي محمود: " المولى يطلق
على غير العربي الخالص وعلى الحليف، وعلى المعتق، والأكثر في هذا الباب
إرادة المعنى الأول " (2).
وربما يقال: إن الأكثر إرادة غير العربي الخالص، إلا أنه يمكن أن يراد منه
النزيل أيضا، فعلى هذا لا يحمل إلا بالقرينة، ومع انتفائها فلعل الراجح الحمل
على غير العربي الخالص.
[تفصيل المصنف]
أقول: إن المولى إما أن يذكر مفردا غير مضاف، فالظاهر - بل بلا إشكال - أن
الغرض: العربي غير الخالص، ويرشد إليه ما في ترجمة حماد بن عيسى، حيث
إنه قال النجاشي: " مولى " فحكى القول بأنه عربي (3)، وهذا القسم كثير.
وإما أن يذكر مضافا إلى طائفة، نحو " مولى بجيلة وبني أسد " والظاهر - بل
بلا إشكال - أن الغرض هنا " النزيل ".
لكن لو قيل: " هم موالي بني هاشم " فالظاهر أن الغرض العتقاء كما في
المصباح (4). وهذا القسم كثير أيضا، بل ما في كلمات أرباب الرجال لا يخرج عن

1. الدراية: 135.
2. تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة: 1.
3. رجال النجاشي: 142 / 370.
4. المصباح المنير 2: 672.
172

القسمين المذكورين إلا نادرا.
وإما أن يذكر مضافا إلى مفرد من المعصوم (عليه السلام) أو غيره، وحينئذ الغرض إما
" المعتق " بالفتح، كما في ترجمة بلال؛ حيث قيل: " مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) " (1) وترجمة
قنبر؛ حيث قيل: " مولى أمير المؤمنين (عليه السلام) " (2) وترجمة إبراهيم بن أبي رافع؛ حيث إنه
قال النجاشي: " مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واسمه أسلم، كان للعباس بن عبد المطلب،
فوهبه للنبي (صلى الله عليه وآله) فلما بشر النبي (صلى الله عليه وآله) بإسلام العباس أعتقه " (3). ومن ذلك أنه قال في
الخلاصة: " عتيق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ". (4)
أو الملازمة، كما في ترجمة ثوبان؛ حيث قيل: " مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) صحبه
ولازمه " (5).
أو الحلف أو الإسلام؛ فما يأتي فيه الكلام هو القسم الأخير، وأما القسمان
الأولان فلا ينبغي الكلام فيهما.
ثم إنه قد يتكرر ذكر " المولى " مضافا إلى جماعة، كما في ترجمة صفوان بن
مهران بن المغيرة الأسدي؛ حيث قيل: " مولاهم ثم مولى بني كاهل " (6) وفي ترجمة
ثعلبة بن ميمون؛ حيث قيل: " مولى بني أسد ثم مولى بني سلامة " (7) ومن هذا الباب
ما في ترجمة الحسن بن موسى بن سالم؛ حيث قيل: " مولى بني أسد ثم مولى
بني والبة " (8).

1. رجال الشيخ: 8 / 4؛ وانظر خلاصة الأقوال: 27 / 1.
2. خلاصة الأقوال: 135 / 1.
3. رجال النجاشي: 4 / 1 وفيه: " أبو رافع " بدلا عن " ابن أبي رافع ".
4. خلاصة الأقوال: 3 / 2.
5. رجال الشيخ: 30 / 8.
6. رجال النجاشي: 198 / 525؛ خلاصة الأقوال: 89 / 2 وفي " ح " و " د ": " كامل " بدلا عن " كاهل ".
7. رجال النجاشي: 117 / 302.
8. رجال النجاشي: 45 / 90، وفيه " الحسين بن موسى بن سالم الحناط ".
173

إلا أن الأمر فيه في حكم التكرار قضية العطف، وإلا فلم يتكرر الذكر حقيقة.
وبالجملة، فالمقصود ب‍ " المولى " في هذه الموارد هو النزيل على حسب
ما سمعت في الإضافة إلى الجماعة.
[كلام القوشجي ورده]
بقي أنه قد عد القوشجي من معاني المولى: " الأولى بالتصرف " قال: قال الله
تعالى: " موليكم النار " (1) أي أولى بكم؛ ذكره أبو عبيدة، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): " أيما امرأة
نكحت نفسها بغير إذن مولاها فنكاحها باطل " (2) أي الأولى بها، والمالك لتدبير
أمرها. ومثله في الشعر كثير.
وبالجملة، استعمال المولى بمعنى المتولي، والمالك للأمر والأولى
بالتصرف شائع في كلام العرب، منقول عن أئمة اللغة. والمراد أنه اسم بهذا
المعنى، لا صفة بمنزلة الأولى ليعترض بأنه ليس من صيغة التفضيل، وأنه
لا يستعمل استعماله.
وينبغي أن يكون المراد به في الحديث - يعني قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث
غدير: " ألست أولى بكم من أنفسكم " قالوا: بلى، قال: " فمن كنت مولاه فعلي
مولاه " (3) - هو هذا المعنى ليوافق صدر الحديث، أعني قوله: " ألست أولى بكم من
أنفسكم ".
أقول: إنه لا مجال لحمل " الأولى " (4) في الآية على الأولى بالتصرف أو المالك

1. كذا، والآية المنظورة (مأويكم النار هى موليكم) وهي في سورة الحديد (57): 15.
2. عوالي اللآلي 1: 306، ح 7 - 8، وانظر مسند أحمد بن حنبل 6: 66.
3. شواهد التنزيل 1: 187؛ الدر المنثور 2: 298؛ فتح القدير 3: 57؛ روح المعاني 6: 168؛ تفسير
الطبري 6: 198، وانظر نهج الحق وكشف الصدق: 172.
4. كذا في النسختين. والأولى: " المولى ".
174

لتدبير الأمر. نعم، لا بأس بالحمل على الأولى (1) كما أنه لا بأس بحمله في الحديث
المشار إليه على الأولى بالتصرف، لو لم نقل بعدم رجوعه إلى محصل صحيح،
والمرجع إلى " السيد المطاع ".
والحمل على السيد المطاع أولى من الحمل على المالك لتدبير الأمر؛ لعدم
قيام النبي (صلى الله عليه وآله) بتدبير الأمور العادية المتعلقة بالأمة، وعدم صدق المالك لتدبير الأمر
مع عدم القيام بتدبير الأمور العادية. فقد أحسن من جرى على حمل المولى في
الآية على الأولى، وفي الحديث على السيد المطاع.
بقي أنه قد يذكر " مولاة " في ترجمة بعض النساء، كما في ترجمة سعيدة؛
حيث إنه ذكر أنها كانت مولاة جعفر (عليه السلام) (2).
فائدة [5]
[فيما نقله النجاشي]
قد حكى النجاشي في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى: أنه كان محمد بن
الحسن بن الوليد يستثني من رواية محمد بن أحمد بن يحيى ما يرويه عن
جماعة، وعد من الجماعة في كلامه محمد بن عيسى بن عبيد فيما رواه بإسناد
منقطع، والحسن بن الحسين اللؤلؤي فيما تفرد به. ثم قال:
قال أبو العباس بن نوح: وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمد بن
الحسن بن الوليد في ذلك كله، وتبعه أبو جعفر بن بابويه إلا في
محمد بن عيسى بن عبيد، فلا أدري ما رابه فيه؛ لأنه كان على ظاهر

1. أي بلا ذكر المتعلق وهو " التصرف ".
2. رجال الكشي 2: 662 / 681.
175

العدالة والثقة (1).
قوله: " ما رابه فيه " الظاهر أنه من فعل الريب، أي لا أدري ما أوقعه في الريب
فيه، إلا أن الريب بمعنى الشك، والمناسب أرابه، لكن قال في المصباح: " رابني
الشيء يريبني: إذا جعلك شاكا " (2).
ويمكن أن يكون اسما من الرأي، (3) إلا أن مقتضى قوله: " إلا في محمد بن
عيسى بن عبيد " مخالفة ابن بابويه لابن الوليد في باب محمد بن عيسى في
الاستثناء، فمقتضاه الاطلاع على ما جرى عليه ابن بابويه، ولو كان بالارتياب في
الباب، كما هو مقتضى قوله: " ما رابه " - بناء على كونه من الريب - فلا مجال لإظهار
عدم الاطلاع على الرأي المقتضي لاختفاء الحال بالكلية، بناء على كون قوله: " ما
رأيه " من الرأي كما هو المفروض.
وبالجملة، فالظاهر أن غرض ابن الوليد من استثناء ما تفرد به اللؤلؤي، هو
عدم الوثوق بما تفرد به من الرواية بواسطة عدم الوثوق بإسناده، ولا يستلزم هذا
عدم اعتبار خبر الواحد؛ إذ كثيرا ما يكون الراوي موثوقا به فيعتبر خبره ويعمل به.
ويرشد إلى ذلك الاعتراض من ابن نوح على ابن الوليد بأن اللؤلؤي كان على
ظاهر العدالة والثقة.
لكن يشكل كلا من كلام ابن الوليد وابن نوح لو كان بناء القدماء على العمل
بالخبر المحفوف بالقرينة، ولا سيما لو كان البناء على العمل بالخبر المحفوف
بالقرينة العلمية، كما نقله المولى التقي المجلسي عن القدماء (4)، سواء كان الراوي

1. رجال النجاشي: 348 / 939.
2. المصباح المنير 1: 247 (ريب).
3. أي: تقرأ الكلمة رأيه.
4. روضة المتقين 1: 18.
176

موثوقا به أم لا؛ لعدم اختصاص عدم اعتبار الرواية المنفردة، باللؤلؤي؛ فالاستثناء
من ابن الوليد غير سديد، ولا يكفي كون الراوي على ظاهر العدالة والثقة؛
فالاعتراض من ابن نوح محل الاعتراض.
وربما يقال: إن غرض ابن الوليد عدم اعتبار الرواية الخالية عن القرينة التي
رواها اللؤلؤي.
وفيه: أن الظاهر أن الغرض عدم اعتبار ما انفرد به اللؤلؤي، لا ما انفرد روايته،
وانفراد الراوي غير انفراد الرواية، مع أنه لو كان بناء القدماء على اعتبار الخبر
المحفوف بالقرينة، فلا اختصاص لعدم اعتبار الرواية المنفردة، برواية اللؤلؤي،
كما أن اعتراض ابن نوح على ذلك في غير المحل.
وربما يقال: إن غرض ابن الوليد أنه لا يكفي في رواية اللؤلؤي ما يكفي في
غيرها من القرينة، ولابد لها من زيادة القرينة، وغرض ابن نوح كفاية ما يكفي من
القرينة في سائر الموارد في رواية اللؤلؤي.
وأنت خبير بأنه خلاف ظاهر كلام ابن الوليد، وكذا خلاف ظاهر كلام ابن نوح.
فائدة [6]
[في كنى الأئمة (عليهم السلام) وألقابهم]
قيل: " أبو الحسن الأول " هو موسى بن جعفر (عليهما السلام)، و " أبو الحسن الثاني " هو
علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، و " أبو الحسن الثالث " هو علي بن محمد التقي
الجواد (عليهما السلام)، و " أبو جعفر الأول " هو محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، و " أبو جعفر الثاني "
هو محمد بن علي التقي (عليهما السلام)، و " أبو جعفر " على الإطلاق هو محمد الباقر (عليه السلام)،
و " أبو عبد الله " على الإطلاق هو جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام). و " الفقيه " هو جعفر بن
محمد الصادق (عليهما السلام). و " العبد الصالح " هو موسى بن جعفر (عليهما السلام). و " أبو إبراهيم " هو
177

موسى بن جعفر (عليهما السلام) أيضا و " محمد بن علي الأول " هو ابن علي بن الحسين محمد
الباقر (عليهم السلام)، و " محمد بن علي الثاني " هو محمد بن علي بن موسى محمد التقي (عليهم السلام) (1).
وأفيد منه ما قيل من أنه إذا أطلق " أبو عبد الله " في الأخبار فهو الصادق (عليه السلام)،
وإذا أطلق " أبو محمد " فهو الهادي (عليه السلام)، و " أبو الحسن " إذا أطلق فهو الكاظم (عليه السلام)،
وكذلك إذا قيد ب‍ " الأول "، وإذا قيد ب‍ " الثاني " فهو الرضا (عليه السلام)، وإذا قيد ب‍ " الثالث " فهو
الهادي (عليه السلام)، و " أبو إبراهيم " مختص بالكاظم (عليه السلام)، ويطلق عليه العالم، والشيخ،
والفقيه، والعبد الصالح.
و " أبو جعفر " مشترك بين الباقر والجواد (عليهما السلام)، ولو قيد ب‍ " الأول " فهو الأول أي
الباقر (عليه السلام)، ولو قيد ب‍ " الثاني " فهو الثاني، أي الجواد (عليه السلام).
و " أبو إسحاق " قيل: المراد به الصادق (عليه السلام).
وأما " صاحب الزمان " والقائم، والمهدي، فهو معلوم، والرجل قيل: هو
الهادي (عليه السلام) وكذا الماضي.
وقيل: يطلق العالم والشيخ والفقيه والعبد الصالح على الصادق (عليه السلام) أيضا،
ويطلق " الرجل " على الكاظم (عليه السلام) أيضا، ويطلق " صاحب الدار " و " الغريم "
و " الهادي " على إمام العصر (عليه السلام) أيضا، وكثيرا ما يطلق " أبو الحسن " على الرضا (عليه السلام)
أيضا، ويطلق " الماضي " مطلقا على الكاظم (عليه السلام) كثيرا، وتقييدا لأبي الحسن أكثر (2).
وفي المجمع في صحب:
والصاحب، وصاحب الناحية، وصاحب الزمان، وصاحب الدار،
محمد بن الحسن (عليهما السلام) القائم بأمر الله تعالى، وصاحب العسكر،

1. انظر مجمع الرجال للقهبائي 7: 192؛ ومنتهى المقال 1: 25، المقدمة الثالثة؛ وبهجة الآمال في شرح
زبدة المقال 7: 591.
2. انظر مجمع الرجال 7: 192؛ ومنتهى المقال 1: 26.
178

وصاحب الناحية علي بن محمد الهادي (عليهما السلام) (1).
وفي المجمع أيضا في صلح: " والعبد الصالح يقال على إسكندر ذي القرنين،
وإذا ذكر في الحديث يراد به أبو الحسن موسى (عليه السلام) " (2).
أقول: إنه قد يطلق " أبو جعفر " على الجواد (عليه السلام)، كما في روايات ذكرها الكشي
في ترجمة محمد بن إسماعيل بن بزيع (3)، وكذا ما رواه في التهذيب في باب تلقين
المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة بالإسناد عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال:
" سألت أبا جعفر (عليه السلام) " (4)؛ حيث إن محمد بن إسماعيل بن بزيع من أصحاب الكاظم
والرضا والجواد (عليهم السلام).
وكذا ما رواه في التهذيب في الباب بالإسناد المذكور عن محمد بن فضيل
قال: " كتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام) " (5) بناء على ما قيل من أن المقصود بأبي جعفر
هو الجواد (عليه السلام)، وقد روى الكشي في ترجمة يونس بن عبد الرحمن بالإسناد عن
أبي الحسن الرضا (عليه السلام) (6).
وقد روى في الترجمة المذكورة بالإسناد عن يزيد بن حماد عن أبي
الحسن (عليه السلام) (7).
وقد ذكر الفاضل الخواجوئي أن المقصود بأبي الحسن هو الرضا (عليه السلام)، بقرينة
رواية يزيد عنه (عليه السلام) (8).

1. مجمع البحرين 1: 585 (صحب).
2. مجمع البحر بن 1: 625 (صلح).
3. رجال الكشي 2: 835 / 1065.
4. تهذيب الأحكام 1: 304، ح 885، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم.
5. تهذيب الأحكام 1: 329، ح 961، باب تلقين المحتضرين.
6. رجال الكشي 2: 783 / 929.
7. رجال الكشي 2: 787 / 950.
8. الفوائد الرجالية: 353 وفي " ح " و " د ": " حماد " بدلا عن " يزيد ".
179

وفيه: أن يزيد بن حماد لم يثبت كونه من أصحاب الرضا (عليه السلام)؛ لأن الشيخ قد
وثق يزيد بن حماد وأباه في ترجمة يعقوب بن يزيد، والترجمة في أصحاب
الرضا (عليه السلام) (1).
ولا خفاء في أن المستفاد منه إنما هو كون يعقوب من أصحاب الرضا (عليه السلام)،
وإنما كون يزيد أو أبيه من أصحابه (عليه السلام) فهو غير ثابت، كما أنه قال في الخلاصة في
ترجمة يعقوب بن يزيد: " وكان يعقوب من أصحاب الرضا (عليه السلام)، وروى يعقوب
عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) وانتقل إلى بغداد وكان ثقة صدوقا وكذلك أبوه " (2).
والظاهر أن الغرض من قوله: " وكذلك " التشبيه في الوثاقة والصدوقية،
لا مجموع ما تقدم حتى يتأتى الدلالة على كونه من أصحاب الرضا (عليه السلام)،
فلم يثبت دلالة رواية يزيد بن حماد على كون المقصود بأبي الحسن
هو الرضا (عليه السلام).
ويطلق " أبو عبد الله " على سيد الشهداء روحي وروح العالمين له الفداء، كما
فيما رواه في كامل الزيارة، عن سليمان بن عيسى، عن أبيه قال: " قلت
لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف أزورك " (3) إلى آخره.
وروى في التهذيب في كتاب الزكاة في باب ما يجب أن يخرج من الصدقة،
وأقل ما يعطى (4).
وفي الاستبصار في باب أقل ما يعطى الفقير من الصدقة عن محمد بن
أبي الصهبان قال: " كتبت إلى الصادق (عليه السلام) " (5). قيل: المراد بالصادق هنا هو محمد

1. رجال الشيخ: 395 / 12.
2. خلاصة الأقوال: 186 / 1.
3. لم نعثر عليه في كامل الزيارات وكذا في بحار الأنوار.
4. تهذيب الأحكام 4: 163، ح 169، باب ما يجب أن يخرج من الصدقة وأقل ما يعطى.
5. الاستبصار 2: 38، ح 118، باب ما يعطى الفقير من الصدقة.
180

الهادي (عليه السلام)؛ لأن محمد بن أبي الصهبان بعيد الطبقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1).
وقال السيد الداماد في حاشية الاستبصار:
المعصوم المكتوب إليه هو أبو محمد العسكري، أو أبوه أبو الحسن
الثالث؛ لأن محمد بن أبي الصهبان من رجالهما صلوات الله عليهما.
ويحتمل أن يكون هو أبا جعفر الجواد (عليه السلام)؛ لأنه أدرك عصره، والأظهر
أنه أبو الحسن الثالث علي بن محمد الهادي (عليهما السلام)؛ لأنه أكثر رواية عنه (2).
[في كنية " الفقيه " وأقوال الفقهاء]
وروى في التهذيب في زيادات الصلاة في باب صلاة المسافر بالإسناد عن
سليمان بن حفص المروزي قال: " قال الفقيه العسكري " (3) إلى آخره.
وروى في التهذيب في زيادات الصلاة في باب صلاة المضطر (4)، وفي
الاستبصار في باب صلاة المغمى عليه بالإسناد عن علي بن محمد بن سليمان،
قال: " كتبت إلى الفقيه أبي الحسن العسكري " (5) (6).
وروى في التهذيب في كتاب القضاء في باب البينات (7)، وفي الاستبصار في
باب كيفية الشهادة على النساء عن الصفار قال: " كتبت إلى الفقيه " (8) إلى آخره

1. انظر منتهى المقال 1: 27، المقدمة الثالثة.
2. حاشية الاستبصار للداماد غير موجودة.
3. تهذيب الأحكام 3: 230، ح 594، باب زيادات الصلاة في السفر.
4. تهذيب الأحكام 3: 303، ح 927، باب زيادات صلاة المضطر.
5. الاستبصار 1: 458، ح 1774، باب صلاة المغمى عليه.
6. في " د " زيادة: " وروى في الاستبصار في باب " المسافر يخرج فرسخا أو فرسخين ويقصر في
الصلاة ثم يبدو له عزم الخروج " بالإسناد عن سليمان بن حفص المروزي قال، قال الفقيه، وقيل: أي
الصادق (عليه السلام) ورواية المروزي هذه غير روايته السابقة ".
7. تهذيب الأحكام 6: 255، ح 666، باب في البينات.
8. الاستبصار 3: 19، ح 58، باب كيفية الشهادة على النساء.
181

والمقصود بالفقيه هو العسكري (عليه السلام) بشهادة التصريح به في الفقيه في قوله في باب
الشهادة على المرأة: " وكتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد الحسن بن
علي (عليهما السلام) (1).
وروى في التهذيب في كتاب الحج في باب حد حريم الحسين (عليه السلام) وفضل
كربلاء عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري قال: " كتبت إلى الفقيه " (2) إلى
آخره. وقد حكم شيخنا البهائي في مشرقه بأن المراد بالفقيه هو صاحب الأمر (عليه السلام).
وبه حكم السيد السند التفرشي (3).
ويرشد إليه ما ذكره النجاشي من أن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري كان
كاتب صاحب الأمر (عليه السلام) (4).
فقد بان فساد تخصيص " الفقيه " بالصادق (عليه السلام) كما في المقالة الأولى، وكذا
تخصيصه بالكاظم (عليه السلام) كما في المقالة الثانية، بل مقتضى كلام المولى التقي
المجلسي في حاشية النقد عدم اتفاق إطلاق " الفقيه " على الصادق والكاظم (عليهما السلام)،
قال: " بل يطلق الفقيه على أبي الحسن علي بن محمد الهادي " (5) لكن لاخفاء في
أنه كان الصواب تبديل أبي الحسن بأبي محمد.
ومقتضى المقالة الثانية اختصاص " العالم " بالصادق (عليه السلام).
ومقتضى المقالة الأخيرة عمومه للكاظم (عليه السلام)، بل مقتضى صريح المولى التقي
المجلسي أن العالم يطلق على مطلق المعصوم (6)، والظاهر - بل بلا إشكال - أن

1. الفقيه 3: 40، ح 132، باب الشهادة على المرأة.
2. تهذيب الأحكام 6: 75، ح 148، باب حد حرم الحسين (عليه السلام) وفضل كربلاء.
3. انظر نقد الرجال 4: 245 / 4833.
4. رجال النجاشي: 354 / 949 و " بن عبد الله " أضفناها من المصدر.
5. حاشية نقد الرجال للمجلسي غير موجودة؛ وانظر روضة المتقين 14: 502.
6. روضة المتقين 14: 502.
182

المقصود بالمعصوم هو الأئمة الاثنا عشر.
[في المراد من " الشيخ "]
وروى في التهذيب وفي باب الحيض والاستحاضة والنفاس (1)، وفي
الاستبصار في باب " الحائض تطهر عند وقت الصلاة " بالإسناد عن عمر بن حنظلة،
عن الشيخ (2).
قيل: سمعت عن بعض الأجلاء أن المراد بالشيخ هو الصادق (عليه السلام)، ولا يذهب
عليك أن هذا المقال يجتمع مع اختصاص الشيخ بالصادق (عليه السلام)، وعمومه
للكاظم (عليه السلام)، وكذا يجتمع مع عمومه لسائر الأئمة (عليهم السلام) نظير ما سمعت من المولى
المتقدم في باب العالم.
وقال السيد الداماد في حاشية الاستبصار: " الظاهر أنه أبو جعفر الأول، أو
أبو عبد الله (عليهما السلام)، واحتمل أبو إبراهيم على بعد " (3).
ولا يذهب عليك أنه يجتمع مع اختصاص الشيخ بالباقرين والكاظم (عليهم السلام)
وعمومه لسائر الأئمة (عليهم السلام)، وقيل: إن عمر بن حنظلة من أصحاب الباقر
والصادق (عليهما السلام) (4) فيحتمل كون المراد في الرواية هو الباقر أو الصادق (عليهما السلام).
وقد ذكر في المجمع أن " الشيخ " في الحديث هو موسى بن جعفر (عليهما السلام)، وربما
أطلق على الصادق (عليه السلام)، كما في رواية زرارة ومحمد بن مسلم قال: " بعثنا إلى
الشيخ ونحن بالمدينة " والمراد به هو الصادق (عليه السلام) كما صرح به في الأخبار (5).

1. تهذيب الأحكام 1: 391، ح 1206، باب الزيادات في الحيض والاستحاضة والنفاس.
2. الاستبصار 1: 144، ح 492، باب " المرأة تحيض بعد أن دخل عليها وقت الصلاة ".
3. حاشية الاستبصار غير موجودة فعلا.
4. رجال الشيخ: 142 / 64؛ وانظر نقد الرجال 3: 353 / 3891.
5. مجمع البحرين 1: 569 (شيخ).
183

وفي الفقيه في باب الحكم باليمين على المدعي على الميت حقا بعد إقامة
البينة: " روي عن ياسين الضرير، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: قلت
للشيخ يعني موسى بن جعفر (عليهما السلام) (1).
قال سلطاننا في الحاشية: " ربما يقال: إن الظاهر أن المراد ب‍ " الشيخ " هو
الصادق (عليه السلام)؛ إذ عبد الرحمن الذي هو الراوي من أصحابه (عليه السلام) دون الكاظم (عليه السلام) ".
وفي التهذيب في باب كيفية القضاء رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال:
" قلت للشيخ " (2) إلى آخره.
قال المولى التقي المجلسي في الحاشية: " ولعله - أي الشيخ - أبو عبد الله (عليه السلام)،
وذكر الصدوق أنه موسى بن جعفر (عليه السلام) ولم يذكر أصحاب الرجال روايته عنه " (3).
[في المراد من " أبي إسحاق "]
وروى الكشي في ترجمة إبراهيم بن عبد الحميد، عن نصر بن الصباح:
أنه كان يجلس في مسجد الكوفة ويقول: أخبرني أبو إسحاق كذا، وقال
أبو إسحاق كذا، وفعل أبو إسحاق كذا، يعني بأبي إسحاق أبا عبد الله (عليه السلام)
كما كان [غيره] (4) يقول: حدثني الصادق، وسمعت الصادق، وحدثني
العالم، وقال العالم، وحدثني الشيخ، وقال الشيخ، وحدثني أبو عبد الله،
وقال أبو عبد الله، وحدثني جعفر بن محمد، وقال جعفر بن محمد (5).
وأنت خبير بأن هذه الرواية صريحة في أن الشيخ والعالم من ألقاب
الصادق (عليه السلام)، وأن أبا إسحاق يطلق عليه.

1. الفقيه 3: 38، ح 128، باب الحكم باليمين على المدعي على الميت حقا بعد إقامة البينة.
2. تهذيب الأحكام 6: 229، ح 555، باب كيفية الحكم والقضاء.
3. حكاه عنه ولده في ملاذ الأخيار 10: 41. وانظر الفقيه 3: 38.
4. كلمة " غيره " أضفناها من المصدر.
5. رجال الكشي 2: 744 / 839.
184

وروى الكشي في ترجمة سكين بن إسحاق رواية (1) مشتملة على ذكر أبي إسحاق.
قال السيد السند التفرشي في الحاشية كأنه الصادق (عليه السلام) (2).
وروى الكشي في ترجمة المعلى بن خنيس (3) ما يزيل الشك عن إطلاق
أبي إسحاق على الصادق (عليه السلام) أيضا.
وروى الكشي في ترجمة معروف بن خربوذ ما أطلق فيه ابن المكرمة على
الصادق (عليه السلام) بشهادة التفسير فيه بأبي عبد الله (عليه السلام) (4).
[في " العبد الصالح " و " الرجل الصالح "]
وروى في الاستبصار في باب جواز الصوم ثلاثة أيام بالإسناد عن معاوية بن
عمار قال: حدثني عبد صالح، قال: وقد سألته. (5)
وقد جرى في المنتقى على أن المراد بالعبد الصالح هو الكاظم (عليه السلام)، وأن لفظة
" قال " زيادة من النساخ (6)، وجرى بعض على أن المقصود بعض الرواة.
وروى في التهذيب في باب أحكام السهو في الصلاة وما يجب منه إعادة
الصلاة بالإسناد عن علي بن أبي حمزة عن رجل صالح (عليه السلام) قال: سألته، (7) إلى
آخره.
ويحتمل أن يكون المقصود ب‍ " رجل صالح " هو الكاظم (عليه السلام) كما يرشد إليه لفظة
" (عليه السلام) " بناء على صحته، فقوله: " قال: سألته " من كلام علي بن أبي حمزة.
ويحتمل أن يكون المقصود بعض الرواة، بناء على كون لفظة " (عليه السلام) " من اشتباه

1. رجال الكشي 2: 668 / 691.
2. نقد الرجال 2: 339 / 2326؛ هامش: 5.
3. رجال الكشي 2: 674 / 707 - 715.
4. رجال الكشي 2: 472، آخر الحديث 376.
5. الاستبصار 2: 282، ح 1000، باب جواز صوم الثلاثة الأيام في السفر.
6. منتقى الجمان 3: 387.
7. تهذيب الأحكام 2: 188، ح 746، باب أحكام السهو في الصلاة وما يجب منه إعادة الصلاة.
185

النساخ، فالحديث من باب المضمر، وقوله: " قال: سألته " من كلام الرجل
الصالح.
وروى في الكافي في باب ما جاء في الأئمة الاثني عشر والنص عليهم حديث
اللوح المعروف، وفيه عند ذكر مولانا الرضا (عليه السلام): أنه يدفن بالمدينة التي بناها العبد
الصالح (1). والمقصود ب‍ " العبد الصالح " ذو القرنين، كما في الحاشية بخط العلامة
المجلسي (2)، وهو المحكي عن الوافي (3).
وفيما رواه في الكافي في أول كتاب الصلاة عن أبي عبد الله (عليه السلام): " ألا ترى أن
العبد الصالح عيسى بن مريم قال: (و أوصاني بالصلوة و الزكوة ما دمت حيا) (4) ". (5)
وقد روى في البحار في باب أحوال الكاظم (عليه السلام) في الحبس إلى شهادته
وتاريخ وفاته ومدفنه عن كتاب الأنوار عن العامري رواية طويلة تلخيصها:
أن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر (عليه السلام) جارية جميلة لتخدمه في
السجن، فقال: قل له: (أنتم بهديتكم تفرحون) (6) لا حاجة لي في هذه
ولا في أمثالها، فغضب هارون وأمر ببقاء الجارية في السجن، ثم قالت:
يا سيدي هل لك حاجة إلي أعطيكها، قال: " فما بال هؤلاء؟ " فنظرت،
فإذا هي روضة لا تبلغ آخرها من أولها، ولا أولها من آخرها، وفيها
جوار، فنادت الجواري: يا فلانة ابعدي عن العبد الصالح حتى ندخل
عليه، فنحن له دونك. (7)

1. الكافي 1: 527، ح 3، باب ما جاء في الأئمة الاثني عشر.
2. الكافي 1: 528، ح 3، في الحاشية الرقم 3.
3. الوافي 2: 299، باب ما ورد من النصوص في عددهم (بيان).
4. مريم (19): 32.
5. الكافي 3: 264 / 1؛ باب فضل الصلاة.
6. النمل (27): 36.
7. بحار الأنوار 48: 238، باب الحبس إلى شهادته.
186

ومقتضى هذه الرواية إطلاق " العبد الصالح " على الكاظم (عليه السلام) من عالم القدس.
وربما يقال: إن الحديث المذكور منشأ إطلاق " العبد الصالح " على الكاظم (عليه السلام)،
لكنه غير ثابت، مع أن انتشار الحديث المذكور - بعد اعتبار سنده، بحيث صار
منشأ للإطلاق المذكور في كثير من الأخبار - بعيد؛ على أن تأخر جميع أفراد
الإطلاق المذكور عن الحديث المذكور غير ثابت؛ مضافا إلى أن استناد ألقاب
سائر الأئمة (عليهم السلام) وكذا سائر ألقاب الكاظم (عليه السلام) إلى مدرك معين غير ثابت.
فلا بأس بكون إطلاق العبد الصالح غير مستند أيضا إلى مدرك، فضلا عما سمعت
من إطلاق العبد الصالح على عيسى وذي القرنين على نبينا وآله وعليهم السلام.
وفي بعض أخبار الغناء " سألت الخراساني " (2) وروى الكشي في ترجمة زرارة
بالإسناد " عن أبي الحسن الخراساني " (3) والمقصود الرضا (عليه السلام).
وروى في التهذيب في باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات بالإسناد عن
خيران الخادم قال: " كتبت إلى الرجل (عليه السلام) " (4) قيل: إن المراد بالرجل هو الهادي أو
الرضا (عليهما السلام) (5).
[في المراد من " الرجل " و " الماضي "]
وقد أطلق " الرجل " أيضا فيما رواه الكشي في ترجمة إبراهيم بن محمد
الهمداني (6)، وفارس بن حاتم (7)، وعلي بن الحسين بن عبد ربه (8).

2. الكافي 6: 435، ح 25، باب الغناء.
3. رجال الكشي 1: 357، ح 229.
4. تهذيب الأحكام 1: 279، ح 819، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات.
5. في ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار للمجلسي 2: 425، ذيل ح 106. عبارة: " وكأن المراد من
الرجل الهادي (عليه السلام) ".
6. رجال الكشي 2: 831 / 1053.
7. رجال الكشي 2: 809 / 1009.
8. رجال الكشي 2: 797 / 984.
187

وفي المجمع: " وإذا أطلق الرجل في الحديث، فالمراد به علي بن محمد
الهادي (عليهما السلام) " (4).
وأطلق " الماضي " في ترجمة إبراهيم بن عبدة (5)، وقيل: إن المراد بالرجل
والماضي هو الهادي (عليه السلام) (6).
[في المراد من " الغريم "]
وأطلق " الغريم " فيما رواه الكشي في ترجمة محمد بن أحمد بن نعيم
الشاذاني (7)، وكذا في بعض أجزاء متن ما رواه في الكافي في باب تولد الصاحب (عليه السلام)
عن علي بن محمد، عن الحسين بن عبد الحميد، قال العلامة المجلسي في
الحاشية بخطه الشريف في تفسير الغريم: " المراد القائم (عليه السلام) " والغريم يجيء بمعنى
من له الدين ومن عليه الدين (8)؛ فعلى الثاني فتسميته به لخفائه وغيبته، وعلى
الأول لحقوقه التي على رقاب رعيته.
وكذا في بعض الأسانيد في باب التوقيعات المروية في كمال الدين عن القائم (عليه السلام) (9).
[في المراد من " الماضي " و " الأخير "]
وقد يقال عن الماضي: " الأخير ".

4. مجمع البحرين 1: 155 (رجل).
5. رجال الكشي 2: 844 / 1088. وقد ورد التعبير ب‍ " الماضي " في كتاب العسكري (عليه السلام) الوارد في
توكيل إبراهيم بن عبدة.
6. التزم بشق من " قيل " العلامة المجلسي في ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار 2: 425 في ذيل
ح 106، حيث قال: " وكأن المراد من الرجل الهادي (عليه السلام) ".
7. رجال الكشي 2: 814 / 1017.
8. الكافي 1: 521، ح 14، باب مولد الصاحب. وفيه " الحسن " بدل " الحسين ".
9. كمال الدين وتمام النعمة 2: 485، ح 5، الباب الخامس والأربعون.
188

وروى في التهذيب في باب الديون وأحكامها عن الصفار قال: " كتبت إلى
الأخير " (1) قال المولى التقي المجلسي في الحاشية: " أي الأخير عن الأئمة ممن
روي عنهم مشافهة صلوات الله عليهم، والغالب إطلاق " الأخير " على أبي الحسن
الثالث، وقد يطلق على العسكري والصاحب نادرا " انتهى (2).
ويرشد إلى كون المقصود ب‍ " الأخير " هو الهادي (عليه السلام) - أعني أبا الحسن الثالث -
ما رواه في الكافي في كتاب الأشربة في باب الفقاع بالإسناد عن الوشاء، قال:
كتبت إليه يعني الرضا (عليه السلام) أسأله عن الفقاع قال: فكتب: " حرام وهو خمر،
ومن شربه كان بمنزلة شارب الخمر ". وقال أبو الحسن الأخير " لو أن
الدار داري لقتلت بايعه، ولجلدت شاربه ". وقال أبو الحسن الأخير:
" حده حد شارب الخمر " وقال: " هي خمر استصغرها الناس " (3).
قوله: " وقد يطلق على العسكري " كما فيما رواه في التهذيب في باب من أسلم
في شهر رمضان، وحكم من بلغ الحلم فيه، ومن مات وقد صام بعضه أو لم يصم
منه شيئا (4)، وفي الاستبصار في باب حكم من مات في شهر رمضان بالإسناد عن
محمد بن يحيى قال: " كتبت إلى الأخير " (5)؛ حيث إن المقصود بالأخير هو
العسكري، كما أن المقصود بمحمد هو الصفار، كما صرح به العلامة المجلسي
في حاشية التهذيب (1).

1. تهذيب الأحكام 6: 192، ح 415، باب الديون وأحكامها.
2. حكاه عنه ولده باقر المجلسي في كتاب ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار 9: 510، باب الديون
وأحكامها.
3. الكافي 6: 423، ح 9، كتاب الأشربة باب الفقاع.
4. تهذيب الأحكام 4: 247، ح 732، باب من أسلم في شهر رمضان.
5. الاستبصار 2: 108، ح 355، باب حكم من مات في شهر رمضان.
189

وأما الوجه الذي ذكره العلامة المشار إليه في وجه التعبير بالأخير، فمقتضاه
كون الرواية عن العسكري أو القائم لا الهادي سلام الله عليهم، ويمكن أن يكون
الوجه كون الغرض أبا الحسن الأخير، أعني أبا الحسن الثالث، كما يفصح عنه
التعبير بأبي الحسن الأخير في بعض أخبار الفقاع كما سمعت.
وقد يقال: " عن الماضي الأخير " كما فيما رواه في الفقيه نقلا في قوله: " وروي
عن الريان أنه قال: كتبت إلى الماضي الأخير " (2) إلى آخره، والمقصود الهادي (عليه السلام).
وقد يقال: " عن أبي الحسن الماضي " كما فيما رواه في كتاب الأشربة في باب
أن الخمر إنما حرم لفعلها فما فعل فعل الخمر فهو حرام بالإسناد " عن علي بن
يقطين عن أبي الحسن الماضي " إلى آخره. وفي باب الفقاع عن حسين القلانسي
قال: " كتبت إلى أبي الحسن الماضي " إلى آخره، والمقصود الهادي (عليه السلام) أيضا.
وقد يقال: " عن أبي الحسن العسكري " كما فيما رواه في الكافي في باب ما
أعطي الأئمة من اسم الله الأعظم بالإسناد " عن علي بن محمد النوفلي، عن
أبي الحسن العسكري " (3) إلى آخره، والمقصود الهادي (عليه السلام) أيضا.
[في " صاحب العسكر "]
وقد يقال: " صاحب العسكر " كما فيما رواه في التهذيب في أواخر باب تطهير
الثياب وغيرها من النجاسات بالإسناد " عن فارس، عن صاحب العسكر (عليه السلام) " (4) إلى
آخره، إلا أنه رواه سابقا على ذلك في الباب المذكور على وجه الإخبار.
وفي بعض الروايات: " علي بن محمد صاحب العسكر ".

1. ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخيار 7: 26، ذيل ح 9، باب الإسلام والبلوغ في شهر رمضان.
2. وجدناه في تهذيب الأحكام 3: 309، ح 3، باب من الصلوات المرغب فيها.
3. الكافي 1: 230، ح 3، باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم.
4. تهذيب الأحكام 1: 284، ذيل ح 831، باب تطهير الثياب من النجاسات.
190

وفي بعض روايات الفقيه في باب اللقطة والضالة قال: " كتبت إلى الطيب " (1)
وصرح جماعة بأن المقصود الهادي (عليه السلام). ويرشد إليه ما في بعض روايات زكاة
الفطرة من الطيب العسكري (2).
ونقل في البحار في باب أسماء الهادي وألقابه وكناه عن الصدوق في العلل
ومعاني الأخبار أنه قال:
سمعت مشايخنا يقولون: إن المحلة التي يسكنها الإمامان: علي بن
محمد والحسن بن علي بسر من رأى كانت تسمى بعسكر؛ فلذلك قيل
لكل منهما: العسكري (3).
وقال في رياض العلماء بخطه:
صاحب العسكر هو مولانا أبو الحسن علي بن محمد التقي الهادي،
وقد شاع أن الوجه في تلقبه (عليه السلام) بصاحب العسكر هو كونه في السامرة
المعروف بعسكر وبعسكرا أيضا، وكأن هذا الوجه مما لا وجه له، بل
الصواب كونه من جهة إظهاره (عليه السلام) عسكر الله تعالى وجيشه للخليفة
العباسي معجزة كما رواه جماعة من علمائنا.
وهذا الوجه مما خطر ببالي في قديم الزمان، ثم بعد مدة في سنة سبع
عشر ومائة وألف عثرت على كلام للسيد علي خان والي الحويزة في
كتاب نكت البيان، وفي كتاب مجموعته في هذا الباب يطابق ما سنح
بخاطري، فهو من باب توارد الخواطر، فأعجبني إيراده بعبارته:
قال (قدس سره): ومما تنبهنا له من الكلام مما نظن أننا لم نسبق إليه هو أنه قد اشتهر
بين علماء الشيعة أنهم يلقبون الهادي (عليه السلام) بصاحب العسكر ويخصونه

1. الفقيه 3: 187، ح 5، باب اللقطة والضالة.
2. الفقيه 2: 116، ح 501، باب زكاة الفطرة.
3. بحار الأنوار 50: 113، ح 1، أبواب تاريخ الامام العاشر.
191

بذلك، دون ولده الحسن العسكري، على أنهم قد يلقبون الهادي (عليه السلام)
بالعسكري أيضا؛ لنزولهما في العسكر الذي هو " سر من رأى ".
وأما تخصيص الهادي (عليه السلام) بصاحب العسكر فربما يظن أنه نسبة إلى
العسكر الذي هو البلد أيضا. وليس كذلك وإلا لقيل للحسن (عليه السلام): إنه
صاحب العسكر أيضا، على أن تلقب الهادي (عليه السلام) بصاحب العسكر بعيد
من النسبة إلى البلدة أيضا؛ لأنه (عليه السلام) لم يكن صاحب اليد في زمانه عليها.
ولكن الظاهر أنه لقب بصاحب العسكر؛ لأنه أظهر عسكره من الملائكة
للخليفة المتوكل لما عرض عليه عسكره، كما ورد في الحديث
المشهور بين الشيعة (1)؛ فلذلك لقب بصاحب العسكر.
وأما الحديث الذي أشرنا إليه فهو ما ذكره صاحب كتاب الثاقب قال: إن
الخليفة أمر العسكر، وكان هو تسعين ألف فارس من الأتراك الساكنين
بسر من رأى، فأمر كل واحد منهم أن يملأ مخلاة (2) فرسه من الطين
الأحمر ويجعلوا بعضه على بعض بوسط برية واسعة هناك، ففعلوا
وصارت مثل جبل عظيم، ثم صعد فوقه، ودعا بأبي الحسن (عليه السلام) وأصعده
معه وقال: قد استحضرتك للنظارة، وقد كان أمر عسكره بلبس
التجافيف (3) وأن يلبسوا الأسلحة، فأقبلوا وأحاطوا به بأحسن الزينة
وتمام العدة، وكان غرضه أن يرهب بذلك أبا الحسن (عليه السلام)، خوفا من أن
يخرج عليه أحد من أهل البيت بأمر أبي الحسن (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): " وهل

1. مختار الخرائج: 212 وحكاه في بحار الأنوار 50: 155، ح 44، باب تاريخ الإمام أبي الحسن
الهادي (عليه السلام).
2. المخلاة هي ما يجعل فيه العلف ويعلق في عنق الدابة لتعتلفه.
3. التجافيف: جمع التجفاف بالكسر وهو آلة للحرب يلبسه الفرس والإنسان ليقيه في الحرب، انظر
بحار الأنوار 50: 156.
192

أعرض عليك عسكري؟ " فقال: نعم، فدعا الله تعالى، فإذا ما بين السماء
والأرض من المشرق والمغرب مملوة من الملائكة وهم مدججون،
فغشي على المتوكل، فلما أفاق قال له أبو الحسن (عليه السلام): " نحن لا نتنافسكم
بدنياكم وإنما نحن مشتغلون بأمور الآخرة، فلا عليك بأس مما تظن " (1)
انتهى.
وفي القاموس قد عد من معاني العسكر سر من رأى، قال: " وإليه
نسب العسكريان: أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر،
وولده الحسن (عليهم السلام) " (2).
وقد ظهر مما سمعت أن " العسكري " يطلق على الهاديين (عليهما السلام)، وأما " صاحب
العسكر " فهو يطلق على الهادي (عليه السلام) فقط، وقد يقال عن بعض الصادقين (عليهم السلام) كما
فيما رواه في التهذيب في باب المياه وأحكامها، وما يجوز التطهر به ومالا يجوز (3)،
وفي الاستبصار في باب الوضوء بنبيذ التمر بالإسناد عن عبد الله بن المغيرة، عن
بعض الصادقين (عليهم السلام) (4).
[في كنية سيدة النساء]
ثم إنه ربما قيل: إن من كنية سيدة النساء - سلام الله عليها - " أم أبيها " وهو
غلط؛ إذ الكفعمي ذكر في كنيتها سلام الله عليها " أم ابنيها " ولا بأس به.
وإن قلت: إن " أم ابنيها " لعله غلط من النساخ.

1. لم نعثر عليه في رياض العلماء، انظر مختار الخرائج: 212، وحكاه في البحار 50: 155، ح 44،
تاريخ الإمام أبي الحسن الهادي (عليه السلام).
2. القاموس المحيط 2: 92 (عسكر).
3. تهذيب الأحكام 1: 219، ح 628، باب المياه وأحكامها.
4. الاستبصار 1: 15، ح 1، باب الوضوء بنبيذ التمر.
193

قلت: إنه لو كان الأصل هو أم أبيها، لتعرض الكفعمي للمقصود به في
الحاشية؛ قضية أن دأبه تفسير العبارات العسرة المذكورة في المتن من الأدعية،
مع أنه لم يأت في الحاشية بشيء في الباب.
وإن قلت: إنه لا مجال للتكنية بأم ابنيها؛ لكون الأمر من باب إيضاح الواضح.
قلت: إن الغرض إظهار رفعة شأن الابنين (عليهما السلام)، كما يرشد إليه أنه عد من
كنية سيدة النساء سلام الله عليها " أم الحسنين " و " أم الأئمة " مضافا إلى أنه
لو كانت الكنية هي " أم أبيها " لتعرض لتفسيره في المجمع، مع أنه لم يأت بذكره
رأسا لا في " فطم " مع ذكر وجه التسمية بفاطمة، ولا في " أمم " مع ذكر أم فروة
وغيرها، والله العالم.
194

5 - رسالة في النجاشي
195

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه سبحانه الاستعانة للتتميم.
وبعد، فهذه رسالة في باب النجاشي.
فنقول: إنه يتأتى الكلام تارة في شخصه، وأخرى في حاله.
أما الأول
[في تشخيص شخص النجاشي]
فربما وقع الخلاف في كونه أحمد بن علي، أو أحمد بن العباس، فالمشهور
المنصور (1) هو الأول (2)، وظاهر الأمل الثاني (3)، (4) وقد توهمه كل من كتب " أحمد " في
أحمد بن العباس في العبارة الآتية بالحمرة.
ومنشأ الخلاف: هو عبارة النجاشي في ترجمة نفسه، قال:

1. في " ح ": " فالمشهور المتصور ".
2. انظر خلاصة الأقوال: 20 / 53؛ ورجال ابن داود: 40 / 96؛ والرواشح: 76، الراشحة العشرين؛
ونقد الرجال 1: 137 / 94، ومجمع الرجال 1: 127.
3. أمل الآمل 2: 15.
4. قوله: " وظاهر الأمل الثاني " هذا مبني على تعدد العنوان في كلام النجاشي، كما جرى عليه الفاضل
الأسترآبادي كما يظهر مما يأتي في المتن والحاشية، وكذا على تعدد المعنى، لكن الفاضل
الأسترآبادي بنى على كون النجاشي هو أحمد بن علي، واحتمل وجوها يأتي ذكرها في المتن في
رسم العنوان الثاني (منه سلمه الله).
197

أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن محمد بن عبد الله بن
إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن النجاشي - الذي ولي الأهواز، وكتب
إلى أبي عبد الله (عليه السلام) يسأله، وكتب إليه رسالة عبد الله بن النجاشي
المعروفة، ولم ير لأبي عبد الله (عليه السلام) مصنف غيره - ابن عثيم بن
أبي السمال سمعان بن هبيرة (1) الشاعر (2) ابن مساحق بن بجير (3) بن
أسامة بن نصر بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن
خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
فقال:
أحمد بن العباس النجاشي الأسدي مصنف هذا الكتاب - أطال الله بقاءه
وأدام علوه ونعماه - له كتاب الجمعة وما ورد فيه من الأعمال، وكتاب
الكوفة وما فيها من الآثار والفضائل، وكتاب أنساب بني نصر بن قعين
وأيامهم وأشعارهم، وكتاب مختصر الأنواء (4) ومواضع النجوم التي
سمتها العرب (5).
قوله: " أحمد بن علي "، يكنى أحمد ب‍ " أبي العباس " على ما ذكره العلامة (رحمه الله) في
الخلاصة (6)، لكنه ذكر في ترجمة السيد المرتضى: أنه تولى غسله أبو الحسين
أحمد بن العباس النجاشي (7)، ومقتضاه: أن النجاشي يكنى ب‍ " أبي الحسين "،

1. في النسخ: " ابن أبي هبيرة ".
2. قد روى في الكافي في باب أن الإمامة عهد من الله تعالى معهود من واحد إلى واحد (عليهم السلام) بالإسناد عن
عثيم بن أسلم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وفي باب اللباس الذي تكره الصلاة فيه
وما لا تكره بالإسناد عن عثيم بن أسلم النجاشي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (منه سلمه الله).
3. في " ح ": " بحير ".
4. في " ح ": " الأنواع "، وفي المصدر: " الأنوار ". وسيأتي الكلام عنه.
5. رجال النجاشي: 101 / 253.
6. خلاصة الأقوال: 20 / 53.
7. خلاصة الأقوال: 95 / 22، وفيه: " أبو أحمد الحسين بن العباس ".
198

والتنافي في البين بين.
ويقتضي التكني بأبي الحسين كلام العلامة (رحمه الله) أيضا في آخر الإجازة لبني
زهرة؛ حيث إنه عد في رجال الخاصة - ممن يروي عنه الشيخ الطوسي من رجال
الكوفة ورجال العامة ورجال الخاصة - جماعة منهم أبو الحسين أحمد بن علي
النجاشي، والإجازة معروفة منقولة في البحار في جلد الإجازات؛ نقلا عن خط
المجيز (1).
ويقتضي ذلك كلام السيد ابن طاووس (قدس سره) في قوله في أول كتاب رجاله - على
ما نقله صاحب المعالم في ديباجة التحرير الطاووسي -:
وقد عزمت أن أجمع في كتابي هذا أسماء الرجال من كتب خمسة: كتاب
الرجال لشيخنا أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي - إلى أن قال -
وكتاب أبي الحسين أحمد بن العباس النجاشي الأسدي (2).
قوله: " الذي ولي الأهواز من قبل المنصور " كما ذكره في أول الجزء الثاني في
ترجمة عبد الله بن النجاشي، قال: " عبد الله بن النجاشي بن عثيم بن سمعان
أبو بجير الأسدي النصري (3)، يروي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وقد ولي الأهواز من
قبل المنصور " (4). وهو قد أسقط في هذه العبارة أبا السمال، ويمكن أن يكون
" أبو بجير " اشتباها من " ابن بجير " بإسقاط هبيرة ومساحق، هذا.
وقد ذكر في الترجمة المذكورة أن لأبي عبد الله (عليه السلام) إلى عبد الله بن النجاشي
رسالة معروفة، قال صاحب الحاوي: " والرسالة المشار إليها رأيتها وهي

1. بحارالأنوار 107: 137؛ وفيه " أبو الحسن ".
2. التحرير الطاووسي: 25 من المقدمة.
3. في " ح ": " البصري ".
4. رجال النجاشي: 213 / 555.
199

مشهورة " (1).
ثم إن الموصول صفة للمضاف - أعني عبد الله - لا المضاف إليه - أعني
النجاشي - بقرينة ذكره في ترجمة عبد الله. والنجاشي وإن أمكن أن يكون والي
الأهواز، لكن الظاهر اختصاص الولاية بعبد الله واشتهاره بها، كما أن الرسالة
مخصوصة بعبد الله، فقوله: " وكتب إليه " المعطوف على الصلة - أعني " ولي
الأهواز " - مختص بعبد الله، فهذا يعين اختصاص الموصول أيضا؛ قضية تعين
مصداق الموصول في الموصوف بالصلة والمعطوف عليه.
والظاهر أن هذا من باب خلاف الظاهر؛ إذ الظاهر - بمقتضى القرب - كون
الموصول صفة للمضاف إليه، وإن كان مقتضى كلام ابن هشام في المغني كون
الصفة المذكورة بعد المضاف والمضاف إليه صفة للمضاف على الإطلاق (2).
نعم، لو كان المضاف في صدر العنوان أو صدر الكلام، بأن كان مقصودا
بالأصالة، فالظاهر رجوع الصفة إلى المضاف إليه. وعلى هذا المنوال الحال في
غير الوصف مما لابد أن يرجع إلى مرجع، كالضمير وحرف الجر وغيرهما، وهذه
قاعدة مطردة.
لكن لو كان عاد (3) الضمير - مثلا - في وسط العنوان بعد مضي كلمات، فلا
مجال للعود إلى صاحب العنوان.
ومن هذا قول النجاشي: " أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح بن وهب بن
عامر - وهو الذي قتل مع الحسين بن علي (عليهما السلام) بكربلاء - ابن حسان بن شريح "؛ (4)
حيث إن قوله: " وهو الذي قتل مع الحسين بن علي (عليهما السلام) " لا مجال لعوده إلى

1. حاوي الأقوال: 292 / 1724؛ وانظر وسائل الشيعة 17: 196، ح 22338.
2. مغني اللبيب 2: 739، قال: " الصفة للمضاف ولا تكون للمضاف إليه إلا بدليل ".
3. في النسختين كليتهما: " عدد ".
4. رجال النجاشي: 100 / 250.
200

أحمد بن عامر، بل إما يعود إلى وهب أو إلى عامر، إلا أن الظاهر عوده إلى عامر؛
لاشتراك المضاف والمضاف إليه في كون كل واحد منهما مذكورا بالتبع. وترجيح
القرب للعود إلى المضاف إليه، نظير ترجيحه في باب الاستثناء المتعقب للجمل
المتعددة للعود إلى الأخيرة، بناء على كون الاستثناء لمطلق الإخراج كما هو
الأظهر، لكن جرى بعض الأعلام على العود إلى وهب.
وكذا قول النجاشي في ترجمة الحسين بن علي بن الحسين بن محمد بن
يوسف الوزير: " وأمه فاطمة بنت أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر
النعماني شيخنا صاحب كتاب الغيبة " (1)؛ حيث إن قوله: " شيخنا " لا مجال لعوده إلى
الحسين صاحب العنوان، بل الظاهر عوده إلى جعفر كما أن الظاهر عود " النعماني
إليه، لكنه عائد إلى محمد بن إبراهيم؛ بشهادة عقد العنوان لمحمد، وعد كتاب
الغيبة من كتبه، بل يمكن القول بأن قوله: " وأمه " إلى الآخر، كلام مستأنف،
والمقصود بالأصالة في هذا الباب هو محمد بن إبراهيم من باب تعريف فاطمة
به، والعود إلى محمد جار على وفق الظاهر.
وتفصيل الكلام في المقام موكول إلى ما ذكرناه في باب التوثيق المتردد بين
العود إلى المذكور بالأصالة والمذكور بالتبع في الرسالة المعمولة في " ثقة ".
قوله: " وكتب إليه رسالة عبد الله بن النجاشي المعروفة " المروية في رسالة
الشهيد الثاني - رحمه الله تعالى - في الغيبة المسماة ب‍ " كشف الريبة " (2)، المذكورة
في الوسائل في أوائل كتاب التجارة، في باب ما ينبغي للوالي العمل به في نفسه
ومع أصحابه ومع رعيته رواية عن الشهيد الثاني - أعلى الله تعالى مقامه - في
الرسالة المذكورة (3).

1. رجال النجاشي: 69 / 167.
2. كشف الريبة (رسائل الشهيد الثاني): 122 / 10.
3. وسائل الشيعة 12: 150، أبواب ما يكتسب به، ب 49، ح 1.
201

قوله: " لم ير لأبي عبد الله (عليه السلام) مصنف غيره " مدخول بأنه روى في روضة الكافي
رسالة عن أبي عبد الله (عليه السلام) كتبها إلى أصحابه وأمرهم بمدارستها والنظر فيها
وتعاهدها والعمل بما فيها، فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم، فإذا فرغوا من
الصلاة نظروا فيها، هذا.
ومقتضى بعض الروايات المذكورة في الكافي في نوادر الحدود أن
عبد الله بن النجاشي كان أولا زيديا، ثم قال بإمامة مولانا الصادق (عليه السلام) (1).
قوله: " يسأله " وفي بعض النسخ " يسائله " (2)، وفي الخلاصة " بمسائله " (3).
قوله: " ابن عثيم " بضم العين وفتح الثاء المثلثة وإسكان الياء المثناة من تحت
على ما ذكره في الإيضاح (4)، وهو بدل من النجاشي.
وقد حكى السيد السند النجفي: زيادة " أحمد " قبل " ابن " بالحمرة في بعض
النسخ، وهو بواسطة طول الواسطة بين البدل والمبدل منه (5).
وأصل الواسطة غير متعارف بعد صحته، فضلا عن صورة طولها، إلا أنه - بعد
مخالفته لغالب النسخ ظاهرا - مخالف لما عندي من نسخة غلطها أقل قليل، وكذا
نسخة قليل غلطها [و] على ظهرها (6) وآخر الجزء الأول خط صاحب المعالم، وكذا
على ظهرها خاتمه (7).
وذكر في آخر الجزء الأول: أن النسخة المنقول عنها كأنها كانت بخط
ابن إدريس، وكان عليها خطوط جماعة من العلماء، منهم السيد عبد الكريم بن

1. الكافي 7: 376، ح 17، باب النوادر من كتاب الديات.
2. انظر رجال النجاشي: 101 / 253.
3. خلاصة الأقوال: 20 / 53، وفيه: " يسأله ".
4. إيضاح الاشتباه: 112 / 91، ونقله السيد بحر العلوم في رجاله 2: 27.
5. رجال السيد بحر العلوم 2: 29.
6. في " د ": " ظهريها ".
7. في " د ": " وكذا خاتمه على ظهريها ".
202

طاووس، وكان كتابة أصل - النسخة على ما كتبه الكاتب في آخر الكتاب - من باب
الخدمة لصاحب المعالم، وكان عمره حينئذ اثنتين وعشرين سنة.
بل الظاهر أنه كان في النسخة أحمد وحك، بل لا مجال له سواء كان
الأحمدان سباقا ولاحقا (1)، - أعني أحمد بن علي وأحمد بن العباس - متغايرين أو
متحدين.
أما على الأول: فللزوم كون المبتدأ - أعني أحمد بن عثيم - بلا خبر، مع خلو
الترجمة عن شرح الحال بالكلية، وهو نادر، بل مقطوع العدم في كلماته.
وأما على الأخير؛ فلوضوح ركاكة اعتراض عنوان في عنوان، أي توسيط
عنوان مستقل بين أجزاء عنوان، بعد الإغماض عن عدم اتفاقه في كلام أحد من
أرباب الرجال، فظهور الفساد على التقدير الأخير أزيد منه على التقدير الأول.
ثم إن ظاهر ما سمعت من الإيضاح إهمال العين، وبه صرح في ترجمة
عبد الله بن النجاشي (2)، وكذا صرح به السيد السند النجفي (3)، لكن في النسختين
المتقدمتين (4) بالذكر إعجام العين وتقديم الياء المثناة من تحت على الثاء.
قوله: " أبي السمال " بالسين المكسورة واللام أخيرا، كما ضبط به في الإيضاح
وحكى عن قائل الكاف بدل اللام (5).
وفي الإيضاح في ترجمة إبراهيم بن أبي بكر الضبط بفتح السين والكاف،
ونقل اللام عن قائل (6).

1. أي: في السابق واللاحق.
2. رجال النجاشي: 213 / 555؛ وانظر إيضاح الاشتباه: 27 / 343.
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 28.
4. في " ح ": " المتقاربين ".
5. إيضاح الاشتباه: 112 / 91.
6. إيضاح الاشتباه: 86 / 19.
203

وفي الخلاصة في ترجمة إسماعيل بن سماك: " بالسين غير المعجمة،
والكاف بعد الألف. وقيل: بلام بعد الألف. وقيل: ابن أبي سماك " انتهى (1).
وفي بعض نسخ النجاشي في ترجمة إبراهيم: " السمال " لا أبو السمال ولا
أبو السماك (2).
ثم إن أبا السمال لعل اسمه " أسلم " كما ترشد إليه رواية عثم بن أسلم
النجاشي عن أبي بصير الحديث المعروف، وهو أن علي بن الحسين (عليه السلام) كان رجلا
صردا لا تدفئه فراء الحجاز (3).
قوله: " سمعان " بكسر السين كما في الإيضاح (4).
قوله: " ابن هبير " بضم الهاء، وفتح الباء الموحدة، كما في الإيضاح (5) [و] كما
في ترجمة إبراهيم بن أبي بكر (6)، لكن في النسختين المعتبرتين التاء أخيرا.
قوله: " مساحق " بالميم المضمومة، والمهملتين بينهما الألف، كما هو مقتضى
ما ذكره في الإيضاح (7) هنا، وفي ترجمة إبراهيم بن أبي بكر (8).
قوله: " ابن بجير " بضم الباء الموحدة، وفتح الجيم، وإسكان الياء المثناة من
تحت، ثم الراء كما في الإيضاح (9).
قوله: " نصر " بالإهمال، على ما جرى عليه السيد السند النجفي، قال: " فإن

1. خلاصة الأقوال: 199 / 1.
2. الموجود في المطبوع أبو السمال. رجال النجاشي: 21 / 30.
3. وسائل الشيعة 3: 338، أبواب لباس المصلي، ب 61، ح 2؛ ولكن فيه " عيس "، بدل " عثم ".
4. إيضاح الاشتباه: 112 / 91.
5. إيضاح الاشتباه: 87 / 19، وفيه: " هبيرة ".
6. رجال النجاشي: 21 / 30.
7. إيضاح الاشتباه: 112 / 91.
8. رجال النجاشي: 21 / 30.
9. إيضاح الاشتباه: 112 / 91.
204

النضر بالمعجمة هو النضر بن كنانة، وأما النصر بن قعين فهو بالمهملة، كما في
القاموس وغيره " (1).
ويقتضي الإعجام قول العلامة (رحمه الله) في الإيضاح في ترجمة عبد الله بن
النجاشي: " النضري " (2).
ويقتضي الإهمال ذكره من صاحب الصحاح والقاموس في باب المهملة (3)،
وكذا ما ذكره الفاضل الشيخ محمد في بعض كلماته من أن التميز بين المهملة
والمعجمة بالتحلي باللام في المعجمة، وعدمه في المهملة (4).
قوله: " قعين " بالقاف المضمومة، والعين المهملة المفتوحة، والياء الساكنة
والنون على ما ذكره السيد السند النجفي كما في الإيضاح هنا (5)، لكنه في ترجمة
إبراهيم بن أبي بكر ضبط بسكون العين (6).
ويعضد الأول قول صاحب القاموس: " وقعين كزبير بطن من بني أسد " (7)،
وكذا إعراب الصحاح (8)، لكن في القاموس: " نصر بن قعين أبو قبيلة " (9).
ويرشد إلى صحة " قعين " قول النجاشي في ترجمة وهب بن عبد ربه: " ابن
أبي ميمون بن يسار الأسدي مولى بني نصر بن قعين " (10).

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 28؛ وانظر القاموس المحيط 2: 148.
2. إيضاح الاشتباه: 207 / 343.
3. الصحاح 2: 829، القاموس المحيط 2: 148 (نصر).
4. استقصاء الاعتبار، لم يطبع.
5. رجال السيد بحر العلوم 2: 27؛ إيضاح الاشتباه: 112 / 91.
6. إيضاح الاشتباه: 87 / 19.
7. القاموس المحيط 4: 262 (قعين). وفيه: " بطن من أسد ".
8. الصحاح 6: 2183 (قعن).
9. القاموس المحيط 2: 148 (نصر).
10. رجال النجاشي: 430 / 1156.
205

قوله: " دودان " بالدالين المهملتين بينهما الواو الساكنة، كما ذكره في
الإيضاح (1).
بقي أن النجاشي قال: " إبراهيم بن أبي بكر محمد بن الربيع - يكنى بأبي بكر -
ابن أبي السمال سمعان بن هبيرة بن مساحق بن بجير بن عمير بن أسامة " (2).
ومقتضاه: سقوط " عمير " هنا بين بجير وأسامة، وكذا سقوط ربيع بن إبراهيم
وأبي السمال؛ بناء على أن الظاهر كون إبراهيم هو جد النجاشي، وكون إضافة
محمد إلى ربيع، أو الربيع إلى أبي السمال من باب الاختصار، وإلا فلو كان إبراهيم
المعنون غير إبراهيم جد النجاشي فلا إشكال (3)، ولو لم يكن الأمر من باب
الاختصار، يلزم أن تكون الوسائط المذكورة من باب الغلط والاشتباه.
وأيضا قال بعد ذلك: " ثقة هو وأخوه إسماعيل بن أبي السمال " وأنت
خبير بأن ذكر أبي السمال من باب الفضول، ولا يصح إلا على تقدير كون الأمر
من باب الاختصار.
قوله: " أحمد بن العباس النجاشي " مقتضى ما يأتي من السيد السند التفرشي
أنه بالسواد، وهو قد ذكر في ترجمة داود بن زربي وعبد الله بن علاء ومحمد بن
عطية أن نسخ النجاشي كانت عنده أربعة، كما أنه قد ذكر في ترجمة جعفر بن
محمد أن نسخ الكشي كانت عنده أربعة أيضا (4)، لكن كان ذلك في النسختين
المعتبرتين المتقدمتين بالذكر بالحمرة، ثم ضرب على الحمرة السواد، بأن صار
لون الكلمة هو السواد كسائر الكلمات المكتوبة في التراجم في طي العناوين،
لكن ظهر لون الحمرة من بعض أطراف السواد، فعرف أن أصل اللون كان هو

1. إيضاح الاشتباه: 113 / 91.
2. رجال النجاشي: 21 / 30.
3. في " د ": " فلزم الإشكال ".
4. نقد الرجال 2: 211، وج 3: 125، وج 4: 266.
206

الحمرة، وهو - أعني السواد - الصواب؛ إذ ليس ذلك عنوانا برأسه، وفاقا للسيد
السند التفرشي (1)، والسيد السند النجفي (2)؛ حيث إن النجاشي صرح بكون أبيه
علي بن أحمد في ترجمة محمد بن أبي القاسم ماجيلويه، قال فيها: " أخبرني
أبي علي بن أحمد " (3). وكذا في ترجمة عثمان بن عيسى العامري، قال فيها:
" أخبرني والدي علي بن أحمد بن العباس " (4). وكذا في ترجمة محمد بن علي بن
بابويه قال فيها - بعد ذكر كتب محمد بن علي بن بابويه -: " قرأت بعضها على
والدي علي بن أحمد بن العباس النجاشي " (5)، بل فيه تصريح باسم جده، لكن
توصيف علي أو العباس فيه بالنجاشي غير مناسب بظاهره.
اللهم إلا أن يكون " الابن " أسقط من البين سهوا، بأن كان غرضه أن يقول:
" ابن النجاشي ".
وقال بعد الفراغ من الجزء الأول فوق الشروع في الجزء الثاني - على ما في
النسخة المشتملة على خطوط صاحب المعالم والمنقولة عن النسخة المشتملة
على خطوط ابن طاووس، وكأنها بخط ابن إدريس كما تقدم، بل على ما في أكثر
النسخ كما نقله السيد السند النجفي -:
الجزء الثاني من كتاب فهرست أسماء مصنفي الشيعة وما أدركنا من
مصنفاتهم وذكر طرق من كناهم وألقابهم ومنازلهم وأنسابهم، وما قيل
في كل رجل منهم من مدح أو ذم مما جمعه الشيخ الجليل أبو الحسين
أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي الأسدي أطال الله بقاءه

1. نقد الرجال 1: 137 / 94.
2. رجال السيد بحر العلوم 2: 32.
3. رجال النجاشي: 353 / 947.
4. رجال النجاشي: 300 / 817.
5. رجال النجاشي: 392 / 1049.
207

وأدام علوه ونعماه (1).
وفوق العبارة: " كذا على الأصل ". وهذه العبارة في النسخة الأخرى على ظهر
الكتاب - ظهره الأول - لكن فيها: " الجزء الأول " موضع " الجزء الثاني " وكذا فيها:
" طرف " موضع طرق، وهو الصحيح؛ إذ لو كانت العبارة " على طرق "، يكون " من
كناهم " من باب الموصول والصلة، ولا معنى لهذه الفقرة أعني مجموع " الطرق "
و " من كناهم "، بل الصلة والموصول خلاف ما يقتضيه سياق قوله: " وألقابهم
ومنازلهم وأنسابهم ".
وأما الطرف فهو بالتحريك بمعنى الطائفة، قال في الصحاح: " والطرف
الناحية من النواحي والطائفة من الشيء " (2). وعلى هذا يكون " من كناهم " من باب
الجار والمجرور، ويكون المجرور جمع الكنية، ويتحد السياق ويتناسب.
ومنشأ الكتابة بالحمرة: هو عدم تعاهد تكرار الاسم مع وحدة المسمى في
كلمات أرباب الرجال، بل ظهور تكرار الاسم في تغاير المسمى (3) في أي كلام
كان، وقد كانت نسخة الفاضل الأسترآبادي بالحمرة (4)، ولهذا وقع في حيص

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 30؛ رجال النجاشي: ص 211، وفيه: " طرف "، بدل " طرق ".
والموجود فيه إلى قوله: " ذم ".
2. الصحاح 4: 1393 (طرف).
3. في " د ": " تغائر الاسم ".
4. قوله: " وقد كان في نسخة الفاضل الأسترآبادي بالحمرة " ويرشد إليه أنه عنون في الوسيط عناوين
ناقلا لكلام النجاشي من كل من العناوين، وذكر أن ما وصل إليه من كتاب النجاشي على هذا المنوال،
إلا أنه حكم بأن العنوان الثاني في كتاب النجاشي كأنه وهم، وعن صاحب الحدائق السلوك مسلك
الفاضل الأسترآبادي من البناء على تعدد العنوان والاعتماد على ما احتمله من الوجوه المذكورة في
المتن. وبالجملة، لاخفاء في أن مرجع الأمر على ما جرى عليه الفاضل الأسترآبادي إلى تعدد العنوان
بعنوانين. وربما قيل: إن المرجع إلى التعدد بثلاثة عناوين كما ترى، نعم بناء على زيادة " أحمد " قبل
ابن عثيم بالحمرة - كما تقدم حكايته من السيد السند النجفي عن بعض النسخ - تكون العناوين ثلاثة.
(منه رحمه الله).
208

بيص، وتجشم وتحمل العناء في تصحيح التكرار وإصلاح الحال؛ حيث احتمل
في الباب وجوها من الاحتمال:
كون العنوان الثاني إلحاقا من التلامذة؛ توهما منهم عدم دخول المصنف
فيما سبق؛ لاشتهاره بأحمد بن العباس جده، دون ابن علي بن أحمد [بن]
العباس.
وكون العنوان الثاني تكرارا منه وإعادة لذكر الكتب، فثانيا يكون نسب إلى
الجد الأعلى.
وكون المراد بابن العباس جده، فإنه لا ريب في كونه أحمد بن العباس
- كما صرح به في ترجمة ابن بابويه - وألحق الكتب وكونه مصنف الكتاب
وهما.
لكن ظهر بما مر فساد مبنى الاحتمالات - أعني: تعدد العنوان - وكون (1)
العنوان متحدا في المقام.
قال السيد السند التفرشي: " وكان في النسخة التي عنده من النجاشي
أحمد بن العباس كان بالحمرة فوقع ما وقع " (2).
وأنت خبير بأن " كان " ثانيا زائد في العبارة، اللهم إلا أن يكون " كأن " أولا
بالتشديد من الحروف المشابهة بليس.
ومع هذا، الاحتمال الأخير لا مجال له؛ للزوم كون المبتدأ بلا خبر.
وبما تقدم يظهر ضعف ما ذكره صاحب الحاوي - ونسخته أيضا كانت
بالحمرة - من:
أنه ذكر النجاشي اسمه، فذكر [ه] مع نسبه أولا، وأعاد [ه] مع كنيته ثانيا،

1. مرفوع عطفا على " فساد ".
2. نقد الرجال 1: 137 / 94.
209

فلا يتوهم التعدد بسبب التكرار، وتركه لأبيه وجده لأنه لما أوضح أولا،
اقتصر على نسبته إلى جد أبيه (1) ثانيا؛ إذ المقصود حينئذ إيضاح كونه
مصنف الكتاب، وصاحب الكتب المعدودة، ومثله كثير في
المحاورات (2).
لما سمعت من ظهور التكرار في التغاير في أي كلام كان، وعدم تعاهد مثل
ذلك في كلمات أرباب الرجال، فما أخذه (3) منه - وهو أوسط احتمالات الفاضل
الأسترآبادي - أولى وأحسن منه؛ لخلوه عن ادعاء كثرة تكرار الاسم من باب
التوطئة والتمهيد في المحاورات مع وحدة المسمى.
وقد ظهر بما مر أن مدرك القول بكون النجاشي هو أحمد بن العباس هو
حمرة " أحمد " في قوله: " أحمد بن العباس مصنف هذا الكتاب ".
ويظهر فساده بما مر.
قوله: " وكتاب مختصر الأنواء " النوء - على ما يقتضيه الكلام المحكي عن
المطرزي في شرح (4) المقامات -: سقوط منزل من منازل القمر - المعدودة بسبعة
وعشرين، والمذكورة أساميها في الهيئة - في المغرب مع الفجر، وطلوع رقيبه
- أي منزل آخر من منازل القمر يقابل المنزل المذكور - من ساعته في المشرق. ثم
أطلق النوء على منزل القمر، وجمع على " أنواء " وغيرها، وكذا أطلق على الأثر

1. في " د ": " نسبه إلى جده وأبيه "، وفي " ح ": " نسبته بجده وأبيه ".
2. حاوي الأقوال 1: 184.
3. أي أخذ صاحب الحاوي من الأسترآبادي.
4. قوله: " في شرح المقامات "، وهو المسمى بالإيضاح نقلا، وللمطرزي المعرب - بالإهمال -
والمغرب في ترتيب المعرب بالإعجام، وهو معروف، وله شرح ديوان أبي العلاء المعري المسمى
ب‍ " سقط الزند " نقلا، والشرح كان يسمى ب‍ " ضرام السقط "، وعبر عنه التفتازاني في " شرح التلخيص "
ب‍ " صدر الأفاضل " بل عن " التصريح " تصريحه باشتهار تلقيبه به (منه سلمه الله تعالى).
210

الذي يحدث بسقوط كل منزل أو عند سقوطه. ومن هذا إطلاق الأنواء على
الأمطار، والنوء على المطر.
وتردد في القاموس بين كون النوء هو سقوط النجم في المغرب مع الفجر
وطلوع آخر يقابله من ساعته في المشرق، أو النجم الساقط في المغرب مع طلوع
آخر من ساعته في المشرق (1).
والظاهر أن المقصود بالنجم في كلامه هو الكوكب (2) لا منزل القمر، وإن أطلق
على منازل القمر نجوم الأخذ.
وعن الدينوري: أن منازل القمر تسمى نجوم الأخذ، ونجوم الأنواء أي نجوم
الأمطار؛ لظهور النجم في الكوكب (3).
وظاهر كلامه عموم النجم الساقط لما لو طلع في مقابله (4) نجم آخر أولا، كما
أن ظاهر كلامه عموم النجم لما كان في المنازل، القمر وغيره.
ويحتمل أن يكون المقصود بالنجم في كلامه هو منزل القمر؛ لما سمعت من
إطلاق نجوم الأخذ، وتسميتها بنجوم الأخذ؛ لكنه خلاف الظاهر.
والإضافة في المقام إما لامية، أو بتقدير " في "، أي في بيان الأنواء.
وفي بعض العبارات المحكية عن النجاشي " مختصر الأنوار " لكن في نسخة
قليل غلطها وعلى ظهرها (5) خط صاحب المعالم وخاتمه إلى غير ذلك مما مر
" الأنواء ". وكذا الحال في نسخة أخرى أقل غلطا من تلك النسخة. ويساعده قوله:

1. القاموس المحيط 1: 32.
2. في " ح ": " الكواكب ".
3. في " ح ": " الكواكب ".
4. في " د ": " مقابلته ".
5. في " د ": " ظهريها ".
211

" ومواضع النجوم التي سمتها العرب ".
والظاهر أن رسم " الأنوار " من باب حمل الأنواء على الغلط؛ لعدم الأنس بها،
وعدم الاطلاع عليها.
212

وأما الثاني
[في بيان حال النجاشي]
ففي الخلاصة:
وكان أحمد يكنى أبا العباس، ثقة معتمد عليه عندي، له كتاب الرجال،
نقلنا عنه في كتابنا الكبير، وتوفي أبو العباس بمطيرآباد (1) في جمادى
الأولى سنة خمسين وأربعمائة، وكان مولده في صفر سنة اثنتين
وسبعين وثلاثمائة (2).
قوله: " يكنى أبا العباس " ينافي ما يقتضيه صريح كلامه في ترجمة السيد
المرتضى (رحمه الله) (3)، وكذا كلامه في الإجازة لبني زهرة (4)، وكذا كلام السيد ابن طاووس
- أعلى الله مقامه (5) - من أنه يكنى أبا الحسين.
وفي الرواشح:

1. في المصدر: " بمطرآباد " ومطيرآباد لم تذكر في المعاجم، لكن ذكر ابن الجوزي في المنتظم 8: 180
طبع الهند، وقال: " وقع وباء بالأهواز وأعمالها وبواسط وبالنيل ومطيرآباد والكوفة. وورد في
المعاجم كمعجم البلدان 5: 151: قرية مطيرة، وهي من نواحي سامراء.
2. خلاصة الأقوال: 20 / 53.
3. خلاصة الأقوال: 95 / 22.
4. بحارالأنوار 107: 137.
5. التحرير الطاووسي: 25 من المقدمة.
213

أن أبا العباس النجاشي شيخنا الثقة الفاضل الجليل القدر، السند
المعتمد عليه، المعروف أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن
محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن النجاشي، الذي
ولي الأهواز (1).
وفي شرح مشيخة الفقيه للمولى التقي المجلسي (قدس سره) أنه وثقه العلامة - عليه
الرحمة - بل أكثر الأصحاب؛ لأنهم يعتمدون عليه في الجرح والتعديل، وهو ثبت
كما يظهر من التتبع (2).
وفي البحار في أول الكتاب عند ذكر الكتب المأخوذ منها:
وكتاب معرفة الرجال والفهرست للشيخين الفاضلين الثقتين: محمد بن
عمر بن عبد العزيز الكشي، وأحمد بن علي بن أحمد بن العباس
النجاشي (3).
وفي الأمل: " أن أحمد بن العباس النجاشي ثقة، جليل القدر، يروي عن المفيد " (4). (5)
وفي تعليقات العلامة البهبهاني في ترجمة إبراهيم بن عمر: " أن النجاشي في
غاية الضبط ونهاية المعرفة " (6).
وعن الوجيرة: " أنه ثقة مشهور " (7).
وعن كتاب قبس المصباح للصهرشتي (8): " أنه كان شيخا بهيا، ثقة صدوق

1. الرواشح السماوية: 76، الراشحة العشرون.
2. روضة المتقين 14: 331.
3. بحارالأنوار 1: 16.
4. أمل الآمل 2: 15 / 30.
5. قوله: " ويروي عن المفيد " في رياض العلماء: أنه تلميذ الشيخ المفيد.
6. تعليقات الوحيد البهبهاني: 24 - 25.
7. الوجيزة: 152.
8. قوله: " للصهرشتي " هو من مشاهير تلامذة شيخ الطائفة - عليه الرحمة - كما عن العلامة المجلسي.
وعن فهرست الشيخ منتجب الدين: فقيه درس قواعد الشيخ الطوسي، وجلس مجلس درس السيد
المرتضى (رحمه الله) (منه سلمه الله تعالى).
214

اللسان عند المخالف والموافق " (1).
ومع ذلك قد جمع السيد ابن طاووس في كتابه المسمى ب‍ " حل الإشكال " -
على ما قيل (2) - كتبا خمسة: كتاب الرجال والفهرست للشيخ الطوسي، وكتاب اختيار
الرجال للشيخ الطوسي أيضا - وهو المختصر من كتاب الكشي على ما يقضي به
كلامه في ترجمة الفضل بن شاذان (3) وترجمة أبي يحيى الجرجاني (4) وغير ذلك،
وصرح بذلك جماعة. وتفصيل الحال موكول إلى ما حررناه في بعض الفوائد
المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في رواية الكليني عن الحسين بن محمد -
وكتاب النجاشي، وكتاب ابن الغضائري.
وقد أفرد صاحب المعالم كتاب الاختيار وسماه ب‍ " التحرير الطاووسي "
ومقتضى صريح كلامه في ديباجة التحرير انحصار كتاب ابن طاووس في زمانه
في خطه، وتطرق الضياع على أكثر مواضعه (5). وأفرد الفاضل التستري كتاب ابن
الغضائري.
ومقتضى الجمع المذكور شدة اعتناء السيد ابن طاووس بكتاب (6) النجاشي
كسائر الكتب المجموعة في كتابه، وشدة اعتنائه تكشف عن شدة اعتناء غيره

1. حكاه عنه السيد بحر العلوم في رجاله 2: 40؛ والحائري في منتهى المقال 1: 287.
2. انظر التحرير الطاووسي: 24.
3. رجال الكشي 2: 822 / 1029. قال: " وقيل إن للفضل مائة وستين مصنفا، ذكرنا بعضها في كتاب
الفهرست ".
4. رجال الكشي 2: 814 / 1016، قال: " وسنذكر بعض مصنفاته فإنها ملاح، ذكرناها نحن في كتاب
الفهرست ونقلناها من كتابه ".
5. التحرير الطاووسي: 23.
6. في النسختين كلتيهما: " إلى كتاب ".
215

ممن تقدم عليه أو عاصره؛ لبعد اتفاق الاعتناء من شخص خاص مع عدم مشاركة
غيره من الأمثال والأقران في ذلك، وعلى هذا المنوال يجري الحال في الموارد
العرفية.
ومع ذلك عن السيد ابن طاووس إكثار الاستناد إلى كلام النجاشي فيما رواه
من أخبار المدح أو الذم عن الكشي (1).
والظاهر أن المقصود منه: إكثار النقل عن النجاشي ما نقله عن (2) الكشي
من أخبار المدح أو الذم. ومقتضاه: الاعتماد على النجاشي، بل اشتداد الاعتماد
عليه.
لكن كتاب النجاشي خال عن ذكر الرواية المادحة أو القادحة غالبا؛ مضافا
إلى أنه لا دلالة في إكثار الاستناد على الاعتماد، فضلا عن اشتداد الاعتماد، بناء
على عدم دلالة رواية العدل على العدالة كما هو الأظهر. والتفصيل موكول إلى ما
حررناه في محله في الأصول.
ومع ذلك قد أكثر المحقق - رحمة الله عليه - في المعتبر والنكت الاستناد إلى
كلام النجاشي على ما نقله السيد السند النجفي (3). ومقتضاه: الاعتماد على
النجاشي.
ومع ذلك يأتي في بعض التنبيهات المرسوم في تعارض كلام النجاشي
والشيخ من الكلمات ما يكفي في إفادة الوثوق والاعتماد على النجاشي كل
الكفاية.

1. حكاه السيد بحر العلوم في رجاله 2: 43.
2. في النسختين كلتيهما: " أن "، بدل " عن ".
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 44؛ وانظر المعتبر 1: 92، 230، 292، 356، 406؛ وج 2: 681.
216

تنبيهات
[التنبيه] الأول
[في ضبط النجاشي]
أن النجاشي - بالفتح - اسم ملك الحبشة على ما ذكره في الصحاح (1).
وفي القاموس في مادة النجش: " والنجاشي - بتشديد الياء وبتخفيفها أفصح
ويكسر نونها أو هو أفصح - أصحمة ملك الحبشة " (2).
وفيه في مادة الصحمة: " أصحمة بن بحر ملك الحبشة النجاشي، أسلم على
عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) " انتهى (3).
وقيل: يسمى ملك الحبشة بالنجاشي، وأصحمة علم لهذا الملك الذي كان
في زمان النبي (صلى الله عليه وآله).
وفي المصباح: " والنجاشي ملك الحبشة مخفف عند الأكثر واسمه أصحمة " (4).
وقال السيد الداماد في الرواشح: " النجاشي بتخفيف الجيم والياء جميعا " (5).

1. الصحاح 3: 1021 (نجش).
2. القاموس المحيط 2: 300 (نجش).
3. القاموس المحيط 4: 140 (صحم).
4. المصباح المنير: 594.
5. الرواشح السماوية: 76، الراشحة العشرون.
217

وقال في المغرب - على ما نقله السيد الداماد -:
" النجاشي ملك الحبشة بتخفيف الياء سماعا من الثقات، وهو اختيار
الفارابي، وعن صاحب التكملة بالتشديد. وعن الغوري (1) كلتا اللغتين، وأما تشديد
الجيم فخطأ " (2).
وحكي عن النهاية الأثيرية: " أن النجاشي اسم ملك الحبشة وغيره، والياء
مشددة. وقيل: الصواب تخفيفها " (3).
وحكى (4) بعض عن جامع الأصول: " أن النجاشي ملك الحبشة بفتح النون
وتشديد الجيم والشين المعجمة " (5).
[في ألقاب طائفة من الملوك]
وقد راقني أن أذكر بالمناسبة ألقاب سائر الملوك من باب الحرص على ضبط الفوائد.
ففي الصحاح: " وكسرى لقب ملوك الفرس بفتح الكاف وكسرها، وهو معرب
خسرو " (6).
وفي القاموس: " وكسرى - ويفتح -: ملك الفرس، وهو معرب خسرو،
وقيصر - ويفتح -: ملك الروم، معرب، أي واسع الملك " (7).

1. الغوري بضم الغين المعجمة، وسكون الواو، والراء المهملة نسبة إلى الغور وهو قرية من هراة أو من
توابع هراة، على الخلاف (منه سلمه الله تعالى).
2. المغرب: 245 (طبع مكتبة لبنان).
3. النهاية لابن الأثير 5: 22.
4. في " د " زيادة: " عن ".
5. تتمة جامع الأصول لأحاديث الرسول، لابن الأثير 2: 956 ولكن فيه: " وتخفيف الجيم وبالشين
المعجمة ".
6. الصحاح 2: 806 (كسر).
7. القاموس المحيط 2: 131 (كسر) ولكن ليس فيه: " وقيصر ويفتح ملك الروم معرب "، إنما ذكره في
مادة " قصر " ص 122 بدون ذكر: " أي واسع الملك "؛ بل فيه: " وقيصر لقب من ملك الروم ".
218

وفي المصباح: " وكسرى: ملك الفرس، قال أبو عمرو بن العلاء: بكسر الكاف
لاغير. وقال ابن السراج - كما رواه عنه الفارسي واختاره ثعلب -: الكسر أفصح " (1) انتهى.
و " قيصر " ملك الروم، كما في الصحاح (2).
و " فرعون " ملك مصر على ما احتمله في القاموس؛ حيث ذكر أن فرعون لقب
الوليد بن مصعب صاحب موسى، ووالد الخضر، أو ابنه فيما حكاه النقاش وتاج
القراء في تفسيريهما، ولقب كل من ملك مصر، أو كل عات متمرد (3).
وحكى في المصباح (4) والمجمع (5) عن ابن الجوزي أن الفراعنة ثلاثة: فرعون
الخليل واسمه سنان، وفرعون يوسف واسمه الريان بن الوليد، وفرعون موسى
واسمه الوليد بن مصعب.
وربما قيل: إن فرعون موسى هو فرعون يوسف، وكان بين اليوم الذي دخل
يوسف مصر واليوم الذي دخلها موسى رسولا أربعمائة عام.
وحكى البيضاوي في تفسيره: أن المشهور أن فرعون موسى كان من أولاد
فرعون يوسف (6)، وربما احتمل في تفسير قوله سبحانه في سورة المؤمن: (و لقد
جآءكم يوسف من قبل بالبينات) (7) كون يوسف فرعون موسى سبط (8) يوسف بن
يعقوب، لا نفسه، وهو يوسف بن إبراهيم بن يوسف. (9)

1. المصباح المنير: 533 (كسر).
2. الصحاح 2: 795 (قصر).
3. القاموس المحيط 4: 257 (الفرعون).
4. المصباح المنير: 470.
5. مجمع البحرين 4: 375 (فرع).
6. تفسير البيضاوي 1: 100، ذيل الآية 49 من سورة البقرة.
7. غافر (40): 34.
8. كذا والصحيح: " كون يوسف سبط... " بدون " فرعون موسى ".
9. تفسير البيضاوي 4: 57، وفيه: " ولقد جآءكم يوسف: يوسف بن يعقوب - على أن فرعونه فرعون
موسى، أو على نسبة أحوال الآباء إلى الأولاد - أو سبطه يوسف بن إبراهيم بن يوسف ".
219

ففي (فرعون موسى ويوسف) (1) قول بالتعدد وقول بالاتحاد، وعلى الأخير
قول بكون يوسف فرعون هو يوسف بن يعقوب، واحتمال كونه سبطه، فعلى
الأخير قول باتحاد يوسف وقول بالتعدد.
ويسمى ملك الروم ب‍ " هرقل " أيضا بكسر الهاء، وسكون الراء المهملة، وكسر
القاف، أو كسر الأول وفتح الأخير. وفي القاموس: " أنه أول من ضرب الدنانير،
وأول من أحدث البيعة " (2).
ويسمى ملك الترك ب‍ " خاقان " كما في القاموس، قال: " خاقان اسم لكل ملك
خقنه الترك على أنفسهم، أي ملكوه ورأسوه " (3).
وقد يقال: إن ملك حمير يسمي ب‍ " قيل " وفي الصحاح: " القيل ملك من ملوك حمير
دون الملك الأعظم، والمرأة قيلة، وأصله قيل بالتشديد، كأنه الذي له قول، أي ينفذ " (4).
وفي القاموس: " القيل ملك من ملوك حمير، يقول ما يشاء فينفذ، أو هو دون
الملك الأعلى، وأصله " قيل " كفيعل؛ سمي لأنه يقول ما يشاء فينفذ " (5).
[التنبيه] الثاني
[في مشايخ النجاشي]
أن السيد السند النجفي (6) قد ضبط رجال النجاشي ومشايخه - الذين روى

1. بدل ما بين القوسين في " د ": " فرعون يوسف وفرعون موسى ".
2. القاموس المحيط 4: 69 (هرقل).
3. القاموس المحيط 4: 221 (خقن).
4. الصحاح 5: 1806. (قول).
5. القاموس المحيط 4: 43 (قول). إليك نص المصدر: " والمقول - كمنبر -: اللسان والملك أو من ملوك
حمير يقال ما شاء فينفذ كالقيل أو هو دون الملك الأعلى وأصله قيل كفيعل سمي لأنه يقول ما شاء
فينفذ... ".
6. رجال السيد بحر العلوم 2: 50.
220

عنهم في كتابه، وذكرهم في الطريق إلى أصحاب الأصول والكتب بتوسط العناء (1)
التام في الاستقراء في كلماته - في ثلاثين، وهم على أقسام:
أحدها: المسمى بمحمد، وهو ستة رجال:
الأول: أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، أعني الشيخ المفيد (رحمه الله)، وقد
عقد له عنوانا، وقال: " شيخنا وأستاذنا " (2)، وهو أشهر الخمسة.
قال السيد السند النجفي: " وهو المراد بقوله: " شيخنا أبو عبد الله "، وقوله:
" محمد بن محمد، ومحمد بن النعمان، ومحمد على الإطلاق " (3).
الثاني: محمد بن علي بن يعقوب بن إسحاق بن أبي قرة (4) القناني (5)، عقد له
ترجمة، وذكر المجالسة معه في المجالس (6).
وروى عنه في التراجم كثيرا؛ ففي ترجمة محمد بن علي بن الحسين بن
زيد بن علي: " أخبرنا أبو الفرج " (7).
وفي ترجمة داود بن كثير الرقي: " أخبرني أبو الفرج محمد بن علي بن أبي قرة " (8).
وفي ترجمة محمد بن علي بن علي الشلمغاني: " قال أبو الفرج محمد بن
علي بن الكاتب القناني " (9).

1. في " د ": " الغناء ".
2. رجال النجاشي: 399 / 1067.
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 50.
4. قوله: " قرة " بضم القاف، وتشديد الراء كما في التوضيح. (منه سلمه الله).
5. " القناني " بتقديم القاف المضمومة، والنون المخففة قبل الألف، ذكره في خلاصة الأقوال. (منه
سلمه الله) وفي رجال النجاشي: القنائي.
6. رجال النجاشي: 398 / 1066.
7. رجال النجاشي: 366 / 992.
8. رجال النجاشي: 156 / 410.
9. رجال النجاشي: 378 / 1029، وفيه: " محمد بن علي الشلمغاني ". وأيضا فيه: القنائي.
221

وفي ترجمة عبد الله بن الفضل النبهاني: (1) " أخبرني أبو الفرج الكاتب " (2).
الثالث: أبو عبد الله محمد بن علي بن شاذان القزويني، وهو من شيوخ
إجازته، كما يرشد إليه قوله في ترجمة الحسين بن علوان: " أخبرنا إجازة
محمد بن علي القزويني، قدم علينا سنة أربعمائة " (3).
وروى عنه كثيرا، ففي ترجمة حارث بن المغيرة: " أخبرنا أبو عبد الله
محمد بن علي بن شاذان " (4).
وفي ترجمة ليث المرادي: " أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي القزويني " (5).
وفي ترجمة سهيل بن زياد الواسطي، وسلمة بن الخطاب، وداود بن علي
اليعقوبي، ومحمد بن جبرئيل الأهوازي: " أخبرنا [به] محمد بن علي بن شاذان " (6).
وفي ترجمة سعيد بن جناح: " أخبرنا أبو عبد الله القزويني ابن شاذان " (7).
وفي ترجمة محمد بن مروان: " أخبرنا أبو عبد الله بن شاذان القزويني " (8).
وفي ترجمة العمركي قال: " أخبرنا أبو عبد الله القزويني " ثم قال: " أخبرنا
محمد بن علي بن شاذان " (9).
ويتراءى منه بظاهره التغاير بين أبي عبد الله القزويني ومحمد بن علي بن

1. " النبهاني " بتقديم النون المفتوحة على الموحدة الساكنة، نسبة إلى أبي حي من طي، وهو نبهان بن
عمرو، ذكرها في التوضيح (منه سلمه الله تعالى).
2. رجال النجاشي: 232 / 616.
3. رجال النجاشي: 52 / 116.
4. رجال النجاشي: 139 / 361.
5. رجال النجاشي: 321 / 876.
6. انظر رجال النجاشي الأرقام: 513، 498، 422، 907.
7. رجال النجاشي: 191 / 512.
8. رجال النجاشي: 345 / 930.
9. رجال النجاشي: 303 / 828.
222

شاذان، إلا أنه بعد ثبوت الاتحاد لابد من حمله على التفنن في التعبير، بل هو
الظاهر بعد ثبوت الاتحاد، بل نقل السيد السند النجفي أن مثله من التفنن في
التعبير كثير في كتابه (1)، فيتقوى الظهور المذكور.
قال السيد السند النجفي: " وقد تكرر أبو عبد الله بن شاذان، وأبو عبد الله
القزويني، وابن شاذان، والكل واحد " (2).
الرابع: أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي،
ذكر لأبيه - أعني أحمد - ترجمة، وذكر له كتابين، فقال: " أخبرنا بهما ابنه
أبو الحسن " (3).
قال السيد السند النجفي: " ولا تحضرني الآن رواية للنجاشي عن
أبي الحسن بن أحمد بن شاذان إلا في هذا الموضع، ولم يسمه فيه ".
وحكي التصريح بالاسم والنسب عن القاضي أبي الفتح محمد بن علي
الكراجكي في كتاب كنز الفوائد في عدة مواضع في قوله: " حدثنا الشيخ الفقيه
أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان " (4).
الخامس: أبو الحسين القاضي محمد بن عثمان بن الحسن النصيبي، ذكر له
كتابا في ترجمة فارس بن أبي شجاع الأرجاني (5)، وذكر أنه قرأه على القاضي

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 54.
2. رجال السيد بحر العلوم 2: 54.
3. رجال النجاشي: 84 / 204.
4. رجال السيد بحر العلوم 2: 54؛ كنز الفوائد (كنز العرفان): 259.
5. قوله: " الأرجاني " بفتح الهمزة، وتشديد الراء المفتوحة، والجيم المفتوحة، وبعد الألف نون، نسبة
إلى أرجان، بلد بفارس، ويقال فيه: أرجان بتخفيف الراء ذكره في التوضيح. وقال ابن خلكان
- نقلا -: الأرجاني بفتح الهمزة، وتشديد الراء، وفتح الجيم، وبعد الألف نون نسبة إلى أرجان، وهي
كورة الأهواز من بلاد خوزستان حدها من شوشتر إلى أصفهان، وأكثر الناس يقولون: إنه بالراء المخففة
واستعمله المتنبي في شعره مخففة وحكى الجوهري في الصحاح بتشديد الراء (منه سلمه الله تعالى).
223

المذكور (1).
وقال في ترجمة محمد بن أبي عمير:
فأما نوادره فهي كثيرة؛ لأن الرواة لها كثيرة، فهي تختلف
باختلافهم، فأما التي رواها عنه عبيد الله بن أحمد بن نهيك،
فإني سمعتها من القاضي أبي الحسين محمد بن عثمان بن الحسن
يقرأ عليه حدثكم الشريف الصالح أبو القاسم جعفر بن محمد بن
إبراهيم قراءة عليه قال: حدثنا معلمنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك
عن ابن أبي عمير بنوادره (2).
وقال في ترجمة الحسين بن خالويه النحوي:
له كتب، منها كتاب الأول، ومقتضاه ذكر إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، حدثنا
بذلك القاضي أبو الحسين النصيبي قال: قرأته عليه بحلب (3).
وقال في ترجمة الحسين بن مهران: " وله مسائل أخبرنا أبو الحسين بن
محمد بن عثمان " (4).
وقال في ترجمة حريز بن عبد الله السجستاني:
له كتاب الصلاة كبير، وآخر ألطف منه، وله كتاب نوادر، فأما الكبير
فقرأناه على القاضي أبي الحسين محمد بن عثمان (5).
وقال في ترجمة محمد بن يوسف الصنعاني: " له كتاب أخبرنا محمد بن

1. قال في فارس بن سليمان: " صنف كتاب... قرأته على القاضي أبي الحسين محمد بن عثمان بن
الحسن النصيبي " رجال النجاشي: 310 / 849.
2. رجال النجاشي: 327 / 887.
3. رجال النجاشي: 67 / 161.
4. رجال النجاشي: 56 / 127.
5. رجال النجاشي: 145 / 375.
224

عثمان " (1). (2)
السادس: محمد بن جعفر، روى عنه في ترجمة أبي رافع تارة بدون
الوصف، وأخرى بوصف الأديب، وثالثة بوصف النحوي (3).
وروى عنه في ترجمة الحسن بن محمد بن سماعة ومحمد بن ثابت بوصف
المؤدب (4).
وروى عنه بوصف التميمي في ترجمة الحسين بن محمد بن الفرزدق (5).
والظاهر أنه المقصود بأبي الحسن النحوي في روايته عنه، كما في ترجمة
إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وغيره (6)، وأبي الحسن التميمي كما في ترجمة
أبي رافع (7)، كما جرى عليه السيد السند النجفي (8)، وهو الأظهر؛ لرواية محمد بن
جعفر في الموارد المذكورة عن أحمد بن محمد بن سعيد، وهو ابن عقدة، ورواية
أبي الحسن أيضا عنه، فالاشتراك في المروي عنه يظهر اتحاد مصداق الاسم
والكنية في واحد.
وقد حكى السيد السند النجفي: أنه في ترجمة أحمد بن الحسن بن
سعيد بن عثمان القرشي قال النجاشي: " أخبرنا محمد بن جعفر النجار قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد " (9). واستظهر أن محمد بن جعفر النجار هو

1. رجال النجاشي: 357 / 956.
2. وقد روى النجاشي عن محمد بن عثمان الضياء في ترجمة الحسين بن محمد بن علي الأزدي
(منه سلمه الله).
3. رجال النجاشي: 4 / 1.
4. رجال النجاشي: 41 / 84، وص 369 / 1003.
5. رجال النجاشي: 67 / 160.
6. رجال النجاشي: 14 / 12.
7. رجال النجاشي: 4 / 1.
8. رجال السيد بحر العلوم 2: 57.
9. رجال النجاشي: 91 / 227.
225

محمد بن جعفر المذكور (1). لكن لم أظفر بترجمة أحمد بن محمد بن سعيد بن
عثمان القرشي، لا في كلام النجاشي ولا في غيره.
نعم، عن الشيخ في الرجال في من لم يرو عنوان أحمد بن محمد بن
الحسين بن سعيد القرشي (2).
وقد عنون النجاشي محمد بن جعفر بن محمد أبا الفتح الهمداني، وتعرض
لحاله من دون ذكر الطريق إليه (3)، والظاهر أنه من مشايخه، لكن اختلاف الكنية
مانع عن اتحاده مع محمد بن جعفر المتقدم.
وقد عنون أيضا محمد بن جعفر بن أحمد بن بطة، وكذا محمد بن جعفر بن
محمد بن عبد الله النحوي. وكذا محمد بن جعفر بن عون الأسدي. وكذا
محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين. وكذا محمد بن جعفر بن عنبسة،
إلا أنه ذكر الطريق إلى الكل (4)، فلا مجال للاتحاد مع محمد بن جعفر المتقدم.
ثانيها: المسمى بأحمد، وهو بين رجال:
الأول: أحمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي المشهور، وهذا أشهر
هذه الطائفة المسماة بأحمد. وقد عنونه النجاشي وقال: " أستاذنا وشيخنا ومن
استفدنا منه " (5).
وقال في ترجمة محمد بن زكريا بن دينار: " وقال لي أبو العباس بن نوح:
إنني أروي عن عشرة رجال عنه ". ثم قال:
أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن نوح، قال: حدثنا أبو الحسن

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 57.
2. رجال الطوسي: 453 / 94.
3. رجال النجاشي: 394 / 1053.
4. انظر رجال النجاشي الأرقام: 1019، 1054، 1020، 993، 1025.
5. رجال النجاشي: 86 / 209.
226

علي بن يحيى بن جعفر السلمي الحذاء، وأبو علي أحمد بن الحسين بن
إسحاق بن شعبة الحافظ، وعبد الجبار بن شيران الساكن بنهر جطى في
آخرين قالوا: حدثنا محمد بن دينار الغلابي بجميع كتبه (1).
وفي ترجمة محمد بن أبي عمير: " أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن نوح
مذاكرة " (2) ونقل النجاشي عنه في تراجم كثيرة.
الثاني: أحمد بن محمد بن عمران بن موسى المعروف بابن الجندي، وقد
عقد له عنوانا، وقال: " أستادنا ألحقنا بالشيوخ في زمانه " (3).
وفي ترجمة عبد الصمد بن بشير: " أخبرني أحمد بن محمد بن الجراح " (4).
وفي ترجمة محمد بن همام: " أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن
موسى بن الجراح الجندي " (5).
قال السيد السند النجفي: " ويختلف التعبير عن هذا الشيخ، فيقال: أحمد بن
محمد بن عمران، وأحمد بن محمد بن الجندي، وأبو الحسن بن الجندي، وابن
الجندي " (6).
الثالث: أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البزاز المعروف بابن
عبدون (7)، عنونه وقال: " شيخنا " (8).

1. رجال النجاشي: 346 / 936.
2. رجال النجاشي: 327 / 887.
3. رجال النجاشي: 85 / 206.
4. رجال النجاشي: 249 / 654.
5. رجال النجاشي: 380 / 1032.
6. رجال السيد بحر العلوم 2: 62، والعنوان الثاني فيه: " أحمد بن محمد الجندي ".
7. قوله: " عبدون " بضم العين المهملة، وسكون الباء الموحدة، والنون أخيرا كما في الإيضاح. (منه
سلمه الله تعالى).
8. رجال النجاشي: 87 / 211.
227

الرابع: أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري، ويقتضي
شيخوخته للنجاشي قوله في ترجمة علي بن محمد بن شيران: " كنا نجتمع معه
عند أحمد بن الحسين " (1)، بل قوله في ترجمة أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد
الصيقل: " وقال أحمد بن الحسين (رحمه الله): له كتاب في الإمامة، أخبرنا به أبي، عن
العطار، عن أبيه، عن أحمد بن أبي زاهر، عن أحمد بن الحسين به " (2) على ما
استند إليه السيد السند النجفي في باب الشيخوخة (3)، إلا أنه مبني على كون قوله:
" أخبرنا " من أجزاء مقول القول، فيكون أحمد بن الحسين في الأول، أعني
القائل (4)، لكن يمكن أن يكون قوله: " أخبرنا " جملة مستأنفة وإظهارا للواسطة،
وصرفا (5) لظهور قوله: " قال " في كون الإخبار بلا واسطة، فيكون أحمد بن الحسين
في الآخر هو أحمد بن الحسين في الأول.
إلا أن يقال: إنه خلاف الظاهر، لكن يمكن دعوى الظهور، إلا أن الحسين من
مشايخ النجاشي، فلا مجال لكون نقل النجاشي عنه بوسائط.
ويقتضي مشاركته للنجاشي في التحصيل قول النجاشي في ترجمة أحمد بن
الحسين بن عمر بن يزيد الصيقل: " له كتب لا يعرف منها إلا النوادر، قرأته أنا
وأحمد بن الحسين على أبيه " (6).
وقد صرح السيد الداماد بالمشاركة بملاحظة العبارة المذكورة دون
الشيخوخة من باب عدم الظفر بها (7).

1. رجال النجاشي: 269 / 705.
2. رجال النجاشي: 83 / 200.
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 64.
4. هذا تعيين لاسم " يكون " والمراد: فيكون القائل أحمد بن الحسين في الأول.
5. في " ح ": " وحرفا ".
6. رجال النجاشي: 83 / 200.
7. الرواشح السماوية: 112، الراشحة الخامسة والثلاثون.
228

ولم يأت السيد السند النجفي بذكر المشاركة من باب عدم الظفر بها أيضا (1).
وذكر كلا من الشيخوخة والمشاركة الفاضل الخواجوئى (2)، ولا بأس
باجتماعهما كما حررنا في الرسالة المعمولة في باب ابن الغضائري.
ويرشد أيضا إلى الشيخوخة المشار إليها قوله في ترجمة أحمد بن إسحاق:
" وقال أحمد بن الحسين (رحمه الله) " (3).
وكذا قوله في ترجمة أبان بن تغلب: " قال أبو الحسن أحمد بن الحسين (رحمه الله) " (4).
وكذا قوله في ترجمة الحسين بن أبي العلاء: " وقال أحمد بن الحسين (رحمه الله) " (5).
وكذا قوله في ترجمة جعفر بن أحمد بن أيوب السمرقندي: " ذكر أحمد بن
الحسين (رحمه الله) " (6).
وكذا قوله في ترجمة جعفر بن عبد الله: " قال أحمد بن الحسين (رحمه الله) " (7).
وكذا قوله في ترجمة جعفر بن محمد بن مالك: " قال أحمد بن الحسين " (8).
وكذا قوله في ترجمة خالد بن يحيى بن خالد: " ذكره أحمد بن الحسين
وقال: رأيت له كتابا في الإمامة " (9).
وكذا قوله في ترجمة خيبري بن علي الطحان: " ذكر ذلك أحمد بن
الحسين " (10).

1. انظر رجال السيد بحر العلوم 2: 64.
2. الفوائد الرجالية: 286.
3. رجال النجاشي: 91 / 225.
4. رجال النجاشي: 11 / 7.
5. رجال النجاشي: 52 / 117.
6. رجال النجاشي: 121 / 310.
7. رجال النجاشي: 120 / 306.
8. رجال النجاشي: 122 / 313.
9. رجال النجاشي: 151 / 395.
10. رجال النجاشي: 154 / 408.
229

وكذا قوله في ترجمة محمد بن عبد الله بن جعفر: " قال لنا أحمد بن الحسين " (1).
لكن يمكن أن يقال: إن ما كان بلفظ " قال " - كما هو الغالب فيما ذكر - غير صريح (2)
في اللقاء، بل كثيرا يحكى القول في جميع الفنون عمن لم يلقه الحاكي، بل قد حكى
السيد السند النجفي: أن النجاشي ينقل القول كثيرا عمن لم يلقه كابن الجنيد (3).
وعلى منوال حال " قال " حال " ذكر " إذ كثيرا ما يذكر الذكر في جميع الفنون،
والغرض الذكر في الكتاب دون الشفاهة.
نعم، قوله: " لنا " في الترجمة الأخيرة صريح في الرواية.
وربما قيل برواية النجاشي عن أحمد في ترجمة حماد بن عيسى.
وفيه: أنه قال النجاشي: " أخبرنا به الحسين بن عبيد الله " (4)، فالرواية عن والد
أحمد لا أحمد، والأمر من باب اشتباه الوالد بالولد.
الخامس: أحمد بن محمد بن عبيد الله الجعفي، روى عنه بهذا الاسم والنسبة
في ترجمة محمد بن سلمة بن أرتبيل (5). (6) وروى عنه بهذا الاسم دون النسبة في
ترجمة محمد بن عيسى الأشعري (7)، وكذا القاسم بن الوليد (8) إلا أنه بدل في الأول
المكبر - أعني عبد الله - بالمصغر، أعني عبيد الله، وزاد في الأخير الكنية، أعني أبا
عبد الله مضافا إلى التبديل. قال: " قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله ".

1. رجال النجاشي: 354 / 949.
2. في " ح ": " صحيح ".
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 79.
4. رجال النجاشي: 142 / 370، ولكن فيه أيضا: " قال أحمد بن الحسين (رحمه الله) ".
5. قوله: " أرتبيل " بفتح الهمزة، وسكون الراء، وفتح التاء المثناة الفوقانية، وكسر [الباء و] الياء المثناة
التحتانية الساكنة، واللام أخيرا كما في الإيضاح (منه سلمه الله).
6. رجال النجاشي: 333 / 895.
7. رجال النجاشي: 338 / 905.
8. رجال النجاشي: 313 / 855.
230

قال السيد السند النجفي: " وكأن عبيد الله هو عبد الله، يصغر ويكبر " (1).
قوله: " وكأن " بالتشديد من باب الحروف المشبهة بالفعل، أو بالتخفيف من
باب الأفعال الناقصة، فالمرجع إلى اتحاد عبد الله وعبيد الله، فيتحد " الأحمد "
على الأخير، أو الشك في اتحاد عبد الله وعبيد الله، فيتأتى الشك في اتحاد
" الأحمد " على الأول.
وروى في ترجمة عبد الله بن طلحة وعبد الرحمن بن سالم وعبد الكريم بن
هلال وعبد الملك بن حكيم عن القاضي أبي عبد الله الجعفي عن أحمد بن
محمد بن سعيد (2).
والظاهر أن القاضي هو أحمد بواسطة توصيف القاضي بالجعفي في هذه
الروايات، وتوصيف أحمد به في الرواية عن محمد بن سلمة (3)؛ فيتحد القاضي
الجعفي وأحمد بن محمد بن عبد الله أو عبيد الله.
وروى في ترجمة عبد الرحمن بن أبي نجران عن القاضي أبي عبد الله عن
أحمد بن محمد (4). وفي ترجمة أبان بن محمد عن القاضي أبي عبد الله الجعفي
عن أحمد بن سعيد (5). والظاهر أن القاضي أبا عبد الله هو الجعفي، ولا سيما مع ذكر
كنية أبي عبد الله في أحمد بن محمد بن عبيد الله في ترجمة محمد بن عيسى (6)،
بناء على اتحاد أحمد بن محمد بن عبد الله وأحمد بن محمد بن عبيد الله كما هو
الظاهر، بل لا كلام فيه.

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 65.
2. رجال النجاشي: 224 / 588 و 237 / 629 و 246 / 646 و 239 / 636.
3. رجال النجاشي: 333 / 895.
4. رجال النجاشي: 235 / 622.
5. رجال النجاشي: 14 / 11، وفيه: " أحمد بن محمد بن سعيد ".
6. رجال النجاشي: 338 / 905. ولكن لم يذكر فيه كنية أبي عبد الله.
231

كما أن الظاهر أن أحمد بن سعيد هو أحمد بن محمد بن سعيد.
وفي كلام السيد السند النجفي: نقل رواية عبد الكريم بن هلال
وعبد الملك بن حكيم عن أحمد بن محمد (1)، وكذا نقل رواية أبان بن محمد عن
أحمد بن محمد بن سعيد (2)، وكذا نقل رواية القاضي أبي عبد الله الجعفي في
ترجمة عبد الله بن سالم (3).
ويضعف الأول: بأن المنقول عنه أحمد بن سعيد، لا أحمد بن محمد بن
سعيد، كما يظهر مما مر.
ويضعف الأخير: بأن عبد الله بن سالم غير معنون في كلام النجاشي،
والصواب عبد الرحمن بن سالم كما مر.
السادس: أحمد بن محمد بن هارون، روى عنه في ترجمة إسماعيل بن
زيد الطحان، وجعفر بن بشير، والحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني،
وغيرهم (4). وهو يروي في الكل عن أحمد بن محمد بن سعيد، وهو ابن عقدة.
وروى في ترجمة الحسين بن حماد وغيره عن أحمد بن محمد بن سعيد (5)،
وفي ترجمة محمد بن أبي عمير عن أحمد بن هارون عن أحمد بن محمد بن سعيد (6)،
والمقصود بأحمد بن محمد وأحمد بن هارون هو أحمد بن محمد بن هارون.
السابع: أحمد بن محمد الأهوازي، وقد روى عنه في ترجمة محمد بن

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 66.
2. رجال السيد بحر العلوم 2: 65، وفيه: " وتكرر في الكتاب روايته عن القاضي أبي عبد الله الجعفي
عن أحمد بن محمد بن سعيد ذكر ذلك في أبان بن محمد البجلي ".
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 65، وفيه: " عبد الله بن طلحة النهدي، وعبد الرحمن بن سالم ".
4. رجال النجاشي: 28 / 54، 119 / 304، 36 / 73.
5. رجال النجاشي: 55 / 124.
6. رجال النجاشي: 326 / 887.
232

إسحاق بن عمار (1)، وهو المعروف بأبي الصلت، كما ذكره الشيخ في الفهرست،
قال في ترجمة إبراهيم بن محمد بن يحيى: " أخبرنا أحمد بن محمد بن موسى
المعروف بأبي الصلت الأهوازي " (2). وقال النجاشي في ترجمة برية (3) العبادي:
" أخبرنا ابن أبي الصلت الأهوازي " (4).
ويمكن أن يعد من هذا الباب رجلان:
أحدهما: أحمد بن محمد بن المستنشق، روى عنه في ترجمة عبد الله بن
مسكان، عن أبي علي بن همام (5)، لكن استظهر السيد السند النجفي كونه هو
ابن الجندي بواسطة روايته عن أبي همام؛ حيث إن النجاشي روى عن
ابن الجندي عن ابن همام، فيكون المستنشق من ألقاب الجندي (6).
ثانيهما: أحمد بن محمد بن يحيى، روى عنه في ترجمة سندي بن الربيع (7)،
لكن حكم السيد السند النجفي بكونه سهوا؛ نظرا إلى أن النجاشي يروي عن
أحمد بن يحيى بتوسط بعض مشايخه يعني علي بن أحمد بن محمد بن
أبي جيد (8)، واستظهر أن السند: أحمد عن أحمد بن محمد بن يحيى، والمراد
بالأول أحمد بن نوح، فأسقط النساخ ما سقط لتوهم التكرار (9).

1. رجال النجاشي: 361 / 968.
2. الفهرست: 3 / 1. وفيه: " ابن الصلت "، بدل " أبي الصلت ".
3. قوله: " برية " بضم الباء الموحدة، وسكون الراء المهملة، وفتح الياء المثناة التحتانية، كما عن
ابن داود (منه سلمه الله تعالى).
4. رجال النجاشي: 113 / 292.
5. رجال النجاشي: 214 / 559. وفيه: " أحمد بن محمد المستنشق ".
6. رجال السيد بحر العلوم 2: 71.
7. رجال النجاشي: 187 / 496.
8. قوله: " أبي جيد " بالجيم المكسورة، والياء الساكنة المنقطة تحتها نقطتين، والدال المهملة، كما في
الإيضاح (منه سلمه الله).
9. رجال السيد بحر العلوم 2: 71.
233

ثالثها: المسمى بعلي، وهو بين رجال:
الأول: والده علي بن أحمد بن العباس، روى عنه مع التصريح بالاسم في
ترجمة محمد بن أبي القاسم ماجيلويه، وعثمان بن عيسى العامري، ومحمد بن
علي بن بابويه، كما تقدم (1). وبدون التصريح بالاسم في ترجمة علي بن
عبد الله بن علي، ومحمد بن إسماعيل بن بزيع (2).
الثاني: علي بن أحمد بن أبي جيد، روى عنه في ترجمة الحسين بن مختار (3)،
والظاهر أنه المقصود بروايته عن أبي الحسين علي بن أحمد بن محمد بن طاهر
الأشعري كما في ترجمة إدريس بن عبد الله (4)، وروايته عن علي بن أحمد بن
محمد بن طاهر الأشعري القمي كما في ترجمة محمد بن الحسن الصفار.
وكذا روايته عن علي بن أحمد القمي وعلي بن أحمد وأبي الحسين بن أبي جيد
وابن أبي جيد، كما في تراجم أخرى كما نقله السيد السند النجفي (5)، وقد حكم السيد
المذكور بالاتحاد في جميع التراجم المذكورة التي سمعت ظهور الاتحاد فيها.
وقد أكثر عنه الشيخ في المشيخة وفي الفهرست على ما نقله السيد المذكور (6).
الثالث: القاضي أبو الحسين علي بن شبل (7) بن أسد، روى عنه في ترجمة
إبراهيم بن إسحاق الأحمري، وظفر بن حمدون، وعبد الله بن حماد الأنصاري (8).

1. رجال النجاشي: 353 / 947، 300 / 817، 389 / 1049.
2. رجال النجاشي: 254 / 666، 330 / 893.
3. رجال النجاشي: 54 / 123.
4. رجال النجاشي: 104 / 259.
5. رجال السيد بحر العلوم 2: 72.
6. رجال السيد بحر العلوم 2: 72.
7. قوله: " شبل " بالشين المعجمة، والباء الموحدة، كما يقتضيه ملاحظة النجاشي في موارد ذكره
(منه سلمه الله).
8. رجال النجاشي: 19 / 21، 209 / 554، 218 / 568.
234

الرابع: القاضي أبو الحسين علي بن محمد بن يوسف، روى عنه في ترجمة
محمد بن إبراهيم الإمام ابن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن
عبد المطلب (1)، قال: " له نسخة عن جعفر بن محمد كبيرة، أخبرنا القاضي
أبو الحسين علي بن محمد بن يوسف بسر من رأى " (2).
وحكى في ترجمة محمد بن مسعود العياشي عن أبي عبد الله الحسين بن
عبيد الله - أي الغضائري - عن القاضي أبي الحسين علي بن محمد عن أبي جعفر
الزاهد:
أنه أنفق العياشي (3) على العلم والحديث تركة أبيه سائرها - أي التركة -
ثلاثمائة ألف وكانت داره - كالمسجد بين ناسخ أو مقابل أو قارئ أو
معلق (4) - مملوءة من الناس. وصنف كتبا (5). (6)
إلا أنه يحتمل أن يكون تصنيف الكتب من كلام النجاشي.

1. قوله: " عبد المطلب " في الصحاح: وباسم الفاعل عبد المطلب، وفي المجمع: وعبد المطلب على
صيغة اسم الفاعل (منه سلمه الله).
2. رجال النجاشي: 355 / 951.
3. في المصدر: أبو النضر.
4. قوله: " أو معلق " عن بعض النسخ " معلم " وقال السيد السند التفرشي في حاشية النقد: ما بها من
علاق، أي شيء من المرتع، كذا في الصحاح. ويؤيده قول النجاشي عند ترجمة محمد بن عمرو
الكشي: في داره التي كانت مرتعا للشيعة.
أقول: إنه مبني على كون " معلق " من باب اسم المكان معطوفا على المسجد، ولعل الظاهر أنه من باب
اسم الفاعل من باب تفعيل [معطوفا] على قار، والغرض من يحشي الكتاب، مع أنه على ذلك لابد من
أن يكون قوله: " بين ناسخ أو مقابل أو قار " قيدا للمسجد، وهو خلاف الظاهر أنه قيد للدار، ومعترضا
بين المعطوف والمعطوف عليه، كما لو قيل: جاءني زيد ونمت في الليل وعمرو وهو على تقدير صحته
خلاف الظاهر أيضا (منه سلمه الله).
5. رجال النجاشي: 350 / 944. وفيه: " وصنف أبو النضر كتبا ".
6. قوله: " قد صنف كتبا " قد عد الكتب بعد هذا (منه سلمه الله).
235

[في معنى " سائر "]
قوله: " سائرها " أي جميعها.
ومن هذا القبيل: قول النجاشي في ترجمة أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن
المعلى: " وكان مستملي أبي أحمد الجلودي، وسمع منه كتبه سائرها ورواها " (1).
وكذا قوله في ترجمة إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى: " وحكى بعض
أصحابنا عن بعض المخالفين أن كتب الواقدي سائرها إنما هي كتب إبراهيم بن
محمد بن يحيى، نقلها الواقدي وادعاها " (2). ونقله في الفهرست بهذه العبارة عن
بعض الثقات (3).
وكذا قوله في ترجمة أحمد بن عبد الواحد المعروف بابن عبدون: " أخبرنا
بسائرها " بعد أن قال: " له كتب " وعد الكتب (4).
وكذا قوله في ترجمة الجعابي - أعني محمد بن عمر بن محمد بن سالم -:
" أخبرنا بسائر كتبه " (5).
وكذا ما صنعه الشيخ في الفهرست في أحمد بن إدريس؛ حيث قال: " له كتاب
النوادر كثير الفوائد ". وذكر طريقا صحيحا لسائر رواياته (6).
وكذا قول الشهيد (رحمه الله) في اللمعة في كتاب الحجر: و " يجوز أن يتوكل لغيره في
سائر العقود ". قال الشارح:
أي في جميعها، وإن كان قد ضعف إطلاقه عليه بعض أهل العربية حتى عده

1. رجال النجاشي: 96 / 239.
2. رجال النجاشي: 14 / 12.
3. الفهرست: 3 / 1.
4. رجال النجاشي: 87 / 211.
5. رجال النجاشي: 594 / 1055.
6. الفهرست: 26 / 81.
236

في درة الغواص من أوهام الخواص، وجعله مختصا بالباقي؛ أخذا له من
السؤر - وهو البقية - وعليه جاء قول النبي (صلى الله عليه وآله) في الحديث المشهور لابن
غيلان: " أمسك عليك أربعا وفارق سائرهن " (1) لكن قد أجازه بعضهم (2).
قوله: " لابن غيلان " هذا هو المعروف في الألسن، ونقله العضدي في بحث
الظاهر والمأول عن نسخ المختصر. وكذا نقله الفاضل الخوانساري عن الإحكام،
لكن العضدي جعل الصحيح هو " غيلان "، وعلله التفتازاني بما نقله عن
الاستيعاب وغيره من الكتب المعتبرة من أنه ليس في أسامي الصحابة " ابن غيلان "
وإنما هو " غيلان " بن شرحبيل الثقفي، أسلم يوم الطائف وعنده عشرة نسوة (3).
[و] الفاضل الخوانساري عن الفخري في عموم البرهان، مع أنه جرى في كتاب
التأويل على " غيلان ".
رابعها: المسمى بحسن، وهو بين رجلين:
أحدهما: الحسن بن أحمد بن إبراهيم، روى عنه في ترجمة أحمد بن
عامر بن سليمان بن صالح، وترجمة محمد بن تميم النهشلي التميمي البصري (4).
ثانيهما: أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (5)، روى عنه
في ترجمة عبد الله بن داهر، وعقد له عنوانا، وقال بعد التوثيق: " جاور آخر عمره
بالكوفة، ورأيته بها " (6).

1. سنن ابن ماجة 1: 628 باب 40 حديث 1953؛ الموطأ 2: 586 باب جامع الطلاق.
2. الروضة البهية 4: 105.
3. الاستيعاب بهامش الإصابة في تمييز الصحابة 3: 189.
4. رجال النجاشي: 100 / 250، 365 / 988.
5. رجال النجاشي: 228 / 602.
6. رجال النجاشي: 65 / 151.
237

خامسها: المسمى بالحسين، وهو بين رجال:
الأول: حسين بن عبيد الله الغضائري، وقد عقد له عنوانا، وذكر أنه
شيخه وله كتب وأجازه جميعها وجميع رواياته عن شيوخه (1). وروى
عنه في ترجمة جعفر بن المثنى، وحكم بن حكيم، وحماد بن عيسى
وغيرها (2). وقد حررنا حاله في الرسالة المعمولة في باب ابنه المعروف
بابن الغضائري.
الثاني: أبو عبد الله الحسين بن جعفر بن محمد المخزومي الخزاز،
المعروف بابن الخمري (3)، وروى عنه على الوجه المذكور في ترجمة عبد الله بن
إبراهيم بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) (4)، وفي ترجمة خلف بن عيسى:
" أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الخمري " (5). وروى عنه في ترجمة علي بن بابويه
عن أبي جعفر الصدوق أنه قال: " ولدت بدعوة صاحب الأمر (عليه السلام) " ويفتخر بذلك،
والدعوة إشارة إلى ما ذكره النجاشي من أن علي بن بابويه قدم العراق واجتمع مع
ابن روح وكاتبه على يد علي بن جعفر الأسود يسأله أن يوصل له رقعة إلى
الصاحب ويسأله فيها الولد، فكتب إليه: " قد دعونا الله لك بذلك، وسترزق ولدين
ذكرين خيرين " (6).
وربما يشبه المقام ما في ترجمة محمد بن سنان عن الحسين بن داود من أنه

1. رجال النجاشي: 69 / 166.
2. رجال النجاشي: 121 / 309، 137 / 353، 142 / 370.
3. قوله: " المعروف بابن الخمري " بالخاء المعجمة المضمومة، والميم الساكنة، والراء المكسورة، كما
في التوضيح (منه سلمه الله).
4. رجال النجاشي: 224 / 587.
5. رجال النجاشي: 152 / 400.
6. رجال النجاشي: 261 / 684.
238

- أي الحسين - دخل على أبي جعفر (عليه السلام) وبأهله حبل، فقال: ادع الله أن يرزقني
غلاما ذكرا، فأطرق مليا ثم رفع رأسه وقال: " اذهب، فإن الله يرزقك غلاما ذكرا "
ثلاث مرات، فقدم مكة وحكى ذلك لجماعة، منهم محمد بن سنان، فقالوا: أيا
فهمت منه، ذكرا أو ذكيا؟ (1) فقال ابن سنان (2): أما أنت سترزق ولدا ذكرا إما يموت
على المكان أو يكون ميتا، فقيل لمحمد بن سنان: أسأت، قد علمنا الذي علمت،
فأتى غلام، فقال: أدرك، فقال: مات أهلك، فذهب مسرعا ووجدها على شرف
الموت، ثم لم تلبث أن ولدت غلاما ذكرا ميتا (3).
وفي ترجمة الحسين بن أحمد بن المغيرة: " له كتاب عمل السلطان،
أجازنا روايته أبو عبد الله الخمري الشيخ الصالح في مشهد مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)
سنة أربعمائة عنه " (4).
وفي ترجمة محمد بن الحسن بن شمون (5): أنه عاش مائة وأربع عشر سنة،
ثم قال: " وأخبرنا بسنه أبو عبد الله الخمري " (6).
الثالث: أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن موسى بن هدية، روى عنه في
ترجمة علي بن مهزيار من غير تكنية بأبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " أخبرنا محمد بن

1. في " د ": " فقالوا عنه أي ختمت عنه ذكرا أو ذكيا " وفي " ح ": " فقالوا أي فتمت عن ذكرا أو زكيا "
والصحيح ما أثبتناه.
2. قوله: " فقال ابن سنان " إلى آخره، يتضح حال هذا المقال بملاحظة الرسالة المعمولة في باب
ابن سنان (منه سلمه الله).
3. رجال الكشي 2: 848 / 1090. بتفاوت منه إن فيه: " فهمت عنه ذكي أو زكي؟ فقلت: ذكي قد
فهمته ".
4. رجال النجاشي: 68 / 165.
5. قوله: " شمون " بفتح الشين المعجمة، وضم الميم المشددة، والنون آخرا (منه سلمه الله).
6. رجال النجاشي: 336 / 899، وفيه: " أبو عبد الله بن الخمري ".
239

محمد والحسين بن عبيد الله والحسين بن أحمد بن موسى بن هدية (1) " (2)، لكنه ذكر
الكنية في ترجمة عبد العزيز بن يحيى بن عيسى الجلودي، قال: " أخبرنا
أبو عبد الله بن هدية " (3).
وفي ترجمة محمد بن عبد المؤمن: " أخبرنا الحسين بن أحمد بن موسى " (4).
وفي ترجمة سعد بن عبد الله: " أخبرنا محمد بن محمد، والحسين بن
عبيد الله، والحسين بن موسى " (5).
وفي ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران: " أخبرنا الحسين بن
موسى (6) ". وكذا في ترجمة محمد بن الحسن الميثمي (7).
والمقصود بالحسين في الجميع هو الحسين بن أحمد بن موسى.
وفي ترجمة الحسن بن علي بن أبي عقيل: " أخبرنا الحسين بن أحمد بن
محمد " (8).
وقد جرى السيد السند النجفي على طرح الاتحاد بين هذا الحسين
والحسين بن أحمد بن موسى (9). وهو مبني على تعدد اسم موسى أو هدية، بأن
كان موسى أو هدية يسمى بمحمد أيضا، أو كون والد هدية أو بعض أجداده
يسمى بمحمد أيضا، حتى تكون الإضافة إليه بإسقاط الواسطة، والأول بعيد،

1. قوله: " هدية " بالمثناة التحتانية المشددة، كما في الإيضاح (منه سلمه الله).
2. رجال النجاشي: 253 / 664.
3. رجال النجاشي: 244 / 640.
4. رجال النجاشي: 378 / 1028.
5. رجال النجاشي: 178 / 467.
6. رجال النجاشي: 349 / 939.
7. رجال النجاشي: 363 / 979، وفيه: " أخبرنا الحسين بن هدية ".
8. رجال النجاشي: 48 / 100.
9. رجال السيد بحر العلوم 2: 75.
240

والثاني غير ثابت، وفيه الكفاية.
وإن قلت: إن هدية من باب اللقب، فلا بأس بكون الملقب به يسمى بمحمد
أيضا.
قلت: كون هدية من باب اللقب غير معلوم وفيه الكفاية، بل الظاهر كونه اسما.
سادسها: الرجال المختلفون في الاسم، وهم ثمانية رجال:
الأول: القاضي أبو بكر إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن جعفر، روى عنه في
ترجمة دعبل الخزاعي المعروف (1).
وفي ترجمة محمد بن جرير الطبري: " أخبرنا القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن
مخلد " (2).
وفي ترجمة محمد بن الحسن بن أبي سارة: " قال أبو إسحاق الطبري " (3).
ولعله يكون هو القاضي المذكور.
بل قد جرى السيد السند النجفي على ظهور الاتحاد (4). لكن لابد على تقدير
الاتحاد من سقوط " بكر " بين الأب وإسحاق في كل من الترجمتين من قلم
النجاشي أو قلم الناسخ.
الثاني: أبو الحسن أسد بن إبراهيم بن كليب السلمي الحراني، روى عنه في
ترجمة الحسين بن محمد بن علي الأزدي (5). (6)

1. رجال النجاشي: 162 / 428، وفيه: " أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد ".
2. رجال النجاشي: 322 / 879.
3. رجال النجاشي: 324 / 883.
4. رجال السيد بحر العلوم 2: 75.
5. رجال النجاشي: 66 / 154.
6. قوله: " الأزدي " بإسكان الزاي، كما ذكره العلامة في الإيضاح في ترجمة ذبيان بن حكيم
(منه سلمه الله).
241

الثالث: سلامة بن ذكاء أبو الخير الموصلي، وفي الخلاصة موضع " ذكاء ":
" زكريا " وفي موضع " أبو الخير ": " أبو الحسن " (1) روى عنه في ترجمة علي بن
محمد العدوي الشمشاطي (2).
الرابع: أبو الحسن العباس بن عمر بن العباس بن محمد بن عبد الملك بن
أبي مروان الكلوذاني (3) روى عنه في ترجمة علي بن الحسين بن بابويه فقال، قال:
" أخذت إجازة علي بن الحسين بن بابويه لما قدم بغداد سنة ثمان وعشرين
وثلاثمائة بجميع كتبه " (4).
وفي ترجمة حصين بن المخارق (5): " له كتاب التفسير والقراءة كتاب كبير،
قرأت على أبي الحسن العباس بن عمر بن العباس بن محمد بن عبد الملك
الفارسي الكاتب، وكتب ذلك لي بخطه " (6).
وفي ترجمة روح بن عبد الرحيم: " أخبرنا العباس بن عمر المعروف بابن
مروان الكلوذاني (رحمه الله) " (7).
وفي ترجمة وهب بن وهب: " أخبرنا العباس بن عمر الكلوذاني " (8).

1. خلاصة الأقوال: 101 / 49.
2. رجال النجاشي: 263 / 689.
3. قوله: " الكلوذاني " بالكاف المكسورة، واللام الساكنة، والواو المفتوحة، والذال المعجمة، والنون
بعد الألف، كما في التوضيح (منه سلمه الله تعالى).
4. رجال النجاشي: 261 / 684.
5. قوله: " حضين " بضم الحاء المهملة - كما في الخلاصة والإيضاح - وفتح الضاد المعجمة - كما في
الأول - وفتح الصاد المهملة كما في الثاني.
" ابن المخارق " بالميم المضمومة، والخاء المعجمة، والراء المهملة بينهما ألف، والقاف كما في
التوضيح (منه سلمه الله).
6. رجال النجاشي: 145 / 376.
7. رجال النجاشي: 168 / 444.
8. رجال النجاشي: 430 / 1155.
242

وفي ترجمة علي بن إبراهيم الجواني: " أخبرنا العباس بن عمر بن العباس " (1)
والكل واحد.
الخامس: أبو أحمد عبد السلام بن الحسين بن محمد بن عبد الله البصري،
روى عنه في ترجمة يعقوب بن السكيت (2).
وفي ترجمة محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله النحوي أبي بكر
المؤدب: " أخبرنا عبد السلام بن الحسين بن الأديب البصري " (3).
وفي ترجمة عبد الله بن أحمد بن حرب: " أخبرنا أبو أحمد عبد السلام بن
الحسين الأديب البصري " (4).
وفي ترجمة أصبغ بن نباتة: " أخبرنا عبد السلام بن الحسين " (5).
وقال في ترجمة عبد الله بن أحمد بن حرب: " أخبرنا أبو أحمد عبد السلام
ابن الحسين الأديب البصري (6) ".
وقال في ترجمة أحمد بن عبد الله بن أحمد بن جلين الدوري أبي بكر
الوراق (7): " لا نعرف له إلا كتابا واحدا في طرق من روى رد الشمس " ثم قال: " دفع

1. رجال النجاشي: 262 / 687.
2. رجال النجاشي: 449 / 1214.
3. رجال النجاشي: 394 / 1054، وفيه: " أخبرنا أبو أحمد عبد السلام بن الحسين البصري ".
4. رجال النجاشي: 218 / 569.
5. رجال النجاشي: 8 / 5. وفيه: " عبد السلام بن الحسين الأديب ".
6. رجال النجاشي: 218 / 569.
7. " جلين " بضم الجيم، وتشديد اللام المكسورة، وسكون الياء المثناة التحتانية، والنون، كما في
خلاصة الأقوال والإيضاح والتوضيح.
قوله: " الدوري " بضم الدال، وسكون الواو، كما في التوضيح. وعن الطراز أن الدور اسم سبعة مواضع
بنواحي بغداد.
قوله: " الوراق " قيل: له معنيان، كثير الدرهم، والذي يورق ويكتب (منه سلمه الله).
243

إلي شيخ الأدب أبو أحمد عبد السلام بن الحسين البصري - (رحمه الله) - كتابا بخطه قد
أجاز له فيه جميع روايته " (1).
السادس: أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الحذاء الدعلجي، رسم له
ترجمة قال: " عبد الله بن محمد بن عبد الله أبو محمد الحذاء الدعلجي، منسوب
إلى موضع خلف باب الكوفة ببغداد يقال له: الدعالجة، كان فقيها عارفا، وعليه
تعلمت المواريث " (2).
وفي ترجمة أحمد بن محمد بن الحسين بن الحسن بن دول: " قال
أبو محمد عبد الله بن الدعلجي " (3). وعن بعض النسخ " قال أبو عبد الله بن محمد
الدعلجي ".
وفي ترجمة علي بن علي بن رزين أخي دعبل: " قال عثمان بن أحمد
الواسطي وأبو محمد بن عبد الله بن محمد الدعلجي " (4).
وهذه الترجمة مشتملة على زيادة " الابن " بين محمد وعبد الله بخلاف
الترجمة الأولى والثانية، والزيادة وإن كانت مقدمة على النقيصة مطلقا على
المشهور، إلا أن الأظهر التفصيل بتقدم الزيادة في صورة اتحاد الصورة كما هو
الحال في الترجمة الأخيرة بالنسبة إلى الترجمة الأولى (5) لمساواة الزيادة والنقيصة

1. رجال النجاشي: 85 / 205. فيه: جميع رواياته.
2. رجال النجاشي: 230 / 609.
3. رجال النجاشي: 89 / 223. وفيه: " عبد الله بن محمد الدعلجي ".
4. رجال النجاشي: 277 / 727، والموجود فيه: " أبو محمد عبد الله بن محمد ".
5. قوله: " كما هو الحال في الترجمة الأخيرة بالنسبة إلى الترجمة الأولى " فإن محل ذكر الابن متقدم
على أبي محمد في الترجمة الأولى، ومتأخر في الترجمة الأخيرة، وعلى ما ذكر يعتضد النقيصة في
الترجمة الثانية بالإضافة إلى الزيادة في الترجمة الأخيرة أن الغالب تعقيب الكنية بالاسم لا إضافة
الكنية إلى المضاف إليه، وبعد، ما ذكرنا في المتن من التفصيل إنما كتبته سابقا، ولعل الأظهر القول
بتقديم الزيادة مطلقا، ولو مع اختلاف الصورة، فيتأتى اعتضاد النقيصة، فالنقيصة ظاهرة لبعض
الجهات، كما في الترجمة الأولى، فإن الظاهر أن الأمر ليس من باب الاشتباه؛ إذ لم يعهد التصدير
بالابن في مثلها (منه سلمه الله).
244

في القرب إلى الاشتباه في هذه الصورة، لكن يمكن تنزيل إطلاق كلام المشهور
على الصورة الأولى.
ومع ذلك نقول: إن الزيادة إنما تقدم على النقيصة من حيث إنها هي،
كما هو الملحوظ في جميع الترجيحات، فلو تعددت النقيصة فلا يتأتى
تقدم الزيادة، بل إما تتساوى الزيادة والنقيصة، أو تقدم النقيصة على
حسب استعداد عدد النقيصة، وهاهنا قد اتفقت الترجمة الأولى والثانية
في النقيصة، فلا يتأتى تقدم الزيادة في الأخيرة، ولا تضر بذلك مخالفة
بعض النسخ في الترجمة الثانية؛ لندرته، مع كون معارضته مع غيره من
باب الزيادة والنقيصة مع اتحاد الصورة، فيقدم غيره عليه؛ فضلا عن اعتضاد
الغير بالترجمة الأولى، ولا سيما مع كون الموضع المعقود للكلام فيه أبعد
من الاشتباه بالنسبة إلى ما كان الكلام فيه بالاستطراد؛ لزيادة توجه النفس
في الأول بالنسبة إلى الثاني، فالزيادة في الترجمة الأولى أقرب إلى
الظن من النقص في بعض النسخ في الترجمة الثانية، ولو تساوت الزيادة
والنقيصة من حيث إنهما هما.
السابع: أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري (1)، عقد له عنوانا، وقال: " له

1. قوله: " التلعكبري " بالعين المهملة المفتوحة أو المضمومة على الخلاف المذكور في الإيضاح.
وحكى في التوضيح عن بعض الأعلام: أن عكبر - بضم العين، وسكون الكاف، وضم الموحدة قبل
الراء المهملة - اسم رجل من الأكابر. وقيل: من الأكراد. وأضيف إليه التل فقيل: تلعكبر، وسمي ذلك
المكان، فالتلعكبري نسبة إليه. وحكى عن الشهيد بنقل البعض المذكور من الأعلام أنه قال: وجدت
بخط الشهيد خفض اللام. وقال - أي الشهيد الثاني -: ورأيت ضبطه في الخلاصة بالتشديد، وهو
المشهور كما هو الأصل (منه سلمه الله).
245

كتب منها كتاب الجوامع في علوم الدين، كنت أحضر داره مع ابنه أبي جعفر
والناس يقرؤون عليه " (1).
قوله: " مع ابنه أبي جعفر " مقتضى صريحه: كون ابنه يكنى ب‍ " أبي جعفر "،
لكن النجاشي حكى في ترجمة أحمد بن محمد بن الربيع الكندي عن
أبي الحسين محمد بن هارون كونه عالما بالرجال (2)، ومقتضى صريحه: كون ابنه
يكنى ب‍ " أبي الحسين " فالتنافي في البين بين.
إلا أن يقال: إنه يمكن أن يكون لهارون ابنان، أو لابنه كنيتان: أبو جعفر
وأبو الحسين، فلا منافاة، بل الأخير لعله الأظهر هنا، وإن بعد في نفسه؛ إذ
الظاهر أن المكنى بأبي جعفر هو محمد، وقد سمعت أن أبا الحسين
يسمى بمحمد، فالظاهر أن محمدا كما يكنى بأبي الحسين، يكنى
بأبي محمد؛ هذا.
وقد ذكر السيد السند النجفي:
أن النجاشي كان سنه يوم وفاة هارون نحوا من ثلاث عشرة سنة،
بمقتضى أن هارون مات في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة - على ما
ذكره العلامة في الخلاصة - وتولد النجاشي في سنة اثنتين وسبعين
وثلاثمائة على ما تقدم من العلامة في الخلاصة أيضا، قال: ولصغره في
ذلك الوقت قلت روايته عنه بلا واسطة (3).
الثامن: أبو الحسين بن محمد بن أبي سعيد، روى عنه في ترجمة وهب بن
خالد البصري، ولم يأت باسمه (4).

1. رجال النجاشي: 439 / 1184.
2. رجال النجاشي: 79 / 189.
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 81؛ وانظر خلاصة الأقوال: 180 / 20.
4. رجال النجاشي: 431 / 1158.
246

واستظهر السيد السند النجفي:
أن أبا الحسين المذكور هو أبو الحسين أحمد بن محمد بن علي
الكوفي الذي روى عنه السيد المرتضى (رحمه الله) عن الكليني - عليه الرحمة -
كما ذكره الشيخ (رحمه الله) في لم (1). وفي الفهرست (2): أخبرنا الأجل المرتضى عن
أبي الحسين أحمد بن علي بن سعيد الكوفي عن محمد بن يعقوب،
وقال النجاشي: كنت أتردد إلى المسجد المعروف بمسجد اللؤلؤي،
وهو مسجد نفطويه النحوي أقرأ القرآن على صاحب المسجد،
وجماعة من أصحابنا يقرؤون كتاب الكافي على أبي الحسين أحمد بن
أحمد الكوفي الكاتب، ويقولون: حدثكم محمد بن يعقوب الكليني،
قال: ولعل عليا واحد من أجداد أحمد بن محمد ينسب إليه تارة وإلى
أبيه أخرى (3).
ومقصوده بهذا المقال إمكان الجمع بين نسبة أحمد إلى محمد في كلام
النجاشي في ترجمة وهب، وإلى أحمد في كلامه في ترجمة الكليني (4)، وإلى علي
في كلام الشيخ في الفهرست، كما في كلام ابن داود (5)، ولا بأس به.
قال السيد السند المشار إليه: " فهؤلاء رجال النجاشي ومشايخه الذين
روى عنهم في كتابه وذكرهم في الطريق إلى أصحاب الأصول والكتب وهم
ثلاثون شيخا (6) ".

1. قوله: " في لم " [في] ترجمة الأحمد المذكور (منه سلمه الله).
2. قوله: " وفي الفهرست " في ترجمة الكليني (منه سلمه الله).
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 82؛ وانظر رجال الطوسي: 450 / 70؛ والفهرست: 136 / 601.
4. رجال النجاشي: 377 / 1026.
5. رجال ابن داود: 41 / 104.
6. رجال السيد بحر العلوم 20: 82.
247

[في من عبر عنه النجاشي ب‍ " شيخنا "]
[1 - الحسن بن موسى النوبختي]
أقول: إنه قد عقد النجاشي ترجمة للحسن بن موسى أبي محمد النوبختي،
وقال: " شيخنا المتكلم المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلاثمائة وبعدها " (1).
ومقتضاه كون الحسن المذكور من مشايخه.
[2 - سهيل بن زياد أو مؤمن الطاق]
وأيضا قال في ترجمة سهيل بن زياد: " أمه بنت محمد بن النعمان أبي جعفر
الأحول مؤمن الطاق شيخنا المتكلم " (2).
قوله: " شيخنا " راجع إلى سهيل، كما جرى عليه العلامة في الخلاصة (3)، أو
إلى مؤمن الطاق كما جرى عليه الفاضل الشيخ محمد (4)، وهو مقتضى ما صنعه
ابن داود (5) وصاحب الحاوي (6)؛ حيث جعلاه من الضعفاء؛ إذ في قوله: " شيخنا
المتكلم " مدح بليغ.
إلا أن يقال: إن المدح بمثل ذلك لا يوجب اعتبار الشخص، ولا يوجب حسن
الحديث؛ لعدم إفادته للظن بالصدق، كيف لا والعلامة مع الإرجاع إلى سهيل
ذكره في عداد الضعفاء (7).

1. رجال النجاشي: 63 / 148.
2. رجال النجاشي: 192 / 513.
3. خلاصة الأقوال: 229 / 3.
4. استقصاء الاعتبار، لم يطبع.
5. رجال ابن داود: 249 / 230.
6. حاوي الأقوال 3: 508.
7. خلاصة الأقوال: 229 / 3.
248

لكن الأظهر الرجوع إلى سهيل بناء على ما حررناه في الرسالة المعمولة في
" ثقة " من عود ما تردد عوده بين العود إلى صاحب العنوان والعود إلى المذكور
بالتبع إلى صاحب العنوان.
وعلى أي حال فسهيل بن زياد أو مؤمن الطاق من مشايخه.
[3 - الحسين بن علي]
وأيضا قال في ترجمة الحسين بن علي بن الحسين بن محمد بن يوسف
الوزير أبي القاسم المغربي: " وأمه فاطمة بنت أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن
جعفر النعماني شيخنا، صاحب كتاب الغيبة " (1).
قوله: " شيخنا " راجع إلى الحسين، أو إلى محمد، فالحسين أو محمد من
مشايخه، لكن الأظهر الرجوع إلى الحسين.
ويمكن أن يقال: إن قوله: " شيخنا " راجع إلى محمد، وإن كان الأظهر في مثله
العود إلى صاحب العنوان؛ لأن النجاشي ذكر كون محمد صاحب كتاب الغيبة،
حيث إنه عنون محمد بن إبراهيم بن جعفر وعد من كتبه كتاب الغيبة (2)، فهذا المقام
مما قامت القرينة فيه على العود إلى المذكور بالتبع.
ونظيره أن النجاشي قال: " أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح بن وهب بن
عامر - وهو الذي قتل مع الحسين بن علي (عليهما السلام) - ابن حسان (3) بن شريح "؛ حيث إن

1. رجال النجاشي: 69 / 167.
2. رجال النجاشي: 383 / 1042.
3. قوله: " ابن حسان " في نسخة معتبرة لم يكتب ألف الابن، وإنما هو بملاحظة ما ذكر في باب ألف
الابن [من أنه] يسقط إذا وقع صفة بين علمين، وعليه جرى أساتيد الأخبار، وبه صرح في الشافية في
باب الخط، كما عن نفائس الفنون. وفي نسخة معتبرة أخرى كتب الألف، وهو أولى؛ لظهور ما ذكر في
باب السقوط فيما كان الابن صفة بين العلمين بلا فاصلة، وهاهنا وقعت جملة معترضة في البين، أعني
قوله: " وهو الذي قتل مع الحسين (عليه السلام) بكربلاء " فلا وجه للسقوط، ولذا رسمنا الألف في المتن كما أن
ما ذكر في باب السقوط ينصرف العلم فيه إلى الاسم وإن كان الكنية واللقب من باب العلم، ولذا لو نذر
أحد أن لا يذكر علم شخص وذكر لقبه لا يتأتى الحنث، فلا يتناول ذلك ما لو كان بين اسم وكنية ولقب،
أو بين كنيتين، أو بين لقبين، أو بين كنية ولقب (منه سلمه الله تعالى).
249

قوله: " وهو الذي قتل مع الحسين " - إلى آخره - راجع إلى وهب بن عامر، لا إلى
أحمد بن عامر، كما صرح به بعض الأعلام؛ إذ لا مجال لاحتمال العود إلى أحمد.
وعلى هذا المنوال الحال في كل ما عاد الضمير فيه قبل الفراغ عن العنوان.
[4 - محمد بن إبراهيم]
وقال النجاشي في ترجمة محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني المتقدم:
" شيخ من أصحابنا " (1) فالضمير في قوله: " شيخنا " للمتكلم مع الغير والإضافة
بتقدير " من "، وليس الضمير للتعظيم والإضافة بتقدير اللام كما هو الظاهر، وهو
مبنى احتمال كون محمد بن إبراهيم من مشايخ النجاشي.
إلا أن يقال: إن عد كتاب الغيبة من كتب محمد بن إبراهيم في ترجمته وإن
يقضي بعود قوله: " شيخنا " إلى محمد بملاحظة قوله: " صاحب كتاب الغيبة " لكن
قوله: " شيخ من الأصحاب " لا يوجب صرف قوله: " شيخنا " عن ظاهره؛ إذ لا منافاة
بين كونه شيخا للنجاشي وشيخا من الأصحاب.
لكن يمكن أن يقال: إن الظاهر من قوله: " شيخ من الأصحاب " هو عدم
شيخوخته له؛ قضية مقام البيان؛ حيث إنه لو كان شيخا له، لكان مقتضى مقام
البيان ذكره، بل لا يستعمل ذلك أحد في حق شيخه.
إلا أن يقال: إن غاية الأمر لزوم ارتكاب خلاف الظاهر في قوله: " شيخنا "
بقرينة قوله: " شيخ من الأصحاب " أو بالعكس، ولا يتعين الأول كما هو مدار

1. رجال النجاشي: 383 / 1043
250

الإشكال المتقدم في دلالة قول النجاشي: " شيخنا " على شيخوخة محمد.
لكن يمكن أن يقال: إن ظهور قوله: " شيخ من الأصحاب " في عدم
الشيخوخة له أقوى من ظهور قوله: " شيخنا " في الشيخوخة له؛ إذ كثيرا ما
يستعمل " شيخنا " في غير الشيخ بالمعنى المتعارف.
إلا أن يقال: إن هذا المقال في كلام غير أرباب الرجال خال عن المقال، وأما
في كلام أرباب الرجال فهو محل الإشكال.
لكن يمكن أن يقال: إن الفتور في الظهور لا يختص بالاستعمال في خلاف
الظاهر في كلام أرباب الرجال، بل يتطرق الفتور في الظهور بالاستعمال في
خلاف الظاهر، ولا (1) في كلام غير أرباب الرجال. وعلى هذا المنوال الحال في
كلام سائر أرباب الفنون، فلا يختص الفتور في الظهور باستعمال اللفظ في خلاف
الظاهر في كلام أرباب فن، بل يتطرق الفتور ولو بالاستعمال في خلاف الظاهر
في كلام أرباب فن آخر، فتدبر.
وأيضا قال في ترجمة أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان: " أخبرنا ابنه
أبو الحسن " (2). ومقتضاه: كون أبي الحسن من مشايخه.
وأيضا قال في ترجمة علي بن علي بن رزين، أخي دعبل: " قال عثمان بن
أحمد الواسطي " (3). ومقتضاه كون عثمان من مشايخه.
لكن نقل القول بمجرده غير صريح في اللقاء، ولا سيما مع إكثار النجاشي نقل
القول عمن لم يلقه، وقد تقدم الكلام فيه، بل يمكن اتحاد عثمان مع
أبي الحسن بن أحمد بن شاذان المتقدم.
وأيضا عقد عنوانا لمحمد بن جعفر بن أبي الفتح الهمداني، وتعرض لحاله،

1. كذا. والأنسب " ولو ".
2. رجال النجاشي: 84 / 204.
3. رجال النجاشي: 276 / 727.
251

ولم يذكر الطريق إليه (1). والظاهر أنه من مشايخه، وقد اعترف به السيد السند
النجفي في بعض كلماته.
إلا أن يقال: إن من عقد له العنوان وتعرض لحاله ولم يذكر الطريق إليه غير
عزيز، ولا يلتزم بشيخوخة الكل ملتزم، بل الظاهر - بل بلا إشكال - عدم شيخوخة
أحد منهم.
وأيضا قال في ترجمة حصين بن المخارق: " أخبرنا أبو الفرج علي بن
الحسين بن محمد الأصفهاني " (2). ومقتضاه: كون أبي الفرج من مشايخه.
وأيضا قال في ترجمة الحسين بن نعيم بن صحاف: " قال عثمان بن
حاتم بن منتاب " (3).
وأيضا قال في ترجمة الحسن بن علي بن أبي عقيل: " أخبرنا الحسين بن
أحمد بن محمد " (4). إلا أن السيد السند النجفي قد طرح الاتحاد بينه وبين
حسين بن أحمد بن موسى بن هدية، وقد تقدم طرح الكلام فيه.

1. رجال النجاشي: 394 / 1053.
2. رجال النجاشي: 145 / 376.
3. رجال النجاشي: 53 / 120، والموجود فيه: " الحسين بن نعيم الصحاف ".
4. رجال النجاشي: 48 / 100.
252

تذييلات
الأول
[في أرباب الترجمة من المشايخ المتقدمة]
أن أرباب الترجمة من المشايخ المتقدمة - كما يظهر بملاحظة ما تقدم -
تسعة: شيخنا المفيد، وأبو الفرج، وابن نوح، وابن الجندي، وابن عبدون،
وحسين بن عبيد الله الغضائري، وابن الميثم العجلي، والدعلجي، والتلعكبري.
ولعل عدم الترجمة لسائر المشايخ من جهة عدم التصنيف لهم، أو عدم
الاطلاع على التصنيف لهم؛ حيث إنه - أعني النجاشي - قد وضع كتابه لذكر
المصنفين من أصحابنا، وتفصيل مصنفاتهم كما يرشد إليه قوله فاتحة كتابه:
أما بعد، فإني قد وقفت على ما ذكره السيد الشريف - أطال الله بقاءه وأدام
توفيقه - من تعيير قوم من مخالفينا أنه لا سلف لكم، ولا مصنف، وهذا
قول من لا علم له بالناس، ولا وقف على أخبارهم، ولا عرف منازلهم
وتاريخ أخبار أهل العلم، ولا لقي أحدا فيعرف منه، ولا حجة علينا لمن
لا يعلم ولا عرف، وقد جمعت من ذلك ما استطعته ولم أبلغ غايته؛ لعدم
أكثر الكتب، وأنا ذكرت ذلك عذرا إلى من وقع إليه كتاب لم أذكره (1).

1. رجال النجاشي: 3.
253

لكنه لم يأت بعقد الترجمة لابن الغضائري - أعني أحمد بن الحسين بن
أبي عبيد الله (1) - مع أنه صاحب الكتاب والتصنيف؛ حيث إن الشيخ صدر الفهرست
ذكر له كتابين: أحدهما في ذكر المصنفات، والآخر في ذكر الأصول (2). وذكر له
جماعة كصاحب المعالم - كما عن ابن طاووس والشهيد الثاني - كتابا في ذكر
الضعفاء مقصورا عليه (3)، وهو مذكور بتمامه في كتاب ابن طاووس نقلا، وقد
أفرده الفاضل التستري عن الكتب الخمسة التي اشتمل عليها كتاب ابن طاووس،
كما أفرد صاحب المعالم كتاب الاختيار من تلك الكتب الخمسة بالتحرير
الطاووسي.
وذكر له - أعني الأحمد - الفاضل العناية الكتب الثلاثة: الكتابين المذكورين
في كلام الشيخ، والكتاب المذكور في كلام الجماعة (4).
وذكر له الفاضل الخواجوئي كتابا رابعا في ذكر الرجال الممدوحين، وكذا
كتابا خامسا في التاريخ (5).
وقد حكى النجاشي عن بعض تصانيفه وعما وجده بخطه، على ما ذكره
السيد السند النجفي (6).
فالإخلال بعقد الترجمة له من باب الغفلة، فلعل الحال في سائر الشيوخ
المتروك عقد الترجمة لهم على منوال حال ابن الغضائري، بل يرشد إليه الإخلال
بعقد الترجمة للحسن بن محبوب، ومحمد بن عبد الجبار.

1. في " ح ": " أبي عبد الله ".
2. الفهرست: 1 و 2 وفيه: " بن عبيد " بدلا عن " ابن أبي عبيد ".
3. التحرير الطاووسي: 24، 25.
4. مجمع الرجال 1: 108.
5. الفوائد الرجالية: 284.
6. رجال السيد بحر العلوم 2: 86.
254

الثاني
[في من اشترك فيه النجاشي والشيخ من المشايخ أو اختص به]
أنه قد شارك الشيخ النجاشي في طائفة من المشايخ المتقدمة، واختص النجاشي
بسائر تلك المشايخ ممن عدا الطائفة، واختص الشيخ أيضا بطائفة أخرى.
أما الأولى: فهي بين من اشترك فيه التهذيبان والفهرست - كشيخنا المفيد،
والحسين بن عبيد الله، وأحمد بن عبدون وابن أبي جيد. وهؤلاء الأربعة كلا أو
بعضا هم الغالب في مشيخة التهذيبين، ولعل ابن أبي جيد أقل ممن عداه - ومن
اختص به الفهرست كأحمد بن محمد بن موسى بن الصلت الأهوازي، وهو
طريقه إلى ابن عقدة (1). وكذا علي بن شبل بن أسد، روى عنه في ترجمة
إبراهيم بن إسحاق الأحمري.
وأما الثانية: فقد حكى السيد السند النجفي رواية الفهرست عن السيد الأجل
المرتضى في إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي، ومحمد بن يعقوب الكليني (2).
وعن الشريف أبي محمد الحسن بن قاسم المحمدي في إسماعيل بن علي
الخزاعي، ومحمد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة الصفواني، ومحمد بن
علي بن الفضل. وعن أحمد بن إبراهيم القزويني، والحسين بن إبراهيم القزويني
وجعفر بن الحسين بن حسكة القمي (3)، ومحمد بن سليمان الحمراني،

1. قوله: " وهو طريقه إلى ابن عقدة " مقتضى كلام الشيخ في الفهرست في ترجمة ابن عقدة أن كلا من ابن
المهتدي وابن الصلت طريق له إلى ابن عقدة، وأجاز له ابن الصلت جميع روايات ابن عقدة، فابن
المهتدي أيضا من مشايخ الشيخ كابن الصلت، واقتصر في الفهرست على ابن الصلت (منه سلمه الله).
2. رجال السيد بحر العلوم 2: 87.
3. قوله: " حسكة " بفتح المهملتين كما هو ظاهر رياض العلماء، وقد ذكر فيه أن حسكة مخفف حسن
كيا، والكيا من باب اللقب، ومعناه بلغة أهل جيلان ومازندران والري الرئيس ونحوه من كلمات
التعظيم، ومستعمل في مقام المدح، وذكر فيه أيضا أن حسكا بفتح المهملتين أيضا لقب مخفف من
حسن كيا، وقد عنون في الأمل حسكة بن بابويه، وظنه المدعو بحسكا ورد عليه في رياض العلماء،
ومقتضى صريح كلامه التعدد، وكون حسكة وحسكا من طائفة واحدة (منه سلمه الله).
255

وأبي طالب بن فرقد في ترجمة أبي عمرو ابن أخي السكوني البصري،
والحسين بن أبي غندر، وأحمد بن محمد بن الجندي، ومحمد بن علي بن
بابويه (1).
قوله: " في ترجمة أبي عمرو " إلى آخره، والظاهر أن الأمر من قبيل اللف
والنشر المرتب، لكن الرواية عن أبي طالب في ترجمة أحمد بن محمد الجندي،
والرواية عن جعفر بن الحسين ومحمد بن سليمان في ترجمة محمد بن علي بن
بابويه، فالأمر من باب السهو.
لكن يمكن أن يكون الأمر من قبيل اللف والنشر المختلط، كقولك: هو شمس
وأسد وبحر، جودا وبهاء وشجاعة، فلا يتأتى السهو، لكن ذلك خلاف الظاهر.
وإنما قلنا: من قبيل اللف والنشر المرتب، وكذا المختلط؛ إذ المدار في اللف
والنشر على ما ذكر في البديع على الوثوق برد السامع كل واحد من آحاد النشر إلى
ما له من آحاد اللف، والظاهر منه كون المدار على ظهور الرد عرفا من دون حاجة
إلى الرجوع إلى الخارج كما في المقام، فالأمر في المقام خارج عن اللف والنشر،
لكنه في حكمه.
نعم، لو كان المدار في اللف والنشر على الأعم من الرد بتوسط الخارج،
فالأمر في المقام داخل في باب اللف والنشر.
قال السيد السند المشار إليه:
فهؤلاء جملة مشايخ الشيخ ممن شارك فيهم النجاشي أو اختص بهم،

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 88.
256

وهم ثلاثة عشر شيخا، اختص الشيخ بالرواية عن سبعة منهم، وشاركه
النجاشي في الباقين، وانفرد - أي النجاشي - بأربعة وعشرين من
مشايخه المتقدمين.
ثم قال:
والذي يظهر من طريقة النجاشي في كتابه رعاية علو السند،
وتقليل الوسائط، كما هو دأب المحصلين، خصوصا المتقدمين، وهذا
هو السبب في عدم روايته عمن هو في طبقته من العلماء الأعاظم،
كالسيد المرتضى، وأبي يعلى بن محمد بن الحسن بن حمزة
الجعفري (1)، وأبي يعلى سلار بن عبد العزيز الديلمي، وغيرهم، ولعله
الوجه في تركه الرواية عن أكثر رجال الشيخ الذين اختص بهم؛ اكتفاء
بالرواية عن مشايخهم أو من هو أعلى سندا منهم (2).
الثالث
[في أن النجاشي قد أدرك جماعة ولم يسمع منهم]
أن النجاشي قد أدرك جماعة ولم يسمع منهم، أو الظاهر عدم السماع.

1. قوله: " الجعفري " قد يطلق من باب النسبة إلى جعفر الطيار وعد منه في رياض العلماء إطلاق
الجعفري على بعض الأشخاص، وقد يطلق من باب النسبة إلى مولانا جعفر الصادق سلام الله عليه.
قال في رياض العلماء: والمعروف بهذه النسبة جماعة منهم السيد الشريف أبو يعلى حمزة بن محمد
الجعفري تلميذ الشيخ المفيد وصهره واحتمل كون الأمر في أبي يعلى من باب الانتساب إلى جعفر
الطيار، وقد يطلق من باب نسبة المذهب، كما في المذهب الجعفري. قال في رياض العلماء: وذلك
شائع في الأخبار والآثار، وعد منه قول الصادق سلام الله عليه مما رواه في المحاسن: " إن الإنسان إذا
خلق علويا أو جعفريا ". (منه سلمه الله).
2. رجال السيد بحر العلوم 2: 88.
257

أما الأول: فكأبي الفرج محمد بن أبي عمران بن موسى بن علي بن عبدويه
القزويني الكاتب؛ حيث إنه قال في ترجمته: " رأيت هذا الشيخ، ولم يتفق سماع
شيء منه " (1).
وكذا أبو محمد عبد الله بن الحسين بن محمد بن يعقوب؛ حيث إنه قال في
ترجمته: " رأيته ولم أسمع منه " (2).
وكذا أبو الحسين محمد بن الشجاعي؛ حيث إنه قال في ترجمة محمد بن
إبراهيم بن جعفر أبي عبد الله الكاتب النعماني: " رأيت أبا الحسين محمد بن علي
الشجاعي يقرأ عليه كتاب الغيبة تصنيف محمد بن إبراهيم النعماني بمشهد
العتيقة " (3).
وكذا الحسين بن يزيد السورائي؛ حيث قال في ترجمة الحسين بن سعيد:
وكان الحسين بن يزيد السورائي يقول: الحسن شريك أخيه الحسين
في جميع رجاله إلا في زرعة بن محمد الحضرمي وفضالة بن أيوب،
فإن الحسين كان يروي عن أخيه عنهما (4).
وكذا أبو الحسين إسحاق بن الحسن بن بكران العقرائي التمار؛ حيث إنه قال
في ترجمته: " رأيته بالكوفة وهو مجاور، وكان يروي كتاب الكليني عنه، وكان في
هذا الوقت غلواء فلم أسمع منه شيئا " (5).
قوله: " غلواء " الغلواء - بضم الغين، وفتح اللام، ويسكن - الغلو، كما في
القاموس (6) مصدر بمعنى اسم الفاعل، أي غاليا.

1. رجال النجاشي: 397 / 1062.
2. رجال النجاشي: 230 / 610.
3. رجال النجاشي: 383 / 1043.
4. رجال النجاشي: 58 / 136 - 137. في النسختين " السوذاني " بدل " السورائي ".
5. رجال النجاشي: 74 / 178، وفيه: " علوا " بدل " غلواء ".
6. القاموس المحيط 4: 373 (غلا).
258

وفي ترجمة أحمد بن عبد الواحد: " وكان قويا في الأدب قد قرأ كتب الأدب
على شيوخ أهل الأدب، وكان قد لقي أبا الحسن علي بن محمد القرشي
المعروف بابن الزبير، وكان غلواء في الوقت " (1).
وأما الثاني: فكأحمد بن محمد بن أحمد بن طرخان؛ حيث إنه عقد له
ترجمة وقال: " كان صديقنا " (2). ولم يذكر السماع منه، فالظاهر عدم السماع؛ قضية
عدم الذكر في مقام البيان.
وكذا علي بن محمد بن شيران؛ حيث إنه ذكر ترجمته وقال: " كنا نجتمع معه
عند أحمد بن الحسين " (3). والمقصود بأحمد بن الحسين هو ابن الغضائري
المعروف، ولم يذكر السماع منه، والظاهر عدم السماع.
وكذا أبو الحسن علي بن حماد الشاعر؛ حيث إنه في ترجمة عبد العزيز بن
يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي قال: " رأيت أبا الحسن بن حماد الشاعر (رحمه الله) " (4).
والظاهر عدم السماع؛ قضية عدم الذكر في مقام البيان.
الرابع
[في أن النجاشي قد أدرك جماعة]
[ولم يرو عنهم لضعفهم أو اتهامهم]
أن النجاشي قد أدرك جماعة ولم يرو عنهم تعليلا بالضعف أو الاتهام، أو

1. رجال النجاشي: 87 / 211، وفيه: " علوا " بدل: " غلواء ".
2. رجال النجاشي: 87 / 210.
3. رجال النجاشي: 269 / 705.
4. رجال النجاشي: 244 / 640.
259

لم يرو، والظاهر أن عدم الرواية من جهة الضعف أو الاتهام.
أما الأول: فهو الحال في أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله بن
الحسن بن عياش بن إبراهيم بن أيوب الجوهري؛ حيث إنه قال في ترجمته:
كان سمع الحديث فأكثر واضطرب في آخر عمره - إلى أن قال: - وكان
صديقا لي ولوالدي، وسمعت منه شيئا كثيرا، ورأيت شيوخنا يضعفونه
فلم أرو عنه شيئا وتجنبته (1).
وكذا الحال في أبي المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن
بهلول؛ حيث إنه قال في ترجمته:
سافر في طلب الحديث عمره، وكان أول أمره ثبتا ثم خلط، ورأيت جل
أصحابنا يغمزونه ويضعفونه. - ثم قال: - رأيت هذا الشيخ وسمعت منه
كثيرا، ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه (2).
وأما الثاني: فهو الحال في أبي نصر هبة الله بن أحمد بن محمد الكاتب
المعروف بابن برنية (3)؛ حيث إنه قال في ترجمته:
سمع حديثا كثيرا، وكان يتعاطى الكلام، ويحضر مجلس
أبي الحسين بن شيبة العلوي الزيدي المذهب، فعمل له كتابا،
وذكر أن الأئمة ثلاثة عشر مع زيد بن علي بن الحسين، واحتج
بحديث في كتاب سليم بن قيس الهلالي أن الأئمة اثنا عشر
من ولد أمير المؤمنين (عليه السلام)، له كتاب في الإمامة، وكتاب في أخبار

1. رجال النجاشي: 85 / 207.
2. رجال النجاشي: 396 / 1059.
3. قوله: " المعروف بابن برنية " بالباء الموحدة المفتوحة، والراء المهملة الساكنة، والنون المكسورة،
والياء المنقطة تحتها نقطتين المشددة، هذا ما ذكره في التوضيح، ويساعده المرسوم في نسختين
معتبرتين من كتاب النجاشي، لكن في الإيضاح: برني بالباء المنقطة نقطة، والراء، والنون، والياء
المنقطة تحتها نقطتين (منه سلمه الله).
260

ابن أبي عمير وأبي جعفر العمريين، ورأيت أبا العباس بن نوح قد
عول عليه في الحكاية في كتابه أخبار الوكلاء، وكان هذا الرجل
كثير الزيارات، وآخر زيارة حضرها معنا يوم الغدير سنة أربعمائة
بمشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) (1).
قال السيد السند النجفي:
ولم أجد لهذا الرجل ذكرا في طرق الأصول والكتب مع تقدم طبقته،
وليس إلا لضعفه بما ارتكبه من تصنيف الكتاب المذكور، ولذا تعجب
من تعويل ابن نوح عليه (2).
وكذا القاضي أبو الحسن المخزومي علي بن عبد الله بن عمران القرشي
المعروف بالميموني؛ حيث إنه قال في ترجمته:
كان فاسد المذهب والرواية، وكان عارفا بالفقه، وصنف كتاب الحج،
وكتاب الرد على أهل القياس، فأما كتاب الحج فسلم إلي نسخته
فنسختها، وكان قديما قاضيا بمكة سنين كثيرة (3).
قال السيد السند النجفي: " ولم أجد له رواية عنه " (4). فمقتضى العبارة
المذكورة من النجاشي أنه لقي القاضي المذكور. والظاهر أن عدم روايته من جهة
فساد في مذهبه، وهو قد أعاد ذكره في باب الكنى، وقال: " إنه مضطرب جدا " (5).
وكذا أبو محمد الحسن بن أحمد بن القاسم بن محمد بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الشريف النقيب؛ حيث إنه قال في ترجمته: " إني رأيت بعض أصحابنا يغمز عليه

1. رجال النجاشي: 440 / 1185.
2. رجال السيد بحر العلوم 2: 96.
3. رجال النجاشي: 268 / 698.
4. رجال السيد بحر العلوم 2: 94، وفيه: " المعروف بالميمون ".
5. رجال النجاشي: 461 / 1262.
261

في بعض رواياته - إلى أن قال - قرأت عليه فوائد كثيرة، وقرئ عليه وأنا أسمع " (1).
قال السيد السند النجفي:
ولم أجد في الكتاب نقلا عنه إلا في أبي القاسم علي بن أحمد الكوفي
صاحب المقالات والمنازل التي تدعيها له الغلاة؛ فإنه قال: وذكر
الشريف أبو محمد المحمدي - رحمه الله - أنه رآه. انتهى (2).
والظاهر أن عدم النقل عنه من جهة الغمز من بعض الأصحاب.
الخامس
[في أن النجاشي كان معاصرا للحسين بن علي المغربي]
[وعلي بن عبد الرحمن الكاتب ولم يرو عنهما]
أن مقتضى ما تقدم من تاريخ ولادة النجاشي ووفاته كونه معاصرا للحسين بن
علي بن الحسين بن علي الوزير المغربي؛ لأنه مات بنقل النجاشي في سنة ثماني
عشرة وأربعمائة (3). فالنجاشي كان سنه عند وفاة الحسين ستة وأربعين؛ لأنه ولد
سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، وكانت وفاة الحسين قبل وفاة النجاشي باثنتين
وثلاثين؛ لأن النجاشي توفي سنة خمسين وأربعمائة.
وأيضا مقتضى التاريخ المتقدم في باب الولادة والوفاة كون النجاشي معاصرا
لعلي بن عبد الرحمن بن عيسى بن عروة الكاتب؛ لأنه مات سنة ثلاث عشرة
وأربعمائة، فالنجاشي كان سنه عند وفاة علي إحدى وأربعين، وكانت وفاة علي

1. رجال النجاشي: 65 / 152.
2. رجال السيد بحر العلوم 2: 93.
3. رجال النجاشي: 69 / 167.
262

قبل وفاة النجاشي بسبع وثلاثين سنة، ولم يرو النجاشي - على ما نقله السيد السند
النجفي (1) - عن الحسين، ولاعن علي؛ والظاهر أنه لعدم اللقاء، أو لعدم السماع.
السادس
[في عدد النجاشي]
أنه قد أكثر النجاشي في الرواية عن عدة من أصحابنا، أو عن جماعة من
أصحابنا من دون تفسير للعدة والجماعة، ولا ضير في ذلك؛ لحصول الاستفاضة،
بل وثاقة العدة والجماعة على ما يظهر مما مر ويأتي، بل يمكن تشخيص طائفة
من العدة والجماعة بملاحظة كلماته الأخر.
وقد ضبط السيد السند النجفي العدد في عشرة، وهي:
عدة أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه؛
وعدة أبي غالب أحمد بن محمد بن سليمان الزراري؛
وعدة أبي محمد الحسن بن حمزة بن علي بن عبد الله الشريف المرعشي؛
وعدة أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود؛
وعدة القاضي أبي بكر محمد بن عمر بن محمد بن سالم المعروف بالجعابي
الحافظ؛
وعدة أحمد بن إبراهيم بن أبى رافع الإصفهاني؛
وعدة أحمد بن جعفر بن سفيان؛
وعدة أبي الحسن محمد بن علي بن تمام الدهقان؛
وعدة أبي علي أحمد بن محمد بن يحيى العطار؛

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 93.
263

وعدة أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ.
واعتذر عن ترك ذكر سائر العدد بقلتها وعدم الفائدة في بعضها؛ لضعف
المروي عنه (1).
وفسر (2) الأولى: بأبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، وأبي العباس
أحمد بن علي بن نوح، وأبي عبد الله الحسين بن عبيد الله، وأبي عبد الله
الحسين بن أحمد بن موسى بن هدية؛ بملاحظة روايته عن كل واحد منهم عن
ابن قولويه في تراجم كثيرة، وروايته عن محمد بن محمد، والحسين بن
عبيد الله، والحسين بن أحمد بن موسى في ترجمة سعد بن عبد الله الأشعري،
وعلي بن مهزيار، وروايته عن محمد بن محمد، والحسين بن عبيد الله،
وأحمد بن علي بن نوح، عن ابن قولويه في ترجمة الكليني (3).
والثانية: بمحمد بن محمد، وأحمد بن علي بن نوح، والحسين [بن]
عبيد الله، وغيرهم؛ بملاحظة تكرار رواية كل منهم في التراجم عن الزراري.
لكنه قال في ترجمة محمد بن سنان: " أخبرنا جماعة من شيوخنا عن
أبي غالب أحمد بن محمد " (4).
لكنك خبير بأنه لو كان المقصود بقوله: " جماعة من شيوخنا " جماعة من
الشيوخ، فهو ينافي التعيين في الثلاثة، إلا أن يقال: إن الأول أظهر بشهادة (5) قوله
في ترجمة الكليني: " وروينا كتبه كلها عن جماعة شيوخنا: محمد بن محمد،
والحسين بن عبيد الله، وأحمد بن علي بن نوح، عن أبي القاسم جعفر بن

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 100 - 104.
2. أي فسر السيد النجفي.
3. رجال النجاشي: 377 / 1026.
4. رجال النجاشي: 328 / 888، ولكن فيه: " أخبرنا جماعة شيوخنا... ".
5. في " ح ": " لشهادة ".
264

محمد بن قولويه، عنه " (1).
والثالثة: بمحمد بن محمد، وأحمد بن علي، والحسين بن علي،
والحسين بن عبيد الله، وغيرهم؛ بملاحظة رواية كل من الثلاثة عن المرعشي،
مع قوله في ترجمته بعد ذكر كتبه: " أخبرنا بها شيخنا أبو عبد الله وجميع
شيوخنا " (2).
قوله: " مع قوله " الظاهر - بل بلا إشكال - أنه من باب إتمام الشاهد على
المدعى؛ لأنه ادعى زيادة العدة عن الثلاثة، فرواية كل من الثلاثة لا تكون وافية
بتمام المدعى.
ولم يفسر الرابعة، بل إنما حكى قوله في ترجمة أبي الحسن بن داود: " حدثنا
جماعة أصحابنا - رحمهم الله - بكتبه، منهم أبو العباس بن نوح، ومحمد بن
محمد، والحسين بن عبيد الله في آخرين " (3).
ومقتضاه إمكان كون العدة زائدة على الثلاثة المذكورة.
وقوله في ترجمة سلامة بن محمد خال أبي الحسن بن داود: " أخبرنا
محمد بن محمد، والحسين بن عبيد الله، وأحمد بن علي قالوا: حدثنا أبو الحسن
محمد بن أحمد بن داود عن سلامة بكتبه " (4).
ولم يفسر الخامسة أيضا، بل إنما حكى قوله في ترجمة القاضي الماضي
أعني الجعابي:
له كتاب الشيعة من أصحاب الحديث وطبقاتهم، وهو كتاب كبير
سمعناه من أبي الحسين محمد بن عثمان - إلى أن قال بعد ذكر كتب أخر

1. رجال النجاشي: 377 / 1026.
2. رجال النجاشي: 64 / 150.
3. رجال النجاشي: 384 / 1045.
4. رجال النجاشي: 192 / 514.
265

له - أخبرنا بسائر كتبه شيخنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان
رضي الله عنه (1).
وكذا حكى أن في ترجمة عبد الله بن محمد التميمي وعبد الله بن علي بن
الحسين رواية أبي الحسين محمد بن عثمان النصيبي عنه (2).
ولم يفسر السادسة أيضا، لكن قال: " منهم الحسين بن عبيد الله، وأحمد بن
علي، كما يظهر من ترجمة (3) أحمد بن رزق ومقاتل بن مقاتل وغيرها (4). وفي
الفهرست رواية المفيد وغيره عنه (5)، لكن في ترجمته (6): " أخبرنا عنه بكتبه
الحسين بن عبيد الله (7) " ولا دلالة فيه على دخول أحمد بن علي في العدة كما هو
مقتضى كلامه.
نعم، في ترجمة أحمد بن رزق: " أخبرنا أحمد بن علي والحسين بن
عبيد الله عن ابن أبي رافع (8) ".
وفي ترجمة مقاتل بن مقاتل: أخبرنا الحسين بن عبيد الله وأحمد بن علي،
قالا: " حدثنا أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع " (9). وفيما ذكراه في كل من الترجمتين
دلالة على دخول الأحمد والحسين.

1. رجال النجاشي: 394 / 1055.
2. رجال النجاشي: 228 / 603، 227 / 599.
3. في " ح ": " ترجمته ".
4. رجال النجاشي: 98 / 243، 424 / 1139.
5. الفهرست: 32 / 86، وفيه: " أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع الصيمري يكنى أبا عبد الله من ولد
عبيد بن عازم أخي البراء بن عازب الأنصاري - إلى أن قال - أخبرنا بكتبه ورواياته أبو عبد الله المفيد
والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون وغيرهم.
6. يعني أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع.
7. رجال النجاشي: 84 / 203.
8. رجال النجاشي: 98 / 243.
9. رجال النجاشي: 424 / 1139.
266

ولم يفسر السابعة أيضا، قال: " ومنهم أبو العباس بن نوح، كما في ترجمة
الفضل بن شاذان، وأبو عبد الله الحسين بن عبيد الله، كما في ترجمة إسماعيل بن
مهران، وجعفر بن محمد بن سماعة، وحميد بن شعيب، وغيرهم ".
وفسر الثامنة: بأحمد بن علي والحسين بن عبيد الله وغيرهما؛ بملاحظة
قوله في ترجمة الحسن بن العرني: " أخبرنا أحمد بن علي والحسين بن عبيد الله
قالا: حدثنا محمد بن علي بن تمام أبو الحسين الدهقان " (1)؛ وفي ترجمة سندي بن
عيسى: " أخبرنا أحمد بن علي وغيره عن محمد بن علي بن تمام " (2)؛ ورواية
الحسين بن عبيد الله عن أبي تمام كثيرا.
قوله: " وغيرهما " مأخوذ من قول النجاشي وغيره في ترجمة سندي بن عيسى.
وفسر التاسعة: بأبي العباس أحمد بن علي بن نوح، وأبي عبد الله
الحسين بن عبيد الله، وأبي عبد الله بن شاذان؛ بملاحظة قوله في ترجمة
أحمد بن محمد بن عيسى: " أخبرنا بكتبه الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله
وأبو عبد الله بن شاذان، قالا: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى " (3) وقوله في ترجمة
محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري: " أخبرنا أحمد بن علي وابن شاذان وغيرهما
عن أحمد بن محمد عن أبيه " (4).
ولله دره؛ حيث لم يقل بعد ذكر المشايخ الثلاثة: " وغيرهم " أخذا من قول
النجاشي في ترجمة أحمد بن محمد بن يحيى - بعد ذكر أحمد بن علي وابن
شاذان -: " وغيرهما " كما صنع نظيره فيما مر آنفا، واحتمال (5) كون المقصود

1. رجال النجاشي: 51 / 111.
2. رجال النجاشي: 186 / 495.
3. رجال النجاشي: 82 / 198.
4. رجال النجاشي: 349 / 939.
5. مجرور عطفا على " قول ".
267

ب‍ " غيرهما " هو الحسين بن عبيد الله المذكور في ترجمة أحمد بن محمد بن عيسى.
وفسر العاشرة: بمحمد بن جعفر الأديب، وأحمد بن هارون، وأحمد بن
الصلت، والقاضي أبي عبد الله الجعفي؛ بملاحظة أن هؤلاء الرجال والأصحاب
هم المعروفون لابن عقدة، فإنهم هم الطريق أيضا غالبا.
قال:
واحتمال كونهم من رجال الزيدية - مع ما فيه - لا يقدح في روايتهم عن
ابن عقدة؛ لخروج الحديث به عن الصحة، فلا تجدي صحته إليه،
والظاهر اشتراك الكل في التوثيق (1).
قوله: " مع ما فيه " الظاهر أن غرضه - كما هو مقتضى بعض كلماته - فساد
الاحتمال بغلبة الإمامية في رواة أصحاب الأئمة.
قوله: " لخروج الحديث به " أي بواسطة ابن عقدة عن الصحة؛ لكونه زيديا
جاروديا.
قوله: " والظاهر اشتراك الكل في التوثيق " بواسطة ما علم من طريقة النجاشي،
كما تقدم من الاحتراز عن الرواية عن الضعفاء والمتهمين.
ثم إن الشيخ في الفهرست قد شارك النجاشي في عدة ابن قولويه، وأحمد بن
محمد الزراري، والحسن بن حمزة، ومحمد بن أحمد بن داود، وأحمد بن
إبراهيم بن أبي رافع، والقاضي أبي بكر الجعابي.
والمراد بالعدة هو (2) المفيد، والحسين بن عبيد الله، وأحمد بن عبدون،
وغيرهم، كما يستفاد من كلامه في عدة (3) مواضع من الفهرست (4).
واختص النجاشي بعدة أحمد بن جعفر بن سفيان، وأحمد بن محمد بن

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 100 - 104.
2. في " د ": " عدة " بدل " هو ".
3. " عدة " ليست في " د ".
4. انظر الفهرست: 42 / 130، 32 / 84، 52 / 184، 136 / 592، 32 / 86.
268

يحيى العطار، وأحمد بن محمد بن سعيد.
واختص الشيخ في الفهرست بعدة محمد بن علي بن بابويه، وأحمد بن
محمد بن الحسن بن الوليد.
السابع
[في أن النجاشي قد حكم في طائفة من الطريق بالضعف]
[أو الجهالة، ومقتضاه اعتبار الطريق عنده فيما سكت عن حاله]
أن النجاشي قد حكم في طائفة من الطرق بالضعف أو الجهالة، ففي ترجمة
محمد بن الحسن بن شمون حكم بأن الطريق مظلم (1)، وفي ترجمة عيسى بن
المستفاد حكم باضطراب الطريق (2)، وفي ترجمة سعيد بن جناح حكم بجهالة
الطريق (3). ومقتضى ما ذكر اعتبار الطريق عنده فيما سكت عن ضعفه، ولا سيما مع
إكثار النقل.
الثامن
[في أن المستفاد من طريقة النجاشي]
[اعتماده على جميع من روى عنه، وسلامة مذاهبهم]
أن المستفاد من طريقة النجاشي - من عدم الرواية عن الضعفاء والمتهمين
كما يظهر مما مر - اعتماده على جميع من روى عنه، ووثوقه بهم، وسلامة

1. رجال النجاشي: 335 / 899.
2. رجال النجاشي: 297 / 809.
3. رجال النجاشي: 191 / 512.
269

مذاهبهم ورواياتهم عن الضعف والغمز.
ويؤيده ما ذكره في ترجمة جعفر بن محمد بن مالك بن سابور؛ حيث إنه
- بعد دعوى ضعفه في الحديث، ونقل أنه كان يضع الحديث وضعا ويروي عن
المجاهيل - قال: " وسمعت من قال: كان فاسد المذهب. ولا أدري كيف روى عنه
شيخنا النبيل الثقة أبو علي بن همام، وشيخنا الجليل الثقة أبو غالب الزراري؟! " (1).
والظاهر أن قوله: " ولا أدري " استئناف كلام من نفسه، ومقتضاه استغرابه
رواية الشيخين عن أبي سابور مع ضعفه في الحديث وفساد مذهبه، فمقتضاه
احترازه عن الرواية عن الضعيف وفاسد المذهب، فمقتضاه اختصاص الرواية
منه بالموثوق به صحيح المذهب.
ويؤيده أيضا أنه قال في ترجمة هبة الله بن أحمد بن محمد الكاتب أبي نصر
كما تقدم:
سمع حديثا كثيرا، وكان يتعاطى الكلام، ويحضر مجلس أبي الحسين بن
شيبة العلوي الزيدي المذهب، فعمل له كتابا، وذكر أن الأئمة ثلاثة عشر
مع زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) واحتج بحديث في كتاب سليم بن قيس
الهلالي أن الأئمة اثني عشر من ولد أمير المؤمنين (عليه السلام). - إلى أن قال -:
ورأيت أبا العباس بن نوح قد عول عليه في الحكاية (2).
والظاهر أن قوله: " ورأيت " من باب التعجب من تعويل ابن نوح على روايات
هبة [الله] مع فساد مذهبه.
فمقتضاه التجنب منه عن الرواية عن فاسد المذهب.
إلا أن يقال: إن التعجب بعد ثبوته إنما هو على التعويل، لاعلى نفس الرواية.
إلا أن يقال: إن الغرض من التعويل التعويل على نفس الرواية.

1. رجال النجاشي: 122 / 313.
2. رجال النجاشي: 440 / 1185 فيه مكان شيبة: " الشيبه ".
270

وربما قال النجاشي في ترجمة عبيد الله بن أبي زيد:
وكان أصحابنا المتقدمون يرمونه بالارتفاع. - ثم قال: - قال الحسين بن
عبيد الله: قدم أبو طالب الأنباري بغداد، واجتهدت أن يمكنني أصحابنا
من لقائه فأسمع منه، فلم يفعلوا ذلك (1).
ومقتضى ما نقله عن الحسين بن عبيد الله - المقصود به الغضائري - أن
طريقة علماء زمان الحسين كانت جارية على الاحتراز عن الرواية عن
فاسد المذهب، فمقتضاه احترازه عن الرواية عن فاسد المذهب من باب
الجريان على الطريقة المتعارفة في عصره؛ لمعاصرته مع الحسين المتعارف
ذلك في عصره.
التاسع
[في تزييف أن النجاشي كان متأخرا عن الشيخ الطوسي]
أنه ربما اشتهر أن النجاشي كان متأخرا عن الشيخ الطوسي، ويرشد إليه أن
النجاشي ذكر الشيخ في كتابه بعقد عنوان له وذكر الرجال والفهرست وغيرهما في
تعداد كتبه (2).
وقال في ترجمة محمد بن علي بن بابويه: " له كتب، منها كتاب دعائم الإسلام
في معرفة الحلال والحرام، وهو في فهرست الشيخ الطوسي " (3).
وحكى في كثير من المواضع عن بعض الأصحاب (4)، وأراد بالبعض الشيخ

1. رجال النجاشي: 232 / 617. مع اختلافين.
2. رجال النجاشي: 403 / 1068.
3. رجال النجاشي: 389 / 1049، لكن لم يذكر ذلك فيه.
4. انظر رجال النجاشي: 14 / 12، 77 / 182.
271

الطوسي على ما ذكره السيد السند النجفي (1).
لكن العلامة في إجازته لبني زهرة - وهي مذكورة في البحار
في جلد الإجازات نقلا عن خط المجيز - عد النجاشي من مشايخ
الشيخ الطوسي (2).
وذكر العلامة في الخلاصة: أن النجاشي توفي في جمادى الأولى سنة
خمسين وأربعمائة، وكان مولده في صفر سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة كما مر (3).
فعلى ما ذكره يكون عمر النجاشي نحوا من ثمان وسبعين سنة، وتوفي قبل
الشيخ بعشر سنين، فإنه توفي في أربعمائة وستين على ما ذكره ابن داود (4)، وكان
قد ولد قبل الشيخ ثلاث عشر سنة؛ لأنه ولد في شهر رمضان سنة خمس وثمانين
على ما ذكره ابن داود أيضا (5).
ومع ذلك قد تشارك الشيخ والنجاشي في عدة من المشايخ كما مر، فلا مجال
لتأخر النجاشي. وليت النجاشي أشار إلى معاصرته الشيخ في ترجمة الشيخ
استيفاء لجميع المراحل، كما أنه يذكر في الأمل معاصرة من عاصره، إلا أنه
لم يأت بذكر تاريخ ولادة الشيخ أيضا.
ثم إن السيد السند النجفي ذكر: " أن الشيخ قدم العراق وله ثلاث وعشرون
سنة، وللنجاشي ست وثلاثون، وكان السيد الأجل المرتضى أكبر من النجاشي
بست عشرة سنة " (6).

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 36.
2. بحارالأنوار 107: 137.
3. خلاصة الأقوال: 20 / 53.
4. رجال ابن داود: 169 / 1355.
5. رجال ابن داود: 169 / 1355.
6. رجال السيد بحر العلوم 2: 37.
272

العاشر
[في أغلاط النجاشي]
أن الاستقراء في كلمات النجاشي يقضي بتطرق الغلط له في موارد كثيرة؛
حيث إنه روى في ترجمة أبي رافع بالإسناد عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع،
عن أبيه، عن جده أبي رافع، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) (1)، ثم روى بالإسناد عن
عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) (2).
ولا يخفى عليك أن رواية والد عبد الرحمن في الإسناد الأول بواسطتين عن
أمير المؤمنين (عليه السلام) لا تجتمع مع رواية عبد الرحمن في الإسناد الثاني عن
أمير المؤمنين (عليه السلام) بلا واسطة.
وأيضا قال في ترجمة أبان بن تغلب:
أخبرنا أبو الحسين علي بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن الحسن، عن
الحسن بن متيل، عن محمد بن الحسين الزيات، عن صفوان بن يحيى
وغيره، عن أبان بن عثمان أن أبان بن تغلب روى عني ثلاثين ألف
حديث (3).
والظاهر - بل بلا إشكال - أنه تطرق السقط في العبارة، والظاهر أنه كان
الأصل: عن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله (عليه السلام)؛ لكون الغالب في الأخبار كونها عن
الصادق (عليه السلام)، لكن يمكن أن يكون الأصل عن أبان بن عثمان عن أبي محمد، أو
أبي جعفر (عليهما السلام)؛ حيث إن أبان بن عثمان من أصحاب زين العابدين والباقرين (عليهم السلام).

1. رجال النجاشي: 6 / 1.
2. رجال النجاشي: 7 / 2.
3. رجال النجاشي: 12 / 7. وفيه: " عن أبي عبد الله (عليه السلام) ".
273

وأيضا قال: " إبراهيم بن أبي بكر محمد بن الربيع - يكنى بأبي بكر - ابن
أبي السمال سمعان بن هبيرة " إلى أن قال: " ثقة هو وأخوه إسماعيل بن أبي
السمال، رويا عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) " (1).
ولاخفاء في أن مقتضى صدر العبارة أن إبراهيم ابن أبي بكر، وجده الأعلى
أبو السمال؛ إذ قوله: " يكنى بأبي بكر " لابد من رجوعه إلى الربيع، فهو الجد
القريب، وأبو السمال هو الجد الأعلى. وما ذكر ينافي قوله: " وأخوه إسماعيل بن
أبي السمال ".
وأيضا قال في ترجمة أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد الصيقل: " له كتاب
في الإمامة أخبرنا به أبي، عن العطار، عن أبيه، عن أحمد بن أبي زاهر، عن
أحمد بن الحسين به " (2).
ولا يخفى أن تكرار " به " في العبارة المذكورة - على ما في نسختين عندي -
غلط، فقوله: " به " إما أولا أو ثانيا من الغلط.
وأيضا قال: " أحمد بن داود أخو شيخنا الفقيه القمي " (3). وكان الصواب أن
يقول: " أبو " بدل " أخو "؛ لأن المقصود بالشيخ الفقيه القمي هو من عنونه بقوله:
" محمد بن أحمد بن داود بن علي أبو الحسن شيخ هذه الطائفة وعالمها، وشيخ
القميين في وقته وفقيههم " (4).
وأيضا قال في ترجمة أحمد بن عامر في جملة كلام له: " حدثكم أبو الفضل
عبد الله بن أحمد بن عامر " (5). وقال في ترجمة عبد الله بن عامر: " أخبركم

1. رجال النجاشي: 21 / 30.
2. رجال النجاشي: 83 / 200.
3. رجال النجاشي: 95 / 235.
4. رجال النجاشي: 384 / 1045.
5. رجال النجاشي: 100 / 250.
274

أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر " (1).
وأيضا قال في ترجمة أحمد بن محمد: " بن سليمان بن الحسن بن
الجهم بن بكير بن أعين بن سنسن، أبو غالب الزراري " (2).
ومقتضاه كون محمد بن سليمان والد أبي غالب، أعني أحمد، لكن مقتضى
كلامه في ترجمة محمد بن سنان أن محمد بن سليمان جد أبي غالب؛ حيث إنه
قال: " أخبرني الحسين عن أبي غالب، عن جده أبي طالب محمد بن سليمان " (3)
إلى آخره، وهو مقتضى كلامه في ترجمة موسى بن سعدان؛ حيث إنه قال:
" أخبرنا محمد بن محمد، عن أبي غالب أحمد بن محمد قال: حدثني جدي
محمد بن سليمان " إلى آخره (4).
ومع هذا مقتضى العبارة المذكورة في ترجمة محمد بن سنان أن محمد بن
سليمان يكنى بأبي طالب، ومقتضى كلامه في ترجمة محمد بن سليمان أنه يكنى
بأبي طاهر؛ لقوله: " محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين،
أبو طاهر الزراري " (5) إلى آخره.
وأيضا ذكر في ترجمة أحمد بن محمد بن عمرو بن أبي نصر: أنه لقي الرضا
والجواد (عليهما السلام) (6). وأورده الشيخ في أصحابهما (عليهما السلام) (7). ومع هذا ذكر في الترجمة

1. رجال النجاشي: 218 / 570.
2. رجال النجاشي: 83 / 201، ولكن فيه: " أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان... " فلا يرد أول
الاعتراضين اللاحقين على هذه النسخة.
3. رجال النجاشي: 328 / 888.
4. رجال النجاشي: 404 / 1072.
5. انظر رجال النجاشي: 347 / 937.
6. رجال النجاشي: 75 / 180. وفيه: " ثمانية أشهر ".
7. رجال الطوسي: 366 / 2، 397 / 5.
275

المذكورة أن وفاة الأحمد المشار إليه في سنة إحدى وعشرين ومائتين بعد وفاة
الحسن بن علي بن فضال بثمانية [أشهر].
وهذا ينافي ما ذكره في ترجمة الحسن بن علي بن فضال من أنه مات في سنة
أربع وعشرين ومائتين (1)؛ فإنه على هذا تكون وفاة الأحمد قبل وفاة الحسن ثلاث
سنين، فكيف يصح أن تكون وفاته بعد وفاة الحسن بثمانية أشهر؟!
وأيضا قد عد من كتب إسماعيل بن مهران بن أبي نصر السكوني كتاب نوادر
وكذا كتاب النوادر (2).
ولا يخفى ما فيه من التكرار. ويرشد إليه أن الشيخ قد اقتصر في الفهرست على
الأخير (3).
وأيضا قال: " إسماعيل القصير بن إبراهيم بن بز، كوفي ثقة أخبرنا إجازة
الحسين [...] قال: حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا إسماعيل به " (4).
وأنت خبير بأنه لا مرجع للضمير المجرور، والظاهر - بل بلا ارتياب - أنه
سقط " له كتاب " في الباب.
ويرشد إليه قول الشيخ في ترجمة إسماعيل القصير: " له كتاب أخبرنا به " (5).
وفي الخلاصة " ابن بزة " بالتاء (6)، والظاهر أن سقوط التاء من النجاشي من باب
السهو، هذا.

1. انظر رجال النجاشي: 36 / 72.
2. رجال النجاشي: 26 / 49، لكن الموجود فيه ذكر كتاب النوادر مرة واحدة.
3. الفهرست: 11 / 32.
4. رجال النجاشي: 30 / 61، وفيه " بزة " بدل " بز " فلا يرد ثاني الاعتراضين أي إسناد السهو إلى
النجاشي على هذه النسخة.
5. الفهرست: 14 / 45.
6. خلاصة الأقوال: 10 / 18.
276

و " بزة " بالباء الموحدة، والزاي المخففة كما في الإيضاح (1). والباء الموحدة،
والراء المهملة كما عن الشيخ في الرجال (2). وعن بعض النسخ " برة " بفتح الموحدة،
وتشديد المهملة. وعن آخر: " برة " بضم الموحدة، وتشديد المهملة.
وأيضا قال: " بكر بن محمد بن حبيب أبي عثمان المازني كان سيد أهل
العلم بالنحو والغريب واللغة، ومقدمته مشهورة بذلك " (3). ولا يخفى أن قوله:
" بذلك " من باب السهو، وقد حكي اندراجه في العبارة المنقولة عن كتاب السيد
ابن طاووس.
وأيضا قال في ترجمة جعفر بن محمد بن موسى بن قولويه: " روى عن أبيه
وأخيه، وقال: ما سمعت من سعد إلا أربعة أحاديث " (4).
وقال في ترجمة سعد: " قال الحسين بن عبيد الله: جئت بالمنتخبات إلى
أبي القاسم بن قولويه أقرأها عليه، فقلت: حدثك سعد؟ فقال: لا، بل حدثني
أبي وأخي عنه، وأنا لم أسمع من سعد إلا حديثين " (5).
ومن الظاهر منافاة ما نقله أولا مرسلا عن ابن قولويه من أنه قال: " لم أسمع
من سعد إلا أربعة أحاديث "، وما نقله عنه ثانيا مسندا بتوسط الحسين بن عبيد الله
- والظاهر أنه الغضائري - من أنه قال: " لم أسمع من سعد إلا حديثين ".
إلا أن يقال: إن النقل الأول من باب الإرسال بحذف الواسطة، ومقتضاه
الاطمئنان بالصدور، ومن هذا حجية الخبر المرسل بحذف الواسطة، فالغرض
عدم اعتبار النقل الثاني، ويأتي نظير ذلك في تعارض الدراية والرواية منه.

1. إيضاح الاشتباه: 91 / 31.
2. رجال الطوسي: 147 / 96.
3. رجال النجاشي: 110 / 279، وفيه: " بالبصرة ومقدمه، مشهور بذلك ". وفي " د ": " مقدمة ".
4. رجال النجاشي: 123 / 318.
5. رجال النجاشي: 178 / 467.
277

وربما يقال: إن الغرض من النقل الثاني عدم سماع غير حديثين من
المنتخبات، فلا ينافي عدم سماع الحديث مطلقا إلا أربعة كما في النقل الأول.
وليس بشيء؛ إذ الغرض من النقل الثاني عدم سماع الحديث مطلقا غير
حديثين، ولاخفاء في البين، فلم تندفع المنافاة.
وأيضا قال: " الحسين بن سعيد بن حماد بن مهران مولى علي بن
الحسين (عليهما السلام) أبو محمد الأهوازي شارك أخاه الحسين في الكتب الثلاثين المصنفة "
ثم قال: " وكتب بني سعيد كتب حسنة " (1) والحسين في العبارة الأولى أولا سهو عن
الحسن، ويرشد إلى كونه سهوا أنه ذكر في كنية الحسين أبا محمد، وهي كنية
الحسن على ما في الخلاصة (2).
وفي بعض النسخ " الحسن " مكان " الحسين " ثانيا، والظاهر أنه من اصلاح
المصلح، أو سهو الناسخ؛ لانطباق النسخة المعتبرة على الحسين، وكذا انطباق
العبارة المذكورة المنقولة في المنهج على الحسين أيضا (3). لكن المنقول في النقد
- على ما في نسخة عندي - الحسن (4).
ولا يخفى أن همزة " ابني " في العبارة الثانية سقطت سهوا، وقد وافقه شيخنا
البهائي في بعض كلماته في فاتحة المشرق (5) من دون تأمل.
وإن قلت: إن سعيدا لعله كان له ابن آخر صاحب الكتاب غير الحسنين، فلا
بأس بسقوط الهمزة لكون قوله: " بني " من باب الجمع.
قلت: إن صريح العبارة الأولى أن الكتب المعمولة - وهي ثلاثون - بين

1. رجال النجاشي: 58 / 136 - 137، ولكن فيه: " ابني " بدل " بني ".
2. خلاصة الأقوال: 39 / 3.
3. منهج المقال: 113.
4. نقد الرجال 2: 26 / 60.
5. مشرق الشمسين: 269، وفيه: " بني " وأشار إلى نسخة أخرى فيها: " ابني ".
278

الأخوين، والمقصود بالكتب في العبارة الثانية هو الكتب المذكورة في العبارة
الأولى بلا شبهة. مع أنه قال الشيخ: " الحسن والحسين ابنا سعيد من أصحاب
الرضا (عليه السلام) " (1) وهو يرشد إلى سقوط الهمزة، وكون الأمر على وجه التثنية.
وإن قلت: إنه لعل الهمزة حذفت خطا كما هو الحال في الابن في بعض
الأحوال.
قلت: إنه تسقط همزة " ابن " في الخط لو كان بين العلمين مع كونه صفة، نحو
زيد بن عمرو جاء، لا خبرا نحو: زيد ابن عمرو، وهذا في المفرد. أما المثنى
والجمع فلا تحذف الهمزة فيهما.
وإن قلت: لعله كان قوله: " بني " مثنى الابن، كما أن البنين جمع الابن.
قلت: إن الابن لا يكون مثناه البنين، وإنما المثنى الابنان كما صرح به.
وأيضا قال في ترجمة الحسن بن علي بن فضال:
أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن بن داود، قال: حدثنا
أبي، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن علي بن الريان، قال: كنا في
جنازة الحسن، فالتفت إلي وإلى محمد بن الهيثم (2).
وقد روى الكشي بالإسناد، عن علي بن الريان، عن محمد بن عبد الله بن
زرارة أنه قال: " كنا في جنازة الحسن فالتفت محمد بن عبد الله إلي وإلى محمد بن
الهيثم " (3) مع أن مقتضى ما رواه النجاشي بعد ذلك في الترجمة المذكورة ما يدل
على أن المبشر هو محمد بن عبد الله بن زرارة (4).

1. رجال الطوسي: 399 / 1.
2. رجال النجاشي: 35 / 72، وفيه: " حدثنا أبي، عن محمد بن جعفر المؤدب، عن محمد بن
أحمد بن يحيى، عن علي بن الريان، عن محمد بن عبد الله بن زرارة بن أعين قال... ".
3. رجال الكشي 2: 836 / 1067.
4. رجال النجاشي: 36 / 72. قال: " فأخبرت أحمد بن الحسن بن علي بن فضال بقول محمد بن
عبد الله، فقال: حرف محمد بن عبد الله على أبي ".
279

وأيضا روى في ترجمة الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني عن الكشي
أنه قال:
قال محمد بن مسعود: سألت علي بن الحسن بن فضال عن علي بن
أبي حمزة البطائني، فطعن عليه، وكان أبوه قائد أبي بصير هو
الحسن بن علي بن أبي حمزة مولى الأنصار، كوفي (1).
ولاخفاء في أنه كان الصواب أن يقول: " الحسن بن علي بن أبي حمزة "؛
لعدم مناسبة ذكر السؤال عن علي بن أبي حمزة هنا.
مع أن المذكور في الاختيار في ترجمة الحسن بن علي بن أبي حمزة هو
السؤال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة (2).
نعم، في ترجمة علي بن أبي حمزة هو سماع الطعن في علي بن أبي حمزة
عن ابن مسعود (3)، لكن الظاهر من السماع كونه غير مسبوق بالسؤال.
ومع ذلك قوله: " هو " لا يناسب المقام، وكان الصواب أن يقول: والحسن بن
علي بن أبي حمزة.
وأيضا قال في ترجمة حفص بن سوقة العمري:
مولى عمرو بن حريث المخزومي، روى عن أبي عبد الله
وأبي الحسن (عليهما السلام)، ذكره أبو العباس بن نوح في رجالهما. أخواله - زياد
ومحمد ابنا سوقة - أكثر منه رواية عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)،
ثقات (4).
قوله: " أخواله " كذا في بعض النسخ المعتبرة، وهو المحكي عن نسخة

1. رجال النجاشي: 36 / 73. وفيه: " الحسن بن علي بن أبي حمزة "، بدل " علي بن أبي حمزة ".
2. رجال الكشي 2: 827 / 1042.
3. رجال الكشي 2: 764 / 883.
4. رجال النجاشي: 135 / 348.
280

(معتبرة، بل هو المحكي عن عدة من النسخ، وكذا في غير واحد من نسخ) (1)
الخلاصة، بل عن عدة من نسخ الخلاصة.
والظاهر أنه سهو عن " أخوانه " لكن المحكي في المنهج بخط الفاضل الشيخ
محمد عن النجاشي والخلاصة " أخواه " إلا أن الظاهر أنه من باب الإصلاح.
قوله: " أكثر منه " - بالمثلثة - سهو عن " أكبر منه " بالموحدة، أي أكبر سنا
منه؛ لأنه روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن، وهما كان روايتهما عن أبي جعفر
وأبي عبد الله (عليهما السلام).
وأيضا قال في ترجمة داود بن مافنة - بالنون المشددة بعد الفاء والألف
والميم: " أخبرنا ابن النعمان قال: حدثنا أبو حمزة، قال: حدثنا ابن حمزة " (2) كما في
بعض النسخ، وهو المحكي في حاشية الكتاب، ولعله بخط صاحب المعالم عن
خط ابن إدريس، ولا يخفى ما فيه من التكرار.
وأيضا قال في ترجمة سعد بن عبد الله: " روى عنه أحمد بن محمد بن
عيسى " (3) والظاهر أن قوله: " عنه " سهو عن لفظة " عن " لأنه ذكر في ترجمة
أحمد بن محمد بن عيسى رواية سعد بن عبد الله عنه؛ حيث إنه ينتهي طريق
النجاشي إلى كتب أحمد بن محمد بن عيسى إلى سعد بن عبد الله، بل الطبقة
تضايق عن رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن سعد بن عبد الله؛ لرواية الكليني
عن سعد بن عبد الله بلا واسطة كما في باب مولد الصادق (عليه السلام) في سندين (4)، وباب
مولد الجواد (عليه السلام) (5)، وعدم روايته عن أحمد بن محمد بن عيسى بلا واسطة،

1. ما بين القوسين لم يرد في " د ".
2. رجال النجاشي: 161 / 425 الموجود فيه: " قال: حدثنا ابن حمزة، قال: حدثنا ابن بطة ".
3. رجال النجاشي: 177 / 467.
4. الكافي 1: 475، ح 7 - 8، باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام).
5. الكافي 1: 497، ح 12، باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني (عليهما السلام).
281

والغالب في الواسطة محمد بن يحيى.
اللهم إلا أن يكون [مرجع] الضمير في قوله قبل ذلك: " وكان أبوه عبد الله بن
أبي خلف قليل الحديث " ويؤيده ذكر سعد في قوله: " وصنف سعد كتبا عديدة ".
وأيضا عنون سعيد بن جناح الأزدي، فقال: " مولاهم بغدادي روى عن
الرضا (عليه السلام) " (1) إلى آخره. ثم عنون سعيد بن جناح، فقال: " أصله كوفي نشأ ببغداد
ومات بها مولى الأزد " (2) إلى آخره.
والظاهر أن الأمر من باب التكرار، كما يظهر من الفاضل الأسترآبادي؛ حيث
إنه اقتصر على العنوان الثاني، حاكيا عبارة النجاشي في هذا العنوان، فحكى عبارة
النجاشي في العنوان الأول (3).
بل حكم السيد السند التفرشي بأن الظاهر الاتحاد (4).
وأيضا قال: " سلمة بن محمد أخو منصور، كوفي، روى عن أبي الحسن (عليه السلام) " (5)
وهذا ينافي ما ذكره في ترجمة أخيه منصور من أنهما رويا عن أبي عبد الله (عليه السلام) (6).
وإن قلت: إن المذكور في ترجمة منصور هو ما به الاشتراك، أي ما يشترك
فيه الأخوان، وهو الرواية عن أبي عبد الله (عليه السلام)، والمذكور هنا هو ما به الامتياز،
أعني: ما يختص به سلمة، وهو الرواية عن أبي الحسن (عليه السلام).
قلت: إنه لو كان الأمر على هذا، لكان المناسب أن يقول: هذا روى عن
أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام)؛ لاختصاص سلمة بالرواية عنهما (عليهما السلام).

1. رجال النجاشي: 182 / 481.
2. رجال النجاشي: 191 / 512.
3. منهج المقال: 161.
4. نقد الرجال 2: 320 / 13.
5. رجال النجاشي: 188 / 499.
6. رجال النجاشي: 412 / 1099.
282

وأيضا في ترجمة عبد الله بن مسكان - بعد أن ذكر روايته عن أبي الحسن
موسى (عليه السلام) - نقل عن قائل روايته عن أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: " ولم يثبت " (1) وقد حررنا
في الرسالة المعمولة في أصحاب الإجماع أسانيد كثيرة قد اتفق فيها رواية
عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام)، ومع هذا ذكر في الترجمة المذكورة: أن
عبد الله بن مسكان مات في أيام أبي الحسن (عليه السلام) قبل الحادثة (2).
والظاهر أن المقصود بالحادثة إنما هي وفاة مولانا الكاظم (عليه السلام).
فالكلام المذكور صريح في أن عبد الله بن مسكان مات في أيام الكاظم (عليه السلام)،
لكن ينافيه ما رواه في الكافي في باب مولد أبي الحسن موسى (عليه السلام) بالإسناد، عن
عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، قال: " قبض موسى بن جعفر (عليهما السلام) وهو ابن أربع
وخمسين سنة في عام ثلاث وثلاثين ومائة وعاش بعد جعفر (عليه السلام) خمسا وثلاثين
سنة " (3)؛ حيث إن مقتضاه تأخر موت عبد الله بن مسكان عن انتقال روح الكاظم (عليه السلام)
بكثير؛ قضية نقله تاريخ وفاته (عليه السلام) بتوسط أبي بصير.
إلا أن يقال: إن المقصود بأبي الحسن في الرواية المذكورة هو الرضا (عليه السلام)،
والمقصود بالحادثة هي خروج الرضا (عليه السلام) إلى خراسان.
وأيضا قال: " عبد الله بن عامر بن عمران بن أبي عمرو الأشعري " (4) ومقتضاه
أن والد عمران كان يكنى بأبي عمرو، وهو مناف لما يقتضيه كلامه في ترجمة
الحسين بن محمد بن عمران من كون والد عمران يكنى بأبي بكر؛ لقوله:
" الحسين بن محمد بن عمران بن أبي بكر الأشعري " (5).

1. رجال النجاشي: 214 / 559. وفيه: " وليس بثبت " بدل " ولم يثبت ".
2. رجال النجاشي: 215 / 559.
3. الكافي 1: 486، ح 9، باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام).
4. رجال النجاشي: 218 / 570.
5. رجال النجاشي: 66 / 156. وليس في كون شخص واحد ذا كنيتين بأس.
283

وأيضا قال: " عبد الله بن الفضل بن عبد الله بن ببة بن الحارث " (1).
قال في القاموس: " وقول الجوهري: ببة اسم جارية، غلط، واستشهاده
بالرجز أيضا غلط، وإنما هو لقب عبد الله بن الحارث " (2) انتهى كلامه.
فكان الصواب أن يقول: عبد الله بن الحارث ببة، بناء على ظهور رجوع
المتعلقات إلى المضاف في غير إضافة ألفاظ العموم، فله هنا سهوان.
وأيضا ذكر صدر الكتاب بعض الأعلام أنه قدم المتقدمين في التصنيف من
السلف الصالح، قال: " وهي أسماء قليلة " (3)، وعنون جماعة، منهم عبيد الله بن الحر
الجعفي (4). قال السيد السند النجفي: " وهو الذي مر به الحسين (عليه السلام)، واستنصره، فلم
ينصره " وساق الكلام في شرح حاله ثم قال: " والعجب من النجاشي كيف يعد هذا
الرجل من السلف الصالح ويعتني به ويصدر كتابه بذكره؟! " (5).
وأيضا قال في ترجمة علي بن الحسن بن فضال:
كان فقيه أصحابنا بالكوفة، ووجههم، وثقتهم، وعارفهم بالحديث،
والمسموع قوله فيه، سمع منه شيئا كثيرا، ولم يعثر له على زلة [فيه] ولا
ما يشينه.
ثم قال:
ولم يرو عن أبيه شيئا، وقال: كنت أقابله - وسني ثمان عشرة سنة - بكتبه
ولا أفهم إذ ذاك الروايات، ولا أستحل أن أرويها عنه. وروى عن أخويه
عن أبيها. وذكر أحمد بن الحسين (رحمه الله) أنه رأى نسخة أخرجها أبو جعفر بن

1. رجال النجاشي: 223 / 585، وفيه: " عبد الله بن الفضل بن عبد الله ببة بن الحارث... ".
2. القاموس المحيط 1: 39، وانظر الصحاح 1: 89 (ببب).
3. رجال النجاشي: 9 / 6.
4. رجال النجاشي: 3 / 9.
5. رجال السيد بحر العلوم 2: 69 / 74.
284

بابويه وقال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، قال: حدثنا
أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال عن
أبيه عن الرضا (عليه السلام) ولا يعرف الكوفيون هذه النسخة ولا رويت من غير
هذا الطريق (1).
قوله: " سمع منه شيئا كثيرا " الظاهر أن الفعل مبني على المفعول؛ حيث إنه
كالتفسير لقوله: " والمسموع قوله فيه ". لكن كان الصواب على هذا رفع " الشيء "
و " الكثير ".
وربما احتمل بعض الأعلام أن يكون مرجع الضمير فيه (2) هو أباه الحسن بن
فضال. لكن لا يلائمه قوله فيما بعد: " لم يرو عن أبيه شيئا " كما صرح به المحتمل.
مع أنه لا يلائمه (3) قوله: " ولم يعثر له على زلة فيه ولاما يشينه "؛ إذ المقام
يقتضي مدح علي بن الحسن لا مدح أبيه.
وربما احتمل بعض الأعلام (4) أيضا أن يكون مرجع الضمير الحديث،
والتقدير: سمع شيئا كثيرا من الحديث، فتكون " من " بيانية. لكن لا يلائمه أيضا
قوله: " ولم يعثر له على زلة فيه ولاما يشينه "؛ إذ سماعه ليس محل بروز الزلة
والشين، وإنما المحل السماع منه.
قوله: " علي بن الحسن بن فضال عن أبيه " ينافي ما ذكره من أنه لم يرو
عن أبيه شيئا. وكذا ينافي قوله: " ولا أستحل أن أرويها عنه " ولعله لما ذكره قال:
" ولا رويت من غير هذا الطريق ".

1. رجال النجاشي: 258 / 676.
2. أي في " منه ".
3. في عدم الملاءمة هنا وفيما يأتي نظر؛ فإن عدم العثور على الزلة راجع إلى علي دون الحسن ودون
السماع.
4. نقله عن جده العلامة ولد المصنف في سماء المقال 1: 210.
285

وأيضا قال في ترجمة علي بن بابويه: " واجتمع مع أبي القاسم
أبي الحسين بن روح " (1)
ومقتضاه تعدد كنية ابن روح، وهو بعيد. كيف وفي الخلاصة: أنه اجتمع مع
أبي القاسم الحسين بن روح (2).
وأيضا عد من كتب السيد المرتضى كتاب تنزيه الأنبياء، وعد من مسائله
مسألة " قبل السلطان " (3) كما في بعض النسخ المعتبرة، وهو المنقول في المنهج.
والظاهر كون الأصل " مسألة الولاية من قبل السلطان " فسقط من القلم ما سقط.
وأيضا عنون علي بن محمد بن حفص بن عبيد بن حميد مولى السائب بن
مالك الأشعري " أبو قتادة القمي، فقال: " روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) وعمر وكان ثقة "
وذكر أن ابنه أبو الحسن بن أبي قتادة وأحمد بن أبي قتادة (4).
وعنون أيضا الحسن بن أبي قتادة علي بن محمد بن عبيد بن حفص مولى
السائب بن مالك الأشعري، وذكر أن الحسن يكنى بأبي محمد وقال: " روى
أبو قتادة عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام) " (5).
وعنون أيضا محمد بن أحمد بن أبي قتادة علي بن محمد بن حفص بن
عبيد بن حميد مولى السائب بن مالك الأشعري (6)، إلى آخر ما ذكره.
وأنت خبير [أولا:] بأن مقتضى العنوان الأول والأخير كون حفص ابن عبيد،
ومقتضى العنوان الثاني كون عبيد ابن حفص، وهو أقرب إلى الاشتباه؛ لبعد

1. رجال النجاشي: 261 / 684، وفيه: " واجتمع مع أبي القاسم الحسين بن روح ". وعليه فيرد
الاعتراض على بعض النسخ.
2. خلاصة الأقوال: 94 / 20.
3. رجال النجاشي: 271 / 708، وفيه: " مسألة في الولاية من قبل السلطان ".
4. رجال النجاشي: 272 / 713. وفيه: " وابنه الحسن... ".
5. رجال النجاشي: 37 / 74، وفيه: " علي بن محمد بن حفص بن عبيد بن حميد ".
6. رجال النجاشي: 337 / 902.
286

الاشتباه في المتعدد بالنسبة إلى الاشتباه في المتحد.
وربما أصلحه بعض بالتقديم والتأخير.
وثانيا: بأن مقتضى العنوان الأول كون الابن هو أبا الحسن، ومقتضى العنوان
الثاني كون الابن هو الحسن، ويكنى بأبي محمد، والأول أقرب إلى الاشتباه؛ لبعد
الاشتباه في أصل العنوان بالنسبة إلى ما ذكر في ذيل العنوان بالتبع.
وثالثا: بأنه ذكر في العنوان الأول أن أبا قتادة روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وذكر
في العنوان الثاني أنه روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام)، والأول أقرب إلى
الاشتباه بالنسبة إلى الثاني؛ لبعد الاشتباه في الزيادة بالنسبة إلى الاشتباه في النقيصة.
وأيضا قال في ترجمة العباس بن عامر: " أخبرنا محمد بن محمد، عن
جعفر بن محمد قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن العباس بن عامر " (1)
وفي رواية سعد عن العباس بغير واسطة نظر؛ إذ في الفهرست في ترجمة
عباس بن عامر: أن عبد الله بن جعفر الحميري يروي عن أيوب بن نوح
والحسن بن علي الكوفي عن العباس بن عامر (2)، والحميري في طبقة سعد، بل
ربما كان في طبقة أعلى نقلا.
وأيضا قال في ترجمة عثمان بن عيسى: " روى عن أبي الحسن (عليه السلام). ذكره
الكشي في رجاله، وذكر نصر بن الصباح قال: كان [له] في يده مال - يعني
الرضا (عليه السلام) - فمنعه، فسخط عليه، قال: ثم تاب وبعث إليه بالمال " (3) انتهى.
قال الكشي: " ذكر نصر بن الصباح أن عثمان بن عيسى كان واقفيا، وكان
وكيل موسى أبي الحسن (عليه السلام) وفي يديه مال، فسخط عليه الرضا. قال: ثم تاب
عثمان وبعث إليه بالمال " (4).

1. رجال النجاشي: 281 / 744.
2. الفهرست: 118 / 517.
3. رجال النجاشي: 300 / 817. وما بين المعقوفين من المصدر.
4. رجال الكشي 2: 860 / 1117.
287

وأنت خبير أولا: بأن مقتضى قوله: " ذكره الكشي " أن الكشي ذكر رواية
عثمان بن عيسى عن أبي الحسن (عليه السلام)، (1) مع أن الكشي لم يذكر ذلك.
إلا أن يقال: إنه بواسطة ذكر (2) عثمان بن عيسى في أصحاب أبي الحسن
موسى (عليه السلام).
لكنه مدفوع: بأن الكشي ذكر عثمان بن عيسى في أصحاب الرضا (عليه السلام).
وثانيا: أن التفسير بالرضا (عليه السلام) لم يتفق من نصر بن الصباح، فنسبته إليه خلاف
الواقع (3).
ولو فرضنا كون التفسير من نفسه، ففساد التفسير ظاهر (4)؛ لعدم سبق ما
يصحح تفسيره بالرضا (عليه السلام).
وثالثا: أن " قال " في قوله: " قال: ثم تاب وبعث إليه " لا وقع له؛ لكفاية قوله:
" قال " قبل ذلك عن ذلك، ليس مثل ذلك من العبارات المتعارفة، ولعله أخذ ذلك
من الكشي؛ حيث إن عبارته مشتملة على قوله: " قال: ثم تاب " إلا أنه لم يأت
بقوله: " قال " قبل ذلك.
وربما يتوهم: أن الغلط من النجاشي في التفسير.
لكنه يندفع: بأنه لم يذكر التفسير من جانب نفسه، بل نقله عن نصر بن
الصباح. مع أنه قد اتفق الغلط الأول أقلا من النجاشي لو لم يؤاخذ على الأخير،
فلا انحصار للغلط في الغلط المتوهم.

1. ليس معناه ذلك كما هو واضح بل معناه ذكر الكشي عثمان لا روايته، فقوله فيما يأتي: " أقلا من
النجاشي " ليس في محله.
2. أي ذكر روايته عن الكاظم (عليه السلام).
3. وفيه أن النجاشي فسر كلام النصر ولم ينسب التفسير إليه. وبعبارة أخرى جملة " يعني الرضا (عليه السلام) " من
النجاشي لا من النصر فما يأتي من التوهم هو الحق.
4. هذا مبني على عدم " له " في نسخته.
288

وأيضا قال في ترجمة الفضل بن شاذان: " حدثنا علي بن أحمد بن قتيبة " (1)
وأحمد سهو عن محمد، ولاخفاء.
وأيضا قال في ترجمة القاسم بن يحيى:
أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال: حدثنا الحسين بن علي بن سفيان قال:
حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى، عن
محمد بن عيسى بن عبيد الله، عن القاسم بن يحيى بكتابه (2).
والصواب محمد بن عيسى بن عبيد بدون لفظة الجلالة.
وأيضا قال:
متوكل بن عمير بن المتوكل، روى عن يحيى بن زيد دعاء الصحيفة،
أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن ابن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر،
عن أبيه، عن عمير بن المتوكل، عن أبيه متوكل، عن يحيى بن زيد
بالدعاء (3).
وأنت خبير بأن مقتضى صدر كلامه أن الراوي عن يحيى بن زيد دعاء
الصحيفة هو المتوكل بن عمير، ومقتضى ذيل كلامه في باب السند: أن الراوي
المشار إليه هو عمير والد المتوكل المذكور، وعليه ينطبق ما في أول الصحيفة.
وأيضا قال في ترجمة محمد بن أبي عمير: " وقيل: إن أخته دفنت كتبه حال
استتارها " (4) ولاخفاء في أن تأنيث الضمير في " استتارها " غلط، وكان الصواب
التذكير.
وأيضا قال في ترجمة محمد خانبه:

1. رجال النجاشي: 307 / 840.
2. رجال النجاشي: 316 / 866.
3. رجال النجاشي: 426 / 1144.
4. رجال النجاشي: 326 / 887.
289

أخبرنا أبو العباس بن نوح قال: حدثنا الصفواني قال: حدثنا الحسن بن
محمد بن الوجناء أبو محمد النصيبي، قال: كتبنا إلى أبي محمد نسأله أن
يكتب أو يخرج إلينا كتابا نعمل به، فأخرج إلينا كتاب عمل، قال
الصفواني: نسخته، فقابل به كتاب ابن خانبه زيادة حروف أو نقصان
حروف يسيرة (1).
وكان الصواب أن يقول: فقابلت كتاب ابن خانبه فظهر زيادة حروف أو
نقصان حروف يسيرة.
وأيضا قال في ترجمة محمد بن زرقان: " كذا وجدت له نسخة رواها عن
موسى بن جعفر " (2) ومن البين أن قوله: " كذا " من باب السهو في الزيادة.
وأيضا [قال] في ترجمة محمد بن عذافر: " وأخوه عمر بن عيسى قال
النجاشي: ذكرناه في باب عمر " (3) كما عن النسخ، ومن الظاهر أن محمد بن عذافر
لو كان أخوه عمر، لكان الأخ عمر بن عذافر، ولا مجال لكون عمر بن عيسى أخا
محمد بن عذافر، ومع هذا لم يتقدم ذكر عمر بن عيسى.
لكن عن السيد بن طاووس: أنه كانت العبارة " قال العياشي "، فأصلحه
ابن إدريس بالنجاشي (4)، ومقتضاه أن العياشي كان له كتاب في الرجال، وأحال
الحال هنا على ما ذكره في باب عمر، إلا أن الحوالة من غير المصنف خال ذكرها
عن الفائدة، وغير مأنوسة في الكلمات. وأما الحوالة من المصنف فهي متعارفة
ولا تخلو عن الفائدة.
فكون الأصل هو العياشي بعيد، لكن تعبير النجاشي عن نفسه بقوله: " قال

1. رجال النجاشي: 346 / 935.
2. رجال النجاشي: 370 / 1006.
3. رجال النجاشي: 360 / 966.
4. نقله في منهج المقال: 305.
290

النجاشي " خارج عن أسلوب عباراته، وإن كان نظير التعبير المذكور - أعني تعبير
المصنف عن نفسه باسمه - من طريقة القدماء.
وأيضا قال في ترجمة محمد بن عطية: " أخو الحسن وجعفر " (1) وهو قال في
ترجمة الحسن بن عطية: " وأخواه أيضا محمد وعلي كلهم رووا عن
أبي عبد الله (عليه السلام) " (2).
فإما أن يكون السهو في جعفر أو علي، لكن الأظهر الأول؛ إذ مقتضى كلام
الكشي (3) - كما عن الشيخ في الرجال - خروج جعفر عن دائرة الأخوة، إلا أن
مقتضى كلام الكشي كون الأخوة دائرة بين مالك والحسن وعلي.
لكن مقتضى الاستقراء في الأخبار عموم دائرة الأخوة لمحمد ومالك؛ إذ في
الكافي في باب الدعاء في العشر الأواخر من شهر رمضان رواية محمد بن عطية (4).
وفي باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق رواية مالك بن عطية (5).
وكذا في باب كفاية العيال والتوسع عليهم (6).
كما أن في باب وقت الفجر رواية علي بن عطية (7)، وفي بعض أبواب الزرع
رواية صالح بن علي بن عطية (8).
وقد بان بما سمعت ضعف ما توهمه بعض الأعلام من مطابقة كلام النجاشي

1. رجال النجاشي: 356 / 952.
2. رجال النجاشي: 46 / 93.
3. رجال الكشي 2: 663 / 684، ولم يذكره الشيخ في رجاله.
4. الكافي 4: 161، ح 3، باب الدعا في العشر الأواخر من شهر رمضان.
5. الكافي 3: 501، ح 14، باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق.
6. الكافي 4: 11، ح 1، باب كفاية العيال والتوسع عليهم.
7. الكافي 3: 283، ح 3، باب وقت الفجر.
8. الكافي 5: 262، ح 1، باب فضل الزراعة.
291

في ترجمة الحسن بن عطية لكلام الكشي؛ لوضوح الاختلاف؛ إذ مقتضى كلام
الكشي أن أخوي الحسن مالك وعلي، ومقتضى كلام النجاشي أن أخوي الحسن
محمد وعلي.
وقد بان بما سمعت أيضا ضعف ما يقتضيه كلام النجاشي في ترجمة
محمد بن عطية والحسن بن عطية من خروج مالك عن دائرة الأخوة. وكذا
ما يقتضيه كلام الكشي من خروج محمد عن دائرة الأخوة.
وأيضا قال في ترجمة محمد بن عيسى بن عبيد: " قال أبو عمرو الكشي:
نصر بن الصباح يقول: إن محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين أصغر في السن أن
يروي عن ابن محبوب " (1) انتهى.
وقال الكشي: " قال نصر بن الصباح: محمد بن عيسى بن عبيد من صغار من
روى عن ابن محبوب في السن " (2). وشتان بين ما نقله عن الكشي عن نصر بن
الصباح وما نقله الكشي عنه.
وأيضا قال في ترجمة محمد بن الفرج:
أخبرنا أحمد بن عبد الواحد قال: حدثنا عبيد الله بن أحمد قال: حدثنا
عبيد الله بن أحمد، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي قال: قرأ علي
أحمد بن هلال مسائل محمد بن الفرج. (3)
والظاهر أن قوله: " قرأ " سهو عن " قرأت ".
وأيضا قال في ترجمة محمد بن القاسم بن الفضيل: " له كتاب أخبرنا

1. رجال النجاشي: 334 / 896.
2. رجال الكشي 2: 817 / 1021.
3. رجال النجاشي: 371 / 1014. وفيه: " حدثنا عبيد الله بن أحمد " مرة واحدة. ويكشف من عدم
الاعتراض أن ما في نسخة المصنف أيضا مرة واحدة، ثم اعتراضه مبني على كون " على " بلا ياء
المتكلم.
292

محمد بن النعمان (1) قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي قال: أخبرنا
محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن القاسم " (2). والطريق المذكور مذكور في
الفهرست، والمذكور فيه: " أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد [بن]
القاسم " (3)، فالطريق المذكور في كلام النجاشي مشتمل على السقط.
وأيضا عد في ترجمة الكليني من كتب الكافي: " كتاب الإيمان والكفر،
وكتاب الوضوء والحيض، وكتاب الصلاة " (4).
وتوسيط كتاب الوضوء والحيض بين كتاب الإيمان والكفر وكتاب الصلاة
عجيب؛ لتوسط كتاب الدعاء وكتاب فضل القرآن وكتاب العشرة من أجزاء
الأصول.
مع أن تخصيص الوضوء والحيض بالذكر من أجزاء الطهارة من بداية الفروع
- بعد عدم عقد الكتاب للوضوء والحيض - عجيب أيضا.
وأيضا قال في ترجمة محمد بن سماعة: " والد الحسن وإبراهيم وجعفر
وجد معلى بن الحسن " (5) ومقتضاه أن محمد بن سماعة جد معلى، وهو
ابن الحسن بن محمد.
وقال في ترجمة معلى بن موسى: " هو جد الحسن بن محمد بن سماعة
وإبراهيم، أخوه " (6).
ومقتضاه - بعد السهو في معلى بن الحسن أو معلى بن موسى، والظاهر أن

1. في المصدر زيادة: " قال حدثنا أحمد بن محمد ".
2. رجال النجاشي: 362 / 973. وفيه: " أحمد بن محمد بن خالد " فالإشكال مبني على بعض النسخ.
3. الفهرست: 155 / 687، وفيه: " أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه ".
4. رجال النجاشي: 377 / 1026.
5. رجال النجاشي: 329 / 890.
6. رجال النجاشي: 417 / 1116.
293

السهو في الثاني، وإلا للزم أن يكون موسى أخا الحسن، ومقتضى صريح كلامه أن
الإخوة ثلاثة - كون معلى والد محمد بن سماعة المذكور في الترجمة السابقة
بكونه جد معلى.
اللهم إلا أن يقال: إنه لا بأس بأن يكون محمد ابن معلى بن موسى، وكان
للحسن ابن هو معلى بن الحسن.
لكن نقول: إنه لا معنى لكون معلى بن موسى جد الحسن بن محمد بن
سماعة؛ لاقتضائه كون محمد ابن موسى، والمفروض كونه ابن سماعة.
وإن قلت: إن المراد من كون معلى بن موسى جد الحسن بن محمد بن
سماعة هو الأعلى.
قلت: إنه - بعد كونه خلاف الظاهر - غير متعارف في مقام شرح الحال، وإن
كانت النسبة إلى الجد متعارفة. بل إرادة الجد الأعلى في مقام شرح الحال خلاف
مقتضى المقام، فلا يناسب مقامنا هذا.
ومع ذلك مقتضى كلامه في ترجمة محمد بن سماعة أن الحسن له أخوان:
إبراهيم وجعفر. ومقتضى كلامه في ترجمة معلى بن موسى أن الحسن ينحصر
أخوه في إبراهيم.
ثم إنه قد روى في ترجمة إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن هلال، عن
ابن الجنيد، عن أحمد بن محمد العاصمي (1).
وقد يقال: إن ابن الجنيد سهو عن ابن الجندي.
لكن روى في الفهرست عن أحمد بن عبدون، عن أبي علي محمد بن
أحمد بن الجنيد، عن أحمد بن محمد العاصمي (2). وهذا يرشد إلى صحة ابن

1. رجال النجاشي: 31 / 67.
2. الفهرست: 12 / 35.
294

الجنيد في كلامه.
لكن نقول: إن مقتضى كلامه في ترجمة ابن الجنيد - لقوله: " سمعت بعض
شيوخنا مذاكرته " (1)، وقوله: " وسمعت شيوخنا الثقات يقولون عنه إنه كان يقول
بالقياس " وقوله: " وأخبرونا جميعا بالإجازة لهم بجميع كتبه ومصنفاته " (2) - أنه
لم يدرك ابن الجنيد.
فالظاهر سقوط ابن عبدون سابقا على ابن الجنيد، كما يرشد إليه ذكره سابقا
عليه في الفهرست. وابن عبدون ممن اشترك فيه النجاشي والشيخ في الشيخوخة،
لكن الواسطة بين أحمد بن محمد العاصمي وإسماعيل بن محمد في كلام
النجاشي هو محمد بن إسماعيل بن محمد عن أبيه. والواسطة في البين في عبارة
الفهرست هو العقيقي، ولا بأس به.
ثم إنه قد روى في ترجمة أحمد بن عامر بالإسناد عن عبد الله قال:
ولد أبي [سنة سبع وخمسين ومائة، ولقي الرضا (عليه السلام) سنة أربع
وتسعين ومائة، ومات الرضا (عليه السلام) بطوس] (3) سنة اثنتين ومائتين يوم
الثلاثاء لثمان عشرة خلون من جمادى الأولى، وشاهدت أبا الحسن
وأبا محمد (عليهما السلام)، وكان مؤدبهما (4).
قال بعض الأعلام: قوله: " ومؤدبهما " لا يخفى عليك ما في هذا الكلام، فهو
من الغرائب.
أقول: إن الظاهر أنه كانت النسخة بإهمال الدال من التأديب كما في نسخة
عندي، والظاهر أنها معتبرة، لكن نسخة أخرى عندي - وهي معتبرة - بالإعجام

1. في المصدر: " بعض شيوخنا يذكر أنه ".
2. رجال النجاشي: 385 / 1047. واعلم أن العبارة الأولى في ص 385 والأخر بين في ص 388.
3. ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.
4. رجال النجاشي: 100 / 250. وفيه: " مؤذنها ".
295

من الأذان، ولا بأس به.
ثم إنه قد روى في ترجمة رقيم بن إلياس: أنه خال الحسن بن علي ابن بنت
إلياس (1).
قيل: الصواب: الحسن بن علي وابن بنت إلياس. وليس بشيء؛ إذ الحسن
ابن بنت إلياس معروف ومذكور في الأسانيد، وهو الوشاء كما حررناه في بعض
الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في رواية محمد بن فضيل عن
أبي الصباح، وكذا في الرسالة المعمولة في باب محمد بن سنان.
ثم إنه قال في ترجمة علي بن محمد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني
المعروف بعلان:
ثقة عين، له كتاب أخبار القائم (عليه السلام)، أخبرنا محمد قال: حدثنا جعفر بن
محمد قال: حدثنا علي بن محمد، وقتل علان بطريق مكة، وكان
استأذن الصاحب (عليه السلام) في الحج فخرج: توقف عنه في هذه السنة،
فخالف (2).
وربما يقال: إنه لا يخفى ما فيه من المنافاة بين الدراية والرواية.
أقول: إنه يظهر الكلام في المقام بما يأتي مع أنه بناء على دلالة كل من لفظة
" ثقة " و " عين " على المدح، فالمدح إنما هو بالصدق والوثوق بالإسناد، وهو
لا ينافي المخالفة المروية، بل المدح ببعض الأمور لا ينافي الذم ببعض الأمر.
نعم، المدح ببعض الأمور ينافي تعميم الذم، وكذا الذم ببعض الأمور ينافي
تعميم المدح.
ثم إنه قد حكى العلامة البهبهاني في ترجمة بريد بن معاوية عن بعض
المحققين: أنه نسب النجاشي إلى كثرة الأغلاط، بملاحظة المنافاة بين كلاميه في

1. رجال النجاشي: 168 / 445. في " د ": " الحسن ابن بنت إلياس ".
2. رجال النجاشي: 260 / 682.
296

باب وفاة بريد بن معاوية وأضعف من ذلك، وتعجب العلامة المشار إليه نظرا إلى
أنه لا تظهر من النجاشي منافاة بين كلاميه، قال: " وأنت خبير بأن هذه جسارة
لا يرتكب بأمثال ذلك " (1).
أقول: إنه قد ذكر النجاشي في ترجمة بريد بن معاوية أنه مات في حياة
أبي عبد الله (عليه السلام)، ثم روى بسنده عن علي بن الحسن بن فضال أنه مات سنة مائة
وخمسين. ولاخفاء في منافاة تلك الدراية لهذه الرواية، بناء على ما ذكره الكليني
أن أبا عبد الله (عليه السلام) توفي في سنة ثمان وأربعين ومائة (2)، وهو المحكي عن الدروس (3)؛
حيث إن وفاة بريد لو كانت في حياة أبي عبد الله (عليه السلام)، لكانت إما فيما قبل سنة ثمان
وأربعين ومائة، أو كان في تلك السنة. وعلى التقديرين ينافي ذلك كون وفاة بريد
في سنة مائة وخمسين، لكن ليست المنافاة بين الدرايتين من النجاشي كما هو
ظاهر الكلامين في الكلام المتقدم بالحكاية عن بعض المحققين؛ لوضوح أن
تعيين زمان الوفاة في مائة وخمسين من النجاشي إنما هو من باب الرواية
لا الدراية، كما هو الحال فيما ذكره من كون الوفاة في حياة أبي عبد الله (عليه السلام)؛ لظهوره
في الدراية وإن كان مبنيا على الرواية.
فالمرجع إلى توهين النجاشي ما رواه في باب تاريخ الوفاة؛ لتقدم الدراية
على الرواية كما هو حديث معروف، وقد حررنا الكلام فيه في الرسالة المعمولة
في باب محمد بن سنان.
والظاهر أنه مقصود العلامة البهبهاني من دعوى عدم ظهور المنافاة بين
كلامي النجاشي.
ولا بأس بذلك، كيف ولولاه لكان ذكر المختار وذكر غير المختار - كما هو

1. تعليقة الوحيد البهبهاني: 66.
2. الكافي 1: 472، ح 1، باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام).
3. الدروس 2: 12.
297

الشائع في جميع الفنون - من باب ذكر المتنافيين، ولا يلتزم القول به أحد من ذي
مسكة.
ونظير ذلك: أنه ذكر الكليني أنه قبض مولانا الرضا (عليه السلام) في سنة ثلاث ومائتين،
وبعد هذا قال: " وقد اختلف في تاريخه، إلا أن هذا التاريخ هو أقصد " (1)، أي أقرب
إلى الحق، ثم ذكر في آخر العنوان رواية تدل على أن مولانا الرضا (عليه السلام) قبض في
سنة اثنتين ومائتين (2).
وأيضا ذكر الكليني: " أنه قبض مولانا الجواد (عليه السلام) سنة عشرين ومائتين في آخر
ذي القعدة، وهو ابن خمس وعشرين سنة وشهرين وثمانية عشر يوما " (3). ثم روى
بسنده عن محمد بن سنان: أنه قبض مولانا الجواد (عليه السلام) وهو ابن خمس وعشرين
سنة وثلاثة أشهر واثني عشر يوما [توفي يوم] الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة
سنة عشرين ومائتين (4).
وأيضا روى الصدوق في الفقيه عن أبي خديجة عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال:
" أعطوا الزكاة من أرادها من بني هاشم، فإنها تحل لهم، وإنما تحرم على النبي (صلى الله عليه وآله)،
وعلى الإمام الذي يكون بعده وعلى الأئمة (عليهم السلام) " ثم قال: " وصدقة غير بني هاشم
لا تحل لبني هاشم " ثم صرح الصدوق بعدم حلية زكاة غير بني هاشم لبني هاشم
إلا في وجهين (5).
وأيضا عنوان مخالفة ناقل الإجماع للإجماع المنقول معروف.

1. الكافي 1: 486، باب مولد أبي الحسن الرضا (عليه السلام).
2. الكافي 1: 492، ح 11، باب مولد أبي الحسن الرضا (عليه السلام).
3. الكافي 1: 492، باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني (عليهما السلام).
4. الكافي 1: 497، ح 12، باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني (عليهما السلام). ما بين المعقوفين أضفناه من
المصدر.
5. الفقيه 2: 19، ح 65، باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة. وانظر ص 20، ذيل ح 43.
298

هذا، والعلامة في الخلاصة قد جمع بين المتنافيين في باب وفاة بريد بن
معاوية؛ حيث إنه ذكر أن بريد بن معاوية مات في حياة أبي عبد الله (عليه السلام)، ثم ذكر أنه
مات في سنة مائة وخمسين (1). ويظهر الحال بما مر.
بقي أن ما مر من أغلاط النجاشي أقل قليل بالنسبة إلى غير ذلك مما
يكون الظاهر الإصابة فيه، فلا يمانع عن الظن بالإصابة في غير ذلك، فلا يمانع
عما يأتي من تقديم كلامه على كلام الشيخ، بل الظاهر مزيد اشتباهات الشيخ
وشدة عجلته.
وكذا لا يمانع عما يأتي من تقديم كلامه على كلام الكشي عند التعارض بعد
ندرة التعارض في الغاية، وبروز كثير من الأغلاط عن الكشي أيضا كما يأتي.
الحادي عشر
[في تعارض قول الكشي والنجاشي]
أنه لو تعارض قول الكشي والنجاشي فقد جنح الفاضل الخواجوئي في أوائل
رجاله إلى تقديم قول الكشي؛ نظرا إلى أنه أقدم زمانا، وأبصر بأحوال الرجال
وحقيقة الحال (2).
وحكي القول به عن شيخنا البهائي في الأربعين عند الكلام في الحديث
البياني المعروف الذي رواه حماد بن عيسى (3)، وكذا عن الطريحي في المجمع في
" حمد " (4) بملاحظة أنهما حكما في عمر حماد بن عيسى بكونه نيفا وسبعين؛

1. خلاصة الأقوال: 26 / 1.
2. الفوائد الرجالية: 49.
3. الأربعين للشيخ البهائي: 173.
4. مجمع البحرين 3: 41 (حمد).
299

حيث إن هذا هو مقالة الكشي (1)، والنجاشي ذكر أن عمره نيف وتسعون (2)، ويبعد
كمال البعد عدم اطلاع شيخنا البهائي والطريحي على مقالة النجاشي.
وهو ظاهر ابن داود (3) والسيد السند التفرشي (4) وغيرهما (5)؛ حيث إنهم قدموا
" كش " على " جش " في فاتحة الكتاب عند بيان الرموز، وكذا في تضاعيف الكتاب
عند نقل العبائر، إلا أنه يمكن أن يكون التقديم بواسطة التقدم في الزمان، بل هو
الظاهر.
ومقتضى طائفة من الكلمات الآتية - الدالة على أن النجاشي أضبط علماء
الرجال - تقديم قول النجاشي.
ويظهر القول به من الفاضل الأسترآبادي؛ حيث إنه قدم " جش " على " كش "
بادئ كتابه عند بيان الرموز، بل جرى على تقديمه عليه في تضاعيف التراجم (6).
وهو الأظهر؛ نظرا إلى كون نظر المتأخر أقرب إلى الصواب، خصوصا مع
تفطن النجاشي بأغلاط الكشي؛ حيث إن النجاشي تعرض لحال الكشي، وقال:
" له كتاب الرجال، وفيه أغلاط كثيرة " (7).
وقد نقله السيد السند التفرشي عن النجاشي في ترجمة معاوية بن عمار (8).
ونقله الفاضل الشيخ محمد أيضا عن النجاشي في باب معاوية بن عمار (9).

1. رجال الكشي 2: 605 / 572.
2. رجال النجاشي: 143 / 370.
3. رجال ابن داود: 25.
4. نقد الرجال 1: 35.
5. كالحائري في منتهى المقال 1: 6.
6. منهج المقال: 14.
7. رجال النجاشي: 372 / 1018.
8. نقد الرجال 4: 390 / 14.
9. استقصاء الاعتبار، لم يطبع.
300

لكن قال المولى التقي المجلسي بعد نقل كلام النجاشي: " والظاهر أن المراد
بالأغلاط الكثيرة الروايات المتعارضة " (1).
لكنك خبير بظهور مخالفته للظاهر، وشدة بعده عن ظاهر كلام النجاشي؛
مضافا إلى ما يظهر مما يأتي في ترجيح كلام النجاشي على كلام الشيخ عند التعارض،
فضلا عما يأتي من الكلمات الصريحة في كون النجاشي أضبط ممن عداه.
ومع ذلك نقول: إن العلامة في الخلاصة في ترجمة الكشي ذكر أيضا أن له
كتاب الرجال وفيه أغلاط كثيرة، وهو قد بنى على متابعة النجاشي كما يأتي.
ومقتضاه كمال وثوقه به.
إلا أن يقال: إن النسبة إلى كثرة الأغلاط منه من باب متابعة النجاشي أيضا،
فلم تنتهض تفرقته بين الكشي بنسبته إلى كثرة الأغلاط والنجاشي بشدة الوثوق
به.
لكن نقول: إنه لو كان في المقام خصوصية تقتضي رجحان قول الكشي فعليها
المدار، لكنك خبير بأن الظاهر - بل بلا إشكال - قلة وقوع المعارضة بين كلام
الكشي والنجاشي في مقام الجرح والتعديل، بل مطلقا؛ إذ بناء الكشي على مجرد
نقل الأخبار في المدح أو الذم في ترجمة من ورد في بابه الخبر بالمدح أو الذم.
نعم، قد يتصرف، كما في قوله: " شهاب وعبد الرحمن وعبد الخالق ووهب
ولد عبد ربه من موالي بني أسد وصلحاء الموالي " (2). وقوله في ترجمة زرارة:
" محمد بن بحر هذا غال وفضالة ليس من رجال يعقوب " (3).
وقد حكى غير واحد عن الكشي في ترجمة يونس بن عبد الرحمن
ما يقتضي التصرف، لكنه مبني على كون العبارة " قال أبو عمرو " وفي غير واحد

1. روضة المتقين 14: 445.
2. رجال الكشي 2: 712 / 778.
3. رجال الكشي 1: 363 / 235.
301

من النسخ المعتبرة " قال أبو الحسن " (1).
وكذا قوله في ترجمة محمد بن سنان:
روى عنه الفضل وأبوه ويونس ومحمد بن يونس ومحمد بن
الحسين بن أبي الخطاب والحسن والحسين ابنا سعيد الأهوازيان
وأيوب بن نوح وغيرهم من العدول والثقات. (2)
حيث إن المستفاد منه توثيق الجماعة المذكورة.
ومنه: أن السيد الداماد نسب توثيق محمد بن عيسى إلى الكشي، ولم يأت
توثيق محمد بن عيسى في غير العبارة المذكورة (3).
وأما استفادة القول بتقديم قول الكشي من شيخنا البهائي والطريحي،
فتضعف بأنه وإن كان عدم اطلاعهما على مقالة النجاشي بعيدا، لكن اختيار مقالة
الكشي مع عدم إظهار ثبوت الخلاف أبعد، كيف والغالب في موارد اختيار أحد
القولين في جميع الفنون الإشارة إلى ثبوت الخلاف، بل في المتون كثيرا ما يذكر
الخلاف. ومع ذلك نسخ الكشي مختلفة في باب التسعين والسبعين، ففي بعض
النسخ التسعين، وفي بعض السبعين، فلم يثبت الخلاف بين الكشي والنجاشي،
فمن أين يثبت تقديم شيخنا البهائي والطريحي مقالة الكشي؟!
ومع ذلك يمكن أن يقال: إن الظاهر أن مقالة النجاشي كانت مأخوذة من مقالة
الكشي، إلا أنه تطرق التصحيف - أعني تصحيف السبعين بالتسعين - بناء على
كون المأخوذ في عبارة الكشي هو التسعين؛ لبعد عدم اطلاع النجاشي على مقالة
الكشي.
ثم إنه ربما حكم الشهيد في الذكرى في بحث صلاة الجمعة باعتبار

1. انظر رجال الكشي 2: 788 / 952.
2. رجال الكشي 2: 796 / 979.
3. تعليقة الميرداماد على رجال الكشي (رجال الكشي) 1: 269 / 102.
302

الحكم بن مسكين؛ نظرا إلى أن الكشي ذكره في كتابه ولم يتعرض له بذم (1).
وتعجب منه الشهيد الثاني في رسالة صلاة الجمعة (2) بأن مجرد ذكر الكشي له
لا يوجب قبولا له؛ إذ قد ذكر في كتابه المقبول وغيره، بل لو ذكره بهذه الحالة
جميع المصنفين ومن هو أجل من الكشي لم يفد ذلك قبوله، فكيف بمثل الكشي
الذي يشتمل كتابه على أغاليط من جرح لغير مجروح بروايات ضعيفة، ومدح
لغيره كذلك كما نبه عليه جماعة من علماء هذا الفن. والغرض من وضعه ليس هو
معرفة التوثيق وضده كعادة غيره من الكتب، بل غرضه ذكر الرجل وما ورد فيه من
مدح أو ذم، وعلى الناظر طلب الحكم من غيره، وحيث لا يقف على شيء من
أحواله يقتصر على ذكره، كما يعلم ذلك من تأمل الكتاب، وما هذا شأنه كيف
يجعل مجرد ذكره له موجبا لقبول روايته.
وأنت خبير بأنه لو كان غرض الكشي في كتابه ذكر الرجل وما ورد فيه من
مدح أو ذم، فلا يكون غرضه المدح ولا الذم، فدعوى - اشتمال كتابه على أغاليط
من جرح لغير مجروح بروايات ضعيفة، ومدح لغيره كذلك - كما ترى.
بقي أن الكشي قد ذكر: أن حماد بن عيسى عاش إلى وقت الرضا (عليه السلام) وتوفي
سنة تسع ومائتين (3).
ومقتضاه أن وفاة حماد بن عيسى كانت في زمان مولانا الرضا (عليه السلام)، وهو ينافي
ما ذكره من أن حماد بن عيسى توفي في سنة تسع ومائتين، ومقتضاه أن وفاة
حماد بن عيسى كانت في حياة الجواد (عليه السلام)، كما صرح به النجاشي والشيخ في
الفهرست (4)؛ لأن مولانا الرضا (عليه السلام) توفي في سنة ثلاث ومائتين، فما صنعه الكشي

1. ذكرى الشيعة: 231.
2. رسالة صلاة الجمعة (رسائل الشهيد الثاني): 67.
3. رجال الكشي 2: 605 / 572.
4. رجال النجاشي: 142 / 370؛ الفهرست: 61 / 241.
303

من باب الغلط.
إلا أن يقال: إن كون وفاة مولانا الرضا (عليه السلام) ليس مورد الاتفاق حتى يكون ما
جرى عليه الكشي من باب الغلط، بل إنما هو مختار الكليني، وهو قد صرح
بكون تاريخ وفاة مولانا الرضا (عليه السلام) محل الخلاف (1)، فلعل الكشي كان يقول بكون
وفاته (عليه السلام) في اثنتي عشرة ومائتين سنة مثلا، وهذا يجتمع مع وفاة حماد في زمان
حياة مولانا الرضا (عليه السلام).
وأيضا ذكر الكشي في ترجمة معاوية بن عمار: أنه عاش مائة وخمسا
وسبعين (2). وهذا من باب الغلط أيضا؛ لأنه - بعد شدة بعده - مردود بأن معاوية
روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام)، وأبو عبد الله (عليه السلام) توفي في سنة ثمان
وأربعين ومائة على ما ذكره الكليني كما عن الشهيد في الدروس، ولو عاش
معاوية مائة وخمسا وسبعين، لأدرك النبي (صلى الله عليه وآله) مع أنه لم يعده أحد من الصحابة.
مع أن النجاشي ذكر أن معاوية مات سنة خمس وسبعين ومائة (3)، فالظاهر أن
" عاش " اشتباه من " مات " (4).
لكنك خبير بأن ذلك - أعني ما سمعت من النجاشي في تاريخ وفاة معاوية -
يوهن دعوى كون مقالة النجاشي في باب عمر حماد مأخوذة من مقالة الكشي إلا
أنه وقع التصحيف في الباب؛ بملاحظة بعد عدم اطلاع النجاشي على مقالة
الكشي. وكذا بعد إغماض النجاشي عن الإشارة إلى مخالفة الكشي.
وأيضا روى الكشي عن علي بن محمد بن القاسم الحذاء الكوفي قال:
خرجت من المدينة، فلما جزت حيطانها مقبلا نحو العراق إذا أنا برجل

1. الكافي 1: 492، ح 11، باب مولد أبي الحسن الرضا (عليه السلام).
2. رجال الكشي 2: 596 / 557.
3. رجال النجاشي: 411 / 1096.
4. بل الظاهر سقوط كلمة " إلى " بعد " عاش ".
304

على بغل أشهب يعترض الطريق، فقلت لبعض من كان معي: من هذا؟
فقالوا: هذا ابن الرضا (عليه السلام)، قال: فقصدت قصده، فلما رآني أريده، وقف
لي، فانتهيت إليه لأسلم عليه، فمد يده إلي فسلمت عليه، وقبلتها، فقال:
من أنت؟ فقلت: بعض مواليك جعلت فداك، أنا محمد بن علي بن
القاسم الحذاء، - ثم قال -: واسم عمه القاسم الحذاء، وأبو بصير هذا
يحيى بن القاسم يكنى أبا محمد (1).
ولا يخفى أن قوله: " أنا محمد بن علي بن القاسم الحذاء " لا يناسب روايته عن
علي بن محمد بن القاسم، ولابد من كون أحدهما غلطا؛ إذ القاسم هو الجد
لا العم، مع أنه لو كان القاسم عما فلا ارتباط للخبر بالعنوان المذكور في كلامه،
أعني قوله في يحيى بن أبي القاسم أبي بصير: " ويحيى بن القاسم الحذاء "،
والصواب: واسم عمه يحيى بن القاسم الحذاء.
واحتمال أن يكون للراوي عن مولانا الجواد (عليه السلام) عم آخر غير يحيى، يدفعه أن
مقتضى ذكر الخبر في ذيل العنوان المذكور كون العم هو يحيى.
واحتمال أن يكون المقصود بالعم هو يحيى بن أبي القاسم، مدفوع بأن
المفروض أن اسم جد الراوي عن مولانا الجواد (عليه السلام) هو القاسم، فلا مجال لهذا
الاحتمال.
ويرشد إلى كون الأصل " واسم عمه يحيى بن القاسم الحذاء "
قوله: " وأبو بصير هذا يحيى بن القاسم الحذاء " إلا أنه لم يسبق كون
يحيى بن القاسم يكنى بأبي بصير، بل المسبوق هو أن يحيى بن أبي القاسم يكنى
بأبي بصير.
نعم، يستقيم الأمر بناء على اتحاد يحيى بن القاسم ويحيى بن أبي القاسم.
ويرشد إلى كون الأصل " واسم عمه يحيى بن أبي القاسم الحذاء وأبو بصير

1. رجال الكشي 2: 773 / 903.
305

هذا يحيى بن أبي القاسم يكنى أبا محمد " ما رواه الكشي في ترجمة ليث
المرادي في قوله: " محمد بن مسعود قال: سألت علي بن الحسن بن فضال
عن أبي بصير، فقال: اسمه يحيى بن أبي القاسم، فقال: أبو بصير كان يكنى
أبا محمد " (1).
وأيضا عن شيخنا البهائي في بعض فوائده: أن نسبة الوقف من الكشي إلى
أبي بصير في صدر العنوان المذكور ينبغي أن تعد من الأغلاط؛ لموت أبي بصير
في حياة مولانا الكاظم (عليه السلام)، وتجدد الوقف بعده (2)، إلا أنه إنما يتجه بناء على اتحاد
يحيى بن أبي القاسم.
وأما بناء على التعدد فلا بأس بنسبة الوقف؛ لعدم ثبوت موت يحيى بن
القاسم المنسوب إلى الوقف في حياة مولانا الكاظم (عليه السلام) مع أن النسبة إلى
الوقف لم تصدر عن الكشي، بل إنما صدرت عن بعض أشياخ حمدويه؛ إذ
قال الكشي: " حمدويه ذكره عن بعض أشياخه: يحيى بن القاسم الحذاء الأزدي
واقفي " (3).
وأيضا روى الكشي في أوائل كتابه عن جبرئيل بن محمد في أول ما روى
عن جبرئيل (4)، وروى في سائر رواياته عن جبرئيل بن أحمد (5)، وهو كثير، فالأول
من باب الغلط.
وربما تردد الفاضل التستري عند روايته عن جبرئيل بن أحمد بعد ذلك بين
كون الاشتباه في محمد وكون الاشتباه في أحمد. وضعفه ظاهر؛ لكثرة أحمد،
ولعله لم يتفطن لأحمد في غير ذلك.

1. رجال الكشي 1: 404 / 296.
2. نقله عنه في منتهى المقال 7: 37.
3. رجال الكشي 2: 772 / 901.
4. رجال الكشي 1: 15 / 7؛ 32 / 13.
5. رجال الكشي 1: 46 / 21 و 22؛ 55 / 27؛ 57 / 30 و....
306

وأيضا قال الكشي: " الحسن والحسين ابنا سعيد بن حماد بن سعيد موالي
علي بن الحسين (عليه السلام) " (1). والصواب: " من موالي " مع أن حمادا يكون ابن مهران كما
في كلام الشيخ (2) والعلامة (3).
وأيضا روى الكشي في ترجمة عبد الرحمن بن سيابة بالإسناد عن علي بن
عطية أنه قال:
كتب عبد الرحمن بن سيابة إلى أبي عبد الله (عليه السلام): وقد كنت أحذرك
إسماعيل.
جانيك من يجني عليك وقد * يعدي الصحاح مبارك الجرب
فكتب إليه أبو عبد الله (عليه السلام): " قول الله أصدق: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) (4)
والله ما علمت وما أمرت ولا رضيت " (5).
قوله: " جانيك " بالنون على ما في نسختين معتبرتين، وكذا الحال في " يجني
عليك ". والظاهر أن كلا منهما بالباء الموحدة من الجباية، وهي بمعنى جمع
المال، والمقصود جمع الصدقات. ومنه قول أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما كتبه إلى
معاوية: " سمعت أنك جبى مسجدا من جباية " (6).
ولعل قوله المشار إليه - أعني جابيك - بدل من قوله: " إسماعيل " أو عطف
بيان له. وكذا " من يجبي عليك " بدل بعد بدل، أو عطف بيان، لكن يتكرر البدل أو
عطف البيان، والمعنى: أني أحذرك إسماعيل الذي يكون آخذا للصدقات من
جانبك، ويأخذ الصدقات ضارا في حقك، لم أظفر بواسطة ظلمه إليك، كما أن

1. رجال الكشي 2: 827 / 1041.
2. الفهرست: 53 / 196.
3. خلاصة الأقوال: 39 / 3.
4. الأنعام (6): 164.
5. رجال الكشي 2: 688 / 734.
6. الكافي 8: 196، ح 234.
307

منازل الإبل الجرب توجب سراية الجرب إلى الإبل الصحاح.
وذكر في النهاية
أنه يقال: أعداه الداء يعديه إعداء، وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب
الداء. وذلك أن يكون ببعير جرب مثلا فتتقى مخالطته بإبل أخرى،
حذرا من أن يتعدى ما به من الجرب إليها، فيصيبه ما أصابها، وقد أبطله
الإسلام؛ لأنهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدى، فأعلمهم
النبي (صلى الله عليه وآله) أنه ليس كذلك، وإنما الله هو الذي يمرض وينزل الداء. ومن
هذا ما في بعض الأحاديث: " فمن أعدى [البعير] الأول؟ " (1) أي من أين
صار فيه الجرب؟
وذكر ما ذكر في المجمع (2).
ويمكن أن يكون " جابيك " - بالباء الموحدة، أو بالياء المثناة من المجيء -
مبتدأ، ويكون " يجبي عليك " - بالباء الموحدة أيضا أو من المجيء أيضا - خبرا،
أي الذي يكون آخذ الصدقات من جانبك من يأخذ الصدقات أو يجيئك
بالصدقات ضارا عليك من جهة ظلمه، وسراية ظلمه إليك.
ويمكن أن يكون الأمر من باب تكرار البدل أو عطف البيان، أو من باب
المبتدأ والخبر، ويكون " جانيك " بالنون أو بالباء الموحدة أو من المجيء، ويكون
يجبي بالباء الموحدة، أو من المجيء على الأول، وبالنون أو من المجيء على
الثاني، وبالنون أو الباء الموحدة على الثالث.
وأما احتمال أن يكون كل من جانيك ويجني عليك بالنون والأمر من باب
تكرار البدل أو عطف البيان أو من باب المبتدأ والخبر فغير متجه؛ لاستلزامه
لتكرار المفاد.

1. النهاية لابن الأثير 3: 192.
2. مجمع البحرين 1: 285 (جرب).
308

وإن قلت: ما الفرق بين هذا الاحتمال واحتمال كون كل من جابيك ويجبي
عليك بالباء الموحدة أو من المجيء؟
قلت: إنه على هذين الاحتمالين تتأتى الدلالة على الضرر بتوسط لفظة
" على "، فلا يتأتى التكرار، وأما على احتمال الاتفاق في النون - أعني احتمال كون
كل من جانيك ويجني عليك بالنون - فيتأتى التكرار.
قوله: " مبارك " قيل: إن العبارة " منازل " وهو الأليق، لكن لا بأس بالمبارك،
وهي محال إناخة البعير.
قوله: " الجرب " - بضم الجيم، وسكون الراء -: جمع الأجرب، كالحمر جمع
الأحمر.
وربما قيل: إن المعنى: أن من يجني عليك هو الجاني، فلا يجوز أن يقتص (1)
في الجناية من غير الجاني، وإن كان قد يتعدى إلى الغير أيضا في جناية وقعت،
كما أن منازل الجرب تؤثر في الصحاح، فشبه الجاني بالأجرب، والذين يقع
عليهم التعدي في أمر الجناية - مع أن الجاني واحد - شبههم بالصحاح الواقعة في
منازل الجرب، فإنه يسري الجرب. وليس بشيء.
وأيضا روى الكشي في أواخر ترجمة هشام بن الحكم عن محمد بن
مسعود بن مزيد (2).
وذكر السيد الداماد في الحاشية أن الصحيح محمد بن سعيد مكان محمد بن
مسعود، أو محمد بن مسعود عن محمد بن سعيد بن مزيد، قال: " كما مر ذلك
مرارا كثيرة " (3).

1. في النسختين كليتهما: " يقتضى ".
2. رجال الكشي 2: 551 / 492.
3. رجال الكشي 2: هامش ص 551 / 492.
309

وأيضا عنون الكشي علي بن الحسين بن عبد الله غير مرة، وروى في
ترجمته عن حمدويه، عن محمد بن عيسى، عن علي بن الحسين بن عبد الله. ثم
روى عن محمد بن مسعود، عن محمد بن نصير، عن أحمد بن محمد بن
عيسى، قال: " كتب إليه علي بن الحسين بن عبد ربه " (1).
وأنت خبير بالمخالفة بين المعنون والإسناد الأخير من الإسنادين المذكورين
في تلك الترجمة؛ حيث إن المعنون علي بن الحسين بن عبد الله، وهذا يخالفه
علي بن الحسين بن عبد ربه في الإسناد الأخير، وإن يوافق الإسناد الأول
للمعنون، فلابد من الغلط في المعنون أو الإسناد الأخير.
إلا أن الأرجح كون الغلط في الإسناد الأخير؛ للزوم الغلط في الإسناد
الأول أيضا بناء على كون الغلط في المعنون، فيدور الأمر بين وحدة الغلط
وتعدده، وقضية بعد الغلط تقتضي البناء على وحدة الغلط؛ لمزيد البعد على
تقدير التعدد.
لكنه عنون بعد ذلك أبا علي بن هلال، وأبا علي بن راشد، وروى بالإسنادين
أنه (عليه السلام) أقام أبا علي مقام الحسين بن عبد ربه (2)، وهذا يرجح البناء على كون الغلط
في المعنون والإسناد الأول بناء على ظهور اتحاد الحسين بن عبد الله المذكور
- أعني والد علي - والحسين بن عبد ربه المذكور؛ إذ لولا ذلك يلزم كون الغلط في
الإسناد الأخير المشار إليه، والإسنادين في العنوان الأخير.
فيدور الأمر بين غلطين وثلاثة أغلاط، والأول أرجح؛ لمزيد البعد في ثلاثة
أغلاط بالنسبة إلى غلطين بواحد.
نعم، قلة المخالفة للظاهر بواحد - مثلا - لا تقتضي المصير إليها فيما لو كان
خلاف الظاهر كثيرا. كما لو دار الأمر في خلاف الظاهر بين خمسين وواحد

1. رجال الكشي 2: 797 / 984، وفيه: " عبد الله " بدل " عبد ربه ". فلا اعتراض إلا على بعض النسخ.
2. رجال الكشي 2: 799 / 991.
310

وخمسين. ومن هذا عدم اعتبار عمومات الكتاب بعد كثرة التخصيص؛ لعدم
حصول الظن بدخول المشكوك فيه.
ومع ذلك، الظاهر أن " أحمد " في الإسناد الأخير من الإسنادين في العنوان
الأول غلط؛ لرواية محمد بن نصير عن محمد بن عيسى في روايات متعددة من
روايات الكشي، بل ترشد إلى ذلك رواية حمدويه بن نصير، عن محمد بن
عيسى في روايات متعددة من روايات الكشي.
وكذا رواية محمد بن نصير وحمدويه بن نصير في بعض روايات الكشي،
كما رواه في ترجمة إخوة زرارة (1).
وكذا رواية حمدويه بن نصير وإبراهيم بن نصير في بعض روايات الكشي،
كما رواه في ترجمة زرارة (2).
لكن نقول: إن الكشي روى في ترجمة علي بن حسكة وتلميذه عن
محمد بن عيسى، عن محمد بن نصير، عن أحمد بن محمد بن عيسى (3).
وأيضا قد نقل الشيخ عن الكشي في الفهرست وكذا في الرجال في أصحاب
أمير المؤمنين (عليه السلام) نقلا أنه عد لوط بن يحيى - وهو أبو مخنف - من أصحاب
أمير المؤمنين (عليه السلام).
وزيفه في الفهرست بأن الصحيح أن أباه كان من أصحابه (عليه السلام)، وهو لم يلقه (عليه السلام) (4).
وحكم في الرجال بأنه غلط؛ تعليلا بأنه لم يلق أمير المؤمنين (عليه السلام) (5).

1. رجال الكشي 1: 382 / 270.
2. رجال الكشي 1: 357 / 229.
3. رجال الكشي 2: 802 / 994، الموجود في ترجمة علي بن مسعود بن حسكة: " محمد بن مسعود "
بدل " محمد بن عيسى ".
4. الفهرست: 129 / 583.
5. رجال الطوسي: 57 / 1.
311

لكن لم أظفر بذلك في الاختيار، ولم ينقل ذلك عن الكشي في كلام الفاضل
الأسترآبادي مع نقله في التراجم لتمام كلام الكشي.
وقد عده الشيخ في الرجال نقلا من أصحاب الحسن والحسين والصادق (عليهم السلام) (1).
وأنت خبير بأن من البعيد غاية البعد الرواية عن الحسنين والصادق (عليهم السلام) دون
السيد السجاد والباقر (عليهما السلام).
والعجب من العلامة في الخلاصة؛ حيث صرح بموافقة الشيخ للكشي (2)، مع
ما سمعت مما صنعه الشيخ من تزييف كلام الكشي والحكم بكونه غلطا.
وأيضا قد نقل السيد السند النجفي عن الكشي أنه قال:
شهاب وعبد الرحيم وعبد الخالق ووهب ولد عبد ربه موالي بني أسد
من الصلحاء (3). - وقال أيضا -: حدثني أبو الحسن حمدويه بن نصير
قال: سمعت بعض المشايخ يقول: وسألته عن وهب [وشهاب]
وعبد الرحمن بني عبد ربه وإسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربه قال:
كلهم خيار فاضلون كوفيون (4).
وأورد: بأن عبد الرحيم في العبارة الأولى أو عبد الرحمن في العبارة الثانية
سهو (5).
لكنه مبني على ما كان عند المورد من النسخة، وإلا ففي نسختين معتبرتين
عندي " عبد الرحمن " في العبارة الأولى، فلا منافاة في البين.
الثاني عشر

1. انظر رجال الطوسي: 70 / 1، 79 / 1، 279 / 6.
2. خلاصة الأقوال: 136 / 1.
3. في المصدر: من صلحاء الموالي.
4. رجال الكشي 2: 712 / 778؛ 713 / 783.
5. رجال السيد بحر العلوم 1: 354.
312

[في تعارض قول النجاشي والشيخ]
أنه لو تعارض قول النجاشي والشيخ، فقال الشهيد الثاني في المسالك عند
الكلام في التوارث بالعقد المنقطع في تعارض قول النجاشي والشيخ في
محمد بن خالد البرقي: " وظاهر حال النجاشي أنه أضبط الجماعة، وأعرفهم
بحال الرجال " (1).
ومقتضاه تقديم قول النجاشي، وهو مقتضى تقديمه النجاشي على الشيخ في
الذكر في بعض تعليقات الخلاصة، كما في ترجمة سليمان بن خالد (2). وكذا تقديم
" جش " على " ست " و " جخ " من جماعة في فاتحة الكتاب عند بيان الرموز، وكذا
في تضاعيف التراجم.
وقال الفاضل الأسترآبادي في ترجمة سليمان بن صالح الجصاص:
" ولا يخفى تخالف ما بين طريق الشيخ والنجاشي، ولعل النجاشي أثبت " (3).
وقال المولى التقي المجلسي: " إنه يقع منه الاجتهاد الغلط في بعض
الأوقات، ويظهر منه أنه اجتهاده، ولكنه أثبت من الجميع كما يظهر من التتبع
التام " (4).
وقال الفاضل الشيخ محمد في بعض كلماته عند الكلام في داود بن حصين:
" والحق أن قول النجاشي لا يعارضه قول الشيخ؛ لأن النجاشي أثبت " (5).

1. مسالك الأفهام 1: 405.
2. تعليقة الشهيد على الخلاصة: 12.
3. منهج المقال: 174.
4. روضة المتقين 14: 331.
5. استقصاء الاعتبار، لم يطبع.
313

وقال في شرح الاستبصار في باب حكم الماء الكثير إذا تغير أحد أوصافه بعد
ذكر تعارض كلام النجاشي والشيخ في سماعة: " ولكن النجاشي يقدم على الشيخ
في هذه المقامات، كما يعلم بالممارسة " (1)، بل حكي دلالة كلام من المقدس على
ذلك (2). وفي المعراج في ترجمة إبراهيم بن أبي بكر بن أبي سمال: " النجاشي
أضبط علماء الرجال " (3).
وقال في رياض العلماء: " النجاشي أبصر في علم الرجال حتى من الشيخ
الطوسي ".
وقال السيد السند النجفي: " ولعل النجاشي أثبت " (4) - يعني - من الشيخ -
وحكى التصريح بتقديمه عن جماعة من الأصحاب، وحكى ظهور تقديمه عن
المحقق في كلماته بملاحظة إكثاره في الاستناد إلى كلامه، وقلة التصريح بالاستناد
إلى كلام غيره من أصحاب الرجال حتى الشيخ.
وكذا عن العلامة في الخلاصة، قال: " فإنه شديد التمسك بكلامه، كثير الاتباع
له، وعباراته - حيث يحكم ولا يحكي عن الغير - هي عبارات النجاشي بعينها " (5).
وقال بعض أصحابنا: " إنه لا شبهة في كون النجاشي أضبط "، يعني من الشيخ.
وعن الحاوي في ترجمة النجاشي: أنه لا يبعد ترجيح قوله - يعني النجاشي -
على قول الشيخ مع التعارض، كما ينبئ عنه تتبع الأحوال (6).
وعنه في ترجمة سالم بن مكرم: أنه لم يبعد ترجيح قول النجاشي في الجرح

1. نقله السيد بحر العلوم في رجاله 2: 46.
2. حكاه السيد بحر العلوم في رجاله 2: 46.
3. معراج أهل الكمال: 30، وفيه: " أضبط علماء الجرح والتعديل وأعلمهم بالتزيين والوقف ".
4. رجال السيد بحر العلوم 2: 46.
5. انظر رجال السيد بحر العلوم: 45.
6. حاوي الأقوال 1: 184.
314

والتعديل على قول الشيخ؛ لتأخره (7).
ويظهر من المحقق الثاني تقديم قول الشيخ؛ حيث إنه عند الكلام في
اشتباه دم الحيض بالقرحة جرى على ترجيح ما رواه الشيخ - من كون المدار
على الطرف الأيسر - على ما رواه الكليني من كون المدار على الطرف الأيمن؛
تعليلا بأنه أعرف بوجوه الحديث وأضبط، بل جرى على ترجيح ذلك بعمل
الشيخ في النهاية (1).
وهذا يقتضي غاية الوثوق بالشيخ، ومنتهى الاعتماد عليه؛ حيث إن مرجعه
إلى الترجيح بعمل الشيخ، ولم أظفر بمن جرى على الترجيح بعمل الفقيه الواحد
في تعارض الخبرين، بل يقتضي ذلك كون الشيخ أضبط من الكليني.
ومقتضى بعض كلمات المولى التقي المجلسي - مع جودة اطلاعه على
الأخبار متنا وسندا (2) من أن الجمع الواقع من الكليني في حواشي الإعجاز - ترجيح
الكليني على الشيخ.
ويقتضي القول بذلك (3) بعض كلمات المولى التقي المجلسي؛ حيث إنه قال
في جملة كلام له في ترجمة محمد بن أورمة: " فإن الشيخ لتبحره في العلوم كان
يعلم أو يظن عدم لزوم ما ذكره النجاشي ".
وهو مقتضى ما عن المحدث الجزائري في غاية المرام في تعارض كلام
النجاشي والشيخ في سالم بن مكرم من أنه لا ريب في أن الشيخ أثبت وأدرى (4).

7. حاوي الأقوال 1: 425.
1. جامع المقاصد 1: 283.
2. بيان لبعض كلمات المجلسي وهو أن المجلسي قال: إن الجمع الواقع من المجلسي بين الأخبار
المتعارضة يشبه الإعجاز وواقع في حواشي الإعجاز. فقوله: " في حواشي " خبر أن.
3. أي تقديم الشيخ على النجاشي لا الكليني على الشيخ.
4. غاية المرام في شرح تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي، وهو كتاب كبير في ثمان مجلدات، كتبه بعد
كتابه شرحه الكبير على التهذيب الموسوم ب‍ (مقصود الأنام)، انظر الذريعة إلى تصانيف الشيعة 16: 18.
315

[وجوه تقديم قول النجاشي على قول الشيخ]
والأظهر تقديم قول النجاشي؛ نظرا إلى تأخر نظر النجاشي عن نظر الشيخ
وإن كانا متعاصرين، كما يظهر مما مر؛ حيث إن النجاشي - كما تقدم - ذكر الشيخ
بعقد عنوان له في كتابه ووثقه، وذكر الرجال والفهرست من جملة كتبه (1). ومقتضاه
اطلاع النجاشي على كلمات الشيخ وكون رجال الشيخ وفهرسته في منظر نظر
النجاشي، بل هذا مقطوع به؛ حيث إن كل من يرسم مسألة ويطلع على رسمها من
سابق ويذعن ذلك بفضله، ينظر إلى كلامه قطعا مع الإمكان، ونظر المتأخر أقرب
إلى الصواب في جميع الفنون مع الاطلاع على كلام السابق كما هو المفروض
على حسب ما سمعت آنفا، بل حسب ما تقدم من أن مقتضى كلام العلامة في
الإجازة لبني زهرة كون الشيخ من مشايخ النجاشي؛ إذ كل من يرسم مسألة ويطلع
على رسمها من بعض مشايخه، ينظر إلى ما رسمه بعض المشايخ بلا شبهة.
وأيضا فضل الشيخ منشعب في فنون، كالفقه والحديث والأصول والرجال
والتفسير، قال العلامة في الخلاصة في ترجمة الشيخ: " عارف بالأخبار والرجال
والفقه والأصول والكلام والأدب، جميع الفضائل تنسب إليه، صنف في كل فنون
الإسلام " (2).
ويرشد إلى انشعاب فضله - أرشد مرشد - ما ذكره في الفهرست في ترجمة نفسه (3).
وتصانيف الشيخ كثيرة تقرب الأربعين، مع كون طائفة منها مبسوطة،
كالمبسوط والخلاف والتهذيب والاستبصار وغيرها. وأما النجاشي فإن عمدة فنه
هو الرجال، وتصنيفه قليل؛ إذ له غير الرجال - على ما ذكره نفسه في ترجمته -:

1. رجال النجاشي: 403 / 1068.
2. خلاصة الأقوال: 148 / 46.
3. الفهرست: 159 / 699.
316

" كتاب الجمعة وما ورد فيه من الأعمال، وكتاب الكوفة وما فيها من الآثار
والفضائل، وكتاب أنساب نصر بن قعين وأيامهم وأشعارهم، وكتاب مختصر الأنواء
ومواضع النجوم التي سمتها العرب " (1).
ومن البين أن تعدد الفن يمانع عن التعميق والتدقيق، بل صار من قبيل المثل:
إن ذا فن يغلب على ذي الفنون (2).
كما أن كثرة التصنيف - ولو في فن - تمانع عن إتمام الإقدام وإكمال النظر؛
فإن الإنسان يشغله شأن عن شأن، ومن هذا أنه لا يتيسر للشخص المهارة في فنون
ولا في جهات فن واحد، بل غاية ما يتيسر للشخص المهارة في فن واحد وجهة
واحدة.
مثلا: لو بالغ في الاستقراء والتتبع في الكلمات في فن واحد، لحرم من
التعميق والتدقيق، وبالعكس، بل الجمود على مجرد التعميق والتدقيق ربما
يوجب الفتوى بما يخالف الإجماع.
فكل من انشعاب الفضل في فنون، وكثرة التصنيف في جانب الشيخ من
الموهن، وقلة التصنيف وانحصار عمدة الفن في الرجال في جانب النجاشي من
المرجح.
وأيضا مرجع علم الرجال إلى علم التأريخ، ومقتضى ما يشاهد في كلمات
النجاشي - من تعقيبه ذكر الرجل من باب الاستطراد بذكر أولاده وإخوته وأجداده،
وبيان أحوالهم وتنازعهم حتى كأنه واحد منهم، كما يأتي من السيد السند
النجفي (3)، وكذا ما سمعت من تصنيفه كتاب الكوفة وما فيها من الآثار والفضائل،

1. رجال النجاشي: 101 / 253.
2. في " د ": " ذي فنون ".
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 48.
4. في النسختين كليتهما: " نضر بن قعين ".
317

وكتاب أنساب نصر (4) بن قعين وأيامهم وأشعارهم - هو مهارته في التاريخ.
وقد ذكر في ترجمة بعض الرجال كتاب التاريخ كابن عقدة وغيره، وفي
ترجمة هشام بن الحكم قد ذكر كتابا يتعلق بالتاريخ (1)، ولم يظهر الاستطراد
المذكور من الشيخ في التراجم، بل ليس منه أثر في كلماته بلا شبهة، ولم يذكر في
ترجمته كتاب في التاريخ.
ولو لم يكن مرجع علم الرجال إلى علم التاريخ، فلا أقل من استمداد علم
الرجال من علم التاريخ، وتقوية علم التاريخ لعلم الرجال، فالتعارض بين كلام
النجاشي وكلام الشيخ من باب التعارض بين كلام من كان خاليا عن علم التاريخ
أعني الشيخ، ومن كان حاويا له أعني النجاشي، وبعبارة أخرى: من كان جاهلا
بعلم التاريخ ومن كان عالما به.
فيكون الظن في جانب قول النجاشي أقوى؛ لقوة الظن باطلاعه على حال
الرجل، وعدم اشتباهه رجلا برجل. وبوجه زيادة مهارة الشيخ في فن توجب
زيادة الوثوق بكلامه. وكذا الحال لو كانت زيادة المهارة في الفن بالاطلاع على
فن آخر يستمد ذلك الفن منه، وقد ثبت بما تقدم زيادة مهارة النجاشي في
الرجال، سواء كان مرجع علم الرجال إلى علم التاريخ أو كان مستمدا منه، فالظن
في جانب قول النجاشي أقوى.
إلا أن التعبير بالأقوى هنا وفي سائر موارد التعارض من باب المسامحة؛ لعدم
حصول الظن بالنقيضين، وإنما يصير الظن في جانب أحد المتعارضين، ويصير
الآخر موهوما، فيصير كلام الشيخ في قبال كلام النجاشي من باب الموهوم.
وقد أشار السيد السند النجفي إلى الوجه المذكور فيما ذكره من أن علم
الرجال يستمد من علم الأنساب والآثار والقبائل والأمصار، وهذا مما عرف

1. رجال النجاشي: 94 / 233، 433 / 1164.
318

للنجاشي ودل عليه تصنيفه فيه واطلاعه عليه، كما يظهر من استطراده ذكر الرجل
بذكر أولاده وإخوته وأجداده وبيان أحوالهم وتنازعهم حتى كأنه واحد منهم (1).
لكن يمكن أن يقال: إن الاطلاع على أقارب الرجل لا يوجب قوة الظن بقوله
في حال الرجل، كيف وكثيرا ما يطلع الشخص على حال شخص من دون اطلاع
على حال أقاربه، ومن يطلع على حال الشخص وحال أقاربه [لكن] لا يطلع على
حال الشخص على منوال اطلاع الشخص الأول.
إلا أن يقال: إن مرجع هذا المقال إلى إمكان زيادة اطلاع من اطلع على حال
الشخص بالنسبة إلى اطلاع من اطلع على حال الشخص وحال أقاربه، كيف
وكثيرا ما يطلع الشخص على حال شخص من دون اطلاع على حال أقاربه، لكن
الإمكان لا ينافي الظن في شيء من موارد الظن، كيف واحتمال النقيض مأخوذ في
باب الظن، والظن في جانب قول من اطلع على حال الشخص وحال أقاربه يكون
أقوى قهرا بالنسبة إلى من اطلع على حال الشخص فقط.
وأيضا أكثر الرواة عن الأئمة كانوا من أهل الكوفة ونواحيها القريبة - على ما
ذكره السيد السند النجفي وتمهره في الرجال في حد الكمال (2) - والنجاشي كوفي
من وجوه أهل الكوفة، من بيت معروف مرجوع إليهم على ما ذكر السيد السند
المشار إليه، فهو أعرف بحال الرواة من الشيخ الذي هو من طوس، وإن كان
مشتغلا ببغداد وجاور النجف على ما ذكر في ترجمته.
إلا أن يقال: إنه لو تمادى مكث شخص خارج عن بلد في البلد فهو بمنزلة
من كان من أهل البلد من حيث الوثوق إلى القول في بيان أحوال أهل البلد.
نعم، يختلف الوثوق لو كان الاختلاف في أحوال السابقين، وإن أمكن منع
الاختلاف هنا أيضا.

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 48.
2. رجال السيد بحر العلوم 2: 49.
319

إلا أن يقال: إن مجرد كون الشخص من أهل بلد يوجب حركة الظن إلى
جانب قوله قهرا - ولو تمادى مكث الشخص الخارج عن البلد في البلد - في
صورة تعارض القولين كما هو المفروض.
وأيضا النجاشي وإن لم يرسم ترجمة لابن الغضائري - أعني أحمد بن
الحسين بن عبيد الله - لكنه من مشايخ النجاشي؛ كما يرشد إليه قول النجاشي في
ترجمة علي بن محمد بن شيران: " كنا نجتمع معه عند أحمد بن الحسين " (1).
وكذا قوله في ترجمة أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد الصيقل: " وقال
أحمد بن الحسين - رحمه الله - له كتاب في الإمامة، أخبرنا به أبي، عن العطار،
عن أبيه، عن أحمد بن أبي زاهر، عن أحمد بن الحسين به " (2).
بناء على كون قوله: " أخبرنا " من أجزاء مقول القول، فيكون أحمد بن
الحسين في الآخر مغايرا لأحمد بن الحسين في الأول - أعني القائل - كما جرى
عليه السيد السند النجفي؛ حيث استند إليه على كون ابن الغضائري من مشايخ
النجاشي (3)، لا كون قوله: " أخبرنا " جملة مستأنفة وإظهارا للواسطة وصرفا لظهور
قوله: " قال " في القول بلا واسطة، فيكون أحمد بن الحسين في الآخر هو
أحمد بن الحسين في الأول، كما يمكن دعوى ظهوره.
إلا أن الحسين والد الأحمد من مشايخ النجاشي أيضا، فلا مجال لكون نقل
النجاشي عن الأحمد بوسائط.
والنجاشي شارك ابن الغضائري أيضا؛ كما يرشد إليه قوله في ترجمة
أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد الصيقل: " له كتب لا يعرف منها إلا النوادر

1. رجال النجاشي: 269 / 705.
2. رجال النجاشي: 83 / 200.
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 64.
320

قرأته أنا وأحمد بن الحسين على أبيه " (1). ولا بأس باجتماع الشيخوخة والمشاركة
كما حررناه في الرسالة المعمولة في ابن الغضائري.
وقد نقل النجاشي عن ابن الغضائري في تراجم شتى، كترجمة أبان بن
تغلب، وأبي شداخ، وأحمد بن إسحاق، وجعفر بن أحمد بن أيوب
السمرقندي، وحبيب بن أوس، والحسين بن أبي العلاء، وخالد بن يحيى بن
خالد، وخيبري بن محمد بن مالك، ومحمد بن عبد الله بن جعفر الحميري (2)، إلا
أن النقل في الأكثر بلفظ " قال " أو " ذكر " وقد تقدم المقال فيه كسائر المراحل
المذكورة.
وقد حكى السيد السند النجفي: أنه نقل النجاشي عما سمعه من ابن
الغضائري وعما وجده بخطه (3).
وابن الغضائري من مهرة فن الرجال، فلا ريب أن مصاحبة ابن الغضائري
والاطلاع على مقالاته توجب زيادة مهارة النجاشي.
والشيخ لم ينقل عن ابن الغضائري رأسا، بل صرح في فاتحة الفهرست بأنه
عمل كتابين: أحدهما ذكر فيه المصنفات، والآخر ذكر فيه الأصول؛ لكنه
لم ينسخها (4) أحد من أصحابنا، واخترم ابن الغضائري وعمد بعض ورثته إلى
إهلاك الكتابين وغيرهما من الكتب على ما يحكي بعضهم عنه (5).
وإن كان هذا المقال فاسد الحال - بشهادة نقل العلامة من الكتابين في ترجمة
محمد بن مصادف في قوله: " اختلف قول ابن الغضائري فيه، ففي أحد الكتابين:

1. رجال النجاشي: 83 / 200.
2. انظر رجال النجاشي الأرقام: 7، 117، 225، 310، 367، 395، 408، 949.
3. رجال السيد بحر العلوم 2: 86.
4. كذا. والأنسب: " لم ينسخهما ".
5. الفهرست: 1.
321

أنه ضعيف، وفي الآخر: أنه ثقة " (1)، وكذا في ترجمة عمر بن ثابت في قوله:
" عمر بن ثابت أبي المقدام ضعيف جدا قاله ابن الغضائري، وقال في كتابه الآخر
عمر بن أبي المقدام ثابت العجلي مولاهم الكوفي " (2)، بل ما تقدم من نقل النجاشي
عن ابن الغضائري يظهر فساد المقال المذكور - إلا أنه يمكن أن يكون النقل من
باب نقل الشفاهة بلا واسطة، أو مع الواسطة، أو كان من غير الكتابين المذكورين؛
إذ له كتاب آخر مقصور على الضعفاء على ما ذكره ابن طاووس (3) والشهيد الثاني (4)
وصاحب المعالم (5) وغيرهم (6)، وهو مذكور بتمامه في كتاب ابن طاووس، وأفرده
الفاضل التستري من الكتب الخمسة التي اشتمل عليها كتاب ابن طاووس كما
تقدم، وذكر له الفاضل الخواجوئي كتابا رابعا في الممدوحين (7).
نعم، قد أدرك الشيخ ابن الغضائري، بل رسمه الفهرست من باب امتثال أمره
برسم ما يشتمل على ضبط المصنفات والأصول، والتحثيث والتحريص عليه، كما
هو مقتضى كلامه في فاتحة الفهرست (8)؛ لكن الإدراك بمجرده لا جدوى فيه.
فمقتضى ما ذكر أن الظن لا يتحرك (9) إلى قول النجاشي.
لكن يمكن أن يقال: إن الوجه المذكور ليس بحيث يوجب حركة الظن
إلى جانب قول النجاشي، مع أن الظاهر أن طريقته جارية على النقل عن

1. خلاصة الأقوال: 256 / 56.
2. خلاصة الأقوال: 241 / 10.
3. التحرير الطاووسي: 25.
4. الدراية: 63؛ الرعاية في علم الدراية: 177.
5. التحرير الطاووسي: 24.
6. كالقهبائي في مجمع الرجال 1: 6، 7.
7. الفوائد الرجالية: 290.
8. الفهرست: 2.
9. كذا. والصحيح: " يتحرك ".
322

ابن الغضائري لو كان له مقالة في حال الرجل.
فالأحسن الاستدلال بانفراد النجاشي بمشايخ كثيرة؛ حيث إن مشايخ
النجاشي - على ما جمعه السيد السند النجفي كما تقدم - ثلاثون، وقد ظهر فيما
تقدم انفراد الشيخ بسبعة، وشركته مع النجاشي في ستة، وانفراد النجاشي بأربعة
وعشرين، لكن مزية النجاشي على الشيخ بسبعة عشر -؛ لانفراد الشيخ بسبعة -
ويزيد على السبعة عشر من تقدم منا ازدياده.
وبما سمعت تظهر صحة (1) المؤاخذة عن السيد السند النجفي في استدلاله
بشيخوخة ابن الغضائري للنجاشي ومشاركته له ونقل النجاشي عنه؛ لما سمعت
من الإشكال في إفادة ما ذكر للظن بقول النجاشي، مع أن أغلب نقل النجاشي عن
ابن الغضائري بلفظ " قال " أو " ذكر " وقد تقدم الكلام في دلالته على اللقاء.
وبالجملة، كان المناسب الاستدلال بكثرة المشايخ، وعد ابن الغضائري من
المشايخ الكثيرة.
نعم، لما صنعه وجه لو كان لابن الغضائري زيادة امتياز بالنسبة إلى سائر
المشايخ، وتم إفادة شيخوخته فقط لحركة الظن إلى جانب قول النجاشي، إلا أنه
لو كان لابن الغضائري زيادة امتياز بالنسبة إلى الكل - مع ما سمعت من الكلام في
إفادة شيخوخته لحركة الظن إلى جانب قول النجاشي (2) - أو كان تخصيص ابن
الغضائري بالاستدلال بواسطة زيادة مشاركته على الشيخوخة إلا أن المدار على
الشيخوخة، بل لا اعتبار بالمشاركة؛ إذ مزية النجاشي إنما تتحصل بزيادة أخذه،
والعمدة في الأخذ إنما هي الشيخوخة، بل الأخذ بالمشاركة غير معلوم، لا هنا
ولا في سائر الموارد.
وتتطرق المؤاخذة عنه أيضا بأنه استدل - بعد الاستدلال المذكور - بكثرة

1. في " ح ": " حجة ".
2. كذا في النسختين كلتيهما. والظاهر زيادة " أو " وكون " كان " جوابا ل‍ " لو " وإلا يصير الكلام ناقصا.
323

المشايخ، وعد منهم أبا الفرج الكاتب؛ (1) حيث إن أبا الفرج الكاتب ليس من
مشايخ النجاشي، بل ممن أدركه النجاشي ولم يسمع منه كما يظهر مما مر،
ولا جدوى في مجرد الإدراك، وإلا لكان المناسب زيادة سائر من أدركه النجاشي
ولم يسمع منه، وتخصيص الكاتب بالذكر من باب الترجيح بلا مرجح.
[كلمات جماعة في وهن الشيخ]
وأيضا قد اتفقت كلمات من جماعة توهن الشيخ في الرجال أو في الرجال (2)
أو في الجملة، وبملاحظتها يتحرك الظن إلى جانب قول النجاشي لو لم يرتفع
الظن من كلام الشيخ رأسا.
[كلام الفاضل الخواجوئي]
فمنها: ما ذكره الفاضل الخواجوئي في أوائل أربعينه وأوائل رسالته المعمولة
في الكر: من أن إخبار الشيخ بأحوال الرجال لا يفيد ظنا ولا شكا في حال من
الأحوال؛ تعليلا بأن كلامه في هذا الباب محل الاضطراب. وعد من اضطراب
كلامه:
أنه يقول في موضع: " إن الرجل ثقة "، وفي آخر يقول: " إنه ضعيف " كما
في سالم بن مكرم الجمال (3)، وسهل بن زياد (4).
وأنه قال في الرجال: " محمد بن هلال ثقة " (5) وفي كتاب الغيبة: " إنه من

1. تعليل لتطرق المؤاخذة.
2. أي: في فن الرجال أو كتاب الرجال.
3. رجال الشيخ: 209 / 116؛ الفهرست: 79 / 327؛ وانظر خلاصة الأقوال: 227.
4. رجال الطوسي: 416 / 4؛ الفهرست: 80 / 329؛ وانظر الفوائد الرجالية للفاضل الخواجوئي: 203.
5. رجال الطوسي: 435 / 6.
324

المذمومين " (1).
وأنه قال في العدة: " إن عبد الله بن بكير ممن عملت الطائفة بخبره
بلا خلاف " (2) وفي الاستبصار في آخر الباب الأول من أبواب الطلاق
صرح بما يدل على فسقه وكذبه، وأنه يقول برأيه (3).
وأنه قال في الاستبصار: " إن عمار الساباطي ضعيف لا يعمل بروايته " (4)
وفي العدة: " إن الطائفة لم تزل تعمل بما يرويه " (5).
وأنه قد ادعى عمل الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير وغيره،
وأخبار الواقفية مثل سماعة بن مهران، وعلي بن أبي حمزة،
وعثمان بن عيسى، وبني فضال، والطاطرية (6)، مع أنا لم نجد أحدا من
الأصحاب وثق علي بن أبي حمزة البطائني، أو يعمل بروايته إذا انفرد
بها؛ لأنه خبيث، واقفي، كذاب، مذموم. وقس عليه حال غيره ممن
ادعى عمل الطائفة على العمل بروايته في كلامه المذكور.
وأنه تارة يشترط في قبول الرواية الإيمان والعدالة، كما قطع به في كتبه
الأصولية، وهذا يقتضي أن لا يعمل بالأخبار الموثقة والحسنة. وأخرى
يكتفي في العدالة بظاهر الإسلام، ولم يشترط ظهور العدالة، ومقتضاه
العمل بالأخبار الموثقة والحسنة كالصحيحة.
وأنه تارة يعمل بالخبر الضعيف مطلقا، حتى أنه يخصص به أخبارا كثيرة
صحيحة حيث تعارضها بإطلاقها. وتارة يصرح برد الحديث لضعفه.

1. الغيبة: 245.
2. عدة الأصول 1: 381.
3. الاستبصار 3: 276، ح 982، باب من طلق امرأة ثلاث تطليقات.
4. الاستبصار 1: 372، ح 1413، باب السهو في صلاة المغرب.
5. عدة الأصول 1: 381.
6. المصدر.
325

وثالثة يرد الصحيح معللا بأنه خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا (1).
وذكر أن أمثال ما ذكر من الشيخ كثيرة جدا، وتعجب من صاحب الذخيرة
حيث تمسك على اعتبار رواية عثمان بن عيسى بنقل الاتفاق على العمل من
الشيخ في كلامه المذكور (2)، مع أنه معدود في عداد من لا تعمل الطائفة بأخباره إلا
أن تكون محفوفة بالقرائن. كيف وقد صرح الشهيد في الدراية بأن أغلب أصحابنا
لا يعملون بأخبار الموثقين من المخالفين، كالفطحية والواقفية والناووسية (3)،
فما ظنك بأخبار غير الموثقين من المخالفين كابن أبي حمزة ومن شاكلهم (4).
أقول: إن بلوغ الغفلة والسهو من الشيخ يوجب ارتفاع الظن من قوله،
والوثوق بكلامه محل الإشكال، بل الظاهر العدم.
وأما الغفلة والسهو، فلا يبعد شيء منهما عن الإنسان، بل هو مساوق الغفلة
والنسيان. ومثل ما ذكره من الآحاد غير عزيز، وإن لم يتكثر من واحد. وقد يتفق
مثله عن جمع، بل الجميع، مثلا: قد ذكر الشهيد في التمهيد في باب تعارض
الأصل والظاهر: أنه وقع الاتفاق تارة على تقديم الأصل، وأخرى على تقديم
الظاهر، وثالثة وقع الخلاف، مع أنه إن كان الظاهر حجة، فلا مجال لتقديم الأصل،
وإن كان الأصل حجة، فلا مجال لتقديم الظاهر، وإن كان أحدهما حجة، فلا مجال
للخلاف (5).
ومن راجع كلمات الفقهاء، يجد صدق نسبة الشهيد، ولم يكن اختلاف
الحركة إلا من جهة عدم إتقان المسألة.

1. الفوائد الرجالية للفاضل الخواجوئي: 203.
2. ذخيرة المعاد: 191.
3. الدراية (الرعاية في علم الدراية): 189.
4. انظر الفوائد الرجالية للفاضل الخواجوئي: 203.
5. تمهيد القواعد: 301، القاعدة 99.
326

ونظيره الحركة منهم فيما لم يعنون سابقا في المسائل الأصولية، مثل حجية
الظن، وحكومة أصل البراءة وقاعدة الاشتغال في باب الشك في المكلف به؛
حيث إن بعضهم تارة يتمسك بالظن، وأخرى ينكر حجيته؛ وبعضهم تارة يبني
على أصل البراءة، وأخرى يبني على قاعدة الاشتغال؛ وربما استدل على حجية
البينة بآية المداينة (1)، وقيد إطلاقها بالتقييد بالعدالة في آية الطلاق (2)؛ ولذا بنى على
لزوم العدالة في الشهادة مطلقا.
ولعل هذه الحركات من المشهور مع اختصاص الإطلاق بالمداينة والتقييد
بالطلاق.
ودعوى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المورد مردودة باختصاص هذا
المقال بما لو كان الخصوص خارجا عن كلام المتكلم باختصاص شأن النزول أو
وقوع الواقعة أو سؤال السائل، ولا مجال له في صورة اختصاص نفس الكلام كما
في الآيتين، وإلا لصح القول فيما لو قيل: " إن جاءك زيد فأكرم عمرا " بعموم
وجوب إكرام عمرو لصورة عدم مجيء زيد؛ اعتبارا بعموم اللفظ دون خصوص
المورد، وفساده ظاهر. وقد حررنا الكلام في المقام في الأصول.
ومع ذلك نقول: إن طائفة مما ذكره من الاضطراب من باب تجدد الرأي، وهو
غير عزيز.
وأما ما ذكره من عدم وجدان توثيق علي بن أبي حمزة البطائني من أحد من
الأصحاب، ففيه: أن مقتضى ما حكي عن ابن الغضائري من أنه قال في ترجمة
ابنه الحسن: " إن أباه أوثق منه " (3) هو وثاقته.

1. البقرة (2): 282.
2. الطلاق (65): 2.
3. حكاه في خلاصة الأقوال: 212 / 7.
327

وقد مال بعض الأعلام إلى قبول روايته (1).
وقال المولى التقي المجلسي في شرح مشيخة الفقيه: " روى عنه مشايخنا
لثقته في النقل " (2).
وأما ما ذكره - من أن الشيخ تارة يشترط في قبول الرواية الإيمان والعدالة،
ومقتضاه عدم العمل بالأخبار الموثقة والحسنة - فيرد عليه: أنه لا تنافي في البين إلا
بناء على كون الغرض من الإسلام - المكتفى بظهوره مع ظهور الفسق - هو المعنى
الأعم لا الأخص، لكن عن المقدس القول بكون الغرض هو المعنى الأخص، أي
الإيمان (3)، واستظهره بعض الفحول، إلا أن المحكي عن جماعة منهم الشيخ في
النهاية الاكتفاء بظهور الإسلام (4)، وعدم ظهور الفسق مع انتفاء الإيمان في
الشاهدين في الطلاق، لكن هذا في غير الرواية، وما أورد به ورود التنافي إنما هو
في الرواية.
ويرد عليه أيضا: أن مقتضى اشتراط العدالة ليس عدم العمل بالأخبار الحسنة
كما هو مقتضى كلامه؛ لعدم وضوح حال العدالة؛ إذ لو بني في العدالة على كفاية
ظهور الإسلام وعدم ظهور الفسق، فلا بأس بالعمل بالأخبار الحسنة، فاقتضاء
اشتراط العدالة بالنسبة إلى العمل بالأخبار الحسنة نفيا أو إثباتا إنما يتم بعد وضوح
حال العدالة، فبعد اكتفاء الشيخ في العدالة بظهور الإسلام وعدم ظهور الفسق
يظهر منه جواز العمل بالأخبار الحسنة.
ويرد عليه أيضا: أن مقتضى كلامه أن بناء الشيخ على كفاية مجرد ظهور

1. تعليقة الوحيد البهبهاني: 103
2. روضة المتقين 14: 94.
3. مجمع الفائدة والبرهان 12: 68.
4. النهاية في مجرد الفقه والفتاوى: 510. وانظر المقنعة للشيخ المفيد: 725، والوسيلة: 230، والسرائر
2: 117.
328

الإسلام وعدم ظهور الفسق في نفس العدالة، ولعل الظاهر أن بناءه على الكفاية
في كاشف العدالة، والتفصيل في محله.
وأما ما ذكره - من أن الشيخ قد يعمل بالخبر الضعيف حتى أنه يخصص به
أخبارا كثيرة صحيحة حيث تعارضها بإطلاقها - فمقتضى كلام الشهيد في الدراية
أيضا في كلامه المعروف المنقول في المعالم أنه عمل بالأخبار الضعيفة لأمر ما
رآه (1)، لكنه في كمال البعد.
اللهم إلا أن يكون غرور الشهيد من إيراد الشيخ في النهاية الروايات الضعيفة،
لكن الظاهر أن المقصود به مجرد إيراد الرواية، لا الاعتقاد بها، كما تكرر القول به
من الحلي، بل قال: " إن النهاية كتاب خبر، لا كتاب بحث ونظر " (2).
إلا أن مقتضى الكلام المذكور من الفاضل المتقدم أن الشيخ بنى على
تخصيص عموم الأخبار الصحيحة بالأخبار الضعيفة.
[كلام الفاضل الأسترآبادي]
ومنها: ما ذكره الفاضل الأسترآبادي في ترجمة حسان بن مهران من أن عادة
الشيخ في كتاب الرجال جمع ما ذكره الأصحاب وإن احتمل الاتحاد، وظاهر
النجاشي تحقيق الحال (3).
ومقصوده: أنه لا وثوق بتعدد العنوان من الشيخ في كتاب الرجال؛ إذ ليس
بناؤه على الاجتهاد، بل ذكر ما ذكره الأصحاب، فيمكن اتحاد المعنون مع تعدد
العنوان باعتبار اتفاق التعدد في الكلمات.
مثلا ربما قال قائل: " حسان بن مهران " وقال آخر: " حسان بن مهران

1. الدراية: 28.
2. السرائر 2: 44.
3. منهج المقال: 95.
329

الغنوي " فجمع الشيخ بين العنوانين؛ بخلاف النجاشي؛ فإن بناءه على الاجتهاد.
[كلام السيد السند التفرشي]
ومنها: ما ذكره السيد السند التفرشي في ترجمة القاسم بن محمد الجوهري
من أن الشيخ في الرجال قد ذكر كثيرا من الرجال تارة في باب من يروي، وأخرى
في باب من لم يرو، وعد جماعة (1). وذكر تلك المقالة في ترجمة الحسين بن
اشكيب (2)، وريان بن الصلت (3)، ومعاوية بن حكيم أيضا (4).
وذكر في ترجمة عبد الحميد بن سعد: أن ذكر المتحد متعددا في كلام الشيخ
في الرجال كثير مع عدم التعدد يقينا، كما يظهر من أدنى تتبع (5)، هذا.
وقد عقد السيد السند النجفي في طي الفوائد المرسومة في آخر رجاله فائدة
لما صنعه الشيخ، وجعله من الإشكال المشهور، واحتمل في الجواب وجهين،
وحكى ظهور وجهين آخرين من كلام بعض، وحكم بضعف الكل (6).
[فيما نقله الفاضل الشيخ محمد]
ومنها: ما نقله الفاضل الشيخ محمد في باب إبراهيم بن إسحاق من أنه قد
يقال: إن الشيخ كثيرا ما يذكر في باب " من لم يرو " رجالا من أصحاب الأئمة؛
يعلم من مراجعة الكتاب (7).

1. نقد الرجال 2: 46 / 36.
2. نقد الرجال 2: 80 / 22.
3. نقد الرجال 2: 250 / 2.
4. نقد الرجال 4: 386 / 4.
5. نقد الرجال 3: 35 / 8.
6. رجال السيد بحر العلوم 4: 141.
7. استقصاء الاعتبار، لم يطبع.
330

وعن الفاضل المذكور في حاشية التهذيب: أن رواية ابن بابويه قد ترجح على
رواية الشيخ الطوسي؛ بأنه أثبت في النقل؛ إذ تجويز العجلة في نقل الشيخ ظاهر
كما يعلم في مواضع " (1).
[كلام الفاضل الكاظمي والشهيد الثاني]
ومنها: ما عن الفاضل الأمين الكاظمي في ترجمة الحكم بن علباء من أنه
لا تخفى على الممارس أغلاط الشيخ.
ومنها: ما صنعه الشهيد الثاني؛ حيث عمل رسالة في الإجماعات التي نقلها
الشيخ وخالفها نفسه، وقد عد تلك الرسالة في الدر المنثور من مصنفات الشهيد
الثاني مما لم يذكره ابن العودي (2). وهي إنما توهن الشيخ، وتكشف عن عدم
انضباط أمره في باب نقل الإجماع، أو في غير هذا الباب أيضا في الجملة. وعلى
التقديرين يتطرق الوهن في الجملة.
[كلام المولي التقي المجلسي]
ومنها: ما ذكره المولى التقي المجلسي في شرح مشيخة الفقيه في قوله:
واعلم أن كل ما وقع من الشيخ الطوسي من السهو والغفلة باعتبار كثرة
تصانيفه ومشاغله العظيمة، فإنه كان مرجع فضلاء الزمان، وسمعنا من
المشايخ وحصل لنا الظن من التتبع أن فضلاء تلامذته الذين كانوا من
المجتهدين يزيدون على ثلاثمائة فاضل من الخاصة، ومن العامة
ما لا يحصى، فإن الخلفاء أعطوه كرسي الكلام، وكان ذلك لمن كان
وحيدا في ذلك العصر. مع أن أكثر التصانيف كان في أزمنة الخلفاء

1. حاشية التهذيب للشيخ محمد بن الحسن بن زين الدين العامل، لم تطبع.
2. الدر المنثور 2: 189.
331

العباسية؛ لأنهم كانوا مبالغين في تعظيم العلماء والفضلاء من العامة
والخاصة، ولم يكن إلى زمان الشيخ تقية كثيرة، بل كانت المباحثة في
الأصول والفروع حتى في الإمامة في المجالس العظيمة. وذكر
ابن خلكان جماعة كثيرة من أصحابنا في تاريخه، وكانوا بحيث
لا يمكنهم إخفاء مذاهبهم. ومباحثات القاضي عبد الجبار والباقلاني
وغيرهما مع المفيد والمرتضى وشيخ الطائفة مذكورة في تواريخ
الخلفاء. فلهذه المشاغل العظيمة يقع منه السهو كثيرا (1).
ومقتضى هذه العبارة وقوع كثرة السهو والغفلة من الشيخ في الجملة أيضا.
[ما ذكره في اللؤلؤة]
ومنها: [ما] في اللؤللؤة؛ حيث إنه قد عد فيها من مصنفات السيد هاشم
البحراني لدى شرح حاله كتاب تنبيهات الأديب في رجال التهذيب، قال:
وقد نبه فيه على أغلاط عديدة لا تكاد تحصى كثرة مما وقع للشيخ في
أسانيد أخبار الكتاب المذكور. - قال -: وقد نبهنا في كتابنا الحدائق
الناضرة على جملة ما وقع له من السهو والتحريف في متون الأخبار،
وقلما يسلم خبر من أخبار الكتاب المذكور من سهو أو تحريف في
سنده أو متنه (2).
وقال أيضا في شرح حال الشيخ الطوسي:
وقع للشيخ المذكور - سيما في التهذيب - السهو والغفلة والتحريف
والنقصان في متون الأخبار وأسانيدها، وقلما يخلو خبر من علة من
ذلك، كما لا يخفى على من نظر في كتاب التنبيهات الذي صنفه السيد

1. روضه المتقين 14: 405.
2. لؤلؤة البحرين: 65.
332

العلامة السيد هاشم في رجال التهذيب، وقد نبهنا في كتاب الحدائق
الناضرة على ما وقع له من النقصان في متون الأخبار، حتى أن كثيرا ممن
يعتمد في المراجعة عليه ولا يراجع غيره من كتب الأخبار وقعوا في
الغلط، وارتكبوا في التفصي عنه الشطط، كما وقع لصاحب المدارك في
مواضع من ذلك.
وبالجملة، فإن الشيخ المذكور وإن كان فضله أعظم من أن تحويه
السطور، إلا أنه لمزيد الاستعجال في التصنيف، والحرص على كثرة
التأليف، وسعة الدائرة، والاشتغال بالتدريس والفتوى والعلم ونحو
ذلك قد وقع في هذه الأحوال الظاهرة لكل من أعطى النظر حقه في هذا
المجال. انتهى (1).
وقد اختصر بعض كتاب التنبيهات، وكتابه موجود عندي.
[كلام صاحب المعالم في حاشية الاستبصار]
ومنها: قول صاحب المعالم في حاشية الاستبصار بعد ذكر أن المقصود
بالضمير المثنى المجرور - فيما رواه الشيخ في كتاب الحج في باب من شك فلم
يدر أسبعة طاف أم ثمانية عن موسى بن القاسم، عن علي الجرمي عنهما، عن
ابن مسكان - هو محمد بن أبي حمزة ودرست بن أبي منصور، وذكر أن المقصود
بعلي هو الطاطري: " ولا أدري كيف وصلت غفلة الشيخ إلى هذا المقدار " (2) هذا.
وقد تكررت صورة السند المذكور في عدة من أسانيد التهذيب وبعض
أسانيد الاستبصار.
وصرح جماعة: بأن مرجع الضمير هو محمد بن أبي حمزة ودرست بن

1. لؤلؤة البحرين: 297.
2. انظر الاستبصار 2: 219، ح 754. والحاشية لم تطبع.
333

أبي منصور، وهو الحق؛ للتصريح بمحمد بن أبي حمزة ودرست في عدة من
أخبار التهذيب والاستبصار، وقد حررنا الحال في الرسالة المعمولة في نقد الطرق.
[كلام الفاضل الشيخ محمد في تعليقات الاستبصار]
ومنها: قول الفاضل الشيخ محمد في تعليقات الاستبصار مشيرا إلى بعض
الأسانيد: " هذا الإسناد مبني على ما قبله، وهذه طريقة القدماء، وربما غفل عنها
الشيخ فتضيع بسببها أحاديث " (1).
أقول: قد أكثر الكليني الابتداء ببعض أجزاء السند السابق غير الجزء الأول،
واختلف فيه على القول بكونه من باب الإرسال كما هو المنقول في المنتقى عن
بعض (2).
والقول بكونه من باب حوالة الحال إلى السند السابق كما هو المقصود
بالعبارة المذكورة، وعليه جرى شيخنا البهائي، وصاحب المعالم في المنتقى،
والمولى التقي المجلسي، والمحدث الجزائري.
والقول بكون الرواية اللاحقة كالرواية السابقة مأخوذة من كتاب صدر سند
الرواية اللاحقة، فالواسطة بينه وبين الكليني - أعني: صدر سند الرواية السابقة (3) -
من باب مشايخ الإجازة ذكرت تارة في سند الرواية السابقة، وتركت أخرى في
سند الرواية اللاحقة كما هو مقتضى بعض كلمات العلامة المجلسي في أربعينه.
والأوسط هو الأظهر.
وقد ابتدأ الشيخ كثيرا بمن ابتدأ به الكليني، وقد اختلف فيه على القول بكونه
من باب الغفلة عن طريقة الكليني، كما هو مقتضى العبارة المذكورة، وعليه جرى

1. تعليقات الاستبصار، لم تطبع.
2. منتقى الجمان 1: 23.
3. تفسير لمرجع ضمير " بينه " وحقه التقديم على " وبين ".
334

في المنتقى، واختاره الفاضل التستري.
والقول بكونه من باب الاختصار كما نصره المولى التقي المجلسي.
وتفصيل الحال موكول إلى ما حررناه في الرسالة المعمولة في رواية الكليني
عن أبي داود وغير ذلك.
ومع جميع ذلك ناهيك في المقام اشتهار كون النجاشي أضبط من الشيخ في
الرجال، لكن أين مقامات فضل الشيخ من النجاشي، ثم أين.
ويظهر صدق هذه الدعوى بملاحظة ما ذكره الشيخ في الفهرست في ترجمة
نفسه (1).
ولقد بالغ الطبرسي في فاتحة مجمع البيان في وصف تبيانه (2)، وأبلغ من كلامه
كلام السيد السند النجفي (3)، وقد أوردنا كلامهما في الرسالة المعمولة في نقد
الطرق.
الثالث عشر
[في عبد الله بن النجاشي والي الأهواز]
إن النجاشي من أحفاد عبد الله بن النجاشي المعروف بكونه والي الأهواز،
كما يظهر مما تقدم. وقد صرح به شيخنا البهائي في حاشية الكافي، إلا أنه عبر
بالأولاد بدل الأحفاد، وهو - أعني عبد الله - سابع أجداد النجاشي، وولايته من
قبل المنصور، كما نص عليه النجاشي في ترجمة عبد الله (4)، وليت النجاشي أشار
في ترجمة عبد الله إلى كون عبد الله من أجداده.

1. الفهرست: 159 / 709.
2. مجمع البيان: 1: 10.
3. رجال السيد بحر العلوم 3: 228.
4. رجال النجاشي: 213 / 555.
335

وقد أعجبني أن أذكر ما ذكر في باب عبد الله؛ إذ فيه تذكرة وإرشاد إلى نهج
الخلوص ومنهج الإخلاص، فانظر واتعظ ليوم لا ينفع غير الإخلاص في
الخلاص، ولات غيره بالمخلص والمناص.
ففي الكافي في باب إدخال السرور على المؤمن بسنده، عن محمد بن
جمهور قال:
كان النجاشي - وهو رجل من الدهاقين - عاملا على الأهواز وفارس،
فقال بعض أهل عمله لأبي عبد الله (عليه السلام): إن في ديوان النجاشي علي
خراجا، وهو مؤمن يدين الله بطاعتك، فإن رأيت أن تكتب لي إليه كتابا،
فكتب إليه أبو عبد الله (عليه السلام) كتابا: " بسم الله الرحمن الرحيم سر أخاك
يسرك الله " قال: فلما ورد الكتاب عليه، دخل وهو في مجلسه وقال: هذا
كتاب أبي عبد الله (عليه السلام)، فلما خلا ناوله فقبله ووضعه على عينيه وقال: ما
حاجتك؟ قال: خراج علي في ديوانك، فقال له: وكم هو؟ قال: عشرة
آلاف درهم، فدعا كاتبه وأمره بأدائها عنه، ثم أخرجه منها وأمره أن
يثبتها له لقابل، ثم قال له: هل سررتك؟ فقال: نعم جعلت فداك، ثم أمر
له بمركب وجارية وغلام وأمر له بتخت ثياب، في كل ذلك يقول: هل
سررتك؟ فيقول: نعم جعلت فداك، فكلما قال: " نعم " زاده، حتى فرغ.
ثم قال له: احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إلي
كتاب مولاي، وارفع إلي حوائجك، قال: ففعل وخرج الرجل، فصار
إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فحدثه بالحديث على جهته، فجعل يسر بما فعل،
فقال الرجل: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كأنه قد سرك بما فعل بي فقال: " إي
والله، لقد سر الله ورسوله " (1).
ورواه في التهذيب في أوائل كتاب المكاسب (2).

1. الكافي 2: 190، ح 9 باب إدخال السرور على المؤمنين.
2. تهذيب الأحكام 6: 333، ح 925، باب المكاسب.
336

قوله: " كان النجاشي " ظاهره كون المقصود والد عبد الله، لكن الظاهر من
كونه عاملا على الأهواز كون المقصود به عبد الله؛ لأنه كان والي الأهواز، كما
يظهر مما مر.
اللهم إلا أن يكون النجاشي والد عبد الله والي الأهواز أيضا، لكن الظاهر
اختصاص ولاية الأهواز بعبد الله.
فالظاهر أن الكتابة المذكورة غير الرسالة التي ذكرها النجاشي في ترجمة
عبد الله، وذكر في ترجمة نفسه كونها معروفة كما تقدم؛ إذ الظاهر أنها كانت في
جواب سؤال عبد الله، وقد تقدم من النجاشي أن عبد الله سأل من أبي عبد الله (عليه السلام).
ويشهد بالظهور المزبور قول النجاشي كما تقدم: " ولم ير لأبي عبد الله (عليه السلام)
مصنف غيره " لبعد مبادرة الإمام (عليه السلام) بالتصنيف من دون سبق السؤال.
مع أن الظاهر من الرسالة كونها مشتملة على مطالب كثيرة، فلا تصدق على
المكتوب المذكور. على أنه حكى صاحب الحاوي أنه رأى الرسالة، قال: " وهي
مشهورة " (1).
وهذا أيضا يشهد باختلاف الرسالة مع المكتوب المذكور؛ إذ المكتوب
المذكور مذكور في الكافي والتهذيب، ولا اختصاص في رؤيته بصاحب الحاوي،
ولا تليق رؤيته بالذكر.
مضافا إلى أن الرسالة - على ما رواها الشهيد الثاني في رسالة الغيبة (2) ورواها
عنه في الوسائل (3) كما تقدم - مبسوطة مسبوقة بسؤال عبد الله عن دستور العمل.
قوله: " وهو رجل من الدهاقين " قال في الصحاح: " الدهقان معروف، إن
جعلت النون أصلية من قولهم: تدهقن الرجل، وله دهقنة في موضع كذا، صرفته؛

1. حاوي الأقوال 4: 105.
2. رسالة الغيبة (رسائل الشهيد الثاني): 328.
3. وسائل الشيعة 12: 150، أبواب ما يكتسب به، ب 49، ح 1.
337

لأنه فعلال، وإن جعلته من الدهق، لم تصرفه؛ لأنه فعلان " (1).
وقال في المصباح: " الدهقان معرب، يطلق على رئيس القرية، وعلى من له
مال وعقار، وداله مكسورة، وقد تضم، ودهقن الرجل كثر ماله " (2).
قوله: " معرب " قيل: الدهقان اسم أعجمي مركب من " ده " و " قان " ومعناه:
سلطان القرية؛ لأن الده عندهم اسم القرية، وقان اسم السلطان.
وذكر في المجمع: " أن الدهقان يثلث، لكن الضم أشهر، وفسره برئيس
القرية، ومقدم أصحاب الزراعة " (3).
والظاهر أن المقصود هنا هو المعنى الأخير مما ذكره في المصباح، وإلا فلو
كان المقصود هو المعنى الأول، أي رئيس القرية، فيكون قوله المشار إليه منافيا
لقوله: " عاملا على الأهواز وفارس " لأن فارس بل الأهواز ليست من القرى، بل
إنما هو من البلدان والمدن.
وإن قلت: إن القرية أعم من الضيعة - أي الأرض المغلة - والمدينة، وبعبارة
أخرى: أعم من البوادي والبلدان، ومن ذلك قوله سبحانه: (ولو أن أهل القرى
ءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركت من السمآء والأرض) (4). بل الظاهر أن المقصود
بالقرى في الآية هو المدن والبلدان؛ لأن أهلها أعيان الأرض، ومخاطبات القرآن
وغيره متعلقة بالأعيان، ومنه مخاطبة الرجال في القرآن، وانصراف إطلاق
الخطابات إلى الأحرار بلا إشكال.
قلت: إن المقصود بالقرية هنا هو الضيعة؛ لمناسبة الأصل الفارسي في
الدهقان، مضافا إلى تفسير رئيس القرية في المجمع بمقدم أصحاب الزراعة.

1. الصحاح 5: 2116 (دهقن) وفيه: " معرب "، بدل " معروف ".
2. المصباح المنير: 201 (دهقن).
3. مجمع البحرين 6: 250.
4. الأعراف (7): 96.
338

قوله: " في ديوان النجاشي " قال في المصباح: " والديوان جريدة الحساب، ثم
أطلق على موضع الحساب " ثم قال: " ويقال: إن عمر أول من دون الدواوين في
العرب، أي رتب الجرائد للعمال وغيرها " (1).
وفي المجمع: " الديوان - بكسر الدال وفتحها -: الكتاب، ويكتب فيه أهل
الجيش وأهل العطية، ويستعار لصحائف الأعمال، ومنه: إذا ماتت المرأة في
النفاس لم ينشر لها يوم القيامة ديوان " (2).
قوله: " فدعا كاتبه وأمره بأدائها عنه " الظاهر - بل بلا إشكال - أن الغرض
إيصال الخراج إلى من كان طريق الوصول إلى السلطان، فلم يكن النجاشي - أعني
عبد الله - سلطان الحبشة كما يطلق عليه النجاشي، كما يظهر مما مر. كيف
وعبد الله كان والي الأهواز وفارس من قبل المنصور، كما يظهر مما مر، ولولا
ذلك لم يكن للأداء معنى.
ويمكن أن يكون الغرض رسم الوصول، وإعطاء المرسوم - المعبر عن مثله
بالقبض في هذه الأعصار - بصاحب الخراج.
قوله " ثم أخرجه منها " الظاهر أن الغرض إخراج من عليه الخراج عن عهدة
الخراج بأداء الكاتب، فكأنه قيل: ثم أدى الكاتب.
والأمر من باب التأكيد؛ لوضوح عدم تمكن الكاتب من التخلف. ويمكن أن
يكون الأمر من باب سد احتمال تطرق البداء.
وعلى أي حال، فالإسناد من باب المجاز، كما يقال: بنى الأمير، مع كون
البناء من البناء.
إلا أن يقال: إن الإسناد هنا من باب الحقيقة؛ لمباشرة الكاتب للإخراج
كمباشرة البناء للبناء.

1. المصباح المنير: 204 (دون).
2. مجمع البحرين 6: 249 (دون).
339

إلا أن يقال: إن الأمر المستند إلى الفعل فقط يكون الإسناد إلى المباشر من
باب الحقيقة، وإلى السبب من باب المجاز، ومنه إسناد البناء إلى البناء.
وأما لو أمر شخص غلامه - مثلا - بفعل يترتب عليه ما يترتب على القول
أيضا كما يترتب على الفعل، كما لو أمر بفعل بالنسبة إلى شخص إعزازا له،
والإعزاز كما يتأتى بالفعل كذا يتأتى بالقول والأمر، والظاهر استناد الأمر المشار
إليه في المقام إلى القول والسبب، أعني الأمر، وكون إسناده (1) إلى الفعل والمباشر
من باب المجاز؛ لكون المباشر من باب الآلة، فإسناد الإخراج عن عهدة الخراج
إلى الكاتب من باب المجاز.
وتحرير الكلام وتحقيق المقام: أنه لو وجد شيء مسبوقا بالسبب والمباشر،
فالظاهر الاتفاق على كون إسناد الشيء إلى المباشر من باب الحقيقة، وإلى السبب
من باب المجاز.
والغرض من الحقيقة والمجاز المذكورين في تقسيم الإسناد في البيان إنما
هو المطابقة للواقع في الحقيقة، والمخالفة للواقع في المجاز؛ وإلا فالإسناد غير
موضوع لشيء حتى يتأتى فيه الحقيقة والمجاز.
والظاهر أنه لا كلام في عدم تطرق الكذب في باب التجوز في الإسناد. ومما
ذكر أنه اشتهر أن " بنى الأمير " من باب الإسناد المجازي؛ لاستناد البناء إلى البناء.
وكيف كان يمكن أن يقال: إن القول بكون الإسناد إلى السبب من باب المجاز
ينافي ما اشتهر من كفاية أدنى الملابسة في الإضافات؛ إذ مقتضاه كفاية أدنى
الملابسة في صدق الإضافة.
إلا أن يقال: إن الغرض من الإضافة في ذلك إنما هو الإضافة التقييدية،
ولا يعم الإضافة الإسنادية.
أو يقال: إن المقصود بالملابسة المباشرة، لا مطلق الانتساب. ولا شك أن

1. في " ح ": " استناده ".
340

كفاية أدنى المباشرة في باب الإضافة لا تقتضي كون الإسناد في " بنى الأمير " من
باب الحقيقة، لانتفاء المباشرة وإن تأتى الانتساب.
ويمكن أن يقال: إنه لو كان الأمر المشار إليه مما يترتب على القول كما يترتب
على الفعل، كأداء الدين؛ حيث إنه كما يتأتى بإيصال وجه الدين، كذا يتأتى
بالقول بالزمان (1). ولو أمر زيد غلامه بإيصال مال إلى عمرو من باب دين بكر،
فإسناد أداء الدين إلى زيد من باب الحقيقة، بل إسناده إلى الغلام من باب المجاز
مع مباشرة الغلام للأداء، كما هو المفروض في المقام، وإنما الغلام من باب الآلة.
فإطلاق القول بكون إسناد الفعل إلى السبب من باب المجاز ليس على ما
ينبغي، بل إسناد البناء في " بنى الأمير " من باب الحقيقة، والتجوز في البناء؛ حيث
إن المقصود به الإقامة، لا الجمع بين اللبن والطين، كيف والمفهوم من قولك: " بنى
الأمير " وقولك: " بنى زيد البناء " مختلف، وكذا المراد منهما مختلف من دون شك.
وبالجملة، يحتمل كون المقصود من قوله: " ثم أخرجه منها " إخراج من عليه
الخراج عن ديوان الخراج بمحو اسمه عنه.
لكنه مدفوع بعدم صحة إرجاع الضمير المؤنث إلى الديوان؛ لكونه مذكرا.
مع أنه خلاف مقتضى سوق السابق واللاحق؛ لرجوع الضمير المؤنث في السابق
واللاحق إلى عشرة آلاف درهم؛ على أنه على ذلك لا حاجة إلى الأمر بإثبات
عشرة آلاف درهم في القابل؛ إذ الغرض من الديوان هو ديوان عموم السنوات.
نعم، لو كان الغرض هو ديوان السنة الخاصة، فلا بأس بالأمر بالإثبات بعد
الإخراج والمحو.
قوله: " وأمره أن يثبتها لقابل " الظاهر أن الغرض أن يعطى عشرة آلاف درهم
إلى من كان عليه الخراج في القابل، والمقصود بالقابل إما السنة اللاحقة أو
السنوات اللاحقة.

1. كذا. والظاهر الصحيح هو " الضمان ".
341

قوله: " بتخت ثياب " قال في الصحاح: " التخت: وعاء تصان فيه الثياب ".
ثم إنه روى في الكافي في باب التواضع بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام):
أنه أرسل النجاشي إلى جعفر بن أبي طالب وأصحابه، فدخلوا عليه وهو
في بيت له جالس على التراب وعليه خلقان الثياب قال، فقال جعفر:
فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال، فلما رأى ما بنا وتغير وجوهنا
قال: الحمد لله الذي نصر محمدا (صلى الله عليه وآله)، وأقر عينه، ألا أبشركم؟ فقلت:
بلى أيها الملك، فقال: إنه جاء في الساعة من نحو أرضكم عين من
عيوني هناك، فأخبرني أن الله عزوجل نصر نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله) - إلى أن
قال -: فقال له جعفر: أيها الملك، فمالي أراك جالسا على التراب
وعليك هذه الخلقان؟ فقال: يا جعفر إنا نجد فيما أنزل الله على عيسى أن
من حق الله على عباده أن يحدثوا له تواضعا عند ما يحدث لهم من نعمة،
فلما أحدث الله تعالى لي نعمة بمحمد (صلى الله عليه وآله) أحدثت لله هذا التواضع (1).
قوله: " وعليه خلقان " - بضم الخاء المعجمة، وسكون اللام -: جمع خلق
بالفتحتين، نحو ذكر وذكران يقال: خلق الثوب - بالضم -: إذا بلي.
قوله: " فأشفقنا منه " أي حذرنا منه، يقال: أشفقت منه، أي حذرت منه.
وأشفقت عليه: إذا عطفت عليه. والشفيق والمشفق بمعنى. والظاهر أن الشفيق
يستعمل بمعنى الحاذر أيضا كالعاطف. والشفقة اسم مصدر من الإشفاق،
والظاهر أنها تستعمل بمعنى الحذر.
ومنه ما نقله الكشي عن العياشي من " أن عبد الله بن مسكان كان لا يدخل على
أبي عبد الله (عليه السلام) شفقة [أن] لا يوفيه حق إجلاله، فكان يسمع من أصحابه ويأبى أن
يدخل عليه إجلالا له وإعظاما له " (2).

1. الكافي 2: 121، ح 1، باب التواضع، بتفاوت.
2. رجال الكشي 2: 680 / 716.
342

والظاهر أنه لم يستعمل " شفق " بمعنى الخوف أو العطوفة إلا في بعض
اللغات من باب ضرب.
قال في المصباح: " وشفقت أشفق من باب ضرب لغة " (1). ويحتمل أن يكون
الفعل فيه بمعنى الخوف، كما يحتمل أن يكون بمعنى العطوفة.
وبالجملة، مقتضى التعبير عن النجاشي في الخبر المذكور بالملك مرتين، وكذا
ذكر الإشفاق منه وتغير الوجوه كون المقصود بالنجاشي في ذلك سلطان الحبشة.
وقد أخذنا من الخبر المذكور - مضافا إلى موضع الحاجة - ما فيه منفعة كاملة.
وأيضا في الكافي في باب ما نص الله عزوجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) واحدا
فواحدا بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام):
أنه كان أمير المؤمنين (عليه السلام) في صلاة الظهر، وقد صلى ركعتين، وهو راكع
وعليه حلة قيمتها ألف دينار، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) كساها إياه، فجاء سائل
فقال: السلام عليك يا ولي الله وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدق
على مسكين، فطرح الحلة إليه وأومأ بيده إليه أن احملها، فأنزل فيه
عزوجل قوله سبحانه: (إنما وليكم الله ورسوله) (2) إلى آخره (3).
وأيضا في العيون عن الرضا (عليه السلام)، عن أبيه موسى بن جعفر، عن آبائه، عن
علي (عليهم السلام) قال:
إن النبي (صلى الله عليه وآله) لما أتاه جبرئيل بنعي النجاشي بكى بكاء حزين عليه، وقال:
" إن أخاكم أصحمة - وهو اسم النجاشي - مات " ثم خرج إلى الجبانة وكبر
سبعا فخفض الله كل مرتفع حتى رأى جنازته وهو بالحبشة (4).

1. المصباح المنير: 318 (شفق).
2. المائدة (5): 55.
3. الكافي 1: 288، ح 3، باب ما نص الله عزوجل ورسوله على الأئمة....
4. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 279 / 19، باب (28) ما جاء عن الإمام علي بن موسى (عليهما السلام) من الأخبار
المتفرقة.
343

قوله: " بالجبانة " - بالجيم، والباء الموحدة، والنون المشددة -: المقبرة
والصحراء كما في القاموس (1).
وأيضا في الكافي في باب نوادر المهر بالإسناد عن أبي جعفر (عليه السلام): أن أم
حبيب بنت أبي سفيان كانت بالحبشة، فخطبها النبي (صلى الله عليه وآله) وساق إليها عنه النجاشي
أربعة آلاف. إلى آخره (2).
وأيضا قد عد في القاموس من معاني الدبر بالفتح الجبل، قال: " ومنه حديث
النجاشي ما أحب أن لي دبرا ذهبا وأني آذيت رجلا من المسلمين " (3).
الرابع عشر
[وضع كتاب النجاشي]
إن وضع كتاب النجاشي - كما يفصح عنه التصفح في الكتاب ويدل عليه كلام
النجاشي في أول الكتاب - على ذكر أصحاب التصنيف والمصنفات، وبيان الطرق
إلى المصنفات، من دون التزام الجرح والتعديل، فإن التراجم خالية عن الجرح
والتعديل في الأغلب.
وبهذا يظهر ضعف التمسك على عود التوثيق - فيما لو تردد بين العود إلى
صاحب العنوان المذكور بالأصالة، والعود إلى المذكور بالتبع - إلى صاحب
العنوان بلزوم خلو الترجمة عن التعرض لصاحب العنوان بالجرح أو التعديل أو
غيرهما على تقدير العود إلى المذكور بالتبع؛ لفرض عدم ذكر شيء آخر يوجب

1. القاموس المحيط 4: 210 (جبن).
2. الكافي 5: 382، ح 13، باب نوادر في المهر.
3. القاموس المحيط 2: 27 (دبر).
344

شرح الحال، مضافا إلى أنه يمكن أن يكون صاحب العنوان مجهول الحال كما هو
الحال في المجاهيل؛ حيث إنه عنون المجهول وسكت عن حاله.
وربما يتوهم أن حال الفهرست على منوال كتاب النجاشي.
وهو مدفوع: بأن الفهرست وإن كان موضوعا لذكر أصحاب الأصول
والمصنفات مع ذكر الأصول والمصنفات - كما يدل عليه كلام الشيخ في أول
الفهرست - إلا أنه قد التزم الشيخ بيان ما قيل في الراوي من الجرح والتعديل،
وبيان حال اعتقاده، كما يدل عليه كلام الشيخ في أول الفهرست أيضا (1).
الخامس عشر
[ذكر الكشي لحال النجاشي ووهنه]
إن ابن داود في ترجمة النجاشي حكى عن الكشي شرح حال النجاشي قال:
أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن محمد بن عبد الله بن
إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن النجاشي الذي ولي الأهواز مصنف
كتاب الرجال " لم كش " معظم كثير التصانيف (2).
وهو غريب؛ إذ النجاشي تعرض لحال الكشي، وذكر أن له كتاب الرجال،
وفيه أغلاط كثيرة، كما تقدم، فكيف يمكن أن يتعرض الكشي لحال النجاشي؟!
وإن قلت: إنه لعل الأمر من باب تعرض كل من المتعاصرين لحال الآخر.
قلت: هذا الاحتمال مفقود الأثر بين أرباب التصنيف، فهو من قبيل مقطوع
العدم.
نعم، ربما تعرض كل من المتعاصرين لمذهب الآخر في مسألة، كما نقله

1. الفهرست: 2.
2. رجال ابن داود: 40 / 96، وفيه: " جش " بدل " كش ".
345

المولى التقي المجلسي عن صاحب المعالم، وشيخنا البهائي في باب أن تزكية
أهل الرجال من باب الشهادة أو الرواية؛ حيث نقل أن كلا منهما أورد على الآخر (1).
ومع ذلك نقول: إن النجاشي قد تعرض لحال الشيخ الطوسي كما يظهر مما
مر (2)، وتعرض الشيخ لحال السيد المرتضى، وذكر أنه تولى غسله حين وفاته مع
الشريف أبي يعلى الجعفري وسلار بن عبد العزيز يعني صاحب كتاب المراسم
المعروف بالديلمي (3). والكشي كان معاصرا للكليني نقلا، والكليني مقدم على
السيد والشيخ، فكيف يمكن تعرض الكشي لحال النجاشي؟!
ومع ذلك نقول: إن مقتضى ما ذكره ابن داود من طريقه إلى الكشي وطريقه
إلى النجاشي تأخر النجاشي عن الكشي وإن قدم الطريق إلى النجاشي على
الطريق إلى الكشي، حيث إن طريقه إلى الكشي شيخه نجم الدين - أي المحقق -
والشيخ المفيد نجم الدين محمد بن جهم جميعا، عن السيد شمس الدين فخار،
عن أبي محمد قريش بن سعيد بن مهنا بن سبيع الحسيني، عن الحسين بن رطبة
السوداوي، عن أبي علي، عن أبيه، أبي جعفر الطوسي، عن عدة من أصحابنا،
عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري.
وطريقه إلى النجاشي شيخه نجم الدين أيضا والشيخ المفيد نجم الدين
محمد بن جهم جميعا، عن السيد شمس الدين فخار، عن عبد الحميد بن التقي،
عن أبي الرضا فضل الله بن علي الراوندي العلوي الحسيني، عن ذي الفقار العلوي.
ولاخفاء في أن الوسائط بين ابن داود والكشي طولا أيضا - بناء على ما ذكر
من الطريق - سبعة (4)، فكيف يمكن تعرض الكشي لحال النجاشي؟!

1. روضة المتقين 14: 17.
2. رجال النجاشي: 403 / 1068.
3. الفهرست: 98 / 431؛ رجال الطوسي: 484 / 52.
4. في " ح ": " خمسة ".
346

وبما سمعت تظهر صحة المؤاخذة على الفاضل التستري؛ حيث عبر بالتأمل
في الإيراد على ابن داود (1).
وقد حررنا الكلام في ابن داود وضبط أغلاطه في بعض الفوائد المرسومة في
ذيل الرسالة المعمولة في أن معاوية بن شريح متحد مع معاوية بن ميسرة أو
مختلف معه.
السادس عشر
[متابعة العلامة للنجاشي في الخلاصة وأخطاؤها]
أنه قال الشهيد الثاني في بعض تعليقات الخلاصة عند ترجمة عبد الله بن
ميمون: " إن الذي اعتبرناه بالاستقراء من طريقة المصنف أن ما يحكيه أولا من
كتاب النجاشي، ثم يعقبه بغيره إن اقتضى الحال " (2).
ومقتضاه: أن الخلاصة مأخوذة من كتاب النجاشي وغيره، لكن الأخذ من
الغير أقل بالنسبة إلى الأخذ من النجاشي، بناء على كون المقصود من التعقيب
بالغير هو الأخذ من غير كتاب النجاشي.
ويمكن أن يكون الغرض الأعم منه ومن ذكر كلام من نفسه أو خصوص
كلام من نفسه.
وجعل من ذلك قول العلامة في الخلاصة في الترجمة المذكورة: " لكن
الاعتماد على ما قاله النجاشي " بعد قوله: " وكان ثقة، وروى الكشي عن حمدويه،

1. عبد الله بن الحسين التستري أستاذ السيد مصطفى التفرشي، والمولى محمد تقي المجلسي والمولى
عناية الله القهبائي، وصرح الأخيران بأن أكثر فوائد كتابيهما - يعني شرح مشيخة الفقيه ونقد الرجال -
منه، وله حواش وتعليقات على رجال ابن داود. ترجم له في تنقيح المقال 2: 178، ومصفى المقال
5: 242، والفوائد الرضوية: 245، وغيرها.
2. تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة: 52.
347

عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن أبي خالد صالح القماط، عن
عبد الله بن ميمون، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يا ابن ميمون كم أنتم بمكة؟ قلت: نحن
أربعة، قال: إنكم نور الله في ظلمات الأرض. وهذا لا يفيد العدالة؛ لأنه شهادة منه
لنفسه " (1).
حيث إنه لم يتقدم منه نقل التوثيق من النجاشي، إلا أنه لما كان التوثيق السابق
مأخوذا من النجاشي على قاعدته، فتطرق عليه اعتقاد سبق التوثيق.
وقال أيضا في بعض تعليقات الخلاصة عند ترجمة رفاعة: " والمعلوم من
طريقة المصنف أن ينقل في كتابه لفظ النجاشي في جميع الأبواب، ويزيد عليه ما
يقبل الزيادة ".
ومقتضاه أيضا: أن الخلاصة مأخوذة من كتاب النجاشي مع زيادة من كلام
غيره، أو من كلام نفسه، أو الأعم؛ لكن الأخذ من النجاشي بدون الزيادة عليه
أغلب.
وقال العلامة في الخلاصة في ترجمة عباس بن معروف: " ثقة صحيح " (2).
وقال الشهيد الثاني تعليقا عليه: " لفظ " صحيح " زيادة على كتاب النجاشي،
وتركه أجود " (3). ومقتضاه: المبالغة في كون الخلاصة مأخوذة من كتاب النجاشي.
وقال العلامة في الخلاصة: " الحسن بن محمد بن الفضل بن يعقوب بن
سعيد بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أبو محمد ثقة جليل روى عن
الرضا (عليه السلام) ". ثم قال: " وكان ثقة " (4).
وعن الشهيد الثاني تعليقا عليه: " أن الموجب لتكرار المصنف أن النجاشي

1. خلاصة الأقوال: 108.
2. خلاصة الأقوال: 118 / 2.
3. تعليقة الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 56.
4. خلاصة الأقوال: 43 / 31.
348

ذكره في موضعين، وذكر أول كلام المصنف في الأول، وآخر كلامه في الآخر،
فجمع المصنف بينهما " (1).
ولعله يقتضي، بل يقتضي المبالغة في متابعة الخلاصة لكتاب النجاشي.
[في اشتباهات العلامة في الخلاصة]
ونظير ما ذكر - من غفلة العلامة في الخلاصة في متابعة النجاشي - كثير، بل
كان له شدة العجلة:
فقد قال النجاشي في ترجمة بكر بن محمد بن حبيب: " كان من غلمان
إسماعيل بن ميثم، له في الأدب كتاب التصريف، كتابه ما يلحن فيه العامة
التعليق " (2).
وقال العلامة في الخلاصة: " وهو من غلمان إسماعيل بن ميثم في الأدب " (3).
وقال الفاضل الشيخ محمد في حاشية المنهج:
لا يخفى أن ما ذكر في الخلاصة من قوله: " وهو من غلمان إسماعيل بن
ميثم في الأدب "، غير تام المعنى، واحتمال أن يكون المراد من غلمانه؛
لكونه تأدب عليه غير معروف الذكر في الرجال، والعجلة اقتضت
إسقاط لفظ " له في الأدب كتاب التصريف ".
قوله: " والعجلة اقتضت " قد ذكر في اللؤللؤة: أن العلامة لاستعجاله في
التصنيف كان يرسم كل ما خطر بباله الشريف، ولا يراجع ما تقدم له من الأقوال،
ومن أجل ذلك طعن عليه جماعة، وجعلوا ذلك طعنا في الاجتهاد (4).
وقد ذكر المولى التقي المجلسي في أواخر الجلد الثاني من الشرح الفارسي

1. تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة: 6.
2. رجال النجاشي: 110 / 279. فيه: " كتاب ما يلحن ".
3. خلاصة الأقوال: 26 / 5.
4. لؤلؤة البحرين: 226 / 82.
349

على الفقيه: أنه اشتهر أن فخر المحققين رأى العلامة في النوم وسأل عما مضى
عليه، فأجاب: بأنه لولا كتاب ألفين وزيارة قبر الحسين (عليه السلام) لأهلكتني الفتاوى.
ولا يبعد أن يكون الإهلاك من جهة الاستعجال.
وأيضا قال النجاشي في ترجمة الحسن بن علي بن زياد الوشاء: " وهو
ابن بنت إلياس الصيرفي خزاز من أصحاب الرضا (عليه السلام) " (1).
وقال في الخلاصة: " خيران " بدل " خزاز " لكون النسخة التي عنده من
النجاشي خيران. ولأجل ذلك ذكر أن إلياس الصيرفي خير من أصحاب
الرضا (عليه السلام) (2).
وأيضا قال النجاشي في ترجمة الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة:
" ثقة " (3).
وقال العلامة في الخلاصة: " ثقة ثقة " (4).
قيل: وفي كتاب السيد جمال الدين بن طاووس حكاية عن النجاشي " ثقة
ثقة "، وتبعه العلامة في الخلاصة.
وكأنه سهو.
وأيضا قال النجاشي في ترجمة الحسين بن علي بن عبد الله المصري:
" متكلم ثقة " (5).
وقال في الخلاصة في موضع " ثقة ": " نفتة " بالنون، والفاء، والتاء المثناة

1. رجال النجاشي: 39 / 80.
2. خلاصة الأقوال: 41 / 16، وفيه: خير، وكتب في الهامش: وفي نسخة " خيران "، وفي نسخة
معتمدة " خزاز " ولعله الأصح.
3. رجال النجاشي 62: 147، الموجود فيه: " ثقة ثقة ".
4. خلاصة الأقوال: 44 / 43.
5. رجال النجاشي: 66 / 155، وفيه: " الحسين بن علي أبو عبد الله المصري ".
350

الفوقانية (1).
وأنت خبير بوضوح كونه اشتباها من باب العجلة في المتابعة للنجاشي،
فتصح المؤاخذة من السيد السند التفرشي في قوله: " ولعله اشتباه " (2) لإشعاره
بالتشكيك في كونه اشتباها.
وأيضا قال النجاشي في ترجمة محمد بن عبيد الله أبي طاهر الزراري:
" شيخنا " (3) وتبعه في الخلاصة من باب الغفلة واقتضاء العجلة (4).
وأيضا قال النجاشي في ترجمة محمد بن عطية الحناط: " روى عن
أبي عبد الله (عليه السلام) وهو صغير " (5) وقال في الخلاصة: " روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) وهو
ضعيف " (6) والظاهر أنه أيضا من باب الغفلة واقتضاء العجلة.
وأيضا قال العلامة في الخلاصة في ترجمة محمد بن أحمد بن داود: " وأمه
أم أخت سلامة بن محمد " إلى آخره (7).
قيل: وجدناه في نسخ كتاب النجاشي (8).
قيل: ومن الظاهر أن هذا من طغيان قلمه وسهواته حين أخذه من كتاب
النجاشي، وإلا فهذه العبارة مما يتشنع عليها أهل المحاورة مع إمكان التعبير حينئذ
عن معناها بأخصر وأحسن منها. وكأن تجديد النظر لم يكن من ديدنه أيضا كما
لا يخفى على المتتبع.

1. خلاصة الأقوال: 52 / 23، والموجود فيه: " الحسين بن علي أبو عبد الله المصري فقيه متكلم ".
2. نقد الرجال 2: 105 / 1483، وفيه: " فقيه "
3. رجال النجاشي: 398 / 1064.
4. خلاصة الأقوال: 164 / 175.
5. رجال النجاشي: 356 / 952.
6. خلاصة الأقوال: 255 / 49.
7. خلاصة الأقوال: 162 / 161. وليس منه كلمة " أم ".
8. الموجود في رجال النجاشي: 384 / 1045: " أمه أخت سلامة... ".
351

وأيضا ذكر النجاشي في ترجمة محمد بن عبد الملك بن محمد: " أنه مات
سنة تسع عشرة وأربعمائة " (1).
وفي الخلاصة: " مات سنة عشر وأربعمائة " (2).
قال السيد السند التفرشي: " وكأنه سقط من القلم لفظ تسع " (3) وسبقه إليه
الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة (4).
وأيضا قال النجاشي:
علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي أبو الحسن، شيخ القميين
في عصره ومتقدمهم وفقيههم وثقتهم، كان قدم العراق واجتمع مع
أبي القاسم أبي الحسين بن روح - رحمه الله - ثم كاتبه بعد ذلك على يد
علي بن جعفر الأسود يسأله أن يوصل له رقعة إلى الصاحب (عليه السلام)، ويسأله
فيها الولد، فكتب إليه: " فدعونا الله لك بذلك، وسترزق ولدين ذكرين
خيرين " فولد له أبو جعفر وأبو عبد الله من أم ولد، وكان أبو عبد الله
الحسين بن عبيد الله يقول: سمعت أبا جعفر يقول: أنا ولدت بدعوة
صاحب الأمر (عليه السلام)، ويفتخر بذلك.
ثم قال:
أخبرنا أبو الحسن [العباس بن] عمر بن العباس بن محمد بن
عبد الملك بن أبي مروان الكلوذاني - رحمه الله تعالى - قال: أخذت
إجازة علي بن الحسين بن بابويه لما قدم بغداد سنة ثمان وعشرين
وثلاثمائة بجميع كتبه. ومات علي بن الحسين سنة تسع وعشرين
وثلاثمائة، وهي السنة التي تناثرت فيها النجوم. وقال جماعة من

1. رجال النجاشي: 403 / 1069.
2. خلاصة الأقوال: 164 / 178.
3. نقد الرجال 4: 258 / 4880.
4. تعليقة الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 22.
352

أصحابنا: سمعنا أصحابنا يقولون: كنا عند أبي الحسن علي بن محمد
السمري - رحمه الله - فقال: رحم الله علي بن الحسين بن بابويه، فقيل
له: هو حي، فقال: إنه مات في يومنا هذا، فكتب اليوم، فجاء الخبر أنه
مات فيه (1).
قوله: " مع أبي القاسم أبي الحسين بن روح " مقتضاه تعدد الكنية، وهو بعيد.
مع أنه قال العلامة في الخلاصة: " واجتمع مع أبي القاسم بن روح " (2) قال
بعض الأعلام: " وهو الأظهر " وقد تقدم الكلام في المقام.
قوله: " ومات علي بن الحسين " إلى آخره الظاهر أنه من كلام النجاشي، لامن
كلام أبي الحسن العباس بن عمر، وهو مناف لما ذكره الصدوق في إكمال الدين
في أواخر الكتاب في باب ذكر توقيعات القائم صلوات الله عليه [و] روحي
وأرواح العالمين له الفداء؛ حيث قال:
حدثنا أبو الحسين صالح بن شعيب الطالقاني في ذي القعدة قال: حدثنا
أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن مخلد قال: حضرت ببغداد عند
المشايخ - رحمهم الله - فقال الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري
ابتداءا منه: رحم الله علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، قال:
وكتب المشايخ تاريخ ذلك اليوم، ومضى أبو الحسن السمري بعد ذلك
في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة (3).
قوله: " فقال الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري " في بعض النسخ " أبو
الحسين " بدل " أبو الحسن " وهو غلط. وفي بعض النسخ " السمرقندي " بدل
" السمري " وعليه وقع الطبع، وهو غلط أيضا. فإن السمري معروف. وفي الرجال:

1. رجال النجاشي: 261 / 684، وفيه: " واجتمع مع أبي القاسم الحسين بن روح ".
2. خلاصة الأقوال: 94 / 20، وفيه: " واجتمع مع أبي القاسم الحسين بن روح ".
3. إكمال الدين: 503 / 32، باب (45) ذكر التوقيعات الواردة عن القائم (عليه السلام).
353

كان وكيل الناحية بعد أبي القاسم بن روح، كما ذكره العلامة في الخلاصة (1).
وبالجملة، مقتضى العبارة المذكورة كون موت علي بن الحسين سابقا على
موت أبي الحسن السمري، فلا مجال لكون موت علي بن الحسين بعد موت
علي بن الحسن السمري، وموت أبي الحسن السمري كان في ثمان وعشرين
وثلاثمائة كما سمعت، فلابد من كون موت علي بن الحسين في ثمان وعشرين،
أو سبع وعشرين لو قلنا بكون الظاهر عدم تخلل فصل معتد به بين موت علي بن
الحسين وموت أبي الحسن السمري، وإلا فلا يمكن أن يكون موت أبي الحسن
متقدما على موت علي بن الحسين بأزيد مما ذكر، بأن كان في أربع وعشرين
مثلا، لكن الترجيح مع مقالة النجاشي لكونه أضبط، كما حررناه في الرسالة
المعمولة في حال النجاشي.
وربما بنى بعض الاعلام على كون موت علي بن الحسين على ذلك في سنة
ثمان وعشرين أو سبع.
لكنه مدفوع: بأن غاية ما يقتضيه ما ذكر إنما هو كون موت علي بن الحسين
مقدما على موت أبي الحسن السمري، لكنه لا يلزم أن يكون التقدم بما ذكر، بل
يمكن أن يكون بأزيد من ذلك.
وحكى العلامة في الخلاصة:
أن علي بن الحسين قدم العراق، واجتمع مع أبي القاسم الحسين بن
روح - رحمه الله - وسأله مسائل، ثم كاتبه بعد ذلك على يد علي بن جعفر
الأسود يسأله أن يوصل له رقعة إلى الصاحب (عليه السلام) ويسأله الولد، فكتب
إليه: " قد دعونا الله لك، وسترزق ولدين ذكرين خيرين " فولد له
أبو جعفر وأبو عبد الله من أم ولد، وكان أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله
يقول: سمعت أبا جعفر يقول: " أنا ولدت بدعوة الصاحب (عليه السلام) " ويفتخر

1. خلاصة الأقوال: 273.
354

بذلك (1).
وقد جرى بعض الأعلام على اتحاد زمان (2) ورود علي بن الحسين ببغداد
وزمان موته.
ولهذا حكم بلزوم كون (3) الصدوق وأخيه - أعني أبا جعفر وأبا عبد الله - توأما؛
نظرا إلى أن الظاهر اتحاد أم الولد، أي والدة الأخوين.
وحكم بمنافاة ذلك مع ما أكثر الصدوق في الفقيه من ذكر ما ذكره والده في
رسالته إليه؛ لوضوح أن الظاهر أنه كان في حال حياة والده على حد يليق بأن
يرسل إليه رسالة.
وأنت خبير بأن دعوى الاتحاد غير مربوطة بوجه (4) يقتضيه غاية الأمر أن
يستند في ذلك إلى الظهور، وهو محل الكلام. مع أنه على فرض الظهور لابد من
المصير إلى خلاف الظاهر؛ لندرة التوأم، مع أنه لو كان الأخوان توأما، لذكره من
تعرض لحال الصدوق كلا أو بعضا.
ومن العجيب ما سمعت من العلامة في الخلاصة - والمقصود بالأصالة من
طول الكلام في المقام إنما هو إظهار ما أعجبه في المقام من الكلام - حيث إنه -
على ما ذكره بنفسه في الخلاصة - ولد في تاسع عشر شهر رمضان سنة ثمان
وأربعين وستمائة، ولا مجال لإدراك العلامة للجماعة المذكورين المدركين لزمان
موت علي بن الحسين، أعني سنة تسع وعشرين وثلاثمائة؛ لكون تولد العلامة
متأخرا عن ذلك بتسع عشر وثلاثمائة (5).

1. خلاصة الأقوال: 94 / 20.
2. أي من حيث السنة، فالأولى هو التعبير باتحاد السنة بدل الزمان.
3. لا ملزم لذلك؛ لجواز كون أقل الحمل ستة أشهر فمع المتقدمين أيضا لا يلزم كونهما توأما.
4. أي الحكم باتحاد السنة ليس عليه دليل إلا الظهور، وهو محل الكلام.
5. هذا الإشكال مبني على نقل العلامة عن المدركين لزمان موت علي بن الحسين بلا واسطة، وليس
كذلك.
355

وأما النجاشي، فكان تولده - على ما ذكره العلامة في الخلاصة - في سنة اثنتين
وسبعين وثلاثمائة، وكانت وفاته في سنة خمسين وأربعمائة، فكانت مدة حياته
ثمانية وسبعين سنة، وكان تولده بعد وفاة علي بن الحسين بإحدى وأربعين سنة،
فلا بأس بإدراك النجاشي للجماعة؛ إذ لو كان سنه عشرين حين إدراك الجماعة،
كان إدراكه للجماعة متأخرا عن زمان وفاة علي بن الحسين بإحدى وستين سنة،
وكان ما بقي من عمره ثماني وخمسين سنة، ولا بأس به.
وكذا الحال لو كان سنه في زمان وفاة علي بن الحسين ثلاثين سنة، فكان
إدراكه للجماعة متأخرا عن زمان وفاة علي بن الحسين بإحدى وسبعين سنة،
وكان ما بقي من عمره ثماني وأربعين سنة.
وأيضا عنون النجاشي عمرو بن إلياس البجلي قال: " كوفي روى عن
أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، وهو أبو إلياس بن عمرو، روى عنه ابن جبلة " (1).
قوله: " وهو أبو إلياس بن عمرو " المقصود بأبي إلياس المعنى الإضافي، أي
والد إلياس، لا المعنى العلمي، وإلا لقال: ابن إلياس؛ لأن المفروض أن أبا إلياس
كنية عمرو بن إلياس، فأبو إلياس ابن إلياس.
وعنون بعد هذا عمرو بن إلياس بن عمرو بن إلياس قال: " البجلي أيضا
ابن ابن ذاك، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وروى عنه الطاطري، وهو ثقة، وأخواه
يعقوب ورقيم " (2).
قوله: " البجلي أيضا " يعني أن عمروا هذا بجلي أيضا، كما أن عمرو المتقدم
كان بجليا.
قوله: " ابن ابن ذاك " يعني: أن عمروا هذا ابن ابن عمرو المتقدم.
وقد اقتصر في الخلاصة على العنوان الثاني (3). وحينئذ لا معنى لقوله:

1. رجال النجاشي: 288 / 772.
2. رجال النجاشي: 289 / 773.
3. خلاصة الأقوال: 121 / 7.
356

" ابن ابن ذاك " فوقع له ما وقع من جهة العجلة في المتابعة.
وقد حكى السيد السند التفرشي: أنه توهم بعض الناس أن " ابن ابن ذاك " اسم
أبيه، إلا أنه لا مجال لهذا التوهم؛ لذكر اسم الأب بكونه إلياسا، إلا أن يكون مدار
التوهم على تعدد الاسم، (1) هذا.
[في اشتباه ابن داود في المقام]
وقد تطرق في المقام الاشتباه لابن داود بوجه آخر؛ حيث إنه قال:
عمرو بن إلياس البجلي الكوفي (قر، ق، جخ، جش) هو أبو إلياس ابن
عمرو بن إلياس البجلي ابن ابن الأول (ق، جش) ثقة، روى عن
الطاطري، وأخواه يعقوب ورقيم ثقتان (2).
ولا يخفى أن أبا إلياس - وهو عمرو بن إلياس - لم يكن جده إلياس كما هو
مقتضى كلام ابن داود، ومع هذا لا معنى لقوله: " ابن ابن الأول " والظاهر أنه كان
الأصل " عمرو بن إلياس بن عمرو بن إلياس " كما هو عبارة النجاشي في العنوان
الثاني، وكان الغرض تعدد العنوان كما يرشد إليه تكرار من النجاشي، أعني
" جش " فسقط بعد قوله: " إلياس " عمرو بن إلياس.
ومع هذا، قوله: " روى عن الطاطري " مبني على الاشتباه؛ إذ ما ذكره النجاشي
رواية الطاطري عن عمرو بن إلياس، لا رواية عمرو عن الطاطري.
وأيضا قد ذكر العلامة في الخلاصة في ترجمة أحمد بن محمد بن عمار: أنه
روى عنه ابن حاتم القزويني (3).
قال السيد السند التفرشي:

1. نقد الرجال 3: 326 / 3774. إليك نص عبارته كلها: " فتوهم بعض الناس أن " ابن ذاك " اسم أبيه
وهو غلط " فالمتوهم هو كون " ابن ذاك " اسم أبيه لا " ابن ابن ذاك " كما نقله المصنف ".
2. رجال ابن داود: 146 / 1136.
3. خلاصة الأقوال: 16 / 18، وفيه: " أبو حاتم ".
357

ولم أجد في كتب الرجال والأخبار رواية ابن حاتم القزويني عنه، بل
ذكر النجاشي والشيخ في كتابه أن علي بن حاتم القزويني روى عن
أحمد بن علي الفائدي الذي ذكره العلامة بعده بلا فصل، كما ذكره
الشيخ في الرجال بلا فصل، وكان هذا سبب الاشتباه، بل عن بعض نسخ
الخلاصة رواية ابن حاتم الهروي (1).
وقال الفاضل الشيخ محمد: " والظاهر أنه سهو وغلط بلا ريب " (2).
ومما يؤيد الاشتباه: أن العلامة ذكر أحمد بن علي ولم يذكر أن ابن حاتم
روى عنه (3)، وابن حاتم الهروي غير موجود في الرجال.
وبالجملة، فالظاهر أن منظر نظره كان كتاب النجاشي دون الفهرست بحكم
الغلبة، فوقوعه فيما وقع من أجل متابعة النجاشي والعجلة.
وأيضا عنون في الخلاصة عمر بن خالد الحناط بالنون وقال: " مولى، ثقة،
عين " (4)، وقد سبقه بما ذكره النجاشي، إلا أنه ذكر أنه روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) (5).
قال الفاضل الشيخ عبد النبي: " وكان على العلامة أن يذكر أن عمر بن خالد
يروي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وكان إسقاط ذلك سهوا " (6).
وأيضا قد عنون النجاشي " أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن المعلى بن أسد
العمي المكنى بأبي بشر " (7).

1. نقد الرجال 1: 166 / 154.
2. استقصاء الاعتبار، لم يطبع. لا يخفى ما في الجمع بين كون السهو ظاهرا وكونه بلا ريب إلا أن يكون
المراد نفي الريب عن الظهور لا عن السهو.
3. خلاصة الأقوال: 16 / 19.
4. خلاصة الأقوال: 120 / 9.
5. رجال النجاشي: 286 / 764.
6. حاوي الأقوال 2: 122.
7. رجال النجاشي: 96 / 239، وفيه " أحمد بن إبراهيم بن المعلى ".
358

وعنون في الخلاصة " أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن المعلى
المكنى بأبي بشر " (1). والظاهر أن زيادة " ابن محمد " من باب السهو؛ لمطابقة عنوان
الشيخ في الفهرست لعنوان النجاشي (2).
وأيضا قد عنون النجاشي أحمد بن عائذ بن حبيب (3). وفي الخلاصة
أبو حبيب (4). والظاهر أنه سهو كما في المنهج أيضا (5)، مع مطابقة عنوان ابن داود
لعنوان النجاشي (6).
وأيضا قد وثق في الخلاصة تبعا للنجاشي شهاب بن عبد ربه في ترجمة
إسماعيل بن عبد الخالق، وسكت عن توثيقه في ترجمته، بل قال: " وقد ذكرنا ما
يتعلق بمدحه وذمه وبيناه في كتابنا الكبير " (7) ففيه غفلة.
وأيضا قال في الخلاصة في ترجمة عبد الله بن مسكان: " وقال النجاشي:
روي أنه لم يسمع من الصادق (عليه السلام) إلا حديث من أدرك المشعر فقد أدرك الحج " (8).
والصواب: " وقال الكشي "؛ إذ النجاشي لم يورد ذلك، بل أورده الكشي لو لم
تكن روايته عن يونس، أو العياشي على حسب الاحتمالات المتطرقة في العبارة (9).
ويظهر تفصيل الحال بملاحظة الرسالة المعمولة في أصحاب الإجماع.
والظاهر أنه من جهة الاعتياد على الأخذ من النجاشي، نظير ما صنعه في

1. خلاصة الأقوال: 16 / 20.
2. الفهرست: 30 / 90.
3. رجال النجاشي: 98 / 246.
4. خلاصة الأقوال: 18 / 28.
5. منهج المقال: 37.
6. رجال ابن داود: 38 / 82.
7. خلاصة الأقوال: 9 / 11، 87 / 2.
8. خلاصة الأقوال: 106 / 22.
9. رجال الكشي 2: 680 / 716.
359

ترجمة عبد الله ميمون كما مر؛ حيث جرى على التوثيق أخذا من النجاشي، ثم
قال: " والاعتماد على ما قاله النجاشي " مع عدم سبق نقل التوثيق عن النجاشي.
[في اشتباهات أخرى للعلامة في الخلاصة]
ونظير ما ذكر من اشتباهات العلامة في الخلاصة في الأخذ من النجاشي
اشتباهات أخرى له.
فقد قال في الخلاصة في ترجمة إبراهيم بن محمد الهمداني:
وكيل، كان حج أربعين حجة، وروى الكشي في سند ذكرته في الكتاب
الكبير عن أبي محمد الرازي، قال: كنت أنا وأحمد بن أبي عبد الله
البرقي بالعسكر، فورد علينا رسول من الرجل، فقال: العامل ثقة،
وأيوب بن نوح وإبراهيم بن محمد الهمداني وابن حمزة وأحمد بن
إسحاق ثقات جميعا (1).
وفي عبارة الكشي: " الغائب العليل " بدل " العامل " (2) ونقله الشهيد الثاني في
حاشية الخلاصة عن خط ابن طاووس (3).
مع أن في عبارة الكشي: " وأحمد بن حمزة ".
وكذا فيما رواه في الفائدة السابعة من الفوائد المرسومة في أواخر الخلاصة،
فقد سقط لفظ أحمد في عبارة الخلاصة (4)، لكن في بعض نسخ الخلاصة زيد لفظ
" أحمد " إلا أن الظاهر أنه من باب إصلاح الحال.
وأيضا ذكر في الخلاصة في ترجمة بريد بن معاوية: أنه مات في حياة

1. خلاصة الأقوال: 52 / 23، وفيه: " وأحمد بن حمزة ".
2. رجال الكشي 2: 831 / 1053.
3. تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة: 8.
4. خلاصة الأقوال: 434.
360

أبي عبد الله (عليه السلام)، ثم قال: " مات في سنة مائة وخمسين " (1).
وهذا ينافي ما ذكره أولا من أن بريدا مات في حياة أبي عبد الله (عليه السلام)؛ لأنه قبض
سنة ثمان وأربعين ومائة.
وأيضا قال في الخلاصة في ترجمة ثابت بن دينار أبي حمزة الثمالي:
قال الكشي وجدت بخط أبي عبد الله محمد بن نعيم الشاذاني قال:
سمعت الفضل بن شاذان قال: سمعت الثقة يقول سمعت الرضا (عليه السلام)
يقول: " أبو حمزة في زمانه كلقمان في زمانه، وذلك أنه قدم أربعة منا:
علي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وبرهة من
عصر موسى بن جعفر (عليهما السلام) " (2).
وقد حكى الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة:
أنه كذا وجد في جميع نسخ الخلاصة، وكذلك بخط ابن طاووس من كتاب
الكشي، والذي في كتاب الكشي في ترجمة يونس بن عبد الرحمن " سلمان " بدل
" لقمان "، وهو المناسب (3).
ويرشد إليه قوله (عليه السلام) بعد العبارة المذكورة: " ويونس بن عبد الرحمن هو سلمان في
زمانه " ولا سيما مع وجود " كذلك " بعد قوله: " ويونس بن عبد الرحمن " كما في كتاب
الكشي، وإن خلا عنه الخلاصة، لكن حكى الفاضل التستري في حاشية الخلاصة: أن
في بعض نسخ الكشي في ترجمة يونس بن عبد الرحمن كلقمان (4).
ومع ذلك في كتاب الكشي: " خدم " بدل " قدم " وهو الصحيح.
ومقتضى كلام الشهيد الثاني: خلو نسخ الخلاصة عن الصادق (عليه السلام)، لكن ما

1. خلاصة الأقوال: 27 / 1.
2. خلاصة الأقوال: 29 / 5. وفيه: " خدم ".
3. تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة: 18، وانظر التحرير الطاووسي: 102؛ ورجال الكشي 2:
781 / 919.
4. تستري حاشية الخلاصة، لم تطبع.
361

رأيته في نسختين كان مشتملا عليه.
وأيضا قال في الخلاصة في ترجمة عمار بن موسى الساباطي: " روى الكشي،
عن علي بن محمد، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن
عبد الرحمن بن حماد " (1).
وعن الفاضل الشيخ عبد النبي: أن الظاهر أن لفظة " أبي " قبل " ابن حماد " (2) سقطت
من الكتاب، وإلا فهو عبد الرحمن بن أبي حماد، كما هو الموجود في كتب الرجال (3).
وأيضا قال في الخلاصة: " حيدر بن نعيم بن محمد ثقة " (4).
وقال الشهيد الثاني في الحاشية: " الموجود حتى في إيضاح الاشتباه
محمد بن نعيم بتقديم محمد، وهنا عكس الترتيب، وهو سهو " (5).
وأيضا قال في الخلاصة في ترجمة الحسن بن صدقة: " وأخوه مصدق رويا
عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام)، وكانوا ثقات " (6).
وقال الشهيد الثاني في الحاشية: " إن ضمير " كانوا ثقات " لا مرجع له إلا
رجلان: الحسن ومصدق، فكأنه تجوز في الجمع " (7).
وأيضا قال في الخلاصة: " محمد بن إبراهيم الحضيني، روى الكشي، عن
ابن مسعود، عن حمدان بن أحمد القلانسي، عن معاوية بن حكيم، عن
أحمد بن محمد بن أبي نصر الحضيني " (8).

1. خلاصة الأقوال: 243 / 6.
2. كذا. والصحيح: قبل " حماد ".
3. حاوي الأقوال 3: 218.
4. خلاصة الأقوال: 57 / 1.
5. تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة: 31.
6. خلاصة الأقوال: 45 / 51.
7. تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة: 26.
8. خلاصة الأقوال: 152 / 70.
362

وفي الكشي واختيار الشيخ - على ما نقله الفاضل الأسترآبادي - عن حمدان
الحضيني (1)، وهو المنقول نقلا في كلامه عن الشهيد الثاني (2). وقيل: وفي الكشي
عن حمدان الحضيني، وكأنه سقط حمدان عن قلم العلامة (3).
وأيضا عنون النجاشي صباح بن يحيى ووثقه (4)، وعنون في الفهرست
صباح بن يحيى (5)، وعنون في الخلاصة صباح بن قيس بن يحيى (6).
قال الفاضل الشيخ محمد:
قال ابن طاووس: إن ابن الغضائري قال: صباح بن يحيى من ولد
قيس، فالظاهر أن العلامة من هنا أخذ، وهو كثير التتبع لابن طاووس.
لكن جعل قيس أبا لصباح من الأوهام؛ لأن ابن طاووس كما ترى قال:
صباح بن يحيى، ثم العجب من العلامة أنه ذكر صباح بن قيس في
القسم الثاني (7).
وأيضا حكى في الخلاصة (8) كالنجاشي (9) في ترجمة عمر بن محمد بن
عبد الرحمن بن أذينة: أنه روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) بالمكاتبة. فحكى عن الكشي
عن حمدويه عن بعض أشياخه: أنه كان هرب من المهدي، ومات باليمن،
فلذلك لم يرو عنه كثير (10).

1. منهج المقال: 273.
2. تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة: 72.
3. تعليقات الوحيد البهبهاني: 273.
4. رجال النجاشي: 201 / 537.
5. الفهرست: 85 / 367.
6. خلاصة الأقوال: 230 / 1.
7. استقصاء الاعتبار، لم يطبع.
8. خلاصة الأقوال: 119 / 2، وفيه: " مكاتبته " بدل " بالمكاتبة ".
9. رجال النجاشي: 283 / 752.
10. رجال الكشي 2: 626 / 612.
363

قال الفاضل الشيخ عبد النبي: " لفظة " كثير " تصحيف " كتبه "؛ انتهى (1).
وربما ضبطت العبارة بكون " يرو " مجهولا، وكثيرا بالنصب، أي ضم الياء في
" لم يرو " وزيد ألف بعد " كثير " من باب النصب.
وليس بشيء.
ويشبهه بحسب المعنى بناء على الضبط المذكور - ما قيل في ترجمة
إسماعيل بن محمد من أنه كان من أصحابنا المكيين، وأخوه أحمد عاد إلى مكة
وأقام بها، وقلة الرواية بسبب ذلك (2).
وأيضا قال النجاشي: " علي بن محمد العدوي الشمشاطي أبو الحسن كان
شيخنا بالجزيرة " ثم قال: " أخبرنا سلامة بن ذكاء أبو الخير الموصلي بجميع كتبه " (3).
وقال في الخلاصة في موضع " شيخنا " " شيخا "، وفي موضع " ذكا " " زكريا "،
وفي موضع " أبو الخير " " أبو الحسن " (4).
وأيضا قال في الخلاصة في ترجمة عمران بن عبد الله القمي: " قال النجاشي:
عبد الله بن علي بن عمران القرشي أبو الحسن المخزومي " (5).
وقال الفاضل الشيخ محمد:
لم أقف في نسخ النجاشي على ما نقله العلامة عنه، بل الموجود فيه
علي بن عبد الله بن عمران القرشي أبو الحسن المخزومي، والعجب أن
العلامة ذكر علي بن عبد الله المذكور في بابه (6).
وأيضا في هذه الترجمة المذكورة حكى في الخلاصة عن الكشي روايتين،

1. حاوي الأقوال 2: 125.
2. الفهرست: 12 / 35.
3. رجال النجاشي: 263 / 689.
4. خلاصة الأقوال: 101 / 49.
5. خلاصة الأقوال: 125 / 3، وفيه: " عمران بن عبد القمي ".
6. استقصاء الاعتبار، لم يطبع.
364

يكون في إحداهما - على ما في كلام الكشي -: " هذا بيت من أهل البيت النجباء " (1)
وفي الخلاصة: " أهل البيت المختار " (2). ولعله سهو، كما ذكره السيد السند
التفرشي (3)، بل هو سهو بلا كلام. ويرشد إليه ما في الرواية الأخرى: " هذا نجيب
قوم نجباء " فتتأتى المؤاخذة من السيد السند التفرشي في عدم الجزم بكونه سهوا.
وأيضا قال الكشي في ترجمة القاسم بن هشام: " قال أبو عمرو: سألت
أبا النضر محمد بن مسعود عن القاسم بن هشام، فقال: رأيته فاضلا خيرا " (4).
وفي الخلاصة: " قال الكشي عن النصر: لقد رأيته فاضلا خيرا " (5).
وأنت خبير بما في عبارة الخلاصة من وجوه الاختلال، وكان الصواب أن
يقول: " وقال الكشي: سألت أبا النضر عن القاسم بن هشام، فقال: رأيته " إلى
آخره، فقد أسقط السؤال، وكذا لفظ " قال " في الجواب، وكذا لفظ " أبا ".
ويرشد إلى إسقاط الأب أنه لو كان المأخوذ في كلام الكشي هو النصر (6)، لكان
المقصود به نصر بن صباح؛ لكثرة نقل الكشي عنه.
وقد ذكر الفاضل الشيخ محمد في بعض كلماته كما مر: أن الفرق بين النصر
بالإهمال والنضر بالإعجام التحلي باللام في الثاني وعدمه في الأول، والمفروض
في المقام التحلي باللام، فلا يتجه له معنى.
وقد اقتصر في الحاوي على المؤاخذة عن إسقاط الأب (7)، وهو محمل

1. رجال الكشي 2: 624 / 608، وفيه: " هذا من أهل بيت النجباء "، وفي رواية 610: " هذا نجيب قوم
نجباء ".
2. خلاصة الأقوال: 124 / 3.
3. نقد الرجال 3: 373 / 3965.
4. رجال الكشي 2: 812 / 1014.
5. خلاصة الأقوال: 134 / 2، وفيه: " أبي النصر ".
6. في " د ": " النضر ".
7. حاوي الأقوال 3: 129.
365

المؤاخذة لإهمال الأمرين الأولين، إلا أن يكون غرضه المؤاخذة عما لا يقبل
المسامحة؛ لخيال احتمال المسامحة من العلامة في الأمرين الأولين.
وأيضا قال في الخلاصة: " يحيى بن سعيد بن فيض الأنصاري المدني،
تابعي، أسند عنه " (1).
وقال الفاضل الشيخ محمد:
العجب من العلامة أنه أتى بقوله: أسند عنه، مع عدم مرجع الضمير،
فكأنه نقل كلام الشيخ بصورته، والضمير فيه عائد إلى الصادق (عليه السلام). وهذا
من جملة العجلة الواقعة من العلامة (2).
لكن قيل: كأنه حمل هذا القول الواقع من الشيخ في رجال الصادق (عليه السلام) غالبا
على المبني للفاعل حتى لزمه أن يورد على العلامة ما أورد، وإلا فعلى البناء على
المجهول لا ضرورة إلى المرجع فيه (3).
لكنه في الخلاصة ناقل محض غالبا عن الكتب الثلاثة، أو بانضمام كتاب
أحمد بن طاووس، غير ملتزم إلى لزوم التغيير والتبديل.
وقال السيد السند التفرشي - بعد أن عنون يحيى بن سعيد بن قيس وحكى
كلام الشيخ في الرجال -: " وفي الخلاصة موضع " قيس " " فيض " ولعله سهو " (4).
وأيضا قال في الخلاصة: " حمزة بن القاسم بن علي بن حمزة بن
الحسن (5) بن عبيد الله بن العباس بن أبي طالب " (6).
والصواب: ابن علي بن أبي طالب، كما ذكره في باب العليين وباب

1. خلاصة الأقوال: 364 / 1.
2. نقله في منتهى المقال 7: 22.
3. انظر منتهى المقال 7: 23.
4. نقد الرجال 5: 72 / 5781.
5. في " د ": " الحسين ".
6. خلاصة الأقوال: 53 / 3: وفيه " عبد الله " بدل " عبيد الله ".
366

المحمدين (1)، وكأنه سهو من القلم، كما ذكره الشهيد الثاني في الحاشية، بل هو
سهو القلم بلا كلام، لكن استناد الشهيد إلى ما ذكره العلامة في الخلاصة في باب
العليين، فالمقصود ما ذكره في ترجمة علي بن حمزة المذكور في العنوان
المذكور عن الخلاصة.
وأما الاستناد إلى ما ذكره في باب المحمدين فلم أظفر في باب المحمدين
بما يجدي في المقصود، ولعله اشتبه المحمدون بالعباسيين؛ لأن العلامة في
الخلاصة عنون عباس بن علي بن أبي طالب (2).
وأيضا قال الكشي في ترجمة سدير بن حكيم: " حدثنا محمد بن مسعود،
عن علي بن محمد بن فيروزان " (3).
وذكر في الخلاصة في الحكاية عن الكشي موضع " فيروزان " " مروان "،
وأسقط عن محمد بن مسعود لفظ " محمد "، وهو من السهو (4).
وأيضا قال في الخلاصة في الفائدة الأولى من الفوائد المرسومة في الخاتمة:
" النوفلي الذي يروي عنه السكوني اسمه الحسين بن يزيد " (5).
وأنت خبير بأن قوله: " عنه " من سهو القلم، والصواب: " عن السكوني ".
وتزيد اشتباهات الخلاصة على ما ذكر، كما يظهر بالاستقراء فيها.
[متابعة العلامة في الخلاصة لسيد ابن طاووس]
ثم إنه قد ذكر الشهيد الثاني في بعض تعليقات الخلاصة عند ترجمة
إبراهيم بن محمد بن فارس: أن الغالب من طريقة العلامة في الخلاصة متابعة

1. خلاصة الأقوال: 102 / 62، 156 / 106.
2. خلاصة الأقوال: 118 / 2.
3. رجال الكشي 2: 469 / 371.
4. خلاصة الأقوال: 85 / 1.
5. خلاصة الأقوال: 270 / 15.
367

السيد جمال الدين بن طاووس، حتى شاركه في كثير من الأوهام (1).
وقال الفاضل الشيخ محمد عند الكلام في عبد الله بن أيوب بن راشد نقلا:
الحق ما قرره الوالد - قدس سره - مشافهة من أن العلامة لا يعتمد على
توثيقه؛ لما يعلم من حال الخلاصة أنه أخذها من كتاب ابن طاووس،
وأوهام ابن طاووس كثيرة، كما بينه الوالد - قدس سره - في حواشي
كتاب ابن طاووس (2).
وذكر السيد السند التفرشي في ترجمة حذيفة بن منصور: أن العلامة في
الخلاصة كثيرا ما وثق الرجل بمحض توثيق النجاشي أو الشيخ، وإن كان ضعفه
ابن الغضائري أو غيره، وعد جماعة (3).
ومزيد الكلام موكول إلى الرسالة المعمولة في " ثقة ".
بقي أن العلامة في الخلاصة وإن اعتاد على الأخذ من النجاشي من دون ذكر
المأخذ، كما هو مقتضى ما تقدم من كلام الشهيد الثاني، إلا أنه حكى عن النجاشي
في تراجم شتى، كترجمة حميد بن المثنى (4) وغيره (5). وفي بعض التراجم حكى
عن النجاشي وخالفه، كما في ترجمة محمد بن خالد بن عبد الرحمن، والله العالم.
قد فرغ منه ابن محمد إبراهيم أبو المعالي الشريف، ولله تمام الحمد (6).

1. تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة: 8.
2. استقصاء الاعتبار، لم يطبع.
3. نقد الرجال 1: 407 / 1195.
4. خلاصة الأقوال: 59 / 1.
5. انظر خلاصة الأقوال: 60 / 2، 62 / 4، 63 / 4.
6. في " د " هكذا: " ولله تمام الحمد والحمد التمام على التوفيق بتوفيق الإتمام ".
368

6 - رسالة في ابن الغضائري
369

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه سبحانه الاستعانة للتتميم.
وبعد، فقد تكرر وتكثر نقل كلام ابن الغضائري في كلمات العلامة في
الخلاصة، وكذا ابن داود في رجاله، وهو قد رمز عن ابن الغضائري ب‍ " غض " وكذا
عن غيره بغيره، وغيره ممن تأخر عنه قد تبعه في رموزه، وهو أول من نشر هذا
الحديث وأبو عذرها، كما ذكره في فاتحة كتابه.
وقد نشر نقل كلام ابن الغضائري إلى المتأخرين على حسب نقل كلام
العلامة، وابن داود.
وابن الغضائري كثير الجرح، قليل التوثيق، بحيث صار كثرة جرحه موجبة
لجرحه من غير واحد، ولم أظفر بمن تعرض لحاله سابقا على السيد الداماد، فمن
المهم صرف الهم فيه.
فنقول: إن الكلام في المقام يقع تارة في اسم ابن الغضائري، وأخرى في
حاله، وثالثة في جرحه، ورابعة في توثيقه.
371

[المقام] الأول
[في تشخيص اسم ابن الغضائري]
أما الأول فقد وقع الخلاف فيه بين الوالد والولد، أعني الحسين بن
عبيد الله بن إبراهيم أبا عبد الله، والأحمد بن الحسين المزبور.
فمقتضى صريح الشهيد الثاني في إجازة والد شيخنا البهائي أنه الحسين بن
عبيد الله (1)، وبه يصرح ما ذكره في المجمع من أن " الحسين بن عبيد الله الغضائري
شيخ الطائفة (2)، عارف بالرجال، له تصانيف كثيرة، سمع الشيخ الطوسي منه
وأجازه جميع رواياته " (3).
وكذا ما نقله عن الذهبي في كتاب ميزان الاعتدال من أن: " الحسين بن
عبيد الله الغضائري شيخ الرافضة " (4).
ويقتضيه ما صنعه العلامة في الخلاصة في ترجمة سهل بن زياد؛ حيث إنه
نقل عن النجاشي نقل تضعيف السهل عن جماعة، منهم أحمد بن الحسين فقال:

1. بحار الأنوار 105: 159 و 160.
2. وفي المصدر: " الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري يكنى أبا عبد الله كثير السماع عارف
بالرجال، وله تصانيف ذكرناها في الفهرست سمعنا منه وأجاز لنا جميع رواياته ".
3. انظر مجمع الرجال 2: 182.
4. ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1: 541. وفيه: " الحسين بن عبيد الله أبو عبد الله الغضائري شيخ
الرافضة ".
373

" وقال ابن الغضائري: إنه كان ضعيفا جدا فاسد الرواية والحديث (1)، وكان
أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري أخرجه من قم " (2).
فإن مقتضاه كون ابن الغضائري غير الأحمد، وإذا كان ابن الغضائري غير
الأحمد فهو معين في الحسين؛ لانحصار القول في الوالد والولد.
وهو ظاهر الفاضل الأسترآبادي؛ حيث إنه عنون الحسين دون الأحمد، لكنه
حكم في ترجمة الحسين بن أبي العلا، بأن الظاهر أن الأحمد هو ابن الغضائري (3).
ولعله الظاهر من السيد السند النجفي؛ حيث إنه عنون الحسين أيضا دون
الأحمد (4)، إلا أنه لم يكن بناؤه على الاستيفاء والاستقصاء، فلعل عدم ذكر الأحمد
من هذه الجهة.
ونقله في الحاوي عن بعض معاصريه (5)؛ وهو المحكي في الكلام المحكي
عن الشيخ فرج الله عن بعض المتأخرين (6).
وربما حكي عن المحقق الشيخ محمد (7) الميل إليه، بملاحظة أن العلامة قال
في ترجمة أحمد بن خاقان: " وقال النجاشي: مضطرب، وقال ابن الغضائري:
كوفي ضعيف يروي عن الضعفاء " حيث إن مقتضى مقابلة النجاشي
وابن الغضائري، مساواة النجاشي وابن الغضائري في الوثاقة، ولم يسمع توثيق
أحمد من أحد، فمقتضى المقابلة كون ابن الغضائري هو الحسين لا الأحمد.

1. في المصدر " المذهب " بدل " الحديث ".
2. خلاصة الأقوال: 299 / 2.
3. منهج المقال: 110.
4. رجال السيد بحر العلوم 2: 295.
5. حاوي الأقوال في معرفة الرجال 1: 113.
6. وأما كتاب الشيخ فرج الله فاسمه " إيجاز المقال " مخطوط.
7. عن الشيخ محمد عند الكلام في عبد الله بن أيوب بن راشد أن المتأخرين يردون قول ابن الغضائري
بجهالة الحال، وعند الكلام في إبراهيم بن عمر اليماني أن الظاهر أن ابن الغضائري هو الأحمد وحاله
غير معلوم (منه عفي عنه).
374

نعم، لو كان ابن الغضائري في المقام هو الأحمد، فيمكن استفادة توثيقه من المقابلة.
وجرى جماعة على أنه الأحمد، والجماعة بين من جرى على ضعفه؛ لجهالته
كما عن المقدس في بعض تعليقات الخلاصة (1)، و [مال] (2) إليه السيد السند
التفرشي (3)، وصاحب الحاوي (4) واختاره المحقق الشيخ محمد في أوائل شرح
الاستبصار، وحكم في بعض تعليقات المنهج - بعد أن حكم بعدم دلالة ما سمعت
من العلامة في الخلاصة على كون ابن الغضائري غير أحمد، تعليلا بأن العلامة
إنما ذكر كلام ابن الغضائري مفصلا بعد نقله عن النجاشي مجملا - بأن ما ذكره
جده من أن ابن الغضائري هو الحسين بن عبيد الله لا وجه له.
وهو المحكي عن صاحب المعالم.
ومن بنى على ضعفه؛ لكثرة جرحه كما لعله يرجع إليه كلام السيد الداماد؛
حيث إنه صرح بأن ابن الغضائري هو الأحمد سليل الحسين لا الحسين، لكن
قال: " إنه في الأكثر مسارع إلى التضعيف بأدنى سبب " (5).
وقد بنى الفاضل الخواجوئي على اقتضاء نسبة المسارعة إلى التضعيف
ضعفه وسوء حاله. لكن يمكن أن يكون نسبة المسارعة إلى التضعيف غير مبنية
على دعوى الضعف، بل كان الغرض فرط الاحتياط، وشدة سعة دائرة الاحتياط
كما هو الحال في القميين، وليس هذا مما يوجب سوء الحال (6).
وصريح الفاضل الأسترآبادي في ترجمة إبراهيم بن عمر اليماني يقتضي
المصير إلى ذلك، أعني الضعف من جهة كثرة التضعيف؛ حيث إنه حكم بأن

1. تعليقات الخلاصة، مخطوط.
2. إضافة يقتضيها السياق.
3. نقد الرجال 1: 119 / 34.
4. أنظر تنقيح المقال 1: 57 / 339.
5. الرواشح السماوية: 112 - 113، الراشحة الخامسة والثلاثون.
6. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 307.
375

ابن الغضائري غير مقبول. قال: " نعم ربما قبل قوله عند الترجيح وعدم المعارض،
فإنه مع عدم توثيقه قد كثر منه القدح في جماعة لا يناسب ذلك حالهم " (1).
إلا أن يقال: إن مقتضى صريح قوله: " مع عدم توثيقه " دعوى الضعف من
جهة الجهالة، مضافا إلى الضعف من جهة كثرة التضعيف.
ولا يذهب عليك أنه في ترجمة الحسين بن أبي العلا، بعد استظهار أن الأحمد هو
ابن الغضائري - كما مر - حكى عن ظاهر الأصحاب قبول قوله مع عدم المعارض (2).
والتنافي في البين بين؛ لظهور قوله: " وربما قبل قوله عند الترجيح وعدم
المعارض " في ندرة من بنى على قبول قوله مع عدم المعارض وهذا ينافي صريح
نقله عن ظاهر الأصحاب قبول قوله مع عدم المعارض، ومن جرى على وثاقته
كالفاضل العناية (3)، وعلى هذا المجرى جرى الفاضل الخواجوئي (4) بل هو قد بالغ
في تحقيق توثيقه بل أحياه على التحقيق.
ومقتضى صريح المولى التقي المجلسي فيما نقله الفاضل الخواجوئي (5) من كلامه
- كما يأتي - جهالة شخصه وحاله، وظاهر دعوى جهالة الشخص، هو التردد بين الوالد
والولد من باب التوقف، لا القول بالاشتراك، لكن مرجع كلامه إلى ضعفه باعتبار كثرة
جرحه، وإن كان مجهولا بشخصه، كما بنى عليه الفاضل الخواجوئي.
إلا أنه يمكن أن يكون كثرة الجرح غير مبنية على الضعف كما سمعت، ومع
هذا مقتضى كلام المولى المشار إليه في شرح مشيخة الفقيه اشتراك ابن الغضائري
بين الوالد والولد، وظاهره وثاقة الوالد، وصريحه جهالة حال الولد (6).

1. منهج المقال: 25.
2. منهج المقال: 110.
3. مجمع الرجال 2: 182.
4. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 289 وما بعدها.
5. نفس المصدر: 295.
6. روضة المتقين 14: 330 و 356.
376

وقال العلامة المجلسي في البحار: نقلا تارة:
وكتاب الرجال للشيخ أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري، كذا
ذكره الشهيد الثاني (رحمه الله)، ويظهر من رجال السيد ابن طاووس قدس سره
- على ما نقل عنه شيخنا الأجل مولانا عبد الله التستري - أن صاحب
الرجال هو أحمد بن الحسين بن عبيد الله، ولعله أقوى (1).
وأخرى:
وكتاب رجال ابن الغضائري، وهو إن كان للحسين فهو من أجلة الثقات،
وإن كان لأحمد - كما هو الظاهر -، فلا أعتمد عليه كثيرا، وعلى أي حال
فالاعتماد على هذا الكتاب يوجب رد أكثر أخبار الكتب المشهورة (2).
ومقتضى العبارتين المذكورتين مصير العلامة المجلسي كالمولى التستري،
إلى كون ابن الغضائري هو الأحمد، وظاهر العبارة الثانية عدم اعتبار الأحمد إما
لجهالته، أو لكثرة جرحه.
ولعل الأظهر الأخير بملاحظة قوله: " فالاعتماد على هذا الكتاب يوجب رد
أكثر أخبار الكتب المشهورة "؛ حيث إن المقصود به أن كتاب الأحمد مشتمل على
تضعيف أكثر رواة أخبار الكتب المشهورة، فالاعتماد عليه يوجب طرح أكثر
أخبار الكتب المشهورة.
[في أن ابن الغضائري اسمه أحمد]
والأظهر - بل بلا إشكال - أنه الأحمد لوجوه:
الأول: ان الشيخ قال في خطبة الفهرست:
وبعد، فإني لما رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث

1. بحار الأنوار 1: 22؛ وتعليقات أمل الأمل للتستري: 137.
2. بحار الأنوار 1: 41.
377

عملوا فهرست كتب أصحابنا وما صنفوه من التصانيف، ورووه من
الأصول، ولم أجد أحدا منهم استوفى ذلك ولا ذكر أكثره، بل كل منهم
كان غرضه أن يذكر ما اختص بروايته، وأحاطت به خزانته من الكتب،
ولم يتعرض أحد منهم لاستيفاء جميعها إلا ما كان قصده أبو الحسين
أحمد بن الحسين بن عبيد الله (رحمه الله)، فإنه عمل كتابين: أحدهما ذكر فيه
المصنفات، والآخر ذكر فيه الأصول والمصنفات (1).
ومقتضى هذا - بانضمام أن النجاشي ذكر للحسين في ترجمته كتبا، ولم يعد
منها كتاب الرجال (2)؛ بل قال السيد الداماد: " لم يبلغني إلى الآن عن أحد من
الأصحاب أن له - يعني الحسين - في الرجال كتابا " (3) - كون الأحمد صاحب الرجال.
وربما يقال: إن الظاهر أن الأحمد المذكور ليس ابن الحسين بن عبيد الله
المشهور؛ لأن الشيخ كان تلميذ الحسين ويروي عنه كثيرا، ويظهر من الكلام
المذكور أن الشيخ لم يلق الأحمد، فكيف يكون الحسين الغضائري أباه؟!
فالأحمد المذكور ليس ابن الغضائري.
لكنه يندفع: بأن المقصود بالشيخ في الكلام الآتي من الشيخ هو الأحمد،
ومقتضاه الملاقاة، وكون اسم الفهرست على حسب أمر الأحمد.
إلا أن يقال: إنه على هذا يلزم كون الأحمد معاصرا للشيخ، والقيام برسم
الفهرست من الشيخ على حسب أمر الأحمد مع المعاصرة بعيد.
لكنه يندفع: بأن النجاشي عقد عنوانا للشيخ، وذكر الرجال والفهرست في
تعداد كتبه.
وقال في ترجمة الصدوق: " له كتب منها كتاب دعائم الإسلام في معرفة الحلال

1. الفهرست: 1 - 2.
2. رجال النجاشي: 69.
3. الرواشح السماوية: 112، الراشحة الخامسة والثلاثون.
378

والحرام " (1)، وهو في فهرست الشيخ الطوسي، وحكى في كثير من المواضع عن
بعض، وأراد بالبعض الشيخ الطوسي على ما ذكره السيد السند النجفي (2).
مع أن العلامة في إجازته لبني زهرة - وهي مذكورة في جلد إجازات البحار
نقلا من خط المجيز، والجلد المذكور إنما هو الجلد الخامس والعشرون آخر
مجلدات البحار (3) - قد عد النجاشي من مشايخ الشيخ الطوسي (4)؛ ولا أقل من
معاصرة الشيخ الطوسي والنجاشي؛ لاشتراكهما في عدة مشايخ، ولا يتفق مثل ما
ذكر بالنسبة إلى المعاصر في أمثال هذه الأعصار غالبا، إلا أن حالات السابقين
كانت على ما يقضي به العقل والشرع المبين.
الثاني: أنه قال في الخلاصة في ترجمة عمر بن ثابت: " ضعيف جدا "، قاله
ابن الغضائري، وقال في كتابه الآخر [طعنوا عليه من جهة، وليس عندي كما
زعموا وهو ثقة] (5).
وقال في ترجمة محمد بن مصادف: " واختلف قول ابن الغضائري فيه، ففي
أحد الكتابين أنه ضعيف وفي الآخر أنه ثقة " (6).
وقال في ترجمة سليمان النجفي: " وقال ابن الغضائري " إلى آخره...
وبعد هذا قال: " ثم قال في هذا الكتاب " (7). ومقتضى العبارات المذكورة، كون
ابن الغضائري صاحب الكتابين هو الأحمد المذكور في خطبة الفهرست بكونه
صاحب الكتابين، فالظاهر كون ابن الغضائري هو الأحمد.

1. الفهرست: 157 / 695.
2. رجال السيد بحر العلوم 2: 46 - 47.
3. على حسب الطبعة الحجرية القديمة.
4. بحار الأنوار 107: 137.
5. خلاصة الأقوال: 241 / 10. ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
6. الخلاصة: 256 / 56.
7. نفس المصدر: 225 / 2.
379

الثالث: أنه قال العلامة في الخلاصة في ترجمة أحمد بن علي الخضيب (1) في
القسم الثاني: " قال ابن الغضائري: حدثني أبي أنه كان في مذهبه ارتفاع " (2)،
ومقتضاه كون ابن الغضائري هنا هو الأحمد؛ إذ والد الحسين - أعني عبيد الله - لم
يذكر في الرجال، والظاهر أنه لم يكن ممن له قول، والظاهر وحدة المراد في
عموم الموارد والمواد.
الرابع: انه ذكر صاحب المعالم في ديباجة التحرير الطاووسي:
أن كتاب ابن طاووس كان منحصرا في خطه، وتطرق الضياع على بعض
أجزائه، وكان كتابه تلخيصا لعدة كتب إلا أن ما عدا كتاب ابن الغضائري
كان موجودا، والحاجة إلى كتاب ابن الغضائري قليلة، لكونه مقصورا
على ذكر الضعفاء (3).
وأما الكتاب المختصر من كتاب الكشي للشيخ (رحمه الله)، فهو - باعتبار اشتماله
على الأخبار المتعارضة من دون تعرض لوجه الجمع بينها - محتاج إلى
التحرير والتحقيق، ومع ذلك ليس بمبوب، فتحصيل المطلوب منه
عسر، فعنى السيد (رحمه الله) بتبويبه وتهذيبه، وبحث عن أكثر أخباره متنا
وإسنادا، وضم إليه فوائد شريفة في تضاعيف الأبواب، قال: فرأيت
الصواب انتزاعه من باقي الكتاب وجمعه كتابا مفردا (4).
وحكى أن السيد قال في أثناء خطبة كتابه:
وقد عزمت على أن أجمع في كتابي أسماء الرجال المصنفين وغيرهم
- إلى أن قال: - من كتب خمسة: كتاب الرجال لشيخنا أبي جعفر
محمد بن الحسن الطوسي، وكتاب فهرست المصنفين له، وكتاب اختيار

1. قوله: الخضيب بالخاء المعجمة والضاد المعجمة (منه عفي عنه).
2. خلاصة الأقوال: 204 / 14.
3. التحرير الطاووسي: 5.
4. التحرير الطاووسي: 4.
380

الرجال من كتاب الكشي أبو عمرو محمد بن [عبد] العزيز له، وكتاب
أبي الحسين أحمد بن العباس النجاشي الأسدي، وكتاب أبي الحسين
أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري في ذكر الضعفاء خاصة (1).
وحكى المولى التقي المجلسي عن السيد أنه قال في كتابه مرارا: " وفي كتاب
أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري المقصور على [ذكر] الضعفاء " (2).
ومقتضى ما ذكره صاحب المعالم بنفسه من كون كتاب ابن الغضائري
مقصورا على الضعفاء، بعد إظهار قلة الحاجة إليه (3) وكذا ما ذكره السيد في آخر
عبارته المحكية المذكورة، من كون " كتاب ابن الغضائري مقصورا على
الضعفاء " (4) وكذا ما نقله في التوضيح عن ابن طاووس في آخر كتابه قائلا: " أقول:
إن أحمد بن الحسين - على ما يظهر لي - هو ابن الحسين بن عبيد الله الغضائري (5)
وكذا ما يأتي من الشهيد الثاني في الدراية من كون كتاب ابن الغضائري مقصورا
على الضعفاء (6) - كون (7) الأحمد صاحب الرجال.
والنجاشي عد كتب والده - أعني الحسين - ولم يعد منها الرجال كما مر،
فالظاهر أن المحكي عنه في التراجم هو الأحمد.
[الكلام في أبناء طاووس]
ثم إن كتاب ابن طاووس المتقدم ذكره والمحرر بالتحرير الطاووسي اسمه حل

1. التحرير الطاووسي: 4 و 5.
2. روضة المتقين: 14 / 357. والزيادة من المصدر.
3. التحرير الطاووسي: 4.
4. نفس المصدر.
5. توضيح الاشتباه للساروي: 130 / 550.
6. الدراية: 63.
7. هذا خبر " مقتضى " وما عطف عليه.
381

الإشكال على ما ذكره بعض المتأخرين من أهل الرجال (1).
وأما ابن طاووس فهو السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن جعفر بن
محمد بن أحمد بن محمد بن الطاووس الحسيني، كما هو مقتضى كلام صاحب
المعالم في ديباجة التحرير الطاووسي (2)، ومن مصنفاته البشرى والملاذ (3).
وقد يطلق ابن طاووس على رضي الدين موسى بن جعفر، ومن مصنفاته
مهج الدعوات والإقبال وأمان الأخطار وفتح الأبواب.
ولعله ربما زعم بعض الأفاضل (4) - نقلا - كونه صاحب كتاب الرجال المحرر
بالتحرير الطاووسي.
وقد يطلق على غياث الدين عبد الكريم بن أحمد وله فرحة الغري (5) وقد عده
ابن داود من كتبه (6)، وعده في آخر الوسائل من الكتب المعتمدة التي نقل عنها (7).
وفي ترجمته: " أنه اشتغل بالكتابة واستغنى عن المعلم، وعمره إذ ذاك أربع
سنين " (8).
وظاهر الفاضل الإسترآبادي كابن داود الانحصار في الأول والأخير، إذ لم
يأت أحد منهما بعنوان للأوسط، مع اشتهار مهج الأوسط وإقباله.
وظاهر البحار الانحصار في الأخير، مع كمال اشتهار الأول (9).

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 303.
2. التحرير الطاووسي: 3.
3. انظر رجال ابن داود: 45 / 137؛ ونقد الرجال 1: 174 / 177.
4. رجال ابن داود: 131 / 966.
5. بحار الأنوار 1: 13.
6. رجال ابن داود: 131 / 966.
7. وسائل الشيعة 20: 44.
8. رجال ابن داود: 144.
9. انظر بحار الأنوار 1: 12 - 13 و 31.
382

وقد أجاد السيد السند التفرشي حيث عنون كلا من الثلاثة.
وعن بعض إطلاق ابن طاووس على علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن
أحمد بن محمد بن الطاووس الحسيني (1).
وقد حررنا الكلام في أبناء الطاووس أيضا في بعض الفوائد المرسومة في
ذيل الرسالة المعمولة في رواية محمد بن الفضيل عن أبي الصباح.
الخامس: أنه لا مجال لكون ابن الغضائري هو الحسين (2)؛ إذ الغضائري
المذكور في ترجمة الحسين إما أن يرجع إلى الحسين، أو إلى عبيد الله، أو إلى
إبراهيم.
والأخير خلاف الظاهر، بناء على ما حررناه بالتفصيل في الرسالة المعمولة
في " ثقة " من عود التوابع والمتعلقات المذكورة في التراجم ذيل العنوان إلى
المقصود بالعنوان بالأصالة، إلا في صورة قيام القرينة على خلاف ذلك كما وقع
في بعض التراجم.
مع أنه على الأخيرة لابد من ارتكاب خلاف الظاهر في إضافة الابن إلى
الغضائري؛ لظهوره في البنوة بلا واسطة، بكون الأمر من باب ثبوت الواسطة
والإضافة إلى الجد كما اتفق نظيره كثيرا، إلا أنه لم يبلغ الكثرة إلى حد يوجب
الخروج عن مخالفة الظاهر، ولا مجال للأوسط، فتعين الأول.
فلما تعين الغضائري في الحسين، فيكون الأحمد هو ابن الغضائري،
ولا مجال لكون الحسين ابن الغضائري.

1. نقد الرجال 1: 174 / 177، 3: 73 / 1.
2. وفي الإيضاح للعلامة الحلي: الحسين بن عبيد الله الغضائري ولا بأس بالنسبة، والغضار بالكسر
كالغضائر جمع الغضارة بالفتح، والنسبة من باب النسبة أي صنعة الغضائر وبيعها، ويظهر بما يأتي في
المتن مما ذكره في الطراز (منه عفي عنه).
383

لكن لو قلنا في العبارتين الآتيتين من النجاشي من قوله: " أحمد بن الحسين بن
عبيد الله الغضائري " بكون " الغضائري " صفة للحسين لا الأحمد، قضية ظهور
إطلاق ابن الغضائري عليه في عدم كونه غضائريا، يسهل الخطب في المقام.
السادس: أنه قال النجاشي (1) وكذا العلامة في الخلاصة في ترجمة حبيب بن
أوس (2): " وذكر أحمد بن الحسين رحمه الله تعالى " (3).
وقال النجاشي في ترجمة أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد الصيقل: " له
كتب لا يعرف منها إلا النوادر قرأته أنا وأحمد بن الحسين (رحمه الله) على أبيه ".
ثم قال: " وقال أحمد بن الحسين (رحمه الله)... " ثم قال بعد تعداد كتب علي بن
الحسن المذكور: " قرأ أحمد بن الحسين " (4).
وقال النجاشي في ترجمة الحسين بن أبي العلا: " وقال أحمد بن الحسين (رحمه الله) " (5).
وقال في ترجمة جعفر بن أحمد بن أيوب السمرقندي: " ذكر أحمد بن
الحسين (رحمه الله) " (6).
وقال في ترجمة خالد بن يحيى بن خالد: " ذكره أحمد بن الحسين " (7).
وقال في ترجمة محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري: " قال لنا أحمد بن
الحسين " (8).
ونقله عنه في الخلاصة (9).

1. رجال النجاشي: 141 / 367.
2. قوله: " أوس ": بفتح الهمزة وسكون الواو والسين المهملة (منه عفي عنه).
3. خلاصة الأقوال: 61 / 3.
4. رجال النجاشي: 83 / 200.
5. المصدر: 52 / 117.
6. المصدر: 121 / 310.
7. المصدر: 151 / 395.
8. المصدر: 355 / 949.
9. خلاصة الأقوال: 157.
384

وقال في ترجمة أبان بن تغلب: " قال أبو الحسين أحمد بن الحسين (رحمه الله) " (1).
وقال في ترجمة حماد بن عيسى: " قال أحمد بن الحسين (رحمه الله) " (2).
وقال في ترجمة خيبري (3) بن علي الطحان: " ذكر ذلك أحمد بن الحسين " (4).
وحكى عنه في الخلاصة (5).
وقال في ترجمة جعفر بن عبد الله قال: " أحمد بن الحسين (رحمه الله) " (6).
وقال في ترجمة جعفر بن محمد بن مالك: " وقال أحمد بن الحسين " (7).
ونقله عنه في الخلاصة (8).
وقال في ترجمة أبي شداخ: " ذكر أحمد بن الحسين بن عبيد الله
الغضائري (رحمه الله) " (9)، ونقله عنه في الخلاصة (10).
وفي الخلاصة في ترجمة إسماعيل بن مهران: " وقال الشيخ أبو الحسين
أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري " (11).
ومقتضى الكلمات المذكورة، كون المقصود بابن الغضائري عند الإطلاق هو

1. رجال النجاشي: 11 / 7.
2. المصدر: 143 / 370.
3. قوله: " خيبري " بالخاء المعجمة المفتوحة، والياء المنقطة تحتها الساكنة، والباء المنقطة تحتها نقطة
واحدة مفتوحة والراء ثم الياء كما ذكره في الإيضاح وهو المرسوم في كتاب النجاشي (منه عفي عنه).
4. رجال النجاشي: 154 / 408.
5. انظر خلاصة الأقوال: 220 / 1.
6. رجال النجاشي: 120 / 307.
7. المصدر: 122 / 313.
8. خلاصة الأقوال: 210 / 3.
9. رجال النجاشي: 459 / 1254.
10. خلاصة الأقوال: 191 / 37.
11. خلاصة الأقوال: 8 / 6.
385

الأحمد بلا شك ولا شبهة؛ لكن لابد في العبارتين الأخيرتين من كون
" الغضائري " صفة للحسين لا الأحمد - وهو خلاف الظاهر بالنسبة إلى كونه صفة
للأحمد، كما يظهر مما حررناه في الرسالة المعمولة في " ثقة " - أو كون الأحمد
غضائريا، ولا منافاة بين كونه غضائريا وابن الغضائري، وإن كان الظاهر من إطلاق
ابن الغضائري عليه عدم اتصافه بكونه غضائريا. وشئ من الوجهين لا يبتني
عليه الاستدلال ولابد من ارتكابه ولو لم يتجه الاستدلال.
ومع هذا قال النجاشي في ترجمة إسماعيل بن مهران: " صنف كتبا " وعد من
الكتب كتاب ثواب الأعمال (1) فقال: " أخبرناه الحسين بن عبيد الله " (2).
وفي الفهرست في ترجمة أحمد بن إبراهيم بن معلى بن أسد: " وكان جده
المعلى بن أسد - فيما ذكر الحسين بن عبيد الله - من أصحاب صاحب الزنج
والمختصين به " (3).
فقد تحقق النقل عن الحسين أيضا.
وربما يقتضى هذا كون المقصود بابن الغضائري عند الإطلاق هو الحسين،
إلا أن الكلمات المتقدمة المقتضية لكون المقصود بابن الغضائري عند الإطلاق
هو الأحمد أكثر بكثير، فعليه المدار.

1. وفي المصدر: " وكتاب ثواب القرآن أخبرنا الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن جعفر بن سفيان ".
2. رجال النجاشي: 26 / 49.
3. الفهرست: 30 / 80؛ وهكذا في رجال النجاشي: 96 / 239.
386

أما [المقام] الثاني
[في حال ابن الغضائري]
فنقول: إنه لما تقدم تعين ابن الغضائري في الأحمد، فالمناسب الاقتصار في
شرح الحال على شرح حال الأحمد.
لكن لما قيل بكون ابن الغضائري هو الحسين كما سبق من جماعة، فلهذا يناسب
البحث عن حال الحسين أيضا من باب عموم النفع بالبحث عن الحال على القول غير
المختار وظهور سهولة الخطب بعد ظهور اعتبار كل من الولد والوالد.
[في حال أحمد بن الحسين]
أما الأول: فنقول: إن الظاهر - بل بلا إشكال - اعتبار الأحمد بل وثاقته لوجوه:
[الوجه] الأول: أن الشيخ ذكر صدر الفهرست أن الداعي على رسم الفهرست
امتثال أمر الأحمد برسم ما يشتمل على جميع المصنفات والأصول.
قال بعدما تقدم من عبارته: " ولما تكرر من الشيخ الفاضل - أدام الله تأييده -
الرغبة فيما يجري هذا المجرى، وتوالى منه الحث على ذلك، ورأيته حريصا
عليه، عمدت إلى كتاب يشتمل على [ذكر] (1) المصنفات والأصول، ولم أفرد

1. إضافة من المصدر.
387

أحدهما من الآخر لئلا يطول الكتاب (1) لأن في المصنفين من له أصل، فيحتاج إلى
أن يعاد ذكره في كل واحد من الكتابين فيطول " (2).
ومقصوده من الشيخ الفاضل هو الأحمد، بشهادة ذكره في العبارة المتقدمة
السابقة على هذه العبارة، واشتمالها على تصنيف الأحمد كتابين: أحدهما ذكر فيه
المصنفات، والآخر ذكر فيه الأصول على حسب ما وجده وقدر عليه؛ حيث إن
مقتضى سبق ذكر أحمد كون المقصود بالشيخ الفاضل هو الأحمد، واشتمال تلك
العبارة على تصنيف الأحمد للكتابين المذكورين يوجب ظهور كون المقصود
بالشيخ الفاضل هو الأحمد، بمناسبة كون المأمور به ضبط أرباب المصنفات
والأصول، ولا سيما مع قوله: " ولم أفرد أحدهما عن الآخر " حيث إنه احتراز عن
صنيعة الأحمد.
ولا خفاء فيما في العبارة المذكورة من التجليل والتبجيل من الشيخ بالنسبة
إلى الأحمد؛ حيث إنه قد عبر عنه ب‍ " الشيخ "، ومقتضاه اعتبار الأحمد، بل هو ظاهر
في وثاقته؛ حيث إنه قد ذكر " الشيخ " من ألفاظ المدح (3)، وبملاحظة كون الغرض
التقدم في العلم والرئاسة في الحديث.
وربما قيل بعدم دلالته على الوثاقة، بملاحظة ذكره في ترجمة غير الثقة.
إلا أن ظهور خلاف الظاهر في بعض المواضع بالخارج لا يوجب ارتفاع
الظهور، وهذه قاعدة مطردة.
وأيضا وصفه بالفضل؛ حيث عقب الشيخ بالفاضل، ودعا له بدوام التأييد،
وذكر أنه رسم الفهرست من باب امتثال أمره، وهذه أيضا أمور تقتضي الاعتبار،
بل الأخير ظاهر - بظهور قوي - في الوثاقة.

1. وفي المصدر " الكتابان " بدل " الكتاب ".
2. الفهرست: 2.
3. الفهرست: 15 / 52، 27 / 73، 30 / 79، 31 / 84.
388

ومع ذلك قال الشيخ في آخر كلامه في الديباجة:
وألتمس بذلك القربة من الله تعالى وجزيل ثوابه ووجوب حق الشيخ
الفاضل أدام الله تأييده وأرجو أن يقع ذلك موافقا لما طلبه (1).
وفيه تجليل الأحمد من جهات خمسة: التعبير عنه بالشيخ، والتوصيف له
بالفضل، والدعاء بدوام التأييد، وتعظيم حقه، وإظهار رجاء وقوع الكتاب على
وفق مطلوبه.
[الوجه] الثاني: أن تكرار نقل مقالة ابن الغضائري - المقصود به الأحمد - بل
إكثاره من النجاشي، وكذا إكثار النقل عنه من العلامة في الخلاصة يكشف عن
الاعتبار بل الوثاقة، بل قد ذكر الفاضل الخواجوئي:
أن كتاب النجاشي - على ما ذكر صدر كتابه - من باب امتثال أمر السيد
المرتضى (2)، وربما كان في نظر النجاشي أن يعرض كتابه على السيد،
فلولا اطلاع النجاشي على اعتبار ابن الغضائري، لما اتفق منه ما اتفق (3).
إلا أنه ينقدح بأن كلام النجاشي في صدر كتابه غير واف بما ذكر، بل مقتضى
كلامه أنه كان السيد يحكي تعبير قوم من مخالفينا " بأنه لا سلف لنا ولا مصنف " (4)
فابتدر النجاشي برسم ما يجدي في دفع التعبير المذكور بذكر أرباب الفضل
والتصانيف، ولا دلالة في كلامه على أنه كان في نظره أن يعرض كتابه على السيد،
ومجرد الاحتمال لا يجدي في الاستدلال بلا إشكال.
نعم، إكثار النجاشي في النقل عن ابن الغضائري، يقتضي اعتباره كما
سمعت، إلا أنه أمر آخر.

1. المصدر: 3.
2. رجال النجاشي: 3.
3. الفوائد الرجالية للخواجوئي: ص 287.
4. رجال النجاشي: 3. وفيه " لا سلف لكم " بدل " لا سلف لنا ".
389

[الوجه] الثالث: أن ابن الغضائري - أعني الأحمد - كان من مشايخ النجاشي،
كما يرشد إليه قوله في ترجمة علي بن شيران (1): " كنا نجتمع معه عند أحمد بن
الحسين " (2).
وكذا قوله في ترجمة أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد الصيقل: " وقال
أحمد بن الحسين (رحمه الله): له كتاب في الإمامة، أخبرنا به أبي، عن العطار، عن أبيه،
عن أحمد بن أبي زاهر، عن أحمد بن الحسين به " (3).
واستند إليه السيد السند النجفي عند عده من مشايخ النجاشي (4)، إلا أنه مبني
على كون قوله: " أخبرنا " من أجزاء مقول القول، فيكون أحمد بن الحسين في
الآخر مغايرا لأحمد بن الحسين القائل.
لكن يمكن أن يكون قوله: " أخبرنا " جملة مستأنفة، وإظهارا للواسطة،
وصرفا لظهور قوله: " قال " في كون الإخبار بلا واسطة، فيكون أحمد بن الحسين
في الآخر هو أحمد بن الحسين القائل.
إلا أن يقال: إنه خلاف الظاهر، لكن يمكن دعوى أنه الظاهر، إلا أن الحسين
من مشايخ النجاشي، فلا مجال لكون نقل النجاشي عن الأحمد بوسائط،
فشيخوخته للنجاشي تقتضي اعتباره، بل تقتضي اعتباره مشاركة النجاشي معه،
كما يرشد إليه قوله في ترجمة أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد الصيقل: " له
كتب، لا يعرف منها إلا النوادر قرأته أنا وأحمد بن الحسين على أبيه " (5).

1. " شيران " بالشين المعجمة والراء بعد الياء المثناة التحتانية والنون بعد الألف. (منه عفي عنه).
2. رجال النجاشي: 269 / 705.
3. رجال النجاشي: 83 / 200.
4. رجال السيد بحر العلوم: 2 / 64.
5. رجال النجاشي: 83 / 200.
390

وقد صرح السيد الداماد بالمشاركة دون الشيخوخة، من باب عدم الظفر بها (1).
ولا بأس باجتماع الأمرين، وليس هو خلاف المعتاد.
وقال الفاضل الخواجوئي:
كثيرا ما يكون بعض الطلبة شريكا لآخر، ثم بعد برهة من الزمان يتلمذ
عنده؛ لكونه أكثر منه سماعا أو علما أو فهما أو تحقيقا أو تدقيقا أو
فحصا أو سنا أو غير ذلك و (ذلك فضل الله يؤتيه من يشآء) (2) من عباده (3).
بل قد اتفق المذكور لبعض أكابر الأواخر؛ حيث إنه قال نقلا: إني كنت مع
بعض عند بعض، ثم بعد فوت البعض - الأستاد - قد ازدحم الطلاب عند البعض
الشريك، فحضرت أيضا في مجلسه من باب الاهتمام في استحكام المطلب.
ومن آثار هذا العمل أنه كان لم يتأت أثر لكتاب الشريك، إلا ما نقله بعض أكابر
الأواخر في كتابه من كتابه.
فانظر أيها اللبيب أن العمل المناسب كيف يثمر؟! وأخلص العمل حق الإخلاص،
وأكثر العمل الخالص، ولقد رأيت عجائب من آثار إخلاص العمل، بحيث
لا يقترن نقلها بالقبول، إلا عند من أخلص وتفطن بأثره، ولعل التفطن بالأثر،
أقل من الإخلاص، وهو قليل، من باب قلة تأمل الإنسان وتفطنه بدقائق الأمور.
ولعمري إنه قد بلغ القول سماء المقال، قول من قال: " إن عقل أربعين فردا
من الإنسان يساوي عقل غنم في الميزان ".
ومن شواهد المقال (4) أنه قد اتفق تحصيل جماعة من شركاء التحصيل، عند

1. الرواشح السماوية: 112، الراشحة الخامسة والثلاثون.
2. الحديد (57): 21؛ الجمعة (62): 4. وفيهما: (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم).
3. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 302.
4. في " د ": " المقام ".
391

العبد المذنب الضئيل.
[الوجه] الرابع: أنه قد تكرر بل تكثر الترحم عليه من النجاشي في كلماته
المتقدمة، خصوصا كلامه في ترجمة أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد؛ حيث
إنه أتى بالترحم على الأحمد، دون أبيه (1).
وقد اتفق الترحم بل الدعاء بدوام التأييد في كلام الشيخ في الفهرست (2).
والترحم من الثقة ظاهر في التوثيق، فضلا عن الاعتبار، كما يرشد إليه نقل
الترحم من الصادق (عليه السلام) في ترجمة جابر بن يزيد (3) بل عد الرضيلة والرحملة من
الألفاظ الظاهرة في التوثيق.
ويؤيده اعتناء السيد السند النجفي في ترجمة محمد بن علي بن ماجيلويه (4)
في بابه بكثرة الرضيلة، أو الرضيلة (5) من الصدوق (6) في مشيخة الفقيه (7) أو الرضيلة
من الصدوق في مشيخته (8)، حيث ذكره في ترجمته، لاتحاد الرضيلة والرحملة في
الحكم.
وكذا احتمال كون توثيق محمد بن موسى المتوكل من العلامة (9) من جهة

1. رجال النجاشي: 83 / 200.
2. الفهرست: 1 - 2.
3. رجال النجاشي: 128 / 332.
4. رجال السيد بحر العلوم 3: 308.
5. عطف على الكثرة لا الرضيلة.
6. قوله: " بكثرة الرضيلة أو الرضيلة من الصدوق " الترديد من جهة أنه أي التفرشي - [في نقد الرجال:
324 / 582] - قال: وذكره محمد بن علي بن بابويه كثيرا وقال: " رضي الله عنه " وظاهره وإن يقتضي
كثرة الرضيلة على حسب كثرة الذكر إلا أنه يحتمل أن يكون المقصود مجرد الرضيلة (منه عفي عنه).
7. الفقيه 4: 6، 14، 20، 34، 37، 38، 40 و 41.
8. وانظر التوحيد للصدوق: 48 / 12، 101 / 11، 105 / 5؛ الخصال: 1: 113 / 51، 176 / 200،
402 / 4.
9. خلاصة الأقوال: 149 / 59، وانظر على سبيل المثال التوحيد: 19 / 4، 22 / 16.
392

رضيلة الصدوق (1)، وكون تصحيح العلامة طريق الصدوق إلى منصور بن حازم،
وإسماعيل بن رباح (2)، ومعاوية بن وهب، وماجيلويه المذكور في الطريق (3) من
جهة الرضيلة المذكورة، بناء على اتحاد الرضيلة والرحملة في الحكم كما
سمعت.
قال الفاضل الخواجوئي:
من تصفح كتاب النجاشي في الرجال عن له أن أحمد بن الحسين
الغضائري عظيم عنده، جليل قدره؛ حيث إنه لم يذكره في كتابه إلا
مقرونا بالترحم، ولم يعهد منه ذلك بالإضافة إلى سائر أشياخه، بل كثيرا
ما يذكرهم بدون الاقتران بالرحمة والرضوان، حتى أنه ذكر أبا أحمد
هذا، الحسين بن عبيد الله - وهو من أجلاء أشياخه وعظمائهم - في
مواضع كثيرة من كتابه هذا، ونقل عنه كثيرا، مجردا عن التعظيم وطلب
الرحمة له إلا نادرا (4).
والدعاء بدوام التأييد ظاهر أيضا في التوثيق، فضلا عن الاعتبار بل الظهور
وفيه أقوى من الظهور في الترحم بلا كلام.
وكذا الحال في تعظيم حقه، وإظهار رجاء وقوع الفهرست على وفق
مطلوبه.
[الوجه] الخامس: أنه قد عبر عنه الشيخ ب‍ " الشيخ " صدر الفهرست في عبارته
المتقدمة (5) وقد وصفه به العلامة أيضا - كما يأتي - في جابر بن يزيد (6)، وحذيفة بن

1. الفقيه 4: 6، 11، 21 و....
2. قوله " إسماعيل بن رباح " بالباء الموحدة، وقد يوجد بالمثناة كما عن التعليقات (منه عفي عنه).
3. الفقيه 4: 22 و 31 و 34.
4. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 286.
5. الفهرست: 3.
6. خلاصة الأقوال: 35 / 2.
393

منصور، والحسن بن حذيفة (1) وعلي بن ميمون (2)، وإبراهيم بن عبيد الله [بن]
العلا (3)، وظفر (4) بن حمدون (5)، وجعفر بن معروف (6). وعبر عنه وعن النجاشي
بالشيخين في ترجمة أحمد بن خاقان كما يأتي.
وقد تقدم أن " الشيخ " ظاهر في الاعتبار بل الوثاقة.
وعده في ترجمة يونس بن ظبيان (7) من " المشايخ العظماء " (8). ودلالته على
المدح بل الوثاقة قوية.
[الوجه] السادس: أنه قد نقل النجاشي عن الغضائري (9)، وكذا العلامة في
الخلاصة (10) وابن داود (11) كما عن الشيخ الطوسي (12)، وابن طاووس (13)، والشهيد
الثاني (14)، وغيرهم (15)، ومقتضاه اعتناء هؤلاء بمقالته، وهو يوجب الاعتماد على

1. المصدر: 215 / 15.
2. المصدر: 96 / 27.
3. المصدر: 198 / 8. وما بين المعقوفين إضافة من المصدر.
4. قوله: " وظفر " بالفتح كما في التوضيح؛ ابن حمدون بضم الحاء في الإيضاح. (منه عفي عنه).
5. خلاصة الأقوال: 91 / 3.
6. المصدر: 31 / 4.
7. قوله: " ظبيان " بالظاء المعجمة المفتوحة، والباء الموحدة، والياء المثناة التحتانية، والنون بعد الألف
(منه عفي عنه).
8. انظر خلاصة الأقوال: 226 / 2؛ رجال الشيخ الطوسي: 336؛ الفهرست للشيخ الطوسي: 182 / 791.
9. رجال النجاشي: 69 / 165.
10. خلاصة الأقوال: 50 / 7.
11. رجال ابن داود: 80 / 482.
12. رجال الشيخ الطوسي: 470.
13. التحرير الطاووسي: 4 و 5.
14. انظر الرعاية في علم الدراية: 177.
15. بهجة الآمال 1: 432؛ ونقد الرجال 1: 35.
394

نقله، والوثوق به.
ومع ذلك قد ذكر المولى التقي المجلسي: أن المتأخرين عن ابن الغضائري
يعتمدون على قوله (1). فهذا أيضا يوجب الاعتماد على نقل ابن الغضائري والوثوق
به.
[الوجه] السابع: أن كثيرا من كلمات العلامة في الخلاصة يقتضي وثوقه
واعتماده على ابن الغضائري، حيث إنه [ذكر] (2) في ترجمة جابر بن يزيد:
وقال ابن الغضائري: جابر بن يزيد الجعفي الكوفي ثقة في نفسه،
ولكن جل من روى عنه ضعيف، فممن أكثر عنه من الضعفاء عمرو بن
شمر [الجعفي] (3) ومفضل بن صالح السكوني، ومنخل بن جميل
الأسدي (4)، وأرى الترك لما روى هؤلاء عنه والتوقف في الباقي، إلا ما
خرج شاهدا.
ثم قال: والأقوى عندي التوقف فيما يرويه هؤلاء، كما قاله الشيخ
ابن الغضائري (رحمه الله) (5).
فإنه بنى على التوقف وفاقا لابن الغضائري، وهو يقتضي وثوقه به والاعتماد
عليه؛ حيث إنه لا يظهر أحد من أرباب التصنيف إلا لمن كان يعتد به، هذا لو كان
الغرض الموافقة.
وأما لو كان الغرض الاستناد إلى كلامه، فالأمر ظاهر، لكنك خبير بأن التوقف
أو الاستناد في المقام يقتضي رد ما يرويه الجماعة عن جابر، والتوقف فيما عداه؛

1. انظر روضة المتقين 14: 356.
2. إضافة يقتضيها السياق.
3. إضافة من المصدر.
4. قوله: " منخل بن جميل الأسدي " قيل: بضم الميم والخاء المعجمة وسكون النون، أو ضم الميم وفتح
النون المشددة (منه عفي عنه).
5. خلاصة الأقوال: 35 / 2.
395

لأنه صنيعة ابن الغضائري، كما يرشد إليه صريح ما نقل عنه.
وأيضا قد حكى في ترجمة إبراهيم بن عبيد الله بن أبي العلاء المدني، الطعن
عليه من ابن الغضائري، ثم قال: " أقول: وهذا لا أعتمد على روايته، لوجود طعن
هذا الشيخ فيه، مع أني لم أقف [له] (1) على تعديل من غيره " (2).
وأيضا في ترجمة علي بن ميمون، حكى عن الكشي أنه روى عن علي
المذكور أنه قال:
دخلت عليه - يعني أبا عبد الله (عليه السلام) - [ليلة] أسأله فقلت: [إني] أدين الله
بولايتك وولاية آبائك وأجدادك (عليهم السلام) فادع الله أن يثبتني. فقال: " رحمك
الله، رحمك الله " (3).
فحكى عن ابن الغضائري أن حديثه يعرف وينكر، ويجوز أن يخرج شاهدا.
ثم قال: " والأقرب عندي قبول روايته؛ لعدم قدح (4) الشيخ ابن الغضائري فيه
صريحا، مع دعاء الصادق (عليه السلام) [له] " (5).
وأيضا في ترجمة أبان بن أبي عياش قال:
روى عن علي بن الحسين لا يلتفت إليه، وينسب أصحابنا وضع كتاب
سليم بن قيس إليه، هكذا قاله ابن الغضائري.
- ثم قال: - والأقوى عندي التوقف فيما يرويه، بشهادة ابن الغضائري
عليه بالضعف.
وكذا شيخنا الطوسي (رحمه الله) في كتاب الرجال قال: " إنه ضعيف " (6).

1. إضافة من المصدر.
2. خلاصة الأقوال: 198 / 8.
3. رجال الكشي: 2: 661 / 680، وما بين المعقوفين من المصدر.
4. في المصدر: " طعن " بدل " قدح ".
5. خلاصة الأقوال: 96 / 27، ما بين المعقوفين من المصدر.
6. خلاصة الأقوال: 206 و 207 / 3.
396

وأيضا في ترجمة جعفر بن معروف، حكى عن ابن الغضائري أن في مذهبه
ارتفاعا، وحديثه نعرفه تارة وننكره أخرى، فقال: " والوجه عندي التوقف في
روايته؛ لقول هذا الشيخ ابن الغضائري [عنه] " (1).
وأيضا في ترجمة الحسن بن حذيفة (2) حكى عن ابن الغضائري أنه ضعيف
جدا لا ينتفع به، فقال: " والأقوى عندي رد قوله لطعن هذا الشيخ فيه، مع أني
لم أقف له على مدح من غيره " (3).
وأيضا في ترجمة محمد بن مصادف قال: " اختلف قول ابن الغضائري فيه،
ففي أحد الكتابين أنه ضعيف، وفي الآخر أنه ثقة، والأولى عندي التوقف فيه " (4).
والظاهر - بل بلا إشكال - أن منشأ التوقف تعارض كلامي ابن الغضائري،
فمقتضاه الاعتماد على ابن الغضائري.
وأيضا قد حكى في ترجمة ظفر بن حمدون عن النجاشي: أنه من أصحابنا (5).
فحكى عن ابن الغضائري: أنه كان في مذهبه ضعف فقال: " الأقوى عندي التوقف
في روايته؛ لطعن هذا الشيخ فيه " (6). ودلالته على الاعتماد على ابن الغضائري
ظاهرة.
لكن بناء على اعتبار العدالة في اعتبار الخبر - كما هو مذهبه في الأصول (7) -
يتأتى التوقف، ولو لم يكن طعن ابن الغضائري؛ إذ غاية ما ذكره النجاشي كونه
إماميا، فلا جهة تقتضي قبول الرواية؛ لعدم التوثيق ولا المدح.

1. انظر الخلاصة للعلامة: 210 / 4، وما بين المعقوفين من المصدر.
2. قوله: " حذيفة ": بالحاء المهملة المضمومة والذال المعجمة. (منه عفي عنه).
3. خلاصة الأقوال: 215 / 15.
4. المصدر: 256 / 56.
5. رجال النجاشي: 209 / 554.
6. خلاصة الأقوال: 91 / 3.
7. انظر مبادئ الوصول إلى علم الأصول: 207.
397

لكن تخلف عن اعتبار العدالة في الخلاصة في طائفة من التراجم؛ حيث إنه
قال في ترجمة أبان بن عثمان - بعد نقل كونه ناووسيا عن الكشي عن علي بن
الحسن (1) -: " والأقوى عندي قبول روايته، وإن كان فاسد المذهب " (2).
وقال في ترجمة [علي بن] (3) الحسن بن علي بن فضال: " وأنا أعتمد على
روايته، وإن كان مذهبه فاسدا " (4).
وقال في ترجمة علي بن أسباط - بعد نقل كونه فطحيا عن الكشي (5)
والنجاشي (6) -: " وأنا أعتمد على روايته " (7).
بل حكى المحقق القمي أنه في الخلاصة أكثر من قبول روايات فاسدي
المذهب؛ بل المحكي عنه في كتبه الفقهية القول بعدم اعتبار العدالة " (8).
لكن بعض كلماته في الخلاصة يقتضي القول باعتبار العدالة كما حررناه في
الرسالة المعمولة في " رواية الكليني عن محمد بن أبي عبد الله " بل بناء على عدم
اعتبار العدالة، يجري ما ذكرنا بناء على اعتبار العدالة؛ لعدم المدح.
وأيضا في ترجمة محمد بن خاقان حكى عن النجاشي: أنه مضطرب، (9)
وحكى عن ابن الغضائري أنه كوفي ضعيف يروي عن الضعفاء، فقال: " وعندي

1. رجال الكشي 2: 640 / 660.
2. الخلاصة للعلامة: 93 / 15، وفيه: " والأقرب عندي " بدل " والأقوى عندي ".
3. إضافة من المصدر؛ لأن جملة " وأنا أعتمد... " إلى آخرها، لم تذكر في ترجمة الحسن بن علي،
فلاحظ ترجمته في صفحة 37 من الخلاصة.
4. خلاصة الأقوال: 93 / 15.
5. رجال الكشى 2: 835 / 1061.
6. رجال النجاشي: 252 / 663.
7. خلاصة الأقوال: 99 / 38.
8. القوانين المحكمة 1: 442.
9. رجال النجاشي: 341 / 914.
398

توقف في روايته؛ لقول هذين الشيخين عنه " (1).
وأيضا في ترجمة يونس بن ظبيان حكى عن الكشي، عن الفضل بن شاذان:
أنه من الكذابين المشهورين (2)؛ وحكى عن النجاشي: أنه ضعيف جدا لا يلتفت
إلى ما رواه (3)؛ وحكى عن ابن الغضائري: أنه غال كذاب وضاع للحديث لا يلتفت
إلى حديثه؛ فقال: " فأنا لا أعتمد على روايته؛ لقول هؤلاء المشايخ العظام فيه " (4).
وأيضا توقف في باب حذيفة بن منصور، بملاحظة ما قاله ابن الغضائري من
أن حديثه غير نقي، يروي الصحيح والسقيم، وأمره ملتبس ويخرج شاهدا، وما
نقل من أنه كان واليا من قبل بني أمية ويبعد انفكاكه عن القبيح، مع أن النجاشي
وثقه، وكذا وثقه شيخنا المفيد (5).
وقد حكى في الخلاصة كلا من التوثيقين (6)، وروى الكشي حديثا في مدحه (7).
[الوجه] الثامن: أن مقتضى قول الشهيد الثاني في الدراية -:
وقد كفانا السلف الصالح من العلماء هذا الشأن - مؤونة الجرح
والتعديل - غالبا في كتبهم التي صنفوها في الضعفاء كابن الغضائري، أو
فيهما معا كالنجاشي، والشيخ أبي جعفر الطوسي، والسيد جمال الدين
[أحمد] (8) بن طاووس، والعلامة جمال الدين ابن المطهر، والشيخ

1. خلاصة الأقوال: 152 / 73.
2. رجال الكشي 2: 823 / 1033.
3. رجال النجاشي: 448 / 1210.
4. خلاصة الأقوال: 266 / 2.
5. المصدر: 60 و 61 / 2. قوله: " ما نقل " عطف على قوله: " ما قاله ".
6. المصدر.
7. رجال الكشي 2: 579 / 615، 680 / 717.
8. إضافة من المصدر.
399

تقي الدين ابن داود، وغيرهم (1) -
اعتبار تضعيفات ابن الغضائري، ومقتضاه اعتبار توثيقاته بالفحوى.
[الوجه] التاسع: أنه قد أفرد الفاضل التستري كتاب ابن الغضائري من
الكتب التي اشتمل عليها كتاب ابن طاووس، وزاد عليه من الفوائد ما زاد نقلا،
نظير إفراد الاختيار من صاحب المعالم بالتحرير. وذكر الفاضل المزبور: أن كتاب
ابن الغضائري كان بخط ابن طاووس (2).
فلولا اعتبار مقالة ابن الغضائري، لما جرى ابن طاووس على إدراجه درج
كتابه، ولما جرى الفاضل المزبور على إفراده؛ كيف؟ والفاضل المزبور في بعض
حواشيه على أوائل التهذيب حكم بأن كتاب ابن داود لا يصلح للاعتماد عليه في
قوله:
ولا نعتمد على ما ذكره ابن داود من توثيق الحسين بن الحسن بن أبان
في باب محمد بن أورمة (3)؛ لأن كتاب ابن داود مما لم أجده صالحا

1. الرعاية في علم الدراية: 177.
2. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 291 - 292؛ الذريعة 10: 89، 4: 288 (في الحاشية).
3. قوله: " أورمة " بإسكان الواو بين الهمزة والراء المضمومتين قبل الميم، على ما ذكره السيد الداماد،
وحكى عن العلامة في الخلاصة أنه قد تقدم الراء على الواو، فتوهم من ذلك غير المتمهر أن محمد بن
أورمة - بالواو قبل الراء - هذا هو محمد أرومة، وهو خبط عظيم فضيح. ومقصوده بغير المتمهر هو
الفاضل الأسترآبادي؛ حيث إنه قد طرح الاتحاد بين محمد بن أورمة ومحمد بن أرومة، فالمرجع إلى
ثبوت اسمين لشخص واحد، كما أن المرجع فيما ذكره السيد الداماد إلى ثبوت اسمين لشخصين،
ومستند السيد الداماد تعدد العنوان في كلام الشيخ في الرجال؛ حيث إنه قد عنون محمد بن أورمة في
باب من لم يرو، وذكره في الفهرست قال: " له كتب مثل كتب الحسين بن سعيد " وعنون محمد بن
أرومة في باب أصحاب الرضا (عليه السلام). لكن تعدد العنوان على الوجه المذكور بل مطلقا غير عزيز في
رجال الشيخ، وتفصيل الحال موكول إلى ما حررناه في الرسالة المعمولة في باب النجاشي، وربما
حكى السيد الداماد أن المذكور في باب أصحاب الرضا (عليه السلام) - على ما كان يحضره من نسخ رجال
الشيخ - محمد بن أروية لا أرومة ولا أورمة (منه عفي عنه).
400

للاعتماد عليه؛ لما ظفرنا عليه من الخلل الكثير في النقل عن المتقدمين،
وفي نقد الرجال والتمييز بينهم (1).
ويظهر ذلك بأدنى تتبع للموارد التي نقلها في كتابه، وأن ببالي أنه لم ينقل في
حواشيه على التهذيب من غير ابن داود.
ومقتضى ما ذكر تدقيق النظر وتعميقه من الفاضل المزبور، فاعتناؤه بكتاب
ابن الغضائري - على ما سمعت من الإفراد - يوجب قوة الوثوق.
قوله: " لما ظفرنا عليه ".
قد ذكر السيد الداماد: أن الظفر بمعنى الفوز بالمطلب يتعدى بالباء؛ وأما
الظفر بمعنى الغلبة على الخصم، فهو يتعدى ب‍ " على " (2).
لكن مقتضى كلام صاحب القاموس جواز الأمرين؛ قال في مادة الظفر:
" وبالتحريك: المطمئن من الأرض، والفوز بالمطلوب، ظفره وظفر به وعليه
كفرح " (3).
[الوجه] العاشر: أن الفاضل الخواجوئي حكم بعدم جواز الرجوع إلى كلمات
الشيخ في معرفة أحوال الرجال؛ قال: " ولا يفيد إخباره ظنا ولا شكا في حال من
الأحوال ". وكذا حكم بعدم صلاحية كتاب ابن داود للاعتماد عليه (4).
فتوثيق ابن الغضائري من الفاضل المشار إليه - ولا سيما مع المبالغة كما تقدم -
يفيد زيادة الوثوق بوثاقة ابن الغضائري.
[الوجه] الحادي عشر: أن المتأخرين من أرباب الرجال - وهم ناقلو

1. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 188 و 294 حيث إنه نقل عن حاشية التهذيب.
2. الرواشح السماوية: 83، الراشحة الرابعة والعشرون.
3. القاموس المحيط 2: 81 (ظفر).
4. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 294 و 311.
401

كلمات السابقين، كالفاضل الأسترآبادي (1)، والسيد السند التفرشي (2)
وصاحب الحاوي (3) - لم يذكروا قدحا في ابن الغضائري، بعد الإغماض
عن نقل المتقدمين عنه كما مر ونقلوا الكلمات المشتملة على كلامه، بل
قد نقل السيد السند التفرشي عن ابن الغضائري في ترجمة عبد الرحمن بن
سالم (4)، ولم ينقل [عن] النجاشي، ولا [عن] العلامة في الخلاصة، ولا [عن] (5)
الفاضل الأسترآبادي.
نعم، قيل - تعليقا على كلام العلامة في الخلاصة -: " كله عبارة (غض) مع أن
السيد السند التفرشي قدح في ابن داود في ترجمته في قوله: " له كتاب معروف إلا
أن فيه أغلاطا كثيرة، غفر الله له " (6).
وحكم صاحب الحاوي بعدم اعتبار رجال ابن داود، ولم يذكر كلامه في
كلماته، قال في فواتح الحاوي:
واعلم أني لم أعتمد على كتاب ابن داود وإن كان حسن الترتيب، واضح
المسلك؛ لأني وجدت فيه أغلاطا كثيرة تنبئ عن قلة الضبط. نعم، ربما
أذكر كلامه في بعض المواضع شاهدا أو لأمر ما (7).
فعدم القدح من هؤلاء - مع دقة نظرهم، ولا سيما مع قدح غير واحد منهم في
ابن داود - يكشف عن اعتباره.

1. منهج المقال: 114.
2. نقد الرجال: 20 / 44.
3. حاوي الأقوال في معرفة الرجال 1: 305 - 306 / 194.
4. نقد الرجال: 185 / 35.
5. إضافة " عن " في هذه الجملة ثلاث مرات مما يقتضيه السياق.
6. نقد الرجال 1: 93 / 102، وفي المصدر: " له في علم الرجال كتاب معروف، حسن الترتيب إلا... ".
7. حاوي الأقوال في معرفة الرجال 1: 97 - 98.
402

[في دعوى جهالة ابن الغضائري وضعفه]
وبعدما تقدم من الأدلة على الاعتبار، بل الوثاقة، يمكن أن يقال: إنه لو
لم يكف ما تقدم في الاعتبار والوثاقة، لا يتأتى اعتبار راو من الرواة ولا وثاقته،
وبما تقدم يظهر ضعف دعوى جهالة ابن الغضائري أعني الأحمد حالا.
والظاهر أن منشأ هذه الدعوى هو عدم اتفاق التعرض له في كلمات أحد من
أرباب الرجال، من قبيل النجاشي وأحزابه بعقد العنوان، وكذا دعوى سوء الحال
باعتبار كثرة الجرح، كما استفاده الفاضل الخواجوئي عن السيد الداماد، حين
حكم في الرواشح في الراشحة العاشرة: بأن ابن الغضائري مسارع إلى الجرح
حردا (1)، مبادر إلى التضعيف شططا (2). وحكم في الراشحة الخامسة والثلاثين: بأنه
مسارع في الأكثر إلى التضعيف بأدنى سبب ظاهر (3).
قال الفاضل المذكور:
هذا من السيد [الداماد] (4) قدح عظيم في ابن الغضائري؛ فإنه يفيد أنه كان
في جرحه وتضعيفه بعيدا عن الحق، مفرطا في الظلم، فكان يجرح
سليما ويقدح في بريء، من غير تثبت منه في حاله، وتبين منه في
مقاله (5).
لكن نقول: إنه يمكن أن يكون الغرض فرط الاحتياط، وشدة ضيق الأمر،
كما هو الحال في القميين، وليس هذا موجبا لسوء الحال كما مر.

1. " حردا ": أي قصدا قال في الصحاح [ج 2، ص 464، مادة: حرد]: حرد يحرد - بالكسر - قصد.
تقول: حردت حردك، أي قصدت قصدك (منه عفي عنه).
2. الرواشح السماوية: 59، الراشحة العاشرة، والفوائد الرجالية للخواجوئي: 296.
3. الرواشح السماوية: 113، الراشحة الخامسة والثلاثون، والفوائد الرجالية للخواجوئي: 296.
4. إضافة من المصدر.
5. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 306.
403

ومع هذا نقول: إن السيد الداماد في الراشحة المذكورة، بنى على قبول رواية
محمد بن أورمة على مقالة ابن الغضائري (1).
قال الفاضل الخواجوئي: " بعد ملاحظة تمام كلامه [في هذه الراشحة] يستبين
أن ابن الغضائري كان معتبرا عنده [معتمدا عليه] " (2).
بل نقول: إنه قد جوز السيد الداماد في الراشحة العاشرة أن يعتمد في الجرح
والتعديل على مقالة ابن الغضائري (3)، بل صرح السيد نفسه في الراشحة الخامسة
والثلاثين: بأن ابن داود ينقل في كتابه عن ابن الغضائري، ويبني في الجرح
والتعديل على قوله (4).
إلا أن يقال: إنه قيد جواز الاعتماد، بما لو لم يظهر الخلاف أو اشتباه الأمر
عليه، وما لم يعارضه معارض فيما ذكره، والمفروض في باب ابن الغضائري
- على ما ذكره - سوء الحال، بناء على كون المقصود بما ذكره سوء الحال.
ومع ذلك نقول: إنه قال الفاضل الخواجوئي:
إن السيد لما كان [في الأكثر] (5) مسارعا إلى التعديل، مبادرا إلى التوثيق،
من غير اكتراث ومبالاة - ولذلك وثق السكوني، والنوفلي (6) ومن
يشاكلهما من العامة، وكان ابن الغضائري قد ضعف أكثر من وثقه - نسب
إليه ما نسب (7).
ومع ذلك نقول: إن المسارعة إلى الجرح لو كانت موجبة للقدح، فقد حكى

1. الرواشح السماوية: 113، الراشحة الخامسة والثلاثون.
2. الفوائد الرجالية للخواجوئي، ص 297. ما بين المعقوفات من المصدر.
3. الرواشح السماوية: 59 الراشحة العاشرة.
4. انظر المصدر: 111.
5. إضافة من المصدر.
6. وقد حررنا الكلام في السكوني والنوفلي في الأصول (منه عفي عنه).
7. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 307.
404

السيد الداماد في الراشحة الخامسة والثلاثين أيضا أن المحقق تبالغ (1) في الجرح
والأسانيد (2)، ولا مجال لتخيل القدح فيه.
إلا أن يقال: إن المسارعة إلى الجرح غير المبالغة والإكثار في الجرح؛ إذ
المقصود بالمسارعة المبادرة بدون التأمل، بل المقصود الجرح بالأمور القابلة، إلا
أن كثرة الجرح بالأمور القابلة لا بأس بها.
لكن نقول: إن المقصود بالمبالغة في الجرح لا يخرج عن المقصود
بالمسارعة إلى الجرح بالأمور غير القابلة، وليس المقصود بالمبالغة كثرة الجرح
بالأمور القابلة.
ومع ذلك نقول: إنه ذكر الفاضل الخواجوئي:
أنه يظهر بأدنى تأمل في كلمات أرباب الرجال غاية الظهور، جلالة
قدر الرجل - يعني ابن الغضائري - وكمال اعتباره عندهم في قوله،
ونقله، وجرحه، وتعديله، وهذا ظاهر لا يخفى إلا على من جهل حاله،
ولم يعرف شخصه وكماله (3).
ومع ذلك نقول: إن دعوى مسارعة ابن الغضائري إلى الجرح مدفوعة
بأن مقتضى مشيه في باب محمد بن أورمة أنه متثبت ومتأمل؛ حيث إنه
لم يجرحه مع اجتماع أسباب الجرح؛ إذ قال الشيخ في الفهرست: " إن في روايته
تخليطا " (4).
وعن ابن بابويه الصدوق: أنه طعن عليه بالغلو، وكل ما كان في كتابه مما
يوجد في كتب الحسين بن سعيد وغيره، فإنه يعتمد عليه ويفتي به، وما تفرد به

1. وفي المصدر: " مع تبالغه في الطعن في الأسانيد بالضعف ".
2. الرواشح السماوية: 114، الراشحة الخامسة والثلاثون.
3. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 302.
4. الفهرست: 143 / 610.
405

لا يجوز العمل به، ولا يعتمد عليه (1).
وقال النجاشي: " ذكره القميون وغمزوا عليه ورموه بالغلو " (2).
ومع هذا لم يطعن عليه ابن الغضائري وقال:
إنه اتهمه القميون بالغلو، وحديثه نقي لا فساد فيه، ولم أر [فيه] شيئا
ينسب إليه تضطرب فيه النفس، إلا أوراقا في تفسير الباطن، وما يليق
بحديثه، وأظنها موضوعة عليه؛ ورأيت كتابا خرج من أبي الحسن
علي بن محمد (عليهما السلام) إلى القميين في براءته مما قذف به (3).
فمقتضى ما سمعت أنه لا يتسارع إلى الجرح، بل يأتي بكمال التأمل.
قال الفاضل الخواجوئي:
لو كان ابن الغضائري مسارعا إلى الجرح بأدنى سبب، [كما ظنه السيد] (4)
لقدح فيه مع تلك الأسباب الجامعة؛ ولكنه لما كان متثبتا متأملا في
ذلك، نظر في كتبه ورواياته كلها، وتأمل فيها تأملا وافيا صافيا شافيا
فوجدها نقية لا فساد فيها، إلا ما كان في أوراق من التخليط، فحمله على
أنه موضوع عليه (5).
وأيضا النوفلي الذي يروي عن السكوني، إنما هو الحسين بن يزيد بن
محمد بن عبد الملك النوفلي النخعي كما هو مقتضى ما ذكره في الخلاصة (6) إلا أنه
قال: " يروي عنه السكوني " (7).

1. نفس المصدر.
2. رجال النجاشي: 329 / 891.
3. خلاصة الأقوال: 253 / 28.
4. إضافة من المصدر.
5. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 307.
6. خلاصة الأقوال: 216 / 9.
7. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 299.
406

وقوله: " عنه " من سهو القلم.
وقد ذكره الشيخ في الفهرست (1) والرجال (2) وسكت عن الجرح والتعديل.
وذكره النجاشي أيضا، ولم يأت بجرح فيه ولا تعديل، إلا أنه حكى عن قوم
من القميين: أنه غلا في آخر عمره، لكنه قال: " ما رأينا له رواية تدل على هذا " (3).
وذكره الكشي وقال: " رمي بالغلو " (4).
وقد توقف في الخلاصة (5) في حقه؛ لما نقله النجاشي من القميين، وعدم
الظفر بتعديله (6)، ولم يحك عن ابن الغضائري جرحه، مع ما سمعت من رميه
بالغلو من القميين، وتوقف الخلاصة في بابه (7).
وأيضا علي بن محمد بن شيرة القاساني - بالمهملة - ذكره النجاشي وحكى
الغمز عليه عن أحمد بن محمد بن عيسى، وحكى أنه سمع منه مذاهب منكرة،
وليس في كتبه ما يدل على ذلك (8). ولم يحك عن ابن الغضائري جرحه.
لكن يمكن أن يقال: إن الضعيف بلا خلاف أو على الخلاف، ممن لم يصل
الطعن عليه من ابن الغضائري كثير، ولعل عدم الطعن في النوفلي، وعلي بن
محمد بن شيرة، وغيرهما من الضعيف على الخلاف أو بلا خلاف، من أجل عدم
التعرض.
ومع ذلك نقول: إنه قد يقال: إن المسارعة إلى الجرح لا ضير فيها؛ لأن من

1. الفهرست: 59 / 224.
2. رجال الشيخ الطوسي: 373 / 25.
3. رجال النجاشي: 387 / 77.
4. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 300.
5. خلاصة الأقوال: 217 / 9.
6. خلاصة الأقوال: 217 / 9.
7. المصدر: 216 / 9.
8. رجال النجاشي: 255 / 669.
407

جرحه ابن الغضائري فهو عنده غير ثقة، ووثاقته عند غيره قادحة.
وليس هذا مختصا بابن الغضائري، بل النجاشي قد جرح كثيرا من الثقات
عند الآخر؛ فإنه جرح داود الرقي (1)، وقد وثقه شيخنا المفيد (2).
وكذا جرح جعفر بن محمد بن مالك (3)، وقد وثقه الشيخ (4).
وكذا جرح جابر الجعفي (5)، وقد وثقه ابن الغضائري، وأثنى عليه العقيقي (6)،
وهكذا.
وكذلك الشيخ جرح جماعة قد وثقهم النجاشي (7).
لكن نقول: إن الجرح يوجب ضعف الجارح، مع وثاقة المجروح عند غير
الجارح، كما لو تكثر الجرح بالأمور غير الموجبة للجرح، أو تكثر الجروح في
حق أشخاص لا يتجه جرحهم بوجه؛ إذ كثرة الجرح على الوجه المذكور، يوجب
عدم الاعتماد على الجرح، وتكشف عن الوسواس في حق من لا يتطرق في حقه
في باب الجروح الأغراض النفسانية؛ فجرح من تكثر منه الجرح بالوجه المذكور
لا يختص بمن كان جرحه في غير المحل.
والمقصود بالمسارعة إلى الجرح هو كثرة الجرح في غير المحل، وكثرة
الجرح ممن أوجب كثرة الجرح منه الوهن فيه جامعة بين الجرح في المحل
والجرح في غير المحل، فجرح ابن الغضائري لا يختص بكثرة الجرح في غير

1. المصدر: 156 / 410.
2. الإرشاد: 342، فصل في من روى النص على الرضا علي بن موسى (عليه السلام).
3. رجال النجاشي: 122 / 313.
4. رجال الشيخ الطوسي: 458 / 4، وخلاصة الأقوال: 210 / 3.
5. رجال النجاشي: 128 / 332.
6. خلاصة الأقوال: 34 - 35 / 1.
7. انظر على سبيل المثال ترجمة أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال، فقد وثقه النجاشي وضعفه الشيخ،
انظر رجال النجاشي: 188؛ الفهرست للشيخ الطوسي: 79 - 80.
408

المحل، لكن كثرة جرحه في غير المحل - بناء على ثبوت هذه الكثرة - توجب
وهنه، وإن كان المجروحون ثقاتا عند آخر، ولا إشكال.
وبما تقدم يظهر أيضا ضعف ما استفاده الفاضل الخواجوئي عن المولى التقي
المجلسي من سوء حال ابن الغضائري باعتبار كثرة الجرح، حيث ذكر:
أن الذي يظهر بالتتبع أن جابر بن يزيد ثقة جليل من أصحاب
أسرار الأئمة وخواصهم، والعامة تضعفه (1) [لهذا، كما يظهر من
مقدمة صحيح مسلم (2)] (3) وتبعهم بعض الخاصة (4)؛ لأن أحاديثه تدل على
جلالة الأئمة صلوات الله عليهم. ولما لم يمكن القدح فيه بجلالته (5)،
قدح في رواته.
وإذا تأملت أحاديثه، يظهر لك أن القدح ليس فيهم، بل في من قدح
فيهم، باعتبار عدم معرفة الأئمة كما ينبغي.
والذي ظهر لنا من التتبع التام: أن أكثر المجروحين سبب جرحهم علو
حالهم، كما يظهر من الأخبار التي وردت عنهم (عليهم السلام): " اعرفوا
منازل الرجال [منا] على قدر رواياتهم عنا " (6) والظاهر أن المراد بقدر
الروايات، الأخبار [العالية] (7) التي لا تصل إليها عقول أكثر الناس.

1. كتاب المجروحين لابن حبان 1: 81 - 83؛ تهذيب الكمال 4: 465 / 879؛ تاريخ الإسلام للذهبي:
59، حوادث سنة ثلاثين ومائة؛ تهذيب التهذيب 2: 46 / 75؛ طبقات ابن سعد 6: 345.
2. صحيح مسلم 1: 14 - 15.
3. ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
4. انظر رجال النجاشي: 128 / 332 وقوله: " لأن " تعليل لتضعيف العامة.
5. وفي المصدر: " ولما لم يمكنه القدح فيه لجلالته ".
6. وسائل الشيعة 18: 108، أبواب صفات القاضي، باب 11، ح 37. ما بين المعقوفين أضفناه من
المصدر.
7. إضافة من المصدر.
409

وقد ورد متواترا عنهم (عليهم السلام): " إن حديثنا صعب مستصعب، لا يحتمله إلا
ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان " (1).
ولهذا ترى أن ثقة الإسلام، وعلي بن إبراهيم (2)، ومحمد بن الحسن
الصفار (3)، وسعد بن عبد الله (4)، وأضرابهم ينقلون أخبارهم ويعتمدون
عليهم، وابن الغضائري المجهول حاله وشخصه يجرحهم،
والمتأخرون يعتمدون على قوله، وبسببه يضعف أكثر أخبار الأئمة
صلوات الله عليهم (5).
ومع هذا نقول: إن ما ذكره -: أن المراد بقدر الروايات علو مفادها - مدفوع
بظهور القدر في الحكم بحسب القلة والكثرة، ولا بأس به، ولا موجب للصرف
عنه؛ إذ قلة الرواية تكشف غالبا عن قلة الإخلاص، كما أن كثرة الرواية تكشف
غالبا عن كثرة الإخلاص، كما ترى أن مخلصي العلماء يردون عليهم، وينقلون
عنهم على حسب إخلاصهم، وكذلك أحباء الشخص يردون عليه وينقلون عنه،
على حسب مقدار محبتهم له.
ونظير ذلك ما في بعض الأخبار من: " أن أشدكم حبا لنا أحسنكم أكلا عندنا " (6)
و " أنه يعرف مودة الرجل لأخيه بأكله من طعامه " (7).
نعم، في ترجمة عبد الله بن مسكان:
أنه لم يسمع من الصادق (عليه السلام) إلا حديث: " من أدرك المشعر فقد أدرك

1. بحار الأنوار 2: 71 / 30.
2. رجال النجاشي: 260 / 680.
3. المصدر: 354 / 948.
4. المصدر: 177 / 467.
5. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 276 - 277.
6. وسائل الشيعة 16: 531، أبواب آداب المائدة، الباب 25، ح 3.
7. نفس المصدر، ح 1.
410

الحج " (1) وكان لا يدخل على الصادق (عليه السلام) شفقة أن لا يوفيه حق إجلاله (2)،
[وكان يسمع من أصحابه] (3) ويأبى أن يدخل عليه إجلالا له وإعظاما (4).
لكن روايته عن الصادق (عليه السلام) كثيرة كما صرح به شيخنا البهائي في حاشية
التهذيب (5) وكذا غيره (6) وقد حررنا كثيرا من رواياته عن الصادق (عليه السلام) في الرسالة
المعمولة في " أصحاب الإجماع ".
مع أن روايته عن الكاظم (عليه السلام) مما لا كلام فيه، وقد صرح النجاشي: بأنه روى
عن الكاظم (عليه السلام) (7). وهذا ينافي ذلك المقال، مضافا إلى ما ذكره الكشي: من أنه كان
من أروى أصحاب الصادق (عليه السلام) (8).
وربما أورد الفاضل الخواجوئي:
بأن علو قدر الراوي بصدقه، وأمانته، [وعلمه] (9) وحفظه، وضبطه، ونقله
الحديث كما تحمله، لا بتحمله ما لا يصل إليه أكثر العقول؛ فإنه ربما تحمل خبرا
لا يصل إليه عقله أيضا؛ إذ " رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " (10) فكيف يستدل به
على علو قدره؟! (11).

1. وسائل الشيعة 5: 60، أبواب الوقوف بالمشعر، الباب 23، ح 14.
2. رجال الكشى 2: 680 / 716.
3. إضافة من المصدر.
4. خلاصة الأقوال: 106 / 22.
5. حاشية التهذيب للشيخ البهائي مخطوط.
6. انظر بهجة الآمال 5: 287؛ تنقيح المقال 2: 216 / 7073.
7. رجال النجاشي: 214 / 559.
8. رجال الكشي 2: 680 / 716؛ خلاصة الأقوال: 106 / 22.
9. إضافة من المصدر.
10. أنظر بحار الأنوار 21: 138 / 33.
11. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 278.
411

فلا يتجه حمل الحديث على كون علو حال الراوي على حسب علو مفاد
الرواية.
وهو مدفوع: بأن علو قدر الراوي وإن يتأتى بصدقه وأمانته وغيرهما مما
ذكره، لكنه يتأتى بتحمل الأخبار العالية من حيث المفاد، والإذعان بها غالبا
أيضا؛ لندرة حمل الراوي ما لا يصل إليه عقله، بل ندرة حمل الفقه إلى من هو
أفقه بلا واسطة، كما هو ظاهر الرواية المعروفة، بناء على كون " رب " للتقليل كما
هو المشهور (1) وإن كان الحمل إلى الأفقه مع الواسطة غير عزيز.
ومع ذلك مقتضى كلامه: أن ما وقع من ابن الغضائري من الجرح كغيره من
الجارحين، باعتبار عدم معرفة الأئمة وقصورهم عن إدراك مفاد الأخبار التي
رواها المجروحون، أو التقليد للعامة، وعهدته عليه.
قال الفاضل الخواجوئي: " رحم الله امرء عرف قدره ولم يتعد طوره " (2).
[في حال الحسين بن عبيد الله]
وأما الثاني - أعني حال الحسين بن عبيد الله - فنقول: إنه قد ذكر النجاشي في
ترجمة الحسين بن عبيد الله: إنه شيخه (3)، وله كتب، وأجازه جميعها وجميع
رواياته عن شيوخه (4).
ويصرح بشيخوخته له كلامه أيضا في ترجمة أحمد بن الحسين بن عمر بن

1. لسان العرب 1: 408 (ربب).
2. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 277، وانظر غرر الحكم 4: 32.
3. قوله: " أنه شيخه " كما أن ولده شيخه أيضا، كما يدل عليه كلامه في ترجمة أحمد بن محمد بن
شيران كما تقدم في المتن، فكل من الوالد والولد شيخ له، والولد شريك معه كما يدل عليه كلامه في
ترجمة أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد الصيقل، كما تقدم في المتن. (منه عفي عنه).
4. رجال النجاشي: 69 / 166.
412

يزيد الصيقل (1)، وقد تقدم؛ وروى عنه في تراجم.
وروى عنه في ترجمة علي بن بابويه، عن أبي جعفر الصدوق أنه قال:
" ولدت بدعوة صاحب الأمر (عليه السلام) " (2).
والدعوة إشارة إلى ما ذكره النجاشي:
من أن علي بن بابويه [كان] قدم العراق، واجتمع مع [أبي القاسم الحسين] بن
روح [(رحمه الله)، وسأله مسائل ثم] كاتبه على يد علي بن جعفر بن الأسود، وسأله أن
يوصل له رقعة إلى الصاحب (عليه السلام) وسأله فيها الولد.
فكتب إليه: " قد دعونا الله [لك] بذلك، وسترزق ولدين ذكرين خيرين " (3).
وذكر العلامة في الخلاصة: أنه شيخ الطائفة، سمع الشيخ الطوسي منه وأجاز
له جميع رواياته (4)، وكذا أجاز النجاشي (5) بل مقتضى ذكره في القسم الأول من
الخلاصة وثاقته.
وفي المعراج: " [والحق] أن جلالته وعدالته مما لا ينبغي الريب فيها " (6).
وفي وسيط الفاضل الأسترآبادي: " ويستفاد من تصحيح العلامة لطريق
الشيخ (رحمه الله) إلى محمد بن علي بن محبوب توثيقه، ولم أجد إلى يومنا من خالفه " (7).
وفي الرواشح: " إنه العالم الخبير البصير المشهور، العارف بالرجال والأخبار،
شيخ الشيخ الأعظم أبي جعفر الطوسي، والشيخ أبي العباس النجاشي " (8).

1. المصدر: 83 / 200.
2. المصدر: 261 / 684.
3. رجال النجاشي: 261 / 684. وما بين المعقوفات كلها أضفناها من المصدر.
4. الخلاصة للعلامة: 94 / 20.
5. رجال النجاشي: 261 / 684.
6. معراج أهل الكمال إلى معرفة الرجال: 15. والزيادة من المصدر.
7. الوسيط (مخطوط) وعنه في تنقيح المقال 1: 333 / 2860، ورجال السيد بحر العلوم 2: 305.
8. الرواشح السماوية: 111، الراشحة الخامسة والثلاثون.
413

والعلامة في الخلاصة والحسن بن داود، قد صححا طريق الشيخ إلى
محمد بن علي بن محبوب، وهو في الطريق (1)، والعلامة ومن تأخر عنه من
الأصحاب إلى زمننا هذا، في كتبهم الاستدلالية قد استصحوا أحاديث كثيرة هو
في أسانيدها.
وأمره أجل من ذلك؛ فإنه من أعاظم فقهاء الأصحاب وعلمائهم، وله
تصانيف معتبرة في الفقه وغيره، وفتاواه وأقواله في الأحكام الفقهية منقولة،
فشيخنا الشهيد في شرح الإرشاد في باب المياه ذكر مذهب الشيخ أبي الحسن بن
أبي عقيل العماني (2)، ثم قال: " ونقله السيد الشريف أبو يعلى الجعفري (3) عن
أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري " (4).
وعن السيد بن طاووس في النجوم توثيقه (5).
وعن الشيخ فرج الله: أن الشهيد الثاني (6) في إجازته للشيخ الفاضل حسين بن
عبد الصمد، صرح بأنه الحسين بن عبيد الله الثقة.
قوله: " الثقة " وإن أمكن أن يكون من كلام الشهيد، لكن كلام الشهيد خال

1. قوله: " قد صححا طريق الشيخ إلى محمد بن علي بن محبوب وهو في الطريق " والعلامة قد صحح
أيضا طريق الشيخ إلى علي بن جعفر وهو في الطريق أيضا. والحسن بن داود قد صحح طريق الشيخ
إلى محمد بن علي بن محبوب. وذكر سابقا أن طريق الشيخ إلى محمد بن علي بن محبوب وعلي بن
جعفر متحد (منه عفي عنه).
2. والصحيح هو: أبو محمد الحسن بن علي بن أبي عقيل. رجال النجاشي: 48 / 100.
3. قوله: " أبو يعلى الجعفري ": هو تلميذ الشيخ المفيد وصهره كما قيل، والنسبة إما بالانتساب إلى
مولانا جعفر ابن محمد الصادق أو إلى جعفر الطيار (منه عفي عنه).
4. الرواشح السماوية: 111 - 112، الراشحة الخامسة والثلاثون؛ وغاية المراد في شرح نكت الإرشاد
1: 71.
5. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم: 98.
6. بحار الأنوار 105: 159.
414

عنه، فهو من كلام الشيخ المذكور، والتوثيق منه.
نعم، ربما يستفاد التوثيق من الشهيد في بعض تعليقات الخلاصة، حيث إنه
قال العلامة في الخلاصة في ترجمة إبراهيم بن عمر اليماني الصنعاني: " قال
النجاشي: إنه شيخ من أصحابنا ثقة... - إلى أن قال -: وقال ابن الغضائري: إنه
ضعيف جدا، والأقوى عندي قبول روايته " (1).
وقال الشهيد في الحاشية: " أقول: وفي ترجيح تعديله نظر. أما أولا: فلتعارض
الجرح والتعديل، والأول مرجح " (2).
فإنه لو لم يكن ابن الغضائري ثقة عند الشهيد، لما صح منه إبداء التعارض
بين الجرح من ابن الغضائري، والتعديل من النجاشي، وابن الغضائري عنده هو
الحسين كما مر، فالتوثيق المستفاد من كلامه يجري في حق الحسين.
وعن الشيخ في الرجال: أنه عارف بالرجال، قال: " وله تصانيف ذكرناها في
الفهرست سمعنا منه، وأجاز لنا بجميع رواياته " (3).
قال السيد السند التفرشي: " قوله: " ذكرناها في الفهرست " ليس بمستقيم، لأني
لم أجده في الفهرست " (4).
وقال الفاضل الأسترآبادي: " ولم أجد في النسخ التي رأينا من الفهرست شيئا
من ذلك " (5).
وفي المعراج: " لعل ترجمته كانت موجودة في مسودته، ثم سقطت من

1. الخلاصة للعلامة: 6 / 15، وفيه: " والأرجح عندي... ".
2. أنظر تنقيح المقال 1: 28، ورجال السيد بحر العلوم 4: 155.
3. الرجال للشيخ الطوسي: 470 / 52.
4. نقد الرجال 2: 98 / 76.
5. منهج المقال: 114.
415

الناسخين، وإلا فكتاب الفهرست الذي بأيدينا خال عن ترجمته أصلا [مع أنا قد
تتبعنا من نسخه ما تيسر لنا الوقوف عليه] (1).
وبما سمعت من هذه الكلمات، ظهر فساد حكاية ابن داود عقد العنوان له
في الفهرست.
وذكر شيخنا البهائي في فواتح مشرقه:
أنه قد يدخل في بعض أسانيد الأحاديث من ليس له ذكر في كتب الجرح
والتعديل بمدح ولا قدح، غير أن أعاظم علمائنا المتقدمين قد اعتنوا
بشأنه، وأكثروا في الرواية عنه، وأثبات مشايخنا المتأخرين قد حكموا
بصحة روايات هو في سندها، والظاهر أن هذا القدر كاف في حصول
الظن بعدالته.
ثم ذكر:
أن من ذلك أحمد بن محمد بن الحسين بن الوليد، وأحمد بن
محمد بن يحيى العطار، والحسين بن الحسن بن أبان، وابن أبي جيد.
ثم قال:
فهؤلاء وأمثالهم من مشايخ الأصحاب، لنا ظن بحسن حالهم وعدالتهم،
وقد عددت حديثهم في الحبل المتين (2) وفي هذا الكتاب في الصحيح،
جريا على منوالهم (3).
والظاهر بل بلا إشكال، دخول الحسين بن عبيد الله في قوله: " وأمثالهم من
مشايخ الأصحاب ".
وظهر بما سمعت فساد ما ذكره العلامة الخوانساري في أوائل المشارق: من

1. معراج أهل الكمال إلى معرفة الرجال: 15. وما بين المعقوفين إضافة من المصدر.
2. الحبل المتين: 277.
3. مشرق الشمسين: 276 - 277.
416

أن الحسين بن عبيد الله لم ينص الأصحاب على توثيقه (1).
[المقصود من " أحمد بن محمد " في روايات الشيخ]
هذا، ولا يذهب عليك أنه إذا روى الشيخ الطوسي، عن الشيخ المفيد، عن
أحمد بن محمد، فالظاهر: أن " أحمد " هو أحمد بن الحسن بن الوليد.
وأما إذا روى عن الحسين بن عبيد الله، عن أحمد بن محمد، فالظاهر: أنه
أحمد بن محمد بن يحيى.
وإن ذكر الشيخ في طرقه طريقا إلى الحسين بن سعيد، ومحمد بن الحسن
الصفار، عن الشيخ المفيد، والحسين بن عبيد الله، وأحمد بن عبدون، كلهم، عن
أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد (2)، ومقتضاه شيخوخة أحمد بن محمد بن
الحسن بن الوليد، للشيخ المفيد، والحسين بن عبيد الله.
والمستند فيما ذكر، الاستقراء في روايات الشيخ الطوسي، كما صرح به
المحقق الشيخ محمد (3).
وبما ذكر يظهر فساد ما وقع من جماعة - نقلا - فيما رواه الشيخ في الاستبصار
في باب كمية الكر: عن الحسين بن عبيد الله، عن أحمد بن محمد بن يحيى؛
حيث ضربوا على " ابن يحيى "، وزادوا بعد محمد بن يحيى " عن أبيه " (4)؛ تطبيقا
لما رواه الشيخ في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة: عن الشيخ
المفيد، عن أحمد بن محمد [ابن الحسين] عن أبيه، عن محمد بن يحيى، [عن
محمد بن أحمد بن يحيى] عن أيوب بن نوح، [عن صفوان] عن إسماعيل بن

1. مشارق الشموس: 13.
2. شرح مشيخة تهذيب الأحكام 10: 63.
3. شرح الاستبصار (مخطوط).
4. الاستبصار 1: 12، ح 12، باب كمية الكر.
417

جابر قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الماء الذي لا ينجسه شيء؟ قال: " ذراعان عمقه
في ذراع وشبر سعته " (1)؛ غفلة عن اختلاف الراوي والمروي عنه في الروايتين.

1. تهذيب الأحكام 1: 41، ح 113، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارات.
418

[المقام الثالث]
[في اعتبار جرح ابن الغضائري]
ويظهر بما مر حال الثالث: أعني جرح ابن الغضائري؛ إذ بعد ما ثبت اعتبار
مقالته من جهة الاعتبار أو الوثاقة، فيثبت اعتبار جرحه.
ولعل بروز كثرة الجرح منه، باعتبار انحصار كتابه في الضعفاء، كما تقدم نقل
الانحصار عن ابن طاووس، والشهيد الثاني، وصاحب المعالم (1). أو بكون
المعروف منه كتابه المقصور على الضعفاء، بناء على ثبوت كتاب له في
الممدوحين، كما تقدم من الفاضل الخواجوئي (2)، ولم أظفر بذكره من غيره، فهو
غير معروف، وإلا فقد علمت بما مر أنه في الجرح على التأمل والتعميق والتثبيت.

1. انظر التحرير الطاووسي: 5.
2. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 290.
419

[المقام الرابع]
[في توثيق ابن الغضائري]
وأما الرابع: أعني توثيق ابن الغضائري، فيثبت اعتباره بما مر من الأدلة
على اعتبار نفسه، بل وثاقته، بل نقول: إنه لو كان جرحه غير معتبر باعتبار
ابتنائه على الأمور غير الموجبة للجرح - أي فرط الاحتياط وشدة ضيق دائرة
الوثاقة - فمقتضى توثيقه البراءة عن كل ما يتوهم التضعيف به، فتوثيقه أقوى من
توثيق غيره.
نعم، لو كان جرحه مبنيا على فساد الأمر ومتابعة الهوى، يضعف التوثيق،
لكن قد ظهر بما مر حاله، وابتناء جرحه على التأمل والتعميق.
وعلى أي حال، فالخطب سهل في المقام؛ لقلة توثيق ابن الغضائري،
بل لم أظفر بتوثيقه في غير الحسن بن القاسم بن محمد بن شمون (1)،
وعمرو بن أبي المقدام، وسالم بن عبد الرحمن، في ترجمة ابنه عبد الرحمن بن
سالم.
وقال في ترجمة القاسم بن الحسن بن علي بن يقطين: " إن حديثه
نعرفه وننكره، ذكر القميون أن في مذهبه ارتفاعا، والأغلب عليه

1. شمون بفتح المعجمة وتشديد الميم المضموم كما في التوضيح (منه عفي عنه).
421

الخير " (1).
قال العلامة في الخلاصة: " وهذا يعطي تعديله منه " (2).
وصرح في ترجمة أحمد بن الحسين بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران
الملقب بدندان (3): بسلامة حديثه (4).
[في كلام السيد الداماد]
ثم إنه قال السيد الداماد في الرواشح في الراشحة الثالثة والثلاثين:
ثم إن لمشايخنا الكبراء مشيخة يوقرون ذكرهم، ويكثرون من
الرواية عنهم، والاعتناء بشأنهم، ويلتزمون إرداف تسميتهم بالرضيلة
[عنهم] (5) والرحملة لهم ألبتة فأولئك ثبت فخماء، وأثبات أجلاء، ذكروا
في كتب الرجال أو لم يذكروا، والحديث من جهتهم صحيح معتمد
عليه، نص عليهم بالتزكية [والتوثيق] (6) أو لم ينص، وهم كأبي الحسن
علي بن أحمد بن أبي جيد، وأبي عبد الله الحسين بن عبيد الله
الغضائري، وأبي عبد الله أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر،
أشياخ شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي، والشيخ أبي العباس النجاشي

1. خلاصة الأقوال: 248 / 7.
2. المصدر: 248 / 7.
3. قوله: " الملقب بدندان " الظاهر أنه لقب لأحمد وبه صرح السيد السند التفرشي، لكن مقتضى صريح
كلام الكشي في ترجمة محمد بن سنان وكذا العلامة في الخلاصة في ترجمة الحسن بن سعيد أنه لقب
السعيد. وكيف كان فالدندان بفتح الدال المهملة والنون كما عن الايضاح، وعن ابن داود كسر الدال.
وعن الصحاح أن الدندنة أن تسمع من الرجال كلاما ولا تفهم ما يقول (منه عفي عنه).
4. المصدر: 202 / 8.
5. إضافة من المصدر.
6. إضافة من المصدر.
422

رحمهما الله تعالى.
وشيخنا العلامة الحلي (رحمه الله) في الخلاصة عد طريق الشيخ إلى جماعة،
كمحمد بن إسماعيل بن بزيع، ومحمد بن علي بن محبوب،
ومحمد بن يعقوب الكليني، وغيرهم (1)، صحيحا وأولئك الأشياخ في
الطريق، واستصح في مواضع كثيرة عدة جمة من الأحاديث وهم في
الطريق (2).
أقول: إن مقتضى صريح كلامه التزام الشيخ والنجاشي إرداف ذكر ابن أبي جيد،
وابن الغضائري، وابن عبدون بالرضيلة والرحملة، مع أن عبارة النجاشي خالية
عن الرضيلة والرحملة في باب ابن أبي جيد، في ترجمة جعفر بن سليمان في قوله:
له كتاب ثواب الأعمال، أخبرنا علي بن أحمد بن أبي جيد قال: حدثنا
محمد بن الحسن بن الوليد عنه (3).
و [في] (4) ترجمة الحسين بن مختار في قوله:
له كتاب يرويه عنه حماد بن عيسى وغيره، أخبرنا علي بن أحمد بن
محمد بن أبي جيد (5) قال: حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن
الحسن الصفار، عن علي بن السندي، عن حماد (6).

1. خلاصة الأقوال: 275، الفائدة الثامنة.
2. الرواشح السماوية: 105، الراشحة الثالثة والثلاثون.
3. رجال النجاشي: 122 / 312.
4. إضافة يقتضيها السياق.
5. قوله " محمد بن أبي جيد " مقتضاه أن أبا جيد كنية جد أحمد، لكن مقتضى قوله: أحمد بن أبي جيد
في الترجمة السابقة، أن أبا جيد كنية جد علي، وهو مقتضى ما يأتي منه في الترجمة اللاحقة في ذكر
الطريق الثاني، لكن النسبة إلى الجد البعيد كثيرة، ومقتضى كلامه في ترجمة جعفر بن سليمان، وفي
ذكر الطريق الأول في الترجمة اللاحقة، كون أبي جيد كنية أحمد والد علي، إلا أنه يمكن أن يكون من
باب النسبة إلى الجد القريب أو البعيد، على اختلاف الكلمات المشار إليها (منه عفي عنه).
6. رجال النجاشي: 54 / 123.
423

وترجمة أحمد بن الحسين بن سعيد الأهوازي في قوله:
له كتب: منها كتاب الاحتجاج، أخبرنا به الحسين بن عبيد الله، وابن
أبي جيد القمي، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أحمد بن إدريس،
عن محمد بن الحسن الصفار، عنه (1).
وكتاب (2) الأنبياء وكتاب المثالب، أخبرنا بهما أبو الحسين علي بن
أحمد بن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن
الحسن الصفار (3).
قوله: " أبو الحسين " مقتضاه أن ابن أبي جيد يكنى بأبي الحسين.
وقد ذكر السيد السند التفرشي: أنه يكنى به (4)، إلا أنه نسب كونه يكنى به إلى
النجاشي في ترجمة الحسين بن مختار، مع أن كلام النجاشي فيها خال عن ذكر
تكني ابن أبي جيد بأبي الحسين (5).
وترجمة موسى بن القاسم في قوله بعد استقصاء كتبه: " أخبرنا أبو الحسين
علي بن أحمد قال: [حدثنا ابن الوليد قال] (6): حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن
أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثنا موسى بن القاسم بكتبه " (7).
ومقتضاه أيضا: أن ابن أبي جيد يكنى بأبي الحسين.

1. المصدر: 77 / 183.
2. وفي المصدر: " له كتاب الاحتجاج، أخبرنا ابن شاذان قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال:
حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا محمد بن الحسن عنه، وكتاب الأنبياء وكتاب المثالب، أخبرنا
علي بن أحمد القمي، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عنه بهما ".
3. رجال النجاشي: 78 / 183.
4. نقد الرجال 3: 228 / 32.
5. انظر رجال النجاشي: 54 / 123.
6. إضافة من المصدر.
7. نفس المصدر: 405 / 1073.
424

وترجمة إدريس بن عبد الله في قوله:
له كتاب، أخبرناه أبو الحسين علي بن أحمد بن [محمد بن] (1) طاهر
الأشعري قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا محمد بن
الحسن الصفار قال: حدثنا العباس بن معروف قال: حدثنا محمد بن
الحسن بن أبي خالد المعروف بشينولة (2) قال: حدثنا إدريس بكتابه (3).
قوله: " محمد بن طاهر " مقتضاه أيضا أن ابن أبي جيد يكنى بأبي الحسين،
ومقتضاه أيضا أن جد علي بن محمد اسم والده طاهر.
وقد حكم بعض الأعلام بأن مقتضاه: أن كنية طاهر أبو جيد (4)؛ وليس بجيد،
إلا أن يقال: إن الظاهر أن الإنهاء إلى طاهر لكونه هو، والمعروف هو أبو جيد،
فالظاهر من ذلك أن كنية طاهر أبو جيد.
لكن نقول: إن كون أبي جيد معروفا، غير ثابت، ولا دلالة في النسبة
إليه على كونه معروفا، إذ ربما ينسب إلى الشخص بواسطة كون اسمه أو
كنيته أو لقبه غير معهود، إلا أن يقال: إن الغالب في النسبة، كون المنسوب
إليه معروفا.
لكن يمكن الخدشة فيه بمنع الغلبة، وعبارة الشيخ في الفهرست خالية أيضا
عن الرضيلة والرحملة في باب ابن أبي جيد، في ترجمة أحمد بن الحسن بن

1. إضافة من المصدر.
2. قوله: " المعروف بشينولة " بفتح الشين المعجمة وإسكان الياء المنقطة تحتها نقطتين وضم النون
وإسكان الواو كما في الإيضاح (منه عفي عنه).
قال الشيخ: عن الخليل بن أحمد اللغوي أنه ضبطه بضم الشين المعجمة وسكون النون وضم الباء
الموحدة وسكون الواو من الشنبلة وهي التقبيلة. (الفهرست للشيخ الطوسي: 38).
3. رجال النجاشي: 104 / 259.
4. انظر تنقيح المقال 3: 10؛ المقام الثاني في المصدرين بالابن.
425

سعيد الأهوازي (1)، وترجمة إدريس بن عبد الله (2)، وترجمة محمد بن الحسن بن
الوليد (3) وغير ما ذكر.
بل هو الحال في موارد من موارد ذكر ابن أبي جيد في التهذيب (4) والاستبصار (5)
بل الظاهر أنه لم يتفق الرضيلة والرحملة من الشيخ في باب ابن أبي جيد في كلام
من كلماته.
وأما أحمد بن عبدون - وهو أحمد بن عبد الواحد - عنونه النجاشي وقال:
" شيخنا " (6). ولم يأت برضيلة ولا رحملة في حقه، وكذا الحال عند ذكره في ترجمة
أبان بن تغلب (7)، وإبراهيم بن محمد بن سعيد (8)، وإسحاق بن غالب (9)،
والحسن بن صالح (10)، وغيرهم.
وكذا عبارة الشيخ خالية في موارد من موارد ذكر ابن عبدون في الفهرست (11)
والتهذيبين (12) بل الظاهر أنه لم يتفق الرضيلة والرحملة من الشيخ في باب

1. الفهرست: 22 / 57.
2. المصدر: 38 / 109.
3. المصدر: 159 / 694.
4. تهذيب الأحكام 10: 34.
5. الاستبصار 1: 73، ح 2 - 3، باب وجوب الترتيب في الأعضاء.
6. رجال النجاشي: 87 / 211.
7. الفهرست: 17 / 51؛ رجال النجاشي: 10 / 7.
8. الفهرست: 4 / 7؛ رجال النجاشي: 16 / 19.
9. رجال النجاشي: 72 / 173.
10. الفهرست: 50 / 165؛ رجال النجاشي: 50 / 107.
11. المصدر: 38 / 112، 39 / 114.
12. انظر على سبيل المثال الاستبصار 1: 115، ح 384، 142، ح 486، 245، ح 874 وغيرها.
وتهذيب الأحكام 1: 26، ح 17، 30، ح 80، 168، ح 482 وغيرها.
426

ابن عبدون، في كلام من كلماته أيضا.
بل قال بعض الأعلام: " ما رأينا في كلامهما - يعني الشيخ والنجاشي - إرداف
ابن أبي جيد، وابن الغضائري، وابن عبدون بالرضيلة والرحملة في موضع ".
قال: " نعم، اطردت عادة شيخ الطائفة عند ذكر شيخنا المفيد في التهذيب
ب‍ " أيده الله " (1) وفي الاستبصار ب‍ " رحمه الله " (2).
لكن قد تقدم من النجاشي الرحملة في حق ابن الغضائري في موارد متعددة،
نعم لم يتفق من الشيخ في حقه الرضيلة أو الرحملة، وإن اتفق منه التجليل
والتبجيل بما تقدم.
وبعد هذا أقول: إنه لم يشرح العلامة من طرق الشيخ، إلا طرقه المذكورة في
التهذيبين على تفصيل، ذكرها في بعض الفوائد المرسومة في آخر الخلاصة (3).
وقد حررنا التفصيل في الرسالة المعمولة في نقد الطريق، لكن لم يذكر
الشيخ طريقا إلى محمد بن إسماعيل بن بزيع (4).
نعم، ذكر الطريق إلى محمد بن إسماعيل، والطريق إليه ينتهي إلى الكليني
كما يظهر مما يأتي، ومحمد بن إسماعيل الذي روى عنه الكليني محل خلاف
معروف (5).
والحق أنه النيسابوري، كما جرى عليه السيد الداماد أيضا، بل هو المحكي
عن الأكثر (6)، فالظاهر أن ابن بزيع سهو عن النيسابوري.

1. تهذيب الأحكام 1: 5 - 6، ح 3 - 4، باب في الأحداث الموجبة للطهارة.
2. الاستبصار 1: 30، ح 1، باب استعمال الماء الذي سخنته الشمس، 30 / 2 - 4.
3. خلاصة الأقوال: 275، الفائدة الثامنة.
4. رجال الشيخ الطوسي: 360 / 31، 386 / 6، 405 / 6.
5. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 98، ومعراج أهل الكمال إلى معرفة الرجال: 116.
6. نفس المصدر: 100، وانظر الرواشح السماوية: 70 - 71.
427

ولو فرضنا كون دعوى ذكر الطريق إلى محمد إسماعيل بن بزيع هنا، مبنية
على دعوى كون محمد بن إسماعيل الذي روى عنه الكليني هو ابن بزيع، فهذه
الدعوى ضعيفة، وتفصيل الحال موكول إلى ما حررناه من الرجال في الأصول.
وبعد هذا أقول: إن طريق الشيخ إلى الكليني خال عن ابن أبي جيد، وابن
الغضائري؛ حيث إن الشيخ قال في مشيخة التهذيب:
وما ذكرناه في هذا الكتاب عن محمد بن يعقوب الكليني، فقد أخبرنا به
الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله)، عن أبي القاسم
جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن يعقوب (رحمه الله).
وأخبرنا به [أيضا] الحسين بن عبيد الله، عن أبي غالب أحمد بن
محمد بن الزراري، وأبي محمد هارون بن موسى التلعكبري،
وأبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، وأبي عبد الله أحمد بن [أبي]
رافع الصيمري (1) وأبي المفضل الشيباني، وغيرهم، كلهم عن محمد بن
يعقوب الكليني.
وأخبرنا به أيضا أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر، عن أحمد بن
أبي رافع، وأبي الحسين عبد الكريم بن عبد الله بن نصر البزاز بتنيس (2)
وبغداد، عن أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني، جميع مصنفاته
وأحاديثه، سماعا [وإجازة] ببغداد بباب الكوفة بدرب السلسلة سنة
سبع وعشرين وثلاثمائة (3).

1. قوله " الصيمري " - بفتح الصاد المهملة وسكون الياء المثناة التحتانية وفتح الميم والراء - أي نهر من
أنصار البصرة يقال لها الصيمرة وعليه عدة قرى وبلدة بين الجبل وخوزستان كما نقله في رياض
العلماء عن بعض قال: وأقول: والآن أيضا الصيمرة محلة معروفة بالبصرة (منه عفي عنه).
2. قوله: " بتنيس " قال في القاموس: بتنيس كسكين بلد بجزيرة بحر الروم قرب ومياط، تنسب إليه
الثياب الفاخرة (منه عفي عنه).
3. شرح مشيخة تهذيب الأحكام 10: 5 - 29. وما بين المعقوفين من المصدر.
428

وعلى ذلك المنوال حال الطريق إلى محمد بن إسماعيل؛ لأن طريقه إلى
محمد بن إسماعيل هو طرقه إلى الكليني؛ حيث إنه قال في مشيخة التهذيب بعد
ذكر الطرق إلى الكليني:
وما ذكرته عن علي بن إبراهيم بن هاشم، فقد رويته بهذه الأسانيد عن
محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم.
وأخبرني أيضا برواياته الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان،
والحسين بن عبيد الله، وأحمد بن عبدون، كلهم عن أبي محمد الحسن
بن حمزة العلوي الطبري، عن علي بن إبراهيم بن هاشم.
وما ذكرته عن محمد بن يحيى العطار، فقد رويته بهذه الأسانيد عن
محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى العطار.
وأخبرني به أيضا الحسين بن عبيد الله، وكذا أبو الحسين بن أبي جيد
القمي، جميعا عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه محمد بن يحيى
العطار.
وما ذكرته عن أحمد بن إدريس، فقد رويته بهذه الأسانيد عن محمد بن
يعقوب، عن أحمد بن إدريس.
وأخبرني به أيضا الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان،
والحسين بن عبيد الله، جميعا عن أبي جعفر محمد بن الحسين بن
سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس.
وما ذكرته عن الحسين بن محمد، فقد رويته بهذه الأسانيد عن
محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد.
وما ذكرته عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان (1)، فقد رويته
بهذا الإسناد، عن محمد بن يعقوب [عن محمد بن إسماعيل] (2).

1. عبارة: " عن الفضل بن شاذان " لم ترد في المصدر.
2. شرح مشيخة تهذيب الأحكام 10: 29 - 38. وما بين المعقوفين من المصدر.
429

والمقصود بالإسناد المشار إليه، هو الطرق المذكورة إلى الكليني.
ويمكن أن يكون الموجب لتوهم السيد الداماد هو حمل الإسناد المشار إليه
على ما ذكر في الطريق إلى الحسين بن محمد، المشار به إلى ما ذكر في الطريق
إلى أحمد بن إدريس، من الطرق إلى الكليني، والطريقين الأخيرين.
لكن نقول: إنه بعد خلو الطريقين الأخيرين عن ابن أبي جيد، وابن عبدون،
يختص الطريق إلى محمد بن إسماعيل بالطرق إلى الكليني؛ لانتهاء الطريق إلى
محمد بن إسماعيل بالكليني؛ لقوله: " فقد رويته بهذا الإسناد عن محمد بن يعقوب "،
فقوله: " عن محمد بن يعقوب " قرينة على اختصاص الإسناد بطرق الكليني،
فالمشار إليه بهذا الإسناد هو المشار إليه في ذكر الطريق إلى علي بن إبراهيم،
ومحمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس، بهذه الأسانيد، أعني طرق الكليني.
ويمكن أن يكون الموجب للتوهم هو حمل الإسناد - المشار به المذكور في
الطريق إلى محمد بن إسماعيل - على الطرق المذكورة في الطريق إلى أحمد بن
إدريس، من الطريقين الأخيرين، والطرق المشار بها إلى الطرق إلى محمد بن
يحيى العطار، المشار بها إلى الطريقين الأخيرين، والطرق المشار بها إلى الطرق
إلى علي بن إبراهيم بن هاشم، من الطرق الأخيرة، والطرق إلى الكليني.
فحينئذ يندرج في الطرق إلى محمد بن إسماعيل، ابن أبي جيد،
وابن الغضائري، وابن عبدون؛ لاندراج الأخيرين في الطرق إلى علي بن إبراهيم،
واندراج الأولين في الطريقين الأخيرين إلى محمد بن يحيى العطار، واندراج
الأوسط في الطريقين الأخيرين إلى أحمد بن إدريس.
لكن يظهر ضعف ذلك بما مر، مع أن مقتضى كلام السيد الداماد دخول كل من
ابن أبي جيد، وابن الغضائري، وابن عبدون في كل من الطريق إلى الكليني،
ومحمد بن إسماعيل، وقد سمعت كيفية الدخول.
والعجب من بعض الأعلام؛ حيث جعل الموجب للتوهم هو حمل الإسناد -
430

المشار به المذكور في الطريق إلى محمد بن إسماعيل - على الطرق إلى محمد بن
يحيى العطار، مع توسط الطرق إلى أحمد بن إدريس والحسين بن محمد، بين
الطرق إلى محمد بن إسماعيل، والطرق إلى محمد بن يحيى العطار.
والظاهر أن المنشأ الغفلة عن التوسط وحسبان سبق ذكر الطريق إلى
محمد بن يحيى العطار بدون الفصل.
وإن قلت: إن السيد الداماد لعله استفاد ما ذكره من تصحيح طرق الاستبصار.
قلت: إن الطرق المذكورة في الاستبصار إلى الكليني على ما سمعت من
التهذيب، والطريق إلى محمد بن إسماعيل مسبوق بالطريق إلى علي بن إبراهيم،
ومحمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس، والحسين بن محمد، والحال في
ذكر الطرق على ما مر من التهذيب إلا أنه عبر في ذكر الطريق إلى محمد بن
إدريس، والحسين بن محمد، ب‍ " هذا الإسناد "، بدل " هذه الأسانيد " كما مر من
التهذيب، بل طرق التهذيب وطرق الاستبصار متحدة بأجمعها.
[في العجيب من العلامة]
ومن هذا العجب العجيب من العلامة؛ حيث شرح من طرق الاستبصار ما
شرحه من طرق التهذيب (1).
وأما الطريق إلى محمد بن علي بن محبوب، فهو مشتمل على
ابن الغضائري، دون ابن أبي جيد، وابن عبدون؛ حيث إنه قال الشيخ في مشيخة
التهذيبين:
وما ذكرته في هذا الكتاب عن محمد بن علي بن محبوب، فقد أخبرني
به الحسين بن عبيد الله، عن أحمد بن محمد بن يحيى [العطار] عن أبيه

1. خلاصة الأقوال: 275 - 276 الفائدة الثامنة.
431

محمد بن يحيى، عن محمد علي بن محبوب (1).
وبعد ما مر أقول: إن ما جرى عليه السيد الداماد في العبارة المتقدمة، من
توثيق ابن الغضائري كأخويه ينافي ما تقدم منه من نسبة المسارعة إلى التضعيف.
إلا أن يقال: إنه إنما تتأتى المنافاة بناء على دلالة النسبة المشار إليها على
الضعف وسوء الحال، كما فهمه الفاضل الخواجوئي، وأما بناء على كون الغرض
فرط الاحتياط، كما هو الحال في القميين - كما تقدم احتماله - فلا تتأتى المنافاة.

1. شرح مشيخة تهذيب الأحكام 10: 72. وما بين المعقوفين من المصدر.
432

تنبيهات
[التنبيه] الأول
[في ضبط الغضائر لفظا وبيان معناه]
إن الغضائر كالغضار - بالكسر - جمع الغضارة بالفتح، وهي القطعة من الغضار
بالفتح، والقطاة أو ظرف كالقصعة، يصنع من غضار الطين بالفتح، والقصعة من الغضار
محدثة لأنها من الخزف، وقصاع العرب كلها من الخشب، والغضار - بالفتح - الطين
الخالص، الممتزج المتلاصق، اللاصق بالبدن، وخزف يحمل لدفع العين.
والغضائري جماعة من المحدثين نسبة إلى صنعة الغضائر وبيعها، ينصرح
كل ما ذكر من الطراز على ما حكي من عبارته (1).
ثم إن المرسوم في الكلمات - كما جرينا عليه فيما تقدم - بالغين والضاد
المعجمتين، والألف، والياء المكتوبة فوقها الهمزة، والراء المكسورة، والياء.
لكن في الإيضاح ضبطه بالغين المعجمة، والضاد المعجمة، والراء المهملة بعد
الألف بغير فصل (2). وهو المحكي عن المرسوم في بعض نسخ الخلاصة " (3).

1. حكاه عنه في بهجة الآمال في شرح زبدة المقال 2: 53.
2. إيضاح الاشتباه: 161.
3. أنظر تعليقة أمل الآمل للتستري: 136 / 255.
433

وعن الشهيد الثاني في بعض تعليقات الخلاصة أنه موافق لما في الإيضاح.
هذا، والظاهر أن قول العلامة " بلا فصل " إشارة إلى تزييف ما هو المشهور،
وإلا فهو خارج عن المتعارف، والمناسب للمتعارف أن يقال: والراء المهملة بعد
الألف.
[التنبيه] الثاني
[في الكلام عن كتب ابن الغضائري]
إن الظاهر - بل بلا إشكال - أن ما ينقله النجاشي، والعلامة في الخلاصة عن
ابن الغضائري ليس مأخوذا من الكتابين الموصوفين في كلام الشيخ في فاتحة
الفهرست: بأن أحدهما ذكر فيه المصنفات، والآخر ذكر فيه الأصول؛ لأنه ذكر
الشيخ بعد ذلك: أنه لم ينسخهما أحد من أصحابنا، واخترم هو - أي ابن
الغضائري - وعمد بعض الورثة إلى إهلاك الكتابين، وغيرهما من الكتب، على ما
يحكي بعضهم عنه (1).
بل الظاهر أن الكتابين في بيان التصانيف والأصول، من دون ذكر التوثيق
والتضعيف، وإن كان الفهرست مشتملا على التوثيق قليلا، وعلى التضعيف أقل
قليل.
فالتضعيفات المنقولة عن ابن الغضائري إنما هي من كتابه المقصور على
الضعفاء، على ما مر من كلام ابن طاووس، والشهيد الثاني، وصاحب المعالم،
والمذكور بتمامه في كتاب ابن طاووس (2).
وقد ذكر الفاضل العناية لابن الغضائري ثلاثة كتب: الكتابين المذكورين

1. الفهرست: 2.
2. التحرير الطاووسي: 2.
434

الموصوفين، والكتاب المقصور على الضعفاء (1).
وأما التعديل المنقول منه، فلعله ذكره في الكتاب المقصور على الضعفاء
بالتبع، أو كان مذكورا في كتاب آخر.
ويرشد إلى الأخير ما ذكره الفاضل الخواجوئي: من أن له كتابا آخر في
الرجال الممدوحين غير الكتب الثلاثة المذكورة (2).
إلا أن التعديل لابد أن يكون بالتبع، لو كان المقصود بالمدح في كلام الفاضل
الخواجوئي هو ما يقابل التعديل، كما هو الظاهر، وإلا فالتعديل كان مذكورا
بالأصالة.
وأما المدح المنقول عنه - لو ثبت - فيظهر حاله بما سمعت، إلا أنه لو
كان من الكتاب المعمول لذكر الممدوحين، فهو كان مذكورا بالأصالة،
ولا وجه لكونه مذكورا بالتبع، بناء على كونه مأخوذا من ذلك الكتاب، كما هو
المفروض.
وبعدما مر أقول: إن مقتضى ما تقدم من قول العلامة في الخلاصة في
ترجمة محمد بن مصادف: " اختلف قول ابن الغضائري فيه، ففي أحد
الكتابين أنه ضعيف، وفي الآخر أنه ثقة " (3)، وكذا قوله: " عمر بن ثابت
أبو المقدام، ضعيف جدا، قاله ابن الغضائري، وقال في كتابه الآخر: عمر بن
أبي المقدام ثابت العجلي، مولاهم، الكوفي، طعنوا عليه وليس عندي كما زعموا
و [هو] ثقة " (4) بقاء (5) الكتابين إلى زمان العلامة، ومقتضاه بقاؤهما إلى زمان النجاشي

1. مجمع الرجال 1: 108.
2. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 290 - 291.
3. خلاصة الأقوال: 256 / 56.
4. خلاصة الأقوال: 241 / 10. وما بين المعقوفين من المصدر.
5. خبر " إن ".
435

بالفحوى.
فالظاهر أن ما حكي عن ابن الغضائري، كان مأخوذا من أحد الكتابين؛ لأنهما
المعروفان منه.
بقي أنه قال الفاضل الخواجوئي بعد نقل ما تقدم من كلام الشيخ في
الفهرست: " وقد علم من مواضع أخر أن له كتابين آخرين في ذكر الرجال
الممدوحين، والرجال المذمومين، والأخير مذكور بتمامه في كتاب السيد
ابن طاووس " (1).
وقد حكى السيد السند النجفي عن النجاشي: أنه حكى في بعض الأحيان
عن بعض تصانيف ابن الغضائري، وعما وجده بخطه (2).
[التنبيه] الثالث
[في أن لابن الغضائري كتابا في التاريخ]
إنه قال النجاشي في ترجمة أحمد بن محمد بن خالد البرقي: " قال أحمد بن
الحسين في تاريخه: توفي أحمد بن أبي عبد الله البرقي سنة أربع وتسعين
ومائتين " (3).
واستفاد منه الفاضل الخواجوئي أن لابن الغضائري - أعني لأحمد - كتاب
التاريخ (4) وهو مبني على رجوع الضمير إلى الأحمد بن الغضائري، فالإضافة من
باب الإضافة إلى النفس، أي نفس القائل.

1. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 290 - 291.
2. رجال السيد بحر العلوم 2: 49.
3. رجال النجاشي: 77 / 182. والصحيح هو " سنة أربع وسبعين ومائتين " كما في المصدر.
4. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 284.
436

لكن يمكن القول برجوع الضمير إلى البرقي؛ فالغرض بيان تاريخ الوفاة في
كتاب الرجال، فقوله: " تاريخه " مبني على الإضمار، أي تاريخ وفاته.
إلا أن يقال: إن الظاهر - بل بلا إشكال - كون الغرض كتاب التاريخ - كما يرشد
إليه أن النجاشي في ترجمة أبي رافع، ذكر بسنده عن أحمد بن محمد بن سعيد
أنه قال في تاريخه: " إنه يقال اسم أبي رافع إبراهيم... " إلى آخر ما قال (1) -؛ حيث
إنه لا مجال لكون الغرض منه غير كتاب التاريخ، فالظاهر أن الغرض من قوله:
" في تاريخه " في العبارة المتقدمة، هو كتاب التاريخ أيضا.
[التنبيه] الرابع
[في أن لابن الغضائري رسالة أخرى]
إنه قال في الخلاصة في ترجمة سليم بن قيس الهلالي (2): " وقال ابن
الغضائري... " (3) وساق المقال.
وقيل في الحاشية: " إنه من عبارته في رسالته المنسوبة إليه ".
فهذه الرسالة تزيد على الكتب الأربعة المتقدمة، بل على الكتب الخمسة
بزيادة كتاب التاريخ.
[التنبيه] الخامس
[في معاصرة ابن الغضائري للصدوق]
أن النجاشي حكى في ترجمة علي بن الحسن بن فضال، عن أحمد بن

1. رجال النجاشي: 4 / 1.
2. قوله: سليم بن قيس، بضم السين كما في الخلاصة (منه عفي عنه).
3. خلاصة الأقوال: 82 / 1.
437

الحسين: " أنه ذكر أنه رأى نسخة أخرجها أبو جعفر بن بابويه... " إلى آخر
ما ذكره (1).
ومقتضاه كون الأحمد - وهو ابن الغضائري - معاصرا لابن بابويه الصدوق.
[التنبيه] السادس
[في معنى قول ابن الغضائري: " يعرف وينكر "]
إنه كثيرا ما يقول ابن الغضائري في التراجم: " يعرف وينكر، أو يعرف
حديثه وينكر ".
قال المولى التقي المجلسي في شرح مشيخة الفقيه: " معناه أنه إذا
روى مسندا إلى (2) الثقات فمعروف وحسن، وإذا روى عن الضعفاء، أو مرسلا
فمنكر " (3).
[التنبيه] السابع
[في المقصود ب‍ " الغضائري " في كلام العلامة]
إنه قال العلامة في الخلاصة في ترجمة أحمد بن عبد الله بن أحمد بن جلين:
" بضم الجيم وتشديد اللام [المكسورة] وإسكان الياء المنقطة تحتها نقطتين،
والنون، روى عنه الغضائري ". انتهى (4).

1. رجال النجاشي: 258 / 676.
2. وفي المصدر " من ".
3. روضة المتقين 14: 55.
4. خلاصة الأقوال: 17 / 25. ما بين المعقوفين من المصدر.
438

والمقصود بالغضائري: هو الحسين بن عبيد الله، كما يرشد إليه قول الشيخ
في الفهرست: " روى عنه الحسين بن عبيد الله " (1).
[التنبيه] الثامن
[في رواية الشيخ عن أحمد بن محمد]
[بتوسط الحسين بن عبيد الله]
إنه كثيرا ما يروي الشيخ في التهذيبين عن أحمد بن محمد، بتوسط
الحسين بن عبيد الله (2).
والمقصود بالأحمد: هو أحمد بن محمد بن يحيى العطار؛ بشهادة الرواية
عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار بتوسط الحسين بن عبيد الله.
مضافا إلى قول الشيخ في الفهرست في ترجمة أحمد بن محمد بن يحيى
العطار: " أخبرنا عنه الحسين بن عبيد الله، وأبو الحسن بن جيد " (3).
كما أنه كثيرا ما يروي عن أحمد بن محمد بتوسط الشيخ المفيد (4).
والمقصود هو ابن الوليد، بشهادة رواية الشيخ كثيرا عن ابن الوليد، بتوسط
أحمد بن محمد بن يحيى العطار، وإن أمكن أن يكون المقصود بأحمد بن محمد
في الرواية عنه، بتوسط الحسين بن عبيد الله: هو ابن الوليد، قضية أن مقتضى ما
ذكره الشيخ في الطريق إلى محمد بن الحسن الصفار، شيخوخة ابن الوليد للشيخ

1. الفهرست: 101 / 423، 107 / 462.
2. أنظر على سبيل المثال تهذيب الأحكام 1: 201، ح 585، 204، ح 59، 5، ح 679؛ والاستبصار 1:
175، ح 610، 2: 105، ح 341.
3. الفهرست: 22 / 56 - 57.
4. وانظر مثلا الاستبصار 1: 30، ح 80، 31، ح 82؛ تهذيب الأحكام 1: 119، ح 313، 216، ح 624.
439

المفيد أيضا (1).
وكذا أمكن أن يكون المقصود بأحمد بن محمد، في رواية الشيخ المفيد عنه،
هو أحمد بن محمد بن يحيى العطار؛ قضية مساعدة الطبقة؛ حيث إن أحمد بن
محمد بن يحيى العطار قد مات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة على ما ذكره النجاشي،
والشيخ المفيد قد مات سنة ثلاث عشرة وأربعمائة على ما ذكره النجاشي وغيره (2).
لكن مقتضى ما سمعت من كلام الشيخ الطوسي في الفهرست هو كون رواية
الشيخ عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار لو روى عن أحمد بن محمد بتوسط
الشيخ المفيد، ولم يتفطن جماعة بما ذكر من التفصيل، فاتفق لهم الخبط خبط
عشواء (3)؛ حيث إنه روى الشيخ في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة
عن الشيخ المفيد، عن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن
يحيى، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أيوب بن نوح، عن صفوان، عن
إسماعيل بن جابر قال، قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الماء الذي لا ينجسه شيء؟ قال:
" ذراعان عمقه [في ذراع] وشبر سعته " (4).
ورواه في الاستبصار في باب كميتة الكر: عن الحسين بن عبيد الله، عن
أحمد [بن محمد] بن يحيى، عن محمد بن أحمد بن يحيى (5).
فضرب الجماعة - على ما حكى المحقق الشيخ محمد - على " بن يحيى "
وزادوا بعد محمد بن يحيى " عن أبيه "؛ تطبيقا لسند الاستبصار مع سند التهذيب
من باب الاشتباه، وعدم التفطن بكون أحمد بن محمد الذي روى عنه الحسين بن

1. مشيخة التهذيب 10: 73.
2. رجال النجاشي: 402 وانظر خلاصة الأقوال: 147 / 45.
3. يضرب هذا مثلا لغير المتثبت، انظر لسان العرب 15: 57.
4. تهذيب الأحكام 1: 41، ح 53، باب الأحداث الموجبة للطهارة. وما بين المعقوفين من المصدر.
5. الاستبصار 1: 10، ح 1، باب كمية الكر.
440

عبيد الله، غير أحمد بن محمد الذي روى عنه الشيخ بتوسط الشيخ المفيد.
بل الاستقراء في روايات الشيخ يقضي: بأنه كلما يروي عن أحمد بن محمد
بتوسط الحسين بن عبيد الله، فهو أحمد بن محمد بن يحيى (1). وكلما يروي عن
أحمد بن محمد بتوسط الشيخ المفيد، فهو أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد (2).
وإن كان مقتضى ما ذكره الشيخ في طريقه إلى محمد بن الحسن الصفار،
شيخوخة ابن الوليد للشيخ المفيد، وللحسين بن عبيد الله.
[التنبيه] التاسع
[في المقصود ب‍ " عدة من أصحابنا "]
[فيما يرويه الحسين بن عبيد الله عنهم]
إنه قد يقول الشيخ في التهذيبين نقلا: " أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن عدة
من أصحابنا، عن محمد بن يعقوب " (3).
وصرح بالمقصود ب‍ " العدة " في الاستبصار في باب وجوب الترتيب بين
الأعضاء الأربعة من أبواب الوضوء، في قوله:

1. انظر مثلا الاستبصار 1: 33، ح 89، 114، ح 147، 52، ح 148 - 149، 89، ح 285، 118،
ح 397، 134، ح 459، 168، ح 582، 173، ح 601، 177، ح 618، 180، ح 629، 295،
ح 1085، 302، ح 1121، 309، ح 1150، 418، ح 1608، 423، ح 1632، 453، ح 1755 - 175.
2. انظر على سبيل المثال: تهذيب الأحكام 1: 6، ح 1 - 2، 11، ح 20 - 21، 15، ح 31 - 32، 21،
ح 51 - 52، 23، ح 61، 27، ح 70، 31، ح 82، 33، ح 87، 34، ح 90، 35، ح 93، 96،
ح 98، 37، ح 101، 38، ح 102، 39، ح 10، 44، ح 124، 49، ح 144، 51، ح 149، 53،
ح 152، 55، ح 157، 56، ح 158 وغير ذلك في موارد كثيرة جدا فلاحظ.
3. تهذيب الأحكام 1: 251، ح 724 - 728، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات؛ والاستبصار
1: 25، ح 64 باب، سؤر ما يؤكل لحمه.
441

أخبرني الحسين بن عبيد الله، عن عدة من أصحابنا، منهم: أبو غالب
أحمد بن محمد بن الزراري، وأبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه،
وأبو محمد هارون بن موسى التلعكبري، وأبو عبد الله [الحسين] بن
أبي رافع الصيمري، وأبو المفضل الشيباني، كلهم عن محمد بن
يعقوب [الكليني] (1).
[التنبيه] العاشر
[فيما حكي في رياض العلماء]
إنه حكى في رياض العلماء بخط صاحبه:
أنه رأى في أردبيل نسخة من الصحيفة الكاملة، كان صدر سندها هكذا:
" قال الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (رحمه الله): أخبرنا الحسين بن
عبيد الله الغضائري، قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن
عبد المطلب في شهور سنة خمس وثمانين وثلاثمائة قال: حدثنا
الشريف أبو عبد الله جعفر بن محمد جعفر " (2).
[التنبيه] الحادي عشر
[في مغايرة أحمد بن الحسين]
[مع ابن الغضائري في بعض كلمات العلامة]
إن النجاشي في ترجمة سهل بن زياد قال: " كان ضعيفا في الحديث... " إلى

1. الاستبصار 1: 73، ح 223، باب وجوب الترتيب في الأعضاء.
2. رياض العلماء 2: 132.
442

آخر ما ذكره، فقال: " ذكر ذلك أحمد بن نوح، وأحمد بن الحسين رحمهما الله " (1).
ونقل في الخلاصة عن النجاشي ما ذكره وما نقله، فقال: " ابن الغضائري... "
ونقل ما قاله (2).
وظاهره مغايرة أحمد بن الحسين مع ابن الغضائري؛ لاختلاف التعبير،
واختلاف المقالة المنقولة.
لكن اختلاف المقالة يمكن أن يكون باعتبار اختلاف الكتاب؛ إذ له كتب
ثلاثة بلا كلام: الكتابان المذكوران صدر الفهرست بكون أحدهما ذكر فيه
المصنفات، والآخر ذكر فيه الأصول، والكتاب المقصور على الضعفاء كما ذكره
ابن طاووس، والشهيد الثاني، وصاحب المعالم، والفاضل العناية (3)، كما تقدم،
والكتاب المذكور فيه الرجال الممدوحون على ما ذكره الفاضل الخواجوئي (4)،
وكتاب التاريخ على ما ذكره الفاضل المذكور (5).
وقد تقدم فيه ذكر الكتابين (6).
ويرشد إلى ذلك - أعني كون اختلاف المقال باختلاف الكتاب - ما صنعه
العلامة في الخلاصة في الباب الثاني في ترجمة الحسن بن راشد؛ حيث قال:
" وقال ابن الغضائري... " وبعد هذا قال أيضا: " وقال ابن الغضائري " (7)؛ للزوم كون
اختلاف المقال فيه باختلاف الكتاب، ولا مجال فيه للمغايرة.
وكذا ما صنعه في ترجمة منصور بن يونس بن بزرج؛ حيث قال: " قال

1. رجال النجاشي: 185 / 490.
2. خلاصة الأقوال: 228 / 2.
3. مجمع الرجال 2: 182.
4. الفوائد الرجالية للخواجوئي: 290.
5. المصدر.
6. المصدر.
7. خلاصة الأقوال: 213 / 9.
443

الشيخ: إنه واقفي " (1).
ويرشد إلى كون اختلاف المقال فيه من جهة اختلاف الموضع، قوله في ترجمة
سهل بن زياد: " فقال الشيخ في موضع: إنه ثقة، وقال في عدة مواضع: إنه
ضعيف " (2).

1. انظر المصدر: 258 / 2.
2. المصدر: 228 / 2.
444

[فوائد]
فائدة [1]
[في مدلول " فاضل "]
يقال في بعض التراجم: " فاضل "، كما ذكر في حق إبراهيم بن أحمد بن
محمد الحسيني (1) وعلي بن محمد بن قتيبة (2) وخيثمة بن عبد الرحمن (3) وهيثم بن
أبي مسروق، وأبيه (4)، والحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (5).
وقد يقال: " ما رأيت أفضل منه " كما في ترجمة القاسم بن محمد بن أبي
بكر (6).
وقد صرح العلامة في الخلاصة في ترجمة خيثمة: بعدم دلالته على العدالة (7).

1. انظر تنقيح المقال 1: 13 / 155؛ معجم رجال الحديث 1: 202 / 95؛ أعيان الشيعة 2: 110.
2. خلاصة الأقوال: 94 / 16؛ رجال الشيخ: 429 / 2.
3. خلاصة الأقوال: 66 / 8.
4. رجال الكشي 2: 670 / 696؛ خلاصة الأقوال: 179 / 3.
5. تهذيب التهذيب 2: 506 / 279؛ تهذيب الكمال 6: 152 / 1231.
6. تهذيب التهذيب 8: 333 / 601.
7. خلاصة الأقوال: 66 / 8.
445

وعن بعض أهل الدراية، دلالته على العدالة (1).
والحق هو القول الأول؛ لعدم استلزام الفضل للعدالة، ولا غلبة العادل في
الفاضل، ولا ظهور الفضل في نفسه في العدالة.
لكن يمكن أن يقال: إن الأعصار والأمصار مختلفة في باب الغلبة؛ إذ في
بعض الأعصار يكون غالب الناس من العدول فضلا عن الفضلاء، بل الفضل
بنفسه ظاهر في العدالة؛ إذ العلم بالمهالك يقتضي التجنب عنها، بل هذا ثمرة
الفضل، كما أن ثمرة العقل التجنب عن المضار، بخلاف المجانين والصبيان.
لكن نقول: إنه لو اختلفت الأعصار والأمصار في عدالة الفاضل، فلا جدوى
في إفادة ذكر الفضل في الترجمة في إفادة العدالة، للجهل بحالة العصر والمصر،
كما أن الفضل وإن كان بعض أصنافه مقتضيا للتجنب عن المهالك ورفض
الشهوات، كعلم الفقه والحديث، لا مطلقا؛ لعدم اقتضاء علم الرمل مثلا للتجنب
عن المعاصي والشهوات رأسا، لكن شهوات الإنسان بمكان من الطغيان، بحيث
تجعل الشخص مسلوب الشعور، كأنه لا يفقه بقلبه، ولا يرى بعينه، ولا يبصر
بسمعه، فهي تقتضي لارتكاب المعاصي وهي قاهرة في الغالب غاية القهر.
بل العلم بنفسه مما (2) يكون مقتضيا للنخوة والكبر وزيادة الشأن المقتضية
للسعي في الأمور المناسبة للشأن، وكذا قوة الإدراك المقتضية للسعي في الأمور
المناسبة للنفس، فاقتضاء التجنب عن المعاصي والشهوات يضمحل، ولا يترتب
عليه أثر، كما أنه لو كان لبعض أصناف الفضل ظهور في التجنب، فيظهر بما ذكرنا
أنه بدوي، ويرتفع الظهور بملاحظة ما ذكرناه.
ومما ذكرناه [يظهر] (3) غاية صعوبة العمل على طبق العلم، أسألك اللهم ربنا

1. القوانين المحكمة 1: 469؛ أنظر الرواشح السماوية: 60، الراشحة الثالثة عشر.
2. وفي " ح ": " إنما ".
3. إضافة يقتضيها السياق.
446

التوفيق للعمل على طبق العلم.
وبما تقدم يظهر الحال فيما يقال: " ما رأيت أفضل منه "، كما في ترجمة
القاسم بن محمد بن أبي بكر (1)؛ حيث إنه حكى ابن حجر نقلا عن أيوب أنه قال:
" ما رأيت أفضل منه " (2).
وكذا فيما يقال: " عالم " كما في ترجمة معاوية بن حكيم، أو " فقيه "؛ كما في
بعض التراجم (3).
لكن ذكر السيد السند النجفي في المصابيح عند الكلام في توجيه المحتضر
إلى القبلة: أن الظاهر من التوصيف بالفقاهة، الدلالة على العدالة؛ تعليلا بأن
الظاهر كون العدالة مأخوذة في الفقاهة، كما هو المعهود (4).
والظاهر أن مرجع التعليل إلى ظهور الفقاهة في العدالة، إلا أنه يظهر المنع عنه
بما مر من منع ظهور الفضل في العدالة.
ثم إن الفضل هل يدل على المدح، بعد عدم الدلالة على العدالة أم لا؟
لعل الأظهر القول بالأخير، ويظهر الحال بما تقدم، بل يسمع الكذب ممن
لا يجوز النفس الكذب في حقه من أرباب الفضل.
فائدة [2]
[في مدلول: " عربي صليب " و " صليب "]
قد يقال في بعض التراجم: " عربي صليب " كما ذكر في حق إسحاق بن غالب

1. قال في التقريب [ص 304] نقلا: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، ثقة، أحد الفقهاء
بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه (منه عفي عنه).
2. تهذيب التهذيب 8: 333 / 601.
3. خلاصة الأقوال: 167 / 3. وانظر كذلك ص 164 / 179.
4. المصابيح (مخطوط).
447

الأسدي (1) وأخيه عبد الله (2)، وعيسى بن صبيح (3)، أو " صليب "، كما في ترجمة
أبان بن محمد (4)، وعبد الله بن جبلة (5).
والمقصود بالصليب: الخالص، قال في المغرب - نقلا -: " يقال عربي
صليب (6)، أي خالص " (7).
وقال في الحاوي في ترجمة إسحاق بن غالب بعد نقل " عربي صليب " في
حقه: " الصليب: الخالص النسب، أي لم يلتبس بغير العربي " (8).
وقال بعض الفضلاء - نقلا -: " معنى الصليب: الخالص النسب، يقال
عربي صليب، أي خالص لم يلتبس غير عربي، فهو مقابل المولى بأحد
إطلاقاته (9) ".
ثم إن في ترجمة ربيع بن أبي مدرك " أنه يقال له: المصلوب؛ لأنه كان
صلب بالكوفة على التشيع " (10).
ومن هذا الباب قوله سبحانه: (ولاصلبنكم فى جذوع النخل) (11).

1. رجال النجاشي: 72 / 173؛ خلاصة الأقوال: 11 / 5.
2. رجال النجاشي: 222 / 582؛ خلاصة الأقوال: 11 / 5.
3. رجال النجاشي: 296 / 804؛ خلاصة الأقوال: 123 / 6.
4. رجال النجاشي: 14 / 11.
5. رجال النجاشي: 216 / 563؛ خلاصة الأقوال: 237 / 21.
6. المغرب: 270.
7. في بعض الأخبار في صفات المؤمن: " صليب كظام ". (منه عفي عنه).
8. حاوي الأقوال 1: 158 / 46.
9. انظر أساس البلاغة: 57.
10. رجال النجاشي: 164 / 432؛ خلاصة الأقوال: 71 / 2.
11. طه (20): 71.
448

فائدة [3]
[في مدلول: " عربي صميم " و " صميم ":]
قد يقال في بعض التراجم: " عربي صميم " - كما في ترجمة معاوية بن
وهب (1)، ومعمر بن خلاد، ومحمد بن مارد (2)، وفضيل بن يسار (3)، وفضالة بن
أيوب (4). أو " صميم " - كما في ترجمة محمد بن جميل بن صالح الأسدي العربي (5) -
والمقصود بالصميم الخالص.
قال في المصباح: " وصميم الشيء: خالصه، يقال: هو صميم في قومه " (6).
وفي القاموس: " ورجل صميم - كأمير -: محض " (7).
وفي المجمع: " والصميم - كأمير -: الخالص " (8).
فائدة [4]
[في مدلول: " ضعيف "]
قد يقال في بعض التراجم: " ضعيف " كما في ترجمة الحارث بن عبد الله

1. خلاصة الأقوال: 167 / 2؛ رجال النجاشي: 412 / 1097.
2. خلاصة الأقوال: 158 / 117.
3. خلاصة الأقوال: 132 / 1؛ رجال النجاشي: 309 / 846.
4. رجال النجاشي: 310 / 850.
5. الخلاصة: 158 / 125؛ رجال النجاشي: 361 / 971.
6. المصباح المنير: 420 (صمم).
7. القاموس المحيط 4: 198 (صمم).
8. مجمع البحرين 6: 103 (صمم).
449

التغلبي (1)، والحسن بن راشد (2)، والحسين بن أحمد (3).
ولا إشكال في إفادة سقوط الرواية، بل عن الأكثر إفادته القدح في الراوي (4) ما
لم يقترن بقرينة تقتضي عدم القدح، كأن يذكر في وجه الضعف الرواية عن
الضعفاء والمجاهيل، ورواية المراسيل.
لكن عن العلامة البهبهاني القول بعدم إفادة القدح في الراوي؛ تعليلا بما
تحريره إظهار جهة الضعف في طائفة من التراجم، فيما لا يفيد القدح في الراوي (5).
وربما يضعف بأن غاية الأمر وجود القرينة في الطائفة المذكورة على عدم
إفادة القدح في الراوي، وهو لا ينافي إفادة القدح عند الإطلاق.
لكنه يضعف بأن القرينة لو لم تكشف عن كون الضعف في موارد الإطلاق
من غير جهة الراوي، فهي توجب الضعف في دلالة الإطلاق بلا شبهة، ولا سيما
لو تكرر وتكثر الانكشاف المزبور.
ونظير هذه المقالة ما ربما قيل من أن ظهور استعمال الأمر في الندب، في
أخبار الصادقين (عليهما السلام) في كثير من الموارد بواسطة القرينة، لا يوجب ظهور الأمر في
الاستحباب في صورة الإطلاق وعدم القرينة، وقد زيفناه في الأصول.
نعم، ربما يضعف بعدم قيام القرينة في شيء من الموارد على كون الضعف
من غير جهة الراوي. لكن عهدة هذه المقالة على من يدعيها.
ويمكن أن يقال: إن الأمر من باب حذف المضاف إليه بقرينة " ضعيف

1. خلاصة الأقوال: 217 / 2.
2. خلاصة الأقوال: 213 / 9؛ رجال النجاشي: 38 / 76.
3. خلاصة الأقوال: 216 / 2؛ رجال النجاشي: 53 / 118.
4. توضيح المقال: 48؛ انظر منتهى المقال 1: 110؛ الرعاية في الدراية: 209؛ ملخص المقال: 14؛
الفصول الغروية: 305.
5. انظر توضيح المقال: 48 - 49.
450

الحديث " أو من باب حذف المتعلق بغير صورة المضاف إليه نحو " في الحديث "
نظير ما يأتي في باب " ضعيف الحديث " ولا يتأتى الدلالة على القدح في الراوي.
وربما يرشد إليه أن الشيخ قال في باب سهل بن زياد في مواضع - نقلا -: " إنه
ثقة " (1).
وقال النجاشي: " إنه كان ضعيفا في الحديث " (2) إلا أن ابن الغضائري قال
- نقلا -: " فاسد المذهب ".
ثم إنه على القول بالدلالة على القدح في الراوي، فالظاهر عدم الدلالة على
الفسق؛ لعدم انحصار جهة الضعف فيه؛ لاحتمال كونه من جهة سوء الضبط، أو
قلة الحافظة، أو الرواية عن الضعفاء بناء على دلالته على الضعف.
قال العلامة البهبهاني - نقلا -: " كما أن تصحيحهم غير مقصور على العدالة،
فكذا تضعيفهم غير مقصور على الفسق " (3).
إلا أن يقال: إن الظاهر من التضعيف عند الإطلاق، كونه من جهة الفسق.
لكن يمكن منع الظهور، إلا أن الخطب سهل؛ لعدم الفائدة في تشخيص
الدلالة على القدح في نفس الراوي، بعد إفادة سقوط الرواية.
بقي أنه قد يقال: " ضعفه فلان " ومن هذا القبيل ما في ترجمة الحسن بن
الحسين اللؤلؤي؛ حيث إنه قال في الخلاصة: " وقال الطوسي: إنه ضعفه
ابن بابويه " (4). ويظهر الحال بما مر.
وكذا الحال لو قيل: " ضعفه أصحابنا " كما ذكره النجاشي في ترجمة الحسن بن
محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن

1. رجال الشيخ الطوسي: 416 / 4؛ وانظر منتهى المقال 3: 425 / 1406.
2. رجال النجاشي: 185 / 490.
3. توضيح المقال: 49.
4. خلاصة الأقوال: 40 / 11.
451

الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)؛ حيث قال: " رأيت أصحابنا يضعفونه " (1).
لكن حكى في الخلاصة عن ابن الغضائري: أنه كان كذابا يضع الحديث
مجاهرة (2).
ومقتضاه القدح في الراوي، بناء على اعتبار تضعيفات ابن الغضائري كما هو
الأظهر، كما يظهر بملاحظة الرسالة المعمولة في باب ابن الغضائري.
بل في الخلاصة: " إنه روى عن المجاهيل أحاديث منكرة " (3).
ومقتضاه أيضا القدح في الراوي، فلا ثمرة للكلام في دلالة تضعيف
الأصحاب على القدح في الراوي وعدمها.
وفي ترجمة سعد بن طريف - بالطاء المهملة - عن ابن حجر: " أنه واه ضعفوه " (4).
فائدة [5]
[في " مجفو الرواية "]
في بعض التراجم: " مجفو الرواية "، كما في ترجمة أحمد بن محمد بن
سيار (5). (6)
والغرض أنه متروك الرواية، وروايته غير معمول بها.
كما أن كون الرجل مجفوا، معناه كونه مطرودا، معرضا عنه؛ ومنه قول
أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتاب له إلى عثمان بن حنيف الأنصاري يعاتبه على حضوره

1. رجال النجاشي: 64 / 149.
2. خلاصة الأقوال: 214 / 14.
3. المصدر: 214 / 14.
4. انظر تهذيب التهذيب 3: 473 / 881.
5. قوله: " سيار " بالسين المهملة، والياء المثناة التحتانية المشددة، والراء بعد الألف (منه عفي عنه).
6. خلاصة الأقوال: 203 / 9.
452

بعض المجالس؛ حيث قال (عليه السلام): " ما أظنك تجيب إلى طعام قوم غنيهم مدعو
وعائلهم (1) مجفو " (2).
قال في المصباح: " جفوت الرجل أجفوه: أعرضت عنه أو طردته، وهو
مأخوذ من جفاه السيل، وهو ما نفاه السيل " (3).
وفي المجمع: " الجفاء بالمد: غلظ الطبع، والبعد، والإعراض، يقال: جفوت
الرجل وأجفوه: إذا أعرضت عنه " (4).
فائدة [6]
[في " ضعيف الحديث "]
قد يقال في بعض التراجم: ضعيف الحديث، كما ذكره النجاشي، في ترجمة
محمد بن خالد البرقي (5).
فعن الفاضل المراد التفرشي في تعليقات الفقيه (6):
أنه يحتمل أمرين: أحدهما: أن يكون من قبيل قولنا: " ضعيف في
النحو "، إذا كان لا يعرف منه إلا القليل.

1. العائل: الفقير. انظر النهاية 3: 323 (عول).
2. نهج البلاغة 3: 78 / 45؛ بحار الأنوار 33: 473 / 686.
3. المصباح المنير 1: 128.
4. مجمع البحرين 1: 89.
5. رجال النجاشي: 335 / 898.
6. اسم الكتاب هو " التعليقة السجادية " للمولى العلامة مراد بن عليخان التفرشي المتوفى سنة
1051 ه‍ ق.
وهذا الكتاب لا يزال مخطوطا. انظر جامع الرواة 2: 223؛ الذريعة 4: 223 / 1122؛ مستدرك
الوسائل 3: 717 وغيرها.
453

الثاني: أن يكون المراد الرواية عن الضعفاء، والاعتماد على المراسيل (1).
وربما قيل: إن المتقدمين لا يعنون به إلا ضعف المضمون، والمتأخرين في
نادر من الأحوال قد يريدون ذلك (2)، فجاز أن يكون النجاشي أراد ذلك، يعني في
قوله: " ضعيف الحديث "، في حق البرقي كما سمعت (3).
وقيل: يمكن أن يكون النجاشي أراد من قوله: " ضعيف الحديث "، ما يقابل
قولهم: " صحيح الحديث "، إذا كان من غير الإماميين (4).
ولعل الغرض احتمال كون الغرض عدم ثبوت صدور الحديث، بناء على
كون الغرض من صحيح الحديث هو اعتبار الحديث.
ومقتضى ما عن العلامة في المنتهى (5) في بحث قضاء صلاة العيد، والشهيد في
انقطاع (6) المسالك القول بدلالته على ضعف الراوي والقدح في عدالته؛ حيث إنهما
حكما بضعف البرقي، ومنشؤه استفادة الضعف من كلام النجاشي (7).
وهو مقتضى ما عن بعض من الإيراد على العلامة في الخلاصة - مع نسبة
ضعف الحديث من النجاشي إليه (8) وإن حكم الشيخ بعدالته (9) - بمنافاته مع ما جرى
عليه في الأصول، من تقديم قول الجارح على قول المعدل عند التعارض، وهو

1. نسب ذلك إلى الشيخ البهائي، أنظر تنقيح المقال 3: 113 / 10659؛ ونسب كذلك إلى المحقق الشيخ
محمد. أنظر بهجة الآمال 6: 424.
2. أنظر تنقيح المقال 3: 114.
3. رجال النجاشي: 335 / 898.
4. أنظر تنقيح المقال 3: 114.
5. أنظر منتهى المطلب 1: 243؛ ومسالك الأفهام 1: 506.
6. في المصدر: " في النكاح المنقطع من المسالك ".
7. رجال النجاشي: 335 / 898.
8. خلاصة الأقوال: 131 / 14؛ رجال النجاشي: 335 / 898.
9. رجال الشيخ الطوسي: 386 / 4.
454

- أعني القول المذكور - مبني على كون الغرض ضعف الإسناد، وبعبارة أخرى
ضعف الحديث من جهة الراوي.
وعن الشهيد في حاشية الخلاصة عدم دلالة مقالة النجاشي على القدح في
البرقي في نفسه، بل في من روى عنه؛ ومقتضاه القول في المقام - أعني ضعيف
الحديث - بالدلالة على القدح في من روى عنه الراوي دون الراوي.
وقد جرى العلامة البهبهاني وغيره على عدم دلالته على القدح في العدالة (1).
بل قيل: لم يذهب ذاهب إلى القدح في العدالة. لكن يظهر ضعفه بما سمعت.
وبالجملة، فقد تحصل في المقام القول بكون الغرض ضعف الحديث
باعتبار الراوي ومن روى عنه، والقول بكون الغرض ضعفه باعتبار المروي عنه.
و [أما] احتمال كون الغرض ضعفه باعتبار الراوي، أو من روى عنه، فلم أظفر به
من محتمل.
ولعل الأظهر: أن الغرض الرواية عن الضعفاء، أي ضعف الحديث باعتبار
من روى عنه الراوي، فالمقصود بالحديث المعنى المصطلح، لا اللغوي.
ويرشد إليه ما ذكره ابن الغضائري في باب البرقي من أنه يروي عن الضعفاء
ويعتمد المراسيل (2)، إلا أن المرشد هو الرواية عن الضعفاء.
وأما الاعتماد على المراسيل، فهو يرشد إلى كون ضعف الحديث في
الجملة، ولو من غير جهة الراوي.
وربما قيل بدلالة مقالة ابن الغضائري على ضعف البرقي (3).
وهو ضعيف؛ للزوم ضعف كثير من الثقات؛ لروايتهم عن الضعفاء، وضعفه

1. انظر منتهى المقال 1: 113؛ بهجة الآمال 1: 198؛ ملخص المقال: 14؛ الفصول: 304؛ مقباس
الهداية: 137.
2. خلاصة الأقوال: 139 / 14؛ الفوائد الرجالية للخواجوئي: 271؛ تنقيح المقال 3: 113 / 10659.
3. انظر أعيان الشيعة 3: 106.
455

أزيد من القول بالدلالة على الضعف في " ضعيف الحديث " كما هو مورد الكلام؛
لإمكان القول فيه بكون الغرض الضعف من جهة الراوي.
وأما الرواية عن الضعفاء، فلا جهة فيها تقتضي ضعف الراوي.
وإن قلت: إن غاية الأمر دلالة مقالة ابن الغضائري على كون المقصود بضعف
الحديث في المقام هو ضعفه باعتبار من روى عنه البرقي؛ لكن لا يثبت بها الدلالة
على ذلك في غير البرقي.
قلت: إن الظاهر وحدة السياق.
وبعدما مر أقول: إن مقتضى سياق المقام - قضية أن فن الرجال موضوع
لتعرض أحوال ناقلي الأخبار - كون الغرض ضعف الإسناد.
فالمقصود بالحديث المعنى اللغوي أو المعنى المصطلح، والغرض من
ضعفه هو ضعفه باعتبار الراوي.
لكن الظاهر من " ضعيف الحديث " هو الضعف باعتبار من روى عنه الراوي،
مضافا إلى ظهوره باعتبار مقالة ابن الغضائري، بملاحظة وحدة السياق.
فاندفع ما لو قيل: إن الظاهر من " ضعيف الحديث " كون الضعف من جهة
نفس الراوي.
فائدة [7]
[في " حسن الانتقاء "]
قال العلامة في الخلاصة في ترجمة الحسن بن محمد بن سماعة: " نقي
الفقه، حسن الانتقاء " (1).
والظاهر أن المقصود بحسن الانتقاء حسن التصرف والسليقة، من باب

1. الخلاصة: 212 / 2.
456

الانتقاء بمعنى الاختيار.
قال في المصباح: " وانتقيت الشيء: اخترته " (1).
ومن ذلك قول ابن مالك في باب أفعال المقاربة: " وانتقا الفتح ذكن " (2).
وكذا قوله في باب النداء: " ورفع ينتقى " (3).
فائدة [8]
[في معنى التخميس]
قد يذكر في ترجمة بعض الرواة أنه مخمس، كما في ترجمة علي بن أحمد
الكوفي أبي القاسم (4).
ومعنى التخميس - كما ذكره العلامة في الخلاصة في طي تلك الترجمة - أن
سلمان الفارسي، والمقداد، وعمارا، وأباذر، وعمر بن أمية الضمري، هم
الموكلون بمصالح العالم (5). أي من جانب الرب. وبما ذكر ظهر حال المخمسة.
فائدة [9]
[في من قيل: إنه أول من صنف في الفقه]
ذكر النجاشي (6)، والعلامة في الخلاصة في ترجمة عبيد الله بن أبي شعبة: أنه

1. المصباح المنير 2: 138 (نقى).
2. انظر البهجة المرضية شرح ألفية ابن مالك: 113.
3. المصدر: 94.
4. خلاصة الأقوال: 233 / 10.
5. المصدر.
6. رجال النجاشي: 230 - 231 / 612.
457

صنف كتابا (1) وعرضه على الصادق (عليه السلام) فصححه واستحسنه، وقال عند قراءته:
" ليس لهؤلاء في الفقه مثله " (2).
قوله (عليه السلام): " لهؤلاء " يعني المخالفين (3) كما في الفهرست (4). وفي الخلاصة - كما
عن البرقي -: أن الكتاب المذكور أول كتاب صنف في الفقه.
قال المولى التقي المجلسي في شرح مشيخة الفقيه: " أي مرتبا، وإلا فقبله
كتب كثيرة بلا ريب فيما رأيناه " (5).
فائدة [10]
[في الدعاء بكثرة المال والولد]
قال العلامة في الخلاصة في ترجمة بشر بن طرخان النحاس: " روى الكشي
في كتابه حديثا في طريقه محمد بن عيسى: أن أبا عبد الله (عليه السلام) دعا له بكثرة المال
والولد " (6).
وذكر الشهيد الثاني في الحاشية: أن الطريق ضعيف، والدعاء لا يدل على
التوثيق، بل ربما دل على المدح، لو صح طريقه (7).
وأورد عليه الفاضل الأسترآبادي: بأن في الدلالة على المدح تأملا؛ لما روي

1. وفي المصدر: " وصنف الكتاب المنسوب إليه وعرضه... ".
2. خلاصة الأقوال: 112 - 113 / 2.
3. " ح ": " المنافقين ".
4. الفهرست: 106 / 455.
5. روضة المتقين: 14 / 181.
6. خلاصة الأقوال: 25 / 3.
7. نقله عنه الخواجوئي في فوائده: 340؛ والمامقاني في تنقيح المقال 1: 173 / 1322، ومنهج
المقال: 69.
458

عنه (عليه السلام) من أنه قال: " اللهم ارزق محمدا وآل محمد الكفاف والعفاف، وارزق
محمدا وآل محمد كثرة المال والولد ". بل ربما أفاد نوع ذم (1).
وأورد عليه: بأن عبارة الشهيد قدح - بالقاف - وهو الذي يقتضيه المقام،
فالاسترآبادي لم يتأمل في المقام.
أقول: إن الترقي في عبارة الشهيد وإن يقتضي كون القدح بالقاف؛ قضية أن
الترقي عن القول بعدم الدلالة على التوثيق إنما يقتضي القول بالدلالة على القدح،
لا القول بالمدح، والمناسب للقول بالدلالة على المدح أن يقول: " نعم " بدل " بل "،
لكن لا يتم دعوى الدلالة على القدح إلا بانضمام الدعاء في حق عدو محمد وآل
محمد سلام الله عليهم بكثرة المال والولد، والمفروض الاستناد إلى الدعاء بكثرة
المال والولد، ولا ريب أن الظاهر من هذا الدعاء حسن الحال لا المدح، إلا من
باب المسامحة.
وقد حررنا في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في رواية
الكليني عن محمد بن الحسن أن كثيرا من الأمور يوجب حسن الحديث من
الكشف عن الحال وليس من باب المدح، سواء كان من باب اللفظ نحو الترحم
والترضي، أو كان من باب غير اللفظ نحو كون الراوي وكيلا لأحد من الأئمة (عليهم السلام)
وغير ذلك.
فائدة [11]
[في بعض أسانيد الكافي المشتملة على " زحل "]
روى الكليني في بعض أبواب الأطعمة (2) عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن

1. منهج المقال: 69.
2. قوله: " في بعض أبواب الأطعمة " هو معنون بباب بعد باب أكل الرجل في منزل أخيه بغير إذنه (منه
عفي عنه).
459

محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز زحل [عن رجل] (1) عن عبد الرحمن بن
الحجاج قال: أكلنا مع أبي عبد الله (عليه السلام)... (2).
قوله: " زحل " بالمعجمة فالمهملة، كما عن النسخ المصححة، لا المهملة
فالمعجمة كما توهمه بعض الفضلاء (3) - نقلا - فزاد كلمة " عن " في الحاشية من
باب الإصلاح والتصحيح.
إذ " زحل " لقب عمر بن عبد العزيز بن أبي بشار، كما ذكره في الفهرست (4)
وظاهره اشتهاره، وهو صريح الكشي؛ حيث ذكر أنه المعروف به، وهو يكنى
بأبي حفص، كما هو مقتضى صريح الكشي (5) وغيره (6).
وحكى النجاشي: أن له كتابا رواه أحمد بن محمد بن عيسى كما في
المقام (7).
وقد جرى السيد السند التفرشي على ذكر " زحل " في باب الألقاب، وقال:
" اسمه عمر بن عبد العزيز " (8).
وعلى أي حال، فالأمر في المقام من باب عطف البيان، نحو " أقسم بالله أبو
حفص عمر " وهذا النهج قليل في الأسانيد، والظاهر أنه من جهة شدة اشتهار
عمر بن عبد العزيز ب‍ " زحل "، وقد سمعت اشتهاره به تصريحا من الكشي،
وتلويحا من الفهرست.

1. إضافة من المصدر.
2. الكافي 6: 278، ح 2، باب من كتاب الأطعمة.
3. أنظر حاشية الميرالداماد على رجال الكشي 1: 282.
4. الفهرست: 115 / 501.
5. رجال الكشي 2: 547 / 486.
6. خلاصة الأقوال: 240 / 6؛ جامع الرواة 1: 635.
7. رجال النجاشي: 284 / 754.
8. نقد الرجال: 254 / 84.
460

ونظير السند المذكور ما رواه الكشي في ترجمة محمد بن أبي بكر، بالإسناد
عن زحل عمر بن عبد العزيز إلى آخره (1).
وما رواه الكشي أيضا في ترجمة هشام بن الحكم، بالإسناد عن زحل
عمر بن عبد العزيز بن أبي بشار (2).
ثم إنه روى الكشي في ترجمة هشام بن الحكم، بالإسناد عن محمد بن
عيسى، قال: حدثني رجل، عن عمر بن عبد العزيز (3).
والظاهر - بل بلا إشكال، كما عن بعض النسخ - أن العبارة كانت هكذا:
" حدثني زحل عمر بن العزيز " فأصلح بمزيد " عن " قبل " عمر "؛ لتوهم الإهمال؛
فالإعجام في " زحل " من باب عدم الدربة (4).
لكن الظاهر على ذلك سقوط " الأحمد " عن البين، بكون الأصل أحمد بن
محمد بن عيسى؛ لرواية أحمد بن محمد بن عيسى عن زحل، كما سمعت من
النجاشي (5) واتفق في السند المذكور عن الكافي.
وروى الكشي في الترجمة المذكورة أيضا بالإسناد عن محمد بن عيسى،
قال: حدثني رجل... إلى آخره.
وعن بعض النسخ " زحل " مكان " رجل " وهو المتعين، لكن على هذا،
الظاهر أيضا سقوط " الأحمد " عن البين، بكون الأصل أحمد بن محمد بن
عيسى.

1. رجال الكشي 1: 281 / 113.
2. المصدر 2: 547 / 486.
3. المصدر: 270 وانظر كذلك هامش الكتاب (تحقيق حسن المصطفوي).
4. الدربة: أي التجربة. لسان العرب 1: 374 (درب).
5. رجال النجاشي: 82 / 198.
461

فائدة [12]
[في رواية الكشي عن علي بن محمد]
روى الكشي في طائفة من التراجم عن علي بن محمد، وفي بعض تلك
الطائفة روى عن علي بن محمد، عن محمد بن أحمد، كما في ترجمة أبي بصير
المرادي (1).
والمقصود بمحمد بن أحمد: هو محمد بن أحمد بن الوليد، كما هو مقتضى
روايته بعد ذلك عن علي بن محمد عن محمد بن أحمد بن الوليد.
ومحمد بن أحمد بن الوليد، غير مذكور في الرجال، ولعله عم محمد بن
الحسن بن الوليد؛ لأنه ابن الحسن بن أحمد بن الحسن بن الوليد كما هو مقتضى
بعض تعبيرات الصدوق عنه (2)؛ حيث إنه قد يعبر عنه أيضا بمحمد بن الحسن بن
الوليد، وقد يعبر عنه أيضا بمحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد.
والمقصود بعلي بن محمد، هو علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، صاحب
الفضل بن شاذان - كما في كلام النجاشي (3) - وتلميذه - كما في كلام العلامة في
الخلاصة (4) - بشهادة روايته عن علي بن محمد بن قتيبة، في ترجمة محمد بن
مسلم وغيره، وروايته عن علي بن محمد القتيبي، عن الفضل بن شاذان مرات
متعددة في ترجمة يونس بن عبد الرحمن، وروايته عن أبي الحسن علي بن
محمد بن قتيبة النيسابوري عن الفضل بن شاذان، في ترجمة عبد الله بن
أبي يعفور.

1. رجال الكشي 1: 402 / 293 - 294.
2. مشيخه الفقيه: 5 و 8 و 20 وغيرها.
3. رجال النجاشي: 259 / 678.
4. خلاصة الأقوال: 94 / 16.
462

ويرشد إلى ذلك ما في كلام النجاشي والعلامة في الخلاصة من " أن علي بن
محمد بن قتيبة اعتمد عليه الكشي " (1).
إلا أن يقال: إنه يكفي في صحة ذلك روايات الكشي عن علي محمد بن قتيبة
مما سمعت وغيره، ولا دلالة في ذلك على كون المقصود بالمطلق هو المقيد، أي
كون المقصود بعلي بن محمد هو علي بن محمد بن قتيبة.
وبما مر يظهر الحال في رواية الكشي عن علي، عن محمد بن أحمد،
كما في ترجمة يونس بن عبد الرحمن (2)؛ حيث إن المقصود بعلي، هو
علي بن محمد بن قتيبة، والمقصود بمحمد بن أحمد، هو محمد بن أحمد بن
الوليد.
ثم إن النجاشي في ترجمة الفضل بن شاذان قد ذكر طريقه إلى كتب
الفضل بن شاذان، والطريق ينتهي إلى علي بن أحمد القتيبي (3)، بتوسط ثلاث
وسائط، لكن الأحمد سهو عن محمد، كما حررناه في الرسالة المعمولة في باب
النجاشي عند الكلام في تعداد أغلاط النجاشي.
فائدة [13]
[في مدلول " السلف "]
قد ذكر في ترجمة محمد بن أبي بكر: أن أبا الربيع بن أبي العاص بن ربيعة
صهر النبي (صلى الله عليه وآله) وسلف أمير المؤمنين (عليه السلام) (4).

1. المصدر: 94 / 16.
2. رجال الكشي 2: 785 / 940.
3. رجال النجاشي: 307 / 840.
4. رجال الكشي 1: 281 / 111.
463

قال في الصحاح: " سلف الرجل، زوج أخت امرأته " (1).
وفي القاموس: " السلف - ككبد وكبد -: الجلد، ومن الرجل زوج أخت
امرأته، وبينهما أسلوفة صهر، وقد تسالفا، وهما سلفان أي متزوجا الأختين " (2).
فائدة [14]
[في تعدد الكنية في جماعة من الأئمة (عليهم السلام)]
قد تعددت الكنية في مولانا الصادق (عليه السلام) بأبي عبد الله، وأبي إسحاق.
وفي مولانا الكاظم (عليه السلام) بأبي محمد، وأبي إبراهيم، وأبي علي، وأبي الحسن.
ومن جهة أنه يكنى بأبي الحسن، يكنى بأبي الحسن الثاني [أيضا].
وفي مولانا الرضا (عليه السلام) بأبي القاسم، وأبي الحسن. ومن جهة أنه يكنى بأبي
الحسن، يكنى [أيضا] بأبي الحسن الثالث.
لكن ذكر السيد السند التفرشي: أن كنية مولانا الكاظم (عليه السلام) أبو محمد، ويكنى
بأبي إبراهيم، وأبي علي، وأبي الحسن، وكنية مولانا الرضا (عليه السلام) أبو القاسم، ويكنى
بأبي الحسن (3).
ومقتضاه: أن الأصل في كنية مولانا الكاظم (عليه السلام) أبو محمد، والأصل في كنية
مولانا الرضا (عليه السلام) أبو القاسم.
فالظاهر: أن أبا إبراهيم، وأبا علي، وأبا الحسن في مولانا الكاظم (عليه السلام)
وأبا الحسن في مولانا الرضا (عليه السلام) من جهة الولد.
وربما قيل: إن تعدد الكنية في الرواة كثير؛ لكن [لم] أظفر به.

1. الصحاح 4: 1376 (سلف).
2. القاموس المحيط 3: 225.
3. نقد الرجال 5: 321.
464

وربما اختلف في عمار بن موسى الساباطي، بين أبي الفضل وأبي اليقظان،
وأبي يعقوب.
وفي ليث المرادي، بين أبي بصير، وأبي محمد.
وقال الشيخ في الرجال: " إنه أبو يحيى، ويكنى أبا بصير " (1).
وفي يوسف بن الحارث بين أبي بصير، وأبي نصر.
وفي بعض روايات الكافي في باب " الصائم يقبل أو يباشر " تعبير الصادق (عليه السلام)
عن منصور بن حازم: بأبي حازم (2).
والظاهر أنه من باب المزاح.
وربما يشبهه أن الصادق (عليه السلام) سأل عن والد مسمع، فقال: مالك، فقال (عليه السلام):
" عبد الملك " (3).
قال العلامة المجلسي في حاشية مشيخة الفقيه بخطه الشريف: " لعله لكراهة
اسم مالك، كما ورد في غيره، ويحتمل أن يكون (عليه السلام) علم أنه كان يقال لأبيه
عبد الملك، فذكره على الإعجاز " (4).
فائدة [15]
[في تشخيص طائفة من المشتركات]
قيل - نقلا -: إن الحسين الذي يروي عن فضالة هو ابن سعيد الأهوازي،
والذي يروي عنه فضالة هو ابن عثمان الرواسي إن روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)

1. رجال الشيخ الطوسي: 342 / 2.
2. الكافي 4: 104، ح 3، باب " الصائم يقبل أو يباشر ".
3. انظر مشيخة الفقيه: 45.
4. حاشية مشيخة الفقيه (مخطوطة).
465

بواسطة، وإن روى عنه بدون واسطة، فهو ابن أبي العلا.
وأبو إسحاق الذي يروي عنه محمد بن أحمد، هو إبراهيم بن هاشم، سيما إذا
روى عن النوفلي، ولا يتوسط هو بين ابنه علي وبين محمد بن عيسى العبيدي في
الكافي، فتوسيطه بينهما في التهذيبين، في بعض المواضع المنقولة عن الكافي سهو.
وصفوان الذي يروي عنه الحسين بن سعيد هو ابن يحيى، وإن توسط بينهما
ثالث، فهو ابن مهران الجمال.
والقاسم الذي يروي عنه الحسين بن سعيد هو الجوهري إن روى عن
علي بن حمزة، وإن روى عن عبد الله بن بكير، فهو ابن عروة، وإن روى عن
غيرهما، يحتمل كلا منهما.
فائدة [16]
[في تشخيص بعض المشتركات]
قال المحدث القاشاني:
ربما يتكرر في أسانيد التهذيب " أبو جعفر "، ولا سيما في كتابي الزكاة
والصيام منه، ويشبه أن يكون أحمد بن محمد بن عيسى، وقد قطع
بعض أصحاب كتب الرجال بأنه هو إذا روى عنه سعد.
وقال أيضا:
وقد يعبر صاحب التهذيبين عن أحمد بن محمد بن عيسى بأبي جعفر،
وعن معاوية بن عمار بأبي القاسم. والله العالم (1).

1. الوافي 1: 39.
466

7 - رسالة في الشيخ البهائي
467

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
اعلم أن شيخنا البهائي هو محمد بن الحسين بن عبد الصمد الجبعي العاملي
الحارثي الهمداني والحارثي، على ما ذكره نفسه تعليقا على قوله في أوائل
أربعينه:
حدثني والدي وأستاذي ومن إليه في العلوم استنادي حسين بن
عبد الصمد الحارثي الهمداني نسبة إلى الحارث الهمداني الذي كان من
أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وخواصه، وهو المخاطب بالأبيات
المشهورة التي أولها:
يا حار همدان من يمت يرني (1). (2)

1. الأربعون حديثا: 63.
2. الديوان المنسوب لأمير المؤمنين: 110. ولا بأس بنقل بعض ما ورد في ذلك فنقول:
عن الأصبغ بن نباتة قال: دخل الحارث الأعور على أمير المؤمنين (عليه السلام) كئيبا حزينا متغير اللون،
فقال له: " يا حارث! مالي أراك كئيبا حزينا متغير اللون؟ " فقال: يا أمير المؤمنين! وكيف لا أكون كذلك
وقد كبرت سني ودق عظمي واقترب أجلي؟!، فقال (عليه السلام):
يا حار همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا
يعرفني طرفه وأعرفه * بنعته واسمه وما فعلا
وأنت عند الصراط معترضي * فلا تخف عثرة ولا زللا
أقول للنار حين توقف * للعرض: لا تقربين ذا الرجلا
ذريه لا تقربيه أن له * حبلا بحبل الوصي متصلا
أسقيك من بارد على ظمأ * تخاله في الحلاوة العسلا
قول علي لحارث عجب * كم ثم أعجوبة له جملا
كشكول البحراني 1: 66.
469

والهمداني نسبة إلى همدان، وهو بسكون الميم قبيلة من اليمن على ما
ذكره (1) نفسه أيضا بعد ما ذكر من كلامه في تفسير الحارثي (2).
وسيأتي تفسير العاملي والحارثي والهمداني في كلام الفاضل السيد علي خان
في شرح الصمدية (3).
[كلام التفرشي في حقه]
وبالجملة، قال السيد السند التفرشي في النقد في ترجمته:
" جليل القدر، عظيم المنزلة، رفيع الشأن، كثير الحفظ، ما رأيت بكثرة
علومه، ووفور فضله، وعلو مرتبته أحدا في كل فنون الإسلام كمن له
فن واحد. له كتب نفيسة جيدة، منها: الكتاب الموسوم بالحبل المتين
وكتاب مشرق الشمسين " (4).
[كلام المجلسي الأول في حاشية النقد]
وقال الفاضل أول المجلسيين في الحاشية:
شيخنا الأعظم، بل الوالد المعظم، بهاء الملة والحق والحقيقة والدين،
علامة العلماء وشيخ الطائفة، قرأت عليه طرفا من التفسير والفقه
والأحاديث وأجاز لي جميع كتب العلماء، سيما ما تضمنته الإجازة

1. في " ح ": " ذكر ".
2. الأربعون حديثا: 63 في الهامش تحت عنوان: " منه مد ظله ".
3. الحدائق الندية في شرح الصمدية: 4.
4. نقد الرجال 4: 186 / 4616.
470

الكبيرة للشيخ زين الدين بخطه لأبيه (1)، وذكر أن أباه (2) المترقي
عن حضيض التقليد إلى أوج الاستدلال الحسين ابن الفاضل الصالح
عبد الصمد ابن الشيخ الزاهد العابد البدل صاحب الكرامات شمس
الدين محمد العاملي.
وذكر شيخنا البهائي من جملة كراماته أنه كان الثلج، ولم يكن في بيته
شيء من القوت، وكان أولاده يبكون، فقال لجدتنا: أسكتيهم ببعض
الحيل، وندعو الله تعالى حتى يرزقنا، فأخذت من الثلج وأوقعته في
إجانة (3) الخمير، وقالت لهم: هذا الخمير يتهيأ ونخبز لكم، فذهب
الأولاد إليه وقالوا: يا أبانا تهيأ الخمير، فلما رآه رأى أن الله تعالى جعل
الثلج لهم خميرا، فشكروا الله تعالى.
فقال شيخنا: هكذا كان حالنا، فلما جئنا إلى العجم ذهبت تلك الأحوال،
ثم قرأ:
من ملك بودم وفردوس برين جايم بود * آدم آورد درين دير خراب آبادم (4)
[كلام المجلسي الأول في شرح المشيخة]
وقال الفاضل المذكور في شرح مشيخة الفقيه:
محمد بن الحسين بن عبد الصمد المشتهر ببهاء الدين العاملي الحارثي
الهمداني من أولاد الحارث الهمداني الذي كان من خواص
أمير المؤمنين (عليه السلام) ذكره الشهيد الثاني في إجازته لأبيه، وذكر جماعة من

1. بحار الأنوار 105: 146.
2. كذا في " ح " و " د "، وفي المصدر: " وذكر أباه أنه ".
3. الإجانة بالتشديد: إناء يغسل فيه الثياب والجمع أجاجين. المصباح المنير 1: 6 (أجن).
4. نقد الرجال 4: 186 / 4616.
471

أجداده ومدحهم (1)، شيخنا وأستاذنا ومن استفدنا منه، بل كان كالوالد
المعظم، كان شيخ الطائفة في زمانه، جليل القدر، عظيم الشأن، كثير
العلم، ما رأيت بكثرة علومه ووفور فضله وعلو رتبته، له كتب نفيسة
منها كتاب الحبل المتين، وكتاب مشرق الشمسين.
بل هذا الشرح (2) من فوائده، فإني رأيته في النوم، وقال لي: لم لا تشتغل
بشرح أحاديث أهل البيت صلوات الله عليهم؟ فقلت له: هذا شأنكم
وأنتم أهله، فقال: مضى زماننا، واشتغل واترك المباحثات سنة حتى
يتم، وكان بعد ذلك الرؤيا في بالي أن أشتغل بذلك.
ولما كان هذا أمرا عظيما ما كنت أجترئ عليه، حتى حصل لي مرض
عظيم ووصيت فيه، واشتغلت بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى أن يغفر
لي ويذهب بروحي، فأصابني حينئذ سنة، فرأيت سيدي شباب أهل
الجنة أجمعين قدامي جالسين عندي، وسيد الساجدين فوق رأسي
جالسا، وأظهر أنا جئنا لشفاعتك، وقال سيد الساجدين صلوات الله
عليه: لا تطلب الموت؛ فإن وجودك أنفع، فانتبهت من السنة، وذهب
الوجع بالكلية، وحصل العرق.
ثم حصل لي سنة أخرى، فرأيت سيد الأنبياء والمرسلين وأشرف
الخلائق أجمعين قائما في بيتي، فأردت أن أقبل رجله فلم يدعني،
فشرعت في مدائحه بأنك الذي خلق الله تعالى الكونين لأجلك،
وجعلك متخلقا بأخلاقه الكمالية، وجعلك أفضل من برأه الله، وأنت
العالم بعلوم الله، والقادر بقدرة الله، والمتخلق بأخلاق الله، وهو (صلى الله عليه وآله)
يتبسم ويقول: كذلك، وكانت المدائح كثيرة اختصرتها.

1. بحارالأنوار 105: 148.
2. أي: روضة المتقين.
472

ثم قلت: يا رسول الله اهدني لأقرب الطرق إلى الله تعالى، فقال (صلى الله عليه وآله): هو
ما تعمل، فقلت: يا رسول الله بأي شيء أعمل، وكان مرادي أن أشتغل
بالرياضات للوصول إلى الله أم بغيره مما يأمره صلوات الله عليه،
فقال (صلى الله عليه وآله): اعمل بما كنت تعمل.
وكنت في هذه المقالات إذ قال (صلى الله عليه وآله): جاء علي وفاطمة صلوات الله
عليهما إلى عيادتك، فأخذني البكاء والنحيب وقلت: أنا كلبهم، أي
مقدار لي حتى تجيء ويجيئان إلى عيادتي! فانشق جدار البيت وظهرا،
وللدهشة انتبهت، فبكيت كثيرا.
ثم حصل لي سنة أخرى، فسمعت أن سيد المرسلين أرسل إليك من
الجنة ثمرة وكبابا منها فدفع إلي أولا سفافيد (1) الكباب، وكانت من
الذهب، وحولي جماعة كثيرة، فآكل من الكباب لقمة ويحصل مكانها
أخرى، وأدفع إلى كل من في حولي من هذا الكباب، وأقول لهم: إني
كنت أقول لكم: إن سفافيد كباب الجنة من الذهب ورأيتموها، وقلت
لكم: إن ثمرات الجنة كلما جني منها ثمرة يوجد مكانها أخرى، وكلما
أدفع إليهم من الكباب وآكله لا يفنى الكباب.
ثم شرعت في الثمرة، وكانت بقدر بطيخ حلبي عظيم، وآخذ منها ورقة
ورقة وآكلها، وفي كل ورقة طعوم لا تتناهى وأقول لهم: كنت أقول لكم:
إن ثمرة الجنة كذلك، وكلما أدفع إليهم يحصل منها ورقة أخرى،
فانتبهت من تلك الرؤيا، وأولتها بالعلم، وألهمت بأن أشتغل بشرح
الأحاديث فاشتغلت بذلك، ولما كانت الطلبة مشغولين بالدروس كنت
أدغدغ في ترك الدروس بالكلية، لكن حصل في التعطيلات التوفيق من

1. السفود بالفتح كتنور: الحديدة التي يشوى بها اللحم، والمعروف صيخ وميخ. مجمع البحرين 1: 378
(سفد).
473

المنعم الوهاب، وحسبتها كانت سنة على ما قاله شيخنا البهائي.
ومات (رحمه الله) في شوال سنة ثلاثين بعد الألف الهجرية في أصبهان، ونقل إلى
المشهد الرضوي ودفن في داره جنب الروضة المقدسة، والآن يزار
هناك، وكان عمره بضعا وثمانين سنة، إما واحدا أو اثنين، فإني سألته عن
عمره، فقال: ثمانون أو (1) أنقص بواحدة، ثم توفي بعده بسنتين.
وسمع قبل وفاته بستة أشهر صوتا من قبر بابا ركن الدين (رضي الله عنه)، وكنت
قريبا منه فنظر إلينا وقال: سمعتم ذلك الصوت؟ فقلنا: لا، فاشتغل
بالبكاء والتضرع والتوجه إلى الآخرة، وبعد المبالغة العظيمة قال: إنه
أخبرنا (2) باستعداد الموت، وبعد ذلك بستة أشهر تقريبا توفي (رحمه الله)
وتشرفت بالصلاة عليه مع جميع الطلبة والفضلاء وكثير من الناس
يقربون من خمسين ألفا (3).
[في من دفن في داره]
قوله: " ودفن في داره " قد حكي الدفن في الدار في ترجمة جماعة كابن
قولويه (4)، وعلي بن بابويه (5)، وشيخنا المفيد (6)، والسيد المرتضى (7)، والشيخ

1. كلمة " أو " غير موجودة في " د ".
2. في " د ": " أخبر "، وفي روضة المتقين: " إني أخبرت ".
3. روضة المتقين 14: 434.
4. أستاذ الشيخ المفيد صاحب كتاب كامل الزيارات.
5. والد الصدوق، رجال النجاشي: 270 / 708؛ وانظر نقد الرجال 3: 254 / 3552.
6. رجال النجاشي: 399 / 1067؛ وفيه: " دفن في داره سنين ونقل إلى مقابر قريش بالقرب من السيد
أبي جعفر (عليه السلام) ".
7. خلاصة الأقوال: 94 / 22؛ وفي تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة ص 46: " ثم نقل إلى جوار جده
الحسين (عليه السلام)، ذكره صاحب تنزيه ذوي العقول ".
474

الطوسي (1)، ومحمد بن الحسن بن حمزة خليفة الشيخ المفيد (2)، وصاحب بن عباد (3).
[في وفاة التستري]
قوله: " يقربون خمسين ألفا " قال في شرح المشيخة في ترجمة مولانا عبد الله
التستري: " وكان يوم وفاته بمنزلة العاشوراء، وصلى عليه قريب من مائة ألف،
ولم نر هذا الاجتماع على غيره من الفضلاء " (4) انتهى.
وهو قد سكت عمن صلى عليه.
وعن تاريخ عالم آرا:
أنه صلى عليه السيد الداماد، وأنه مرض يوم الجمعة الرابع والعشرين
من شهر محرم الحرام سنة إحدى وعشرين وألف، وعاده يوم السبت
السيد الداماد والشيخ لطف الله الميسي العاملي (5) اللذان كانا يناظرانه في
المسائل العلمية، ولما عاداه عانقهما وعاشرهما في غاية الفرح والسرور.
ثم في ليلة الأحد السادس والعشرين من الشهر المذكور قريبا من
الصبح بعد ما أقام صلاة الليل والنوافل خرج من البيت ليلاحظ الوقت،
فلما رجع سقط ولم يمهله الأجل للمكالمة (6).
[ما كتبه الداماد إلى الفاضل التستري]
قوله: " كانا يناظرانه في المسائل العلمية " قال في رياض العلماء نقلا.

1. خلاصة الأقوال: 148 / 46.
2. رجال النجاشي: 404 / 1070.
3. إسماعيل بن عباد، اخبار أصبهان 1: 214؛ ذيل تجارب الأمم: 262.
4. روضة المتقين 14: 382؛ وانظر روضات الجنات 7: 78.
5. قال في أمل الآمل 1: 136: " وكان البهائي يعترف له بالعلم والفضل والفقه ويأمر بالرجوع إليه ".
6. تاريخ عالم آرا 2: 859، ونقله عنه في رياض العلماء 3: 203.
475

واعلم أنه وقع بين المولى عبد الله بن الحسين التستري وبين السيد
الداماد مشاجرة علمية، فكتب السيد الداماد إليه هكذا:
جوابست اين نه جنكست " رحم الله امرأ عرف قدره ولم يتعد طوره "
نهايت مرتبه بي حيائيست كه نفوس معطله وهويات هيولائيه در برابر
عقول مقدسه وجواهر قادسه، به لاف وكزاف ودعواى بي معنى
برخيزند، اين قدر شعور بايد داشت كه سخن من فهميدن، هنر است،
نه با من جدل كردن وبحث نام نهادن؛ چه معين است كه ادراك مراتب
عاليه وبلوغ به مطالب دقيقه، كار هر قاصر المدركى وپيشه هر قليل
البضاعتى نيست.
فلا محاله مجادله با من در مقامات علمية از بابت قصور طبيعت خواهد
بود، نه از بابت خفت طبع، مشتى خفاش منش كه احساس محسوسات
را عرش المعرفة دانش پندارند وأقصى الكمال هنر شمرند با زمره
ملكوتيين كه مسير آفتاب تعلقشان بر مدار أنوار عالم قدسي باشد، لاف
تكافؤ زنند ودعواى مخاصمت كنند، روا نبود ودر خور نيفتد وليكن
مشاكست وهم وعقل ومعارضه باطل با حق وكشاكش ظلمت با نور،
منكريست نه حادث وبدعتيست نه امروزى، وإلى الله المشتكى،
والسلام على من اتبع الهدى.
وإذا أتتك مذمتي من ناقص * فهي الشهادة لي بأني كامل (1)
خاقانى آن كسان كه طريق تو مى روند * زاغند زاغ را روش كبك از أو رواست
گيرم كه مار چوبه كند تن بشكل مار * كو زهر بهر دشمن وكو مهره بهر دوست

1. البيت للمتنبي، انظر كشكول البحراني 3: 113.
476

وكتب المولى عبد الله في جوابه:
الجواب * جانا به زبان ما سخن مى گوئى " رحم الله امرأ عرف قدره " بدا
به حال كسى كه من أرسل إليه را از نفوس معطله شمارد ودعوى اسلام
كند (1).
أقول: إنه ينافي ما كتبه السيد الداماد إلى الفاضل التستري ما حكي من أن
السيد الداماد كان يتحمل من ذلك الفاضل كثيرا، وأنظر أيها اللبيب أن الفاضل
المسطور قد أعاد في الجواب - بأخصر كلام - تمام ما كتب إليه السيد الداماد، مع
مزيد كلام غليظ، ولم يترتب على الكتابة شيء غير هتك العرض، فهل ينبغي أن
يجعل الشخص بنفسه عرضة منهتكا، وليس هذا إلا من قلة التحمل، ومفاسد قلة
التحمل لا يطيقها نطاق البيان.
[نصائح]
وبالجملة، فالغلظة في الكلام توجب كسر سورة الشخص ومزيد الجرأة
للطرف المقابل، فمن خاف يخاف كما هو مقتضى بعض الأخبار (2)، وفي الديوان
المنسوب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام):
ومن هاب الرجال تهيبوه * ومن يهن الرجال فلن يهابا (3)
ولا ريب أن لسان شخص أو قلمه لا يتقاصر عن لسان غيره ممن يوازنه - ولو
بحسب الصورة - أو قلمه، فبكل ما يتكلم شخص أو يكتب يجيب آخر ويكتب،
بل من كان شأنه أدنى من الشخص لا يسكت أيضا في مقام الجواب بلا ارتياب.

1. رياض العلماء 3: 204.
2. أنظر وسائل الشيعة 12: 9، أبواب أحكام العشرة، ب 2؛ ومستدرك الوسائل 8: 315، أبواب أحكام
العشرة، ب 2.
3. الديوان المنسوب لأمير المؤمنين: 20.
477

وعلى هذا المنوال حال الكتابة، بل الشخص كلما كان شأنه أرفع تكون
المعارضة معه أعز وألام مع النفس، بل الشخص المتعزز يكون بمنزلة لقمة لطيفة
يطلب افتراسها الإنسان المفطور على السبعية.
وإنما الدنيا دار محنة وأي محنة، ولابد من التحمل والصبر الجميل، بل
الشخص (1) لابد من التحمل (2) والصبر بإعداد من يعاشره ويعرفه ويصل إليه اسمه
وصيته؛ لكون الكل مفطورا على الشرارة، فربما يصل إلى شخص في المشرق
اسم شخص آخر في المغرب ويعاند الأول للثاني، وجهة المعاندة أن الإنسان من
جهة شدة الطغيان يريد التفرد على وجه الأرض، فلما سمع بوجود شخص
يوازنه على وجه الأرض، يجري في مقام دفعه وهتكه.
وأكثر ما يتفق هذا في أرباب العلم؛ حيث إن مقر العالم هو القلوب، وأفراده
وأزواجه يزاحمونه في جميع الأصقاع، فالعالم يميل إلى انتفاء جميع الأفراد
والأزواج في الأصقاع، وانحصار الأمر فيه، وكل واحد من الأفراد والأزواج يريد
انتفاءه.
فلابد للعالم من تصفية النفس، وكف النفس عن الأذى، وتفويض الأمر إلى
الله سبحانه، والعلم بأنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، وتحمل ما يصيبه من الأفراد
والأزواج.
وأما من عدا العالم فليس حاله على هذا المنوال؛ مثلا التاجر يكون أمره على
حسب تجارته بماله، ولا يزاحم عن تجارته تاجرا آخر غالبا إلا في صورة خيال
الإمارة على من عداه، ولا صعب أصعب من الحلم.
ويرشد إليه ما ذكر من أن الله سبحانه لم يصف من الأنبياء السابقين بالحلم إلا

1. كذا، والظاهر زيادتها.
2. في " د ": " التجهيز ".
478

إبراهيم (1) وإسماعيل (2).
وكذا ما عن النبي (صلى الله عليه وآله) من أن حلم آدم - على نبينا وعليه السلام - كان راجحا
على حلم جميع أولاده (3)، ومع هذا قال الله سبحانه: (ولم نجد لهو عزما) (4).
ولا تورث قلة التحمل إلا الأذى وتطرق العصيان، وإن الله عزوجل يقول:
(وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون) (5) فقد جعل كل واحد من آحاد الناس سبب
الافتتان للآخر.
وأيضا جعل الله سبحانه كل واحد من الآحاد عدوا لغيره بمقتضى قوله
سبحانه: (اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو) (6) بناء على كون الخطاب لآدم (عليه السلام)
وحواء خطابا لذريتهما بخطابهما لكونهما أصلي الذرية، لا كون الخطاب لآدم (عليه السلام)
وإبليس، ولعل الأول ظاهر البيضاوي (7).
وأيضا الأولاد والأزواج أعداء الشخص بمقتضى قوله سبحانه: (إن من
أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) (8) بناء على كون " من " زائدة كما لعله الأظهر،
لا للتبعيض، وقد حررنا الكلام فيه في الأصول في ذيل العدالة عند جمع الآيات
الدالة على الحث على العفو وحسن المعاشرة.
وليس المقصود هو الممانعة عن العبادة ونيل الأجور الأخروية؛ قضية قوله

1. هود (11): 75.
2. الصافات (37): 101.
3. الدر المنثور في التفسير بالمأثور 5: 603.
4. طه (20): 115.
5. الفرقان (25): 20.
6. طه (20): 123.
7. أنظر أنوار التنزيل للبيضاوي 2: 60.
8. التغابن (64): 14.
479

سبحانه: (و إن تعفوا و تصفحوا) (1) وقضية التعرض للممانعة بعد تلك الآية في قوله
سبحانه: (إنمآ أمو لكم و أولدكم فتنة) (2).
ومع ذلك خلق الله سبحانه الروح في غاية اللطافة، فلا مخلص ولا محيص
عن التحمل في آن من الأوان، وإلا فيقدم الشخص بنفسه على هلاكته؛ لشدة ألم
الغضب في كثير من الأحيان، ولا سيما مع التكرر والوقوع كل آن، خصوصا مع
شدة لطافة الروح، كيف وإكثار المشي بالأقدام على الأحجار يوجب نعومتها كما
هو المشاهد بالعيان، بل تقاطر قطرات الماء على الدوام قد أوجب التعميق في
بعض الجبال، ومع ذلك سماء خيال الأداني المعارضة مع الأعالي.
ومن البين أن الإنسان لا يتقاعد عن سماء خياله، فالعالي دائما في محن
معارضات (3) الأداني، ولو لم يتحمل لا يبقى له عز؛ بل عموم النفوس مفطور على
الشرارة، ولو بنى على عدم التحمل، لما أمكنت المعاشرة مع العيال والأولاد
والخدام، فيلزم الهلاكة أو السكون في الجبال، بل السكون في الجبال لا يوجب
راحة البال؛ لما في الأخبار من أنه إذا سكن المؤمن في الجبال، يخلق الله سبحانه
من يؤذيه (4)، فلا مناص ولا خلاص إلا بإلقائه نطاق التحمل، (5) وواشدتا ثم واشدتا
من شرور هذا العصر، ولا سيما هذا المصر.
وما ذكره الفاضل أول المجلسيين في ترجمة الفاضل التستري:
(أنه يمكن القول بأن انتشار الفقه والحديث كان منه، وإن كان غيره
موجودا، لكن كان لهم الأشغال الكثيرة، وكان مدة درسهم قليلة،

1. التغابن (64): 14.
2. التغابن (64): 15.
3. في " د ": " بمعارضات ".
4. علل الشرائع: 44، ح 2؛ وسائل الشيعة 12: 123 أبواب أحكام العشرة، ب 85، ح 9.
5. " و " غير موجودة في " د ".
480

بخلافه، فإنه كان مدة إقامته في إصفهان قريبة من أربع عشرة سنة) (1) وأنه
عندما جاء بإصبهان لم يكن فيه من الطلبة الداخلة والخارجة خمسون،
وكان عند وفاته أزيد من ألف من الفضلاء وغيرهم (2).
[من لم يتغير جسده بعد موته]
وذكر في ترجمته أيضا: أنه نقل بعد دفنه قريبا من سنة إلى مشهد أبي
عبد الله (عليه السلام)، ولم يتغير حين أخرج (3).
وعن بعض أحفاد الشهيد الثاني: أن جسد السيد المرتضى لم يبل بعد ما
مضى من دفنه مدة (4).
وعن صاحب كتاب روضة العارفين عن بعض الثقات المعاصرين للكليني:
أن بعض حكام بغداد رأى بناء قبره - عطر الله مرقده - فسأل عنه، فقيل: إنه بعض
الشيعة، فأمر بهدمه فحفر القبر فرآه بكفنه لم يتغير، ومدفون معه آخر صغير بكفنه
أيضا، فأمر بدفنه وبنى عليه قبة (5).
وعن بعض: أن بعض حكام بغداد أراد نبش قبر سيدنا أبي الحسن موسى بن
جعفر (عليه السلام)، وقال: الرافضة يدعون في أئمتهم أنهم لا تبلى أجسادهم بعد موتهم،
وأريد أن أكذبهم، فقال له وزيره (6): إنهم يدعون في علمائهم أيضا ما يدعون في
أئمتهم، وهاهنا قبر محمد بن يعقوب الكليني من علمائهم، فأمر بحفره، فإن كان

1. ما بين القوسين ليس في " ح ".
2. روضة المتقين 14: 382.
3. روضة المتقين 14: 382.
4. حكاه السيد بحر العلوم في رجاله 3: 136؛ وكذلك في روضات الجنات 4: 297.
5. حكى هذه القصة السيد بحر العلوم في رجاله 3: 336 عن كتاب روضة الواعظين؛ وانظر لؤلؤة
البحرين: 392؛ وروضات الجنات 6: 107.
6. في " د ": " وزيراه ".
481

على ما يدعونه عرفنا صدق مقالتهم (1)، وإلا تبين للناس كذبهم، فأمر بحفر قبر
الكليني، ورآه بكفنه لم يتغير (2).
[عبد الله التستري غير عبد الله اليزدي]
ثم إن مولانا عبد الله المتقدم أستاذ الفاضل التقي المجلسي، وهو غير المولى
عبد الله اليزدي، والأخير أستاذ شيخنا البهائي، وصاحب حاشية التهذيب في
المنطق. وقال شيخنا البهائي في بعض تعليقات الزبدة عند الكلام في تعريف
العلم: " قال أستاذنا المحقق اليزدي (قدس سره) في حواشي تهذيب المنطق " إلى آخر ما
ذكره (3).
والأول كان معاصرا لشيخنا البهائي، وهو قد أجاز ولده، وأجازه والده أيضا،
وكذا الأمير الفندرسكي (4) بعبارة فارسية قليلة، والإجازات المذكورة مذكورة في
البحار (5). والولد المذكور أجاز الفاضل التقي المجلسي، كما في البحار أيضا (6).
والمولى المذكور كان مدرسا في المدرسة المعروفة في إصفهان بمدرسة ملا
عبد الله، وقد بناها الشاه عباس الماضي لأجل تدريسه، وكان ولده مدرسا في

1. في " د " زيادة: " في الأئمة ".
2. نقل هذه الحكاية الشيخ يوسف البحراني عن بعض مشايخه قائلا: وأظنه المحدث السيد نعمة الله
الجزائري؛ أنظر لؤلؤة البحرين: 392 / 123، ونقلها السيد بحر العلوم في رجاله 3: 335.
3. أنظر زبدة الأصول: 5.
4. هو الفيلسوف الشهير، والحكيم المتأله الخبير، والمتكلم المجاهد البصير المير أبو القاسم الموسوي
الأسترآبادي المشهور بمير الفندرسكي، من أكابر تلامذة المير محمد باقر الداماد، سافر الهند
وكشمير، وناظر مع علماء الهنود وغيرهم، وغلب عليهم حتى أسلم بيده جمع من الهنود، توفي في
إصفهان ودفن في تخت فولاذ وقبره مزار معروف إلى اليوم.
5. بحار الأنوار 107: 21 وفيه إجازة البهائي لحسن علي بن عبد الله التستري، وإجازة عبد الله
التستري لولده حسن علي، وإجازة الفندرسكي لحسن علي.
6. بحار الأنوار 107: 38، إجازة حسن علي لتقي المجلسي.
482

المدرسة المذكورة أيضا، ثم عزله السلطان وفوض التدريس إلى العلامة
السبزواري مع كونه تلميذه [و] أنه ربما قيل: إن وقف السلطان كان مشروطا
بتدريس أولاد المولى المتقدم. ذكر ما ذكر في رياض العلماء (1).
[كلام المجلسي الأول]
وقال الفاضل أول المجلسيين في شرح الفقيه أيضا:
إني كنت في أوائل البلوغ طالبا لمرضاة الله تعالى، ساعيا في طلب رضاه،
ولم يكن لي قرار إلا بذكره تعالى، إلى أن رأيت بين النوم واليقظة أن
صاحب الزمان صلوات الله عليه كان واقفا في الجامع القديم في إصبهان
قريبا من باب الطبني (2) الذي الآن مدرسي، فسلمت عليه وأردت أن أقبل
رجله (عليه السلام) فلم يدعني، وأخذني فقبلت يده، وسألت منه - صلوات الله
عليه - مسائل قد أشكلت علي، منها: أني كنت أوسوس في صلاتي،
وكنت أقول: إنها ليست كما طلبت مني وأنا مشتغل بالقضاء، ولا
يمكنني صلاة الليل، وسألت عنها شيخنا البهائي - رحمه الله تعالى -
فقال: صل صلاة الظهر والعصر والمغرب بقصد القضاء وصلاة الليل،
وكنت أفعل هكذا.
فسألت من الحجة - صلوات الله عليه -: أصلي صلاة الليل؟ فقال
- صلوات الله عليه -: " صلها ولا تفعل كالمصنوع الذي كنت تفعل ". إلى
غير ذلك من المسائل التي لم تبق في بالي.
ثم قلت: يا مولاي لا يتيسر لي أن أصل إلى خدمتك كل وقت، فأعطني
كتابا أعمل عليه دائما.

1. رياض العلماء 3: 194 - 195.
2. في روضة المتقين: الطنبي.
483

فقال - صلوات الله عليه -: " أعطيت لأجلك كتابا إلى مولانا محمد التاج "
وكنت أعرفه في النوم، فقال - صلوات الله عليه -: " رح وخذ منه "
فخرجت من باب المسجد الذي كان مقابلا لوجهه صلوات الله عليه إلى
جانب دار البطيخ محلة من إصبهان، فلما وصلت إلى ذلك الشخص،
فلما رآني قال: بعثك الصاحب إلي؟ قلت: نعم، فأخرج من جيبه كتابا
قديما، ففتحته فظهر لي أنه كتاب الدعاء، فقبلته ووضعته على عيني
وانصرفت عنه متوجها إلى الصاحب صلوات الله عليه، فانتبهت، ولم
يكن معي ذلك الكتاب، فشرعت في التضرع والبكاء والجوار (1) لفوت
ذلك الكتاب إلى أن طلع الصبح.
فلما فرغت من الصلاة والتعقيب، وكان في بالي أن مولانا محمد هو
الشيخ، وتسميته بالتاج لاشتهاره من بين العلماء، فلما جئت إلى مدرسه
- وكان في جوار المسجد الجامع - فرأيته مشتغلا بمقابلة الصحيفة،
وكان القارئ الأمير الصالح أمير ذو الفقار الجربادقاني، فجلست ساعة
حتى فرغ منه.
والظاهر أنه كان في سند الصحيفة، لكن للغم الذي كان لي لم أعرف
كلامه وكلامهم، وكنت أبكي، فذهبت إلى الشيخ وقلت له رؤياي وأنا
أبكي لفوت الكتاب، فقال الشيخ: أبشر بالعلوم الإلهية، والمعارف
اليقينية التي كنت تطلب دائما؛ وكان أكثر صحبتي مع الشيخ في
التصوف، وكان مائلا إليه فلم يسكن قلبي.
وخرجت باكيا متفكرا إلى دار البطيخ رأيت رجلا صالحا كان اسمه

1. في الحديث: " لا أعلم أن في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار " وفسرت بالاعتكاف كما
صرح به ابن الأثير في النهاية، ومنه " فلما قضيت جواري " أي اعتكافي. انظر مجمع البحرين 1: 426
(جور).
484

آقا حسن، ويلقب ب‍ " تاجا " فلما وصلت إليه وسلمت إليه (1)، قال: يا فلان
الكتب الوقفية التي عندي كل من يأخذه من الطلبة لا يعمل بشرط
الوقف، وأنت تعمل بها، تعال وأنظر إلى هذه الكتب وكل ما تحتاج إليه
خذه، فذهبت معه إلى بيت كتبه، فأعطاني - أول ما أعطى - الكتاب الذي
رأيته في النوم، فشرعت في البكاء والنحيب، وقلت: يكفيني، وليس
في بالي أني ذكرت له النوم أم لا، وجئت عند الشيخ وشرعت في
المقابلة مع نسخة كتبها جد أبيه من نسخة الشهيد. إلى آخر كلامه (2).
وقال في شرح المشيخة أيضا:
واعلم أن الأئمة يتكلمون في كل شيء - سيما في المثوبات والعقوبات -
على حسب عقول الرجال، كما ورد في الزيارات، ففي بعض الأخبار أن
له ثواب عمرة، وفي بعضها حجة، وفي بعضها حجة وعمرة، وفي
بعضها عشرون حجة وعمرة، وفي بعضها مائة حجة وعمرة، وفي
بعضها ألف حجة، وفي بعضها ألف ألف حجة، وفي بعضها ضعفها (3)،
وهو بحسب اختلاف الأشخاص والنيات والعقائد والمعارف غالبا،
وكثيرا ما يكون بحسب أحوال المخاطبين، فإنهم لو سمعوا المثوبات
الكثيرة، لبادرت عقولهم بالإنكار، وهو الكفر، وهو في أكثر العالمين
كذلك، فيتكلم الأئمة - صلوات الله عليهم - بحسب عقولهم الضعيفة،
ويقولون لهم أقل مراتبها، وهو حق، فيقع (4) أكثر الأخبار هكذا.
فإذا سمع المشايخ من جماعة من الخواص المثوبات العظيمة، فإن

1. كذا في النسخ، والأنسب: " عليه ".
2. روضة المتقين 14: 419 - 420.
3. أنظر وسائل الشيعة 14: 409، أبواب المزار وما يناسبه، ب 37 و 38؛ ومستدرك الوسائل 10:
265، أبواب المزار، ب 33؛ وكامل الزيارات: 155 - 158.
4. في " د ": " ينفع ".
485

لم يكن له قوة التمييز (1) بادروها بالإنكار والغلو، كما وقع لي مع بعض
المشايخ الأجلاء في مثوبات إطعام المؤمن، فإنه قال في الدرس: إنا
نعلم قطعا أن أمثال هذه الأخبار كاذبة؛ فإنه ورد أن ثواب إطعام المؤمن
ألف ألف حجة (2)، فحينئذ لا يبقى للحجة مقدار.
فذكرت أنه لا يمكن إنكار (3) هذه الأخبار؛ فإنها متواترة معنى، وقلت:
أنتم تروون أن ضربة علي (عليه السلام) أفضل من عبادة الثقلين إلى يوم القيامة (4)
وتعتقدونه، ولا شك أن ذلك لسبب علو شأنه (عليه السلام)، بل كل فعل من أفعاله
كذلك، وكذلك كل واحد من الأئمة صلوات الله عليهم بالنظر إلى
غيرهم، فأي استبعاد في أن يكون ثواب خلص أوليائهم كذلك، كما وقع
في إطعام المسكين (5) واليتيم والأسير هذه المثوبات العظيمة، وكانت
فضة الخادمة فيهم، مع أنه فرق بين الثواب الاستحقاقي والتفضلي كما
تقولون دائما.
فاستحسن كلامي ولم يتكلم بعده بما كان يتكلم قبله، وهو شيخنا
الأعظم بهاء الملة والدين رضي الله تعالى عنه، وكان إنصافه فوق أن
يوصف، مع أني حين تكلمت بذلك كنت أصغر تلامذته وأحقرهم،
ومظنون (6) أني لم أكن إذ ذاك بالغا، وكثيرا ما كان يرجع عن اعتقاده بقولي
وقول أمثالي.
وفي ذلك الزمان كان يحضر أكثر فضلاء العصر في مجلسه العالي، مع أن

1. في " د ": " التميز ".
2. أنظر وسائل الشيعة 6: 328، أبواب الصدقة، ب 47؛ ومستدرك الوسائل 7: 247، أبواب الصدقة،
ب 43.
3. في " د " زيادة: " أمثال ".
4. كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام): 83.
5. في " د ": " المساكين ".
6. في " د ": " مظنوني ".
486

إسكاتى كان في غاية السهولة لكثرة تبحره في جميع العلوم، ونشاهد
في أبناء الزمان ما نشاهد، أصلح الله أحوالنا وأحوالهم بجاه محمد وآله
الطاهرين (1).
وإنما نقلنا من عبارات شرح المشيخة ما يزيد عن محل الحاجة؛ لاشتمال
الزائد على الفائدة.
وقال في شرح المشيخة أيضا:
وكان يذكر شيخنا البهائي - رضي الله عنه - أن عندنا كتاب مدينة العلم،
وهو أكبر من " من لا يحضره الفقيه "، وذكر أبوه في الدراية أن أصولنا
خمسة: الكتب الأربعة، وكتاب مدينة العلم، لكنه لم نره، والظاهر أنه
كان عندهما وضاع كما ضاع أكثر كتبهما، وكان يذكر كثيرا أن كتبي ألف
كتاب تقريبا، وبعد فوته ظهر منها قريب من سبعمائة كتاب (2). انتهى.
[في معنى الجفر]
وقد ذكر الفاضل المذكور في الفائدة الرابعة من الفوائد المرسومة في فاتحة
شرحه الفارسي على الفقيه أن الجفر الجامع والجفر الأبيض من باب محض
الاشتهار، لم يرد في حديث ولم يسمع من عالم، فذكر أنه في صغر سنه كان
واجدا للجفرين، وأدرك جميع علماء الزمان ولم يسمع من أحد منهم ادعاء العلم
بهما إلا شيخنا البهائي، فقال: " إني عالم في الجملة بما مضى، وأتمكن من
استخراج قواعد العلامة بالجفر الجامع " فقلت له: تعلم بعنوان أن كل كلماته في
هذا الجفر ولما جمع يصير القواعد؟ فقال: " هذا المعنى يعلم به كل واحد، ولكن

1. روضة المتقين 14: 404.
2. روضة المتقين 14: 15، وانظر وصول الأخيار إلى أصول الأخبار لوالد البهائي: 85.
487

أعلم بعنوان ". وسعيت كثير السعي لإظهاره فلم يظهره (1).
ربما يختلج ببالي أن الفاضل أول المجلسيين حكى عن شيخنا البهائي أنه
قال: لم أرتكب المكروه أو المباح مذ أربعين سنة.
[كلام السيد علي خان في حق البهائي]
وقال الفاضل السيد علي خان في فاتحة شرح الصمدية مع تلخيص مقالته:
هو الإمام، الفاضل، المحقق، النحرير، المحدث، الفقيه المجتهد،
النحوي الكبير، مالك أزمة الفضائل والعلوم، محرز قصبات السبق في
حلبتي المنطوق والمفهوم، شيخ العلم وحامل لوائه، بدر الفضل و
كوكب سمائه، أبو الفضائل بهاء الدين محمد بن الشيخ عز الدين
حسين بن الشيخ عبد الصمد بن الشيخ الإمام شمس الدين محمد بن
علي بن حسن بن محمد بن صالح الجبعي العاملي الحارثي الهمداني
رحمه الله تعالى.
مولده عند غروب الشمس يوم الأربعاء سابع عشر ذي الحجة الحرام
سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، هكذا نقلته من خط والده رحمه الله
تعالى.
وكان قد سلك في أوائل عمره نهج السياحة، واتخذ الفقر درعه
وسلاحه، فطوى الأرض وذرع منها الطول والعرض، فكان مدة سياحته

1. لوامع صاحبقراني المشتهر بشرح الفقيه 1: 40. ونقل البحراني في كشكوله عن كشكول البهائي: أن
الجفر ثمانية وعشرون جزءا، وكل جزء ثمانية وعشرون صفحة، كل صفحة ثمانية وعشرون سطرا،
كل سطر ثمانية وعشرون بيتا، في كل بيت أربعة أحرف: الحرف الأول بعدد الجزء، والثاني بعدد
الصفحة، والثالث بعدد الأسطر، والرابع بعدد البيوت، فاسم جعفر مثلا يطلب من البيت العشرين من
السطر السابع عشر من الصفحة السادسة عشرة من الجزء الثالث، وقس على ذلك. كشكول البحراني
2: 166 و 440.
488

ثلاثين سنة، لا يلتذ بنوم ولا تطيب له سنة إلى أن قام ببلاد العجم تابعا
لسلطانها، راقيا من المكانة أرفع مكانها، ولم يزل مشوش البال، كثير
الهم والبلبال، آنفا (1) من الانحياش إلى السلطان، مؤثرا للغربة على
الاستيطان، يأمل العود على السياحة، ويرجو الإقلاع عن تلك الساحة،
رغبة عن دار الفناء في دار البقاء، فلم يقدر له.
وحكى لي بعض أجلاء الأصحاب أن الشيخ (رحمه الله) قصد زيارة المقابر قبل
وفاته بأيام قلائل في جمع من أصحابه، فما استقر بهم الجلوس حتى
قال لهم الشيخ: أسمعتم ما سمعته؟ قالوا: ما سمعنا شيئا، وسألوه عما
سمعه فلم يجبهم، ورجع إلى داره فأغلق بابه، فلم يلبث وانتقل من دار
الفناء إلى دار البقاء، ولم يخبر أحدا ما سمعه.
وكانت وفاته ثاني عشر شوال سنة إحدى وثلاثين وألف بإصبهان، ونقل
قبل دفنه إلى طوس، فدفن بها في داره قريبا من الحضرة الرضوية على
صاحبها أفضل الصلاة والسلام والتحية.
والجبعي - بضم الجيم، وفتح الباء الموحدة، وعين مهملة مكسورة -:
نسبة إلى جبع، وهي قرية من قرى جبل عامل.
والعاملي - بفتح العين المهملة، وبعدها ألف وميم مكسورة -: نسبة إلى
جبل عامل قطر بأرض شام باعتبار إقامته بها مدة، وإلا فمولده بعلبك
على ما سمع. وعامل أحد أولاد سبأ، أقام بهذا القطر برهة، فنسب إليه.
والحارثي نسبة إلى أبي زهير الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني،
لكون نسبة المصنف - يعني شيخنا البهائي - ينتهى إليه، كان من أصحاب
أمير المؤمنين علي (عليه السلام).
والهمداني نسبة إلى همدان بسكون الميم قبيلة من اليمن.

1. في " ح ": " تابعا " بدلا عن " آنفا ".
489

ومن تصانيفه التفسير المسمى بالعروة الوثقى، والتفسير المسمى بعين
الحياة، والحبل المتين، ومشرق الشمسين، وشرح الأربعين، والجامع
العباسي الفارسي، ومفتاح الفلاح، والزبدة في الأصول، والرسالة
الهلالية، والاثنا عشريات الخمس - وأجودهن الصلاتية ثم الصومية -
وخلاصة الحساب، والمخلاة، والكشكول، وتشريح الأفلاك، والرسالة
الأسطرلابية، وحواشي الكشاف، وحاشية على البيضاوي، وحاشية
على خلاصة الرجال، ودراية الحديث، والفوائد الصمدية في علم
العربية، والتهذيب في النحو، وحاشية الفقيه، وله غير ذلك من الرسائل
المختصرة والفوائد المحررة (1).
قوله: " ولم يزل مشوش البال، كثير الهم والبلبال " لعل شيخنا البهائي كان همه
أكثر من هم من عداه، وإن كانت الدنيا مخلوقة من الهم وفيها يتقاطر قطرات الهم
من سحاب الهموم، وكان غيره من العلماء أيضا كثير الهم كما تنادي به كلماتهم
في أوائل كتبهم.
ووجه الأكثرية أنه لم يعرف من الغير في غيره الشهادة على كثرة الغموم،
ومقتضى العبارة المذكورة كثرة هموم الشيخ، وهو مقتضى ما يأتي من الرباعي من
السيد الداماد، وإن أضاف بالرباعي الهم على الهموم، بل هو بنفسه قد ذكر في أول
شرح الاثني عشرية لصاحب المعالم، وكذا في أول رسالة نسبة أعظم الجبال إلى
قطر الأرض توزع البال واختلال الحال لأمور توجب للطبع كلالا وللنفس من
الحياة ملالا.
والظاهر أن ملالة النفس من الحياة لم تتفق في شكاية غيره، وقد ذكر في أول
لغزه المعروف عذرا للألفاظ (2) أنه يعرض للبال في بعض المحال ملال يمنع عن

1. الحدائق الندية في شرح الصمدية: 4.
2. في " ح ": " للألغاز ".
490

مطالعة العلوم الدينية، وكلال يردع عن مزاولة الأعمال الأخروية، فيضطر الإنسان
إلى تطييب الدماغ بلطائف المداعبات، وترويح الروح بطرائف المطائبات،
تشحيذا للخاطر المحزون، وتمشيطا للقلب المسجون، وحقيق لمن تراكمت
عليه أفواج الهموم، وتلاطمت لديه أمواج الغموم أن يتشاغل بمذاكرة إخوان
الصفاء، ومفاكرة خلان الوفاء، ولعل إظهار بلوغ الهم إلى أن احتاج إلى المعالجة
لم يتفق في كلام غيره.
قوله: " أجودهن الصلاتية " وفي الأمل أنها عجيبة (1) كما يأتي، وقد نظمها والد
صاحب الحدائق كما ذكره في اللؤلؤة في ترجمة والده أحمد بن إبراهيم (2)، وفي
اللؤلؤة أنه شرحها السيد نور الدين أخو صاحب المدارك كما في إجازته لبعض (3)،
والإجازة مذكورة في جلد إجازات البحار (4) وكما في اللؤلؤة (5).
قوله " ثم الصومية " وفي الأمل أنه شرحها حسام الدين بن جمال الدين بن
طريح النجفي (6)، وفي الأمل أيضا:
أن الحسين بن موسى الأردبيلي ساكن استراباد كان فاضلا فقيها صالحا
معاصرا لشيخنا البهائي له كتب منها شرح الرسالة الصومية للبهائي، وهو
قبل الإتمام سمع بوفاة المصنف (7).
وللسيد المذكور كلام في سلافة العصر يشبه كلامه في شرح الصمدية، ولكن
قد جعل شيخنا البهائي في كلامه في السلافة مجدد المذهب الاثني عشري على

1. أمل الآمل 1: 155.
2. لؤلؤة البحرين: 95.
3. لؤلؤة البحرين: 42.
4. بحار الأنوار 107: 25.
5. لؤلؤة البحرين: 42.
6. أمل الآمل 2: 59 / 151.
7. أمل الآمل 2: 104 / 287.
491

رأس القرن الحادي عشر، وقد حكى بعض مكاتيبه وطائفة من أشعاره (1).
وفي آخر شرح الصمدية للسيد المذكور:
أنه كان الفراغ من تسويد الأصل ضحوة يوم الاثنين سابع شهر شوال،
سنة خمس وسبعين وتسعمائة، ومن محاسن الاتفاقات أن سابع شهر
شوال هو تاريخ الإتمام، وقد نظمه (رحمه الله) فقال:
بسابع شهر شوال جنينا ورد أكمامه * وسابع شهر شوال غدا تاريخ إتمامه (2)
[كلام السيد الجزائري في البهائي]
وعن السيد السند الجزائري في مقاماته (3) أن الشيخ كان يسامح في معاشراته،
قال:
ولهذا كان كل طوائف المسلمين ينسبه إليه، وسمعت الشيخ الفاضل
الشيخ عمر من علماء البصرة يقول: إن بهاء الدين محمدا من أهل السنة
إلا أنه كان يتقي من سلطان الرافضة، وكذلك الملاحدة والصوفية
والعشاق، سمعت كل هؤلاء يقول: إنه من أهل نحلتنا، ومن هذا كان
شيخنا المعاصر (4) يزدري عليه، وفيض الله التفرشي لم يوثقه في كتاب
الرجال، وإن أثنى عليه في العلم والحفظ وغير ذلك، والحق أنه ثقة
معتمد عليه في النقل والفتوى (5).
قوله: " وسمعت الشيخ الفاضل الشيخ عمر " يظهر منشأ المسموع بما يأتي.

1. سلافة العصر: 289 - 302.
2. الحدائق الندية في شرح الصمدية: 583.
3. مقامات الجزائري، اسمها مقامات النجاة، مرتبة على تسعة وتسعين مقاما. انظر الذريعة
22: 14 / 5787.
4. يعني به العلامة المجلسي (رحمه الله)، كما في روضات الجنات 7: 66.
5. نقله عنه الخوانساري في روضات الجنات 7: 66.
492

قوله: " شيخنا المعاصر " المقصود به العلامة المجلسي.
قوله: " وفيض الله التفرشي لم يوثقه " وكذا السيد السند التفرشي لم يوثقه كما
يظهر مما مر من كلامه (1)، وكذا صاحب الأمل (2) واللؤلؤة (3) كما يظهر مما يأتي من
كلامهما.
[كلام أمل الآمل في البهائي]
وفي الأمل:
محمد بن الحسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي الجبعي - ينسب إلى
الحارث الهمداني، وكان من خواص أمير المؤمنين (عليه السلام) - حاله في الفقه
والعلم والفضل والتحقيق والتدقيق وجلالة القدر وعظم الشأن وحسن
التصنيف ورشاقة العبارة وجمع (4) المحاسن أظهر من أن يذكر، وفضائله
أكثر من أن تحصر.
وكان ماهرا متبحرا جامعا كاملا شاعرا أديبا منشئا، عديم النظير في زمانه
في الفقه والحديث، والمعاني والبيان، والرياضي وغيرها.
له كتب: منها كتاب الحبل المتين في إحكام أحكام الدين، جمع فيه
الأحاديث الصحاح والحسان والموثقات، وشرحها شرحا لطيفا، خرج
منها الطهارة والصلاة ولم يتمه، فيه ألف حديث وزيادة يسيرة، وكتاب
مشرق الشمسين وإكسير السعادتين، جمع فيه آيات الأحكام وشرحها
والأحاديث الصحاح وشرحها، خرج منه كتاب الطهارة لاغير [فيه] نحو

1. نقد الرجال 4: 186.
2. أمل الآمل 1: 155.
3. لؤلؤة البحرين: 16.
4. في " د ": " جميع ".
493

[من] (1) أربعمائة حديث، وكتاب العروة الوثقى في تفسير القرآن، خرج
منه تفسير الفاتحة لا غير، والحديقة الهلالية في شرح دعاء الهلال،
وحاشية الشرح العضدي على مختصر الأصول، والزبدة في الأصول،
ولغز الزبدة، ورسالة في المواريث، ورسالة في الدراية، ورسالة في
ذبائح أهل الكتاب، ورسالة اثني عشرية في الصلاة عجيبة، ورسالة في
الطهارة كذلك، ورسالة في الزكاة كذلك، ورسالة في الصوم كذلك،
ورسالة في الحج كذلك، والخلاصة في الحساب، والكشكول كبير،
والمخلاة، والجامع العباسي بالفارسية في الفقه لم يتم، والصمدية في
النحو لطيفة، والتهذيب في النحو، وبحر الحساب، وتوضيح المقاصد
فيما اتفق في أيام السنة، وحاشية الفقيه لم تتم، وجواب مسائل الشيخ
صالح الجزائري اثنتان وعشرون مسألة، وجواب ثلاث مسائل أخر
عجيبة، وجواب المسائل المدنيات، وشرح الفرائض النصيريه
للمحقق الطوسي لم يتم، ورسالة في نسبة أعظم الجبال إلى قطر
الأرض، وتفسيره الموسوم بعين الحياة وتشريح الأفلاك، ورسالة الكر،
ورسالة الأسطرلاب عربية سماها الصحيفة، ورسالة أخرى في
الأسطرلاب سماها التحفة الحاتمية (2)، وشرح الصحيفة الموسوم بحدائق
الصالحين، وحاشية البيضاوي لم تتم، وحاشية المطول لم تتم، وشرح
الأربعين حديثا، ورسالة في القبلة، وكتاب سوانح الحجاز من شعره
وإنشائه، ومفتاح الفلاح، وحواشي الكشاف، وحاشية الخلاصة في
الرجال، وحاشية الاثني عشرية للشيخ حسن، وحاشية القواعد

1. ما بين المعقوفين أضفناها من المصدر.
2. سماها التحفة الحاتمية؛ لأنه ألفها للوزير النواب اعتماد الدولة حاتم بك الأردوبادي حين قراءته
الأسطرلاب على الشيخ البهائي، ورتبها على سبعين بابا. أنظر الذريعة 3: 425.
494

الشهيدية، ورسالة في القصر والتخيير في السفر، ورسالة في أن أنوار
سائر الكواكب مستفادة من الشمس، ورسالة في حل أشكال عطارد
والقمر، ورسالة في أحكام سجود التلاوة ورسالة في استحباب السورة
ووجوبها، وشرح شرح الرومي على الملخص ذكره في الحديقة
الهلالية، وحواشي الزبدة، وحواشي تشريح الأفلاك، وحواشي شرح
التذكرة، وغير ذلك من الرسائل وجواب المسائل، وله شعر كثير حسن
بالعربية والفارسية متفرق، وقد جمعه ولدي محمد رضا الحر، فصار
ديوانا لطيفا (1).
وقد حكى في الأمل بعد ما ذكر ما ذكره في السلافة في ترجمة شيخنا البهائي
إلى أن قال: " وذكر أنه توفي سنة 1031 وقد سمعنا من المشايخ أنه مات سنة
1035 " (2).
وقد استوفى الأمل فيما سمعت من كلماته مصنفات شيخنا البهائي، ولم يتفق
هذا الاستيفاء من غيره سابقا عليه؛ حيث إنه قد ذكر الفاضل السيد علي خان في
شرح الصمدية طائفة من مصنفاته، وقد تقدم كلامه (3)، وعلى هذا المنوال حال
السلافة حيث إنه لم يذكر فيها إلا ما ذكر في شرح الصمدية، على ما حكي من
عبارتها (4)، نعم قد استوفى اللؤلؤة أيضا تبعا للأمل (5).
قوله: " وشرح الصحيفة الموسوم بحدائق الصالحين " قد رأيت من هذا الشرح
الحديقة الهلالية التي هي شرح دعاء الهلال بخط الحكيم صاحب الأسفار، ولعلها

1. أمل الآمل 1: 155 - 157.
2. أمل الآمل 1: 158؛ سلافة العصر: 289.
3. الحدائق الندية في شرح الصمدية: 4.
4. انظر سلافة العصر: 289.
5. انظر أمل الآمل 1: 156؛ ولؤلؤة البحرين: 16.
495

المقصود بالرسالة الهلالية فيما تقدم من الفاضل السيد علي خان.
وقد ذكر هذا الفاضل في صدر شرحه على الصحيفة - نقلا - أنه لم يشرح
شيخنا البهائي غير دعاء الهلال، ولم يتفق من حدائق الصالحين غير الحديقة
الهلالية، قال:
ولم يسبقني إلى هذا الغرض والقيام بأداء هذا الحكم المفترض سوى ما
حرره جماعة من أصحابنا المتأخرين شكر الله سعيهم وأحسن يوم
الجزاء رعيهم من تعليقات تتضمن حل بعض ألفاظها وتفسير يسير من
أغراضها وهي لا تبرد غليلا ولا تبرئ عليلا.
وأما شرح شيخنا البهائي الذي سماه حدائق الصالحين، وأشار إليه في
الحديقة الهلالية فهو مجاز لا حقيقة؛ إذ لم يقع حدقة منه على غير تلك
الحديقة، ولعمري لو أتمه على ذلك المنوال لكفى من بعده تجشم
الأهوال (1).
لكن ذكر بعض تلاميذ العلامة المجلسي - على ما في آخر جلد إجازات
البحار -: أن بعض حدائق تلك الحدائق غير الحديقة الهلالية يوجد في مشهد
الإمام الثامن (2).
مع أن شيخنا البهائي في الحديقة الهلالية قد أحال الحال كرارا على الحدائق
السابقة، قال تارة: " وقد تقدم الكلام في الشكر مبسوطا في الحديقة التحميدية،
وهي شرح الدعاء الأول من هذا الكتاب الشريف " (3). وقال أخرى: " وقد تقدم
الكلام فيها في الحديقة الثالثة والعشرين، وهي شرح دعائه (عليه السلام) في طلب العافية " (4).

1. رياض السالكين 1: 44.
2. بحار الأنوار 107: 171.
3. الحديقة الهلالية: 151.
4. الحديقة الهلالية: 152.
496

وقال ثالثة: " وقد تقدم الكلام فيما يتعلق بها من المباحث في الحديقة الحادية
والثلاثين في شرح دعائه (عليه السلام) في طلب التوبة (1).
على أن شيخنا البهائي قد عد من مصنفاته في بعض إجازاته المذكورة في
جلد إجازات البحار شرح الصحيفة (2)؛ فلا مجال لإنكار اتفاق غير الحديقة الهلالية
من شرح الصحيفة كما سمعت من الفاضل المذكور.
ثم إن عد حدائق الصالحين غير الحديقة الهلالية ظاهر الفساد؛ إذ الحديقة
الهلالية من حدائق تلك الحدائق.
وأيضا قال في آخر الحديقة الهلالية:
واتفق الفراغ منها في جانب الغربي من دار السلام بغداد بالمشهد
المطهر الكاظمي - على من حل فيه من الصلوات أفضلها، ومن
التسليمات أكملها - في أوائل جمادى الأولى سنة ألف وثلاث من
الهجرة، وكان افتتاح تأليفها بمحروسة قزوين حرست عن كيد
المعتدين، وكتب مؤلف الكتاب الفقير إلى الله الغني بهاء الدين محمد
العاملي جعل الله خير يوميه غده ومن العيش أرغده بمحمد وآله
الطاهرين، والحمد لله أولا وآخرا وباطنا وظاهرا (3).
وكان في آخر النسخة التي كانت بخط صاحب الأسفار: تشرفت بنقله من
نسخة نقلت من نسخة الأصل بخطه أدام الله ظله عبده الراجي صدر الدين محمد
الشيرازي في محروسة قزوين شهر ذي الحجة سنة ألف وخمس من الهجرة
النبوية. فالفصل بين الانتساخ والتصنيف بسنتين.
قوله: " وشرح أربعين حديثا " قد رأيت هذا الشرح بخط صاحب الأسفار

1. الحديقة الهلالية: 150.
2. بحار الأنوار 106: 157.
3. الحديقة الهلالية في شرح دعاء الهلال: 156 وفيها بدل " جمادى الأولى ": " جمادى الآخر ".
497

أيضا، وكان مع شرح دعاء الهلال، وأوراق من إفادات شيخنا البهائي، وأوراق
تشتمل على أشعار وكلمات كما هو المتعارف من رسم بعض الأوراق ظهري
الكتاب وكتابة بعض المطالب والأشعار فيه، ومن تلك الكلمات المشتملة عليها
تلك الأوراق ما حكاه عن الشهرزوري (1) من " أن كل حركة وكلمة خلت عن
المراجعة إلى الله تعالى لا تعقب خيرا " انتهى.
ولعمري قد أصدق القائل فيما قال والتجربة تقضي - قضاء مبرم بل أبرم
قضاء - بصدق ذلك المقال.
[في انقضاء دينه بالدعاء]
وقال شيخنا البهائي في الشرح المذكور عند شرح الحديث السادس عشر
المروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " شكوت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) دينا كان علي فقال:
يا علي، قل: اللهم أغنني بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، فلو كان
عليك مثل صبير (2) دينا قضاه الله عنك " (3):
قال جامع هذه الأحاديث: كثر علي الدين في بعض السنين حتى تجاوز
ألفا وخمسمائة مثقال ذهبا، وكان أصحابه متشددين في تقاضيه غاية
التشدد حتى شغلني الاهتمام به عن أكثر أشغالي، ولم يكن في وفائه
حيلة ولا إلى أدائه وسيلة، فواظبت على هذا الدعاء فكنت أكرره كل يوم
بعد صلاة الصبح، وربما دعوت به بعد الصلوات الأخر أيضا فيسر الله
سبحانه قضاءه وعجل أداءه في مدة يسيرة بأسباب غريبة ما كانت تخطر

1. الشهرزوري: أحد حكماء الإشراق، له كتاب نزهة الأرواح، والشجرة الإلهية في علوم الحقائق
الربانية. أنظر مقدمة كتابه نزهة الأرواح.
2. والصبير اسم جبل باليمن، ليس باليمن جبل أعظم منه.
3. الأمالي للصدوق: 347، المجلس 61.
498

بالبال ولا تمر بالخيال (1).
وقال عند شرح الحديث الرابع والعشرين المروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضا
قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله حرم الجنة على كل فحاش بذيء قليل الحياء،
لا يبالي بما قال ولا ما قيل له، فإنك إن فتشته لم تجده إلا لغية أو شرك شيطان " (2)
إلى آخر الحديث في تفسير لغية:
يحتمل أن يكون بضم اللام، وإسكان الغين المعجمة، وفتح الياء المثناة
من تحت؛ أي ملغى، والظاهر أن المراد به المخلوق من الزنى.
ويحتمل أن يكون بالعين المهملة المفتوحة أو الساكنة، والنون؛ أي من
دأبه أن يلعن الناس أو يلعنوه، قال في كتاب أدب الكاتب: فعلة بضم
الفاء وإسكان العين من صفات المفعول، وبفتح العين من صفات الفاعل
يقال: رجل همزة للذي يهزأ به وهمزة لمن يهزأ بالناس، وكذلك لعنة
ولعنة (3). (4)
وقد أورد عليه السيد الداماد في الحاشية كلاما طويلا حاصله أن اللام حرف
الجر لا أصلية، كما هو مدار ما ذكره شيخنا البهائي يقال: ولد غية ولغية، أي زنية
ولزنية، قبال ما يقال: ولد رشدة ولرشد، أي نكاح صحيح. وجعل ما جرى عليه
شيخنا البهائي من أعاجيب الأغاليط وتعاجيب التوهمات.
وشنع عليه أيضا في الرسالة المعمولة في التصاحيف والأغاليط، وأكثر تلك
التصاحيف والأغاليط مذكورة في الرواشح أيضا (5).

1. الأربعون حديثا: 243.
2. الكافي 2: 323، ح 3، باب البذاء.
3. الأربعون حديثا: 322.
4. أدب الكاتب: 567.
5. الرواشح السماوية: 142.
499

وقد ذكر فيها طائفة أخرى أيضا.
وفي آخر الشرح المذكور بخط صاحب الأسفار:
اتفق الفراغ من مشقة مشقه يوم السبت ثمان وعشرين من شهر صفر،
ختم بالخير والظفر سنة ست وألف من هجرة سيد المرسلين عليه وآله
أفضل صلوات المصلين على يد الفقير إلى الله الغني، صدر الدين محمد
الشيرازي وفقه الله للعمل في يومه لغده قبل أن يخرج الأمر من يده
بمحروسة قزوين، والحمد لله أولا وآخرا وباطنا وظاهرا.
وفي الحاشية مما قاله أدام الله تعالى ظلاله في تاريخه:
لقد تم تأليف هذا الكتاب * وتم الأحاديث تاريخها
قوله: " وحاشية الاثني عشرية للشيخ حسن " الاثنا عشرية في الطهارة
والصلاة، وهي موجودة عندي، وقد ذكر بعض تلاميذ العلامة المجلسي - على ما
في آخر جلد إجازات البحار - أن الحاشية كانت موجودة عنده (1)، ومن هذا يظهر
أنها كانت نادرة الوجود، كما هو الحال في الحال، لكنها موجودة عندي أيضا،
ولم يأت شيخنا البهائي في (2) الحاشية بذكر اسم المصنف؛ أعني الشيخ حسن،
ولعله لشدة اشتهار الاثني عشرية، لا المضايقة عن التسمية من باب تقليل
الاعتناء، كما أشار إلى الاشتهار في أول الحاشية.
ويرشد إليه أن السيد السند التفرشي في ترجمة فيض الله التفرشي عد من
كتبه شرح الاثني عشرية، ولم يذكر صاحب الاثني عشرية (3)، والمقصود الاثنا
عشرية المذكورة، هذا.

1. بحار الأنوار 107: 170. والمقصود به عبد الله بن عيسى التبريزي المشهور بالأفندي، صاحب
كتاب رياض العلماء المتوفى 1130 ه‍. ق.
2. في " د " زيادة: " أول ".
3. نقد الرجال 4: 33 / 4158.
500

وقد عبر شيخنا البهائي ب‍ " بعض أفاضل المعاصرين " في أوائل مشرقه عند
الكلام في كون التزكية من باب الشهادة أو خبر الواحد (1)، والمقصود هو صاحب
المعالم في المنتقى.
وقد عبر عنه أيضا ب‍ " بعض المعاصرين " في تعليقات الزبدة في باب الترجيح
عند الكلام في الترجيح بقلة الواسطة (2)؛ حيث إنه اعترض على العلامة في النهاية
- على الاستدلال على الترجيح بقلة الواسطة بقلة الكذب والغلط والسهو فيما
قلت الوسائط فيه بالنسبة إلى ما كثرت الوسائط فيه - بأن عالي السند يضعف
الاعتماد عليه؛ لندرة طول العمر زيادة على العادة، فتطرق احتمال الكذب أو
الغلط إليه أكثر من تطرقه إلى ما يعارضه.
واعترض على الاعتراض صاحب المعالم بأن تأثير الندور في مثله غير
معقول. قال شيخنا البهائي - بعد أن عبر عنه ببعض المعاصرين -: " وظني أن هذا
المعاصر لم يفهم ما قصده العلامة ".
وقد ذكر الفاضل أول المجلسيين في أوائل شرح مشيخة الفقيه:
أنه بالغ بعض الأصحاب - المقصود به صاحب المعالم - في اشتراط
العدلين في المزكي ردا على شيخنا البهائي، وذكر شيخنا البهائي وجوها
في الرد عليه (3).
أقول: إن ما حكي عن شيخنا البهائي فقد سمعته، وأما ما حكي عن صاحب
المعالم فقد عبر في المعالم و (4) المنتقى في باب اشتراط العدلين في التزكية ببعض

1. مشرق الشمسين: 46.
2. أنظر زبدة الأصول للبهائي: 125.
3. روضة المتقين 14: 17.
4. في " د ": " أو ".
501

الفضلاء المعاصرين ونحوه (1)، لكن ليس ما حكي من كلام شيخنا البهائي في
المشرق والزبدة، ولعله من كلامه في حاشية الخلاصة.
[مطالبة صاحب المعالم من المقدس والبهائي من كتابة شيء]
ثم إنه قد ذكر الشيخ علي في الدر المنثور:
أنه طلب صاحب المعالم عن المقدس شيئا من خطه ليكون عنده
تذكارا، فكتب له بعض الأحاديث في صفحة قدر ورقة، وكتب في
آخرها: " كتبه العبد لمولاه امتثالا لأمره ورجاء لتذكره وعدم نسيانه إياه
في خلواته وعقيب صلواته، وفقه الله لما يحبه ويرضاه بمنه وكرمه
بمحمد وآله " وفي تلك الصحيفة صفحة بخط شيخنا البهائي كتب فيها
كلمات حكمية، وفي آخرها: " كتب هذه الكلمات امتثالا لأمر سيده (2)
صاحب الكتاب - حرس مجده، وكبت ضده - أقل العباد بهاء الدين
محمد البهائي أصلح الله شأنه سائلا منه إجراءه على خاطره الخطير سيما
في حال الإنابات ومظان الإجابات، وذلك سنة 983.
قال:
وكان اجتماعهما بكرك نوح لما سافر الشيخ بهاء الدين إلى تلك البلاد،
ولما رجع إلى العراق، اشتغل بالتدريس والتصنيف، وقرأ عليه والدي
جملة من كتب العلوم معقولا ومنقولا أصولا وفروعا، حتى أنه قرأ عليه
شرح الشرائع من أوله إلى آخره على ما بلغني والمنتقى والمعالم،
وتخرج عليه، وقرأ مدارك السيد محمد وشرح مختصره (3).

1. أنظر المعالم 204؛ ومنتقى الجمان 1: 14.
2. في " د ": " سيدنا ".
3. الدر المنظوم والمنثور 2: 199.
502

وأيضا ذكر:
أن أخاه الشيخ زين الدين بعد اشتغاله في بلاده في أول الأمر على تلامذة
أبيه وجده سافر إلى العراق في أوقات إقامة والده في بلاده، وكان يتوقع
من والده زيادة عما أظهر له من المحبة، وكان إذ ذاك في سن الشباب
فسافر إلى بلاد العجم، ولما قدمها أنزله شيخنا البهائي في منزله وأكرمه
إكراما تاما، وبقي عنده مدة طويلة، وكان في تلك المدة مشتغلا عنده
قراءة وسماعا لمصنفاته وغيرها، وكان يقرأ أيضا عند غيره من الفضلاء
في تلك البلاد في العلوم الرياضية وغيرها.
قال:
ولما انتقل الشيخ بهاء الدين في السنة التي توفي فيها والدي - وهي سنة
ثلاثين بعد الألف - سافر إلى مكة المشرفة (1).
[في أحوال الشيخ زين الدين]
أقول: إن شيخ زين الدين المذكور قد أجاز لصاحب الوسائل كما ذكره في
آخر الوسائل (2) وعنونه في الأمل (3)، وله ابن شيخ حسن عنونه في الأمل (4)، كما أن
للشيخ علي ابن شيخ زين الدين عنونه في الأمل (5)، وما أندر!، بل لم يقع طول
العلم في أعقاب عالم ما وقع من طول العلم في أعقاب الشهيد الثاني، بل كثيرا ما
لم يتجاوز العلم عن العالم.
وما أشد مناسبة بحال أولاد العلماء - السالكين مسلك الجهل المصنعين

1. الدر المنظوم والمنثور 2: 213؛ ونقله عنه في أمل الآمل 1: 93 / 84.
2. وسائل الشيعة 30: 170، الفائدة الخامسة.
3. أمل الآمل 1: 93 / 84.
4. أمل الآمل 1: 63 / 46.
5. أمل الآمل 1: 120 / 126.
503

لأنفسهم ولآبائهم بل لنوع أهل العلم - ما قيل:
يعز على أسلافكم يا بني العلا * إذا نال من أعراضكم شتم شاتم
بنو لكم مجد الحياة فما لكم * أسأتم إلى تلك العظام الرمائم (1)
وقد سمعت أن بعض أكابر الأواخر قال - مشيرا إلى بعض أولاده -: " إنه
يسافر بعدي ويهرزني في القبر ".
[وفاة صاحب المعالم كان قبل وفاة البهائي]
ثم إن وفاة صاحب المعالم كان قبل وفاة شيخنا البهائي بتسعة عشر أو
عشرين؛ لأن صاحب المعالم كان وفاته في سنة أحد عشر وألف على ما ذكره في
الدر المنثور، قال: " ولا يحضرني خصوص الشهر واليوم " ووفاة شيخنا البهائي في
ثلاثين أو إحدى وثلاثين بعد الألف، كما يظهر مما يأتي.
ومولد صاحب المعالم على ما حكاه في الدر المنثور عن خطه في العشر
الأخير من شهر رمضان سنة تسع وخمسين وتسعمائة، وعلى ما حكاه فيه عن
خطه عن خط والده الشهيد عشية الجمعة سابع عشر شهر رمضان من السنة
المذكورة، فسنه اثنتان وخمسون سنة وشئ كما في الدر المنثور.
[في بعض الإجازات]
ثم إنه قد ذكر بعض في حاشية الأمل أن صاحب الأسفار كان من تلاميذ شيخنا
البهائي والسيد الداماد، وهو قد أظهر إجازتهما له في أول كتاب العقل والجهل؛
حيث قال:

1. هذا الشعر لتاج الدين بن معية أبي عبد الله بن السيد جلال الدين أبي جعفر بن الحسين العلوي
الحسني الديباجي الحلي، عالم أديب نسابة، له كتاب معرفة الرجال ونهاية الطالب في نسب آل أبي
طالب. وهو شيخ بن مهنا صاحب عمدة الطالب. توفي بالحلة سنة 776 وحمل إلى مشهد
أمير المؤمنين (عليه السلام) ودفن هناك. الكنى والألقاب 1: 402.
504

حدثني شيخي وأستاذي، ومن عليه في العلوم النقلية استنادي، عالم
عصره وفريد دهره، بهاء الحق والدين محمد العاملي الحارثي الهمداني
نور الله قلبه بالأنوار القدسية عن والده الماجد المكرم وشيخه الممجد
المعظم الكامل الفاضل حسين بن عبد الصمد أفاض الله على روحه
الرحمة والرضوان وأسكنه دار الجنان.
إلى أن قال:
وأخبرني سيدي وسندي واستنادي في المعالم الدينية والعلوم الإلهية
والمعارف الحقيقية والأصول اليقينية، السيد الأجل الأنور، العالم
المقدس الأزهر، الحكيم الإلهي والفقيه الرباني، سيد عصره وصفوة
دهره، الأمير الكبير والبدر المنير، علامة الزمان أعجوبة الدوران،
المسمى بمحمد، الملقب بباقر الداماد الحسيني قدس الله عقله بالنور
الرباني. إلى آخر الإجازة (1).
لكن لم يذكر في جلد إجازات البحار إجازتهما له، مع ذكر إجازة كل واحد
منهما لطائفة (2) ولا بأس به، كما أنه في إجازة السيد الداماد قد ذكر هنا سلسلة
الإجازة (3)، وأما ما في البحار من إجازات (4) السيد الداماد فهو خال عن ذكر سلسلة
الإجازة (5) إلا أن بعض من أجاز وذكر إجازته في البحار، وكان مجيز المجيز منحصرا
في السيد الداماد ذكر سلسلة إجازة السيد الداماد، وإجازة ذلك المجيز فارسية.

1. شرح أصول الكافي: 16.
2. بحار الأنوار 107: 3 - 5 مثل إجازة السيد الداماد إلى السيد حسين بن السيد حيدر الكركي، وفي
ص 23 إجازة الشيخ البهائي إلى حسن بن عبد الله الشوشتري، وفي ج 106: 157 إجازة البهائي
للسيد أحمد.
3. شرح أصول الكافي: 16.
4. في " د ": " إجازة ".
5. أنظر بحار الأنوار 107: 3، 106: 152 و 156.
505

ومقتضى تقديم شيخنا البهائي على السيد الداماد - مع مضاعفة مدح السيد
الداماد، بل زيادة مدحه على الضعف - كون شيخنا البهائي أعز من السيد الداماد،
وإن كان عز السيد الداماد على وجه صار موجبا لخوف الشاه عباس من خروجه
عليه، على ما حكاه في السلافة (1) نقلا.
ويرشد إلى ذلك أن الأمل جعل السيد الداماد معاصرا لشيخنا البهائي (2)، فضلا
عما ذكر كرارا في التراجم من معاصرة صاحب الترجمة لشيخنا البهائي لاتحاد
عصر شيخنا البهائي والسيد الداماد، وقد جعل في السلافة شيخنا البهائي مقدما
على السيد الداماد ومجدد المذهب كما مر، لكن قال في أثناء مدح السيد الداماد:
" والله إن الزمان بمثله لعقيم " (3).
ولعل تقديم شيخنا البهائي، أو جعل السيد الداماد معاصرا لشيخنا البهائي، أو
ذكر المعاصرة لشيخنا البهائي في ترجمة جماعة، أو نسبة تجديد المذهب إلى
شيخنا البهائي من جهة كون العمدة في السيد الداماد هو المعقول، بخلاف شيخنا
البهائي، وتقدم أرباب المنقول على المعقول في الرسوم الظاهرة، ولا سيما في
باب تجديد المذهب، بل لا مجال لنسبته بملاحظة الاستيلاء في المعقول.
[كلام لؤلؤة البحرين في البهائي]
وقال في اللؤلؤة بعد قطعة من الكلام في الحارثي بعد الكلام في نسب شيخنا
البهائي:
وكان هذا الشيخ علامة فهامة محققا، دقيق النظر، جامعا لجميع العلوم،
حسن التقرير، جيد التحرير، بديع التصنيف، أنيق التأليف حتى قال في

1. سلافة العصر: 485 - 487.
2. أمل الآمل 2: 249.
3. سلافة العصر: 289.
506

كتاب سلافة العصر بعد الإطراء عليه: " وما مثله ومن تقدمه من الأفاضل
والأعيان إلا كالملة المحمدية المتأخرة عن الملل والأديان جاءت آخرا
ففاقت مفاخرا " انتهى (1).
وكان رئيسا في دار السلطنة إصفهان، وشيخ الإسلام فيها، وله منزلة
عظيمة عند سلطانها الشاه عباس، وله صنف كتاب الجامع العباسي،
وربما طعن عليه بالقول بالتصوف؛ لما يتراءى من بعض كلماته وأشعاره.
والحق في الجواب عن ذلك ما أفاده المحدث العلامة السيد نعمة الله
الجزائري التستري (قدس سره) من أن الشيخ المذكور كان يعاشر كل فرقة وملة
بمقتضى طريقتهم ودينهم وملتهم وما هم عليه، حتى أن بعض علماء
العامة ادعى أنه منهم، قال السيد المذكور: " فأظهرت له كتاب مفتاح
الفلاح وكان معي فعجب من ذلك " وذكر جملة من الحكايات المؤيدة
لما ذكره، ثم استدل بقوله في قصيدته التي في مدح القائم
عجل الله فرجه:
وإني امرؤ لا يدرك الدهر غايتي * ولا تصل الأيدي إلى سبر أغواري
أخالط أبناء الزمان بمقتضى * عقولهم كيلا يفوهوا بإنكاري
وأظهر أني مثلهم تستفزني * صروف الليالي باختلاء وإمراري (2)
وطعن عليه بعض مشايخنا المعاصرين أيضا بأن له بعض الاعتقادات
الفاسدة كاعتقاد أن المكلف إذا بذل جهده في تحصيل الدليل فليس
عليه شيء إذا كان مخطئا في اعتقاده ولا يخلد في النار وإن كان بخلاف
أهل الحق.

1. سلافة العصر: 289.
2. القصيدة كلها موجودة في أنيس الخاطر للشيخ يوسف البحراني 2: 266، أولها:
سرى البرق من نجد فجدد تذكاري * عهودا بجزوى والعذيب وذي قار.
507

قال: وهو باطل قطعا؛ لأنه على هذا يلزم أن يكون علماء أهل الضلال
ورؤساء الكفار غير مخلدين في النار إذا أوصلتهم شبههم وأفكارهم
الفاسدة إلى ذلك من غير اتباع لأهل الحق كأبي حنيفة وأحزابه (1). (2)
أقول: وعندي فيه نظر؛ إذ يمكن أن يقال: لا نسلم أن علماء أهل الضلال
قد بذلوا الجهد في طلب الحق ولم يقفوا عليه حتى يتم الإيراد بهم كما
توهمه (قدس سره)، سيما والله تعالى يقول: (و الذين جهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) (3)
فإنا نقول: يجوز أن يكون منهم من لم يبذل الجهد، وإنما جمد على
بعض الأسلاف عصبية، ومنهم من بذل الجهد وظهر له الحق، ولكن
يحب الجاه والدولة والسلطان؛ حيث إن ذلك في جانبهم قادته يد
الشقاوة إلى الحمية والبقاء، ولذلك قيل: لا يكون العالم سنيا بل السني
عالما.
وإلى ما ذكرنا يشير تصريح جملة من علمائهم - كما أوضحناه في كتاب
سلاسل الحديد - بمخالفة جملة من السنن النبوية من طرقهم؛ لأن الشيعة
ملازمة عليها كمسألة تسطيح القبور ونحوها، ومن المعلوم أن من بذل
وسعه في تحصيل الدليل ولم يهتد إليه فهو معذور [عقلا ونقلا] (4).
ولكنا نقول: هؤلاء المخالفون ونحوهم ليسوا كذلك، بل حالهم لا يخلو
عن أحد الأمرين المذكورين، كما أوضحناه في صدر كتابنا الشهاب
الثاقب في بيان معنى الناصب، فلا يرد ما أورده شيخنا المذكور (5).

1. في " د ": " وأضرابه ".
2. أنظر لؤلؤة البحرين: 19. والمقصود به الشيخ المحدث الصالح عبد الله بن صالح البحراني أنظر
روضات الجنات 7: 67.
3. العنكبوت (29): 69.
4. ما بين المعقوفين من المصدر.
5. انتهى كلام لؤلؤة البحرين: 18 - 20.
508

ثم ساق الكلام في بيان تصانيف شيخنا البهائي بما تقدم من الأمل (1) فقال:
وكان مولد شيخنا المذكور ببعلبك غروب الشمس يوم الخميس لثلاث
عشرة بقين من شهر المحرم السنة الثالثة والخمسين والتسعمائة،
وتوفي لاثنتي عشرة خلون من شوال السنة الحادية والثلاثين بعد
الألف، وقيل: سنة الثلاثين بعد الألف (2).
وفي اللؤلؤة في ترجمة الصدوق:
وجدت بخط شيخنا الشيخ أبي الحسن سليمان بن عبد الله البحراني ما
صورته؛ قال: أخبرني جماعة من أصحابنا قالوا: أخبرنا الشيخ الفقيه
المحدث سليمان بن صالح البحراني قال: أخبرني العالم الرباني الشيخ
علي بن سليمان البحراني قال: أخبرني الشيخ العلامة البهائي (قدس سره) وقد
سئل عن ابن بابويه فعدله ووثقه وأثنى عليه وقال: سئلت قديما عن
زكريا بن آدم والصدوق محمد بن علي بن بابويه: أيهما أفضل وأجل
مرتبة؟ فقلت: زكريا بن آدم؛ لتواتر الأخبار بمدحه، فرأيت شيخنا
الصدوق عاتبا علي حتى قال: من أين ظهر لك فضل زكريا بن آدم علي
وأعرض (3).
وفي آواخر اللؤلؤة:
نقل المحدث السيد نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية قال:
يعجبني نقل مباحثة جرت بين شيخنا البهائي (قدس سره) وبين عالم من علماء
مصر وهو أعلمهم وأفضلهم، وقد كان شيخنا البهائي - طاب ثراه - يظهر
لذلك العالم أنه على دينه، فقال له: ما تقول الرافضة الذين قبلكم في

1. أمل الآمل 1: 155.
2. لؤلؤة البحرين: 22.
3. لؤلؤة البحرين: 375. ونقله عنه البحراني في الكشكول 2: 126.
509

الشيخين؟ فقال شيخنا البهائي: قد ذكروا لي حديثين فعجزت عن
جوابهم فقال: ما يقولون؟ فقال: يقولون: إن مسلما روى في صحيحه أن
رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " من آذى فاطمة فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله،
ومن آذى الله فقد كفر " (1) وروى بعد هذا الحديث بخمسة أوراق " أن
فاطمة خرجت من الدنيا وهي ساخطة غاضبة على أبي بكر وعمر " ما
التوفيق بين الحديثين؟ فقال له العالم: دعني الليلة أنظر، فلما صار
الصبح جاء ذلك العالم فقال للشيخ البهائي: ألم أقل لك أن الرافضة
تكذب في نقل الأحاديث، البارحة طالعت الكتاب فوجدت بين
الحديثين أكثر من خمسة أوراق (2).
[كلام المحبي في خلاصة الأثر في البهائي]
وقال في خلاصة الأثر بعد طائفة من الكلام في مدحه: " ذكر الشهاب في كتابه
وبالغ في الثناء عليه " ثم قال:
وقد أطال أبو المعالي الطالوي (3) في الثناء عليه وكذلك البديعي (4) ونص
عبارة الطالوي في حقه: ولد بقزوين وأخذ عن علماء تلك الدائرة ثم
خرج من بلده وتنقلت به الأسفار إلى أن وصل إلى إصفهان، فوصل
خبره إلى سلطانها شاه عباس، فطلبه لرئاسة علمائها، فوليها وعظم
قدره، وارتفع شأنه، إلا أنه لم يكن على مذهب الشاه في زندقته؛

1. صحيح مسلم 5: 94.
2. حكاها في لؤلؤة البحرين: 436 ونقله عنه البحراني في كشكوله 1: 344؛ وانظر روضات الجنات
7: 71 حيث فيه " عن صحيح البخاري ".
3. هو درويش محمد بن أحمد الطالوي الأرنقي المتوفى عام 1014 (ه‍. ق) له كتاب سانحات دمى
القصر في مطارحات بني العصر.
4. هو يوسف البديعي الدمشقي الحلبي المتوفى عام 1073 (ه‍. ق) له كتاب الحدائق في الأدب.
510

لانتشار صيته في سداد دينه إلا أنه غالى في حب آل البيت (1).
ثم قال:
وكان يجتمع مدة إقامته بمصر بالأستاذ محمد بن أبي الحسن البكري،
وكان الأستاذ يبالغ في تعظيمه، فقال له مرة: يا مولانا أنا درويش فقير
كيف تعظمني بهذا التعظيم؟! " قال: شممت منك رائحة الفضل (2).
ثم قال:
ثم قدم القدس قال: وحكى الرضي بن أبي اللطف المقدسي قال: ورد
علينا من مصر رجل من مهابته محترم، فنزل من بيت المقدس بفناء
الحرم، عليه سيماء الصلاح، وكان يألف من الحرم فناء المسجد الأقصى
ولم يسند إليه أحد مدة الإقامة نقصا، فألقى في روعي أنه من أكابر
العلماء الأعاظم وأجلة أفاضل الأفاخم (3)، فمازلت لخاطره أتقرب، ولما
لا يرضيه أتجنب، فإذا هو ممن يرحل إليه للأخذ عنه، ويشد الرحال
للرواية عنه، يسمى بهاء الدين محمد الحارثي، فسألته عند ذلك القراءة
في بعض العلوم فقال: بشرط أن يكون ذلك مكنونا (4)، وقرأت عليه شيئا
من الهيئة والهندسة، ثم سافر إلى الشام قاصدا بلاد العجم (5).
وقد ذكر بعد هذا:
أنه لما ورد بدمشق نزل منزل بعض التجار الكبار، وكان يطلب - على ما
سمع كثيرا - الاجتماع بالحسن البوريني، فأحضره له التاجر الذي نزل
منزله وتأنق في الضيافة، ودعا غالب فضلاء محلتهم، فلما حضر

1. خلاصة الأثر 3: 441؛ سانحات دمى القصر 2: 127. وانظر أعيان الشيعة 9: 241.
2. سانحات دمى القصر 2: 127. ونقله المحبي في خلاصة الأثر 3: 441.
3. في المصدر: " الأعاجم ".
4. في " د ": " مكتوبا " وفي المصدر: " مكتوما ".
5. سانحات دمى القصر 2: 128 ونقله المحبي في خلاصة الأثر 3: 442؛ وانظر أعيان الشيعة 9: 241.
511

البوريني إلى المجلس رأى فيه صاحب الترجمة بهيئة السياح وهو في
صدر المجلس والجماعة محدقون به، وهم متأدبون غاية التأدب،
فعجب البوريني وكان لا يعرفه ولم يسمع به فلم يعبأ به ونحاه عن
مجلسه وجلس غير ملتفت إليه، وشرع على عادته في بث رقائقه
ومعارفه إلى أن صلوا العشاء.
ثم جلسوا فابتدر البهائي في نقل بعض المناسبات، وانجر إلى الأبحاث،
فأورد بحثا في التفسير عويصا، فتكلم عليه بعبارة سهلة فهمها الجماعة
كلهم، ثم دقق في التعبير حتى لم يبق يفهم ما يقول إلا البوريني.
ثم أغمض في العبارة فبقي الجماعة كلهم والبوريني معهم صموتا
جمودا لا يدرون ما يقول غير أنهم يسمعون تراكيب واعتراضات
وأجوبة تأخذ بالألباب، فعندها نهض البوريني واقفا على قدميه وقال:
إن كان ولابد فأنت البهائي الحارثي إذ لا أجد بهذه المثابة إلا ذاك واعتنقا
وأخذا بعد ذلك في إيراد أنفس ما يحفظان، وسأل البهائي من البوريني
كتمان أمره وافترقا تلك الليلة، ثم لم يقم البهائي فأقلع إلى حلب.
وذكر الشيخ أبو الوفا العرضي في ترجمته قال: قدم حلب مستخفيا في
زمن السلطان مراد بن سليم مغيرا صورته بصورة رجل درويش،
فحضر درس الوالد يعني الشيخ عمر، وهو لا يظهر أنه طالب علم حتى
فرغ من الدرس، فسأله عن أدلة تفضيل الصديق على المرتضى، فذكر
حديث " ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين أفضل من
أبي بكر " (1)، وأحاديث مثل ذلك كثيرة (2). فرد عليه، ثم أخذ يذكر أشياء

1. سنن الترمذي 5: 918 / 3684، باب مناقب عمر؛ وانظر كنز العمال 11: 557 / 32622.
2. أنظر صحيح مسلم 5: 7 - 17، الباب 1 فضائل أبي بكر؛ وسنن الترمذي 5: 606، الباب 14 والباب
15، باب مناقب أبي بكر وعمر.
512

كثيرة تقتضي تفضيل المرتضى فشتمه الوالد وقال له: رافضي شيعي
وسبه، فسكت.
ثم إن صاحب الترجمة أمر بعض تجار العجم أن يصنع وليمة ويجمع
فيها بين الوالد وبينه، فاتخذ التاجر وليمة ودعاهما فأخبره أن هذا هو
الملا بهاء الدين عالم بلاد العجم، فقال للوالد: شتمتمونا، فقال له: ما
علمت أنك الملا بهاء الدين، ولكن إيراد مثل هذا الكلام بحضور العوام
لا يليق، ثم قال: أنا سني أحب الصحابة، ولكن كيف أفعل سلطاننا
شيعي ويقتل العالم السني، قال: وكان كتب قطعة من التفسير باسم شاه
عباس فلما دخل بلاد السنة قطع الديباجة وبدلها، وذكر أنه كتب ذلك
باسم السلطان مراد، ولما سمع بقدومه أهل جبل عامل تواردوا عليه
أفواجا أفواجا، فخاف أن يظهر أمره فخرج من حلب. انتهى (1).
وسياق كلام العرضي يقتضى أن دخوله في حلب كان في خروجه من العجم
قاصدا للحج.
[وفاة الشيخ البهائي وكلام بعض المنجمين]
وقد ذكر بعض المنجمين: (2)
أن في سنة ألف وثلاثين تطرق رجوع المريخ في العقرب، فتطرق في
الخاطر بعد كمال التدبر أنه يموت من العلماء من يوجب موته وهنا في
المذهب، ولما كان الشيخ البهائي أكمل علماء الزمان فغلب على الظن
أنه يموت، وكان السلطان شاه عباس في أشرف المازندران وذكرت له

1. معادن الذهب: 287 / 54 ونقله المحبي في خلاصة الأثر 3: 443، وانظر أعيان الشيعة 9: 237.
2. المقصود ببعض المنجمين هو الفاضل المولى مظفر المنجم في كتاب تنبيهات المنجمين، وحكى كل
هذا النوري في خاتمة المستدرك 2: 81، الفائدة الثالثة.
513

الواقعة وقلت: لا تصل الدغدغة إلى الخاطر؛ فإن الدولة قوية، ولا مفر
عن القضاء، وبعد أربعة أشهر صار الشيخ مريضا في أسبوع ومات، ثم
مات بعده الشيخ محمد سبط الشهيد الثاني (1).
أقول: إن مقتضى ما ذكر كون وفاة شيخنا البهائي في سنة ثلاثين بعد الألف
وهو مقتضى ما تقدم من الشيخ على ما في الدر المنثور من أن وفاته كانت في
السنة التي توفي فيها والده، وهي سنة ثلاثين بعد الألف.
وقد حكي أيضا عمن صاحب ولده (2) أنه كتب تاريخ وفاة والده وعينه في ليلة
الاثنين العاشر من شهر ذي القعدة الحرام سنة ثلاثين بعد الألف، فمقتضى ما
سمعت من بعض المنجمين - من أن وفاة الشيخ محمد كانت في سنة وفاة شيخنا
البهائي - هو كون وفاة شيخنا البهائي في سنة ثلاثين بعد الألف، وهو مقتضى ما
حكاه في الأمل عن المشايخ كما تقدم (3)، وكذا ما حكاه في اللؤلؤة عن قائل كما
تقدم أيضا (4)، لكن قد تقدم عن الأمل أنه حكى عن السلافة أن شيخنا البهائي توفي
في سنة إحدى وثلاثين (5)، وتقدم أيضا عن اللؤلؤة القول به (6).
ويمكن أن يقال: إنه لا منافاة بين ما ذكره بعض المنجمين وما قيل من أن وفاة
شيخنا البهائي كانت في سنة إحدى وثلاثين بعد الألف؛ لأنه لم يذكر أن الوفاة
كانت في سنة ثلاثين، بل ذكر أن رجوع المريخ في العقرب كان في سنة ثلاثين،
فلعل الرجوع كان في أواخر سنة ثلاثين، وكان القضاء أربعة أشهر، أعني زمان

1. الدر المنظوم والمنثور 2: 213.
2. في " ح " و " د ": " والده " والأنسب ما أثبتناه.
3. أمل الآمل 1: 158.
4. لؤلؤة البحرين: 22.
5. سلافة العصر: 291؛ وانظر أمل الآمل 1: 158.
6. لؤلؤة البحرين: 22.
514

الوفاة في سنة إحدى وثلاثين.
اللهم إلا أن يلزم كون رجوع المشتري في غير أواخر السنة على حسب
قواعد الهيئة.
لكن منافاة ما جرى عليه في الأمل واللؤلؤة، وما حكاه الأول عن المشايخ
وحكاه الثاني عن قائل، بحالها.
[فيما حكاه نظام الساوجي]
وفي آخر الجامع العباسي حكى نظام الساوجي:
أنه سمع عن شيخنا البهائي أن يوما حضر السلطان مجلس درس الشيخ
وكان البحث في العاقلة، فسأل السلطان عن معنى العاقلة، فأجاب
الشيخ بأن العاقلة جماعة يؤخذ منهم الدية لو قتل شخص خطأ، فقال
السلطان: ما الحكمة في أخذ الدية من الجماعة - مع كون الجناية خطأ
من غيرهم؟ فأجاب الشيخ بأن الظاهر أن الحكمة أن الجماعة لما علموا
أن الدية تؤخذ منهم فيمانعون القريب عن الملاهي الموجبة للقتل
خطأ، ويحافظونه عنها؛ فينسد طريق قتل الخطأ. فقال السلطان: إن
الحكمة أن الجماعة لما أخذت الدية منهم فيصير القريب خجلا منهم
ولا يأتي بالقتل الخطأ بعد ذلك (1).
[فيما ذكره الشيخ البهائي في سن الخنزير]
ومن شيخنا البهائي في حاشية الفقيه عند الكلام في نجاسة مالا تحله الحياة
من نجس العين أنه قال:
إن سلطان زماننا - خلد الله ملكه، وأجرى على بحار التأييد فلكه - عرض

1. الجامع العباسي: 453.
515

له يوما - وهو في مصيدة - خنزير عظيم الجثة، طويل السن الخارج،
فضربه بالسيف ضربة نصفه بها، ثم أمر بقلع سنه والإتيان بها إليه، فوجد
مكتوبا عليها لفظ الجلالة بخط بين، فحصل له ولنا ولمن حضر
المصيدة من العسكر المنصور نهاية التعجب؛ فإن ذلك من أغرب
الغرائب.
ولما أرانيها - أدام الله نصره وتأييده - قال لي: كيف يجتمع هذا مع نجاسة
الخنزير، فعرضت لديه أن السيد المرتضى قائل بطهارة مالا تحله الحياة
من نجس العين (1)، ووجود هذا الخط على هذا السن ربما يؤيد كلامه
طاب ثراه؛ فإن السن مما لا تحله الحياة.
وكان بعض الأطباء حاضرا في المجلس الأشرف، فقال لي: قد صرح
الشيخ في القانون بأن بعض العظام لها حياة، وأن السن من جملة تلك
العظام، فتكون مما تحله الحياة ألبتة.
فقلت له: كلام ابن سينا غير رائج عندنا بعد ما نقله علمائنا - قدس الله
أرواحهم - عن أئمتنا - سلام الله عليهم - من أن السن مما لا تحله الحياة،
وأنها كالظفر والشعر والقرن، فحرك رأسه ولوى عنقه مشمئزا مما قلته
استعظاما لابن سينا، فأردت كسر سورة استعظامه، فقلت له: إن لي مع
ابن سينا في هذا المقام بحثا لا مخلص له منه، وهو أنه ناقض نفسه في
هذا الكلام الذي نقلته أنت عنه؛ لأنه ذكر في بعض أمراض الأسنان من
القانون أنها من جملة العظام التي ليس لها حس وقال في بحث تشريح
الأسنان: ليس لشيء من العظام حس إلا الأسنان، وظاهر أن تلك العبارة
موجبة جزئية فيثبت الحس للبعض، وتلك سالبة كلية تنفيه عن الكل،
وهل هذا إلا عين التناقض؟! فطأطأ رأسه وقال: أراجع القانون فقلت:

1. المسائل الناصرية (ضمن الجوامع الفقهية): 182.
516

راجعه ألف مرة (1).
أقول: إن نظير ما أورد به شيخنا البهائي على ابن سينا ما أورد به الوالد الماجد
على ما ذكره في نهاية الإحكام والمدارك من أن الصلاة أفضل الأعمال استدلالا
بوجوه (2).
[فيما حكى عن الشيخ البهائي في بعض الأمور]
وحكى أول المجلسيين في بعض كلماته عن شيخنا البهائي أنه حكى أنه أراد
أن يزور مع شاه عباس قبر بابايزيد، فمنع منه عالم شيرازي، وقال: إنه سني، فقال
شيخنا البهائي للعالم المشار إليه: ليس لك أن تطعن في أهل جبل عامل بالتسنن،
على رؤوس بيوتكم مكتوب:
سنيان! لعن بر امام شما * بر نماز على الدوام شما
ناتماميد در مسلمانى * اى دو صد لعن بر تمام شما
فأصر شيخنا البهائي في حسن حال بابا يزيد، فذهب مع شاه عباس إلى قبر
بابا يزيد ليزوراه، وكان هناك مثنوي فتفألا في حال بابا يزيد فجاء:
از برون طعنه زنى بر با يزيد * از دورونت ننگ مى دارد يزيد
وحكى أول المجلسيين أيضا في رسالته العملية عن شيخنا البهائي أنه قال:
" من أتى بقراءة دعاء أبي حمزة المعروف، فهو سكران محبة الله سبحانه مدة
أسبوع ".
وحكى العلامة المجلسي في البحار، وكذا في الرسالة المعمولة في الاستخارة
المسماة بمفاتح الغيب وهي فارسية:

1. حاشية الفقيه غير موجودة لدينا، ونقله عنه في روضات الجنات 7: 73 حيث نقل كل القصة، وبعدها
رد ما احتمله البهائي.
2. أنظر نهاية الإحكام 1: 307؛ ومدارك الأحكام 3: 6.
517

أنه سمع عن والده يروي عن شيخه البهائي أنه كان يقول: سمعنا مذاكرة
عن مشايخنا عن القائم صلوات الله عليه في الاستخارة بالسبحة أنه
يأخذها ويصلي على النبي صلوات الله عليه وعليهم ثلاث مرات،
ويقبض على السبحة، ويعد اثنتين اثنتين، فإن بقيت واحدة، فهو افعل،
وإن بقيت اثنتان، فهو لا تفعل (1).
أقول: قد حكي عن الوالد الماجد (رحمه الله) أنه كان يقول: إجازة السيد السند العلي
عن مشايخه عن مولانا الصاحب (عليه السلام) في باب الاستخارة على ما ذكر.
وحكي في البحار أيضا عن والده، عن الشيخ البهائي، عن المولى الفاضل
جمال الدين محمود (رحمه الله) عن أستاذه العلامة الدواني، عن بعض أصحابه قال:
ذهبت إلى الخلاء فظهرت لي حية فقتلتها، فاجتمع علي جم غفير
وأخذوني وذهبوا بي إلى ملكهم وهو جالس على كرسي وادعوا علي
قتل والدهم وولدهم وقريبهم، فسألني عن ديني، فقلت: أنا من أهل
الإسلام، فقال: اذهبوا به إلى ملك المسلمين، فليس لي أن أقضي عليهم
بعهد (2) من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فذهبوا بي إلى شيخ أبيض الرأس واللحية
وجالس على سرير، وقعت حاجباه على عينيه، فرفعهما، ولما قصصنا
عليه القصة قال: اذهبوا به إلى المكان الذي أخذتموه منه وخلوا سبيله؛
فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " من تزيى بغير زيه فدمه هدر " (3) فجاؤوا
بي إلى هذا المكان وخلوا سبيلي (4).
وذكر في السلافة نقلا:

1. بحار الأنوار 88: 250.
2. في " ح ": " عهد ".
3. انظر سفينة البحار 1: 675، 3: 589 حيث فيها: " إن أول من نقل هذا الحديث هو الشيخ الجني ".
4. بحار الأنوار 107: 123 مع تفاوت.
518

أنه أخبرني غير واحد أن السلطان شاه عباس توجه إلى زيارة شيخنا
البهائي يوما، فرأى بين يديه من الكتب ما ينوف على الألوف، فقال له
السلطان: هل في العالم عالم يحفظ جميع ما في هذه الكتب؟ فقال
شيخنا البهائي: لا، وإن يكن فهو الميرزا إبراهيم.
وقد ذكر في السلافة حال الميرزا إبراهيم، وحكى عنه مكاتبة إلى شيخنا
البهائي، ورأيت في بعض المجاميع مكاتبة من شيخنا البهائي إلى ميرزا إبراهيم،
والظاهر - بل بلا إشكال - اتحاد الكاتب والمكتوب إليه (1).
وفي المجمع في قرمط:
وعن شيخنا البهائي أنه في سنة عشر وثلاثمائة دخلت القرامطة إلى مكة
في أيام الموسم، وأخذوا الحجر الأسود، وبقي عندهم عشرين سنة،
وقتلوا خلقا كثيرا، وممن قتلوا علي بن بابويه (2) وكان يطوف فما قطع
طوافه، فضربوه بالسيف فوقع على الأرض وأنشد:
ترى المحبين صرعى في ديارهم * كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا (3)
أقول: القرامطة جيل من الإسماعيلية جمع قرمطي، كما في حاشية أصول
الكافي بخط العلامة المجلسي.
وفي المجمع في السين:
قال الشيخ البهائي: قال الشيخ العارف مجد الدين البغدادي، قال: رأيت

1. سلافة العصر: 488.
2. ورد في هامش بعض نسخ الخطبة هذه الملاحظة نثبتها بألفاظها هنا: إن كان المراد بعلي بن بابويه
والد الصدوق، فالظاهر من كلمات علماء الرجال خلافه؛ لأن المستفاد منهم أنه توفي سنة تناثر
النجوم، وأنه لم يقتل بل مات حتف أنفه، وأنه لم يكن في الحج، بل مرقده في بلدة قم معروف، وبقعته
مشهورة فيها تزار. ويحتمل أن يكون المراد غيره، وأنه أحد أهل التصوف كما يظهر من شعره المذكور.
لمحرره محمد هاشم الموسوي عفي عنه.
3. مجمع البحرين 2: 493 (قرمط).
519

النبي (صلى الله عليه وآله) في المنام فقلت: ما تقول في حق ابن سينا؟ فقال (صلى الله عليه وآله): " هو رجل
أراد أن يصل بلا وساطتي فحجبته هكذا بيدي، فسقط في النار (1) ".
[محاورة بين السيد الداماد والشيخ البهائي]
وقيل: وجدت بخط (قد نقل عن خط) (2) أفضل متأخري الإشراقيين السيد
الداماد وأرسله إلى جناب الشيخ البهائي:
از قرص فلك بجز جوى بيش مخور * انگشت عسل مخواه وصد نيش مخور
از لقمه ألوان شهان دست بدار * خون دل صد هزار درويش مخور
قال الشيخ البهائي في الجواب:
زاهد! به تو طاعت ريا ارزانى * من دانم وبى ديني وبى ايمانى
كر باش چنان ميزن بزن * من كافر ومن يهودي ونصراني
وعن السيد الداماد هذا الرباعي أيضا:
اى سر حقيقت اى كان سخا * در مشكل اين حرف جوابي فرما
گوئى كه خدا بود ودگر هيچ نبود * چون هيچ نبود پس كجا بود خدا
وعن شيخنا البهائي في الجواب:
اى صاحب مسأله تو بشنو از ما * تحقيق بدان كه لا مكانست خدا
خواهى كه ترا كشف شود اين معنى * جان در تن تو بگو كجا دارد جا (3)
وقال السيد الداماد نقلا في الرسالة التي ألفها في الآداب وأدعية الأيام الأربعة
يوم دحو الأرض، ويوم الغدير، ويوم المولود، ويوم المبعث:

1. مجمع البحرين 1: 469.
2. ما بين القوسين ليس في " د ".
3. أنظر روضات الجنات 7: 69.
520

إنه بعد الفراغ عن الصراط المستقيم بستة وثلاثين سنة في قزوين في
يوم من الأيام الأربعة المذكورة على ظهر مسجد " پنجه علي " كنت
جاريا على تعليم الزيارة للسلطان شاه عباس على تقديم الصلاة على
الزيارة، وبعض المعاصرين - المقصود به شيخنا البهائي - مع كمال
شهرته صار معارضا، وقال على وجه التعجب: كيف يكون صلاة
الزيارة قبل الزيارة، والصلاة لابد أن تكون مؤخرة، والفقير قلت (1) في
الجواب: وقع اشتباه لكم، لو كانت الزيارة عن قرب، فالصلاة مؤخرة
عن الزيارة، وإن كانت عن بعد، فالزيارة مؤخرة عن الصلاة، والمجادلة
والمناظرة قد طالت، وآخر الأمر أحضرت الكتب، وبالعبارات
الصريحة إلزام المعاصر المناظر وإسكاته تحصل.
ولما كانت المسألة غريبة ودقيقة أذكر بعض عبارات الأصحاب من باب
" ليطمئن قلبي " لكيلا تتطرق الوسوسة في خاطر المتعلمين:
قال ابن زهرة الحلبي - وحققت اسمه في كتاب ضوابط الرضاع (2) - في
كتاب الغنية هذه العبارة قال: " وأما صلاة الزيارة للنبي (صلى الله عليه وآله) أو لأحد من
الأئمة (عليهم السلام) فركعتان عند الرأس بعد الفراغ عن الزيارة، فإن أراد الإنسان
الزيارة لأحدهم - وهو مقيم في بلده - قدم الصلاة ثم زار عقيبها " (3).
وشيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي - نور الله تعالى مرقده - في كتاب
مصباح المتهجد في باب فضل يوم الجمعة روى عن الصادق (عليه السلام) أنه قال:
" من أراد أن يزور قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقبر أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة
والحسن والحسين وقبور الحجج (عليهم السلام) فليغتسل في يوم الجمعة ويلبس
ثوبين نظيفين، وليخرج إلى فلاة من الأرض، ثم يصلي أربع ركعات

1. كذا. والأولى: " قال ".
2. ضوابط الرضاع (كلمات المحققين): 40 الرسالة الأولى.
3. الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): 503.
521

يقرأ فيها ما تيسر من القرآن، فإذا تشهد وسلم فليقم مستقبل القبلة
وليقل: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، إلى آخر الزيارة ".
وفي رواية أخرى " افعل ذلك على سطح دارك ".
ويستحب زيارة أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام) مثل ذلك بعد أن
يغتسل ويعلو سطح داره أوفي مفازة من الأرض ويومئ إليه بالسلام
ويقول: السلام عليك يا مولاي وسيدي، إلى آخر (1).
وفي زيارة يوم عاشوراء من بعد رواية علقمة بن محمد الحضرمي عن
أبي جعفر الباقر (عليه السلام) تقديم الصلاة وتأخير (الزيارة) في المصباح مذكور (2).
وعروة الإسلام أبو جعفر بن بابويه - رضوان الله تعالى عليه - في كتاب
من لا يحضره الفقيه ذكر باب ما يقوم مقام زيارة الحسين وزيارة غيره
من الأئمة (عليهم السلام) لمن لا يقدر على قصده لبعد المسافة، روى ابن أبي عمير
عن هشام قال، قال أبو عبد الله (عليه السلام): " إذا بعدت لأحدكم الشقة ونأت به
الدار فليصعد أعلى منزله، وليصل ركعتين، وليؤم بالسلام إلى قبورنا،
فإن ذلك يصل إلينا " (3).
وشيخنا الشهيد محمد بن مكي - قدس الله نفسه القدسية - في كتاب
الذكرى ذكر صلاة الزيارة عن قرب قبر رسول الله أو أمير المؤمنين أو
أحد من الأئمة عليهم الصلاة والسلام وقال: و " هي ركعتان بعد الفراغ
من الزيارة تصلي عند الرأس ". وبعد هذا قال: " قال ابن زهرة - رحمه الله
تعالى -: من زار وهو مقيم في بلده قدم الصلاة ثم زار عقيبها " (4). (5)

1. مصباح المتهجد: 289.
2. مصباح المتهجد: 773.
3. من لا يحضره الفقيه 2: 361 / 1617، باب ما يقوم مقام زيارة الحسين (عليه السلام).
4. ذكرى الشيعة 4: 287. وانظر الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): 503.
5. انتهى كلام الداماد في رسالته في الآداب والأدعية ورسالته هذا غير موجودة لدنيا.
522

[الكلام في ابن زهرة:]
قوله: " وحققت اسمه في كتاب ضوابط الرضاع " ذكر في المتن أن
ابن زهرة هو السيد عز الدين حمزة بن علي بن زهرة الحلبي صاحب كتاب
الغنية.
وحكى في الحاشية عن الذكرى في باب صلاة الجماعة أنه قال:
وقال السيد عز الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة: ولا يصح
الايتمام بالأبرص والمجذوم والمحدود والزمن والخصي والمرأة إلا
لمن كان مثلهم؛ بدليل الإجماع وطريقة الاحتياط. ويكره الايتمام
بالأعمى، والعبد، ومن يلزمه التقصير، ومن يلزمه الإتمام، والمتيمم إلا
لمن كان مثلهم (1).
وكذا حكي عن ابن شهرآشوب في معالم العلماء: إن ابن زهرة حمزة بن
علي بن زهرة الحسيني الحلبي وكتابه غنية النزوع (2).
وذكر في المتن أيضا: إن ابن زهرة عم قدوة المذهب السيد السعيد محيي
الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة (3).
وفي الأمل في باب الكنى: " ابن زهرة حمزة بن علي بن زهرة " (4).
وعن رياض العلماء:
أنه حكي عن بعض نسبة كتاب الوسيلة إلى السيد حمزة، يعني ابن زهرة
قال: وهو غلط فاحش، وهو قد ذكر أن المراد بابن حمزة في الأغلب

1. ذكرى الشيعة 4: 404، وفيه: " حمزة بن زهرة ". وانظر الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): 498، ولم
يذكر الأعمى.
2. معالم العلماء لابن شهر آشوب: 46.
3. معالم العلماء: 46.
4. أمل الآمل 2: 105 / 293.
523

الشيخ الأجل الفقيه عماد الدين أبو جعفر محمد بن علي بن حمزة بن
محمد المشهدي الطوسي المعروف بابن حمزة، وبأبي جعفر الثاني،
وبأبي جعفر الطوسي المتأخر، وهو صاحب الوسيلة وغيره من
المؤلفات.
وقد يطلق أيضا على الشيخ نصير الدين علي بن حمزة بن الحسن
الطوسي، ويطلق أيضا نادرا على الشيخ نصير الدين عبد الله بن
حمزة بن الحسن بن علي الطوسي المشهدي أستاذ قطب الدين
الكيدري، وهما أيضا من سلسلة ابن حمزة الأول، وقد سهى شيخنا
المعاصر في باب الكنى من أمل الآمل، وغيره في غيره، فجعلوا
المشهور بابن حمزة هو الشيخ الجليل الحسن بن حمزة الحلبي (1).
أقول: إنه يترأى - أي بادي الرأي - أن ابن حمزة الثاني والد ابن حمزة الأول،
لكن قوله: " وهما أيضا من سلسلة ابن حمزة الأول " يضايق عنه؛ إذ لا يطلق على
والد الشخص أنه من سلسلته، مضافا إلى أن عليا في الأول سبط محمد، وفي
الثاني سبط الحسن؛ فعلي بن حمزة في الثاني غير علي بن حمزة في الأول.
قوله " وفي زيارة عاشوراء من بعد رواية علقمة بن محمد الحضرمي عن
أبي جعفر الباقر (عليه السلام) " إلى آخره (2) من العجيب كل العجب أنه استند (3) إلى أحد
المتعارضين وأغمض عن الآخر؛ لمعارضة الرواية المذكورة بما رواه صفوان من
فعل أبي عبد الله (عليه السلام) من تقديم الزيارة على الصلاة (4)، والتعارض في المقام معروف.
مع أن دلالة ذاك الحديث على تقديم الصلاة إنما تتم لو كان ما رواه علقمة

1. رياض العلماء 1: 181 و 6: 17، وانظر أمل الآمل 2: 361، باب الكنى.
2. مصباح المتهجد: 773.
3. في " ح ": " أسند ".
4. مصباح المتهجد: 777.
524

عن أبي جعفر (عليه السلام) من أجزاء تلك الرواية " إذا أنت صليت الركعتين بعد أن تومئ
إليه بالسلام، فقل عند الإيماء إليه من بعد التكبير ". وأما لو كان قوله: " فقل "
و " قلت " - كما عن بعض النسخ - فمقتضاه تقديم الزيارة (1).
وبعد هذا أقول: إن شيخنا البهائي في الجامع العباسي بنى على تقديم الزيارة
مطلقا، وحكى عن بعض المجتهدين القول بتقديم الصلاة في البعيد (2)، ولعله (3) كان
بعد واقعة السيد الداماد؛ بل هو الظاهر؛ إذ مقتضى ما نقل عنه السيد الداماد كمال
التحاشي عن تقديم الصلاة، ومقتضاه عدم الاطلاع على القول بتقديم الصلاة من
قائل، وقد حكى في الجامع العباسي عن بعض المجتهدين القول بتقديم الصلاة
للبعيد (4)، كما سمعت.
[تشنيع الداماد على البهائي في دعاء زيارة عاشوراء]
والسيد الداماد قد عنون في أواخر الرواشح كلمات وقع التصحيف فيها من
معاصريه، وأظهر الحق فيها مع التشنيع على المعاصرين (5)، وكذا عمل رسالة في
تلك الكلمات وأتى بالحق والتشنيع؛ والظاهر أن مورد بعض تشنيعاته هو شيخنا
البهائي، كما حكي عن بعض معاصريه، وقال:
وهو في ظنه أعربهم لسانا وأمثلهم طريقة: وهو دعاء زيارة عاشوراء
" اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين (عليه السلام) وشايعت وبايعت
وتايعت على قتله " قال: كلتاهما بالمثناة من تحت بعد الألف، وقبلها
موحدة في الأولى ومثناة من فوق في الثانية كتخصيص بعد التعميم؛ إذ

1. في " د " زيادة: " مطلقا ".
2. الجامع العباسي: 167.
3. أي: لعل الحكاية. وتذكر الضمير باعتبار النقل.
4. الجامع العباسي: 167.
5. الرواشح السماوية: 141.
525

المبايعة بالباء الموحدة مفاعلة من البيعة بمعنى المعاقدة والمعاهدة،
سواء كانت على الخير أم على الشر، والمتابعة بالتاء المثناة من فوق،
معناها المجازاة والمساعاة والمهافتة والمعاضدة على الشر، ولا يكون
في الخير.
وكذلك التتايع التهافت في الشر والتسارع إليه مفاعلة وتفاعلا من
التيعان يقال: تاع يتيع تيعا وتيعانا: خرج، وتاع الشيء ذاب وسال على
وجه الأرض، وتاع إلى كذا: إذا ذهب إليه وأسرع (1).
وبالجملة، بناء المفاعلة والتفاعل منه لا يكون إلا في الشر، والمصحف
المغلاة صحفها، فظنها " تابعت " بالتاء المثناة والباء الموحدة (2).
وسقم نسخا قديمة مصححة من مصباح المتهجد بحك إحدى النقطتين،
وجماهير القاصرين سائرون مسيره في هذا التصحيف.
أقول: وقد سمعت أن بعضا حكى أن بعض النسخ القديمة كان بالتاء المثناة
والباء الموحدة.
وقد ذكر العلامة المجلسي في البحار إجازته لجماعة وإجازة والده له
ولأخيه أبي تراب عبد الصمد بإجازة واحدة، وتاريخ الإجازة متحد مع ما ذكر من
تاريخ إجازة والده له في أول أربعينه، وهو يوم الثلاثاء شهر رجب المرجب سنة
إحدى وسبعين وتسعمائة بالمشهد المقدس الرضوي (3)، وكذا إجازة والده للسيد
الداماد (4).

1. أنظر ترتيب كتاب العين 1: 232؛ ومجمع البحرين 1: 303 (تيع).
2. الرواشح السماوية: 142 - 143.
3. بحار الأنوار 105: 190، إجازة الشيخ حسين بن عبد الصمد لولديه الجليلين الشيخ بهاء الدين
والشيخ أبي تراب عبد الصمد؛ الأربعين للعلامة المجلسي: 4.
4. بحار الأنوار 106: 87.
526

[في تاريخ وفاة شيخنا البهائي]
وقال الشيخ صالح البحراني في تاريخ وفاة شيخنا البهائي نقلا:
بدر العراقين خفى ضوؤه * ونير الشام وبدر الحجاز
أردت تاريخا فلم اهتد * له فألهمت قل: الشيخ فاز (1)
وعندي نسخة من شرح دراية الشهيد الثاني، وهو كان من كتب شيخنا
البهائي، وفي آخره: تمت الرسالة بعون الملك الوهاب، وقد جاءني من شيخي
بكتابتها الخطاب، فكتبتها مغتنما ممتثلا مطيعا للثواب، وقد صار " مالكه الشيخ "
تاريخ الكتاب. 1006 ه‍. ق.
[في كلمات كانت بخط شيخنا البهائي]
وفي بعض حواشيه تعليق بخط شيخنا الشيخ البهائي، وفي ظهره بخط
شيخنا البهائي:
حكى لي والدي - قدس الله سره - أن شيخنا الشيخ زين الدين مؤلف هذا
الكتاب حكى له أنه رأى في المنام أنه كان علماء الإمامية مجتمعين في
منزل السيد المرتضى قال: فدخلت إلى ذلك المجلس، فقال لي السيد
المرتضى، اجلس لجنب (2) الشيخ الشهيد. وإنما أظن أني أقتل كما قتل (رحمه الله).
وفي ظهره أيضا بخطه:
نقلت من خط والدي - قدس الله روحه - توفي شيخنا الأعظم وأستاذنا
المعظم زين الملة والحق والدين مؤلف هذا الكتاب - رفع الله درجته في
عليين وحشره مع الأئمة الطاهرين - شهيدا غريبا بقسطنطينية من

1. حكاه عنه البحراني في أنيس الخاطر 2: 245، وعلى هذا فيكون تاريخ وفاته 1029 ه‍. ق. وانظر
روضات الجنات 7: 79.
2. في " د ": " بجنب ".
527

ممالك الروم سنة خمس وستين وتسعمائة، وكانت ولادته في سنة
إحدى عشرة وسبعمائة، وقبضوه بأمر السلطان سليمان ملك الروم في
مكة المشرفة ثامن عشر ربيع الأول من السنة المذكورة، وكان قبضه في
المسجد الحرام بعد فراغه من صلاة العصر وبقي محبوسا في مكة
المشرفة شهرا وأربعة أيام، ثم ساروا به على طريق البحر إلى صوب
قسطنطينية وقتلوه بها في تلك السنة، وبقي جسده الشريف مطروحا
ثلاثة أيام ثم ألقوه في البحر قدس الله نفسه كما شرفت خاتمته.
وفي ظهره أيضا بخطه:
شمس الدين محمد بن مكي قدس الله روحه كما شرفت خاتمته قتيلا
برحبة قلعة الشام في سوق الجمال يوم الخميس تاسع عشر جمادى
الأولى سنة ست وثمانين وسبعمائة بعد أن كان مسجونا في القلعة
المذكورة قرب سنة، ونقل فيها إلى ثلاثة أبراج، وكانت ولادته سنة أربع
وثلاثين وسبعمائة، وتوفي ولده ضياء الدين علي (رحمه الله) في شعبان سنة
ست وخمسين وثمانمائة.
[في سجع خاتم شيخنا البهائي]
وقيل: إنه كان سجع خاتمه على بعض المواضع: بهائي من بهى.
ولعل الأنسب ما كتب الفاضل الهندي بعد فراغه من بعض المطالب: وكتب
الهباء المعروف بالبهاء (1).
لكن عندي نسخة من الزبدة وفي آخرها خاتم شيخنا البهائي وسجعه " بهاء
الدين محمد " وفي ظهره الأول: " ابتياعي از متروكات مرحوم شيخ بهاء الدين در
بلده طيبه نجف أشرف " وحكى نقلا " أن تلامذته كانوا يستفيدون منه يوم التعطيل

1. كشف اللثام 1: 76، وانظر نسخة مكتبة السيد المرعشي النجفي رقم 3767.
528

أكثر من الاستفادة في يوم التحصيل؛ لأنه كان يلقي إليهم من فنون العلم ونوادر
الأخبار والأشعار الفائقة والحكايات الرائقة ".
[سر اشتهار مؤلفاته]
وقد حكى المحدث الجزائري في أوائل شرح التهذيب أن عادة شيخنا
البهائي في جميع مصنفاته على تعظيم اسم الله سبحانه بنحو " سبحانه " وتعظيم
النبي (صلى الله عليه وآله) بالصلاة عليه وآله، وتعظيم أسماء الصحابة بنحو " رضي الله عنه "
والعلماء بالترحيم. قال: " وما أظن أن مؤلفاته رزقت هذا الحظ الوافر من الاشتهار
إلا لهذا وأمثاله " (1).
وقد حكى بعض أن الشيخ علي المنشار زين الدين العاملي كان من تلامذة
المحقق الثاني، والمحقق المشار إليه كان شيخ الإسلام، وبعد وفاته جعل الشيخ
المشار إليه شيخ الإسلام بإصبهان، وهو كان صهرا لشيخنا البهائي، ثم انتقل بعد
وفاته منصب شيخوخة الإسلام إلى الشيخ البهائي، وكان هو الباعث على قدوم
والد الشيخ البهائي إلى بلاد العجم وصيرورته مقربا عند السلطان.
وعن كتاب حدائق المقربين:
أنه جاء يوما إلى زيارة شيخنا البهائي المولى عبد الله التستري، فجلس
عنده ساعة إلى أن أذن المؤذن، فقال الشيخ للمولى المذكور: صل لأن
نقتدي بك ونفوز بفوز الجماعة، فتأمل المولى المذكور ساعة، ثم قام
ورجع إلى المنزل ولم يرض بالصلاة في الجماعة هناك، فسأله بعض
أحبته عن ذلك، وقال: مع غاية اهتمامك في الصلاة في أول الوقت كيف
لم تجب الشيخ الكذائي إلى مسؤوله؟! فقال: راجعت نفسي سريعة،

1. شرح التهذيب مخطوط.
529

فلم أر نفسي لا تتغير بإمامتي لمثله، فلم أرض بها (1).
[في أحوال والد الشيخ البهائي]
وحكى في رياض العلماء في ترجمة والد شيخنا البهائي عن المولى مظفر
علي (2) في رسالته في أحوال شيخنا البهائي:
أن والد شيخنا البهائي توجه في زمان السلطان شاه طهماسب (3) الصفوي
من بلاد جبل عامل مع جميع توابعه وأهل بيته إلى إصفهان، واشتغل
بإفادة العلوم الدينية، ثم عرض خبر وروده الشيخ الفاضل الشيخ علي
الملقب بالمنشار - وكان شيخ الإسلام بإصفهان - إلى السلطان وهو كان
في قزوين، فكتب السلطان بخطه إلى والد شيخنا البهائي، وطلب
حضوره، فتوجه والد شيخنا البهائي إلى قزوين، ووصل إلى خدمة
السلطان، وهو قد عظمه غاية التعظيم، وجعله شيخ الإسلام واستمر
على ذلك سبع سنين، وكان يقيم صلاة الجمعة، ثم جعله السلطان شيخ
الإسلام في المشهد الرضوي على مشرفه آلاف السلام والتحية.
ثم أمر السلطان بأن يتوجه والد شيخنا البهائي إلى هراة لخلوها عن
العالم وعن التدين بالمذهب الاثني عشري، فتوجه إليها، وأقام بها في
كمال العزة ثمان سنين، ثم توجه إلى قزوين ليحصل رخصة لزيارة بيت
الله لنفسه ولابنه شيخنا البهائي، فرخص السلطان له دون ولده وأمر
بإقامته هناك، فتوجه والد شيخنا البهائي إلى زيارة بيت الله ورجع من
طريق البحرين وأقام بها، وكتب إلى ابنه أنك إن تطلب محض الدنيا

1. حدائق المقربين غير موجود لدينا، وهو للعالم الجليل الأمير محمد صالح الخاتون آبادي صهر
العلامة المجلسي، ونقل القصة في خاتمة المستدرك 2: 205.
2. المولى مظفر علي من تلامذة الشيخ البهائي، له رسالة في أحوال الشيخ البهائي بالفارسية.
3. في " د ": " شاه عباس ".
530

فلابد أن تذهب إلى بلاد الهند، وإن كنت تريد العقبى فلابد أن تجيء إلى
البحرين، وإن كنت لا تريد الدنيا ولا العقبى فتوطن ببلاد عراق العجم (1).
وحكى في التوضيح عن شيخنا البهائي أنه ذكر أن من كتب العلامة شرح
الإشارات ولم يذكره في عداد الكتب التي ذكرها في الخلاصة وهو موجود عندي
بخطه (2).
وذكر في رياض العلماء: أن المظنون أن عقد المؤاخاة يوم الغدير قد نشأ من
شيخنا البهائي، وتبعه من تأخر عنه كالمحدث القاشاني وغيره (3) وهو أدرى بما
قاله.
وحكى صاحب الحدائق في أنيسه عن شيخنا البهائي في الكشكول أن أباه
وجد في مسجد الكوفة فص عقيق عليه مكتوب:
أنادر من السماء نثروني * يوم تزويج والد السبطين
كنت أصفى من اللجين بياضا * صبغتي دماء نحر الحسين (4)
وحكى عن السيد علي خان في كشكوله بعد نقل ذلك أنه قال بعد ذلك:
ووجدنا في نهر تستر صخرة صفراء أخرجها الحفارون من تحت
الأرض، وعليها مكتوب بخط من لونها: بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله
إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله (5).
وحكى صاحب الحدائق أيضا في أنيسه عن شيخنا البهائي في الكشكول أنه
بعد نقل ما رواه في التهذيب في أوائل كتاب المكاسب بسند حسن أو (6) صحيح عن

1. رياض العلماء 2: 119.
2. أنظر رياض العلماء 1: 376.
3. رياض العلماء 1: 248. وانظر مستدرك الوسائل 6: 278 أبواب بقية الصلوات المندوبة، ب 3، ح 5.
4. أنيس الخاطر (كشكول البحراني) 3: 67؛ وانظر روضات الجنات 7: 75.
5. نقله عنه البحراني في أنيس الخاطر 1: 25، وحكى نفس القصة في ج 3: 67.
6. في الكشكول: " و ".
531

الحسن بن محبوب، عن حريز قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " اتقوا الله وصونوا أنفسكم بالورع وقووه
بالتقية والاستغناء بالله عن طلب الحوائج إلى صاحب سلطان، واعلم أنه
من خضع لصاحب سلطان أو لمن يخالفه على دينه طالبا لما في يديه من
دنياه أخمله الله ومقته عليه ووكله إليه، فإن هو غلب على شيء من دنياه
فصار منه إليه شيء نزع الله جل اسمه منه البركة، ولم يأجره على شيء
ينفقه منه في حج، ولا في عتق رقبة، ولا بر " (1).
قال:
أقول: صدق (عليه السلام) فإنا قد جربنا ذلك، وجربه المجربون قبلنا،
واتفقت الكلمة منا ومنهم على عدم البركة في تلك الأموال الملعونة
وسرعة نفادها واضمحلالها، وهو أمر ظاهر محسوس يعرفه من حصل
شيئا من تلك الأموال الملعونة، فنسأل الله تعالى حلالا طيبا يكفنا
ويكف أكفنا عن مدها إلى هؤلاء وأمثالهم، إنه سميع الدعاء لطيف
لما يشاء (2).
وقد ذكر صاحب الحدائق - بعد نقل كلام شيخنا البهائي -:
أنه قد وقع له برهة من الزمان اتصال عظيم بالسلطان وأجرى عليه
الوظيفة والإنعام، لكن كلما تعمد إلى إحراز شيء من ذلك توجهت
لذهابه أسباب (3).
وحكى صاحب الحدائق في أنيسه أيضا أرجوزة من شيخنا البهائي في
وصف هراة، قد اشتغل بها شيخنا البهائي - على ما ذكره في الديباجة - حين

1. تهذيب الأحكام 6: 330 / 914، كتاب المكاسب، الباب 93.
2. الكشكول للبهائي: 274. ونقله عنه البحراني في كشكوله 1: 41.
3. أنيس الخاطر (كشكول البحراني) 1: 41.
532

الابتلاء بالرمد في قزوين على وجه تمانع عن الاشتغال بالمسائل العلمية، وسؤال
بعض الأصدقاء وصف هراة في أبيات (1).
وحكى صاحب الحدائق أيضا في أنيسه: أن شيخنا البهائي قد تكلم فيه
بعض تارة بميله إلى التصوف، وأخرى بسماعه للغناء، وثالثه بحسن معاشرته مع
طوائف الإسلام وأهل الملل بل وغيرهم (2).
وحكى في الأنيس عن أوثق مشايخه - المقصود به العلامة المجلسي -:
أنه أتى في بعض السنين إلى السلطان الأعظم شاه عباس الأول جماعة
من علماء الملاحدة طالبين المناظرة مع أهل الأديان الباطلة، فأرسلهم
إلى حضرة الشيخ بهاء الدين، فاتفق أنهم وردوا مجلسه وقت الدرس
وعلم ما أتوا به، فشرع في نقل أقوال مذاهب الملاحدة، وفي دلائلهم،
وفي الجواب عنها حتى مضى عامة النهار، فقام الملاحدة وقبلوا الأرض
بين يديه وقالوا: هذا الشيخ هو عالمنا وعلى ديننا ونحن له تبع، ثم لما
تحققوا مذهبه بعد ذلك رجعوا إلى دين الإسلام.
وإن رجلين من أهل بهبهان: شيعيا وسنيا تناظرا وتباحثا في المذهب،
فاتفق رأيهما على أن يأتيا إلى إصفهان ويسألا ذلك الشيخ عن مذهبه،
فلما وردا إصفهان جاء الرجل الشيعي إلى الشيخ سرا وحكى له ما جرى
بينه وبين ذلك الرجل، فلما وردا على الشيخ نهارا وأعلماه أنهما تراضيا
بدينه شرع في حكاية المذهبين ودلائل الفريقين، وما أجاب به علماء
المذهبين حتى انقطع النهار، فقاما من عنده وكل منهما يدعي أن الشيخ
على مذهبه، فلما بحث الرجل السني عن مذهبه وأنه على دين الإمامية
رجع إليه (3).

1. أنيس الخاطر (كشكول البحراني) 2: 235 وهي مائة بيت سماها القصيدة الزاهرة.
2. أنيس الخاطر (كشكول البحراني) 2: 142.
3. أنيس الخاطر (كشكول البحراني) 2: 143.
533

وقال شيخنا البهائي في بعض حواشي مشرقه:
بيني وبين شيخنا الشهيد - يعنى الشهيد الأول - خمس وسائط، وبيني
وبين العلامة سبع وسائط، وبيني وبين المحقق ثمان وسائط، وبيني
وبين الشيخ الطوسي اثنتا عشرة واسطة، وبيني وبين الصدوق ثلاث
عشرة واسطة، وبيني وبين الكليني أربع عشرة واسطة.
وحكى في رياض العلماء في ترجمة الشيخ خير الدين وهو من أسباط
الشهيد الأول: أنه كان معاصرا لشيخنا البهائي، وسكن بشيراز في مدة طويلة،
والشيخ لما ألف الحبل المتين أرسله إليه بشيراز - على ما نقل - ليطالع فيه
ويستحسنه، وكان الشيخ يعتقده ويمدحه، وبعد ما طالعه كتب عليه تعليقات
وحواشي وتحقيقات بل مؤاخذات (1). والله العالم.

1. رياض العلماء 2: 260. والمقصود من " وكان الشيخ يعتقده " أي كان الشيخ البهائي.
534

8 - رسالة في المحقق الخوانساري
535

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه سبحانه الاستعانة.
قال في رياض العلماء بخطه:
الأستاد المحقق والملاذ المدقق الآقا حسين بن جمال الدين محمد
الخوانساري المولد والمجتهد، ثم الإصفهاني المسكن والمدفن،
الفاضل العلامة والعالم الفهامة، أستاذ الأساتيذ في عصره، فضائله
لا تعد ولا تحصى، وفواضله لا ترد ولا تحامى، قد قرأ عليه فضلاء
الزمان والعلماء الأعيان في العلوم العقلية والاصولية والفقهية.
وكان وحيد دهره وفريد عصره، لم ير عين الزمان بمن يدانيه، فكيف
بمن يساويه، ولعمر الله إنه كان عين الكمال فأصابه عين الكمال، وكان
ظهرا وظهيرا لكافة أهل العلم، وحصنا حصينا لأرباب الفضل والحلم.
وهو كما قال - قدس سره - من باب لطيفة خاطره: كان تلميذ البشر،
لكثرة مشائخه على محاذاة تلقب السيد الداماد بأضرابه بأستاذ البشر،
وذلك من بداءة أمره إلى قريب من أواسطه؛ وقرأ العقليات على الأمير
أبي القاسم الفندرسكي وغيره، والنقليات على المولى محمد تقي
المجلسي وغيره.
وهو - قدس سره - شاعر منشئ حسن الشعر والإنشاء بالعربية والفارسية،
وإنشاءاته وأشعاره مشهورة على الألسنة، مسطورة في المجاميع.
وكان - قدس سره - لكثرة ذكائه وفطنته في أوان تحصيله قليل المطالعة
537

حتى أنه كان مسلكه أنه ينعس في مجالس القراءة على الأستاذ، وكان
لم يتكلم كثيرا من أول أمره، حتى أنه كان في زمان قراءة الناس عليه
أيضا ينعس، ولم يأخذ الكتاب بيده حال التدريس، ولا يتكلم إلا قليلا
بقدر الضرورة في بعض المواضع.
وقال الشيخ المعاصر في أمل الآمل:
هو فاضل عالم حكيم متكلم محقق مدقق ثقة ثقة، جليل القدر، عظيم
الشأن، علامة العلماء، فريد العصر، له مؤلفات. منها: شرح الدروس،
حسن لم يتم، وعدة كتب في الكلام والحكمة، وترجمة القرآن،
وترجمة الصحيفة، وغير ذلك؛ نروي عنه إجازة؛ وقد ذكره السيد علي
بن ميرزا أحمد في سلافة العصر في محاسن أعيان العصر وأثنى عليه
ثناء بليغا. (1) انتهى.
وأقول: ترجمة القرآن مما لم أسمع به منه - قدس سره - ولا من أولاده،
ولم يكتبها لي ولده في جملة مؤلفاته.
ثم أقول: وتوفي - رحمه الله - في سنة ثمان وتسعين وألف في إصبهان،
ودفن بها في صحراء بابا ركن الدين، بموجب وصيته. وقد بنى على
قبره سلطان الزمان شاه سليمان الصفوي قبة عالية رفيعة.
وأما شرح الدروس فهو شرح كبير جدا، قد خرج منه بعض من كتاب
الطهارة إلى بحث الفقاع من النجاسات، وهو يقرب من خمس
وعشرين ألف بيت، مع أنه ترك شرح بحث الحيض والاستحاضة
والنفاس من البين؛ وهذا كتاب لم يعمل مثله، وقد ألف أولا شطرا من
أوله، ثم تركه وكتب بعد ذلك بزمان كثير الباقي. وكان يقول تلميذه
الأستاذ العلامة الشيرواني: " إن ما كتبه أولا أحسن بكثير مما كتبة أخيرا "

1. أمل الآمل 2: 101.
538

بل نقول: ما كان يقدر بعد ذلك أن يؤلف مثل ما ألف أولا.
ومن تأليفاته أيضا حاشية على شرح الإشارات ومتعلقاته من الطبيعي
والإلهي، جيدة جدا كاملة؛ وله حاشية أخرى عليه أيضا، ورد الأستاذ
الفاضل في حاشيته عليه، ولعلها لم تتم.
وحاشية على الحاشية القديمة الجلالية على الشرح الجديد للتجريد
ومتعلقاتها، وهي من أحسن الحواشي وأفيدها وأدقها؛ وله حاشية
أخرى جديدة عليها أيضا لم يتمها.
وحاشية على إلهيات الشفاء وهي مما لم يراجعها أصلا، ثم لما تعرض
الأستاذ الفاضل في حاشيته على الشفاء للرد عليه فيها كتب ثانيا حاشية
أخرى عليه، وقد رد عليه رده فيها، وهي من أواخر مؤلفاته.
وله أيضا رسالة مقدمة الواجب وقد تعرض فيها للرد على الفاضل
القزويني والفاضل النائيني والأستاذ الفاضل أيضا.
ورسالة في مسائل متفرقة، تعرض فيها للرد على تلميذه الأستاذ العلامة
الشيرواني المذكور، وقد تتبع فيها لمؤلفاته، وقد أخذ عليه في كل
موضع وموضع، وبعد ذلك رد الأستاذ العلامة المذكور عليه جميع
ردوده في رسالة مفردة، وهي في مطالب من الحكمة والمنطق والكلام
والأصول ونحوها، وهذه آخر ما ألفه.
وله أيضا حاشية على الحاشية الجلالية على تصديقات شرح المطالع
ومتعلقاته لم تتم، بل وهي لم تخرج من المسودة حتى ضاعت، على ما
سمعته منه أوان قراءة شرح الإشارات عليه، وهي من أوائل مؤلفاته.
وله أيضا رسالة في شبهات متفرقة وجواباتها، منها: شبهة الإيمان
والكفر، ورسالة في التشكيك، ورسالة مختصرة في الجبر والاختيار،
حسنة الفوائد، قد كتبها على شرح المختصر العضدي في الأصول على
ذلك المبحث، ورسالة في شبهة الظفرة، لطيفة جيدة، ورسالة في شبهة
539

الاستلزام، وقد رد فيها على الفاضل النائيني والفاضل القزويني.
وهذه الكتب جلها بل كلها مشهورة معروفة متداولة بين الطلبة، وقد
سمعت بعضها منه - قدس سره -، وكتب أسامي جميعها ولده الفاضل
الكامل جمال الدين محمد - سلمه الله تعالى - أيضا لي.
وله ولدان فاضلان عالمان جليلان نبيلان، وهما: المولى الأعظم
آقا جمال الدين محمد، وآقا رضي الدين، وسيجئ ترجمة الآقا جمال
الدين محمد.
وأما آقا رضى الدين محمد، فهو الفاضل العالم الزكي الذكي الألمعي
اللوزعي، الذي قد قرأ العلوم على والده - رضي الله عنه - وكان مع أخ
المؤلف شريك الدرس، وله أيضا فوائد وتعليقات وكتب ومؤلفات،
منها: ترجمة نهج الحق للعلامة في الإمامة بالفارسية، ألفها للسلطان شاه
سليمان الصفوي، وله أيضا كتاب المائدة السليمانية (1)، ألفه للسلطان
المذكور أيضا بالفارسية، في أبواب الأطعمة والأشربة وما يناسبها. (2)
أقول: قال في السلافة - على ما حكي عبارته في جلد إجازات البحار -:
الآقا حسين الخوانساري علامة هذا العصر الذي عليه المدار، وإمامه
الذي تخضع لمقداره الأقدار. (3)
وقد حكى العلامة [المجلسي] في جلد الإجازات، (4) إجازته المشار إليها
لتلميذه الأمير ذي الفقار، وهي مبسوطة، وقد ذكر فيها أن أسانيده إلى الكتب
الأربعة إجازة متكثرة واقتصر على إجازة الفاضل التقي المجلسي؛ وتاريخ الإجازة
أربع وستون بعد الألف.

1. هو كتاب المائدة السماوية بعينه، المطبوعة بالمؤتمر لذكرى آقا حسين الخوانساري.
2. رياض العلماء 2: 57 - 60.
3. سلافة العصر: 491.
4. بحار الأنوار 107: 85 - 91.
540

ولعل الأمير ذا الفقار المذكور هو من حكى الفاضل المجلسي عند ذكر رؤياه
في باب الصحيفة (1) أنه بعد أن رأى الرؤيا ذهب في اليوم إلى شيخنا البهائي وهو كان
يقابل الصحيفة وكان القادي هو الأمير ذو الفقار.
[إجازة آقا حسين الخوانساري للسيد محمد باقر]
وقد رأيت إجازة منه بخطه في أوراق في آخر بعض أجزاء أصول الكافي،
وفيها إجازة صاحب الوسائل والعلامة المجلسي بخطهما؛ وكانت إجازة
الآقا حسين مقدمة على إجازة أخويه، ومقتضى تقديمه في الاستجازة كونه أرفع
شأنا من أخويه، ويرشد إليه أنه اختصر وأطال أخواه، بل المجلسي بالغ في
التواضع، قال:
الحمد لله مزين صحيفة الدعاء بزينة الاستجابة، ومطوق حلله بحسن
القبول والإجابة، القريب الذي يجيب دعوة الداع إذا دعاه، وهو حي،
كل أحد يستغيث إليه دعوة من ساره ونجاه [كذا]، لا بل هو أقرب من
حبل الوريد، ويعلم ما يهم به وما يريد.
والصلاة على سيدنا المدعو بداعي الله في الأرض والسماء،
المخصوص بخصوص الاصطفاء وعموم الدعاء، وآله الداعين إلى
ملته، الساعين في إعلاء كلمته والنصح لأهل دعوته، ما قلت بالدعاء لو
كشف دواعي الدهور، وانحلت به عقد الأعوام والشهور.
وبعد، فإن السيد النجيب الحسيب الفاضل الكامل التقي النقي الورع
المتوقد الزكي، سالك مسالك الرشاد وناسك مناسك التقوى والسداد،
السيد محمد باقر (2) ابن المرحوم السيد علي رضا - صانه الله تعالى عما
يوجب الخطأ والخطل ووفقه لارتقاء أعلى مدارج العلم والعمل - لما

1. بحار الأنوار 107: 43.
2. أنظر ترجمته في كتاب دانشمندان خوانسار: 151.
541

أطال التردد وقرأ علي طرفا صالحا من صحف أحاديث أهل البيت وزبر
آثار أصحاب العصمة - صلوات الله عليهم أجمعين - منها هذه الصحيفة
الكاملة المنسوبة إلى رابع ثاني الثقلين مولانا الإمام السجاد علي بن
الحسين (عليهما السلام) قراءة توضيح وإفضاح وتصحيح وإصلاح، التمس مني
الإجازة [ل‍] روايتها، فأجزت له دام فضله أن يرويها عني بأسانيدي
المتصلة إلى رواتها - أسكنهم الله تعالى نجاح الجنان وأفاض عليهم
شئابيب الرحمة والرضوان -، آخذا عليه - كما أخذ علي - أن يصربها كل
الفن عن الصحفي اللحان، ولا يبذلها لمن لا تقطف من رياض أحواله
أوراد الصلاح والإيمان، مستدعيا منه أن يدعو لي في الخلوات
ويذكرني في مظان إجابة الدعوات.
وكتب الفقير إلى عفو ربه البارئ، حسين الخوانساري، أعانه الله تعالى
لدينه، وآتاه صحيفة أعماله بيمينه، إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة
جدير.
وكان ذلك في شهر جمادى الأولى من شهور سنة ثمان وثمانين بعد
الألف.
[إجازته لولده المحقق جمال الدين]
ورأيت إجازة منه لولده جمال الملة والدين في ظهر المشارق، والإجازات
كانت منقولة عن خطه الشريف في ظهر نسخة من نسخ المشارق، قال:
وبعد، فقد اتفقت مدارسة هذا الشرح للدروس مع ولد [ى] الأعز
الأمجد، العالم الفاضل الكامل الزكي الذكي الألمعي، الفائز بالقدح
المعلى من قداح الفضل والكمال، والحائز قصبات السبق من بين
الأمثال، الجامع لمكارم الأخلاق السنية، الحاوي لمحاسن الأعراق
البهية، ذي النجابة والمجد والعناء والسناء - ختم عاقبته بالحسنى
542

وجعل آخرته خيرا من الأولى - مدارسة تبيين وتحقيق، ومباحثة
تحقيق وتدقيق، فأجزت له أن يرويه عني، وكذا سائر ما دارسه معي من
الكتب النقلية والعقلية [بشرح انشاء كذا في إجازة مفصلة على حدة] أثر
رعاية ما يجب رعايته في هذا الباب، على نهج الصدق والصواب.
وألتمس من إشفاقه على هذا العبد الضعيف المذنب الخاطئ أن
لا ينساني في الخلوات ومظان إجابة المسؤولات من صالح الدعوات
واستغفار السيئات، التي احتطبتها على ظهري واكتسبتها طول عمري
ولا يحملها الجمال الجوابي، بل الجبال الرواسي.
كتبه بيده الخاطئة الجانية، مؤلف هذا الشرح، الراجي عفو ربه،
ابن جمال الدين حسين الخوانساري، أوتيا كتابهما يمينا وحوسبا
حسابا يسيرا.
[ديباجة كتاب " مشارق الشموس "]
وبعد هذا، أقول: إن ما رأيت من نسخة المشارق كان خاليا عن الديباجة،
والظاهر أن الحال في الغالب على هذا المنوال، لكن رأيت في ظهر كتاب ديباجة
جيدة - كحال الجودة - للمشارق، قال:
الحمد لله مفيض النعم الودائع وملهم الحكم والشرائع، الواهب من
أصول النعم وفروعها ما يعجز العقول عن نيل غايته، ويقف جمل
العقود دون إدراك نهايته، من على عباده بالهداية إلى معالم الدين،
وأخرجهم من ظلمات الجهالة إلى نور اليقين، أنعم عليهم بإرشاد
أذهانهم إلى قواعد الأحكام، وأضاء بلمعة من لطفه مسالك أفهامهم كي
يهتدوا إلى شرائع الإمام، نور بمصابيح الدراية قلوبهم لينقذهم من حيرة
الجهالة، وشرح بأنوار الهداية صدورهم خلاصا لهم من حومة الضلالة،
أنزل الكتاب فيه تبيان كل شيء، وتميز الرشد من الغي، تفضل بإرسال
543

الرسل وايضاح السبل كي لا يضل بهم الطرق عن مدارك معرفته، وبين
الآيات ونصب البينات حتى لا يعذر أحد في ترك طاعته، لم يعتور أمره
التباس ولم يغير حكمه قياس، نحمده حمدا يليق بكبريائه، ونشكره
شكرا يستوجب المزيد بعد المزيد من آلائه، ونقر بتوحيده إقرارا
ينفعنا يوم لقائه.
ونشهد أن لا إله إلا الله، ونشهد أن محمدا رسول الله، الأمي الذي أتى
بكتاب عجز عن نيل مبانيه مصاقع الفصحاء، وحار دون إدراك معانيه (1)
أعلام العلماء، التهامي الذي شرف بكل عود ونجد، المكي الذي فاض
على الآفاق كل فضل ومجد، الآخر الذي مد الأولون عين الرجاء إلى
شفاعته، الخاتم الذي لم يخرج من حلقة الذل من لم ينتحل بعض طاعته،
أرسله رحمة للعالمين وهداية للخلق أجمعين، مؤسسا للملة السمحاء،
وموردا إلى الشريعة البيضاء، فقام بأعباء الرسالة حتى تجدد ذكر المعارف
الوحيدية غب طموسها، وانكشف بيان السرائر الالهية بعد دروسها.
وكان إتمام الدين وإكمال النعمة أن نصب للخلق باب مدينة العلم هاديا
إلى ثواب الأعمال وعقابها، وكاشفا عن الأمة غياهب ارتيابها، وآله
الهداة المرضيين أئمة للعباد، وحفظة للأحكام إلى يوم التناد.
أللهم فصل عليه وآله البررة الأخيار، الذين من أجمع على متابعتهم
واستصحب هدى طريقتهم فاز بالبراءة من النار - كما بلغوا آياتك
وجلوا عن سنن بيناتك - صلاة باقية، ما استخرج التفاصيل من الجمل،
واتضخ بالمبين الجمل.
أما بعد، فيقول الراجي إلى رحمة ربه البارئ، حسين بن جمال الدين
محمد الخوانساري - أوتيا كتابهما يمينا وحوسبا حسابا يسيرا -: إن

1. في " د ": " مضامينه ".
544

العلوم على شرف جلتها ورفعة مكانتها وحلتها متفاضلة في مدى
الفخار، متفاوتة في المزايا والآثار، وأشرفها دراية ورواية، وأفضلها
معلوما وغاية، وأسدها دليلا وحجة، وأوضحها منارا ومحجة،
وأعظمها للراغب منفعة، وأورثها للطالب رفعة بعد علم المعرفة علم
الفقه، الذي به يعرف ما كلف به العباد، ويفرق بين الغي والرشاد، ويميز
بين ما ينجي ويوثق يوم التناد، ومنه يشرح آيات كلام رب العالمين،
ويوضح سنن خير المرسلين، وآثار عترته الطاهرين، وبه تنال السعادة
الأبدية، ويدرك الفوز بالحياة السرمدية، فمن تمسك بالفقه الأحمدي
فله البشرى، وهو الفاخر بنيل منتهى المطلب في الآخرة والأولى،
والفقيه الذي فاز باستبصار كاف في تهذيب عمله، والمهذب الجامع
لخصال أدرك بها غاية مراده وأمله.
ولما كان كتاب الدروس الشرعية في الفقه الإمامية - من تصانيف شيخنا
الأجل المحقق والحبر المسدد المدقق، أفضل المتأخرين وأكمل
المتبحرين، عمدة علماء الفرقة الناجية، بل الذي لم يظفر بمثله في
القرون الماضية، الحائز لمرتبة السعادة، الفائز بمنقبة الشهادة، محمد
بن مكي - أعلى الله درجته كما شرف خاتمته - أحسن الكتب المصنفة
تحقيقا وتهذيبا، وأتقن الرسائل المؤلفة تدقيقا وتقريبا، وأكثرها
اشتمالا على الفروع التي تعم بها البلوى، وأسدها تنقيحا للمسائل التي
تشتد الحاجة إليها، أحببنا أن نشرحه شرحا، يوضح مقاصده الدقيقة،
ويجلى مطالبه الأنيقة، ويبين حقائق أنظاره، ويظهر دقائق أفكاره، غير
مقتصرين على حل الكتاب وبيان مبانيه، ولا مكتفين بكشف الحجاب
عن عرائس معانيه، بل أوضحنا في كل مسألة مقاصد من تكلم فيها،
وأشبعنا القول فيما يصح أن يقال لها أو عليها، وأوردنا من الأدلة ما أمكن
بلوغ الفهم إليها، وأطلنا النظر في متن كل دليل وسنده، وأجلنا الفكر في
545

رد كل مذهب ونقده، وأعلنا سر الأقوال في الإبرام والنقض، وأمعنا
القول في ترجيح بعضها على بعض، وسميناه مشارق الشموس في
شرح الدروس وجعلناها تحفة للخزائن العامرة، التي هي بذخائر العز
عامرة، أعني خزانة السلطان الأعظم والخاقان الأفخم، مالك رقاب
الأمم، ناشر لواء المعدلة في البسيطة الغبراء، رافع أعلام المجد إلى القبة
الخضراء، مالك ملاك السلطنة العظمى والدولة الكبرى، رافع مهالك
البغي والفساد، عارف مسالك الهدى والرشاد، أسنى الملوك حسبا
ونسبا، وأعلاهم موروثا ومكتسبا، وأعظمهم شأنا وسلطانا، وأشدهم
إيقانا وإيمانا، وأسدهم قولا وبيانا، خضع للرب فتعاظم في الورى
سلطانه، واستخف ميزان الدنيا كي يثقل في الحشر ميزانه، النسر الطائر
واقع دون قبته، والسماك الرامح أعزل لدى شوكته، عتبته العلية شماء
بارع قدرها، وحضرته السنية سماء بازغ بدرها، من وضع له جبهة
العبودية لم يرض بالأكليل تاجا، ومن استضاء بصبح عزته آنف من
القمر سراجا، قبة مجده بادئة لكل حاضر وباد، وعين عدله صافية يردها
كل ري وصاد، يطلع صبح العزة من عزته، ويطلع على سر العظمة من
أسرته، لطفه (1) العميم دليل يدرك به أصناف الخلق مطلبهم، وكفه الكريم
بحر يعرف منه كل أناس مشربهم، لو كان قيصر الروم يروم العز
لم يقصر في متابعته، ولو أن الملك الهند أصاب الرأي لرأى السعادة في
إطاعته، زهر الشجرة المصطفوية، غصن الدوحة المرتضوية، سراج
الدولة الصفوية، ماحي آثار الجور والعناد، حامي أرجاء البلاد والعباد،
ومروج أحكام الشريعة الحقة في الخافقين، ناشر آثار الفرقة المحقة في
المشرقين والمغربين:

1. في " د ": " جوده ".
546

مولى ملوك الورى من لا يقاس به * عزا ومجدا وإحسانا وتمكينا
ذو العرش أعطاه سلطانا ومكنه * كي يظهر العدل في الآفاق والدينا
جنوده لا يهابون العدو وهل * يخاف حزب السليمان الشياطينا
أنى يؤثر جحد الناس قدركم * حاميم حام لكم يا آل ياسينا
دعوت تبقى بقاء الدهر دولته * وقول كل الورى قد كان آمينا
وبعد هذا أقول: إنه قال في اللؤلؤة:
ومن طرقي ما أخبرني به إجازة الفاضل الآخوند ملا محمد بن فرخ
المعروف بملا رفيعا، المجاور حيا وميتا بالمشهد الرضوي - على
مشرفه السلام -، عن شيخه محمد باقر المجلسي؛ وهذا الطريق أقرب
طرقي لقلة الوسائط فيها. وأصله من جيلان، واستوطن المشهد
الرضوي ومات به حيلولة، وعنه - قدس سره - عن العلامة آقا جمال
الدين محمد، ابن المحقق المدقق آقا حسين بن جمال الدين محمد
الخوانساري، عن المولى محمد تقي المجلسي. وكان آقا حسين
المذكور محققا، مدققا كما يشهد به شرحه على الدروس إلا أنه لم يبرز
منه إلا القليل.
وكانت إجازتي منه بالمراسلة؛ ثم إنى لما تشرفت بزيارة المشهد
المذكور تشرفت بخدمته والوصول إليه، وكان يدرس في المدرسة التي
في تلك البلدة تفسير البيضاوي، وفي المسجد الجامع بعد صلاة الظهر
جامع الجوامع مع علو في السن بما يقارب المأة سنة.
والظاهر أنه كان يرجع فيما يأتيه من الاستفتاء إلى السيد حيدر العاملي،
أحد التلامذة الذين عنده يكتب الأجوبة عنه، ومن جملتها مسائل قد
أرسلتها إليه مشتملة على إشكالات، وطلبت تنقيح الجواب فيها، فجاء
الجواب مكتوبا على حواشي المسائل المذكورة ملخصا مختصرا،
547

وأخبرني بعض الإخوان أنه كان كتابة السيد حيدر المذكور. (1)
وقد يتراءى بادئ الرأي - كما اتفق لبعض - أن قوله: " وكانت إجازتي منه
بالمراسلة " (إلى آخر ما ذكرها)، متعلق بما قبله، أي من الكلام في ترجمة آقا
حسين، نظير ما ذكره في الأول من قوله: " ونروي عنه إجازته ".
وهذا توهم فاسد؛ لأن القول المشار إليه متعلق بالكلام في ملا [محمد بن]
فرخ المذكور في صدر العنوان، كيف وصاحب الأمل روى عن العلامة المجلسي
بتوسط ملا محمد بن فرخ؟ فلا يتأتى رواية عن العلامة الخوانساري، مع أنه مقدم
قليلا على العلامة المجلسي.
مضافا إلى أن ظاهر العبارة يقضى برجوع قوله: " وكانت إجازتي منه
بالمراسلة " [إلى ملا محمد بن فرخ]؛ إذ ظاهره التعاهد، والمتعاهد إجازة ملا
محمد، ولولا التعاهد لقال: " نروي عنه إجازة " كما مر في عبارة الأمل، ولو كان
هذه العلامة الخوانساري أجاز صاحب الأمل فكيف يتأتى لصاحب اللؤلؤة؟
وبعد هذا أقول: إني رأيت في بعض المكاتيب أن وصيه كان ملا محمد جان
وهو كان وصي العلامة الملجسي أيضا.
وبعد هذا أقول: إن رسالة المعمولة في مقدمة الواجب موجودة عندي بخطه،
وهو كانت مع الرسالة المعمولة في شبهة الاستلزام في جلد واحد.
وفي صدر رسالة مقدمة الواجب - عند الإيراد على تعريف الواجب المطلق
والمشروط المشار إليها - عبارة لو لم يتفق شرحها من ولده العليل لما كان
للوصول إلى المراد منها سبيل، قال:
ولا يخفى ما في التعريفين المذكورين، إذ لم يعتبر فيما قيد به الوجوب
نفيا وإثباتا في الإطلاق والتقييد كونه مما يتوقف إليه وجود الواجب، بل

1. لؤلؤة البحرين 90: 34.
548

إنما هو أعم من ذلك وهو ظاهر، فعند أخذه على ما ذكر ينتقض
التعريف الأول عكسا على وجه ومنعا على آخر، والثاني عكسا على
الوجهين. (1)
وتنقيح الحال بما حررنا في تعليقات الإشارات في بحث مقدمة
الواجب.
وفي رسالة شبهة الاستلزام كان على العلامة السبزواري؛ وقد اقتصر في
رياض العلماء على الإيراد على الفاضل القزويني والنائيني.
ومن كلامه في الرسالة المشار إليها ردا على العلامة السبزواري قوله:
ثم إنه لما وصل إلى هذا [الفاضل] ما أوردته عليه تصدى لتفهيم كلامه
وترميم مرامه فكتبنا في المقام حاشيتين، ولعمري ما زاد بهما إلا الخفة
والشين، وقد رجع عن المقصود بخفي حنين.
وأصل الواقعة أنه قد ألف العلامة السبزواري رسالة في شبهة الاستلزام ثم
جرى العلامة الخوانساري على الإيراد عليه في رسالة، ثم وصل هذه الرسالة إلى
العلامة السبزواري، فعمل رسالة في دفع ما أورده العلامة الخوانساري، وهي
بخطه عندي مذبورة، ثم أورد العلامة الخوانساري ما أجاب به العلامة
السبزواري، موجود عندي.
قال العلامة السبزواري في أول الرسالة المعمولة ثانيا:
أما بعد فإني ألفت سابقا مقالة في حل العقدة المشهورة به " شبهة
الاستلزام "، واتفق أنها تشرفت بنظر بعض أعاظم أفاضل المعاصرين -
دامت أيام فضله - ولم يتشرف بنظر العناية والقبول، [بل] بحسب اتفاق
ضعف البخت والإقبال، لوحظت بعين الرد والإبطال، فاتفقت مني

1. رسائل آقا جمال الخوانساري، المؤتمر لذكرى آقا حسين الخوانساري، ص 76 (رسالة في مقدمة
الواجب).
549

مطالعة الردود والاعتراضات المذكورة، فوجدت فيها مواضع تستحق
زيادة البحث والتفتيش، ولم يكن من عادتي التعرض لأقاويل أهل
العصر والزمان، خوفا من أن يكون في ذلك ضيقا في أنفسهم وثقلا على
طبائعهم؛ لكن يظهر مما كتبه الفاضل المذكور تلويحا بالترخيص في
ذلك، بل يلوح مما فيه، فقام الداعي إلى إبداء ما اعتقدت فيها من
الضعف والخلل، فاستخرت الله وكتبت هذا التعليق، شارطا على نفسي
أن لا أتعمد مجاوزة حق أو نصر باطل، بل يكون بتحريك اللسان والبيان
على وفق ما عقد عليه الجنان، وأن لا أذكر إلا ما رسخ في قلبي وعقدت
عليه عقيدتي، وعلى الله التوكل ومنه الاستعانة في كل باب، فإن إليه
المرجع والمآب.
وقال في الرسالة قريبا من الآخر عند الجواب من العلامة الخوانساري:
في هذا الكلام جنبة مخاشنة من غير جرم، وجناية ظاهرة لا يوافق النهج
المسلوك بين الناس والطريق المعهود في العادات ولا يناسب زاكيات
الأخلاق وطيبات السير، فلا يليق بمثله وإن لم ننكر استحقاقنا له ولا
أزيد منه، ولا يستعظم ذلك منه ولا نشكوه نظرا إلى استحقاقنا، فإن من
استحق النار لو صوح على القاء الفحم والرماد فأبى أو شكا لم يعدل،
وإنما الغرض التنبيه على الأليق ولا نسند إليه - أيده الله - مخالفة
الصواب. انتهى.
مع ما أن من أنه كان استادا في بعض الأزمان للعلامة الخوانساري، وقال في
آخر الرسالة:
وإن تشرفت هذه الكلمات بنظر الفاضل المذكور - أيده الله وبلغه ما
يتمناه - فالملتمس من جنابه العالي أن لا ينظر فيه بنظر السخط أو
الرضاء، بل نظر مهد مرشد، شارطا على نفسه من الله سبحانه ما شرطت
على نفسي الشرط المذكور، ثم ليحكم بما تقرر عليه رأيه المصيب،
550

فهو المطاع المتبع. انتهى.
وانظر أن العلامة السبزواري كيف جرى على طريقة حسن الأخلاق في
العبارات المذكورة.
بقي الكلام في قول العلامة الخوانساري في عبارته المتقدمة: " وقد رجع عن المقصود بخفي حنين ".
اعلم وقد اختلف في أصله، ففي بعض: أن حنينا كان رجلا يدعي السيادة
فجاء إلى عبد المطلب وعليه خفان، فقال: " يا عم إني من هاشم "، فأمعن النظر
فقال: " ما أرى فيك شمائل هاشم، فارجع! " فرجع حنين بخفيه. (1)
وعن بعض آخر: أنه كان جلا مغنيا، فدعاه قوم من أهل الكوفة فخرجوا به
إلى الصحراء فضربوه وسلبوا ثيابه وتركوا عليه خفيه لا غير، ولما رجع إلى زوجته
وكانت منتظرة لرجوعه على عادته بما يفضل عن أطعمة أهل النزهة - وبراءة على
تلك الآن - فقالت لكل من سألها عنه: رجع حنين بخفيه. (2)
وعن ثالث: هو اسم إسكاف من أهل الحيرة، ساومه أعرابي بخفين ولم
يشترهما، فذهب الأعرابي ثم ذهب حنين وألقى خفا في طريقه، ثم ألقى خفا
آخر وغاب في موضع، فسار الأعرابي فصادف خفا فقال: ما أشبه هذا بخف
حنين ولو كان معه الآخر لأخذته، فسار الأعرابي فصادف خفا آخر [فعقل بعيره
ورجع إلى الأول]، فجاء حنين وأخذ الإبل وذهب، فجاء الأعرابي ورأى أن الإبل
[ذهب]، فذهب إلى قومه بالخفين، فسألوه عن حاله فقال: جئت بخفي حنين. (3)
وقد ذكر: أن حنين لصا مغيرا فأخذ وصلب، فجاءته أمه وعليه خفان

1. مجمع الأمثال، الميداني، 2: 41 / 1568؛ لسان العرب 13: 133؛ الصحاح 4: 2105 (حنن).
2. لم يرد في الجوامع اللغوية وكتب الأمثال.
3. الأمثال، أبو عبيد، 245: 779؛ المستقصى في الأمثال 1: 105 - 106 / 419؛ مجمع الأمثال 2:
40 / 1568؛ لسان العرب 13: 133؛ القاموس 4؛ الصحاح 4: 120 (حنن).
551

فانتزعهما ورجعت، فقيل: رجعت بخفي حنين أي رضيت منه بذلك. (1)
ونظير الحيلة المحتال بها على القول الأوسط ما سمعت من: أن رجلا سرق
أحد خفي رجل، فذهب الرجل إلى الخفاف وأعطاه مبلغا وأحد الخفين ليعمل له
خفا آخر شبيه ذلك الخف، فجاء السارق ورأى ما صنعه الرجل، ثم لما ذهب
الرجل فجاء السارق وقال: إن الرجل وصل إليه خفه المسروق وهو هذا فاعط
الخف الذي عندك والمبلغ، فأخذ الخف الذي كان عنده والمبلغ الذي أعطاه
صاحب الخف! العياذ بالله من حيل الإنسان!
ثم إنه ربما قيل: يخفى حنين وخفى حنين وأحدهما بمعنى خفاء الإنين.
وبعد هذا أقول: إني رأيت منه انشاءات حسنة في بعض المجاميع.
وبعد هذا أقول: إن من لطيف الكلام ما قيل في شأنه من جانب السلطان في
الجواب لولده جمال الملة والدين، حيث أرسل ما كتبه بالفارسية ترجمة لمفتاح
الفلاح بأمر السلطان في تضاعيف مدح ولده:
وتهذيب أخلاقه مقنعة لمن استرشد بارشاد المفيد، وبيان شرح دروسه
ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وبعد هذا أقول: إن في رياض العلماء: يعبر عنه بالأستاد المحقق، وعن
صاحب الذخيرة بالأستاد الفاضل، وعن صاحب البحار بالأستاد الاستناد، وعن
المدقق الشيرواني بالأستاد العلامة؛ وعن المحدث الجزائري أنه كان يعبر عنه
بشيخنا المحقق، وعن صاحب البحار بشخينا المعاصر، وعن المحدث الكاشاني
بشيخنا الكاشي.
وقال في منبع الحياة:

1. في هامش كتاب الأمثال: 246 / 779، على حاشية الأصل " قال أبو الحسن: وحكى غيرنا عن غير
أبي عبيد أن حنينا كان لصا مغيرا، فأخذه سلطان فقتله وصلبه، فجائته أمه وعليه خفان وهو
مصلوب، فأخذت خفيه ورجعت، فقيل: رجعت بخفي حنين؟ أي إنها رضيت بخفيه منه ".
552

وكان أستادنا المحقق الذي انتهت إليه سلسلة التحقيق في المعقول
والمنقول العلامة الخوانساري - عطر الله مرقده - يقول: " لو ملكت بيتا
من ذهب لأعطيته بمن يستدل بدليل عقلي ثم جميع مقدماته ولم يورد
عليه العلماء ما يوجب الطعن فيه " وقد ذكر الفاضل الخوانساري في
تعليقات الباغنوي حواشي.
وبعد أقول: إنه قد ألف العلامة الخوانساري رسالة في رد ما أورد به العلامة
السبزواري على كلمات العلامة السبزواري في رسالة المعمولة أولا، والظاهر أن
الرسالة التي عندي بخط العلامة الخوانساري في " شبهة الاستلزام " إنما هي ما
رسمه في رسالة المعمولة ثانيا في رد كلمات العلامة السبزواري.
قال العلامة الخوانساري في أول رسالته المشار إليها:
إني قد كتبت سالف الأيام رسالة في حل شبهة الاستلزام، ولما كان
الفرض من إبداء الشبهات ودفع إشكالها وإيراد المغالطات وحل عقالها
تشحيذ الأذهان والأفهام وتثبيتها لئلا تقع في أغلاط الأوهام، كان
الإطناب فيه مطلوبا، والإسهاب مرغوبا، فلا جرم أوردت أجوبة كثيرة
مما سنح ببالي أو وصل إلي من غير أمثالي وأمثالي، وتعرضت لما فيها
من الجدل والقيل والقال، وكان من جملتها جوابات لبعض أجلة فضلاء
الحال، أديم له الفضل والكمال.
ثم قد اتفق أن تشرف ما كتبته بنظر هذا الفاضل - لا زالت فكرته عن
الخطأ والخطل مصونة - ووجد فيه بقوة فكره الصائب وجوها من
الضعف والخلل مكنونة، فتصدى من باب التفضل والامتنان علينا
لكشف تلك الوجوه وبيانها مع قلة اعتنائه بشأنها، فبينها ببيان شاف
كاف وكشفها ببسط وافر، واف طي مقالة لطيفة وضمن رسالة شريفة.
ولكن مع ذلك، لما كانت المعاني التي قررها في غاية الدقة والخفاء،
والمطالب التي حررها في نهاية الرفعة والعلاء، لم يسفر لنا وجه
553

المقصود من تحت الحجاب، وبقينا على ما كنا عليه من الشك
والارتياب، فقصدت أن أعرض ما عرض من الشكوك فيما قال - دام
فضله - من المقالة وأرسله من الرسالة، عسى أن يلحظه مرة أخرى بعين
العناية ويزيل الشكوك بالمرة بلطف الدراية.
وقال في تضاعيف المقال:
قوله " ويقع في ذهني أن توهم التعريض " كان فيه تعريضا بأني لا أفهم
معنى " ما قيل " وهو كما قال بل كان أنقص مرتبة من أن يقال في شأني هذا
المقال!! ولاعجب في أن لا أفهم معنى " ما قيل "؛ إنما العجب في فرق هذا
الفاضل بين " آنچه يك كسى گفته " وبين " آنچه گفته شده "؛ وحكمه " أن
توهم التعريض " نشأ من حمل " ما قيل " على الأول دون الثاني.
وأعجب منه قوله بعد ما قال:
إن معنى " ما قيل " ليس " آنچه يك كسى گفته " حتى يكون تعريضا، بل:
" آنچه گفته شده " وليس فيه تعريض؛ إنه لا فرق بين قولنا: " ما قيل " أو " ما
قاله قائل "، إذ ظاهر أنه ليس معنى " ما قاله قائل " إلا " آنچه يك كسى گفته ".
وقال أيضا:
والحاصل أن هذا أمر مركوز في الطبايع، إلا أن يكون طبع طبع عليه
وتدنس بأدناس الشبهات والأباطيل؛ ألا ترى أن هذا الفاضل مع إنكاره له
وجعله ذلك الإنكار مبنى لأقاويله المزخرفة استعمله هاهنا لغفلته عما
خيل إليه وسول له الوهم من الرأي الباطل الذي رآه، وعسى أن يكون
بعد ما يرى هذا من نفسه يرجع عن رأيه الباطل إن لم يمنعه العصبية
والعناد.
وقال أيضا:
فهذا الفاضل إما أن يقول: " إن مرادهم جميعا من هذه الشرطية ما ذكره
من أنه على حالة إذا انضمت إلى الوجود يلزم ارتفاع العدم " فسفسطة
554

ظاهرة؛ إذ ظاهر أن هذا المعنى لم يخطر ببال أحد من هذه القضية سوى
هذا الفاضل.
أو يقول: " إن جميع الناس غلطوا واشتبهوا! " فذلك أمر يقضى منه
العجب؛ إذ من أعجب العجائب أن يغلط جميع [الناس] في هذا الأمر
الظاهر ولم يتفطنوا له؛ فما بالهم غفلوا عن ذلك! وما صار سبب
اشتباههم وشيوع هذه الغفلة بينهم! وبالجملة نسبة الغلط والاشتباه إلى
هذا الفاضل كأنها أولى من نسبتها إلى جميع الناس.
وأيضا قال:
قوله: " في هذا الكلام جنبة مخاشنة "؛ لا يخفى أن هذا الكلام ليس في
عدم الملائمة بالمنزلة التي ذكرها هذا الفاضل - دام تأييده -؛ إذ غايته
إسناد خطأ إلى جنابه العالي على سبيل الظن مع استدراك له بالتخطئة
ورجوع منه وانكار عليه. وظاهر أن إيراد النظر والاعتراض على أحد
إسناد للخطأ إليه على سبيل الجزم، فلو كان ذلك غير ملائم للطريق
المعهود في العادات، لكان هذا أيضا كذلك بطريق الأولى.
مع [أن] هذا أمر شائع ذائع بين العلماء، وكتبهم كلها مشحونة به
حتى المشهورين بالورع والصلاح والتقوى والاحتياط في الدين، الذي
بلغوا في هذا الأمر قصواه وطلعوا ثناياه، مثل (1) الولد مع الوالد
والتلميذ مع الأستاد، ولم ينكر عليهم [أحد] ولم يعدوه إذاعة للعقوق
وإضاعة للحقوق.
وكان السر فيه أن العادة لم تجر بأن يكتب أحد شيئا ولم يتعرض له آخر،
سواء كان تعرضه حسنا أو قبيحا حتى صار مثلا من مصنف فقد استهدت.
وأيضا في التعرض له مصالح كثيرة دينية، وفي تركه مفاسد كذلك؛ إذ
ربما كان خطأ وكان ذلك سببا لوقوع [خلق] كثير مدة مديدة - بل أبدا

1. في " د ": " حتى ".
555

على رأى الحكماء - في الخطأ والضلال [والجهل المركب الذي
يحسبونه عذابا أبديا، فلو لم يتعرض لإبطاله، وقع كثير في الضلال]،
ولو كان صوابا أيضا [وتعرض له أحد خطأ، فربما يصير ذلك سببا لزوال
جهل هذا التعرض، إذا] تعرض أحد لرده، ونحو ذلك من المصالح
والمفاسد التي لا يخفى.
فعلى هذا إذا كتب أحد شيئا، فإن كان له أدنى حظ من الفهم والشعور أو
الورع [والدين]، لابد أن يوطن نفسه على أن يصير هدفا للملام وغرضا
للسهام، ويرض بأن يتعرض له ذوو الأفهام، عسى أن يصير ذلك سببا
لزوال جهله المركب، ومانعا من أن يقع خلق كثير بسببه في الضلال،
ويكون ذلك عليه من أعظم الإثم والوبال، ويستحق به العقاب والنكال.
فإذن كل أحد ممن ذكرنا، إذا صنف كتابا أو ألف خطابا أو أبدع مقالة أو
أنشأ رسالة، فذلك منه إيذان وإعلام بأنه راض بأن يتعرض له الأنام
وينصب نحوه سهام الأقلام.
وظني أن ترك التعرض والإيراد على كلام أحد خوفا من أن يثقل عليه أو
لا يرضى به من أسوء الظنون به؛ إذ في هذا الظن نسبة له إلى البلاهة وقلة
الشعور والورع والاحتياط والدين، كما بينا وقررنا وجهه؛ و [أنا] مع
ذلك كله معترف بالتقصير والزلات وأسأل من خلقه الكريم العفو
والصفح، فإنه من أخلاق الكرام وخصال الخيار من الأنام.
وأيضا قال:
[وهذا الفاضل] قد حرم على نفسه التلفظ بالاستحالة، إما بزعم منا حيث
بنينا الأجوبة على الاستحالة، وإما لإظهار كمال قوته وطول يده في
الفضل بحيث يجيب عن الشبهة بدون التمسك بالاستحالة، كما فعل
غيره؛ إذ عند التمسك بها، الجواب أسهل، بل الإشكال في أن يجاب
بدونه، ولذا أورط نفسه في الورطات وأوقعها في الهلكات، والمرجو
556

أن يعفى عنه وعنا الزلات والعثرات.
وأيضا قال:
قوله: " فإن رجع وقال "،
هر دم از اين باغ، برى مى رسد * تازه تر از تازه ترى مى رسد!
وقال في آخر الرسالة:
هذا آخر ما يتعلق بكلام هذا الفاضل - دامت أيام إفاداته وكثرت آثار
إفاضاته - والمرجو من لطفه العميم، إن كان له فضل وقت كان فيه فراغه
من الاشتغال بالمطالب العالية، أن ينظر فيما كتبته بنظر العناية والشفقة
ويصلح ما كان فيه من السهو والخبط، لعله يصير سببا لخلاصنا عن
الجهل فيكون مزيدا لألطافه وإفضاله علينا - دامت ألطافه وإفضاله -!
وبعد هذا أقول: إنه كتب رسالة في الرد على الفاضل القزويني في دعوى
الدور في بعض المطالب، وقال:
كتب الفاضل المشار إليه رسالة في كمال الاختصار في الإيراد علي، قال
في أول الرسالة: أما بعد، فقد رأينا فيما كتبتم " الدفع شبهة الدور "
تدقيقات عجيبة وتحقيقات بديعه، فكل عن تصورها أذهان أولي
الألباب، المميزين للقشر عن اللباب، أحسنتم أحسنتم، شكرت
مساعيكم الجميلة، وأديمت إفاداتكم النبيلة، ويخطر بالبال أن أعرض
عليكم في تزويج المطلب الكاسد وإصلاح البينات الفاسد.
[خطبة إجازته للأمير ذي الفقار]
وبعد هذا أقول: إنه قال في خطبة إجازته لتلميذه الأمير ذي الفقار على ما في
جلد إجازة البحار:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لم يجعل ميراث الأنبياء درهما ولا دينارا، بل جعله
557

أحاديث من أحاديثهم وآثارا، وأورثهم عباده الذين اصطفاهم من بين
الناس واختار، وصيرهم معالم في الأرض ومنارا، وهم الذين اقتبسوا
من مشكاة نبوتهم أنوارا، واجتهدوا في اقتفاء سيرتهم ليلا ونهارا،
وجعلوا الاستنان بسنتهم السنية شعارا ودثارا، لم يخافوا في اتباع
طريقتهم العلية لوما ولا عارا.
والصلاة والسلام على سيد رسله الذي جعل لأجل وجوده السماء دوارا
والأرض قرارا، وأرسله إلى كافة الناس عبيدا وأحرارا، وفضله على
جميعهم صغارا وكبارا، وآله وأولاده المعصومين الذين ليس للملائكة
المقربين أن يدخلوا أحدا من دون إجازتهم جنة ولا نارا، ولا أن يثبتوا
أعمال الخلائق بدون العرض عليهم، أبرارا كانوا أم فجارا، ما أنبت
الربيع غثما وبهارا، وانضج الخريف فواكه وثمارا، وأقل الصيف عيونا
وأنهارا، وأكثر الشتاء تلوجا وأمطارا.
وهذا الخطبة مع اختصاره ليس كمثله في خطب الإجازات المرسومة في
جلد الإجازات من البحار.
وقد عد من الشعراء ونسب إليه هذا الرباعي:
اى باد صبا، طرب فزا مى آيى * از طرف كدامين كف پا مى آيى
از كوى كه برخاسته اى، راست بگو * كز دور، به چشمم آشنا مى آيى
558

9 - رسالة في الصحيفة السجادية
559

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
أما بعد، فهذه كلمات في جامع الصحيفة الشريفة المنسوبة إلى السيد السجاد
وزين العباد عليه آلاف التحية من رب العباد إلى يوم التناد. وهي معروفة ب‍ " إنجيل
أهل البيت " و " زبور آل الرسول " سلام الله عليهم أجمعين.
[تحرير الأقوال في القائل ل‍ " حدثنا " في فاتحة الصحيفة ومعناه]
فنقول: إن النسخة المشهورة في الصحيفة الشريفة المذكورة مصدرة بقوله:
" حدثنا السيد الأجل نجم الدين بهاء الشرف أبو الحسن محمد بن الحسن بن
أحمد بن علي بن محمد بن عمر بن يحيى العلوي الحسيني (رحمه الله) ".
قوله: " حدثنا "، قال السيد السند العلي في تعليقاته على تلك الصحيفة
الشريفة:
المراد من قوله: " حدثنا " السماع من لفظ السيد الأجل، سواء كان إملاء
من حفظه أو من كتابه، وهو أرفع طرق التحمل السبعة عند جمهور
المحدثين، وقد اصطلح علماء الحديث على أن يقول الراوي فيما
سمعه وحده من لفظ الشيخ أو شك هل كان سمعه أحد: " حدثني " ومع
غيره: " حدثنا " وفيما قرأ عليه: " أخبرني " وفيما قرأ بحضرته: " أخبرنا ".
ولا يجوز عندهم إبدال كل من " حدثنا " و " أخبرنا " بالآخر في الكتب
المؤلفة.
561

وأما " أنبأنا " فهم يطلقونه على الإجازة والمناولة والقراءة والسماع
اصطلاحا، وإلا فلا فرق بين الإنباء والإخبار لغة (1).
وبالجملة، قد اختلف في قائل " حدثنا "؛ فعن الشيخ البهائي: أنه حكم بأن
القائل هو علي بن السكون، وأصر على ذلك، وأنكر كونه من مقول قول عميد
الرؤساء غاية الإنكار (2).
وهذا مبني على كون قوله: " وهذه صورة خط شيخنا المحقق الشهيد " (3) إشارة
إلى ما تأخر. وأما لو كان قوله المشار إليه إشارة إلى ما تقدم، فالقول بكون القائل
ل‍ " حدثنا " هو عميد الرؤساء من الشهيد (رحمه الله)، لكن الظاهر هو الأول؛ إذ على الأخير
لا يناسب قوله: " وعليها " منه عفي عنه الإنكار.
وجرى السيد السند الداماد في تعليقاته على تلك الصحيفة الشريفة على أن
القائل عميد الرؤساء، قال:
فنقول: أسانيد طرق المشيخة - رضوان الله تعالى عليهم - في
روايتهم للصحيفة الكاملة المكرمة متواترة، وتحملهم لنقلها
مختلفة، ولفظة " حدثنا " في هذا الطريق لعميد الدين وعمود
المذهب عميد الرؤساء، من أئمة علماء الأدب، ومن أفاخم
أصحابنا رضي الله تعالى عنهم، فهو الذي روى الصحيفة الكريمة
عن السيد الأجل بهاء الشرف. وهذه صورة خط شيخنا المحقق
الشهيد - قدس الله لطيفه - على نسخته التي عورضت بنسخة
ابن السكون: وعليها - أي على النسخة التي بخط ابن السكون - خط
عميد الدين عميد الرؤساء (رحمه الله): قرأته على السيد الأجل النقيب الأوحد

1. رياض السالكين 1: 54.
2. نقله في رياض العلماء 5: 309.
3. ذكره في شرح الصحيفة السجادية الكاملة: 46.
562

العالم جلال الدين عماد الإسلام أبي جعفر القاسم بن الحسن بن
محمد بن الحسن بن معية - أدام الله علوه - قراءة صحيحة مهذبة،
ورويتها له عن السيد بهاء الشرف أبي الحسن محمد بن الحسن بن
أحمد عن رجاله المسمين في باطن هذه الورقة، وأبحت له روايتها عني
حسبما وقفته عليه وحدثته له. وكتب هبة الله بن حامد بن أحمد بن
أيوب بن علي بن أيوب في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وستمائة،
والحمد لله رب العالمين، وصلاته وتسليمه على رسوله سيدنا محمد
المصطفى، وتسليمه على الغر اللهاميم (1). إلى هنا حكاية خط الشهيد
رحمه الله تعالى.
فأما النسخة التي بخط علي بن السكون (رحمه الله) فطريق الإسناد فيها على هذه
الصورة: " أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن إسماعيل بن أشباس
البزاز فأقرأنيه (2)، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن مطلب
الشيباني " إلى آخر ما في الكتاب.
وهناك نسخة أخرى طريقها على هذه الصورة: " حدثنا الشيخ الأجل
السيد الإمام السعيد أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي " إلى
ساقة الإسناد المكتوب في هذه النسخة على الهامش (3).
وصرح بذلك السيد السند العلي بعد نقله عن قائل (4). وقيل:
إن القائل كل من ابن السكون وعميد الرؤساء؛ لأنهما في درجة واحدة،
والسيد ابن معية يروي الصحيفة الكاملة عنهما، وهذه النسخة المتداولة

1. اللهموم: الجواد من الناس، والجمع لهاميم. لسان العرب 12: 554.
2. نسخ المصدر مختلفة، ففي بعضها: " قراءة عليه فأقر به "، وفي بعضها: " فأقربه "، وفي بعضها:
" فارئينه ".
3. شرح الصحيفة الكاملة السجادية للسيد محمد باقر الداماد: 45.
4. رياض السالكين 1: 53، قال: " وقيل: بل هو عميد الرؤساء هبة الله بن حامد وهو الصحيح ".
563

منسوبة إلى الشهيد، وهو يرويها عن ابن معية، عنهما (1).
أقول: مرجع ما نقله السيد السند الداماد عن الشهيد إلى أن الشهيد كتب
على نسخة من الصحيفة الشريفة المعروضة على نسخة الصحيفة التي كانت بخط
ابن السكون " أن عميد الرؤساء كتب على النسخة التي كانت بخط ابن السكون
إجازة للصحيفة الشريفة لابن معية " لكن كلام الشهيد ساكت عن كون النسخة
المكتوبة بخط ابن السكون هي النسخة المتداولة أو غيرها، لكن السيد السند
الداماد حكى أنها كانت برواية ابن أشباس، فهي إنما كانت من النسخ غير
المتداولة.
وبالجملة، إن أقصى ما يقتضيه ما نقله الشهيد عن ابن السكون إنما هو كتابة
الصحيفة الشريفة، فأقصى ما يثبت مما نقله الشهيد عن ابن السكون إنما هو كتابة
ابن السكون ل‍ " حدثنا " ولا يقتضي هذا كون ابن السكون قائلا ل‍ " حدثنا " حتى يكون
ابن السكون راويا وجامعا للصحيفة الشريفة، وإلا يلزم أن يكون الكاتب لكتب
الأخبار قائلا بما في كتب الأخبار، بل يلزم أن يكون الكاتب للكتاب - في أي فن
كان الكتاب - قائلا بما في الكتاب، ولا يتخيل القول به ذو مسكة، فالقول بكون
الجامع للصحيفة الشريفة هو ابن السكون - بناء على كون القائل ل‍ " حدثنا " هو
ابن السكون - من باب اشتباه الكتابة بالرواية.
والظاهر أن المستند للقول المذكور هو ما ذكر، أعني كون القائل ل‍ " حدثنا " هو
ابن السكون، كما أن الظاهر أن المستند للبناء على ما ذكر هو ما نقله الشهيد من
البناء على كتابة الشهيد للصحيفة الشريفة، اللهم إلا أن يكون عدم تقدم من يكون
قائلا ل‍ " حدثنا " على ابن السكون ثابتا مفروغا عنه، لكن دونه الكلام.
وأما عميد الرؤساء، فغاية ما يقتضيه ما نقله الشهيد عنه - وقد تقدم - إنما هي
إجازته لابن معية، ولا يقتضي هذا كونه قائلا ل‍ " حدثنا "، فالقول بكون الجامع

1. رياض العلماء 5: 309.
564

للصحيفة الشريفة هو عميد الرؤساء - بناء على كونه هو القائل ل‍ " حدثنا " - من باب
اشتباه الإجازة بالرواية.
والظاهر أن مستند القول المذكور هو البناء على ما ذكر، أعني كون القائل
ل‍ " حدثنا " هو عميد الرؤساء.
والظاهر أن مستند البناء على ما ذكر هو ما نقله الشهيد من إجازة عميد
الرؤساء للصحيفة الشريفة لابن معية.
وبما [ذكر] يظهر ضعف القول بأن القائل ل‍ " حدثنا " كل من ابن السكون وعميد
الرؤساء، بل ضعف القول بأن القائل لذلك هو ابن السكون، أو القول بأن القائل
لذلك هو عميد الرؤساء.
ومع هذا كون ابن السكون وعميد الرؤساء في درجة واحدة لا يقتضي كون
كل منهما قائلا ل‍ " حدثنا ".
ومع هذا ابن معية لا يروي الصحيفة الشريفة عن ابن السكون، نعم هو
يرويها عن عميد الرؤساء - لو ثبت روايته عنه - قضية أن لعميد الرؤساء إجازة
لابن معية على كتاب كان بخط ابن السكون - على ما نقله الشهيد كما تقدم - لكن
الإجازة لا تستلزم الرواية.
ومع هذا ما ذكره - من أن الصحيفة المتداولة الشريفة منسوبة إلى الشهيد،
وهو يرويها عن ابن معية، عنهما - مردود بأن الصحيفة الشريفة المتداولة غير
منسوبة إلى الشهيد، بل الصحيفة الشريفة غير منسوبة إلى الشهيد رأسا،
لا المتداولة ولا غير المتداولة.
وأيضا الشهيد لا يروي الصحيفة الشريفة عن ابن معية، كما سمعت آنفا.
وأيضا ابن معية لا يروي عن ابن السكون كما سمعت، ولم تثبت روايته عن
عميد الرؤساء كما يظهر مما مر.
وأيضا صحيفة ابن السكون برواية ابن أشباس - كما نقله السيد السند الداماد
565

فيما تقدم من كلامه - فهي غير متداولة، مع أنها مصدرة ب‍ " أخبرنا " والصحيفة
المتداولة الشريفة مصدرة ب‍ " حدثنا "، فكيف يروي ابن معية الصحيفة عن
ابن السكون وعميد الرؤساء؟!
فقد ظهر أن كلا من أجزاء كلامه المذكور - وهي ثلاثة - مورد ورود الإيراد،
بل " الشريفة " - الجزء الثاني من تلك الأجزاء - مركب من دعويين، وكل منهما
مورد الإيراد.
[بيان حال ابن السكون]
هذا، وقال في رياض العلماء:
ابن السكون يطلق على علي بن محمد بن محمد بن السكون الثقة
المعروف من أصحابنا، المراد من قوله: " حدثنا " في أول النسخة
المشهورة من الصحيفة الكاملة السجادية على قول الشيخ البهائي، وكان
يرويها عنه السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي. ولكن يظهر
من كلام شيخنا البهائي على أوائل الصحيفة الشريفة أن اسم ابن السكون
- المذكور - محمد، ولعله سهو؛ إذ هو اسم والده. وكان ابن السكون
معاصرا لعميد الرؤساء. وقد يطلق على الشيخ محمد بن السكون،
ولعله والد الأول (1).
وقال السيد السند العلي: و " قيل: القائل [ل‍] " حدثنا " هو الشيخ الجليل علي بن
السكون من ثقات علماء الإمامية " (2).
والظاهر أن التجليل والتوثيق من السيد السند العلي.
وقد ظهر بما سمعت من العبارتين أن اسم ابن السكون هو علي.

1. رياض العلماء 4: 241.
2. رياض السالكين 1: 53.
566

وكذا ظهر بما سمعت من العبارتين اتفاق توثيق ابن السكون من صاحب
رياض العلماء والسيد السند العلي.
وفي الأمل: " علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمد السكون، فاضل
شاعر أديب " (1).
[بيان حال عميد الرؤساء]
وأما عميد الرؤساء: فقال شيخنا الشهيد الثاني في إجازته لوالد شيخنا البهائي
عند ذكر ذلك: " الشيخ الإمام المحقق الضابط البارع " (2).
وفي الأمل: " أنه كان فاضلا جليلا، له كتب يروي عنه السيد فخار " (3).
وعن السيد الداماد: " أنه من أئمة علماء الأدب ومن أفاخم أصحابنا " (4).
وقال صاحب رياض العلماء في باب الألقاب:
" عميد الرؤساء " هو في الأغلب يطلق على السيد الأجل أبي منصور هبة
الله بن حامد بن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب اللغوي الملقب
بعميد الرؤساء الذي صنف كتابا في تحقيق الكعب، وقد كان من أجلة
الأصحاب، وهو المراد بقوله: " حدثنا " في أول سند النسخة المشهورة
من الصحيفة الكاملة على قول السيد الداماد، وكان معاصرا لابن
السكون، ويرويها عن عميد الرؤساء المذكور السيد شمس الدين
فخار بن معد الموسوي. وقد يطلق عميد الرؤساء على السيد الأجل
أبي الفتح يحيى بن محمد بن نصر بن علي بن جيا الذي يروي عن
الشيخ المفيد بواسطة واحدة، والثاني متقدم الطبقة على الأول، ولكن

1. أمل الآمل 2: 203.
2. نقله في بحارالأنوار 105: 158.
3. أمل الآمل 2: 342.
4. شرح الصحيفة السجادية: 45.
567

قد يقال في الثاني: " أمين الرؤساء " أو " أمير الرؤساء " (1).
وقال أيضا في باب الهاء:
السيد الأجل رضي الدين أبو منصور عميد الرؤساء، هبة الله بن
حامد بن أحمد بن أيوب بن علي بن أيوب الحلي، اللغوي، الإمام
الفقيه الفاضل الحافل الأديب الكامل الإمامي، المعروف بعميد
الرؤساء، صاحب كتاب الكعب، والمنقول قوله في مبحث الوضوء عند
تحقيق مسألة الكعب، والمعول عليه عندهم، وكان (قدس سره) من تلامذة
ابن الخشاب النحوي المعروف، وابن العصار اللغوي المشهور ومن
أصحابنا، وقد كان الوزير ابن العلقمي المشهور من تلامذة عميد
الرؤساء هذا، ويروي عنه السيد جلال الدين أبو جعفر القاسم بن
الحسن بن محمد بن الحسن بن معية بن سعيد الحسني الديباجي
كتاب الصحيفة الكاملة، كما يرويها عن الشيخ ابن السكون؛ لأن عميد
الرؤساء وابن السكون معاصران، وكان معتمدا عند الخاصة والعامة،
وأقواله مذكورة في كتب كلتا الطائفتين. وقال الشيخ المعاصر في أمل
الآمل: " السيد عميد الرؤساء هبة الله بن حامد بن أيوب بن علي بن
أيوب، كان فاضلا جليلا، له كتب، يروي عنه السيد فخار " انتهى (2).
وأقول: المشهور أنه كان من السادة، كما صرح به الشيخ المعاصر أيضا
على ما نقلناه عنه، ولكن لا يظهر ذلك مما سيجيء من كلام ابن العلقمي
والسيوطي وغيرهما؛ إذ يحتمل الاشتباه - وفي ذلك - بالسيد عميد
الرؤساء الآخر.
ثم إني رأيت في بلدة أردبيل في مجموعة بخط بعض علماء جبل عامل

1. رياض العلماء 5: 375، إلا أنه مذكور في باب الياء، وليس في باب الألقاب.
2. انظر أمل الآمل 2: 342.
568

مشتملة على فوائد لغوية من تحقيقاته (قدس سره)، نقلا عن خط تلميذه السيد
فخار بن معد الموسوي المذكور، ما يدل (1) على قوة مهارته في هذا العلم.
وقد رأيت أيضا على ظهر بعض نسخ المصباح هكذا: كاتبه رضي الدين
عميد الرؤساء أبو منصور هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب اللغوي
الحلي صاحب أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن
الخشاب، وأبي الحسن عبد الرحيم السلمي الرقي - رضي الله عنهم
أجمعين -. وكان (رحمه الله) من الأخيار الصلحاء المتعبدين، ومن أبناء الكتاب
المعروفين، وكان آخر قراءتي عليه في سنة تسع وستمائة، وفيها مات
رضي الله [عنه] بعد أن تجاوز الثمانين. (2) انتهى.
وقال السيوطي في طبقات النحاة نقلا:
الشيخ أبو منصور عميد الرؤساء هبة الله بن حامد بن أحمد بن
أيوب بن علي بن أيوب، قال ياقوت: هو أديب فاضل نحوي لغوي
شاعر، شيخ وقته، ومتصدر بلده، أخذ عنه أهل تلك البلاد الأدب،
وأخذ هو عن أبي الحسن علي بن عبد الرحيم الرقي المعروف بابن
العصار وغيره، وله نظم ونثر (3).
وقال السيد السند الجزائري في تعليقات التهذيب عند الكلام في الكعب:
اعلم أن المستفاد من كلام أهل اللغة والمفسرين والفقهاء وأهل التشريح
إطلاق الكعب على معان أربعة، الأول: العظم المرتفع في ظهر القدم بين
الساق والمشط، وبه قال من أصحابنا اللغويين عميد الرؤساء وفي كتابه
الذي ألفه في الكعب. إلى آخر كلامه.

1. مفعول ل‍ " رأيت ".
2. كل ذلك في رياض العلماء 5: 309، وانظر أمل الآمل 2: 342.
3. بغية الوعاة، في طبقات اللغويين والنحاة 2: 322.
569

ومقتضى صريحه: أن عميد الرؤساء كان من الإمامية رضوان الله سبحانه عليهم.
وعن نسختين من المدارك - بعد ذكر اسم عميد الرؤساء ونقله عنه: أن الكعب
هو الناشز في ظهر القدم أمام الساق - الترحم له (1)، وهو صريح أيضا في كونه من
الإمامية، بل ربما استفيد المدح أو التوثيق من الترضي، وهو في مرتبة الترحم؛
حيث إن السيد السند التفرشي ذكر في ترجمة محمد بن علي بن ما جيلويه أن
الصدوق ذكره في مشيخة الفقيه كثيرا وقال: " رضي الله عنه " (2). وغرض السيد
السند المذكور إظهار حسن الحال أو الوثاقة المستفادة من ترضي الصدوق.
قال شيخنا السند: ولعل العلامة من هنا صحح طريق الصدوق إلى منصور بن
حازم وغيره وهو فيه.
قوله: " وغيره " لعل غرضه معاوية بن وهب.
وقد حررنا الكلام في مقصود الصدوق بمحمد بن علي بن ماجيلويه في
الرسالة المعمولة في رواية الكليني عن علي بن محمد، بل لا إشكال في دلالة
الترحم والترضي من المعصوم (عليه السلام) - كما اتفق الترضي من مولانا الصادق (عليه السلام) في
باب أبان بن تغلب (3) - على الوثاقة.
ومن ذلك أنه تعجب شيخنا السيد من النجاشي؛ حيث يوثق ذلك، مع أن في
ترجمته أمورا أخر.
وممن صرح بتشيع ذلك - أعني عميد الرؤساء -: الشيخ محمد بن علي
الشهير بابن خاتون في شرحه الفارسي لأربعين شيخنا البهائي (4)، فقد ظهر ضعف

1. الموجود في المدارك المطبوع ج 1، ص 220 قوله: " ونقل الشهيد (رحمه الله) في الذكرى عن الفاضل عميد
الرؤساء أنه صنف كتابا في الكعب " إلى آخره، وكذا في الطبعة الحجرية ص 33.
2. نقد الرجال 4: 279.
3. مشيخة الفقيه: 23.
4. أربعين (ترجمه خاتون آبادي): 117.
570

ما عن بعض من عد ذلك من العامة.
ثم إن عميد الرؤساء غير السيد عميد الدين عبد المطلب بن محمد بن
علي بن أحمد بن علي الأعرج الحسيني، المعروف بالعميدي، وهو ابن أخت
العلامة، وصاحب المنية في شرح تهذيب الأصول (1).
وربما نقل عن بعض شراح الصحيفة بالفارسية طرح الاتحاد في البين، وذاك
صنع ساقط ضائع؛ إذ عميد الرؤساء كان في ستمائة - على ما تقدم من تاريخ
إجازته الصحيفة الشريفة لابن معية - والعميدي ابن أخت العلامة كما سمعت،
والعلامة كان مولده في تاسع عشر رمضان سنة ثمان وأربعين وستمائة على ما
ذكره بنفسه في الخلاصة (2)، وانتقل إلى جوار رحمة الله سبحانه في حادي عشر
المحرم سنة ست وعشرين وسبعمائة على ما نقل عن نجله الزكي فخر
المحققين (3)، وبه صرح جماعة منهم الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة، فزمان
إجازة عميد الرؤساء مقدم على زمان تولد العلامة، والعلامة مقدم على العميدي
بكثير قطعا، فعميد الرؤساء مقدم على العميدي بمقدار تقدم عميد الرؤساء على
العلامة، وتقدم العلامة على العميدي.
[ما ذكره التقي المجلسي في طريق رواية الصحيفة]
ثم إن المولى التقي المجلسي قد ذكر في بعض تعليقات النقد: أنه يروي
الصحيفة الكاملة عن الإمام صاحب الزمان صلوات الله عليه مناولة في المنام
الصادق الذي ظهرت آثاره، منها انتشارها على يده في جميع البلاد، حتى بلاد
اليمن والهند والسند، قال:

1. انظر رياض العلماء 3: 259.
2. رجال العلامة الحلي: 48.
3. نقله في حاشية رجال العلامة الحلي: 48.
571

ومنها: حدثنا به جم كثير من الفضلاء.
منهم: الشيخ الأجل بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد، عن
أبيه، عن الشيخ زين الدين، وبلا واسطة عن الشيخ عبد العالي، وهما عن
الشيخ علي بن عبد العالي.
ومنهم: الشيخ الأعظم مولانا عبد الله، عن الشيخ نعمة الله بن خاتون،
عن الشيخ علي بن عبد العالي.
ومنهم: جم كثير من الفضلاء، عن جدي مولانا درويش محمد، عن
الشيخ علي بن عبد العالي.
ومنهم: الشيخ أبو البركات الواعظ، عن الشيخ علي بن [عبد] العالي،
عن جماعة كثيرة.
منهم: الشيخ علي بن هلال الجزائري، عن الشيخ البدل أحمد بن فهد
الحلي، عن الشيخ علي بن الخازن الحائري، عن الشيخ أبي عبد الله
الشهيد محمد بن مكي، عن جم كثير من الفضلاء:
منهم السيد تاج الدين بن معية، والشيخ فخر الدين، والشيخ مولانا
قطب الدين محمد الرازي، عن العلامة جمال الملة والدين حسن بن
مطهر، عن أبيه وخاله الشيخ أبي القاسم، عن السيد فخار، عن عميد
الرؤساء، عن السيد بهاء الشرف، إلى آخره.
وعن الشهيد الثاني، عن المزيدي، عن الشيخ محمد بن صالح، عن
السيد فخار، عن عميد الرؤساء، عن السيد الأجل، إلى آخره.
وعن العلامة، عن أبيه والسيدين: علي وأحمد ابني طاووس، عن السيد
فخار، عن الشيخ محمد بن محمد بن هارون الكمالي، عن حمزة بن
شهريار، عن السيد الأجل.
وعن العلامة، عن أبيه والمحقق، عن محمد بن نما، عن الشيخ
محمد بن جعفر المشهدي، سماعا عن السيد الأجل؛ وقراءة على أبيه
جعفر بن علي، وعلى الشيخ الفقيه هبة الله بن نما، والشيخ المقري
572

جعفر بن أبي الفضل بن شقرة (1)، والشريف أبي القاسم بن الزكي
العلوي، والشريف أبي الفتح بن الجعفرية، والشيخ سالم بن قياروية،
عن السيد الأجل.
وبالأسانيد عن السيد فخار، عن ابن إدريس، عن أبي علي، عن والده
شيخ الطائفة، عن الحسين بن عبيد الله بن الغضائري، عن أبي المفضل
الشيباني.
وعن ابن نما، عن الشيخ أبي الحسن علي بن الخياط، عن الشيخ
عربي بن مسافر، عن السيد الأجل.
وعن السيد تاج الدين، عن أبيه، عن (2) القاسم بن معية، عن خاله
جعفر بن معية، عن محمد بن الحسن بن معية، عن ابن شهر آشوب،
عن جده شهر آشوب، عن الشيخ الطوسي.
وعن السيد تاج الدين، عن العلامة والسيد كمال الدين، عن خواجة
نصير الدين محمد بن محمد الحسن الطوسي، عن أبيه، عن السيد
فضل الله الحسني، عن أبي الصمصام، عن الشيخ والنجاشي.
وعن السيد فخار، عن ابن إدريس وابن شهر آشوب وشاذان بن
جبرئيل، عن الشيخ أبي عبد الله الدوريستي، عن الشيخ محمد بن
محمد بن النعمان المفيد، عن أبي الفضل، إلى آخره.
والطريق يزيد على ألف ألف (3) طريق إلى السيد الأجل، وإلى الشيخ
الطوسي، واقتصرنا هنا عليه لئلا يتوهم أنه من الآحاد (4).

1. في المصدر: شفرة، وفي معجم رجال الحديث نقلا عن تذكرة المتبحرين (140): شعرة، وكذا أمل
الآمل 2: 55.
2. " عن " ليست في المصدر.
3. في المصدر زيادة: " ألف ".
4. نقد الرجال 4: 84، هامش 6.
573

ولا يذهب عليك أن ما ذكره - من مزيد الطرق إلى السيد الأجل وإلى الشيخ
الطوسي - يرجع إلى أربعة كرور (1). وفي بعض النسخ مزيد ألف ثالث، فيرجع الأمر
إلى أربعة آلاف كرور، والنفس تضايق عن أربعة كرور، فضلا عن أربعة آلاف
كرور، ولعل المراد غير ظاهر العبارة، ويأتي منه نظير الكلام المذكور مرارا
بعبارات مختلفة.
قوله: " مناولة في المنام " قد ذكر شرح المنام في شرح مشيخة الفقيه بقوله:
إني كنت في أوائل البلوغ طالبا لمرضاة الله تعالى، ساعيا في طلب رضاه،
ولم يكن لي قرار إلا بذكره تعالى إلى أن رأيت بين النوم واليقظة أن
صاحب الزمان صلوات الله عليه كان واقفا في الجامع القديم في إصبهان
قريبا من باب الطيني الذي [هو] الآن مدرسي، فسلمت عليه صلوات الله
عليه، وأردت أن أقبل رجله صلوات الله عليه، فلم يدعني، وأخذني،
فقبلت يده، وسألت عنه - صلوات الله عليه - مسائل قد أشكلت علي،
منها: أني كنت أوسوس في صلاتي، وكنت أقول: إنها ليست كما طلبت
مني، وأنا مشتغل بالقضاء، ولا يمكنني صلاة الليل، وسألت من شيخنا
البهائي - رحمه الله تعالى - فقال: " صل صلاة الظهر والعصر والمغرب
بقصد القضاء، وصلاة الليل " وكنت أفعل هكذا، فسألت من الحجة
صلوات الله عليه: أصلي صلاة الليل؟، فقال - صلوات الله عليه -:
" صلها، ولا تفعل كالمصنوع الذي كنت تفعل ". إلى غير ذلك من
المسائل التي لم تبق في بالي.

1. الكرور اسم لخمسمائة ألف، نصف الميليون، فأربعة كرور يصير ميليونين فيلزم أن يكون إلى كل من
السيد الأجل والشيخ الطوسي ميليون طريق وفيه ما لا يخفى كما أشار إليه المصنف. وأيضا حاصل
النسخة الأخرى هو الميليارد واحد مع أن أربعة آلاف كرور يصير ميلياردين فألف ألف ألف راجع إلى
ميليارد واحد لا ميلياردين.
574

ثم قلت: يا مولاي، لا يتيسر لي أن أصل إلى خدمتك كل وقت،
فأعطني كتابا أعمل عليه دائما، فقال - صلوات الله عليه -:
" أعطيت لأجلك كتابا إلى مولانا محمد التاج " وكنت أعرفه في
النوم، فقال - صلوات الله عليه -: " رح وخذ منه ". فخرجت من باب
المسجد الذي كان مقابلا لوجهه إلى جانب دار البطيخ محلة من
إصبهان، فلما وصلت إلى ذلك الشخص، فلما رآني قال لي: بعثك
الصاحب صلوات الله عليه إلي؟ قلت: نعم، فأخرج من جيبه كتابا
ففتحته فظهر لي أنه كتاب الدعاء، فقبلته ووضعته على عيني،
وانصرفت عنه متوجها إلى الصاحب صلوات الله عليه، فانتبهت
ولم يكن معي ذلك الكتاب، فشرعت في التضرع والبكاء لفوات ذلك
الكتاب إلى أن طلع الصبح.
فلما فرغت من الصلاة والتعقيب وكان في بالي أن مولانا محمدا هو
الشيخ البهائي، وتسميته بالتاج لاشتهاره من بين العلماء؛ فلما جئت إلى
مدرسه - وكان في جوار المسجد الجامع - فرأيته مشتغلا بمقابلة
الصحيفة، وكان القارئ السيد الصالح أمير ذو الفقار الجرفادقاني (1)،
فجلست ساعة حتى فرغ منه، والظاهر أنه كان في سند الصحيفة، لكن
للغم الذي كان بي لم أعرف كلامه وكلامهم، وكنت أبكي، فذهبت إلى
الشيخ وقلت له رؤياي وأنا أبكي لفوات الكتاب.
فقال الشيخ: أبشر بالعلوم الإلهية والمعارف اليقينية وجميع ما كنت
تطلب دائما، وكان أكثر صحبتي معه في التصوف، وكان مائلا إليه، فلم
يسكن قلبي.
وخرجت باكيا متفكرا إلى أن ألقي في روعي أن أذهب إلى الجانب الذي

1. في المصدر: " الجرپادقاني ".
575

ذهبت إليه في النوم، فلما وصلت إلى دار البطيخ رأيت رجلا صالحا كان
اسمه آقا حسن، ويلقب ب‍ " تاج "، فلما وصلت إليه وسلمت عليه قال: يا
فلان، الكتب الوقفية التي عندي كل من يأخذها من الطلبة لا يعمل
بشروط الوقف، وأنت تعمل بها، تعال وانظر إلى هذه الكتب، وكل ما
تحتاج إليه خذه، فذهبت معه إلى بيت كتبه، فأعطاني - أول ما أعطى -
الكتاب الذي رأيته في النوم، فشرعت في البكاء والنحيب، وقلت:
يكفيني، وليس في بالي أني ذكرت له النوم أم لا.
وجئت عند الشيخ وشرعت في المقابلة مع النسخة التي كتبها جد أبيه
من نسخة الشهيد، وكتب الشهيد نسخته من نسخة عميد الرؤساء
وابن السكون، وقابلها مع نسخة ابن إدريس بواسطة أو بدونها، وكانت
النسخة التي أعطانيها الصاحب صلوات الله عليه أيضا مكتوبة من خط
الشهيد، وكانت موافقة غاية الموافقة حتى في النسخ التي كانت مكتوبة
على هامشها.
وبعد أن فرغت من المقابلة شرع الناس في المقابلة عندي.
وببركة إعطاء الحجة صارت الصحيفة الكاملة في البلاد كالشمس طالعة
في كل بيت، وسيما في إصبهان، فإن أكثر الناس لهم الصحيفة المتعددة،
وصار أكثرهم صلحاء وأهل الدعاء، وكثير منهم مستجاب الدعوة.
وهذه الآثار معجزة من الصاحب (عليه السلام)، والذي أعطاني الله تعالى من العلوم
بسبب الصحيفة لا أحصيها، وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس،
والحمد لله رب العالمين. هذه طريق أجازتي القريبة.
وأما إجازاتي الظاهرة؛ فأكثر من أن أحصيها، فمن ذلك ما أخبرني به
الشيخ الأجل بهاء الدين محمد، والمولى الأعظم القاضي معز الدين
محمد، والشيخ يونس الجزائري، عن الشيخ العلامة عبد العالي، عن
أبيه الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي.
576

وأخبرني المولى الأعظم مولانا عبد الله بن الحسين التستري، عن
الشيخ الأكمل نعمة الله بن خاتون العاملي، عن الشيخ نور الدين.
وأخبرني الشيخ المعظم بهاء الدين محمد، عن أبيه الشيخ الأجل
الحسين بن عبد الصمد، عن شيخ علمائنا المتأخرين زين الدين
علي بن أحمد، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي، عن الشيخ
شمس الدين محمد بن داود، عن الشيخ ضياء الدين، عن شيخ علمائنا
المحققين السعيد الشهيد محمد بن مكي، عن السيد عميد الدين
عبد المطلب، والشيخ فخر الدين أبي طالب وغيرهما من الفضلاء، عن
الشيخ العلامة جمال الدين الحسن بن الشيخ سديد الدين يوسف، عن
أبيه، عن السيد الأجل محيي الدين بن زهرة الحلبي (1)، عن الشيخ
محمد بن أبي القاسم، عن المفيد أبي علي، عن شيخ الطائفة محمد بن
الحسن، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي المفضل
الشيباني، إلى آخر ما ذكر في السند.
وعن العلامة، عن أبيه، عن السيد العلامة فخار بن معد الموسوي، عن
علي بن السكون وعميد الرؤساء هبة الله بن حامد، عن السيد بهاء
الشرف، إلى آخره.
وعن السيد فخار، عن محمد بن إدريس، عن أبي علي، عن أبيه
محمد بن الحسن، إلى آخره.
وبالأسانيد المتقدمة في أول الكتاب، عن السيد فخار عن محمد بن
إدريس وعميد الرؤساء.
وبالإسناد عن الشهيد، عن السيد تاج الدين بن معية، عن أبيه أبي جعفر
القاسم بن معية، عن عميد الرؤساء، عن السيد الأجل، إلى آخره.

1. في المصدر زيادة: " عن محمد بن شهر آشوب ".
577

وعن القاسم بن معية، عن خاله جعفر بن محمد بن معية، عن والده
محمد بن الحسن بن معية، عن محمد بن شهر آشوب، عن السيد
أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسني، عن أبي جعفر الطوسي.
وعن الشهيد، عن السيد تاج الدين، عن السيد نجم الدين رضي الدين
محمد بن محمد الآوي الحسيني.
وعن الشيخ جلال الدين محمد بن محمد بن الكوفي، عن خواجة
نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، عن والده، عن السيد
أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني، عن السيد أبي الصمصام، عن
الشيخ الطوسي.
وبالإسناد عن الشهيد، عن السيد تاج الدين، عن صفي الدين بن معد،
عن أبيه.
وعن السيد، عن جماعة منهم جلال الدين بن الكوفي، عن نجم الدين
سعيد. ومنهم علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد، عن والده
عبد الحميد جميعا، عن السيد فخار، عن الشيخ محمد بن محمد بن
هارون المعروف بابن الكال، عن أبي طالب حمزة بن شهريار، عن
السيد الأجل.
وبطريق الوجادة عن خط الشيخ الأجل صاحب المقامات والكرامات
محمد بن علي بن الحسن الجباعي والد عبد الصمد والد الحسين والد
شيخنا البهائي رضي الله عنهم، ونقله من خط الشهيد كالصحيفة التي
أعطاني الصاحب صلوات الله عليه، ونقله الشهيد من خط الشيخ الأجل
علي بن أحمد السديد، ونقله السديد من خط علي بن السكون، وقابله
مع النسخة التي كانت بخط محمد بن إدريس الحلي (1).

1. روضة المتقين 14: 419 - 423.
578

[ما نقله المجلسي عن الشهيد الثاني في طرق روايته للصحيفة]
ثم إنه قد ذكر العلامة المجلسي في جلد إجازات البحار: أن طرق رواية
الصحيفة كثيرة، يعسر ضبطها والإحاطة بها، فذكر ما ذكره الشهيد الثاني بقوله:
أرويه عن الشيخ علي بن عبد العالي الميسي، عن الشيخ شمس الدين
محمد بن محمد بن داود الشهير بابن المؤذن، عن الشيخ الصالح ضياء
الدين علي أبي القاسم نجل الشيخ الإمام الأعلم الأكمل خاتمة
المجتهدين وآية الله في العالمين شمس الدين محمد بن مكي قدس الله
نفسه وطهر رمسه، عن والده المذكور بحق روايته، عن عدة من
مشايخه، وهم السيد الإمام الأعظم المرتضى ذو المجدين
عبد المطلب بن الأعرج، والشيخ الإمام الأعلم فخر الملة والدين
محمد بن الإمام الفاضل العلامة زين الدين علي أبو الحسن بن
أحمد بن طراد المطارآبادي، والشيخ رضي الدين علي بن أحمد
المزيدي، والسيد تاج الدين بن معية، جميعا عن الشيخ أبي منصور
الحسن بن يوسف بن علي المطهر - قدس الله أرواحهم - عن والده.
وبالإسناد عن الشهيد، عن السيد تاج الدين النسابة، عن صفي الدين بن
معد، عن والده.
وعن السيد، عن جماعة، منهم جلال الدين بن الكوفي، عن نجم
الدين بن سعيد. ومنهم علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد،
جميعا، عن فخار، عن الشيخ محمد بن محمد بن هارون، عن
أبي طالب حمزة بن شهريار بسنده المذكور أولا.
وعن الشهيد، عن السيد تاج الدين أبي عبد الله محمد بن السيد العالم
جلال الدين أبي جعفر القاسم بن معية الحسني الديباجي، عن والده
أبي جعفر القاسم، عن خاله تاج الدين أبي عبد الله جعفر بن محمد بن
معية، عن والده السيد مجد الدين أبي طالب محمد بن الحسن بن معية،
579

عن أبي جعفر محمد بن شهر آشوب المازندراني، عن أبي الصمصام
ذي الفقار الحسني، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.
ويظهر من خط عميد الرؤساء هبة الله بن حامد أن أبا جعفر القاسم بن
الحسن بن محمد بن الحسن بن معية يروي عن عميد الرؤساء، وهو
عن السيد الأجل بهاء الشرف، إلى آخر السند، فتأمل (1).
[ما كتبه الشهيد الثاني على الصحيفة التي بخطه]
ثم ذكر ما كتبه الشهيد الثاني على الصحيفة التي بخطه بقوله:
يقول فقير عفو الله تعالى، زين الدين بن علي، كاتب هذا الكتاب - لطف
الله تعالى به -: إني أرويه عن شيخنا الأجل الشيخ علي بن عبد العالي
الميسي أدام الله تعالى أيامه بحق روايته، عن شيخه الصالح المتقن
شمس الدين محمد بن محمد بن داود الشهير بابن المؤذن، عن الشيخ
الصالح ضياء الدين علي بن أبي القاسم نجل الشيخ الإمام الأعلم
الأكمل، خاتمة المجتهدين، وآية الله في العالمين، شمس الدين
محمد بن مكي - قدس الله تعالى نفسه وطهر رمسه - عن والده المذكور
بحق روايته، عن عدة من مشايخه، وهم السيد الإمام الأعظم المرتضى
ذو المجدين عبد المطلب بن الأعرج، والشيخ الإمام الأعلم فخر الملة
والدين محمد بن الإمام الفاضل العلامة زين الدين علي أبو الحسن بن
أحمد بن طراد المطارآبادي، والشيخ الفقيه العلامة رضي الدين
أبو الحسن علي بن أحمد المزيدي، والسيد تاج بن معية جميعا،
عن الشيخ أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر - قدس الله
أرواحهم - عن والده.

1. بحارالأنوار 105: 130.
580

وبالإسناد عن الشهيد عن السيد تاج الدين النسابة، عن صفي الدين بن
معد، عن والده.
وعن السيد، عن جماعة، منهم جلال الدين بن الكوفي عن نجم
الدين بن سعيد، ومنهم علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد بن
محمد عن والده عبد الحميد جميعا عن فخار، عن الشيخ محمد بن
محمد بن هارون المعروف بابن الكال، عن أبي طالب حمزة بن
شهريار بسنده المذكور أولا.
وأرويها أيضا بالطريق الأول إلى الشهيد (رحمه الله)، عن السيد تاج الدين
أبي عبد الله محمد ابن السيد العالم جلال الدين أبي جعفر القاسم بن
معية الحسني الديباجي، عن والده أبي جعفر القاسم، عن خاله تاج
الدين أبي عبد الله جعفر بن محمد بن معية، عن والده السيد مجد الدين
أبي طالب محمد بن الحسن بن معية، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن
علي بن شهر آشوب المازندراني، عن السيد أبي الصمصام ذي
الفقار بن محمد بن معبد الحسني، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.
وأرويها أيضا بالطريق الأول إلى الشيخ أبي عبد الله الشهيد، عن السيد
تاج الدين المذكور، عن السيد نجم الدين الرضي محمد بن محمد بن
السيد رضي الدين الآوي الحسيني.
وعن الشيخ جلال الدين محمد بن محمد الكوفي، عن خواجة نصير
الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، عن والده، عن السيد
أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني، عن السيد أبي الصمصام بسنده،
وذلك في سابع شهر شعبان المبارك سنة ثلاثين وتسعمائة، وكتب أفقر
العباد زين الدين بن علي كان الله له، انتهى (1).

1. انظر بحارالأنوار 105: 133.
581

قال العلامة المجلسي:
وقد كان على تلك النسخة من الصحيفة الكاملة السجادية أيضا التي قد
كتبها الشهيد الثاني هذه العبارة:
صورة لها على الأصل الذي بخط الشيخ سديد الدين علي بن أحمد
الحلي، نقلت هذه الصحيفة من خط علي بن السكون، وتتبعت إعرابها
عن أقصاه حسب الجهد إلا ما زاغ عنه النظر وحسر عنه البصر، وذلك
في شهر ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وستمائة، بلغت مقابلة مرة ثانية
بخط السعيد محمد بن إدريس (رحمه الله) بحسب ما وصل إليه الجهد ولله
الحمد، وذلك في شهر ذي القعدة من سنة أربع وخمسين وستمائة،
وكل ما على هامشها من حكاية " سين " ونسخة في " س " فإنه عن
ابن إدريس، وكذلك جميع ما يوجد بين السطور وعليه سين فإنه حكاية
خطه.
وأما ما كان من نسخة بلا " سين "، فمنها ما هو بخط ابن السكون، ومنها ما
هو بخط ابن إدريس.
صورة خط ابن إدريس في مقابلته: بلغ العرض بأصل خير الموجود،
وبذل فيه الجهد والطاقة، إلا ما زاغ عنه النظر وحسر عنه البصر.
فذكر ما كتبه الشهيد الثاني أيضا على النسخة التي كانت بخطه من
الصحيفة الكاملة وبقوله: قوبلت هذه النسخة وضبطت من نسخة
شيخنا ومولانا السعيد أبي عبد الله الشهيد محمد بن مكي، وتتبعت ما
فيها من الضبط والنسخ والإعراب إلا في مواضع يسيرة تحقق وقوعها
سهوا على الخطأ، فضبطناه على الصواب.
وهو كتب نسخته من خط الشيخ سديد الدين علي بن أحمد الحلي (رحمه الله)،
والشيخ سديد نقل نسخته من خط ابن السكون، وقابلها بنسخة الشيخ
محمد بن إدريس.
582

وكل ما على هامشها من حكاية " سين " ونسخة في " س " فإنه عن
ابن إدريس، وكذلك [ما] بين السطور، وأما ما كان من نسخة بلا
" سين " فمنها ما هو بخط ابن السكون، ومنها ما هو بخط ابن إدريس (رحمه الله)
وذلك مرات متعددة، أولها سنة تاريخ الكتاب، والثانية سنة أربع
وستمائة وأربعين، والثالثة سنة أربع وخمسين وتسعمائة، وكتبه الفقير
إلى الله تعالى زين الدين علي بن أحمد الشامي العاملي، وفقه الله تعالى
لطاعته، والدعاء بها، وأعطاه ما اشتملت عليه من سؤال الخير، ودفع عنه
ما سئل فيها دفعه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله حق حمده،
وسلامه على سيد رسله محمد خير خلقه وعلى آله وصحبه حامدا
مصليا، انتهى (1).
وقد ظهر بما مر أن للشهيد الثاني على الصحيفة الشريفة التي كانت بخطه
ثلاثة مكاتيب.
[ما نقل المجلسي عن والده من طرق رواية الصحيفة]
ثم إنه قد حكى العلامة المجلسي في البحار رواية والده المولى التقي
المجلسي للصحيفة الكاملة - لمنشئها السلام الكامل، والتحية الكاملة إلى ساعة
القيام وقيام الساعة - بقوله:
إني أروي الصحيفة الكاملة - الملقبة بزبور آل محمد (صلى الله عليه وآله) وإنجيل أهل
البيت (عليهم السلام) والدعاء الكامل - بأسانيد متكثرة، وطرق مختلفة:
منها: ما أرويها مناولة عن مولانا صاحب الزمان صلوات الله وسلامه
عليه في الرؤيا الطويلة.
ومنها: ما وجدته بخط الشيخ شمس الدين، صاحب الكرامات، جد

1. بحارالأنوار 105: 134.
583

الحسين بن عبد الصمد أبي شيخنا بهاء الملة والدين محمد، ونقله هو
من خط الشهيد (رحمه الله)، ونقله هو من خط شيخنا علي بن أحمد السديد
المعروف بالسديدي، ونقله هو من خط علي بن السكون، وعارضها
مع نسخة بخط محمد بن إدريس الحلي، ورواه علي بن السكون عن
السيد الأجل.
وأما من جهة الإجازة، فأخبرني بها أستادي وشيخي، بل شيخ
الكل الشيخ بهاء الدين محمد، عن أبيه شيخ الإسلام الشيخ حسين بن
عبد الصمد ابن شيخ شمس الدين محمد الحارثي الهمداني، عن شيخ
علمائنا المحققين زين الدين علي، عن شيخ فضلائنا المدققين الشيخ
نور الدين علي بن عبد العالي قدس الله أرواحهم.
وأخبرنا بها أستادي وأستاد الكل مولانا عبد الله بن الحسين التستري،
عن الشيخ الأجل نعمة الله أفضل المتأخرين أحمد بن خاتون العاملي،
عن أبيه، عن الشيخ علي؛ وبلا واسطة أبيه عن الشيخ نور الدين علي.
وعن جماعة من أصحابنا، عن جدي شيخ الفضلاء مولانا درويش
محمد، عن الشيخ نور الدين علي.
وعن جماعة من أصحابنا - منهم العلامة الشيخ بهاء الدين محمد،
والعلامة القاضي معز الدين محمد، والشيخ يونس الجزائري - عن
الشيخ العلامة عبد العالي، عن أبيه الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي
أنار الله برهانهم، عن الشيخ الأفضل نور الدين علي بن هلال الجزائري،
عن الشيخ الأعظم جمال الدين أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ زين
الدين علي بن الخازن، عن شيخ علمائنا المحققين والمدققين الشهيد
السعيد محمد بن مكي العاملي قدس الله أسرارهم.
وعن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي، عن الشيخ الأجل محمد بن
أحمد بن داود الشهير بابن المؤذن ابن عم الشهيد، عن الشيخ الأعظم
584

ضياء الدين علي، عن أبيه الشهيد رحمهم الله.
وعن ابن المؤذن، عن الشيخ الفاضل علي بن طي، عن الشيخ شمس
الدين العريضي، عن السيد حسن بن أيوب، عن الشهيد.
وعن ابن المؤذن، عن السيد علي بن دقماق الحسني، عن الشيخ شمس
الدين محمد بن شجاع القطان، عن الشيخ أبي عبد الله المقداد، عن
الشهيد - رضي الله عنهم - عن فخر المحققين محمد بن العلامة،
والشيخ العلامة قطب الدين محمد الرازي، والسيد العلامة تاج الدين
محمد بن القاسم بن معية الحسني الديباجي، والسيد الأعظم
عميد الدين عبد المطلب بن الأعرج الحسيني، والسيد الجليل أحمد بن
محمد بن الحسن بن زهرة الحلبي، والسيد الكبير مهنا بن سنان
المدني، والشيخ الفاضل علي بن أحمد بن يحيى المزيدي، والشيخ
الفاضل علي بن طراد المطارآبادي جميعا، عن العلامة الفهامة جمال
الإسلام والمسلمين شيخ الطائفة في عصره الحسن بن الشيخ العلامة
سديد الدين يوسف بن المطهر، عن أبيه، عن شيخ المحققين نجم الملة
والدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن سعيد، عن السيد السعيد
فخار بن معد الموسوي، عن علي بن السكون وعميد الرؤساء
هبة الله بن حامد بن أيوب، عن السيد بهاء الشرف إلى آخر السند
المذكور في المتن.
وعن السيد تاج الدين، عن صفي الدين بن معد، عن والده السيد جلال
الدين القاسم بن معية، عن عميد الرؤساء، عن السيد الأجل.
ح وعن السيد تاج الدين، عن صفي الدين بن معد، عن أبيه.
ح وعن السيد، عن جماعة - منهم جلال الدين بن الكوفي عن نجم
الدين بن سعيد، ومنهم علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد، عن
أبيه جميعا - عن السيد فخار، عن الشيخ محمد بن محمد بن هارون،
585

عن أبي طالب حمزة بن شهريار، عن السيد الأجل إلى آخره.
ح وعن السيد فخار، عن الشيخ الأجل محمد بن إدريس، عن الشيخ
الفقيه أبي علي، عن أبيه شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي، عن
الشيخ الأجل الثقة الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي المفضل
الشيباني، إلى آخره.
ح وعن السيد تاج الدين، عن السيد كمال الدين محمد بن محمد
الآوي الحسيني، عن الشيخ الأعظم نصير الدين محمد بن
الحسن الطوسي، عن أبيه، عن السيد أبي الرضا فضل الله الحسني،
عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسني، عن الشيخ
الطوسي (1).
ح وعن السيد مجد الدين، عن الشيخ محمد بن شهر آشوب، عن السيد
أبي الصمصام، عن الطوسي والمفيد والنجاشي.
ح وعن الشهيد، عن السيد شمس الدين أبي المعالي، عن الشيخ كمال
الدين علي بن حماد الواسطي، عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن
سعيد، عن السيد الأجل محيي الدين محمد بن عبد الله بن زهرة
الحسيني الحلبي، عن الشيخ محمد بن شهر آشوب المازندراني، عن
شهر آشوب، عن الطوسي.
ح وعن ابن شهر آشوب، والشيخ محمد بن إدريس الحلي، والشيخ
سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي جميعا، عن العماد محمد بن أبي
القاسم الطبري، عن أبي علي، عن الطوسي، عن جماعة، عن
التلعكبري، عن أبي الحسن بن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر، عن

1. في المصدر زيادة: " وعن السيد تاج الدين، عن أبيه القاسم، عن خاله جعفر بن محمد، عن السيد
مجد الدين محمد بن معية، عن الشيخ الطوسي ".
586

أبيه، عن عمير بن المتوكل، عن أبيه المتوكل بن هارون، عن يحيى بن
زيد بالدعاء (1) الكامل.
ح وعن العلامة، عن السيدين الأجلين الأعظمين رضي الدين علي
وجمال الدين أحمد ابني طاووس الحسني، عن السيد فخار، عن الشيخ
شاذان، عن أبي عبد الله الدوريستي، عن المفيد، عن أبي المفضل
الشيباني، إلى آخره.
ح وعن المفيد، عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن الكليني
بكتابه الكافي.
ح وعن المفيد، عن محمد بن علي بن بابويه بكتبه، سيما كتاب من لا
يحضره الفقيه.
ح وعن شيخ الطائفة بكتبه، سيما تهذيب الأحكام والاستبصار.
ومن هذه الأسانيد يعرف الإسناد إلى كتب العلماء الذين فيها، وإلى كتب
معاصريهم في كل طبقة.
والحاصل: أنه لا شك في أن الصحيفة الكاملة، عن مولانا سيد
الساجدين لذاتها وفصاحتها وبلاغتها واشتمالها على العلوم الإلهية التي
لا يمكن لغير المعصوم الإتيان بها، والحمد لله رب العالمين على هذه
النعمة الجليلة العظيمة التي اختصت بنا معشر الشيعة، والصلاة على
مدينة العلوم الربانية، سيد المرسلين، وعترته أبواب العلوم والحكم
القدسية، والسلام عليهم ورحمته وبركاته (2).

1. في المصدر زيادة: " وعن الطوسي (رحمه الله)، عن أحمد بن عبدون، عن أبي بكر الدوري، عن أبي أخي
طاهر، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن المتوكل، عن أبيه. وبالأسانيد عن أبي الصمصام،
عن النجاشي، عن الحسين بن عبيد الله، عن ابن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير
بن المتوكل، عن أبيه المتوكل بن هارون، عن يحيى بن زيد بالدعاء ".
2. بحارالأنوار 107: 63.
587

[بيان المراد بالمناولة]
أقول: قوله: " منها ما أرويها مناولة " إلى آخره مقتضى كلامه أن عناية الصحيفة
من مولانا الحجة - عليه آلاف السلام والتحية - بتوسط الواسطة من باب المناولة.
وفيه: أنه إن كان المقصود بالمناولة هو المعنى اللغوي، فلا بأس به، لكن
لا وقع لذكره في المقام.
وإن كان المقصود بها هو المعنى المصطلح عليه عند أرباب الدراية، فيضعف
بأن المناولة بالمعنى المذكور على قسمين:
أحدهما: ما كان مقرونا بالإجازة، كأن يعطي كتابا ويقول: " هذا سماعي عن
فلان فاروه عني " أو " أجزت لك روايته عني فاروه عني ".
والآخر: ما كان خاليا عن الإجازة، كأن يعطي كتابا ويقول: " هذا سماعي "
مقتصرا عليه، من غير أن يقول: " فاروه عني " أو " أجزت لك روايته فاروه عني ".
أما الأول: فالعمدة فيه الإجازة، بل عن بعض إنكار إفراده عنها، وإن يفترقان:
بأن المناولة تحتاج إلى مشافهة المجيز للمجاز له وحضوره دون الإجازة عن
بعض، وأن المناولة أخص من الإجازة؛ لأنها إجازة مخصوصة في كتاب
مخصوص، بخلاف الإجازة.
وأين عناية مولانا الحجة - روحي وروح العالمين له الفداء - للصحيفة
الشريفة بتوسط الواسطة فما ذكر.
وأما الثاني: فلا يرتبط بالعناية المذكورة، وأين أحدهما من الآخر. مع أن
الظاهر منه جواز الرواية بالمناولة. والظاهر أن المشهور عدم جواز الرواية
بالمناولة على الاسم الأخير؛ لعدم دلالته على صدور الرواية.
[بيان المراد بالوجادة]
قوله: " ومنها ما وجدته بخط الشيخ شمس الدين " إلى آخره.
588

وفيه: أن المدار في الوجادة المصطلحة على أن يجد شخص كتابا رواه
شخص عن شخص بخطه، أو حديثا رواه شخص عن شخص بخطه، فيقول
الشخص الأخير: " وجدت في كتاب فلان "، أو " حدثنا فلان ". والمقصود بفلان
في كل من الكلامين المذكورين هو الشخص الأوسط.
فالمدار في الوجادة على وجدان الشخص الأول ما ذكره الشخص الأوسط
من كون الكتاب بخط فلان، أي الشخص الأخير، أو كون الرواية رواها فلان، أي
الشخص الأخير، فما وقع من الشخص الأوسط صار سببا وطريقا للرواية من
الشخص الأول، كما هو مقتضى عد الوجادة في الدراية من طرق التحمل.
وما في الزبدة - بل هو المشهور في الألسن من أن أنحاء التحمل سبعة - ليس
بشيء؛ إذ المقصود بالتحمل هو الرواية إلى الأمور السبعة، كيف لا، وكل من تلك
الأمور مقدم على الرواية، ومن باب المقدمة لها. وأين ما ذكر من وجدان الصحيفة
الشريفة بخط الشيخ شمس الدين. فما صنعه المولى المتقدم من باب الاشتباه بين
أن يجد شخص قول شخص: " روى فلان هذه الرواية بخطه " وأن يجد الشخص
الرواية بخط فلان.
[كلام الصحيفة فوق كلام البشر وجبر ضعف سندها به]
قوله: " والحاصل أنه لا شك " إلى آخره قال في شرح مشيخة الفقيه:
عبارة الصحيفة دالة على أنها ليست من البشر - سيما من عمير ومتوكل
اللذين ليسا من علماء العامة ولا من علماء الخاصة -؛ فإن علماء العامة
كيف يمكنهم أن ينسبوا ذلك [إلى] أئمتنا عليهم السلام، والخاصة كيف
كانوا بهذه الفضيلة العظيمة ولم يكن يعرفهم أحد أصلا. على أن
الوجدان الخالي عن التعصب يجزم بأنها فوق كلام المخلوق، ويمكن
أن تكون من كلام الله تعالى، بأن تكون منقولة عن النبي (صلى الله عليه وآله).
589

والظاهر أن ذلك الكلام من إلهام الله تعالى على قلوبهم، وعلى
ألسنتهم، ولا شك في إمكانه إما للأخبار المتواترة بأن من زهد في
الدنيا أو أخلص العبادة لله، أجرى الله سبحانه أو فتح الله تعالى ينابيع
الحكمة من قلبه على لسانه (1) وهذه المرتبة دون مرتبتهم سلام الله عليهم
أجمعين، كما اعترف العامة بذلك أيضا، فإنهم يجوزون تلك المرتبة
لجنيد البغدادي، ولأبي يزيد البسطامي، ولإبراهيم البلخي،
وأمثالهم، وهم معترفون بأن مرتبة أئمتنا سلام الله عليهم أجمعين
أعلى منهم بكثير.
وإما من جهة الأخبار الكثيرة من الطرفين الصحيحة من الجانبين " أنه
لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه
وبصره ويده ولسانه " (2) فكيف يستبعد أن يكون الله تعالى تكلم على
لسان سيد العارفين والزاهدين والعابدين، هذا على أفهام العامة.
وأما الخاصة: فلا خلاف عندهم في ذلك، وأخبارنا بذلك متواترة
بالنسبة إلى الجميع سلام الله عليهم جميعا. ولهذا سميت الصحيفة
ب‍ " إنجيل أهل البيت " و " زبور آل محمد (صلى الله عليه وآله) " كما أن الإنجيل كان يجري
على لسان عيسى بن مريم على نبينا وآله وعليه السلام، والزبور كان
يجري على لسان داود على نبينا وآله وعليه السلام، انتهى (3).
ويأتي منه بعض الكلام في المقام في بعض ما يأتي منه من الكلام.
وقال السيد السند العلي:
واعلم أن هذه الصحيفة عليها مسحة من العلم الإلهي، وفيها عبقة من

1. الكافي 2: 128، ح 1، باب ذم الدنيا والزهد فيها، وص 15، ح 3 و 6، باب الإخلاص.
2. الكافي 2: 352، ح 7، باب من أذى المسلمين واحتقرهم؛ وسائل الشيعة 4: 72، أبواب أعداد
الفرائض، ب 17، ح 6 مع اختلاف في اللفظ.
3. روضة المتقين 14: 418.
590

الكلام النبوي، كيف لا، وهو قبس من نور مشكاة الرسالة، ونفحة من
شميم رياض الإمامة، حتى قال بعض العارفين: إنها تجري مجرى
التنزيلات السماوية، وتسير مسير الصحف اللوحية والعرشية؛ لما
اشتملت عليه من أنوار حقائق المعرفة، وثمار حدائق الحكمة. وكان
أحبار العلماء، وجهابذة القدماء من السلف الصالح يلقبونها ب‍ " زبور آل
محمد " و " إنجيل أهل البيت ".
قال الشيخ الجليل محمد بن علي بن شهر آشوب في معالم العلماء في
ترجمة المتوكل بن عمير: " روى عن يحيى بن زيد بن علي (عليهما السلام) دعاء
الصحيفة، وتلقب بزبور آل محمد (عليه السلام) " انتهى (1).
وأما بلاغة بيانها: فعندها تسجد سحرة الكلام، وتذعن بالعجز عنها
مدارة الأعلام، وتعترف بأن النبوة غير الكهانة، ولا يستوي الحق
والباطل في المكانة، ومن حام حول سمائها بغاسق فكره رمي من رجوم
الخذلان بشهاب ثاقب.
حكى ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب: أن بعض البلغاء ذكرت
عنده الصحيفة الكاملة، فقال: خذوا عني حتى أملي عليكم مثلها،
فأطرق رأسه فما رفعه حتى مات. ولعمري قد رام شططا، فنال سخطا (2).
أقول: إن سائر الأدعية المأثورة عن مولانا السيد السجاد وزين العباد - عليه
آلاف التحية من رب العباد إلى يوم التناد - وكذا الأدعية المأثورة عن سائر موالينا
أئمة الأنام - عليهم آلاف السلام، من السلام، فوق كل سلام، إلى قيام الساعة
وساعة القيام - لا يقصر عن أدعية الصحيفة الكاملة الشريفة لمنشئها آلاف السلام
والتحية إلى قيام القيامة.

1. معالم العلماء: 125 رقم 847.
2. رياض السالكين 1: 51.
591

[ما يوجب جبر ضعف سند الخبر]
وبالجملة: ما يوجب رجحان سند أحد الخبرين المتعارضين، يوجب جبر
ضعف سند الخبر، كما أن ما يوجب رجحان دلالة أحد الخبرين المتعارضين،
يوجب ضعف دلالة الخبر، فيجبر ضعف سند الخبر بواسطة متنه، إما من جانب
اللفظ من حيث الفصاحة والبلاغة والاشتمال على المحاسن البديعية، وإما من
جانب المعنى من حيث علو المفاد.
ويرشد إلى انجبار ضعف سند الخبر بواسطة المتن لفظا: ما نقل من أن كفار
قريش أرادوا أن يتعاطوا معارضة القرآن، فعكفوا على لباب البر ولحوم الضأن
وسلاف الخمر أربعين يوما لتصفو أذهانهم، فلما أخذوا فيما أرادوا، سمعوا قوله
سبحانه: (و قيل يا أرض ابلعى مآءك و يا سمآء أقلعى وغيض المآء و قضى الامر و استوت
على الجودى) (1) فقال بعضهم لبعض: هذا كلام لا يشبهه شيء من الكلام، ولا
يشبهه كلام المخلوقين، وتركوا ما أخذوا فيه (2).
وقد ذكر السيد السند العلي في أنوار الربيع ثلاثة وعشرين نوعا من المحاسن
البديعية في تلك الآية، قال: وهي سبع عشرة لفظة. وربما نقل عن بعض أنه أفرد
رسالة فيما اشتملت عليه تلك الآية من المحاسن البديعية.
ويرشد إلى انجبار ضعف سند الخبر بمعناه: ما نقل من أن عثمان بن مظعون
أسلم بسماع قوله سبحانه: (إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتآى ذى القربى و ينهى عن
الفحشآء والمنكر) (3)؛ لاحتوائه على جميع مراتب الخير والشر بما
لا يحتويه غيره من الآيات (4).

1. هود (11): 44.
2. مجمع البيان 3: 165.
3. النحل (16): 90.
4. مجمع البيان 3: 380؛ نور الثقلين 3: 78.
592

وبما ذكر يظهر الحال فيما اشتمل عليه نهج البلاغة والخطب التي جمعها
بعض منسوبة إلى أمير المؤمنين ويعسوب المسلمين، والديوان المنسوب إليه،
عليه آلاف السلام والتحية إلى قيام يوم القيامة.
والظاهر أن علو المفاد في الأخير أزيد من مزايا الألفاظ.
ولا يذهب عليك أن العمدة فيما يحكم باستناد الخبر إلى المعصوم (عليه السلام)
بواسطة مزايا الألفاظ إنما هي الفضل، بل خصوص بعض أصنافه؛ حيث إن تميز
تلك المزايا في عهدة الفضل بل بعض أصنافه. و [أما] علو المفاد: فتميزه في عهدة
العقل، فالعمدة فيما يحكم باستناد الخبر إلى المعصوم (عليه السلام) بواسطة علو المفاد إنما
هي العقل.
وأيضا غاية الأمر في المقام إنما هي ثبوت استناد الصحيفة الكاملة إلى
المعصوم في الجملة، لا خصوص مولانا سيد السجاد وزين العباد عليه آلاف
التحية من رب العباد إلى يوم التناد.
ونظير ذلك الحال في سائر موارد جبر ضعف الخبر وعموم موارد ترجيح
أحد الخبرين المتعارضين بمزايا الألفاظ أو علو المفاد، لكن الشهرة العملية في
موارد جبر ضعف السند وموارد الترجيح توجب الظن باستناد الخبر إلى من روي
الخبر عنه من المعصومين سلام الله عليهم أجمعين.
[ما نقله المجلسي عن والده في طريق روايته للصحيفة]
وحكى العلامة المجلسي في البحار رواية والده المولى التقي المجلسي أيضا
للصحيفة الكاملة - لمنشئها آلاف السلام والتحية إلى قيام القيامة - بقوله:
إني أروي زبور آل محمد (صلى الله عليه وآله) وإنجيل أهل البيت (عليهم السلام) الصحيفة الكاملة
أولا عن مولانا صاحب الزمان وحجة الرحمن مناولة في الرؤيا
الصحيفة الطويلة التي ظهرت آثارها.
593

وثانيا عن جماعة من الفضلاء، منهم مولانا الأعظم، بل الوالد المعظم،
شيخ الطائفة في زمانه الشريف عبد الله بن الحسين التستري، عن الشيخ
الأجل نعمة الله بن الشيخ الأعظم أحمد بن خاتون العاملي، عن الشيخ
نور الدين علي بن عبد العالي رضي الله تعالى عنهم.
ح وعن الشيخ المعظم شيخ الإسلام والمسلمين بهاء الدين محمد
العاملي، عن أبيه العلامة الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي
الهمداني، عن شيخ علماء الزمان زين الدين الشهيد الثاني، عن مروج
المذهب الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي قدس الله أرواحهم.
وعن الشيخ بهاء الدين محمد، عن الشيخ الأعظم عبد العالي، عن الشيخ
علي.
وعن الشيخ المعظم أبي الشرف وغيره، عن شيخ الفقهاء والمحدثين في
زمانه مولانا درويش محمد جدي، عن الشيخ علي بن عبد العالي، عن
الشيخ شمس الدين محمد بن داود ابن عم الشهيد، عن الشيخ ضياء
الدين علي بن شيخ محمد، عن الشهيد (1).
ح وعن الشيخ علي بن عبد العالي، عن الشيخ نور الدين علي بن هلال
الجزائري، عن الشيخ جمال الدين وزين العارفين أحمد بن فهد
الحلي، عن الشيخ علي بن خازن، عن الشهيد، نور الله أرواحهم.
وعن الشيخ علي، عن الشيخ أحمد بن داود، عن (2) الشيخ أبي القاسم
علي بن طي، عن الشيخ شمس الدين العريضي، عن السيد حسن بن
أيوب، عن الشهيد قدس الله أرواحهم، عن الشيخ محمد بن العلامة؛
والسيد تاج الدين محمد بن معية؛ والسيد عميد الدين عبد المطلب بن

1. في المصدر: " عن الشيخ ضياء الدين علي بن الشهيد الثاني محمد بن مكي العاملي عن الشهيد ".
2. في النسخة الحجرية: " وعن ".
594

الأعرج، عن الشيخ العلامة جمال الدين الحسن ابن المعظم الشيخ
سديد الدين يوسف بن المطهر وغيره من الفضلاء، عن أبيه الشيخ
سديد الدين (1)؛ وشيخ الطائفة في العلوم العقلية والنقلية الخواجة نصير
الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي والسيدين الأجلين البدلين:
رضي الدين علي بن طاووس، وجمال الدين أحمد بن طاووس
وغيرهم من الفضلاء، عن شيخ علماء الوقت محمد بن جعفر بن نما
والسيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي والسيد العلامة
عبد الله بن زهرة الحلبي، عن محمد بن إدريس الحلي بإسناده إلى
آخره.
وعن عميد الرؤساء هبة الله بن أحمد بن أيوب؛ وعلي بن السكون، عن
السيد الأجل، إلى آخره.
وعن ابن إدريس وعميد الرؤساء، عن الشيخ العماد أبي القاسم
محمد بن أبي القاسم الطبري، عن الشيخ الأجل أبي علي وبلا واسطة
عنه أيضا، عن والده شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي، إلى آخره.
وبالإسناد عن الشهيد، عن السيد تاج الدين محمد بن معية، عن أبيه
القاسم، عن خاله جعفر بن محمد بن معية، عن أبيه السيد مجد الدين
محمد بن معية، عن الشيخ الطوسي.
وعن السيد تاج الدين، عن السيد كمال الدين الرضي محمد بن محمد
الآوي، عن الإمام الوزير نصير الدين الطوسي، عن أبيه، عن السيد
أبي الرضا فضل الله الحسني، عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار معبد
الحسني (2)، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.

1. في المصدر زيادة: " وشيخ الطائفة أبي القاسم جعفر بن سعيد ".
2. في المصدر: " الحسيني ".
595

وعن الشهيد، عن رضي الدين علي بن المزيدي، عن الشيخ
جمال الدين محمد بن صالح، عن السيد فخار، عن عميد الرؤساء، عن
السيد الأجل.
وعن رضي الدين، عن الشيخ شمس الدين محمد بن صالح (1)، عن السيد
فخار، عن عميد الرؤساء، عن السيد الأجل، إلى غير ذلك من الطرق
الكثيرة التي تزيد على الآلاف والألوف، وإن كان ما ذكرته مع وجازته
يرتقي إلى ستمائة طريق عالية (2).
[ما نقله المجلسي أيضا عن والده في طريق روايته للصحيفة]
وحكى العلامة المجلسي في البحار أيضا رواية والده المولى التقي المجلسي
للصحيفة الكاملة الشريفة - لمنشئها آلاف السلام والتحية من رب البرية - بقوله:
إني أروي الصحيفة الكاملة عن مولانا ومولى الأنام سيد الساجدين
علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام) مناولة عن صاحب الزمان وخليفة
الرحمن الحجة بن الحسن (عليه السلام) بين النوم واليقظة، ورأيت كأني بالجامع
العتيق بإصبهان، والمهدي - صلوات الله عليه - قائم، وسألت عنه
- صلوات الله عليه - مسائل أشكلت علي، فأجاب عنها، ثم سألت عنه
- صلوات الله عليه - كتابا أعمل عليه، فأحالني بذلك الكتاب إلى رجل
صالح، فلما أخذت منه كان الصحيفة، وببركة هذه الرؤيا انتشرت
الصحيفة في الآفاق بعد ما كانت مطموسة الأثر في هذه البلاد.
وأيضا أرويها عن الشيخ الأعظم والوالد المعظم، عن (3) مولانا عبد الله،

1. في المصدر زيادة: " عن الشيخ نجم الدين طمان بن أحمد العاملي ".
2. بحارالأنوار 107: 45 - 47.
3. " عن " ليست في المصدر.
596

عن الشيخ نعمة الله، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي.
وعن شيخ الإسلام والمسلمين الشيخ بهاء الدين محمد العاملي، عن
أبيه الشيخ حسين بن عبد الصمد، عن الشيخ زين الدين، عن الشيخ
علي بن عبد العالي.
وعن الشيخ بهاء الدين، عن الشيخ عبد العالي، عن الشيخ علي.
وعن الشيخ أبي الشرف وغيره، عن جدي مولانا درويش (عن الشيخ
علي) (1)، عن الشيخ شمس الدين محمد بن داود، عن الشيخ ضياء الدين
علي، عن الشيخ الشهيد محمد بن مكي.
وعن الشيخ علي، عن الشيخ علي بن هلال، عن الشيخ جمال الدين
أحمد بن فهد، عن الشيخ علي بن الخازن، عن الشيخ الشهيد، عن
الشيخ فخر الدين والسيد عميد الدين والسيد تاج الدين محمد بن
القاسم بن معية الحسني، عن الشيخ جمال الدين العلامة، عن أبيه
الشيخ سديد الدين والشيخ أبي القاسم والخواجة نصير الدين الطوسي
والسيد رضي الدين علي بن طاووس والسيد جمال أحمد بن طاووس
الحسني، عن العلامة محمد بن جعفر بن نما والسيد شمس الدين
فخار بن معد الموسوي والسيد عبد الله بن زهرة، عن ابن إدريس
وعميد الرؤساء هبة الله بن أحمد بن أيوب وعلي بن السكون، عن
السيد الأجل (2).
(وعنه أيضا، عن والده شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي إلى
آخره.
وبالإسناد عن الشهيد، عن السيد تاج الدين بن معية، عن أبيه القاسم،

1. ما بين القوسين ليس في المصدر.
2. إلى هنا ما هو الموجود في بحار الأنوار 107: 43 - 44.
597

عن خاله جعفر بن محمد بن معية، عن السيد مجد الدين محمد بن
الحسن بن معية، عن الشيخ الطوسي.
وعن السيد تاج الدين، عن السيد كمال الدين الرضي محمد بن محمد
الآوي، عن الإمام الوزير نصير الدين الطوسي، عن أبيه، عن السيد
أبي الرضا فضل الله الحسني، عن السيد أبي الصمصام ذي الفقار بن
معبد الحسني، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.
وعن الشهيد عن رضي الدين علي بن المزيدي، عن الشيخ جمال الدين
محمد بن صالح، عن السيد فخار، عن عميد الرؤساء، عن السيد
الأجل.
وعن رضي الدين، عن الشيخ شمس الدين محمد بن صالح، عن الشيخ
نجم الدين طمان بن أحمد العاملي، عن السيد فخار وابن نما، عن عميد
الرؤساء، عن السيد الأجل.
وعن رضي الدين، عن الشيخ شمس الدين محمد بن صالح، عن الشيخ
نجم الدين طمان بن أحمد العاملي، عن السيد فخار وابن نما، عن عميد
الرؤساء، عن السيد الأجل، إلى آخر سند الصحيفة الكاملة عالية) (1).
[ما نقله المجلسي أيضا عن والده في طريق روايته للصحيفة]
وحكى العلامة المجلسي في البحار أيضا رواية والده المولى التقي المجلسي
للصحيفة السمية السجادية - لمنشئها آلاف السلام والتحية ما تعاقب الغداة
والعشية - بقوله:
أخبرني بالصحيفة الكاملة زبور آل محمد (صلى الله عليه وآله) وإنجيل أهل البيت (عليهم السلام)
شيخنا الأعظم والوالد المعظم بهاء الدين محمد العاملي، عن أبيه شيخ

1. ما بين القوسين ليس في المصدر، ولعله تكرار لما في الطريق السابق.
598

الإسلام والمسلمين الحسين بن عبد الصمد، عن الشهيد الثاني، قال:
يقول فقير عفو الله تعالى زين الدين بن علي الكاتب لهذا الكتاب - لطف
الله تعالى به -: ما في الرواية عن شيخنا الأجل الشيخ علي بن عبد العالي
الميسي - أدام الله أيامه بحق روايته - عن شيخه الصالح المتقن شمس
الدين محمد بن محمد بن داود الشهير بابن المؤذن، عن الشيخ الصالح
ضياء الدين علي بن القاسم نجل الإمام الأعلم الأكمل خاتمة
المجتهدين وآية الله في العالمين شمس الدين محمد بن مكي - قدس
الله تعالى نفسه وطهر رمسه - عن والده المذكور بحق روايتهما، عن عدة
من مشايخه - وهم: السيد الإمام الأعظم المرتضى وهو السيد عميد
الدين ذو المجدين عبد المطلب بن الأعرج، والشيخ الإمام الأعلم فخر
الملة والدين محمد بن الإمام الفاضل العلامة جمال الدين حسن بن
يوسف بن علي المطهر؛ ومنهم الشيخ الإمام العلامة زين الدين علي أبو
الحسن بن أحمد بن طراد المطارآبادي، والشيخ الفقيه العلامة رضي
الدين أبو الحسن علي بن الأحمد المزيدي، والسيد تاج الدين بن معية
جميعا - عن الشيخ أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر - قدس الله
أرواحهم - عن والده.
وبالإسناد عن الشهيد، عن السيد تاج الدين النسابة، عن صفي الدين
معد، عن والده.
وعن السيد، عن جماعة - منهم جلال الدين بن الكوفي - عن نجم
الدين بن سعيد، ومنهم علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد بن
محمد، عن والده عبد الحميد جميعا، عن فخار، عن الشيخ محمد بن
محمد بن هارون المعروف بابن الكال، عن أبي طالب حمزة بن
شهريار بسنده المذكور أولا.
وأرويها أيضا بالطريق الأول إلى الشهيد الأول (رحمه الله)، عن السيد تاج الدين
599

أبي عبد الله محمد بن السيد العالم جلال الدين أبي جعفر القاسم بن
معية الحسني الديباجي، عن والده أبي جعفر القاسم، عن خاله تاج
الدين، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن معية، عن والده السيد مجد
الدين أبي طالب محمد بن الحسن بن معية، عن الشيخ أبي جعفر
محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني، عن السيد أبي الصمصام
ذي الفقار بن معبد الحسني، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.
وأرويه أيضا بالطريق الأول إلى الشيخ أبي عبد الله الشهيد، عن السيد
تاج الدين المذكور، عن السيد نجم الدين الرضي محمد بن محمد بن
السيد رضي الدين الآوي الحسيني.
وعن الشيخ جلال الدين محمد بن محمد الكوفي، عن خواجة نصير
الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، عن والده، عن السيد
أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني، عن السيد أبي الصمصام، وذلك
في سابع شهر رمضان (1) المبارك سنة ثلاثين وتسعمائة، وكتب أفقر العباد
زين الدين بن علي الشهير بابن الحجة كان الله له (2).
قال العلامة المجلسي (رحمه الله):
وقد نمقت هذه الإجازة من خط الشهيد الثاني إلا خمس أسطر من أولها
تقريبا، فإنه كان من خط الوالد العلامة مولانا محمد تقي (رضي الله عنه).
فقال: كان مكتوبا بعد هذه الإجازة الشهيدية الثانوية بخط الوالد العلامة
مولانا المرحوم المبرور مولانا محمد تقي المتقدم ذكره آنفا سلام الله
عليه: أجزت للولد الأعز أن يروي عني الصحيفة بهذا الإسناد عن إمام
الساجدين وزين العارفين والعابدين علي بن الحسين بن علي بن

1. في المصدر: " شعبان ".
2. انظر بحار الأنوار 107: 48 - 49.
600

أبي طالب صلوات الله عليهم، مع الإسناد الذي بلا واسطة عن صاحب
الزمان وخليفة الرحمن صلوات الله وسلامه عليه، الذي وقع في الرؤيا،
مع سائر الأسانيد التي تزيد على ألف ألف سند (1)، إلى آخر ما ذكره، رفع
الله ذكره (2).
[ما نقله المجلسي أيضا عن والده في طريق روايته للصحيفة]
وحكى العلامة المجلسي في البحار أيضا رواية والده المولى التقي المجلسي
للصحيفة الكاملة الشريفة السجادية - لمنشئها آلاف التحية من رب البرية إلى
ساعة القيام وقيام الساعة - بقوله:
إني أروي الصحيفة الكاملة إنجيل أهل البيت (عليهم السلام) وزبور آل محمد (صلى الله عليه وآله)
والدعاء الكامل، عن الشيخ الأجل الأعظم بهاء الدين محمد، عن أبيه
شيخ الإسلام والمسلمين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني،
عن شيخ علماء المحققين زين الدين بن علي الشهير بابن الحجة، عن
الشيخ نور الدين بن علي بن عبد العالي.
ح وأرويها عن أعظم العلماء الراسخين مولانا عبد الله بن الحسين
التستري، عن الشيخ الأجل نعمة الله بن خاتون، عن الشيخ نور الدين.
(ح وعن الشيخ بهاء الدين، عن الشيخ العلامة عبد العالي) (3).
ح وعن الشيخ بهاء الدين، عن الشيخ العلامة عبد العالي، عن أبيه الشيخ
نور الدين علي.
ح وعن جماعة من أصحابنا - منهم القاضي أبو الشرف - عن جدي
رئيس العلماء مولانا درويش محمد ابن العارف الرباني الشيخ حسن

1. إن كان معناه ألفا في ألف - أي الميليون سند - فهو بعيد غاية البعد كما مر من المصنف أيضا.
2. بحارالأنوار 107: 50.
3. ما بين القوسين ليس في المصدر.
601

النطنزي العاملي.
وعن الشيخ الأجل جابر بن عبد الله وغيره جميعا، عن الشيخ نور الدين
علي بن عبد العالي، عن الشيخ الأجل نور الدين علي بن هلال
الجزائري، عن الشيخ جمال العارفين أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ
زين الدين علي بن الخازن، عن رئيس العلماء المتأخرين الشهيد
السعيد محمد بن مكي.
ح وعن (1) شيخ شمس الدين محمد بن داود ابن عم الشهيد الشهير بابن
المؤذن، عن الشيخ ضياء الدين علي والشيخ فخر الدين أبي طالب، عن
أبيهما الشهيد.
ح وعن ابن المؤذن، عن الشيخ عز الدين المعروف بابن العشرة، عن ابن
فهد، عن الشيخ علي بن الخازن، عن الشهيد.
ح وعن ابن المؤذن، عن السيد علي بن دقماق، عن الشيخ محمد بن
شجاع القطان، عن الشيخ مقداد، عن الشهيد.
ح وعن ابن العشرة، عن الشيخ محمد بن نجدة الشهير بابن عبد العالي،
عن الشهيد، عن الشيخ فخر الدين محمد بن العلامة والسيد الأعظم
عميد الدين عبد المطلب، والسيد العلامة تاج الدين محمد بن
القاسم بن معية، والسيد الأجل أحمد بن زهرة الحلبي، والسيد الكبير
مهنا بن سنان المدني، والشيخ العلامة مولانا قطب الدين محمد
الرازي، والشيخ الأفضل علي بن أحمد المزيدي، والشيخ الأكمل
علي بن طراد، عن الشيخ الأجل الأعظم العلامة الحسن بن الشيخ
الأعظم سديد الدين يوسف بن المطهر الحلي، عن أبيه، عن شيخ
علمائنا المحققين أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلي؛ وعن السيدين

1. في المصدر زيادة: " الشيخ نور الدين عن ".
602

الأعظمين البدلين: رضي الدين علي، وجمال الدين أحمد بن طاووس
الحسني، وعن الوزير السعيد وعلامة العلماء نصير الملة والدين
محمد بن محمد بن الحسن الطوسي؛ والشيخ مفيد الدين محمد بن
جهم - رضي الله عنهم - جميعا، عن السيد العلامة فخار بن معد
الموسوي وابن نما الحلي، عن عميد الرؤساء هبة الله بن حامد، عن
السيد الأجل بهاء الشرف، إلى آخر السند المذكور في المتن.
وعن فخار وابن نما، عن ابن إدريس، إلى آخر ما في الحاشية حدثنا
الشيخ الأجل أبو علي، عن أبيه شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي.
والمشهور في الأسانيد رواية ابن إدريس عن أبي علي بواسطة أو
واسطتين، فيمكن أن يكون سماع الصحيفة في صغر السن، وباقي
الروايات في كبر السن، كما هو المتعارف الآن أيضا.
ح وعن الشهيد، عن المزيدي، عن الشيخ محمد بن صالح، عن السيد
فخار. وعن محمد بن صالح، عن محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة
الله بن نما الحلي، عن ابن إدريس.
ح وعن الشهيد محمد بن مكي، عن أبيه، عن الشيخ العلامة نجم الدين
طومان، عن محمد بن صالح، عن السيد فخار وابن نما، عن عميد
الرؤساء، عن السيد الأجل. وعنهما، عن ابن إدريس.
ح وعن السيد فخار وابن نما، عن الشيخ محمد بن جعفر المشهدي،
عن السيد الأجل سماعا بقراءة الشريف نظام الشرف، وقال محمد بن
جعفر: وقرأته أيضا على والدي جعفر بن علي المشهدي، وعلى الشيخ
الفقيه هبة الله بن نما، والشيخ المقري جعفر بن أبي الفضل بن شعرة،
والشريف أبي الفتح بن الجعفرية، والشريف أبي القاسم ابن الزكي
العلوي والشيخ سالم بن قباروية جميعا، عن السيد بهاء الشرف (1).

1. في المصدر: " الشريف " بدل " الشرف ".
603

ح وبالإسناد عن المحقق، عن ابن نما، عن الشيخ أبي الحسن علي بن
الخياط، عن الشيخ عربي بن مسافر، عن السيد بهاء الشرف.
ح وعن (1) السيد تاج الدين بن معية، عن والده أبي جعفر القاسم، عن
خاله تاج الدين جعفر بن معية، عن أبيه السيد مجد الدين محمد بن
الحسن بن معية، عن الشيخ أبى جعفر الطوسي.
ح وعن السيد تاج الدين بن معية، عن السيد كمال الدين محمد الآوي
الحسيني، عن خواجة نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن
الطوسي، عن أبيه، عن السيد أبي الرضا فضل الله، عن السيد أبي
الصمصام، عن شيخ الطائفة.
وعن السيد تاج الدين، عن السيد نجم الدين الرضي، وعن الشيخ جلال
الدين محمد بن محمد الكوفي، عن نصير الدين الطوسي، إلى آخر
السند السابق.
ح وعن السيد تاج الدين، عن صفي الدين وعن جلال الدين، عن
المحقق وعن علم الدين المرتضى علي بن عبد الحميد، عن أبيه، عن
فخار، عن الشيخ محمد بن محمد بن هارون، عن أبي طالب حمزة بن
شهريار، عن السيد الأجل.
وبدون توسط الشهيد (رحمه الله)، عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي، عن
الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد الصهيوني، عن الشيخ جمال الدين
أحمد المعروف بابن الحاج علي، عن الشيخ زين الدين جعفر بن
الحسام، عن السيد حسين بن أيوب الشهير بابن نجم الدين بن الأعرج
الحسيني، عن السيدين الفقيهين: ضياء الدين عبد الله وعميد الدين
عبد المطلب بن الأعرج، وعن الشيخ فخر الدين محمد بن العلامة

1. في المصدر زيادة: " الشهيد عن ".
604

جميعا، عن العلامة جمال الدين بن المطهر.
ح وبالإسناد عن الشيخ نور الدين علي، عن ابن المؤذن، عن الشيخ
ضياء الدين علي بن الشهيد.
وعن ابن المؤذن، عن عز الدين حسن بن العشرة، عن الشيخ أبي طالب
محمد ابن الشهيد وابني الشهيد، عن السيد تاج الدين بالإجازة لهما عند
الإجازة للشهيد، رحمهم الله تعالى.
وعن ابن المؤذن، عن ابن العشرة، عن الشيخ جمال الدين أحمد بن
فهد الحلي، عن الشيخ عبد الحميد النيلي، عن السيدين ضياء الدين
وعميد الدين ابني الأعرج، وعن الشيخ فخر الدين بن المطهر جميعا،
عن العلامة بطرقه.
ح وعن الشيخ نور الدين علي الميسي، عن الشيخ محمد الصهيوني،
عن الحسن بن العشرة، عن الشيخ نظام الدين علي بن عبد الحميد، عن
الشيخ فخر الدين، عن العلامة.
ح وعن ابن المؤذن، عن الشيخ زين الدين علي بن طي، عن الشيخ
شمس الدين محمد بن عبد الله العريضي، عن السيد بدر الدين
حسن بن نجم الدين، عن السيدين: - ضياء الدين وعميد الدين -
والشيخ فخر الدين جميعا، عن العلامة، عن أبيه الشيخ سديد الدين
يوسف والشيخ نجم الدين المحقق والسيدين الأعظمين: علي وأحمد
ابني طاووس، عن السيد فخار، عن عميد الرؤساء، عن السيد الأجل.
وعن ابن إدريس، عن أبي علي بسنديهما المذكورين في المتن
والحاشية.
ح وبالأسانيد السابقة وغيرها مما لا يحصى بواسطة الشهيد وبغيرها،
عن السيد تاج الدين، عن جم غفير من علمائنا الذين كانوا من عصره:
فمنهم العلامة الشيخ جمال الدين الحسن بن المطهر - قدس الله روحه -
605

والشيخ السعيد صفي الدين محمد بن سعيد، والشيخ الأجل نجم الدين
عبد الله بن حملات، والسيد الأجل يوسف بن ناصر بن الحسين (1)،
والسيد الجليل السعيد جلال الدين جعفر بن علي، والسيد علم الدين
المرتضى علي بن عبد الحميد بن فخار الموسوي، والسيد رضي الدين
علي بن السيد الأعظم غياث الدين عبد الكريم بن السيد الأعظم
أحمد بن موسى بن طاووس الحسني.
وعن أبيه السعيد القاسم بن معية، والقاضي تاج الدين محمد بن
محفوظ بن وشاح، والسيد السعيد صفي الدين محمد بن الحسن
أبي الرضا العلوي، والسيد السعيد صفي الدين محمد بن محمد
الموسوي، والعدل الأمين جلال الدين محمد بن شمس الدين
محمد بن أحمد الكوفي، والسيد كمال الدين الرضي الحسن بن محمد
الآوي الحسيني، والشيخ الأمين زين الدين جعفر بن علي الحلي،
والشيخ الأجل ناصر الدين عبد المطلب بن بادشاه الحسيني، والشيخ
الزاهد كمال الدين علي بن الحسين بن حماد الواسطي، والسيد فخر
الدين أحمد بن علي بن عرفة الحسني، والسيد مجد الدين
أبو الفوارس محمد بن الأعرج، والسيد ضياء الدين عبد الله بن الأعرج
الحسيني، والشيخ شمس الدين محمد بن الغزالي، والسيد الأعظم
الأجل عميد الدين عبد المطلب، والشيخ فخر الدين، والشيخ نصير
الدين علي بن محمد القاشي، والشيخ الفقيه ظهير الدين محمد بن
محمد بن مطهر، والشيخ رضي الدين علي المزيدي، والشيخ علي بن
طراد جميعا، عن العلامة، وكل واحد منهم عن غيره من المشايخ
المتكثرة، وبعضهم عن مشايخ العلامة أيضا.

1. في المصدر: " الحسيني ".
606

والكل عن الشيخ الفقيه تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي
صاحب كتاب الرجال، عن الشيخ الأجل الأعظم المحقق، والشيخ
نجيب الدين يحيى بن سعيد، والشيخ سديد الدين يوسف، والسيدين
ابني طاووس، والوزير السعيد سلطان العلماء المحققين خواجة نصير
الملة والدين برواية العلامة عنه.
وعن الشيخ مفيد الدين بن جهم، وابن داود، عن السيد غياث الدين
عبد الكريم، عن خواجة نصير الدين.
وعن السيد تاج الدين، عن الشيخ فخر الدين، عن عمه رضي الدين
علي بن يوسف بن مطهر.
وعن السيد عميد الدين، عن والده السعيد مجد الدين أبي الفوارس،
وخاله الشيخ رضي الدين بن مطهر، عن والده الشيخ سديد الدين
يوسف، والشيخ نجم الدين بن سعيد، وعن الشيخ كمال الدين بن
حماد (1)، والشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد، والشيخ نجم الدين
جعفر بن نما، والشيخ العلامة كمال الدين ميثم بن علي البحراني شارح
نهج البلاغة (2)، والشيخ شمس الدين محمد بن صالح القسيني جميعا،
عن السيد فخار وابن نما وغيرهم، عن عميد الرؤساء، عن السيد
الأجل، وعن السيد فخار، عن ابن إدريس.
ح وعن الشهيد، عن الشيخ جلال الدين محمد بن الكوفي، عن المحقق
بغير واسطة.
(ح وعن الشهيد، عن الشيخ جلال الدين محمد بن الكوفي بغير
واسطة) (3).

1. في المصدر: " كمال الدين حماد ".
2. في المصدر زيادة: " والشيخ شمس الدين محفوظ بن وشاح ".
3. ما بين القوسين ليس في المصدر.
607

ح وعن الشهيد، عن الشيخ جلال الدين بن نما، عن الشيخ نجيب الدين
يحيى بن سعيد.
ح وعن الشهيد، عن علي المزيدي، عن الشيخ شمس الدين محمد بن
صالح، عن السيد فخار، وهذا أعلى الأسانيد.
وكذلك يروي الشهيد، عن المزيدي، عن محمد بن صالح، عن نجيب
الدين محمد بن جعفر هبة الله بن نما والسيد فخار وجماعة كثيرة، عن
محمد بن إدريس الحلي، عن (1) عميد الرؤساء، عن السيد الأجل،
وابن إدريس، عن أبي علي، عن والده شيخ الطائفة محمد بن الحسن
الطوسي.
وعن الشيخ نجيب بن نما، عن الشيخ محمد بن جعفر، عن السيد
الأجل.
وعن السيد فخار، عن الشيخ أبي الحسين يحيى بن البطريق. وعن
الشيخ الأعظم عميد الرؤساء هبة الله بن حامد بن أحمد بن أيوب، وعن
الشيخ أبي الفضل بن شاذان بن جبرئيل القمي، وعن الشيخ الأجل
رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني جميعا، عن
الحسين بن رطبة، عن الشيخ أبي علي، عن والده شيخ الطائفة
محمد بن الحسن الطوسي.
ح وعن العلامة، عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد، عن السيد
محيي الدين محمد بن عبد الله بن زهرة، عن الشيخ سديد الدين
شاذان بن جبرئيل وابن إدريس وابن شهر آشوب، عن عربي بن
مسافر، عن السيد الأجل.
ح وعن ابن مسافر، عن الشيخ إلياس الحائري، عن الشيخ أبي علي، عن

1. في المصدر: " وعن ".
608

والده شيخ الطائفة.
ح وعن العلامة، عن السيدين الأجلين: علي وأحمد ابني طاووس،
وأبيه الشيخ سديد الدين، والشيخ الأعظم خواجة نصير الدين، عن
السيد صفي الدين بن معد، عن الشيخ الأجل الفقيه برهان الدين محمد
القزويني، عن الشيخ منتجب الدين المدعو حسكا ابن بابويه بأسانيده
المذكورة في فهرسته المشهور، عن شيخ الطائفة وغيره من العلماء
الأخيار.
ح وعن العلامة، عن خواجة، عن الشيخ برهان الدين، عن الشيخ
منتجب الدين.
وعن العلامة، عن أبيه، عن السيد أحمد بن يوسف العريضي، عن
الشيخ برهان الدين، عن الشيخ منتجب الدين.
وعن الشيخ برهان الدين، عن العلامة أمين الدين الفضل بن الحسن
الطبرسي مصنف مجمع البيان، والشيخ سديد الحمصي، والسيد الأجل
فضل الله بن علي الراوندي جميعا، عن السيد الأعظم عماد الدين
أبي الصمصام ذي الفقار بن معبد الحسني، عن النجاشي بفهرسته، وعن
شيخ الطائفة بفهرسته.
ح وعن الشهيد، عن الفقيه جلال الدين (1) بن أحمد بن الشيخ نجيب
الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه،
عن الشيخ أبي عبد الله الحسين طحال المقدادي، عن الشيخ أبي علي،
عن شيخ الطائفة.
ح وعن السيد المرتضى علي بن السيد جلال الدين عبد الحميد بن
فخار الموسوي، عن أبيه، عن جده فخار، عن شاذان بن جبرئيل، عن

1. في المصدر زيادة: " ابن الحسن ".
609

العماد الطبري، عن أبي علي، عن والده.
ح وعن الشهيد، عن الشيخين: رضي الدين علي المزيدي وزين الدين
علي بن طراد، عن تقي الدين الحسن بن داود، عن الشيخ المحقق نجم
الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد، عن أبيه يحيى
الأكبر، عن الشيخ عربي بن المسافر، عن السيد الأجل.
وعن الشيخ إلياس الحائري، عن الشيخ أبي علي، عن والده.
وعن العلامة، عن الشيخ يحيى السوراوي، عن الفقيه الحسين بن
رطبة، عن أبي علي، عن الطوسي.
ح وعن العلامة، عن ابني طاووس، عن السيد الأجل محمد بن
عبد الله بن زهرة، عن الشيخ يحيى بن البطريق، عن الفقيه عماد الدين،
عن أبي علي، عن والده.
ح وعن الشهيد، عن المزيدي، عن محمد بن صالح، عن أبيه أحمد بن
صالح، عن الفقيه قوام الدين محمد البحراني، عن السيد فضل الله
الراوندي، عن مشايخه - منهم السيد ذو الفقار - عن شيخ الطائفة.
وعنه، عن أبيه، عن الشيخ راشد بن إبراهيم البحراني، عن القاضي
جمال الدين علي بن عبد الجبار الطوسي، عن أبيه، عن الشيخ أبي جعفر
الطوسي.
ح وعن محمد بن صالح، عن محمد بن أبي البركات الصنعاني، وعن
علي بن ثابت السوراوي جميعا، عن عربي بن مسافر، عن السيد بهاء
الشرف.
وعن الحسين بن رطبة، عن أبي علي، عن أبيه.
وعن محمد بن صالح، عن السيد رضي الدين محمد الآوي، عن أبيه
محمد، عن جده زيد، عن جد أبيه الداعي، عن أبي جعفر الطوسي.
ح وعن السيد تاج الدين، عن السيد غياث الدين، عن أبيه وعمه
610

ابني طاووس، عن ابن زهرة، عن رشيد الدين بن شهر آشوب، عن
جده شهر آشوب، عن الطوسي.
ح وعن السيد غياث الدين عبد الكريم بن طاووس، عن علامة العلماء
خواجة نصير الدين الطوسي، عن أبيه محمد بن الحسن، عن السيد
فضل الله الراوندي، عن السيد ذي الفقار، عن الطوسي.
وعن السيد غياث الدين، عن السيد رضي الدين علي بن طاووس، عن
الشيخ حسين بن أحمد السوراوي، عن محمد بن أبي القاسم الطبري،
عن أبي علي، عن والده.
ح وعنه عن علي بن يحيى الخياط، عن عربي بن مسافر، عن السيد بهاء
الشرف، عن محمد بن أبي القاسم، عن أبي علي، عن أبيه، إلى غير ذلك
مما لا يحصى.
وبجميع الأسانيد، عن شيخ الطائفة، عن الحسين بن عبيد الله
الغضائري، عن أبي المفضل الشيباني، عن الشريف الحسني إلى آخره.
ح وعن شيخ الطائفة، عن جماعة من مشايخه، عن التلعكبري، عن
أبي محمد الحسن المعروف بابن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر، عن
أبيه، عن عمير بن متوكل، عن أبيه، عن يحيى بن زيد إلى آخره.
وعن الشيخ، عن أحمد بن عبدون، عن أبي بكر الدوري، عن ابن أخي
طاهر أبي محمد، عن محمد بن مطهر، عن أبيه إلى آخره.
وبالأسانيد السابقة، عن أبي الصمصام ذي الفقار، عن أحمد بن العباس
النجاشي، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري إلى آخره.
وبالأسانيد المتواترة، عن هارون بن موسى التلعكبري، عن أحمد بن
العباس الصيرفي المعروف بابن الطيالسي يكنى أبا يعقوب روى
الصحيفة الكاملة سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة بإسناده إلى يحيى بن
زيد.
611

والذي رأيت من أسانيد الصحيفة بغير هذه الأسانيد فهي أكثر من أن
تحصى، ولا شك لنا في أنها من سيد الساجدين.
أما من جهة الإسناد، فإنها كالقرآن المجيد، وهي متواترة من طرق
الزيدية أيضا.
وأما من جهة الإحاطة من حيث العبارة، فهي أظهر من أن تذكر، فهي
كالقرآن المجيد في نهاية الفصاحة.
وأما من جهة الإحاطة بالعلوم الإلهية، فهو أيضا ظاهر لمن كان له أدنى
معرفة بالعلوم.
والعمدة في ذلك: أني كنت في أوائل البلوغ أو قبله طالبا للقرب إلى الله
سبحانه بالتضرع والابتهال، فرأيت في الرؤيا صاحب الزمان وخليفة
الرحمن صلوات الله عليه، وسألت عنه صلوات الله عليه مسائل أشكلت
علي، ثم قلت: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ما يتيسر لي ملازمتكم دائما، وإنما
أريد أن تعطيني كتابا أعمل عليه، فأعطاني صحيفة عتيقة. فلما انتبهت
وجدت تلك الصحيفة في كتب وقفها المرحوم المبرور آقا غدير،
فأخذت وقرأتها على الشيخ بهاء الدين محمد.
وقال: كتبت تلك الصحيفة من نسخة بخط الشهيد (رضي الله عنه).
وقال: كتبتها من نسخة بخط السديدي (رحمه الله).
وقال: كتبتها من نسخة بخط علي بن السكون، وقابلتها مع النسخة التي
بخط عميد الرؤساء، ومع النسخة التي كانت بخط ابن إدريس.
وببركة مناولة صاحب الزمان صلوات الله عليه انتشرت نسخة الصحيفة
في جميع بلاد الإسلام، سيما إصفهان، فإنه شذ بيت لا تكون الصحيفة
فيه متعددة.
وهذا الانتشار صار برهان صحة الرؤيا، والحمد لله رب العالمين على
هذه النعمة الجليلة.
612

والظاهر أن النسبة إلى زبور آل محمد (صلى الله عليه وآله) وإنجيل أهل البيت (عليهم السلام) على
ما ذكره الشيخ رشيد الدين محمد بن شهر آشوب المازندراني (رضي الله عنه)
أنه كما أن الزبور والإنجيل جريا من الله تعالى على لسان داود
وعيسى بن مريم صلوات الله عليهما، كذلك جرت الصحيفة الكاملة
من الله تعالى على لسان سيد الساجدين علي بن الحسين صلوات الله
عليه.
ويحتمل أن تكون منزلة من السماء على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولما كان الظهور
على يده صلوات الله عليه صارت منسوبة إليه.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمد وعترته المعصومين
صلوات الله عليهم أجمعين وترتقي الأسانيد المذكورة هنا إلى ستة
وخمسين ألف إسنادا ومائة إسناد (1).
قوله: " فأعطاني صحيفة عتيقة " مقتضاه أن مولانا الصاحب والحجة - عليه
آلاف السلام والتحية إلى يوم القيامة - أعطاه الصحيفة في النوم، وهو كان عالما في
النوم بكونها هي الصحيفة، لكن مقتضى ما تقدم منه في شرح المشيخة في شرح
الرؤيا مفصلا أنه (عليه السلام) أمره بأخذ كتاب من محمد التاج، فذهب إليه في النوم وأخذ
منه كتابا كان الظاهر كونه كتاب الدعاء، ثم ذهب بعد التيقظ عن النوم في اليوم إلى
آقا حسن الملقب ب‍ " تاج " فأعطاه كتابا؛ فإذن هو الصحيفة والكتاب الذي أعطاه
محمد التاج في النوم.
[ما نقله المجلسي في طريق رواية بعض الأفاضل للصحيفة الكاملة]
وقد حكى العلامة المجلسي في البحار أيضا رواية بعض الأفاضل للصحيفة
الكاملة السنية السجادية - لمنشئها آلاف السلام والتحية من رب البرية ما دامت

1. انظر بحارالأنوار 107: 51 - 61.
613

التحية بين البرية - بخط والده المولى التقي المجلسي بقوله:
أروي الصحيفة عن العلامة الشهيد محمد بن مكي، عن السيد شمس
الدين محمد بن أبي المعالي، عن الشيخ كمال الدين علي بن حماد
الواسطي، عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد، والشيخ نجم الدين
جعفر بن نما، عن والده الشيخ نجيب الدين محمد بن نما، والسيد
فخار، عن الشيخ محمد بن جعفر المشهدي، عن الشيخ الأجل سماعة
بقراءة الشريف الأجل نظام الشرف.
وقال محمد بن جعفر: وقرأته أيضا على والدي جعفر بن علي
المشهدي، وعلى الشيخ الفقيه هبة الله بن نما، والشيخ المقري
جعفر بن أبي الفضل بن شعرة، والشريف أبي الفتح بن جعفرية،
والشريف أبي القاسم بن الزكي العلوي، والشيخ سالم بن قبارويه
جميعا، عن السيد بهاء الشرف.
وبالإسناد عن المحقق، عن ابن نما محمد، عن الشيخ أبي الحسن
علي بن الخياط، عن الشيخ عربي بن مسافر، عن السيد بهاء الشرف.
وعن السيد فخار، عن الشيخ علي بن يحيى الخياط، عن الشيخ
حمزة بن شهريار، عن السيد بهاء الشرف.
وروى الشيخ والنجاشي بأسانيدهما المتكثرة إلى محمد بن أحمد بن
عيسى، عن ابن همام، عن علي بن مالك بالصحيفة الكاملة.
وجلالة قدر ابن عيسى وإسماعيل بن همام تدل على جلالة علي أيضا،
وابن همام راوي الرضا ثقة جليل القدر عظيم الشأن، ومن رواة
الصحيفة علي بن النعمان (1).

1. بحارالأنوار 107: 62.
614

[إجازة السيد عبد الباقي للسيد السند النجفي]
ثم إن بعض أحفاد العلامة المجلسي - أعني السيد السند السيد عبد الباقي إمام
الجمعة في إصفهان - في إجازته للسيد السند النجفي بعد أن نقل رواية الصحيفة
الشريفة المشهورة عن ابن السكون وعميد الرؤساء نقل أنه رواها السيد الأجل
فخار بن معد الموسوي عن ابن إدريس، وأن السديدي قابل النسخة المشهورة مع
نسخة ابن إدريس، وكتب مواضع الاختلاف في هوامش الأوراق، وكتب عليها حرف
" س " علامة لابن إدريس، ثم بعد ذلك عرض الشهيد أيضا النسخة المشهورة على
نسخة ابن إدريس فوجدها موافقة لعرض السديدي إلا في مواضع، فتعرض لها،
وكتبها في الهوامش مقرونة بحرف " سين " ليتميز عن عرض السديدي.
ثم المولى التقي المجلسي قد ظفر بصحيفة ابن إدريس بخطه، وعرض
الصحيفة المشهورة عليها، وظفر ببعض مواضع الاختلاف أيضا وكتبها في
الهوامش، وأدار عليها حلقة لتمتاز عما فعله الشيخان المتقدمان - يعني السديدي
والشهيد - ثم قابلها مع بعض الصحائف غير المشهورة، كصحيفة ابن شاذان،
وابن أشناس البزاز.
قال: " وأصل هذه النسخة مأخوذ من نسخة كتبها والده العلامة المولى
محمد تقي - طاب ثراه - بخطه الشريف، وهي مأخوذة من النسخة البهائية التي
هي بخط جد شيخنا البهائي، صاحب الكرامات والمقامات الشيخ محمد
الجباعي (قدس سره) وكتب في آخرها أنه نقلها من خط الشهيد، وهو نقله من خط
السديدي - وهو الشيخ الفاضل علي بن أحمد السديدي - وهو نقله من خط
علي بن السكون - وهو مؤلف ديباجة الصحيفة المشهورة والقائل ل‍ " حدثنا " - أو
عميد الرؤساء، على الخلاف المشهور في ذلك. واجتمع عندي تلك النسخ
الثلاث: البهائية، والتي بخط جدي المولى محمد تقي طاب ثراه، ونسخة جدي
العلامة، وهي أكمل وأشمل؛ لمقابلتها مع نسخة ابن إدريس ثالثا وصحيفتي
615

ابن شاذان وابن أشناس ".
قوله: " وأصل هذه النسخة " يعني نسخة جده العلامة المجلسي.
قوله: " لمقابلتها مع نسخة ابن إدريس ثالثا " لسبق مقابلة السديدي والشهيد،
والمقصود مقابلة نوع تلك النسخة، أي النسخة المشهورة، لا خصوص النسخة
المشار إليها.
[طريق الشيخ الطوسي والنجاشي لرواية الصحيفة الكاملة]
ثم إن لشيخنا الطوسي في الفهرست طريقين آخرين، وللنجاشي طريقا آخر
لرواية الصحيفة الكاملة الشريفة؛ حيث إنه قال الشيخ في الفهرست:
المتوكل بن عمير روى عن يحيى بن زيد بن علي دعاء الصحيفة،
أخبرنا بذلك جماعة، عن التلعكبري، عن الحسن يعرف بابن أخي
طاهر، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن المتوكل، عن أبيه،
عن يحيى بن زيد.
وأخبرنا بذلك أحمد بن عبدون، عن أبي بكر المروزي، عن ابن أخي
طاهر أبي محمد، عن محمد بن مطهر، عنه (1).
قوله: " عنه " الظاهر رجوع الضمير إلى أبيه المذكور في الطريق السابق.
وقال النجاشي:
متوكل بن عمر بن المتوكل، روى عن يحيى بن زيد دعاء الصحيفة.
أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن ابن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر،
عن أبيه، عن عمر بن المتوكل، عن أبيه متوكل، عن يحيى بن زيد
بالدعاء (2).

1. الفهرست: 170 / 767.
2. رجال النجاشي: 426 / 1144. في الطبعة المحققة: " عمير " بدل " عمر " في الموردين.
616

لكن ابن داود لم يذكر الطريق الثاني للفهرست (1)، وكذا الفاضل الأسترآبادي
في الوسيط، والسيد السند التفرشي (2)، لكن الفاضل الأسترآبادي ذكره في المنهج.
[كلام في المتوكل راوي الصحيفة]
وأيضا حكى في الوسيط: أن المذكور في كلام النجاشي هو " عمر " بدون
الياء، لكن المذكور في طرق الصحيفة هو " عمير " مع الياء. ويوهن ما ذكر - من
خلو كلام النجاشي عن الياء - أنه في بعض النسخ المعتبرة كان " عمر " بدون الياء،
ثم أصلح بمزيد الياء، مضافا إلى أن المنقول من كلام النجاشي في النقد وغيره هو
" عمير " مع الياء (3).
ومع ذلك أعجب في الوسيط؛ حيث حكى عن الشيخ والنجاشي رواية
المتوكل، عن أبيه، عن يحيى بتخلل الأب بين المتوكل ويحيى، بعد أن نقل
عبارتهما مشتملة على رواية المتوكل عن يحيى بعدم تخلل الأب في البين.
وبالجملة، مقتضى صدر كلام الشيخ والنجاشي رواية المتوكل عن يحيى
بلا واسطة، ومقتضى ما ذكره الشيخ في الطريق الأول رواية عمير بن المتوكل عن
أبيه عن يحيى بتخلل الأب في البين.
وأيضا مقتضى صدر كلام النجاشي رواية المتوكل بن عمير عن يحيى،
ومقتضى ما ذكره في بيان الطريق رواية المتوكل والد عمير.
وربما أصلح السيد السند التفرشي بكون المتوكل والد عمير هو ابن عمير
أيضا (4)، فالمتوكل بن عمير بن متوكل بن عمير بن متوكل، فالمذكور في الصدر

1. انظر رجال ابن داود: 157 / 1256.
2. نقد الرجال 4: 84.
3. نقد الرجال 4: 84؛ منتهى المقال 5: 279.
4. انظر نقد الرجال 4: 86؛ ومنتهى المقال 5: 280.
617

والذيل هو متوكل بن عمير جد متوكل بن عمير، وليس المذكور في الصدر
المتوكل سبط المتوكل، والمذكور في الذيل هو المتوكل جد المتوكل.
لكنه استدرك بأن مقتضى ما في سند الصحيفة الكاملة أن المتوكل الذي روى
عن يحيى هو ابن هارون، فهو ينافي ابن عمير بن متوكل.
لكنه ذب عن هذا الإشكال على وجه الإجمال بأنه يمكن التوفيق بنوع عناية،
وبين وجهه في الحاشية بإرجاع الضمير في قوله: " روى " في صدر العبارة إلى
المتوكل (1) فالمتوكل بن عمير بن متوكل بن عمير بن متوكل بن هارون، فنسبة
المتوكل في الذيل من باب النسبة إلى الجد البعيد، لا النسبة إلى القريب كما هو
ظاهر العبارة؛ إذ الجد القريب هو المتوكل.
والمولى التقي المجلسي تبع السيد السند المشار إليه في إصلاح ذات البين،
أعني دفع المنافاة بين الصدر والذيل بإرجاع ضمير الرواية إلى المتوكل جد
المتوكل، وحمل النسبة إلى هارون على النسبة إلى الجد البعيد (2).
وتبعه السيد السند العلي أيضا، إلا أنه جرى على إصلاح الحال على وجه
الإجمال؛ حيث إنه حكم بأنه ممكن التوفيق بالعناية تعبيرا بما عبر به السيد السند
المشار إليه (3).
لكن أقول: إن إرجاع ضمير الرواية إلى المتوكل الأخير، أعني المتوكل الجد
مما يشيب به الصغير ويهرم به الكبير؛ حيث إن الظاهر في متعلقات الكلام بعد
استتمام الكلام رجوعها إلى المذكور بالأصالة. ولو أرجع الضمير المذكور إلى
المتوكل الأخير، يلزم خلو الترجمة عن شرح حال المعنون، وكذا خلو المتبدأ عن
الخبر.

1. انظر نقد الرجال 4: 86، هامش 5.
2. روضة المتقين 14: 418.
3. رياض السالكين 1: 69.
618

وحمل النسبة إلى هارون على النسبة إلى الجد خلاف الظاهر، فلا مجال
لرجوع الضمير المذكور إلى المتوكل الأخير، ولو قلنا بجواز رجوع متعلقات
الكلام إلى المذكور بالتبع بعد استتمام الكلام، بل على ذلك المنوال الحال في
رجوع متعلقات الكلام إلى المذكور بالتبع قبل استتمام الكلام.
[طريق خامس للصحيفة ذكره البحراني]
ثم إنه، قد ذكر المحدث البحراني في اللؤلؤة في ترجمة جعفر بن محمد بن
معية طريقا خامسا، قال: " وهو الذي في نسخة ابن إدريس بخطه، وهو حدثنا
الشيخ الأجل السعيد أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي - أدام الله
تأييده - في جمادى الآخرة من سنة إحدى عشرة وخمسمائة، قال: أخبرنا الشيخ
الجليل أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله
الغضائري، قال: حدثنا الشريف أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن
الحسين، إلى آخر ما في السند المشهور " فنقل عن بعض مشايخه أن القائل في
نسخة ابن إدريس [ل‍] " حدثنا " هو ابن إدريس، فاستشكل: بأن ابن إدريس إنما
يروي عن الشيخ أبي علي بواسطتين، وعلى ذلك يلزم رواية ابن إدريس عن
الشيخ أبي علي بلا واسطة.
فذب عن الإشكال: بأن أبا علي خال ابن إدريس، فلا يبعد رواية ابن إدريس
عن أبي علي بلا واسطة.
أقول: إنه قد نقل في ترجمة ابن إدريس أنه ينقل عن خاله أبي علي بواسطة
وغير واسطة عن جده لأمه الشيخ الطوسي (1)، فلا مجال للإشكال المذكور.

1. لؤلؤة البحرين: 278 / 97.
619

[ما ربما يستدل به على صحة أدعية الصحيفة]
ثم إنه قال العلامة المجلسي في البحار:
فائدة في إيراد حديث يدل على صحة أدعية الصحيفة الكاملة السجادية
على الظاهر فتأمل:
نقل من خط الشهيد (قدس سره) بإسناد المعافا إلى نصر بن كثير، قال: دخلت على
جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنا وسفيان الثوري منذ ستين سنة، فقلت له: إني
أريد البيت الحرام، فعلمني شيئا أدعو به، فعلمني ثم علم سفيان شيئا.
قال المعافا: حكي لي عن أبي جعفر الطبري أنه ذكر له هذا الدعاء عن
جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فاستدعى محبرة وصحيفة فكتبه، وكان قبل موته
بساعة، فقيل له: أفي هذه الحال؟! فقال: ينبغي للإنسان أن لا يدع اقتباس
العلم حتى يموت (1).
والظاهر أن تقريب الاستدلال بذلك على اعتبار أدعية الصحيفة الكاملة
الشريفة بأن يقال: إن مسارعة الطبري إلى ضبط أدعية الصحيفة المشار إليها بعد
إسنادها إلى مولانا الصادق (عليه السلام) روحي وروح العالمين له الفداء.
أقول: إن الغرض من قوله: " حكي لي عن أبي جعفر الطبري " أنه حكى لي
حاك عن أبي جعفر الطبري، فالأمر من باب الإرسال بحذف الواسطة، فلا اعتبار
بالحديث المذكور.
مع أنه لم يثبت اعتبار المرسل ولا المرسل عنه.
على أنه لم يثبت كون المقصود بالدعاء الصحيفة الكاملة، بل الظاهر أن
المقصود بالدعاء غير الصحيفة الكاملة؛ لأنه لا يمكن أن يكتب في ساعة.
والظاهر أن الطبري جرى على أن يكتب الدعاء بالتمام في ساعة قبل موته.

1. بحارالأنوار 104: 210 - 211.
620

مضافا إلى أن الظاهر استناد الدعاء إلى مولانا الصادق - عليه آلاف التحية
والسلام - ولعل اضطراب (1) العلامة المشار إليه في الاستدلال بذلك من أجل ما
ذكر، لكن ليته ترك الاستدلال بذلك بالكلية، هذا.
وقوله: " فقال: يليق للإنسان أن لا يدع اقتباس العلم حتى يموت " يشبه في
المبالغة على التحصيل ما نقله ابن إدريس في أول السرائر من أنه نقل عن الحسن
اللؤلؤي أنه قال:
" غبرت أربعين سنة وما قلت وما بت إلا والكتاب موضوع على صدري ".
ومن أنه اختار الجملة من المحققين وأهل العبرة والفكرة من الديانين وضع
الكتب والاشتغال بها واجتهاد النفس في تخليدها وتوريثها على صوم النهار وقيام
الليل (2).
[التخلق ثم التعلم]
لكن نقول: إنه لابد في تحصيل العلم من التقوى وتهذيب الأخلاق، وإلا فلا
يتيسر التحصيل. وكذا لابد من التضرع إلى الله طلبا لمزيد عناياته، وإلا فالعلم
بمجرده لا يسمن ولا يغني من جوع، بل يزيد جوعا على جوع؛ ولعمري لا
يوجب العلم بمجرده إلا الهموم والغموم، والسالك في مسلكه إنما يسلك
مسالك المهالك، بل ربما يتعدى الأمر إلى الجنون أو الهلاكة أو خسران الدنيا
والآخرة، ومن الخبط خبط العشواء الإكباب على تحصيل العلم فقط، ولا دواء
الداء إلا طرياق عناية الله عزوجل.
وما أحسن ما نقله سيدنا من أنه وصى إليه الوالد الماجد (رحمه الله) أن لا يترك الابتهال
إلى الله العزيز الأعلى في الليل، ولو كان طلوع الفجر مشكوكا فيه.

1. يفهم الاضطراب من قوله: " فتأمل ".
2. أنظر مقدمة السرائر: 42، 43. وفيه: " الجلة "، بدل " الجملة ".
621

وقد أجاد ثم أجاد بعض الأواخر؛ حيث اهتدى إلى طريق المقاصد، فبالغ في
التضرع إلى الله سبحانه، بحيث إن الظاهر عدم اتفاق مثله من مثله، فضلا عن غيره
في زمان الغيبة، فطوبى له ثم طوبى له؛ حيث طلب حوائجه من مظانها، وأتى
مطالبه من وجهها.
ومن ذلك أنه لعله لم يتفق مثل ما اتفق له لمثله في زمان الغيبة، وقد ضبطنا
في البشارات الآيات الدالة على أن التقوى توجب انتظام الدنيا. هذا هو الكلام في
الاهتمام في تحصيل العلم.
والويل الدائم والشقاء الأشقى لمن تكاسل في طريق الاجتهاد، وأغمض عن
يوم يقوم الأشهاد، في موقف العرض لرب العباد، فأكثر الافتراء والفرية على من
دانت له السماوات والأرض بالعبودية.
آه وا نفساه، آه وا نفساه، كيف باع حظه بالأرذل الأدنى، وشرى آخرته بالثمن
البخس الأوكس، وتغطرس وتردى في مهوى هواه، ولبئس المطية التي امتطت
نفسه من هواها، وواها لها لما سولت لها ظنونها ومناها، وتبا لها لجرأتها على
سيدها ومولاها.
والعجب ممن يلعن خلفاء الجور، وهو ينتهج في منهجهم مع غاية دنوه،
بحيث إنه ليس شره بالنسبة إلى شرورهم إلا كشرارة النار بالنسبة إلى نار الجحيم.
لا تنه عن خلق وتأتي مثله * عار عليك إذا فعلت عظيم
وقد أجاد السيد السند النجفي (رحمه الله)؛ حيث عد ضرر ذلك على العوام أشد من
ضرر الدجال، ولعمري إن غالب أهل صورة التحصيل أخص خلق الله العزيز
الجليل في هذا العصر، بل في عموم الأمصار، بل مشاهدتهم توجب الإزجار و
الازدجار، العلماء الأخيار والأحبار والأبرار برب البراري والبحار، وخالق الليالي
والنهار.
ولو أني أعددت ذنوب دهري، لضاع القطر فيها والرمال، لكن ليس شيء من
622

ذلك إلا بواسطة إمساك الرحمة من جانب الله سبحانه؛ لحكمة ومصلحة كما هو
الحال في عدم إرسال الرسول في زمان الفترة.
ويمكن أن يقال: إن غلبة الكسالة مطردة في عموم الأزمنة، كما يرشد إليه
شكاية العلماء من الخاصة والعامة في صدور كتبهم المصنفة، كيف لا وهذه الدار
كسافة (1)، فلابد من قلة اللطافة في جنب الكسافة، ألا ترى قلة السعادة في جانب
الشقاوة، خصوصا قلة المسلمين في جنب الكفرة.
نعم، غلبة الكسالة تختلف بالنسبة إلى الأزمنة، لكن مع ذلك كله الظاهر [أن]
ما اتفق من الكسالة في هذا العصر في غاية الشذوذ والندرة بالنسبة إلى سائر
الأعصار والأزمنة.
[شروح الصحيفة]
ثم إنه قد تصدى جماعة لشرح الصحيفة الشريفة، فأول من شمر عن الساق
في ذلك المساق إنما هو شيخنا البهائي، لكن مقتضى ما ذكره المحدث الحر في
أمل الآمل أنه شرح دعاء الهلال تارة، وهو كان يسمى ب‍ " الحديقة الهلالية " وأخرى
شرح تمام الأدعية، وهو كان يسمى ب‍ " حدائق الصالحين " (2).
لكن مقتضى كلام السيد السند العلي في فاتحة شرحه للصحيفة الشريفة أنه
لم يشرح شيخنا البهائي غير الحديقة الهلالية وإن أشار فيها إلى حدائق الصالحين
قال:
ولا أعلم سابقا سبقني إلى هذا الغرض، والقيام بأداء هذا الحكم
المفترض سوى ما حرره جماعة من أصحابنا المتأخرين - شكر الله
سعيهم، وأحسن يوم الجزاء رعيهم - من تعليقات تتضمن حل بعض

1. الكسافة بمعنى الوساخة في اللغة الفارسية وليس هذا اللفظ بهذا المعنى موجودا في اللغة العربية.
2. أمل الآمل 1: 156.
623

ألفاظها وتفسير يسير من أغراضها، وهي لا تبرد غليلا ولا تبرئ عليلا،
وأما شرح شيخنا البهائي - قدس الله روحه الزكية - الذي سماه " حدائق
الصالحين " وأشار إليه في الحديقة الهلالية فهو مجاز لا حقيقة؛ إذ لم تقع
حدقة منه على غير تلك الحديقة، ولعمري لو أتمه على ذلك المنوال،
لكفى من بعده تجشم الأهوال (1).
وقد حام السيد السند الداماد حول الشرح أيضا، لكن ما عندي من نسخة
شرحه إلى (2) دعاء مولانا السيد السجاد وزين العباد في استكشاف الهموم، عليه
آلاف السلام من الحي القيوم، ما كانت الدنيا مورد ورود الهموم والغموم.
ونقل شرحها أيضا عن المولى التقي المجلسي عربيا وفارسيا، والعلامة
المجلسي إلى الدعاء الرابع، والسيد السند الجزائري صغيرا وكبيرا المحدث
القاشاني، وأكمل الشروح شرح السيد السند العلي؛ فإنه قد بسط بساط تمام
البسط، وأتى في البيان عوالي اللآلي ومنتقى الجمان.

1. رياض السالكين 1: 44.
2. كذا. والظاهر: " إلا " أو " إلا إلى ".
624

10 - رسالة في التفسير المنسوب
إلى الإمام العسكري (عليه السلام)
625

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه الاستعانة للتتميم
وبعد:
فهذه كلمات في حال التفسير المشهور المنسوب إلى العسكري سلام الله
عليه أبد الآبدين.
فنقول: إن سنده - على ما في النسخة المنطبعة، وعن نسخ معتبرة - هكذا:
قال محمد بن علي بن جعفر الدقاق: حدثني الشيخان الفقيهان:
أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، وأبو محمد
جعفر بن محمد بن علي القمي، قالا: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر
محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، قال: أخبرنا محمد بن
القاسم المفسر الأسترآبادي الخطيب، قال: حدثنا أبو يعقوب
يوسف بن محمد بن زياد، وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار - وكانا
من الشيعة الإمامية - قالا: كان أبوانا إماميين، وكانت الزيدية هم الغالبين
على استراباد، وكنا في إمارة الحسين بن زيد العلوي الملقب بالداعي
إلى الحق إمام الزيدية، وكان كثير الإصغاء إليهم، يقتل الناس لسعاياتهم،
فخشينا على أنفسنا، فخرجنا بأهلنا إلى حضرة الإمام أبي محمد
الحسن بن علي (عليهما السلام) أبي القائم (عليه السلام)، وأنزلنا عيالاتنا في بعض الخانات، ثم
استأذنا على الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام) - إلى أن قالا (1) -: أمر (عليه السلام) أبوينا

1. كان في النسختين كلتيهما: " قال ".
627

بالرجوع وقال لهما: " خلفا ولديكما لأقيد لهما العلم " (1).
وفي النسخة المنطبعة: أبو محمد جعفر بن أحمد القمي.
وفي بعض النسخ نقلا:
قال أبو الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمي: حدثنا السيد
محمد بن سراهنك الحسن الجرجاني، عن السيد أبي جعفر مهدي بن
حرب الحسيني المرعشي، عن الشيخ الصدوق أبي عبد الله جعفر بن
محمد الدوريستي، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن
موسى بن بابويه القمي، قال: أخبرنا محمد بن القاسم؛ إلى آخر السند
المتقدم (2).
قال العلامة في القسم الثاني من الخلاصة:
محمد بن القاسم - وقيل: ابن أبي القاسم - المفسر الأسترآبادي، روى
عنه أبو جعفر بن بابويه، ضعيف كذاب، روى عنه تفسيرا، يروي عن
رجلين مجهولين: أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد، والآخر
علي بن محمد بن سيار، عن أبيهما، عن أبي الحسن الثالث (عليه السلام)،
والتفسير موضوع عن سهل الديباجي، عن أبيه بأحاديث من هذه
المناكير (3).
وقد نقل السيد السند التفرشي هذه العبارة عن ابن الغضائري (4)، وهو عجيب؛
لأنها عبارة الخلاصة كما سمعت، مع أن السيد السند المذكور لم ينقل قط عن ابن
الغضائري.

1. التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 8.
2. التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 4.
3. خلاصة الأقوال: 256 / 60 وفيه: " يسار " وفي نسخة أخرى: " بن بشار " بدل " سيار " انظر منتهى
المقال 6: 164 / 2830.
4. نقد الرجال 4: 303 / 5014.
628

أقول: إنه يتأتى الكلام في المقام تارة في السند الأول وهو العمدة، وأخرى
في السند الثاني.
أما السند الأول
فنقول:
إنه لم يتواتر التفسير المذكور عن الصدوق، وكذا لم يثبت اعتبار الرجال
المتقدمين (1) على الصدوق في السند، حتى يختص القدح في السند بمن قبل
الصدوق، أعني محمد بن القاسم، ومن روى عنه، أعني يوسف بن محمد بن
زياد، وأبا الحسن علي بن محمد بن سيار؛ إذ كل من محمد بن علي بن جعفر
الدقاق ومن روى عنهما - أعني الشيخين الفقيهين، أعني أبا الحسن محمد بن
أحمد بن علي بن شاذان، وأبا محمد جعفر بن محمد بن علي، أو أحمد (2) بن
علي القمي، على اختلاف النسخ، كما تقدم - من المجاهيل، فتخصيص القدح في
السند من العلامة بمن قبل الصدوق كما ترى.
نعم، بناء على كون المدار في الاستفاضة على المجاوزة عن الواحد لا يتم
القدح - باعتبار الشيخين بل طول المقال - فيما ينجبر به ضعف السند كما حررناه
في الأصول، فيتأتى الانجبار في نقل الكتاب بالأولوية آلاف مرة، إلا أن طول
المقال إنما يوجب جبر المجموع لا الجميع، فلا ينافي اختلال (3) حال البعض. كما
أنه إنما يقتضي الصدور عن مطلق المعصوم، لا خصوص المعصوم المروي عنه.
ففي المقام، غاية الأمر صدور مجموع التفسير عن المعصوم في الجملة،
ولا يثبت اعتبار كل واحد من الأجزاء، ولا صدور المجموع عن خصوص

1. أي الدقاق والشيخان الفقيهان.
2. يعني: أبا محمد جعفر بن أحمد. وأحمد بدل محمد.
3. في " د ": " اختلاف ".
629

العسكري (عليه السلام).
نعم، قال الصدوق في التوحيد نقلا في باب معنى بسم الله:
حدثنا محمد بن القاسم الجرجاني المفسر (رحمه الله)، قال: حدثنا أبو يعقوب
يوسف بن محمد بن زياد، وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار - وكانا
من الشيعة - عن أبويهما، عن الحسن بن علي (1).
وروى الطبرسي في أوائل الاحتجاج بالإسناد عن الصدوق، قال:
حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر، قال: حدثنا
أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وأبو الحسن علي بن محمد بن
سيار - وكانا من الشيعة - قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي
العسكري (2).
فالظاهر صدق الإسناد إلى الصدوق، لكن غاية الأمر ظهور الصدق في
الإسناد بالنسبة إلى المجموع، لا الجميع.
ومع ذلك، قد روى أبو يعقوب وأبو الحسن، عن أبي محمد الحسن في
السند المذكور بلا واسطة، والمذكور في كلام العلامة روايتهما عن أبيهما (3).
نعم، مقتضى ما تقدم من التوحيد هو توسط الأب في البين، لكن مقتضى ما
تقدم من الاحتجاج عدم التوسط.
ومع هذا، الإمام المروي عنه إنما هو أبو محمد أعني العسكري (عليه السلام)،
لا أبو الحسن الثالث وهو الهادي (عليه السلام).
ومع هذا، سهل الديباجي غير مذكور في السند المذكور، ولا في السند
المستفاد مما ذكره العلامة؛ إذ السند - على ما يستفاد من كلامه - هو الصدوق،

1. التوحيد للصدوق: 230، ح 5، باب معنى " بسم الله الرحمن الرحيم ".
2. الاحتجاج 1: 16، فصل في فضل العلماء. والصحيح: " قالا " بدل " قال ".
3. خلاصة الأقوال: 256 / 60.
630

عن (1) يوسف بن محمد بن زياد، وعلي بن محمد بن سيار، عن أبيهما، عن
أبي الحسن الثالث، فلا ارتباط بذكر سهل الديباجي في المقام من العلامة بوجه
من الوجوه.
واعترض بعض على العلامة نقلا بأنه كيف يكون محمد بن القاسم ضعيفا
كذابا، والحال أن رئيس المحدثين (رحمه الله) كثيرا ما يروي عنه في الفقيه (2) والتوحيد (3)
والعيون (4)، وفي كل موضع يذكره يقول بعد ذكر اسمه: " رضي الله عنه " أو " رحمه
الله "؟! (5). وبعد التتبع يعلم أنه أجل شأنا من أن يروي الحديث عمن لا اعتماد عليه
ولا يوثق به، ويذكره على جهة التعظيم.
ولو كان المروي عنه ضعيفا في نفسه، فروايته عنه بعد علمه بصحة الرواية
بالقرائن والأمارات.
ومما يدل على كمال احتياطه وعدم نقله حديثا لم تثبت صحته عنه بوجه من
الوجوه ما ذكره في العيون بعد نقل [ما] رواه بسنده عن الرضا (عليه السلام) في الحديثين
المختلفين، فقال:
كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد سييء الرأي في
محمد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث، وإنما أخرجت هذا
الخبر في هذا الكتاب؛ لأنه كان في كتاب الرحمة لسعد بن عبد الله، وقد

1. هذه الاستفادة منه خطأ قطعا؛ لأن الراوي عنهما هو محمد بن القاسم دون الصدوق. ووجه الخطأ هو
إرجاع الضمير المستتر في " يروي " في ص 619 س 1 إلى الصدوق مع أنه راجع إلى محمد بن القاسم
المبحوث عنه، فراجع.
2. الفقيه 2: 211، ح 967؛ وفي المشيخة 4: 100، ولم يرد فيهما الترضي أو الترحم.
3. التوحيد: 47، ح 9، باب التوحيد ونفي التشبيه، وص 230، ح 5، باب تفسير " بسم الله الرحمن
الرحيم ".
4. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 137، ح 36، وص 254، ح 4، 282، ح 30.
5. نقله عن الفوائد النجفية في منتهى المقال 6: 166 / 2830.
631

قرأته عليه ولم ينكره، ورواه لي (1).
أقول: إن إصلاح حال محمد بن القاسم لا يجدي في إصلاح حال التفسير؛
لجهالة الجماعة المتقدمة على الصدوق، أعني: الدقاق والشيخين الفقيهين،
وجهالة من روى عنه محمد بن القاسم، أعني: أبا يعقوب يوسف بن محمد بن
زياد، وأبا الحسن علي بن محمد بن سيار.
نعم، تنجبر جهالة الشيخين الفقيهين في من تأخر (2) عن الصدوق، وكذا جهالة
أبي يعقوب وأبي الحسن في من تقدم على الصدوق بالاستفاضة، بناء على كون
المدار فيها [على المجاوزة على الواحد] (3).
ويمكن نصرة الاعتبار باعتماد (4) الطبرسي في الاحتجاج؛ حيث إنه قال في
أوائل الاحتجاج:
لا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بأسناده إما لوجود الإجماع عليه، أو
موافقته لما دلت العقول عليه، أو لاشتهاره في السير والكتب بين
المخالف والمؤالف، إلا ما أوردته عن أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام)،
فإنه ليس من الاشتهار على حد ما سواه، وإن كان مشتملا على مثل الذي
قدمناه (5).
وأيضا عن الشهيد الاعتماد عليه، ونقل أخبار كثيرة عنه في كتبه (6).
وأيضا قال في أوائل البحار: تفسير الإمام من الكتب المعروفة، واعتمد
الصدوق عليه وأخذ منه، وإن طعن فيه بعض المحدثين، لكن الصدوق أعرف

1. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 21، ح 45، باب ما جاء في الحديثين المختلفين.
2. عبر عنهما آنفا بمن تقدم على الصدوق.
3. أضفنا ما بين المعقوفين لتكميل الجملة.
4. في " ح ": " باعتبار ".
5. الاحتجاج 1: 14، مقدمة المؤلف.
6. منية المريد: 31. ونقل اعتماد الشهيد عليه والد المجلسي في روضة المتقين 14: 250.
632

وأقرب عهدا ممن طعن فيه (1).
وأيضا قد حكى العلامة البهبهاني عن جده: أن من كان مرتبطا بكلام
الأئمة (عليهم السلام) يعلم أنه كلامهم (2).
لكن نقول: إن المحكي عن بعض المتأخرين أنه قال: " بعد ما تتبعت ذلك
التفسير المشهور الآن بتفسير العسكري (عليه السلام) وجدت فيه بعض المناكير " (3).
وأيضا ربما يستبعد انتساب ذلك التفسير إلى العسكري (عليه السلام)؛ نظرا إلى عدم
اتفاق مثله من الإفادات عن مثله من أرباب العصمة.
لكنه يندفع: بأن مولانا الصادق (عليه السلام) كتب رسالة لعبد الله النجاشي الذي ولي
الأهواز، بعض أجداد النجاشي المعروف صاحب الرجال على ما ذكره في رجاله (4)،
والرسالة مذكورة في رسالة الشهيد الثاني في الغيبة المسماة بكشف الريبة (5)، وكذا
مذكور في الوسائل - في أوائل كتاب التجارة في باب ما ينبغي للوالي العمل به في
نفسه ومع أصحابه ومع رعيته - رواية عن الشهيد الثاني في الرسالة المذكورة (6)،
لكن ذكر النجاشي أنه لم ير لأبي عبد الله (عليه السلام) مصنف غير تلك الرسالة (7).
لكن روى في روضة الكافي رسالة عن أبي عبد الله (عليه السلام) كتبها إلى أصحابه،
وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بما فيها، فكانوا يضعونها في

1. بحار الأنوار 1: 28.
2. تعليقة الوحيد البهبهاني: 316. وانظر روضة المتقين 14: 250.
3. حكاه في رياض العلماء عن الخليل القزويني، رياض العلماء 2: 161.
4. رجال النجاشي: 213 / 555.
5. كشف الريبة: 122 / 10.
6. وسائل الشيعة 12: 150، أبواب ما يكتسب به، ب 49، ح 1.
7. رجال النجاشي: 213 / 555؛ وفيه: " يروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) رسالة منه إليه، وقد ولي الأهواز من
قبل المنصور ".
633

مساجد بيوتهم، فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها (1)، وهذه الرسالة أيضا ترفع
الاستبعاد.
والأظهر أن الروضة من أجزاء الكافي؛ لأنها قد عدها النجاشي والشيخ من
كتب الكافي (2)، مع أن المصرح به في صدر الروضة أنها من كتاب الكافي للشيخ
محمد بن يعقوب الكليني (3)، على أن كثيرا من أسانيد الروضة، بل أكثرها مصدر
بصدور سائر أجزاء الكافي من علي بن إبراهيم، ومحمد بن يحيى، وعدة من
الأصحاب، وغيرهم.
وعن الفاضل الخليل القزويني الاعتذار عن ترك شرح الروضة بأن المظنون
أنها ليست من الكافي؛ لاشتمالها على منكرات.
وحكى في رياض العلماء عن الفاضل المذكور أنها من تصنيف ابن إدريس
قال: " وساعد معه بعض الأصحاب، وحكى عن الشهيد الثاني ولم يثبت " (4).
وقد عد في الرياض ذلك المقال من غرائب أقوال الفاضل المذكور (5).
وحكى بعض عن الفاضل المذكور في أوائل شرح كتاب الصلاة أنه لا يتراءى
منها كونها من أجزاء الكافي، وظاهر بعض أسانيدها أنه تصنيف ابن الجنيد.
ويمكن أن يكون تصنيفا على حدة من الكليني، وألحقه به بعض تلاميذه.
وقد حررنا الحال في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في
رواية الكليني عن الحسين بن محمد.
بقي الكلام في سهل الديباجي، وأنه لا يكون حاجة إلى الكلام فيه؛ لما مر

1. الكافي 8: 2 / 1، كتاب الروضة.
2. رجال النجاشي: 377 / 1026، وانظر الفهرست: 135 / 601، ورجال الشيخ: 495 / 27.
3. انظر عنوان ومقدمة المجلد الثامن من الكافي.
4. رياض العلماء 2: 261.
5. رياض العلماء 2: 261.
634

من عدم دخوله في السند.
فنقول: إنه قال النجاشي:
سهل بن عبد الله بن أحمد بن سهل الديباجي أبو محمد لا بأس به، كان
يخفي أمره كثيرا، ثم ظاهر بالدين في آخر عمره، له كتاب إيمان
أبي طالب، أخبرنا به عدة من أصحابنا وأحمد بن عبد الواحد (1).
وقال الشيخ في الرجال في باب من لم يرو عن الأئمة (عليهم السلام):
سهل بن أحمد بن عبد الله بن سهل الديباجي بغدادي، كان ينزل درب
الزعفراني ببغداد، وسمع منه التلعكبري سنة سبعين وثلاثمائة، وله منه
إجازة، أخبرنا عنه الحسين بن عبيد الله، يكنى أبا محمد (2).
وقال العلامة في الخلاصة:
سهل بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن سهل الديباجي أبو محمد. قال
النجاشي: لا بأس به، كان يخفي أمره كثيرا، ثم ظاهر بالدين في آخر
عمره. وقال ابن الغضائري: إنه كان يضع الأحاديث، وروى عن
المجاهيل، ولا بأس بما روى عن الأشعثيات وما جرى مجراها مما رواه
عن غيره (3).
وعن الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة:
أن قوله: " ظاهر " لفظ النجاشي (4)، وفي كتاب ابن داود نقلا عنه " شاهر " (5)
موضع " ظاهر " وهو أجود، وأنه لا وجه لإلحاقه بهذا القسم، أي القسم
الأول المعمول للثقات؛ لأن نفي البأس في كلام النجاشي لا يقتضي

1. رجال النجاشي: 186 / 493.
2. رجال الشيخ: 474 / 3.
3. خلاصة الأقوال: 81 / 4، وانظر رجال النجاشي: 186 / 493.
4. رجال النجاشي: 186 / 493.
5. رجال ابن داود: 107 / 743. وفيه: " تشاهر " بدلا عن " شاهر ".
635

التوثيق ولا مدحا غير ظاهر الإيمان (1).
وقال ابن داود في الجزء الأول من رجاله: " سهل بن أحمد بن سهل
الديباجي أبو محمد [جش]: لا بأس به، كان يخفي أمره، ثم شاهر بالدين في آخر
عمره. [غض]: مشتبه الحديث " (2).
وقال في الجزء الثاني: " سهل بن أحمد بن عبد الله الديباجي أبو محمد
[غض]: كان يضع الأحاديث ويروي عن المجاهيل. [جش]: لا بأس به " (3).
وعن الوجيزة (4) والحاوي عده من رجال الحسن (5).
ومال العلامة البهبهاني إلى وثاقته (6)؛ نظرا إلى نفي البأس في كلام النجاشي (7)،
وتنصيص الشيخ على أنه شيخ الإجازة، وعدم الطعن عليه (8)، كما هو ظاهر
التلعكبري وابنه (9).
وعن السمعاني - نقلا - أنه قال أبو بكر الخطيب: " سألت الأزهري عن
الديباجي، فقال: كان كذابا رافضيا زنديقا ".
وعن الأزهري أنه قال: " رأيت في داره على الحائط مكتوبا لعن أبي بكر وعمر
وباقي الصحابة العشرة سوى علي (عليه السلام)، وصلى عليه أبو عبد الله بن المعلم شيخ
الرافضة الذي يقال له: المفيد " (10).

1. تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة: 40.
2. رجال ابن داود: 107 / 743. وفيه: " تشاهر " بدلا عن " شاهر ".
3. رجال ابن داود: 249 / 228.
4. الوجيزة: 223 / 867.
5. حاوي الأقوال: 183 / 923.
6. تعليقة الوحيد البهبهاني: 176.
7. رجال النجاشي: 186 / 493.
8. رجال الشيخ: 474 / 3.
9. انظر رجال الشيخ: 474 / 3؛ وتعليقة الوحيد البهبهاني: 176.
10. الأنساب 5: 393. ولم يرد فيه " الذي يقال له المفيد ".
636

وبالجملة، حاله محل الإشكال، وإن لا تكون حاجة إلى تشخيص حاله؛
لعدم دخوله في السند كما مر، لكن نفي البأس يفيد الاعتماد بالنقل مع حسن
المذهب لو كان من الإمامي.
وقد حررنا الكلام فيه في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة
في رواية الكليني عن علي بن محمد.
وإن قلت: إن سهل الديباجي - الذي يقتضي كلام العلامة في الخلاصة دخوله
في السند - إنما هو الجد البعيد لسهل بن أحمد المعنون في الرجال؛ قضية أن
" الديباجي " صفة له لقربه، لا صفة لسهل المعنون، فنفي البأس في كلام النجاشي
لا يفيد اعتبار حال سهل المذكور في السند بناء على دخوله فيه
قلت: إن الظاهر أن الديباجي صفة لسهل المعنون، لا صفة للجد البعيد لسهل
المعنون؛ قضية أن الظاهر رجوع المتعلقات المذكورة في الكلام إلى المقصود
بالأصالة، وقد حررنا الكلام في الرسالة المعمولة في " ثقة ".
وأما السند الثاني
فالجماعة المتأخرة (1) عن الصدوق من المجاهيل، وأما الجماعة المتقدمة على
الصدوق فيظهر حالهم بما (2) تقدم.
ثم إنه قال في رياض العلماء بخطه:
صاحب العسكر هو مولانا أبو الحسن علي بن محمد التقي الهادي،
وقد شاع أن الوجه في تلقبه (عليه السلام) بصاحب العسكر هو كونه في السامرة
المعروف بعسكر، وبعسكرا أيضا.

1. وهم: شاذان بن جبرئيل ومن قبله إلى الصدوق وعبر عن مثل هؤلاء في السند الأول بالمتقدمين على
الصدوق.
2. في " د ": " مما ".
637

وكان هذا الوجه مما لا وجه له، بل الصواب كونه من جهة إظهاره (عليه السلام)
عسكر الله تعالى وجيشه للخليفة العباسي معجزة، كما رواه جماعة من
علمائنا (1).
وهذا الوجه خطر ببالي في قديم الزمان، ثم بعد مدة في سنة سبع عشر
ومائة وألف عثرت على كلام للسيد علي خان والي الحويزة في كتاب
نكت البيان، وفي كتاب مجموعه في هذا الباب يطابق ما سنح بخاطري،
فهو من باب توارد الخواطر، فأعجبني إيراده بعبارته، قال (قدس سره):
ومما تنبهنا له من الكلام مما نظن أننا لم نسبق إليه، هو أنه قد اشتهر بين
علماء الشيعة أنهم يلقبون الهادي (عليه السلام) بصاحب العسكر، ويخصونه
بذلك دون ولده الحسن العسكري، على أنهم يلقبون الهادي (عليه السلام)
بالعسكري أيضا؛ لنزولهما في العسكر الذي هو سر من رأى. وأما
تخصيص الهادي (عليه السلام) بصاحب العسكر فربما يظن أنه نسبة إلى العسكر
الذي هو البلد أيضا، وليس كذلك، وإلا لقيل للحسن (عليه السلام): إنه صاحب
العسكر أيضا، على أن تلقب الهادي (عليه السلام) بصاحب العسكر بعيد من النسبة
إلى البلدة أيضا؛ لأنه (عليه السلام) لم يكن صاحب اليد في زمانه عليها.
ولكن الظاهر أنه لقب بصاحب العسكر؛ لأنه أظهر عسكره من الملائكة
للخليفة المتوكل لما عرض عليه عسكره، كما ورد في الحديث
المشهور بين الشيعة، فلذلك لقب بصاحب العسكر.
وأما الحديث الذي أشرنا إليه فهو ما ذكره صاحب كتاب الثاقب قال: إن
الخليفة أمر العسكر، وكان هو تسعين ألف فارس من الأتراك الساكنين
بسر من رأى، فأمر كل واحد منهم أن يملأ مخلاة (2) فرسه من الطين

1. أنظر مختار الخرائج: 211، وحكاه في بحار الأنوار 50: 155، ح 44، باب معجزات الإمام الهادي
وأخلاقه.
2. المخلاة هي ما يجعل فيه العلف، ويعلق في عنق الدابة لتعتلفه. بيان من بحار الأنوار 50: 156.
638

الأحمر، ويجعلوا بعضه على بعض بوسط برية واسعة هناك، ففعلوا
وصارت مثل جبل عظيم، ثم صعد فوقه ودعا بأبي الحسن (عليه السلام) وأصعده
معه وقال: قد استحضرتك للنظارة، وقد كان أمر عسكره بلبس
التجافيف (1)، وأن يلبسوا الأسلحة، فأقبلوا وأحاطوا به بأحسن الزينة
وتمام العدة، وكان غرضه أن يرهب بذلك أبا الحسن (عليه السلام) خوفا من أن
يخرج عليه أحد من أهل البيت بأمر أبي الحسن (عليه السلام) فقال (عليه السلام): " وهل
أعرض عليك عسكري؟ " فقال: نعم، فدعا الله تعالى، فإذا ما بين السماء
والأرض من المشرق والمغرب مملوءة من الملائكة، وهم
مدججون (2)، فغشي على المتوكل، فلما أفاق قال له أبو الحسن (عليه السلام):
" نحن لا نتنافسكم بدنياكم، وإنما نحن مشتغلون بأمور الآخرة، فلا
عليك بأس مما تظن " (3) انتهى.
وفي القاموس قد عد من معاني العسكر سر من رأى قال: " وإليه نسب
العسكريان: أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى، وولده الحسن " (4)
وقد ظهر بما سمعت أن العسكري يطلق على الهادي ونجله الزكي (عليهما السلام)،
والمقصود بالعسكري في المقام إنما هو الثاني كما يظهر مما مر من الاسم
والكنية، وهو المعروف بالعسكري، وأما إطلاقه على الهادي (عليه السلام) فهو نادر. وأما
صاحب العسكر فهو يطلق على الهادي (عليه السلام) فقط، والله العالم.

1. التجافيف: جمع التجفاف بالكسر، وهو آلة للحرب يلبسه الفرس والإنسان ليقيه في الحرب. بيان
من بحار الأنوار 50: 156.
2. مدججون: بتشديد الجيم المفتوحة، يقال: فلان مدجج، أي شاك في السلاح. بيان من بحار الأنوار
50: 156.
3. لم نعثر على كلام صاحب الرياض في الرياض، أنظر مختار الخرائج: 211، وحكاه في بحار الأنوار
50: 155، ح 44، باب معجزات الإمام الهادي وأخلاقه (عليه السلام).
4. القاموس المحيط 2: 92 (عسكر).
639