الكتاب: تكملة أمل الآمل
المؤلف: السيد حسن الصدر
الجزء:
الوفاة: ١٣٥٤
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند الشيعة
تحقيق: السيد أحمد الحسيني
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٠٦
المطبعة: الخيام - قم
الناشر: مكتبة آية الله المرعشي - قم
ردمك:
ملاحظات: بإهتمام : السيد محمود المرعشي

مخطوطات
مكتبة اية الله المرعشي العامة
(13)
تكملة
أمل الآمل
تأليف
المرجع الديني الفقيه المحدث آية الله
السيد حسن الصدر
(1272 - 1354)
تحقيق: السيد احمد الحسيني
باهتمام: السيد محمود المرعشي
1

كتاب: تكملة أمل الآمل
تأليف: السيد حسن الصدر
تحقيق: السيد احمد الحسيني
نشر: مكتبة آية الله المرعشي - قم
طبع: مطبعة الخيام - قم
التاريخ: 1406 ه‍
العدد: (2000) نسخة
2

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة
والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين محمد المصطفى وعترته
الطاهرين
3

كلمة كريمة
تفضل بتنميقها يراع سماحة المرجع الديني الورع
علامة الفنون العلمية وجامع العلوم الاسلامية آية الله
العظمى السيد شهاب الدين النجفي المرعشي دام ظله
الوارف على رؤوس المسلمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مفيض النعم، ومبيد النقم، والصلاة والسلام على سيد الأمم من
العرب والعجم، سيدنا ونبينا أبى القاسم محمد وعلى آله مصابيح الظلم والمشاكي
في الدياجي والبهم.
وبعد: لا يذهب على من ألقى السمع وهو شهيد أن من أجل العلوم
التاريخية ها هو علم التراجم، سيما تراجم علماء الاسلام، وخاصة تراجم علماء
الشيعة.
5

فمن ثم توجهت أنظار الفطاحل ورجالات الفضل إلى التأليف والتنسيق حول
هذا المشروع الهام، فجادت جياد أقلامهم بمئات بل ألوف من الزبر والاسفار،
كفهرس شيخ الطائفة، ومتممه فهرس الشيخ منتجب الدين، وأمل الامل
لصاحب الوسائل، ورياض العلماء الميرزا عبد الله الأفندي، وروضات الجنات
للميرزا محمد باقر الخوانساري، وجلد من رياض الجنة للحاج الميرزا حسن الخوئي
الرياضي، وروضات الجنات للحافظ حسين الكربلائي، وعلماء الدولة الصفوية
للمولى محمد باقر المنشي، وعلماء كاشان للمولى محمد حسن القمصري،
وعلماء قم للشيخ محمد علي الكچوئي نزيل قم، وعلماء خراسان للمولى
عبد الرحمن الفارسي المشهدي، وعلماء شيراز للحاج الميرزا حسن الحائري
الشيرازي، وعلماء خراسان للفاضل البسطامي، وعلماء يزد للمفيدي، وعلماء
شاهرود للشيخ محمد كاظم الشاهرودي، وعلماء تبريز للمولى محمد شريف
الشيرواني، وعلماء المعاصرون للحاج المولى علي التبريزي الخياباني،
وريحانة الأدب للميرزا محمد علي التبريزي الخياباني، وعلماء الحلة للسيد
محسن الحسيني القزويني الحلي من مشائخنا في الرواية، وعلماء الكوفة للشيخ
محمد الكوفي الخطيب الحائري، والهدية الرضوية للشيخ الحاج عباس القمي
وضيافة الاخوان في تراجم علماء قزوين لآقا رضي الدين محمد القزويني،
والحصون المنيعة في طبقات الشيعة للشيخ علي آل كاشف الغطاء النجفي،
وآثار الشيعة الإمامية للشيخ عبد العزيز آل صاحب الجواهر، وتراجم علماء
النجف الأشرف للعلامة أستاذي في علم النسب السيد رضا الموسوي البحراني
الغريفي النجفي الصائغ صاحب كتاب مشجرات الأنساب، وماضي النجف
وحاضرها للشيخ جعفر آل محبوبة النجفي وغيرها مما يعسر عدها.
وممن جد وكد في ذلك العلامة في علوم الحديث خريت علمي الرجال
6

والتراجم شيخ الإجازة ومركز الرواية وقطب رحاها آية الله الأستاذ السيد
أبو محمد الحسن صدر الدين الموسوي نزيل مشهد الامامين الكاظمين، فإنه
قدس الله روحه قد أتعب نفسه النفيسة بتأليف كتاب (تتميم أمل الآمل) ومن
راجع سائر تتمات الامل بانت له حقيقة الامر، فإنه قد حوى عدة تراجم من
علمائنا الذين خمل ذكرهم ولم يذكر أسماؤهم، وقد قرأت هذا الكتاب عليه
طيلة إقامتي بتلك البلدة المقدسة للاستفادة من أبحاثه الرجالية، فأجاز لي روايته
وكذا رواية شرحه على وسائل الشيعة وكتاب عيون الرجال وكتاب تأسيس
الشيعة الكرام لفنون الاسلام وغيرها مما سمحت به يراعه.
ثم اعلم أيها القارئ البحاثة ان الشريف الجليل ناسق هذا الكتاب يروي
ما روى عن آل الرسول " ص " عن عدة من مشائخ الاسلام وأساطين الدين
والمذهب قد ذكرهم في إجازاته:
منهم أستاذه الفقيه الشيخ محمد الحسين الكاظمي صاحب كتاب هداية الأنام
في شرح شرائع الاسلام، وهو يروي عن أستاذه الفقيه الشيخ محمد الحسن
النجفي صاحب الجواهر، وهو عن أستاذه الفقيه السيد محمد الجواد الحسيني
العاملي النجفي صاحب مفتاح الكرامة، عن أستاذه الفقيه الشيخ جعفر النجفي
صاحب كتاب كشف الغطاء، عن أستاذه الفقيه الآقا محمد الباقر الوحيد البهبهاني
الحائري صاحب كتاب شرح المفاتيح عن، أستاذه ووالده المولى محمد أكمل،
عن أستاذه المحقق الآقا جمال الدين محمد الخوانساري، عن غواص بحار الأنوار
ومستخرج لئالي الآثار شيخنا المولى محمد الباقر المجلسي بطرقه التي
ذكرها في المجلد الأخير من موسوعته الكبرى (بحار الأنوار) وإجازاته
المتكثرة وتآليفه المتنوعة، وقد أنهاها إلى أرباب الكتب الأربعة وأسانيدهم إلى
أئمة الهدى والمشاكي بين الورى مذكورة في تآليفهم وتصانيفهم.
7

وقد أجاز لي قدس سره أن أروي عنه بهذا الطريق وبغيره جميع مروياته
المعنعنة المسلسلة، وهي وافرة عديدة. واستجزت عنه زمن استفادتي من
محضره الشريف رواية جميع آثاره الممتعة، فأجاز لي روايتها عنه، وممانض
بالخصوص على روايته عنه هو شرحه على وسائل الشيعة وهذا الكتاب، فاني
أرويهما عن جامعهما ومؤلفهما طاب الله رمسه.
وفي الختام أشكر المولى الكريم سبحانه بنشر هذا السفر الجليل في هذه
الأيام بتحقيق الفاضل النشيط في نشر تراثنا العلمي حجة الاسلام الحاج السيد
احمد الحسيني الإشكوري النجفي دام علاه وباهتمام نجلي الأسعد الحجة الحاج
السيد محمود الحسيني المرعشي، فإنهما قد أتيا بما يؤمل ويراد في هذا الباب.
ألا وجزاهما الرب الرحيم نعم الجزاء وهنأهما بالكأس الأوفى بشربة لا ضمأ
بعدها أبدا، آمين آمين.
والسلام على من اتبع الهدى ونأى بجانبه عن الهوى.
حرره العبد المسكين المستكين خادم علوم أهل البيت عليهم السلام المنيخ
مطيته بأبوابهم أبو المعالي شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي حشره الله
تعالى تحت لواء جده أمير المؤمنين يوم لا ينفع مال ولا بنون ببلدة قم المشرفة
حرم الأئمة وعش آل محمد عليهم السلام.
في صبيحة يوم الأربعاء منتصف شهر صفر المظفر سنة 1406، حامدا مصليا
مسلما مستغفرا.
8

تقديم
تناول شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة 460 أسماء
أصحاب الأئمة عليهم السلام ولمعا من تراجمهم في كتابيه المشهورين " الرجال "
و " الفهرست " فكانا مع رجال النجاشي ورجال الكشي مادة خيرة لمعرفة
طبقات رواة الحديث، وهي بمجموعها كونت النواة الأولى من علم رجال
الحديث عند الشيعة الإمامية.
ومن القرن الرابع حتى القرن العاشر فترة قلت فيها المؤلفات الرجالية
وأهملت تراجم العلماء اهمالا كاد بسببه أن يضيع كثير من أسماء الاعلام الشيعية.
الا ما جاء في كتابين صغيرين معروفين وهما " معالم العلماء " لابن شهرآشوب
السروي و " الفهرست " للشيخ منتجب الدين الرازي، فحفظا أسماء قليلة لم
تسد الفجوة الحادثة بسبب الاهمال في هذا المجال.
وفي القرن الحادي عشر قام الشيخ المحدث الثقة محمد بن الحسن الحر
العاملي المتوفى سنة 1104 بتأليف كتابه " أمل الآمل " في قسمين: الأول في
9

علماء جبل عامل وسماه ب‍ " أمل الآمل في علماء جبل عامل "، والثاني في علماء
بعد الشيخ الطوسي وسماه ب‍ " تذكرة المتبحرين في علمائنا المتأخرين "، وأدرج
فيه ما ذكره ابن شهرآشوب والشيخ منتجب الدين في كتابيهما، فسد بكتابه
" أمل الآمل " بعض ما كان يحس من الفراغ بهذا الصدد.
ولشخصية الحر العاملي الحديثية والعلمية ولأهمية كتابه " أمل الآمل "، اهتم
العلماء بشأن كتابه، فتداولوه في مؤلفاتهم الرجالية واستدركوا عليه وقوموا ما
ربما وقع فيه من الأخطاء. وفي الحقيقة أوجد هذا الكتاب حركة فيها كل البركة
في مجال التراجم والرجال، وكان محورا بقي لفترة طويلة يدور عليه مدار
التأليف في معرفة أحوال العلماء والشخصيات الشيعية الكبيرة.
وقد تحدثت بشئ من التفصيل عن كتاب " أمل الآمل " في المقدمة التي
كتبتها له عند طبعه بالنجف في سنة 1385 ه‍، وعددت أربعة عشر كتابا
ألفت في الاستدراك على الحر، ووجدت بعد طبع الكتاب ونشره كتبا أخرى
في نفس الموضوع لعله أسماؤها عند تجديد طبع الامل انشاء الله تعالى.
* * *
من أهم وأوسع المستدركات التي نعرفها حتى الان على كتاب " أمل الآمل "،
هو المستدرك الذي ألفه علامة الفقه والحديث والرجال السيد الشريف السيد
حسن الصدر المتوفى سنة 1354.
رتب على الصدر كتابه " تكملة أمل الآمل " في قسمين كالأصل: الأول
في علماء جبل عامل، والثاني في العلماء غير العامليين.
وتراجم التكملة بعضها تفصيل لبعض تراجم الأصل أو تصحيح وتعليق
عليها، وبعضها - وهي الأكثر - تراجم مستقلة فاتت مؤلف الأصل أو لاعلام
عاشوا بعد عصر الحر العاملي.
10

و " التكملة " بمجموعه كتاب مهم حوى كثيرا من المعلومات الهامة التي
خلت منها كتب التراجم، جاءت نتيجة لمطالعات مؤلفه الواسعة في الكتب
والمؤلفات المخطوطة والمطبوعة التي كانت تحويه مكتبته الغنية المشهورة.
ولولا ضنة ورثة السيد الصدر بإشاعة الكتاب وحبسه عن الباحثين والمؤلفين،
لكان له شأن غير هذا الشأن ومكانة سامية بين كتب الرجال والتراجم. ولكن
شاء الله تعالى أن يبقى هذه السنين مطمورا في زوايا الخمول والركود حتى نعثر
على مصورة القسم الأول منه في مكتبة المرجع الديني الورع صاحب السماحة
آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي دام ظله الوارف،
فنخرجه إلى عالم النور بالشكل الذي يراه القارئ الكريم.
* * *
النسخة التي كانت أساسا لهذه الطبعة هي مصورة مكتبة آية الله المرعشي
بقم عن نسخة كتبها السيد أحمد بن سلطان علي الحسيني المرعشي التستري وأتم
كتابة هذا القسم منها (القسم الأول في علماء جبل عامل) في يوم الجمعة تاسع
شهر ربيع الثاني سنة 1358 ه‍.
كتبت هذه النسخة - كما يقال - بطلب من علامة الحديث والعقائد سيدنا
المجاهد السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي قدس الله روحه الزكية وأرسلت
له صور بجبل عامل. وهي نسخة حسنة الخط لا بأس بها مع عدم خلوها عن
بعض الأخطاء والهنات، ولعلها غير مقابلة بعد النسخ على نسخة المؤلف لتخلو
عن الأغلاط والتصحيفات.
والذي يؤسف عليه أن شخصا من الفضوليين قرأ هذه النسخة فشطب على
كثير من عباراتها وطمسها بالسواد بحيث لا يمكن قراءتها، كما أنه شطب كذلك
على بعض التراجم برأسها، ويضيع بهذا العمل معالم كلمات وربما سطور، فلم
11

نتمكن من قراءتها مع بذل الجهد والدقة فاضطررنا إلى أن نضع مكانها نقاط
بين المعقوفتين (...) ونرجئ ملء الفراغ إلى حين العثور على نسخة أخرى
خالية عن العيب.
هذا، وكان السعي في أن يرى هذا الكتاب النور ويطبع ليكون في متناول
أيدي الباحثين والمعنيين بالتراجم والرجال، عسى أن يقيض الله تعالى له من
يتولى تحقيقه والدقة الكاملة في عباراته وتحقيقها تحقيقا كاملا يليق به.
انه تعالى خير معين وموفق.
قم: 16 صفر 1406 ه‍
السيد احمد الحسيني
12

ترجمة المؤلف
نقلا عن كتاب " بغية الراغبين في أحوال آل
شرف الدين " لمؤلفه صاحب السماحة آية الله السيد
عبد الحسين شرف الدين، وهي الترجمة المطبوعة
في كتاب " تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام ".
مولده ونشأته:
ولد أعلى الله مقامه في مشهد الكاظمين عليهما السلام ظهر يوم الجمعة 29
شهر رمضان المبارك سنة 1272 ه‍. وقد أنشأه الله تعالى منشأ مباركا في حجر
حكيم كان من أبر الحجور المنجبة حجر أبيه المقدس - وناهيك - فبذل أعلى
الله مقامه في تربيته جهده واستفرغ في تأديبه وتهذيبه وسعه، وبوأه (من حكمته
في تثقيفه وشد أسره العالمي) 1) مبوأ صدق، ينهج له سبل الحجى ويعرج به إلى
أوج الهدى. زقه أولا علوم اللغة وفنون اللسان زقا، فما بلغ الخامسة عشرة

(1) شد الأسر بالسين المهملة تقوية احكام البينة، والمراد هنا احكام مبانيه العلمية.
13

حتى أتقن الصرف والنحو والمعاني والبيان والبديع وتوغل في علم المنطق
درجة رفيعة.
أخذ هذه العلوم من أساتذة مهرة بررة من علماء الكاظمية 1)، أختارهم له
والده، وكان يهيمن عليه معهم في كل دروسه، لا يألو جهدا في تنشيطه وتمرينه
ولا يدخر وسعا في ارهاف عزمه واغرائه في الامعان بالبحث.
وكان من أول نشأته بعيد مرتقى الهمة نزاعا إلى الكمال، فحسر عن ساعد
الجد وقام في التحصيل على ساق، فبذ أقرانه وجلى وفاز دونهم بالقدح المعلى.
وما أن بلغ الثامنة عشر من عمره حتى خرج من سطوح الفقه والأصول،
أخذهما عن أبيه بكل ضبط واتقان. وربما وقف فيهما على غير أبيه أيضا من
أعلام الكاظمية.
وفشى ذكره في التحصيل على ألسنة الخاصة والعامة من أهل بلده، ورن
صيته بالعقل والفضل والهدى والرأي وحسن السمت في تلك الناحية، فكان
المثل الاعلى من شباب الفضيلة في حمد السيرة وطيب السريرة وجمال الخلق
وكمال الخلق.
رحلته إلى النجف الأشرف:
النجف الأشرف مهبط العلم ومهوى أفئدة العلماء منذ هاجر إليها شيخ
الطائفة الإمام أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (سنة 448) ولم تزل إلى

(1) كالشيخ العلامة الثقة باقر ابن حجة الاسلام محمد حسن آل ياسين والشريف
العلامة الثبت السيد باقر ابن المقدس السيد حيدر، قرأ عليهما النحو والصرف، والشيخ
العلامة احمد العطار قرأ عليه المعاني والبيان والبديع، والشيخ محمد بن الحاج كاظم والميرزا
باقر السلماسي قرأ عليهما المنطق.
14

يومنا هذا شرعة وراد المعارف الإلهية ونجعة رواد العلوم والفنون كلها وعاصمة
الدين الاسلامي والمذهب الامامي والجامعة العظمى تشد إليها الرحال،
والمتجرة 1) الكبرى تركب إليها ظهور الآمال، راجت فيها أسواق العلوم عقلية
ونقلية تخرج منها الألوف المؤلفة من أساطين العلماء الذين ملأوا الدنيا علما
وهديا، فانتشروا في الأرض انتشار الكواكب في السماء مبشرين ومنذرين على
سنن الأنبياء من بني إسرائيل.
وكان السيد من كواكبهم اللامعة ومصابيحهم الساطعة، ارتحل إليها بأمر
والده سنة 1290 متأهبا متلببا لبلوغ الكمال في علومه حاسرا في ذلك عن ساعد
الجد قائما فيه على ساق الاجتهاد، فأكب على فقه الأئمة من أهل البيت وأصولهم
وسائر علومهم عليهم السلام يأخذها عن شيوخ الاسلام في تلك الأيام.
ووقف في علمي الحكمة والكلام على المولى محمد باقر الشكي، فلما
لحق الشكي بدار النعيم أكمل العلمين على المولى الشيخ محمد تقي الكلبايكاني
والشيخ عبد النبي الطبرسي.
ولم
يزل عاكفا في النجف على الاشتغال مجدا في تحصيل الكمال جادا
في أخذ العلوم عن أفواه الرجال قائما في الاستفادة والإفادة على ساق مدرسا
ومؤلفا ومحاضرا ومناظرا حتى ارتحل إلى سامراء، وقد نوه شيوخ الاسلام أساتذته
باسمه وأشادوا بفضله مصرحين بعروجه إلى أوج الاجتهاد وقدرته على استنباط
الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية، فانصرف عنهما مفلحا منجحا.
والحمد لله رب العالمين.

1) المتجرة بكسر الجيم موضع التجارة، يقال أرض متجرة أي يتجر فيها وإليها،
جمعها متاجر، أما المتجر فهو الاتجار، ومنه قولهم: صفقته في متجر الحمد رائجة.
15

رحلته إلى سامراء:
لما ارتحل سيد الشيعة ومجدد الشريعة الامام الشيرازي الكبير من النجف
الأشرف إلى سامراء وذلك سنة 1291 خف إليه - رحمة الله وبركاته عليه -
نخبة من أعلام حوزته، فكانوا حوله كجماع الثريا أو كحلقة مفرغة لا يدرى أين
طرفاها.
وقد حسر أعلى الله مقامه وحسروا معه (للعلم) عن سواعدهم، وقال وقاموا
بين يديه (في تمحيص الحقائق) على ساق، يصلون (في البحث والتدقيق)
صباحهم بمسائهم وليلهم بنهارهم لا يسأمون ولا يفترون. وكيف يسأمون أو يفترون
وقد نفخ فيهم من روحه (روح القدس) فأرهف طباعهم وصقل أذهانهم وشرح
للعلم والعمل صدورهم، فكانت آذانهم واعية ومجامع قلوبهم صاغية، تتلقى
ما يلقيه من ضروب الحكمة وفنون العلم عقلية ونقلية، حمى بذلك وطيس العلم
في سامراء وارتفع فيها أوجه وبان شأوها على ما سواها من المعاهد العلمية كلها،
فكانت شرعة الوارد من فحول العلماء والأساطين ونجعة الرائد من أبطال العلم
والدين. وكان السيد (صاحب العنوان) من أعلام من وردوا تلك الشرعة السائغة
وارتادوا تلك النجعة الخصبة.
ارتحل إليها من النجف الأشرف سنة 1297، وقد شد للعلم حيازيمه وأرهف
له عزائمه وأرصد الاهب لاخذه بجميع فنونه عن ذلك الامام المجدد الذي قلما
سمحت الأيام بمثله أستاذا مربيا.
عكف السيد على دروسه مع من عكفوا عليها من أبطال العلم يخوض معهم
عبابها، ويغوص معهم على أسرارها، لا يستوطئ في ذلك راحة ولا تفوته فرصة.
وعنى أستاذه الامام بأمره إلى الغاية، واهتم بشأنه كل الاهتمام حتى أورى
16

زند آماله، وأنزل أمانيه منه منزل صدق فما خدعته فيه الأماني والا كذبته فيه
الظنون.
ورسخت بين السيد وبين كل من أبطال تلك الحوزة قواعد المودة، وتوثقت
عرى المصافاة واستحصفت أسباب الولاء وأمر حبل الاخاء، فكانوا جميعا
رحماء بينهم يغدون على أستاذهم ومربيهم ويروحون من كل يوم ولاهم لهم
الا الايغال في البحث والامعان في التنقيب والتقصي في التدقيق، واستبطان
دخائل العلم واستجلاء غوامضه وخوض عبابه والغوص على أسراره واستخراج
مخبآته والإحاطة بفروعه وأصوله، دائبين في ذلك تارة مع أستاذهم أوقات دروسه
وأخرى معه في غير أوقات الدرس، وكثيرا ما يكون ذلك على سبيل المناظرة
فيما بينهم. وقد يكون هذا بينهم وبين من هم دونهم من تلامذتهم وغير تلامذتهم.
هذا شأن السيد صاحب العنوان وشأن أترابه منذ حلوا في سامراء حتى ارتحلوا.
وكانت إقامة السيد فيها نحوا من سبع عشرة سنة ما جف فيها لبده ولا فاتته
فيها نهزة، وكان دأبه فيها تعقب خطوات أستاذه الامام وسائر أساتذته الاعلام،
متتبعا أطوار الابطال من أركان تلك الحوزة في سامراء، مستقرئا طرائق الماضين
من أساطين الامامية، يتعرف بذلك مداخل العلماء في التحقيق والتدقيق وخارجهم،
ويتدبر أساليبهم في النقض والابرام واستنباط الاحكام ليطبع على أفضلهم وينهج
غرارا منهاج أعدلهم أسلوبا وأمثلهم طريقة، شأن من عناهم الله سبحانه بقوله
" الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا
الألباب ".
كانت أوقاته في سامراء مرتبة بين حضور على أستاذه الامام ومناظرة مع
أترابه الاعلام ومحاضرة يلقيها على تلامذته وتأليف ينفرد فيه بكتابه وعبادة
ينقطع فيها إلى محرابه.
وكان بينه وبين الامام المحقق المقدس الميرزا محمد تقي الشيرازي مذاكرة
17

ومناظرة في وقت خاص من كل يوم واستمرت اثنتي عشر سنة (1.
وما برح السيد في سامراء مجدا مجتهدا يقظ الجنان نافذ الهمة في العلم
والعمل حتى رجع منها إلى مسقط رأسه (الكاظمية) وذلك بعد وفاة أستاذه
الامام بعامين.
كلمة موجزة في أستاذه 2)
هو الامام المجدد (3 حجة الاسلام 4) السيد الشريف الميرزا محمد حسن

1) فيما نقله الثقة الشيخ عباس القمي في أحوال القائاني ص 36 من الجزء الثالث
من كتابه الكنى والألقاب، وكنت أيام هجرتي العلمية إلى سامراء وذلك سنة 1310 أرى
المقدس الميرزا محمد تقي الشيرازي يبكر في كل يوم إلى بيت السيد للبحث معه ثم ينصرف
إلى درسه العام يلقيه على تلامذته العلماء الاعلام.
2) كان أستاذه الميرزا أعلى الله مقامه كالشمس في ريعان الضحى - والشمس معروفة
بالعين والأثر - فهو أبين من أن يبين، وأمره أوضح من أن يوضح - وصفات ضوء الشمس
تذهب باطلا - على أن البيان ليضيق عن خصائصه الحسنى، فلا يسعها كتابنا هذا وان
أفردناه لها وقصرناه عليها، وانما آثرنا بكلمتنا هذه مجرد التشرف والتبرك وتزيين الكتاب
وتشريفه بذكره.
3) المعروف بين المسلمين ان الله عز وجل يقيض لهذا الدين على رأس كل مائة سنة
من يجدده ويحفظه، ولعل المدرك في هذا ما أخرجه أبو داود في صحيحه بسند (صحيح
عند القوم) رفعه إلى رسول الله " ص " قال: ان الله يبعث لهذه الأمة عند رأس كل مائة سنة
من يجدد لها دينها.
وقد أورد ابن الأثير هذا الحديث في كتاب النبوة من كتابه جامع الأصول في أحاديث
الرسول، ثم أورد في شرح غريب هذا الباب كلاما ذكر فيه المجددين، فعد ممن جدد
في مذهب الإمامية على رأس المائة الأولى محمد بن علي الباقر وعلى رأس المائة الثانية
علي بن موسى الرضا وعلى رأس المائة الثالثة أبا جعفر محمد بن يعقوب الكليني وعلى
رأس المائة الرابعة الشريف المرتضى الموسوي.
18

ابن الميرزا محمود بن الميرزا إسماعيل الحسيني الشيرازي من أسرة في شيراز
عريقة في الشرف.
ولد أعلى الله مقامه في شيراز في منتصف جمادى الأول سنة 1230، وفيها
كان مبدأ تحصيله، ثم أتى أصفهان على عهد الشريفين الموسويين السيد محمد
باقر الرشتي والسيد صدر الدين العاملي، فوقف على أساتذة مهر بررة أعلام 1)
فأخذ عنهم علما جما.
ثم هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1259، فانضوى إلى أعلامها عاكفا
على التحصيل، لا يألو جهد في ذلك حتى نص أستاذه الامام صاحب الجواهر
على اجتهاده المطلق (2.
واختص بامام المحققين المتبحرين الشيخ مرتضى الأنصاري، ففاق جميع
أصحابه ولازمه ملازمة ظله حتى قضى الامام الأنصاري نحبه واضطرب الناس في
تعيين المرجع العام بعده، فكان هو المتعين في نظر الأعاظم الأساطين 3) من
تلامذة ذلك الامام أعلى الله مقامه.

قلت: لعل أمر المجددين ثابت مطرد جدير بالتصديق والاذعان. واذن فمجدد الدين
في رأس القرن الرابع عشر انا هو هذا الزعيم العظيم الذي ثنيت له وسادة الزعامة
والإمامة وكان أهلها. أعلى الله مقامه.
1) هو أول من أطلق عليه في العراق حجة الاسلام، ولعمري انه جدير بذلك، ولو
اقتصروا في اللقب الأفخم عليه وعلى أمثاله لكان أحجى.
1) كالعلامة المحقق السيد الشريف حسن المدرس والعلامة المحقق الشيخ محمد
إبراهيم بن محمد حسن الكلباسي وغيرهما.
2) في كتاب أرسله صاحب الجواهر إلى بعض الولاة في إيران.
3) كالميرزا حسن الآشتياني والميرزا حبيب الله الرشتي والشيخ عبد الله بن علي نعمة
العاملي الجبعي والشيخ جعفر التستري والآقا حسن الطهراني والميرزا عبد الرحيم النهاوندي
وأمثالهم من بحار العلم وأوتاد الأرض. رضوان الله عليهم.
19

وفي سنة 1288 حج البيت الحرام وتشرف بالمدينة الطيبة على مشرفها
الصلاة والسلام.
وفي سنة 1291 هاجر إلى سامراء فاستوطنها في جم غفير من أصحابه
وخريجيه، فكانت سامراء شرعة الواردة ونجعة الرائد. أخذ عنه من فحول العلماء
عدة لا تسع هذه العجالة استقصاؤهم 1)، وتخرجوا على يديه راسخين في العلم
محتبين بنجاد الحلم فإذا هم:
علماء أئمة حكماء * يهتدى النجم باتباع هداها
وقد نشروا علمه الباهر على صهوات المنابر وسجلوه في مؤلفاتهم الخالدة.
جزاه الله وإياهم عنا خيرا جزاء المحسنين.
ثنيت لهذا الامام (الهاشمي) العظيم وسادة الزعامة والإمامة، وألقيت إليه
مقاليد الأمور، وناط أهل الحل والعقد ثقتهم بقدسي ذاته ورسوخ علمه وباهر

1) وحسبك منهم ابن عمه السيد الميرزا إسماعيل الحسيني الشيرازي والسيد إسماعيل
الصدر الموسوي العاملي والسيد محمد الحسيني الفشاركي الأصفهاني والسيد كاظم الحسيني
الطباطبائي اليزدي والسيد حسن بن السيد هادي الصدر الموسوي العاملي الكاظمي صاحب
العنوان والسيد عبد المجيد الحسيني الكروسي والسيد إبراهيم الدامغاني الدرودي والاغا مير
السيد حسين القمي والميرزا محمد تقي الشيرازي والآخوند الشيخ ملا كاظم الخراساني
والشيخ آقا رضا الهمداني والشيخ الميرزا حسين النوري والشيخ فضل الله الشهيد النوري
الطهراني والشيخ ملا فتح على السلطان آبادي والشيخ حسن على الطهراني والشيخ الميرزا
إبراهيم الشيرازي والمولى على النهاوندي والشيخ إسماعيل الترشيزي والشيخ الميرزا
أبو الفضل الطهراني والشيخ الميرزا حسين السبزواري والمولى الشيخ محمد تقي القمي
والشيخ حسن الكربلائي والميرزا حسين النائيني، إلى كثير من أمثالهم الذين شهدت
بفضلهم محابرهم وخريجو حوزاتهم وسبائك مؤلفاتهم وسائر آثارهم العلمية والعملية،
رباهم على يديه ووقف بنفسه على تثقيفهم ليصنعوا على عينيه. فجزاه الله عنهم وعنا وعن
الاسلام وأهله خير جزاء المحسنين.
20

حلمه وحكمته، وأجمعوا على تعظيمه وتقديمه وحصروا التقليد به، فكان للأمة
أبا رحيما تأنس بناحيته وتقضى إليه بدخائلها. وكان للدين الاسلامي والمذهب
الامامي قيما حكيما، يوقظ لخدمتهم رأيه، ويسهر لرعايتهما قلبه. وكان شاهد
اللب، يقظ الفوائد، كلؤ العين، شديد الحفاظ، ضابطا لأموره، حارسا لامته،
عظيم الخلق، رحيب الصدر، سخي الكف، زاهدا في الدنيا كل الزهد،
راغبا فيما عند الله عز وجل إلى الغاية، زعيما عظيما تخشع امامه عيون الجبابرة
وتعنو له جباه الأكاسرة، كما قال في رثائه بعض الأفاضل من السادة الاشراف:
قدت السلاطين قود الخيل إذ جنبت * وما سوى طاعة الباري لها رسن
لك استقيدوا على كره لما علموا * بالسوط أدبارهم تدمى إذا حرنوا
لا خوف بعدك أمسى في صدورهم * فليفعلوا كيف شاؤوا انهم أمنوا
وحسبك شاهدا لهذا أمر (التنباك) إذ التزمته بريطانيا العظمى من حكومة
إيران العلية على عهد صاحب الجلالة ناصر الدين شاه القاجاري، فأوجس
ذلك الامام اليقظان خيفة على استقلال إيران أن يمس بسوء، فتلافى الخطر
بفتوى أصدرها تقتضي تحريم استعمال (التنباك) معلنا غضبه وسخطه من الدولتين
بما تعاقدتا عليه من الالتزام. فهاج الشعب الإيراني هياج البحر بعواصف
الزعازع، وزلزلت الأرض زلزالها، وأعرض الشعب بأجمعه عن استعمال التنباك
وعاملوه معاملة الأبرار للخمر واستمروا على ذلك، فلم يكن للدولتين بد من
فسخ ذلك الالتزام ونقض ذلك التعاقد على الرغم منهما معا وعلى ضرر تكبدتاه
في الماديات والمعنويات، و " رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى
الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا " 1).

1) وحينئذ أعلن الامام الشيرازي أن حرمة استعمال التنباك زرعا وبيعا وشراء وتدخينا
وغير ذلك من أنواع الاستعمال أنما كانت بالعرض لا بالذات، وحيث ارتفع المحذور فقد
ارتفع الحرمة وأصبح الناس فيه أحرارا، فرجع الناس إلى عاداتهم.
21

وقد سالت بهذه المنقبة أسلات الألسنة وجرت سيولا من أنابيب الأقلام
فأغنانا ذلك تفصيلها وفتح الله على هذا الامام العظيم أبواب الخيرات بالأموال
منهمرة، وفجر له كنوز الأرض قناطير مقنطرة، فعزفت نفسه القدسية عنها رغبة
عن الثراء وزهدا في الاستكثار وايثارا لمهمات الأمة ومصالحها العامة (1.
وكان أعلى الله مقامه يؤثر (في صرف الأموال) فريقين: أحدهما أهل العلم
ليتخرجوا من معادهم ومدارسهم العلمية دعاة إلى الحق وقادة إلى سبيله.
وثانيهما الضعفاء والبائسون من اليتامى والأيامى والفقراء والمساكين وأبناء السبيل
من الشيعة في أقطار الأرض التي كانت تأتيه منها. فأما من كل في سامراء من
الفريقين كليهما فقد كانوا بأجمعهم عيالا عليه في جميع شؤونهم، وقد وسعهم
عطاؤه وغمرتهم نعمته.
وأما من كان من الفريقين في غير سامراء من جميع الأنحاء التي تجبى إليه
منها تلك الأموال فقد أجرى عليهم نفقاتهم رواتب تأتيهم في كل شهر أينما كانوا،
فكانت هوادي نعمه عليهم متصلة بتواليها وكانت سوابقها مردفة بلواحقها، فكل
نعمة من نعمه عليهم كانت تتم غوابر أنعامه وتضاعف سوالف ايلائه.
ولا تسل عن الوفود التي كانت تنتجع فضله وتستمطر معروفه فيجزل لهم من
؟ ويسبغ عليهم من نعمه ما يجعلهم يثنون على جميله ثناء الزهر على القطر،
ولا غرو فان الشكر قيد النعم الموجودة وصيد النعم المفقودة.
وقد أدركت أيامه أعلى الله مقامه في هجرتي العلمية إلى سامراء سنة 1310

1) كبناء المدارس والمساجد، وقد بنى في سامراء مدرستين كبيرتين أنفق عليهما أموالا
كثيرة، وبنى فيها جسر وصل به ضفتي دجلة أنفق عليه نحوا من عشرة آلاف ليرة عثمانية
ذهبا أو أكثر، لكن الحكومة العثمانية حيث استولت عليه لم تحتفظ به فإذا هو الان لا عين
ولا أثر، وقد رجع زوار العسكريين إلى ما كانوا عليه من الخطر. فانا لله وانا إليه راجعون.
22

أيام كانت الدنيا لذلك الامام مستوسقة وأمورها له متسقة والعلم والدين ضاربين
بحرا بينهما، وكانت الدار به وبأصحابه جامعة والحبل بينهم وبين الأمة متصلا
والمزار أمما، فشهدت بعيني كثيرا مما أوردته من خصائصه. أما ما لم أره بعيني
فقد شهدته أذناي متواترا من أفواه أولئك الاعلام من حجج الاسلام وغيرهم.
وقد أشاد به الخطباء وتغنت به الشعراء، ولو جمع ما أشادوا وما تغنوا به
لكان طوامير ودواوين، وحسبك منه في هذا العجالة المستطردة قول بعض
الأفاضل من السادات الاشراف في رثائه أعلى الله مقامه:
من للوفود التي تأتي على ثقة * بأن واديك فيه العارض الهتن
إليك قد يمموا من كل قاصية * بالبر والبحر تجري فيهم السفن
يلقون في رحبك الزاهي عصيهم * كأنهم بمجاني أهلهم سكنوا
فينزلون على خصب إذا نزلوا * ويظعنون بشكر منك ان ظعنوا
فلا ببذلك ماء الوجه مبتذل * ولا بمنك تنكيد ولا منن
كأن أبناء أيتام الورى تركوا * لهم كنوزا - بسامراء - تختزن
تسعى إليهم برزق فيه ما تعبوا * كالعشب تتعب في اروائه المزن
أسعد الله هذا الامام بوزراء من أركان حوزته كانوا من ذوي العقول الثاقبة
والأحلام الراجحة من كل ذي رأي جميع، وقلب واع. وكان أبو محمد الحسن
الصدر - صاحب العنوان - رئيهم 1) وجماعهم 2)، ابتلاهم سيدهم فما وجد
فيهم الا مشير صدق ونصح واخلاص وشفقة، فناط بهم ثقته وألقى إليهم مقاليده
في تلك الزعامة العظمى والرئاسة العامة، فأخلصوا له النصح واجتهدوا له
المشورة. وكان أمره شورى بينه وبينهم، فاتسق بوزارتهم ما اتسق من أمور

1) أي صاحب رأيها.
2) أي الذي يأوون إلى رأيه وسؤدده.
23

الدنيا والدين.
وكان من أخصهم في هذه الوزارة سيدنا صاحب العنوان، صفى إليه
أستاذه بوده وكان له موضع خاص من نفسه ومكان مكين من قلبه، يساره في
دخائله - قبل وضعها على بساط الشورى - اخلادا إليه بالثقة واعتمادا عليه بحصافة
الرأي، ثم يحليها إلى الشورى التي كان لا يورد في مهمات الأمور العامة ولا
يصدر الا عنها. حتى كأنه وأصحابه هم المعنيون بقوله عز من قائل " والذين
استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ".
هكذا كان أيام زعامته كلها، وهكذا كان أصحابه البررة الخيرة مخلصين لله
عز وجل في أعمالهم حتى لقوا الله تعالى حنفاء مخلصين له الدين.
وكانت وفاته أعلى الله مقامه في سامراء ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من
شعبان سنة 1312، وحمل على رؤوس الخلائق وأكفهم من سامراء إلى النجف
الأشرف مسافة ثمان مراحل على راكب الدابة، تداول حمله عامة الناس ممن
هم في سامراء والنجف وما بينهم من المدن والقرى والبوادي، فكان الاجتماع
عظيما لم ير مثله أبدا، داولوا حمله عشيرة عشيرة وحيا حيا ومدينة مدينة وقرية
قرية، وتزاحموا على التبرك والتشرف متهافتين عليه ألوفا ألوفا تهافت الهيم
العطاش على الماء، وجددوا به العهد بالضرائح المقدسة، وصلوا عليه في
المشاهد الأربعة. وكان لأهل بغداد والمشاهد المشرفة وما حولها ولا سيما النجف
الأشرف حالات في استقبال النعش وتشييعه يكل عنها الوصف ويضيق دونها
البيان.
وقد دفن طاب رمسه يوم الخميس الثاني من شهر رمضان في مدرسته جانب
الصحن الشريف الحيدري، ونزل في قبره الشريف تلميذه الإمام أبو محمد
الحسن الصدر صاحب العنوان، وكان على رأس المشيعين له من العلماء والزعماء
24

وشيوخ العشائر وسائر الناس، وأنزل معه المقدس الذي وكان يومئذ متشرفا
بزيارة أجداده الطاهرين عليهم السلام 1).
رجوعه إلى الكاظمية وبعض شؤونه فيها:
رجع أعلى الله مقامه إلى مسقط رأسه - الكاظمية - سنة 1314 (2، فحط
رحله بفناء جده باب الحوائج إلى الله تعالى، وكانت أوقاته منقسمة بين المحراب
والمكتبة والدرس والكتابة والبحث والارشاد.
فإذا وقف في المحراب بين يدي رب الأرباب على سلطانه تجلى لك الإمام زين العابدين
وسيد الساجدين خاشعا لله عز وجل بقلبه وسمعه وبصره وجميع
حواسه وجوارحه.
وإذا كان في المكتبة - مكتبة القيمة - تجلى للناظرين امعانه في تتبع آثار
المتبحرين من المتقدمين والمتأخرين، يحصي مسائلهم ويتدبر دخائلهم ويقف
على الكنة من أغراضهم السامية.
وإذا رأيته يلقي دروس العلم قلت: ما هذا بشر ان هذا الا ملك كريم، وإذا
نظرت فيما أخرجه قلمه قلت: هو الغاية في بابه.

1) هذه شذرة من بذر ونقطة من بحر، ولو أردنا التفصيل لخرجنا عن الغرض المقصود.
وقد ألف الشريف العلامة السيد محمد رضا آل فضل الله الحسنى العاملي رسالة جليلة أفردها
لما كان في تشييعه من سامراء إلى النجف وما كان من مآتم الحزن والتأبين والرثاء، فليراجعها
من أراد الوقوف على العظمة الممثلة بأجلى مظاهرها.
2) كان ابن عمه الامام الجليل السيد إسماعيل خرج في تلك السنة من سامراء، فلحقه
الجم الغفير ممن كان في تلك الناحية المقدسة من مقدسي العلماء ومحققيهم الاعلام، فكان
السيد صاحب العنوان من جملتهم كما بيناه في أحوال السيد إسماعيل قدس سره.
25

وإذا أوغل في البحث وأمعن في التنقيب استبطن الدخائل واستجلى الغوامض
واستخرج المخبآت ومحص الحقائق.
وبرجوعه إلى الكاظمية على عهد المقدس والده قد استأنفا نشاطهما للبحث
عن غوامض العلوم وأرهفا عزائمهما لذلك جريا على عادتهما المستمرة كلما
اجتمعتا منذ نشأ أبو محمد حتى شاخ.
ما ضمهما مكان الا وكان على جمام من النفس وانشاط للبحث وارتياح إلى
العلم وينتهزان فرصة الاجتماع فلم تفتهما نهزة ولا ضيعا فرصة.
وإذا انبرى للوعظ والارشاد فجر الله على لسانه ينابيع الحكمة فملك أعنة
القلوب ورد شوارد الأهواء وقاد حرون الشهوات وقوم زيغ النفوس، فخشعت
الابصار وخفقت الأفئدة خشية ورقة.
لم يمض عليه (بعد رجوعه إلى الكاظمية) سنتان حتى أصيب بالمقدس
أبيه فكن رزؤه به عظيما وقام بمهماته كلها وزيادة.
أبى أولا على الناس أن يقلدوه، فأرجعهم منذ توفي أستاذه الأكبر إلى ابن
عمه المقدس السيد إسماعيل الصدر، فلما توفي ابن عمه سنة 1338 قام بالامر
بعده، فظهرت رسالته العملية - رؤوس المسائل المهمة - وعلق على كل من
تبصرة العلامة ونجاة العباد والعروة الوثقى تعاليق جعلتها مراجع لمقلديه،
فتداولت بينهم متقربين إلى الله تعالى بالعمل على مقتضاها.
وكان أعلى الله مقامه أيام سفارته وقبلها من أقوم أولياء آل محمد بمهامهم
وأحوطهم على أحكامهم وأحناهم على يتاماهم 1)، وقد ضرب أطنابه على نصرهم
ووقف حياته على احياء أمرهم، فكان لا يستوطئ في ذلك راحة ولا تفوته فرصة
حتى لحقهم في دار كرامتهم عليهم السلام.

1) كلنا نحن الشيعة يتاماهم.
26

مجالسه حلا وترحالا:
أما مجالسه فقد كانت مدارس سيارة تتفيأ وارف ظلاله في حله وترحاله،
فيها ما يبتغيه الانسان الكامل من فنون العلم وضروب الحكمة وما إلى ذلك من
مواعظ تسمو بالانسان إلى عالم الملكوت وتلحقه بالروحانيين، فيكون كما قيل
عن بعضهم:
في الأرض جوهر جسمه ال‍ * فاني وفي الملكوت عقله
وكان أعلى الله مقامه واضح الأسلوب في كلامه فخم العبارة مشرق الديباجة،
يجلي (1 عن نفسه بأبلغ بيان ويعبر عن ضميره بأجلى العبائر الحسان، فيبلغ
بكلامه كنه القلوب من خواص الناس وعوامهم، يخاطب كلا منهم بما يناسب
مع شعوره ونفق مع مبلغه من الفهم والعلم، بكلام هو أندى على الأفئدة من
زلال الماء، فكان منتجعو مجالسه - من خواص الناس وعوامهم - ينقلبون عنه
بما التمسوه من ضوال الحكمة، وجزيل الفوائد العلمية وجليل العوائد العملية.
علومه ومكانته فيها:
كان أعلى الله مقامه رحلة في العلم كما كان قبلة في العمل، إماما في الفقه
تمت به النعمة وهاديا إلى الله وجبت به الحجة، ومفزعا في الدين تلقى إليه
المقاليد، ومرجعا في أحكام الله يناط به التقليد، وثبتا في السنن وحجة في الاخبار
وجهبذا في حوادث السنين وأحوال الماضين، ورأسا في أصول الفقه وعلم
الرجال والدارية وأنساب قريش وسائر العرب ولا سيما الهاشميون، راسخ
القدم في التفسير وسائر علوم الكتاب والسنة، وما إلى ذلك فنون كالصرف

1) يعبر بجلاء.
27

والنحو والمعاني والبيان والبديع ومتن اللغة.
وكان من ذوي البسطة في المنطق والحكمة - الفلسفة - الراسخين في علم
الكلام، طويل الباع في الهيئة والحساب، بحرا في علم الأخلاق لا يسبر غوره
ولا ينال دركه.
مناظراته دفاعا عن الحق:
لم أفتح عيني على مثل ثبت الغدر 1) في مناظراته دفاعا عن الدين الاسلامي
وانتصارا للمذهب الامامي - بعيد المستمر 2) في ذلك - شديد العارضة 3) غرب
اللسان (4 طويل النفس في البحث (5 بعيد غور الحجة (6، يقطع المبطل بالحق
فيرميه بسكاته 7) ويدمغه بأقحاف رأسه (8 فإذا هو زاهق.
ولا سمعت أذني بمثله يقتضب (في إحقاق الحق) جوامع الكلم ونوابغ
الحكم، فتكون فصل الخطاب ومفصل الصواب.

1) الغدر بفتحتين هي الأرض الرخوة ذات الأحجار والحفر لا يثبت في المصارعة
فيها الا القوى، يقال رجل ثبت الغدر: إذا كان ثابتا في القتال أو الجدال ونحوهما،
والإضافة هنا بمعنى في.
2) يعنى انه قوى في القتال أو الجدال لا يمل ولا يسأم.
3) يعنى انه قادر على الكلام وحسن البيان.
4) أي حديده.
5) أي بعيد المدى لا يسأم أبدا.
6) أي استنبطها من مكان بعيد، وغور الشئ عمقه.
7) أي بما يسكته.
8) أي انه يكسر جمجمته ثم يرميه بقطعها، وهذا كناية عن أنه دمغه بالحجة فكسره.
28

أدبه:
أما الأدب العربي فقد كان جذيله المحكك وعذيقه المرحب، صحيح النقد
فيه صائب الفكر ثاقب الروية. غير أن الذي كانت تطمح إليه نفسه من نظم
القريظ لم يكن ميسورا له لانصرافه عن النظم إلى العلم منذ نعومة ظفره إلى
منتهى عمره، والميسور له منه كان مما لا يعجبه ولا يرضاه لنفسه، فان همته رفيعة
المناط قصية المرمى تأبى عليه الا السبق في كل مضمار، لذلك لم يؤثر عنه من
النظم شئ.
وكان في هذا كالخليل بن أحمد، إذ كان أروى الناس للشعر ولا يقول بيتا،
فقيل له: مالك لا تقول الشعر؟ قال: الذي أريده لا أجده والذي أجده منه لا أريده.
وكذلك كان الأصمعي مع علو مكانه في الأدب، وقد قيل له: ما يمنعك من
قول الشعر؟ قال: يمنعني منه نظري لجيده 1).
مؤلفاته:
كان أعلى الله مقامه ممن لهم الميزة الظاهرة والغرة والواضحة في التأليف،
جمع فيه بين الاكثار والتحقيق، كتب في مواضيع مختلفة من علوم شتى، وما
منها الا غزير المادة جزيل المباحث سديد المناهج مطرد التنسيق، واليك ما
يحضرني من ذلك:
(أصول الدين)
1) كتاب الدرر الموسوية في شرح العقائد الجعفرية: -

1) نقل هذا عن الخليل والأصمعي ابن عبد ربه في باب رواة الشعر في الجزء الثالث
من عقده الفريد.
29

أعني عقائد الشيخ الأكبر كاشف الغطاء، استدل الشيخ فيها على الوحدانية
والعدل بآيات الله وآثاره في ملكوته كخلق السماوات والأرض واختلاف الليل
والنهار إلى غير ذلك مما استرسل بذكره آية آية، وترك تفصيل القول فيها
لغيره من الاعلام. فظهر فضل هذا الشرح بما اشتمل عليه من تفصيل شؤون
تلك الآيات البينات وحكمها وأسرارها وآثارها، وبما بسطه من الكلام فيها
على ما يقتضيه مصطلح أهل الفن، فإذا هي أدل على وحدانية العزيز الجبار من
سطوع الشمس ضاحية على وجود النهار، وأثبت في باب الإمامة من هذا الشرح
رأيه في الأئمة عليهم السلام من طريق مخالفيه.
2) سبيل الصالحين (1 في السلوك وطريق العبودية، وقد ذكر لها سبع طرق
3) احياء النفوس بآداب ابن طاووس:
جمعه من بيانات السيد جمال الدين علي بن طاووس الحسني في مؤلفاته،
ورتبه على ثلاثة مناهج: المنهج الأول في معاملة العبد ربه تعالى، والمنهج
الثاني في معاملته مع مواليه حجج الله عز وجل، والمنهج الثالث في معاملته مع
الملائكة والناس.
(الفقه)
4) كتاب سبيل الرشاد في شرح نجاة العباد. على سبيل الاستدلال، خرج
منه مجلد ضخم في مباحث المياه إلى أحكام التخلي.
5) كتاب تبيين مدارك السداد للمتن والحواشي من نجاة العباد. خرج منه
أكثر مباحث الطهارة وجل مباحث الصلاة، والمراد من الحواشي حاشيتا
الشيخ مرتضى الأنصاري والسيد الميرزا حسن الحسيني الشيرازي أستاذه.

1) طبع في تبريز.
30

6) تحصيل الفروع الدينية في فقه الامامية:
كتاب ينفع المحتاط والمقلد. خرج منه كتاب الطهارة وكتاب الصلاة،
وفي مقدمته مباحث التقليد على سبيل التفصيل.
7) المسائل المهمة (1. رسالة شريفة في العبادات لعمل المقلدين.
8) المسائل النفيسة. رسالة أفردها لمشكلات المسائل الفقهية والفروع
الغريبة.
9) حواشيه على العروة الوثقى وعلى الغاية القصوى وعلى نجاة العباد
وعلى التبصرة وعلى الفصول الفارسية.
10) الغالية لأهل الأنظار العالية. رسالة باللغتين - العربية والفارسية - في
تحريم حلق اللحى 2).
11) تبيين الرشاد في لبس السواد على الأئمة الأمجاد. رسالة بالفارسية.
12) نهج السداد في حكم أراضي السواد.
13) الدر النظيم في مسألة التتميم. رسالة في تتميم الكر بماء متنجس.
14) لزوم قضاء ما فات من الصوم في سنة الفوات.
15) تبيين الإباحة. رسالة في جواز الصلاة بأجزاء الحيوان المشكوك في
إباحة أكل لحمه.
16) ابانه الصدور. رسالة في موقوفة ابن أذينة المأثورة في مسألة ارث
ذات الولد من الرباع.
17) كشف الالتباس عن قاعدة الناس. أعني " الناس مسلطون على أموالهم ".
18) الغرر في نفي الضرار والضرر. رسالة جليلة فيها تحقيقات وفيها معنى

1) طبعت والتي بعدها في بغداد وفي صيدا وفى نيويورك - أمريكا -.
2) طبعت باللغتين.
31

الحكومة والورود.
19) أحكام الشكوك الغير منصوصة. رسالة استدلالية تكلم فيها على فقه
الروايات الدالة على البناء على الأكثر في الشك في الركعات.
20) رسالة في حكم الظن بالافعال والشك فيها.
21) الرسائل في أجوبة المسائل. رسالة تشتمل على فتاواه التي أجاب بها
مقلديه عما كانوا يستفتونه عنه في الأحكام الشرعية.
22) سبيل النجاة في المعاملات.
23) تعليقة على رسالة التقية لشيخنا الأنصاري.
24) تعليقة على مباحث المياه من كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري قدس سره.
25) الرسالة في حكم ماء الغسالة.
26) رسالة في تطهير المياه.
27) رسالة في مسألة تقوي العالي بالسافل.
28) تعليقة مبسوطة على ما كتبه الشيخ الأنصاري في صلاة الجماعة.
29) رسالة في شروط الشهادة على الرضاع.
30) رسالة في بعض مسائل الوقف.
31) رسالة في حكم ماء الاستنجاء.
32) رسالة في الماء المضاف.
33) رسالة وجيزة في رواية الاخفات في التسبيحات في الركعتين الأخيرتين
34) منى الناسك في المناسك. رسالة حافلة أفردها لمناسك الحج والعمرة
وآداب التشرف بالحرمين الشريفين حرم الله عز وجل وحرم رسوله صلى الله
عليه وآله 1).

1) طبعت في بغداد سنة 1341.
32

(الحديث)
35) شرح وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة. كتاب لم يصنف مثله، يذكر
فيه الحديث فيعقد فيه عناوين لكل من المتن واللغة والسند والدلالة، فيذكر
في عنوان المتن اختلاف النسخ وضبط الألفاظ، ويشرح في عنوان اللغة مفردات
الألفاظ، ويبحث في عنوان السند عن رجال الاسناد، وفي عنوان الدلالة يجيل
نظره في مفاد الحديث ونهوضه باثبات الحكم ويتكلم فيما يعارضه فيجمع بينهما
أو يرجح أحدهما على وجه لم يسبقه إليه أحد، فهو كتاب جامع للفقه والحديث
والأصول والرجال. خرج منه عدة مجلدات.
36) كتاب تحية أهل القبور بالمأثور. مرتب على عشرة أبواب وخاتمة.
37) كتاب مجالس المؤمنين في وفيات الأئمة المعصومين. عقد فيه لكل
واحد منهم مجلسا يشتمل على فضائله وكراماته ووفاته بحذف الاسناد، جعله
كخطبة على ترتيب حسن ليتلى على منابرهم أيام وفياتهم عليهم السلام، وذيله
بفصل يشتمل على أولاد المعصوم ونسائه.
38) مفتاح السعادة وملاذ العبادة. كتاب يشتمل على المهم من أعمال اليوم
والليلة وأعمال الأسبوع والشهر والسنة وعلى الزيارات وآدابها.
39) كتاب تعريف الجنان في حقوق الاخوان. سفر جليل فيه مطالب
ونصائح وفوائد قد لا توجد في غيره.
40) رسالة في المناقب. على ترتيب الحروف مستخرجة من الجامع الصغير
للسيوطي.
41) كتاب النصوص المأثورة. على الحجة المهدي عجل الله فرجه من
طريق الجمهور لم يتم، ولعله هو الكتاب المدعو " أخبار الغيبة " الذي ذكره
33

صاحب الذريعة في ص 38 من جزئها الخامس.
42) كتاب صحيح الخبر في الجمع بين الصلاتين في الحضر. اقتصر فيه
على ما في الصحاح الستة من النصوص على جمعه صلى الله عليه وآله في الحضر
بلا علة ولا مطر، وذكر أقوال من وافقنا على ذلك من علماء الجمهور.
43) كتاب الحقائق في فضائل أهل البيت عليهم السلام من طريق الجمهور.
44) كتاب أحاديث الرجعة.
45) هداية النجدين وتفصيل الجندين. رسالة في شرح حديث الكافي في
جنود العقل وجنود الجهل.
(الدراية)
46) كتاب نهاية الدراية. شرح فيه وجيزة الشيخ البهائي، وقد بسط
الكلام في هذا العلم واستقصى مسائله وأنواع الحديث ومباحث الجرح
والتعديل، وفيه فوائد مهمة (1.
(طرق تحمل الحديث)
47) كتاب بغية الوعاة في طرق طبقات مشايخ الإجازات. يشتمل على
عشرة طبقات، وله مقدمة ذات فوائد جمة، أجاز فيه السيد العالم السيد محمد
مرتضى الجهانبوري الهندي الذي كتب له العلامة النوري كتاب " اللؤلؤ
والمرجان ".

1) طبع في الهند طبعة سقيمة مشحونة بالغلط الفاحش الذي يغير المعنى ويؤذى
المطالعين بما لا مزيد عليه. ونعوذ بالله من تلك الطباعة، وقد قلت عند اطلاعي عليها ليت
السيد لم يؤلف هذا الكتاب حتى لا نبتلى بمثل هذه البلية، فبلغه قولي هذا فكان يحكيه معجبا.
34

وللسيد إجازات أخرى كثيرة أجاز بها جماعة من فضلاء معاصريه بعضها
مطول وبعضها مختصر.
(علم الرجال)
48) كتاب مختلف الرجال. دون فيه هذا العلم تدوين سائر العلوم بذكر
حده وموضوعه وغايته ومبادئه التصورية والتصديقية ومن اختلف في من الرواة
والرجال.
49) عيون الرجال. كتاب ذكر فيه الرجال الذين نص على ثقتهم أكثر
من واحد، وذكر في تراجمهم طبقاتهم، وذيله بمشجرة في طبقات الرواة وبإجازة
مفصلة لبعض الأعيان من السادات. وقد ذكر في آخر الكتاب أكثر مصنفاته (1.
50) كتاب نكت الرجال. جمعه من تعليقة عمه السيد صدر الدين على
رجال الشيخ أبى علي، فهو في الحقيقة من مؤلفات عمه.
51) كتاب انتخاب القريب من التقريب. أفرده لرجال نص على تشيعهم
ابن حجر العسقلاني في التقريب.
52) رسالة في أفردها لترجمة المقدس المحقق المحسن الحسيني الأعرجي
صاحب المقصود وسماها " ذكرى المحسنين ".
53) بهجة النادي في أحوال (والده) أبى الحسن الهادي.
54) كتاب تكملة أمل الآمل. أو " أعيان الشيعة " وهو في بابه عديم النضير،
ذكر فيه من لم يشتمل أمل الآمل على ذكرهم ممن تقدم على الامل أو عاصره
أو تأخر عنه إلى هذا العصر. جاء في ثلاث مجلدات: المجلد الأول في القسم
الأول من الكتاب المختص بعلماء عاملة، والثاني والثالث في القسم الثاني وهم

1) وكان الفراغ منه سنة 1331 وطبع على عهده في لكهنو الهند.
35

علماء بقية البلاد على ترتيب الأصل.
55) البيان البديع في أن محمد بن إسماعيل المبدؤ به في أسانيد الكافي
انما هو بزيع.
56) التعليقة على منتهى المقال.
(علم الفهارس والتأليف والتصنيف)
57) تأسيس الشيعة الكرام لعلوم الاسلام. كتاب لا نظير له في بابه، تتبع
فيه العلوم الاسلامية ذكرا واستقصاها سبرا، واستوفى البحث عن مؤسسيها
وأمعن في التنقيب عن طبقات المصنفين فيها، فأثبت بالبرهان وأظهر للعيان سبق
الامامية في جميع الفنون الاسلامية. وهذا مما لم يسبق إليه.
58) الشيعة وفنون الاسلام. كتاب ما أجله قدرا وما أعظمه سفرا، قد اختصره
من كتابه السابق (تأسيس الشيعة) وانتشر ببركة الطباعة (1. ومن وقف عليه
عرف مبلغ الأصل من العظمة في بابه.
59) فصل القضا في الكتاب المشهور بفقه الرضا. كشف فيه حال هذا
الكتاب بما لا مزيد عليه، فأثبت أنه كتاب التكليف لابن أبي العزاقر الشلمغاني
وأوضح في ذلك وجه الاشتباه بما لم يسبقه إليه أحد.
60) رسالة في أن مؤلف مصباح الشريعة انما هو سليمان الصهرشتي تلميذ
السيد المرتضى، اختصره من كتاب شقيق البلخي.
61) الإبانة عن كتب الخزانة. أي خزانة كتبه رسالة شريفة، استقصى فيها
ما لديه من الكتب. ذكر العلوم علما علما، فألحق بكل منها ما يختص به من كتب
خزانته، ووصف ما كان منها غريبا أو غير متداول، فصوره بريشة قلمه للناظرين.

1) في صيدا سنة 1331.
36

وصدر هذه الرسالة بمقدمة شريفة حض فيها على الكتابة والتصنيف وجمع الكتب
وتتبعها وذكر العلم والعالم بما هما له أهل من المكانة السامية مشيرا إلى آثارهما
الشريفة في الناشئين.
(الأخلاق)
له فيه " احياء النفوس " و " كتاب سبيل الصالحين " المتقدم ذكرهما.
62) ورسالة وجيزة في المراقبة.
63) ورسالة أخرى في السلوك.
(المناظرة)
64) قاطعة اللجاج في تزييف أهل الاعوجاج. وهم الأخبارية منكرو
الاجتهاد والتقليد لزعمهم أن الاخبار عن الأئمة الأطهار قطعية الصدور والدلالة.
65) البراهين الجلية قي ضلال ابن تيمية. كتاب ضخم أقام الأدلة فيه على
ضلاله بأقواله وأفعاله وبشهادة علماء الجمهور وحكمهم عليه بذلك، وقد أحصى
سيئاته ومخالفاته للأمة، واستطرد ذكر ابن القيم والوهابيين فكشف حالهم وأبان
ضلالهم بما لا مزيد عليه. والحمد لله.
66) الفرقة الناجية. رسالة تثبت أن تلك الفرقة انما هي الامامية.
67) عمر وقوله هجر. رسالة اطردها لما صح عن ابن عباس من قوله
" يوم الخميس وما يوم الخميس " ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء فقال
" اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وجعه يوم الخميس فقال: ائتوني بكتاب
أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا. فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا:
هجر رسول الله. فقال: دعوني " الحديث (1.

1) بلفظ البخاري في باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير ص 118 من ج 2
من صحيحه.
37

68) رسالة شريفة في الرد على فتاوى الوهابيين إذ أفتوا على حرمة البناء
على الضرائح المقدسة ووجوب هدم ما بناه المسلمون عليها. وقد جاءت هذه
الرسالة على وجه لا نظير له في بابها، فما قرأتها الا وقلت جاء الحق وزهق
الباطل ان الباطل كان زهوقا.
(أصول الفقه)
69) اللوامع. كتاب في أصول الفقه يتضمن نتائج أفكار الامامين الأنصاري
والشيرازي وتلامذتهما الاعلام، وللمؤلف دلو بين دلائهم ملأه إلى عقد الكرب.
70) تعليقة على رسائل الشيخ مرتضى الأنصاري.
71) اللباب في شرح رسالة الاستصحاب. مجلد ضخم.
72) رسالة في تعارض الاستصحابين.
73) حدائق الأصول. خرج منه مسائل متفرقة من مشكلات أصول الفقه.
74) التعادل والتعارض والتراجيح. رسالة مستقلة غير ما علقه على رسائل
الشيخ.
(النحو)
75) خلاصة النحو. كتاب لخص فيه هذا العلم على ترتيب ألفية ابن
مالك.
(التاريخ)
76) نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين مشهد أمير المؤمنين ومشهد
أبي عبد الله الحسين عليهما السلام. رسالة تشتمل على ذكر أول من عمرهما
38

وذكر من جددوا تعميرهما وتواريخ التعمير والتجديد وأسماء المعمرين
والمجددين وأول من سكن الحائر من الفاطميين (1.
77) وفيات الأعلام من الشيعة الكرام. كتاب يتبين موضوعه من اسمه،
رتبه على العصور والطبقات، خرج منه أهل المائة الأولى والثانية والثالثة
والرابعة.
78) محاربو الله ورسوله يوم الطفوف. رسالة أفردها لبيان عدد المخرجين
إلى حرب سيد الشهداء يوم الطف، أثبت فيها أنهم كانوا ثلاثين ألفا أو يزيدون.
79) المطاعن. كتاب يتضمن طعن بعض علماء الجمهور على بعض.
80) النسئ. رسالة تبين فيها كنه ما كان عليه أهل الجاهلية من النسئ الذي
جعله الله زيادة في الكفر، وفيها دفع الاشكال عن تولد رسول الله " ص " في
ربيع الأول مع كون بدء الحمل به انما كان في ليالي التشريق.
81) كشف الظنون عن خيانة المأمون. رسالة تثبت خيانته الفادحة بسم
الرضا عليه السلام.
82) محاسن الرسائل في معرفة الأوائل. في خمسة عشر بابا.
مكتبته:
ولع أعلى الله مقامه منذ حداثته إلى منتهى أيامه في جميع الكتب وعنى بذلك
كل العناية وكان موفقا في تحصيل نفائسها من جميع العلوم والفنون عقلية ونقلية.
ولا غرو فقد كان يؤثر تحصيلها على بلغته ونفقة يوم، وربما باع في سبيلها
الضروري من أمتعته فاجتمع لديه بسبب ذلك من الكتب (مطبوعة ومخطوطة)

1) طبعت في لكهنؤ الهند سنة 1354 على نفقة إدارة مجلة الرضوان الغراء مصدرة
بترجمة المؤلف بقلم العلامة الحجة السيد على النقي النقوي دام ظله.
39

ثروة طائلة. ومن جد وجد.
تضمنت مكتبته من نوادر الاسفار المخطوطة ما لا يوجد في أكثر المكاتب
الحافلة، وربما كان فيها من الكتب القيمة ما لا يوجد في سواها. وبهذا رنت
في الأقطار وذهب سمعها في الناس، فذكرها المتتبع البحاثة جرجي زيدان في
طليعة مكاتب العراق حيث استقصى تلك المكاتب في كتابه تأريخ آداب اللغة
العربية 1).
وعنى السيد بهذه المكتبة فألف لها فهرسا أسماه " الإبانة عن كتب الخزانة "
رتبه أحسن ترتيب ووصف فيه الكتب فصورها ببراعته تصويرا كما بيناه عند
ذكر الإبانة من مؤلفاته وله بها عناية أخرى فوق العنايات حيث تتبعها مطالعة
واستقرأها مراجعة وأوسعها إحاطة وتقصيا كما أشرنا إليه فيما تقدم من هذه
الترجمة.
قال الثقة الثبت العلامة تلميذه وابن شقيقته الشيخ مرتضى آل ياسين أثناء
ترجمته (2: لقد كنت أسمع عن السيد المؤلف زمان كان شابا قوي العضلات
أنه كان لا يكاد ينام الليل في سبيل تحصيله كما أنه لا يعرف القيلولة في النهار،
ولكني بدل أن أسمع ذلك عنه في زمن شبيبته فقد شاهدت ذلك منه بأم عيني
في زمن شيخوخته، وان مكتبته التي يأوي إليه الليل والنهار ويجلس هناك
بيمناه القلم وبيسراه القرطاس لهي الشاهد الفذ بأن عيني صاحبها المفتوحين
في الليل لا يطبق أجفانها الكرى في النهار، وان جاءها الكرى فإنما يجيؤها
حثاثا لا يكاد يلبث حتى يزول الخ.

1) راجع ص 120 من جزئه الرابع.
2) المنتشرة بالطبع في فاتحة كتاب الشيعة وفنون الاسلام.
40

مشائخه في الرواية 1)
مشائخه في الرواية على صنفين: منهم من يروي عنهم بطريق السماع والقراءة
فقط دون الإجازة، ومنهم من يروي عنهم بطريق الإجازة العامة.
أما مشائخه من الصنف الأول:
فمنهم (وهو أجل من يروي عنه) حجة الاسلام الميرزا محمد حسن الشيرازي
الغروي العسكري المتوفى سنة 1312.
ومنهم الشيخ المحقق المؤسس الحاج ميرزا حبيب الله الرشتي الغروي
صاحب كتاب " بدائع الأصول " المتوفى سنة 1313.
ومنهم الشيخ الفقيه الشيخ محمد حسن بن الشيخ هاشم الكاظمي النجفي
شارح كتاب " الشرائع " المتوفى سنة 1308.
ومنهم الفاضل المتبحر المولى محمد الإيرواني النجفي المتوفى بعد المائة
الثالثة عشرة.
ومنهم شيخ الاسلام الشيخ محمد حسن آل ياسين الكاظمي صاحب كتاب
" أسرار الفقاهة " المتوفى سنة 1308.
ومنهم والده الشريف السيد هادي المتوفى سنة 1316.
وأما مشائخه من الصنف الثاني فهم جماعة من العلماء:
منهم المولى الفقيه الشيخ ملا علي بن الميرزا خليل الرازي الغروي
المتوفى سنة 1297.
ومنهم السيد المتبحر المهدي القزويني الحلي الغروي المصنف المكثر

1) هذا العنوان وما تحته مما جاد به قلم العلامة الشيخ مرتضى آل ياسين في ترجمة
السيد خاله نقلناه بعين لفظه.
41

المتوفى سنة ثلاثمائة بعد الألف.
ومنهم المولى المحقق المتبحر الميرزا محمد هاشم بن زين العابدين
الأصفهاني المتوفى في النجف الأشرف سنة 1318.
وقد ذكر تراجمهم على طرز مبسوط في إجازاته المطولات واستقصى فيها
جميع مشائخه بما لا مزيد عليه.
خلقه. وبنيته. ومنظره:
أفرغه الله عز وجل في قالب الكمال، وطبعه على غرار البهاء والأبهة والجلال،
فجعله من أجمل الناس صورة وأكملهم خلقة وآنقهم شكلا وأحسنهم هيئة
وأسلمهم فطرة وأقواهم بنية وأمتنهم عصبا، صلب المفاصل شديد الأضلاع
غليظ الألواح عبل الذراعين مفتول الساعدين بعيد ما بين المنكبين أسيل الخدين
لطيف الانف والحاجبين أحور العينين أدعجهما أوطف الأهداب وضئ الطلعة
أبلج الغرة أزهر اللون، رقيق البشرة شديد الحواس صادق الشعور إلى الغاية،
قد تسربل بالملاحة وألقى الله عليه محبة منه يروق الناظرين ابتسامه يفتر عن
مثل حب الغمام، له شيبة تفرض الهيبة قد ملأت ما بين منكبيه فسبحان من زاده
بسطة في العلم والجسم وعلمه البيان وآتاه البرهان وتبارك الله أحسن الخالقين.
غرائزه وملكاته:
خلقه الله من طينة القدس وصاغه من معدن الشرف وأنبته من أرومة الكرم
وجمع فيه خلال النجابة، فكان المجد ينطق من محاسن خلاله والمرءة تتمثل
في منطقه وأفعاله.
لم أر أكرم منه خلقا ولا أنبل منه فطرة، وكان ربيط الجأش صادق البأس
42

من حماة الحقائق وممثلي الحفائظ، قد جمع ثيابه على أسد خادر.
وكان عزيز النفس أشم الانف، لا يعنو لقهر ولا يصبر على خسف، على
أنه كان متجافيا عن مقاعد الكبر نائيا عن مذاهب العجب سلس الطباع لين العريكة
سهل الجانب منسجم الأخلاق.
وكان جوادا سخيا فياضا أريحيا، ولا غرو فإنه كان من قوم فجروا ينابيع
الندى واليهم تنتهي السماحة.
وكان حاد الذهن يقظ الفؤاد ذكي المشاعر حديد الفهم سريع الفطنة صادق
الحدس شاهد اللب رؤوفا بالمؤمنين شديدا على أعداء الله لا تأخذه في الله لومة
لائم، له همة بعيدة المرمى ونفس رفيعة المصعد، تسمو به إلى معالي الأمور
فيبلغ بها الاقدار الخطيرة.
مترجموه:
ترجمه - على عهده - غير واحد من الثقات الاثبات، كالعلامة المحقق الشيخ
مرتضى آل ياسين، وقد جاءت ترجمته 1) رائعة بتمثيل تلك الشخصية الفذة نافعة
بتنبيه أولى العلم إلى أمور تختص بكمالهم.
وللسيد ترجمة في كتاب " أعيان الشيعة " وله ذكر خالد في الغابر بن بعلمه
الخالد بخلود مؤلفاته إن شاء الله تعالى وبكونه من شيوخ الإجازات في قرنه،
فهو سند من الاسناد إلى يوم التناد.
وقد ذكره البحاثة المقدس الشيخ عباس بن الشيخ رضا القمي، إذ ترجم

1) انتشرت هذه الترجمة بطبعها مع كتاب السيد " الشيعة وفنون الاسلام ".
43

جده الشريف شرف الدين العاملي 1).
وذكره بعض الأجانب 2) فأنصفوا بوصفه، كالفيلسوف أمين الريحاني
اللبناني 3) وغيره من سياح المستشرقين 4).
وبعد وفاته أعلى الله مقامه ترجمه الشريف العلامة المتتبع الثبت الحجة
السيد على النقي النقوي ترجمة مفصلة علقها على رائيته العصماء العامرة التي
رثى بها السيد، وقد جرى في الترجمة مجرى الشرح لتلك الرائية العبقرية،
فكانت ترجمة ضافية جامعة مثلت أدوار حياته العلمية والعملية منذ ولد حتى اختار
الله له دار كرامته.
وتناولت ذكر الاعلام من آبائه علما علما حتى انتهت إلى شرف الدين
فأبيه زين العابدين فجده علي نور الدين فجد أبيه نور الدين علي فجد جده
الحسين بن علي بن محمد بن أبي الحسن تاج الدين الموسوي، واستقصت
سائر الابطال من متقدمي هذه الأسرة ومتأخريها ممن هم في جبل عامل أو في
العراق، وذكرتهم بطلا بطلا بما هم أهله من جلالة القدر وعلو المنزلة في الدين
والدنيا، وأرخت وفياتهم.
وتصدت لبيان مكانة السيد في العلم ومنزلته في الأمة، وذكرت شيوخه الذين
أخذ عنهم وكثيرا من الشيوخ الذين أخذوا عنه، وأتت على مصنفاته في سائر

1) في ص 322 من الجزء الثاني من كتابه الكنى والألقاب، وذكر في باب ذكر
أولاد الإمام موسى عليه الاسلام من كتاب منتهى الآمال.
2) الأجانب جمع أجنب وهو الذي لا ينقاد - الغريب.
3) فراجع ما قاله عنه في ص 273 من ج 2 من كتابه ملوك العرب الطبعة الأولى.
4) الذين نالوا الحظوة بخدمته وأخذوا عنه بعض الحكمة ممن لا تحضرني أسماؤهم
ولا مؤلفاتهم وهم غير واحد.
44

العلوم والفنون، واشتملت على ذكر وفاته وتشييعه ومآتمه التي انعقدت في
العراق وعاملة وإيران والهند وغيرها، وقد نقلنا من هذه الترجمة ما تراه تحت
العنوانين التاليين.
مستجيزوه:
قال السيد النقوي 1):
كان رحمه الله تعالى في رواية الحديث أعظم شيخ تدور عليه طبقات
الأحاديث العالية في هذا العصر، ومن يروي عنه من أعلام هذا العصر كثير، وفيهم
جملة من حجج الطائفة وعلمائها وفضلائها المبرزين، فمنهم الآية العظمى السيد
أبو الحسن الأصفهاني النجفي دام ظله، والآيات الحجج الاعلام الحاج شيخ
محمد حسين الأصفهاني صاحب الحاشية على الكفاية والشيخ محمد كاظم
الشيرازي والشيخ هادي آل كاشف الغطاء والشيخ محمد رضا آل ياسين والحاج
الشيخ علي القمي والحاج السيد رضا الهندي والميرزا محمد علي الأوردبادي
في النجف الأشرف، والسيد الميرزا هادي الخراساني في كربلاء المشرفة،
والشيخ المحسن المعروف بآقا بزرك الطهراني صاحب الذريعة إلى تصانيف
الشيعة وغيرها في سامراء، والسيد عبد الحسين آل شرف الدين في جبل عامل،
والشيخ آقا رضا الأصفهاني صاحب نقد فلسفة داروين في أصفهان، والسيد صدر
الدين الصدر في مشهد الرضا عليه السلام، ووالدنا العلامة السيد أبو الحسن
النقوي في لكنهؤ، والعلامة السيد شبير حسن في فيض آباد وغيرهم.
وأروي عنه بإجازة كتبها لي في 11 شوال سنة 1346 ه‍، وهو أول شيخ

1) في آخر ما جاد به قلمه المبارك من ترجمة السيد المنتشرة بطبعها في لكهنؤ مع
كتابه " نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين " فراجع منه ص 12.
45

للحديث استجزت منه فأجاز لي بإجازة عامة شاملة لكل ما بأيدينا من كتب
الحديث والتفسير وسائر العلوم.
وفاته وتشييعه وقدسي رمسه ومآتمه:
قال السيد النقوي (1 أدام الله إفاداته:
توفي رحمه الله تعالى في عاصمة البلاد العراقية بغداد (حيث كان مقامه منذ
أيام فيها لأجل المعالجة) (2 في منتصف (3 ربيع الأول سنة 1354، فكان لوفاته
أثر كبير ووقع خطير في النفوس جميعا، وقد شيع جنازته إلى الكاظمية مسقط
رأسه ومدفنه زهاء مائة ألف من الناس من جميع الطبقات، وقد أوفد جلالة
الملك غازي من ينوب عنه في تشييعه 4)، ودفن في جوار جده الإمام موسى
ابن جعفر عليه السلام 5).

1) في ص 11 من الترجمة المطبوعة مع نزهة أهل الحرمين.
2) كان قبل وفاته بأيام قلائل رغب إليه ولده الأكبر في أن يكون في داره (من دار
السلام بغداد) ما دام محتاجا إلى الأطباء، إذ رأى قربه منهم أنجع له وأسهل وسيلة إلى
اتصال الأطباء به في سائر الأوقات، فأجابه إلى ذلك بعد الاستخارة فلم يلبث الا ليالي
قليلة حتى فاجأه أجله قدس سره.
3) بل توفى عصر الخميس في 11 ربيع الأول سنة 1354 وهي ليلة 12 حزيران
سنة 1935.
4) وحضر رئيس الوزراء وسائر الوزراء والأعيان والنواب وموظفو الحكومة
وشيخ العشائر، وكان في مقدمة ذلك السواد الأعظم علماء المسلمين من الطائفتين خاشعي
الطرف خلف السرير حتى وردوا الكاظمية.
5) إلى جنب المقدس والده في حجرتهما المعلومة من الصحن الشريف الكاظمي
حيث يزاران.
46

وقد طار صدى وفاته إلى سائر المناطق العراقية وعلى الأخص النجف
الأشرف، فأقيمت الفواتح وأعظمها الفاتحة التي أقامها في النجف ثلاثة أيام
رئيس الشيعة آية الله السيد أبو الحسن الأصفهاني دام ظله.
قال: لا شك أنه أحدثت وفاته دويا في العالم الاسلامي أجمع وعلى الأخص
بلاد الشام وجبل عامل، حيث كان مغرس دوحته ومنبت شجرته منذ عهد طويل،
ولا سيما نواحي صور حيث يقيم آل شرف الدين وزعيمهم حجة الاسلام السيد
عبد الحسين دام ظله، وهو ابن أخت السيد المترجم أيضا.
فقد أقيم في صور مأتم عامر حزين مدة سبعة أيام لم يكد ينقطع ولا تسكن
حدته، وجائتنا بطاقة مطبوعة تدل على قيام حفلة تأبينية هناك في الجامع الجديد
في الساعة الثانية بعد ظهر الأحد الواقع في 12 ربيع الأول 1354 الموافق
13 حزيران سنة 1935 وفيها منهاج الحفلة وأسماء المتكلمين والخطباء، ناهيك
منهم بمثل العلامة العظيم حجة الاسلام الشيخ عبد الحسين صادق وحجة الاسلام
السيد عبد الحسين نور الدين والأستاذ خير الدين بك الأحدب والعلامة الشيخ
احمد رضا وغيرهم من أدباء مفلقين.
وأقيمت له في الهند فاتحة كبيرة، ونشرت الصحف نبأ وفاته بصورة مفجعة
وهكذا في سائر المناطق الاسلامية، ولا غرو فإنه إذا مات العالم ثلم في الاسلام
ثلمة لا يسدها شئ إلى يوم القيامة. انتهى بنصه.
الصحافة العراقية وتأبينه:
حسبك - مثالا لما قالته الصحف العراقية في تأبينه - ما نشرته جريدة الكرخ 1)

1) لصاحبها ملا عبود الكرخي ومدير إدارتها نجم الكرخي ومديرها المسؤول محمد
شكري قاسم ومحررها حاتم الكرخي.
47

في عددها 312 من سنتها السابعة الصادر يوم الاثنين 30 ربيع الأول سنة 1354 ه‍
الموافق 1 تموز سنة 1935، واليك نصها تحت عنوان:
(شخصية الامام السيد حسن الصدر الفذة)
قالت: بعث إلينا نجفي فاضل بهذه اللمحة من ترجمة حياة الراحل العظيم
المغفور له حجة الاسلام السيد حسن صدر الدين رضوان الله عليه ننشرها نصا:
من العبث يحاول الكتاب أن يصف الخسارة الجسيمة التي تكبدتها الأمة
الاسلامية من جراء فقد زعيمها الأكبر الامام آية الله السيد حسن الصدر، فقد
كانت خسارتها بفقده عظيمة وكان خطبها فادحا وكان رزؤها جللا ومصابها أليما.
وكيف لا يكون فقده خسارة عظيمة وقد فقدت امامها الكبير وعلامتها الجليل
ومرجعها الأعظم التي كانت ترجع إليه في أمور الدنيا والدين والذي كانت تستظل
بوارف ظله وتلجأ إلى ركنه الحصين.
كان الامام رحمه الله تعالى شخصية علمية فذة لم يحك لنا التأريخ نظيرها
في العصر الحاضر، وكان المثل الاعلى في العلم والفضيلة في أدواره الثلاثة:
دور الصبا، ودور الكهولة، ودور الشيخوخة.
فقد كان في دور الصبا الفتى الا مع الذي قصب السبق في الجد والذكاء،
وكان في دور الكهولة العالم الوحيد بين الفضلاء والعلماء، وكان في دور
الشيخوخة المرجع العظيم للأمة التي ألقت إليه مقاليدها وفزعت إليه في جميع
مهماتها وأمورها.
كان باسم الثغر وضاح الجبين، وكان قوي الحجة طلق اللسان، إذا تكلم
انحدر كالسيل من غير ما تلعثم أو تلكؤ، يقرع الحجة بالحجة والدليل بالدليل.
ينبسط إليك في الحديث الصعب الغامض فتخال أنه سهل واضح وما هو بالسهل
48

ولكن فصاحة اللسان وسطوع البرهان وجاذبية الحديث وساحرية الأسلوب كل
ذلك جعلك تتذوقه وتستسيغه وتحسبه سهلا.
وكانت مجالسه مدرسة راقية فيها العلم وفيها الأدب وفيها كل ما شئت من
ألوان الحديث وضروب الكلام، وكانت تختلف باختلاف الأشخاص مراعاة
لمقتضى الحال، وقد كنت ترى - وأنت جالس بين يديه - كأنك في العصر
الذي ينتقل بك إليه ويحدثك عنه، فتارة يحدثك عن جبرائيل عليه السلام ونزوله
بالوحي فتحسب أنك قد رأيت شخصه وسمعت صوته، وطورا يحدثك عن
النبي صلى الله عليه وآله فتخال أنك شهدت رسالته وحضرت معجزاته وأبصرت
عن كثب أحاديثه وحكمه. وهكذا ترى نفسك كلما انتقل بك من حديث إلى
حديث نظرا لدقة تصويره وبراعته في التعبير، وتخرج من مجلسه - وبودك
أن لا تفارقه - مصقول الذهن مهذب الفكر واسع الاطلاع.
واليك الكلمة التي قالها عنه فيلسوف الفريكة في كتابه " ملوك العرب "
قال في ص 273 من الجزء الثاني:
قد زرت السيد حسن صدر الدين في بيته بالكاظمية، فألفيته رجلا عظيما
الخلق والخلق، ذا جبين رفيع وضاح ولحية كثة بيضاء وكلمة نبوية، له عينان
هما جمرتان فوق خدين هما وردتان، عريض الكتف طويل القامة مفتول
الساعدين، وهو يعتم بعمامة سوداء كبيرة ويلبس قميصا مكشوف الصدر رحب
الأردان فيظهر ساعده عند الإشارة في الحديث، ما رأيت في رحلتي العربية كلها
من أعاد إلي ذكر الأنبياء كما يصورهم التأريخ ويصفهم الشعراء والفنانون مثل
هذا الرجل الشيعي الكبير، وما أجمل ما يعيش فيه من البساطة والتقشف،
ظننتني وأنا داخل إلى بيته أعبر بيت أحد خدامه إليه، وعندما رأيته جالسا على
حصير في غرفة ليس فيها غير الحصير وبضعة مساند وقد كنت علمت أن لفتواه
49

أكثر من مليوني سميع مطيع وان ملايين من الربيات تجيؤه من المؤمنين في
الهند وإيران ليصرفها في سبيل البر والاحسان، وانه مع ذلك يعيش زاهدا
متقشفا ولا يبذل مما يجيؤه روبية واحدة في غير سبيلها، أكبرت الرجل أيما
اكبار ووددت لو أن في رؤسائنا الدينيين الذين يرفلون بالأرجوان ولا يندر في
أعمالهم غير الاحسان بضعة رجال أمثاله. انتهى.
هكذا يحدثنا الأستاذ " امين " عن الامام، وهكذا يصور لنا شخصيته الفذة
كما يشاء الحق ويفرضه البحث وتقتضيه نزاهة الضمير، وكم للأستاذ الريحاني
في هذا من نظير، فقد كان كثيرا ما يجتمع بخدمته المستشرقون والباحثون
يسألونه عن مسائل استعصت عليهم وأعياهم حلها فيجيبهم على الفور بالبرهان
الساطع والدليل المقنع فينقلبون إلى أهلهم وكلهم لسان شكر وكلمة اكبار
يشيدون بذكره ويرتلون آيات حمده، وكثيرا ما كانوا يندهشون حينما يرون
تبسطه في الحديث واتيانه بالشواهد التأريخية المتوفرة عن بحث مبهم غامض
قضوا العمر الطويل في البحث عنه ولم يجدهم البحث.
وبالجملة كان الامام الفقيد مرجعا عظيما يخضع لحكمه المسلمون وغيرهم
سواء في الشرق أو في الغرب، وكان إماما مقدما على من سواه من العلماء
المعاصرين في الفقه وأصوله والتفسير والحديث والرجال وغير ذلك من الفنون
الاسلامية.
وكان يضرب في علمه المثل في حياة أستاذه الامام السيد محمد حسن
الشيرازي، وقد كلف الامام الشيرازي مرة فقيدنا المترجم أن يحقق بعض المسائل
العلمية المشكلة، فأجاب وكتب رسالة في تحقيق ذلك وعرضها على أستاذه
وما أكمل قراءتها حتى رفع يديه في الدعاء له ثم قال: إذا مت اليوم أموت
مرتاح الضمير فقد وجد في تلامذتي من يعيد لي تحقيقه تحقيق المحقق البهبهاني،
50

والمحقق البهبهاني أستاذ آية الله بحر العلوم السيد مهدي وقد كان مشهورا في
البحث والتحقيق. وهذه شهادة كبرى من أستاذه تعطينا صورة صادقة عن عظمة
الامام الفقيد ومنزلته العلمية، وهو كما قيل فيه:
امام ولولا لا لقلنا بأنه * نبي تلقى الحكم من خير حاكم 1)
ولا شك بأن الامام حي بأعماله الصالحة حي بآثاره الخالدة ومؤلفاته القيمة
التي قد تبلغ مائة مؤلف 2)، وهي من أحسن ما كتب العلماء، ولعلنا نعرض
لذكرها في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى.
وهو حي بولديه العلامتين صاحبي السماحة السيد محمد الصدر رئيس
مجلس الأعيان الأفخم والسيد علي الصدر. فهذا الزعيم الصدر زعيم العراق
المحبوب ودماغ العراق المفكر وذو الشخصية البارزة في العلم والسياسة.
أتته الزعامة منقادة * إليه تجر جر أذيالها
فلم تك تصلح الا له * ولم يك يصلح الا لها
وهذا الحجة أخوه " العلي " قد تربع بعد فقد الامام على المنصة الدينية،
فشخصت إليه الابصار وتوجهت نحوه النفوس تهتدي بهديه وتنهل من علمه،
فأطال الله وجودهما وألهمهما الله الصبر وأجزل لهما الاجر. انتهى بعين لفظه.
قلت: هذه لهجة الصحافة العراقية استمرت دائرة على هذا المحور مدة
قيام الفواتح والمآتم في العراق، ومثلها الصحافة الإيرانية والأفغانية والهندية
والسورية والمصرية وغيرها، نعتته بكل أسف وأبنته بكل تقدير.

1) هذا البيت في السيد صاحب العنوان من قصيدة لأمير الشعراء وسلطان العلماء حجة
الاسلام الشيخ عبد الحسين صادق العاملي الشهير.
2) أحصينا منها اثنين وثمانين مرت عليك في الأصل.
51

الصحافة اللبنانية:
أما الصحافة اللبنانية فقد زينت صدورها بتمثال السيد وأذاعت في تأبينه
الكلمة الفذة التي أبرزتها لجنة 1) الاحتفال بالمآتم التي انعقدت عندنا في صور،
وهاكها بعناوينها وعين لفظها:
(فجيعة الاسلام بمصاب الامام الصدر)
مختصر حياته - صفاته - علمه - شخصيته.
بشفتين تحملان الكلام مختصرا، وفكر مبلبل شارد ننقل للملا الاسلامي
صدى دوي انتحاب العراق والاسلام والعرب قاطبة على زعيمهم الامام الأكبر:
(السيد حسن الصدر)
الراحل إلى جوار ربه تاركا في الأرض وحشة لا تستأنس وفوضى لا تنتظم

1) ترأس هذه اللجنة بعض الرؤساء من أعلام العلماء، وكانت مؤلفة من أشخاص مثقفين
في علومهم الدينية ومعارفهم العصرية أدباء كتبة مبرزين في فنونهم من بيوتات عاملة العريقين
في المجد، أذاعوا كلمتهم هذه في الصحافة وأشادوا بها على منبر الحفلة، وكانوا طبعوها
كرسالة على حدة فوزعوها على المجتمعين في مأتم الأربعين وكان حافلا بالعلماء والأدباء
والشعراء والزعماء وممثلي الحكومتين اللبنانية والفرنسية وممثلي الطوائف.
قصد الناس هذا المأتم من دمشق وبعلبك وبيروت وصيدا وفلسطين وأنحاء جبل عامل،
وكان على غاية من الانتظام مثالا للسكينة والجلالة، تبارت فيه الخطباء والشعراء بما يستحق
ان يفرد بكتاب على حدة.
وانما آثرنا بالذكر هنا كلمة لجنة الاحتفال نزولا على رغبة منشئيها والمعجبين فيها
وهم كل من سمعها من تلك الجماهير وغيرهم، فأوردتها بعين لفظها وان طال بنا الكلام.
52

وخرابا لا يعمر بعده الا أن يقيض الله امام مثله يعني بالأمة ويعالج المصالح العامة
بلباقة ودرية يشبهان منطق لباقته المستقيم في الأمور كلها في العلم، في العمل،
في الرأي، في الحرص على احياء الروح وانما العقل وارساء العقيدة والمبدأ
في نفوس الأمة بأسلوبه الملهم القويم الفياض.
فالأمة الاسلامية والعرب والتأليف والسلام قبل الجميع يشكون ألم هذا
الصدع ويألمون الألم، لا يذيقهم النوم الا غرار ولا يجدون معه راحة ولا
استقرارا لهذه الفادحة النازلة بفقد آخر مصلح كان يمثل عظمة الله في صدور
المؤمنين ويصور الأنبياء والصديقين بما طبع عليه من ظواهر الاخلاص والصلاح
والكمال بكل ما لهذه الكلمات من مدلول أو معنى.
وأنا لنسأل الله تعالى أن يعوض على الأمة بخسارتها العظمى دليلا من أدلائه
على الخير والبر والاحسان العاملين لحياة الأمة واتساق العلم وجدة الرأي
والتفكير.
ولابد أن نلمع إلى حياته بكلمة مختصرة، وذلك فرض لا تبرأ الذمة الا بأدائه
قياما ببعض ما يجب تجاه امامنا المقدس رضوان الله عليه.
(ولادته)
ولد يوم الجمعة 29 شهر رمضان المبارك سنة 1272 ه‍ في الكاظمية مشهد
جديه الامامين الكاظم والجواد عليهما السلام، والكاظمية بلدة طيبة الموقع
والمناخ تقع من بغداد في أقل من فرسخ على الجهة الشمالية منها.
(اسمه ونسبه)
وإذا استطال الشئ قام بنفسه * وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا
53

وكذلك الفقيد استطال حتى قام بنفسه، فهو وحده نسب قصير جم المآثر
ضخم الظواهر، ولكن عادة ديمقراطية أبت للمترجمين الا ذكر الأنساب لا تفرق
بين عظمائهم وأوساطهم.
على أن للفقيد نسبا لا يخونه يوم الفخار، يصعد به إلى ذروة ليس إلى
جنبها ذروة مجد، وان نسبه لفوق ما قيل:
نسب كأن عليه من شمس الضحى * نورا ومن فلق الصباح عمودا
فهو الإمام أبو محمد الحسن بن الشريف الهادي بن الشريف محمد علي
ابن الشريف صالح بن الشريف محمد بن الشريف إبراهيم الشهير بشرف الدين
ابن زين العابدين بن علي نور الدين بن نور الدين علي بن الحسين بن محمد بن
الحسين بن علي بن محمد بن تاج الدين المعروف بأبي الحسن بن محمد بن
عبد الله بن أحمد بن حمزة بن سعد الله بن حمزة بن محمد بن عبد الله بن محمد
ابن علي بن عبد الله بن محمد بن طاهر بن الحسين بن موسى بن إبراهيم المرتضى
ابن الإمام موسى الكاظم بن الإمام أبى عبد الله الصادق بن الإمام أبى جعفر الباقر
ابن الإمام زين العابدين علي بن أبي عبد الله الحسين سيد الشهداء وسبط سيد
الأنبياء، أبوه أمير المؤمنين وأمه الزهراء سيدة نساء العالمين. أولئك أعلام
الأمة وأئمة المسلمين في عصورهم لا يدافعون، آباؤه ونبعته التي انحدر منها
ماء طاهر من طهر طاهر مطهر.
(مواهبه ونشؤه)
أنشأ الله فقيدنا خلقا نادر المثال، وصاغه على أحسن تكوين يختاره الرحمن
لانسان دون العصمة، فميزه بسلامة الفطرة وقوة الحاضرة وحدة الفهم واتقاد
الجذوة، وحباه بوضوح الشخصية وحضور البال وعزة النفس وترافة العقل
54

وسهولة الخلق، وخصه بالتوفر على بيان قوي البرهان محبوك الدليل صحيح
المنطق، وانك لتجد في لغته رنة جذابة التوقيع يأخذك منها روح فني ضليع
يعرف كيف يتصرف بالقلوب ويخضع الألباب عند كلمته القدسية النشوانة
الريانة بماء الروحية والحيوية.
وكان رضوان الله عليه لا يقنع بظواهر الأشياء وقشورها، وانما كان وثابا
إلى اللباب والخلاصة، ثم هو إذا وصل إليهما تخير منهما ما كان أشد ملاءمة
لعقله المترف الممتاز وذوقه الصحيح المتأنق وطبعه الرفيع الفذ.
هكذا كان وهكذا أنشأه ربه وطبيعي له، وهو المتوفر كل التوفر على هذه
المواهب منذ نعومة أظافره أن ينشأ منشأ لا تيسره الأيام لاحد الا بعد فحص
وتمحيص يحتاجان إلى قرون كثيرة وقرون.
وطبيعي أن يصل إلى ما وصل إليه من العظمة والخلود، إذ كان تلك المجموعة
الصالحة من كل كمال، والمزاج الخالص من ألوان الالتواء والتعقيد يدرج
ويتدرج في بيت كبيت الإمام الهادي والد الفقيد العظيم، وهو كمعهد علمي منظم
الصفوف أو كلية راقية تفرض على طلابها الانسجام في نسج من الفضيلة والأخلاق
والاخلاص والايمان واليقين على نحو منقطع النظير.
ويقرر علماء النفوس وأعلام التربية أن البيت هو الحجر الأساسي لحياة
الناشئين، فلابد من الحكمة واستعمال الفن في وضع الحجر الأول ليقوم البناء
مستقيما معتدلا فيه قوة وجمال وفيه ضخامة ورواء، وكل ذلك يخطو الناشئ
خطوة خطوة باستعداده واكتسابه مصطحبين إلى المثل الاعلى. وينتقل من دور
إلى دور حتى إذا هو الموسر المثري المنور لا يشكو فقرا ولا يعاني ظلاما.
ومن أحكم من الشريف الهادي في وضع الحجر الأساسي؟ ومن أليق
استعدادا من الفقيد لاستقبال تلك التعاليم والخطط المصطنعة لحياة دائمة حية؟
55

ولابد اذن من ارتقاء سيدنا هذه السماء العالية الواسعة ولابد من بلوغه درجات
الصديقين والأئمة.
(صفاته وشخصيته)
كان رحمه الله تعالى شفيقا رفيقا حريصا على المصالح العامة، لا يقرب رجلا
لحب ولا يقصي آخر لكراهة ولا يحترم أحدا لعظمة، انما المقايس عنده في
كل ذلك الايمان والخير الواقعان في الرجال والأشخاص الطائفين برواقه.
وقد زاره فيلسوف الفريكة الريحاني ووصفه في كتابه " ملوك العرب " 1)
بما تستطيع أن تفهم منه بلا عسر ولا مشقة مركز الامام في البلاد العربية وفي
العالم الاسلامي من حديثه المختصر، وتستطيع أن تفهم أيضا زهده وتقواه
ونظره إلى العالم الفاني بنظر روحي محض يشبه نظر النبيين وكبار المصلحين.
(علمه وآثاره)
تستطيع أن تعتبر معي أن الفقيد العظيم عبقري العباقرة وأكبر قادة الفكر
في القرن العشرين، فان العلماء وان طبقات المنورين الأفذاذ كانوا ولا يزالون
ينحون نحو الاختصاص بضرب من ضروب الفنون والآداب والمعارف، كأنما
الواحد منهم يعد نفسه لان يكون حكيما فيلسوفا، أو يجهز نفسه لان يكون
فقيها أصوليا، أو يأخذ على نفسه دراسة الأدب أخذا يجعله أديبا لامعا، فيكب
على صفحة من الفلسفة يدرس فيها العقول والمعقولات والجواهر والاعراض،
أو يكب على صفحة يدرس القضاء والمواريث والتجارة وسائر أبواب الفقه،

1) أذاعت الصحافة العراقية كلمة الريحاني بنصه فراجعها في العنوان المختص بها
من هذا الكتاب.
56

أو يكب على مباحث أصول الفقه كأصل البراءة والاستصحاب وقاعدة الاشتغال
والتعادل والتراجيح ومباحث القطع والظن وسائر عناوين الأصول اللفظية
والعقلية، أو يكب على دارسة الآداب العربية وتأريخها ونصوصها مع استظهار
بعض الشعر الجاهلي والأموي والعباسي والتعرف إلى الشخصيات الأدبية في
هذه العصور ليتميز بضرب من هذه الضروب العلمية ونحو من هذه الأنحاء
الثقافية متجها إليها بجهده في تحضير غاية من هذه الغايات.
ولكن همة سيدنا الفقيد العظيم لم تقف عند حد ولم يكن لها غاية أو أمد،
قد شاء أن يجعل صدره موسوعة علمية محيطة غواصة على دقائق المسائل من
شتى العلوم فسعى لذلك فإذا هو قيم بيده لكل علم مفتاح مطواع يديره متى شاء
فيخرج من كنوز العقل والنقل كل لؤلؤة وهاجة لا يقتحم نورها البصر.
وانك لمأخوذ بالدهش إذا وقفت امام مؤلفاته التي تجاوزت المائة والبعض
منها فيه مجلدات كثيرة. نعم يأخذك الدهش لأنك تخرج من كل واحد من هذه
المؤلفات وأنت على ايمان وعقيدة أنه خصيص به لا يعرف سواه، ثم تقرأ
الثاني وتقرأ الثالث فإذا أنت تراه خبيرا بشعاب هذه المواضيع وزواياها كأنما
هو من بناتها.
وسنضع لحياته رسالة خاصة 1) نشرح بها عناءه في التأليف وخدماته للأمة
والمعارف خدمة له ولهما رضي الله عنه ويسر لهما خلفا عنه يعيشان بظلاله في
نعمه وأمان.
(صدى وفاته)
توفي رحمه الله تعالى 11 ربيع الأول سنة 1354 ه‍، فضجت لصدى وفاته

1) لعلنا أغنينا اللجنة عن هذه الكلفة، والحمد لله على التوفيق لأداء هذا الواجب.
57

إيران وأفغان والهند والعراق وجبل عامل وسائر البلاد الاسلامية. وقد أقيمت
له المآتم والتعازي والمناحات في العواصم الاسلامية والمدن والقصبات
والدساكر والقرى.
وفي صور أقيم مأتم عامر حزين مدة سبعة أيام لا ينقطع ولا تسكن حدته،
فنسأل الله الصبر للأمة ونتقدم بأرق التعازي لخلفه سماحة سيدنا الزعيم رئيس
أعيان العراق ولسائر أفراد الأسرة الكريمة ولهم السلام والبقاء.
وأخيرا نتقدم للأمة الاسلامية أن تتعظ بحياة الفقيد وتحتذي مثاله لتنجب
من أشبالها أمناء مخلصين يرفعون لها أعلاما خفاقة ويتقدمون بها إلى حياة طافحة
باليقظة المرهفة. ومن الله التوفيق وعليه الاتكال.
لجنة الاحتفال
تاريخ وفاته بالقريض:
أرخ عام وفاته جماعة من الأدباء نظما باللغتين الفارسية والعربية تواريخ
كثيره لعلها ناهزت العشرين، والذي يحضرني الان قول شيخنا الفقيه
العلامة الحجة الشيخ مرتضى آل ياسين طيب الله أنفاسه:
غبت فلا قلب خبت ناره * كلا ولا عين عراها الوسن
فليت إذ فارقت هذا الحمى * قد فارقت روحي هذا البدن
سكنت دار الخلد فاهنأ بها * فهي لعمر الله نعم السكن
ان غبت عن عيني فقد أصبحت * ترمق عيناك عيون الزمن
غبت ومذ غبت نعاك الهدى * أرخ لقد غاب الزكي الحسن
134، - 1003، 68، 149
(1354 ه‍)
58

(بداية النسخة المخطوطة من الكتاب)
59

(نهاية النسخة المخطوطة من الكتاب)
60

(نموذج من خط المؤلف)
اجازته لسماحة آية الله العظمى السيد شهاب الدين النجفي المرعشي
(دام ظله الوارف)
61

تكملة
أمل الآمل
63

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي رفع قدر العلماء وفضل مدادهم على دماء الشهداء، لما
وطدوا 1) من الشرع الشريف بتبيان الكتاب وشرح السنة الزكية الطاهرة،
وأحيوا آثار العترة الظاهرة. والصلاة على خير خلق الله محمد وآله بحور العلم
الزاخرة، وفلك النجاة الباخرة، في لجج أهوال الدنيا والآخرة.
أما بعد:
فيقول العبد الراجي فضل ربه ذي المنن ابن السيد العلامة الهادي حسن
المشتهر بالسيد حسن صدر الدين الكاظمي:
هذا هو المجلد الأول من كتاب (تكملة أمل الآمل) الذي ألفه الشيخ

1) وطد الشئ: أثبته وأرسخ دعائمه.
65

الجليل محمد بن الحسن الحر العاملي في أحوال العلماء المتأخرين 1) عن
شيخ الطائفة الشيخ محمد بن الحسن الطوسي، وجعله على قسمين: الأول في
خصوص علماء بلاده وسماه ب‍ " أمل الآمل في علماء جبل عامل "، والثاني في
علماء سائر البلاد وسماه " تذكرة المتأخرين " (2، لكن غلب اسم الأول على
القسمين.
وكان قدس سره اقتصر في القسم الأول بما تيسر له معرفته من بعض الإجازات
ونحوها حيث لم يسبقه أحد في تأليف ذلك، واقتصر في القسم الثاني على
ما في " فهرست " الشيخ منتجب الدين ابن بابويه وما في " معالم العلماء " لابن
شهرآشوب من ذلك، وزاد عليه بعض معاصريه وبعض من عثر على ذكره في
الإجازات وفي " سلافة العصر " للسيد علي خان ونحو ذلك.
وأنا بحمد الله قد وفقت لما يكون ذيلا لكتابه وتكملة في بابه، وذكرت
الكثير ممن لم يذكره أو أغفله ممن تقدم (عليه) أو عاصره، وقد ذكرت من تأخر
عنه إلى هذا العصر. فجاء كتابا ضخما في ثلاث مجلدات: واحد في تكملة
القسم الأول، ومجلدين كبيرين في تكملة القسم الثاني.
وربما ذكرت بعض من ذكره في الأصل، حيث لم يوف ترجمته وعثرت
على ما لم يعثر عليه أو عثر عليه ولم يرجح ذكره للاختصار، فأذكر العبارات
الشاردة والفوائد المتبددة في تراجم من ذكره في القسمين 3) المذكورين. فجاء
كتابا تاما في بابه حسبما سهله الله تعالى. والله ولي التوفيق.

1) لم يقتصر في القسم الأول من كتاب الامل على العلماء المتأخرين عن الشيخ
الطوسي.
2) الصحيح " تذكرة المتبحرين في العلماء المتأخرين ". راجع أمل الآمل 1 / 3.
3) في الأصل " من القسمين ".
66

وتبعته في التقسيم والتبويب وذكر الأسماء، حيث أنه ذكر الأسماء المبتدأة
بمحمد مثل " محمد باقر " و " محمد تقي " و " محمد علي " و " محمد حسين "
وأمثالها في باب حرف الميم مع المحمدين، والمبدأ بعلي مثل " علي محمد "
و " علي أكبر " في باب حرف العين مع العليين، وكذلك المبدأ بحسن
ك‍ " حسن علي " أو الحسين ك‍ " حسين علي " في باب حرف الحاء، وهكذا.
وزدت عليه في آخر القسم الثاني باب ذكر النساء وباب من اسمه كنيته
وخاتمة في البلاد التي كانت مراكز العلم للشيعة.
فأقول ومن الله التوفيق:
67

القسم الأول
في علماء جبل عامل
69

باب الألف
(1)
الشيخ إبراهيم بن جعفر العاملي
رأيت بخطه تمليكه لبعض كتب الأدب، وهو من المعاصرين للشيخ الأكبر
كاشف الغطاء في النجف الأشرف.
(2)
الشيخ إبراهيم ابن الشيخ حسن ابن الشيخ محمد علي عز الدين العاملي
الحناويني (1
من العلماء القائمين مقام جده الشيخ محمد علي عز الدين الآتي ذكره.
هاجر الشيخ إبراهيم إلى النجف الأشرف لتحصيل العلم وحظي منه بالحظ

1) نسبة إلى قرية " حنويه " من أعمال صور.
71

الوافر ورجع إلى محله، وهو اليوم أحد علماء بلاده، ويدرس في مدرسة أبيه.
نفع الله به المؤمنين. وله مصنفات 1).
(3) الشيخ إبراهيم ابن الشيخ حسين ابن الشيخ عباس ابن الشيخ حسن ابن
الشيخ عباس ابن الشيخ محمد علي البلاغي العاملي
وهو أول من سافر حاجا من البلاغيين وسكن الشام وسكنت ذريته قرية
الكوثرية من قرى جبل عامل.
عالم فاضل فقيه متبحر، تخرج في الفقه على شيخ الطائفة في عصره الشيخ
جعفر بن خضر صاحب كشف الغطاء، وكان صاحب الترجمة جاور في أوائل
أمره بلد الكاظمين (2.
وهو من بيت قديم في العلم، بيت علم وشرف معروفون بالفقه والأصول
والأدب قديما وحديثا.
(4)
السيد شرف الدين إبراهيم ابن السيد زين العابدين ابن العلامة السيد نور
الدين العاملي الجبعي، جد أسرتنا
فاضل جليل وعالم نبيل، تولد سنة الثلاثين والألف في جبع، وأمه كريمة

1) في الأعيان 2 / 127: توفى في حنويه قرية في ساحل صور سنة 1333 ودفن
بها.
2) نقل في ماضي النجف وحاضرها 2 / 59 عن التكملة: أن المترجم له توفى سنة
الطاعون في الكاظمية سنة 1246. فلاحظ.
72

الشيخ العلامة الشيخ سليمان بن الحسين بن محمد بن أحمد بن سليمان العاملي
النباطي.
قرأ على والده العلامة وعلى بعض أعمامه وعلماء عصره حتى كمل في
العلوم الاسلامية، وتوفي والده وهو في سن ثلاث وأربعين، فقام مقام أبيه في
المرجعية في الاحكام.
وحج في سنة ثمان وسبعين وألف ورجع مريضا، وكان قد ارتحل من جبع
- وهي موطن أسرته ومسقط رأسه - إلى شهور في تلك السنة، وتوفي فيها
سنة ثمانين وألف.
(5)
الشيخ إبراهيم بن سليمان العاملي
ذكره بعض الفضلاء في عداد من استدركهم على الأصل من المتأخرين
عن صاحب الأصل والقريبين لعصره (1.
(6)
الشيخ إبراهيم صادق 2)، حفيد الشيخ إبراهيم يحيى العاملي
عالم فاضل محقق أديب شاعر مفلق، جاء من بلاده إلى النجف وأقام فيها
مدة، وكانت النجف تزهو بأدبه وشعره، وكان له اختصاص ببيت الشيخ كاشف

1) في أعيان الشيعة أن الشيخ إبراهيم هذا توفى سنة 1195، وان الشيخ محمد
النحوي رثاه بقصيدتين والسيد صادق الفحام أرخ عام وفاته.
2) هو الشيخ إبراهيم بن صادق بن إبراهيم بن يحيى بن محمد بن سليمان بن نجم
المخزومي العاملي.
73

الغطاء، وله فيهم الشعر الذي تتحير به العقول والألباب، وبعد سنين رجع
بالأهل والعيال إلى بلاده وأصابته في الطريق مصائب.
ولما دخل البلاد عرفوا قدره، فعلا فيها ذكره وتقرب إلى البكوات 1)
فأحلوه محله، خصوصا علي بيك أمير البلاد، وكان يكرمه غاية الاكرام ويعزه
غاية الاعزاز، وله فيه الشعر الرائق.
كان الشيخ إبراهيم جالسا ذات يوم عند الأمير علي بيك، فشكى علي بيك
البرغوث ليلة أمس، فقال له الشيخ إبراهيم على البديهة:
أتخشى لسع برغوث حقير * وفي أثوابك الغراء ليث
فلم يدنو لك البرغوث الا * لأنك للورى بر وغوث
فأجازه بمائة ليرة.
ومن شعره قوله:
تجنب رياض الغور من أرض بابل * فثم قدود يانعات وأحداق
وإياك إياك الغوير وقربه * وقلبك فاحفظ ان طرفك سراق
وبات ليلة في ذي الكفل 2)، فكان إذا غطى رأسه باللحاف أكلته البراغيث
وإذا أخرج وجهه أكله البق، فأنشد:
وليلة باتت براغيثها * ترقص إذ غنى لها البق
قد كدت من حزني وأفراحها 3) * انشق لولا الفجر ينشق
وله مؤلفات جليلة نظما ونثرا لا يحضرني تفصيلها. وتوفي على الظاهر في

1) جمع " بك بيك "، وهو لقب تركي يعطى للشخصيات السياسية والاجتماعية.
2) ناحية بعد الكوفة في طريق الحلة، فيها قبر ينسب إلى نبي الله ذي الكفل.
3) في الأصل " فمن حزني وأفراحها قد كدت "، وهو غير مستقيم.
74

عشر الثمانين بعد المائتين وألف (1.
وله ولد فاضل العلماء الاجلاء، وسيأتي ذكره انشاء الله تعالى، وهو
الشيخ عبد الحسين.
(7)
الشيخ إبراهيم بن ضياء الدين بن شمس الدين حسن بن زين العابدين
العاملي، من ذرية الشهيد الأول
وصفه أخوه الشيخ شرف الدين في اجازته للفاضل التبريزي ب‍ " الزاهد
العابد، ذو الرأي السديد والفعل الشفيق الحميد "، وأنه يروي عنه، وتاريخ
الإجازة سنة (1178) ثمان وسبعين ومائة بعد الألف.
(8)
الشيخ إبراهيم بن عبد العالي الميسي العاملي
عالم فاضل جليل، من تلامذة الشيخ علي سبط الشهيد الثاني ابن الشيخ
محمد بن الشيخ حسن صاحب المعالم. عندي كتاب " الدر المنثور " بخط أخيه
الآتي ذكره انشاء الله.
(9)
الشيخ إبراهيم بن علي بن الحسن بن صالح بن إسماعيل العاملي الكفعمي
مولدا اللويزي محتدا الجبعي أبا الحارثي نسبا التقي لقبا الامامي مذهبا كذا

1) في أعيان الشيعة 2 / 144: ولد في قرية الطيبة من قرى جبل عامل سنة 1221
وتوفى بها سنة 1284.
75

ذكر نفسه في كتاب الدروس الذي عندي بخط يده
وهو العالم الكامل المعروف بالكفعمي.
قال في نفح الطيب: الكفعمي نسبة إلى " كفر عما " قرية من قرى أعمال
صفد، كما تقول في النسبة إلى بنى عبد الدار " عبدري " والى حصن كيفا
" حصكفي ". انتهى.
وعن خط الشيخ البهائي محمد بن الحسن بن عبد الصمد الحارثي العاملي:
ان الكف على لغة جبل عامل بمعنى القرية، وعيما اسم لقرية هناك، وأصلها
كف عيما، والنسبة إليها كفعيماوي، فحذف ما حذف لشدة الامتزاج وكثرة
الاستعمال فصار كفعمي. انتهى.
والتحقيق أن كفر بالسريانية بمعنى القرية، ومنه كفر ثوثي وكفر عاقب،
وأكثر من تلكم بها أهل الشام لسبق السرياني في سوريا، فهي قرى تنسب إلى
رجال ذلك العصر القديم 1). وأما كفر عما هل هي من قرى صفد أو من قرى
عاملة فلا أتحققه ولم يبلغني في قرى البلاد كفر عما (2.
وقبر الكفعمي رحمه الله في قرية جبثيث من قرى جبل عامل، ظاهر يزار
إلى الان. وحدثني بعض الأجلة الثقات أن قبره كان مخفيا وظفر (به) في المائة
الحادية عشر، وله حكاية غريبة مشهورة. وأيضا قد روى هذه الحكاية سيدنا آية الله

1) في تاج العروس 3 / 526 بعد أن ذكر ما يشبه ما هنا: وأما الان فيطلقون الكفر
على كل قرية صغيرة بجنب قرية كبيرة، فيقولون القرية الفلانية وكفرها، وقد تكون القرية
الواحدة لها كفور عدة...
2) قال الحموي: عما بفتح أوله وتشديد ثانيه والقصر: اسم أعجمي لا أدريه الا أنه
يكون تأنيث رجل عم وامرأة عما، من العمومة أخو الأب مثل سكر وسكرى، وهو " كفر عما "
صقع في برية خساف بين بالس وحلب. معجم البلدان 4 / 148.
76

العلامة السيد صدر الدين العاملي عن بعض الثقات من أهل البلاد 1).
وكان هذا الشيخ واسع الاطلاع، ذكره في الأصل 2) ولم يذكر طول باعه
في الأدب وسرعة بداهته في الشعر والنثر.
قال في رياض العلماء عند ذكره: له يد طولى في أنواع العلوم، سيما
العربية والأدب، جامع حافل كثير التتبع (في الكتب)، وكان عنده كتب كثيرة
جدا، وأكثرها من الكتب الغريبة اللطيفة المعتبرة. وسماعي أنه قدس سره ورد
المشهد الغروي وأقام به وطالع في كتب الخزانة الغروية، ومن تلك الكتب
ألف كتبه الكثيرة في أنواع العلوم، ومن تلك الكتب مؤلفاته وتصانيفه 3)،
فان له " بديعية " و " شرحها " تدل على كماله في الأدب.
وله مصنفات غير ما ذكر في الامل: كتاب " المقصد الأسنى في شرح الأسماء
الحسنى "، ورسالة في " محاسبة النفس "، وكتاب " نهاية الإرب في أمثال
العرب " في مجلدين قيل لم ير مثله في معناه، وكتاب " قراضة النظير في التفسير "
وهو تلخيص مجمع البيان، وكتاب " صفو الصفات في شرح دعاء السمات "
وكتاب " فروق اللغة " وهو كتاب جليل في موضوعه يدل على تبحره في علم
اللغة، وكتاب " المنتقى في العوذ والرقى "، وكتاب " الحديقة الناضرة "،
وكتاب " نور حدفة البديع ونور حديقة الربيع " في شرح بعض قصائد العرب
المشهورة، وكتاب " النخبة "، وكتاب " فرج الكرب وفرح القلب " في علم
الأدب بأقسامه عشرين ألف بيت، و " الرسالة الواضحة في شرح سورة الفاتحة "
وكتاب " العين المبصرة "، وكتاب " الكوكب الدري "، ورسالة في " تاريخ

1) انظر القصة باختصار في أعيان الشيعة 2 / 184.
2) أمل الآمل 1 / 28.
3) إلى هنا في الرياض 1 / 21.
77

وفيات العلماء "، وكتاب " ملحقات الدروع الواقية "، وكتاب " مجمع الغرائب "
وكتاب " لمع البرق " ينقل عنه المولى محمد مؤمن في كتاب " مطلع السعدين "
وكتاب " مشكاة الأنوار "، وله " مجموع الغرائب " وكتاب " اللفظ الوجيز
في قراءة الكتاب العزيز ".
وله مجموعة كبيرة كثيرة الفوائد مشتملة على مؤلفات عديدة اتمام كتابة
بعضها سنة ثمان وأربعين وثمانمائة وتاريخ بعضها سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة،
وفيها عدة كتب من مؤلفاته أيضا، منها كتاب " اختصار الغريبين " للهروي،
وكتاب " اختصار مقرب اللغة "، " اختصار كتاب غريب القرآن " لمحمد بن
عزيز السجستاني، وكتاب " اختصار جوامع الجامع " للطبرسي، و " اختصار
كتاب علي بن إبراهيم القمي "، و " اختصار زبدة البيان مختصر (مجمع)
البيان للطبرسي " للشيخ زين الدين البياضي، و " اختصار علل الشرائع "
و " اختصار المجازات النبوية " للسيد الرضي، و " اختصار كتاب الحدود
والحقائق " في تفسير الألفاظ المتداولة في الشرع وتعريفها، وله كتاب " حياة
الأرواح ومشكاة الصباح " وهو على ثمان وسبعين بابا في اللطائف والاخبار
والآثار فرغ منه سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وله كتاب " التلخيص " في المسائل
العويصة من الفقه، وله " مختصر نزهة الألباء في طبقات الأدباء "، وله كتاب
" اختصار لسان الحاضر والنديم " 1).
وله شعر كثير وقصائد طوال وأراجيز جيدة، منها قصيدة رأيتها في مدح
أمير المؤمنين عليه السلام تبلغ مائة وتسعين بيتا أنشدها عند قبره الشريف لما
زاره يذكر فيها يوم الغدير، ومنها أرجوزة في مائة وثلاثين بيتا في الأيام المستحب
صومها، وختم بديعته بخطبة فيها تحريره في مدح سيد البرية تورياتها في السور

1) رياض العلماء 1 / 21 - 25 مع تصرف واختصار.
78

القرآنية، شفعها بقصيدة على سور القرآن في مدح سيد ولد عدنان، وأوردهما
الفاضل المغربي احمد في نفح الطيب في صفحة تسعين وثلاثمائة من الجزء
الرابع، وذكر له بعد ذلك نظما في أسماء الكتب، وهو قوله:
يا طريق النجاة بحر فلاح * أنت دفع الهموم والأحزان
أنت أس التوحيد عدة داع * ثم روح الاحياء فلك المعاني
نهج حق ونثر در نبيه * ورياض الآداب ذكرى البيان
فائق رائع مسرة راض * منتهى السؤل جامع للأماني
نزهة عدة ظرائف لطف * روضة منهج جنان الجنان
فصحاح الألفاظ فيه تلقى * وشذور العقود والمرجان
وهو قوت القلوب نهج جنان * وكنوز النجاح والبرهان
فناسب بين أسماء الكتب وقصده غير ذلك.
ومنها رسالته إلى قاضي القضاة ابن القرقوري يخرج منها قصيدة:
" يقبل الأرض وينهي (سلام) عبد لكم (محب) وعلى الألفة منكب
(لو بدا) للناظرين (عشر) معشار (شوقه) وغرامه (لطبق) ذلك (ما بين آفاق)
السماوات السبع (والأرض) لشدة هيامه (تراه) حقا (لكم) حانيا (بالأمن)
والسرور (والسعد) والحبور (داعيا) لا جرم (وهذا) الثناء المتوالي و (الدعاء)
للمقام العالي (لا شك من لازم الفرض) ملكك الله تعالى أزمة البسط والقبض،
(وأنجاك) ربي من المصاعب (في) دينك و (دنياك) وأنقذك (من) شر (كل)
صغير (شدة) وكبيرها (وأرضاك)، وجعلك أمينا (في) الأرض إلى (يوم
القيامة) والنشور (والعرض كما أنت) أمن (لي) من المخاوف و (عون)
في كل شدة (وغوث) ملجأ (وعدة)، وأنجحت آمالي (ووفرت) باخدامك
(لي مالي)، وأحسنت قرضي (ووفرت) باجلالك (لي عرضي. وينهي)
79

المملوك (إلى) سيده (قاضي القضاة) وكافي الكفاة (بأن) المتولي الأمين
(ذا) الفخر المبين (علي بن) المرحوم (فخر الدين) قوله (في أمركم)
العالي (مرضي) وفعله مقتضى (ومدحكم) عليه (فرض) واجب (يراه) أبدا
(لسانه) ويذكر المناقب (وحبكم) له واختياركم (إياه) دال بأنه أمير حكيم
(شاهده) حقا (يقضي) بجعله على خزائن الأرض انه حفيظ عليم، (حديث)
مدح (سواكم) ليس من مدائحه و (لا يمر) أبدا (بقلبه) وجوارحه، (وان
مر) في خاطره (لا يحلو) قاطعا (وحكمكم) عليه شرعا ومرسومكم (يمضي)
وأمركم يقضي (يتيه) سرورا (به) رؤساء الشام و (من في القبيبات) من
الأنام (عزة) وعلوا (لخدمته) الشريف (إياك) ولأنه (يا قاضي) قضاة الدين
و (الأرض) لا يريد سواك، (فان يك) الخادم المذكور (في) بعض (أفعاله)
غافلا (أو) في (مقاله) غير كامل و (عصاكم) في بعض الامر (فعين العفو)
والستر (عن ذنبه) لا جرم (تغضي) وهو بتوبته إليه يفضي. (وسلام) الله
(عليكم) ورحمته لديكم (كلما) نطق (ناطق) أو (ذر) في المشارق (شارق)
وما دارت الأفلاك (وسبحت) بلغاتها (الأملاك في) فسيح (الطول) ورحب
(العرض) دوما ما بين السماء والأرض ".
وهذه أبيات القصيدة المتولدة من هذه الرسالة التي كتبتها بالحمرة:
سلام محب لو بدا عشر شوقه * لطبق ما بين السماوات والأرض
تراه لكم بالأمن والسعد داعيا * وهذا الدعا لا شك من لازم الفرض
وأنجاك في دنياك من كل شدة * وأرضاك في يوم القيامة والعرض
كما أنت لي عون وغوث وعدة * ووفرت لي مالي ووفرت لي عرضي
وينهي إلى قاضي القضاة بأن ذا * علي بن فخر الدين في أمركم مرضي
ومدحكم فرض يراه لسانه * وحبك إياه شاهده يقضي
80

حديث سواكم لا يمر بقلبه * وان مر لا يحلو وحكمكم يمضي
يتيه به من في القبيبات عزة * لخدمته إياك يا قاضي الأرض
فان يك في أفعاله أو مقاله * عصاكم فيعين العين العفو عن ذنبه تغضي
سلام عليكم كلما ذر شارق * وسبحت الأملاك في الطول والعرض
ومن الأسف أني لم أعثر إلى اليوم على تاريخ تولد هذا الفاضل ولا على
تاريخ وفاته، غير أنه فرغ من تأليف كتابه المعروف بالمصباح خمس وتسعين
وثمانمائة، وفرغ من نسخ كتاب الدروس للشهيد وهو عندي بخطه وعليه قراءته
وبعض حواشيه خمسين وثمانمائة، ولا أظنه ينقص عن الثلاثين عند فراغه من
الدروس، فيكون يوم فراغه من المصباح في حدود الخمس وسبعين (1. وكيف
كان فهو من علماء القرن التاسع، ووفاته اما في آخر هذا القرن أو أوائل القرن
العاشر كما قال في كشف الظنون عند ذكر كتاب " نور حدقة البديع ونور حديقة
الربيع " أنه توفي سنة 905 خمس وتسعمائة. والله أعلم.
وكان معاصرا للشيخ زين الدين البياضي صاحب " الصراط المستقيم ".
بل في الرياض كان من تلامذته ويروي عنه وعن والده وعن جماعة عديدة.
رضي الله عنه وعنهم.
وقال في الرياض في الثناء على الكفعمي: العالم الكامل الفقيه المعروف
بالكفعمي، من أجلاء علماء الأصحاب، كان عصره متصلا بزمن خروج الغازي
في سبيل الله الشاه إسماعيل الماضي الصفوي، ويروي الكفعمي " ره " عن
جماعة عديدة منهم والده، وله عفى الله عنه يد طولى في أنواع العلوم. إلى
آخر ما مر من كلامه 2).

1) في أعيان الشيعة 2 / 184: ولد سنة 840 كما استفيد من أرجوزة له في علم
البديع ذكر فيها أنه نظمها وهو في سن الثلاثين وكان الفراغ من الأرجوزة سنة 870.
2) رياض العلماء 1 / 21.
81

(10)
الشيخ إبراهيم بن علي بن موسى العاملي
رأيت بخطه كتاب صلاة الوسائل، فرغ من كتابه لنفسه في آخر شهر شوال
من سنة 1080 (وهو) (1 من تلامذة الشيخ الحر ومعاصريه، وقد نسخ ذلك
في حياة الشيخ الحر المؤلف، وعلى النسخة خط المؤلف وتصحيحه. بالجملة
يظهر أنه من العلماء.
(11)
الشيخ ظهير الدين أبو إسحاق إبراهيم ابن الشيخ نور الدين أبى القاسم
علي ابن تاج الدين عبد العالي الميسي العاملي
فقيه عالم جليل، من علماء دولة السلطان شاه طهماسب الصفوي. ذكره
المولى عبد الله في الرياض والعلامة المجلسي " ره " في إجازات البحار.
قال في رياض العلماء: وهو ولد الشيخ علي الميسي المشهور الذي أجازه
الشيخ علي الكركي وأجاز هو الشهيد الثاني. ويروي الميرزا محمد الاسترآبادي
صاحب الرجال الكبير عن الشيخ إبراهيم هذا عن والده الشيخ علي المذكور
على ما يظهر من آخر رجاله الكبير ومن إجازاته للمولى محمد أمين الاسترآبادي.
ثم اعلم أن المولى (عبد الله بن المولى) 2) محمود التستري ثم الخراساني
المقتول المشهور بالشهيد الثالث أيضا يروي عن الشيخ إبراهيم هذا، وكذلك

1) بياض في الأصل بمقدار كلمات.
2) الزيادة من المصدر ولابد منها، انظر رياض العلماء 3 / 248، أعيان الشيعة
1 / 196.
82

المولى احمد الأردبيلي أيضا على ما يظهر من إجازة الشيخ محمد تقي الغروي
للشيخ محمد بن خليفة الجزائري.
واعلم أن الشيخ علي الكركي قد أجاز هذا الشيخ إبراهيم ووالده حين
استجازه لنفسه ولولده على الخصوص بإجازة ذكرناها في ترجمة والده، وكان
من جملتها ما لفظه " إجازة عامة لنجله الأسعد الفاضل الأوحد ظهير الدين أبى
إسحاق إبراهيم أبقاه الله تعالى في ظل والده الجليل دهرا طويلا " 1).
وهذا الشيخ من مشاهير علماء جبل عامل مذكور في الأصل ومذكور في
سند إجازاته كما يظهر من آخر وسائله (2، فإنه يروي عنه بثلاث وسائط. وقد
وفقنا الله تعالى لذكره أيضا.
ولم أعثر على تواريخه، والأسف أن ضبط التواريخ وكتاب الطبقات لم
يكن مألوفا عند علمائنا رضي الله عنهم لاشتغالهم بالأهم من أمور الدين،
بخلاف المرتزقين في كتابه ذلك.
(12)
السيد إبراهيم ابن السيد عيسى ابن السيد محمد علي ابن السيد صالح ابن
السيد محمد ابن السيد إبراهيم شرف الدين ابن السيد زين العابدين بن نور الدين
الموسوي العاملي، ابن عمي الصميم

1) رياض العلماء 1 / 20.
2) أمل الآمل 1 / 29، وسائل الشيعة 20 / 50 و 53 ففي الموضع الثاني ذكر
سنده هكذا: وعنه (يريد المولى محمد باقر المجلسي) عن الأمير شرف الدين على،
عن مولانا الاجل ميرزا محمد بن علي الاسترآبادي، عن شيخه الشيخ إبراهيم بن علي بن
عبد العالي العاملي الميسي، عن أبيه.
83

كان عالما فضال ذكيا عالي الفهم جدا، عدل عن علم الأديان إلى علم
الأبدان وصار من أعلام علمائه، وله فيه العلاجات المستحبة.
كان تولده بطهران، ثم أخذته أمه إلى تبريز مدة، ثم رجعت به إلى العراق،
ثم رجع إلى طهران، ثم جاء إلى العراق وبقي مدة سنين، ثم رجع إلى إيران،
وبعدها سكن قم، ثم ارتحل وسكن أبهر من بلاد خمسة ومات بها سنة 1313.
وله تصانيف في فنون شتى، وأعقب ولدين السيد إسماعيل والسيد عباس،
مات السيد إسماعيل في المسيب على جانب الفرات في القرنتينة 1) حيث كان
جاء للزيارة وكانت أيام مرض في كربلا شديد فوضعت الحكومة القرنتينة وحبس
فيها الزوار هنا فتوفي، وكانت وفاته سنة 1321.
(13)
الشيخ إبراهيم بن محمد (بن) (2 علي بن محمد الحرفوشي العاملي الكركي،
نزيل المشهد المقدس الرضوي، المتوفى سنة 1080
ذكره في الأصل 3)، وهو صاحب رواية حديث قاضي الجن بطرقه التي
أخرجها في بعض مجاميعه، قال: حدثني المولى الفاضل الجليل مولانا تاج الدين
حسن الأصفهاني، قال حدثنا المولى المحقق خواجة جمال الدين محمود البغدادي (4

1) المصح الذي يؤسس في الحدود أو المطارات أو الأمكنة العامة عند ظهور مرض
مسر يخاف سرايته بين الناس، فيبقى المسافر أو غيره في هذا المصح للاستشفاء وعدم نقل
العدوى، ويلفظ في بعض البلدان " الكرنتينه " أيضا.
2) الزيادة ليست في الأصل، وانظر أعيان الشيعة.
3) أمل الآمل 1 / 30.
4) كذا في الأصل، وفي الأعيان " السدادى ".
84

السلماني، قال حدثنا المولى العلامة جلال الدين بن أسعد الدواني 1) الشيرازي.
وأخبرني السيد الفقيه الصدر السعيد الشاه أبو الولي ابن السيد المحقق الشاه
محمود الحسني الشيرازي، قال أخبرني المولى المحقق مولانا خواجة جمال
الدين محمود، قال أخبرني العلامة الدواني. وأخبرني أيضا المولى المحقق
المدقق الشيخ منصور المشتهر براست كو (2 شارح تهذيب الوصول إلى علم
الأصول، عن واحد، عن العلامة الدواني، قال أخبرني مشافهة السيد الإمام
حقيقة الأئمة الاعلام السيد صفي الدين بن عبد الرحمن الحسيني الإيجي حديث
(قاضي) (3 الجن عن رسول الله صلى الله عليه وآله: " من تزيى بغير زيه
فقتل فلا قود ولا دية ". وصلى الله على سيدنا محمد وآله. انتهى (4.
والغرض أن صاحب الترجمة ممن كان وصل إلى خدمة هؤلاء العلماء الاجلاء،
وأنه في طبقة الفاضل الهندي صاحب كشف اللثام، لأنه يروي عن الشيخ تاج
الدين الأصفهاني والد الفاضل المذكور.
(14)
الشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي
وجدت بخط بعض البغداديين ما صورته: للشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي
الشيعي المتوفى سنة عشرين ومائتين وألف من الهجرة منظومة في علم الكلام،
وكان بغدادي المسكن.

1) في الأصل " الذراني " وتعرف خطأه من بقية السند.
2) أي الصادق القول.
3) زيادة منا لازمة.
4) انظر أعيان الشيعة 2 / 216.
85

أقول: كان قد فر من بلاده من ظلم الجزار وأقام بدمشق، ولما غلب احمد
الجزار على دمشق تركها الشيخ وهاجر إلى العراق، كان سكن بغداد. والرجل
من أجلاء العلماء والمتكلمين والأدباء المشاهير والشعراء المجيدين (1.
ومن منظومته في الكلام قوله " ره ":
ولا تقل كلامه قديم * فإنه شرك به عظيم
لأنه مركب من أحرف * حادثة حروفها غير خفي
وكل ما يذكره الجمهور * من الكلام فرية وزور
ومنها قوله:
وما نسبناه من الصفات * له تعالى فهو عين الذات
ومنها قوله:
فان هذا يقتضي علانيه * بأن تكون الشركا ثمانية
ومنها قوله:
وهي على التحقيق شئ واحد * والعقل والنقل بذاك شاهد
ومنها قوله:
ومقتضى الحكمة كل حين * وجود شخص كافل للدين
وكل ما يلزم في النبي * من صفة يلزم في الوصي
فحاله كحاله وانفردا * بالوحي من كان النبي المرشدا

1) عنونه في أعيان الشيعة 2 / 237 بعنوان " الشيخ إبراهيم بن يحيى بن محمد بن
سليمان العاملي الطيبى نزيل دمشق "، وقال: ولد سنة 1154 بقرية الطيبة من جبل عامل،
وتوفى سنة 1214 بدمشق عن 60 عاما، ودفن بمقبرة باب الصغير شرقي المشهد المنسوب
إلى السيدة سكينة، وكان له قبر مبنى وعليه لوح فيه تاريخ وفاته رأيته وقرأته فهدم في
زماننا.
86

ومنها قوله:
الحسن والقبيح عقليان * عند ذوي العقول والعرفان
وليس ينفي ذين الا قاصر * عن رتبة الادراك أو مكابر
ألا ترى حكم ثقات الدين * والشرع بالتقبيح والتحسين
الجبر والتفويض دل العقل * أنهما خلف ودل النقل
وكيف لا وأول القولين * يقضي على الله بكل شين
مقالة أقبح بها مقاله * نعوذ بالله من الضلالة
والقول بالتفويض شر قيل * لأنه يفضي إلى التعطيل
والحق أمر بين أمرين كما * رواه عن آل النبي العلما
ومنها في المهدي عليه السلام:
امامنا الحي الذي لا يجحد * حياته الا الغوي الملحد
وكيف ينفى كونه أو يدفع * والعقل والنقل بذاك يصدع
ومن شعره في التشوق إلى وطنه:
من لي برد مواسم اللذات * والعيش بين فتى وبين فتاة
ورجوع أيام مضين بعامل * بين الجبال الشم والهضبات
عهدي بهاتيك المعاهد والدمى * فيهن مثل الحور في الجنات
والشمل مجتمع واخوان الصفا * أحنى من الاباء والأمهات
والروض أفيح والجناب ممنع * والورد صاف والزمان مواتي
إذ لا ترى الا كريما كفه * والوجه عين حيا وعين حياة
أو مولعا بالجود تفهق قدره 1) * ويداه بالمعروف في اللزبات 2)

1) الفهق: الاتساع، وتفهق قدره: تتسع.
2) اللزبات: الشدائد، واحدها اللزبة، وهي الشدة والقحط.
87

تختال في المغنى الرحيب ضيوفه * ان الكرام رحيبة الساحات
أو فارسا يغشى الوغى بمهند * ينقض مثل النجم في الهبوات
يجلو بهمته الخطوب إذا دجت * ان الهموم تزول بالهمات
ما دام في قيد الحياة فدهره * يومان يوم وغى ويوم هبات
(وإذا مضى لم يبق غير مكرم * ومطهم ومخذم وقناة) (1
أو عالما حبرا إذا خضخضته * حشد المحيط عليك بالغمرات
وإذا اقتبست النور من مشكاته * أهدى إليك البدر في الظلمات
أو عابدا لله تعظيما له * لم يعن بالرغبات والرهبات
يخشى الاله وما أصاب محرما * فكأنما يخشى من الحسنات
(حتى إذا سيم الهوان رأيته * كالليث أيقظه نطاح الشاة)
أو شاعرا ذرب اللسان تخاله * قحا ترعرع في الزمان العاتي
يأتي بكل غريبة وحشية * نشأت مع الارآم في الفلوات
ويصوغ كل بديعة حضرية * مصقولة الجنبات كالمرآة
(ان قال بذ القائلين وقصروا * عن درك سباق إلى الغايات)
لهفي على تلك الديار وأهلها * لو كان تنفع غلتي لهفات
خطب دعاني للخروج من الحمى * فخرجت بعد تلوم وأناة
وتركته خوف الهوان وربما * ترك النمير مخافة الهلكات 2)
كان الشيخ إبراهيم تخرج في العلم على السيد أبو الحسن ابن السيد حيدر

1) المطهم: البارع الجمال من كل شئ، ومنه الجواد المطهم، وهو التام الحسن.
المخذم من السيوف: القاطع.
2) هذه القصيدة طويلة مذكورة في أعيان الشيعة 2 / 245، والابيات الزائدة أضيفت
منه.
88

الأمين صاحب المدرسة في قرية شقرا التي قيل إنها حوت من الطلاب فوق
الثلاثمائة فيهم الفضلاء الاجلاء.
وله ابن اسمه الشيخ محمد من العلماء الاجلاء، ذكره بعض علماء جبل
عامل فيما كتبه فيه ذيلا على أمل الآمل.
(15)
الشيخ أحمد بن سليمان العاملي النباطي
كان من العلماء المعاصرين للمحقق الكركي الشيخ علي بن عبد العالي.
وصفه تلميذه الشيخ علي بن هلال الكركي ب‍ " الشيخ الأمجد الأفضل الأعلم
الأجل الأورع " عند اجازته للمحقق ملك محمد الأصفهاني المذكورة في
إجازات البحار، وتاريخها سنة أربع وثمانين وتسعمائة 1). وتتبع لعلك تعثر
على أكثر من هذا (2.
وصاحب الترجمة من أجداد الشيخ الفقيه العلامة الشيخ أحمد بن الحسين
ابن محمد بن أحمد بن سليمان النباطي، وأحد أساتيد جدنا الاعلى السيد محمد
ابن شرف الدين، وأيضا الجد الاعلى للشيخ الفاضل الفقيه الشيخ سليمان بن
الحسين بن محمد بن أحمد بن سليمان النباطي جد جدنا الاعلى السيد شرف
الدين لامه. رحم الله الجميع.

1) انظر البحار 109 / 80 - 83، ولكن فيه " الشيخان الأمجدان الأفضلان الأعلمان
الأكملان الأورعان الشيخ احمد البيضاوي النباطي والشيخ أحمد بن خاتون العينائي العاملي ".
فلاحظ.
2) مذكور في أمل الآمل 1 / 33.
89

(16)
الشيخ أحمد بن الحر العاملي
من العلماء المتأخرين عن صاحب الأصل، ذكره بعض العامليين المعاصرين
للسيد نصر الله (المدرس الحائري).
(17)
الشيخ احمد رضا العاملي النباطي 1)
أحد أفاضل العصر وحسنات الزمان، له قلم عال في تحقق الحقائق، وهو
صاحب " رسالة الخط " وغيرها من الرسائل التي أخرجتها مجلة العرفان وقرت
بها عيون الزمان 2).
زاد الله جل جلاله في توفيقه لنصرة الدين وكثر أمثاله في المؤمنين.
(18)
الشيخ احمد السبيتي
هاجر من البلاد إلى النجف في طلب العلم، واشتغل على علماء النجف
وحصل وصاهر الشيخ حسين الكركي فلم تطل أيامه فتوفي في بلاده وهو شاب.
رحمة الله عليه.

90...
1) هو أحمد بن إبراهيم بن الحسين بن يوسف بن محمد رضا العاملي.
2) ولد ونشأ بالنبطية سنة 1289، واشتهر في الأبحاث اللغوية والأدبية، وكان عضو
المجمع العلمي العربي بدمشق، وتوفى بالنبطية سنة 1372. انظر الأعلام للزركلي 1 / 125.
90

(19)
الشيخ احمد العاملي، نزيل النجف الأشرف
كان من أجلة العلماء، أكثر النقل عنه العالم الفاضل شمس الدين محمد
الرضوي في كتابه " حبل المتين في مناقب أمير المؤمنين " عليه السلام. كان
في عصر السلطان طهماسب المتأخر الصفوي.
وكان الشيخ أحمد من معاصرين للسيد نصر الله الحائري الشهيد، فهو
من علماء المائة الثانية عشر من الهجرة أول زمان سلطنة نادر شاه.
(20)
الشيخ احمد الغولي العاملي
من العلماء الأجلة، ذكره بعض علماء جبل عامل في ذيل أمل الآمل.
(21)
الشيخ احمد القبيسي العاملي
من العلماء المتأخرين عن صاحب الأصل المقاربين له. ذكره بعض العلماء
المعاصرين للسيد نصر الله الحائري الشهيد المتوفى حدود سنة ستين ومائة بعد
الألف.
(22)
الشيخ جمال الدين أحمد بن إبراهيم بن الحسين الكوثراني العاملي، من
تلامذة الشهيد الأول
91

وصفه الشهيد في اجازته له ب‍ " الشيخ الفقيه الزاهد العابد ". وتاريخ الإجازة
سنة سبع وخمسين وسبعمائة في ثاني عشر شعبان (في نفر) 1) عند قراءتهم
عليه علل الشرائع للصدوق، وقد وجد الإجازة بخط الشهيد المولى عبد الله بن
عيسى الشهير بالأفندي صاحب رياض العلماء قدس سره.
(23)
الشيخ أحمد بن أبي جامع العاملي الحارثي الهمداني النجفي
ذكره في الأصل (2، وهو أبو أسرة جليلة في العلم، خرج منهم جماعات
من العلماء الأجلة.
وكان هذا الشيخ في عصر المحقق الكركي، وله منه إجازة.
ورأيت تفسير الوجيز لحفيده الشيخ علي بن الحسين بن أحمد (3، سلك
فيه طريق الايجاز في التعبير، مشيرا إلى أكثر الأقوال المحتملة من وجوه التفسير
منبها على قليل من النكت، معربا عما يتوقف عليه فهم المعنى من وجوه الاعراب،
مقتصر على ذكر قراءة السبع المشهورة، وربما ذكر غيرها في مواضع يسيرة.
وبالجملة لا نظير له في التفاسير الموجودة، والنسخة التي رأيتها فرغ ناسخها
سنة سبع وأربعين ومائة بعد الألف، وهو في (616) صفحة بقطع الربع
الوزيري.
وهذا التفسير الوجيز يدل على تمام فضل صاحبه وطول باعه في العلوم

1) كلمة شطب عليها في الأصل.
2) أمل الآمل 1 / 30.
3) الصحيح " على بن الحسين بن محيي الدين بن عبد اللطيف بن علي بن أحمد بن أبي
جامع ". أنظر الذريعة 25 / 44.
92

جميعا، وليته يطبع لتفتخر به الإمامية. وربما نسب إلى صاحب الترجمة، لكن
المصرح به في أوله انه لعلي بن الحسين.
ثم إن هذا الشيخ يروي عن أستاذه المحقق الكركي، وله منه إجازة
أخرجها العلامة المجلسي في إجازات البحار وقد رأيتها (1، وقد أثنى المحقق
عليه ثناءا حسنا وذكر أنه ورد عليه من جبل عامل مهاجرا للعلم في النجف
الأشرف، وتاريخ الإجازة جمادى الآخرة (2 ثمان وعشرين وتسعمائة.
وآل محيي الدين في النجف من ذرية هذا الشيخ، وسيأتي انشاء الله ذكر
بعضهم من المتأخرين عن صاحب الأصل من ذرية صاحب الترجمة.
(24)
الشيخ محيي الدين احمد 3) بن تاج الدين الميسي العاملي 4)
كان من أجلة علماء عصره ومشايخ الإجازة في وقته، من تلامذة الشهيد
الثاني، وقد كتب له إجازة، فهو يروي عنه وعن الشيخ الجليل الشيخ زين الدين
الفقعاني وعن الشيخ الفاضل شهاب الدين أحمد بن خاتون العاملي العيناثي.
ويروى عنه غير واحد من العلماء:

1) البحار 108 / 60 - 63.
2) الصحيح ثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رجب.
3) في متن البحار ومصورة المخطوطة المطبوعة معه " محيي الدين بن أحمد " في
أول الإجازة وتوقيع المجيز في آخرها. وكذلك ورد في إجازة المولى محمود اللاهجاني
للسيد صدر جهان (البحار 108 / 176)، واجازته للسيد عماد الدين على بن هاشم
(البحار 108 / 183).
4) مذكور بهذا العنوان في أمل الآمل 1 / 31.
93

منهم المولى محمود بن محمد بن علي اللاهجاني تلميذ الشهيد الثاني، كتب
صاحب الترجمة للشيخ محمود المذكور إجازة أخرجها العلامة المجلسي " ره "
في كتاب الإجازات من البحار تاريخها أواخر ربيع الثاني من سنة أربع وخمسين
وتسعمائة بالحائر 1).
ومنهم ابن بنته وسبطه الشيخ نجيب الدين علي بن محمد بن مكي بن عيسى،
فإنه يروي عنه كما صرح به في اجازته للسيد العلامة السيد حسين بن السيد حيدر
الكركي، قال " وعني وعن جدي 2) لأمي الشيخ الا واحد محيي الدين (بن)
احمد الميسي عن الشيخ علي بن عبد العالي العاملي الميسي بطرقه " (3.
(25)
الشيخ أحمد بن الحسن الحر العاملي، أخو الشيخ الحر صاحب الأصل
لأبيه وأمه
وقد ذكره في الأصل 4)، وذكر له مصنفاته، وذكر منها كتاب " التاريخ
الكبير " وكتاب " التاريخ الصغير " ولم يسمهما، وعندي كتاب " الدر المسلوك
في أحوال الأنبياء والأوصياء والخلفاء والملوك " بخط الشيخ احمد المذكور
وقلم يده، وهو في مجلدين، وقد وصل في المجلد الأول إلى آخر أيام الأمم

1) البحار 108 / 173.
2) في البحار " وعنى عن أبي عن جدي لأمي. "، وكذا في صورة المخطوطة
المطبوعة معه، فعلى هذا الشيخ نجيب السبط لا يروى عن جده لامه، بل محمد بن مكي
- أبوه - هو الذي يروى عن الشيخ محيي الدين. فلاحظ.
3) البحار 109 / 162 - 164.
4) أمل الآمل 1 / 31.
94

من العرب والعجم، وجعل الكتاب مبنيا على مقدمة في ابتداء خلق السماوات
والأرض وما بينهما من العجائب، وخمسة أركان: الأول في الأنبياء والمرسلين،
والثاني في الأئمة المعصومين وأعمار المعمرين، والثالث في الملوك المتقدمين
والأمم الماضين، وكل هذا هو المجلد الأول الموجود عندنا. والمجلد الثاني
وآله الركن الرابع في الخلفاء من المسلمين والحكام والسلاطين، والركن
الخامس في وفاة الصاحبة والتابعين والحوادث في الدنيا والدين، وخاتمة
في أحوال آخر الزمان، وفصل في أحوال القيامة والحساب، سهل الله لنا
العثور عليه (1.
(26)
السيد أحمد بن الحسين بن الحسن الموسوي العاملي الكركي
ذكره في الأصل (2 ولم يذكر مصنفاته، له كتاب " اللوامع الربانية في
رد شبه النصرانية ".
وولده ابن خالة الميرزا محمد باقر الداماد، لان أمه بنت الشيخ المحقق
الثاني الكركي علي بن عبد العالي.
(27)
السيد نظام الدين أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي

1) ذكرنا الشيخ احمد الحر هذا في كتابنا تراجم الرجال ص 253، ومما قلنا فيه
أنه ولد سنة 1034، إذ أتم تأليف كتابه في سنة 1086 وهو في الثالث والخمسين من
عمره، وتوفى بعد سنة 1120.
2) أمل الآمل 1 / 32.
95

من وجوه تلامذة الشيخ البهائي العاملي والميرزا محمد باقر الداماد، وكان
صهرا للمير داماد وابن خالته. ذكره في الأصل 1)، وذكر أنهما أجازاه، وكان
تاريخ إجازة الشيخ البهائي خامس عشر جمادى الأولى سنة سبع عشرة وألف 2)
وفي سنة تسع عشرة وألف 3) أجازه المير داماد 4).
وللسيد احمد المذكور حواشي فقهية، و " سيادة الأشرف " و " المنهاج
الصوفية " و " مصقل الصفا في رد النصارى " وكتاب " المعارف الإلهية "
وكتاب " كشف الحقائق " وكتاب " مفتاح الشفا " وكتاب " عروة الوثقى "
وكتاب " النفحات ".
فهو من جبال العلم وأفاضل أهل العلم بالمعقول.
(28)
الشيخ أحمد بن طارق الكركي المحدث
ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال في نقد الرجال، قال بعد الترجمة: روى
عن ابن الطلاية وطبقته، قال الحافظ ضياء الدين شيعي غال، قلت: مات قبل
الستمائة، أجازه شيخنا (5 أحمد بن أبي الخير. انتهى كلام الذهبي (6.

1) أمل الآمل 1 / 33.
2) الإجازة الموجودة في البحار هي بتاريخ الشهر الرابع (ربيع الثاني) 1018.
3) أجاز المير داماد صهره إجازتين أحدهما في منتصف جمادى الأولى 1017
والثانية بالتاريخ المذكور في الكتاب.
4) انظر البحار 109 / 152 - 157.
5) كذا، وفي المصدر " أجاز لشيخنا ".
6) ميزان الاعتدال 1 / 105.
96

وقد أغفل ذكره الشيخ الحر مع أنه عاملي كركي (1.
(29)
الشيخ أحمد بن عبد العالي الميسي العاملي
من العلماء الأفاضل، كان تلميذ الشيخ علي السبط، وعندي كتاب " الدر
المنثور " تصنيف شيخه المذكور بخطه وقلم يده، وهو أخو الشيخ إبراهيم
المتقدم ذكره، فرغ من كتابة الدر المنثور في السابع والعشرين من صفر سنة
ألف وثلاث وسبعين، وهو تاريخ اتمام المصنف الدر المنثور، غير أنه فرغ
منه في عاشر صفر من السنة المذكورة، وعليه قراءته على أستاذه.
فهو من المعاصرين للشيخ الحر صاحب الأصل (2، لان وفاته كانت سنة
أربع ومائة بعد الألف كما سيأتي.
(30)
السيد أحمد بن السيد محمد الأمين العاملي الحسيني، والد السيد كاظم
العاملي النجفي، من أرحام السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة
كان عالما فاضلا كاملا جليلا نبيلا، سمعت من الشيخ الفقيه الشيخ محمد
حسن آل يس الكاظمي " ره " مدحا له وثناءا، قال: وكان له علم غزير وفضل،
وفي علم تأويل الأحلام لم يكن له في عصره نظير في ذلك.
هو في طبقة السيد صاحب المفاتيح، ومن تلامذة السيد صاحب مفتاح

1) في أعيان الشيعة 2 / 618: ولد سنة 529 أو 527 ومات في 16 ذي الحجة
سنة 592.
2) هو المذكور في أمل الآمل 1 / 33.
97

الكرامة 1).
وتأتي ترجمة ولده السيد الاجل السيد كاظم العاملي قدس سرهما.
(31)
الشيخ فخر الدين احمد ابن شمس الدين علي بن حسن بن زين الدين،
من ذرية شيخنا الشهيد الأول
وصفه ابن أخيه الشيخ شرف الدين في اجازته للميرزا عبد المطلب التبريزي
صاحب كتاب " الشفا في أخبار آل المصطفى " المؤرخ سنة ثمان وسبعين ومائة
بعد الألف ب‍ " عمي وشيخي الامام الأكبر المعظم والهمام النحرير المكرم علم
الدين وباب الندى منقذ الأمة كاشف الغمة ناصر الشريعة كاشف آيات الحقيقة
الأسعد الأمجد الشيخ فخر الدين احمد " إلى آخر كلامه.
فهو من أعلام العلماء أوائل المائة الثانية عشرة.
(32)
الشيخ احمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محيي الدين بن
الحسين بن محيي الدين بن عبد اللطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع العاملي
كان عالما فاضلا فقيها مبرزا، ذكره الشيخ جواد محيي الدين في علماء
آل أبي جامع ووصفه كما مر، وقال: ان له من الأولاد ثلاثة: الشيخ محمود
وكان عالما فاضلا، والشيخ محمد والد الشيخ قاسم، والشيخ علي لم أقف
على أخبارهم.

1) أنظر ترجمته المفصلة في أعيان الشيعة 3 / 84، وفيه: توفى سنة 1254 بقرية
شقراء من جبل عامل.
98

(33)
الشيخ أحمد بن محمد بن عبد العالي بن نجدة العاملي
عالم عامل فاضل فقيه جليل، من بيت علم وفضل وجلالة. ذكره الشيخ
الجليل الشيخ محمد الجبعي جد الشيخ البهائي في مجاميعه ونقل ذلك العلامة
المجلسي " ره " في البحار عن خط الشيخ الجباعي جد الشيخ البهائي وأنه
توفي سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة (1. قدس سره.
وقد أغفله المؤلف.
(34)
الشيخ أحمد بن محسن ابن ملا الشيخ نجم الدين المعروف بابن ملا
البعلبكي، المولود في سنة سبع عشرة وستمائة، وتوفي في قرية نجعون من
جبال طنين في جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وستمائة.
قال الأسنوي في طبقاته: وكان متهما في دينه بأمور كثيرة، منها الرفض
والطعن على الصحابة - يريد بدينه الشافعية لأنه كان يتستر بها.
ذكره التاج السبكي في طبقات الشافعية مفصلا وأكثر في الثناء عليه وقال:
هو مشهور بحسن المناظرة والقادر على ابداء الحجة المسرعة والجام الخصوم
والذهن المتوقد كشعلة نار والوثوب على النظر في مجالس النظر كأنه صاحب
ثار. قال: وأحكم الأصول والكلام والفلسفة وأفتى وناظر، ودخل مصر غير
مرة، وكان قوي الحافظة تقرأ عليه الأوراق مرة واحدة فيعيدها بأكثر لفظها.
إلى آخر ما قال.

1) بحار الأنوار 107 / 209.
99

(35)
السيد أحمد بن محمد بن الأمين الحسيني الشفاقشي العاملي (1
عالم فاضل (...) (2، رأيت خطه في شجرة نسب بعض السادة من
جبثيث. كان من المعاصرين للشيخ العلامة الشيخ عبد النبي بن علي الكاظمي
المرجاني 3) صاحب تكملة نقد الرجال الساكن في جبل عامل بعد سنة أربع
وأربعين ومائتين بعد الألف.
فصاحب الترجمة من طبقته وطبقة الشيخ مهدي مغنية.
(36)
الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن خاتون العاملي العيناثي (4، بالعين
المهملة المكسورة والياء المثناة التحتانية والنون قبل الألف والثاء المثلثة،
قرية بيت خاتون في جبل عامل، وهم من أجل بيوت العلم فيها قديما وحديثا،
كما نشرحه في الخاتمة.

1) هذه الترجمة مشطوب عليها في النسخة المصورة، ولعل هذا هو المترجم في
أعيان الشيعة 3 / 84 بعنوان " السيد أحمد بن السيد محمد الأمين بن السيد أبي الحسن
موسى. "، وقد ذكر ضمن الترجمة قصة حول المترجم عن التكملة لم نجدها في هذا
الموضع. فلاحظ.
2) كلمة لا تقرأ في المصورة.
3) لم نجد وجها لهذه النسبة.
4) هو الشيخ جمال الدين أبو العباس أحمد بن شمس الدين محمد بن علي بن محمد
ابن محمد بن خاتون العاملي. وذكر في الكتاب هكذا تبعا لما في الامل.
100

وهذا الشيخ من أجلة العلماء وشيخ المحققين وأستاذ الأساتيذ في عصره،
وقد وصفه الشيخ الأعظم الشهيد الثاني " ره " في اجازته الكبيرة للشيخ حسين
ابن عبد الصمد ب‍ " الإمام الفاضل التقي خلاصة الأتقياء والفضلاء والنبلاء " (1.
وهو شيخ إجازة الشهيد الثاني وشيخ إجازة شيوخ ذلك العصر، يروي
عن أبيه الشيخ محمد، ويشاركه المحقق الكركي في الرواية عن الشيخ محمد
ابن خاتون المذكور.
فهو في طبقة المحقق الكركي، لكنني رأيت إجازة المحقق الكركي له
ولولديه العالمين الجليلين الشيخ نعمة الله علي والشيخ زين الدين جعفر تاريخها
سنة 1031 كتابها في المشهد الغروي، قال في أولها " وبعد فان الأخ في الله
المرتضى للاخوة الشيخ العالم الفاضل الكامل العلامة بقية العلماء ومرجع
الفضلاء جامع الكمالات حاوي محاسن الصفات بركة المسلمين عمدة المحصلين
(ملاذ) الطالبين جمال الملة والحق والدين أبا العباس احمد ابن شيخنا ووالدنا
المرحوم المبرور المقدس المحبور عمدة المحققين ومنتهى آمال المدققين
شمس الملة والدين أبى عبد الله محمد الشهير بابن خاتون العاملي أدام الله
الخلف الكريم وتغمد بمراحمه السلف " الخ 2).
وذكره في الأصل 3) ولم يذكر ما ذكرناه (4.

1) بحار الأنوار 108 / 151، ونص عبارة الإجازة " وأرويها أيضا عن الشيخ الامام
الحافظ المتقن خلاصة الأتقياء.. ".
2) نقلت هذه الإجازة بطولها في أعيان الشيعة 3 / 137.
3) أمل الآمل 1 / 33.
4) تكررت في المخطوطة هنا ترجمة " الشيخ أحمد بن محمد بن عبد العالي بن
نجدة العاملي " المذكور سابقا برقم (33) وشطب عليها في المصورة.
101

(37)
الشيخ احمد ابن الشيخ محمد علي ابن الشيخ عباس ابن الشيخ حسن نجل
الشيخ عباس نجل الشيخ محمد علي نجل الشيخ حسن البلاغي كذا وجدت
سرد نسبه بخطه الشريف على ظهر شرح تهذيب الأصول
وقد ذكر هذا الشيخ السيد الفاضل السيد محمد معصوم في الرسالة التي
في ترجمة السيد العلامة المتبحر السيد عبد الله شبر، وذكر أنه كان من أفاضل
تلامذة السيد عبد الله المذكور، ووصفه ب‍ " العالم الفاضل والمحقق الكامل فقيه
عصره صاحب النظر الدقيق (التقي) النقي الألمعي ".
أقول: وقبره في النجف الأشرف في جهة باب الطوسي، وكان له بنت 1)
زوجها الشيخ حسن البلاغي ابن الشيخ عباس الآتي ذكره - وقد أدركتها -
كانت فاضلة تكتب الكتب بالأجرة وتعيش هي وزوجها من ذلك، كانت تستخرج
المسودات إلى البياض لشدة معرفتها وحسن سوادها. رضوان الله عليها وعلى
أبيها وعلى زوجها العبد الصالح التقي النقي المهذب الصفي.
كان سكن هو وزوجته بنت الشيخ بلد الكاظمين، وتوفي بها في حدود
سنة ثمانين ومائتين بعد الألف 2).
(38)
أحمد بن منير العاملي الطرابلسي

1) اسمها الحاجة فضة البلاغية. راجع ماضي النجف وحاضرها 2 / 60.
2) في ماضي النجف وحاضرها 2 / 61: توفى فجأة يوم الأربعاء سنة 1271، ودفن
في الصحن الشريف من جهة باب الطوسي كما في الحصون، وقال العلامة السماوي انه
توفى سنة 1284.
102

ذكره في الأصل 1)، وذكر أنه توفي سنة 528 وأنه من المعاصرين للسيد
المرتضى، مع أن وفاة المرتضى كانت في سنة ست وثلاثين وأربعمائة. فبين
الوفاتين مائة وثنتان عشرة سنة فكيف يكون معاصرا للمرتضى علم الهدى. اللهم
الا أن يكون مرتضى آخر 2).
(39)
الشيخ أحمد بن نعمة الله بن أحمد الخاتوني العاملي
وصفه الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم بن علي بن عبد العالي الميسي في آخر
كتاب كتبه له بخط بما لفظه " الشيخ الصالح والميزان الراجح الشيخ الكامل
الأمجد الشيخ احمد ابن الشيخ الفاضل التقي نعمة اله ابن المرحوم المبرور
الشيخ احمد الشهير بابن خاتون العاملي ".
وفرغ منه نهار الأحد رابع جمادي الثانية سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة 3).
وترجم والده الشيخ نعمة الله بن أحمد في الأصل 4) وأنه كان تلميذ الشيخ
علي بن عبد العالي الكركي.
(40)
الشيخ أسد الله بن عبد السلام العاملي
هاجر مع أخيه الشيخ عبد اللطيف إلى العراق وسكن في النجف وجد

1) أمل الآمل 1 / 35 - 40.
2) تكلمنا على هذا عند التعليق على الامل، فراجعه.
3) انظر حول ترجمته واسم أبيه أعيان الشيعة 3 / 38.
4) أمل الآمل 1 / 189.
103

واجتهد حتى صار من الأفاضل، ثم جاء إلى بلد الكاظمين ولازم درس الشيخ
الفقيه الشيخ محمد حسن آل يس حتى بلغ ما يتمناه، ورجع إلى بلاده وصار
أحد المراجع مدة، ثم توفي.
وله مصنفات لا يحضرني أسماؤها، وكان رجوعه إلى البلاد قبل سنة 1288،
وتوفي في عشر التسعين.
(41)
الشيخ إسماعيل زيدان العاملي
له كتاب " المناقب " الذي ينقل عنه المولى نجفعلي الوفوزي التبريزي
في كتاب جواهر الاخبار. لا علم منه الا هذا.
(42)
السيد إسماعيل بن صدر الدين (1
هو ابن عم والد مؤلف هذا الكتاب السيد حجة الاسلام المعروف بالسيد
صدر الدين أحد مراجع الامامية في الاحكام الدينية.
عالم فاضل فقيه أصولي محقق فكور نابغ، كان تولده سنة ثمان وخمسين
ومائتين بعد الألف، وتوفي والده سنة أربع وستين، فرباه أخوه الأكبر المعروف
بآقا مجتهد، ولحسن استعداده ولعلو فهمه لم يمض عليه زمان قليل حتى صار
يحضر درس حجة الاسلام الشيخ محمد باقر بن الشيخ محمد تقي صاحب
الحاشية، وبذل الشيخ محمد باقر همته في تربيته حتى فاق أبناء عصره في أوان

1) هو السيد إسماعيل بن محمد صدر الدين بن صالح بن محمد بن إبراهيم شرف
الدين ابن زين العابدين بن علي نور الدين الموسوي العاملي الكاظمي.
104

حلمه.
وصار بعد في الأفاضل، فهاجر إلى النجف سنة (1281) إحدى وثمانين
ومائتين وألف ليدرك بحث الشيخ العلامة المرتضى الأنصاري، فلما وصل
كربلا وصله نعي الشيخ، فتوجه إلى النجف وحضر على سيدنا الأستاذ الميرزا
الشيرازي وعلى الشيخ الفقيه الشيخ راضي والشيخ الأفقه الشيخ مهدي آل
كاشف الغطاء، وكان يحضر على الأخيرين في الفقه وعلى السيد الأستاذ في
الأصول. ولما مات الشيخ راضي انحصر اشتغاله على سيدنا الأستاذ فقها وأصولا
حتى صار المبرز على كل طبقته.
ولما هاجر سيدنا الأستاذ إلى سامراء هاجر هو بعده، وكان المقدم على الكل
حتى توفي سيدنا الأستاذ سنة 1312 في شعبان، فرجع إليه التقليد وصار المرجع
العالم والمتقدم على كل الاعلام. وسنة 1314 هاجر وهاجر معه الأكابر من العلماء
إلى كربلا واستوطنها إلى اليوم. أدام الله سبحانه ظله على رؤوس الشيعة.
وقد تربى على يده جماعة من أهل العلم، وعاش به خلق كثير، يقسم
عليهم الحقوق والوجوه التي تأتي إليه بأحسن طريق، وقد لا يفهم الرجل المعطى
أنه منه، وله مسلك في ذلك عجيب (1.
وله من الأولاد الذكور أربعة كلهم أفاضل علماء وأهل نظر وتحقيق:
وأكبرهم: السيد الجليل الفاضل النبيل السيد محمد مهدي، عالم عامل
فاضل جليل بر تقي مهذب صفي ذو فضل ونابغية في العلوم الدينية مع أدب وفضل
في الشعر وسائر العلوم العربية والتاريخية، وبالجملة جامع لكل الفضائل. تولد
سنة 1296، يصلي بالناس في الحرم الحائري والصحن الشريف، مرجوع

1) في أعيان الشيعة 3 / 403: توفى بالكاظمية يوم الثلاثاء 12 جمادي الأولى
سنة 1338 أو 37، والتاريخ الآتي يقتضى وفاته سنة 39 ودفن في الرواق الشريف.
105

إليه في الدين والدنيا.
وثانيهم: السيد الفاضل السيد صدر الدين (1 نزيل المشهد المقدس الرضوي،
فاضل كامل جامع الفضائل، يدرس في الفقه والأصول ويصلي في المسجد
الأعظم " مسجد گوهر شاد "، قد عكف عليه أهل العلم وأهل البلد ينتفعون
بعلمه وعمله (2.
وثالثهم: السيد الفاضل الجواد السيد محمد جواد، فيلسوف عصره في
التدقيق والتحقيق وجودة الفكر والعلم بالفقه والأصول والتاريخ وأيام السلاطين
والمسالك والممالك 3).
ورابعهم: السيد الوحيد السيد حيدر، أحد فضلاء عصره وحسنات الزمان
العالي الاستعداد، قوي النظر في الفقه والأصول، عداده في الفضلاء المحققين 4).
زاد الله في توفيقهم وفضلهم وشرفهم.
(43)
السيد إسماعيل بن السيد محمد بن محمد بن إبراهيم شرف الدين ابن
زين العابدين بن نور الدين الموسوي العاملي الشحوري، جد السادة الاشراف
بشحور آل شرف الدين، من أرحامنا وأسرتنا.

1) اسمه السيد محمد علي واشتهر بصدر الدين.
2) ولد في الكاظمية سنة 1299 وتوفى يوم السبت 19 ربيع الثاني سنة 1373.
نقباء البشر ص 943 - 949.
3) توفى 25 شوال سنة 1361. نقباء البشر ص 320.
4) ولد في سامراء سنة 1309 وتوفى بالكاظمية 27 جمادى الأولى سنة 1356.
نقباء البشر ص 673.
106

وصاحب الترجمة من أجلة العلماء، وكان له ولدان السيد جواد والسيد
جعفر، والسيد جواد هو والد السيد الاجل العالم الجليل السيد يوسف شرف
الدين والد السيد الاجل الأعلم السيد عبد الحسين شرف الدين نزيل صور
(...) 1) الآتي ذكره انشاء الله تعالى.
(44)
السيد إسماعيل بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن الحسين بن زين العابدين
ابن نور الدين الموسوي العاملي الشامي، من بيت مرتضى بيت جليل من بيوت
الاشراف بالشام
كان من العلماء الفضلاء الاجلاء، ونجتمع معه بالسيد زين العابدين بن
نور الدين قدس سرهما. وله مؤلفات، وذيل باق بالشام (...) (2.
(45)
الشيخ أمين ابن الشيخ سليمان معتوق العاملي الكاظمي
قرأ على أبيه الشيخ الجليل فقيه أهل البيت الشيخ سليمان وعلى السيد
المحقق السيد محسن الأعرجي الكاظمي صاحب المحصول.
كان عالما فاضلا جليلا من علماء عصره، توفي أبوه سنة 1226 (3 وقام مقام
أبيه، وتوفي بالطاعون سنة 1246.

1) هناك كلمات طمست بالسواد.
2) كلمات سودت في النسخة الأصلية.
3) كذا، وسيذكر في ترجمة الشيخ سليمان بن معتوق في حرف السين أنه توفى في
بلد الكاظمين سنة 1227. وانظر الكرام البررة ص 612.
107

(46)
السيد أمين ابن السيد عباس ابن السيد عيسى ابن السيد عبد السلام ابن
السيد زين العابدين ابن السيد عباس ابن السيد علي ابن نور الدين علي
الموسوي العاملي، من قرية جبثيث
كان سيدا فاضلا أديبا لبيبا مهذبا كاملا، خرج إلى مصر ومكث بها مشغولا
بالمناظرة والبحث مع علمائها، وسقي السم فمات بمصر وهو شاب.
وكان له أخ اسمه السيد محمد سكن النجف، وله خزانة كتب (...) 1).
وكان أبوهما السيد عباس من أجلة السادة وأهل الفضل، وهو من أرحامنا،
وكان له خمسة أولاد أماجد: السيد أمين صاحب الترجمة، والسيد محمد دفين
الغري، والسيد محمود، والسيد علي، والسيد قاسم. ولهم أولاد وذرية.
زاد الله في شرفهم.

1) كلمات مطموسة في الأصل.
108

باب الباء الموحدة
(47)
الشيخ باقر العاملي
من قرية بنت جبل، جاء إلى النجف لتحصيل العلم، وكان فاضلا أديبا
كاملا في العلوم العربية والأدبية، قد فرغ من السطوح ولم تطل أيامه ومات
بمرض الدق في النجف الأشرف - رحمة الله عليه - أيام مهاجرتي له سنة ثمان
وثمانين ومائتين وألف.
(48)
الشيخ باقر مروة العاملي
من العلماء الأبرار والأتقياء الأخيار، هاجر من بلاده إلى النجف وأكب
على تحصيل العلم حتى حظي بالقسم الوافر منه.
كان أديبا منشيا وناثرا مجيدا، تزوج في بلد الكاظمين، ولم تطل أيامه وتوفي
109

في سن الشباب - رحمة الله عليه - في عشر التسعين بعد المائتين والألف
الهجرية 1).
(49)
السيد باقر ابن السيد علي الأمين، ابن عم السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة
كان من العلماء الاجلاء في النجف الأشرف، من تلامذة السيد ابن عمه
المذكور، عالم عامل فاضل جليل.
كان أبوه من أجلة العلماء في عصره في النجف، وكان له اختصاص بالسيد
الاجل الرباني السيد باقر القزويني صاحب الضريح والشباك في النجف، وكان
معينا له في سنة الطاعون، أعني سنة 1244، وتوفي بعده.
(50)
السيد بدر الدين ابن السيد كمال الدين ابن السيد حيدر بن علي نور الدين
الموسوي العاملي
ذكره في بغية الراغبين في ذيل ترجمة أبيه، ووصفه ب‍ " العالم العامل والفقيه
الأصولي الكامل " انتهى.
وستجئ ترجمة أبيه فلاحظ، ومنها تعرف طبقة السيد بدر الدين.

1) مذكور في أعيان الشيعة 3 / 534 بعنوان " الشيخ باقر بن الشيخ حسين مروة
العاملي الرزاري "، وقال: توفى سنة 1303 في الكاظمية ونقل إلى المشهد المقدس الغروي
فدفن فيه.
110

(51)
الشيخ بهاء الدين العاملي 1)، والد الشيخ زين العابدين
كان من أجلة العلماء وأكابر الفقهاء في عصره، ورحل إلى مدراس بلاد
الهند وسكن بها، وكان المرجع العام حتى مات بها، وله مزار معروف ببهاء،
وله في النجف أولاد وأحفاد علماء، منهم الشيخ الفقيه الكبير الشيخ محمد رضا
ابن الشيخ زين العابدين الآتي ذكره انشاء الله.
وصاحب الترجمة في طبقة الشيخ جعفر كاشف الغطاء وأمثاله من علماء
المائة الثانية عشر. رضوان الله عليهم أجمعين.
(52)
الشيخ بهاء الدين بن الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي
تعرضه في الأصل في المحمدين، ونحن أيضا نكمل ترجمته هناك انشاء الله.
(53)
السيد ميرزا بهاء الدين ابن السيد محمد علي الشهير بآقا مجتهد ابن السيد
العلامة السيد صدر الدين العاملي
كان سيدا جليلا وفاضلا نبيلا، يغلب عليه العرفان وعلم الأخلاق. وكانت
أمه بنت السيد حجة الاسلام السيد محمد باقر الرشتي الأصفهاني. مات أبوه

1) هو الشيخ بهاء الدين ابن القاضي محسن الشهيدي (الأسدي) العاملي، من
ذرية الشهيد الأول. أنظر أعيان الشيعة 3 / 615.
111

وهو صبي، فرباه خاله السيد أسد الله صاحب الچري 1) في النجف وأحسن
تربيته.
كان سيدا شهما أديبا لبيبا حسن المحاضرة حلو الكلام، جاء من أصفهان
وبقي في العراق مدة، ثم رجع إلى موطنه ومسكنه أصفهان وبها توفي.

1) اسم نهر معروف سعى في اجرائه إلى النجف الأشرف السيد أسد الله المذكور.
112

باب التاء
(54)
الشيخ تقي شمس الدين العاملي (العيناثي) 1)، من عائلة الشهيد الأول
كان عالما جليلا وفقيها متبحرا، من المروجين للدين هناك، ترتب على
وجوده (فوائد) 2) حسنة وأسس تأسيسات مستحسنة، نشر هناك الاحكام،
وانتهت إليه رئاسة تلك الطرف. وهو والد الشيخ محمد علي شمس الدين
الآتي ذكره، وأبو عائلة من أهل العلم لم ينقطع منهم إلى اليوم.
كان من طبقة الشيخ جعفر كاشف الغطاء ومن بعده، ولا يحضرني تاريخ وفاته.
(55)
الشيخ تقي الدين بن صالح بن شرف الجبعي العاملي، من أجداد الشهيد

1) ليست الكلمة واضحة في المصورة، ونظن أنها هكذا.
2) لم نتبينها في المصورة.
113

الثاني
والده من تلامذة العلامة الحلي كما في الأصل (1.
وينقل الكفعمي عن تقي الدين ابن حجة، ولعله صاحب الترجمة، لان
الشهيد الثاني قد يلقب بابن الحجة.
(56)
الشيخ تقي الدين بن علي بن الحسن بن محمد بن صالح اللويزاني الجبعي
الحارثي
ذكره أخوه الشيخ شمس الدين محمد بن علي الجبعي جد الشيخ البهائي
في مجموعته المنقولة عن خطه، قال: ومات والدي علي بن الحسن بن محمد
ابن صالح اللويزاني في جمادى الأولى سنة إحدى وستين وثمانمائة وخلف
خمسة أولاد ذكور: محمد، ورضي الدين، وتقي الدين، وشرف الدين،
واحمد.
(57)
الشيخ تقي الدين بن نجم الدين عبيد الله أبو الصلاح الحلبي الشامي
كان ينبغي ذكره في هذا الجزء لاستقرار اصطلاح العلماء والفقهاء في مقام
نقل الأقوال على الاطلاق لفظ الشامين عليه وعلى السيد ابن زهرة والشيخ محمود
الحمصي وابن البراج. وصاحب الأصل ذكر الكل في القسم الثاني فتبعناه.

1) أمل الآمل 1 / 102.
114

باب الثاء
(58)
ثابت بن أحمد (1 بن عبد الوهاب الحلبي
قرأ على الشيخ تقي الدين بن نجم الحلبي تلميذ الشيخ والمرتضى. ذكره
في الأصل في الجزء الثاني 2)، وذكره هنا أحرى لان الحلبيين شاميون 3).

1) وقيل: ثابت بن أسلم. أنظر فهرست منتجب الدين ص 35.
2) أمل الآمل 2 / 47.
3) حمل إلى مصر وصلب هناك، وكان ذلك في حدود سنة 460. أنظر الوافي
بالوفيات 10 / 470.
115

باب الجيم
(59)
الشيخ الجليل جابر العاملي
الراوي عن المحقق الكركي، ويروي عنه ولده الشيخ العلامة عبد الله بن
جابر العاملي، والعلامة المجلسي صاحب البحار يروي عنه بواسطة ولده الشيخ
عبد الله المذكور قدس سرهما 1)، وهو من أقارب أم العلامة المجلسي.
قال العلامة المجلسي عند عد طرقه في الرواية: ومنها ما أجازني الشيخ
الجليل الصالح الرضي عبد الله بن الشيخ جابر العاملي ابن عمة والدة والدي.
انتهى.
وأم والده بنت الشيخ العالم المولى كمال الدين درويش محمد بن الحسن
العاملي ثم النطنزي تلميذ المحقق الكركي. قال العلامة المجلسي: هو -

1) بل يروى صاحب البحار عن والده عن الشيخ عبد الله بن جابر العاملي. انظر
بحار الأنوار 110 / 160.
116

يعني درويش محمد - جد والدي من قبل أمه 1).
وقال في بعض إجازاته عند عد طرقه: ومنها أجازني الشيخ الجليل الصالح
الرضي عبد الله بن الشيخ جابر العاملي ابن عمة والدة والدي عن جد والدي من
قبل أمه العالم الثقة الفقيه المحدث كمال الدين مولانا درويش محمد بن الشيخ
حسن النطنزي طيب الله أرماسهم عن الشيخ علي الكركي. انتهى.
ويروي عن الشيخ جابر المذكور ابنه الشيخ عبد الله والشيخ المولى محمد
قاسم بن الشيخ درويش محمد المذكور، كما نص عليه العلامة المجلسي " ره "
في بعض إجازاته التي أجاز بها بعض أفاضل المشهد المقدس الرضوي.
(60)
الشيخ جابر بن عباس المشغري، والد الشيخ محمد بن جابر
عالم جليل فاضل فقيه، من أجلاء هذه الطائفة، ذكره في الأصل في القسم
الثاني 2) مع أنه عاملي مشغري.
يروي عن الشيخ عبد النبي الجزائري صاحب الحاوي، ويروي عنه
جماعة من العلماء الفحول 3).
(61)
الشيخ جعفر السبيتي
عالم عامل فاضل كامل تقى نقي، هاجر للعلم إلى العراق واشتغل على علماء

1) انظر قريبا من هذا في البحار 110 / 160.
2) انظر أمل الآمل 2 / 48، وهو فيه بعنوان " الشيخ جابر بن عباس النجفي ".
3) انظر روضات الجنات 2 / 171.
117

النجف، ثم جاء إلى بلد الكاظمين واشتغل على السيد الوالد في الفقه والأصول،
وتمرض بمرض الدق وتوفي في بلد الكاظمين في حدود عشرة ثمانين ومائتين
بعد الألف. رحمة الله عليه.
(62)
السيد ميرزا جعفر بن السيد أبى الحسن، ابن عم والدي
كان عالما فاضلا أديبا شاعرا جليلا، اشتغل على الشيخ مهدي آل كاشف
الغطاء وصنف، وهاجر إلى إيران وبقي مدة طويلة بطهران وصارت له الزعامة
التامة هناك وصار من أجلة علمائها المبرزين.
وآخر عمره رجع إلى وطنه الأصلي في النجف وبقي مدة، ثم رد إلى
كرمانشاه فاستوطنها وتوفي هناك.
كان تولده سنة ست وأربعين ومائتين بعد الألف وتوفي سنة ثمان وتسعين
ومائتين بعد الألف (1.
وكانت أمه بنت الشيخ العلامة الشيخ أسد الله صاحب المقابيس، وله
" حاشية على القوانين " و " ديوان شعر ".
(63)
الشيخ زين الدين جعفر بن أحمد بن محمد بن خاتون العاملي
عالم فاضل كامل جليل، يروي عن المحقق الكركي، وقد رأيت إجازة
المحقق الكركي له ولأبيه ولأخيه الشيخ نعمة الله بن أحمد تاريخها سنة إحدى

1) في أعيان الشيعة 4 / 80: والد في النجف الأشرف يوم الجمعة بعد الزوال 18
ذي الحجة 1246 وتوفى في طهران في شهر رمضان 1297.
118

وثلاثين وتسعمائة (1.
(64)
الشيخ الجليل جعفر بن فخر الدين بن الحسن بن أيوب بن نجم الدين
الأعرج الأطراوي العاملي
من علماء السادة الأجلة وكبراء الدين والملة.
(65)
الشيخ جعفر ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محيي الدين
الجامعي العاملي
من العلماء الاجلاء، من آل أبي جامع، ذكره الشيخ جواد محيي الدين
فيما أفرده من رسالته في أحوال آل أبي جامع 2).
(66)
الشيخ زين الدين جعفر بن زين العابدين بن الحسام العاملي (3
عالم جليل فاضل نبيه فقيه محدث، من تلامذة السيد حسن بن نجم الدين
العاملي، ويروي عنه أيضا، والسيد حسن يروي عن الشهيد الأول وعن فخر
الدين ابن العلامة، فلا خفاء في طبقته.

1) انظر ما مضى في ص 101.
2) توفى سنة 1150. أنظر أعيان الشيعة 4 / 131.
3) مذكور في أمل الآمل 1 / 45 بعنوان " الشيخ زين الدين جعفر بن الحسام العاملي
العيناثي ".
119

ويروي عن صاحب الترجمة أخوه الشيخ الجليل الشيخ زين الدين بن
علي (1 بن زين العابدين بن الحسام العيناثي العاملي.
(67)
الشيخ جعفر بن لطف الله العاملي، من تلامذة الشيخ بهاء الدين
كان صاحب الترجمة عالما فاضلا تقيا نقيا صفيا، بل أنموذج السلف
وزبدة الخلف، وصفه الشيخ بهاء الدين في اجازته ب‍ " الفاضل التقي النقي
الزكي الذكي ذو الذهن الوقاد والطبع النقاد ". وكان تاريخ الإجازة في أول
العشر الاخر من شوال سنة ألف وعشرين.
(68)
الشيخ جعفر ابن الشيخ محمد ابن الشيخ يوسف ابن الشيخ محمد ابن
الشيخ يوسف ابن الشيخ جعفر ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسين ابن الشيخ
محيي الدين الجامعي العاملي 2)
كان عالما فاضلا جليلا معظما محترما، مات قبل أخيه الشيخ شريف الآتي
ذكره، هو وجميع ولده وأكثر عياله في الطاعون سنة ست (3 وأربعين ومائتين
بعد الألف على ما ذكره الشيخ جواد في رسالة آل أبي جامع.

1) كذا في مصورة الكتاب، والصحيح " الشيخ زين الدين على ". أنظر الضياء
اللامع ص 97.
2) يختلف النسب هذا عما في أعيان الشيعة 4 / 187.
3) في الأعيان (1247).
120

(69)
الشيخ جعفر بن محمد العاملي
من شيوخ عصره في الفقه والحديث، وهو صاحب الإجازة للسيد أمير
علي كيا قدس سره التي أخرجها العلامة المجلسي في إجازات البحار 1)،
وتاريخها ليلة الخميس الموافقة لليلة أول العشر الثالث من شهر ذي الحجة
الحرام من شهور حجة تسع وخمسين وتسعمائة. ولم يذكر فيها مشايخه
بالتصريح، بل قال " عن مشايخي بالطرق المعهودة "، وكأنه من تلامذة المحقق
الكركي. والله أعلم.
(70)
السيد جمال الدين بن علي نور الدين ابن علي بن الحسين المشتهر بابن
أبى الحسن الحسيني الموسوي العاملي، نزيل مكة
ذكره في الأصل وذكر ارتحاله إلى حيدر آباد، قال: وهو الان سكن بها
مرجع فضلائها وأكابرها. انتهى (2.
روى عن أبيه وجده لامه الشيخ نجيب الدين. أقام مدة بدمشق يحضر
عالي مجلس السيد العلامة محمد بن حمزة نقيب الاشراف، ثم ارتحل إلى
مكة عند والده حيث كان ساكنا بها، ثم بعد مدة ارتحل إلى اليمن أيام احمد
ابن الإمام الحسن، وبعد مدة ارتحل إلى حيدر آباد الهند، وكان المرجع العام
هناك، وعظمه الملك أبو الحسن، ولما نكب الملك سنة 1083 تقلبت الأمور

1) بحار الأنوار 108 / 179.
2) أمل الآمل 1 / 45 - 49.
121

وتوفي السيد سنة ألف وثمان وتسعين 1).
وذكره ابن أخيه في نزهة الجليس، قال: فاضل له في سائر العلوم الباع
الأطول، وهمام عليه في كل المهمات المعول، ان تكلم في سائر العلوم شنف
بلذيذ كلامه المسامع وأحيى القلوب، أو لفظ إلى ساحله جواهر الألفاظ
شهد له بأنه بحر البلاغة الجوهري وأقر له ابن يعقوب، وأما في النظم والنثر
فإليه يشار بالأكف بين بلغاء العصر، تغرب رحمه الله تعالى عن وطنه مكة
المشرفة إلى الهند حيث لا ليلى ولا سعاد ولا هند:
يقول الهاشمي غداة جزنا * بحار الهند نقطع كل وهد
أنسلو عن هوى أثلاث نجد * وأين الهند من أثلاث نجد
ثم أنه أقام بالدكن واختارها مقرا وسكن، وما زال بها مقيما بعز وسؤدد
وجاه ومكان مكين بجانب سلطانه أبى الحسن قطبشاه، يقصده العفاة من كل مكان
فيمتعهم بالفضل والاحسان كأنه في عصره سليمان، وما برح في دلالة ورئاسة
واكرام وكرم يخجل قطر الغمام إلى أن دعاه إلى قربه رب العباد فنقله إلى الجنة
من حيدر آباد. قدس الله روحه الطاهرة وأفاض عليه شئابيب رحمات متواترة.
وله النظم الجيد الفريد، الفائق على نظم جرير ولبيد، ومنه قوله متغزلا
على روي قصيدة الشيخ بهاء الدين محمد العاملي عامله الله بفضله، ومطلعها:
يا نديمي بمهجتي أفديك * قم وهات الكؤس من هاتيك
أسقنيها ممزوجة من فيك * بالذي أودع المحاسن فيك
وهي طويلة. انتهى 2).
وهو أخو جدنا الاعلى السيد زين العابدين بن نور الدين الذي كان نزيل

1) انظر ترجمته المفصلة في أعيان الشيعة 4 / 217.
2) نزهة الجليس 1 / 78.
122

مكة المعظمة وكان ولده بها.
(71)
الشيخ جواد العاملي الكاظمي
عالم فاضل جليل، كان من المعاصرين للسيد العلامة السيد عبد الله شبر
صاحب جامع الاحكام، وهو أبو أسرة في بلد الكاظمين.
(72)
الشيخ جواد العاملي النجفي
عالم عامل صالح ثقة فاضل نقة، من رفقاء العالم الرباني الشيخ مهدي ملا
كتاب ابن عم الشيخ جواد ملا كتاب، وله مع الشيخ مهدي ملا كتاب حكاية عجيبة.
يحكى (...) فأحاله الشيخ إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال الشيخ
جواد: قبلت الحوالة وقام من حينه ودخل الحضرة الشريفة وقال: يا أمير المؤمنين
اني لم آتك زائرا بل جئتك من جانب الشيخ مهدي فقد حولني عليك بثلاثين
شاهيا. ومشى خطوات وإذا بشخص يقول: خذ هذا فإنه حوالة الشيخ، فناولني
المبلغ (..) بحيث لم (..) به، ثم التفت فلم أجده لا في الحرم ولا
الرواق ولا الايوان، وهذا من فضل الله يؤتيه من يشاء 1).
وأخرج الحكاية مسندة مبسوطة العلامة النوري " ره " في دار السلام في
ص 282 من المجلد الأول.
(73)
السيد جواد العاملي

1) شطب على هذه الحكاية في الأصل ولم نتمكن من قراءة ألفاظ منها.
123

من العلماء المتأخرين عن صاحب الأصل، ذكره بعض العلماء المعاصرين
للسيد نصر الله الحائري.
(74)
الشيخ جواد الغول (2 العاملي
جاء مع أخيه الشيخ محمود إلى النجف واشتغل على الشيخ الفاضل الشيخ
موسى شرارة وأخيه الشيخ محمود وغيره من العلماء، وحصل شطرا وافيا من
العلم، فلم تطل أيامه وتوفي رحمة الله عليه وهو شاب في النجف الأشرف.
كانت وفاته في عشر التسعين ومائتين بعد الألف.
(75)
الشيخ جواد ابن الشيخ حسن ابن الشيخ طالب البلاغي
عالم فاضل كامل فقيه متكلم أديب شاعر أصولي، أحد حسنات هذا العصر،
من بيت علم وفضل، له مصنفات (3.
(76)
السيد جواد ابن السيد حسن ابن السيد محمد ابن السيد جواد صاحب
مفتاح الكرامة
كان فاضلا كاملا أديبا شاعرا لغويا نحويا، قرأ على الآخوند الخراساني،

1) هو الشيخ جواد بن محمد بن جواد الغول العاملي. أنظر الكرام البررة ص 286.
2) ولد سنة 1285 وتوفى ليلة الاثنين 22 شعبان 1352 بالنجف. انظر ماضي
النجف وحاظرها 2 / 61، أعيان الشيعة 4 / 255.
124

وابتلي بمرض الحرارة وتوفي ولم يبلغ ثلاثين سنة، فافتجع لموته كل أهل
النجف الأشرف 1).
(77)
السيد جواد بن السيد حسين آل السيد مرتضى العاملي
العالم الفاضل الأديب الشاعر، له نظم ونثر كثير، منها " الرد على العامة " 2)
و " مفتاح الجنات في الحث على الصلوات " مطبوع وغيرها.
كان هاجر مع أخيه السيد حيدر إلى النجف، وقرأ على المرحوم الشيخ
موسى شرارة، وهو عمدة من رباهما ونماها حتى صارا يحضران بحث الشيخ
محمد حسين الكاظمي والميرزا الرشتي والآخوند الخراساني، وتزوج السيد
جواد في النجف ببنت الشيخ العصامي، ثم تركها ورحل إلى جبل عامل، ثم
رجع ثم رحل إلى البلاد وطلبه أهل بعلبك بأن يقيم فيهم، فرحل إليهم وأقام فيهم
سنين مرجعا للأمور والاحكام، ثم تكدر خاطره منهم ورجع إلى بلاده، ولا أحضر
تفصيل حاله اليوم (3.
(78)
الشيخ جواد بن الشيخ رضا بن زين العابدين بن بهاء الدين العاملي النجفي
عالم فاضل فقيه أصولي، قرأ على أبيه وعلى علماء عصره كالشيخ صاحب

1) في أعيان الشيعة 4 / 262: ولد بالنجف الأشرف سنة 1282 وتوفى بالنجف
في ذي القعدة سنة 1318.
2) اسمه شمس النهار في الرد على المنار ".
3) ولد في قرية عبثا سنة 1266 وتوفى في جمادى الأولى سنة 1340. انظر نقباء
البشر ص 327.
125

الجواهر وغيره، وله نظم في الأصول والفقه.
وجد والده السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة من قبل الأمهات،
وينتهي نسبه من قبل الاباء إلى الشهيد الأول.
وكان له ولدان الشيخ محمد والشيخ علي ماتا، ولا أعرف اليوم أحدا من
ذريتهما، مات الشيخ محمد في كربلا وكان قد سكنها في آخر عمره وكف
بصره فيها، كان فاضلا أديبا وشاعرا لبيبا. رحمهم الله جميعا.
(79)
الشيخ جواد محيي الدين العاملي النجفي، هو ابن الشيخ علي بن الشيخ
قاسم الفقيه المعروف
عالم عامل فقيه كامل، أحد شيوخ العرب في النجف المدرسين لكتب
الفقه وأئمة الجماعة في الصحن الشريف. كان رجلا صالحا فيه رائحة سلفه
الصالح، من بيت علم وجلالة، من أقدم بيوت العلم، لم ينقطع العلم منهم من
زمن جدهم الاعلى الشيخ أحمد بن أبي جامع تلميذ الكركي إلى الان. توفي
الشيخ جواد سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة بعد الألف في النجف الأشرف (1.
(80)
السيد جواد بن محمد الحسيني العاملي، صاحب مفتاح الكرامة
ولد في قريتهم شقراء من قرى جبل عامل في حدود سنة خمسين ومائة بعد
الألف على ما ذكره بعض أفاضل أرحامه، وهاجر إلى العراق لتحصيل العلم،
ونزل كربلا ولازم على مجلس درس السيد صاحب الرياض وهو الذي رباه

1) ولد نحو سنة 1241. انظر نقباء البشر ص 334.
126

ونماه وقربه وأدناه كما صرح في إجازة لبعض تلامذته، ثم صار يحضر درس
الآقا الوحيد البهبهاني.
وبعده هاجر إلى النجف ولازم درس السيد بحر العلوم وكتب تقرير درسه
في الحديث، وكان عنوان درس السيد في الحديث كتاب الوافي للمحدث
الكاشاني، وأجازه السيد في الرواية.
وقيل: انه حضر على شيخ الطائفة صاحب كشف الغطاء بعد وفاة السيد
بحر العلوم وصنف " مفتاح الكرامة " بالتماسه، كانت كتابته أولا تعليقة على
كشف اللثام، كتب على باب القصاص من كشف اللثام وفرغ منه في شهر رمضان
سنة ست وعشرين ومائتين بعد الألف، وعلى كتاب القضاء إلى أواخر الفصل
الثاني في العقود، وعلى كتاب الديات.
ولما فرغ من تعليقه على باب القصاص عن له أن يكتب على متن كشف
اللثام، أعني القواعد، كما نص عليه في أول تعليقه على باب القصاص. ولما
أخذ في الكتابة على نفس القواعد بدأ بكتابة الفرائض كتب الطهارة والصلاة
والزكاة، ثم عدل إلى المعاملات وكتبها على الترتيب إلا كتاب السبق والرماية
فكتب كتاب العطايا والوقف والصدقة والهبة والاقرار والوصية، ولم يتم كتاب
الوصايا بل برز منه إلى آخر البحث الأول من المبحثين الملحقين بالفصل
الثالث من أحكام تصرفات المريض، فلم يمهله الاجل لاتمامه وتوفي سنة ست
وعشرين ومائتين بعد الألف قبل الشيخ كاشف الغطاء بسنتين.
وبعد كتاب الوصية كتاب النكاح وكتاب الفراق وتوابعه والعتق وكتاب
الايمان وتوابعه ثم كتاب الفرائض، والسيد لم يشرح من هذه الكتاب الا بعض
كتاب الفرائض وبعض كتاب الوصية.
وله كتاب " شرح طهارة الوافي " تقرير درس السيد بحر العلوم لم يتم،
127

وله رسائل شتى في مسائل متفرقة، مثل رسالته في مسألة " المقيم إذا خرج عن
محل الترخص بقصد العود "، ورسالة في " القراءة "، و " حاشية على طهارة
المدارك " تقرير درس الشيخ حسين نجف وصل فيها إلى مسألة تنجيس القليل
بالملاقاة، و " حاشية على الروضة " من كتاب المضاربة والوديعة والعارية
والمزارعة والمساقاة وبعض الوصايا وتمام النكاح وبعض الطلاق، و " حاشية
على تجارة القواعد " وهي من تقرير السيد بحر العلوم بدأ فيها بتفسير العوض
وختم بمبحث ملك العبد، و " حاشية على كتاب الدين وعلى كتاب الرهن من
قواعد العلامة " وهي تقريرات درس شيخ الطائفة الشيخ جعفر، أولها قوله
" ويملك المقترض " إلى آخر الرهن، ورسالة في مسألة " العصير العنبي والزبيبي "
وهي أيضا من تقرير درس الشيخ جعفر، ورسالة في " رد الأخبارية "، ومسألة
" المواسعة والمضايقة " كتبها بأمر السيد صاحب الرياض، ورسالة في " الشك
في الجزئية والشرطية " في العبادات، وله " منظومة في الرضاع "، و " منظومة
في الخمس "، و " منظومة في الزكاة "، وله " شرح وافية التوني " في مجلدين،
وحاشية على تهذيب الأصول " ناقصة، " وحاشية على مقدمة الواجب على
المعالم "، وله " إجازة كبيرة " ذكر فيها جملة من مباحث علم الدراية.
كان واحد عصره في طول الباع وكثرة الاطلاع على كلمات الفقهاء، وكان
الشيخ صاحب الجواهر أولا من تلامذته المتخرجين عليه، ثم صار إلى درس
الشيخ صاحب كشف الغطاء بعد رجوع الشيخ من سفر إيران.
ويروي السيد جواد عن أستاده المير سيد علي والشيخ صاحب كشف
الغطاء والميرزا المحقق القمي صاحب القوانين والآقا الوحيد البهبهاني والسيد
بحر العلوم المهدي وغيرهم مما ذكرهم في اجازته الكبيرة.
ويروي عنه جماعات من الفحول كالشيخ صاحب الجواهر والسيد صدر
128

الدين وأمثالهما من الاعلام، ومنهم ولده السيد الجليل السيد محمد، فإنه يروي
عن أبيه كل طرقه، ولا عقب له الا منه.
وللسيد محمد ثلاثة أولاد أمجاد، وهم السيد حسن والسيد حسين والسيد
عباس. رحمهم الله جميعا. والموجود اليوم بعض أولادهم. والسيد عباس
منهم لم يعقب، وكان فاضلا أديبا. رحمة الله عليه.
وكان للسيد حسن ولد فاضل جدا اسمه السيد جواد. توفي رحمة الله عليه.
(81)
السيد جواد ابن السيد محمد علي ابن السيد صدر الدين
عالم عامل فاضل كامل مهذب ناسك، من المجاهدين في الدين والنافعين
في تربية المؤمنين، أحد علماء أصفهان اليوم - زاد الله في شرفه.
اشتغل في النجف على جماعة من أعلامها، ورجع ولازم درس حجة
الاسلام الشيخ محمد باقر بن الشيخ محمد تقي صاحب الحاشية، وتكمله في
المعارف على العالم الرباني الشيخ محمد حسين بن الشيخ محمد باقر المذكور
قدس سره. أدام الله له توفيقه (1.

1) توفى سنة 1357. انظر نقباء البشر ص 346.
129

باب الحاء المهملة
(82)
حبيب بن أوس الطائي العاملي الشامي
الشاعر الشهير الذي أخمل في زمانه خمسمائة شاعر كلهم مجيد.
كان تولده سنة مائة وتسعين، وقيل سنة 188، وقيل سنة 192، وتوفي
سنة 228، وقيل 231، وقيل 222 بالموصل 1).
وذكر ابن الغضائري أنه توفي في أيام الامام أبى جعفر الجواد (2. وفيه
نظر، لان وفاة الإمام عليه السلام سنة عشرين ومائتين، والكلمة متفقة على أن
وفاة أبى تمام بعدها، فوفاة الجواد " ع " في أيام أبى تمام لا العكس على كل
حال.

1) وقيل في تاريخ ولادة أبى تمام ووفاته غير هذه التواريخ أيضا. أنظر وفيات
الأعيان 2 / 11 - 26.
2) خلاصة الأقوال ص 61.
130

وذكر له في الأصل ترجمة حسنة 1). ويظهر من ابن الغضائري (2 أنه وجد
له قصيدة يذكر فيها الأئمة إلى الجواد عليهم السلام، قال: انه توفي في أيامه 3).
وقد عرفت التأمل فيما ذكر.
ونص الشيخ رشيد الدين ابن شهرآشوب في كتاب المناقب أنه وجد شعر
أبى تمام في الأئمة عليهم السلام الاثني عشر إلى المهدي عليه السلام (4.
وقال أبو الفتح محمد بن إسحاق بن أبي يعقوب النديم المعروف بابن
النديم في كتابه المعروف بالفهرست: أبو تمام حبيب بن أوس الطائي، وله
من الكتب كتاب " الحماسة "، كتاب " الاختيار من شعر (الشعراء "، كتاب
" الاختيار من شعر) القبائل "، كتاب " الفحول ". قال: لم يزل شعره غير
مؤلف، يكون (نحو) مائتي ورقة إلى أيام الصولي، فإنه عمله على الحروف
نحو ثلاثمائة ورقة، وعمله علي بن حمزة الأصفهاني أيضا فجود فيه، على غير
الحروف بل على الأنواع 5).
أقول: وهو المطبوع المتداول اليوم بين أيدي الناس، وفيه قصيدته الرائية
التي يقول فيها:
ويوم الغدير استوضح الحق أهله * بفيحاء لا فيها حجاب ولا ستر
أقام رسول الله يدعوهم بها * ليقربهم عرف وينهاهم نكر
يمد بضبعيه ويعلم أنه * ولي ومولاكم فهل لكم خبر

1) أمل الآمل 2 / 50 - 55.
2) في الأصل " أبى الفضل يرى "؟
3) خلاصة الأقوال ص 61.
4) المناقب لابن شهرآشوب 1 / 312.
5) الفهرست لابن النديم ص 190، والزيادتان منه.
131

يروح ويغدو بالبيان لمعشر * يروح بهم غمر ويغدو بهم غمر
فكان له جهر باثبات حقه * وكان لهم في بزهم حقه جهر
ومنها:
فعلتم بأبناء النبي ورهطه * أفاعيل أدناها الخيانة والغدر
ومن قبله أخلفتم لوصيه * بداهية دهياء ليس لها قدر
فجئتم بها بكرا عوانا ولم يكن * لها قبلها مثلا عوان ولا بكر
أخوه إذا عد الفخار وصهره * فلا مثله أخ ولا مثله صهر
وشد به أزر النبي محمد * كما شد من موسى بهارونه الازر
طغى من عليها واستبدوا برأيهم * قولهم الا أقلهم الكفر
منها يخاطب أمير المؤمنين عليه السلام
أحجة رب العالمين ووارث ال‍ * نبي ألا عهد وفي ولا أصر
إلى أن قال:
لكم ذخركم ان النبي ورهطه * وجيلهم ذخري إذا التمس الذخر
جعلت هواي الفاطميين زلفة * إلى خالقي ما دمت أو دام لي عمر
وهي ثلاث وسبعون بيتا
وكان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة للعرب غير المقاطيع. وكان صار
إلى مصر في أول صباه، ثم قدم بغداد أيام المعتصم وأقام عنده وقدمه على غيره.
قال ابن رشيق في العمدة: وليس في المولدين أشهر أسماء من الحسن
ثم الحبيب والبحتري، ويقال انهما أخملا في زمانهما خمسمائة شاعر كلها مجيد.
قلت: الثلاثة من الشيعة. والحمد لله 1).

1) في أعيان الشيعة 4 / 391: وتبعه بعض المعاصرين فوصفه بالعاملي ولم يكن
عامليا بل أصله من جاسم من قرى جيدور.
132

(83)
السيد حسن العيناثي العاملي
كان من المشايخ العرفاء والصلحاء، وقد قال السيد محمد بن محمد (بن)
الحسن الحسيني العاملي الشهير بابن القاسم في كتاب " الاثني عشرية في
المواعظ العددية " أنه: لقد أخبرني بعض من الأصدقاء ممن أثق بقوله أن
سيدا من جملة سادات قرية عيناثا يقال له السيد حسن كان من أهل الكشف
والكرامات، وربما كان في زماننا مشهورا في بلادنا، وكان كلما عرض لاحد من
الناس أمر من الأمور أرسل إليه يستشيره فيه، فيكتب له رقعة فيها لفظة " ضمير "
لا يزيد عليها شيئا، فيكتب السيد حسن تحت هذا " هذا الضمير نويت على
فعل كذا وكذا "، فان كان فيه صلاح أمره بفعله وإلا نهاه عن ذلك وذكر وجه
فساده. انتهى - كذا في رياض العلماء (1. فلاحظ.
(84)
الشيخ حسن العاملي، والد الشيخ الفقيه درويش محمد العاملي المذكور
في الأصل
قال في مرآة الأحوال: كان الشيخ حسن مجتهدا كاملا أوحديا فاضلا عارفا
مروجا لمذهب الاثني عشرية، والعجب أن الحر العاملي أهمل ترجمته في أمل الآمل
انتهى.
وقد عرفت فيما تقدم أن ابنه الشيخ درويش يروي عن المحقق الكركي،
وأنه جد التقي المجلسي من قبل أمه، فلا خفاء في طبقة صاحب الترجمة.

1) رياض العلماء 1 / 295.
133

(85)
الشيخ حسن القبيسي العاملي 1)
عالم عامل فاضل علامة محقق مدقق مدرس في أكثر العلوم في مدرسته
بالكوثرية، تخرج عليه جماعة من الأفاضل، منهم حمد بيك بن محمد بن محمود
ابن نصار أخو ناصيف نصار صاحب الزعامة في بلاد بشارة عموما، كان شاعرا
عالما مروجا لأهل العلم.
وكان الشيخ حسن من أجلاء العلماء الذين أحيوا البلاد بالعلم بعد خرابها
من جهة الجزار حتى أهلكه الله سنة تسع عشرة ومائتين بعد الألف، وبعدها
هدأت البلاد أيام سليمان باشا وعمرت عمرانا زائدا وفتحت مدرسة الكوثرية
للشيخ حسن المذكور وقام فيها العلم وتربى فيها الفضلاء.
(86)
الشيخ حسن محيي الدين، من آل أبي جامع، العاملي النجفي
كان عالما فاضلا كثير الإحاطة بالفقه، قرأ على الشيخ قاسم محيي الدين،
وقرأ عليه الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر في أوائل أمره المقدمات، وكان
زاهدا غير متطلب للدنيا محبا للخمول - كذا قاله الشيخ جواد بن الشيخ علي
ابن الشيخ قاسم محيي الدين في رسالته من آل أبي جامع.

1) في الكرام البررة ص 299: أن القبيسي هذا من تلامذة السيد مهدي بحر العلوم
والشيخ جعفر كاشف الغطاء، وأنه عاد إلى بلاده في سنة 1213، وأنه توفى سنة 1258.
134

[87]
السيد حسن نور الدين
من علماء عصر احمد الجزار، ذكره بعض علماء جبل عامل في المتأخرين
عن صاحب الأصل.
(88)
السيد حسن بن السيد إبراهيم العاملي
عالم عامل فاضل جليل فقيه كامل، تخرج على الشيخ مرتضى " ره " والشيخ
محمد حسين الكاظمي وتزوج ابنته ورجع إلى بلاده وفتحت مدرسته برئاسته
مقدار أربع سنين ولم تستمر.
وله أولاد علماء أفاضل، هاجروا إلى النجف وحصلوا القسط الوافر من
العلم، خصوصا ولده الأكبر السيد محمد، فإنه من الأفاضل.
توفي السيد حسن سنة تسع وعشرين ثلاثمائة بعد الألف.
(89)
الشيخ حسن بن أبي جامع العاملي
كان من أجلة تلامذة الشيخ علي الكركي، ورأيت بعض فوائده وفتاواه،
وكانت حسنة الفوائد، ولم أعثر إلى الان على مؤلف له. فلاحظ - قاله المولى
عبد الله أفندي في رياض العلماء 1).

1) رياض العلماء 1 / 142.
135

(90)
عز الدين أبو المكارم الحسن بن (أحمد بن) (1 يوسف بن علي الكركي
المعروف بابن العشرة، بكسر العين المهملة وسكون الشين المعجمة ثم الراء
المفتوحة ثم الهاء
هو الفقيه العالم الفاضل الكامل الزاهد، وصفه الشهيد الأول بما لفظه " كان
من العلماء الفضلاء وأولاد المشايخ الاجلاء، وحج بيت الله كثيرا نحو أربعين
حجة، وكان له على الناس مبار ومنافع، وقرأ على السيد حسن بن نجم الدين
الأعرج. وفي سنة 862 توفي بكرك نوح بعد أن حفر لنفسه قبرا، وكان كثير
الورع والدعاء. رضي الله عنه وأرضاه 2).
(91)
السيد فخر الدين حسن بن أيوب، المعروف بابن نجم الأعرج الحسيني
الأطراوي العاملي
من أعاظم السادة الأجلة وكبراء الدين والملة، أستاد العلماء في عصره
ومرجع الشيعة في الدين (3.
وقد جمع الشيخ أبو القاسم ابن طي في كتاب المسائل فتاوى السيد حسن
ابن نجم وفتاوى الشهيد على ترتيب أبواب الفقه وسماه " المسائل المفيدة

1) مشوش في المصورة، وانظر أعيان الشيعة 5 / 17.
2) هذه الترجمة مشطوب عليها في الأصل، وسيأتي برقم (105) مع تغيير يسير
في النسب وبسط أكثر مما هنا.
3) انظر الخلاف في المترجم أعيان الشيعة 5 / 24.
136

بالألفاظ الحميدة لذوي الألباب والبصائر السديدة "، وعندي نسخة منه فرغ
ناسخها منه سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وهو المعروف عند الفقهاء بمسائل
ابن طي.
ويروي السيد حسن بن نجم عن السيدين الأخوين ضياء الدين وعميد الدين
ابني مجد الدين أبى الفوارس أستاد الشهيد الأول.
والسيد حسن بن نجم هو جد السيد حسن بن جعفر أستاد الشهيد الثاني.
والعجب من الشيخ الحر كيف أغفل هذا الجليل 1)، وذكره المولى عبد الله
أفندي في رياض العلماء، قال: كان من أجلة العلماء وأكابر الفقهاء، من تلامذة
الشهيد قدس الله روحه. انتهى 2).
(92)
السيد ضياء الدين أبو تراب الحسن الموسوي الحسيني الكركي
فاضل عالم كامل، وهو والد السيد حسين المجتهد العاملي المشهور وجد
الصدر الكبير آميرزا حبيب الله.
ويروي السيد حسين المجتهد المذكور في كتاب " دفع المناواة عن التفضيل
والمساواة " كثيرا من الفوائد والإفادات عن والده هذا. انتهى من رياض
العلماء 3).

1) ذكر الحر في أمل الآمل 2 / 63 السيد حسن بن أيوب بن نجم الدين الأعرج
الحسيني، ويعتقد بعض أنه متحد مع المترجم له هنا.
2) رياض العلماء 1 / 162.
3) رياض العلماء 1 / 331.
137

(93)
أبو منصور الشيخ حسن صاحب المعالم ابن الشيخ زين الدين الشهيد
ذكره في الأصل 1)، وذكره سبطه الشيخ علي بن الشيخ محمد بن الشيخ
حسن بن زين الدين في الدر المنثور، وسيأتي ما ذكره تفصيلا 2).
ولما مات الشهيد زين الدين كفل الشيخ حسن جدنا الاعلى السيد علي بن
الحسين المشتهر بابن أبى الحسن تلميذ الشهيد والد السيد محمد صاحب المدارك
ووالد جدنا السيد علي نور الدين، وكان الشيخ حسن ربيبه، تزوج بأمه وأولدها
جدنا السيد نور الدين، فالشيخ حسن أخو جدنا السيد نور الدين لامه والسيد
صاحب المدارك أخو جدنا لأبيه.
وكان الشيخ زين الدين الشهيد زوج ابنته من زوجته الأولى جدنا الاعلى
السيد علي بن السيد حسين فأولدها السيد محمد صاحب المدارك، ولذا يعبر
عن الشهيد الثاني صاحب المدارك بجدنا. فالشيخ حسن خال السيد محمد
صاحب المدارك وأخو أخيه جدنا السيد نور الدين.
وأيضا الشيخ حسن قدس سره جدنا من قبل بعض الأمهات، فان أم جدي
السيد محمد علي وأخيه السيد صدر الدين بنت الشيخ علي بن الشيخ يحيى بن
الشيخ علي صاحب الدر المنثور ابن الشيخ محمد بن الشيخ حسن صاحب
المعالم.
وكان الشيخ حسن صاحب المعالم والسيد محمد صاحب المدارك كفرسي
رهان ورضيعي لبان، وكانا متآخيين في الله بحيث إذا سبق أحدهما المسجد

1) أمل الآمل 1 / 57 - 63.
2) الدر المنثور 2 / 199 - 209.
138

وجاء الاخر اقتدى به، وهاجرا إلى النجف واشتركا في الدرس على المقدس
الأردبيلي، وكانا سألاه أن يعلمهما ما هو دخيل في الاجتهاد، فأجابهما إلى ذلك،
فأعلمهما أولا شيئا من المنطق وأشكاله الضرورية، ثم شرح العميدي على تهذيب
الأصول الا ما لا دخل له في الاجتهاد من مباحثه، وكان المقدس حينئذ مشغولا
بشرحه على الارشاد وكان يعطيهما أجزاء منه ويأمرهما بالنظر فيها واصلاحها.
ويظهر من تاريخ تملك صاحب المعالم للجمهرة التي عندي وعليها خطه
أنه اشتراها في الغري في أوائل شهر رمضان من سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة أن
عمره حينئذ أربعة وعشرين سنة، لان تولده كان تسع وخمسين وتسعمائة، فيكون
مهاجرته إلى العراق في ذلك السن.
والمحكي في غير موضع أنهما لم يبقيا في النجف الا مدة قليلة سنتين أو
أكثر بقليل، وعلى ما ذكره السيد المعاصر في الروضات من أن قدومهما الغري
كان سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة يكون مكثهما أكثر من عشر سنين (21. وهو
وهم قطعا، فان ذلك هو تاريخ وفاة أستاذهما المقدس الأردبيلي وقد نص الشيخ
علي السبط في الدر المنثور أن الشيخ حسن لما رجع إلى البلاد صنف المعالم
والمنتقى وأرسلهما إلى أستاذه ووصلا قبل وفاة ملا احمد رحمه الله. انتهى.
وأما ما ذكره الشيخ علي السبط في ترجمة جده في الدر المنثور هذا
صورته، قال:
أن الشيخ حسن رحمه الله كان فاضلا محقق ومتقنا مدققا وزاهدا تقيا وعالما
رضيا وفاضلا ذكيا، بلغ من التقوى والورع أقصاهما ومن الزهد والقناعة منتهاهما
ومن الفضل والكمال ذروتهما وأسناهم.
وحق على ابن الصقر ان يشبه الصقرا

1) روضات الجنات 2 / 298.
139

كان لا يحوز قوت أكثر من أسبوع - أو شهر الشك مني فيما نقلته عن الثقات
- لأجل القرب إلى مواساة الفقراء والبعد عن التشبه بالأغنياء، وشاهدي على
حاله وفضله ما حرره من المصنفات وحققه من المؤلفات، فمن عرفها حق المعرفة
أذعن بثبوت دعوى هذه الصفة.
كان ينكر كثرة التصنيف مع عدم تحريره ويبذل جهده في تحقيق ما ألفه
وتحبيره، فتظلع من علوم الحديث والرجال والفقه والأصول مستغنيا بما يحتاج
إليه مما سواها من المعقول والمنقول.
كان هو والسيد الجليل السيد محمد ابن أخته قدس الله روحيهما في التحصيل
كفرسي رهان ورضيعي لبان، وكان متقاربين في السن، وبقي بعد السيد محمد
بقدر تفاوت ما بينهما في السن تقريبا، وكتب على قبر السيد محمد " من المؤمنين
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومهم من ينتظر وما بدلوا
تبديلا "، ورثاه بأبيات كتبها على قبره، وهي قوله - وربما كان في بعض
الألفاظ تغييرا ما -:
لهفي لرهن ضريح صار كالعلم * للجود والمجد والمعروف والكرم
قد كن للدين شمسا يستضاء به * محمد ذو المزايا طاهر الشيم
سقى ثراه وهناه الكرامة والريحان * والروح طرا بارئ النسم
والحق أن بينهما فرقا في دقة النظر يظهر لمن تأمل مصنفاتهما، وأن الشيخ
حسن كان أدق نظرا وأجمع من أنواع العلوم، وكان مدة حياتهما إذا اتفق سبق
أحد منهما إلى المسجد وجاء الاخر بعده يقتدي به في الصلاة، وكان كل منهما
إذا صنف شيئا يرسل أجزاءه إلى الاخر وبعده يجتمعان على ما يوجب البحث
والتحرير. رحمهما الله تعالى. ومثل هذا عزيز وقوعه من أبناء الزمان. وكان
إذا رجح أحدهما مسألة وسئل عنها غير يقول: ارجعوا إليه فقد كفاني مؤنتها.
140

استشهد والده قدس سره في سنة خمس وستين وتسعمائة كما تقدم نقله.
وبخطه الشريف عندي ما صورته:
" مولد العبد الفقير إلى عفو الله وكرمه حسن بن زين الدين بن علي بن
أحمد بن جمال الدين بن تقي الدين عفى الله عن سيئاتهم وضاعف حسناتهم
في العشر الأخير من شهر الله الأعظم شهر رمضان سنة تسع وخمسين وتسعمائة.
اللهم اختم بخير فإنك ولي كل خير ".
وبخطه أيضا ما لفظه:
" وبخط والدي رحمه الله بعد ذكر تواريخ اخوتي ما هذا لفظه: ولد أخوه
حسن أبو منصور جمال الدين عشية الجمعة سابع عشري من شهر رمضان
المعظم سنة تسع وخمسين وتسعمائة والشمس في ثالثة الميزان والطالع زحل.
اجعل اللهم خلقتنا إلى خير يا من بيده كل خير ".
(فيكون سنه الشريف وقت وفاة والده قريبا من ست سنين) 1)
وقد تقدم عن سيد علي الصائغ رحمه الله أن وفاة والده كانت في رجب
(فيكون سنه ذلك الوقت أربع سنين وأشهرا) 2)، وقد كان والده قدس الله
روحه على ما بلغني من جماعة من مشايخنا وغيرهم له الاعتقاد التام في المرحوم
المبرور العالم العامل السيد علي الصائغ وانه كان يرجو من فضل الله أن رزقه الله
ولدا أن يكون مربيه ومعلمه السيد علي المذكور، فحقق الله رجاه وتولى السيد
علي الصائغ والسيد علي بن أبي الحسن رحمهما الله تربيته إلى أن كبر وقرأ عليهما،
خصوصا على السيد علي الصائغ هو والسيد محمد أكثر العلوم التي استفادها
من والده من معقول ومنقول وفروع وأصول وعربية ورياضي، ولما انتقل السيد

1) بين المعقوفين من كلام الصدر وليس من الدر المنثور.
2) الزيادة من المصدر، وهذا التاريخ مناف لما قاله الصدر.
141

علي إلى رحمة الله ورد الفاضل الكامل مولانا عبد الله اليزدي تلك البلاد فقرءا
عليه في المنطق والمطول وحاشية الخطائي وحاشيته عليها، وقرءا عنده تهذيب
المنطق، وكان يكتب عليه حاشية في تلك الأوقات وهي عندي بخط الشيخ حسن،
وبلغني أن ملا عبد الله كان يقرا عليهما في الفقه والحديث.
ثم سافر هو والسيد محمد إلى العراق إلى عند مولانا احمد الأردبيلي قدس
الله روحه، فقالا له: نحن ما يمكننا الإقامة مدة طويلة ونريد أن نقرأ عليك على
وجه نذكره ان رأيت ذلك صلاحا. قال: ما هو؟ قالا: نحن نطالع وكل ما نفهمه
ما نحتاج معه إلى تقرير بل نقرأ العبارة ولا نقف وما يحتاج إلى البحث والتقرير
فتكلم فيه. فأعجبه ذلك وقرءا عنده كتبا في الأصول والمنطق والكلام وغيرها مثل
شرح المختصر للعضدي وشرح الشمسية مع حاشيته وشرح المطالع وغيره.
وكان قدس الله روحه يكتب شرحا على الارشاد ويعطيهما أجزاء منه ويقول:
أنظروا في عباراته وأصلحوا منها ما شئتم فاني أعلم أن بعض عبارتي غير فصيح.
فانظروا إلى حسن هذه النفس الشريفة.
وكان جماعة من تلامذة ملا احمد يقرأون عليه شرح المختصر للعضدي
وقد مضى لهم مدة طويلة وبقي منه ما يقتضي صرف مدة طويلة أخرى حتى يتم،
وهما إذا قرءا يتصفحان أوراقا حال القراءة من غير سؤال وبحث، وكان يظهر
من تلامذته تبسم على وجه الاستهزاء بهما على هذا النحو من القراءة، فلما
عرف ذلك منهم تألم كثيرا منهم وقال لهم: عن قريب يتوجهون إلى بلادهم
وتأتيكم مصنفاتهم وأنتم تقرأون في شرح المختصر.
وكانت إقامتهما مدة قليلة لم يحضرني قدرها، ولما رجعا صنف الشيخ
حسن المعالم والمنتقى والسيد محمد المدارك، ووصل بعض ذلك إلى العراق
قبل وفاة ملا احمد رحمه الله.
142

وطلب الشيخ حسن من مولانا احمد شيئا من خطه ليكون عنده ياد گارأ 1)،
فكتب له بعض أحاديث في الصحيفة التي عندي بخطه قدر ورقة، وكتب في
آخرها " كتبه العبد احمد لمولاه امتثالا لامره ورجاءا لتذكره وعدم نسيانه إياه
في خلواته وعقيب صلواته، وفقه الله لما يحبه ويرضاه بمنه وكرمه بمحمد وآله،
وصلى الله عليه وآله " انتهى.
وفي تلك الصحيفة (صفحة) بخط الشيخ الجليل الشيخ بهاء الدين قدس
الله روحه كتب فيها كلمات حكيمة، وفي آخرها " كتب هذه الكلمات امتثالا
لأمر (سيده) صاحب الكتاب حرس مجده وكبت ضده أقل العباد بهاء الدين
الجباعي أصلح الله شانه، سائلا منه اجراءه على خاطره الخطير وعدم محوه عن
لوح ضميره المنير، سيما في محال الإنابات ومظان الإجابات، وذلك سنة
ثلاث وثمانين وتسعمائة " انتهى.
وكان اجتماعهما في كرك نوح لما سافر الشيخ بهاء الدين إلى تلك البلاد.
ولما رجع من العراق اشتغل بالتدريس والتصنيف، وقرأ عليه والدي
جملة من كتب العلوم معقولا ومنقولا وفروعا وأصولا، حتى أنه قرأ عليه شرح
الشرائع من أوله إلى آخره على ما بلغني والمنتقى والمعالم وغيرهما وتخرج
عليه، وقرأ مدارك السيد محمد وشرح مختصره عليه وغيره ذلك.
واستفاد من جدي (المرحوم) جماعة كثيرة من الفضلاء، مثل السيد نور
الدين والشيخ ونجيب الدين والشيخ حسين بن الظهير وغيرهم، وذكرهم جميعا
يحوج إلى التطويل.
جده من جهة أمه الشيخ الكامل الفاضل صاحب الذهن الوقاد والفكر النقاد
والفطرة السليمة الشيخ محيي الدين قدس الله نفسه.

1) كلمة فارسية بمعنى التذكار، وهي في الدر المنثور " تذكارا ".
143

ولقد بلغني عن بعض فضلاء العجم - وهو خليفة سلطان قدس الله روحه
وكان مصنفا ومتصديا لتدريس المعالم وشرح اللمعة ومطالعة كتب مصنفيهما وكان
له فيهما اعتقاد حسن - أنه قال يوما ما معناه: كنت أسمع أن الشيخ حسن توفي
في أثناء تصنيف المنتقى والمعالم، ومن كان هكذا فكره وتحقيقه ليس عجبا
وفاته في مثل هذا التصنيف والفكر فيه.
وله قدس سره مصنفات وفوائد (ورسائل) وخطب اطلعت منها على كتاب
" منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان " مجلدان، وكتاب " معالم
الدين وملاذ المجتهدين " مقدمته أصول وبرز من فروعه مجلد، و " حاشية على
مختلف الشيعة " (مجلد) عندي بخطه، وكتاب " مشكاة القول السديد في تحقيق
معنى الاجتهاد والتقليد " ذهب فيما ذهب من الكتب، وكتاب " الإجازات "،
و " التحرير الطاوسي " في الرجال مجلد، ورسالة " الاثنا عشرية " في الطهارة
والصلاة، وله " ديوان شعر " كان في بلادنا بخطه سمعت أنه (باق) عند أولاد
الشيخ نجيب الدين مجلد، و " مجموع " جمعه بخطه يحتوي على نفائس الشعر
والفرائد له ولغيره وهو عندنا بخطه، و " مجموع " آخر بخطه انتخب فيه من
فصول نسيم الصبا عشرة فصول وفيه فوائد وحكايات وأشعار، (وكان عندنا
بخطه كتب كثيرة بقي منها القليل).
انتقل إلى جوار الله في سنة إحدى عشرة بعد الألف، ولا يحضرني خصوص
الشهر واليوم، ودفن في بلدة جبع. قدس الله روحه ونور ضريحه، فيكون
سنه اثنتين وخمسين سنة وشيئا.
ثم حكى قطعة من شعره المذكور في الأصل، ثم قال: وقد سمعت من
بعض مشايخنا وغيرهم أنه لما حج كان يقول لأصحابه: نرجو من الله سبحانه
أن نرى صاحب الامر عليه السلام فإنه يحج في كل سنة فلما وقف بعرفة أمر
144

أصحابه أن يخرجوا من الخيمة ليتفرغ لأدعية عرفة ويجلسوا خارجا مشغولين
(بالدعاء)، فبينما هو جالس إذ دخل عليه رجل لا يعرفه فسلم وجلس. قال:
فهبت منه ولم أقدر على الكلام، فكلمني بكلام نقل لي ولا يحضرني الان وقام،
فلما قام وخرج خطر ببالي ما كنت رجوته وقمت سريعا فلم أره، وسألت أصحابي
فقالوا: ما رأينا أحدا دخل عليك، وهذا معنى ما سمعته. والله أعلم. انتهى 1).
وعندي من شعره أبيات غير ما ذكره في الأصل وغير ما في الدر المنثور،
وهي قوله:
لحسن وجهك للعشاق آيات * ومن لحاظك قد قامت قيامات
يا ظالما في الهوى حكمت مقلته * في مهجتي فبدت منها جنايات
تفديك نفسي هل للهجر من أمد * يقضي وهل لاجتماع الشمل ميقات
ما العيش إلا ليال بالحمى سلفت * يا ليتها رجعت تلك اللييلات
ساعات وصل بطيب الوصل قد سمحت * تجمعت عندنا فيها المسرات
نامت صروف الليالي عن تقلبها * بنا فكم قضيت فيها لبانات
سقيا لها من سويعات نظن بها * إذ صفوة العمر هاتيك السويعات

1) الدر المنثور 2 / 199 - 209.
145

ما كنت أحسب أن الدهر يسلبها * وانه لحبال الوصل بتات
ولم أكن قبل آن الهجر معتقدا * أن الحبيب له بالوصل عادات
كم قد شكوت له وجدي عليه فلم * يسمع ولم تجد لي تلك الشكايات
وكم نثرت عقود الدمع مرتجيا * لعطفه وهو ثاني العطف بتات
كيف احتيالي فيمن لا يرققه * ذاك الصريخ ولا هذى الإشارات
ظبى من الانس في جنات وجنته * تفتحت من زهور الروض وردات
يصطاد باللحظ منا كل جارحة * وكل قلب به منا جراحات
يا لائمي بالهوى جهلا بمعذرتي * دع عنك لومي فما تجدي الملامات
ان الملامة ليست لي بنافعة * من بعد ما عبثت في الصبابات
حان الرحيل من الدنيا فقد ظهرت * من المشيب له عندي أمارات
يا ضيعة العمر لم أعمل لآخرتي * خيرا ولا لي في دنياي لذات
146

وتوفي أول محرم سنة إحدى عشرة بعد الألف في جبع ودفن قرب تربة
صاحب المدارك وقبرهما مزار إلى اليوم.
وقد وهم صاحب حدائق المقربين حيث زعم أن وفاته في النجف الأشرف.
(94)
الشيخ جمال الدين حسن بن زين الدين بن فخر الدين بن علي بن أحمد
العاملي، من ذرية الشهيد الأول
ذكره الشيخ شرف الدين الشهيدي في اجازته للفاضل التبريزي ووصفه
ب‍ " زين الأتقياء وفخر العلماء وزبدة الفضلاء المؤتمن جمال الدين حسن ".
وروى عنه بواسطة ابنه شمس الدين علي.
ويروي الشيخ جمال الدين المذكور عن أبيه زين الدين عن أبيه فخر الدين
عن أبيه الشيخ احمد الشهيدي عن 1) الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي عن
شيخه محمد بن محمد بن محمد بن داود ابن عم الشهيد عن الشيخ ضياء الدين
ابن الشهيد عن أبيه الشهيد. قدس الله أرواحهم.
(95)
الشيخ حسن بن الشيخ حسين بن الشيخ محيي الدين بن الشيخ عبد اللطيف
الجامعي الحارثي العاملي
ذكره السيد عبد الله سبط المحدث الجزائري في اجازته الكبيرة فقال:
كان عالما فاضلا أديبا جامعا للفنون مهذابا وقورا كثير الصمت لينا هينا، يروي

1) كذا في المصورة، وفي الأعيان 5 / 99 - وقد نقل هذه الترجمة من هذا
الكتاب بعينها من دون ذكر المصدر - " ابن "، ولعله هو الأنسب.
147

عن أبيه وأخيه الشيخ علي الساكن ببلدة خلف آباد وقدم علينا الحويزة مرارا
وكنت ألازمه ليلا ونهارا (فكان) يفاوضني في المسائل ويلقنني من فضله كل نائل
ونهاني عن التقليد ويفيدني في كل طارف وتليد ويأمرني بالنظر في الاخبار
ويلاطفني ملاطفة الوالد الشفيق على الولد البار، توفي في سنة الثلاثين من
المائة الثاني عشر. انتهى.
(96)
الشيخ حسن بن سليمان بن حسين بن محمد بن أحمد (بن الحسن) 1)
ابن سليمان العاملي
رأيت بخطه سرد نسبه كما ذكرنا في آخر ما نسخه لنفسه من مجلد الجهاد
إلى النكاح من الوسائل وفرغ منه سنة 1117.
وذكر في الأصل أنه نباطي فاضل صالح معاصر 2).
(97)
الشيخ حسن بن سليمان العاملي
عالم عامل فاضل جليل، من شركاء السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة في
الدرس، تخرج على السيد أبى الحسن بن حيدر في مدرسته في شقرا.
كان الشيخ حسن بن سليمان من العلماء الزهاد العباد الذين يقربهم أهل البلاد.

1) ليست الزيادة في أمل الآمل.
2) أمل الآمل 1 / 63.
148

(98)
عز الدين أبو محمد الحسن بن سليمان بن محمد العاملي 1)
من تلامذة الشهيد الأول، قرأ عليه ورأيت إجازة له ولجماعة له محكية
عن خط الشهيد، وصفه الشهيد بما هذا صورته " والشيخ الصالح الورع الدين
العدل عز الدين أبى محمد الحسن بن سليمان بن محمد الحلي مولدا العاملي
المتحد " 2) إلى آخر من عده من شركائه في القراءة 3).
(99)
الشيخ أبو علي الحسن بن طاهر الصوري العاملي، وفي بعض النسخ الشيخ
أبو علي طاهر بن الحسن الصوري
في الرياض: فاضل عالم فقيه، وذكره الشهيد الثاني في بحث قضاء الصلوات
الفائتة من روض الجنان ونسب إليه القول بالتوسعة في القضاء وأنه نص على
استحباب تقديم الحاضرة. قال الشهيد: وقد رد عليه الشيخ أبو الحسن علي بن
منصور بن تقي الحلبي وعمل مسألة طويلة تضمن القول بالتضيق والرد عليه في
التوسعة.
وعلى هذا يكون (اما) معاصرا للشيخ أبى الحسن سبط أبى الصلاح الحلبي
أو متقدما عليه. فلاحظ 4).

1) هو المذكور في أمل الآمل 2 / 66.
2) هذه الإجازة كتبت في 12 شعبان 757. انظر الحقائق الراهنة ص 41.
3) توفى بعد سنة 802. انظر الضياء اللامع ص 33.
4) رياض العلماء 1 / 198.
149

(100)
الشيخ حسن بن عباس بن محمد علي بن محمد البلاغي
من أجلة علماء عصره، له كتاب " تنقيح المقال في علم الرجال ". كان
من علماء أوائل القرن الحادي عشر 1)، وهو من بيت العلم والفضل كما يعلم
من كتابنا هذا، وله أولاد وأحفاد وذرية علماء أجلاء وتقدم ذكر بعضهم.
فلاحظ ترجمة الشيخ احمد البلاغي.
(101)
الشيخ حسن ابن الشيخ عباس ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ حسين ابن
الشيخ عباس ابن الشيخ حسن بن عباس بن محمد علي بن محمد البلاغي،
نزيل الكاظمية، وهو أصغر من أخيه الشيخ طالب الآتي
كان عالما فاضلا تقيا نقيا ورعا سكونا قليل الكلام من عباد الله الصالحين.
كان صهر الشيخ أحمد بن محمد علي البلاغي على ابنته الفاضلة الجليلة الملافضة،
كانت فاضلة في الأدب والعربية وحسن الخط، وكانت ترتزق بكتابة الكتب.
مات الشيخ حسن حدود الثمانين والمائتين بعد الألف. وتقدم ذكره في
ترجمة الشيخ أحمد البلاغي ابنه.
(102)
الشيخ حسن بن علي العاملي التوليني
من أجلاء علماء عصره والمرجع العام لأهل بلاده. رأيت صورة صكه

1) توفى بعد سنة 1105. انظر ماضي النجف وحاضرها 2 / 68.
150

على صدر الوثيقة التي كتبتها ست المشايخ فاطمة بنت الشهيد الأول لاخوتها
بهبة جميع ما يخصها من تركة أبيها في جزين وغيرها هبة معوضة ببعض الكتب
كتهذيب الشيخ وأمثاله، وقد كتب صاحب الترجمة ما هذا لفظه: قد اتصل بي
ثبوت هذه الوثيقة بين الأماجد (الطاهرين) وعلمت ما حرر ورقم فيها بعلم
اليقين أجريت عليها بقلم الاثبات بالمشروع والمعقول، وأنا أفقر الورى حسن
ابن علي التوليني. انتهى.
وتاريخ الوثيقة سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، فهو من أعلام العلماء الاثبات
في ذلك العصر.
وعلى الوثيقة خطوط جماعة من العلماء، كتبوا شهادتهم بذلك. وهذه
الوثيقة موجودة بعينها عند آل شمس الدين إلى اليوم، وكتبوا لي صورتها
للاطلاع على ذلك العهد والوقوف على جلالة الست فاطمة. رضي الله عنها
وعن أبيها وأخوتها الشيخ أبى طالب محمد و أبى القاسم علي المكتوب لهم
هذه الوثيقة.
(103)
الشيخ حسن بن علي بن أحمد العاملي الحانيني
ذكره في الأصل هكذا 1)، وهو حسن بن علي بن حسن بن أحمد بن
محمود العاملي الكونيني الشهير بالحانيني 2)، وكانت وفاته سنة خمس وثلاثين

1) أمل الآمل 1 / 64.
2) في أعيان الشيعة 5 / 171: " الكونيني " نسبة إلى كونين بفتح الكاف وسكون
الواو وكسر النون بعدها مثناة تحتية ساكنة ونون. و " الحانيني " نسبة إلى حانين بحاء
مهملة والف ونون مكسورة ومثناة تحتية ساكنة. قريتان من قرى جبل عامل، أصله (أي
الشيخ حسن) من كونين ثم سكن حانين ومات بها.
151

بعد الألف.
كان حسن القريحة في الشعر، رأيت له مقطوعة يقول فيها:
لنا في هوى ذات الوشاح مقاصد * وفي خالها للعاشقين مراصد
على حبها نحيا ونحشر في الهوى * ونحن على ميثاقها نتعاهد
يقد قلوب الأسد مائس قدها * وللصيد منها للجفون مصائد
موردة الخدين دعجاء طفلة * برهرهة 1) خمصانة البطن ناهد
غريرة حسن هام عند جمالها * وطيب شذاها مستقيم وفاسد
تعلمت البيض البواتر فتكها * ومن لينها سمر الرماح موائد
وقد ذكره وذكر الأبيات له في خلاصة الأثر في أهل القرن الحادي عشر 2).
فلاحظ.
(104)
الشيح حسن ابن الشيخ نور الدين علي ابن الشيخ شهاب الدين أحمد بن أبي
جامع الحارثي الهمداني العاملي، أصغر اخوته
وذكر ابن أخيه الشيخ علي بن رضي الدين أنه جرت عليه مصائب يطول
ذكرها، وسافر إلى الهند وسكن حيدر آباد إلى أن توفي بها. وهو من العلماء
الأجلة والفقهاء الأماثل. رحمة الله عليه.
ويأتي ولده الشيخ علي، وصاحب الترجمة من طبقة اخوته تلاميذ صاحب
المعالم.

1) البرهرهة بفتح الباء والرائين وسكون الهاء الأول: التي لها بريق من صفائها،
أو هي الرقيقة الجلد التي كأن الماء يجرى فيها من النعمة. لسان العرب (بره).
2) خلاصة الأثر 2 / 29.
152

(105)
الشيخ الامام عز الدين حسن بن علي بن أحمد بن يوسف الشهير بابن
العشرة الكركي العاملي
عالم فقيه متبحر جليل، ذكره في الأصل (1، وذكره صاحب رياض
العلماء فقال 2): كان من العلماء العقلاء وأولاد المشايخ الاجلاء، وحج بيت
الله كثيرا نحوا من أربعين حجة، وكان له على الناس مبار ومنافع، وقرأ على
السيد حسن بن نجم الدين الأعرج في حدود سنة اثنتين وستين وثمانمائة، ومات
بكرك نوح بعد أن حفر لنفسه قبرا، وكان كثيرا الورع والدعاء - كما نقل من
خط تلميذه الشيخ محمد بن علي الجباعي.
وكان شيخ إجازة جماعة من العلماء، كالشيخ علي بن هلال الجزائري.
ويظهر من غوالي اللآلي (3 أن له الرواية عن شيخنا الشهيد الأول، والمعروف
انه يروى عن الشيخ أبى العباس أحمد بن فهد الحلي.
أقول: حكى في البحار عن خط الشيخ محمد بن علي الجباعي ما صورته:
توفي (إلى رحمة الله تعالى) الشيخ الامام العالم الفقيه شيخنا عز الدين حسن
ابن أحمد بن يوسف الشهير بابن العشرة الكرواني 4) - قرأ على السيد حسن
ابن نجم الدين والشيخ محمد العريضي والشيخ محمد بن عبد العالي - سنة
اثنتين وستين وثمانمائة. رحمه الله وحشره مع الأئمة الطاهرين. وكان هذا

1) انظر أمل الآمل 2 / 67 و 75.
2) مذكور في أمكنة شتى من الرياض، أنظر 2 / 202، 208، 264، 358.
3) غوالي اللآلي 1 / 7، 9.
4) كذا في المصورة، وفي البحار " الكسرواني "، وهو الصحيح.
153

الشيخ من العلماء العقلاء وأولاد المشايخ الاجلاء، وحج كثيرا نحو أربعين
حجة. وكان له على الناس مبار ومنافع، ومات بكرك نوح بعد أن حفر لنفسه
قبرا، وكان كثير العبادة ويصلي النوافل وكثير الدعاء، وقرأت عليه كثيرا -
رحمه الله. انتهى (1.
(106)
الشيخ المحقق حسن ابن الشيخ علي ابن الشيخ حسين بن عبد العالي
الكركي العاملي
فاضل عالم فقيه متكلم عظيم الشأن، وهو ابن الشيخ علي الكركي المشهور
وخال السيد الداماد، وكان من علماء دولة السلطان شاه طهماسب الصفوي.
ولم أجده في أمل الآمل، وهو غريب، لأنه مع شهرة اسمه قد أورده نفسه
في رسالة الاثني عشرية في الرد على الصوفية.
له من المؤلفات كتاب " عمدة المقال في كفر أهل الضلال "، تعرض فيه
لتكفير النواصب وتنجيسهم ولقدح الصوفية، فرغ منه سنة 972. وكتاب في
" مناقب أهل البيت عليهم السلام ومثالب أعدائهم وكفرهم "، نسبه إلى نفسه
في كتاب عمدة المقال المذكور.
ونسب إليه السيد الداماد في حواشي شارع النجاة له إليه - أي إلى خاله -
كتاب " شرح الارشاد " وينقل عنه بعض الفتاوى، ولعل مراده بخاله هو هذا
الشيخ أو أخوه الشيخ عبد العالي بن الشيخ علي. فلاحظ.
وله رسالة " المنهاج القويم في التسليم " مختصرة في تحقيق مسألة التسليم
في الصلاة، ألفها في مشهد الرضا عليه السلام سنة أربع وستين وتسعمائة.

1) بحار الأنوار 107 / 209.
154

انتهى ملخصا عن رياض العلماء 1).
وله رسالة " البلغة في وجوب صلاة الجمعة مع أذن الإمام عليه السلام "،
رتبها على مقدمة ومقالة وخاتمة، فرغ منها سنة ست وسبعين وتسعمائة.
(107)
الشيخ عز الدين الحسن بن الفضل
كان من أجلة علماء الإمامية وفقهائهم، يروي عنه الشيخ شمس الدين محمد
ابن المؤذن الجزيني ابن عم الشهيد - قاله في الرياض.
ثم قال: ولا يبعد عندي كون هذا الشيخ من علماء جبل عامل. فلاحظ.
انتهى 2).
(108)
السيد حسن بن السيد محمد بن السيد جواد الحسيني العاملي النجفي،
حفيد السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة
كان السيد حسن سيدا جليلا من أجلة السادات بالعراق، ذا علم وفضل
وجلالة، كثير المواظبة على العبادات والأوراد، تعيش به كل عائلة السيد صاحب
مفتاح الكرامة.
كان كأبيه يخرج إلى جبال حلوان وله هناك بعض الأملاك، وله الوجاهة
عند الوالي لتلك البلاد نافذ الامر مطاعا في كل ما يأمر غير مدافع في الرئاسة.
وكان له ولد فاضل - هو السيد جواد - مات شابا بمرض الحرارة، افتجع

1) رياض العلماء 2 / 260.
رياض العلماء 2 / 299.
155

له كل أهل النجف لفضله وكماله، كان يرجى أن يكون مثل جده صاحب مفتاح
الكرامة.
توفي السيد حسن سنة... 1)
(109)
الشيخ حسن بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن يوسف السبيتي
العاملي
عالم فاضل جليل نبيل، هاجر إلى العراق لطلب العلم، واشتغل في النجف
الأشرف على علمائها، وكان شريك الشيخ محمد علي عز الدين في أساتيده
ومشايخه، ومكث فيها للاشتغال سبع سنين، وحصل من الفقه والأصول ما أرواه،
ثم رجع إلى بلاده، وكان من أعاظم مراجعها في الدين إلى أن توفي رحمه
الله سنة 1289.
وله كتب منها " حاشية على شرح اللمعة ".
هذا ما ذكره بعض أرحامه، وستعرف طبقته في ترجمة الشيخ محمد على
عز الدين.
(110)
الشيح حسن بن محمد الفتوني العاملي، نزيل مشهد الرضا عليه السلام
رأيت بخطه كتاب الكافي الذي فرغ منه في شعبان سنة ثمان وثلاثين بعد
الألف.

1) كذا في المصورة، وقد توفى بعد سنة 1301 التي استعار فيها الشيخ محمد
لائذ النجفي كتابا منه. أنظر نقباء البشر ص 434.
156

وهو غير الشيخ حسن الفتوني النباطي المعاصر للشهيد المذكور في الامل،
لعدم موافقة الطبقة.
(111)
السيد حسن بن محمد الحسيني البعلي
من العلماء الفضلاء، رأيت بخطه مجموعة الشيخ ورام، فرغ منها في يوم
الجمعة السابع عشر من جمادى الأولى سنة خمس وستين وتسعمائة.
(112)
السيد حسن بن السيد محمود الأمين الحسيني العاملي
عالم فاضل محصل كامل، هاجر إلى النجف لتحصيل العلم وجد في ذلك،
وقرأ على علماء النجف حتى نال مأموله من العلم، فرجع إلى بلاده، وهو
الان أحد علمائها ومراجعها.
ذو فهم مستقيم وسليقة حسنة، أخو السيد علي محمود الآتي ذكره، من
بيت الشرف والعلم قديما وحديثا، فيهم علماء أماجد، وهم من عائلة السيد
العلامة صاحب مفتاح الكرامة.
وللسيد حسن صاحب الترجمة كتابات في الأصول وفي الفقه، وله اليد في
الأدب لا يحضرني تفصيلها لأنها لم تخرج إلى البياض 1).

1) في أعيان الشيعة 5 / 283: ولد سنة 1299 في قرية عيترون التي كان قد انتقل
إليها والده من شقراء، وتوفى في شهر جمادى الآخرة سنة 1368 بمدينة بيروت.
157

(113)
الشيخ حسن بن مكي العاملي، المعاصر للمحقق الكركي
كان من أجلة العلماء المحققين، والد الشيخ شمس الدين محمد بن الحسن
الذي كان كوالده من أجله العلماء كما نص على ذلك كله في رياض العلماء 1).
وقال الشيخ عز الدين الحسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي في
الثناء على صاحب الترجمة ما لفظه: الشيخ الإمام الفاضل التقي الورع الزاهد
حسن بن مكي.
والعجب من غفلة صاحب الامل عن ذكر مثل هذا الشخص الجليل.
(114)
الشيخ حسن بن الشيخ موسى مروة العاملي
من أجلة علماء عصره وفقهاء وقته. عالم عامل فاضل كامل، من طبقة الشيخ
كاشف الغطاء والسيد محسن صاحب المحصول والشيخ أسد الله صاحب المقابيس.
كان خرج من جبل عامل في محنة احمد الجزار وسكن العراق. رأيت
خطه الشريف مع خطوط من ذكرت من العلماء وغيرهم في وقفية مدرسة في
الكاظمين حكم بوقفيتها سنة ست وعشرين ومائتين بعد الألف، سكن الكاظمية 1).
وله ولد اسمه الشيخ علي صاحب كتاب " قرة العين " وغيره، تأتي ترجمته.
ويظهر منه أن جده الشيخ موسى، يعني والد صاحب الترجمة. وقد فرغ من
قرة العين سنة 1227.

1) رياض العلماء 2 / 346.
2) في الكرام البررة ص 357: الظاهر أنه توفى بعد سنة 1222.
158

وسيأتي الشيخ حسين بن الشيخ موسى مروة العاملي الأكبر من أخيه الشيخ
حسن هذا.
(115)
الشيخ عز الدين أبو محمد الحسن بن ناصر بن إبراهيم بن الحداد العاملي،
صاحب كتاب " طريق النجاة " وغيره
أكثر الكفعمي النقل عنه، وترجمه في رياض العلماء، قال بعد الترجمة:
والعجب أن الشيخ المعاصر لم يورده في الامل (1.
(116)
السيد تقي الدين حسن بن نجم الدين العلوي العبيدلي العاملي
كان من أجلة العلماء المتصلين بعصر العلامة، كما يظهر من رجال السيد
علي بن عبد الحميد النجفي، والظاهر أنه غير المذكور آنفا. فلاحظ (2.
قاله المولى عبد الله الأفندي في رياض العلماء (3.
(117)
السيد تقي الدين الحسن بن نجم الدين العاملي العيناثي

1) رياض العلماء 1 / 322 و 346.
أقول: احتمل الشيخ آقا بزرك الطهراني في الضياء اللامع ص 49 أن يكون ابن
الحداد هذا من أعلام القرن التاسع أو الثامن.
2) بل الظاهر أنه هو بعينه.
3) رياض العلماء 1 / 347.
159

في الرياض: كان من أجلة العلماء المتضلعين بفقه العلامة، كما يظهر من
رجال السيد علي بن عبد الحميد النجفي (1.
أقول: السيد علي بن عبد الحميد كان معاصر للشهيد الأول، فصاحب
الترجمة كذلك (2.
(118)
السيد حسن صدر الدين أبو محمد ابن السيد العلامة السيد هادي بن السيد
محمد علي ابن السيد الكبير السيد الصالح ابن السيد العلامة السيد محمد بن
إبراهيم شرف الدين بن السيد زين العابدين بن السيد نور الدين علي بن علي
ابن الحسين بن محمد بن الحسين بن علي بن محمد بن أبي الحسن بن محمد بن
عبد الله بن أحمد بن حمزة الأصغر بن سعد الله بن حمزة الأكبر بن محمد أبى
السعادات بن أبي الحرث محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الحسن علي بن أبي
طاهر عبد الله بن أبي الحسن محمد المحدث ابن أبي الطيب طاهر ابن
الحسين القطيعي بن موسى أبى السبحة ابن إبراهيم الأصغر الملقب بالمرتضى
ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام، العاملي أصلا والكاظمي مولدا ومسكنا،
مؤلف هذا الكتاب
رأيت بخط السيد العلامة والدي الهادي تاريخ تولدي وصورته: تولد
المولود المبارك قرة عيني حسن يوم الجمعة عند الزوال تاسع وعشرين شهر الله
رمضان المبارك من شهور سنة اثنتين وسبعين ومائتين بعد الألف من الهجرة النبوية

1) هذا هو المترجم السابق بعينه مع إضافة " العيناثي " وتحريف " المتضلعين بفقه
العلامة ".
2) لا يستلزم ذكر السيد على له انهما معاصران.
160

على مهاجرها آلاف الصلاة والسلام والتحية.
قرأت علوم العربية والمنطق والشرائع وبعض الروضة الدمشقية والمعالم
والقوانين، حتى جاءت سنة ثمان وثمانين وهاجرت إلى النجف الأشرف واشتغلت
على العلماء، قرأت علمي الكلام والحكمة على الفاضل الآخوند المولى باقر
الشكي والشيخ محمد تقي الكلبايكاني، والفقه والأصول على الميرزيين حجتي
الاسلام الميرزا محمد حسن الشيرازي والمحقق الميرزا حبيب الله الرشتي وعلى
الشيخ الفقيه محمد حسين الكاظمي والفاضل المولى محمد الإيرواني والمولى
الفقيه الحاجي ملا علي بن الخليل الرازي والسيد المتبحر المهدي الشهير
بالقزويني والشيخ محمد اللاهجي والآخوند ملا احمد التبريزي وغيرهم من
علماء الفقه والأصول على ترتيب يطول شرحه.
وفي سنة سبع وتسعين خرجت إلى سامراء والتحقت بالسيد الأستاذ الميرزا
الشيرازي، وكنت قد جئت قبل ذلك إليها سنة اثنتين وتسعين بقيت سنة ونصف
ورجعت إلى النجف لضيق أسباب المعاش حينئذ فيها، ولما جاء الطاعون
الذي خص النجف هاجرت إلى سامراء واستقمت بها مكبا على الاشتغال والحضور
على سيدنا الأستاذ وأنا مع ذلك أدرس في المدرسة وصنفت بعض الكتب،
حتى إذا فجعنا بالسيد الأستاذ في شعبان سنة اثني عشرة وثلاثمائة بعد الألف
تمحضت للتصنيف.
ثم عرض ما رجحت فيه الخروج، فخرجت منها سنة أربع عشرة وثلاثمائة
بعد الألف مع جماعة من علمائها، وحللت بلد الكاظمين لا على عزم الإقامة
بل على قصد الرجوع إلى النجف الأشرف، فأمرني السيد الوالد بالإقامة في
بلد الكاظمين، فأقمت امتثالا لامره وأنا فيها إلى هذا التاريخ وهو سنة أربع
وثلاثين بعد الثلاثمائة والألف من الهجرة، لا اشتغال لي الا بالتأليف والتصنيف
161

تاركا لكل العناوين.
والذي برز مني إلى هذا التاريخ من الكتب والرسائل والحواشي والتعليقات
في فنون العلم بتوفيق الله سبحانه عدة، منها " سبيل الرشاد في شرح نجاة
العباد " على وجه البسط خرج منه المجلد الأول، ثم عدلت عنه إلى شرحها
المسمى ب‍ " تبيين مدارك السداد بين المتن والحواشي لنجاة العباد " تعرضت
فيه إلى ما أراه مدركا لفروع المتن ولبيان مدرك حواشي شيخنا العلامة المرتضى
وحواشي سيدنا الأستاذ الميرزا حجة الاسلام قدس سرهما، وصلت فيها إلى
الان إلى آخر أفعال الصلاة، وأسأل الله التوفيق للاتمام.
وكتاب " سبيل النجاة في فقه المعاملات " بطريق المتن والتفريع، وكتاب
" تحصيل الفروع الدينية في فقه الامامية " وهو كتاب جليل وصلت فيه إلى
ما وصلت فيه من شرح نجاة العباد الثاني.
وكتاب " اللوامع الحسنية في الأصول الفقهية " بطريق الايجاز من أول
علم الأصول إلى آخره، ذكرت فيه نتائج أفكار الشيخ مرتضى، وهو كتاب لم
يصنف مثله على مسلك الشيخ في علم الأصول.
وكتاب " سبيل الصالحين " في طريق العبودية وتهذيب الأخلاق، وقد
طبع بتبريز.
و " الدر الموسوية " وهو شرح على رسالة العقائد الجعفرية للشيخ
صاحب كشف الغطاء، وهو شرح ممزوج كبير، خصوصا في مبحث الإمامة،
لم يصنف مثله في الاخذ بمجامع الكلام والنقض والابرام على جميع المسالك
مسلك المحدثين والمتكلمين والحكماء والمفسرين من الفريقين.
وكتاب " اللباب في شرح رسالة الاستصحاب " لشيخنا المرتضى الأنصاري
رحمة الله.
162

وكتاب " حواشي الرسائل " أعني الرسائل للشيخ المرتضى المسماة بالفرائد.
وكتاب " حدائق الوصول في بعض مسائل علم الأصول "، وكتاب " قاطعة
اللجاج في ابطال طريقة أهل الاعوجاج " المنكرين للاجتهاد والتقليد في
الفروع.
وكتاب " نهاية الدراية في علم الدراية " علم أصول الحديث، وهو شرح
على وجيزة الشيخ البهائي العاملي، وشرحتها ممزوجا مبسوطا وأضفت إليها
ما فاته من مهمات هذا العلم، وفوائد كثيرة تتعلق بعلم الحديث لم يجمع في
غير هذا الكتاب، وقد طبع بالهند ودخل مدارسها وصار يقرأ.
وكتاب " مختلف الرجال " دونت فيه علم الرجال على نهج سائر العلوم
من ذكر التعريف وبيان الموضوع والغاية والمبادئ التصورية والمبادئ
التصديقية والمقاصد، وفيه تحقيقات خلت عنها كتب الرجال، بعد لم يتم.
وكتاب " احياء النفوس على مسلك السيد ابن طاوس " بعد لم يتم، وكتاب
" البراهين الجلية في زيغ أحمد بن تيمية " الحنبلي.
وكتاب " فصل القضا في الكتاب المشتهر بفقه الرضا " كشفت حاله وأوضحت
أنه كتاب التكليف المعروف قديما للشلمغاني، وقد أوضحت وجه الاشتباه بما
لم يسبق إليه أحد.
وكتاب " نزهة أهل الحرمين في تواريخ تعميرات المشهدين " النجف
وكربلا، وشرحت أول من عمرهما وأول من سكنهما من الاشراف وطبقات
المعمرين فيهما، كان قد سألني ذلك بعض الأجلة.
وكتاب " مصابيح الايمان في حقوق الاخوان " بعد لم يكمل، وكتاب
" مجالس المؤمنين في وفيات المعصومين " من النبي إلى العسكريين عليهم السلام،
جردت الروايات المختارة عن السند وسقت الكلام كالخطبة، وهو كتاب وحيد
163

في بابه.
وكتاب " الدر النظيم في مسألة التتميم " أعني تتميم ماء الكر بالماء النجس.
وكتاب " تأسيس الشيعة الكرام لعلوم الاسلام " مرتب على فصول لكل
علم، وكل فصل ثلاث صحائف: الأولى في أول من وضعه، والثانية في أول
من صنف فيه، والثالثة في أئمة ذلك العلم. وقد تضمن طبقات مشاهير مصنفي
الامامية إلى أرباب المائة السابقة، فصار كتاب ضخما مرتبا على ترتيب ما أسسوا
من العلوم الاسلامية، ثم اختصرته وسميته " الشيعة وفنون الاسلام " ورتبته على
ترتيب مشرف العلوم، وقد طبع في مطبعة العرفان في صيدا.
وكتاب " عيون الرجال " الرواة للحديث الموثقين بالتعدد، فهو طبقات
الثقات من الرواة، وهو كتاب جليل في معناه.
وكتاب " مفتاح السعادة وملاذ العبادة " يشتمل على المهم منم أعمال اليوم
والليلة وعمل الأسبوع والشهر وعمل السنة، ثم آداب زيارة المشاهد المشرفة
مكة المعظمة والمدينة المنورة والنجف الأشرف والحائر المطهر ومشهد
الكاظمين والعسكريين والمشهد المقدس الرضوي على مشرفها أفضل الصلاة
والسلام. نسأل الله جل جلاله التوفيق لاتمامه.
وكتاب " وفيات الأعلام من الشيعة الكرام " رتبته على عصور المئات،
فأذكر من مات في المائة الأولى من الهجرة ثم من مات في المائة الثانية وهكذا
إلى المائة الرابعة عشر. نسأل الله جل جلاله التوفيق لاتمامه.
وكتاب " كشف الظنون عن خيانة المأمون " في سمه الإمام الرضا عليه
السلام.
وكتاب " نهج السداد في حكم أراضي السواد " أعني العراق، وأنها كانت
حال الفتح على ثلاثة أنواع معمورة وموات وصفايا السلطان.
164

وكتاب " مطاعن علماء الجمهور بعضهم على بعض " ورسالة " تبيين
الإباحة في مشكوك ما لا يؤكل لحمه للمصلين " ورسالة " إبانة الصدور في
موقوفة ابن أذينة المأثور " في مسألة ارث ذات الولد من الرباع، و " الغرر في
نفي الضرار والضرر " فيها من التحقيقات ما لا يوجد في غيرها.
و " كشف الالتباس عن قاعدة الناس " أعني قاعدة السلطنة المستفادة من
الحديث النبوي: الناس مسلطون على أموالهم.
و " تبيين الرشاد في لبس لباس السواد على الأئمة الأمجاد " بالفارسية.
و " رسالة الغالية لأهل الأنظار العالية " في تحريم حلق الحلية، فارسية.
ورسالة في " تعارض الاستصحاب "، ورسالة " ذكرى المحسنين " في
ترجمة السيد المحقق المؤسس المتقن المحسن بن الحسن الأعرجي صاحب
المحصول وشرح الوافية.
ورسالة في " حجية الظن في أفعال الصلاة "، ورسالة في " حكم الشكوك
الغير المنصوصة "، ورسالة في " النصوص المأثورة على الحجة صاحب الزمان "
عليه وعلى آبائه السلام.
" الإبانة عن كتب الخزانة " أعني خزانة كتبي، و " انتخاب القريب من
رجال التقريب " جمعت فيه من نص على تشيعه ابن حجر في التقريب.
وكتاب " نكت الرجال " دونت فيه الحواشي الرجالية التي رأيت بخط
سيدنا السيد صدر الدين على هامش نسخة منتهى المقال للشيخ أبى علي الرجالي
الحائري.
ورسالة في " إباحة الجمع بين الصلاتين " في الحضر والسفر، ذكرت
فيها الأحاديث النبوية المروية في صحيح البخاري وصحيح مسلم ومسند أحمد
وموطأ مالك، ودفعا لما يشنعون علينا من الجمع.
165

ورسالة في مناقب آل الرسول من طريق الجمهور استخرجتها من الجامع
الصغير للسيوطي ومن كنوز الحقائق للمناوي ورتبتها على الحروف وسميتها
ب‍ " الحقائق في حديث خير الخلائق ".
و " بغية الوعاة في مشايخ طرق الإجازات " كتبتها إجازة لبعض علماء
الهند.
و " طبقات المشايخ والرواة " كتبتها للسيد صدر الدين بن السيد الصدر
وللشيخ محمد باقر بن آقا نجفي.
ولي حواشي على تلخيص الرجال وعلى منتهى المقال لم تدون بعد.
و " الإجازة الكبيرة " رتبتها أيضا على الطبقات، أجزت بها الشيخ الفاضل
المتبحر الشيخ آقا بزرك صاحب كتاب الذريعة إلى معرفة مصنفات الشيعة، وهي
إجازة جليلة ذات فوائد جمة.
ولى إجازات أخرى كثيرة أجزت بها الاخوان مختصرة ومطولة ولو جمعت
كانت كتابا ضخما.
وكتاب " هداية النجدين وتفصيل الجندين " جند العقل وجند الجهل،
وهو شرح حديث العقل وجنده والجهل وجنده المروي في الكافي، رتبته على
مقدمة وموازين وخاتمة، وهو قانون لكل من أراد التحلي بالفضائل والتخلي
عن الرذائل، وهو قريب الاتمام.
وكتاب " تكملة أمل الآمل " وهو هذا الكتاب، يتم في ثلاث مجلدات،
الأول في تكملة القسم الأول وهم علماء جبل عامل، وجلدين في تكملة القسم
الثاني وهم علماء سائر البلاد، وأختتم الكتاب بتاريخ مبدأ الشيعة وحال العلم
في الدولتين الأموية والعباسية وما أصاب الشيعة فيها، وذكرت البلاد التي كانت
مراكز العلم للشيعة التي يشدون إليها الرحال في طلب العلم. نسأل الله التوفيق
166

لاتمامه.
وكنت قد عزمت على أن اكتب كتابا في الآثار الباقية من مصنفات الفرقة
الناجية أذكر كل علم من المعقول والمنقول ثم أذكر فيه ما لهم من المصنفات،
وأرتبها - أي العلوم - على الحروف المعجمة، فأذكر الكتاب وأبين موضوعه
وأترجم مصنفه وأدل على موضع وجوده في المكتبات العمومية أو الخصوصية
من المكتبات الشرقية والغربية، فقدمت لهذا الكتاب مقدمات مناسبات كبيان
تاريخ مبدأ الشيعة وحال العلم في الدولتين الأموية والعباسية وما أصاب الشيعة
فيهما وذكرت البلاد التي كانت مراكز العلم للشيعة، وقسمت فيها جميع العلوم
على الترتيب الطبيعي، وذكرت أن للشيعة الإمامية الاثني عشرية في الكل آثارا
باقية، وكتبت في ارسال فهارس مكاتب الشرق والغرب للنقل عنها، فوقعت
واقعة الحرب العمومية وانسدت الطرق والمراسلات، فجعلت بعض تلك
المقدمات خاتمة لهذا الكتاب، ولعل الله سبحانه يحدث بعد ذلك أمرا.
(119)
السيد حسن بن السيد هاشم بن السيد محمد بن السيد عبد السلام بن السيد
زين العابدين بن السيد عباس صاحب نزهة الجليس الموسوي العاملي، من آل
نور الدين، من أسرتنا
عالم جليل فاضل نبيل، جاء إلى النجف لتحصيل العلم وتكمل حتى صار
من فضلاء النجف، وتوفي في النجف في حياة والده ودفن في الموضع
الذي دفن فيه الشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره.
وكان للسيد حسن المذكور ولد فاضل اسمه السيد محمد، سكن في دار
سريان من قرى جبل عامل.
167

وكان السيد حسن من تلامذة الشيخ صاحب الجواهر والشيخ مرتضى
الأنصاري " ره ".
وكان أبوه السيد هاشم المولود حدود سنة 1300 من أجلة السادات والعلماء
الأماجد.
(120)
السيد حسن بن السيد يوسف الحبوشي العاملي، نزيل النبطية
كان تولده سنة ستين ومائتين بعد الألف، فلما نشأ وفرغ من المعلم وقرأ
القرآن رغب في تحصيل العلم، وكانت له قرابة مع شيخ الفقهاء الشيخ عبد الله
نعمة، فرحل إلى جبع وأخذ في الاشتغال بالمقدمات وسائر العلوم العربية
والأدبية، ولما فرغ منها قرأ جملة من المتون الفقهية والأصولية، حتى إذا صار
في السابعة والعشرين من عمره هاجر إلى النجف وأقام ثلاث وعشرين سنة
يجد في الاشتغال، حتى صار يحضر الخارج في الفقه على الشيخين الشيخ
محمد حسين الكاظمي والشيخ محمد طه نجف ويحضر في أصول الفقه عند
آية الله الخراساني المولى الشيخ ملا كاظم والفاضل المولى محمد الشربياني.
وكان يجئ في كل سنة إلى بلد الكاظمين لتغيير الهواء ولأن زوجته من
أهل بلد الكاظمين، ويبقى مدة يحضر عالي مجلس درس شيخ الفقهاء الشيخ
محمد حسن آل يس.
ولما نال من العلم مرامه رجع إلى بلاده وسكن النبطية وتصدى للأمور
الشرعية والتدريس، فأحسن السلوك حتى صار مرجعا لعامة أهل تلك البلاد.
وكان عالما فاضلا حسن الخلق عالي الهمة في قضاء حوائج الناس خفيف
المؤنة محمود السيرة، وترتب على وجوده هناك آثار حسنة، وتوفي في شهر
168

رمضان سنة أربع وعشرين وثلاثمائة بعد الألف.
وله كتابات في الفقه والأصول تقريرات درس أساتيده في النجف. رحمة
الله عليه.
(121)
الشيخ حسين التبنيني العاملي، الشهير بابن سودون
عالم فاضل فقيه محدث رجالي، معاصر للأمير فيض الله التفريشي، ويروي
عن صاحب الأصل.
ترجمه تلميذه الشيخ الفاضل العلامة الشيخ محمد التبنيني العاملي صاحب
كتاب سنن الهداية في علم الدراية. والعجب كيف أغفله صاحب الأصل.
(122)
الشيخ حسين الحر العاملي الجبعي (1
كان من أصحاب المرحوم الشيخ موسى شرارة أيام إقامتي في النجف.
كان على جانب من التقوى والسكون وقلة الكلام وكثرة الحياء، وكان
حييا جدا، وكان حسن الاشتغال كثير الجد في التحصيل لكن لم أتحقق ميزان
تحصيله. وتوفي سنة 1338 2).

1) هو الشيخ حسين بن حسن بن حسين المحمد العاملي المشغري. ينسب إلى بيت
الحر بالمصاهرة وليس منهم نسبا، وهو من (آل المحمد العامليين).
2) وقد ذكر بعض أيضا انه ولد في سنة 1266 وتوفى سنة 1334، انظر نقباء البشر
ص 565.
169

(123)
الشيخ حسن زعيب اليونيني العاملي
عالم عامل فاضل محقق، من تلامذة شيخنا العلامة الأنصاري. تكمل عليه
ورجع إلى بلاده ونفع الله به المؤمنين إلى أن توفي في يونين حدود سنة نيف
وثمانين ومائتين وألف.
(124)
السيد حسين العاملي
من العلماء الاعلام، أستاذ السيد حسن بن أحمد القزويني والد السيد مهدي
القزويني الحلي النجفي. رأيت بخط السيد حسن المذكور التعبير عنه بالسيد
الأستاذ دام ظله العالي 1).
(125)
الشيخ كمال الدين حسين العاملي
رأيت إجازة الميرزا الكبير الاسترآبادي صاحب الرجال له، وصفه فيها
ب‍ " الأخ الأغر الفاضل التقي الورع المتقي اللوذعي خلاصة الأفاضل والمتورعين
كثر الله في علماء الفرقة الناجية مثله ". وتاريخها أواسط شهر محرم الحرام
عام ألف وثمانية عشر.

1) احتمل في الكرام البررة أن يكون المترجم هنا هو السيد حسين بن أبي الحسن
موسى الشقرائي العاملي. انظر الكرام ص 368 و 377.
170

(126)
السيد حسين العاملي
من العلماء المتأخرين عن صاحب الأصل، ذكره بعض العلماء المعاصرين
للسيد نصر الله الحائري.
(127)
الشيخ حسين العيناثي العاملي
كان من أجلة علماء الإمامية وفقهاء عصره ذكره في الرياض 1). يروي
عنه والد الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن داود المؤذن الجزيني ابن عم
الشهيد، وهو يروي عن ابن عمه الشهيد كما يظهر من إجازة الشيخ شمس الدين
ابن المؤذن المشار إليه للشيخ علي بن عبد العالي الميسي 2).
(128)
الشيخ حسين غراف
ذكره أيضا بعض العلماء العامليين في المتأخرين عن الشيخ الحر.
(129)
الشيخ حسين مروة العاملي، سلمه الله تعالى

1) لم نجده في رياض العلماء، بل الموجود فيه السيد حسن العاملي العيناثي في
1 / 295 والمترجم في هذا الكتاب سابقا ص 133.
2) انظر البحار 108 / 35 - 39.
171

توجه قريبا إلى بلاده. عالم عامل ثقة صالح حسن الأخلاق حلو الشمائل
عذب المنطق حسن القريحة، جالسني عدة مجالس وتكلم في بعض المسائل
الأصولية وبعض الفروع الفقهية الدالة على فضله وخبرته وحسن تحصيله.
(130)
الشيخ حسين مغنية العاملي
كان من أهل العلم والتحصيل في النجف، وسافر إلى خراسان وجاور
المشهد المقدس الرضوي وصار له بعض الحظ فيها، وتوفي بها تقريبا سنة 1315.
(131)
السيد حسين نور الدين العاملي النباطي
من علماء القرن الثاني عشر، وكان من العلماء الزهاد والمراجع في تلك
البلاد، معاصرا للسيد حيدر نور الدين الآتي ذكره انشاء الله تعالى.
(132)
الشيخ حسين همدر العاملي
من عباد الله الصالحين وكبار أهل الدين وأحد المجاهدين المراقبين، دائم
العبادة يعد في الأولياء المقتفين لاثار الأئمة الطاهرين، وهو وان لم يبلغ في العلم
مبلغ تقواه لكن عنده نتيجة العلم، لان أحسن العلم ما كان باعثا على العمل،
وهذا الشيخ من أهل العمل بما علم. كثر الله في أهل العلم أمثاله (1.
كان من خواص السيد الرباني والعالم الروحاني السيد مرتضى الكشميري

1) في نقباء البشر ص 516: توفى أول ليلة الجمعة 22 ذي القعدة سنة 1355.
172

الشهير بالهندي، وحدثني بجملة من كرامات ذلك السيد. قدس الله روحه.
(133)
السيد حسين بن أبي الحسن الحسيني العاملي الشقراوي
من أجلة السادات القشاقشية. عالم فاضل محقق مدقق، جرت بينه وبين
المحقق القمي صاحب القوانين حين قدومه إلى العراق مباحثات في حجية الظن
المطلق، وأورد السيد على المحقق ايرادات لم يجب عن جميعها في مجلس
المباحثة لكنه أدرج الاشكالات مع أجوبتها في مبحث الاجتهاد والتقليد من
كتابه القوانين على ما حكاه بعض أجلة أرحام صاحب الترجمة، قال: وقصتها
مشهورة.
ومن راجع الاشكالات علم أن صاحبها من أهل الغور والتحقيق، ولعله من
تلامذة السيد بحر العلوم المنكر لحجية الظن المطلق. والله العالم.
(134)
السيد حسين بن أبي الحسن الموسوي الجبعي
كذا ذكره في الأصل 1)، وهو الحسين بن محمد بن الحسين بن علي بن
محمد بن أبي الحسن، والنسبة إلى أعرف الأجداد معروفة، وكل هذه الأسرة
كانت تعرف ببني أبى الحسن.
وهذا الحسين هو جدنا الاعلى، جد جدنا السيد نور الدين وجد السيد
محمد صاحب المدارك. كان من العلماء الاجلاء والفقهاء العظماء.
ولد في جبع سنة ست وتسعمائة، قرأ أولا على والد الشهيد الثاني، ثم

1) أمل الآمل 1 / 68.
173

ارتحل إلى ميس فقرا على الشيخ الجليل علي بن عبد العالي الميسي، وقرأ في
كرك نوح على السيد الاجل السيد حسن بن السيد جعفر الكركي الموسوي،
وقرأ على الشيخ شمس الدين محمد بن مكي العاملي الشامي أحد شيوخ
الشهيد الثاني وكان السيد صهره، ووقف على جماعة آخرين من الفقهاء
والأصوليين.
وتوفي رحمه الله تعالى ليلة التاسع من رجب سنة ثلاث وستين وتسعمائة
مسموما مظلوما في صيدا ودفن في جبع كما في منية الراغبين، فهو من المعاصرين
للشهيد الثاني، وتزوج الشهيد ابنته وأولدها بنتا تزوجها تلميذه جدنا السيد
علي بن السيد حسين المذكور لأنها بنت عمته، فولدت له السيد محمد صاحب
المدارك، ولهذا يعبر عن الشهيد الثاني في المدارك بالجد.
(135)
السيد حسين بن أبي الحسن الحسيني العاملي، الخادم بمشهد الرضا عليه السلام
وكان من علماء عصر السلطان شاه عباس الماضي والسلطان شاه صفي بل
السلطان شاه عباس الثاني أيضا.
ورأيت خطه الشريف على كتاب نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر
للشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد، وكان تاريخه سنة خمسين وألف - قاله في
رياض العلماء 1).
(136)
السيد حسين ابن ضياء الدين أبى تراب حسن ابن السيد أبى جعفر محمد

1) رياض العلماء 2 / 6.
174

الموسوي الكركي
عالم عامل فاضل كامل مصنف مكثر، أحد أركان الدين في عصر السلطان
الشاه عباس الأول، وبعده كان شيخ الاسلام بقزوين ثم بأردبيل إلى يوم وفاته،
آمرا بالمعروف ناهيا عن كل منكر مرجعا في العلم والدين نافذ الحكم.
كان يكتب على سجلات الأرقام ودفاتر الاحكام " خاتم المجتهدين "، كما
كان يكتب عليه جده الأمي المحقق الكركي.
كان السيد مقدما على جميع العلماء حتى على خاله الشيخ عبد العالي ابن
المحقق الكركي في جميع المراتب، وكانت له كرامات عالية ومقامات سامية،
دعا على السلطان شاه إسماعيل الثاني الذي صار سنيا في الليلة التي كان طلبه
وكان سكرانا ليقتله بدعاء العلوي المصري فأخذه الله بذلك النكال، وكان لسنيته
شديد التعصب على علماء الشيعة لما أغواه به الميرزا مخدوم صاحب نواقض
الروافض، لكن كان السيد قدس الله روحه قوي الجنان طلق اللسان، فخاصم
السلطان بأشد ما يكون وسد عليه كل طريق يريد فيه السوء بالشيعة والعلماء، حتى
أن السلطان أرسل إليه أن يمنع الذين كانوا يمشون أمام مواكب الاشراف باللعن،
فأجابه: بأني لست بسامع لك أمرا وإذا شئت الامر بقتلي فافعل يقول الناس
قتل يزيد الثاني حسين الثاني فيلعنوك كما يلعنون يزيد الأول.
ولما أراد السلطان المذكور تغيير السكة لأنها كانت منقوشة بأسماء الأئمة
من أهل البيت احتال ذلك بمحضر الامراء بأن هذه النقوش تقع بيد الكفرة
فالرأي تبديلها حتى لا تنجس بمس الكافر. فلم يجسر أحد على جوابه غير
السيد، فقال: إذا كان العذر ذلك فأمر أن يكتب عليها بيت المولى حيرتي
الشاعر، وهو بيت معروف 1). فترك ما كان يريده وأخذ يدبر الحيلة لقتل السيد،

1) صدره " هر كجا نقشى است بر ديوار ودر.. ".
175

فحبسه في حمام حار لا يشك بهلاكه، ولما فتحوا الحمام خرج السيد على كمال
الصحة. وبالجملة لم يقدر عليه حتى هلك السلطان لا رحمه الله وأراح الله منه.
وللسيد مصنفات عدة، مثل " دفع المناواة 1) عن التفضيل والمساواة "
في شأن علي عليه السلام بالنسبة إلى سائر أهل البيت، وقد فرغ منه رابع ربيع
الأول سنة تسع وستين وتسعمائة، وكتاب " رفع البدعة في حل المتعة "، وكتاب
" النفحات القدسية في أجوبة المسائل الطبرية "، وكتاب " النفحات الصدرية 2)
في أجوبة المسائل الأحمدية "، وكتاب " سيادة الاشراف " 3)، ورسالة " اللمعة
في عينية الجمعة "، ورسالة " الطهماسبية " في الإمامة، ورسالة " نجاسة أهل
الخلاف "، ورسالة أخرى في الحكم بكفر عامتهم وسماها " دعامة الخلاف "،
ورسالة في " تعيين قاتل الخليفة الثاني "، ورسالة في " التوحيد "، ورسالة
في " تفسير أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب "، ورسالة في " كيفية
استقبال الميت "، ورسالة في " كيفية نية الوكيل في العقد "، ورسالة في " تحقيق
معنى السيد والسيادة " 4)، وكتاب " التبصرة " في الكلام، وكتاب " التذكرة "
في الكلام، وكتاب " الاقتصاد " في الكلام، وكتاب " صحيفة الأمان " في
الأدعية، وكتاب " شرح الشرائع "، وكتاب " الطهارة "، و " شرح روضة
الكافي "، و " التعليقة على الصحيفة السجادية "، وكتاب " عيون الاخبار " 5)

1) في مصورة الأصل " رفع المنافاة ".
2) كذا في مصورة الكتاب، وفي بقية المصادر " النفحات الصمدية " انظر الذريعة
24 / 248.
3) اسمه " الاشراف على سيادة الاشراف ".
4) هو المذكور بعنوان " سيادة الاشراف ".
5) كذا في مصورة الكتاب، وفي الذريعة 6 / 151 " حاشية عيون الاخبار ".
176

وغير ذلك 1).
ويروي عنه السيد حسين بن السيد حيدر الكركي، قال في إجازاته لبعض
تلامذته: أروي جميع ذلك قراءة وإجازة عن سيد المحققين وسند المدققين
وارث علوم الأنبياء والمرسلين السيد حسين ابن السيد الرباني والعارف الصمداني
السيد حسن الحسيني الموسوي عن عدة من أصحابنا منهم والده والفقيه المتكلم
الشيخ محمد بن الحرث المنصوري الجزائري والسيد السند الفاضل السيد
أسد الله الحسيني التبريزي والشيخ الجليل شيخ الاسلام حقا علي بن هلال
الكركي الشهير والده بالمنشار والمولى الجليل مولانا عطاء الله الآملي والسيد
عماد الجزائري والشيخ الفقيه يحيى بن الحسين بن عشرة البحراني شارح
الرسالة الجعفرية جميعا عن جده من قبل الام رئيس المحققين الشيخ علي بن
عبد العالي الكركي بطرقه.
فعلم أنه يروي عن عدة من الاعلام عن والد أمه المحقق الكركي، فهو ابن
خالة الميرزا محمد باقر الداماد والسيد حسين بن السيد حسن بن جعفر بن الأعرج
الموسوي الكركي والد الميرزا حبيب الله.
هذا ان كان للمحقق الكركي ثلاث بنات، وان لم يكن له الا بنتين فالتحريف
واقع في لفظة " أبى " وهي " ابن جعفر "، فحينئذ فيتحد مع والد ميرزا حبيب
الله المذكورين في الأصل ويكون جده " جعفر " لا " أبى جعفر ". والله العالم.
لكن من البعيد تحريف " ابن " ب‍ " أبى " واسقاط لفظ " ابن " أيضا بين جعفر
ومحمد. فتأمل ولاحظ.
وظهر لي 2) في رياض العلماء اتحادهما وأنه مات بأردبيل ونقل إلى العتبات

1) أكثر هذه الترجمة إلى هنا تلخيص عما في رياض العلماء 2 / 62 - 75.
2) كلمة لا تقرأ واضحا في مصورة الكتاب.
177

في العراق، وقيل مات بقزوين سنة إحدى وألف، وهي السنة التي وقع فيها
الطاعون بقزوين 1).
وذكر صاحب الأصل السيد حسين والد الميرزا حبيب الله وأنه سكن
بأصفهان حتى مات 2). والله العالم بالصواب.
(137)
الشيخ حسين بن الحسن العاملي المشغري
قال في الرياض: كان رأس العاملين ورئيس المحدثين في عصره، وكان
قريبا من عصرنا. كان في عصر سبع وعشرين وألف، ولم يذكره صاحب الامل،
وبقي إلى أواخر شهر رمضان من أوائل العشر الخامس من المائة الحادية عشر 3).
أقول: هذا هو الشيخ الجليل الشيخ حسين بن حسن بن يونس بن يوسف
ابن محمد بن ظهير الدين علي بن زين الدين بن الحسام العاملي العيناثي
الظهيري. فاغتنم ولا تتوهم أنه المذكور في الامل المتلمذ على الشيخ محمد
ابن صاحب المعالم.
(138)
الشيخ حسين بن الحسن بن يونس بن يوسف بن محمد بن ظهير الدين بن
علي بن زين الدين بن الحسام العاملي العيناثي الظهيري 4)

1) انظر ما في أعيان الشيعة 5 / 474 حول اتحاد المترجم هنا مع سميه أو تغايرهما.
2) انظر أمل الآمل 1 / 69.
3) رياض العلماء 2 / 43.
4) مذكور في أمل الآمل 1 / 70.
178

فاضل عالم فقيه كامل، من أجلاء تلامذة المولى محمد امين الاسترآبادي
المحدث المشهور، وقد قرأ عليه بمكة المعظمة.
ومن مؤلفاته رسالة في السؤال عن بعض المسائل المفصلة من الأصلية
والفرعية، وعندنا منه نسخة.
وهذا الشيخ من أسباط الشيخ ظهير الدين بن الحسام العيناثي المعروف،
وآل ظهير هذا كانوا من علماء عصرهم. فلاحظ قاله في رياض العلماء 1).
(139)
الشيخ أبو عبد الله الحسين ابن أبي عبد الله الحسين بن حيدر الكركي
العاملي
كان عالما فاضلا، رأيت إجازة بخطه الشريف كتبها صباح يوم الاثنين
عشرين من شهر ربيع الأول من شهور سنة الف واثنتين من الهجرة النبوية على
مشرفها الصلاة والسلام. ولا أعرف تواريخه ولا مصنفاته.
(14)
السيد حسين بن حيدر الكركي ابن السيد عز الدين أبى عبد الله الحسين
ابن السيد حيدر بن قمر الحسيني الكركي العاملي
كان عالما فاضلا جليلا موصوفا بالمفتي وبالمجتهد.
كان كثير الشيوخ، يروي عن البهائي وعن المير داماد وعن الشيخ محمد
ابن صاحب المعالم وعن الشيخ إبراهيم بن الشيخ علي الميسي وعن السيد
حيدر بن علاء الدين الحسيني البيروي وعن أبي يزيد البسطامي الثاني وعن

1) رياض العلماء 2 / 48.
179

أبى الولي بن شاه محمود الشيرازي وعن المولى محمد بن محمود القاشاني
وعن الشيخ نور الدين محمد بن حبيب الله وعن الشيخ عبد العالي ابن المحقق
الكركي وعن السيد حسين بن الحسن المتقدم ذكره وعن الشيخ نجيب الدين
علي بن محمد بن مكي، والكل قد كتبوا له إجازة فيها الثناء عليه بالعلم والفضل
والثقة والنبالة.
له كتاب " الإجازات " ورسائل متفرقة.
وقد ظهر مما عددناه من مشايخه تمييزه عن سميه السيد حسين بن الحسن
الكركي الذي هو ابن بنت المحقق الكركي، والسيد القاضي مير حسين أحد
مشايخ إجازة المجلسي صاحب فقه الرضا الذي اعتمد المجلسي على صحة كتاب
فقه الرضا عليه السلام. فلا تتوهم كما توهم اتحاده وأن الثلاثة واحد. وهو
من أوضح التوهمات عند أهل العلم بالطبقات، فان السيد حسين الذي جده
الأمي المحقق الكركي في طبقة الشهيد الثاني وفراغه من كتاب دفع المناواة
سنة 959 وتوفي سنة إحدى وألف وتولد المجلسي بعد تاريخ وفاته بسنتين،
فكيف يروي عنه.
وإجازة الشيخ محمد ابن صاحب المعالم للسيد حسين بن السيد حيدر
الكركي سنة تسع وعشرين وألف، فهي بعد وفاة السيد حسين بن الحسن
الكركي بثمان وعشرين سنة، فلا يمكن اتحادهما أيضا، فلا تغفل. والله الهادي
إلى الصواب 1).

1) انظر التفصيل في هذا الاختلاف أعيان الشيعة 6 / 5.
180

(141)
الشريف حسين بن داود بن يعقوب الفوعي، بالفوعة 1)
كان داعيا إلى التشيع، توفي سنة تسع وثلاثين وسبعمائة - قاله أبو الفداء
في تاريخه ولم يزد على ما ذكرناه.
(142)
الشيخ حسين بن سليمان بن محمد بن محمد الجبعي العاملي
كان عالما جليلا فاضلا نبيلا، عندي نسخة الصحيفة السجادية بقلمه وخطه،
فرغ من نسخها سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، وعلى هامشها بعض الحواشي،
وله في هامش آخر صفحة منها ما صورته: فرغت المعارضة في رابع عشر ربيع
الأول سنة أربع وثمانين وتسعمائة، وكان ذلك بأصل عورض بنسختي الشهيد
محمد بن مكي قدس لطيفه، وعورض أيضا بأصل عورض بأصل بخط الشيخ
زين الدين بن علي بن أحمد الحلي رحمه الله تعالى، وهو منقول من خط علي
ابن السكون ومعارض به. وكتب أفقر عباد الله حسين بن سليمان بن محمد
الجبعي تجاوز الله عنهم وعمن دعا لهم بالمغفرة.
(143)
الشيخ حسين بن ظهير الدين العاملي
ذكره الشيخ علي السبط في الدر المنثور، وذكر أنه قرأ عليه وأنه من تلامذة

1) الفوعة بضم الفاء وفتح العين: قرية كبيرة من نواحي حلب. انظر معجم البلدان
4 / 280.
181

جده الشيخ حسن ووالده الشيخ محمد، وأنه من طبقة نجيب الدين وجدنا
الاعلى السيد نور الدين والشيخ زين الدين السبط 1).
(144)
الشيخ حسين بن عبد الصمد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي الحارثي
الجبعي، ابن أخ الشيخ البهائي
كان من العلماء الاعلام، وكان قاضيا بهراة أيام الدولة الصفوية وسكنها،
وله أولاد وأحفاد متصلة إلى هذا العصر موجودون في تلك البلدة وغيرها - قاله
المولى عبد الله تلميذ المجلسي في رياض العلماء 2).
(145)
الشيخ حسين بن عبد الصمد بن محمد بن علي بن الحسين بن محمد بن
صالح الحارثي اللويزاني العاملي، والد الشيخ البهائي
لم يستوف صاحب الأصل ترجمته ولا نسبه 3)، وذكره في رياض العلماء 4)،
وذكر أنه كان عالما جليلا أصوليا متكلما فقيها محدثا شاعرا ماهرا في صنعة
اللغز، وله الألغاز المشهورة خاطب بها ولده البهائي فأجابه بأحسن منها.
قال: وكان له ميل إلى التصوف ورغبة إلى مدح مشايخ الصوفية ونقل
كلماتهم كما هو ديدن ولده أيضا، وكأنه أخذ من أستاذه الشهيد الثاني " ره "

1) الدر المنثور 2 / 239.
2) لم نجد هذا في رياض العلماء، وقد نقله عنه أيضا في روضات الجنات 2 / 345.
3) انظر أمل الآمل / 74 - 77.
4) رياض العلماء 2 / 108 - 121.
182

ولكن زاد في الطنبور نغمة.
أقول: اني كنت أجل المولى عبد الله عن مثل هذه الكلمات في حق كبار
علماء الطائفة ونواميس الدين، حتى رأيته يرميهم بهذه العظائم ويضرب لهم
الأمثال القبيحة. ما هكذا تورد يا سعد الإبل.
ونحن على تأخرنا عن عصر الصفوية عرفنا أن هؤلاء المشايخ رضي الله
تعالى عنهم انما تمكنوا من نشر الأحكام الشرعية وفادوا الدولة الصفوية التي
شعار سلطنتها التصوف إلى التشرع والاخذ بالشريعة والتقليد، ومرنوهم على
التعبد بالأحكام بعد ما كانوا كلهم - هم ووزراؤهم وأهل دعوتهم وجندهم -
صوفية لا يعرفون الا الطريقة والحقيقة، فجاءهم الشيخ حسين والبهائي وأمثالهم
بالتي هي أحسن بالحكمة والمماشاة والحضور في مجالس ذكرهم حتى أنسوا
بهم فصاروا يلقون في أذهانهم حسن الشريعة وأحكامها وأنها تعين على الطريقة
والحقيقة، وصاروا لا يذكرون أحدا من الصوفية بسوء بل يثنون عليه حتى
جروهم إلى العمل بالسنن والاحكام أولا فأول حتى عادت دولة متشرعة مربية
للفقهاء والمحدثين ومروجة لطريقة أهل البيت عليهم السلام.
والعجب من هذا الفاضل كيف لم يلتفت إلى ذلك مع قرب عهده بهم وأخذ
يشن الغارة عليهم، حتى أنه إذا عثر على من يتكلم بالمعارف والأخلاق في بعض
مصنفاته، كالشهيد في المنية وابن فهد في العدة والتحصين يرميهم بالميل إلى
التصوف، مع أن التصوف علم فيه كتب لا يخفى على أهل العلم رجاله، ولهم
طرق عددها المقدس الأردبيلي في حديقة الشيعة.
أين هم من علمائنا؟ وهل فينا من يقول بوحدة الوجود ولا صوفي الا يقول
بها، فانظر منازل السائرين والرسالة القشيرية ورسائل ابن عربي والحلاج والجنيد
والعطار وخواجة عبد الله وأمثالهم. أولئك الصوفية لا الشهيد وابن فهد والبهائي
183

وأبيه من حكماء الدين وشيوخ المتشرعين.
ثم قال المولى عبد الله بعد كلامه المتقدم: وكان معظما عند السلطان شاه
طهماسب الصفوي بعد المحقق الكركي، وكان من القائلين بوجوب الجمعة
في زمن الغيبة عينا والمواظبين على اقامتها في ديار العجم ولا سيما في خراسان.
قال: وقد ترجمه المولى مظفر علي تلميذ الشيخ البهائي في رسالة بالفارسية،
قال ما معناه: وكان هذا الشيخ في زمانه من العلماء المشاهير والفقهاء النحارير،
وكان في تحصيل العلوم والمعارف وتحقق مطالب الأصول والفروع لدى
الأساتيذ من شركاء شيخنا الشهيد الثاني ومعاصريه، ولم يكن له قدس سره في
علم الحديث والتفسير والفقه والرياضي عديل في عصره، وله فيها مصنفات،
منها:
كتاب " دراية الحديث "، ورسالة في " تحقيق القبلة "، وكتاب " الأربعين "،
و " شرحه على القواعد " و " على الألفية "، و " الرسالة الطهماسبية في بعض
المسائل الفقهية "، ورسالتاه " الوسواسية " و " الرضاعية " وله أيضا تعليقات
كثيرة على كتب الرياضيات وغيرها وانشاءات فاخرة جدا.
وقد توجه في دولة الشاه طهماسب الصفوي مع كل أهل بيته وأتباعه إلى
أصفهان فأقام بها ثلاثة أعوام مستقلا بالإفادة، وكان السلطان المبرور يومئذ
بقزوين مستقر السلطنة، فلما أطلع على خبر هذا الشيخ أرسل إليه بتحف وهدايا
فاخرة يلتمس منه شخوصه إليه إلى تلك البلدة، فقبل الشيخ واتصل بالسلطان
وحظي منه بما لا مزيد عليه من التكريم، وفوض إليه منصب شيخ الاسلام بقزوين
واستمر عليه سبع سنين وهو فيها، وكان يقيم بها إذ ذاك صلاة الجمعة أيضا
من غير احتياط بإعادة الظهر لقوله بعينيتها كما هو مذهب شيخه الشهيد، صار
ذلك المنصب له بأرض المشهد الرضوي على مشرفه السلام وانتقل إليها وأقام
184

بها برهة إلى أن صدر الامر بتوجهه إلى هراة المحروسة لارشاد أهلها الأجانب
في ذلك اليوم عن رسوم الامامية أكثر من هذا اليوم، وروعي من قبل السلطان
بثلاث قرى من مزارعها المعمورة.
وورد أمر السلطان إلى وزير خراسان أن يحضر ولده الملقب بخدابنده
كل يوم من الجمعات إلى جامعها الكبير لسماع الفقه والحديث من الشيخ
الموصوف وأن ينقاد إلى جميع حكوماته وفتاواه، لان لا يجسر بعد ذلك أحد
على مخالفته.
فكان بها أيضا كذلك نحوا من ثمان سنين، ثم توجه إلى قزوين ثانية الحال
لتحصيل الرخصة من الحضرة السلطانية لنفسه وولده البهائي على سفر حج بيت الله
الحرام، فلم يأذن السلطان الا له في ذلك وأمر شيخنا البهائي أن يقوم مقامه هناك
مشغولا بالإفاضة والتدريس.
واتفق أن استحسن الشيخ حسين حين المراجعة بلاد البحرين، فأقام بها
وكتب إلى ولده المذكور يستدعي انتهاءه إليه بمثل هذا المقال في جملة ما كتبه
" فيا ولدي لو كنت تطلب شيئا لدنياك فاعمد بلاد الهند وان حاولت الآخرة فالحق
بنا إلى هذا المقام وان لم ترد شيئا منهما فلازم العجم ولا تبرح ".
وكان هناك أيضا مشغولا بترويج المذهب واحياء العلوم إلى زمان ورود
قاصد الاجل المحتوم، فأجابه مرحوما ودفن في تلك البقاع المقدسة في مزار
له يطلب إلى الان عنده الحاجات ويقصد من كل جانب إليه لنيل الطلبات. انتهى
كلام صاحب رياض العلماء.
وقال نظام الدين الساوجي في نظام الأقوال: الحسين بن عبد الصمد بن
محمد الجبعي الحارثي الهمداني، العالم الأوحد صاحب النفس الطاهرة الزكية
والهمة الباهرة العلية، والد شيخنا وأستادنا ومن إليه في العلوم استنادنا دام
185

ظله البهي، من جملة مشايخنا قدس الله سره وروحه الشريف، كان عالما فاضلا
مطلعا على التواريخ ماهرا في اللغات مستحضر للنوادر والأمثال، وكان من جدد
قراءة كتب الحديث ببلاد العجم، له مؤلفات جليلة ورسالات جميلة، منها " شرح
القواعد " و " حاشية الارشاد " عاقه عن اتمامها عوائق الدهر الخوان، ومنها " شرح
الألفية " لم يعمل مثله، ومنها " وصول الأخيار إلى أصول الاخبار " وغيرها مما
صنف وألف. ولد أول محرم الحرام سنة ثمان عشرة وتسعمائة، وانتقل إلى جوار
رحمة الله ثامن ربيع الأول سنة أربع وثمانين وتسعمائة، ودفن في البحرين
طيب الله مضجعه. روى عنه شيخنا مد ظله البهي، وهو يروي عن شيخيه
الجليلين السيد حسن بن جعفر الكركي والشهيد الثاني. قدس الله أرواحهم.
(146)
الشيخ عز الدين حسين بن عبد العالي الكركي العاملي، والد الشيخ
علي بن عبد العالي المشهور
كان " قده " من أكابر العلماء، ويروي عنه علي بن هلال الجزائري أستاذ
ابنه 1) الشيخ علي المذكور، وهو يروي عن أحد ولدي الشهيد.
ووصفه الشيخ نعمة الله بن خاتون العاملي في اجازته للسيد ابن شدقم المدني
عند ذكره لولده الشيخ علي المذكور هكذا " أبو الحسن علي ابن الفقيه العارف
عز الدين الحسين ابن المقدس المرحوم عبد العالي " انتهى ملخصا من رياض
العلماء. 2).

1) في الرياض " أستاذ سبطه "، والصحيح ما هنا.
2) رياض العلماء 2 / 121.
186

(147)
الشيخ عز الدين أبو عبد الله الحسين بن علي العاملي
عالم عامل فاضل محدث كامل، قرأ على الشهيد محمد بن مكي وله منه
إجازة وصفه فيها ب‍ " الشيخ الفقيه العالم الكامل أبو عبد الله الحسين بن علي
العاملي ". وتاريخ الإجازة في شعبان سنة سبع وخمسين وسبعمائة، وهي إجازة
له ولجماعة ممن شاركه في قراءة علل الشرائع على الشهيد، وقد وجدها بخط
الشهيد صاحب رياض العلماء.
(148)
الشيخ حسين بن علي بن حسام الدين العاملي العيناثي 1)
عالم عامل فاضل فقيه محدث كامل، من الشيوخ المرجوع إليهم في
الروايات، رأيت له إجازة كتبها للسيد الاجل السيد حسين بن السيد مرتضى
الحسيني رضي الله عنه سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، يروي فيها عن الشيخ أبى
طالب الدراني عن أبيه عن الشيخ الشهيد محمد بن مكي مصنف كتاب البيان
الذي كتب الإجازة في ظهره، ويروي أيضا عن أخيه الشيخ ظهير الدين عن
أبيه الشيخ زين الدين (علي بن الحسام الراوي عن أخيه) 2) جعفر بن الحسام
عن السيد حسن بن نجم الدين عن الشيخ الشهيد محمد بن مكي، ويروي
أيضا الدروس بالخصوص عن أخيه المذكور عن الشيخ سليمان العيناثي عن
الشيخ شمس الدين مجاهد عن المصنف، ويروي أيضا عن الشيخ عز الدين

1) يذكر هذا في كتب التراجم بعناوين مختلفة. انظر أعيان الشيعة 6 / 97.
2) الزيادة من الذريعة 1 / 187.
187

ابن فضل عن الشيخ زين الدين الزاهد عن فخر المحققين ابن العلامة. ويروي
الشيخ حسين أيضا عن الشيخ أبى طالب الدراني عن الشيخ الشهيد بلا واسطة
أبيه.
وذكره في رياض العلماء فقال: ورأيت في بعض المواضع نسخة من حاشية
الشيخ عز الدين حسين العاملي على ألفية الشيخ الشهيد قدس سره وأظن اتحاده
بهذا الشيخ - الخ. فلاحظ 1).
(149)
الشيخ حسين بن علي الكركي العاملي الجبعي
كان من علماء العصر وفقهاء الوقت، عالم فاضل أديب شاعر، تلمذ على
شيخنا العلامة الشيخ مرتضى الأنصاري وصار من أفاضل تلامذته، وبعد مدة
من وفاة الشيخ جاور بلد الكاظمين، ومنها سافر إلى إيران ووصل بتبريز وطهران،
ثم رجع إلى بلد الكاظمين ومات بها فجأة سنة 1299 ودفن في إحدى حجرات
الصحن الشريف الشرقية.
وله أولاد أدباء سكن أحدهم بتبريز والاخر باق في بلد الكاظمين.
وكم بذل أهل بلاد الشيخ حسين الكركي للرجوع إليهم فلم يقبل الرواح
إلى تلك البلاد لشدة أنسه بالعراق.
(150)
الشيخ حسين بن الشيخ علي محفوظ العاملي، نزيل بلد الكاظمين
كان من العلماء المبرزين المتفق على عدالته وزهده وورعه وتقواه، يصلي

1) أنظر رياض العلماء 2 / 60.
188

بالناس جماعة ويهديهم إلى الطاعة.
ذكره السيد محمد بن معصوم في تلامذة السيد العلامة السيد عبد الله شبر،
قال: ومنهم العالم الفاضل والفقيه الكامل أفضل أهل زمانه على الاطلاق التقي
النقي والمولى الصفي شيخنا ومولانا الشيخ حسين محفوظ. انتهى.
والظاهر أن عمدة اشتغاله كان على السيد المحقق السيد محسن الأعرجي
الكاظمي.
وحدثني جماعة من الشيوخ عن فضله وزهده واجتهاده، حتى كانوا يقولون:
ان من حسنات هذا العصر الحسينين الشيخ حسين نجف والشيخ حسين محفوظ.
وكان صهر جدنا السيد صالح، زوجه بنته العلوية رحمة عمة والدي.
وكان له خمسة أولاد، ثلاثة منهم علماء أفاضل، وهم الشيخ محمد والشيخ
علي والشيخ كاظم.
توفي الشيخ حسين رحمه الله سنة بضع وستين ومائتين بعد الألف من
الهجرة في بلد الكاظمين.
(151)
الشيخ حسين بن الشيخ علي مغنية العاملي
عالم عامل فاضل كامل، قرأ في النجف على جماعة من العلماء والمعاصرين
وتقدم على أقرانه بالعلم والعمل ورجع إلى وطنه، وهو الان من العلماء المرجوع
إليهم في الاحكام، محمود السيرة طيب السريرة، تقي نقي لا يغمز عليه بشئ.
كان والده من العلماء الفضلاء المبرزين في النجف وفيها توفي، قدس
الله سره، ويأتي ذكره في العليين. وأمه بنت السيد الجليل العالم الفاضل النحرير
السيد كاظم بن السيد احمد قشاقش العاملي النجفي الآتي ذكره.
189

وللشيخ حسين كتابات في الفقه والأصول لا يحضرني تفصيلها.
لا يرد علينا من البلاد أحد الا ويذكره بأحسن الذكر وأجمله، وهكذا كنت
أتوسم به. زاد الله في توفيقه.
(152)
الشيخ عز الدين حسين بن علي بن محمد بن سودون الشامي العاملي الميسي
فاضل عالم فقيه جليل، ورأيت في استراباد من مؤلفاته " حاشية على الرسالة
الألفية " للشيخ الشهيد، وكانت على النسخة خطه الشريف واجازته، وصرح
بنسبه في تلك الإجازة كما نقلناه، وهي حاشية حسنة بل شرح مشتمل على
الاستدلال في المسائل، وكان في آخر النسخة صورة خط المؤلف هكذا:
فرغ العبد الفقير يوم الاثنين في العشر الأخير من جمادى الآخرة، حسين بن
علي بن سودون العاملي، سنة أربع وسبعين وتسعمائة، انتهى - قاله في رياض
العلماء 1).
(153)
السيد حسين بن السيد محمد صاحب المدارك قدس سره
من أعلام أسرتنا وفقهاء أهل البيت عليهم السلام، ذكره في الأصل 2)
وذكره في الروضات في آخر ترجمة أبيه 3)، وذكر أن له " حاشية على ألفية
الشهيد " وأنه توفي سنة تسع وستين بعد الألف ألحقه الله بدرجة آبائه الطاهرين

1) رياض العلماء 2 / 164.
2) أمل الآمل 1 / 79.
3) روضات الجنات 7 / 55، عن لؤلؤة البحرين ص 51.
190

انه أرحم الراحمين.
(154)
الشيخ حسين بن شمس الدين محمد بن الحر العاملي ابن الشيخ شمس
الدين محمد بن مكي
رأيت له إجازة من المحقق الشيخ علي بن عبد العالي الكركي أثنى عليه
بالفضل والعلم، وقد أخرجها العلامة المجلسي في إجازات البحار 1).
والعجب من مؤلف الأصل كيف غفل عن ذكره وهو من أجلاء سلفه.
(155)
الشيخ حسين بن الشيخ محيي الدين بن الشيخ عبد اللطيف الجامعي العاملي
ذكره في الأصل ولم يزد على قوله: فاضل عالم فقيه معاصر، يروي عن
أبيه عن جده عن شيخنا البهائي، له " شرح قواعد العلامة " وكتاب في " الفقه "
وكتاب في " الطب " و " ديوان شعر ". انتهى 2).
ورأيت صورة إجازة السيد نعمة الله الجزائري له وصفه فيها ب‍ " العالم
الرباني والمحقق الثاني عمدة المجتهدين وأدق المدققين وخليفة خليفة رب
العالمين ". ثم قال: تذاكرنا معه في جملة من العلوم العقلية والنقلية فوجدناه
بحرا لا ينزفه النازفون ومحققا لا يصل إلى بعض تحقيقه الا العالمون العاملون،
فاستجزناه فيما رواه عن آبائه وأجداده فأجازني وأشار إلى داعيه الحقيقي بإجازة

1) بحار الأنوار 108 / 54.
2) أمل الآمل 1 / 80.
191

ما صح لي روايته - الخ. وتاريخها ثاني ربيع المولود سنة 1090 1).
وله عدة أولاد علماء، منهم الشيخ حسن والشيخ محيي الدين والشيخ علي
المذكورين في هذا الكتاب.
(156)
الشيخ حسين بن الشيخ محيي الدين بن الشيخ حسين بن الشيخ محيي
الدين بن الشيخ عبد اللطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع العاملي الحارثي،
من علماء آل أبي جامع
وصفه الشيخ جواد محيي الدين بالعلم والفضل، قال: ولم أقف على أكثر
من ذلك من أحواله وآثاره. وله ولد اسمه الشيخ علي يأتي ذكره.
(157)
الشيخ حسين بن مسلم العاملي
رأيت عبادات الكافي بخطه كتبه لنفسه سنة 1198، فيعلم أنه من العلماء وأهل
العلم بالفقه والحديث.
(158)
الشيخ شرف الدين حسين بن نصير الدين موسى بن العود العاملي
في الرياض: فاضل عالم فقيه، من تلامذة الشيخ محمد بن موسى بن
الحسين بن العود، ويروي عنه بالإجازة التي كتبها له سادس عشر شهر رجب

1) صورة هذه الإجازة مذكورة في أعيان الشيعة 6 / 170.
192

سنة إحدى وستين وسبعمائة.
قال: لا يبعد أن يكون هذا الشيخ من أجداد ابن العودي المعروف 1)، أعني
تلميذ الشهيد الثاني. ثم الظاهر منه أن المجيز والمجاز له ابنا عم 2)، وأن والد
المجاز له أيضا من العلماء، فيكون هؤلاء من جبل عامل 3). انتهى فلاحظ 4).
(159)
السيد حيدر القشاقشي الحسيني العاملي
من علماء عصر إبراهيم باشا، ذكره بعض علماء جبل عامل في المتأخرين
عن صاحب الأصل.
(160)
السيد حيدر مرتضى العاملي 5)، أخ السيد جواد المتقدم ذكره

1) صورت في رحلتي إلى بريطانيا في صيف عام 1405 من مكتبة بادليان بأكسفورد
مجموعة نادرة كتبها أحمد بن الحسين بن أبي القاسم بن العودي سنة 742، فيها رسائل
من آل العودي يظهر منها انهم بيت علم وفضل وكمال، ومن الرسائل رسالة في " أصول
الدين " ورسالة " رد رسالة اثبات المعدوم " التي كتبها المحقق الحلي، وهما للشيخ شرف
الدين المترجم أعلاه.
2) الصحيح انهما اخوان، لان كلا منهما ابن موسى.
3) الصحيح انهم أسديون من الحلة ولا علاقة لهم بجبل عامل الا تتلمذ ابن العودي
على الشهيد وهذا لا يدل على أنه عاملي الأصل.
4) رياض العلماء 2 / 182 و 6 / 31.
5) هو السيد حيدر بن الحسين آل المرتضى العاملي العيثاوي.
193

جاءا إلى النجف واختصا بتلمذة المرحوم الشيخ موسى شرارة العاملي،
ثم حضر على علماء ذلك العصر.
كان السيد حيدر سيدا جليلا برا تقيا سكونا حييا حسن الخلق فاضلا مجدا
في الاشتغال، حضر في الفقه والأصول الخارج مدة من الزمان، ورجع إلى
بلاده في العشرة الأخير من المائة الثالثة عشر، وهو الان على ما ينبغي في قرية
عيثا، ينفع المؤمنين وينتفع به أهل الدين. كثر الله في الاشراف أمثاله 1).
(161)
السيد حيدر نور الدين الموسوي العاملي
عالم عامل فاضل جليل عابد زاهد. كان من علماء أول القرن الثاني عشر
ومسكنه النبطية، وكان من المراجع لأهل تلك النواحي، هو والسيد الاجل
العامل الفاضل السيد حسين نور الدين في النبطية، ولهما أولاد وأحفاد علماء
إلى اليوم، أعرف منهم المرحوم السيد محمد نور الدين وأخوه السيد المرحوم
السيد مهدي نور الدين المتوفى في النجف، واليوم خلف السلف السيد الاجل
السيد عبد الحسين نور الدين في النبطية الفوقا.
(162)
الشيخ حيدر العاملي الهرملي 2)
من العلماء الصالحين والفقهاء العاملين، جليل القدر عظيم الشأن، حتى أن
الأمير سلطان الحرفوشي أوصى أن يدفن عند رجليه، لما هو اشتهر وتحقق

1) توفى سنة 1336 أثناء الحرب العامة الأولى. انظر أعيان الشيعة 6 / 266.
2) هو من آل المحفوظ العامليين المعروفين.
194

ورآه بعينه من واقعة انهدام قبر الشيخ بعد سنين من دفنه فرؤي جسده طريا
ووجه مضي وكريمته شقراء لم يبل منه شئ.
فالرجل من أوليا الله الصالحين، وقبره معروف في قرية العين من أعمال
بعلبك.
ويحكى أن له مناظرة مع بعض المخالفين بطريق مكة، كتب الشيخ اسم
أمير المؤمنين وصي رسول الله بلا فصل، وكتب المخالف على ورقة (..)
فكل ناول القرد التي كانت هناك، فوضع القرد الأول على رأسه (..)، فظهرت
حجة الشيخ وأفحم الخصم.
ولهذا الشيخ حفيد، وهو الشيخ حيدر بن زين بن حيدر، كان من العلماء
الأفاضل والفقهاء الأكارم، تلمذ على الشيخ الجليل العلامة الشيخ عبد الله نعمة
الجبعي، وتوفي سنة نيف وثمانين ومائتين بعد الألف.
(163)
السيد حيدر العاملي، نزيل المشهد الرضوي
ذكره السيد عبد الله الجزائري، قال: كان فاضل محدثا متبحرا في الأحاديث،
رأيته في المشهد سنة ست وأربعين بعد المائة والألف، ثم في آذربيجان لما
أحضرنا هناك سنة 1148، ثم مرة أخرى سنة 1168، يروي عن المولى رفيع
الدين الجيلاني المتوفى عشر الستين بعد المائة والألف وغيره، وكان خليفة
المولى بعد وفاته في صلاة الجمعة وغيرها من الأمور المرجوعة إليه.
وذكره في اللؤلؤة عند ذكره لأستاذه المولى رفيع الدين وأثنى عليه ثناءا
بليغا عظيما 1).

1) لم نجد في لؤلؤة البحرين.
195

(164)
السيد حيدر بن علي نور الدين، أخو جدنا السيد زين العابدين
كان عالما فاضلا فقيها متكلما محدثا حافظا ضابطا ثبتا صدوقا حجة عظيم
الشأن رفيع المنزلة، يروي عن أبيه وعن جده لامه الشيخ نجيب الدين. وله
كتاب أسمه " الكشكول " ينقل عنه ابن أخيه السيد محمد شرف الدين، ورأيت
له " شرح خلاصة الحساب البهائية مزجا بخطه الشريف.
وله ثلاثة أولاد علماء: السيد كمال الدين، والسيد مرتضى، والسيد علي.
رحمهم الله.
وقد ذكر في الأصل باختصار 1). فلاحظ.
(156)
السيد حيدر بن السيد حيدر الحسيني العاملي الشقراوي
رأيت على ظهر كتب الأنساب خطه الشريف، وأنه كان في النجف سنة
ثمان وثمانين ومائة بعد الألف وعليه مهره وصورته " الواثق بالله الغني عبده
حيدر الحسيني ". ورأيت كتابة بعضهم على الهامش يثني عليه ب‍ " السيد السند
العالم الجليل ". فلاحظ.
(166)
الشيخ حيدر بن محمد الزين الصيداوي العاملي
من أجلة علماء عصره وفقهاء زمانه، من المعاصرين لشيخ الطائفة الشيخ

1) أمل الآمل 1 / 81.
196

جعفر كاشف الغطاء، ورأيت شهادتهما في صدر وقفية بستان من بساتين بلد
الكاظمين.
وبيت الزين بيت كبير بصيدا.
(167) الشيخ حيدر بن الشيخ محيي الدين بن الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ نور
الدين علي بن الشيخ شهاب الدين أحمد بن أبي جامع العاملي
عالم جليل وفاضل نبيل وفقيه وحيد، من العلماء الاجلاء في عصره، وكان
وحيدا في أكثر العلوم الاسلامية. وله الرواية عن آبائه، كان يروي عن أبيه عن
أبيه عن أبيه عن أبيه عن المحقق الكركي، وكل آبائه علماء أجلاء مذكورون
في الأصل ذوو تصانيف شهيرة.
لهم أعقاب وذرية في النجف، والعلم باق في بيتهم لم ينقطع من زمن
المحقق الكركي إلى الان، يعرفون الان بآل محيي الدين، أذكر في هذا
الكتاب الكثير منهم انشاء الله تعالى.
وأول من جاء من جبل عامل جدهم الشيخ أحمد بن أبي جامع المتقدم
ذكره، وينتهي نسبهم إلى الحارث الهمداني صاحب أمير المؤمنين عليه السلام.
197

باب الخاء المعجمة
(168)
الشيخ خليل البعلبكي اليحفوفي الصغير
فاضل عالم عادل عالي الفهم جيد التحصيل، هاجر إلى النجف وقرأ على
علمائها وحصل، مدحه عندي جماعة بالفضل والجد وعلو الفهم، رجع إلى
بلاده. سلمه الله تعالى.
(169)
الشيخ خليل البعلبكي الكبير اليحفوفي
كان في النجف من المهاجرين إليها في طلب العلم، كان من الفقهاء. سلمه
الله. وهو الان من فقهاء بلده، هو وسميه الصغير المتقدم ذكره.
198

(170)
الشيخ خليل العميري النحلي
من قرية تسمى " نحلة "، هاجر لطلب العلم مع أخويه المرحوم الشيخ
محمد امين والشيخ محمد علي، وبقوا مدة حتى فرغوا من السطوح، فرجع
الشيخ خليل وتوفي الشيخ محمد امين، وبقي الشيخ خليل مدة بالهرمل، ثم
عاد إلى العراق وتفقه ورجع بعد مدة. توفي في هذه الأوقات القريبة.
وله ولد مشتغل في النجف نعم الخلف له. سمعت انهم ينسبون إلى عمار
ابن ياسر. والله أعلم.
(171)
الشيخ خير الدين الحفيد العاملي
كان حفيد الشيخ خير الدين الآتي ذكره، وكان ممن سكن طهران، وهو
من علماء عصر المجلسي.
قال في رياض العلماء في ترجمة جده الشيخ خير الدين بن عبد الرزاق
ما لفظه: وللشيخ خير الدين أولاد وأحفاد، وهم الان موجودون يسكنون في
بلدة طهران، ومنهم الشيخ خير الدين المعاصر لنا، وهو أيضا رجل صالح
فاضل خبير لا بأس به. انتهى 1).
قلت: وهذه السلسلة الجليلة إلى الان بطهران لهم رتبة شيخ الاسلام،
فيهم علماء فضلاء، قد استجاب الله عز وجل دعاء جدهم الشهيد الأول فيهم
حيث قال في بعض إجازاته لأولاده: وقد أجزت روايتها ورواية جميع ما صنفت

1) رياض العلماء 2 / 260.
199

وألفت ورويت لأولادي الثلاثة أسأل الله جل جلاله أن يصلي على محمد وآله
وأن يبلغني فيهم أملي من كل خير وان يجعلهم أولياء الله مطيعين له وأن يجعل
لهم ذرية صالحة عاملين انه أرحم الراحمين.
(172)
الشيخ خير الدين بن عبد الرزاق بن مكي بن عبد الرزاق بن ضياء الدين
ابن الشيخ السعيد أبى عبد الله الشهيد محمد بن مكي العاملي ثم الشيرازي،
من جملة أحفاد شيخنا الشهيد
فاضل عالم فقيه متكلم محقق مدقق جامع لجميع العلوم الرسمية، من
المعاصرين للشيخ البهائي العاملي، سكن شيراز من أرض فارس. ولما ألف
البهائي حبل المتين أرسله إليه ليطالع فيه ويستحسنه، وكان يعتقد فضله، ولما
طالعه كتب عليه تعليقات وحواشي وتحقيقات، بل ومناقشات أيضا.
وله أولاد وأحفاد يسكنون بطهران الري.
وله مؤلفات في علمي الفقه والرياضي وغيرهما، ورأيت في بلاد سجستان
رسالة طويلة الذيل في علم الحساب له تاريخ كتابتها سنة إحدى وستين بعد
الألف - قاله في رياض العلماء 1).
وقد تقدمت ترجمة حفيده وسميه قبل ترجمته. فراجعها.

1) رياض العلماء 2 / 260.
200

باب الدال المهملة
(173)
الشيخ الجليل كمال الدين درويش محمد العاملي ابن الشيخ حسن العاملي
قال في رياض العلماء: المولى كمال الدين درويش محمد بن الشيخ حسن
العاملي ثم النطنزي ثم الأصفهاني، من أكابر ثقات العلماء، ويروي عن الشيخ
علي الكركي، ويروي عنه جماعة من الفضلاء 1).
أقول: وهو عالم فاضل فقيه محدث كبير، من أجلاء تلامذة المحقق الكركي،
وله منه إجازة مفصلة، وهو جد التقي العلامة المجلسي لامه. قال في مقدمة
شرحه على الفقيه: وأروي عن شيخ علماء الزمان في زمانه الشريف جدي مولانا
درويش محمد الأصفهاني النطنزي العاملي عن الشيخ نور الدين علي بن عبد
العالي 2).

1) رياض العلماء 2 / 271.
2) لم نجده في مقدمة روضة المتقين.
201

وقال في رياض العلماء: كان من أكابر ثقات العلماء، ويروي عن الشيخ
علي الكركي، ويروي عنه جماعة من الفضلاء، منهم المولى محمد تقي المجلسي
والد الأستاذ الاستناد قدس سره، ومنهم الشيخ عبد الله بن جابر العاملي، ومنهم
القاضي أبو الشرف الأصفهاني كما يظهر من آخر وسائل الشيعة للشيخ الحر
المعاصر 1).
وقد كان جد والد الأستاذ من قبل أمه، قال في بحث اسناد دعاء الصباح
والمساء لعلي عليه السلام في المجلد الثاني من كتاب بحار الأنوار هكذا: هذا
الدعاء من الأدعية المشهورة ولم أجده في الكتب المعتبرة الا في مصباح السيد
ابن باقي " ره "، ووجدت منه نسخة قرأها المولى الفاضل مولانا درويش محمد
الأصفهاني جد والدي من قبل أمه رحمة الله عليهما على العلامة مروج المذهب
نور الدين علي بن عبد العالي الكركي قدس الله روحه فأجازه، وهذه صورتها
" الحمد لله، قرأ علي هذا الدعاء والذي قبله عمدة الفضلاء الأخيار والصلحاء
الأبرار مولانا كمال الدين درويش محمد الأصفهاني بلغه الله ذروة الأماني قراءة
تصحيح، كتبه (الفقير) علي بن عبد العالي سنة تسع وثلاثين وتسعمائة، حامدا
" مصليا " 2) انتهى.
وقال في بعض إجازاته لبعض السادة من تلامذته: ومنها ما أجازني الشيخ
الصالح المرتضى عبد الله بن جابر العاملي ابن عمة والدة والدي عن جد والدي
من قبل أمه العالم الثقة الفقيه المحدث كمال الدين مولانا درويش محمد بن
الشيخ حسن النطنزي طيب الله أرماسهم عن الشيخ علي الكركي 3).

1) انظر وسائل الشيعة 20 / 52.
2) انظر نص الإجازة في البحار 108 / 84.
3) بحار الأنوار 110 / 160.
202

وقال السيد المير محمد حسين الخاتون آبادي سبط العلامة المجلسي في
مناقب الفضلاء: كانت أم المولى محمد تقي بنتا للمولى كمال الدين، وهذا
المولى كمال الدين من أهل العبادة والزهادة، وهو مدفون في نطنز وعليه
قبة معروفة.
وقال المحدث البحراني في اجازته للسيد بحر العلوم: ان المولى درويش
محمد بن الشيخ حسن النطنزي أول من نشر الحديث في دولة الصوفية بأصفهان.
وقال الميرزا احمد في مرآة الأحوال: المولى درويش محمد الأصفهاني.
كان فاضلا عالما مقدسا كاملا، من تلامذة أفضل المتأخرين وترجمان المتقدمين
العالم الصمداني زين الدين المدعو بالشهيد الثاني.
أقول: وكونه من تلامذته لا ينافي روايته عن المحقق الكركي، فان بين
وفاتيهما تسع وعشرين سنة، كما نص عليه وعلى جميع ما ذكرنا في هذه الترجمة
العلامة النوري في رسالة الفيض القدسي في ترجمة المجلسي 1).

1) الفيض القدسي 106 - 108، وهو مطبوع مع البحار ج 105.
203

باب الراء
(174)
الشيخ ربيع النباطي العاملي، نزيل مكة
ذكره المحبي من علماء الجمهور صاحب خلاصة الأثر في أعيان القرن
الحادي عشر 1).
كان من عظماء العلماء السالكين منهج الرشاد، وهو من المشاهير في ذلك
القطر بعلو القدر في العلم والعبادة، ومدحه كبار الفضلاء وأثنوا عليه، وأخذ
عنه جماعة كثيرون، وكان موصوفا بالسخاء والمكارم، وكانت وفاته سنة اثنتين
بعد الألف.
ورثاه جماعة، منهم شهاب الدين احمد الخفاجي، فإنه رثاه مؤرخا وفاته
بقوله:

1) خلاصة الأثر 2 / 159.
204

صاح هل نافع وهل عاصم من * نشر وجد أمسى بطي الضلوع
غير صبر قد مر إذ مر من كان * ربيعا لكل غيث مريع
كامل وافر رمانا زمان * فيه بالبعد بعد فقد سريع
وهو بر في المكارم بحر * من أصول تزهو بخلق بديع
(قد فقدنا فيه اصطبارا فأرخ * كل صبر محرم في ربيع) 1)
قال الشيخ العلامة أبو منصور الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني مؤرخا
أيضا:
صبري تناقص لازدياد دموعي * مما حوته من الفراق ضلوعي
ذهب الذي كنا له جمعا به * وفراق جمعي قد أضر جميعي
يا قلب ان لم تستطع صبرا فنى * رفقا بنا حل جسمي الموجوع
وإذا ذكرت ربيع أيام مضت * أرخ بشوال فراق ربيع
وكفى في جلالة صاحب الترجمة رثاء مثل الشيخ صاحب المعالم له.
والعجب أن مثل هذا الشيخ أغفله صاحب الأصل وذكره صاحب خلاصة
الأثر.
(175)
الشيخ رشيد العاملي
فاضل محصل تقي نقي روحاني، هاجر من بلاده لتحصيل العلم وحصل
وتكمل، وقد رأيته مرار في هذه الأواخر، حسن السمت، عليه آثار التقوى
والصلاح. وفقه الله لمراضيه.

1) الزيادة من الخلاصة.
205

(176) الشيخ رشيد بن الشيخ طالب البلاغي العاملي
أديب أريب شاعر لبيب عالم فاضل بالعربية حسن الانشاء جيد الخط حسن
التحرير عارف بالنحو واللغة وسائر العلوم الأدبية والتاريخ، جاء للزيارة في
سنة 1280 تقريبا ورجع إلى بلاده وتوفي هناك.
وكان أبوه من وجوه تلك البلاد وأجلاء العلماء في الفصاحة والبلاغة
والتكلم وسائر المحاضرات الأدبية حسبما سمعته من بعض أهل تلك البلاد.
وبيت البلاغي من البيوت القديمة في العلم والجلالة، خرج منهم جماعة
من العلماء الاجلاء كما يظهر من كتابنا هذا، منهم من هو في بلاد الجبل ومنهم
من في العراق، وما أدري ما أصل هذه النسبة في هذا البيت.
(177)
السيد رضا بن السيد حسن الموسوي العاملي العيثيثي، نزيل بلد الكاظمين
كان سيدا جليلا عالما ربانيا برا تقيا نقيا، من عباد الله الصالحين وأهل
الورع والدين، له كرامات وبشارات ومكاشفات، حج بيت الله الحرام ورأى
الحجة عجل الله فرجه وكلمه ولم يعرفه حتى فارقه، ولذلك حكاية طويلة،
وماتت زوجته وتزوج بامرأة ذات أولاد كبار قريبة اليأس عمشة العين، فقال
له بعض إخوانه: ما هذا العمل ليس عليك النساء بقحط وما وجه اقدامك على
أخذ هذه المرأة؟ فقال: ان لي ولدا اسمه علي يولد لي منها وأنا لا علاقة لي
بها بعد ذلك، فولد منها السيد علي رحمة الله عليه ولم يكن له ولد سواه، وكان
قد أضر مدة قبل موته. ما رأيت أحدا أكثر من هذا السيد ذكرا لصاحب الزمان،
206

وكان عنده سيفا اشتراه ليجاهد به.
وكان مستجاب الدعوة مجرب النذر، وكان شديد الوطأة على الطائفة
المحدثة المعروفة بالشيخية، وعمر عمرا طويلا، وتوفي في بلد الكاظمين سنة
1290، ودفن بداره والناس يزورون قبره ويتبركون به.
وكان ابنه السيد علي من السادات الاجلاء، من أهل العلم والفضل، ذا
وجاهة وجلالة يعامله الناس معاملة والده، توفي سنة 1320 ودفن مع والده في
داره. رحمة الله عليهما.
(178)
الشيخ رضا بن الشيخ زين العابدين بن الشيخ بهاء الدين الشهيدي العاملي،
ينتهي نسبه إلى الشهيد الأول قدس سره 1)
عالم وابن عالم، من أعيان علماء النجف في عصره. حدثني والدي العلامة
عن فضله وعلمه في الفقه والأصول.
كان سبط السيد صاحب مفتاح الكرامة من ابنته، وكان من تلامذة السيد
أيضا. وتلامذة السيد عبد الله شبر الكاظمي. وكان يدرس في الفقه والأصول،
وله الرواية بالإجازة عن السيد عبد الله شبر.
وله مصنفات، منها " شرحه على شرائع " المحقق.

1) انظر نسبه في الكرام البررة ص 552، ويبدو منه ان " الشهيدي " نسبة إلى
شهيد الطف حبيب بن مظاهر الأسدي، لا الشهيد الأول كما ذكر في هذا الكتاب وأعيان الشيعة.
207

ويروي عنه غير واحد من الفضلاء 1)، منهم ابنه الشيخ جواد المتقدم ذكره.
(179)
الشيخ رضي الدين بن الشيخ نور الدين علي بن الشيخ شهاب الدين
أحمد بن أبي جامع الحارثي الهمداني العاملي
كان عالما فاضلا جليلا عظيم الشأن، سكن بعد وفاة والده في الحويزة
ببلدة تستر، وتوجه في سنة خمس وعشرين والألف إلى زيارة الرضا عليه السلام.
وأجازه صاحب المعالم، وله إجازات من جماعة من العلماء.
وبعد الزيارة اتصل بالشاه عباس الصفوي فأرجع إليه القضاء وموقوفات
خوزستان وعربستان بل وهمذان وسكن بها، ثم لما استولى الشاه عباس على
بغداد استعفى الشيخ من مناصبه وجاء إلى النجف وسكنها حتى توفي بها ليلة
العرفة سنة ثمان وأربعين بعد الألف.
وكان عالما متبحرا في سائر العلوم، وينظم الشعر أيضا، وله أبيات يعاتب
بها أخاه الشيخ عبد اللطيف نقلها الشيخ جواد محيي الدين في رسالته في ترجمة
آل أبي جامع.
(180)
السيد رضي الدين بن السيد محمد بن حيدر بن نور الدين الموسوي
العاملي المكي

1) في أعيان الشيعة 8 / 9: توفى بمدراس من بلاد الهند سنة 1289 ودفن هناك.
وفي الكرام البررة ص 554: توفى في النجف ليلة الخميس 11 من ذي الحجة سنة
1269، وقال ما ملخصه انه دفن في إحدى حجرات الصحن العلوي.
208

ترجمه ابن عمه السيد عباس بن علي بن حيدر بن محمد في نزهة الجليس
وقال: السيد النسيب، الشريف الحسيب، الأديب الأريب، المصقع المبين
الخطيب، الذي بذكره ينشرح القلب ويطيب، العلم السامي الأكبر، الرئيس
الكريم البر، السيد رضي الدين ابن العلامة الفهامة الحبر البحر السيد محمد
حيدر، هو مقدم البلغاء المترجمين في هذه الرحلة، عالم عامل رحلة، تشد
إلى جنابه الرحال وتزدحم على بابه الرجال، لتحصيل الفوائد وتنويل الصلات
والعوائد، يسعى إليه كل ذي أمل إذا نادى مناديه بحي على خير العمل، كيف
لا وهو فاضل أقرت له الفضائل بالوحدة، وذلك فضل الله يؤتيه عبده، وأديب
تربى في حجر الآداب، ورضع لبان العقل والصواب، ونام في مهد البلاغة
فأيقظ بفصاحة تحريره وتقريره قلوب الطلاب، وعلى كل حال فإليه في البلاغة
المرجع والمآب. ونحرير ما سمعناه بمثله ولا رأينا، ورئيس كريم ينشد لسان
حاله " ان آثارنا تدل علينا "، تفرد بالأريحية والفضل فما لجعفر لدى فضله
وما الفضل.
كان والده معدنا لكل فضل وإفادة، وتاج الأماجد والسادة، وهو من بعده
أخلفه وزيادة، على رغم كل حلاف حناث مشاء بنميم نفاث.
وكانت ولادته عام ألف ومائة وثلاث، واسمه تاريخه كما لا يخفى على ذي
عينين، ولكنه زاد في العدد اثنين فاستثناهما ولده رحمه الله بقوله:
رضي الدين تاريخ * لعام فطامه الشرعي
(وانه منطبق على سنة 1105) 1) وقال أيضا:
رضي الدين تاريخ * بحذف اثنين من عدده
له التصانيف الحالية، الفريدة الغالية، منها " تنضيد العقود السنية بتمهيد

1) الزيادة ليست في المصدر.
209

الدولة الحسنية " تاريخ جليل القدر جم الفوائد، وله شعر يزري بعقود الجواهر
في أجياد الأبكار الخرائد، بليغ الألفاظ لطيف المعاني، يطرب لسماعه الحسن
ابن هاني - إلى آخر ما قال 1).
واسمه الأصلي محمد، يروي عنه السيد عبد الله الجزائري سبط السيد نعمة
الله، قال: استجزته بمكة وكتب لي إجازة مبسوطة مشتملة على جميع طرقه
وطرق أبيه وأساتيدهما، وقد ذهبت مني ولم أحفظ منها الا روايته عن والده
عن العلامة محمد شفيع بن محمد علي الاسترآبادي عن والده عن المولى محمد
تقي المجلسي.
قال: وكان رضي الدين مهذبا أديبا شاعرا فصيحا حسن السيرة مرجوعا
إليه في أحكام الحج وغيره، وسمعت من والدي طاب ثراه يصف أباه السيد
محمد بغاية الفضل والتحقيق وجودة الذهن واستقامة السليقة وكثرة التتبع لكتب
الخاصة والعامة والتبحر في أحاديث الفريقين ويطري في الثناء عليه لما اجتمع
معه بمكة، والذي وقفت عليه من مصنفاته في الكلام والفقه يدل على فضل غزير
كثير. انتهى.
ثم وقفت له على إجازة كتبها للسيد نصر الله المدرس الحائري وذكر في
آخرها مصنفات والده ومصنفات نفسه، ومما عده لنفسه كتاب " الوسيط بين
الموجز والبسيط " مقصور على الحج وما يتعلق به، وهو يقارب نصف كتاب
الحج من المدارك مع فوائد زائدة عليه، وكتاب " نهج السداد في أحكام حج
الافراد "، و " ومنسك صغير " كافل لجميع الاحتياطات، والحواشي على المدارك
والمسالك والمفاتيح، وكتاب " تنضيد العقود السنية بتمهيد الدولة الحسنية "،
وكتاب " جاف ذوي الاشراف " و " نوادر لب اللباب "، وكتاب " الدلائل
النهارية على المسائل الصحارية ".

1) أنيس الجليس 1 / 186.
210

باب الزاء المعجمة
(181)
السيد زين الدين الحسيني الجزيني العاملي، ابن عم السيد علي الصائغ
يظهر من ابن العودي في رسالته الموضوعة في أحوال الشهيد الثاني أنه
من العلماء الاجلاء وأنه من معاصريه، وذكر مناما رأى فيه السيد المرحوم السيد
علي الصائغ أنه يعين بعض الأماكن في الجنة لمن يأتي من بعد، قال: فقلت
له: من تعين؟ فذكر السيد زين الدين ابن عمه وآخرين 1). سيأتي ترجمة
السيد علي الصائغ.
(182)
الشيخ زين الدين بن فخر الدين علي بن أحمد العاملي
وصفه الشيخ شرف الدين بن ضياء الدين محمد بن شمس الدين بن الحسن

1) بغية المريد، المطبوع مع الدر المنثور 2 / 197.
211

ابن زين الدين المذكور في بعض الإجازات ب‍ " زبدة العلماء " وب‍ " الزاهد
العابد الراكع الساجد قمر المتقين وشمس المقربين "، وأنه يروي عن الشيخ
نور الدين علي بن عبد العالي الكركي العاملي، وأنه من ذرية الشهيد الأول
محمد بن مكي قدس الله روحه.
(183)
الشيخ زين الدين الشهيد الثاني ابن نور الدين علي بن أحمد بن محمد
ابن جمال الدين بن تقي الدين بن صالح بن مشرف الجبعي العاملي
ذكره في الأصل 2). تولد 3) رحمه الله ثالث عشر شوال سنة إحدى عشرة
وتسعمائة، وختم القرآن وعمره تسع سنين، وقرأ على والده العلوم العربية
وبعض الفقه، وكان قد جعل له راتبا من الدراهم بإزاء ما كان يحفظه من العلم
للتشويق والرغبة، حتى توفي سنة خمس وعشرين وتسعمائة وعمره إذ ذاك
أربعة عشر سنة.
فارتحل إلى ميس ولازم الفاضل الميسي علي بن عبد العالي، وقرأ عليه
كتاب الشرائع والارشاد وأكثر القواعد.
ثم ارتحل إلى كرك (نوح) ولازم السيد الاجل الحسن بن جعفر الكركي،
وقرأ عليه قواعد الشيخ ميثم والتهذيب والعمدة وهما في أصول الفقه لأستاذه
السيد المذكور، وقرأ عليه الكافية في النحو وغير ذلك.

1) أمل الآمل 1 / 85 - 91.
2) هذه الترجمة ملخصة مما جاء في رسالة " بغية المريد في الكشف عن أحوال
الشيخ زين الدين الشهيد " لابن العودي، وما استدرك عليه الشيخ على بن محمد بن الحسن
ابن زين الدين العاملي في كتابه الدر المنثور. انظر 2 / 149 - 198.
212

ثم ارتحل إلى جبع سنة أربع وثلاثين وتسعمائة، وأخذ في مطالعة العلوم
والتدريس إلى سنة سبع وثلاثين (وتسعمائة)، فرحل إلى دمشق وقرأ بعض
كتب الطب والهيئة على محمد بن مكي وبعض حكمة الاشراق، وقرأ الشاطبية
على أحمد بن جابر.
حتى إذا كانت (سنة) ثمان وثلاثين رجع إلى جبع، ومنها رحل إلى مصر
وجاء إلى الصالحية، وقرأ جملة من الصحيحين على ابن طولون.
وتوجه إلى مصر منتصف ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة، ولما
وصل منزله الرملة مضى إلى مسجدها المعروف بالجامع الأبيض لزيارة الأنبياء
الذين في الغار وحده، فوجد الباب مقفولا، فوضع يده على القفل فجذبه
فانفتح، فنزل إلى الغار فاشتغل بالصلاة والدعاء وحصل له اقبال بحيث ذهل
عن انتقال القافلة وسيرها، وطال دعاؤه، ولما فرغ وخرج وجد القافلة قد
ارتحلت ولم يبق أحد، فأخذ يمشي على الأثر حتى تعب، وإذا براكب لاحق
به، فلما وصل إليه قال له: اركب خلفي، فأردفه ومضى كالبرق، فما كان الا قليلا
حتى لحق بالقافلة فأنزله، فقال له: اذهب إلى رفقائك. وله أمثالها في تلك
السفرة.
ودخل مصر بعد شهرين من خروجه، وقرأ على ستة عشر شيخا من شيوخ
مصر فنون كثيرة وأجازوه.
ثم ارتحل إلى الحجاز في شوال سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة، ولما تم
الحج جاء إلى المدينة لزيارة قبر النبي والأئمة عليهم السلام، وكان النبي
صلى الله عليه وآله قد أوعده في المنام بمصر بالخير، ونظم قصيدة خاطب بها
النبي " ص ".
ورجع إلى جبع سنة أربع وأربعين وتسعمائة، ثم سافر إلى العراق في
213

ربيع الاخر من السنة المذكورة وزار الأئمة عليهم السلام ورجع في خامس
شعبان من السنة المذكورة.
وأقام في جبع إلى سنة ثمان وأربعين وتسعمائة، ثم سافر إلى بيت المقدس
في ذي الحجة واجتمع ببعض علمائها وقرأ عليهم بعض صحيح البخاري وبعض
صحيح مسلم وأجازوه روايتهما بل ورواية عامة.
ثم رجع إلى وطنه وأخذ بمطالعة العلوم ومذاكرتها، واستفرغ وسعه في
الفقه إلى أواخر سنة إحدى وخمسين وتسعمائة.
وفي ذي الحجة من هذه السنة عزم على التوجه إلى اسلامبول، فرحل إلى
دمشق ومنها لي حلب، دخلها سادس عشر محرم وخرج منها في صفر سنة
952، ودخل القسطنطينية في 12 ربيع الأول، فكتب رسالة في عشرة مباحث
من عشرة علوم وأوصلها إلى قاضي عسكر محمد بن محمد بن قاضي زاده
والسلطان حينئذ سليمان خان، فوقعت الرسالة منه موقعا حسنا وكان رجلا فاضلا،
فأرسل القاضي الدفتر المشتمل على الوظائف والمدارس وبذل له ما اختاره من
تدريس المدرسة النورية ببعلبك التي وقفها السلطان نور الدين وعرضها على
السلطان وكتب بما يراه وجعل له في كل شهر ما شرطه وأنفقها، واجتمع
بصاحب معاهد التنصيص هناك.
ورجع في رجب لاحد عشر يوم خلت منه، وتوجه إلى العراق وزار الأئمة
عليهم السلام، ورجع في صفر سنة 953 وأقام ببعلبك يدرس بالمذاهب الخمسة،
واشتهر أمره وصار المرجع العام للأنام.
وبعد خمس سنين رجع إلى جبع بنية المفارقة، وصار يدرس ويصنف،
فصنف أولا الروض وآخر ما صنف الروضة صنفها في ستة أشهر وستة أيام،
وكان غالب الأيام يكتب كراسة، وكان يكتب بغمرة واحدة في الدواة عشرين
214

أو ثلاثين سطرا، وخلف ألفي كتاب فيها مائتان كتاب كانت بخطه الشريف من
مؤلفاته وغيرها.
قال ابن العودي: وكان في غالب الزمان في الخوف الموجب لاتلاف
النفس والتستر والاخفاء الذي لا يسع الانسان أن يفكر معه في مسألة، ومع ذلك
برز له من المصنفات والأبحاث والكتابات والتحقيقات والتعليقات ما هو ناش
عن فكر صاف وغارف من بحار علم واف - الخ.
ثم لما كانت سنة خمس وستين وتسعمائة - وهو في سن أربعة وخمسين -
ترافع إليه رجلان فحكم لأحدهما على الاخر، فذهب المحكوم عليه إلى
القاضي بصيدا واسمه معروف وكان الشيخ مشغولا بتأليف شرح اللمعة، فأرسل
القاضي إلى جبع من يطلبه - وكان مقيما في كرم له منفردا عن البلد متفرغا
للتأليف - فقال بعض أهل البلد: قد سافر عنا منذ مدة. قال: فخطر في بال
الشيخ أن يسافر إلى الحج وكان قد حج مرارا لكنه قصد الاختفاء، فسافر في
محمل مغطى وكتب القاضي إلى السلطان أنه قد وجد ببلاد الشام رجل مبدع
خارج عن المذاهب الأربعة. فأرسل السلطان سليمان رستم باشا في طلب الشيخ
وقال له: أئتني به حيا حتى أجمع بينه وبين علماء بلادي فيبحثون معه ويطلعون
على مذهبه ويخبروني فأحكم عليه بما يقتضيه مذهبي.
فجاء الرجل فأخبر أن الشيخ توجه إلى مكة المشرفة، فذهب في طلبه،
فاجتمع به في طريق مكة، فقال له: تكون معي حتى نحج بيت الله. فرضي
بذلك، فلما فرغ من الحج سافر معه، فلما وصل رآه رجل فسأله عن الشيخ
فقال: هذا رجل من علماء الشيعة أريد أن أوصله إلى السلطان. فقال له: أوما
تخاف أن يخبر السلطان بأنك قد قصرت في خدمته وآذيته وله هناك أصحاب
يساعدونه فيكون سببا لهلاكك، بل الرأي أن تقتله وتأخذ برأسه إلى السلطان.
215

فقتله في مكان من ساحل البحر، وكان هناك جماعة من التركمان فرأوا في تلك
الليلة أنوارا تنزل من السماء وتصعد، فدفنوه هناك وبنوا عليه قبة.
وأخذ الرجل رأسه إلى السلطان، فأنكر عليه وقال: أمرتك أن تأتيني به
حيا فقتلته. وسعى السيد عبد الرحيم العباسي صاحب معاهد التنصيص في قتل
ذلك الرجل فقتله السلطان.
وفي رواية: ان القبض عليه كان في المسجد الحرام بعد فراغه من صلاة
العصر، فأخرجوه إلى بعض دور مكة وبقي هناك محبوسا شهرا وعشرة أيام،
ثم سافروا به على طريق البحر إلى قسطنطنية وقتلوه بها في تلك السنة، وبقي
مطروحا ثلاثة أيام ثم طرحوا جسده الشريف في البحر.
وحدث الشيخ البهائي عن والده أنه دخل في صبيحة بعض الأيام على
الشهيد فوجده متفكرا، فسأله عن سبب تفكره فقال: يا أخي أظن أن أكون
ثاني الشهيدين وفي رواية ثاني شيخنا الشهيد في الشهادة لأني رأيت البارحة
في المنام أن السيد المرتضى علم الهدى عمل ضيافة جمع فيها جميع العلماء
الامامية بأجمعهم في بيت، فلما دخلت عليهم قام السيد المرتضى ورحب بي
فقال لي: يا فلان اجلس بجنب الشيخ الشهيد، فجلست بجنبه، فلما استوى بنا
المجلس انتبهت، ومنامي هذا دليل ظاهر أني أكون تاليا له في الشهادة.
وفي الدر المنثور: انه لما سافر السفر الأول إلى إسطنبول ووصل إلى
المكان الذي قتل فيه تغير لونه، فسأله أصحابه عن ذلك فقال: يقتل في هذا
المكان. رجل كبير أو قال عظيم الشأن، فقتل في ذلك المكان.
قال: ووجدت بخط الشيخ المرحوم المبرور الشيخ حسين بن عبد الصمد
رحمه الله بعد سؤاله، وصورة السؤال والجواب: سئل الشيخ حسين بن عبد الصمد:
" ما يقول شيخ الاسلام فيما يروى عن الشيخ المرحوم المبرور الشهيد
216

الثاني أنه مر بموضع في اسلامبول ومولانا الشيخ سلمه الله معه فقال: يوشك
أن يقتل في هذا الموضع رجل له شأن، أو قال شيئا قريبا من ذلك، ثم انه رحمه
الله استشهد في ذلك الموضع، ولا ريب أن ذلك من كراماته رحمه الله وأسكنه
جنان الخلد. نعم هكذا وقع منه قدس سره وكان الخطاب للفقير وبلغنا أنه
استشهد في ذلك الموضع، وذلك ما كشف لنفسه الزكية، حشره الله مع
الأئمة الطاهرين عليهم السلام. كتبه حسين بن عبد الصمد الحارثي ثامن عشر
ذي الحجة سنة 993 بمكة المشرفة زادها الله شرفا وتعظيما ".
وكذا نقله أيضا السيد نعمة الله الجزائري في كتاب المقامات، قال: وجدت
بخط المرحوم الشيخ حسين - إلى آخر ما تقدم.
وقد طبع كثير من مصنفاته مثل " الروض " و " الروضة " و " المسالك "
و " المقاصد العلية " و " الفوائد الملية " و " كشف الريبة " و " مسكن الفؤاد "
ورسالة " الجمعة " ومجموعة فيها عشرة رسائل من رسائله و " بداية الدراية "
و " شرحه " و " تمهيد القواعد " ورسالة " الحث على صلاة الجمعة " ورسالة
في " اجماعات الشيخ الذي خالفه بنفسه ".
وله غير ما في الأصل رسالة " ما لا يسع المكلف جهله " و " الاقتصاد " و
" الارشاد إلى طريق الاجتهاد في معرفة المبدأ والمعاد " و " أحكام الافعال "
و " تخفيف العباد في بيان أحوال الاجتهاد " ورسالة في " قبلة الشامات " إلى
مكة مختصرة.
(184)
الشيخ زين الدين 1) بن الشيخ علي بن الشيخ محمد بن الشيخ حسن بن
زين الدين الشهيد الثاني

1) صرح والده في آخر ترجمته في الدر المنثور أن اسمه الحسين.
217

ذكره في الأصل 1)، وذكر والده في الدر المنثور، قال: وكان مذ كان
سنه نحو عشر سنين معتادا لقيام الليل ولصلاته ولتنبيه النائمين للصلاة، ويحيى
جميع ليالي شهر رمضان بالعبادة والتلاوة والدعاء، ولا يشكو إلى أحد مع كثرة
عياله وتقتيري عليه في الجملة في الخرج ليعتاد القناعة، وهذا مما إذا ذكرته
كدت أذوب ندما وأسفا.
كان ان جلس مع أحد لم يبتدئ بالكلام حياءا وحجابا، عمر نحو من
اثنتين وعشرين سنة، وقرأ في هذه المدة القصيرة من الفقه علي رسالة الألفية
والمختصر النافع والشرائع وكتبهما بخطه وشرح اللمعة، وكتب الحواشي
التي كتبتها عليه مفردة ومدونة، ومن النحو شرح الأجرومية وشرح القطر وشرح
ألفية ابن مالك وكتبهما بخطه، وقرأ مغني اللبيب على غيري، وقرأ علي من
الحديث من لا يحضره الفقيه بتمامه وكتب الحواشي التي علقتها عليه، وسمع
طرفا من التهذيب، وقرأ علي من الرجال الخلاصة وكتاب الدراية وكتبهما
بخطه ومعالم الدين بعضها عندي وبعضها عند غيري وشرح الشمسية ومختصر
التلخيص وأكثر المطول وشرح التجريد وخلاصة الحساب ورسالة أخرى في
الحساب وتشريح الأفلاك وطرفا من شرح الجغميني في الهيئة، وقرأ أكثر
التحرير لأقليدس وكتبه بخط حسن وكان يثبت أشكاله من أول أمره، وشرع
في تفسير القاضي مع كتابته، وقرأ حاشية الخطائي. وكان إذا رأى شيئا هيأ
أسباب علمه وعمله.
ولما كان ابن نحو ثمان سنين سألني فقال: الولد قبل البلوغ يدخل الجنة؟
قلت: نعم. فقال: ادع الله أن يميتني وأنا صغير لادخل الجنة. قلت له:
والكبير إذا كان صالحا يدخل الجنة أيضا.

1) أمل الآمل 1 / 92.
218

ووصل إلى هذا السن ولم يجرأ أن يسألني في أثناء الدرس حياء، لكني
كنت إذا رأيت وجهه منقبضا عند التقرير أراجع المسألة، فأرى أني قررتها على
غير وجهها أو أنه لم يفهمها، فأعيد تقريرها على غير ذلك الوجه أو عليه مرة
أخرى، فإذا فهمها تهلل وجهه.
وكنت أضن أولا قلة كلامه عيا عن الكلام، حتى إذا شرع في قراءة الدرس
أو مقابلة كان لسانه أمضى من السيف القاطع.
لم أسمع منه غيبة لاحد، وكان يتألم مما يدخل إلينا من وجوه المعاش.
وإذا أردت أن أراه في ليالي شهر رمضان وسمع صوتي يرفع كتابه وقرآنه
وسجادته، فإذا دخلت عليه أقول له: يا ولدي هذه ليالي عبادة وتلاوة وأنت
تجلس هكذا. فينكس رأسه حياءا ولا يجبني، ثم تخبرني زوجته بعد أنه هكذا
يفعل.
رزقه الله ولدا ذكر وتوفي وهو ابن أيام، وكنت أبكي عليه بكاءا كثيرا،
وهو قليل البكاء يظهر عليه أثر الرضا بحكم الله.
ووهبه الله سبحانه بعده ثلاث بنات، وكلما جاءت واحدة يظهر منه البشر
ويسلي زوجته بأن ثوابنا صار أكثر. وان طالبت أحدهن منه شيئا أو رآها
محتاجة إليه قام مسرعا وذهب إلى السوق وأتى به.
ولم يطلب مني ركوب دابة قط مع وجودها وعدم احتياجي إليها حياءا
مني.
ولم يطلب خرجه المقرر الا بالارسال مع جارية أو ولد صغير، وكنت إذا
أوصيته أن لا يسرف يسكت، وان أجابني يقول: أنت عندك عيال وعندي عيال
فقس هذا على هذا. فأفعل فإذا هو أقل مما ذكر.
وغير ذلك مما لو عددته من صفاته الحميدة لطال.
219

ولما آن أن ينتقل إلى جوار الله سبحانه ورضوانه ذكر لي أنه يريد زيارة
الرضا عليه السلام، فقلت له: أنا لا أطيق مفارقتك وإنشاء الله أسافر معك في
وقت آخر. فقال لي بعد هذا: قد تفألت في القرآن فظهرت هذه الآية " فلن
أبرح الأرض حتى يأذن لي أبى أو يحكم الله وهو خير الحاكمين " 1). فقلت
له: أنا لا آذن لك في هذا الوقت. وبعد أيام قليلة توفي ونقل إلى المشهد
المقدس.
كان مولده في آخر ساعة نهار الثلاثاء ثامن عشر ذي الحجة سنة ست
وخمسين بعد الألف، ووفاته في الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة ثمان
وسبعين بعد الألف 2).
(185)
الشيخ زين الدين بن الشيخ محمد بن الشيخ حسن صاحب المعالم ابن
الشهيد الثاني
ذكره في الأصل 3)، وذكره أخوه في الدر المنثور 4) والسيد في السلافة 5)
والمحبى في خلاصة الأثر 6).
قال أخوه: كان فاضلا ذكيا وعالما لوذعيا وكاملا رضيا وعابدا تقيا، اشتغل

1) سورة يوسف: 80.
2) الدر المنثور 2 / 245 - 249.
3) أمل الآمل 1 / 92.
4) الدر المنثور 2 / 222 - 238.
5) سلافة العصر ص 308.
6) خلاصة الأثر 2 / 191.
220

في أول أمره في بلادنا على تلامذة أبيه وجده، ثم سافر إلى العراق في أوقات
إقامة والده رحمه الله بها، وكان يتوقع من والد زيادة عما أظهر له من المحبة،
وكان إذ ذاك في سن الشباب، فسافر إلى بلاد العجم، ولما قدمها أنزله المرحوم
المبرور الشيخ بهاء الملة والدين العاملي قدس الله روحه في منزله وأكرمه اكراما
تاما، وبقي عنده مدة طويلة لا يحضرني ضبط مقدارها، وكان في تلك المدة
مشتغلا عنده، قرأ عليه مصنفاته وغيرها، وكان يقرأ أيضا عند غيره من الفضلاء
في تلك البلاد في العلوم الرياضية وغيرها.
ولما أنتقل الشيخ بهاء الدين رحمه الله في السنة التي توفي فيها والدي طاب
ثراه - وهي سنة ثلاثين بعد الألف - (سافر إلى مكة المشرفة وأقام بها مشتغلا
بالمطالعة، ثم) 1) سافرت أنا إلى مكة المشرفة ورجعت في خدمته إلى بلادنا،
وقرأت عنده في الأصول والفقه والهيئة.
ثم سافر مرة ثانية إلى بلاد العجم لأمر اقتضى ذلك ورجع سريعا إلى البلاد،
وكنت مدة في خدمته أستفيد منه إلى أن اتفق سفري إلى العراق.
وله فوائد متفرقة على بعض الكتب وما رأيت له كتابا مدونا، وله شعر رائق
في فنون الشعر.
ونقل جملة منها ثم قال: كان مولده سنة تسع وألف، وانتقل إلى رحمة الله
ورضوانه في اليوم التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة أربع وستين بعد
الألف، وكنت إذ ذاك في مكة المشرفة، اجتمعت معه يوم عرفة وبقيت في
خدمته إلى ذلك اليوم من تلك السنة، ودفن مع والده في المعلى. قدس الله
روحه ونور ضريحه.
وقال السيد في السلافة: زين الأئمة وفاضل الأمة.

1) الزيادة من المصدر.
221

(186)
الشيخ زين الدين ابن الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن الحسن التوليني
العاملي
قال في الرياض: كان عالما عاملا فاضلا كاملا تقيا نقيا ورعا زاهدا عابدا
- كذا رأيت وصفه في بعض المواضع بخط عتيق، والظاهر أنه من مقاربي
عصر الشهيد، ورأيت أيضا قصيدة عينية في رثاء الشيخ زين الدين هذا، وكان
تاريخها سنة تسع وعشرين وثمانمائة. انتهى 1).
(187)
الشيخ زين الدين بن محمد بن القاسم 2) البرزهي
كان من أجلة فقهائنا، وقد نقل بعض فتاواه الشهيد الثاني في كتاب ميراث
شرح الشرائع، ولم أعثر له على ترجمة سوى ذلك. فلاحظ - قاله في رياض
العلماء 3)، ثم استظهر كونه من جملة علماء جبل عامل، وان برزه قرية هناك
نسب إليها هذا الشيخ 4).

1) رياض العلماء 2 / 393 و 397.
2) الصحيح انه زين الدين محمد بن القاسم، وهو مذكور في أمل الآمل 2 / 293.
3) رياض العلماء 2 / 394.
4) ذكر في معجم البلدان 1 / 382 " برزه " بفتح الباء والزاي، وذكر أنهما قرية
من أعمال بيهق بالهاء الصريح وأخرى بالتاء قرية من غوطة دمشق، ونسب إلى الثاني
أشخاصا بلفظة " برزى " والى الأول بلفظة " برزهى ". فعلى هذا لعل المترجم منسوب إلى
الأول لا إلى الثاني، فيكون نيسابوريا وليس بعاملي. وانظر الأنساب للسمعاني ورقة 74.
222

ثم قال: ولم يذكره الشيخ المعاصر في أمل الآمل في باب الأسماء ولا في
باب الألقاب، وسنشير إليه في الباء الموحدة وفي باب الزاء المعجمة من باب
الألقاب أيضا. انتهى.
(188)
الشيخ زين العابدين بن الشيخ بهاء الدين الشهيدي، نسبة إلى الشهيد الأول
محمد بن مكي الجزيني العاملي
كان عالما فاضلا فقيها جليلا. وهو أبو أسرة من العلماء وتقدم ذكر بعضهم.
وكان صهر السيد العلامة السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة على ابنته،
وهي أم الشيخ رضا المتقدم ذكره 1).
وكان أبوه الشيخ بهاء الدين من الفقهاء الاعلام، تقدم ذكره 2).
وكان الشيخ زين العابدين المذكور من المجاورين في النجف الأشرف،
وولده بها، تقدم ذكر ابنه الشيخ رضا وحفيده الشيخ جواد 3).
ومات في النجف سنة 1200، تخرج على تلك الطبقة من السيد بحر العلوم
والشيخ جعفر كاشف الغطاء وغيرهما 4).
(189)
السيد زين العابدين بن عبد الحسيب الحسيني العاملي
وجدت في مسوداتي أنه عالم مصنف، من المعاصرين للعلامة المجلسي.

1) انظر ص 207.
2) انظر ص 111.
3) انظر ص 135.
4) راجع نسبه في الكرام البررة ص 590.
223

ويأتي أخوه الميرزا محمد أشرف والسيد صدر الدين محمد ابنا عبد الحسيب،
وكذا والدهما. وتقدم جدهم السيد أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي.
(190)
السيد زين العابدين بن السيد نور الدين الموسوي الجبعي العاملي، جدنا
الاعلى
وأمه كريمة العلامة الفقيه المتكلم الشيخ نجيب الدين علي بن محمد بن
مكي العاملي الجبعي. ولد في جبع مستهل المحرم سنة ست وتسعين وتسعمائة.
ذكره في الأصل 1).
وجدت بخط السيد العلامة السيد صدر الدين حاشية على نسخة من أمل الآمل
كتبها على هذه الصورة: سمعت من والدي صالح بن محمد بن إبراهيم
ابن زين العابدين رضي الله عنهم أن زين العابدين اسمه إبراهيم بن نور الدين
علي بن زين العابدين علي بن أبي الحسن الموسوي. انتهى.
فيعلم أن السيد زين العابدين اشتهر بلقبه وهجر اسمه، عكس جده هجر
لقبه ولم يعرف الا باسمه. نعم حفظ لأبيه السيد نور الدين لقبه واسمه، ولما
كان اسمه اسم أبيه اشتهر بالسيد نور الدين.
ثم إن السيد ضامن بن شدقم المدني ترجم السيد زين العابدين ترجمة
حسنة، وذكر أنه توفي بمكة المعظمة ودفن بالمعلى عند قبر أبيه السيد نور الدين
سنة ثلاث وأربعين بعد الألف. والصحيح أن وفاته سنة اثنتين وسبعين والألف،
كما وجد بخط ولده العلامة جدنا السيد محمد بن شرف الدين.
كان جدنا السيد نور الدين أخو السيد صاحب المدارك، سكن مكة المعظمة

1) أمل الآمل 1 / 100.
224

ومات بها، وكان له خمسة أولاد علماء: الأول السيد جمال الدين، والثاني
السيد حيدر، والثالث السيد زين العابدين صاحب الترجمة، والرابع السيد
علي، والخامس السيد أبو الحسن الذي سكن الشام.
وكان للسيد زين العابدين أيضا عدة أولاد، منهم جدنا السيد إبراهيم شرف
الدين المتقدم ذكره.
(191)
السيد زين العابدين العاملي، صهر الشيخ المحقق علي بن عبد العالي
الكركي ووالد السيد العلامة السيد احمد صهر المير الداماد وتلميذه وابن خالته.
والسيد احمد هذا أبو جماعة من العلماء المصنفين، كالسيد عبد الحسيب
صاحب التفسير وعيره.
225

باب السين
(192)
الشيخ سليمان ظاهر العاملي النباطي 1)
من كتاب العصر وأهل الفضل والعلم بالتاريخ واللغة وأنواع العلوم الأدبية،
من حسنات هذا العصر، صاحب كتاب " أبواب اللغة العربية " وغيره من الكتب
والرسائل والمقالات التي تفتخر بها الشيعة في هذا الزمان، وتأبد له جميل
المذكور في سائر الأزمان. كثر الله في الشيعة أمثاله من المروجين المجاهدين 2).
ومن أراد الوقوف على تحقيقات هذا الفاضل فليراجع مجلدات العرفان

1) هو الشيخ سليمان بن محمد بن علي بن إبراهيم بن حمود بن ظاهر، من أحفاد
الشهيد الثاني.
2) ولد في النبطية سنة 1290 وتوفى ودفن بها سنة 1380. انظر أعيان الشيعة
7 / 310.
226

حتى يرى فضله بالعيان ونصرته لأهل الايمان. سدده الله وأيده ووفقه لإدامة
أمثال هذه التحقيقات وغيرها من البيانات النافعات.
(193)
الشيخ سليمان العاملي
من علماء عصر الطاغي احمد الجزار، ذكره بعض علماء جبل عامل في عداد
المتأخرين عن صاحب الأصل.
ولعله الشيخ سليمان بن صالح العاملي الكاظمي الذي رأيت خطه على ظهر
بعض الكتب.
(194)
الشيخ سليمان العيناثي العاملي
عالم جليل فقيه متبحر، من المشايخ للإجازة، يروي عن الشيخ شمس
الدين بن مجاهد عن الشهيد محمد بن مكي، ويروي عنه الشيخ ظهير الدين
ابن علي بن حسام العيناثي الآتي.
(195)
الشيخ سليمان بن معتوق العاملي
عالم عامل فاضل فقيه محدث كامل جليل متبحر في العلوم الاسلامية،
تخرج في بلاد الجبل على جدنا العلامة السيد محمد بن السيد إبراهيم شرف
الدين بن زين العابدين بن السيد نور الدين، ويروي عنه عن أستاذه الشيخ
227

الحر (صاحب) وسائل الشيعة وغيرها.
وكان شريك جدنا السيد صالح بن محمد المذكور في الدرس، وفرا معا
من ظلم الجزار سنة سبع وتسعين بعد الألف إلى العراق، وسكن الشيخ سليمان
بلد الكاظمين.
وكان من شيوخ الإجازة، واستجازه جماعة من الاعلام، كالسيد المحقق
السيد محسن الأعرجي صاحب المحصول والسيد العلامة السيد صدر الدين
وأمثالهما من الأجلة.
وراح إلى كربلا وحضر على صاحب الحدائق وتحمل منه رواية كل طرقه
في الرواية، وتوفي رحمه الله في بلد الكاظمين سنة سبع وعشرين ومائتين بعد
الألف.
وله أولاد علماء أجلاء، منهم الشيخ أمين، ويأتي ذكر الشيخ محمد. وله
ذرية باقية إلى الان.
وكان وصيه رحمه الله السيد العلامة السيد عبد الله شبر صاحب جامع الاحكام،
فاني رأيت تفصيل ذلك بخطه الشريف، وكذا تاريخ وفاته كان بخط السيد
صاحب جامع الاحكام.
228

باب الشين المعجمة
(196)
الشيخ شرف الدين
اشتهر بلقبه، واسمه الأصلي محمد مكي كما وجدته بخط يده، ابن الشيخ
ضياء الدين محمد بن شمس الدين بن الحسن بن زين الدين، ينتهى نسبه إلى
الشهيد الأول.
كان من أعلام العلماء في النجف، وشيخ الإجازة في عصره، روى عن
شيوخه كثيرة من عاملة والبحرين والعراق واليمن وبلاد العجم والقدس والخليل
ومكة المعظمة، كما رأيته يصرح بذلك في بعض إجازاته التي عندي بخط يده.
وهو في طبقة الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق، ويروي عن
الشيخ حسين بن محمد بن جعفر الماحوزي البحراني شيخ إجازة الشيخ
يوسف صاحب الحدائق ويروي أيضا عن السيد نصر الله الحائري.
229

ويروي عنه جماعة، منهم الفاضل التبريزي صاحب كتاب " الشفا في أخبار
آل المصطفى "، وله منه إجازة كتبها له في النجف ثامن ذي الحجة الحرام
سنة ثمان وسبعين ومائة بعد الألف.
(197)
الشيخ شريف بن الشيخ محمد بن الشيخ يوسف محيي الدين العاملي
النجفي
عالم فاضل فقيه كامل، من بيت علم وفقه قديم، خرج منهم جماعة من العلماء
ذكرناهم هنا وذكرهم في الأصل، وهم آل أبي جامع، من أهل بيوت العلم
والفضل والأدب والشعر والفقه والحديث والتفسير، فيهم أئمة هذه الفنون
والمصنفين فيها كما لا يخفى على الخبير.
وصاحب الترجمة جد الشيخ شريف بن الشيخ موسى الآتي ذكره، وكل
آبائه علماء، وله ذرية باقية فيها العلم والأدب.
وكان من المعاصرين للشيخ محمد حسن صاحب الجواهر قدس الله أرواحهم،
وتوفي بعد الطاعون الذي (وقع) في سنة 1246 1).
(198)
الشيخ شمس الدين بن مجاهد العاملي
عالم فاضل فقيه، من أجلاء أصحابنا، تلميذ الشهيد الأول، محمد بن مكي
والراوي عنه كتاب الدروس بالخصوص. ويروي عن صاحب الترجمة الشيخ
سليمان العيناثي المتقدم ذكره.

1) قال في الأعيان 7 / 343: توفى سنة 1250.
230

(199)
الشيخ شريف بن الشيخ موسى من آل محيي الدين العاملي النجفي
قال ابن عمنا السيد محمد علي في اليتيمة عند ذكره: وهو من معاصري
العلامة الخبير الفهامة صدر الطائفة وشيخ قبيلة في النجف.
أقول: وهو والد الشيخ الفاضل المهذب الكامل الشيخ حسين محيي
الدين الذي كان شريكنا في الدرس في النجف، وتوفي سنة الطاعون وهي
سنة 1297.
ولا يحضرني تاريخ وفاة والده الشيخ شريف.
(200)
السيد شريف بن السيد يوسف شرف الدين الموسوي العاملي الشحوري
عالم فاضل محصل كامل تقي نقي مهذب صفي، قرأ على جماعة من المعاصرين
في النجف، وتكمل ورجع إلى أبيه فقرت عينه به. وهو من أرحامنا وأسرتنا.
كثير الحياء كريم الطبع سيد ماجد من بيت علم وشرف ونعم الخلف. وفقه
الله تعالى ونفع به 1).
وسيأتي ذكر السيد أبيه والسيد المرجع أخيه السيد عبد الحسين شرف
الدين.

1) ولد سنة 1297 وتوفى سنة 1335. انظر نقباء البشر ص 837.
231

باب الصاد
(201)
الشيخ صالح بن سليمان 1) بن محمد العاملي
ذكره في الأصل 2).
وصح لي بحمد الله الرواية من عدة طرق عالية عن السيد العلامة السيد
نصر الله الحائري عن الشيخ صالح صاحب الترجمة عن الشيخ الجليل محمد
الحرفوشي عن ابن أبي الدنيا المعمر المغربي عن أمير المؤمنين عليه السلام،
وهو من الطرق العالية التي رزقناها، وهذا مما يتنافس عليه أهل العلم بالحديث
في علوم الاسناد.
وقد ذكرت طرق اتصالي بهذا الطريق العالي في إجازتي الكبيرة لبعض
علماء الهند 3) المسماة ب‍ " بغية الوعاة في طبقات مشايخ الإجازات ".

1) كذا في الامل والأعيان 7 / 368، وفى مصورة الأصل " سلمان " وهو غلط.
2) أمل الآمل 1 / 102.
3) هو السيد محمد مرتضى الجهانبوري الهندي. انظر هذا الكتاب ص 34.
232

(202)
السيد الجليل السيد صالح بن السيد محمد بن السيد إبراهيم شرف الدين
ابن السيد زين العابدين بن السيد نور الدين الموسوي العاملي، جد والدي
كان يعرف بالسيد صالح الكبير العاملي المكي، من أعلام العلماء في عصره،
انتهت إليه رئاسة الإمامية في البلاد الشامية.
وكان كثير الاطلاع غزير الحفظ واسع الرواية، وله في الطب والرياضيات
يد قارعة وقدح معلى.
وكان زاهدا عابدا ملتزما بصوم رجب وشعبان من كل سنة وصوم يوم
الجمعة من كل أسبوع، وكان يعامل النوافل الراتبة معاملة الفرائض، فإذا فاته
شئ منها لعذر قضاه في أول أزمنة الامكان، وكان كثير البر والصدقة يرق للفقير
ويبادر بنفسه لاعطاء السائل، فان لم يجد له شيئا أعطاه خاتمه أو قباءه أو بعض
أواني بيته.
كان تولده سنة اثنتين وعشرين ومائة بعد الألف في قرية شحور من بلاد
بشارة من بلاد جبل عامل. وأمه بنت الشيخ الحر صاحب الوسائل.
رباه أبوه وقرأ عليه وعلى غيره من علماء عصره في عاملة فمصر فالحجاز
فالعراق، وحمل عن فقهاء هذه البلاد ومحدثيها علما كثيرا حتى فاق الاقران
وانتظم في سلك الأعيان. وكان جامعا للعلوم العقلية والنقلية ولبعض العلوم
الأسرارية.
وفي سنة 1163 رجع إلى بلاده واستقر فيها مرجعا وملاذا لأهليها، وله
كرامات وحكايات تدل على مقامات عالية، مثل أنه كان يعطي خواصه رطب التمر
ولا وجد للرطب في البلاد، فيسأل عن ذلك فيقول: أهدي إلي من الناحية
233

المقدسة. مثل أنه أوصى أهل داره أن لا يغسلوا الأواني 1) ويضعوها في بيت
عينه، فسئل عن سبب ذلك فقال: ان جماعة من إخواننا المؤمنين من الجن قد
استجاروا بنا لوقعة وقعت فيهم خرج فيها جماعة منهم. وكان إذا فرغ من
تعقيب صلاة الصبح جاء إلى ذلك البيت ووقف وتلك بكلام لا يفهمه أهل الدار،
ثم يخرج فيسألونه فيقول: أكلم معهم بلسانهم، وبعد أيام قال: قد أصلحنا بينهم
فلا تضعوا الأواني في الحجرة.
وجاءه رجل قال: انه كان معه ابنه ولما وصلوا الوادي الفلاني فقد الولد
وكلما فحصت لم أجده وكأنه قد ابتلعته الأرض. فكتب له ورقة وقال له:
اذهب إلى الوادي وناد بما هو مكتوب في هذه الورقة فإنك تجد ابنك، وقد
وجد فيه: فلان ان السيد صالح المكي يأمرك ان تفحص عن ولدي وتحضره.
قال: فنادى وإذا بولده قد أقبل من بطن الوادي.
وأعظم من ذلك أن احمد الجزار قد حبسه في الجب وهو الطابورة،
وكان لا يميز فيه الليل من النهار، هو وجماعة من العلماء، فضاق صدر السيد
لذلك لعدم معرفته بأوقات الصلاة، فدعا بدعاء الطائر الرومي المروي في المهج
ففرج الله عنه وخرج مع ستة أنفار كانوا محبوسين معه، وذلك سنة سبع وتسعين
ومائة بعد الألف، وتوجه من ساعته إلى العراق، ولما علم الجزار بخروج
السيد أرسل إلى داره وأخذ خزانة الكتب المشتملة على ألوف من الكتب وفيها
مصنفاته ومصنفات آبائه أعلى الله مقامهم وحملوها إلى عكا، وأرسل السيد على
عياله وأولاده فرحلوا إليه، وسكن النجف حتى توفي سنة سبع عشرة ومائتين
والألف، ودفن في بعض حجر الجانب الشرقي من حجر الصحن الشريف.

1) في مصورة الأصل " الأوالي ".
234

(203)
السيد صدر الدين 1) ابن حجة الاسلام السيد إسماعيل الصدر بن آية الله
السيد صدر الدين 2) الموسوي العاملي الأصفهاني
عالم فاضل مهذب كامل مؤرخ متكلم أصولي جامع لفنون العلم، من
حسنات هذا العصر، له مصنفات ومؤلفات، سكن المشهد الرضوي على مشرفه
أفضل الصلاة والسلام، يقيم فيها الجماعة ويدرس في الفقه والأصول 3)، كريم
الأخلاق طيب الأعراق، حسيب نسيب أديب أريب شاعر خطيب، من بيت علم
وشرف، يملك القلوب بحسن محاضرته وعذوبة كلامه، عالي الفهم قوي الفكر
كريم الطبع أبى الظيم، اجتمعت فيه المكارم. زاد الله في شرفه وعلو قدره
ونفع به المؤمنين 4).
له رسالة في " الحقوق "، ورسالة في " أصول الدين "، وكتاب " التاريخ
الاسلامي " وغير ذلك.
وله أبيات ومدائح ومراثي في أهل البيت عليهم السلام.
(204)
آية الله في العالمين السيد صدر الدين بن صالح بن محمد بن إبراهيم شرف
الدين بن زين العابدين بن السيد نور الدين الموسوي العاملي

1) اسمه محمد علي واشتهر بصدر الدين حتى نسى اسمه الأصلي.
2) انظر بقية نسبه في هامش ص 104 من هذا الكتاب.
3) انتقل بعد مدة إلى قم بطلب من زعيم حوزتها آنذاك الشيخ عبد الكريم الحائري،
وأصبح بها من مراجع الشيعة إلى أن توفى بها.
4) ولد في الكاظمية سنة 1299، وتوفى بقم في يوم السبت 19 ربيع الثاني
1373. انظر نقباء البشر ص 943 - 949.
235

تولد في قرية شد غيث 1) من بلاد بشارة في أحد وعشرين من ذي القعدة
سنة ثلاث وتسعين ومائة بعد الألف - أو اثنتين وتسعين، وأمه بنت الشيخ على
ابن الشيخ محيي الدين بن علي بن محمد بن حسن بن زين الدين الشهيد
الثاني " ره ".
وكانت رحلته مع أهله إلى العراق سنة 1197 وعمره حينئذ أربع سنين،
رباه والده العلامة بحيث كتب حاشية على شرح القطر في النحو وهو ابن سبع
سنين، وحتى قال في أول رسالته في حجية الظن ما لفظه: وردت كربلا سنة
خمس ومائتين بعد الألف وأنا ابن اثني عشرة سنة فوجدت الأستاذ الأكبر محمد
باقر بن محمد أكمل مصرا على حجية الظن المطلق - إلى آخر كلامه. فيعلم أنه
كان من أهل العلم بمشكلات مسائل الأصول في سن الاثني عشر.
وحضر مجلس درس أستاذه السيد بحر العلوم في تلك السنة، وكان السيد
مشغولا بنظم الدرة في الفقه، فاختاره في عرض الدرة عليه لمهارته في الآداب
وفنونه.
وحدثني والدي قدس سره أنه استجاز السيد صاحب الرياض في السنة
العاشرة بعد المائتين والألف، فأجازه وصرح فيما كتبه من الإجازة أنه مجتهد
في الاحكام من قبل أربع سنوات. فيكون حصول ملكة الاجتهاد له في سن
ثلاث عشرة من عمره.
وهذا نظير ما يحكى عن العلامة الحلي والفضال الهندي، ويفوقهما في
صنعة الشعر والأدب، فاني سمعت من شيخ الأدب الشيخ جابر الشاعر الكاظمي
مخمس الهائية الأزرية أن السيد صدر الدين كان أشعر من السيد الشريف الرضي

1) كذا في الأصل، وفى الكرام البررة ص 669 " جبشيث " وفى الروضات 4 /
126: القشيب الواقعة قرب معمرك من قرى جبل عامل.
236

الذي هو أشعر قريش.
وحدثني السيد أحمد بن السيد حيدر الحسيني الكاظمي العالم الثقة أن السيد
صدر الدين كان في أيام إقامة والده ببغداد يحضر مجلس درس السيد صبغة
الله امام أهل السنة في عصره، وكن يناظره أيضا في المسائل الكلامية وفي
الإمامة ويفحمه.
وحكى لي من ذلك حكايات ومناظرات تدل على كمال فضله في سن الشباب،
قال: وتلك المناظرات هي التي سببت مهاجرته إلى بلاد إيران خوفا من
الاغتيال. قال: أرادوا اغتياله مرات فحفظه الله.
زوجه الشيخ صاحب كشف الغطاء بابنته وصار له منها أولاد، وتزوج أيضا
بالعلوية بنت السيد أبى الحسن خوش مزه.
وعزم على زيارة الإمام الرضا عليه السلام وحده، فزمت ركائبه إلى خراسان
وترك عيالاته وأولاده بكربلاء، ونظم في سفره هذا قصيدته الرائية المعروفة
ب‍ " الرحلة " يخاطب فيها الإمام الرضا عليه السلام:
أتتك استباقا تقد القفارا * سوايح تقدح في السير نارا
تثير مثار الحصى بالحصى * وتتبع باقي الغبار الغبارا
وهي طويلة، ورجع من طريق يزد فاجتمع عليه أهلها وسألوه الإقامة
عندهم، فأقام مدة قليلة وتزوج فيها، ثم رحل إلى أصفهان وكانت يومئذ دار
العلم ومحط رحال أهل الفضل، فأقام بها وأرسل على عياله وأولاده فرحلوا إليه،
واستقام بها سنين مرجعا في التدريس والقضاء لا يتقدم عليه أحد على الاطلاق،
وتخرج عليه جماعة من العلماء ورووا عنه، كشيخ الطائفة الشيخ مرتضى
الأنصاري " ره " والسيدين الميرزا محمد هاشم 1) صاحب أصول آل الرسول

1) هو المعروف بميرزا هاشم الجهار سوقي.
237

وأخيه صاحب الروضات والسيد محمد شفيع صاحب الروضة البهية وغيرهم
من الأفاضل.
وحدثني العلامة الميرزا محمد هاشم المذكور: أن شريف العلماء كان من
تلامذة السيد صدر الدين وكان السيد يمنعه من كثرة التعمق في أصول الفقه ويأمره
بالتعمق في الفقه.
وحدثني الشيخ الجليل الشيخ صادق بن الشيخ محسن الأعسم النجفي:
ان الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر والشيخ حسين ابن شيخ الطائفة الشيخ
جعفر كانا لما جاء السيد صدر الدين من أصفهان إلى النجف يعاملونه معاملة
الأستاذ ويجلسون بين يديه جلسة التلامذة، وهما يومئذ شيخا الاسلام في النجف
ولعلهما ممن تلمذ عليه.
قال: وكنت يوما عند الشيخ صاحب الجواهر فجاء السيد صدر الدين،
فلما أشرف علينا ركض الشيخ واستقبله وأخذ بإبط السيد حتى جاء به وأجلسه
في مكانه وجلس بين يديه، وفي الأثناء جرى ذكر اختلاف الفقهاء، فأخذ
السيد يبين اختلاف مسالك الفقهاء في الفقه وشرع في بيان طبقاتهم من الصدر
الأول إلى عصره وبين اختلاف مسالكهم واختلاف مبانيهم بما يبهر العقول،
حتى قال الشيخ صاحب الجواهر بعد ما خرج السيد: يا سبحان الله السيد جالس
جميع طبقاتهم وبحث معهم ووقف على خصوصيات أمذقتهم ومسالكهم، هذا
والله العجب العجاب، ونحن نعد أنفسنا من الفقهاء، هذا الفقيه المتبحر.
قال: ودخلت يوما في الصحن الشريف، فرأيت السيد صدر الدين مقبلا
والشيخ صاحب الجواهر أخذ بإبط السيد والشيخ حسن صاحب أنوار الفقاهة
أخذ بإبطه الاخر الان السيد كان فيه أثر الفالج ولابد أن يأخذ أحد بإبطه إذا مشى.
وهذا يدل على جلالة السيد في نظر الشيخين في مرتبة الأساتيذ الأعاظم،
238

فان الشيخين لم يكن في النجف بل في الدنيا يومئذ أجل منهما.
وحدثني الشيخ العالم الجليل الشيخ عبد العالي الأصفهاني النجفي قال:
كنت ليلة من ليالي شهر رمضان في حرم أمير المؤمنين عليه السلام فجاء السيد
صدر الدين إلى الحرم، ولما فرغ من الزيارة جلس خلف الضريح المقدس،
فكنت قريبا منه، فشرع في دعاء السحر الذي رواه أبو حمزة، فوالله ما زاد على
قوله " الهي لا تؤدبني بعقوبتك " وكررها وهو يبكي حتى أغمي عليه وحملوه
من الحرم وهو مغمى عليه.
كان قدس سره غزير الدمعة كثير المناجاة، ورأيت له أبيات في المناجاة
يقول فيها:
رضاك رضاك لا جنات عدن * وهل عدن تطيب بلا رضاكا
وهي طويلة.
وكان كثير الامر بالمعروف والنهي عن المنكر شديد الامر فيهما، وكان
يقيم الحدود بأصفهان.
واتفق أنه حضر مجلسا فيه جماعة من الأخيار والأشراف وقد عقد المجلس
لإقامة عزاء الحسين عليه السلام، فدخل أحد أولاد الملوك وجلس وكان قد
حلق لحيته، فقال السيد: ان حلق اللحية من شعار المجوس وصار من عمل أهل
الخلاف والرجل قد حلق لحيته وجاء في هذا المجلس الذي عقد لعزاء سيد
الشهداء وأنا أخاف أن إذا صعد الذاكر الراثي على المنبر وهذا الرجل جالس
أن يسقط علينا السقف فنهلك. فوقعت ولولة بين أهل المجلس والرجل شاه
زاده لا يجسر أحد على التكلم معه في القيام من المجلس، والسيد غضب حتى
وقف شعر حاجبيه كما هي عادته، فأراد صاحب الدار قطع الكلام، فأشار إلى
الراثي أن قم واصعد المنبر وخذ بالقراءة حتى ينقطع الكلام، فصعد الذاكر
239

المنبر وبمجرد أن قال " السلام عليك يا أبا عبد الله " قام السيد صدر الدين،
قال: أخاف من سقوط السقف علي. فلما قام ووضع رجله خارج السقف نزل
السقف وصار العجاج وأكب الناس على أقدام السيد وكسرت أكتاف بعض
الناس، وكان أعظم كرامة للسيد. حتى كان السيد محمد العلاقة بند أحد خدام
السيد إذا أخبر بانعقاد مجلس فيه الملاهي يروح للنهي عن المنكر، فإذا قالوا
لهم: ان خادم السيد صدر الدين فلان قد جاء، يقولون: تفرقوا وأجمعوا
الأسباب فان السقف ينزل علينا لا محالة.
وبالجملة كان عالما ربانيا لا تأخذه في الله لومة لائم، يأمر بالمعروف وينهى
عن المنكر ويقيم الحدود والاحكام. وكان من أزهد أهل زمانه، لم يحظ من
الدنيا بنائل ولم يخلف لأولاده غير الدار التي كان السيد حجة الاسلام السيد
محمد باقر قد اشتراها له وغير بعض الكتب لم يكن له عقار ولا قرى ولا أملاك.
وكان كثير العيال، ولم يغير وضعه الذي كان عليه في النجف من حيث اللباس
والمأكل.
وفي آخر عمره عرض له بعض الضعف في أعضائه شبه الفالج، فرأى في
المنام أمير المؤمنين عليه السلام يقول له: أنت في ضيافتي في النجف. ففهم
أنه يموت قريبا، فرحل منفردا بنفسه إلى النجف سنة 1262 وورد النجف وبقي
مدة، ثم أخبر أخاه بوفاته في أول صفر، فتوفي أول ليلة منه وهي ليلة الجمعة
سنة 1263.
حدثني السيد محمد علي بن السيد أبو الحسن قال: لما كانت أول ليلة من
شهر صفر رأينا عمنا السيد صدر الدين يحدثنا بأحاديث الفراق، حتى ذاكره
والدي في ذلك فقال:
ستفقدني فومي إذا جد جدها * وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
240

ثم قال: قوموا إلى فراشكم وناموا، فقال السيد الوالد وبقيت أنا، فقال
لي: ما تقرأ؟ فقلت: شرح ابن الناظم على الألفية. فقال: إلى أي موضع
وصلت منها؟ فقلت: ببحث ال. فقال: ان ابن مالك يقول:
ال حرف تعريف أو اللام فقط * كالطرس ذي الخط المليح والنقط 1)
وأنا أقول في ألفيتي:
ال هي للتعريف لا اللام فقط * كالطرس ذي الخط المليح والنقط
بين الفرق بين البيتين. فأخذت في بيان الفرق، فقال لي: لاقم واكتب
الفروق. فعرفت أنه يريد أن أقوم من عنده. فقمت وخرجت وأخذت في كتابة
الفرق، فسمعته يقول " الله الله "، ثم قال " لا إله إلا الله " فأسرعت فأيقضت
والدي وأخبرته بذلك، فلما جئنا وجدنا السيد قد توجه إلى القبلة وقد قضى نحبه.
ولما كان آخر الليل طرق الباب طارق، فجئنا وفتحنا الباب، فإذا برجل
سيد من الاجلاء نعرفه، فقال: السيد صدر الدين توفي. فقلنا: نعم. فقال:
ان قبره مهيأ في حجرة الصحن الشريف عند باب الفرج، فتعجبنا من ذلك.
أقول: وقبره هناك مزارا معروف.
وله مصنفات كثيرة منها " أسرة العترة " في أبواب الفقه بطريق الاستدلال
كبير، " القسطاس المستقيم " في أصول الفقه، " المستطرفات " في الفروع التي
لم يتعرض لها الفقهاء، " شرح منظومة الرضاع " نظم الرضاع بمنظومة لا نظير
لها أولها:
ان أحرز الرضاع شرطه نشر * تحليل تزويج وتحليل نظر
ثم شرحها شرحا ممزوجا متوسطا في غاية المتانة (وشرحه أيضا آية الله

1) كذا في مصورة الأصل، والصحيح في الشطر الثاني من هذا البيت " فنمط عرفتها
قل النمط ".
241

الكبرى الميرزا محمد تقي الشيرازي وذكر شرحه هذا.. في مكتبتي) 1)،
وله " التعليقة على رجال الشيخ أبى علي " كانت على هامش نسخته فدونتها أنا
وسميتها ب‍ " نكت الرجال على منتهى المقال " وهي مشحونة بالتحقيقات
والنكات، وله " قرة العين " في النحو كتبها لبعض ولده وهي كتاب جليل في
بابه تفوق على المغني كما نص على ذلك تلميذه الميرزا محمد هاشم في أول
معدن الفوائد قال: فإنها مع صغر حجمها تفوق على المغني لابن هاشم مع طوله
وبسطه. قال: فهذه الرسالة لا توافق الا فهم المنتهي. انتهى.
وله " شرح مقبولة عمر بن حنظلة " في غاية البسط، ورسالة " حجية المظنة "
رد فيها دليل الانسداد وهي رسالة في عزيزة تشتمل على فوائد فريدة، رسالة في
" مسألة ذي الرأسين "، وله الرسالة العملية بالفارسية سماها " قوت لا يموت "
عملها للمقلدين في الطهارة والصلاة والمسائل العامة البلوى، وله " المجال
في الرجال " أحال إليه في رسالة حجية المظنة، وله " التعليقة على نقد الرجال "
لم تدون بعد ولكنها من أجل كتب الرجال ويحيل إليها في سائل مصنفاته.
وحدثني ولده السيد أبو جعفر أنها لم تدون وأنها على هامش نسخته وأنها
موجودة عنده.
وذكر تلميذه في روضات الجنات بعد عد مصنفاته أن له قصائد كثيرة طويلة
شرح بعضها، وأن له الحواشي وأجوبة المسائل وغير ذلك 2).
والذي عثرت عليه من شعره بخطه الشريف على ظهر بعض كتبه هذه
الأبيات 3):

1) في مصورة الأصل وقعت هذه الزيادة في سطرين أضيفا في الهامش ولم نقدر
على قراءة كلمات منها.
2) روضات الجنات 4 / 126.
3) ذكر بعض شعره أيضا في أعيان الشيعة 9 / 373.
242

إلى علي وزعيم اللوى * يوم الوغى والعلم الشامخ
أبى السراة الأنجبين الأولى * خصوا فنون الشرف الباذخ
أولي المزايا الغر أعباؤها * وينوء فيها قلم الناسخ
جاءت تجوب البيد سيارة * تهوى هوي المرقد الصارخ
قد أيقنوا منه بجزل الحصا * ان عليا ليس بالواضخ
الحصا جمع حصية. والواضخ الذي يعطي القليل. وله تشطير:
قوم إذا هموا بغسل ثيابهم * جعلوا الدروع ملابسا وثيابا
وإذا أتاهم سائل لدروعهم * لبسوا البيوت وزوروا الا بوابا
وله مشايخ وأساتيد عدة، يروي عن أكثر من أربعين عالم، والذي أعرف
منهم سبعة:
أولهم: والده العلامة السيد صالح الراوي عن أبيه العلامة السيد محمد عن
أستاده الشيخ محمد بن الحسن الحر صاحب الوسائل، يروي عنه كل مؤلفاته
ومنها الوسائل بالطرق المذكورة في خاتمة الوسائل. ويروي السيد صالح
أيضا عن الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق عن المولى محمد رفيع
نزيل المشهد الرضوي عن العلامة المجلسي.
وثانيهم: السيد العلامة الطباطبائي محمد بن المرتضى الشهير بالسيد مهدي
بحر العلوم المتوفى سنة 1212، ويعبر عنه بالاستاد الشريف.
وثالثهم: السيد العلامة المير سيد علي صاحب الرياض المتوفى سنة 1231،
وكان مغرما بفضله ويرجحه على الميرزا المحقق القمي صاحب القوانين في الفقه
وقوة النظر كما حكاه في الروضات في ترجمة القمي.
ورابعهم: السيد المحقق المؤسس السيد محسن المقدس الأعرجي صاحب
المحصول، كان السيد صدر الدين مغرما بزهده وتحقيقه، المتوفى سنة 1227.
243

وخامسهم: شيخ الطائفة الشيخ جعفر بن خضر كاشف الغطاء المتوفى سنة
1228، وهو جد جماعة من أولاده وكانت بنت الشيخ أول زوجاته.
وسادسهم: السيد الجليل المتبحر الميرزا مهدي الشهرستاني الموسوي
الحائري المتوفى سنة 1218.
وسابعهم: الشيخ الجليل الفقيه الشيخ سليمان المعتوق العاملي المتوفى
سنة 1227.
(205)
السيد صدر الدين بن عبد الحسيب بن أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي
وصفه صاحب الشذور بالمحقق المدقق الحسيب النسيب ذو الحسب الباهر
والنسب الفاخر، كان عالما فاضلا، رأيت خطه على كتب عديدة ككشف الحقائق
وغيره، وكان تاريخ كتابة الأول شهر جمادى الثانية سنة 1103. وهو من أحفاد
السيد أحمد بن زين العابدين المذكور في الأصل، ويأتي أخوه السيد محمد
أشرف ووالده عبد الحسيب. فراجع.
(206)
الشيخ صفي بن محمد بن علي بن الحسن الجرجاني العاملي، نزيل جزين
من قرى جبل عامل
كان من تلامذة الشهيد الأول، رأيت كنز الفوائد في شرح مشكلات القواعد
للسيد عميد الدين أستاد الشهيد بخطه، قال في آخر الجزء الأول: تمت كتابة
هذا النصف من نسخة منقولة من خط شيخنا المعظم وامامنا الأعظم قدوة العلماء
في العالم قبلة فضلاء بني آدم فريد الدهر ووحيد العصر مولانا شمس الملة
244

والدين محمد بن مكي دام ظله، وهو نقلها لنفسه من خط المصنف قدس سره،
وقت الضحى يوم الأحد خامس ذي الحجة الحرام سنة أربع وثمانين وسبعمائة
في قرية جزين، حامد لربه ومصليا على نبيه وآله، والكاتب المالك صفي بن
محمد غفر الله له ولوالديه.
وكتب في آخر الجزء الثاني: ثم كتبه لنفسه من يد العبد الضعيف الراجي
إلى الله اللطيف صفي بن محمد بن علي بن الحسن الجرجاني ليلة الثلاثاء
الرابع من محرم الحرام في قرية جزين من بلاد الشام سنة خمس وثمانين
وسبعمائة نسخة ثانية منقولة عن خط المصنف حامدا لربه ومصليا لنبيه وآله
أجمعين.
245

حرف الطاء المهملة
(207)
الشيخ طالب البلاغي، والد الشيخ رشيد المتقدم ذكره
لم يأت إلى العراق، كان من مشاهير علماء بلاده، من أهل الفضل والأدب،
جليل متكلم مقدم عند أمراء البلاد حسن المحاضرة، من بيت علم وفضل 1)،
ذكرنا منهم جماعة.
(208)
الشيخ طالب بن الشيخ عباس بن الشيخ إبراهيم بن الشيخ حسين بن الشيخ
عباس بن الشيخ حسين بن الشيخ عباس بن الشيخ محمد علي بن الشيخ محمد
البلاغي العاملي النجفي

1) انظر ما تقدم عنه في ترجمة ولده ص 206.
246

عالم عامل فاضل فقيه أصولي، من مشاهير علماء عصره، تخرج على
الشيخ صاحب الجواهر. وكان له أخوة مع الشيخ محمد حسن آل يس وكان
يثني عليه ولم أدركه 1).
وكان له ولدان الشيخ حسن والشيخ حسين، وهم بيت علم قديم، والنابغ
منهم اليوم الشيخ الفاضل والحبر الكامل الشيخ جواد ابن العلامة الشيخ حسن
ابن المرحوم الشيخ طالب، فإنه عالم أصولي أديب شاعر متكلم كامل، له
مصنفات نظما ونثرا، وهو صاحب كتاب " الهدى إلى دين المصطفى " مطبوع
في هذه الأيام، وهو اليوم نزيل سامراء متفرغ للعلم وترويج الدين. كثر الله
تعالى أمثاله في الامامية 2).
(209)
السيد طاهر العاملي
من العلماء المتأخرين زمانا عن صاحب الأصل، ذكره بعض علماء جبل
عامل في ذيل أمل الآمل.
(210)
الشيخ أبو علي طاهر بن الحسن الصوري
وفي بعض النسخ " أبو علي الحسن بن طاهر "، وقد مر في الحاء بالعنوان
الثاني 3). فلاحظ.

1) توفى سنة 1282. ماضي النجف وحاضرها 2 / 73.
2) مترجم في ص 124 من هذا الكتاب.
3) انظر ص 149 من هذا الكتاب.
247

باب الظاء المعجمة
(211)
الشيخ ظهير الدين 1) بن نور الدين (علي) بن تاج الدين عبد العالي الميسي
هو ولد الشيخ علي الميسي الراوي عن المحقق الكركي. وكان ظهير الدين
من مشايخ الإجازة، يروي عنه الميرزا صاحب الرجال الكبير والمقدس الأردبيلي
والمولى محمود التستري المعروف بالشهيد الثالث.
والشيخ ظهير الدين شريك والده في الإجازة عن المحقق الكركي، وقد
كتب لهما إجازة أخرجها العلامة المجلسي في إجازات البحار، وفيها ما لفظه:
إجازة عامة لنجله الأسعد الفاضل الأوحد ظهير الدين أبى اسحق إبراهيم، أبقاه
الله تعالى في ظل والده الجليل دهرا طويلا 2).

1) هو الشيخ ظهير الدين أبو إسحاق إبراهيم.
2) بحار الأنوار 108 / 40.
248

أقول: وقد تقدم ذكره بعنوان اسمه 1).
(212)
الشيخ ظهير الدين بن علي بن زين العابدين 2) بن الحسام العاملي العيناثي
عالم فاضل فقيه، من مشايخ الإجازة، ذكره في الأصل وقال: كان فاضلا
عابدا فقيها من المشايخ الاجلاء، يروي عن الشيخ علي بن أحمد العاملي والد
الشهيد الثاني 3).
أقول: ويروي أيضا عن أبيه الشيخ زين الدين علي عن أخيه جعفر بن
زين العابدين بن الحسام عن السيد حسن بن نجم الدين عن الشهيد الأول،
ويروي أيضا عن الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد الحلي.
ويروي عنه أخوه الشيخ حسين السابق الذكر 4) (..) 5). ورأيت إجازة
أخيه المذكور لبعض تلامذته في سنة 873 يدعو فيها لأخيه ظهير الدين صاحب
الترجمة بقول " حفظه الله " فيعلم حياته في التاريخ.

1) أنظر ص 82 من هذا الكتاب.
2) كذا في مصورة الكتاب، وفى الامل " زين الدين ".
) أمل الآمل 1 / 106.
4) انظر ص 187 من هذا الكتاب.
5) كلمة لا تقرأ في المصورة.
249

باب العين المهملة
(213)
الشيخ عباس بن الشيخ إبراهيم بن الشيخ حسين البلاغي العاملي
عالم عامل فاضل فقيه كامل، والد الشيخ طالب المتقدم ذكره. كان من
تلامذة الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء، وأظن أن وفاته سنة ست وأربعين
ومائتين بعد الألف.
(214)
الشيخ عباس بن الشيخ حسن بن عباس بن الشيخ محمد علي بن الشيخ
محمد البلاغي
عالم عامل فاضل جليل، من بيت علم وفضل، وله أولاد علماء أفاضل وذرية
فيهم العلم إلى اليوم.
250

وهو جد الشيخ إبراهيم المتقدم ذكره، وجد الشيخ أحمد بن الشيخ محمد
علي البلاغي المتقدم ذكره، وجد الشيخ طالب بن الشيخ إبراهيم، وجد
الشيخ عباس بن الشيخ إبراهيم الذين هم في طبقة الشيخ جعفر والسيد بحر
العلوم من علماء المائة الثانية عشر. وأما صاحب الترجمة فهو في طبقة تلامذة
العلامة المجلسي " ره ".
وله مصنفات، منها " شرحه على الصحيفة الكاملة " في مجلدين ضخمين
يوجدان بخط يده عند أحفاده بالنجف.
ورأيت خطه على ظهر بعض مجلدات البحار أنه اشتراه بسبزوار منصرفا
عن زيارة ثامن الأئمة عليه السلام سنة 1156، وكتب أيضا ولده الشيخ حسين
ابن عباس تملكه للنسخة بعد أبيه.
(215)
السيد عباس بن السيد علي بن نور الدين بن علي بن الحسين بن محمد
ابن الحسين بن أبي الحسن العاملي المكي
عالم فاضل وحبر كامل، شاعر مفلق ومنشئ غير مغلق، عذب اللسان حسن
البيان، نحوي لغوي، أجمع أهل عصره لفنون الأدب، صاحب الرحلة المعروفة
ب‍ " نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس " ضمنها بطرائف الأدب في كل باب
بأسلوب بديع وعلى مثل نسج الربيع، بلغ من محاسن البيان أقصاها ولم يغادر
من محاسنه صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها، فما أحلى أراجيزه وما أحسن وجيزه،
لا نظير له في كتب الأدب. اشتمل على نكات دقيقة ولطائف وجيزة، فرغ منه
رابع شوال سنة ثمان وأربعين ومائة بعد الألف، أتمه ببندر مخا من بنادر اليمن،
وفيه تواريخ وتراجم جل أهل الأب، وترجم فيه جماعة من سلفه كوالده وجده
251

وعمه وابن عمه وآخرين، وهو من عائلتنا من آل نور الدين، وطبع كتابه
المذكور بمصر سنة 1293 في مجلدين، الأول منها 399 صفحة والجزء الثاني
412 صفحة 1).
كان جدنا السيد نور الدين أخو السيد محمد صاحب المدارك جاور بمكة
يوم كانت محط رجال علماء الإمامية وتوفي بها، وكان له خمسة أولاد ذكور:
السيد جمال الدين، والسيد حيدر، وجدنا السيد زين العابدين، والسيد علي
جد صاحب الترجمة، والسيد أبو الحسن الذي سكن الشام. وكانوا بمكة بعد
أبيهم وماتوا بها، غير أن جدنا السيد شرف الدين إبراهيم بن زين العابدين
رجع إلى وطنه الأصلي جبع والباقون من أولاد عمه كلهم بمكة، ومنهم السيد
عباس صاحب الترجمة.
ولد بمكة سنة 1110 - وكذا والده ولد بمكة أيضا - ونشأ بها واشتغل
على علمائها، واتصل أخيرا بالسيد نصر الله الحائري الشهيد سنة 1131، وزار
معه الأئمة بالعراق، وذهب إلى إيران وطاف البلاد على سنة 1145، فنزل بندر
مخا وتزوج بها، وذهب في أواخره إلى جبثيث وتوفي مع ولده السيد زين العابدين
سنة 1179، وبقي نسله المعروفون ببيت عباس بن عبد السلام بن زين العابدين.
(216)
الشيخ عباس بن محمد علي بن محمد البلاغي
هو والد الشيخ حسن بن عباس بن محمد علي صاحب " تنقيح المقال في
علم الرجال " المتقدم ذكره.

1) وطبع ثانيا أيضا بالنجف الأشرف في المطبعة الحيدرية سنة 1386 - 1387
في جزئين.
252

عالم فاضل ابن عالم فاضل أبو علماء أفاضل، قرأ على أبيه العلامة الآتي
ذكره وصنف ومات بعد الألف من الهجرة 1).
(217)
السيد عبد الحسيب بن أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي
عالم عامل فاضل كامل جليل حسيب نسيب من بيت شرف وعلم ورياسة في
الدين والدنيا.
أمه بنت الميرزا محمد باقر الداماد، وأبوه السيد احمد المذكور في
الأصل 2) ابن السيد زين العابدين، وكان صهر المحقق الداماد وتلميذه المجاز
منه ومن الشيخ البهائي.
وللسيد عبد الحسيب كتاب تفسير القرآن المسمى ب‍ " عرش سماء التوفيق "،
وهو تفسير كبير بالفارسية في عدة مجلدات، رأيت المجلد الأول منه في خزانة
خازن الحرم الحسيني، صنفه لبعض سلاطين الصفوية.
وله كتاب " الجواهر المنثور في الأدعية المأثورة "، وأكثرها منقولة عن
جده لامه الشهير بمحمد باقر الداماد طاب ثراه، وقد ينقل عنه الشيخ المتبحر
الشيخ أسد الله صاحب المقابيس في كتابه الاحراز، حكى عنه أدعية واحرازا
ثم قال: ومما ذكر في كتاب الجواهر المنثورة في الأدعية المأثورة للسيد عبد
الحسيب بن أحمد العاملي وأكثرها منقولة عن جده الشهير محمد باقر الدماد
طاب ثراه دعاء وجد بخطه نور الله ضريحه. ونقل الدعاء ثم قال - يعني السيد

1) توفى سنة 1085 في أصفهان ونقل نعشه إلى النجف الأشرف. ماضي النجف
وحاضرها 2 / 77، عن تنقيح المقال لولد المترجم له.
2) انظر أمل الآمل 1 / 33.
253

عبد الحسيب -: لقد جربناه في دفاع الروم عنا في سنة تسع وثلاثين والألف
فاستجيب لنا بفضل الله ورحمته وانهزموا واندفعوا عنا بحول الله وقوته.
وهو والد السيد محمد أشرف صاحب كتاب مناقب السادات الآتي ذكره
انشاء الله.
وله إجازة من أبيه السيد احمد المذكور في الأصل، وله أخرى لم نعثر
عليها كما يظهر من تفسيره الكبير.
ويظهر أنه كان من أجلاء علماء عصره، ولا يحضرني تاريخ وفاته. وهو
والد السيد صدر الدين السابق أيضا.
(218)
الشيخ عبد الحسين بن الشيخ إبراهيم صادق العاملي 1)
عالم فاضل أديب كامل، أحد رؤساء بلاده في الدين. كان تحصيله للعلم في
النجف الأشرف، وقد أجازه بعض علمائها ورجع إلى بلاده، وهو اليوم في
النبطية أحد المراجع.
وله شعر رائق، يعد في المجيدين، ولا غرو فإنه ابن أبيه، وهم بيت علم
وأدب قديم 2).

1) انظر نسبه في ص 73 من هذا الكتاب.
2) ولد بالنجف الأشرف في شهر صفر سنة 1289، وتوفى بالنبطية في 12 ذي الحجة
سنة 1361، ودفن بالحسينية التي بناها بها. انظر نقباء البشر ص 1030.
254

(219)
الشيخ عبد الحسين الكركي 1) العاملي، نزيل تستر
عالم فاضل محدث، تخرج على المحدث الجزائري السيد نعمة الله، ذكره
حفيده السيد عبد اللطيف في تحفة العالم 2) في من وصلوا إلى أعلى مقام من
الفضل والعلم من تلامذة جده السيد نعمة الله الجزائري 3).
(220)
الشيخ عبد الحسين ابن المرحوم الشيخ قاسم محيي الدين العاملي النجفي
كان وحيد عصره وفريد دهره في الأدب وفنون الشعر، وله شعر في مراثي
الحسين عليه السلام محفوظ مشهور، وشعره كثير.
وكان له مع وادي رئيس زبيد حكايات، وهو صاحب القصيدة في مدح
وادي التي أولها:
سد الفرات بعزمة الإسكندر * واد يود نداه فيض الأبحر 4)
قال ابن أخيه الشيخ جواد بن الشيخ علي: انه كان عالما فاضلا أديبا كاملا
شاعرا مجيدا، انتهت إليه نوبة الشعر في زمانه. انتهى.

1) في كتاب نابغة فقه وحديث ص 178 ضبط هذه الكلمة " الگرگري " بالكاف
الفارسية وقال: انها نسبة إلى " گرگر " على وزن جعفر من محلات مدينة تستر. فعلى هذا
ليس المترجم هنا بعاملي بل هو تستري الأصل.
2) انظر تحفة العالم ص 104.
3) توفى سنة 1141. انظر نابغة فقه وحديث ص 178.
4) كذا، وفى الأعيان " واد يمد نداه مد الأبحر ".
255

وتوفي سنة 1271 بالنجف.
(221)
السيد عبد الحسين بن السيد محمد نور الدين الموسوي العاملي
عالم فاضل جليل أديب أريب مهذب كامل، قرأ في النجف على علمائها
مدة طويلة ثم رجع إلى بلاده، وهو في النبطية الفوقا أحد المرجوع إليهم
في الاحكام، وهو من بيت علم وشرف 1).
والسيد نور الدين الذي ينسبون إليه هو السيد نور الدين بن الحسن بن
الحسين بن علي بن علي بن علي بن الحسين بن موسى بن علي بن الحسين
ابن محمد بن معالي بن علي بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن محمد
ابن طاهر بن الحسين بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام.
(222)
السيد عبد الحسين بن السيد يوسف بن السيد جواد بن السيد إسماعيل بن
السيد محمد بن السيد محمد بن السيد إبراهيم شرف الدين بن السيد زين العابدين
ابن السيد نور الدين الموسوي، الشهير بالسيد عبد الحسين شرف الدين
عالم فاضل محقق مدقق، ذو فضل واطلاع وغور في تحقيق الحقائق، كامل
في أكثر الفنون الاسلامية، أحد المراجع في الدين اليوم، له مصنفات حسنة
ومؤلفات نافعة، مروج للدين نافع للمؤمنين. سكن صور من بلاد بشارة، وله
آثار في احياء الدين، نفع الله به المؤمنين، حسن التحرير للمطالب العلمية.

1) ولد في النبطية الفوقا حدود سنة 1293، وتوفى ببعلبك فجأة في صفر سنة
1370 ونقل جثمانه إلى النبطية الفوقا فدفن بها. انظر نقباء البشر ص 1076.
256

كان تحصيله في النجف على علمائها في الفقه والأصول، وله فيها كتابات،
صدقه جماعة من الاعلام وشهدوا له بالاجتهاد والكمال، وقد طبعت بعض مؤلفاته،
زاد الله في توفيقه.
وهو من أسرتنا وعائلتنا وأرحامنا وابن شقيقتنا، كثر الله في العلماء أمثاله.
وقد طبع من مؤلفاته مقدمة كتابه " المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة "،
وهو من أجل كتب الامامية، شحنه بالتحقيقات والتنبيهات بما لم يسبقه إليها
أحد، فيها حياة الدين وترويج طريقة الأئمة الهادين وحقيقة وما عليه شيعتهم
المؤمنين.
و " الفصول المهمة في تأليف الأمة "، وله كتاب " سبيل المؤمنين " وقد
أخرج صاحب مجلة العرفان لمعة منه في وجوب مودة أهل البيت ومقالة في
عصمة أهل البيت بنص الكتاب، وأخرج في الجزء السابع من المجلد الخامس
بيانه في أن الصلاة على أهل البيت فريضة، وهذا الكتاب يشتمل على ثلاث
مجلدات في امامة أئمتنا الاثني عشر وأحوالهم ومناقبهم لا نظير له في موضوعه.
وله كتاب " بغية الراغبين في أحوال آل شرف الدين "، وهو كتاب ممتع
في تواريخ هذه الأسرة الكريمة وفروعها الطاهرة، وربما نقلنا عنه بعض الكلمات
في تراجم بعض أعلام أسرتنا رحمهم الله. فلاحظ.
وله كتاب " شرح التبصرة " على سبيل الاستدلال، خرج منه كتاب الطهارة
وكتاب القضاء والشهادات وكتاب المواريث في ثلاث مجلدات.
و " تعليقة على استصحاب رسائل الشيخ " في مجلد واحد، ورسالة في
" منجزات المريض " استدلالية.
وكتاب " النصوص الجلية في امامة العترة الزكية " يشتمل على ثمانين نصا،
أربعين مما أجمع على صحته المسلمون وأربعين مما انفردت به الإمامية، وفيه
257

وفي سبيل المؤمنين ما شئت من أدلة عقلية ونقلية وحكمة فلسفية.
كتاب " تنزيل الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة " مجلد واحد يشتمل
على مائة آية نزلت فيهم بحكم الصحاح المجمع على تصحيحها.
كتاب " تحفة المحدثين في من أخرج عنه الستة من المضعفين "، كتاب
" تحفة الأصحاب في حكم أهل الكتاب "، كتاب " الذريعة في نقض البديعة "
أي بديعة النبهاني، كتاب " المناظرات الأزهرية والمباحثات المصرية " يشتمل
على مهمات المسائل الخلافية متكفلا باثبات الحق من طريق مخالفيه.
كتاب " مختصر الكلام في مؤلفي الشيعة من صدر الاسلام " خرج منه
مجلد واحد نشر عنه العرفان في مجلداته الأول والثاني والثالث تراجم كثير من
الأعاظم 1).
رسالة " بغية الفائز في نقل الجنائز " نشرت العرفان جلها، رسالة " بغية
السائل عن لثم الأيدي والأنامل " فيه أربعون حديثا من طرقنا وأربعون من
طريق غيرنا.
" زكاة الأخلاق " رسالة شريفة نشرت مجلة العرفان لمعا منها، رسالة
" الفوائد والفرائد "، و " تعليقة على صحيح البخاري "، و " تعليقة على صحيح
مسلم "، و " الأساليب البديعة في رجحان مآتم الشيعة " وهو كتاب جليل،
ورسالة " النجعة في أحكام المتعة " 2).

1) استخرجناه من مجلة العرفان وطبعناه بالنجف الأشرف سنة 1385 بعنوان " مؤلفو
الشيعة في صدر الاسلام ".
2) ولد في الكاظمية سنة 1290، وتوفى في صور سنة 1377، ونقل جثمانه إلى
النجف الأشرف فدفن فيه. أنظر أعيان الشيعة 7 / 457.
258

(223)
السيد عبد الحميد نور الدين الموسوي الكركي
عالم جليل وفقيه خبير، عالم بالحديث والتفسير كثير العبادة والزهد، يروي
عنه الشيخ الجليل نجيب الدين علي بن محمد بن مكي بن عيسى بن الحسن
ابن عيسى العاملي المذكور في الأصل، وهو يروي عن أستاده الشيخ زين الدين
الشهيد.
وقد ذكره الشيخ نجيب الدين المذكور في الإجازة التي كتبها للسيد
الاجل السيد حسين بن حيدر الكركي، وقد أخرجها العلامة المجلسي في
إجازات البحار 1). ولا خفاء في طبقته بعد هذا.
(224)
الشيخ عبد السلام 2) الحر العاملي
من العلماء الاجلاء، وهو ممن ابتلي بظلم عثمان بك فقبض عليه وعلى علي
منصور أحد الرؤساء، وكان ذلك في سنة ألف ومائة واثنتين وعشرين وحبسهما،
ثم نجاه الله 3) وبيت حر بيت علم ورئاسة في بلاد الشقيف إلى اليوم.

1) بحار الأنوار 109 / 162
2) هو عبد السلام بن الحسن بن محمد بن علي بن محمد الحر الجبعي العاملي.
3) توفى سنة 1138. أنظر أعيان الشيعة 8 / 16.
259

(225)
السيد عبد الحفيظ بن محمد أشرف بن عبد الحسيب بن أحمد بن زين العابدين
العلوي العاملي
كان جده السيد أحمد صهر المير داماد وتلميذه والراوي عنه عن الشيخ
عبد العالي العاملي عن والده المحقق الكركي. وصاحب الترجمة يروي عن
أبيه محمد أشرف عن أبيه عبد الحسيب عن أبيه السيد احمد المذكور.
ويروي عن صاحب الترجمة الميرزا محمد إبراهيم بن غياث الدين محمد
الخوزاني الأصفهاني القاضي.
(226)
عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب بن عبد الله بن رغبان بن
زيد بن تميم، أبو محمد ديك الجن الشامي العاملي
كان شاعر الدنيا وصاحب الشهرة بالأدب، فاق شعراء عصره وطار ذكره
وشعره في الأمصار حتى صاروا يبذلون الأموال لقطعة من شعره. افتتن بشعره
الناس بالعراق وهو بالشام، حتى أنه أعطى أبا تمام في أول عمره قطعة من شعره
وقال له: يا فتى اكتسب بهذا واستعن به على قولك. فنفعه في العلم والمعاش،
على ما حكاه عبد الله بن محمد بن عبد الملك الزبيدي قال:
كنت جالسا عند ديك الجن فدخل عليه حدث وأنشده شعرا عمله، فأخرج
ديك الجن من تحت مصلاه درجا كبيرا فيه كثير من شعره فسلمه إليه وقال يا فتى
تكسب بهذا واستعن به على قولك، فلما خرج سألته عنه فقال: هذا فتى من
أهل جاسم يذكر أنه من طئ يكنى أبا تمام واسمه حبيب بن أوس وفيه أدب
260

وذكاء وله قريحة وطبع الحديث 1).
وكان تولد ديك الجن سنة إحدى وستين ومائتين، وهو من أهل سليمة،
ولم يفارق الشام مع أن الخلفاء من بنى العباس في عصره ببغداد، ولا دخل
العراق ولا إلى غيره منتجعا بشعره ولا متصديا لاحد كما في تاريخ ابن خلكان،
قال: وكان يتشيع تشيعا حسنا، وله مراثي في الحسين عليه السلام 1) ولم ينتجع
بشعره خليفة ولا غيره، ولا دخل العراق مع نفاق سوق الأدب.
قلت: ومن شعره في الحسين عليه السلام:
جاؤوا برأسك يا بن بنت محمد * مترملا بدمائه ترميلا
وكأنما بك يا بن بنت محمد * قتلوا جهارا عامدين رسولا
قتلوك عطشانا ولما يرقبوا * في قتلك التنزيل والتأويلا
ويكبرون بأن قتلت وانما * قتلوا بك التكبير والتهليلا
وتوفي سنة 235 وعمر بضعا وسبعين سنة. رحمة الله ورضوانه عليه.
(227) السيد عبد السلام بن السيد زين العابدين بن نور الدين المذكور في الأصل،
أخو جدنا الاعلى السيد إبراهيم شرف الدين بن زين العابدين المتقدم ذكره
كان من العلماء الفقهاء الاجلاء، وله ذرية أشراف أجلاء، منهم المرحوم
السيد عباس بن السيد عيسى بن السيد عبد السلام، وللسيد عباس خمسة أولاد:
السيد أمين، فاضل تقدم ذكره وأنه سم بمصر ومات بها 2).
والسيد محمد نزيل الغري صاحب الرياضات والكرامات المعروف بملاقاة

1) وفيات الأعيان 3 / 184 - 188.
2) انظر ص 108 من هذا الكتاب.
261

مولانا صاحب الزمان عليه ولآبائه السلام، توفي في النجف في سنة بضع
وتسعين ومائتين والألف 1).
والسيد محمود والسيد علي والسيد قاسم في جبثيث، وقد سمعت بوفاة
السيد محمود رحمة الله عليه أيضا وكان يكاتبني، ولا أعرف حال الباقين الان.
ومن ذرية السيد عبد الاسلام المذكور وأحفاده السيد هاشم طاب ثراه والسيد
حسين هاشم المتقدم ذكره، وله ابن السيد محمد هاشم سكن في دار سريان
من قرى الجبل، ومنهم السيد أبو الحسن في قرية معركة، والسيد عطاء الله في
بيريش، وأولادهم السيد علي وأخوه السيد موسى، وكان منهم في معركة السيد
محمد المعروف (...) 2)، وأولاده السيد يوسف والسيد هاشم والسيد أمين.
(228) السيد عبد السلام بن السيد زين العابدين بن السيد عباس بن علي بن
نور الدين الموسوي العاملي
ولد في جبثيث قبل وفاة والده بأيام قلائل في سنة (...) 3)، وكان من
الفقهاء الأفاضل عابدا زاهدا قواما صواما متهجدا، أخذ الفقه والأصول عن ابن
عمه الفقيه العلامة السيد صالح وله منه إجازة مفصلة، وله أشعار كثيرة في
المناجاة وأرجوزة في مواليد الأئمة ووفاتهم ومشاهدهم وكراماتهم.

1) مترجم برقم (334).
2) كلمة مطموسة في الأصل.
3) التاريخ مطموس في المصورة، وفى أعيان الشيعة 8 / 16: ولد حدود سنة
1179.
262

وله أربعة أولاد: السيد عيسى، والسيد موسى، والسيد إبراهيم، والسيد
محمد. وهو من أسرتنا وذريته من بيت الفقه والأدب.
(229)
الشيخ عبد الصمد بن الحسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي
أخو الشيخ بهاء الدين 1) وشريكه في الإجازة التي كتبها أبوهما الشيخ
حسين على ظهر إجازة الشهيد الثاني له، قال، فقد أجزت لولدي بهاء الدين
محمد و أبى تراب 2) عبد الصمد حفظهما الله. إلى أن قال: ما تضمنته هذه
الإجازة، بلغهما الله سبحانه آمالهم وأصلح في الدارين أحوالهما انه جواد
كريم، قال ذلك بفيه ورقمه بقلمه أبوهما الشفيق الخاطئ. إلى أن قال: وكان
ذلك يوم الثلاثاء ثاني رجب المرجب المعظم سنة إحدى وسبعين وتسعمائة في
المشهد المقدس الرضوي، على مشرفه وعلى آله وعلى آبائه أفضل الصلاة
وأكمل التسليم.
قد أخرج العلامة المجلسي " ره " في كتاب الإجازات صورة ما كتبه والد
البهائي لولديه 3)، وقد أغفل ذكر ذلك في الأصل واقتصر على أن البهائي
صنف له " الصمدية "، وما ذكرناه كان أحرى بالذكر في ترجمته.
وله - أعني صاحب الترجمة - حاشية مبسوطة على كتاب الأربعين لأخيه
البهائي ذات فوائد وتحقيقات.

1) مذكور في أمل الآمل 1 / 109.
2) في البحار 108 / 179 ومصورة مخطوطته " أبى رجب " وفى الهامش " أبى
تراب - خ ل ".
3) بحار الأنوار 108 / 179.
263

وتوفي سنة عشرين بعد الألف حوالي المدينة المنورة، وحمل نعشه إلى
النجف الأشرف على مشرفه السلام.
(230)
الشيخ عبد الصمد بن محمد الحارثي الهمداني العاملي الجبعي، جد شيخنا
البهائي
ذكره في الأصل 1) بغاية الاختصار مع كونه من أجل العلماء. وقد رأيت
تعظيمه في إجازة المحقق الكركي، قال: الشيخ الفاضل عمدة الأخيار ضياء
الدين عبد الصمد - إلى آخر كلامه.
كانت وفاته في نصف ربيع الثاني سنة خمس وثلاثين وتسعمائة، وخلف
أربعة أولاد ذكور، وهم: الشيخ علي، والشيخ محمد، والشيخ حسين، والشيخ
حسن. وأصغرهم الشيخ حسين والد شيخنا البهائي، وعمر الشيخ عبد الصمد
ثمانون سنة.
(231)
الشيخ عبد العالي الكركي، وهو جد المحقق الثاني الكركي
كان من أجلة الفقهاء ومن جملة مشايخ الشيخ المحقق علي بن هلال أستاد
المحقق الكركي كما في رياض العلماء 2).
وهو غير مذكور في الأصل، ولا عجب فقد أغفل غير واحد حتى بعض

1) أمل الآمل 1 / 109.
2) لم نجده في الرياض.
264

أجلاء سلفه كما يقف عليه من راجع هذا الكتاب.
(232)
أبو محمد تاج الدين الشيخ عبد العالي بن الشيخ علي المحقق الكركي
ذكره في الأصل 1) ولم يذكر بعض مصنفاته ولا تاريخ تولده ولا تاريخ
وفاته ولا سيرته.
كان تولده في تاسع عشر ذي قعدة سنة 926 ليلة الجمعة.
وقال المولى عبد الله في رياض العلماء: كان ظهر الشيعة وظهيرها بعد أبيه
المحقق الكركي ورأس الامامية اثر والده، وكان معاصرا للميرزا مخدوم
الشريفي السني صاحب كتاب نواقض الروافض، وكان بينهما مناظرات ومباحثات
في الإمامة وغيرها.
وقال السيد العلامة السيد حسين بن حيدر الكركي عند ذكره: شيخنا
العلامة قدوة المحققين لسان المتقدمين حجة المتأخرين خلاصة المجتهدين
شيخنا عبد العالي قدس الله روحه، وشيخنا هذا كان أعلم أهل زمان - إلى آخر
كلامه.
وقال صاحب تاريخ عالم آرا - وهو كتاب في تاريخ الدولة الصفوية
بالفارسية -: كان الشيخ عبد العالي المجتهد من علماء دولة السلطان شاه طهماسب
وبقي بعده أيضا، وكان في العلوم العقلية والنقلية رئيس أهل عصره، وكان حسن
المنظر جيد المحاورة وصاحب أخلاق حسنة، وجلس على مسند الاجتهاد
بالاستقلال، وكان أغلب اقامته بكاشان ويشتغل فيها بالتدريس وإفادة العلوم،
وعين جماعة فيها لفصل القضايا الشرعية والصلاح بين الناس، وربما توجه

1) أمل الآمل 1 / 110.
265

بنفسه أحيانا لذلك، وإذا جاء لعسكر الشاه طهماسب يبالغ السلطان في تعظيمه
وتكريمه، وكان بابه مرجعا للفضلاء والعلماء، وأكثر علماء عصره أذعنوا باجتهاده
ويعلمون على قوله في الفروع والأصول، وهو في الحقيقة زينة بلاد إيران 1).
أقول: وله من المصنفات " شرح ارشاد العلامة " إلى كتاب الحج،
و " شرح كبير على ألفية الشهيد الأول "، ورسالة عملية في " فقه الصلاة اليومية "،
وله كتاب " تعليقات على رسالة الشيخ علي بن هلال في مسائل الطهارة "، وله
كتاب " المناظرات مع الميرزا مخدوم في الإمامة " وغير ذلك.
وكانت وفاته في أصفهان سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، ودفن في الزاوية
المنسوبة إلى سيد الساجدين، ثم نقل إلى المشهد المقدس الرضوي ودفن في
دار السيادة.
(233)
الشيخ عبد علي بن محمد بن عز الدين العاملي
عالم فاضل فقيه شاعر، تخرج على السيد محمد صاحب المدارك في جبع،
وعندي كتاب " نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الاسلام " للسيد صاحب
المدارك بخط الشيخ عبد علي المذكور كتبه على نسخة الأصل، بمعنى أن كل
كراس كان يتم ويخرج من المصنف كان يقرؤه على المصنف ويبيضه بعد ذلك
ويكتب السيد بخطه الشريف " بلغ سماعا وقراءة أيده الله "، وفرغ من استكتابه
يوم الجمعة العشرين من شهر رجب لسنة سبع بعد الألف، وفراغ السيد من
تصنيفه ضحى نهار الخمسين تاسع عشر من شهر رجب المذكور من السنة
المذكورة، فلما تم التصنيف يوم الخميس تم التبييض يوم الجمعة.

1) رياض العلماء 3 / 131 - 134.
266

(234)
الشيخ عبد الكريم بن الشيخ إبراهيم بن الشيخ علي بن عبد العالي الميسي
العاملي
من علماء المائة العاشرة، تخرج على والده العلامة وكتب له إجازة قال
فيها " طلب الفاضل الكامل التقي عبد الكريم وفقه الله لمراضيه بمحمد وآله وصانه
عن ارتكاب معاصيه إجازة العمل والرواية علما منه بأن الأصل في ذلك الدراية،
فأجزت له أجزل الله عونه ما أجاز لي والدي " إلى آخر ما هو مذكور في
الإجازة، وقد أخرجها العلامة المجلسي " ره " في المجلد الأخير من مجلدات
البحار 1)، وكان تاريخ الإجازة أوائل شهر رمضان من سنة خمس وسبعين
وتسعمائة حين كانا في النجف الأشرف على مشرفه الصلاة والسلام.
ورأيت فراغه من نسخ الروضة البهية في سنة خمس وثمانين وتسعمائة. وهو
والد الشيخ لطف الله الآتي ذكره.
ثم رأيت الجزء الخامس من مسالك الأفهام بخطه فراغ منه سنة 984.
(235)
الشيخ عبد الله نعمة العاملي
من أجلة العلماء في عصره وفقهاء الامامية المرجوع إليه في الاحكام. توفي
سنة ثلاث وأربعين ومائة بعد الألف 2).

1) بحار الأنوار 108 / 180.
2) المترجم هنا غير المذكور في الترجمة برقم (240)، ولعله هو " عبد الله بن علي
بن نعمة " المذكور في نسب الآتي.
267

(236)
عبد الله بن أيوب العاملي الجزيني
كذا في الأصل 1) عن مقتضب الأثر 2)، وليس في المقتضب لفظة " عاملي ".
نعم في بعض نسخه " الجزيني " بالزاء المعجمة، وفي بعضها بالراء المهملة،
وفي بعض النسخ " الحزيبي " بالحاء المهملة والزاء المعجمة والياء المثناة ثم
الباء الموحدة ثم ياء النسبة، كأنه نسبة " حزيب " مصغر حزب 3).
ثم إن جزين بكسرتين اسم لموضعين: قرية كبيرة قريبة من أصفهان وقرية
من قرى جبل عامل منها الشهيد.
وجرين تصغير جرن موضع من أرض نجد 4).
فلم أتحقق أنه عاملي لكثرة الاحتمالات.
(237)
عبد الله بن جابر العاملي
ذكر في الأصل 5) ولم يذكر طبقته، وهو من أهل القرن الحادي عشر،

1) أمل الآمل 1 / 111.
2) مقتضب الأثر ص 50.
3) لعل الصحيح " الخريبي " بالخاء المعجمة والراء المهملة، نسبة إلى " الخريبة "
موضع بالبصرة وعندها كانت وقعة الجمل.
4) انظر معجم البلدان 1 / 132.
5) أمل الآمل 1 / 112.
268

يروي عنه العلامة المجلسي " ره " صاحب البحار 1)، وله منه إجازة ذكرها
في إجازات البحار 2).
ويروي هو عنه المولى درويش محمد بن الحسن النطنزي العاملي جد
التقي المجلسي لامه عن المحقق الثاني الكركي.
وعبد الله بن جابر المذكور ابن عمة المولى التقي المجلسي.
(238)
عبد الله بن حوالة الأزدي
له صحبة - كذا في الأصل 3)، ولم أتحقق وجها صحيحا لذكره في العوامل.
قال ابن حجر في الإصابة: عبد الله بن حوالة - بالمهملة وتخفيف الواو -
ويكنى أبا حوالة، وقيل أبا محمد، قال البخاري له صحبة، ونسبه الواقدي
إلى بنى عامر بن لؤي، ونسبه الهيثم إلى الأزد، وهو أشهر.
وقال ابن الأثير في أسد الغابة: ويمكن أن يكون حليفا لبني عامر، وأصله
من الأزد 4).
أقول: أنكر كونه من الأزد ابن حبان، وقال انما هو الأردني بالراء وبعد
الدال نون الثقيلة لكونه نزلها، وقال عبد الله بن يونس وابن عبد البر أنه مات
سنة ثمانين بالشام، وجزم الواقدي بموته سنة ثمان وخمسين، وهو الذي قاله

1) بل يروى عنه والد العلامة المجلسي المولى محمد تقي. انظر تعليقنا في ص
116 من هذا الكتاب.
2) بحار الأنوار 110 / 160.
3) امل الامر 1 / 113.
4) أسد الغابة 3 / 148.
269

محمود بن إبراهيم وغيره، وقيل مات سنة ثمانين، وبه جزم ابن يونس وابن
عبد البر.
(239)
الشيخ عبد الله بن محمد العاملي
عالم فاضل فقيه محدث، من علماء عصر العلامة المجلسي " ره "، يروي
عن الشيخ علي سبط الشهيد الثاني ابن الشيخ محمد ابن صاحب المعالم.
ويروي عنه الشيخ محمد حسين بن الحسن الميسي العاملي نزيل الحائر
الحسيني على مشرفه السلام شيخ إجازة المولى أبو الحسن الشريف.
وكان صاحب الترجمة حيا في سنة 1100 حسبما صرح به تلميذه الميسي
المذكور.
(240)
الشيخ عبد الله نعمة العاملي الجبعي 1)
عالم فاضل فقيه ماهر في العلوم، تربى على يد الشيخ الجليل العالم المحقق
الشيخ حسن القبيسي في الكوثرية، ثم هاجر إلى النجف وأخذ عن علمائها
حتى برع في العلوم الدينية غير مدافع، ولما رجع إلى جبع أكب عليه أهل
العلم وصار شيخ البلاد الشامية والمرجع العام في البلاد.
حدثني السيد العالم محمد بن هاشم الهندي قال: جاء الشيخ صاحب
الجواهر ورقى المنبر للتدريس وأنا تحت المنبر فقال: قد جاءني من بعض

1) هو الشيخ عبد الله بن علي بن الحسين بن عبد الله بن علي بن نعمة.
270

الاخوان بطهران خط يذكر فيه ان السلطان محمد شاه قاجار ذكر في وصف
السلام ان عند الشيخ محمد حسن في النجف مصبغة اجتهاد يصبغ فيها الطلبة
ويكتب لهم إجازة الاجتهاد ويرسلهم إلى إيران. ثم قال الشيخ: مع أني يعلم
الله لم أشهد باجتهاد هؤلاء الذين اكتب بالرجوع إليهم في المسائل والقضاء،
فان مذهبي في المسألة معلوم اني أجوز القضاء والفتوى بالتقليد، وما شهدت
في كل عمري باجتهاد أحد غير أربعة: الشيخ عبد الله بن نعمة العاملي، والشيخ
عبد الحسين الطهراني، والشيخ عبد الرحيم (...) 1)، والحاج مولى علي
الكني - الحديث.
والغرض من نقل هذه الحكاية أن الشيخ عبد الله رحمه الله كان من المسلمين
عند الأساطين، وكان قد رحل إلى رشت سكنها مدة وتزوج بها، ثم جاء إلى
بلاده وسكن جبع وأخذ في ترويج الدين وتربية المشتغلين مدة أربعين سنة
وتربى على يده غير واحد.
وكان يصوم شهر رمضان بالشام لتعليمهم الاحكام، وانقادت إليه الأمور
وألقى إليه أهل بلاد الشام أزمة الانقياد والطاعة، وكان له المرجعية العامة في
التقليد في تلك البلاد، وعمر عمرا طويلا وتوفي في قرية جبع سنة ثلاث
وثلاثمائة بعد الألف ودفن في جبع 2). قدس الله روحه.

1) كلمة لا تقرأ في مصورة الأصل، ولعلها " البروجردي ".
2) قال في أعيان الشيعة 8 / 60: ولد سنة 1219، وتوفى في فجر الثلاثاء لأربع
بقين من شهر ربيع الثاني سنة 1303 في جبع ودفن فيها.
271

(241)
الشيخ عبد اللطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع الحارثي العاملي
اختصر ذكره في الأصل 1)، والرجل من العلماء المتبحرين في الفقه والحديث
والرجال، تخرج على السيد صاحب المدارك ويعبر عنه بمفيدنا، وعلى الشيخ
صاحب المعالم ويعبر عنه بشيخنا، وقد خالفهما في المسلك في كتابه " جامع الأخبار
في ايضاح الاستبصار "، فقال: فاني قد عمدت فيه لاثبات 2) ما طرحه
بعض مشايخنا المتأخرين من الضعيف بل الموثق بحسب الاصطلاح الجديد
فهدموا بذلك أكثر من نصف أحاديث الكتب الأربعة لأمر شرحناه.
وهو يروي عن والده نور الدين علي عن والده شهاب الدين أحمد بن أبي
جامع عن المحقق الثاني الكركي، ويروي أيضا عن أستاذيه صاحبي
المدارك والمعالم وعن الشيخ البهائي أيضا 3).
وعندي كتابه في الرجال، اقتصر فيه على رجال الكتب الأربعة بالخصوص،
قال: لانحصار أحاديث الأحكام الشرعية في الكتب الأربعة من بين كتب السابقين،
ورتبه على ترتيب " منهج المقال في أحوال الرجال " للميرزا محمد الاسترآبادي
في الترتيب على حروف المعجم في الأسماء والآباء والكنى والألقاب ويشير
إلى طبقة الراوي، وهو كتاب جليل في بابه لم يصنف مثله، ويصلح أن يكون
مقدمة من مقدمات كتاب جامع الأخبار، لأنه سلك فيه غاية الايجاز لكنه لم
يترك ما في " كش " و " جش " و " جخ " و " صه " من التوثيق والجرح والتعديل

1) أمل الآمل 1 / 111.
2) في مصورة الأصل " فلا قد عمدت فيه الاثبات ".
3) مترجم أيضا في رياض العلماء 3 / 256.
272

على غاية الاختصار.
وهذا الشيخ عبد اللطيف أبو طائفة كبيرة في النجف يعرفون بآل محيي
الدين، والشيخ محيي الدين هو ابن الشيخ عبد اللطيف المذكور، ويروي
عن أبيه عن مشايخه.
ولصاحب الترجمة أيضا رسالة في " رد كلام صاحب المعالم في الاجتهاد
والتقليد "، وكتاب في " المنطق "، و " حواشي على المعالم ".
وانتقل بعد وفاة أبيه إلى خلف آباد.
(242)
الشيخ عبد اللطيف بن نعمة الله بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن
خاتون العاملي العيناثي
قال في رياض العلماء: كان من المعاصرين للشهيد الثاني، وقد رأيت
نسخة من الاستبصار بخطه الشريف في أصفهان، وخطه متوسط في الجودة،
وعليها إجازة من والده للسيد حسين بن شدقم المدني، وقد قرأها ذلك السيد
على والده الشيخ نعمة الله المذكور. فلاحظ. ووالده وجده من مشاهير العلماء.
انتهى 1).
(243)
الشيخ عبد الواحد
قال في رياض العلماء: فاضل عالم، من متأخري العلماء، ورأيت لهذا

1) رياض العلماء 3 / 255.
أقول: في أعيان الشيعة 8 / 44: انه وجد بخط الشيخ عبد اللطيف هذا كتابا أتم
كتابته في العشر الثاني من ربيع الأول سنة 971.
273

الشيخ تعليقات على شرح رسالة الدراية للشهيد الثاني، ولعله كان من علماء
جبل عامل. فلاحظ. انتهى 1).
(244)
السيد علي إبراهيم العاملي 2)
عالم فاضل فقيه، له اليد الطولى في الفقه، تخرج على الشيخ العالم المحقق
الشيخ حسن قبيسي في مدرسته بالكوثرية، وكان شريك الشيخ عبد الله نعمة
في الدرس، وصار من المراجع في البلاد 3)، وهو من بيت علم، خرج منهم
جماعة والعلم باق فيهم إلى اليوم، فيهم علماء أجلاء كالسيد حسن إبراهيم
وأولاده السيد محمد والسيد مهدي حفظهم الله.
(245)
السيد علي العلوي البعلبكي العاملي
وصفه جدنا الاعلى السيد نور الدين في بعض إجازاته بالفاضل الورع
التقي، قال ما لفظه: ولنا طريق آخر إلى الشيخ الجليل الحسين بن عبد الصمد
المذكور سابقا، وهو السيد الفاضل الورع التقي السيد علي العلوي عن العلامة
الشيخ بهاء الدين قدس الله أرواحهم عن والده الشيخ حسين " ره ". انتهى.
أقول: ولعل هذا السيد هو الذي ذكره الشيخ الحر في الأصل بعنوان
" السيد علي بن علوان الحسيني العاملي البعلبكي "، وقال فيه: كان فاضلا

1) رياض العلماء 3 / 276.
2) هو السيد على آل إبراهيم الحسيني العاملي الكوثراني.
3) توفى سنة 1260. انظر أعيان الشيعة 8 / 150.
274

صالحا، روى عن الشيخ البهائي إجازة. انتهى 1). فتأمل.
وكيف كان يكفي في جلالته رواية السيد الجد العلامة عنه مع ماله إليه طرق
عديدة.
(246)
الشيخ زين الدين علي التوليني النحاريري العاملي
كان من أجلة الفقهاء العلماء، ويروي عن الشيخ مقداد السيوري، ويروي
عنه الشيخ جمال الدين أحمد بن الحاج علي العيناثي العاملي كما يظهر من
إجازة الشيخ نعمة الله بن خاتون العاملي للسيد ابن شدقم المدني.
وظني أنه مذكور في كتابنا هذا بأدنى تغيير فلاحظ، إذ لم أجده في أمل الآمل
بهذا الوصف. فلاحظ.
ثم انه ينقل الكفعمي في بعض مجاميعه عن كتاب " الكفاية " في الفقه
للتوليني، والظاهر أن مراده منه هو هذا الشيخ، ونسبه إليه بعض آخر من
العلماء أيضا وينقل عنه الفتاوى. انتهى عن رياض العلماء 2). فلاحظ.
(247)
الشيخ علي بن الشيخ حسن الخاتون العاملي
عالم عامل رباني فقيه روحاني حكيم الهي طبيب بلا ثاني، يحكى عنه

1) أمل الآمل 1 / 124.
2) رياض العلماء 3 / 380، ويذكر فيه أيضا 2 / 393 بعنوان " الشيخ زين الدين
ابن الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن الحسن التوليني العاملي " وفى ص 397 بعنوان
" الشيخ زين الدين التوليني ".
275

علاجات مسيحية، وهو أحد العماء الذين عذبهم أحمد الجزار، كان يحمي له
الساج الحديد في النار ويضعه على رأسه، فيقول الشيخ " يا الله " فيكون الساج
عليه بردا وسلاما. وضبط الجزار أملاكه وخزانة كتبه المحتوية على خمسة
آلاف كتاب وحبسه مرتين.
وبالجملة للشيخ حكايات تجري مجرى الكرامات، وهو من بيت علم
وجلالة خرج منه علماء أجلاء.
وكان هذا الشيخ من المعاصرين لجدنا السيد صالح وبينهما أخوة واختصاص،
وكان مبدأ حكم الجزار سنة إحدى وتسعين ومائة بعد الألف في عكا، وفي سنة
سبع وتسعين أرسل إلى شحور عسكرا فقتل مقتلة عظيمة وأخذ الاسرى، وفي
سنة ثمان ومائتين وألف فتك بأهالي بشارة وقتل منهم جماعة خنقا في الحبس
وفيها عذب الشيخ علي خاتون وغيره، وفي سنة (1212) 1) أهلك أهل بلاد جبل
عامل قتلا وحبسا حتى أهلك الحرث والنسل، حتى أنه كان يعذبهم في الحبس
بتسليط الكلاب وضرب مقارع الحديد، واستمرت الشدة إلى سنة تسع عشرة
ومائتين وألف، فهلك الجزار لعنه الله وأراح أهل البلاد منه.
(248)
الشيخ علي الزين العاملي، صاحب شحور
حكى الشيخ علي السبيتي في تاريخه: ان الجزار أرسل في سنة خمس
وتسعين ومائة وألف عسكرا إلى حاصيبا، فجاء إلى بارون، فظن أهل بشارة
أن العسكر يريدهم، فحضر ناصيف فصارت وقعة ناصيف، وفي سنة سبع
وتسعين جمعوا وحشدوا، وكان المدبر الشيخ علي الزين صاحب شحور،

1) لا يقرأ الرقم في المصورة واضحا.
276

فراسلوا حمزة من بيت علي الصغير ونهضوا إلى تبنين، فقتلوا المتسلم وهرب
الكاتب الأيوبي ورفع الدفاتر إلى الجزار بصيدا، فأرسل الجزار عسكرا إلى
شحور فقتل مقتلة عظيمة وأخذ الاسرى، فصلب حمزة بالخازوق وفكوا الاسرى،
فهربت بيت الزين مع أولاد ناصيف إلى الشام ومنها إلى العراق، وخلص
الشيخ علي الزين أحد أهل شحور إلى الهند وصار وزيرا لاحد ملوكها ونال
عنده رتبة، وحين ملك الانكليز هناك هاجر إلى بلاده.
(249)
الشيخ علي العاملي
من العلماء الفضلاء، رأيت بعض حواشيه على شرح الايساغوجي الذي
ملكه سنة 1226 بخطه، ورأيت أيضا بعض أشعار على ظهر النسخة تاريخ نظمه
سنة 1229 وفيه الشكاية عن زمانه:
شجانا الأبرق فأيقنا * ومن لذيذ المنام فارقنا
أرخى سدوله حتى نالنا نسبا * من جوره فلحاه الله حين جنا
أفنى البلاد وشتى بالأهلة مذ * أرخى بسدله حتى مزعجنا
إلى قوله:
يا قبح الله دهرا قداسا بأبناء المعالي وأخلى منهم ألزمنا 1)
وأظنه من العلماء الذين أصابتهم فتنة أحمد الجزار.

1) هذه الأبيات مشوشة في الأصل. فلاحظ.
277

(250)
الشيخ علي سليمان العاملي
من علماء عصر الملعون احمد الجزار المبتلين بمحنته، ذكره بعض علماء
جبل عامل في ذيل أمل الآمل.
(251)
الشيخ علي العاصي العاملي، ابن خالة السيد يوسف شرف الدين
جاءا معا من البلاد واشتغلا في النجف على علمائها، وخصوصا على آية الله
الخراساني صاحب كفاية الأصول، وكتب الشيخ علي " حاشية على معالم
الأصول "، وتوفي في النجف في نيف وتسعين ومائتين والف.
(252)
الشيخ علي الكوثراني العاملي
من العلماء المتأخرين عن الشيخ الحر، ذكره بعض علماء جبل عامل في
ذيل أمل الآمل.
(253)
الشيخ علي مروة العاملي
من أجلاء علماء عصره، من أهل العلم والأدب والشعر، حدث تلميذه
الشيخ علي السبيتي عنه وتخرج عليه وحكى عنه حكاية، قال: في سنة اثنتين
وخمسين صات الزلزلة الكبيرة وهدمت قدس وصغد وعشرون وما خلت بلدة
278

من الهدم، وقال فيها التاريخ أستادنا الشيخ علي مروة وكان في قرية صلحاء
وهدمت عليه الدار وأخرج من تحت الهدم بعد اليأس منه. فعلم أنه كان حيا في
سنة 1252 1). رضي الله عنه.
(254)
الشيخ علي مغنية العاملي
من العلماء الأجلة المتأخرين، وفات عن صاحب الأصل، ذكره بعض علماء
جبل عامل المعاصرين لنادر شاه في ذيل أمل الآمل.
(255)
الشيخ علي مغنية العاملي 2)، والد الشيخ حسين مغنية المعاصر
كان الشيخ علي عالما فاضلا أديبا شاعرا ورعا تقيا كريم الطبع عالي الهمة،
وكانت له حافظة غريبة يحفظ القصيدة الطويلة بسماعها مرة واحدة، وكان من
تلامذة الشيخ مرتضى الأنصاري والشيخ محمد حسين الكاظمي في مدة طويلة،
وتوفي في النجف سنة تسعين ومائتين والألف 3).

1) في أعيان الشيعة 8 / 202: توفى سنة 1280 في بولاق من القطر المصري
في طريقه إلى الحج.
2) هو الشيخ على بن حسن بن مهدي بن حسن بن حسين بن محمود بن محمد آل
مغنية العاملي.
3) وفى أعيان الشيعة 8 / 185: ولد سنة 1256 وتوفى سنة 1278 أو 1283.
279

(256)
الشيخ علي المنشار زين الدين العاملي
عالم جليل فقيه كبير، من المروجين للدين، مسلم عند الكل. كان ذهب
إلى الهند وحصل كتبا كثيرة وجاء إلى أصفهان أيام السلطان الشاه طهماسب
الصفوي، وتقدم عنده حتى إذا توفي أستاده المحقق الثاني الكركي صار شيخ
الاسلام على الاطلاق.
وهو الذي طلب الشيخ حسين بن عبد الصمد والد البهائي من بلاده، ولما
جاء أخذ في ترويجه على ما شرحناه في ترجمته، وصار للشيخ حسين مقام عظيم
عند الصفوية بواسطته، وزوج ابنته من الشيخ البهائي وزودها عدة كتب في
جهازها، ولما توفي انتقلت شيخ الاسلام إلى الشيخ البهائي.
وبالجملة كان صاحب الترجمة من كبار العلماء النافعين للدين والعلم
والعلماء 1).
(257)
السيد علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي
كذا ذكره في الأصل 2)، وهو جدنا الاعلى والد السيد محمد صاحب
المدارك وجدنا السيد نور الدين، وانما ذكره بهذا العنوان لأنه كان يعرف بابن
أبى الحسن نسبة إلى الجد الاعلى والا فهو سيذكره بعنوان " علي بن الحسين
ابن أبي الحسن الموسوي الجبعي ".

1) انظر ترجمته في رياض العلماء 4 / 266.
2) أمل الآمل 1 / 117 و 118.
280

وأيضا نسبة والده إلى الجد الاعلى ليس بالعزيز بل هو الشائع، فلا تتوهم
التعدد، وأهل البيت أدرى ولا ينبئون منهم مثل خبير.
(258)
الشيخ علي بن أحمد المعروف بالفقيه العادلي العاملي أما وأبا المشهدي
الغروي مولدا ومسكنا
كذا ذكر في أول ديوانه: هذا ديوان الشيخ الامام العلامة فريد دهره ووحيد
عصره - الخ.
وذكر في أول ديوانه أنه كان في أوائل شبابه ينظم الشعر فأمره السيد الإمام
العلامة السيد نصر الله الحائري المدرس الشهيد بجمع شمل ما كان نظمه فامتثل
فجمعه.
أقول: وشعره من الجيد، وكونه من العلماء الأجلة يظهر من تلقيبه بالفقيه
والعلامة ووحيد عصره. ولم أعثر على تواريخه ولا على مشايخه ولا على مصنفاته،
لكن يظهر من ديوانه أنه كان قد رحل إلى إيران وبقي فيها سنوات وبالأخص
أصفهان، وأنه خرج منها متوجها إلى النجف سنة ألف ومائة وعشرين، والديوان
مرتب على مقدمة وأبواب وخاتمة.
(259)
الشيخ نور الدين علي بن شهاب الدين أحمد بن أبي جامع العاملي 1)
والد الشيخ حسن والشيخ رضي الدين والشيخ عبد اللطيف صاحب كتاب
الرجال المتقدم تراجمهم، والشيخ فخر الدين الآتي ذكره، وتقدم أيضا ذكر

1) له ترجمة مفصلة في أعيان الشيعة 8 / 162.
281

أبيه أحمد بن أبي جامع تلميذ المحقق الكركي وعن السيد خلف الحسيني
بالإجازة سنة خمس عشرة والألف.
وهو أبو أسرة من العلماء، وله التقدم في العلم والفضل، ومع ذلك أغفل
ذكره في الأصل مع تكرر ذكره في الإجازة ورواية ابنه الشيخ عبد اللطيف
عنه ورواية حفيده الشيخ محيي الدين بن عبد اللطيف عن أبيه، وكذلك رواية
الشيخ حسين بن محيي الدين المذكور، وكل هؤلاء (مذكورون) في الأصل.
فلاحظ.
قال بعض أحفاده - وهو الشيخ جواد محيي الدين - في رسالة أفردها في
تراجم آل أبي جامع: ان أول من هاجر من آل أبي جامع الشيخ علي بن
أحمد بن أبي جامع، وانما عرف جده بأبي جامع لأنه بنى جامعا في تلك
البلاد، ونسبه ينتهي إلى الحارث الهمداني.
قال: وسبب انتقال الشيخ علي المزبور - على ما رأيت بخط الفاضل الشيخ
علي بن الشيخ رضي الدين بن الشيخ علي المزبور - هو أنه لما جرى ما جرى
في تلك البلاد من القضاء المحتوم على المرحوم المبرور الشهيد الثاني " ره "
تضعضعت البلاد واضطرب أهلها وشملهم الخوف والتقية، خرج الشيخ علي
المزبور ولكن لم أدر من أي قرية من تلك القرى، فقيل من جبع، وقيل من
عيناثا، وقد خرج مع أولاده وعياله خائفا يترقب حتى وصل كربلا فأقام بها.
وكان عالما فاضلا محدثا تقيا نقيا صالحا ذا ثروة ونعمة جزيلة غير محتاج
لأهلها، وسكن بها مدة، وكان السيد محمد بن أبي الحسن العاملي أيضا قد
جاء من البلاد وسكن بكربلا، وكان بكربلا رجل جليل وهو الذي بنى الجامع
تجاه الضريح المقدس وعمر الحرم الحسيني فأوصى الرجل المذكور للشيخ
علي والسيد محمد في أمواله وتوفي، فشاع هذا حتى وصل إلى السلطان
282

العثماني فأرسل باحضار الوصيين، فجاء المأمور بالاحضار إلى كربلا وأخذ
السيد محمد ولم يكن الشيخ علي حاضرا بل كان في النجف، فقيد السيد وتوجه
إلى النجف للقبض على الشيخ علي، وكان المرحوم السيد حسين كمونة واليا
على النجف، فاحتال على المأمور حتى خلص السيد من يده، وتوجه السيد
هاربا إلى مكة والشيخ علي هرب إلى بلاد العجم، فلما وصل إلى الدورق
والحاكم بها السيد مطلب ولد السيد مبارك الزم الشيخ بالإقامة وعنده، ثم انتقل
السيد مطلب مع الشيخ إلى الحويزة وسكناها حتى مات الشيخ علي بها ونقل
إلى النجف، وهو أول من نقل من الحويزة إلى النجف.
وله من المصنفات " شرح قواعد العلامة "، ورسالة في " تحقيق صلاة
الجمعة في حال الغيبة ".
(260)
السيد علي بن السيد محمد امين قشاقشي الحسيني العاملي
ذكره السيد محمد بن معصوم في تلامذة السيد المتبحر السيد عبد الله شبر
الكاظمي صاحب " جامع الاحكام "، قال: ومنهم العالم العامل الفاضل المدقق
الكامل المتبحر الماهر التقي السيد علي بن محمد امين العاملي، فإنه لما هاجر
من بلاد الجبل إلى العراق للاشتغال ورد مشهد الكاظمين " ع " فقرأ جملة من
العلوم على سيدنا المذكور.
قال: وهذا السيد له بعض التصانيف، منها " شرح المنظومة " للعالم
المتبحر رئيس العلماء على الاطلاق ومن وقع على فضله الاتفاق بحر العلوم
السيد محمد مهدي الطباطبائي طاب ثراه. انتهى.
ورأيت بقلم أستاده السيد عبد الله شبر أن السيد على الأمين استعار الكتاب
283

الفلاني سنة 1227، فيعلم أنه كان في هذا الزمان في بلد الكاظمين يحضر على
السيد، وفي هذا التاريخ كان الشيخ أسد الله صاحب المقابيس حيا يدرس في بلد
الكاظمين، ولعله كان يحضر عليه أيضا.
ورأيت بخط السيد علي الأمين نسب السيد رضا العاملي يشهد بصحة نسبه،
وهو الشيخ 1) عبد النبي الكاظمي صاحب تكملة النقد في الرجال تلميذ السيد
عبد الله شبر أيضا، مع شهادة الشيخ مهدي مغنية والسيد أحمد بن السيد محمد
امين الحسيني، ولعله جد السيد العالم الفاضل السيد كاظم ابن السيد العالم السيد
أحمد بن السيد علي الأمين، وهو غيره، فان السادة من آل الأمين كلهم ينسبون
إليه، وربما لم يكن ابن صلبي والنسبة إلى الجد غير عزيزة كما أني أعلم أنه
كان في النجف رجل يعرف بالسيد علي الأمين، وهو والد السيد باقر العاملي
الذي تزوج السيد محمد بن السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة بنته وطلقها ثم
تزوجها الشيخ الفقيه الشيخ حسن بن الشيخ أسد الله صاحب المقابيس، وهي
أم جميع أولاده المشايخ الكرام.
واعلم أيضا أن رجلا كان اسمه السيد علي العاملي من أرحام السيد جواد
صاحب مفتاح الكرامة في النجف، وكان بالسيد 2) الامام العلامة السيد باقر
القزويني صاحب القبة والضريح والشباك في النجف، وكان معين السيد باقر
في مسألة الأموات أيام الطاعون سنة ست وأربعين ومائتين بعد الألف.
وفي ترجمة السيد صاحب مفتاح الكرامة للسيد الفاضل المروج السيد
محسن بن عبد الكريم سلمه الله عند تعداد تلامذة السيد جواد قال: ومنهم جدي
الأدنى لأبي السيد الاجل الفقيه العلامة علي بن محمد أمين بن أبي الحسن موسى

1) كذا ولعل الصحيح " والشيخ ".
2) كذا في مصورة الأصل.
284

كما يظهر من تعبيره عنه بالأستاذ. انتهى (1.
فيعلم أن للسيد علي الأمين جده تصنيفا، ولعله " شرح الدرة " للسيد بحر
العلوم، فيكون هو السيد علي الأمين شارح الدرة.
وببالي أن المرحوم السيد علي بن محمود أيضا كان ينسب إلى من اسمه
السيد علي الأمين، ولعله جد السيد محسن. ولعل الكل واحد والمظنون التعدد.
وكيف كان لا أعرف تفصيل تراجمهم وانما ذكرت معلوماتي والتمييز والتفصيل
موكول إلى من يعرف.
(261)
الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن بشارة العاملي، تلميذ شيخنا الشهيد
الأول
كتب له إجازة في شعبان سنة 757 وصفه بما نصه: الشيخ الأجل العالم
العامل الفقيه الكامل الزاهد العابد زين الدين أبى الحسن علي بن بشارة العاملي
الشقراوي الحناط. إلى آخره.
وقد أخرج الإجازة المولى عبد الله في رياض العلماء قال: وهي موجودة
عندي بخط الشهيد قدس الله روحه (2.
(262)
الشيخ زين الدين علي بن الحسن العاملي، والد الشيخ إبراهيم الكفعمي
كان من أعاظم العلماء الفقهاء، وأكثر ولده النقل عنه، وإذا نقل عنه وصفه

1) أعيان الشيعة 4 / 291 مع بعض الاختلاف في التعبير.
2) رياض العلماء 3 / 374.
285

ب‍ " الفقيه الأعظم الأورع قدس سره ".
وعندي كتاب الدروس بخط الشيخ إبراهيم الكفعمي وقلم يده، وقد ذكر
نسبه هكذا: إبراهيم بن علي بن الحسن بن محمد بن صالح بن إسماعيل
اللويزاني (1.
(263)
الشيخ أبو الحسن علي ابن أبي منصور الحسن ابن الشيخ الشهيد زين الدين
العاملي
من أجلة العلماء، وقد كتب والده الشيخ حسن صاحب المعالم له ولأخيه
الشيخ محمد إجازة.
ويلقب هذا الشيخ بزين الدين ويكنى بأبي الحسن، اما ان لقبه زين الدين
فلقول ابن أخيه في الدر المنثور، قال: وعندي بخط جدي المرحوم الشيخ
حسن قدس سره ما هذا لفظه بعد ذكره مولد ولده زين الدين علي: ولد أخوه
فخر الدين محمد. إلى آخر ما نقله (2. فيعلم أن صاحب الترجمة كان أكبر من
أخيه الشيخ محمد لتقدم ذكر تاريخ تولده وأن أباه لقبه بزين الدين، وأما أن
كنيته أبو الحسن فقد نص عليها جماعة، منهم صاحب الروضات، قال في آخر
ترجمة والده صاحب المعالم: وقد كان له ولدان فاضلان جليلان وقفت على
صورة اجازته لهما بالنجف الأشرف أحدهما الشيخ أبو جعفر محمد. إلى أن
قال: والاخر الشيخ أبو الحسن علي، ولم أقف إلى الان على كتاب له، بل ذكر

1) مضى هذا النسب في ص 75 مع اختلاف.
2) الدر المنثور 2 / 222.
286

في التراجم والفهرستات 3).
(264)
الشيخ شمس الدين علي بن جمال الدين حسن بن زين الدين بن فخر الدين
علي بن أحمد بن نور الدين علي المحقق الثاني ابن عبد العالي الكركي العاملي
من علماء القرن الثاني عشر ومشايخ الإجازة، يروي عنه سبطه الشيخ شرف
الدين محمد مكي العاملي بالإجازة، كما صرح به في اجازته الكبيرة لصاحب
الشفا في أخبار آل المصطفى سنة ثمان وسبعين ومائة بعد الألف، ويروي عن
آبائه مسلسلا إلى جده الاعلى المحقق الكركي.
(265)
الشيخ علي بن الشيخ حسن بن نور الدين علي بن شهاب الدين أحمد بن أبي
جامع الحارثي العاملي
من أجلاء علماء آل أبي جامع، ذكره الشيخ جواد محيي الدين فيما أفرده
في علماء آل أبي جامع، قال: وكان حسن الصحبة والعشرة، ذا جد وهزل،
سكن خلف آباد، وتولى القضاء بها. وكان بينه وبين السيد خلف مضاحكات،
وقد كان ينظم الشعر، وله مقطوعة أرسلها إلى عمه الشيخ عبد اللطيف - وقد كان
حينئذ بشيراز وعمه المذكور بخلف آباد - وذكر المقطوعة.
وقد تقدمت ترجمة والده الشيخ حسن وجده الشيخ علي بن أحمد.

1) روضات الجنات 2 / 302.
287

(266)
الشيخ علي بن الحسن بن الشيخ موسى مروة العاملي أبا وجدا والكاظمي
مولدا
صاحب كتاب " قرة العين في شرح ثار الحسين " وكيفية تنكيل المختار
لقاتليه، وقد فرغ منه سنة 1227.
ويظهر من أواسط هذا الكتاب أن له أيضا " مجمع القواعد " الذي ذكر
فيه كيفية محاجة محمد بن الحنفية مع السجاد على السلام ومحاكمتهما إلى
الحجر الأسود.
ومر والده الشيخ حسن مروة ويأتي جده الشيخ موسى.
(267)
علي بن الحسين، أبو الحسن الشفيهني 1) العاملي (2
عالم فاضل أديب شاعر شهير، له ديوان كبير، وهو صاحب القصيدة
الشهيرة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام التي شرحها شيخنا الشهيد الأول
قدس الله روحه.
ذكره في الأصل في القسم الثاني وذكر أنه حلي (3، وأورد عليه في الرياض
بأنه عاملي ولعله نزيل الحلة 4).

1) انظر حول هذه النسبة أعيان الشيعة 8 / 191.
2) سيذكر أيضا في الترجمة رقم (269).
3) أمل الآمل 2 / 190.
4) رياض العلماء 3 / 427 و 4 / 107.
288

(268)
ذو المجدين السيد الشريف علي ابن عز الدين الحسين الشهير بابن أبى
الحسن الموسوي العاملي الجبعي
ذكره في الأصل مرة بعنوان علي (بن الحسين) بن أبي الحسن الموسوي
الجبعي 1)، وأخرى بعنوان نور الدين علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي
الجبعي 2)، ولم يوف ترجمته، فان ابن العودي المعاصر له وشريكه في الدرس
لما ذكره في الفصل الذي عقده لتلامذة الشهيد الثاني قال:
ومنهم السيد الإمام العلامة خلاصة السادة الأبرار وعين العلماء الأخيار
وسلالة الأئمة الأطهار، السيد العالم الفاضل الكامل ذو المجدين علي ابن الإمام
السيد البدل أوحد الفضلاء وزبدة الأتقياء السيد المرحوم عز الدين حسين بن أبي
الحسن العاملي أدام الله شريف حياته، رباه كالوالد لولده ورقاه إلى المعالي
لتفرده وزوجه ابنته رغبة فيه وجعله من خواص ملازميه، قرأ عليه جملة من
العلوم النقلية والعقلية والأدبية وغيرها، واجازه إجازة عامة. انتهى 3).
وما كان ينبغي للشيخ صاحب الأصل أن يترك مثل هذه الترجمة التي هي
من مثل الشيخ محمد بن علي بن الحسن العودي الجزيني المعاصر للسيد
صاحب الترجمة.
واعلم أنه أولد السيد محمد صاحب المدارك من بنت الشهيد، وأولد جدنا
السيد نور الدين من أم صاحب المعالم، حيث أنه تزوجها بعد وفاة الشهيد

1) أمل الآمل 1 / 117 من دون الزيادة.
2) أمل الآمل 1 / 118.
3) الدر المنثور 2 / 192.
289

الثاني، وكان الشيخ صاحب المعالم ربيبه، وهو الذي رباه كما مر عليك في
ترجمته.
ويروي عنه جماعات، منهم الأمير فيض الله النفريشي والمير محمد باقر
الداماد، قال في سند بعض الاحراز المروية عن بعض الأئمة عليهم السلام
ما لفظه: ومن طريق آخر رويته عن السيد الثقة الثبت المركون إليه في الفقه
المأمون في حديثه علي بن أبي الحسن العاملي رحمه الله تعالى قراءة عليه
وسماعا وإجازة سنة ثمان وثمانين وتسعمائة من الهجرة المباركة النبوية في مشهد
سيدنا ومولانا أبى الحسن الرضا صلوات الله عليه بسناباد طوس عن زين
أصحابنا المتأخرين زين الدين أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن علي بن
جمال الدين بن تقي الدين بن صالح بن شرف العاملي رفع الله درجته في
أعلى مقامات الشهداء الصالحين الصديقين. انتهى.
ورأيت على ظهر مصباح المتهجدين للشيخ الطوسي " ره " إجازة بخط
السيد صاحب الترجمة كتبها للشيخ محمد بن فخر الدين الأردكاني في سنة
تسع وتسعين وتسعمائة.
ويروي عنه أيضا ولده السيد محمد صاحب المدارك والشيخ حسن صاحب
المعالم وجماعات من أهل عصره.
وفي موضع من بعض ما رأيته من إجازات جدنا السيد نور الدين
المذكور في البحار روايته عن أبيه السيد علي بن الحسين بلا واسطة، والأغلب
أنها بواسطة أخويه صاحبي المدارك والمعالم.
ويعلم من كلام المير الداماد أنه قد تشرف بزيارة الرضا عليه السلام، ولازمه
التشرف بزيارة الأئمة عليهم السلام في العراق في التاريخ المذكور، ولا علم
لي بتفصيل أحواله ولا تاريخ وفاته غير أنه كان حيا سنة تسع وتسعين وتسعمائة.
290

(269)
الشيخ أبو الحسن علي بن الحسين الشفيهني 1)
قال في رياض العلماء: فاضل عالم شاعر بليغ، وله كتاب ديوان، وعندنا
قصيدة من جملة ديوانه وهي في مدح مولانا علي عليه السلام مجنسا، وللشهيد
شرح عليها، والظن أن الشفيهني نسبة إلى بعض قرى جبل عامل، ولعل له
كتابا آخر. فلاحظ. انتهى 2).
(270)
الشيخ علي بن حسين بن علي بن محمد بن عبد العالي الكركي العاملي،
المعروف بالمحقق الثاني
ذكره في الأصل (3 ولم يوف حق ترجمته، مثل أنه قتل شهيدا كما حكاه
في الرياض عن الشيخ العلامة الحسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي
" ره "، ثم قال: والظاهر أنه قد كان بالسم المستند إلى بعض أولياء الدولة (4.
أقول: قال ابن العودي: توفي مسموما ثاني عشر ذي الحجة سنة 960 5) وهو في الغري على مشرفه السلام. انتهى 6).

1) مضت ترجمته برقم (267) فلاحظها.
2) رياض العلماء 3 / 427.
3) أمل الآمل 1 / 121.
4) رياض العلماء 3 / 442.
5) في الأصل (945).
6) الدر المنثور 2 / 160.
291

ويساعده ما ذكره مؤرخو ذلك العصر من عداوة جماعات من أعيان رجال
الدولة وعلماء الحكمة والقضاة مع الشيخ قدس سره، ولهم في ذلك حكايات،
وله معهم مناظرات وكرامات أخرجها صاحب الرياض يطول المقام بذكرها.
ونص حسن بيك في تاريخه أنه بعد خواجة نصير الطوسي ما سعى أحد
من العلماء حقيقة مثل ما سعى الشيخ علي الكركي في اعلاء أعلام المذهب
الجعفري وترويج دين الحق الاثني عشري، قال: وكان له في منع الفجرة
والفسقة وزجرهم وقلع القوانين المبدعة بأسرها وفي إزالة الفجور والمنكرات
وإزالة الخمور والمسكرات واجراء الحدود والتعزيرات وإقامة الفرائض
والواجبات والمحافظة على إقامة الجمعات والجماعات والبيان لمسائل الصلوات
والعبادات وتعاهد أحوال أئمة الجماعة والمؤذنين ودفع شرور الظالمين
والمفسدين وزجر المرتكبين للفسوق والعصيان وردع المبتدعين لخطوات
الشيطان مساعي بليغة ومراقبات شديدة، وكان يرغب عامة الناس في تعلم شرائع
الدين ومراسم الاسلام ويصمم عليهم بطريق الالزام والابرام 1).
أقول: حتى صار يلقب بالشيخ المروج، ويصفه الشهيد الثاني " ره "
بالامام المحقق نادرة الزمان ويتيمة الأوان.
وقد تواتر أن الشاه طهماسب الصفوي جعل أمور المملكة بيده وكتب
رقما إلى جميع الممالك بامتثال أمره، وأن أصل الملك انما هو له لأنه نائب
الامام، وأخرج المولى عبد الله في رياض العلماء ذلك الرقم، وهو طويل
بالفارسية وان منصوب الشيخ منصوب لا يعزل ومعزوله معزول لا يستخدم، وصار
الشيخ يكتب الاحكام والرسائل إلى الممالك الشامية إلى عمالها وحكامها قوانين
العدل وكيفية سلوكهم مع الرعية وكيفية أخذ الخراج، وأمر أن يقرأ في

1) كلام حسن بيك روملو منقول من رياض العلماء.
292

كل بلد وقرية شرائع الدين ودبر في قطع يد المخالفين لئلا يضلوا المؤمنين
ويجاهر في ابطال طريقة المخالفين بالأدلة والبراهين، حيث كانت بلاد إيران
مشحونة منهم على طريقتهم حتى ظهر الحق وانقاد الكل إلى المذهب الحق.
وربى في مدة يسيرة ما يزيد على أربعمائة مجتهد، لأنه ورد إيران في
أيام سلطنة الشاه طهماسب، ونص حسن بيك في تاريخه أن وفاته كانت بعد
مضي عشرة أعوام من أيام سلطنة الشاه طهماسب المبرور، فلا بد أن يكون أقل
من عشر سنين. وهذا عجيب.
قال العلامة المجلسي: وللشيخ مروج المذهب نور الدين حشره الله مع
الأئمة الطاهرين حقوق على الايمان وأهله أكثر من أن يشكر على أقله.
انتهى.
وأما في العلم فهو المحقق الثاني وكل من تأخر عنه عيال عليه، حتى الشهيد
في المسالك فإنها في المعاملات مأخوذة من جامع المقاصد كما لا يخفى على
الممارس، وكذلك المقاصد العلية، فان للمحقق شرحا على الألفية كبير وصغير،
ولم يذكر في الحاشية.
وله غير ما ذكر في الأصل كتاب " المطاعن "، ورسالة " النجمية " في
الكلام، ورسالة في " العدالة "، ورسالة في " الغيبة "، و " حاشية على تحرير
العلامة " ورسالة في " الحج "، و " حواشيه على الدروس " وعلى الذكرى،
وله رسالة في " الكر "، ورسالة في " الجبيرة "، ورسالة في " تعقيبات الصلاة "،
ورسالة في " حرمة تقليد الميت وحرمة البقاء على التقليد بعد موته " إلى غير
ذلك من الرسائل وأجوبة المسائل في أكثر أبواب الفقه.
وكانت وفاته في النجف الأشرف ثامن عشر ذي الحجة الحرام سنة أربعين
بعد الألف من الهجرة. وقد وهم صاحب الأصل في تاريخ وفاته حيث ذكر
293

أنها سنة سبع وثلاثين وتسعمائة 1).
كان رحل في أول أمره إلى مصر وأخذ عن علمائها بعد ما أخذ عن علماء
الشام، وبعد ذلك توجه إلى العراق وسكن النجف وأخذ في التدريس والتصنيف،
ولما ظهرت الدولة الصفوية ظهورا تاما عزم على التوجه إلى إيران لترويج
الدين، فتوجه في أيام السلطان الشاه إسماعيل الصفوي فدخل عليه وهو بهراة،
فأكرمه وعرف قدره، وكان له عنده المنزلة العظيمة، وعين له وظائف وإدارات
كثيرة ببلاد العراق، ومات الشاه إسماعيل وقام مقامه الشاه طهماسب، فمكن
الشيخ من إقامة الدين على ما سمعته آنفا من احياء مراسم المذهب الأنور، وهو
الذي سهل لأهل العلم سبل النظر والتحقيق وفتح لهم أبواب الفكر والتدقيق.
قدس الله روحه الزكية وحشره مع سادات البرية 1).
(271)
الشيخ علي بن الحسين بن محمد بن صالح اللويزاني الجبعي العاملي،
الجد الاعلى للشيخ البهائي محمد بن الحسين بن عبد الصمد بن محمد بن علي
المذكور
كان من أجلة العلماء حسبما يظهر من مجموع ولده العلامة الشيخ محمد
ابن علي الجباعي ومن إجازة الشيخ ابن سكون لولده الشيخ محمد بن علي
الجباعي، قال: قرأ هذه الصحيفة المولى وأخذ في وصفه إلى أن قال:
شمس الدنيا والدين محمد بن الشيخ العلامة أبي الفضائل زين الدين وشرف

1) أمل الآمل 1 / 122. وانظر الاختلاف في تاريخ وفاة الكركي في أعيان
الشيعة 8 / 208.
2) أكثر ما في هذه الترجمة مأخوذ من رياض العلماء 3 / 441 - 460.
294

الاسلام والمسلمين علي بن الشيخ بدر الدين حسين الشهير بالجبعي، رفع الله
درجاتهم في أعلى عليين 1).
وذكر وفاته ولده قال: توفي في جمادى الأولى سنة إحدى أو ست وثمانمائة.
وخلف خمسة أولاد ذكور وهم: محمد، ورضي الدين، وتقي الدين،
وشرف الدين، واحمد.
والعجب أن الشيخ صاحب الأصل أغفل كل هؤلاء من علماء بلاده وعرفهم
العلامة المجلسي المعاصر (له) وذكرهم جميعا في إجازات البحار عن خط
الشيخ محمد بن علي الجباعي الجد الاعلى للشيخ البهائي.
وأنا رأيت أصل المجموع الذي هو بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي،
وهو الان موجود في كتب سبط العلامة النوري، وقد أخرجت منه تواريخ
جماعات من العلماء من العوامل وغيرهم.
(272)
السيد علي بن الحسين بن محمد بن محمد، الشهير بابن الصائغ الحسيني
العاملي الجزيني
ذكره في الأصل على غاية من الاختصار 2)، والرجل من أجلة العلماء.
قال ابن العودي في رسالته في أحوال الشهيد الثاني عند (عد) تلامذة
الشهيد:
ومنهم السيد الجليل الفاضل العالم الكامل فخر السادات الاعلام وأعلم
العلماء الفخام وأفضل الفضلاء في الأنام السيد علي ابن السيد الجليل النبيل

1) بحار الأنوار 107 / 213.
2) أمل الآمل 1 / 119.
295

حسين الصائغ العاملي أدام الله توفيقه، قرأ عليه وسمع منه جملة نافعة من
العلوم في المعقول والمنقول والأدب وغير ذلك، وكان قدس الله لطيفه له به
خصاصة تامة. انتهى 1).
وقال الشيخ علي السبط في الدر المنثور في طي الترجمة للشيخ حسن
صاحب المعالم: وكان والده على ما بلغني من جماعة من مشايخنا وغيرهم له
اعتقاد تام في المرحوم المبرور العالم الفاضل السيد علي الصائغ، وأنه كان
يرجو من (فضل) الله أن يرزقه ولدا لان يكون مربيه ومعلمه السيد علي الصائغ
(فحقق الله رجاءه وتولى السيد علي الصائغ) والسيد علي بن أبي الحسن
رحمهما الله تربيته، إلى أن كبر وقرأ عليهما - خصوصا على السيد علي
الصائغ - هو والسيد محمد أكثر العلوم التي استفاداها من والده من معقول
ومنقول وفروع وأصول وعربي ورياضي. انتهى 2).
ويروي عنه المولى المقدس الأردبيلي أيضا كما صرح به العلامة المجلسي
في أول الأربعين 3).
وله مصنفات منها " شرح الشرائع "، و " شرح الارشاد " وهو إلى آخر
كتاب الصوم وسماه " مجمع البيان في شرح إرشاد الأذهان ".
وقال المولى عبد الله في رياض العلماء: ويظهر من بعض المواضع أن له
شرحين على الارشاد صغير وكبير 4).
وما ذكرناه في نسبه هو الذي صرح به نفسه في أواخر المجلد الأول من

1) الدر المنثور 2 / 192.
2) الدر المنثور 2 / 200 والزيادتان منه.
3) الأربعون حديثا، للمجلسي ص 5.
4) رياض العلماء 3 / 434.
296

شرح ارشاده الذي ذكرنا أنه إلى آخر كتاب الصوم 1).
ولم أعثر على تاريخ وفاته 2)، غير أنها كانت قبل وفاة الشيخ صاحب
المعالم، لأنه رثاه بأبيات ذكرها في الأصل 3).
ومن الغريب أنه لما وقع إلي صورة وثيقة ست المشايخ بنت الشهيد الأول
التي كتبتها لأخويها أبى طالب محمد و أبى القاسم علي في هبة ما يخصها من
ارث أبيها في جزين سنة 823 كان في صدر الوثيقة صورة سجل السيد علي
ابن الحسين الصائغ وشهادته في الهبة المذكورة 4). وهذا مما لا يلائم الطبقة،
وكيف يكون السيد علي بن الحسين الصائغ من الرجال الكبار المطلوب
ثبت شهادته في سنة 823 ومولد أستاده الشهيد الثاني سنة 911، وإذا كان
عمره يوم شهادته في الوثيقة ثلاث وعشرين سنة يكون عمره يوم تولد أستاذه
الشهيد مائة واحدى عشر سنة، فليس الا أن يكون علي بن الحسين الصائغ
(شخص) آخر من العلماء في ذلك العصر ممن يطلب صكه للشهادة وهو في
طبقة الشيخين أبى طالب محمد و أبى القاسم علي ابني الشهيد الأول.

1) هذا الكلام مأخوذ من الرياض.
2) في أعيان الشيعة 8 / 205: توفى ليلة الثلاثاء حادي عشر شهر رجب سنة 980
كما هو مكتوب على قبره، ودفن بقرية صديق شرقي تبنين.
3) أمل الآمل 1 / 119.
4) قال في الأعيان: وليس هو المكتوب شهادته على وثيقة ست المشايخ فاطمة
بنت الشهيد، فذلك هو على بن حسين الصائغ عامي وهذا سيد. وذاك في عصر الشهيد
الأول وهذا في عصر الشهيد الثاني وبينهما نحو مائتي سنة.
297

(273)
الشيخ علي بن الشيخ حسين بن الشيخ محيي الدين بن عبد اللطيف
الجامعي العاملي
كان عالما فاضلا جامعا للمعقول والمنقول، وصفه الشيخ جواد محيي الدين
في رسالته عند ترجمته: الشيخ الجليل الفاضل والعالم المحقق الكامل ذو الفخر
الجلي. إلى أن قال: وله كتاب " توقيف السائل على دلائل المسائل " في الفقه
من أول الطهارة إلى أول الوضوء، وكتاب في " المنطق "، وله شرحه، وله
" شرح الحاشية " للفاضل اليزدي من أول التصديقات، وقيل إن له شرحا على
التصورات، ورسالة صغيرة في أن " النسبة ثلاثية أو رباعية "، وله التفسير
الموسوم ب‍ " الوجيزة "، وله " منظومة في النحو "، وفي " الأصول " وفي
" المنطق "، وفي " الهيئة ".
وذكره السيد عبد الله الجزائري في اجازته الكبيرة في طي ترجمة أخيه
الشيخ حسن المتقدم ذكره، قال: انه سكن خلف آباد ويروي عنه أخوه الشيخ
حسن عن السيد نعمة الله الجزائري.
(274)
السيد علي بن حيدر بن نور الدين علي العاملي الموسوي، نزيل مكة
المعظمة
في بغية الراغبين: انه كان عالما عاملا زاهدا عابدا ناسكا، جاور بيت الله
الحرام حتى قبضه الله إليه في سنة تسع وثمانين بعد الألف.
وهو والد امام المحققين السيد محمد العروف بمحمد حيدر الآتي ذكره
298

انشاء الله تعالى.
(275)
الشيخ علي بن الشيخ حسين بن محيي الدين بن الحسين بن محيي الدين
ابن عبد اللطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع العاملي
ذكره الشيخ جواد محيي الدين وقال: انه عالم فاضل. لم يقف على أخباره
وكيفية آثاره أزيد من ذلك.
(276)
الشيخ علي بن الشيخ رضي الدين بن نور الدين علي بن شهاب الدين
أحمد بن أبي جامع الحارثي العاملي 1)
كان من العلماء الأفاضل المعاصرين للشيخ الحر صاحب الأصل 2)، وله
معه مكاتبة، منها ما كتبه إليه من أسماء جماعات من علماء آل أبي جامع،
وذكرنا تراجم أسلافه في هذا الكتاب.
(277)
الشيخ علي بن زهرة الجبعي العاملي
ذكره في الأصل 3) وكأنه لا يعرفه، وقد ذكره ابن العودي في الفصل الثالث

1) في أعيان الشيعة 8 / 241 " على بن رضى الدين بن أحمد بن محيي الدين
الجامعي العاملي ".
2) الأعيان: توفى حدود سنة 1050.
3) أمل الآمل 1 / 120.
299

من كتابه الذي صنفه في أحوال أستاده الشهيد الثاني " ره "، وعقد الفصل
الثالث في ذكر أصحاب الشهيد وفضلاء تلامذته، فقال: ومنهم الشيخ علي
ابن زهرة الجبعي ابن عم الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني، قرأ
عليه - يعني الشهيد زين الدين - جملة من العلوم، وكان على غاية من الصلاح
والتقوى والخير والعبادة، كان شيخنا يعتقد فيه الولاية، وكان رفيقه إلى مصر
وتوفي بهار رحمه الله. انتهى 1).
أقول: يريد أن الشيخ يعتقد أنه وصل إلى حد كان فيه من عداد الأولياء.
ثم إن سفر الشهيد إلى مصر كان في أول سنة 942، وارتحل منها إلى
الحجاز في شهر شوال سنة 943.
(278)
الشيخ علي بن زين الدين بن محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد
الثاني ابن علي بن أحمد بن جمال الدين بن تقي الدين بن صالح بن مشرف
الشامي العاملي
كذا وجدت سرد نسبه بخطه الشريف في آخر ما كتبه من نسخة سلافة
العصر وفرغ منه سنة 1089، وكتب عليه تقريضا لطيفا في سبعة أبيات أولها
قوله:
أتانا من بلاد الهند مما * بدا من معدن فيها حديد
وقد ذكره في الأصل، وذكر أنه من تلامذة عمه الشيخ علي بن محمد وأنه
سكن أصفهان 2).

1) الدر المنثور 2 / 191.
2) أمل الآمل 1 / 120.
300

ورأيت له " حاشية على تمهيد القواعد " التي هي لجده الشهيد، ولم
يذكرها في الأصل، ولعل له غيرها 1).
(279)
الشيخ زين الدين علي بن زين العابدين بن الحسام العيناثي العاملي
عالم جليل وفاضل نبيل من المشايخ الاجلاء، يروي عن أخيه الشيخ زين
الدين جعفر بن زين العابدين بن الحسام عن السيد حسن بن نجم عن الشهيد
الأول، ويروي عنه ولده الشيخ ظهير الدين المتقدم ذكره.
ولصاحب الترجمة ذكر في ترجمة حفيده الشيخ حسين 2).
(280)
الشيخ علي بن صالح بن منصور العاملي المشتهر بالكوثراني، نزيل
النجف
عالم عامل فاضل كامل فقيه أصولي، من تلامذة السيد العلامة المحقق السيد
محسن الأعرجي. عندي بخطه شرح الوافية لأستاده في مجلدين فرغ من
نسخهما سنة ست وتسعين ومائة بعد الألف في النجف الأشرف، وعلى هامش
النسخة انهاءات قراءتها على المصنف وعليها الحواشي له تدل على فضله
وعلمه، وفي آخره ما يدل على أدبه وشعره. ولا أعرف من أحواله أكثر من ذلك.

1) وله أيضا " شرح الصحيفة السجادية " فرغ منه في صفر سنة 1089، وله كتب
أخرى مذكورة في الذريعة.
2) انظر هذا الكتاب ص 187.
301

(281)
الشيخ علي بن صبيح العاملي
شيخ الاسلام بيزد أيام الشاه عباس الماضي، جاء من البلاد وسكن يزد
وتخرج عليه جماعة، وكان من الفقهاء الاعلام المرجوع إليهم في الاحكام
المعاصرين للشيخ البهائي 1).
(282)
الشيخ نور الدين أبو القاسم علي بن عبد الصمد الحارثي الهمداني العاملي،
عم شيخنا البهائي
كان عالما فاضلا فقيها محدثا، ووصفه بعض الأجلة ب‍ " الفاضل العالم
الجليل الفقيه الشاعر ". له " نظم ألفية الشهيد ".
يروي عن الشهيد الثاني، وهو من أجلة تلامذته، ويروي أيضا عن المحقق
الكركي علي بن عبد العالي بالإجازة، وقد كتب له إجازة يصفه فيها بالشيخ
الصالح الفاضل، وأنه قرأ عليه رسالته الجعفرية 2).
(283)
الشيخ الأجل نور الدين علي بن عبد العالي الميسي العاملي
ذكره في الأصل 3). قال الشهيد الثاني في اجازته بعد عد مؤلفات الشهيد

1) انظر رياض العلماء 4 / 109.
2) هذه الإجازة مذكورة في الرياض 4 / 115.
3) أمل الآمل 1 / 123.
302

الأول ما لفظه: أرويها عن عدة مشايخ بطرق عديدة، أعلاها سندا عن شيخنا
الامام الأعظم بل الوالد المعظم شيخ فضلاء الزمان ومربي العلماء الأعيان
الشيخ الجليل الواعظ المحقق العابد الزاهد الورع التقي نور الدين علي بن
عبد العالي الميسي 1).
قلت: كان زوج خالته ووالد زوجته الكبرى التي تزوج جدنا الاعلى
العلامة علي بن الحسين بن أبي الحسن ابنتها فولدت له السيد محمد صاحب
المدارك.
توفي الشيخ العلامة الامام الورع صاحب الترجمة - حسبما وجدت بخط
الشيخ حسين والد الشيخ البهائي - ليلة الأربعاء عند انتصاف الليل، ودخل
قبره الشريف بجبل صديق ليله الخميس الخامس أو السادس والعشرين من شهر
جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وتسعمائة 2)، وظهرت له كرامات كثيرة قبل
موته وبعد موته، قال الشيخ: وهو من عاصرته وشاهدته ولم أقرأ عليه شيئا
لانقطاعه وكبره. انتهى.
حكاه في الرياض عن خط الشيخ حسين المذكور 3).
(284)
الشيخ علي بن عبد العالي ابن المحقق الثاني علي بن عبد العالي الكركي
العاملي
قد تقدمت ترجمة أبيه وجده، ذكره في رياض العلماء وذكر أنه من

1) بحار الأنوار 108 / 149.
2) كذا في الأصل، والصحيح 938.
3) رياض العلماء 4 / 121.
303

العلماء الأفاضل، فهو خلف آبائه ونعم الخلف وحفيد المحقق ونعم الحفيد.
وله مصنفات وروايات، ولا يحضرني الرياض حتى أراجعه.
(285)
السيد الإمام العلامة نور الدين علي بن علي بن الحسين المشتهر بابن أبى
الحسن الموسوي، أخو السيد محمد صاحب المدارك لأبيه وأخو الشيخ حسن
صاحب المعالم لامه
ذكره في الأصل، ولا بد لنا من ذكر بعض العبائر الشاردة والفوائد المتبددة
في ترجمته لأنه جدنا الاعلى، وقد تأملت أوصافه وأحواله فلم أر أحسن من
وصف معاصره وسميه في السلافة حيث قال:
طود العلم المنيف، وعضد الدين الحنيف، ومالك أزمة التأليف
والتصنيف، الباهر بالدراية والرواية، والرافع لخميس المكارم أعظم راية،
فضل يعثر في مداه مقتفيه، ومحل يتمنى البدر لو أشرق فيه، وكرم يخجل
المزن الهاطل، وشيم يتحلى بها جيد الزمن العاطل، وصيت حل من حسن
السمعة بين السحر والنحر:
فسار مسير الشمس في كل بلدة * وهب هبوب الريح في البر والبحر
حتى كأن رائد المجد لم ينتجع سوى جنابه، وبريد الفضل لم يقعقع
سوى حلقة بابه. وكان له في مبدأ أمره بالشام مجال لا يكذبه بارق العز إذا شام،
بين اعزاز وتمكين ومكان في جانب صاحبها مكين، ثم انثنى عاطفا عنانه وثانيه
فقطن بمكة شرفها الله وهو كعبتها الثانية، تستلم أركانه كما تستلم أركان البيت
العتيق، وتستسنم أخلاقه كما يستنسم المسك العبيق، ويعتقد الحجيج قصده من
غفران الذنوب والخطايا، وينشد بحضرته تمام الحج أن تقف المطايا. ولقد
304

رأيته بها وقد أناف على التسعين، والناس تستعين به ولا يستعين، والنور
يسطع من أسارير جبهته، والعز يرتع في ميادين جلهته، ولم يزل بها إلى أن
دعي فأجاب، وكأنه الغمام أمرع البلاد فانجاب، وكانت وفاته لثلاث عشرة
بقين من ذي الحجة الحرام سنة ثمان وستين بعد الألف، رحمة الله تعالى عليه.
انتهى 1).
ودفن بالمعلى كما نص عليه السيد ابن شدقم. وقد ذكرنا وعدة أولاده
وأحفاده فيما تقدم.
وله مصنفات وطرق في الروايات، وذكرها في اجازته للمولى محمد محسن
ابن محمد مؤمن، قال: قد أجزت له رواية كل ما صح عني ولي روايته من
منقول ومعقول وفروع وأصول بالشروط المقررة في صحة الإجازة، فمن ذلك
" الشرح على المختصر النافع " في أوائل الفقه، والشرح الموسوم ب‍ " الأنوار
البهية على الرسالة الاثني عشرية " الصلاة من تأليف المرحوم الشيخ بهاء
الدين العاملي قدس الله روحه، وما حررته من بعض الحواشي والفوائد في
أماكن متفرقة على حسب الحال.
أقول: ومنها " الفوائد المكية في نقض الفوائد المدنية الاسترابادية ".
قال: ولابد من الإشارة إلى ما اعتمدت عليه من الطرق فيما يحتاج إليه،
وبيان ذلك على سبيل الاجمال: اني أروي جانبا من مؤلفات العامة في المعقول
والمنقول والفقه والحديث عن الشيخين الجليلين المحدثين أعلمي زمانهما
ورئيسي أوانهما عمر العريضي الحلبي وحسن البوريني الشامي بالإجازة منهما
بالطرق المفصلة عني في اجازتهما إلي. أما كتب الخاصة فذكر أنه يرويها عن
أخويه صاحب المدارك وصاحب المعالم، ثم قال: ولنا طريق آخر، وهو

1) سلافة العصر ص 302.
305

السيد الفاضل الورع التقي السيد علي العلوي البعلبكي عن العلامة الشيخ
البهائي عن والده. إلى أن قال: رقمه مؤلفه الفقير إلى عفو الله ورحمته
نور الدين علي بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الحسيني الموسوي العاملي
تجاوز الله عن سيئاته، ووافق الفراغ من نسخه نهار الجمعة ثالث اليوم المذكور
في التاريخ المقدم. ومراده من المقدم ما ذكره في أول الإجازة وأنه شهر
ربيع الأول عام إحدى وخمسين بعد الألف.
وله من الكتب غير ما ذكر المجموع المعروف ب‍ " غنية المسافر عن
النديم والمسامر " و " الرسالة الأنيقة " في تفسير قوله تعالى " قل لا أسئلكم
عليه أجرا الا المودة في القربى ".
وكانت ولادة السيد قدس سره سنة سبعين وتسعمائة ووفاته كما تقدم سنة
ثمان وتسعين بعد الألف.
(286)
الشيخ علي بن علي البزي العاملي
عالم فاضل، رأيت خطه على كتاب الطرائف لابن طاوس وتملكه له في
سنة ست وخمسين ومائة والألف.
وآل بزي طائفة يسكنون قرية بنت جبيل من بلاد بشارة من جبل عامل،
ومنهم اليوم من أهل العلم الشيخ حسين البزي.
(287)
السيد علي ابن السيد نور الدين علي بن السيد علي بن الحسين بن أبي
الحسن الحسيني الموسوي العاملي المكي
306

لم يزد في الأصل على أنه صالح شاعر أديب 1).
أقول: كان تولده سنة 1061 في مكة المعظمة، وكان أبوه قد استوطنها،
وتوفي والده وسنه سبع سنين، فكفله أخوه جدنا العلامة السيد زين العابدين،
حتى بلغ اثني عشرة سنة وقد فرغ من المقدمات، توفي كفيله فتخرج على
تلامذة أبيه من علماء الخاصة والعامة، حتى بلغ الغاية علما وعملا وفضلا
ونبلا.
وذكره في خلاصة الأثر فعبر عنه بروح الأدب 2).
وقال ولده في نزهة الجليس: والدي وسيدي جمال البلغاء وفاضل الزمن
السيد علي بن نور الدين بن أبي الحسن، جهبذ نحرير فاضل، فما الصاحب
لديه وما الفاضل، تفرد بعلم البديع والمعاني ففاق البديع الهمذاني، وتوحد
بالنحو والصرف فلو عاصره سيبويه التفتازاني ما نطقا في حضرته بحرف،
وتفرد في اللغة وعلوم الأوائل فبارز في حلبة الفصاحة والبلاغة قس بن ساعدة
وسحبان وائل، وتبحر في سائر العلوم وتفنن في المنطوق والمفهوم، إلى كرم
يخجل قطر المطر وأخلاق ألطف وأرق من نسمة السحر، أفضل من نثر الدر
من البلغاء ونظم وفضل على أشهر من نار على علم.
كان بمكة المشرفة كالحجر الأسعد الأسود يستلمه تيمنا وتبركا به الأبيض
والأسود، وما برح مشهورا بكل فضل لدى البادى والحاضر، وموقرا ومكرما
عند السادة آل حسن وجميع الرؤساء والوزراء والأكابر، إلى أن دعاه إلى
جواره الكريم فنقله من دار الدنيا الفانية إلى جنة النعيم الباقية صبح ثامن
عشرين ذي الحجة الحرام عام ألف ومائة وتسع عشرة من هجرة خير الأنام،

1) أمل الآمل 1 / 124.
2) خلاصة الأثر 1 / 495.
307

وأرخ وفاته أخي السيد مصطفى نثرا بقوله " دخل الجنات "، رحمه الرحمن
الرحيم وأسكنه بحبوحة الجنان. انتهى كلام ولده السيد عباس في نزهة
الجليس 1).
أقول: وله ولدان أخوان السيد سليمان المتوفى سنة 1134 ورثاه أخوه
السيد عباس بأبيات مذكورة في بغية الراغبين، والاخر الشريف مصطفى.
(288)
الشيخ علي بن محمد السبيتي العاملي الكفراوي 2)
العالم العامل الثبت الفاضل النحوي اللغوي الأديب الكاتب الشاعر المؤرخ
المشهور، ولد في سنة 1236 وتوفي بكفري سنة 1303.
له كتاب " العقد المنضد " ورسالة في " الرد على أبى حيان " في الإمامة،
ورسالة في " (...) الدين " 3)، و " شرح ميمية الفرزدق "، ورسالة في " الرد
على بطاركة النصارى "، وكتاب " الكشكول ". وغير ذلك. رحمة الله عليه.
(289)
الشيخ أبو القاسم علي بن علي بن جمال الدين محمد بن طي العاملي الفقعاني
ومن العجيب أن الشيخ الحر صاحب الأصل ذكره في القسم الثاني من

1) نزهة الجليس 1 / 50.
2) هو الشيخ على بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن يوسف السبيتي الكفراوي
العاملي.
3) كلمة لا تقرأ واضحا في المصورة، ولعله يريد كتابه " كشف اللبس في الأصول
الخمس ".
308

كتابه بعنوان " علي بن طي " وهو من أجلاء فقهاء بلاده 1).
وذكره في رياض العلماء كما ذكرناه، وذكر أنه كان فاضلا عالما متقنا
صاحب أدب وبحث وحسن منطق، ومات سنة خمس وخمسين وثمانمائة.
ثم قال: ومن مؤلفاته رسالة في " العقود والايقاعات "، وكتاب " المسائل
الفقهية " على ترتيب كتب الفقه ويعرف ب‍ " مسائل ابن طي "، وتاريخ تأليفه
سنة 824 وقد جمع فيها مسائل وفوائد من نفسه ومسائل وفتاوى أخر من جماعة
من العلماء، منهم السيد عميد الدين والشيخ فخر الدين ابن العلامة ومن
كتاب " المسائل " للشهيد المعروف ب‍ " مسائل ابن مكي " ومن كتاب المسائل
للشيخ الأديب ابن نجم الدين الأطراوي العاملي، إلى غير ذلك من المؤلفين
والمؤلفات والفتاوى 2).
أقول: عندي كتاب " المسائل " وأظنه نسخة الأصل، قال في أوله: أما بعد
فاني استمد من أهل المعونة وتيسير المؤنة على جمع مسائل كتاب المسائل
كل مسألة في كتابها المختص به، وأضيف إليها من غيرها مسائل أخر هي مسائل
الشيخين الامامين المرحومين ابن مكي وابن نجم الدين.
أقول: يريد بكتاب المسائل ما جمعه علي بن مظاهر من مسائل أستاذه
فخر الدين ويعرف ب‍ " المسائل المظاهرية " وعندي منه نسخة قديمة.
وقال ابن طي في آخر كتابه: تمت المسائل المفيدة والألفاظ الحميدة
لذوي الألباب والبصائر السديدة من مسائل السيد الأمجد والفريد الأوحد من
جده المصطفى محمد ابن نجم الدين والشهيد المرحوم، فرحمة الله عليهما
وعلى من دعا لهما وللكاتب والمؤمنين والمؤمنات، وافق الفراغ من نساجتها

1) أمل الآمل 2 / 190.
2) رياض العلماء 4 / 158 - 160.
309

ضحوة نهار الجمعة سادس عشر ذي الحجة من شهور سنة أربع وعشرين وثمانمائة،
والحمد لله رب العالمين.
والمراد بابن نجم الدين السيد بدر الدين حسن بن أيوب الشهير بابن نجم
الدين الأعرجي الحسيني تلميذ فخر الدين، وابن طي هذا يروي بالواسطة عن
ابن نجم الدين والشهيد الأول، فيروي عن شمس الدين محمد بن محمد بن
عبد الله العريضي عن الشيخ زين الدين جعفر (بن) حسام العاملي العيناثي عن
السيد عز الدين حسن بن أيوب بن نجم الدين.
(290)
الشيخ علي بن محمد اللويزائي المعروف بابن دغيم
من جملة علماء أصحابنا، وله كتاب " المجموع "، وعندنا منه قطعة، ولم
أعثر على سائر أحواله. فلاحظ.
والظاهر أنه اللويزائي بالهمزة، ويقال له اللويزاوي كما مر في ترجمة
الكفعمي، وعلى هذا هو من أهل جبل عامل. فلاحظ. انتهى عن رياض العلماء 1).
(291)
الشيخ علي بن محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد العاملي
ذكره في الأصل ولم يستوف أحواله 2).
ذكر هو في الدر المنثور 3): أنه لما سافر والدي إلى العراق كان عمري

1) رياض العلماء 4 / 240.
2) أمل الآمل 1 / 129.
3) الدر المنثور 2 / 238 - 259.
310

إذ ذاك ست سنين، ووقع على بلادنا فتور عظيم احترق لنا فيه نحو ألف كتاب،
ثم انتقلنا إلى كرك (نوح) وأقمنا بها مدة، ثم سافر أخي وسني إذ ذاك نحو
اثنى عشرة سنة إلى العراق، وكنت أولا اختلف إلى المكتب واقرأ القرآن
فختمته فيما يقرب سني من تسع سنين، ثم اشتغلت على من كان من تلامذة
جدي ووالدي وغيرهم، وهم الشيخ الجليل الفاضل نجيب الدين قدس الله
روحه وأخي الشيخ زين الدين والسيد الاجل السيد نور الدين والشيخ حسين
ابن ظهير والشيخ محمد الحرفوشي رحمهم لله جميعا.
ولما سافر أخي عني كنت مشغولا مع صغري بعيالي ونظام الأملاك، ومع
هذا كنت أشتغل بما يمكنني، فكتبت هناك كتبا متعددة، وكنت حريصا على
الكتب التي بقيت.
ثم سافرت إلى مكة بعد وفاة والدي، وذلك سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين
بعد الألف، وسني إذ ذاك ست عشرة سنة، وكنت أرى من الهي جل ثناؤه عناية
ولطفا بي مع صغر سني ووحدتي.
ثم ذكر بعضا من ذلك، فيظهر أن تولده كان سنة ست عشرة وألف 1)،
وقد توفي سنة أربع ومائة بعد الألف.
(292)
علي بن محمد بن الحسن الكاتب التهامي العاملي الشامي
ذكره في الأصل 2) وحكى ما في دمية القصر في ترجمته 3)، ولم يذكر أن

1) قال في المصدر السابق: وكان مولدي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة أو
أربع عشرة بعد الألف.
2) أمل الآمل 1 / 127.
3) دمية القصر 44 - 49.
311

له مدائح في أهل البيت عليهم السلام حسنة تدل على حسن عقيدته.
وذكره ابن خلكان وأثنى عليه وذكر طرفا من شعره، وذكر أن له ديوان
شعر أكثره نخب 1).
وذكره ابن بسام في الذخيرة فقال: كان مشتهر الاحسان، ذرب اللسان،
مخلى بينه وبين ضروب البيان، يدل شعره على وري القدح دلالة برد النسيم
على الصبح، ويعرب عن مكانه من العلوم اعراب الدمع من سر الهوى المكتوم.
وذكره ضياء الدين في نسمة السحر فيمن تشيع وشعر، وأثنى عليه ثناءا
بليغا، وذكر قصيدته في رثاء ولده الصغير المشهورة التي أولها: حكم المنية في البرية جاري * ما هذه الدنيا بدار قرار
ومنها:
يا كوكبا ما كان أقصر عمره * وكذاك عمر كواكب الأسحار
جاورت أعدائي وجاور ربه * شتان بين جواره وجواري
إلى آخر الأبيات.
(293)
الشيخ زين الدين أبو محمد علي بن محمد بن علي بن محمد بن يونس
العاملي النباطي
ذكره في الأصل ولم يستوف مصنفاته 2)، له غير " الصراط المستقيم "
الذي لم يصنف مثله خصوصا في باب الإمامة، فمما لم يذكره في الأصل كتاب
" نجد الفلاح "، وكتاب " زبدة البيان "، ورسالة في المنطق سماها " اللمعة "

1) وفيات الأعيان 3 / 378.
2) أمل الآمل 1 / 135.
312

فرغ منها سنة 838، وله كتاب " المقام الأسمى في تفسير أسماء الله الحسنى "،
وكتاب " الكلمات التامات في تفسير الباقيات الصالحات "، وكتاب " فواتح
الكنوز " وهو شرح على أرجوزته التي نظمها في علم الكلام، و " الرسالة
اليونسية في شرح المقالة التكليفية " للشهيد الأول.
وتوفي سنة سبع وسبعين وثمانمائة على ما نص عليه الشيخ الجليل محمد
ابن علي الجباعي جد شيخنا البهائي 1).
(294)
الشيخ ضياء الدين علي ابن الشهيد أبى عبد الله محمد بن مكي بن حامد
العاملي الجزيني 2)
الفاضل الفقيه الجليل المعروف بالشيخ ضياء الدين، وكان ابن الشهيد
المشهور رضي الله عنهما.
ويروي عنه ابن عمه محمد بن محمد بن المؤذن الجزيني، وهو يروي
عن والده الشهيد وعن الشيخ فخر الدين ولد العلامة وعن السيد تاج الدين ابن
معية أيضا على ما قاله بعض الأفاضل. انتهى عن رياض العلماء 3).
(295)
السيد علي بن السيد محمود الأمين الشقراوي المولود سنة 1276
عالم فاضل، وتخرج في الأصول على المولى الخراساني صاحب الكفاية

1) ولد في النباطية لأربع مضين من شهر رمضان سنة 791، كما في مقدمة كتابه
الصراط المستقيم المطبوع بطهران سنة 1384 ه‍.
2) مذكور في أمل الآمل 1 / 134.
3) رياض العلماء 4 / 250.
313

وفي الفقه على الشيخ محمد طه نجف، وصار يدرس في السطوح.
ولما أراد الرجوع أجازه جماعة من العلماء، منهم من ذكر أن له ملكة
مطلق الاجتهاد، ومنهم من ذكر أنه مجتهد مطلق. وكتب له سيدنا الأستاذ " ره "
توصية فيها ثناء عليه واخبار عن شهادة العلماء.
ولما استقر في بلاده ثنيت له الوسادة فيها، وتربى على يده غير واحد
من أهل العلم، وكان حسن السيرة محمود المنقبة. توفي في السبت الحادي
عشر من شوال سنة 1328.
(296)
الشيخ علي بن ناصر بن زيدان العاملي (1
فاضل شاعر أديب بليغ، وله في (...) 2): عزيز على من عزه الصبر أن يرى * منازل من يهوى على غير ما يهوى
منازل أقمار أفلن وطالما * حبسن على ساحات أعتابها نضوا
وهاتفة في الروض تشكو من الجوى * تعالي أقاسمك الصبابة والشكوى
(297)
الشيخ علي بن نعمة الله بن خاتون العيناثي العاملي، المعروف بالشيخ
سديد الدين
كان عالما فاضلا جليلا. كذا وجدت في مسوداتي، وأظنه والد الشيخ

1) يعرف بالشيخ على زيدان، توفى سنة 1289 بقرية معركة من جبل عامل. أنظر
أعيان الشيعة 8 / 363.
2) جملة لا تقرأ في مصورة الأصل.
314

محمد الآتي ذكره في المحمدين، تلميذ الشيخ بهاء الدين وشارح الجامع
العباسي.
وصاحب الترجمة في طبقة البهائي " ره ".
(298) الشيخ علي بن هلال الكركي
عالم جليل فاضل نبيل فقيه كامل، من أجلاء علماء عصر الشاه طهماسب
الصفوي، جاء إلى أصفهان وكان من رؤساء الدين والمدرسين والمصنفين،
وبها مات سنة 984.
ومن مصنفاته رسالة جليلة في " أبحاث مسائل الطهارة " ألفها بأمر الشاه
المذكور وعليها حاشية للشيخ المحقق عبد العالي ابن المحقق الكركي وعليها
منه أيضا حواشي.
قال في الرياض عند ذكره: عالم فاضل فقيه جليل محقق، وصنف كتابا
في الطهارة حسن الفوائد، صنفه بأمر بعض سلاطين الصفوية، ينقل فيه عن
الشهيد الثاني " ره "، وتوفي بأصفهان سنة 984 1).
واحتمل اتحاده من الشيخ علي بن هلال بن عيسى بن محمد بن فضل
المتكلم الذي ينسب إليه كتاب " الأنوار الجالية لظلام الغلس من تلبيس مؤلف
المقتبس " لبعض متأخري العامة في الرد على كتاب " قبس الأنوار " الذي
كتبه السيد ابن زهرة الحلبي في الإمامة، لان تاريخ تأليف ذلك الكتاب سنة
984 2).

1) رياض العلماء 4 / 284.
2) المصدر السابق 4 / 280.
315

أقول: صاحب الترجمة له إجازة كتبها للمولى المحقق مولانا ملك محمد
ابن سلطان حسين الأصفهاني قدس سره ذكر فيها خمسة من مشايخه، قال:
أولهم السيد الأيد الفائق على أقرانه المتبحر في العلوم بين أهل زمانه الورع
الزاهد العابد الحسيب الأفخر السيد تاج الدين حسن بن السيد جعفر الأطراوي
العاملي برد الله مضجعه ورفع في الجنان مقامه وموضعه فاني انقل عنه بلا واسطة،
وثانيهم وثالثهم الشيخان الأمجدان الأفضلان الأعلمان الأكملان الأورعان الشيخ
احمد البيضاوي العاملي النباطي والشيخ أحمد بن خاتون العيناثي العاملي جمع
الله لهما بين الكرامتين الدنيا والآخرة بمحمد وآله العترة الطاهرة فاني أنقل
منهما أيضا بدون واسطة، ورابعهم هو الشيخ إبراهيم القطيفي، وخامسهم
المحقق الكركي أعلى الله مقامهم.
وقد أغفل صاحب الأصل ذكر الأول والثاني من هؤلاء وذكرناهم نحن
والحمد لله، فلا خفاء بعد هذا في طبقة صاحب الترجمة، كما لا وجه لاحتمال
اتحاده بابن عيسى الذي ذكره صاحب الرياض.
(299)
السيد عيسى بن السيد عبد السلام بن زين العابدين بن السيد عباس
كان من علماء قطره وفضلاء عصره، وهو أبو السيد الشريف المؤرخ الحافظ
الثقة السيد عباس المتوفى سنة 1302 في جبشيث ودفن قرب ضريح الشيخ
إبراهيم الكفعمي وله هناك ذرية باقية.
316

(300)
السيد عيسى بن السيد محمد علي الموسوي العاملي
عمي وشقيق والدي، عالم رباني وعارف الهي (...) (1 عزيزة
لا ينالها الا الربانيون، وكان مدة عمره مشغولا بالرياضات الشرعية والمعارف
الإلهية.
ورأيت له منظومات عديدة في المعارف والعرفان تبهر العقول، وكان له
اليد الطولى في العلوم الغريبة كالجفر وعلم الحروف والأعداد وأمثالها، وقيل إنه
عثر على الكيمياء، فكانت ثروته ثروة الملوك وسيرته سيرة الأنبياء في الزهد
والعبادة والانزواء، فكانت الملوك والامراء والوزراء وأجلاء العلماء على بابه
ينتظرون خروجه وملاقاته وقد لا يخرج إليهم.
وكان نزيل طهران، ولما عزم على حج بيت الله خرج من طهران متوجها
إلى العراق، فوصل إلى همدان فتمرض بها مرضا شديدا، فكتب إلى السيد
الوالد بحاله وأمره بتعجيل توجهه إليه وصرح له بأنه يموت بهذا المرض،
ولم يمض على وصول خطه أيام الا وقد جاء خبر وفاته، ثم جاؤوا بنعشه
الشريف ودفن في النجف سنة ثمانين بعد المائة والف. وأعقب السيد إبراهيم
المتقدم ذكره والسيد جمال الدين الشهيد.

1) كلمة لا تقرأ في مصورة الأصل.
317

باب الفاء
(301)
الشيخ فاضل بن مصطفى البعلبكي
رأيت سجله وصكه على وثيقة ست المشايخ التي كتبتها لأخويها الشيخ
أبى طالب محمد و أبى القاسم علي ابني الشهيد الأول سنة 823. يظهر أنه من
العلماء الاجلاء الذين يطلب صكهم وشهادتهم في ذلك. فلاحظ.
(302)
كمال الدين فتح الله بن هبة الله بن عطاء الله الحسني الحسيني الشامي
العاملي 1)
صاحب " رياض الأبرار في مناقب الكرار "، أكثر فيه النقل عن كتاب

1) المذكور في رياض العلماء 4 / 317 كمال الدين فتح الله بن هيبة الله بن عطاء
الله الحسنى الحسيني نسبا السلامي ثم الشاهي نسبة. فليلاحظ العنوان الآتي هنا.
318

ثاقب المناقب للشيخ عماد الدين أبى جعفر محمد بن علي بن محمد الطوسي
المشهدي، ثم خرج بعض ما رواه من الروايات الدالة على لزوم القيام للوارد
من الذرية الطاهرة، ولم يذكر تاريخ الفراغ منه.
ولا أعرف تاريخ وفاته، غير أنه مذكور في الرياض وذكر له هذا
الكتاب 1).
(303)
الشيخ فخر الدين بن الشيخ نور الدين علي بن شهاب الدين بن أبي
جامع الحارثي الهمداني العاملي
كان عالما فاضلا، حكى ابن أخيه الشيخ علي ابن الشيخ رضي الدين أنه كان
مجازا من صاحب المعالم وأنه وجد اجازته للاخوة الثلاثة الشيخ عبد اللطيف
والشيخ رضي الدين والشيخ فخر الدين. وكان توجه بعد موت أبيه في الحويزة
إلى شيراز وسكن بها حتى مات.
(304)
السيد فضل الله الحسني
سيد جليل وعالم نبيل، إليه ينتسب السيد العالم الفاضل السيد محمد رضا
فضل الله العاملي المعاصر. رأيت عنده كتب جليلة من أوقاف آبائه الكرام،
وكان فيها كتاب " نظام الأقوال في أحوال الرجال " بخط مؤلفه نظام الدين
الساوجي تلميذ البهائي.
والسيد محمد رضا المذكور من الأفاضل ذو علم وأدب وشعر ونثر وقلم

1) في أعيان الشيعة 2 / 393: توفى سنة 1098 بأصفهان.
319

حسن، أحد حسنات هذا العصر، سلمه الله تعالى.
ولا أعرف تفصيل أحوال جده المذكور.
وممن ينتسب إلى فضل الله المذكور السيد العالم الفاضل الأديب الأريب
الشاعر السيد نجيب الدين فضل الله سلمه الله، تربى أولا في مدرسة المرحوم
الشيخ محمد علي عز الدين في حناويه، ثم لما ورد الشيخ الفاضل العلامة
الشيخ موسى شرارة انتقل إلى بنت جبيل وتخرج عليه في الفقه والأصول، ثم
هاجر إلى النجف للتكميل وبقي مدة يقرأ على مدرسيها الأساتيذ حتى برع
وكمل حتى صار أحد المشار إليهم بالفضل، فرجع إلى بلاده، وهو اليوم من
أعلام علمائنا. كثر الله أمثالهم.
ومنهم السيد جواد فضل الله، من الأفاضل.
320

باب القاف
(305)
الشيخ قاسم بن الشيخ محمد بن الشيخ أحمد بن الشيخ علي بن الشيخ
حسين بن الشيخ محيي الدين بن الحسين بن محيي الدين بن عبد اللطيف بن
علي بن أحمد بن أبي جامع الحارثي الهمداني العاملي النجفي
كان عالما فاضلا فقيها ماهرا محدثا متبحرا رجاليا جامعا، رأيت له شرحا
على أوائل الشرائع في الطهارة والصلاة يدل على تحقيقه ومهارته في الفن،
ومجلد آخر في الغصب والشفعة واحياء الموات إلى آخر الشهادات ومن أول
مواقيت الحج إلى آخر الحج سماه " كنز الاحكام في شرح شرائع الاسلام ".
كان من تلامذة السيد بحر العلوم وشيخ الطائفة كاشف الغطاء، وهو
أبو أسرة علماء أدباء ذكرت منهم غير واحد.
ولصاحب الترجمة مصنفات عديدة أخرى توجد عند أحفاده لا يحضرني
تفصيلها، رأيت جملة منها عند حفيده الشيخ جواد محيي الدين، وكان أحد
321

فقهاء العرب في النجف يدرس كتب الشهيدين خصوصا الروضة في شرح
اللمعة، وله الإمامة في صلاة الجماعة في الصحن الشريف، كان من تلامذة
صاحب الجواهر والشيخ محسن خنفر، توفي من قريب وقد ناف على الثمانين 1).
(306)
الشيخ قاسم بن درويش محمد بن الحسن النطنزي العاملي
عالم فاضل فقيه محدث، من شيوخ الإجازة وأهل العلم بالرواية والدراية،
يروي عنه ابن أخته العلامة محمد تقي المجلسي " ره " والد صاحب البحار.
ذكره في شرحه على الفقيه وأنه يروي عن أبيه درويش محمد عن المحقق
علي بن عبد العالي الكركي المحقق الثاني 2)، فالتقي المجلسي يروي عن جده
لامه الشيخ درويش محمد بواسطة الشيخ قاسم المذكور.
(307)
السيد قاسم بن السيد محمد بن السيد عبد السلام بن السيد زين العابدين بن
السيد عباس صاحب نزهة الجليس الموسوي العاملي، من عائلتنا آل نور الدين
كان من العلماء الاجلاء، جاء من الجبل إلى العراق، وهاجر إلى أصفهان
أيام وجود السيد آية الله السيد صدر الدين فيها، جاء بالأهل والعيال.
وكان فقيها فاضلا وعبدا صالحا كثير العبادة مديما لقيام الليل والتهجد
والصلاة، وتزوج السيد الوالد ابنته بأمر عمه السيد صدر الدين، وماتت بعد

1) في أعيان الشيعة 8 / 447: توفى سنة 1237.
2) لم نجد هذا في روضة المتقين
322

زمان قليل لم تلد منه شيئا.
وتوفي السيد قاسم في حدود سنة خمس وستين ومائتين بعد الألف.
ولم أعرف كيفية اتصاله بسلسلتنا ولا مصنفاته، غير اني سمعت ما ذكرته عنه
من السيد والدي قدس الله روحه، والسيد الوالد يوم كان صهره كان حدث السن
ابن ثمان عشرة سنة، ولم يبق في أصفهان بعد تزويجه بل رجع إلى النجف
وبقيت عياله هناك، ولما جاء عمه السيد صدر الدين إلى النجف أرسله لأجل
أن يجئ بعياله إلى النجف، ولما وصل إلى بلدة الكاظمين جاءه خبر وفاتها فلم
يرحل إلى أصفهان، ثم بعد سنة من وفاة السيد صدر الدين جاءه خبر وفاة
المرحوم السيد قاسم صاحب الترجمة.
323

باب الكاف
(308)
السيد كمال الدين بن السيد حيدر بن نور الدين
ذكره في بغية الراغبين فقال: كان من أعلام الفقهاء وأعيان المحققين، وهو
أبو العالم العامل الفقيه الأصولي الكامل السيد بدر الدين. انتهى.
وقد اجتمع معه ابن عمه السيد عباس صاحب نزهة الجليس في أصفهان
سنة 1131 1).
(309) السيد كاظم بن السيد أحمد بن السيد محمد امين الحسيني الشقراوي
العاملي النجفي
كان عالما فاضلا متبحرا خبيرا بالاخبار والتواريخ وحيدا في فنون الأدب

1) نزهة الجليس 1 / 229.
324

خبيرا بالفقه والأصول والرجال، من أجلاء سادات العصر وأهل الفضل والشرف
في الحسب والنسب، جليلا وقورا مهابا.
تخرج على الشيخ صاحب الجواهر والشيخ مشكور، وتزوج بنت الشيخ
مشكور، وهي أم ولده السيد احمد الذي قتل في طريق الشام وهو متوجه إلى
جبل عامل، ثم تزوج ببنت السيد محمد بن السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة
وجاءه منها ولده السيد الاجل السيد هادي المتوفى غدوة يوم 29 محرم سنة
1337.
وللسيد كاظم مجاميع فيها مسائل علمية وفنون أدبية وحكايات تاريخية
مشحونة بالعلم والفضل.
كان كثير العيال، ولكثرة عياله كان يسافر إلى بغداد ويقيم فيها أشهر عند
آل كبة، وله معهم صداقة قديمة من أيام والده السيد احمد المتقدم ذكره الذي
كان هو من العلماء الاجلاء وأهل العلم بطريق الاعلام، وله فيها ما يبهر العقول
توفى (...) 1) سنة أربع وثلاثمائة بعد الألف في النجف الأشرف. وهو
من طائفة كبيرة في شقراء من قرى جبل عامل، خرج منهم جماعات من العلماء
الاعلام.
والسيد كاظم من آل الأمين، والسيد جواد صاحب مفتاح الكرامة من
أرحامهم وأسرتهم ان لم يكن من أولاد الأمين، والكل يعرفون بالقشاقشة. زاد
الله في شرفهم.

1) كلمة لا تقرأ في مصورة الأصل.
325

باب اللام
(310)
الشيخ لطف الله بن عبد الكريم بن إبراهيم بن علي بن عبد العالي الميسي
العاملي الأصفهاني
ذكره في الأصل بغاية الاختصار 1)، وذكره صاحب رياض العلماء وقال:
كان عالما فاضلا ورعا تقيا عابدا زاهدا مقبولا قوله وفتواه في عصره وقد بنى
له السلطان شاه عباس الماضي الصفوي المسجد المعروف والمدرسة المنتسبين
إليه بأصفهان في مقابلة عمارة " علي قاپو " في ميدان نقش جهان.
وكان هو وابنه الشيخ جعفر ووالده وجده الأدنى وجده الاعلى الميسي
أعني الشيخ علي الميسي من مشاهير الفقهاء الامامية.
وهذا الشيخ لطف الله ممن حاز بعلو الشأن في الدنيا والآخرة، وكان

1) أمل الآمل 1 / 136.
326

معظما مبجلا عند الشاه عباس المذكور، وله رسائل كثيرة ومسائل عديدة
وتعليقات سديدة 1).
أقول: كان مولده بميس من قرى الجبل، وانتقل من البلاد في أوائل عمره
إلى المشهد المقدس الرضوي بطوس، فكان بهامدة مشغولا بتحصيل العلم على
المحقق التستري المولى عبد الله وغيره من علماء المشهد حتى صار من رؤساء
تلك الحضرة المقدسة، وفوض إليه خزانتها، فوضها إليه الشاه عباس، ثم
بعد مدة انتقل إلى قزوين وأخذ في التدريس بها مدة، ثم رحل إلى أصفهان
بأمر الشاه عباس وصار من أجل علمائها وصاحب المسجد والمدرسة اللذين
لا نظير لهما ويعرفان باسمه ومنسوبان إليه، وكان له الوظائف من أوقافها،
وتوفي في أوائل سنة اثنتين وثلاثين بعد الألف من الهجرة.
وتقدم ذكر والده الشيخ عبد الكريم 2).

1) رياض العلماء 2 / 417 - 420.
2) ص 267 من هذا الكتاب.
327

حرف الميم
(311)
السيد محسن بن السيد عبد الكريم ابن العلامة السيد علي بن محمد الأمين
الحسيني العاملي 1)
من حسنات هذا العصر، عالم فاضل متبحر في أكثر العلوم طويل الباع
كثير الترويج للمذهب، له آثار حسنة نظما ونثرا ومساعي جميلة في خدمة
الدين.
له مصنفات نافعة ومؤلفات دينية، ومن آثاره الباقية طبعه وتصحيحه لبعض
الكتب، وله تأسيسات في محلة الخراب في الشام، أحياها وعمرها معنى ومادة.

1) خصص الجزء الأربعون من أعيان الشيعة في الطبعة الأولى لترجمة مؤلفه السيد
محسن الأمين العاملي المذكور هنا بقلمه وأقلام آخرين، ونقلت هذه الترجمة إلى الجزء
الأخير (الجزء العاشر) من الأعيان في طبعته الجديدة. فليراجع لمعرفة التفاصيل.
328

زاد الله في توفيقه. ولا عجب فإنه من بيت ان أجمعوا العلا تفرقوا عن نبي أو
وصي نبي 1).
(312)
الشيخ شمس الدين أبو محمد محفوظ بن وشاح بن محمد الهرملي
العاملي (2
ذكره الشيخ المحقق صاحب المعالم في اجازته الكبيرة (3 قال: كان هذا
الشيخ من أعيان علماء عصره، ورأيت بخط شيخنا الشهيد الأول في بعض
مجاميعه حكاية أمور تتعلق بهذا الشيخ، منها أنه كتب إلى الشيخ المحقق نجم
الدين السعيد أبياتا من جملتها:
أغيب عنك وأشواقي تجاذبني * إلى لقائك جذب المغرم العاني
إلى لقاء حبيب شبه بدر دجى * وقد رماه باعراض وهجران
قلبي وشخصك مقرونان في قرن * عند انتباهي وعند النوم يغشاني
حللت مني محل الروح في جسدي * فأنت ذكراي في سري واعلاني
لولا المخافة من كره ومن ملل * لطال نحوك تردادي واتياني
يا جعفر بن سعيد يا امام هدى * يا واحد الدهر يامن ماله ثاني
اني بحبك مغرى غير مكترث * بمن يلوم وفي حبيك يلحاني
فأنت سيد أهل الفضل كلهم * لم يختلف أبدا في فضلك اثنان

1) ولد في قرية شقراء من بلاد جبل عامل سنة 1284، وتوفى منتصف ليلة الأحد
4 رجب سنة 1371.
2) مذكور في أمل الآمل 2 / 229.
3) وردت هذه الإجازة بطولها في البحار 109 / 3 - 79.
329

في قلبك العلم مخزون بأجمعه * يهدي به من ضلال كل حيران
وفوك فيه لسان حشوه حكم * تروي به من زلال كل ظمآن
وفخرك الراسخ الراسي وزنت به * فزاد رضوى على رضوى وثهلان
وحسن أخلاقك اللائي فضلت بها * كل البرية من قاص ومن داني
تغني عن المأثرات الباقيات ومن * يحصي جواهر أجبال وكثبان
يامن علا درج العلياء مرتقيا * أنت الكبير العظيم القدر والشأن
فأجابه المحقق رحمه الله بهذه الأبيات:
لقد وافت فضائلك العوالي * تهز معاطف اللفظ الرشيق
فضضت ختا مهن فخلت أني * فضضت بهن عن مسك فتيق
وجال الطرف منها في رياض * كسين بناضر الزهر الأنيق
فكم أبصرت من لفظ بديع * يدل به على المعنى الدقيق
وكم شاهدت من علم خفي * يقرب مطلب الفضل السحيق
شربت بها كؤوسا من معان * غنيت بشربهن عن الرحيق
ولكني حملت بها حقوقا * أخاف لثقلهن من العقوق
فرفقا بالفضائل بي رويدا * فلست أطيق كفران الحقوق
وحمل ما أطيق به نهوضا * فان الرفق أنسب بالصديق
[فقد صيرتني لعلاك رقا * ببرك بل أرق من الرقيق] 1)
وكتب من بعدها نثرا من جملته:
" لست أدري كيف سوغ لنفسه الكريمة مع حنوه على إخوانه وشفقته على
أوليائه وخلانه، اثقال كاهلي بما لا يطيق الرجال حمله بل تضعف الجبال أن
تقله، حتى صيرني بالعجز عن مجازاته أسيرا ووقفني في ميدان مجاراته حسيرا،

1) الزيادة من الأعيان والأمل.
330

فما أقابل ذلك البر الوافر ولا أجازي ذلك الفضل الغامر، واني لأظن كرم عنصره
وشرف جوهره بعثه على إفاضة فضله وان أصاب به غير أهله، وكأنه مع هذه
السجية الغراء والطوية الزهراء شملني بصحيح فكرته وسليم فطرته، الولاء من
صفحات وجهي وفلتات لساني، قرأ المحبة من لحظات طرفي ولمحات شاني،
فلم ترض همته العلية بدون البيان، ولم تقنع نفسه الزكية عن ذلك الخبر الا
بالعيان، فحرك ذلك منه بحرا لا يسمح الا بالدرر وحجرا لا يرشح بغير الفضل،
وأنا استمد من انعامه الانتصار على ما يطوع به من البر حتى أقوم بما وجب
علي من الشكر، انشاء الله " انتهى (1.
واعلم أن هذا الشيخ أبو طائفة كبيرة بالهرمل يعرفون بآل محفوظ وبنى
وشاح، خرج منها علماء أجلاء رؤساء نبلاء، وهو غير محفوظ بن عزيزة بن
وشاح، السوراني والد الشيخ سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة الحلي
أستاد المحقق نجم الدين في علم الكلام الذي قرأ عليه كتابه " المنهاج في علم
الكلام " فلا تتوهم الاتحاد.
وقد تقدم الشيخ حسين محفوظ نزيل بلد الكاظمين وجماعة [...] 2) وقد
وجد على ظهر بعض الكتب سلسلة آبائه متصلة بالشيخ محفوظ بن وشاح بن
محمد، وكل السلسلة من العلماء على ما حدثني به بعض نوافله.
وقبر صاحب الترجمة هناك مزار معروف، واليه نسب الشيخ حيدر محفوظ
الذي كان من العلماء الاجلاء 3).

1) أنظر بحار الأنوار 109 / 14، أمل الآمل 2 / 229، أعيان الشيعة 9 / 57.
3) جملة لا تقرأ في مصورة الأصل.
2) في الأعيان: توفى سنة 690.
331

[313]
الشيخ الجليل محمد التبنيني العاملي 1)
عالم فاضل فقيه محدث رجالي مضطلع في علم الجرح والتعديل، له
مصنفات جليلة تدل على تبحره.
تخرج على المير فيض الله التفريشي والشيخ حسين التبنيني الشهير بابن
سودون.
رأيت من تأليفاته كتابا في الرجال سماه " الجامع للأقوال في أحوال
الرجال "، جمع فيه ما في أصول كتب الرجال وأضافه ببيانات ونكات حسنة
على ترتيب حروف المعجم.
وله كتاب " سنن الهداية في علم الدراية " يحيل في كتابه الجامع عليه،
والنسخة التي رأيتها قد انخرم آخرها فلا أعلم تاريخ الفراغ منه، لكن لاخفاء
في طبقته بعد أن كان من تلامذة السيد مير فيض الله التفريشي تلميذ الشيخ حسن
ابن زين الدين صاحب المعالم.
وبالجملة الرجل من علماء أوائل القرن الحادي عشر، وينقل عن صاحب
المعالم في كتابه الجامع.
[314]
الشيخ محمد الحر العاملي
كان من العلماء الاجلاء فقيها محققا، فر بنفسه من ظلم الجزار إلى بعلبك
واستجار بالحرافشة، فكان عندهم حتى جاءه البشير بهلاك الجزار وبتولد ولد

1) مذكور في أمل الآمل 1 / 162 بعنوان " محمد بن علي العاملي التبنيني ".
332

ذكر، فرجع إلى جبع وسمى المولود سعيدا، وذلك سنة 1229.
[315]
الشيخ محمد طاس 1) العاملي
من علماء عصر أحمد الجزار، ذكره بعض العلماء العامليين في المتأخرين
وفاتهم عن الشيخ الحر.
[316] الشيخ محمد الغول العاملي
من العلماء الاجلاء المتأخرين عن صاحب الأصل، ذكره بعض العلماء
العامليين في المتأخرين عن الشيخ الحر.
وذكر معه أيضا:
[317]
الشيخ محمد قبيسي
من علماء جبل عامل، يظهر منه تعددهما.
[318]
الشيخ محمد العاملي المشغري
كان شريك الشيخ الحر في الدرس، ويظهر من حكاية منامه أنه من عباد الله

1) لا يقرأ في مصورة الأصل واضحا.
333

الصالحين.
قال الشيخ الحر في كتاب اثبات الهداية (1: انا كنا جالسين في بلادنا في
قرية مشغرة في يوم عيد ونحن جماعة من طلبة العلم والصلحاء، فقلت لهم:
ليت شعري في العيد المقبل من يكون من هؤلاء الجماعة حيا ومن يكون قد مات،
فقال لي رجل اسمه الشيخ محمد وكان شريكنا في الدرس: أنا أعلم أني أكون
في العيد الآتي حيا وعيد أخرى إلى ست وعشرين سنة. ويظهر منه أنه جازم
بذلك من غير مزاح، فقلت له: أنت تعلم الغيب. فقال: لا ولكني رأيت المهدي
عجل الله فرجه وصلى الله عليه في النوم وأنا مريض شديد المرض، فقلت له:
أنا مريض وأخاف أن أموت وليس لي عمل صالح ألقى الله به. فقال: لا تخف
فان الله تعالى يشفيك من هذا المرض ولا تموت فيه بل تعيش ستا وعشرين
سنة. ثم ناولني كأسا في يده فشربت منه وزال عني المرض وحصل لي الشفاء
وأنا أعلم أن هذا ليس من الشيطان. فلما سمعت كلامه كتبت التاريخ وكان
سنة 1049 ومضت لذلك مدة طويلة وانتقلت إلى المشهد المقدس سنة 1072،
فلما كانت السنة الأخيرة وقع في قلبي أن المدة قد انقضت رجعت إلى ذلك
التاريخ وحسبته ورأيته قد مضى منه ست وعشرون سنة فقلت: ينبغي أن يكون
الرجل مات، فما مضت الا مدة نحو شهر أو شهرين حتى جاءني كتابة من أخي
- وكان في البلاد - يخبرني أن المذكور مات. انتهى 2).
فتكون وفاة صاحب الترجمة سنة خمس وسبعين بعد الألف.

1) يتكرر هذا الاسم هكذا والصحيح " اثبات الهداة ".
2) اثبات الهداة 3 / 712.
334

[319]
الشيخ محمد مغنية العاملي
من العلماء الاجلاء ذكره بعض علماء جبل عامل في ذيل أمل الآمل.
[320]
الشيخ محمد نجم العاملي
من العلماء المتأخرين عن الشيخ الحر، ذكره بعض العامليين في ذيل أمل الآمل
.
[321]
السيد محمد بن السيد إبراهيم شرف الدين ابن السيد زين العابدين بن
نور الدين علي بن علي بن حسين بن أبي الحسن الموسوي الجبعي الشحوري،
جدنا الاعلى
كان تولده في جبع سنة 1049 سلخ رجب، فأنشأه الله منشئا مباركا على
ما نشأ آباؤه.
وقف في عاملة على الفقيه العلامة أحمد بن الحسين بن أحمد بن سليمان
العاملي النباطي، وهاجر إلى العراق سنة الثمانين بعد الألف، فأخذ العلم عن
الشيخ حسام الدين بن الشيخ جمال الدين الطريحي النجفي، ووقف على
غيره من أفاضل العلماء.
وتوجه إلى أصفهان للوقوف على أعلامها، فوردها سادس المحرم سنة
ثلاث وثمانين بعد الألف، ونال الحظوة بسلطانها الشاه عباس الثاني الصفوي،
335

وتلمذ على أعلم أعلامها الشيخ محمد الباقر السبزواري صاحب الذخيرة، فآثره
السبزواري بوده واعزازه وزوجه كريمته رغبة فيه، وولد له منها ولدان قضى
الوباء عليهما وعلى أمهما سنة 1089.
وتوفي أستاذه السبزواري سنة تسعين بعد الألف، فاختلف السيد بعده
إلى الفقيه العلامة الشيخ علي بن محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني - وكان
يومئذ بأصفهان - فحمل عنه علما جما، وأجازه الشيخ إجازة عامة.
وفي سنة تسع وتسعين بعد الألف تشرف السيد بزيارة الإمام الرضا عليه
السلام، فرأى من استقبال العلماء واقبالهم عليه ما هو أهله، وقرأ فيها على الشيخ
الحر صاحب الوسائل والأصل، وأجازه الشيخ إجازة مفصلة، وزوجه كريمته
وهي أم الباقين من ذريته.
وفي سنة 1100 تشرف بحج بيت الله الحرام ورجع مع الحاج الشامي
إلى بلاده، فورد بلدة " شحور " في ربيع الثاني سنة 1101، فأقام فيها مقبلا
على شأنه مؤثرا للعزلة مستوحشا من أوثق إخوانه مشغولا في التأليف والتصنيف
والإفادة والتدريس، وتربى على يده جماعة من العلماء، كالشيخ سليمان معتوق
المتقدم ذكره، وولده السيد العلامة السيد صالح المتقدم ذكره وغيرهما.
وكانت له مصنفات كثيرة وخزانة كتب جليلة تشمل على ألوف أخذها
احمد الجزار في الواقعة التي تقدم إليها الإشارة في ترجمة ولده السيد صالح
وغيره. ومن آثاره الباقية قصيدته النونية الكبيرة نظم فيها حديث الكساء على
الكيفية التي رواها الطريحي في المنتخب، وله " تعليقة شريفة على أصول
الكافي "، و " بعض التعليقات على تعليقة الشهيد " و " مجموعة " كالكشكول
تشتمل على أحاديث وأخبار ونوادر وأشعار فيها كل ما نقلناه من أحواله وأحوال
أبيه وسلفه كما في بغية الراغبين.
336

توفي قدس سره سنة تسع وثلاثين والمائة بعد الألف، فيكون عمره
تسعين سنة.
وله من بنت الشيخ الحر صاحب الأصل من الذكور ولدان: أحدهما
السيد صالح والد جدنا السيد محمد علي وأخيه السيد صدر الدين، والولد
الاخر السيد العالم السيد محمد شرف الدين سمي أبيه.
[322]
محمد بن إبراهيم بن كثير الصوري، أبو الحسن
ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال، قال: روى عن الفريابي ومؤمل بن
إسماعيل، وعنه إبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكي وعبد الرحمن بن حمدان
الجلاب وجماعة. روى عن رواد بن الجراح خبرا باطلا ومنكرا في ذكر
المهدي، قال الجلاب هذا باطل ومحمد الصوري لم يسمع من رواد. قال:
وكان مع ذلك غاليا في التشيع 1).
[323]
الشيخ محمد بن شهاب الدين أحمد بن نعمة الله بن خاتون العاملي
ذكره في الأصل 2)، وهو شيخ إجازة السيد ماجد البحراني وشيخ إجازة
العلامة الميرزا إبراهيم الهمداني، وكتب لكل واحد منهما إجازة.
يروي عن والده عن جده عن المحقق الكركي. وبيت خاتون بيت علم
قديم.

1) ميزان الاعتدال 3 / 449.
2) أمل الآمل 1 / 161 بعنوان " محمد بن خاتون ".
337

[324]
الشيخ محمد بن الشيخ أحمد بن محفوظ، من آل وشاح الهرملي
هو وأخوه الشيخ إبراهيم من العلماء الأفاضل، تلمذا على الشيخ عبد الله
نعمة والشيخ حسين زغيب، وأبوهما أيضا كان من العلماء.
توفي الشيخ محمد قبل وفاة الشيخ عبد الله نعمة، وخلف ولده العالم
الفاضل الشيخ محفوظ. والشيخ إبراهيم توفي بعد وفاة الشيخ عبد الله نعمة،
يعنى بعد سنة 1302.
[325]
الشيخ محمد بن إسماعيل القبيسي العاملي
عالم فاضل فقيه كامل، كان حيا سنة ثمان وثمانين ومائة بعد الألف، رأيت
خطه على الكتب التي في خزانتي يظهر منها ما وصفناه به ولا أدري أكثر من
ذلك. فلاحظ.
[326]
الشيخ محمد بن الشيخ جابر بن عباس العاملي النجفي
عالم عامل فاضل فقيه محدث رجالي متبحر، من تلامذة الشيخ محمد بن
الشيخ حسن بن زين الدين الشهيد، وله الرواية عن أبيه الفقيه الشيخ جابر وعن
السيد شرف الدين علي بن حجة الله الشولستاني الغروي وعن الشيخ محمود
ابن حسام المشرفي، ويروي عنه الشيخ فخر الدين بن طريح كما صرح به في
مقدمة شرحه على النافع، وقال في أثناء كلامه: ومن السنة ما أخبرني به شيخي
338

الجليل العالم الفاضل الكامل التقي النقي المؤيد الشيخ محمد بن المبرور
المشكور الشيخ جابر. الخ.
وهو صاحب الإجازة الكبيرة للسيد مرتضى الساروي المازندراني المذكورة
في البحار.
ويروي التقي المجلسي والد صاحب البحار عن أبيه الشيخ جابر بن الشيخ
محمد بن عباس المذكور.
وعندي مجلد فيه جملة رسائل كلها بخط الشيخ محمد بن جابر بن عباس
النجفي صاحب الترجمة، منها رسالة لأستاذه الشيخ محمد بن صاحب المعالم
في مسألة التزكية للراوي بالواحد أو لابد من اثنين، قال في آخرها: انتهى كلام
مصنفها أبقاه الله وحفظه وأدام ظله وكتبها لنفسه أحوج عباد الله إلى رحمة الله
وأغناهم به عمن سواه محمد بن جابر، تمت في اليوم الثاني عشر من شهر
جمادى الأولى سنة ألف وثلاثين، ومنها رسالة للشيخ محمد بن جابر المذكور
في تحقيق محمد بن إسماعيل الواقع في رواية الكليني في الكافي، ومنها
رسالة في الكنى والألقاب جيدة جامعة، ويظهر منها أن له كتابا في علم الرجال،
وأنه تلمذ على الميرزا صاحب الرجال الكبير الاسترآبادي.
وعندي مجموع بخط بعض الأفاضل فيه أسئلة حديثية للشيخ محمد بن
جابر من شيخه الشيخ عبد النبي الجزائري، وفيه أيضا رسالة في جواز تقليد
الميت وعدمه للشيخ محمد بن جابر المذكور تدل على مقام عال له في التحقيق.
وبالجملة الرجل من فحول العلماء.
ويروي عنه أيضا الشيخ عبد علي بن محمد الخمايسي النجفي.
وصرح في بعض إجازاته أنه مشغري عاملي. رحمة الله عليه.
339

(327)
الشيخ محمد بن الحسن الحر
مؤلف الأصل. ترجم نفسه في الأصل 1). وهو أحد المحمدين الثلاث
الأواخر أرباب الجوامع الكبار في الحديث " الوافي " و " البحار " و " الوسائل ".
قال في جامع الرواة عند ذكره: الشيخ الامام العلامة المحقق المدقق
جليل القدر رفيع المنزلة عظيم الشأن عالم فاضل كامل متبحر في العلوم،
لا تحصى فضائله ومناقبه، مد الله تعالى في شرفه، له كتب كثيرة منها " وسائل
الشيعة ". إلى آخر ما قال 2).
وقال المحبي في خلاصة الأثر: قدم مكة سنة سبع وثمانين بعد الألف،
وفي الثانية منها قتلت الأتراك بمكة جماعة من العجم لما اتهموهم بتلويث البيت
الشريف حين وجد ملوثا بالعذرة، وكان صاحب الترجمة قد أنذرهم قبل الواقعة
بيومين وأمرهم بلزوم بيوتهم لمعرفته على ما زعموا بالرمل، فلما حصلت المقتلة
فيهم خاف على نفسه فالتجأ إلى السيد موسى بن سليمان أحد أشراف مكة
الحسنيين وسأله أن يخرجه من مكة إلى نواحي اليمن، فأخرجه مع أحد رجاله
إليها فنجى. إلى أن قال: وكانت وفاته باليمن أو العجم سنة تسع وسبعين
وألف. انتهى 3).
وفيه وهم، فإنه توفي بطوس المشهد المقدس الرضوي سنة أربع ومائة
بعد الألف، ودفن في إيوان بعض حجر الصحن الشريف، ونقش تاريخ وفاته

1) انظر أمل الآمل 1 / 141 - 154.
2) جامع الرواة 2 / 90.
3) خلاصة الأثر 3 / 422.
340

المذكور على الصخرة الموضوعة على قبره الشريف.
وعمر إحدى وسبعين سنة، لان تولده كان سنة ثلاث وثلاثين وألف،
وكانت هجرته من بلاده إلى خراسان سنة اثنتين وسبعين بعد الألف، ومن المشهد
المقدس حج بيت الله الحرام سنة ثمان وثمانين بعد الألف، وهي السنة التي
وقع فيها القتل وقتل فيها المولى محمد مؤمن الاسترآبادي صاحب كتاب الرجعة
وجماعة من العلماء.
والشيخ الحر قدس سره جدنا من قبل بعض الأمهات، وذلك أن أم جد
والدي السيد صالح بن السيد محمد بنت الشيخ الحر صاحب الوسائل كما
ذكرناه في ترجمة جدنا الاعلى السيد محمد بن إبراهيم شرف الدين من أنه
كان تلميذ الشيخ الحر وزوجه ابنته أم السيد صالح والسيد محمد سمي أبيه.
(328)
الشيخ محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني
عالم محقق مدقق، سيما في الحديث والرجال كما يظهر من شرحه 1).
ترجمه في الأصل ترجمة حسنة 2).
وعندي رسالته في مسألة " تزكية الراوي " بخط تلميذه العلامة الشيخ
محمد بن جابر النجفي كتبها في حياة أستاده سنة 1030. وترجمه ولده في الدر
المنثور أيضا 3).

1) لعله يريد " شرح تهذيب الأحكام " أو " شرح الاستبصار ".
2) أمل الآمل 1 / 138.
3) الدر المنثور 2 / 209 - 222.
341

(329)
الشيخ محمد بن الحسن النظنزي العاملي المعروف بدرويش محمد،
ولذا ذكرناه في الدال أيضا 1)
قال العلامة محمد تقي المجلسي والد صاحب البحار في مقدمات شرحه
على من لا يحضره الفقيه عند تعداد طرقه في الرواية ما لفظه: وأروي عن شيخ
علماء الزمان في زمانه الشريف جدي مولانا درويش محمد الأصفهاني النطنزي
العاملي عن الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الكركي رضي الله تعالى
عنهم. انتهى 2).
كان صاحب الترجمة أول من نشر الحديث بأصفهان بعد ظهور الدولة
الصفوية، يروي عنه جماعة من الاجلاء عن سبطه التقي المجلسي، ومنهم
الشيخ عبد الله بن جابر العاملي ابن عمة التقي المجلسي شيخ إجازة صاحب
البحار.
وقد تكرر ذكره في إجازات العلامة المجلسي وأثنى عليه ثناء جميلا كما
تقدم في ترجمة والده وترجمة الشيخ عبد الله بن جابر العاملي وغيرهما.
(330)
السيد محمد بن السيد حسن بن السيد هاشم بن السيد محمد بن السيد
عبد السلام بن السيد زين العابدين بن السيد عباس صاحب نزهة الجليس
الموسوي العاملي، من أسرتنا آل نور الدين.

1) انظر ص 201 من هذا الكتاب.
2) لم نجده في مقدمة روضة المتقين.
342

ولد في دير سريان سنة 1267، وكان من تلاميذ الشيخ جعفر مغنية والشيخ
عبد الله نعمة والشيخ محمد علي عز الدين، وكان فضلا تقيا شاعرا. وتوفي
في دير سريان غرة ربيع الثاني سنة 1319.
وأولاده السيد هاشم والسيد جواد والسيد هادي كلهم أخيار أبرار أتقياء،
تأتي ترجمة الأول منهم.
(331)
الشيخ محمد بهاء الدين ابن الحسين بن عبد الصمد بن محمد (بن) علي
ابن الحسين بن محمد بن صالح العاملي الجبعي
شيخ الطائفة في عصره، وشيخ الاسلام في مصره، كل الفضائل تنسب
إليه، وهو الشيخ في كل العلوم على الاطلاق.
ذكره في الأصل 1)، وترجمه كل معاصريه من العامة والخاصة، وذكره
تلميذه العلامة السيد حسين بن السيد حيدر الكركي قدس الله روحه، قال:
كان أفضل أهل زمانه، بل كان متفردا بمعرفة بعض العلوم الذي لم يحم
حوله أحد من أهل زمانه ولا قبله على ما أظن من علماء العامة والخاصة، يميل
إلى التصوف كثيرا، وكان منصفا في البحث، كنت في خدمته منذ أربعين سنة
في الحضر والسفر، وكان له معي محبة وصداقة عظيمة، سافرت معه إلى
زيارة الأئمة بالعراق عليهم السلام، فقرأت عليه في بغداد والكاظمين وفي النجف
الأشرف وحائر الحسين ثم العسكريين كثيرا من الأحاديث، وأجازني في كل

1) أمل الآمل 1 / 155 - 160.
343

هذه الأماكن جميع كتب الحديث والفقه والتفسير وغيرها 1)، وكنت في خدمته
في زيارة الرضا عليه السلام في السفر الذي توجه النواب الاعلى خلد الله
ملكه أبدا ماشيا حافيا من أصفهان إلى زيارته عليه الصلاة والسلام، فقرأت عليه
هناك تفسير الفاتحة من تفسيره المسمى ب‍ " العروة الوثقى " وشرحه على دعاء
الصباح والهلال من الصحيفة السجادية.
ثم توجهنا إلى بلدة هراة التي كانت سابقا هو ووالده فيها شيخ الاسلام،
ثم رجعنا إلى المشهد المقدس، ومن هناك توجهنا إلى أصفهان إلى أن نحل
وتوفي قدس الله روحه في أصفهان في شهر شوال في سنة ألف وثلاثين وقت
رجوعنا من زيارة بيت الله الحرام، ثم نقل إلى المشهد الرضوي على مشرفه
الصلاة والسلام، ودفن هناك في بيته قريب الحضرة المقدسة، وقبره هناك
مشهور يزوره الخاصة والعامة، ثم ذكر فهرسه مصنفاته.
أقول: وعندي مجموع كالكشكول وفيه جملة أجوبة مسائل كثيرة للشيخ
البهائي، وفيها جوابات المسائل التي سألها السلطان الشاه عباس عن الشيخ
وهي ثلاث عشرة وكلها فارسية وهي في الفقه والعرفان، وسائر الجوابات عربية
وهي خمسة وخمسون كلها فقهية، والكل من نفائس المسائل.
قال السيد في السلافة: علم الأئمة الاعلام، وسيد علماء الاسلام، وبحر
العلم الملاطمة بالفضائل أمواجه، وفحل الفضل الناتجة لديه أفراده وأزواجه،
وطود المعارف الراسخ، وفضاؤها الذي لا تحد له فراسخ، وجوادها الذي

1) في مكتبه " الوزيري " بيزد التي أسسها صديقنا العلامة المرحوم السيد على محمد
الوزيري، مجموعة نادرة من الإجازات فيها أكثرها من ستين إجازة، أكثرها بخط السيد حسين
الكركي، وفيها إجازات معددة له من الشيخ البهائي بخطه كتبها له في حرم الأئمة الطاهرين
عليهم السلام بمشاهد العراق.
344

لا يؤمل لها لحاق، وبدرها الذي لا يعتريه محاق، الرحلة الذي ضربت إليه أكباد
الإبل، والقبلة التي فطر كل قلب على حبها وجبل، فهو علامة البشر، ومجدد
دين الأمة على رأس القرن الحادي عشر، إليه انتهت رئاسة المذهب والملة،
وبه قامت قواطع البراهين والأدلة، جمع فنون العلم وانعقد عليه الاجماع،
وتفرد بصنوف الفضل فبهر النواظر والاسماع، فما من فن الا وفيه القدح المعلى
والمورد العذب المحلى، ان قال لم يدع قولا لقائل، أو طال لم يأت غيره
بطائل، وما مثله ومن تقدمه من الأفاضل والأعيان، الا كالملة المحمدية المتأخرة
عن الملل والأديان، جاءت آخرا ففاقت مفاخرا، وكل وصف قلت في غيره
فإنه تجربة الخاطر.
مولده ببعلبك عند غروب الشمس يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة
الحرام سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، انتقل به والده وهو صغير إلى الديار
العجمية، فنشأ في حجره بتلك الأقطار المحمدية، وأخذ عن والده وغيره من
الجهابذ، حتى أذعن له كل مناضل ومنابذ، فلما اشتد كاهله وصفت له من العلم
مناهله، ولي بها شيخ الاسلام، وفوضت إليه أمر الشريعة على صاحبها الصلاة
والسلام.
ثم رغب في الفقر والسياحة، واستهب من مهاب التوفيق رياحه، فترك
تلك المناصب ومال لما هو لحاله مناسب، فقصد زيارة بيت الله الحرام وزيارة
النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته الكرام، عليهم أفضل التحية والسلام.
ثم أخذ في السياحة فساح ثلاثين سنة، وأوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة
حسنة، واجتمع في أثناء ذاك بكثير من أرباب الفضل والحال، ونال من فيض
صحبتهم ما تعذر على غيره واستحال.
ثم عاد وقطن أرض العجم، وهناك همى غيث فضله وانسجم، فألف وصنف
345

وقرط المسامع وشنف، وقصدته علماء الأمصار، واتفقت على فضله الاسماع
والابصار. الخ 1).
وقال تلميذه العلامة الوحيد المولى محمد تقي والد المجلسي صاحب البحار
في أول الشرح العربي للفقيه: كان شيخ الطائفة في زمانه، جليل القدر عظيم
الشأن كثير الحفظ، ما رأيت بكثرة علومه ووفور فضله وعلو مرتبته أحدا.
إلى أن قال: وكان عمره بضعا وثمانين سنة اما واحدا أو اثنين، فاني سألت
عن عمره رضي الله عنه فقال: ثمانون أو أنقص واحدة، ثم توفي بعده بسنتين،
وسمع قبل وفاته بستة أشهر من قبر بابا ركن الدين رضي الله عنه وكنت قريبا
منه، فنظر إلينا وقال: سمعتم ذلك الصوت؟ فقلنا: لا، فاشتغل بالبكاء والتضرع
والتوجه إلى الآخرة، وبعد المبالغة العظيمة قال: انه أخبرت باستعداد الموت.
وبعد ذلك بستة أشهر تقريبا توفي وتشرفت بالصلاة عليه مع جميع الطلبة
والفضلاء وكثير من الناس يقربون من خمسين ألفا.
(332)
الشيخ محمد بن سليمان الزين العاملي الصيداوي
عالم فاضل كامل جليل ورع صالح، من بيت جليل وعليه سمات الأجلة
وأهل العرفان والسكينة. كان جاء إلى النجف وسكنها واشتغل في طلب العلم
مدة طويلة، ورأيت له كتابا في الفقه كراريس.
ثم ترك كتبه في النجف ورجع إلى صيدا، وكأنه ابتلي بتدبير المعاش وغلب
عليه التكسب. ثم جاء إلى الزيارة فرأيته في بلد الكاظمين وإلا فإني لم أكن في
النجف أيام كان فيها وانما رأيت كتبه عند بعض السادة من أهل بلاده، قال:

1) سلافة العصر: 289.
346

تركها الشيخ محمد سليمان لينتفع بها طلبة البلاد، وانه كان تركها عند المرحوم
الشيخ علي مغنية رفيقه، ولما توفي الشيخ علي صارت عند فلان، قال: أنا أخذتها
على حسب أمره من فلان.
وبالجملة توفي المرحوم الشيخ محمد سليمان صاحب الترجمة سنة نيف
وثلاثمائة والف عن عمر طويل بعد ابتلائه بمرض مزمن في بلاده 1).
وله أولاد أماجد، خصوصا ولده الشيخ الفاضل العالم الشيخ محمد رضا
سلمه الله تعالى، وهو نعم الخلف 2).
(333)
الشيخ محمد بن الشيخ سليمان معتوق العاملي الكاظمي
كان من أجلة العلماء، وصفه السيد العلامة المتبحر السيد عبد الله شبر صاحب
جامع الاحكام وغيره بما لفظه: جناب شيخ المشايخ العظام وعلامة العلماء
الاعلام الشيخ محمد بن المرحوم الشيخ سليمان العاملي.
أقول: كان كلام السيد سنة وفاة والده الشيخ سليمان معتوق، وهي سنة
سبع وعشرين ومائتين والألف، وتوفي الشيخ محمد سنة 1264.
(334)
السيد محمد بن عبد السلام بن السيد زين العابدين بن السيد عباس نور الدين
الموسوي العاملي
ذكره في بغية الراغبين وقال: كان من الفقهاء والمجتهدين، ولد ومات

1) في أعيان الشيعة 9 / 350: ولد في صيدا سنة 1246 وتوفى فيها سنة 1320.
2) له ترجمة في نقباء البشر ص 773، وفيها: ولد في صيدا وبها نشأ وترعرع،
وتوفى بكفر رمان في رجب سنة 1366.
347

في جبشيت، وهو والد السيد العالم الجليل السيد هاشم المولود سنة 1200
والمتوفى سنة 1285، قدس الله نفسه.
(335)
الشيخ شمس الدين محمد بن عبد العالي 1) بن نجدة، تلميذ الشهيد
الأول 2)
كان من أجلة العلماء الفقهاء الفضلاء 3)، ولما رجع من حج بيت الله الحرام
هنأه أستاذه الامام شمس الدين محمد بن مكي الشهيد بهذه الأبيات:
قدمت بطالع السعد السعيد * وحياك القريب مع البعيد
وحسب القلوب وكان كل من * الأصحاب بعدك كالفقيد
عمرت الحج بيت الله حقا * وبلغت الأماني في الصعود
وزرت المصطفى وبنيه حتى * وصلت إلى المكارم والسعود
وعاودت الأقارب في نعيم * من الرحمن اتبع والخلود
ودام لك الهنا بهم وداموا * مع الأيام في رغم الحسود
واني مشفق والعزم مني * لقاؤك عن قصير أو مديد 4)
كذا بخط الشيخ الجليل محمد بن علي الجباعي جد الشيخ البهائي " ره "
نقلا عن خط الشيخ الشهيد الأول، ثم قال: توفي الشيخ شمس الدين محمد

1) أو " عبد العلى " كما في إجازة الشهيد الأول له. انظر البحار 107 / 194
وغيره من المصادر.
2) سيذكر أيضا برقم (237).
3) مذكور في أمل الآمل 2 / 279 و 309.
4) الأبيات مشوشة ونقلناها كما هي.
348

ابن عبد العالي تغمده الله برحمته وأسكنه بحبوحة جنته بمحمد وآله وعترته
صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين في شهر شعبان سنة ثمان وثمانمائة
هجرية النبوية على مشرفه السلام 1).
(336)
السيد صدر الدين محمد بن عبد الحسيب بن أحمد بن زين العابدين العلوي
ذكره في شذور العقيان أن جده السيد احمد كان صهر المحقق المير محمد
باقر الداماد، وقال في وصف صاحب الترجمة: السيد السند المحقق المدقق
الحسيب النسيب ذو الحسب الباهر والنسب الفاخر صدر الدين محمد بن عبد
الحسيب بن أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي، كان عالما فاضلا، رأيت
خطه على كتب عديدة - مثل كشف الحقائق وغيره - تاريخ كتابة الأول من شهر
جمادي الثانية سنة ثلاث ومائة بعد الألف.
(337)
الشيخ محمد بن عبد العالي بن نجدة العاملي
عالم عامل فاضلا جليل من شيوخ أصحابنا، كان معاصرا للسيد الامام
العلامة الحسن بن نجم الدين بن الأعرج العاملي، وهو أستاذ الشيخ عز الدين
حسن بن أحمد بن يوسف المعروف بابن (..) الكسرواني.
توفي صاحب الترجمة سنة ثمان وثمانمائة، كما نص عليه الشيخ الجليل
الشيخ محمد بن علي الجباعي جد شيخنا البهائي " ره " في مجموعته الموجودة

1) انظر البحار 107 / 209.
349

بخطه وقلمه 1).
(338)
الشيخ محمد بن عبد اللطيف الجامعي العاملي، نزيل مكة المعظمة
كان عالما فاضلا جليلا محدثا، رأيت بخطه جملة من الرسائل استكتبها
لنفسه بمكة المشرفة، ونقش خاتمه " محمد بن عبد اللطيف الجامعي نزيل حرم
الله السامعي ".
(339)
الشيخ محمد بن علي البرزولي العاملي
رأيت بخطه الجزء الرابع من المسالك، فرغ منه ليلة الخميس السابع
عشر من رجب سنة سبع وثمانين وتسعمائة بعد وفاة الشهيد الثاني " ره " بإحدى
وعشرين سنة، فلعله من تلاميذه.
(340)
الشيخ محمد بن علي بن أحمد المعروف بالحريري وبالحرفوشي العاملي
ذكره في الأصل 2) وفي السلافة 3)، وذكره من علماء الجمهور المحبي

1) هذه الترجمة تكرار للترجمة رقم (335)، وقد شطب عليها في مصورة الأصل،
ولكن أبقيناها لما فيها من بعض الفوائد غير الموجودة في الترجمة السابقة.
2) أمل الآمل 1 / 162.
3) سلافة العصر ص 315.
350

في خلاصة الأثر في علماء القرن الحادي عشر ووصفه ب‍ " اللغوي النحوي
الأديب البارع الشاعر المشهور "، ثم قال: كان في الفضل نخبة أهل جلدته،
وله تصانيف كثيرة، منها شرح الأجرومية في مجلدين سماة " اللآلي السنية "
و " شرح الفاكهي " و " شرح التهذيب " و " حاشية على شرح قواعد الشهيد "
و " نهج النجاة فيما اختلف فيه النحاة " و " شرح زبدة الأصول " و " طرائق
النظام ولطائف الانسجام " في محاسن الاشعار وغير ذلك.
قرأ بدمشق وحصل وسما، وحضر درس العمادي المغني، وكان العمادي
يجله ويشهد بفضله، وطلبه المولى يوسف بن أبي الفتح لإعادة درسه فحضر
أياما ثم انقطع، فسأل الفتحي عن سبب انقطاعه، فقيل: انه لا يتنازل لحضور
درسك، فكان ذلك الباعث على اخراجه من دمشق، وسعى الفتحي عند الحكام
على قتله بنسبة الرفض إليه، وتحقق هو الامر فخرج هو من دمشق إلى حلب
هاربا، ثم دخل بلاد العجم فعظمه سلطانها الشاه عباس وصيره رئيس العلماء
في بلاده.
وكان هو بدمشق خامل الذكر، وكان يصنع القماش العباءات المتخذة
من الحرير ولذلك قيل له " الحريري "، وكان كثير من الطلبة يقصدونه وهو
في حانوته يشتغل، فيقرأون عليه ولا يشغله شاغل من العلم.
وكان في الشعر مكثرا محسنا في جميع مقاصده، وقد جمعت من أشعاره
أشياء لطيفة. ثم نقل قطعة من شعره 1).
أقول: انما تخرج صاحب الترجمة على جدنا العلامة السيد نور الدين
بمكة، قرأ عليه كتب العامة والخاصة كما ذكره في الأصل. وله كتب غير
ما ذكرها المحبي.

1) خلاصة الأثر 4 / 49.
351

وهو الذي اجتمع في مسجد الشام بالمعمر المغربي وتحمل عنه الرواية
عن أمير المؤمنين عليه السلام، وشرحت الحال في " بغية الوعاة في طبقات
مشايخ الإجازات "، وذكرت طرق اتصالي بالرواية عنه.
(341)
الشيخ محمد بن علي بن أحمد بن علي العاملي، من تلامذة الشهيد الأول
عالم فاضل فقيه ماهر، نسخ بخطه إيضاح الفوائد في سنة 843 فليلاحظ.
(342)
الشيخ محمد بن علي بن أحمد بن يونس الصيداوي العاملي
رأيت له بعض تعليقات فرغ منه في غرة رجب عام أربع وخمسين وتسعمائة
يدل على أنه من أجلة علمائنا رضوان الله تعالى عليهم.
(343)
الشيخ الفاضل الاجل محمد بن علي بن الحسن العودي الجزيني العاملي
أحد تلامذة الشهيد الثاني، صاحب كتاب " بغية المريد في الكشف عن
أحوال الشيخ زين الدين الشهيد "، المعروف بين العلماء بابن العودي.
قال في أول كتابه: ولما كان هذا الضعيف ممن حاز على حظ وافر من خدمته
- يعني الشهيد " ره " - وتشرف بمدة مديدة من ملازمته، كان ورودي إلى خدمته
في عاشر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وتسعمائة إلى يوم انفصالي عنه بالسفر
إلى خراسان في عاشر ذي الحجة سنة ثنتين وستين وتسعمائة، وجب أن أتوجه
352

إلى جمع تاريخ يشتمل على ما تم من أمره من حين ولادته إلى انقضاء عمره 1).
أقول: وهذا الكتاب يدل على أن صاحبه فاضل أديب شاعر لبيب ناثر
عجيب متبحر في العلوم التاريخية والعربية والرجال، وله الخبرة التامة في
مسالك الفقهاء واختلاف مشاربهم، وأنه أصولي محدث على جانب عظيم من
التقوى والروع ومحب للعلم والعلماء، وأن له الخبرة في علم المعقول والتبحر
في علم الأوائل، وكذلك الخبرة بعلوم القرآن.
وبالجملة الرجل من الفضلاء الكاملين والعلماء الراسخين، لو أردت نقل
عباراته الدالة على ما ذكرت لطال المقام.
وقد أخرج الكتاب المذكور الشيخ علي السبط في الجزء الثاني من
كتابه الدر المنثور، على أن الكتاب قد ألف منه جملة من الفصول على موجب
فهرس فصوله في أول الكتاب 2).
(344)
السيد الاجل محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحسن الحسيني الموسوي
الجبعي العاملي
عمنا السيد صاحب المدارك، أخو جدنا السيد نور الدين. ذكره في
الأصل 3)، ولا يمكن اخلاء كتابنا منه.
أمه بنت الشيخ زين الدين الشهيد، وأمها بنت الشيخ علي بن عبد العالي

1) الدر المنثور 2 / 151 مع بعض التغيير.
2) وجد الشيخ على بن محمد بن الحسن بن زين الدين العاملي بعض فصول كتاب
" بغية المريد " فأدرجها في كتابه الدر المنثور 2 / 149 - 198. فراجعه.
3) أمل الآمل 1 / 167.
353

الميسي.
كان مع الشيخ حسن صاحب المعالم كفرسي رهان، أخوين في الدين
وشركين في التحصيل والدرس والأساتيذ والمسلك في الأصول والفقه
والمهاجرة إلى تحصيل العلم.
قرءا أولا على السيدين الجليلين السيد علي والده والسيد علي الصائغ،
وهما اجل تلامذة الشيخ زين الدين الشهيد، قرءا عليهما كثيرا من كتب الفقه
والأصول وجميع علوم العربية والمنطق حتى صارا من أهل النظر.
وهاجرا إلى النجف سنة بضع وثمانين وتسعمائة للحضور على المقدس
الأردبيلي " ره " لأنه الرئيس في ذلك العصر ومن يشد إليه الرحال.
ودعوى السيد المعاصر في الروضات أن هجرتهما إلى النجف كانت سنة
ثلاث وتسعين وتسعمائة (1. وهم، لأنه سنة وفاة المقدس الأردبيلي، وقد نص
الشيخ علي سبط الشهيد أنهما لما رجعا من النجف صنف الشيخ حسن المعالم
والمنتقى والسيد محمد المدارك، ووصل بعض ذلك إلى العراق قبل وفاة المولى
احمد الأردبيلي 2).
وقد شرحت كيفية اشتغالهما على الأردبيلي في ترجمة الشيخ حسن صاحب
المعالم، وكذلك شرحت كيفية اتحادهما وسيرتهما 3).
وللسيد محمد قدس سره غير المدارك كتاب " غاية المرام في شرح مختصر
شرائع الاسلام "، وعندي منه نسخة عزيزة، وهو من أول كتاب النكاح إلى
آخر كتاب النذور، فرغ منه ضحى نهار الخميس التاسع عشر من شهر

1) روضات الجنات 2 / 297.
2) الدر المنثور 2 / 199 - 209.
3) أنظر ص 138 من هذا الكتاب.
354

(رجب) 1) سنة سبع وألف من الهجرة.
ووجه تخصيص ذلك الموضع بالشرح - على ما ذكره صاحب المقامع -
قال على ما سمعناه من بعض مشايخنا: أنه لما كتب المحقق الأردبيلي شرحه
المشهور على الارشاد وفرق أجزاءه على التلامذة ليخرجوه إلى البياض من
السواد وكان بعضهم ردئ الخط جدا، فاتفق وقوع تلك المواضع التي شرحها
السيد من النافع في خطه فلم ينتفع به من سوء خطه، وكان الشارح قد قضى
نحبه فالتمس بعضهم من السيد تجديد المواضع التالفة ليكمل شرح أستاذه،
فقبل رحمه الله لكنه عدل عن الارشاد إلى النافع هضما وأدبا من أن يعد شرحه
متمما لشرح أستاذه.
ومات السيد في جبع في السنة التاسعة بعد الألف قبل وفاة الشيخ حسن
بمقدار تفاوتهما بالسن.
قال: ورأيت بخط ولده السيد حسين على ظهر كتاب المدارك الذي عليه
خطه مؤلف في مواضع ما هذا لفظه: توفي والدي المحقق مؤلف هذا الكتاب
في شهر ربيع الأول ليلة العاشر منه سنة تسع بعد الألف في قرية جبع. انتهى 2).
وقيل في ولادته أنها كانت سنة ست وأربعين وتسعمائة، فيكون عمره الشريف
اثنتين وستين سنة. وقيل: بل كان عمره عند وفاته خمسين سنة. والله أعلم.
وما اشتهر على الألسن من أن كتاب " شرح شواهد ابن الناظم " للسيد
محمد صاحب المدارك وهم لا أصل له، انما ذلك للسيد محمد بن علي بن
محيي الدين الموسوي العاملي القاضي بالمشهد الرضوي تلميذ السيد صاحب
المدارك، وجاء الوهم من الاشتراك في الاسم واسم الأب والنسب والبلد،

1) بياض في مصورة الأصل وأضفناه من الذريعة 16 / 20.
2) هذا من كلام صاحب روضات الجنات.
355

وقد نص الشيخ الحر في الأصل على أنه للمذكور في ترجمته.
وكذلك ما اشتهر من نسبة " شرح العلويات السبع " لابن أبي الحديد إلى
السيد صاحب المدارك لا أصل له، انما هو للسيد محمد بن الحسن بن أبي الرضا
العلوي، كما نص عليه في كشف الظنون.
وللسيد محمد من الأولاد الذكور العلماء: السيد حسين شيخ الاسلام
بالمشهد الرضوي، والسيد نجم الدين الذي كتب له صاحب المعالم الإجازة
الكبيرة التي لا نظير لها في الإجازات.
(345)
الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن الحسين بن صالح الحارثي اللويزي
الجبعي العاملي، الجد الاعلى للشيخ البهائي
صاحب المجاميع الثلاث التي أكثر النقل منها العلامة المجلسي، وأكثرنا
نحن عن بعضها النقل أيضا.
ويظهر من إجازة الشيخ الفقيه علي بن محمد بن علي بن السكون التي
كتبها على نسخة صاحب الترجمة أنه من أجلة العلماء الاعلام في عصره، قال
" وبعد فقد قرأ علي هذه الصحيفة الكاملة المولى الأعظم الفاضل المكرم مفخرة
الفضلاء وخلاصة الاجلاء شمس الدنيا والدين محمد ابن الشيخ العلامة أبي
الفضل زين الدنيا والدين وشرف الاسلام والمسلمين علي ابن الشيخ بدر الدين
حسن الشهير بالجبعي رفع درجاتهم في أعلا عليين وحشرهم مع النبيين،
قراءة مهذبة مرضية محررة ألفاظها مبينة معانيها بنسخها المنقولة، وكنت مستفيدا
منه أعظم الله أجره أكثر من إفادتي له، وأجزت له أدام الله أيامه أن يروي
ذلك عني. فاني رويتها قراءة على السيد الجليل النقيب أبى العباس تاج الدين
356

عبد الحميد ابن السيد جمال الدين أحمد بن علي الهاشمي الزينبي طاب ثراه،
ورواها لي عن الشيخ الأجل عزيز الدين شيخ السالكين حسن بن سليمان الحلي
رفع الله درجته، باسناده المتصل إلى سيدنا ومولانا زين العابدين عليه السلام،
ورويتها له أيضا بحق الإجازة عن الشيخ الجليل بهاء الدين أبى القاسم علي
ولد الشيخ الامام العالم المحقق خاتم المجتهدين أبى عبد الله شمس الدين
محمد بن مكي عن والده قدس سره بطرقه المتصلة إلى الإمام عليه السلام "
إلى آخر الإجازة.
وذكر صاحب الترجمة في بعض مجاميعه أنه سافر إلى الحجاز سنة 855
والى بيت المقدس سنة 858 والى العراق سنة 865، قال: ومرضت سنة 864،
وسافرت إلى العجم في أول ذي القعدة سنة 879، ووردت العراق سنة 880،
ثم رجعت هذه السنة إلى الشام.
وتوفي قدس الله روحه سنة 886 على ما أخبر به ولده الشيخ عبد الصمد.
قال العلامة المجلسي في أواخر البحار: اعلم أنه قد وصل الشام مجموعة
بخط الشيخ الجليل شمس الدين محمد بن علي بن الحسين الجباعي وكان
يلوح منها آثار فضله وسداده. انتهى 1).
وكأنه لم يعثر على ما عثرنا عليه في ترجمته وثناء ابن السكون عليه بما
عرفت.
وقال المحقق الكركي في اجازته لحفيد صاحب الترجمة علي بن عبد الصمد
ابن محمد بن علي الجباعي ما لفظه: ابن عبد الصمد بن المرحوم المقدس قدوة
الاجلاء في العالمين الشيخ شمس الدين محمد الجبعي. انتهى موضع الحاجة 2).

1) بحار الأنوار.
2) المصدر السابق.
357

وبالجملة الرجل من أجلاء الأصحاب أبو علماء أجلاء وابن علماء أجلاء،
لم يطلع الشيخ الحر على أكثرهم وسهل الله جل جلاله لنا احياء ذكرهم،
فله الحمد.
وقد وفق الله العثور على مجموعتين من المجاميع الثلاث، في إحداهما
أكثر النقل من مجموعة الشهيد الأول التي كانت عنده بخطه، وقد شحنها من
طرائف الفوائد ونوادر الفرائد نظما ونثرا. رحمة الله عليهم.
(346)
السيد محمد بن علي بن حيدر بن محمد بن نجم الدين الموسوي العاملي
الكركي
أحد العلماء الاجلاء، وقد ذكر نسبه في آخر كتابه " تنبيه وسن العين في
المفاخرة بين بني السبطين " هكذا " محمد بن علي بن حيدر بن محمد بن نجم "،
وبه يعرف هذا البيت فيقال بيت السيد نجم " بن محمد بن محمد بن محمد "
ثلاث محمدين والأخير " بن حسن "، وهو أول من توطن منهم قرية سكيك
بظم السين المهملة قرية من بلاد الشام قريبة غاية القرب (...) وهي دمشق
" بن نجم بن حسين بن محمد بن موسى بن يوسف بن محمد بن معالي بن
علي الحائري " المذكور في عمدة الطالب " بن عبد الله بن محمد بن علي
هو ابن الديلمية بن عبد الله هو أبو طاهر ابن محمد هو أبو الحسن المحدث ابن
طاهر هو أبو الطيب ابن الحسين هو القطيعي ابن موسى الأصغر المعروف بأبي
سبحة ابن إبراهيم المرتضى ابن موسى الكاظم عليه السلام ".
وبالجملة يعرف صاحب الترجمة بمحمد بن حيدر العاملي المكي.
358

قد ذكره في الأصل على اجمال 1).
وذكره السيد عباس بن علي بن نور الدين في نزهة الجليس فقال في الثناء
عليه: قاموس العلم الزاخر يلفظ إلى ساحله الجوهر الثمين الفاخر، وشمامة
أهل الحجاز حقيقة لا مجاز، فاضل بأحاديث فضله تضرب الأمثال، ومجتهد
رحلة إلى بابه تشد الرحال، وبليغ تفرد بالبلاغة وأديب ألمعي صاغ النظم
والنثر أحسن صياغه، حاز العلوم والشرف الباهر وورث الفخار كابرا عن كابر،
له التصانيف العديدة المشهورة المفيدة، منها " برهان الحق المبين " في مجلدين
في الإمامة، " الحسام المطبوع في المعقول والمسموع " في علم الكلام وهو
مجلد ضخم، " تنبيه وسن العين في المفاخرة بين بني السبطين " و " رجل
الطاوس إذا تبخر القاموس " حاشية عليه مفيدة، " كنز فرائد الأبيات للتمثيل
والمحاضرات " (وهو مجلد ضخم) خدم به الشريف أحمد بن سعيد بن شبر،
و " الثقوب السنية في الفهوم الحسنية " وهو مجلد ضخم جليل القدر خدم به
الشريف ناصر الحارث، " نجح أسباب الأدب المبارك في فتح قرب المولى
شبير بن مبارك " خدمه به، " العبائر المزجية في تركيب الخزرجية "، " مذاكرة
بين الراحة والعنا في المفاخرة بين الفقر والغنى ".
وزاد ولده السيد رضي الدين كتاب " اقتباس علوم الدين من النبراس
المبين " في آيات الاحكام، وكتاب " السبط السالك على المدارك والمسالك "،
وكتاب " ثواقب العلوم السنية في مناقب الفهوم الحسنية "، وكتاب " كنز
الفوائد والابيات للتمثيل والمحاضرات "، وكتاب " الأنوار المبكرة في شرح
خطبة التذكرة " وهي تذكرة الشيخ داود الأنطاكي. وكتاب " ري الصادر في

1) أمل الآمل 1 / 160.
359

الأسماء والمصادر "، وكتاب " مطلع البدر التمام عن قصيدتي أبى تمام " 1).
كان رحمه الله بمكة المشرفة كالبيت العتيق يقصده الطلاب من كل فج
عميق، وما زال مقيما في أسمى ذروة الشرف والفضل والجاه، إلى أن دعاه إلى
قربه ملك الملوك فاجابه ولباه، وكانت وفاته يوم الاثنين ثاني ذي الحجة الحرام
عام تسع وثلاثين بعد الألف والمائة من هجرة خير الأنام، رحمه الرحمن
الرحيم وأسكنه فراديس النعيم.
وله ديوان شعر عجيب يهش لسماع الأديب، ثم نقل قطعة من شعره (2.
قلت: ونسب إليه في بغية الراغبين رسالة في " تفسير قوله تعالى رب
اجعلني على خزائن الأرض "، و " كتاب في آيات القرآن " يشهد بسعة باعه
ووفور اطلاعه على جميع المذاهب وتحقيق أقوالهم سلك فيه مسلكا غربيا
تلكم فيه على جميع العلوم اشتمل على أبحاث في ذلك شافية مع علماء الجمهور.
انتهى.
ولعله بعينه كتاب " النبراس المبين " في آيات الاحكام. فلاحظ.
يروي عنه الشيخ الفقيه عبد الله بن صالح السماهيجي البحراني جامع
" الصحيفة العلوية ".
وعندي له كتاب " رجل الطاوس " المذكور آنفا حاشية على القاموس
ناقصة تدل على تبحره في اللغة والأدب لا أظن أن أحدا من أهل العلم بالعربية
يقدر على مثلها، ولم لم يكن له الا هذه الحاشية لكفى في فضله وغزارة علمه،
وقد ذكره في الأصل مختصرا. فلاحظ.

1) من قوله " وزاد ولده " إلى هنا إضافة من الصدر وليس في المصدر.
2) نزهة الجليس 1 / 140.
360

(347)
الشيخ محمد بن علي بن محمود بن يوسف بن محمد بن إبراهيم العاملي
الشامي 1)
ذكره في الأصل وأنه من معاصريه 2)، وذكر ما ذكره السيد علي في السلافة
في ترجمته (3، وهي ترجمة حسنة غير أن صاحب الأصل اختصرها، والمحبى
في خلاصة الأثر استقصاها، قال: هو الشهير بالحشري الأديب الشاعر البليغ
الوحيد في مقاصده البعيد الغاية في ميدانه، ذكر السيد علي بن معصوم في
السلافة واستوعب ذكر فضائله أغناني عن شرح أحواله. ثم ذكر جميع
ما ذكره 4).
أقول: هاجر صاحب الترجمة إلى إيران (...) 5)، فأقام بها برهة من
الزمان ناشر العلم محمود السيرة والسريرة معظما عند السلطان والوزراء،
مسموعا مطاعا في كل أمره ونهيه، ثم حج بيت الله الحرام وأقام بمكة سنين،
وكان رحلة تشد إليه الرحال في طلب العلم أين ما حل، وهو من أجل علماء
القرن الحادي عشر، وتوفي فيه رضي الله عنه 6).

1) ليس في الامل " ابن محمود " في نسب المترجم له ويوجد في خلاصة الأثر.
2) أمل الآمل 1 / 173.
3) سلافة العصر ص 173.
4) خلاصة الأثر 4 / 65.
5) جملة مطموسة في مصورة الأصل.
6) في الخلاصة: كانت وفاته في نيف وتسعين وألف.
361

(348)
السيد محمد بن الميرزا علي بن مساعد الحسيني العاملي المتخلص بمهري
المجاور المشهد الرضوي على مشرفه السلام
عالم شاعر أديب، رأيت ديوانا بخطه فرغ منه في ذي القعدة الحرام سنة
1091.
(349)
الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن موسى بن الضحاك الشامي العاملي
وصفه الشيخ الجليل محمد بن علي الجباعي في مجموعته الموجودة بخط
يده بالشيخ الامام العالم الفقيه تلميذ الشيخ الفاضل شمس الدين محمد بن مكي.
قال: وكان هذا الشيخ من العلماء العقلاء وأولاد المشايخ الاجلاء ورفيق شيخه
ابن مكي أول اشتغاله بالحلة، وكان للشيخ فخر الدين ابن المطهر به خصوصية،
وكان اشتغاله على شيخه ابن مكي إلى حين مقتله، وكان يعظمه جدا ويشير
إليه، وله مباحثات حسنة وأبيات أشعاره رائقة مشهورة، توفي في الثامن عشر
من شهر رمضان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة.
(350)
الشيخ محمد بن علي بن نعمة الله العاملي
ذكره في الأصل (1، وهو المعروف بان خاتون العاملي. جاور حيدر آباد
الهند ولم يذكر صاحب الأصل في مصنفاته " شرحه على الجامع العباسي "

1) أمل الآمل 1 / 169.
362

لشيخه البهائي، ولا كتابه الكبير في " الإمامة " بالفارسية أيضا. ورأيت ترجمته
لكتاب الأربعين لأستاذه البهائي. وتوفي في عصر الشيخ الحر.
(351)
الشيخ محمد ابن العلامة الشيخ قاسم ابن الشيخ محمد ابن الشيخ احمد
ابن الشيخ علي بن الحسين بن محيي الدين الجامعي العاملي النجفي
كان عالما فاضلا تقيا صالحا عابدا ورعا. تولى في النجف التدريس بعد
أبيه وتوفي في الطاعون سنة 1326 كما حكاه ابن أخيه الشيخ جواد بن الشيخ
علي محيي الدين في رسالته.
(352)
السيد محمد بن محمد بن إبراهيم شرف الدين ابن زين العابدين بن
نور الدين الموسوي العاملي الشحوري
عالم عامل فاضل جليل، قرأ على أبيه العلامة تلميذ الشيخ الحر صاحب
الأصل وصهره وأم صاحب الترجمة بنت الشيخ الحر.
والسيد أخو جدنا السيد صالح المتقدم ذكره، وهو والد السيد الجليل
السيد إسماعيل شرف الدين والد السيدين الجليلين السيد جواد والسيد أبو
جعفر، ومن أولاد السيد جواد السيد الجليل العالم الفاضل السيد يوسف شرف
الدين الآتي ذكره انشاء الله تعالى، والد السيد العلامة خادم العلوم الدينية
ومروج مذهب الإمامية العلامة المكين السيد عبد الحسين شرف الدين المتقدم
ذكره.
363

فالعلم في آل نور الدين مستمر مع توالى الاعصار في جميع الذيول
والفروع من هذه الطائفة بحمد الله تعالى.
(353)
السيد محمد بن محمد بن الحسن العاملي المعروف بالعيناثي، نزيل المشهد
الرضوي
رأيت له نسخ جملة من الكتب يدل على أنه عالم فاضل في الأدب، وله
شعر جيد. كان تاريخ كتابة الكتب سنة سبع وأربعين بعد الف.
(354)
الشيخ شمس الدين محمد ابن الشيخ شمس الدين محمد بن مكي العاملي
رأيت إجازة الشيخ علي بن عبد العالي الكركي لولده الشيخ حسين،
ولما وصل إلى ذكر والده صاحب الترجمة وصفه ب‍ " العامل الفاضل المحقق " 1).
وقد أخرج الإجازة العلامة المجلسي في إجازات البحار 2) وتعجب من
الشيخ الحر كيف غفل عن ذكر مثل هذا الشيخ الجليل مع أنه من أجلاء
سلفه 3).
قلت: ولا عجب فقد غفل عن مائة أمثاله كما يظهر من كتابنا هذا. فلاحظ.

1) بل عبر عنه ب‍ " المرحوم الشيخ الجليل شمس الدين محمد الحر.. ".
2) بحار الأنوار 105 / 54.
3) ليس هذا من كلام العلامة المجلسي.
364

(355)
تاج الشريعة وفخر الشيعة شمس الملة والدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ
جمال الدين مكي ابن الشيخ شمس الدين محمد بن حامد بن أحمد المطلبي
نسبا الحارثي الهمداني أما النباطي الجزبني العاملي موطنا المعروف بالشهيد
الأول
ذكره في الأصل ولم يستوف تواريخه ولا ترجمته 1).
تولد رضي الله عنه سنة أربع وثلاثين وتسعمائة بلا خلاف، وهاجر إلى
العراق سنة خمسين وهو ابن ست عشرة سنة، وأجازه فخر المحققين في داره
بالحلة سنة إحدى وخمسين كما نص عليه في أربعينه، وأجازه ابن نما سنة
اثنتين وخمسين، وأجازه ابن معية سنة أربع وخمسين، وأجازه المطار آبادي
سنة سبع وخمسين، وأجازه فخر الدين ابن العلامة في هذا التاريخ،
ومدة بقائه في العراق خمس سنين، فرجع إلى بلاده وهو ابن إحدى وعشرين.
ويظهر من قوله في اجازته لابن خاتون 2). " وأما مصنفات العامة ومروياتهم
فاني أرويها من نحو من أربعين شيخا من علمائهم بمكة والمدينة ودار السلام
بغداد ومصر ودمشق وبيت المقدس ومقام الخليل إبراهيم عليه السلام " 3) أنه
دخل كل هذه البلاد وطلب العلم.
وذكر في بعض كلماته أن طرقه إلى الأئمة المعصومين عليهم السلام ما يزيد
على ألف طريق، واستشهد في سنة ست وثمانين وسبعمائة، فيكون عمره حينئذ

1) أمل الآمل 1 / 181.
2) كذا في مصورة الأصل، والصحيح " لابن الخازن ".
3) بحار الأنوار 107 / 190.
365

اثنتين وخمسين سنة. فهو من آيات الله الباهرة، لان آثاره العلمية الباقية في
فنون الشريعة يعج. عنها الفحول المعمرون من المحققين، فهو من اختاره الله
لاحياء الدين وتكميل شريعة سيد المرسلين.
والجدير بما قاله المحقق الكركي في وصفه في اجازته صفي الدين
ب‍ " شيخنا الامام شيخ الاسلام علامة المتقدمين ورئيس المتأخرين حلال
المشكلات وكاشف المعضلات صاحب التحقيقات الفائقة والتدقيقات الرائقة
حبر العلماء وعلم الفقهاء شمس الملة والحق والدين أبى عبد الله محمد بن
مكي الملقب بالشهيد رفع الله درجاته في عليين وحشره في زمرة الأئمة
الطاهرين " 1).
وما وصفه به الشيخ زين الدين الشهيد في اجازته لوالد البهائي ب‍ " شيخنا
الامام الأعظم محيي ما درس من سنن المرسلين ومحقق حقايق الأولين والآخرين
الامام السعيد أبى عبد الله الشهيد " 2).
وما قاله العلامة النوري " ره " فيه من قوله " أفقه الفقهاء عند جماعة من
الأساتيذ جامع فنون الفضائل وحاوي صنوف المعالي وصاحب النفس الزكية
القدسية القوية التي ينبئ عنها ما ذكره السيد الجليل السيد حسين القزويني
أستاد السيد بحر العلوم، قال في مقدمات شرحه على الشرائع: وجدت بخط
الشيخ السعيد صاحب حدائق الأبرار من أحفاد الشارح الفاضل الشهيد الثاني،
قال: وجدت بخط الشيخ ناصر البويهي وهو من الفقهاء المتبحرين العلماء
المتقين ما هذا لفظه: انه رأى في منامه كأنه في قرية جزين التي هي قرية الشيخ
شمس الدين محمد بن مكي الشهير بالشهيد الأول في سنة خمس وخمسين

1) بحار الأنوار 108 / 70.
2) المصدر السابق 108 / 148.
366

وتسعمائة قال: ذهبت إلى باب بيت الشيخ فطرقته فخرج الشيخ إلي فطلبت
منه الكتاب الذي صنفه الشيخ جمال الدين ابن المطهر في الاجتهاد، فدخل
بيته وأتاني بالكتاب ومعه كتاب آخر أظنه في الروايات، فناولنيهما واستيقضت
وهما معي. انتهى 1).
وأعظم من ذلك ما كتبه فخر المحققين على ظهر نسخة القواعد بعد قراءة
الشهيد " قرأ علي مولانا الامام العلامة الأعظم أفضل علماء العالم سيد فضلاء
بني آدم مولانا شمس الحق والدين محمد بن مكي بن حامد أدام الله أيامه من
هذا الكتاب مشكلاته " إلى أن كتب " وأجزت له رواية جميع كتب والدي "
الخ 2).
وقد عرفت أن سنه يوم أجازه أولا سبعة عشر سنة ويوم أجازه أخيرا إحدى
وعشرين وهي سنة رجوعه إلى بلاده، وهذا مما يبهر العقول عن التأمل أن
يكون في هذا السن أفضل علماء العالم وسيد فضلاء بني آدم.
وقد تخرج عليه في هذه المدة اليسيرة جماعة من العلماء الاعلام، كأبنائه
الثلاثة والفاضل المقداد والشيخ حسن بن سليمان الحلي والشيخ محمد بن
نجدة والشيخ شمس الدين محمد بن عبد العالي والشيخ زين الدين علي بن
الخازن الحائري وأمثالهم ممن ذكرناه في كتابنا هذا.
ومن كراماته أنه كتب اللمعة في الحبس في سبعة أيام ولم يكن عنده غير
المختصر النافع 3).

1) مستدرك وسائل الشيعة 3 / 437.
2) بحار الأنوار 107 / 178.
3) هذا كلام يتداوله بعض المترجمين للشهيد رحمه الله، وليس بصحيح، فقد ألف
الشهيد كتاب " اللمعة " جوابا لرسالة حاكم خراسان على بن مؤيد الذي رجى إليه فيها
أن يقدم عليه بخراسان، فاعتذر من ذلك وألف له هذا الكتاب.
367

ومنها أنه أظهر بطلان دعوى الساحر الشهير محمد اليالوشي النبوة في
جبل عامل بعد ما بلغ أمره ما بلغ بمهارته في السحر فدقها بابطال ما كان يسحره
ومعارضته بالمثل حتى قتل في سلطنة برقوق.
وله من المؤلفات غير ما ذكر في الأصل كتاب " الاستدراك "، يوجد في
النجف عند الشيخ موسى بن الشيخ علي بن عبد الرسول النجفي.
قال العلامة المجلسي في مقدمة البحار: ومؤلفات الشهيد مشهورة كمؤلفها
العلامة، وكتاب 1) الاستدراك فاني لم أظفر بأصل الكتاب ووجدت أخبارا
مأخوذة منه بخط الشيخ الفاضل محمد بن علي الجبعي " ره " وذكر أنه نقلها
من خط الشهيد " ره ".
أقول: نقل العلامة النوري " ره " في فوائد المستدرك من نفس مجموع
الشيخ الجباعي ما يدل على أن الشهيد نقل في مجموعته عن كتاب الاستدراك
الذي هو ممن يروي عن ابن قولويه لأنه ينسبه إلى نفس الشهيد 3).
و " الدرة الباهرة " فإنه لم يشتهر اشتهار سائر كتبه، مقصور على ايراد
كلمات وجيزة مأثورة عن النبي وكل الأئمة صلوات الله عليهم. قال العلامة
المجلسي " ره " وهو موجود عني منقولا من خطه. انتهى 4).
وكتاب " المسائل " ينقل عنه ابن طي، ونسبه إليه في رياض العلماء ووزعها
ابن طي في مسائله.
و " الحواشي النجارية " وهي حاشية على قواعد العلامة، رأيته عند السيد

1) كذا، وفى المصدر " الا كتاب الاستدراك ".
2) بحار الأنوار 1 / 29.
3) مستدرك وسائل الشيعة.
4) بحار الأنوار 1 / 10 و 29.
368

علي آل بحر العلوم، أكبر من نكت الارشاد.
و " رسالة في علم الكلام " ذكر فيها أربعين مسألة على ترتيب المعارف
الخمسة، وهي عندي.
وكتاب " المسائل المقداديات " ذكرها السيد المعاصر في الروضات،
وهي غير كتاب تحرير القواعد الشهيدية التي حررها الفاضل المقداد ورتبها على
ترتيب أبواب الفقه، لأنها المسائل التي سألها المقداد، وهي ست وعشرون
مسألة.
وكتاب " اختصار الجعفريات " رأيته بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي
جد الشيخ البهائي، وهو قدر ثلث الجعفريات.
و " شرح قصيدة الشهفيني " في مدح أمير المؤمنين عليه السلام، والشهفيني
هو أبو الحسن علي 1) بن الحسين الشهفيني الحلي.
و " المجموع " وهو كتاب كبير ينقل عنه الشيخ محمد بن علي الجباعي
في مجاميعه الثلاث، وينقل عنه أيضا الشيخ حسن صاحب المعالم في اجازته
الكبيرة للسيد نجم الدين العاملي.
وكانت وفاته في تاسع عشر جمادى الأولى سنة ست وثمانين وسبعمائة،
قتل بالسيف ثم صلب ثم رجم ثم أحرق بالنار ببلدة دمشق في دولة بيدمر وسلطنة
برقوق بفتوى المالكي برهان الدين وعباد بن جماعة الشافعي، وتعصب عليه
جماعة كبيرة في ذلك بعد أن حبس في القلعة الدمشقية سنة كاملة.
وكان سبب حبسه أن وشى به تقي الدين الجبلي الخيامي بعد (جنونه و)
ظهور أمارة الارتداد منه وأنه كان عاملا، ثم بعد وفاة هذا المرتد قام على طريقته

1) في مصورة الأصل " أبو الحسن بن علي "، وهو خطأ، انظر ص 288 من هذا
الكتاب.
369

شخص اسمه يوسف بن يحيى وارتد عن مذهب الإمامية وكتب محضرا يشنع
فيه على الشهيد بأقاويل شنيعة ومعتقدات فضيعة وأنه كان أفتى بها الشهيد، وكتب
في ذلك المحضر سبعون نفسا من أهل الجبل ممن كان يقول بالإمامة والتشنيع
وارتدوا عن ذلك وكتبوا خطوطهم تعصبا مع ابن يحيى في هذا الشأن، وكتب
في هذا ما ينيف على الألف من أهل السواح من السنيين، وأثبتوا ذلك عند
قاضي بيروت وقيل قاضي صيدا، وأتوا بالمحضر إلى القاضي عباد بن جماعة
بدمشق، فأنفذه إلى القاضي المالكي وقال له: تحكم بمذهبك والا عزلتك.
فجمع الملك بيدمر الامراء والقضاة والشيوخ وأحضروا الشيخ قدس سره
وقرئ عليه المحضر، فأنكر ذلك وذكر أنه غير معتقد له مراعيا للتقية الواجبة،
فلم يقبل ذلك منه، وقيل له: قد ثبت ذلك عليك شرعا لا ينتقض حكم القاضي.
فقال: الغائب على حجته فان أتى بما يناقض الحكم جاز تقضيه والا فلا وها أنا
أبطل شهادات من شهد بالجرح ولي على كل واحد حجة بينة. فلم يسمع
ذلك منه ولم يقبل.
فقال الشيخ للقاضي عباد بن جماعة: اني شافعي المذهب وأنت الان امام
هذا المذهب وقاضيه فاحكم في بمذهبك. وانما قال الشيخ ذلك لان الشافعي
يجوز توبة المرتد. فقال ابن جماعة: ان كنت على مذهبي يجب حبسك سنة
ثم استتابتك، أما الحبس فقد حبستك ولكن تب إلى الله واستغفر حتى أحكم
باسلامك. فقال الشيخ: ما فعلت ما يوجب الاستغفار حتى استغفر، خوفا من أن
يستغفر فيثبت عليه الذنب.
فاستغلظ ابن جماعة واكد عليه، فأبى عن الاستغفار، فساره ساعة ثم قال:
قد استغفرت فثبت عليك الحق، وقال للمالكي: قد استغفر. ثم قال: عاد
الحكم إلى المالكي.
370

فقام المالكي وتوضأ وصلى ركعتين ثم قال: قد حكمت باهراق دمه.
فألبسوه اللباس وفعل به ما قلناه من القتل والصلب والرجم والاحراق.
وممن تعصب وساعد في الاحراق رجل يقال له محمد بن الترمذي، مع
أنه ليس من أهل العلم وانما كان تاجرا فاجرا.
فهذه صوره والواقعة التي نقلها الأجلة عن خط الشيخ أبى عبد الله الفاضل
المقداد السيوري تلميذ الشيخ الشهيد، وممن حكاها عن خط المقداد تلميذه
الشيخ علي بن الشواء، وقد كتب الشيخ علي القصة بخطه عن خط شيخه المقداد
على ظهر خلاصة العلامة في سنة 839 ثامن ربيع الثاني 1).
(356)
السيد محمد الأمين بن أبي الحسن (موسى) الحسيني العاملي
فاضل جليل وسيد وحيد، كان رئيسا في بلاده معروفا بالأدب وحسن
المحاضرة، وله ديوان شعر كبير، وهو أبو طائفة يعرفون به فيهم علماء أجلاء
وجوه، تقدم ذكر بعضهم.
كان من علماء رأس المائة الثالثة عشر 2).
(357)
الشيخ محمد بن موسى بن الحسين بن العود
عالم جليل فقيه نبيل، شيخ إجازة الشيخ شرف الدين الحسين بن نصير

1) هذا منقول في البحار أيضا 107 / 184.
2) في أعيان الشيعة 9 / 126: ولد في حدود سنة 1227 وتوفى في شهر رمضان
سنة 1297.
371

الدين موسى بن العود المتقدم ذكره 1)، كتب له إجازة تاريخها سادس عشر
شهر رجب سنة 761 2).
والظاهر أنهما من أسلاف الشيخ ابن العودي محمد بن الحسن بن علي
ابن العودي الجزيني تلميذ شيخنا الشهيد الثاني المذكور في الامل.
(358)
الشيخ محمد بن نجدة، المعروف بابن عبد العلي العاملي
تلميذ الشهيد الأول، وكتب له إجازة قال فيها: " وكان الأخ في الله
(المصطفى في الاخوة المختار في الدين المولى) الشيخ الامام العالم العلامة
المتقي صاحب المباحث السنية (والأفهام الرقيقة) والهمة العلية والفكرة الدقيقة
(المؤيد بتأييد رب العالمين) شمس الملة والحق والدين أبو جعفر محمد ابن
الشيخ الامام (العالم) الزاهد العابد تاج الدين أبى محمد عبد العلي بن نجدة
ممن أقبل على تحصيل الكمالات النفسانية وفاز بالسبق على أقرانه في الخصال
المرضية ".
وأطال في الثناء عليه وذكر بعض ما قرأه عنده وسمعه من مؤلفات غيره، ثم
أجازه رواية مؤلفاته ومروياته وجميع مؤلفات المتقدمين 3).
وقد رأيت بخط الشيخ الجليل محمد بن علي الجباعي قال: توفي الشيخ
محمد بن نجدة العاملي سنة ثمان وثمانمائة، وكان من تلامذة الشهيد محمد بن

1) انظر ص 192 من هذا الكتاب.
2) انظر تعليقنا في الصفحة المذكورة.
3) هذه الإجازة مذكورة في البحار 107 / 193 - 201، والزيادات المضافة
هنا منه.
372

مكي. ثم ذكر ابنه الشيخ أحمد بن عبد العلي 1).
والعجب أن الشيخ الحر ذكر محمد بن نجدة في القسم الثاني 2) وكأنه
لا يعرفه. وهذا الشيخ الجليل محمد بن علي الجباعي ذكر الوالد والولد ونسبهما
إلى عاملة ولذا ذكرناهما في القسم الأول.
(359)
الشيخ محمد بن الشيخ يوسف بن الشيخ جعفر بن الشيخ علي بن الشيخ
حسين بن الشيخ محيي الدين الجامعي العاملي
كان أستادا جليلا عظيما، ذكره الشيخ جواد محيي الدين في رسالة آل أبي
جامع، قال: ومنهم الشيخ الأستاذ الجليل العظيم الممجد الشيخ محمد -
إلى آخر نسبه - كان عالما فاضلا فقيها جليلا معظما، حضر الأستاذ الأعظم الآغا
باقر البهبهاني، وكان يتولى القضاء والافتاء، وكان معروفا بقوة التفرس.
له " النفحة المحمدية في شرح اللمعة البهية " 3)، والموجود عندنا مجلد
من أول الطهارة إلى الوضوء.
وله شعر ونثر وأدب وحسن خط. ويأتي ولده الشيخ يوسف.

1) بحار الأنوار 107 / 209.
2) أمل الآمل 2 / 279 و 309.
3) في الذريعة 24 / 257 " النفحة المحمدية والسحابة الروية في شرح الروضة
البهية ".
373

(360)
السيد محمد أشرف بن السيد عبد الحسيب بن السيد زين العابدين العلوي
العاملي الأصفهاني
عالم فاضل محدث متبحر أديب شاعر، كل آبائه علماء أجلاء أعلام ذكرتهم،
له كتاب " فضائل السادات " بالفارسية كتبه للشاه سلطان حسين الصفوي، وهو
كتاب جليل في معناه لم يصنف مثله، يدل على طول باعه في الأنساب والحديث،
وقد ذكر في آخره مآخذه وما حضره من الكتب، ويعلم أن خزانته من أجل
خزائن الكتب في ذلك العصر. وقد اتفق أن تاريخ فراغه من تأليفه اسمه " مناقب
السادات ". وقد طبع على الحجر بطهران.
(361)
الشيخ محمد حسن العاملي، نزيل المشهد الرضوي
ذكره الفاضل القزويني في تتميم الامل فقال: فاضل عالم لا سيما في
الرياضيات، رأيته يقرأ في شرح العلامة الخفري على التذكرة الطوسية في
الهيئة عند أستادنا ومولانا علي أصغر قراءة تحقيق. انتهى ملخصا.
(362)
الشيخ محمد حسن الغول العاملي
من العلماء الاجلاء، ذكره بعض علماء جبل عامل فيما كتبه في ذيل أمل الآمل
1).

1) في أعيان الشيعة 9 / 148: توفى في ذي الحجة سنة 1202.
374

(363)
الشيخ محمد حسين شرارة العاملي 1)، نزيل النجف
كان من العلماء الفضلاء الاجلاء، في طبقة شيخ الطائفة كاشف الغطاء
والشيخ قاسم محيي الدين والشيخ حسين نجف.
وقد رأيت خط الشيخ حسين نجف على نسخة تنقيح الفاضل المقداد
مستعيرا له من الشيخ محمد حسين شرارة، قال بما لفظه: " نظر الحقير الفقير
وهو إلى الاخر العزيز الأكرم الشيخ محمد حسين شرارة العاملي المحترم سلمه
الله تعالى إلى الأقل العبد الحسين نجف ".
وقد كتب صاحب الترجمة بخطه هكذا " كتاب التنقيح الرائع في مختصر
الشرائع في حيازة العبد محمد حسين شرارة العاملي سنة ألف ومائتين ".
وكان لهذا الشيخ الجليل ولدان جليلان عالمان فاضلان أحدهما الشيخ
محمد امين والاخر الشيخ حسن من تلامذة السيد بحر العلوم والشيخ جعفر كاشف
الغطاء، وقد رأيت خطهما على ظهر نسخة التنقيح المذكور، وصورة خط
الشيخ محمد امين هكذا " قد انتقل إلي من والدي بالشراء الشرعي وأنا الأقل
محمد أمين شرارة سنة ألف ومائتين وخمس وعشرين "، فيعلم أن والده الشيخ
محمد حسين شرارة كان حيا في سنة 1225.
وأما صورة خط الشبخ حسن فهكذا " بسم الله بيدي الجاني وهو لأخي
ملك له وأنا الأقل حسن بن المرحوم الشيخ محمد حسين شرارة العاملي ".
انتهى.
والأسف أنه لم يؤرخ كتابته ليعلم وفاة أبيه صاحب الترجمة، ولعلنا نعثر

1) هو الشيخ محمد حسين بن علي شرارة العاملي.
375

عليها بعد ذلك بالسؤال من حفيده الشيخ علي شرارة الذي هو أحد علماء علم
الطب في النجف.
وبيت شرارة بيت قديم من بيوت العلم، منهم في النجف ومنهم في جبل
عامل في بنت جبيل.
(364)
الشيخ محمد حسين مروة العاملي
كان عالما فاضلا أديبا شاعرا منشئا كاتبا مؤرخا ماهرا، لم يكن في عصره
أحفظ منه، كان يحفظ القاموس وشرح ابن أبي الحديد على النهج، على ما
حدثني به المرحوم الشيخ الفاضل الشيخ موسى شرارة، وحدثني أنه قرئ
في مجلسه الحائية لبطرس، فغضب وقال: بمحضري يقرأ شعر النصارى، من
منكم يروي قصيدة غيرها؟ فقالوا: لا نعرفها. فتلا عليهم قصيدة طويلة كل ما
غربه وأخرى وأخرى. وقيل إنه كان يحفظ أربعين ألف قصيدة.
وله شعر جيد ونثر رائق، وكان حسن المحاضرة، وكان مقربا عند علي
بيك الأسعد في تبنين.
وبالجملة كان من حسنات هذا العصر، له مع الأمير بعد القادر الجزائري
حكاية طويلة في الشام أوجبت أن يعين له صلة معينة سنوية يقبضها في كل سنة
من الشام.
واتفق له مع أمير الشام كلام أزعجه، فكتب له " كف والا قلدتك قلائد
تبعنا بها الولائد " فكف واعتذر منه.
وبالجملة له حكايات ونوادر أدبية عربية.
376

وهو غير الشيخ محمد حسين مروة العاملي بالشام وعالمها 1).
كان ورعا صالحا تقيا نقيا، هاجر إلى النجف في طلب العلم، وبعد سنتين
رجع إلى بلاده وطلبه شيعة الشام فأجابهم وسكن بها إلى أن توفي في العشر
الثاني بعد الثلاثمائة والألف.
(365)
الشيخ محمد باقر بن الشيخ فخر الدين بن الشيخ نور الدين العاملي
الدزفولي
ذكره السيد الفاضل عبد الله بن نور الدين بن السيد نعمة الله الجزائري في
اجازته الكبيرة، قال: كان عالما متقنا ذكيا ذا طبع موزون، عظم اشتغاله في
أصفهان، وكان كثير التعطيل، توفي سنة بضع وستين ومائة بعد الألف. رحمة
الله عليه.
أقول: ليس في الأصل اسم من الشيخ فخر الدين ولا من الشيخ نور الدين
المذكورين، ولم أعثر على ترجمتهما، والظاهر أنهما من العلماء المجاورين
بأصفهان حيث كانت محط رحال العلماء.
(366)
الشيخ محمد حسين بن الحسن الميسي العاملي، من أحفاد علي بن عبد العالي
الميسي، نزيل الحائر المقدس
فاضل عالم جليل فقيه متبحر، يروي عنه المولى أبو الحسن الشريف العاملي،

1) هذا هو الشيخ محمد حسين بن الشيخ طالب آل مروة الزراري - نسبة إلى قرية
الزرارية - العاملي نزيل دمشق، المترجم في أعيان الشيعة 9 / 251.
377

وله منه إجازة كتبها له سنة 1100. ويروي هو عن الشيخ عبد الله بن محمد
العاملي عن الشيخ علي بن الشيخ محمد بن الشيخ حسن بن زين الدين صاحب
" الدر المنثور ".
[367]
الشيخ محمد رضا ابن المصنف الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي
كان عالما فاضلا فقيها محدثا على منهاج أبيه في العلم والعمل، وكانت
وفاته في شعبان سنة 1110، وهي سنة وفاة العلامة المجلسي صاحب البحار،
فيكون قيامه مقام أبيه ست سنين، لان أباه توفي سنة 1104.
قال الفاضل الزنوزي: ودفن إلى جنب أبيه في بعض حجر الصحن الشريف
الرضوي واني قد زرت قبرهما مرارا.
ومن آثاره تدوين شعر الشيخ البهائي، جمعه ورتبه. رضي الله عنهما 1).
(368)
الشيخ محمد علي عز الدين العاملي 2)
كان عالما فاضلا في أعلى مقامات المهذبين والعلماء الروحانيين، مكبا
على التأليف والتصنيف، لا تشغله الرئاسة عن ذلك، ولا أعرف هكذا في جبل

1) قال الحر في ترجمة الشيخ البهائي العاملي (أمل الآمل 1 / 157): وله شعر
كثير حسن بالعربية والفارسية متفرق، وقد جمعه ولد محمد رضا الحر فصار ديوانا
لطيفا.
2) هو الشيخ محمد على بن علي بن يوسف بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم آل
عز الدين العاملي.
378

عامل من العلماء سواه.
رأيت إجازة المولى الشيخ الفقيه الرباني الحاج مولى علي بن الميرزا
خليل الرازي النجفي قدس سره للشيخ محمد علي المذكور بخطه الشريف يقول
فيها:
" وبعد فان الأخ الأعز الأمجد الأكرم الأرشد الأشيم الأوتد الأقوم الأوحد
الأفخم الأعظم فخر المحققين وزبدة المدققين صاحب القوة القدسية والملكات
النفسية التقي النقي الصفي الورع اللوذعي مولانا الشيخ محمد علي عز الدين
الشهير بالعاملي، قد وثق ركوني إليه وكنت استمد منه مع شدة اعتمادي عليه
وأذب الخطأ عنه لما وجدت من موائد العلوم لديه، ولعمري أحسست فيه كمال
النفس وبهجة الانس، وعثرت على مزايا له لم يسمح الزمان بمثلها لغيره،
ورأيت عنده ما يعز به الدين وفيه ما يغني عن البراهين، وقد قرأ علي برهة من
الزمان رسالتي الموسومة ب‍ " سبيل الهداية في علم الدراية "، فوجدته بحمد
الله نيقدا بصيرا ولي في غوامض المسائل نصير وعلى رفع ما يورد علي ظهير،
وأسأل الله له التوفيق انه خير رفيق، وقد استجازني حفظه الله مع اني وجدته
أهلا لذلك استخرت الله تعالى في اجازته فرأيت كل الخير في اجازته، فأجزت
له جميع مقروءاتي ومسموعاتي ومصنفاتي " إلى آخر كلامه.
كان مسكنه حنويه في ضواحي صور، وكان فقيها محدثا متكلما شاعرا
كاتبا، له مؤلفات منها " روح الايمان وريحان الجنان " في علم الكلام لم يتم،
وكتاب " تحفة القاري في صحيح البخاري " في الحديث، وكتاب " سوق
المعارف " جميع فيه من كل شارد في مجلدين ضخمين، و " محاورة الشيخ
علي بن الشيخ حسين محفوظ مع عياله البلاغية " العالمة الفاضلة، و " ديوان
شعر "، منه في الغزل:
379

ظلت في ليل بدى يحكي الغسق * من طرة في جبهته يحكى الفلق
فخلت نارا فسعيت اصطلي * فكأني موسى قد رأى النار صعق
قد شمته سكرت الا أنني * نظرت في تفاح خد كالشفق
فقمت أجني فرأيت أسودا * كأنه موكل فيمن سرق
فقلت يا فندي كذا شأن الهوى * قالت كذا وبقي منه أدق
وله قدس سره:
أصبحت بعدكم في زي غانية * ما مس زينتها جن ولا بشر
كحلي سهادي وغسلي مدمعي ودمي * خضاب كفي ومن ذكراكم العطر
وله قدس سره:
من زرع الورد على وجنتك * من أطلع السوسن في طلعتك
من غرس الاس على عارض * عارضه النرجس من مقلتك
من صاغ هذا الجيد من فضة * من أفرغ الدر على لبتك
من شق هذا الصدر من عسجد * رماه بالرمان من جنتك
سبحانه من خالق بارئ * أعطاك ما لم يلف في حسبتك
أعطاك ما أعطاك كي يبتلي * مثلي في منحك أو محنتك
وتربى على يده جماعة من العلماء، وكان علي بيك الأسعد الوائلي له
اخلاص خاص بالشيخ، وكان كثير الترويج له ولأهل العلم الذين يحضرون في
مدرسته.
وتوفي قريبا من الثلاثمائة بعد الألف 1).
وقام مقامه ولده الشيخ حسن ونعم الخلف، وهو تلميذ أبيه.

1) في أعيان الشيعة 9 / 447. ولد في كفرة - بوزن تمرة - من جبل عامل،
وتوفى في 23 رمضان سنة 1301 عن عمر ناهز السبعين في قرية حنويه ودفن فيها.
380

وكان له اسمه الشيخ إبراهيم، جاء إلى النجف واشتغل على بعض
علمائها وهو اليوم قائم مقام أبيه. وله تصانيف على ما حكاه أهل بلده.
(369)
الشيخ محمد علي الفوعاني العاملي
عالم جليل وفاضل نبيل، من أجلاء علماء المائة الحادية عشر، جاء مع
أخويه الشيخ زيني والشيخ زين العابدين وأقاموا في العراق ثم سكنوا الكاظمية.
وفيها بيت يعرفون ببيت زيني هم ذرية الشيخ زيني أخي صاحب الترجمة،
والكل من أهل العلم، غير أن صاحب الترجمة أفضلهم وأشهرهم، وكانت له
مصنفات تلفت. رضي الله عنهم جميعا.
(370)
السيد محمد علي بن السيد أبو الحسن العاملي النجفي، ابن عم والدي
عالم فاضل لغوي نحوي شاعر كاتب متكلم مصنف.
ولد يوم الأربعاء في تحويل الشمس ببرج الحمل سنة 1247، وأمه بنت
الشيخ أسد الله صاحب المقابيس.
له كتب في التاريخ والأدب والفقه، وكتاب " التجارات " تام، وكتاب
في " النحو "، وكتاب في " الصرف "، وكتاب " (..) " 1) في أصول
الفقه، و " حاشية على القوانين " وكتاب في " تراجم علماء عصره "، و " ديوان
شعر ".
وتوفي في كربلاء سنة تسعين ومائتين بعد الألف.

1) كلمة مطموسة في الأصل.
381

(371)
الشيخ محمد علي بن الشيخ تقي الدين، من آل شمس الدين الشهيد
الأول
كان نزيل (...) 2) من أعمال حلب، عالم ابن عالم تقي ابن تقي، بر
ورع عابد زاهد فقيه كامل، كان هاجر إلى العراق وحصل العلم بعد مدة طويلة،
ثم رجع إلى وطنه، وكان المرجع العام لشيعته والأطراف.
وأرسل ولديه لتحصيل العلم، وهما الشيخ محمد أمين والشيخ إبراهيم
شمس الدين فأقام المرحوم الشيخ محمد امين وحصل ورجع وتوفي رحمه
الله في نيف وثلاثمائة.
وقد جاء خبر وفاة الشيخ محمد علي صاحب الترجمة قبل أشهر من هذه
السنة، وهي سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة بعد الألف وقد بلغ المائة؟ سنة.
والخلف القائم مقامه اليوم ولده الشيخ إبراهيم سلمه الله.
(372)
السيد محمد علي جد المؤلف ابن السيد صالح بن محمد ابن السيد إبراهيم
شرف الدين ابن السيد زين العابدين بن السيد نور الدين الموسوي العاملي
أمه وأم أخيه السيد صدر الدين بنت الشيخ علي بن محيي الدين بن الشيخ
علي السبط ابن محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني.
ولد سنة 1195 في شد غيث من قرى بلاد بشارة، وقد أنشأه الله منشأ مباركا
وأنبته نباتا حسنا، بحيث أخذ في تحصيل العلم وهو ابن ست سنين، ولما كانت

1) كلمة لا تقرأ في الأصل.
382

الضربة الكبرى على العلم وأهله وعلى أهل بلاد بشاره سنة سبع وتسعين ومائة
بعد الألف - أعني ظلم الجزار وقتله العلماء والأعيان وحسبهم وتعذيبهم بأنواع
العذاب وأخذ والده السيد صالح وسجنه في الجب وقتل أخيه العالم السيد
أبو البركات واستصفى احمد الجزار خزانة كتبهم وكانت تشتمل على ألوف قد
جمعها أجدادنا في قرون وأجيال وفيها مصنفاتهم، فحملها الجزار بالبغال
والجمال وحمل الكتب من معركة إلى عكا، قيل إنه أحرقها، وحدثني بعض
أسلافي أنه رمى في البحر ما كان فيها من كتب الشيعة وحمل الباقي إلى عكا.
قال: والى الان يوجد في مكتبة عكا كثير من كتبنا عليه خطوط أسلافنا. وبالجملة
تعطل العلم والاشتغال.
ولما خرج والد صاحب الترجمة من سجن الجزار على ما شرحناه في ترجمته
توجه إلى العراق، وبعد ما وصل إلى النجف أرسل على أولاده وعيالاته فرحلوا
إليه، والسيد الجد يومئذ ابن ست سنين، فأخذ يشتغل على والده في العلوم
العربية وسائر المقدمات العلمية، حتى إذا راهق صار يشتغل على المير سيد علي
صاحب الرياض، ثم على السيد بحر العلوم، ولما توفي السيد سنة 1212 لازم
درس السيد المحقق السيد محسن المقدس البغدادي صاحب المحصول، وكان
شريك أخيه السيد صدر الدين في كل شيوخه وفى جميع دروسه.
وقد حدثني ابن عم والدي السيد محمد علي بن السيد أبى الحسن: أنه
رأى عند عمه السيد صدر الدين لما كان قد جاء في آخر عمره إلى النجف
مجموعة بخط السيد صدر الدين فيها مسائل من علوم شتى كان سألها السيد صدر
الدين عن أخيه السيد محمد علي وأجابه عنها، عنوانها " سألت أخي الأعز
السيد محمد علي عن مسألة كذا فأجاب بكذا "، وأكثرها من غوامض المسائل.
ويستفاد من ذلك علو درجة السيد الجد في العلم، بحيث مثل آية الله العلامة
383

السيد صدر الدين يضبط أجوبته في المسائل.
وكان قدس سره على جانب من التقوى والروع، وله كرامات، حدثني
السيد الوالد طاب ثراه عن الثقة العدل الحاج محمد صالع كبة رئيس الشيعة
ببغداد، قال: ان أهل بغداد على عهد شيخ الطائفة الشبخ جعفر كاشف الغطاء
التمسوا السيد محمد علي بن السيد صالح العاملي قدس سره على الإقامة ببغداد
ليكون المرجع لهم في الدين والاحكام، فأجابهم وأقام ببغداد بضع سنين،
وكانت تظهر كراماته على الدوام، وكان إذا آذاه أحد أو أغاضه لابد أن يرى
في منامه تلك الليلة أمير المؤمنين عليه السلام أو فاطمة الزهراء عليها السلام
يعاتباه على ذلك.
وكان مهابا عليه آثار السيادة والجلالة، وكان متكلما منطقيا فصيحا حسن
التقرير جدا، إذا تكلم في المسألة العلمية ينحدر كالسيل العرم لا يعرف الاستعانة.
حدثني السيد الجليل القدوة السيد احمد ابن السيد العالم السيد حيدر
رحمهما الله قال: كان السيد محمد علي جدك متقدما في العلم والفضل على علماء
عصره، بحيث إذا حضر وفي المجلس الشيخ موسى بن الشيخ جعفر كاشف
الغطاء وأمثاله من العلماء كان المجلس له لا يتكلم أحد منهم بحضرته وله التكلم.
قال: رأيته كذلك في عدة مجالس. انتهى.
ولما كانت سنة أربع أو خمس وثلاثين ومائتين وألف كتب إليه أخوه السيد
العلامة السيد صدر الدين من أصفهان يلتمسه على التوجه إلى أصفهان، فتوجه
بالعيال والأولاد بعزم زيارة الرضا عليه السلام وأن يجدد بأخيه عهدا، فلما ورد
أصفهان التمس منه أخوه الإقامة حيث أن أصفهان يومئذ محط رحال العلماء وسوق
العلم قائم فيها، فأجابه إلى ذلك. ولم تطل أيامه حتى تمرض وتوفي سنة 1241،
وحمل نعشه الشريف إلى النجف بوصية منه إلى أخيه ودفن في الحجرة التي
384

في أول باب الطوسي وليس سواها على يمن الداخل.
وما أشبه الأخوين بالمرتضى والرضي في الاشتراك في الشيوخ والتبرز على
الاقران وفي قصر عمر الأصغر، كان السيد الجد عاش ستا وأربعين سنة على قدر
عمر السيد الرضي والسيد صدر الدين دخل في عشر الثمانين.
وكان للسيد الجد ثلاثة أولاد ذكور لا غير، أكبرهم السيد عيسى وهو يومئذ
ابن سبع سنين، والسيد موسى أصغر منه، والسيد الوالد وهو ابن سنتين.
فكفاهم عمهم السيد العلامة ورباهم.
ولما راهق السيد عيسى خرج من عند عمه وقد تقدمت ترجمته، وكذلك
السيد موسى جاء إلى العراق ومنها هاجر إلى طهران وسكنها حتى توفي بها،
وبقي السيد الوالد عند عمه، وكان له الأب الرؤف والبر العطوف، حتى تكمل
عنده وأرسله إلى النجف الأشرف للاشتغال على الشيخ حسن صاحب أنوار
الفقاهة، وبعد خمس سنين أرسل إليه وأرجعه عنده زوجه على الشرح الآتي
في ترجمته.
(373)
السيد محمد علي بن السيد صدر الدين الموسوي العاملي الأصفهاني،
المعروف بآقا مجتهد
أمه بنت شيخ الطائفة الشيخ جعفر كاشف الغطاء، كان نادرة عصره ووحيد
دهره، كتب كتابه " البلاغ المبين في أحكام الصبيان والمجانين " وهو ابن اثني
عشر سنة، فشهد له السيد حجة الاسلام السيد محمد باقر الرشتي الأصفهاني
بالاجتهاد وصدقه علماء عصره، ولقبه الحاج ميرزا حسن امام الجمعة بأصفهان
- وكان من كبار علماء الدين - بآقا مجتهد وهو ابن سبع سنين لما تكلم معه
385

في تفسير بعض الآيات وانجز الكلام فيها إلى الأدب والعلوم العربية وتكلم
السيد محمد علي بما يراد وفوق المرد، فتعجب الحاج ميرزا حسن.
قال السيد الوالد - وكان حاضرا -: وكان الحاج ميرزا حسن إماما في
العلوم العربية، فالتفت امام الجمعة إلى السيد صدر الدين وقال مشيرا إلى السيد
محمد علي: آقا مجتهد است. فصار اسما له بحيث لا يعرف اسمه الأصلي
عموم الناس.
وبالجملة كان علامة متبحرا في العلوم كلها، قام مقام والده، وزاد على
والده أنه صار يصعد المنبر بعد فراغه من الصلاة بالناس ويتكلم بالمعارف
والأخلاق على وجه ينتفع منه عوام الناس بل والنساء. حتى اني سمعت من
أخيه حجة الاسلام السيد صدر أنه كان يذكر غوامض المسائل في التوحيد
كشبهة ابن كمونة وأمثالها ويجيب عنها بلسان يفهمه كل أحد، وكأنه من أوضح
المطالب لشدة سلطته على التقرير وحسن البيان ووفور علمه وطول باعه.
قال: دخلت على أمه بنت الشيخ وهو جالس في خزانة الكتب وأنا على
جنبه والخزانة تشتمل على ألوف المجلدات، فقالت له: اني لا أجدك في هذه
الأيام مكبا على المطالعة في الكتب. فقال لها: يا أماه والله اني أحفظ مطالب
كل هذه الكتب - وأشار بيده إلى صدره - حتى أني أحفظ أن كل مطلب في
أي صفحة من الكتاب.
قال السيد الوالد قدس سره: ولأمه بنت الشيخ حق عظيم عليه، لأنها
مربيته على المطالعة والسهر في الليل وقلة الاكل وقلة المنام لما كان عمره أربع
سنوات.
وقال السيد الصدر دام ظله: وكان قد تمرن على قلة الاكل، حتى أنه إلى
آخر عمره كان يأكل على قدر أكل الطفل الصغير.
قال: وكان كثير الفكرة غزير العبرة مشغولا بنفسه، ولما شاعت تحقيقاته
386

في المعارف كثر ازدحام الناس في الصلاة معه حتى ضاق مسجد والده فأضيف
إليه الدور المتصلة به، شراها الناس ووسعوا المسجد، ومع ذلك حدثني بعض
التجار الأخيار قال: كنت أركب بغلتي قبل الفجر بمدة حتى أحصل مكانا
للصلاة في مسجد الآقا مجتهد.
وكان له كرامات ومكاشفات تدل على جلالته، حدثني السيد الجليل الحاج
سيد أسد الله الأصفهاني قال: لما جاء ناصر الدين شاه مع الصدر الأعظم الأمير
الكبير الميرزا تقي خان لتأديب أهل أصفهان وأخذوا في ذلك، فحولوا على
آقا مجتهد مبلغا من الدراهم بعنوان الماليات، وكان المحول له بعض الخوانين
من رجال الدولة، فجاء إلى الآقا مجتهد وطلب منه المبلغ، فقال الآقا مجتهد:
أنا ليس علي ماليات وليس لي مزارع ولا بساتين. فقال: أنا لا أدري غير أنك
لابد أن تدفع لي المبلغ على كل حال. وكلما تلكم معه الآقا مجتهد لم يزد
الا شدة وغلظة، فقال الآقا مجتهد: الوعد إذا بيني وبينك إلى يوم الجمعة.
فخرج الخان وأخذه الوجع في بطنه حتى كبرت وصارت كالزق الكبير وحتى
انغزت ومات. واشتهرت هذه الكرامة في كل أصفهان.
وكان جيد الشعر، خصوصا بالفارسية، يمكن أن يقال: انه ما كان يجارى
ولا يبارى في جودة نظمه ونثره.
وله من المؤلفات كتاب " احياء التقوى " وهو في شرح الدروس لم يتم،
و " العلائم في شرح المراسم " لم يتم أيضا، و " فرائد الفوائد " في أصول
الفقه، و " نفائس الفرائد " مختصر منه، و " منظومة في الوقف "، وأخرى
في " الميراث " ناقصة، و " ألفية في النحو " لم تكمل، و " ديوان شعر " فارسي،
وتقدم ذكر رسالته الموسومة ب‍ " البلاغ المبين في أحكام الصبيان والمجانين ".
والأسف كل الأسف أنه لم يبلغ من العمر الا ثلاثين سنة بل كان ينقص
387

عنها بشهر، تولد سنة 1250، وتوفي ليلة الجمعة - وكانت ليلة الغدير - سنة
ثمانين ومأتين والألف، حمل نعشه إلى النجف ودفن في إيوان الحجرة التي
فيها قبر والده السيد صدر الدين أول حجرة على يسار الخارج من باب الفرج
من الصحن الشريف الغروي،
وله ولدان: السيد المرحوم الميرزا بهاء الدين، أمه بنت السيد حجة
الاسلام السيد محمد باقر، خاله الحاج السيد أسد الله الذي عمل الچري وأجرى
النهر في الغري 1). وولده الاخر السيد العالم الفاضل الرباني المجاهد المراقب
العماد السيد محمد جواد أدام الله بقاه وكثر في العلماء أمثاله، وهو اليوم خلف
أبيه في العلم والعمل والمعارف 2).
(374)
الشيخ محمد علي بن عباس بن حسن بن عباس بن محمد علي بن حسن
ابن عباس بن محمد علي بن محمد البلاغي
عالم فاضل فقيه أصولي محقق، صنف في الفقه كتابه الكبير، يوجد في
خزانة كتب آل الشيخ كاشف الغطاء جملة من مجلداته، ككتاب الصلاة وكتاب
الصيد والذبائح وكتاب الإرث وكتاب النكاح والطلاق 3). وله " شرح تهذيب
الأصول " رأيته فكان من أحسن الشروح 4).

1) توفى بأصفهان سنة 1320. أنظر نقباء البشر ص 235.
2) توفى بأصفهان سنة 1357 أنظر نقباء البشر ص 336.
3) اسمه " جامع الأقوال " يبلغ ثلاثين مجلدا ضخما.
4) اسمه " مطارح الأنظار ونتائج الأفكار " في ثلاث مجلدات ضخام، ومختصره
في مجلدين.
388

وهو من تلامذة السيد المحقق السيد محسن الأعرجي في الأصول، وقد
كان سكن في بلد الكاظمين في تلك الأيام، لأني رأيت خطه على بعض كتب
السيد محسن يذكر أنه استعاره من ابنه السيد محمد سنة 1220، والسيد توفي
سنة سبع وعشرين 1).
ويظهر أيضا أنه كان قد تلمذ على شيخ الطائفة الشيخ جعفر صاحب كشف
الغطاء، ثم رأيته يعبر عن الآقا المحقق البهبهاني بشيخنا وأستادنا، فيظهر أنه
تلمذ عليه أيضا.
وقد تقدم ذكر ولده الشيخ احمد البلاغي 2).
(375)
الشيخ محمد علي بن محمد البلاغي، تلميذ المقدس المولى احمد
الأردبيلي
كان من وجوه علمائنا المتأخرين وفضلائنا المجتهدين المتبحرين، ثقة عين
صحيح الحديث واضح الطريق نقي الكلام جيد التصنيف، له تلامذة فضلاء أجلاء
علماء، وله كتب حسنة جيدة، منها " شرحه على أصول الكافي " للكليني، و " شرح
ارشاد " العلامة الحلي قدس سره، وله " حواشي على تهذيب الحديث " (للشيخ
على بعض علمائها؟ وهو اليوم قائم مقام أبيه، وله تصانيف على ما حكاه بعض
أهل بلده) 3)، و " الفقيه " للصدوق، وله " حواشي على أصول المعالم ".

1) توفى المترجم له بعد سنة 1228. أنظر ماضي النجف وحاضرها 2 / 78.
2) أنظر ص 102 من هذا الكتاب.
3) هذه العبارة حشيت حشرا وليست من الأصل، فانقطع الكلام بها. أنظر ماضي
النجف وحاضرها 2 / 79 -.
389

توفي بكربلاء على مشرفها أفضل التحية، ودفن بالحضرة المقدسة، وكان
ذلك في شوال سنة الألف، كما عن " تنقيح المقال " للشيخ حسن سبط صاحب
الترجمة لولده الشيخ عباس البلاغي 1).
وهذا الشيخ أبو طائفة جليلة خرج منهم عدة علماء أجلاء، تقدم ذكر جماعة
متهم ويأتي ذكر آخرين.
(376)
الشيخ محمد قاسم الميسي العاملي
عالم فاضل جليل، من المعاصرين للسيد نصر الله الحائري الشهيد، ويوجد
في ديوان السيد المذكور قصيدة في مدح صاحب الترجمة يذكر فيها ما أصابه
في وقعة ذهب فيها ماله وكلم وجهه وساءت أحواله. ولعلها فتنة احمد الجزار
في جبل عامل، فراجع الديوان في خزانة السيد عيسى في سوق العطارين
ببغداد.
(377)
الشيخ محمد محسن ابن الشيخ عبد علي العاملي
عالم عامل فاضل محدث رجالي فقيه، عندي من مؤلفاته كتاب " مجمع
الإجازات " جمع في ثلاثة عشر إجازة من إجازات النافعة الكبار المشهورة:
كإجازة العلامة لبني زهرة الكبرى وإجازة الشيخ الشهيد لابن الخازن وإجازة

1) يريد أن الشيخ حسن سبط المترجم له من طريق الشيخ عباس بن محمد على
المذكور.
390

الشهيد الثاني الكبرى للشيخ حسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي، وإجازة
الشيخ حسن بن زين الدين صاحب المعالم الكبرى للسيد نجم الدين، وأمثال
هذه الإجازات الجليلة. جزاه الله خير جزاء المحسنين. وقد فرغ من تأليفه في
شوال سنة 1125 في النجف الأشرف، وهي بخطه الشريف، وهو بخط في
غاية الحسن والجودة.
ولا أعرف باقي تأليفاته ووفاته.
(378)
الشيخ محمد مكي ابن ضياء الدين محمد بن شمس الدين بن الحسن بن
زين الدين العاملي، ينتهي نسبه إلى الشهيد الأول
عالم فاضل محدث فقيه لغوي شاعر أديب، من مشايخ الإجازة في عصره،
كثير الطرق الجيدة النقية.
يظهر من بعض ما يحضرني من إجازاته أنه تجول في البلاد، وتحمل من
علماء البحرين والعراق واليمن وإيران والقدس والخليل ومكة المعظمة.
له مصنفات، منها " سفينة نوح ذات أعاجيب "، جمع فيه من كل شئ
حسنة. وله " الروضة العلية والدرة المضيئة " في الدعوات.
كان حيا سنة 1178، وتقدم بعنوان لقبه شرف الدين (1.

1) مضى ذكره في ص 229.
391

(379)
الشيخ أبو صالح محمد المهدي ابن الشيخ بهاء الدين محمد الفتوني
العاملي النباطي، نزيل النجف
قال تلميذه السيد العلامة الطباطبائي الشهير ببحر العلوم في بعض إجازاته 1)
عند عد شيوخه فبدأ بذكر صاحب الترجمة وقال:
" شيخنا العالم المحدث الفقيه، وأستادنا الكامل المتتبع النبيه، نخبة الفقهاء
والمحدثين، وزبدة العلماء العاملين، الفاضل البارع النحرير، امام الفقه والحديث
والتفسير، واحد عصره في كل خلق رضي، ونعت علي شيخنا الامام البهي
السخي أبو صالح محمد المهدي " الخ.
ولما كان في عاملة كان من العلماء الكبار، بل كان الامر منحصر به وبالسيد
حيدر نور الدين والسيد حسين نور الدين، والكل في النبطية الفوقا، ولما عطل
سوق العلم في عاملة لكثرة ظلم الظلمة وجور الحكام وتواتر الفتن من احمد
الجزار وأمثاله هاجر الشيخ إلى النجف وسكنها، فكان فيها شيخ الشيوخ. قرأ
عليه مثل السيد بحر العلوم والشيخ الطائفة الشيخ جعفر كاشف الغطاء وأمثالهما من
الاعلام.
وهو تلميذ المولى أبى الحسن الشريف بن محمد طاهر بن عبد الحميد
النباطي العاملي النجفي الراوي عن العلامة المجلسي صاحب البحار.
ولصاحب الترجمة مصنفات، منها رسالة في " عدم انفعال الماء القليل
بملاقاة النجاسة "، وكتاب " نتائج الاخبار " في جميع أبواب الفقه.

1) هي إجازة بحر العلوم للشيخ محمد حسن بن الحاج معصوم القزويني الحائري.
أنظر أعيان الشيعة 10 / 67.
392

وكان السيد بحر العلوم يقول: لا أعرف من استنبط جميع أبواب الفقه في
هذا العصر الا الشيخ أبا صالح المهدي الفتوني.
أقول: لكنه على غير الطريقة المستقيمة، بل هو إلى الأخبارية أقرب.
وبالجملة على مشرب شيخه الشريف أبى الحسن الفتوني والسيد نصر الله الحائري
وأمثالهم من أهل تلك الطبقة لا أرتضي طريقتهم. رضي الله عنهم.
وتوفي قدس سره في شعبان سنة (1183) ثلاث وثمانين ومائة بعد الألف.
ورأيت مراسلة السيد العلامة السيد نصر الله الحائري معه في ديوان السيد
المذكور.
(380)
الشيخ محمد نجم العاملي
كان في عصر السيد بحر العلوم في النجف الأشرف مع الأهل والعيال،
وكان للسيد العلامة السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة مع الشيخ
محمد نجم أخوة. وله حكاية تدل على جلالته، ذكرها ثقة الاسلام العلامة النوري
" ره " في كرامات السيد بحر العلوم عند ترجمته في الفائدة الثالثة من خاتمة
المستدرك، رواها من عدة طرق صحيحة علماء ثقات أخرجها مسندة تدل على
جلالة الشيخ محمد نجم المذكور وعظم قدره عند الله تعالى.
قال: كان السيد العالم الجليل السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة
يتعشى ليلة إذ طرق الباب خادم السيد بحر العلوم، فقام مسرعا فقال له: ان
السيد قد وضع بين يديه عشاؤه وهو ينتظرك. فذهب السيد جواد عجلا، فلما
لاح قال له السيد: أما تخاف الله، أما تراقبه، أما تستحي منه؟ فقال: ما الذي
حدث؟ فقال: ان محمد نجم من أخوك كان يأخذ من البقال قرضا لعياله كل
393

ليلة مقدار من التمر الزهدي ولهم سبعة أيام لم يذوقوا خبزا ولا أرزا، وفي
هذا اليوم ذهب ليأخذ من البقال شيئا لعشائهم فقال له البقال: قد بلغ دينك كذا.
فاستحيى من البقال ولم يأخذ منه شيئا وقد بات هو وعياله بغير عشاء وأنت
تتنعم وتأكل، وهو الشيخ محمد نجم العاملي تعرفه ويصل إليك.
فقال السيد جواد: والله مالي علم بحاله. فقال بحر العلوم: لو كان لك علم
بحاله ولم تلتفت إليه لم تكن مسلما، وانما أغضبني عليك عدم تجسسك عن
إخوانك وعدم علمك بأحوالهم، فخذ هذه الصينية يحملها معك الخادم تأخذها
منه عند وصولك إلى باب أخيك الشيخ محمد نجم ويرجع الخادم، فاطرق
الباب عليه وقل له: اني أحببت أن أتعشى معك الليلة، وضع عنده هذه الصرة
تحت فراشه - وكان فيها ستون شوشي - وابق الصينية ولا ترجعها، واعلم
أني لا أتعشى حتى ترجع إلي فتخبرني أنه قد تعشى وشبع.
فذهب السيد إلى دار الشيخ وأخذ الصينية من خادم السيد ودخل على الشيخ
ووضع الصينية على الأرض وقال للشيخ كما أمره السيد. فلما نظر الشيخ إلى
الطعام قال للسيد: ليس هذا الطعام من دارك فإنه مطبوخ نفيس لا يقدر العرب
على طبخ مثله ولا نأكله حتى تخبرني بأمره.
فأصر عليه السيد جواد بالاكل وأصر الشيخ على الامتناع، فأخبر السيد
بالقصة فقال: والله ما اطلع أحد على حالنا (أحد من جيرتنا فضلا عمن بعد)
وان هذا السيد لشئ عجيب 1).

1) مستدرك وسائل الشيعة 3 / 383 مع اختلاف في بعض الألفاظ.
394

(381)
الشيخ محمود الغول العاملي 1)
عالم فاضلا، جاء إلى النجف مع أخيه الشيخ جواد 3)، وكان قد فرغ
من المقدمات حتى أصول المعالم وأمثاله، وكان محصلا قوي الملكة، وشارك
المرحوم الشيخ موسى شرارة في الدرس عند أساتيده في الفقه والأصول،
وترقى ترقيا حسنا ولكن لم يمهله الاجل وتوفي في النجف سنة نيف وتسعين
ومائتين بعد الألف.
(382)
الشيخ محمود الشهير بابن أمير الحاج العاملي
يروي عن الشيخ التقي الزاهد الفقيه العالم عز الدين أبو المكارم الحسن بن
علي الكركي المشهور بابن العشرة المتقدم ذكره. فلاحظ 3).
كذا يظهر من أول غوالي اللآلي 4) كما في الرياض 5).

1) هو الشيخ محمود بن محمد بن جواد الغول العاملي.
2) أنظر ص 124 من هذا الكتاب.
3) انظر أعيان الشيعة 10 / 102، وأمل الامل 1 / 184.
4) غوالي اللآلي 1 / 7.
5) رياض العلماء 5 / 201.
395

(383)
الشيخ سديد الدين محمود بن علي بن الحسن الشامي الحمصي، نزيل الري
ذكره في الأصل في القسم الثاني 1)، وذكرناه نحن هناك تبعا له مع ما يزيد
البصيرة، والا فالرجل من مشاهير علماء الشام، حتى أن الشهيد كلما قال " عند
الشاميين " يريد ثلاث هو أحدهم، فذكره هنا متعين.
(384)
الشيخ محمود بن الشيخ محمد مغنية العاملي
عالم فاضل، من أهل الغور والتحقيق في المطالب العلمية، ذو نابغية قل
في معاصريه من العرب من وصل إلى مقامه في نيل المطالب وتحقيق الحقائق.
أدام الله له هذا التوفيق.
كان هاجر إلى النجف مرتين، وتكمل في الثانية ورجع إلى بلاده مجازا
مصدقا على اجتهاده، ولم تطل أيامه وتوفي سنة 1334 2).
(385)
الشيخ محيي الدين بن أحمد بن تاج الدين الميسي العاملي
ذكره في الأصل بما لفظه: كان عالما فاضلا عابدا، من تلامذة الشهيد
الثاني. انتهى 3).

1) أمل الآمل 2 / 316. 2) في أعيان الشيعة 10 / 110: ولد سنة 1289.
3) أمل الآمل 1 / 184.
396

والرجل من شيوخ الإجازة، أخرج في البحار بعض إجازاته 1)، منها
ما كتبه للمولى محمود بن محمد اللاهيجاني تلميذ الشهيد الثاني، كتبها له في
أواخر ربيع الثاني من شهور سنة أربع وخمسين وتسعمائة في الحائر المقدس
على مشرفه الصلاة والسلام، وذكر فيها أنه يروي أيضا عن الشيخ شهاب الدين
أحمد بن خاتون الفقعاثي.
وما كان لصاحب الأصل أن يهمل كل ذلك في ترجمة الرجل.
(386)
الشيخ محيي الدين بن الشيخ حسين بن محيي الدين، من آل أبي جامع
العاملي وأجلاء علمائهم
وصفه الشيخ جواد محيي الدين في رسالته بالشيخ الجليل العالم العامل
الفاضل المحقق الكامل، سكن الحويزة وكان مرجعا بها، وكان شاعرا كاتبا
أدبيا.
أقول: وهو يروي عن أبيه الشيخ حسين عن أبيه الشيخ محيي الدين عن
أبيه الشيخ عبد اللطيف عن أبيه نور الدين علي عن أبيه شهاب الدين أحمد بن أبي
جامع عن المحقق الكركي.
ويروي عنه الميرزا محمد إبراهيم القاضي بن غياث الدين محمد الحويزائي
الأصفهاني.
وعندي بخطه الشريف كتاب سيبويه، وعليه حواشي كثيرة له تدل على أنه
من أئمة علم العربية، وكان قد ابتدأ في كتابة الكتب في خامس عشر ذي القعدة

1) بحار الأنوار 108 / 174.
397

من سنة ألف ومائة وست عشرة، وفرغ منه سنة 1119.
(387)
الشيخ محيي الدين ابن الشيخ علي ابن الشيخ محمد ابن الشيخ حسن بن
زين الدين الشهيد الثاني
كان من أفاضل علماء عصره في الفقه والأصول والحديث وفنون الأدب،
قرأ على والده الشيخ علي السبط.
وله ولد جليل هو الشيخ على سمي جده، وهو جد جدي الأدنى السيد
محمد علي من قبل أمه الست، فإنها أم جدي السيد العلامة 1) وأم أخيه السيد
العلامة السيد صدر الدين قدس الله أرواحهم جميعا.
(388)
السيد مرتضى بن حيدر بن علي نور الدين الموسوي العاملي
من أعلام أسرتنا، ذكره الشيخ علي الزين في " تذكرة العلماء " وقال:
السيد العالم العامل زين الأفاضل السيد مرتضى العاملي من أحفاد سيد الفقهاء
والمحدثين السيد محمد صاحب كتاب " مدارك الأحكام في شرح شرائع
الاسلام ".
كان مولد السيد مرتضى ومولد أبيه بأصفهان، وكان من أفاضل الزمان،
عالما بالفقه والحديث وسائر علوم الأدب والعربية شاعرا منشيا. كان أستادي
ورباني وعليه تخرجت في العلوم الاسلامية. كان يربيني ويسليني ويرأف بي.

1) كذا في مصورة الأصل.
398

جزاه الله عني خير جزاء المحسنين.
أقول: وذكره في " بغية الراغبين " ونبه على خطأ صاحب التذكرة الشيخ
علي الزين حيث ذكر أن السيد صاحب الترجمة من أحفاد السيد صاحب المدارك،
بل هو من أحفاد أخيه السيد علي نور الدين، وكان مولد أبيه السيد حيدر في
جبل عامل لا أصفهان وانما سكنها أخيرا.
اجتمع بالسيد مرتضى ابن عمه العباس صاحب " نزهة الجليس " في أصفهان
سنة 1131 أثناء سياحته، كما نص على ذلك في الجزء الأول من كتابه
المذكور 1).
(389)
الشيخ مصطفى قعيق العاملي
من العلماء الأجلة، ذكره بعض علماء جبل عامل في تذييله على أمل الآمل.
(390)
السيد مصطفى بن السيد علي نور الدين الشامي العاملي المكي الحسيني
الموسوي
ذكره السيد ضياء الدين بن يحيى في نسمة السحر في طي ترجمه السيد
صدر الدين علي بن أحمد بن معصوم المدني، وحكى أنه اجتمع به في مكة
مشرفة سنة 1114، وحكى عنه بعض ما يتعلق بترجمة السيد علي المذكور.
ولم أعثر على ذكر السيد مصطفى المذكور في غير هذا الموضع، ولا

1) نزهة الجليس 1 / 229.
399

أدري هل هو ولد صلبي للسيد علي بن نور الدين جدنا الاعلى أخو السيد
صاحب المدارك أم هو أبن السيد علي بن حيدر بن السيد علي نور الدين،
فيكون حفيدا للسيد علي نور الدين، والظن بذلك. والله العالم.
(391)
الشيخ شرف الدين مكي بن محمد بن حامد العاملي الجزيني، والد الشهيد
الأول
ذكره في الأصل 1). وقال الشهيد في بعض إجازاته: وقد كان والدي جمال
الدين أبو محمد مكي رحمه الله من تلامذة المجاز له الشيخ العلامة الفاضل
نجم الدين طومان والمترددين إليه إلى سفره إلى الحجاز الشريف، ووفاته
بطيبة في نحو سنة ثمان وعشرين وسبعمائة أو ما قاربها. رحمة الله عليهم أجمعين.
(392)
الشيخ مكي بن محمد بن شمس الدين بن حسن بن زين الدين بن محمد
ابن علي بن شهاب الدين محمد بن أحمد بن محمد بن شمس الدين محمد ابن
بهاء الدين علي ابن ضياء الدين محمد بن شمس الدين محمد بن مكي الشهيد،
رأيت نسبه هكذا
وهو عالم فاضل فقيه محدث، من شيوخ الإجازة. ويحتمل اتحاده مع
الشيخ شرف الدين محمد السابق بلقبه واسمه.

أمل الآمل 1 / 185.
400

(393)
السيد أبو الحسن موسى الحسيني الشقرائي 1)، والد السيد محمد الأمين، جد
السادات الاجلاء العلماء بشقراء آل الأمين، من أكابر بيوتات العلم والشرف
رأيت في بعض المواضع أن السيد أبا الحسن بن السيد حيدر كان صاحب
المدرسة الشهيرة في قرية شقراء، وأنه كانت تحتوي على ثلاثمائة طلبة من طلبة
العلم، فيهم الفضلاء الاجلاء كالسيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة والشيخ
إبراهيم يحيى أمثالهما.
وظاهر أنه لا يكون هكذا مدرسته الا أن يكون من العلماء الأفاضل الاعلام
والفقهاء العظام، والأسف أن لا أعرف ترجمته على التفصيل 2).
(394)
السيد موسى العاملي
فاضل أديب شاعر شهير، رأيت في كتاب " اليتيمة " للسيد محمد علي ابن
المرحوم عمنا السيد أبى الحسن قال: وشعراء العصر السيد موسى العاملي
والشيخ إبراهيم صادق العاملي والسيد صالح القزويني وعبد الباقي العمري
والسيد راضي - الخ.
ولم أعرف ترجمته.

1) هو السيد أبو الحسن موسى بن حيدر بن أحمد الأمين العاملي.
2) في أعيان الشيعة 10 / 186: ولد بقرية شقرا سنة 1138، وتوفى بها ليلة
الأحد 16 المحرم سنة 1194، فيكون عمره نحوا من ست وخمسين سنة.
401

(395)
الشيخ موسى قعيق العاملي
من العلماء الاجلاء المتأخرين عن الشيخ الحر، ذكره بعض علماء جبل
عامل في ذيل أمل الآمل.
(396)
الشيخ موسى مروة العاملي
من العلماء الاجلاء، ذكره بعض علماء العامليين في تذييله لأمل الامل.
ومر ذكر ولده الشيخ حسن الذي كان سكن الكاظمية وتوفي سنة 1226 1)،
وولد ولده الشيخ علي بن الحسن بن موسى صاحب " قرة العين في شرح ثار
الحسين عليه السلام " 2).
ثم رأيت على ظهر بعض الكتب ما يظهر منه أن وفاة صاحب الترجمة كانت
قبل سنة 1211، وذلك اني رأيت بخط ولده الشيخ حسن ما صورته " مالكه كاتبه
العبد الفقير إلى الله الغني حسن نجل المرحوم المبرور الشيخ موسى المروي
العاملي "، وقد كتبه في سنة 1211.
(397)
الشيخ موسى مروة العاملي
من العلماء المتقدمين على صاحب الامل. كان عالما فاضلا محققا فقيها

1) انظر ص 158 من هذا الكتاب.
2) انظر ص 288 من هذا الكتاب.
402

أصوليا، رأيت له حواشي كثيرة على كتاب " نهاية التقريب في شرح التهذيب "
في الأصول تصنيف الشيخ عبد النبي الجزائري صاحب الحاوي، وتاريخ كتابة
بعض تلك الحواشي سنة 1069.
فهو غير شيخ موسى والد الشيخ حسن مروة.
(398)
الشيخ موسى بن الشيخ امين شرارة العاملي
من بنت جبيل من قرى بلاد بشارة في عاملة. كان من حسنات العصر وجبال
العلم، فاضل في كل العلوم الاسلامية، خصوصا في الفقه والأصولين وعلوم
الأدب والعربية، وله المام بعلوم الحكمة.
رأيته كتب للشيخ محمد حسين مروة الذي سكن الشام - وكان عالم الشيعة
فيها - رسالة في " أصول الدين " تشتمل على المعارف الخمسة من دون مراجعة
كتاب.
وكان قوي الحافظة جدا لا ينسى ما حفظ، كثير الاستحضار لكل ما قرأه ورواه
من العلوم حتى الخطب والشعر والتواريخ وأيام العرب، حسن المحاضرة
عذب الكلام جيد التقرير.
كانت منشئات نثره خير من شعره، كثير الترويج، مجلسي زمانه، إذا تكلم
يأخذ بمجامع القلوب، كثير المحبة لأهل العلم، كثير الترويج لهم، أبى الطبع
جدا، علي الهمة، لم يقبل من أحد من العلماء شيئا من الحقوق مدة بقائه في
العراق، وكان يكتفي بما يرسل إليه من والده.
ورد العراق سنة ثمان وثمانين ومائتين بعد الألف وكان فرغ من المقدمات
والمتون وأصول المعالم في بلاده، بل كان قرأ بعض القوانين على تلامذة
403

الشيخ العلامة المرتضى الأنصاري، قرأها على الشيخ ملا علي الهمداني أحد
أجلاء تلامذة الشيخ مرتضى - وكان المدرس الأول في النجف - وقرأ شرح
اللمعة على الشيخ الفقيه فاضل العصر الشيخ عبد الحسين الطريحي، وكان وحيدا
في تدريس اللمعة في النجف.
وهو مع ذلك يدرس جماعة في المعالم والقوانين والروضة، ويدرس
عليه الشيخ كاظم شرارة شرح الرضي، ويدرس للسيد حيدر وأخيه السيد جواد
مرتضى بعض السطوح والمقدمات.
ولما فرغ من درسي القوانين والروضة - وكانت قراءته لهما على هذين
الفاضلين في حكم الدروس الخارجية المبنية على تحقيق المطالب وتدقيقها
لا قراءة سطحية، بل كان الملا علي الهمداني يتعرض إلى تحقيقات أستاذه الشيخ
مرتضى والى ما في الفصول - وعند فراغه من ذلك شرع بقراءة رسائل الشيخ
عند آية الله الآخوند الشيخ ملا كاظم الخراساني وكنت معه.
فشرع حينئذ بنظم الأصول، ونظم المنظومة المعروفة. ولم يمض مدة
حتى شرع هو في البحث الخارج، يحضر عنده جماعة من الأفاضل، وأخذ
يكتب في الفقه وهو يحضر فيه على الشيخ محمد حسين الكاظمي، وكان يعد من
فضلاء تلامذته.
والتمسه الشيخ محمد طه نجف على الحضور عنده، فأجابه احتراما له،
وصار يحضر عنده مع جماعة لا يزيدون على أربعة أو خمسة الشيخ حسين محيي
الدين والشيخ جعفر الشروقي والسيد على الجصاني والسيد البحراني.
وبالجملة ترقى الشيخ موسى في الاشتغال وتقدم على جميع طبقته حتى
صار يشار إليه بالأكف في النجف وكربلا وبغداد والكاظمين، وصارت له
محبة في قلوب عموم الناس من أهل هذه البلاد حتى بغداد والحلة، وشاع
404

ذكره بالفضل والجامعية، وترتب على وجوده بعض أمور الخيرية.
وكان إذا جلس في مجلس أو ركب في سفينة للزيارة لا يخرج من ذلك
المجلس أو من تلك السفينة الا وهو مالك لقلوب الكل، حتى اتفق أنه تكلم
في فضل تعلم العلم في بعض أسفاره إلى كربلا وهو في الطرادة، فلما رجعنا إلى
النجف ترك جماعة الكسب والتجارة وصار يقرؤن العلم ويراجعونه في المشورة
عند من يقرأون، كالشيخ جاسم والشيخ علي الخياط رحمة الله عليهما وغيرهما.
وبالجملة كانت فيه ربانية جاذبة وصفاء باطن، وبينما هو كذلك إذ عرض
له سعال ثم بحة في صوته أصابته عين لامة، فأوجب عليه الأطباء اما المعالجة
أو تغيير الهواء إلى جبل عامل الوطن الأصلي، فاختار الثاني لسهولته بالنسبة
إلى الأول عليه على مداقة وشدة أيامه، والا فقد بذلت الأموال الخطيرة لمعالجته،
فأبى أن يقبل من أحد شيئا، حتى أن الشيخ الأعظم الشيخ محمد حسن آل يس
الكاظمي قال للسيد حسن ويوسف الجموشي: والله لو توفقت معالجة الشيخ موسى
على بيع عمامتي التي على رأسي لبعتها. فالتمسه على الإقامة للمعالجة عند
الحكيم باشي الطهراني فأبى وقال: هذا مزيد في مرضي.
فزمت ركائبه إلى نحو البلاد في سنة ثمان وتسعين ومائتين بعد الألف، ولما
ورد بنت جبيل كتب لي أنه قد حسنت أحوالي بل صلح مزاجي وستراني عندك
انشاء الله عن قريب.
ولما اطلع أهل البلاد عليه وعلى فضله وعلمه وربانيته وقوته العلمية والعملية
مع كمال المعرفة بالسياسة ومواقع الأمور أكب عليه أهل العلم وعرفوا قدره،
وتصدى للتدريس وتربية المشتغلين، وهو مع ذلك مشغول في احياء السنن
وهداية الناس وترويج الدين وابطال بعض ما كانوا عليه من العادات غير المشروعة،
فأعلى كلمة الدين وأعز بسيرته الشرع المبين، وصارت البلاد تزهر بنور علمه
405

وتشرق بنفحات قدسه، فاجتمع عليه جماعة من طلبة العلم، فهداهم إلى الطريق
المستقيم ورباهم وهداهم، وقد رأيت بعض من تخرج عليه، فرأيتهم على هدي
حسن ونهج مستحسن، وانقاد له بعض من كان صعب الانقياد للشرع في اخراج
الحقوق.
واتفقت له مجالس مع علماء السنة، فكانت له الكلمة وظهرت له الحجة،
حتى عرف جلالته النصارى في البلاد وحتى خافه أرباب المذاهب المحدثة.
وبينما البلاد وأهلها مشرقة بأنواره إذ غاب عنها إلى ربه ورضوانه وأعلى
جنانه في سنة أربع وثلاثمائة بعد الألف، عن سبع وثلاثين سنة، لان مولده
سنة 1267.
فقام نجله الشيخ عبد الكريم يكد في الاشتغال ويجد في تحصيل الكمال،
وجاء إلى النجف وتكمل حتى صار كأبيه وأفضل، فقرت به العيون وابتهجت
به النفوس، وأجازه العلماء وصدقه الرؤساء، ورجع للقيام مقام أبيه، فعرض
ما كان عرض لأبيه من الأمراض، فاختاره الله إليه والى رضوانه وجنانه رضى
بقضاء الله وتسليما لامره، ولا حول ولا قوة الا بالله، وكان ذلك في جمادي الآخرة
سنة 1332 1).
(399)
الشيخ موسى ابن الشيخ شريف ابن الشيخ محمد ابن الشيخ يوسف بن
جعفر ابن الشيخ علي بن الشيخ محيي الدين العاملي النجفي
وصفه السيد الجليل العالم الكبير السيد محمد علي والد الحاج ميرزا محمد

1) كان مولده بالنجف سنة 1297. انظر نقباء البشر ص 1182.
406

حسين الشهرستاني بشيخنا الاجل الأمجد الأديب اللبيب الحسيب النسيب، كان
من مشاهير شعراء عصره وأكابر علماء الأدب، ومن شعره يمدح السيد محمد
علي المذكور:
قيل لي من ترى لدى كل هول * ملجأ يلتجي له كل حي
قلت ما في الورى سوى ابن طه * وأخيه محمد وعلي
وقد كان بين الشيخ موسى المذكور وعبد الباقي العمري مراسلات شعرية،
توفي سنة 1281.
وقال الشيخ جواد بن الشيخ علي بن الشيخ قاسم محيي الدين في رسالته:
انه كان عالما فاضلا كاملا أديبا شاعرا كاتبا ماهرا، له ديوان شعر، وقد خمس
الدريدية. انتهى.
(400)
السيد موسى بن عبد السلام بن زين العابدين بن عباس الموسوي العاملي
ذكره في بغية الراغبين وقال: كان من العلماء المتبحرين في الفقه والأصول
وعلوم العربية، وهو من شعراء عصره، وشعره محفوظ سائر، وقد بلغني أن له
ديوانا يبلغ أربعة آلاف بيتا أكثره في مديح آبائه الطاهرين المعصومين عليهم
السلام، وله رسالة فيما " انفردت به الإمامية من المسائل الفقهية " ورسالة في
" صلاة المسافر " وأخرى في " مناسك الحج ".
قال: وكانت وفاته في المشهد الغروي سنة 1265 1) يوم عاشوراء. رحمه
الله تعالى.

1) التاريخ في الأصل مكتوب بأرقام، ثم شطب عليه بحيث لا يقرأ وكتب فوقه
بخط حديث كما هنا، وفى أعيان الشيعة 10 / 190: توفى سنة 1253.
407

* * *
الشيخ مهدي الفتوني
متقدم بعنوان محمد مهدي بن بهاء الدين محمد صالح.
(401)
الشيخ موسى بن علي بن محمد بن معتوق بن عبد الحميد الفتوني النباطي
العاملي، الجد الاعلى للمولى أبى الحسن الشريف العاملي ابن محمد طاهر بن
عبد الحميد
وصفه الشيخ محمد حسين بن الحسن الميسي في اجازته للشريف المذكور
بالشيخ الجليل الفاضل الكامل الثقة العدل الورع التقي الزاهد العابد الجزل
النقي الشيخ موسى الفتوني.
ووصفه أيضا الشيخ عبد الواحد بن محمد البوراني في اجازته للشريف
المذكور بالشيخ العالم العامل التقي النقي الشيخ موسى بن علي بن معتوق بن
عبد الحميد الفتوني. الخ.
وغيرهما من العلماء الذين أجازوا حفيده الشريف ووصفوه أيضا بما يقرب
مما ذكرناه، فالرجل من أجلة العلماء المعاصرين للشيخ البهائي ومن في طبقته 1).
وآل معتوق بيت جليل في جبل عامل خرج منهم جماعة من العلماء الاجلاء،
ولم ينقطع العلم منهم إلى الان.

1) وجد بخطه كتاب " نهاية التقريب " أتم نسخه ضحوة نهار الأربعاء 23 شوال
1023. انظر أعيان الشيعة 10 / 193.
408

(402)
الشيخ مهدي شمس الدين 1)
من ذرية الشهيد الأول، ومن أجلة تلامذة الشيخ عبد الله نعمة، وتخرج
عليه في الفقه والأصول. وهو من أساتيد المرحوم العلامة الشيخ موسى شرارة
العاملي، قرأ عليه القوانين، وكان من المعاصرين الذين تكملوا ولم يجيئوا
إلى العراق. رحمه الله.
هذا ما حدثني به تلميذه المرحوم الشيخ موسى العاملي.
(403)
الشيخ مهدي مغنية العاملي 2)
يظهر من كتابته على نسب بعض سادات عبثيث أنه من العلماء الاجلاء الذين
يطلب منهم الحكم والثبوت، وكان قد كتب معه على ذلك النسب الشيخ العالم
المتبحر الجليل الشيخ عبد النبي الكاظمي صاحب تكملة نقد الرجال من تلامذة
الشيخ أسد الله صاحب المقابيس والسيد عبد الله شبر صاحب جامع الاحكام.
وأيضا كان عليه شهادة الاجل الفقيه السيد علي بن السيد محمد الأمين
وشهادة أخيه السيد احمد ابن السيد محمد امين 3).
وبيت مغنية بيت قديم في العلم والرئاسة، وأحفاده في طبقة صاحب الترجمة
بعد الذي ذكرناه.

1) هو الشيخ مهدي بن علي شمس الدين العاملي.
2) هو الشيخ مهدي بن محمد بن علي بن الحسن بن الحسين بن محمود بن محمد
آل مغنية العاملي.
3) في أعيان الشيعة 10 / 166: توفى سنة 1265.
409

(404)
السيد مهدي نور الدين الموسوي النباطي العاملي، أخو السيد محمد نور
الدين، من النبطية الفوقا، وقد سردت نسبهم في ترجمة ابن أخيه السيد عبد
الحسين نور الدين
كان السيد مهدي قد جاء من البلاد وأقام في النجف واشتغل بالتحصيل حتى
صار يكتب في الفقه والأصول، وكان يحضر في الفقه على الشيخ الفقيه الشيخ
محمد حسين الكاظمي، وقرأ الرسائل للشيخ مرتضى على الشيخ محمد تقي
سبط الشيخ أسد الله صاحب المقابيس.
وبالجملة قد اعتقد أنه فرغ من التحصيل وحصلت له ملكة الاجتهاد، وعزم
على التوجه إلى بلاده، وكان قد تزوج ببنت السيد الجليل السيد كاظم الأمين
العاملي، فتمرض بالحرارة وتوفي حدود سنة تسعين ومائتين والألف في النجف
الأشرف. وكان هذا من حسن عاقبته، فإنه كان سيدا جليلا تقيا نقيا صافيا مهذبا
سكوتا بشوشا من أهل الجنة فاختاره الله إليه.
(405)
الشيخ مهدي ابن العلامة الشيخ سليمان معتوق العاملي
عالم فاضل أديب نحوي لغوي، من تلامذة والده والسيد محسن صاحب
المحصول. كان والده جاء من بلاده إلى بلد الكاظمين وسكنها، وكان من أجلة
علماء عصره، يروي عنه الاجلاء، كالسيد محسن الأعرجي المذكور وغيره،
410

وهو يروي عن جدنا السيد محمد بن إبراهيم عن الشيخ الحر صاحب الوسائل 1).
ولهذا الشيخ عدة أولاد علماء في بلد الكاظمين، منهم صاحب الترجمة
المتوفى بالطاعون سنة 1222، ومنهم الشيخ العلامة الفاضل الشيخ محمد
شريف.

1) انظر ترجمته في ص 227 من هذا الكتاب.
411

باب النون
(406)
الشيخ ناصر بن إبراهيم البويهي العيناثي العاملي 1)
ذكره في الأصل 2)، وله غير ما ذكره رسالة في " الحساب ".
وله رحمة الله عليه حديث عجيب غريب ينبغي ذكره في ترجمته، قال
السيد العالم السيد حسين بن إبراهيم القزويني أستاد السيد بحر العلوم في مقدمة
الرجال من مقدمات شرحه على الشرائع، قال ما لفظه: وجدت بخط السيد
السعيد صاحب حدائق الأبرار من أحفاد الشارح الفاضل الشهيد الثاني قال:
وجدت بخط الشيخ ناصر البويهي وهو من الفقهاء المتبحرين والعلماء المتقين
ما هذا لفظه: انه رأى في منامه كأنه في قرية جزين التي هي قرية الشيخ شمس
الدين محمد بن مكي الشهيد الأول في سنة 955 قال: ذهبت إلى باب الشيخ

1) هذه الترجمة شطب عليها في مصورة الأصل.
2) أمل الآمل 1 / 187.
412

فطرقته فخرج إلي وطلبت منه الكتاب الذي صنفه الشيخ جمال الدين ابن المطهر
في الاجتهاد، فدخل بيته وأتاني بالكتاب ومعه آخر وأظنه في الروايات،
فناولنيهما واستيقضت وهما معي. انتهى 1).
وهذا حديث (يدل) على جلالة الشيخ ناصر وروحانيته وحب الشهيد له
وعنايته به، وعلى قوة نفس شيخنا الشهيد في تلك النشأة. قدس الله أرواحهم
جميعا.
والمراد بالسيد صاحب حدائق الأبرار هو السيد محمد بن محمد بن حسن
ابن قاسم الحسيني العيناثي صاحب كتاب " الاثنا عشرية في المواعظ العددية "،
كانت أمه بنت الشهيد الثاني.
والظاهر أن في التاريخ اشتباها، حيث أنه حكى في الأصل عن خط الشهيد
الثاني تاريخ وفاة الشيخ ناصر سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وعن شرح البداية
له أيضا أنه توفي سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة. فتأمل.
(407) الشيخ ناصر الدين بن الشيخ حسن بن الشيخ ناصر الدين الحداد الجزيني
العاملي
من أجلاء علماء عصره، ومن تلامذة الشهيد الثاني. وعندي بخطه كتاب
" مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد " لأستاذه المذكور، فرغ من نسخه
يوم الجمعة قبل الزوال الخامس من ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة،
فيكون نسخه بعد وفاة الشهيد بست سنين، لأنه توفي سنة 966.

1) هذا المنام مذكور في مستدرك وسائل الشيعة 3 / 437، ومضى في ص 266
من هذا الكتاب.
413

وعلى النسخة بعض الحواشي لصاحب الترجمة، ولا يحضرني شئ من
تواريخه وتصانيفه.
(408)
السيد نجم الدين السكيكي العاملي 1)
صاحب رسالة " أخبار أهل البيت عليهم السلام " التي ينقل منها السيد محمد
العيناثي في كتاب " الاثنا عشرية في المواعظ العددية ". ويظهر منه أنه من
العلماء المعروفين في عصره.
(409)
السيد نجم الدين بن الأعرج الحسيني الأطراوي العاملي الكركي
من الاشراف العلماء الأجلة وكبراء الدين والملة، والد السيد حسن بن
نجم المتقدم ذكره 2). كان معاصرا للعلامة الحلي ومن في طبقته.
له أولاد وأحفاد علماء أجلاء، والكل نسبتهم إليه.
وظهر لي من بعض إجازات أولاده وتراجمهم أن اسمه الأصلي أيوب بن
الأعرج واشتهر بلقبه.
ويظهر من رياض العلماء في ترجمة ابنه الحسن أنه ابن عم السيد ضياء
الدين وعميد الدين ولدي السيد مجد الدين أبي الفوارس محمد بن علي بن

1) هو السيد نجم الدين بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الموسوي السكيكي
العاملي، وهو المجاز من الشيخ حسن العاملي صاحب المعالم بالإجازة الكبيرة التي أخرجها
المجلسي في بحار الأنوار 109 / 3 - 79.
2) أنظر ص 159 من هذا الكتاب.
414

الأعرج الحسيني الحلي، أو نسبة سببية بينهما 1). وهو وهم جاءه من النسبة
إلى ابن الأعرج، وانما الأعرج عبد الله بن الحسين بن علي السجاد زين العابدين.
والأعرجيون طوائف وذيول منهم في عاملة وهم الهراويون، ومنهم في الحلة
وهم آل أبي الفوارس المذكور، ومنهم بالموصل وبغداد، ومنهم طرائف
منتشرون يطول الكلام بذكرهم.
وصاحب الترجمة العاملي وبنى أبى الفوارس في الحلة. نعم جاء الحسن
ابن نجم الدين إلى الحلة أيام مجئ الشهيد إليها، وقرأ على فخر المحققين وعلى
ضياء الدين وعميد الدين، فاستجازهم وأجازوه. ولا قرابة بينه وبين الآخرين
الا أنه أعرجي النسب، فإنه الحسن بن جعفر بن الحسن بن نجم الدين أيوب
الأعرجي الحسيني الأطراوي العاملي.
(410)
الشيخ نجيب الدين علي بن محمد بن مكي بن عيسى الجبلي العاملي
ذكره في الأصل في العليين باعتباره اسمه، وذكره هنا باعتبار لقبه المشهور
به 2).
وكان من خاصة الشيخ حسن بن زين الدين صاحب المعالم، وعندي نسخة
مختار الكشي بخطه الشريف، وقد شاركه في بعض الصفحات الشيخ حسن بن
زين الدين، وخطهما متقارب وكلا الخطين جيد، وذكر فراغه من نسخه يوم
الجمعة السادس والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام عام تسعين وتسعمائة على
نسخة بخط الشهيد الأول محمد بن مكي.

1) رياض العلماء 1 / 163.
2) أمل الآمل 1 / 130 و 189.
415

وحكى السيد شبر بن محمد بن ثنوان عن شيخه العلامة السيد نصر الله
المدرس الحائري أنه حدثه في الحضرة الحسينية في أواخر السنة الرابعة
والخمسين بعد المائة والألف هكذا: قال العلامة النسابة الثقة الأمين الشيخ
نجيب الدين العاملي تلميذ الشهيد الثاني طاب ثراه في رحلته أنه ورد الحويزة
أيام السيد مبارك بن حيدر بن الحسن وامتدحه بقصيدة منها:
فمطلبي مبارك بن مطلب
انتهى. فتأمل.
ويروي الشيخ نجيب الدين عن الشيخ حسن صاحب المعالم وعن السيد
صاحب المدارك، ويروي عنه السيد العلامة السيد حسين الكركي ابن السيد
حيدر بن قمر الموسوي وغيره من الأفاضل، وقد ذكرتهم في طبقات مشايخ
الإجازات.
من شعره وقد كتبه في رقعة صفراء بمداد أحمر:
مدمعي مثل مدادي والورق * لونه لوني ولكني أرق
طلق النوم جفوني ولذا * عوض عنه بترويح الارق
(411)
الشيخ نعمة محيي الدين الحارثي الهمداني العاملي النجفي 1)
كان من أجلاء العلماء، تولد في أوائل المائة الثانية عشر، كانت له الامام
والتدريس في النجف، وله مصنفات توجد عند أسرته، وهم آل محيي الدين
من آل أبي جامع العاملي.

1) الظاهر أنه ابن الشيخ شريف بن محمد بن يوسف بن جعفر بن علي بن حسين
ابن محيي الدين بن حسين الجامعي العاملي.
416

توفي هذا الشيخ سنة سبعين ومائة بعد الألف 1)، ورثاه الشعراء كالشيخ
احمد النحوي وأمثاله.
(412)
الشيخ نصر الله بن يحيى العاملي، أخي الشيخ إبراهيم يحيى السابق ذكره 2)
كان من العلماء الفضلاء، رأيت خطه على ظهر سلافة العصر التي كانت ملك
أبيه المذكور في سنة 1214، وكان جاء مع أبيه إلى العراق في فتنة احمد الجزار.
(413)
الشيخ نعمة الله 3) بن أحمد بن محمد بن خاتون العاملي العيناثي
ذكره في الأصل 4)، وذكر أنه من تلامذة المحقق الكركي علي بن
عبد العالي، ولم يذكر روايته عنه ولا عن غيره.
وعندي إجازة للمولى المحقق عبد الله التستري كتبها له في أواسط شهر
محرم الحرام افتتاح سنة ثمان وثمانين وتسعمائة هجرية، قال فيها: اني أروي
عن شيخي امامي الأمة وأكمل الأئمة وسواجي المللة الامام ذو المآثر والمفاخر
والفضائل والفواضل والمعالي أبو الحسن علي بن عبد العالي والفقيه النبيه البدل
الصالح والدي أبو العباس أحمد بن خاتون قدس الله روحهما ونور ضريحهما
بمحمد وآله.

1) في الحالي والعاطل ص 249: والذي أرجحه أنه توفى سنة 1270.
2) انظر ص 85 من هذا الكتاب.
3) في أعيان الشيعة 10 / 225: اسمه على واشتهر بلقبه نعمة الله.
4) أمل الآمل 1 / 189.
417

ورأيت إجازة المحقق الكركي لأبيه ولولديه صاحب الترجمة وأخيه الشيخ
زين الدين جعفر، وتاريخها سنة 932.
(414)
السيد نور الدين بن فخر الدين بن عبد الحميد الهاشمي الكركي
ذكره في الأصل على غاية الاختصار (1.
وقال الشيخ محمد بن العودي في رسالته الموضوعة في أحوال الشهيد الثاني
عند تعداد تلامذته ما لفظه: ومنهم السيد الجليل الكبير المعظم خلاصة الأخيار
وعمدة الأبرار وزين الأفاضل وعمدة الأوان ونادرة الزمان صاحب الشيم المرضية
والأخلاق السنية السيد نور الدنيا والدين ابن المرحوم السيد فخر الدين بن
عبد الحميد الكركي القاطن بدمشق الان، أدام الله أيامه وأعلى مقامه، وانه من
أكابر خاصته وأوائل العاكفين على ملازمته، قرأ عليه جملة من العلوم الفقهية
وغيرها وأخذ عنه واجازه، وكان له قدس سره عليه مزيد اعتماد ومحكم استناد.
انتهى 2).
قلت: هو من أجلاء علمائنا، يروي عنه السيد العم صاحب المدارك والشيخ
الجد صاحب المعالم. قال صاحب المعالم في اجازته الكبيرة عند ذكر مشايخه:
والسيد الاجل الناسك نور الدين علي بن السيد فخر الدين الهاشمي عن والدي
السعيد الشهيد رفع الله درجته.

1) أمل الآمل 1 / 189.
2) الدر المنثور 2 / 191.
418

(415)
السيد نور الدين علي بن علي بن أبي الحسن الموسوي
هكذا ذكره في الأصل وقال: تقدم باعتبار اسمه 1).
قلت: هو جدنا وجد طائفتنا، وقد تقدم سرد نسبه على الترتيب الصحيح
وأنه غير السيد نور الدين بن حسن بن حسين بن علوان وغير السيد نور الدين
ابن فخر الدين بن عبد الحميد، بل أخو السيد محمد صاحب المدارك لأبيه وأخو
الشيخ حسن صاحب المعالم لامه.
ويروي عنهما وعن البهائي والميرزا محمد صاحب المنهج والتلخيص.
ويروي عنه جماعات من العلماء، وكانت إليه الرحلة بمكة، وقد ذكرت
جملة من روى عنه وتخرج عليه كالشيخ سبط الشهيد الثاني والشيخ قاسم الفقيه
الكاظمي والشيخ علي بن سليمان البحراني والسيد هاشم 2).

1) أمل الآمل 1 / 189.
2) انظر التفصيل في ص 304 - 306 من هذا الكتاب.
419

باب الواو
(416)
(السيد) 1) الواثق بالله بن أحمد بن الحسين الحسيني 2) الجبلي 3)
فقيه مناظر صالح، كان زيديا، قرأ على الشيخ المحقق رشيد الدين
عبد الجليل فاستبصر. قاله الشيخ منتجب الدين في الفهرست 4).
وذكره في الأصل في القسم الثاني 5)، والظاهر أن المراد بالجبلي العاملي،
كما قال الشيخ منتجب الدين. كتب علي بن أحمد بن مكي بن عيسى الجبلي

1) زيادة من المصدر.
2) في المصدر " الحسنى ".
3) في نسخ المصدر " الجيلي "، " الجليل "، " الحيلى ".
4) فهرست منتجب الدين ص 195.
5) أمل الآمل 2 / 338.
420

النسبة إلى بلاد الجبل في لسان أهل الحديث والاخبار، أعني همذان ومازندران،
فإنه لا يقال جبلي بل همذاني، وان كان من جبال شروين يقال مازندراني
وطبرستاني وآملي. فلاحظ.
421

باب الهاء
(417)
السيد الطاهر أبو الحسن الهادي - والد المؤلف - ابن السيد محمد علي
ابن السيد صالح ابن السيد محمد ابن السيد إبراهيم شرف الدين ابن السيد زين
العابدين بن نور الدين الموسوي العاملي أصلا النجفي مولدا الأصفهاني منشأ
الكاظمي مسكنا ومدفنا
أحق من نظم في عقد هذا الشأن ومن يفتخر بذكره علماء هذا الزمان، علم
العلم ونتيجة الاعلام البالغ في الفضل والفواضل أعلى مقام سيدنا وأستادنا الوالد
الهادي المقتدى بآثاره المهتدي بأنواره عمدة المحققين قديما وحديثا وملاذ
المدققين تفسيرا وحديثا، بحر العلم الذي ساغ لكل وارد وكعبة الفضل التي
ينطوي إليها كل قاصد، فذلكة الفضلاء وبقية العرفاء، الرافع للعلوم أرفع راية
والجامع بين الرواية والدراية.
422

تولد في النجف الأشرف سنة خمس وثلاثين ومائتين والألف، وفي أيام
رضاعه زمت ركائب والده العلامة إلى نحو خراسان بالأهل والعيال، وبعد
زيارة الإمام الرضا عليه السلام مال إلى زيارة أخيه السيد الصدر بأصفهان، فسأله
الإقامة معه حيث كانت أصفهان محط رحال الأفاضل في ذلك الزمان، فأقام غير
بعيد وفاجأه القضاء في سنة 1241 كما شرحناه في ترجمته.
فكفل الوالد السيد عمه آية الله في العاملين السيد صدر الدين، ورباه في
حجره، وكان أعز ولده، وكانت تزداد عنايته به ورعايته له يوما فيوما لما كان
يرى من حسن استعداده للعلم ورغبته فيه، وهو مع ذلك يزيد في تشويقه،
حتى أنه كتب له ألفية ابن مالك بالخط الفاخر على ورق الترمة وذهبها له، وقرر
له في حفظ كل عشرة أبيات وأعرابها مع تفسيرها أشرفي.
وهكذا كانت عنايته به ورعايته له، حتى فرغ من كل العلوم العربية وسائر
المقدمات كالمنطق والشرائع وأصول المعالم وهو ابن الثني عشرة سنة، وقد
برع فيما قرأ حتى صار يحضر عالي مجلس درس عمه العلامة في الفقه بأمره
قبل بلوغه الحلم، وصار يستفيد من أنوار علومه ويتكلم في بحثه، وهو مع
ذلك يقرأ على أستاذه المنطق والكلام، وكان هذا الأستاذ هو الشيخ عبد الكريم
المعروف الجامع للعلوم الغريبة والعلوم المتعارفة، فالتمسه على تعلم علم
الحروف والأعداد والرمل، وصار يرغبه في ذلك لما يرى من علو فهمه وكمال
استعداد، حتى أجابه إلى ذلك وتعلم من تلك العلوم الغريبة ما يبهر العقول،
لكنه أخفى علمه بها إلى آخر عمره، ولم يكن لاحد ماسكة الكتمان التي كانت
له، حتى أني سألته ذات يوم أن يعلمني بعضها فقال: يا ولدي ما في تعلم هذه
العلوم فريد فائدة الا لمن يقدر على كتمانها، أما تراني؟!.
ثم بعد ما فرغ من درس عمه هاجر إلى النجف ولازم درس الشيخ حسن
423

صاحب " أنوار الفقاهة " ابن الشيخ الطائفة كاشف الغطاء في الفقه، وقرأ علم
الأصول على الشيخ المرتضى " ره ".
وبعد خمس سنين كتب عمه العلامة بتوجهه إلى أصفهان للتزويج، فرحل
مكرها ووردها، فزوجه ببنت السيد قاسم عباس من الأرحام، وبقي هناك سنة
وترك عياله ورجع إلى النجف، وعاد على ما كان عليه من الحضور على الشيخين
المذكورين، حتى ملك من الفقه زمامه وعلا سنامه، ومن الأصول ما أحيى
دوارسه.
ولما كانت سنة 1263 ورد عمه العلامة السيد صدر الدين من أصفهان، فأمره
بالتوجه إلى أصفهان حتى يجئ بعرسه التي تركها هناك، فخرج من النجف
بهذا القصد، ولما ورد بلد الكاظمين وجد عمته العلوية " رحمة " شقيقة أبيه عيال
الشيخ حسين محفوظ قد سقطت من السطح وتكسرت، فأقام عندهم يمرضها،
فبينما هو كذلك إذ جاءه نعى عرسه بنت السيد قاسم من أصفهان، وبعد أسبوع
جاء خبر وفاة عمه السيد بالنجف، فعدل عن الرواح إلى أصفهان مع أنه كان له
فيها دار وأسباب، وكتب فأعرض عن الكل وعزم على العود إلى النجف.
فاجتمع عليه من أهل العلم والأشراف - وفيهم الشيخ الأعظم الشيخ محمد
حسن آل يس الكاظمي - فالتمسوا منه البقاء في بلد الكاظمين للتدريس، فأقام
واشتغل بالتدريس وحضر مجلس درس الشيخ المذكور، واستمر على ذلك
مدة وفي نفسه الرجوع إلى النجف، فرجحت له عمته المذكورة التزوج ببعض
بنات الأجلة، فاستخار الله جل جلاله فساعدت الاستخارة فتزوج بأم أولاده
المجللة والدتي المعظمة بنت الشيخ محمد بن شرف الحاج حسين بن مراد
الهمداني من أكابر البيوتات، فكان ذلك سببا لسكناه وقطع ما كان يتمناه.
واستدام على التدريس في سائر العلوم الدينية، كان يجلس من أول الصبح
424

إلى الظهر يدرس في الفقه والأصول والكلام والعلوم العربية والمنطق، لا يدرس
في ذلك كله سواه، وهو مع ذلك قائم بحوائج المحتاجين بأتم قيام وعلى
أحسن نظام، لا يرجع العجم المجاورين الا إليه ولا معول لهم الا عليه، لم يسمح
الزمان بمثل أخلاقه وسعة صدره وكثرة تواضعه وشدة رأفته وكثرة فتوته وسخائه
وآبائه.
كانت له المنة على جميع أهل بلده وليس لاحد منهم عليه منة، عبقت
منه رائحة جده باب الحوائج فصار كعبة القاصد، فكم من مريض عاجز عنه
الأطباء برئ بدعائه أو يأكل من سؤره. كان لفمه وكلمه وقلمه تأثير عجيب في
شفاء الأمراض وحصول الاغراض، فكم من مبتلى بموت الأولاد أخذ من ثيابه
لمولوده فعاش. وكان إذا كتب لمحروم الأولاد دعاء الولد رزقه الله ذلك.
وبالجملة حاز من الخصال محاسنها وما آثرها وتردى من أصنافها بأنواع
مفاخرها، لا يرجع منه السائل الا بحاجة مقتضية ولا فقير الا بصلة. وربما كان
لا يجد النقد فيعطي السائل خاتمه أو بعض ثيابه أو بعض أواني داره، لا يستطيع
رده بالكلية لسخاء طبعه ورقة قلبه.
كان إذا مر في الصحن الشريف أو في الطريق ورأى من الغرباء لا يستطيع
أن يرفع قدمه عنه، بل يقف عليه حتى يحسن إليه ويصلح له ما يحتاج إليه ولو
بالقرض والاستدانة. ولعمري لا يستطاع ذكر مزاياه وما كان عليه من المكرمات
والأوصاف وقوة النفس وحسن التوكل وقطع النظر عن الناس.
وكان لا يقبل الحقوق من كل أحد ويقول: أني لا أقبض ممن يحدث نفسه
أنه أعطاني أو جاء إلي بحق فرضه الله عليه. وكان جل مخارجه ومخارج عيالاته
من النذور. وكان من الورع والتحرز قد بلغ الغاية وتجاوز النهاية، يعرض عن
الأموال الخطيرة لأدنى حزازة عرفية فضلا عن الشبهة الشرعية.
425

ومن خواصه أنه كان لا يقبل الوصية ولا يتولى الأوقاف، وأعظم من ذلك أنه
لم يحكم في قضية قط ولا أفتى بما يخالف الاحتياط مدة عمره، وكان من يفصل
الدعاوي العظيمة بأحسن وجه بلا تحليف ولا حكم. وهذا من كراماته الظاهرة.
كان أشبه الناس بالسيد جمال الدين علي بن طاوس بالورع عن الحكم
والفتوى وفي الزهد والمراقبة لمولاه والمجاهدة ومحاسبة النفس. وكان من
أعلم الناس بعلم تهذيب الأخلاق، وكم له من الرياضات الشرعية.
وكان عالما بالحديث والتفسير، عالي الأنظار في الأصولين مصنفا فيهما،
كثر الاستحضار في الفقه حسن المسلك فيه، خبيرا بالطب والرياضيات وعلم
الأوائل، وله في علم الطب أرجوزة ضمنها نفائس مطالب الطب والعرفان لم
ينسج على منواله ناسج، أولها:
علم طب ميزان أحوال بدن * نيست مشكل طب را عالم شدن
انما الاشكال في رد الطبيب * صحة زالت بترحال الحبيب
وله في علم الكلام رسالة أملاها على بعض تلامذته من دون مراجعة كتاب،
أولها بعد البسملة والحمدلة " هذه سطور تنتظم في بيان المعارف الخمس،
أعني أصول الدين " الخ.
وكان حسن التقرير جيد التحرير، قل نظيره في أهل العلم في حسن البيان
وتحرير المطالب، لكنه لعلو فكره وجربزة فهمه لا يرتضي تحريراته، وكلها
كتب كتابة عاد إليها وغيرها، لا يتمكن من اتمام كتاب على ما يريد.
واتفق أنه ترك التدريس والخروج إلى صلاة الجماعة، وصار لا يخرج من
الدار الا في آخر الليل، يخرج لزيارة الامام الكاظمين عليهما السلام. وصار
لا يدخل على أحد ولا يراود أحد واشتغل بنفسه وانغمر بفكره. واستمر على
ذلك أكثر من سنتين، ثم عاد إلى التدريس والصلاة والقيام بحوائج الناس
426

على ما كان عليه، غير أنه لا يدخل دار كل أحد.
واتفق له في خلال تلك المدة حكايات ومكاشفات وعنايات تجري مجرى
الكرامات، ذكرها صاحب دار السلام.
كان ربعة من الرجال، بهي المنظر أبيض اللون، يعلوه نور ظاهر، بين
عينيه سجادة، إذا نظر إليه الناظر ابتهج برؤيته وبياض كريمته وأنوار طلعته.
وكان يتسلى جليه عن كل شئ بمخاطبته.
ومن عجيب سيرته أنه كان قليل النوم. وإذا نام لا يمد رجليه بل يجمعهما
ويتكئ بزاوية حجرته.
وكان لا يأكل في الليل والنهار الامرة واحدة، لا يزيد على نصف الرغيف.
وكان قد سقطت كل أسنانه في سن الشباب في يوم واحد، وذلك أنه ابتلي
بوجع الأسنان بحيث لم ير النوم ثلاث أيام بلياليها، فوصفوا له رش دواء على
أسنانه فرشه وسكن الوجع ونام ولم يغسلها، فلما استيقظ وجد جميع أسنانه
قد تحركت، فصار يأخذها بيده ويرمي بها حتى انتزعها جميعا، فحرم ملاذ
الدنيا من وقت شبابه.
مرض يوم السابع عشر من جمادى الأولى بمرض البطن من غير حمى،
وتوفي بعد العصر يوم الثاني والعشرين سنة ست عشرة وثلاثمائة بعد الألف.
فقامت الصحية في داره هاجت البلد بأسرها وكثر الصراخ والبكاء من عموم
الناس نساء ورجالا، وكان يوما مشهودا، واجتمع الناس وأخذ العرب والعجم
باللطم على الصدور والنياحة، وأغلقت الأسواق وتعطلت، وحمل نعشه الشريف
في التخت على الرؤوس، وأخرجوا أعلام الحرم الشريف، وخرجت النساء
من خدورها ألوف خلف نعشه بالصراخ والعويل، حتى إذا فرغوا من تجهيزه
جاؤوا بنعشه إلى الصحن الشريف، وبعد الزيارة صليت عليه بوصية منه.
427

ولما أنزل في سرداب بقعته ليوضع في لحده كان الحاج ملازمان المازندراني
واقفا على باب السرداب إلى جنبي، فقال لي " الله أكبر " وأخذته الرعدة.
فقلت له: ما دهاك؟ فقال: هذا الحجة صاحب الزمان عليه الصلاة والسلام قد
حضر إليه وهو الان في السرداب فاني أعرف رائحته المباركة. قال: وما كنت
أعرف عظم قدر هذا السيد الجليل إلى هذه الدرجة. وهذا الحاج ملازمان من
العلماء الربانيين المرتاضين المجاهدين الصائم القائم الذي بلغ به الحال أنه
يقتات في افطاره أيام رياضته بالمدينة الطيبة قدر لوزة واحدة، وله كرامات
ومكاشفات جليلة ذكرها العلامة النوري " ره " صاحبه في بعض مؤلفاته المختصة
بالحجة المهدي صاحب الزمان عليه السلام.
وبقعة السيد هي الحجرة الثانية على يمين الداخل إلى الصحن الشريف
من الباب الشرقي المعروف بباب المراد.
واستقام النوح واللطم على الصدور من العرب والعجم كل ليلة في أيام
إقامة الفاتحة، وبعد انقضاء الفاتحة منا أخذ غيرنا بإقامة الفاتحة، وتعددت
الفواتح وأقيم الترحيم الجليل في الصحن عند بقعته سبعة أيام.
ورثاه شعراء العرب والعجم، وأرخ وفاته بعض أسباطه بقوله:
نادى الأمين في السماء مؤرخا * انطمست والله أعلام التقى
ورثاه الشيخ حمادي نوح الشاعر الشهير بقصيدة طويلة الذيل، منها قوله:
أي صماء عرت رشد الورى * فالورى رعدهم داء عضال
في امام النسك أودت بغتة * للمنايا أمم الصف رعال
ومنها:
ومضت فائزة في مرشد * للهدى فيه جلال وجمال
من لمحرابك يا بدر التقى * من سنا الذكر يجليه الكمال
428

تحت بدر فيه بدرا كاملا * أول النشأة لا البدر هلال
لك يا نور المحاريب سنا * ورع يصعد منه الابتهال
جرت الابدال تقفوه اجتهادا * فعليها ورعا عز المثال
منها:
يا منيرا سحر النسك إذا * رقدت عن سحر النسك رجال
وقيام الليل أقوى شاهد * عن صيام القيظ ما فيك ملال
بأبي وجهك تستسقى الحيا * فيه للحل فيهمي الانهمال
ومنها:
غالك المقدار يا ليت عدى * لسوى هادي الأنام الاغتيال
لك في الدين غواشي قرح * صدعت صدر الهدى منها نبال
واتقاها صدر دين المصطفى * في تقاه هو الحبر المثال
(418)
السيد الشريف هاشم ابن السيد محمد بان السيد حسن ابن السيد هاشم
ابن السيد محمد بن عبد السلام بن زين العابدين بن عباس الموسوي العاملي
كان فاضلا كاملا ثقة ورعا، من رجال العمل والصلاح، له أخلاق وحالات
تلحقه بالأولياء.
أخذ العلوم العربية عن فضلاء عاملة، وتلمذ في الفقه والأصول على السيد
علي المحمود الأمين المتقدم ذكره.
وكان شاعرا أديبا، وله من الشعر الجيد ما يجعله في مقدمة الشعراء العامليين،
وما أحسن قوله:
429

واخوان إذا عدوا * فهم لي في الرخا جند
واما نابني خطب * فما لي عنهم فرد
توفي رحمه الله ليلة الخميس حادي عشر شهر صفر سنة خمس وثلاثين
وثلاثمائة بعد الألف ولم يتجاوز الأربعين من العمر.
وقد تقدم ذكر جده السيد محمد بن عبد السلام 1).
وكان وأبوه السيد محمد بن الحسن أيضا فاضلا كاملا صالحا شاعرا ناثرا،
ولد سنة 1247 وتوفي سنة 1319 2). وكذا كان جده وسميه السيد هاشم بن
محمد عالم عاملا صواما قواما توفي سنة 1281. 3) وهؤلاء جميعا من أسرتنا
الكريمة، وقد ذكرهم في بغية الراغبين مفصلا.
(419)
السيد الشهيد أبو البركات هبة الله ابن السيد صالح بن محمد بن إبراهيم
شرف الدين ابن زين العابدين بن نور الدين الموسوي العاملي، عم والد
المؤلف
كان عالما فاضلا مجتهدا مسلما، قتله احمد باشا الجزار سنة سبع وتسعين
ومائة بعد الألف، وهي سنة الضربة التي أصابت علماء جبل عامل.
أما كيفية اغتياله فقد حدثني بها والدي عن عمه السيد العلامة الصدر: أنه
لما أساء الجزار السيرة مع أهل البلاد اجتمع جماعة من العلماء الأعيان في

1) انظر ص 347 من هذا الكتاب.
2) تقدمت ترجمته في ص 342.
3) نقل في أعيان الشيعة 10 / 259 عن بغية الراغبين أن السيد هاشم هذا ولد
حدود سنة 1200 بجبشيث وتوفى بدير سريان سنة 1280.
430

المشورة في أمر هذا المتغلب، فاتفق رأيهم على سمه إذا جاء إلى دار أحدهم،
وكان رجل من خدم بعض الرؤساء مع هؤلاء، فذهب وأخبر احمد الجزار مما
انعقد عليه الرأي من الجماعة، فتصاهر الجزار بالعداوة لهؤلاء، فأخذ بعضهم
وحبسه وعذبهم وبعضهم قتله، وأرسل في الليل جماعة على قبض السيد صالح
وولده السيد أبى البركات بطريق الغيلة لا بالمجاهرة، فطرقوا باب السيد ونادوا
ان لنا مسألة شرعية قد ابتلينا بها، فأرسل السيد ولده أبا البركات ليجيبهم عنها
- قال: وكان من المجتهدين المسلمين - فخرج ولم يرجع، فقال السيد بنفسه
فخرج فقبضوا عليه.
قال: أما السيد أبو البركات فقتلوه بمحضر أبيه، وحبسوا السيد في المطبق
وكان لا يميز فيه الليل من النهار، فضاق صدر السيد لذلك فقال لمن معه في
الحبس - وكانوا ستة من أهل البلاد -: أني قد ضاق صدري وأريد أن أدعو
بالفرج، فدعوت فأمنوا من دعائه، فدعا بدعاء الطائر الرومي المروي في مهج
السيد ابن طاوس، فانشق الحبس فخرج والستة معه وتوجه من ساعته إلى
العراق.
ولما عرف الجزار بذلك أرسل جنده فحملوا خزانة كتبه، وكانت خزانة
جليلة تشتمل على ألوف وفيها مصنفاته ومصنفات آبائه، فلما جاؤوا بالكتب إلى
ساحل البحر فحلوا الحمول فتشوا الكتب، فكل ما كان من مصنفات الشيعة
ألقوه في البحر وما كان من غيرهم حملوه إلى عكا. ولما علم السيد صالح بذلك
أرسل على عيالاته وأولاده فرحلوا إليه. انتهى ملخصا.
وأم السيد أبى البركات الشهيد الست بنت الشيخ علي بن محيي الدين بن
علي بن محمد بن حسن بن زين الدين الشهيد الثاني.
وكان السيد أبو البركات شابا لم يبلغ الثلاثين سنة. رضوان الله عليه.
431

باب الياء
(420)
الشيخ يوسف بن خاتون العاملي
من العلماء المتأخرين عن صاحب الأصل، ذكره بعض علماء جبل عامل
في ذيل أمل الآمل، وذكر معه الشيخ علي خاتون السابق ذكره.
(421)
الشيخ يوسف بن أحمد بن نعمة الله بن خاتون العاملي العيناثي، جمال
الدين كان عالما فاضلا عابدا محققا ورعا فقيها، من المعاصرين لصاحب الأصل،
ذكره في هذا الباب باعتبار اسمه وذكر أن له كتابا، وذكره في باب الجيم
باعتبار لقبه ولم يذكر له كتابا، وهما واحد، ولم يشر إلى تقدم ذكره باعتبار
432

لقبه كما هي عادته، فذكرناه للتنبيه على الاتحاد 1).
(422)
الشيخ الجليل المحدث الشيخ يوسف ابن الشيخ جعفر ابن الشيخ علي
ابن الشيخ حسين ابن الشيخ محيي الدين الجامعي العاملي
قال الشيخ جواد محيي الدين في رسالته عند ذكره للشيخ يوسف: وقد
رأيت له بعض الحواشي على بعض الكتب، وأكثر ما عندنا من الكتب من
موقوفاته، وقد كان عالما فاضلا جليلا. انتهى 2).
وقد تقدم ابنه الشيخ محمد.
(423)
السيد يوسف بن جواد بن إسماعيل بن محمد بن محمد بن إبراهيم
شرف الدين الموسوي العاملي الشحوري، من بنى أعمامنا
عالم فاضل جليل، هاجر مع ابن خالته المرحوم الشيخ علي عاصي إلى
النجف لتحصيل العلم، وكان قبل ذلك في مدرسة الشيخ عبد الله معه في جبع،
فأقاما في النجف مجدين في الاشتغال، ومدة في بلد الكاظمين، قرءا فيها على
السيد محمد باقر صاحب شرح الرسائل وعلى الشيخ الفاضل الشيخ عباس
الجصاني والشيخ الفاضل الشيخ محمد حاج كاظم.
ثم رجعا إلى النجف وقرءا على علمائها، وكتب الشيخ علي حاشية على المعالم،

1) أمل الآمل 1 / 45 و 190.
2) توفى بعد سنة 1151. انظر الحالي والعاطل ص 100.
433

وتوفي. وصار السيد يحضر درس الفاضل الشربياني والشيخ ملا كاظم الخراساني
صاحب الكفاية في الأصول، وعلى الشيخ آقا رضا الهمداني، وفي الفقه على
الشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ ملا لطف الله المازندراني تلميذ الشيخ
المرتضى " ره "، حتى مضت عليه أربعة عشر سنة، وكمل ورجع إلى بلاده
وتزوج في أوائل وروده بشقيقتنا أم السيد العالم الفاضل السيد عبد الحسين
شرف الدين.
وكان سيدا جليلا شهما كريما عزيز النفس صافي القلب حسن الأخلاق
كثير الشفقة على إخوانه وأهل بلاده.
ولما رجع إلى بلاده سكن قرية شحور، وكان المرجع فيها وفي سائر
بلاد بشارة، معروفا بالفضل والعلم وحسن السيرة وعزة النفس.
وأرسل أولاده إلى النجف للاشتغال، وكان كثير العيال شديد العلاقة بأولاده
كثير المحبة لهم، وقد أقر الله عينه بشبليه السيدين العالمين السيد عبد الحسين
شرف الدين الذي جاء البلاد والذي جدد به دارس العلم، والسيد الشريف.
حتى استكمل والدهم أيامه في تمام العزة وجاءه داعي ربه فأجابه في هذه
الأيام في أواخر ذي الحجة سنة 1334.
(424)
الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي العاملي المشغري
ذكره في الأصل 1)، ولم يذكر كتابه " الدر النظم في مناقب الأئمة اللهاميم "،
وهو كتاب جليل في بابه، رأيت منه نسخة مصححة على نسخة الأصل مكتوبة

1) أمل الآمل 1 / 190.
434

في عصر المصنف، وتصفحته فرأيته يروي عن كتاب مدينة العلم " للشيخ أبى
جعفر ابن بابويه الصدوق بلا واسطة، قال في مواضع عديدة. وفي كتاب مدينة
العلم. ولم أعثر على مؤلف صرح فيه بذلك غيره.
وكان هذا الشيخ من أجلة العلماء في عصر المحقق نجم الدين صاحب
الشرائع، وهو صاحب المسائل البغدادية التي أجاب عنها المحقق، قال ناسخها:
تمت المسايل البغدادية للمحقق نجم الدين المنسوبة إلى سؤال جمال الدين ابن
حاتم المشغري.
أقول: وكذلك صرح الشهيد في الذكرى عند نقله منها، ونقل أيضا فتوى
جمال الدين في بعض مواضع الذكرى، وقال في موضع ما لفظه: وقد أورد
على المحقق نجم الدين تلميذه جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي - الخ.
ويظهر من نسبة مسائله إلى بغداد - مع أنه من غيرها - أنه كان قد سكن
بغداد ومنها أرسل يسأل المسائل، والا فلا وجه لتسميتها بالبغدادية. ولا اشكال
في أنها كانت مرسلة لا أنه حاضر عند المحقق، قال فانا مجيبون عما تضمنه هذه
الأوراق من المسائل لدلالتها على فضيلة موردها ومعرفة ممهدها، فهو حقيق أن
تحفق أمله ونجيب إلى ما سأله.
ويظهر من الذكرى أن له كتابا آخر في الفقه أو مسائل أخر، نقل جملة
ليس من المسائل البغدادية تحقيقا، فإنها عندي عن خط السيد نصر الله الحائري
بخط الشيخ قاسم بن الشيخ محمد بن حمزة الملقب بالدليزي.
وله " مجموع " ينقل عنه صاحب المجموع الرائق، قال: ومما نقلته من
مجموع جمال الدين يوسف بن حاتم الفقيه الشامي ما ترجمته: كتاب الأربعين
عن الأربعين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام. ثم ذكر المناقب.
435

(425)
السيد يوسف بن محمد بن محمد بن زين العابدين الحسيني العاملي
صاحب " جامع الأقوال في الرجال "، وهو كتاب كبير حسن الترتيب فيه
تنبيهات ونكات تدل على مهارة مؤلفه في فن الرجال والحديث.
ورأيت أيضا نسخة من " خلاصة الأقوال " للعلامة الحلي قد قابلها السيد
يوسف المذكور للتصحيح مع السيد العلامة جدنا الاعلى السيد علي بن الحسين
ابن أبي الحسن والد السيد محمد صاحب المدارك ووالد جدنا السيد نور الدين،
وأرخ السيد يوسف سنة المقابلة للتصحيح، وهي سنة ثمان وستين بعد التسعمائة.
وأظنه من تلامذة الشهيد الثاني " ره ".
(426)
الشيخ يوسف ابن الشيخ محمد ابن الشيخ يوسف ابن الشيخ جعفر ابن
الشيخ علي ابن الشيخ حسين بن الشيخ محيي الدين الجامعي العاملي
كان عالما فاضلا ورعا تقيا جليلا وقورا مرجعا في علم اللغة، له اليد
الطولى في التواريخ والسير والشعر والكتابة والتحرير، وكان أديبا ظريفا عظيما
مهابا، قرأ على جدنا الأستاذ العلامة الشيخ قاسم محيي الدين. وله كتاب
" الشريعة الجامعة " في أحكام المياه لم يخرج إلى البياض. كذا ذكره الشيخ
جواد محيي الدين في رسالته.
(427)
الشيخ جمال الدين يوسف بن محمد قاسم العاملي الجزيني
عالم فاضل جليل، له إجازة من شيخه المحدث الشيخ عبد الله بن صالح
436

السماهيجي البحراني صاحب الصحيفة العلوية، يقرب عصره من عصر الشيخ
الحر والمجلسي " ره ". وقد ترجمناه في القسم الثاني.
يروي عن المحقق الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني قدس سره.
(428)
الشيخ يونس العاملي
من العلماء الاجلاء المرجوع إليهم في الرياسة الدينية، قتله الأمير حيدر
سنة الف ومائة وثلاثين.
وهذا الأمير حيدر هو والد الأمير ملحم صاحب وقعة أنصار الذي أسر من
الشيعة ألف وأربعمائة بفتوى الشيخ نوح وذلك سنة 1147، وهلك في الكنيف
في بيروت وفكت الاسرى.
437

باب الكنى
(429)
ابن الخياط العاملي
من العلماء الأفاضل، قال في الرياض: رأيت مجموعة بأردبيل نقل فيها
عن الشهيد جملة من الفوائد ولعله ينقل عنه بالواسطة. فلاحظ 1).
(430)
السيد أبو جعفر ابن آية الله العلامة السيد صدر الدين العاملي الأصفهاني
المولد والمنشأ
أمه بنت شيخ الطائفة الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء.
كان سيدا جليلا عالما فاضلا خبير متعبد صالحا، قرأ على علماء أصفهان،

1) رياض العلماء 6 / 18.
438

واختص بالسيد العلامة السيد أسد الله صاحب الجري في الغري ابن حجة الاسلام
السيد محمد باقر، وكان صهره وتلمذ عليه في الفقه وعرض عليه ما كتبه، فكتب
عليه الثناء بالفضل.
جاء السيد أبو جعفر إلى العراق لزيارة الأئمة عليهم السلام، وبقي مدة ثم
رجع إلى وطنه أصفهان، وتوفي سنة نيف وعشرين وثلاثمائة بعد الألف 2)،
وكانت ولادته رحمه الله سنة 1262.
(431)
السيد أبو الحسن الحسيني العاملي
ذكره بعض العلماء في عداد العلماء المتأخرين عن صاحب الأصل والمقاربين
لعصره.
(432)
السيد أبو الحسن ابن السيد صالح، عم والدي
كان عالما فاضلا فقيها متبحرا في العلوم إماما في التفسير وعلوم العربية،
وحيدا في الأدب والشعر والنثر، كاتبا كاملا حسن الخط جميل الصورة مهابا
وقورا متكلما، إذا حضر المجلس كان المتكلم فيه وحده، معظما عند العلماء
والرؤساء، حتى عند العلماء والرؤساء، حتى عند علماء الجمهور ورؤسائهم.
قال ولده السيد محمد علي في اليتيمة عند ذكره: كان عالما لا يقاس به أحد
في العلم والورع، لا يقاس به ذو تقوى في الورع والحلم، أبى الضيم كريم

1) توفى بأصفهان سنة 1324. أنظر نقباء البشر ص 31.
439

الشيم علي الهمم ساعيا بحوائج المسلمين مشيدا لأركان الدين مقربا عند الملوك
محبوبا لديهم، وكان ذا نثر لا يقوى عليه أحد وشعر قصرت عنه شعراء الأبد،
وكان مقربا عند العلماء، لا سيما عند الأخوال الكرام من الطائفة الجعفرية.
وقد زوجه الشيخ موسى بن جعفر (كاشف الغطاء) بنت أخته بنت الشيخ
أسد الله صاحب المقابيس، فأعقب الأحقر والأخ الميرزا جعفر.
وقد كتب علم الأصول من أوله إلى آخره. وحضر الفقه على الشيخ موسى
المومى إليه.
وسمعت من خالي الشيخ حسن ابن الشيخ كاشف الغطاء أن اثبات صفة
الاجتهاد في حق السيد أبى الحسن نقص في حقه. ولو اطلعت على قضاياه
ومراسمه مع الحكام والملوك والأكابر والعلماء والفضلاء ومكاتيبه لسلطان العصر
وغيره لقضيت العجب. إلى آخر كلامه.
أقول: كان السيد العم أوحدي الكمالات، عندي شرح المفاتيح للآقا
المحقق البهبهائي بقلم السيد العم صاحب الترجمة كتبه لنفسه، وعلى ظهر النسخة
ما هذا صورته:
" بسم الله الرحمن الرحيم. رحم الله من دعا لكاتبه ومالكه، كتبت هذا
الكتاب بتمامه وكماله منذ بلغت من العمر عشر سنين وأنا أقل الخليفة بل لا شئ
في الحقيقة أبو الحسن بن السيد صالح العاملي الموسوي " انتهى.
وخطه من الجيد، فتأمل هذا الكمال وحسن الاستعداد والرغب في العلم في
هذا السن. والحق أن أهل هذا البيت يمتازون نوعا من سائر بيوت العلم بحسن
الاستعداد وعلو الفهم، ومن نظر إلى الكتاب المذكور يراه قلم رجل كاتب
مطبوخ عريف في استنساخ الكتب وهو ابن عشر سنين.
وكان السيد أبو الحسن أيام المشايخ الخزاعل من المثرين، من أهل الثروة
440

من الخيل والعبيد، مأوى الضيف في النجف. ولما أخذت الحكومة الأراضي
من العشاير أخذت أراضي السيد، أخذها حاجم السلطان شيخ زبيد بأمر الدولة
العثمانية، وأخذ كل ما كان أقطعه مشايخ الخزاعل، وكانت واردات أراضي
السيد أربعين ألف شامي.
وبعد هذه الواقعة سكن السيد كربلا، ولم تطل الأيام حتى جاء إلى زيارة
الكاظمين عليهما السلام وتمرض بمرض الحرارة وتوفي سنة 1275، وحمل
السيد الوالد نعشه إلى كربلا ودفنه في بعض الحجر في الصحن الشريف الحسيني
مما يلي باب الزينبية.
وأعقب من خصوص ولده الأكبر السيد ميرزا جعفر، سافر إلى بلاد إيران
فنال جاها عظيما واحتفاء جسيما من شاه إيران ناصر الدين شاه، وأقام بطهران
مدة طويلة يدرس بها ويجد في العلم مع كمال الاحترام والرئاسة، وكان يقرأ
على الشيخ الفقيه الشيخ مهدي بن الشيخ علي بن الشيخ جعفر، وتزوج بابنة
عمه السيد مهدي بن السيد صالح.
وكان السيد مهدي أيضا سكن إيران وولده بها، وهم السيد محمد والسيد
عبد الكريم.
وقد تقدمت ترجمة الميرزا جعفر اجمالا، وله من الأولاد السيد موسى
والسيد محمد علي والسيد أبو الحسن، توفي السيد موسى والباقون بإيران في
كرمانشاه.
وأما السيد محمد علي بن السيد أبى الحسن فلا عقب له.
(433)
السيد أبو الحسن بن السيد صدر الدين العاملي الأصفهاني مولدا
كان من العلماء الربانيين المتجردين للمعارف والعبادة والزهد والانزواء
441

وترك المعاشرة، لم أره ولكني سمعت أوصافه الحميدة من الأهل والأرحام،
خصوصا من أخيه السيد حجة الاسلام السيد إسماعيل الصدر دام ظله.
توفي السيد أبو الحسن سنة نيف وثلاثمائة والف.
(434)
السيد أبو الحسن بن علي نور الدين الموسوي العاملي.
ذكره في الأصل 1)، وهو من أعلام أسرتنا ومن فقهاء معاصري الشيخ الحر،
وأمه كريمة الشيخ عبد اللطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع.
(435)
المولى أبو الحسن الشريف بن محمد طاهر بن عبد الحميد بن موسى بن
علي بن محمد بن معتوق بن عبد الحميد الفتوني النباطي العاملي الأصفهاني
الغروي
ويظهر من إجازات جملة من مشايخه له أن جملة من آبائه كانوا علماء
أجلاء فقهاء، كإجازة الشيخ محمد حسين بن الحسن الميسي وإجازة الشيخ
أحمد بن محمد بن يوسف البحراني وإجازة الشيخ عبد الواحد بن محمد بن أحمد
البوراني.
قال العلامة النوري " ره " في ترجمة: أفقه المحدثين وأكمل الربانيين،
الشريف العدل المتوفى في أواخر العشر الأربعين بعد المائة والألف. كان

1) أمل الآمل 1 / 192.
442

أفضل أهل عصره وأطولهم باعا، وهو صاحب تفسير " مرآة الأنوار " إلى أواسط
سورة البقرة مبسوط، له مقدمة في مجلد ضخم يقرب من عشرين ألف بيت
كتابة ولم يعلم مثله. وكتاب " ضياء العالمين " في الإمامة في مجلدين يقرب
من ستين ألف بيت. وكانت أمه أخت السيد الشريف المير محمد صالح الخواتون
آبادي صهر المجلسي على بنته، وهو جد الشيخ صاحب الجواهر من طرف
أم والده الشيخ باقر، وهي آمنة بنت المرحومة فاطمة بنت المولى أبى الحسن
صاحب الترجمة. انتهى 1).
وهو يروي عن المجلسي صاحب البحار.
وله أيضا " الفوائد الغروية "، وهو كتاب حسن فيه ما يستفاد من الأحاديث
من القواعد الفقهية والمسائل الأصولية، وفيه تحقيقات رشيقة، فرغ منه سنة
1112. وله رسالة في " الرضاع "، قال فيها بعموم المنزلة، وهي عندي بخطه.
وله " شرح على كافية " السبزواري من أول المكاسب، وشرح مفاتيح الحديث
للكاشاني سماه " شريعة الشيعة ودلائل الشريعة "، فرغ منه سنة 1129.
ولا أعرف من استوفى ترجمته مثلنا، والحمد لله رب العالمين.
وأما عد مشايخه ومن يروي عنهم ومن يروى عنه فقد استقصيتهم في " بغية
الوعاة في طبقات مشايخ الإجازات ".
(436)
الشيخ أبو خليل بن سليمان الزين العاملي 2)
من متفقهة بيته وأهل العباد والصلاح والروع، رأيته رجلا كاملا مهذابا،

1) مستدرك وسائل الشيعة 3 / 385.
2) اسمه حسين واشتهر بكنيته.
443

له فضل وخبرة في أحوال العلماء وسيرة السلف.
كان جاء والشيخ محمد قاسم من أهل بنت جبيل - وكان أيضا رجلا كاملا
برا تقيا مهذابا - ترددا علي مرارا.
وللشيخ أبو خليل ولد هو الشيخ عبد الكريم، من العلماء الأفاضل، كان
جاء إلى النجف وحصل العلم النافع ورجع، وهو اليوم في جبشيذ من المرجوع
إليهم في الاحكام.
وكان الشيخ أبو خليل كثير الحج، وكان حسن المحاضرة، يروي كثيرا
من أحوال العلماء وكرامات الصلحاء، وتوفي سنة 1316. 1).
(437)
المولى أبو طالب بن مولى أبى الحسن الشريف الفتوني النباطي العاملي
ذكره السيد عبد الله سبط المحدث الجزائري في اجازته الكبيرة وقال:
كان فاضلا محققا متتبعا في غاية الذكاء وحسن الادراك، متقيا متعبدا متوسعا في
العقليات والشرعيات، يروي عن أبيه وغيره من فضلاء العراق، قدم إلينا بعد
وفاة والده وأقام أياما، باحثنا في كثير من المسائل وأفاد فوائد عظيمة، ثم رجع
إلى بلاد العجم فتوفي انتهى.
أقول: وهو أبو طائفة في النجف إلى اليوم، كان والده الشريف وقف

1) في أعيان الشيعة 6 / 34: ولد سنة 1252 بصيدا، وتوفى في الدجيل راجعا
من زيارة سامراء سنة 1316 (كذا) ونقله ولده الشيخ عبد الكريم إلى النجف بعد ثلاثة
أشهر فدفنه في وادى السلام قريبا من قبر هود وصالح.
444

أملاكا في النجف عليه وعلى أخته فاطمة، فرجع الوقف بعد وفاته إلى ولده
الشيخ علي، ثم بعده إلى ولد الشيخ علي وهو الشيخ حسين، وبعده إلى
ولديه الشيخ حسين والشيخ محمد المعاصرين للشيخ صاحب الجواهر محمد
حسن بن الشيخ باقر بن آمنة بنت فاطمة المذكورة صاحبة الواقف بنت الشيخ
أبو الحسن الشريف.
ومن هنا عبر الشيخ في الجواهر في مبحثي الاستخارة والرضاع عن الشريف
أبى الحسن بجدي، لان أم أبيه بنت بنت الشريف كما عرفت.
445

باب النساء
(438)
الشيخة أم الحسن بنت الشهيد الأول 1)
ذكرها في الأصل، لكني رأيت صورة وثيقتها التي كتبتها لاخوتها فأحببت
ذكرها هنا ليعلم فضلها، قالت بعد الخطبة:
" أما بعد فقد وهبت الست فاطمة أم الحسن أخويها الشيخ أبا طالب محمد
وأبا القاسم عليا سلالة السعيد الأكرم والفقيه الأعظم عمدة الفخر وفريد الدهر عين
الزمان ووحيده محيي مراسم الأئمة الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين مولانا
شمس الملة والحق والدين محمد بن أحمد بن حامد بن مكي قدس الله سره
المنتسب لسعد بن معاذ سيد الأوس أما قدس الله أرواحهم، جميع ما يخصها

1) اسمها فاطمة كما يتبين من الوثيقة التي سيذكرها.
446

من تركة أبيها في جزين وغيرها هبة شرعية ابتغاء لوجه الله تعالى ورجاء لثوابه
الجزيل، وقد عوضا عليها كتاب التهذيب للشيخ رحمه الله وكتاب المصباح له
وكتاب من لا يحضره الفقيه وكتاب الذكرى لأبيها رحمه الله والقران المعروف
بهدية علي بن المؤيد، وقد تصرف كل منهم والله الشاهد عليهم، وذلك في
اليوم الثالث من شهر رمضان المعظم قدره الذي هو من شهور سنة ثلاث وعشرين
وثمانمائة، والله على ما نقول وكيل وشهد بذلك الشيخ فاضل بن مصطفى
البعلبكي " انتهى.
فانظر إلى ايثارها وكمال تعلقها بكتب الفقه والحديث.
(439)
الأديبة منى، من بنت جبيل 2)
ذكرها بعض كتاب عصرنا المروجين، فقال: كانت لها في نقد الشعر خبرة
حسنة وفي معرفة النجوم ومبادئ علم الهيئة حالة مقبولة، وكانت تجالس الأدباء
وتساجل الشعراء من وراء حجابها، وروايتها الشعر وحفظها الجيد تدل على
سلامة ذوقها وحسن اختبارها.
أقول: هي من أهل العصر المتأخر عن الجزار وحمد بيك 1).
(440)
الشيخة بنت الشيخ علي المنشار العاملي، زوجة الشيخ البهائي
كانت عالمة فاضلة فقيهة، كانت في جهازها يوم زفت للشيخ البهائي عدة

1) منى بنت أحمد بن محمد بن إبراهيم محفوظ الوشاحية الأسدية الهرملية.
2) في أعلام النساء 5 / 115: توفيت حدود سنة 1316.
447

كتب تامة في فنون العلوم، وكان أبوها شيخ الاسلام بأصفهان أيام السلطان شاه
طهماسب الصفوي، وكان قد جاء من الهند في سفره الذي سافر بكتب كثيرة،
ولم يكن له غير هذه البنت، ولما مات انتقل كل ما كان عنده من الكتب والأملاك
والعقار إليها، حتى أن منصبه أعطي لصهره الشيخ البهائي، فصار شيخ الاسلام
بعد موت الشيخ علي المذكور. كان هذا الشيخ من تلامذة الشيخ الكركي
صاحب جامع المقاصد.
وذكرها في رياض العلماء بالفضل والعلم والحديث، وقال: وقد قرأت
على والدها، وكانت تدرس الفقه والحديث ونحوهما وكنت النساء تقرأ عليها،
وقد ورثت من أبيها أربعة الألف مجلد من الكتب وكانت وافرة العلم كثيرة الفضل،
بقيت بعد وفاة أبيها مدة. انتهى.
448

خاتمة
فيها صحف تاريخية تتعلق بخصوص جبل عامل نافعة جدا، منها مختصر
حوادث تاريخية للمرحوم الشيخ علي السبيتي المؤرخ اللغوي المتقدم ذكره،
أخرجها بعض كتاب، العصر وهو بعنوان (جبل عامل في قرنين). قال:
صارت وقعة أنصار من بلاد الشقيف سنة ألف وثمانية وأربعين.
وسنة ألف وسبعين كانت وقعة عيناثا، وفيها جاء جراد عظيم وقلت الحبوب،
حتى أكل الناس العظام وبيع المد بقرش واحد، وفيها صارت صيدا باشاوية.
وسنة ألف وسبع وسبعين كانت وقعة النبطية وانتصر المشايخ.
وسنة ثمان وسبعين كانت وقعة وادي الكفور.
وسنة واحدة وثمانين صار موت عظيم.
سنة اثنتين وثمانين صار رخص عظيم، بيع الشعير عزارة ونصف بقرش.
وسنة ألف ومائة وتسعة ركب الأمير بشير على بلاد بشارة ومسك مشرف
449

من الزرعة بين عين الدرون قرب جويه، وقتل حسين العمر وصفا له الحكم
في البلاد.
وسنة ألف ومائة وثلاثة عشر ألقي القبض على منصور ومحمد بزيع في
أنطاكية.
وسنة أربع عشرة توفي مشرف في قضاء صيدا.
وسنة سبع عشرة صارت زلزلة عظيمة متعددة.
وسنة ألف ومائة وتسع عشرة جاء سليمان باشا وأحرق حاصبيا.
وسنة ألف ومائة وثلاثين قتل الشيخ يونس من العلماء، قتله الأمير حيدر.
وسنة ألف ومائة واثنتين وعشرين ألقى القبض عثمان على الشيخ عبد السلام
الحر وعلى علي منصور وتوفي الحاج محمد بزيع.
وسنة ألف ومائة وثلاث وأربعين توفي الشيخ عبد الله نعمة.
وسنة ألف ومائة وسبع وأربعين صارت وقعة أنصار مع الأمير ملحم بن
الأمير حيدر وأسر من الشيعة ألف وأربعمائة، ومات في الكنيف في بيروت
وفكت الاسرى، وكانت الوقعة بفتوى الشيخ نوح، حكم تاريخها في الحامدية.
وسنة ألف ومائة وخمسين صارت وقعة مرج قدس مع سليمان باشا (...) 1)
العظم، وتوفي الباشا قبل الحرب فكفى الله المؤمنين القتال، وقيل في ذلك
تاريخ شعر:
قال الدنيا الغروره * مات سليمان النجيب
قلت في التاريخ كفي * موته فرج قريب
وفيها ركب الأمير ملحم على أنصار ثانيا، وقتل من الفريقين أكثر من ألف
قتيل ونهبت أنصار.

1) كلمة لا تقرأ في مصورة الأصل.
450

وسنة سبع وخمسين كانت وقعة في مرج عيون بين الدروز والشيعة، وكانت
الغلبة للشيعة.
وسنة الف ومائة وثلاث وستين شرعوا في عمارة القلع في تبنين واقبلان
هونين.
وسنة ألف ومائة واحدى وسبعين جاء أسعد باشا العظم إلى رأس العين
فنهب وحرق قرايا الساحل.
وسنة ألف ومائة وثلاث وسبعين صارت زلزلة أهلكت قرايا ومدنا.
وسنة الف ومائة وثمانين صارت وقعة طربيخا مع ظاهر العمر وانكسر ظاهر
وقتل منه مائة قتيل ونهبت منه خيل ومن الجملة فرسه البرسا.
وسنة أربع وثمانين ركب عثمان باشا على بلاد بشارة وعسكر على جسر
بنات يعقوب في الأردن، فلاقاه ظاهر العمر مع ناصيف وكسروه وقتل من
أصحابه ثمانية آلاف غرقا في بحيرة الحولة وكسبوا من العسكر شيئا، وفي
تاريخها قيل " سم هم غم "، وركب الأمير يوسف على بلاد المتأولة من صيدا
إلى جبع وصارت الوقعة في كفر رمان إلى جرجوع وقتل من الدروز ثلاثة
آلاف.
وفي سنة ست وثمانين صارت الوقعة في صيدا بين المتأولة والدروز وقتل
من الدروز ثلاثة آلاف ومن المتأولة خمسة عشر رجلا، وكان مع الدروز
الوالي خليل والجزار.
وسنة تسع وثمانين جاء أبو الذهب إلى يافا وحصرها ففتحها وركب على
صفد فهربت حكامها، وواجهه ناصيف في عكا وأمنه ورجع إلى بلاده، فما كان
الأشهر واحد حتى جاء حسن باشا فحاصر عكا وقتل ظاهر العمر فيها.
وفي سنة إحدى وتسعين حكم الجزار في عكا وصارت باشوية، ففتح دير حنا
451

فهرب منه علي الظاهر، فأخذ أخوة علي وحبسهم في عكا، فرجع حسن باشا
وأخذهم إلى القسطنطنية، وبعد ذلك عسكر علي الظاهر في علما من بلاد صفد،
فركب عليهم الجزار عسكرا وباتت الغلبة على العسكر، ثم عسكر في ديشوم
فأرسل إليه الجزار عسكرا برسم أنهم قبسيس ليخدموا عند علي الظاهر، فقتلوه
وأخذوا رأسه وهربت فرسه إلى صلحاء، وبعد الواقعة أحضر ناصيف جثته ودفنه
في عبثاثا.
وسنة ألف ومائة وتسعين ركب الجزار باشا على صيدا وكبس مزارع أقام
الحروب حتى وصل جون وروم وغلب دير المخلص وصار جراد عظيم فغلت
الأسعار فبيع مد القمح بقرش وخمسة والأرز بقرش وربع والشعير مد الأربع
بقرش.
وسنة ألف ومائة وثلاث وتسعين ركب أبو أحمد على عرب عنزة فقتل هو
وابن أخيه قاسم المراد ومعهم مائة فارس على نهر الرقاد في الجولان، فركب
ناصيف من تبنين فهربت العرب فلحقهم للرمشا وقطع البرية ففاتوا هربا، فرجع
ووجد ولدين صغيرين في الحارة لفاضل المهنا كبير العرب مريضين في الجدري
فخلع عليهم ورجع للبلاد.
وفي سنة خمس وتسعين أرسل الجزار عساكر إلى حاصبيا، فجاء إلى
بارون فظن أهل بلاد بشارة ان العسكر يريدهم فحضر ناصيف وصارت وقعة
ناصيف وخربت البلاد. وقيل إن عسكر الجزار حضر البلاد بواسطة صاحب
قلعة هونيس وصار قتل ناصيف بواسطته، وظن أن البلاد تصفى له ولم يبق على
أحد منهم.
وفي سنة سبع وتسعين جمعوا وحشدوا، وكان المدير الشيخ علي زين
صاحب شحور فرأسوا حمزة من بيت على الصغير ونهضوا إلى تبنين فقتلوا
452

المتسلم وهرب الكاتب من بيت الأيوب وأخذ الدفاتر إلى صيدا إلى الجزار،
فأرسل عسكر إلى شحور فقتل مقتلة عظيمة وأخذ الاسرى، فصلب حمزة بالخازوق
وفكوا الاسرى، فهرب بيت الزين مع أولاد ناصيف إلى الشام تلددوا هناك خفية
فقدر الله أن الجزار حكم الشام أيضا، فهربوا إلى العراق ونزل أولاد ناصيف
على حمد الحمود كبير خزاعة، وفي ذلك الوقت صار حرب بين خزاعة وثامر
الحمود شيخ عرب المنتفج وظهر من أولاد ناصيف كل شجاعة واقدام. وخلص
الشيخ علي زين أحد أهل شحور إلى الهند وصار وزيرا لاحد ملوك الهند ونال
عنده رتبة، وحين ملك الانكليز هناك هاجر إلى بلاده.
وفي سنة ألف ومائتين وثمان فتك الجزار بأهالي بلاد بشارة وقتل منهم
جماعة خنقا في الحبس، ومنهم سلمان البري، وكفل البلاد لأهله، حتى كان
سنة مائتين وتسع حضر ملك فرنسا إلى مصر وملكها ثم إلى عكا وهدمها على
الجزار سنة ألف ومائتين واثنى عشر.
ودخلت سنة ثلاث عشرة فرحل الفرنسيس بعد ما هدموا عكا.
ولما رأى الجزار أهالي البلاد من بلاد عكا وجبل عاملة يحضرون الحطب
والدجاج والبيض وسائر الأمتعة للافرنج كفر بهم بعد ذهاب الإفرنج وأهلكهم
قتلا وحبسا مع الأعمال الشاقة من حفر وبناء حتى أهلك الحرث والنسل،
ومع ذلك كان يعذبهم في الحبوس بتسليط الكلاب والقطاط والمكاوي وضرب
مقامع الحديد، وكان لهم معذبون كراد عليهم رئيس يسمى الشيخ طه يزيدي
يقول بروح الشر وأن العظم هو الشيطان ويسبوا من سمعوه يسب الشيطان،
ولا سيما وموكلة خفيفة على ألسنة العامة، وكان من يأمر الجزار بقتله لا يقتل بدون
عذاب حتى تزهق نفسه.
وبقي الحال في شدة إلى سنة تسع عشر فهلك الجزار وخلفه سليم باشا
453

أحد أهل مماليكه، فالتاث عليه الجند وقتلوه ونصبوا سليمان باشا بعد تشريده
من سليم باشا أحد أهل مماليكه، واستوزر حسن آقا البلادرسان واستكتب حايين
اليهودي، وغلب على أمره علي باشا فاستعبد الثلاثة بتدبير البلاد، فكان أول
أمرهم أن صانوا أولاد العشائر وأرضوهم وعرضوهم عن أملاكهم المغصوبة
التي اغتصبها وردوهم إلى أوطانهم بعد التشريد، فبذلك استراحت البلاد من
فسادهم أيام تشريدهم ومن فساد عساكر الجزار، وهدأت الأحوال أيام سليمان
باشا وعمرت عمرانا زائدا ونمت نموا فائقا، فعمرت الأبنية وغرست الأشجار،
وسار سيرة حسنة إلى أن هلك.
فأخلفه عبد الله باشا بن علي شريك الجزار في الحكومة، وهو شاب غرير
وأمه امرأة من طرابلس الشام، فاستبد بالامر دونه قوم اصطنعتهم أمه من أهل
بلاد عكا كعبد الحليم وسعود الماضي، وتركوه في لهوه وشبابه، فاستعمل العنف
في الرعية وغرم الأهالي زيادات على المرتبات وأخذ بتعمير محلات ومدن،
فعمر مدينة تسمى مدينة العدل حتى قامت حيطانها ثم أمر بهدمها، وعمل محلا
يسمى البهجة على طريقة إسطنبول وجعله بستانا ومتنزها، وكان يغرم عليه الأموال
الجسيمة من دون طائل.
ثم في سنة ست وثلاثين أرسلت عليه الدولة والي الشام، فأظهر العصيان
وعسكر على جسر المجامع وجسر بنات يعقوب، وحصر أهل الشام عسكره
على ذلك الجسر، وبعد حصار طويل خرجوا العسكر ولحقوا عسكر الشام
فقتلوهم في خراب ناعران، ثم لحقوهم إلى الشام وحضر الأمير بشير من جبل
لبنان بعساكره إلى المزة فحرقوها، ودخلوا الشام فقرأوا الفرمان السلطاني بأن
عبد الله باشا فرملي - أي خارجي - فتراجع الناس وكفوا، وكانت البلاد جميعا
عسكرا مع عبد الله باشا، فرفعوا أيديهم.
454

وخرجت العساكر من الشام وعليها الحاج درويش باشا والي حلب،
وحضر عكا سنة السبع والثلاثين وأخذ بمخنق عبد الله باشا، فضرع له ودخل
في طاعته، فرق له وكتب مترضية الدولة عنه.
وأرسل عبد الله باشا الأمير الكبير الأمير بشير الشهابي كبير لبنان بل كبير
القطر الشامي سفير إلى مصر الخديوي محمد علي باشا يوسطه إليه بالترضية عنه،
فكتب للدولة فرضيت عنه.
ثم استمر عبد الله باشا على عنفوانه، وتناول بلاد نابلس والقدس الشريف،
وعصى عليه آل حيران في قلعة سينور، فحصرهم وهدمها عليهم حتى سواها
بالأرض وحرثها وقطع الأملاك والأشجار، وهدم قرية عرابة على آل عبد الهادي،
وعمل العسكر هناك أعمال ردية.
فهاجر شيخ عشرية عبد الهادي الشيخ حسين عبد الهادي إلى مصر لمحمد
علي باشا شاكيا من أفعال عبد الله باشا، وقدر الله أن عبد الله باشا أغضب أمير
بشير بمروره على عكا عبد حرب سينور ولم يشكر له عناءه وأتعابه، فراسل مصر.
وكان عبد الله باشا أساء الأدب مع محمد علي باشا ولم يراع حرمته وحسن
صنيعه معه، فجرد عليه العساكر وقائده ولده إبراهيم باشا، فهدم عليه عكا
بالقنابل والمدافع بعد حصار سبعة أشهر وأخذه أسير وأرسله لمصر ومن مصر
لقسطنطنية.
وبعد مدة وجيزة نفي أتباعه في البلاد، وكان كبيرهم حسين آغا المملوك
إلى قبرص، وذهب المملوك هذا إلى القسطنطنية وعمل مخادعة مع عبد الله
باشا حتى يشتري له رأس العين وتوابعها بالبرجين وباتولية والغروية من أعمال
صور وما تمت له.
وفي سنة اثنتين وخمسين صارت الزلزلة الكبيرة هدمت قدس وصفد
455

وعيثرون وما خلت بلدة من الهدم، وقال فيها التاريخ أستادنا الشيخ علي مروة:
ظهر الفساد على البسيطة فاختشت * رب العباد فزلزلت زلزالها
أمست تميد بأهلها فكأنها * أرجوحة جذب القوى حبالها
ومياهها كادت تفيض وتخرج * الا قال لما ربها أوحى لها
دهش الأنام لهولها فكأنهم * شهدوا القيام وشاهدوا أهوالها
فلعظم ما عاينت قلت مؤرخا * وا أيها الناس اتقوا أمثالها
وكان (يعني الشيخ على مروة) في قرية صلحا وهدمت عليه الدار وأخرج
من تحت الهدم بعد اليأس منه.
وفي سنة إحدى وخمسين أمر إبراهيم باشا بأخذ عسكر النظام من دون
نظام ولا قرعة، وسلط الأمير بشير الشهابي على بلاد بشارة، فجرى من عسكر
اللبنانيين ما جرى وخربت البلاد.
وفي سنة خمس وخمسين خرج حسين آل شبيب من عشيرة الصعبية في
بلاد بشارة، فأرسل الأمير ولده الأمير مجيد - وكان شابا مترفا عزيزا - على
بلاد بشارة لالقاء القبض على حسين الشبيب، فهرب إلى اللجا فألقى عليه القبض
كبير الدروز وأرسله إلى الشام، فقتله حاكم دار الشام شريف باشا، وبقي عسكر
الأمير في البلاد وعاثوا بها مقدار شهرين، فهلكت البلاد.
وفي سنة الست والخمسين اتفقت الدول الثلاث على إخراج إبراهيم من
البلاد، فمر على البريد إلى عنزة فهلكت عساكره وملكت الدولة البلاد، وعدم
الانكليز عكا، انتهى.
(ومنها) ما أفاده بعض أفاضل الكتاب، قال:
وتقسم بلاد بشارة إلى قسمين:
" بشارة الشمالية " ونهايتها في الشمال نهر الأولى شمالي صيدا ويفصلها
456

عن الجنوبية نهر الليطان الذي يصب في البحر المتوسط شمالي صور حيث
يعرف هناك بالقاسمية.
و " بشارة الجنوبية " ونهايتها في الجنوب نهر القرن الجاري شمال طرشيحيا
وجنوبي قرية الزيب، وهي التي اشتهرت أكثر من أختها الشمالية بهذا الاسم.
وكانت بلاد بشارة عموما تقسم على ثمان مقاطعات، أربع في بشارة الجنوبية،
وهي تبنين وهونين وفانا ومعركة، وكان حاكمها من آل علي الصغير وقبلهم
بنوشكر، ويتألف الان منها قضاء صور وقضاء مرجعيون. وثلاث في بشارة
الشمالية، وهي الشقيف والشوم والتفاح المعروفة الان بناحية جباع، وحكام
الأولى منها آل صعب وحكام الأخيرتين آل منكر، ويتألف من الثلاثة الان
قضاء صيدا. والثامنة مقاطعة جزين الداخلة في قضائها من جبل لبنان الان، وكان
حكامها المتقدمون المعروفون بمقدمي جزين.
ومن بلاد الشيعة بعلبك، وهي التي كانت في سلطة الامراء آل الحرفوش
من أعظم أمراء الشيعة في الشام، حيث كانوا أصحاب الحول والطول فيها إلى
عهد منفاهم منها في أواسط القرن الثالث عشر، حيث أصبحت خفاء معروفا
باسمها.
ومن بلادهم مقاطعة وادي علمات في كسروان مقر المشايخ آل حمادة حكامها
إلى عهد الأمير بشير، وقد كانت رتبتهم في الدرجة الثانية بين زعماء لبنان بعد
الامراء الشهابيين، وهي تضارع رتبة الامراء المعنيين.
قال: لما ألحقت بلاد جبل عامل بحكومة جبل لبنان في زمن الأمير فخر الدين
المعني في سنة 1021 وكانت قبل ذلك قطعة مستقلة في إيالة صيدا، فأقطع الأمير
المذكور مراكز حكومتها رجاله، ففقدت حينئذ استقلالها وقصرت يدها عن
التغلب على حاكميها، وكان ولاة بني معن عليها يجلبون در منافعها بكل طريق
457

ولو كان فيه خراب الديار ومهاجرة المحكومين، وان الأمير فخر الدين المعني
بعد أن انتهب قرية الكوثرية في مقاطعة الشومر من جبل عامل وكان محلا لآل علي
الصغير من زعماء الشيعة ترك عسكر يعبث فيها ثلاثة أيام بعد أن قتل المقاتلة
وسبى الذرية.
كان عامله على قلعة الشقيف حسين الطويل، واليه عمل الشومر والنفاح،
قد تنازع مع حسين اليازجي عامل المعنيين في قلعة بانياس واليه شرقي بلاد
بشارة، فأرسل هذا عسكره مغيرا على قرى حسين الطويل وأهلها شيعة أيضا،
وأرسل الطويل عسكره مغيرا على قرى اليازجي حيث هاجم قرية عيناثا وأهلها
شيعة أيضا، لكنه ارتد عنها بخسارة بعض رجاله. وهكذا كانوا يتنازعون والشيعة
دريئة هجماتهم.
ثم في سنة 1048 دخل الأمير ملحم بن معن إلى قرية أنصار من مقاطعة
شومر مفتشا على مناظرة في الأره الأمير علي علم الدين، وكانت هذه القرية
مقرا لآل منكر حكامها، فاستلحم أهلها واستمر القتل فيهم، ولم يشف حقده
مقتل ألف وخمسمائة من الشيعة في هذه الغارة حتى استباح القرية نهبا وسلبا.
وهذه الطوارئ وتلك الهجمات لهبت في الشيعة الشعور لدرء التنظيم
والاستقتال في سبيل الاستقلال، فاغتنموا فرصة الوهن الذي طرأ على الحكومة
المعنية في زمن الأمير احمد، فأعلنوا استقلالهم عن لبنان وخرجوا من طاعة
أمرائه، فغزاهم الأمير احمد في سنة 1077 في النبطية مقر الصعبيين حكامها،
فارتد عنها عسكره منهزما بعد ملحمة كبرى، فاستجاش عليه والي صيدا فأتاها
هذا في العام القابل غازيا، وكان نصيبه كصاحبه حيث لحق الشيعة المنهزم إلى
عين الزراب قرب صيدا.
نم استعرت بعد ذلك نار الوقائع بين أمراء لبنان ومشايخ الشيعة وكانت
458

بينهما سجالا، ولكنها أضرمت في نفوس الشيعة شعلة النجدة وباتوا حذرين
متأهبين لدفع كل ملة، حتى بلغ من شدة حذرهم في زمن شيخ عباس العلي
حاكم صور في أواسط القرن الثاني عشر أن رجلا منهم كان قائما على مزرعة
له يحرسها من الوحوش ليلا، فأطلق عيارا ناريا، فظن أهل القرى المجاورة
انه طلق مستغيث أو مخبر بدخول العدو، فأجابوه باطلاق الرصاص طلبا للنجدة،
وتبعهم في ذلك أهل القرى المتصلة حتى امتد الصوت - على ما قيل - من جباع
في سفح لبنان إلى البصة على حدود عكا، وما انجلى عمود الصبح حتى كانت
الألوف ترد وتحتشد والفرسان مهيأ للطعان.
قال: غير أن هذا لم يطل أمره، بل حل محله خلف ثابت رسخت أصوله
بين ناصيف وظاهر جرى في عكا يوم الجمعة ثامن رجب سنة 1181، فكانت
عكا بعد ذلك لظاهر من هذه الخالفة عون في امتداد سلطنته إلى وراء صيدا
ولنا صيف منه عون في وقائعه مع اللبنانيين.
وقبل زمن ظاهر العمر واتفاقه مع الشيعة وهو الظهير في أمورهم، فقد كان
لهم من أمراء الحرافشة البعلبكيين نعم العون، ولولا بعد ما بين البلادين لكانت
المعونة أظهر وأقوى.
وقد كان الحاج ناصر الدين النكري مهلا لغضب الأمير فخر الدين الكبير،
لأنه كان منصرفا بكليته إلى الأمير يونس الحرفوشي، وكان هذا الأمير بعدها
شفيعا للبشاريين عند الأمير فخر الدين لما أثقل أهالي بشارة بطلب متأخرات
الأموال الأميرية بعد رجوعه من أوربا.
قلنا: ان ظاهر العمر كان عونا لأهل البلاد في حروبهم مع اللبنانيين، وان
أهم تلك الحروب والواقعة المعروفة بواقعة كفرمان أو واقعة النبطية التي شبت
نارها في سنة 1185، حيث ساق الأمير يوسف عشرين ألفا، وعلى رواية الشيخ
459

علي رضا في مخطوطاته ثلاثين ألفا، وبعد أن نهب قرية جباع الحلاوة حل في
كفرمان وناوشه القتال من عسكر الشيعة المخيم بالنبطية خمسمائة فارس بقيادة
الشيخ علي فارس الصعبي، فأدركوا النصرة على ذلك الجيش العظيم قبل أن
يرجع الصريخ من صفد بعسكر ظاهر العمر وقبل أن تهيج بقية العسكر بالنبطية،
وتفرق اللبنانيون منهزمين لا يلوون على شئ.
وقد روى الأمير حيدر أن لبنان لبس لهذه الواقعة السواد فكانت النساء
كالغربان.
وفي هذه الواقعة يقول الشيخ علي رضا: ان الشيخ ناصيف أدرك الأمير
يوسف في القرب من قرية جرجوع فألبسه الفرو مقلوبا، وهو أشبه بجز الناصية
عند العرب.
وأما حالتهم العلمية:
فإنها تنقسم إلى أدوار ثلاثة من أول زمنهم إلى القرن الحادي عشر، ومنه
إلى آخر القرن الثالث عشر، ومنه إلى هذا الأوان:
(اما الدور الأول) فقد كانت حركة المعارف ترتقي فيه شيئا فشيئا حتى
بلغت في أواسطه وأواخره مبلغا حسنا، وقد كانت مدارس العلم حافلة بطلابها
في النصف الاخر من هذا الدور، سواء في بلاد بشارة حيث مدارس ميس
وعيناثا وغيرها تزدحم فيها طلاب العلوم، وفي بعلبك حيث مدارس الكرك
وبعلبك تزدهي بعمرانها ومشايخ العلماء وجهابذتهم جالسون في منصات دروسهم
ينشرون فوائدهم وفرائدهم مما جعل لبلاد عاملة شهرة طائرة بحيث جعل اسمها
يقرن بالاجلال والاعظام في كل أقطار الشيعة من الهند إلى روسيا وإيران وغيرها
من البلاد.
460

وممن اشتهر منهم في هذا الدور وعد في الطراز الأول الشهيد الأول " ره "،
وممن نبغ الشهيد الثاني والمحقق الكركي علي بن عبد العالي والشيخ الحر
محمد بن الحسن والشيخ البهائي والشيخ علي بن يونس النباطي صاحب
كتاب " الصراط المستقيم ".
ولم يكن في ذلك الدور العلم مقصورا على الرجال، بل كان فيه للنساء
سهم، واشتهرت بالفضل والعلم ورواية الحديث أم الحسن فاطمة بنت الشهيد
محمد بن مكي.
واشتهر في الأدب من هذا الدور جماعة ترجموا في السلافة وفي الريحانة
وفي نفحته وخلاصة الأثر وغيرها، ومن شعرائهم في ذلك الزمن من يسيل شعره
رقة وسلاسة ويأخذ بالألباب انسجاما وعذوبة، مثل الشيخ محمد بن علي بن
محمود المشغري القائل:
قف بالمنازل حيث أوقفك الهوى * وكل البكاء إلى الحمام الصيف
اني غسلت من الدموع أناملي * ومسحت من أثر البكاء كفوفي
وقفت بي الوجناء بين طلولهم * لولا مكان الريب طال وقوفي
أرتاد في عرصاتها فكأنني * طيف ألم بناظر مطروف
فصممن حتى لا يجبن مسائلي * وعمين حتى لا يرين عكوفي
ولما انقضى هذا الدور تلاه الدور الثاني، ففتح القرن الثاني عشر بالحروب
والفتن التي امتدت إليه من القرن السابق عليه، وقل الاشتغال حينئذ بتحصيل
العلم، وانصرف هم القوم إلى لم شعثهم وحفظ كيانهم بين مجاوريهم في
تلك الفوضى السائدة، وقل فيهم عديد أهل الفضل ولكنه لم ينقطع، بل لم
تخل البلاد من العلماء الزهاد كالسيد حسين نور الدين والسيد حيدر نور الدين
في النبطية، ومن العلماء المؤلفين كالشيخ محمد المهدي الفتوني العاملي، ومن
461

العلماء الأدباء والشعراء المشاهير مثل الشيخ إبراهيم يحيى ذي الشعر الرائق
والمقطعات النفيسة والنفس الأدبية، وقد هجر وطنه في عاملة وهاجر إلى دمشق
الشام لما أجلب عليه الجزار بخيله ورجله.
ومثل الشيخ علي خاتون الذي هاجر في طلب العلم مدة ثم رجع إلى بلاده
طبيبا متفننا أديبا، بعد أن علا ذكره واشتهر أمره في بلاد إيران وعرف فيها في
الفقه والطب والرياضيات، ولكنه بلي بفتنة الجزار فصودر ماله وضبطت أملاكه
وحبس مرتين ولم تقبل منه فدية.
ثم أخذت المكتبة الكبرى التي كانت لآل خاتون والشيخ المذكور ولي
أمرها، وكانت تحوي خمسة الألف مجلد من الكتب الخطية النادرة، فأمست
في عكا طعما للنار.
ومثل السيد أبى الحسن بن السيد حيدر الأمين صاحب المدرسة المشهورة
في قرية شقراء التي حوت من الطلاب فوق الثلاثمائة فيهم الفضلاء الاجلاء،
كالسيد جواد العاملي مؤلف مفتاح الكرامة الذي طبع حديثا في مصر، والشيخ
إبراهيم يحيى المتقدم ذكره، ومثل الشيخ حسن سليمان الزاهد العالم، والشيخ
محمد الحر الفقيه المحقق الذي فر بنفسه من ظلم الجزار معتصما بآل حرفوش
أمراء بعلبك، فكان فيهم آمنا مطمئنا حتى أتاه البشير بمولد له جديد وبموت
احمد باشا الجزار في وقت واحد فسمى ولده سعيدا ورجع إلى بلده جبع وهو
مخلى السرب.
وأمثال هؤلاء في هذا الدور كثيرون، لكن ظلم الجزار بلغ مبلغا عظيما
في الضغط على العلماء والكبراء، حيث تعقبهم قتلا وسجنا وتعذيبا ومصادرة،
وتشتت من بقي منهم في الأقطار واستصفى الجزار آثارهم العلمية، فكان لأفران
عكا من كتب جبل عامل ما اشتغلها بالوقود أسبوعا كاملا، وكانت هي الضربة
462

الكبرى على العلم وأهله.
وما ظنك ببلاد حرص أهلها على طلب العلم حرصا شديدا ولم ينقطع عنها
مدده وجال علماؤها البلاد النائية في طلبه واقتناء كتبه حتى جمعت لديهم تلك
الذخائر في قرون وأجيال كانت بعد ذلك طعما للنار في مصادرات الجزار، قد
أخذ منها نزر قليل اقتناه بعض فضلاء تلك الجهات وكان لبعض أفاضل طرشيخا
والزيب منها سهم حسن.
وألقي على أهل جبل عامل الخذلان بعد قتل زعيمهم ناصيف النصار،
ووقعوا في هاوية عسف الجزار ومصادراته، ففترت الهمة في سبيل العلم وغلقت
مدارسه، ووقع أبناء بلاد بشارة من ذلك في بحران عظيم لم تنجل عنهم غمته
حتى أجاب الجزار داعي ربه، فاستفاق الناس من ذلهم ورجعت حركة العلم
إلى عهدها وفتحت مدرسة الكوثرية بإدارة العالم المحقق الشيخ حسن قبيسي،
فكانت مصدر فائدة ومعرفة على البلاد، تخرج فيها حمد بن محمد بن محمود
ابن نصار أخي ناصيف النصار المعروف باسم حمد بك الذي تولى بعد ذلك
الزعامة في بلاد بشارة عموما ولقب بشيخ مشايخها، وكان شاعرا عالما فآوي
إليه الشعراء والعلماء وأصبح ناديه منتدى الأدباء، يساعده على ذلك اخلاد
البلاد إلى السكون وسكون الفتن والمنازعات، فتفرغ كل امرئ لما يعنيه.
والتف حوله عديد من أهل العلم والأدب، مثل العالم اللغوي الشيخ علي
ابن محمد السبيتي صاحب كتاب " اليواقيت " في البيان و " العقد المنضد في
شرح قصيدة علي بك الأسعد " وغيرهما من الكتب.
وكالشاعر البليغ الشيخ علي بن ناصر زيدان والشاعر الظريف الشيخ حبيب
الكاظمي والشيخ إبراهيم صادق العالم المحقق حفيد الشيخ إبراهيم يحيى
المتقدم ذكره.
463

وقد نما الأدب في عصر حمد البك نموا باهرا، وبرع يومئذ في قرض
الشعر رجل أمي اسكاف يدعى احمد حرب، كان ينظم الشعر فيجيده ويحفظ
البدائع من مختاراته. واشتهرت في الأدب بعد ذلك امرأة في بنت جبيل تدعى
منى (تقدم ذكرها).
وبالجملة بعد أن هلك الجزار رجعت حركة العلم إلى مجراها وفتحت
مدرسة الكوثرية، وقد تخرج في هذه المدرسة جماعة كانوا المرجع في الفتوى
في جبل عامل، مثل المرحوم السيد علي إبراهيم الذي كان له في الفقه الباع
الأطول، ومثل المرحوم الشيخ عبد الله نعمة (وذكر هجرته ثم ذكر رجوعه
وأنه افتتح مدرسة جبع الشهيرة وكانت مجمعا للعلماء مدة أربعين سنة حتى
توفي).
قال: لم يأفل نجم مدرسة جباع حتى أضاء مصباح مدرسة حناوية في ضواحي
صور تحت إدارة العلامة المتقن المرحوم الشيخ محمد علي عز الدين (الذي
تقدمت ترجمته)، هذه المدرسة كانت مجمعا لفضلاء الطلاب ودائرة لفنون
مختلفة، وكان للأدب والشعر فيها سوق عامرة، ولا غرو فقد غدا يديرها أمثال
السيد الاجل العلامة السيد نجيب الدين فضل الله والعالم الفهامة الشيخ إبراهيم
عز الدين رئيسها اليوم، وقد كان لها من زعيم البلاد العاملية في عصره علي بك
الأسعد الوائلي عناية بعثت في نفوس طلابها حب الأدب وكسب الفوائد.
وكانت دار علي بيك في ذلك الزمان محاطا للأدباء والشعراء بل والعلماء،
وكان فيهم مثل الشيخ محمد حسين مروة نادرة عصره في الرواية والحفظ ومن
الشعر المجيدين (قد تقدمت ترجمته).
قال: دخل (الدور الثالث) ومدرسة بنت جبيل التي عمرها بالإفادة
والاستفادة رئيسها العلامة الشيخ موسى شرارة حافلة بطلابها وفضلائها، وقد أفل
464

نجم مدرسة حنويه بوفاة رئيسها الشيخ محمد علي عز الدين، فانظم طلابها إلى
مدرسة بنت جبيل، فكانوا فيها كسواد الناظر في الوجه الصبيح.
وكان الجد والاجتهاد فيها على أتمه حتى إذا دخلت سنة 1304 اختطفت
المنون رئيسها ومؤسسها، فماتت بموته.
وكانت مدرسة أنصار في ذلك الزمن زاهرة برياسة السيد حسن إبراهيم،
ولكنها اشبهت زهرة طيبة مخضة المجني والمنبت لفحها حر القيظ فعادت هشيما،
ولم يمض عليها ثلاث سنوات حتى أصبحت أثرا بعد عين.
وكذلك كانت المدارس بعد ذلك تزهر ثم تذوي ولا يطول أمدها، حتى
ضعفت الهمة وقلت الرغبة وانصرف الناس عن طلب العلم بعد أن ضربت الكوارث
مخيمها في بلاد جبل عامل وحلت بهم النكباء من العسر الذي بعثه إليهم احتكار
الدخان وفساد التربية الذي نشر بينهم فساد الحكومة بفساد أبنائها. انتهى ملخصا.
* * *
تم بحمد الله سبحانه الجزء الأول من كتاب " تكملة الامل "، وهو تكملة
القسم الأول المختص بعلماء جبل عامل قدس الله أرواحهم، ليلة الخميس ثامن
عشر شهر صفر سنة 1335، بيد مؤلفه العبد الأحقر ابن السيد الهادي (حسن)
صدر الدين الموسوي الكاظمي غفر الله ذنوبه وستر عيوبه
465