الكتاب: الرسائل الرجالية
المؤلف: أبي المعالي محمد بن محمد ابراهيم الكلباسي
الجزء: ٣
الوفاة: ١٣١٥
المجموعة: أهم مصادر رجال الحديث عند الشيعة
تحقيق: محمد حسين الدرايتي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٢٢ - ١٣٨٠ش
المطبعة: سرور
الناشر: دار الحديث
ردمك: ٩٦٤-٧٤٨٩-١٩-٦
ملاحظات: دار الحديث للطباعة والنشر - قم - ساحة الشهداء - شارع معلم ، الرقم ١٢٥ / الهاتف : ٧٧٤١٦٥ ، ٧٧٤٠٥٢٣ - ص . ب : ٤٤٦٨ / ٣٧١٨٥

الرسائل الرجالية
لأبي المعالي محمد بن محمد إبراهيم الكلباسي
(1247 - 1315 ه‍ ق)
تحقيق
محمد حسين الدرايتي
الجزء الثالث
1

الكلباسي، محمد بن محمد إبراهيم، 1247 - 1315 ق.
الرسائل الرجالية / أبو المعالي محمد بن محمد إبراهيم الكلباسي؛ تحقيق: محمد حسين الدرايتي. - قم: دار الحديث،
1422 ق. = 1380.
4 ج.
2800 تومان ISBN: 964 - 7489 - 19 - 6
المصادر بالهامش.
1. حديث - علم الرجال. الف. العنوان. ب. الدرايتي، محمد حسين، 1343 ش -، المحقق.
264 / 297
5 ر 8 ك / 114 BP
شابك: 6 - 19 - 7489 - 964
ISBN: 964 - 7489 - 19 - 6
مؤسسة دار الحديث الثقافية
الرسائل الرجالية / ج 3
تأليف: أبو المعالي محمد بن محمد إبراهيم الكلباسي
تحقيق: محمد حسين الدرايتي
المساعدون: عباس تبريزيان، عبد الحليم الحلي، عبد العزيز الكريمي
مقابلة النص: محمود سپاسي، مصطفى أوجي، محمد أشعري
نضد الحروف والإخراج الفني: فخر الدين جليلوند
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
الطبعة: الأولى، 1422 ق / 1380 ش
المطبعة: ستاره
الكمية: 1500
الثمن: 2800 تومان
دار الحديث للطباعة والنشر
مؤسسة دار الحديث الثقافية
دار الحديث للطباعة والنشر: قم، شارع آية الله المرعشي النجفي، قرب ساحة الشهداء
الهاتف: 7741650، 7740523 0251 ص. ب: 4468 / 37185
2

بسم الله الرحمن الرحيم
3

الفهرس الإجمالي
11 - رسالة في " أبي بكر الحضرمي "... 7
12 - رسالة في " أبي داود "... 19
13 - رسالة في " أحمد بن محمد "... 81
14 - رسالة في " حسين بن محمد "... 163
15 - رسالة في " حفص بن غياث " و " سليمان بن داود المنقري " و " قاسم بن محمد "... 199
16 - رسالة في " حماد بن عثمان "... 227
17 - رسالة في " عبد الله بن محمد "... 277
18 - رسالة في " علي بن الحكم "... 305
19 - رسالة في " علي بن السندي "... 325
20 - رسالة في " علي بن محمد "... 343
21 - رسالة في " محمد بن أبي عبد الله "... 403
5

22 - رسالة في " محمد بن أبي عمير "... 437
23 - رسالة في " محمد بن الحسن "... 477
24 - رسالة في " محمد بن زياد "... 521
25 - رسالة في " محمد بن سنان "... 589
6

11 - رسالة في " أبي بكر الحضرمي "
7

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
وبعد، فهذه كلمات في أبي بكر الحضرمي، فنقول: إن اسمه عبد الله بن
محمد، وقد ذكره الشيخ في الرجال في أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام)، (1) وذكره
العلامة في القسم الأول من الخلاصة. (2)
واختلف في حاله على أقوال:
أحدها: أنه ثقة، كما صرح به السيد الداماد في بعض تعليقاته على الاستبصار، (3)
وكذا في بعض تعليقاته على اختيار الشيخ، المعروف بالكتاب الكشي. (4)
وقد حررنا الحال في هذا الباب في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة
المعمولة في الحسين بن محمد الذي يروي عنه الكليني.
ووثقه الفاضل الخواجوئي (5) أيضا، ونقل توثيقه عن الفاضل العناية في حاشية
كتابه عند ترجمة عبد الله بن محمد المشار إليه، (6) وإليه مال السيد السند الجزائري

1. رجال الشيخ: 224 / 25 وفيه: " ابن محمد أبو بكر الحضرمي الكوفي، مسمع من أبي الصيقل، تابعي،
روي عنهما (عليهما السلام) ".
2. خلاصة الأقوال: 189 / 24.
3. تعليقات السيد الداماد على الاستبصار غير موجود.
4. تعليقة الداماد على رجال الكشي 1: 242، و 2: 714 وانظر منتهى المقال 7: 125 / 3380.
5. الفوائد الرجالية: 245.
6. مجمع الرجال 4: 44، هامش رقم 2.
9

في تعليقات التهذيب عند الكلام في سقوط الوضوء مع غسل الجنابة، (1) وكذا
العلامة البهبهاني في التعليقات، (2) والمحقق القمي في المناهج عند الكلام في بيع
السلاح لأعداء الدين.
وهو مقتضى ما ذكره العلامة في القسم الأول من الخلاصة، (3) وكذا تصحيحه
في المختلف في مسألة العقد على الأختين حديث أبي بكر الحضرمي في قوله:
احتج ابن الجنيد بما رواه أبو بكر الحضرمي في الصحيح، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام). (4)
وكذا ما عن المقدس - فيما رواه الشيخ في مكاسب التهذيب ومكاسب
الاستبصار - في باب من له على غيره مال فيجحده ثم يقع للجاحد عنده مال هل
يجوز له أن يأخذه بدلا له، أم لا؟ - عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن
مسكان عن أبي بكر قال قلت له: رجل لي عليه دراهم فجحدني وحلف عليها،
أيجوز لي إن وقع له قبلي دراهم أن آخذ منه بقدر حقي؟ قال: فقال: " نعم، ولهذا
كلام " قلت: وما هو؟ قال: " تقول: اللهم إني لم آخذه ظلما ولا خيانة، وإنما أخذته
مكان مالي الذي أخذ مني، لم أزدد عليه شيئا " (5) وعن الحسن بن محبوب عن
سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله (6) - من الحكم بعدم
الإضمار وعدم التصريح بتوثيق أبي بكر في الحديث الأول، وعدم إضرار الثاني

1. تعليقات التهذيب للجزائري مخطوط.
2. تعليقة الوحيد البهبهاني: 384.
3. خلاصة الأقوال: 189 / 24.
4. مختلف الشيعة 7: 71.
والصحيح موجود في الكافي 5: 431، ح 2، باب الجمع بين الأختين من الحرائر والإماء؛ وتهذيب
الأحكام 7: 285، ح 1205، باب فيمن أحل الله نكاحه من النساء؛ والاستبصار 3: 169، ح 618،
باب الرجل يعقد على المرأة ثم يعقد على أختها وهو لا يعلم.
5. تهذيب الأحكام 6: 348 ح 982، باب المكاسب (في التقاص)؛ الاستبصار 3: 52، ح 168.
6. تهذيب الأحكام 6: 348، ح 983، باب المكاسب (في التقاص).
10

في الحديث الثاني. (1)
وربما نقل ابن داود في باب الكنى توثيقه عن الكشي. (2) لكنه غير مطابق
للواقع، بل هو كثيرا ما ينقل التوثيق عن الكشي اشتباها بالنجاشي، كما حررناه
- كسائر اشتباهاته - في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في أن
معاوية بن شريح متحد مع معاوية بن ميسرة، أو مختلف معه؟
ثانيها: أنه من رجال الحسن، كما عن المشهور، بل نسبه الفاضل
الخواجوئي إليهم. (3)
ثالثها: أنه مجهول الحال، كما هو مقتضى كلام المقدس عند الكلام في
الخراج والمقاسمة، (4) وكذا صاحب الذخيرة عند الكلام في قضاء النافلة، (5) وهو
المحكي عن صاحب المنتقى، (6) وكذا صاحب المدارك في حاشية الاستبصار حيث
حكم بأن أبا بكر الحضرمي لم يثبت إيمانه فضلا عن كونه ممن يقبل خبره. (7)
أقول: إن توثيقه يثبت بما تقدم، وكذا يثبت إيمانه لظهور التوثيق من الإمامي
بدون ذكر سوء المذهب في الإيمان فضلا عن تصحيح الخبر والحكم بحسن حاله،
بل مقتضى صريح الفاضل الخواجوئي وصريح ما نقله عن الفاضل العناية إيمانه. (8)
ويثبت إيمانه أيضا بما رواه في التهذيب - في باب تلقين المحتضرين -
عن الكليني عن محمد بن يحيى عن حمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن

1. انظر مجمع الفائدة والبرهان 9: 125.
2. رجال ابن داود: 215 / 12.
3. الفوائد الرجالية: 247.
4. الخراجيات (رسالة المقدس الأردبيلي): 21؛ مجمع الفائدة والبرهان 8: 103.
5. ذخيرة المعاد: 202.
6. انظر التحرير الطاووسي: 644 / 483.
7. حاشية الاستبصار للسيد صاحب المدارك غير موجود.
8. الفوائد الرجالية: 245. وانظر مجمع الرجال 4: 44.
11

النضر بن سويد عن داود بن سليمان الكوفي عن أبي بكر الحضرمي، قال:
مرض رجل من أهل بيتي فأتيته عائدا له، فقلت له: يا بن أخي إن لك
عندي نصيحة أتقبلها؟ فقال: نعم، فقلت: اشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، فشهد بذلك، فقلت: قل: وإن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسول الله، فشهد
بذلك، فقلت: إن هذا لا تنتفع به إلا أن تكون على يقين، فذكر أنه على
يقين، فقلت: قل: أشهد أن عليا وصيه وهو الخليفة من بعده والإمام
المفترض الطاعة من بعده، فشهد بذلك، فقلت له: إنك لن تنتفع بذلك
حتى يكون منك على يقين، ثم سميت له الأئمة رجلا فرجلا، فأقر
بذلك، وذكر أنه منه على يقين، فلم يلبث الرجل أن توفي، فجزع أهله
عليه جزعا شديدا، فغبت منهم ثم أتيتهم فرأيت عزاء حسنا فقلت:
كيف تجدونكم؟ كيف عزاؤك أيتها المرأة؟ فقالت: والله لقد أصبنا
بمصيبة عظيمة بوفاة فلان، وكان سخي بنفسه لرؤيا رأيتها في الليلة،
قلت: وما تلك الرؤيا؟ قالت: رأيت فلانا - تعني الميت - حيا سليما،
فقلت: فلانا، قال: نعم، فقلت له: أكنت مت؟ قال: بلى، ولكن نجوت
بكلمات لقنيهن أبو بكر، ولولا ذلك كدت أهلك. (1)
ومع هذا قد روى في مكاسب التهذيب بالإسناد عن فضالة بن أيوب عن سيف بن
عميرة عن أبي بكر الحضرمي قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده إسماعيل ابنه،
فقال: " ما يمنع ابن أبي سمال أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس، ويعطيهم
ما يعطي الناس " قال: ثم قال لي: " لم تركت عطاءك؟ " قال، قلت: مخافة على ديني، قال:
" ما منع ابن أبي سمال أن يبعث إليك بعطائك؟ أما علم أن لك في بيت المال نصيبا؟ " (2)
ومقتضاه كون أبي بكر الحضرمي مؤمنا متورعا.

1. تهذيب الأحكام 1: 287، ح 837، باب تلقين المحتضرين.
2. تهذيب الأحكام 6: 336، ح 933، كتاب المكاسب.
12

إلا أن يقال: إنه من باب الشهادة على النفس، والمفروض عدم ثبوت إيمان
أبي بكر، فلا اعتداد به.
نعم، لو ثبت كون الرجل من رجال الحسن أو القوي وروي ما يقتضي وثاقته
فيه، يثبت كونه من رجال الصحيح على الأول، وكونه من رجال الموثق على
الثاني، بناء على اعتبار الخبر الحسن والقوي.
ومزيد الكلام موكول إلى ما حررناه في الرسالة المعمولة في " ثقة ".
ويمكن أن يقال: إنه قد استدل المحقق الثاني في الرسالة الخراجية (1) بالرواية
المذكورة على حلية الخراج والمقاسمة، فيمكن التمسك به على اعتبار أبي بكر، نظير ما
صنعه المحقق المذكور في جامع المقاصد عند الكلام في اشتباه دم الحيض بدم القرحة،
حيث جرى على ترجيح ما رواه الشيخ (2) - من كون المدار على الطرف الأيسر - على ما رواه
الكليني من كون المدار على الطرف الأيمن؛ (3) استنادا إلى عمل الشيخ بذلك في النهاية، (4)
بعد الاستناد إلى أن الشيخ أعرف بوجوه الحديث وأضبط. (5)
لكن نقول: إنه لم أظفر بالقول بانجبار ضعف الراوي أو الرواية بفتوى الفقيه
الواحد، ولا الترجيح بها، وإن أمكن القول بالجبر والترجيح بفتوى الفقيه الواحد.
كيف لا! وقد حكى الشهيد في الذكرى عن الأصحاب أنهم يسكنون إلى فتاوى
ابن بابويه عند إعواز النصوص؛ لحسن ظنهم به، وأن فتواه كروايته، (6) ومقتضاه
جواز العمل بالظن المستفاد من فتوى الفقيه الواحد، وجواز العمل بالظن في مقام
الجبر والترجيح أسهل بمراتب من العمل بالظن ابتداء في الحكم الشرعي. كيف لا!

1. الخراجيات (رسالة المحقق الكركي): 76.
2. تهذيب الأحكام 1: 385، ح 1185، باب الحيض والاستحاضة والنفاس.
3. الكافي 3: 94، ح 3، باب معرفة دم الحيض والعذرة والقرحة.
4. النهاية: 24.
5. جامع المقاصد 1: 84.
6. ذكرى الشيعة 1: 51، الفرع الثالث.
13

وأرباب الظنون الخاصة يجرون على جبر ضعف السند بالشهرة، وكذا الترجيح بها.
لكنك خبير بأن العمل بالرواية من المشهور أو الفقيه الواحد إنما يوجب [جبر] (1)
ضعف الرواية لا الراوي؛ إذ غاية الأمر الظن بصدور الرواية؛ قضية الظن باستناد العمل
إلى ما يوجب الظن بالصدور من القرينة، وأين ذلك من جبر ضعف الراوي.
إلا أن يقال: إنه لو ثبت عدم وجود القرينة الخارجية - كما في المقام - فالعمل
بالرواية يوجب جبر ضعف الراوي.
لكن نقول: إنه لا وثوق لي بالشهرة فكيف بفتوى الفقيه الواحد، مع أن عمل
المحقق الثاني بتلك الرواية معارض بالحكم بجهالة أبي بكر من جماعة، (2) كما
مر، فلا جدوى في ذلك، وإلا لصح الاستناد في اعتبار بعض الرجال - ممن
اختلف في حاله - إلى القول بالاعتبار ممن قال به، مضافا إلى أنه قد ذكر صاحب
الذخيرة في بعض الموارد أن بناء المحقق الثاني في باب الأسانيد على المتابعة.
ومع ذلك قد روى الكشي عن محمد بن مسعود قال:
حدثني عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثني الوشاء عمن
يثق به، يعني أمه عن خاله، قال: فقال له عمرو بن إلياس قال: دخلت أنا
وأبي إلياس بن عمرو على أبي بكر الحضرمي وهو يجود بنفسه، قال: يا
عمرو ليست بساعة الكذب، أشهد على جعفر بن محمد أني سمعته
يقول: " لا تمس النار من مات وهو يقول بهذا الأمر ". (3)
وروى الكشي أيضا عن أبي جعفر محمد بن علي بن القاسم بن أبي حمزة
القمي، قال:

1. ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.
2. كما في الخراجيات (رسالة المقدس الأردبيلي): 21؛ ومجمع الفائدة والبرهان 8: 103؛ والذخيرة:
202 وغيره.
3. رجال الكشي 2: 716 / 789
14

حدثني محمد بن الحسن الصفار المعروف بممولة، قال: حدثني
عبد الله بن محمد بن خالد، قال: حدثني الحسن بن إلياس، قال: حدثني
خال عمرو بن إلياس، قال: دخلت على أبي بكر الحضرمي وهو يجود
بنفسه، فقال لي: أشهد على جعفر بن محمد أنه قال: " لن يدخل النار
منكم أحد ". (1)
قوله " أشهد " في كل من الروايتين بصيغة المتكلم، فمقتضى صريح الروايتين
كون أبي بكر الحضرمي من أهل الإيمان.
لكن نقول: إن الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة قدح في الروايتين بأن في
طريقهما الوشاء وخاله، وحالهما مجهول. (2)
لكنك خبير بأن الأم غير واقعة في طريق الرواية الثانية، مع أن توثيق الوشاء
يكفي ولو كان حين وقفه، وان كان مقتضى كلام بعض عدم ثبوت وقفه، بل عن
جماعة تصحيح حديثه؛ لأن خبره حين الوقف لا يخرج عن القوي والموثق، (3) بل
لا حاجة إلى ما ذكر بناء على كون التزكية من باب الظنون الاجتهادية، وكذا بناء
على حجية مطلق الظن في نفس الأحكام الشرعية.
نعم، عمرو بن إلياس واقع في طريق كل من الروايتين، وهو مشترك بين
رجلين عنونهما النجاشي وصرح بتوثيق أحدهما وسكت عن حال الآخر، (4) على
أن في طريق الرواية الثانية محمد بن علي بن القاسم بن أبي حمزة، وهو مجهول،
وليس هو محمد بن أبي القاسم ما جيلويه المصرح بالتوثيق في كلام النجاشي؛ (5)
لاختلاف الوالد بعلي بن القاسم وأبي القاسم؛ بل الظاهر الاختلاف فيمن فوق

1. رجال الكشي 2: 716 / 790.
2. تعليقة الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 53. وانظر منتهى المقال 4: 221 / 1777.
3. انظر منتهى المقال 2: 419 / 768.
4. رجال النجاشي: 288 / 772 و 773.
5. رجال النجاشي: 353 / 947.
15

القاسم وأبي القاسم؛ لعدم ذكر أبي حمزة فيمن فوق محمد بن أبي القاسم، وذكر
ذلك هنا، فإغماض الشهيد عن محمد بن علي بن القاسم (1) ليس على ما ينبغي.
مضافا إلى أن الظاهر - بل بلا إشكال - أن الصفار المعروف ب‍ " ممولة " غير
محمد بن الحسن الصفار المعروف المصرح بالتوثيق؛ لعدم ذكر الممولة في
ترجمته، (2) مع أن اشتهار الصفار كان مقتضيا لذكره في ترجمة محمد بن الحسن
الصفار المعروف على تقدير اتحاده مع الممولة، فإغماض الشهيد عن الصفار
المعروف ب‍ " ممولة " غير سديد.
ومع ذلك قد ذكر الكشي في ترجمة البراء بن عازب:
أنه روى جماعة من أصحابنا - منهم أبو بكر الحضرمي، وأبان بن
تغلب، والحسين بن أبي العلاء، وصباح المزني - عن أبي جعفر
وأبي عبد الله (عليهما السلام) " أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال للبراء بن عازب: كيف وجدت
هذا الدين؟ قال: كنا بمنزلة اليهود قبل أن نتبعك، تخف علينا العبادة،
فلما اتبعناك ووقع حقائق الإيمان في قلوبنا وجدنا العبادة قد تثاقلت في
أجسادنا " إلى آخر الحديث. (3)
ومقتضاه إيمان من روى هذه الرواية؛ لبعد رواية شيء ممن لا يقول بحقيقة
مفاده، بل مقتضاه وثاقة أبي بكر الحضرمي؛ إذ الظاهر تخصيص الجماعة
المذكورين بالذكر كونهم من الأجلاء والثقات.
[مناظرة الحضرمي مع زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام)]
ثم إنه قد روى الكشي مناظرة لطيفة له مع زيد حيث إنه روى عن علي بن

1. انظر تعليقة الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 53، ومنتهى المقال 4: 221 / 1777.
2. انظر الفهرست: 143 / 616، ومنتهى المقال 6: 17 / 2565.
3. رجال الكشي 1: 242 / 94.
16

محمد القتيبي عن الفضل بن شاذان، عن أبيه، عن محمد بن جمهور، عن
بكار بن أبي بكر الحضرمي قال:
دخل أبو بكر وعلقمة على زيد بن علي، وكان علقمة أكبر من أبي،
فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، وكان بلغهما أنه قال: ليس
الإمام منا من أرخى عليه ستره، إنما الإمام من شهر سيفه. فقال له أبو بكر
وكان أجرأهما: يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أكان إماما
وهو مرخ عليه ستره، أو لم يكن إماما حتى خرج وشهر سيفه؟ قال:
وكان زيد يتبصر الكلام، قال: فسكت فلم يجبه، فرد عليه الكلام ثلاث
مرات كل ذلك لا يجيبه بشيء، فقال له أبو بكر: إن كان علي بن أبي طالب
إماما، فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخ عليه ستره، وإن كان علي بن
أبي طالب لم يكن إماما وهو مرخ عليه ستره، فأنت ما جاء بك هاهنا؟
قال: فطلب زيد إلى علقمة أن يكف عنه فكف عنه. (1)
وقد ذكر المناظرة المذكورة في مجالس المؤمنين أيضا في المجلس الخامس.
[في حال محمد بن جمهور]
وأورد الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة بأن محمد بن جمهور مجهول الحال. (2)
وينقدح بأنه مقدوح فيه - في رجال الشيخ (3) - بضعف الحديث وفساد
المذهب، وأنه لا يكتب حديثه، وأن له شعرا يحلل فيه محرمات الله عز وجل في
القناعة بجهالة الحال، كما تري.
نعم، ربما يظهر من النجاشي في ترجمة ابنه الحسن بن محمد بن جمهور

1. رجال الكشي 2: 714 / 788.
2. تعليقة الشهيد على خلاصة الأقوال: 53.
3. رجال الشيخ: 387 / 17. وحكاه في التحرير الطاووسي: 243.
17

توثيقه، بل إطباق الأصحاب على توثيقه؛ حيث إنه قال في ترجمة ابنه: ثقة في
نفسه، ينسب إلى بني العم من تميم، يروي عن الضعفاء، ويعتمد المراسيل، ذكره
أصحابنا بذلك، وقالوا: كان أوثق من أبيه وأصلح. (1)
[شرح حديث " ارتد الناس إلا ثلاثة "]
بقي أنه قد روى الكشي بالإسناد عن أبي بكر الحضرمي قال، قال
أبو جعفر (عليه السلام): " ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر والمقداد " قال، قلت:
فعمار؟ قال: " قد كان حاص حيصة ثم رجع " (2) إلى آخر الحديث.
قال السيد الداماد في الرواشح عند الكلام في تعداد المصحف من الحديث
بعد ذكر الرواية: فيه روايتان بالجيم والضاد المعجمة، والحاء والصاد المهملتين،
كلاهما بمعني الحيود والزيغ، فصحفه بعض المصحفين من القاصرين بالحاء
المهملة والضاد المعجمة. (3) انتهى.
وفي المجمع:
جاض عن الشيء يجيض جيضا: حاد عنه وعدل. وأصل الجيض الميل
عن الشيء، ومنه الحديث عن أبي جعفر (عليه السلام): " ارتد الناس إلا ثلاثة:
سلمان وأبو ذر والمقداد " قلت: فعمار؟ قال: " كان جاض جيضة " أي
مال وعدل. قال في النهاية: (4) ويروي بالحاء والصاد المهملتين، يعني
جال جولة يطلب الفرار. (5)
والله العالم.

1. رجال النجاشي: 62 / 144.
2. رجال الكشي 1: 47، ح 24.
3. الرواشح السماوية: 142 وانظر حاشية السيد الداماد على رجال الكشي 1: 51.
4. النهاية لابن الأثير 1: 324 (جيض).
5. مجمع البحرين 1: 438 (جيض).
18

12 - رسالة في " أبي داود "
19

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
وبعد، فقد روى الكليني عن أبي داود في موارد متعددة، كما رواه في كتاب
الطهارة في باب " الرجل والمرأة يغتسلان من الجنابة ثم يخرج منهما الشيء بعد
الغسل " عن أبي داود، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن
سماعة، قال سألته، إلى آخره. (1)
وما رواه في باب " الجنب يأكل ويشرب ويقرأ ويدخل المسجد ويختضب
ويدهن ويطلي ويحتجم " عن أبي داود، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن
أيوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، إلى آخره. (2)
وما رواه في كتاب الصلاة في باب فضل الصلاة عن أبي داود، عن
الحسين بن سعيد، عن محمد بن فضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام). (3)
وما رواه في باب بدء الأذان والإقامة وفضلهما وثوابهما عن أبي داود، عن
الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن حسن الصيقل،
قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، إلى آخره. (4)

1. الكافي 3: 49، ح 4، باب الرجل والمرأة يغتسلان من الجنابة ثم يخرج منهما شيء.
2. الكافي 3: 51، ح 8، باب الجنب يأكل ويشرب ويقرأ ويدخل المسجد ويختضب ويدهن ويطلى.
3. الكافي 3: 265، ح 6، باب فضل الصلاة.
4. الكافي 3: 302، ح 10، باب بدء الأذان والإقامة وفضلهما وثوابهما. والموجود في الباب بهذا السند:
" أبو داود، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة عن الحسين بن عثمان، عن عمرو بن أبي نصر قال: قلت
لأبي عبد الله (عليه السلام):... ".
21

وما رواه في الباب عن أبي داود، عن علي بن مهزيار بإسناده عن صفوان
الجمال قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، إلى آخره. (1)
وعن السيد الداماد القطع بأن المقصود بأبي داود المذكور هو المسترق. (2)
وعن المولى التقي المجلسي تارة: أنه كثيرا يروي الكليني عن أبي داود، عن
الحسين بن سعيد، والمسموع من المشايخ أنه المسترق؛ وأخرى: أنه يروي
الكليني عن أبي داود، عن الحسين بن سعيد، ويظهر منه أنه رآه، والظاهر أنه
لم يره؛ وثالثة: أنه يروي الكليني عن كتابه، ولما كان الكتاب معلوما عنده يقول:
أبو داود، فالحديث ليس بمرسل. (3)
والظاهر - بل بلا إشكال - أن المقصود بالكتاب هو كتاب أبي داود المسترق.
وجرى العلامة البهبهاني على القول بذلك، أي القول بكون المقصود هو
المسترق، وبنى على الإرسال، بل حكم بأن الإرسال ديدن الكليني بالنسبة إلى
كثير من الرواة. (4)
أقول: إن " ابن داود " كنية لجماعة من الرواة، كما ذكره السيد السند التفرشي:
سليمان بن سفيان المسترق، (5) ويوسف بن إبراهيم، (6) وسليمان بن عمر، (7) ونقيع (8) بن

1. انظر الكافي 3: 302.
2. تعليقة الداماد على رجال الكشي 2: 606 / 577.
3. روضة المتقين 14: 482.
4. تعليقة الوحيد البهبهاني: 389.
5. كما في رجال الكشي 2: 606 / 577، ورجال النجاشي: 183 / 485.
6. كما في رجال الشيخ: 324 / 57.
7. كما في رجال الشيخ: 217 / 102، وفيه " عمرو ".
8. في " د ": " نفيع "
22

الحارث، (1) وسليمان بن عبد الرحمن، (2) وسليمان بن هارون (3)، (4) والأشهر
سليمان بن سفيان المسترق بكسر الراء، كما ذكره العلامة في الإيضاح (5)
وابن داود؛ تعليلا منهما بأنه كان يسترق الناس بشعر السيد؛ لأنه كان راوية شعره. (6)
والظاهر أن المقصود بشعر السيد هو أشعار الحميري، كما ذكره السيد السند
التفرشي. (7)
وفي الخلاصة: " أنه كان يستخفه الناس لإنشاده، أي يرق على أفئدتهم ". (8)
وسبقه إليه الكشي لكنه قال: " وكان يستخفه الناس ويسترق، أي رق على
أنفسهم ". (9)
وعن الشهيد الثاني في بعض تعليقات الخلاصة: " أن هذا يدل على فتح الراء
من المسترق ".
والمرجع - على ذلك - إلى دنو المسترق في القلوب، بخلاف ما ذكر في باب
عبد الرحمن بن الحجاج (10) من ثقالته على الفؤاد، بناء على كون المرجع إلى الوقر
والعظم في القلوب.
وتحرير الكلام فيه بالمناسبة أنه قد ذكر الصدوق في مشيخة الفقيه: أن

1. انظر خلاصة الأقوال: 262 / 3، ورجال ابن داود: 282 / 535.
2. كما في رجال الشيخ: 216 / 92.
3. انظر خلاصة الأقوال: 225 / 2؛ ومجمع الرجال 3: 170.
4. نقد الرجال 5: 156 / 6000.
5. إيضاح الاشتباه: 195 / 310.
6. رجال ابن داود 213، الفصل الخامس من الخاتمة.
7. نقد الرجال 2: 362 / 2403.
8. خلاصة الأقوال: 78 / 4.
9. رجال الكشي 2: 606 / 577.
10. رجال الكشي 2: 740 / 829.
23

عبد الرحمن بن الحجاج روى عن الصادق وموسى بن جعفر (عليهم السلام) فقال: " وكان
موسى (عليه السلام) إذا ذكر عنده، قال: إنه لثقيل على الفؤاد ". (1)
والضمير المرفوع في " ذكر " إما أن يكون راجعا إلى عبد الرحمن، فالضمير
المجرور راجع إلى موسى (عليه السلام)، أو يكون الأمر بالعكس، فالضمير المرفوع راجع
إلى موسى (عليه السلام)، والضمير المجرور راجع إلى عبد الرحمن.
وعلى الأول إما أن يكون الضمير المنصوب في " إنه " راجعا إلى
المسمى، أعني شخص عبد الرحمن أو (إلى الاسم. وعلى الأخير الغرض
من الاسم إما اسم عبد الرحمن) (2) باعتبار كونه اسم ابن ملجم، أو اسم أبيه
باعتبار كونه اسم ابن يوسف الثقفي، أو كلاهما بالرجوع منهما بناء على
صحته.
وعلى الأول يكون الغرض أن عبد الرحمن موقر ومعظم في قلب مولانا
موسى (عليه السلام)، أو في القلوب، والمرجع إلى المدح.
وعلى الثاني يكون المعنى أن موسى (عليه السلام) مهما ذكر عند عبد الرحمن، قال
عبد الرحمن: إنه - أي موسى - ثقيل على الفؤاد، والمرجع إلى الاحترام من
عبد الرحمن لموسى (عليه السلام).
ويرشد إلى الوجه الأول - مضافا إلى أنه الظاهر من العبارة - ما رواه الكشي
بسنده عن حسين (3) بن ناجية، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) وذكر عبد الرحمن بن
الحجاج عنده، فقال: " إنه لثقيل على الفؤاد "؛ (4) حيث إنه لا مجال فيه لاحتمال
رجوع الضمير المرفوع إلى أبي الحسن (عليه السلام).

1. الفقيه 4: 41 من المشيخة.
2. في " د " بدل ما بين القوسين: " اسم أبيه ".
3. في " ح " و " د ": " يونس " والصحيح ما أثبتناه موافقا للمصدر.
4. رجال الكشي 2: 740 / 829.
24

فيتعين الوجه الأول، لكن لفظة " على " فيه ربما احتمل كونها سهوا عن " في "
من النساخ، (1) إلا أن احتمال كون " على " سهوا عن " في " ليس أولى من العكس.
وعلى أي حال مات أبو داود سنة إحدى وثلاثين ومائتين على ما ذكره
النجاشي، (2) وإحدى ومائة وثلاثين على ما ذكره الكشي (3) والعلامة في الخلاصة، (4)
إلا أن " مائة " سهو عن " مائتين " لما ذكره العلامة البهبهاني من أن الرواة عنه مثل
محمد بن الحسين، والحسن بن محبوب، وابن أبي نجران، وابن شاذان،
وحمدان الكوفي، ومحمد بن الجمهور وغيرهم من أصحاب الجواد (عليه السلام) ومن
بعده، غاية الأمر أن بعضهم من أصحاب الرضا (عليه السلام)، فكيف يروون عمن مات قبل
الصادق (عليه السلام) بكثير؟! لأن وفاته (عليه السلام) كانت سنة ثمان وأربعين ومائة. (5)
وعاش أبو داود سبعين سنة على ما ذكره الكشي، ويسمى بالمنشد أيضا. (6)
وقد عرفت بما سمعت اختلاف كلام النجاشي والكشي في تاريخ وفاته.
وقال الشيخ في الفهرست:
أبو داود المسترق، له كتاب، أخبرنا به أحمد بن عبدون، عن ابن
الزهري، عن علي بن الحسن، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن
أبي داود؛ وأخبرنا به ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن الصفار،
عن محمد بن الحسين، عن أبي داود؛ ورواه عبد الرحمن بن أبي نجران
عنه. (7) انتهى.

1. روضة المتقين 14 / 161، وانظر منتهى المقال 4: 106 / 1590.
2. رجال النجاشي: 183 / 485.
3. رجال الكشي 2: 609 / 577. وفيه: " مات سنة ثلاثين ومائة ".
4. خلاصة الأقوال: 78 / 4.
5. تعليقة الوحيد البهبهاني: 173.
6. رجال الكشي 2: 609 / 577 وفيه: " تسعين سنة " بدلا عن " سبعين سنة ".
7. الفهرست: 184 / 825. وفيه: " الزبير " بدلا عن " الزهري ".
25

فعلى ما ذكره الشيخ في الفهرست، للشيخ إلى أبي داود طرق ثلاثة أحدها:
عبد الرحمن بن أبي نجران، وفي الآخر: الصفار، وفي ثالث: الحسن بن محبوب. (1)
وقد وثقه العلامة في الخلاصة (2) إلا أن الظاهر أنه مأخوذ مما نقله الكشي عن
محمد بن مسعود في قوله: " قال محمد بن مسعود: سألت علي بن الحسن بن
فضال عن أبي داود المسترق، قال: إنه سليمان بن سفيان المسترق، وهو المنشد،
وهو ثقة " (3) بناء على كون التوثيق من الكشي لا ابن فضال، كما حكم به المحقق
الشيخ محمد (4) والمحقق الجزائري، (5) بناء على اعتبار الإيمان منه - أعني العلامة -
في اعتبار الخبر، كما هو مقتضى اشتراط الإيمان منه في اعتبار الخبر في الأصول.
وهو مقتضى قوله في ترجمة الحسن بن سيف بن سليمان التمار بعد نقل
توثيقه عن ابن عقدة عن علي بن الحسن: " ولم أقف له على مدح ولا جرح من
طرقنا سوى هذا، والأولى التوقف حتى يثبت عدالته ". (6)
وكذا قوله في الترجمة اللاحقة لتلك الترجمة - أعني ترجمة الحسن بن
محمد أبي علي القطان - بعد نقل توثيقه أيضا عن ابن عقدة عن علي بن الحسن:
" والكلام فيه كالسابق ". (7)
وكذا قوله في الترجمة اللاحقة لهذه الترجمة - أعني ترجمة الحسن بن
صدقة - بعد نقل توثيقه وتوثيق أخيه مصدق عن ابن عقدة عن علي بن الحسن:

1. الفهرست: 184 / 825.
2. خلاصة الأقوال: 78 / 4.
3. رجال الكشي 2: 608 / 577.
4. حكاه عنه في منتهى المقال 3: 396 / 1370.
5. حاوي الأقوال في علم الرجال: 81 / 290، و 264 / 1508.
6. خلاصة الأقوال: 44 / 49. وفيه زيادة: " فيما ينفرد به " بعد كلمة " التوقف ".
7. خلاصة الأقوال: 45 / 50.
26

" وفي تعديله بذلك نظر، والأولى التوقف ". (1)
وكذا قوله في ترجمة إسماعيل بن عمار أخي إسحاق: " والأقوى عندي
التوقف في روايته حتى يثبت عدالته ". (2) وغير ما ذكر.
لكنه صرح في الخلاصة بقبول رواية جماعة من فاسدي المذهب كما في
قوله في ترجمة علي بن الحسن بن فضال: " وأنا أعتمد على روايته وإن كان
مذهبه فاسدا " (3) وقوله في ترجمة علي بن أسباط بعد نقل كونه فطحيا عن
النجاشي والكشي: " وأنا أعتمد على روايته ". (4)
بل قال المحقق القمي: " إنه أكثر في الخلاصة من قبول رواية فاسدي
المذهب ". (5)
وكيف كان، فدعوى الإرسال في المقام بعيدة؛ لندرة الإرسال من الكليني،
كما هو مقتضى صريح شيخنا البهائي في مشرقه. (6)
نعم، قد اتفق الإرسال في موارد كما في قوله في كتاب الحج في باب
الاستراحة في السعي والركوب فيه: " معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) " (7) وغيره.
والظاهر أن دعوى كثرة إرسال الكليني مبنية على دعوى الإرسال فيما شاع
وذاع من الكليني من الابتداء ببعض رجال السند السابق ممن عد الأول ولم يلقه
الكليني، كما نقله في المنتقى عن بعض، (8) إلا أن المذكور في كلام شيخنا البهائي

1. خلاصة الأقوال: 45 / 51.
2. خلاصة الأقوال: 200 / 8.
3. خلاصة الأقوال: 93 / 15.
4. خلاصة الأقوال: 99 / 38.
5. القوانين المحكمة 1: 458.
6. مشرق الشمسين: 64.
7. الكافي 4: 437، ح 2 و 6، باب الاستراحة في السعي والركوب فيه.
8. منتقى الجمان 1: 44.
27

أنه من باب الاتصال وحوالة الحال إلى السند السابق. (1)
وعليه جرى صاحب المنتقي ونجله في تعليقات الاستبصار، بل المحكي في
كلامهما أنه من طريقة القدماء.
ونص على ذلك المولى التقي المجلسي، (2) وكذا السيد السند الجزائري. (3)
ومقتضى بعض كلمات العلامة المجلسي في أربعينه أن الرواية اللاحقة
كالرواية السابقة مأخوذة من كتاب صدر سند الرواية اللاحقة، فالواسطة بينه وبين
الكليني - أعني صدر الرواية اللاحقة - من باب مشايخ الإجازة، إلا أنها ذكرت تارة
وتركت أخرى. (4)
والأظهر القول بأن الأمر من باب حوالة الحال إلى السند السابق؛ إذ لو كان
الأمر من باب الإرسال أو غيره، لاتفق كثيرا أيضا في صورة مباينة السند السابق
واللاحق، فتخصيص الإسقاط بصورة الاشتراك في صدر السند اللاحق يرشد إلى
كون الأمر من باب حوالة الحال إلى السند السابق ولا سيما مع نقل ذلك عن طريقة
القدماء، وإن أمكن القول بأنه يأتي في كلام القدماء ما يأتي في كلام الكليني،
فلا دلالة في كلام القدماء على ما نقل عنهم، فلا وثوق بالنقل عنهم، اللهم إلا أن
يكون النقل مبنيا على قرائن ترشد إليه.
وقد تطرق الكلام في كلام الشيخ في التهذيب فيما يبتدئ في الإسناد بمن
ابتدأ به الكليني في موارد احتمال الإرسال مع ذكر طريقه إلى المبدو به في السند
اللاحق بطريقه عن الكليني عنه، فحكم في المنتقى بأنه من باب الغفلة وعدم
التفطن بطريقة الكليني. (5)

1. مشرق الشمسين: 64.
2. روضة المتقين 1: 28.
3. حاوي الأقوال 4: 478 و 480.
4. الأربعون للمجلسي: 28 و 33 و 47.
5. منتقى الجمان 1: 25.
28

وعلى هذا جرى المحقق الشيخ محمد في تعليقات الاستبصار، وذكر أن
الشيخ بسبب الغفلة عن حقيقة الحال ضيع أحاديث كثيرة.
وعليه جرى الفاضل التستري نقلا.
وحكم المولى التقي المجلسي بأن غرض الشيخ غرض الكليني من
الاختصار، وذكر أنه قد وقع ذلك من الشيخ في التهذيب والاستبصار قريبا من مائة
مرة، فيستبعد أنه سها، أو توهم أن المبدو به في السند هو المبدو به في الإسناد.
وأما دعوى كون المقصود بأبي داود هو المسترق، فإن كان الغرض أن الأمر
مبني على الإرسال، فيظهر حاله بما سمعت في الحال.
وإن كان الغرض أن الأمر مبني على الاتصال، فهو في كمال اختلال الحال؛ (1)
حيث إن الكليني توفي في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة على ما ذكره النجاشي (2)
والشيخ في الرجال، (3) وثمان وعشرين ثلاثمائة على ما ذكره الشيخ في الفهرست. (4)
والمسترق توفي في سنة إحدى وثلاثين ومائتين على الوجه كما يظهر مما مر.
فوفاة الكليني متأخرة عن وفاة المسترق بقريب من مائة سنة، فكيف يمكن رواية
الكليني عن المسترق، والرواية تحتاج إلى مضي زمان البلوغ أقلا في غالب
الروايات؟!
وربما تأيد العلامة البهبهاني على الإرسال بما رواه في التهذيب في باب حكم
الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك عن الكليني، عن عدة من
الأصحاب، عن أحمد بن محمد وأبي داود، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن

1. في " د ": الخلال.
2. رجال النجاشي: 377 / 1026.
3. رجال الشيخ: 495 / 27.
4. الفهرست: 135 / 601.
29

سويد، عن محمد بن أبي حمزة، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (1)
تعليلا بأن طبقة أحمد طبقة المسترق، فإن أحمد لقي الرضا والجواد
والعسكري (عليهم السلام) وابتداء إمامة العسكري بعد سنة عشرين ومائتين، والمسترق
توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وعاش سبعين، فتولده سنة تسع وخمسين
ومائة وهو زمان الكاظم (عليه السلام).
وهو مبني على كون المقصود بأحمد بن محمد هو أحمد بن محمد بن
عيسى؛ لأنه ذكر العلامة في الخلاصة في ترجمته: أنه لقي الرضا والجواد
والعسكري (عليهم السلام). (2) وإن كان هذا مأخوذا من النجاشي، (3) والمذكور في كلامه الهادي
بدل العسكري، كما أن الشيخ في الرجال عده أيضا من أصحاب مولانا الجواد
والهادي (عليهما السلام)، (4) مع أن من البعيد الرواية عن والد مولانا الهادي وولده دونه (عليهم السلام).
ولا دليل في المقام على كون المقصود بأحمد هو أحمد بن محمد بن عيسى؛
لاحتمال كون المقصود به أحمد بن محمد بن خالد، وقد عده الشيخ في الرجال
من أصحاب مولانا الجواد والهادي (عليهما السلام)، (5) مع أن أبا داود - على ما في نسختين من
الكافي - بالرفع، فهو معطوف على " عدة " والجر سهو من التهذيب ولا يتأتى ما
ذكره العلامة المشار إليه بوجه.

1. تهذيب الأحكام 1: 182، ح 523، باب حكم الحيض والاستحاضة. وفيه: " وبهذا الاسناد عن
محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد
عن محمد بن أبي حمزة ".
وانظر الكافي 3: 109، ح 2، باب الحائض تخت ضب.
2. خلاصة الأقوال: 14 / 2.
3. رجال النجاشي: 82 / 198.
4. رجال الشيخ: 397 / 6، و 409 / 3.
5. رجال الشيخ: 398 / 8، و 410 / 16.
30

تنبيهات
الأول
[رواية الكليني عن أبي داود المسترق مع الواسطة]
أنه قد روى الكليني عن أبي داود مع الواسطة أيضا مقيدا بالمسترق في بعض
الموارد، كما رواه في الكافي في باب أن الأئمة هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل
في كتابه عن الحسين بن محمد الأشعري، عن أبي محمد، عن أبي داود المسترق،
عن داود الجصاص، عن أبي عبد الله؛ (1) وما رواه في باب من الغيبة من الأصول عن
علي بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن خالد، عن منذر بن محمد بن قابوس،
عن منصور بن السندي، عن أبي داود المسترق، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك
الجهني، عن الحارث بن المغيرة، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين (عليه السلام). (2)
ومقتضاه تقييد الإطلاق فيما رواه عن أبي داود مع الواسطة بالمسترق.
بل يمكن القول بأن مقتضاه تقييد الإطلاق في الرواية عن أبي داود
بلا واسطة، إلا أنه ينافي ظهور التقييد ظهور الاتصال؛ لندرة الإرسال.

1. الكافي 1: 206، ح 1، باب أن الأئمة هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل. وفيه: " معلى بن محمد "
بدلا عن " أبي محمد ".
2. الكافي 1: 338، ح 7، باب الغيبة.
31

الثاني
[رواية الشيخ عن الكليني عن أبي داود]
أنه قد روى الشيخ في التهذيب في باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به وما
لا يجوز عن الكليني عن أبي داود عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة،
عن سماعة قال: سألته، إلى آخره. (1)
قال المولى التقي المجلسي في الحاشية على ما نسب إليه:
أبو داود غير مذكور في كتب الرجال وليس هو أبا داود المنشد
سليمان بن سفيان، فإنه كان وفاته قبل وفاة محمد بن يعقوب قريبا من
مائة سنة على ما يفهم من كتب الرجال، إلا أن يقال: هنا إرسال فإن رواية
الكليني عن الحسين بن سعيد بواسطة واحدة بعيدة، والذي يظهر من
الكافي أن الواسطة محمد بن يحيى العطار، ومثل هذا في كلام الشيخ
رحمه الله كثير فلا تعتمد ما أمكن. (2)
وظني أن الحاشية من الفاضل التستري؛ فإنه مصر في إظهار أغلاط الشيخ
وغيره كالعلامة في الخلاصة؛ إبرازا لعدم الوثوق بخبر الواحد وعدم جواز العمل
به، كما جرى عليه، وينهى عن الاعتماد ما أمكن بتقريب أن الشيخ لو اختلت
رواياته مع علو رتبته وسمو مرتبته لا يبقى الوثوق برواية غيره.
وقد أظهر المولى التقي المجلسي هذا المضمون في حق الفاضل المشار إليه بالنسبة
إلى الشيخ عند الاعتذار عن الشيخ في إسقاطه من أوائل أسانيد الكافي ما أسقطه الكليني
حوالة على السند السابق بأن غرضه غرض الكليني من الاختصار، وليس الأمر من باب
الاشتباه كما حسبه بعض الفضلاء المقصود به في كلامه الفاضل التستري، وأكثر في
الاعتراض؛ حيث اعترض في موارد الإسقاط، وقد تقدم الاعتذار المذكور.

1. تهذيب الأحكام 1: 227، ح 656، باب المياه وأحكامها.
2. حكاه ولده باقر المجلسي في ملاذ الأخبار في فهم تهذيب الأخبار 2: 253، ذيل ح 39. وفي " د ":
" فلا يعتمد ".
32

[فوائد]
فائدة [1]
[في " شرطة الخميس "]
روى الكشي في ترجمة الأصبغ بن نباتة - بفتح الهمزة كما في التوضيح،
وضم النون كما في الإيضاح (1) والتوضيح -: " أنه قيل للأصبغ: كيف سميتم شرطة
الخميس يا أصبغ؟ قال: إنا ضمنا له الذبح وضمن لنا الفتح، يعني
أمير المؤمنين (عليه السلام) ". (2)
وروى الكشي أيضا أنه قال أبو عبد الله (عليه السلام): " دخل قيس بن سعد بن عبادة
الأنصاري صاحب شرطة الخميس على معاوية ". (3)
وحكى الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة: " أنه قال أنس بن مالك: كان
قيس بن سعد من النبي (صلى الله عليه وآله) بمنزلة الشرطة من الأمير ".
وفي ترجمة أبي يحيى الحنفي: " أنه كان من شرطة الخميس ". (4)

1. ايضاح الاشتباه: 80 / 2.
2. رجال الكشي 1: 321 / 165.
3. رجال الكشي 1: 326 / 177.
4. خلاصة الأقوال: 192.
33

وحكى العلامة في الخلاصة في ترجمة عبد الله بن يحيى الحضرمي: أنه قال
له علي (عليه السلام) يوم الجمل: " أبشر يا بن يحيى فإنك وأباك من شرطة الخميس حقا،
أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) باسمك واسم أبيك في شرطة الخميس والله سماكم في
السماء شرطة الخميس على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله) ". (1)
قال السيد السند التفرشي بعد نقل الحكاية المذكورة: " والخميس: العسكر،
وإنما سمي خميسا لانقسامه خمسة أقسام: مقدمه، وساقه، ويمينه، ويساره،
وقلبه. والشرطة: طائفة من الجيش ". (2)
وحكى الفاضل الأسترآبادي في ترجمة عبد الله بن يحيى الحضرمي، وكذا
في الفائدة التاسعة من الفوائد المرسومة في آخر المنهج عن البرقي: أن شرطة
الخميس كانوا ستة آلاف رجل، وقال علي بن الحكم قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
تشرطوا فإنما أشارطكم على الجنة، ولست أشارطكم على ذهب ولا فضة، إن
نبينا (صلى الله عليه وآله) قال لأصحابه فيما مضى: تشرطوا فإني لست أشارطكم إلا على الجنة ". (3)
وعن البرقي في ترجمة سهل بن حنيف الأنصاري: " أنه كان من شرطة
الخميس ". (4)
وقد ذكر شرطة الخميس في بعض تراجم أخرى.
وفي الكافي في باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة:
" رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) في شرطة الخميس ". (5)
وقال العلامة المجلسي بخطة الشريف في الحاشية:

1. خلاصة الأقوال: 104 / 8.
2. نقد الرجال 3: 152 / 4240.
3. منهج المقال: 214 و 418.
4. رجال البرقي: 3، وانظر رجال السيد بحر العلوم 3: 32.
5. الكافي 1: 346، ح 3، باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة.
34

الشرطة - بالضم - أول طائفة من الجيش تشهد الواقعة، والخميس:
الجيش، سمي به لأنه مقسوم بخمسة أقسام: المقدمة، والساقة،
والميمنة، والميسرة والقلب. (1)
وفي بعض روايات زيادات القضاء من التهذيب: " يا قنبر، ادع لي شرطة
الخميس ". (2)
وقال المولى التقي المجلسي في الحاشية:
الخميس: الجيش، سمي به لأنهم خمس طوائف: المقدمة، والساقة،
والميمنة، والميسرة، والقلب. والشرط: الأقوياء الذين يتقدمون
الجيش، فهم أخص من المقدمة، كأنهم شرطوا أن لا يرجعوا حتى
يفتحوا أو يقتلوا، وكان الأصبغ بن نباتة منهم، وروى الكشى أنه قيل
للأصبغ بن نباتة: كيف سميتم شرطة الخميس يا أصبغ؟ قال: إنا ضمنا له
الذبح وضمن لنا الفتح يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) (3). (4)
وفي المصباح:
الشرطة - وزان غرفة، وفتح الراء مثال رطبة - لغة قليلة. وصاحب
الشرطة يعني الحاكم. والشرط - بالسكون والفتح أيضا - الجند، والجمع
شرط، مثل رطب. والشرط على لفظ الجمع: أعوان السلطان؛ لأنهم
جعلوا أنفسهم علامات يعرفون بها للأعداء، والواحدة: شرطة، مثل
غرفة، والجمع: غرف.
وإذا نسب إلى هذا قيل: " شرطي " بالسكون ردا إلى واحده. (5)

1. مرآة العقول 4: 79.
2. تهذيب الأحكام 6: 316، ح 875، باب زيادات القضاء.
3. رجال الكشي 1: 321 / 165.
4. حكاه عنه ولده في ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار 10: 240، ذيل ح 82.
5. المصباح المنير: 309 (شرط).
35

وفي النهاية الأثيرية: " الخميس: الجيش، سمي به لأنه مقسوم بخمسة أقسام:
المقدمة، والساقة، والميمنة، والميسرة، والقلب. وقيل: لأنه تخمس فيه
الغنائم ". (1)
وفي المجمع:
وفي حديث علي (عليه السلام) لعبد الله بن يحيى الحضرمي يوم الجمل: " أبشر
يا بن يحيى، فإنك وأباك من شرطة الخميس " أي من نخبه وأصحابه
المتقدمين على غيرهم من الجند.
والشرطة - بالسكون والفتح -: الجند، والجمع: شرط، مثل رطب.
والشرط على لفظ الجمع: أعوان السلطان، والولاة، وأول كتيبة تشهد
الحرب وتتهيأ للموت.
سمي بذلك لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها للأعداء.
الواحدة: شرطة كغرف وغرفة.
وصاحب الشرطة يعني الحاكم. وإذا نسب إلى هذا قيل: " شرطي "
بالسكون ردا إلى واحده كتركي.
والخميس: الجيش. وفي حديث الأصبغ بن نباتة وقد سئل: كيف
سميتم شرطة الخميس يا أصبغ؟ قال: لأنا ضمنا له الذبح، وضمن لنا
الفتح يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) (2). (3)
أقول: إن مقتضى عبارة المصباح أن " الشرط " يستعمل تارة في مقدمة الجيش
وهو معروف، وأخرى في نفس الجيش، وثالثة في بعض أعوان السلطان.
ومقتضي عبارة المجمع أن " الشرط " يستعمل تارة - زيادة على المعاني الثلاثة

1. النهاية لابن الأثير 1: 79 (خمس).
2. رجال الكشي 1: 321 / 165.
3. مجمع البحرين 1: 499 (خمس).
36

المتقدمة - في أول كتيبة، أي طائفة من الجيش تحضر الحرب.
وما نقله في النهاية عن قائل في وجه تسمية الخميس ضعيف؛ إذ لا مجال
لوضع اللفظ اللغوي بمناسبة أمر شرعي، إلا أن يكون المقصود من تخميس
الغنائم هو التخميس بالنسبة إلى المقدمة وأخواتها، لا التخميس بالخمس
الشرعي.
وما ذكره السيد السند التفرشي - من أن " الشرط " طائفة من الجيش (1) - كما
ترى؛ إذ الشرطة هي مقدمة الجيش، لا مطلق طائفة من الجيش.
فائدة [2]
[في " حفظة "]
قد يقال في بعض التراجم: " حفظة " كما ذكره الشيخ في الرجال في ترجمة
الصدوق، (2) أو " كان حفظة " كما ذكره الشيخ في الفهرست في ترجمة محمد بن
أحمد بن عبد الله بن قضاعة، (3) وعمرو بن محمد بن سليم. (4)
وهو كهمزة من صيغ المبالغة، كما يرشد إليه ما ذكره في القاموس في مادة
العرق قال: " العرق - محركة - رشح جلد الحيوان ويستعار لغيره. والعرق كصرد
كثيره. وأما عرقة كهمزة فبناء مطرد في كل فعل ثلاثي كضحكة "، (5) وكذا ما ذكره في
القاموس في نكح من قوله: " رجل نكحة ونكح: كثيره ". (6)

1. نقد الرجال 3: 152 / 4240.
2. رجال الشيخ: 495 / 25.
3. الفهرست: 133 / 588.
4. الفهرست: 114 / 494. وفيه: " عمر بن محمد بن سالم " عوضا عما في المتن.
5. القاموس المحيط 3: 271 (عرق).
6. القاموس المحيط 1: 263 (نكح).
37

بل يرشد إليه ما ذكره في الصحاح في قوله: " رجل عرقة مثال همزة: إذا كان
كثير العرق ". (1)
ويرشد إليه ما قاله البيضاوي في تفسير قوله سبحانه: (ويل لكل همزة لمزة) (2)
من أن بناء فعلة يدل على الاعتياد، فلا يقال: ضحكة ولعنة إلا للمكثر المتعود. (3)
وكذا ما نقله التفتازاني في شرح التلخيص في البديع في الجناس اللاحق من
أن بناء فعلة يدل على الاعتياد، فلا يقال: ضحكة ولعنة إلا للمكثر المتعود. (4)
ويرشد إلى كون المقصود من حفظة في ترجمة الصدوق هو المبالغة ما ذكره
في الفهرست في ترجمة الصدوق من أنه لم ير في القميين مثله في حفظه. (5)
لكن قال الشهيد في المسالك صدر كتاب اللقطة: " إن اللقطة بفتح القاف على
فعلة، فهو اسم الفاعل كهمزة ولمزة وهزاة ". (6)
وبما سمعت يظهر فساد ما صنعه بعض من أجاز الوالد الماجد رحمه الله في
إجازته بخطه؛ حيث أعرب بكسر القاف بين فتح الحاء والظاء.
وكذا ما صنعه بعض آخر؛ حيث أعرب بما ذكر.
ثم إنه قد يذكر المبالغة في الحفظ بلفظ آخر نحو: " عظيم الحفظ " كما في
ترجمة ابن عقدة وهو أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، (7) أو " أحفظ الناس " كما
في ترجمة علي بن الحسن بن فضال، (8) أو " حسن الحفظ " كما في ترجمة

1. الصحاح 4: 1522 (عرق).
2. همزه (104): 1.
3. تفسير البيضاوي 4: 449.
4. المطول: 448.
5. الفهرست: 156 / 695.
6. مسالك الأفهام 12: 459. و " هزاة " أصله: هزوؤ ثم قلب الواو ألفا.
7. الفهرست: 28 / 76.
8. رجال الكشي 2: 812 / 1014.
38

محمد بن عبد الله بن البهلول، (1) ومحمد بن جعفر بن محمد بن أبي الفتح، (2)
ومحمد بن عبد الله الشيباني، (3) أو " حافظ حسن الحفظ " كما في ترجمة
عبد الرحمن بن الحسن القاشاني، (4) أو " مشهور بالحفظ " كما في ترجمة أحمد بن
محمد بن سعيد الهمداني. (5)
وقد يذكر مجرد الحفظ، كما في ترجمة محمد بن مسلم؛ حيث ذكر أنه
حافظ. (6)
فائدة [3]
[في " فقحة العلم "]
قد حكى النجاشي في ترجمة جعفر بن بشير عن ابن نوح أنه كان يلقب
ب‍ " فقحة العلم ". (7)
واختلفت الكلمات في باب اللقب المشار إليه.
فمقتضى العبارة المذكورة أن اللقب بالفاء والقاف والحاء المهملة، وبه ضبط
في الإيضاح. (8)

1. خلاصة الأقوال: 252 / 27.
2. رجال النجاشي: 394 / 1053.
3. الفهرست: 140 / 600.
4. خلاصة الأقوال: 114 / 10.
5. الفهرست: 28 / 76.
6. لم نجده انظر رجال النجاشي: 323 / 882، ورجال الكشي: 161 / 273 وص 162 ح 274 و 277
ورجال الشيخ: 358 / 1، وخلاصة الأقوال: 149 / 59.
7. الرجال النجاشي: 119 / 304.
8. ايضاح الاشتباه: 128 / 125.
39

وعليه يمكن أن يكون الغرض أنه مفتح العلم، من باب استعمال المصدر
بمعنى اسم الفاعل.
قال في الصحاح: " فقحت الوردة: تفقحت ". (1)
وإليه يرجع ما احتمل من كون المراد محل فتح العلم ونشره، وإلا فلا يصح
بظاهره؛ إذ لا مجال لكون الفقحة من باب اسم المكان.
وربما احتمل أن يكون الغرض أنه يميز العلم بين حقه وباطله.
قال في القاموس: " فقح الشيء سفه كما يسف الدواء ". (2)
هو مردود - بعد كونه خلاف الظاهر - بأن ما بمعنى السف هو القمح.
قال في الصحاح: " قمحت السويق وغيره - بالكسر - إذا استففته ". (3)
وفي القاموس: " قمحه كسمعه: استفه ". (4)
ولعل المحتمل توهم كون السف بمعنى التصفية.
وعبر في الخلاصة بقفة العلم قال: " وكان، يعرف بقفة العلم؛ لأنه كان كثير
العلم ". (5)
وقال الشهيد الثاني في الحاشية: " هكذا وجدت في النسخ التي عندي ". (6)
وعليه إما أن يكون اللقب مستعارا من القفة بمعنى ما ارتفع من الأرض، كما
قال في الصحاح " القف: ما ارتفع من متن الأرض وكذلك القفة ". (7)
أو بمعنى الإناء المستديرة المأخوذة من ورق الشجر قيل: " يقال: شيخ

1. الصحاح 1: 392 (فقح).
2. القاموس المحيط 1: 249 (فقح). وانظر ص 252.
3. الصحاح 1: 397 (قمح).
4. القاموس المحيط 1: 252 (قمح).
5. خلاصة الأقوال: 31 / 7.
6. تعليقة الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 19. وانظر منتهى المقال 2: 236 / 541.
7. الصحاح 4: 1418 (قفف).
40

كالقف، أي قد انضم بعضه إلى بعض من الكبر ". (1)
وقال في الإيضاح نقلا:
رأيت بخط السيد السعيد صفي الدين محمد بن محد الموسوي قال:
حدثني بعض العلماء ممن قرأت عليه هذا الكتاب - يعني كتاب
النجاشي - أنه نفحة العلم بالنون والفاء والحاء المهملة. (2)
وعليه إما أن يكون بمعنى القطعة من العلم نحو: نفحة من العذاب، أو
معطي العلم من باب استعمال المصدر في اسم الفاعل، كما يقال: نفحه بشيء،
أي أعطاه.
فائدة [4]
[في " جلة أصحابنا "]
قد يقال: " فلان من جلة أصحابنا " كما في ترجمة الحسين بن قاسم بن
محمد بن أيوب بن شمون، (3) وترجمة منصور بن حازم. (4)
وفي ترجمة الحسن بن أبي عقيل (5) ومحمد بن سعيد بن كلثوم: " من جلة
المتكلمين ". (6)
وفي ترجمة نصر بن الصباح: " لقي جلة من كان في عصره من المشايخ

1. انظر ترتيب العين 3: 1512 (قف).
2. إيضاح الاشتباه: 129 / 125.
3. رجال النجاشي: 66 / 157.
4. رجال النجاشي: 413 / 1101.
5. الفهرست: 54 / 203 وفيه: " من جملة ".
6. خلاصة الأقوال: 151 / 67. وفيه: " من أجلة ".
41

والعلماء ". (1)
وفي ترجمة علي بن شجرة: " وكلهم ثقات، وجوه، جلة ". (2)
والجلة بالكسر - على ما أعرب في القاموس -: جمع الجليل كالأجلة. (3)
قال في القاموس: " فهو جليل من جلة ". (4)
وربما يزاد ألف قبل " جلة " بتوهم سقوطها سهوا وكون الأصل " الأجلة ".
وفي أواخر الروضة: " وهم جلة المتأخرين كابن إدريس ويحيى بن سعيد
والعلامة رحمهم الله ". (5)
وربما أعرب الجلة - في نسخة معتبرة في آخرها خط الشيخ علي سبط
الشهيد، وكذا في تضاعيفها - بضم الجيم، بتوهم كونها بمعنى الأكثر كالجل
بالضم.
وهو كما ترى؛ إذ الجل بمعنى الأكثر لا يدخل عليه التاء، مع أن المذكورين
جماعة لا الأكثر.
وقد يقال في بعض التراجم: " جل من أصحابنا " كما في ترجمة أسد بن
معلى، (6) وهو - بالفتح أو بالكسر - أي جليل.
قال في القاموس: " فهو جليل وجل بالفتح والكسر ". (7)

1. رجال الشيخ: 515 / 1. وانظر تعليقة الوحيد البهبهاني: 83.
2. خلاصة الأقوال: 102 / 63. وفيها: " أجلة " بدلا عن " جلة ".
3. القاموس المحيط 2: 360 (جل).
4. القاموس المحيط 3: 360 (جل).
5. الروضة البهية 10: 327.
6. حكاه في منتهى المقال 2: 36 / 320 عن نسخة صحيحة من كتاب النجاشي. وانظر رجال النجاشي:
106 / 266.
7. القاموس المحيط 3: 360 (جل).
42

فائدة [5]
[في الترجمة]
قال في المصباح: " وترجم فلان كلامه: إذا بينه وأوضحه. وترجم كلام غيره:
إذا عبر عنه بلغة غير لغة المتكلم - إلى أن قال -: ووزن ترجم فعلل، مثل دحرج ". (1)
ومقتضى هذه العبارة أن الترجمة بفتح الميم، لا الضم كما هو المشهور
المعروف في الألسن.
ومقتضاه أيضا أن الترجمة بمعنى إيضاح معنى الكلام، سواء كان الكلام كلام
الموضح أو كلام غيره.
وظاهر الصحاح كونه بمعنى كلام الغير قال: " ويقال: قد ترجم كلامه: إذا
فسره بلسان آخر ". (2)
لكن يمكن أن يكون الغرض إيضاح معنى الكلام بلسان آخر، سواء اتحد
المتكلم والموضح أم اختلفا.
فاستعمال الترجمة في شرح حال الشخص في كلمات أرباب الرجال من
باب المجاز، اللهم إلا أن يكون الترجمة بمعنى الإيضاح والتفسير بإيضاح الكلام
من باب نسبة الترجمة إلى الكلام.
هذا، وقد ذكر في المصباح: أن " ترجمان " اسم الفاعل، وفيه لغات أجودها
فتح التاء وضم الجيم، والثانية ضمهما معا بجعل التاء تابعة للجيم، والثالثة فتحهما
بجعل الجيم تابعة للتاء والجمع تراجم، التاء والميم أصليتان ثم حكى عن الأكثر
أصالة التاء. (3)

1. المصباح المنير: 74 (رجم).
2. الصحاح 5: 1928 (رجم).
3. المصباح المنير: 74 (رجم).
43

لكن حكي عن الجوهري زيادة التاء بمقتضى ذكره في رجم، ونقله عن
نسخة من التهذيب وهو للأزهري. (1)
والأظهر الأصالة، وهو مقتضى حوالة الحال من صاحب القاموس في رجم
على ت ر ج م، (2) إلا أنه عنون الترجمان فيما آخره الميم، وكان الأحسن أن يعنون
بما عنون به المصباح، (3) أو بالترجمة ثم يذكر الترجمان في الذيل.
والعجب أنه لم يأت بالإيراد على الجوهري مع إصراره في الإنكار عليه.
فائدة [6]
[في " ثبت "]
قد تكرر لفظ " ثبت " في التراجم: ففي ترجمة إسماعيل بن جعفر، (4)
وإسماعيل بن أمية، (5) وأيوب بن أبي تميمة " ثقة، ثبت ". (6)
وفي ترجمة حسين بن إشكيب، (7) وعبد الله بن محمد الأسدي: " ثقة ثقة،
ثبت ". (8)

1. الصحاح 5: 1928 (رجم).
2. القاموس المحيط 4: 84 وص 119 (رجم).
3. المصباح المنير: 74 (رجم).
4. لم نجده، انظر رجال الشيخ: 160 / 109 و 146 / 81، ورجال الكشي 2: 513 / 449 و 2: 771 / 899.
5. رجال الشيخ: 82 / 6. وليس فيه: " ثبت ".
6. رجال الشيخ: 106 / 34 و 150 / 160. وليس فيه " ثبت ".
7. خلاصة الأقوال: 49 / 8.
8. رجال النجاشي: 226 / 595. وفي " ح " و " د ": " الأنصاري " بدلا عن " الأسدي " والصحيح ما
أثبتناه.
44

وفي ترجمة عبد الرحمن بن الحجاج: " كان ثقة ثقة، ثبتا ". (1)
وفي ترجمة رافع بن سلمة: " ثقة، من ثبت الثقات وعيونهم ". (2)
وفي ترجمة صاحب المعالم: " صحيح الحديث، ثبت ". (3)
وفي ترجمة داود بن النعمان: " كان ثقة، وجها، ثبتا، صحيحا ".
وفي ترجمة علي بن إبراهيم بن هاشم: " ثقة في الحديث، ثبت، معتمد ". (4)
وفي ترجمة علي بن محمد بن علي بن رياح: " كان ثقة في الحديث، واقفا
في المذهب، صحيح الرواية، ثبتا، معتمدا على ما يرويه ". (5)
وفي ترجمة الحسن بن علي بن النعمان: " أبوه علي بن النعمان ثقة، ثبت "، (6)
إلا أنه وقع الكلام في عود التوثيق والتثبيت إلى الحسن، أو العود إلى أبي الحسن
على قولين، وقد حررنا الحال في الرسالة المعمولة في " ثقة ".
وفي ترجمة علي بن النعمان " كان ثقة، وجها، ثبتا، واضح الطريق ". (7)
وفي ترجمة محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن البهلول: " كان في
أول أمره ثبتا ثم خلط ". (8)
وفي ترجمة نصر بن مزاحم: " ثبت، صحيح النقل ". (9)

1. رجال النجاشي: 237 / 630؛ خلاصة الأقوال: 113 / 5.
2. رجال النجاشي: 169 / 447؛ خلاصة الأقوال: 73 / 13.
3. نقد الرجال 2: 25 / 1277.
4. رجال النجاشي: 159 / 419؛ ورجال الكشي 2: 861 / 1141؛ خلاصة الأقوال: 69 / 6.
5. رجال النجاشي: 259 / 679.
6. رجال النجاشي: 40 / 81؛ خلاصة الأقوال: 41 / 17.
7. رجال النجاشي: 274 / 719؛ خلاصة الأقوال: 95 / 25.
8. رجال النجاشي: 396 / 1059.
9. رجال النجاشي: 427 / 1148؛ الفهرست: 172 / 751؛ خلاصة الأقوال: 175 / 2. وليس فيه
" ثبت ".
45

وبالجملة، قال في المصباح:
" ثبت الشيء يثبت ثبوتا: دام واستقر فهو ثابت. ثم قال: رجل ثبت
ساكن الباء: متثبت في أموره. ثم قال: والاسم ثبت بفتحتين، ومنه قيل
للحجة: ثبت ورجل ثبت بفتحتين أيضا إذا كان عدلا ضابطا ". (1)
وفي المجمع:
وثبت الشيء ثباتا وثبوتا: دام واستقر. والثبت - بالتحريك -: الحجة،
ومنه قولهم: " بلا ثبت ولا بينة " فالبينة كعطف التفسير له. ورجل ثبت
بإسكان الباء، أي ثابت القلب. (2)
قال بعض الأعلام: ثبت إما بفتح الباء أو بسكونها.
وعلى الأول يحتمل معنيين:
الأول أن يكون المراد أنه حجة على الناس. قال في الصحاح: " لا أحكم بكذا
إلا بثبت، أي بحجة ". (3)
والثاني: أنه ثبت، أي له ثبات في دينه. قال في الصحاح: " رجل له ثبت عند
الحملة بالتحريك، أي ثبات في الحروب ". (4)
وعلى الثاني أيضا يحتمل معنيين:
الأول: أنه ثبت، أي لا يزل لسانه في موضع الزلل.
والثاني: أنه ثبت، أي ثابت القلب.
أقول: إن الظاهر كون الثبت بالتحريك كما صرح به في الرواشح فقال: أي
حجة، (5) إلا أنه يمكن أن يكون بمعنى الثابت في الدين.

1. المصباح المنير: 80 (ثبت).
2. مجمع البحرين 1: 306 (ثبت).
3. الصحاح 1: 245 (ثبت).
4. الصحاح 1: 245 (ثبت).
5. الرواشح السماوية: 60، الراشحة الثانية عشر.
46

وأما الإسكان فخلاف الظاهر، سواء كان الغرض عدم زلل اللسان في
الخصومات أو ثبوت القلب، بل لعل الظاهر أن الغرض من " ثابت " هو قوي
القلب، وهو لا يرتبط بالمقام.
وأما كون الغرض ثبوت القلب بالإيمان فمرجعه إلى ثبوت الإيمان في
القلب، وهذا غير ثبوت القلب بنفسه، كما هو معنى ثابت القلب.
وقد وقع الخلاف في دلالته على العدالة وعدم الدلالة على القول بالدلالة كما
اختاره شيخنا السيد تعليلا بأن معنى كونه حجة في أمر الدين - كما هو المقصود
بالتثبت في المقام من قوله: " بلا ثبت ولا بينة " - أنه مرجع الأنام وملجأهم فيه،
يهربون ويلوذون به، ومن لوازمه الوثاقة والعدالة؛ (1) بل مال إلى كونه أقوى الألفاظ
في إفادة التوثيق نظرا إلى أنه يقال للأئمة (عليهم السلام): حجج الله، وللأمناء المسلمين من
نوابهم.
وهو ظاهر الرواشح؛ حيث قال: " ألفاظ التوثيق والمدح: ثقة، ثبت ". ثم قال:
" شيخ، جليل " إلى آخر ما ذكر. (2)
والظاهر أن غرضه إفادة الألفاظ التي ذكرها قبل قوله: " ثم للعدالة "، إلا أنه ذكر
من تلك الألفاظ " حافظا " و " ضابطا "، ومن البعيد كمال البعد القول بالدلالة على
العدالة فيهما، فلعل الغرض من ألفاظ التوثيق هو ما يدل على الاعتماد.
والقول بعدم الدلالة، كما جرى عليه الشهيد الثاني في الدراية (3) تعليلا بأنه أعم
من العدالة؛ لأنه يجامع ضعف الرواية وإن كان من صفات الكمال، حيث إن مفاده
أنه يحتج بحديثه، وقد يحتج بالرواية الضعيفة إذا انجبرت بالخارج.
واختاره سيدنا تعويلا على أن الذي يظهر بالتتبع أن المراد به محكم غير

1. نقله ولد المصنف عن بعض الأماجد في كتابه سماء المقال 2: 186.
2. الرواشح السماوية: 60، الراشحة الثانية عشر.
3. الدراية: 76.
47

مخلط، كما يرشد إليه ما ذكره النجاشي (1) في ترجمة محمد بن عبد الله بن محمد
من أنه كان في أول أمره ثبتا ثم خلط. (2)
أقول: إن المقصود به " المعتمد في النقل " كما يرشد إليه تعقيب " ثقة في
الحديث " به، وتعقيبه ب‍ " المعتمد " في ترجمة إبراهيم بن هاشم، (3) وكذا تعقيبه
ب‍ " صحيح النقل " في ترجمة نصر بن مزاحم، (4) وكذا تعقيب " صحيح النقل " به في
ترجمة صاحب المعالم، (5) وتعقيبه ب‍ " صحيح " في ترجمة داود بن النعمان، (6) بناء
على كون الغرض من صحة الراوي هو الاعتماد على نقله، كما هو الأظهر كما
يأتي، وكذا تعقيب " ثقة في الحديث " و " صحيح الرواية " به، وتعقيبه ب‍ " المعتمد
على ما يرويه " في ترجمة علي بن محمد، وكذا تعقيب " ثقة " به في ترجمة
إسماعيل بن جعفر، (7) وتعقيب " ثقة ثقة " به في ترجمة حسين بن إشكيب (8)
وعبد الله بن محمد، (9) وعبد الرحمن بن الحجاج، (10) بناء على دلالة " ثقة " على
الاعتماد دون العدالة؛ حيث إن الظاهر كون تعقيب " ثبت " أو تعقيبه بما ذكر من
باب الإرداف بالمرادف.

1. رجال النجاشي: 396 / 1059.
2. حكاه ولد المصنف عن بعض الأساطين في سماء المقال 2: 187.
3. ان هذا الكلام لم يرد في حق إبراهيم بن هاشم بل ورد في حق علي بن إبراهيم، انظر رجال النجاشي:
16 / 18 و 260 / 680، وخلاصة الأقوال: 100 / 45، ورجال ابن داود: 237 / 998.
4. تعليقة الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 32، وحكاه عنه في تنقيح المقال 3: 270، وانظروا رجال
النجاشي: 427 / 1148، والفهرست: 172 / 751، وخلاصة الأقوال: 175 / 2.
5. نقد الرجال 2: 25 / 1277.
6. انظر رجال النجاشي: 159 / 419، وليس فيه: " صحيح ".
7. انظر منتهى المقال 2: 51 / 338.
8. خلاصة الأقوال: 49 / 8.
9. خلاصة الأقوال: 105 / 18.
10. خلاصة الأقوال: 113 / 5.
48

وكذا يرشد إليه ما في ترجمة الكليني من " أنه أوثق الناس وأثبتهم في
الحديث ". (1)
وكذا يرشد إليه ما في ترجمة حماد بن عيسى من أن هذا القول ليس بثبت
والأول أثبت؛ (2) إذ المقصود بالثبت فيه المعتمد، والظاهر وحدة المفاد في عموم
الموارد والمواد.
وكذا يرشد إليه ما في ترجمة سهل بن زياد من أنه لم يكن بكل الثبت في
الحديث. (3)
وكذا يرشد إليه أنه لو كان المقصود بثقة - وهي متكررة كمال التكرر - هو
الاعتماد والصدق كما هو الأظهر، فمن البعيد انحصار العادل فيمن ذكر في حقه
ثبت؛ فالظاهر كون المقصود به الاعتماد والصدق أيضا.
فقد ظهر ضعف الاستدلال المتقدم على العدالة، نعم يمكن الاستدلال عليها
بغلبة العادل في الصادق ومعتمد النقل وظهور الصدق في العدالة، لكنه ضعيف.
ويظهر الحال بملاحظة ما حررناه في باب " ثقة في الحديث " في الرسالة
المعمولة في " ثقة ".
وأما الاستدلال على عدم الدلالة على العدالة بكونه أعم منها؛ قضية إمكان
الاحتجاج بالحديث مع عدم اعتبار الراوي، فينقدح بإمكان دعوى ظهوره بنفسه
في العدالة؛ قضية ظهور الصدق فيها أو دعوى ظهوره فيها بواسطة الغلبة،
فلا يجدي مجرد دعوى العموم، بل لابد من منع الظهور بكلا الوجهين.
وأما الاستدلال عليه بكون المراد المحكم غير المخلط فينقدح بأنه لم يقابل
الثبت بالتخليط في غير الترجمة المذكورة، والمورد الواحد لا يصير شاهدا على

1. رجال النجاشي: 377 / 1026.
2. رجال النجاشي: 142 / 370.
3. رجال النجاشي: 192 / 513؛ خلاصة الأقوال: 229 / 3.
49

الموارد المتعددة؛ فتدبر.
مع أن المقصود بالمحكم إن كان هو المعتمد، فلا بأس، وإلا فلا معنى له.
على أن مقتضى المقابلة ارتفاع التثبت بالتخليط، ولا يلزم منه مداخلة عدم
التخليط في التثبت؛ قضية عدم مداخلة عدم المانع في ماهية الشيء، بل موانع
الشيء في حواشي عدم التناهي، ولو كان عدم المانع داخلا في ماهية الشيء،
يلزم مداخلة أعدام أمور تقرب عدم الإحصاء.
ثم إنه قد ذكر السيد الداماد في الرواشح أن الثبت الصحيح الحديث أقوى
الألفاظ في إفادة التوثيق. (1)
ويظهر ضعفه بما سمعت ويأتي في باب صحيح الحديث.
وربما نسب إليه شيخنا السيد أنه جعل " الثبت " أقوى الألفاظ في إفادة
التعديل. (2)
بل ويظهر فساده بما سمعت حكايته عنه آنفا.
فائدة [7]
[في " صدوق "]
قد يقال في بعض التراجم: " صدوق " كما في ترجمة جارود بن أبي سيرة،
ويحيى بن الحسن بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن
أبي طالب، وإسماعيل بن أبي فديك، (3) وحماد بن شعيب. (4)

1. الرواشح السماوية: 60، الراشحة الثانية عشر.
2. حكاه ولد المصنف في سماء المقال 2: 186.
3. خلاصة الأقوال: 182 / 7.
4. تقريب تهذيب الأحكام 1: 74 / 557، وانظر منتهى المقال 2: 47 / 331.
50

ومقتضى صريح صاحب الحاوي في ترجمة يحيى بن الحسن القول بالدلالة
على العدالة. (1)
وهو مقتضى استدلاله على عدالة القاسم بن عبد الرحمن بما في أواخر
روضة الكافي مما هذا لفظه: " محمد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، عن علي بن
النعمان، عن القاسم شريك المفضل وكان رجل صدق ". (2)
قوله: " شريك المفضل " الظاهر أن الغرض الشركة في التجارة، كما أنه ذكر
في ترجمة الحسن بن علي بن الحجال: أنه كان شريكا لمحمد بن الحسن بن
الوليد في التجارة ". (3)
وقوله: " رجل صدق " الظاهر أنه على سبيل الإضافة كما يقال: شاهد صدق،
وقرين سوء، وميتة سوء، ونسخة الأصل وإلا فلو كان على سبيل التوصيف، لكان
اللازم نصب الرجل والصدق.
وربما حمل العبارة على الغلط حسبان كون الأمر من باب التوصيف،
بملاحظة لزوم النصب. وقد اتفق تلك العبارة في بعض أخبار نوادر نكاح
الكافي (4) أيضا.
وقيل: قد جرت عادة أهل العربية والعرب على أنهم إذا نسبوا شيئا إلى الخير
والصلاح أضافوه إلى لفظة " صدق " كما يقال: " رجل صدق " يعني رجلا صالحا،
وليس المراد بالصدق حينئذ ما يقابل الكذب. ومنه قوله تعالى: (ولقد بوأنا

1. خلاصة الأقوال: 57 / 7.
2. حاوي الأقوال 2: 338 / 721.
3. الكافي 8: 374، ح 562، باب أنا إمام من أطاعني.
4. انظر الكافي 5: 336 و 379 و 412 و 444 و 465.
51

بنى إسرائيل مبوأ صدق). (1)
وذكر ذلك صاحب القاموس (2) وسائر أرباب اللغة. (3)
قوله: " وذكر ذلك صاحب القاموس وسائر أرباب اللغة " قال في القاموس:
والصدق - بالكسر -: الشدة، وهو رجل صدق وصديق صدق مضافين،
وكذا امرأة صدق (ولقد بوأنا بنى إسرائيل مبوأ صدق): (4) أنزلناهم منزلا
صالحا ويقال: هذا الرجل الصدق بالفتح فإذا أضفت إليه كسرت الصاد. (5)
قوله: " الشدة " الظاهر انطباق النسخ عليه، إلا أن الظاهر - بل بلا إشكال - أنه
غلط من النساخ والأصل " السدد " حيث إن السدد كالسداد بالفتح بمعنى القصد،
كما ذكره في القاموس. (6) ولاخفاء في مناسبة السديد للأمثلة المذكورة، بخلاف
الشدة.
وإن قلت: إن الشدة تأتي بمعنى الإيثاق، فلا بأس بالشدة في المقام.
قلت - بعد عدم مناسبة الإيثاق للأمثلة المذكورة -: ما يأتي بمعنى الإيثاق هو
السدة لا الشدة.
وقال في المغرب: ويعبر عن كل فعل فاضل ظاهرا وباطنا بالصدق،
فيضاف إليه ذلك الفعل الذي يوصف به، نحو قوله عز وجل: (في مقعد صدق عند
مليك مقتدر). (7) وعلى هذا: (أن لهم قدم صدق عند ربهم) (8) وقوله عز وجل:

1. يونس (10): 93.
2. القاموس المحيط 3: 261 (صدق).
3. انظر لسان العرب 10: 194 (صدق).
4. يونس (10): 93.
5. القاموس المحيط 3: 261 (صدق).
6. القاموس المحيط 1: 311 (سدد).
7. القمر (54): 55.
8. يونس (10): 2.
52

(أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق)؛ (1) (واجعل لي لسان صدق في الأخرين). (2)
وقال في المجمع: وكل ما نسب إلى الصلاح والصدق، أضيف إلى الصدق،
كقوله تعالى: (مبوأ صدق) (3) وكقولهم: " دار صدق " و " فرس صدق ". (4)
ويقتضي القول بذلك استدلال صاحب الحاوي أيضا على عدالة محمد بن
أحمد بن زيارة بما في إكمال الدين قبل باب نص الله على القائم بنحو من ثلاث
ورقات مما لفظه. " حدثنا الشريف الدين الصدوق أبو علي محمد بن أحمد بن
محمد بن زيارة بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن
علي بن قتيبة على عدالة محمد " إلا أنه يمكن أن يكون باعتبار الدين " (5). (6)
وقد أجاد من أورد على الاستدلال الأول بأن هذه العبارة لا تدل على التوثيق؛
لأن الصدق أعم من العدالة؛ لجواز أن يكون الرجل صادقا وليس بعدل، إلا أن
مجرد الجواز لا يكفي في الإيراد، ولا يتم الإيراد إلا بإضافة عدم ظهور الصدق في
العدالة.
نعم، الأظهر عدم ظهور الصدق في العدالة لا بنفسه ولا بواسطة الغلبة.
ويظهر الحال تمام الظهور بما حررناه في الرسالة المعمولة في " ثقة " في باب
" ثقة في الحديث ".
فقد بان أن في المقام قولين، والأظهر القول بعدم الدلالة على العدالة. نعم،

1. الاسراء (17): 80.
2. الشعراء (26): 84.
3. يونس (10): 93.
4. مجمع البحرين 1: 594 (صدق).
5. كمال الدين: 239 / 60.
6. حاوي الأقوال: 172 / 712.
53

يتأتى الدلالة على المدح التام.
وبما ذكرنا يظهر الحال في " صادق " كما في ترجمة نجية بن الحارث. (1)
ثم إنه قد يقال: " صدوق، كثير الخطأ، والتدليس " كما ذكره ابن حجر في
ترجمة حجاج بن أرطاة. (2)
والظاهر أن المقصود بالتدليس هو الإرسال، كما يكشف عنه قوله في ترجمة
حبيب بن أبي ثابت: " كثير الإرسال والتدليس ". (3)
[في " صدوق يخطئ "]
وقد يقال: " صدوق يخطى " كما في ترجمة سعاد بن سليمان. (4)
وقد يقال: " صدوق يخطى ويصر " كما في ترجمة علي بن عاصم. (5)
وقد يقال: " صدوق وله أغاليط " كما في ترجمة سعيد بن خيثم. (6)
أقول: إنه لا إشكال في ارتفاع دلالة " الصدوق " على المدح بتعقبه بكثرة
الإرسال أو الخطأ أو نحوهما.
[في " صادق اللهجة "]
ثم إن في ترجمة داود بن أبي زيد: " أنه صادق اللهجة "، (7) وكذا: " معروف

1. رجال الكشي 2: 748 / 852؛ خلاصة الأقوال: 176 / 2.
2. تقريب تهذيب الأحكام 1: 188 / 1122.
3. تقريب تهذيب الأحكام 1: 183 / 1087.
4. تقريب تهذيب الأحكام 1: 285 / 69.
5. تقريب تهذيب الأحكام 1: 697 / 4774.
6. تقريب تهذيب الأحكام 1: 294 / 151.
7. رجال الشيخ: 415 / 2.
54

بصدق اللهجة " بناء على اتحاده مع داود بن بيورد. (8)
وفي ترجمة علي بن أسباط: " أنه كان أوثق الناس وأصدقهم لهجة ". (1)
وفي ترجمة عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق (عليه السلام): " أنه كان يصدق
علينا ". (2)
وفي ترجمة حسن بن علي بن فضال: " أن محمد بن عبد الله أصدق لهجة من
أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ". (3)
وقيل فيه بالدلالة على التوثيق، ومنع عنه بعض آخر.
ثم إنه قد يقال: " فلان أصدق من فلان "
ويظهر بما مر أنه لا دلالة فيه على عدالة المفضل فضلا عن المفضل عليه.
نعم، يتأتى الدلالة على مدح المفضل والمفضل عليه، لكن لو كان المفضل
عليه عدلا، يتأتى الدلالة على العدالة، إلا أن يقال: إن الزيادة في الصدق - سواء
كان الكذب بالتعمد أو الخطأ - لا تقتضي العدالة فضلا عن الأعدلية، بناء على
قبول العدالة للتفاضل؛ فلو كان المفضل عليه عدلا، لا بد من أن يكون الأصدقية
منه باعتبار قلة الخطأ، لكن لا يثبت بهذا العدالة.
بقي أنه لو عرض كتاب الراوي أو حديث من أحاديثه على المعصوم، فقال:
" صدق " فلا دلالة فيه على عدالة الراوي فيه، بل لا دلالة فيه على المدح؛ إذ الصدق
في كتاب أو حديث لا دلالة فيه على عموم الصدق.
نعم، يمكن القول بالدلالة على المدح.

8. خلاصة الأقوال: 68 / 4.
1. رجال النجاشي: 252 / 663.
2. خلاصة الأقوال: 107 / 25.
3. رجال النجاشي: 36 / 72.
55

فائدة [8]
[في " صحيح الحديث "]
قد يقال في بعض التراجم: " صحيح الحديث " كما في ترجمة أنس بن
عياض، (1) وعبد السلام بن صالح الهروي، (2) وأحمد بن الحسن بن إسماعيل. (3)
أقول: إن " الصحة " لغة خلاف السقم، كما صرح به في الصحاح، (4) وينصرح
من المصباح، (5) وعرفا بمعنى تمامية الشيء وخلوه عن العيوب والخلل من حيث
انتفاء الجزء أو الشرط أو المانع؛ وبعبارة أخرى: كون الشيء بحيث يترتب عليه
آثاره المطلوبة منه.
والتفصيل موكول إلى ما حررناه في الأصول، كما أن الكلام في أن الصحة في
العبادات عند الفقهاء والمتكلمين بمعنى إسقاط القضاء وموافقة الأمر موكول
أيضا إلى ذلك.
وأما في اصطلاح أرباب الدراية والفقهاء في مقام إظهار حال الخبر في
تضاعيف المسائل الفقهية عبارة عن كون كل من رواة الخبر عدلا إماميا.
وبعبارة أخرى: كون كل جزء من أجزاء سند الخبر عدلا إماميا.
والمتصف بالصحة هو الخبر، لكن يطلق الصحة على نفس السند أيضا، كما
أن الضعف مصطلح في الخبر، لكن يطلق على السند أيضا.
بل على هذا المنوال الحال في الموثق والحسن والقوي.

1. رجال النجاشي: 106 / 269؛ خلاصة الأقوال: 22 / 3.
2. رجال النجاشي: 245 / 643؛ خلاصة الأقوال: 117 / 3.
3. رجال النجاشي: 74 / 179.
4. الصحاح 1: 381 (صحح).
5. المصباح المنير: 333 (صحح).
56

لكن الاصطلاح في الصحة إنما نشر بالتعين عن الاصطلاح في الصحيح
بالتعين أو بالتعيين، كما هو الأظهر، لكن الاصطلاح في الموثق لم ينشر إلى
التوثيق، وكذا الاصطلاح في الحسن والقوي لم ينشر إلى الحسن والقوة.
ويطلق الصحة أيضا شائعا على الخبر باعتبار بعض أجزاء السند، أو على
بعض أجزاء السند فيما يقال مثلا: " في صحيح زرارة " أو " الصحيح عن زرارة ".
ومن هذا الباب إطلاق الصحة على الطريق، كطريق الصدوق في الفقيه
وطريق الشيخ في التهذيب والاستبصار؛ لأن الطريق بعض أجزاء السند.
وقد يطلق الصحة على الراوي كما يقال: " ثقة صحيح " إلا أنه يدور الأمر بين
كون الأمر من باب الإضمار، أي صحيح الحديث، وكونه من باب إطلاق الصحة
على الراوي باعتبار الرواية. ويأتي الكلام فيه.
وقد يطلق الصحة على الخبر باعتبار سلامة سنده عن الطعن، أو على السند
باعتبار سلامته عن الطعن وإن اعتراه إرسال أو قطع، كما ذكره الشهيدان في
الذكرى (1) والدراية. (2)
وربما وقع إطلاق الصحة في موارد من كلمات الفقهاء المتأخرين على بعض
أجزاء السند، مع اشتمال البعض على غير الإمامي بواسطة نقل الإجماع على
التصحيح من الكشي، وهو خارج عن الاصطلاح المتأخر المعروف.
وقد ذكر جماعة كالشهيد الثاني (3) وشيخنا البهائي (4) والسيد الداماد (5) موارد
أخرى للخروج عن الاصطلاح المذكور، وهو المحكي في المنتقى عن جماعة

1. ذكرى الشيعة 1: 48.
2. الدراية: 20.
3. الرعاية في علم الدراية: 204.
4. مشرق الشمسين: 32.
5. الرواشح السماوية: 60 الراشحة الثانية عشر.
57

أخرى من المتأخرين. (6)
لكن الأظهر عدم الخروج فيها، وقد حررنا الحال في الرسالة المعمولة في
تصحيح الغير والرسالة المعمولة في باب حماد بن عثمان.
وأما القدماء - أعني قدماء الفقهاء - في موارد ذكر حال الخبر، وكذا أرباب
الرجال والرواة فقد حكي كون المدار عندهم في إطلاق الصحة وتوصيف الخبر
بها على مجرد الوثوق بالصدور ولو من جهة القرائن.
[في " الحديث " لغة واصطلاحا]
وأما " الحديث " فهو لغة يطلق على معان، (1) إلا أن الأمر في معناه الحقيقي دائر
بين كونه مطلق الكلام - كما صرح به السيد السند المحسن الكاظمي، وربما جنح
إليه الوالد الماجد رحمه الله من جهة التبادر، فيثبت اللغة بأصالة عدم النقل -
و [كونه] ضد القديم، كما يؤذن به جعله أول المعاني من جماعة من اللغويين، بل
يرشد إليه توجيه تسمية الكلام بالحديث بتجدده شيئا فشيئا.
وفي اصطلاح الأصوليين والفقهاء عرف بكلام يحكي قول المعصوم أو فعله
أو تقريره. (2)
والظاهر أن المقصود بالكلام هو القول المتلفظ به، فإطلاق الحديث على
المكتوب من باب المجاز، كما أن الظاهر أن المقصود بالقول في تعريف السنة
هو ما يتلفظ به، فإطلاق السنة على كتابة المعصوم من باب المجاز.
اللهم إلا أن يعمم القول للكتابة تجوزا، فكتاب فقه الرضا - بناء على اعتباره -
من باب السنة، بناء على تعميم القول للكتابة، وملحق بالسنة بناء على اختصاص

6. منتقى الجمان 1: 4.
1. القاموس المحيط 1: 170.
2. القوانين المحكمة: 1: 408.
58

القول بالمتلفظ به.
وكذا الحال فيما تكرر في الأخبار من نقل مكاتبات المعصوم (عليه السلام).
والحديث فيما يقال: " قال الصادق (عليه السلام) " مثلا إنما هو مقول القول، لا نفس
القول، وليس القول جزءا من الحديث.
ولا ينافيه قولهم: " متن الحديث " إذ الظاهر أن الإضافة بيانية، والمعنى " أصل
الحديث ونفسه " فلا تغاير بين " المتن " و " الحديث " كما في متن اللغة.
وما يقتضيه كلام المحقق القمي من كون الحديث نفس القول، (1) ليس بالوجه.
وبالجملة، فالمقصود ب‍ " الصحة " ليس ما هو المصطلح عند المتأخرين
بلا شبهة.
وأما " الحديث " فإن كان المقصود به المعنى اللغوي - ولعله الأظهر - فالغرض
اعتبار الإسناد وصدق الراوي.
والصحة جارية على المعنى المصطلح عند القدماء بناء على كون المدار
عندهم على الوثوق بالصدور وعدم اختصاص اصطلاحهم بالوثوق بصدق
الخبر، أي باعتبار تمام أجزاء السند وعمومه؛ للوثوق بالإسناد في بعض أجزاء
السند.
وإن كان المقصود المعنى المصطلح المعروف، فإما أن يكون الغرض صحة
الحديث باعتبار تمام أجزاء السند - كما هو الظاهر، بناء على هذا الفرض، أعني
كون المقصود بالحديث هو المعنى المصطلح - أو الصحة باعتبار الراوي،
فالغرض اعتبار الإسناد، كما هو الحال بناء على كون المقصود بالحديث هو
المعنى اللغوي، فالصحة باعتبار بعض أجزاء السند. وقد تقدم موارد لإطلاقها
بهذا الاعتبار.

1. القوانين المحكمة 1: 408.
59

[في دلالة " صحيح الحديث " على الإمامية وعدمها]
وقد ظهر بما مر أنه لا دلالة في " صحيح الحديث " على كون الراوي إماميا،
فضلا عن كونه عادلا. فما جرى عليه الشهيد الثاني في الدراية من كون " صحيح
الحديث " بمنزلة " ثقة " (1) - وهو ظاهر السيد الداماد (2) - ضعيف؛ لكونه مبنيا على
حمل الصحة على المعنى المصطلح عليه عند المتأخرين، وحمل " الحديث " على
المعنى المصطلح، وقد سمعت الكلام فيهما.
وما حكم به الفاضل الجزائري في ترجمة عبد السلام بن صالح - من أن
قولهم: " صحيح الحديث " ينافي كون الراوي عاميا (3) - ضعيف أيضا؛ لكونه مبنيا
على ما ذكر.
وأورد عليه المحقق الشيخ محمد بأن " الصحيح " عند المتقدمين ليس المراد
به ما يرويه الإمامي، بل معناه ما ثبت بالأصل المأخوذ منه بأي نوع كان من أنواع
الثبوت.
وبمعناه ما أورد به الفاضل الكاظمي من أن " الصحيح " في قولهم: " صحيح
الحديث " غير المصطلح عليه عند المتأخرين. (4)
وهو في محله.
لكن ظاهر الإيرادين ابتناء ذلك المقال على حمل الصحة في قولهم: " صحيح
الحديث " على المعنى المصطلح عليه عند المتأخرين، مع أنه مبني أيضا على
حمل الحديث على المعنى المصطلح عليه.

1. الدراية: 76.
2. الرواشح السماوية: 60، الراشحة الثانية عشر.
3. حاوي الأقوال 2: 110 / 448.
4. عدة الرجال 1: 118.
60

وقد سمعت أن الظاهر كون الغرض المعنى اللغوي، اللهم إلا أن يقال:
إن " صحيح الحديث " ينصرف إلى كون الراوي إماميا؛ لكون الغالب في
الرواة هو الإمامية، لكن هذا المقال لا يصلح دعوى منافاة صحة الحديث
لسوء المذهب، كما سمعت من الفاضل الجزائري؛ (1) لابتناء المنافاة على ما
ذكر؛ إذ الظاهر من دعوى المنافاة إنما هو المنافاة بالذات على تقدير
الانصراف.
ويظهر بما مر أنه لا تعارض بين أن يقال: " صحيح الحديث " وأن يقال:
" فطحي ".
نعم، يتأتى التعارض لو كان " صحيح الحديث " (2) في كلام من كان سكوته عن
سوء المذهب ظاهرا في حسن المذهب، أعني كون الراوي إماميا بأن كان
" صحيح الحديث " في كلام من كان إماميا من أهل الرجال؛ بناء على كون الظاهر
من سكوتهم عن مذهب الراوي كونه إماميا، أو كان في كلام من كان كتابه
موضوعا لذكر الإماميين.
ويمكن إبداء التعارض لو قلنا بانصراف " صحيح الحديث " إلى كون الراوي
إماميا بملاحظة كون الغالب في الرواة هو الإمامية.
ولا إشكال في التعارض لو كان " صحيح الحديث " في كلام
بعض المتأخرين، مع كون الظاهر عدم المتابعة لكلام المتقدمين من أهل
الرجال.
ومن هذا أنه لو اتفق ذلك في كلام العلامة في الخلاصة لا يتأتى ثبوت
التعارض.

1. حاوي الأقوال 2: 110 / 448.
2. أي عبارة " صحيح الحديث ".
61

[في " صحيح الرواية "]
وبما مر يظهر الحال في " صحيح الرواية " - كما في ترجمته أحمد بن
الحسن بن إسماعيل بن شعيب، (1) وأحمد بن إدريس، (2) ومحمد بن أبي عمران، (3)
وعلي بن عبد الرحمن، (4) - أو " صحيح الحكايات " كما في ترجمه عمرو بن عثمان. (5)
وربما جرى بعض الأعلام على دلالة " صحيح الرواية " في ترجمة الراوي على
حسن حال من روى عنه، ولذا بنى على حسن حال محمد بن أحمد العلوي؛
لرواية أحمد بن إدريس عنه؛ لما ذكر في ترجمة أحمد من أنه صحيح الرواية. (6)
ويظهر ضعفه بما مر؛ حيث إن المقصود بصحة الرواية إنما هو صحة
الإسناد، لا صحة المروي؛ فلا يرتبط صحة الرواية باعتبار من روى عنه الراوي.
فقد بان ضعف ما ربما يظهر القول به من الفاضل الشيخ محمد من دلالة
" صحيح الرواية " على توثيق من روى عنه الراوي؛ حيث إنه حكم بأن محمد بن
أحمد العلوي وإن لم يكن فيه تصريح بالتوثيق، إلا أنهم ذكروا أن أحمد بن
إدريس صحيح الرواية؛ لروايته عن محمد بن أحمد العلوي. (7)
بقي أن ما تقدم إنما هو في صورة توصيف الراوي بصحة الحديث، لكن قد
يوصف الكتاب بصحة الحديث، كما في ترجمة الحسن بن علي بن النعمان،
حيث إنه ذكر في ترجمته أن " له كتاب نوادر صحيح الحديث ". (8)

1. رجال النجاشي: 74 / 179.
2. رجال النجاشي: 92 / 228.
3) رجال النجاشي: 397 / 1062.
4. رجال النجاشي: 270 / 706.
5. رجال النجاشي: 766 / 766؛ خلاصة الأقوال: 121 / 6.
6. الفهرست: 26 / 71.
7. الفهرست: 26 / 71.
8. رجال النجاشي: 54 / 201.
62

[في دلالة " صحيح الحديث " على العدالة]
وتحرير الحال أنه يتأتى الكلام هنا تارة في دلالة " صحيح الحديث " على
عدالة الراوي، وأخرى في الدلالة على حال رواية الكتاب.
أما الأول فقد حكم بعض نقلا في الترجمة المشار إليها بالدلالة على العدالة. (1)
وضعفه ظاهر؛ إذ غاية الأمر الدلالة على اعتبار أحاديث الكتاب الموصوف،
وأين هذا من الدلالة على اعتبار مطلق أحاديث الراوي، فضلا عن صحتها
بالمعنى المصطلح عليه عند المتأخرين المبني عليها القول بالدلالة على العدالة.
وبوجه آخر، غاية الأمر الدلالة على العدالة حال رواية أحاديث الكتاب،
وأين هذا من الدلالة على العدالة على الإطلاق.
وأما الثاني فمقتضى كلام الفاضل الأسترآبادي في الترجمة المشار إليها (2)
القول بالدلالة على العدالة حال رواية الكتاب الموصوف بصحة الحديث. (3)
وهو ضعيف؛ إذ غاية الأمر الدلالة على اعتبار أحاديث الكتاب، ولا دلالة في
الباب على صحة تلك الأحاديث بالمعنى المصطلح عليه عند المتأخرين.
وقد أجاد من أورد بأن صحة الحديث لا تستلزم العدالة؛ (4) إذ لعله عرف صحة
أحاديث الكتاب من القرائن الخارجة.
لكن يمكن أن يقال: إن " صحيح الحديث " في وصف الراوي ظاهر في عدالته من
باب انصراف الإطلاق إلى بعض الأفراد، لا تطرق الاصطلاح، ولا الاستلزام العقلي؛ بل
" صحيح الحديث " في وصف الكتاب ظاهر أيضا في عدالة الراوي مطلقا.

1. انظر مقباس الهداية 2: 167. وحكاه ولد المصنف في مسماء المقال 2: 254.
2. منهج المقال: 105.
3. في " د " زيادة: " وهو ضعيف الحديث ".
4. انظر مقباس الهداية 2: 167.
5. في " د ": " الكتاب " بدلا عن الراوي.
63

نعم، لا دلالة في تصحيح حديث الراوي (5) على كون الراوي إماميا رأسا، وكذا
الحال في تصحيح حديث الكتاب؛ فلا دلالة في تصحيح حديث الكتاب على
كونه إماميا حال رواية أحاديث الكتاب.
فالمرجع إلى دلالة تصحيح الحديث - سواء كان في باب الراوي أو الكتاب -
على العدالة بالمعنى الأعم، اللهم إلا أن يدعى انصراف تصحيح الحديث - سواء
كان في باب الراوي أو الكتاب - إلى كون الراوي إماميا؛ قضية أن الغالب في الرواة
الإمامية، فيثبت الدلالة على العدالة بالمعنى الأخص، سواء كان التوصيف بصحة
الحديث في باب الراوي أو في باب الكتاب.
وعلى الأخير يثبت الدلالة على العدالة بالمعنى الأخص في غير حال رواية
الكتاب أيضا.
فائدة [9]
[في " صحيح "]
قد ذكر في بعض التراجم: " صحيح " كما في ترجمة حبيب الخثعمي، (1)
والحسين بن بشار، (2) وجرير بن عبد الحميد، (3) وعمر بن محمد بن عبد الرحمن، (4)
وعباس بن معروف، (5) وداود بن النعمان. (6)

1. رجال النجاشي: 141 / 368.
2. خلاصة الأقوال: 49 / 6.
3. انظر رجال الشيخ: 163 / 43. وليس فيه: " صحيح ".
4. خلاصة الأقوال: 119 / 2.
5. خلاصة الأقوال: 118 / 4.
6. قاله النجاشي في أخيه علي بن النعمان: روى عن الرضا (عليه السلام) وأخوه داود أعلى منه وابنه الحسن بن
علي وابنه أحمد، رويا الحديث وكان علي ثقة، وجها، ثبتا، صحيحا واضح الطريقة رجال النجاشي:
274 / 719 ولا بأس بالنظر لصفحة: 159 / 419.
64

وقد جرى شيخنا السيد على دلالته على العدالة استنادا إلى عموم المقتضي
قال: " فمفاده صحيح من جميع الوجوه ".
أقول: إنه لعل الظاهر كون الأمر من باب حذف المضاف إليه نحو: (وكلا
ضربنا له الأمثل). (1) (أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) (2) أي صحيح الحديث أو
الرواية بقرينة ذكرهما في الموارد المتقدمة، فالأمر من باب العنوان السابق، أي
صحيح الحديث في وصف الراوي. وقد تقدم عدم دلالته على العدالة، وكون
الغرض الاعتماد على الإسناد؛ فالصحة مستعملة في المقام في غير المعنى
المصطلح عليه في لسان المتأخرين من الفقهاء؛ لاستعمالها هنا في اعتبار بعض
أجزاء السند كما تقدم في العنوان السابق، والمدار في المعنى المعروف على
عدالة جميع أجزاء، السند فالحديث المحذوف بالمعنى اللغوي.
وكذا الحال في الرواية لو كانت هي المحذوفة في المقام.
ومع هذا نقول: إن الظاهر كون المحذوف هو الحديث أو الرواية، ولو لم
يكن الأمر على نهج الإضافة بأن يكون المضمر هو لفظة " في الحديث " بشهادة
سياق المقام وغيره مما يأتي في سالم الجنبة، وسليم الجنبة، فالصحة مستعملة
في غير المعنى المصطلح عليه في لسان المتأخرين من الفقهاء؛ لكونها هنا صفة
للراوي، والمدار في المعنى المشار إليه على كونها صفة للرواية والحديث
المحذوف بالمعنى اللغوي.
وكذا الحال في الرواية لو كانت هي المحذوفة في المقام.
فقد ظهر ضعف الاستناد على الدلالة على العدالة بعموم حذف المقتضي،

1. الفرقان (25): 39.
2. الاسراء (17): 110.
65

لكن يمكن أن يقال بانصراف الصحة إلى العدالة، وكذا انصرافها إلى الإيمان، كما
مر في العنوان السابق.
[في " فلان أصح من فلان "]
ثم إنه قد يقال: " فلان أصح من فلان " كما في ترجمة حسان بن مهران؛ حيث
إنه قد ذكر العلامة في الخلاصة (1) كالنجاشي أنه أصح من صفوان وأوجه. (2)
ويظهر الحال فيه بما سمعت لكن لما عطف فيما ذكر الأوجه على الأصح فيبتني
الأمر على الكلام في الأوجه بناء، على كون العطف من باب التفسير، وإلا فلا.
فائدة [10]
[في " سالم الجنبة "]
قد يقال في بعض التراجم: " سالم الجنبة " كما في ترجمة أحمد بن محمد بن
طلحة، وعلي بن الحسن العاصمي، (3) وأحمد بن محمد بن عاصم؛ (4) أو " سليم
الجنبة " كما ذكر في حق عبد الله بن محمد بن خالد، (5) وأخيه أبي محمد الحسن. (6)
قيل: معناه: سليم الأحاديث وسليم الطريقة. (7)
وعن قائل: أن معناه سليم الطريقة. (8)

1. خلاصة الأقوال: 64 / 8.
2. رجال النجاشي: 147 / 381.
3. رجال النجاشي: 93 / 232. قاله في أحمد بن محمد بن طلحة.
4. رجال ابن داود: 42 / 132.
5. خلاصة الأقوال: 110 / 35.
6. خلاصة الأقوال: 110 / 35.
7. حكاه في منتهى المقال 1: 84 بلفظ " قيل ".
8. انظر مقباس الهداية 2: 238.
66

ومقتضى كلام المحقق القمي التوقف بين سلامة الأحاديث وسلامة الطريق؛
بل مقتضى كلامه التوقف مطلقا. (1)
وفي ترجمة زياد بن أبي غياث: " ثقة سليم " (2) وفي ترجمة محمد بن أحمد بن
عبد الله بن مهران أنه كان ثقة سليما. (3)
أقول: إن الجنبة بالتحريك: شق الإنسان أو غيره، كما في القاموس. (4) وإليه
يرجع تفسيره بالناحية من الصحاح (5) لو كان المقصود بالناحية الطرف الداخل، كما يرشد
إليه ما قاله في المصباح من أن الجنب من الناحية تعليلا بأنه ناحية من الشخص. (6)
وكذا يريد إليه ما يقال: " يغسل الجانب الأيسر مقدما على الجانب الأيمن "
لتفسير " الجانب " بالناحية في الصحاح.
والجنبة بالإسكان: الناحية كما في الصحاح؛ حيث قال: " ونزل فلان جنبة،
أي ناحية ". (7) وكذا في القاموس. (8)
والمقصود بالناحية الطرف الداخل أو الخارج.
ولعل الأخير أظهر، كما هو مقتضى عبارة الصحاح.
وكيف كان، فالجنبة يحتمل فيها الإسكان والتحريك، ولعل الأول (9) أظهر. (10)
وهي كناية عن الذات على الوجهين كما في الجناب بالفتح، سواء كان المقصود به

1. القوانين المحكمة 1: 485 - 486.
2. رجال النجاشي: 171 / 452.
3. رجال النجاشي: 346 / 935.
4. القاموس المحيط 1: 50 (جنب).
5. الصحاح 1: 101 (جنب).
6. المصباح المنير: 110 (جنب).
7. الصحاح 1: 103 (جنب).
8. القاموس المحيط 1: 50 (جنب).
9. في " د ": " الأخير " بدلا عن " الأول ".
10. في " د " زيادة: " كما ".
67

الفناء أو الناحية.
وربما يرشد ما في ترجمة إسماعيل بن شعيب - من أنه سالم فيما يرويه - (1)
إلى كون الغرض سلامة الأحاديث.
وكذا يرشد إليه ما في ترجمة أحمد بن هلال من أنه صالح الرواية. (2)
بل يرشد إليه ما يقال: " صحيح الحديث " كما في ترجمة جماعة كما مر.
وكذا ما يقال: " ثقة في الحديث " و " ثقة في الرواية " و " ثقة فيما يرويه "
و " مسكون إلى روايته " و " مأمون على الحديث ".
بل يرشد إليه سياق المقام؛ لكون فن الرجال موضوعا للتعرض لأحوال
ناقلي الأخبار.
فالظاهر كون الغرض السلامة في النقل بشهادة المقام.
فقد بان ضعف ما لعله مستند القول بكون الغرض سلامة الرواية والمذهب
من عموم حذف المتعلق.
وبما ذكرنا يظهر الحال فيما يقال: " سليم " كما في ترجمة أحمد بن
الحسن بن إسماعيل. (3)
فائدة [11]
[في " أخبل في آخر عمره "]
قد حكى السيد الداماد في الرواشح عن الشيخ في كتاب الرجال أنه قال في
ترجمة أحمد بن محمد بن عياش: " كثير الرواية إلا أنه أخبل في آخر عمره ". (4)

1. الفهرست: 11 / 33؛ خلاصة الأقوال: 9 / 7.
2. رجال النجاشي: 83 / 199.
3. الفهرست: 22 / 66.
4. انظر رجال النجاشي: 85 / 207، وخلاصة الأقوال: 204 / 15.
68

وجرى السيد المشار إليه على أن " أخبل " من باب الإفعال من الخبل بالخاء
المعجمة المفتوحة والباء الموحدة. وهمزة القطع للصيرورة بمعنى صار ذا خبال،
أي ذا فساد في عقله أو في روايته والخبال في الأصل بمعنى الفساد، وأكثر ما
يستعمل في العقول والحواس والأبدان والأعضاء وفي التنزيل الكريم (لا يألونكم
خبالا) (1) فقال: فجماهير المصحفين من ضعف التحصيل وقلة البضاعة بدلوه إلى
اختل بالتاء المثناة من فوق وتشديد اللام من الاختلال.
أقول: إنه قال النجاشي في الترجمة المذكورة: " واضطرب في آخر عمره ". (2)
وفي الفهرست: " واختل في آخر عمره ". (3)
وفي الخلاصة: " وأخبل واضطرب في آخر عمره ". (4)
ولا يناسب عطف الاضطراب على الإخبال في عبارة الخلاصة، بل لا مجال له
لو كان المقصود بالإخبال اختلال العقل، سواء كان العطف تفسيريا - كما هو
الظاهر - أو كان العطف غير تفسيري.
والتعبير بالاضطراب في عبارة النجاشي يكشف عن كون المدار في عبارة
الشيخ على الاختلال في الرواية، فلا بأس بكون ما في عبارة الشيخ من الاختلال،
بل لو كان الغرض اختلال العقل، فلا بأس بكون ذلك من الاختلال. والأوجه
تعين كونه من الإخبال.
ومع ما ذكر رسم الكتابة في عبارة الفهرست والخلاصة مبني على كون " اختل "
من الاختلال، وحمل الكل - أعني عبارة الفهرست والرجال والخلاصة - على
التصحيف ضعيف.

1. آل عمران (3): 118.
2. رجال النجاشي: 85 / 207.
3. الفهرست: 33 / 89.
4. خلاصة الأقوال: 204 / 15.
69

هذا، والظاهر أن المقصود ب‍ " الرجال " في عبارة السيد الداماد هو أخت
الفهرست؛ قضية الاشتهار، وعليه بنينا الأمر؛ حيث نقلنا عبارة الفهرست، وعبارة
الرجال منطبقة على عبارة الفهرست، ويمكن أن يكون المقصود هو الفهرست.
فائدة [12]
[في سقوط الواسطة في السند]
قد يسقط الواسطة في السند بين المعصوم والراوي أو بين الراويين، فإن تعين
الواسطة بملاحظة أسانيد أخرى - ولو ظنا - فعليه المدار، وإلا فالسند خال عن الاعتبار.
والفرق بين السقوط المعنون والإرسال بإسقاط الواسطة: أن المدار في
الإرسال بالإسقاط على التعمد في الإسقاط، والمدار في السقوط على ظهور
السهو في السقوط أو احتماله.
ومن ذلك ما رواه الشيخ في التهذيب في باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة
والفضيلة فيه، (1) وفي الاستبصار في باب وجوب الموالاة في الوضوء بالإسناد عن
الحسين بن سعيد، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (2) حيث إن رواية الحسين بن
سعيد عن الصادق (عليه السلام) بواسطة واحدة قليلة نادرة، ولا سيما بتوسط معاوية بن عمار، كما
ذكره شيخنا البهائي في الحاشية المنسوبة إليه على التهذيب. (3)
لكنه ذكر في مشرق الشمسين وكذا في الحاشية المنسوبة إليه على الاستبصار
أن رواية الحسين بن سعيد عن معاوية بن عمار ممكنة؛ لأن موت معاوية بن عمار
قريب من آخر زمان الكاظم (عليه السلام)، فملاقاة الحسين بن سعيد له غير بعيدة، فإنه

1. تهذيب الأحكام 1: 87، ح 231، باب صفة الوضوء والفرض منه.
2. الاستبصار 1: 72، ح 221، باب وجوب الموالاة، في الوضوء.
3. حكاه عنه المجلسي في ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار 1: 350.
70

قد يروي عن بعض أصحاب الصادق (عليه السلام). (1)
قوله: " لأن موت معاوية بن عمار قريب من أواخر زمان الكاظم (عليه السلام) " لأن
الكاظم (عليه السلام) قد قبض في سنة ثلاث وثمانين ومائة كما رواه (2) الكليني، (3) ونقل روايته
عن الصدوق، (4) وذكره الكفعمي نقلا؛ أو في سنة اثنتين وثمانين ومائة كما عن
بعض. (5) ومعاوية بن عمار توفي في سنة خمس وسبعين ومائة كما ذكره النجاشي. (6)
وقد يقال: إنه لم يعهد رواية الحسين بن سعيد عن معاوية بن عمار من غير
واسطة، والتتبع اقتضى أن يكون الواسطة حماد بن عيسى، أو صفوان بن يحيى،
أو ابن أبي عمير، أو فضالة بن أيوب، وقد يجتمع منهم اثنان أو ثلاثة، واجتمع في
بعض الأسانيد الأربعة، وفي النادر قد يتوسط النضر بن سويد.
وكيف كان، فالخبر صحيح، والعمدة أن الواسطة في الصحة غالبا على وجه
يظن رجحانه جدا.
وقد يقال: إن رواية الحسين بن سعيد عن معاوية غير معهودة، و [الواسطة]
غالبا ابن أبي عمير أو فضالة أو نحوه، والحديث محل الارتياب.
ومن ذلك ما رواه في التهذيب في باب حكم الجنابة وصفة الطهارة، (7) وفي
الاستبصار في باب أن المرأة إذا أنزلت وجب عليها الغسل في النوم واليقظة،
وعلى كل حال بالإسناد عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عثمان، عن أديم بن
الحر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إلى آخره؛ (8) حيث إن رواية الحسين بن سعيد عن

1. مشرق الشمسين: 162.
2. في " د ": " يرويه " بدلا عن " رواه ".
3. الكافي 1: 476، باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر.
4. كمال الدين 1: 39.
5. انظر البحار 48: 207، ح 6؛ والدروس 2: 13.
6. رجال النجاشي: 411 / 1096.
7. تهذيب الأحكام 1: 121، ح 319، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة.
8. الاستبصار 1: 105، ح 344، باب المرأة إذا أنزلت وجب عليها الغسل في النوم أو اليقظة.
71

حماد بن عثمان قليلة جدا، والواسطة غالبا ابن أبي عمير أو فضالة، كما قيل. (1)
وفي المنتقى أن احتمال السقوط سهوا أقرب، لكن الأظهر إمكان رواية
الحسين بن سعيد عن حماد بن عثمان. (2)
ويظهر شرح الحال بالرجوع إلى ما حررناه في الرسالة المعمولة في باب
حماد بن عثمان.
ومن ذلك ما رواه في أوائل حج التهذيب والاستبصار عن موسى بن القاسم،
عن معاوية بن وهب، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن
أبي جعفر (عليه السلام)، إلى آخره؛ (3) حيث إنه قال المحقق الشيخ محمد: " رواية موسى بن
القاسم عن معاوية بن وهب بلا واسطة غير معهودة ".
ومن ذلك ما رواه في الاستبصار في باب قتل حمامة أو فرخها أو كسر بيضها
بالإسناد عن موسى بن القاسم، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إلى
آخره؛ (4) حيث إنه قال المحقق الشيخ محمد: " المعهود رواية موسى بن القاسم عن
حماد بالواسطة ".
ورواه في التهذيب في باب الكفارة عن خطأ المحرم وتعديه (5) الشرائط
بتوسط عبد الرحمن بين موسى بن القاسم وحماد. (6)
ومن ذلك ما رواه في التهذيب في زيادات الحج، (7) وفي الاستبصار في باب

1. انظر منتقى الجمان 2: 141.
2. منتقى الجمان 2: 141.
3. تهذيب الأحكام 5: 3، ح 4، باب وجوب الحج؛ الاستبصار 2: 140، ح 456، باب ماهية الاستطاعة
وأنها شرط في وجوب الحج.
4. الاستبصار 2: 201، ح 683، باب من قتل حمامة أو فرخها أو كسر بيضها.
5. في " د ": " تعدية "
6. تهذيب الأحكام 5: 332، ح 1143، باب كفارة عن خطأ المحرم.
7. تهذيب الأحكام 5: 397، ح 1380، باب الزيادات في فقه الحج.
72

جواز أن يحج الصرورة عن الصرورة إذا لم يكن له مال عن الكليني، عن علي بن
إبراهيم، عن أبيه، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إلى آخره؛ (1) حيث إنه
قال المحقق الشيخ محمد: " إبراهيم بن هاشم لا يروي عن معاوية بن عمار
بلا واسطة، والصحيح ما وقع في الكافي من توسط ابن أبي عمير بينهما ".
ومن ذلك ما رواه في التهذيب في زيادات الحج، (2) وفي الاستبصار في الباب
المتقدم عن الكليني، عن عدة من الأصحاب، عن أحمد بن محمد، عن سعد بن
أبي خلف، قال: سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) إلى آخره؛ (3) حيث إنه قد حكى في
المنتقى أنه قد اتفق نسخ الكافي والتهذيبين على ذكر السند بهذه الصورة، مع أن
المعهود والمتكرر في رواية أحمد بن محمد، عن سعد بن أبي خلف أن يكون
بواسطة ابن أبي عمير والحسن بن محبوب، ولعل الواسطة منحصرة فيهما،
فلا يضر سقوط الواسطة. (4)
ومن ذلك ما رواه في الاستبصار في باب جواز العمرة المبتولة في أشهر الحج
عن الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر
اليماني، عن أبي عبد الله، إلى آخره؛ (5) حيث إنه رواه في الكافي في باب العمرة
المبتولة، (6) وفي التهذيب في زيادات الحج عن علي بن إبراهيم، عن أبيه
ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى. (7)

1. الاستبصار 2: 320، ح 1132، باب جواز أن يحج الصرورة.
2. تهذيب الأحكام 5: 410، ح 1427، باب زيادات في فقه الحج.
3. الاستبصار 2: 319، ح 1131، باب جواز أن يحج الصرورة عن الصرورة إذا لم يكن له مال.
4. منتقى الجمان 3: 81.
5. الاستبصار 2: 327، ح 1160، باب جواز العمرة المبتولة.
6. الكافي 4: 535، ح 3، باب العمرة المبتولة في أشهر الحج.
7. تهذيب الأحكام 5: 436، ح 1516، باب زيادات الحج.
73

ويمكن أن يقال: إنه ينبغي إخراج هذه الصورة عن مورد الكلام؛ لوضوح
الواسطة بملاحظة مأخذ الرواية، فالمدار على المأخذ.
ومن ذلك ما رواه في التهذيب في باب البينات من أبواب القضاء، (1)
وفي الاستبصار في باب العدالة المعتبرة في الشهادة عن محمد بن أحمد [عن
محمد] بن موسى، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن علي بن عقبة، عن
موسى بن أكيل النميري، عن ابن أبي يعفور، إلى آخره؛ (2) حيث إن الأصل عن
أحمد بن الحسن بن علي، وقد سقط " أحمد " مع لفظة " عن " بشهادة ثبوته في
أسانيد متعددة مذكورة في التهذيب بعد تلك الرواية في الباب المتقدم، (3) وكذا
ثبوته في الاستبصار في بعض الأسانيد المذكورة في الباب المتقدم بعد تلك
الرواية، (4) وكذا في باب شهادة الأجير مقرونا بوجود أحمد. (5)
هذا، والظاهر أن المقصود بالحسن هو الحسن بن علي بن فضال، لكن
الحسن بن علي بن فضال لا يروي عن أبيه، كما نص عليه النجاشي، إلا أنه ينافي
ما رواه عن ابن الغضائري من أنه رأى نسخة أخرجها الصدوق وقال: " حدثنا
محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال،
عن أبيه، عن الرضا (عليه السلام) " ولعله لذلك قال: " ولا رويت من غير هذا الطريق ". (6)
ومزيد الكلام موكول إلى ما حررناه في الرسالة المعمولة في باب النجاشي
عند الكلام في أغلاط النجاشي.

1. تهذيب الأحكام 6: 241، ح 596، باب البينات.
2. الاستبصار 3: 12، ح 33، باب العدالة المعتبرة في الشهادة. وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
3. تهذيب الأحكام 6: 243، ح 604، باب البينات.
4. الاستبصار 3: 13، ح 34، باب العدالة المعتبرة في الشهادة.
5. الاستبصار 3: 21، ح 62، باب شهادة الأجير.
6. رجال النجاشي: 257 / 676. والكلام كله في علي بن الحسن بن فضال.
74

ومن ذلك ما رواه في التهذيب في باب البينات من كتاب القضاء، (1) وفي
الاستبصار في باب " الذمي يستشهد ثم يسلم هل يجوز قبول شهادته أم لا؟ " عن
الحسين بن سعيد، عن القاسم بن سليمان؛ (2) حيث إنه قال المحقق الشيخ محمد:
" ولم يحضرني الآن رواية الحسين بن سعيد عن القاسم بن سليمان بلا واسطة،
والواسطة في الغالب نضر بن سويد، فلا يبعد سقوط الواسطة ".
ومن ذلك ما رواه في التهذيب في أوائل التجارة، (3) وفي الاستبصار في باب
" الرجل يشتري المتاع ثم يدعه عند بائعه ويقول: حتى أجيئك بالثمن كم شرطه؟ "
عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)؛ (4) حيث
إنه قد استغرب المحقق الشيخ محمد رواية علي بن حديد عن زرارة بلا واسطة.
ومن ذلك ما رواه في التهذيب في باب عدد النساء، (5) وفي الاستبصار في باب
أن التي لم تبلغ المحيض والآيسة منه إذا كانتا في سن من لا تحيض لم يكن عليها
عدة عن الكليني، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار والرزاز
جميعا، وحميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن صفوان، عن محمد بن حكيم، عن
محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، إلى آخره؛ (6) حيث إنه رواه في الكافي عن
أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار، والرزاز، عن أيوب بن نوح،
وحميد بن زياد عن ابن سماعة. (7)
لكن يمكن أن يقال: إنه ينبغي إخراجه عن مورد الكلام؛ لوضوح المأخذ كما

1. تهذيب الأحكام 6: 246، ح 620، باب البينات.
2. الاستبصار 3: 18، ح 55، باب الذمي يستشهد ثم يسلم هل يجوز قبول شهادته.
3. تهذيب الأحكام 7: 21، ح 88، باب عقود البيع.
4. الاستبصار 3: 77، ح 258، باب الرجل يشتري المتاع ثم يدعه عند بائعه.
5. تهذيب الأحكام 8: 138، ح 480، باب عدد النساء.
6. الاستبصار 3: 452. ح 3، باب أن التي لم تبلغ المحيض....
7. الكافي 6: 85، ح 3، باب طلاق التي لم تبلغ والتي قد يئست من المحيض.
75

تقدم في نظيره.
ومن ذلك ما رواه في التهذيب في باب الوصية للوارث، (1) وفي الاستبصار في
باب صحة الوصية للوارث عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن سليمان، عن
أبي عبد الله (عليه السلام)؛ (2) حيث إنه قال العلامة المجلسي في الحاشية المنسوبة إليه على
التهذيبيين: " الظاهر أنه سقط النضر بن سويد؛ لأن الحسين يروي عن القاسم
بواسطة النضر غالبا، ولا يروي عنه بلا واسطة ". (3)
ومن ذلك ما رواه في الكافي في كتاب الحدود في باب آخر منه بعد باب صفة
الرجم بالإسناد عن خلف بن حماد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)؛ (4) حيث إن رواية
خلف بن حماد عن الصادق (عليه السلام) بعيدة؛ لأنه من أصحاب الكاظم (عليه السلام)؛ قضية ما قاله
النجاشي من أنه سمع موسى بن جعفر (عليه السلام) (5) وإن روى عنه صفوان فيما نقل من
بعض أخبار روضة الكافي، (6) وصفوان من أصحاب الكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام)
بناء على انصراف صفوان في الرواية المذكورة إلى صفوان بن يحيى؛ لكونه أشهر
بشهادة نقل الكشي إجماع العصابة في حقه، (7) والغالب في الروايات كونها ممن
تأخر طبقته عمن تقدم طبقته، بل قد يروي خلف بن حماد عن الصادق (عليه السلام)
بواسطة واحدة كما فيما رواه في الكافي في باب منع الزكاة بالإسناد عن خلف بن
حماد، عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إلى آخره. (8)

1. تهذيب الأحكام 9: 200، ح 899، باب الوصية للوارث.
2. الاستبصار 4: 127، ح 479، باب صحة الوصية للوارث.
3. ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار 15: 99.
4. الكافي 7: 188، ح 1، باب آخر منه.
5. رجال النجاشي: 152 / 399.
6. الكافي 8: 153، ح 143.
7. رجال الكشي 2: 830 / 1050.
8. الكافي 3: 505، ح 19، باب منع الزكاة.
76

وقد يروي عنه بواسطتين كما فيما يرويه في الكافي في باب السعي في حاجة المؤمن
بالإسناد عن خلف بن حماد، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (1)
لكنه قد يروي عن أبي جعفر (عليه السلام)، وهو يناسب روايته عن الصادق (عليه السلام) بلا واسطة.
لكنه قد يروي عن أبي جعفر (عليه السلام) بواسطتين كما فيما يرويه في الكافي في باب
فضل الصدقة بالإسناد عن خلف بن حماد، عن إسماعيل الجوهري، عن أبي
بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام). (2)
وقد يروي عنه (عليه السلام) بثلاث وسائط، كما فيما رواه في الكافي في باب تمام
المعروف بالإسناد عن خلف بن حماد، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن
حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، إلى آخره. (3)
وبما مر يظهر الكلام في الإرسال بإسقاط الواسطة، لكن الأظهر القول بحجية
المرسل بإسقاط الواسطة على تقدير كون الإرسال من الثقة أو المتحرز عن
الكذب، أي من يقبل روايته وإن كان الكلام في حجية المرسل بعد الفراغ عن
كون الإرسال ممن يقبل روايته على تقدير إسناد المتن إلى المعصوم، وأما على
تقدير الإخلال بالإسناد إلى المعصوم فلا اعتبار بالإرسال بلا إشكال.
ثم إنه قد روى في التهذيب في باب الطواف، (4) وفي الاستبصار في باب من
طاف ثمانية أشواط بالإسناد عن رفاعة قال: كان علي (عليه السلام) يقول: " إذا طاف ثمانية
فليتم أربعة عشر ". قلت: يصلي أربع ركعات؟ قال: " يصلي ركعتين ". (5)
ولا يذهب عليك أن ظاهره يوهم عدم اتصال الإسناد إلى الإمام (عليه السلام)، لكن

1. الكافي 2: 198، ح 7، باب السعي في حاجة المؤمن.
2. الكافي 4: 2، ح 3، باب فضل الصدقة.
3. الكافي 4: 30، ح 2، باب تمام المعروف.
4. تهذيب الأحكام 5: 112، ح 363، باب الطواف.
5. الاستبصار 2: 218، ح 749، باب فيمن طاف ثمانية أشواط.
77

مقتضى قوله: " قلت: يصلي أربع ركعات " الاتصال، فالظاهر أنه سؤال عن
الصادق أو الكاظم؛ لكونه من أصحابهما (عليهما السلام)، فالظاهر أن الأمر من باب سقوط
الإسناد إلى الإمام (عليه السلام) سهوا.
ثم إنه قد اتفق السقوط من رأس السند كثيرا من الشيخ في التهذيب في
الرواية عن الكليني فيما أسقطه الكليني من رأس السند حوالة إلى السند السابق.
وحمله الفاضل التستري على الاشتباه.
وقال المحقق الشيخ محمد بعد نقل حوالة الحال إلى الإسقاط إلى السند
السابق عن طريقة القدماء: " وكثيرا ما تبعها الكليني، وربما غفل عنها الشيخ،
فيضيع بسببها أحاديث كثيرة ".
لكن بالغ المولى التقي المجلسي في الإصلاح، وحكم بأن الغرض الاختصار
كما هو الحال في الكليني.
ومزيد الكلام موكول إلى الرسالة المعمولة في نقد الطريق.
وربما يتفق من الشيخ السقوط في غير ما ذكر، كما فيما رواه في الاستبصار
في كتاب الحج في باب " المرأة الحائض متى تفوت متعتها " عن الكليني، عن
أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن درست الواسطي، عن عجلان بن
أبي صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إلى آخره؛ (1) حيث إنه قد سقطت العدة من بين
الكليني وأحمد بن محمد.
ثم إنه قد حكى صاحب المعالم في حاشية المنتقى عن والده الشهيد في
بعض فوائده أنه اختلف التهذيب والاستبصار في إثبات الواسطة في أثناء السند
وإسقاطها، فيتطرق الاضطراب على الرواية.
ومزيد الكلام موكول إلى الرسالة المعمولة في نقد الطريق.

1. الاستبصار 2: 312، ح 1109، باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها.
78

ثم إنه قد يزاد في السند من باب السهو كما فيما رواه في التهذيب في زيادات
القضاء، (1) وفي قضاء الاستبصار في باب من يجبر الرجل على نفقته بالإسناد عن
ابن أبي عمير، عن علي، عن جميل، عن بعض الأصحاب، عن أحدهما (عليهما السلام)، إلى
آخره؛ (2) حيث إنه قد ذكر المحقق الشيخ محمد أن رواية ابن أبي عمير عن جميل
مع الواسطة غير حاضرة.
وقد يكون السهو في وصف الإسناد كما فيما رواه في قضاء الاستبصار في
باب اختلاف الرجل والمرأة في متاع البيت عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن
عبد الله، عن أحمد بن محمد عن محمد بن عبد الحميد، عن أحمد بن محمد بن
أبي نصر، عن حماد، عن إسحاق بن عمار، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن
أبي عبد الله (عليه السلام)، إلى آخره؛ (3) حيث إنه قال المحقق الشيخ محمد: " كذا في النسخ
التي عندنا، والصحيح ما في التهذيب من قوله: " ومحمد بن عبد الحميد " لأن
رواية ابن عيسى عن ابن أبي نصر بالواسطة غير معهودة ".
فائدة [13]
[في جماعة لم يذكروا في كتب الجرح والتعديل]
قد ذكر الطريحي أن جماعة من الرواة قد كثر الرواية عنهم، ولم يذكروا في
كتب الجرح والتعديل.
منهم: أبو الحسين علي بن أبي جيد الذي كثرت رواية الشيخ عنه حتى آثر
الشيخ الرواية عنه غالبا على الرواية عن المفيد؛ لإدراكه محمد بن الحسن [بن]

1. تهذيب الأحكام 6: 293 ح 815 باب من الزيادات في القضايا والاحكام.
2. الاستبصار 3: 43 ح 145 باب من يجبر الرجل على نفقته.
3. الاستبصار 3: 45، ح 150، باب اختلاف الرجل والمرأة في متاع البيت.
79

الوليد وروايته عنه بغير واسطة، بخلاف المفيد.
ومنهم: الحسين بن الحسن بن أبان شيخ محمد بن الحسن بن الوليد، فإن
الرواية كثرت عنه ولم يذكر له حالة بمدح ولا قدح.
ومنهم: أحمد بن محمد بن يحيى العطار شيخ الصدوق، وهو ممن يروي
عنه كثيرا بتوسط سعد بن عبد الله بن أبي خلف.
ومنهم: أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد الذي كثرت رواية الشيخ عن
المفيد عنه، ولا ذكر له في توثيق ولا غيره، وإنما ورد التوثيق في أبيه دونه.
ومنهم: محمد بن علي ما جيلويه الذي أكثر الصدوق عنه الرواية، فحكى عن
المتأخرين من أصحابنا الحكم بصحة الطرق المشتملة عليهم. (1)
قوله: " ومنهم محمد بن علي ماجيلويه ". أقول: إن الأظهر انحصار ماجيلويه
في محمد بن أبي القاسم، أو كونه مشتركا بين محمد بن أبي القاسم وعلي بن
أبي القاسم. لكن حكم بعض الأعلام باشتراكه بين أربعة: محمد بن علي بن
أبي القاسم، ومحمد بن أبي القاسم، وابن عمه علي بن محمد بن أبي القاسم،
وبعض من أحفاد عمه محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم. ومحمد بن علي
ماجيلويه إما أن يكون معينا في محمد بن علي بن أبي القاسم، أو محمد بن
علي بن محمد بن أبي القاسم، أو مترددا بينهما على حسب اختلاف الراوي عنه. (2)
وعلى أي حال فقد حكم الفاضل الأسترآبادي بوثاقتهما في الوسيط.
وشرح الحال على سبيل البسط في المقال موكول إلى الرسالة المعمولة في
رواية الكليني عن علي بن محمد.
قوله: " وأحمد بن عبدون " هو ممن اشترك النجاشي والشيخ في شيخوخته
لهما، والله العالم. تمت الرسالة بعون الله الملك المتعال.

1. انظر جامع المقال: 125 و 195.
2. نقد الرجال 5: 297 / 6510.
80

13 - رسالة في " أحمد بن محمد "
81

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
وبعد، فقد تكررت رواية الكليني - رحمه الله - عن أحمد بن محمد كما في
باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث، (1) وباب أن الأئمة (عليهم السلام) لم يفعلوا شيئا
ولا يفعلون إلا بعهد من الله تعالى وأمر منه لا يتجاوزونه، (2) وباب النوادر من كتاب
الصوم، (3) وغيرها. (4)
وقد ذكر العلامة المجلسي في حاشية الكافي بخطه الشريف في الباب الثاني:
أنه تحير فيه كثير من الأصحاب ولم يعرفوه. (5)
والحق أنه العاصمي، وهو المعنون في كلام النجاشي بأحمد بن
محمد بن طلحة بن عاصم أبى عبد الله، قال: " وهو ابن أخي عاصم، ويقال
له: العاصمي ". (6)

1. الكافي 1: 177، ح 4، باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث.
2. الكافي 1: 280، ح 2، باب أن الأئمة لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلا بعهد من الله تعالى وأمر منه
لا يتجاوزونه.
3. الكافي 4: 169، ح 2، باب النوادر.
4. كما في باب النوادر من كتاب الحج من الكافي 4: 543، ح 16، 36.
5. مرآة العقول 3: 191، باب أن الأئمة لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلا بعهد من الله تعالى وأمر منه
لا يتجاوزونه.
6. رجال النجاشي: 93 / 232. وفيه: " أحمد بن محمد بن أحمد بن طلحة ".
83

وعنونه الشيخ في الفهرست (1) وكذا في الرجال (2) - نقلا - بأحمد بن محمد بن
عاصم.
وذكر في الفهرست والرجال أيضا: أنه ابن أخي علي بن عاصم ويقال له:
العاصمي.
وحكى العلامة البهبهاني في ترجمة الحسن بن الجهم، عن المعراج، عن
رسالة أبي غالب الزراري: أنه ابن أخت علي بن عاصم، لقب بالعاصمي من جهة
هذا، وقال: " وصفه خالي والمحقق البحراني بأنه أستاد الكليني ". (3)
وعلى ذلك المجرى جرى المولى التقي المجلسي في بعض تعليقات
التهذيب كما يأتي، وكذا في شرح مشيخة الفقيه فيما يأتي من كلامه، (4) وكذا
عند الكلام في أحمد بن محمد بن أبي نصر. (5)
وكذا نجله العلامة المجلسي في حاشية الكافي بخطه الشريف في الباب
الأول والثاني. (6)
وكذا السيد السند النجفي. (7)
وكذا بعض الأعلام. (8)
والمستند في ذلك - مضافا إلى ما ذكره العلامة المجلسي في حاشية الكافي

1. الفهرست: 28 / 85.
2. رجال الطوسي: 454 / 97.
3. تعليقة الوحيد البهبهاني: 45، وانظر معراج أهل الكمال: 189 / 73، وبلغة المحدثين: 329.
4. روضة المتقين 14: 44 و 332.
5. روضة المتقين 14: 334.
6. مرآة العقول 3: 191.
7. رجال السيد بحر العلوم 2: 15.
8. تنقيح المقال 1: 88.
84

في الباب الأول من أن العاصمي من مشايخ الكليني، (1) وما ذكره السيد السند
النجفي من أنه ليس في طبقة من يروي عنه الكليني سوى العاصمي (2) - شهادة
التقييد بالعاصمي تارة كما في باب النوادر من المعيشة، (3) وباب ما أحل للنبي (صلى الله عليه وآله)
من النساء، (4) وباب " المرأة تحرم على الرجل ولا تحل له أبدا "، (5) وباب " الولد إذا
كان أحد أبويه مملوكا والآخر حرا "، (6) وباب العزل، (7) وباب شبه الولد، (8) وباب
تأديب الولد، (9) وباب الدعاء في طلب الولد، (10) وباب من أوصى إلى اثنين فينفرد كل
واحد منهما ببعض التركة، (11) وغير ما ذكر، والتقييد بالكوفي أخرى كما في آخر
باب كراهية تجهيز الكفن (12) وغيره؛ حيث إن العاصمي كان كوفيا كما صرح به
النجاشي والشيخ في الرجال والفهرست، (13) والتعبير بأبي عبد الله العاصمي ثالثة؛
حيث إنه كان يكنى بأبي عبد الله، كما يقتضيه كلام النجاشي. (14)

1. مرآة العقول 2: 292.
2. رجال السيد بحر العلوم 2: 15.
3. الكافي 5: 318، ح 59، باب النوادر.
4. الكافي 5: 391، ح 8، باب ما أحل للنبي من النساء.
5. الكافي 5: 428، ح 8، باب المرأة تحرم على الرجل ولا تحل له أبدا.
6. الكافي 5: 492، ح 3، باب الولد إذا كان أحد أبويه مملوكا والآخر حرا.
7. الكافي 5: 504، ح 2، باب العزل.
8. الكافي 6: 6، ح 9، باب فضل البنات بعد باب شبه الولد.
9. الكافي 6: 47، ح 3، باب تأديب الولد.
10. الكافي 6: 10، ح 10، باب الدعاء في طلب الولد.
11. الكافي 7: 47، ح 2، باب من أوصى إلى اثنين فينفرد كل واحد منهما ببعض التركة، وفيه: بدون
التقييد بالعاصمي.
12. الكافي 3: 147، ح 3، باب كراهية تجهيز الكفن.
13. رجال النجاشي: 93 / 232؛ رجال الطوسي: 454 / 97؛ الفهرست: 28 / 85.
14. رجال النجاشي: 93 / 232.
85

ومع ذلك روى الكليني في باب نادر من كتاب فضل القرآن عن أحمد بن
محمد بن أحمد، (1) وهذا مشترك بين العاصمي وابن طرخان والجرجاني.
والثاني لا تساعد طبقته لرواية الكليني عنه؛ إذ ذكر النجاشي: أنه كان
صديقه. (2)
والأخير غير معروف، فينصرف الإطلاق إلى العاصمي؛ لكونه مشهورا؛ حيث
إنه ذكر النجاشي: أنه روى عن جميع الشيوخ الكوفيين، وذكر له كتبا، (3) هذا.
[طريقة الكليني في الحوالة على السند السابق]
وبعد انحلال الإشكال المتطرق في المقام يتطرق إشكال أوعر وأعسر قد
اشتبه فيه الحال على الفضلاء، كما ذكره المولى التقي المجلسي في بعض
تعليقات التهذيب في باب الديون وأحكامها من كتاب الديون والكفالات
والضمانات والوكالات، وهو أن الكليني - في صورة اشتراك السند اللاحق مع
السند السابق في جزءين أو الأزيد من أوائل السند السابق - يأخذ الجزء الأخير من
القدر المشترك - أعني الجزء الثاني في صورة انحصار الاشتراك في جزءين أو غير
ذلك في صورة الاشتراك في الأزيد من الجزءين - حوالة لمن قبل الجزء الأخير،
إلى السند السابق.
هذا على وجه الكلية كما قيل، أو على وجه الغلبة، وقد نص على
ذلك جماعة كشيخنا البهائي في مشرقه، (4) وصاحب المنتقى، (5) ونجله في تعليقات

1. الكافي 2: 632، ح 21، باب النوادر.
2. رجال النجاشي: 87 / 210.
3. رجال النجاشي: 93 / 232.
4. مشرق الشمسين: 92.
5. منتقى الجمان 1: 23 و 24، الفائدة الثالثة.
86

الاستبصار، بل نقله الأخيران عن طريقة القدماء، وارتضاه المولى التقي المجلسي (1)
والسيد السند الجزائري.
لكن حكى في المنتقى عن بعض القول بالإرسال، (2) وهو مقتضى كلام العلامة
البهبهاني في باب الكنى في ترجمة أبي داود. (3)
ومقتضى كلام العلامة المجلسي في أربعينه: أن كلا من الرواية السابقة
واللاحقة مأخوذ من كتاب صدر المذكورين في السند اللاحق، فالواسطة بين
الكليني وصدر المذكورين مشايخ الإجازة ذكرت تارة، وتركت أخرى. (4)
ويرشد إلى القول الأول: أنه لو كان الأمر من باب الإرسال أو غيره، لاتفق
كثيرا أيضا في صورة مباينة السند السابق واللاحق، فتخصيص الإسقاط بصورة
اشتراك السندين في صدر المذكورين في السند اللاحق يكشف عن كون الغرض
الاختصار وحوالة الحال إلى السند السابق، ولا سيما مع نقل ذلك عن طريقة
القدماء.
وإن أمكن القول بأنه يأتي في كلام القدماء ما يأتي من الكلام في
كلام الكليني، فلا دلالة في كلام القدماء على ما نقل عنهم، فلا وثوق بالنقل
في الباب.
[طريقة الشيخ في التهذيبين]
وقد تسرى الطريقة المشار إليها إلى الشيخ على ما ذكره المولى التقي
المجلسي؛ حيث إنه قد حكى:
أنه كثيرا ما يروي الكليني أولا عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد،

1. روضة المتقين 14: 332.
2. منتقى الجمان 1: 24، الفائدة الثالثة.
3. تعليقة الوحيد البهبهاني: 389.
4. الأربعين: 510، الحديث الخامس والثلاثون.
87

أو عن عدة من أصحابنا عن أحمد، ثم يسقط محمد بن يحيى أو العدة.
ولا شك أن مراده محمد بن يحيى أو عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن
محمد، وأسقطهما للاختصار.
وكثيرا ما يروي الشيخ عن الكليني عن أحمد بن محمد وغرض الشيخ
غرض الكليني من إسقاط العدة أو محمد بن يحيى.
ويعترض على الشيخ أنه سها، وإن كان السهو من مثل الشيخ ليس ببعيد،
لكن مثل هذا السهو بعيد؛ لأنه وقع منه في التهذيب والاستبصار قريبا
من مائة مرة، فيستبعد أنه كان سها أو توهم أن الكليني يروي عنه.
بل يمكن أن يقال: عدم فهم الشيخ محال عادة؛ فإن فضيلته أعظم من أن
يرتاب فيها. وذكر بعض الفضلاء في كل مرة حاشية مشعرة بغلط
الشيخ، ولم يتفطن أنه تبع الكليني في الاختصار.
والذي تتبعنا من غرض هذا الفاضل أن مراده أن يذكر أنه لا يعمل بأخبار
الآحاد؛ لوقوع مثل هذه الأغلاط من أمثال هذه الفضلاء، فكيف يجوز
الاعتماد على خبر جماعة تقع الأغلاط الكثيرة من أفضلهم؟! (1)
ومقصوده ببعض الفضلاء هو الفاضل التستري.
لكن حكى في المنتقى عن الشيخ: أنه يذكر طريقه إلى المبدو به في السند
المحذوف عن صدره في الكافي بطريقه عن الكليني من غير تفطن بتوسط
الواسطة المحذوفة في السند السابق. (2)
وقال المحقق الشيخ محمد في تعليقات الاستبصار مشيرا إلى بعض الأسانيد:
" هذا الإسناد مبني على ما قبله، وهذه طريقة القدماء، وربما غفل عنها الشيخ،
فتضيع بسببها أحاديث ". (3)

1. روضة المتقين 14: 332، وأشار إليه أيضا في ص 44.
2. منتقى الجمان 1: 24، الفائدة الثالثة.
3. انظر استقصاء الاعتبار 2: 456.
88

[مقوم اتحاد المذكور في صدر السند اللاحق وأوائل السند السابق]
وعلى أي حال طرح الاتحاد بين الجزء المذكور في صدر السند اللاحق
وأوائل السند السابق إنما يتم في صورة اتحاد الجزء المشار إليه مطلقا، أو في
مورد الإسناد - أعني الإسناد إلى من روى عنه في السندين - أو التعدد في مورد
الإسناد مع عدم احتمال أن يكون المقصود بالجزء المذكور في صدر السند
اللاحق هو المختص بالصدر، وإلا فلو تعدد الجزء المشار إليه بين من يختص
بالصدر ومن يعم غير الصدر وقامت القرينة على كون المقصود بالصدر هو
المختص بالصدر من المروي عنه أو غيره فلا مجال لطرح الاتحاد، ولا مناص عن
الاختلاف، والكليني قد يروي عن أحمد بن محمد وأحمد بن محمد مذكور في
أوائل السند السابق، فيأتي الإشكال في اتحاد أحمد بن محمد في صدر السند
اللاحق وأوائل السند السابق، واختلافه.
[تعيين أحمد بن محمد المذكور في صدر سند الكافي]
لكن يمكن القول: بأن الإشكال المذكور وإن لا يكون مبنيا على الإشكال
المتقدم، لكن الظاهر أن الاشتباه المحكي في كلام المولى التقي المجلسي عن
الفضلاء كما تقدم إنما يكون مبنيا على الاشتباه في أحمد بن محمد المذكور في
صدر سند الكافي من أصله وعدم معرفته.
وبالجملة، فقد جرى المولى التقي المجلسي على القول بالاختلاف، أعني
كون أحمد في صدر السند هو العاصمي، وفي أوائل السند السابق هو ابن عيسى
مثلا، وحكى عن الفضلاء الاشتباه كما سمعت. (1)
والظاهر أن المقصود بالاشتباه هو المصير إلى القول بالاتحاد لا التوقف.

1. انظر روضة المتقين 14: 44 و 332.
89

ويظهر القول بالاتحاد مما صنعه الشيخ في التهذيب؛ حيث إنه روى في باب
الديون وأحكامها من كتاب الديون والكفالات والحوالات والضمانات والوكالات
عن أحمد بن محمد، عن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، ثم روى عنه، عن علي بن
الحسن بن جعفر بن محمد إلى آخره، (1) والكليني روى عن محمد بن يحيى، عن
أحمد بن محمد إلى آخره، ثم روى عن أحمد بن محمد إلى آخره، فجرى الشيخ
على اتحاد أحمد في السندين وقال: " عنه ". (2)
أقول: إن مقتضى ما تقدم - من أنه لو تعدد الجزء المذكور في صدر السند
اللاحق وأوائل السند السابق وقامت قرينة على كون المقصود بالصدر هو
المخصوص بالصدر من المروي عنه وغيره فلا مجال لطرح الاتحاد، ولا بد من
القول بكون المقصود بأحمد في المقام هو العاصمي؛ قضية قضاء التقييد بالعاصمي
وغيره مما تقدم - يكون المقصود بأحمد في صدر سند الكافي هو العاصمي.
[تعارض أغلبية الرواية عن العاصمي مع أغلبية التطابق مع السند السابق]
وبعد هذا أقول: إن الغالب في أحمد في صدر سند الكافي هو العاصمي - وإن
كان مطلقا - من باب حمل المطلق على المقيد، فالمشكوك فيه - أعني مورد
اشتراك السند السابق واللاحق - يحمل على الغالب.
إلا أن يقال: كما أن الغالب في أحمد في صدر السند هو العاصمي، فكذا
الغالب في مورد الاشتراك هو الاتحاد، فليس البناء على كون المقصود بأحمد في
مورد الاشتراك هو العاصمي أولى من البناء على كون المقصود هو ابن عيسى مثلا.
مضافا إلى أنه ربما وقع في صدر السند أحمد بن محمد بن سعيد، كما في

1. تهذيب الأحكام 6: 191، ح 412 و 413، باب الديون وأحكامها، إلا أن في الأول " أحمد بن محمد
عن ابن فضال عن عمار " إلى آخره.
2. الكافي 5: 102، باب إذا التوى الذي عليه الدين على الغرماء.
90

باب ما يستحب من تزويج النساء، وباب إكرام الزوجة. (1)
والظاهر أن المقصود بأحمد بن محمد بن سعيد هو ابن عقدة؛ حيث إن الكليني
توفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة على ما ذكره الشيخ، (2) أو سنة تسع وعشرين وثلاثمائة
على ما ذكره النجاشي، (3) وابن عقدة توفي سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة على ما ذكره
الشيخ، فوفاة ابن عقدة كانت بعد وفاة الكليني بأربع سنين أو خمس سنين.
إلا أن يقال: إن الأمر في المقام من باب تعارض الغلبة الشخصية والغلبة
النوعية، والغلبة الشخصية مقدمة على الغلبة النوعية.
وبوجه آخر: يدور الأمر في المقام بين حمل أحمد في صدر السند في مورد
الاشتراك على أحمد في الصدر في سائر الموارد، والحمل على غير ذلك - أعني
الجزء الأخير من القدر المشترك في السند السابق في سائر موارد الاشتراك -
والظن يتحرك إلى جانب الأول.
ولو فرضنا كون الحمل على الجزء الأخير في موارد الاشتراك أكثر، وأحمد بن
محمد بن سعيد نادر بالإضافة إلى موارد اتفاق العاصمي في صدر السند بالعبارات
المختلفة المتقدمة، فلا يمانع ذلك عن إلحاق المشكوك فيه بالغالب.
بل على هذا المنوال الحال في جميع موارد حمل المشكوك فيه على الغالب
مع وجود الفرد النادر.
لكن يمكن أن يقال: إن الأمر في المقام من باب تعارض الغلبتين الشخصيتين؛
حيث إن أحمد بن محمد في موارد الاشتراك أحد أفراد أحمد في صدر السند
وأحد موارد الاشتراك، فكما أن الغلبة في أحد أفراد أحمد في صدر السند تقتضي

1. الكافي 5: 338 ذيل ح 7، باب ما يستحب من تزويج النساء عند بلوغهن وتحصينهن بالأزواج؛
وص 510، ذيل ح 3، باب إكرام الزوجة.
2. الفهرست: 135 / 601.
3. رجال النجاشي: 377 / 1026.
91

البناء على كون المقصود به في موارد الاشتراك هو العاصمي، فكذا غلبة الاتحاد
في موارد الاشتراك تقتضي الاتحاد في باب أحمد، ولا ترجيح للغلبة في جانب
أحمد. ولا سيما لو كانت غلبة الاتحاد أزيد؛ لاتفاق الاشتراك في رجال كثيرة من
دون اختصاص بالواحد، كما في الغلبة في جانب أحمد.
والأمر نظير أن ينتهي خطان عرضا وطولا في نقطة واحدة واختلف الغالب
في النقطة عرضا وطولا، فإن حمل النقطة المشار إليها على الغالب من النقطة في
العرض أو الطول ليس أولى من الحمل على الغالب من النقطة في الآخر، ولا سيما
لو كان الغالب في الآخر أزيد.
وكما أن غلبة الاتحاد في موارد الاشتراك تمانع عن نفع غلبة العاصمي في
أحمد في صدر السند، فكذا تمانع عن نفع قيام القرينة في موارد متعددة على
كون أحمد هو العاصمي من باب حمل المطلق على المقيد مع قطع النظر عن
الغلبة؛ لتطرق التعارض بين غلبة الاتحاد وحمل المطلق على المقيد.
[الرجوع إلى القرينة في تعيين أحمد في صدر سند الكافي]
فحينئذ نقول: إن المناسب حوالة الحال على القرينة، فإن تساعد القرينة
للدلالة على كون المقصود بأحمد هو المذكور في أوائل السند السابق - كما لو
روى عمن يروي عنه أحمد بن محمد بن خالد مع رواية أحمد في أوائل السند
السابق عمن يروي عنه أحمد بن محمد بن عيسى أو أحمد بن محمد بن خالد -
فالمدار على الاتحاد.
ومنه ما في الكافي في باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم
الأئمة (عليهم السلام)؛ حيث روى عن عدة من الأصحاب، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء،
ثم روى عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر. (1)

1. الكافي 1: 212، ح 8 و 9، باب أن أهل الذكر الذين أمر الله بسؤالهم هم الأئمة.
92

حيث إن المقصود بأحمد في السند الأول هو ابن عيسى؛ لروايته عن الوشاء
كما يظهر بملاحظة ترجمة الوشاء، والمقصود بأحمد في رواية أحمد بن محمد
عن أحمد بن محمد بن أبي نصر إنما هو ابن عيسى أو ابن خالد، كما ذكره المولى
التقي المجلسي، (1) لكن هنا يتعين في ابن عيسى، ولا مجال لاحتمال العاصمي.
ومن ذلك ما في باب المدالسة في النكاح؛ حيث روى عن أحمد بن محمد،
عن الحسين بن سعيد، ثم روى عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد؛ (2) لأن
أحمد الراوي عن الحسين بن سعيد يتردد بين ابن عيسى وابن خالد كما ينصرح
عن المولى التقي المجلسي، (3) ولا مجال لابن خالد، فيتعين ابن عيسى، فلا مجال
لاحتمال العاصمي.
مع أن الظاهر بل المقطوع به عدم رواية الكليني عن الحسين بن سعيد
بواسطة واحدة، كما هو الحال لو كان المقصود بأحمد هو العاصمي، فلا مجال
لاحتمال العاصمي.
وإن تساعد القرينة للدلالة على كون المقصود هو العاصمي، فالمدار عليه،
وإلا فلا بد من التوقف، لكن لا ضير فيه بناء على وثاقة العاصمي أو ابن عيسى أو
ابن خالد. (4)
ومن موارد مساعدة القرينة للدلالة على كون المقصود بأحمد هو العاصمي
الرواية المتقدمة؛ لوقوع التقييد بالعاصمي في باب شبه الولد وباب تأديب الولد
في رواية أحمد عن علي بن الحسن. (5)

1. انظر روضة المتقين 14: 44 و 332.
2. الكافي 5: 405، ح 2 و 3، باب المدالسة في النكاح.
3. روضة المتقين 14: 44 و 332.
4. كذا، والأنسب: " وابن عيسى وابن خالد ".
5. الكافي 6: 6، ح 9، باب فضل البنات بعد باب شبه الولد؛ وص 47، ح 3 باب تأديب الولد.
93

وكذا في باب أحل للنبي (صلى الله عليه وآله) من النساء وباب " المرأة تحرم على الرجل
ولا تحل له أبدا " وباب العزل في رواية أحمد عن علي بن الحسن بن فضال (1)
الكاشف عن كون المقصود بعلي بن الحسن في مورد الإطلاق - كما في الرواية
المتقدمة - هو ابن فضال، وغيرها مما ذكر هنا.
ومثله في باب الدعاء لطلب الولد في رواية أحمد عن علي بن الحسن
التيملي؛ (2) حيث إن التيملي لقب علي بن الحسن بن فضال، كما صرح به المحدث
القاشاني في الوافي، وعليه جرى في أسانيد الوافي قال: " ويقال له: التيمي،
ويصحف بالميثمي ".
وهو مقتضى ما رواه في الكافي في باب أن المؤمن كفو المؤمنة؛ حيث إنه
روى عن بعض الأصحاب، عن علي بن الحسن بن فضال التيملي، لكن في
بعض النسخ " الحسن بن علي بن صالح " (3) وهو غلط.
[الخلاف في لقب ابن فضال]
وربما يقتضي كلام المولى التقي المجلسي في حاشية النقد أنه اشتباه
والصواب التيمي. (4)
وربما يرشد إلى ما استصوبه ما رواه في الكافي في باب " الولد إذا كان أحد
أبويه مملوكا والآخر حرا "؛ حيث روى الكليني عن أحمد بن محمد العاصمي،
عن علي بن الحسن بن علي التيمي. (5)

1. الكافي 5: 391، ح 8، باب ما أهل للنبي (صلى الله عليه وآله) من النساء؛ وص 428، ح 8، باب المرأة تحرم على الرجل
ولا تحل له أبدا؛ وص 504، ح 2، باب العزل.
2. الكافي 6: 10، ح 10، باب الدعاء في طلب الولد.
3. الكافي 5: 343، ح 2، باب أن المؤمن كفو المؤمنة.
4. انظر نقد الرجال 2: 47، هامش 1.
5. الكافي 5: 492، ح 3، باب الولد إذا كان أحد أبويه مملوكا والآخر حرا.
94

لكن الظاهر أن الأمر على الثاني من باب السهو في الزيادة؛ لأن علي بن
الحسن سبط فضال من دون توسط علي بين الحسن وفضال.
وكذا ما رواه في الكافي في باب النوادر من المواريث؛ حيث روى عن
أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن التيمي. (1)
وكذا ما رواه في الكافي في باب من ترك من الورثة بعضهم مسلمون وبعضهم
مشركون؛ حيث روى عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن التيمي. (2)
لكن ربما حكي عن بعض النسخ في البابين الأخيرين الميثمي. (3)
وربما يرشد إلى ذلك أيضا ما عن الفهرست والخلاصة في ترجمة الحسن بن
علي بن فضال من أنه مولى تيم بن ثعلبة. (4)
لكن المذكور فيهما في العنوان الحسن بن علي بن فضال التيملي.
وعلى ما ذكر المناسب " التيمي " إلا أن يكون التيملي صفة لعلي، لكنه خلاف الظاهر.
لكن عن بعض نسخ الفهرست والخلاصة: أنه مولى تيم الله بن ثعلبة، (5) فلا إشكال.
وربما قيل: إن التيملي مخفف " تيم الله ". وعلى هذا توصيف الحسن بالتيملي
يجامع كونه مولى تيم بن ثعلبة بكون " تيم " مخفف " تيم الله ".
وكذا ترتفع المنافاة بين توصيف علي بالتيمي والتيملي.
[اشتباه علي بن الحسن الميثمي بالتيملي]
وبما سمعت يظهر ضعف ما صنعه المولى التقي المجلسي في شرح
المشيخة؛ حيث عنون علي بن الحسن الميثمي، وذكر أن الكليني كثيرا ما يروي

1. الكافي 7: 78، ح 2، باب النوادر.
2. الكافي 7: 146، ح 1، باب من يترك من الورثة بعضهم مسلمون وبعضهم مشركون.
3. انظر الوسائل 17: 384، أبواب موانع الإرث، باب 5، ح 1.
4. الفهرست: 47 / 163، وفيه: " يتم الله "؛ خلاصة الأقوال: 37 / 2، وفيه: " مولى بني تميم بن ثعلبة ".
5. انظر مجمع الرجال للقهبائي 1: 134.
95

عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن، عن أبيه، وأراد بأحمد أبا عبد الله
العاصمي، عن الميثمي، عن الحسن بن إسماعيل. (1)
وربما عنون السيد السند التفرشي علي بن الحسن الميثمي أيضا، لكنه صرح
باستخراجه مما رواه في التهذيب في باب ميراث أهل الملل المختلفة، عن
الكليني، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن الميثمي، عن أخيه أحمد،
عن علي بن الحسن، عن أبيه. وجرى على اتحاد علي بن الحسن الميثمي
وعلي بن إسماعيل بن شعيب استظهارا له من ترجمة أحمد بن الحسن بن
إسماعيل، وحكم بأنه يروي عن أخيه، عن أحمد بن الحسن. (2)
ويرد عليه: بعد ما يظهر مما مر أنه كان المناسب نسبة الاستخراج إلى الكافي،
كما لا يخفى، (3) مع أن الظاهر أن الغرض من علي بن الحسن في سند الكافي
المذكور في التهذيب هو ابن فضال، كما ترشد إليه الرواية المذكورة في التهذيب
قبل ذلك عن علي بن الحسن بن فضال، عن أخيه أحمد بن الحسن، عن أبيه. (4)
وأيضا استظهار الاتحاد من الترجمة المذكورة مدفوع بأنه لا يظهر الاتحاد من
تلك الترجمة، كما ذكره المولى التقي المجلسي (5) والعلامة البهبهاني، (6) بل الظاهر
أن علي بن الحسن الميثمي ابن أخي علي بن إسماعيل بن شعيب بأن كان
لإسماعيل ابنان: علي - أعني علي بن الحسن الميثمي أحد طرفي الحكم

1. روضة المتقين 14: 392.
2. نقد الرجال 3: 242 / 3534، وانظر تهذيب الأحكام 9: 371، ح 1326، باب ميراث أهل الملل
المختلفة.
3. انظر الكافي 7: 146، ح 1، باب من يترك من الورثة بعضهم مسلمون وبعضهم مشركون، وفيه:
" التيمي ".
4. تهذيب الأحكام 9: 370، ح 1323، باب ميراث أهل الملل المختلفة.
5. نقد الرجال 3: 243، هامش 2.
6. تعليقة الوحيد البهبهاني: 229.
96

بالاتحاد - والحسن، وكان للحسن ابنان: أحمد صاحب الترجمة المذكورة، وعلي
أعني علي بن إسماعيل بن شعيب آخر طرفي الاتحاد. لكن روى عن علي بن
حكم محمد بن السندي، فلإسماعيل ثلاثة أبناء بناء على كون علي بن السندي
هو علي بن إسماعيل بن شعيب، كما حررناه في مقالة منفردة.
وأيضا الظاهر أن دعوى أن علي بن إسماعيل الميثمي يروي عن أخيه أحمد بن
الحسن من باب الاشتباه بين علي بن الحسن الميثمي وعلي بن الحسن التيملي، أعني
علي بن الحسن بن فضال؛ حيث إن علي بن الحسن بن فضال كان يروي عن أخويه:
أحمد ومحمد، عن أبيهم، كما نص عليه النجاشي، وقد تقدمت رواية علي بن
الحسن بن فضال عن أخيه أحمد في سند الكافي المذكور في التهذيب.
مع أنه على ذلك لاوجه لذكر أحمد فقط، بل كان اللازم ذكر محمد أيضا،
فالأمر من باب السهو في السهو.
ومن رواية علي بن الحسن عن أخويه ما رواه في الكافي في باب من يترك
من الورثة بعضهم مسلمون وبعضهم مشركون، (1) ورواه في التهذيب في باب
ميراث أهل الملل المختلفة، (2) كما سمعت.
وكذا ما رواه في الكافي في باب من أوصى إلى اثنين فينفرد كل منهما ببعض
التركة، عن أحمد بن محمد العاصمي، عن علي بن الحسن، عن أخويه: محمد
وأحمد، عن أبيهما. (3) بل نظيره غير عزيز.
لكن الإيراد المذكور ينافي ما يقتضيه كلامه المتقدم بالنقل عنه في شرح
المشيخة في عنوان علي بن الحسن الميثمي من أنه علي بن الحسن بن إسماعيل. (4)

1. الكافي 7: 146، ح 1، باب من يترك من الورثة بعضهم مسلمون وبعضهم مشركون.
2. تهذيب الأحكام 9: 371، ح 1326، باب ميراث أهل الملل المختلفة.
3. الكافي 7: 47، ح 2، باب من أوصى إلى اثنين فينفرد كل منهما ببعض التركة.
4. روضة المتقين 14: 392.
97

وربما قال في الفقيه في باب " الرجل يوصي إلى الرجل بولده ومال لهم وأذن
لهم عند الوصية أن يعمل بالمال والربح بينه وبينهم ":
روى محمد بن يعقوب الكليني - رضي الله عنه - قال: حدثني أحمد بن
محمد العاصمي، عن علي بن الحسن الميثمي، عن الحسن بن يوسف،
عن مثنى بن الوليد، عن محمد بن مسلم. (1)
وأنت خبير بأن الميثمي اشتباه عن التيمي أو التيملي.
مع أن الكليني لم يقل: " حدثني " وإنما جرى مجرى ما تعارف منه أي قال:
" أحمد بن محمد ". (2)
على أنه لم يقيد أحمد بالعاصمي، ولا علي بن الحسن بالميثمي.
وبما تقدم يظهر ضعف ما ذكره المولى التقي المجلسي في شرح المشيخة
عند الكلام في أحمد بن محمد بن عيسى في قوله:
وقد يوجد في أوائل سند الكافي أحمد بن محمد، فإن تقدمه خبر يكون
فيه أحمد بن محمد بأن كان قبله عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد،
أو محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، فهو ابن عيسى أو ابن خالد،
وإن لم يكن قبله ذلك، فهو أحمد بن محمد الثقة. والغالب فيه روايته
عن علي بن الحسن. (3)
لعدم قيام دليل على كون المقصود بأحمد في مورد الاشتراك هو العاصمي.
مضافا إلى أنه مناف لما سمعت منه في بعض تعليقات التهذيب من أن
المقصود بأحمد في موارد الاشتراك هو العاصمي.

1. الفقيه 4: 169، ح 590، باب الرجل يوصي إلى الرجل بولده ومال لهم وأذن لهم عند الوصية أن يعمل
بالمال والربح بينه وبينهم.
2. الكافي 7: 62، ح 19، باب النوادر.
3. روضة المتقين 14: 44.
98

تنبيهات
[التنبيه] الأول
[بيان حال أحمد بن محمد العاصمي]
إنه ذكر النجاشي (1) والشيخ في الفهرست (2) وكذا في الرجال (3) نقلا في ترجمة
أحمد بن محمد العاصمي أنه ثقة في الحديث.
وقد اتفقت هذه اللفظة في تراجم أخرى أيضا، كترجمة أحمد بن أبي بشر، (4)
وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال، (5) والحسين بن أبي سعيد، (6) والحسين بن
أحمد بن المغيرة، (7) وعمار بن موسى، (8) وغيرهم. (9)

1. رجال النجاشي: 93 / 232.
2. الفهرست: 28 / 85.
3. رجال الطوسي: 454 / 97.
4. رجال النجاشي: 75 / 1181.
5. رجال النجاشي: 80 / 194.
6. رجال النجاشي: 38 / 78.
7. رجال النجاشي: 68 / 165؛ خلاصة الأقوال: 217 / 11.
8. رجال النجاشي: 290 / 779؛ خلاصة الأقوال: 243 / 6.
9. كالحسن بن علي بن فضال كما في الفهرست: 47 / 163؛ وأحمد بن إبراهيم كما في الفهرست
30 / 8.
99

وعن المشهور أنها تفيد العدالة، فيكون الحديث من باب الصحيح إن كان
الراوي إماميا، ومن باب الموثق إن كان الراوي غير إمامي.
ويظهر من بعض القول به، (1) بل ظاهر البعض الاتفاق عليه. (2)
والأظهر أنها تفيد المدح بعد إفادة التوثيق بثقة للعدالة، فيكون الحديث من
باب الحسن إن كان الراوي إماميا، ومن باب القوي إن كان الراوي غير إمامي على
ما فصلنا الكلام فيه في الرسالة المعمولة في " ثقة في الحديث ".
وفي المقام من باب الحسن؛ لكون أحمد العاصمي من باب الإمامي؛ لغلبة
الإمامية في الرواية.
وكذا دلالة عدم ذكر سوء المذهب من الإمامي من أهل الرجال على كون
الراوي إماميا.
وكذا دلالة عدم ذكر سوء المذهب من النجاشي على كون الراوي إماميا كما
عن غير واحد. (3)
مضافا إلى أن كتاب النجاشي موضوع لذكر الإماميين بناء على ما ذكره
النجاشي في أول الكتاب من أنه موضوع لذكر سلف الإمامية ومصنفاتهم. (4)
وكذا الحال في الفهرست على ما ذكره بعض المتأخرين؛ (5) استدلالا بأنه
فهرست كتب الشيعة وأصولهم وأسماء المصنفين منهم، كما هو المصرح به في
نفسه.

1. انظر تعليقة الوحيد البهبهاني: 6، وعدة الرجال للكاظمي: 18.
2. منتهى المقال 1: 48.
3. حاوي الأقوال 1: 107؛ الرواشح السماوية: 67، الراشحة 17؛ عدة الرجال 1: 115. ونقله عن
الاستقصاء في منتهى المقال 1: 43، تنقيح المقال 1: 205.
4. رجال النجاشي: 3.
5. عدة الرجال 1: 115، ونقله عن العلامة الطباطبائي في الفوائد الرجالية، والمحقق الداماد في تنقيح
المقال 1: 205.
100

لكنه عجيب؛ حيث إنه وإن قال الشيخ في أول الكتاب:
فإني لما رأيت جماعة من شيوخ طائفتين من أصحاب الحديث عملوا
فهرست كتب أصحابنا وما صنفوه من التصانيف ورووه من الأصول،
ولم أجد منهم أحدا استوفى ذلك وأحاطت به خزائنه من الكتب، ولم
يتعرض أحد منهم باستيفاء جميعه، إلا ما كان قصده أبو الحسين
أحمد بن الحسين بن عبيد الله، فإنه عمل كتابين أحدهما ذكر فيه
المصنفات، والآخر ذكر فيه الأصول، واستوفاهما على مبلغ ما وجده
وقدر عليه، غير أن هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا،
واخترم هو - رحمه الله - وعمد بعض الورثة إلى إهلاك هذين الكتابين
وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنه، ولما تكرر من الشيخ
- أدام الله علوه وعزه - الرغبة فيما يجري هذا المجرى، وتوالى
منه الحث على ذلك ورأيته حريصا عليه، عمدت إلى عمل كتاب
يشتمل على ذكر المصنفات والأصول من الإمامية. (1)
وظاهر هذه العبارة: أن تأليف الفهرست لبيان أرباب المصنفات والأصول من
الإمامية؛ حيث إن مقتضاها أن تأليف الفهرست لاستيفاء ما أراده شيوخ الطائفة من
ضبط كتاب أصحابنا وما صنفوه من التصانيف والأصول.
وقوله: " أصحابنا " ظاهر في الإمامية.
لكنه قال بعد فصل يسير:
فإذا ذكرت كل واحد من المصنفين وأصحاب الأصول، فلابد من أن
أشير إلى ما قيل فيه من التجريح والتعديل، وهل يعول على روايته أم
لا؟ وأبين عن اعتقاده وهل هو موافق للحق أو مخالف له؟ إن كثيرا من
أصحابنا ينتحلون المذاهب الفاسدة وإن كانت كتبهم معتمدة. (2)

1. الفهرست: 1. وليس فيه: " من الإمامية ".
2. الفهرست: 2.
101

وهذه العبارة صريحة في أن الفهرست موضوع لبيان أرباب المصنفات
والأصول من الرواة الإمامية وغيرهم، وجرى على تعميم " أصحابنا " في
قوله: " مصنفي أصحابنا " للإمامي وغيره بشهادة قوله: " ينتحلون المذاهب
الفاسدة ". وكذا قوله سابقا على ذلك: " وأبين عن اعتقاده، وهل هو موافق للحق
أو مخالف له " مع أنه جرى على ذكر فساد العقيدة من العامية وغيرها في تراجم
شتى. (1)
ومزيد الكلام موكول إلى ما حررناه في الرسالة المعمولة في " ثقة ".
قوله في العبارة الأولى: " أحمد بن الحسين بن عبيد الله " هذا هو ابن
الغضائري المعروف على ما جرى عليه جماعة. (2)
وعن الشهيد الثاني في إجازته لوالد شيخنا البهائي التصريح بكون ابن
الغضائري هو والد أحمد، أعني الحسين، (3) وهو المحكي عن بعض من تأخر
عنه. (4)
والحق هو الأول، وشرح الحال موكول إلى ما حررناه في الرسالة المعمولة في
باب ابن الغضائري.
ثم إن المولى التقي المجلسي جرى على توثيق أحمد العاصمي في العبارة
المتقدمة منه عند الكلام في أحمد بن محمد بن عيسى، وهو مبني على دلالة " ثقة
في الحديث " في كلام النجاشي والشيخ على العدالة - كما هو الظاهر - أو اشتباه
" ثقة في الحديث " ب‍ " ثقة ".

1. انظر الفهرست: 20 / 54، وص 23 / 60، وص 13 / 32.
2. منهج المقال: 398؛ تعليقة الوحيد البهبهاني: 35؛ الرواشح السماوية: 111، الراشحة 35؛ روضة
المتقين 14: 330؛ نقد الرجال 1: 119.
3. بحار الأنوار 108: 159، إجازة الشيخ الشهيد الثاني لوالد شيخنا البهائي.
4. مجمع الفائدة والبرهان 8: 455؛ عوائد الأيام: 853؛ مقابيس الأنوار: 8.
102

[التنبيه] الثاني
[كلام العلامة البهبهاني في العاصمي ورده]
أنه ذكر العلامة البهبهاني - عند الكلام في الألقاب بعد تفسير العاصمي من
الفاضل الأسترآبادي بعيسى بن جعفر العاصم - أن الظاهر أنه الذي ذكره الصدوق
عن الأسدي في وكلاء الصاحب (عليه السلام)، ويظهر من الكشي الاعتماد عليه، وذكر أنه
روى النجاشي عنه رواية في باب محمد بن سنان ثم قال: " وهذا يدل على
اضطراب كان وزال " فقال: " والظاهر أن هذا أحمد بن محمد بن عاصم ". (1)
أقول: إن مقصوده بما نقله عن الصدوق عن الأسدي هو ما رواه الصدوق في
إكمال الدين في باب من شاهد القائم (عليه السلام)، عن محمد بن محمد الخزاعي، عن
أبي علي الأسدي، عن أبيه محمد بن أبي عبد الله الكوفي في عدد من وقف على
معجزات مولانا القائم (عليه السلام) ورآه من الوكلاء، وقد عد منهم العاصمي. (2)
لكنك خبير بأن رواية الصدوق ليست عن الأسدي، كما هو ظاهر عبارة
العلامة المشار إليه، بل إنما (هي عن الخزاعي، كما يظهر مما سمعت. وتعداد
العاصمي من الوكلاء ليس من الأسدي، كما هو ظاهر عبارة العلامة المشار إليه،
بل إنما) (3) هو عن أبيه محمد بن أبي عبد الله الكوفي كما يظهر مما سمعت.
ومقصوده من ظهور الاعتماد من الكشي: أنه روى الكشي بالإسناد عن
محمد بن الفرج، قال:
كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن أبي علي بن راشد، وعن عيسى بن

1. تعليقة الوحيد البهبهاني: 406.
2. كمال الدين: 442، ح 16، باب 43 ذكر من شاهد القائم (عليه السلام) ورآه وكلمه.
3. ما بين القوسين ليس في " د ".
103

جعفر بن عاصم وابن بند، فكتب إلي: " ذكرت ابن راشد فإنه عاش
سعيدا ومات شهيدا " ودعا لابن بند والعاصمي ". (1)
فذكر هذه الرواية من الكشي ظاهر في الاعتقاد بمضمونها.
لكنك خبير بأن ما ذكر إنما يرتبط بعيسى بن جعفر العاصمي، ولا يرتبط
بأحمد العاصمي، إلا أن الإيراد به مبني على كون الإشارة في قوله: " والظاهر أن
هذا أحمد بن محمد بن عاصم " راجعة إلى كل من الفقرات الثلاث المتقدمة،
لا الفقرة الأخيرة بالخصوص.
ومقصوده بما ذكره النجاشي: ما نقله النجاشي عن الكشي من أنه قال:
وجدت بخط أبي عبد الله الشاذاني أنه قال: سمعت العاصمي يقول: إن
عبد الله بن محمد بن عيسى الملقب ببنان قال: كنت مع صفوان بن يحيى
بالكوفة في منزل إذ دخل علينا محمد بن سنان، فقال صفوان: هذا
ابن سنان لقد هم أن يطير فقصصناه حتى يثبت معنا. (2)
لكنك خبير بأنه لا يرتبط بعيسى بن جعفر، ولا يرتبط أيضا بأحمد، فلا يتجه
ذكر ذلك في المقام، سواء كانت الإشارة المشار إليها راجعة إلى كل من الفقرات
الثلاث المتقدمة، أو الفقرة الأخيرة.
وبالجملة، فالإشارة المشار إليها إن كانت راجعة إلى كل من الفقرات الثلاث
المتقدمة، فلا خفاء في أن استظهار تلك الفقرات في باب عيسى بن جعفر ينافي
استظهارها في باب أحمد، مضافا إلى ما سمعت من عدم ارتباط الفقرة الثانية
بأحمد، وعدم ارتباط الفقرة الأخيرة بعيسى ولا بأحمد.
وإن كانت الإشارة راجعة إلى الفقرة الأخيرة، فينحصر المحذور في عدم
ارتباط الفقرة الأخيرة بعيسى ولا بأحمد.

1. رجال الكشي 2: 863 / 1122.
2. رجال النجاشي: 328 / 888؛ وانظر رجال الكشي 2: 796 / 980.
104

[التنبيه] الثالث
[فيما يتردد فيه أحمد بين العاصمي وابن مهران]
أنه قد يروي الكليني عن أحمد، فيتردد الأمر بين العاصمي وابن مهران؛
لروايته عن ابن مهران، بل كثرة روايته عنه.
وقد يكون مسبوقا بأحمد بن محمد في أوائل السند السابق، كما فيما رواه
في الكافي في باب " البول يصيب الثوب أو الجسد ". عن محمد بن يحيى، عن
أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، ثم قال: سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) إلى آخره. ثم قال أحمد عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت
للرضا (عليه السلام) إلى آخره. ثم قال أحمد عن موسى بن القاسم عن إبراهيم بن
عبد الحميد، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) (1) إلى آخره.
فإن قامت القرينة على كون المقصود بأحمد في صدر السند اللاحق هو
أحمد المذكور في أوائل السند السابق أو غيره، فلابد من التعويل على القرينة،
وإلا فلابد من التوقف.
والحديث ضعيف؛ لاحتمال ابن مهران، وهو ضعيف - كما عن
ابن الغضائري (2) - أو مجهول الحال، وإن أمكن القول بحسن حاله؛ لإكثار الكليني
الرواية عنه، وتكرر ترحمه عليه، (3) لكن لعل الظاهر الرجوع إلى السند السابق.

1. الكافي 3: 55، ح 1، باب البول يصيب الثوب أو الجسد.
2. نقله في خلاصة الأقوال: 205 / 22.
3. انظر: الكافي 1: 391، ح 8؛ باب التسليم وفضل المسلمين؛ وص 398، ح 5، باب في الأئمة (عليهم السلام)
إنهم إذا ظهر أمرهم...؛ وص 424، ح 60، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية؛ وص 458، ح
3، باب مولد الزهراء فاطمه (عليها السلام)؛ وص 484، ح 7، باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، وص
487، ح 3، باب مولد أبي الحسن الرضا (عليه السلام)؛ ومنتهى المقال 1: 356.
105

[التنبيه] الرابع
[كلام الشهيد الثاني]
[في تعيين أحمد بن محمد والكلام فيه]
أنه قد حكم الشهيد الثاني في الدراية:
بأن أحمد بن محمد مشترك بين جماعة، منهم: أحمد بن محمد بن
عيسى، وأحمد بن محمد بن خالد، وأحمد بن محمد بن أبي نصر،
وأحمد بن محمد بن الوليد، وجماعة آخرين من أفاضل أصحابنا في
تلك الأعصار، ويتميز عند الإطلاق بقرائن الزمان؛ فإن المروي عنه إن
كان من الشيخ في أول السند أو ما قاربه؛ فهو أحمد بن محمد بن الوليد.
وإن كان في آخره مقارنا للرضا (عليه السلام)، فهو أحمد بن محمد بن أبي نصر
البزنطي.
وإن كان في الوسط، فالأغلب أنه يريد به أحمد بن محمد بن عيسى.
وقد يراد غيره، ويحتاج في ذلك إلى فضل قوة وتميز واطلاع على
الرجال ومراتبهم، ولكنه مع الجهل لا يضر؛ لأن جميعهم ثقات،
فالاحتجاج بالرواية سهل. (1)
قوله: " ولكنه مع الجهل لا يضر " إلى آخره.
الظاهر أنه مربوط بصدر الكلام مما قبل قوله: " وقد يراد غيره " والغرض أن
تردد أحمد في السند بين ابن الوليد والبزنطي وابن عيسى لا يضر؛ لوثاقة الكل. إلا
أن تعيين أحمد في أول السند أو ما قاربه في ابن الوليد وفي الوسط في البزنطي
وفي الآخر في الرواية عن مولانا الرضا (عليه السلام) يحتاج إلى المهارة في الرجال والاطلاع

1. الدراية في علم مصطلح الحديث: 128.
106

على مراتبهم.
وعلى ذلك تقتضي العبارة توثيق ابن الوليد، كما استفادة جماعة، كالعلامة
المجلسي، (1) والمحقق الشيخ محمد، (2) والسيد السند التفرشي (3) من العبارة.
ويمكن أن يكون مربوطا بذيل الكلام، أعني قوله " وقد يراد غيره " وحينئذ
لا دلالة في العبارة على التوثيق المشار إليه.
ويمكن أن يكون كلاما مستأنفا غير مربوط بخصوص الصدر، أو بخصوص
الذيل، والغرض أن تعيين أحمد في واحد من الثلاثة أو غيره يحتاج إلى المهارة
والاطلاع على المراتب، وعلى هذا تتأتى دلالة العبارة على التوثيق المشار إليه.
هذا كله على تقدير رجوع الضمير المجرور في قوله: " وقد يراد غيره " إلى
أحمد بن محمد بن عيسى كما يقتضيه القرب.
وأما على تقدير الرجوع إلى أحمد في كل من الموارد الثلاثة كما استظهره
السيد السند النجفي (4) فتتعين الدلالة على التوثيق المشار إليه.
وبالجملة، يتطرق الإيراد عليه بأن تعيين أحمد في أول سند الشيخ وما قاربه
في ابن الوليد محل المنع؛ إذ روى الشيخ في التهذيب في باب الديون والكفالات
والحوالات والضمانات عن أحمد بن محمد، عن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام). ثم
روى عنه، عن علي بن الحسن، عن جعفر بن محمد إلى آخره. (5) وقد روى
الكليني الرواية الأولى عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد إلى آخره، ثم

1. رجال المجلسي: 153.
2. الاستقصاء الاعتبار 1: 39.
3. نقد الرجال 1: 153.
4. رجال السيد بحر العلوم 2: 17.
5. تهذيب الأحكام 6: 191، ح 412، 413، باب الديون والحوالات والضمانات؛ وفيه: " أحمد بن
محمد عن ابن فضال عن عمار... ".
107

ذكر الرواية الثانية في قوله: " أحمد بن محمد " (1) وهذا من باب عنوان مشاركة الجزء
الأول من السند اللاحق مع الجزء الثاني من السند السابق.
وقد عبر الشيخ عن أحمد في السند الثاني بالضمير، فالأمر من باب وقوع
أحمد صدر السند بناء على كون أحمد صدر السند.
ويحتمل كون المقصود بأحمد فيه العاصمي، بل جرى المولى التقي
المجلسي على كونه المقصود. (2)
كما أنه يحتمل كون المقصود هو ابن عيسى أو ابن خالد بناء على كون صدر
السند هو محمد بن يحيى؛ حوالة للحال إلى السند السابق، كما هو مقتضى ما مر
من الشيخ بناء على تفطنه بطريقة الكليني، بل هو مقتضى ما نقله المولى التقي
المجلسي عن الفضلاء كما مر، (3) فتعيين أحمد في أول سند الشيخ في ابن الوليد
ليس على ما ينبغي.
وأيضا روى الشيخ في التهذيب في باب ميراث أهل الملل المختلفة، عن
محمد بن يعقوب، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن الميثمي، عن أخيه
أحمد بن الحسن عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن ابن رباط، رفعه، قال
أمير المؤمنين (عليه السلام). وتقدمت هذه الرواية. (4)
والمقصود بأحمد بن محمد في رواية الكليني هو العاصمي كما يظهر مما
مر، فالمقصود بأحمد بن محمد في رواية التهذيب فيما قارب الجزء الأول في
الرواية المذكورة هو العاصمي، فتعيين أحمد فيما قارب الجزء الأول في سند

1. الكافي 5: 102، باب إذا التوى الذين عليه الدين على الغرماء.
2. روضة المتقين 14: 44 و 332.
3. روضة المتقين 14: 333.
4. تهذيب الأحكام 9: 371، ح 1326، باب ميراث أهل الملل المختلفة؛ وفيه: " عن جعفر بن محمد بن
رباط ".
108

الشيخ في ابن الوليد كما ترى.
وأيضا ذكر الشيخ في المشيخة أن ما رواه عن أبي العباس أحمد بن محمد بن
سعيد فهو عن أحمد بن محمد بن موسى، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن
سعيد، (1) فلو اتفق أحمد بن محمد في الجزء الثاني من السند - وهو مما قارب
الجزء الأول - يحتمل أن يكون هو أحمد بن محمد بن سعيد.
وإن قلت: إن الرواية عن أحمد بن محمد بن سعيد منحصرة في الرواية عن
أحمد بن محمد بن موسى على ما يقضي به ما ذكر من نقل الشيخ طريقه إلى
أحمد بن محمد بن سعيد.
قلت: إن مقتضى ما ذكر من نقل الطريق إلى أحمد بن محمد بن سعيد
انحصار الواسطة بين الشيخ وأحمد بن محمد بن سعيد لو روى عن أحمد بن
سعيد مبدوا به في الإسناد في أحمد بن محمد بن موسى، ولا يقتضي انحصار
الواسطة بين الشيخ وأحمد بن محمد بن سعيد في أحمد بن محمد بن موسى
مطلقا، كما أنه لا يقتضي انحصار رواية الشيخ عن أحمد بن محمد بن سعيد فيما
لو كان أحمد بن محمد بن سعيد مبدوا به في الإسناد.
ولا بأس بوقوع من ذكر الطريق إليه في وسط السند.
والأمر نظير رواية بلا واسطة ومع الواسطة، ونظير أنه قد ذكر الشيخ في
المشيخة الطريق إلى الكليني، (2) والكليني قد وقع في الطريق إلى علي بن
إبراهيم بن هاشم، (3) ومحمد بن يحيى العطار، (4) وأحمد بن إدريس، (5) والحسين بن

1. تهذيب الأحكام (شرح المشيخة) 10: 77.
2. المصدر 10: 5.
3. المصدر 10: 29.
4. المصدر 10: 33.
5. المصدر 10: 35.
109

محمد، (1) ومحمد بن إسماعيل، (2) وحميد بن زياد، (3) وأحمد بن محمد بن عيسى، (4)
وأحمد بن محمد بن خالد، (5) والفضل بن شاذان. (6)
وكذا ذكر في المشيخة الطريق إلى الصدوق، (7) والصدوق قد وقع في الطريق
إلى والده، (8) وكل منهما قد وقع في الطريق إلى سعد بن عبد الله. (9)
وكذا روى الصدوق عن الشريف بن سابق التفليسي ولم يذكر الطريق إليه،
والشريف قد وقع في طريق الصدوق إلى الفضل بن أبي قرة، (10) فتعيين أحمد
- فيما قارب الجزء الأول في سند الشيخ - في ابن الوليد ليس بالوجه.
وأيضا لم أجد رواية الشيخ عن ابن الوليد إلا مع الواسطة، بل لم أجدها إلا بتوسط
الشيخ المفيد. وقد اعترف بعض الأعلام أيضا بأنه لم يجد رواية الشيخ عن ابن الوليد إلا
مع الواسطة، فتعيين أحمد في أول سند الشيخ في ابن الوليد ظاهر السقوط.
وأيضا إن كانت الرواية الشيخ عن أحمد بن محمد بتوسط الحسين بن
عبيد الله - وهو الغضائري - فالمقصود بأحمد هو أحمد بن محمد بن يحيى
العطار؛ لوقوع أحمد بن محمد بن يحيى العطار في الرواية عنه بتوسط
الحسين بن عبيد الله كثيرا. مضافا إلى قول الشيخ في الفهرست في ترجمة

1. تهذيب الأحكام (شرح المشيخة) 10: 36.
2. المصدر 10: 37.
3. المصدر 10: 38.
4. المصدر 10: 42.
5. المصدر 10: 44.
6. المصدر 10: 47.
7. المصدر 10: 74.
8. المصدر 10: 74.
9. المصدر 10: 73.
10. الفقيه (شرح المشيخة) 4: 81؛ رجال الطوسي: 444 / 36.
110

محمد بن أحمد بن يحيى العطار: " أخبرنا عنه الحسين بن عبيد الله
وأبو الحسن بن جيد القمي "، (1) وإن أمكن أن يكون هو ابن الوليد؛ قضية أن
مقتضى ما ذكره الشيخ في الطريق إلى محمد بن الحسن الصفار شيخوخة
ابن الوليد للشيخ المفيد، وكذا للحسين بن عبد الله. (2)
وكذا أمكن أن يكون المقصود بأحمد بن محمد في رواية الشيخ المفيد هو
أحمد بن محمد بن يحيى العطار؛ لمساعدة الطبقة؛ حيث إن أحمد بن محمد بن
يحيى العطار روى عنه التلعكبري هارون بن موسى، وهو قد مات سنة خمس
وثمانين وثلاثمائة على ما ذكره النجاشي، (3) والشيخ المفيد قد توفي في سنة ثلاث
عشرة وأربعمائة على ما ذكره النجاشي (4) وغيره، (5) لكن مقتضى ما سمعت من كلام
الشيخ في الفهرست هو كون رواية الشيخ عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار
بتوسط الحسين بن عبيد الله.
ومما ذكر في هذا الوجه والوجه السابق يظهر أن المقصود بأحمد بن محمد
بقول مطلق فيما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بتوسط الحسين بن عبيد الله إنما
هو أحمد بن محمد بن يحيى العطار، وأن المقصود بأحمد بن محمد بقول مطلق
فيما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بتوسط الشيخ المفيد إنما هو ابن الوليد كما
بنى عليه المحقق الشيخ محمد، قال:
إن الذي سمعناه من الشيوخ ورأيناه بعين الاعتبار عند مراجعة الأخبار
أن رواية الشيخ المفيد عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد هي

1. الفهرست: 144 / 612، وانظر رجال الطوسي: 449 / 60.
2. تهذيب الأحكام (شرح المشيخة) 10: 59.
3. ذكره الشيخ الطوسي في رجاله: 516 / 1، والعلامة في خلاصة الأقوال: 180 / 1.
4. رجال النجاشي: 399 / 1067.
5. كالشيخ في الفهرست: 157 / 706؛ والعلامة في خلاصة الأقوال: 147 / 45.
111

المستمرة، كما أن رواية الحسين بن عبيد الله الغضائري عن أحمد بن
محمد بن يحيى هي المستمرة، فإذا ورد الإطلاق في كلا الرجلين بالنظر
إلى الروايتين تعين كل واحد من المذكورين بما استمرت روايته عنه. (1)
فإن قلت: قد ذكر الشيخ في طرقه آخر الكتاب طريقا إلى محمد بن الحسن
الصفار عن الشيخ أبي عبد الله والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون، كلهم عن
أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه (2) فدل هذا على أن أحمد بن
محمد بن الحسن شيخ لكل من الشيخ المفيد والحسين بن عبيد الله، فكيف
حكمت باختصاص الحسين بن عبيد الله بأحمد بن محمد بن يحيى؟!
قلت: الأمر كما ذكرت، إلا أن كلامنا في عادة الشيخ في الأسانيد، ولم
نقف على حديث يتضمن سنده الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن
الحسن بن الوليد.
هذا كله إنما يتعلق بما ذكره فيما لو وقع أحمد بن محمد في أول سند الشيخ
أو ما قاربه.
وأما ما ذكره من أنه لو وقع أحمد بن محمد في آخر السند مقارنا للرضا (عليه السلام) (3)
فهو البزنطي، فيتطرق الإيراد عليه بأنه يحتمل أن يكون أحمد بن محمد واقعا في
آخر السند مقارنا لمولانا الرضا (عليه السلام) هو أحمد بن محمد بن عيسى؛ لأن أحمد بن
محمد بن عيسى قد عده الشيخ في الفهرست من أصحاب مولانا الرضا (عليه السلام)، وذكره
الشيخ في الرجال في أصحاب مولانا الرضا والجواد والهادي (عليهم السلام) إلا أنه قال في
أصحاب مولانا الجواد (عليه السلام): " أحمد بن محمد بن عيسى من أصحاب الرضا (عليه السلام) ". (4)

1. استقصاء الاعتبار 1: 40.
2. تهذيب الأحكام (شرح المشيخة) 10: 58.
3. الفهرست: 25 / 75.
4. رجال الطوسي: 366 / 3؛ وص 397 / 6؛ وص 409 / 3.
112

وربما يستفاد منه أنه كان من خواص مولانا الرضا (عليه السلام).
وذكره النجاشي من أصحاب مولانا الرضا والجواد والهادي (عليهم السلام). (1)
وعده العلامة في الخلاصة من أصحاب مولانا الرضا والجواد
والعسكري (عليهم السلام). (2)
إلا أن الظاهر أن العسكري اشتباه عن الهادي (عليه السلام)؛ لأن الظاهر أن ما ذكره
العلامة مأخوذ من كلام النجاشي، قضية دأبه وديدنه، وقد سمعت أن النجاشي
ذكره من أصحاب مولانا الهادي، مضافا إلى مولانا الرضا والجواد.
مضافا إلى بعد الرواية عن مولانا الجواد ومولانا العسكري دون مولانا
الهادي، وهو ولد مولانا الجواد ووالد مولانا العسكري (عليهما السلام)، فكون أحمد بن
محمد بن عيسى من أصحاب مولانا الرضا (عليه السلام) محل الاتفاق.
فلاوجه لعدم احتماله فيما لو روى أحمد بن محمد في آخر السند مقارنا
لمولانا الرضا (عليه السلام).
[التنبيه] الخامس
[كلام الشيخ البهائي في اشتراك أحمد بن محمد]
أنه قد ذكر شيخنا البهائي في فاتحة مشرق الشمسين أن أحمد بن محمد
مشترك بين جماعة يزيدون على الثلاثين، قال:
ولكن أكثرهم إطلاقا وتكررا في الأسانيد أربعة ثقات: ابن الوليد القمي،
وابن عيسى الأشعري، وابن خالد البرقي، وابن أبي نصر البزنطي،
فالأول يذكر في أوائل السند، والأوسطان والأخير في أواخره، وأكثر ما

1. رجال النجاشي: 81 / 189.
2. خلاصة الأقوال: 13 / 2.
113

يقع الاشتباه بين الوسطين، ولكن حيث إنهما معا ثقتان لم يكن في
البحث عن تعيينه فائدة يعتد بها. وأما البواقي فأغلب ما يذكرون مع قيد
مميز، والنظر فيمن روى عنهم. ورووا عنه ربما يعين الممارس على
استكشاف الحال. (1)
وتبعه المحدث القاشاني في الوافي. (2)
والظاهر أن الكلام المذكور مأخوذ من الكلام المسبوق بالذكر من الشهيد
الثاني.
ويتطرق القدح عليه - مضافا إلى ما يظهر مما مر - بأنه إن كان أحمد بن محمد
في صدر سند الكافي فهو معين في العاصمي إن كان غير مسبوق بأحمد بن محمد
في السند السابق، ومردد بين العاصمي وأحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن
محمد بن خالد إن كان مسبوقا بأحمد في السند السابق مع عدم قيام القرينة، وإن
كان في صدر سنة الفقيه، فهو مردد بين البزنطي وأحمد بن محمد بن سعيد؛
لوقوع كل من هؤلاء في صدر بعض أسانيد الفقيه.
[التنبيه] السادس
[رواية محمد بن علي بن محبوب عن أحمد]
أنه قد روى الشيخ في التهذيب في زيادات الطهارة في باب صفة الوضوء
والفرض منه والسنة رواية محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد، عن الحسين، عن
ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (3)

1. مشرق الشمسين: 91 - 93. وفيه: " والأوسطان في أواسطه والأخير في أواخره ".
2. الوافي 1: 20 المقدمة الثانية.
3. تهذيب الأحكام 1: 359، ح 1081، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة.
114

وعن الشهيد الثاني: أن أحمد حيث يطلق هنا فالمراد ابن الحسن بن علي بن
فضال.
[التنبيه] السابع
[كلام المولى التقي المجلسي في اشتراك أحمد]
أنه ذكر المولى التقي المجلسي:
أن أحمد بن محمد يزيد على خمسين رجلا، كما أن أحمد يقرب من
مائتي رجل الغالب ذكرهم مع الأب، وإذا ذكر أحمد بن محمد، فالغالب
منهم عشرة، والأغلب أربعة، وكثيرا ما يقع الاشتباه بين أحمد بن
محمد بن عيسى وأحمد بن محمد بن خالد، وهما ثقتان، ويقع الاشتباه
فيهما كثيرا وإن كان الغالب ذكر الأول بعنوان أحمد بن محمد، والثاني
بعنوان أحمد بن أبي عبد الله، لكنه يقع بعنوان أحمد بن محمد كثيرا،
وكثيرا ما يرويان عن البزنطي، فإذا وقع أحمد بن محمد عن أحمد بن
محمد، فالمراد بالأول أحدهما، وبالثاني البزنطي، وقد يقع السهو من
نساخ الكليني والشيخ بأن يذكر محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي نصر
بأن يكون الساقط " عن أحمد بن محمد " أو " عن أحمد " بأن كانت النسخة
" عن أحمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر " فتوهم الناسخ زيادة أحمد،
أو كانت عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر فأسقط " عن ". (1)
قوله: " ويقع الاشتباه فيهما كثيرا " الظاهر أنه مبني على جعل الضمير في قول الشهيد
الثاني: " وقد يراد غيره " في العبارة المتقدمة [راجعا] إلى أحمد بن محمد بن عيسى،
لا أحمد في كل من الموارد الثلاثة المتقدمة في العبارة المشار إليها.

1. روضة المتقين 14: 332.
115

الثامن
[في بعض روايات الشيخ]
[في التهذيبين عن أحمد بن محمد مع الواسطة]
أنه روى الشيخ في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارات - لا باب
الأحداث الموجبة للطهارة المذكورة سابقا على الباب المشار إليه، ولا باب
آداب الأحداث الموجبة للطهارة لاحقا للباب المشار إليه في الزيادات - عن
الشيخ المفيد، عن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن
محمد بن أحمد بن يحيى، عن أيوب بن نوح، عن صفوان، عن إسماعيل بن جابر قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الماء لا ينجسه شيء؟ قال: " ذراعان عمقه وشبر سعته ". (1)
ورواه في الاستبصار في باب كمية الكر عن الحسين بن عبيد الله، عن
أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه محمد، عن أحمد بن يحيى، (2) إلى آخره.
وقد حكى المحقق الشيخ محمد: أنه ضرب جماعة على " بن يحيى " في
صدر سند الاستبصار وزادوا بعد " عن أبيه " " محمد بن يحيى "؛ تطبيقا لسند
الاستبصار مع سند التهذيب. (3)
ويظهر فساده بما تقدم، حيث إنه مبني على الاشتباه بتوهم اتحاد أحمد في
السندين، مع أن المقصود بأحمد في سند التهذيب إنما هو ابن الوليد؛ لرواية
الشيخ عنه، والمقصود بأحمد في سند الاستبصار إنما هو أحمد بن محمد بن
يحيى العطار؛ لرواية الحسين عنه.

1. تهذيب الأحكام 1: 41، ح 114، باب الأحداث الموجبة للطهارات، وفيه: " ذراعان عمقه في ذراع
وشبر سعته ".
2. الاستبصار 1: 10، ح 12، باب كمية الكر.
3. انظر استقصاء الاعتبار 1: 92.
116

[التنبيه] التاسع
[كلام التستري في اشتراك أحمد]
أنه قد حكم الفاضل التستري نقلا بعدم انحصار أحمد بن محمد في رواية
العدة عن أحمد بن محمد في أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن محمد بن
خالد كما هو مقتضى كلام العلامة في فوائد الخلاصة؛ (1) لاتفاق رواية أحمد بن
محمد في مرتبة أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن محمد بن خالد في بعض
أسانيد خمس الكافي مصرحا بكونه غير ابن عيسى وابن خالد. (2)
أقول: إن الخمس في الكافي إنما قد عنون في الأصول في آخر كتاب الحجة،
والسند المذكور ما رواه الكليني عن أحمد بن محمد بن أبي نصر بتوسط العدة، إلا أن
السند المذكور مسبوق بما رواه عن عدة من الأصحاب، عن أحمد، عن علي بن الحكم. (3)
والظاهر كون أحمد في السند اللاحق هو أحمد في السند السابق، فأحمد بن
محمد بن أبي نصر إنما روى عنه الكليني بواسطتين، وأين هذا من الرواية عن
أحمد بن محمد بواسطة واحدة؟
وإن قلت: إنه تجوز الرواية بلا واسطة ومع الواسطة، بل هي واقعة، بل هي
غير عزيزة، فلا تمانع رواية الكليني عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في رواية
العدة عن أحمد بن محمد.
قلت: إن جواز الرواية بلا واسطة ومع الواسطة، بل كثرتها - على تقدير
التسليم - لا يوجب تردد الراوي - فيما تكون الرواية بلا واسطة - في صورة اشتراك

1. خلاصة الأقوال: 271، الفائدة الثالثة.
2. نقله في ملاذ الأخيار 1: 80، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
3. انظر الكافي 1: 545، ح 13، 6 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه.
والموجود فيه: " عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر ".
117

الراوي بين من تتفق الرواية عنه بلا واسطة ومع الواسطة، فرواية الكليني عن
أحمد بن محمد بن أبي نصر بواسطتين لا توجب تردد أحمد بن محمد في رواية
الكليني عن أحمد بن محمد، بين أحمد بن محمد بن أبي نصر، وأحمد بن
محمد بن عيسى، وأحمد بن محمد بن خالد.
ويمكن أن يكون المقصود بالسند المشار إليه ما رواه الكليني في الباب
المشار إليه، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر عن
أبي جعفر (عليه السلام) بسقوط لفظة " عن " بين محمد وابن أبي نصر في نسخة الفاضل
التستري.
لكنك خبير بأنه يبعد الإيراد على العلامة، بل مطلق إظهار كلام بمجرد
ملاحظة نسخة واحدة.
مع أن الظاهر أن الغرض من الإيراد المتقدم إنما هو وجود أحمد بن محمد
مصرحا بكونه غير ابن عيسى وابن خالد في مرتبة ابن عيسى وابن خالد في غير
رواية العدة عن أحمد بن محمد بحيث يتطرق احتمال كون ذلك هو المقصود
بأحمد بن محمد في رواية العدة عن أحمد بن محمد، وإلا فلو كان الغرض ما
ذكر، لأورد باتفاق رواية العدة عن أحمد بن محمد؛ مصرحا بكونه غير ابن عيسى
وابن خالد، حيث إن التعبير عن هذا الكلام من باب الأحجية.
[التنبيه] العاشر
[رواية الكليني عن أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى]
أنه قد يروي الكليني عن أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى كما في باب
ما عند الأئمة من سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومتاعه، (1) وباب ما يفصل بين دعوى المحق

1. الكافي 1: 234، ح 5، باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومتاعه.
118

والمبطل في أمر الإمامة. (1)
والمقصود بأحمد هو العاصمي، لكن كثيرا ما يروي عن محمد بن يحيى عن
أحمد بن محمد، والمقصود بأحمد المروي عنه أحمد بن محمد بن عيسى
بشهادة التقييد بابن عيسى في بعض الموارد، بل كثير منها، مضافا إلى دخوله في
أعداد عدة أحمد بن محمد بن عيسى.
[التنبيه] الحادي عشر
[رواية الشيخ عن أحمد بن محمد]
أنه قد تكرر ذكر أحمد بن محمد في صدر سند التهذيب، كما في باب
الحيض والاستحاضة؛ حيث قال: " أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن
سماعة بن مهران قال: سألته "، (2) إلى آخره.
وأيضا في الباب المذكور أحمد بن محمد رفعه عن زرعة عن سماعة قال:
سألته، (3) إلى آخره.
وأيضا في الباب المذكور أحمد بن محمد، عن معاوية بن حكيم، عن
حسن بن علي، عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (4) إلى آخره.
وأيضا في الباب المذكور أحمد بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن
خلف بن حماد قال: قلت لأبي الحسن الماضي (عليه السلام)، (5) إلى آخره. إلى غير ذلك من

1. الكافي 1: 353، ح 9، باب ما يفصل بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة.
2. تهذيب الأحكام 1: 380، ح 1178، باب الحيض والاستحاضة.
3. تهذيب الأحكام 1: 380، ح 1181، باب الحيض والاستحاضة.
4. تهذيب الأحكام 1: 381، ح 1182، باب الحيض والاستحاضة.
5. تهذيب الأحكام 1: 385، ح 1184، باب الحيض والاستحاضة.
119

روايات أخرى في الباب المذكور وغيره.
والظاهر أن المقصود بأحمد بن محمد هو أحمد بن محمد بن عيسى بشهادة
كثرة التقييد بابن عيسى، كقوله عند الكلام في صلاة الليل عند قوله: " ثم يقوم إلى
مصلاه "؛ (1) " أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن
أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ". (2)
وقوله بعد ذلك: " أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي، عن عبد الله
ابن البرقي وأبي أحمد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) "، (3) إلى آخره.
وقوله عند قوله: " ثم ليصل ركعتي الفجر ": " أحمد بن محمد بن عيسى، عن
علي بن الحكم، عن سيف، عن أبي بكر الحضرمي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) "، (4)
إلى آخره.
وقوله عند الكلام في صلاة الجماعة إلى غير القبلة: " روى أحمد بن
محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن
عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) "، (5) إلى آخره.
وقوله عند الكلام فيما إذا أدرك المأموم بعض الركعات: " أحمد بن محمد بن
عيسى، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، عن
علي (عليه السلام) "، (6) إلى آخره.

1. يعني: قول الشيخ المفيد.
2. تهذيب الأحكام 2: 123، ح 468 باب كيفية الصلاة وصفتها....
3. تهذيب الأحكام 2: 124، ح 471 باب كيفية الصلاة وصفتها....
4. تهذيب الأحكام 2: 133، ح 517 باب كيفية الصلاة وصفتها....
5. تهذيب الأحكام 2: 40، ح 142، وفيه: أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن حماد،
إلى آخره.
6. تهذيب الأحكام 3: 46، ح 161، باب أحكام الجماعة وأقل الجماعة وصفة الإمام ومن يقتدي به
ومن لا يقتدى به والقراءة خلفهما وأحكام المؤتمين وغير ذلك من أحكامها.
120

وقوله في باب الصلاة على الميت: " أحمد بن محمد بن عيسى، عن
أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن مروان بن مسلم، عن عمار بن موسى، قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) "، (1) إلى آخره.
وقوله في الباب المذكور: " أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن
سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ". (2)
وقوله في الباب المذكور: " أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد،
عن خلف بن حماد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (3) إلى آخره.
وقوله في باب حكم المسافر والمريض في الصيام: " أحمد بن محمد بن
عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الملك بن عتبة، عن إسحاق بن عمار، عن
يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) "، (4) إلى آخره.
وقوله في الباب المذكور: " فأما ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى، عن
عبد الله بن أبي خلف، عن يحيى بن هاشم، عن أبي هاشم، عن أبي هارون
العبدي، عن أبي سعيد الخدري "، (5) إلى آخره. إلى غير ذلك من روايات أخرى.
لكن قد يروي عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد كما في طائفة من
الأسانيد في باب الأحداث الموجبة للطهارة. (6)
وقد يروي عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، كقوله عند الكلام في صلاة
الليل عند قوله: " ثم يقوم إلى مصلاه ": " أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض أصحابنا،

1. تهذيب الأحكام 3: 327، ح 1022، باب الصلاة على الميت.
2. تهذيب الأحكام 3: 328، ح 1024، باب الصلاة على الميت.
3. تهذيب الأحكام 3: 330، ح 1033، باب الصلاة على الميت.
4. تهذيب الأحكام 4: 217، ح 630، باب حكم المسافر والمريض في الصيام.
5. تهذيب الأحكام 4: 224، ح 659، باب حكم المسافر والمريض في الصيام، وليس فيه: " عن
أبي هاشم ".
6. تهذيب الأحكام 1: 351، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
121

عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) "، (1) إلى آخره.
وقوله في باب صلاة الميت: " أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه،
عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) "، (2) إلى آخره.
[التنبيه] الثاني عشر
[رواية أحمد بن محمد عن علي بن الحكم]
أنه قد يروي في الكافي عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم كما في
كتاب النكاح في باب فضل شهوة النساء على شهوة الرجال، عن أحمد بن
محمد، عن علي بن الحكم، عن ضريس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (3) إلى آخره.
وكذا قد يروي في التهذيب، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم كما
في كتاب الطهارة في باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من
ذلك: " عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن إسحاق بن جرير، قال:
سألتني امرأة أن أدخلها على أبي عبد الله (عليه السلام) "، (4) إلى آخره.
والظاهر أن المقصود هو أحمد بن محمد بن عيسى؛ لكثرة رواية أحمد بن
محمد بن عيسى عن علي بن الحكم كما في الكافي في كتاب النكاح في باب
السنة في المهر عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن

1. تهذيب الأحكام 2: 124، ح 472، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة فيها والتسبيح في ركوعها وسجودها والقنوت فيها والمفروض من ذلك والمسنون
2. كذا، ولم نعثر عليه.
3. الكافي 5: 339، ح 4، باب فضل شهوة النساء على شهوة الرجال.
4. تهذيب الأحكام 1: 151، ح 431، باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك.
122

معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، (1) إلى آخره.
وكذا ما في الكافي في كتاب الزي والتجمل والمروة واللباس في باب اللباس
عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن
عبد الله بن جندب، عن سفيان بن السمط قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)، (2) إلى آخره.
وباب الحمام عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن
علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة قال: دخلت مع أبي بصير الحمام،
فنظرت إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، (3) إلى آخره.
وكذا ما في التهذيب في كتاب الطهارة في باب تطهير الثياب وغيرها من
النجاسات عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن
عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)، (4) إلى آخره.
وباب تلقين المحتضرين من الزيادات عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن
علي بن الحكم، عن أبان والحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين، عن
ابن مسكان جميعا، عن أبي العباس، عن أبي عبد الله، (5) إلى آخره.
وكذا ما في التهذيب في كتاب الصلاة في باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة
من المفروض والمسنون وما يجوز فيها وما لا يجوز عن أحمد بن محمد بن
عيسى، عن علي بن الحكم، عن ذريح بن محمد المحاربي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (6)
إلى آخره.

1. الكافي 5: 376، ح 2، باب السنة في المهر.
2. الكافي 6: 441، ح 1، باب اللباس.
3. الكافي 6: 498، ح 9، باب الحمام.
4. تهذيب الأحكام 1: 279، ح 821، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات.
5. تهذيب الأحكام 1: 446، ح 1442، باب تلقين المحتضرين.
6. تهذيب الأحكام 2: 143، ح 559، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون وما
يجوز فيها وما لا يجوز.
123

لكن نقول: إنه يحتمل أن يكون المقصود هو أحمد بن محمد بن خالد
البرقي؛ لرواية الكليني في كتاب النكاح في باب فضل البنات، عن عدة من
الأصحاب، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن أبي العباس
الزيات، عن حمزة بن حمران رفعه، (1) إلى آخره.
فما قيل في حاشية التهذيب تعليقا على ما مر - من الرواية في التهذيب عن
أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم من أن المظنون أن أحمد بن محمد هو
أحمد بن محمد بن عيسى؛ لكثرة روايته عن علي بن الحكم - ليس على ما
ينبغي؛ لما سمعت من رواية أحمد بن محمد بن خالد عن علي بن الحكم.
إلا أن يقال: إن غاية الأمر احتمال كون المقصود بأحمد بن محمد راويا عن
علي بن الحكم هو أحمد بن محمد بن خالد، وهو لا ينافي الظن بكون المقصود
هو أحمد بن محمد بن عيسى؛ لغلبة رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن
علي بن الحكم بالنسبة إلى رواية أحمد بن محمد بن خالد عنه.
لكنه يندفع: بأن الظاهر من التعليل بكثرة رواية أحمد بن محمد بن عيسى
عن علي بن الحكم من دون إشارة إلى رواية أحمد بن محمد بن خالد عن
علي بن الحكم عدم رواية أحمد بن محمد بن خالد عن علي بن الحكم.
وقد أجاد شيخنا البهائي في حاشية التهذيب تعليقا على ما رواه في التهذيب
في كتاب الطهارة في باب الأغسال وكيفية الغسل من الجنابة عن أحمد، عن
علي بن الحكم، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، (2) إلى
آخره في قوله: " الظاهر أن المراد بأحمد إما البرقي أو الأشعري ". (3)
ثم إنه لو كان أحمد بن محمد الراوي عن علي بن الحكم في صدر سند

1. الكافي 6: 5، ح 6، باب فضل البنات.
2. تهذيب الأحكام 1: 370، ح 1128، باب الأغسال وكيفية الغسل من الجنابة.
3. حكاه في ملاذ الأخيار 3: 75 باب الأغسال وكيفية الغسل من الجنابة.
124

الكافي، فلابد أن يكون مأخوذا من السند السابق، أو يكون الأمر من باب الإرسال
على الخلاف السالف؛ لأن أحمد بن محمد بن عيسى من أصحاب مولانا الرضا
والجواد والهادي (عليهم السلام)، وأحمد بن محمد بن خالد من أصحاب مولانا الجواد
والهادي (عليهما السلام).
بقي أنه روى في الاستبصار في باب " الرجل تصيب ثوبه الجنابة ولا يجد الماء
لغسله وليس معه غيره " عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن علي بن الحكم،
قال: سألته، (1) إلى آخره.
والمقصود بأبي جعفر هو أحمد بن محمد بن عيسى، بشهادة رواية أحمد بن
محمد بن عيسى عن علي بن الحكم كما يظهر مما مر؛ حيث إن أحمد بن
محمد بن عيسى كنيته أبو جعفر، وبشهادة رواية سعد بن عبد الله عن أحمد بن
محمد بن عيسى كثيرا، كما فيما رواه في التهذيب في باب الطهارة من الأحداث،
عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن وسعد بن عبد الله، عن
أحمد بن محمد بن عيسى والحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد،
عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة، قال: سألته، (2) إلى آخره، وغير ذلك.
ومن ذلك: أنه يحمل أحمد بن محمد في رواية سعد بن عبد الله عنه - كما في
روايات كثيرة، كما رواه في التهذيب في باب الطهارة من الأحداث، عن أحمد بن
محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن
سعيد ومحمد بن خالد البرقي، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري،
عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (3) إلى آخره وغيره ذلك - على أحمد بن محمد بن عيسى.
مضافا إلى تفسير أبي جعفر بأحمد بن محمد فيما رواه في التهذيب عند

1. الاستبصار 1: 169، ح 586، باب الرجل تصيب ثوبه الجنابة ولا يجد الماء لغسله وليس معه غيره.
2. تهذيب الأحكام 1: 38، ح 102، باب الطهارة من الأحداث.
3. تهذيب الأحكام 1: 27، ح 70، باب الطهارة من الأحداث.
125

الكلام في الصلاة في الخف أو النعل النجس بالإسناد عن سعد بن عبد الله،
عن أبي جعفر أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن
أيوب وصفوان بن يحيى، عن عبد الله بن بكير، عن حفص بن أبي عيسى، عن
أبي عبد الله (عليه السلام)، (1) إلى آخره.
لكن روى في الكافي في باب تاريخ مولد الصادق (عليه السلام)، عن سعد بن عبد الله،
عن أبي جعفر محمد بن عمر بن سعيد، عن يونس بن يعقوب، عن
أبي الحسن (عليه السلام)، (2) إلى آخره.
وروى في التهذيب في أواخر الخمس عن ابن عقدة، عن أبي جعفر
محمد بن المفضل بن إبراهيم الأشعري، عن عبد الكريم بن عمر الخثعمي، عن
عبد الله بن أبي يعفور ومعلى بن خنيس، عن أبي الصامت، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (3)
وروى في التهذيب أيضا عند الكلام في طواف المريض، عن موسى بن
القاسم، عن أبي جعفر محمد الأحمسي، عن يونس بن عبد الرحمان البجلي،
عن أبي الحسن (عليه السلام)، (4) إلى آخره.
قوله: " عن يونس بن عبد الرحمن البجلي ". (5) قال المحقق الشيخ محمد: " لم
يذكر أحد من علماء الرجال أن يونس بن عبد الرحمن بجلي، والظاهر أن البجلي
كان وصفا للأحمسي، فأخر عن محله وهو غلط من النساخ ".
وتفسير أبي جعفر بمحمد بن عمر بن سعيد ومحمد بن المفضل ومحمد
الأحمسي يوجب احتمال كون المقصود بأبي جعفر هو أحد هؤلاء، كما أنه روى

1. تهذيب الأحكام 1: 274، ح 808، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات.
2. الكافي 1: 475، ح 8، باب تاريخ مولد الصادق (عليه السلام).
3. تهذيب الأحكام 4: 149، ح 417، باب الزيادات.
4. تهذيب الأحكام 5: 124، ح 406، باب الطواف.
5. في " د " زيادة: " والظاهر أن البجلي ".
126

في الاستبصار في باب أن البدأة بالمدينة أفضل لمن حج على طريق العراق
بالإسناد عن أبي جعفر، عن أبيه. (1)
والمقصود بأبي جعفر هو أحمد بن محمد بن خالد؛ لكونه يكنى بأبي جعفر.
وقد روى الرواية في الكافي بالإسناد عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، (2)
فيتأتى أيضا احتمال كون المقصود بأبي جعفر هو أحمد بن محمد بن خالد.
لكن الاحتمال لا ينافي الظهور.
ولا ريب أن مقتضى ما سمعت - من كثرة رواية سعد بن عبد الله عن أحمد بن
محمد بن عيسى - أن الظاهر كون أبي جعفر في رواية سعد بن عبد الله عنه هو
أحمد بن محمد بن عيسى.
لكن ربما يقال: إن أبا جعفر يروي كثيرا عن موسى بن القاسم، وأحمد بن
محمد بن عيسى لا يروي عن موسى بن قاسم.

1. الاستبصار 2: 329، ح 1166، باب أن البدأة بالمدينة أفضل لمن حج على طريق العراق.
2. الكافي 4: 550، ح 2، باب فضل الرجوع إلى المدينة.
127

[فوائد]
فائدة [1]
[في لفظة " عين "]
قد ذكر لفظة " عين " في بعض التراجم، وقد اختلف في المقام على القول
بالدلالة على التوثيق كما جرى عليه السيد الداماد (1) والمولى التقي المجلسي. (2)
وربما يظهر القول به من الفاضل الأسترآبادي في ترجمة الحسن بن علي بن
زياد، (3) إلا أن كلامه فيما لو قيل: " عين من عيون هذه الطائفة ".
ويأتي القول بالفرق بين ما لو قيل: " وجه " وما لو قيل: " وجه من وجوه هذه
الطائفة " بقوة الدلالة في الثاني، مع اطراد الدلالة في الأول.
ولم يبعد القول بعدم الاطراد، فلعل الفاضل المذكور لا يقول بالدلالة على
التوثيق فيما لو قيل: " عين ". لكنه مقطوع العدم.
واختاره سيدنا وحكى القول به عن بعض.
والظاهر أن الغرض من القول المذكور الدلالة على العدالة بالمعنى الأخص،

1. الرواشح السماوية: 60، الراشحة الثانية عشر.
2. روضة المتقين 14: 45.
3. منهج المقال: 103.
129

والقول بالدلالة على المدح المعتد به.
وإليه العلامة البهبهاني.
واستدل سيدنا على القول بالدلالة على التوثيق بأن العين المذكور في التراجم
إما أن يكون مأخوذا من العين بمعنى الباكية، أو من العين بمعنى الربيئة، أو من
العين بمعنى الميزان، والأخير هو الأظهر؛ لكونه مذكورا في ترجمة جماعة
كثيرة، ويبعد في الغاية أن يكون الجميع بمنزلة الباكية أو الربيئة.
وبأن الغالب كون العين مرادفا لثقة، فيقولون " ثقة عين " بحيث يظهر أن
الغرض منه هو التأكيد، وأن المراد منه ما يناسب الوثاقة ويؤكدها، وليس ذلك إلا
المعنى الأخير؛ لأن الميزان لما كان في كمال الاستواء والاستقامة بحيث لا يزيد
أحد كفيه على الآخر، فتشبيه الرجل به يفيد كونه كاملا في تلك الصفة، فيدل على
كمال الوثاقة، كما أن مولانا الصادق (عليه السلام) سمى أبا الصباح الكناني ميزانا لثقته.
قال النجاشي: " كان الصادق (عليه السلام) يسميه الميزان لثقته، ذكره أبو العباس في
الرجال " (1) انتهى. فقال له الصادق (عليه السلام): " أنت ميزان " على ما ذكره الشيخ في الرجال. (2)
وكذا رواه الكشي بالإسناد عن الوشاء عن بعض الأصحاب، فقال أبو الصباح
على ما رواه الكشي: " أن الميزان ربما كان فيه عين، قال (عليه السلام): أنت ميزان ليس فيه
عين ". (3)
فظهرت صحة التشبيه بالعين بمعنى الميزان لإفادة توكيد الوثاقة، وأن حمله
على الرجل بذلك المعنى يفيد كمال الوثاقة، بخلاف المعنيين الآخرين، فإن
الظاهر في وجه الشبه فيهما غير ذلك المعنى، فلا يفيد التشبيه فيهما تأكيد الوثاقة.
وإذا كان المراد ذلك فإفادة العين للعدالة وكونه من ألفاظ التوثيق والتعديل

1. رجال النجاشي: 19 / 24.
2. رجال الطوسي: 102 / 2.
3. رجال الكشي 2: 639 / 654.
130

لا مجرد المدح ظاهرة.
أقول: إن " العين " ظاهرة في نفسها في الباكية، وهي أشهر معاني العين،
فالظاهر أن المقصود بالعين هنا هو الباكية؛ تشبيها للشخص بين الأمثال بالعين
بين الأعضاء.
وقد شاع استعمال العين في الشخص تشبيها له بالعين الباكية في مثل ما
يقال: " فلان من أعيان البلد " إلا أن التشبيه فيه باعتبار الامتياز الدنيوي، بخلاف
المقام؛ فإن التشبيه فيه باعتبار الامتياز في الصدق أو العدالة.
وإن أمكن التشبيه بالنابعة في عموم النفع، وكونها من أسباب الحياة بكون
الغرض عموم نفع الراوي وإحياء الشريعة.
وكذا التشبيه بالربيئة في حفظ الدين والدنيا.
بل استعمال العين في الشخص تشبيها له بالعين الباكية شائع في اللغة
الفارسية أيضا، كما يقال: " فلان، چشم وچراغ بلد است ".
وأما الميزان فاستعمال العين فيه نادر.
وكذا الحال فيما احتمله المولى التقي المجلسي من كون المشبه به من معاني
العين هو الشمس والخيار.
بل استعمال العين في الميزان والشمس والخيار متروك في العرف، بل مفقود
الأثر في الاستعمالات بالكلية.
وبالجملة، قد يقال: " فلان عين أهل البلد " والمقصود الامتياز في العز، وقد
يقال: " فلان عين التجار " والمقصود الامتياز في المال، وقد يقال: " فلان عين أهل
الديوان " والمقصود الامتياز في علو المنصب، وقد يقال: " فلان عين العلماء "
والمقصود الامتياز في العلم فقط، ولا سيما لو كان فلان من الأموات أو مع الامتياز
في انتشار الاسم، فالأمر من باب حذف المتعلق، ويختلف المتعلق المحذوف
باختلاف الموارد.
131

والظاهر أن المقصود في المقام الامتياز في الصدق والوثوق بالنقل، فلا تتأتى
الدلالة على العدالة بناء على عدم دلالة " ثقة " على العدالة، ولا سيما في صوره
تعقب " عين " ل‍ " ثقة ".
وأما الاستدلال بالوجهين المتقدمين على الدلالة على العدالة، فيبتني كل من
الوجهين على كون العين في المقام بمعنى الميزان.
ويندفع أولهما - بعد كثرة ذكر العين في التراجم - بالمنع من بعد كون العين
في جميع التراجم بمعنى الباكية بكون جميع الأشخص المذكور في ترجمتهم
العين بمعنى الباكية.
وأما الثاني: فمرجعه إلى أن العين يستعمل تأكيدا للتوثيق، ولا محيص في
إفادة التشبيه من كون المشبه به هو الميزان.
لكنه يندفع: بأن إرادة الباكية لا تنافي الدلالة على الوثاقة، بل تؤكدها، ويصح
التشبيه لإفادة الوثاقة.
ووجه الشبه: امتياز الثقة من بين الأمثال في الصدق، كامتياز العين الباكية بين
الأعضاء.
والتشبيه بالميزان في قول الصادق (عليه السلام) لا يقتضي كون المقصود بالعين في كلام
أرباب الرجال هو الميزان، بل قوله (عليه السلام): " أنت ميزان ليس فيه عين " يوهن الحمل
على الميزان.
لكن الظاهر أنه ليس الغرض من التشبيه المذكور الاستناد إليه للمقصود.
هذا، وفي الصحاح: " في الميزان عين إذا لم يكن مستويا ". (1)
وهو مقتضى ما صنعه في القاموس حيث عد من معاني العين الميل في
الميزان. (2) وإليه يرجع قول أبي الصباح: " إن الميزان ربما كان فيه عين ".

1. الصحاح 6: 2171 (عين).
2. القاموس المحيط 4: 253 (عين).
132

والظاهر أن الغرض الميل الذاتي، لا الميل بالتعمد ممن بيده الميزان.
والظاهر - بل بلا إشكال - أن المقصود بالعين في قوله (عليه السلام) في جواب
أبي الصباح: " أنت ميزان لا عين فيه " هو الميل كما هو الحال في قول أبي الصباح:
" الميزان ربما كان فيه عين ".
وربما قيل: قوله: " أنت ميزان لا عين فيه " من حق الميزان أن لا تفارق العين
منه؛ لاحتمال الاعوجاج فيه قال: أنت ميزان ليس فيه احتمال الاعوجاج ليحتاج
إلى ملاحظة العين، بل أنت مستقيم بالاستقامة الذاتية.
ومرجع ذلك إلى أن المقصود بالعين في قوله: " أنت ميزان ليس فيه عين " هو
الباكية، والغرض أنت ميزان لا حاجة فيه إلى نظر العين؛ لإستقامتك.
ومقتضاه حمل العين في قول أبي الصباح: " إن الميزان ربما كان فيه عين "
على الباكية، أو نظر العين، بملاحظة ذكر النظر في معاني العين بكون الغرض أن
الميزان ربما يحتاج إلى نظر العين.
لكن الحمل على الباكية أو النظر في كل من مقالة الإمام (عليه السلام) ومقالة أبي الصباح
بين الفساد.
وربما احتمل أن يكون الغبن في " لا غبن فيه " بالغين المعجمة والباء الموحدة
وليس بشيء.
ثم إن الأكثر كون " العين " مذكورة عقيب " ثقة " فلا ثمرة غالبا في البحث عن
دلالة العين على التوثيق وعدمها.
نعم، قد يفترق " العين " عن " ثقة " كما في ترجمة محمد بن بكران بن عمران،
كما ذكره النجاشي (1) أو محمد بن بدران بن عمران كما ذكره العلامة في الخلاصة، (2)
حيث إنه قال النجاشي والعلامة: " عين مسكون إلى روايته " ففيه تظهر الثمرة،

1. رجال النجاشي: 394 / 1052.
2. خلاصة الأقوال: 63 / 165.
133

إلا أنه نادر، والنادر كالمعدوم.
بقي أنه لو قيل: من عيون هذه الطائفة أو من عيون أصحابنا فيظهر الكلام
فيه بما يأتي من الكلام فيما لو قيل: من وجوه هذه الطائفة أو من وجوه
أصحابنا.
فائدة [2]
[في لفظة " وجه "]
قد ذكر لفظة " وجه " في بعض التراجم أيضا، وقد اختلف في المقام أيضا
على القول بالدلالة على التوثيق، كما جرى عليه السيد الداماد (1) والمولى التقي
المجلسي. (2)
وربما يظهر القول به من الفاضل الأسترآبادي في ترجمة الحسن بن علي بن
زياد، (3) وهو المحكي عن بعض، (4) ونفي البعد عنه سيدنا.
والظاهر أن الغرض من القول المذكور الدلالة على العدالة بالمعنى الأخص،
والقول بالدلالة على المدح المعتد به.
وإليه العلامة البهبهاني. (5)
وهو مقتضى ما جرى عليه السيد السند النجفي من الدلالة على المدح
القريب من التوثيق. (6)

1. الرواشح السماوية: 60، الراشحة الثانية عشر.
2. روضة المتقين 14: 45.
3. منهج المقال: 103.
4. تعليقة رجال الكشي 1: 243، وحكاه في منتهى المقال 1: 64.
5. تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج المقال: 7.
6. رجال السيد بحر العلوم 2: 236.
134

أقول: إنه قد ذكر في القاموس للوجه معاني متعددة، وجعل أول المعاني
الجارحة؛ حيث جعل المعنى الأول ما هو المعروف. وعد من المعاني: مستقبل
كل شيء، وكذا سيد القوم. (1)
والظاهر أن الثاني مجاز عن الأول.
وعد في المجمع من معاني " الوجه ": الحجة، كما في الحديث القدسي، " فمن
سجد سجدتي الشكر أقبل إليه بفضلي وأريه وجهي ". (2)
ونقل عن الصدوق: أن وجه الله: أنبياؤه (3) وحججه، قال: ويصدق ذلك ما
روي عن أبي الصلت عن الرضا (عليه السلام) قال، قلت: يا بن رسول الله ما معنى الخبر الذي
رووه أن ثواب لا إله إلا الله ثواب النظر إلى وجه الله؟ فقال: " من وصف الله بوجه
كالوجوه فقد كفر، ولكن وجه الله أنبياؤه وحججه الذين يتوجه بهم إلى الله وإلى
دينه، والنظر إلى أنبياء الله ورسله وحججه في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين
يوم القيامة ". (4)
وكيف كان، فالظاهر أن الوجه بمعنى الجارحة لا يختص بالإنسان، بل يعم
مثل البقر والغنم.
والظاهر أن المقصود بمستقبل كل شيء هو المواجه منه، لكن يمكن أن
يكون إطلاق الوجه على المواجه غير الجارحة مجازا على الجارحة.
ويطلق في اللغة الفارسية " روى " على الجارحة، وكذا على المواجه غير
الجارحة، كما يقال: " روى كلاه ".

1. القاموس المحيط 4: 296 (وجه).
2. مجمع البحرين 6: 366، والرواية في الوسائل 4: 1072، أبواب سجدتي الشكر، باب 1، ح 5.
وفيه: " وجهي " بدل " بوجهي ".
3. الفقيه 1: 220، ح 978، باب سجدة الشكر والقول فيها.
4. التوحيد للصدوق: 117، ح 21، باب ما جاء في الرؤية.
135

والوجه في المقام يمكن أن يكون مجازا عن الجارحة أو عن المستقبل.
إلا أنه لو كان الإطلاق على الجارحة باعتبار كونها فرد المستقبل، فالظاهر أن
التجوز عن الجارحة لكونها معروفة، لكن الأمر على هذا مبني على الاشتباه؛
لكون المعنى الحقيقي هو المستقبل.
وبالجملة، فقد يقال: " فلان وجه العلماء " أو " وجه أهل البلد " أو " وجه
التجار " أو " وجه أهل الديوان " والمتعلق في الكل محذوف على حسب ما مر في
العين.
والظاهر - بل المقصود في المقام - إنما هو الوجاهة في الصدق والوثوق
بالنقل كما مر في العين، لا الوجاهة في العز أو المال أو كليهما. كيف، ولم يكن
للأئمة (عليهم السلام) غالبا - فضلا عن أغلب أصحابهم - الوجاهة الدنيوية.
والكلام في الدلالة على العدالة وعدمها بعين ما مر في العين.
ثم إنه لو قيل: " من وجوه هذه الطائفة " فقد حكم العلامة البهبهاني بكونه
أقوى دلالة على المدح المعتد به من " وجه ". (1)
وجرى سيدنا على القول بالدلالة على العدالة؛ نظرا إلى أن الغالب في الأكابر
في أزمنة الحضور هو العدالة، بل الرجل لم يصر في أزمنة الحضور من الأكابر إلا
باعتبار كثرة العلم والفضل والتقوى والورع، وبالجملة باعتبار الدين؛ لأن أمور
الدنيا كانت يومئذ بيد غيرهم، وكانوا في تقية ووراء حجاب.
بل لم يعهد إطلاق العلماء لفظة " وجه " باعتبار الأمور الدنيوية لا الدينية، (2) بل
المعهود إطلاقها على الأكابر باعتبار الدين.
قال: " وأما إذا أطلق فقولهم: " وجه " لا دلالة فيه على العدالة؛ لأنه أعم، والعام
لا يدل على الخاص، وإن لا يبعد القول بظهوره في العدالة ".

1. تعليقة الوحيد البهبهاني: 7.
2. كذا، ولعل الصحيح: " الأمور الدنيوية الدنية ".
136

أقول: إنه لا دلالة في " وجه " على الإمامية، ولو على القول بدلالة " ثقة " على
الإمامية، ولا بد في استفادة الإمامية من دعوى الغلبة أو انصراف " وجه " إلى
الإمامي، أو كون الكتاب موضوعا لذكر الإماميين ككتاب النجاشي.
لكن " من وجوه هذه الطائفة " صريح في الإمامية.
وأما " من وجوه " فلا يزيد على " وجه " بشيء. كيف، والواحد بعض الجمع،
ف‍ " وجه " متحد المفاد مع " من وجوه " فلا يزيد " من وجوه هذه الطائفة " على " وجه "
إلا في باب الدلالة على الإمامية.
فلا فرق في باب الدلالة على العدالة أو قوة الدلالة على المدح المعتد به إلا
بناء على كون الدلالة على الإمامية من باب الدلالة على المدح.
وأما دعوى أن العام لا يدل على الخاص، فتندفع بأن العام قد يستلزم
الخاص، مثلا لو قيل: " أعط زيدا الدرهم " فإن الأمر بإعطاء الدرهم أعم من إعطاء
درهم واحد وإعطاء درهمين مثلا مرة واحدة، لكن الأمر المذكور يستلزم وجوب
إعطاء درهم واحد، مع أن العام كثيرا ما يكون ظاهرا في الخاص كما في المطلق؛
لانصرافه كثيرا إلى بعض الأفراد من جهة الشيوع أو غيره.
ومن ذلك أنه لو حلف أن لا يأكل بيضا، وكان البيض لا يطلق في عرف
الحالف إلا على نوع خاص، ينصرف الإطلاق إليه، كما جرى عليه العلامة في
المختلف، (1) بل الحال على هذا المنوال لو أطلق البيض في عرف الحالف على
بيض السمك والجراد مثلا، خلافا لما عن الحلي؛ حيث حكم بالحنث بأكل ما
يصدق عليه اسم البيض من بيض السمك والجراد مثلا. (2)
وبما مر يظهر الكلام فيما لو قيل: " من وجوه أصحابنا " لو قلنا باختصاص
" الأصحاب " في كلام الإمامي بالإماميين.

1. مختلف الشيعة 8: 180.
2. السرائر 3: 51.
137

وأما لو قلنا بالعموم لغير الإماميين بملاحظة تكرر الإطلاق على الأعم - كما
حررناه في الرسالة المعمولة في " ثقة " - فلا يتجاوز مفاد " من وجوه أصحابنا " على
" وجه " بوجه.
ونظير الحال بناء على الإجمال.
وبما سمعت يظهر الحال في " كان وجها في أصحابنا " كما ذكر في ترجمة
يونس بن عبد الرحمن. (1)
هذا، وقد ذكر في ترجمة أبان بن تغلب: " أنه كان من وجوه القراء ". (2)
والظاهر - بل بلا إشكال - أن الغرض الامتياز في القراءة والاستكمال فيها.
وفي ترجمة أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل: " شيخ أهل اللغة ووجههم ". (3)
والمقصود بالوجاهة الامتياز في اللغة.
وربما ذكر أن الوجاهة في أمور متعددة، كما ذكر في ترجمة إبراهيم بن
سلميان من أنه كان وجه الأصحاب بالبصرة فقها وكلاما وأدبا وشعرا. (4)
ثم إن الظاهر أن أكثر ما وقع من لفظة " وجه " كان بعد " ثقة ". وربما ذكرت
منفردة، كما ذكر في ترجمة سليمان بن خالد: " أنه كان قارئا فقيها وجها ". (5)
وكذا ذكر في ترجمة محمد بن جعفر بن محمد بن عون: بأنه كان أبوه
وجها. (6)
وكذا ذكر في ترجمة عبد الله بن جعفر الحميري: " أنه كان شيخ القميين

1. رجال النجاشي: 446 / 1208؛ خلاصة الأقوال: 184 / 1.
2. رجال النجاشي: 10 / 7.
3. رجال النجاشي: 93 / 230.
4. رجال النجاشي: 15 / 14؛ الفهرست: 4 / 3؛ خلاصة الأقوال: 4 / 8.
5. رجال النجاشي: 183 / 484.
6. رجال النجاشي: 373 / 1020.
138

ووجههم ". (1)
لكن كان هذا من باب المقيد، والكلام في " وجه " بقول مطلق، إلا أنه لافرق
بين المطلق والمقيد، فالبحث عن الوجه قليل الفائدة، كما تقدم في أخته المتقدمة.
ثم إنه قد ذكر في ترجمة عبد الله بن يحيى: " أنه كان وجها عند أبي الحسن (عليه السلام) ". (2)
وما تقدم من الكلام في الوجه يأتي فيه.
ثم إنه قد ذكر في ترجمة أحمد بن أبي زاهر: " أنه كان وجها بقم وليس حديثه
بذلك النقي ". (3)
ويحتمل أن يكون المقصود: أن أحمد كانت وجاهته عند أهل قم، لكن
حديثه ليس محل السكون والركوع من جهة عدم الوثوق بنقله.
ويحتمل أن يكون المقصود أنه كان وجها، وكان ساكنا بقم، لكن أحاديثه
كانت من المراسيل أو مروية عن الضعفاء، فلا بأس به في نفسه، لكن البأس في
حديثه. نظير ما قاله العلامة في الخلاصة في ترجمة إبراهيم بن محمد بن فارس
من أنه لا بأس به بنفسه ولكن في بعض من يروى عنه. (4)
ثم إنه قد ذكر في ترجمة معاوية بن عمار: أنه كان أبوه عمار ثقة عند العامة،
وجها. (5)
ولعل الوجه كون الغرض من الوجه الوجاهة عند العامة.
ويظهر الحال بعد اختلاف الحال بدلالة الوجاهة على العدالة أو حسن الحال
بما حررناه في الوثاقة عند العامة في الرسالة المعمولة في " ثقة ".

1. رجال النجاشي: 219 / 573.
2. رجال النجاشي: 221 / 580.
3. رجال النجاشي: 88 / 215.
4. خلاصة الأقوال: 7 / 25.
5. رجال النجاشي: 411 / 1096.
139

ثم إنه قد حكى العلامة المجلسي في البحار عند الكلام في الوضوء عن
جماعة: أن الوجه مأخوذ من المواجهة، وحكى عن والده المولى التقي أن الأمر
بالعكس، فإن المواجهة مشتقة من الوجه. (1)
والحق أن شيئا من الوجه والمواجهة غير مأخوذ من الآخر، وإن شاعت
دعوى الاشتقاق. كيف، والحق أن أوضاع الأفعال والأسماء المشتقة من باب
الوضع الشخصي كما حررناه في الأصول، وعلى تقدير ثبوت الاشتقاق
فالمواجهة مأخوذة من الوجه.
ثم إنه قد يقال: " فلان أوجه من فلان " ومنه ما في ترجمة الحسين بن أبي
العلاء من أنه أوجه من أخويه: علي وعبد الحميد، كما نقله النجاشي عن ابن
عقدة. (2)
وكذا ما في ترجمة مسمع بن عبد الملك من أنه كان أوجه من أخيه عامر،
وأبيه، لكن في ترجمته أنه كان وجها. (3)
والحق أنه إن كان المفضل عليه ثقة - كما في باب الحسين بن أبي العلاء؛
لوثاقة عبد الحميد - فالظاهر الدلالة على التوثيق، كما حررناه في الرسالة المعمولة
في " ثقة ".
وأما لو لم يكن المفضل عليه ثقة فمقتضاه ثبوت الوجاهة، فيظهر الحال فيه
بما تقدم في الوجه.
بقي أنه قال سيد الأولياء - عليه آلاف التحية والثناء - في الخطبة الشقشقية:
" ينثالون علي من كل وجه " (4) والمترائي بادي أن الوجه فيه بالفتح، لكن الظاهر أنه

1. بحار الأنوار 80: 240، باب وجوب الوضوء وكيفيته وأحكامه.
2. رجال النجاشي: 52.
3. رجال النجاشي: 420 / 1123؛ خلاصة الأقوال: 171 / 13.
4. نهج البلاغة (صبحي صالح): 49.
140

بالضم أو الكسر، أي الجانب والناحية، كما حررناه في شرح الخطبة المشار إليها.
قال في القاموس: " الوجه بالضم أو الكسر: الجانب والناحية " ثم قال: " الجهة
بالضم والكسر: الجانب والناحية كالوجهة والوجه ". (1)
قوله (عليه السلام): " ينثالون " قال في المصباح في مادة ثول: " انثال الناس عليه من كل
وجه: اجتمعوا ". (2)
[أغلاط صاحب مجمع البحرين]
وقال في المجمع في نثل: " ينثالون علي، أي يتزاحمون ويتتابعون ". (3)
وهو عجيب.
ونظيره أنه في مادة " أمن " ذكر قوله سبحانه: (فامنن أو أمسك بغير حساب). (4)
وأيضا في مادة " لها " نقل عن قائل ما قاله في يا لها نعمة ثلاثا في دعاء
الخلوة. (5)
والمقصود بالقائل شيخنا البهائي في مشرق الشمسين في آداب الخلوة، (6)
لا الحبل المتين؛ فإنه وإن ذكر الدعاء فيه لكنه لم يأت بالكلام. (7)
ولكن يمكن أن يقال: إن الدعاء من باب المناسبة.
وأيضا في مادة " خفت " بعد شرح قوله سبحانه: (ولا تخافت بها). (8)

1. القاموس المحيط 4: 297 (وجه).
2. المصباح المنبر: 88 (ثول).
3. مجمع البحرين 5: 477 (نثل).
4. مجمع البحرين 6: 204 (أمن).
5. مجمع البحرين 5: 385 (لها).
6. مشرق الشمسين: 203.
7. الحبل المتين: 32.
8. الإسراء (17): 110.
141

وشرح قوله سبحانه: (يتخافتون) (1) قال في شرح قوله سبحانه: (يستخفون من
الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم): (2) " هو من الاستخفاء، يعني: الاستتار، أي
يستترون من الناس ولا يستترون من الله ". (3)
وأيضا قال في مادة " شهد ": " وشهدانج حب معروف " (4) إلا أن يقال: إن ذكر
شهدانج من باب المناسبة.
وأيضا ذكر في مادة " ألق " شرح حديث " ألق دواتك "، (5) مع أن ألق في
الحديث من الليقة. (6)
وإن قلت: إنه لعل العنوان " ألق " أمرا من اللقية. (7)
قلت: إن العنوان بالأمر غير متعارف، بل مقطوع العدم، مع أنه ذكر بعد ذلك
ما في الدعاء من قوله (عليه السلام) " نعوذ بك من الألق ".
فائدة [3]
[في رواية يونس عن الصادق (عليه السلام)]
حكى الكشي عن حمدويه عن محمد بن عيسى: أن يونس بن عبد الرحمن
أدرك أبا عبد الله (عليه السلام) ولم يسمع منه. (8)

1. طه (20): 103.
2. النساء (4): 108.
3. مجمع البحرين 2: 199 (خفت).
4. مجمع البحرين 3: 82 (شهد).
5. مجمع البحرين 5: 136 (ألق).
6. في " ح ": " اللقية " بدل " الليقة ".
7. في " د ": " الليقة " بدل " اللقية ".
8. رجال الكشي 2: 783 / 932.
142

وحكى النجاشي: أنه رأى الصادق (عليه السلام) بين الصفا والمروة ولم يرو عنه، وروى
عن أبي الحسن موسى والرضا (عليه السلام). (1)
لكن روى الكليني في روضة الكافي في باب حب الأئمة (عليهم السلام)، عن علي بن
إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس قال:
قال أبو عبد الله (عليه السلام) لعباد بن كثير البصري الصوفي: " ويحك يا عباد، غرك
أن عف بطنك وفرجك، إن الله عز وجل يقول في كتابه: (يا أيها الذين
آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعملكم) (2) اعلم أنه
لا يتقبل الله عز وجل منك شيئا حتى تقول قولا عدلا ". (3)
وأنت خبير بأنه قد اتفق التنافي فيما وقع من محمد بن عيسى بالنفي دراية،
والإثبات رواية. (4)
وإن قلت: إن محمد بن عيسى لعله كان مختلفا في النفي والإثبات.
قلت: إن محمد بن عيسى في النفي وإن كان مطلقا، لكن تكثر رواية حمدويه
عنه في روايات الكشي، وقد قيد في بعضها بابن عبيد.
مضافا إلى أن محمد بن عيسى بن عبيد أشهر ممن عداه، فالمقصود
بمحمد بن عيسى في مورد الإطلاق كمورد النفي وغيره هو محمد بن عيسى بن
عبيد الراوي في باب الإثبات، فانتهض التنافي فيما اتفق من محمد بن عيسى بن
عبيد نفيا وإثباتا.
وربما حكم العلامة المجلسي بأن في الإسناد شائبة الإرسال؛ تعليلا بأن
الظاهر أن يونس هو يونس بن عبد الرحمن ولم تعهد روايته عن الصادق (عليه السلام)،

1. رجال النجاشي: 446 / 1208.
2. الأحزاب (33): 70.
3. الكافي 8: 107، ح 81، باب حب الأئمة (عليهم السلام).
4. يعني: أن محمد بن عيسى يذكر رواية يونس عن أبي عبد الله، ويروي أنه لم يرو عن أبي عبد الله (عليه السلام)
كما مر في كلام الكشي والنجاشي.
143

واحتمل على بعد أن يكون يونس هو ابن يعقوب قال: " لكن رواية محمد بن
عيسى منه غير معهودة ". (1)
ويضعف بأن الإرسال خلاف الظاهر، ورواية محمد بن عيسى بن عبيد عن
يونس بن عبد الرحمن كما نص عليه في الفهرست (2) تكون قرينة على أن المقصود
بيونس هو يونس بن عبد الرحمن.
فائدة [4]
[في رواية علي بن يقطين عن الصادق (عليه السلام)]
ذكر النجاشي في ترجمة علي بن يقطين: أنه روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) حديثا
وروى عن موسى (عليه السلام) فأكثر. (3)
وروى الشيخ في التهذيب في باب نزول منى (4) وفي الاستبصار في باب وقت
الخروج إلى منى (5) بالإسناد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين،
عن علي بن يقطين، قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الذي يريد أن يتقدم فيه الذي ليس له وقت أولى
منه، قال: " إذا زالت الشمس " وعن الذي يريد أن يتخلف بمكة عشية
التروية إلى أية ساعة تسعه أن يتخلف قال: " ذلك أوسع له حتى يصبح
بمنى ".

1. مرآة العقول 25: 260 الحديث الحادي والثمانون.
2. الفهرست: 181 / 809.
3. رجال النجاشي: 273 / 715.
4. تهذيب الأحكام 5: 175، ح 587، باب نزول منى.
5. الاستبصار 2: 252، ح 887، باب وقت الخروج إلى منى.
144

قيل: قال أبو العباس النجاشي:
روى علي بن يقطين عن أبي عبد الله (عليه السلام) حديثا واحدا، وروى عن
موسى (عليه السلام) فأكثر. وكذلك قال مشيختنا الأقدمون الناقدون للأخبار،
العارفون بأحوال الرجال، فإذن هذا الحديث هو الذي رواه علي بن
يقطين عن مولانا الصادق (عليه السلام) (1) انتهى.
وقال الفاضل الشيخ محمد في كتب الرجال: " إنه - يعني علي بن يقطين -
روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) حديثا واحدا فكأنه هذا " انتهى.
لكن روى الشيخ في التهذيب في آخر باب صلاة الكسوف من الزيادات
بالإسناد عن علي بن أبي حمزة، عن ابن يقطين، قال أبو عبد الله (عليه السلام):
من أصابته زلزلة فليقرأ: يا من يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن
زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا صل على محمد
وآل محمد وأمسك عنا السوء إنك على كل شيء قدير. (2)
اللهم إلا أن يقال: إن المقصود بابن يقطين غير علي بن يقطين من أحد إخوته
الثلاثة وهم: خزيمة، ويعقوب، وعبيد.
إلا أنه يندفع بأن علي بن يقطين أشهر من إخوته غاية الأشهرية بعد اتفاقهم
في الأسانيد، فينصرف ابن يقطين إلى علي بن يقطين، ولا مجال لإنكار
الانصراف.
وبما مر بان ضعف ما ذكره ابن داود في بعض الفصول التي ذكرها في آخر
الجزء الأول من كتابه من أن علي بن يقطين لم يرو عن الصادق (عليه السلام) إلا حديثا
واحدا. (3)

1. انظر رجال النجاشي: 273.
2. تهذيب الأحكام 3: 294، ح 892، باب صلاة الكسوف.
3. رجال ابن داود 1: 212.
145

ثم إنه قد ذكر الشيخ في الفهرست: " أن علي بن يقطين له كتب منها ما سأل
عنه الصادق (عليه السلام) من الملاحم ". (1)
قوله: " الملاحم " جمع الملحمة، وهي الواقعة العظيمة في الفتنة كما في
الصحاح، أو الوقعة العظيمة القتل كما في القاموس، والغرض بيان ما سئل عنه
الصادق (عليه السلام) من الملاحم.
وربما يتوهم أن الغرض سؤال علي بن يقطين عن الصادق (عليه السلام) بكون " عنه "
سهوا عن لفظة " عن "، ومقتضاه اتفاق روايات لعلي بن يقطين عن الصادق (عليه السلام).
وليس بشيء؛ لاتفاق نسختين من الفهرست في لفظة عنه.
وكذا العبارة المنقولة عن الفهرست في المنهج (2) وغيره. (3)
فائدة [5]
[في رواية عمر بن أذينة عن الصادق (عليه السلام)]
ذكر النجاشي في ترجمة عمر بن أذينة: أنه روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) بالمكاتبة. (4)
أقول: إنه روى في الكافي في باب الحركة والانتقال بالإسناد عن
ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)؛ (5) وكذا في باب النوادر من آخر
الصلاة؛ (6) وكذا في باب " الرجل يبعث بالهدي تطوعا ويقيم في أهله ". (7)

1. الفهرست: 90 / 388.
2. منهج المقال: 240.
3. منتهى المقال 5: 83 / 2128.
4. رجال النجاشي: 283 / 752.
5. الكافي 1: 126، ح 5، باب الحركة والانتقال.
6. الكافي 3: 482، ح 1، باب النوادر.
7. الكافي 4: 541، ح 4، باب الرجل يبعث بالهدي تطوعا ويقيم في أهله.
146

فائدة [6]
[في إضافة الأسماء إلى الألقاب]
قد عد النجاشي (1) والشيخ في الفهرست (2) من كتب أحمد بن إبراهيم بن
إسماعيل بن داود كتاب طيء شعر عجير السلولي وصنعته وشعر ثابت قطنة
وصنعته. (3)
قال في القاموس في مادة عجر: " وكزبير موضع وشاعر سلولي ". (4)
وقال في مادة السل: " وسلول فخذ من قيس، وهم بنو مرة بن صعصعة ". (5)
وقال في مادة قطن: " وأبو العلاء ابن كعب بن ثابت قطنة مضافا؛ لأنه أصيبت
عينه يوم سمرقند وكان يحشوها بقطنة ". (6)
وقال في الصحاح: " وقطنة لقب رجل وهو ثابت قطنة العتكي، والأسماء
تضاف إلى ألقابها إذا كانا مفردين، وتكون الألقاب معارف، وتعرف بها الأسماء،
كما قيل: قيس قفة، وزيد بطة، وسعيد كرز ". (7)
وقال في مادة عتك: " وعتك حي من العرب، ومنه فلان العتكي ". (8)
والظاهر - بل بلا إشكال - أن التاء في قطنة في الأصل للوحدة، فليس قطنة في
ثابت قطنة من باب إضافة القطن إلى الضمير الراجع إلى ثابت.

1. رجال النجاشي: 93 / 230.
2. الفهرست: 27 / 83.
3. في رجال النجاشي: " كتاب طيء، شعر العجير السلولي صنعته، شعر ثابت قطنة صنعته ".
4. القاموس المحيط 2: 88 (عجر).
5. القاموس المحيط 3: 408 (سل).
6. القاموس المحيط 4: 262 (قطن).
7. الصحاح 6: 2183 (قطن).
8. الصحاح 4: 1598 (عتك) وفيه: " عتيك " بدل " عتك ".
147

وكذا الحال في عبارة القاموس " وكان يحشوها بقطنة ".
والظاهر أنه كان الغرض من الكتاب المذكور هو تزييف أشعار عجير
السلولي وثابت قطنة وصنعتها قضاء لقضية معنى الطئ.
ولعل الأظهر كون الغرض ذكر تلك الأشعار والصنعة المعمولة فيها.
هذا، وما ذكره في الصحاح - من أن " الأسماء تضاف إلى ألقابها إذا كانا
مفردين " بعد اشتماله على المسامحة؛ حيث إن اللقب إنما يكون لقبا للمسمى
لا الاسم، فكان المناسب أن يقول: إلى الألقاب - قد صرح به ابن مالك في قوله:
وإن يكونا مفردين فأضف * حتما وإلا أتبع الذي ردف (1)
وعليه جرى بعض الفضلاء فيما ذكره من أنه ربما توهم أن الزهراء في قولنا:
" يا فاطمة الزهراء " صفة لفاطمة، وعلى هذا ففاطمة أيضا مرفوعة.
وليس الأمر كذلك؛ لأن الزهراء لقب لفاطمة (عليها السلام) لا صفة لها؛ لورود الرواية
بأنها سميت الزهراء، ونقل الثقات أنها لقب لها لا صفة لها، وللتبادر أيضا، وعلى
هذا فتجب إضافة الاسم إليها وجعلها مجرورة، وجعل الاسم منصوبا على أنه من
باب المنادى المضاف.
لكن حكى الأزهري في التصريح عن ابن خروف: أنه إذا كان الاسم مقرونا
بأل، أو كان اللقب وصفا في الأصل مقرونا بأل كهارون الرشيد ومحمد المهدي،
فلا يضاف الاسم إلى اللقب.
وظاهر الأزهري تقرير ذلك وتلقيه بالقبول، فما ذكره في الصحاح لا يتم على
إطلاقه.
وكذا لا تتم دعوى الإضافة في باب فاطمة الزهراء سلام الله عليها، بل لابد من
رفع الزهراء صفة لفاطمة، إلا أنه يمكن [أن يكون] المقصود بكون اللقب وصفا

1. شرح ابن عقيل: 67، العلم.
148

في الأصل هو كون إطلاق اللقب في أوائل الأمر من باب التوصيف إلى أن تطرق
التلقب بالتعين، فيضاف فاطمة إلى الزهراء.
لكن الظاهر أن المقصود بكون اللقب وصفا في الأصل هو كون اللقب من
المشتق، فلابد من رفع الزهراء صفة لفاطمة؛ لكون زهراء مؤنث أزهر، نحو
حمراء مؤنث أحمر، من الزهرة بمعنى البياض.
قال في المجمع: " سميت الزهراء؛ لأنها إذا قامت في محرابها زهر نورها إلى
السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض. وروي: أنها سميت الزهراء؛ لأنها
خلقت من نور عظمته ". (1)
فائدة [7]
[فيما روي في اتهام الحسن بن محبوب]
قال الكشي في ترجمة أحمد بن محمد بن عيسى:
لا يروي عن ابن محبوب من أجل أن أصحابنا يتهمون ابن محبوب في
روايته عن ابن أبي حمزة، ثم تاب أحمد بن محمد فرجع قبل ما مات. (2)
هكذا العبارة في نسخة معتبرة، ونقلها السيد السند التفرشي وقال: " ولعل ما
ذكره الكشي هو علي بن أبي حمزة البطائني الضعيف ". (3)
لكنك خبير بأن العبارة المذكورة من كلام نصر بن الصباح لامن كلام الكشي،
كما هو مقتضى كلام السيد السند المشار إليه.

1. مجمع البحرين 3: 321 (زهر)، وانظر بحار الأنوار 43: 12، ح 5، باب أسماء سيدة النساء وبعض
فضائله (عليها السلام)، وإحقاق الحق 19: 16.
2. رجال الكشي 2: 799 / 989، وفيه: " أبي حمزة ".
3. نقد الرجال 1: 169 / 333.
149

وعلى ذلك وجه عدم الرواية عن ابن محبوب، واتهامه روايته عن الضعيف.
وأما وجه التوبة والرجوع، فهو إما عدم ثبوت الرواية عن البطائني، أو عدم
تسليم كون الرواية عن الضعيف قادحة في الوثاقة.
والعبارة المذكورة قد نقلها الفاضل الأسترآبادي بدون لفظة الابن. (1)
وقال النجاشي:
قال الكشي عن نصر بن الصباح: ما كان أحمد بن محمد بن عيسى يروي
عن ابن محبوب من أجل أن أصحابنا يتهمون ابن محبوب في أبي حمزة
الثمالي، ثم تاب ورجع عن هذا القول. (2)
قوله: " في أبي حمزة الثمالي " الظاهر أنه كان الغرض " في روايته عن ابن
أبي حمزة " فسقط ما سقط سهوا.
والظاهر أن ذكر الثمالي من باب النقل، أو اشتمال نسخة كتاب الكشي التي
كانت موجودة عنده.
قوله: " عن هذا القول " فيه: أنه لم يسبق في المقام قول حتى تتأتى التوبة
والرجوع عنه. كيف، وما تقدم إنما هو ترك الرواية من جهة الاتهام، وليس الترك
من باب القول بلا كلام.
اللهم إلا أن يكون الغرض من ترك الرواية بواسطة الاتهام هو تعليل الترك
بالاتهام.
ويظهر الكلام في وجه الاتهام والتوبة بما يأتي.
وبالجملة، يرشد إلى كون العبارة بلفظة " أبي حمزة " ما نقله الكشي في
ترجمة عثمان بن عيسى عن نصر بن الصباح من أنه كان يروي عن أبي حمزة

1. منهج المقال: 46.
2. رجال النجاشي: 81 / 189.
150

الثمالي، ولا يتهمون عثمان بن عيسى. (1)
وكذا ترشد إليه رواية الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي، كما فيما
رواه في الكافي في باب ظلمة قلب المنافق وإن أعطي اللسان، ونور قلب المؤمن
وإن قصر به لسانه بالإسناد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن
أبي جعفر (عليه السلام). (2) وغير ذلك بناء على أن الظاهر - بل بلا إشكال - أن المقصود بابن
محبوب في كلام نصر بن الصباح هو الحسن بن محبوب.
لكن وفاة الحسن بن محبوب على ما نقله الكشي عن سبط الحسن بن
محبوب في آخر سنة أربع وعشرين ومائتين، وكان من أبناء خمس وسبعين سنة
على ما نقله الكشي عن سبط الحسن بن محبوب أيضا. (3)
وربما نسب الفاضل الخواجوئي ما ذكر إلى الكشي، (4) وهو وهم.
ومات أبو حمزة الثمالي - على ما ذكره النجاشي - في سنة خمسين ومائة، (5)
وعلى هذا كان تولد الحسن بن محبوب قبل وفاة أبي حمزة الثمالي بسنة، لا في
سنة وفاة أبي حمزة الثمالي كما قيل، (6) فلا مجال لرواية الحسن بن محبوب عن
أبي حمزة الثمالي بدون الإرسال.
مع أنه قد اتفق رواية الحسن بن محبوب عن ابن أبي حمزة فيما رواه في
الكافي في باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن

1. رجال الكشي 2: 860 / 1117.
2. الكافي 2: 423، ح 3، باب ظلمة قلب المنافق وإن أعطي اللسان ونور قلب المؤمن وإن قصر به
لسانه.
3. رجال الكشي 2: 851 / 1094.
4. الفوائد الرجالية: 257.
5. رجال النجاشي: 115 / 296.
6. انظر: تنقيح المقال 1: 91.
151

ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام). (1)
وما رواه في الفقيه في باب أحكام المماليك والإماء من أبواب النكاح، عن
الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي الحسن (عليه السلام) إلى آخره. (2)
وما رواه ابن طاووس في ربيع الشيعة في باب السنة التي يقوم فيها القائم (عليه السلام)
واليوم الذي يقوم فيه، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن
أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام).
وفيه الكفاية في الدلالة على صحة كون العبارة بلفظة ابن أبي حمزة.
لكن المقصود بعلي بن أبي حمزة في هذه الروايات هو البطائني بشهادة
روايته عن أبي بصير في الرواية الأولى والأخيرة حيث إن البطائني كان قائد
أبي بصير، وبه يظهر كونه هو البطائني في الرواية الثانية.
وبما ذكر تظهر صحة المؤاخذة عن سلطاننا في حاشية الفقيه، حيث احتمل
كون علي بن أبي حمزة في الرواية الثانية هو البطائني على ما فهم من الشهيد
الثاني حيث حكم بضعف الرواية. (3)
مع أن تضعيف الرواية من الشهيد الثاني مبني على كون علي بن أبي حمزة
هو البطائني، لا احتمال كونه هو البطائني كما هو مقتضى كلامه.
إلا أن يقال: إن العبارة مبنية على المسامحة، والغرض احتمال كون علي بن
أبي حمزة هو البطائني، كما فهم كونه هو البطائني من الشهيد الثاني. (4)
بل اشتهار البطائني وكثرة روايته يكفي في حمل علي بن أبي حمزة في
الرواية الثانية وأختيها على البطائني، بل هو العمدة، وإلا فقد اتفق رواية علي بن

1. الكافي 2: 616، ح 13، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن.
2. الفقيه 3: 289، ح 1375، باب أحكام المماليك والإماء.
3. يعني سلطان العلماء (1064 ه‍).
4. مسالك الأفهام 8: 60. قال: " وهذه الرواية ضعيفة السند بابن أبي حمزة ".
152

أبي حمزة الثمالي في الروايات، كما فيما رواه في الكافي في كتاب الطهارة في
باب " الحائض تختضب " بالإسناد، عن محمد بن أبي حمزة، عن علي بن
أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (1)
وكذا ما رواه في الكافي في كتاب الدعاء في باب دعوات موجزات بجميع
حوائج الدنيا والآخرة بالإسناد، عن محمد بن أبي حمزة، عن أبيه قال: رأيت
علي بن الحسين (عليه السلام)، (2) بناء على ما يستفاد مما ذكر في ترجمة علي بن أبي حمزة
الثمالي من أن له أخوان محمد والحسين. (3)
بل اتفق رواية الحسن بن محبوب عن علي بن أبي حمزة الثمالي فيما رواه
في إكمال الدين في باب اتصال الوصية من لدن آدم بالإسناد عن الحسن بن
محبوب، عن علي بن أبي حمزة. (4)
لكن يمكن أن يكون الثمالي غلطا؛ لما مر من كون الراوي عن
أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبي بصير هو البطائني.
وكيف كان لعل وجه التوبة من أحمد بن محمد بن عيسى التفطن بعدم قدح
الإرسال في الوثاقة، أو اطلاعه على إقامة القرينة من الحسن بن محبوب على
الإرسال، أو الاطلاع على ملاقاة الحسن بن محبوب مع أبي حمزة الثمالي بتطرق
السهو في تاريخ وفاة الحسن بن محبوب، أو تاريخ مدة حياة الحسن بن
محبوب.
ولا حاجة في باب الاتهام إلى ما ذكره بعض الأعلام من احتمال الإرسال في

1. الكافي 3: 109، ح 3، باب الحائض تختضب.
2. الكافي 2: 579، ح 10، باب دعوات موجزات بجميع حوائج الدنيا والآخرة.
3. رجال الكشي 2: 707 / 761.
4. كمال الدين 1: 229، ح 26، 43، باب اتصال الوصية من لدن آدم (عليه السلام) وأن الأرض لا تخلو من حجة لله
عز وجل على خلقه إلى يوم القيامة.
153

رواية الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي؛ (1) لكون زمان الحسن بن محبوب
بعيدا عن زمان أبي حمزة الثمالي؛ لاختلافهم في بقاء أبي حمزة الثمالي إلى زمان
أبي الحسن موسى (عليه السلام) كما نقله في الخلاصة (2) كما عن الشيخ في الرجال، (3)
والحسن بن محبوب من رجال أبي الحسن موسى والرضا (عليهما السلام) على ما ذكره الشيخ
في الرجال نقلا. (4) وإن ذكر في الفهرست أنه روى عن الرضا (عليه السلام)، (5) ولم يعلم روايته
عمن قبل الكاظمين من الأئمة (عليهم السلام).
بل لا مجال لرواية الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي كما يظهر مما مر
بدون الإرسال، فالقناعة باحتمال الإرسال لا يخفى ما فيها من اختلاف الحال.
وربما احتمل بعض الأعلام كون وجه عدم الرواية والتهمة قدح الحسن بن
محبوب في أبي حمزة الثمالي على زعم أحمد بن محمد بن عيسى.
وينقدح بأن ترك الرواية على ما يقتضي به صريح العبارة المتقدمة من جهة
اتهام الحسن بن محبوب عند الأصحاب، لا قدح الحسن بن محبوب في
أبي حمزة الثمالي.
ثم إنه قد روى في التهذيب في كتاب الطلاق عند شرح قوله: " وكذلك من
طلق صبية لم تبلغ المحيض وإن كانت قد دخل بها ولم تكن في سن من تحيض
ومن طلق آئسة من المحيض فذلك أيضا حكمها " عن أحمد بن محمد بن عيسى،
عن الحسن بن محبوب، عن أبان بن تغلب، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (6)

1. الفوائد الرجالية للفاضل الخاجوئي: 257.
2. خلاصة الأقوال: 29 / 5.
3. رجال الطوسي: 345 / 1.
4. رجال الطوسي: 347 / 9، وص 372 / 11.
5. الفهرست: 46 / 161.
6. تهذيب الأحكام 8: 67، ح 224، باب أحكام الطلاق.
154

وأبان بن تغلب إنما لقي أبا محمد علي بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد الله (عليهم السلام)
ومات في حياة أبي عبد الله (عليه السلام) في سنة إحدى وأربعين ومائة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام)
لما أتاه نعيه: " أما والله، لقد أوجع قلبي موت أبان ". (1)
والحسن بن محبوب قد عده الشيخ في الرجال من أصحاب الكاظم
والرضا (عليهما السلام)، (2) وإن عده في الفهرست من أصحاب الرضا (عليه السلام)، (3) ومات الحسن بن
محبوب كما تقدم في آخر سنة أربع وعشرين ومائتين، وكان من أبناء خمس
وسبعين كما مر، فكان تولده بعد وفاة أبان بن تغلب بثمان سنين، فلا مجال
لروايته عن أبان بن تغلب.
ولعل عدم جعل رواية الحسن بن محبوب عن أبان بن تغلب موجبة للاتهام
من جهة ندرتها أو عدم الإطلاق عليها بخلاف الرواية عن أبي حمزة الثمالي، أو
كان وجه الاتهام في رواية الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي أمرا آخر غير
عدم مساعدة الطبقة.
ثم إن الحسن بن محبوب كان ملقبا ب‍ " السراد " لكن في ثواب الأعمال في باب
من قطع ثوبا جديدا وقرأ إنا أنزلناه إلى آخره: حدثني أحمد بن محمد، عن
محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عمر السراد، عمن
أخبره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (4) إلى آخره.
ثم عثمان بن عيسى من أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام) على ما عن الشيخ في

1. انظر تقريب تهذيب الأحكام 1: 30، ح 157، ورجال الكشي 2: 622 / 601، ومنتهى المقال 1:
134 / 11.
2. رجال الطوسي: 347 / 9، وص 372 / 11.
3. الفهرست: 46 / 161.
4. ثواب الأعمال 1: 44، باب 54، باب من قطع ثوبا جديدا وقرأ إنا أنزلناه.
155

الرجال، (1) وإن جعله الكشي من أصحاب الكاظم (عليه السلام). (2)
لكن وقع في التهذيب نقلا روايته عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (3) وهو موجب
للاتهام، فالظاهر أن عدم جعله موجبا للاتهام مع ذكر عدم الاتهام في روايته عن
الحسن بن محبوب من جهة ندرته، أو عدم الاطلاع عليه.
لكن ربما يقتضي ما نقله الكشي - من جعله مكان فضالة من أصحاب
الصادق (عليه السلام) (4) - كونه من أصحاب الصادق (عليه السلام).
بقي أن مقتضى كلام السيد السند النجفي في صلاة المصابيح عند الكلام في
البلوغ أن كون الرواية في كتاب مشيخة الحسن بن محبوب كما فيما استطرفه في
آخر السرائر من مشيخة الحسن بن محبوب يوجب جبر ضعف الرواية باعتبار من
فوق الحسن بن محبوب مع قطع النظر عن الحسن بن محبوب، بناء على كون
الإجماع المنقول في حقه في كلام الكشي موجبا لجبر ضعف الرواية باعتبار من
فوقه؛ نظرا إلى ما ذكره في إعلام الورى من أن من جملة ثقات المحدثين
والمصنفين من الشيعة الحسن بن محبوب الزراد، وقد صنف كتاب المشيخة
الذي في أصول الشيعة أشهر من كتاب المزني وأمثاله. (5)
وما ذكره في آخر السرائر من أن مما استطرفه من كتب المشيخة المصنفين
والرواة المحصلين ما استطرفه من مشيخة الحسن بن محبوب السراد صاحب

1. رجال الطوسي: 355 / 28، وص 380 / 8.
2. رجال الكشي 2: 860 / 1117 - 1120.
3. تهذيب الأحكام 2: 328، ح 1348، باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون.
وانظر الكافي 2: 585، ح 22، باب دعوات موجزات.
4. رجال الكشي 2: 831، وفيه: " وقال بعضهم مكان ابن فضال عثمان بن عيسى "، والمنقول من عبارة
الكشي في الرسائل الرجالية للشفتي: 39: " فضالة " بدل " ابن فضال ".
5. إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 258، الفصل الأول في ذكر الدلالة على إثبات غيبته (عليه السلام) وصحة إمامته
من جهة الأخبار التي تقدم ذكرها وذكر أحوال غيبته.
156

الرضا (عليه السلام)، وهو ثقة عند أصحابنا، جليل القدر، كثير الرواية، أحد الأركان الأربعة
في عصره. (1)
ثم قال بعد إيراد الروايات المستطرفة من المشيخة المشار إليها: " تمت
الأحاديث المنتزعة من كتاب الحسن بن محبوب السراد الذي هو كتاب
المشيخة، وهو كتاب معتمد ". (2)
لكن اشتهار الكتاب لا يقتضي بمجرده اعتبار أخبار الكتاب، وإلا للزم اعتبار
أخبار الكتب الأربعة بواسطة اشتهارها، ولم يقل به أحد؛ حيث إن من قال باعتبار
أخبار تلك الكتب لم يستند إلى اشتهار تلك الكتب.
نعم، ما ذكره في آخر السرائر - من أن المشيخة المشار إليها معتمدة - يوجب
جبر ضعف الرواية باعتبار من فوق الحسن بن محبوب، ويتجه التعويل عليها لو
لم يكن خلاف المشهور أو خلاف الإجماع.
فائدة [8]
[في أحمد بن يحيى بن عمران]
أحمد بن يحيى بن عمران والد محمد صاحب نوادر الحكمة المعروف بدبة
شبيب مجهول في الرجال، ولم تعهد رواية ابنه عنه، إلا أنه روى في التهذيب في
زيادات الطهارة في باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة عن محمد بن
أحمد بن يحيى، عن أبيه، عن ابن المغيرة. (3)
وفي زيادات الصلاة في باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما

1. السرائر 3: 589.
2. السرائر 3: 600.
3. تهذيب الأحكام 1: 357، ح 1072، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة.
157

لا يجوز، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد، عن أبيه. (1)
لكن الظاهر وقوع السقط بأن كان السند محمد بن يحيى، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن أبيه، كما في التهذيب في زيادات الصلاة من الجزء الأول
في باب العمل في ليلة الجمعة ويومها. (2)
لكنه روى في التهذيب في أواخر باب تطهير الثياب وغيرها، عن محمد بن
أحمد بن يحيى، عن أحمد بن يحيى. (3)
وفي باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة وما يصنع بهم في تلك
الحال وتطهيرهم بالغسل وإسكانهم الأكفان، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن
أبيه، عن عبد الله بن المغيرة. (4)
وكذا ما رواه في التهذيب إلا أنه لعله اشتباه عن أحمد بن محمد بن عيسى.
لكن في بعض النسخ ليس أحمد بن يحيى، إلا أنه حكي ثبوته في نسخة
شيخنا البهائي.
وربما يرشد إلى وقوع السقط في السند المتقدم ما رواه في التهذيب، في باب
العمل في ليلة الجمعة ويومها، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي جعفر،
عن أبيه؛ (5) إذ المراد بأبي جعفر هو أحمد بن محمد بن عيسى.
قال العلامة في الفائدة الثانية من الفوائد المرسومة في خاتمة الخلاصة: " ذكر
الشيخ وغيره في كثير من الأخبار سعد بن عبد الله عن أبي جعفر، والمراد

1. تهذيب الأحكام 2: 371، ح 1546، باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز.
2. تهذيب الأحكام 3: 18، ح 65، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، وفيه: " محمد بن أحمد بن يحيى
عن أحمد بن محمد عن أبيه ".
3. تهذيب الأحكام 1: 284، ح 832، باب تطهير الثياب وغيرها.
4. تهذيب الأحكام 1: 322، ح 939، باب تلقين المحتضرين.
5. تهذيب الأحكام 3: 19، ح 67، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها.
158

بأبي جعفر هذا أحمد بن محمد بن عيسى ". (1)
ويمكن أن يكون المقصود بأحمد بن محمد هو أحمد بن محمد بن عيسى
من دون وقوع السقط، كما يرشد إليه ما رواه في الكافي في باب عتق الصغير
والشيخ الكبير وأهل الزمانات، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن
أبيه محمد بن عيسى. (2)
ثم إنه قد ذكر السيد السند النجفي رواية محمد بن أحمد بن يحيى عن أبيه
فيما رواه الشيخ في التهذيب في باب لباس المصلي، وحكم بأن عدم استثنائه من
ابن الوليد فيما استثناه يدل على عدم ضعفه. (3)
أقول: إن الظاهر أن مقصوده مما رواه الشيخ في التهذيب في باب لباس
المصلي هو ما ذكرناه مما رواه الشيخ في التهذيب في زيادات الصلاة في باب ما
تجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا تجوز. (4)
لكن ظهر بما مر أنه يمكن أن يكون المدار في السند المذكور وأخته - أعني
ما رواه في التهذيب في زيادات الطهارة في باب صفة الوضوء والفرض منه
والسنة (5) - على أحمد بن محمد بن عيسى، السقوط (6) أو عدمه، بأن يكون
المقصود بأحمد بن محمد هو أحمد بن محمد بن عيسى.
بل الظاهر ذلك، فلا دلالة في عدم الاستثناء من ابن الوليد على عدم الضعف.

1. خلاصة الأقوال: 271.
2. الكافي 6: 181، ح 3، باب عتق الصغير والشيخ الكبير وأهل الزمانات، وفيه: " عن أبيه عن محمد بن
عيسى ".
3. رجال السيد بحر العلوم 4: 143، فائدة 23. والرواية في تهذيب الأحكام 2: 373، ح 1550، باب
ما تجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا تجوز.
4. تهذيب الأحكام 2: 373، ح 1550، باب ما تجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا تجوز.
5. تهذيب الأحكام 1: 357، ح 1072، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة.
6. في " د ": " بالسقوط ".
159

نعم، يمكن القول بالدلالة بملاحظة ما ذكرناه مما رواه في التهذيب في أواخر
باب تطهير الثياب وغيرها. (1)
لكن قد سمعت احتمال الاشتباه فيه، فلا دلالة في عدم الاستثناء على عدم
الضعف رأسا.
بقي أنه قد روى في التهذيب في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، عن
الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن عثمان بن
عيسى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، (2) إلى آخره.
وليس في الكافي " ابن يحيى ". (3)
مع أن محمد بن يحيى العطار - وهو المقصود بمحمد بن يحيى في السند
المذكور - يروي عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعثمان بن عيسى يروي عنه
أحمد بن محمد بن عيسى، فكان الصواب إبدال ابن يحيى بابن عيسى، أو
الاقتصار على أحمد بن محمد كما سمعت الاقتصار من الكليني في بعض
الأسانيد المتقدمة على أحمد، والمقصود به أحمد بن محمد بن عيسى.
على أنه لا مجال لرواية محمد بن يحيى العطار المقصود بمحمد بن يحيى
في السند المذكور - كما سمعت - عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار المقصود
بأحمد بن محمد بن يحيى ولو كان متعددا ولاشتهاره؛ للزوم رواية الوالد عن
الولد.
اللهم إلا أن يكون أحمد بن محمد بن يحيى في السند المذكور على فرض
ثبوته فيه من باب المهمل.

1. تهذيب الأحكام 3: 18، ح 65، باب تطهير الثياب وغيرها.
2. تهذيب الأحكام 1: 42، ح 116، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة، وفيه: " محمد بن يحيى،
عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن عثمان " إلى آخره.
3. الكافي 3: 3، ح 5، باب الماء الذي لا ينجسه شيء.
160

فائدة [9]
[في لفظة " واقف "]
ذكر النجاشي في ترجمة حميد بن زياد: " أنه كان ثقة واقفا وجها فيهم ". (1)
وربما فسر بعض " الوقف " بالاطلاع على الأخبار والروايات، وحكم بأنه
ليس الغرض الوقف بالمعنى المصطلح، كما يظنه من لم يقف على المحاورات.
أقول: إن الوقف وإن كان يستعمل بمعنى الاطلاع كما ينصرح من الصحاح (2)
والقاموس (3) ومنه العبارة المعروفة المذكورة في صدر صكوك الموقوفات، أعني:
الحمد لله الواقف على الضمائر، لكن ضمير الجمع في قوله: " فيهم " يمانع عن
كون الغرض من الوقف هو الاطلاع على الأخبار بعد بعده؛ إذ المرجع هو
الواقفية، نظير قوله: " فيهم " (ولأبويه لكل وحد منهما السدس) وكذا قول
أمير المؤمنين (عليه السلام) في دعاء الصباح: " والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الأول "
إذ مرجع الضمير المؤنث هو الدنيا.
ومع ذلك ذكر النجاشي في ترجمة أحمد بن أبي بشر السراج: " أنه ثقة في
الحديث واقف ". (4)
وذكر الشيخ في الفهرست: " أنه ثقة في الحديث واقفي المذهب ". (5)
وهو يرشد إلى أن المقصود بالواقف في كلام النجاشي في ترجمة حميد بن
زياد هو الواقف في المذهب، والله العالم.

1. رجال النجاشي: 132 / 339.
2. الصحاح 4: 1440 (وقف). وفيه: " وقفته على ذنبه، أي أطلعته عليه ".
3. القاموس المحيط 3: 212 (وقف).
4. رجال النجاشي: 75 / 181.
5. الفهرست: 20 / 64.
161

14 - رسالة في " حسين بن محمد "
163

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
وبعد فقد تكثر رواية الكليني عن الحسين بن محمد، ويروي الحسين بن
محمد تارة عن المعلى بن محمد عن الوشاء، وأخرى عن غير المعلى، وثالثة عن
المعلى عن غير الوشاء.
وقد يروي الكليني عن الحسين بن محمد الأشعري.
والمقصود بالحسين بن محمد إنما هو الحسين بن محمد بن عامر؛ لوقوع
التقييد ب‍ " ابن عامر " في باب أن الأئمة ولاة الأمر، وهم الناس المحسودون، (1) وكذا
في باب صلة الأرحام، (2) وكذا في باب المستأكل بعلمه والمباهي به، (3) وغيرها،
مع أن صاحب المشتركات قد ذكر في ترجمة معلى بن محمد أنه يروي عنه
الحسين بن محمد بن عامر. (4)
على أن النجاشي ذكر في ترجمة الحسين بن محمد بن عمران أن له كتابا
رواه محمد بن محمد عن أبي غالب الزراري عن الكليني عنه. (5)
والظاهر أنه من باب النسبة إلى الجد الأعلى؛ حيث إن عامر ابن عمران، كما

1. الكافي 1: 205، ح 1، باب أن الأئمة هم ولا ة الأمر وهم المحسودون.
2. الكافي 2: 151، ح 7، باب صلة الرحم، وفيه: " الحسين بن محمد " فقط.
3. الكافي 1: 46، ح 2، باب المستأكل بعلمه والمباهى به.
4. هداية المحدثين: 150. وانظر منتهى المقال 6: 299 / 3014.
5. رجال النجاشي: 66 / 156.
165

يقتضيه قول النجاشي: عبد الله بن عامر بن عمران بن أبي عمر الأشعري
أبو محمد شيخ من وجوه أصحابنا ثقة. (1)
قال الفاضل الجزائري في الحاوي: وعامر وعمران لمسمى واحد. (2)
قيل: وهو مقتضى ما عن المنتقى من التعبير بالحسين بن عامر، وعد حديثه
من الصحي. (3)
قوله: " وعد حديثه من الصحي " إذ لا يتم هذا إلا بمداخلة توثيق النجاشي
المذكور في ابن عمران، والمداخلة مبنية على اتحاد عمران وعامر، مضافا إلى أن
النجاشي والشيخ في الفهرست والرجال ذكر كل منهما في ترجمة معلى بن محمد
أن له كتبا روى عنه الحسين بن محمد بن عامر الأشعري. (4)
ومقتضاه كون الحسين بن محمد الذي روى عنه الكليني - وهو يروي عن
معلى بن محمد - هو ابن عامر، فضلا عما ذكره السيد الداماد - نقلا - من أن
الحسين بن محمد أحد أجلاء مشايخ الكليني، وقد أكثر في الرواية عنه في الكافي
وصرح باسم جده الأشعري في مواضع عديدة. (5)
قوله: " باسم جده الأشعري " إلى آخره، هذا مبني على جعل الأشعري في
المواضع المشار إليها صفة للجد بملاحظة القرب، فالأشعري في الحسين بن
عامر الأشعري، المعنون في الخلاصة (6) - كما يأتي - صفة لعامر.
لكن الظاهر أن ما يذكر في الكلام من المتعلقات - كالصفة والضمير

1. رجال النجاشي: 218 / 570.
2. حاوي الأقوال 1: 312 / 202.
3. منتقى الجمان 1: 297، باب الدفن.
4. رجال النجاشي: 418 / 1117؛ الفهرست: 165 / 732؛ رجال الشيخ: 449 / 133.
5. تعليقة الداماد على رجال الكشي 2: 496 / 416.
6. خلاصة الأقوال: 52 / 24.
166

وغيرهما - يرجع إلى المقصود بالأصالة في الذكر، ومن هذا أنه لو تردد
التوثيق أو غيره رجوعا بين شخصين أحدهما مذكور بالأصالة والآخر مذكور
بالتبع - كما يتفق في بعض الأحيان بل كثيرا - فالظاهر الرجوع إلى المقصود
بالأصالة.
وقد استوفينا موارد تردد التوثيق وغيره رجوعا بين شخصين في الرسالة
المعمولة في " ثقة ".
لكن قد تشهد القرينة برجوع ما يتعلق بالكلام إلى المذكور بالتبع، وعليه
المدار.
ومنه ما ذكره العلامة في الخلاصة من أن الحسين بن سعيد بن حماد بن
مهران الأهوازي مولى علي بن الحسين (عليهما السلام)، ثقة جليل القدر، روى عن
الرضا وعن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث (عليهم السلام)، (1) حيث إن قوله:
" مولى علي بن الحسين " وإن كان الظاهر رجوعه إلى الحسين بن سعيد،
لكن مقتضى القرينة القائمة في المقام هو الرجوع إلى حماد بن مهران أو
إلى مهران، وإن أمكن القول بظهور الرجوع إلى حماد؛ إذ لو رجع إلى الحسين بن
سعيد يلزم أن يقارب عمره مائتي سنة؛ لأن علي بن الحسين (عليهما السلام) قبض في سنة
خمس وتسعين، (2) ومولانا الهادي (عليه السلام) قبض في سنة أربع وعشرين ومائتين، (3)
مضافا إلى لزوم أن يكون الحسين بن سعيد قد أدرك زمان علي بن الحسين
والباقرين (عليهم السلام) ولم يرو عنهم، وهو في كمال البعد، وفضلا عما جرى عليه السيد

1. خلاصة الأقوال: 49 / 4.
2. الكافي 1: 466، باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام)؛ الارشاد للمفيد 2: 137؛ المناقب لابن شهرآشوب
4: 175.
3. انظر الكافي 1: 497، باب مولد أبي الحسن على بن محمد (عليهما السلام)؛ وإعلام الورى بأعلام الهدى 2: 109.
وفيهما: " سنة أربع وخمسين ومائتين ".
167

السند النجفي من أن الحسين بن محمد المبحوث عنه هو الحسين بن محمد بن
عامر. (1)
هذا، والظاهر أن الحسين بن محمد بن عامر - المشار إليه - هو الحسين بن
محمد الأشعري المعنون في الخلاصة (2) والمذكور بالتوثيق، وهذا التوثيق أحد
التوثيقين الموجب اجتماعهما لعد حديث الحسين بن عامر من المنتقى صحيا،
كما مر. (3)
وأيضا الظاهر - بل بلا إشكال - أن الحسين بن محمد بن عمران - المقصود
بالحسين بن محمد المذكور في صدر سند الكافي، (4) بناء على اتحاد عامر
وعمران - غير الحسين بن عمران المذكور في الرجال والمعدود من أصحاب
مولانا الصادق (عليه السلام)، (5) كما لا يخفى.
وأيضا الظاهر - بل بلا إشكال - أن الحسين بن محمد بن عمران المشار إليه
متحد مع الحسين بن أحمد بن عامر الأشعري المعنون في رجال الشيخ في " لم "، (6)
كما حكم به الفاضل الأسترآبادي في رجاله الكبير في ترجمة الحسين بن
أحمد بن عامر، (7) وكذا في ترجمة الحسين بن محمد بن عامر. (8)
و " أحمد " سهو، كما حكم به الفاضل المذكور في رجاله الوسيط في ترجمة
الحسين بن أحمد بن عامر.

1. رجال السيد بحر العلوم 4: 145، الفائدة: 25.
2. خلاصة الأقوال: 52 / 24.
3. كما في منتقى الجمان 1: 297.
4. الكافي 1: 24، ح 20 و 21 من كتاب العقل والجهل.
5. رجال الشيخ: 170 / 88.
6. رجال الشيخ: 469 / 41.
7. منهج المقال: 111.
8. منهج المقال: 111.
168

وأيضا ذكر الفاضل الأسترآبادي في رجاله الكبير والوسيط كلا من
الترجمتين المذكورتين، وعنون بين الترجمتين الحسين الأشعري القمي، وجرى
على التردد بين كونه هو الحسين بن أحمد بن إدريس، وكونه هو الحسين بن
عامر. (1)
ويضعف بأن الظاهر أن الحسين الأشعري هو الحسين بن محمد كما
سمعت، فلا مجال لاحتمال كونه الحسين بن أحمد بن إدريس، مع أن الظاهر أن
أحمد بن إدريس هو أبو علي الأشعري الذي يروي عنه الكليني، (2) فالرواية عن
الوالد تارة وأخرى عن الولد بعيدة.
وأيضا الحسين بن محمد بن عامر يروي عن عمه عبد الله بن عامر، كما ذكره
الشيخ في الرجال، (3) بناء على كون " أحمد " سهوا عن " محمد ".
بل ذكر الفاضل الأسترآبادي وقوع ذلك في أسانيد كثيرة.
ومنه ما رواه في الكافي - في باب صفة الوضوء - عن الحسين بن محمد عن
عبد الله بن عامر عن علي بن مهزيار عن محمد بن يحيى عن حماد بن عثمان، (4)
إلى آخره.
وما رواه في الكافي - في باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة - عن
الحسين بن محمد عن عبد الله بن عامر عن علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد
من محمد بن الفضيل، (5) إلى آخره.

1. منهج المقال: 110.
2. نقد الرجال 2: 75 / 1409.
3. رجال الشيخ: 469 / 41، وانظر هامش: 2.
4. الكافي 3: 27، ح 8، باب صفة الوضوء.
5. الكافي 3: 47، ح 7، باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة.
169

وما رواه في الكافي - في باب تكفين المرأة - عن الحسين بن محمد عن
عبد الله بن عامر عن علي بن مهزيار عن فضالة عن القاسم بن يزيد عن محمد بن
مسلم، (1) إلى آخره، وغيرها.
ومنه ما في مشيخة الفقيه: وما كان فيه عن عبيد الله المرافقي فهو مروي عن
جعفر بن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبد الله بن
عامر عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي عن عبيد الله المرافقي. (2)
وأيضا جعل النجاشي في ترجمة الحسين بن محمد بن عمران كنية
والد عمران " أبا بكر " (3) وفي ترجمة عبد الله بن عامر " أبا عمر " (4) والتنافي في
البين بين.
[في " ابن بابويه " الوارد في كلام الكليني]
ثم إن في الكافي في باب مولد مولانا علي بن الحسين (عليهما السلام) رواية في ذيلها أن
علي بن الحسين كان يحج على ناقة كانت له ولم يقرعها قرعة، فقال ابن بابويه:
الحسين بن محمد بن عامر عن أحمد بن إسحاق بن سعيد (5) عن سعدان بن مسلم
عن أبي عمارة عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام). (6)
وقد اختلف في المراد بالعبارة على وجوه:
أحدها: ما نقله العلامة المجلسي في الحاشية بخطه الشريف عن قائل، وهو

1. الكافي 3: 147، ح 3، باب تكفين المرأة.
2. الفقيه 4: 19، من المشيخة.
3. رجال النجاشي: 66 / 156.
4. رجال النجاشي: 218 / 570.
5. في المصدر: " سعد " بدلا عن " سعيد ".
6. الكافي 1: 467، ح 2 و 3 و 4، باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام).
170

أن المراد علي بن بابويه، والكلام كلام التلميذ الذي جمع نسخ الكافي، أي كان
هذا الخبر في نسخة علي، ولم يكن في باقي نسخ الكافي، ويحتمل رواية الكليني
عنه. (1) انتهى.
وعلى الأخير يلزم رواية الكليني عنه وعن الحسين بن محمد بتوسط
ابن بابويه رأس السند.
ثانيها: ما نقله العلامة المشار إليه احتماله عن الوافي، وهو أن يكون " أين "
بمعنى المكان، وأبويه بمعنى والديه، يعني أني لا أجد مثل أبويه، فيكون المراد
إنه لا يوجد مثل أبويه في الشرف، ولهذا كان كذلك. (2) انتهى.
وعلى هذا يكون الحسين بن محمد رأس السند، ويكون رواية الكليني عن
الحسين بن محمد بلا واسطة.
ويرشد التقييد إلى كون المقصود بالحسين بن محمد هو ابن عامر، وإن أمكن
القول بتأتي الإرشاد على الوجه السابق أيضا.
ثالثها: ما نقله العلامة المشار إليه عن بعض أفاضل معاصريه، وهو أن العبارة
ابن شهربانويه صار في الفضل إلى هذه المرتبة، (3) انتهى.
والحال على هذا على منوال الحال في الوجه السابق.
رابعها: ما جرى عليه نفسه - بعد تزييف الوجوه السابقة بأن كلها نشأ من
عدم التتبع والربط بمصطلحات القوم - وهو: أن " ابن بابويه " كما اتفقت عليه
النسخ، والمراد به الصدوق، فإنه من رواة الكافي، كما هو المذكور في إجازات
الأصحاب، ولما كانت النسخ التي رواها التلامذة عن الكليني مختلفة في بعض
المواضع، فعرض الأفاضل المتأخرون عن عصرهم نسخ الكتاب بعضها على

1. مرآة العقول 6: 9، ذيل ح 3.
2. مرآة العقول 6: 9، وانظر: الوافي 3: 764، ذيل ح 1387، باب ما جاء في علي بن الحسين (عليهما السلام).
3. مرآة العقول 6: 10، ذيل ح 3.
171

بعض، فما كان فيه خلاف أشاروا إليه، كما في عرض الكتاب في نسخة الصفواني
ونسخة النعماني. فهذا أيضا إشارة إلى أن الحديث المذكور إنما كان في نسخة
الصدوق، ولم يكن في سائر النسخ.
قال: فهكذا حقق المقام، ولا تصغ إلى ما صحفوه لقلة التدرب بأساليب
الكلام. (1) انتهى.
والحال على هذا على منوال الوجهين السابقين.
أقول: إن ما جرى عليه العلامة المشار إليه هو الأظهر بناء على ما نقله مما ذكر
في إجازات الأصحاب من كون الصدوق من رواة الكافي.
وأما ما نقله عن الوافي وبعض أفاضل معاصريه فهو في غاية البعد، مضافا إلى
المخالفة لما اتفقت عليه النسخ، كما نقله العلامة المشار إليه. لكن الاتفاق غير
ثابت، بل ثابت العدم؛ إذ بعض النسخ " ابن بابويه ".
وأما كون الأمر من باب الرواية عن علي بن بابويه فهو وإن كان ممكنا؛
قضية المعاصرة بشهادة أن الكليني توفي في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة
على ما ذكره الشيخ في الفهرست (2) كما عن الرجال، (3) أو في سنة تسع وعشرين
وثلاثمائة على ما ذكره النجاشي (4) والعلامة في الخلاصة، (5) وعلي بن بابويه
توفي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة على ما ذكره النجاشي (6) والعلامة في
الخلاصة، (7) أو في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة على ما يظهر من الصدوق

1. انظر مرآة العقول 6: 9؛ والكافي 1: 468، هامش 1.
2. الفهرست: 135 / 601.
3. رجال الشيخ: 495 / 27.
4. رجال النجاشي: 277 / 1026.
5. خلاصة الأقوال: 145 / 36.
6. رجال النجاشي: 262 / 684.
7. خلاصة الأقوال: 94 / 20.
172

في إكمال الدين - نقلا - حيث قال:
حدثنا أبو الحسن صالح بن شعيب الطالقاني (رحمه الله) في ذي القعدة
سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن
إبراهيم بن مخلد. قال: حضرت بغداد عند المشايخ رحمهم الله،
فقال الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري ابتداء منه: رحم الله
علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي. قال: فكتب المشايخ
تأريخ ذلك اليوم، فورد الخبر أنه توفي ذلك اليوم، ومضى
أبو الحسن السمري بعد ذلك في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين
وثلاثمائة. (1)
فعلى هذا يكون وفاة علي بن الحسين إما في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة أو
في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.
وبشهادة ما ذكره المولى التقي المجلسي من أن الصدوق عاصر الكليني في
برهة من الزمان لكن لم يتفق لقاؤه إياه؛ (2) إذ على هذا يلزم معاصرة علي بن
موسى بن بابويه للكليني بالأولوية.
وبشهادة رواية علي بن الحسين عن مشايخ الكليني، كعلي بن إبراهيم
ومحمد بن يحيى والحسين بن محمد وغيرهم.
لكن ذلك - أعني رواية الكليني عن ابن بابويه - بعيد؛ لبعد نقل المعاصر
عن معاصره، مضافا إلى عدم اتفاق رواية الكليني عن ابن بابويه في رواية
أخرى.
وبالجملة، فقوله: " ابن بابويه " على الوجهين الوسطين جزء الرواية
السابقة، وأما على الجنبين فهو من قبيل رأس السند. ومن هذا أنه لم يأت

1. كمال الدين 2: 503، ح 32، الباب الخامس والأربعون.
2. روضة المتقين 14: 260.
173

في البحار بذكر ذلك في ذيل الرواية المتقدمة وإن لم يذكره في صدر
السند؛ لعدم النقل عن الكافي؛ لأن الرواية في البحار منقولة عن منتخب البصائر
والبصائر. (1)

1. بحار الأنوار 46: 147، ح 2، باب وفاته (عليه السلام)؛ بصائر الدرجات: 7.
174

[فوائد]
فائدة [1]
[في صاحب كتاب رجال الكشي المتداول]
قد صرح السيد الداماد في الراشحة الثانية عشرة من الرواشح بأن المعروف
من كتاب الكشي في هذه الأعصار هو اختيار الشيخ الطوسي. (1)
وكذا صاحب رياض العلماء قال: والآن لم يوجد إلا اختيار الشيخ، ولم نقف
إلى الآن على أصل رجال الكشي. (2)
وكذا المحدث البحراني في اللؤلؤة قال: وكتاب الكشي لم يصل إلينا، وإنما
الموجود المتداول كتاب اختيار الكشي للشيخ أبي جعفر الطوسي. (3)
وعن الفاضل العناية أن اختيار الرجال هو المشهور بالكشي. (4)
وكذا بعض المتأخرين قال:
والموجود في هذه الأوان بل وزمان العلامة وما قاربه إنما هو اختيار

1. الرواشح السماوية: 68، الراشحة الثانية عشر.
2. رياض العلماء 7: 240.
3. لؤلؤة البحرين: 402.
4. مجمع الرجال 1: 251.
175

الشيخ الطوسي، لا الكشي الأصل. بل حكى عن جماعة من مشايخه أن
كتاب الكشي جامع رواة العامة والخاصة خالط بعضهم ببعض، فعمد
إليه شيخ الطائفة فلخصه وأسقط منه الفضلات وسماه ب‍ " اختيار
الرجال ". (1)
وعد الشيخ في الفهرست من مصنفاته رجال من روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن
الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، وكذا اختيار الرجال. (2)
ويرشد إلى كون الموجود في هذه الأعصار هو الاختيار أنه قال في أواخر
الاختيار المعروف بكتاب الكشي في ترجمة أبي يحيى الجرجاني: قال أبو عمرو:
وأبو يحيى الجرجاني اسمه أحمد بن داود بن سعيد - إلى أن قال -: وسنذكر بعض
مصنفاته، فإنها ملاح ذكرناها نحن في الفهرست، ونقلناها من كتابه. (3)
والضمير في " كتابه " راجع إلى أبي عمرو، والمقصود به الكشي؛ حيث إن
هذه العبارة صريحة في أن الكتاب المعروف بكتاب الكشي من الشيخ، حيث إن
المقصود بتلك العبارة أن الشيخ ذكر كتاب الجرجاني في الفهرست أخذا من كتاب
الكشي.
وهل ترى عبارة أفصح من تلك العبارة فيما ذكرناه؟
وتلك العبارة إشارة إلى ما صنعه في الفهرست في ترجمة أحمد بن داود؛
حيث إنه - بعد الفراغ عن نقل الكتب - قال: ذكر الكشي في كتابه معرفة الرجال. (4)
وعلى ذلك ليس المقصود بما في التراجم من الاختيار من قوله: " قال
أبو عمرو " أو " قال الكشي " أو " قال أبو عمرو الكشي مصنف الكتاب " كما هو

1. خاتمة المستدرك 3: 287، الفائدة الثالثة.
2. الفهرست: 141 / 604.
3. رجال الكشي 2: 813 / 1016.
4. الفهرست: 33 - 34 / 90.
176

الحال، بناء على كون الكتاب كتاب الكشي، وهو المتعارف في كتب القدماء.
وإن قلت: إنه كيف أحال الحال في الاختيار على الفهرست، ومقتضاه: تأخر
الاختيار عن الفهرست، مع أنه قد عد في الفهرست الاختيار من مصنفاته، كما مر،
ومقتضاه: تقدم الاختيار على الفهرست!؟
قلت: إن العبارة المذكورة من الاختيار إنما هي في آخر الكتاب، ونقل الشيخ
كتب الجرجاني إنما هو في أوائل الكتاب في حرف الألف في ترجمة أحمد بن
داود (1) كما سمعت، وعده الاختيار من كتبه إنما هو في حرف الميم في أواخر
الكتاب، (2) فهو كان قد فرغ من الاختيار بعد نقل الكتب في حرف الألف وقبل
البلوغ إلى حرف الميم.
ويمكن أن يكون الاختيار مؤخرا عن الفهرست، لكنه زاد الاختيار على كتبه
المذكورة في الفهرست في حرف الميم.
وأيضا قال في أواخر الاختيار في ترجمة الفضل بن شاذان: وقيل: إن للفضل
مائة وستين مصنفا ذكرنا بعضها في كتاب الفهرست. (3)
ودلالته على كون الموجود في هذه الأعصار هو الاختيار خالية عن شائبة
الاستتار.
ويرشد أيضا إلى كون الموجود في هذه الأعصار هو الاختيار: أنه قال في آخر
الجزء الثاني: تم الجزء الثاني من الاختيار من كتاب أبي عمرو محمد بن عمر بن
عبد العزيز في معرفة الرجال. (4) وقال في آخر الكتاب: تم الجزء السابع من

1. الفهرست: 33 / 90.
2. الفهرست: 159 / 709، وانظر منتهى المقال 6: 22.
3. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 2: 822، ذيل ح 1029.
4. انظر اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 1: 416 ذيل 312. وفيه: " إلى هنا انتهى الجزء الثاني،
ويتلوه في الجزء الثالث حدثني محمد بن مسعود... ".
177

الاختيار، وتم الكتاب بأسره. (1)
لكن الظاهر أن " السابع " اشتباه من " السادس ".
وربما يظهر مما قاله في الذخيرة - عند الكلام في الطريق الثاني من طريقي
معرفة الكر من قوله: ويظهر ذلك من رجال النجاشي والكشي واختيار الرجال - (2)
أن كتاب الكشي موجود في البين كاختيار الرجال.
ويظهر فساده بما مر.
اللهم إلا أن يكون الاستظهار من رجال الكشي بتوسط الظهور من الاختيار؛
لكونه من نفسه أولا وبالأصالة، ومن كتاب الكشي ثانيا وبالعرض.
لكنه بعيد، مع أن كون الاختيار مظهرا عن نفسه محل الإشكال؛ إذ الظاهر أن
الاختيار صرف الاختصار من دون تصرف واعتقاد في المضمار.
وقد حكم الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة في ترجمة خالد بن جرير
بمخالفة ما نقله العلامة عن الكشي وكذا ما ذكره الشيخ في الاختيار لما في كتاب
الكشي. (3)
وأورد عليه الفاضل الأسترآبادي بمطابقة ما في الاختيار لما في كتاب
الكشي، (4) فقد وقع للشهيد سهو في النسبة إلى الاختيار، كما وقع السهو من العلامة
في النسبة إلى الكشي.
وهذا صريح في أن كتاب الكشي كان موجودا عند الشهيد الثاني والفاضل
الأسترآبادي.

1. انظر اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 2: 872 وفيه: " تمت يتلوه في الجزء السابع ما روي في
أبي جرير القمي... ".
2. الذخيرة: 122.
3. تعليقة الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 33.
4. منهج المقال: 128 - 129.
178

وقال الفاضل الأسترآبادي في الوسيط في ترجمة علي بن إسماعيل: هكذا
في جميع ما وصل إلينا من نسخ " كش " نعم، في نسخ اختيار الشيخ من " كش " إلى
آخره.
وهو صريح في أن كتاب الكشي كان موجودا عند الفاضل المشار إليه، وهو
كان مخالفا لكتاب اختيار الشيخ الطوسي.
وهو مقتضى صريح ما ذكره الفاضل المشار إليه في الرجال الكبير في ترجمة
بنان في آخر الترجمة (1) من أنه بالتحتانية بعد الموحدة كما في اختيار الشيخ من
الكشي وأكثر الروايات في " كش ".
وكذا ما ذكره الفاضل المشار إليه في الوسيط في ترجمة الحسين بن عبد ربه
في قوله: وهذا أصح ما وصل إلي من نسخ الكشي، وأورده السيد ابن طاووس (2)
ولم أجد نسخة من " كش " فيه هنا " علي بن الحسين بن عبد ربه " نعم، الشيخ في
كتاب الاختيار ذكر في الرواية الأخيرة بدل " الحسين بن عبد ربه ": " علي بن
الحسين بن عبد ربه ". (3)
وهو المستفاد مما ذكره الفاضل المشار إليه في الترجمة المشار إليها في
الرجال الكبير. (4)
وينصرح القول به من الفاضل المشار إليه في الرجال الكبير في ترجمة
علي بن السري، حيث حكى عن الكشي أنه قال في علي بن إسماعيل نصر بن
الصباح قال: علي بن إسماعيل ثقة وهو علي بن السندي فلقب إسماعيل

1. منهج المقال: 73.
2. انظر التحرير الطاووسي: 145 / 108؛ و 372 / 260؛ و 654 / 496.
3. رجال الكشي 2: 800 / 992.
4. منهج المقال: 113.
179

بالسندي. ثم حكى عن اختيار الشيخ من كتاب الكشي " السري " (1) بدل " السندي "
فقال: وهو الذي ينبغي. (2)
وفي ترجمة محمد بن إبراهيم الحضيني في قوله: والذي وجدت في " كش "
واختيار الشيخ. (3)
ويظهر من كلام الفاضل الشيخ محمد في قوله في ذيل كلام له: وأما ما وقع
في الكشي من المخالفة لما في النجاشي فالظاهر أنه من أغلاط نسخ الكشي،
الموجودة الآن. (4)
اللهم إلا أن يكون المقصود من " نسخ الكشي، الموجودة " هو نسخ الاختيار.
ثم إنه يظهر بما مر من عبارة الفهرست في ترجمة أحمد بن داود أن كتاب
الكشي اسمه معرفة الرجال، إلا أن يكون لفظة " في " سقطت قبل " معرفة الرجال "
حيث إنه قال: نقلناها من كتابه معرفة الرجال، كما يرشد إليه ما في آخر الجزء
الثاني من الاختيار (5) كما مر.
لكن صريح العلامة المجلسي في أوائل البحار (6) - عند تعداد الكتب المأخوذ
عنها - يقتضي كون اسم كتاب الكشي " معرفة الرجال ".
وأيضا وضع كتاب الكشي لنقل الروايات المادحة والقادحة، والتعرض لحال
الرجل فيه نادر.
وأيضا قد حكى في اللؤلؤة أنه رتب كتاب الكشي على حروف المعجم

1. في المصدر: " السدي ".
2. منهج المقال: 233.
3. منهج المقال: 273.
4. التحرير الطاووسي: 655 / 496.
5. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 2: 813 - 814 / 1016.
6. بحار الأنوار 1: 16، باب مصادر الكتاب.
180

الشيخ داود بن الحسن الجريري البحراني. (1)
وأيضا قد ذكر السيد الداماد في أوائل حواشيه على الاختيار:
أن الكشي بفتح الكاف وإعجام الشين المشددة نسبة إلى " كش " بالفتح
والتشديد: البلد المعروف على مراحل من سمرقند، خرج منه كثير من
مشايخنا ورجالنا وعلمائنا، وقد ضم النجاشي الكاف.
وقال الفاضل المهندس البيرجندي في كتابه المعروف في مساحة
الأرض وبلدان الإقليم: كش بفتح الكاف وتشديد الشين المعجمة، من
بلاد ما وراء النهر، بلد عظيم ثلاثة فراسخ في ثلاثة فراسخ، والنسبة إليه
كشي.
وأما ما في القاموس: الكشي بالضم يلقح به النخل وكش بالفتح قرية
بجرجان (2) فقد أوردت في الرواشح السماوية أنه من أغلاط الفيروز
آبادي، وعلى تقدير الصحة فليست هذه النسبة إلى تلك القرية، ولا في
المعروفين من العلماء والمحدثين من يعد من أهلها، فمن كش ما وراء
النهر أبو عمرو الكشي صاحب كتاب الرجال وشيخه حمدويه بن نصير
والعياشي محمد بن مسعود. (3)
وأيضا السيد ابن طاووس - أعني أحمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن
أحمد بن محمد بن الطاووس الحسني، كما هو مقتضى كلام صاحب المعالم في
ديباجة التحرير الطاووسي، (4) ومن مصنفاته البشرى والملاذ - قد جمع في كتابه
خمسة كتب: كتاب رجال الشيخ الطوسي، وكتاب الفهرست له، وكتاب اختيار

1. لؤلؤة البحرين: 403. وترجمة الشيخ داود بن الحسن في كتاب أنوار البدرين: 186.
2. القاموس المحيط 2: 297 (كشش).
3. انتهت عبارة الداماد في اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 1: 5. وانظر الرواشح السماوية: 76،
الراشحة العشرون.
4. التحرير الطاووسي: 3 و 4.
181

الرجال من كتاب الكشي، وكتاب النجاشي، وكتاب ابن الغضائري، كتاب الكشي
باعتبار اشتماله على الأخبار المتعارضة من دون تعرض لوجه الجمع بينها كان
محتاجا إلى التحرير والتحقيق، ومع ذلك لم يكن مبوبا، وكان تحصيل المقصود
منه عسرا، فعني السيد بتوجيهه وتهذيبه، وبحث عن أكثر أخباره متنا وإسنادا،
وضم إليه فوائد شريفة، وكان كتاب السيد منحصرا في نسخة واحدة، وتطرق
الضياع على بعض أجزائه، فانتزعه صاحب المعالم من سائر الكتب، وجعله كتابا
مفردا، وسماه ب‍ " التحرير الطاووسي " لكتاب الاختيار من كتاب أبو عمرو الكشي،
ذكر ذلك كله في ديباجة التحرير الطاووسي. (1)
ثم إنه قال الشيخ في الفهرست في ترجمة الكشي: ثقة بصير بالأخبار
وبالرجال، حسن الاعتقاد. (2)
وقد وثقه الفاضل الأسترآبادي في ترجمة أبان بن عثمان. (3)
لكن النجاشي قد حكم بأن كتاب الكشي فيه أغلاط كثيرة. (4) وقد حكم بهذا
العلامة في الخلاصة. (5)
ونقله السيد السند التفرشي عن النجاشي في ترجمة معاوية بن عمار، كما
نقله عنه في ترجمة الكشي. (6)
وقال المحقق الشيخ محمد - بعد تزييف ما ذكره الكشي من أن معاوية بن
عمار عاش مائة وخمسا وسبعين -: ولا يبعد أن يكون من أغلاط الكشي؛ لأن

1. التحرير الطاووسي: 3 و 4.
2. الفهرست: 141 / 604.
3. منهج المقال: 17 و 18.
4. رجال النجاشي: 372 / 1018.
5. خلاصة الأقوال: 146 / 39.
6. نقد الرجال 4: 390 / 5334. وانظر رجال النجاشي: 372 / 1018.
182

النجاشي ذكر أن فيه أغلاطا كثيرة.
لكن قال الفاضل التقي المجلسي - بعد كلام النجاشي -: والظاهر أن المراد
بالأغلاط الكثيرة الروايات المتعارضة. (1)
وأنت خبير بكمال مخالفته للظاهر بحيث يكون إرادته مقطوع العدم.
نعم، كتاب الكشي موضوع لذكر الأخبار المادحة والقادحة، ولا يتصرف
الكشي بشيء أندر نادر، ونقل الأخبار لا يكون قابلا لكثرة الغلط.
نعم، قد حررنا طائفة من أغلاطه في الرسالة المعمولة في باب النجاشي.
وقال المقدس في تجارة المجمع نقلا.
ورأيت في كتاب ابن داود خلطا كثيرا بحيث لا يمكن الاعتماد على نقل
توثيقه عن الكشي مع سكوت غيره؛ لأنه كثيرا ما يقول: " كش، ثقة "
ونرى أنه روى ما يدل على ذلك، لا أنه حكم بذلك. (2)
وربما حكى العلامة البهبهاني - في ترجمة بريد بن معاوية - عن بعض
المحققين أنه نسب النجاشي إلى كثرة الأغلاط بسبب المنافاة بين كلاميه في باب
وفاة بريد بن معاوية وأضعف من هذا وتعجب منه العلامة المشار إليه؛ تعليلا بأنه
لا يظهر من النجاشي منافاة بين كلاميه، قال: وأنت خبير بأن هذه جسارة لا ترتكب
سيما بأمثال ذلك. (3)
بقي أنه قد ذكر في كلماتهم أن الكشي كان معاصرا للكليني، كما في
الاستدلال على تعيين محمد بن إسماعيل - الذي روى عنه الكليني كثيرا - في
البرمكي برواية الكشي - المعاصر للكليني - عنه تارة بلا واسطة، وأخرى مع

1. روضة المتقين 14: 445.
2. مجمع الفائدة والبرهان 8: 43.
3. تعليقة الوحيد البهبهاني: 66.
183

الواسطة. (1)
ولم أظفر للمعاصرة بوجه، لكن الصدوق قد ذكر في الفقيه في طريقه إلى
العياشي ثلاث وسائط حيث إنه قال:
وما كان فيه عن محمد بن مسعود العياشي فقد رويته عن المظفر بن
جعفر بن المظفر العلوي العمري (رضي الله عنه) عن جعفر بن محمد بن مسعود عن
أبيه أبي النضر محمد بن مسعود العياشي (رضي الله عنه). (2)
وذكر في طريقه إلى الكليني واسطتين طولا، حيث إنه قال:
وما كان فيه عن محمد بن يعقوب الكليني (رحمه الله) فقد رويته عن محمد بن
محمد بن عصام الكليني وعلي بن أحمد بن موسى ومحمد بن أحمد
السناني y عن محمد بن يعقوب الكليني. (3)
والكشي روى كثيرا عن العياشي، بل هو من غلمان العياشي، كما في رجال
الشيخ، (4) فالصدوق قد تأخر عن الكشي بواسطتين، كما تأخر عن الكليني
بواسطتين، فقد تعاصر الكشي والكليني.
فائدة [2]
[في صاحب روضة الكافي]
قد اختلف في باب روضة الكافي، فقد عدها النجاشي (5) والشيخ في

1. انظر منتهى المقال 5: 356 / 2492.
2. الفقيه 4: 92، من المشيخة.
3. الفقيه 4: 116، من المشيخة.
4. رجال الشيخ: 497 / 38.
5. رجال النجاشي: 377 / 1026.
184

الفهرست (1) من كتب الكافي.
وفي آخر الشرح الفارسي للكافي من الفاضل الخليل القزويني الاعتذار
عن ترك شرح الروضة: بأن المظنون أنها ليست من الكافي؛ لاشتمالها على
منكرات. (2)
وحكى في رياض العلماء عن الفاضل المذكور أنها من تصنيف ابن إدريس،
قال: وساعد معه بعض الأصحاب. وحكي عن الشهيد الثاني ولم يثبت. (3)
وقد عد في الرياض (4) ذلك المقال من غرائب أقوال الفاضل المذكور.
وحكى بعض عن الفاضل المشار إليه في أوائل شرح كتاب الصلاة أنه
لا يترائى منها كونها جزء الكافي، وظاهر بعض أسانيدها أنه تصنيف أحمد بن
محمد بن الجنيد المشهور بابن الجنيد، ويمكن أن يكون تصنيفا على حدة من
الكليني، وألحقه به تلاميذه.
لكن نقول: إن ابن الجنيد هو محمد بن أحمد بن الجنيد، لا أحمد بن
محمد بن الجنيد، فما في الحكاية - من أن ابن الجنيد أحمد بن محمد بن
الجنيد - سهو من الحاكي عنه.
وبالجملة، فالأظهر كون الروضة من أجزاء الكافي؛ لما سمعت من تصريح
النجاشي والشيخ، مع أن المصرح به في صدر الروضة أنها من كتاب الكافي
للشيخ محمد بن يعقوب الكليني، على أن كثيرا من أسانيد الروضة بل أكثرها
مصدر بصدور سائر أجزاء الكافي من علي بن إبراهيم، ومحمد بن يحيى، وعدة
من الأصحاب، وغير من ذكر.

1. الفهرست: 135 / 601.
2. انظر رياض العلماء 2: 261.
3. رياض العلماء 2: 261.
4. رياض العلماء 2: 261.
185

ثم إن التسمية ب‍ " الروضة " لقوله في أولها: أما بعد، فهذا كتاب الروضة من
الكافي. (1)
وقيل: إن الروضة في اللغة: البستان، (2) ومستنقع الماء (3) أيضا، مستعار لهذا
الكتاب تشبيها لما فيه من المسائل الشريفة في البهجة والصفاء والنضارة والبهاء،
أو في كونه سببا لحياة النفوس كالماء.
فائدة [3]
[في صاحب " دعائم الإسلام "]
قد اختلف في صاحب دعائم الإسلام، فقد عدة الشيخ في الفهرست من كتب
الصدوق، (4) وحكى النجاشي عده منها في الفهرست. (5)
وظاهره: التقرير لو لم نقل بأن ظاهره: عدم الاطلاع على ذلك، أو ظاهره
تمريض ذلك.
وقال الفاضل التقي المجلسي في شرح المشيخة: رأينا كتاب دعائم الإسلام
المنسوب إليه - أي الصدوق - وهو كتاب كبير، لكن ظهر أنه ليس منه. (6)
وفي البحار قد عد دعائم الإسلام من كتب الصدوق، ثم قال: وكتاب
دعائم الإسلام الذي عندنا يحتمل أن يكون تأليف غيره من العلماء. (7)

1. لا وجود لهكذا كلام في أول الروضة انظر أول المجلد الثامن من الكافي.
2. انظر القاموس المحيط 2: 345 (روض).
3. انظر لسان العرب 7: 162 (روض).
4. الفهرست: 157 / 695.
5. رجال النجاشي: 389 / 1049.
6. روضة المتقين 14: 15.
7. بحار الأنوار 1: 20.
186

وعن صاحب الحدائق عند الكلام فيما يحرم الاستنجاء به: أن دعائم الإسلام
لم يثبت الاعتماد على قول مصنفه وإن ذكره المجلسي في البحار ونقل عنه ما
تضمنه من الأخبار. (1)
وقال السيد السند النجفي:
نعمان بن محمد بن منصور قاضي مصر، وقد كان في أول أمره مالكيا،
ثم انتقل إلى مذهب الإمامية، وصنف على طريق الشيعة كتبا، منها:
كتاب دعائم الإسلام، وله فيه وفي غيره ردود على فقهاء العامة،
كأبي حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم.
وذكر صاحب كتاب تاريخ مصر وغيره أنه كان من العلم والفقه في الدين
والنبل على ما لا يزيد عليه، وكتاب الدعائم كتاب حسن جيد يصدق ما قيل فيه،
إلا أنه لم يرو عمن بعد الصادق (عليه السلام) من الأئمة، خوفا من الخلفاء الإسماعيلية حيث
كان قاضيا منصوبا من قبلهم بمصر، لكنه قد أبدى من وراء ستر التقية حقيقة
مذهبه بما لا يخفى على اللبيب. (2) انتهى.
لكنه عنونه في معالم العلماء، (3) وذكر له كتبا، ولم يعد الدعائم من الكتب.
وقيل: إنه إسماعيلي، وطعن عليه العامة بالرفض. (4)
فائدة [4]
[في صاحب " كفاية الأثر "]
قد اختلف في باب كفاية الأثر في النصوص على الأئمة الاثني عشر، فقد نسبه

1. الحدائق الناضرة 2: 44.
2. رجال السيد بحر العلوم 4: 5 - 14.
3. معالم العلماء: 126 / 853.
4. حكاه في مقابس الأنوار: 66، وحكاه النوري أيضا في خاتمة المستدرك 1: 130.
187

العلامة المجلسي في البحار إلى علي بن محمد بن علي الخزاز، بالخاء المعجمة
والزاي قبل الألف وبعدها. (1)
قيل: ولم يذكر له سندا إلى كتابه كأنه كان في زمانه، وهو المحكي عن العلامة
في الإجازة لبني زهرة، (2) والسيد الجليل عبد الكريم بن طاووس في فرحة الغري (3)
وابن شهرآشوب في معالم العلماء، (4) والمحدث الحر في الوسائل. (5)
وعن بعض نسبته إلى الصدوق. (6)
وعن بعض آخر نسبته إلى القميين. (7)
وربما حكي عن العلامة المجلسي نسبته إلى شيخنا المفيد. (8)
وقد حكم النجاشي والعلامة في الخلاصة بوثاقة علي بن محمد بن علي
الخزاز. (9)
وفي البحار عند بيان مراتب الوثوق بالكتب التي أخذ البحار منها:
وكتاب الكفاية - يعني كفاية الأثر في النصوص - كتاب شريف لم يؤلف
مثله في الإمامة، وهذا الكتاب ومؤلفه مذكوران في إجازة العلامة
وغيرها، وتأليفه أدل دليل على فضل المؤلف وثقته وديانته. (10)

1. بحار الأنوار 1: 10 و 29.
2. بحار الأنوار 107: 115.
3. فرحة الغري: 134 - 135.
4. معالم العلماء: 71 / 478.
5. وسائل الشيعة 20: 40 / 29.
6. حكاه عن البعض الوحيد البهبهاني في تعليقته: 238.
7. حكاه عن الشيخ محمد بن علي الجرجاني جد المقداد عبد الله السوراوي الوحيد البهبهاني في
تعليقته: 238.
8. بحار الأنوار 10: 10 و 29.
9. رجال النجاشي: 268 / 700؛ خلاصة الأقوال: 101 / 53.
10. بحار الأنوار 1: 29، توثيق المصادر.
188

وقال العلامة البهبهاني:
رأيت هذا الكتاب - أي الكفاية - وهو كتاب مبسوط جيد في نهاية
الجودة، جميعه نصوص - عن الرسول وعن غيره أيضا - على أن الأئمة
اثنا عشر، وفيه بعض تحقيقات يظهر منه كونه في نهاية الفضل، ويظهر
من ذلك الكتاب كونه من تلامذة الصدوق وأبي المفضل الشيباني. (1)
فائدة [5]
[في صاحب " قرب الإسناد "]
قال النجاشي: عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري
أبو العباس القمي شيخ القميين ووجههم. ثم عد من كتبه كتاب قرب الإسناد إلى
مولانا الرضا (عليه السلام) وكتاب قرب الإسناد إلى أبي جعفر الجواد (عليه السلام)، ثم عد منها مسائل
الرجال ومكاتباتهم أبا الحسن الثالث (عليه السلام)، وكذا مسائل لأبي محمد الحسن (عليه السلام) على
يد محمد بن عثمان العمري، وكذا كتاب قرب الإسناد إلى صاحب الأمر (عليه السلام). (2)
ومقتضاه أن يكون عبد الله قد أدرك خمسة من الأئمة ولعله بعيد وإن أمكن؛
لأن مولانا الكاظم (عليه السلام) قبض سنة ثلاث وثمانين على ما في الكافي، (3) وولد مولانا
الحجة سنة ست وخمسين ومائتين على ما رواه في الكافي، (4) فلو كان عمره بلغ
تسعين يكفل إدراك الأئمة الستة، وهو أمر ممكن.

1. تعليقة الوحيد البهبهاني: 238، وحكاه عنه في منتهى المقال 5: 66 / 2102.
2. رجال النجاشي: 219 - 220 / 573.
3. الكافي 1: 476، مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام).
4. الكافي 1: 514، مولد الصاحب (عليه السلام). وفيه: " ولد (عليه السلام) للنصف من شعبان سنه خمسة وخمسين
ومائتين ".
189

وأيضا قرب الإسناد المعروف إنما هو معنون في صدر كتابه " قرب الإسناد إلى
أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليه السلام) " ولم يعده النجاشي (1) من كتبه. وعلى هذا يلزم أن
يكون مدركا لستة من الأئمة، فيصير الأمر أدهى وأمر.
وفي المنتقى: ولكن راجعت كتاب قرب الإسناد لمحمد بن عبد الله
الحميري، فإنه متضمن لكتاب علي بن جعفر. (2)
ومقتضاه أن قرب الإسناد المعروف تأليف الولد.
لكن قيل: إن مقتضاه أن محمدا له كتاب قرب الإسناد كما أن لأبيه قرب
الإسناد. (3)
وقد جرى العلامة المجلسي في البحار على أن قرب الإسناد للوالد، والولد
راو له، قال:
كما صرح به النجاشي، وإن كان الكتاب له - أي الولد، كما صرح به
ابن إدريس - فالوالد متوسط بينه وبين من أوردناه من أسانيد كتابه. (4)
ثم قال:
وكان قرب الإسناد من الأصول المعتبرة المشهورة، وكتبناه من نسخة
قديمة مأخوذة من خط الشيخ محمد بن إدريس وكان عليها صورة خطه
هكذا: الأصل الذي نقلته منه كان فيه لحن صريح وكلام مضطرب
فصورته على ما وجدته خوفا من التغيير والتبديل. (5)
لكن نقول: إن النجاشي لم يعد قرب الإسناد المعروف من كتب الولد، كما

1. انظر رجال النجاشي: 354 / 949.
2. انظر مقدمة قرب الإسناد: 22.
3. انظر مقدمة قرب الإسناد: 12.
4. بحار الأنوار 1: 7، مصادر الكتاب.
5. بحار الأنوار 1: 26 - 27.
190

سمعت. (1)
وقال المحدث الحر: قرب الإسناد للشيخ الجليل عبد الله بن جعفر الحميري،
وربما نسب إلى ولده محمد، والذي يظهر منه أنه رواية الابن وتأليف الأب. (2)
وبالجملة، فقد عرفت بما سمعت الاختلاف في المقام على قولين: القول
بكون قرب الإسناد تأليف الوالد، كما جرى عليه العلامة المجلسي، والمحدث
الحر، والقول بكونه تأليف الولد، كما هو مقتضى كلام صاحب المنتقى، وإن
احتمل مصيره إلى تعدد قرب الإسناد بكون واحد من المتعدد تأليف الوالد وكون
الآخر تأليف الولد، وهو المحكي عن ابن إدريس. (3)
وقد سكت الشيخ في الفهرست والرجال عن الوالد، وسكت في الفهرست في
ترجمة الولد عن قرب الإسناد.
ثم إنه قد تكثر في قرب الإسناد عبد الله بن الحسن العلوي عن جده علي بن
جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام). (4)
ومقتضاه أن عبد الله من أحفاد مولانا الكاظم (عليه السلام)، لكن مقتضى الإسناد
المذكور أن والد عبد الله هو الحسن، والنسخة معتبرة على ظهرها بعض حواشيها
بخط الفاضل الهندي.
ومقتضى ما تقدم من النجاشي (5) كون الوالد جعفر بن الحسين، كما أن مقتضى
الإسناد المذكور كون علي بن جعفر والد الحسن.

1. انظر رجال النجاشي: 354 / 949.
2. وسائل الشيعة 20: 40.
3. السرائر 3: 624.
4. كما في قرب الإسناد: 176، ح 646؛ و 213، ح 834؛ و 216، ح 846؛ و 234، ح 914؛ و 246،
ح 971؛ و 253، ح 998؛ و 261، ح 1032.
5. رجال النجاشي: 219 / 573.
191

ومقتضى ما تقدم من النجاشي كون والد الحسين مالك بن جامع، اللهم إلا أن
يحمل الجد على الأعلى. لكنه بعيد؛ لبعد رواية الشخص عن جده البعيد.
بقي أن قرب الإسناد على ثلاثة أجزاء، وعندي نسخة في ظهرها إجازة من
كاشف اللثام بخطه الشريف لبعض، وفي الإجازة إجازة لرواية الكتب الثلاثة من
قرب الإسناد إلى أئمة العباد.
فائدة [6]
[في صاحب " الجنة الواقية "]
قال المحدث الحر في الفائدة السادسة المرسومة في آخر الوسائل:
وقال الكفعمي في أول الجنة الواقية: هذا كتاب محتو على عوذ ودعوات
وتسابيح وزيارات وحجب وتحصينات وهياكل واستغاثات وأحراز
وصلوات وأقسام واستخارات. (1)
ومقتضاه كون الجنة الواقية من الكفعمي.
وعن العلامة المجلسي: أن الجنة الواقية لبعض المتأخرين، وربما ينسب إلى
الكفعمي. (2)
وعن ثاني الخوانساريين: أنه ظهر كونه من ابن طاووس بعد الظن بكونه من
الكفعمي. (3)

1. وسائل الشيعة 20: 67 / 9، الفائدة السادسة. وانظر الجنة الواقية (المصباح للكفعمي): 3 - 4.
2. بحار الأنوار 1: 17، باب مصادر الكتاب.
3. روضات الجنات 1: 21. وفيه: " وكتاب الجنة الواقية مختصر لطيف في الأدعية والأوراد كما نسبه
إليه صاحب البلغة في الرجال، وكأنه مختصر المصباح الذي نسبه إليه أيضا في الأمل، وفي البحار: إنه
لبعض المتأخرين ".
192

وربما يقال: إنه يبعد كونه من الكفعمي النقل فيه عن البلد الأمين؛ لكونه من
الكفعمي، كما أنه يبعد كونه من ابن طاووس النقل فيه عن ابن طاووس.
لكن يمكن أن يقال: إن نظير ذلك غير عزيز في كتب المتقدمين.
فائدة [7]
[في صاحب كتاب " طب الأئمة "]
صاحب كتاب طب الأئمة هو الحسين بن بسطام، وأخوه عبد الله بن بسطام.
قال النجاشي:
الحسين بن بسطام، قال أبو عبد الله بن عياش: هو الحسين بن بسطام بن
سابور الزيات، له ولأخيه أبي عتاب كتاب جمعاه في الطب، كثير الفوائد
والمنافع على طريق الطب في الأطعمة ومنافعها والرقى والعوذ. قال ابن
عياش: أخبرناه الشريف أبو الحسين صالح بن الحسين النوفلي عن أبيه
عنهما به. (1)
وقال في الوسائل - في باب عدم جواز التداوي بشيء من الخمر والنبيذ
وغيرهما من المحرمات أكلا وشربا‍: الحسين بن بسطام وأخوه عبد الله في كتاب
طب الأئمة. (2)
وقال بعض أصحابنا: الظاهر أن صاحب كتاب طب الأئمة هو الحسين بن
بسطام وأخوه عبد الله بن بسطام.
ونظير الاشتراك المذكور في التأليف ما ذكر في ترجمة جميل بن دراج من
أن كتابا اشترك هو ومحمد بن حمران فيه، رواه الحسن بن علي ابن بنت

1. رجال النجاشي: 39 / 79.
2. وسائل الشيعة 17: 276، أبواب الأشربة المحرمة، باب 20، ح 7.
193

إلياس عنهما، وأن له كتابا اشترك هو ومرازم بن حكيم فيه، روى علي بن حديد
عنهما. (1)
وكذا ما ذكر في ترجمة علي بن الريان من أن عليا ومحمدا ابني الريان بن
الصلت لهما كتاب مشترك بينهما. (2)
وكذا ما ذكر في ترجمة الحسين بن سعيد من أنه شارك أخاه الحسن في
الكتب الثلاثين المشهور انتسابها به. (3)
وكذا ما ذكر في ترجمة حكيم بن سعيد من أنه شارك أخاه مشمعلا في كتاب
الديات. (4)
ثم إنه قد ذكر كتاب الطب في ترجمة جماعة، كعبد الله بن جعفر الحميري، (5)
وعبد العزيز بن يحيى الجلودي، (6) وموسى بن عامر، (7) ومحمد بن أحمد بن يحيى
صاحب دبة شبيب، (8) كما أنه ذكر كتاب الرجال في الرجال في ترجمة جماعة.
فائدة [8]
[في صاحب كتاب " الاحتجاج "]
قد اختلف في صاحب الاحتجاج على القول بكونه تأليف أبي منصور

1. رجال النجاشي: 127 / 328.
2. الفهرست: 90 / 386.
3. رجال النجاشي: 58 / 136.
4. رجال النجاشي: 136 / 352، وعنوان الترجمة " حكم بن سعد " بدلا عن حكيم بن سعيد.
5. رجال النجاشي: 220 / 573.
6. رجال النجاشي: 242 / 640.
7. رجال النجاشي: 406 / 1078، في ترجمة محمد بن الحسن بن عامر.
8. رجال النجاشي: 349 / 939.
194

أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، كما صرح به في البحار. (1)
وحكي التصريح به عن السيد ابن طاووس في كتاب كشف المحجة، (2)
وابن شهرآشوب في المناقب. (3)
والقول بكونه تأليف أبي الفضل الطبرسي صاحب مجمع البيان، كما نقله في
البحار عن بعض، وحكم بكونه خطأ. (4) ونقله بعض عن أمين الأخبارية في الفوائد
المدنية. (5)
والقول بكونه تأليف أبي الفضل الطبرسي، وهو المحكي عن ابن
أبي جمهور في المحلي. (6)
وربما يحكى أن عصر أبي منصور وأبي علي متحد، بل بينهما قرابة. (7)
وقال في البحار:
وكتاب الاحتجاج وإن كان أكثر أخباره مرسلا لكنه من الكتب المعروفة
المتأخرة، وقد أثنى السيد ابن طاووس على الكتاب وعلى مؤلفه، وقد
أخذ عنه أكثر المتأخرين. (8)
والحق هو الأول؛ لأن ابن شهر آشوب في معالم العلماء قد ذكر: أحمد بن
علي بن أبي طالب الطبرسي المذكور شيخه، وذكر مصنفاته في خمسة، وعد منها

1. بحار الأنوار 1: 9 و 75.
2. كشف المحجة لثمرة المهجة: 83 و 114.
3. المناقب لابن شهرآشوب 1: 12. وحكاه عنه البحراني في الكشكول 1: 301.
4. بحار الأنوار 1: 9.
5. حكاه عنه في روضات الجنات 1: 65.
6. حكاه البحراني في الكشكول 1: 301.
7. حكاه البحراني في الكشكول 1: 301.
8. بحار الأنوار 1: 28، باب توثيق المصادر.
195

الاحتجاج على أهل اللجاج. (1)
وقرره شيخنا البهائي في الحاشية بخطه الشريف، حيث عنون أحمد بن
علي بن أبي طالب الطبرسي صاحب كتاب الاحتجاج.
بل قيل: وجدنا الكتاب المذكور منسوبا إلى الشيخ أبي منصور بخط جماعة
من أجلاء العلماء المحققين منهم: الشهيد الثاني وولده والشيخ نجيب الدين
علي بن محمد المكي العاملي، مضافا إلى التصريح بذلك في البحار كما مر، ونقل
التصريح به فيها عن كشف المحجة والمناقب كما مر.
فائدة [9]
[في تسمية كتاب " الفهرست "]
لم يسم الشيخ فهرسته المعروف في ديباجته ب‍ " الفهرست " وإنما قال في
ترجمة نفسه في تعداد كتبه: له هذا الكتاب وهو فهرست كتب الشيعة. (2)
والصواب " الفهرس " بدون التاء، وإن شاع الاستعمال في موارد الاستعمال
مع التاء.
قال في القاموس: الفهرس - بالكسر - الكتاب الذي تجمع فيه الكتب، معرب
" فهرست " وقد فهرس كتابه. (3)
وعن المغرب: الفهرس: مجمع الأشياء، وهو لغة رومية، ووزنه فعلل.
و " الفهرست " غلط. (4)

1. معالم العلماء: 25.
2. الفهرست: 159 / 709.
3. القاموس المحيط 2: 238 (فهرس).
4. لم نعثر عليه في المغرب ولكن حكاه ولد المصنف عنه في سماء المقال 1: 133.
196

وعن ديوان الأدب: أن التاء من مزيدات العوام. (1)
ولو كان " الفهرست " من باب العلم لكان خاليا عن المحذور وإن كان مبنيا
على الاشتباه في المنقول عنه.
وقد ظهر بما ذكر فساد قول الشيخ في آخر التهذيب: " في الفهارست
المصنفة " (2) وقوله في آخر الاستبصار: " في فهارست الشيوخ ". (3)
ثم إنه ربما نسب الفهرست إلى بعض أبناء بابويه، لكنه لم يسم.
والظاهر أن النسبة من باب المعنى اللغوي لا العلمي، وقد حررنا الكلام في
الرسالة المعمولة في محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني.
فائدة [10]
[في صاحب " تحف العقول "]
صاحب تحف العقول عن آل الرسول هو الشيخ أبو محمد الحسن بن علي بن
الحسين بن شعبة على ما ذكره في البحار (4) ورياض العلماء، (5) كما عن القطيفي، (6)
ولم يتعرض له الأكثر.
وفي البحار عند الكلام في الكتب المأخوذة منها:
أن تحف العقول حسن، كثير الفوائد، مشهور، ونظمه يدل على رفعة
شأن مؤلفه، وأكثره في المواعظ والأصول المعلومة التي لا يحتاج فيها

1. حكاه عن ديوان الأدب ولد المصنف في سماء المقال 1: 133.
2. تهذيب الأحكام 10: 88، من المشيخة. وفيه: " الفهارس المصنفة " بدلا عن الفهارست المصنفة.
3. الاستبصار 4: 342.
4. بحار الأنوار 1: 10.
5. رياض العلماء 1: 244.
6. حكاه عنه في رياض العلماء 1: 244.
197

إلى سند. (1)
وفي رياض العلماء:
أن الشيخ المذكور هو الفاضل العالم الفقيه المعروف، وأورد في
تحف العقول كلمات النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وحكمهم، ولكن لم يذكر
لصاحب الزمان (عليه السلام) شيئا وختمه بذكر مناجاة الله سبحانه لموسى بن
عمران وعيسى بن مريم، ومواعظ عيسى المذكورة في الإنجيل وغيره،
ووصية مفضل بن عمر ثقة الصادق (عليه السلام) لجملة من الشيعة. (2)
وعن القطيفي أن صاحب تحف العقول هو صاحب التمحيص. (3)
لكن في البحار: أن التمحيص لبعض القدماء ممن كان في عصر الصدوق. (4)
وقال: ويحتمل أن يكون من مؤلفاته - أي الصدوق - لكنه بعيد.
ثم إن الشيخ المذكور ليس من آل أبي شعبة المذكور في حقهم أنهم أطهر
بيت اختص بأهل البيت الأطهار (عليهم السلام) وخير شعبة من شعب الشيعة؛ قضية اختلاف
الشعبة وأبي شعبة، والله العالم.

1. بحار الأنوار 1: 29.
2. رياض العلماء 1: 244.
3. حكاه عنه في رياض العلماء 1: 244.
4. بحار الأنوار 1: 17.
198

15 - رسالة في " حفص بن غياث "
" سليمان بن داود المنقري "
" قاسم بن محمد "
199

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتميم
وبعد، فهذه كلمات في حفص بن غياث، وسليمان بن داود المنقري،
وقاسم بن محمد. وإنما جمعنا بينهم؛ لكثرة اجتماعهم في السند، فنقول:
أما الأول
[في حفص بن غياث]
فقد ذكر الشيخ في الفهرست والرجال في أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام)، وكذا
الكشي: أنه عامي. (1)
لكن سكت النجاشي عن كونه عاميا. (2) وهو يدل على كونه إماميا؛ بناء على ما
ذكره السيد الداماد من أن عدم ذكر النجاشي كون الرجل عاميا يدل على كونه
إماميا عنده. (3)
بل حكى بعض (4) المتأخرين في ترجمة عبد السلام الهروي عن المحقق

1. الفهرست: 61 / 232؛ رجال الشيخ: 118 / 50؛ وص 175 / 176، رجال الكشي 2: 688 / 733.
2. أنظر: رجال النجاشي: 134 / 346.
3. انظر الرواشح السماوية: 67، الراشحة السابعة عشر.
4. وهو أبو علي الحائري في منتهى المقال 4: 128 / 1618.
201

الشيخ محمد: أنه ذكر في جملة كلام له أنه ذكرنا في بعض ما كتبنا على التهذيب
أن عدم نقل النجاشي كون الرجل عاميا يدل على نفيه.
بل عن الفاضل الجزائري في الحاوي:
أن إطلاق الأصحاب لذكر الرجل يقتضي كونه إماميا، فلا يحتاج إلى
التقييد بكونه من أصحابنا وشبهه، ولو صرح به كان تصريحا بما علم من
العادة. نعم، ربما يقع نادرا خلاف ذلك، والحمل على ما ذكرناه عند
الإطلاق مع عدم صارف متعين. (1)
واستجوده بعض المتأخرين.
لكنه إنما يتم فيما لم يكن موضوعا من الإمامي لذكر الإمامي، وإلا
فلا حاجة إلى التمسك بالسكوت في باب كون الرجل إماميا، فلا حاجة في باب
النجاشي في كون الرجل إماميا إلى التمسك بسكوته؛ لكون كتابه موضوعا لذكر
الإماميين؛ قضية تصريحه في أول كتابه بأن تأليفه لذكر سلف الإمامية
ومصنفاتهم، إلا أنه إنما يتم لو لم يتفق منه ذكر غير الإمامي، وإلا فلا يتم الحكم
بكون الرجل إماميا بدون التمسك بأن ذكر الإمامي للرجل مع عدم ذكر كونه غير
إمامي ظاهر في كونه إماميا؛ قضية أن الظاهر أن المترجم - سواء كان إماميا أو غير
إمامي - لا يسكت عن مذهب الرجل واعتقاده إلا فيمن ثبت عنده موافقته لمذهبه،
فإذا لم يذكر من مذهب الرجل شيئا فظاهره أنه يعتقد كونه موافقا له في المذهب.
فالظاهر أن بناء أهل الرجال على ذكر المخالفة وعدم العلم بالموافقة، لا على ذكر
الموافقة، إلا لداع كدفع توهم متوهم، وإنكار منكر، بل قد نقل استقرار طريقة
أهل الرجال واستمرار سيرتهم على ما ذكر. وتفصيل الكلام موكول إلى ما حررناه
في محله.

1. حاوي الا قوال 1: 107، الفائدة الرابعة.
202

[في كونه عاميا]
وقد حكم بكونه عاميا جماعة من الفقهاء - نقلا - كالمحقق في المعتبر، (1)
والحلي في السرائر، (2) والشهيد في الذكرى والبيان، (3) والمحقق الثاني في
جامع المقاصد. (4)
ويرشد إليه ما ذكره النجاشي من أنه ولي قضاء الكوفة ببغداد الشرقية
لهارون، ثم ولاه قضاء الكوفة. (5)
وكذا ما في الخلاصة من أنه ولي القضاء لهارون. (6)
وكذا ما رواه الصدوق في المجالس - نقلا - بالإسناد عن سليمان بن داود
المنقري عن حفص بن غياث من أنه كان إذا حدث عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال:
حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد (عليهما السلام). (7)
وربما حكي عن العلامة في المنتهى، والشهيد في البيان وغيرهما: القدح في
السند بواسطة حفص. (8)
والظاهر أن الغرض كونه عاميا.
لكن عده في العدة ممن اتفقت الإمامية على العمل بروايته. (9)

1. المعتبر 2: 299.
2. السرائر 1: 300.
3. ذكرى الشيعة 4: 127؛ البيان: 193.
4. جامع المقاصد 2: 430.
5. رجال النجاشي: 134 / 346.
6. خلاصة الأقوال: 218 / 1.
7. الأمالي للصدوق: 202، ح 14، المجلس الثاني والأربعون.
8. منتهى المطلب 5: 355، البيان: 195.
9. عدة الأصول 1: 149.
203

إلا أن الفاضل الخاجوئي زيف نقل الاتفاق من العدة فيمن عده بأنه قد عد
ممن عد عبد الله بن بكير وعمار الساباطي وعلي بن أبي حمزة البطائني، مع أنه
صرح في الاستبصار في آخر الباب الأول من أبواب الطلاق بما يدل على فسقه
وكذبه، وأنه يقول برأيه، (1) وقال في الاستبصار: إن عمار الساباطي ضعيف لا يعمل
برأيه. (2) ولم نجد أحدا من الأصحاب وثق علي بن أبي حمزة البطائني أو يعمل
بروايته إذا انفرد بها؛ لأنه خبيث واقفي كذاب مذموم. قال: وقس عليه حال غيره
ممن ادعي في حقه إجماع الطائفة على العمل بروايته.
قوله: " ولم نجد أحدا من الأصحاب وثق علي بن أبي حمزة البطائني " فيه أنه
قد حكى العلامة المجلسي في الأربعين في شرح الحديث الخامس والثلاثين عن
والده المولى التقي عد حديثه من الموثقات، (3) وجرى على تأييده وإن جرى في
الوجيزة على تضعيفه. (4)
وهو مقتضى قول ابن الغضائري في ترجمة ابنه: " إن أباه أوثق منه. (5) وكذا
قول النجاشي في ترجمة ابنه: وكان أبوه قائد أبي بصير يحيى بن القاسم، ورأيت
شيوخنا يذكرون أنه من وجوه الواقفة؛ (6) بناء على دلالة " وجه " على التوثيق، كما
اختاره السيد الداماد، (7) والمولى التقي المجلسي، (8) ويظهر القول به من الفاضل

1. انظر الاستبصار 3: 279، ذيل ح 982، باب من طلق ثلاث تطليقات للسنة.
2. الاستبصار 1: 372، ذيل ح 1413، باب السهو في صلاة المغرب.
3. الأربعين للمجلسي: 546، ح 35.
4. رجال المجلسي (الوجيزة): 255 / 1195.
5. حكاه عنه العلامة في خلاصة الأقوال: 218 / 1.
6. رجال النجاشي: 36 / 73.
7. الرواشح السماوية: 60، الراشحة الثانية عشر.
8. روضة المتقين 14: 45، في ترجمة الحسن بن علي الوشاء.
204

الأسترآبادي، (1) وهو المحكي عن بعض، بل دلالة قوله: " من وجوه الواقفة " على
التوثيق أقوى من دلالة " وجه " على القول بدلالته على التوثيق، على القول بكون
دلالة ما لو قيل: " من وجوه هذه الطائفة " - مثلا - على المدح أقوى من دلالة ما لو
قيل: " وجه " إلا أن يقال: إن الزيادة على هذا القول في جانب المدلول لا الدلالة،
فلا تتفاوت الدلالة على التوثيق، بناء على عدم قبول العدالة للزيادة، كما هو الحال
على القول بكون العدالة هي نفس الاجتناب.
نعم، بناء على القول بكون العدالة هي الملكة تكون العدالة قابلة للزيادة، فلا
بأس بما ذكر من كون دلالة قوله: " من وجوه الواقفة " أقوى من دلالة " وجه " على
التوثيق، على القول بدلالته على التوثيق، على القول بكون دلالة ما لو قيل: " من
وجوه هذه الطائفة " - مثلا - أقوى مما لو قيل: " وجه ".
وكذا رواية ابن أبي عمير وصفوان عنه؛ بناء على ما نقله الشيخ في العدة من
أنهما لا يرويان إلا عن ثقة، (2) وكذا استدلال العلامة في المختلف - في مسألة جلد ما
لا يؤكل لحمه - على جواز الصلاة في السنجاب [بروايته] (3)، (4) وإن حكم بضعفه
في موضع آخر من المختلف (5) نقلا، وهو مقتضى تضعيفه طريق الصدوق في
الفقيه إلى أبي بصير، (6) حيث إن الطريق: محمد بن علي بن ماجيلويه عن عمه
محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن محمد بن
أبي عمير عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير.

1. منهج المقال: 223.
2. عدة الأصول 1: 154.
3. ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.
4. مختلف الشيعة 1: 344، المسألة 263.
5. مختلف الشيعة 4: 47، ذيل المسألة 11.
6. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
205

والتضعيف من جهة علي بن أبي حمزة المقصود به البطائني لا الثمالي،
بقرينة روايته عن أبي بصير، مضافا إلى اشتهاره وكثرة أخباره.
ويرشد إليه ما ذكره السيد السند في بعض كلماته من أن علي بن أبي حمزة
مشترك بين الثقة والضعيف، والإطلاق ينصرف إلى الثاني؛ لاشتهاره وكثرة
أخباره، وإن كان في الطريق من يتطرق الكلام في حديثه، أعني محمد بن خالد،
لكن مقتضى كلام العلامة - كالشيخ في الرجال - كون حديثه من الصحيح.
وذكر الشيخ في الفهرست والرجال والعلامة في الخلاصة: أن حفص بن غياث
له كتاب معتمد. (1)
وحكى الفاضل الأسترآبادي في المنهج - نقلا‍ عند ذكر طريق الصدوق إليه
- بعد نقل أن له كتابا معتمدا عن الفهرست والخلاصة -: أنه ربما جعل ذلك مقام
التوثيق من أصحابنا. (2) لكن لم أظفر به.
[أدلة كون حفص إماميا]
ويستفاد كونه إماميا مما رواه الكليني - في باب فضل حامل القرآن - بالإسناد
عن حفص بن غياث قال:
سمعت موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول لرجل: " أتحب البقاء في الدنيا؟ "
فقال: نعم، فقال: " ولم؟ " قال: لقراءة " قل هو الله أحد " فسكت عنه،
فقال: لي بعد ساعة: " يا حفص من مات من أوليائنا ولم يحسن القرآن
علم في قبره ليرفع الله به من درجته، فإن درجات الجنة على قدر آيات
القرآن، يقال له: اقرأ آية وارق فيقرأ ثم يرقى " قال حفص: فما رأيت
أحدا أشد خوفا على نفسه من موسى بن جعفر (عليهما السلام) ولا أرجى الناس منه،

1. الفهرست: 61 / 232، خلاصة الأقوال: 218 / 1، في القسم الثاني.
2. منهج المقال: 410.
206

وكانت قراءته حزنا، فإذا قرأ فكأنما يخاطب إنسانا. (1)
وكذا ما رواه الكليني في روضة الكافي بالإسناد عن حفص بن غياث عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال:
" إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، وما عليك إن لم يثن الناس عليك
وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله
تبارك وتعالى، إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: لا خير في الدنيا إلا
لأحد رجلين: رجل يزداد فيها كل يوم إحسانا، ورجل يتدارك
منيته بالتوبة وأنى له بالتوبة، فوالله أن لو سجد حتى ينقطع عنقه ما
قبل الله عز وجل منه عملا إلا بولايتنا أهل البيت، ألا ومن عرف
حقنا، ورجا الثواب بنا، ورضي بقوته نصف مد كل يوم، وما
يستر به عورته، وما أكن به رأسه وهم مع ذلك خائفون وجلون ودوا أنه
حظهم من الدنيا، وكذلك وصفهم الله عز وجل حيث يقول: (والذين
يؤتون ما آتوا و قلوبهم وجلة) (2) ما الذي آتوا به؟ آتوا والله بالطاعة مع
المحبة والولاية وهم مع ذلك خائفون أن لا يقبل منهم، وليس خوفهم
خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين، ولكن خافوا أن يكونوا
مقصرين في محبتنا وطاعتنا " ثم قال: " إن قدرت أن لا تخرج من بيتك
فافعل، فإن في خروجك أن لا تغتاب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنع
ولا تداهن " ثم قال: " نعم، صومعة المسلم بيته يكف فيه بصره ولسانه
ونفسه وفرجه، إن من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله
عز وجل قبل أن يظهر شكرها على لسانه، ومن ذهب يرى أن له على
الآخر فضلا فهو من المستكبرين " فقلت له: إنما يرى أن له عليه فضلا

1. الكافي 2: 606، ح 10، باب فضل حامل القرآن.
2. المؤمنون (23): 60.
207

بالعاقبة (1) إذا رآه مرتكبا للمعاصي؟ فقال: " هيهات هيهات، فلعله أن
يكون غفر له ما أتى وأنت موقوف محاسب، أما تلوت قصة سحرة
موسى؟ " ثم قال: " كم من مغرور بما أنعم الله عليه، وكم من مستدرج
يستر الله عليه، وكم من مفتون بثناء الناس عليه "، ثم قال: " إني لأرجو
النجاة لمن عرف حقنا من هذه الأمة إلا لأحد ثلاثة: صاحب سلطان
جائر، وصاحب هوى، والفاسق المعلن " ثم تلا: (إن كنتم تحبون الله
فاتبعوني يحببكم الله) (2) ثم قال: " يا حفص، الحب أفضل من الخوف " ثم
قال: " والله ما أحب الله من أحب الدنيا ووالى غيرنا، ومن عرف حقنا
وأحبنا فقد أحب الله تبارك وتعالى "، فبكى رجل، فقال: " أتبكي؟ لو أن
أهل السماوات والأرض كلهم اجتمعوا يتضرعون إلى الله عز وجل أن
ينجيك من النار ويدخلك الجنة لم يشفعوا فيك " ثم قال: " يا حفص،
كن ذنبا ولا تكن رأسا، يا حفص، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من خاف الله كل
لسانه، ثم قال: بينا موسى بن عمران (عليه السلام) يعظ أصحابه إذ قام رجل فشق
قميصه، فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى قل له: لا تشق قميصك،
ولكن اشرح لي عن قلبك، ثم قال: مر موسى بن عمران (عليه السلام) برجل من
أصحابه [وهو ساجد] (3) فانصرف من حاجته وهو ساجد على حالته،
فقال [له] (4) موسى (عليه السلام): لو كان حاجتك بيدي لقضيتها لك، فأوحى الله
عز وجل إليه: يا موسى لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبلته حتى يتحول
عما أكره إلى ما أحب ". (5)

1. قوله: بالعاقبة، بالقاف والباء الموحدة. [و] في بعض النسخ بالفاء والياء المثناة التحتانية غلط.
(منه رحمه الله).
2. آل عمران (3): 31.
3. ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
4. ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
5. الكافي 8: 128، ح 98، باب لا يقبل الله عملا إلا بولاية أهل البيت (عليهم السلام).
208

[ما يرشد إلى حسن روايته]
وربما يرشد إلى اعتباره وحسن روايته رواية محمد بن عيسى الأشعري عنه،
كما في ما رواه في التهذيب - في أول الجزء الثاني في باب العمل في ليلة الجمعة
ويومها - بالإسناد عن أبي جعفر عن أبيه عن حفص بن غياث عن جعفر عن
أبيه (عليهما السلام)، (1) إلى آخره، وكذا ما رواه في التهذيب في زيادات الجزء الثاني في باب
العمل في ليلة الجمعة ويومها بالإسناد عن حفص بن غياث عن جعفر عن
أبيه (عليهما السلام)، (2) إلى آخره؛ إذ المقصود بأبي جعفر هو أحمد بن محمد بن عيسى
الأشعري؛ لأنه كنيته، كما ذكر في ترجمته، (3) بل يأتي عن العلامة في الخلاصة أن
أبا جعفر هو أحمد بن محمد بن عيسى، (4) وإن كان ما ذكره في رواية سعد بن
عبد الله عن أبي جعفر (عليه السلام)، بل قد ذكر في ترجمة محمد بن عيسى الأشعري أنه
يروي عنه ابنه.
ومنه ما رواه في الكافي - في باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات -
بالإسناد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن رجل
عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، (5) إلى آخره، وكذا ما رواه في الكافي في الباب
المذكور بالإسناد عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن أبيه ومحمد بن
خالد البرقي عن عبد الله بن المغيرة عن عبد الله بن مسكان عن ليث المرادي عن

1. تهذيب الأحكام 3: 19، ح 67، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها؛ الكافي 3: 422، ح 5، باب تهيئة
الإمام الجمعة.
2. تهذيب الأحكام 3: 248، ح 678، باب زيادات العمل في ليلة الجمعة ويومها.
3. انظر خلاصة الأقوال: 13 / 2.
4. خلاصة الأقوال: 271، الفائدة الثانية ويأتي قريبا في نفس الصفحة.
5. لم نعثر على هذا الباب في الكافي وهو موجود في تهذيب الأحكام والسند المذكور موجود في
تهذيب الأحكام 1: 322، ح 939، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة.
209

أبي عبد الله (عليه السلام)، (1) إلى آخره، حيث إن المقصود بأحمد بن محمد هو أحمد بن
محمد بن عيسى، بقرينة رواية سعد بن عبد الله؛ لما رواه في التهذيب - في باب
الأحداث الموجبة للطهارة - بالإسناد عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن
عيسى، (2) بل رواية سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى كثير في
الأخبار.
مع أنه قد ذكر العلامة في الفائدة الثانية من الفوائد المرسومة في آخر الخلاصة
أنه ذكر الشيخ وغيره في كثير من الأخبار عن سعد بن عبد الله عن أبي جعفر، (3)
والمراد بأبي جعفر هو أحمد بن محمد بن عيسى.
لكن ذكر النجاشي في ترجمة سعد بن عبد الله أنه " كان أبوه عبد الله بن
أبي خلف قليل الحديث، روى عن الحكم بن مسكين، وروى عنه أحمد بن
محمد بن عيسى ". (4)
واحتمل في كل من الضمير المرفوع في " روى " والمجرور في " روى عنه "
الرجوع إلى عبد الله بن أبي خلف والرجوع إلى سعد بن عبد الله.
والثاني أظهر؛ قضية أن الظاهر رجوع الضمائر والمتعلقات المذكورة في
التراجم إلى المذكور بالأصالة، أعني صاحب العنوان والترجمة، كما حررناه في
الرسالة المعمولة في " ثقة " بل قد ذكر في المشتركات في ترجمة سعد بن عبد الله
رواية سعد عن الحكم بن مسكين، وحكم برجوع الضمير المجرور إلى سعد بن
عبد الله، بل قيل: إنا لم نر رواية سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى. لكنه مردود

1. لم نعثر عليه في الكافي وهو موجود في تهذيب الأحكام 1: 258، ح 750، باب تطهير الثياب من
النجاسات.
2. تهذيب الأحكام 1: 17، ح 38، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
3. خلاصة الأقوال: 271، الفائدة الثانية.
4. رجال النجاشي: 177 / 467.
210

بما سمعت.
ومن ذلك ما رواه في الكافي - في باب عتق الصغير والشيخ الكبير وأهل
الزمانات - عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبيه محمد بن عيسى عن
منصور بن حازم عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (1) إلى آخره.
وكذا ما رواه في الكافي - في باب [عتق] (2) ولد الزنا والذمي والمشرك
والمستضعف - عن محمد عن أحمد عن أبيه محمد بن عيسى عن ابن مسكان
عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام). (3)
وكذا ما رواه في التهذيب - في الموضع الأول من الموضعين المتقدمين -
بالإسناد عن أحمد بن محمد عن أبيه، عن ابن المغيرة عن الحلبي عن
أبي عبد الله (عليه السلام). (4)
وكذا ما رواه في التهذيب - في الموضع الثاني من الموضعين المتقدمين -
بالإسناد عن أبي جعفر عن أبيه عن زرعة عن سماعة عن أبي عبد الله عن
أبيه (عليهما السلام)، (5) إلى آخره.
وربما يتوهم أن من ذلك ما رواه في التهذيب - في باب الأحداث الموجبة
للطهارة - عن أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن الحسن عن الحسين بن أبان
عن الحسين بن سعيد عن عثمان عن سماعة عن أبي بصير، قال: سمعته يقول، (6)
إلى آخره.

1. الكافي 6: 181، ح 3، باب عتق الصغير والشيخ الكبير. وفيه: " عن أبيه عن محمد بن عيسى ".
2. أضفناه من المصدر.
3. الكافي 6: 182، ح 3، باب عتق ولد الزنا والذمي.
4. تهذيب الأحكام 3: 18، ح 65، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها.
5. تهذيب الأحكام 3: 248، ح 678، باب زيادات في العمل في ليلة الجمعة ويومها.
6. تهذيب الأحكام 1: 15، ح 31، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
211

وكذا ما رواه في التهذيب - في الباب المذكور - عن أحمد بن محمد عن أبيه
عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عمن
أخبره عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (1) إلى آخره.
لكن الظاهر أن المقصود بأحمد بن محمد هو أحمد بن محمد بن الحسن
الوليد؛ لروايته - سابقا على الرواية الأولى - عن أحمد بن محمد بن الحسن عن
أبيه عن سعد بن عبد الله ومحمد بن الحسين أبي الخطاب عن جعفر بن بشير عن
أبي حبيب الأسدي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (2) وروايته - سابقا على الرواية الثانية
بقليل - عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عن أبيه عن محمد بن الحسن
الصفار عن موسى بن عمر عن علي بن النعمان عن أبي سعيد المكاري عن
أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام). (3)
وبالجملة، منشؤ الإرشاد المتقدم أنه ذكر النجاشي في ترجمة محمد بن
عيسى الأشعري أنه شيخ القميين، ووجه الأشاعرة. (4)
وقيل: إن المقصود بالأشاعرة هو الأشعريون، وهم جماعة من القميين،
لا الأشاعرة المقابلة للمعتزلة.
وهو الظاهر؛ قضية أن كتاب النجاشي مقصور على الإماميين، مع أن
الأشعري بالمعنى المقابل للمعتزلي كيف يمكن أن يكون شيخ القميين!؟
بل وثقة الشهيد الثاني في المسالك في كتاب الأطعمة والأشربة في مسألة

1. تهذيب الأحكام 1: 21، ح 51، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
2. تهذيب الأحكام 1: 14، ح 30، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
3. تهذيب الأحكام 1: 19، ح 44، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
4. رجال النجاشي: 338 / 905.
212

البهيمة الموطوءة، (1) وكذا العلامة المجلسي في الوجيرة، (2) بل عن العلامة تصحيح
الروايات التي هو فيها. (3)
وعن صاحب الحاوي أنه لا يبعد توثيقه. (4)
لكن عن المنتقى عد حديثه من الحسن. (5)
وعن نجله الزكي دعوى عدم وجدان توثيقه. (6)
والأظهر: عدم دلالة رواية العدل عن الراوي على عدالته، ولا ظهورها فيه،
ولا دلالتها على حسن حاله، ولا ظهورها فيه.
ويظهر الحال بالرجوع إلى ما حررناه في الأصول، وإن جرى السيد الداماد
على دلالة رواية العدل على عدالة الراوي، بل ادعى الاتفاق عليه، (7) وهو المحكي
عن العامة.
وقد أكثر في الذخيرة أن رواية الثقات من الضعفاء ليست إلا قليلة. (8)
وربما يظهر منها عند الكلام في نية الصوم عدم رواية العدل عن غير العدل. (9)
وربما يظهر من الفاضل الخاجوئي في تعليقات المدارك دلالة رواية العدل
على حسن رواية الراوي، حيث إنه حكم بحسن رواية أبي الربيع بواسطة رواية
عبد الله بن مسكان عنه. (10)

1. مسالك الافهام 12: 31.
2. رجال المجلسي: 311 / 1751.
3. انظر مختلف الشيعة 1: 122، المسألة 75، رواية زرارة وبكير.
4. حاوي الأقوال 2: 242 / 602.
5. منتقى الجمان 1: 98.
6. استقصاء الاعتبار 1: 355.
7. انظر الرواشح السماوية: 173.
8. الذخيرة: 5.
9. الذخيرة: 514.
10. تعليقات الفاضل الخواجوئى على المدارك مخطوط.
213

ثم إنه قد ذكر النجاشي أنه روى حفص بن غياث عن الصادق والكاظم (عليهما السلام). (1)
لكن السيد السند التفرشي قد اقتصر في النقل عنه على الصادق (عليه السلام). (2)
وذكره الكشي في أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام). (3)
وذكره الشيخ في الرجال في أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام)، (4) ثم ذكره فيمن
لم يرو عن الأئمة (عليهم السلام). (5)
ومثله غير عزيز من الشيخ في الرجال، وقد ذكر السيد السند التفرشي في
ترجمة قاسم بن محمد الجوهري أن الشيخ في الرجال قد ذكر كثيرا من الرجال
في باب من يروي، وأخرى في باب من لم يرو، وعد جماعة. (6) وذكر تلك المقالة
في ترجمة الحسين بن إشكيب، (7) وريان بن الصلت، (8) ومعاوية بن حكيم أيضا. (9)
ثم إنه قد ذكر النجاشي (10) رواية ابنه عمر [عنه]، (11) وذكر الشيخ في الفهرست
والرجال رواية ابنه محمد عنه، (12) فأحدهما اشتباه عن النجاشي أو الشيخ، أو كل
منهما يروي عنه، وهما أخوان.

1. رجال النجاشي: 134 / 346.
2. نقد الرجال 2: 134 / 1591 / 31.
3. رجال الكشي 2: 688 / 733 وفيه: " أنه عامي ".
4. رجال الشيخ: 118 / 50؛ وص 175 / 176.
5. رجال الشيخ: 471 / 57.
6. نقد الرجال 4: 45 / 4196 / 36.
7. نقد الرجال 2: 79 / 1418 / 22.
8. نقد الرجال 2: 249 / 2008 / 2.
9. نقد الرجال 4: 386 / 5324 / 4.
10. رجال النجاشي: 134 / 346.
11. أضفناه من المصدر.
12. الفهرست: 61 / 232، رجال الشيخ: 471 / 57.
214

وأما الثاني
[في سليمان بن داود المنقري]
فقد قال النجاشي:
سليمان بن داود المنقري أبو أيوب الشاذكوني، بصري، ليس بالمتحقق
بنا، غير أنه روى عنه جماعة من أصحابنا من أصحاب جعفر بن
محمد (عليهما السلام)، وكان ثقة، له كتاب. (1)
قوله: " ليس بالمتحقق بنا " الظاهر أن الغرض أنه لم يتحقق مذهبه عندنا، لكنه
مشتمل على المسامحة، وقد اتفق منه هذه العبارة في ترجمة عبد الرحمن بن
بدر، (2) ولم أظفر بها في غيرها مع الفحص.
ونقل العلامة عنه في الخلاصة أنه يروي عن جماعة من أصحابنا من أصحاب
أبي جعفر (عليه السلام). (3)
ونقل السيد السند التفرشي عن العلامة في الخلاصة أنه نقل عن النجاشي
[أنه] من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام)، وأورد عليه بأنه من أصحاب جعفر بن
محمد (عليهما السلام). (4)
وأورد بعض الأعلام على السيد السند المذكور بعدم مطابقة ما ذكره لما ذكره
النجاشي ولا ما نقله العلامة؛ إذ ما ذكره النجاشي أنه يروي عنه جماعة من
أصحابنا من أصحاب جعفر بن محمد (عليهما السلام)، لا أنه من أصحاب جعفر بن
محمد (عليهما السلام)، وما نقله العلامة: أنه يروي عنه جماعة من أصحابنا من أصحاب

1. رجال النجاشي: 184 / 488.
2. رجال النجاشي: 238 / 631.
3. خلاصة الأقوال: 225 / 3، في القسم الثاني.
4. نقد الرجال 2: 360 / 2398 / 11.
215

أبي جعفر (عليه السلام)، لا أنه من أصحاب جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فما نقله العلامة مخالف لما
ذكره النجاشي ذيلا، وما نقله السيد السند المذكور مخالف لكل ما ذكره النجاشي
وما نقله العلامة صدرا.
أقول: إن قول النجاشي: " من أصحاب جعفر بن محمد (عليهما السلام) " يحتمل أن يكون
راجعا إلى سليمان بن داود بكونه خبرا ثالثا له بعد كون قوله: " بصري " خبرا أولا،
وقوله: " ليس بالمتحقق بنا " خبرا ثانيا.
ويحتمل أن يكون راجعا إلى قوله: " من أصحابنا ".
لكن الأول أظهر؛ بناء على أن الظاهر رجوع متعلقات الكلام إلى المذكور
بالأصالة.
وما ذكره بعض الأعلام من أن الظاهر هو الرجوع إلى " أصحابنا " ليس في
محله.
وكيف كان، عدم مطابقة ما ذكره النجاشي لما نقل عنه العلامة ظاهر؛ إذ ما
ذكره النجاشي: أنه يروي عنه جماعة من أصحابنا من أصحاب جعفر بن
محمد (عليهما السلام)، وما نقله العلامة: أنه يروي عنه جماعة من أصحابنا من أصحاب
أبي جعفر (عليه السلام)، فيختلف المنقول والمنقول عنه في الذيل، كما سمعت.
وأما ما أورده السيد السند التفرشي، ففيه: أن المدار في صحة النقل على
مطابقة المنقول للمنقول عنه، ومرجع الإيراد إلى عدم مطابقة المنقول للواقع،
وأين أحدهما من الآخر؟
اللهم إلا أن يكون الغرض عدم مطابقة المنقول للمنقول عنه بكون الغرض أن
ما ذكره النجاشي هو أنه يروي عنه جماعة من أصحابنا من أصحاب جعفر بن
محمد (عليهما السلام)، وما نقله العلامة هو أنه يروي عنه جماعة من أصحابنا من أصحاب
أبي جعفر (عليه السلام).
لكنه تجشم ظاهر؛ لابتنائه على إسقاط صدر المنقول والمنقول عنه،
216

وارتكاب الاختصار المخل بالقناعة بالذيل.
أو يكون مبنيا على كون قول النجاشي: " من أصحاب جعفر بن محمد (عليهما السلام)
راجعا إلى سليمان بن داود، كما استظهرناه، وكذا قول العلامة: " من أصحاب
أبي جعفر (عليه السلام) ".
لكنه - بعد كونه خلاف ظاهر الإيراد - غير مناسب؛ إذ كان المناسب إظهار
رجوع قول النجاشي: " من أصحاب جعفر بن محمد (عليهما السلام) " وقول العلامة: " من
أصحاب أبي جعفر (عليه السلام) " إلى سليمان بن داود، واحتمال رجوعهما إلى أصحابنا.
ثم إنه قد ذكر الصدوق في مشيخة الفقيه - عند ذكر طريقه إلى سليمان بن داود
المنقري، كما يأتي - أنه المعروف ب‍ " ابن الشاذكوني " (1) وهو مقتضى كلام ابن داود
في قوله: " وأما الصحيح مما يتعلق بالشيخ أبي جعفر بن بابويه فما رواه عن
كردويه " إلى أن قال: " ومعاوية بن شريح وسليمان بن داود المنقري الشاذكوني ". (2)
لكنه مخالف لما يقتضيه ما مر من النجاشي من أنه هو الشاذكوني.
[كلام الشيخ محمد ونقده]
ثم إنه قد ذكر المحقق الشيخ محمد:
أن قول النجاشي: " ليس بالمتحقق بنا " يدل على أن الرجل ثقة، غير
معلوم كونه من الإمامية، فذكر العلامة في القسم الثاني كأنه لذلك.
وربما يقال: إنه لا مجال للاحتمال في كونه موثقا؛ إذ كما يعتبر تحقق
الإيمان يعتبر تحقق المخالفة، إلا أن يفرق بين الأمرين. (3)
قوله: " يدل على أن الرجل ثقة " فيه: أن مجرد قوله: " ليس بالمتحقق بنا "

1. الفقيه 4: 65 من المشيخة.
2. رجال ابن داود: 308 - 309.
3. انظر: استقصاء الاعتبار 1: 319.
217

لا يدل على الوثاقة.
اللهم إلا أن يكون الغرض مجموع قوله المذكور والتوثيق المذكور بعده.
لكنه خلاف الظاهر.
قوله: " كأنه لذلك " هذا إنما يتم بناء على اعتبار الإيمان في اعتبار الرواية، كما
نقل الشهيد الثاني في بعض تعليقات الخلاصة في ترجمة أبان بن عثمان عن
فخر المحققين: نقله العلامة شفاها. (1)
لكن المنقول عن العلامة في أكثر كتبه الفقهية عدم اعتبار الإيمان، (2) بل قال
في الخلاصة في ترجمة أبان بن عثمان بعد نقل كونه ناووسيا عن الكشي عن
علي بن الحسن: والأقوى عندي قبول روايته وإن كان فاسد المذهب. (3)
وقال في ترجمة الحسن بن علي بن فضال: وأنا أعتمد على روايته وإن كان
مذهبه فاسدا. (4)
وقال في ترجمة علي بن أسباط - بعد نقل كونه فطحيا من الكشي
والنجاشي -: فأنا أعتمد على روايته. (5)
بل قال المحقق القمي والفاضل الخاجوئي: إنه في الخلاصة أكثر من قبول
روايات فاسد المذهب. (6)
قوله: " لا مجال للاحتمال في كونه موثقا " أنت خبير بأن المفروض التوثيق
فهو موثق، فكان الصواب في الباب أن يقول: " في كون خبره موثقا " لاستقرار

1. حواشي الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 3.
2. انظر منتهى المطلب 3: 171 حيث قال: " وما رواه في الموثق، عن عمار الساباطي... " وهكذا صحح
مرسلة ابن أبي عمير انظر منتهى المطلب 3: 186.
3. خلاصة الأقوال: 22 / 3.
4. خلاصة الأقوال: 37 / 2؛ ولا يوجد فيه ما نسب إليه.
5. خلاصة الأقوال: 99 / 38.
6. انظر القوانين المحكمة 1: 462.
218

الاصطلاح في إطلاق الموثق على الخبر في سوء المذهب، بخلاف إطلاقه على
الراوي.
قوله: " إلا أن يفرق بين الأمرين " أقول: إنه لا مجال للفرق بين الإيمان
وسوء المذهب بحسب التحقق في صدق الصحيح والموثق على الخبر؛ إذ كما
لا يصدق الخبر الصحيح مع عدم تحقق الإيمان، فكذا لا يصدق الموثق مع عدم
تحقق سوء المذهب.
نعم، بناء على اعتبار الإيمان في اعتبار الخبر لافرق في اعتبار الخبر بين
تحقق سوء المذهب والشك فيه؛ إذ بناء على ذلك كما لا يعتبر الخبر في صورة
تحقق سوء المذهب، فكذا الحال في صورة الشك في الإيمان وسوء المذهب،
لكن لابد في اعتبار الخبر من تحقق الإيمان.
وأما الثالث رسالة في " قاسم بن محمد "
[في قاسم بن محمد]
فهو مشترك بين سبعة رجال معنونة في الرجال. (1)
وروى في الكافي في باب الظهار عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن
القاسم بن محمد الزيات. (2)
ومقتضى ما قاله الصدوق في مشيخة الفقيه - من قوله: " وما كان فيه
سليمان بن داود المنقري فقد رويته عن أبي (رضي الله عنه) [عن سعد بن عبد الله] (3) عن

1. انظر منتهى المقال 5: 230 / 2319 - 2325.
2. الكافي 6: 158، ح 24.
3. أضفناه من المصدر.
219

القاسم بن محمد الإصفهاني عن سليمان بن داود المنقري المعروف
بالشاذكوني " (1) - كون القاسم بن محمد الراوي عن سليمان بن داود المنقري هو
القاسم بن محمد الإصفهاني.
[في اتحاد القاسم بن محمد الإصفهاني مع القمي]
والظاهر أن القاسم بن محمد الإصفهاني متحد مع القاسم بن محمد القمي
المعنون في كلام النجاشي - قال: القاسم بن محمد القمي المعروف ب‍ " كاسولا "
لم يكن بالمرضي، له كتاب النوادر، أخبرنا ابن نوح، قال: حدثنا الحسن بن
حمزة، قال: حدثنا ابن بطة، قال: حدثنا البرقي عن القاسم بن محمد (2) - لأن الشيخ
عنون في الفهرست القاسم بن محمد الإصفهاني وقال: إنه يعرف ب‍ " كاسولا ". (3) وقد
سمعت أن النجاشي ذكر أن القاسم بن محمد القمي يعرف ب‍ " كاسولا ".
ولأن الشيخ قال في الفهرست: له كتاب، أخبرنا به جماعة عن أبي المفضل
عن ابن بطة عن أحمد بن أبي عبد الله عن القاسم بن محمد؛ (4) حيث إن البرقي
الراوي عن القاسم بن محمد القمي في طريق النجاشي هو أحمد بن أبي عبد الله
الراوي عن القاسم بن محمد الإصفهاني في طريق الشيخ؛ إذ أحمد بن أبي عبد الله
هو أحمد بن محمد بن خالد البرقي المعروف.
ولأن العلامة في الخلاصة إنما عنون القاسم بن محمد القمي، (5) وكذا ابن داود، (6)
والظاهر اطلاعهما على القاسم بن محمد الإصفهاني المعنون في الفهرست،

1. الفقيه 4: 65، من المشيخة.
2. رجال النجاشي: 315 / 863.
3. الفهرست: 127 / 565.
4. الفهرست: 127 / 565.
5. خلاصة الأقوال: 248 / 5، في القسم الثاني.
6. رجال ابن داود: 267 / 402، في القسم الثاني.
220

فالظاهر أن اتحاد العنوان من باب طرح الاتحاد بين القمي والإصفهاني. ولأن
الفاضل الأسترآبادي والسيد السند التفرشي ذكرا كلام النجاشي والشيخ في عنوان
واحد، (1) ولا يصح إلا بطرح الاتحاد بين القمي والإصفهاني.
[في حال قاسم بن محمد]
وأما حال القاسم بن محمد فقد سمعت من النجاشي أنه لم يكن بالمرضي،
وذكره العلامة في القسم الثاني من الخلاصة، وحكى عن ابن الغضائري " أن
حديثه يعرف تارة وينكر أخرى، ويجوز أن يخرج شاهدا ". (2)
وهذه العبارة غير عزيزة من ابن الغضائري.
قوله: " ويجوز أن يخرج شاهدا " الغرض الجواز على تقدير الإنكار بكونه
معطوفا على قوله: " وينكر " أو مطلقا بكونه مستأنفا، ولعل الغرض تأييد الرواية
المعتبرة.
وربما فسر صدر العبارة المذكورة - وهو بالانفراد غير عزيز الذكر أيضا - بأن
الغرض أنه إن روى عن الثقات فمعروف وحسن، وإن روى عن الضعفاء فهو
منكر.
ويشبه تلك العبارة ما اتفق من العلامة في كثير من التراجم من الحكم في
بعض الأمور بأنه لا يقتضي التعديل، لكنه مرجح. (3)
وقد حررنا الكلام في الرسالة المعمولة في " ثقة ".
وذكره ابن داود في القسم الثاني من رجاله، وحكى عن النجاشي أنه لم يكن
بالمرضي، وحكى عن الكشي أنه قال: وحكي عن ابن الغضائري أن حديثه

1. منهج المقال: 265؛ نقد الرجال 4: 44 / 4194 / 34.
2. خلاصة الأقوال: 248 / 5، في القسم الثاني.
3. خلاصة الأقوال: 50 / 12 في ترجمة الحسين بن المنذر.
221

يعرف تارة، وينكر أخرى. (1)
لكن ما حكاه عن الكشي غير موجود في كلامه، كما صرح به بعض الأعلام، (2)
إلا أنه كثيرا ما يحكي عن الكشي ما ذكره النجاشي، كما حررناه وغيره من كثير من
اشتباهات ابن داود في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في أن
معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة متحدان أو مختلفان؟ وقد حررنا الكلام في
الغلو في الرسالة المعمولة في محمد بن سنان.
ومقتضى ذكره من العلامة وابن داود في القسم الثاني كونه مجروحا عندهما
أو توقفهما فيه، حيث إن القسم الثاني من الخلاصة في ذكر الضعفاء ومن يرد قوله
أو يتوقف فيه، والقسم الثاني من رجال ابن داود في المجروحين والمجهولين.
لكن ينافي تصحيحهما طريق الصدوق إلى سليمان بن داود. (3)
واحتمال تجدد الاطلاع منهما على الوثاقة في تصحيح الطريق لكونه في آخر
الكتاب بعيد.
وربما يظهر مما عن العلامة في المنتهى، (4) والشهيد في الذكرى والبيان، (5)
والمحقق الثاني (6) من القدح فيما رواه المشايخ الثلاثة عن القاسم بن محمد، عن
سليمان بن داود عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل أدرك الجمعة
وقد ازدحم، فكبر مع الإمام ولم يقدر على السجود، (7) بوجود حفص القول

1. رجال ابن داود: 267 / 402.
2. لم نعثر عليه، وانظر تنقيح المقال 2: 24 / 9599.
3. خلاصة الأقوال: 279، الفائدة الثامنة؛ رجال ابن داود: 309.
4. منتهى المطلب 1: 334.
5. ذكرى الشيعة 4: 127؛ البيان: 195.
6. جامع المقاصد 2: 430.
7. الكافي 3: 429، ح 9، باب نوادر الجمعة؛ الفقيه 1: 270، ح 1235، باب وجوب الجمعة وفضلها؛
تهذيب الأحكام 3: 161، ح 347، باب أحكام فوائت الصلاة.
222

بوثاقته، إلا أن يقال: إنه يمكن أن يكون ذلك من جهة عدم الالتفات إلى غير
حفص، والتفطن بالغير لا وثاقة الغير. لكنه بعيد، وإن ادعى ظهوره بعض الأعلام.
[تردد قاسم بن محمد بين الجوهري وكاسولا]
وربما روى علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه عن القاسم بن محمد عن
سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " الرباء
رباءان أحدهما حلال " (1) إلى آخر الحديث.
وقد حكم بعض الأعلام بأن القاسم بن محمد فيه مردد بين " كاسولا " المتقدم
والقاسم بن محمد الجوهري، والأول مجهول، والثاني واقفي قال: بشهادة الطبقة.
ويشكل بأن الشيخ في الرجال ذكر القاسم بن محمد الجوهري في أصحاب
الكاظم (عليه السلام)، (2) وقال الكشي: لم يلق الصادق (عليه السلام)، (3) فقول الكشي: " لم يلق
الصادق (عليه السلام) " لابد من كونه في معرض احتمال التشرف بحضور الصادق (عليه السلام)، فقول
الكشي: " لم يلق " غير لائق، مع أنه قد ذكر الشيخ في الفهرست أنه روى عنه
أبو عبد الله البرقي والحسين بن سعيد. (4)
وعن المشتركات أنه روى عنه الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي،
وهو عن علي بن أبي حمزة، كما صرح به في بعض المواضع، ومنه يعلم رواية
القاسم عن علي على الإطلاق، (5) فلا يساعد الراوي ولا المروي عنه؛ لاحتمال
كون القاسم في السند المذكور هو الجوهري.

1. تفسير علي بن إبراهيم 2: 159 في تفسير سورة الروم.
2. رجال الشيخ: 358 / 1.
3. رجال الكشي 2: 748 / 853.
4. الفهرست: 127 / 563.
5. هداية المحدثين: 223.
223

وأما دعوى الجهالة في " كاسولا " فكما ترى؛ لأنه مصرح بالضعف، (1) كيف لا!
وقد سمعت من النجاشي أنه لم يكن بالمرضي.
[في تعدد قاسم بن محمد الجوهري]
وربما ذكر ابن داود أن القاسم بن محمد الجوهري متعدد؛ نظرا إلى تعدد
العنوان في رجال الشيخ، حيث إنه عنونه تارة في رجال الكاظم (عليه السلام)، وأخرى عنونه
فيمن لم يرو عن الأئمة (عليهم السلام)، وحكم بوثاقة الأخير. (2)
لكن تعدد العنوان في رجال الشيخ على الوجه المذكور قد تقدم الكلام فيه.
وحكم السيد السند التفرشي بعدم استقامة التوثيق المذكور من ابن داود؛
تعليلا بعدم وجدانه في شيء من كتب الرجال. (3)
وقال المحقق الشيخ محمد في تعليقات الاستبصار - في باب الماء القليل
يحصل فيه شيء من النجاسة - بعد نقل ما رواه الشيخ عن الحسين بن سعيد عن
القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله (عليه السلام): وأما القاسم بن محمد
فهو الجوهري، ولم يوثق في الرجال، مع أنه واقفي، ونقل ابن داود التوثيق عن
الشيخ لا نعلمه. (4)
ثم إنه قد روى في الكافي - في باب آخر منه بعد بابين معنونين بباب آخر منه
بعد باب ميراث الخنثى - بالإسناد عن محمد بن القاسم الجوهري عن حريز بن
عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (5) إلى آخره.

1. خلاصة الأقوال: 248 / 5.
2. رجال ابن داود: 154 / 1219 (القسم الأول)؛ وانظر رجال الشيخ: 358 / 1، و 490 / 5.
3. نقد الرجال 4: 47 / 4196 / 36.
4. استقصاء الاعتبار 1: 180 - 182؛ وانظر رجال ابن داود: 154 / 1219 (القسم الأول).
5. الكافي 7: 159، ح 1، باب آخر من ميراث الخنثى وفيه: " القاسم بن محمد ".
224

قوله: " محمد بن القاسم الجوهري " الظاهر بل بلا إشكال: أنه من باب السهو
والنسيان، والصواب: القاسم بن محمد الجوهري، مع أنه قد روى فيه بعد الرواية
المذكورة ما هذا لفظه: " عدة من أصحابنا عن القاسم بن محمد الجوهري عن
حريز بن عبد الله مثله ". (1)
[رواية الجوهري عن علي بن أبي حمزة]
ثم إن القاسم بن محمد الجوهري يروي عن علي بن أبي حمزة، كما سمعت
من المشتركات، والمقصود بعلي بن أبي حمزة إنما هو البطائني بشهادة اشتهاره
وكثرة رواياته، كما تقدم.
ومن ذلك ما رواه في التهذيب في باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر، وما جاء
في ذلك بالإسناد عن القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن أبي حمزة عن
أبي بصير. (2)
لكن فيه قرينة زائدة على اشتهار علي بن أبي حمزة البطائني تدل على كون
المراد بعلي بن أبي حمزة هو البطائني، وهي رواية علي بن أبي حمزة عن
أبي بصير؛ لما ذكره النجاشي في ترجمة علي بن أبي حمزة البطائني من أنه كان
قائد أبي بصير يحيى بن القاسم، (3) بل في الأسانيد المذكورة في الخرائج والجرائح
أن علي بن أبي حمزة البطائني كان تلميذ أبي بصير. (4)
وبذلك يعلم حال الإطلاق في الراوي والمروي عنه، كما في التهذيب
في باب عدد النساء بالإسناد عن القاسم عن علي عن أبي بصير عن

1. الكافي 7: 159، ذيل الحديث 1، باب آخر من ميراث الخنثى.
2. تهذيب الأحكام 4: 303، ح 915، باب صيام ثلاثة أيام في كل شهر.
3. رجال النجاشي: 249 / 656.
4. الخرائج والجرائح 1: 324 / 16.
225

أبي عبد الله (عليه السلام). (1)
وقد سمعت الحال فيه عن المشتركات.
وكذا الحال في تقييد الراوي بالقيد الأول، كما في التهذيب - في باب
بيع الواحد بالاثنين وأكثر منه وما يجوز منه وما لا يجوز - بالإسناد عن
القاسم بن محمد عن علي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) إلى آخره، وما في
التهذيب في باب الذبائح بالإسناد عن القاسم بن محمد عن علي عن أبي بصير عن
أبي عبد الله (عليه السلام)، (3) أو بالثاني، (4) كما عن بصائر الدرجات بالإسناد عن القاسم
الجوهري عن علي عن أبي بصير. (5)
وكذا الحال في تقييد الراوي بالقيد الأول وتقييد المروي عنه بالقيد الأول
أيضا، كما في الكافي في باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) بالإسناد
عن القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (6)
والله العالم.
قد تم الكتاب بعون الملك الوهاب.

1. تهذيب الأحكام 8: 146، ح 507، باب عدد النساء.
2. تهذيب الأحكام 7: 98، ح 422، باب بيع الواحد بالاثنين....
3. تهذيب الأحكام 9: 65، ح 275، باب الذبائح والأطعمة.
4. أي: وكذا الحال في تقييد الراوي بالقيد الثاني، ففي الروايتين الأولتين الراوي عن علي مقيد بقيد
الأول وهو: محمد، وفي الرواية الثالثة مقيد بقيد الثاني وهو: الجوهري.
5. بصائر الدرجات: 395، ح 5.
6. الكافي 1: 219، ح 1، باب عرض الأعمال على النبي والأئمة (عليهم السلام).
226

16 - رسالة في " حماد بن عثمان "
227

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
وبعد، فهذه رسالة في باب حماد بن عثمان فنقول: قال النجاشي:
حماد بن عثمان بن عمرو بن خالد العرازي (1) مولاهم، كوفي، كان
يسكن عرزم فنسب إليها وأخوه عبد الله ثقتان، رويا عن أبي عبد الله (عليه السلام)،
وروى حماد عن أبي الحسن والرضا (عليهما السلام)، ومات حماد بالكوفة في سنة
تسعين ومائة، وذكرهما أبو العباس في كتابه، وروى عنه جماعة منهم
أبو جعفر محمد بن الوليد بن خالد الخزاز البجلي. أخبرنا أبو العباس
احمد بن محمد الجندي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال:
حدثنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن الوليد بكتاب حماد بن
عثمان. (2)
قوله: " ذكرهما أبو العباس في كتابه " الظاهر رجوع الضمير المثنى إلى حماد
وأخيه عبد الله، كما هو الحال في قوله: " رويا ".
والظاهر أن المقصود ب‍ " أبي العباس " هو ابن نوح؛ حيث إنه من مشايخ
النجاشي، وقد عنونه النجاشي وقال: " أستاذنا وشيخنا ومن استفدنا منه ". (3) وقال

1. في المصدر: " الفزاري " بدلا عن العرازي. والمصنف التزم بالعرازي وأشكل عليه.
2. رجال النجاشي: 143 / 371، وفيه: " أخبرنا أبو الحسن أحمد بن الجندي " بدلا عن " أخبرنا
أبو العباس أحمد بن محمد الجندي ".
3. رجال النجاشي: 86 / 209.
229

في ترجمة محمد بن زكريا بن دينار: " وقال لي أبو العباس بن نوح: إنني أروي
عن عشرة رجال، عنه "، ثم قال: " أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن نوح، قال:
حدثنا أبو الحسن علي بن يحيى بن جعفر السلمي الحذاء، وأبو علي أحمد بن
الحسين بن إسحاق بن (1) شعبة الحافظ، وعبد الجبار بن شيران الساكن بنهر خطى (2)
في آخرين ". (3) وفي ترجمة محمد بن أبي عمير: " أخبرنا أبو العباس أحمد بن
علي بن نوح مذاكرة ". (4)
وروى عنه النجاشي في تراجم كثيرة.
ويمكن أن يكون المقصود هو ابن عقدة.
وتظهر الثمرة في اعتبار التوثيق بناء على عدم اعتبار توثيقه لو كان المقصود
بأبي العباس هو ابن عقدة، بناء على اعتبار حسن المذهب في اعتبار التوثيق، لكن
الأظهر عدم الاعتبار، كما حررناه في الرسالة المعمولة في " ثقة ".
قوله: " كان يسكن عرزم فنسب إليها " ظاهر العبارة يقتضي كون النسبة في
العرازي إلى العرزم، مع أن النسبة إلى العرزم إنما هي العرزمي كما هو مقتضى
كلام صاحب القاموس. (5)
إلا أن يقال: إنه ليس الغرض من قوله المذكور شرح حال النسبة في العرازي،
وإنما الغرض إظهار نسبة أخرى وهي العرزمي.

1. كلمة " بن " ليست في المصدر.
2. خطى: وهي بالفتح وتشديد الطاء والقصر: اسم نهر من أنهار البصرة في شرق دجلة (مراصد الاطلاع
1: 335، معجم البلدان 2: 141). علما أن الموجود في رجال النجاشي: 347 / 936 كلمة " جطى "
بدلا عن " خطى ".
3. رجال النجاشي: 347 / 936.
4. رجال النجاشي: 327 / 887.
5. القاموس المحيط 4: 151 (عرم).
230

لكنه خلاف الظاهر، ومع ذلك لا يناسب تأنيث الضمير؛ إذ العرزم لا يكون
من باب المؤنث؛ فالعبارة المذكورة ذات اختلال الحال لفظا من جهة تأنيث
الضمير أيضا، مضافا إلى ما سمعت من اختلالها معنى، فلعل عرزم مصحف
عرازة.
إلا أن يقال: إن العرازة - كما عن أهل اللغة - أبو حي من غطفان، (1) فلا مجال
لنسبة السكون إليها، مع أنه على هذا لا يصح أخذ ضمير الجمع في قوله:
" مولاهم " إذ أبو حي واحد، فلابد من إفراد الضمير الراجع إليه.
وقال الكشي في حماد الناب: " حمدويه، قال: سمعت أشياخي يذكرون أن
حمادا وجعفرا والحسين بني عثمان بن زياد الرواسي، - وحماد يلقب بالناب -
كلهم ثقات فاضلون خيار. حماد بن عثمان مولى غني مات سنة تسعين ومائة
بالكوفة ". (2)
قوله: " سمعت أشياخي " إلى آخره يكفي توثيق الأشياخ وإن لم يعرفوا
بالأعيان؛ لكفاية الظن المتحصل في المقام، مضافا إلى ما يأتي من توثيق الشيخ
في الفهرست. (3)
قوله: " حماد بن عثمان " لعل الأظهر أنه من باب ذيل العنوان السابق، بل هو
الظاهر بشهادة أن أكثر من عنونه الكشي بعنوان برأسه عنونه ب‍ " في فلان " كما
سمعت قوله: " في حماد الناب وجعفر والحسين أخويه "، (4) لكن حكى العلامة
البهبهاني: " أن في حاشية التحرير بخطه: في نسخة معتبرة للكشي عليها خط

1. أنظر القاموس المحيط 4: 374 (غنى).
2. رجال الكشي 2: 670 / 694.
3. الفهرست: 60 / 230.
4. رجال الكشي 2: 670 / 694.
231

السيد جعل حماد الثاني - يعني مولى (1) غنى - بصورة العنوان على وجه يقتضي
المغايرة بينه وبين الأول " (2). (3)
قوله: " مولى غني " قال في القاموس: " وغني حي من غطفان " انتهى. (4) وهو
المحكي عن أهل اللغة. (5)
وقيل: إنه رأس أهل قبيلة ينسب إليه الغنوية. (6)
وقال الشيخ في الفهرست:
حماد بن عثمان الناب، ثقة جليل القدر، له كتاب، أخبرنا به عدة
من أصحابنا، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن
سعد بن عبد الله، والحميري عن محمد بن الوليد الخزاز، عن حماد بن
عثمان. وأخبرنا به ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن
محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير
والحسن بن علي الوشاء والحسن بن علي بن فضال، عن حماد بن
عثمان. (7)
وقال في الرجال نقلا في باب أصحاب الصادق (عليه السلام): " حماد بن عثمان
ذو الناب، مولى غني، كوفي ". (8)
وفي باب أصحاب الكاظم (عليه السلام): " حماد بن عثمان، لقبه الناب، مولى الأزد،

1. في التحرير الطاووسي: " ابن " بدلا عن " مولى ".
2. التحرير الطاووسي: 154 / 116 - 117.
3. تعليقة الوحيد البهبهاني: 124.
4. القاموس المحيط 4: 374 (غنى).
5. انظر لسان العرب 15: 64 (غنا).
6. الأنساب للسمعاني 4: 315.
7. الفهرست: 60 / 230.
8. رجال الشيخ: 173 / 139.
232

كوفي، له كتاب ". (1)
وفي باب أصحاب الرضا (عليه السلام): " حماد بن عثمان الناب، من أصحاب
أبي عبد الله (عليه السلام) ". (2)
وقال العلامة في الخلاصة:
حماد بن عثمان الناب، ثقة، جليل القدر، من أصحاب الرضا (عليه السلام)،
ومن أصحاب الكاظم، والحسين أخوه وجعفر أولاد عثمان بن
زياد الرواسي، فاضلون خيار ثقات. قال الكشي: عن حمدويه،
عن أشياخه قال: وحماد ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح
عنه والإقرار له بالفقه. وقال: حماد بن عثمان بن عمرو بن خالد
العرازي، مولاهم، كوفي، كان يسكن عرزم فنسب إليها وأخوه عبد الله
ثقتان، رويا عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وروى حماد عن أبي الحسن
والرضا (عليهما السلام)، ومات حماد بالكوفة (رحمه الله) في سنة تسعين ومائة، ذكرهما
أبو العباس في كتابه. (3)
قوله: " ذكرهما أبو العباس في كتابه " قد احتمل العلامة البهبهاني كون
الغرض مجرد ذكر العنوانين، (4) فالتوثيق من العلامة وكون الغرض ذكر العنوانين
مع ما ذكر في ذيلهما.
وفيه: أن العبارة مأخوذة من النجاشي وقد تقدم أن الظاهر رجوع الضمير
المثنى إلى حماد وأخيه.
وقال ابن داود:

1. رجال الشيخ: 346 / 2.
2. رجال الشيخ: 371 / 1.
3. خلاصة الأقوال: 56 / 4.
4. انظر تعليقة الوحيد البهبهاني: 124.
233

حماد بن عثمان الناب ق م جخ، (1) يعرف بالناب، كان يسكن عرزم
فنسب إليها، هو وأخوه عبد الله ثقتان، رويا عن أبي عبد الله (عليه السلام)، واختص
حماد بروايته عن الكاظم والرضا (عليهما السلام)، مات سنة تسعين ومائة بالكوفة،
والحسين أخوه خير، فاضل، وحماد ممن أجمعت العصابة على
تصحيح ما يصح عنه. (2)
وقال: " حماد بن عثمان بن عمرو بن خالد العرازي، مولاهم، كوفي، ثقة، هو
وأخوه عبد الله ق م ضا ". (3)
أقول: إن ما ذكره ابن داود - من أن أخاهما عبد الله في كل من عنوان
العرازي، والناب - واضح الفساد؛ لأنه مأخوذ من كلام النجاشي، وهو
إنما ذكره في عنوان العرازي. ومن هذا أن العلامة في الخلاصة بعد البناء
على تعدد حماد بن عثمان ذكر في عنوان العرازي: أن أخاه عبد الله أخذا من
النجاشي، (4) وفي عنوان الناب ذكر [أن] أخاه الحسين وجعفر أخذا من كلام
حمدويه. (5)
هذا، وظاهر ما مر من عبارة الكشي، (6) والشيخ في الفهرست (7) وفي الرجال، في
باب أصحاب الرضا (عليه السلام)، (8) والعلامة، أن الناب: من باب الألقاب، (9) وهو مقتضى

1. في المصدر: ق، م، ضا، د (جخ، ست).
2. رجال ابن داود: 84 / 521.
3. رجال ابن داود: 84 / 522. وفيه: " الفزاري " بدلا عن العرازي.
4. خلاصة الأقوال: 56 / 4؛ رجال النجاشي: 143 / 371.
5. خلاصة الأقوال: 56 / 3 وفيها: " في عنوان الفرازي لا العرازي ".
6. رجال الكشي 2: 670 / 694.
7. الفهرست: 60 / 230.
8. رجال الشيخ: 371 / 1.
9. خلاصة الأقوال: 56 / 3.
234

صريح الشيخ في الرجال في باب أصحاب الكاظم (عليه السلام)، (1) وبه صرح ابن داود (2) بعد
تلويح كالتصريح، ومقتضى صريح الشيخ في الرجال في باب أصحاب
الصادق (عليه السلام) (3) أن اللقب هو ذو الناب، وهو مقتضى صريح الطريق المذكور للشيخ
إلى عبيد الله بن علي الحلبي في ترجمته، (4) إلا أن الظاهر أن لفظة " ذو الناب " في
الطريق من كلام بعض رجال الطريق، لا من كلام الشيخ.
وعن بعض تعليقات الخلاصة: أن الناب من حد الموصل إلى حد
العسكريين.
وعلى هذا لابد ان يكون حماد الناب من باب الإضافة بمعنى " في " نحو:
شهيد الدار، ولا مجال لكون الإضافة بمعنى " من " لاشتراط الإضافة بمعنى " من "
بكون المضاف بعضا من جنس المضاف إليه، نحو: خاتم فضة. لكن الكلام
المذكور مخالف لجميع الكلمات المتقدمة.
[في تعدد واتحاد حماد الناب والعرازي]
وبالجملة، مقتضى كلام النجاشي انحصار حماد بن عثمان في العرازي،
ومقتضى كلام الشيخ في الفهرست والرجال الانحصار في الناب، ومقتضى ما
صنعه العلامة وابن داود من تعدد العنوان اشتراك حماد بن عثمان بين العرازي
والناب، وهو مقتضى ما صنعه الفاضل الأسترآبادي، (5) والسيد السند التفرشي (6) من

1. رجال الشيخ: 346 / 2.
2. رجال ابن داود: 84 / 521.
3. رجال الشيخ: 173 / 139.
4. الفهرست: 106 / 465.
5. منهج المقال: 122.
6. نقد الرجال 2: 152 / 1665 و 1666.
235

تعدد العنوان، وجنح إليه العلامة البهبهاني، (1) وهو المحكي عن صاحب المعالم، (2)
بل نقله المولى التقي المجلسي عن أصحاب الرجال، (3) لكنه قد مال إلى الاتحاد.
ومال إليه بعض الأعلام في بعض تعليقات النجاشي تعليلا باتحاد سنة
الموت المذكور في كلام النجاشي في باب العرازي، وفي كلام الكشي في باب
الناب؛ حيث إن المذكور في كل منهما أن زمان الموت سنة تسعين ومائة. (4)
ويمكن القدح فيه بأنه يمكن أن يتفق موت شخصين متحدي الاسم في سنة
واحدة إلا أن يقال: إنه وإن أمكن ما ذكر، لكن ليس اللازم إفادة اتحاد سنة الموت
العلم باتحاد حماد بن عثمان. نعم، الظهور المزبور لا يتجه التعويل عليه ما لم
تيأت دفع منافياته عن أدلة القول بالتعدد، لكن ابتناء انتهاض الاستدلال على دفع
المانع بعد اقتضاء المقتضي قضية جارية في عموم الموارد.
[أدلة القول بالتعدد]
وقد يستدل على القول بالتعدد بوجوه:
أحدها: اختلاف الجد؛ حيث إن جد العرازي عمرو بن خالد على ما ذكره
النجاشي، وجد الناب زياد على ما يقتضيه كلام حمدويه.
ويمكن دفعه باحتمال أن يكون النسبة إلى زياد من باب النسبة إلى الجد
البعيد، ونظيره غير عزيز، فلا ينافي ذلك كون الجد القريب للناب هو عمرو بن
خالد، فلا يقضي اختلاف الجد باختلاف حماد بن عثمان.
ثانيها: اختلاف اللقب.

1. تعليقة الوحيد البهبهاني: 124.
2. منتقى الجمان 3: 432.
3. روضة المتقين 14: 48.
4. تعليقة الوحيد البهبهاني: 124.
236

ويندفع بأن مقتضاه الاتفاق على التلقب واللقب، مع أن النجاشي لم يذكر
لقبا رأسا، وكلام غيره دائر بين كون اللقب هو الناب أو ذو الناب، بل
الظاهر من سكوت النجاشي عن ذكر اللقب إنكار التلقب؛ قضية أن الظاهر
من ترك ذكر ما يتعلق بالمعنون في مقام استيفاء ما يتعلق به - كما هو حق
الترجمة - إنما هو انتفاء متروك الذكر؛ من باب ظهور السكوت في مقام
البيان في انتفاء المسكوت عنه. ومن هذا مفهوم البيان كما هو حديث
معروف، وقد حررناه في الأصول استنقاذا من كلماتهم. لكن الأكثر من
الأصولية لم يذكروا له عنوانا.
وإن قلت: إن النجاشي قد ذكر العرازي، وكلام غيره دائر في اللقب بين الناب
وذي الناب كما ذكر، فأصل الاختلاف في اللقب بلا ريب.
قلت: إن العرازي ليس من باب اللقب، بل إنما هو من باب النسبة، ويأتي
الاستدلال باختلاف النسبة.
ثالثها: اختلاف النسبة بالعرازي والرواسي، حيث إن المذكور في كلام
النجاشي إنما هو العرازي، والمذكور في كلام حمدويه إنما هو الرواسي.
ويندفع بأن النسبة في الرواسي من باب النسبة إلى البلد، كما يرشد إليه قول
صاحب القاموس: " والرواسي لحن، منه: عمر بن عبد الكريم الدهستاني
الرواسي ". (1)
والنسبة في العرازي من النسبة إلى الطائفة على ما يقتضيه قول النجاشي:
" مولاهم "، فلا دلالة في اختلاف النسبة على اختلاف حماد بن عثمان؛ قضية عدم
دلالة اختلاف النسبة مع اختلاف نوع المنسوب إليه على اختلاف المنسوب.
نعم، يتأتى الدلالة في صورة اتحاد نوع المنسوب إليه من البلد أو غيره.

1. القاموس المحيط 2: 226 (رأس). وفيه: " الرآسي " بدلا عن " الرواسي ".
237

نعم، يمكن القول بأن مقتضى كلام النجاشي أن بلد حماد بن عثمان هو
العرزم، ومقتضى كلام حمدويه أن بلده الرواس، فيتأتى اختلاف البلد المنسوب
إليه، ومقتضاه اختلاف المنسوب.
إلا أن يقال إنه يمكن أن يكون العرزم جزء الرواس وبالعكس، ولا دلالة في
اختلاف البلد المنسوب إليه بالعموم والخصوص على اختلاف المنسوب، فلم
يتجه الاستدلال باختلاف النسبة على التعدد.
ويمكن القول أيضا بأن المقصود بالعرازة البلد، وإضافة المولى إلى
ضمير الجمع باعتبار أهل البلد، فيتجه الاستدلال باختلاف النسبة على
التعدد.
لكنه يندفع - مضافا إلى ما يظهر مما سمعت في باب العرزم - بأنه
خلاف الظاهر، ونظيره غير مأنوس في كلمات أرباب الرجال، فضلا عما مر من
أن العرازة رأس حي من غطفان، كما يقتضيه كلام صاحب القاموس، (1) بل أهل
اللغة نقلا.
رابعها: اختلاف توصيف حماد بالعرازي في كلام النجاشي، (2) وكونه مولى
غني في كلام حمدويه. (3)
وفيه: أنه بناء على كون العرازة رأس حي من غطفان كما مر، وكون
الغني حيا من غطفان كما تقدم، فالتوصيف تارة بالمتبوع وأخرى بالتابع،
ولا دلالة في اختلاف التوصيف على ذلك على التعدد، كيف ولو كان
مطلق اختلاف التوصيف كاشفا عن التعدد، فهو - بعد وضوح فساده -
يستلزم تعدد حماد الناب أو ذي الناب؛ لتوصيفه في كلام الشيخ في باب

1. القاموس المحيط 4: 374 (غنى).
2. رجال النجاشي: 143 / 371.
3. خلاصة الأقوال: 56 / 3.
238

أصحاب الصادق (عليه السلام): بأنه مولى غني، (1) وفي باب أصحاب الكاظم (عليه السلام): بأنه مولى
الأزد. (2)
خامسها: اختلاف الأخ شخصا فضلا عن اختلافه وصفا بالوحدة والتعدد؛
حيث إن مقتضى كلام النجاشي أن أخا حماد بن عثمان عبد الله، ومقتضى كلام
حمدويه أن أخاه الحسين وجعفر.
ويضعف بأن مقتضى كلام النجاشي في ترجمة الحسين (3) وجعفر (4)
إنكار أخوتهما لحماد؛ لعدم ذكر الأخوة في ترجمتهما، ولا سيما مع أنه ذكر
في ترجمة جعفر أخوة الحسين له، فهذا يوهن أخوة الحسين وجعفر لحماد بن
عثمان كما في كلام حمدويه، فلم يثبت اختلاف الأخ، فلا يتم الاستدلال به على
التعدد.
فإذن نقول: إن المقام وإن كان للمقال فيه مجال، إلا أن الظاهر أن نقل
الإجماع على التصحيح من الكشي إنما كان في باب الملقب بالناب؛ قضية
أن الظاهر أنه كان مشهورا، بل يرشد إليه قول ابن داود: " يعرف بالناب "، (5)
فمن البعيد كمال البعد عدم اطلاع النجاشي على الناب مع كونه معروفا،
فضلا عن كونه مورد نقل الإجماع على التصحيح بعد كونه مغايرا للعرازي،
وكذا الحال في الإخلال بالذكر، بل الأمر فيه أدهى وأمر، فالظاهر اتحاد حماد بن
عثمان
لكن نقول: إنه إنما يتم التمسك بذلك بناء على اتحاد العنوان في كلام

1. رجال الشيخ: 173 / 139.
2. رجال الشيخ: 346 / 2.
3. انظر رجال النجاشي: 53 / 119.
4. انظر رجال النجاشي: 124 / 320.
5. رجال ابن داود: 84 / 521.
239

الكشي، وإلا فلا مجال للتمسك بذلك، إلا أن يقال: الظاهر اتحاد العنوان في كلام
الكشي، بل الظاهر انطباق أكثر نسخ الكشي غير نسخة واحدة على اتحاد العنوان،
وفيه الكفاية في البناء على اتحاد العنوان في كلام الكشي، وأيضا اتحاد زمان
موت العرازي والناب - كما يظهر مما مر - مظهر عن اتحاد حماد بن عثمان.
240

تنبيهات
[التنبيه] الأول
[ثمرة النزاع في الاتحاد والتعدد]
أنه تظهر ثمرة الاختلاف في الاتحاد والتعدد في صحة حديث حماد بن
عثمان؛ حيث إنه يصح الحديث بناء على اتحاد حماد بن عثمان في الناب، وأما
بناء على الاتحاد في العرازي فلا يتأتى الصحة بناء على كون المقصود
بأبي العباس هو ابن عقدة، واعتبار حسن المذهب في اعتبار التوثيق.
وكذا الحال بناء على التعدد؛ لعدم ثبوت المميز لكون المقصود بحماد بن
عثمان هو العرازي أو الناب بناء على كون المقصود بأبي العباس هو ابن عقدة
واعتبار حسن المذهب في اعتبار التوثيق أيضا، وإلا فلا تظهر الثمرة في صحة
الحديث بناء على عدم كون المقصود بأبي العباس هو ابن نوح، أو عدم اعتبار
حسن المذهب في اعتبار التوثيق.
لكن تظهر الثمرة في جبر ضعف من تقدم على القول بالجبر؛ حيث إنه يتأتى
الجبر على تقدير اتحاد حماد بن عثمان في الناب، وأما على تقدير الاتحاد في
العرازي فلا يتأتى الجبر.
وكذا الحال على تقدير التعدد؛ لعدم ثبوت المميز، والظاهر أن المصير إلى
241

الجبر من السيد السند العلي في الرياض وغيره من باب عدم التفطن بالكلام في
الاتحاد والتعدد، إلا أن يقال: مورد نقل الإجماع على التصحيح اشتهاره كما مر،
فلا بأس بالمصير إلى الجبر على القول بالجبر.
[التنبيه] الثاني
[في الحسين بن عثمان]
أنه قد عنون في الخلاصة الحسين بن عثمان بن شريك بن عدي العامري
الوحيدي، ثم قال: " الكشي عن حمدويه: أن الحسين بن عثمان خير، فاضل،
ثقة ". (1)
وأنت خبير بأن ما نقله عن الكشي عن حمدويه إنما يستفاد مما تقدم نقله
عن الكشي عن حمدويه، لكن ما يستفاد منه إنما هو في باب الحسين بن زياد
الرواسي، (2) وأين هذا من الحسين بن عثمان بن شريك بن عدي؟! اللهم إلا أن
يكون زياد هو الجد الأعلى المتقدم على عدي، لكن حمل كلام العلامة على
الاشتباه أقرب من ارتكاب خلاف الظاهر في باب زياد بكونه هو الجد الأعلى؛
لكثرة اشتباهات الخلاصة، وقد استوفيناها في الرسالة المعمولة في النجاشي.
هذا، وقد يروي الحسين بن عثمان، عن ابن مسكان كما في بعض روايات
الاستبصار، (3) والحسين هو ابن أبي العلاء، أو ابن عثمان كما ذكره المحقق الشيخ
محمد، لكن عن السيد الداماد أن الظاهر أنه ابن عثمان؛ لأنه الذي يروي عن
أبي عبد الله مع الواسطة، وابن أبي العلاء يروى عنه (عليه السلام) بلا واسطة.

1. خلاصة الأقوال: 51 / 15.
2. رجال الكشي 2: 670 / 694.
3. الاستبصار 1: 162، ح 563، باب الجنب إذا تيمم وصلى هل تجب عليه الإعادة أم لا.
242

[التنبيه] الثالث
[في ملاقاة إبراهيم بن هاشم لحماد بن عثمان]
أنه قال الصدوق في مشيخة الفقيه:
وما كان فيه من وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لابنه محمد بن الحنفية فقد رويته
عن أبي، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى،
عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، ويغلط أكثر الناس في هذا الاسناد
فيجعلون مكان حماد بن عيسى حماد بن عثمان وإبراهيم بن هاشم
لم يلق حماد بن عثمان، وإنما لقي حماد بن عيسى وروى عنه. (1)
ووافقه العلامة في التغليط في الفائدة التاسعة من الفوائد المرسومة في آخر
الخلاصة في قوله:
إذا ورد عليك الإسناد من إبراهيم بن هاشم إلى حماد، فلا تتوهم أنه
حماد بن عثمان، فإن إبراهيم بن هاشم لم يلق حماد بن عثمان وإنما لقي
حماد بن عيسى وروى عنه. (2)
وكذا ابن داود في بعض التنبيهات المرسومة في آخر كتابه في قوله:
إذا ورد عليك الإسناد من إبراهيم بن هاشم إلى حماد، فلا تتوهم
أنه حماد بن عثمان، فإن إبراهيم بن هاشم لم يلق حماد بن عثمان، بل
حماد بن عيسى. (3)
وعلى ذلك المجرى جرى في المنتقى؛ حيث إنه بعد ما ذكر ما رواه الكليني
عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عثمان عن حريز، عن زرارة

1. الفقيه 4: 125 من المشيخة.
2. خلاصة الأقوال: 281، الفائدة التاسعة.
3. رجال ابن داود: 307 / 4.
243

ومحمد بن مسلم قالا: قلنا لأبى جعفر (عليه السلام) العمامة للميت من الكفن؟ قال: " لا، إنما
الكفن المفروض ثلاثة أثواب " إلى آخر الحديث، (1) قال:
قلت: ذكر العلامة في الخلاصة أن جماعة يغلطون في الإسناد من
إبراهيم بن هاشم إلى حماد بن عيسى فيتوهمونه حماد بن عثمان
وإبراهيم بن هاشم لم يلق حماد بن عثمان. (2) ونبه على هذا غير العلامة
أيضا من أصحاب الرجال، (3) والاعتبار شاهد به. وقد وقع هذا الغلط في
أسناد هذا الخبر على ما وجدته في نسختين عندي. (4)
أقول: إنه روى الكليني في باب من يحل له أن يأخذ من الزكاة ومن لا يحل له
ومن له المال القليل من كتاب الزكاة، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن
عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله، قال: قلت له: ما يعطى المصدق، قال: " ما
يرى الإمام ولا يقدر له شيء ". (5)
وروى في باب الوصية من كتاب الحج، عن علي، عن أبيه، عن حماد بن
عثمان، عن حريز، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: " إذا أصبحت فاصحب
نحوك، ولا تصحبن من يكفيك، فإن ذلك مذلة للمؤمن ". (6)
فقد وقع رواية إبراهيم بن هاشم عن حماد بن عثمان في ثلاثة أسانيد: هذين
السندين، والسند المتقدم.
وحمل الكل على الغلط بعيد، بل قد وقع رواية إبراهيم بن هاشم، عن

1. الكافي 3: 144، ح 5، باب تحنيط الميت وتكفينه.
2. خلاصة الأقوال: 281، الفائدة التاسعة.
3. كابن داود في رجاله: 307 / 4، وانظر هداية المحدثين: 50.
4. انتهى كلام منتقى الجمان 1: 261، باب التكفين والتحنيط.
5. الكافي 3: 563، ح 13، باب من يحل له أن يأخذ الزكاة ومن لا يحل له ومن له المال القليل. وفيه:
" ابن أبي عمير متوسط بين أبيه وحماد بن عثمان ".
6. الكافي 4: 286، ح 6، باب الوصية.
244

حماد بن عثمان في موارد أخرى أيضا:
كما رواه في التهذيب في كتاب الزكاة في باب تعجيل الزكاة وتأخيرها، عن
الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد ابن عثمان، عن حريز، عن
أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام). (1)
وما رواه في التهذيب في كتاب الحج أواخر باب الخروج إلى الصفا، عن
الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن
أبي عبد الله (عليه السلام). (2)
وما رواه في التهذيب في كتاب الحج في باب صفة الإحرام، عن الكليني، عن
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (3)
لكن يضعف الاستناد إلى رواية إبراهيم بن هاشم، عن حماد بن عثمان في
هذه الأسانيد بأن المذكور في الكافي في السند الأول - والكافي هو الأصل في
الرواية - هو حماد بن عيسى. والمذكور في السند الثاني في الكافي هو رواية
إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي. وأما الثالث فقد
حكي اختلاف نسخ الكافي في باب السند، فعن بعض النسخ رواية إبراهيم بن
هاشم، عن حماد بن عثمان، عن ابن أبي عمير، عن حماد كما في السند الثاني
على ما في الكافي، وإن كان في بعض النسخ - كما عن بعض النسخ - رواية
إبراهيم بن هاشم، عن حماد بن عثمان.
وبعد هذا أقول: إنه قد وقع في جملة من الأسانيد رواية إبراهيم بن هاشم،
عن حماد، عن الحلبي، والمقصود بحماد هو حماد بن عثمان بملاحظة اتفاق
حماد بن عثمان راويا عن عبيد الله بن علي الحلبي في الطريق المذكور لا يستلزم

1. تهذيب الأحكام 4: 47، ح 123، باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من الأوقاف.
2. تهذيب الأحكام 5: 162، ح 543، باب الخروج إلى الصفا.
3. تهذيب الأحكام 5: 93، ح 306، باب صفة الإحرام.
245

انحصار حماد الراوي عن الحلبي في حماد بن عثمان، إلا أنه يندفع بأن منع
الاستلزام وإن كان في محله، لكن وقوع حماد بن عثمان راويا عن الحلبي في
الطريق المذكور يوجب ظهور حماد في الرواية عن الحلبي مطلقا في حماد بن
عثمان من باب حمل المطلق في الأسانيد على المقيد.
إلا أن يقال: إن السيد السند التفرشي قد ذكر: أن الحلبي يطلق على محمد بن
علي بن أبي شعبة، وعلى إخوته: عبيد الله، وعمران، وعبد الأعلى، وعلى أبيهم
علي بن أبي شعبة، وفي الأول، ثم الثاني أشهر. (1)
ومقتضاه أن الظاهر من الحلبي: هو محمد بن علي بن أبي شعبة، فوقوع
حماد بن عثمان راويا عن عبيد الله لا يوجب ظهور " حماد " في حماد بن عثمان في
رواية حماد بقول مطلق عن الحلبي بقول مطلق؛ لفرض ظهور الحلبي بقول مطلق
في محمد بن علي بن أبي شعبة، بناء على ما ذكره السيد السند المشار إليه من كون
الحلبي في محمد بن علي بن أبي شعبة أشهر منه في غيره، وبملاحظة اتفاق
رواية حماد بن عثمان عن الحلبي في طائفة من الأسانيد.
كما رواه في الكافي في كتاب المعيشة في باب من كد على عياله، عن علي بن
إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي. (2)
وما رواه الكليني في كتاب النكاح في باب التزويج بغير ولي، عن أبيه
ومحمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن
عثمان، عن الحلبي. (3)
وما رواه في باب " المرأة تولي أمرها رجلا ليزوجها من أحد فزوجها من

1. نقد الرجال 5: 276 / 6408. وفيه: " وأحمد بن عمر بن أبي شعبة وأبيه عمر بن أبي شعبة وأحمد بن
عمران، وفي الأول ثم في الثاني أشهر " عوضا عن " وفي الأول ثم الثاني أشهر ".
2. الكافي 5: 88، ح 1، باب من كد على عياله.
3. الكافي 5: 392، ح 5، باب التزويج بغير ولي. وفيه: " محمد بن يحيى " بدلا عن محمد بن عيسى.
246

غيره "، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان،
عن الحلبي. (1)
وقد روى في الباب المذكور رواية أخرى بالسند المذكور. (2)
وما رواه في التهذيب في كتاب الحج في باب صفة الإحرام، عن الكليني،
عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن
أبي عبد الله (عليه السلام). (3) إلا أن يقال: إنه قد اتفق رواية حماد بن عيسى، عن الحلبي
في باب بناء مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) من كتاب الصلاة؛ حيث روى الكليني، عن علي بن
إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عيسى، عن الحلبي، عن
أبي عبد الله (عليه السلام). (4)
لكنه يندفع بأن تقييد حماد بابن عيسى في هذه الرواية لا يرفع ظهور إطلاق
حماد في حماد بن عثمان؛ لغلبة التقييد ب‍ " ابن عثمان ".
وبعد هذا أقول: إنه لو أمكن رواية إبراهيم بن هاشم، عن حماد بن عيسى
فيمكن روايته عن حماد بن عثمان أيضا، كيف وقد روى كل من حماد بن عيسى،
وحماد بن عثمان الخبر المشهور: " الماء كله طاهر حتى تعلم أنه قذر " عن
أبي عبد الله (عليه السلام)، على ما رواه في التهذيب في باب المياه وأحكامها، (5) مع أن
حماد بن عيسى جعله الشيخ في الرجال من أصحاب مولانا الصادق والكاظم (عليهما السلام)، (6)

1. الكافي 5: 397، ح 1، باب المرأة تولي أمرها رجلا ليزوجها من رجل فزوجها من غيره.
2. الكافي 5: 397، ح 1، باب المرأة تولي أمرها رجلا ليزوجها من رجل فزوجها من غيره.
3. تهذيب الأحكام 5: 93، ح 306، باب صفة الإحرام.
4. الكافي 3: 296، ح 2، باب بناء المسجد النبي (صلى الله عليه وآله).
5. تهذيب الأحكام 1: 216، ح 621، عن حماد بن عثمان؛ وص 215، ح 619، عن حماد بن عيسى،
باب المياه وأحكامها. وانظر الوسائل 1: 100، أبواب الماء المطلق، باب 1، ح 5 وذيله.
6. رجال الشيخ: 174 / 152، وص 346 / 1.
247

وفي الخلاصة: " أنه روى، عن أبي عبد الله، وأبي الحسن، والرضا (عليهم السلام)، ومات في
حياة أبي جعفر الثاني، لكن قال: لم يحفظ عنه رواية عن الرضا، ولا عن
أبي جعفر (عليهما السلام) "، (1) وأما حماد بن عثمان فقد جعله الشيخ في الرجال: من باب
أصحاب مولانا الصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام). (2)
[في وفاة حماد بن عثمان وابن عيسى]
وبعد هذا أقول: إن وفاة حماد بن عثمان - على ما ذكره النجاشي - في سنة
تسعين ومائة كما تقدم، (3) ونقله الكشي عن حمدويه كما تقدم (4) أيضا، بناء على
اتحاد حماد بن عثمان، ووفاة مولانا الكاظم (عليه السلام) في شهر رجب منه ثلاث وثمانين
ومائة كما في الكافي، (5) أو إحدى وثمانين ومائة كما عن قائل، (6) فقد أدرك حماد بن
عثمان من زمان مولانا الرضا (عليه السلام) سبع سنين، أو تسع سنين. والشيخ ذكر
إبراهيم بن هاشم من أصحاب الرضا (عليه السلام)، (7) فلا بأس بملاقاة إبراهيم بن هاشم
لحماد بن عثمان. نعم، عن قائل: إن وفاة مولانا الكاظم في سنة ست وثمانين
ومائة، (8) فقد أدرك حماد بن عثمان من زمان مولانا الرضا (عليه السلام) أربع سنين، ولا مجال
على هذا لملاقاة إبراهيم بن هاشم لحماد بن عثمان.

1. خلاصة الأقوال: 56 / 2.
2. رجال الشيخ: 173 / 139 و 346 / 2 و 371 / 1.
3. رجال النجاشي: 143 / 371.
4. رجال الكشي 2: 670 / 694.
5. الكافي 1: 476، باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)؛ والإرشاد 2: 215.
6. حكاه في البحار 48: 207، ح 6، باب أحواله في الحبس إلى شهادته، عن الدروس 2: 13.
7. الفهرست: 4 / 6.
8. حكاه عن قائل عن ابن شهرآشوب المجلسي في مرآة العقول 6: 36.
248

وبعد هذا أقول: إن وفاة حماد بن عيسى في سنة تسع ومائتين على ما ذكره
الكشي (1) والنجاشي، (2) وإن ينافيه ما ذكره الكشي قبيل ذلك: من أنه عاش إلى وقت
الرضا (عليه السلام). (3) وقد حررناه عند ذكر أغاليط الكشي في الرسالة المعمولة في باب
النجاشي. وحكى النجاشي عن قائل: " إنه توفي في سنة ثمانين ومائتين " (4) وقبض
مولانا الرضا (عليه السلام) في سنة ثلاث ومائتين على ما ذكره في الكافي؛ قال: " وقد اختلف
في تاريخه، إلا أن هذا التاريخ هو أقصد " (5) أي: أقرب إلى الحق والعدل
والصواب، كما ذكره العلامة المجلسي بخطه الشريف في الحاشية، (6) فقد أدرك
حماد بن عيسى خمسا، أو ستا من أيام مولانا الجواد (عليه السلام). فغاية الأمر تقدم وفاة
حماد بن عثمان على وفاة حماد بن عيسى المسبوق ذكره بثمان عشر، أو تسع
عشر، وهذا لا يمانع عن ملاقاة إبراهيم بن هاشم لحماد بن عثمان، فلا يوجب
تعيين حماد الذي يروي عنه إبراهيم بن هاشم في حماد بن عيسى.
وبعد هذا أقول: إنه روى الشيخ في الاستبصار في باب ما يجوز شهادة
النساء فيه ومالا يجوز، بالإسناد عن حماد بن عيسى، عن حماد بن عثمان، عن
أبي عبد الله (عليه السلام)، (7) فلو ثبت اللقاء بين الحمادين، فلو أمكن رواية إبراهيم بن
هاشم عن حماد بن عيسى، فيمكن روايته عن حماد بن عثمان، وهذا أوجه وجه
مما سبق أو لحق.
لكن نقول: إنه يتطرق الفتور على السند المذكور بخلوه في التهذيب عن

1. رجال الكشي 2: 605 / 572.
2. رجال النجاشي: 142 / 370.
3. رجال الكشي 2: 605 / 572.
4. رجال النجاشي: 142 / 370.
5. الكافي 1: 486، باب مولد أبي الحسن الرضا (عليه السلام).
6. مرآة العقول 6: 72، باب مولد أبي الحسن الرضا (عليه السلام).
7. الاستبصار 3: 30، ح 96، باب ما يجوز شهادة النساء فيه وما لا يجوز.
249

حماد بن عثمان. (1)
إلا أن يقال: إن الزيادة مقدمة على النقيصة، فالظاهر صحة ما في الاستبصار،
إلا أن يقال: إنه يؤيد النقيصة عدم اتفاق رواية حماد بن عيسى عن حماد بن
عثمان في سائر الأخبار، ومن البعيد غاية البعد انحصار رواية شخص عن شخص
في رواية واحدة.
إلا أن يقال: إن المولى التقي المجلسي قد ضبط من روى رواية أو روايتين
في جمع كثير، فلا استبعاد في انحصار رواية حماد بن عيسى عن حماد بن عثمان
في رواية واحدة.
إلا أن يقال: إن الضبط إنما هو بالنسبة إلى من روى عنه في الفقيه رواية أو
روايتين لا مطلقا، ولا استبعاد في ذلك. وأما رواية حماد بن عيسى عن حماد بن
عثمان، فالظاهر أنه لم يتفق في غير الرواية المذكورة رأسا وفيه استبعاد شديد، إلا
أن يقال: إن حماد بن عثمان قليل الرواية، كما يرشد إليه ما رواه الكشي عنه من أنه
قال: " سمعت عن أبي عبد الله (عليه السلام) سبعين حديثا، فلم أزل أدخل الشك على نفسي
حتى اقتصرت على العشرين ". (2)
وبعد هذا أقول: إنه روى الشيخ في باب الزيادات في آخر كتاب الزكاة، عن
عن الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه: [عن حماد عن حريز عن محمد بن
مسلم]، (3) قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صدقات أهل الذمة، وما يؤخذ من
جزيتهم، من ثمن خمورهم، ولحم خنازيرهم، وميتتهم. قال: " عليهم الجزية في

1. انظر تهذيب الأحكام 4: 180، ح 498، باب علامة أول شهر رمضان وآخره.
2. رجال الكشي 2: 604 / 571. وانظر رجال النجاشي: 142 / 370.
3. ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر، إلا أن في الطبعة الحجرية من تهذيب الأحكام 1: 256 ذكر
السند بدون ما بين المعقوفين وفي هامشها ذكر الواسطة عن نسخة. انظر منتهى المقال 1: 217.
250

أموالهم، يؤخذ منهم من ثمن لحم الخنزير أو خمر " إلى آخر الحديث. (1)
وقد تقدم أن الشيخ عد حماد بن عثمان من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام) (2)
فلا بأس برواية إبراهيم بن هاشم عن حماد بن عثمان.
لكن نقول: إنه قد تمانع الشهيد الثاني - في حاشية التهذيب نقلا - عن رواية
إبراهيم بن هاشم عن الصادق (عليه السلام)، وحكم بأن الخبر المذكور من باب المرسل؛
تعليلا بأن إبراهيم بن هاشم ذكروا أنه لقي الرضا (عليه السلام)، وهو تلميذ يونس بن عبد
الرحمن، ويونس من أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام)، وأنه روى إبراهيم بن هاشم
في الباب المذكور قال: " كنت عند أبي جعفر الثاني (عليه السلام) إذ دخل عليه صالح بن
سهل " إلى آخره، (3) فروايته عن الصادق (عليه السلام) لا يخلو عن البعد، (4) ووافقه الفاضل
التستري في حاشية التهذيب.
لكنه يندفع بما ذكره السيد الداماد من عدم تطرق احتمال الإرسال فيما
لو قال الراوي: " سألته عن كذا " نعم، يتأتى الإرسال لو كان عن أبيه، عن
أبي عبد الله (عليه السلام)، مع أن أبا عبد الله (عليه السلام) إنما توفي في سنة ثمان وأربعين ومائة، (5)
وهي بعينها سنة ولادة مولانا الرضا (عليه السلام)، وقبض مولانا الرضا (عليه السلام) بطوس في سنة
ثلاث ومائتين، (6) ومولانا الجواد إذ ذاك ابن تسع سنين، فيمكن أن يكون
لإبراهيم بن هاشم - إذ يروي عن مولانا الصادق (عليه السلام) - عشرون سنة، ثم بقي إلى

1. تهذيب الأحكام 4: 135، ح 379، زيادات باب الجزية.
2. رجال الشيخ: 173 / 139 و 346 / 2.
3. الكافي 1: 548، ح 27، باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس...؛ تهذيب الأحكام 4: 140، ح 397؛
الاستبصار 2: 60، ح 197.
4. حكاه عنه الحائري في منتهى المقال 1: 217 / 92.
5. انظر إعلام الورى في أعلام الهدى 1: 514، فصل في ذكر تاريخ مولده و....
6. انظر إعلام الورى في أعلام الهدى 2: 41، فصل في مولده ومبلغ سنه.
251

زمان الجواد (عليه السلام) وروى عنه. (1)
إلا أن يقال: إنه لا بأس بسقوط الواسطة وتطرق الإرسال فيما لو قال الراوي:
" سألته عن كذا " بلا إشكال، وما ذكره في تصحيح الأسناد وإن يوجب إمكان
الإسناد، لكن الظاهر - بل بلا اشكال - أنه لم يقع رواية إبراهيم بن هاشم عن
الصادق (عليه السلام) بلا واسطة في غير الرواية المذكورة، وإنما الواقع الرواية بواسطتين أو
ثلاث وسائط، والظاهر تطرق الإرسال، وفيه الكفاية.
بل لو كان إبراهيم بن هاشم من أصحاب الصادق (عليه السلام) لأكثر في الرواية
عنه، كما أكثر سائر أصحابه (عليه السلام) في الرواية عنه، فعدم إكثار إبراهيم بن
هاشم في الرواية عن الصادق (عليه السلام) - مع قطع النظر عن عدم روايته عنه - يرشد إلى
الإرسال.
ومع هذا، الرواية مذكورة في الكافي بالإسناد عن علي بن إبراهيم،
عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم قال: " سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) ". (2) وذكر الرواية في التهذيب في باب الجزية قبل ذلك بالاسناد عن
علي بن إبراهيم، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم قال:
" سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ". (3)
وعن غير واحد من النسخ كون الإسناد في الباب المتقدم على ما ذكر من
رواية إبراهيم بن هاشم عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم؛
وإن كان الرواية في بعض النسخ - كما عن غير واحد من النسخ - على الوجه
المتقدم.

1. انتهى كلام الرواشح السماوية: 50، الراشحة الرابعة.
2. الكافي 3: 568، ح 5، باب صدقة أهل الجزية.
3. تهذيب الأحكام 4: 113، ح 333، باب الجزية.
252

[التنبيه] الرابع
[في رواية الحسين بن سعيد عن حماد بن عثمان]
أنه روى الشيخ في التهذيب في باب حكم الجنابة وصفة الطهارة بالإسناد عن
الحسين بن سعيد، عن حماد بن عثمان، عن أديم بن الحر قال: سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، عليها غسل؟ قال: " نعم،
ولا تحدثونهن فيتخذنه علة ". (1)
ورواه في الاستبصار في باب أن المرأة إذا أنزلت وجب عليها الغسل في النوم
واليقظة وعلى كل حال. (2)
وقد حكم في المنتقى: بأن المعهود المتكرر في الأسانيد رواية الحسين بن
سعيد، عن حماد بن عثمان، بواسطة ابن أبي عمير غالبا، قال: " ولكن وجدت
ترك الواسطة في غير هذا الإسناد على قلة وندور "، وقال في الحاشية: " وقع ذلك
في حديث نذر الإحرام من غير المتعارف في كتاب الحج ". (3)
وذكر المحقق الشيخ محمد في تعليقات الاستبصار: أن رواية الحسين بن
سعيد، عن حماد بن عثمان من غير واسطة قليلة جدا، إلا أنه واقع في غير هذا
السند أيضا، والواسطة في الغالب ابن أبي عمير وفضالة، واللقاء محتمل، إلا أن
بعض الممارسين في أحوال الرجال قال: إن احتمال سقوط الواسطة سهوا أقرب
في الاختيار.

1. تهذيب الأحكام 1: 121، ح 319، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها.
2. الاستبصار 1: 105، ح 2، باب أن المرأة إذا أنزلت وجب عليها الغسل في النوم واليقضه وعلى كل
حال.
3. منتقى الجمان 1: 175.
253

[التنبيه] الخامس
[في صحة رواية حماد بن عثمان عمن رواه]
أنه قد حكم صاحب المعالم نقلا بصحة ما رواه في التهذيب عن حماد بن
عثمان عمن رواه، والظاهر أنه مبني على نقل الإجماع على التصحيح من الكشي
بعد البناء على اتحاد حماد بن عثمان أو انصرافه إلى الناب؛ لكنك خبير بما فيه
من الخروج عن الاصطلاح.
ونظيره ما ذكره العلامة في الخلاصة في الفائدة الثامنة من الفوائد المرسومة
في آخرها: من أن طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري صحيح - وإن كان في
طريقه أبان بن عثمان بن عيسى، وهو واقفي -؛ (1) حيث إن الظاهر أن تصحيح
الطريق المذكور باعتبار نقل الإجماع على التصحيح من بعض على ما نقله الكشي
في حق عثمان بن عيسى. (2)
وكذا ما ذكره الشهيد في المسالك عند الكلام في حلية الغراب وعدمها
" وفي طريق الرواية أبان، وهو مشترك بين جماعة، منهم أبان بن عثمان،
والأظهر أنه هو، وكان ناووسيا، إلا أن العصابة أجمعت على تصحيح
ما يصح عنه ". (3)
وكذا ما ذكره العلامة الخوانساري في شرح قول المصنف: " والمستعمل في
الاستنجاء طاهر ما لم يتغير أو يلاقه نجاسة أخرى " من قوله:
ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب في الصحيح، عن محمد بن النعمان،

1. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة. وفي آخر العبارة: " وهو فطحي " بدلا عن " وهو واقفي ".
2. رجال الكشي 2: 507 / 431، وص 673 / 705، وص 830 / 1050.
3. مسالك الأفهام 12: 39 عند الكلام في حلية الغراب وعدمها.
254

عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وقال في الحاشية: في طريق هذه الرواية أبان وهو
ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه؛ فلذا حكمنا عليه
بالصحة. (1)
وإن يحتمل كون الغرض من الصحة في قوله: " في الصحيح " هو الصحة
باعتبار بعض أجزاء السند، أعني من تقدم على محمد بن النعمان، بل هو الظاهر
كما يظهر مما يأتي؛ لكنه حكم بصحة الرواية في قوله: " فلذا حكمنا عليها
بالصحة ".
إلا أن يكون الضمير راجعا إلى الطريق؛ لأنه يذكر ويؤنث في لغة الحجاز،
لكن الظاهر - بل بلا إشكال - أن حال البعض لا يتخلف عن حال الكل بالنسبة إلى
أجزاء البعض.
ومن هذا ما مر من خروج العلامة عن الاصطلاح في تصحيح طريق الصدوق
إلى أبي مريم الأنصاري، (2) فلا مجال للحكم بصحة ما تقدم من السند على
محمد بن النعمان مع اشتماله على أبان.
وكذا ما ذكره صاحب الحدائق عند الكلام في جواز المسح على الحائل
للضرورة من صحة رواية أبي الورد (3) مع أنه غير مصرح بالتوثيق لسبق حماد بن
عثمان، مع كونه من أهل إجماع العصابة. (4)
بل قد ذكر السيد الداماد في الرواشح موارد أخرى للخروج عن الاصطلاح،

1. مشارق الشموس في شرح الدروس: 252.
2. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
3. تهذيب الأحكام 1: 362، ح 1092، باب صفة الوضوء والفرض منه؛ الاستبصار 1: 76، ح 236،
باب المسح على الرأس وعليه الحناء؛ الوسائل 1: 322، أبواب الوضوء، باب 38، ح 5.
4. الحدائق الناضرة 2: 310.
255

كما في المختلف (1) في مسألة ظهور فسق إمام الجماعة: من أن حديث عبد الله بن
بكير صحيح مع أنه فطحي؛ استنادا إلى الإجماع المذكور. (2)
قوله: " فطحي " لم يقل أحد بكونه فطحيا حتى نفسه في الخلاصة في ترجمته
أبان؛ إذ المذكور في ترجمته أنه من الناووسية. (3) نعم، جرى على القول بكونه
فطحيا في المنتهى في بحث صلاة العيدين، كما أنه ذكر في المنتهى في بحث
الحلق والتقصير: أنه واقفي. (4)
وكل منهما فاسد، إلا أنه ربما احتمل كون المقصود بالوقف هو الوقف على
أحد الأئمة، فيدخل في الناووسية؛ لأنهم كانوا يقفون على الصادق (عليه السلام)؛ لكنه
خلاف الظاهر قطعا.
وكذا ما في شرح الإرشاد للشهيد الأول، في كتاب الحج في مسألة تكرر
الكفارة بتكرر الصيد عمدا أو سهوا، من التعليل برواية ابن أبي عمير في الصحيح
عن أصحابه، عن الصادق (عليه السلام). (5)
وكذا ما في المسالك في مبحث الارتداد، من التعليل بصحيحة الحسن بن
محبوب، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام). (6)
وقد ذكر شيخنا البهائي في مبادئ مشرقه ما سمعت من المختلف والمسالك
في شرح ما اتفق فيه الخروج عن الاصطلاح. (7)
لكنك خبير بأن مدار تعليل الشهيدين على إطلاق الصحة على الخبر باعتبار

1. مختلف الشيعة 2: 497، المسألة 357.
2. الرواشح السماوية: 47، الراشحة الثالثة.
3. خلاصة الأقوال: 21 / 3.
4. منتهى المطلب 2: 763.
5. غاية المراد في شرح الإرشاد 1: 413.
6. مسالك الأفهام: 358.
7. مشرق الشمسين (ضمن الحبل المتين): 269.
256

بعض أجزاء السند كما في المسالك، (1) أو على بعض أجزاء السند كما هو ظاهر
شرح الإرشاد؛ (2) لتذكير " الصحيح " بعد ذكر الرواية، إذ لو كان الغرض صحة
الرواية، كان المناسب التأنيث، ولا يناسب كون التذكير باعتبار كون الموصوف
المحذوف هو الخبر بعد سبق الرواية، والغرض الصحة إلى ابن أبي عمير
والحسن بن محبوب، وإطلاق الصحة على الخبر شائع باعتبار بعض أجزاء
السند، كما فيما يقال: " في صحيح زرارة " أو " في الصحيح عن زرارة ".
وكذا قول العلامة في الخلاصة في شرح حال طرق الفقيه: " وعن زرعة،
صحيح وإن كان زرعة فاسد المذهب إلا أنه ثقة ". (3)
ومن هذا الباب إطلاق الصحيح على الطريق، كطريق الصدوق في الفقيه،
وطريق الشيخ في التهذيب والاستبصار، كما اتفق للعلامة وغيره شرح حال الطرق
المذكورة؛ (4) إذ الطريق بعض أجزاء السند.
لكن احتمال إطلاق الصحة على الخبر باعتبار بعض أجزاء السند بعيد، بل
غير جار في باب الطريق ولا دلالة في شيء من التعليلين من الشهيدين على
انجبار ضعف الإرسال؛ لوجود ابن أبي عمير والحسن بن محبوب، وصحة الخبر
أو السند.
وعلى المنوال المذكور حال المختلف؛ لأنه قال: " وما رواه فضالة في الصحيح
عن عبد الله بن بكير، ثم ذكر أن عبد الله بن بكير وإن كان فطحيا إلا أنه ثقة
للإجماع المنقول في كلام الكشي ". (5)

1. مسالك الأفهام 12: 39.
2. غاية المراد في شرح الإرشاد 1: 413.
3. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
4. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
5. مختلف الشيعة 2: 497، المسألة 357.
257

فمقتضى الكلام المذكور هو صحته إلى عبد الله بن بكير لا صحة الخبر أو
تمام السند، فالمرجع إلى إطلاق الصحة على بعض أجزاء السند، أو على الخبر
باعتبار بعض أجزاء السند.
ومنشأ خيال الخروج عن الاصطلاح من السيد الداماد، وشيخنا البهائي
بالنسبة إلى الموارد المذكورة كلا أو بعضا كلام الشهيد في الدراية، وهو قد ذكر:
أنهم قالوا كثيرا: " روى ابن أبي عمير في الصحيح عن بعض أصحابه " مع
كون الرواية مرسلة، قال: ومثله وقع لهم في المقطوع كذلك، وأنهم
قالوا: " في صحيحة فلان " مع كون فلان غير إمامي، وأنه قال في الخلاصة
وغيرها: إن طريق الفقيه إلى معاوية بن ميسرة، وإلى عائذ الأحمسي،
وإلى خالد [بن] نجيح، وإلى عبد الأعلى مولى آل سام صحيحة مع أن
الثلاثة الأول لم ينص عليهم بتوثيق ولا غيره، قال: وكذلك نقلوا
الإجماع على تصحيح ما يصح عن أبان بن عثمان مع كونه فطحيا (1). (2)
ويظهر الكلام فيما ذكره - من قولهم: " روى ابن أبي عمير في الصحيح عن
بعض أصحابه " أو " في صحيحة فلان مع كون الفلان غير إمامي " وكلام العلامة في
الخلاصة - بما مر.
قوله: " ومثله وقع لهم في المقطوع كذلك " يعني أنهم قالوا كثيرا: في صحيح
ابن أبي عمير قال: مع كون المدار في الصحيح على ما نقل السنة ورجوع القول
هنا إلى ابن أبي عمير وكون المقال مقالته. لكن عهدته عليه وعليه الإثبات.
قوله: " وكذلك نقلوا الإجماع على تصحيح ما يصح عن أبان بن عثمان مع
كونه فطحيا "، قال شيخنا البهائي بخطه في الحاشية: ولذلك نقلوا الإجماع على
تصحيح ما يصح عن عبد الله بن بكير، وقد عد العلامة فيما لو ظهر فسق الإمام

1. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
2. الدراية: 20 و 21، مع تفاوت
258

وروايته من الصحيح. (1)
والظاهر أن مقصود الشهيد أنهم قد ادعوا الإجماع على صحة الخبر المحكي
صحيحا عن أبان بن عثمان، مع أن أبان بن عثمان يمانع عن صحة الخبر؛ لكونه
فطحيا، لكن لم يعهد نقل الإجماع من المتأخرين، وإنما وقع من الكشي مع أنه
مبني على حمل الموصول في نقل الاجماع على التصحيح على الخبر. وأما بناء
على حمله على الإسناد - كما هو الأقرب بكون الغرض الإجماع على صحة
الإسناد المحكي صحيحا، أي الإجماع على الصدق - فلا مجال لما ذكره، ولعله
كان الغرض الاستناد إلى الكلام المتقدم من العلامة في الخلاصة ووقع ما وقع من
باب الاشتباه.
ويظهر ما في قوله: " مع كونه فطحيا " بما مر.
وأما ما ذكره شيخنا البهائي في الحاشية فيظهر فساد الاستناد إلى نقل الإجماع
على التصحيح بما ذكره آنفا، ويظهر فساد الاستناد إلى كلام العلامة بما تقدم
سالفا.
وقد حكى في المنتقى مشاركة الشهيد لجماعة من المتأخرين في التفطن
بتطرق الخروج عن الاصطلاح في طائفة من الكلمات. (2)
فالخروج عن الاصطلاح من صاحب المنتقى فيما تقدم عنه في صدر العنوان
بعد التفطن من غيره أشد فسادا من تطرق الخروج عن الاصطلاح من غيره.
ثم إنه قد ذكر الشهيدان في الذكرى والدراية: أنه يطلق الصحيح - أي في لسان
المتأخرين - على سلامة الطريق من الطعن بسوء المذهب، أو الفسق، وإن اعتراه
إرسال أو قطع. (3)

1. مختلف الشيعة 2: 497، المسألة: 357.
2. منتقى الجمان 1: 14، الفائدة الأولى.
3. الدراية: 20 - 21؛ ذكرى الشيعة 1: 48.
259

قال الشهيد الثاني في الدراية: " وبالجملة، فيطلقون الصحيح على ما كان
رجال طريقه المذكورون فيه عدولا إمامية وإن اشتمل على أمر آخر بعد ذلك ". (1)
فساق الكلام في إطلاق الصحيح في كلمات المتأخرين في صورة اشتمال السند
على غير الإمامي، وغير المذكور بالتوثيق. والمرجع إلى سعة دائرة الإطلاق
المذكور، لكن مقتضى كلام الشهيد الأول في الذكرى عدم اطراد الإطلاق في
الصورة المذكورة. (2)
وأيضا ذكر المولى التقي المجلسي:
أن العلامة وإن ذكر آنفا عدة في تسمية الأخبار بالصحيح،
والحسن، والموثق، فكثيرا يقول ويصف على قوانين القدماء
والأمر سهل. واعترض عليه كثيرا بعض الفضلاء؛ لغفلته عن هذا
المعنى، ولا مجال للحمل على السهو؛ لأنه إنما يتأتى فيما كان مرة
أو مرتين مثلا، وأما ما كان في صفحة واحدة عشر مرات - مثلا -
فلا يمكن أن يكون سهوا. (3)
[التنبيه] السادس
[في رواية الحماد عن الحسين]
أنه روى الكليني نقلا، عن محمد، عن أحمد، عن شاذان بن الخليل
النيسابوري، عن يونس، عن حماد، عن الحسين إلى آخره. (4) والظاهر أن

1. الدراية: 20 - 21.
2. ذكرى الشيعة 1: 48.
3. روضة المتقين 1: 19.
4. الكافي 3: 30، ح 3، كتاب الطهارة. وفيه: " عن أحمد بن محمد " بدلا عن محمد عن أحمد.
260

المقصود ب‍ " حماد ": هو حماد بن عيسى، والمقصود ب‍ " الحسين ": هو الحسين بن
مختار القلانسي. والوجه في الظهورين هو ما ذكره النجاشي في ترجمة
الحسين بن مختار من " أن له كتابا يرويه حماد بن عيسى وغيره ". (1)
وكذا ما رواه في باب التطوع في يوم الجمعة من صلاة الكافي عن جماعة،
عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن
الحسين بن مختار. (2)
وما رواه في آخر باب التجارات من متاجر التهذيب، عن الحسين بن سعيد،
عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن مختار، (3) بناء على عدم اشتراط حمل
الإطلاق على التقييد باتحاد الراوي وصاحب الكتاب، وقد ذكره السيد السند
النجفي: أنه لم يتفق رواية حماد عن الحسين إلا فيما ذكر. (4)
[التنبيه] السابع
[رواية ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان وبالعكس]
أن مقتضى ما مر من عبارة الشيخ في الفهرست أن محمد بن أبي عمير
روى عن حماد بن عثمان الناب، (5) ويقضي به الاستقراء في الأخبار كما يظهر
مما يأتي.
لكن اتفق في بعض أسانيد التهذيب رواية حماد بن عثمان عن ابن أبي عمير؛

1. رجال النجاشي: 54 / 123.
2. الكافي 3: 428، ح 2، باب التطوع يوم الجمعة.
3. تهذيب الأحكام 7: 14، ح 62، باب التجارة وآدابها وغير ذلك.
4. رجال السيد بحر العلوم 4: 129، الفائدة 14.
5. الفهرست: 60 / 230.
261

كما رواه في التهذيب في أواخر باب الزيادات في فقه الحج، عن صفوان،
عن حماد بن عثمان، عن ابن أبي عمير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، (1) لكن حكم في
المنتقى بأن رواية حماد بن عثمان عن ابن أبي عمير من باب السهو. (2)
[التنبيه] الثامن
[في رواية الحسين بن سعيد عن حماد عن الحلبي]
أنه روى الشيخ في الاستبصار في باب من أحرم قبل الميقات، عن الحسين
ابن سعيد، عن حماد، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) إلى آخره. (3)
وقد ذكر في المنتقى: أنه اتفقت كلمة المتأخرين على صحة هذا الحديث.
ولا شك عند الممارس أنه غير صحيح؛ لأن حمادا إن كان ابن عثمان - كما يشعر
به روايته عن الحلبي - فالحسين بن سعيد لا يروي عنه بغير واسطة قطعا. وإن كان
ابن عيسى، فهو لا يروي عن عبيد الله الحلبي فيما تعارف عند إطلاق الحلبي،
وذكر أن في بعض النسخ: " حماد، عن علي " ورواية حماد بن عيسى عن علي بن
أبي حمزة معروفة. (4)
وذكر السيد الداماد في حاشية الاستبصار: أن هذا السند بعينه متكرر الوقوع
في أسانيد الأخبار جدا ولا سيما في التهذيب (5) والاستبصار (6) وقد اتفق على

1. تهذيب الأحكام 5: 477، ح 1687، باب الزيادات في فقه الحج.
2. منتقى الجمان 3: 285 - 286، باب الطواف والسعي.
3. الاستبصار 2: 163، ح 534، باب من أحرم قبل المقيات.
4. منتقى الجمان 3: 138 - 139، باب أشهر الحج ومواقيت الإحرام بالمضمون.
5. تهذيب الأحكام 5: 53، ح 162، باب المواقيت.
6. الاستبصار 2: 163، ح 534، باب من أحرم قبل الميقات.
262

تصحيحه جمع من أعاظم الأصحاب؛ كالعلامة في المنتهى (1) والمختلف، (2)
والمحقق في المعتبر (3) ونكت النهاية، والشهيد في الذكرى وشرح الإرشاد،
والمحقق الثاني في شرح القواعد، (4) وغيرهم.
ويسبق إلى الأذهان أن هناك إشكالا لا مخرج عنه، وذلك: أن المقصود
ب‍ " حماد "، هو حماد بن عثمان أو حماد بن عيسى، فعلى الأول طبقة الحسين بن
سعيد عنه متأخرة، فلا يستقيم روايته عنه إلا بواسطة، والواسطة في هذا السند غير
مذكورة ولا معلومة. وعلى الثاني طبقته عن الحلبي - والظاهر أنه عبيد الله على ما
هو الشائع المعلوم - متأخرة، فلابد لروايته عنه أيضا من واسطة. واذن فأيا ما كان
ليس هذا السند صحيحا، قال: " فهذا الإشكال قد تعرض لذكره أولا بعض
مشيختي، ثم توغل فيه غير واحد من أهل العصر، فذكر أنه لا إشكال في ذلك عند
المتمهر في علم الرجال؛ إذ من المستبين أن حمادا هذا هو حماد بن عيسى،
غريق الجحفة، وأبو عمرو الكشي قد نقل إجماع العصابة على تصحيح ما يصح
عنه، (5) فهم قد عولوا على هذا الإجماع وصار ديدنهم الحكم بصحة ما صح عن
أهل إجماع العصابة ". قال: " ثم إن في التهذيب عن علي الحلبي، (6) وإذا كان ذاك
فعلي هو ابن أبي حمزة الثمالي، وهو وأخوه وأبوه، كلهم ثقات فاضلون، ورواية
حماد بن عيسى بغير واسطة معروفة صحيحة ".
أقول: إن الظاهر أن المقصود بحماد في السند المذكور هو حماد بن عثمان؛

1. منتهى المطلب 2: 667.
2. مختلف الشيعة 4: 67.
3. المعتبر 2: 804.
4. جامع المقاصد 3: 161.
5. رجال الكشي 2: 673 / 705.
6. تهذيب الأحكام 5: 53، ح 162، باب المواقيت.
263

بملاحظة وقوع حماد بن عثمان في طريق الشيخ إلى عبيد الله بن علي بن
أبي شعبة المقصود بالحلبي بحكم الظهور والانصراف، والطريق مذكور في
الفهرست، (1) فقد أجاد صاحب المنتقى؛ حيث أشار إلى إشارة رواية حماد عن
الحلبي إلى كون المقصود هو حماد بن عثمان، (2) فالحكم بكون المقصود هو
حماد بن عيسى من السيد الداماد كما ترى. وعلى أي حال، فالنجاشي من صاحب
المنتقى، والسيد الداماد عن رواية الحسين بن سعيد، عن حماد بن عثمان دون
حماد بن عيسى نظير النجاشي من الصدوق في مشيخة الفقيه، والعلامة في
الخلاصة، وابن داود عن رواية إبراهيم بن هاشم، عن حماد بن عثمان، دون
حماد بن عيسى، فهو مبني على توهم بعد زمان حماد بن عثمان بالنسبة إلى
حماد بن عيسى، كما هو مقتضى صريح ما سمعت من كلام صاحب المنتقى، (3)
والسيد الداماد.
لكن قد ظهر فيما تقدم اتحاد زمان حماد بن عثمان وحماد بن عيسى؛ حيث
إنه حماد بن عثمان جعله الشيخ في الرجال من أصحاب الصادق والكاظم
والرضا (عليهم السلام)، قال: " ومات في زمان أبي جعفر (عليه السلام) "، لكن قال: " ولم يحفظ عنه رواية
عن الرضا ولا عن أبي جعفر (عليهما السلام) "، (4) وأما حماد بن عيسى فقد جعله العلامة في
الخلاصة من أصحاب الصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام). (5)
بل قد تقدم رواية حماد بن عيسى عن حماد بن عثمان، فقد بان حال
النجاشي عن رواية حماد بن عيسى عن الحلبي، دون حماد بن عثمان.

1. الفهرست: 106 / 465.
2. منتقى الجمان 3: 138 - 139.
3. منتقى الجمان 3: 139.
4. انظر رجال الشيخ: 182 / 193، ص 346 / 2، وص 371 / 1.
5. خلاصة الأقوال: 56 / 2.
264

وبالجملة، فمن أمكن روايته عن حماد بن عيسى يمكن روايته عن حماد بن
عثمان، ومن أمكن رواية حماد بن عثمان عنه يمكن رواية حماد بن عيسى عنه.
وبعد هذا أقول: إنه قد ذكر في الخلاصة: " أن الحسين بن سعيد بن حماد بن
مهران الأهوازي مولى علي بن الحسين (عليهما السلام)، ثقة جليل القدر، روى عن الرضا
وأبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث ". (1)
فقد أدرك الحسين بن سعيد زمان حماد بن عثمان، بل نقول: إن مقتضى
الكلام المذكور أنه قد زاد زمان الحسين بن سعيد عن زمان حماد بن عثمان
بكثير؛ لإدراكه زمان علي بن الحسين (عليهما السلام)، وكذا زمان الباقرين (عليهما السلام).
إلا أن يقال: إن إدراك الحسين بن سعيد زمان علي بن الحسين
إلى زمان الهادي (عليهم السلام) مقطوع العدم؛ للزوم أن يقارب عمره مائتي سنة؛
لأن علي بن الحسين (عليهما السلام) قبض في سنة خمس وتسعين، (2) ومولانا الهادي (عليه السلام) قبض
في سنة أربع وعشرين ومائتين، (3) مضافا إلى كمال البعد في إدراك الحسين بن
سعيد زمان علي بن الحسين والباقرين (عليهم السلام) مع عدم الرواية عنهم، فقوله: " مولى
علي بن الحسين " صفة أو بدل أو عطف بيان لحماد بن مهران، أو لمهران، إلا أنه
جار على خلاف الظاهر والغالب؛ إذ الظاهر والغالب رجوع متعلقات الكلام إلى
المقصود بالأصالة في العنوان، كما حررناه في الرسالة المعمولة في " ثقة " على
التفصيل.
وبعد هذا أقول: أصدق شاهد يشهد برواية الحسين بن سعيد عن حماد بن

1. خلاصة الأقوال: 49 / 4.
2. انظر الإرشاد للمفيد 2: 137، والمناقب لابن شهرآشوب 4: 175؛ وروضة الواعظين: 201؛
ودلائل الإمامة: 80؛ وتذكرة الخواص: 299.
3. في سنة أربع وخمسين ومائتين في: الإرشاد للمفيد 2: 297؛ وتاج المواليد " مجموعة نفيسة ":
131؛ والمناقب لابن شهرآشوب 4: 401؛ وكشف الغمة 2: 376. وانظر إعلام الورى 2: 109.
265

عثمان ما رواه في التهذيب في باب حكم الجنابة وصفة الطهارة، (1) وفي الاستبصار
في باب أن المرأة إذا أنزلت، وجب عليها الغسل في النوم واليقظة، وعلى كل حال
بالإسناد عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عثمان، عن أديم بن الحر، قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام). (2)
وكذا ما رواه في التهذيب في باب أحكام الجماعة وصفتها، عند شرح قوله:
" ولا يجوز لمن يقتدي بالإمام أن يصلي معه العصر ولا يكون قد صلى الظهر " عن
الحسين بن سعيد، عن حماد بن عثمان، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، (3) لكن بنى في
المنتقى على أن احتمال السقوط سهوا في الأول أقرب إلى الاختيار. (4)
وبعد هذا أقول: إنه قد روى الحسين بن سعيد، عن معاوية بن عمار كما
حررناه في ذيل الرسالة المعمولة في رواية الكليني عن أبي داود. ومعاوية بن
عمار قد توفي في سنة خمس وسبعين في أواخر الكاظم (عليه السلام)؛ لأنه (عليه السلام) قبض في سنة
اثنتين وثمانين ومائة كما نقل عن بعض. وقد حكى شيخنا البهائي في مشرق
الشمسين - عند الكلام في أحكام الوضوء؛ وكذا في الحاشية المنسوبة إليه على
الاستبصار - أن الحسين بن سعيد يروي عن بعض أصحاب الصادق (عليه السلام). (5) فملاقاة
الحسين بن سعيد مع معاوية بن عمار ممكنة، بل هي غير بعيدة، فملاقاة
الحسين بن سعيد مع حماد بن عثمان ممكنة أيضا، بل هي غير بعيدة؛ لأن

1. تهذيب الأحكام 1: 121، ح 319، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها.
2. الاستبصار 1: 105، ح 344، باب المرأة إذا أنزلت وجب عليها الغسل في النوم واليقضة وعلى كل
حال.
3. تهذيب الأحكام 3: 49، ح 172، باب أحكام الجماعة وأقل الجماعة وصفة الإمام ومن يقتدى به
ومن لا يقتدى به.
4. منتقى الجمان 2: 141، باب صلاة الجماعة.
5. مشرق الشمسين: 162.
266

حماد بن عثمان مات في سنة تسعين ومائة كما مر، (1) بل رواية الحسين بن سعيد
عن حماد أولى بالإمكان من روايته عن معاوية بن عمار؛ لأن أواخر زمان
حماد بن عثمان أقرب إلى أوائل زمان الحسين بن سعيد من أواخر زمان
معاوية بن عمار بخمس عشرة سنة.
وبعد هذا أقول: إن ما ذكره صاحب المنتقى والسيد الداماد - من أن رواية
حماد بن عيسى عن علي بن أبي حمزة الثمالي معروفة (2) - يضعف بأنه لم يذكر في
ترجمة حماد بن عيسى، ولا في ترجمة علي ابن أبي حمزة الثمالي رواية
حماد بن عيسى عن علي بن أبي حمزة الثمالي؛ ولعله مبنى على الاشتباه بين
حماد بن عيسى والحسن بن محبوب.
وكذا الاشتباه بين علي بن أبي حمزة وأبي حمزة الثمالي؛ حيث إنه قد حكى
الكشي في ترجمة الحسن بن محبوب " عن نصر بن الصباح أن أحمد بن
محمد بن عيسى كان لا يروي عن ابن محبوب من أجل أن أصحابنا يتهمون
ابن محبوب في روايته عن ابن أبي حمزة " (3) كما عن بعض نسخ كتاب الكشى،
لكن عن بعض نسخ كتاب الكشي - كما نقله الفاضل الأسترآبادي (4) والسيد السند
التفرشي من عبارة الكشي -: " أبو حمزة ". (5)
ويرشد إليه ما نقله الكشي في ترجمة عثمان ابن عيسى عن نصر بن الصباح
من أنه كان يروي عن أبي حمزة الثمالي ولا يتهمون عثمان بن عيسى. (6)

1. خلاصة الأقوال: 56 / 4.
2. منتقى الجمان 3: 139.
3. انظر رجال الكشي: 585 ح 1095.
4. منهج المقال: 108.
5. نقد الرجال 3: 221 / 3481.
6. رجال الكشي 2: 860 / 1117.
267

ويمكن أن يكون هذا من كلام الكشي، ووجه الاتهام عدم مساعدة الطبقة
لرواية الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي؛ لأن وفاة أبي حمزة الثمالي
- على ما ذكره الصدوق في مشيخة الفقيه - سنة خمسين ومائة، (1) ووفاة الحسن بن
محبوب - على ما ذكره العلامة في الخلاصة - سنة أربع وعشرين ومائتين. (2)
وعلى هذا يشكل رواية الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي وإن أمكن
القول بأن ما ذكر في ترجمة عثمان بن عيسى كما سمعت - من أنهم لا يتهمونه في
الرواية عن أبي حمزة الثمالي - مظهر عن كون وجه الاتهام في الرواية عن
أبي حمزة الثمالي أمرا معروفا غير ذلك.
مع أنه يمكن أن يكون المقصود بابن أبي حمزة هو البطائني كما احتمله
السيد السند التفرشي، (3) بل هو الأظهر؛ لكون ابن أبي حمزة البطائني أشهر من ابن
أبي حمزة الثمالي؛ ووجه الاتهام سوء حال البطائني وإن احتمل بعض الأعلام
قبول روايته؛ لما قال شيخ الطائفة في العدة من أن الطائفة عملت بأخباره؛ (4) ولقوله
في الرجال: " له أصل "؛ (5) ولما حكي عن ابن الغضائري من أنه قال في ترجمة ابنه
الحسن من أن أباه أوثق منه؛ (6) ولرواية كثير من الأعاظم عنه مثل: ابن أبي عمير،
وصفوان بن يحيى، والبزنطي، وغيرهم. (7)
على أنه ينافي الاشتباه بين أبي حمزة الثمالي وابنه. قول السيد الداماد: " هو
وأخوه وأبوه كلهم ثقات فاضلون "؛ إذ هذا المضمون جار في حق ابن أبي حمزة

1. الفقيه 4: 36 من المشيخة.
2. خلاصة الأقوال: 37 / 1.
3. انظر نقد الرجال 2: 56 / 1353.
4. عدة الأصول 1: 150.
5. رجال الشيخ: 353 / 10 وفيه: " له كتاب " بدلا عن " له أصل ".
6. مجمع الرجال 2: 122.
7. حكاه الوحيد البهبهاني في تعليقته: 323 بلفظ " قيل ".
268

دون أبي حمزة؛ حيث إنه مأخوذ من كلام حمدويه إذ قال الكشي: " سألت
أبا الحسن حمدويه بن نصير عن علي بن أبي حمزة الثمالي، والحسين بن
أبي حمزة ومحمد أخويه، فقال: كلهم ثقات فاضلون ". (1)
لكن هذا الكلام خال عن أبي حمزة ويختص بأبنائه.
وبعد هذا أقول: إن ما ذكره السيد الداماد في الجواب عن الإشكال - من
أن الحكم بالصحة مبني على تعميم الصحة لصورة الإرسال - يضعف بأنه
وإن تطرق الخروج عن الاصطلاح في بعض كلمات المتأخرين في بعض
موارد نقص السند كما يظهر مما مر، لكنه نادر، ومقتضى كلام السيد الداماد
كثرة رواية الحسين بن سعيد عن حماد، عن الحلبي، بل مقتضى كلامه مصير
جماعة إلى الخروج عن الاصطلاح في موارد ذكر الرواية المذكورة، وهو بعيد.
نعم، قولهم: " صحيح زرارة " و " الصحيح عن زرارة " غير عزيز، لكنه لا يرتبط بما
نحن فيه.
وبعد هذا أقول: إن حمل " علي " في عبارة التهذيب على تطرق الإسقاط في
عبارة الاستبصار - بكون الأصل الحلبي بن علي؛ إذ الحلبي متعارف في عبيد الله بن
علي بن أبي شعبة - لعله أولى من التصحيف، ولعله مقالة صاحب المنتقى والسيد
الداماد.
[التنبيه] التاسع
[في حماد بن طلحة]
أنه روى في الكافي في كتاب الحج في باب ما يستحب للرجل أن يكون

1. رجال الكشي 2: 707، ح 761.
269

متهيئا في كل وقت بالإسناد عن عبد الله بن المغيرة، عن حماد بن طلحة، عن
عيسى بن أبي منصور، قال: قال لي جعفر بن محمد (عليهما السلام)، (1) وروى في التهذيب في
أواخر كتاب الزكاة بالإسناد عن محمد بن سنان، عن حماد بن طلحة صاحب
السابري، عن معاذ بن كثير بياع الأكسية، عن أبي عبد الله (عليه السلام)... إلى آخره. (2)
وحماد بن طلحة غير مذكور في الرجال.
[التنبيه] العاشر
[في رواية ابن أبي عمير عن حماد]
أنه كثيرا ما يروي محمد بن أبي عمير عن حماد، ومنه ما رواه في الكافي في
باب نكاح ولد الزنا، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن
حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (3)
والظاهر أن المقصود هو حماد بن عثمان؛ بشهادة التصريح به في روايات كثيرة،
كما فيما رواه في الكافي في باب فضل نساء قريش عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن
ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)... (4) إلى آخره، وفي باب أن
المرأة تولى أمرها رجلا ليزوجها من رجل فزوجها من غيره عن علي بن إبراهيم، عن
أبيه؛ ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن أبي عمير، عن حماد بن
عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)... (5) إلى غير ما ذكر من روايات أخرى.

1. الكافي 4: 281، ح 1، باب أنه يستحب للرجل أن يكون متهيئا في كل وقت.
2. تهذيب الأحكام 4: 143، ح 402، باب الزكاة.
3. الكافي 5: 353، ح 5، باب نكاح ولد الزنا.
4. الكافي 5: 326، ح 1، باب فضل نساء قريش.
5. الكافي 5: 397، ح 1، باب المرأة تولى أمرها رجلا ليزوجها من رجل فزوجها من غيره.
270

لكن روي في التهذيب في باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة والفضيلة فيه
بالإسناد عن محمد بن عثمان، (1) إلا أنه بعد ثبوته لا ينافي الظهور المتقدم بالادعاء؛ لكثرة
رواية ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان قلة وروايته عن حماد بن عيسى لو ثبت.
[التنبيه] الحادي عشر
[في حماد المنقري]
أنه روى في التهذيب والاستبصار عند الكلام في استحباب إطالة الوقوف عند
الصفا والمروة بالإسناد عن موسى بن القاسم قال: حدثني النخعي أبو الحسين
قال: حدثني عبيد بن الحرث عن حماد المنقري قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام). (2)
وحماد المنقري غير مذكور في الرجال. منقر كمنبر أبو بطن من تميم ق، وحماد
المذكور في الرجال يتجاوز عن الخمسين.
[التنبيه] الثاني عشر
[في أبي إسماعيل السراج]
أنه روى في الكافي في أواخر كتاب الصلاة في باب النوادر، (3) وفي التهذيب
في باب كيفية الصلاة وصفتها، (4) وفي الاستبصار في باب وضع الإبهام على الأرض

1. تهذيب الأحكام 2: 175، ح 697، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون.
2. تهذيب الأحكام 5: 147، ح 483، باب الخروج إلى الصفا؛ الاستبصار 2: 238، ح 827، باب أنه
يستحب الإطالة عند الصفا والمروة.
3. الكافي 3: 487، ح 4، باب النوادر من الصلاة.
4. تهذيب الأحكام 2: 115، ح 429، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة.
271

في حال السجود، (1) وفي الكافي في باب " الرجل يطوف فيعرض له الحاجة أو
العلة " (2) وفي التهذيب في باب الطواف، (3) وفي الاستبصار المذكورة في باب من
قطع طوافه العذر بالإسناد عن أبي إسماعيل السراج، (4) وهو عبد الله بن عثمان، كما
هو صريح الكافي في باب " البئر يكون جنب البالوعة " (5) وباب صلاة الحوائج، (6)
وبه صرح الفاضل الأسترآبادي في باب الكشي. (7)
والظاهر أن عبد الله بن عثمان المشار إليه هو أخو حماد بن عثمان بالتوثيق،
وبه صرح السيد الداماد في حاشية الاستبصار في الباب الأول من البابين
المذكورين، وقيل: إنه مهمل. (8)
[التنبيه] الثالث عشر
[في رواية حماد بن عثمان عن حبيب بن مظاهر]
أنه روى في الفقيه في باب حكم من قطع عليه الطواف بصلاة أو غيرها عن
حماد بن عثمان، عن حبيب بن مظاهر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (9) وقد حمل المقدس
حبيب بن مظاهر على حبيب شهداء كربلاء؛ بشهادة أنه وصفه بالمشكور؛ (10) حيث

1. الاستبصار 1: 329، ح 2، باب وضع الابهام في حال السجود.
2. الكافي 4: 414، ح 7، باب الرجل يطوف فتعرض له الحاجة أو العلة.
3. تهذيب الأحكام 5: 119، ح 391، باب الطواف.
4. الاستبصار 2: 224، ح 773، باب من قطع طوافه لعذر قبل أن يكمله سبعة أشواط.
5. الكافي 3: 8، ح 3، باب البئر تكون إلى جنب البالوعة.
6. الكافي 3: 478، ح 6، باب صلاة الحوائج.
7. منهج المقال: 312.
8. انظر منتهى المقال 7: 109 / 3335.
9. الفقيه 2: 247، ح 46، باب حكم من قطع عليه الطواف بصلاة أو غيرها.
10. مجمع الفائدة والبرهان 7: 71.
272

إنه مأخوذ من العلامة في الخلاصة، لأنه قال في ترجمته: حبيب الشهيد. (1)
ومن ذلك أنه استظهر أن المراد بأبي عبد الله هو الحسين روحي وروح
العالمين له الفداء، وقد حكم في المدارك بصحة الحديث، (2) والظاهر أنه تبع
المقدس. واحتمل بعض أن يكون هو الذي كان من أصحاب الحسين (عليه السلام)، فيكون
المراد بأبي عبد الله هو الحسين (عليه السلام)، (3) فيكون في السند إدخال.
وقال سلطاننا: المذكور في كتب الرجال إنما هو حبيب بن مظاهر المقتول
بكربلا مع الحسين (عليه السلام).
فهذا مجهول إلا أن يحمل أبو عبد الله المذكور في الرواية على الحسين (عليه السلام)،
وهو بعيد، مع بعد رواية حماد بن عثمان عنه أيضا.
ولا يذهب عليك أن الطبقة لا تساعد لرواية حماد بن عثمان عن حبيب الشهيد؛
إذ حماد بن عثمان - على ما يظهر مما مر - من أصحاب الصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام)،
ومات بالكوفة سنة تسعين ومائة، (4) وأين هذا من حبيب الشهيد بكربلا.
والظاهر أن " مظاهر " كان غلطا في الفقيه عن " معلل " كما أفاده الفاضل
الخواجوئي؛ (5) بشهادة أن الفقيه قد ذكر طريقه إلى حماد بن عثمان عن حبيب بن
معلل، (6) وليس في مشيخته غير هذا، وهو من أصحاب الصادق والكاظم
والرضا (عليهم السلام)، كما أن حماد بن عثمان كذلك كما مر؛ فالمراد بأبي عبد الله (عليه السلام) هو
الصادق (عليه السلام).

1. خلاصة الأقوال: 61 / 2.
2. مدارك الأحكام 8: 145.
3. حاوي الأقوال: 182 / 917، احتمله على بعد.
4. رجال النجاشي: 143 / 371؛ وخلاصة الأقوال: 56 / 4.
5. الفوائد الرجالية: 61.
6. الفقيه 4: 41، من المشيخة، وفيه: " المعلى " بدلا عن المعلل.
273

لكن في مشيخة الفقيه - على ما في نسختين معتبرتين عندي في حواشي
إحداهما خطوط العلامة المجلسي - حبيب بن المعلى، وهو المشروح بشرح
المولى التقي المجلسي. (1)
نعم، عنون النجاشي حبيب بن المعلل الخثعمي وذكر أنه روى عن الصادق
والكاظم والرضا (عليهم السلام)؛ (2) فبان صحة المؤاخذة من المولى المذكور في عدم الإشارة إلى
عنوان النجاشي، وكذا الحال في العلامة المشار إليه؛ لأنه قد تعرض في حواشي
المشيخة لطائفة من المطالب، ولم يتعرض هنا لمخالفة المعلل لعنوان النجاشي.
وقد أجاد السيد السند التفرشي؛ حيث ذكر في حاشية النقد عند شرح طريق
الفقيه إلى حبيب بن المعلى أن في كتب الرجال حبيب المعلل، قال: " ولعله
الصواب " لكن النسبة إلى كتب الرجال محل الإشكال؛ إذ لم يأت بالمعلل غير
النجاشي. (3)
ثم إن حبيب بن مظاهر قد ذكره ابن داود بهذا العنوان، (4) بل نقله
عن خط الشيخ وجرى عليه في التوضيح، بل ضبطه بضم الميم، وفتح
الظاء المعجمة، وكسر الهاء. ونقله في الخلاصة عن قائل، (5) لكن في
الخلاصة حبيب بن مظهر: بضم الميم، وفتح الظاء المعجمة، وتشديد الهاء،
والراء أخيرا، (6) قال في التوضيح: " ويظهر منه التوقف في حركة الهاء "، وحكى
ابن داود عن قائل فتح الظاء وتشديد الهاء وكسرها، (7) وفي الصحاح: " والمظهر

1. روضة المتقين 14: 85. وانظر مشيخة الفقيه 1: 41.
2. رجال النجاشي: 141 / 368.
3. نقد الرجال 5: 359 هامش: 9، وانظر مشيخة الفقيه 1: 41.
4. رجال ابن داود: 70 / 378.
5. خلاصة الأقوال: 61 / 2.
6. خلاصة الأقوال: 61 / 2.
7. رجال ابن داود: 70 / 378.
274

بكسر الهاء اسم رجل ". (1)
[التنبيه] الرابع عشر
[في عدم الضير في اشتراك حماد]
أن الظاهر من حماد هو حماد بن عثمان وحماد بن عيسى، فلا ضير في
اشتراكه بين جماعة كثيرة تقرب الخمسين وأكثرهم من المجاهيل؛ لوثاقة
حمادين المذكورين. نعم، أنكر المحقق القمي اعتبار انصراف المشترك إلى
بعض المعاني، (2) لكن زيفناه في بحث المطلق من الأصول، وكذا في الرسالة
المعمولة في حجية الظن؛ فقد انقدح القدح فيما عن المحقق في المعتبر من
القدح فيما رواه في التهذيب في باب تطهير المياه بالإسناد عن الحسين بن سعيد،
عن حماد، عن معاوية، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3) باشتراك حماد، (4) مضافا إلى أنه مبني
على حمل معاوية على معاوية بن عمار من باب الانصراف في حماد، ولو لم ينفع
الانصراف في حماد، فلا ينفع الانصراف في معاوية.
وأورد عليه شيخنا البهائي في الحاشية المنسوبة إليه على التهذيب بأن حماد
المذكور في السند هو ابن عيسى، كما يظهر من تصفح كتب الرجال، وهو الراوي
عن معاوية بن عمار، قال: " والعجب من المحقق كيف طعن في هذه الرواية بأن
حمادا مشترك ". (5)

1. الصحاح 2: 732 (ظهر).
2. القوانين المحكمة 1: 63، في الحاشية.
3. تهذيب الأحكام 1: 232، ح 670، باب تطهير المياه من النجاسات.
4. المعتبر 1: 57.
5. حكاه عنه المجلسي في ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار 2: 271.
275

وفيه: أنه لا حاجة إلى تعيين حماد في ابن عيسى؛ قضية انصرافه إلى
ابن عيسى وابن عثمان كما سمعت، وإلا فلابد في تعيين معاوية في ابن عمار من
قرينة مقتضية له، وهو قد فرض كون المقصود بمعاوية هو ابن عمار قضية
مسلمة، ولا يتم هذا إلا بقضية الانصراف.
نعم، قيد معاوية في الاستبصار بابن عمار، (1) لكن الإيراد غير مبني عليه؛ لعدم
ذكر فيه.
وأورد عليه الفاضل التستري في الحاشية المنسوبة إليه على التهذيب أيضا
بأن الظاهر أن حماد المذكور في السند هو ابن عيسى بقرينة رواية الحسين بن
سعيد عنه، قال: " فلا يرد قدح المحقق في المعتبر بأن حمادا مشترك بين الثقة
وغير الثقة ". (2)
وفيه - مضافا إلى ما يظهر مما مر -: أنه مبني على عدم إمكان رواية
الحسين بن سعيد عن حماد بن عثمان في أسانيد متعددة ولغيرها، وربما ذكر
السيد السند التفرشي في ترجمة معاوية بن عمار رواية حماد مقيدا بابن عيسى
في السند المذكور في الباب المشار إليه، (3) مع أن المقصود بالسند المذكور في
الباب المشار إليه إنما هو السند المقدوح فيه من المحقق في المعتبر. (4)
والله العالم، تمت الرسالة المعمولة بعون الله.

1. الاستبصار 1: 30، ح 80، باب البئر يقع فيها ما يغير أحد أوصاف الماء.
2. حكاه عنه المجلسي في ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار 2: 271. وقدح المحقق في المعتبر 1:
57.
3. نقد الرجال 4: 390 / 5334.
4. المعتبر 1: 57.
276

17 - رسالة في " عبد الله بن محمد "
277

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
وبعد، فهذه مقالة في باب عبد الله بن محمد، حيث إنه قد اتفق في الأسانيد
كثيرا خصوصا أسانيد الكافي رواية محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد،
خصوصا عن علي بن الحكم، كما رواه في الكافي - في باب أنه لا رضاع بعد
فطام - عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن
عثمان عن الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " الرضاع قبل الحولين
قبل أن يفطم ". (1)
وما رواه في الكافي - في باب الصيد بالسلاح - عن محمد بن يحيى عن
عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن محمد الحلبي، قال:
سألته عن الرجل يرمي الصيد فيصرعه، فيبتدره القوم فيقطعونه؟ فقال: " كله ". (2)
وما رواه - في باب ما يذكى به الذبيحة عند الاضطرار - عن محمد بن يحيى
عن عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان عن محمد بن مسلم، قال: قال
أبو جعفر (عليه السلام) في الذبيحة بغير حديدة قال: " إذا اضطررت إليها فإن لم تجد حديدة
فاذبحها بحجر ". (3)

1. الكافي 5: 443، ح 2، باب أنه لا رضاع بعد فطام وفيه بدلا عن عبد الله بن محمد: " أحمد بن محمد ".
2. الكافي 6: 211، ح 9، باب الصيد بالسلاح.
3. الكافي 6: 228، ح 1، باب ما يذكى به الذبيحة عند الاضطرار.
279

وما رواه في الكافي - في باب الإشهاد على الوصية - عن محمد بن يحيى عن
عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال في
وصية لم يشهدها إلا امرأة فأجاز شهادتها في الربع من الوصية بحساب شهادتها. (1)
وما رواه في التهذيب - في باب الزراعة - عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن
محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن إسماعيل عن الفضل الهاشمي عن
أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل استأجر من السلطان من أرض الخراج بدراهم
مسماة أو بطعام مسمى ثم آجرها وشرط لمن لم يزرعها أن يقاسمه النصف أو
أقل من ذلك أو أكثر، وأن له ما في الأرض بعد ذلك فضل أيصلح له ذلك؟ قال:
" نعم إذا حفر نهرا، أو عمل لهم عملا يعينهم بذلك فله ذلك " (2) إلى آخر الحديث.
وقد قدح في الكفاية باشتمال السند على المشترك. (3)
ومقصوده بالمشترك هو عبد الله بن محمد؛ حيث إنه مشترك بين خمسة
وعشرين رجلا بل أزيد، وفيهم المجهول والمصرح بالضعف.
وبالجملة، يتأتى الكلام تارة في المقصود بعبد الله بن محمد، وأخرى في
حال المقصود بعد تعيينه.
أما الأول
[في المقصود بعبد الله بن محمد]
فالمقصود هو عبد الله بن محمد بن عيسى الملقب ب‍ " بنان " بضم الباء

1. الكافي 7: 4، ح 5، باب الإشهاد على الوصية. وهي في تهذيب الأحكام 9: 180، ح 722.
2. تهذيب الأحكام 7: 203، ح 896، باب المزارعة.
3. كفاية الأحكام: 78.
280

الموحدة، كما في الخلاصة (1) والتوضيح. (2)
وقد ذكره - أعني التلقيب ب‍ " بنان " - الكشي، (3) وهو مقتضى ما يأتي من بعض
الأسانيد، وهو نسبة السيد السند التفرشي إلى النجاشي في ترجمة محمد بن
سنان. (4)
لكن النجاشي نقل عن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري أنه ذكر أنه وجد
بخط أبي عبد الله الشاذاني: أني سمعت القاضي يقول: إن عبد الله بن محمد بن
عيسى الأسدي الملقب ب‍ " بنان " قال: كنت مع صفوان بن يحيى بالكوفة في منزل إذ
دخل علينا محمد بن سنان، فقال صفوان: إن هذا ابن سنان لقد هم أن يطير غير
مرة، فقصصناه حتى ثبت معنا. (5)
[في ذكر روايات فيها عبد الله بن محمد بن عيسى المعروف ب‍ " بنان "]
والظاهر - بل بلا إشكال - أن التلقيب ب‍ " بنان " من كلام القاضي، وهو أخو أحمد بن
محمد بن عيسى، كما ذكره الكشي، (6) وهو مقتضى أكثر الأسانيد الآتية. والمستند في
ذلك تقييد الإطلاق بمحمد بن عيسى، أو التعبير ب‍ " بنان " في أسانيد كثيرة:
منها: ما رواه في الكافي - في باب النهي عن القول بغير علم - عن محمد بن
يحيى عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم عن

1. خلاصة الأقوال: 208 / 4.
2. توضيح الاشتباه والاشكال في تصحيح الأسماء والنسب والألقاب من الرجال للشيخ محمد علي بن
المولى محمد رضا الساروي المازندراني، وهو كبير - يزيد على ضعفي إيضاح الاشتباه للعلامة
الذريعة 4: 490 / 2201.
3. رجال الكشي 2: 799 / 989.
4. نقد الرجال 4: 224 / 4756.
5. رجال النجاشي: 328 / 888.
6. رجال الكشي 2: 799 / 989.
281

سيف بن عميرة عن مفضل بن يزيد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " أنهاك عن خصلتين
فيهما يهلك الرجال؛ أنهاك أن تدين الله بالباطل، وتفتي الناس بما لا تعلم ". (1)
ومنها: ما رواه في الكافي - في باب التعقيب بعد الصلاة والدعاء - عن
محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبان عن
محمد الواسطي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
لا تدع في دبر كل صلاة: أعيذ نفسي وما رزقني ربي بالله الواحد الصمد
حتى تختمها، وأعيذ نفسي وما رزقني ربي برب الفلق حتى تختمها،
وأعيذ نفسي وما رزقني ربي برب الناس حتى تختمها. (2)
ومنها: ما رواه في الكافي - في باب صلاة الخوف - عن محمد بن يحيى
عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبان عن عبد الرحمن بن
أبي عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:
صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأصحابه في غزوة ذات الرقاع (3) صلاة الخوف،
ففرق أصحابه فرقتين، أقام فرقة بإزاء العدو، وفرقة خلفه، فكبر
وكبروا، فقرأ وأنصتوا، وركع فركعوا، وسجد فسجدوا، ثم استتم
رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائما وصلوا لأنفسهم ركعة، ثم سلم بعضهم على بعض،
ثم خرجوا إلى أصحابهم وقاموا بإزاء عدوهم، وجاء أصحابهم فقاموا
خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فصلى بهم ركعة ثم تشهد وسلم عليهم، فقاموا
فصلوا لأنفسهم ركعة، ثم سلم بعضهم على بعض. (4)
ومنها: ما رواه في الكافي - في باب أن التزويج يزيد في الرزق - عن محمد بن

1. الكافي 1: 42، ح 1، باب النهي عن القول بغير علم. وفيه: " هلاك " بدلا عن " يهلك ".
2. الكافي 3: 343، ح 18، باب التعقيب بعد الصلاة والدعاء.
3. غزوة معروفة كانت في سنة خمسة من الهجرة بأرض غطفان من نجد.
4. الكافي 3: 456، ح 2، باب صلاة الخوف.
282

يحيى عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم عن
هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فشكا إليه الحاجة،
فقال: تزوج، فتزوج فوسع عليه ". (1)
ومنها: ما رواه في الكافي - في باب نوادر الصوم - عن محمد بن يحيى عن
بنان بن محمد عن أخيه عن عبد الرحمن بن محمد عن محمد بن إسماعيل قال:
بعثت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) بدراهم لي ولغيري وكتبت إليه أخبره أنها من فطرة
العيال، فكتب (عليه السلام) بخطه " قبضت وقبلت ". (2)
ومنها: ما رواه في الكافي - في باب نوادر الحج - عن محمد بن يحيى عن
بنان بن محمد عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام)،
قال: سألته عن رجل جعل جاريته هديا للكعبة كيف يصنع؟ قال:
إن أبي أتاه رجل قد جعل جاريته هديا للكعبة، فقال له: قوم الجارية أو
بعها، ثم مر مناديا يقوم على الحجر فينادي: ألا من قصرت به نفقته أو
قطع به طريقه أو نفد به طعامه فليأت فلان بن فلان، ومره أن يعطي أولا
فأولا حتى ينفد ثمن الجارية (3)
ومنها: ما رواه في الكافي - في باب الشرط في النكاح وما يجوز منه وما
لا يجوز - عن محمد بن يحيى عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن
ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي العباس عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل
يتزوج المرأة ويشترط لها أن لا يخرجها من بلدها، قال: " يفي لها بذلك " أو قال:

1. الكافي 5: 330، ح 2، وفي " ح، د " بدل " جاء رجل... فوسع عليه ": " من ترك التزويج مخافة العيلة
فقد أساء بالله الظن " وهي من الحديث الأول من الباب لا الثاني. وقد أورد مصنف هذه الرسالة نفس
الرواية بعد حديثين، فحذفناها.
2. الكافي 4: 174، ح 2، باب الفطرة. ولم نجده في نوادر الصوم.
3. الكافي 4: 242، ح 2، باب ما يهدى إلى الكعبة. ولم نجده في باب نوادر الحج.
283

" يلزمه ذلك ". (1)
ومنها: ما رواه في الكافي - في باب الأبكار - عن محمد بن يحيى عن
عبد الله بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن زياد بن أبي الحلال، قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " لا بأس بأن يتمتع بالبكر ما لم يفض إليها مخافة
كراهية العيب على أهلها ". (2)
ومنها: ما رواه في الكافي - في باب الرجل يطلق امرأته ثم يموت قبل أن
تنقضي عدتها - عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن ابن أبي
عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل كان تحته امرأة فطلقها ثم
مات قبل أن تنقضي عدتها، قال: " تعتد أبعد الأجلين عدة المتوفى عنها زوجها ". (3)
ومنها: ما رواه في الكافي - في باب إدراك الذكاة - عن محمد بن يحيى عن
عبد الله بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن عبد الله بن
سليمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " في كتاب علي: إذا طرفت العين أو ركضت
الرجل أو تحرك الذنب فأدركته فذكه ". (4)
ومنها: ما رواه في الكافي - في باب الكمأة - عن محمد بن يحيى عن
عبد الله بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن أبي بصير
عن فاطمة بنت علي عن أمامة بنت أبي العاص بن الربيع، وأمها زينب بنت
رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قالت: أتاني أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في شهر رمضان، فأتي بعشاء
وتمر وكمأة، فأكل (عليه السلام) وكان يحب الكمأة. (5)

1. الكافي 5: 402، ح 2، باب الشرط في النكاح وما يجوز منه ومالا يجوز.
2. الكافي 5: 462، ح 2، باب الأبكار.
3. الكافي 6: 121، ح 5، باب الرجل يطلق امرأته ثم يموت قبل أن تنقضى عدتها.
4. الكافي 6: 232، ح 1، باب إدراك الذكاة، وفيه: " وأدركته " بدلا عن " فأدركته ".
5. الكافي 6: 369، ح 1، باب الكمأة. وفي " ح " و " د ": " إنها " بدلا عن " أمها ".
284

ومنها: ما رواه في الكافي - في كتاب الزي والتجمل والمروة واللباس، في
باب لبس الحرير والديباج - عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد بن عيسى
عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: " لا يصلح للرجل أن يلبس الحرير إلا في الحرب ". (1)
ومنها: ما رواه في الكافي - في الكتاب المذكور - أو في كتاب المروة
على اختلاف النسخ - في باب تزويق البيوت - عن محمد بن يحيى عن
عبد الله بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن أبي بصير
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن جبرئيل (عليه السلام) قال: إنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب
- يعني صورة إنسان - ولا بيتا فيه تماثيل ". (2)
ومنها: ما رواه في الكافي - في الباب المذكور - عن محمد بن يحيى
عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم عن أبان بن
عثمان عن أبي العباس عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: (يعملون لهو ما
يشاء من محاريب وتمثيل) فقال: " والله ما هي تماثيل الرجال والنساء،
ولكنها الشجر وشبهه ". (3)
ومنها: ما رواه في التهذيب - في باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها -
بالإسناد عن أحمد بن محمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى عن داود الصرمي،
قال: كنت عند أبي الحسن الثالث (عليه السلام) يوما فجلس يحدث حتى غابت الشمس، ثم
دعا بشمع وهو جالس يتحدث، فلما خرجت من البيت نظرت وقد غاب الشفق
قبل أن يصلي المغرب، ثم دعا بالماء فتوضأ فصلى. (4)

1. الكافي 6: 453، ح 4، باب لبس الحرير والديباج.
2. الكافي 6: 527، ح 3، باب تزويق البيوت.
3. الكافي 6: 527، ح 7، باب تزريق البيوت. والآية في سورة سبأ (34): 13.
4. تهذيب الأحكام 2: 30، ح 90، باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها.
285

ومنها: ما رواه في التهذيب - في باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى
وخمسين ركعة وترتيبها والقراءة فيها والتسبيح في ركوعها وسجودها والقنوت
فيها والمفروض من ذلك والمسنون - بالإسناد عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن
عيسى عن علي بن الحكم عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
" إنما على أحدكم إذا انتصف الليل أن يقوم فيصلي صلاته جملة واحدة ثلاث
عشرة ركعة، ثم إن شاء جلس فدعا، وإن شاء نام، وإن شاء ذهب حيث شاء ". (1)
ومنها: ما رواه الصدوق في المجالس - في المجلس الخامس والأربعين - عن
أبيه عن سعد بن عبد الله عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن أبيه عن ابن المغيرة
عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام) قال: " اغتنموا الدعاء عند خمس:
عند قراءة القرآن، وعند الأذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة،
وعند دعوة المظلوم ليس لها حجاب دون العرش ". (2)
ومنها: ما رواه الصدوق في المجالس - في المجلس السادس (3) والثمانين - عن
أحمد بن هارون الفامي عن محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري عن
أبيه عن بنان بن محمد بن عيسى [عن أبيه] عن عبد الله بن المغيرة عن
إسماعيل بن مسلم السكوني عن الصادق (عليه السلام)، قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من عبد
يصبح صائما فيشتم فيقول: إني صائم سلام عليك إلا قال الرب تبارك وتعالى:
استجار عبدي بالصوم من عبدي أجيروه من ناري وأدخلوه جنتي ". (4)
ثم إن مقتضى ما تقدم مما ذكر في ترجمة محمد بن سنان أن عبد الله بن
محمد كان أسديا.

1. تهذيب الأحكام 2: 137، ح 533، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة.
2. الأمالي للصدوق: 265، ح 3، المجلس 45.
3. في " ح " و " د ": " الخامس ". والصحيح ما أثبتناه.
4. الأمالي للصدوق: 582، ح 2، المجلسي 86. وما بين المعقوفين من المصدر.
286

وأما الثاني
[في بيان حاله]
[روايات الكشي في ذمه]
فقد روى الكشي عن أبي علي خلف بن حامد عن الحسن بن طلحة عن
ابن فضال عن يونس بن يعقوب عن بريد العجلي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألت
عن قول الله عز وجل: (هل أنبئكم على من تنزل الشيطين * تنزل على كل أفاك أثيم) (1)
قال: " هم سبعة: المغيرة بن سعيد، وبنان، وصائد الهندي، والحارث الشامي، وعبد
الله بن عمرو بن الحارث، وحمزة بن عمارة الزبيدي، وأبو الخطاب ". (2)
وروى عن محمد بن مسعود عن الحسين بن الحسن بن بندار ومحمد بن
قولويه القميان عن سعد بن عبد الله عن أبي خلف عن يعقوب بن يزيد عن
ابن أبي عمير عن ابن بكير عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: " لعن الله
بنان التبان، وإن بنانا لعنه الله كان يكذب على أبي، أشهد أن أبي كان عبدا صالحا ". (3)
وفي بعض النسخ: " أشد " بدل " أشهد " أي: أشد الكذب.
وروى عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن الحسن بن فضال
ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد عن الحسن بن علي بن
فضال عن داود بن أبي يزيد العطار عمن حدثه من أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: " يقول الله عز وجل: (هل أنبئكم على من تنزل الشيطين * تنزل على كل أفاك
أثيم) (4) " قال: " هم سبعة: المغيرة بن سعيد، وبنان، وحمزة بن عمارة الزبيدي،

1. الشعراء (26): 221 - 222.
2. انظر رجال الكشي 2: 591 / 543.
3. رجال الكشي 2: 590 / 541.
4. الشعراء (26): 221 - 222.
287

والحارث الشامي، وعبد الله بن عمرو بن الحارث، وأبو الخطاب ". (1)
وروى عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي يحيى سهل بن زياد
الواسطي ومحمد بن عيسى بن عبيد عن أخيه جعفر وأبي يحيى الواسطي، قال:
قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام):
كان بنان يكذب على علي بن الحسين (عليهما السلام) فأذاقه الله حر الحديد، وكان
المغيرة بن سعيد يكذب على أبي جعفر (عليه السلام) فأذاقه الله حر الحديد، وكان
محمد بن بشير يكذب على أبي الحسن موسى (عليه السلام) فأذاقه الله حر
الحديد، وكان أبو الخطاب يكذب على أبي عبد الله (عليه السلام) فأذاقه الله حر
الحديد، والذي يكذب علي محمد بن فرات. (2)
وروى عن سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن
ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" إن بنانا والسري وبزيعا - لعنهم الله - تراءى لهم الشيطان في أحسن
صورة آدمي من قرنه إلى سرته " قال: قلت: إن بنانا يتأول هذه الآية (وهو
الذي في السماء إله وفى الأرض إله) (3) أن الذي في الأرض غير إله
السماء، وإله السماء غير إله الأرض، وأن إله السماء أعظم من إله
الأرض، وأن أهل الأرض يعرفون فضل إله السماء ويعظمونه، فقال:
" والله ما هو إلا الله وحده لا شريك له، إله من في السماوات ومن في
الأرض، كذب بنان - عليه لعنة الله - لقد صغر الله عز وجل وصغر
عظمته. (4)

1. رجال الكشي 2: 591 / 543. وفي المصدر زيادة " صائد ".
2. رجال الكشي 2: 591 / 544.
3. الزخرف (43): 84.
4. رجال الكشي 2: 592 / 547.
288

وروى عن سعد بن عبد الله عن محمد بن خالد الطيالسي عن
عبد الرحمن بن أبي نجران عن ابن سنان قال، قال أبو عبد الله (عليه السلام):
" إنا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا فيسقط صدقنا
بكذبه علينا عند الناس، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصدق البرية لهجة وكان
مسيلمة يكذب عليه، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) أصدق من برأ الله من بعد
رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه بما
يفتري عليه من الكذب عبد الله بن سبأ لعنه الله، وكان أبو عبد الله
الحسين بن علي (عليهما السلام) قد ابتلي بالمختار " ثم ذكر أبو عبد الله (عليه السلام) الحارث
الشامي وبنان، فقال: " كانا يكذبان على علي بن الحسين (عليهما السلام) ". ثم ذكر
المغيرة بن سعيد وبزيعا والسري وأبا الخطاب ومعمرا وبشارا الأشعري
وحمزة الزبيدي وصائد الهندي فقال: " لعنهم الله إنا لا نخلو من كذاب
يكذب علينا أو عاجزا لرأي، كفانا الله مؤونة كل كذاب علينا وأذاقهم الله
حر الحديد ". (1)
وروى عن يحيى بن عبد الحميد في كتابه المؤلف في إثبات إمامة
أمير المؤمنين (عليه السلام): قلت لشريك: إن أقواما يزعمون أن جعفر بن محمد (عليهما السلام) ضعيف
الحديث، فقال:
أخبرك القصة، كان جعفر بن محمد رجلا صالحا مسلما ورعا، فاكتنفه
قوم جهال يدخلون عليه ويخرجون من عنده ويقولون: " حدثنا
جعفر بن محمد " ويحدثون بأحاديث كلها منكرات كذب موضوعة
على جعفر (عليه السلام)، يستأكلون الناس بذلك، ويأخذون منهم الدراهم،
وكانوا يأتون من ذلك بكل منكر، فسمعت العوام بذلك منهم، فمنهم
من هلك ومنهم من أنكر، وهؤلاء مثل المفضل بن عمر، وبنان، وعمرو

1. رجال الكشي 2: 593 / 549.
289

النبطي وغيرهم ذكروا أن جعفرا حدثهم أن معرفة الإمام تكفي من
الصلاة والصوم، وحدثهم عن أبيه عن جده، وأنه حدثهم ع ة (1) قبل
القيامة، وأن عليا في السحاب يطير مع الريح، وأنه كان يتكلم بعد
الموت، وأنه كان يتحرك على المغتسل، وأن إله السماء وإله الأرض
الإمام، فجعلوا لله شريكا، جهال ضلال، والله ما قال جعفر شيئا من هذا
قط، كان جعفر أتقى لله وأورع من ذلك، فسمع الناس ذلك فضعفوه،
ولو رأيت جعفرا (عليه السلام) لعلمت أنه واحد الناس. (2)
وحكى العلامة في الخلاصة عن الكشي أنه روى عن سعد بن عبد الله عن
محمد بن خالد الطيالسي عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن ابن سنان أن
الصادق (عليه السلام) لعنه. (3)
لكن لم أظفر به في اختيار الشيخ، المعروف بكتاب الكشي. والحق أنه من
تأليفات الشيخ كما حررناه في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة
في رواية الكليني عن الحسين بن محمد.
وقد أجاد الفاضل الأسترآبادي (4) حيث إنه نقل ما ذكر عن الخلاصة، لكن
السيد السند التفرشي (5) نقله عن الكشي.
[في بيان البنانية]
وحكى الفاضل الأسترآبادي عن تاريخ أبي زيد أن البنانية أقروا بنبوة بنان، (6)

1. قوله: " ع ة " رمز ل‍ " عن الرجعة ".
2. رجال الكشي 2: 616 - 617 / 588.
3. خلاصة الأقوال: 208 / 4.
4. منهج المقال: 73 و 211، والنقل في الترجمتين عن الكشي.
5. انظر نقد الرجال 1: 303 / 809 - 810.
6. في المصدر: " بيان ".
290

وهو رجل من سواد الكوفة يأول قول الله عز وجل (هذا بيان للناس) (1) أنه هو، وكان
يقول بالتناسخ والرجعة، فقتله خالد بن عبد الله القسري. (2)
[دفاع عن " بنان "]
أقول: إن مقتضى ما ذكر فيه أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى من
الأسانيد المتقدمة كون عبد الله بن محمد بن عيسى في طبقة أخيه أحمد بن
محمد بن عيسى، وأحمد بن محمد بن عيسى من رجال الرضا والجواد
والهادي (عليهم السلام)، (3) بل روى عبد الله بن محمد بن عيسى عن علي بن مهزيار فيما رواه
الكشي في ترجمة محمد بن إسماعيل بن بزيع عن علي بن محمد عن بنان بن
محمد عن علي بن مهزيار عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال: سألت
أبا جعفر (عليه السلام) أن يأمر لي بقميص من قمصه أعده لكفني، فبعث به إلي، فقلت له:
كيف أصنع به جعلت فداك؟ قال: " انزع أزه " (4) وعلي بن مهزيار من أصحاب الرضا
والجواد والهادي (عليهم السلام) (5) أيضا، فلا مجال لكونه ممن نزل في شأنه الآية، كما هو
مقتضى الرواية الأولى (6) والرواية الثالثة (7) من الروايات المذكورة عن الكشي.
وكذا لا مجال لوضعه الكذب على السيد السجاد - عليه آلاف التحية من رب
العباد - كما هو مقتضى الرواية الرابعة (8) والسادسة، (9) ولا لوضعه الكذب على

1. آل عمران (3): 138.
2. توضيح المقال: 44 وحكاه أيضا عن تاريخ أبي زيد البلخي في مقباس الهداية 1: 358.
3. رجال الشيخ: 366 / 3، و 397 / 6، و 409 / 3.
4. نقله عنه في خلاصة الأقوال: 139 / 15. وانظر منتهى المقال 5: 370 / 2494.
5. رجال الشيخ: 381 / 22، و 417 / 3، و 403 / 8.
6. انظر رجل الكشي 2: 591 / 543.
7. رجال الكشي 2: 591 / 543.
8. رجال الكشي 2: 591 / 544.
9. رجال الكشي 2: 593 / 549.
291

الصادق (عليه السلام)، كما هو مقتضى الرواية السابعة، (1) ولا للعن الصادق (عليه السلام) عليه، كما هو
مقتضى ما نقله العلامة في الخلاصة عن الكشي، (2) ولا لكونه في عصر الصادق (عليه السلام)
أو في بعض الأعصار السابقة على عصره، كما هو مقتضى الرواية الخامسة من
تلك الروايات، (3) بل كثرة رواياته - فضلا عن كونه من مشايخ الإجازة، كما ذكره
المولى التقي المجلسي (4) - توجب القطع بكونه مغايرا للمطعون بالمطاعن
المذكورة، بل كونه من مشايخ الإجازة يقتضي صحة حديثه أو حسنه بناء على
دلالة شيخوخة الإجازة على العدالة، كما جرى عليه جماعة، (5) أو دلالتها على
الحسن، كما نسبه العلامة البهبهاني إلى المشهور. (6)
[دلالة شيخوخة الإجازة على العدالة أو حسن الحال]
ولكن التحقيق أنه لا إشكال في أن الظاهر عدالة شيخ الإجازة لو كان مرجعا
للمحدثين في الإجازة والاستجازة؛ حيث إن الظاهر أن رجوع المحدثين إليه في الإجازة
واشتهاره بينهم بالاستجازة منه كان من جهة اعتمادهم على عدالته، وإن فرض كون
الكتاب المستجاز لروايته متواترا عند بعضهم، فكانت الاستجازة من جهة اتصال السند،
فكأن في المستجيزين جماعة من المعتمدين وإن لم نعرفهم بأعيانهم كان استجازتهم
من جهة الاعتماد على المجيز قطعا، فالظاهر في هذه الصورة أن الاشتهار بالإجازة كان
من جهة الوثاقة، مع أنه لا أقل من ظهور كون جماعة من المستجيزين معتمدين كانت
استجازتهم من جهة الاعتماد، فيتأتى لنا الظن بالوثاقة، وفيه الكفاية.

1. رجال الكشي 2: 615 / 588.
2. خلاصة الأقوال: 208 / 4.
3. رجال الكشي 2: 592 / 547.
4. روضة المتقين 14: 72.
5. كالعلامة البحراني في معراج الكمال: 64. وانظر منتهى المقال 1: 85، المقدمة الخامسة.
6. تعليقة الوحيد البهبهاني: 9.
292

وقد يقال: إن من حكم بعدالة مشايخ الإجازة إنما أراد الشيخوخة في تلك
الصورة، وأما في غير تلك الصورة فالظاهر أن الاستجازة من جهة اعتماد
المستجيز على المجيز وإن احتمل كون الاستجازة من جهة مجرد اتصال السند،
إلا أن كون اعتماد المستجيز موجبا لاعتمادنا بالمجيز على (1) كون المستجيز معتمدا
عليه عندنا، فعلى تقدير كون المستجيز معتمدا عليه يتأتى الاعتماد على المجيز.
إلا أن يقال: إنه على هذا التقدير ليس ظهور كون الاستجازة منه من جهة
اعتماده على المجيز، دون مجرد اتصال السند بحيث تركن النفس وتسكن إليه،
فحينئذ لا يثبت حسن حال المجيز أيضا، فلا يثبت كونه من رجال الحسن.
ولو كان المستجيز ممن يطعن بالرواية عن المجاهيل وغير الثقات وإن
لم يكن من المشاهير، فيمكن القول بدلالة استجازته على وثاقة المجيز.
إلا أن يقال: إن الظاهر من الطعن في الرواية عن غير الثقات هو الطعن على
أخذ الرواية من غير الثقة، بحيث كان غير الثقة طريقا في وصول الخبر إلى
الراوي، وهاهنا يمكن أن يكون الكتاب متواترا عند المستجيز، وكانت الاستجازة
من جهة مجرد اتصال السند.
[ما يدل على الاعتماد عليه]
مضافا إلى أن ما تقدم من النجاشي بإسناده عن القاضي في باب محمد بن
سنان (2) يقتضي كونه محل الاعتماد بقوله فضلا عن أنه قد تكثر رواية محمد بن
يحيى عن عبد الله بن محمد، ولم يذكرها محمد بن الحسن بن الوليد فيما استثناه
من روايات محمد بن يحيى. (3)

1. كذا.
2. رجال النجاشي: 328 / 888.
3. انظر خلاصة الأقوال: 272، الفائدة الرابعة.
293

وقد ذكر العلامة في آخر الخلاصة ما استثناه محمد بن الحسن [بن] الوليد من
روايات محمد بن يحيى. (1)
وفضلا عن أن ذكره في الأسانيد مع أخيه يقتضي مساوقة شأنه لشأن أخيه
ولو في الجملة، فلا أقل من دلالته على حسن حاله بناء على وثاقة أخيه، كما
حررناه في الأصول.
فالظاهر أن حاله لا يخرج عن حسن الحال، وحديثه لا يخرج عن الحسن،
بل حكى العلامة البهبهاني رواية أخيه عنه كثيرا؛ (2) حيث إن رواية أخيه عنه مع
ملاحظة سلوك أخيه بالنسبة إلى البرقي تقضي بحسن حاله، بل تقضي بوثاقته وإن
لم تقض رواية الثقة بوثاقة المروي عنه.
ويرشد إليه أن الصدوق في الفقيه في مقام المدح لعبد الله بن الصلت ذكر
- نقلا - أن أحمد بن محمد بن عيسى في فضله وجلالة قدره كان يروي عن
عبد الله بن الصلت. (3)
لكن بعد كثير من الاستقراء لم أظفر برواية أخيه عنه، بل قد تقدم في بعض
الروايات المتقدمة روايته عن أخيه، وإن أمكن بل وقع رواية كل من رجلين عن
آخر، لكنه نادر.
بل يرشد إلى كون دعوى رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن أخيه عبد الله بن
محمد اشتباها من العلامة المشار إليه: أنه ذكر الفاضل الكاظمي أن رواية أحمد بن
محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد قرينة على كون المروي عنه هو عبد الله بن محمد
الأسدي الحجال المزخرف، ووقوع عبد الله بن محمد في طبقة أحمد بن محمد بن

1. خلاصة الأقوال: 272، الفائدة الرابعة.
2. تعليقة الوحيد البهبهاني: 72.
3. قال البهبهاني في تعليقته: 203. مدحه الصدوق في أول كمال الدين مدحا عظيما وأثنى عليه ثناءا
كثيرا. انظر كمال الدين 1: 3، ومنتهى المقال 4: 195 / 1737.
294

عيسى قرينة على كون عبد الله بن محمد هو أخا أحمد بن محمد بن عيسى، حيث إنه
لو روى أحمد بن محمد بن عيسى عن أخيه عبد الله بن محمد، فهو أقوى قرينة على
كون المروي عنه هو أخا أحمد بن محمد بن عيسى. (1)
ولم يذكر الفاضل المشار إليه كون رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن
عبد الله بن محمد قرينة على كون المروي عنه هو أخا أحمد بن محمد بن عيسى،
بل ذكر القرينة عليه كون عبد الله بن محمد في طبقة عبد الله بن محمد، فمقتضاه
عدم رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن أخيه عبد الله بن محمد.
لكن لم أظفر بذكر رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد
الحجال غير الفاضل المشار إليه.
[في تمييزه بالراوي والمروي عنه]
ثم إنه لو روى عن عبد الله بن محمد بكار، فالمروي عنه هو أبو بكر
الحضرمي؛ لأن بكارا ابن أبي بكر الحضرمي.
والظاهر أن أبا بكر الحضرمي ثقة وإن اختلف في حاله. (2) وقد حررنا الكلام
في حاله في مقالة منفردة.
ولو روى عنه محمد بن أحمد بن إسحاق الجريري، فالمروي عنه هو
عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، وهو عامي المذهب، كما في الفهرست، (3)
ومجهول الحال؛ لرواية محمد بن أحمد - المذكور - عن عبد الله بن محمد
- المذكور - كما يستفاد من الفهرست. (4)

1. هداية المحدثين: 206.
2. انظر نقد الرجال 3: 133 / 3177، ومنتهى المقال 4: 221 / 1777، و ج 7: 124 / 3380.
3. الفهرست: 104 / 448.
4. الفهرست: 104 / 488.
295

ونقل عنه الفاضل الأسترابادي، (1) وذكره الفاضل الكاظمي (2) أخذا من
الفهرست.
لكن السيد السند التفرشي حكى عن الفهرست رواية أحمد بن محمد بن
إسحاق عن عبد الله بن محمد - المذكور - على ما في نسختين من النقد، (3) وإحدى
النسختين في غاية الاعتبار.
ولو روى عنه محمد بن أحمد بن يحيى، فالمروي عنه هو عبد الله بن محمد
الشامي المصرح بالضعف في كلام النجاشي؛ (4) لرواية محمد بن أحمد - المذكور -
عن عبد الله بن محمد - المذكور - كما ذكره الشيخ في الرجال. (5)
ولو روى عنه الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة، فالمروي عنه هو عبد الله بن
محمد الحجال المزخرف؛ لما ذكره النجاشي، (6) ولما يستفاد من الفاضل الكاظمي من
رواية الحسن بن علي - المذكور - عن عبد الله بن محمد، المذكور. (7)
لكن ربما زاد الفاضل الأسترآبادي في حاشية المشتركات - على ما نسب إليه -
" عن أبيه " قبل قوله: " عنه " من باب إصلاح الحال.
لكنه مخالف لعبارة النجاشي (8) وما نقل عنه الفاضل الأسترآبادي (9) والسيد

1. منهج المقال: 210.
2. هداية المحدثين: 206.
3. نقد الرجال 3: 135 / 3177، وانظر الهامش رقم 5.
4. رجال النجاشي: 348 / 939. وانظر تعليقة الوحيد البهبهاني: 211.
5. رجال الشيخ: 484 / 44.
6. رجال الشيخ: 226 / 595.
7. هداية المحدثين: 206.
8. رجال النجاشي: 226 / 595.
9. منهج المقال: 210.
296

السند التفرشي، (1) مع أن ذكر رواية الراوي عنه عن أبيه عن الراوي نادر وإن يأتي
في باب عبد الله بن محمد بن خالد.
وكذا الحال لو روى عنه الحسن بن علي الكوفي؛ لما في الفهرست (2) ويستفاد
من الفاضل الكاظمي من رواية الحسن بن علي - المذكور - عن عبد الله بن محمد،
المذكور. (3)
ولكن المقصود بالحسن بن علي المذكور - هو الحسن بن علي بن عبد الله بن
المغيرة، كما صرح به الفاضل الأسترآبادي في حاشية المشتركات على ما نسب
إليه.
والظاهر أن الجمع بين الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة والحسن بن
علي الكوفي من الفاضل الكاظمي (4) من باب استيفاء الكلام ومزيد شرح الحال؛
لاحتمال اختلاف التعبير في الأسانيد أو وقوعه؛ حذرا من عدم حمل عبد الله على
عبد الله بن محمد - المذكور - لو اقتصر على الحسن بن علي بن عبد الله بن
المغيرة أو الحسن بن علي الكوفي، لا من باب توهم التعدد في الحسن بن
علي بن عبد الله بن المغيرة والحسن بن علي الكوفي.
ولو روى عنه محمد بن عيسى بن عبيد أو أحمد بن عمر الحلال، فالمروي
عنه هو عبد الله بن محمد الحصيني؛ لما ذكره النجاشي من رواية محمد بن
عيسى بن عبيد عن عبد الله بن محمد، المذكور، (5) وما في الفهرست من رواية
أحمد بن عمر - المذكور - عن عبد الله بن محمد، المذكور. (6)

1. نقد الرجال 3: 135 / 3180.
2. الفهرست: 102 / 439.
3. هداية المحدثين: 206.
4. هداية المحدثين: 206.
5. رجال النجاشي: 227 / 597.
6. الفهرست: 101 / 436.
297

ولو روى عنه محمد بن جعفر، أو علي بن محمد بن الزبير، أو جعفر بن
محمد بن مسعود عن أبيه عنه، فالمروي عنه هو عبد الله بن محمد بن خالد
الطيالسي؛ لما ذكره النجاشي من أن له نوادر روى عنه محمد بن جعفر. ونسخة
أخرى: نوادر صغيرة روى عنه عن علي بن محمد بن الزبير. ونسخة أخرى:
صغيرة روى عنه جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه عنه. (1)
وذكر الفاضل الكاظمي أنه لو كان عبد الله بن محمد في طبقة رجال
العسكري، فعبد الله بن محمد هو عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي أيضا؛ (2)
أخذا مما صنعه الشيخ في الرجال في أصحاب العسكري. (3)
وفيه: أن عبد الله بن محمد بن الشامي بناء على اتحاده مع عبد الله بن محمد
الدمشقي ذكره الشيخ في الرجال في أصحاب العسكري (4) أيضا، مع أن الاقتصار
عليه في القرينة على كون عبد الله بن محمد هو عبد الله بن محمد بن خالد
الطيالسي كما ترى؛ لما سمعت من رواية جماعة عن عبد الله بن محمد بن خالد
الطيالسي.
ولو روى عنه أحمد بن محمد بن يحيى، فالمروي عنه هو عبد الله بن محمد
الرازي المجهول الحال؛ بناء على ما ذكره الشيخ في الرجال - في باب من لم يرو -
من أنه روى عنه أحمد بن محمد بن يحيى. (5)
لكن ذكره الشيخ في الرجال في أصحاب الجواد (6) أيضا، فلو كان عبد الله بن

1. رجال النجاشي: 219 / 572.
2. هداية المحدثين: 207.
3. رجال الشيخ: 433 / 21.
4. رجال الشيخ: 433 / 21.
5. رجال الشيخ: 484 / 45.
6. رجال الشيخ: 404 / 13.
298

محمد في طبقة أصحاب الجواد، فالمقصود به هو عبد الله بن محمد الرازي (1)
أيضا.
لكن الشيخ في الرجال كثيرا ما ذكر الرجل المتحد تارة في أصحاب
الإمام، وأخرى في باب من لم يرو، كما ذكره السيد السند التفرشي في
ترجمة الحسين بن إشكيب (2) وريان بن الصلت (3) والقاسم بن محمد الجوهري (4)
ومعاوية بن حكيم. (5)
ومزيد الكلام موكول إلى ما حررناه في الرسالة المعمولة في باب النجاشي.
واقتصر الفاضل الكاظمي في القرينة - على كون عبد الله بن محمد هو
عبد الله بن محمد الرازي - على رواية أحمد بن محمد بن يحيى عنه، (6) ولم يذكر
كونه في طبقة أصحاب الجواد قرينة على ذلك.
ولو روى عنه عباد بن يعقوب الرواجني، فالمروي عنه هو عبد الله بن
محمد بن قيس المجهول الحال؛ لما في الفهرست من رواية عباد بن يعقوب عن
عبد الله بن محمد، المذكور. (7)
ولو روى عنه أحمد بن محمد البرقي، فالمروي عنه هو عبد الله بن محمد
النهيكي؛ لما ذكره النجاشي من رواية أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن
عبد الله بن محمد، المذكور. (8)

1. في " ح ": " الزراري ".
2. نقد الرجال 2: 79 / 1418؛ رجال الشيخ: 386 / 18، و 398 / 1، و 420 / 7.
3. نقد الرجال 2: 249 / 2008؛ رجال الشيخ: 357 / 1، و 426 / 1، و 386 / 1.
4. نقد الرجال 4: 45 / 4196؛ رجال الشيخ: 273 / 49، و 342 / 1، و 436 / 5.
5. نقد الرجال 4: 386 / 5324؛ رجال الشيخ: 378 / 22، و 392 / 24، و 449 / 134.
6. هداية المحدثين: 207.
7. الفهرست: 106 / 465.
8. رجال النجاشي: 229 / 605 وفيه: " روى عنه أحمد بن أبي عبد الله ".
299

ولو روى عبد الله بن محمد عن العسكري (عليه السلام)، فالراوي هو عبد الله بن محمد
الشامي، بناء على اتحاده مع عبد الله بن محمد الدمشقي؛ لما صنعه الشيخ في
الرجال حيث ذكر عبد الله بن محمد الدمشقي في أصحاب العسكري (عليه السلام). (1)
ولو روى عن أحمد بن محمد بن عيسى، فالراوي هو عبد الله بن محمد
الشامي؛ بناء على اتحاده مع عبد الله بن محمد الدمشقي؛ لما ذكره الشيخ في
الرجال من رواية عبد الله بن محمد الدمشقي عن أحمد بن محمد بن عيسى. (2)
لكن السيد السند التفرشي نقل عن الشيخ في الرجال رواية أحمد بن
محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد الدمشقي. (3)
لكنه خلاف ما في الرجال. وما ذكره الفاضل الأسترآبادي والفاضل الكاظمي
أخذا من الرجال.
ولو روى عبد الله بن محمد عن محمد بن الحسن بن عبد الله الجعفري،
فالراوي هو عبد الله بن محمد البلوي المصرح بالضعف في كلام النجاشي؛
لما ذكره النجاشي في ترجمة محمد بن الحسن بن عبد الله الجعفري أنه روى عنه
عبد الله بن محمد البلوي. (4)
لكن السيد السند التفرشي نقل عن النجاشي في الترجمة المذكورة رواية
محمد بن الحسن الصفار عن عبد الله بن محمد البلوي. (5)
لكنه مخالف لكلام النجاشي. وما نقل عنه الفاضل الأسترآبادي وما ذكره
الفاضل الكاظمي أخذا من النجاشي.

1. رجال الشيخ: 401 / 21.
2. رجال الشيخ: 401 / 21.
3. نقد الرجال 3: 139 / 3190.
4. رجال النجاشي: 324 / 884.
5. نقد الرجال 3: 136 / 3182.
300

وكيف كان جميع ما ذكر نادر، بل مفقود الأثر، وذكره من باب استيفاء الكلام
في المرام.
[في عبد الله بن محمد المكنى بأبي بصير]
بقي أن عبد الله بن محمد الأسدي المتقدم - بظهور كونه مرادا بعبد الله بن
محمد - غير عبد الله بن محمد الأسدي الذي عده الشيخ في الرجال من أصحاب
الباقر (عليه السلام)، وذكر أنه يكنى بأبي بصير؛ حيث قال في أصحاب الباقر (عليه السلام): عبد الله بن
محمد الأسدي كوفي يكنى بأبي بصير. (1)
ومقتضي كلام الكشي أيضا أنه يكنى بأبي بصير؛ حيث قال في أصحاب
الباقر (عليه السلام): عبد الله بن محمد الأسدي الكوفي يكنى بأبي بصير. (2)
ومقتضى كلام الكشي أيضا أنه يكنى بأبي بصير حيث قال في أبي بصير:
عبد الله بن محمد الأسدي طاهر بن عيسى قال: حدثني جعفر بن أحمد
الشجاعي عن محمد بن الحسين عن أحمد بن الحسن الميثمي عن
عبد الله بن وضاح عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن مسألة في
القرآن، فغضب وقال: " أنا رجل تحضرني قريش وغيرهم، وإنما
تسألني عن القرآن " فلم أزل أطلب إليه وأتضرع حتى رضي، وكان عنده
رجل من أهل المدينة مقبل عليه، فقعدت عند باب البيت على بثي
وحزني إذ دخل بشير الدهان فسلم وجلس عندي فقال لي: سله عن
الإمام بعده، فقلت: لو رأيتني مما قد خرجت عن هيئة لم تقل: سله،
فقطع أبو عبد الله (عليه السلام) حديثه مع الرجل ثم أقبل فقال: " يا أبا محمد ليس
لكم أن تدخلوا علينا في أمرنا، وإنما عليكم أن تسمعوا وتطيعوا

1. رجال الشيخ: 140 / 26.
2. رجال الكشي 1: 409 / 299.
301

إذا أمرتم ". (1)
لكنك خبير بأن مقتضاه الإذعان بتحقق رواية عبد الله بن محمد الأسدي عن
الصادق (عليه السلام)، وهذا ينافي ما تقتضيه صنيعة الشيخ؛ حيث عد عبد الله بن محمد
الأسدي من أصحاب الباقر (عليه السلام). (2)
وكيف كان لا دليل على كون المقصود بأبي بصير في سند الرواية المذكورة
هو عبد الله بن محمد الأسدي، فلا يثبت إطلاق أبي بصير على عبد الله بن محمد
الأسدي، بل لا دليل على كون المقصود بأبي محمد هو بشير الدهان، فذكر الرواية
من الكشي في طي عنوان عبد الله بن محمد الأسدي كما ترى؛ لابتنائه على كون
المقصود بأبي بصير وأبي محمد هو عبد الله بن محمد، وقد سمعت عدم ثبوت
شيء من الأمرين.
ويمكن أن يقال: إن الكشي من أرباب الخبرة والبصيرة في الرجال، فالظاهر
اطلاعه على كون المقصود بأبي بصير وأبي محمد هو عبد الله بن محمد، نظير أنه
قد يذكر بعض الروايات في بعض كتب الأخبار في بعض الأبواب مع عدم اقتضاء
الرواية للاختصاص بالباب الذي ذكر الرواية فيه، كما رواه المشايخ الثلاثة - في
باب السجود - بالإسناد عن أبي جرير الرواسي قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول:
" اللهم إني أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب " يرددها، (3) أي يكررها،
كما في الترديد بالقرائن، مع عدم دلالة الرواية على أنه (عليه السلام) كان يأتي بالدعاء
المذكور في السجدة، فضلا عن سجدة الصلاة.
نعم، مقتضى ما عن البحار عن جامع البزنطي عن خط بعض الأفاضل عن

1. رجال الكشي 1: 409 / 299.
2. رجال الشيخ: 140 / 26.
3. الكافي 3: 323، ح 10، باب السجود والتسبيح والدعاء في الفرائض والنوافل؛ تهذيب الأحكام
2: 300، ح 65، باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون.
302

جميل عن الحسن بن زياد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول وهو ساجد: " اللهم
إني أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب ". (1) وكذا ما عن نوادر الراوندي
من أنه كان موسى بن جعفر (عليه السلام) يدعو كثيرا في سجوده: " اللهم إني أسألك " (2) إلى
آخره: هو كون الدعاء في السجود، بل ظاهر هاتين الروايتين كون السجود
للصلاة.
ومثل ذلك ما رواه في الفقيه - في باب أحكام السهو في الصلاة - عن
أبي الحسن (عليه السلام) قال: " إن شككت فابن على الأربع " قلت: هذا أصل؟ قال: " نعم " (3)
مع عدم اقتضاء الرواية للاختصاص بشكوك الصلاة.
فثبت أن عبد الله بن محمد كان يكنى بأبي بصير وأبي محمد وكان يروي عن
الصادق (عليه السلام)، فلا بأس بذكر الرواية المذكورة في ذيل عنوانه لا سندا ولا متنا.
لكن نقول: إنه ذكر النجاشي (4) والعلامة (5) وابن داود (6) أن عبد الله بن وضاح
صاحب أبا بصير يحيى بن القاسم كثيرا وعرف به، بل ذكر النجاشي أن له كتبا
يعرف منها كتاب الصلاة، أكثره عن أبي بصير. (7)
فالظاهر أن التعبير بأبي بصير من غير الكشي لا منه بتغيير التعبير بأن عبر
جعفر بن محمد بعبد الله بن محمد، وهو عبر بأبي بصير، والمقصود بأبي بصير هو

1. البحار 86: 216، ح 31؛ مجموعة الشهيد: 90؛ مستدرك الوسائل 4: 463، أبواب السجود، باب
14، ح 3.
2. دعوات الراوندي: 80. وعنه في البحار 86: 218، ح 34، ومستدرك الوسائل 5: 136، أبواب
سجدتي الشكر، باب 5، ح 10.
3. الفقيه 1: 231، ح 1025، باب أحكام السهو في الصلاة. وفيه: " اليقين " بدلا عن " الأربع ".
4. رجال النجاشي: 215 / 560.
5. خلاصة الأقوال: 110 / 37.
6. رجال ابن داود: 124 / 913.
7. رجال النجاشي: 215 / 560.
303

يحيى بن أبي القاسم وإن حكي عن الكاظمي دعوى رواية عبد الله بن وضاح عن
عبد الله بن محمد الأسدي. (1)
لكن الظاهر أن مدركه ظاهر كلام الكشي.
ومزيد الكلام موكول إلى ما حررناه في باب أبي بصير في الأصول.
وبالجملة، الوجه في مغايرة عبد الله بن محمد المتقدم وعبد الله بن محمد
المذكور هنا: أن عبد الله بن محمد المذكور هنا قد عده الشيخ من أصحاب
الباقر (عليه السلام) (2) كما سمعت، والحال في روايته عن الصادق (عليه السلام) كما سمعت، وعبد الله بن
محمد المتقدم قد تقدم أن الظاهر اتحاد طبقته مع طبقة أخيه أحمد بن محمد،
وأخوه من أصحاب الكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام) كما يظهر مما مر، وقد تقدم رواية
عبد الله بن محمد عن أخيه.
ومن البعيد غاية البعد بل القريب من الامتناع أن يروي من كان من أصحاب
الباقر أو الباقرين (عليهما السلام) عمن كان من أصحاب الكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام)، ولا يروي
عن الصادق ولا الكاظم (عليهما السلام) أقلا، أولا يروي عن الكاظم (عليه السلام) أقلا.
هذا - أعني الحكم بالمغايرة - مبني على ثبوت عبد الله بن محمد
المذكور هنا، وأما لو قلنا بانتفاء عبد الله بن محمد المذكور هنا - كما هو مقتضى
ما ذكرناه بالآخرة - فعبد الله بن محمد منحصر في عبد الله بن محمد المتقدم، والله
العالم.

1. هداية المحدثين: 207.
2. رجال الشيخ: 140 / 26.
304

18 - رسالة في " علي بن الحكم "
305

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
وبعد، فهذه كلمات في علي بن الحكم، فنقول: قال النجاشي:
علي بن الحكم بن الزبير النخعي أبو الحسن الضرير، مولى، له ابن عم
يعرف بعلي بن جعفر بن الزبير النخعي، روى عنه، له كتاب، أخبرنا
عبد الله بن شاذان قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيي العطار قال:
حدثنا سعد عن محمد بن إسماعيل وأحمد بن أبي عبد الله عن علي بن
الحكم بكتابه. (1)
وقال الكشي في علي بن الحكم الأنباري:
حمدويه عن محمد بن عيسى: أن علي بن الحكم هو ابن أخت داود بن
النعمان بياع الأنماط، وهو نسيب بني الزبير الصيارفة، وعلي بن الحكم
تلميذ ابن أبي عمير، ولقي من أصحاب أبي عبد الله الكثير، وهو مثل
ابن فضال وابن بكير. (2)
قوله: " وهو نسيب " عن بعض النسخ " النسب ".
وقال صاحب المعالم في حاشية التحرير الطاوسي - نقلا -:
ربما يتوهم كون مرجع الضمير فيه علي بن الحكم، فيقوى به وهم كون

1. رجال النجاشي: 274 / 718.
2. رجال الكشي 2: 840 / 1079.
307

المسمى بهذا الاسم متعددا، والحق أنه عائد إلى داود بن النعمان، كما
يشهد به قوله: " وعلي بن الحكم " على أثر هذا الكلام. (1)
والأظهر: عود الضمير إلى علي بن الحكم؛ بناء على ما حررناه في الرسالة
المعمولة في " ثقة " من رجوع متعلقات الكلام إلى المقصود بالأصالة.
والتمسك في ترجيح العود إلى داود بقوله: " وعلي بن الحكم تلميذ
ابن أبي عمير " يضعف بأن قوله: " وعلي بن الحكم " وإن كان مظهرا عن العود إلى
داود لكن كلمات أرباب الرجال لم يراع فيها أمثال ذلك، كما حررناه في الرسالة
المذكورة، مع أن العود إلى علي لا دلالة فيه على التعدد.
وقال الشيخ في الفهرست: علي بن الحكم الكوفي، ثقة جليل القدر. فذكر: أن
له كتابا، روى عنه محمد بن السندي وأحمد بن محمد. (2)
وقال الشيخ في الرجال في أصحاب الرضا (عليه السلام): علي بن الحكم بن الزبير مولى
النخع، (3) كوفي. (4)
وقال العلامة في الخلاصة في القسم الأول:
علي بن الحكم الكوفي، ثقة جليل القدر. (5)
ثم قال:
علي بن الحكم من أهل الأنبار، قال الكشي: حمدويه عن محمد بن
عيسى: إن علي بن الحكم هو ابن أخت داود بن النعمان بياع الأنماط،
وهو نسيب بني الزبير الصيارفة، وعلي بن الحكم تلميذ ابن أبي عمير،

1. التحرير الطاووسي: 370 - 371 / 259.
2. الفهرست: 87 / 366.
3. في " ح، د ": " النخعي ". والصحيح ما أثبتناه من المصدر.
4. رجال الشيخ: 382 / 30.
5. خلاصة الأقوال: 93 / 14.
308

ولقي من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) الكثير، وهو مثل ابن فضال وابن
بكير. (1)
وقال ابن داود في القسم الأول من رجاله:
علي بن الحكم بن الزبير النخعي أبو الحسن الضرير مولى، لم، جش، له
ابن عم يعرف بعلي بن جعفر بن الزبير، روى عنه، فقال: علي بن
الحكم الكوفي، لم، ست، ثقة جليل القدر، فقال: علي بن الحكم
الأنباري، كش، هو ابن أخت داود بن النعمان بياع الأنماط، وهو تلميذ
ابن أبي عمير، لقي من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) كثيرا، مثل ابن فضال
وابن بكير، ولم يذكر له ثناء ولا ذم (2). (3)
قال الفاضل الأسترآبادي في حاشية المنهج: إن عبارة الكشي تدل على
جلالته فكيف (4) لا يكون ثناء!. (5)
وقال بعض من تأخر عنه بأن ما ذكره الكشي - من كونه تلميذ ابن أبي عمير،
ولقي من أصحاب الصادق (عليه السلام) الكثير، وهو مثل ابن فضال وابن بكير - لا يخفى
دلالة كل ذلك على المدح. ونقل كلام ابن داود، وحكم بأنه ليس في محله. وهو
في محله.
وبالجملة، قد اتخذ العنوان في كلام النجاشي والشيخ في الرجال في النخعي،
وفي كلام الكشي في الأنباري، وفي كلام الشيخ في الكوفي.

1. خلاصة الأقوال: 98 / 33.
2. في " ح، د ": " ذما ". والصحيح ما أثبتناه من المصدر.
3. رجال ابن داود: 138 / 1044 - 1046.
4. في " ح، د ": " كيف ". والصحيح ما أثبتناه من الحاشية.
5. وجدناه في حاشية له على نسخة خطية من المنهج، ص 304، والتي توجد في مكتبة جامعة طهران.
وكذا في نسخة أخرى، ص 577، والتي توجد في مكتبة آية الله المرعشي، ولم تطبع تلك الحاشية في
منهج المقال المطبوع بالطبعة الحجرية.
309

وثنى العنوان في الخلاصة: فأخذ علي بن الحكم الكوفي من الشيخ في
الفهرست، وأخذ علي بن الحكم الأنباري عن الكشي، وترك من عنونه النجاشي،
أعنى علي بن الحكم النخعي.
والعجب ممن نسب إلى الخلاصة القول بالاتحاد.
وثلث العنوان ابن داود.
والعجب من الوالد الماجد - رحمه الله - حيث نسب إليه متابعة الخلاصة.
[في اتحاد علي بن الحكم وتعدده]
واختلف كلمات الأعلام في باب اتحاد علي بن الحكم وتعدده، وعلى
الأخير اختلف في كونه اثنين أو ثلاثة.
فعن المتأخرين القول بأنه متحد، (1) وحديثه صحيح.
وعن شيخنا البهائي القول بالاتحاد، وتخطئة القول بالتعدد. (2)
وعن صاحب المعالم في مقدمات المنتقى المبالغة في الاتحاد. (3)
وحكي القول بذلك عن العلامة المجلسي، والسيد السند الجزائري في شرح
التهذيب والاستبصار، والفاضل الشيخ محمد، وصاحب الوافي والحاوي والبلغة
والفوائد الطوسية وجوامع الكلم، ومال إليه الفاضل الأسترآبادي والسيد السند
التفرشي والمحدث الحر في آخر الوسائل، (4) وصرح به المولى التقي المجلسي (5)
والوالد الماجد - رحمه الله - في بحث الأذان والإقامة من الشوارع. وعن المدارك

1. عدة الرجال 2: 161، الفائدة السادسة.
2. مشرق الشمسين: 95.
3. المنتقى 1: 38، الفائدة السابعة.
4. الوجيزة: 260 / 1235؛ استقصاء الاعتبار 1: 249؛ حاوي الأقوال 4: 39 / 1690؛ بلغة
المحدثين: 383 / 32؛ منهج المقال: 232؛ نقد الرجال 3: 2557 / 3557؛ الوسائل 30: 428.
5. روضة المتقين 14: 193.
310

الحكم بصحة سند فيه أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم. (1)
وعن المنتقى في باب الماء المستعمل الحكم بصحة سند فيه علي بن
الحكم. (2) ومقتضى ما تقدم من الخلاصة القول بالاشتراك بين الكوفي والأنباري.
وقد جرى في المشتركات على الاشتراك بين النخعي والكوفي، وحكم بأنه
يتميز الأول برواية محمد بن إسماعيل وأحمد بن أبي عبد الله عنه، ويتميز الثاني
برواية محمد بن السندي وأحمد بن محمد بن عيسى عنه. (3)
وعن العلامة في التذكرة البناء على التعدد والوثاقة. (4)
وقال الشهيد الثاني في المسالك - عند الكلام في الوطئ في الدبر -:
علي بن الحكم مشترك بين ثلاثة رجال، أحدهم: علي بن الحكم
الكوفي، وهو ثقة. والثاني: علي بن الحكم تلميذ ابن أبي عمير، ذكره
الكشي ولم يذكر له مدحا ولا ذما، وتبعه (5) على ذلك جماعة. والثالث:
علي بن الحكم بن زبير النخعي، ذكره الشيخ في كتاب الرجال، ولم
يتعرض له بمدح ولا ذم. والرجل المذكور في الرواية يحتمل كونه كل
واحد من هؤلاء، فلا تكون الرواية صحيحة، خصوصا الأولين، فإن
طبقتهما واحدة وروايتهما كثيرة، ومجرد الظن بأنه الأول - من حيث إن
أحمد بن محمد روى عنه كثيرا - غير كاف في الحكم به. (6)
والظاهر أن قوله بالاشتراك بين الثلاثة مأخوذ مما صنعه ابن داود، حيث
عنون ثلاثة عناوين، كما تقدم، كما أن الظاهر أن قوله: " ولم يتعرض له بمدح

1. مدارك الأحكام 2: 221.
2. المنتقى 1: 68.
3. هداية المحدثين: 216.
4. لم نعثر عليه صريحا، لكنه حكم في رواية علي بن الحكم بالصحة، تذكرة الفقهاء 2: 577.
5. في " د، ح ": " سبقه " وما أثبتناه من المصدر.
6. مسالك الأفهام 7: 60.
311

ولا ذم " مأخوذ من كلام ابن داود.
وبما ذكر من عبارة المسالك يظهر أن مقصود الشهيد الثاني مما ذكره في
موضع آخر من المسالك - نقلا - من اشتراك علي بن الحكم بين الثقة وغيره (1) هو
الاشتراك بين ثلاثة لا اثنين، كما زعمه الوالد الماجد رحمه الله.
وقد جرى المقدس على القول بذلك - أعني الاشتراك بين ثلاثة - أيضا عند
الكلام في ضرب اليدين في التيمم، (2) وكذا عندا لكلام في نجاسة الخمر، إلا أنه
صرح في الأخير بالاشتراك بين ثقتين وغير ثقة، (3) وهو الظاهر منه في الأول.
وحكى بعض في حاشية كتاب النجاشي عن كثير من المتأخرين القول
بالتعدد، وحكم بأنه لا حقيقة له.
[وجوه القول باتحاده]
والأظهر القول بالاتحاد؛ لوجوه:
أحدها: أن اتحاد العنوان في كلام النجاشي والشيخ والكشي يقتضي اتحاد
المعنون، ولا سيما الشيخ، فإنه كثيرا ما يتعدد العنوان في كلامه مع اتحاد المعنون،
فإنه كثيرا ما يذكر الراوي في بعض الأئمة (عليهم السلام) ثم يذكره فيمن لم يرو عن الأئمة (عليهم السلام)،
وقد صرح بذلك السيد السند التفرشي في ترجمة القاسم بن محمد الجوهري، (4)
والحسين بن اشكيب، (5) وريان بن الصلت، (6) ومعاوية بن حكيم، (7) وذكر في

1. مسالك الأفهام 7: 134، و 219.
2. مجمع الفائدة 1: 230.
3. مجمع الفائدة 1: 310.
4. نقد الرجال 4: 45 / 4196 / 36.
5. نقد الرجال 2: 79 / 1418 / 22.
6. نقد الرجال 2: 249 / 2008 / 2.
7. نقد الرجال 4: 386 / 5324 / 4.
312

ترجمه عبد الحميد بن سعد: أن ذكر المتحد مختلفين في كلام الشيخ في الرجال
كثير، مع عدم التعدد يقينا، (1) كما يظهر من أدنى تتبع، بل قد عقد السيد السند
النجفي في طي الفوائد المرسومة في آخر رجاله فائدة لما صنعه الشيخ وجعله من
الإشكال، واحتمل في الجواب وجهين، وحكى ظهور وجهين آخرين من كلام
بعض، وحكم بضعف الكل. (2)
ثانيها: مصير الأكثر إلى طرح الاتحاد، ولا يعارضه مصير العلامة وابن داود
والشهيد الثاني إلى القول بالتعدد؛ لوضوح ندرة هؤلاء بالنسبة إلى أرباب
الاتحاد، خصوصا وقد حكى عن صاحب المعالم نجله الزكي عدم اعتبار توثيقات
العلامة من جهة كثرة أوهامه وقلة مراجعته في الرجال، كما أنه حكم النجل
المذكور بعدم اعتبار تصحيحاته تعليلا بكثرة ما وقع له من الأوهام في توثيقات
الرجال.
وقد ضبطنا كثيرا من اشتباهات العلامة في الخلاصة في الرسالة المعمولة في
باب النجاشي، وضبطنا أيضا كثيرا من اشتباهات ابن داود في بعض الفوائد
المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في أن معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة
متحدان أو مختلفان؟
نعم، ضبطنا كثيرا من اشتباهات النجاشي أيضا في الرسالة المعمولة في باب
النجاشي.
وأما الشهيد الثاني فالظاهر أن القول بالتعدد منه مأخوذ من ابن داود، كما
سمعت.
ثالثها: أن الظاهر بل المقطوع أن علي بن الحكم مع كثرة روايته لم يقيد في
شيء من الأسانيد بشيء من القيود، وهذا يكشف عن الاتحاد، إلا أن يقال: إنه

1. نقد الرجال 3: 35 / 2810 / 8.
2. رجال بحر العلوم 4: 141 - 142 الفائدة 22.
313

لعله كان مشتركا وكان مشهورا في البعض، فلذا لم يقيد بقيد.
رابعها مركب من أمرين:
[الأمر] الأول: أنه قد جمع الشيخ في الرجال بين النخعي والكوفي، (1)
وهذا يقتضي اتحاد علي بن الحكم النخعي المذكور في كلام النجاشي،
وعلي بن الحكم الكوفي المذكور في كلام الشيخ في الفهرست، ومع هذا قد
ذكر الشيخ في الفهرست: أن أحمد بن محمد روى عن علي بن الحكم، (2)
والمقصود بأحمد بن محمد إما أن يكون هو أحمد بن محمد بن خالد
البرقي، المستفاد روايته عن علي بن الحكم النخعي من كلام النجاشي، (3)
أو يكون المقصود هو أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم بشهادة
الانصراف، أو بشهادة رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم،
كما فيما رواه في الكافي في باب النهي عن القول بغير علم، (4) وباب من
عرف حق أهل البيت ومن أنكره، (5) وباب ما يجب من حق الإمام على الرعية
وحق الرعية على الإمام، (6) وباب أن السكينة هي الإيمان، (7) وباب الصبر في
سندين، (8) وباب المداراة، (9) وباب [ذم] الدنيا والزهد فيها في ستة أسانيد، (10)

1. رجال الشيخ: 382 / 30.
2. الفهرست: 87 / 366.
3. رجال النجاشي: 274، ح 718 وفيه: " أحمد بن محمد بن يحيى العطار ".
4. الكافي 1: 42، ح 1، باب النهي عن القول بغير علم.
5. الكافي 1: 377، ح 1، باب فيمن عرف الحق من أهل البيت ومن أنكر.
6. الكافي 1: 406، ح 5، باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام.
7. الكافي 2: 15، ح 1، باب أن السكينة هي الإيمان.
8. الكافي 2: 89، ح 7 و 10، باب الصبر.
9. الكافي 2: 116، ح 2، باب المداراة.
10. الكافي 2: 131، ح 13، 14، 15، 16، 17، 18، باب ذم الدنيا والزهد فيها.
314

وباب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه، (1) وباب تذاكر الإخوان، (2) وباب السعي
في حاجة المؤمن، (3) وباب إلطاف المؤمن وإكرامه، (4) وباب شدة ابتلاء المؤمن
في سندين، (5) وباب الكبر، (6) وباب البذاء، (7) وباب الكذب، (8) وباب من
يهم بالحسنة والسيئة، (9) وباب الاستغفار من الذنب، (10) وباب الدعاء على
العدو، (11) وباب من قال: ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله، (12) وباب الدعاء إذا
خرج المؤمن من منزله، (13) وباب الحرز والعوذة، (14) وباب ثواب قراءة القرآن، (15)
وباب احتلام الرجل والمرأة، (16) وباب تفضيل القرابة في الزكاة ومن لا يجوز منهم
أن يعطى من الزكاة، (17) وباب مؤونة النعم من كتاب الزكاة، (18) وباب الإنفاق من

1. الكافي 2: 169، ح 1، باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه.
2. الكافي 2: 187، ح 4، باب تذاكر الإخوان.
3. الكافي 2: 196، ح 1، باب السعي في حاجة المؤمن.
4. الكافي 2: 205، ح 1، باب ألطاف المؤمن وإكرامه.
5. الكافي 2: 253، ح 9، 14، باب شدة ابتلاء المؤمن.
6. الكافي 2: 309، ح 2، باب الكبر.
7. الكافي 2: 324، ح 4، باب البذاء. البذاء بالمد: الفحش.
8. الكافي 2: 338، ح 1، باب الكذب.
9. الكافي 2: 429، ح 4، باب من يهم بالحسنة أو السيئة.
10. الكافي 2: 438، ح 5، باب الاستغفار من الذنب.
11. الكافي 2: 512، ح 3، باب الدعاء على العدو.
12. الكافي 2: 521، ح 1، باب من قال: ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله.
13. الكافي 2: 541، ح 2، باب الدعاء إذا خرج الإنسان من منزله.
14. الكافي 2: 570، ح 5، باب الحرز والعوذة.
15. الكافي 2: 611، ح 3، باب ثواب قراءة القرآن.
16. الكافي 3: 48، ح 1، باب احتلام الرجل والمرأة.
17. الكافي 3: 551، ح 1 و 2.
18. الكافي 4: 37، ح 1، باب مؤونة النعم.
315

كتاب الزكاة، (1) وباب الرجل يستدين ويحج، (2) وباب فضل الجهاد، (3) وباب الغزو
مع الناس إذا خيف على الإسلام، (4) وباب فضل التجارة والمواظبة عليها، (5) وباب
من أدان ماله من غير بينة. (6)
وما رواه الصدوق في مشيخة الفقيه في الطريق إلى علي بن الحكم، (7) وما رواه
الصدوق في المجالس في المجلس العاشر، والمجلس الحادي والعشرين،
والمجلس الثالث والسبعين. (8)
وما رواه الشيخ في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة، (9) وباب تلقين
المحتضرين، (10) وباب صفة التيمم، (11) وباب نوافل الصلاة في السفر، (12) وباب كيفية
الصلاة وصفتها عند شرح عبارة المقنعة فإذا خرج المصلي من ثمان ركعات الزوال
فليؤذن للظهر، (13) وعند الكلام في دعاء السجود، (14) وعند الكلام في القنوت، (15)

1. الكافي 4: 43، ح 3، باب الإنفاق.
2. الكافي 4: 279، ح 3، باب الرجل يستدين ويحج.
3. الكافي 5: 2، ح 1، باب فضل الجهاد.
4. الكافي 5: 20، ح 1، باب الغزو مع الناس إذا خيف على الإسلام.
5. الكافي 5: 148، ح 6، باب فضل التجارة والمواظبة عليها.
6. الكافي 5: 298، ح 1، باب من أدان ماله بغير بينة.
7. الفقيه 4: 88، من شرح مشيخة الفقيه.
8. الأمالي: 40، ح 1؛ وص 87، ح 3؛ وص 390، ح 3.
9. تهذيب الأحكام 1: 353، ح 1049، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة.
10. تهذيب الأحكام 1: 436، ح 1401، باب تلقين المحتضرين.
11. تهذيب الأحكام 1: 207، ح 598، باب صفة التيمم وأحكام المحدثين منه و....
12. تهذيب الأحكام 2: 16، ح 44، باب نوافل الصلاة في السفر.
13. تهذيب الأحكام 2: 95، ح 354، باب كيفية الصلاة وصفتها و....
14. تهذيب الأحكام 2: 82، ح 302، باب كيفية الصلاة وصفتها و....
15. تهذيب الأحكام 2: 90، ح 334، باب كيفية الصلاة وصفتها و....
316

وباب أحكام السهو في الصلاة وما يجب منه إعادة الصلاة. (1)
فلو كان المقصود بأحمد بن محمد في كلام الشيخ في الفهرست هو أحمد بن
محمد بن خالد البرقي، فالظاهر اتحاد علي بن الحكم النخعي المذكور في كلام
النجاشي، وعلي بن الحكم الكوفي المذكور في كلام الشيخ في الفهرست؛ لظهور
وحدة الراوي في وحدة المروي عنه.
وكذا الحال لو كان المقصود بعلي بن الحكم المذكور هو أحمد بن محمد بن
عيسى؛ لما يستفاد من الشيخ في الفهرست في ترجمة معاوية بن ميسرة من رواية
أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم، (2) وكذا ما يستفاد منه في ترجمة
محمد بن فضيل الأزرق من رواية أحمد بن محمد بن عيسى - كأحمد بن
محمد بن خالد - عن علي بن الحكم. (3)
ومع هذا قد سمعت من النجاشي رواية محمد بن إسماعيل عن علي بن
الحكم النخعي، وسمعت من الشيخ في الفهرست رواية محمد بن السندي عن
علي بن الحكم الكوفي.
والسندي لقب إسماعيل - على ما ذكره الكشي (4) - أو نصر بن الصباح على
الاحتمالين في العبارة.
ولعل الأخير أظهر على ما في بعض النسخ، لكن عن بعض النسخ " السري "
بدل " السندي " وهو مقتضى ما صنعه العلامة في الخلاصة؛ حيث إنه عنون علي بن
السري ونقل حديث تلقب إسماعيل ب‍ " السري " فيه. (5)

1. تهذيب الأحكام 2: 177، ح 710، باب أحكام السهو في الصلاة وما يجب منه إعادة الصلاة.
2. الفهرست: 167 / 731.
3. الفهرست: 147 / 622.
4. رجال الكشي 2: 860 / 1119.
5. خلاصة الأقوال: 69 / 28.
317

لكن مقتضى بعض الكلمات إطباق ما عدا نسخة العلامة على السندي، وهو
مقتضى كلام السيد السند التفرشي، (1) لكن الفاضل الأسترآبادي حكى عما كان
يحضره من نسخة كتاب الكشي " السندي " وحكى عن اختيار الشيخ لكتاب
الكشي " السري " بدل " السندي " فقال: وهو الذي ينبغي. (2)
[كلام النجاشي يقتضي الاتحاد]
[الأمر] الثاني: أنه عنون النجاشي علي بن النعمان، وذكر أنه كوفي، وقال:
وأخوه داود أعلا منه (3) والظاهر كون داود كوفيا، وعنون الشيخ في الرجال داود بن
نعمان الأنباري، (4) فداود بن النعمان كوفي وأنباري، فالظاهر أن علي بن الحكم
النخعي - المحكوم باتحاده مع علي بن الحكم الكوفي - متحد مع علي بن الحكم
الأنباري، بل ذكر النجاشي في ترجمة أبي شعيب المحاملي: أنه مولى علي بن
الحكم الأنباري. (5)
فعلي بن الحكم النخعي - المحكوم باتحاده مع علي بن الحكم الكوفي -
متحد مع علي بن الحكم الأنباري المذكور في كلام النجاشي، بل لا أقل من دلالة
ذلك على اتحاد علي بن الحكم النخعي - المذكور في كلام النجاشي - مع علي بن
الحكم الأنباري المذكور في كلام النجاشي في ترجمة أبي شعيب.
كما أن مقتضى ما نقل عن قائل من أن الأنبار محلة بالكوفة: (6) اتحاد علي بن
الحكم الكوفي - المذكور في كلام الشيخ في الفهرست - مع علي بن الحكم

1. نقد الرجال 3: 263 / 3581 / 111.
2. منهج المقال: 233، وفيه: " السدي " بدل " السندي ".
3. رجال النجاشي: 274 / 719.
4. رجال الشيخ: 191 / 23، أصحاب الصادق (عليه السلام).
5. رجال النجاشي: 456 / 1240.
6. كما في منتهى المقال 4: 402.
318

الأنباري المذكور في كلام الكشي؛ فثبت اتحاد علي بن الحكم النخعي وعلي بن
الحكم الكوفي وعلي بن الحكم الأنباري.
وبما سمعت يظهر ضعف القول بالاشتراك بين الكوفي والأنباري، أو بين
النخعي والأنباري، والقول بالاشتراك بين الثلاثة.
ويظهر أيضا بما سمعت ضعف ما ذكره في المشتركات من كون رواية
أحمد بن أبي عبد الله عن علي بن الحكم قرينة على كون علي بن الحكم
المروي عنه هو النخعي؛ (1) لرواية أحمد بن أبي عبد الله عن علي بن الحكم
الكوفي، كما يستفاد من الشيخ في الفهرست في ترجمة محمد بن الفضيل
الأزرق، كما مر.
[في حال علي بن الحكم]
بقي الكلام في حال علي بن الحكم، لكن الأمر فيه سهل بناء على ما جرينا
عليه من القول بالاتحاد؛ لما سمعت من توثيق الشيخ في الفهرست لعلي بن
الحكم الكوفي، مع أنه قد صرح بتوثيقه ابن شهر آشوب، (2) ومع هذا
قد سمعت من بعض دلالة كلام الكشي على المدح من وجوه ثلاثة: كونه
تلميذ ابن أبي عمير، وكونه ملاقيا لكثير من أصحاب الصادق (عليه السلام)، وكونه مثل
ابن فضال وابن بكير.
لكن كل من الوجهين الأولين وإن يفيد المدح - وإن ربما ينكر - لكنه
لا يوجب اعتبار الحديث؛ حيث إن الحق التفصيل في اعتبار المدح بالقول
بالاعتبار فيما يوجب الظن بالصدور نحو: صادق، وصدوق، ونحوهما، وعدم
الاعتبار في غير ذلك نحو: فاضل.

1. هداية المحدثين: 216.
2. معالم العلماء: 62 / 423.
319

وقد حررنا الكلام فيه في الأصول، وكذا في بعض الفوائد المرسومة في ذيل
الرسالة المعمولة في رواية الكليني عن محمد بن الحسن.
ثم إنه قد ذكر المحقق الشيخ محمد في حاشية التهذيب - نقلا - دلالة رواية
أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم - بناء على اشتراكه - على كونه هو
الكوفي، وهو مبني على حمل أحمد بن محمد فيما ذكره الشيخ في الفهرست - من
رواية أحمد بن محمد عن علي بن الحكم - على أحمد بن محمد بن عيسى.
لكنك خبير بأنه يحتمل أن يكون المقصود بأحمد بن محمد في كلام الشيخ
هو أحمد بن محمد بن خالد البرقي؛ لما ذكره النجاشي من روايته عن علي بن
الحكم النخعي. (1)
وإن قلت: إنه قد ذكر الشيخ في الفهرست في ترجمة محمد بن فضيل الأزرق
رواية البرقي عن علي بن الحكم (2) المقصود به علي بن الحكم الكوفي كما مر،
فلا ضير في احتمال كون المقصود بأحمد بن محمد هو البرقي في دلالة رواية
أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم على كون المقصود به علي بن
الحكم الكوفي.
قلت: ما ذكره الشيخ من رواية البرقي عن علي بن الحكم يقتضي اتحاد
علي بن الحكم النخعي وعلي بن الحكم الكوفي، والكلام على تقدير الاشتراك.
[رواية علي بن الحكم عن داود بن النعمان]
ثم إنه قد روى علي بن الحكم عن داود بن النعمان فيما رواه في التهذيب في
باب حكم العلاج للصائم والكحل والحجامة والسواك ودخول الحمام وغير

1. رجال النجاشي: 274 / 718، انظر هامش 1 ص 7.
2. الفهرست: 147 / 622.
320

ذلك. (1)
وفي الاستبصار في باب حجامة الصائم عن الكليني بالإسناد عن علي بن
الحكم عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره، فقال: وعنه عن
علي بن النعمان عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) إلى آخره، بناء على رجوع
الضمير في " عنه " إلى علي بن الحكم لا إلى محمد بن يعقوب كما جرى عليه
السيد الداماد في حاشية الاستبصار؛ تعليلا بعدم وجود الرواية الثانية في الكافي.
وقد جرى الشهيد الثاني - نقلا - على رجوع الضمير إلى محمد بن يعقوب،
فاعترض بأن هذين الحديثين ليسا في الكافي. (3)
والظاهر أن الغرض عدم وجود مجموع الروايتين، وإلا فالرواية الأولى
موجودة في الكافي. (4)
وحكم صاحب المعالم في حاشية الاستبصار برجوع الضمير إلى الحسين بن
سعيد المذكور في صدر السند سابقا على سند الكليني.
لكنه بعيد غاية البعد، إلا أن المستند في الحكم المذكور هو قضاء الاستقراء
في آثار الشيخ، لكن عهدته على من يدعيه، مع أنه لا يتم في الاستبصار؛ لأن
الحسين بن سعيد فيه مذكور في صدر السند في الباب السابق، أعني باب حكم
الكحل.
لكنه اعترف بذلك حيث حكم بفساد ما في الاستبصار؛ لخلوه عن

1. لم نعثر على رواية علي بن الحكم عن داود بن النعمان في الباب المذكور، والموجود في
تهذيب الأحكام روايته عن علي بن النعمان موافقا للاستبصار. نعم، رواية علي بن الحكم عن داود بن
النعمان موجودة في الفقيه 4: 146 باب 92 باب الحد الذي إذا بلغه الصبي جازت وصيته، ح 504.
2. الاستبصار 2: 90، ح 286 و 287، باب الحجامة للصائم.
3. حكاه عنه المجلسي في ملاذ الأخيار 7: 46.
4. الكافي 4: 109، ح 3، باب الصائم يحتجم ويدخل الحمام.
321

الحسين بن سعيد سابقا على السندين. (1)
وتبعه السيد السند الجزائري حيث جرى على رجوع الضمير في التهذيب إلى
الحسين بن سعيد، واستشكل في باب الضمير في الاستبصار.
لكن تضايق نجله الفاضل الشيخ محمد في حاشية الاستبصار بدعوى كفاية
وجود الحسين بن سعيد سابقا على السندين وإن كان في الباب السابق.
وهو عجيب.
وكيف كان، فرواية علي بن الحكم عن داود بن النعمان - بناء على رجوع
الضمير إلى داود - ترشد إلى كون علي بن الحكم هو الكوفي، بناء على اشتراك
علي بن الحكم بين الكوفي والأنباري، أو النخعي والكوفي، أو الاشتراك بين
الثلاثة؛ لما تقدم من أن الظاهر كون داود كوفيا.
ثم إنه قد روى في الكافي في باب المرأة يمنعها زوجها عن حجة الإسلام:
عن محمد بن يحيى عن علي بن الحكم (2) عن علي بن أبي حمزة عن
أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن امرأة لها زوج أبى أن يأذن لها أن تحج؟
قال: " لا طاعة له عليها في حجة الإسلام، فلتحج إن شاءت ". (3)
ولعله تطرق السقط بين محمد بن يحيى وعلي بن الحكم؛ لأن الظاهر عدم
اتفاق رواية محمد بن يحيى عن علي بن الحكم في غير هذا الموضع.
[رواية أحمد بن محمد بن عيسى عنه بالواسطة]
ثم إنه قد روى أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم مع الواسطة
فيما رواه الصدوق في المجالس في المجلس الخامس والثمانين:

1. حكاه عنه المجلسي في ملاذ الأخيار 7: 46.
2. في الكافي: " عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم ".
3. الكافي 4: 282، ح 1، باب المرأة يمنعها زوجها عن حجة الإسلام.
322

عن علي بن الحسين بن شاذويه عن محمد بن جعفر الحميري عن أبيه عن
أحمد بن محمد بن عيسى عن العباس بن معروف عن علي بن الحكم عن مندل
بن علي العنزي عن محمد بن مطرف عن مسمع عن الأصبغ بن نباتة
[عن علي (عليه السلام)] قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا غضب الله تبارك وتعالى على أمة
ولم ينزل بها العذاب غلت أسعارها، وقصرت أعمارها، ولم يربح تجارها،
ولم تزك أثمارها ولم تغزز [أنهارها، وحبس عنها] أمطارها، وسلط عليها
أشرارها ". (1)
[رواية عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم]
بقي أنه قد يروي عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم كما في طائفة من
الأسانيد، كما حررناها في الرسالة المعمولة في عبد الله بن محمد.
والظاهر أن عبد الله بن محمد الواقع في الأسانيد هو عبد الله بن محمد بن
عيسى الملقب ب‍ " بنان " أخو محمد بن عيسى، كما حررناه في تلك الرسالة. فلو
كانت رواية أحمد بن محمد بن عيسى قرينة على كون علي بن الحكم هو علي بن
الحكم الكوفي الثقة - بناء على اشتراكه بين الكوفي والأنباري، أو اشتراكه بين
النخعي والكوفي والأنباري - فرواية عبد الله بن محمد تكون أيضا قرينة على
ذلك. والله العالم.

1. أمالي الصدوق: 466، ح 23.
323

19 - رسالة في " علي بن السندي "
325

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم (1)
أما بعد (2) فهذه كلمات في علي بن السندي، فنقول:
[الاختلاف في لقب أبيه]
إنه قال الكشي في باب أصحاب الصادق (عليه السلام):
علي بن السندي (3) الكرخي: محمد بن مسعود قال: حدثنا محمد بن
نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى. وحمدويه، قال: حدثنا محمد بن
عيسى، قال: حدثنا القاسم بن صيقل، رفع الحديث إلى أبي عبد الله (عليه السلام)،
قال: كنا جلوسا عنده فتذاكرنا رجلا من أصحابنا، فقال بعضنا: ذلك
ضعيف، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " إن كان لا يقبل ممن دونكم حتى يكون
مثلكم لم يقبل منكم حتى تكونوا مثلنا ".
قال أبو جعفر العبيدي: قال الحسن بن علي بن يقطين: أظن الرجل
علي بن السري. (4)

1. في " د ": " وبه نستعين " بدل " ومنه سبحانه الاستعانة للتتميم ".
2. في " د ": " وبعد ".
3. قد حكم العلامة في خلاصة الأقوال: [: 276 - 277] بصحة طريق الصدوق إلى إسحاق بن عمار،
وفي الطريق علي بن إسماعيل. (منه عفي عنه).
4. رجال الكشي 2: 662 / 683، وفيه: " علي بن السري "، وكذا عنه في منتهى المقال 5: 13 / 2030؛
ونقد الرجال 3: 264 / 3581.
327

وعنون الكشي في باب أصحاب الصادق (عليه السلام) علي بن إسماعيل السري
الكرخي، ثم قل في باب أصحاب الرضا (عليه السلام) في علي بن إسماعيل: نصر بن
الصباح، قال: علي بن إسماعيل ثقة، وهو علي بن السندي، فلقب إسماعيل
بالسندي. (1)
وعنون في الخلاصة علي بن السري الكرخي، فقال:
روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، ثقة.
قال النجاشي وابن عقدة: ورواية الكشي لا تدل على الطعن فيه، مع
ضعفها، وقد ذكرناها في كتابنا الكبير.
وقال الكشي في موضع آخر: قال نصر بن الصباح: علي بن إسماعيل
ثقة، وهو علي بن السري، فلقب إسماعيل بالسري، (2) ونصر بن الصباح
ضعيف عندي لا أعتبر بقوله. (3)
ومقتضاه اتحاد علي بن إسماعيل المعنون في كلام الكشي في
رجال أصحاب الصادق (عليه السلام) وعلي بن إسماعيل المعنون في كلامه في أصحاب
الرضا (عليه السلام).
ومنشؤه كون السندي - المذكور في كلام الكشي في العنوان الثاني في
نسخته من كتاب الكشي على القول بوجوده، أو كتاب اختيار الشيخ على
القول بعدم وجود كتاب الكشي، وقد حررنا الكلام فيه في بعض
الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في رواية الكليني عن الحسين بن
محمد - هو السري، لكن ما في نسخة معتبرة عندي من الاختيار هو السندي،

1. رجال الكشي 2: 860 / 1119، وفيه: " علي بن السدي "، ونقل عنه علي بن السندي في نقد الرجال
3: 215 / 3581، ومنتهى المقال 5: 14 / 2030.
2. رجال الكشي 2: 860 / 1119.
3. خلاصة الأقوال: 96 / 28.
328

وعليه جرى النقل فيما نقله السيد السند التفرشي، وقال في الحاشية: " هكذا
جميع ما وصل إلينا من نسخ كش ". (1)
[كلام الفاضل الأسترآبادي والكلام فيه]
وقد نقله الفاضل الأسترآبادي عن جميع ما وصل إليه من نسخ الكشي،
لكنه حكى عن نسخ اختيار الشيخ: السري، وجرى على اختياره، فقال: وهو
إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السري، كما تقدم، فأمر بالتدبر. (2)
ولعل وجه الأمر بالتدبر: أن المتقدم إنما هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن
السدي بضم السين المهملة وتشديد الدال المهملة، كما نقله عن
التقريب. (3)
وفي النهاية نقلا: أنه سمي السدي لأنه كان يبيع الخز في سدة المسجد،
أي مسجد الكوفة. (4)
لكن الأمر بالتدبر ونحوه بعد ادعاء أمر إنما يناسب إشارة إلى تطرق المقال
لو أمكن صحة المدعى بوجه، وأما لو لم يمكن صحة المدعى بوجه - كما في
المقام - فلا يكفي الأمر بالتدبر ونحوه، ولا يصح الادعاء.
وربما نقل الفاضل المذكور عما كان يحضره من نسخ الكشي أمرين:
أحدهما: خلوه عن " وهو " والآخر: ثبوت " يقال " مكان " ثقة " فحكم بأنه - أعني:
" يقال " - أقرب إلى العرف والسياق. (5)

1. نقد الرجال 3: 265 / 3581.
2. منهج المقال: 233.
3. منهج المقال: 57، وانظر: تقريب تهذيب الأحكام 83 / 531.
4. النهاية - لابن الأثير - 2: 353. وفيه: " الخمر " بدل " الخز ".
5. منهج المقال: 233.
329

[حاصل الكلام في الخلاف في لقب أبيه]
وبالجملة، فالكلام في عبارة الكشي يتأتى تارة في ثبوت " السندي " كما عليه
جرى النقل فيما نقله الفاضل الأسترآبادي (1) والسيد السند التفرشي، (2) ونقلاه عن
جميع ما وصل إليهما من نسخ الكشي. وثبوت " السري " كما نقله في الخلاصة، (3)
ونقله الفاضل الأسترآبادي عن الاختيار. (4)
وأخرى في ثبوت لفظة " هو " كما فيما عندي من نسخة معتبرة من الاختيار،
وعليه جرى النقل فيما نقله الفاضل الأسترآبادي عما كان يحضره من نسخ
الكشي. (5)
وثالثة في ثبوت " ثقة " كما فيما عندي من نسخة معتبرة من الاختيار، وعليه
جرى النقل فيما نقله السيد السند التفرشي، (6) وثبوت " يقال " كما نقله الفاضل
الأسترآبادي عن جميع ما وصل إليه من نسخ الكشي، وجنح إليه. (7)
[علي بن السندي في كلام النجاشي وغيره]
هذا، وقال النجاشي في ترجمة الحسن بن راشد الطفاوي: (8) " ضعيف، له

1. منهج المقال: 233.
2. نقد الرجال 3: 265 / 3581.
3. خلاصة الأقوال: 96 / 28.
4. منهج المقال: 233.
5. منهج المقال: 233.
6. نقد الرجال 3: 265 / 358.
7. منهج المقال: 233.
8. قوله: " الطفاوي " بالطاء المهملة والفاء نسبة إلى طفاوه، حي من عيسى بن غيلان، وكانت أمه بطفاوة،
ومسكنهم بالبصرة كما في التوضيح (منه عفي عنه).
330

كتاب نوادر حسن، كثير العلم روى عنه علي بن السندي ". (1)
وحكى (2) العلامة في الخلاصة عن ابن الغضائري أنه قال:
الحسن بن أسد الطفاوي البصري أبو محمد، روى عن الضعفاء،
ويروون عنه، وهو فاسد المذهب، وما أعرف له شيئا أصلح فيه إلا
روايته (3) كتاب علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم، وقد رواه عنه
غيره. (4)
قال السيد السند التفرشي: " والظاهر أن ما ذكره النجاشي وابن الغضائري
واحد، والناسخ أسقط الراء من أول اسم أبيه، كما قال العلامة في الخلاصة، أو زاد
الراء في أوله في النجاشي ". (5)
ومقتضى ما ذكر: اتحاد علي بن السندي وعلي بن إسماعيل بن شعيب، كما
حكم به المولى التقي المجلسي في حاشية النقد عند ترجمة علي بن إسماعيل بن
شعيب، (6) وكذا السيد السند النجفي في بعض الفوائد الرجالية. (7)
وقال النجاشي في ترجمة علي بن إسماعيل بن شعيب: " إنه كان من وجوه
متكلمي أصحابنا ". (8)

1. رجال النجاشي: 38 / 76.
2. في النسختين زيادة: " وحكى العلامة في الخلاصة عن ابن الغضائري أنه قال: الحسن بن راشد
الطفاوي ضعيف، له كتاب نوادر، حسن، كثير العلم، روى عنه علي بن السندي ".
أقول: هذا تكرار لعبارة النجاشي، وهي غير موجودة في خلاصة الأقوال: 213 / 9، وانظر: نقد
الرجال 2: 20 / 1264.
3. في " ح، د ": " رواية ". وما أثبتناه من المصدر.
4. خلاصة الأقوال: 213 / 9.
5. نقد الرجال 3: 232 / 3509.
6. نفس المصدر، الهامش (4).
7. رجال السيد بحر العلوم 4: 145، الفائدة 24.
8. رجال النجاشي: 251 / 661.
331

فهو من رجال الصحيح، بناء على دلالة قولهم: " وجه " على العدالة، أو كون
قول النجاشي: " من وجوه متكلمي أصحابنا " بمنزلة ما لو قيل: " من وجوه هذه
الطائفة " في الدلالة على العدالة ولو قيل بعدم دلالة قولهم: " وجه " على العدالة.
ومن رجال الحسن، بناء على دلالة قولهم: " وجه " أو " من وجوه أصحابنا "
على المدح، أو كون قول النجاشي: " من وجوه متكلمي أصحابنا " بمنزلة ما
لو قيل: " من وجوه هذه الطائفة " في الدلالة على المدح المعتد به.
وقد حررنا الحال في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في
رواية الكليني عن أحمد بن محمد.
[عدم اتحاد علي بن إسماعيل وعلي بن الحسن الميثمي]
ثم إنه قد جرى السيد السند التفرشي على اتحاد علي بن إسماعيل بن شعيب
الميثمي وعلي بن الحسن الميثمي، استظهارا له من ترجمة أحمد بن الحسن بن
إسماعيل الميثمي، (1) وصرح باستخراج علي بن الحسن الميثمي مما رواه في
التهذيب في باب ميراث أهل الملل المختلفة عن الكليني عن أحمد بن محمد بن
علي بن الحسن الميثمي عن أخيه أحمد عن علي بن الحسن عن أبيه، (2) وحكم
بأن علي بن الحسن الميثمي يروي عن أخيه أحمد بن الحسن. (3)
أقول: إنه لا يظهر من الترجمة المذكورة حديث الاتحاد، كما حكم به المولى التقي
المجلسي والعلامة البهبهاني، (4) بل الظاهر أن علي بن الحسن الميثمي ابن أخي علي بن
إسماعيل بن شعيب بأن كان لإسماعيل ابنان: علي، أعني علي بن الحسن الميثمي أحد

1. نقد الرجال 3: 242 - 243 / 3534.
2. تهذيب الأحكام 9: 371، ح 1326، باب ميراث أهل الملل المختلفة والاعتقادات المتباينة.
3. نقد الرجال 3: 242 / 3534.
4. نقد الرجال 3: 243، الهامش (2)، تعليقة الوحيد البهبهاني: 229.
332

طرفي الاتحاد، والحسن. وكان للحسن ابنان: أحمد صاحب الترجمة المذكورة، وعلي
أعني علي بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب الميثمي آخر طرفي الاتحاد.
لكن روى عن علي بن الحكم محمد بن السندي، فلإسماعيل ثلاثة أبناء،
بناء على كون علي بن السندي هو علي بن إسماعيل بن شعيب الميثمي.
وأيضا كان المناسب نسبة الاستخراج إلى الكافي، كما لا يخفى.
مع أن الظاهر أن الغرض من علي بن الحسن في سند الكافي هو ابن فضال،
كما يرشد إليه ما رواه في التهذيب - في الباب المذكور قبل الرواية المذكورة - عن
علي بن الحسن بن فضال عن أخيه أحمد بن الحسن عن أبيه، (1) مضافا إلى ما يظهر
مما يأتي.
[اشتباه الميثمي بالتيملي]
وأيضا الظاهر أن دعوى أن علي بن الحسن الميثمي يروي عن أخيه
أحمد بن الحسن من باب الاشتباه بين علي بن الحسن الميثمي وعلي بن الحسن
التيملي، أعني علي بن الحسن بن فضال، حيث إن علي بن الحسن بن فضال كان
يروي عن أخويه: أحمد ومحمد عن أبيهم، كما نص عليه النجاشي. (2)
ومنه ما رواه في التهذيب والاستبصار عن علي بن الحسن عن أحمد ومحمد
ابني الحسن، عن أبيهما عن ثعلبة بن ميمون عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام)
أنه قال: " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يصم يوم عرفة منذ نزل صيام شهر رمضان ". (3)

1. تهذيب الأحكام 9: 370 / 1323.
2. رجال النجاشي: 259 / 679.
3. تهذيب الأحكام 4: 298 - 299، ح 902، باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون،
الاستبصار 2: 133، ح 434، باب صوم يوم عرفة، وانظر: الوسائل 10: 466، أبواب الصوم
المندوب، باب 23، ح 7.
333

وقد ذكر السيد الداماد في حاشية الاستبصار: " أن روايته عنهما عن أبيهم
كثيرة في الأسانيد ".
وبما سمعت يظهر أن الميثمي في السند المتقدم اشتباه، وقد حكم المولى
التقي المجلسي بأن تلك الدعوى من باب الاشتباه بين علي بن الحسن الميثمي
وعلي بن الحسن التيمي بتوهم كون علي بن الحسن التيمي هو علي بن
الحسن بن فضال، لكن الحسن بن فضال يقال له: التيملي، لا التيمي، (1) كما صرح
به المحدث القاشاني في الوافي، (2) وجرى عليه في أسانيد الوافي، (3) قال: ويقال له:
التيمي ويصحف بالميثمي.
وهو مقتضى ما رواه في الكافي - في باب أن المؤمن كفو المؤمنة - عن بعض
الأصحاب عن علي بن الحسن بن فضال التيملي. (4)
لكن في بعض النسخ: " الحسن بن صالح " وهو غلط.
ومزيد الكلام موكول إلى ما حررناه في الرسالة المعمولة في رواية الكليني
عن أحمد بن محمد.
[الكلام في وثاقة السندي]
بقي أنه تظهر ثمرة اتحاد السندي والسري في وثاقة السندي؛ لتوثيق نصر بن
الصباح للسري، حيث إنه على تقدير الاتحاد يكون السندي مصرحا بالتوثيق؛
قضية التوثيق المذكور، بخلاف الحال على تقدير التعدد.

1. نقد الرجال 3: 242، الهامش (5).
2. انظر الوافي 1: 4، من المقدمة الثالثة للكتاب.
3. انظر الوافي 6: 173 - 174، باب عرق الجنب والحائض وإصابتهما برطوبة، وص 385، باب أنواع
الغسل، وص 397، باب حد الجنابة.
4. الكافي 5: 343، ح 2، باب أن المؤمن كفو المؤمنة، وفيه: " علي بن الحسين بن صالح التيملي ". وكذا
في مرآة العقول 20: 37، ح 2، باب أن المؤمن كفو المؤمنة.
334

لكن ظهور الثمرة إنما يتأتى على تقدير اعتبار توثيق نصر بن الصباح، إلا أنه
قال العلامة - فيما تقدم (1) من كلامه -: " ونصر بن الصباح ضعيف لا أعتبر بقوله ".
وقال في ترجمة نصر بن الصباح: " إنه غالي المذهب، وكان كثير الرواية ". (2)
وقال النجاشي في ترجمته: " إنه غالي المذهب، روى عنه العياشي ". (3)
وذكره ابن داود في عداد المجروحين، وقال في ترجمته: " نصر بن الصباح
أبو القاسم من أهل بلخ لم كش غض، غال ". (4)
وقال الكشي في ترجمة المفضل بن عمر: " حدثني أبو القاسم نصر بن
الصباح، وكان غاليا ". (5)
لكنه مناف لما نقله عنه في ترجمة علي بن حسكة في قوله: " قال نصر بن
الصباح: علي بن حسكة كان أستاد القاسم اليقطيني من الغلاة الكبار، ملعون ". (6)
وكذا في ترجمة العباس بن صدقة وشاه رئيس، لقوله: " قال نصر بن الصباح:
العباس بن صدقة وأبو العباس الطرناني وأبو عبد الرحمن الكندي، المعروف
بشاه رئيس كانوا من الغلاة الكبار الملعونين ". (7)
وأيضا قد نقل عنه في الترجمة السابقة على تلك الترجمة لعنه على جماعة
من الغلاة. (8)

1. في ص 2.
2. خلاصة الأقوال: 262 / 2.
3. رجال النجاشي: 428 / 1149. وفيه: " الكشي " بدل " العياشي " وفي طبعة دار الأضواء
2: 385 / 1150، كما في المتن.
4. رجال ابن داود: 282 / 532.
5. رجال الكشي 2: 613 / 584.
6. رجال الكشي 2: 803، ذيل رقم 995.
7. رجال الكشي 2: 806 / 1002.
8. رجال الكشي 2: 806 / 1001.
335

بل حكى العلامة البهبهاني في ترجمة فارس بن حاتم: " أن نصر بن الصباح
كتب كتابا في الرد على الغلاة ". (1)
فيمكن القول بأن نسبة الغلو إليه من الكشي والنجاشي وابن الغضائري من
جهة أن كثيرا من القدماء ولا سيما من القميين منهم وابن الغضائري يعتقدون في
الأئمة (عليهم السلام) منزلة خاصة من الرفعة بحسب اجتهادهم، وما كانوا يجوزون التعدي
عنها، بل كانوا يعدون التعدي عنها ارتفاعا وغلوا على حسب اعتقادهم، كما عن
الصدوق وشيخه ابن الوليد من الحكم بالغلو فيمن أنكر سهو النبي (صلى الله عليه وآله). (2)
ونسبة الغلو من العلامة (3) لعلها من جهة الاعتماد على الكشي والنجاشي
وابن الغضائري، بل هو الظاهر، كيف لا! والعلامة كثير المتابعة للنجاشي تحصيلا
ونقلا، وقد اتفقت منه اشتباهات كثيرة من باب شدة العجلة في متابعة النجاشي.
ويظهر الحال بالرجوع إلى الرسالة المعمولة في باب النجاشي بل كثرة رواية
الكشي عنه تدل على حسن حاله، بل حكم بعض الأعلام بأن الظاهر من كثير من
الروايات المروية عنه في الكشي براءته من الغلو، كيف! وقد حكم بعض
بالاعتماد على محمد بن إسماعيل النيشابوري؛ لاعتماد الكشي عليه، (4) ورواية
الكشي عن نصر بن الصباح أكثر من روايته عن محمد بن إسماعيل بكثير.

1. تعليقة الوحيد البهبهاني: 257.
2. انظر الفقيه 1: 235، ذيل حديث 1031، باب أحكام السهو في الصلاة.
3. قوله: " ونسبة الغلو من العلامة " وإنما لم يذكر ابن داود؛ لأن قوله خال من باب الرواية، أعني الحكاية
عن الكشي وابن الغضائري، لا من باب الدراية. وربما جرى المولى التقي المجلسي على أن
المحكيات بالرموز من باب الدراية والرواية معا. وليس بشيء، وقد قدر الحال في بعض الفوائد
المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في رواية الكليني عن محمد بن إسحاق (منه عفي عنه).
4. منتهى المقال 5: 360.
336

تذييلات
الأول
[توثيق العلامة علي بن إسماعيل إجمالا]
أنه قد حكم العلامة بصحة طريق الصدوق في الفقيه إلى إسحاق بن عمار، (1)
وفيه علي بن إسماعيل، حيث إنه قال:
وما كان فيه عن إسحاق بن عمار فقد رويته عن أبي (رضي الله عنه) عن عبد الله بن
جعفر الحميري عن علي بن إسماعيل عن صفوان بن يحيى عن
إسحاق بن عمار. (2)
وحكم شيخنا البهائي في الحبل المتين - نقلا - بصحة رواية علي بن إسماعيل
عن حماد بن عيسى. (3)
والظاهر أن علي بن إسماعيل فيه هو علي بن إسماعيل بن عيسى؛ بشهادة
طريق الصدوق إلى زرارة، حيث إنه قال:

1. خلاصة الأقوال: 227.
2. الفقيه 4: 5، من شرح المشيخة.
3. الحبل المتين: 186. وانظر الوسائل 4: 397، أبواب لباس المصلي، باب 24، ح 7. والحديث فيه
عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى. ونقله في هداية المحدثين: 212 عن باب التيمم ص 82.
337

وما رويته عن زرارة فقد رويته عن أبي - (رضي الله عنه) - عن عبد الله بن جعفر
الحميري عن محمد بن عيسى بن عبيد والحسن بن ظريف وعلي بن
إسماعيل بن عيسى كلهم عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن
زرارة بن أعين. (1)
وعلي بن إسماعيل مشترك بين مصرح بالتوثيق ومن يتأتى الخلاف في وثاقته
- على حسب الخلاف في دلالة ما ذكر في ترجمته على التوثيق والمدح -
والمجهول، (2) وتصحيح الطريق من العلامة غير صحيح، وكذا الحال في الحكم
بالصحة من شيخنا البهائي.
إلا أن يقال: إن إرادة المجهول خلاف الظاهر؛ لأن الظاهر من المشترك إرادة
المشهور، فلا بأس بالحكم بصحة الطريق، بناء على وثاقة علي بن إسماعيل الذي
يتأتى الخلاف في وثاقته، الحسن على حسب الخلاف في دلالة ما ذكر في
ترجمته على الوثاقة والحسن.
وقد حكم في المنتقى - عند الكلام في تطهير الشمس - بصحة رواية الصدوق
عن زرارة، (3) وفيها علي بن إسماعيل.
ولا بأس به؛ لشركة عبد الله بن جعفر الحميري والحسن بن ظريف
- المصرحين بالتوثيق - مع علي بن إسماعيل في الرواية عن حماد بن عيسى،
كما يظهر مما مر، بل شركة محمد بن عيسى بن عبيد، بناء على وثاقته، ولعله
الأظهر.
لكن الظاهر أنه يقول بضعفه، كما جرى عليه في المسالك والمدارك، (4) تبعا

1. الفقيه 4: 9، من شرح المشيخة.
2. أنظر: هداية المحدثين للكاظمي: 211.
3. منتقى الجمان 1: 102، باب ما تطهره الشمس.
4. مسالك الأفهام 3: 137؛ مدارك الأحكام 1: 111.
338

للصدوق وشيخه محمد بن الحسن بن الوليد. (1)
لكن عن المنتقى الحكم بجهالة علي بن إسماعيل في الطريق إلى إسحاق بن عمار.
وكان المناسب الحكم بالاشتراك، بل مع هذا يمكن القول بأن الظاهر عدم
إرادة المجهول، كما يظهر مما مر.
الثاني
[رواية في ذم علي بن إسماعيل]
أنه روى في أواخر الخرائج والجرائح في فصول استجابة الدعوات:
أن موسى الكاظم (عليه السلام) قال لعلي بن إسماعيل ابن أخيه: " إن هارون الرشيد
يدعوك، فلا تخرج إليه " فقال له: إني مملق، وعلي ديون، (2) فقال
موسى (عليه السلام): " اتق الله، فلا تؤتم أولادي " فأمر له بثلاثمائة درهم، (3) فلما
خرج قال: " والله ليسعين في دمي " فقيل له: أنت تعلم هذا وتصله؟!
قال: " حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن الرحم إذا قطعت
فوصلت ثم قطعت مرة أخرى قطعها الله، وإني أردت أن أصله بعد قطعه
حتى إذا قطعني قطعه الله " وكان كذلك، وذلك أنه خرج إلى بغداد، وقال
للخليفة: إن الأموال تحمل إلى موسى بن جعفر - (عليه السلام) - من المشرق
والمغرب، وإنه اشترى ضيعة بثلاثين ألف ألف دينار، وأحضرها، فقال
صاحبها: لا آخذ إلا نقد كذا، فأعطاه ذلك، فأمر له الرشيد بمائتي ألف
درهم، ودعا موسى بن جعفر أن لا ينتفع منها بشيء، فلما تم كلامه

1. كما في رجال النجاشي: 333 / 896.
2. في المصدر زيادة: " فقال موسى (عليه السلام): أنا أقضيها وأفعل بك وأصنع. فلم يلتفت إليه وخرج من عنده،
فدعاه موسى (عليه السلام) ".
3. في المصدر: " ثلاثمائة دينار وأربعة آلاف درهم ".
339

للرشيد، وأمر له بالدراهم فزحر علي بن إسماعيل زحرة خرج منها
حشوة، فسقط، وجهدوا في ردها، فلم يقدروا، وجاء المال وهو في
النزع، فقال: ما أصنع به وأنا في الموت، فلم ينتفع به وهلك. (1)
وإنما ذكرناه من باب المناسبة.
الثالث
[في سندي بن محمد]
أنه ربما ذكر في بعض الأسانيد سندي بن محمد، كما في بعض روايات
التهذيب في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة. (2)
وقد ذكر الشيخ في الرجال في أصحاب الصادق (عليه السلام) في باب السين في ترجمة
سندي بن محمد أن اسمه أبان، وهو أخو علي وابن أخت صفوان بن يحيى. (3)
ولعل الأخوة في كلامه اشتباه عن الأبوة، والغرض أن سندي بن محمد
أبو علي بن السندي المعروف، قضية أن المدار في ذكر الانتسابات على اشتهار
المنسوب إليه، وعلي بن السندي مشهور، فإظهار النسبة إليه بالأبوة في محله لكن
لم يشتهر على آخر يليق بذكر النسبة إليه بالأخوة.
وذكره الشيخ في الرجال في باب من لم يرو أيضا، (4) ونظيره من الشيخ في
الرجال غير عزيز، كما يظهر بالرجوع إلى الرسالة المعمولة في باب النجاشي.

1. الخرائج والجرائح 2: 944 - 945 باب في أن معجزات النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة من آله عليهم السلام ليست
ببدع، فقد كان قبلهم للأنبياء والأوصياء معجزات.
2. تهذيب الأحكام 1: 47، ح 134، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة.
3. ذكر أنه أخو علي في رجال الهادي (عليه السلام)، رجال الطوسي: 416 / 6، ولكن سائر ما نقله ذكره النجاشي
في رجاله: 187 / 497.
4. رجال الطوسي: 476 / 11. وفيه: " السندي بن ربيع بن محمد ".
340

وذكر النجاشي أنه ابن أخت صفوان بن يحيى، واسمه أبان، ويكنى أبا بشر. (1)
الرابع
[تعيين علي بن إسماعيل في رواية الشيخ]
أنه روى في التهذيب في باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة بالإسناد عن
محمد بن أحمد بن يحيى عن علي بن إسماعيل. (2)
قيل: كأنه ابن أبي شعيب أو الدهقان أو علي بن إسماعيل السندي. (3)
وفيه: أن الظاهر أن علي بن إسماعيل المذكور هو السندي، بقرينة روايته
بعد ذلك قليلا بالإسناد عن محمد بن أحمد بن يحيى عن علي بن السندي، (4) مع
أن علي بن إسماعيل مشترك أيضا بين علي بن إسماعيل بن عامر وعلي بن
إسماعيل بن عمار، فكما يحتمل فيه الجماعة المذكورة، كذا يحتمل فيه غيرها
ممن ذكر، فلا يتجه تخصيصه في الجماعة المذكورة.
الخامس
[تعيين علي بن إسماعيل في رواية الكليني]
أنه روى في الكافي في باب الأوقات التي يكره فيها الذبائح عن محمد بن
يحيى عن محمد بن موسى عن العباس بن معروف عن مروك بن عبيد عن بعض

1. رجال النجاشي: 187 / 497.
2. تهذيب الأحكام 1: 33، ح 87، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة.
3. ملاذ الأخيار 1: 152، ح 26، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة.
4. تهذيب الأحكام 1: 36، ح 97، باب آداب الأحداث الموجبة للطهارة.
341

أصحابنا عن عبد الله بن مسكان عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إلى آخر الحديث. (1)
فروى عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن علي، عن
محمد بن عمرو، عن جميل بن دراج عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إلى
آخر الحديث. (2)
وقال: في نوادر الجمعة: علي بن إسماعيل عن محمد بن علي عن محمد بن
عمرو، عن جميل بن دراج عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام)، إلى آخر
الحديث. (3)
قال العلامة المجلسي في الحاشية:
علي بن إسماعيل هو السندي، ومحمد هو محمد بن عمرو الزيات،
والظاهر أن سهل بن زياد يروي عن علي بن إسماعيل، وليس دأب
الكليني الإرسال في أول السند، إلا أن يبني على السند السابق، ويذكر
رجلا من ذلك السند. ولعله اكتفى هنا باشتراك محمد بن عمرو بعد
محمد بن علي الذي ذكره في السند السابق مكان علي بن إسماعيل.
قوله: " في نوادر الجمعة " ولعل المعنى أن هذا الخبر رواه علي بن
إسماعيل في باب نوادر الجمعة، ولعل هذا كان مكتوبا في الخبر الأول
إما في الأصل أو في الهامش، وأخره النساخ. انتهى.
قوله: " وليس دأب الكليني " إلى آخره، قد حررنا الحال في الرسالة المعمولة
في نقد الطريق، والله العالم.

1. الكافي 6: 236، ح 1، باب الأوقات التي يكره فيها الذبح.
2. الكافي 6: 236، ح 2، باب الأوقات التي يكره فيها الذبح.
3. الكافي 6: 236، ح 3، باب الأوقات التي يكره فيها الذبح. وفيه: " علي بن إسماعيل، عن محمد بن
عمرو، عن جميل بن دراج، عن أبان بن تغلب، قال: سمعت علي بن الحسين ".
342

20 - رسالة في " علي بن محمد "
343

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
وبعد، فقد أكثر الكليني في الرواية عن علي بن محمد، كما في ما رواه في
باب أنه لا يعرف الله إلا به، عن علي بن محمد، عمن ذكره، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن محمد بن حمران، عن الفضل بن السكن، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) (1) إلى آخره.
وما رواه في باب حدوث الأسماء، عن علي بن محمد، عن صالح بن
أبي حماد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن
إبراهيم بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (2)
وما رواه في باب معاني الأسماء واشتقاقها، عن علي بن محمد، عن سهل بن
زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن العباس بن هلال، قال: سألت الرضا (عليه السلام) (3) إلى
آخره.
(وما رواه في باب تأويل الصمد، عن علي بن محمد ومحمد بن
الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد - ولقبه شباب الصيرفي -
عن داود بن القاسم الجعفري قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام)، (4) إلى

1. الكافي 1: 85، ح 1، باب أنه لا يعرف إلا به.
2. الكافي 1: 112، ح 1، باب حدوث الأسماء.
3. الكافي 1: 115، ح 4، باب معاني الأسماء واشتقاقها.
4. الكافي 1: 123، ح 1، باب تأويل الصمد.
345

آخره). (1)
وما رواه في باب جوامع التوحيد، عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد،
عن شباب الصيرفي - واسمه محمد بن الوليد - عن علي بن سيف بن عميرة، قال:
حدثني إسماعيل بن قتيبة، قال: دخلت أنا وعيسى شلقان على أبي عبد الله (عليه السلام)، (2)
إلى آخره.
وما رواه في باب السعادة والشقاوة، عن علي بن محمد رفعه، عن شعيب
العقرقوفي عن أبي بصير، قال: كنت بين يدي أبي عبد الله (عليه السلام)، (3) إلى آخره.
وما رواه في باب أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه، عن علي بن
محمد، عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن سماعة
قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، (4) إلى آخره.
وما رواه في باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعلمون علم ما كان وعلم ما يكون، وأنه
لا يخفى عليهم شيء صلوات الله عليهم، عن علي بن محمد، عن سهل، عن
أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن جماعة بن سعد الخثعمي أنه (5)
كان المفضل عند أبي عبد الله (عليه السلام)، (6) إلى آخره.
[رواية الكليني عن علي بن محمد مقيدا]
وتحقيق الحال: أنه قد يروي الكليني عن علي بن محمد أيضا تارة مقيدا
ب‍ " ابن عبد الله " كما في ما رواه في باب المشيئة والإرادة، عن علي بن محمد بن

1. ما بين القوسين ليس في " د ".
2. الكافي 1: 139، ح 5، باب جوامع التوحيد.
3. الكافي 1: 153، ح 2، باب السعادة والشقاء.
4. الكافي 1: 190، ح 1، باب أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه.
5. في المصدر زيادة: " قال ".
6. الكافي 1: 261، ح 3، باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون.
346

عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن
علي بن إبراهيم الهاشمي، قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، (1) إلى
آخره.
وما رواه في باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق، عن علي بن
محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن
إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (2) إلى آخره، وغير ما ذكر.
وأخرى مقيدا ب‍ " ابن بندار "، كما فيما رواه في باب قلة عدد المؤمنين؛ عن
محمد بن الحسن وعلي بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن
حماد الأنصاري، عن سدير الصيرفي، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، (3) إلى آخره.
وما رواه في باب من أفطر متعمدا من غير عذر أو جامع متعمدا في شهر
رمضان، عن علي بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن
عبد الله بن حماد، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (4) إلى آخره.
و ما رواه في باب أن أبا طالب عق عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن علي بن محمد بن
بندار، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن أحمد بن الحسين، عن أبي العباس،
عن جعفر بن إسماعيل، عن إدريس، عن أبي السائب، عن أبي عبد الله عن
أبيه (عليهما السلام)، (5) إلى آخره.
وثالثة مقيدا ب‍ " الكليني " كما فيما رواه في باب الخضخضة ونكاح البهيمة؛
عن علي بن محمد الكليني، عن صالح بن أبي حماد، عن محمد بن إبراهيم النوفلي،

1. الكافي 1: 150، ح 1، باب المشيئة والإرادة.
2. الكافي 3: 499، ح 10، باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق.
3. الكافي 2: 242، ح 4، باب في قلة عدد المؤمنين.
4. الكافي 4: 103، ح 9، باب من أفطر متعمدا من غير عذر أو جامع متعمدا في شهر رمضان.
5. الكافي 6: 34، ح 1، باب أن أبا طالب عق عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
347

عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (1) إلى آخره.
وقد عد من أعداد سهل بن زياد في العبارة المحكية في الخلاصة عن
الكليني: علي بن محمد بن علان (2) بفتح العين المهملة وتشديد اللام على ما عن
الإيضاح، (3) وتخفيف اللام على ما عن الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة تعليقا
على قول العلامة في ترجمة الكليني.
وينصرح من الفاضل الأسترآبادي أن الصحيح علي بن محمد علان،
وعلي بن محمد بن علان غير صحيح. (4)
ولا إشكال في اتحاد علي بن محمد الكليني، مع علي بن محمد بن علان،
أو علي بن محمد علان.
كما أنه لا إشكال في مغايرته مع علي بن محمد بن عبد الله، وعلي بن
محمد بن بندار.
وإنما الكلام في اتحاد علي بن محمد بن عبد الله، وعلي بن محمد بن
بندار، وتعددهما.
[الكلام في اتحاد علي بن محمد بن عبد الله]
[وعلي بن محمد بن بندار]
فنقول: قال النجاشي في ترجمة محمد بن أبي القاسم:
عبيد الله بن عمران الخبابي (5) البرقي أبو عبد الله الملقب بماجيلويه:

1. الكافي 5: 541، ح 5، باب الخضخضة ونكاح البهيمة.
2. خلاصة الأقوال: 272، الفائدة الثالثة.
3. إيضاح الاشتباه: 221.
4. انظر منهج المقال: 237.
5. كذا في النسختين، وفي المصدر: " الجنابي ".
348

" وأبو القاسم يلقب بندار سيد من أصحابنا القميين ثقة عارف بالأدب
والشعر والغريب، وهو صهر أحمد بن أبي عبد الله البرقي على ابنته،
وابنه علي بن محمد منها، وكان أخذ العلم منه. (1)
وفي الخلاصة:
محمد بن أبي القاسم عبيد الله - بالياء بعد الباء، وقيل: عبد الله بغير ياء -
ابن عمران الخبابي - بالخاء المعجمة المفتوحة والباء المنقطة تحتها
نقطة قبل الألف وبعدها - البرقي أبو عبد الله الملقب بماجيلويه بالجيم
والياء المنقطة تحتها نقطتين قبل اللام وبعد الواو أيضا. وأبو القاسم
يلقب بندار - بالنون بعد الباء والدال المهملة والراء - سيد من أصحابنا
القميين، ثقة عالم فقيه عارف بالأدب والشعر. (2)
والظاهر بل بلا إشكال أن عبيد الله من باب الاسم لا اللقب؛ لكثرة ذكر عبيد الله
في الأسماء في الرجال. وعدم دلالة عبيد الله على المدح أو الذم، فلا محيص عن
رجوع عبيد إلى أبي القاسم، ولا مجال لرجوعه إلى محمد، وإلا يلزم تعدد الاسم،
وكذا يلزم تكرار الذكر بلفظ مختلف في الابن بمحمد وعبيد الله، وفي الأب
بأبي القاسم وعمران؛ للزوم كون عمران اسما لأبي القاسم على تقدير رجوع
عبيد الله إلى محمد، وهذه صورة لا نظير لها، فإرجاع عبيد الله إلى محمد حسبان
كون عبيد الله من باب اللقب يندفع بما سمعت من كون عبيد الله من باب الاسم.
نعم، لو كان من اللقب، كان الظاهر رجوعه إلى محمد؛ قضية أن الظاهر
رجوع المتعلقات المذكورة في الكلام - من الوصف والضمير وغيرهما - إلى
المقصود بالأصالة في الكلام.
ومن هذا: أنه لو تردد التوثيق أو غيره بين الرجوع إلى المقصود بالأصالة في
الكلام والمقصود بالتبع فالظاهر الرجوع إلى المقصود بالأصالة.

1. رجال النجاشي: 353 / 947.
2. خلاصة الأقوال: 157 / 111.
349

وقد استوفينا موارد تردد التوثيق وغيره بين الرجوع إلى المقصود بالأصالة
والمذكور بالتبع في الرسالة المعمولة في " ثقة " وحررنا فيها رجوع التوثيق أو غيره
إلى المذكور بالأصالة، لكن لو قامت قرينة على رجوع التوثيق أو غيره إلى
المذكور بالتبع، فهو المتبع.
ومنه قول النجاشي في ترجمة الحسين بن علي بن الحسين بن محمد بن
يوسف الوزير: " وأمه فاطمة بنت أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر
النعماني شيخنا صاحب كتاب الغيبة " (1) حيث إن قوله: " شيخنا " لا مجال لرجوعه
إلى الحسين المقصود بالأصالة من العنوان، بل الظاهر رجوعه إلى جعفر. كما أن
الظاهر رجوع النعماني إليه، لكنه راجع إلى محمد بن إبراهيم، بشهادة عد كتاب
الغيبة من كتبه في الترجمة المعقودة له، وإن أمكن القول بأن قوله: " وأمه " إلى
آخره كلام مستأنف، والمقصود بالأصالة في هذا الباب هو محمد بن إبراهيم من
باب تعريف فاطمة، فالرجوع إلى محمد جار على ما يقتضيه الظاهر.
والظاهر أن الضمير المرفوع في قوله: " وهو صهر أحمد بن أبي عبد الله "
يرجع إلى محمد، لا إلى أبي القاسم؛ قضية ما سمعت من رجوع المتعلقات
المذكورة في الكلام إلى المقصود بالأصالة.
بل الحال على هذا المنوال ولو قلنا برجوع عبيد الله إلى أبي القاسم، مع
احتمال كونه راجعا إلى محمد بكونه من باب اللقب؛ لتطرق التغير على السوق
بقوله: " أبو عبد الله الملقب بماجيلويه " لرجوعه إلى محمد بلا شبهة.
لكن النجاشي قد ذكر في ترجمة علي بن أبي القاسم: " أن علي بن أبي القاسم
عبد الله بن عمران البرقي المعروف أبوه بماجيلويه، يكنى أبا الحسن، ثقة فاضل
فقيه أديب، رأى أحمد بن محمد البرقي وتأدب عليه، وهو ابن بنته ". (2)

1. رجال النجاشي: 69 / 167.
2. رجال النجاشي: 261 / 683.
350

والظاهر أن الضمير في قوله: " وهو ابن بنته " يرجع إلى علي، ومقتضاه كون
أبي القاسم صهر البرقي، فمقتضاه رجوع الضمير المتقدم في قوله: " وهو صهر
أحمد بن محمد البرقي " إلى أبي القاسم.
إلا أن ذلك ينافي قوله في ترجمة محمد بن أبي القاسم: " وابنه علي بن محمد
منها ". (1)
إلا أن يقال: إن النسبة في قوله: " علي بن أبي القاسم " من باب النسبة إلى
الجد، والأصل علي بن محمد بن أبي القاسم؛ بشهادة قوله في ترجمة محمد بن
أبي القاسم: " علي بن محمد منها " فالمراد بأبيه في قوله: " المعروف أبوه
بماجيلويه " هو محمد.
وربما يقال: إن قوله: " المعروف أبوه بماجيلويه " ينافي ما ذكره في ترجمة
أحمد بن محمد بن خالد عند ذكر تأريخ وفاته، قال: " قال أحمد بن الحسين
رحمه الله: توفي سنة أربع وسبعين ومائتين، وقال علي بن محمد ماجيلويه: سنة
ثمانين ومائتين ". (2) لأن مقتضى قوله المشار إليه أن عليا لم يلقب بماجيلويه، أولم
يعرف به.
ويمكن دفعه: بأن مقتضى قوله: " المعروف أبوه بماجيلويه " باقتضاء تام تمام
أن عليا لم يلقب بماجيلويه؛ لأن السكوت عن شيء في ترجمة شخص والمقام
يقتضي التعرض لجميع أحواله، مع إثبات ذلك لشخص آخر في غاية القوة من
الدلالة على انتفاء ذلك الشيء في صاحب الترجمة.
كيف! والسكوت عن شيء في ترجمة شخص يقتضي نفيه عنه من باب (3)
مفهوم البيان، فيتقوى الاقتضاء في صورة إثبات الشيء لغير صاحب الترجمة.

1. رجال النجاشي: 77 / 182.
2. رجال النجاشي: 77 / 182.
3. في " ح " زيادة: " نفي ".
351

بل ربما توهم أن السكوت عن شيء في حق شخص في ترجمة شخص
آخر يقتضي نفيه عنه.
ومن هذا ما قيل من أن سكوت ابن الغضائري عن القدح في العقيقي عند ذكر
أن له كتبا مشهورة في ترجمة الحسن بن محمد بن يحيى - على ما في الخلاصة (1) -
يظهر عن كمال اعتبار العقيقي. (2)
لكنه مدفوع: بأن مفهوم البيان إنما يتأتى في صورة السكوت في مقام البيان،
والسكوت عن ذكر شيء في حق شخص في ترجمة شخص آخر ليس من
السكوت في (3) مقام البيان بالنسبة إلى الشخص الأول.
وبوجه آخر: مفهوم البيان إنما يتأتى في صورة السكوت عن إثبات شيء
لشيء في مقام بيان حاله، دون صورة السكوت عن إثبات شيء لشيء في مقام
بيان حال شيء آخر.
ونظير ذلك التمسك بإطلاق النبوي: " الصلاة خير موضوع، فمن شاء
استقل، ومن شاء استكثر " (4) لدفع الجزئية والشرطية والمانعية (بالنسبة إلى الصلاة،
وهو مدخول بأن الإطلاق لا يقتضي نفي الجزئية والشرطية والمانعية (5)) إلا في
صورة كون الإطلاق في مقام بيان تفصيل أحكام الموضوع، سواء قلنا بأن دلالة
الإطلاق على عدم القيد من باب عدم ذكر القيد أو من باب أصالة الحقيقة على
ما حررناه في الأصول. والإطلاق في الحديث المذكور إنما هو لبيان جواز القلة

1. خلاصة الأقوال: 214 / 14.
2. منتهى المقال 4: 340 / 1948.
3. في " ح ": " من " بدل " في ". والصحيح ما أثبتناه.
4. معاني الأخبار: 332، ح 1، باب معنى تحية المسجد ومعنى الصلاة وما يتصل بذلك من تمام
الحديث؛ الخصال: 523، ح 13؛ الوسائل 5: 247، أبواب أحكام المساجد، باب 42، ح 1 بلفظ
آخر؛ عوالي اللآلي 1: 90، ح 26.
5. ما بين القوسين ليس في " ح ".
352

والكثرة، لا بيان تفصيل الأمور الدخيلة في الصلاة نفيا وإثباتا.
وكيف كان؛ فما ذكر من قوله: " المعروف أبوه بماجيلويه " يصير قرينة على
أن ماجيلويه في قوله: " علي بن ماجيلويه " صفة لمحمد، لا لعلي، وإن كان الظاهر
كونه صفة لعلي؛ لكون ذلك أقوى، بل في جميع موارد قيام القرينة على خلاف
الظاهر يتأتي التعارض بين القرينة والمقرون في ارتكاب خلاف الظاهر.
مثلا: لو قيل: " رأيت أسدا في الحمام " يدور الأمر بين حمل الأسد على
الرجل الشجاع، وحمل الحمام على الفلاة الحارة، لكن قوة ظهور الحمام في
معناه بالإضافة إلى ظهور الأسد في الحيوان المفترس - لكثرة استعمال الأسد في
الرجل الشجاع - توجب ارتكاب خلاف الظاهر في الأسد.
ونظيره الحال فيما لو قيل: " رأيت أسدا يرمي " لدوران الأمر فيه بين حمل
الأسد على الحيوان المفترس، وحمل الرمي على إثارة التراب، لكن قوة ظهور
الرمي في معناه - لندرة استعماله في إثارة التراب - توجب ارتكاب خلاف الظاهر
في الأسد.
كيف! وقد اتفق في كلمات أرباب الرجال رجوع بعض الكلمات إلى
المذكور بالتبع، ومنه ما تقدم من النجاشي في ترجمة الحسين بن محمد بن
يوسف وغيره مما حررناه في الرسالة المعمولة في " ثقة " وغيرها.
وبالجملة، فلو قلنا بأن الضمير في قول النجاشي في ترجمة محمد بن
أبي القاسم: " وهو صهر أحمد بن أبى عبد الله " راجع إلى محمد، وكون النسبة في
علي بن أبي القاسم في كلام النجاشي والعلامة من باب النسبة إلى الجد، فعلي بن
محمد بن عبد الله وعلي بن محمد بن بندار متحد، وقد صرح النجاشي والعلامة
بتوثيقه في ترجمة علي بن أبي القاسم، (1) فيتردد الأمر في علي بن محمد المبحوث

1. رجال النجاشي: 261 / 683؛ خلاصة الأقوال: 100 / 48.
353

عنه - أعني علي بن محمد المذكور في صدر سند الكافي - بين علي بن محمد بن
عبد الله المكنى بأبي القاسم والملقب ببندار، وعلي بن محمد الكليني، وهو
علي بن محمد بن إبراهيم بن أبان، وقد صرح النجاشي بتوثيقه، (1) فلا حاجة إلى
الفحص عن المقصود بعلي بن محمد المذكور في صدر سند الكافي.
ولو قلنا بأن الضمير المشار إليه راجع إلى أبي القاسم، وكون النسبة في
علي بن أبي القاسم إلى الأب، فعلي بن محمد بن عبد الله غير علي بن
أبي القاسم، وعلي بن أبي القاسم غير علي بن محمد بن بندار، ولا دليل على
اتحاد علي بن محمد بن عبد الله مع علي بن محمد بن بندار، فيتردد علي بن
محمد المبحوث عنه بين علي بن محمد بن عبد الله، وعلى بن محمد بن بندار
المجهولين، وعلي بن محمد بن إبراهيم المصرح بالتوثيق، فلابد في تصحيح
الحديث المصدر سنده بعلي بن محمد من الفحص عن المقصود بعلي.
إلا أن يقال: إن كثرة رواية الكليني عن علي بن محمد مقيدا بابن عبد الله أو
بابن بندار توجب القول برجوع الضمير المشار إليه إلى محمد والقول بكون
النسبة في علي بن أبي القاسم من باب النسبة إلى الجد، فيتحد علي بن محمد بن
عبد الله وعلي بن محمد بن بندار، وليس في البين علي بن أبي القاسم، والأمر كما
مر بناء على القول برجوع الضمير المشار إليه إلى محمد.

1. رجال النجاشي: 260 / 682.
354

تذييلات
الأول
[في علي بن محمد المعدود في عداد سهل بن زياد]
إنه يظهر بما مر حال علي بن محمد المعدود من أعداد عدة سهل بن زياد، إلا
أنه لا حاجة هنا إلى الفحص ولو بناء على جهالة علي بن محمد بن أبي عبد الله
وعلي بن بندار؛ لوجود الثقة في أعداد العدة، وكفاية التعدد على تقدير خلو
الأعداد عن الثقة، نظير الاستفاضة.
الثاني
[في ماجيلويه]
إن مقتضى ما نصرناه - من كون النسبة في علي بن أبي القاسم من باب النسبة
إلى الجد -: انحصار ماجيلويه في محمد بن أبي القاسم، وأما بناء على كون النسبة
من باب النسبة إلى الأب، فيكون ماجيلويه مشتركا بين محمد بن أبي القاسم
وعلي بن محمد بن أبي القاسم.
لكن حكم بعض الأعلام (1) باشتراك ماجيلويه بين أربعة: محمد بن علي

1. الرسائل الرجالية للشفتي: 549.
355

ماجيلويه، وعمه محمد بن أبي القاسم، وابن عمه علي بن محمد بن أبي القاسم،
وبعض من أحفاد عمه محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم؛ استنادا في إطلاقه
على الأول إلى أسانيد مذكورة في العيون والخصال والمجالس والتوحيد
وإكمال الدين ومشيخة الفقيه، تشتمل على محمد بن علي ماجيلويه، (1) وفي إطلاقه
على الثاني إلى أسانيد مذكورة في العيون وإكمال الدين، تشتمل على محمد بن
أبي القاسم ماجيلويه، (2) وفي إطلاقه على الثالث إلى أسانيد مذكورة في العلل
والمجالس أيضا، تشتمل على علي بن محمد ماجيلويه، (3) وفي إطلاقه على الرابع
إلى ما ذكره النجاشي في ترجمة محمد بن أبي القاسم عند ذكر طريق إليه حيث
قال:
له كتب، منها: كتاب المشارب - إلى أن قال -: أخبرنا أبو علي بن أحمد،
قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن علي
ماجيلويه قال: حدثنا أبو علي بن محمد، عن أبيه محمد بن أبي القاسم. (4)
ويرشد إلى الإطلاق على محمد بن علي قول الشيخ في الرجال: " محمد بن

1. انظر الخصال: 5، ح 14، باب حقيقة السعادة واحدة وحقيقة الشقاء واحدة، وص 8، ح 27، باب ما
بلا الله العباد بشيء أشد عليهم من خصلة، وص 11 ح 37، باب خصلة من احتملها لم يشكر النعمة.
2. انظر علل الشرائع: 571، ح 1، باب العلة التي من أجلها لا ترث المرأة مما ترك زوجها من العقار شيئا
وترك مما سوى ذلك، وص 297، ح 1، باب علة سهولة النزع وصعوبته على المؤمن والكافر؛ وكمال
الدين: 289، ح 2؛ ومعاني الأخبار: 144، ح 1، باب معنى ما روي أنه ليس لامرأة خطر
لا لصالحتهن ولا لطالحتهن.
3. انظر علل الشرائع: 239، ح 1، باب علة قتل المأمون للرضا (عليه السلام)، وص 109، ح 77، باب علة الطبائع
والشهوات والمحبات؛ والأمالي للصدوق: 258، 435، 449، 489، 516، 587؛ وعيون أخبار
الرضا (عليه السلام) 1: 275، ح 10، باب 28 فيما جاء عن الإمام علي بن موسى (عليه السلام) من الأخبار المتفرقة؛ و ج
2: 208 / ح 11، باب 47 دلالات الرضا (عليه السلام).
4. رجال النجاشي: 353 / 947.
356

علي ماجيلويه روى محمد بن علي بن الحسين بن بابويه عنه ". (1)
إلا أن الظاهر منه اتحاد محمد بن علي مع اشتراكه بين محمد بن علي بن
أبي القاسم ومحمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم، فكان المناسب أن يذكر
الشيخ رواية الصدوق عن كل من محمد بن علي بن أبي القاسم ومحمد بن
علي بن محمد بن أبي القاسم. لكن يمكن القدح في الإطلاق على الثالث
بملاحظة ما تقدم من أن سكوت النجاشي عن كون علي ملقبا بماجيلويه مع ذكر
أن أباه معروف بماجيلويه - ظاهر بظهور قوي - في أن عليا غير ملقب بماجيلويه،
فهو يوجب حمل ماجيلويه على كونه لقبا لمحمد، ولا سيما مع ذكره بدون
ماجيلويه في بعض الأسانيد، كما رواه في التهذيب في باب تلقين المحتضرين
وتوجيههم عند الوفاة، (2) وفي الاستبصار في باب أن الرجل يموت وهو جنب؛ (3)
عن علي بن محمد عن أبي القاسم، سعيد بن محمد، حيث إن المقصود بعلي بن
محمد هو علي بن محمد بن أبي القاسم، كما هو مقتضى كلام العلامة المجلسي
في حاشية الاستبصار، ولا سيما مع اتفاق رجوع بعض الكلمات إلى المذكور
بالتبع وعدم مراعاة أرباب الرجال في كلماتهم كثيرا مما روعي في غيرها.
لكن يمكن أن يقال: إنه لما كان " ماجيلويه " صفة للمضاف في الطوائف
الثلاث الباقية من الأسانيد - أعني الأسانيد المشتملة على محمد بن علي بن
أبي القاسم ماجيلويه، ومحمد بن أبي القاسم، ومحمد بن علي بن محمد بن
أبي القاسم - فالظاهر أن ماجيلويه في الأسانيد المشتملة على علي بن محمد
ماجيلويه صفة لعلي لا لمحمد.

1. رجال الشيخ: 491 / 2.
2. تهذيب الأحكام 1: 290، ح 844، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة وما يصنع بهم في
تلك الحال وتطهيرهم بالغسل وإسكانهم الأكفات.
3. الاستبصار 1: 194، ح 683، باب الرجل يموت وهو جنب.
357

وبما ذكر ينقدح القدح فيما ذكره الفاضل الأسترآبادي من اشتراك ماجيلويه
بين محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم، وجده محمد بن أبي القاسم؛ (1) قضية
إهماله محمد بن علي بن أبي القاسم، بل إهماله علي بن محمد بن أبي القاسم.
وما ذكره السيد السند التفرشي من أن ماجيلويه اسمه محمد بن أبي القاسم
ويطلق على محمد بن علي؛ (2) قضية أن الظاهر منه اتحاد محمد بن علي مع اشتراك
محمد بن علي بين محمد بن علي بن أبي القاسم ومحمد بن علي بن محمد بن
أبي القاسم، بل قضية إهماله علي بن محمد بن أبي القاسم.
ثم إنه قد أكثر الصدوق في الفقيه في الرواية عن محمد بن علي ماجيلويه،
فالمقصود به محمد بن علي بن أبي القاسم لو كان محمد بن علي راويا عن عمه
محمد بن أبي القاسم، كما وقع في روايات كثيرة، سواء قيل: محمد بن علي قال:
حدثنا أبي، أو قيل: محمد بن علي عن أبيه، أو قيل: محمد بن علي عن محمد بن
أبي القاسم.
والمقصود به محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم لو كان محمد بن على
راويا عن أبيه، كما سمعت في طريق النجاشي إلى محمد بن أبي القاسم وغيره من
أسانيد مذكورة في المجالس والعلل والخصال.
ولو كان محمد بن على راويا عن غير أبيه وعمه، فهو متردد بين محمد بن
علي بن أبي القاسم، ومحمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم.
لكن قد حكى بعض الأعلام: أن محمد بن علي بن أبي القاسم أكثر رواية من
محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم، (3) فالظاهر أن المقصود محمد بن علي بن
أبي القاسم، فالمقصود بمحمد بن علي إنما هو محمد بن علي بن محمد بن

1. منهج المقال: 399.
2. نقد الرجال 5: 297 / 6510.
3. الرسائل الرجالية للشفتي: 557.
358

أبي القاسم لو كان راويا عن أبيه، والمقصود محمد بن علي بن أبي القاسم لو كان
راويا عن غير أبيه، سواء كان راويا عن عمه أم لا.
وأيضا قد ذكر الشهيد الثاني في حاشية الخلاصة في ترجمة زرارة: " أن
محمد بن أبي القاسم ماجيلويه كان معاصرا للصدوق ". (1)
وهو كما ترى؛ لأن الصدوق يروي عن محمد بن علي بن أبي القاسم، وهو
يروي عن محمد بن أبي القاسم كثيرا، كما سمعت، فالمعاصر هو الأول لا الثاني.
ثم إنه قد ذكر السيد السند التفرشي في ترجمة محمد بن علي بن ماجيلويه:
" أنه ذكره محمد بن علي بن بابويه في مشيخته كثيرا، وقال: " رضي الله عنه " فقال
وروى عن محمد بن يحيى العطار وعلي بن إبراهيم بن هاشم وغيرهما ". (2)
وقوله: " وروى " إلى آخره، قد جرى بعض على رجوع الضمير إلى محمد بن
علي بن ماجيلويه. وعن بعض احتمال الرجوع إلى محمد بن علي بن بابويه.
والأول أظهر.
ويظهر الحال بملاحظة ما حررناه مفصلا في دوران رجوع التوثيق أو غيره
بين الرجوع إلى صاحب العنوان، والرجوع إلى المذكور بالتبع.
مضافا إلى أنه على الثاني يلزم اتحاد بعض مشايخ الكليني والصدوق، مع أنه
قد حكى المولى التقي المجلسي: أن الصدوق عاصر الكليني في برهة من
الزمان. (3) ومقتضاه عدم مساعدة سن الصدوق للرواية عمن روى عنه الكليني.
ويرشد إليه أن الكليني توفي في سنة ثمان وعشرين - على ما ذكره
النجاشي (4) والشيخ في الرجال (5) - أو تسع وعشرين - على ما ذكره الشيخ في

1. تعليقة الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 12.
2. نقد الرجال 4: 279 / 4938.
3. روضة المتقين 14: 260.
4. رجال النجاشي: 377 / 1026.
5. رجال الطوسي: 495 / 27.
359

الفهرست (1) - وثلاثمائة، والصدوق توفي في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة،
فلو كان عمر الصدوق ثمانين سنة فقد أدرك من زمان الكليني ثلاثين سنة، وعلى
هذا لا يساعد سن الصدوق للرواية عمن روى عنه الكليني.
وبما مر ظهر أن محمد بن علي ماجيلويه كان معاصرا للكليني.
بقي أن محمد بن أبي القاسم قد سمعت توثيقه من النجاشي، وكذا العلامة
في الخلاصة. (2)
وأما علي بن محمد بن أبي القاسم: فقد سمعت أيضا توثيقه من النجاشي في
ترجمة علي بن أبي القاسم، وقد حكم العلامة في الخلاصة أيضا بوثاقته. (3)
وأما محمد بن علي بن أبي القاسم ومحمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم،
فقد حكم الفاضل الأسترآبادي بتوثيقهما في رجاله الوسيط.
وربما يستدل على وثاقتهما بكونهما من مشايخ الصدوق، وذكرهما بطريق
الترحم والترضي في مشيخة الفقيه والخصال والمجالس والعيون والعلل والتوحيد
ومعاني الأخبار، بل لم يوجد ذكرهما في الكتب المذكورة إلا كذلك، وتصحيح
العلامة طريق الفقيه إلى منصور بن حازم ومعاوية بن وهب، وفيه محمد بن
علي بن أبي قاسم، وطريقه إلى الحارث بن أبي المغيرة وإسماعيل بن رياح وفيه
محمد بن علي بن محمد بن أبي القاسم. (4)
وفي الكل نظر.
أما الأول: فلأنه مبني على دلالة شيخوخة الإجازة على العدالة، والأظهر
اختصاص الدلالة بما لو كان المجيز مرجعا للمحدثين دون غيره، على ما حررناه

1. الفهرست: 135 / 601.
2. رجال النجاشي: 353 / 947؛ خلاصة الأقوال: 157 / 111.
3. رجال النجاشي 261 / 683؛ خلاصة الأقوال: 100 / 48.
4. انظر خلاصة الأقوال: 277، 278، وفيه: " الحارث بن المغيرة ".
360

في محله.
وأما الثاني: فلأن الظاهر أنه لم يقل أحد بدلالة الترحم والترضي على
العدالة، وإن كان دلاه على الحسن.
وأما الأخير: فلأنه مبني على دلالة تصحيح الحديث على عدالة الراوي.
والأظهر التفصيل بين إكثار تصحيح أحاديث كثيرة مشتمل سندها على
مجهول خاص، أو إكثار تصحيح حديث واحد مرات متكثرة، فتتأتى الدلالة على
العدالة، إلا أن المحتاج إليه من الكثرة على الأخير أزيد من الكثرة المحتاج إليها
على الأول، وغير ذلك، فلا تتأتى الدلالة على العدالة.
والأوجه: حوالة الحال إلى حصول الظن بالعدالة، وعدمه؛ إذ ربما يحصل
الظن بالعدالة مع عدم الإكثار، كما لو كان التصحيح من شخص دقيق النظر، متقن
الأمر، شديد الاحتياط، ما هو في الرجال، فلابد من البناء على عدالة الرجل
المجهول. وقد لا يحصل الظن بالعدالة مع الإكثار بتصحيح أحاديث متعددة أو
تصحيح حديث مرات متعددة، فلا مجال للبناء على عدالة الراوي، وإن أمكن
القول بأن ذلك بعيد، إلا أن العلامة قد حكم في الخلاصة بالحسن في طرق شتى (1)
من الفقيه تشتمل على إبراهيم بن هاشم، والطرق تبلغ العشرين، ومع هذا حكم
بالصحة في ثلاث طرق مشتملة على إبراهيم بن هاشم من طرق الفقيه.
[الكلام في تصحيحات العلامة]
ومع ذلك تصحيحات العلامة بالخصوص محل الكلام من وجوه:
أحدها: ما ذكره المحقق الشيخ محمد - بل نقله شفاها عن والده المحقق (رحمه الله) -
من كثرة أوهامه في توثيق الرجال، وأخذه من كتاب ابن طاووس، وهو مشتمل
على أوهام.

1. في " د " و " ح ": " شيء ". والصحيح ما أثبتناه.
361

ثانيها: ما ذكره المولى التقي المجلسي من كثرة تصحيحه بالصحة عند
القدماء، فلا يجدي تصحيحه في الصحة باصطلاح المتأخرين، فلا تثبت به عدالة
الراوي. قال المشار إليه:
إن العلامة وإن ذكر القاعدة في تسمية الأخبار بالصحيح والحسن
والموثق، فكثيرا ما يقول ويصف على قوانين القدماء، والأمر سهل،
واعترض عليه كثيرا بعض الفضلاء لغفلته عن هذا المعنى، ولا مجال
للحمل على السهو؛ لأنه إنما يتأتى فيما كان مرة أو مرتين مثلا، وأما ما
كان في صفحة واحدة عشر مرات - مثلا - فلا يمكن أن يكون سهوا.
انتهى. (1)
ثالثها: ما اتفق من اختلال طائفة من تصحيحات العلامة، كما ذكره في بعض
الفوائد المرسومة في آخر الخلاصة من أن طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري
صحيح وإن كان في طريقة أبان بن عثمان وهو فطحي، لكن الكشي قال: إن
العصابة أجمعت على تصحيح ما يصح عنه؛ (2) لوضوح خروج التصحيح المذكور
عن الصحة بالاصطلاح المتأخر المعروف.
وكذا قوله في شرح حال طرق الفقيه: " وعن زرعة صحيح وإن كان زرعة فاسد
المذهب إلا أنه ثقة " (3) وكذا ما حكم به من صحة طريق الصدوق في الفقيه إلى معاوية بن
شريح وإلى سماعة (4) مع وجود عثمان بن عيسى في الطريق، وهو واقفي.
لكن حكى الكشي عن بعض نقل الإجماع على التصديق والتصحيح في
حقه، وإن احتمل أن يكون تصحيح الطريق إلى معاوية بن شريح بواسطة اتحاده
مع معاوية بن ميسرة بن شريح وصحة الطريق إليه.

1. روضة المتقين 14: 274.
2. خلاصة الأقوال: 277.
3. خلاصة الأقوال: 277.
4. خلاصة الأقوال: 279.
362

بل أمثال ما ذكر متكررة في كلمات الفقهاء، بل عد الشهيد الثاني (1) والسيد
الداماد موارد أخرى للخروج عن الاصطلاح في الصحة في التصحيح، وقد ذكر
بعض تلك الموارد في المنتقى ومشرق الشمسين، وإن كان دعوى الخروج عن
الاصطلاح في تلك الموارد مورد الإيراد، كما يظهر مما حررناه في الأصول
والرسالة المعمولة في تصحيح الغير.
رابعها: كثرة أخذ العلامة عن النجاشي، كما يرشد إليه ما ذكره الشهيد الثاني
في حاشية الخلاصة في ترجمة حجاج بن رفاعة: من أن المعلوم من طريقة المصنف أنه
ينقل في الخلاصة لفظ النجاشي في جميع الأبواب ويزيد عليه ما يقبل الزيادة. (2)
وكذا ما ذكره في حاشية الخلاصة في ترجمة عبد الله بن ميمون: من أن الذي
اعتبر بالاستقراء من طريقة المصنف أن ما يحكيه أولا من كتاب النجاشي وغيره. (3)
لكن الأخذ من الغير أقل بالنسبة إلى الأخذ من كلام النجاشي، بناء على كون
المقصود من التعقيب بالغير هو الأخذ من غير كتاب النجاشي، ولعله الظاهر.
ويحتمل أن يكون الغرض منه الأعم منه ومن ذكر كلام من نفسه.
خامسها: شدة العجلة المعلومة بالتتبع في الخلاصة، وقد أشار إليه المحقق
الشيخ محمد في تزييف كلامه في بعض التراجم. (4)
وقيل: وكأن تجديد النظر لم يكن من عادته، كما لا يخفى على المتتبع.
لكن هذا الوجه - كالوجه الأول والرابع - لا يختص بالتصحيح، بل يطرد في
غير التصحيح، كالتوثيق وغيره.
وقد استوفينا اشتباهات العلامة في الخلاصة في الرسالة المعمولة في باب النجاشي.

1. تعليقة الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 1.
2. تعليقة الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 33.
3. تعليقة الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 52.
4. انظر لؤلؤة البحرين: 226.
363

الثالث
[الكلام في الملقب بعلان]
إن السيد السند التفرشي جعل " علان " لقبا لأشخاص ثلاثة: علي بن محمد بن
إبراهيم بن أبان الكليني، المسبوق ذكره، وأحمد بن إبراهيم الكليني، ومحمد بن
إبراهيم الكليني، (1) فهو لقب لعلي وأبيه وعمه، لكنه جعل المراد ب‍ " علان " في
العبارة المتقدمة - أعني قوله: وكان خاله علان الكليني - هو علي بن محمد بن
إبراهيم بن أبان الكليني، هذا في ترجمة الكليني. (2)
وربما أورد بعض على العلامة البهبهاني حيث حكى الكلام المذكور عن
السيد السند المشار إليه: بعدم وجدانه في كلام السيد السند المشار إليه في باب
الألقاب. (3)
ويظهر ما فيه بما سمعت.
وقد جعله السيد الداماد في حاشية أصول الكافي لقبا لاثنين، وهما الأخوان،
أعني: الأحمد ومحمد، وحكم بأنهما خالان للكليني، وبأن إبراهيم جد الكليني
من أمه.
واحتمل الشهيد الثاني في الموضع المذكور كونه لقبا للأخوين كونه لقبا
لأبيهما إبراهيم. (4)
وجعله صاحب رياض العلماء لقبا لواحد، وهو إبراهيم، وهو المحكي عن

1. نقد الرجال 5: 292.
2. نقد الرجال 4: 352.
3. تعليقة الوحيد البهبهاني: 406.
4. نقله في رجال السيد بحر العلوم 3: 79.
364

العلامة البهبهاني، (1) وعليه جرى بعض من تأخر عنه. (2)
وفي بعض أسانيد العلل والمحاسن والتوحيد - على ما أورده في أوائل صلاة
البحار (3) نقلا - هكذا: " محمد بن محمد بن عصام، عن الكليني، عن علي بن
محمد علان، عن محمد بن سليمان " إلى آخر السند.
وفي بعض أسانيد إكمال الدين نقلا هكذا: " حدثنا محمد بن الحسن، عن
سعد بن عبد الله، عن علي بن محمد الرازي المعروف بعلان الكليني، قال: حدثنا
شاذان بن نعيم بنيسابور، (4) إلى آخره.
والأظهر عندي هو القول بكونه لقبا لواحد، أعني إبراهيم؛ حيث إنه قال
الشيخ في الرجال في باب من لم يرو عن الأئمة: " محمد بن إبراهيم المعروف
بعلان الكليني خير ". (5)
ومثله العلامة في الخلاصة. (6)
وقال النجاشي: " علي بن محمد بن إبراهيم الرازي الكليني المعروف بعلان
يكنى أبا الحسن ثقة عين " إلى أن قال: " وقتل علان بطريق مكة، وكان استأذن
الصاحب، فخرج: " توقف عنه في هذه السنة " فخالف. (7)
ومثله العلامة في الخلاصة. (8)
وقال الشيخ في الرجال في باب من لم يرو عن الأئمة: " أحمد بن إبراهيم

1. تعليقة الوحيد البهبهاني: 406.
2. مجمع الرجال للقهبائي 1: 39.
3. بحار الأنوار 82: 251، ح 2.
4. كمال الدين 2: 485، باب ذكر التوقيعات الواردة عن القائم (عليه السلام)، ونقله في لؤلؤة البحرين: 390.
5. رجال الطوسي: 496 / 29.
6. خلاصة الأقوال: 148 / 49.
7. رجال النجاشي: 260 - 261 / 682.
8. خلاصة الأقوال: 100 / 47.
365

المعروف بعلان الكليني خير فاضل من أهل الري ". (1)
ومثله العلامة في الخلاصة. (2)
والظاهر في التراجم الثلاثة هو كون المعروف صفة لمحمد وعلي وأحمد،
فجعله صفة لإبراهيم خلاف الظاهر، إلا أن المعروفية تنافي الاشتراك؛ حيث إن
المعروفية تقتضي امتياز المعروف عمن عداه. وعلى تقدير الاشتراك يلزم عدم
الامتياز، فاشتراك العلان بين أشخاص ثلاثة (3) ينافي المعروفية بالتلقب به.
وإن قلت: إنه على تقدير الاشتراك يتأتى الامتياز الناقص، وفيه الكفاية في
صدق المعروفية؛ لعدم انحصار صدق المعروفية بالامتياز التام.
قلت: بعد تسليم صدق المعروفية على الامتياز الناقص أن المعروفية تنصرف
عند الإطلاقات إلى الامتياز التام، ولا تشمل الامتياز الناقص بلا كلام.
فعلى ما ذكرنا علي بن محمد بن إبراهيم علان متحد مع علي بن محمد بن
علان، ذكر والده تارة باسمه كما في ترجمة محمد وعلي، وأخرى بلقبه كما في
بيان العدة كما يظهر مما مر، فالمراد بعلان المذكور في كلام النجاشي بأنه قتل في
طريق مكة هو إبراهيم.
الرابع
[في اتفاق ذكر العدة في وسط السند]
إنه روى الكليني في باب الحركة والانتقال، عن علي بن محمد، عن سهل بن

1. رجال الطوسي: 438 / 1.
2. خلاصة الأقوال: 18 / 31.
3. في " ح ": " ثقة " بدل " ثلاثة ".
366

زياد، عن محمد بن عيسى، قال: كتبت إلى أبي الحسن علي بن محمد (عليهما السلام)، إلى
آخره، ثم قال: وفي قوله [تعالى]: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) (1) عنه، عن
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن
أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (2)
قوله: " وفي قوله " قال العلامة المجلسي - بخطه الشريف في الحاشية -: هذا
من كلام المصنف، أي: روي في بيان قوله تعالى هذه الرواية الآتية. وقيل: عطف
على عنوان الباب، أي: في باب قوله تعالى. (3)
قوله: " عنه " الظاهر أن الضمير يرجع إلى علي بن محمد، لكن على هذا تلزم
رواية الكليني عن العدة مع الواسطة، مع أن طريقته جارية على الرواية عن العدة
بلا واسطة.
نعم، قد اتفق ذكر العدة في أواسط السند في باب من اضطر إلى الخمر للدواء من
كتاب الأشربة، حيث قال: " علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عدة
من أصحابنا " (4) إلا أنه في غاية الندرة، ولا اعتداد به، فلعل الظاهر كون الضمير المجرور
والجار السابق عليه والجار اللاحق له من باب الغلط.
ويمكن أن يكون الضمير المجرور راجعا إلى سهل بن زياد، لكن على هذا
تلزم رواية الكليني عن العدة مع الواسطة، وكذا رواية سهل بن زياد عن العدة.
بلا واسطة، والثاني أبعد من الأول.
ونظير ذلك: أنه روى الكليني في الباب المذكور، عن علي بن محمد، عن
سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، قال: كتبت إلى أبي الحسن علي بن

1. المجادلة (58): 7.
2. الكافي 1: 126، ح 4، باب الحركة والانتقال.
3. مرآة العقول 2: 67، باب الحركة والانتقال.
4. الكافي 6: 414، ح 9، باب من اضطر إلى الخمر للدواء أو للعطش أو للتقية.
367

محمد (عليهما السلام)، ثم قال: وعنه، عن محمد بن جعفر الكوفي، عن محمد بن عيسى
مثله. (1)
ومقتضاه: أن تكون رواية الكليني عن محمد بن أبي عبد الله، وهو من أعداد
العدة، ويروى الكليني عن العدة بلا واسطة غالبا بواسطتين: (2) علي بن محمد،
ومن روى عن علي بن محمد.
وربما يظهر من بعض الأعلام انحصار الواسطة في علي بن محمد. وهو
كما ترى.
ويمكن أن يكون الضمير المذكور راجعا إلى سهل بن زياد، فالواسطة بين
الكليني ومحمد بن جعفر متعددة أيضا، لكن الرواية مسندة.

1. الكافي 1: 126، ذيل ح 4، باب الحركة والانتقال.
2. في " ح ": " بواسطة ".
368

[فوائد]
فائدة [1]
[في معنى " أسند عنه "]
قد ذكر الشيخ في الرجال " أسند عنه " في كثير من التراجم، لكن قد اختصر
كثرة ذكره بباب أصحاب الصادق (عليه السلام)، بل قيل: إن الشيخ لم يذكره في غيره، إلا أنه
ذكره في ترجمة حماد بن راشد في باب أصحاب الباقر (عليه السلام). (1) وربما ذكر العلامة في
الخلاصة أيضا في ترجمة يحيى بن سعيد بن فيض الأنصاري، (2) والعلامة
المجلسي أيضا كما في ترجمة ابن أرقم. (3)
وقيل: إن الذين قال الشيخ في حقهم " أسند عنه " من الرواة من رجاله مائة
وستون وسبعة، كلهم من أصحاب الصادق (عليه السلام)، إلا رجلين منهم، وإنهما من
أصحاب الباقرين (عليهما السلام)، وهما: بكر بن كرب الصيرفي ومعاذ بن مسلم، إلا أنه
يشكل بما سمعت من أن الشيخ ذكر " أسند عنه " في ترجمة حماد بن راشد، وهو
من أصحاب الباقر (عليه السلام).

1. رجال الطوسي: 117 / 39.
2. خلاصة الأقوال: 264 / 1.
3. رجال المجلسي: 141 / 6.
369

وبالجملة، قد اختلفت كلماتهم في المقصود بذلك على أقوال:
أحدها: أنه سمع عنه الحديث، نقله العلامة البهبهاني عن قائل. (1)
ويؤيده ما في ترجمة عمر بن محمد بن زيد من أنه دخل الكوفة وأسندوا عنه. (2)
قيل: يظهر من هذا الجمع أن المراد ب‍ " أسند عنه " الواردة مكررة في التراجم
وقوع الرجل في سلسلة الأسناد.
لكن نقول: إن كثيرا ممن سمع عنه الحديث لم تذكر تلك اللفظة في ترجمته،
مع أنه لا يساعد تخصيص الشيخ إكثار ذكره بباب أصحاب الصادق (عليه السلام).
ثانيها: أنه سمع عنه الحديث على وجه الاستناد، أي الاعتماد، قد صرح به
العلامة البهبهاني في بعض الفوائد الأصولية، (3) وينصرح منه في التعليقات، (4) وتبعه
المحقق القمي في القوانين. (5)
وفيه: ما يظهر مما مر؛ حيث إنه لا يساعد تخصيص الشيخ إكثار ذكره بباب
أصحاب الصادق (عليه السلام)، مع أن الشيخ ذكره في ترجمة محمد بن عبد الملك
الأنصاري، وقال: " ضعيف ". (6)
وقال في ترجمة حسن بن صالح بن حي الثوري الهمداني في باب أصحاب
الصادق (عليه السلام): " أسند عنه ". (7)
وقال في باب أصحاب الباقر (عليه السلام): " إنه زيدي ". (8)

1. الفوائد الرجالية للوحيد: 31.
2. رجال الطوسي: 255 / 499.
3. الفوائد الحائرية: 225.
4. التعليقة المطبوعة في مقدمة منهج المقال للأسترآبادي: 7، وفي ذيل رجال الخاقاني: 31.
5. القوانين المحكمة 1: 486.
6. رجال الطوسي: 294 / 223.
7. رجال الطوسي: 166 / 7.
8. رجال الطوسي: 113 / 6.
370

وقال في التهذيب في باب المياه وأحكامها: " إنه زيدي بتري متروك العمل
بما يختص بروايته ". (1)
ثالثها: ما عن السيد الداماد، بل عن بعض آخر، وهو: أن الشيخ فرق في
كتاب الرجال بين أصحاب الرواية بالسماع من الإمام (عليه السلام)، وأصحاب الرواية
بالإسناد عنه، أي بالرواية من أصحابه الموثوق بهم والأخذ من أصولهم المعول
عليها، فمعنى " أسند عنه " أنه لم يسمع من الإمام (عليه السلام)، بل إنما أخذ بالرواية عن
أصحابه الموثوق بهم والاخذ من أصولهم المعول عليها. (2)
وفيه: أنه قال الشيخ في ترجمة محمد بن مسلم الثقفي المعروف: " أسند
عنه ". وقال: " روى عنهما - يعني الباقرين (عليهما السلام) - بل روايته عنهما (عليهما السلام) كثيرة ". (3)
مع أن المعنى المذكور لا يدل دليل على كونه مقصودا أصلا. على أنه لا يساعد
أيضا التخصيص المتقدم من الشيخ، مضافا إلى أنه بناء على ذلك لابد من العمل
برواية من قيل في شأنه: " أسند عنه " ولو كان ضعيفا، ولم يعهد من أحد.
رابعها: أنه روى عنه الشيوخ واعتمدوا عليه، وقد نقله العلامة البهبهاني عن
جده المولى التقي المجلسي. (4)
ولعل الفرق بين هذا وما نقلناه عن نفسه هو اختصاص هذا بتعدد الراوين
المعتمد عليهم، وعموم ذلك لوحدة السامع المعتمد عليه، واختصاص ذلك
بالسماع، وعموم الآخر لغيره، فتدبر.

1. تهذيب الأحكام 1: 408، ح 1282، باب المياه وأحكامها.
2. الرواشح السماوية: 63 - 65، الراشحة الرابعة عشر.
3. رجال الطوسي: 300 / 317.
4. الفوائد الرجالية للوحيد: 31 المطبوع في آخر رجال الخاقاني، والتعليقة المطبوعة في مقدمة منهج
المقال للأسترآبادي: 7، وفي ذيل رجال الخاقاني: 31، وانظر: روضة المتقين: 14 / 64. ذكر ذلك
عند شرحه لحال أيوب بن الحر الجعفي.
371

وفيه ما يظهر مما مر.
خامسها: ما نقل عن بعضهم، وهو أن الضمير المجرور راجع إلى الإمام الذي
ذكر من قيل في شأنه: " أسند عنه " في أصحابه.
وهذا القول هو مقتضى كلام السيد الداماد في الرواشح، قال في الراشحة
الرابعة عشر:
وبالجملة، قد أورد الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السلام) جماعة وروايتهم عنه
بالسماع من أصحابه الموثوق بهم والأخذ من أصولهم المعول عليها،
وقال في شأنه: " أسند عنه ".
وهو قد حكى أن الشيخ ذكر القاسم بن محمد الجوهري في أصحاب
أبي عبد الله (عليه السلام)، إلا أنه لما لم يكن من أصحابه، لا لقاء له ولا سماعا منه،
بل رواية بالإسناد عنه، (1) فقال: القاسم بن محمد الجوهري مولى تيم الله،
روى عن علي بن حمزة وغيره، له كتاب. (2) وكذا الحال في غياث بن
إبراهيم بن محمد التميمي الأسدي، قال الشيخ: أسند عنه وروى عن
أبي الحسن (عليه السلام). (3)
والفعل على ذلك بصيغة المعلوم، كما أنه بصيغة المجهول على الأقوال
السابقة، والظاهر أن المعنى على هذا أنه روى عنه، وكأنه إشارة إلى هذا،
أي أن من قيل في شأنه: " أسند عنه " ليس من أصحاب اللقاء فقط. (4)
وفيه: أن الشيخ قال في ترجمة جابر بن يزيد: " أسند عنه وروى عنهما أيضا ". (5)

1. قد ذكر الشيخ في الفهرست [: 37 / 107] في ترجمة أحمد بن [محمد بن] نوح أنه صنف كتابا في
الرجال الذين رووا عن الصادق (عليه السلام)، وزاد على ما ذكره ابن عقدة (منه عفي عنه).
2. رجال الطوسي: 276 / 49.
3. رجال الطوسي: 270 / 16.
4. الرواشح السماوية: 65، الراشحة الرابعة عشر.
5. رجال الطوسي: 163 / 30.
372

قال في ترجمة محمد بن إسحاق بن يسار: " أسند عنه " وقال في ترجمته
أيضا: " روى عنهما " (1) فقوله: " روى عنهما " في الترجمتين ينافي المعنى المذكور،
مضافا إلى عدم مساعدته للتخصيص المذكور من الشيخ.
سادسها: ما عن بعض السادة الأزكياء قال نقلا: " والأشبه كون المراد أنهم
أسندوا عنه ولم يسندوا عن غيره من الرواة كما تتبعت، ولم أجد رواية أحد عن
هؤلاء من غيره إلا أحمد بن عائذ، فإنه صحب أبا خديجة وأخذ عنه كما نص عليه
النجاشي، (2) والأمر فيه سهل، والفعل على ذلك بصيغة المعلوم ". (3)
والظاهر أن الفرق بين هذا وسابقه: أن المقصود بالسابق هو الرواية عن غير
الصادق (عليه السلام)، والمقصود بهذا هو الرواية عن الصادق (عليه السلام) حسب.
وفيه - مضافا إلى المؤاخذة عن عدم مساعدته للتخصيص المذكور -: ما أورد
عليه بعض الأصحاب من أن ثلة ممن ذكر في ترجمته " أسند عنه " - غير أحمد بن
عائذ - رووا عن غير الإمام أيضا. (4)
سابعها: ما عن بعضهم، وهو أنه إشارة إلى ما ذكره ابن عقدة، فإنه قد صنف
كتابا في أسماء الرجال الذين رووا عن الصادق (عليه السلام)، وذكر أنهم أربعة آلاف رجل،
وأخرج فيه لكل رجل الحديث الذي رواه عنه، كما ذكره العلامة في الخلاصة (5)
والشيخ في ديباجة كتاب الرجال، حيث قال:
ولم أجد لأصحابنا كتابا جامعا في هذا المعنى إلا مختصرات، وقد ذكر
كل إنسان منهم طرفا إلا ما ذكره ابن عقدة من رجال الصادق (عليه السلام)، فإنه

1. رجال الطوسي: 281 / 22.
2. رجال النجاشي: 98 / 246.
3. نقله في منتهى المقال 1: 75 عن السيد بشير الجيلاني.
4. منتهى المقال 1: 76.
5. الخلاصة: 204.
373

قد بلغ الغاية في ذلك، ولم يذكر رجال باقي الأئمة، وأنا أذكر ما ذكره،
وأورد من بعد ذلك ما لم يذكره. (1)
فالفعل على صيغة المعلوم، أي: روى عن الصادق (عليه السلام) وبذلك يظهر السر في
التخصيص المذكور.
وفيه: أنه مجرد الخرص والتخمين من دون دلالة دليل صالح في البين،
مضافا إلى أن الشيخ ذكره في باب أصحاب الباقر (عليه السلام) أيضا كما مر، فضلا عن أن
الشيخ لم يذكره في ترجمة زرارة، ومن البعيد كمال البعد عدم عده ابن عقدة من
أصحاب الصادق (عليه السلام).
ثامنها: أن المقصود أنه روى ابن عقدة عنه، فالفعل بصيغة المعلوم أيضا.
وهو مثل سابقة، مع أنه لم يعهد ابن عقدة سابقا في الذكر حتى يرجع الضمير
المرفوع المستتر إليه، على أنه لم تتحقق رواية ابن عقدة عن كل من قال الشيخ في
ترجمته: " أسند عنه ".
تاسعها: أن أصحاب الحديث كانوا يسكنون ويعتمدون إذا أسند الخبر إليه،
فالفعل بصيغة المجهول.
وفيه ما يظهر مما مر.
عاشرها: ما ربما يحكى عن بعضهم من أن لفظة " عن " بمعنى " على " أي:
اعتمد عليه، فالفعل بصيغة المجهول أيضا.
وفيه ما فيه.
فإذن نقول: إنه لم ينتهض شيء من الأقوال المذكورة، وبقيت تلك اللفظة
آوية في زاوية الخفاء، وبه اعترف غير واحد من الأجلاء.
وبما مر تبين أنه لا يصح أخذ تلك اللفظة مدحا ولا توثيقا، كيف! والمفروض

1. رجال الطوسي: 2.
374

إجمال الحال.
لكن العلامة البهبهاني قد استظهر كونه مدحا، وحكى عن قائل أنها
كالتوثيق. (1) ويظهر من المحقق القمي أنها تفيد الوثاقة.
وليس شيء منها بشيء.
مع أنه ذكرها الشيخ في ترجمة سفيان الثوري وقال العلامة في الخلاصة: إنه
ليس من أصحابنا، (2) إلا أن الإيراد به إنما يرد على القولين الأخيرين دون القول
الأول بناء على كون الغرض من التوثيق في القولين الأخيرين هو العدالة بالمعنى
الأخص، كما هو الظاهر، وإلا فلا يرد إيراد بذلك على شيء من تلك الأقوال.
فائدة [2]
[في المراد بلفظ " الغلام "]
لفظ " الغلام " كثيرا ما يقع استعماله في كلمات أرباب الرجال في التراجم،
فيقال " إن فلانا من غلمان فلان " حتى اتفق في بعض الأعيان كالكشي، حيث قيل:
" من غلمان العياشي ". (3)
قال بعض أصحابنا: " قد يتوهم أن المراد به العبد، وهو خلط اللغتين: العربية
والعجمية، وإلا فلم نقف فيما عندنا من كتب اللغة على مثل هذا المعنى حتى في
مثل القاموس، والظاهر أن المراد به التلميذ ". (4)
وصريح المحقق الشيخ محمد - على ما نقل من عبارته - يقتضي عدم

1. الفوائد الرجالية: 31، وانظر روضة المتقين 14: 64.
2. رجال الطوسي: 212 / 162؛ خلاصة الأقوال: 228 / 2.
3. رجال الطوسي: 497 / 38.
4. توضيح المقال: 47.
375

استعمال الغلام في التلميذ في الرجال، بل هو ظاهر ما حكي من كلام غير واحد.
لكن قال بعض الأصحاب في ترجمة بكر بن محمد بن حبيب بعد أن حكى
عن غير واحد أنه من غلمان إسماعيل بن ميثم:
ويجيء الغلام بمعنى المتأدب - أي التلميذ - في عبائر القوم أكثر كثير،
فلاحظ ترجمة أحمد بن عبد الله الكرخي، (1) وترجمة أحمد بن
إسماعيل بن سمكة، (2) وعبد العزيز بن البراج، (3) ومحمد بن جعفر بن
محمد بن أبي الفتح الهمداني، (4) والمظفر بن محمد الخراساني، (5)
ومحمد بن بشير، (6) وترجمة الكشي، (7) وغيرها مما لا يحصى كثرة؛ بل
لم أجد إلى الآن استعمال الغلام في كتب الرجال في غير التلميذ، ويظهر
ذلك من غير كتب الرجال، ففي كشف الغمة في جملة حديث: فدعا
أبو الحسن بعلي بن أبي حمزة البطائني، وكان تلميذا لأبي بصير،
فجعل يوصيه، إلى أن قال: أنا أصحبه منذ حين ثم يتخطاني بحوائجه
إلى بعض غلماني. (8) وفي تفسير مجمع البيان: (9) الغلام للذكر أول

1. رجال الكشي 2: 566 / 1071، وفيه: " وكان أحمد أحد غلمان يونس بن عبد الرحمن ".
2. رجال النجاشي: 97 / 242، وفيه: " وكان إسماعيل بن عبد الله من غلمان أحمد بن أبي عبد الله
البرقي وممن تأدب عليه ".
3. معالم العلماء: 80 / 545، قال ابن شهرآشوب: " أبو القاسم عبد العزيز بن عزيز بن عبد العزيز
المعروف بابن البراج من غلمان المرتضى ".
4. النجاشي: 394 / 1053، وفيه: " وكان أبو الحسن السمسمي أحد غلمانه ".
5. الفهرست: 169 / 738، وفيه: " وكان من غلمان أبي سهل النوبختي ".
6. النجاشي: 394 / 1053، وفيه: " وكان أبو الحسن السمسمي أحد غلمانه ".
7. رجال الطوسي: 497 / 38، وفيه: " أنه من غلمان العياشي ".
8. كشف الغمة 2: 249، باب في ذكر طرف من فضائل أبي الحسن موسى (عليه السلام) ومناقبه وخلاله التي بان بها
في الفضل من غيره.
9. مجمع البيان 6: 504.
376

ما يبلغ - إلى أن قال -: ثم يستعمل في التلميذ، فيقال: غلام فلان،
وغلب هذا. (1)
قوله: " وغيرها مما لا يحصى كثرة " ففي ترجمة أحمد بن محمد بن
أبي عبد الله الآملي: " أنه غلام الخليل ". (2) وفي ترجمة طاهر: " أنه غلام
أبي الجيش ". (3) وفي ترجمة ميسر: روى الكشي عنه عن أحدهما (عليهما السلام) قال، قال لي:
" يا ميسر إني لأظنك وصولا لبني أبيك؟ " قلت: نعم جعلت فداك، لقد كنت في
السوق وأنا غلام وأجرتي درهمان، وكنت أعطي واحدا عمتي وواحدا خالتي،
فقال: " أما والله لقد حضرك أجلك مرتين كل ذلك يؤخره ". (4)
وأما ما يقتضيه الكلام المتقدم من بعض الأصحاب من أن استعمال الغلام
في العبد من اللغة العجمية، فهو مردود: بأن استعمال الغلام في العبد كثير
في الأخبار، كما روي عن سيد الشهداء روحي وأرواح العالمين له الفداء من
أنه دخل المستراح فوجد لقمة ملقاة، فدفعها إلى غلام له، فقال: " يا غلام
أذكرني بهذه اللقمة إذا خرجت " فأكلها الغلام، فلما خرج الحسين بن علي
قال: " يا غلام أين اللقمة؟ " قال: أكلتها يا مولاي، قال: " أنت حر لوجه الله " (5)
إلى آخر الحديث.
وكذا ما روي عن سيد الشهداء (عليه السلام) من أنه جنى غلام جناية توجب
العقاب عليه فأمر أن يضرب، فقال: يا مولاي (الكاظمين الغيظ) قال:

1. هذا كلام الحائري في منتهى المقال 2: 172.
2. خلاصة الأقوال: 205 / 20؛ مجمع الرجال 1: 135.
3. رجال النجاشي: 208 / 552.
4. رجال الكشي 1: 244 / 447.
5. الفقيه 1: 18، ح 49، باب ارتياد المكان للحدث والسنة في دخوله والآداب فيه إلى الخروج منه؛
عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 43، ح 154، باب 30 فيما جاء عن الرضا (عليه السلام) من الأخبار المنثورة؛ الوسائل
1: 361 أبواب أحكام الخلوة، باب 39.
377

" خلوا عنه " فقال: يا مولاي (والعافين عن الناس) قال: " قد عفوت عنك "
قال: يا مولاي (والله يحب المحسنين) (1) قال: " أنت حر لوجه الله ولك
ضعف ما كنت أعطيك ". (2)
وكذا ما رواه منصور بن حازم أيضا عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل مات فترك
عبدا، فشهد بعض ولده أن أباه أعتقه، فقال: " تجوز عليه شهادته، ولا يغرم
ولا يستسعى الغلام فيما كان لغيره من الورثة ". (3)
وكذا ما رواه منصور بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): عن رجل قال: إن حدث
بي حدث في مرضي هذا فغلامي فلان حر، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " يرد من وصيته
ما يشاء ويجيز ما يشاء ". (4)
وكذا ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " أعتق أبو جعفر (عليه السلام) من غلمانه
عند موته شرارهم، وأمسك خيارهم، فقلت: يا أبة تعتق هؤلاء وتمسك هؤلاء؟
فقال: إنهم أصابوا مني ضربا، فيكون هذا بهذا ". (5)
إلى غير ذلك من أخبار كثيرة يجدها المتتبع، بل لم أظفر بتفسير الغلام
بالعبد في اللغة الفارسية وإن كان استعماله في العبد شائعا في اللغة
الفارسية.

1. آل عمران (2): 134.
2. كشف الغمة 2: 31 - 32.
3. الفقيه 4: 170، ح 596، باب إقرار بعض الورثة بعتق أو دين؛ الكافي 7: 42، ح 1، باب بعض الورثة
يقر بعتق أو دين؛ الوسائل 19: 323، أبواب الوصايا، باب 26، ح 1. وفيه: " يستسعي ".
4. تهذيب الأحكام 9: 191، ح 766، باب الرجوع في الوصية؛ الوسائل 19: 305، كتاب الوصايا،
باب 18، ح 8.
5. الكافي 7: 55، ح 13، باب صدقات النبي (صلى الله عليه وآله) وفاطمة والأئمة (عليهم السلام) وصاياهم؛ الفقيه 4: 171،
ح 600، باب نوادر الوصايا؛ تهذيب الأحكام 9: 232، ح 908، باب من الزيادات؛ الوسائل
19: 419، كتاب الوصايا، باب 85، ح 1.
378

لكن قد تكرر في الكتاب (1) ذكر الغلام، والمقصود به الابن، وكذا في الأخبار
قد وقع في عنوان طائفة من الأبواب، كباب طلاق الغلام، (2) وباب الرجل يفسق
بالغلام فيتزوج ابنته أو أخته، أو غيرهما. (3)
والظاهر أن إطلاق الغلام على العبد الصغير السن من باب إطلاق الكلي على
الفرد، وعلى الشيخ من باب المجاز.
قال في المصباح: " الغلام: الابن الصغير، وجمع القلة غلمة ".
ثم قال:
ويطلق الغلام على الرجل [مجازا] باسم ما كان عليه، كما يقال
للصغير: الشيخ، مجازا باسم ما يؤول إليه. وقال الأزهري: وسمعت
العرب تقول للمولود حين يولد ذكرا: غلام، وسمعتهم يقولون للكهل:
غلام، وهو فاش في كلماتهم. (4)
قوله: " كما يقال للصغير: شيخ، مجازا باسم ما يؤول إليه " فيه: أن إطلاق
الشيخ على الصغير من باب إمكان الأول، كما في (أراني أعصر خمرا) (5) لا الأول كما
في إطلاق الشارب على السكران.
وفي المجمع: " الغلام الابن الصغير ". (6)
وفي: القاموس: " الغلام الطار الشارب، والكهل ضد، أو من حين يولد إلى أن

1. آل عمران (3): 40، يوسف (12): 19، الحجر (15): 53، الكهف (18): 74 و 80، مريم (19): 7 و
8 و 19 و 20، الصافات (37): 101، الذاريات (51): 28.
2. الفقيه 3: 325.
3. الكافي 5: 417، وليس فيه " أو غيرهما ".
4. المصباح المنير: 452 (غلم).
5. يوسف (12): 36.
6. مجمع البحرين 6: 127 (غلم).
379

يشب، والجمع أغلمة وغلمة وغلمان، وهي غلامة ". (1)
فالغلام ليس بمعنى الولد، وإنما الولدية تستفاد من الإضافة، كما هو الحال
في الابن على ما تقتضيه عبارة المصباح، وإن كان هذا خلاف المعروف في
الألسن، حيث إن المعروف فيها كون الابن بمعنى الولد الذكر، فالغلام كالابن
بمعنى الصبي ويقابل الرجل والشيخ، واستعماله في العبد الصغير السن من باب
كونه موضوعا لمطلق الصبي، فإطلاقه على العبد الصغير من باب إطلاق الكلي
على الفرد، كما سمعت، وإطلاقه على الرجل والشيخ من باب المجاز.
[الكلام في معنى التلميذ]
بقي الكلام في " التلميذ ": قال في الدر المنثور: ذكر لي بعض الناس أن
" تلميذا " و " تلاميذ " ونحوهما مما فيه هذه المادة مشهور الاستعمال في معنى
مشهور، وليس موجودا في كتب اللغة.
فكتبت في الجواب ما صورته: وذكر في القاموس: أن " لمذ " لغة في " لمح إليه "
اختلس النظر، (2) فيكون التلميذ ونحوه مأخوذين من ذلك؛ فإن التلامذ يكون
نظرهم إلى من تلمذوا له، خصوصا في حال الدرس والقراءة والسماع منهم.
ومناسبة الاختلاس باعتبار ملاحظة التأدب مع الأستاذ، فلا يكون نظرهم إليه نظر
تحديق. والمجازات المأخوذة من اللغة كثيرة، ولا يحضرني من كتب اللغة ما لعله
يكون موجودا فيه بخصوصه.
ورأيت بعد هذا عبارة كنز اللغة، وهي هذه - على ما نقل -: من التفعل:
التلمذ، بر كس چيزى خواندن من غير المصادر. التلميذ: شاگرد. (3)

1. القاموس المحيط 4: 158 (غلم).
2. في القاموس 1: 371: " لمذ " لغة في " لمج ". وفي ص 47: لمح إليه: اختلس النظر.
3. كنز اللغة: 59 (تلمذ).
380

وقال في الطراز نقلا: التلميذ - كقطمير -: الخادم، وغلام الصانع،
ومتعلم الصنعة، وإهمال الدال لغة فيه، وزنه فعليل، لا تفعيل؛ إذ ليس
في كلام العرب " تفعيل " بالكسر إلا ما كان أصله الفتح ثم اتبعت ك‍ " تنبيت "
و " ترغيب " وجمعه: تلاميذ، إلى أن قال: واشتهر إطلاق التلميذ والتلاميذ
على طلبة العلم؛ لأنهم غلمان مشايخهم، والأصل فيه غلمان الصانع، وتلمذه
تلمذة كدحرجه دحرجة: استخدمه، فهو ملتمذ وملتمذ بكسر الميم وفتحها،
وما اشتهر من قول الناس: " تلمذ له " بتشديد الميم خطأ منشؤه توهم أن التاء
زائدة. (1)
وصرح أيضا نقلا في " لمذ " بأن التاء في التلميذ أصلية، وقولهم: " تلمذه " أي
صار تلميذا له غلط. (2)
وفي الصحاح في مادة " تلم ": التلام: التلامذ، سقطت منه الذال. (3)
وفي القاموس في مادة " تلم " أيضا: وكسحاب: التلامذ، حذف ذاله. (4)
وقال في رياض العلماء:
اعلم أن التلميذ لفظ مشهور دائر على الألسنة، ولكن قد يقال: إنه غير
معلوم الاشتقاق والمعنى اللغوي، وقد ألف ابن كمال باشا الرومي
الفاضل المشهور رسالة جيدة في تحقيق معناه وبيان وجه اشتقاقه، وقد
رأيتها في قسطنطنية، ونحن قد شرحنا وحققنا هذه اللفظة وبينا حقيقة
اشتقاقه وصيغه في كتاب ثمار المجالس في باب ما يتعلق بالعلوم
العربية. ولنذكر هنا ما يتعلق بشأن هذا المقام فنقول: إن التلميذ تاؤه

1. طراز اللغة مادة " تلمذ ".
2. طراز اللغة مادة " لمذ ".
3. الصحاح 5: 1877 (تلم).
4. القاموس المحيط 4: 84 (تلم).
381

أصلية، وأخطأ من ظن أن تاءه مزيدة، وجعله مشتقا من " لمذ " بل هو
رباعي، يقال: تلمذ تلمذة، كدحرج دحرجة، بمعنى خدم، والتلميذ
- ك‍ " قطمير " بكسر أوله -: الخادم، وغلام الصانع، ومتعلم الصنعة.
وإهمال الدال لغة فيه، ووزنه " عيل " إذ ليس في كلام العرب " تفعيل "
بكسر أوله إلا ما كان أصله الفتح ثم اتبع، وذلك ك‍ " ترغيب " و " تنبيت "
وجمع تلميذ: تلاميذ، وتحذف ذاله في الشعر.
ثم إن في ترجمة إبراهيم ابن هاشم: " أنه تلميذ يونس بن عبد الرحمن ". (1)
وفي ترجمة علي بن إبراهيم الوراق: " أنه من تلاميذ سعد بن عبد الله ". (2)
وفي ترجمة علي بن حسنويه: (3) " أنه من تلاميذ العياشي ". (4)
وفي ترجمة عبد الله بن عباس: " أنه من أصحاب الرسول، كان محبا لعلي
وتلميذه ". (5)
وفي ترجمة علي بن محمد بن قتيبة: " أنه تلميذ الفضل بن شاذان ". (6)
وفي بعض الروايات:
أنه ورد رجل من أهل الشام على أبي عبد الله (عليه السلام) وأراد أن يناظر معه،
فأمر أبو عبد الله (عليه السلام) جماعة من أصحابه - منهم هشام بن الحكم
وهشام بن سالم - أن يناظروا معه، فبعد الفراغ من المناظرة قال الرجل
لأبي عبد الله (عليه السلام): اجعلني من شيعتك وعلمني، فقال أبو عبد الله (عليه السلام):
" يا هشام علمه، فإني أحب أن يكون تلميذا لك ". (7)

1. رجال النجاشي: 16 / 18؛ الفهرست: 4 / 6؛ خلاصة الأقوال: 4 / 9.
2. نقد الرجال 3: 219 / 3475؛ تعليقة الوحيد البهبهاني: 222.
3. قوله: " حسنويه " بفتح الحاء والسين المهملتين والنون (منه عفي عنه).
4. رجال الشيخ: 429 / 10؛ نقد الرجال 3: 248 / 3544.
5. خلاصة الأقوال: 103 / 1.
6. خلاصة الأقوال: 94 / 16.
7. رجال الكشي 2: 560 / 494؛ تنقيح المقال 3: 297.
382

ثم إنه قد يستفاد كون الرجل تلميذا من إضافة الأستاد إليه، ففي ترجمة
عبد الرحمن بن الحجاج: " أنه أستاد صفوان " (1) وفي ترجمة علي بن حسكة: (2)
" أنه أستاد القاسم الشعراني " (3) وفي ترجمة علي بن الحسن الطاطري: أنه أستاد
الحسن بن محمد بن سماعة، ومنه تعلم ". (4)
فائدة [3]
[المدعو له بالبركة]
[في صفقة يمينه هو عروة البارقي]
المشهور أن عروة البارقي مورد الدعاء بالبركة في صفقة يمينه، وقد ذكره
الشهيد في الروضة في كتاب البيع (5) كما عن غيره. (6)
لكن هذا المضمون ذكره العلامة في الخلاصة (7) - كما عن الشيخ في الرجال -
في ترجمة عرفة الأزدي (8)، (9) وهو المحكي عن التوضيح.
وعرفة بفتح العين المهملة والراء المهملة والفاء، كما عن التوضيح، وعن

1. رجال الطوسي: 230 / 126.
2. قوله: " حسكة " بالمهملتين على وزن ثمرة (منه عفي عنه).
3. رجال الكشي 2: 806 / 1001.
4. رجال النجاشي: 255 / 667.
5. الروضة البهية 3: 510.
6. مسالك الأفهام 3: 158.
7. خلاصة الأقوال: 131 / 15.
8. ذكر الشيخ في رجاله عرفة الأزدي، وعرفة المدني وذكر الدعاء في الثاني دون الأول (رجال الشيخ:
47).
9. قوله: " الأزدي " بإمكان الزاي، كما عن العلامة في الإيضاح [: 182 / 276] في ترجمة ذبيان [بن]
الحكيم. (منه عفا الله عنه).
383

المجالس: أنه ذكره في الاستيعاب في الغين المعجمة. (1)
وقد عنون الفاضل الأسترآبادي كلا من الأزدي والبارقي، (2) واقتصر السيد
السند التفرشي على الأول. (3)
هذا، والدعاء المذكور رواه العلامة (رحمه الله) في المختلف، حيث إنه روى فيه
أن النبي (صلى الله عليه وآله) أعطى عروة دينارا ليشتري به شاة، فاشترى به شاتين ثم باع إحداهما
بدينار، فأتى النبي (صلى الله عليه وآله) بالدينار والشاة فأخبره وقال (صلى الله عليه وآله): " بارك الله في صفقة
يمينك " (4) واستدل به على صحة بيع الفضولي.
وأورد عليه: بأنه إن أراد بالشراء شراء إحدى الشاتين من عروة، كما أن المراد
بالبيع بيعها، ففيه: أن الشراء في ذلك البيع لم يكن فضوليا؛ لأن المشتري فيه
أصلي، وإنما البائع فيه فضولي.
وإن أراد به شراء عروة بالدينار شاتين مع أنه (صلى الله عليه وآله) أمره بشراء شاة واحدة، ففيه:
أن ذلك ليس من باب الفضولي، وإنما هو من باب إذن الفحوى، (5) فإن التوكيل في
شراء شاة بدينار يستلزم التوكيل في شراء شاتين بدينار بطريق أولى، كما أن
التوكيل في بيع العبد بمائة يستلزم الإذن في بيع نصفه بمائة، كما صرح به في
القواعد (6) وغيره. (7)
إلا أن يقال: إنه لم يثبت توكيله في شراء شاة بدينار، وإنما الثابت توكيله في
شراء شاة، ودفع الدينار إليه لا يدل على صرف جميعه في شاة.

1. مجالس المؤمنين 1: 254؛ الاستيعاب 3: 192، وفيه: " غرفة بن الحارث الكندي ".
2. منهج المقال: 220.
3. نقد الرجال 3: 200.
4. مختلف الشيعة 5: 86، ضمن المسألة 47.
5. انظر المكاسب: 125.
6. قواعد الأحكام 1: 256.
7. جامع المقاصد 8: 242.
384

أقول: إنه يتأتى الكلام تارة في دلالة " شاة " منونا بتنوين التنكير - بناء على
كون تنوين التنكير موضوعا للدلالة على الوحدة - على المنع عن الزائد على
الواحد بناء على دلالة النكرة على الوحدة بشرط لا، وعدم الدلالة لدلالة النكرة
على الوحدة لا بشرط. وعلى ما ذكر يجرى الكلام بناء على ظهور المنون بتنوين
التمكن في الواحد من باب انصراف المطلق إلى بعض أفراده.
وأخرى في صورة سكوت اللفظ عن الدلالة على المنع عن الزيادة على
الواحد في دلالة اللفظ على الرضا بالزيادة من باب مفهوم الموافقة، وعدمه.
وثالثة في صورة عدم دلالة اللفظ على الرضا بالزيادة من باب مفهوم الموافقة
في حكم العقل بالرضا بالزيادة على الواحد، وعدمه.
ورابعة في حكم العقل بالرضا في كفايته في خروج العقد عن الفضولية،
وعدم كفايته من جهة عدم كفاية الرضا مع عدم دلالة اللفظ، نظير عدم كفاية الرضا
في جواز التصرف في ملك الغير لعدم كفاية الرضا في الرشوة والمكاسب
المحرمة. فإذا ثبتت المراتب الأربعة، يخرج الشراء عن الفضولية.
وأما على تقدير عدم ثبوت تلك المراتب - وحدانية أو ثنائية أو ثلاثية -
فلا يتم الخروج في أن الفضولية في البيع تكون تارة من الصفة وأخرى من
المضاف إليه أو تكون من الصفة مطلقا.
ولا يذهب عليك أن المحقق القمي (رحمه الله) في رسالته المعمولة في بيع الفضولي
ذكر أن الفضولية إما أن تكون في البيع من باب البيع الفضولي، أي التركيب من
باب التركيب التوصيفي، والغرض هو العقد المعهود المصطلح الذي يبيع البائع
مال غيره نيابة عنه متزلزلا ثم يجيزه المالك للمبيع، فهو اسم لمجموع العقد
والإجازة، وهو كما إذا باع ما يكون ملكا للغير بالفعل أو بالقوة، كما لو باع ملك
الصبي ثم أجازه الصبي، وإما أن يكون في البائع، أي التركيب من باب التركيب
الإضافي، كما لو باع ما يكون ملكا للغير ثم انتقل إليه ما يكون ملكا للغير. وفيه
385

يتأتى الكلام تارة في كفاية الملكية اللاحقة في صحة العقد، وأخرى في احتياج
صحة العقد إلى إجازة المالك. (1)
لكن أقول: إنه يصح إسناد الفضولية في كل من الصورتين المذكورتين إلى كل من
البيع والبائع، فالأنسب أن يقال: إن البيع الفضولي يتصور على صورتين، والمعروف في
كلماتهم هو الصورة الأولى، وقد تعرض فخر المحققين للصورة الثانية أيضا. (2)
ويمكن أن يقال: إن الظاهر من البيع الفضولي هو مداخلة الفضولية في البيع
من البدأة إلى النهاية، وفي الصورة الثانية تنقطع الفضولية بالآخرة.
لكن يخدشه أنه يكفي في صدق البيع الفضولي مداخلة الفضولية في ابتداء
البيع، كيف لا؟! ويكفي في الإضافات أدنى الملابسات، فكل من التركيب
التوصيفي والتركيب الإضافي يصدق في كل من الصورتين.
نعم، المبحوث عنه في كلام الغالب هو ما لو كانت الفضولية دخيلة في البيع في
الابتداء والانتهاء، لكنه خارج عن مفاد العبارة، كما أن المبحوث عنه في كلام الغالب هو
ما لو تعقب البيع بالإجازة، والصورة الثانية أعم من تعقب بالإجازة، وعدمه، لكنه خارج
عن مفاد اللفظ، والتركيب التوصيفي يصدق مع عدم تعقب الإجازة.
فائدة [4]
[في معنى التخليط والاختلاط]
قد ينسب الراوي إلى التخليط والاختلاط، إلا أنه قد يكون المنسوب إليه هو
نفسه، وقد يكون المنسوب إليه كتابه، أو أسناده مثلا، وقد يكون أعم. (3)

1. غنائم الأيام: 538.
2. إيضاح الفوائد 1: 419.
3. وقد يقال: " خلط " كما في ترجمة عبد الله بن مسعود، وهو بكسر الخاء المعجمة بمعنى الأحمق، كما
ذكره في القاموس [2: 358] من معاني الخلط بالكسر (منه عفي عنه).
386

[التخليط المنسوب إلى الراوي]
أما الأول: ففي ترجمة علي بن أحمد العقيقي " أنه مخلط ". (1)
وفي ترجمة ابن إدريس عن سديد الدين محمود الحمصي: " أنه مخلط
لا يعتمد على تصنيفه ". (2)
وفي ترجمة جابر بن يزيد الجعفي: " أنه كان في نفسه مختلطا، وأنشد الشيخ
المفيد أشعارا تدل على اختلاطه ". (3)
وفي ترجمة عبد الله بن القاسم: " أنه كان صحب معاوية بن عمار ثم خلط
وفارقه ". (4)
وفي ترجمة علي بن أحمد أبي القاسم " أنه كان إماميا مستقيم الطريقة، ثم
خلط وأظهر مذهب المخمسة، وصنف كتبا في الغلو والتخليط ". (5)
وفي ترجمة سدير بن حكيم: " أنه كان مخلطا ". (6)
وفي ترجمة محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن البهلول: " أنه كان في
أول عمره ثبتا ثم خلط ". (7)
وفي ترجمة أبي بصير يحيى بن القاسم: " أنه لم يكن غاليا، لكن كان
مخلطا ". (8)

1. رجال الطوسي: 486 / 60.
2. فهرست علماء الشيعة لمنتجب الدين: 173 / 421.
3. رجال النجاشي: 128 / 332؛ خلاصة الأقوال: 35 / 2.
4. رجال النجاشي: 226 / 593.
5. الفهرست: 91 - 92 / 389.
6. خلاصة الأقوال: 85 / 3.
7. خلاصة الأقوال: 265 / 53.
8. خلاصة الأقوال: 264 / 3.
387

وفي ترجمة عمر بن عبد العزيز الملقب ب‍ " زحل " ذكر النجاشي أنه مخلط. (1)
وعن الفضل بن شاذان: " أنه يروي المناكير ". (2)
وفي ترجمة عبد الله بن مسعود: " أنه خلط ووالى القوم ومال معهم وقال
بهم ". (3)
وفي ترجمة إسحاق بن محمد: " أنه معدن التخليط، وله كتب في التخليط ". (4)
وفي ترجمة علي بن صالح بن محمد: " أنه سمع فأكثر، ثم خلط في مذهبه ". (5)
وفي ترجمة طاهر بن حاتم: " أنه كان صحيحا ثم خلط ". (6)
وفي ترجمة حمران بن أعين: " أنه كان يجلس مع أصحابه، فلا يزال معهم في
الرواية عن آل محمد (عليهم السلام)، فإن خلطوا في ذلك بغيره ردهم إليه، فإن صنعوا ذلك
عدل ثلاث مرات ثم قام عنهم وتركهم ". (7)
وفي ترجمة موسى بن عيسى: " أنه مختلط ". (8)
[التخليط المنسوب إلى الكتاب]
وأما الثاني: ففي ترجمة محمد بن أورمة ذكر النجاشي: " أن كتبه صحاح إلا
كتابا ينسب إليه من تفسير الباطن فإنه مختلط " (9) وذكر الشيخ في الفهرست: " أن في

1. رجال النجاشي: 284 / 754.
2. رجال الكشي 2: 748 / 850.
3. رجال الكشي 1: 179 / 78.
4. رجال النجاشي: 73 / 177.
5. رجال النجاشي: 270 / 707؛ خلاصة الأقوال: 235 / 25.
6. رجال النجاشي: 408 / 551؛ الفهرست: 86 / 370؛ خلاصة الأقوال: 231 / 2.
7. رجال الكشي 1: 415 / 310.
8. معالم العلماء: 121 / 806؛ نقد الرجال 4: 439 / 5501.
9. رجال النجاشي: 329 / 891.
388

رواياته تخليطا ". (1)
وفي ترجمة محمد بن جعفر بن أحمد بن بطه ذكر ابن الوليد - على ما نقله في
الفهرست - " أنه كان ضعيفا مختلطا فيما يسنده ". (2)
وفي ترجمة إسماعيل بن علي بن علي بن رزين: " أنه كان مختلط الأمر في
الحديث يعرف منه وينكر " (3). (4)
وفي ترجمة ربيع بن زكريا: " أن له كتابا فيه تخليط ". (5)
وفي ترجمة سالم بن أبي سلمة: " أن أحاديثه مختلطة ". (6)
وفي ترجمة زكريا بن محمد: " أنه كان مختلط الأمر في حديثه ". (7)
وفي ترجمة جهم (8) بن حكيم: " أن له كتابا ذكره ابن بطة وخلط إسناده تارة،
قال: حدثنا أحمد بن محمد البرقي عنه، وتارة قال: حدثنا أحمد بن محمد عن
أبيه عنه ". (9)
وفي ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى صاحب الدبة حكى في الفهرست عن
علي بن الحسين بن بابويه: أنه أخبر بجميع كتبه ورواياته عدة من الأصحاب إلا

1. الفهرست: 143 / 620.
2. لم يذكره الشيخ في الفهرست، ونقله في رجال النجاشي: 372 / 1019؛ وخلاصة الأقوال:
160 / 144.
3. الفهرست: 13 / 37؛ خلاصة الأقوال: 199 / 4.
4. قوله: " يعرف منه وينكر " قد ذكر المولى التقي المجلسي أن معناه أنه إذا روى مسندا من الثقات
فمعروف وحسن، وإذا روى عن الضعفاء أو مرسلا فمنكر. (منه عفي عنه) راجع: روضة المتقين
14: 55.
5. الفهرست: 70 / 293.
6. رجال النجاشي: 190 / 509.
7. رجال النجاشي: 172 / 453؛ خلاصة الأقوال: 224 / 1.
8. قوله: " جهم " بالجيم المفتوحة والميم بعد الهاء (منه عفي عنه).
9. رجال النجاشي: 302 / 631.
389

ما كان فيه من تخليط، وعد: ما رواه عن رجل، أو عن بعض أصحابنا، أو يقول:
روي من ذلك. (1)
وفي ترجمة جعفر بن يحيى بن العلاء: " أن كتابه يختلط بكتاب أبيه؛ لأنه
يروي كتاب أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام)، فربما نسب إلى أبيه، وربما نسب إليه ". (2)
وفي ترجمة محمد بن الحسن بن جمهور، قال في الفهرست: " له كتب أخبرنا
برواياته [وكتبه] كلها إلا ما كان فيه من غلو أو تخليط ". (3)
[التخليط المنسوب إلى الإسناد وغيره]
وأما الثالث: ففي ترجمة محمد بن عمر الجرجاني: " أنه مختلط الأمر ". (4)
وفي ترجمة إبراهيم بن إسحاق وخلف بن حماد: " أن أمره مختلط ". (5)
وبالجملة، عن السيد السند المحسن الكاظمي: " أنه ظاهر في القدح؛ لظهوره
في فساد العقيدة، (6) وتبعه بعض. (7)
وجرى بعض أصحابنا على كون الغرض عدم المبالاة بمن يروي وممن
يأخذ والجمع بين الغث والسمين. (8)

1. الفهرست: 144 - 145 / 622، وقال النجاشي: له كتاب نوادر الحكمة يعرفه القميون بدبة شبيب
وشبيب فامي كان بقم له دبة ذات بيوت يعطي منها ما يطلب منه، فشبهوا هذا الكتاب بذلك. رجال
النجاشي: 348 - 349 / 939.
2. رجال النجاشي: 126 / 327.
3. الفهرست: 146 / 625، وما بين المعقوفين من المصدر.
4. رجال النجاشي: 344 / 929.
5. خلاصة الأقوال: 198 / 4؛ وص 66 / 4.
6. عدة الرجال: 31.
7. نهاية الدراية: 169؛ التوضيح: 44.
8. منتهى المقال 1: 120.
390

أقول: إن القول بالظهور في الدلالة على فساد العقيدة لابد أن يكون في صورة
نسبة نفس الراوي إلى التخليط أو الاختلاط، وأما لو كان المنسوب كتابه أو إسناده،
فلا مجال لدعوى الظهور في فساد العقيدة.
نعم، يتأتى الكلام في الدلالة على القدح في العدالة.
والأظهر عدم الدلالة، ويظهر الحال بما يأتي.
ولعل الحال على ذلك المنوال فيما لو كانت النسبة أعم، نحو: مختلط الأمر.
والأظهر أيضا: عدم الدلالة على فساد العقيدة في صورة نسبة نفس الراوي؛ نظرا إلى
مادة التخليط والاختلاط، حيث إنها بمعنى المزج، ولا دلالة فيه على فساد العقيدة.
لكن مقتضى ما تقدم من ابن بابويه في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى كون
المقصود بالتخليط في الرواية عدم اعتبار الرواية، فهذا لا يساعد كون التخليط
بمعنى المزج.
إلا أن يقال: إن إطلاق التخليط على الرواية الغير المعتبرة باعتبار امتزاج
مظنون الصدور بغيره مثلا فيما أرسل بإبهام الواسطة لو أظهر الواسطة تارة
يتحصل الظن بالصدور، وأخرى لا يتحصل. ففي إبهام الواسطة يتأتى الاختلاط؛
إذ ليس الغرض من الروايات الغير المعتبرة ما ثبت كونه موضوعا.
وما قيل - من أن فساد العقيدة ربما يكون بتخليط صحيحها بسقيمها، بل الغالب
في المرتدين عن الدين أو المذهب كذلك؛ لبعد الرجوع عن جميع المذاهب - مدفوع
بأنه تجشم في تصوير التخليط والاختلاط، ولا يساعده ظاهر اللفظ.
ومع ذلك حال ابن إدريس ظاهر، وذكر النجاشي في باب ابن بطة:
" أنه كبير المنزلة بقم " (1) ومقتضاه حسن المذهب، بل هو مقتضى سكوت
النجاشي (2) بناء على دلالة سكوت مثله من الإماميين من أهل الرجال على حسن

1. رجال النجاشي: 372 / 1019.
2. انظر رجال النجاشي: 372 / 1019.
391

المذهب، فضلا عن كون كتابه موضوعا لذكر الإماميين.
وكذا أصالة الإمامية بناء على غلبة الإمامية في الرواة.
وجابر بن يزيد لم يذكر في حقه سوء المذهب، بل عن ابن حجر " أنه
رافضي ". (1)
فحسن مذهب ابن إدريس وابن بطة يرشد إلى عدم دلالة التخليط والاختلاط
على سوء المذهب.
ومع ذلك ذكر النجاشي في ترجمة ابن بطة: " أنه كان يتساهل في الحديث،
ويعلق الأحاديث بالإجازات ". (2)
والغرض منه - كما هو مقتضى كلام المولى التقي المجلسي، (3) كما يظهر مما
يأتي - أنه كان يقول فيما أجيز له من الكتب: أخبرنا فلان عن فلان، من دون أن
يقول: " إجازة ".
فالظاهر أن المقصود بالتخليط في كلام ابن الوليد (4) هو غير فساد العقيدة.
إلا أن يقال: إن ابن الوليد قد أسند التخليط باعتبار الإسناد، والكلام في إسناد
التخليط والاختلاط إلى الراوي بنفسه، كما مر.
نعم، ما تقدم - من عدم دلالة إسناد التخليط إلى الإسناد أو الكتاب على القدح
في العدالة - ينقدح باقتضاء التخليط في الإسناد المذكور - بناء على كون المقصود
به ما تقدم آنفا - القدح في العدالة، لكنه ينقدح بأن الأشهر جوازه نقلا، كما يظهر
مما يأتي، فلعله كان رأيه الجواز، فلا يتأتى اقتضاء القدح.
مع ذلك فقد روى الكشي في ترجمة محمد بن أبي عمير: عن علي بن

1. تهذيب التهذيب 2: 43 - 44.
2. رجال النجاشي: 373 / 1019، وفيه: " ويعلق الأسانيد بالإجازات ".
3. روضة المتقين 14: 431 - 432.
4. نقله العلامة في خلاصة الأقوال: 160 / 144.
392

محمد القتيبي، عن الفضل بن شاذان أنه قال:
سأل أبي (رضي الله عنه) عن محمد بن أبي عمير فقال: إنك لقيت مشايخ العامة
فكيف لم تسمع منهم؟! فقال: سمعت منهم، غير أني رأيت كثيرا من
أصحابنا قد سمعوا علم العامة وعلم الخاصة، فاختلطا عليهم حتى كانوا
يروون حديث العامة عن الخاصة وحديث الخاصة عن العامة، فكرهت
أن يختلط علي، فتركت ذلك. (1)
ومقتضاه: أن الغرض من التخليط والاختلاط في الإسناد إلى الراوي هو
الاشتباه في النسبة بنسبته ما عن العامة إلى الخاصة وبالعكس، أو بغير هذا الوجه.
ومع ذلك في الفهرست في ترجمة إسماعيل بن علي بن علي بن رزين: " أنه
كان مختلط الأمر في الحديث يعرف منه وينكر، كما مر ". (2)
وعن ابن الغضائري: " أنه كان كذابا وضاعا للحديث لا يلتفت إلى ما رواه ". (3)
فالظاهر أن الغرض من الاختلاط ولو في الإسناد إلى الراوي هو الجمع بين الرواية
المعتبرة والموضوعة من جانب الراوي، فلا دلالة في إسناد التخليط والاختلاط
إلى الراوي على فساد العقيدة.
ومع ذلك فقد روى الكشي في ترجمة جابر:
أنه خرج جابر ذات يوم وعلى رأسه قوصرة راكبا قصبة حتى مر على
سكك الكوفة، فجعل الناس يقولون: جن جابر، إلى أن شهدوا عند
الأمير أنه اختلط. (4)
والمقصود بالاختلاط في هذه العبارة اختلال العقل، فيمكن أن يكون
المقصود بالاختلاط المذكور في ترجمته - كما تقدم - أو في سائر التراجم هو:

1. رجال الكشي 2: 855 / 1105.
2. الفهرست: 13 / 37.
3. نقله في خلاصة الأقوال: 199 / 4.
4. رجال الكشي 2: 443 / 344.
393

اختلال العقل، فلا تتأتى الدلالة على فساد العقيدة، إلا أن الأمر يصير أوهى وأمر
على تقدير الدلالة على فساد العقل.
ومع ذلك، الظاهر من إسناد التخليط أو الاختلاط إلى نفس الراوي هو
التخليط والاختلاط في الرواية؛ بقرينة الإسناد إليها في موارد كثيرة، كما تقدم، بل
قد فسر المولى التقي المجلسي التخليط في ترجمة عمر بن عبد العزيز: بأنه
يدخل أخبار الغلاة أو العامة في كتابه، (1) فلا تتأتى الدلالة على فساد العقيدة.
وبعد ما مر أقول: إن العلامة في الخلاصة ذكر في ترجمة علي بن أحمد أبي
القاسم أنه غلا في آخر عمره وفسد مذهبه. (2)
وعن [الشيخ]: (3) أنه كان إماميا مستقيم الطريقة ثم خلط وأظهر مذهب
المخمسة، وصنف كتبا في الغلو والتخليط. (4)
ومقتضى هذه العبارة: أن المقصود بالتخليط فساد المذهب؛ قضية عطف
إظهار التخميس على التخليط، بل يرشد إليه عطف التخليط على الغلو في قوله:
" صنف كتبا في الغلو والتخليط " بل يرشد إليه ما سمعت من العلامة من أنه غلا
في آخر عمره وفسد مذهبه.
فالظاهر أن المقصود بالتخليط بقول مطلق - أي في المتنازع فيه - هو فساد
المذهب؛ لظهور وحدة السياق.
وكذا الحال في الاختلاط؛ لعدم الفرق بينه وبين التخليط.
وفي ترجمة محمد بن عبد الله - كما تقدم (5) -: " أنه كان في أول عمره ثبتا ثم

1. روضة المتقين 14: 406.
2. خلاصة الأقوال: 233 / 10. ومعنى التخميس: أنه عند الغلاة - لعنهم الله - أن سلمان والمقداد وأبا ذر
وعمرو بن أمية الضمري هم الموكلون بمصالح العالم.
3. في " ح، د " بدل ما بين المعقوفين: " ابن الغضائري ". والصحيح ما أثبتناه كما سبق في ص 386.
4. الفهرست 1: 91 - 92 / 389.
5. في ص 387.
394

خلط ". (1)
والظاهر منه: كون الغرض من التخليط سوء المذهب.
إلا أن يقال: إنه لا بأس بكون الغرض أنه كان في أول عمره معتبر الحديث، ثم
خلط بالجمع بين الغث والسمين، أو كان معتمد الإسناد، ثم ظهر منه الكذب
والوضع في بعض أسناداته، فجمع بين الصدق في بعض الإسنادات والكذب في
بعض، فلا تتأتى الدلالة على سوء المذهب.
نعم، بناء على كون المقصود بالثبت العدالة، وعدم اجتماع العدالة مع سوء
المذهب يكون المدار في التخليط - في المقام - على سوء المذهب. وتتأتى دلالة
التخليط في موارد النزاع - أي - في موارد ذكره بقول مطلق - على سوء المذهب؛
لوحدة السياق.
وكذا الحال في الاختلاط؛ لعدم الفرق.
لكن الأظهر عدم دلالة الثبت على العدالة كما مر، واجتماع العدالة مع سوء
المذهب.
ومع ذلك مسألة الاختلاط بعد الاستقامة معروفة.
وقد ذكر الشهيد في الدراية: أن الاختلاط إما بالجنون أو الفسق، كالوقف
وغيره. (2) وصرح الشيخ في العدة بأن الغلاة والمتهمين ما يروونه في حال تخليطهم
لا يجوز العمل به على كل حال. (3)
فهذا أيضا يرشد إلى كون الغرض من التخليط والاختلاط هو فساد المذهب.
لكن مع ما سمعت القول بدلالة التخليط والاختلاط على فساد المذهب محل
الإشكال.

1. رجال النجاشي: 396 / 1059؛ خلاصة الأقوال: 155 / 96.
2. الدراية: 79 - 80.
3. عدة الأصول 1: 151.
395

ثم إن التخليط والاختلاط بناء على كون الغرض الجمع بين الغث والسمين
لا يوجب عدم اعتبار الرواية بعد النقد.
[الكلام في ابن بطة]
بقي أن أول المجلسيين له كلام نافع في ترجمة ابن بطة، قال:
إن تخليطه كان لفضله، وكان يعلم أن الإجازات لمجرد اتصال السند،
فكان يقول فيما أجيز له من الكتب: أخبرنا فلان عن فلان. وهذا نوع من
التخليط، وكان الأحسن أن يقول: أخبرنا إجازة، وكان الأشهر جواز ما
فعله أيضا، مع أنه كان رأيه الجواز، وكان ابن الوليد كالبخاري من العامة
يشترط شروطا غير لازمة، وذكر مسلم بن الحجاج في أول صحيحه
شروطه، واعترض عليه بأن هذه الشروط غير لازمة، وإنما هي بدعة
ابتدعها البخاري، وذكر جزءا في إبطال ما ذكره من الشروط، وكذلك
النجاشي والشيخ، فإن الشيخ - لتبحره (1) في العلوم - كان يعلم أو يظن عدم
لزوم ما ذكره النجاشي، فلهذا اعتمد الشيخ على جميع إجازات ابن بطة
في فهرسته، فتدبر في أكثر ما يضعفون الأصحاب فإنه من هذا القبيل. (2)
ونظير كلامه المذكور ما ذكره في تزييف تضعيف ابن الوليد لمحمد بن
عيسى بن عبيد بن يقطين، قال:
وتضعيف ابن الوليد لكون اعتقاده أنه يعتبر في الإجازة أن يقرأ على
الشيخ أو يقرأ الشيخ ويكون السامع فاهما لما يرويه، وكان لا يعتبر
الإجازة المشهورة بأن يقول: أجزت لك أن تروي عني، وكان محمد بن

1. قوله: " وكذلك النجاشي والشيخ، فإن الشيخ لتبحره " إلى آخره، كان الصواب أن يقول: " وكذلك
النجاشي "، دون الشيخ، أو يقول: " وكذلك النجاشي والشيخ؛ لتبحره الإخفاء ". (منه عفي عنه).
2. روضة المتقين 14: 432.
396

عيسى صغير السن ولا يعتمدون على فهمه عند القراءة ولا على إجازة
يونس له، ولهذا ضعفه. وأنت خبير بأنه لا يشترط ذلك، بل تكفي
الإجازة في الكتب، بل لا يحتاج في الكتب المتواترة إلى الإجازة، فلهذا
الاشتراط ضيق على نفسه كما ضيق بعض من عاصرناه في أمثاله. (1)
فائدة [5]
[في معنى " لا بأس به "]
قد يقال في بعض التراجم: " لا بأس به " كما في ترجمة سهل بن
أحمد الديباجي، (2) أو " ليس به بأس " كما في ترجمة بشار بن بشار بالباء
الموحدة والشين المعجمة في الوالد والولد، كما في نسختين من الكشي (3)
ونسخة من النجاشي، وبالمعجمة بعد الموحدة في الولد، وبالياء المثناة
التحتانية والسين المهملة في الوالد، كما عن نسخة من النجاشي، (4) وضبط به
ابن داود. (5)
وقد يقال: " في نفسه لا بأس به، ولكن في بعض من يروي عنه " كما في
ترجمة إبراهيم بن محمد بن فارس. (6)
وقد يقال: " ثقة لا بأس به " كما في ترجمة حفص بن سالم. (7)

1. روضة المتقين 14: 54.
2. رجال النجاشي: 186 / 493.
3. رجال الكشي 2: 711 / 773.
4. رجال النجاشي: 113 / 290.
5. رجال ابن داود: 56 / 243.
6. رجال الكشي 2: 812 / 1014.
7. رجال النجاشي: 135 / 347؛ خلاصة الأقوال: 58 / 1.
397

وقيل: نقل الحناطون لا بأس بهم.
وبالجملة، قد اختلف في نفي البأس على القول بأنه لا يفيد التوثيق
ولا المدح، وإنما يفيد ظاهر الإيمان، كما جرى عليه الشهيد في بعض تعليقات
الخلاصة في ترجمة سهل الديباجي (1) والقول بأنه يفيد التوثيق، كما عن الفاضل
الأسترآبادي في الوسيط، والقول بأنه يفيد المدح، كما عن المشهور. (2)
[معنى البأس في اللغة]
أقول: إنه قد اضطربت كلمات اللغويين في معنى البأس.
وفي الصحاح حكى عن أبي زيد أنه العذاب والشدة، قال: " فهو بئيس على
فعيل، أي شجاع. وعذاب بئيس، أي شديد. وبئس يبأس بؤسا وبئيسا: اشتدت
حاجته. والمبتئس: الكاره والحزين. والبأساء: الشدة ". (3)
وفي القاموس أيضا فسره بالعذاب والشدة في الحرب، وأخذ في تفسير
ألفاظ مأخوذة من هذه المادة الشدة ". (4)
وفي المجمل: " البأس: الشدة في الحرب، والبئيس: الكاره والحزين ". (5)
وفي المفردات: " البؤس والبأساء: الشدة والمكروه ". (6)
وفي النزهة: " البأس الشدة في الحرب والعذاب ".
وفي المجمع: " البأس الشدة في الحرب والعذاب، والخضوع والخوف ". (7)

1. تعليقة الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 40.
2. نقله في منتهى المقال 1: 63.
3. الصحاح 3: 907 (بأس).
4. القاموس المحيط 2: 206 (بأس).
5. مجمل اللغة 1: 308 (بأس).
6. مفردات الراغب: 69.
7. مجمع البحرين 4: 50 (بأس).
398

وعن بعض اللغويين: أنه من أسماء الشدائد. (1)
وقال البيضاوي - نقلا - في تفسير قوله سبحانه: (ولا يأتون البأس إلا قليلا): (2)
البأس: الحرب. وأصله: (3) الشدة ". (4)
[المختار في معنى البأس ونفي البأس]
والأظهر أنه بمعنى مطلق الشدة كما حررناه في الأصول، (5) لكنه يستعمل تارة
في الشخص، وأخرى في الفعل، وثالثة في الصفة.
والظاهر أن المقصود به في الكل هو الحزازة. ف‍ " لا بأس به " بالفارسية بمعنى:
" نيست باكى به آن " إلا أن الظاهر أن المقصود به في نفي البأس عن الفعل هو نفي
الحرمة من باب انصراف الإطلاق إلى بعض الأفراد.
وكيف كان يمكن أن يقال: إنه لا مجال لإنكار دلالة " لا بأس " على المدح
النافع في اعتبار الخبر، أعني الاعتماد بالنقل والوثوق بالصدق؛ حيث إن بعض
ألفاظ المدح لا يفيد الاعتماد بالنقل والوثوق بالصدق نحو " فاضل " وذلك من جهة
عموم حذف المقتضي لعموم نفي البأس للمذهب والنقل، أو من جهة ظهور كون

1. انظر تاج العروس 4: 104 (بأس).
2. الأحزاب (33): 18.
3. في " ح ": " الأصل " بدل " أصله ".
4. انظر أنوار التنزيل للبيضاوي 3: 377، وليس فيه.
5. قيل:
فكم أعطي لبيبا كأس بؤس * سقاه الله من بأس بكأس
وربما حكي: أنه تصدق مجوسي فاستهزأ به مستهزئ بأنه كيف ينفعه التصدق مع كونه مجوسيا؟! فأتت
وريقة من جانب السماء مكتوب فيها:
مكافاة السماحة دار خلد * وأمن من مخافة يوم بؤس
وما نار بمحرقة جوادا * ولو كان الجواد من المجوسي
(منه عفي عنه).
399

المحذوف هو النقل.
ويرشد إلى ذلك - أعني: الدلالة على المدح النافع - أنه قد يقال: " ثقة لا بأس
به " بناء على عدم دلالة التوثيق على العدالة، كما حررناه في الرسالة المعمولة في
ثقة، بل بناء على دلالة التوثيق على العدالة، غاية الأمر دلالة نفي البأس بعد التوثيق
فيما ذكر - أعني " ثقة لا بأس به " - على العدالة، فتثبت دلالة نفي البأس على العدالة
مطلقا، فتثبت الدلالة على اعتبار النقل.
ويمكن أن يقال: إنه لو كان نفي البأس من الإمامي، فالظاهر كون الاعتماد
بالنقل من جهة العدالة بالمعنى الأخذ بعد ظهور السكوت من الإمامي، فالرجل
من رجال الصحيح.
فلو كان نفي البأس من غير الإمامي، فالظاهر كون الاعتماد بالنقل من جهة
العدالة بالمعنى الأمر، فالرجل من رجال الموثق.
وإن قلت: إن من نفي البأس لا يلزم ثبوت الحسن.
قلت: إنه من جهة تخلل الواسطة، لكن نفي الكذب في القول يستلزم ثبوت
الصدق فيه؛ لعدم تخلل الواسطة، كما أن نفي الحركة يستلزم ثبوت السكون،
وبالعكس. وكذا نفي كون الشخص كاذبا في أقواله يستلزم كونه صادقا فيها، بل
نفي الكذب ينصرف إلى ثبوت الصدق ولو مع تخلل الواسطة من باب انصراف
الإطلاق إلى بعض الأفراد.
ونظيره النبوي: " ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق
من أبي ذر " (1) حيث إن نفي كون غير أبي ذر أصدق من أبي ذر أعم من مساواته

1. معاني الأخبار: 178، باب معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله): " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة
أصدق من أبي ذر "؛ الأمالي للشيخ الطوسي: 53، ح 70، المجلس الثاني؛ وص 710، ح 1514،
المجلس الثاني والأربعون؛ الاحتجاج: 138؛ البحار 10: 123، ح 2، باب ما تفضل به على الناس
بقوله: " سلوني قبل أن تفقدوني "؛ و ج 22، ص 343، باب فضائل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار؛
وص 405 و 406 باب كيفية إسلام أبي ذر.
400

لغيره في الصدق وكونه أصدق من غيره، لكنه ينصرف إلى الثاني؛ قضية مقام
المدح. وكذا قال ابن مالك:
كلن ترى في الناس من رفيق * أولى به الفضل من الصديق
حيث إن نفي أولوية الفضل من غير الصديق من ولاية الفضل بالصديق - كما
هو الأصل في المثال، كما يظهر بالرجوع إلى محله - أعم من مساواة الصديق
لغيره في ولاية الفضل، وكونه أولى من غيره في ولاية الفضل، لكنه ينصرف إلى
الثاني، قضية مقام المدح أيضا.
فبعد دلالة نفي البأس على نفي البأس في النقل عموما أو خصوصا يثبت
الاعتبار فيه ولو بتخلل الواسطة بعد انتفاء البأس وثبوت الاعتبار.
[كلام الشهيد في الدراية ورده]
ثم إنه قد ذكر الشهيد في الدراية: " أن من المشهور أن نفي البأس يفيد
البأس ". (1)
أقول: إن هذا الكلام محل الكلام، بل هذا الكلام غير معقول بلا كلام.
نعم، يمكن دعوى أن الظاهر من نفي البأس عن الشخص كونه محل الكلام
بين الناس، لكنه محل الكلام.
نظير ذلك ما نقله في المغني في الباب السادس: أنه اشتهر أن " كاد " إثباته
نفي، ونفيه إثبات، بل جعله المعرى من اللغز. (2)
لكنك خبير بأنه إن كان الغرض أن إثبات الكود في " كاد زيد أن يقوم " - مثلا -

1. الدراية: 77.
2. مغني اللبيب: 868.
401

نفي للكود، ونفي الكود في مثل " ما كاد زيد أن يقوم " - مثلا - إثبات للكود، فهو
غلط فاحش.
وإن كان الغرض أن إثبات الكود في المثال الأول نفي للفعل، ونفي الكود في
المثال الثاني إثبات للفعل، فالأول وإن كان صحيحا؛ إذ القرب إلى الشيء يستلزم
عدم البلوغ إليه، لكن الثاني أيضا غلط فاحش؛ إذ من لا يقرب إلى الفعل لا يأتي به
بالأولوية.
ومع ذلك لو كان الإثبات في " كاد " نفيا وبالعكس، فهو يطرد في المقاربة
وتصاريفها.
وأيضا نظير ذلك ما قيل: إن تكرار التوثيق يقتضي كون الرجل محل الإنكار
والتضعيف. لكنه ضعيف.
وقد حررنا الحال في الرسالة المعمولة في " ثقة " والله العالم.
402

21 - رسالة في " محمد بن أبي عبد الله "
403

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
[روايات وقع في سندها محمد بن أبي عبد الله]
وبعد، فقد تكرر رواية الكليني عن محمد بن أبي عبد الله، كما فيما رواه في
باب البدع والرأي والمقائيس عن محمد بن أبي عبد الله، رفعه عن يونس بن
عبد الرحمن، قال: قلت لأبي الحسن الأول (عليه السلام). (1)
وما رواه في باب إطلاق القول بأنه شيء، عن محمد بن أبي عبد الله عن
محمد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن عن بكر بن صالح عن الحسين بن
سعيد، قال: سئل أبو جعفر الثاني (عليه السلام). (2)
وما رواه في باب إبطال الرؤية عن محمد بن أبي عبد الله عن علي بن
أبي القاسم عن يعقوب بن إسحاق، قال: كتبت إلى أبي عبد الله (عليه السلام). (3)
وما رواه في باب النهي عن الصفة بغير ما وصف الله به نفسه جل وتعالى، عن
محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل عن الحسين بن الحسن عن بكر بن
صالح عن الحسن بن سعيد عن إبراهيم بن محمد الخزاز ومحمد بن الحسين

1. الكافي 1: 56، ح 10، باب البدع والرأي والمقاييس.
2. الكافي 1: 82، ح 2، باب إطلاق القول بأنه شيء.
3. الكافي 1: 95، ح 1، باب في إبطال الرؤية.
405

قالا: دخلنا على أبي الحسن الرضا (عليه السلام). (1)
وما رواه في باب النهي عن الجسم والصورة عن محمد بن أبي عبد الله عن
محمد بن إسماعيل عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن الحماني،
قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام). (2)
وما رواه في باب الحركة والانتقال عن محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن
إسماعيل البرمكي عن علي بن عباس الجراذيني عن الحسن بن راشد عن
يعقوب بن جعفر الجعفري عن أبي إبراهيم (عليه السلام)، (3) إلى غير ذلك من روايات كثيرة. (4)
فينبغي نشر الكلام في المقام، ورفع الإبهام عن وجه المرام.
مقدمة
[يقال لمحمد بن جعفر بن عون: " محمد بن أبي عبد الله "]
محمد بن جعفر بن عون الأسدي أبو الحسين الكوفي ساكن الري، (5) يقال له:
" محمد بن أبي عبد الله " كان ثقة، صحيح الحديث، إلا أنه روى عن الضعفاء،
وكان يقول بالجبر والتشبيه، وأنا في حديثه من المتوقفين، وكان أبوه وجها، روى

1. الكافي 1: 100، ح 3، باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى.
2. الكافي 1: 106، ح 7، باب النهي عن الجسم والصورة.
3. الكافي 1: 125، ح 1، باب الحركة والانتقال. وفيه: " علي بن عباس الخراذيني "
4. في تهذيب الأحكام في باب الحيض والاستحاضة والنفاس (تهذيب الأحكام 1: 385 / 1184):
أحمد بن محمد بن محمد عن جعفر بن محمد عن خلف بن حماد قال: قلت لأبي الحسن الماضي (عليه السلام)،
إلى آخره، واحتمل فاضل التستري في الحاشية كون جعفر بن محمد هو جعفر بن محمد بن عون
الأسدي لما قيل: إنه روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى وكونه جعفر بن محمد بن يونس لما قيل إنه
روى عنه أحمد بن محمد (منه (رحمه الله)). حكاه عنه المجلسي في ملاذ الأخيار 3: 118.
5. قوله: ساكن الري: بفتح الراء كما عن عجائب البلدان (منه رحمه الله).
406

عنه أحمد بن محمد بن عيسى، كما ذكره النجاشي والعلامة في الخلاصة، (1) لكن
كلام النجاشي خال عن قوله: " وأنا في حديثه من المتوقفين " إلا أنه زاد قوله: " له
كتاب الجبر والاستطاعة، أخبرنا أبو العباس ابن نوح قال: حدثنا الحسن بن حمزة
قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي بجميع كتبه "، إلى آخر ما ذكره.
وفي الفهرست: محمد بن جعفر الأسدي يكنى أبا الحسين، له كتاب الرد على
أهل الاستطاعة، أخبرنا جماعة عن التلعكبري عن محمد بن جعفر الأسدي. (2)
وعن الرجال: محمد بن جعفر الأسدي، يكنى أبا الحسين الذي كان من أحد
الأبواب. (3)
وعن ابن داود: أنه عنون في القسم الأول: محمد بن جعفر بن محمد بن
عون. (4) وعنون في القسم الثاني: محمد بن جعفر بن عون. (5)
وعن ابن داود أيضا أنه عنون: محمد بن جعفر بن الأسدي، وكذا: " محمد بن
الأسدي، (6) لكنه عنون في القسم الأول تارة: محمد بن جعفر الأسدي حاكيا عن
الشيخ في الرجال، وأخرى: محمد بن جعفر الأسدي حاكيا عن الفهرست، (7) وثالثة:
محمد بن جعفر بن عون الأسدي حاكيا عن النجاشي، (8) وعنون في القسم الثاني:
محمد بن جعفر بن عون الأسدي أيضا حاكيا عن النجاشي. (9)

1. رجال النجاشي: 373 / 1020؛ خلاصة الأقوال: 160 / 145.
2. الفهرست: 151 / 646، وفيه: " عن التعلكبري عن الأسدي ".
3. رجال الشيخ: 496 / 28.
4. رجال ابن داود: 168 / 1337.
5. رجال ابن داود: 271 / 437.
6. رجال ابن داود: 167 / 1335؛ وص: 168 / 1336.
7. رجال ابن داود: 167 / 1335؛ وص 168 / 1336.
8. رجال ابن داود: 168 / 1337.
9. رجال ابن داود: 271 / 437.
407

ونسب إليه السيد السند التفرشي في ترجمة محمد بن جعفر تكراره ثلاثا، (1)
وهو مبني على اتحاد المذكورين، لكن تكرر منه العنوان أربع مرات، كما مر.
[في اتحاد المعنونين ب‍ " محمد بن جعفر "]
وتحقيق الحال: أنه يتأتى الكلام تارة في اتحاد محمد بن جعفر الأسدي
ومحمد بن جعفر [بن] عون الأسدي، وأخرى في اتحاد محمد بن جعفر بن عون
ومحمد بن جعفر [بن محمد بن] عون، (2) وثالثة في اتحاد محمد بن جعفر الأسدي
ومحمد بن جعفر بن [عون] الأسدي.
والظاهر في المرحلتين الأخيرتين الاتحاد، ولم يثبت تعدد العنوان في
المرحلتين المذكورتين.
وأما المرحلة الأولى فقد نفى الفاضل الأسترآبادي البعد عن الاتحاد تارة، (3)
وأخرى حكم بالاتحاد، وقال: " فافهم ". (4)
وظاهر المولى التقي المجلسي القول بالاتحاد، حيث إنه قال في حق
محمد بن جعفر بن عون:
الظاهر أنه كان يروي أخبار الجبر والتشبيه، كما رواه الأكثر، وورد به
القرآن المجيد بحسب الظاهر، وما صنف في الرد على أهل الاستطاعة
لا يستلزم أن لا يكون قائلا بالحق من أنه لاجبر ولا تفويض، ولما كان
الأكثر على الاستطاعة تبعا للمعتزلة صنف ما لا يقول به، ولو كان فاسد
المذهب، كيف يعتمد الصاحب (عليه السلام) عليه بأن يكون بابه؟ (5)

1. نقد الرجال 4: 164 / 4553 / 197.
2. في " ح " و " د ": " جعفر بن عون "، ولعل الصحح ما أثبتناه.
3. منهج المقال: 288.
4. منهج المقال: 289.
5. روضة المتقين 14: 238.
408

وروى الصدوق أخبارا مستفيضة تدل على وكالته للصاحب (عليه السلام)، وظهور
المعجزات منه على يده، فمن أراده فعليه بكمال الدين وكتاب الغيبة، والوكالة
والبابية وظهور المعجزات على اليد في باب محمد بن جعفر الأسدي.
ويظهر من بعض آخر أيضا القول باتحاد محمد بن جعفر الأسدي
ومحمد بن جعفر بن عون، حيث إنه حكى في ترجمة محمد بن جعفر بن عون
أنه عده الصدوق في كمال الدين من الوكلاء الذين وقفوا على معجزات
الصاحب (عليه السلام) ورأوه. (1)
وفي باب مولد صاحب الزمان (عليه السلام) من الأصول: " الأسدي، نعم العديل ". (2)
وقال الشيخ محمد الحر: هو من مشايخ الكليني يروي عنه بعنوان محمد بن
أبي عبد الله. (3)
قوله: " عده الصدوق في كمال الدين من الوكلاء ".
أقول: إن الصدوق روى في باب ذكر من شاهد القائم (عليه السلام) وكلمه، عن
محمد بن محمد الخزاعي، عن أبي علي الأسدي، عن أبيه، عن محمد بن
أبي عبد الله الكوفي أنه ذكر عدد من انتهى إليه ممن وقف على معجزات صاحب
الزمان (عليه السلام)، ورآه من الوكلاء، إلى أن ذكر من أهل الري " الأسدي " قال: " يعني نفسه ". (4)
وهذا المقال من كلام الصدوق أو من كلام محمد بن محمد الخزاعي؟
فلا يكون العد معينا في كونه من الصدوق، كما يقتضيه كلام القائل، بل الظاهر كون
المقالة المشار إليها من كلام محمد بن محمد الخزاعي، فليس العد من كلام
الصدوق، كما جرى عليه القائل.

1. انظر منتهى المقال 5: 398 / 2539.
2. الكافي 1: 522، ح 17، باب مولد الصاحب (عليه السلام).
3. لم نعثر عليه في الوسائل.
4. كمال الدين وتمام النعمة 2: 442، ح 16، باب 43.
409

ومع هذا محمد بن جعفر الأسدي يكنى بأبي الحسين ولو كان هو محمد بن
جعفر بن عون الأسدي، كما يظهر من الكلمات المتقدمة، ومقتضى الرواية
المذكورة كون الأسدي يكنى بأبي علي، وتعدد الكنية ظاهر في تعدد المكنى،
فليس من عد من الوكلاء هو محمد بن جعفر الأسدي أو محمد بن جعفر بن عون
الأسدي؛ لكون كل منهما يكنى بأبي الحسين.
إلا أن يكون الأمر مبنيا على تعدد الكنية، كما أن ليث الأسدي (1) يكنى
بأبي محمد وأبي بصير، (2) بل الظاهر من الرواية المذكورة اتحاد الوكيل الأسدي
المدلول عليه بكونه يكني بأبي علي، وأبو الحسين كان من الوكلاء، كما هو
مقتضى كلام الشيخ في الرجال والفهرست والغيبة. (3) فالظاهر اتحاد المكنى
بأبي علي وأبي الحسين.
ويمكن أن يكون التكنية بأبي علي اشتباها من محمد بن محمد الخزاعي؛
لبعد الاشتباه من الشيخ في الكتب الثلاثة، ولا سيما مع النجاشي؛ (4) بناء على اتحاد
محمد بن جعفر الأسدي مع محمد بن جعفر بن عون الأسدي.
ثم إنه يمكن القدح في دلالة الرواية المذكورة على اعتبار الأسدي بكونه من
أجزاء السند.
قوله: " وفي باب مولد صاحب الزمان (عليه السلام) من الأصول " إلى آخره.

1. قوله: " كما أن ليث الأسدي يكنى بأبي محمد وأبي بصير ". مما أطلق فيه الإمام (عليه السلام) أبا محمد على
أبي بصير ما رواه في الكافي [3: 562 / 10] في باب من يحل له أن يأخذ من الزكاة ومن لا يحل له
ومن له المال القليل، بالإسناد عن إسماعيل بن عبد العزيز عن أبيه قال: دخلت أنا وأبو بصير على
أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال له أبو بصير: إن لنا صديقا وهو رجل صدوق يدين الله بما ندين به، فقال: " من هذا
يا أبا محمد " إلى آخر الحديث، وقد أطلق فيه أبو محمد على أبي بصير (منه رحمه الله).
2. انظر رجال النجاشي: 321 / 876؛ منتهى المقال 5: 263 / 2375.
3. رجال الشيخ: 496 / 28؛ الفهرست: 151 / 646؛ الغيبة للطوسي: 40.
4. رجال النجاشي: 373 / 1020.
410

أقول: إنه روى الكليني في أصول الكافي عن علي، عمن حدثه، قال:
ولد لي ولد، فكتبت أستأذن في طهره، أي اختتانه يوم السابع، فورد:
" لا تفعل "، فمات يوم السابع أو الثامن، ثم كتبت بموته، فورد:
" ستخلف غيره وغيره تسميه بأحمد، ومن بعد أحمد جعفرا " فجاء كما
قال. وتهيأت للحج، وودعت الناس، وكنت على الخروج، فورد:
" نحن لذلك كارهون، والأمر إليك ". قال: فضاق صدري، واغتممت،
وكتبت: أنا مقيم على السمع والطاعة، غير أني مغتم بتخلفي عن الحج،
فورد: " لا يضيقن صدرك، فإنك ستحج من قابل إن شاء الله ". قال: [ولما
كان من قابل، كتبت أستأذن] (1) فورد الإذن، فكتبت: إني عادلت محمد بن
العباس، وأنا واثق بديانته وصيانته، فورد: " الأسدي نعم العديل، [فإن
قدم] (2) فلا تختر عليه " فقدم الأسدي فعادلته. (3)
وفي الحاشية تعليقا على الأسدي في قوله: " فقدم الأسدي ": والظاهر أنه
بخط العلامة المجلسي: هو أبو الحسين من الوكلاء. (4)
[كلام الشيخ في الغيبة وشرحه]
وعن الشيخ في كتاب الغيبة: أنه كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات يرد
عليهم التوقيعات من قبله، المنصوبين للسفارة من الأصل، منهم: محمد بن جعفر
الأسدي، إلى أن قال: ومات الأسدي على ظاهر العدالة، لم يتغير ولم يطعن عليه. (5)
قوله: " من الأصل " المقصود بالأصل هو مولانا إمام العصر عجل الله فرجه.

1 و 2. أضفناه من المصدر.
3. الكافي 1: 522 - 523، ح 17، باب مولد الصاحب (عليه السلام).
4. مرآة العقول 6: 192.
5. الغيبة: 417.
411

وقد ذكر الطريحي أنه قد يعبر عن الإمام ب‍ " الأصل " كما في بعض التراجم. (1)
لكن نفى شيخنا السيد الظفر به، إلا أن من هذا الباب ما رواه الكشي في
ترجمة أحمد بن إبراهيم أبي حامد المراغي:
قال علي بن محمد بن قتيبة: قال: حدثني أبو حامد أحمد بن إبراهيم
المراغي، قال: كتب أبو جعفر محمد بن أحمد بن جعفر القمي العطار -
وليس له ثالث في الأرض في القرب من الأصل - يصفنا لصاحب
الناحية. فخرج، (2) إلى آخره.
وقد صرح العلامة البهبهاني أيضا بكون المقصود ب‍ " الأصل " هو الإمام، وكذا
ما في باب الكنى في ترجمة أبي شداخ من أنه وقع إليه كتاب في الإمامة موقع عليه
بخط الأصل: " كتاب أبي شداخ في الإمامة ". (3)
وكذا ما رواه الكشي في ترجمة الفضل بن شاذان من أن مولانا - يعني أبا
محمد الجواد (عليه السلام) - أنفذ إلى نيسابور وكيلا يقبض حقوقه، فنزل بنيسابور عند قوم
من الشيعة، فكتب هذا الوكيل يشكوا الفضل بن شاذان بأنه يزعم أني لست من
الأصل، ومنع الناس من إخراج الحقوق، وكتب هؤلاء النفر أيضا إلى الأصل
الشكاية عن الفضل. (4)
[في توثيق محمد بن جعفر الأسدي وعدمه]
وكيف كان، فالظاهر بل بلا إشكال كمال اعتبار محمد بن جعفر الأسدي؛ (5)

1. جامع المقال: 185.
2. رجال الكشي 2: 815 / 1019.
3. تعليقات الوحيد على منهج المقال: 389.
4. رجال الكشي 2: 820 / 1028.
5. قال الصدوق في صوم الفقيه: وأما الخبر الذي روي فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا أن عليه
ثلاث كفارات، فأنا أفتي فيمن أفطر بجماع محرم عليه؛ لوجود ذلك في روايات أبي الحسين الأسدي
فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري، وظاهره التوثيق (منه رحمه الله).
412

لكونه من الوكلاء والأبواب، وقوله (عليه السلام): " نعم العديل " وتوثيق الشيخ مرتين،
والتوثيق في كل مرة في غاية المبالغة والتأكيد، حيث إنه تارة عد من الثقات
خصوصا من ثقات الأقوام المذكورين ولا سيما مع الاكتفاء بذكره عن ذكر غيره
ومقتضاه كونه أعلى وأعرف من غيره من ثقات الأقوام، وأخرى قال: " مات على
ظاهر العدالة ولم يتغير ولم يطعن عليه ". (1)
وكذا توثيقه وتصحيح حديثه من النجاشي، (2) بناء على اتحاده مع محمد بن
جعفر بن عون.
إلا أن دلالة التوثيق المذكور على العدالة - كما حررناه في الرسالة المعمولة في
ثقة - محل المنع؛ إذ الظاهر كون " صحيح الحديث " بيانا للتوثيق، فلا تتأتى الدلالة
على العدالة ولو على تقدير دلالة التوثيق على العدالة.
إلا أن يقال: إن منشأ المنع عن دلالة التوثيق على العدالة كثرة أمثال ذلك مما
يتعقب التوثيق بما كان أدنى من التوثيق، فلو تم دلالة التوثيق هنا على العدالة،
فلابد من دلالة التوثيق هنا على العدالة، فلا مجال لمنع دلالة التوثيق هنا على
العدالة ولو بناء على دلالة التوثيق على العدالة.
إلا أن يقال: إنه كثيرا ما يتعقب التوثيق بالأدنى، ولا مجال لكون الأدنى بيانا
للتوثيق.
إلا أن يقال: إن جميع موارد التعقيب على حال واحدة، والظاهر في الكل كون
الأدنى بيانا للتوثيق، بناء على عدم دلالة التوثيق على العدالة.

1. الغيبة: 415 / 417.
2. رجال النجاشي: 373 / 1020.
413

وكذا التوثيق من الوجيزة من غير إبراز للقدح والتوثيق من بعض الأعلام. (1)
وكذا ما عن الصدوق والشيخ في كتاب كمال الدين وكتاب الغيبة من نقل
روايات تدل على أن لمحمد بن جعفر مرتبة رفيعة عند الإمام الصاحب روحي
وأروح العالمين له الفداء، ومن جملتها: " أن محمد بن جعفر من ثقاتنا " (2) وقد
أجاد من قال: " إنه لو لم يكن إلا هذا، لكفاه فخرا وشرفا ".
وكذا ترحم الكليني في باب حدوث العالم، قال: " حدثني محمد بن جعفر
الأسدي (رحمه الله) ". (3) وذكره مترضيا مع اختلاف التعبير من الصدوق في الأبواب الآتية.
وكذا في مشيخة الفقيه في قوله: " وما كان فيه عن أبي الحسين محمد بن
جعفر الأسدي رضي الله عنه " (4) إلى آخره.
وتوقف العلامة في حديثه بملاحظة رواية أخبار الجبر والتشبيه (5) مبني على
اعتبار العدالة في اعتبار الرواية، واختصاص العدالة بالإيمان، كما هو مقتضى
اشتراط الإيمان والعدالة منه في اعتبار الخبر في الأصول، وهو مقتضى قوله في
ترجمة الحسن بن سيف بن سليمان التمار بعد نقل توثيقه عن ابن عقدة عن
علي بن الحسن: " ولم أقف له على مدح ولا جرح من طرقنا سوى هذا، والأولى
التوقف حتى تثبت عدالته ". (6)
وكذا قوله في الترجمة اللاحقة لتلك الترجمة - أعني ترجمة الحسن بن
صدقة - بعد نقل توثيقه وتوثيق أخيه مصدق عن ابن عقدة عن علي بن الحسن:

1. الوجيزة: 296 / 1597.
2. إكمال الدين 2: 442 / 16 و 488 / 9؛ الغيبة: 415.
3. الكافي 1: 78، ح 3، باب حدوث العالم.
4. الفقيه 4: 76، من المشيخة.
5. خلاصة الأقوال: 160 / 145.
6. خلاصة الأقوال: 44 / 49.
414

" وفي تعديله بذلك نظر، والأولى التوقف ". (1)
وقد حررنا في الرسالة المعمولة في " ثقة " عبارات من العلامة تقتضي القدح
في الشهادة للنفس أو غيرها بعدم ثبوت العدالة بها وإن كانت مرجحة للقبول،
والظاهر منه لزوم ثبوت العدالة في اعتبار رواية الراوي، والظاهر من العدالة إنما
هو المعنى الأخص، أعني المجامع للإيمان، فالظاهر لزوم ثبوت العدالة بالمعنى
الأخص في اعتبار رواية الراوي،
لكنه صرح في الخلاصة بقبول رواية جماعة من فاسدي المذهب، كقوله في
ترجمة أبان بن عثمان - بعد نقل كونه ناووسيا عن الكشي عن علي بن الحسن -:
" والأقوى عندي قبول روايته وإن كان فاسد المذهب ". (2)
وقوله في ترجمة الحسن بن علي بن فضال: " وأنا أعتمد على روايته وإن كان
مذهبه فاسدا ". (3)
وقوله في ترجمة علي ابن أسباط بعد نقل كونه فطحيا عن النجاشي
والكشي: " وأنا أعتمد على روايته ". (4)
بل قال المحقق القمي: إنه أكثر في الخلاصة من قبول رواية فاسدي
المذهب، (5) ولولا اعتبار العدالة ففساد مذهب محمد بن جعفر الأسدي لا ينافي
اعتبار خبره، بل يمكن القول بأن القول بالجبر والتشبيه لا ينافي العدالة.
إلا أن يقال: إن القول بالتشبيه خلاف الضرورة، وهو يوجب الكفر وإن كان
الإنكار من جهة الشبهة، بناء على كون إنكار الضروري موجبا للكفر وإن كان

1. خلاصة الأقوال: 45 / 51.
2. خلاصة الأقوال: 21 / 3.
3. أنظر: خلاصة الأقوال: 37 / 2، ولا يوجد فيه هذه العبارة.
4. خلاصة الأقوال: 99 / 38.
5. انظر القوانين المحكمة 1: 462.
415

الإنكار من جهة الشبهة.
لكن يمكن القول بأنه يكفي في اعتبار الخبر حصول الظن بالصدور ولو بناء
على حجية الظنون الخاصة، والظن بالصدور متحصل في الباب؛ لكونه صحيح
الحديث على ما مر من النجاشي.
إلا أن يقال: إنه لو تطرق الكفر بالقول بالجبر والتشبيه، فلا يكفي الظن
المتحصل بالصدور ولو بناء على حجية مطلق الظن؛ لقيام الإجماع على عدم
اعتبار خبر الكافر. (1)
لكن نقول: إن المحكي في كلام المولى التقي المجلسي عن بعض الفضلاء
المتبحرين أن أهل قم على الجبر والتشبيه سوى محمد بن علي بن بابويه. (2)
وكيف يمكن القول بكفر أهل قم مع شدة ورعهم وغاية احتياطهم؟
بل ذكر المولى المشار إليه أن الوجه في تلك النسبة أن الصدوق إذا ذكر خبرا
يدل على الجبر أو التشبيه يأوله، ولا يأوله غير الصدوق من أهل قم، إما بناء على
الظهور، أو بناء على عدم جرأتهم بأن يؤلوا بآرائهم، بل يقولون مجملا: إن له
محملا يعلمه المعصومون (عليهم السلام)، (3) فلعل نسبة الجبر والتشبيه من جهة أن محمد بن
جعفر روى أخبار الجبر والتشبيه، بل يمكن دعوى الظهور، كما ادعاه بعض
الأعلام، بل روى عنه الكليني أخبارا في بطلان الجبر والتشبيه، (4) ومن يروي هذه
الأخبار يبعد كونه قائلا بخلافها، فلا أقل من التوقف.

1. انظر معالم الدين: 200.
2. روضة المتقين 14: 238.
3. روضة المتقين 14: 238.
4. انظر الكافي 1: 100، ح 3، باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى؛ وص: 105، ح 4 و 6
و 7، باب النهي عن الجسم والصورة؛ وص: 159، ح 12 و 13، باب الجبر والقدر والأمر بين
الأمرين؛ وص: 162، ح 3، باب الاستطاعة.
416

وفيه الكفاية في عدم ثبوت إنكار الضروري، مضافا إلى ما تقدم من الوجوه
الدالة على اعتبار خبره، فضلا عن عدالته، فضلا عن غاية رفعة مرتبته.
[ما يمنع من اتحاد بن جعفر الأسدي مع بن جعفر بن عون]
ثم إن رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي محمد بن جعفر بن عون بناء
على رجوع الضمير في قول النجاشي: " روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى " (1) إلى
الأب يمانع عن اتحاد محمد بن جعفر بن عون مع محمد بن جعفر الأسدي الذي
كان من الوكلاء؛ إذ أحمد بن محمد بن عيسى من أصحاب الرضا والجواد
والهادي (عليهم السلام)، فهو في مرتبة محمد بن جعفر، ولا مجال لكونه من الوكلاء.
ولو كان الضمير المذكور راجعا إلى محمد بن جعفر، فالأمر أظهر.
إلا أن يقال: إنه لا بأس بكون أحمد بن محمد بن عيسى راويا عن أبي محمد بن
جعفر، وكان محمد بن جعفر صغيرا ثم صار من الوكلاء، فلا يمانع رواية أحمد بن
محمد بن عيسى عن أبي محمد بن جعفر بن عون الأسدي عن كون محمد بن جعفر بن
عون الأسدي المشار إليه هو محمد بن جعفر الأسدي المذكور بكونه من الوكلاء.
إلا أن يقال: إن مقتضى الرواية المذكورة - رواية والد الأسدي عن محمد بن
أبي عبد الله - كون الأسدي من الوكلاء، فمقتضاه كون الأسدي غير صغير في زمان
والده.
لكن نقول: إنه لا بأس بإدراك الأسدي زمان مولانا الهادي (عليه السلام) إلى زمان الغيبة،
كيف! وقد أدرك بعض بل كثير من الرواة أربعة من الأئمة (عليهم السلام).
[في كنية محمد بن جعفر]
ثم إنه قد عبر في الفقيه في باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر

1. رجال النجاشي: 373 / 1020.
417

رمضان متعمدا أو ناسيا، (1) وفي باب [ثواب] معانقة الحاج: ب‍ " أبي الحسين البصري
رضي الله عنه " (2) وفي باب علل الحج: ب‍ " الأسدي أبي الحسين رضي الله عنه ". (3)
والظاهر بل بلا إشكال أن المقصود هو محمد بن جعفر الأسدي؛ لأنه كان
يكنى بأبي الحسين، كما يظهر مما مر، مضافا إلى تصريح سلطاننا في الأولين،
والفاضل الأسترآبادي - على ما نقله تلميذه الفاضل الشيخ محمد (4) - في الأخير
بذلك، (5) فضلا عن شهادة التعبير بأبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي رضي الله
عنه في أوائل الزكاة، (6) وفي باب إبطال الشهادة على الجنف والربا وخلاف السنة، (7)
وفي باب الرهن. (8)
فقد بان الحال فيما في الفقيه في باب سجدة الشكر والقول فيها من قوله:
وفي رواية أبي الحسين الأسدي رضي الله عنه أن الصادق (عليه السلام) قال: " إنما
يسجد المصلي سجدة بعد الفريضة ليشكر الله تعالى ذكره فيها على ما
من عليه من أداء فرضه، وأدنى ما يجزئ فيها شكر الله ثلاث مرات ". (9)
فإن المقصود بأبي الحسين فيه أيضا إنما هو محمد بن جعفر الأسدي.
لكنه يشكل بأن رواية محمد بن جعفر الأسدي عن الصادق (عليه السلام) غير ممكنة؛

1. الفقيه 2: 74، ح 317، باب ما يجب على من أفطر. وفيه: " في روايات أبي الحسين الأسدي رضي
الله عنه ".
2. الفقيه 2: 196، ح 892، باب ثواب معانقة الحاج. وفيه: " في رواية أبي الحسين الأسدي رضي الله
عنه ".
3. الفقيه 2: 127، ح 546، باب علل الحج.
4. انظر: استقصاء الاعتبار 4: 514.
5. منهج المقال: 288.
6. الفقيه 2: 4، ح 6، باب علة وجوب الزكاة.
7. الفقيه 3: 40، ح 135.
8. الفقيه 3: 200، ح 909.
9. الفقيه 1: 219، ح 977، باب سجدة الشكر والقول فيها.
418

لما تقدم عن الشيخ في كتاب الغيبة والرجال من أنه من الأبواب. (1)
إلا أن يقال: إن المقصود بالصادق إنما هو إمام العصر عجل الله فرجه، كما
أطلق الصادق على الهادي (عليه السلام) فيما رواه في التهذيب والاستبصار في باب أقل
ما يعطى الفقير من الصدقة، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن
أبي الصهبان قال: " كتبت إلى الصادق (عليه السلام) ". (2)
قيل: (3) المراد بالصادق هنا هو محمد الهادي (عليه السلام) فإن محمد بن أبي الصهبان
بعيد الطبقة عن أبي عبد الله (عليه السلام).
وقال السيد الداماد في حاشية الاستبصار: المعصوم المكتوب إليه هو
أبو محمد العسكري، أو أبوه أبو الحسن الثالث؛ لأن محمد بن أبي الصهبان من
رجالهما (عليهما السلام).
ويحتمل أن يكون هو أبو جعفر الجواد (عليه السلام)؛ لأنه أدرك عصره.
والأظهر أنه هو أبو الحسن الثالث علي بن محمد الهادي (عليه السلام)؛ لأنه أكثر رواية
عنه، وكما أطلق أبو عبد الله (عليه السلام) على سيد الشهداء (عليه السلام) فيما رواه في كامل الزيارة:
عن سليمان بن عيسى، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف أزورك
إذا لم أقدر على ذلك؟ قال [لي]: (4) " يا عيسى إذا لم تقدر على المجيء فإذا
كان في يوم الجمعة فاغتسل أو توضأ واصعد على سطحك وصل
ركعتين وتوجه نحوي ". (5)

1. رجال الشيخ: 496 / 28؛ الفهرست: 151 / 646.
2. تهذيب الأحكام 4: 63، 169، باب ما يجب أن يخرج من الصدقة وأقل ما يعطى؛ الاستبصار 2:
38، ح 118، باب أقل ما يعطى الفقير من الصدقة.
3. قال به في المنتقى 2: 415.
4. أضفناه من المصدر.
5. كامل الزيارات: 287 / 4، الباب السادس والتسعون؛ الوسائل 14: 578، أبواب المزار باب
استحباب زيارة قبور النبي والأئمة، ح 5.
419

فإن المقصود بأبي عبد الله فيه إنما هو سيد الشهداء، بقرينة متن الرواية
وسائر ما أورد في زيارة سيد الشهداء (عليه السلام).
إلا أن يقال: إن بيان الزيارة لا ينافي كون المقصود بأبي عبد الله (عليه السلام) هو
الصادق (عليه السلام)؛ لاستحباب زيارة سائر الأئمة غير سيد الشهداء أيضا، بل في ذيل
رواية أخرى مروية في كامل الزيارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) مشتملة على بيان الزيارة:
" وليوف بالسلام إلى قبورنا، فإن ذلك يصل إلينا ". (1)
والظاهر أن المقصود بأبي عبد الله فيه هو الصادق (عليه السلام).
إلا أن يقال: إن الظاهر من السؤال والجواب في تلك الرواية هو تعاهد زيارة
أبي عبد الله، والمتعاهد زيارة سيد الشهداء (عليه السلام).
ويرشد إلى ذلك أنه روى تلك الرواية في كامل الزيارات في باب من نأت
داره وبعدت شقته كيف يزور الحسين (عليه السلام)؟ (2)
ونظيره - أعني ما يكون مطلقا من الأخبار لكن ذكر في بعض الأبواب من
كتب الأخبار وذكره فيه يظهر عن التقييد - متكرر، كما في قول الكاظم (عليه السلام): " إن شككت
فابن على اليقين " حيث إنه مطلق لكن ذكره الصدوق في باب أحكام السهو في الصلاة. (3)
وكذا ما روي في مسح موضع السجود باليد وإمرارها على الوجه، فإنه مطلق
لكن ذكره المشايخ الثلاثة في باب سجدة الشكر وإن يساعدها بعض الروايات. (4)

1. كامل الزيارات: 288 / 6 الباب السادس والتسعون؛ الوسائل 14: 577، أبواب المزار باب
استحباب زيارة قبور النبي والأئمة، ح 1.
2. كامل الزيارات: 288 / 6، الباب السادس والتسعون.
3. الفقيه 1: 231، ح 1025، باب أحكام السهو في الصلاة؛ الوسائل 8: 212، أبواب الخلل الواقع في
الصلاة باب وجوب البناء على الأكثر...، ح 2.
4. الكافي 3: 344، ح 23، باب التعقيب بعد الصلاة والدعاء؛ الفقيه 1: 218، ح 968، باب سجدة
الشكر والقول فيها؛ تهذيب الأحكام 2: 112، ح 420، باب كيفية الصلاة وصفتها؛ الوسائل 7: 13،
أبواب سجدتي الشكر، باب استحباب مسح اليد على موضع السجود ثم مسح الوجه بها.
420

وكذا ما روي في باب السجود عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) من أنه كان يقول:
" اللهم إني أسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب " (1) حيث إنه مطلق لكن
ذكر في باب السجود، مع أنه لا دلالة فيه على أنه (عليه السلام) كان يقوله في السجدة فضلا
عن سجدة الصلاة، فضلا عن السجدة الأخيرة، وإن كان مقتضى غير واحد من
الأخبار كون الدعاء في سجدة الصلاة. (2)
بل ربما روى في المصباح بسنده عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: " ما على أحدكم إذا دفن
ووسد في التراب أن يضع مقابل وجهه لبنة من الطين، ولا يضعها تحت رأسه؟ ". (3)
والظاهر من الطين هو الطين المتعارف، لكن ذكره الشيخ في جملة أخبار
التربة، إلا أنه يبعد أخذ اللبنة من قبر سيد الشهداء (عليه السلام) في أزمنة إمكان الأخذ،
ولا سيما بعدد آحاد الناس، فالأمر في الرواية المذكورة من باب انصراف المطلق
إلى بعض الأفراد، وذكره في بعض كتب الأخبار في مورد يظهر عن كون الغرض
فردا آخر.
وربما ذكر في الوسائل (4) أن القرينة على كون المقصود بالطين في تلك الرواية
هو التربة هو كون التربة محل التبرك.
لكنه - بعد ظهور فساده بما سمعت - مدفوع بأنه يمكن أن يكون الغرض
جعل لبنة من الطين، أي لبنة مرطوبة، وإلا فكل لبنة من الطين، والجهة عدم تطرق
العذاب مدة رطوبة اللبنة، نظير ما ورد في الجريدتين، (5) ورش القبر بعد الدفن

1. الإرشاد للمفيد 2: 231؛ الوسائل 7: 10، أبواب سجدتي الشكر، باب استحباب تعفير الخدين على
الأرض بين سجدتي الشكر، ح 9.
2. انظر الوسائل 6: 339، أبواب السجود باب استحباب الدعاء بالمأثور في السجود.
3. المصباح: 678؛ الوسائل 3: 30، أبواب التكفين باب استحباب وضع التربة الحسينية مع الميت،
ح 3.
4. الوسائل 3: 30، أبواب التكفين باب استحباب وضع التربة الحسينية مع الميت. ذيل الحديث 3.
5. الوسائل 3: 24، أبواب التكفين باب استحباب كون الجريدتين من النخل.
421

بالماء. (1)
لكن نقول بعد ذلك: إنه ينافي احتمال كون المقصود بالصادق في الرواية
المتقدمة إمام العصر (عليه السلام) أن الشيخ عد في الرجال محمد بن جعفر ممن لم يروا. (2)
ويمكن أن يقال: إن الأمر مبني على الإرسال، ولعله لذا قال في الفقيه: " وفي
رواية أبي الحسين الأسدي " (3) ولم يقل: روى أبو الحسين الأسدي، كما هو دأبه
في أمثال المقام.
[في رواية الكليني عن محمد بن جعفر الرزاز]
بقي أنه قد روى الكليني (4) عن محمد بن جعفر الرزاز (5) المكنى بأبي العباس،
إلا أنه اختلف تعبير الكليني (6) عنه في الرواية عنه بين التعبير بالاسم وباللقب،
وبالاسم والكنية، وبالاسم واللقب، وبالكنية واللقب.
وبالجملة، قد حكي عن بعض طرح الاتحاد بين محمد بن جعفر الرزاز
ومحمد بن جعفر الأسدي المتقدم.
ويندفع باختلاف اللقب والكنية بالأسدي والرزاز وأبي الحسين
وأبي العباس، مع أن موت محمد بن جعفر الأسدي - كما يأتي - كان في سنة
اثنتي عشرة وثلاثمائة.

1. الوسائل 3: 195، أبواب الدفن باب استحباب رش القبر بالماء.
2. رجال الشيخ: 496 / 28.
3. الفقيه 1: 219، ح 977، باب سجدة الشكر.
4. قد ذكر المولى التقي المجلسي [روضة المتقين 14: 432] أن محمد بن جعفر الرزاز أبا العباس روى
عنه الكليني، وروى هو عن محمد بن عيسى عن علي بن مهزيار وروى أيضا عن محمد بن عبد
الحميد وأيوب بن نوح ولم يكن له كتاب وكان ذكر أمثاله لمجرد ذكر السند. (منه عفى عنه).
5. الكافي 7: 456، ح 12، باب النذور.
6. الكافي 7: 456، ح 12، باب النذور.
422

وعن رسالة أبي غالب: " أن موت محمد بن جعفر الرزاز كان في سنة عشر
وثلاثمائة، كما في بعض النسخ، وإحدى عشرة وثلاثمائة كما في بعض آخر من
النسخ ". (1)
وإن قلت: إن عدم عنوان الرزاز في كلام النجاشي والشيخ في الرجال
والفهرست يظهر عن الاتحاد.
قلت: هذا الإظهار مدفوع بما سمعت، مضافا إلى ما ذكره بعض الأعلام من
أن الرزاز وإن لم يكن معنونا في كلام النجاشي والشيخ إلا أنه ذكره النجاشي في
تضاعيف التراجم. (2)
لكنه يضعف: بأن مجرد ذكره لا ينافي الاتحاد ولا يقتضي التعدد، بل
المنافي للاتحاد والمقتضي للتعدد إنما هو الذكر بعنوان على حدة، فضلا عن
وقوع التعدد في كلام السيد السند التفرشي (3) وبعض المتأخرين، والجزم به من
بعض (4) الأعلام.
هذا، ولو كان رواية الكليني عن محمد بن جعفر مقيدا بأبي العباس أو الرزاز
أو الأسدي، فلا إشكال في أن المقصود به هو محمد بن جعفر المذكور.
وإن كان مطلقا، فإن روى عن محمد بن عبد الحميد أو عن أيوب بن نوح،
فهو الرزاز؛ لتصريح السيد السند التفرشي بأنه روى عنهما، (5) ولوقوع التقييد
بالرزاز - في الرواية عنهما - في كلام الكليني في بعض المواضع. (6)

1. رسالة أبي غالب الرزاري: 141.
2. رجال النجاشي: 424 / 1140، في ترجمة مياح المدائني.
3. نقد الرجال 4: 159 / 4543 / 187؛ وص 162 / 4553 / 197.
4. انظر منتهى المقال 4: 159 / 4545 / 189؛ وص: 162 / 4553 / 197.
5. نقد الرجال 4: 159 / 4545 / 189.
6. الكافي 5: 236، ح 18، باب الرهن؛ و ج 6: 63، ح 4 باب أنه لاطلاق قبل النكاح؛ وص 64، ح 1،
باب تفسير طلاق السنة...؛ وص 76، ح 3، باب التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره.
423

فقد بان ضعف ما ذكره المولى التقي المجلسي فيما رواه الكليني في كتاب
الحج - في باب كفارات ما أصاب المحرم من الطير والبيض - عن محمد بن جعفر
عن محمد بن عبد الحميد، (1) من أن الظاهر أن محمد بن جعفر هو الأسدي،
ويحتمل أن يكون هو الرزاز. (2)
وعلى ذلك المنوال الحال فيما لو روى عن محمد بن خالد الطيالسي، أو
يحيى بن زكريا، أو محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، أو عبد الله بن محمد بن
خالد، أو يحيى بن زكريا اللؤلؤي، أو عبد الله بن [أبي عبد الله] (3) محمد بن خالد؛
لأن مقتضى كلام النجاشي في تراجم هؤلاء (4) رواية محمد بن جعفر الرزاز عنهم.
ولو روى عن محمد بن إسماعيل البرمكي، فهو الأسدي؛ لما مر من رواية
الكليني - في باب حدوث العالم - بهذه العبارة: " حدثني محمد بن جعفر الأسدي
عن محمد بن إسماعيل البرمكي ". (5)
وكذا الحال لو روى عن محمد بن إسماعيل مطلقا؛ لشهادة التقييد بالبرمكي -
فيما ذكر - بكون المقصود من المطلق هو البرمكي؛ ولتصريح النجاشي في ترجمة
محمد بن إسماعيل البرمكي بأنه روى عنه محمد بن جعفر الأسدي. (6)
وكذا الحال لو روى عنه التلعكبري؛ لتصريح الشيخ في الفهرست بأنه روى
عن محمد بن جعفر الأسدي. (7)

1. الكافي 4: 390، ح 9 باب كفارة ما أصاب المحرم من الطير والبيض.
2. لم نعثر عليه في روضة المتقين.
3. أضفناه من المصدر.
4. رجال النجاشي: 340 / 910؛ وص 442 / 1190؛ وص 334 / 897؛ وص 219 / 572. ولم نعثر
فيه على ترجمة يحيى بن زكريا اللؤلؤي.
5. الكافي 1: 78، ح 3، باب حدوث العالم وإثبات المحدث.
6. رجال النجاشي: 341 / 918.
7. الفهرست: 151 / 646.
424

[كلام التستري والرد عليه]
إذا تمهد ما تقدم فنقول: إنه قال الفاضل التستري في حاشية المنهج: (1)
محمد بن أبي عبد الله - الذي يروي عنه الكليني - اسمه محمد بن جعفر بن عون
الأسدي، أخذت ذلك من ملاحظة حديثين في الكافي، أحدهما في باب إطلاق
القول بأنه شيء، (2) والآخر في باب حدوث العالم وإثبات المحدث، (3) ومن كلام
النجاشي أيضا.
أقول: إن مقصوده بالحديث المروي في باب إطلاق القول بأنه شيء: هو
الرواية الثانية من الروايات المتقدمة صدر العنوان.
ومقصوده بالحديث المروي في باب حدوث العالم وإثبات المحدث:
هو ما رواه الكليني عن محمد بن جعفر الأسدي عن محمد بن إسماعيل البرمكي
كما مر.
والظاهر أن الغرض الاستناد إلى مجموع الحديثين من قبيل دلالة الإشارة،
لا إلى كل واحد من الحديثين؛ لعدم دلالة كل واحد على المطلوب.
وتقريب دلالة المجموع على المطلوب: أن الظاهر من اتحاد المروي
عنه - أعني محمد بن إسماعيل البرمكي - واختلاف التعبير عن والد
الراوي بالاسم والكنية اتحاد الوالد، فالظاهر اتحاد الراوي، فمقتضاه كون
محمد بن أبي عبد الله هو محمد بن جعفر الأسدي والظاهر أن محمد بن
جعفر الأسدي هو محمد بن جعفر بن عون الأسدي المعنون في الرجال المتقدم
ذكره.

1. حاشية المنهج للفاضل التستري مخطوط.
2. الكافي 1: 82، ح 2، باب إطلاق القول بأنه شيء.
3. الكافي 1: 78، ح 3، باب حدوث العالم.
425

وليته أضاف إلى الحديثين: الحديث المروي في الكافي في باب الحركة
والانتقال؛ (1) لانطباقه مع الحديث المروي في الكافي في باب إطلاق القول بأنه
شيء. (2)
ومقصوده من كلام النجاشي هو ما لفظه - كما تقدم (3) -:
محمد بن جعفر بن عون الأسدي أبو الحسن الكوفي، ساكن الري، يقال
له: محمد بن أبي عبد الله، كان ثقة، صحيح الحديث، إلا أنه روى عن
الضعفاء، وكان يقول بالجبر والتشبيه، وكان أبوه وجها، روى عنه
أحمد بن محمد بن عيسى، له كتاب الجبر والاستطاعة، أخبرنا
أبو العباس بن نوح قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي بجميع كتبه. (4)
بملاحظة تصريح النجاشي باتحاد محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن
جعفر بن عون الأسدي.
لكنه يشكل بأن مقتضى العبارة المذكورة أن أحمد بن محمد بن عيسى روى
عن محمد بن جعفر بن عون الأسدي، فمحمد بن جعفر بن عون الأسدي مقدم
طبقة على أحمد بن محمد بن عيسى، وهو مقدم على الكليني بواسطة، كما يشهد
رواية الكليني عنه بتوسط العدة، (5) فرواية الكليني عن محمد بن جعفر بن عون
الأسدي بعيدة.
إلا أنه يندفع بأنه وإن كان الظاهر - مضافا إلى أن الغالب عدم التعريض لحال
شخص في ترجمة شخص آخر - رجوع المتعلقات المذكورة في كلام أي متكلم

1. الكافي 1: 125، باب الحركة والانتقال.
2. الكافي 1: 82، ح 2، باب إطلاق القول بأنه شيء.
3. تقدم في ص 407.
4. رجال النجاشي: 373 / 1020.
5. الكافي 1: 32، ح 2، وص 33، ح 5، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء.
426

كان إلى المقصود بالأصالة، لا المذكور بالتبع، فالظاهر رجوع التوثيق إلى الشخص
المعنون المقصود بالأصالة من العنوان.
وقد استوفينا موارد تردد التوثيق وأمثاله بين الرجوع إلى الشخص المعنون
المقصود بالأصالة وغيره المذكور بالتبع في الرسالة المعمولة في " ثقة " وحررنا
الكلام في رجوع التوثيق ونحوه إلى الشخص المعنون المقصود بالأصالة.
لكن لو شهد القرينة بالرجوع إلى المذكور بالتبع - كما في المقام بملاحظة
قوله: " قال: حدثنا محمد بن جعفر الأسدي بجميع كتبه " - لابد من البناء على ذلك
والمصير إليه، كيف! وربما كان التوثيق في بعض التراجم مختصا بالمذكور بالتبع،
وكانت الترجمة خالية عن التعرض لحال الشخص المقصود بالأصالة من العنوان،
كما في قول النجاشي: " الحسين بن القاسم بن محمد بن أيوب بن شمون، أبو
عبد الله، الكاتب، وكان أبوه القاسم من جلة (1) أصحابنا. (2)
ويرشد إلى ذلك أن العلامة في الخلاصة مع ذكره الكلام المذكور في ترجمة
الولد ذكر في ترجمة الوالد أنه روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى. (3)
بل قال بعض الأعلام: إن كون الضمير المجرور راجعا إلى الأب مقطوع به
عند من له تتبع في الأخبار.
ونظير ذلك قول النجاشي في ترجمة الحسين بن محمد بن يوسف الوزير:
" وأمه فاطمة بنت أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني شيخنا صاحب
كتاب الغيبة ". (4)

1. قوله: من جلة أصحابنا، الجلة بالكسر جمع الجليل كالأجلة، قال في القاموس: فهو جليل من جلة.
ومزيد الكلام موكول إلى ما حررناه في بعض الفوائد المرسومة في الرسالة المعمولة في رواية الكليني
عن أبي... (منه). ومكان النقاط مخروم في الأصل.
2. رجال النجاشي: 66 / 157.
3. خلاصة الأقوال: 33 / 25، و 160 / 145.
4. رجال النجاشي: 69 / 167.
427

حيث إن قوله: " شيخنا " لا مجال لعوده إلى الحسين المقصود بالأصالة من
العنوان، بل الظاهر عوده إلى جعفر، كما أن الظاهر عود النعماني إليه، لكنه عائد
إلى محمد بن إبراهيم بشهادة عد كتاب الغيبة من كتبه في الترجمة المعقودة له. (1)
وإن أمكن القول بأن قوله: " وأمه " إلى الآخر مستأنف، والمقصود بالأصالة في هذا
الباب هو محمد بن إبراهيم من باب تعريف فاطمة، فالعود إلى محمد جار على
ما يقتضيه الظاهر، فلا إشكال في المقام، بل ليس شدة بعد في رواية شخص عن
شخص بلا واسطة ومع الواسطة.
ويمكن أن يقال: إن الإسناد إلى الكلام المذكور من النجاشي إنما يتجه لو كان
محمد بن أبي عبد الله منحصرا في محمد بن جعفر، وأما لو كان محمد بن أبي
عبد الله يطلق على غير محمد بن جعفر أيضا، فلا مجال للحكم باتحاد محمد بن
أبي عبد الله مع محمد بن جعفر بن عون الأسدي.
والشيخ قد عنون في الفهرست محمد بن جعفر ثم، عنون محمد بن
أبي عبد الله. (2) ومقتضى تعدد العنوان تعدد المعنون.
لكن نقول: إن دلالة تعدد العنوان - في كلام الشيخ - على تعدد المعنون محل
الإشكال؛ لكثرة اتفاق تعدد العنوان منه في الرجال مع اتحاد المعنون، كما يرشد
إليه ما ذكره السيد السند التفرشي في ترجمة القاسم بن محمد الجوهري من أن
الشيخ في الرجال قد ذكر كثيرا من الرجال تارة في باب من يروي، وأخرى في
باب من لم يرو، وعد جماعة. (3)
وذكر تلك المقالة أيضا في ترجمة معاوية بن حكيم، (4) والحسين بن

1. رجال النجاشي: 383 / 1043.
2. الفهرست: 151 / 646 وص 153 / 670.
3. نقد الرجال 4: 45 / 4196 / 36.
4. نقد الرجال 4: 386 / 5324 / 4.
428

اشكيب، (1) وريان بن الصلت. (2)
وذكر في ترجمة عبد الحميد بن سعد: أن ذكر المتحد مرتين كثير في كلام
الشيخ في الرجال مع جزمنا بالاتحاد. (3)
وذكر في ترجمة إبراهيم بن عبد الحميد: أن تعدد العنوان في كلام الشيخ في
الرجال كثير، مع عدم التعدد يقينا، كما يظهر من أدنى تتبع. (4)
إلا أن يقال: إن اتفاق تعدد العنوان المتحد في الرجال ولا سيما على تقدير
الاختصاص بتكرار المعنون في أصحاب الأئمة في باب من لم يرو لا يوجب
سقوط دلالة تعدد العنوان في الفهرست على تعدد المعنون.
ومع ذلك نقول: إن محمد بن أبي عبد الله المذكور في كلام النجاشي غير
محتمل لمحمد بن أبي عبد الله المعنون بعد عنوان محمد بن جعفر في كلام
الشيخ في الفهرست، حيث إن الشيخ بعد أن عنون محمد بن أبي عبد الله عنون
رجلين آخرين، فقال: رويناها كلها بهذا الإسناد عن حميد عن أبي إسحاق
إبراهيم بن سليمان بن حيان الخزاز عنهم. (5)
والمقصود بالإسناد المشار إليه هو جماعة عن أبي المفضل المذكور قبل ذلك.
[في حال حميد]
والمقصود بحميد هو حميد بن زياد، حيث إن الشيخ ذكر في الرجال في ترجمة
إبراهيم بن سليمان بن أبي إسحاق أنه روى عنه حميد بن زياد، (6) مع أنه في الفهرست

1. نقد الرجال 2: 79 / 1418 / 22.
2. نقد الرجال 2: 249 / 2008 / 2.
3. نقد الرجال 3: 35 / 2810 / 8.
4. نقد الرجال 1: 71 / 97 / 69.
5. الفهرست: 153 / 674، ولا يخفى أنه ذكر ذلك بعد عنوان أربع رجال.
6. رجال الشيخ: 440 / 24.
429

قيد الحميد بابن زياد في بعض رواياته: عن جماعة عن حميد بن زياد عن إبراهيم بن
سليمان، (1) وكذا بعض رواياته: عن جماعة عن حميد بن زياد عن غير إبراهيم. (2)
ومات حميد بن زياد في سنة ست وثلاثمائة على ما ذكره النجاشي
في ترجمته، (3) وموت الكليني في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة على ما ذكره
النجاشي، (4) أو سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة على ما ذكر الشيخ في الفهرست، (5)
فموت حميد بن زياد - الذي يروي عن إبراهيم بن سليمان الذي يروي عن
محمد بن أبي عبد الله المذكور - قبل موت الكليني بتسع سنة، أو ثمان سنة فرواية
الكليني عن إبراهيم بعيدة، بخلاف محمد بن جعفر الأسدي المذكور، فإنه قد
ذكر النجاشي في ترجمته أن موته كان في سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة، (6) فموته كان
قبل موت الكليني بسبع عشرة سنة، أو ست عشرة سنة.
وإن قلت: إن عبارة الشيخ هكذا: " محمد بن أبي عبد الله له كتاب، محمد بن
بكر الأزدي له كتاب، محمد بن مروان له روايات، رويناها كلها بهذا الإسناد عن
حميد عن أبي إسحاق إبراهيم بن سليمان بن حيان الخزاز عنهم " (7) والمقصود
بقوله: " رويناها كلها " (8) روايات محمد بن الصباح.

1. الفهرست: 151 / 644 حيث قال فيه: " محمد بن مسكين له كتاب، أخبرنا به جماعة عن أبي المفضل
عن حميد بن زياد عن إبراهيم بن سليمان بن حيان ".
2. الفهرست 64 / 248 وقال فيه: " حمزة بن حمران له كتاب، أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي
المفضل عن حميد بن زياد عن ابن سماعة عنه ".
3. رجال النجاشي: 132 / 339 وفيه: " مات حميد سنة عشر وثلاثمائة ".
4. رجال النجاشي: 377 / 1026.
5. الفهرست: 135 - 136 / 591.
6. رجال النجاشي: 373 / 1020.
7. الفهرست: 153 / 670، 672، 673، 674.
8. أي هذه العبارة موجودة بعد عنوان محمد بن الصباح حيث قال فيه: " محمد بن الصباح، له روايات،
روينا كلها ".
430

قلت: إنه قال قبل ذلك: " محمد بن فضيل له كتاب، محمد بن زايد الخزاز له
كتاب، رويناهما عن حميد بالإسناد الأول عن الحسن بن علي اللؤلؤي الشعيري
عنهما " (1) والمقصود بقوله: " رويناها كلها " هو رواية الكتب والروايات المتقدمة مما
بعد عنوان محمد بن زايد بشهادة قوله: " عنهما ".
فالظاهر بل المتعين أن المقصود بمحمد بن أبي عبد الله في كلام النجاشي (2)
هو محمد بن جعفر بن عون الأسدي؛ لعدم إطلاقه في الرجال على غيره من غير
من عنونه الشيخ، (3) بل عرفت بعد كونه مرادا في المقام، بل فيه كمال البعد.
وعلى أي حال ظهر بما ذكر أن الأظهر اتحاد محمد بن أبي عبد الله
ومحمد بن جعفر بن عون الأسدي. وعليه جرى الفاضل الأسترآبادي. (4)
وما صنعه السيد السند التفرشي - حيث جعل الاتحاد من باب الاحتمال (5) -
كما ترى.
ومن العجيب ما حكي عن صاحب المشتركات من أن محمد بن أبي عبد الله
المعنون في الفهرست روى عنه الكليني، وهو يروي عن محمد بن جعفر
الأسدي؛ (6) لبعد مساعدة الطبقة لرواية الكليني عن محمد بن أبي عبد الله المذكور،
كما مر، وعدم اتفاق رواية محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن جعفر الأسدي،
وقد نفى الوقوف على روايته عنه بعض المتأخرين.

1. الفهرست: 153 / 668، 669.
2. رجال النجاشي: 373 / 1020، حيث قال في ترجمة محمد بن جعفر بن محمد: " يقال له محمد بن
أبي عبد الله ".
3. عنونه الشيخ في الفهرست: 153 / 670.
4. منهج المقال: 275.
5. نقد الرجال 4: 105 / 4400 / 44 قال فيه: " إن كان هذا محمد بن جعفر بن محمد بن عون الآتي،
فيكون ثقة ".
6. انظر جامع المقال: 181.
431

هذا بناء على كون الضمير المرفوع راجعا إلى محمد بن أبي عبد الله، ويمكن
أن يكون الضمير المشار إليه راجعا إلى الكليني بكون الغرض دعوى اتحاد
محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن جعفر الأسدي.
وبما مر يظهر الحال في محمد بن أبي عبد الله المعدود من أعداد عدة
سهل بن زياد.
432

تنبيهات
[التنبيه] الأول: إنه قال الكليني في باب الحركة والانتقال بعد ما رواه
بالسند المتقدم ذكره: وعنه عن محمد بن أبي عبد الله عن داود بن عبد الله عن عمرو [بن
محمد] عن محمد بن عيسى عن يونس، قال: قال ابن أبي العوجاء لأبي عبد الله (عليه السلام). (1)
وأنت خبير بأن الضمير المجرور بين الجارين صدر السند غلط؛ إذ صدر السند
المتقدم على ذلك السند هو محمد بن أبي عبد الله، فلا مجال لرجوع الضمير المجرور
في ذلك السند إليه؛ للزوم اتحاد الراوي والمروي عنه في ذلك السند.
ولا مجال لاحتمال كون محمد بن أبي عبد الله في صدر السند المتقدم غير
الأسدي؛ لكون المروي عنه فيه هو الأسدي بقرينة الرواية عن محمد بن إسماعيل
البرمكي؛ لما تقدم من رواية محمد بن جعفر الأسدي عن محمد بن إسماعيل
البرمكي في بعض الروايات.
وربما كتب فوق السند - والظاهر أنه بخط العلامة المجلسي -: " الظاهر زيادة: عنه ". (2)
ولا يخفى عليك عدم كفاية زيادة " عنه " في إصلاح الحال، بل لابد من زيادة الجار.
[التنبيه] الثاني: إنه روى الكليني في باب الحركة والانتقال عن علي بن محمد

1. الكافي 1: 125، ح 3، باب الحركة والانتقال، وما بين المعقوفين من المصدر.
2. روضة المتقين 2: 192.
433

عن سهل بن زياد عن محمد بن عيسى، قال: كتبت إلى أبي الحسن علي بن محمد، إلى
آخره، ثم قال: وعنه عن محمد بن جعفر الكوفي عن محمد بن عيسى مثله. (1)
ومقتضاه رواية الكليني عن محمد بن أبي عبد الله بتوسط علي بن محمد،
ومن روى عنه، أعني الواسطة المحذوفة، فالرواية مرسلة، والواسطة بين الكليني
ومحمد بن جعفر: علي بن محمد ومن روى عن علي بن محمد.
ويظهر من بعض الأعلام انحصار الواسطة في علي بن محمد، وهو كما ترى.
هذا بناء على رجوع الضمير المجرور إلى علي بن محمد، ويمكن أن يكون
الضمير المذكور راجعا إلى سهل بن زياد، فالواسطة بين الكليني ومحمد بن
جعفر متعددة أيضا، لكن الرواية مسندة، وعلي بن محمد ومحمد بن جعفر من
أعداد عدة سهل بن زياد.
وقد حررنا الكلام في الأول في رسالة منفردة فيهما في طبقة واحدة، فلا بأس
برواية أحدهما عن الآخر.
وأما سهل بن زياد فالظاهر أنه مقدم طبقة على محمد بن جعفر وغيره من
أعداد العدة؛ إذ لم تثبت رواية سهل بن زياد عن أحد من أعداد العدة، بل لم تثبت
رواية أحمد بن محمد بن عيسى أو أحمد بن محمد بن خالد عن أحد من أعداد
عدتيهما، فالظاهر رجوع الضمير إلى علي بن محمد.
[التنبيه] الثالث: إنه روى الكليني في باب الجبر والقدر عن علي بن إبراهيم
عن محمد عن يونس عن عدة عن أبي عبد الله (عليه السلام)، ثم قال: محمد بن أبي عبد الله وغيره
عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام). (2)
وربما يتراءى منه كون المقصود بمحمد في السند الأول هو محمد بن
أبي عبد الله؛ بشهادة الابتداء بمحمد بن أبي عبد الله في السند الثاني، بناء على

1. الكافي 1: 126، ح 4، باب الحركة والانتقال.
2. الكافي 1: 159، ح 11 و 12، باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين.
434

ما جرى عليه دأبه وديدنه، بل ديدن القدماء من الابتداء في السند بالجزء الأخير
من القدر المشترك بينه وبين السند السابق، كما نص على ذلك شيخنا البهائي في
مشرقه، (1) وصاحب المنتقي، (2) ونجله في تعليقات الاستبصار، والمولى التقي
المجلسي، وإن توهم الإرسال بعض على ما نقله في المنتقى، وجنح إليه العلامة
البهبهاني في باب الكنى في ترجمة أبي داود. (3)
وجرى العلامة المجلسي في أربعينه على كون الرواية مأخوذة من كتاب
صدر المذكورين في السند اللاحق، (4) فالواسطة بينه وبين الكليني في السند السابق
من باب مشايخ الإجازة.
ومن ذلك البناء من بعض الفضلاء على ما نقله المولى التقي المجلسي في
حاشية التهذيب في باب الديون وأحكامها من كتاب الديون والحوالات
والضمانات والوكالات فيما رواه الكليني عن أحمد بن محمد مع سبقه في السند
السابق من جانب الصدر - على كون المقصود بأحمد هو العاصمي.
وقد حررنا الكلام فيه في رسالة مفردة، كما حررنا في الرسالة المعمولة في
نقد الطريق بأن الحذف من جانب صدر السند في الصورة المذكورة - أعني:
صورة اشتراك السند مع السند السابق عليه في جانب الصدر - من باب الحوالة
على السند السابق، كما هو مقتضى القول الأول، فإنه لولا كون الأمر من باب
الحوالة لاطرد الحذف في غير صورة الاشتراك المشار إليه.
لكن الظاهر بل بلا إشكال أن المقصود بمحمد في السند السابق في المقام هو
محمد بن عيسى اليقطيني؛ بشهادة كثرة رواية علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن

1. مشرق الشمسين: 102.
2. منتقى الجمان 1: 23 الفائدة الثالثة.
3. تعليقات الوحيد على منهج المقال: 388.
4. الأربعين للمجلسي: 510.
435

يونس بن عبد الرحمن، والراوي عن يونس هو محمد بن عيسى اليقطيني.
[التنبيه] الرابع: إنه يظهر الكلام في حال محمد بن أبي عبد الله المبحوث
عنه بما تقدم من الكلام في حال محمد بن جعفر الأسدي؛ بناء على كونه متحدا
معه، كما ظهر فيما مر نصرة القول به.
[التنبيه] الخامس: إنه قد وقع محمد بن أبي عبد الله في طريق الصدوق
إلى محمد بن إسماعيل البرمكي، (1) والمقصود هو محمد بن جعفر الأسدي، كما
صرح به العلامة المجلسي بخطه في الحاشية. (2)
[التنبيه] السادس: إنه روى الكليني في باب تسمية من رآه، عن محمد بن
عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا عن عبد الله بن جعفر الحميري. (3)
والظاهر أن محمد بن عبد الله غلط، والأصل محمد بن أبي عبد الله، وقد
انطبق ثلاث نسخ على محمد بن عبد الله، وواحدة منها في حواشيها خطوط
العلامة المجلسي.
وروى أيضا في باب تاريخ مولد النبي (صلى الله عليه وآله) ووفاته عن محمد بن عبد الله عن أحمد
وعبد الله ابني عيسى عن أبيهما عن عبد الله بن المغيرة عن إسماعيل بن أبي زياد. (4)
هذا على ما في نسخة معتبرة، وفي حواشيها خطوط العلامة المجلسي، لكن
في غير واحدة من النسخ: محمد بن يحيى بدل محمد بن عبد الله.
والعجب أن العلامة المشار إليه لم يأت بالإشارة إلى أن محمد بن عبد الله
غلط في شيء من البابين، والله العالم.

1. الفقيه 4: 124 من المشيخة.
2. انظر روضة المتقين 14: 234.
3. الكافي 1: 329، ح 1، في تسمية من رآه (عليه السلام).
4. الكافي 1: 449، ح 33 باب مولد النبي ووفاته. وفيه: " محمد بن يحيى ".
436

22 - رسالة في " محمد بن أبي عمير "
437

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
أما بعد، فهذه كلمات في روايات محمد بن أبي عمير، وقد حررت بعض
الكلام في رواياته في الأصول في بحث المرسل، وبعض الكلام في نفسه في
الرسالة المعمولة في أصحاب الإجماع.
وبالجملة، محمد بن أبي عمير يتأتى الكلام تارة في مسانيده، وأخرى في مراسيله.
أما الأول
[الكلام في مسانيده]
فقد نقل عن الشيخ في العدة: أنه وأحمد بن محمد بن أبي نصر لا يرويان إلا
عن ثقة. (1)
وقد كرر العلامة السبزواري في رسالته المعمولة في الغناء القول بأن رواية
ابن أبي عمير تشعر بحسن حال المروي عنه؛ لوجوه منها: تصريح الشيخ في
العدة بأنه لا يروي إلا عن ثقة. (2)
والظاهر: أن بعض الوجوه المذكورة أنه يبعد رواية أعاظم الأجلاء عن غير

1. عدة الأصول 1: 154.
2. رسالة في تحريم الغناء (ضمن مجموعة رسائل غناء وموسيقى) 1: 30.
439

الثقة، كما ذكره في الذخيرة، كما يأتي.
لكن القول به مهجور؛ حيث إنه لم أظفر بمن وافقه، مضافا إلى أن العلامة
البهبهاني في تعليقات المدارك قد ذكر أن ما ذكره الشيخ - من أن ابن أبي عمير
وأحمد بن أبي نصر لا يرويان إلا عن ثقة - غير مسلم؛ لتخلفه على ما نراه عيانا في
كثير من الروايات المروية عنهما، (1) فضلا عما ذكره شيخنا البهائي من أنهم ذكروا
أنه لا يرسل إلا عن ثقة [لا] أنه لا يروي إلا عن ثقة. (2)
لكن نقول: إن روايته عن الضعفاء والمجاهيل إنما تثبت لو ثبتت الرواية عن
ابن أبي عمير بطريق معتبر، وإلا فلا تثبت الرواية عنهم.
ومع ذلك قد نقل الفاضل الخواجوئي أنه يروي عن كثير من الضعفاء
والمجاهيل، كدرست بن أبي منصور، وخلاد السندي، وإسماعيل بن عبد الله
الأعمش الكوفي، وبريه العبادي، وحمدان بن المهلب القمي، وحكم بن أيمن
الخياط، وبرد الإسكاف، وفضيل بن غزوان الضبي المجهول، كما في الكافي في
باب لفظة الحرم. (3) ومثله القاسم بن عروة المجهول، كما في الكافي أيضا في باب
وقت الإفطار، (4) وغيرهم.
وأما الثاني
[الكلام في مراسيله]
فقد صرح جماعة - كالعلامة في النهاية والشهيد في الذكرى وفخر المحققين

1. وجدنا خلاف ما نسب إليه في ثلاث مواضع من حاشية المدارك، انظر مدارك الأحكام (الحجري):
13 و 40 و 60.
2. الحبل المتين: 5.
3. الكافي 4: 239، ح 3.
4. الكافي 4: 100، ح 2.
440

في شرح المبادئ والعميدي في المنية وشيخنا البهائي في الوجيزة -: بأنه لا يرسل
إلا عن ثقة، وبه صرح الشيخ في العدة، بل عن جماعة من أصحابنا - كالنجاشي
والشهيدين في الذكرى وشرح الدراية والمقدس في المجمع - دعوى اتفاق
الأصحاب على العمل بمراسيل ابن أبي عمير. (1)
وعن العلامة البهبهاني أن مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد عند
الفقهاء لو لم تكن أقوى عند القدماء، قال: ويظهر من الشيخ أنه معروف بأنه
لا يرسل إلا عن ثقة. (2)
وعن السيد السند النجفي أن مراسيل ابن أبي عمير لا تقصر عن المسانيد؛
لسكون الأصحاب إليها، واتفاقهم على أنه لا يرسل إلا عن ثقة، قال: فالظن
الحاصل من مرسلات ابن أبي عمير لا يقصر عن مسانيد الثقات. (3)
وقد اتفقت الدعوى المذكورة، في كلام المحقق في المعتبر في كتاب
الطهارة، إلا أنه منع عنه في مسألة سنن الطهارة. (4)
وقدح أيضا في أواخر كتاب الطهارة في بعض مراسيل ابن أبي عمير. (5)
وكذا في كلام العلامة في كتاب البيع، بل في المنتهى في باب المطهرات. (6)
وكذا في كلام الشهيد في المسالك في مسألة من أوقب غلاما حرم عليه أمه. (7)
بل مقتضى كلام الشيخ في العدة: أن منشأ اتفاقهم على قبول مراسيله هو كونه

1. عدة الأصول 1: 154؛ رجال النجاشي: 326 / 887؛ ذكرى الشيعة 1: 49؛ الدراية: 49؛ مجمع
الفائدة 1: 127.
2. تعليقات الوحيد البهبهاني على منهج المقال: 275.
3. لم نعثر عليه في رجال بحر العلوم.
4. المعتبر 1: 47، 165.
5. المعتبر 1: 453.
6. منتهى المطلب 2: 1001 و 1021 (الطبعة الحجرية)، و ج 3: 290 (الطبعة الحديثة).
7. مسالك الأفهام 7: 343.
441

لا يرسل إلا عن ثقة. (1)
وهو مقتضى عبارة الذكرى (2) نقلا، بل هو المعروف كما في كلام السيد السند
المحسن الكاظمي. (3)
قال السيد الداماد:
إن مراسيل محمد بن أبي عمير تعد في حكم المسانيد؛ لما ذكره الكشي
من أنه حبس بعد الرضا (عليه السلام) ونهب ماله وذهبت كتبه، وكان يحفظ أربعين
جلدا، ولذلك أرسل أحاديثه.
وقال النجاشي: إن أخته دفنت كتبه في حال استتاره وكونه في الحبس
أربع سنين، فهلكت الكتب.
وقيل: بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت، فحدث من حفظه
ومما كان سلف له في أيدي الناس، فلذلك أصحابنا يسكنون إلى
مراسيله.
وبالجملة، كان يروي ما يرويه بأسانيد [صحيحة]، فلما ذهبت كتبه
أرسل رواياته التي كانت هي المضبوطة المعلومة المسندة عنده بسند
صحيح، فمراسيله في الحقيقة مسانيد معلومة الاتصال والإسناد إجمالا
وإن فاتته طرق الإسناد على التفصيل، إلا أنها مراسيل على المعنى
المصطلح حقيقة، والأصحاب يسحبون عليها حكم المسانيد؛ لجلالة
قدر ابن أبي عمير على ما يتوهمه المتوهمون.
وقال أيضا:
ظاهر الأصحاب في مراسيل ابن أبي عمير بخصوصها أنها في الحقيقة

1. عدة الأصول 1: 154.
2. ذكرى الشيعة 1: 49.
3. عدة الرجال 1: 207، الفائدة الثامنة.
442

صحاح معلومة الأسانيد عنده إجمالا، وإن كانت أسانيدها قد فاتته على
التفصيل لحكايته المحكية في كتابي أبي عمرو الكشي وأبي العباس
النجاشي. (1)
وقد جرى العلامة السبزواري في الذخيرة على اعتبار مراسيله، وكذا مراسيل
أحمد بن محمد بن أبي نصر؛ تمسكا بأن كلا منهما من جملة أعاظم الأجلاء
الذي يعظم شأنه من أن يروي من غير الثقة. (2)
وحكم في رسالته المعمولة في الغناء بأن إرسال ابن أبي عمير غير قادح في
الخبر، قال: كما هو المشهور. (3)
وقد قدح الشيخ في التهذيب - في آخر العتق - في مرسل ابن أبي عمير
بالإرسال. (4)
وقدح المحقق في المعتبر عند الكلام في التسمية في باب الوضوء؛ تعليلا
بأن في رجاله من طعن الأصحاب فيه، فإذا أرسل، احتمل أن يكون الراوي
أحدهم. (5)
وأورد عليه في الذخيرة: بأن الغرض من هذه الأخبار تحصيل الظن، ولا يقدح
الاحتمال الذي ذكره؛ لأنه نادر قليل، (6) ولا أقل من احتمال الإرسال والإسناد.
ونقل عن المحقق أن ابن أبي عمير يرسل عن أربعين من أصحاب
الصادق (عليه السلام) وفيهم المجاهيل والضعفاء، فإذا أرسل احتمل الجميع. (7)

1. الرواشح السماوية: 67، الراشحة السادسة عشر، وص 176، الراشحة السابعة والثلاثون.
2. الذخيرة: 63، وص 514.
3. رسالة في تحريم الغناء (ضمن مجموعة رسائل غناء وموسيقى) 1: 30.
4. تهذيب الأحكام 8: 257، ذيل حديث 932، باب العتق وأحكامه.
5. المعتبر 1: 165.
6. الذخيرة: 40.
7. انظر المعتبر 1: 165.
443

وعن العلامة في المنتهى عدم قبول مراسيله؛ (1) استنادا إلى جهالة الواسطة،
لعدم العلم بأنه لا يرسل إلا عن ثقة، بل في رجاله من طعن الأصحاب فيه، وعدم
كفاية تزكية مجهول العين.
وحكى في المعراج عن الشهيد الثاني في شرح الدراية وولده في المعالم
وسبطه في المدارك: وعدم اعتبار مراسيل ابن أبي عمير. (2)
وعن الشهيد الثاني: منع ابن طاووس في البشرى عن دعوى عدم إرساله إلا
عن الثقة. (3)
والظاهر: أن الغرض إنكار دعوى ابن أبي عمير أنه لا يرسل إلا عن ثقة.
لكنك خبير بأنه لم ينسب إليه أحد هذه الدعوى، وإنما ذكر الشيخ في العدة
أنه عرف الطائفة أن محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن
أبي نصر لا يروون ولا يرسلون إلا عمن يوثق به. (4)
ويمكن أن يكون الغرض عدم صدور تلك الدعوى من أحد.
لكن يظهر ضعفه بما سمعت من كلام الشيخ، لكنه مبني على تأخر
ابن طاووس المذكور عن الشيخ، كما هو مقتضى ما نقل من كونه أستاذ العلامة.
وجرى المقدس والخوانساريان والفاضل الجزائري في الحاوي على عدم
قبول مراسيله. (5) وهو ظاهر المحدث القاشاني. (6)
وقال الفاضل التستري - نقلا -: قد اشتهر بين الأصحاب قبول مراسيله، يعني

1. منتهى المطلب 3: 290.
2. المعراج: 152، المعالم: 213.
3. الدراية: 49.
4. عدة الأصول 1: 154.
5. مجمع الفائدة 1: 127؛ مشارق الشموس: 48؛ الحواشي على شرح اللمعة: 52، 77؛ الحاوي
2: 177 / 528.
6. مفاتيح الشرائع 1: 40، وانظر الرواية في الوسائل 1: 248، أبواب الجنابة، باب 35، ح 1.
444

ابن أبي عمير، ولم نقف له على وجه واضح.
وردها المحقق في المعتبر، (1) وهو الواضح المطابق للقواعد الأصولية.
وبالجملة، يظهر عدم اعتبار مسانيده بما سمعت من المحقق من روايته من
جماعة من الضعفاء والمجاهيل.
وكذا ما يظهر مما مر من كلام شيخنا البهائي من أنه لم يدع أحد أنه لا يروي
إلا عن ثقة.
وكذا ما سمعت من الفاضل الخواجوئي من روايته من جماعة من المجاهيل
والضعفاء.
وأما مراسيله فينقدح اعتبارها بناء على اشتراط العدالة في اعتبار الرواية، فإن
الظاهر - بل بلا إشكال - أن ابن أبي عمير لم يكن عالما بالكلام في أصل العدالة،
فضلا عن الكلام في الصغيرة والكبيرة، وكذا الكلام في كاشف العدالة، بل لم
يكن البحث عن العدالة وما يتعلق بها متعارفا في أزمنة الحضور، وإنما قد حدث
البحث عنهما في زمان الغيبة.
مضافا إلى أنه - بعد تسليم كونه عالما بما ذكر - يتأتى الإشكال في موافقة
مذهبه لمذهب المجتهد، لكن يطرد هذا الإشكال في توثيقات أهل الرجال أيضا.
وقد حررنا الكلام فيه في الأصول.
ومع هذا إنما تكون العدالة المستفادة من روايته من باب تعديل مجهول
العين، وقد اختلف في اعتباره، وإن كان الأظهر القول بالاعتبار. وقد حررنا الحال
في محله.
[أدلة اعتبار مراسيله وردها]
وربما يستدل على القول بالاعتبار في المقام بأن الكشي قد عده ممن ادعي

1. المعتبر 1: 343.
445

إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهم. (1)
لكنه يضعف بعدم كفاية دعوى الإجماع - المذكورة - في جبر ضعف من
روى عنه الجماعة المدعى في حقهم الإجماع بواسطة الإرسال أو غيره.
وقد حررنا الحال في البشارات، وكذا الرسالة المعمولة في باب أصحاب
الإجماع.
وأما الاستناد إلى كلام الكشي المتقدم فهو مبني على أن يكون مقصوده أن
ابن أبي عمير كان يحفظ أربعين جلدا من الأخبار المسندة بأسانيد صحيحة، فلما
ذهبت كتبه حدث مما حفظه، ولما تطرق عليه النسيان بالنسبة إلى الرواية جرى
على الإرسال.
لكن دونه الإشكال؛ لعدم دلالة عبارة الكشي على كون جميع المحفوظ
مسندا، ولا تنافي بين اشتمال المحفوظ على الإرسال وكون الحفظ موجبا
للإرسال أيضا، فاشتمال المحفوظ على الإرسال لا يوجب فساد قوله: " فلذلك
أرسل أحاديثه ".
هذا، والمقصود بالأربعين جلدا إما أربعين جلدا من كتب الرواة، أو من كتبه
التي ألفها هو بنفسه، كما يرشد إليه قول من قال: " كان يحفظ أربعين جلدا وله
أربعة وتسعون كتابا في أيدي الناس " فتدبر.
ولا يذهب عليك أن ظاهر عبارة الكشي هو أن ابن أبي عمير أرسل جميع
أحاديثه بعد الحبس.
وأيضا لعل الأظهر في عبارة النجاشي أن القائلين متفقان على هلاكة
الكتب، إلا أن أحدهما جعل وجه الهلاكة دفن الكتب من أخته، والآخر
جعل الوجه سيلان المطر على الكتب عند تركها من أخته في الغرفة. وهما

1. رجال الكشي 2: 830 / 1050.
446

متفقان أيضا على أنه حدث من حفظه ومما سلف له في أيدي الناس، أي:
مما رواه للراوين عنه، فهو كان يسمع ممن سمع منه، ويروي عمن يحكي له
روايته ممن سمع منه.
وقد يقال: إن المقصود أنه حدث من حفظه ومما سلف له في أيدي الناس.
وهما متفقان أيضا على سكون الأصحاب إلى مراسيله، فقوله: " حدث من حفظه "
من حد الاشتراك بين القائلين، وقوله: " فلذلك " (1) من كلام القائلين، وأما كون قوليه
هذين (2) من كلام القائل الأخير فهو بعيد؛ إذ على هذا لا ثمرة في نقل كلام القائل
الأول.
[تحليل عبارة النجاشي]
وقد يتوهم أن قوله: " فلذلك " من كلام النجاشي، ولذا نسب إليه نقل الإجماع
على قبول مراسيل ابن أبي عمير.
إلا أنه لعله خلاف ظاهر العبارة، مع أن النجاشي كيف يعلل سكون
الأصحاب بكلام القائلين! مع عدم ثبوت صدقه عنده. فعلى ما ذكرنا لابد من كون
مقصود القائلين أن محفوظه كان أخبارا مسانيد صحيحة، إلا أنه وقع الإرسال؛
لتطرق النسيان، فالتفريع في قوله: " فلذلك " لابد أن يكون مسبوقا بتفريع آخر هو
وقوع الإرسال، ولا يصح ذلك التفريع إلا على تقدير كون المراد أن محفوظه كان
مسانيد معتبرة.

1. لا يخفى أن الموجود في رجال النجاشي: " فلهذا ".
2. أي قوله: " فحدث... " وقوله: " فلهذا... " الموجود في رجال النجاشي بعد نقل القولين. وعليك
بعبارة النجاشي حيث قال في رجاله: 326 / 887: " وقيل: إن أخته دفنت كتبه في حال استتارها
وكونه في الحبس أربع سنين فهلكت الكتب، وقيل: بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت،
فحدث من حفظه ومما كان سلف له في أيدي الناس، فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله... ".
447

وأيضا مراسيل ابن أبي عمير لا تخرج عن الإرسال بأن كانت في متن
الواقع مسانيد معتبرة مدونة في الكتب؛ لأن الخبر المسند لو روي على طريق
الإرسال مرة أخرى، لا يخرج عن الإرسال في المرة الأخرى، فإخراج مراسيل
ابن أبي عمير عن الإرسال حقيقة لاوجه له.
وأيضا ما حكاه عن جماعة متوهمين من أن إجراء حكم المسانيد على
مراسيل ابن أبي عمير من جهة جلالة قدره بين الفساد؛ العدم دلالة عدالة الراوي
على عدالة المروي عنه كما حررناه في محله، وإن يظهر من الذخيرة عند الكلام
في نية الصوم عدم رواية العدل عن غير العدل، وقال عند الكلام في نسيان تعيين
الصلاة الواحدة الفائتة: رواية الثقات عن الضعفاء ليس إلا قليلا، كما أشرنا إليه
مرارا. (1)
واختار القول بدلالة رواية العدل على عدالة المروي عنه السيد الداماد، بل
ادعى هو الاتفاق على ذلك. (2)
ثم إنه روى في الفقيه - في أواخر باب الدين - عن إبراهيم بن هاشم:
أن محمد بن أبي عمير كان رجلا بزازا فذهب ماله وافتقر، وكان له على
رجل عشرة آلاف درهم، فباع دارا له - كان يسكنها - بعشرة آلاف درهم
وحمل المال إلى بابه، فخرج إليه محمد بن أبي عمير فقال: ما هذا؟
فقال: هذا مالك الذي لك علي، قال: ورثته؟ قال: لا، قال: وهب لك؟
قال: لا، قال: هو ثمن ضيعة بعتها؟ قال: لا، قال: فما هو؟ قال: بعت
داري التي أسكنها لأقضي ديني، فقال محمد بن أبي عمير: حدثني
ذريح المحاربي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " لا يخرج الرجل من مسقط
رأسه بالدين " ارفعها فلا حاجة لي فيها، والله إني لمحتاج في وقتي هذا

1. الذخيرة: 514؛ وص 384.
2. الرواشح السماوية: 178، الراشحة السابعة والثلاثون.
448

إلى درهم وما يدخل ملكي منها درهم. (1)
قوله: " فذهب ماله " مقتضى بعض ما رواه الكشي أنه كان رب خمسمائة ألف درهم.
ثم إنه روى في الكافي - في كتاب المواريث، في باب الرجل يموت ولا يترك
إلا امرأته - عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن
الحسن بن زياد العطار عن محمد بن نعيم الصحاف، قال:
مات ابن أبي عمير بياع السابري وأوصى إلي وترك امرأة له، ولم يترك
وارثا غيرها، فكتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام)، فكتب إلي: " أعط المرأة
الربع، واحمل الباقي إلينا ". (2)
[رواية الكافي وشرحها]
ثم إنه روى في الكافي في باب أن الأرض كلها للإمام عن علي بن إبراهيم عن
السري بن ربيع قال:
لم يكن ابن أبي عمير يعدل بهشام بن الحكم شيئا، وكان لا يغب
إتيانه [ثم انقطع منه] وخالفه، وكان سبب ذلك أن أبا مالك الحضرمي
كان أحد رجال هشام، ووقع بينه وبين ابن أبي عمير ملاحاة (3) في شيء
من الإمامة، قال ابن أبي عمير: الدنيا كلها للإمام على [جهة] الملك
وأنه أولى بها من الذين [هي] في أيديهم، وقال أبو مالك: ليس كذلك،
أملاك الناس لهم إلا ما حكم الله سبحانه [به] للإمام (عليه السلام) من الفيء
والخمس والمغنم فذلك له، وذلك بين [الله] للإمام (عليه السلام) أين يضعه وكيف
يصنع به، فتراضيا بهشام بن الحكم وصارا إليه، فحكم هشام لأبي مالك

1. الفقيه 3: 117، ح 501، باب الدين والقروض.
2. الكافي 7: 126، ح 1.
3. لاحيته ملاحاة: إذا نازعته. الصحاح 6: 2481 (لحى).
449

على ابن أبي عمير، فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاما بعد ذلك. (1)
قوله: " لم يكن ابن أبي عمير يعدل بهشام بن الحكم شيئا " الظاهر أن الغرض
أنه لم يكن يوازن هشام عند ابن أبي عمير بحسب الحب شيء.
[في شرح كلمة " غب "]
قوله: " وكان لا يغب إتيانه " أي لم يكن يأتيه غبا، بل كان يأتيه كل يوم، كما
قيل. (2)
وهو مبني على كون الغب في المقام بمعنى المجيء يوما دون يوم، كما هو
المعروف في استعمالات الغب.
لكن قال في الصحاح:
الغب أن ترد الإبل الماء [يوما] وتدعه يوما، وكذلك الغب في المجيء،
فقال: قال الكسائي: أغببت القوم، وغببت عنهم أيضا: إذا جئت يوما
وتركت يوما.
ثم قال: [الغب] في الزيارة قال الحسن: أن تكون في كل أسبوع، ومن
الحمى ما تأخذه يوما.
ثم قال: وأغب القوم جاءهم يوما وترك يوما. (3)
فمقتضى ما حكاه في الصحاح عن الحسن و [ما] (4) ذكره [في] (5) القاموس من أن
الغب في الزيارة هو الاختلاف بالفعل والترك بحسب الأسبوع: (6) كون الغرض من

1. الكافي 1: 409 - 410، ح 9، وما بين المعقوفين من المصدر.
2. انظر مرآة العقول 4: 355.
3. الصحاح 1: 190 (غبب).
4. ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.
5. في " ح " و " د ": " عن " بدل " في ". والصحيح ما أثبتناه.
6. القاموس المحيط 1: 113 (غبب).
450

الغب في المقام هو المجيء أسبوعا دون أسبوع، فالغرض من ترك الغب هو عدم
مراعاة الاختلاف الأسبوعي.
لكن قال في المجمع:
في الحديث: " الادهان - غبا " هو بكسر الغين والباء المشددة، يعني في
يوم وفي يوم لا يكون، ومثله: " زرغبا تزدد حبا، ومثله: أغبوا في زيارة
المريض. والغب في زيارة القبور في كل أسبوع. (1)
ومقتضاه اختصاص الاختلاف في الأسبوع بزيارة القبور.
ولو فرضنا ارتكاب تقييد الزيارة - في كلام صاحب القاموس - بزيارة القبور
- مع كونه خلاف الظاهر، ولا يتأتي شيوع التقييد في غير الإطلاقات الشرعية،
كما لا تتأتى كثرة التخصيص في غير العمومات الشرعية - فلا يتأتى التقييد في
مقالة الحسن بملاحظة قوله: زرغبا تزدد حبا، إلا أن يكون هذا المقال استئنافا
من صاحب الصحاح، لامن تتمه مقالة الحسن. إلا أنه مع هذا يوجب قوة الزيارة
في الإطلاق.
وفي التهذيب في صحيح سليمان الجعفري قال:
مرضت حتى ذهب لحمي، فدخلت على الرضا (عليه السلام) فقال (عليه السلام): " أيسرك أن
يعود إليك لحمك؟ " فقلت: بلى، فقال: " الزم الحمام غبا، وإياك أن
تدمنه فإنه يورث السل ". (2)
وعن شيخنا البهائي في الحبل المتين - بعد استظهاره أن يكون المراد أن
تدخل الحمام يوما وتترك يوما - احتمال أن يكون المراد أن تدخل في كل أسبوع،
قال: ومنه زرغبا تزدد حبا، فقد فسره في الصحاح والقاموس بأن تكون الزيارة في

1. مجمع البحرين 2: 130 (غبب).
2. تهذيب الأحكام 1: 377، ح 1162، باب دخول الحمام وآدابه وسننه باختلاف يسير.
451

كل أسبوع. (1)
وفيه نظر: حيث إن مقتضى ما روي من أن الحمام يوم ويوم لا، يكثر اللحم: (2)
هو كون المراد من الغب في الحمام هو الدخول يوما دون يوم.
وقد ظهر بما مر أن الغب يستعمل إما في الحمام، أو في الحمى، أو في
الزيارة، أو في زيارة أهل القبور.
وقد يستعمل الغب في حلب الشاة؛ حيث إن المغببة: الشاة التي تحلب يوما
دون يوم. (3)
[بحث في العشرة]
وبالجملة، من دقائق المعاشرة مع الأصدقاء ترك إكثار الملاقاة؛ إذ
بالإكثار يصير كل من الصديقين قليل الوقع عند الآخر قهرا، كما هو مقتضى
فطرة الإنسان، حيث إنه مجبول على تطرق الفتور في حبه ولو بالنسبة إلى أحب
الأشياء عنده، بل هذا أمر قهري يحكم به العقل. وقلة وقع أحد الصديقين عند
الآخر توجب عدم ملاحظه أحدهما لميل الآخر، فيقع منه ما لا يلائم ميل الآخر،
وبكثرة وقوع ما لا يلائم ميل الآخر من أحدهما ينجر الأمر إلى العداوة.
ويزداد مفسدة إكثار الملاقاة لو كان الإكثار بورود أحد الصديقين على الآخر
في منزله، حيث إن كل شخص رب بيته ومنزله، ولو كثر الورود عليه في منزله
وهو مستعد للطغيان ليقع منه أمور غير مناسبة، دون ما لو كان كثرة الملاقاة في
الخارج، ولا يطيق الوارد لتحمل ورود الواردات غير المناسبة، فيتأدى الأمر إلى
العناد.

1. الحبل المتين: 130.
2. الكافي 6: 496، ح 2، باب الحمام؛ الوسائل 2: 31 أبواب آداب الحمام، باب 2، ح 1.
3. الصحاح 1: 190 (غبب).
452

ولو تدبرت لتجد الشخص في منزله في غاية الكبر والنخوة، وفي منزلك
ضعيف الحال منكسر البال بالإضافة إلى منزله، وفي الخارج متوسط الحال.
هذا هو الغالب والمشاهد في النفوس الناقصة، وليس إلا من جهة ضعف
العنصر، والشخص الكامل قليل قليل، أقل من الكبريت الأحمر في كل عصر
ومصر، بل ربما ينجر طول المقال في المجلس الأول من الملاقاة إلى غاية
الملال، وفي الفقرة المذكورة من الرواية المذكورة تلويح إلى وقوع ترك الأولى
من ابن أبي عمير وكون الأولى الغب.
والظاهر أن مناسبة الغب كانت معروفة بين الخاصة والعامة، كما يرشد إليه
ما في الصحاح من أنه يقال: " زرغبا تزدد حبا " سواء كان هذا من كلام الجوهري أو
من كلام الحسن.
وظاهر العبارة أنه ليس حديثا نبويا، لكنه ورد في أخبار الخاصة نبويا أو
وصويا.
وفي الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) روحي وروح العالمين له
الفداء:
إن شئت أن تقلى فزر متواترا * وإن شئت أن تزداد حبا فزرغبا
منادمة الإنسان تحسن مرة * وإن أكثروا إدمانها أفسدوا حبا. (1)
قوله (عليه السلام) روحي وروح العالمين له الفداء: " تقلى " أي: تبغض، كما في قوله
سبحانه: (ما ودعك ربك وما قلى). (2)
قوله (عليه السلام) روحي وروح العالمين له الفداء: " إدمانها " أي: إدمان الندامة، ولعل
مفسدة الإكثار لا تندفع بالاختلاف اليومي. فهو يؤيد حمل الغب في الشعر والخبر
المأثور على الاختلاف الأسبوعي.

1. ديوان الإمام علي (عليه السلام): 86، رقم 43.
2. الضحى (93): 3.
453

[آفات المعاشرة والعزلة]
وكيف كان مضار الإنسان لا يحصيها ولا يحيط بها نطاق البيان، لكن الاعتزال
- بعد امتناعه؛ قضية أن الإنسان محتاج إلى الغير في جهات لا تحصى، وفي كل من
الجهات يحتاج إلى المعاشرة، وكذا بعد مرجوحيته شرعا - مغرس الوسواس، كما
نص عليه الحكيم الشيرازي في شرح أصول الكافي. (1)
وهذا من قبيل الداء الفاقدة للدواء، بل الاعتزال يقرب العقل إلى الزوال، كما
قيل، ووجهه: عدم ورود الملائم على الطبيعة، حيث إن المعاشرة وإن كانت في
غاية الإضرار لكنها توجب الفرح والسرور كثيرا، وقوام الروح بورود السرور،
وهو غذاؤها، كما أن قوام الجسد بورود الغذاء الخارجي.
وكذا توجب المعاشرة الغفلة عن الموت، وبه قوام نظام الدنيا، والاعتزال
يوجب حركة الفكر إلى جانب الموت، وهو يوجب توحش الطبيعة، فيتأدى الأمر
إلى ضعف العقل.
وعن بعض الحكماء: إياكم والخلوات، فإنها تفسد العقول وتحل المعقول
وتعقد المحلول، بل في بعض الأخبار أن التفكر في عاقبة الأمر يوجب الهلاكة.
وليس ما ذكر إلا من جهة كثرة شدائد هذه الدار، دار النار؛ حيث إن تحمل كل
من الضدين فيها كتحمل حرارة نار الجحيم، كيف لا! وفي بعض الأخبار أن
المؤمن يموت كل يوم سبعين مرة، هذه الدار يتغلغل أهلها بين أطباقها، وتلقى
سكانها بآخر ما لديها من أليم النكال وعظيم الوبال، ولا يطلع على حالها
وحراراتها غير الله سبحانه وأحزابه سلام الله عليهم أجمعين.
وتتضح حرارة المعاشرة بالاطلاع على حالات الإنسان، فإنه في غاية نقصان
العقل، كيف لا! وقد ذكر بعض: أن عقل عشرين أو أربعين رجلا يوازن عقل شاة.

1. شرح أصول الكافي للحكيم الشيرازي: 58.
454

وقيل: للحماقة ست علامات، وأكثرها موجود في غالب الناس.
وقال بعض الأطباء: إن أكثر علامات الجنون موجود في غالب الناس.
وقال البيضاوي: يتعب الناس أنفسهم جدا إتعاب الصبيان في الملاعب.
وعن أبي هذيل العلاف ترجيح الحمار على الإنسان؛ نظرا إلى أنه لو أتيت
بالحمار إلى جدول صغير وضربته للعبور يطيع، لكن لو أتيت به إلى جدول كبير
وضربته للعبور لا يطيع، فهو يفرق بين المقدور، وغير المقدور لكن الإنسان
لا يفرق بين المقدور وغير المقدور.
ولعمري إن هذا لهو حق اليقين؛ حيث إن الإنسان يتحرك إلى ما يشتهيه ولو
كان غير مقدور له، وهذا من عاداته المتعارفة بين أفراده.
لكن حرارة المعاشرة مع هذا السفيه البالغ في الحماقة حد النهاية بمقدار
عقل المعاشر وحماقته أحد وجهي شدة حرارة المعاشرة معه، والوجه الآخر:
شدة شرارته، ومن شواهدها تشبيهه في بعض أخبار الدين بالتنين (1). (2)
[كلام في النفس الإنسانية]
وقيل: إن النفس على طباع الفراعنة والجبابرة من الخلق، فيها كبر إبليس،
وحسد قابيل، وعتو عاد، وعلو شداد، واستطالة فرعون، وبغي قارون، وهوى بلعم،
ووقاحة هامان، وأمل النسر، وغرور طاووس، وشهوة الديك، وحرص الغراب،
ودناءة الجعل، وسقوط الرخمة، وشره الكلب، وعدوان الذئب، وعقوق الضب،
وعبث القرد، وحقد الجمل، وفساد السوس، ووثوب الفهد، وصولة الأسد،
وخبث الحية، ومكر الفأرة، وغدر العقرب، الهالك من تبعها، والفائز من ردعها.
ولنعم ما ذكره أمير المؤمنين عليه آلاف التحية من رب العالمين من أن:

1. التنين: ضرب من الحيات. الصحاح 5: 2087 (تنن).
2. تهذيب الأحكام 6: 329، ح 912، باب المكاسب.
455

أهل الدنيا كلاب عاوية، وسباع ضارية، يهر بعضها بعضا، يأكل عزيزها
ذليلها، ويقهر كبيرها صغيرها... سلكت بهم الدنيا طريق العمى،
وأخذت بأبصارهم عن منازل الهدى، فتاهوا في حيرتها، وغرقوا في
نعمتها، واتخذوها ربا، ونسوا ما وراءها. (1)
وروى في الكافي - في باب قلة عدد المؤمنين - بالإسناد عن كامل التمار قال:
سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " إن الناس كلهم بهائم - ثلاثا - إلا قليل من المؤمنين ". (2)
[روايات مدح الاعتزال]
ثم إنه قال مولانا الصادق (عليه السلام) لحفص بن غياث:
" إن قدرت أن لا تخرج من بيتك فافعل، فإن في خروجك أن لا تغتاب
ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنع ولا تداهن ". ثم قال: " نعم صومعة
المسلم بيته، يكف فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه ". (3)
وقد حررناه في الرسالة المعمولة في حفص بن غياث وسليمان بن داود
المنقري وقاسم بن محمد.
وقد ذكر مدح الاعتزال عن الناس وذم المعاشرة معهم تصريحا أو تلويحا
في أشعار كثيرة:
ففي الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) روحي وروح العالمين له الفداء:
فطوبى لنفس أوطنت قعر دارها * مغلقة الأبواب مرخى عليها حجابها (4)

1. نهج البلاغة (صبحي صالح): 400؛ الرسائل: 31.
2. الكافي 2: 242، ح 2، باب قلة عدد المؤمنين.
3. الكافي 8: 128، ح 98، باب لا يقبل الله تعالى عملا إلا بولاية أهل البيت (عليهم السلام).
4. ديوان الإمام علي (عليه السلام): 98، رقم 49.
456

وفيه أيضا:
تغربت أسأل من عن لي * من الناس هل من صديق صدوق
فقالوا أمران لا يوجدان * صديق صدوق وبيض الأنوق. (1)
قوله (عليه السلام) روحي وروح العالمين له الفداء: " وبيض الأنوق " هذا مثال لما يمتنع
وجوده، والأنوق - بالفتح - جمع الناقة، وامتناع الوجود في الباب واضح؛ لامتناع البيضة
للناقة، نظير ذلك الأبلق العقوق، كما هو مقتضى كلام صاحب الصحاح حيث [قال]: إن
الأبلق بمعنى الذكر. (2) والعقوق من العقاق، بالفتح، ومن الظاهر امتناع الحمل للذكر.
لكن ظاهر كلام صاحب الصحاح في مادة " عصم " (3) كونه وكذا ما قبله مثالا
لما يندر وجوده، حيث إنه جعل كلا منهما مثالا لما يعز وجوده. ولا إشكال في
أن الظاهر من عزة الوجود هو ندرة الوجود لا امتناعه.
وقد يمثل لنادر الوجود بالغراب الأعصم، وهو الذي في جناحه ريشة
بيضاء، كما في الصحاح، (4) لكن في القاموس أنه أحمر الرجلين والمنقار، أو في
جناحه ريشة بيضاء. (5)
وقد يمثل لنادر الوجود ببارح الأروى أيضا، كما صرح به في الصحاح. (6)
[اشعار مدح الاعتزال]
وفيه أيضا:
تراب على رأس الزمان فإنه * زمان عقوق لازمان حقوق

1. ديوان الإمام علي (عليه السلام): 390، رقم 302، وفيه: " فقالوا عزيزان... ".
2. الصحاح 4: 1528 (عقق).
3. الصحاح 5: 1986 (عصم).
4. الصحاح 5: 1986 (عصم).
5. القاموس 4: 153 (عصم).
6. الصحاح 1: 356 (برح).
457

وكل رفيق غير موافق * وكل صديق غير صدوق (1)
وفيه أيضا:
هذا زمان ليس إخوانه * يا أيها المرء بإخوان
إخوانه كلهم ظالم * لهم لسانان ووجهان
يلقاك بالبشر وفي قلبه * داء يواريه بكتمان
حتى إذا ما غبت عن عينيه * رماك بالزور وبهتان
هذا زمان هكذا أهله * بالود لا يصدقك اثنان
أيها المرء فكن مفردا * دهرك لا تأنس بإنسان
وفيه أيضا:
يفشون بينهم المودة والصفا * وقلوبهم محشوة بعقارب. (2)
ونظيره ما قيل بالفارسية:
همچو شيران بدرانند وبه لب مى خندند * دشمن يكدگرند وبه حقيقت يارند
وفيه أيضا:
ما من صديق وإن تمت صداقته * بأنجح في الحاجات من طبق (3)
وقال مولانا الرضا (عليه السلام) - على ما رواه الصدوق في العيون -:
وإن الذئب يترك لحم ذئب * ويأكل بعضنا بعضا عيانا (4)
وقال السيد المرتضى نقلا:
ولم يعصمني إلا الذي أنا طوعه * ولم يقلني إلا الذي أنا عاشقه
ومن عجب أني ألوع بخاضب * يكايدني في وده وأصادقه

1. ديوان الإمام علي (عليه السلام): 390، رقم 303، باختلاف يسير.
2. ديوان الإمام علي (عليه السلام): 598، رقم 454.
3. ديوان الإمام علي (عليه السلام): 392، رقم 304.
4. عيون أخبار الرضا 2: 175، ح 5، باب 43: ذكر ما أنشد الرضا (عليه السلام) المأمون من الشعر.
458

وقيل:
فما ضرني إلا الذين عرفتهم * جزى الله خيرا كل من لست أعرف
وقيل:
ولم أر في الأيام خلا يسترني * مباديه إلا ساءني بعواقبه
وقيل:
كف عن الناس إذا شئت أن * تسلم من قول جهول سفيه
من قذف الناس بمن فيهم * يقذفه الناس بما ليس فيه
وقيل:
الظلم من شيم الرجال وإن تجد * ذا عفة فلعلة لا يظلم (1)
وقيل:
فواعجبا لمن ربيت طفلا * ألقمه بأطراف البنان
أعلمه الرماية كل يوم * فلما استد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي * فلما قال قافية هجاني (2)
قوله: " الستد " بالسين المهملة، كما ضبطه ابن إدريس في السرائر. (3)
وقال في الصحاح: وقد اشتد الشيء، أي استقام، وعد منه الشعر فقال: ليس
بشيء. (4)
والظاهر أن غرض الشاعر بيان حال ولده، فلكن لا تعجب فيما ذكره في باب
ولده؛ إذ حال الأكثر على منوال واحد.
ويمكن أن يكون الغرض بيان حال من اتخذ ولدا. لكنه بعيد.

1. ديوان المتنبي: 44.
2. الاشتقاق: 497.
3. السرائر 3: 238، وانظر الاشتقاق لابن دريد: 497.
4. الصحاح 2: 485 (سدد).
459

وقيل:
وأفردني عن الإخوان علي * بهم فبقيت مهجور النواحي
إذا ما قل وقري قل مدحي * فإن أثريت عادوا في امتداحي
وقيل:
تحذر من صديقك كل يوم * وبالأشرار لا تركن إليه
سلمت من العدو فما ذهاني * سوى من كان معتمدي عليه
وقيل:
أقلل زيارة من تهوى مودته * فالناس من لم يواسيه أجلوه
فالغيث وهو حياة الناس * كلهم إن دام يومين ملوه
وقيل:
احذر عدوك مرة * واحذر صديقك ألف مرة
فلربما انقلب الصديق * فكان أخبر بالمضرة (1)
وقيل:
عدوك من صديقك مستفاد * فلا تكثرن من الصحاب
فإن الداء أكثر ما تراه * يكون من الطعام والشراب (2)
وقيل:
ولما بلوت الناس أطلب عندهم * أخا ثقة عند الشدائد
تطلعت في حال رخاء وشدة * وناديت في الأحباء هل من مساعد
وقيل:
لقاء الناس ليس يفيد شيئا * سوى الهذيان من قيل وقال
فأقلل من لقاء الناس إلا * لأخذ العلم أو إصلاح حال

1. شرح نهج البلاغة (ابن أبي الحديد) 19: 338.
2. شرح نهج البلاغة (ابن أبي الحديد) 10: 520.
460

وقيل:
إنما أنفس الأنيس سباع * يتفارسن جهرة واغتيالا (1)
وقيل:
رجوت دهرا طويلا في التماس أخ * وكم تبدلت بالإخوان خوانا
فما وفى لي على الأيام ذو ثقة * ولا رعى أحد ودي ولا صانا
فقلت يا نفس لما عز مطلبها * بالله لا تألفي ما عشت إنسانا
وقيل:
جربت دهري وأهليه فما تركت * لي التجارب في ود امرء غرضا (2)
وقيل:
لا أشتكي زمني هذا فأظلمه * وإنما أشتكي من أهل هذا الزمن
هم الذئاب [بدت] تحت الثياب فلا * تكن على أحد عنهم بمؤتمن
قد كان لي كنز صبر فافتقرت إلى * إنفاقه في مداراتي ففنى
وقيل:
ولست أسلم ممن لست أعرفه * فكيف أسلم من [أهل] المودات
الناس داء دواء الناس تركهم * وفي الجفاء بهم قطع الأخوات
وقيل:
الناس داء دفين لا تركنن إليهم * فيهم خداع ومكر لو اطلعت عليهم
وقيل:
سمعنا بالصديق ولا نراه * على التحقيق يوجد في الأنام
وأحسبه محالا نمقوه * على وجه المجاز من الكلام
وعن أفلاطون أنه كان يسكن في خارج المعمورة في جانب الماء والخضراء.

1. شرح شواهد الشافية (للبغدادي): 296؛ وديوان البغدادي 2: 112.
2. شرح نهج البلاغة 20: 81، باب 443.
461

وهو المنقول عن الفارابي، بل المنقول عنه أنه سئل أنك كيف تأنس بالفقر
والفاقة ولا تأنس بالناس؟ فأجاب: بأني تأملت ووجدت ما فعلت أولى.
وأما الأشعار المذكورة الدالة على مدح الاعتزال فما كان منها من
أمير المؤمنين (عليه السلام) - روحي وروح العالمين له الفداء - يقيد بما كان منها دالا على
مدح الاعتزال في صورة الإمكان.
وأما ما كان من غيره (عليه السلام) - روحي وروح العالمين له الفداء - فهو من باب الغفلة
عن مفسدة الاعتزال، نظير ما نقله في اللطائف والظرائف، نقل من مدح بعض
الحكماء بعض الأمور لبعض المصالح غفلة عن مصلحة ضده، ونقل مدح بعض
آخر من الحكماء الضد لمصلحة أخرى.
وأما ما دل من تلك الأشعار على عدم صدق الأصدقاء فهو حق لا ريب فيه،
لكنه لا يرتبط بمدح الاعتزال.
[ترك الاستئناس بالناس والاستشهاد بالآيات في المقام]
ويرشد إلى كون علاج الإنسان في ترك الاستئناس بالناس قوله سبحانه
حكاية عن داود - على نبينا وآله و (عليه السلام): - (إن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على
بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم) (1) حيث إن مقتضاه وصول الظلم
إلى الشخص ممن يعاشر معه، فالتهارب عن الظلم يقتضي ترك المعاشرة مع
الناس، وقد قرر سبحانه الفقرة المذكورة: (فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما
أنكم تنطقون) (2) كيف لا! والناس بواسطة سوء فطرهم مثل الديوك، وكلما تلاقى
ديك مع ديك يتعارضان، ويخرج كل منهما الآخر ولو كان ملاقاتهما في. (3)

1. سورة ص (38): 24.
2. الذاريات (51): 23.
3. كذا في " ح " و " د ".
462

ومن ذلك أنه يندر أن يجلس فردان من الإنسان في مجلس ولا ينزجر كل
منهما عن الآخر.
والظاهر أن المقصود بالخلط هو الازدواج.
وربما فسره البيضاوي بالشركة في المال. (1)
وليس على ما ينبغي، كيف لا! ومناسبة ذيل الآية مع صدرها إنما تتأتى [على]
ما ذكرناه. وعلى ما ذكره لا يرتبط الذيل بالصدر.
ومع ذلك ينافي ذلك تفسيره الأخوة في الآية (2) بالدين والصحبة، وإن كان
ظاهره الميل إلى الأول. (3)
ونظير الآية المذكورة قوله سبحانه في سورة البقرة: (قلنا اهبطوا بعضكم لبعض
عدو) (4) وخطابا لآدم وحواء، كما يرشد إليه قوله سبحانه في سورة طه: (قال اهبطا
منها جميعا) (5) - وجمع الضمير؛ لأنهما أصل جنس الإنس، فكأنهما الجنس كلهم،
كما يظهر الميل إليه من البيضاوي؛ لتقديمه على تفسير ضمير الجمع بآدم وحواء
وذريتهما (6) - حيث إن النجاة من مضار العداوة منوطة ومربوطة بترك المعاشرة.
ويمكن الإشكال على ذلك بأن الله سبحانه لا يأمر بعداوة أفراد الإنسان
بعضهم لبعض.
لكن يمكن الذب: بأنه يمكن أن يكون من باب الافتتان والابتلاء.

1. أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي) 5: 17.
2. سورة ص (38): 23.
3. أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير اليبضاوي) 5: 17.
4. البقرة (2): 36.
5. سورة طه (20): 123.
6. أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي) 1: 143.
463

قال الله سبحانه في سورة البقرة: (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع
ونقص من الأموال والأنفس والثمرات). (1)
وفي سورة آل عمران: (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا
الكتب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا). (2)
وفي سورة المائدة: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة وحدة
ولكن ليبلوكم في ما آتاكم). (3)
وفي سوره الأنعام: (ورفع بعضكم فوق بعض درجت ليبلوكم في ما آتاكم). (4)
وفي سورة النحل: (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها منم بعد قوة أنكاثا تتخذون
أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله بهى). (5)
وفي سورة الأنبياء: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون). (6)
وفي سورة الفرقان: (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون). (7)
وفي سورة العنكبوت: (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم
لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين). (8)
وفي سورة محمد (صلى الله عليه وآله): (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين

1. البقرة (2): 155.
2. آل عمران (3): 186.
3. المائدة (5): 48.
4. الأنعام (6): 165.
5. النحل (16): 92.
6. الأنبياء (21): 35.
7. الفرقان (25): 20.
8. العنكبوت (29): 1 - 3.
464

ونبلوا أخباركم). (9)
وفي سورة الملك: (الذي خلق الموت والحيوة ليبلوكم أيكم أحسن عملا). (1)
ويمكن الذب أيضا: بأن الأمر يختص بالهبوط، والمعاداة تجري مجرى
الحال، أي: أمرهما بالهبوط في حال عداوة بعضهم بعضا، فالمراد أن ذريتهما
يعادي بعضهم بعضا.
بقي أن العلامة المجلسي قال في حاشية الكافي تعليقا على الرواية المتقدمة
في باب منازعة ابن أبي عمير والحضرمي - والظاهر أنه بخطه الشريف في
حواشي الكافي المذكور -: والحق أن النزاع لفظي؛ إذ الإمام أولى بالنفس والمال
من كل واحد، لكن لا يأخذ سوى الأشياء المخصوصة. (2)
وأنت خبير بأن مرجعه إلى تقديم قول الحضرمي؛ لأن ابن أبي عمير كان
يدعي الملكية الشرعية، لا الأولوية المذكورة.
ولا يذهب عليك أن ما يستفاد من الرواية المتقدمة في جانب ابن أبي عمير
لا يوجب تقليل الوثوق إليه.
[التعبير عن ابن أبي عمير بأبي أحمد]
ثم إنه قد وقع التعبير عن ابن أبي عمير بأبي أحمد في بعض الأسانيد، كما في
بعض أسانيد الكشي في ترجمة هشام بن الحكم، (3) وكما في الاستبصار في باب
تحريم ما يذبحه المحرم من الصيد، حيث روى الشيخ بسنده عن أبي أحمد،
عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (4)

9. محمد (47): 31.
1. الملك (67): 2.
2. مرآة العقول 4: 356.
3. رجال الكشي 2: 543 / 481.
4. الاستبصار 2: 215، ح 740، باب تحريم ما يذبحه المحرم من الصيد.
465

قال الفاضل الشيخ محمد: أبو أحمد كنية ابن أبي عمير، واسمه زياد، كما في
كتب الرجال، لكن الضمير المجرور فيه راجع إلى ابن أبي عمير.
وهو خلاف ما هو المتعارف في العبارات من رجوع متعلقات الكلام إلى
المقصود بالأصالة.
وروى الشيخ في التهذيين عند الكلام في المشارب عن محمد بن أحمد بن
يحيى عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن مرازم، قال: كان يعمل
لأبي الحسن (عليه السلام) الفقاع في منزله، قال محمد بن أحمد بن يحيى: قال أبو أحمد
- يعني ابن أبي عمير -: لا يعمل فقاع يغلى. (1)
وفيه تفسير أبي أحمد بابن أبي عمير، وتفسير ابن أبي عمير لما رواه مرازم.
وفي بعض أسانيد الكشي في ترجمة مفضل بن قيس [تفسير] أبي أحمد
بابن أبي عمير. (2)
[في محمد بن أبي عمرو]
ثم إنه قد عنون الشيخ في الرجال في أصحاب الصادق (عليه السلام) محمد بن أبي عمرو
البزاز بياع السابري، وحكى أنه روى عنه الحسن بن محمد بن سماعة. (3)
والظاهر أن أبي عمرو غلط، والصحيح أبي عمير؛ لأن الحسن بن سماعة إنما
روى عن ابن أبي عمير المعروف؛ لأنه قد تكثر رواية الحسن بن سماعة عن
محمد بن زياد المقصود به ابن أبي عمير، وكذا رواية ابن سماعة عنه.
مضافا إلى ما مر من ذكر يباع السابري في وصف ابن أبي عمير البزاز في

1. تهذيب الأحكام 9: 126، ح 545، باب الذبائح والأطعمة؛ الاستبصار 4: 96، ح 374، باب تحريم
شرب الفقاع.
2. رجال الكشي 2: 421 / 321.
3. رجال الشيخ: 306 / 411. وفيه: " محمد بن أبي عمرة " وأشير في هامشه باختلاف النسخ هنا.
466

رواية محمد بن نعيم الصحاف، المتقدمة.
[اتحاد البزاز مع الأزدي]
وقد أجاد ابن داود حيث أتى بعنوان واحد في قوله: محمد بن أبي عمير
البزاز بياع السابري، ق، ضا، جخ، ست، يكنى أبا أحمد، من موالي الأزد، واسم
أبي عمير زياد، (1) إلى آخره.
ثم إنه قد روى الصدوق في المجلس الثاني من الأمالي:
عن الحسين بن أحمد عن أبيه عن محمد بن أبي الصهبان عن أبي أحمد
محمد بن زياد الأزدي عن أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)
أنه جاء إليه رجل فقال له: بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله علمني موعظة،
فقال: " إن كان الله تبارك وتعالى قد تكفل في الرزق فاهتمامك لماذا؟ "، (2)
إلى آخر الحديث.
وفيه دلالة على كون محمد بن زياد هو ابن أبي عمير؛ قضية التكنية بأبي أحمد.
ثم إنه قد روى الصدوق في المجالس في المجلس السادس والسبعين:
عن محمد بن موسى المتوكل عن محمد بن الحسين بن السعدآبادي (3)
عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن محمد بن علي بن أبي عمير
عن منصور بن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، إلى آخر
الحديث. (4)
كذا في نسختين من المجالس، وأحدهما ظاهر الصحة، لكن لم يعهد
محمد بن علي بن أبي عمير.

1. رجال ابن داود: 159 / 1272.
2. الأمالي للصدوق: 16، ح 5، المجلس الثاني.
3. في الأمالي: " علي بن الحسين السعدآبادي ".
4. الأمالي للصدوق: 411، ح 6، المجلس السادس والسبعون.
467

ثم إنه روى الصدوق في الخصال:
بالإسناد عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" الخمس على خمسة أشياء: على الكنوز والمعادن والغوص والغنيمة "
فقال: ونسي ابن أبي عمير الخامس.
قال مصنف هذا الكتاب: أظن الخامس الذي نسيه ابن أبي عمير مالا يرثه
الرجل وهو يعلم أن فيه من الحلال والحرام، ولا يعرف أصحاب الحرام
فيؤديه إليهم، ولا يعرف الحرام بعينه فيجتنبه، فيخرج منه الخمس. (1)
قوله: " أظن الخامس مالا يرثه الرجل " إلى آخره، يرشد إليه ما رواه سابقا على
الرواية المذكورة بالإسناد عن عمار بن مروان عن أبي عبد الله (عليه السلام) يقول: " فيما
يخرج من المعادن والبحر، والغنيمة [والحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف
صاحبه] (2) والكنوز الخمس ". (3)
ثم إنه قد روى الصدوق في المجالس في المجلس الرابع والسبعين بإسناده
عن محمد بن أبي عمير قال: حدثني من سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " ما أحب الله
عز وجل من عصاه " ثم تمثل فقال:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه * هذا محال في الفعال بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته * إن المحب لمن يحب مطيع
وأيضا روى بإسناده عن محمد بن أبي عمير قال: كان الصادق جعفر بن
محمد (عليهما السلام) يقول:
لكل أناس دولة يرقبونها * ودولتنا في آخر الدهر تظهر
وأيضا روى بإسناده عن محمد بن أبي عمير قال: كان الصادق (عليه السلام) كثيرا ما

1. الخصال 1: 291، ح 53، باب الخمسة.
2. ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
3. الخصال 1: 290، ح 51، باب الخمسة.
468

يقول:
علم المحجة واضح لمريده * وأرى القلوب عن المحجة في عمي
ولقد عجبت لهالك ونجاته * موجودة ولقد عجبت لمن نجى
وأيضا روى بإسناده عن محمد بن أبي عمير قال: كان الصادق (عليه السلام) يقول:
اعمل على مهل فإنك ميت * واختر لنفسك أيها الإنسان
فكان ما قد كان لم يك إذ مضى * وكان ما هو كائن قد كان (1)
[التعبير عن ابن أبي عمير بمحمد بن زياد]
ثم إنه قد وقع التعبير عن ابن أبي عمير بمحمد بن زياد ولا سيما في روايات
الحسن بن سماعة، وروايات ابن سماعة عنه [كثيرة] كما مر.
ويرشد إليه ما رواه الصدوق في المجلس الثاني من الأمالي عن الحسين بن
أحمد عن أبيه عن محمد بن أبي الصهبان عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي
عن أبان الأحمر عن الصادق (عليه السلام)، (2) إلى آخر الحديث؛ قضية التكنية بأبي أحمد.
وربما حكم المقدس عند الكلام في الحبوة بجهالة محمد بن زياد، إيرادا
على الشهيد الثاني في رسالته حيث حكم بكون الرواية المشتملة عليه موثقة. (3)
وكذا الشيخ محمد في بعض تعليقات الاستبصار في باب أول وقت الظهر والعصر. (4)
وهو الظاهر من الشيخ في الرجال حيث إنه قال: محمد بن زياد الأشجعي
أبو أحمد، ق (5). (6)

1. الأمالي للصدوق: 396، ح 3، المجلس الرابع والسبعون.
2. الأمالي للصدوق: 16، ح 5، المجلس الثاني.
3. مجمع الفائدة 11: 381، وانظر: رسالة في الحبوة (ضمن رسائل الشهيد الثاني): 222.
4. استقصاء الاعتبار 4: 205.
5. أي من أصحاب الصادق (عليه السلام).
6. رجال الشيخ: 287 / 113، وفيه: " أبو إسماعيل ".
469

وكذا الفاضل الأسترآبادي (1) حيث إنه نقل كلام الشيخ ولم يورد عليه بكون
محمد بن زياد المذكور هو ابن أبي عمير.
وربما نقل السيد السند التفرشي كلام الشيخ في الرجال بعد أن عنون
محمد بن زياد وقال: مضى بعنوان محمد بن أبي عمير. (2)
ومقتضاه جهالة محمد بن زياد المعنون في كلام الشيخ، وكونه مغايرا
لمحمد بن زياد المعبر به عن ابن أبي عمير.
وقد حررنا رسالة في باب محمد بن زياد.
[الأئمة الذين أدركهم]
ثم إن ابن أبي عمير قد عده النجاشي من أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام) قال:
لقي أبا الحسن موسى (عليه السلام)، وسمع منه أحاديث، كناه في بعضها فقال: " يا أبا أحمد "
وروى عن الرضا (عليه السلام). (3)
وعده الشيخ في الرجال من أصحاب الرضا (عليه السلام). (4)
وقال في الفهرست: إنه أدرك الأئمة الثلاثة: موسى بن جعفر (عليهما السلام) ولم يرو عنه،
وروى عن أبي الحسن الرضا والجواد (عليهما السلام). (5)
لكن قال السيد الداماد: إن في كتب الأخبار عموما وفي التهذيب والاستبصار
خصوصا روايات مسندة عن ابن أبي عمير عن أبي الحسن الكاظم (عليه السلام) (6) انتهى.
قوله: " وروى عن أبي الحسن الرضا والجواد (عليهما السلام) " مقتضاه عدم روايته عن

1. منهج المقال: 296.
2. نقد الرجال 4: 206 / 4689.
3. رجال النجاشي: 326 / 887.
4. رجال الشيخ: 388 / 26.
5. الفهرست: 142 / 607.
6. الرواشح السماوية: 63، الراشحة الرابعة عشر.
470

مولانا الصادق (عليه السلام)، بل مقتضى قوله: " أدرك الأئمة الثلاثة " عدم إدراكه له (عليه السلام)، لكن
الاستقراء في الأسانيد يقضي بروايته عنه (عليه السلام)، كما يرشد إليه ما رواه الكليني - في
باب وقت صلاة الجمعة - عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن
خالد عن القاسم بن عروة عن محمد بن أبي عمير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن
الصلاة يوم الجمعة، فقال: " نزل بها جبرئيل (عليه السلام)، إذا زالت الشمس فصلها " (1) إلى
آخر الحديث.
وكذا ما رواه - في باب صلاة النوافل - عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن
محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان عن محمد بن أبي عمير، قال: سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) عن أفضل ما جرت به السنة [في الصلاة] (2) فقال: " تمام الخمسين ". (3)
وكذا ما رواه - في أواخر كتاب [الحج من التهذيب] (4) - عن صفوان عن
حماد بن عثمان عن محمد بن أبي عمير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن مفرد
الحج أيعجل طوافه أو يؤخره؟ فقال: " هو والله سواء عجله أو أخره ". (5)
ولا مجال لاحتمال الإرسال في الأسانيد المذكورة أو سقوط الواسطة؛ قضية
التصريح بالسؤال.
ولا ينافي روايته عنه (عليه السلام) روايته عنه (عليه السلام) بواسطة أو بواسطتين، كما في بعض
الأسانيد، كيف لا! ونظيره غير عزيز.
وإن قلت: إن رواية ابن مسكان في السند الأوسط تنافي كون المروي عنه هو
ابن أبي عمير؛ لرواية ابن أبي عمير عن ابن مسكان في بعض الأسانيد.

1. الكافي 3: 420، ح 4، باب وقت صلاة الجمعة.
2. أضفناها من المصدر.
3. الكافي 3: 443، ح 4.
4. أضفناها لاستقامة العبارة.
5. تهذيب الأحكام 5: 477، ح 1687، باب الزيادات في فقه الحج.
471

قلت: لا منافاة في الباب؛ إذ لا بأس برواية أحد المتعاصرين عن الآخر، كيف
لا! ورواية أصحاب الإجماع بعضهم عن بعض غير عزيزة، كما حررناه في محله.
وربما قال المحدث القاشاني في حاشية الوافي تعليقا على رواية القاسم بن
عروة عن محمد بن أبي عمير: كأن " ابن بكير " بدل ب‍ " ابن أبي عمير ". (1) وإنما هو من
جهة إنكار رواية ابن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام).
لكن تكرر صورة الرواية بل كثرتها يشهد بوقوع الرواية وصحة العبارة.
ومع هذا ما ذكره إنما يتم لو كان العبارة عن ابن أبي عمير كما في الوافي، لكن
في الكافي: عن محمد بن أبي عمير، (2) ولا مجال لما ذكره فيه.
[بحث في مراسيل الصدوق]
ثم إنه ربما قيل: رأيت جمعا من الأصحاب يصفون مراسيل الصدوق - يعني
في الفقيه - بالصحة، ويقولون: إنها لا تقصر عن مراسيل ابن أبي عمير، منهم
العلامة في المختلف، والشهيد في شرح الإرشاد، والسيد المحقق الداماد. (3)
وحكم بعض الأعلام باعتبار مراسيل الفقيه إن كان الإرسال بحذف الواسطة.
لكنه مال إلى العدم في موضع آخر؛ تمسكا بأن إكتار الصدوق مثل هذا
الإرسال يبعد كونه عالما بالجميع ولو من غير السماع. (4)
أقول: إن الصدوق كثيرا ما يرسل الخبر، إلا أنه لم يجر في الإرسال على وتيرة
واحدة، فقد يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أو قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، أو قال الصادق (عليه السلام)،
أو قال أبو جعفر (عليه السلام)، أو قال الصادق (عليه السلام)، وهو كثير، أو قال الرضا (عليه السلام)، وقد يقول:

1. الوافي 8: 1107 ح 7832، باب وقت صلاة الجمعة وعصرها، الهامش 1.
2. الكافي 3: 420، ح 4، باب وقت صلاة الجمعة.
3. لتسهيل الخطب انظر مفاتيح الأصول: 335.
4. انظر رجال السيد بحر العلوم 3: 300؛ و ج 4: 78، الفائدة الرابعة.
472

قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذا، أو كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يفعل كذا، أو كان الصادق (عليه السلام)
كذا، وقد يقول: وسئل الصادق (عليه السلام)، أو سئل أبو الحسن الرضا (عليه السلام)، وقد يقول: وقال
رجل لعلي بن الحسين (عليه السلام)، أو قيل للصادق (عليه السلام)، وقد يقول: وفي خبر آخر كذا،
وقد يذكر متن الخبر على سبيل الفتوى، ولا ينسبه إلى أحد من المعصومين (عليهم السلام).
والظاهر أن شرائع والده كان على هذه الطريقة.
وبالجملة، لا إشكال في اعتبار عموم مراسيله لو قلنا بعموم اعتبار ما في الفقيه،
وإلا فالقول باعتبار مراسيله إن كان الإرسال بحذف الواسطة ولا سيما لو كان
بإرسال الفعل أو التقرير لا يخلو عن قوة.
وأما قوله: " وفي خبر آخر كذا " فيمكن الإشكال في اعتباره، وتثبت
الاستفاضة على تقدير الاعتبار، بناء على كفاية التثنية في الاستفاضة، وكذا اعتبار
مثله، ومنه المنقول بالمعنى، بل هو الرأس في العنوان الشامل للمقام وغيره، وهو
نقل الخبر بدون ذكر لفظ المعصوم (عليه السلام) بعدم ذكر اللفظ رأسا كما في المقام ونحوه،
أو ذكر لفظ غير لفظ الإمام (عليه السلام) كما في المنقول بالمعنى.
ووجه الإشكال: أن العمل بالخبر من باب العمل باجتهاد الناقل، وهو لا يكون
حجة في حق المجتهد.
لكنه مدفوع: بأن سيرة أصحاب الأئمة كما استقرت على النقل بالمعنى فكذا
استقرت على العمل بالمنقول، فيتأتى الإجماع أصحاب الأئمة وتقرير الأئمة
روحي وروح العالمين لهم الفداء، بل مقتضى ما دل على حجية خبر الواحد
خصوصا أو من باب حجية مطلق الظن: حجية ما نقله رواة الأخبار، ولا فرق بين
المنقول بالمعنى وغيره مما نحن فيه ومثله.
وقد يذب: بأنه في المقام يحصل الظن اللفظي بالحكم، فيكون حجة،
ويجور العمل به.
ويشكل بأنه إن كان المقصود أن من لفظ الناقل يحصل الظن بالحكم، فيكون
473

حجة، ففيه: أن استناد الظن بالحكم إلى لفظ الناقل لا يوجب حجيته لو كان النقل
مبنيا على اجتهاد الناقل، كيف لا! ولو كان الظن المستند إلى اللفظ حجة مطلقا،
لكان الظن الحاصل من فتوى الفقيه الواحد حجة في موضع بلا إشكال على
حسب حجية سائر الظنون اللفظية؛ لاستناده إلى اللفظ، مع أنه لا تتأتى حجيته
على القول بحجية الظنون الخاصة، بل بعض من قال بحجية مطلق الظن قال بعدم
حجيته، بل ادعى الإجماع على عدم الحجية.
وإن كان المقصود أن من لفظ الناقل يحصل الظن بدلالة لفظ المعصوم على
الحكم؛ للظن بالمطابقة بين الأصل والترجمة، فالظن بالحكم حجة، فله وجه، إلا
أن هذا الفرد من الظن بدلالة لفظ المعصوم أخفى أفراد الظن بدلالة اللفظ، فعموم
ما دل على حجية الظن المستند إلى اللفظ له مشكل، بل العموم غير ثابت، وإلا
لكان ظنون المتجزي المستندة إلى الكتاب والسنة حجة اتفاقا، مع أن الخلاف في
حجية ظن المتجزي معروف، بل بعض من قال بحجية مطلق الظن قال بعدم
حجيته، إلا أن يقال: إن العموم إنما هو بالنسبة إلى المجتهد المطلق. لكن دونه
المقال، وشرح الحال موكول إلى الرسالة المعمولة في حجية الظن.
وبما مر يظهر الحال فيما لو قيل في الكتب الفقهية: " ويدل على هذا بعض
الأخبار الصحيحة " أو " أخبار شتى "، ففيهما يثبت اعتبار المدلول، ويثبت اعتبار
السند في الأول باعتبار التصحيح على تقدير كفايته، وفي الثاني باعتبار
الاستفاضة.
ومن قبيل الثاني ما في الوسائل كثيرا، ومثله: ما مر ويأتي.
وأما ذكر متن الخبر على سبيل الفتوى من دون نسبة إلى المعصوم فهو ليس
من مصداق المرسل، إلا أنه في حكم المرسل، فلو صار مظنون الصدور، فعليه
المدار.
ومن هذا ما ذكره الشهيد في الذكرى من أن أصحابنا كانوا يسكنون إلى فتاوى
474

ابن بابويه في شرائعه عند إعواز النصوص؛ لحسن ظنهم به، وأن فتواه كروايته. (1)
[كلام البهائي ورده]
هذا، وقد ذكر شيخنا البهائي في أوائل الحبل المتين: أنه ينبغي أن لا تقصر
مراسيل الصدوق عن مراسيل ابن أبي عمير، وأن تعامل معاملتها، ولا تطرح
بمجرد الإرسال؛ لما ذكره من أنه حاكم بصحة ما أورده فيه، معتقدا أنه حجة فيما
بينه وبين الله سبحانه. (2)
وفيه: أنه لو تم الاستناد إلى كلام الصدوق فمقتضاه عموم اعتبار ما في الفقيه.
والأظهر خلافه، بل هو لا يقول به، فلم يثبت اعتبار ما أرسله الصدوق بإبهام
الواسطة.
وأورد عليه السيد السند الماجد في الحاشية المنسوبة إليه بأن معاملة مراسيل
الصدوق معاملة مراسيل ابن أبي عمير غير واضح، والتزامه - رحمه الله تعالى -
حجيتها بينه وبين ربه لا يقتضي اتصالها بالعدول لتكون من باب الصحيح، بل
غاية ما يقتضيه الالتزام أن تكون مما يجوز العمل بها عنده والاعتماد عليه، وهذا
أمر وراء وصف الحديث بالصحة؛ لجواز تأدي اجتهاده في العمل بالمراسيل
والضعاف إلى قرائن لا تفيد عندنا.
وتحريره: أن المقصود بالصحة في كلام الصدوق إنما هو الصحة عند
القدماء، أعني: الظن بالصدور، والظن لا يلزم أن يكون من جهة عدالة رجال
السند حتى تتأتى الصحة، بل يمكن أن يكون من جهة القرينة، وأسباب الظن
تختلف بالنسبة إلى الأشخاص، فلعل ما أوجب الظن بالصدور للصدوق لا يوجب
الظن لنا، فمراسيل الصدوق لا يحصل لنا الظن بصدورها عن المعصوم، بخلاف

1. ذكرى الشيعة 1: 51.
2. الحبل المتين: 11.
475

مراسيل ابن أبي عمير؛ لثبوت وثاقة الواسطة؛ بناء على عدم إرساله إلا عن ثقة.
وأنت خبير بأن الظاهر اتحاد الأسباب بحسب الأشخاص في إفادة الظن وإن
أمكن الاختلاف، فمراسيل الصدوق لا تقصر في إفادة الظن بالصدور عن مراسيل
ابن أبي عمير.
وأيضا الظاهر منه اتصاف مراسيل الصدوق بالصحة لو كانت بتوسط العدول،
ومقتضاه اتصاف مراسيل ابن أبي عمير بالصحة.
والغرض من الصحة إن كان هو الصحة باصطلاح المتأخرين، فلا ريب في
اختصاصها في الاصطلاح بالمسند، فلا يتصف المرسل بالصحة لا مراسيل ابن
أبي عمير ولا مراسيل الصدوق.
وإن كان الغرض هو الصحة باصطلاح القدماء، فلا بأس به. والله العالم.
قد فرغ منه ابن محمد إبراهيم أبو المعالي، ولله المحسن المفضل المنعام
تمام الحمد، والحمد التمام على إتمام التوفيق بتوفيق الإتمام بعد حمده سبحانه
على الإقدام على المرام، فله الحمد على الإقدام والإتمام، والسلام من السلام
فوق كل سلام على نبيه خاتم الأنبياء وسيد الأنام، وعلى أهل بيته الغر الميامين
الكرام؛ سيما ابن عمه شافع المذنبين لدى قيام الساعة وساعة القيام ما دار السلام
في الإسلام بين أهل الإسلام.
476

23 - رسالة في " محمد بن الحسن "
477

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
وبعد، فقد تكثر رواية الكليني عن محمد بن الحسن، كما رواه في باب أدنى
المعرفة، عن محمد بن الحسن (عن عبد الله بن الحسن) (1) العلوي وعلي بن
إبراهيم عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني جميعا عن الفتح بن يزيد عن
أبي الحسن (عليه السلام). (2)
وما رواه - في باب النهي عن الجسم والصورة - عن محمد بن الحسن عن
سهل بن زياد عن حمزة بن محمد، قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام). (3)
وما رواه - في باب العرش والكرسي - عن محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن
ابن محبوب عن عبد الرحمان بن كثير عن داود الرقي، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام). (4)
وما رواه - في باب فرض طاعة الأئمة (عليهم السلام) - عن محمد بن الحسن عن
سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن فضالة بن أيوب عن أبان عن عبد الله بن
سنان عن إسماعيل بن جابر، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام). (5)
والظاهر اتحاد محمد بن الحسن المذكور مع محمد بن الحسن المعدود من

1. ما بين القوسين ليس في " د " و " ح ": " عبد الله محمد بن الحسن " والصحيح ما أثبتناه من المصدر.
2. الكافي 1: 86، ح 1. باب أدنى المعرفة.
3. الكافي 1: 104، ح 2، باب النهي عن الجسم والصورة.
4. الكافي 1: 132، ح 7، باب العرش والكرسي.
5. الكافي 1: 188، ح 13. باب فرض طاعة الأئمة.
479

أعداد عدد سهل بن زياد.
وعلى أي حال فقد حكم السيد الداماد في حاشية الاستبصار - عند الكلام فيما
رواه الشيخ - في باب الرعاف - عن الكليني، عن محمد بن الحسن، عن سهل بن
زياد (1) - بأن المقصود من محمد بن الحسن هو الصفار.
والظاهر بل بلا إشكال: عدم الفرق بين ما لو روى محمد بن الحسن عن
سهل بن زياد، وما لو روى عن غيره.
وهو مقتضى ما صنعه الفاضل الأسترآبادي، حيث حكم بأن محمد بن الحسن
المعدود من أعداد عدة سهل بن زياد هو الصفار (2) وارتضاه غير واحد ممن تأخر عنه.
وقال الفاضل التستري في حاشية الاستبصار - عند الكلام في الرواية
المذكورة -: وكأنه ابن الوليد وإن ذكر بين ابن الوليد وسهل واسطة. (3)
والظاهر بل بلا إشكال: عدم الفرق أيضا بين ما لو روى محمد بن الحسن عن
سهل بن زياد، وما لو روى عن غيره.
[في أنه محمد بن الحسن الصفار]
وربما يستدل على كون المقصود وهو الصفار بأنه في طبقة الكليني، وعاش
الكليني بعد موته بتسع وثلاثين سنة، أو ثمان وثلاثين سنة؛ لأن النجاشي والعلامة
قالا: إن محمد بن الحسن الصفار مات في سنة تسعين ومائتين، (4) وموت الكليني
سنة تسع وعشرين وثلاثمائة على ما ذكره النجاشي والشيخ في الرجال، (5) وفي سنة

1. الاستبصار 1: 84، ح 264. باب الرعاف.
2. منهج المقال: 401.
3. حكاه عنه المجلسي في ملاذ الأخيار 1: 91.
4. رجال النجاشي: 354 / 948؛ خلاصة الأقوال: 157 / 112.
5. رجال النجاشي: 377 / 1026؛ رجال الشيخ: 495 / 27.
480

ثمان وعشرين وثلاثمائة على ما ذكره الشيخ في الفهرست. (1)
وبأن محمد بن الحسن بن الوليد يكون وفاته بعد وفاة الكليني بأربع عشرة
سنة، أو خمس عشرة سنة؛ لما ذكره النجاشي من أن محمد بن الحسن بن
أحمد بن الوليد مات في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة، (2) وموت الكليني في سنة
تسع وعشرين وثلاثمائة، أو ثمان وعشرين وثلاثمائة، ومحمد بن الحسن المشار
إليه يروي عن الصفار كما صرح به الشيخ في الرجال، (3) فرواية الكليني عن الصفار
أولى.
وفيهما نظر.
أما الأول فلأن مساعدة الطبقة إنما تقتضي عدم ممانعة الطبقة عن الرواية، لكنها
لا تكون من باب المقتضي للرواية. كيف! ويحتمل مشاركة غير الصفار للصفار في
الطبقة، وليس مساعدة الطبقة موجبة لتعين محمد بن الحسن في الصفار.
إلا أن يقال: إنه ليس في طبقة الصفار من يشاركه في الاشتهار، فاشتهار
الصفار مع فرض مساعدة الطبقة وعدم مما نعتها عن الرواية يقتضي الظن بكون
المقصود هو الصفار، وفيه الكفاية.
وبما سمعت يظهر الكلام في الثاني.
نعم، يمكن الاستدلال بأن رواية الكليني عن محمد بن الحسن أكثر من أن
تحصى، ولم يقيده في شيء من المواضع بشيء، والظاهر من عدم التقييد رأسا
أن محمد بن الحسن في جميع المواضع واحد، ومن البعيد أن يقتصر الكليني في
الرواية على واحد مجهول، ولم يرو عن الصفار مع كونه من أعاظم المحدثين،
وكتبه معروفة مثل بصائر الدرجات وغيره، بل في كلام الشيخ في الفهرست: أن له

1. الفهرست: 135 / 591.
2. رجال النجاشي: 383 / 1042.
3. رجال الشيخ: 495 / 23.
481

كتبا مثل كتب الحسين بن سعيد وزيادة (1) فالظاهر بالظهور الموفور: أن محمد بن
الحسن المذكور هو الصفار.
إلا أن يقال: إنه ذكر النجاشي والشيخ أنه روى عنه محمد بن الحسن بن
الوليد ومحمد بن يحيي، (2) ولم يذكر أحد منهما رواية الكليني عنه، ومن البعيد
عدم الاطلاع على روايته عنه، وكذا عدم ذكره مع الاطلاع عليه.
والأوجه الاستدلال بأن الكليني قد أكثر في الرواية عن محمد بن الحسن عن
إبراهيم بن إسحاق، وهو: الأحمري، كما في باب قلة عدد المؤمنين من الأصول
في قوله: محمد بن الحسن وعلي بن محمد بن بندار عن إبراهيم بن إسحاق. (3)
ومقتضى كلام الشيخ في الفهرست في ترجمة إبراهيم المذكور: أن محمد بن
الحسن الصفار يروي عنه، حيث قال - بعد أن أورد جملة من كتبه -: أخبرنا
أبو الحسن بن أبي جيد القمي عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن
الحسن الصفار عن إبراهيم الأحمري بمقتل الحسين (عليه السلام) خاصة. (4)
مضافا إلى ما ذكره بعض المتأخرين من التقييد بالصفار في بعض روايات
الكليني عن محمد بن الحسن بتوسط محمد بن يحيي. ولا بعد في رواية الكليني
بلا واسطة ومع الواسطة.
إلا أن يقال: إن عدم البعد غير القرب، والمقصود إنما يحصل بالقرب،
فالتقييد بالصفار في الرواية عن محمد بن الحسن مع الواسطة لا يوجب تقييد
الإطلاق في الرواية بلا واسطة، ولا يوجب الظن بكون المقصود في الرواية

1. الفهرست: 143 / 611.
2. رجال النجاشي: 354 / 948؛ الفهرست: 143، وفيهما: " أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه
عنه... ".
3. الكافي 2: 242، ح 4، باب قلة عدد المؤمنين.
4. الفهرست: 7 / 9 في بعض نسخ الفهرست: " أبو الحسن بن... ".
482

بلا واسطة هو الصفار، فضلا عن اتفاق التقييد بالصفار في رواية الكليني عن
محمد بن الحسن بلا واسطة في أول كتاب الصلاة. (1) وفيه الكفاية.
ويمكن أن يقال: إنه قد اتفق رواية محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن
هاشم في مكاسب التهذيب في بعض أخبار الهدية، (2) فهو ينافي رواية الكليني عن
محمد بن الحسن الصفار؛ لرواية الكليني عن علي بن إبراهيم بن هاشم، (3)
فلا يساعد الطبقة لرواية الكليني عن محمد بن الحسن الصفار.
لكنه مدفوع: بأن رواية الرجل عن الإمام أو عن الرجل بلا واسطة ومع
الواسطة كثيرة، فرواية الكليني عن علي بن إبراهيم بن هاشم غير منافية لروايته
عن إبراهيم بن هاشم، فضلا عمن يروي عن إبراهيم بن هاشم؛ لكون محمد بن
الحسن الصفار في مرتبة علي بن إبراهيم بن هاشم، والمفروض رواية الكليني
عن علي بن إبراهيم بن هاشم.
[في أنه محمد بن الحسن الطائي]
لكن نقول: إنه قد اتفق تقييد محمد بن الحسن بالطائي فيما رواه في الكافي
في باب أن الجهاد الواجب مع من يكون: محمد بن الحسن الطائي عمن ذكره عن
علي بن النعمان عن سويد القلانسي عن بشير الدهان عن أبي عبد الله (عليه السلام). (4)
فيشكل حمل الإطلاق على الصفار وإن يحتمل اتحاد الطائي مع الصفار، حيث إنه
لم يعنون محمد بن الحسن الطائي في الرجال.
إلا أن يقال: إنه يقع التعارض بين التقييد بالصفار والتقييد بالطائي، ويتأتى التساقط.

1. الكافي 3: 265، ح 5، باب فضل الصلاة.
2. تهذيب الأحكام 6: 380، ح 1116، باب المكاسب.
3. الكافي 3: 265، ح 5، باب فضل الصلاة.
4. الكافي 5: 23، ح 3، وفيه: " محمد بن الحسن الطاطري... عن سويد القلانسي ".
483

ويكفي اشتهار الصفار في حمل الإطلاق عليه خاليا عن المعارض. مع أنه
روى في التهذيب عن الكليني عن محمد بن يحيي عن محمد بن الحسين عن
علي بن النعمان عن سويد القلانسي عن الدهان عن أبي عبد الله (عليه السلام). (1)
إلا أن الظاهر [أنه] من باب الاشتباه؛ لمخالفته مع السند المذكور في الكافي
بوجوه.
وبعد ذلك أقول: إنه قد تكرر رواية الكليني عن محمد بن الحسن عن
سهل بن زياد، (2) وكذا تكرر روايته عن علي بن محمد ومحمد بن أبي عبد الله عن
سهل بن زياد. (3)
والمقصود بعلي بن محمد هو: علان، وبمحمد بن أبي عبد الله: محمد بن
جعفر الأسدي، وهما من أعداد عدة سهل بن زياد دلالة على كون المقصود
بمحمد بن الحسن هو الصفار؛ لأنه من أعداد عدة سهل بن زياد.
وكذا الحال في مشاركة محمد بن الحسن مع علي بن محمد ومحمد بن
أبي عبد الله في الرواية؛ لكونهما من شركاء الصفار في الرواية عن سهل بن زياد
في رواية الكليني عن العدة عن سهل بن زياد، فالمقصود بمحمد بن الحسن في
الموارد المذكورة هو الصفار.
ويظهر من ذلك أن المقصود بمحمد بن الحسن في سائر موارد الإطلاق هو
الصفار، بل الموارد المذكورة كثيرة، فمورد الشك يحمل على الغالب ولو كان
محمد بن الحسن في بعض الموارد هو الطائي وكان الطائي مغايرا للصفار.

1. تهذيب الأحكام 6: 134، ح 226، باب من يجب معه الجهاد.
2. منها: ما في الكافي 3: 37، ح 13، باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه.
3. منها: ما في الكافي 3: 39، ح 4، باب الرجل يطأ على العذرة أو غيرها من القذر.
484

تنبيهات
[التنبيه] الأول
[سند رواية " لا يجمع القرآن إلا الأئمة "]
أنه قد روى الكليني - في باب أنه لا يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام)
وأنهم يعلمون علمه كله - عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسين
عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان، عن المنخل عن جابر عن
أبى جعفر (عليه السلام). (1)
وربما حكي عن بعض النسخ: محمد بن الحسين عن محمد بن
الحسين.
وليس بشيء؛ إذ المقصود بمحمد بن الحسن هو الصفار، والمقصود
بمحمد بن الحسين هو محمد بن الحسين بن أبي الخطاب؛ بشهادة
رواية الشيخ في الفهرست عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب بتوسط
محمد بن الحسن، (2) وبشهادة رواية محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن
محمد بن سنان.

1. الكافي 1: 228، ح 12، وفيه: " محمد بن الحسين عن محمد بن الحسين " كما أشار إليه فراجع.
2. الفهرست: 113 / 492 في ترجمة عمر بن أذينة.
485

[التنبيه] الثاني
[الواسطة بين الكليني ومحمد بن الحسن]
أن الكليني قد يروي عن محمد بن الحسن بتوسط محمد بن يحيي،
كما في باب التفويض إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) [حيث] روى عن محمد بن يحيي عن
محمد بن الحسن عن يعقوب بن يزيد عن الحسن بن زياد عن محمد بن الحسن
الميثمي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (1) إلى آخره.
وقد يروي بتوسط أحمد بن محمد، كما في باب خلق أبدان الأئمة، حيث
روى عن أحمد بن محمد عن محمد بن الحسن عن محمد بن عيسى بن عبيد عن
محمد بن شعيب عن عمران بن إسحاق الزعفراني (2) عن محمد بن مروان عن
أبي عبد الله (عليه السلام)، (3) إلى آخره.
وقد يروي بتوسط محمد بن يحيي وأحمد بن محمد، كما في باب ما
يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة، حيث قال: محمد بن يحيى
وأحمد بن محمد عن محمد بن الحسن، عن إبراهيم بن هاشم مثله. (4)
وكما في باب أن الأئمة (عليهم السلام) محدثون، حيث قال: أحمد بن محمد ومحمد بن
يحيى عن محمد بن الحسن عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن إسماعيل قال:
سمعت أبا الحسن (عليه السلام) (5) إلى آخره.
وقد روى عن محمد بن الحسين بتوسط محمد بن يحيى كثيرا، ومنه ما رواه

1. الكافي 1: 268، ح 9، باب التفويض إلى رسول الله....
2. في " ح " و " د ": " والزعفران " وما أثبتناه من المصدر.
3. الكافي 1: 389، ح 2، باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم.
4. الكافي 1: 353، ذيل حديث 8، باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة.
5. الكافي 1: 271، ح 3، باب أن الأئمة (عليهم السلام) محدثون.
486

- في باب ما جاء أن حديثهم صعب مستصعب - عن محمد بن يحيي، عن
محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن جابر عن
أبي جعفر (عليه السلام). (1)
والمقصود بمحمد بن الحسين هو محمد بن الحسين بن أبي الخطاب؛
بشهادة التصريح به في بعض روايات محمد بن سنان، (2) مضافا إلى أنه قد عده
الكشي والسيد السند النجفي ممن روى عن محمد بن سنان، (3) فالمقصود
بمحمد بن الحسين في سائر الموارد هو ابن أبي الخطاب؛ بناء على عدم
إناطة حمل الإطلاق على التقييد باتحاد الراوي والمروي عنه.
وربما قيل: إن رواية الكليني عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن كثير،
ولعله بواسطة اشتباه محمد بن الحسين بمحمد بن الحسن.
وكيف كان، لا بأس برواية الكليني عن محمد بن الحسن مع الواسطة؛ لكثرة
الرواية بلا واسطة ومع الواسطة عن المعصوم (عليه السلام) وعن الراوي.
[التنبيه] الثالث
[في إبراهيم بن إسحاق الذي يروي عنه محمد بن الحسن]
أنه قد أكثر الكليني في الرواية عن محمد بن الحسن وعلي بن محمد بن
بندار، عن إبراهيم بن إسحاق. (4)
والمقصود بإبراهيم بن إسحاق هو الأحمري؛ للتصريح به في مواضع كثيرة.

1. الكافي 1: 401، ح 1، باب ما جاء أن حديثهم صعب مستصعب.
2. تهذيب الأحكام 6: 312، ح 863، باب من الزيادات في القضايا والأحكام.
3. رجال الكشي 1: 123 / 55؛ رجال السيد بحر العلوم 3: 269.
4. الكافي 2: 242، ح 4، باب في قلة عدد المؤمنين.
487

مضافا إلى أن الشيخ قال في الفهرست في ترجمة إبراهيم بن إسحاق
الأحمري - بعد أن أورد جملة من كتبه -: أخبرنا بها أبو الحسن بن أبى جيد القمي
عن محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم الأحمري. (1)
ومقتضاه كون المقصود بإبراهيم بن إسحاق المطلق في رواية محمد بن
الحسن - المحمول على الصفار - عن إبراهيم بن إسحاق هو: الأحمري
[التنبيه] الرابع
[في علي بن محمد الذي يروي عنه محمد بن الحسن]
أنه قد يروي محمد بن الحسن الصفار عن علي بن محمد، كما في التهذيب
في كتاب الجهاد في باب قتال أهل البغي. (2)
وربما يتوهم أن المقصود بعلي بن محمد هو علان بملاحظة أنهما في
طبقة واحدة، كما يرشد إليه كونهما من أعداد عدة سهل بن زياد، نظير رواية
علي بن محمد - المذكور - عن محمد بن جعفر الأسدي، وهو أيضا من أعداد
عدة المذكورة، كما مر.
لكنه يندفع بأن المقصود بعلي بن محمد هو القاشاني؛ للتصريح به في
أسانيد متعددة في جهاد التهذيب، (3) هذا.
وربما روى في جهاد التهذيب - في باب الدعوة إلى الإسلام - بالإسناد عن
محمد بن الحسن وعلي بن محمد القاشاني عن القاسم بن محمد، (4) نظير رواية

1. الفهرست: 7 / 9.
2. تهذيب الأحكام 6: 144، ح 246، باب قتل أهل البغي من أهل الإسلام.
3. تهذيب الأحكام 6: 136، ح 230، باب أصناف من يجب جهاده.
4. تهذيب الأحكام 6: 141، ح 239، باب الدعوة إلى الإسلام.
488

علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن العدة عن سهل بن زياد.
[التنبيه] الخامس
[في ضعف سهل وعدمه]
أنه قد حكم الفاضل الأسترآبادي بأنه لما اشتمل عدة سهل بن زياد على
محمد بن الحسن الصفار ومحمد بن جعفر الأسدي، فلا يضر إذن ضعف
سهل بن زياد مع وجود ثقة في مرتبته. (1)
أقول: إن الذي يظهر في ظاهر الأنظار أن الغرض أنه لما فرض وجود
الصفار والأسدي في العدة وضعف سهل لا يضر باعتبار الخبر مع فرض
وجود الثقة - أي: الصفار والأسدي - في مرتبة سهل. لكنه في غاية
الوضوح من الفساد؛ لظهور تقدم الصفار والأسدي على سهل، بحيث لا مجال
فيه للشك والارتياب.
والظاهر بل بلا إشكال أن الغرض أنه لما فرض وجود الصفار والأسدي في
العدة، وضعف سهل لا يضر باعتبار الخبر لو فرض وجود الثقة في مرتبة سهل،
بأن كانا متشاركين في الرواية، فالغرض من فرض وجود الثقة إنما هو تجديد
الفرض، أي: فرض وجود ثقة آخر من الخارج غير الصفار والأسدي، لا فرض
المفروض، أي: وجود الصفار والأسدي.
ومن ذلك الباب ما رواه في الكافي - في باب مدمن الخمر من كتاب الأشربة -
عن عدة من الأصحاب عن سهل بن زياد ويعقوب بن يزيد. (2)
ويرشد إلى ما ذكر، أنه لو كان الغرض فرض المفروض لقال: " لوجود ثقة في

1. منهج المقال: 401.
2. الكافي 6: 405، ح 9، باب مدمن الخمر.
489

مرتبته لا " مع وجود ثقة في مرتبته ".
وقد حكى الوجه المذكور عمن سمع منه في الحاشية تمثيلا بما رواه الكليني
- في باب تنقل أحوال القلب - عن علي بن إبراهيم عن أبيه، وعدة من أصحابنا
عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد. (1)
وما رواه - في الباب المتعقب لذلك الباب، أعني: باب الوسوسة وحديث
النفس - عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيي عن أحمد بن
محمد جميعا عن علي بن مهزيار قال: كتب رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام)، (2) إلى آخره.
لكنك خبير باحتمال كون محمد بن يحيى معطوفا في السندين على
علي بن إبراهيم والعدة، لا على سهل بن زياد، كيف! ورواية الكليني عن
علي بن إبراهيم كثيرة، مع أن إناطة عدم الإضرار بوجود الثقة إنما يتأتى
بناء على عدم اعتبار العدالة في اعتبار الخبر. وليس بالوجه، على أن وجود
الثقة في عرض سهل لا يكفي في اعتبار الخبر؛ لاحتمال ضعف بعض من كان
فوق سهل، فكان المناسب أن يقول: " مع فرض وجود ثقة في مرتبته، ووثاقة
جميع من فوقه " لا " وفيمن فوقه " لأن مقتضاه كفاية مجرد وثاقة بعض رجال من
فوقه، وهو كما ترى.
[التنبيه] السادس
[في اتحاد الصفار مع ابن فروخ وغيره]
إن مقتضى ما صنعه ابن داود: اشتراك محمد بن الحسن الصفار بين ابن فروخ
وغيره، حيث إنه عنون محمد بن الحسن بن فروخ، وذكر أن له كتبا مثل كتب

1. الكافي 2: 423، ح 1، باب تنقل أحوال القلب.
2. الكافي 2: 425، ح 4، باب الوسوسة وحديث النفس.
490

الحسين بن سعيد، (1) ثم عنون محمد بن الحسن بن فروخ الصفار، وحكم بأنه
ثقة، (2) ومقتضاه اشتراك محمد بن الحسن بين الثقة والممدوح.
وجرى شيخنا البهائي في بعض تعليقات أربعينه على طرح الاتحاد، وحكم
بأن ابن داود واهم في كلامه. (3)
ومال إليه الفاضل الأسترآبادي، (4) وكذا السيد السند التفرشي، (5) إلا أن الأول لم
يقنع بعنوان، وكان المناسب بعد الميل إلى الاتحاد اتحاد العنوان.
والأظهر: القول بالاتحاد؛ حيث إن منشأ تعدد العنوان في كلام ابن داود إنما
هو الجمع بين ما عنونه النجاشي من محمد بن الحسن بن فروخ الصفار (6) وما
عنونه الشيخ في الرجال والفهرست من محمد بن الحسن الصفار، (7) ولا خفاء في
أن الظاهر بظهور قوي اتحاد العنوان.

1. رجال ابن داود: 169 / 1353.
2. رجال ابن داود: 170 / 1359.
3. الأربعون حديثا: 195 في الهامش.
4. منهج المقال: 291 و 293.
5. نقد الرجال 4: 181 / 4603 / 247.
6. رجال النجاشي: 354 / 948.
7. رجال الشيخ: 436 / 16، الفهرست: 143 / 621.
491

[فوائد]
فائدة [1]
[حمل المشترك على المشتهر فيه]
إذا كان المشترك مشهورا في بعض أفراد الاشتراك من الرواة فلابد من حمل
المشترك على الفرد المشتهر فيه المشترك، سواء كان الاشتراك في الاسم أو الكنية
أو اللقب.
لكن مقتضى غير واحد من كلمات المحقق القمي: عدم جواز الاعتماد على
انصراف المشترك إلى أحد معانيه، كما قال في بحث التبادر من أن المشترك إذا
اشتهر في أحد معانيه مثل العين في الباصرة، أو هي مع الينبوع، أو هي مع
الذهب، فإنه لا ريب في أنه [عند] إطلاقها ينصرف الذهن إلى أحد المذكورات،
لا إلى غيرها من المعاني، ومع ذلك فلا يجوز الاعتماد على هذا الانصراف. (1)
وما قاله في بحث الاستثناء الوارد عقيب الجمل المتعددة من أن أغلبية
استعمال بعض معان المشترك لا توجب ترجيح إرادته، وإن بادر الذهن إلى
انفهامه عند الإطلاق؛ بل قال: ولم نقف على قائل بالاعتماد على تبادر الذهن إلى

1. القوانين المحكمة 1: 17، وما بين المعقوفين يقتضيه السياق، وكما هو في المصدر.
493

انفهام بعض معان المشترك عند الإطلاق. (1)
وعلى ذلك المجرى جرى في المطلق بالنسبة إلى الفرد الشائع.
ويظهر تحرير الحال بملاحظة ما حررناه في بحث المطلق في الأصول، وكذا
ما حررناه في الرسالة المعمولة في حجية الظن.
هذا على تقدير اتحاد الاشتراك، وأما على تقدير تعدد الاشتراك - كما لو
اشترك الاسم والكنية معا مثلا - فهل الاشتهار في الاسم - مثلا - يقتضي حمل
الكنية على المشهور، أو لابد في حمل الكنية على المشهور من اشتهار الكنية؟
وبوجه آخر: هل يشترط في حمل المشترك على المشهور اتحاد مورد
الاشتراك والاشتهار، أو يكفي الاشتهار في الجملة؟
وبوجه ثالث: هل يشترط في حمل المشترك على المشهور اشتهار المشهور
باللفظ المحمول على المشهور، أو يكفي مجرد اشتهار المشهور ولو بغير اللفظ
المحمول على المشهور؟ مثلا: اشتهار أحمد بن محمد بن عيسى [هل] يكفي في
حمل أبي جعفر - وهو كنية أحمد بن محمد بن عيسى - [عليه] كما يكفي في
حمل أحمد بن محمد عليه، أو لابد في حمل أبي جعفر على أحمد بن محمد بن
عيسى من اشتهار أبي جعفر في أحمد بن محمد بن عيسى؟
لعل الأظهر: القول بالاشتراط، كيف أولو كان للشخص المشهور كنية
لا يعرفها أحد، لا تنصرف الكنية إلى الشخص المشهور، ولا يحملها عليه أحد.
فائدة [2]
[حمل المشترك على المعين بواسطة التقييد]
إذا تعين المشترك في بعض أفراد الاشتراك في بعض الموارد بواسطة التقييد

1. القوانين المحكمة 1: 295.
494

ببعض القيود، فيحمل المشترك على المعين في سائر الموارد، نظير حمل المطلق
على المقيد؛ لحصول الظن بالتعيين، وقضاء فهم أهل العرف به، نظير حصول
الظن بالتقييد وقضاء فهم أهل العرف به في باب حمل المطلق على المقيد.
ومن ذلك حمل أحمد بن محمد المذكور في صدر سند الكافي - كثيرا - على
العاصمي بواسطة التقييد بالعاصمي (1) ونحوه - كالكوفي (2) وابن أبي عبد الله - (3) في
بعض الموارد.
هذا، ولو كانت الكنية - مثلا - مشتركة بين أشخاص وذكر اسم بعض
الأشخاص في بعض الموارد، فيحمل الكنية في سائر الموارد على المسمى
بالاسم مع مساعدة الطبقة؛ لحصول الظن بذلك، نظير حمل المطلق على المقيد
فيما لو قيل: " أكرم رجلا " ثم قيل: " أكرم زيدا ".
ومن ذلك حمل أبي علي الأشعري المذكور في صدر سند الكافي - كثيرا -
على أحمد بن إدريس؛ لوقوعه في صدر سند الكافي، بل هو كثير أيضا، وقد
صرح في الخلاصة باشتراك أبي علي بين أحمد بن إدريس وغيره. (4)
وبما ذكر يظهر الحال فيما لو لم يثبت الاشتراك لكن احتمل الاشتراك، بل
الأمر فيه أظهر.
ثم إن الظاهر اطراد حمل المشترك على المعين مع اختلاف الراوي والمروي
عنه أو اختلاف الكتاب، كما لو وقع المشترك في التهذيب، والمقيد ببعض القيود
في التهذيب أو الاستبصار، بل على ذلك بناء أهل الرجال بلا إشكال.

1. الكافي 4: 465، ح 9، باب الوقوف بعرفة وحد الموقف.
2. الكافي 2: 275، ح 29، باب الذنوب.
3. الكافي 3: 171، ح 2، باب من يتبع جنازة ثم يرجع؛ و ج 3، ص 476، ح 1، باب صلاة الحوائج؛ و ج
4: 2، ح 3، باب فضل الصدقة.
4. خلاصة الأقوال: 269 / 2 الفائدة الأولى.
495

وأيضا لو تعارض الاشتهار والتقييد، فهل يحمل المشترك على المشهور، أو
على المقيد؟ للخيال مجال، لكن الحمل على المشهور لعله لا يبعد.
هذا على تقدير اتحاد القيد، وأما لو وقع التقييد بالمشهور تارة وبغيره أخرى
- كما في محمد بن الحسن صدر سند الكافي - فالأظهر: الحمل على المشهور.
[التعارض بين التقييد والغلبة]
وأيضا قد يقع التعارض بين التقييد والغلبة، كما في أحمد بن محمد
العاصمي، حيث إنه قد وقع في بعض روايات الكافي الرواية عن أحمد بن محمد
مع سبق أحمد بن محمد بن عيسى بتوسط محمد بن يحيى مثلا، فيقع الإشكال
في أن المقصود بأحمد بن محمد في صدر السند هو العاصمي - كما هو مقتضي
التقييد بالعاصمي ونحوه في طائفة من الموارد - أو أحمد بن محمد بن عيسى
المروي عنه في السند السابق بتوسط محمد بن يحيى، كما هو مقتضى غلبة إعادة
الجزء الأخير من الكليني في طائفة الأجزاء الواقعة في صدر السند، على القول
بكون الأمر من باب الإعادة، كما نص عليه جماعة، كشيخنا البهائي في مشرقه، (1)
وصاحب المنتقى، (2) ونجله في تعليقات الاستبصار، (3) والمولى التقي المجلسي (4)
والسيد السند الجزائري، (5) بل هو المحكي في كلام صاحب المنتقى ونجله عن
طريقة القدماء، وهو الأظهر، أو القول بكون الرواية السابقة كالرواية اللاحقة
مأخوذة من صدر سند الرواية اللاحقة، فالواسطة بينه وبين الكليني من باب
مشايخ الإجازة، إلا أنها ذكرت تارة وتركت أخرى، كما يقتضيه بعض كلمات

1. مشرق الشمسين: 101.
2. منتقى الجمان 1: 23 الفائدة الثالثة.
3. استقصاء الاعتبار 1: 184.
4. انظر روضة المتقين 14: 334.
5. انظر حاوي الأقوال 4: 450 التنبيه الثالث.
496

العلامة المجلسي في أربعينه، لا القول بكون الأمر من باب الإرسال، كما هو
مقتضى بعض كلمات العلامة البهبهاني في باب الكني في ترجمة أبي داود، (1)
ونقله في المنتقى عن بعض. (2)
والمناسب حوالة الحال إلى القرينة، فلو قام القرينة على كون المدار على
التقييد أو الغلبة، فلابد من متابعة القرينة، وإلا فلابد من التوقف، لكن جرى
المولى التقي المجلسي على متابعه الغلبة. (3)
وقد حررنا الحال في الرسالة المعمولة في أحمد بن محمد المذكور في صدر
سند الكافي وغيرها.
وأيضا لو قيل كثيرا: " حسن بن محمد بن سماعة الهمداني " أو كان سماعة
مشهورا في ابن مهران، وهو غير والد الحسن الهمداني، أو كان سماعة بن مهران
له ابن أيضا يسمى بالحسن، وقيل: " حسن بن سماعة " فهل يبنى على كثرة التقييد
في المضاف، أو الاشتهار في المضاف إليه؟
الأظهر: البناء على التقييد؛ نظرا إلى تطرق الفتور في ظهور المضاف إليه في
ابن مهران؛ إذ المفروض أن الحسن الهمداني غير ابن مهران، وهو يستلزم كثرة
استعمال المضاف إليه في غير المشهور، فكثرة استعمال المضاف إليه في موارد
التقييد توجب تطرق الفتور في ظهور المضاف إليه في المشهور، فيبقى ظهور
المضاف في المقيد خاليا عن المعارض.
ولعل الحال على ما ذكر فيما لو تطرق التقييد على المضاف لكن لا على وجه
الكثرة.
وأيضا قد يتعدد القيد مع التنافي في البين، كما يقيد أحمد بن محمد تارة

1. تعليقات الوحيد على منهج المقال: 389.
2. منتقى الجمان 1: 23، الفائدة الثالثة.
3. انظر روضة المتقين 14: 334.
497

بابن عيسى، وأخرى بابن خالد، فيتأتى الإجمال في موارد الإطلاق مع اتحاد
الراوي والمروي عنه في موارد التقييد وإن اختلف الراوي والمروي عنه في موارد
التقييد، فلابد من البناء على كل واحد من القيد المتعدد في الموارد المشابهة من
موارد الإطلاق لموارد التقييد من حيث الراوي أو المروي عنه، ويزيد غرض
الإجمال لو كان المشهور شخصا ثالثا لو لم نقل بتقدم المشهور.
ولو تعدد القيد مع عدم التنافي في البين، كما لو قيد شخص تارة ببلده،
وأخرى بلقبه، فالأمر من باب القيد المتحد.
لكن يتأتى الإشكال في صورة التنافي في البين، بأنه لو لم يشترط في التقييد
اتحاد الراوي والمروي عنه، فلابد على ذلك من الإجمال في موارد الإطلاق ولو
في الموارد المشابهة منها لموارد التقييد من حيث الراوي والمروي [عنه].
إلا أن يقال: إن الظاهر في الموارد المشابهة: التقييد عرفا وإن كان مقتضى
حمل الإطلاق على التقييد: تطرق الإجمال في المقام على الإطلاق، فلو كان
الراوي والمروي عنه في رواية أحمد بن محمد هو الراوي والمروي عنه في رواية
أحمد بن محمد بن عيسى أو أحمد بن محمد بن خالد، فالظاهر أن المقصود
بأحمد بن محمد هو أحمد بن محمد بن عيسى، أو أحمد بن محمد بن خالد وإن
كان مقتضى حمل الإطلاق على التقييد: تطرق الإجمال.
وبعبارة أخرى: المدار على فهم العرف، وكما يفهم في العرف التقييد في
الموارد المشابهة من حيث الراوي والمروي عنه، وكان من شأن اختلاف الراوي
والمروي عنه الممانعة عن التقييد، كذا يفهم في العرف التقييد في الموارد
المشابهة من حيث الراوي والمروي عنه، وإن كان من شأن انفهام التقييد مع
وحدة القيد واختلاف الراوي والمروي عنه الممانعة عن التقييد في الموارد
المشابهة.
وأيضا لو ذكر الراوي تارة مسبوقا برواية الراوي عنه تارة على وجه الإطلاق،
498

وأخرى مقيدا بقيد، وأخرى غير مسبوق برواية الراوي عنه، بأن كان صدر السند،
أو مسبوقا برواية راو آخر عنه مقيدا بقيد آخر، فيبنى في الإطلاق على التقييد
بالقيد الأول؛ لحركة الظن إليه؛ لفرط المشابهة بين صورة الإطلاق وصورة التقييد.
إلا أن يقال: إنه بناء على عدم ممانعة اختلاف الراوي عن التقييد يتطرق
التعارض بين القيدين.
ومزيد الكلام موكول إلى ما حررناه في رواية محمد بن علي بن محبوب
عن محمد بن يحيي في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في
محمد بن زياد.
فائدة [3]
[في شرح " بو "]
ربما قيل في بعض التراجم: بو.
وهو بفتح الباء الموحدة وتشديد الواو بمعنى: الأحمق، كما ذكره في
القاموس من معنى البو. (1)
ونظيره ما في ترجمة عبد الله بن مسعود حيث روى الكشي عن الفضل بن
شاذان: أنه خلط، (2) وهو بكسر الخاء المعجمة بمعنى الأحمق، كما ذكره في
القاموس من معاني الخلط بالكسر، (3) وفي ترجمة معاوية بن عمار: أنه ضعيف
العقل. (4)

1. القاموس المحيط 4: 307 (بو).
2. رجال الكشي 1: 178 / 78.
3. القاموس المحيط 2: 371 (خلط).
4. حكاه في خلاصة الأقوال: 166 / 1 عن علي بن أحمد العقيقي.
499

فائدة [4]
[في مدح المأخوذ في تعريف الحديث الحسن]
المدح المأخوذ في تعريف الحديث الحسن يتأتى الكلام فيه في مقامات:
[المدح ب‍ " له كتاب "]
أحدها: أن المدح بنحو: " له كتاب " يوجب حسن الحديث، أو المدار في
المدح - الموجب لحسن الحديث - على ما كان مفيدا للظن بصدق الراوي
وصدور الحديث، نحو: " صدوق "؟.
وعلى الأول هل يختص اعتبار الحديث بما لو كان المدح موجبا للظن
بالصدور، أو يطرد الاعتبار فيما لو كان المدح بنحو: " له كتاب "؟
أقول: إن الأظهر اطراد الحسن اصطلاحا فيما لو كان المدح بنحو: " له كتاب "
- حيث إن مقتضى صريح بعض الكلمات اطراد الحسن فيما لو كان المدح بنحو:
" له كتاب " المأخوذ في تعريف الحسن للمدح بنحو: " له كتاب " - محل الإشكال،
بل الظاهر الانصراف إلى ما يفيد الظن بالصدور بل المدح، وإن أمكن الإشكال فيه
بأن شمول المدح بنحو: " له كتاب " إنما يكون وقوعه نادرا في العرف، والغالب
مما يقع في العرف ما يكون مفيدا لاعتبار الممدوح، وكلام بعض من أرباب
الاصطلاح لا يكشف عن مشاركة غيره، فلا يكشف عن حال الاصطلاح، فلا
يكشف كلام البعض في المقام عن اطراد الاصطلاح.
إلا أن يقال: إن كلام بعض أرباب الاصطلاح يكشف عن حال الاصطلاح؛ إذ
الظاهر إصابة البعض، فالظاهر مشاركة غير البعض مع البعض، فالظاهر في المقام
اطراد الاصطلاح.
وعلى أي حال لا إشكال في اختصاص الاعتبار بما لو كان المدح مفيدا للظن
500

بالصدور ولو بناء على كفاية الظن النوعي في السند؛ لاختصاص القول بكفاية
الظن النوعي في السند بالخبر الصحيح، فلا يتأتى الاعتبار لو كان المدح بنحو: " له
كتاب " أو " فاضل " وإن قيل بدلالة الأخير على العدالة.
هذا، وقد عد الفاضل الخواجوئي في أربعينه ورسالته المعمولة في صلاة
الجمعة مما يفيد المدح كون الراوي راويا عن واحد أو غير واحد أو جماعة من
الأئمة (عليهم السلام)، وكذا كونه صاحب أصل أو كتاب؛ نظرا إلى أنه لولاه يلزم أن يكون
رجال الشيخ وفهرسته بلا فائدة، فإنه لا يذكر في الأكثر إلا الرجل ووالده وموضعه
وصنعته وكونه من أصحاب بعض الأئمة اكتفاء في ذلك.
ونظيره ما ذكره من أنه لو لم يكن نصر بن صباح ثقة معتمدا عليه، يلزم أن
يكون كتاب الكشي في الأكثر بلا فائدة؛ لأنه قد أكثر النقل عنه.
والظاهر بل بلا إشكال أن غرضه كون الأمور المذكورة موجبة للمدح
الموجب لاعتبار الخبر والظن بالصدور. وهو كما ترى.
ومع هذا إطلاق المدح على تلك الأمور مورد المؤاخذة، ويظهر الحال بما مر.
ومع هذا طائفة من كتب الرجال من قبيل كتب التاريخ، ولهذا ربما عيب على
بعض بأنه من أهل التاريخ لا الرجال، فلا بأس بعدم ترتب فائدة على رجال
الشيخ، كما لا تترتب فائدة على كتب التاريخ، مع أن مجرد الاطلاع على كون
الراوي من أصحاب أي من الأئمة (عليهم السلام) ينفع في عدم اعتبار الرواية لو كانت مروية
عن غير من كان الراوي من أصحابه (عليه السلام).
وأما الفهرست فكان الغرض من تأليفه ضبط أرباب الكتاب من الرواة، كما
هو مذكور في فاتحة الكتاب، أعني: الفهرست، (1) فليس الغرض من ذكر الكتاب
في ترجمة الراوي إظهار حسنه.

1. الفهرست: 1.
501

وأما دلالة كون الراوي صاحب الأصل على المدح أو الوثاقة أو عدمها، فقد
حررنا الكلام فيه في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في أن
معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة متحدان أو مختلفان؟
[المدار في المدح]
ثانيها: أن المدار في المدح على اعتقاد المترجم، أو اعتقاد المجتهد؟
أقول: إنه لا إشكال في عدم اعتبار الخبر لو لم يتأت المدح باعتقاد المجتهد،
ولم يكن ما ذكر إفادة للمدح موجبا للظن بالصدق كالصدق، كما اتفق في حق
بعض الرواة، كما حررناه في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة
في رواية الكليني عن أبي داود لو قلنا بخلو الصدق عن القبح دون اشتماله على
الحسن، فيتأتى اعتبار الخبر ولو لم يكن من باب الحسن، لكن حينئذ يزيد قسم
آخر في أقسام الخبر.
إلا أن يقال: إن الصدق بنفسه وإن لم يشتمل على الحسن، لكن توصيف
الرجل بأنه صادق يكون المقصود به المداومة على التحرز من القبيح، أي
الكذب، وهي من باب الحسن، كما يرشد إليه توصيف الله سبحانه إبراهيم
وإدريس على نبينا وآله وعليهما السلام ب‍ " الصديق " (1) بل لا إشكال في أن المداومة
على التجنب عن القبيح من باب الحسن.
كيف! ولا تتيسر المداومة إلا بزيادة حسن الفطرة ونقاء الباطن أو زيادة
المجاهدة.
هذا بناء على كون " الصديق " بمعنى كثير الصدق، لكنه قد يفسر بكثير
التصديق للحق من غيوب الله تعالى وآياته وكتبه ورسله. (2)

1. مريم (19): 41 و 56.
2. انظر مجمع البيان 3: 516.
502

وأما توصيف إسماعيل على نبينا وآله وعليه السلام بأنه (كان صادق الوعد) (1)
فعن مولانا الرضا (عليه السلام): " أنه واعد رجلا أن ينتظره في مكان ونسي الرجل، فانتظره
سنة حتى أتاه الرجل " (2) فالمدح - المستفاد من الآية - على الصدق إنما هو على فرد
مخصوص يختص مثله بالأنبياء.
وقد ذكر البيضاوي أنه وعد الصبر على الذبح بقوله: (ستجدني إن شاء الله من
الصبرين). (3)
لكن هذا مبني على كون المقصود بإسماعيل هو نجل إبراهيم على نبينا وآله
و عليه السلام، ومقتضى أخبار متعددة: أن المقصود هو إسماعيل بن حزقيل. (4)
وأما قوله سبحانه: (وجعلنا لهم لسان صدق عليا) (5) فقد فسره الطبرسي بالثناء
الحسن في الناس، (6) كما أنه فسر قوله سبحانه: (واجعل لي لسان صدق في
الأخرين) (7) بالثناء الحسن في آخر الأمم والذكر الجميل، والقبول العام في الذين
يأتون من بعد إلى يوم القيامة. (8)
[إشكال خروج كثير من أفراد الحسن عن الحسن]
ثالثها: أنه يتطرق الإشكال بناء على اعتبار المدح في حسن الحديث بلزوم
خروج كثير من أفراد الحسن عن الحسن؛ إذ كثير من الأمور يوجب حسن

1. مريم (19): 54.
2. مجمع البيان 3: 516 وفيه: "... ذلك مروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ".
3. تفسير البيضاوي (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) 4: 10 في ذيل الآية 102 من سورة الصافات
4. أنظر مجمع البيان 3: 518.
5. مريم (19): 50.
6. مجمع البيان 3: 517.
7. الشعراء (26): 84.
8. مجمع البيان 4: 194.
503

الحديث واعتباره، ولا يصدق " الحسن " على الخبر بناء على اعتبار المدح في
تعريف الحسن، مع أن الخبر عندهم معدود من الحسن بلا كلام، سواء كان ما
يوجب الحسن والاعتبار من باب اللفظ، نحو الترحم والترضي -، كما في
الحسين بن إدريس؛ حيث إنه حكى المولى النقي المجلسي: أن الصدوق ترحم
عليه عند ذكره أزيد من ألف مرة، (1) وكذا حمزة بن محمد القزويني؛ حيث إنه
حكى المولى المشار إليه: أن الصدوق ترحم عليه وترضى له كلما ذكره (2) - أو كان
من غير اللفظ، نحو كون الراوي وكيلا لأحد من الأئمة عليهم السلام، أو كونه
ممن تترك رواية الثقة لروايته، أو تؤول محتجا بروايته مرجحة على رواية الثقة،
أو يخصص بروايته الكتاب، كما اتفق كثيرا - نقلا - أو كونه كثير الرواية، أو رواية
الثقة عنه، أو رواية الأجلاء عنه، أو كونه ممن يروي عن الثقات، أو كونه ممن
أخذ توثيقه وعمل به، أو اعتماد القميين عليه، أو كون رواياته كلا أو جلا مقبولة.
فالأحسن جعل المدار في الحسن على كون بعض رجال الخبر موصوفا
بالحسن، وبعبارة أخرى: موصوفا ببعض أسباب اعتبار القول، والظن بالصدق.
وإن قلت: إن أخذ الحسن في تعريف الحسن يوجب الدور.
قلت: إن الحسن في جانب الحد هو الحسن اللغوي، والحسن في جانب
المحدود هو الحسن الاصطلاحي، فاختلف الطرفان، فلا يتأتى الدور.
[إشكال خروج جميع أفراد المحدود عن الحد]
رابعها: أنه يتطرق الإشكال بناء على اعتبار المدح في تعريف الحسن: بلزوم
خروج جميع أفراد المحدود عن الحد، ودخوله في الصحيح بناء على كون
المدار في العدالة على حسن الظاهر في كاشف العدالة، كما هو - أعني الكفاية -

1. روضة المتقين 14: 66، وفيه: " الحسين بن أحمد بن إدريس ".
2. روضة المتقين: 14: 360.
504

منصور المشهور من الطائفة، بل نقل عليه الشهرة العظيمة التي كادت تكون
إجماعا، (1) بل يطرد الإشكال بناء على اعتبار الحسن في تعريف الحسن.
ومن ذلك أن السيد السند النجفي حكم بأن الحسن يشارك الصحيح في أصل
العدالة، وإنما يخالفه في الكاشف عنها، فإنه في الصحيح هو التوثيق أو ما يستلزم
له، بخلاف الحسن، فإن الكاشف فيه حسن الظاهر المفيد للعدالة ولو من باب
الكشف عن العدالة، وبهذا دفع التنافي بين القول بحجية الخبر الحسن مع القول
باشتراط العدالة في اعتبار الخبر، كما هو المشهور. (2)
أقول: إنه لا إشكال في أن المدح لا يستلزم العدالة ولو من باب إفادة حسن
الظاهر وكفايته في العدالة وفي كاشف العدالة؛ لإمكان أن يكون المدح بنحو:
" فاضل " أو نحو: " له كتاب " بناء على شمول المدح المعتبر في تعريف الحسن
للأخير، فلا مجال للإشكال بلزوم خروج جميع أفراد المحدود ودخوله في
الصحيح، بل المدح المأخوذ في تعريف الحسن إنما ينصرف إلى مالا يفيد
العدالة ولو من باب إفادة حسن الظاهر؛ بناء على كفاية حسن الظاهر في أصل
العدالة أو في الكاشف عنها، بقرينة مقابلة الصحيح بالحسن.
إلا أن يقال: إن الانصراف المذكور محل المنع، كيف! وقد تقدم دعوى
انصراف المدح إلى ما يفيد الظن بالصدق، بل تعداد طائفة من الألفاظ مما يفيد
حسن الظاهر في عداد ألفاظ المدح يكشف عن عموم المدح المأخوذ في
تعريف الحسن لما يفيد حسن الظاهر، فلابد من تقييد المدح المأخوذ في
تعريف الحسن بما لا يفيد العدالة، بناء على كفاية حسن الظاهر في العدالة أصلا
أو كشفا، بل الألفاظ عند أهل الدراية بين ما يكون صريحا في العدالة، نحو: " ثقة "
و " عدل " وما يكون ظاهرا في العدالة، نحو: " عظيم المنزلة " وما يدل على المدح

1. لتسهيل الخطب انظر رسالة في العدالة للشيخ الأنصاري (تراث الشيخ الأعظم 23): 24.
2. رجال السيد بحر العلوم 1: 460 - 461 في ترجمة إبراهيم بن هاشم.
505

الخالص، نحو: " فاضل " وما يدل على الذم.
والظاهر بل بلا إشكال أن المدار عندهم فيما يكون ظاهرا في العدالة على
صحة الحديث، لا حسنه؛ لاعتبار اللفظ فيما يكون ظاهرا فيه، كاعتباره فيما يكون
صريحا فيه، فلابد من التقييد المشار إليه.
إلا أن يقال: إن الظهور في العدالة بتوسط الخارج، لا بواسطة اللفظ، فلا يتأتى
اعتبار الظهور في العدالة.
لكن نقول: إنه لو تم هذا المقال، فدلالة تعداد طائفة من الألفاظ المفيدة
لحسن الظاهر في عداد ألفاظ المدح على عموم المدح المأخوذ في تعريف
الحسن على حالها، فلات حين مناص عن التقييد المشار إليه.
إلا أن يقال: إن التقييد يوجب ضيق دائرة الحسن، وخروج كثير من الأخبار
عن تحت الحسن وهو خلاف طريقتهم.
إلا أن يقال: إنه لا بأس بتطرق الضيق على دائرة الحسن، غاية الأمر تطرق
الإشكال على طريقة المشهور من الأعلام، وليس هذا أول قارورة انكسرت في
الإسلام.
لكن نقول: إن حق المقال أن يقال: إن الظاهر بل بلا إشكال أن المدار في
حسن الظاهر - المذكور في كلام المشهور - على حسن الظاهر المعلوم برأي
العين، فإنه المقصود بحسن الظاهر في كلماتهم، لكن في حكم حسن الظاهر
المعلوم برأي العين حسن الظاهر المعلوم بالسمع؛ قضية حجية العلم. وأما
الحسن الظاهر المظنون بتوسط الخبر، ولا سيما لو كان مستفادا من الخبر بالتبع
- كما في موارد المدح بمثل " عظيم المنزلة " - فلم تثبت قناعة المشهور به في
العدالة، فلم يثبت اطراد العدالة من باب حسن الظاهر في موارد المدح رأسا.
وإن قلت: إن مقتضى قوله (عليه السلام) في صحيحة ابن أبي يعفور: " فإذا سئل عنه في
506

محلته قالوا: ما علمنا منه إلا خيرا " (1) كفاية الإخبار، فمقتضى كفاية حسن الظاهر في
العدالة كفاية الإخبار بحسن الظاهر بتوسط المدح.
قلت: إن هذه الفقرة إنما هي مذكورة في الفقيه، وأما رواية التهذيب
والاستبصار فالمأخوذ فيها تعاهد الجماعة في الأوقات الثلاثة، (2) وليست تلك
الفقرة مذكورة فيها، مع أن مقتضى تلك الفقرة إنما هو حصول العلم بحسن
الظاهر؛ إذ لو سئل عن جميع أهل القبيلة والمحلة وقالوا: " ما علمنا منه إلا خيرا ".
يحصل العلم بحسن الظاهر؛ على أن غاية الأمر مداخلة السمع بانضمام العين
برؤية المواظبة على الصلوات بالجماعة، والكلام في المقام في صورة اختصاص
الحال بقرع السمع فقط؛ لانحصار الأمر في الإخبار.
مضافا إلى أن مقتضى تلك الفقرة إنما هو استفادة حسن الظاهر في المقام
بالتبع. لكن نقول: إنه بناء على كفاية الظن في الرجال يثبت حسن الظاهر في
المقام، فلابد من تقييد المدح المأخوذ في تعريف الحسن بمالا يفيد العدالة.
بقي الكلام فيما صنعه السيد السند النجفي.
أقول: إن دعوى استلزام المدح للعدالة من السيد السند المشار إليه يظهر
ضعفها بما مر من عدم اختصاص ألفاظ المدح بما يفيد العدالة؛ بناء على كفاية
حسن الظاهر في أصل العدالة أو في كاشف العدالة، نحو: " فاضل " بل كفاية نحو:
" له كتاب " في باب المدح.
وأيضا مقتضى كلامه أن المدار في الفرق بين الصحيح والحسن على ذكر
التوثيق في باب الصحيح، وعدمه في باب الحسن، مع اشتراك الصحيح والحسن

1. الفقيه 3: 24، 65، باب العدالة؛ الوسائل 27: 391، أبواب الشهادات، باب ما يعتبر في الشاهد من
العدالة، ح 1.
2. تهذيب الأحكام 6: 241، ح 596، باب البينات؛ الاستبصار 3: 12، ح 33، باب العدالة المعتبرة في
الشهادة.
507

في العدالة، وهو خلاف ما تقتضيه كلماتهم؛ إذ مقتضى كلماتهم أن المدار في
الفرق على ثبوت العدالة في الصحيح، وعدمها في الحسن، كيف لا! والمأخوذ
في تعريف الصحيح عدالة الراوي لا توثيقه، فلابد من ابتناء الحسن على عدم
ثبوت العدالة.
نعم، المأخوذ في تعريف الحسن المدح من دون تنصيص على عدم ثبوت
العدالة، إلا أن قضية مقابلة الصحيح بالحسن تقضي بكون المدار في الحسن على
عدم ثبوت العدالة.
[من ذكر في الفهرست ولم يذكر حاله]
ثم إنه قد حكم السيد السند النجفي بأن الظاهر أن كل من ذكر في الفهرست
ولم يذكر حاله أصلا من رجال الحسن؛ لكونه إماميا ممدوحا. (1)
أما الإمامية: فلأن الظاهر أن جميع من ذكر في الفهرست من الشيعة الإمامية،
إلا من نص فيه على خلاف ذلك من كونه من الزيدية أو الفطحية أو الواقفية؛
قضية وضع الكتاب، فإنه موضوع لذكر الإماميين ومصنفاتهم.
وأما المدح: فلأن المفروض أنه موضوع لذكر أرباب التصنيف، وهذا مدح
عام، ويكفي في باب الحسن، فكل من ذكر في الفهرست ولم يذكر حاله فهو
صحيح المذهب، وممدوح بمدح عام، مضافا إلى استفادة الحسن من ذكر الطريق
إلى الراوي، وذكر من روى عنه، وذكر من روى هو عنه؛ قضية اقتضاء ما ذكر كون
الراوي ممن يعتنى بشأنه وشأن كتبه من جهة الوثوق بنقله، فإطلاق الجهالة على
ما ذكر في الفهرست ولم يذكر حاله ليس على ما ينبغي.
وعلى منوال حال الفهرست حال كتاب النجاشي، فإنه أيضا موضوع لذكر
أرباب التصنيف من الإماميين.

1. رجال السيد بحر العلوم 4: 114، الفائدة 10.
508

وكذا حال معالم ابن شهر آشوب، وفهرست علي بن عبيد الله، (1) فإن كلا منهما
أيضا موضوع لذكر أرباب التصنيف من الإماميين.
[و] مقتضى ما ذكر أن كل من ذكر في الفهرست - مثلا - بسوء المذهب ولم
يذكر فيه قدح ولا مدح بغير ذكر الكتاب من رجال القوي.
أقول: إن دعوى كون الفهرست موضوعا لذكر الإماميين قد اتفقت من غيره
أيضا، لكنها عجيبة؛ حيث إنه وإن قال في أول الكتاب:
فإني لما رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا
فهرست كتب أصحابنا وما صنفوه من التصانيف ورووه من الأصول،
ولم أجد أحدا منهم استوفى ذلك، [ولا ذكر أكثره، بل كل منهم كان
غرضه أن يذكر ما اختص بروايته] (2) وأحاطت به خزانته من الكتب، ولم
يتعرض أحد منهم باستيفاء جميعه، إلا ما قصده أبو الحسين أحمد بن
الحسين بن عبيد الله، فإنه عمل كتابين، أحدهما ذكر فيه المصنفات،
والآخر ذكر فيه الأصول، واستوفاهما على مبلغ ما وجده وقدر عليه،
غير أن هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا، واخترم هو رحمه
الله، وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب
على ما حكى بعضهم عنه. ولما تكرر من الشيخ - أدام الله علوه وعزه -
الرغبة فيما يجري هذا المجرى، وتوالى منه الحث على ذلك، ورأيته
حريصا عليه عمدت إلى كتاب يشتمل على ذكر المصنفات والأصول. (3)
وظاهر هذه العبارة: أن تأليف الفهرست لذكر أرباب المصنفات والأصول من

1. قوله: " وفهرست علي بن عبيد الله " فإنه موضوع لذكر الرجال الذين عاصروا الشيخ الطوسي أو
تأخروا عنه، وقد حررنا حال علي بن عبيد الله في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرواية، المعمولة
في رواية محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني (منه عفي عنه).
2. أضفناه من المصدر.
3. الفهرست: 1.
509

الإمامية؛ حيث إن مقتضاه أن تأليف الفهرست لاستيفاء ما أراده شيوخ الطائفة من
ضبط كتب أصحابنا، وما صنفوه من التصانيف والأصول.
وقوله: " أصحابنا " ظاهر في الإمامية، وإن اتفق من غير واحد من الأصحاب
في بعض الموارد تعميم " الأصحاب " لغير الإمامي، بل عن الأصحاب استعمال
" الصاحب " في غير الإمامي، ويظهر الحال بالرجوع إلى الرسالة المعمولة في
" ثقة ".
لكنه قال بعد ذلك بفصل يسير:
فإذا ذكرت كل واحد من المصنفين وأصحاب الأصول، فلابد من أن
أشير إلى ما قيل فيه من التعديل والجرح، وهل يعول على روايته أم لا؟
وأبين عن اعتقاده، وهل هو موافق للحق أو مخالف له؟ لأن كثيرا من
مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول من الرواة الإمامية ينتحلون
المذاهب الفاسدة وإن كانت كتبهم معتمدة. (1)
قوله: " من الرواة الإمامية " مقتضاه اختصاص الفهرست ب‍ " إلى " و " إياه " بل
مقتضاه اختصاص ما عمله شيوخ الأصحاب بالرواة أيضا؛ لأنه نسج على منوال ما
نسجوه، وجرى على تعميم أصحابنا في قوله: " مصنفي أصحابنا " للإمامي وغيره،
بشهادة قوله: " ينتحلون المذاهب الفاسدة " وكذا قوله سابقا على ذلك: " وأبين عن
اعتقادهم وهل هو موافق للحق أو مخالف له " ومع ذلك قد اعترف الشيخ بذكر
سوء المذهب في بعض التراجم، ولو كان الفهرست موضوعا لذكر الإماميين
فكيف ذكر سوء المذهب في بعض التراجم؟! وهذا عجب.
وبعد هذا أقول: إن مقتضى كلامه كفاية مجرد وضع الكتاب لذكر أرباب
الكتاب وإن لم يذكر الكتاب في ترجمة الراوي، وهو محل الإشكال؛ لاحتمال
الاشتباه، إلا أن يدعى أن الاشتباه خلاف الظاهر.

1. الفهرست: 2.
510

وبعد هذا أقول: إن ذكر الكتاب في ترجمة الراوي وإن يكون كافيا في حسن
الرواية لكنه لا يكفي في اعتبار الرواية، كما يظهر مما مر.
نعم، يمكن القول باعتبار الرواية من جهة ذكر الطريق إلى الراوي وذكر من
روى هو عنه، لكنه لا يصفو الوثوق إلى ما ذكر في باب الاعتبار عن الغبار، مع أن
القول بالاعتبار في الباب خلاف طريقة الأصحاب.
فائدة [5]
[في قول ابن داود: " ثقة ست جخ "]
الظاهر بل بلا إشكال أن قول ابن داود - مثلا - " ثقة، ست جخ " (1) من باب مجرد
النقل، لكن المولى التقي المجلسي (2) حكم بأن الأمر من باب القول بالوثاقة، ونقل
القول بها من " ست جخ " فالأمر من باب الدراية والرواية، لا الرواية فقط، كما هو
الحال على الأول.
فائدة [6]
[في كتاب من لا يحضره الفقيه]
قد ذكر الصدوق في فاتحة كتاب من لا يحضره الفقيه: أنه ذاكره بعض في
بعض أسفاره بكتاب صنفه محمد بن زكريا المتطبب الرازي، وترجمه بكتاب من
لا يحضره الطبيب، وسأله أن يصنف له كتابا ويترجمه بكتاب من لا يحضره الفقيه. (3)

1. انظر رجال ابن داود: 31 / 12، 13، 16، 17.
2. انظر روضة المتقين 14: 267.
3. الفقيه 1: 3، مقدمة الكتاب.
511

قال المولى التقي المجلسي:
بمعنى أن كل من لا يحضر عنده فقيه يجوز له العمل به، وإن كان الظاهر
أن من كان عنده فقيه أيضا يجوز له العمل به في عرف المحدثين؛ لأنه
خبر وليس بفتوى حتى يموت بموت قائله، لكن المعروف عندهم
عدم جواز العمل بالوجادة إذا أمكنهم النقل من المحدث. (1)
أقول: إن مقتضى ما سمعت أن اسم ما صنفه محمد بن زكريا هو: كتاب من
لا يحضره المتطبب، واسم ما صنفه الصدوق هو: كتاب من لا يحضره الفقيه، فلفظ
" الكتاب " داخل في كل من اسم الكتابين، وعلى هذا لا حزازة في اسم
الكتابين، ولا محيص عن الحزازة على تقدير كون الاسم " من لا يحضره المتطبب "
و " من لا يحضره الفقيه " إلا أن إدخال " الكتاب " في اسم الكتاب غير مأنوس، كما
أن التسمية بكتاب من لا يحضره الفقيه منوطة بجواز العمل بالوجادة مع التمكن
بالنقل بالتحديث بعد جواز العمل بالخبر لغير المجتهد.
فائدة [7]
[في معنى " المرفوع "]
" المرفوع " له إطلاقان:
أحدهما: ما سقط من وسط سنده أو آخره واحد أو أكثر مع التصريح
بلفظ الرفع، كأن يقال: " روى محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم رفعه عن
أبي عبد الله (عليه السلام) " وهذا داخل في المرسل، ولا بأس به؛ بناء على حجية المرسل في
صورة حذف الواسطة ممن يقبل روايته.

1. روضة المتقين 1: 12.
512

والثاني: ما أضيف إلى المعصوم من نقل قول أو فعل أو تقرير، أي: وصل
آخر السند إلى المعصوم (عليه السلام)، سواء اعتراه إرسال في سنده أولا، في مقابل
" الموقوف " وهو قسمان: مطلق، وهو ما روي عن مصاحب المعصوم، ومقيد
[وهو] ما روي عن غير مصاحب المعصوم، كما يقال: " وقفه فلان على فلان ".
والمرفوع على ذلك أعم من المسند والمرسل.
فائدة [8]
[في الصحي والصحر]
المعروف أن صاحب المعالم يقتصر في العمل بخبر الواحد على الخبر
المزكى بتزكية العدلين، (1) أعني: " الصحي " في قبال " الصحر " لكن مقتضى كلامه
عند الكلام في " الصحي " و " الصحر " أنه لو قام شهادة العدل الواحد أو شهادة
العدلين مع كون شهادة أحدهما مأخوذة من شهادة الآخر - كما في توثيقات
العلامة في الخلاصة حيث إنها مأخوذة من النجاشي مع قيام القرائن الحالية التي
يطلع عليها الممارس - فهو في حكم " الصحي " عملا، لكنه ذكر أنه أدرجه في
" الصحر " اسما. (2)
والظاهر أنه جرى على إمكان تحصيل العلم بعدالة الرواة.
والظاهر أن المقصود بالقرائن المشار إليها إنما هو ما يفيد العلم، فالأمر فيما
في حكم " الصحي " من باب قيام القرينة الموجبة للعلم.
ويرشد إلى ما ذكر قوله: فإن تحصيل العلم بعدالة كثير من الماضين وبرأي

1. معالم الأصول: 204.
2. منتقى الجمان 1: 22 - 23، الفائدة الثانية.
513

جماعة من المزكين أمر ممكن بغير شك من جهة القرائن الحالية والمقالية، (1) إلا أنه
خفية المواقع متفرقة المواضع، فلا يهتدي إلى جهاتها ولا يقدر على جمع أشتاتها
إلا من عظم في طلب العصابة جهده وكثر في تصفح الآثار كده، ولم يخرج عن
حكم الإخلاص في تلك الأحوال قصده.
وقال في المنتقى في بحث الركوع والسجود: وحيث إن الرجل ثقة بمقتضى
شهادة النجاشي لجميع آل أبي شعبة بالثقة فالأمر سهل. (2) ومقتضاه القناعة في
التوثيق بتوثيق شخص واحد.
وحكى عنه نجله: أنه كان يقنع بالرواية الدالة على العدالة في صورة الانضمام
إلى التزكية من عدل واحد.
وحكى السيد السند النجفي في ترجمة الصدوق أنه جعل الحديث المذكور
في الفقيه من الصحيح عنده وعند الكل. (3)
لكنه قال في المنتقى بعد ذكر بعض أخبار الخمس:
وهذا الحديث وإن لم يكن على أحد الوصفين، فلطريقه جودة يقويها
إيراده في كتاب من لا يحضره الفقيه، فقد ذكر مصنفه أنه لا يورد فيه إلا
ما يحكم بصحته - يعني: صدقه - ويعتقد فيه أنه حجة بينه وبين ربه، وأن
ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول وإليها المرجع. (4)
ومقتضاه عدم اعتبار الحديث المذكور في الفقيه بنفسه.

1. في حاشية كتاب النجاشي في ترجمة محمد بن يحيى الأشعري - والظاهر أن الحاشية بخط صاحب
المعالم، كما أن في ظهر الكتاب خطه وخاتمه -: كفاية شهادة القرائن مع تزكية النجاشي. لكنه مبني
على دلالة " ثقة في الحديث " على العدالة؛ إذ المدار في التزكية على التعديل، والنجاشي قال في
ترجمة المشار إليه: " ثقة في الحديث " (منه عفي عنه). وانظر رجال النجاشي: 353 / 946.
2. منتقى الجمان 2: 43.
3. رجال السيد بحر العلوم 3: 300.
4. منتقى الجمان 2: 444.
514

والظاهر أن مقصوده ب‍ " أحد الوصفين " هو كون الخبر من " الصحي " أو مما في
حكم " الصحي " وقد عرفت المقصود بما في حكم " الصحي ".
وربما حكى السيد السند المشار إليه: أنه حكى عن صاحب المعالم تلميذه
الشيخ الجليل عبد اللطيف بن أبي جامع في رجاله: أنه سمع منه مشافهة يقول:
كل رجل يذكر في الصحيح عنده فهو شاهد أصل بعدالته لا ناقل. (1)
وقال في الأمل:
عبد اللطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع العاملي كان فاضلا محققا
صالحا فقيها، قرأ عند شيخنا البهائي والسيد محمد بن علي بن
أبي الحسن العاملي وغيرهما، وأجازوه، وله مصنفات منها: كتاب
الرجال، وهو لطيف، وكتاب جامع الأخبار في إيضاح الاستبصار، وغير
ذلك. (2) انتهى.
والمقصود بالسيد محمد هو صاحب المدارك.
وقد حكى المحقق الشيخ محمد في بعض تعليقات التهذيب عن والده
صاحب المعالم: أنه ادعى العلم باعتماد النجاشي على شاهدين.
والمقصود ب‍ " الصحي " هو الصحيح عندي، كما أن المقصود ب‍ " الصحر " هو
الصحيح عند المشهور، والأمر من باب الرمز والإشارة، وكما أنه جعل صورة
النون إشارة إلى الحسن.
ويمكن أن يكون " الصحي " إشارة إلى صحيحي، و " الصحر " إشارة إلى
صحيح المشهور.
وربما جعل السيد السند النجفي " الصحي " إشارة إلى صحيحي، و " الصحر "

1. رجال السيد بحر العلوم 3: 300.
2. أمل الآمل 1: 111 / 103 وفيه: " قرأ عند شيخنا البهائي وعند الشيخ حسن بن الشهيد الثاني والسيد
محمد... ".
515

إشارة إلى الصحيح عند المشهور، (1) ولا دليل عليه، بل هو بعيد.
والصحي: بفتح الصاد وتخفيف الياء، لا كسر الصاد وتشديد الياء كما في
الصح على ما اصطلح السيد الداماد فيما كان بعض سنده بعض أصحاب الإجماع
لو لم يكن ذلك البعض أو بعض ما تأخر عنه من رجال الصحة، والمقصود به
المنسوب إلى الصحة باعتبار نقل الإجماع.
وقد اشتبه الحال على السيد الداماد حيث حكم بأن ما يقال: " الصحر " ويراد
به النسبة إلى المتكلم على معنى الصحيح عندي لا يستقيم على قواعد العربية؛ إذ
لا تسقط تاء الصحة إلا عند الياء المشددة التي هي للنسبة إليها، وأما الياء المخففة
التي هي للنسبة إلى المتكلم فلا يصح معها إسقاط تاء الكلمة، كسلامتي، وكتابتي،
وصنعتي، وصحبتي؛ لأن " الصحي " في كلام صاحب المعالم بفتح الصاد وهو من
باب الرمز والإشارة، والمقصود به الصحيح عندي كما سمعت، قبال " الصحر "
المقصود به الرمز والإشارة، والغرض الصحة المضافة إلى ياء المتكلم، وليس
" الصحي " في كلامه بكسر الصاد وتشديد الياء كما زعمه السيد الداماد حتى يرد ما
أورد به.
[في توثيقات العلامة]
ثم إنه قد حكم صاحب المعالم - على ما حكى نجله عنه شفاها - بعدم اعتبار
توثيقات العلامة؛ لكثرة أوهامه وقلة مراجعته في الرجال، وأخذه من كتاب
ابن طاووس، وهو مشتمل على أوهام، كما أنه قد تأمل نجله في تصحيحات
العلامة؛ تعليلا بكثرة ما وقع له من الأوهام في توثيق الرجال. قال: نعم، يشكل
الحال في توثيق الشيخ؛ لأنه كثير الأوهام أيضا. ثم قال: الاضطراب قد علم من
العلامة في التصحيح، كما يعرف من المنتهى.

1. رجال السيد بحر العلوم 2: 197.
516

ويقتضي القول بذلك ما ذكره الشهيد الثاني في بعض تعليقات الخلاصة - عند
ترجمة إبراهيم بن محمد بن فارس - من أن الغالب من طريقة العلامة في الخلاصة
متابعة السيد جمال الدين بن طاووس حتى شاركه في كثير من الأوهام. (1)
وكذا ما ذكره السيد السند التفرشي - في ترجمة حذيفة بن منصور - من أن
العلامة في الخلاصة كثيرا ما وثق الرجل بمحض توثيق النجاشي أو الشيخ، وإن
كان ضعفه ابن الغضائري أو غيره، وعد جماعة. (2)
وتفصيل الحال موكول إلى ما حررناه في الرسالة المعمولة في تصحيح الغير.
وأيضا حكى المولى التقي المجلسي أن صاحب المعالم لم يعتبر توثيق العلامة
والسيد بن طاووس والشهيد الثاني، بل أكثر الأصحاب؛ تمسكا بأنهم ناقلون عن
القدماء. (3)
والمولى المشار إليه لم يعتبر أيضا تصحيح العلامة؛ لكثرة تصحيحه بالصحة
عند القدماء، فلا يجدي في الصحة باصطلاح المتأخرين.
ولعل دعوى كثرة تصحيح العلامة بالصحة عند القدماء إشارة إلى ما ذكره
العلامة في الخلاصة من أن طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري صحيح وإن
كان في طريقه أبان بن عثمان وهو واقفي؛ لأن الكشي قال: إن العصابة أجمعت
على تصحيح ما يصح عنه. (4)
وكذا ما ذكره في الخلاصة من أن طريق الصدوق إلى معاوية بن شريح وإلى
سماعة صحيح، (5) مع وجود عثمان بن عيسى في الطريق، وهو واقفي.

1. حواشي الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال: 2، لا يخفى أنه لا يوجد ما نسب إليه فلاحظ.
2. نقد الرجال 1: 406 / 1195 / 4.
3. روضة المتقين 14: 17.
4. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
5. خلاصة الأقوال: 279، الفائدة الثامنة، وفي ص 277: طريق الصدوق إلى سماعة بن مهران حسن.
517

والظاهر أن الوجه في التصحيح: أنه حكى الكشي عن بعض نقل الإجماع
على التصديق والتصحيح في حقه. (1)
لكن يمكن أن يكون تصحيح الطريق إلى معاوية بن شريح بواسطة اتحاده
مع معاوية بن ميسرة بن شريح، وصحة الطريق إليه، كما جرى على القول به
بعض الأعلام، بل على ذلك المنوال الحال فيما ذكره في الخلاصة أيضا من أن
طريق الصدوق إلى معاوية بن ميسرة وإلى عائذ الأحمسي وإلى خالد بن نجيح
صحيح، (2) مع أن الثلاثة المذكورين غير مذكورين بتوثيق ولا بغيره على ما ذكره
الشهيد الثاني في الدراية. (3)
وكذا الحال فيما ذكره في المختلف - في مسألة ظهور فسق إمام الجماعة - من:
أن حديث عبد الله بن بكير صحيح، مع أنه واقفي؛ استنادا إلى نقل إجماع العصابة
من الكشي، (4) على ما ذكره السيد الداماد. (5)
لكنك خبير بأن الغرض من الصحيح فيما ذكره الشهيد والسيد الداماد إنما هو
الصحة إلى معاوية بن ميسرة وأمثاله، فمعاوية بن ميسرة وأمثاله خارجة عن
الصحة، فليس إطلاق الصحة في الموارد المذكورة مبنيا على الخروج عن
الاصطلاح.
ومن قبيل الموارد المذكورة قول العلامة في الخلاصة في شرح حال طرق
الفقيه: وعن زرعة صحيح وإن كان زرعة فاسد المذهب. (6)

1. رجال الكشي 2: 831 / 1050.
2. خلاصة الأقوال: 277 و 278، الفائدة الثامنة.
3. الدراية: 21.
4. مختلف الشيعة 2: 497، المسألة 357.
5. الرواشح السماوية: 47، الراشحة الثالثة.
6. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
518

بل قد اتفق الخروج عن الاصطلاح الجديد في الصحة من غير العلامة من
المتأخرين أيضا، كالشهيد الثاني في المسالك، (1) والعلامة الخوانساري، وصاحب
الحدائق، (2) بل قد عد الشهيد الثاني في الدراية موارد أخرى للخروج عن
الاصطلاح، (3) وكذا السيد الداماد، (4) وقد ذكر بعض تلك الموارد في المنتقى ومشرق
الشمسين. (5)
إلا أن الحال في تلك الموارد نظير الحال في الموارد المتقدمة، فتوهم تطرق
الخروج عن الاصطلاح فيها مبني على الاشتباه بين الدخول في الصحة والخروج
عنها، وتفصيل الحال موكول إلى ما حررناه في الرسالة المعمولة في تصحيح
الغير.
[كلام المنتقى وشرحه]
بقي أنه قال في أوائل المنتقى:
واعتمدت فيه إيثار سلوك الاختصار، مع التزام الإشارة في
موضع الإشكال إلى ما به ينحل، والتنبيه في محل التعارض على
طريق الجمع؛ حرصا على توفر الرغبة في تصحيحه وضبطه،
وحذرا من تطرق الملل إلى الاشتغال بقراءته ودرسه، ولهذين
الوجهين أضربت عن الموثق مع كونه شريكا للحسن في
المقتضي؛ لضمه إلى الصحيح، وهو دلالة القرائن الحالية على
اعتباره، على أن التدبر يقضي برجحانها في الحسن عليها في

1. مسالك الأفهام 15: 25.
2. انظر الحدائق الناضرة 1: 14.
3. الدراية: 22.
4. الرواشح السماوية: 47، الراشحة الثالثة.
5. منتقى الجمان 1: 12؛ مشرق الشمسين: 34.
519

الموثق. (1)
والمقصود أنه لم يأت بذكر الأخبار الموثقة مع كونها في عدم الاعتبار مثل
الحسن، وكذا مثله في المقتضي للذكر، وهو دلالة القرائن على الاعتبار من جهة
توفر الرغبة في التصحيح والضبط، والحذر عن تطرق الملل إلى الاشتغال بالقراءة
والتدريس، بل من جهة أن المقتضي للاعتبار في الحسن أقوى منه في الموثق،
فلا يرد الإشكال بأنه ليس ذكر الحسن وترك الموثق أولى من العكس.
فائدة [9]
[ذكر الرجل في باب أصحاب إمام آخر]
قد يعد الشيخ في الرجال الرجل في باب أصحاب إمام آخر (عليه السلام) والفرض كون
الرجل من أصحاب الإمامين، لا كونه من أصحاب الإمام الأخير (عليه السلام) كما يظهر في
ظاهر النظر.
ومنه أن الشيخ بعد ما عد عبد الرحمان بن الحجاج من أصحاب الصادق (عليه السلام) (2)
قال في أصحاب الكاظم (عليه السلام) عند ترجمته: من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام). (3)
ومقصوده أنه من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام)، لا أنه من أصحاب
الصادق (عليه السلام) فقط، كما هو ظاهر العبارة. والله العالم.

1. منتقى الجمان 1: 3، مقدمة المؤلف.
2. رجال الشيخ: 230 / 126.
3. رجال الشيخ: 353 / 2.
520

24 - رسالة في " محمد بن زياد "
521

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
وبعد، فهذه رسالة في محمد بن زياد، فنقول: إنه قد تكثر وقوع محمد بن
زياد في الأسانيد كما في الكافي في باب النهي عن الجسم والصورة: " عن
محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن
بكر بن صالح، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن محمد بن زياد،
قال: " سمعت يونس بن ظبيان يقول: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) "، إلى آخره. (1)
وكما في الكافي في باب قضاء حاجة المؤمن في قوله: " عنه، عن محمد بن
زياد، قال: حدثني خالد بن يزيد، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) " إلى
آخره. (2)
وقوله في الباب المذكور: " عنه، عن محمد بن زياد، عن صندل، عن
أبي الصباح الكناني، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) "، إلى آخره، (3) وغير ما ذكر.
وقد اشتبه الحال وتشتت الخيال.
وتحقيق المقال أن محمد بن زياد مشترك بين جماعة:
منهم محمد بن أبي عمير، قال الشيخ في الفهرست: " محمد بن أبي عمير

1. الكافي 1: 106، ح 6، باب النهي عن الجسم والصورة.
2. الكافي 2: 193، ح 2، باب قضاء حاجة المؤمن.
3. الكافي 2: 193، ح 4، باب قضاء حاجة المؤمن، وفيه: " علي، عن أبيه، عن محمد بن زياد عن
صندل... ".
523

يكنى أبا أحمد، واسم أبي عمير زياد ". (1) وقال النجاشي: " محمد بن أبي عمير
زياد بن عيسى أبو أحمد ". (2)
ومنهم محمد بن زياد العطار إلا أنه يتأتى الكلام في اتحاده مع محمد بن
الحسن بن زياد العطار، ومغايرته معه، فمقتضى ما صنعه ابن داود - حيث عنون
محمد بن الحسن بن زياد العطار في قوله: " محمد بن الحسن بن زياد العطار لم
كش كوفي ثقة " (3) ثم عنون محمد بن زياد العطار في قوله: " محمد بن زياد العطار
ثقة، روى أبوه عن أبي عبد الله (عليه السلام) " (4) - هو القول بالثاني.
ولعله الظاهر من الفاضل التستري؛ حيث إنه أنكر في حواشيه على رجال
ابن داود ما لم يرض بما وقع منه ولم ينكر هاهنا تعدد العنوان.
لكن مال السيد السند التفرشي إلى القول بالأول (5) وهو الأظهر؛ نظرا إلى أن
النجاشي قال:
محمد بن الحسن بن زياد العطار كوفي، ثقة، روى أبوه عن
أبي عبد الله (عليه السلام). له كتاب. أخبرنا أحمد بن عبد الواحد قال: حدثنا
علي بن حبشي عن حميد، قال: حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا
محمد بن زياد بكتابه. (6)
والظاهر - بل بلا إشكال - أن المقصود من قوله: " حدثنا محمد بن زياد
بكتابه " هو تحديث محمد بن زياد بكتاب نفسه، فهو يشهد باتحاد [ه مع]
محمد بن الحسن بن زياد؛ إذ لولا الاتحاد فلا وجه لذكر الطريق المذكور هنا.

1. الفهرست: 142 / 617.
2. رجال النجاشي: 326 / 887.
3. رجال ابن داود: 169 / 1348.
4. رجال ابن داود: 172 / 1380.
5. نقد الرجال 4: 174 / 4586.
6. رجال النجاشي: 369 / 1002.
524

نعم، يحتمل أن يكون المقصود هو تحديث محمد بن الحسن بكتاب
محمد بن زياد، لكنه بعيد.
فقد ظهر ضعف ما يقتضيه صنيعة ابن داود من القول بالتعدد، مضافا إلى أنه
قد ذكر في ترجمة محمد بن زياد العطار أنه روى أبوه عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (1) وذكر
في ترجمة الحسن بن زياد العطار أنه روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (2) ولم يعنون زياد
العطار. ولو كان محمد بن زياد العطار مغايرا لمحمد بن الحسن بن زياد العطار،
لكان زياد راويا عن أبي عبد الله (عليه السلام) وعقد عنوان عليه، كما أن الحسن بن زياد
العطار عقد عنوان عليه، وذكر أنه يروي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، فضلا عما اتفق
لابن داود من اشتباه الكشي بالنجاشي كما اتفق له هذا الاشتباه في الأغلب.
وأيضا قد تطرق الكلام في اتحاد الحسن بن زياد الصيقل والحسن بن زياد
العطار، وكذا تطرق الكلام في اتحاد الحسن بن زياد الضبي والحسن بن زياد
العطار.
فمال الفاضل الشيخ عبد النبي إلى اتحاد الأولين، (3) وحكم الفاضل
الأسترآبادي باتحاد الأخيرين، وحكى عن بعض معاصريه أنه يستفاد منه القول
باتحاد الحسن بن زياد في العطار، وحكم بأنه بعيد جدا، وتأيد بأن في بعض
الأسانيد أبو القاسم الصيقل، وفي بعضها أبو إسماعيل الصيقل. (4)
لكنك خبير بأن مقتضى ما ذكر تعدد الصيقل كما هو مقتضى كلمات الشيخ
في الرجال، (5) بل مقتضاه تعدد الصيقل على أربعة عدد، وظاهر الفاضل المشار إليه

1. رجال ابن داود: 172 / 1380.
2. رجال ابن داود: 73 / 415.
3. حاوي الأقوال 1: 265 / 154.
4. منهج المقال: 99.
5. رجال الشيخ: 115 / 20؛ 166 / 13؛ 119 / 61؛ 183 / 299.
525

القول به. ولا يجدي ذلك في مغايرة العطار والصيقل والضبي.
وبالجملة، قد حكم المقدس - نقلا في الإيراد على الشهيد الثاني في رسالة
الحياة حيث حكم بكون ما رواه في التهذيب في باب ميراث الأولاد كما يأتي
موثقا - بجهالة محمد بن زياد المذكور في سند الرواية المذكورة. (1)
وحكم الفاضل الشيخ محمد في تعليقات الاستبصار بجهالة محمد بن زياد
المذكور فيما رواه في الاستبصار في باب أول وقت الظهر والعصر عن علي بن
الحسن الطاطري، عن محمد بن زياد، عن علي بن حنظلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (2)
ومال الفاضل التستري في حاشية التهذيب والاستبصار في باب تطهير المياه
- تعليقا على ما رواه الشيخ عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن زياد - (3) إلى كونه
هو محمد بن زياد العطار، قال: " كأنه هو العطار الذي حكي توثيقه ". (4)
ومال إليه الفاضل الشيخ محمد في بعض تعليقات الاستبصار في باب " البئر
يقع فيها البعير أو الحمار " تعليقا على ما رواه له الشيخ عن الحسين بن سعيد، عن
محمد بن زياد، قال: " كأنه العطار الذي حكي توثيقه ". (5)
وقال العلامة المجلسي في حاشية التهذيب في باب ميراث المكاتب تعليقا
على ما رواه الشيخ عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن محمد بن زياد: (6)
هو محمد بن الحسن بن زياد العطار، (7) ويحتمل ابن أبي عمير، ورجح

1. مجمع الفائدة والبرهان 11: 381. وانظر رسالة في الحبوة (رسائل الشهيد الثاني): 222. والرواية
في تهذيب الأحكام 9: 276، ح 998، باب ميراث الأولاد.
2. الاستبصار 1: 251، ح 900، باب أول وقت الظهر والعصر.
3. تهذيب الأحكام 1: 241، ح 698، باب تطهير المياه.
4. حكاه عنه المجلسي في ملاذ الأخيار 2: 299، ذيل ح 29.
5. الاستبصار 1: 35، ح 95، باب البئر يقع فيها الحمار والبعير.
6. تهذيب الأحكام 9: 350، ح 1258، باب ميراث المكاتب.
7. تهذيب الأحكام 9: 350، ح 1258، باب ميراث المكاتب.
526

والدي قدس سره الثاني، والأول عندي أظهر؛ لتصريح النجاشي برواية
الحسن عنه. (1)
وجرى المولى التقي المجلسي في حاشية التهذيب - في باب ما يجوز الصلاة
فيه تعليقا على ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد، عن محمد بن زياد، عن
الريان بن الصلت (2) - على كون المقصود هو ابن أبي عمير، إلا أنه احتمل كون
المقصود هو محمد بن زياد العطار. (3)
وقيل في حاشية الفقيه في باب وجوه النكاح عند الرواية عن محمد بن زياد:
" والظاهر أنه ابن أبي عمير، ويحتمل أن يكون محمد بن الحسن بن زياد
العطار ". (4)
وقد ذكر السيد السند التفرشي أن رواية الحسن بن محمد عن محمد بن زياد
كثيرة في الأخبار، ومال إلى كون المقصود بمحمد بن زياد في روايات الحسن بن
محمد عن محمد بن زياد هو محمد بن زياد العطار. (5)
أقول: إن الأظهر أن المراد هو محمد بن أبي عمير لوجوه:
أحدها: التعبير بمحمد بن زياد بن عيسى في بعض الأسانيد، كما رواه في
الكافي في كتاب الصوم في باب الأهلة والشهادة عليها عن أحمد بن محمد،
عن بكر ومحمد بن أبي الصهبان، عن حفص، عن عمر بن سالم ومحمد بن
زياد بن عيسى، عن هارون بن خارجة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام)، إلى آخره. (6)
وما رواه في الكافي في كتاب الطلاق في باب تطليقة المرأة غير الموافقة؛

1. ملاذ الأخيار 15: 358، ذيل حل 5.
2. تهذيب الأحكام 2: 369، ح 1833، باب ما يجوز الصلاة فيه.
3. حكاه عنه ولده في ملاذ الأخيار 4: 601، ذيل ح 66.
4. روضة المتقين 8: 79. والرواية في الفقيه 3: 241، ح 1138، باب وجوه النكاح.
5. نقد الرجال 4: 174 / 4586.
6. الكافي 4: 77، ح 9، باب الأهلة والشهادة عليها.
527

حيث روى عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن محمد بن
زياد بن عيسى، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام). (1)
وما رواه في التهذيب في باب ميراث الأولاد عن علي بن الحسن بن فضال،
عن علي بن أسباط، عن محمد بن زياد بن عيسى عن ابن أذينة، عن زرارة ومحمد بن
مسلم وبكير وفضيل بن يسار، عن أحدهما (عليهما السلام)؛ (2) حيث إن مقتضى الأسانيد المذكورة
- من باب حمل المطلق على المقيد - القول بكون المقصود بمحمد بن زياد في سائر
الموارد هو محمد بن أبي عمير، ولو اختلف الراوي أو المروي عنه أو كلاهما، بناء
على عدم اشتراط حمل المطلق على المقيد في الأسانيد باتحاد الراوي أو المروي عنه
أو كليهما أو صاحب الكتاب، كما حررناه في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة
المعمولة في رواية الكليني عن محمد بن الحسن.
الثاني: رواية الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير في بعض الأسانيد، كما
فيما رواه في التهذيب في باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة، عن أحمد بن
محمد، عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن
ابن أبي عمير، وفضالة، عن جميل بن دراج، عن زرارة بن أعين قال: " حكى لنا
أبو جعفر (عليه السلام) وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) "، إلى آخره. (3)
وما رواه في التهذيب في باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة
من ذلك عند الكلام في النفاس عن أحمد بن محمد عن أبيه، عن الحسين بن
الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن
الفضيل بن يسار، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) إلى آخره. (4) وغير ما ذكر.

1. الكافي 6: 59، ح 4، باب تطليق المرأة غير الموافقة.
2. تهذيب الاحكام 9: 276، ح 998، باب ميراث الأولاد.
3. تهذيب الاحكام 1: 55، ح 157، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة.
4. تهذيب الأحكام 1: 173، ح 495، باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك.
528

فمقتضى حمل المطلق على المقيد الحكم بكون المقصود بمحمد بن زياد
هو محمد بن أبي عمير في سائر الموارد على الإطلاق.
الثالث: اشتراك بعض الرواة عن محمد بن زياد ومحمد بن أبي عمير كما في
رواية إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن زياد في السند الأخير من الأسانيد المتقدمة
عن الكافي في باب قضاء حاجة المؤمن، (1) ومحمد بن أبي عمير كما في روايات
كثيرة كما رواه في الكافي في باب سؤال العالم وتذاكره عن علي بن إبراهيم، عن
أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره. (2)
وما رواه في الكافي في الباب المذكور عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن
ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره. (3)
وما رواه في الكافي في باب النهي عن القول بغير علم عن علي بن إبراهيم،
عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن عبد الرحمان، عن أبي يعقوب
إسحاق بن عبد الله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره. (4) فإن ذلك مظهر عن كون
المقصود بمحمد بن زياد هو محمد بن أبي عمير.
الرابع: أن علي بن الحسن بن فضال إنما روى عن ابن أبي عمير مع الواسطة
كما فيما رواه في التهذيب في باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة
من ذلك عند الكلام في استبراء الحائض عن علي بن الحسن بن فضال، عن
محمد بن عبد الله بن زرارة، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن
عبيد الله بن علي الحلبي. (5)

1. الكافي 2: 193، ح 4، باب قضاء حاجة المؤمن.
2. الكافي 1: 40، ح 1، باب سؤال العالم وتذاكره.
3. الكافي 1: 40، ح 6، باب سؤال العالم وتذاكره.
4. الكافي 1: 43، ح 8، باب النهي عن القول بغير علم.
5. تهذيب الأحكام 1: 162، ح 463، باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة.
529

وكذا ما رواه في التهذيب في باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة
وما يصنع بهم في تلك الحال وتطهيرهم بالغسل وإسكانهم الأكفان. (1)
وقد روى علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن زياد مع الواسطة أيضا كما
فيما رواه في التهذيب في باب ما تجب فيه الزكاة عن علي بن الحسن بن فضال،
عن علي بن أسباط، عن محمد بن زياد، عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال:
" سألت أبا جعفر (عليه السلام) "، إلى آخره. (2)
حيث إن الظاهر من ذلك اتحاد محمد بن زياد ومحمد بن أبي عمير في سائر
موارد رواية علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن زياد مع الواسطة.
وبه يلحق ما لو روى عن محمد بن زياد بلا واسطة كما فيما رواه في كتاب
الصلاة في الاستبصار في باب الزيادات في شهر رمضان بالإسناد عن علي بن
الحسن، عن محمد بن زياد، عن أبي خديجة عن أبي عبد الله (عليه السلام)؛ (3) لعدم اشتراط
حمل المطلق على المقيد في الأسانيد باتحاد الراوي والمروي عنه كما سمعت،
فكيف بالاتحاد في الواسطة وعدم الواسطة.
الخامس: أنه قد روى محمد بن زياد، عن عمر بن أذينة كما سمعت في رواية
التهذيب في الوجه الأول (4) وكذا في الوجه الرابع، (5) ورواية ابن أبي عمير عن
عمر بن أذينة كثيرة، مضافا إلى أنه قد عد في الفهرست ابن أبي عمير ممن روى كتاب
عمر بن أذينة، (6) والظاهر من ذلك كون المقصود بمحمد بن زياد هو ابن أبي عمير.

1. تهذيب الأحكام 1: 321، ح 934، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عنه الوفاة. وفيه بعد كلمة
الحلبي: " ومحمد بن مسلم ".
2. تهذيب الأحكام 4: 2، ح 2، باب ما تجب فيه الزكاة.
3. الاستبصار 1: 461، ح 1793، باب الزيادات في شهر رمضان.
4. تهذيب الأحكام 9: 276، ح 998، باب ميراث الأولاد.
5. تهذيب الأحكام 4: 2، ح 2، باب ما تجب فيه الزكاة.
6. الفهرست: 113 / 492.
530

السادس: أنه قال الصدوق في مشيخة الفقيه:
وما كان عن عبيد الله المرافقي فقد رويته عن جعفر بن محمد بن
مسرور، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن
أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي، عن عبيد الله المرافقي. (1)
وقال أيضا:
" وما كان فيه عن عطاء بن السائب فقد رويته عن الحسين بن أحمد بن
إدريس رضي الله عنه، عن أبيه، عن محمد بن أبي الصهبان، عن أبي أحمد
محمد بن زياد الأزدي، عن أبان الأحمر، عن عطاء بن السائب. (2)
ولا ريب أن محمد بن زياد المذكور هنا هو محمد بن أبي عمير؛ لكونه
مذكورا بالتكني بأبي أحمد وتوصيفه بالأزدي؛ حيث إن محمد بن أبي عمير كان
يكنى بأبي أحمد كما ذكره النجاشي، (3) وكان أزديا كما ذكره الكشي؛ (4) بل النسبة
إلى الأزد من جهة كونه مولى الأزد، كما ذكره النجاشي ونقل القول بكونه مولى
بني أمية وقال: " والأول أصح ". (5)
وأيضا قال في الفقيه في باب النوادر آخر الكتاب: " وروى محمد بن زياد
الأزدي، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن الصادق (عليه السلام) ". (6)
وبما سمعت يظهر أن محمد بن زياد المذكور هو محمد بن أبي عمير، مضافا
إلى أنه قد روى قبل ذلك عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، وهشام بن
سالم، ومحمد بن حمران عن الصادق (عليه السلام) وهو يظهر عن كون محمد بن زياد هو

1. الفقيه 4: 19 من المشيخة.
2. الفقيه 4: 125 من المشيخة وفيه: " أبان بن عثمان " بدلا عن " أبان الأحمر ".
3. رجال النجاشي: 326 / 887.
4. رجال الكشي 2: 854 / 1103.
5. رجال النجاشي: 326 / 887.
6. الفقيه 4: 281، ح 832، باب النوادر.
531

محمد بن أبي عمير.
وبالجملة، فمقتضى حمل المطلق على المقيد هو البناء على كون محمد بن
زياد هو محمد بن أبي عمير، ولو كان في الكافي أو التهذيب أو سائر كتب
الصدوق؛ لعدم اشتراط حمل المطلق على المقيد باتحاد الراوي والمروي عنه
ولا اتحاد صاحب الكتاب كما سمعت ولا اتحاد الكتاب.
السابع: أن كلا من محمد بن زياد ومحمد بن أبي عمير كان بياع السابري.
أما الثاني فلما يأتي مما رواه الكليني بالإسناد عن محمد بن نعيم الصحاف. (1)
وأما الأول فلما رواه الكليني في روضة الكافي غير مرة بالإسناد عن علي بن
الحسن الطاطري، عن محمد بن زياد بن عيسى بياع السابري، إلى آخره. (2)
و في نكاح الكافي في باب نكاح القابلة بالإسناد عن علي بن الحسن، عن
محمد ابن زياد بن عيسى بياع السابري، (3) وكذا ما رواه الكليني؛ فإن ذلك مظهر
عن كون المقصود بمحمد بن زياد هو محمد بن أبي عمير، ولو كان الراوي عنه
غير من روى عنه في هذين السندين.
الثامن: أن الظاهر كون الإضافة من باب إضافة الولد إلى الوالد لا إضافة السبط
إلى الجد، ولو كان المقصود بمحمد بن زياد هو العطار، يلزم كون الإضافة من
باب إضافة السبط إلى الجد.
وإن قلت: إن الإضافة إلى الجد كثيرة.
قلت: إن الإضافة إلى الوالد أكثر من الإضافة إلى الجد بلا شبهة، ولا سيما في
الإضافات العرفية، فلو دار الأمر بين كون الإضافة من باب الإضافة إلى الوالد
والإضافة إلى الجد، فالأول أظهر.

1. الكافي 7: 126، ح 1، باب الرجل يموت ولا يترك إلا امرأته.
2. الكافي 8: 110، ح 91، حديث أبي بصير مع المرأة.
3. الكافي 5: 448، ح 3 باب نكاح القابلة.
532

وبما سمعت يظهر ضعف ما سمعت من السيد السند التفرشي، كيف والمقصود
بالحسن بن محمد في رواية الحسن عن محمد عن محمد بن زياد هو الحسن بن
محمد بن سماعة بشهادة التعبير به في رواية الكافي في باب تطليقة المرأة غير
الموافقة. (1) والمصرح به فيها هو محمد بن زياد بن عيسى، أعني ابن أبي عمير،
فمقتضاه كون المراد بمحمد بن زياد في سائر موارد رواية الحسن بن محمد عن
محمد بن زياد هو ابن أبي عمير، مضافا إلى التصريح بمحمد بن زياد بن عيسى
في الروايات المتقدمة من الكافي والتهذيب وغير ذلك (2) مما مر.
وظهر بما مر أيضا ضعف احتمال كون المقصود بمحمد بن زياد هو العطار،
أو القول به. وكذا ضعف ما ذكره النجاشي من رواية الحسن بن محمد عن
محمد بن زياد العطار.
ثم إنه قال النجاشي في ترجمة علي بن أبي حمزة البطائني:
أخبرنا محمد بن جعفر النحوي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن
غالب، قال: حدثنا علي بن الحسن الطاطري، قال: حدثنا محمد بن زياد
عنه. وأخبرنا محمد بن عثمان بن الحسن قال: حدثنا جعفر بن محمد،
قال: حدثنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك أبو العباس النخعي، عن
محمد بن أبي عمير وأحمد بن الحسن الميثمي. (3)
وذكر السيد السند التفرشي في الترجمة المشار إليها حاكيا عن النجاشي: أن
عليا له كتاب، روى عنه أحمد بن محمد بن زياد ومحمد بن أبي عمير وأحمد بن
الحسن الميثمي. (4)

1. الكافي 6: 56، ح 4، باب تطليق المرأة غير الموافقة.
2. في " د ": " ما ذكر " بدلا عن " ذلك ".
3. رجال النجاشي: 249 / 656.
4. نقد الرجال 3: 220 / 3480.
533

ومقتضى هذه العبارة كون محمد بن زياد مغايرا لمحمد بن أبي عمير، وهو
مبني على ظهور عبارة النجاشي في المغايرة.
لكن الظاهر أن النجاشي قد تبع في التعبير لتعبير علي بن الحسن الطاطري
وعبيد الله أحمد بن نهيك، فلا دلالة في اختلاف التعبير من النجاشي على مغايرة
محمد بن زياد لمحمد بن أبي عمير.
نعم، مقتضى عبارة السيد السند المشار إليه القول بالمغايرة، وإن احتمل
المولى التقي المجلسي كون - اختلاف التعبير في كلام النجاشي من باب التفنن
في العبارة، (1) وليس بشيء.

1. انظر نقد الرجال 3: 220 / 3480، الهامش: 2.
534

تنبيهات
[التنبيه] الأول
[في التعبير عن ابن أبي عمير بمحمد بن زياد]
أنه قد تكثر التعبير عن محمد بن أبي عمير بمحمد بن زياد في روايات
الحسن بن سماعة، كما في الروايات المتقدمة من الكافي (1) والتهذيب، (2) وكذا
روايات ابن سماعة، كما في الكافي في باب أن المطلقة ثلاثا لا سكنى لها
ولا نفقة، (3) وباب " الرجل يطلق امرأته ثم يموت قبل أن تنقضى عدتها " (4) وباب
المباراة. (5) والمقصود بابن سماعة في هذه الرواية وغيرها هو الحسن بن سماعة.
وإن قلت: إنه لعل المقصود بابن سماعة هو محمد بن سماعة.
قلت: إن الحسن بن سماعة أشهر من أبيه، فيحمل ابن سماعة على
الحسن، بناء على عدم اشتراط حمل المشترك على المشهور اتحاد مورد
الاشتراك والاشتهار، وكفاية الاشتهار في الجملة.

1. الكافي 6: 59، ح 4، باب تطليق المرأة غير الموافقة.
2. تهذيب الاحكام 9: 350، ح 1258، باب ميراث المكاتب.
3. الكافي 6: 104، ح 1، 2، 5، باب المطلقة ثلاثا لا سكنى لها ولا نفقة.
4. الكافي 6: 120، ح 3، باب الرجل يطلق امرأته ثم يموت قبل أن تنقضى عدتها.
5. الكافي 6: 142، ح 1، 5، 6، باب المباراة.
535

وبعبارة أخرى: عدم اشتراط حمل المشترك على المشهور اشتهار المشهور
باللفظ المحمول على المشهور، وكفاية اشتهار المشهور ولو بغير اللفظ المحمول
على المشهور، كما حررناه في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة
في رواية الكليني عن محمد بن الحسن، وإن كان الابن من باب المشترك
المعنوي لا المشترك اللفظي المقصود بالمشترك فيما ذكر من العبارتين وغيره من
موارد إطلاق المشترك.
إلا أن الحال في الاشتراك المعنوي على منوال الاشتراك اللفظي، نظير ما مر
من عدم اشتراط حمل المطلق على المقيد في الأسانيد باتحاد الراوي أو المروي
عنه مثلا من باب المسامحة؛ إذ مورد الكلام مما يقع في الأسانيد من باب
المشترك اللفظي، والمشترك اللفظي خارج عن المطلق، إلا أن المشترك اللفظي
في حكم المطلق، ومع ذلك يكفي في حمل ابن سماعة على الحسن للتصريح به
في رواية الكليني في باب تطليقة المرأة غير الموافقة، كما مر.
[التنبيه] الثاني
[في التعبير عن ابن أبي عمير بأبي محمد]
أنه وقع التعبير عن محمد بن أبي عمير بأبي أحمد في بعض الأسانيد، كما
في بعض أسانيد الكشي في ترجمة هشام بن الحكم، (1) وكما في الاستبصار في
باب تحريم ما يذبحه المحرم من الصيد؛ حيث روى الشيخ بسنده عن أبي أحمد
عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (2)
قال الفاضل الشيخ محمد: " أبو أحمد كنية ابن أبي عمير، واسمه زياد كما في

1. رجال الكشي 2: 543 / 481.
2. الاستبصار 2: 215، ح 8، باب تحريم ما يذبحه المحرم من الصيد.
536

كتب الرجال " لكن الضمير المجرور فيه راجع إلى أبي عمير، وهو خلاف ما هو
المتعارف في العبارات من رجوع متعلقات الكلام إلى المقصود بالأصالة؛ لكون
اسم ابن أبي عمير هو محمدا.
وروى في التهذيبين عند الكلام في المشارب عن محمد بن أحمد بن
يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن مرازم، قال: " كان يعمل
لأبي الحسن (عليه السلام) الفقاع في منزله، قال محمد بن أحمد بن يحيى، قال أبو أحمد
- يعني ابن أبي عمير -: ولم يعمل فقاعا يغلي ". (1)
وفيه تفسير أبي أحمد بابن أبي عمير، وتفسير ابن أبي عمير لما رواه مرازم.
وفي بعض أسانيد الكشي في ترجمة مفضل بن قيس تفسير أبي أحمد
بابن أبي عمير. (2)
[التنبيه] الثالث
[في وقوع ابن أبي عمير في عرض ابن سماعة في الروايات]
أنه قد وقع في بعض الأسانيد محمد بن أبي عمير في عرض ابن سماعة،
وقد تقدم أنه تكثر التعبير عن ابن أبي عمير بمحمد بن زياد في رواية الحسن بن
سماعة عنه، فقد روى في الكافي في باب الخيار من كتاب الطلاق عن حميد بن
زياد، عن ابن سماعة، عن محمد بن زياد وابن رباط، عن أبي أيوب الخزاز، عن
محمد بن مسلم قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) "، إلى آخره. (3)

1. تهذيب الأحكام 9: 126، ح 545، باب الذبائح والأطعمة؛ الاستبصار 4: 96، ح 374، باب تحريم
شرب الفقاع. وفيه " ولا " بدلا عن " ولم ".
2) رجال الكشي 2: 421 / 321.
3. الكافي 6: 136، ح 2، باب الخيار.
537

[التنبيه] الرابع
[في تعبير الشيخ عن ابن أبي عمير بأبي أحمد]
أنه روى في التهذيب في باب تعجيل الزكاة وتأخيرها مما يجب فيه من
الأوقات عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عمن أخبره، عن درست بن
أبي منصور، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إنه قال في الزكاة يبعث بها الرجل إلى بلد غير
بلده فقال: " لا بأس أن يبعث بالثلث أو الربع " فقال: الشك من أبي أحمد. (1) والمقصود
بأبي أحمد إنما هو ابن أبي عمير، إلا أنه كان المناسب التعبير بابن أبي عمير لسبق ذكره،
مع أن تخصيص الشك بابن أبي عمير من باب الترجيح بلا مرجح، بل الظاهر كون الشك
من الرجل الراوي بلا واسطة عن أبي عبد الله (عليه السلام).
[التنبيه] الخامس
[في زياد بن عيسى]
أن زياد بن عيسى بين أبي عبيدة الحذاء وغيره.
ومن روايات الأول ما رواه في التهذيب في باب عدد فصول الأذان والإقامة بالإسناد
عن العلاء بن رزين، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: " رأيت أبا جعفر (عليه السلام) ". (2) لكن كون
أبي عبيدة الحذاء هو زياد بن عيسى مقتضى ما صرح به النجاشي، وربما قيل: إنه زياد بن
أبي رجا واسم أبي رجا منذر، وقيل: إنه زياد بن أحزم. (3) لكن لا مجال لكون أبي عبيدة
هو والد محمد بن أبي عمير، إلا أن يكون كنية الوالد متعددة بأبي عبيدة وأبي عمير، لكنه

1. تهذيب الأحكام 4: 46، ح 120، باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من الأوقات.
2. تهذيب الأحكام 2: 62، ح 216، باب عدد فصول الأذان والإقامة ووصفهما.
3. انظر رجال النجاشي: 170 / 449.
538

في غاية البعد، وإن تعددت كنية ليث الأسدي بأبي بصير وأبي محمد.
وأما الثاني فهو قد ذكر من أصحاب الصادق (عليه السلام) (1) ويمكن أن يكون هو والد
محمد بن أبي عمير، بل هو الظاهر؛ لشركته مع محمد بن أبي عمير في بيع
السابري؛ لذكر بيع السابري في حق ابن أبي عمير في الرواية الآتية، (2) مع ذكره في
ترجمة زياد بن عيسى المشار إليه. (3)
إلا أن يقال: إنه يبعد اشتراك الوالد والولد في المروي عنه، وزياد بن عيسى
المشار إليه قد ذكر من أصحاب الصادق (عليه السلام) كما ذكر، (4) وابن أبي عمير من أصحاب
الصادق (عليه السلام) على ما ذكره غير واحد، (5) ويشهد به روايته عن الصادق (عليه السلام)، ويظهر
الحال بملاحظة الرسالة المعمولة في أصحاب الإجماع، ومن أصحاب الكاظم
على ما ذكره النجاشي، (6) ومن أصحاب الرضا (عليه السلام) على ما في رجال الشيخ، (7) ومن
أصحاب الجواد (عليه السلام) على ما ذكره الشيخ في الفهرست، (8) وإن ذكر فيه أنه لم يرو عن
الكاظم (عليه السلام)، إلا أن نسخ الفهرست مختلفة، فبعضها مشتمل على ذكر كونه من
أصحاب الجواد (عليه السلام)، والأكثر - كما في كلام بعض الأصحاب - خال عنه.
إلا أن يقال: إن وفاة مولانا الجواد (عليه السلام) في سنة عشرين ومائتين، (9) ووفاة ابن أبي عمير

1. رجال الشيخ: 198 / 47.
2. الكافي 7: 126، ح 1، باب الرجل يموت ولا يترك إلا امرأته.
3. رجال الشيخ: 198 / 43.
4. رجال الشيخ: 198 / 43.
5. هذا مشكل، انظر منتهى المقال 5: 308 / 2423.
6. رجال النجاشي: 326 / 887.
7. رجال الشيخ: 388 / 26.
8. الفهرست: 168 / 618.
9. انظر الارشاد للمفيد 2: 289؛ وكشف الغمة 2: 370؛ والفصول المهمة: 275؛ وإعلام الورى
2: 106.
539

في سنة سبع عشرة ومائتين، (1) ومن البعيد كمال البعد أن يكون ابن أبي عمير قد أدرك أكثر
زمان مولانا الجواد (عليه السلام)، ولم يأخذ عنه أو لم يمكن الأخذ عنه، فهذا يرجح صحة النسخة
المشتملة على ذكر كون ابن أبي عمير من أصحاب الجواد (عليه السلام).
[التنبيه] السادس
[في أن الصحاف كان وصي ابن أبي عمير]
أن محمد بن الحسن بن زياد العطار روى أن محمد بن نعيم الصحاف كان
وصي محمد بن زياد بن عيسى، أعني ابن أبي عمير؛ حيث إنه روى في الكافي
في كتاب المواريث في باب " الرجل يموت ولا يترك إلا امرأته " عن حميد بن
زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن محمد بن الحسن بن زياد العطار،
عن محمد بن نعيم الصحاف، قال: مات ابن أبي عمير بياع السابري وأوصى إلي
وترك امرأة لم يترك وارثا غيرها، فكتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام) فكتب إلي: " أعط
المرأة الربع واحمل الباقي إلينا ". (2)
[التنبيه] السابع
[في رواية أبي أحمد عن ابن أبي عمير]
أنه روى الشيخ في التهذيب في كتاب القضاء في باب البينات عن الحسين بن
سعيد، عن أبي أحمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (3)

1. رجال النجاشي: 326 / 887.
2. الكافي 7: 126، ح 1، باب الرجل يموت ولا يترك إلا امرأته.
3. تهذيب الأحكام 6: 275، ح 750، باب البينات. وليس فيه " أبي أحمد ".
540

وأنت خبير بأن أبا أحمد زائد.
قال المولى التقي المجلسي في الحاشية: " الظاهر زيادته " يعني أبا أحمد أو
زيادة " عن " بعده، فإن أبا أحمد كنية لابن أبي عمير. (1)
[التنبيه] الثامن
[في المقصود من " كردويه " في رواية محمد بن زياد عنه]
أنه روى في التهذيب والاستبصار في أحكام البئر عن الحسين بن سعيد، عن
محمد بن زياد، عن كروديه، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام). (2)
قيل: كأنه - أي الكردويه - أحمد بن محمد العسكري الزعفراني. (3)
وحكى المولى التقي المجلسي في حاشية التهذيب عن بعض العلماء أنه
كردين الموثق وقال: " وليس بظاهر ". (4)
أقول: إن المحكي عن خط الشهيد عن يحيى بن سعيد: أن كردويه وكردين
- بكسر الكاف وسكون الراء وكسر الدال المهملة - اسمان لمسمع بن
عبد الملك. (5) ولم أظفر بأحمد بن محمد العسكري الزعفراني في الرجال، نعم
ذكر الزعفراني في ترجمة محمد بن إسماعيل بن ميمون، (6) وروى في التهذيب في
كتاب الصلاة عند الكلام في قضاء الفائتة بالإسناد عن محمد بن زياد، عن كردويه

1. حكاه عنه ولده العلامة المجلسي في ملاذ الأخيار 10: 154، ذيل ح 155.
2. تهذيب الأحكام 1: 241، ح 698، باب تطهير المياه من النجاسات.
3. حكاه المجلسي في ملاذ الأخيار 2: 299، ذيل ح 29 عن الفاضل التستري.
4. وكذا نقل الحكاية ولده في ملاذ الأخيار 2: 299، ذيل ح 29 عن بعض العلماء.
5. حكاه الوحيد البهبهاني في تعليقته: 333، وانظر منتهى المقال 6: 262 / 2979.
6. رجال النجاشي: 345 / 933؛ خلاصة الأقوال: 156 / 101.
541

الهمداني، عن أبي الحسن (عليه السلام) إلى آخره. (1)
وروى في الاستبصار في باب الفصل بين ركعتي الشفع والوتر بالإسناد عن
محمد بن زياد، عن كردويه الهمداني، عن العبد الصالح (عليه السلام) إلى آخره. (2)
[التنبيه] التاسع
[في رواية ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان وبالعكس]
أنه قد وقع رواية ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان في كثير من الأسانيد،
وربما وقع رواية حماد بن عثمان عن ابن أبي عمير في بعض الأسانيد، كما رواه
في التهذيب في أواخر باب الزيادات في فقه الحج عن صفوان، عن حماد بن
عثمان، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (3)
لكن حكم في المنتقى بأن رواية حماد بن عثمان عن ابن أبي عمير من باب
السهو. (4)
[التنبيه] العاشر
[في رواية ابن أبي عمير عن]
[قاسم بن عروة وابن مسكان وبالعكس]
أنه روى ابن أبي عمير عن القاسم بن عروة، كما فيما رواه في نكاح الكافي

1. تهذيب الأحكام 2: 165، ح 654، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون.
2. الاستبصار 1: 349، ح 1317، باب وجوب الفصل بين ركعتي الشفع والوتر.
3. تهذيب الأحكام 5: 477، ح 1687، باب الزيادات في فقه الحج.
4. منتقى الجمان 3: 285 و 286، باب الطواف والسعي.
542

في باب " الرجل يحل جاريته لأخيه " عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن
ابن أبي عمير، قال: أخبرني القاسم بن عروة عن أبي العباس البقباق، قال:
" سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) "، إلى آخره. (1)
وكذا روى عن عبد الله بن مسكان، كما فيما رواه في باب ما يجوز الصلاة
فيه من اللباس والمكان من زيادات التهذيب بالإسناد عن يعقوب بن يزيد،
عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن بعض أصحابه، عن أبى عبد الله (عليه السلام)
إلى آخره. (2)
وروى القاسم بن عروة عن ابن أبي عمير كما فيما رواه في الكافي في باب
وقت صلاة الجمعة عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن
خالد، عن القاسم بن عروة، عن محمد بن أبي عمير، قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) "
إلى آخره. (3)
وروى عبد الله بن مسكان عن ابن أبي عمير، كما فيما رواه في
الكافي في باب صلاة النوافل عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد،
عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن محمد بن أبي عمير، قال: " سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) ". (4)
وقد اتفق رواية ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان كثيرا، وكذا العكس قليلا،
كما يظهر مما مر.
ولا بأس بما ذكر؛ لإمكان تطرق الفتور في حضور الإمام (عليه السلام) لأحد المتشاركين
في الطبقة دون الآخر بواسطة اختلافهما حضرا وسفرا برواية الحاضر أو برواية

1. الكافي 5: 470، ح 16، باب الرجل يحل جاريته لأخيه.
2. تهذيب الأحكام 2: 365، ح 1516، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان.
3. الكافي 3: 420، ح 4، باب وقت صلاة الجمعة ووقت صلاة العصر.
4. الكافي 3: 443، ح 4، باب صلاة النوافل.
543

المسافر، بكون الراوي مسافرا في سفر الإمام (عليه السلام) وإدراك فيوضاته، أو بواسطة
الاختلاف في وجود المانع عن الفوز بخدمة المعصوم من أسباب المعيشة أو
المرض أو غيرهما في أحد المتشاركين في الطبقة دون الآخر.
[التنبيه] الحادي عشر
[في رواية ابن أبي عمير عن جميل]
إنه روى في الاستبصار في كتاب القضاء في باب من يجبر الرجل على نفقته
بالإسناد عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن بعض الأصحاب، عن أحدهما (عليهما السلام). (1)
قال المحقق الشيخ محمد: " لا أعرف من بهذا الاسم في هذه المرتبة
ولم يحضرني رواية ابن أبي عمير عن جميل بلا واسطة، والخبر الآتي بعده
بلا فاصلة أيضا خال عن الواسطة ".
أقول: إن المقصود ب‍ " الخبر الآتي بلا فاصلة " هو ما رواه في الاستبصار عن
الكليني بالإسناد عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن بعض الأصحاب، عن
أحدهما (عليهما السلام) إلى آخره. (2)
لكن روى في الكافي في باب الخروج إلى منى بالإسناد عن ابن أبي عمير،
عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره. (3)
وروى في الكافي في باب من قدم شيئا أو أخر من مناسكه بالإسناد عن
ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبى عبد الله (عليه السلام) إلى آخره. (4)

1. الاستبصار 3: 44، ح 145، باب من يجبر الرجل على نفقته.
2. الاستبصار 3: 44، ح 146، باب من يجبر الرجل على نفقته.
3. الكافي 4: 460، ح 2، باب الخروج إلى منى.
4. الكافي 4: 504، ح 1، باب من قدم شيئا أو أخره من مناسكه.
544

وروى في التهذيب في باب البينات على القتل بالإسناد عن ابن أبي عمير،
عن جميل بن دراج، عن بعض أصحابه رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى آخره. (1)
وروى في التهذيب في باب أحكام الجماعة وأقل الجماعة بالإسناد عن
ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)
إلى آخره. (2) وروى في التهذيب في باب التدبير بالإسناد عن ابن أبي عمير،
عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره. (3)
ويزيد رواية ابن أبي عمير عن جميل على وجه الإطلاق أو التقييد على
ما ذكر. والظاهر - بل بلا إشكال - أن المقصود بجميل في موارد الإطلاق
- كالخبرين الأولين والخبرين الأخيرين وغيرها - هو جميل بن دراج، وكذا
الحال في جميل في كلام المحقق المشار إليه؛ والوجه اشتهار جميل بن
دراج، وقد روى في التهذيب في باب العمل في ليلة الجمعة ويومها بالإسناد
عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن عبد الملك بن عمرو قال: " قلت
لأبي عبد الله (عليه السلام) "، إلى آخره. (4)
[التنبيه] الثاني عشر
[في رواية محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير]
أنه روى في التهذيب في باب إحرام الحج عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن

1. تهذيب الأحكام 10: 174، ح 682، باب البينات على القتل، والسند فيه هكذا: " ابن أبي عمير، عن
جميل، عن بعض أصحابه، عن أحدهما (عليهما السلام)... ".
2. تهذيب الأحكام 3: 43، ح 149، باب أحكام الجماعة وأقل الجماعة وصفة الإمام.
3. تهذيب الأحكام 8: 262، ح 957، باب التدبير.
4. تهذيب الأحكام 3: 17، ح 60، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها.
545

عيسى، عن ابن أبي عمير. (1) ومال الفاضل التستري إلى تطرق السقط في البين وهو
" أحمد " تعليلا بأن أحمد بن محمد بن عيسى يروي عن ابن أبي عمير روايات
كثيرة وسعد يروي عنه. (2)
ويرشد إلى ذلك ما ذكره النجاشي من أنه روى أحمد بن محمد بن عيسى
عن ابن أبي عمير كتب مائة رجل من رجال أبي عبد الله (عليه السلام). (3)
لكن يمكن أن يقال: إنه لا حاجة إلى السقط؛ إذ لا بأس برواية محمد بن
عيسى اليقطيني عن ابن أبي عمير؛ لأن ابن أبي عمير من أصحاب الصادق
والكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام) (4) على ما تقدم القول به، ومحمد بن عيسى اليقطيني
من أصحاب الجواد (عليه السلام) على ما ذكره النجاشي من أن محمد بن عيسى اليقطيني
روى عن الجواد (عليه السلام) مكاتبة ومشافهة. (5) بل عدة الشيخ في الرجال من أصحاب
الرضا والجواد والعسكري (عليهم السلام). (6) وقد جمع بعض الأعلام روايات منه عنهم (عليهم السلام)
فلا يأبى الطبقة عن رواية محمد بن عيسى اليقطيني عن ابن أبي عمير.
ومع هذا قد وقع رواية سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى في سند
بعض روايات الكشي في باب زكريا بن آدم، (7) ومع هذا قد ذكر الشيخ في
الفهرست في طريقه إلى ابن أبي عمير محمد بن عيسى اليقطيني عن
ابن أبي عمير.

1. تهذيب الأحكام 5: 171، ح 569، باب الإحرام للحج. وفيه " أحمد بن محمد بن عيسى " بدلا عن
" محمد بن عيسى ".
2. حكاه عنه المجلسي في ملاذ الأخيار 7: 511، ذيل ح 16.
3. وجدناه في الفهرست: 142 / 617.
4. رجال النجاشي: 326 / 887؛ خلاصة الأقوال: 140 / 17.
5. رجال النجاشي: 333 / 896.
6. رجال الشيخ: 393 / 76؛ و 435 / 3، ويلاحظ أصحاب الجواد (عليه السلام).
7. في " د " زيادة: " ومع هذا قد ذكر الشيخ في الفهرست في طريقه إلى ابن أبي عمير محمد بن آدم ".
546

[التنبيه] الثالث عشر
[في رواية ابن أبي عمير عن ابن أخي فضيل]
أنه روى في أوائل التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة عن
الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أخي فضيل عن أبي عبد الله (عليه السلام). (1)
وكذا في أوائل مكاسب التهذيب في باب من له على غيره مال فيجحده ثم
يقع للجاحد عنده مال هل يجوز له أن يأخذ بدله أم لا؟ (2) وكذا في الاستبصار في
كتاب الطهارة في باب الديدان. (3)
أقول: إن ابن أخي فضيل اسمه الحسن، كما هو مقتضى صريح ما رواه الكافي
في باب ما ينقض الوضوء عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن
الحسن بن أخي فضيل، عن فضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (4) لكن الحسن بن أخي
فضيل غير مذكور في الرجال.
[التنبيه] الرابع عشر
[في رواية ابن أبي عمير عن زرارة]
أنه روى في التهذيب في باب صلاة العيدين عن الكليني، عن علي بن
إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام). (5) لكن

1. تهذيب الأحكام 1: 11، ح 19، باب الأحداث الموجبة للطهارة. وفيه: " فضل بن يسار قال: كنت
عند أبي عبد الله (عليه السلام) ".
2. تهذيب الأحكام 6: 348، ح 981، في المكاسب (أحاديث التقاص).
3. الاستبصار 1: 82، ح 257، باب الديدان.
4. الكافي 3: 36، ح 5، باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقض.
5. تهذيب الأحكام 3: 129، ح 276، باب صلاة العيدين.
547

قد توسط عمر بن أذينة في السند المذكور في الكافي بين ابن أبي عمير وزرارة، (1)
والرواية المشار إليها مروية في الاستبصار بتوسط عمر بن أذينة بين ابن أبي عمير وزرارة
أيضا. (2) ومع هذا قد ذكر النجاشي أن ابن أبي عمير روى عن بعض أصحابه عن زرارة. (3)
لكن نقول: إن الطبقة غير آبية عن رواية ابن أبي عمير عن زرارة؛ حيث
إن زرارة مات في سنة خمسين ومائة على ما ذكره النجاشي، (4) وابن أبي عمير
مات في سنة سبع عشرة ومائتين (5) كما مر، فزرارة مات قبل ابن أبي عمير بسبع
وستين وسنة، فلو كان عمر بن أبي عمير سبعا وسبعين - ولا بأس به - لجاز رواية
ابن أبي عمير عن زرارة، ومع هذا زرارة قد عده الشيخ في الرجال من أصحاب
الباقر والصادق والكاظم (عليهم السلام)، (6) وابن أبي عمير له روايات عن الصادق (عليه السلام) كما مر،
فكيف تأبى الطبقة عن رواية ابن أبي عمير عن زرارة؟!
[التنبيه] الخامس عشر
[في رواية ابن أبي عمير عن الحكم بن علباء]
أنه روى في التهذيب والاستبصار في أواخر الخمس بالإسناد عن
ابن أبي عمير عن الحكم بن علباء الأسدي قال: " وليت البحرين " إلى آخره. (7) لكن الكشي

1. الكافي 3: 459، ح 1، باب صلاة العيدين والخطبة فيهما.
2. الاستبصار 1: 56، ح 164، باب وجوب الاستنجاء من الغايط والبول.
3. رجال النجاشي: 175 / 463.
4. رجال النجاشي: 175 / 463.
5. رجال النجاشي: 326 / 887.
6. رجال الشيخ 136 / 17؛ و 210 / 90؛ و 350 / 1.
7. تهذيب الأحكام 4: 137، ح 385، في الزيادات؛ الاستبصار 2: 58، ح 190، باب ما أباحوه
لشيعتهم (عليهم السلام) من الخمس في حال الغيبة.
548

روى حديث ولاية البحرين المشار إليه في ترجمة علباء، (1) وعليه جرى الفاضل
الأسترآبادي في الوسيط وإن ذكر ذلك في الرجال الكبير في ترجمة حكم بن علباء. (2)
وأورد عليه الفاضل الأمين الكاظمي بأن الحكم بن علباء لم يذكره في الخلاصة في
القسمين ولا في فوائدها، ولم يذكره غيره في غيرها من كتب الرجال كما اعترف به بعض
الفضلاء، بل القصة مذكورة في كتب الرجال عن علباء (3) وكأنه أخذ هذا من التهذيب.
وقال السيد الداماد في حاشية الاستبصار:
والظاهر أن الحكم بن علباء مصحف الحكم عن علباء ووقع للنساخ
تصحيف العين بالباء، والحكم هو الحكم ابن أخي خلاد أبو خلاد
الصيرفي الثقة يروي عنه ابن (4) أبي عمير وصفوان بن يحيى، أو الحكم
بن أيمن روى عنه ابن أبي عمير أيضا. (5)
قوله: " أو الحكم " إلى آخره، الترديد في المراد بالحكم في المقام إنما هو
على تقدير كون الأصل بالعين. وأما على تقدير كون الأصل بالباء وكون الباء
غلطا، فلا مجال للترديد في المراد بالحكم في المقام.
هذا، وعلى تقدير كون الأصل بالعين يرشد إلى كون المراد بالحكم هو
ابن أيمن ما رواه في الكافي في باب أن الإسلام يحقن به الدم وأن الثواب على
الإيمان عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن أيمن،
عن القاسم الصيرفي شريك المفضل، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (6)
وكذا ما رواه في الكافي في باب قضاء حاجة المؤمن بالإسناد عن محمد بن

1. رجال الكشي 2: 453 / 352.
2. منهج المقال: 121.
3. انظر منتهى المقال 3: 104 / 974.
4. في " د ": " عن " بدلا عن " ابن ".
5. حاشية الاستبصار للداماد غير موجود.
6. الكافي 2: 24، ح 1، باب أن الاسلام يحقن به الدم.
549

زياد، عن الحكم بن أيمن، عن صدقة الأحدب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره، (1)
بناء على كون المقصود بمحمد بن زياد هو ابن أبي عمير.
وكذا ما رواه في التهذيب في الزيادات المرسومة في آخر كتاب الزكاة بالإسناد
عن ابن أبي عمير، عن الحكم بن أيمن، عن أبي خالد الكابلي. (2)
[التنبيه] السادس عشر
[في أن أبا أحمد غير ابن أبي عمير]
أنه روى الكليني في كتاب الحج في باب " الرجل يطوف فتعرض له الحاجة
أو العلة " عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل
السراج، عن سكين بن عمار، عن رجل من أصحابنا يكنى أبا أحمد، قال: " كنت
مع أبي عبد الله (عليه السلام) " إلى آخره. (3)
والظاهر أن المقصود بأبي أحمد غير ابن أبي عمير؛ لممانعة اشتهار ابن أبي
عمير عن التعبير بمثل التعبير المذكور.
[التنبيه] السابع عشر
[في رواية ابن أبي عمير عن هشام بن سالم]
أنه روى في التهذيب في باب الخروج إلى الصفا بالإسناد عن ابن أبي عمير
عن هشام بن سالم، قال:

1. الكافي 2: 193، ح 3، باب قضاء حاجة المؤمن.
2. تهذيب الأحكام 4: 148، ح 412، باب الزيادات.
3. الكافي 4: 414، ح 7، باب الرجل يطوف فتعرض له الحاجة أو العلة.
550

سعيت بين الصفا والمروة أنا وعبيد الله بن راشد، فقلت له: تحفظ علي،
فجعل يعد ذاهبا وجائيا شوطا واحدا، فبلغ مثل ذلك فقلت له: كيف تعد؟
قال: ذاهبا وجائيا شوطا واحدا فأتممنا أربعة عشر شوطا، فذكرنا ذلك
لأبي عبد الله (عليه السلام) فقال: " قد زادوا على ما عليهم، ليس عليهم شيء ". (1)
وهو المروي في الاستبصار في باب حكم من سعى أكثر من سبعة أشواط
بهذا السند والمتن، (2) لكنه مروي في التهذيب في أواخر زيادات الحج بهذا السند
والمتن أيضا، إلا أن فيه موضع قوله: " فبلغ مثل ذلك ": " فبلغ بنا ذلك ". (3)
قال في المنتقى: " قوله: " فبلغ مثل ذلك " غلط بين وتصحيف عجيب، اتفقت
فيه نسخ الكتابين قديمها وحديثها ". (4) وهو في محله.
وقوله: " فبلغ بنا ذلك " بمعنى أنه شق ذلك علينا، والفعل من باب المجهول.
قال في القاموس: " بلغ الرجل كعني: جهد " (5) والفعل فيه أيضا من باب المجهول
كما أعرب به ولا مجال للمعلوم.
[التنبيه] الثامن عشر
[في وقوع ابن أبي عمير بين]
[إبراهيم بن هاشم ومعاوية بن عمار]
أنه روى في التهذيب في زيادات الحج - في شرح قوله: " ومن وجب عليه

1. تهذيب الأحكام 5: 152، ح 501، باب الخروج إلى الصفا.
2. الاستبصار 2: 239، ح 834، باب حكم من سعى أكثر من سبعة أشواط.
3. تهذيب الأحكام 5: 473، ح 1663، باب زيادات فقه الحج.
4. منتقى الجمان 3: 276.
5. القاموس 3: 107 (بلغ).
551

الحج فلا يجوز أن يحج عن غيره ولا بأس أن يحج الصرورة عن غير الصرورة إذا
لم يكن للصرورة مال يحج به عن نفسه " (1) - وكذا في الاستبصار في باب جواز أن
يحج الصرورة عن الصرورة إذا لم يكن له مال عن الكليني بالإسناد عن إبراهيم بن
هاشم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (2)
لكن روى الكليني بتوسط ابن أبي عمير بين إبراهيم بن هاشم ومعاوية بن
عمار (3) بل مقتضى كلام الشيخ في الفهرست أنه روى عن معاوية بن عمار
ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى ومحمد بن سكين، (4) فهو يؤيد توسط
ابن أبي عمير في البين، بل ينافي رواية إبراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير.
وذكر النجاشي أنه روى عن معاوية بن عمار جماعة كثيرة إلا أنه قال: " ونحن
ذاكرون بعض طرقهم ". فذكر طريقين له إليه، أحدهما بتوسط ابن أبي عمير
والآخر بتوسط محمد بن سكين. (5) فهو يؤيد توسط ابن أبي عمير في البين، إلا أنه
لا ينافي رواية إبراهيم بن هاشم عن معاوية بن عمار.
ومع ذلك قد حكى المحقق الشيخ محمد أن إبراهيم بن هاشم لا يروي عن
معاوية بن عمار بلا واسطة، قال: والصحيح ما في الكافي من توسط ابن أبي عمير
بينهما.
وبعد هذا أقول: إنه لا إشكال في سقوط ابن أبي عمير في سند التهذيب،
ولا حاجة إلى الاستناد بشيء لفرض الرواية عن الكليني وتوسط ابن أبي عمير في

1. تهذيب الأحكام 5: 411، ح 1428، باب الزيادات في فقه الحج.
2. الاستبصار 2: 144، ح 471، باب المعسر يحج عن غيره ثم أيسر. وفيه: " ابن أبي عمير " متوسط
بين إبراهيم بن هاشم ومعاوية بن عمار.
3. الكافي 4: 305، ح 1، باب الرجل يموت صرورة أو يوصى بالحج.
4. الفهرست: 166 / 734.
5. رجال النجاشي: 411 / 1096.
552

البين في رواية الكليني، نعم لو روى في التهذيب بطريق آخر غير الكليني في
الإسناد عن إبراهيم بن هاشم عن معاوية بن عمار تأتي الحاجة إلى ترجيح توسط
ابن أبي عمير في البين في رواية الكليني.
[التنبيه] التاسع عشر
[في رواية محمد بن الحسين]
[عن ابن أبي عمير والمقصود منه]
أنه قد يروي محمد بن الحسين عن ابن أبي عمير، كما فيما رواه في التهذيب
في باب ما يجوز فيه الصلاة من اللباس والمكان وما لا يجوز عن سعد بن
عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن وهب بن عبد ربه، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره، (1) ورواه في الاستبصار في باب " الرجل يصلي في ثوب
فيه نجاسة قبل أن يعلم ". (2)
والمقصود بمحمد بن الحسين هو ابن أبي الخطاب بشهادة التقييد به في
بعض روايات سعد بن عبد الله، كما فيما رواه في التهذيب في باب حكم الجنابة
وصفة الطهارة، (3) وفي الاستبصار في باب " الجنب والحائض يقرآن القرآن " عن
سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن النضر بن شعيب،
عن عبد الغفار الحارثي عن أبي عبد الله (عليه السلام). (4)

1. تهذيب الأحكام 2: 360، ح 1491، باب ما يجوز فيه الصلاة من اللباس والمكان ومالا يجوز.
2. الاستبصار 1: 181، ح 635، باب الرجل يصلي في ثوب فيه نجاسة قبل أن يعلم.
3. تهذيب الأحكام غير موجود فيه، ووجدناه في الاستبصار 1: 181، ح 635، باب الرجل يصلي في
ثوب فيه نجاسة قبل أن يعلم.
4. الاستبصار 1: 114، ح 382، باب الجنب والحائض يقرآن القرآن.
553

[التنبيه] العشرون
[في توسط ابن بكير في رواية]
[ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج]
أنه روى في التهذيب في باب الصلاة في السفر، وفي الاستبصار في باب
" الرجل يسافر إلى ضيعته " عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن
بكير، عن عبد الرحمان بن الحجاج، قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) "، إلى آخره. (1)
وقيل: توسط ابن بكير بين ابن أبي عمير وعبد الرحمان لا يخلو عن غرابة
ولا سيما بعد انتفاء الواسطة بينهما في طريق الكليني والصدوق. (2)
قوله: " ولا سيما بعد انتفاء الواسطة في طريق الكليني والصدوق " حيث
إن الكليني روى في باب صلاة الملاحين والمكارين وأصحاب الصيد
و " الرجل يخرج إلى ضيعته " عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن
شاذان، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الرحمان بن الحجاج، قال: " قلت
لأبي عبد الله (عليه السلام) "، إلى آخره. (3)
وروى الصدوق في باب الصلاة في السفر عن عبد الرحمان بن الحجاج عن
أبي عبد الله (عليه السلام). (4) وقال في المشيخة: " وما كان فيه عن عبد الرحمان بن الحجاج فقد
رويته عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى،
عن ابن أبي عمير والحسن بن محبوب جميعا عن عبد الرحمان ". (5)

1. تهذيب الأحكام 3: 213، ح 522، باب الصلاة في السفر؛ الاستبصار 1: 231، ح 822، باب الرجل
الذي يسافر إلى ضيعته.
2. منتقى الجمان 2: 175، باب الصلاة في السفر.
3. الكافي 3: 438، ح 6، باب صلاة الملاحين والمكارين وأصحاب الصيد.
4. الفقيه 1: 282، ح 128، باب صلاة السفر.
5. الفقيه 4: 41، من المشيخة.
554

أقول: إنه إن كان المقصود بغرابة توسط ابن بكير بين ابن أبي عمير
وعبد الرحمان هو عدم مساعدة الطبقة - كما هو الظاهر - فلا غرابة في رواية ابن
بكير عن عبد الرحمان؛ لأن ابن بكير من أصحاب الصادق (عليه السلام) على ما ذكره
النجاشي، (1) وعبد الرحمان من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام) ولقي الرضا (عليه السلام) كما
ذكره النجاشي. (2)
والظاهر أن دعوى الغرابة بملاحظة عدم مساعدة الطبقة لرواية ابن أبي عمير
عن عبد الله بن بكير، بناء على أن ابن أبي عمير ليس من أصحاب الصادق (عليه السلام).
لكن قد تقدم أن ابن أبي عمير له روايات عن الصادق (عليه السلام).
وإن كان المقصود بالغرابة عدم الوقوع أعني وقوع توسط ابن بكير بين
ابن أبي عمير وعبد الرحمان فله وجه.
[التنبيه] الحادي والعشرون
[في المقصود بالحسن في رواية]
[الحسن عن ابن أبي عمير]
أنه روى في الاستبصار في باب كيفية قضاء صلاة النوافل والوتر عن علي بن
مهزيار، عن الحسن، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن
الفضيل، قال: " سمعت أبا جعفر (عليه السلام) "، إلى آخره. (3)
قيل: الحسن هنا يحتمل ابن سعيد وابن فضال والوشاء على ما يستبين من
الطبقات، لكن فيما يأتي من الأخبار مقيد بابن علي، فلم يبق للأول مجال
وانحصر في الأخيرين.

1. رجال النجاشي: 222 / 581.
2. رجال النجاشي: 237 / 630.
3. الاستبصار 1: 293، ح 1077، باب كيفية قضاء صلاة النوافل والوتر.
555

وفي التهذيب روى في هذا المقام خبرا عن علي بن مهزيار عن الحسن بن
علي، عن ابن بكير، (عن زرارة. (1) وعلى هذا، فالظاهر أن الحسن هو ابن فضال؛
لأنه كثيرا يروي عن ابن بكير). (2)
أقول: إن الظاهر أن المقصود بالحسن في المقام هو الحسن بن محمد بن سماعة؛
بشهادة ما تقدم من التقييد بابن سماعة في بعض روايات الحسن عن محمد بن زياد
المقصود به ابن أبي عمير كما تقدم القول به. والظاهر أن المقصود بالتقييد بعلي في بعض
الأخبار هو التقييد في غير الرواية عن ابن أبي عمير والتقييد بابن سماعة في الرواية عن
ابن أبي عمير مقدم على التقييد بعلي في الرواية عن غير [ابن] أبي عمير.
فقد ظهر ضعف الاستناد إلى التقييد بعلي فيما رواه في التهذيب في المقام.
لكن يمكن القول بأن الغالب في رواية الحسن بن سماعة عن ابن أبي عمير
التعبير عن ابن أبي عمير بمحمد بن زياد، والمفروض هنا التعبير بابن أبي عمير،
فلا جدوى في غلبة رواية الحسن بن سماعة عن ابن أبي عمير.
لكن نقول: إنه روى في الاستبصار في صدر الباب عن علي بن مهزيار، عن
الحسن، عن النضر، عن هشام بن سالم وفضالة، عن أبان جميعا، عن سليمان بن
خالد قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ". (3) ثم روى قبل الرواية المروية بالسند المتقدم
المبدوء بقوله: " فأما ما رواه علي بن مهزيار " روايات مبدوءة بقوله: " عنه " ثم روى
بعد تلك الرواية بقوله: " عنه، عن الحسن، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة،
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) " إلى آخره، ثم قال: " عنه، عن الحسن، عن
محمد بن زياد، عن كردويه الهمداني، عن أبي الحسن (عليه السلام) ". (4)

1. تهذيب الأحكام 2: 165، ح 652، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض.
2. ما بين القوسين ليس في " د ".
3. الاستبصار 1: 292، ح 1072، باب كيفية قضاء صلاة النوافل والوتر.
4. الاستبصار 1: 293، ح 1079، باب كيفية قضاء صلاة النوافل والوتر.
556

والظاهر رجوع الضمائر المجرورة إلى علي بن مهزيار، والمقصود بالحسن
في السند الأخير الراوي عن محمد بن زياد المقصود به ابن أبي عمير إنما هو
ابن سماعة، فبذلك يظهر كون المقصود بالحسن في السند المبحوث عنه هو
ابن سماعة، بل لو لم يرجع الضمير المجرور إلى علي بن مهزيار في السند
الأخير، فكون المقصود بالحسن في الرواية عن ابن أبي عمير في السند الأخير هو
الحسن بن سماعة يظهر عن كون المقصود بالحسن في الرواية عن ابن أبي عمير
في السند المبحوث عنه هو الحسن بن سماعة.
ثم إنه قد يروي الحسن عن علي بن مهزيار خلاف ما وقع فيما ذكر من
رواية علي بن مهزيار عن الحسن. والظاهر أن المقصود بالحسن هو
الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة؛ بشهادة ما رواه في الاستبصار في
باب كيفية التلفظ بالتلبية عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي بن عبد الله،
عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب عن رفاعة بن موسى، عن أبان بن تغلب
قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ". (1)
[التنبيه] الثاني والعشرون
[في رواية صفوان عن ابن أبي عمير]
أنه روى في الاستبصار في باب من وجب عليه شيء من الكفارة في إحرام
العمرة المفردة أين يذبحه عن موسى بن القاسم، عن صفوان، عن ابن أبي عمير،
عن منصور بن حازم، قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) "، إلى آخره. (2)
وروى في الاستبصار أيضا في باب السعي بغير وضوء عن موسى بن القاسم، عن

1. الإستبصار 2: 172، ح 568، باب كيفية التلفظ بالتلبية.
2. الاستبصار 2: 212، ح 725، باب فيمن وجب عليه شيء من الكفارة في إحرام العمرة.
557

صفوان، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة بن موسى، قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ". (1)
وقد حكى في المنتقى نقلا بأن رواية صفوان عن ابن أبي عمير من باب السهو
والغلط؛ لعدم تعاهد رواية أحدهما عن الآخر. والصواب في كل من السندين إنما
هو العطف أو غيره. (2)
ويرشد إلى ما استصوبه من العطف وقوع العطف في بعض الأسانيد، كما
رواه في الكافي في باب الوقوف بعرفة وحد الموقف عن علي بن إبراهيم، عن
أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير وصفوان بن
يحيى، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره. (3)
وكذا ما رواه في الاستبصار في باب أنه هل يجوز دخول مكة بغير إحرام
أم لا؟ عن موسى بن القاسم، عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير، عن رفاعة
قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) "، إلى آخره. (4)
[التنبيه] الثالث والعشرون
[في رواية الحسن بن فضال عن ابن أبي عمير]
أنه روى في الاستبصار في باب كسب الحجام عن أحمد بن محمد، عن
ابن فضال، عن ابن أبي عمير، عن زرارة قال: " سألت أبا جعفر (عليه السلام) "، إلى آخره. (5)
قال المحقق الشيخ محمد: " لم يعهد رواية ابن فضال - وهو الحسن - عن

1. الاستبصار 2: 241، ح 838، باب السعي بغير وضوء.
2. منتقى الجمان 3: 217 و 266.
3. الكافي 4: 463، ح 4، باب الوقوف بعرفة وحد الموقف.
4. الاستبصار 2: 245، ح 857، باب أنه هل يجوز دخول مكة بغير إحرام.
5. الاستبصار 3: 59، ح 193، باب كسب الحجام.
558

ابن أبي عمير، لكن المرتبة غير آبية، وفي الكافي والتهذيب بدل ابن أبي عمير ابن بكير ". (1)
قوله: " وهو الحسن " أي حسن بن فضال، ولا مجال لكونه هو علي بن
الحسن بن فضال؛ لتأخر علي، كيف وقال النجاشي: " كنت أقابله وسني ثمانية
عشر سنة بكتبه ولا أفهم إذ ذاك الروايات ولا أستحل أن أرويها عنه ". (2)
قوله: " لكن المرتبة غير آبية " لأن الحسن بن فضال من أصحاب الرضا (عليه السلام)
على ما ذكره النجاشي (3) والشيخ في الفهرست، (4) وابن أبي عمير من أصحاب
الصادق والكاظم والرضا بل الجواد (عليهم السلام) كما يظهر مما مر، (5) مع أن ابن أبي عمير
مات سنة سبع عشرة ومائتين كما مر، (6) والحسن بن فضال مات سنة أربع
وعشرين ومائتين كما ذكره النجاشي في ترجمة الحسن بن فضال، (7) وإن ينافيه ما
ذكره في ترجمة أحمد بن محمد بن أبي نصر من أنه مات سنة إحدى وعشرين
ومائتين بعد موت الحسن بن فضال بثمانية أشهر، (8) مضافا إلى ما نقله الكشي عن
الفضل بن شاذان من أنه كان قاعدا مع أبيه في قطيعة الربيع إذ جاء شخص حلو
الوجه، حسن الشمائل، عليه قميص نرسي، ورداء نرسي، وفي رجليه نعل
مخصرة، فسلم على أبيه، فقام إليه أبوه ورحب به وبجله، فلما أن مضى يريد
ابن أبي عمير، قلت: من هذا الشيخ؟ قال: هذا الحسن بن فضال. (9)

1. الكافي 5: 116، ح 4، باب كسب الحجام؛ تهذيب الأحكام 6: 355، ح 1011، في المكاسب
لاخبار الحجامة.
2. رجال النجاشي: 257 / 676.
3. رجال النجاشي: 34 / 72.
4. الفهرست: 47 / 163.
5. رجال النجاشي: 326 / 887؛ خلاصة الأقوال: 140 / 17.
6. رجال النجاشي: 326 / 887.
7. رجال النجاشي: 34 / 72.
8. رجال النجاشي: 75 / 180.
9. رجال الكشي 2: 801 / 993.
559

حيث إن قوله: " يريد ابن أبي عمير " إما أن يكون على وجه التكلم مع الغير،
فمقتضاه معاصرة الحسن بن فضال وابن أبي عمير إذا أدرك شخص لشخصين في
زمان واحد يقتضي معاصرة الشخصين. وإما أن يكون على وجه الغيبة، والضمير
المرفوع المستتر راجع إلى الحسن بن فضال، فالدلالة على المعاصرة أظهر؛ إذ
ملاقاة شخص لشخص تقتضي معاصرة الشخصين.
قوله: " نرسي " بالنون والراء المهملة، قال في القاموس: " نرسي: قرية منها
الثياب النرسية ". (1)
قوله: " نعل مخصرة " بالخاء المعجمة والصاد المهملة مستدقة الوسط كما في
القاموس، (2) وتأنيثها لكون النعل من باب المؤنث.
[التنبيه] الرابع والعشرون
[في محمد بن أبي عمر]
أنه قد عنون الشيخ في الرجال في أصحاب الصادق (عليه السلام) محمد بن أبي عمر
البزاز بياع السابري، وحكى أنه روى عنه الحسن بن محمد بن سماعة، (3)
والظاهر أن عمر غلط، والصحيح أبي عمير؛ لأن الحسن بن سماعة إنما روى عن
ابن أبي عمير المعروف؛ لما سمعت من أنه روى عن محمد بن زياد المقصود به
ابن أبي عمير المعروف، مضافا إلى ما سمعت من ذكر بياع السابري في وصف
ابن أبي عمير في رواية محمد بن نعيم الصحاف المتقدمة. (4)

1. القاموس المحيط 2: 263 (نرس).
2. القاموس المحيط 2: 20 (خصر).
3. رجال الشيخ: 299 / 412 وفيه: " ابن أبي عمير ".
4. الكافي 7: 126، ح 1، باب الرجل يموت ولا يترك إلا امرأته.
560

وقد أجاد ابن داود؛ حيث أتى بعنوان واحد في قوله: " محمد بن أبي عمير
البزاز بياع السابري، ق، ضا، جخ، ثقة، ست، يكنى أبا أحمد، من موالي الأزد،
واسم أبي عمير زياد " (1) انتهى.
فقد بان صحة المؤاخذة عن الفاضل الأسترآبادي (2) والسيد السند التفرشي؛
حيث أتى كل منهما بعنوانين. (3)
[التنبيه] الخامس والعشرون
[في أن ابن أبي عمير لا يروي إلا عن ثقة]
أنه صرح الشيخ في العدة بأن ابن أبي عمير لا يروي إلا عن ثقة. (4)
وأورد عليه بكثرة روايته عن غير الثقة.
ويرد عليه: أنه إنما يتم لو ثبت رواية ابن أبي عمير عن غير الثقة بطريق
معتبر، وإلا فلو روى ابن أبي عمير عن غير الثقة بطريق غير معتبر، فلا يثبت رواية
ابن أبي عمير عن غير الثقة.
[التنبيه] السادس والعشرون
[في كلام النجاشي في ابن أبي عمير]
أنه ذكر النجاشي في ترجمة ابن أبي عمير: أن أخته دفنت كتبه حال استتارها

1. رجال ابن داود 159 / 1272.
2. منهج المقال: 275.
3. نقد الرجال 4: 105 / 4403 و 4405.
4. عدة الأصول 1: 152.
561

وكونه في الحبس أربع سنين، فهلكت الكتب، وقيل: بل تركتها في غرفة فسال
عليها المطر فهلكت، وحدثت من حفظه ومما كان سلف له في أيدي الناس،
فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله. (1)
قال المحقق الشيخ محمد:
وغير خفي أن إرادة قبول المراسيل من هذا الكلام لا وجه لها؛ لأن ذهاب
الكتب لا يقتضي قبول المراسيل، بل الذي يظهر لي أن الغرض من
السكون إلى مراسيله عدم القدح فيها بسبب عدم الضبط؛ حيث إن كثرة
الإرسال قد يظن منها ذلك. (2)
أقول: إن الوجه المذكور خلاف ظاهر العبارة بلا شبهة، ويمكن أن يكون
الغرض أن ابن أبي عمير كان لا يروي إلا عن ثقة، وإرساله إنما كان بواسطة هلاكة
الكتب، فلهذا سكن الأصحاب إلى مراسيله.
[التنبيه] السابع والعشرون
[في جبر السند بأصحاب الإجماع وعدمه]
أنه قد يقال: إن ما اشتهر من أن ابن أبي عمير لا يرسل إلا عن ثقة يوهن ما اشتهر
بين الأواخر من أن وجود بعض أصحاب الإجماع في السند يوجب انجبار ضعف من
تقدم عليه بالإرسال أو غيره؛ إذ لو كان الأمر كذلك، لما كان حاجة إلى إظهار تلك
الدعوى، وعلى ذلك المنوال حال دعوى عدم رواية ابن أبي عمير إلا عن ثقة.
لكنك خبير بأنه يمكن أن يكون دعوى الانجبار بواسطة القرائن بمعنى عدم
رواية أصحاب الإجماع إلا ما كان مظنون الصدور لهم ولو بالقرينة، والظن

1. رجال النجاشي: 326 / 887.
2. انظر تعليقة الوحيد البهبهاني: 275.
562

بالصدور لهم يوجب الظن بالصدور لنا، وأما عدم الإرسال إلا عن ثقة أو عدم
الرواية إلا عن ثقة فهو أمر أعظم شأنا من ذلك، فلم يثبت عدم الحاجة إلى الإظهار
المذكور. نعم الظاهر عدم الحاجة.
إلا أن يقال: إن الأظهر دلالة نقل الإجماع المنقول في باب أصحاب الإجماع
على وثاقة الجماعة والوسائط المتوسطة بينهم وبين المعصوم، على تقدير كون
المقصود بنقل الإجماع هو الإجماع على اعتبار الخبر كما هو المدار في باب
الانجبار، كما أن الأظهر دلالة نقل الإجماع المذكور على وثاقة الجماعة على
تقدير كون المقصود به الإجماع على صدق الجماعة.
والوجه أن الظاهر أن مدرك الإجماع الاطلاع على عدالة الجماعة على
التقدير الأخير، أو الاطلاع على عدالة الجماعة وعدم روايتهم إلا ما رواه ثقة عن
ثقة على التقدير الأول، فليس المدار في الإجماع على الاطلاع على صدق
الجماعة أو عدم روايتهم إلا ما كان مظنون الصدور لهم ولو بتوسط القرائن،
فالظاهر عدم الحاجة إلى الإظهار المشار إليه على تقدير ثبوت الانجبار.
[التنبيه] الثامن والعشرون
[في عدم رواية ابن أبي عمير عن زرارة في أواخر الفقيه]
أنه قيل في أواخر الفقيه: " وروى صفوان بن يحيى ومحمد بن أبي عمير
وموسى بن بكر، عن زرارة، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) " إلى آخره. (1) ورواية
محمد بن أبي عمير عن زرارة قليلة.
أقول: إن في نسختين معتبرتين - إحداهما بخط سبط سلطاننا، والأخرى
في حواشيها خطوط العلامة المجلسي - كثيرا عن موسى بن بكر، مضافا إلى

1. الفقيه 4: 298، ح 900، باب النوادر آخر أبواب الكتاب.
563

ما ذكره في الفهرست من رواية ابن أبي عمير وصفوان عن موسى بن بكر
الواسطي (1) المقصود بموسى بن بكر في سند الفقيه المذكور، فلا مجال لدعوى
رواية ابن أبي عمير في السند المذكور عن زرارة.
[التنبيه] التاسع والعشرون
[رواية ابن أبي عمير في العصمة]
أنه روى الصدوق في المجالس في المجلس الثاني والتسعين بالإسناد عن
ابن أبي عمير، قال:
ما سمعت ولا استفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي إياه شيئا
أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة الإمام، فإني سألته يوما عن الإمام
أهو معصوم؟
قال: نعم.
قلت: فما صفة العصمة فيه؟ وبأي شيء تعرف؟
قال: إن جميع الذنوب لها أربعة أوجه لا خامس لها: الحرص، والحسد،
والغضب، والشهوة، فهذه منتفية عنه لا يجوز أن يكون حريصا على
هذه الدنيا وهي تحت خاتمه؛ لأنه خازن المسلمين، فعلى ماذا
يحرص؟
ولا يجوز أن يكون حسودا؛ لأن الإنسان إنما يحسد من هو فوقه، وليس
فوقه أحد، فكيف يحسد من هو دونه؟!
ولا يجوز أن يغضب لشيء من أمور الدنيا إلا أن يكون غضبه لله
عز وجل، فإن الله عز وجل قد فرض عليه إقامة الحدود وأن لا تأخذه في

1. الفهرست: 162 / 715.
564

الله لومة لائم ولا رأفة في دينه حتى يقيم حدود الله عز وجل.
ولا يجوز أن يتبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة؛ لأن الله عز وجل
حبب إليه الآخرة كما حبب إلينا الدنيا، فهل رأيت أحدا ترك وجها حسنا
لوجه قبيح، وطعاما طيبا لطعام مر، وثوبا لينا لثوب خشن، ونعمة دائمة
باقية لدنيا زائلة فانية. (1)
[التنبيه] الثلاثون
[في أن ابن أبي عمير من أهل التنجيم]
أنه روى الصدوق في حج الفقيه مرسلا عن ابن أبي عمير، قال:
كنت أنظر في النجوم وأعرفها وأعرف الطالع، فيدخلني من ذلك شيء،
فشكوت ذلك إلى أبي الحسن (عليه السلام)، فقال: " إذا وقع في نفسك شيء
فتصدق على أول مسكين ثم امض، فإن الله يدفع عنك ". (2)
ومقتضاه كون ابن أبي عمير عالما بأحوال النجوم، لكن عن المحاسن أنه رواه
عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن سفيان بن عمر. (3)
[التنبيه] الحادي والثلاثون
[في رواية ابن أبي عمير عن رهط]
أنه روى في أوائل التهذيب بالإسناد عن ابن أبي عمير عن رهط سمعوه

1. الأمالي للصدوق: 632، ح 5، المجلس الثاني والتسعون.
2. الفقيه 2: 175، ح 783، باب افتتاح السفر بالصدقة.
3. المحاسن 2: 86، ح 1228، باب افتتاح السفر بالصدقة.
565

يقول: إن التبسم في الصلاة لا ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء، وإنما ينقض
الضحك الذي فيه القهقهة. (1)
وقيل: لا يضر جهالة الرهط؛ لأن الراوي ابن أبي عمير. (2)
أقول: إنه لا حاجة في دفع إضرار جهالة الرهط بسبق ابن أبي عمير - بعد كون
سبقه دافعا للإضرار المذكور؛ لعدم روايته عن غير الثقة، أو لكونه من أصحاب
الإجماع -؛ لكفاية الجمعية، بناء على اعتبار الخبر المستفيض، ولا سيما بناء على
كون المدار في الاستفاضة على ما فوق الواحد، ومن هذا عدم إضرار الإرسال فيما
قد يقال: " في (3) رجاله "، وكذا ما يقال " عن غير واحد " بناء على حصول الاستفاضة
بما فوق الواحد، بل حكم في الذخيرة عند الكلام فيما لو نسي تعيين الصلاة
الواحدة الفائتة: بأن قول الراوي " غير واحد من أصحابنا " يدل على تعدد الرواية
عنده وظهور صحة الخبر عنده، ومثل هذا الكلام عند ضعف الرواة وعدم صحة
التعويل على نقلهم لا يصدر عن الثقات الأجلاء لما فيه من التلبيس. (4) وغرضه أن
المرسل لو كان ثقة لا يعبر ب‍ " غير واحد من أصحابنا " إلا في صورة اعتبار الخبر
عنده؛ لظهور التعبير المذكور في اعتبار الخبر، وهي يلزم التدليس. وأنت خبير
بأن دعوى الظهور المذكور محل الإشكال، سواء كان الظهور مستندا إلى نفس
رواية العدل أو تعبيره بغير واحد، بل على الأول يلزم أن يكون رواية العدل
تعديلا للمروي عنه.

1. تهذيب الأحكام 1: 12، ح 24، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
2. القائل هو المجلسي في ملاذ الأخيار 1: 83، ذيل حديث 24.
3. في " د ": " عن ".
4. ذخيرة المعاد: 384.
566

[فوائد]
فائدة [1]
[في " صاحب القرآن "]
قد ذكر العلامة في الخلاصة وابن داود في ترجمة سليمان بن داود أنه كان
صاحب القرآن. (1)
والظاهر أن الغرض كونه قارئا للقرآن، كما يرشد إليه ما ذكره النجاشي من
كونه قارئا، (2) وإن أمكن أن يكون المقصود به قراءة الحديث، كما يرشد إليه ما ذكر
في ترجمة بعض الرواة من كونه قارئا للحديث.
والمقصود بالقرآن على ذلك إنما هو كتاب الله سبحانه المعروف، فالأمر من
باب الإخبار، والمعنى صاحب قراءة القرآن.
ويمكن أن يكون القرآن مصدرا، والمعنى: صاحب القراءة، أي قراءة القرآن
بارتكاب الإضمار، أو كون الأمر من باب إطلاق الكلي على الفرد.
لكن ذلك بعيد.
ويمكن أن يكون الغرض كونه قارئا للحديث، فالقرآن من باب المصدر،

1. خلاصة الأقوال: 77 / 2؛ رجال ابن داود: 248 / 221 في ترجمة سليمان بن خالد.
2. انظر رجال النجاشي: 184 / 488.
567

والأمر من باب الإضمار أو إطلاق الكلي على الفرد، كما سمعت على تقدير كون
الغرض قراءة القرآن بناء على كون القرآن من باب المصدر.
لكن ذلك بعيد في بعيد؛ لبعد كون الغرض قراءة الحديث وبعد كون القرآن
من باب المصدر.
وربما قيل: أي صاحب دولة ومرتبة. وهو مبني على كون المقصود بالقران
بعض النقود وهو معروف، فالقران على وزن الكتاب.
لكن ذلك بعيد.
وبما سمعت يظهر الحال فيما في ترجمة محمد بن علي بن جاك - بالجيم
والكاف - من أنه من أهل القرآن، كما في كلام النجاشي (1) والعلامة في الخلاصة؛ (2)
هذا. و " الصاحب " بالكسر من الصحبة، وهو يطلق على المعاشر قليلا - كما يقال:
" من كان صاحبك في الضيافة " - أو كثيرا أو في الأكثر - كما يقال: " فلان صاحب
فلان " - أو دائما، ومنه: " اللهم أنت الصاحب في السفر " (3) إلا أنه من باب المجاز.
ويطلق أيضا شائعا على المالك، وكذا على المحيط بالشيء، ومنه ما يقال:
" فلان صاحب علوم غريبة ".
ومن الإطلاق على المعاشر ما حررت في حق علي [بن محمد] بن قتيبة فيما
كتبت شرحا لشطر من وضوء الكفاية من أنه مذكور بكونه صاحب الفضل.
وصاحب الفضل باعتبار ما ذكره الشيخ في الرجال من كونه فاضلا، (4) والنجاشي
من كونه صاحب الفضل بن شاذان، (5) إلا أنه مبني على كون كل من الصاحبين
اسما، وأما لو كان أحدهما فعلا من باب المفاعلة، فيخرج الأمر عن الدخول في

1. رجال النجاشي: 342 / 919.
2. خلاصة الأقوال: 155 / 93.
3. الصحيفة العلوية الجامعة: 519 / 360 دعاؤه (عليه السلام) عند البروز للسفر.
4. رجال الشيخ: 478 / 2.
5. رجال النجاشي: 259 / 678.
568

الإطلاق على المعاشر.
والظاهر أن من ذلك ما يقال: " صاحب العزاء " بل منه " صاحب الزمان "
إذ الغرض مرجع الزمان برجوع الأمور المتطرقة فيه إليه وكونه منشأ الآثار فيه.
ويطلق أيضا على من يذهب بمذهب شخص كما يقال: " أصحاب أبي حنيفة ".
والظاهر أن هذا الإطلاق في الجمع، لا المفرد.
فائدة [2]
[في اصطلاحات تطلق على الفقهاء]
قد حكى صاحب رياض العلماء بخطه عن بعض أولاد الشهيد في ظهر
الدروس أن الشهيد عبر في الدروس عن العلامة ب‍ " الفاضل " وعن المحقق والعلامة
ب‍ " الفاضلين ". وحكى الوالد الماجد - رحمه الله - في بعض فوائده أنه أطلق جماعة
من الأصحاب منهم الشهيد الأول " الفاضلين " على المحقق والعلامة، وأطلقه
الفاضل الهندي في شرح القواعد على العلامة ونجله فخر المحققين، وصاحب
المعالم كما اتفق منه النقل عن المحقق والعلامة صرح بلقبيهما، لكنه في بحث
تعليق الأمر على الشرط نقل قولا ونسبه إلى الفاضلين. (1) وصرح الفاضل
المازندراني بأن المراد هو العلامة ونجله فخر المحققين. (2)
وحكى في رياض العلماء عن بعض الفضلاء في بعض تعليقاته على هوامش
الدروس أن " الحليين " - على وجه التثنية - يطلق في اصطلاح الشهيد على المحقق
والعلامة، كما يطلق في اصطلاحه " الفاضلان " عليهما، لكن حكى فيه أنه نقل عن
بعض أولاد الشهيد في ظهر الدروس أن المقصود ب‍ " الحليين " في كلام الشهيد إنما

1. معالم الدين: 77.
2. حكاه عنه في معجم الرموز والإشارات: 288.
569

هو المحقق وابن إدريس، وحكى فيه عن بعض الفضلاء في بعض تعليقاته على
هوامش الدروس أن الحليين - على وجه الجمعية - يطلق في كلام الشهيد على
المحقق والعلامة وابن إدريس.
لكن الشهيد قال في تدبير الدروس: " وقال الشيخ في النهاية: لا يجوز بيعه
- يعني المدبر - قبل نقض تدبيره، إلا أن يعلم المشتري بأن البيع للخدمة، (1)
وتبعه جماعة والحليون (2) إلا الشيخ يحيى (3) على بطلان التدبير بمجرد البيع ". (4)
والظاهر - بل بلا إشكال - أن المقصود ب‍ " الحليين " فيه هو قاطبة علماء
الحلة. وربما احتمل في رياض العلماء كون المراد المحقق والعلامة وابن إدريس
ويحيى بن سعيد.
وهو كما ترى.
وحكى فيه عن السيد الداماد في بعض تعليقاته على أوائل القواعد الشهيدية
أنه كلما قال الشهيد في كتبه: " الشاميين " - كما في آخر صوم الدروس (5) -، فالمراد
أبو الصلاح وابن البراج، وكلما قال: " الشاميون الثلاثة " - كما في آخر زكاة
الدروس -، (6) فالمراد أبو الصلاح وابن البراج وابن الحمزة صاحب الغنية - وكلما
قال: " الشاميون " فالمراد هؤلاء الثلاثة المذكورون مع الشيخ الفقيه المتكلم
محمود بن الحسن الحمصي.
وحكى فيه أنه يطلق " الخمسة " في كتب الأصحاب - ولا سيما المهذب

1. النهاية: 552.
2. ابن إدريس في السرائر 3: 31؛ والمحقق في المختصر النافع: 230، والعلامة في مختلف الشيعة 2:
635، وفخر المحققين في إيضاح الفوائد 3: 552.
3. الجامع للشرائع: 408.
4. الدروس الشرعية 2: 233.
5. الدروس 1: 295.
6. الدروس 1: 250.
570

لابن فهد والتنقيح للشيخ مقداد - على الشيخ المفيد، والسيد المرتضى، والشيخ
الطوسي، وابن بابويه، ونجله الصدوق.
وحكى فيه أن " الفقيه " مصطلح في لسان ابن فهد في المهذب في ابن بابويه
والد الصدوق، وهو قد اصطلح " الفقيهان " في الصدوق ووالده.
فائدة [3]
[في " كان قاريا يقري في مسجد الكوفة "]
ذكر النجاشي في ترجمة عبد الله بن أبي يعفور أنه كان قارئا يقرى في مسجد
الكوفة. (1) وربما قيل: أي يضيف.
أقول: إن القرى - بالكسر والقصر، والفتح والمد كما في القاموس والمصباح -
بمعنى الضيافة، (2) ومنه ما في مناجاة الراجين من المناجاة الخمسة عشر: " إلهي من
الذي نزل بك ملتمسا قراك فما قريته ". (3) لكن قال الشاعر:
نزلتم منزل الأضياف منا * فعجلنا القرى أن تشتمونا (4)
والمقصود بالقرى فيه مائدة الضيافة.
والظاهر أن المدار في التفسير بالضيافة على كون اسم الفاعل وفعل المضارع
بمعنى الضيافة.
ويمكن أن يكون الأول بمعنى قراءة القرآن (5) والثاني من باب الإفعال من

1. رجال النجاشي: 213 / 556.
2. القاموس 4: 379؛ المصباح المنير 1: 501 (قرى).
3. الصحيفة السجادية الجامعة: 406 / 185 مناجاة الراجين.
4. البيت من معلقة عمرو بن كلثوم. انظر شرح الزوزني 245، ومغني اللبيب 1: 55، البيت: 47.
5. في " د " زيادة: " أو قراءة الحديث، والثاني بمعنى الضيافة ويمكن أن يكون الأول بمعنى قراءة
القرآن ".
571

القراءة، أي يصلح القراءة، كما يرشد إليه ما نقله الكشي في ترجمة الحسن بن
علي بن فضال عن الفضل بن شاذان من قوله: " كنت في قطيعة الربيع في مسجد
الربيع أقرأ على مقرئ ". (1)
وأما كون الأول بمعنى قراءة الحديث والثاني بمعنى إصلاح قراءة القرآن فهو
مقطوع العدم.
وعن بعض النسخ " يقرأ " وهو الأظهر، فكل من الاسم والفعل من القراءة،
كيف ويبعد أن يكون الضيافة في المسجد، فيبعد أن يكون يقري بالياء.
والظاهر أن الغرض قراءة القرآن لا قراءة الحديث.
ثم إنه قد ذكر النجاشي في ترجمة إبراهيم بن عبد الله أنه القاري، من القارة. (2)
وقال ابن داود: منسوب إلى قارة. وقيل: القارة قرية بالأحساء. (3)
فائدة [4]
[في علة تسمية من لا يحضره الفقيه]
قد ذكر الصدوق في فاتحة كتاب من لا يحضره الفقيه أنه ذاكره بعض في
بعض أسفاره بكتاب صنفه محمد بن زكريا المتطبب الرازي وترجمة ب‍ " كتاب من
لا يحضره الطبيب " وسأله أن يصنف له كتابا في الفقه ويترجمه ب‍ " كتاب من
لا يحضره الفقيه ". (4)
قال المولى التقي المجلسي:

1. رجال الكشي 2: 801 / 993.
2. وجدناه في رجال الشيخ 35 / 3، والخلاصة: 192.
3. رجال ابن داود: 32 / 25.
4. الفقيه 1: 3 مقدمة الكتاب.
572

بمعنى أن كل من لم يحضره عنده فقيه يجوز له العمل به، وإن كان
الظاهر أن من كان عنده فقيه أيضا يجوز له العمل به في عرف المحدثين؛
لأنه خبر وليس بفتوى حتى يموت بموت قائله، لكن المعروف عندهم
عدم جواز العمل بالوجادة إذا أمكنهم النقل عن المحدثين. (1)
أقول: إن مقتضى ما سمعت أن اسم ما صنفه محمد بن زكريا هو كتاب
من لا يحضره الطبيب، واسم ما صنفه الصدوق كتاب من لا يحضره
الفقيه، فلفظ " الكتاب " داخل في كل من اسمي الكتابين وعلى هذا لا حزازة
في اسمي الكتابين. ولا محيص عن الحزازة على تقدير كون الاسم من لا يحضره
الطبيب ومن لا يحضره الفقيه، إلا أن إدخال لفظ " الكتاب " في اسم الكتاب
غير متعارف، كما أن التسمية ب‍ " كتاب من لا يحضره الفقيه " منوطة بجواز
العمل بالوجادة مع التمكن من النقل بالتحديث بعد جواز العمل بالخبر لغير
المجتهد.
فائدة [5]
[في يزيد بن إسحاق شعر]
قال الصدوق في مشيخة الفقيه:
وما كان فيه عن هارون بن حمزة الغنوي فقد رويته عن محمد بن
الحسن رحمه الله، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن
أبي الحسين بن الخطاب، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن هارون بن
حمزة الغنوي. (2)

1. روضة المتقين 1: 14.
2. الفقيه 4: 72 من المشيخة.
573

وقد اتفق يزيد بن إسحاق شعر في الأسانيد أيضا.
منها: ما رواه في الكافي في كتاب الحجة في باب الأمور التي توجب حجة
الإمام عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يزيد بن شعر، عن
هارون بن حمزة، عن عبد الأعلى قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ". (1)
ومنها: ما رواه في الكافي في كتاب الطهارة في باب مقدار الماء الذي يجزى
للوضوء والغسل عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يزيد بن
إسحاق شعر، عن هارون بن حمزة الغنوي، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (2)
ومنها: ما رواه في الكافي في باب الشفعة عن محمد بن يحيى، عن
محمد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن هارون بن حمزة الغنوي، عن
أبي عبد الله (عليه السلام). (3)
ومنها: ما رواه في الكافي في باب ضمان ما يفسد البهائم من الحرث والزرع
عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن
هارون بن حمزة قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ". (4)
ومنها: ما رواه في الكافي في كتاب النكاح في باب " الرجل يحل جاريته
لأخيه والمرأة تحل جاريتها لزوجها " عن علي بن إبراهيم، عن الخشاب، عن
يزيد بن إسحاق شعر، عن الحسن بن عطية، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (5)
ومنها: ما رواه في الكافي في كتاب الطلاق في باب طلاق عدة المسترابة
عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن

1. الكافي 1: 284، ح 2، باب الأمور التي توجب حجة الإمام (عليه السلام).
2. الكافي 3: 22، ح 6، باب مقدار الماء الذي يجزئ للوضوء والغسل.
3. الكافي 5: 281، ح 5، باب الشفعة.
4. الكافي 5: 301، ح 1، باب ضمان ما يفسد البهائم من الحرث والزرع.
5. الكافي 5: 470، ح 15، باب الرجل يحل جاريته لأخيه والمرأة تحل جاريتها لزوجها.
574

عمرو بن حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (1)
ومنها: ما رواه في التهذيب في باب صلاة العيدين من الزيادات غير مرة
بالإسناد عن محمد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن هارون بن حمزة
الغنوي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلى آخره. (2)
والظاهر أن " شعر " لقب إسحاق، لا لقب يزيد، كما يقتضيه غلبة رجوع
الصفات والألقاب إلى المضاف؛ بشهادة أن الكشي عنون: " يزيد ومحمد بن
إسحاق شعر ". (3)
وقد ضبط العلامة في الخلاصة في ترجمة محمد ويزيد بالشين المعجمة
والعين المهملة والراء، (4) وعليه جرى ابن داود في ترجمة محمد، (5) وكذا الفاضل
الأسترآبادي في ترجمة الأخوين، (6) وضبطه بعض بفتح الشين المعجمة وكسر
العين المهملة والراء كفرح.
وعن السيد السند الجزائري في شرح زيادات مكاسب التهذيب: أنه لقب به؛
لأنه لما تولد كان الشعر نابتا على بدنه.
وضبطه العلامة في الإيضاح في ترجمة يزيد بالشين المعجمة والغين
المعجمة (7) وقال في حاشية التوضيح: " ولعل الأول أصح ".
ثم إنه قد وثق الشهيد الثاني في أواخر الرعاية يزيد المشار إليه؛ حيث قال:
" إن اتفقت الأسماء خطا واختلفت نطقا فهو الذي يقال له: " المؤتلف والمختلف "

1. الكافي 6: 100، ح 11، باب عدة المسترابة.
2. تهذيب الأحكام 3: 286، ح 854، باب صلاة العيدين.
3. رجال الكشي 2: 864 / 1126.
4. خلاصة الأقوال: 183 / 3.
5. رجال ابن داود: 165 / 1311.
6. منهج المقال: 416.
7. ايضاح الاشتباه: 321 / 771.
575

إلى أن قال: " مثل بريد ويزيد بالباء والراء، والثاني بالياء المثناة والزاي، وكل منهما
يطلق على جماعة ". ثم قال: " وهؤلاء كلهم ثقات ". (1)
فائدة [6]
[في " المشرقي "]
" المشرقي " يطلق على هشام بن إبراهيم الختلي، كما هو مقتضى قول الكشي
في ترجمة يونس بن عبد الرحمن، وهشام بن إبراهيم المشرقي، وجعفر بن
عيسى بن يقطين، وموسى بن صالح، وأبي الأسد خصى علي بن يقطين:
" وحمدويه وإبراهيم قالا: حدثنا أبو جعفر محمد بن عيسى العبيدي قال: سمعت
هشام بن إبراهيم الختلي (2) وهو المشرقي " إلى آخر الرواية، (3) وهي طويلة.
ويطلق أيضا على هشام بن إبراهيم البغدادي، كما هو مقتضى قول الكشي
في آخر الترجمة المذكورة: " قال حمدويه: إن هشام المشرقي هو ابن إبراهيم
البغدادي، فسألته عنه وقلت له: ثقة؟ فقال: ثقة، وقال: رأيت ابنه ببغداد ". (4)
والظاهر اتحاد الختلي والبغدادي، بل لا إشكال في الاتحاد؛ إذ لولا الاتحاد
لم يأت الكشي بالروايتين المذكورتين في ترجمة واحدة.
إلا أن يقال: إن المذكور في الترجمة المذكورة روايتان، والرواية الأخيرة
تتعلق بالمشرقي، والمقصود من ذكر الرواية الأولى إنما هو مضمونها كما هو
الحال في سائر الموارد، وهو متعلق بغير المشرقي من الجماعة المذكورة (وإن

1. الرعاية في علم الدراية: 377.
2. في المصدر: " الجبلي ".
3. رجال الكشي 2: 789 / 955.
4. رجال الكشي 2: 790 / 955.
576

كان الراوي هو المشرقي، فذكر الروايتين لا يضايق عن تعدد المشرقي، إلا أن
يقال: إن المذكور في الرواية الأولى مربوط بجميع الجماعة المذكورة) (1) من
المشرقي وغيره، فذكر الروايتين في الترجمة المذكورة يضايق عن التعدد.
ويطلق أيضا على هشام بن إبراهيم العباسي، بناء على ما ذكره النجاشي من
أن هشام بن عبد الله (2) العباسي يقال له: المشرقي. (3)
ومقتضاه اتحاد هاشم وهشام والبغدادي والعباسي.
لكن ظاهر الكشي يقتضي تعدد هشام البغدادي وهشام العباسي؛ قضية تعدد
العنوان في كلامه؛ حيث إنه قد ذكر في العنوان المتقدم هشام بن إبراهيم (4)
- والمقصود به البغدادي بشهادة ذكر الرواية الأخيرة - ثم عنون هشام بن إبراهيم
العباسي. (5)
ويطلق أيضا على حمزة بن مرتفع على ما يقتضيه بعض أسانيد الكافي (6) كما
نقله الفاضل الأسترآبادي. وهو في كتاب التوحيد في باب أن الإرادة من صفات
الفعل وسائر صفات الفعل. (7) لكن السيد الداماد قال في حاشية الاختيار: " وبعض
القاصرين من أهل العصر صحف الربيع بالمرتفع ". (8) لكن في النسخة التي عندي
وفي حواشيها خطوط العلامة المجلسي " المرتفع ".

1. ما بين القوسين ليس في " د ".
2. في المصدر: " إبراهيم ".
3. رجال النجاشي: 435 / 1168.
4. رجال الكشي 2: 789 / 955.
5. رجال الكشي 2: 790 / 956 - 961.
6. الكافي 1: 110، ح 5، باب الإرادة أنها من صفات الفعل.
7. منهج المقال: 400.
8. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 2: 546 / 483 في الحاشية.
577

والمشرقي يطلق على عمرو بن قيس، كما يقضي به عنوان الكشي، (1) وكلام
الشيخ في الرجال (2) وكلام العلامة في الخلاصة (3) وهو بكسر الميم وفتح الراء على ما
نقله السيد الداماد في حاشية الاختيار عن ابن الأثير. (4)
وعنون في رياض العلماء " معمر المشرقي " ونقل عن الكراجكي أنه رجل
مقيم ببلاد العجم يذكر أنه رأى أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم عنون " معمر المغربي " وذكر
أنه أبو الدنيا المعروف علي بن عثمان المذكورة قصته في إكمال الدين، قال: " بل
كان في عصر الصدوق وكان قد شرب ماء الحياة ". (5)
فائدة [7]
[في رواية أحمد بن مهران عن محمد بن علي]
قد روى الكليني عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي في موارد كثيرة.
منها: ما رواه في باب الإشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمد
الصادق صلوات الله عليهما عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن
فضيل بن عثمان، عن طاهر، قال: " كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فأقبل جعفر (عليه السلام) فقال
أبو جعفر (عليه السلام): " هذا خير البرية ". (6)
والظاهر أن محمد بن علي هو محمد بن علي بن محبوب - المصرح بالتوثيق

1. رجال الكشي 1: 330 / 181.
2. رجال الشيخ: 69 / 6، و 76 / 2.
3. خلاصة الأقوال: 241 / 2.
4. اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) 1: 330 / 181 في الحاشية.
5. انظر إكمال الدين 2: 538.
6. الكافي 1: 307، ح 6، باب الإشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام).
578

في كلام النجاشي (1) والعلامة في الخلاصة (2) - كما هو مقتضى ما صنعه العلامة
المجلسي؛ حيث كتب بخطه الشريف تحت محمد بن علي المذكور في السند
المذكور: " ابن محبوب " نظرا إلى رواية أحمد بن محمد بن إدريس أبي علي
الأشعري ومحمد بن يحيى العطار - اللذين هما في مرتبة - وأحمد بن مهران -؛
لرواية الكليني عنهما عن محمد بن علي بن محبوب، كما ذكره الشيخ في الرجال
في ترجمة محمد بن علي بن محبوب. وذكر النجاشي رواية أحمد بن محمد بن
إدريس عن محمد بن علي بن محبوب في ترجمة محمد بن علي بن محبوب في
ذكر طريقه إلى محمد بن علي بن محبوب. (3)
وبما ذكر ظهر الحال فيما رواه الكليني في باب مولد الكاظم (عليه السلام) عن
أحمد بن مهران وعلي بن إبراهيم جميعا، عن محمد بن علي، عن الحسن بن
راشد، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم قال: " كنت عند أبي الحسن (عليه السلام) "،
إلى آخره. (4)
فائدة [8]
[في رواية أحمد بن محمد بن]
[خالد البرقي عن محمد بن علي]
قد تكثر في روايات الكليني رواية أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن
محمد بن علي، ومنه ما رواه الكليني في أوائل كتاب التوحيد عن عدة من

1. رجال النجاشي: 349 / 904.
2. خلاصة الأقوال: 156 / 107.
3. رجال النجاشي: 349 / 904، وفيه: " أحمد بن إدريس " عوضا عن " أحمد بن محمد بن إدريس ".
4. الكافي 1: 478، ح 4، باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام).
579

الأصحاب، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمن بن
محمد بن أبي هاشم، عن أحمد بن محسن الميثمي، قال: " كنت عند أبي منصور
المتطبب "، إلى آخره. (1)
والظاهر أن محمد بن علي هو أبو سمينة الضعيف؛ لما رواه الكليني في كتاب
الأطعمة في باب السمك عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن محمد بن
بندار، عن أبيه وأحمد بن أبي عبد الله جميعا، عن محمد بن علي الهمداني، إلى
آخره. (2) حيث إن أحمد بن أبي عبد الله هو البرقي ومحمد بن علي الهمداني هو أبو
سمينة، كما نقله الشيخ في الفهرست عن ابن بطة. (3)
وقد ذكر المولى التقي المجلسي:
أن الغالب في محمد بن علي الذي يقع مطلقا هو أبو سمينة، ويشتبه على
الأصحاب، وكثيرا ما يروي البرقي - يعني أحمد بن محمد بن خالد - عن
أبي سمينة بعنوان محمد بن علي. (4)
فائدة [9]
[في رواية محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن أحمد]
قد كثر رواية محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد، عن
العمركي. ومنه ما رواه في التهذيب في باب كيفية الصلاة من الزيادات عن
محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد، عن العمركي، عن علي بن

1. الكافي 1: 74، ح 2، باب التوحيد.
2. الكافي 6: 323، ذ ح 3، باب السمك.
3. الفهرست: 146 / 623.
4. انظر روضة المتقين 14: 442.
580

جعفر، قال: " رأيت إخوتي موسى وإسحاق ومحمدا بني جعفر (عليه السلام) يسلمون في
الصلاة عن اليمين والشمال "، إلى آخره. (1)
وعن جماعة الحكم بصحة الحديث، كالعلامة في المنتهى (2) والمختلف، (3)
وشيخنا البهائي (4) وصاحب الذخيرة (5) وكاشف اللثام (6) وغيرهم. (7) ولعل الحكم
بالصحة مبني على حمل محمد بن أحمد على محمد بن [أحمد بن] يحيى بن
عمران الأشعري المصرح بالتوثيق في كلام النجاشي، إلا أنه قال النجاشي: " إلا أن
أصحابنا قالوا: إنه كان يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل ولا يبالي عمن أخذ،
وما عليه في نفسه مطعن في شيء ". (8)
ويبعد أن يكون الحكم بالصحة مبنيا على ذلك، مع عدم التعرض لعدم
ممانعة المقالة المذكورة عن اعتبار الراوي وصحة الحديث، ومع هذا قد اتفق
تقييد محمد بن أحمد بابن يحيى في أسانيد متعددة، منها: ما رواه في التهذيب في
باب كيفية الصلاة من الزيادات عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن العمركي، عن
علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر إلى آخره. (9)
بل قد اتفق محمد بن أحمد بن يحيى في كثير من صدور أسانيد التهذيبين،
وقد ذكر الشيخ في المشيخة طريقه إلى محمد بن أحمد بن يحيي الأشعري؛ (10)

1. تهذيب الأحكام 2: 317، ح 1297، باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض.
2. منتهى المطلب 1: 296.
3. مختلف الشيعة 2: 92.
4. الحبل المتين: 251.
5. ذخيرة المعاد: 291.
6. كشف اللثام 4: 140.
7. انظر الرسائل الرجالية للشفتي: 572.
8. رجال النجاشي: 348 / 939.
9. تهذيب الأحكام 2: 296، ح 1193، باب زيادات كيفية الصلاة وصفتها.
10. تهذيب الأحكام 10: 71 - 72، من المشيخة وانظر الفهرست: 144 / 622.
581

ولعل محمد بن أحمد بن يحيي يروي في جميع رواياته عن العمركي، عن
علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام).
لكن يندفع ذلك بأن التقييد المذكور وإن يقتضي البناء على كون محمد بن
أحمد في صورة الإطلاق هو محمد بن أحمد بن يحيي، لكن ينافي التقييد
المذكور التقييد بالعلوي في أسانيد أخرى، كما رواه في التهذيب في باب التيمم
وأحكامه عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد العلوي، عن
العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) إلى آخره. (1)
وما رواه في التهذيب في باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما
لا يجوز من الزيادات عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد
العلوي، عن العمركي البوفكي، عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) إلى آخره. (2)
وما رواه في التهذيب في باب " الصبيان متى يؤمرون بالصلاة " من الزيادات
عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد العلوي، عن العمركي
البوفكي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام). (3)
وما رواه في التهذيب في باب الصلاة في السفر من الزيادات عن محمد بن
علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد العلوي، عن العمركي البوفكي، عن
علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام) إلى آخره. (4)
فيتأتى التعارض بين التقييد بابن يحيى والتقييد بالعلوي، فلا مجال لحمل
الإطلاق على الأشعري.
بل نقول: إن تقييد الراوي في حال رواية الراوي عنه في حال الإطلاق مقدم

1. تهذيب الأحكام 1: 192، ح 554، باب التيمم وأحكامه.
2. تهذيب الأحكام 2: 365، ح 1515، باب فيما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان (زيادات).
3. تهذيب الأحكام 2: 380، ح 1587، باب الصبيان متى يؤمرون بالصلاة (زيادات).
4. تهذيب الأحكام 3: 231، ح 596، باب صلاة السفر (زيادات).
582

على التقييد في حال عدم رواية الراوي في حال الإطلاق؛ لمصير الظن إلى جانب
التقييد (1) في الصورة الأولى؛ لفرط المشابهة بين صورة الإطلاق والتقييد.
بل نقول: إن الظاهر من ذكر الطريق إلى محمد بن أحمد بن يحيي الأشعري
كون محمد [بن أحمد] بن يحيى في صدر السند في صورة الإطلاق هو الأشعري،
ولا حاجة في حمل الإطلاق في صدر السند على الأشعري إلى التقييد بابن يحيى
في بعض الموارد؛ فيتعين محمد بن أحمد في صدر السند في الأشعري
(ولا يقتضي هذا حمل الإطلاق في رواية محمد بن علي بن محبوب عن محمد
بن أحمد [علي] الأشعري). (2)
نعم، لو ثبت التقييد بابن يحيى في صورة رواية محمد بن علي بن محبوب
عن محمد بن أحمد، فلابد من ملاحظة الغلبة، إلا أن يقال: إن أمثال الاختلاف
المذكور لا ينافي حمل الإطلاق على التقييد، فيقتضي كون محمد بن أحمد في
صدر السند هو الأشعري تقييد محمد بن أحمد في رواية محمد بن علي بن
محبوب عن محمد بن أحمد بالأشعري، فلا يترجح حمل الإطلاق في رواية
محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن أحمد على العلوي.
ومع هذا قد ذكر بعض الأعلام أنه لم يظهر رواية محمد بن علي بن محبوب
عن محمد [بن أحمد] بن يحيى الأشعري؛ لأنه لم يذكر في التهذيب إلا مع ذكر
جده، بخلاف محمد بن أحمد العلوي، فإنه قد ذكر تارة مطلقا، وأخرى مقيدا
بالعلوي. (3)
لكنك خبير بأنه إنما يتم على تقدير حمل صورة الإطلاق على العلوي.
وأما على تقدير (الحمل على الأشعري فقد ذكر محمد بن أحمد تارة على

1. في " ح ": " التقييد ".
2. ما بين القوسين ليس في " د ". وما بين المعقوفين أصنف بمقتضى السياق.
3. الشفتي في الرسائل الرجالية: 575.
583

وجه الإطلاق، وأخرى مقيدا بالأشعري، كما أنه على تقدير) (1) التوقف من جهة
تعارض التقييد بالأشعري والتقييد بالعلوي قد ثبت ذكر محمد بن أحمد مقيدا
بالأشعري ومقيدا بالعلوي، لكن لم يثبت ذكر أحدهما بالخصوص على وجه
الإطلاق.
ثم إنه روى في التهذيب في باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما
لا يجوز من الزيادات أيضا عن محمد بن علي بن محبوب، عن العمركي
البوفكي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام). (2)
والظاهر - بل بلا إشكال - سقوط محمد بن أحمد العلوي بين محمد بن
علي بن محبوب والعمركي؛ إذ المعهود رواية محمد بن علي بن محبوب عن
محمد بن أحمد العلوي (3) عن العمركي، كما يظهر مما مر ونص عليه في المنتقى. (4)
كيف، وقد سمعت توسط محمد بن أحمد العلوي في البين في السند المذكور في
الباب المذكور، لكنه حكى في المنتقى عن المنتهى الحكم بصحة السند المذكور. (5)
ثم إنه ربما ذكر رواية محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن أحمد
الهاشمي، كما رواه في التهذيب في باب فضل المساجد من الزيادات عن
محمد بن أحمد الهاشمي، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام)
إلى آخره. (6)
وروى في التهذيب في باب الأغسال وكيفية غسل الجنابة عن محمد بن

1. ما بين القوسين ليس في " د ".
2. تهذيب الأحكام 2: 365، ح 1515، باب فيما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان (زيادات).
3. في " د " زيادة: " بين محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن أحمد العلوي ".
4. منتقى الجمان 1: 473.
5. منتقى الجمان 1: 473، وانظر المنتهى 1: 52.
6. تهذيب الأحكام 3: 249، ح 683، باب فضل المساجد والصلاة فيها (زيادات).
584

علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد بن إسماعيل الهاشمي، عن عبد الله بن
الحسن، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام) إلى آخره. (1)
والظاهر - بل بلا إشكال - أن المقصود بمحمد بن أحمد فيهما هو محمد بن
أحمد العلوي.
ثم إن محمد بن أحمد العلوي غير معنون في رجال النجاشي ولا في
الفهرست ولا في الخلاصة ولا في رجال ابن داود، والظاهر أن العذر في الإهمال في
رجال النجاشي والفهرست خلو محمد بن أحمد العلوي عن الكتاب، والفهرست
كرجال النجاشي موضوع لذكر أرباب الكتاب، كما هو المصرح به في أولهما. (2)
لكن عنونه الشيخ في الرجال نقلا في باب من لم يرو وقال: " محمد بن أحمد
العلوي روى عنه أحمد بن إدريس "، (3) وقال النجاشي (4) والشيخ في الفهرست (5)
والعلامة في الخلاصة: " إن أحمد بن إدريس كثير الحديث، صحيح الرواية ". (6)
فرواية أحمد بن إدريس عنه يقتضي حسن حاله، كما جرى عليه بعض
الأعلام؛ بل يقتضي التوثيق، كما ربما يظهر القول به من الفاضل الشيخ محمد. (7)
لكن نقول: إن المقصود بصحة الرواية إنما هو صحة الإسناد لا صحة
المروي، فلا دلالة في ذلك على حسن حال محمد بن أحمد العلوي، فضلا عن
الدلالة على توثيقه.
ومزيد الكلام موكول إلى ما حررناه في بعض الفوائد المرسومة في ذيل

1. تهذيب الأحكام 1: 367، ح 1115، باب الأغسال وكيفية الغسل من الجنابة (زيادات).
2. انظر الفهرست: 2؛ ورجال النجاشي: 2.
3. رجال الشيخ: 506 / 83.
4. رجال النجاشي: 92 / 228.
5. الفهرست: 26 / 81.
6. خلاصة الأقوال: 16 / 14.
7. انظر: استقصاء الاعتبار 1: 188؛ و ج 3: 36.
585

الرسالة المعمولة في رواية الكليني عن أبي داود.
لكن يمكن القول باستفادة حسن الحال مما ذكره النجاشي في ترجمة
العمركي من أنه روى عنه شيوخ الأصحاب قال: " أخبرنا أبو عبد الله القزويني،
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا
محمد بن أحمد بن إسماعيل العلوي عن العمركي " (1) حيث إن الظاهر بل
بلا إشكال - أن المقصود بمحمد بن أحمد بن إسماعيل هو محمد بن أحمد
العلوي كما سمعت؛ بل لولا ذلك لكان ذكر الطريق إليه لغوا.
ومقتضى ذكر الطريق المشتمل على محمد بن أحمد العلوي بعد ذكر رواية الشيوخ
عن العمركي كون محمد بن أحمد العلوي من الشيوخ (فيثبت حسن حاله.
إلا أن يقال: إن غاية ما يقتضيه ما ذكر إنما هي أنه يروي الشيوخ عن
العمركي، لا أن كل من يروي عنه من الشيوخ). (2)
لكن يمكن الذب عنه بأن الظاهر كون الغرض من رواية الشيوخ عن
محمد بن أحمد العلوي انحصار الرواية عنه في الشيوخ؛ هذا.
وقد بالغ السيد الداماد في صحة حديث محمد بن أحمد العلوي قال: " فالأمر
هناك جلي والسبيل واضح وحاله أجل من ذلك، وحكى أن العلامة في باب
نسيان إحرام المتمتع عد في المنتهى طريقا هو فيه صحيحا، (3) وفي المختلف حكم
بالحسن، (4) وحكى أنه روى عنه محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس ومحمد بن
الحسن الصفار، (5) ومن العجيب أنه حكى رواية العمركي عنه.

1. رجال النجاشي: 303 / 828.
2. ما بين القوسين ليس في " د ".
3. منتهى المطلب 2: 684.
4. مختلف الشيعة: 4: 245. المسألة 194.
5. انظر تعليقة الوحيد البهبهاني 280، ومنتهى المقال 5: 328 / 2454.
586

فائدة [10]
[في " طباطبا "]
" طباطبا " لقب إبراهيم بن إسماعيل بن حسن (عليه السلام) كما يرشد إليه بعض الأخبار
المروية في الكافي في باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر
الإمامة، (1) وقال صاحب التوضيح في بعض تعليقات التوضيح: " طباطبا لقب
إبراهيم بن إسماعيل على ما يظهر من كتب رجالنا ".
وفي رياض العلماء:
طباطبا هو السيد إبراهيم بن إسماعيل بن السيد أبي إسماعيل إبراهيم بن
الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) لقب بذلك لأنه ذات
يوم عرض أباه عليه في صغره ثوبا وقال: أقطعه لك قميصا أم قبا؟ فقال
للكنة لسانه من أجل صغره: " طباطبا " يريد " قباقبا " فلزمه ذلك اللقب.
لكن في القاموس: " طباطبا إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن
علي، لقب به لأنه كان يبدل القاف طاء، ولأنه أعطي قباء فقال: طباطبا،
يريد قباقبا ". (2)
ومقتضاه كون " طباطبا " لقب إسماعيل لا إبراهيم، كما هو مقتضى ما تقدم.
ولعله بعد اشتباه إبراهيم بإسماعيل قد اشتبه أبا إسماعيل بإسماعيل؛ إذ ابن إبراهيم
هو أبو إسماعيل لا إسماعيل، على ما يصرح بذلك ما سمعت من عبارة رياض
العلماء
قوله " لأنه يبدل القاف طاء هذا أقرب بأن يصير سببا للتلقب، وإن أمكن

1. الكافي 1: 361، ح 17،، باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة.
2. القاموس المحيط 1: 100 (طبي).
587

القول بكونه بعيدا في نفسه من كون السبب للتلقب هو إبدال القاف بالطاء مرة في
زمان غاية الصغر.
وقال الفاضل الأسترآبادي:
إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن
أبي طالب (عليه السلام) وفي نسخة: إبراهيم الأعجمي من أهل نهاوند، له كتاب
أخبرنا به عدة من أصحابنا، عن أبي المفضل الشيباني، عن ابن بطة،
عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي. وفي " لم ": إبراهيم الأعجمي من
أهل نهاوند. (1)
قوله " وفي نسخة " ينطبق على هذه النسخة ثلاث نسخ تكون عندي، ومن
العجيب سكوت الفاضل الأسترآبادي - كالشيخ في الفهرست (2) على النسخة الأولى
وكذا على النسخة الثانية، وكذا في الرجال بناء على اتحاد إبراهيم الأعمى (3) مع
إبراهيم بن إسماعيل - عن اللقب المعروف أعني طباطبا، ولا يذهب عليك أن
مقتضى عبارة الفهرست على النسخة الأولى عدم تخلل أبي إسماعيل في البين.
ثم إنه قد نقل ابن خلكان نقلا عن بعض أنه وقف على قبر ابن طباطبا وأنشد:
وخلفت الهموم على أناس * وقد كانوا بعيشك في كفاف
فرآه في النوم فقال: قد سمعت ما قلت وحيل بيني وبين الجواب والمكافأة،
ولكن سر إلى المسجد وصل ركعتين، وادع يستجب لك الله سبحانه؛ (4) والله
العالم.

1. منهج المقال: 20، وانظر رجال الشيخ: 451 / 75 و 78.
2. انظر الفهرست: 8 / 16.
3. كذا في النسخ وانظر رجال الشيخ: 451 ومنتهى المقال 1: 157 / 35.
4. وفيات الأعيان 3: 82 / 342، ابن طباطبا.
588

25 - رسالة في " محمد بن سنان "
589

بسم الله الرحمن الرحيم
ومنه - سبحانه - الاستعانة للتتميم
وبعد، فهذه رسالة في تحقيق حال محمد بن سنان، فنقول: إنه قد ذكر
العلامة في الخلاصة: " أن محمد بن سنان هو أبو جعفر الزاهري من ولد
زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي. وحكى عن أبي عبد الله بن عياش (1)
أنه كان يقول: حدثنا أبو عيسى محمد بن أحمد بن سنان قال: هو محمد بن
الحسن بن سنان مولى زاهر توفي أبوه الحسن وهو طفل، وكفله جده سنان
فنسب إليه ". (2)
والظاهر - بل بلا إشكال - أن الحاكي للواقعة هو ابن محمد بن سنان، وحكي
عن ابن الغضائري أنه قال: " أبو جعفر الهمداني - بالدال المهملة - وهذا أصح
ما نسب إليه ". (3)
فقد عرفت أن مقتضى كلام العلامة أنه زاهري؛ لكونه من ولد زاهر،
ومقتضى كلام ابن عياش كونه زاهريا؛ لكونه مولى زاهر، ومقتضى كلام
ابن الغضائري أنه همداني.

1. كذا في " ح " و " د " وفي المصدر " عباس ".
2. خلاصة الأقوال: 251 / 17. وفيها: " أبو عيسى محمد بن أحمد بن محمد بن سنان " بدلا عن " أبو
عيسى محمد بن أحمد بن سنان ".
3. حكاه عنه العلامة في خلاصة الأقوال: 251 / 17.
591

[ما يقال في تضعيفه]
وبالجملة، فمقتضى غالب الكلمات ضعف حال محمد بن سنان، بل مقتضاه
الضعف بضعف شديد؛ حيث إنه قد ذكر النجاشي: أن محمد بن سنان ضعيف
جدا، لا يعول عليه ولا يلتفت إلى ما تفرد به. (1)
إلا أن يقال: إنه قال النجاشي: " وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد:
روى عن الرضا (عليه السلام)، قال: وله مسائل عنه معروفة، وهو رجل ضعيف جدا،
لا يعول عليه ولا يلتفت إلى ما تفرد به ". (2)
ولعل الأظهر كون قوله: " وهو رجل ضعيف " إلى آخره من كلام أبي العباس
أحمد بن محمد بن سعيد وهو ابن عقدة.
وقال النجاشي في ترجمة مياح: " إنه ضعيف جدا، له كتاب يعرف برسالة
مياح، وطريقها أضعف منها ". (3)
وابن داود ذكره في القسم الثاني المختص بالمجروحين والمجهولين، فقال
في ترجمته: " وروي أنه قال قبل موته: لا ترووا عني مما حدثت شيئا، فإنما هي
كتب اشتريتها من السوق - فقال -: والغالب في حديثه الفساد ". (4) وضعف طريق
الصدوق إلى النمير، والمفضل بن عمر، ومبارك العقرقوفي، والنعمان الرازي،
ويوسف بن إبراهيم، ويوسف بن يعقوب. (5)

1. رجال النجاشي: 328 / 888.
2. رجال النجاشي: 328 / 888.
3. رجال النجاشي: 424 / 1140. وفي " د " و " ح ": " مباح ".
4. رجال ابن داود: 273 / 455. وفيه: " والغالب على حديثه الفساد ".
5. رجال ابن داود: 312، باب تنبيهات. وفيه: " واما الضعيف من طرقه فما رواه عن... وابن أبي النمير
مولى الحارث والمفضل بن عمر الجعفي و... ونعمان الرازي ومبارك العقرقوفي و... ويوسف بن
إبراهيم و... ويوسف بن يعقوب " فلاحظ.
592

والظاهر - بل بلا إشكال - أن تضعيف الطرق المذكورة من جهة اشتمالها على
محمد بن سنان؛ لانحصار سبب التضعيف (1) في محمد بن سنان.
وحكى النجاشي عن الكشي، عن أبي الحسن علي بن محمد بن قتيبة
النيسابوري، عن الفضل بن شاذان أنه قال: " لا أستحل لكم أن ترووا أحاديث
محمد بن سنان ". (2)
وحكى عن الكشي بعض آخر أنه حكى عن ابن قتيبة، عن الفضل بن شاذان
أنه قال: " لا أستحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان عني ما دمت حيا، وأذن
في الرواية بعد موته ". (3)
وحكى النجاشي أيضا عن الكشي أنه قال:
وجدت بخط أبي عبد الله الشاذاني أنه قال: سمعت القاضي يقول: إن
عبد الله بن محمد بن عيسى الملقب ببنان قال: كنت مع صفوان بن يحيى
بالكوفة في منزلي، إذ دخل علينا محمد بن سنان، فقال صفوان: هذا
ابن سنان لقد هم أن يطير فقصصناه حتى يثبت معنا. (4)
وحكى عن الكشي بعض آخر أنه حكى عن محمد بن مسعود قال: " حدثني
علي بن محمد القمي عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: كنا عند صفوان بن
يحيى، فذكر محمد بن سنان فقال: إن محمد بن سنان كان من الطيارة
فقصصناه ". (5)
وعن الكشي، عن الفضل بن شاذان في بعض كتبه: " من الكذابين

1. في " د ": " لانحصار الضعف ".
2. رجال النجاشي: 328 / 888.
3. انظر منتهى المقال 6: 67 / 2669.
4. رجال النجاشي: 328 / 888. وفيه: " وجد " بدلا عن " وجدت " و " العاصمي " بدلا عن " القاضي ". و
" ثبت " بدلا عن " يثبت ".
5. رجال الكشي 2: 796 / 978.
593

المشهورين محمد بن سنان وليس بعبد الله ". (1)
قوله: " وليس بعبد الله " الظاهر - بل بلا إشكال - أن الغرض أن محمد بن سنان
غير عبد الله بن سنان. ويحتمل على بعد أن يكون الغرض أن محمد بن سنان
ليس ليس جاريا على وفق العبودية، لله سبحانه.
وعن الكشي أيضا عن محمد بن مسعود أنه قال: " قال عبد الله بن حمدويه:
سمعت الفضل بن شاذان يقول: لا أستحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان ". (2)
وعن الكشي أيضا عن حمدويه:
أن أيوب بن نوح دفع إليه دفترا فيه أحاديث محمد بن سنان، فقال: إن
شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، فإني كتبت عن محمد بن سنان، ولكن
لا أروي لكم عنه شيئا، فإنه قال قبل موته: كل ما حدثتكم به لم يكن لي
سماعا ولا رواية، بل إنما وجدته. (3)
وعن الكشي في ترجمة يونس بن يعقوب أنه قال: " كتبت أحاديث
محمد بن سنان عن أيوب بن نوح، قال: لا أستحل أن أروي أحاديث محمد بن
سنان ". (4)
وعنه في ترجمة مفضل بن عمر: أن محمد بن سنان غال من أركان الغلاة. (5)
وعن الشيخ المفيد: أن محمد بن سنان مطعون فيه، لا يختلف العصابة في
تهمته وضعفه، ومن كان هذا سبيله لم يعتمد عليه في الدين. (6)

1. رجال الكشي 2: 796 / 979. وفيه " ابن سنان " وهو الصحيح وإلا فلاوجه لقوله: وليس بعبد الله
وحكاه عنه في خلاصة الأقوال: 251 / 17.
2. رجال الكشي 2: 796 / 978. وفي " د ": " عبد الله حمدويه ".
3. رجال الكشي 2: 795 / 976. وحكاه عنه السيد بحر العلوم في رجاله 3: 251.
4. رجال الكشي 2: 687 / 729. في ترجمة محمد بن سنان عن حمدويه.
5. رجال الكشي 2: 613 / 584 وحكاه عنه السيد بحر العلوم في رجاله 3: 252.
6. الرسالة العددية (مصنفات الشيخ المفيد) 9: 20. وحكاه عنه السيد بحر العلوم في رجاله 3: 253.
594

وعنه أيضا: أن محمد بن سنان طعن عليه، وهو متهم بالغلو. (1)
وعن ابن الغضائري: أن محمد بن سنان غال لا يلتفت إليه. (2)
وعن الشيخ الطوسي في رجاله: أنه وإن أورده في باب أصحاب مولانا
الكاظم والجواد (عليهما السلام) من غير تعرض لمدح ولا قدح، لكنه ضعفه في باب أصحاب
مولانا الرضا (عليه السلام). (3)
وعنه في الفهرست: أن محمد بن سنان له كتب، وقد طعن عليه وضعف،
وكتبه مثل كتب الحسين بن سعيد على عددها. (4)
ويمكن أن يكون مرجع هذا الكلام إلى التوقف، لكنه ضعفه في الرجال في
باب أصحاب الرضا (عليه السلام) (5) كما سمعت.
وعنه في التهذيبين - في باب أن الرجل إذا سمى المهر ودخل بالمرأة قبل أن
يعطيها مهرها، كان دينا عليه -: أن محمد بن سنان مطعون عليه، ضعيف جدا،
وما يستند بروايته، ولا يشركه فيه غيره، ولا يعمل عليه. (6)
وعنه في التهذيب في باب أنه لا يصح الظهار بيمين: أن محمد بن سنان
ضعيف عند نقاد الأخبار. (7)
وعن السيد جمال الدين علي بن طاووس في مفتتح كتابه فلاح السائل

1. الرسالة العددية (مصنفات الشيخ المفيد) 9: 20. وحكاه عنه النوري في خاتمة المستدرك 4: 67.
2. خلاصة الأقوال: 251 / 17.
3. رجال الشيخ: 361 / 39؛ 405 / 3؛ 386 / 7.
4. الفهرست: 143 / 618.
5. رجال الشيخ: 386 / 7.
6. تهذيب الأحكام 7: 361، ذيل ح 1464، باب المهور والأجور؛ الاستبصار 3: 224، ح 810، باب
أن الرجل إذا سمى المهر ودخل بالمرأة قبل أن يعطيها مهرها كان دينا عليه.
7. انظر تهذيب الأحكام 7: 361، ح 1464، باب المهور والأجور.
595

ونجاح الآمل، أنه قال: " سمعت من يذكر طعنا على محمد بن سنان ". (1)
وعن ابن شهر آشوب في معالم العلماء أنه - بعد ذكره والإشارة إلى كتبه - قال:
" وطعن عليه ". (2)
وعن المحقق في المعتبر - في مسألة كراهة بل الخيوط التي يخاط بها الكفن
بالريق ومسألة تجديد القبر - تضعيف محمد بن سنان. (3)
وعن العلامة في الخلاصة: أنه ضعف طريق الصدوق إلى النمير،
والمفضل بن عمر؛ تعليلا بأن فيه محمد بن سنان وهو ضعيف، وكذا طريقه إلى
مبارك العقرقوفي، والنعمان الرازي، ومحمد بن عمرو بن أبي المقدام،
ويوسف بن يعقوب وغيرهم، (4) لكنه لم يصرح بأن الضعف لمحمد بن سنان، إلا
أن الظاهر أن الضعف من جهته؛ لانتفاء من يمكن أن يكون الضعف من جهته،
ولذلك صرح الفاضل الأسترآبادي بأن التضعيف لذلك. (5)
وعن الشهيد الثاني تضعيفه في المسالك (6) عند الكلام في الرضاع؛ تضعيفا
لما يأتي عن العلامة في المختلف، (7) بأن محمد بن سنان ضعفه الشيخ، (8)
والنجاشي، (9) وابن الغضائري (10) قال:

1. فلاح المسائل: 12.
2. معالم العلماء: 102 / 684.
3. المعتبر 1: 289 و 307.
4. خلاصة الأقوال: 277، الفائدة الثامنة.
5. منهج المقال: 299.
6. مسالك الأفهام 7: 217 و 218.
7. مختلف الشيعة 7: 31 باب الرضاع.
8. الفهرست: 143 / 609؛ رجال الشيخ: 386.
9. رجال النجاشي: 328 / 888.
10. حكاه عنه ابن داود في رجاله 1: 174 / 1405؛ و 2: 273 / 455؛ خلاصة الأقوال: 251.
596

إنه غال لا يلتفت إليه وروى الكشي فيه قدحا عظيما، وقال الفضل بن
شاذان: من الكذابين المشهورين ابن سنان، (1) فلا عذر للعلامة في قوله
في المختلف: " إنه تبين رجحان قوله في كتاب الرجال " (2) وأي رجحان
يحصل مع قدح هؤلاء الأكابر الذين هم عمدة الطائفة في نقد الرجال؟
مع أنه في الخلاصة نقل فيه ما ذكرناه وزيادة، ونقل عن المفيد أنه ثقة ثم
اختار التوقف في أمره (3) ولا وجه للتوقف؛ لأن الجارح مقدم مع
التساوي، فكيف بمن ذكرناه. (4)
وعن الشهيد المشار إليه أيضا في الروضة في بحث الرضاع تضعيفه بأن في
الطريق محمد بن سنان، وهو ضعيف على أصح القولين وأشهرهما، (5) وعلى هذا الحال
النسخة التي عندي من الروضة، لكن العبارة خالية من قوله: " وأشهرهما " على ما حكى
العبارة بعض. وحكم في حاشية الروضة - عند الكلام في دية النفس - بضعفه جدا. (6)
وقد حكى بعض الأعلام عن الشهيد المشار إليه تضعيفه في مواضع من
كتبه، (7) وهو المحكي عن المقدس، (8) وصاحب المدارك، (9) والسيد الداماد. (10)

1. رجال الكشي: 507 / 979.
2. مختلف الشيعة 7: 30. وفيه: " قد بينا رجحان العمل برواية محمد بن سنان في كتاب الرجال ".
3. خلاصة الأقوال: 251.
4. انتهى كلام مسالك الأفهام 7: 218.
5. الروضة البهية 5: 160.
6. حاشية الروضة البهية 2: 403 (الطبعة الحجرية) في أعلى الصفحة.
7. الحاكي هو السيد بحر العلوم في رجاله 2: 259 ولا بأس بالنظر للروضة البهية 5: 160، و ج 2: 403
من الطبعة الحجرية.
8. مجمع الفائدة والبرهان 7: 108. وحكاه السيد بحر العلوم في رجاله 3: 259.
9. حكاه عنه السيد بحر العلوم في رجاله 3: 259.
10. الرواشح السماوية: 88، الراشحة السادسة والعشرين، وحكاه عنه السيد بحر العلوم في رجاله
3: 259.
597

ومقتضى ما قاله العلامة - نقلا - في أوائل المختلف في باب الرضاع القول بصحة
حديث محمد بن سنان؛ حيث إنه قال: " لا يقال: في طريقه محمد بن سنان وفيه
قول " إلى أن قال: " قد بينا رجحان العمل برواية محمد بن سنان في كتاب
الرجال ". (1)
[ما يقال في توثيقه]
وعن السيد الداماد في بعض تعليقات رجال الكشي أنه كثيرا ما يصحح
العلامة الحديث وفي طريقه محمد بن سنان. (2)
لكن استظهر بعض الأعلام عن طائفة من كلمات العلامة القول بكون حديثه
موثقا.
وحكى القول بالصحة عن بعض فخر المحققين والمحقق الثاني وغيرهما. (3)
ومقتضى طائفة من الكلمات اعتبار حال محمد بن سنان؛ حيث إن الشيخ
المفيد في الإرشاد عده من خاصة مولانا الكاظم (عليه السلام) وثقاته وأهل الورع والعلم
والفضل من شيعته. (4)
والظاهر أنه المقصود بما نقله في الخلاصة من أن الشيخ المفيد قال: " إنه
ثقة ". (5)
وذكر الكشي نقلا أنه روى عنه الفضل وأبوه، ويونس، ومحمد بن عيسى
العبيدي، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، والحسن والحسين ابنا سعيد

1. مختلف الشيعة 7: 31 باب الرضاع.
2. تعليقات السيد الداماد على رجال الكشي 2: 269 - 270. وفي النسختين كليتهما: " يتصحح " بدلا
عن " يصحح ".
3. حكاه عنهم السيد بحر العلوم في رجاله 2: 258.
4. الإرشاد للشيخ المفيد 2: 248.
5. خلاصة الأقوال: 251 / 17.
598

الأهوازيان، وأيوب بن نوح وغيرهم من العدول والثقات من أهل العلم. (1)
ومن المعلوم أن الغرض من الكلام المذكور إنما هو إظهار جلالة المروي عنه
ووثاقته؛ حيث أطبق كثير من العدول والثقات على الرواية، فمقتضى الكلام
المذكور أنه غير راض بالطعن عليه، وأراد بذلك الإشارة إلى تزييف الطعن عليه.
وقال النجاشي بعد مقالة صفوان المتقدمة: " وهذا يدل على اضطراب كان
وزال ". (2)
وعده الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة - نقلا - من الوكلاء والقوام الذين ما
غيروا وما بدلوا وما خانوا وماتوا على منهاجهم.
وروى عن أبي طالب القمي قال:
دخلت على أبي جعفر الثاني (عليه السلام) في آخر عمره، فسمعته يقول: " جزى
الله صفوان بن يحيى، ومحمد بن سنان، وزكريا بن آدم، وسعد بن سعد
عني خيرا، فقد وفوا لي ". إلى أن قال: وأما محمد بن سنان، فإنه روي
عن علي بن الحسين بن داود، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يذكر محمد بن
سنان بخير، ويقول: " رضي الله عنه برضائي عنه، فما خالفني ولا خالف
أبي قط ". (3)
قوله: " فإنه روى " لعل الظاهر أن الفعل على سبيل الجهالة، وإلا فلا مجال
لإثبات اعتبار حاله بهذه الرواية؛ لان الراوي لها نفسه.
نعم، يمكن إثبات حال الراوي بروايته - لو كانت روايته مقرونة بقرائن من
الخارج تفيد الظن بالصدق والصدور، أو كان الراوي ممدوحا.
وروي ما يدل على عدالته - خلافا لما تقتضيه كلمات الشهيد الثاني في

1. رجال الكشي 2: 796 / 979.
2. رجال النجاشي: 328 / 888.
3. الغيبة: 348 / 304. ونقله عنه النوري في خاتمة المستدرك 4: 67.
599

تعليقات الخلاصة من عدم كفاية رواية الراوي في عدالته وحسنه. وقد حررنا
الحال في الرسالة المعمولة في " ثقة ".
وعن السيد رضي الدين بن طاووس توثيقه. (1)
وعن الفاضل الأمين أنه يستفاد من ابن طاووس وجماعة من القدماء أن
الأئمة (عليهم السلام) كانوا يخصون بعض الشيعة بأسرار الأحاديث ولم يحدثوا بها غيرهم؛
لعدم احتمال الغير لها، فإذا حدث الخواص بتلك الأحاديث، ردت عليهم،
واتهموا في روايتها، ونسبوا إلى ارتفاع القول والغلو، وإلى أنها أحاديث
اختلقوها؛ حيث إنه لم يشاركهم في نقلها من الأئمة (عليهم السلام) غيرهم كمحمد بن سنان
والمفضل بن عمر وغيرهما ونحوهما من الأبواب، فقد ذمه قوم بما مدح به
آخرون، وكم من فرق بين المذهبين.
وعن المولى التقي المجلسي تارة: أنه ذكر شيخ فضلاء الشيعة توثيقه،
وذكر [ه] جماعة من الأصحاب، ويرجح جميع الذموم إلى أنه كان يروي أخبارا
تدل على جلالة قدر الأئمة (عليهم السلام) زائدا عن رتبتهم، وما رأينا خبرا كذلك. وروى
عنه جميع فضلائنا المتقدمين، والظاهر جلالته.
وأخرى: أن الروايات عنه كثيرة، واعتمد على رواياته ثقة الإسلام والصدوق.
والقدح فيه أنه كان يعمل بالوجادة ولا بأس بها مع تحقق انتساب الكتب إلى
أصحابنا.
وثالثة: أنه وثقه المفيد وضعفه الباقون ونسبوه إلى الغلو، ولا نجد في أخباره
غلوا.
ورابعة: أن الذي يظهر من الأخبار أنه من أصحاب الأسرار. (2)
وعن العلامة المجلسي في الوجيزة: أن محمد بن سنان ضعيف في المشهور،

1. فلاح السائل: 12.
2. روضة المتقين 14: 29.
600

وثقه المفيد في الإرشاد وهو معتمد عليه عندي. (1)
وحكى المحدث الحر في خاتمة الوسائل أنه جرى على توثيقه الحسن بن
شعبة وبعض مشايخه واختاره. (2)
وحكى بعض توثيقه عن الشيخ سليمان وبعض آخر. (3)
وعن العلامة البهبهاني:
أنه مما يشير إلى الاعتماد عليه ووثاقته كونه كثير الرواية ومقبولها
وسديدها وسليمها، ورواية كثير من الأصحاب عنه، سيما مثل
الحسين بن سعيد، والحسن بن محبوب، ومحمد بن [الحسين بن]
أبي الخطاب، وأحمد بن محمد بن عيسى، وغيرهم من الأعاظم، وأنهم
قد أكثروا الرواية عنه، مع أن أحمد بن محمد بن عيسى قد أخرج من قم
أحمد البرقي باعتبار روايته عن الضعفاء. وذكر في التحرير الطاووسي
أنه روي في حقه القدح والجرح. والجميع لا أصل له. (4)
وبالغ المحدث الجزائري في توثيقه؛ حيث ذكر أنه لا شك أن محمد بن سنان
كان من أخص خواص الإمامين الطاهرين: الرضا والجواد (عليهما السلام). (5)
و حكى السيد السند النجفي أنه جرى علي توثيقه جماعة من مشايخه
المعاصرين، والقول (6) وقال:
وظني أن الرجل قد أصابته آفة الشهرة فمعض (7) عليه بعض من عانده

1. الوجيزة: 303 / 1670. وانظر منتهى المقال 6: 69 / 2669.
2. الوسائل 20: 329، الخاتمة.
3. نقله عنه في منتهى المقال 6: 74.
4. تعليقة الوحيد البهبهاني: 297.
5. حاوي الأقوال 2: 255 / 2075.
6. كالعنق والقفل جمع القؤول: الحسن القول، الكثير القول.
7. معض: غضب.
601

وعاداه بالأسباب القادحة من الغلو والكذب ونحوهما، حتى شاع ذلك
بين الناس واشتهر ولم يستطع الأعاظم - الذين رووا عنه كالفضل بن
شاذان، وأيوب بن نوح وغيرهما - دفع ذلك عنه، فحاولوا بما قالوا رفع
الشنحة عن أنفسهم، كما يشهد به صدور هذه الكلمات المتدافعة
عنهم، ثم سرى ذلك حتى إلى المتأخرين الذين هم أئمة الفن: مثل
الكشي، والنجاشي، والمفيد، وابن شهرآشوب، والسيدين الجليلين
ابني طاووس، والعلامة، وابن داود، فضعفه طائفة ووثقه أخرى،
واضطرب آخرون. (1)
وقال بعض أصحابنا:
إن الحق الحقيق بالاتباع - وإن كان قليل الأتباع (2) - أن الرجل من أقران
صفوان وزكريا وسعد كما جعله الإمام (عليه السلام). وقول صفوان: " وأراد أن
يطير فقصصناه حتى ثبت معنا " شهادة قاطعة منه في حقه. (3)
وقال الفاضل الخواجوئي في رسالته المعمولة في باب الكر:
اشتهر بين أصحابنا أن محمد بن سنان ضعيف في الرواية، تركوا العمل
بمضمونها وطرحوه رأسا، ولكن تتبع أحواله والاطلاع على حسن حاله
يفيد كونه ثقة معتمدا، صحيحة رواياته إذا لم يكن في الطريق قادح من
غير جهة. (4)
وعمل بعض أصحابنا رسالة في صحة حديثه. (5)
وتوقف العلامة في الخلاصة في ترجمة محمد بن سنان، لكنه علل بأن

1. رجال السيد بحر العلوم 3: 277.
2. في " د ": " الجدوى ".
3. حكاه في منتهى المقال 6: 75 / 2669.
4. رسالة الخواجوئي في الكر غير موجودة. قوله: " من غير جهة " والصحيح: من غير جهته.
5. كشفتي الحجة، انظر الرسائل الرجالية: 620.
602

فضل بن شاذان قال في بعض كتبه: " إن من الكذابين المشهورين ابن سنان،
وليس بعبد الله " ودفع أيوب بن نوح إلى حمدويه دفترا فيه أحاديث محمد بن
سنان فقال: " إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، فإني كتبت عن محمد بن سنان
ولكن لا أروي لكم عنه شيئا، فإنه قال قبل موته: كل ما حدثتكم به لم يكن لي
سماعا ولا رواية، وإنما وجدته " ونقل عنه أشياء أخر ردية. (1)
وأنت خبير بأن ما علل به يقتضي القول بضعفه، لا التوقف في أمره.
وعلى أي حال فما ذكره في رضاع المختلف (2) كما مر - من أنه جرى على
رجحان العمل برواية محمد بن سنان في كتاب الرجال - من باب الاشتباه أو
الغرض من كتاب الرجال غير الخلاصة أعني رجاله الكبير أو غيره، بل لابد من أن
يكون الأمر على هذا المنوال؛ لتأخر الخلاصة عن المختلف؛ حيث إن العلامة في
الخلاصة قد عد المختلف في ترجمة نفسه من مصنفاته. (3)
اللهم إلا أن يكون ما اشتمل على ترجمة محمد بن سنان مقدما على ما اشتمل
من المختلف على كلامه المشار إليه كما يتفق من بعض في كل من كتابين حوالة
الحال إلى آخر، والمرجع إلى تقدم القطعة المحال عليها من الكلام على القطعة
المشتملة على الحوالة.
لكنه مدفوع بأن ترجمة نفسه في أوائل الكتاب، (4) وترجمة محمد بن سنان
في أواخر الكتاب، (5) فلا مجال لكون ترجمة محمد بن سنان مقدمة على
المختلف، اللهم إلا أن يكون بيان حال الضعف، - أعني أواخر الكتاب - مقدما في

1. خلاصة الأقوال: 251 / 17.
2. مختلف الشيعة 7: 31، باب الرضاع.
3. خلاصة الأقوال: 45 / 52.
4. خلاصة الأقوال: 45 / 52.
5. خلاصة الأقوال: 251 / 17.
603

التصنيف على أوائل الكتاب.
فقد عرفت بما مر اختلاف كلمات العلامة على وجوه أربعة. وعلى الوقف
جرى المحدث الحر في رجاله، وكذا الفاضل الأسترآبادي في الوسيط. (1)
وبالجملة، فالكلمات المتقدمة الدالة على القدح في محمد بن سنان أمور:
أحدها: ما ذكره الفضل بن شاذان، وهو كلمات:
منها: ما نقله الكشي نقلا عن الفضل بن شاذان في بعض كتبه من أن من
الكذابين المشهورين ابن سنان، وليس بعبد الله. (2)
ومنها: ما نقله الكشي نقلا أيضا عن الفضل بن شاذان في بعض كتبه قال:
" الكذابون المشهورون: أبو الخطاب، ويونس بن ظبيان، ويزيد الصائغ،
ومحمد بن سنان؛ وأبو سمينة أشهرهم ". (3)
ومنها: ما نقله الكشي عن محمد بن مسعود، عن عبد الله بن حمدويه، عن
الفضل بن شاذان قال: " لا أستحل أن أروى أحاديث محمد بن سنان ". (4)
ومنها: ما نقله الكشي عن ابن قتيبة، عن الفضل بن شاذان قال: " لا استحل
لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان ". (5)
ومنها: ما نقله بعض عن الكشي، عن ابن قتيبة، عن الفضل بن شاذان قال:
" ردوا أحاديث محمد بن سنان وقال: " لا أهل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن
سنان عني ما دمت حيا " وأذن في الرواية بعد موته. (6)

1. انظر منهج المقال: 298 و 299.
2. رجال الكشي 2: 796 / 979.
3. رجال الكشي 2: 823 / 1033.
4. رجال الكشي 2: 796 / 978.
5. رجال الكشي 2: 796 / 979. وفيه: " لا أحل لكم... ".
6. رجال الكشي 2: 796 / 797.
604

أقول: إن الكلام الأول موهون بأنه لو كان محمد بن سنان من الكذابين
المشهورين، لما أقدم جماعة من العدول والثقات والأعاظم على الرواية عنه
بلا مرية من ذي مسكة، وقد سمعت أن الكشي حكى رواية جماعة من العدول
والثقات عنه، والعلامة البهبهاني حكى أيضا إكثار جماعة من الأعاظم في الرواية
عنه، (1) كيف وأحمد بن محمد بن عيسى حاله مشهور في باب الرواية عن الضعفاء
وهو يروي عن محمد بن سنان كما يظهر مما مر من كلام العلامة البهبهاني، فلو
كان محمد بن سنان من الكذابين المشهورين، كيف يجوز العقل إقدام أحمد بن
محمد بن عيسى على الرواية عنه.
وربما قيل: فإذا رأيناهم يروون عنه ويأخذون منه من غير مبالاة بقول
الفضل بن شاذان مع امتناعهم الشديد وإبائهم الأكيد عن الرواية عن الضعفاء
يحصل لنا القطع بأن ما قاله الفضل ليس على ظاهره، يعني ضعف حال محمد بن
سنان، بل الأمر مبني على جهة أخرى كالتقية عن معاندة المعتقدين لضعف حال
محمد بن سنان باعتقادهم، مضافا إلى منافاته مع توثيقه من جماعة كما مر، فضلا
عن منافاة ذلك مع الإذن في الرواية عنه بعد الوفاة في الكلام الأخير؛ إذ الشخص
المشهور بكونه كذابا كيف يختلف حال الرواية عنه منعا وجوازا بحسب الحياة
والموت، ومع جميع ذلك روايات محمد بن سنان مقبولة مفتى بها متلقاة بالقبول
على ما قيل، ومقبولة وسديدة على ما ذكره العلامة البهبهاني، (2) فكيف يكون
محمد بن سنان من الكذابين المشهورين؟!
وربما يقال: إنه يمكن أن يكون المقصود بمحمد بن سنان المدعى كونه من
الكذابين المشهورين هو محمد بن سنان [بن] طريف الهاشمي؛ حيث إنه عنونه

1. تعليقة الوحيد البهبهاني: 297.
2. تعليقة الوحيد البهبهاني: 297.
605

الشيخ في أصحاب مولانا الصادق (عليه السلام) وصرح بأنه أخو عبد الله. (1)
ومحمد بن سنان المبحوث عن حاله هو أبو جعفر الزاهري من ولد زاهر
مولى عمرو بن الحمق الخزاعي، فلعل محمد بن سنان المدعى في الكلام المشار
إليه كونه من الكذابين المشهورين هو أخو عبد الله.
ويرشد إليه قول الشيخ " ليس بعبد الله "، (2) حيث إن المناسب إظهار كون
محمد بن سنان غير أخيه، ولا سيما مع اشتهار أخيه، كما هو مقتضى ما سمعت من
أن الشيخ صرح بكونه أخا عبد الله، بل هو قضية اشتهار عبد الله؛ حيث إن
المقصود بعبد الله هو عبد الله بن سنان المعروف، كما يرشد إليه قول النجاشي:
" عبد الله بن سنان بن طريف مولى بني هاشم ". (3)
وأنت خبير بأن مجرد الاحتمال لا يكفي في رفع القدح كما صنعه القائل؛
حيث اكتفى بذلك في رفع القدح، مع أن كونه هو محمد بن سنان المبحوث عن
حاله من أولاد زاهر لا ينافي كونه متحدا مع محمد بن سنان بن طريف؛ لاحتمال
كون زاهر بعض الأجداد البعيدة لمحمد بن سنان وطريف جدا قريبا له.
وأما الاستشهاد بقوله: " ليس بعبد الله ". ففيه: أنه لا بأس بإظهار كون محمد بن
سنان غير عبد الله بن سنان، اللهم إلا أن يقال: إن نفي كون محمد بن سنان غير
أخيه أنسب، والمناسبة فيه أزيد، ومع ذلك ينصرف محمد بن سنان في كلام
الفضل إلى محمد بن سنان المبحوث عن حاله، فعليه المدار، وعليه يدور الأمر
في جميع الأسانيد وكلمات أرباب الرجال، بل جميع المحاورات.
وبما سمعت يظهر حال الكلمات الباقية، مضافا إلى أن الكلام الأخير متناف

1. رجال الشيخ: 288 / 129.
2. انظر رجال الشيخ: 288 / 129.
الظاهر أن هذا الكلام للكشي في رجاله 2: 796 / 979، وحكاه عنه في خلاصة الأقوال: 251 / 17.
3. رجال النجاشي: 214 / 558.
606

الصدر والذيل كما يظهر مما مر، والتنافي في الكلام صدرا وذيلا وأشد توهينا
بالإضافة إلى منافاة كلام شخص مع كلامه الآخر، فتدبر.
ثانيها: ما نقله الكشي عن حمدويه من أن أيوب بن نوح دفع إليه دفترا فيه
أحاديث محمد بن سنان فقال:
إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، فإني كتبت عن محمد بن سنان.
ولكن لا أروي لكم عنه شيئا، فإنه قال قبل موته: كل ما حدثتكم به
لم أروه، ولم يكن لي سماعا ولا رواية إنما وجدته. (1)
أقول: إن أيوب بن نوح قد علل عدم رضاه بالرواية عن محمد بن سنان
بتصريح محمد بن سنان قبل الموت بأن تحمله كان بالوجادة، (2) وهذا مبني على
كمال الاحتياط أو القول بعدم جواز الرواية بالوجادة، كما حكي القول به عن
جماعة من القدماء، (3) فلا دلالة في مقالة أيوب بن نوح على ضعف حال محمد بن
سنان والقدح فيه بوجه.
نعم، لو علل أيوب بن نوح عدم الرضا بالرواية بضعف حالها، (4) لاتجه دلالة
مقالته على الضعف كما هو ظاهر، وكذا الحال لو سكت عن التعليل؛ إذ (5) الظاهر
حينئذ كون عدم الرضا بالرواية من جهة ضعف الحال، فلا دلالة في مقالة أيوب بن
نوح على ضعف حال محمد بن سنان بوجه.

1. رجال الكشي 2: 795 / 976.
2. الوجادة: أن يقف الانسان على أحاديث بخط راويها معاصرا كان له أو لا، فلا يجوز له أن يروي عنه
إلا أن يقول: وجدت أو قرأت بخط فلان... انظر الرعاية في علم الدراية: 261، والوجيزة: 6، وصول
الأخيار إلى أصول الأخبار: 126.
3. انظر الدراية للشهيد: 109، ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار: 130، ومقياس الهداية 3: 168.
4. في " د ": " من جهة ضعف ".
5. في " ح ": " إلى ".
607

وإن قلت: إنه إن كان محمد بن سنان يرى جواز الرواية، (1) فلاوجه لإظهار كون
رواياته بالوجادة قبل الموت، وإن كان يرى عدم الجواز، فلاوجه للرواية.
قلت: لعله كان يرى جواز الرواية بالوجادة، لكنه صرح (2) بكون تحمله
بالوجادة من باب الاحتياط أو الاستدراك عن خلاف الظاهر - إذ الظاهر كون
الرواية بالسماع - أو إيضاح الحال لكي يعلم كل من سمع عنه الرواية تكليفه،
فيجري على الرواية من كان يرى جواز الرواية بالوجادة، ويتقاعد عن الرواية من
كان يرى عدم الجواز.
ويمكن أن يكون رأيه جاريا على جواز الرواية بالوجادة، ثم تطرق له أن رأى
عدم الجواز، فلذا صرح بابتناء رواياته على الوجادة.
وبعد ذلك أقول: سلمنا دلالة مقالة أيوب بن نوح على ضعف محمد بن
سنان، لكن مدرك التضعيف معلوم في الرواية بالوجادة، فلا عبرة بالتضعيف بناء
على جواز الرواية بالوجادة، بل كثيرا ما يكون التضعيفات مبنية على اجتهادات
غير معتبرة، فلا عبرة بالتضعيفات، مثلا نسب ابن الوليد إلى ابن بطة التخليط في
الإسناد، (3) وقال المولى التقي المجلسي:
إن تخليطه كان لفضله، وكان يعلم أن الإجازات لمجرد اتصال السند،
فكان يقول فيما أجيز له من الكتب: أخبرنا فلان عن فلان، وهذا نوع من
التخليط، وكان الأحسن أن يقول: أخبرنا إجازة وكان الأشهر جواز
ما فعله، مع أنه كان رأيه الجواز، وكان ابن الوليد - كالبخاري من العامة -
يشترط شروطا غير لازمة، وذكر مسلم بن الحجاج في أول صحيحه
شروطه، واعترض بأن هذه الشروط غير لازمة، وإنما هي بدعة ابتدعها

1. في " د " زيادة: " بلا وجه لإظهار كون رواياته ".
2. في " د ": " صريح ".
3. حكاه عنه في خلاصة الأقوال: 160 / 144.
608

البخاري، وذكر جزوا في إبطال ما ذكره من الشروط، وكذلك النجاشي
والشيخ فإن الشيخ لتبحره في العلوم كان يعلم أو يظن عدم لزوم ما ذكره
النجاشي؛ فلهذا اعتمد الشيخ على جميع إجازات ابن بطة في فهرسته،
فتدبر في أكثر ما يضعفون به الأصحاب، فإنه من هذا القبيل. (1)
وأيضا ضعف ابن الوليد محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين، (2) وقال المولى
التقي المجلسي:
وتضعيف ابن الوليد لكون اعتقاده أنه يعتبر في الإجازة أن يقرأ على
الشيخ أو يقرأه الشيخ ويكون السامع فاهما لما يرويه، وكان لا يعتبر
الإجازة المشهورة بأن يقول: أجزت لك أن تروي عني، وكان محمد بن
عيسى صغير السن ولا يعتمدون على فهمه عند القراءة، ولا على إجازة
يونس له ولهذا ضعفه. وأنت خبير بأنه لا يشترط ذلك، بل يكفي
الإجازة في الكتب، بل لا يحتاج في الكتب المتواترة إلى الإجازة، فلهذا
الاشتراط ضيق على نفسه كما ضيق بعض من عاصرناه في أمثاله. (3)
وبعد ذلك أقول: إن غاية أمر الرواية بالوجادة - بناء على عدم جوازها - إنما
هي الفسق، بناء على كثرة الرواية المبنية على الوجادة، لأنه يتحقق الإصرار؛ إذ
الرواية بالوجادة بناء على حرمتها من باب الصغيرة بلا شبهة، ولا ضير في الفسق
بالنسبة إلى اعتبار الرواية بناء على عدم اعتبار العدالة في اعتبار الرواية.
وبعد ذلك أقول: إن الكلية المحكية في تلك المقالة عن محمد بن سنان
مقطوعة الفساد؛ لرواية محمد بن سنان عن المعصوم كثيرا، ولا مجال للوجادة فيه
ولو فرضنا كون الرواية رواية لما كتبه المعصوم في موضع؛ إذ المدار في الوجادة

1. روضة المتقين 14: 432.
2. حكاه عنه النجاشي في رجاله: 333 / 896.
3. روضة المتقين 14: 54.
609

على نقل رواية عن المعصوم عن خط شخص في موضع أو كتاب مع معرفة
الراوي بكون الخط خط الشخص المشار إليه، أو إخبار شخص به، فلا مجال
للوجادة في رواية ما كتبه المعصوم.
وأيضا قد روى محمد بن سنان عن أصحاب المعصوم كثيرا، والمقطوع به
عدم ابتناء الكل على الوجادة.
وبما مر (1) يظهر حال ما نقله الكشي في ترجمة يونس بن يعقوب عن
أيوب بن نوح من قوله: " لا أستحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان " (2) حيث إن
الظاهر - بل بلا إشكال - أن منشأ عدم استحلال أيوب بن نوح رواية أحاديث
محمد بن سنان هو كون روايات محمد بن سنان مبنية على الوجادة بقرينة ما نقله
الكشي عن حمدويه عن الفضل بن شاذان، (3) كما مر.
نعم، لو لم يكن هذا المقال، لكان عدم الاستحلال من أيوب بن نوح ظاهرا
في ضعف محمد بن سنان.
ويظهر بما مر أيضا حال ما أرسله ابن داود من أن محمد بن سنان قال عند
موته: " لا ترووا عني مما حدثت شيئا؛ فإنما هي من كتب اشتريتها من السوق ". (4)
ومع ذلك، المنع عن الرواية عن محمد بن سنان في هاتين المقالتين مناف
للرخصة في الرواية في المقالة المتقدمة.
ثالثها: ما ذكره ابن داود من أن الغالب في حديث محمد بن سنان الفساد. (5)
وهو مدفوع بما مر من العلامة البهبهاني من أن محمد بن سنان مقبول الرواية

1. في " د ": " وربما ".
2. رجال الكشي 2: 687 / 729. وذلك ليس في ترجمة يونس بل في ترجمة محمد بن سنان، فراجع.
3. رجال الكشي 2: 796 / 978.
4. رجال ابن داود: 273 / 455.
5. رجال ابن داود: 273 / 455.
610

وسليمها وسديدها، (1) بل هو خلاف المكشوف تحصيلا.
مع أن فساد الرواية لا يكشف عن فسق الراوي ولا يوجب رفع الوثوق به، إلا
أن يكون الغرض من الفساد هو الكذب المقطوع به، لكنه بعيد.
رابعها: ما عن الكشي من أن محمد بن سنان غال. (2)
لكنه معارض بما نقله الكشي من رواية الفضل وأبيه وغيرهما عن محمد بن
سنان، (3) بناء على دلالته على المدح كما يظهر مما مر. وأما بناء على دلالة رواية
العدل على العدالة فالأمر أظهر. وقد تقدمت حكاية رواية الثقات والعدول عن
محمد بن سنان من غير الكشي أيضا.
ومع هذا إن كان الغلو باعتقاد (4) الربوبية في حق المعصوم، فهو يوجب الكفر
ويقتضي رد الرواية لكن هذا ينحصر بالنسبة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ إذ بالنسبة إلى
غيره لم يقع هذا الاعتقاد، مع أن الظاهر - بل بلا إشكال - أن المقصود بالغلو ليس
اعتقاد الربوبية.
وإن كان لغير اعتقاد الربوبية، فلا إشكال في أنه لا يوجب الفسق؛ إذ المدار في
الفسق على ارتكاب الكبيرة والإصرار على الصغيرة؛ فالمدار على العصيان
بالجوارح، فلا مجال لحصول الفسق بالاعتقاد. وأما الكفر فالغلو غير موجب له؛
إذ الكفر إما بعدم الاعتقاد ببعض الأصول أو بإنكار بعض الضروريات، واعتقاد
مرتبة عالية في الإمام (عليه السلام) لا يستلزم عدم الاعتقاد ببعض الأصول ولا خفاء، ولا يكون
داخلا في إنكار الضروري.
نعم، غاية الأمر أن يدعى الإجماع على فساد الاعتقاد المشار إليه، لكن

1. تعليقة الوحيد البهبهاني: 297.
2. رجال الكشي 2: 613 / 584.
3. رجال الكشي 2: 796 / 979.
4. في " د ": " باعتبار ".
611

مخالفة الإجماع لا توجب الكفر، مع أن نسبة الغلو غالبا ليست بواسطة الاعتقاد
بما وقع الإجماع على فساده، بل إنما هو بواسطة الاعتقاد بما زعم الرامي بالغلو
فساده.
لكن فسر الغلاة في الذخيرة بالذين اعتقدوا في واحد من الأئمة (عليهم السلام) أنه لا إله
إلا هو، (1) ولو كان الأمر على هذا، لكان الغالي كافرا مطلقا. قال: " وقد يطلق الغالي
على من قال بإلهية أحد من الناس، لكن اختصاص الغلو بنسبة الربوبية إلى واحد
من الأئمة محل الكلام ". (2)
ثم إنه روى في الفقيه مرسلا عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: " ثلاثة لا يصلى خلفهم:
المجهول، والغالي - وإن كان يقول بقولك - والمجاهر بالفسق وإن كان مقتصدا. (3)
وروى في التهذيب بالإسناد عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لا يصلى خلف
الغالي - وإن كان يقول بقولك - والمجهول، والمجاهر بالفسق وإن كان مقتصدا ". (4)
أقول: إن الغلو لغة - هو التجاوز عن الحد، كما هو مقتضى كلام صاحب
الصحاح (5) والمصباح، (6) كما عن الطبرسي. (7)
وعن الكشاف (8) والبيضاوي في تفسير قوله سبحانه: (يأهل الكتب لا تغلوا في
دينكم) (9) أن الخطاب لليهود والنصارى، غلت اليهود في حط عيسى حتى رموه

1. الذخيرة: 150.
2. الذخيرة: 150.
3. الفقيه 1: 248، ح 1111، باب صلاة الجماعة وأحكامها وآدابها.
4. تهذيب الأحكام 3: 31، ح 109، باب أحكام الجماعة وأقل الجماعة وصفة الإمام ومن يقتدي به.
5. الصحاح 6: 2448 (غلو).
6. المصباح المنير 2: 452 (غلو).
7. مجمع البيان 2: 144.
8. الكشاف 1: 593.
9. النساء (4): 171.
612

بأنه ولد لغير رشدة، والنصارى في رفعه حتى اتخذوه إلها. (1)
وفي المجمع: أن الغالي من يقول في أهل البيت (عليهم السلام) ما لا يقولون في أنفسهم
كمن يدعي فيهم النبوة أو الألوهية. (2)
ومقتضاه عدم اختصاص الغلو بنسبة الربوبية أو النبوة إلى أحد من الأئمة (عليهم السلام)؛
إذ مقتضاه أن المدار في الغلو على النسبة إلى الأئمة (عليهم السلام) ما لا يدعونه وإن كان خارجا
عن الربوبية والنبوة.
وكيف كان فحمل الغلو في الحديث على المعنى الأخير غير مناسب؛ لعدم
مناسبته مع قوله (عليه السلام): " وإن كان يقول بقولك "؛ لأن القول بالألوهية أو النبوة
غير القول بالإمامة.
إلا أن يكون الأمر من باب المسامحة بكون الغرض الإذعان بالأئمة في
الجملة قبال إنكارهم بالكلية، مع أن نسبة النبوة إلى الأئمة غير معروفة، وإنما
المعروف نسبة الألوهية إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ بل لم تقع هذه النسبة إلى غيره (عليه السلام)
كما مر؛ بل روي - نقلا - أن الغلاة شر خلق الله يصغرون عظمة الله ويدعون
الربوبية لعباد الله [و] أن الغلاة شر من اليهود والنصارى والمجوسي. (3)
ويمكن الحمل على المعنى الأول لكي يكون الغرض حط الأئمة (عليهم السلام) عن
مرتبتهم بإنكار كمالاتهم العالية.
لكن الظاهر من الغلو درجة الإفراط، بل المجاوزة عن الحد بعد الوصول إلى
الحد، فينحصر الغلو في الإفراط، ولا مجال له في التفريط.
وإن قلت: إن المقصود بالتجاوز عن الحد هو الوقوع في أحد طرفي الحد،

1. أنوار التنزيل للبيضاوي 1: 403.
2. مجمع البحرين 2: 327 (غلو).
3. رجال الكشي 2: 587 / 528. وقد سرد كثير من الروايات في المقباس 2: 404 فلاحظ. في " د ":
" المجوس ".
613

فهو أعم من الإفراط والتفريط.
قلت: حاش لله، المدار في التجاوز عن الشيء على الوصول إليه والتعدي
عنه، فالمدار في التجاوز عن الحد على الوصول إليه والتعدي عنه.
وإن قلت: إنه كما يستلزم التجاوز عن التفريط إلى الإفراط الوصول إلى الحد
والتعدي عنه، فكذا التجاوز عن الإفراط إلى التفريط يستلزم الوصول إلى الحد.
قلت: إن مرتبة الإفراط بعد مرتبة الاعتدال والتفريط، فلا مجال للتجاوز عن
الإفراط إلى التفريط.
نعم، قد يتفق في الخارج الإفراط قبل الاعتدال والتفريط، كما لو جرى زيد
في معيشته على الإفراط - [أي] على الإسراف - ثم الاعتدال ثم التفريط، لكن مرتبة
الإفراط في الأول بعد مرتبة الاعتدال والتفريط. وأما التفريط فمرتبته قبل مرتبة
الاعتدال والإفراط؛ فلابد في التجاوز عنه إلى الإفراط من التجاوز عن الحد، وإلا
يلزم الطفرة هذا.
[بحث في الإفراط والتفريط]
ولما جرى ذكر الإفراط والتفريط، فقد أعجبني شرح حالهما من باب
المناسبة ومزيد الفائدة، فنقول: إنه قد اشتهر استعمال الإفراط والتفريط على وجه
المقابلة والتضاد، وقد وقع التفريط في القرآن كرارا، كقوله سبحانه في سورة
الأنعام: (يا حسرتنا على ما فرطنا فيها). (1)
وقوله سبحانه في السورة المذكورة (ما فرطنا في الكتب من شئ) (2)
وقوله سبحانه في تلك السورة: (وهم لا يفرطون) (3)

1. الأنعام (6): 31.
2. الأنعام (6): 38.
3. الأنعام (6): 61.
614

وقوله سبحانه في سورة يوسف: (ما فرطتم في يوسف) (1)
وقوله سبحانه في سورة الزمر: (يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله). (2)
وهو، أعني التفريط، من فرط في الأمر يفرط فرطا، أي قصر فيه وضيعه حتى
فات.
والظاهر - بل بلا إشكال - أن المجرد والمزيد على هذا بمعنى واحد.
وأما الإفراط فالظاهر أنه من فرط عليه بمعنى التعدي والمجاوزة عن الحد،
أو بمعنى التقدم أو التعجيل. وبه قرى قوله سبحانه في سورة طه: (إننا نخاف أن
يفرط علينا). (3) والظاهر - بل بلا إشكال - أن المجرد والمزيد على هذا أيضا
بمعنى واحد.
والظاهر أن القراءة المشهورة في قوله سبحانه: (يفرط علينا) على وجه
التجرد، أي بفتح الياء وضم الراء.
وقد حكى السيد الداماد، في قول سيد السجاد وزين العباد - عليه آلاف
التحية من رب العباد -: " وأنت الذي لا يفرط في عقاب من عصاه " (4) رواية ضم
الياء وكسر الراء المخففة بمعنى مجاوزة الحد، ورواية فتح الياء وضم الراء بمعنى
التقصير.
ومن الاستعمال في التقدم ما في دعاء صلاة الطفل الميت: " اللهم اجعله لنا
ولأبويه سلفا وفرطا - بالفتحتين - وأجرا " (5) أي أجرا متقدما، وفي سورة الكهف:

1. يوسف (12): 80.
2. الزمر (39): 56.
3. طه (20): 45.
4. الصحيفة السجادية: 87، دعاؤه (عليه السلام) إذا استقال من ذنوبه أو تضرع في طلب العفو.
5. تهذيب الأحكام 3: 195، ح 449، باب الصلاة على الأموات؛ الوسائل 2: 787، أبواب صلاة
الجنازة، باب 12، ح 1.
615

(وكان أمره فرطا). (1) وجعله البيضاوي من التقدم قال: أي مقدما على الحق ونبذا
له وراء ظهره يقال: فرس فرط، أي متقدم للخيل. (2)
وفي المجمع: " قيل: سرفا وتضييعا، وقيل مقدما ". (3) وفي سورة النحل:
(وأنهم مفرطون) (4) أي معجلون إلى النار كما ينصرح من البيضاوي، (5) أو متروكون
ومنسيون كما ذكره في المجمع. (6)
فقد بان أن المجرد يستعمل في التعجيل والتقدم والتضييع، فالمجرد من باب
المشترك بين الأخيرين والأولين، والأولان أحدهما حقيقة والآخر مجاز. ولعل
الظاهر أن الثاني من الأولين من باب الحقيقة والأول من باب المجاز، والإفراط
من الأول أو الثاني، والتفريط من الأخير.
ويمكن استعمال التفريط في المجاوزة عن الحد أخذا من المجرد بالمعنى
الأول أو الثاني، واستعمال الإفراط في التضييع أخذا من المجرد بالمعنى الأخير
عكس ما هو المشهور.
وقد ذكر السيد السند العلي في شرح الصحيفة للمجرد معينين: أحدهما:
التقصير والتضييع، والآخر: التعجيل والمبادرة. (7)
وقد ظهر بما مر اندفاع ما يتراءى من الإشكال من تضاد معنى المزيدين
- أعني الإفراط والتفريط - مع اتحاد المجرد.
خامسها: ما حكي عن الشيخ المفيد من أن محمد بن سنان مطعون فيه

1. الكهف (18): 28.
2. أنوار التنزيل للبيضاوي 3: 17.
3. مجمع البحرين 2: 389 (فرط).
4. النحل (16): 62.
5. أنوار التنزيل للبيضاوي 2: 410.
6. مجمع البحرين 2: 389 (فرط).
7. رياض السالكين 7: 360 في الدعاء الحادي والخمسين.
616

لا يختلف العصابة في تهمته وضعفه، ومن كان هذا سبيله لم يعتمد عليه
في الدين، (1) وما حكي عنه من أن محمد بن سنان طعن عليه، وهو متهم بالغلو. (2)
أقول: إنه يعارض ذلك الكلام بكلام الشيخ في الإرشاد، (3) ولم يعلم السبق
واللحوق.
إلا أن يقال: إن هذين كلامان، وما ذكره في الإرشاد كلام واحد، والمتعدد
يقدم على الواحد.
وربما قال بعض الأعلام: إن ما ذكره المفيد هنا من باب الرواية، وما ذكره في
الإرشاد من باب الدراية، والدراية مقدمة على الرواية. (4)
أقول: إن تقديم الدراية على الرواية قضية مسلمة.
منها: ما ذكره علي بن عيسى الرماني جوابا عن سؤال رجل بصري عن يوم
الغدير والغار؛ حيث قال: " أما خبر الغار فدراية، وأما خبر الغدير فرواية، والرواية
لا توجب ما يوجبه الدراية ". (5)
وكذا ما ذكره شيخنا المفيد في أزمنة تحصيله في مجلس علي بن عيسى
المشار إليه بعد انصراف الرجل البصري مخاطبا للرماني بقوله: " ما تقول فيمن
قاتل الإمام العادل؟ ".
قال: " كافر " ثم استدرك وقال: " فاسق ".
ثم قال المفيد: " ما تقول في أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ ".
قال الرماني: " إمام ".

1. الرسالة العددية (ضمن مصنفات الشيخ المفيد) 9: 20.
2. الرسالة العددية (ضمن مصنفات الشيخ المفيد) 9: 20.
3. الإرشاد 2: 248.
4. لا بأس بالنظر لرجال السيد بحر العلوم 3: 274. وفيه: " رواية الفضل عنه دراية ومنعه عنها رواية ".
5. السرائر 3: 648، باب ما استطرفناه من كتاب العيون والمحاسن.
617

قال المفيد: " ما تقول في طلحة والزبير ويوم الجمل؟ ".
قال الرماني: " تابا ".
قال المفيد: " أما خبر الجمل فدراية، وأما خبر التوبة فرواية " فسكت الرماني
إلى أن لقب المفيد بالمفيد. (1)
وعن المفيد أيضا أنه سأل من القاضي عبد الجبار عن خبر الغدير.
فقال القاضي: " إنه صحيح ".
فقال المفيد: " ما المراد بالمولى في الخبر؟ ".
فقال القاضي: " هو بمعنى الأول ".
قال المفيد: " فما هذا الخلاف والخصومة من الشيعة وأهل السنة؟ ".
فقال القاضي: " هذا الخبر رواية وخلافة أبي بكر دراية، والعاقل لا يعدل عن
الدراية بالرواية ".
فقال المفيد: " ما تقول في قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): " حربك حربي وسلمك
سلمي "؟ ".
قال القاضي: " الحديث صحيح ".
قال المفيد: " ما تقول في أصحاب الجمل؟ ".
فقال القاضي: " إنهم تابوا ".
فقال المفيد: " الحرب دراية، والتوبة رواية " فسكت القاضي إلى أن قال
للمفيد: " أنت المفيد حقا ". (2)
لكن المدار في القضية المشار إليها على كون الدراية بالعلم، والرواية من باب
خبر الواحد.
فالوجه في تقدم الدراية على الرواية إنما هو تقدم العلم على خبر الواحد،

1. السرائر 3: 649، باب ما استطرفناه من كتاب العيون والمحاسن.
2. مجالس المؤمنين 1: 464.
618

وإلا فلو كانت الدراية بالظن فلا ترجيح له على خبر الواحد، بل يرتفع الظن من
الطرفين؛ لاستحالة الظن بطرفي النقيض، فلا دراية في البين حتى تقدم على
الرواية، كما أنه لو كان الرواية بالتواتر، فتقدم على الدراية إن كانت بالظن. وكذا
الحال لو كانت الدراية بالعلم لكن محقق (1) التواتر وتحصل العلم منه، وأما لو
لم يتحصل منه العلم مع فرض اللحوق، فلا يتحصل العلم لا بالدراية ولا بالرواية،
ولا مجال لتقديم الدراية على الرواية ولا العكس.
وأما لو سبق التواتر فلا مجال للدراية بالعلم، بل لابد من العمل بالرواية
المتواترة لو لم يتحصل، وهي في العلم المتحصل بالتواتر، وإلا فيتحصل الشك،
ولا ترجيح للدراية على الرواية ولا العكس. نعم، يمكن فرض انقلاب العلم
بحصول العلم من جانب الدراية، فلابد من العمل بها.
وعلى أي حال مورد القضية المشار إليها إنما هو صورة تعارض الدراية
والرواية كما في باب الغار والغدير.
وأما الحرب والتوبة فليس الأمر هنا من باب تعارض الدراية والرواية؛
إذ الدراية في الحدوث والرواية في الزوال، ولا تعارض في البين؛ بل مرجع الأمر
هنا في ترك العمل بالرواية إلى العمل بالاستصحاب، ولا ترجيح للاستصحاب
على الرواية بعد اعتبارها لو لم يكن الأمر بالعكس.
وأما خبر الغدير والخلافة فتواتر الخبر يمانع عن الدراية منعا عن الحصول
لو تقدم التواتر ومنعا عن البقاء لو تأخر.
وأما دعوى قوة الدراية بإفادة العلم بعد المنع فأمر خارج عن تعارض الدراية
والرواية.
وبالجملة، نعود إلى المقصود ونقول: إن الشيخ في كلامه الأول قد جرى
بنفسه على ضعف حال محمد بن سنان، فليس الأمر في ذلك من باب الرواية

1. كذا والصحيح: " تحقق ".
619

فقط، نعم كلامه الثاني مبني على صرف الرواية، إلا أن يقال: إن مدرك جريانه
على ضعف الحال هو سبق حال ما نقله، فالعبرة بما نقله وليس الأمر من باب
اجتماع الرواية والدراية.
لكن نقول: إن الرواية مقدمة هنا على الدراية؛ إذ الرواية مبنية على نقل
الإجماع، وكل من الدراية والرواية إنما وقع من شخص واحد، والظن يتحرك إلى
جانب الرواية.
نعم، لو كانت الرواية من غير المعصوم، وكانت الدراية ممن كان قوله أدخل
في الظن من المنقول عنه بالرواية، تقدم الدراية مع تساوي الظن بالنقل في الرواية
والظن بالدراية.
وأما لو كان الظن بالنقل في الرواية أقوى من الظن بالدراية، وكذا كان قول
المنقول عنه في الرواية أقوى ظنا من الدراية، تقدم الدراية.
فتحقيق الحال فيما لو اختلفت الدراية والرواية - بأن كانتا من شخصين (1) - أنه
إن كان الوثوق بنقل الراوي أزيد من الوثوق بالدراية، وكذا كان الوثوق بالمنقول
عنه أزيد من الوثوق بالدراية - بأن كان مفيدا للعلم أو الظن الأقوى - تقدم الرواية.
وإن كان الأمر بالعكس - بأن كان الوثوق بالدراية أزيد من الوثوق بالنقل
والمنقول عنه - تقدم الدراية.
ولو تساوى الوثوق بالدراية والوثوق بالنقل أو المنقول عنه، فإن كان الوثوق
بالدراية أنقص من الوثوق بالمنقول عنه في الأول والوثوق بالنقل في الثاني،
فتقدم الرواية؛ لأن النتيجة تابعة للأخس من المقدمتين، وإلا فتقدم الدراية.
وربما يشبه المقام ما لو وقع التعارض في الأوضاع اللغوية بين إخبار
المعصوم (عليه السلام) وإخبار بعض أهل اللغة؛ حيث إنه إما أن يكون الطريق إلى كل من

1. في " د ": " شخص واحد ".
620

الإخبارين قطعيا أو ظنيا، أو يكون الطريق إلى إخبار المعصوم قطعيا والطريق إلى
إخبار اللغوي ظنيا، أو بالعكس.
لا إشكال في تقدم إخبار المعصوم لو كان الطريق إليه قطعيا، سواء كان الطريق
إلى [إخبار] اللغوي قطعيا أو كان الطريق إليه (1) ظنيا.
وأما لو كان الطريقان ظنيين، فلا إشكال في تقدم إخبار المعصوم لو تساوى
الطريقان في الظن أو كان الطريق إلى إخبار المعصوم أرجح، أي كان أقوى ظنا.
والإشكال فيما لو كان الطريق إلى [إخبار] اللغوي أرجح؛ حيث إنه حينئذ يقع
التعارض بين رجحان المخبر في إخبار المعصوم ورجحان الطريق في إخبار
اللغوي، إلا أن الأظهر تقدم إخبار المعصوم؛ لزيادة رجحان المخبر على رجحان
الطريق في إخبار اللغوي بمراتب لا تحصى، بل زيادة مرجوحية إخبار اللغوي
على مرجوحية الطريق في إخبار المعصوم؛ لابتناء الطريق إلى [إخبار] المعصوم
على الحس وابتناء إخبار اللغوي على الحدس، والاشتباه في الحدس أقرب إلى
الاشتباه من الحس بمراتب كثيرة.
وبما ذكرنا يظهر الحال لو كان الطريق إلى إخبار اللغوي قطعيا وإلى إخبار
المعصوم ظنيا، فإنه يقدم إخبار المعصوم؛ لزيادة مرجوجية إخبار اللغوي بالنسبة
إلى إخبار المعصوم كما سمعت. وأما زيادة رجحان المخبر في إخبار المعصوم
على رجحان الطريق في إخبار اللغوي فلا يتأتى هنا؛ إذ غاية الأمر في المعصوم
إنما هي إفادة إخباره العلم، والمفروض إفادة الطريق للعلم.
ففي جميع الصور المذكورة يقدم إخبار المعصوم، لكن تختلف المراتب؛
حيث إن التقدم في غير الصورة الأخيرة أرجح من التقدم في الصورة الأخيرة.
ويجري نظير ما ذكر في التعارض في النقل من شخصين من أهل اللغة مع

1. في " ح ": " إلى اللغوي ".
621

اختلافهما في الدربة والمهارة، وكذا النقل عن الطبيبين في باب الإفطار، أو
منجمين في باب القبلة.
والأوجه أن يقال: إن الأمر في المقام دائر بين الرواية بلا واسطة والرواية مع
الواسطة، وليس الأمر من باب تعارض الدراية والرواية؛ إذ ما ذكره الشيخ المفيد
في الإرشاد (1) من باب النقل بالإضافة إلينا، نعم هو من باب الدراية بالإضافة إلى
نفسه، لكن لا جدوى فيه بالنسبة إلينا، وإنما تعارض الدراية والرواية فيما
لو تحصل العلم بشيء لشخص واتفق الإخبار بخلافه، إلا أنه يزول العلم بالإخبار
بالخلاف، لكن لا يرتفع الظن، وعليه المدار في الأمور.
وأما لو أفادت الدراية الظن وأخبر بخلافه، فينقلب الظن الحاصل بالدراية
إلى الشك لو تساوى الظن المتحصل بالدراية مع الظن الحاصل من الإخبار
بالخلاف، أو يبقى رجحان ضعيف لو كان الظن المتحصل بالدراية قويا وكان
الظن الحاصل من الإخبار بالخلاف ضعيفا؛ فلا اطمئنان في البناء على الدراية.
سادسها: تضعيف النجاشي.
أقول: إنه قال النجاشي: " وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد: إنه روى
عن الرضا (عليه السلام) قال: وله مسائل عنه معروفة وهو رجل ضعيف جدا لا يعول عليه
ولا يلتفت إلى ما تفرد به ". (2)
قوله: " وهو رجل ضعيف " متردد بين كونه من أحمد وهو ابن عقدة، فلا شدة
وثوق بتوثيقه، وكونه من النجاشي.
ونظيره قول الكشي في ترجمة ثعلبة بن ميمون مولى محمد بن قيس
الأنصاري: " وهو ثقة خير فاضل معدود من العلماء والفقهاء والأجلة من هذه

1. الإرشاد للمفيد 2: 248.
2. رجال النجاشي: 328 / 888.
622

العصابة " (1) لتردد التوثيق بين كونه من كلام الكشي كما هو مقتضى كلام السيد السند
التفرشي، (2) وكونه من كلام محمد بن عيسى، كما هو ظاهر الخلاصة. (3)
وكذا قول ابن عقدة في ترجمة الحسن بن صدقة على ما في الخلاصة نقلا: " أخبرنا
علي بن الحسن قال: الحسن بن صدقة المدائني - أحسبه أزديا -، وأبوه مصدق رويا عن
أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام) وكانوا ثقات " (4) لتردد التوثيق بين كونه من ابن عقدة - كما هو
ظاهر الخلاصة - وكونه من علي بن الحسن، كما هو صريح بعض.
وكذا ما رواه الكشي في ترجمة زكريا بن سابور؛ حيث قال: " محمد بن
مسعود قال: حدثني جعفر بن أحمد بن أيوب قال: حدثني العمركي عن
ابن فضال، عن يونس بن يعقوب، عن سعيد بن يسار أنه حضر أحد ابني سابور،
وكان لهما ورع وإخبات " (5) لتردد قوله " وكان " بين كونه من ابن مسعود كما احتمل،
وكونه من سعيد كما جرى عليه غير واحد. وغير ذلك. (6)
لكن ربما يرشد في المقام وقوع التضعيف من النجاشي في ترجمة مياح
المدائني (7) إلى كون التضعيف هنا منه.
أقول: إنه يظهر بما مر أنه وثق محمد بن سنان جمع من الأعيان كالشيخ
المفيد، (8) بل الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة، (9) وكذلك ابن طاووس، (10) والشيخ

1. رجال الكشي 2: 711 / 776 وفيه: " خير فاضل مقدم معلوم في العلماء ".
2. نقد الرجال 1: 319 / 867.
3. خلاصة الأقوال: 30 / 1.
4. خلاصة الأقوال: 45 / 15.
5. رجال الكشي 2: 626 / 614.
6. انظر منتهى المقال 3: 267 / 1184.
7. رجال النجاشي: 424 / 1140.
8. الإرشاد للمفيد: 304.
9. الغيبة: 348 / 303.
10. فلاح السائل: 12.
623

سليمان (1) وبعض آخر، وكذلك الحسن بن شعبة، (2) والمحدث الجزائري، (3)
والمحدث الحر (4) كبعض مشايخه، بل المجلسيان، (5) والعلامة البهبهاني، (6) وهو
صريح ما ذكره السيد السند النجفي (7) لجماعة من مشايخه المعاصرين، وبعض
الأصحاب، وبعض الأعلام بل هو يلوح من الكشي؛ حيث حكى رواية جماعة
من الثقات عنه، (8) بل إليه يرجع ما ذكره النجاشي من دلالة كلام صفوان على أنه
كان اضطراب وزال. (9) إلا أنه ينافيه التضعيف المتقدم منه في ترجمة محمد بن
سنان (10) وإن يحتمل كونه من ابن عقدة، لكن تضعيفه في ترجمة مياح (11) صريح في
الباب إلا أنه لا يعارض التوثيقات المشار إليها، مضافا إلى ما يأتي من الوجوه الدالة
على اعتبار محمد بن سنان.
سابعها: كلمات الشيخ في الفهرست والرجال والتهذيبين؛ حيث إنه ضعفه في
الأول في قوله: " وقد طعن عليه وضعف، وكتبه مثل كتب الحسين بن سعيد،
وعلى عددها "، (12) وفي الثاني في قوله: " محمد بن سنان ضعيف "، (13) وقوله في

1. حكاه عنه الحائري في منتهى المقال 6: 72 / 2669.
2. حكاه عنه المحدث الحر في خاتمة الوسائل 20: 329 / 1049.
3. حاوي الأقوال: 322 / 1973؛ وحكاه عنه الحائري في منتهى المقال 6: 74 / 2669.
4. الوسائل 20: 329 / 1049.
5. روضة المتقين 14: 29 و 34؛ رجال العلامة المجلسي: 303.
6. تعليقة الوحيد البهبهاني: 297.
7. رجال السيد بحر العلوم 3: 277.
8. رجال الكشي 2: 796 / 979. ونقله عنه الشفتي في الرسائل الرجالية: 630.
9. رجال النجاشي: 328 / 888.
10. رجال الكشي 2: 795 - 796 / 976، 978، 979.
11. رجال النجاشي: 424 / 1140.
12. الفهرست: 143 / 618.
13. رجال الشيخ: 386 / 7.
624

الأخير: " محمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جدا، وما يستند برأيه ولا يشركه فيه
غيره ولا يعمل عليه "، (1) وقوله في التهذيب: " محمد بن سنان ضعيف عند نقاد
الأخبار ". (2)
أقول: إن كلامه في الفهرست يمكن أن يكون مرجعه إلى التوقف، مع أن
ظاهر قوله: " وكتبه مثل كتب الحسين بن سعيد وعلى عددها " كون الغرض
المدح؛ على أنه معارض بما مر من التوثيقات، وبما يأتي من الوجوه الدالة على
اعتبار محمد بن سنان.
وبما سمعت يظهر حال الكلمات الباقية، مضافا إلى ما يقال من أن عادته في
التهذيب والاستبصار فيما إذا كان مضمون الحديث مما يقطع بفساده الاكتفاء في
التضعيف بأدنى شيء؛ تنبيها على فساد مضمونه بحيث يركن إليه الحمائل (3)
ويعتقده الغافل.
ثامنها: ما قاله ابن الغضائري من أن محمد بن سنان غال (4) لا يلتفت إليه.
ويضعف بما يظهر مما مر، مضافا إلى ضعف تضعيفات ابن الغضائري كما
ربما اشتهر في الألسن.
لكن هذا المقال ضعيف الحال كما يظهر بملاحظة ما حررناه في الرسالة
المعمولة في باب ابن الغضائري، فضلا عما نقله السيد السند النجفي من رواية
ابن طاووس بسنده عن بعض، حيث سأل بعضا عما يقال في محمد بن سنان من
أمر الغلو، فقال: " معاذ الله، هو - والله - علمني الطهور، وحبس العيال، وكان

1. الاستبصار 3: 224، ح 810، باب الرجل إذا سمى المهر ودخل بالمرأة قبل أن يعطيها مهرها كان دينا
عليه.
تهذيب الأحكام 7: 361، ح 1464، باب المهور والأجور وما ينعقد من النكاح من ذلك وما لا ينعقد.
2. تهذيب الأحكام 7: 361، ح 1464، باب المهور والأجور.
3. كذا.
4. نقله عنه في خلاصة الأقوال: 251 / 17.
625

متقشفا متعبدا ". (1)
تاسعها: تضعيف المحقق (2) والعلامة (3) والشهيد الثاني (4) وغيرهم من الفقهاء. (5)
لكنك خبير بأن الظاهر أن مدرك هؤلاء هو الكلمات المتقدمة من أرباب
الرجال، فبعد ظهور ضعفها بما مر ويأتي [لا اعتبار بتضعيفهم]. (6)
وربما يتوهم الدلالة على الغلو مما رواه الكشي - نقلا - في ترجمة محمد بن
سنان من قوله:
ورأيت في بعض كتب الغلاة وهو كتاب الدور، عن الحسن بن شعيب،
عن محمد بن سنان قال: دخلت على أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فقال:
" يا محمد!: كيف أنت إذا لعنتك وبرئت منك وجعلتك محنة للعالمين،
أهدي بك من أشاء؟ ". قال، قلت له: تفعل بعبدك ما تشاء يا سيدي، إنك
على كل شيء قدير، قال: " يا محمد! أنت عبد قد أخلصت لله إني ناجيت
الله فيك، فأبى إلا أن يضل بك كثيرا ويهدي بك كثيرا ". (7)
أقول: إنه لو كان الغلو مانعا عن اعتبار الخبر، فلا يثبت غلو محمد بن سنان
بالرواية المذكورة؛ لكونها مستندة إلى بعض كتب الغلاة؛ مضافا إلى جهالة
حسن بن شعيب، ومع هذا فلا مجال لتوهم دلالة الرواية المذكورة على الغلو إلا
باعتبار قوله: " تفعل بعبدك ما تشاء يا سيدي، إنك على كل شيء قدير ".

1. فلاح السائل: 13. وانظر رجال السيد بحر العلوم 3: 270 - 273. ومتقشفا: أي الذي يتبلغ بالخشن
من القوت والرقع من الثياب. لسان العرب 9: 283 (قشف).
2. المعتبر في شرح المختصر 1: 289 و 304.
3. رجال العلامة: 251 و 277.
4. الروضة البهية 5: 160.
5. مثل ابن داود في رجاله: 505.
6. أضفناه لتتميم الجملة.
7. رجال الكشي 2: 849 / 1091.
626

أما الأول: (1) فلا دلالة فيه على الغلو بوجه، بل لا يناسب التخاطب مع
أرباب العصمة بغير أمثال ذلك، كيف وعبد الله بن مسكان كان لا يدخل على
أبي عبد الله (عليه السلام) شفقة أن لا يوفيه حق إجلاله، فكان يسمع من أصحابه. (2)
وأما الثاني: فلا دلالة فيه أيضا على الغلو، إنما هو اقتباس من الآية الشريفة،
نعم، لو كان الغرض منه إسناد الألوهية إلى مولانا أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، لكان إسناد
الألوهية من أعلى درجات الغلو، بل يكون فوق الغلو وخارجا عنه، لكن لم يعهد
القول بإسناد الألوهية إلى غير أمير المؤمنين (عليه السلام)، إلا أنه تقدم عن الذخيرة تفسير
الغلاة بالذين اعتقدوا في واحد من الأئمة أنه لا إله إلا هو. (3)
وربما يتوهم أيضا الدلالة على الغلو مما رواه في الكافي في باب مولد
النبي (صلى الله عليه وآله) عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أبي المفضل
عبد الله بن إدريس، عن محمد بن سنان، قال:
كنت عند أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فأجريت اختلاف الشيعة، فقال: " يا
محمد! إن الله - تبارك وتعالى - لم يزل متفردا بوحدانيته، ثم خلق
محمدا وعليا وفاطمة، فمكثوا ألف دهر، ثم خلق جميع الأشياء
فأشهدهم خلقها، وأجرى طاعتهم عليها، وفوض أمورها إليهم، فهم
يحلون ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون، ولن يشاؤوا إلا أن يشاء الله
تبارك وتعالى ". ثم قال: " يا محمد! هذه، الديانة التي من تقدمها مرق،
ومن تخلف عنها محق، ومن لزمها لحق، خذها إليك يا محمد! ". (4)
قوله (عليه السلام): " مرق " قال في المصباح: " مرق السهم من الرمية مروقا، من باب

1. أي قوله: " تفعل بعبدك " كما أن المراد بالثاني قوله: " إنك على كل شيء قدير ".
2. رجال النجاشي: 214 / 559؛ خلاصة الأقوال: 106 / 22.
3. الذخيرة: 150، كتاب الطهارة.
4. الكافي 1: 441، ح 5، باب مولد النبي ووفاته.
627

قعد: نفذ من الجانب الآخر. ومنه مرق من الدين مروقا: إذا خرج ". (1)
فالغرض أن من تقدمها فقد تجاوز عن الحد وأفرط، ومنه تسمية الخوارج
بالمارقين؛ لتجاوزهم عن الحد؛ حيث إنهم كانوا في سلك الحق وبالغوا في طلب
الحق حتى تجاوزوا عن الحد وتأدى أمرهم إلى الضلال، وقد حررنا الحال في
شرح الخطبة الشقشقية.
قوله (عليه السلام): " محق " قال في المصباح: " محقه محقا من باب نفع: نقصه وأذهب
منه البركة، وقيل: هو ذهاب الشيء كله حتى لا يرى له أثر، ومنه (يمحق الله
الربوا) (2) وانمحق الهلال لثلاث ليال في آخر الشهر لا يكاد يرى لخفائه، والاسم
المحاق ". (3) فالغرض أن من تخلف عنها نقص في دينه وبطل دينه، فالأمر في هذه
الصورة من باب التفريط قبال الإفراط في الصورة السابقة.
قوله (عليه السلام): " لحق " قال في المصباح: " لحقته ولحقت به ألحق من باب تعب
لحاقا - بالفتح -: أدركته ". (4)
فالغرض أن من لزم الديانة أدرك السعادة الدائمة.
قوله (عليه السلام) " خذها إليك " الجار والمجرور متعلق بفعل محذوف، أي ألقيت
إليك.
وبالجملة، لا دلالة في الرواية المذكورة على الغلو بوجه.
وقد يتوهم الدلالة على الغلو من الرواية الخامسة والسادسة من الروايات
المتقدمة بالدلالة على المدح. وليس بشيء.

1. المصباح المنير 2: 569 (مرق). وفيه "... من باب قعد: خرج منه من غير مدخله ومنه قيل: مرق من
الدين مروقا أيضا إذا خرج منه ".
2. البقرة (2): 276.
3. المصباح المنير 2: 565 (محق).
4. المصباح المنير 2: 550 (لحق).
628

ويمكن الاستدلال على عدم اعتبار أخبار محمد بن سنان بما رواه الكشي في
ترجمة زكريا بن آدم نقلا عن محمد بن مسعود، قال:
حدثني علي بن محمد القمي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى،
قال: بعث إلي أبو جعفر (عليه السلام) غلامه ومعه كتابه، فأمرني أن أسير إليه، فأتيته
وهو بالمدينة نازل بدار بزيع، فدخلت عليه وسلمت عليه، فذكر في
صفوان ومحمد بن سنان وغيرهما مما قد سمعه غير واحد، فقلت في
نفسي: أستعطفه على زكريا بن آدم لعله أن يسلم مما قال (عليه السلام) في هؤلاء،
ثم رجعت إلى نفسي، فقلت: من أنا أتعرض في هذا وشبهه ومولاي هو
أعلم بما يصنع. (1)
ورواه شيخنا المفيد في الاختصاص - على ما نقله السيد السند النجفي - عن
أحمد بن محمد، عن أبيه، وسعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، قال:
" وهو طريق صحيح ". (2)
وكذا يمكن الاستدلال على ذلك بما رواه الكشي في ترجمة صفوان، عن
محمد بن قولويه، قال:
حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن إسماعيل بن
بزيع: أن أبا جعفر الثاني (عليه السلام) كان يخبرني بلعن صفوان بن يحيى
ومحمد بن سنان، فقال: " إنهما خالفا أمري " فلما كان من قابل،
قال أبو جعفر (عليه السلام) لمحمد بن سهل البحراني: " تول صفوان بن يحيى
ومحمد بن سنان فقد رضيت عنهما " (3)

1. رجال الكشي 2: 858 / 1115. وفيه: " أصير " مكان " أسير ". وانظر رجال السيد بحر العلوم 3:
263.
2. الاختصاص: 87. وانظر رجال السيد بحر العلوم 3: 263.
3. رجال الكشي 2: 793 / 965. وانظر رجال السيد بحر العلوم 3: 263.
629

حيث (1) إن كلا من رواياته مجهول التاريخ، وكذا المخالفة فلا يتأتى الحجية؛
لعدم ثبوت الشرط.
إلا أن يقال: إن الظاهر من هذه الرواية عدم تجاوز زمان اشمئزاز مولانا
الجواد (عليه السلام) عن محمد بن سنان عن سنة، فالغالب من رواياته محكوم بالصحة،
فالمشكوك فيه يلحق بالغالب، ولو لم يكن الغالب ممتازا عن غير الغالب، فيتأتى
الظن بثبوت الشرط، وفيه الكفاية.
أقول: إن الروايتين - بعد اعتبار سند الرواية الأخيرة - لا تعارضان لما تقدم،
ولما يأتي، مع أنه لا يثبت بهما عدم اعتبار أخبار محمد بن سنان، بناء على حجية
مطلق الظن، وكذا بناء على حجية الظنون الخاصة بناء على عدم اعتبار العدالة في
اعتبار الخبر.
ويمكن الاستدلال على اعتبار حال محمد بن سنان مدحا بوجوه:
أحدها: ما رواه الكشي في ترجمة محمد بن سنان عن أبي عبد الله
الشاذاني، عن عبد الله بن محمد بن عيسى الأسدي الملقب ببنان، وهو أخو
عبد الله بن عيسى الأشعري القمي المعروف، قال:
كنا ندخل مسجد الكوفة، وكان ينظر إلينا محمد بن سنان وقال: من كان
يريد المضمئلات، فإلي. ومن أراد الحلال والحرام، فعليه بالشيخ،
يعني صفوان بن يحيى. (2)
قوله: " المضمئلات ": الظاهر أن المقصود المشكلات، لكن لم يذكر في اللغة
ما يساعده. نعم، ذكر في القاموس: الضميلة بمعنى المرأة الزمنة أو العرجاء. (3)

1. تعليل لإمكان الاستدلال، والضمير في " رواياته " راجع إلى ابن سنان.
2. رجال الكشي 2: 796 / 981 وفيه " المعضلات " بدل " المضمئلات ".
3. القاموس المحيط 4: 6 (ضمل).
630

ويمكن أن يكون قوله المشار إليه في ذلك من باب التجوز.
وتقريب دلالته على المدح أنه يستفاد منه كمال إنصافه واحتياطه في الدين؛
حيث إنه - مع كونه مدعيا للقابلية للرجوع إليه في المشكلات - أنكر الرجوع إليه
في المسائل الشرعية، وهذا أمر نادر الوقوع في أفراد الإنسان؛ حيث إن الغالب
فيهم بأصنافهم ادعاء الدرجات العالية من الكمال المناسب لحالهم، كيف وقد
شاع وذاع في عموم الأعصار التصرف في الأمور الشرعية من المرافعات وغيرها
من أرباب صورة العلم مع عدم القابلية.
ثانيها: ما رواه الكشي أيضا في ترجمة محمد بن سنان عن حمدويه، عن
الحسن بن موسى، قال:
حدثني محمد بن سنان، قال: دخلت على أبي الحسن موسى (عليه السلام) قبل أن
يحمل إلى العراق بسنة وعلي ابنه بين يديه، فقال لي: " يا محمد! " قلت:
لبيك، قال: " إنه سيكون في هذه السنة حركة ولا تجزع (1) منها " ثم أطرق
ونكت الأرض بيده، ثم رفع رأسه إلي وهو يقول: (ويضل الله الظالمين
ويفعل الله ما يشاء) (2) قال، قلت: وما ذلك جعلت فداك؟ قال: " من ظلم
ابني هذا حقه، وجحد إمامته من بعدي، كان كمن ظلم علي بن أبي
طالب (عليه السلام) حقه وإمامته من بعد محمد (صلى الله عليه وآله) " فعلمت: أنه قد نعى إلي نفسه،
ودل على ابنه، فقلت: والله لئن مد الله في عمري، لأسلمن إليه حقه
ولأقرن به الإمامة، أشهد أنه من بعدك حجة الله على خلقه والداعي إلى
دينه، فقال لي: " يا محمد! يمد الله في عمرك، وتدعو إلى إمامته وإمامة
من يقوم مقامه من بعده " فقلت: ومن ذلك جعلت فداك؟ قال: " محمد
ابنه " قلت: الرضا والتسليم، فقال: " كذلك قد

1. في المصدر: " تخرج ".
2. إبراهيم (14): 27.
631

وجدتك في صحيفة أمير المؤمنين (عليه السلام) أما إنك في شيعتنا أبين من البرق
في الليلة الظلماء " ثم قال: " يا محمد! إن المفضل أنسي ومستراحي،
وأنت أنسهما ومستراحهما، حرام على النار أن تمسك أبدا " يعني
أبا الحسن وأبا جعفر صلوات الله عليهما. (1)
قوله: " المفضل " المقصود به إما مولانا الرضا (عليه السلام) باعتبار كونه مفضلا على
غيره في الإمامة، فالغرض أنه (عليه السلام) أنسي ومستراحي وأنت أنسه وأنس ابنه،
أو المقصود بالمفضل من يكون ملقبا به من الأصحاب كما في بعض الأخبار
" يرحم الله المفضل " (2) فالغرض أن المفضل أنسي وأنت بالنسبة إلى مولانا الرضا
وابنه (عليهما السلام) أنسهما وراحتهما كالمفضل بالنسبة إلي.
وروى في الكافي في باب الإشارة والنص على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) عن
محمد بن علي، وعبيد الله بن المرزبان، عن ابن سنان، قال:
دخلت على أبي الحسن موسى (عليه السلام) من قبل أن يقدم العراق بسنة وعلي
ابنه جالس بين يديه، فنظر إلي، فقال: " يا محمد! أما إنه سيكون في هذه
السنة حركة، فلا تجزع لذلك ". قال: قلت: وما يكون جعلت فداك؛ فقد
أقلقني ما ذكرت؟ فقال: " أصير إلى الطاغية، أما إنه لا يبدأني منه سوء،
ومن الذي يكون بعده ". قال: قلت: وما يكون جعلت فداك؟ قال:
(ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) (3) قال: قلت: وما ذلك جعلت
فداك؟ قال: " من ظلم ابني هذا حقه وجحده إمامته من بعدي، كان كمن
ظلم علي بن أبي طالب (عليه السلام) حقه وجحده إمامته بعد
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ". قال، قلت: والله لئن مد الله في العمر، لأسلمن له حقه،

1. رجال الكشي 2: 796 - 797 / 982.
2. رجال الكشي 2: 621 / 597.
3. إبراهيم (14): 27.
632

ولأقرن بإمامته، قال: " صدقت يا محمد! يمد الله في عمرك، وتسلم له
حقه، وتقر له بإمامته وإمامة من يكون من بعده ". قال: قلت: ومن ذاك؟
قال: " محمد ابنه " قال: قلت له: الرضا والتسليم. (1)
قوله (عليه السلام): " الطاغية " قال في الصحاح: " الطاغية الجبار والأحمق المتكبر ". (2) فهو
اسم الفاعل والتاء للمبالغة. ويمكن أن يكون من باب المصدر كالعاقبة والعافية،
والأمر من باب التأكيد نحو: زيد عدل. وكيف كان فربما قيل: إن المقصود به
المهدي، والمقصود بالذي بعده هو الهادي.
وقيل: إن المقصود بذلك المهدي، والمقصود بالذي يكون بعهده موسى بن
المهدي.
وقيل: إن المقصود بذلك الهادي. (3)
قوله (عليه السلام): " لا يبدأني منه سوء " أي لا يصل منه إلي سوء. والأمر ظاهر إلا أنه
- على ما في الوافي - إما من البدء بالهمزة بمعنى ابتداء الفعل، وإما من البدو بمعنى
الظهور على صيغة المجهول. (4)
قوله (عليه السلام): " ومن الذي يكون بعده " أي يصل إلي السوء من الذي يكون بعد
الطاغية، وعن بعض النسخ: " ولا من الذي يكون بعده ".
قيل: لكن السياق يقتضي عدم كلمة " لا " وهو في محله؛ إذ لو لم يصل السوء
منه ولا من الذي يكون بعده فلم يناسب السؤال من السائل عما يكون، إلا أن
يقال: إن السؤال بمناسبة قوله (عليه السلام): " أما إنه سيكون في هذه السنة حركة ".

1. الكافي 1: 319، ح 16، باب الإشارة والنص على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)؛ عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1:
32، ح 29؛ الإرشاد للمفيد 2: 252؛ الغيبة للطوسي: 32، ح 8.
2. القاموس المحيط 4: 358 (طغى). وانظر الصحاح 5: 2413 (طغى).
3. انظر: الرسائل الرجالية لحجة الإسلام الشفتي: 625.
4. الوافي 2: 373، ذيل الحديث 846.
633

وعلى أي حال فدلالة الرواية على اعتبار حال محمد بن سنان ظاهرة.
ثالثها: ما رواه الكشي أيضا في ترجمة محمد بن سنان، قال:
وجدت بخط جبرائيل بن أحمد: حدثني محمد بن عبد الله بن
مهران، قال: أخبرني عبد الله بن عامر، عن شاذويه بن الحسين بن
داود القمي، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) وبأهلي حبل،
فقلت: جعلت فداك ادع الله أن يرزقني ولدا ذكرا، فأطرق مليا،
ثم رفع رأسه، وقال: " اذهب؛ فإن الله يرزقك غلاما ذكرا " ثلاث
مرات، قال: فقدمت مكة فصرت إلى المسجد، فأتى محمد بن
الحسن بن صباح برسالة من جماعة من أصحابنا معهم صفوان بن
يحيى ومحمد بن سنان وابن أبي عمير وغيرهم، فأتيتهم
فسألوني، فخبرتهم بما قال، فقالوا لي: أفهمت عنه ذكرا أو ذكيا؟
فقلت: ذكرا قد فهمت، فقال ابن سنان: أما أنت سترزق ولدا ذكرا،
إما يموت على المكان أو يكون ميتا، فقال أصحابنا لمحمد بن
سنان: أسأت، قد علمنا الذي علمت، فأتى غلام في المسجد، فقال:
أدرك؛ فقد مات أهلك، فذهبت مسرعا، فوجدتها على شرف الموت،
ثم لم تلبث أن ولدت غلاما ميتا. (1)
أقول: إن المقصود بالغلام في قول الإمام (عليه السلام): " غلاما " هو الابن وسنده قوله
سبحانه: (غلما زكيا). (2)
قال في المصباح: " الغلام الابن الصغير، وجمع القلة غلمة ". ثم قال: " يطلق
الغلام على الرجل مجازا باسم ما كان عليه ". (3)

1. رجال الكشي 2: 848 - 849 / 1090.
2. مريم (19): 19.
3. المصباح المنير 2: 452 (غلم).
634

وقد تكرر في الكتاب ذكر الغلام، والمقصود به الابن [نحو] غلاما زكيا، وكذا
في الأخبار؛ بل قد وقع في عنوان طائفة من أبواب كتب الأخبار كباب طلاق
الغلام، (1) وباب " الرجل يفسق بالغلام فيتزوج ابنته أو أخته (2) أو غيرهما " وعلى هذا
المنوال الحال في قوله: " لم تلبث أن ولدت غلاما ميتا ".
لكن الغلام في قوله: " فأتى غلام في المسجد " يمكن أن يكون المقصود به
العبد؛ حيث إنه يستعمل الغلام في العبد في الأخبار كثيرا، كما روي عن سيد
الشهداء - روحي وروح العالمين له الفداء - من أنه دخل المستراح فوجد لقمة
ملقاة، فدفعها إلى غلام له، فقال: " يا غلام، اذكرني بهذه اللقمة إذ خرجت " فأكلها
الغلام. فلما خرج الحسين بن علي (عليه السلام) قال: " يا غلام أين اللقمة؟ " قال: أكلتها
يا مولاي، قال: " أنت حر لوجه الله ". (3)
وكذا ما روي عن سيد الشهداء - روحي وروح العالمين له الفداء - من أنه جنى
غلام له جناية توجب العقاب عليها، فأمر أن يضرب، فقال: يا مولاي (الكاظمين
الغيظ) قال: " خلوا عنه ". فقال: يا مولاي (والعافين عن الناس) قال: " قد عفوت
عنك " قال: يا مولاي (والله يحب المحسنين) (4) قال: " أنت حر لوجه الله، ولك
ضعف ما كنت أعطيك ". (5)
وكذا ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن رجل، قال: إن حدث
بي حدث في مرضي هذا، فغلامي فلان حر، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " يرد من وصيته
ما يشاء " (6) إلى غير ذلك.

1. انظر الوسائل 15: 324، أبواب مقدمات الطلاق، باب 32.
2. انظر الوسائل 14: 339، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها، باب 15.
3. عيون أخبار الرضا 2: 43، ح 154؛ الوسائل 1: 254، أبواب أحكام الخلوة، باب 39، ح 2.
4. آل عمران (3): 134.
5. كشف الغمة 2: 207؛ ونقله عنه في البحار 44: 195، ح 9، باب مكارم أخلاقه وجمل أحواله.
6. تهذيب الأحكام 9: 191، ح 766، باب الرجوع في الوصية.
635

فظهر فساد ما يقتضيه بعض الكلمات من أن استعمال الغلام في العبد من
اللغة العجمية.
لكن يمكن أن يقال: إن الغلام في أمثال ما ذكر بمعنى الرجل مجازا، فقد مر
ذكر استعماله فيه من المصباح، (1) والرقية تستفاد من إضافة العتق إليه مثلا.
ويستعمل الغلام في كلمات أهل الرجال بمعنى التلميذ خلافا لجماعة حيث
أنكروه. وقد حررنا الحال في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة
في رواية الكليني عن علي بن محمد.
وربما وجه بعض الأعلام استفادة الموت بعد التولد، أو التولد ميتا بأن الغلام
لا يكون إلا ذكرا والولد أعم من الذكور والإناث، ولما كان المذكور في السؤال
الولد وكان مطلوب السائل الذكورية قيده بالذكر فقال: " ادع الله أن يرزقني ولدا
ذكرا " ولما أتى (عليه السلام) في مقام الجواب بالغلام، تبين منه أن المولود لا يكون إلا ذكرا؛
فلا حاجة إلى التقييد بالذكر، فمنه يظهر أن مراده (عليه السلام) مما قيد به الغلام ليس الذكر،
لكن السائل لما لم يتنبه لذلك توهم أن مراده (عليه السلام) ما اعتقده السائل، فقالوا للسائل:
" فهمت من كلامه ذكرا أو ذكيا " ولما أخبر السائل أنه فهم من كلامه (عليه السلام) ذكرا، علموا
أنه ليس مراده التزكية عن الرذائل، فيكون المراد منه المماة للمشابهة الظاهرة،
فلذا قال محمد بن سنان للسائل: " أنت سترزق ولدا ذكرا يموت على المكان أو
يكون ميتا " أي (2) يتولد ميتا، ويكون استفادة الذكورية من لفظ الغلام، واستفادة
الموت في الحال أو التولد ذكيا من الذكي. (3)
ويظهر التوجيه المذكور مما ذكره العلامة المجلسي في البحار في قوله:
" بيان: قوله: " ذكرا أو ذكيا " لعل المعنى أنه (عليه السلام) لما قال: غلاما لم يحتج إلى الوصف

1. المصباح المنير 2: 452 (غلم).
2. في " د ": " أو ".
3. الرسائل الرجالية لحجة الإسلام الشفتي: 623.
636

بالذكورة، فقالوا: لعله كان ذكيا من التذكية بمعنى الذبح كناية عن الميت ". (1)
قوله: " ولما أخبر السائل " غرضه دفع احتمال أن يكون زكيا بالزاي بمعنى
المزكى عن الرذائل بأن مقتضى إخبار محمد بن سنان أن المتلفظ به هو الذال
فلا مجال لاحتمال الزاي وكون المقصود كونه مزكى عن الرذائل.
وهو مردود بأنه على تقدير كون التلفظ بالذال يمكن أن يكون ذكيا بمعنى
حديد الإدراك، قال في المصباح: " الذكاء بالمد حدة القلب " (2) فلا يتجه البناء على
كون الغرض المماة، ومن ذلك ما في بعض الأخبار الواردة فيما يستحب أن تطعم
الحبلى والنفساء من قوله (عليه السلام): " فإن يكن في بطنها غلام خرج ذكي القلب ". (3)
وإن قلت: إن إطلاق الذكي على الطفل الرضيع ولا سيما زمان تولده
غير صحيح؛ إذ لا مجال لبروز الذكاء منه.
قلت: إن امتناع البروز لا يوجب عدم صحة الإطلاق، مع أنه كثيرا ما يظهر
الذكاء من الطفل الرضيع.
لكن يمكن أن يقال: إن إطلاق الذكي بمعنى الفطن على الطفل الرضيع بعيد
وإن صح الإطلاق، ومع ذلك من اشتبه عليه الأمر ولم يدرك ذكيا، فلا اعتبار
بإدراكه في كون المتلفظ به هو الذال لا الزاي.
إلا أن يقال: إن ثبوت الاشتباه بين الياء والراء في آخر الكلمة لا يفضي (4)
بالاشتباه في أول الكلمة بين الذال والزاي، فغاية الأمر ثبوت الاشتباه بين الياء
والراء، لكن لابد من الاقتصار عليه؛ إذ الاشتباه خلاف الظاهر، على أن من البعيد

1. البحار 50: 66، ذيل ح 42، باب معجزات الامام الجواد، وفيه: " ذكرا وذكى " بدلا عن " ذكرا أو
زكيا " و " الموت " بدلا عن " الميت ".
2. المصباح المنير 1: 209 (ذكى).
3. الكافي 6: 23، ح 7، باب ما يستحب أن تطعم الحبلى والنفساء؛ تهذيب الأحكام 7: 440، ح
1758، باب الأولاد والنفاس والعقيقة؛ الوسائل 15: 136، أبواب أحكام الأولاد، باب 34، ح 2.
4. في " د ": " لا يقتضي " و خ " ح ": " لا يفضي " والصحيح ما أثبتناه.
637

كون اختلاف الذال والزاي في الأول مرعيا في محاورات اليوم والليل؛ فتدبر.
وبالجملة، دلالة الرواية على مدح محمد بن سنان من جهة كشفها عن حدة
إدراك محمد بن سنان وشدة ذكائه.
لكن نقول: إن المدار في اعتبار المدح على كونه موجبا للظن بالصدق
والصدور، وإلا فمجرد المدح لا يفيد الظن بالصدور كما هو الحال فيما لو وقع في
الترجمة " له كتاب " أو " فاضل " وهكذا، ومن هذا الباب المدح بالذكاء وكذا
استفادة الذكاء، إلا أن الاستفادة تفيد فائدة المدح، أعني حسن الراوي والرواية،
لكنها خارجة عن المدح؛ إذ المدار في المدح عن اللفظ المفيد للمزية.
وقد حررنا الحال في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في
رواية الكليني عن محمد بن الحسن.
رابعها: ما رواه الكشي في ترجمة محمد بن سنان نقلا أيضا وقد تقدم، قال:
ورأيت في بعض كتب الغلاة - وهو كتاب الدور - عن الحسن بن
شعيب، عن محمد بن سنان، قال: دخلت على أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فقال
لي " يا محمد! كيف أنت إذا لعنتك وبرئت منك وجعلتك محنة
للعالمين، أهدي بك من أشاء وأضل بك من أشاء؟ ".
قال، قلت له: تفعل ما تشاء يا سيدي إنك على كل شيء قدير. قال:
" يا محمد! أنت عبد أخلصت لله إني ناجيت الله فيك فأبى بك إلا أن يضل
بك كثيرا يهدي بك كثيرا ". (1)
وتقريب دلالة الرواية على المدح بواسطة دلالتها على حسن الإخلاص من
محمد بن سنان بحيث ربما يتوهم دلالته على الغلو، وكذا دلالته على لطف مولانا
الجواد (عليه السلام) بالنسبة إليه.
خامسها: ما رواه الكشي في ترجمة محمد بن سنان نقلا أيضا عن حمدويه،

1. رجال الكشي 2: 849 / 1091.
638

عن أبي سعيد الآدمي، عن محمد بن مرزبان، [عن محمد بن سنان] قال:
شكوت إلى الرضا (عليه السلام) وجع العين، فأخذ قرطاسا فكتب إلى
أبي جعفر (عليه السلام) وهو أول شيء، (1) ودفع الكتاب إلى الخادم، وأمرني أن
أذهب معه، وقال: " اكتم "، فأتيناه وخادم قد حمله، ففتح الخادم الكتاب
بين يدي أبي جعفر (عليه السلام)، قال: فجعل أبو جعفر (عليه السلام) ينظر في الكتاب ويرفع
إلى السماء فيقول: " ناج " ففعل ذلك مرارا، فذهب كل وجع في عيني،
وأبصرت بصرا لا يبصره أحد.
قال: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلك الله شيخا على هذه الأمة كما جعل
عيسى بن مريم شيخا على بني إسرائيل. قال: ثم قلت [له] يا شبيه
صاحب فطرس. قال: فانصرفت وقد أمرني الرضا (عليه السلام) أن أكتم، فمازلت
صحيح البصر حتى أذعت ما كان عن أبي جعفر (عليه السلام) في [أمر] عيني،
فعاودني الوجع.
قال: قلت لمحمد بن سنان: ما عنيت بقولك: يا شبيه [صاحب] فطرس؟
فقال: إن الله غضب على ملك من الملائكة يدعى فطرس، فدق جناحه،
ورمي في جزيرة من جزائر البحر، فلما ولد الحسين (عليه السلام) بعث الله
عز وجل جبرئيل إلى محمد (صلى الله عليه وآله) ليهنئه بولادة الحسين (عليه السلام) وما أمر الله به،
فقال له: هل لك أن أحملك على جناح من أجنحتي وأمضي لك إلى
محمد (صلى الله عليه وآله) يشفع فيك؟ قال: فقال له فطرس: نعم، فحمله على جناح من
أجنحته حتى أتى به محمدا (صلى الله عليه وآله) فبلغه تهنئة رب العالمين، ثم حدث
بقصة فطرس، فقال محمد (صلى الله عليه وآله) لفطرس: " امسح جناحك على مهد
الحسين (عليه السلام) وتمسح به " ففعل ذلك فطرس، فجبر الله جناحه ورده إلى
منزله مع الملائكة. (2)

1. في المصدر: " وهو أقل من نيتي ".
2. رجال الكشي 2: 849 / 1092. ما بين المعقوفات أضفناه من المصدر.
639

قوله: " وهو أول شيء " لاخفاء في أن هاهنا سقطا، بل في بعض النسخ - التي
حكي الرواية فيها - بياض بين " شيء " و " دفع ".
وبالجملة، دلالة الرواية على المدح من جهة دلالتها على حسن إخلاص
محمد بن سنان وشدة اختصاصه بالنسبة إلى مولانا الرضا (عليه السلام).
سادسها: ما رواه الكشي في ترجمة محمد بن سنان، قال:
وجدت بخط جبرئيل بن أحمد قال: حدثني محمد بن عبد الله بن
مهران، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ومحمد بن سنان، جميعا قالا:
كنا بمكة وأبو الحسن الرضا (عليه السلام) بها، فقلنا له: جعلنا الله فداك نحن
خارجون وأنتم مقيم فإن رأيت أن تكتب إلى أبي جعفر (عليه السلام) كتابا نلم به،
قال: فكتب إليه كتابا فقدمنا، فقلنا للمتوفق: (1) أخرجه، فأخرجه إلينا وهو
في صدر الموقف، (2) فأقبل يقرأ ويطويه وينظر فيه ويتبسم حتى أتى
على اخره يطويه من أعلاه وينشره من أسفله، قال محمد بن سنان: فلما
فرغ من قراءته حرك رجله وقال: " ناج ناج " (3) فقال [أحمد]: ثم قال
محمد بن سنان عند ذلك: فطرسية فطرسية. (4)
قوله: " نلم به " أي ننزل به من الإلمام، قال في المصباح: " وألم الرجل بالقوم
إلماما أتاهم فنزل بهم ". (5)
قوله: " للمتوفق " الظاهر أن الغرض من كان عنده المكتوب من جانب مولانا
الرضا إلى مولانا الجواد (عليهما السلام). قال في القاموس: " المتوفق من جمع الكلام وهيأه ". (6)

1. في المصدر: " للموفق ".
2. في المصدر: " موفق ".
3. في " ح ": " باح باح " وفي " د ": " ماج ماج " وما أثبتناه موافق للمصدر.
4. رجال الكشي 2: 850 / 1093.
5. المصباح المنير 2: 559 (لمم).
6. القاموس المحيط: 3 / 299 (وفق).
640

وفي بعض النسخ: الموفق. وفي آخر الموقف. والظاهر أن كلا منهما غلط
والصحيح ما رسمناه لكن لم أر نسخة تساعد مع ذلك.
قوله: " وهو في صدر الموقف " الظاهر أن الضمير راجع إلى مولانا
أبي جعفر (عليه السلام) والغرض أنه (عليه السلام) كان في صدر المجلس.
وبالجملة، دلالة الرواية على المدح من جهة استيناس الإخلاص منه، وكذا
كان استيناس اللطف من مولانا الرضا (عليه السلام) بالنسبة إليه.
سابعها: ما رواه الكشي في ذيل ما عنونه ب‍ " ما روي في صفوان بن يحيى بياع
السابري، ومحمد بن سنان، وزكريا بن آدم، وسعد بن سعد القمي " عن محمد بن
قولويه، عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن عيسى، عن
رجل، عن علي بن الحسين بن داود القمي قال:
سمعت أبا جعفر الثاني يذكر صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان بخير،
وقال: " رضي الله عنهما برضاي عنهما فما خالفاني قط ". (1)
هذا بعد ما جاء عنه فيهما ما قد سمعته عن عدة من أصحابنا، عن أبي طالب
عبد الله بن الصلت القمي، قال:
دخلت على أبي جعفر الثاني آخر عمره فسمعته يقول: " جزى الله
صفوان بن يحيى، ومحمد بن سنان، وزكريا بن آدم عني خيرا فقد وفوا
لي " ولم يذكر سعد بن سعد قال: فخرجت - إلى أن قال: - فعدت إليه
فقال: " جزى الله صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان وزكريا بن آدم
وسعد بن سعد عني خيرا فقد وفوا لي ". (2)
أقول: الظاهر أن الموصول في قوله: " ما قد سمعته " عطف بيان، أو بدل
للموصول المجرور ببعد، فالراوي عن أبي طالب هو الأصحاب وتتعدد الرواية.

1. رجال الكشي 2: 792 / 962.
2. رجال الكشي 2: 793 / 963.
641

والغرض أن الرواية غير ما رواه الأصحاب عن أبي طالب، فيتأكد المدح الذي
سمع شفاها بما رواه عن الأصحاب عن أبي طالب.
ويرشد إليه أن العلامة حكى رواية الكشي رواية الأصحاب عن أبي طالب
مقتصرا عليها، (1) والظاهر أن الاقتصار من جهة عدم اعتبار الرواية الأولى للإرسال.
وجرى بعض الأصحاب على تعدد الرواية وحكى عن الكشي روايتين إلا أنه
حكى الرواية الأخيرة عن الكشي عن عدة من أصحابنا. (2)
والظاهر أن إدراج العدة بواسطة عدم إمكان ملاقاة جميع الأصحاب، إلا أن
الظاهر من العدة جمع قليل، والجمع المعرف باللام يكفي فيه الاستغراق العرفي،
فلابد من الكثرة أقلا.
وربما احتمل كون قوله: " عن أبي طالب " ابتداء الكلام فتكون الرواية الأخيرة
مرسلة، وعلى هذا لا يكون المسموع عن الأصحاب مذكورا. لكنه بعيد.
لكن ربما يرشد إلى الإرسال أن الكشي روى الرواية الأولى في آخر العنوان
المشار إليه عن محمد بن مسعود، عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن
رجل، عن علي بن الحسين بن داود القمي، قال: " سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يذكر
صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان بخير، وقال: " رضي الله عنهما فما خالفاني
وما خالفا أبي قط " بعد ما جاء فيهما ما قد سمعه غير واحد ". (3)
اللهم إلا أن يكون مسموع غير واحد هو الرواية الثانية، لكنه لم يذكره هنا.
ثامنها: ما رواه الكشي في ذيل العنوان المتقدم عن محمد بن قولويه، عن
سعد عن أحمد بن هلال، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال:
كان أبو جعفر (عليه السلام) يخبرني بلعن صفوان بن يحيى، ومحمد بن سنان فقال:

1. خلاصة الأقوال: 251 / 17.
2. الرسائل الرجالية لحجة الاسلام الشفتي: 628.
3. رجال الكشي 2: 793 / 966.
642

" إنهما خالفا أمري " قال: فلما كان من قابل، قال أبو جعفر (عليه السلام) لمحمد بن
سهل البحراني: " تول صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان، فقد رضيت
عنهما ". (1)
ولا يخفى دلالة ما فيه - من أمر أبي جعفر (عليه السلام) محمد بن سهل بتولي محمد بن
سنان وإظهاره (عليه السلام) الرضا عنه - على حسن حال محمد بن سنان، بل وثاقته، بل فوق
الوثاقة.
وإن قلت: إن الأخبار المذكورة لا اعتبار بسندها، فلا يتجه الإسناد إليها.
قلت: إنه يتحصل الاستفاضة، وفيها الكفاية.
تاسعها: أنه قد ذكر الشيخ في الفهرست في ترجمة محمد بن قيس البجلي:
أن له كتاب قضايا أمير المؤمنين (عليه السلام)، وذكر طريقه إليه، وكذا ذكر أن له أصلا وذكر
طريقه، وكذا ذكر أن له رواية محمد بن سنان وذكر طريقه إليها. (2)
وفي ذكر أن له رواية محمد بن سنان - خصوصا مع ذكر الطريق إليها - تمجيد
أكيد لمحمد بن سنان.
عاشرها: أنه قد عنون في العيون بابا في ذكر ما كتبه الرضا (عليه السلام) إلى محمد بن
سنان في جواب مسائله في العلل، (3) والعلل تتجاوز عن الخمسين؛ حيث إنه
لو كان محمد بن سنان من الكذابين المشهورين، أو كان حاله ظاهر السوء، لما
جرى مولانا الرضا (عليه السلام) على المماشاة معه، ولما تحمل طول الجواب عن سؤالاته
الكثيرة بلا شبهة، ولما عنون في العيون ما عنون؛ فبما ذكر ينكشف كون محمد بن
سنان من خواص مولانا الرضا (عليه السلام) بل من صاحب أسراره؛ بل نفس السؤال عن
العلل المسؤول عنها تكشف عن حال محمد بن سنان وعمق نظره ومواظبته على

1. رجال الكشي 2: 793 / 964.
2. الفهرست: 131 / 589.
3. عيون أخبار الرضا 2: 88، باب 33، باب ما كتبه الرضا (عليه السلام) إلى محمد بن سنان.
643

التأمل في الأمور الشرعية.
وإن قلت: إنه لعله تطرق عليه سوء الحال بعد ذلك.
قلت: إنه يمكن تطرق الغلو بعد ذلك، لكن تطرق كونه من الكذابين
المشهورين بعيد؛ بل مقطوع العدم، بل تطرق الغلو على من كان على الوزن
المذكور بعيد.
ثم إنه قد روى الصدوق في الفقيه كثيرا من العلل المكتوبة في المكاتبة في
المواضع المناسبة لها، وذكر عند ذكر الطرق - أي في المشيخة - طريقه إلى
المكاتبة (1) المشار إليها مضافا إلى طريقه إلى محمد بن سنان؛ (2) وفيه دلالة على
كمال اعتبار محمد بن سنان.
حادي عشرها: أن ثلة من الأواخر بعد الإغماض عن ثلة من الأوائل بنوا على
صحة حديث محمد بن سنان مع الاطلاع على الكلمات القادحة، وهذا يوجب
الظن باعتبار حاله وحسن حالته.
ثاني عشرها: أنه قد اجتمع فيه أمور من الأسباب المقتضية للاعتبار؛ حيث
إنه كان يتشرف بلقاء أربعة من الأئمة، والظاهر اختصاصه بمولانا الرضا (عليه السلام) وقد
تكثرت رواياته في الفروع بل الأصول وكثرت روايات الثقات عنه، ورواياته
موافقة لروايات غيره من الأجلاء، وهي سالمة عما غمزوا عليه من الغلو، بل قيل:
إن أخباره المروية في الكافي وتوحيد ابن بابويه الدالة على عدم غلوه وصحة
عقيدته من الكثرة بمكان، ومذهبه سالم عن الوقف. (3)
وروي النص المشحون بالإعجاز عن مولانا الجواد (عليه السلام) من قصة وجع العين

1. الفقيه 4: 115 من المشيخة.
2. الفقيه 4: 105 من المشيخة.
3. رجال السيد بحر العلوم 3: 271.
644

ومعاودته. (1)
وكذا وقع الإعجاز في حقه من مولانا الجواد (عليه السلام)؛ لأنه كان ضريرا وعادت
العين إليه بمسح مولانا الجواد (عليه السلام) كما يظهر مما يأتي من رواية محمد بن
الحسين بن أبي الخطاب. (2)
ولا ريب أن مقتضى ما ذكر - ولو بتوسط المجموع من حيث المجموع - أنه
كان إماميا ثقة؛ بل مقتضى المراحل الأخيرة أنه تطرق عليه مرتبة عليا من الإيمان
بالله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) والإخلاص بالأئمة (عليهم السلام).
ثالث عشرها: ما ذكره السيد السند النجفي من رواية جماهير الأجلاء
والأعاظم عنه؛ حيث إنه أسند عنه من الفقهاء الثقات المتحرزين في الرواية
والنقل: أحمد بن محمد بن عيسى، (3) وأيوب بن نوح، (4) والحسن بن سعيد، (5)
والحسن بن علي بن يقطين، (6) والحسين بن سعيد، (7) وصفوان بن يحيى، (8)
والعباس بن معروف، (9) وعبد الرحمن بن أبي نجران، (10) وعبد الله بن الصلت، (11)

1. رجال الكشي 2: 849 / 1092.
من قوله: " وكذا " إلى قوله: " العين " موجود في " ح " ولكنه يشبه الزائد.
2. رجال النجاشي: 328 / 888.
3. حكاه السيد بحر العلوم في رجاله 3: 270.
4. رجال الكشي 2: 687 / 729.
5. رجال الكشي 2: 796 / 979.
6. الكافي 1: 11، ح 7، كتاب العقل والجهل.
7. رجال الكشي 2: 796 / 979،
8. تهذيب الاحكام 2: 236، ح 935، باب فرض الصلاة والمفروض منها والمسنون.
9. تهذيب الاحكام 3: 30، 107، باب أحكام الجماعة و....
10. رجال الكشي 2: 593 / 549.
11. تهذيب الاحكام 3: 67، ح 219، باب فضل شهر رمضان والصلاة فيه....
645

والفضل بن شاذان، (1) ومحمد بن إسماعيل بن بزيع، (2) ومحمد بن الحسين بن
أبي الخطاب، (3) ومحمد بن عبد الجبار، (4) وموسى بن القاسم، (5) ويعقوب بن
يزيد، (6) ويونس بن عبد الرحمن. (7) ومن مشاهير الرواة الموثقين أو المقبولين:
إبراهيم بن هاشم، (8) وأحمد بن محمد بن خالد، (9) والحسن بن الحسين اللؤلؤي (10)
والحسن بن علي بن فضال، (11) وشاذان بن الخليل، (12) وعلي بن أسباط، (13) وعلي بن
الحكم، (14) ومحمد بن أحمد بن يحيى، (15) ومحمد بن خالد البرقي، (16) ومحمد بن
عيسى بن العبيد (17) وغيرهم، (18) وأروى الناس عنه محمد بن الحسين بن

1. رجال النجاشي: 328 / 888؛ رجال الكشي 2: 796 / 978.
2. الكافي 8: 1، ح 1 من الروضة.
3. رجال النجاشي: 328 / 888.
4. الفقيه 4: 104 من المشيخة وفيه: " محمد بن أبي الصهبان وهو بذاته محمد بن عبد الجبار. انظر رجال
الشيخ: 423 / 17، ورجال العلامة: 142 / 25.
5. تهذيب الأحكام 5: 70، ح 230، باب صفة الإحرام.
6. رجال الكشي 2: 737 / 826.
7. رجال الكشي 2: 796 / 979.
8. تهذيب الأحكام 8: 112، ح 386، باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع.
9. الكافي 2: 148، ح 6، باب الاستغناء عن الناس.
10. الكافي 4: 287، ح 7، باب الوصية.
11. تهذيب الأحكام 4: 164، ح 462، باب علامة أول شهر رمضان وآخره.
12. رجال الكشي 2: 595 / 554.
13. رجال الكشي 1: 399 / 287.
14. الكافي 8: 384، ح 584 من الروضة.
15. تهذيب الأحكام 7: 159، ح 705، باب التلقي والحكرة.
16. رجال الكشي 1: 339 / 196.
17. رجال الكشي 2: 796 / 979.
18. لمزيد الاطلاع انظر خاتمة المستدرك 4: 73، الفائدة الخامسة.
646

أبي الخطاب. وقد قال النجاشي فيه: " إنه جليل من أصحابنا، عظيم القدر، كثير
الرواية، ثقة، عين، حسن التصانيف، مسكون إلى روايته ". (1)
وكذا (2) أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري مع ما علم من تحفظه في النقل
والسرعة إلى القدح ونفيه الأجلاء بتهمة الغلو والرواية عن الضعفاء.
وكتب الأخبار مشحونة برواية محمد بن سنان قد رواها جميع أصحابنا
الكوفيين والقميين وأوردها صاحب نوادر الحكمة فيها؛ ولم يستثنها محمد بن
الحسن بن الوليد وأتباعه منه؛ وملأها ثقة الإسلام الكليني جامعه الكافي أصولا
وفروعا؛ ونقلها رئيس المحدثين الصدوق في كتابه الذي ضمن أن لا يورد فيه إلا
ما هو حجة بينه وبين ربه؛ وذكر في المشيخة أن ما روى عنه فقد رواه عن أبيه، عن
علي بن إبراهيم، عن أبيه؛ (3) وأكثر الشيخ في كتابه من الرواية عنه.
وروى في الفهرست كتبه عن جماعة، منهم المفيد، عن الصدوق، عن أبيه؛
ومحمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله الحميري؛ ومحمد بن يحيى، عن
محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد، عنه. (4)
وذكر الشيخ الثقة الجليل أبو غالب أحمد بن محمد بن سليمان الزراري - في
رسالته إلى ولد ولده أحمد بن عبد الله بن أحمد - في جملة الكتب التي أوصى بها
إليه ووصى بحفظها وأجاز له روايتها كتابي الطرائف والنوادر وغيرهما من كتب
محمد بن سنان، وقال: " حدثني بكتاب الطرائف جدي محمد بن سليمان، عن
محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان " وقال: " حدثني بكتاب النوادر أبو الحسن
محمد بن محمد بن المغازي، عن جدي أبي طاهر محمد بن سليمان، عن

1. رجال النجاشي: 334 / 897.
2. أي ومن أروى الناس عنه أحمد.
3. الفقيه 4: 105 من المشيخة.
4. الفهرست: 131 / 590؛ وص 143 / 619.
647

محمد بن الحسين، عنه " قال: " وهو بخط جدي أبي طاهر ". (1)
قال السيد السند المشار إليه: " وإطباق هؤلاء العلماء العدول على الرواية عنه
والاعتناء بأخبارها وتدوينها في الكتب الموضوعة للعمل كاشف عن حسن حاله
وقبول رواياته ". (2)
قوله: " أحمد (3) بن محمد بن سليمان " أقول: هذا هو المحكي في الفهرست (4)
والخلاصة (5) في ترجمة أبي غالب، لكن عن نسخة من كتاب النجاشي أحمد بن
محمد بن سليمان، (6) وكذا عن التوضيح. (7)
وهو (8) مقتضى ما ذكره النجاشي في ترجمة محمد بن سنان في قوله: " أخبرني
الحسين بن أبي طالب عن جده أبي طالب محمد بن سليمان ".
وهو أيضا مقتضى ما في العبارة المذكورة حكاية عن الرسالة من قول
أبي طالب: " حدثني بكتاب الطرائف جدي محمد بن سليمان " (9) وكذا قوله:
" عن جدي أبي طاهر محمد بن سليمان ".
وعلى هذا المجرى جرى السيد السند النجفي في أول رجاله عند بيان
آل أعين، لكن عندي نسخة من كتاب النجاشي كان الأصل أحمد بن محمد بن

1. رسالة أبي غالب الزراري: 68 / 60، و 74 / 73.
2. انتهى كلام السيد بحر العلوم رجال السيد بحر العلوم 3: 270.
3. كذا في النسختين كليتهما والصحيح بقرينة ما مر ويأتي: " محمد بن سليمان ".
4. الفهرست: 31 / 94.
5. خلاصة الأقوال: 17 / 22.
6. رجال النجاشي: 83 / 201.
7. رجال النجاشي: 328 / 888.
8. أي بدون أحمد.
9. رسالة أبي غالب الزراري: 68 / 60، و 74 / 73.
648

محمد بن سليمان، وأصلح بأحمد بن محمد بن سليمان. (1)
هذا، ومقتضى العبارة المذكورة من النجاشي في ترجمة محمد بن سنان أن
كنية جد أبي غالب هي أبو طالب، وصريح ما ذكره في ترجمة محمد بن سليمان
يقتضي كون الكنية أبا طاهر كما هو مقتضى قول أبي غالب في العبارة المذكورة:
" جدي أبي طاهر محمد بن سليمان ".
قوله: " الزراري " هكذا جرى النجاشي في ترجمة أبي غالب. (2) وعن
الرسالة المشار إليها أن أول من نسب إلى زرارة هو سليمان، وقد نسبه
إليه مولانا العسكري (عليه السلام) كان إذا ذكره في توقيعاته إلى غيره قال: " الزراري "
تورية وسترا له. (3)
لكن في بعض النسخ " الرازي " وهو غلط، وعليه جرى العلامة في الخلاصة
في ترجمة أبي غالب كرة بعد مرة، (4) لكن في الإيضاح " الزراري "
وقال: " بالزاي المضمومة، والراء بعدها وبعد الألف منسوب إلى زرارة بن
أعين ". (5)
لكن قال ابن شهر آشوب نقلا: " أحمد بن محمد بن سليمان نزيل بغداد
وقطن بالري وكان شيخ أصحابنا في عصره ". (6) وإذا كان قاطنا بالري - أي ساكنا
فيه - فلا بأس بالرازي، ولا منافاة بين الزراري والرازي؛ لأن الأول من باب النسبة
إلى بعض الأقارب، والثاني من باب النسبة إلى الموطن.

1. رجال النجاشي: 83 / 201.
2. رجال النجاشي: 83 / 201.
3. رسالة أبي غالب الزراري: 117، ونقله عنه الماخوزي في معراج أهل الكمال: 184، وانظر منتهى
المقال 1: 327 / 232.
4. خلاصة الأقوال: 17 / 22.
5. إيضاح الاشتباه: 101 / 60. وفيه: " أحمد بن محمد بن سليمان ".
6. معالم العلماء: 15 / 84.
649

إلا أن يقال: إنه وإن أمكن تصحيح الرازي بالوجه المذكور، لكن الظاهر أن
المدار في كلماتهم كان على النسبة إلى زرارة، فالرازي من باب سهو القلم أو
غلط الناسخ.
قوله: " ولد ولده " في بعض النسخ " ولده " وهو غلط؛ لأن المذكور في ترجمة
أبي غالب - كما ذكره السيد السند النجفي في أول رجاله عند بيان آل أعين - أن له
رسالة إلى ابن ابنه. (1)
قوله: " أحمد بن عبد الله " قال السيد السند النجفي في بيان آل أعين في
شرح حال أبي غالب: " وله في بيان أحوالهم ورجالهم رسالة عهد فيها إلى
ابن ابنه محمد بن عبد الله بن أحمد ". (2) ومقتضاه أن اسم سبط أبي غالب
محمد لا أحمد.
رابع عشرها: أنه قد حكى السيد السند النجفي أنه يعلم بالتتبع أن محمد بن
سنان كان من خواص الأئمة الأربعة الذين روى عنهم، وكان وكيلا لهم، (3) ولا خفاء
في أن كونه من خواصهم (عليهم السلام) يقضي بحسن حاله، بل وثاقته. وأما الوكالة لهم فهي
تقضي أيضا بحسن حاله؛ بل بوثاقته، ولو لم نقل بدلالة الوكالة لأحد المعصومين
- كما اتفق في باب عثمان بن عيسى؛ حيث إنه من الوكلاء المستبدين بمال
موسى بن جعفر، (4) وزياد بن مروان القندي؛ (5) حيث إنه كان عنده من مال
موسى بن جعفر سبعون ألف دينار - على العدالة، كما جرى عليه بعض. (6)
وأما لو قلنا بدلالة الوكالة لأحد المعصومين على العدالة - كما حكي إشعار

1 و 2. رجال السيد بحر العلوم 1: 225.
3. رجال السيد بحر العلوم 3: 265.
4. رجال النجاشي: 300 / 817؛ رجال الكشي 2: 860 / 1117.
5. رجال الكشي 2: 767 / 887.
6. انظر مقباس الهداية 2: 261.
650

كلام العلامة به في موارد من الخلاصة - فالأمر أظهر.
لكن نقول: إنه لم أظفر بما يقتضي الوكالة للأئمة الأربعة. نعم، الظاهر كونه
من خواص مولانا الجواد (عليه السلام) بمقتضى ما روي من أنه كان ضريرا ومسح مولانا
الجواد على عينيه فعاد بصره، وإن تقدم من المحدث الجزائري دعوى كونه من
أخص خواص مولانا الرضا والجواد (عليهما السلام).
ويرشد إليه قول مولانا الكاظم (عليه السلام) مخاطبا لمحمد بن سنان: " وأنت أنسهما
ومستراحهما " بناء على أحد الوجهين المذكورين سابقا في العبارة.
فإذن نقول: إنه لا إشكال في أن سوء المذهب لو كان لمحمد بن سنان، لكان
منحصرا في الغلو إلا أن الغلو غير ثابت، بل الظاهر العدم.
والظاهر - بل بلا إشكال - سقوط دعوى كونه من الكذابين المشهورين،
والظاهر تقدم التوثيقات المتقدمة على ما ينافيها؛ لاعتضادها بأمور تظهر مما مر
من الأخبار الدالة على المدح وغير الأخبار؛ فحديثه صحيح بناء على كفاية
التوثيق في صحة الحديث، بل تثبت عدالته بالتوثيقات المتقدمة بناء على دلالة
التوثيق على العدالة؛ بل مطلقا لو قلنا بدلالة التوثيقات المشار إليها بالخصوص
- ولو بعضا - على العدالة؛ بل الظاهر عدالته مع قطع النظر عن التوثيقات، فحديثه
من الصحيح وإن لم يكن التوثيق دالا على العدالة كما حررنا القول به - أعني عدم
دلالة التوثيق على العدالة - في الرسالة المعمولة في " ثقة ".
651

تنبيهات
[التنبيه] الأول
[مصاحبة ابن سنان لأي إمام كانت]
أنه قد عد الشيخ في الرجال - نقلا - محمد بن سنان من أصحاب مولانا
الكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام) (1) قال السيد السند النجفي:
وقد يوجد في باب قضايا الديات والقصاص من التهذيب رواية محمد بن
سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في بعض النسخ، وفي الأكثر مكان " محمد "
" عبد الله " كما هو المعهود، (2) وقد أعاد الشيخ الحديث في آخر الباب
مصرحا ب‍ " عبد الله " (3) باتفاق النسخ، ورواه الكليني في الكافي كذلك (4). (5)
قوله: " كذلك " أي مصرحا ب‍ " عبد الله " ورواه في باب أن من قتل مؤمنا على
دينه فليس له توبة، (6) وليس الغرض تكرار الرواية على الوجه الذي نقله عن

1. رجال الشيخ: 361 / 39؛ 386 / 7؛ 405 / 3.
2. تهذيب الاحكام 10: 159، ح 638، باب قضايا في الديات.
3. تهذيب الاحكام 10: 165، ح 659، باب قضايا في الذيات.
4. الكافي 7: 276، ح 2، باب من قتل مؤمنا فليس له توبة.
5. انتهى كلام السيد بحر العلوم، رجال السيد بحر العلوم 3: 250.
6. الكافي 7: 276، ح 2، باب من قتل مؤمنا علي دينه فليس له توبة.
653

التهذيب.
وعده السيد السند المشار إليه من أصحاب الهادي (عليه السلام) أيضا، قال: " ولم يذكر
ذلك أحد من علماء الرجال ". (1)
واستند إلى خبرين:
أحدهما: ما رواه الكليني في باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عن
الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن
محمد بن سنان، قال:
دخلت على أبي الحسن الثالث (عليه السلام) فقال: " يا محمد! حدث بآل فرج
حدث؟ " فقلت: مات عمر، فقال: " الحمد لله " حتى أحصيت له أربعا
وعشرين مرة، فقلت: يا سيدي لو علمت أن هذا يسرك، لجئت حافيا
أعدو إليك، قال: " يا محمد! أولا تدري ما قال لعنه الله لمحمد بن علي
أبي؟ " قال، قلت: لا، قال: " خاطبه في شيء، فقال: إني أظنك سكران،
فقال أبي: اللهم إنك كنت تعلم أني أمسيت لك صائما، فأذقه طعم
الحرب وذل الأسر، فوالله إن ذهبت الأيام حتى حرب ماله وما كان له، ثم
أخذ أسيرا وهو ذا قد مات، لا رحمه الله، وقد أدال الله عز وجل منه
وما زال يديل أولياءه من أعدائه ". (2)
قوله (عليه السلام): " حدث بآل فرج حدث " قيل: فرج كان من موالي علي بن يقطين
ومماليكه، وآل فرج عبارة عن أولاده وأقاربه، ومن أولاده عمر، كان واليا في
المدينة من قبل المتوكل، ومن شقاوته وشدة عمله ما حكاه بعض أهل السير من
أنه لما استعمله المتوكل على المدينة ومكة، منع الناس من بر آل أبي طالب
والإحسان إليهم، حتى أنه إذا بلغه أن أحدا بر واحدا منهم بشيء أنهكه عقوبة

1. رجال السيد بحر العلوم 3: 269.
2. الكافي 1: 496، ح 9، باب مولد أبي جعفر الثاني (عليه السلام).
654

وأثقله غرما حتى كان القميص بين جماعة من العلويات كانت تصلي فيه واحدة
بعد واحدة، ثم ترفضه وتجلس عواري حواسر إلى أن قتل المتوكل، فعطف
المستنصر عليهم وأحسن إليهم ووجه بمال فرقه بينهم، وكان يخالف أباه في
جميع الأحوال. (1)
قوله (عليه السلام): " طعم الحرب " قال في الصحاح: " حربه يحربه حربا مثل طلبه يطلبه
طلبا: إذا أخذ ماله وتركه بلا شئ، وقد حرب ماله، أي سلبه ". (2)
قوله (عليه السلام): " وما زال يديل أولياءه من أعدائه " من الدولة - والإدالة: الغلبة، يقال:
اللهم أدلني على فلان وانصرني عليه - أي ينصر أولياءه على أعدائه، ف‍ " من "
بمعنى " على " نحو: (ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنآ) (3) بناء على مجيء " من "
بمعنى الاستعلاء، كما عن الأخفش والكوفيين.
ويمكن أن يكون الأمر على التضمين - كما عن المانعين عن مجيء " من "
للاستعلاء - في المثال (4) المذكور من كون المعنى منعناه بالنصر عن القوم، (5)
فالمعنى: (6) يمنع أولياءه بالنصر عن أعدائهم، والغرض دفع إيذاء الأعداء عن
الأولياء بنصر الأولياء؛ نظير ما يقال: منع الطبيب الأكل عن زيد لاما يقال: منع
الطبيب زيدا عن الأكل.
ثانيهما: ما رواه في الكافي في الباب المشار إليه عن سعد بن عبد الله
الحميري جميعا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن الحسين بن سعيد،

1. نقله الشفتي في الرسائل الرجالية: 626.
2. الصحاح 1: 108 (حرب).
3. الأنبياء (21): 77.
4. أي الآية.
5. انظر مغني اللبيب 1: 425.
6. أي معنى الرواية، فلابد من تبديل " بالنصر " ب‍ " بالغلبة " لأن المضمن فيما نحن فيه " يديل " لا
" نصرنا ".
655

عن محمد بن سنان، قال:
قبض محمد بن علي وهو ابن خمس وعشرين سنة وثلاثة أشهر
واثني عشر يوما، توفي يوم الثلاثاء لست خلون عن ذي الحجة سنة
عشرين ومائتين، عاش بعد أبيه تسع عشرة سنة إلا خمسا وعشرين
يوما. (1)
حيث إن محمد بن سنان قد أخبر عن تاريخ وفاة مولانا الجواد (عليه السلام) فهو قد
أدرك زمن إمامة (2) مولانا الهادي (عليه السلام).
أقول: إنه قد ذكر النجاشي (3) والعلامة (4) أن محمد بن سنان مات في سنة
عشرين ومائتين، وعلى هذا يكون وفاته في سنة وفاة مولانا الجواد (عليه السلام)؛ قضية
ما ذكره الكليني من أن وفاته (عليه السلام) في سنة عشرين ومائتين في آخر ذي القعدة، (5)
فلا يتجه دعوى كونه من أصحاب مولانا الهادي (عليه السلام). إلا أن يقال: إنه يمكن الجمع
بكون وفاة مولانا الجواد (عليه السلام) في رأس السنة، ووفاة محمد بن سنان فيما بعد ذلك
من تلك السنة.
ومع هذا، الخبر الأخير لا يدل إلا [على] بقاء محمد بن سنان في زمان مولانا
الهادي (عليه السلام)، ولا دلالة فيه على الرواية عنه (عليه السلام) بوجه.
ومع هذا، الخبر المشار إليه فيه منافاة لما رواه في الكافي في باب مولد مولانا
الرضا (عليه السلام) بسند الخبر المشار إليه عن محمد بن سنان قال: " قبض علي بن

1. الكافي 1: 497، ح 12، باب مولد أبي جعفر الجواد (عليه السلام).
2. في " د ": " فهو قد أدرك إمامة... ".
3. رجال النجاشي: 328 / 888.
4. خلاصة الأقوال: 251 / 17.
5. الكافي 1: 497، ح 12، باب مولد أبي جعفر محمد بن علي. وفيه: " توفي في يوم الثلاثاء لست
خلون من ذي الحجة ".
656

موسى (عليه السلام) وهو ابن تسع وأربعين سنة إلا شهرين [في عام اثنين ومائتين] " (1)
إذ مقتضاه أن مولانا الجواد (عليه السلام) عاش بعد أبيه (عليه السلام) ثماني عشرة سنة لا تسع عشرة
كما ذكر في الخبر المشار إليه.
كما أن ما ذكره في تاريخ وفاة مولانا الرضا (عليه السلام) ينافيه ما ذكره الكليني في أول
باب مولد الرضا (عليه السلام) من أنه قبض في صفر سنة ثلاث ومائتين، (2) ولا خفاء.
اللهم إلا أن يقال: إن التنافي بين الخبرين - المشار إليهما في مقدار تعيش
مولانا الجواد (عليه السلام) بعد مولانا الرضا (عليهما السلام) - لا يوجب الوهن في تعيين تاريخ مولانا
الجواد (عليه السلام)، كيف وعدم اعتبار بعض أجزاء الحديث لا ينافي اعتبار سائر أجزائه،
كما أن خروج بعض الأفراد عن تحت العموم لا ينافي اعتبار العموم بالنسبة إلى
الأفراد الباقية، وكما أن عدم اعتبار بعض أجزاء الحديث لا يقتضي عدم اعتبار
سائر روايات الراوي بلا مرية.
[التنبيه] الثاني
[عدم رواية محمد بن سنان عن الصادق (عليه السلام)]
أنه قد ظهر مما تقدم أنه لم يتفق رواية محمد بن سنان عن مولانا
الصادق (عليه السلام)، ففيما أطلق ابن سنان عن مولانا الصادق (عليه السلام) - كما في رواية النضر بن
سويد، عن ابن سنان، عن مولانا الصادق (عليه السلام) على ما في التهذيب في باب الأغسال
المفترضات والمسنونات (3) - يكون المقصود من ابن سنان هو عبد الله بن سنان؛

1. الكافي 1: 491، ح 11، باب مولد مولانا الرضا (عليه السلام). وفيه: " وأشهر " بدلا عن " إلا شهرين ". وما بين
المعقوفين من المصدر.
2. الكافي 1: 486، باب مولد أبي الحسن الرضا (عليه السلام).
3. تهذيب الأحكام 1: 110، ح 290، باب الأغسال المفترضات والمسنونات.
657

لكثرة رواية النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان، وكثرة رواية عبد الله بن سنان
عن الصادق (عليه السلام).
لكن روى محمد بن سنان عن الباقر (عليه السلام) بتوسط أبي الجارود، (1) وفي بعض
روايات التهذيب في باب علامة أول شهر رمضان وآخره رواية محمد بن سنان
عن زياد بن المنذر عن الباقر (عليه السلام)، (2) وروى في ظهار التهذيب إسنادا إلى محمد بن
سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر قال: " سأل أبو الدرداء أبا جعفر (عليه السلام) وأنا
عنده " إلى آخره. (3)
[التنبيه] الثالث
[الراوون عن محمد بن سنان]
أنه روى عن محمد بن سنان - على ما مر في كلام السيد السند النجفي -
أحمد بن محمد بن عيسى، وأيوب بن نوح، والحسن والحسين ابنا
سعيد، والحسن بن علي بن يقطين، وصفوان بن يحيى، والعباس بن
معروف، وعبد الرحمان بن أبي نجران، وعبد الله بن الصلت، والفضل بن
شاذان، وأبوه، ومحمد بن إسماعيل بن بزيع، ومحمد بن الحسين بن
أبي الخطاب، ومحمد بن عبد الجبار وموسى بن القاسم، ويعقوب بن
يزيد، ويونس بن عبد الرحمان، وإبراهيم بن هاشم، وأحمد بن محمد بن
خالد، والحسن بن حسين اللؤلؤي، والحسن بن علي بن فضال، وعلي بن
الحكم، وأحمد بن محمد بن يحيى، ومحمد بن خالد البرقي، ومحمد بن

1. تهذيب الأحكام 6: 371، ح 1074، باب في المكاسب.
2. تهذيب الأحكام 4: 164، ح 462، باب علامة أول شهر رمضان وآخره.
3. تهذيب الأحكام 8: 22، ح 72، باب حكم الظهار. وفيه: " أبو الورد " بدلا عن " أبي الدرداء ".
658

عيسى بن عبيد. (1)
وقيل: إنه روى عنه محمد بن علي الصيرفي أبو سمينة، والحسن بن شمون،
وأبوه، والحسن بن موسى، والحسن بن شعيب، ومحمد بن مرزبان، وحمزة بن
يعلى، وموسى بن القاسم ومرزبان. (2)
أقول: إن الاستقراء في كتب الأخبار يقضي بمزيد الرواة عن محمد بن
سنان على المذكورين؛ لرواية ابن أبي عمير، ومحمد بن الحسن الصفار
وغيرهما.
[التنبيه] الرابع
[في اتحاد محمد بن سنان]
[مع محمد بن سنان الهاشمي وعدمه]
أنه قد عد الشيخ في الرجال نقلا من أصحاب الصادق (عليه السلام) محمد بن (3) ظريف
الهاشمي (4) لكن عن ابن داود أنه نسب إلى الشيخ أنه عد من أصحاب الصادق (عليه السلام)
محمد بن سليمان بن ظريف الهاشمي، (5) وقد جرى الفاضل الأسترآبادي والسيد
السند التفرشي على كون محمد بن سنان المشار إليه غير محمد بن سنان
المبحوث عنه؛ (6) حيث إنه عنون كل منهما بعنوان على حدة، فيتأتى الاشتراك في
البين.

1. رجال السيد بحر العلوم 3: 270. وانظر خاتمة المستدرك 4: 73، الفائدة الخامسة.
2. هداية المحدثين: 141، وحكاه في منتهى المقال 6: 75.
3. في " د " زيادة: " سليمان بن ".
4. رجال الشيخ: 283 / 130.
5. رجال ابن داود: 174 / 1399.
6. منهج المقال: 298، نقد الرجال 4: 219 / 4744؛ وص 226 / 4757.
659

وبنى على التعدد أيضا بعض الأعلام بملاحظة اختلاف النسبة والجد؛ حيث
إن محمد بن سنان المذكور هنا هاشمي، وجده ظريف، ومحمد بن سنان
المبحوث عنه زاهري، وهو من ولد زاهر.
ويضعف بأنه يمكن تعدد اللقب، كما أنه يمكن أن يكون ظريف جدا قريبا،
وزاهر من بعض الأجداد البعيدة كما مر، مع أن كون محمد بن سنان المبحوث
عنه من ولد زاهر مبني على ما ذكره العلامة في الخلاصة، (1) وإلا فمقتضى كلام
عياش أن محمد بن سنان المبحوث عنه مولى زاهر كما مر.
وإن قلت: إن عبارة الشيخ في باب أصحاب الصادق (عليه السلام) كما ذكر، وقد سكت
عن اللقب والجد في باب أصحاب الكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام)، (2) والظاهر أن
السكوت عن اللقب والجد (3) من باب حوالة الحال إلى الانصراف إلى محمد بن
سنان المبحوث عنه؛ لكونه مشهورا دون الأول، فهو مخالف لما ذكره في باب
أصحاب الصادق (عليه السلام) فيتأتى الاشتراك.
قلت: إنه يمكن أن يكون السكوت عن اللقب والجد من باب حوالة الحال
إلى ذكرهما في باب أصحاب الصادق (عليه السلام)، فيتأتى الاتحاد.
ثم إنه لا يضر الاشتراك في اعتبار الرواية؛ لانصراف محمد بن سنان إلى
محمد بن سنان المبحوث عنه بواسطة كونه مشهورا؛ إذ الظاهر من طول الكلام
في ترجمته كونه مشهورا؛ كما أن الاقتصار في ترجمة محمد بن سنان المذكور
هنا على أقل ما يمكن الاقتصار عليه كاشف عن كونه مهجورا غير معروف، وعليه
المدار والتعويل.
وقد جرى المحقق القمي على عدم جواز الاعتماد على الانصراف في باب

1. خلاصة الأقوال: 251 / 17.
2. رجال الشيخ: 361 / 39؛ و 386 / 7؛ و 405 / 3.
3. في " ح " زيادة: " في أصحاب الكاظم (عليه السلام) ".
660

الاشتراك لو كان أحد معنيي المشترك مشهورا، (1) وقد زيفناه في الأصول.
[التنبيه] الخامس
[التفأل لحال محمد بن سنان]
أنه حكى السيد السند النجفي أنه تفأل بعض لاستعلام حال محمد بن سنان
من الكتاب العزيز فجاء: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) (2). (3)
[التنبيه] السادس
[البحث في رواية محمد بن خالد،]
[عن عبد الله بن سنان، عن إسماعيل بن جابر]
أنه روى في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة، (4) وفي الاستبصار
في باب كمية الكر بسنده عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن سنان، عن
إسماعيل بن جابر، عن الصادق (عليه السلام) تحديد الكر بثلاثة أشبار. (5)
وعن العلامة (6) ومن تأخر عنه الحكم بصحة السند، (7) لكن بنى في

1. القوانين المحكمة 1: 63 في الحاشية.
2. فاطر (35): 28.
3. رجال السيد بحر العلوم 3: 277.
4. تهذيب الأحكام 1: 37، ح 101، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
5. الاستبصار 1: 10، ح 13، باب مقدار الكر؛ الوسائل 1: 118، أبواب الماء المطلق، باب 9، ح 7.
6. مختلف الشيعة 1: 184.
7. الشهيد في الروضة البهية 1: 33، والمقدس في مجمع الفائدة والبرهان 1: 259.
661

المنتقى (1) على الضعف، وعليه في المدارك (2) وتبعهما في الذخيرة (3) والمشارق. (4)
واستدل في المنتقى بوجهين:
أحدهما: عدم مساعدة الطبقة لرواية محمد بن خالد عن عبد الله بن سنان.
والآخر: عدم مساعدة الطبقة لرواية عبد الله بن سنان عن إسماعيل بن جابر؛ لأن
عبد الله بن سنان من أصحاب الصادق (عليه السلام)، وهو يروي عنه بلا واسطة، بخلاف
محمد بن سنان؛ حيث إن محمد بن خالد من أصحاب الرضا (عليه السلام)، ومحمد بن
سنان من أصحابه أيضا، وإن كان محمد بن سنان من أصحاب الكاظم والجواد (عليهما السلام)
أيضا، فتوسط الواسطة بين مولانا الصادق (عليه السلام) ومحمد بن سنان يكشف عن كون
عبد الله سهوا من محمد.
ثانيهما: أن الشيخ روى تلك الرواية برواية محمد بن سنان عن إسماعيل بن
جابر (5) أيضا، فهذا يكشف عن كون عبد الله سهوا من محمد. (6)
ويندفع الوجه الثاني بأن جعل محمد بن سنان في أحد السندين قرينة
على كون عبد الله سهوا ليس أولى من العكس، فلا اعتبار بالقرينة المشار
إليها.
ويندفع الوجه الأول بفساد كل من الوجهين المذكورين في الاستدلال
عليه:
أما الثاني: فلكثرة رواية الراوي عن الإمام بلا واسطة ومع الواسطة، وأيضا

1. منتقى الجمان 1: 51.
2. مدارك الأحكام 1: 50.
3. ذخيرة المعاد: 122.
4. مشارق الشموس: 198.
5. تهذيب الأحكام 1: 41، ح 115؛ وص 37، ح 101، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
6. منتقى الجمان 1: 51.
662

قد تكرر رواية عبد الله بن سنان - على ما ذكر شيخنا البهائي - عن الصادق (عليه السلام) (1)
مع الواسطة، كما في روايته عنه بتوسط عمر بن يزيد في دعاء آخر سجدة من
نافلة المغرب، (2) وتوسط حفص الأعور في تكبيرات الافتتاح، (3) وتوسط
إسحاق بن عمار في رواية سجدة الشكر، (4) بل إسحاق يتوسط في رواية محمد بن
سنان أيضا بينه وبين الصادق (عليه السلام)، فلا توحش في توسط إسماعيل بن جابر بين
الصادق (عليه السلام) وعبد الله، كما في إسحاق.
وأما الأول: فلأن مضايقة الطبقة عن رواية محمد بن خالد عن عبد الله بن
سنان إنما تتجه لو مات عبد الله بن سنان في زمان الصادق (عليه السلام) وهو غير ثابت.
نعم، يمكن القول بأن عدم الثبوت لا يكفي بمجرده في اعتبار السند
ولا يجدي فيه؛ إذ المدار في الاعتبار على الظن بالصدور، ومع الشك في مساعدة
الطبقة ومصايقتها لا يتحصل الظن بالصدور فلا عبرة بالسند.
وأيضا لو كان كون عبد الله بن سنان من أصحاب الصادق (عليه السلام) مانعا عن جواز
رواية محمد بن خالد عنه، للزم طرح روايات شتى كان روايتها برواية محمد بن
خالد (5) عن جماعة من أصحاب الصادق (عليه السلام) - كما ذكره شيخنا البهائي في مشرقه (6)

1. مشرق الشمسين: 94.
2. وجدنا رواية عبد الله بن سنان عن عمر بن يزيد في الكافي 5: 39، ح 8، و ج 6: 25، ح 3، و ج 7:
56، ح 14،
3. تهذيب الأحكام 2: 67، ح 243، باب كيفية الصلاة وصفتها، ولم يذكر فيه: " الأعور "؛ وفي الوسائل
4: 721، أبواب تكبيرة الإحرام ح 1. يوجد بعد كلمة حفص " يعني ابن البختري ".
4. تهذيب الأحكام 2: 109، ح 414، باب كيفية الصلاة وصفتها الوسائل 4: 1075، أبواب سجدتي
الشكر، باب 3، ح 3.
5. في " ح ": " عنه عن جماعة "
6. مشرق الشمسين: 249 و 250.
663

والسيد الداماد في الرواشح (1) - كرواية محمد بن خالد عن محمد بن سنان، عن
داود بن يزيد العطار [في باب] من قتل أسدا في الحرم إلى آخره، (2) وروايته عن
ثعلبة بن ميمون حديث الاستمناء باليد، (3) وروايته عن زرعة حديث صلاة الأسير
في باب صلاة الخوف؛ (4) لكون هؤلاء من أصحاب الصادق (عليه السلام).
وأيضا قد روى عن عبد الله بن سنان جماعة كما ذكره السيد الداماد
كابن أبي عمير (5) وهو من أصحاب الرضا (عليه السلام)، (6) ومحمد بن علي العذافر وهو من
أصحاب العسكري، (7) والحسن بن الحسين السكوني وهو من طبقة من لم يرو
عنهم (عليهم السلام) على حسب انتهاء طريق الشيخ إلى عبد الله بن سنان إلى هؤلاء، (8)
وعبد الله بن جبلة ينتهي إليه أيضا طريق النجاشي إلى عبد الله بن سنان، (9)
فلو لم يجز رواية محمد بن خالد عن عبد الله بن سنان، لما جاز رواية هؤلاء
المذكورين عن عبد الله بن سنان أيضا.
وأيضا حكى السيد الداماد عن بعض أئمة الرجال رواية عبد الله بن سنان عن

1. الرواشح السماوية: 88 - 90، الراشحة السادسة والعشرون.
2. انظر الكافي 4: 237، ح 26، باب صيد الحرم؛ تهذيب الأحكام 5: 366، ح 1275، باب الكفارة عن
خطأ المحرم؛ الاستبصار 2: 208، ح 712، باب من قتل سبعا؛ الوسائل 9: 234، أبواب كفارات
الصيد، باب 39، ح 1.
والسند هكذا: " محمد بن يحيى " عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن داود بن أبي يزيد العطار، عن أبي
سعيد المكاري ".
3. تهذيب الأحكام 10: 64، ح 234، باب الحد في النكاح والبهائم ونكاح الأموات والاستمناء باليد.
4. الكافي 3: 457، ح 4، باب صلاة الخوف.
5. الرواشح السماوية: 89، الراشحة السادسة والعشرون.
6. رجال الشيخ: 388 / 26.
7. انظر خلاصة الأقوال: 253 / 27.
8. الفهرست: 101 / 423.
9. رجال النجاشي: 214 / 558.
664

الكاظم (عليه السلام) (1) وكذا حكى عن النجاشي حكاية القول به، (2) فقد أدرك محمد بن خالد
زمان عبد الله بن سنان ولا بأس بروايته عنه.
لكن نقول: إن النجاشي وإن حكى تلك الحكاية، إلا أنه قال: " وليس يثبت " (3)
لكن عن الشيخ في الرجال عده من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام). (4)
وأيضا ذكر النجاشي أن عبد الله بن سنان كان خازنا للمنصور والمهدي
والهادي والرشيد، (5) فيكون محمد بن خالد معاصرا لعبد الله بن سنان؛ لأن
محمد بن خالد من أصحاب مولانا الكاظم (والرضا والجواد (عليهم السلام) كما مر،
وعبد الله بن سنان أدرك تمام زمان مولانا الكاظم (عليه السلام)) (6) لأن المنصور كان ملك
زمان ولادته، والرشيد كان ملك زمان وفاته.
وبوجه آخر حكى شيخنا البهائي أن عبد الله بن سنان كان خازنا للرشيد،
ومحمد بن خالد كان من أصحاب الكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام) (7) ووفاة مولانا
الكاظم (عليه السلام) كان قبل وفاة الرشيد بعشر سنين على ما نقله شيخنا البهائي عن
المسعودي فيتعاصر محمد بن خالد مع عبد الله بن سنان ولا بأس بروايته عنه.
وأيضا قد ذكر شيخنا البهائي أن الحسين بن سعيد - وهو من أصحاب
الهادي (عليه السلام) - روى عن عبد الله بن سنان، وإذا صح هذا فكيف لا يصح رواية
محمد بن خالد عن عبد الله بن سنان، وهو من أصحاب الكاظم والرضا
والجواد (عليهم السلام)؟! إلا أن يقال: إن صاحب المنتقى حكم بكون عبد الله بن سنان في

1. الرواشح السماوية: 90، الراشحة السادسة والعشرون.
2. رجال النجاشي: 214 / 558.
3. رجال النجاشي: 214 / 558. وفيه: " ليس بثبت ".
4. رجال الشيخ: 225 / 42، ولا وجود له في أصحاب الكاظم (عليه السلام).
5. رجال النجاشي: 214 / 558.
6. ما بين القوسين ليس في " د ".
7. رجال الشيخ: 386 / 4، و 404 / 1.
665

رواية الحسين بن سعيد عنه سهوا عن محمد بن سنان (1) كما يأتي.
لكن نقول: إنه يظهر الكلام في الحكم بالسهو المذكور بما يأتي وبعد ما مر.
أقول: إن غاية ما يتمشى مما تقدم إمكان رواية محمد بن خالد عن عبد الله بن
سنان، لكن ندرة اتفاق رواية يروي فيها الراوي الواحد عن عبد الله بن سنان
ومحمد بن سنان - بحيث لم يتفق في غير المقام - توجب الظن بوقوع الاشتباه، إما
اشتباه " عبد الله " ب‍ " محمد " كما جرى عليه صاحب المنتقى (2) والمدارك (3) والذخيرة (4)
والمشارق (5) أو اشتباه " محمد " ب‍ " عبد الله " فلا يتحصل الظن بالصدور.
نعم، قد اتفق رواية محمد بن خالد عن إسماعيل الجعفي فيما رواه في
التهذيب في باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات لا باب تطهير الثياب والبدن
من النجاسات وغيرها المتأخر عن ذلك الباب المذكور في الزيادات عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله البرقي، عن إسماعيل الجعفي قال: " رأيت
أبا جعفر (عليه السلام) " إلى آخره؛ (6) حيث إن أبا عبد الله البرقي هو محمد بن خالد، قال
النجاشي: " محمد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي،
أبو عبد الله " (7) انتهى. وإسماعيل الجعفي هو إسماعيل بن جابر، كما يرشد إليه
ما ذكره بعض أهل الرجال من أن إسماعيل الجعفي أبوه جابر مشهور به. (8) واتفق
رواية إسماعيل بن جابر عن عبد الله بن سنان أيضا في بعض روايات الكافي في

1. منتقى الجمان 1: 51، وانظر ص 36.
2. منتقى الجمان 1: 51.
3. مدارك الأحكام 1: 50.
4. ذخيرة المعاد: 122.
5. مشارق الشموس: 198.
6. تهذيب الأحكام 1: 256، ح 743، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات.
7. رجال النجاشي: 335 / 898.
8. رجال الشيخ: 343 / 13؛ خلاصة الأقوال: 8 / 2.
666

باب فرض طاعة الأئمة (عليهم السلام)، (1) وفي بعض روايات الفقيه في باب ما يجب فيه
التعزير والرجم والقتل. (2)
وبعد ما مر أقول: إنه قد تكثر رواية محمد بن خالد عن محمد بن سنان،
فالغلبة توجب الظن بكون عبد الله اشتباها من محمد، لكن دون هذا المقال
الإشكال.
ثم إنه قد حكي الفاضل الخواجوئي في رسالته المعمولة في باب الكر
عن صاحب المدارك أنه ناقش في صحة سند الرواية المتقدمة بأن الشيخ رواها
في التهذيب بطريقين في أحدهما عبد الله بن سنان، (3) وفي الآخر محمد بن سنان،
والراوي عنهما واحد وهو محمد بن خالد، (4) والذي يظهر من كتب الرجال وتتبع
الأحاديث أن ابن سنان الواقع في طريق الرواية وأحد، وهو محمد، وأن ذكر
عبد الله سهو، فيكون الرواية ضعيفة؛ لنص النجاشي (5) والشيخ على تضعيفه، (6)
فقال: وأوضح مما وقفت عليه في هذه المسألة من الأخبار متنا وسندا ما رواه
الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الماء الذي
لا ينجسه شيء؟ قال: " ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته " (7). (8)

1. الكافي 1: 188، ح 13، وفيه: " عبد الله بن سنان عن إسماعيل بن جابر ".
2. الفقيه 4: 25، ح 57، باب ما يجب فيه التعزير والحد والرجم والقتل، وفيه: " وروى عبد الله بن سنان
عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله ".
3. تهذيب الأحكام 1: 41، ح 115، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
4. ونقله عنه في منتقى الجمان 1: 51.
5. رجال النجاشي: 424 / 1140.
6. رجال الشيخ: 386 / 4.
7. تهذيب الأحكام 1: 41، ح 114، باب الأحداث الموجبة للطهارة؛ الاستبصار 1: 10، ح 12، باب
مقدار الكر؛ الوسائل 1: 121، أبواب الماء المطلق، باب 10، ح 1.
8. انتهى كلام المدارك 1: 50 و 51.
667

لكن عندي في صحة الرواية توقف؛ لأن في طريقها محمد بن خالد البرقي،
وقال النجاشي: " إنه كان ضعيفا في الحديث " (1) ومع ذلك فلا يبعد قبول قوله؛ لنص
الشيخ على تعديله، (2) وعدم صراحة كلام النجاشي في الطعن فيه في نفسه.
وأورد عليه بوجهين:
أحدهما: أن محمد بن سنان وكذا محمد بن خالد البرقي من أصحاب
الكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام)، وأما عبد الله بن سنان (3) وكذا إسماعيل بن
جابر من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام) على ما نص عليه الكشي، (4) فرواية
البرقي عن محمد بن سنان وهو عن جابر مما لا مانع عنه أصلا؛ لاجتماعهم
كلهم في طبقة واحدة؛ لاشتراكهم جميعا في صحابة الكاظم (عليه السلام)، فاحتمال
رواية محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر ثابت قطعا، فالذي يشهد به
التتبع أن الواقع في الطريق كما يحتمل أن يكون هو محمد بن سنان كذا يحتمل
أن يكون هو عبد الله بن سنان من غير ترجيح، ولا فرق؛ فالقول بأن عبد الله سهو
فيه سهو.
ثانيهما: أن الذي رواه الشيخ في هذه المسألة عن إسماعيل بن جابر
- وفي طريقه محمد بن خالد البرقي - (5) هو الذي أشار إليه آنفا
وحكم بضعفه؛ لكون محمد بن سنان في طريقه، فكيف صار هذا بعد ذاك
صحيحا واضحا سندا ومتنا.

1. رجال النجاشي: 335 / 898.
2. رجال الشيخ: 386 / 4.
3. رجال الكشي 2: 710 / 770 و 771.
4. رجال الكشي 2: 450 / 349.
5. تهذيب الأحكام 1: 41، ح 115، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
668

وكل من الإيرادين مورد الإيراد:
أما الأول: فلأن الكشي قد ذكر أن عبد الله بن سنان من ثقات الصادق (عليه السلام)، (1)
نعم حكى النجاشي عن قائل روايته عن الكاظم (عليه السلام) لكنه قال: ليس يثبت، (2) فلعله
اشتبه عليه النجاشي بالكشي، لكن الأمر من باب السهو في السهو؛ لأن النجاشي
لم يذكر روايته عن الكاظم (عليه السلام) بنفسه، بل نقله عن القائل وزيفه كما سمعت.
وأما الثاني: فلأنه مبني على ما كان في نسخة الفاضل المشار إليه من
المدارك، وإلا فقوله: " لكن عندي في صحة الرواية توقف " إلى آخر ما نقله الفاضل
المشار إليه ليس في نسخة معتبرة رأسا، وفي النسخة المنطبعة يكون قبل قوله:
" وأوضح مما وقفت عليه إلى آخره. (3)
وحينئذ لا بأس بما صنعه صاحب المدارك؛ إذ المقصود بالصحيح عن
إسماعيل بن جابر هو ما رواه في التهذيب بالإسناد عن صفوان عن إسماعيل بن
جابر، (4) ولا ضعف في سنده. وإن ناقش صاحب المدارك في صحته بالاضطراب
سابقا على قوله: " وأوضح مما وقفت عليه " إلى آخره برواية محمد بن خالد عن
إسماعيل بن جابر تارة بتوسط ابن سنان، وأخرى بلا واسطة.
وفيه: أن الرواية الخالي سندها عن ابن سنان خال سندها عن محمد بن خالد
أيضا، مع أن المناقشة المذكورة إنما هي في النسخة الثانية، وأما النسخة الأولى
فهي خالية عنها، ومع ذلك لا مجال لتعقب قوله: " وأوضح مما وقفت عليه " إلى
آخره بقوله: " لكن عندي " إلى آخره؛ إذ متن الصحيح عن إسماعيل بن جابر
مخالف لمتن السندين المشتملين على ابن سنان.

1. رجال الكشي 2: 710 / 770 و 771.
2. رجال النجاشي: 214 / 558.
3. انظر مدارك الأحكام 1: 51.
4. تهذيب الأحكام 1: 41، ح 114، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
669

[التنبيه] السابع
[اشتباه ابن مسكان بابن سنان]
أنه قد تكثر في روايات التهذيب اشتباه ابن مسكان بابن سنان، كما فيما رواه
في التهذيب في آخر باب دخول الكعبة من كتاب الحج نقلا عن الكليني، (1)
مع أن الكليني روى بسنده عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) (2) والمقصود بابن سنان هو عبد الله بن سنان بشهادة كون الراوي
عنه هو النضر بن سويد؛ لكثرة روايته عن عبد الله بن سنان؛ إذ يأتي بعيد
هذا أن روايته من مميزات كون المقصود بابن سنان هو عبد الله بن سنان. قال
في المنتقى: " وإثبات ابن مسكان مكان عبد الله بن سنان متكرر الوقوع في
كتابي (3) الشيخ ". (4)
[التنبيه] الثامن
[في الميز عند إطلاق ابن سنان]
أنه لو أطلق ابن سنان، فإن كان المروي عنه هو مولانا الصادق (عليه السلام)، فلا إشكال
في كون المقصود بابن سنان هو عبد الله بن سنان، بل قد يعبر ب‍ " عبد الله " في
الرواية عن مولانا الصادق (عليه السلام)، كما في رواية صفوان عن عبد الله في بعض روايات

1. تهذيب الأحكام 5: 279، ح 956، باب دخول الكعبة.
2. الكافي 4: 529، ح 7، باب دخول الكعبة.
3. في " د ": " كتاب ".
4. منتقى الجمان 3: 251. وانظر منتهى المقال 4: 240 / 1800.
670

التهذيب في باب صلاة المسافر، (1) والمقصود ب‍ " عبد الله " هو عبد الله بن سنان.
وربما عبر ب‍ " عبد الله " في الرواية عن الصادق (عليه السلام)، وفسر بابن سنان كما في بعض
روايات الصدوق في الفقيه في باب ما يجب فيه التعزير والحد والرجم في قوله:
" روى إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن حفص، عن عبد الله - يعني ابن سنان - عن
أبي عبد الله (عليه السلام) ". (2)
وإن كان المروي عنه مولانا الكاظم أو الرضا أو الجواد (عليهم السلام)، فلا إشكال أيضا في
كون المقصود بابن سنان هو محمدا، فضلا عما لو كان روايته عن هؤلاء
المعصومين مع الواسطة.
وإنما الإشكال فيما لو كان روايته عن مولانا الصادق (عليه السلام) مع الواسطة، إلا
أنه لو كان الراوي هو أيوب بن نوح، أو موسى بن القاسم، أو أحمد بن محمد بن
عيسى، أو علي بن الحكم، فالمقصود بابن سنان هو محمد بن سنان، كما صرح
به شيخنا البهائي. (3) وإن (4) كان الراوي هو النضر بن سويد، أو عبد الله بن المغيرة، أو
عبد الرحمان بن أبي نجران، أو أحمد بن محمد بن أبي نصر، أو فضالة،
فالمقصود بابن سنان هو عبد الله بن سنان كما صرح به شيخنا البهائي، (5) لكن
الإشكال إنما يكون مبنيا على ضعف حال محمد بن سنان، وأما بناء على صحة
حديثه فلا إشكال.
ومن موارد الإشكال - بعد تطرق الإشكال بواسطة ضعف حال محمد بن
سنان - ما لو روى يونس بن عبد الرحمان عن ابن سنان، بل ذكر في المنتقى

1. تهذيب الأحكام 3: 218، ح 541، باب الصلاة في السفر.
2. الفقيه 4: 27، ح 48، باب ما يجب به التعزير والحد والرجم و....
3. مشرق الشمسين: 94.
4. بدل " و " في " ر ": لكن الإشكال إنما.
5. مشرق الشمسين: 94.
671

أنه وقع التصريح بمحمد بن سنان في بعض الأسانيد في رواية يونس عنه، (1)
لكن ذكر في المنتقى أيضا وقوع التصريح بعبد الله بن سنان في كثير من الأسانيد
أيضا. (2)
[التنبيه] التاسع
[رواية حسين بن سعيد، عن ابن سنان، عن أبي بصير]
أنه روى في التهذيب في باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات بسنده
عن الحسين بن سعيد، عن ابن سنان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)؛ (3) وأورد
بظهور سقوط ابن مسكان من بين ابن سنان وأبي بصير، كما يرشد إليه توسطه في
البين في غير واحد من الأخبار.
وربما حكي عن صاحب المدارك والشيخ محمد الحكم بكون عبد الله في
رواية عبد الله بن سنان عن أبي بصير سهوا.
أقول: إنه قد توسط ابن مسكان بين محمد بن سنان وأبي بصير في بعض
روايات التهذيب في باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون،
المذكور في الزيادات، (4) عند شرح ما يجزي في الركوع والسجود.
والظاهر أن المستند في الحكم بكون عبد الله سهوا هو كون عبد الله بن سنان
من أصحاب الصادق (عليه السلام)، وكون أبي بصير الأسدي - الذي ينصرف الإطلاق إليه؛

1. منتقى الجمان 1: 37.
2. منتقى الجمان 1: 37.
3. تهذيب الأحكام 1: 254، ح 737، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات.
4. تهذيب الأحكام 2: 322، ح 1317، باب زيادات كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك
والمسنون.
672

لكثرة رواياته حتى قال بعض أصحابنا: قد وجدنا روايته يعني الأسدي في كثير من
أنواع العلوم الدينية وفنونها وأصول الشريعة وفروعها، وقل باب من أبوابها يخلو
عنها، وقد وجدنا كثيرا من الرواة روى عنه - من أصحاب الباقرين (عليهما السلام) على ما صنعه
الكشي؛ حيث عده من أصحاب الباقرين (عليهما السلام) في تعداد أصحاب الإجماع، وكون
المرادي - بعد المنع عن شمول الإطلاق له لقلة رواياته حتى حكى بعض أصحابنا
أن رواياته مما صرح فيه باسمه مقيدا بالمرادي أربعون حديثا - من أصحاب
الباقرين (عليهما السلام) أيضا على ما صنعه النجاشي، وكذا من عده من أصحاب الإجماع بدل
الأسدي على ما نقله الكشي، لكن الأسدي عده النجاشي والشيخ في الرجال من
أصحاب الباقرين والكاظم (عليهم السلام)، (1) والمرادي عده الشيخ في الفهرست من أصحاب
الصادق والكاظم (عليهما السلام) (2) وفي الرجال من أصحاب الباقرين والكاظم (عليهم السلام). (3)
[التنبيه] العاشر
[رواية محمد بن سنان عن أبي حنيفة السابق]
أنه روى في زيادات قضاء التهذيب بسنده عن محمد بن سنان، عن
أبي حنيفة السابق. (4)
أقول: إن " السابق " بالسين المهملة، والباء الموحدة، والمقصود به سابق
الحاج، وهو سعيد بن بيان بالباء الموحدة، والياء المثناة التحتانية، وهو معروف
في كلام أهل الرجال به. (5)

1. رجال النجاشي: 441 / 1187؛ رجال الشيخ: 140 / 3؛ و 333 / 9؛ و 364 / 16.
2. الفهرست: 130 / 574.
3. رجال الشيخ: 134 / 1؛ و 278 / 1؛ و 358 / 2.
4. تهذيب الأحكام 6: 312، ح 863، باب الزيادات في القضايا والأحكام.
5. الفهرست: 188 / 860، وفيها " سائق "؛ خلاصة الأقوال: 80 / 5.
673

[التنبيه] الحادي عشر
[رواية ابن محبوب عن ابن سنان عن أبان بن تغلب]
أنه روى في الكافي في باب القتلى في كتاب الجنائز بسنده عن ابن محبوب،
عن ابن سنان، عن أبان بن تغلب. (1) وقد ذكر في المنتقى عدم مساعدة الطبقة لرواية
محمد بن سنان عن أبان بن تغلب. (2)
أقول: إن دعوى عدم مساعدة الطبقة من جهة أن أبان بن تغلب من أصحاب
مولانا سيد الساجدين كالباقرين (عليهم السلام) (3) ومحمد بن سنان من أصحاب مولانا الكاظم
والرضا والجواد (عليهم السلام). (4)
لكنك خبير بأن ذلك إنما يتم على تقدير فوت أبان في زمان مولانا
الصادق (عليه السلام)، وهو غير ثابت.
إلا أن يقال: إنه وإن لم يثبت عدم مساعدة الطبقة، لكن لم يثبت المساعدة
أيضا فلا يحصل الظن بالصدور.
لكن نقول: إن في الكافي في أول باب الدعاء لحفظ القرآن رواية عبد الله بن
سنان عن أبان بن تغلب، (5) ومقتضاه حمل إطلاق ابن سنان في الرواية المتقدمة
على عبد الله بن سنان.
إلا أن يقال: إنه يجدي لو لم يثبت غلبة التصريح بمحمد بن سنان في الرواية
عن أبان بن تغلب.

1. الكافي 3: 211، ح 5، باب القتلى.
2. منتقى الجمان 1: 291.
3. رجال النجاشي: 10 / 7؛ الفهرست: 17 / 61.
4. رجال الشيخ: 361 / 39؛ و 386 / 7؛ و 405 / 3.
5. الكافي 2: 576، ح 1، باب الدعاء لحفظ القرآن.
674

ثم إنه قال في المنتفى: " واعلم أن المعروف المتكرر كثيرا في الأحاديث المتفرقة
رواية الحسن بن محبوب عن عبد الله سنان، وذلك يقتضي أن يكون هو المراد هنا ". (1)
لكن نقول: إن في الكافي في باب غسل الميت رواية الحسن بن محبوب عن
محمد بن سنان. (2) إلا أنه يندفع بأنه لا يتأتى حمل ابن سنان في الرواية المتقدمة
على محمد بن سنان بعد غلبة رواية الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان،
كما هو المفروض حملا للمشكوك فيه على الغالب.
لكن نقول: إن رواية الحسن بن محبوب عن محمد بن سنان في الرواية
المذكورة مبنية على ما جرى عليه الشيخ في التهذيب؛ حيث إنه روى في الكافي
عن عدة من الأصحاب، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن
رئاب، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3) ثم قال: " عنه، عن محمد بن سنان، عن
عبد الله الكاحلي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ". (4)
وروى في التهذيب عن الكليني عن العدة، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن
محبوب، عن محمد بن سنان (5) بناء على رجوع الضمير المجرور إلى الحسن بن
محبوب. لكنه خلاف الظاهر؛ إذ الظاهر رجوع الضمير المشار إليه إلى سهل بن زياد.
ويرشد إليه رواية الكليني في أول كتاب الجنائز في باب علل الموت عن عدة
من الأصحاب، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سنان. (6)

1. منتقى الجمان 1: 293.
2. الكافي 3: 140، ح 4، باب غسل الميت.
3. الكافي 3: 140، ح 3، باب غسل الميت.
4. الكافي 3: 140، ح 4، باب غسل الميت؛ تهذيب الأحكام 1: 298، ح 873، باب تلقين المحتضرين
وتوجيههم عند الوفاة وما يصنع بهم في تلك الحال.
5. الكافي 3: 140، ح 4، باب غسل الميت؛ تهذيب الأحكام 1: 298، ح 873، باب تلقين المحتضرين
وتوجيههم عند الوفاة.
6. الكافي 3: 112، ح 10، باب علل الموت.
675

بقي أن في بعض روايات التهذيب رواية الحسن بن علي بن محبوب، عن
ابن سنان. (1) والظاهر - بل بلا إشكال - أن عليا غلط.
[التنبيه] الثاني عشر
[رواية يونس بن عبد الله عن ابن سنان]
أنه روى في التهذيب في باب ابتياع الحيوان بسنده عن يونس بن عبد الله،
عن ابن سنان. (2)
والظاهر - بل بلا إشكال - أنه غلط، والصواب يونس، عن عبد الله بن سنان،
كما عن بعض النسخ.
[التنبيه] الثالث عشر
[رواية حسين بن سعيد عن ابن سنان]
أنه روى في التهذيب بسنده عن الحسين بن سعيد، عن ابن سنان، كما في
باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، (3) وباب الأحداث الموجبة للطهارات، (4)
وباب عمل ليلة الجمعة ويومها. (5)
وعن صاحب المنتقى الحكم بكون المقصود بابن سنان هو محمد بن سنان،

1. تهذيب الأحكام 1: 20، ح 49، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
2. تهذيب الأحكام 7: 72، ح 309، باب ابتياع الحيوان.
3. تهذيب الأحكام 1: 254، ح 737، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات.
4. تهذيب الأحكام 1: 37، ح 101، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
5. تهذيب الأحكام 1: 12، ح 40، باب ليلة الجمعة ويومها.
676

وكذا الحكم بكون عبد الله - كما يوجد في بعض الأسانيد - سهوا. (1)
وربما حكى في المعتبر تضعيف الرواية بضعف رواية محمد بن سنان. (2)
وعن الشهيد في الذكرى الإيراد عليه باحتمال كون المقصود هو عبد الله بن سنان. (3)
واعترض عليه بأن الاحتمال لا يكفي في صحة الخبر. (4) وهو في محله إلا أن
يكون الغرض الإيراد على الخبر بضعف الرواية بدعوى كون المقصود من
ابن سنان هو محمد بن سنان. لكن لا جدوى في هذا المقال؛ إذ لا فرق في ضعف
الرواية بين الاشتمال على الضعيف، واحتمال الاشتمال بالاشتمال على المشترك
بين الضعيف وغير الضعيف.
وبعد هذا أقول: إن الحكم بكون " عبد الله " سهوا عن " محمد " يخدشه أن
الحسين بن سعيد من أصحاب الرضا والجواد والهادي (عليهم السلام) كما ذكره النجاشي (5)
والشيخ في الفهرست، (6) وعبد الله بن سنان قد تقدم أنه كان خازنا للرشيد، (7) فلا بأس
بلقاء الحسين بن سعيد لعبد الله، مع أن محمد بن سنان من أصحاب الكاظم
والرضا والجواد بل الهادي (عليهم السلام) على ما يظهر مما مر، ومحمد بن أبي عمير من
أصحاب الصادق والكاظم والرضا والجواد (عليهم السلام) أيضا على ما حررنا الكلام فيه في
الرسالة المعمولة في أصحاب الإجماع. فمحمد بن أبي عمير معاصر لمحمد بن
سنان، ومحمد بن أبي عمير روى عن عبد الله بن سنان، كما فيما رواه في التهذيب
في زيادات الصلاة من الجزء الأول في باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من

1. منتقى الجمان 1: 36.
2. المعتبر في شرح المختصر 1: 101. وحكاه في منتقى الجمان 1: 36.
3. وحكاه في منتقى الجمان 1: 36، وفي الرواشح: 90، الراشحة السادسة والعشرون.
4. رجال النجاشي: 58 / 137.
5. رجال النجاشي: 58 / 137.
6. الفهرست: 58 / 220.
7. رجال النجاشي: 214 / 558.
677

ذلك والمسنون، (1) فلو جاز رواية الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان، يجوز
روايته عن عبد الله بن سنان، مضافا إلى ما ذكره شيخنا البهائي في بعض تعليقاته
على الحبل المتين من رواية الحسن بن محبوب ويونس بن عبد الرحمان والبرقي عن
محمد وعبد الله. فلو جاز رواية الحسين بن سعيد عن محمد، يجوز روايته عن عبد الله.
[التنبيه] الرابع عشر
[رواية محمد بن يحيى عن محمد بن سنان]
أنه روى في التهذيب في كتاب المكاسب قبل كتاب اللقطة عن محمد بن
يحيى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبى جعفر (عليه السلام). (2) لكن الرواية
مذكورة في الكافي بتوسط أحمد بن محمد بن يحيى بين محمد بن يحيى
ومحمد بن سنان. (3) وفسر أحمد بن محمد في أسانيد متعددة - كما رواه في الكافي
في باب ما أخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به (4) وغيره -
بابن عيسى، وكذا في طريق النجاشي إلى عبد الله بن مسكان. (5)
فإسقاط أحمد بن محمد من الوسط لعل الظاهر كونه سهوا كما جرى عليه
بعض، إلا أنه قد تقدم كثرة الرواية بلا واسطة ومع الواسطة من الراوي بالنسبة إلى
المعصوم وبالنسبة إلى الراوي.

1. تهذيب الأحكام 2: 313، ح 1271، باب زيادات كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك
والمسنون.
2. تهذيب الأحكام 6: 371، ح 1074، باب المكاسب (أخبار حكم القمار والنثار) وسنده: " محمد بن
يحيى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود ".
3. الكافي 5: 123، ح 3، باب القمار والنهبة وسنده: " محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن
محمد بن سنان عن أبي الجارود ".
4. الكافي 2: 249، ح 2، باب ما أخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به.
5. رجال النجاشي: 214 / 559.
678

[التنبيه] الخامس عشر
[رواية محمد بن زياد عن محمد بن سنان]
أنه روى في مكاسب التهذيب عن الحسن بن سماعة، عن محمد بن زياد،
عن ابن سنان. (1) والمقصود بمحمد بن زياد هو محمد بن أبي عمير؛ حيث إنه
محمد بن زياد بن عيسى؛ إذ اسم أبي عمير زياد، كما نص عليه في الفهرست. (2)
والمستند في ذلك وقوع التعبير بمحمد بن زياد بن عيسى في طائفة من الأسانيد،
كما رواه في الكافي في كتاب الطلاق في باب تطليقة المرأة غير الموافقة بالإسناد
عن الحسن بن سماعة، عن محمد بن زياد بن سماعة. (3)
وقد تكثر التعبير عن ابن أبي عمير بمحمد بن زياد في روايات الحسن بن
سماعة عنه وغير ذلك، وكذا رواية الحسين بن سعيد عن محمد بن زياد في بعض
الأسانيد، كما فيما رواه في التهذيبين في باب تطهير المياه لرواية الحسين بن
سعيد عن محمد بن أبي عمير. (4)
فقد بان ضعف ما عن المقدس في الإيراد على الشهيد الثاني في رسالة الحبوة من
الحكم بجهالة محمد بن زياد، (5) وكذا ما جرى عليه الفاضل التستري وتلميذه السيد السند
التفرشي من الميل إلى كون المقصود بمحمد بن زياد، هو محمد بن زياد العطار. (6)
وأضعف مما ذكر أن ظاهر السيد السند المشار إليه في ترجمة علي بن

1. تهذيب الأحكام 6: 381، ح 1124، باب المكاسب (أخبار ركوب البحر للتجارة).
2. الفهرست: 142 / 607.
3. الكافي 6: 56، ح 4، باب تطليق المرأة غير الموافقة.
4. تهذيب الأحكام 1: 227، ح 655، باب المياه وأحكامها. راجع الاستبصار 1: 6، ح 1، باب المياه
وأحكامها، باب مقدار الكر.
5. رسالة في الحبوة (رسائل الشهيد الثاني): 222. وانظر مجمع الفائدة والبرهان 11: 381.
6. نقد الرجال 4: 207 / 4695.
679

أبي حمزة البطائني مغايرة محمد بن زياد ومحمد بن أبي عمير. (1)
ومزيد الكلام موكول إلى ما حررناه في رسالة معمولة في باب محمد بن زياد.
وبما ذكر يظهر أن المراد بمحمد بن زياد هو محمد بن أبي عمير في عموم
الأسانيد، والمقصود بابن سنان إنما هو عبد الله بن سنان؛ للتصريح به في طريق
الفقيه (2) والفهرست إلى عبد الله بن سنان، (3) وكذا التصريح به في بعض أسانيد الكافي
في باب زكاة المال والمكاتب والمجنون، (4) وكذا في بعض أسانيد الفقيه في باب
حق المرأة على الزوج، (5) مضافا إلى التصريح بذلك في سند الكافي والفقيه نقلا.
[التنبيه] السادس عشر
[رواية محمد بن سنان عن أبي خالد]
أنه قد تكرر في التهذيب في باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك
والمسنون المذكور في الزيادات - لا باب كيفية الصلاة وصفتها المعنون قبل ذلك
الباب - رواية محمد بن سنان عن أبي خالد عن أبي حمزة. (6)
والمقصود بأبي خالد هو عمر بن خالد أبو خالد الواسطي، كما يرشد إليه رواية
محمد بن سنان عن أبي خالد الواسطي، كما في الكافي في باب حق الأولاد، (7) بل في

1. نقد الرجال 3: 220 / 3480.
2. الفقيه 4: 17 من المشيخة.
3. الفهرست: 101 / 423.
4. الكافي 3: 542، ح 1، باب زكاة مال المملوك والمكاتب والمجنون.
5. الفقيه 3: 280، ح 8333، باب حق المرأة على الزوج.
6. تهذيب الأحكام 2: 309، ح 1114، باب الزيادات كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك
والمسنون.
7. الكافي 6: 48، ح 5، باب حق الأولاد.
680

باب فضل المساجد من التهذيب رواية محمد بن سنان عن عمر بن خالد عن أبي حمزة
الثمالي، (1) وفي باب فرض طاعة الإمام من الكافي، (2) وكذا [في] باب فضل شهوة النساء
على شهوة الرجال من الكافي رواية محمد بن سنان عن أبي خالد القماط. (3)
والظاهر - بل بلا إشكال - اتحاد القماط مع الواسطي.
[التنبيه] السابع عشر
[رواية الحسن بن علي عن ابن سنان]
أنه روى في التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة عن أحمد بن محمد،
عن الحسن بن علي، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (4)
والمقصود بالحسن بن علي إما الحسن بن علي بن فضال - كما هو مقتضى ما رواه
في زيادات صوم التهذيب بسنده عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن سنان،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) (5) - أو الحسن بن علي ابن بنت إلياس، كما هو مقتضى ما رواه في
التهذيب في باب المسنونان من الصلوات بسنده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن
الحسن بن علي ابن بنت إلياس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام). (6)
والحسن بن علي ابن بنت إلياس هو الحسن بن علي بن زياد، الوشاء، كما
هو مقتضى ما ذكر في ترجمة الوشاء.

1. تهذيب الأحكام 3: 254، ح 700، باب فضل المساجد والصلاة فيها. وفيه " عمرو بن خالد " بدلا عن
" عمر بن خالد ".
2. الكافي 1: 186، ح 5، باب فرض طاعة الأئمة.
3. الكافي 6: 339، ح 3، باب فضل شهوة النساء على شهوة الرجال.
4. تهذيب الأحكام 1: 13، ح 28، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
5. تهذيب الأحكام 4: 321، ح 986، باب الزيادات من كتاب الصوم.
6. تهذيب الأحكام 2: 6، ح 9، باب المسنون من الصلوات.
681

قال في الخلاصة: " الحسن بن علي بن زياد، الوشاء بجلي كوفي " إلى أن قال:
" وهو ابن بنت إلياس الصيرفي ". (1)
وصرح به الفاضل الأسترآبادي (2) والسيد السند التفرشي في باب الكنى؛
حيث ذكرا أن ابن بنت إلياس هو الحسن بن علي، الوشاء، (3) ومقتضى ما ذكر كون
المقصود بابن سنان في السند المذكور هو عبد الله، لكن رواية محمد بن سنان عن
ابن مسكان كثيرة، فيشكل الحال في المقام؛ لتعارض شهادة السابق واللاحق، بل
حكم بعض بندرة التصريح بعبد الله.
[التنبيه] الثامن عشر
[رواية محمد بن علي عن محمد بن سنان]
أنه روى في التهذيب في باب وصية الإنسان لعبده وعتقه له قبل موته عن
الحسن بن علي بن فضال، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن
ابن مسكان، عن أبي سعيد، عمن سأل أبا عبد الله (عليه السلام). (4)
والمقصود بمحمد بن علي هو محمد بن علي الصيرفي الكوفي المكنى
بأبي سمينة؛ للتوصيف بالصيرفي في الفهرست في طريق الشيخ إلى محمد بن
سنان، (5) وبالكوفي في طريق الفقيه إلى محمد بن سنان. (6)

1. خلاصة الأقوال: 215 / 16.
2. منهج المقال: 103.
3. نقد الرجال 5: 255 / 6298. وفيه: " هو الحسن بن علي بن زياد ".
4. تهذيب الأحكام 9: 229، ح 897، باب وصية الإنسان لعبده.... وفيه: " علي بن الحسن بن فضال "
بدلا عن " الحسن بن علي بن فضال ".
5. الفهرست: 146 / 624.
6. الفقيه 4: 15 من المشيخة.
682

[التنبيه] التاسع عشر
[رواية حماد بن عيسى وعبد الله بن المغيرة عن ابن سنان]
أنه روى في التهذيب في كتاب الطهارة في باب تلقين المحتضرين
وتوجيههم عند الوفاة وما يصنع بهم في تلك الحال وتطهيرهم بالغسل وإسكانهم الأكفان
عند الكلام في تجهيز المحرم - لا باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة المؤخر
عن ذلك الباب - بسنده عن حماد بن عيسى وعبد الله بن المغيرة، عن ابن سنان. (1)
والمقصود بابن سنان هو عبد الله بن سنان، لا محمد بن سنان؛ للتصريح
بعبد الله بن سنان في بعض الأسانيد، كما رواه في التهذيب في باب تطهير الثياب
وغيرها من النجاسات، (2) لا باب تطهير الثياب والبدن من النجاسات المتأخر عن
ذلك الباب المذكور في الزيادات.
[التنبيه] العشرون
[رواية فضالة عن ابن سنان]
أنه روى في التهذيب في باب المواقيت من الزيادات من الجزء الأول من
كتاب الصلاة عن فضالة، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:
إن نام رجل، أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء الآخرة، فإن استيقظ
قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما، وإن خاف أن تفوته
إحداهما فليبدأ بالعشاء، وإن استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح، ثم

1. تهذيب الأحكام 1: 329، ح 963، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة وما يصنع بهم في
تلك الحال.
2. تهذيب الأحكام 1: 264، ح 770، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات.
683

المغرب، ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس. (1)
ورواه في الاستبصار في باب من فاتته صلاة فريضة، فدخل عليه وقت صلاة
أخرى فريضة، (2) لكنه جعل " ابن مسكان " بدل " ابن سنان ".
وربما يقال: إن " ابن مسكان " سهو؛ نظرا إلى ما نقله الكشي عن العياشي من أن
ابن مسكان كان لا يدخل على أبي عبد الله (عليه السلام) شفقة ألا يوفيه حق إجلاله وإعظامه؛ (3)
وما نقله الكشي عن العياشي بالإسناد عن يونس أنه قال: لم يسمع عبد الله بن
مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام) إلا حديث " من أدرك المشعر فقد أدرك الحج ". (4)
وينقدح بأن رواية عبد الله بن مسكان عن الصادق (عليه السلام) كثيرة. وقد حررنا الحال
في الرسالة المعمولة في باب أصحاب الإجماع.
[التنبيه] الحادي والعشرون
[رواية محمد بن سنان عن عبد الله بن سنان]
أنه روى في الكافي في باب التفويض إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) في
أمر الدين عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن الصفار، قال: " وجدت في
نوادر محمد بن سنان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) ". (5)
والمقصود بعبد الله بن سنان المذكور يمكن أن يكون أخا محمد بن سنان المبحوث
عنه وقد ذكر إخوته في كلام النجاشي كما مر. ويمكن أن يكون المقصود هو عبد الله بن
سنان المعروف، لكن يمكن أن يكون عبد الله بن سنان المعروف هو أخا محمد بن

1. تهذيب الأحكام 2: 270، ح 1075، باب الزيادات في المواقيت.
2. الاستبصار 1: 288، ح 1053، باب من فاتته الفريضة ودخل عليه وقت صلاة أخرى.
3. رجال الكشي 2: 680 / 716، وحكاه عنه في خلاصة الأقوال: 106 / 22.
4. رجال الكشي 2: 680 / 716.
5. الكافي 1: 267، ح 8، باب التفويض إلى رسول الله والأئمة في أمر الدين.
684

سنان. إلا أن الظاهر أنه أخو محمد بن سنان بن طريف؛ لأنه ذكر طريف جدا لعبد الله بن
سنان المشار إليه، لكن يمكن أن يكون محمد بن سنان بن طريف متحدا مع محمد بن
سنان المبحوث عنه، ويظهر الحال بما مر.
[التنبيه] الثاني والعشرون
[بيان اشتباه الوافي]
أنه روى في الكافي في باب المعاوضة في الحيوان والثياب وغير ذلك عن
الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عمن ذكره، عن أبان، عن محمد، عن
أبي عبد الله (عليه السلام). (1)
ومحمد المذكور في السند هو محمد بن علي الحلبي؛ بشهادة التصريح
به في سند الفقيه، (2) فما في الوافي نقلا عن الكافي عن محمد بن سنان، (3) كما ترى.
[التنبيه] الثالث والعشرون
[رواية في عود بصر محمد بن سنان]
أن الكشي حكى أن محمد بن سنان كان مكفوف البصر، قال: " على ما بلغني ". (4)
لكن حكى السيد السند النجفي أنه روى محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، أن محمد بن
سنان كان ضرير البصر، فتمسح بأبي جعفر الثاني، فعاد عليه بصره بعد ما كان افتقده. (5)

1. الكافي 5: 191، ح 6، باب المعاوضة في الحيوان والثياب، وغير ذلك.
2. الفقيه 3: 176، ح 796، باب في الربا.
3. الوافي 10: 592، ح 17920.
4. رجال الكشي 2: 796 / 979.
5. رجال السيد بحر العلوم 3: 254.
685

ونظيره ما روي في أبي بصير الأسدي تارة بناء على اختصاص المكفوف به
من أنه ولد مكفوفا ورأى الدنيا مرتين: مسح أبو عبد الله (عليه السلام) على عينيه، وقال:
" انظر ماذا ترى؟ " قال: أرى كوة في البيت، وقد أرانيها أبوك من قبلك. (1)
وأخرى أنه قال:
دخلت على أبي جعفر (عليه السلام)، فقلت: تقدرون على أن تحيوا الموتى،
وتبرئوا الأكمه والأبرص؟ فقال لي: " بإذن الله ". ثم قال: " ادن مني " فمسح
على وجهي وعلى عيني، فأبصرت السماء والأرض والبيوت، فقال:
" تحب أن تكون كذا ولك ما للناس، وعليك ما عليهم يوم القيامة، أم تعود
كما كنت [ولك الجنة]؟ ". قلت: أعود كما كنت، فمسح على عيني،
فعدت. (2)
[التنبيه] الرابع والعشرون
[رواية ابن أبي نصر وجلوسه عند الإمام]
أنه روى الكشي في ترجمة أحمد بن محمد بن أبي نصر بسنده عنه، قال:
دخلت على أبي الحسن (عليه السلام) أنا وصفوان بن يحيى ومحمد بن سنان،
فجلسنا عنده ساعة، ثم قمنا فقال: " أما أنت يا أحمد! فاجلس " فجلست،
فأقبل يحدثني وأسأله، فيجيبني حتى ذهب عامة الليل، فلما أردت
الانصراف، قال لي: " يا أحمد، تنصرف أو تبيت؟ " فقلت: جعلت فداك
ذاك إليك، قال: " أقم " فقام وانصرف، فلما ظننت أنه دخل خررت ساجدا
لله، فقلت: حجة الله ووارث علم النبيين، أنس بي من بين إخوتي،

1. خلاصة الأقوال: 264 / 3.
2. رجال الكشي 1: 408 / 298.
686

وحببني وأنا في سجدتي وشكري، فما علمت إلا وقد رفسني برجله،
ثم قمت، فأخذ بيدي فغمزها، ثم قال: " يا أحمد، إن أمير المؤمنين (عليه السلام)
عاد صعصعة بن صوحان في مرضه، فلما قام من عنده قال: يا صعصعة
لا تفخرن على إخوتك بعيادتي، واتق الله "، ثم انصرف عني. (1)
وانظر أيها اللبيب كيف ما أبعد مسافة تكميل الإنسان نفسه؛ حيث إن مولانا
أبا الحسن (عليه السلام) عاتب الأحمد على ما دخل في قلبه مع كونه ساجدا شاكرا.
[التنبيه] الخامس والعشرون
[إبدال محمد بن سنان بعبد الله بن سنان في التهذيب]
أنه روى في التهذيب في كتاب الطهارة في باب الطهارة من الأحداث بالإسناد
عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، قال: " سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) " إلى آخره. (2) وبعد هذا - بفصل طائفة من الأخبار - روى الرواية
بالسند المذكور، إلا أنه أبدل " محمد بن سنان " ب‍ " عبد الله بن سنان ". (3)
والظاهر الأول؛ لما تقدم من عد السيد السند النجفي محمد بن خالد ممن
روى عن محمد بن سنان. (4)
ويؤيده أنه روى في الاستبصار بالإسناد عن محمد بن سنان هذا، (5) وقد روى
الرواية في الكافي عن ابن سنان. (6)

1. رجال الكشي 2: 852 / 1099.
2. تهذيب الأحكام 1: 37، ح 101، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
3. تهذيب الأحكام 1: 42، ح 115، باب الأحداث الموجبة للطهارة.
4. رجال السيد بحر العلوم 3: 270.
5. الاستبصار 1: 10، ح 13، باب مقدار الكر. وفيه: " عبد الله بن سنان " بدلا عن " محمد بن سنان ".
6. الكافي 3: 3، ح 7، باب الماء الذي لا ينجسه شيء.
687

[التنبيه] السادس والعشرون
[رواية محمد بن سنان عن إسحاق بن عمار عن فعل موسى]
أنه روى في التهذيب في باب الصلاة وكيفيتها عن محمد بن سنان عن
إسحاق بن عمار قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " كان موسى بن عمران إذا صلى لم ينفتل
حتى يلصق خده الأيمن بالأرض وخده الأيسر بالأرض " قال: وقال
إسحاق: رأيت من آبائي من يصنع ذلك، قال محمد بن سنان: يعني
موسى في الحجر في جوف الليل. (1)
قيل: الظاهر أن المراد بموسى هو موسى الساباطي جد إسحاق، (2) فيكون
المراد بالحجر حجر إسماعيل. هذا على تقدير عدم وقوع حرف النداء في عبارة
الحديث، وأما على تقدير الوقوع فيكون المراد بموسى ابن عمران.
أقول: إنه لا مجال دعوى أبي عبد الله (عليه السلام) أنه كان رأى صنيعة موسى بن عمران
بعد (3) كونه من آبائه. وحمل الرؤية على العلم - نحو: رأيت الله أكبر من كل شيء -
خلاف الظاهر، فالظاهر [عدم] (4) وقوع حرف النداء في العبارة قبل قوله: " إسحاق "
بأن كان الأصل: " وقال: يا إسحاق " إلا أنه يبعد إظهار إسحاق صنيعة جده؛ لأن
جده من لم يكن من شأنه أن ينقل فعله، خصوصا مع أنه غير مذكور في الرجال.

1. تهذيب الأحكام 2: 109، ح 414، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة.
2. حكاه المجلسي في ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار 3: 621، عن المشايخ، قال: " كذا سمعناه
من المشايخ ".
3. أي بعد تسلم كونه من آبائه؛ لأن موسى (عليه السلام) ليس من آبائه من ناحية الأب؛ لأنه من أحفاد إسحاق لا
إسماعيل.
4. أضيف بمقتضى السياق؛ لأن المراد رد تقدير حرف النداء.
688

قوله: " فيكون المراد بالحجر حجر إسماعيل " مقتضاه تفرع كون المراد
بالحجر حجر إسماعيل على كون المراد بموسى هو موسى الساباطي، مع أنه
لو كان المراد بموسى هو موسى بن عمران، فالمراد بالحجر حجر إسماعيل أيضا،
ولا بأس به؛ لتأخر سيد الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) (1) عن إبراهيم وإسماعيل.
هذا، والرواية مروية في الفقيه في باب سجدة الشكر (2) والقول فيها بدون
تفسير محمد بن سنان.
وبعد هذا أقول: إنه قد روى الرواية في الخلاف (3) والمعتبر، (4) ونهاية الاحكام (5)
والمنتهى، (6) والتذكرة (7) نقلا والمذكور فيها " يعني موسى بن جعفر ".
ويمكن أن يكون الأصل " من أباهي به " فصحف " الأباهي " لعدم الأنس به إلى
" آبائي " وأسقط الجار والمجرور؛ لعدم مناسبته مع " آبائي " ويلزم ذلك تغيير
الموصول إلى حرف الجر، وقد جرى على ذلك بعض الأعلام. لكن الرواية
المذكورة في الخلاف والمعتبر والمنتهى نقلا بدون " من آبائي ".
وأيضا كون المقصود بموسى جد إسحاق مبني على كون إسحاق بن عمار
هو إسحاق بن عمار بن موسى، والأظهر اتحاد (8) إسحاق بن عمار في إسحاق بن
عمار بن حيان، كما حررناه في محله.

1. كذا، والسياق يقتضى أن يقول: " لتأخر موسى بن عمران ".
2. الفقيه 1: 219، ح 973، باب سجدة الشكر.
3. الخلاف 1: 437، المسألة: 183.
4. المعتبر 2: 274.
5. نهاية الاحكام 1: 498.
6. منتهى المطلب 1: 303.
7. تذكرة الفقهاء 1: 125. (الطبعة الحجرية).
8. أي انحصار إسحاق بن عمار في إسحاق بن عمار بن حيان وعدم وجود لإسحاق بن عمار بن موسى
في الرجال.
689

[التنبيه] السابع والعشرون
[رواية ابن سنان قتل المأمون]
[علي بن موسى الرضا بالسم]
أنه قد روى محمد بن سنان رواية رواها في العيون في باب الأسباب التي من
أجلها قتل المأمون علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بالسم، (1) وقد أعجبني إيرادها في
المقام؛ فقد روى في العيون بسنده عن محمد بن سنان، قال:
كنت عند مولاي الرضا (عليه السلام) بخراسان وكان المأمون يقعده على يمينه إذا
قعد للناس يوم الاثنين ويوم الخميس، فرفع إلى المأمون أن رجلا من
الصوفية سرق، فأمر بإحضاره، فلما نظر إليه وجده متقشفا، (2) بين عينيه
أثر السجود، فقال له: سوأة لهذه الآثار الجميلة ولهذا الفعل القبيح،
انتسبت إلى السرقة مع ما أرى من جميل آثارك وظاهرك؟! قال: ففعلت
ذلك اضطرارا لا اختيارا حين منعتني حقي من الخمس والفئ، فقال
المأمون: وأي حق لك في الخمس والفئ؟ فقال: إن الله عز وجل قسم
الخمس ستة أقسام، فقال عز وجل: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله
خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمسكين وابن السبيل إن كنتم
آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان). (3) وقسم
الفيء على ستة أقسام فقال عز وجل: (ما أفاء الله على رسوله من أهل
القرى فلله وللرسول ولذي القربى

1. عيون أخبار الرضا 2: 237، ح 1، باب 59، باب الأسباب التي من أجلها قتل المأمون علي بن موسى
الرضا (عليه السلام).
2. أي ساءت حاله ورثت هيئته وضاق عيشه؛ ضد تنعم.
3. سورة الأنفال (7): 41.
690

واليتامى والمسكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) (1) فمنعتني من حقي، وأنا ابن السبيل،
منقطع بي، ومسكين لا أرجع إلى شيء، ومن حملة القرآن، فقال له
المأمون: أعطل حدا من حدود الله وحكما من أحكامه في السارق من
أجل أساطيرك هذه؟! فقال الصوفي: ابدأ بنفسك وطهرها، ثم طهر
غيرك، وأقم حد الله عليها، ثم على غيرك، فالتفت المأمون إلى أبي
الحسن (عليه السلام) فقال: ما تقول؟ فقال: " إنه يقول: سرق فسرق " فغضب
المأمون غضبا شديدا، ثم قال للصوفي: والله لأقطعنك، فقال الصوفي:
أتقطعني وأنت عبد لي، فقال المأمون: ويلك من أين صرت عبدا لك؟
قال: لأن أمك اشتريت من مال المسلمين، فأنت عبد لمن في المشرق
والمغرب حتى يعتقوك، وأنا لم أعتقك؛ ثم بلغك الخمس وبعد ذلك
فلا أعطيت آل الرسول سلام الله عليهم ولا أعطيتني ونظرائي وحقنا.
والأخرى أن الخبيث لا يطهر خبيثا مثله إنما يطهره طاهر، ومن في جنبه
الحد لا يقيم الحدود على غيره حتى يبدأ بنفسه، أما سمعت قول الله
عز وجل (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتب
أفلا تعقلون) (2) فالتفت المأمون إلى الرضا (عليه السلام) فقال: ما ترى في أمره؟ فقال:
" إن الله - جل جلاله - قال لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (قل فلله الحجة البلغة) (3) وهي التي
لم تبلغ الجاهل فيعلمها على جهله كما يعلمها العالم بعلمه، والدنيا
والآخرة قائمتان بالحجة وقد احتج الرجل ". فأمر المأمون عند ذلك
بإطلاق الصوفي، واحتجب عن الناس واشتغل بالرضا (عليه السلام) حتى

1. سورة الحشر (54): 7.
2. البقرة (2): 44.
3. الأنعام (6): 149.
691

سمه فقتله، وقد كان قتل الفضل بن سهل جماعة من الشيعة. (1)
هذا آخر ما أوردناه من التبيان، في حال محمد بن سنان، ولله الحمد والشكر
الأتمان الأكملان، على ما أوفر من وجوه البر والإحسان، وأكثر من جهات الفضل
والامتنان، والسلام على من من برسالته على الإنس والجان، وبتوسط وجوده
خلق الأفلاك وعالم الإمكان، الذي أنزل عليه القرآن، هدى للناس وبينات من
الهدى والفرقان، وعلى آله خلفاء الرسول وأمناء الرحمان، أناسي العيون وعيون
الإنسان، سيما ابن عمه الذي به إتمام النعمة وإكمال الإيمان، وهو شفيع أهل
العصيان وأرباب الطغيان، يوم يحشر الناس ويقوم الميزان، ما دامت عقد
المشكلات منحلة ببيان البيان وبيان البنان، قد فرغ منه ابن محمد إبراهيم
أبو المعالي. (في ليلة الاثنين العشر السابع من الثلث الأول من الربع الثاني من
الثلث الأول من العشر الثامن من العشر التاسع من العشر الثالث من الألف الثاني
من الهجرة النبوية - على هاجرها خير الورى سجية، آلاف الثناء والتحية،
ما تعاقب النهار والعشية - في سنه 1315). (2)

1. عيون أخبار الرضا 2: 237، ح 1، باب 59، باب الأسباب التي من أجلها قتل المأمون علي بن موسى
الرضا (عليه السلام) بالسم.
2. ما بين القوسين ليس في " د ".
692